Professional Documents
Culture Documents
من السرد الرقمي إلى السرد التفاعلي قراءة في نماذج غربية وعربية
من السرد الرقمي إلى السرد التفاعلي قراءة في نماذج غربية وعربية
1
models, in order to extract the characteristics, the state current and the horizons of numerical
narratives.
تمهيد:
شهد العقد األخير من القرن العشرين طفرة معلوماتية هائلة ،من أبرز مالمحها شيوع استعمال
الحاسوب الشخصي أو المنزلي ،واختراع شبكة األنترنت العالمية .وتواصلت الثورة المعلوماتية
ليشيع -بعد الحاسوب -استعمال الهواتف الذكية واللوح االلكتروني ،بداية من أواسط العقد
األول من القرن الواحد والعشرين.
هذه الثورة المعلوماتية غيرت الكثير من عادات اإلنسان المعاصر ،فبدال من نمط التراسل
التقليدي حل التراسل عبر البريد االلكتروني ،وبدال من كتابة البحوث والعروض بالورقة والقلم
أصبحت تكتب بواسطة تطبيقات الكترونية على الحاسوب أو حتى على اللوح االلكتروني مثل
برنامج الوورد ،وبرنامج الباور بوينت وغيرها.
لكن أهم عاداتنا التي تغيرت مع تقدم الطفرة المعلوماتي ة هي عادة القراءة :فلم يعد الكتاب
الورقي أو الصحيفة الورقية الخيار الوحيد أو األفضل ،بل حل محلهما الكتاب االلكتروني
والصحيفة االلكترونية.
لقد تحول النص الورقي إلى نص رقمي ،يتم تصفحه عبر شاشة الحاسوب أو اللوح االلكتروني
أو حتى الهاتف الذكي ،ومن ضمن النصوص الرقمية يمثل النص السردي -بحبكته
التشويقية -أبرز تجليات الطفرة الرقمية على مستوى األدب الرقمي عامة ،والتفاعلي خاصة.
ِّ
ومحددة ،تنأى به قليال أو كثي ار عن وقد اكتسب هذا النص السردي الرقمي خصائص َّ
محددة
النص السردي التقليدي الذي ظل لقرون محتفظا بخصائصه التقليدية وأبرزها الخطية بدالالتها
المتشابكة :الخطية الزمنية ،خطية فعل القراءة ،خطية التأليف ،خطية الحبكة السردية ،ومن تلك
الخصائص وحدة العمل بمعناها الشامل ،وحدة المؤلف ،وكذلك وحدة الزمان والمكان.
هذه الخصائص التي تختزل مقومات النص السردي قبل عصر األنترنت ،تمت خلخلتها نسبيا
من خالل السرد الرقمي ،فانتفى مفهوم المؤلف الفرد ،وتحديدا في السرد الرقمي التفاعلي ،كما
2
انتفت خطية السرد من خالل خصيصة التشعب في السرد الرقمي حيث يمتلك القارئ حرية
التصفح والتنقل بين الروابط دون نسق قبلي محدد.
لكن السرد الرقمي ال يزال في بداياته ،وهو مرتهن لكثير من اللبس والضبابية حول ماهيته
وجدواه ،ولهذا يستدعي أسئلة جوهرية لفك بعض االلتباس وإضاءة مناطقه المعتمة بداية من
التسمية :فما هو السرد الرقمي؟ وما هي أنواعه؟ وهل ثمة نماذج من السرد الرقمي تمنحه
شرعية الوجود بوصفه جنسا أدبيا وليدا؟
لإلجابة عن هذه األسئلة ال بد من مدخل مصطلحي شامل ودقيق ،قبل استعراض نماذج السرد
الرقمي الجديرة بالوقوف عندها.
المدخل المصطلحي:
تتنوع تسميات النص الرقمي hypertexteمن باحث آلخر ،فهناك من فضل كتابة المصطلح -
دون ترجمة -بالحرف العربي "الهايبرتكست" وهناك من اختار ترجمة المصطلح إلى مقابله
العربي المحتمل مثل :النص الفائق ،النص المترابط ،النص المتشعب ،النص الشبكي ،النص
1
العنكبوتي ،النص التشعبي ،النص الكبير....الخ.
وبعيدا عن تغاير الترجمات -وهي ظاهرة طبيعية في كل اللغات -يتفق الباحثون على تعريف
النص الرقمي -على اختالف تسمياته -انطالقا من ِّ
محدداته التي تنأى به عن النص الورقي،
هو: Georges Landow فالفرق بين النص الورقي والنص الرقمي حسب "جورج الندو"
ويق أر بطريقة خطية متسلسلة ،بينما يعتبر "الهايبرتكست"
"أن األول ذو شكل ثابت ومحددُ ،
شبكة مركبة من عدة نصوص ،ليست ذات شكل محدد ،ويمكن قراءتها بطريقة غير خطية
وغير متسلسلة ،كذلك فإن النص التقليدي يعرض أمام القارئ على الورق سواء كان ذلك في
2
كتاب أو مجلة ،بينما يعرض "الهايبرتكست" أمام القارئ من خالل شاشة الكومبيوتر فقط"
وربما بدا كالم "جورج الندو" هنا بحاجة إلى تحيين ،فلم يعد الكومبيوتر "الحاسوب" هو الوسيط
االلكتروني الوحيد فقد شاركه ،بل تفوق عليه ،كل من اللوح االلكتروني والهاتف الذكي.
وفي السياق نفسه تعرف "ف اطمة البريكي" جنسا محددا من األدب الرقمي هو الرواية التفاعلية
كما سمتها فتقول في تعريفها بأنها:
1ينظر :قالم جمال ،النص األدبي المترابط :،نص جديد لعصر جديد ،مجلة معارف ،السنة 7العدد ، 31ديسمبر ،2132ص.331
2إيمان يونس ،مفهوم المصطلح "هايبرتكست" في النقد األدبي الرقمي المعاصر ،نقال عن ،أحمد زهير رحاحلة ،جدل اللغة في النصوص اإلبداعية
الرقمية ،مجلة دراسات ،عمان ،مجلد ،64عدد ،2132 ،1ص .811
3
"نمط من الفن الروائي يقوم فيه المؤلف بتوظيف الخصائص التي تتيحها تقنية "النص المتفرع"
والتي تسمح بالربط بين النصوص سواء أكانت نصا كتابيا ،أم صو ار ثابتة أم متحركة ،أم
أصواتا حية أو موسيقية ،أم أشكاال غرافيكية متحركة ،أم خرائط ،أم رسوما توضيحية ،أم
جداول ،أم غير ذلك ،باستخدام وصالت تكون دائما باللون األزرق ،وتقود إلى ما يمكن اعتباره
هوامش على متن ،أو إلى ما يرتبط بالموضوع نفسه ،أو ما يمكن أن يقدم إضاءة أو إضافة
3
لفهم النص باالعتماد على تلك الوصالت".
رغم تحفظنا على بعض ما ورد في التعريف ،مثل خلط الباحثة بين النص الكتابي -وهو
األصل ونقطة البداية -وغيره من الوصالت التشعبية ،ومثل زعمها أن الوصالت تكون دائما
باللون األزرق بينما هي في الواقع قد ترد بألوان أخرى كاألحمر أو الرمادي ،وكذلك توصيفها
المحال إليه بـ"الهامش على المتن" بينما التوصيف األدق له أنه نص ُمضمر ،إال أننا
للنص ُ
نالحظ شمول تعريفها لمكونات السرد الرقمي وهي :النص الكتابي األصلي ،وروابط النصوص
األخرى المضمرة التي قد تكون صو ار أو أشكاال غرافيكية متحركة أو مقاطع فيديو أو خرائط
...الخ .مع ضرورة اإلشارة إلى أن بعض هذه المكونات ،وال سيما الصور ومقاطع الفيديو
والخرائط ،قد تكون مجرد ملحقات بالنص السردي وليست روابط يمكن النقر عليها.
أن مصطلح السرد التفاعلي يشمل عددا مهما من Serge Boucahrdon ويرى "سارج بوشاردون"
الميادين والممارسات ،وهي ألعاب الفيديو ،وبرامج األلعاب التربوية ،والسينما التفاعلية ،وورشات
4
الكتابة على الخط ،En ligneوالنصوص األدبية التشعبية.
وينقسم السرد الرقمي حسبه إلى عدة أنواع هي:
.Liens -1السرد التشعبي :وهو يقترح قراءة غير خطية لمقاطع تجمع بينها الروابط
-2السرد الحركي :وهو الذي يستغل البعدين الزمني والسمعي البصري (الملتيميديا) ً
معا.
-3السرد الخوارزمي :ويعني األعمال التركيبية والتوليدية ،فالعمل نفسه يختلف باختالف
القراء ،فال يمكن في مثل هذا السرد أن يقع قارئان مختلفان على النص نفسه.
الع َّدة التي تسمح للمتصلين بشبكة األنترنت بالمساهمة في
-4السرد الجماعي :ويعني ُ
5
كتابة العمل السردي.
فاطمة البريكي ،مدخل إلى األدب التفاعلي ،المركز الثقافي العربي ،بيروت ،الدار البيضاء ،ط ،2114 ،3ص.332 3
4
Serge Bouchardon. Le récit littéraire interactif : une valeur heuristique. In: Communication et langages, n°155,
2008 P 82.
5
(بإيجاز وتصرف) Ibid, p 83
4
ومن أبرز ما يميز السرد الرقمي عن غيره ظاهرة الوصلة أو الرابط ،Le lienبل يمكننا أن
نقول أن الوصلة التشعبية هي ما يمنح السرد الرقمي هويته ،وليست الروابط ذات طبيعة واحدة
بل هي متنوعة تستدعي نوعا من ِّ
الصنافة "الطوبولوجيا" ،ويمكننا هنا أن نستأنس بما تقترحه
Liens-incise من تصنيف ألنواع الروابط المعترضة Alexandra Saemmer "ألكساند ار سايمر"
:Liens- Bifurcation والروابط الثنائية
فالروابط المعترضة تنقسم إلى:
الرابط الوسيط : Lien catalyseوهو يستدعي فقرة تمأل الفراغ بين مقولين سرديين قاعديين.
الرابط اإلخباري :Lien-informantوهو يستدعي فقرة تمنح مكانا وزمانا للحبكة.
:وهو يستدعي فقرة تتضمن نشاطا تفسيريا ،نشاطا إلعادة بناء Lien-indice الرابط اإلشاري
األحداث.
أما الروابط الثنائية فتنقسم إلى:
الرابط االستباقي : Lien-propelseوهو يستدعي فقرة تتناول حدثا مستقبليا.
6
الرابط االسترجاعي : Lien-analepseوهو عكس السابق.
الرابط المتسلسل زمنيا : Lien-chronologiqueويستدعي فقرة الحقة للفقرة السابقة.
7
الرابط الموازي : Lien parallèleويستدعي فقرة تتناول فعال (أو حدثا) موازيا.
يمكننا القول أن تصنيف أنواع السرد الرقمي وروابطه محطة أولى فقط تفتقر إلى محطة تالية
ومحورية هي تحديد الفروق بين نمطين متداخلين في كثير من الدراسات وهما السرد الرقمي
والسرد التفاعلي .فما هي الفروق بينهما؟
الحظنا أن بعض الباحثين يخلطون خلطا واضحا بين النمطين ،مثل "فاطمة البريكي" التي
ال تفرق بين السرد الرقمي بمعناه المطلق والرواية التفاعلية حيث تكتفي في تعريف الرواية
التفاعلية بإحصاء الخصائص المشتركة بينها وبين السرد الرقمي وهي النص الكتابي ،والصور
الثابتة أو المتحركة ،واألصوات الحية أو الموسيقية ،واألشكال الغرافيكية المتحركة ،والخرائط،
6تخلط الكاتبة هنا بشكل واضح بين النمطين االسترجاعي واالستباقي فتجعلهما معا استباقيين حيث تعرف الرابط االسترجاعي " "Analepseبالقول:
Appelle un fragment qui évoque un évènement à venirوهي بهذا تبتعد عن تعريف المؤسس جيرار جينيت Gérard Genette
لالسترجاع حيث يعرفه بالقول:
……. Et par analepse toute évocation après coup d'un événement antérieur au point de l'histoire où l'on se trouve.
G.Genette. figure III .Sueil.1972.p82
7
Alexandra Saemmer, Structures temporelles et logiques du récit hypertextuel.Rilune ,Revue des littératures de
وقد اضطررنا إلى بعض التعديالت الهينة لصياغة الفكرة بشكل تتقبله اللغة العربيةl'Union Européenne. N. 5 - Juillet 2006,p 70-71.
5
والرسوم التوضيحية ،و الجداول ،التي تحيل عليها الوصالت (أي الروابط) 8.وهذا رغم أنها
تشير في الفصل األول إلى تفريق بعض الباحثين بين نسقين من النص المتفرع (أي الرقمي)
وهما النسق السلبي أي النص الذي يصممه الخبراء لتقديم مادة مضمونية محددة ...ويكون
مغلقا في وجه أية تعديالت على يد المتلقي ،والنسق اإليجابي الذي يتيح للمستخدمين أن
يعدلوا ،أو يحذفوا زم ار نصية وأن يعدلوا كذلك الوصالت بين هذه الزمر النصية وهذا النسق
9
يمكن أن ينقل عملية تأليف النصوص نقلة نوعية من التأليف الفردي إلى التأليف الجماعي.
لكن باحثين آخرين أحسنوا اقتناص خصائص السرد التفاعلي التي تنأى به عن بقية أنواع
السرد الرقمي ،مثل "إبراهيم الشتوي" الذي يرى أن تعريف النص التفاعلي يقوم "على أن ما
ينشر في وسائل التواصل االجتماعي يختلف عن سواه من النصوص.....ففي المنتديات كما
هو في الفايسبوك أو في تويتر نجد وحدة يبتدئها الكاتب ثم تنداح عليها المشاركات والتعليقات،
وغالبا تكون هذه التعليقات متصلة بالمادة األولى ،أو تكون بوحي منها.....وبناء على هذه
الصلة الوثيقة بين "النص األصلي" والتعليقات الالحقة ،يصبح "النص التفاعلي" هو جماع هذه
10
التعليقات ،والمداخالت مع النص األصلي الذي استدعاها".
السرد التفاعلي عبر هذا التحديد الدقيق لتخومه يبقى نوعا من السرد الرقمي لكنه سرد مغاير
ٍ
عار من أهم الخصائص التقليدية للنص الرقمي التشعبي فهو ال يقوم على الروابط التشعبية
والمؤثرات البصرية ،بل يقوم على المشاركة التفاعلية للقراء من خالل الميزات التي تتيحها
مواقع التواصل "وال سيما الفايسبوك" من تعليق وإعجاب وتعديل على النص من طرف صاحبه
أو صاحب المجموعة.
يمكننا بناء على ما سبق أن نقول أن ثمة نوعان من السرد الرقمي :سرد رقمي كالسيكي
يقوم على خصيصة التفرع الشجري أو الوصالت التشعبية والمؤثرات البصرية والغرافيكية
والصوتية وغيرها ،وسرد رقمي حديث ال يقوم على هذه المؤثرات بقدر ما يقوم على خصيصة
التفاعل بين الكاتب صاحب النص األصلي أو الفكرة األصلية والقراء الذي يساهمون في كتابة
القصة معه.
8فاطمة البريكي ،مدخل إلى األدب التفاعلي ،ص ( 332سبق ذكر المرجع والشاهد) ،وهو التعريف الذي تكرره الباحثة حرفيا في الصفحة .324
9المرجع نفسه ،ص.21-22
10إبراهيم الشتوي ،النص التفاعلي -مقاربة تأسيسية ،دورية خطابات ،العدد 3ربيع ،2121ص.326
6
على ضوء هذا المهاد النظري الذي كان ضروريا ،سنسعى إلى مقاربة بعض نماذج السرد
الرقمي الغربية والعربية.
أ -نماذج من السرد الرقمي عند الغرب:
يعتقد بعض الباحثين الغربيين أن السرد الالخطي -وهو ما يميز السرد الرقمي عن السرد
Serge الكالسيكي -تعود جذوره إلى ما قبل عصر الحاسوب واألنترنت ،مثل سارج بوشاردون
Tristam الذي يالحظ الالخطية في عدة أعمال سابقة منها رواية "تريستام شنداي" Bouchardon
سنة 1671والتي يدعو الكاتب فيها قراءه Laurence Sterne التي ألفها "لورنس ستيرن" Shandy
إلى تجاوز أحد فصولها إن لم يكونوا مهتمين بالتعمق في التفاصيل .ومنها قصة "حكاية على
الصادرة سنة 1676وهي Raymond Queneau طريقتك " Un conte a votre façonل"ريمون كونو"
مبنية على 21مقطعا مرقما ،ومع نهاية كل مقطع يجد القارئ نفسه مدعوا إلى أحد خيارين
اثنين الستئناف قراءته ،ومن أحدث األعمال التي يشير إليها الكاتب رواية "حريق لندن الكبير"
11
الصادرة سنة .1696 Jacques Roubaud ل"جاك روبو" Le grand incendie de Londres
11
Serge Bouchardon, Du récit hypertextuel au récit interactif, Revue de la BNF, 2012/3 n° 42, p13.
12
والجدير بالذكر هنا أن فاطمة البريكي تذكر أن سنة صدور الرواية هي ،3214ينظر فاطمة البريكي ،المرجع السابق ،ص ،338وقد Ibid, p13.
تابعها بعض الباحثين العرب الذين نقلوا عنها في هذا الخطأ ،والواقع أن الرواية تم تأليفها سنة . 3217
13
Christian Vandendorpe, Du papyrus à l’hypertexte, Boréal (Montréal), La Découverte (Paris),1999, P131-132.
7
الذي ربما Twelve blue تجنب مايكل جويس عيوب قصته األولى في عمله السردي الثاني
صحت ترجمته ب :اثنتا عشرة قصة زرقاء ،وقد صدر هذا العمل السردي بعد روايته األولى
14
بسنوات وتميز ب" تقدم شديد الوضوح نحو مزيد من الشفافية".
في هذه الرواية الصادرة سنة 1667يمكننا قراءة قصص العديد من الشخصيات التي تربط
بينها أواصر الزواج أو القرابة العائلية وقد اتسمت حياة أغلب أفرادها بتجربة الفقد والحداد،
ويرتبط الفقد دائما بالغرق .فعلى سبيل المثال ،نق أر حكاية شابة تفقد عشيقها ،وطفل يفقد والدته،
ورجل يفقد زوجته...الخ .ويستطيع القارئ تصفح القصص في العمل باتباع الروابط التشعبية
المضمنة في النص ،أو بالنقر فوق الصور ،أو بالنقر فوق المستطيل الموجود على يسار
15
الشاشة ....وكل هذا يسمح بقراءة أكثر تنظيماً للعمل.
واجهة Twelve Blueمن موقع eastgateالرابط :
http://www.eastgate.com/TwelveBlue/Twelve_Blue.html
14
Ibid, p132.
15
JOËLLE GAUTHIER, Twelve Blue, in ALN NT2 Le Laboratoire de recherche sur les œuvres hyper médiatiques.
http://nt2.uqam.ca/fr/repertoire/twelve-blue-0 consulté le 02/03/ consulté le 05/03/2021
8
"رحلة"، نحوا منحى مايكل جويس" ،ماثيو ميلر" ،Matthew Millerفي قصته
Trip
ومن الذين ْ
حيث بنى عملية التصفح في قصته على خريطة الواليات المتحدة األمريكية ،إذ يمكن للقارئ
16
أن ينقر فوق إحدى الواليات على الخريطة ليكتشف ويتابع خيط السرد.
واجهة TRIPنقال عن Christian Vandendorpe, Du papyrus à l’hypertexte :الصفحة .311
أما في الفضاء الفرنكفوني فلم تظهر القصة الرقمية إال سنة 1667حيث ظهرت في هذه
"عشرون بالمائة من الحب اإلضافي" ل "فرانسوا كولون" 20% d’amour en plus السنة قصة
وتم توزيع القصتين Frank Dufour "زمن رديء" ل"فرانك دوفور" Sale temps و François Coulon
17
على قرص مضغوط.
16
Christian Vandendorpe, Du papyrus à l’hypertexte, op cit, p132.
17
Serge Bouchardon, Du récit hypertextuel au récit interactif, p14.
9
"تجليات مقلقة" للبلجيكية "آن Apparences inquiétantes ثم تتالت األعمال المشابهة ومن أبرزها
"ال -رواية" ل"لوسي دو Non-Roman و Anne-Cécile Branenbourger سيسيل براندربورغر"
Lucie de Boutiny18 بوتيني"
Cécile Brandenbourger للكاتبة Apparitions inquiétantes حين نتصفح قصة "تجليات مقلقة"
نالحظ أنها قصة رقمية تشعبية ،يظهر فيها العنوان بالتدرج ،أي بتقنية الرقن التلقائي ،ويختفي
ليعاود الظهور بالتقنية نفسها مما يلفت انتباه المتلقي للعنوان.
(Le وتمنحنا صفحة القصة أربعة خيارات :أ -البداية من أول القصة ،ب -التحول األخير
لمعرفة آخر تطورات القصة ج -من مفاجأة إلى أخرى (للتصفح العشوائي )dernier Avatar
العاشر.dixième avatar أما زر التحول األخير فيحيلنا على صفحة تتحدث عن التحول
وهي غنية بالعبارات/الروابط التي تحيل على صفحات عديدة ال يمكن فهمها دون أن يكون
القارئ قد فتح جميع روابط صفحة البداية ،لكن القارئ ليس ملزما بمراعاة نسق أو ترتيب معين
في اختيار الروابط .
والذي الحظناه أن الخيار الثالث "من مفاجأة ألخرى" De surprise en surpriseملغى ألن النقر
على الرابط المرفق يحيل دائما على صفحة تعلن عن خطأ في خادم الويب .وال نملك أن نعرف
جلية األمر ،فهل اإلحالة على صفحة الخطأ متعمدة من طرف الكاتبة أو مصمم الصفحة -
لكون كل الروابط األخرى فعالة -أم أن األمر يتعلق بمجرد خطأ تقني؟ ربما كان األرجح أن
18
Ibid.
10
الخطأ متعمد من الكاتبة ،ألن كل الروابط األخرى فعالة ،وألن المفاجآت المفترضة مبثوثة في
بقية الروابط.
أما الخيار الرابع فيحيلنا على صفحة مثقلة بالعبارات/الروابط التي من شأنها أن تضع القارئ
في جو القصة من خالل معرفة أبرز شخصياتها وأحداثها.
التي Ana Pano Alamán لقد حظيت هذه القصة باهتمام عدد من النقاد منهم"آنا بانو أالمان"
تقدم دراسة وصفية للروابط في هذه القصة تخلص منها إلى نتائج تعميمية يمكن تلخيصها في
قولها أن كل ما يتعلق بالسرد الرقمي " ُيْلعب في فضاء الروابط ،فالقارئ يتموقع في حركة
مزدوجة النفتاح وانغالق المعنى ،وهي حركة في سياق النص التشعبي ،ليست عقلية فقط بل
19
مادية أيضا".
لكن حصر السرد الرقمي في خصيصة واحدة وبعد يتيم هو الروابط المتشعبة من شأنه اختزال
أبعاده السخية ،التي يمثل البعد التفاعلي أهمها في تقديرنا .فالسرد الرقمي التشعبي هو نوع
مغاير للسرد الرقمي التفاعلي ،واألول منهما ،أي التشعبي ،كما نالحظ ،آخذ في الت ارجع
واالنكماش لصالح النوع الثاني ،أي التفاعلي ،الذي ما زال في طور النشأة واالنتشار.
19
Ana Pano Alamán, Le lien dans l’hypertexte de fiction: ouverture et clôture dans un récit multiple,
http://lexicometrica.univ-paris3.fr/article/numero5/lexicometrica-pano.pdf P18 consulté le 07/03/2021
11
يجمع الباحثون على أن أول رواية رقمية عربية هي "ظالل الواحد" للكاتب األردني محمد
سناجلة20.وقد تبعتها روايات أخرى متاحة للتحميل على موقع الكاتب ،منها :ظالل العاشق،
21
وشات ،وصقيع.
ومن القصص التفاعلية المبكرة في األدب الرقمي العربي ،قصة "ربع مخيفة" ألحمد خالد
22
توفيق.
23
ومن نماذج السرد التفاعلي في األدب الجزائري رواية" الزنزانة رقم "17للكاتب حمزة قريرة.
وقد الحظنا سمات مشتركة في هذه القصص جميعا وهي اعتمادها في المقام األول على
الروابط التشعبية ،أيا كان ما تحيل عليه هذه الروابط :كالصور ،ومقاطع الفيديو ،والنصوص
الشارحة ،كما أنها جميعا تعتمد على نص سردي -نواة ال يمكن تجاوزه في عملية القراءة.
ونظ ار للتشابه الشديد بين هذه التجارب فسنكتفي بالوقوف عند عينة واحدة ،وهي رواية "ظالل
وهي رواية متاحة للتحميل من موقع الكاتب 24
العاشق (التاريخ السري لكموش) لمحمد سناجلة.
على هيئة ملف مضغوط ويتم فتحها من خالل الضغط على ملف تنفيذي باسم "،" novel.exe
وبعد الضغط على الملف تظهر واجهة رسومية متحركة لعملية غزو مدينة محصنة ،ثم يظهر
العنوان على طريقة الجينيريك متضمنا معلومات تتعلق بالمؤلف والمؤسسة المنتجة ،ثم يظهر
نص -مقدمة بخلفية خرائطية يمثل مدخال شارحا لزمن ومكان وأبطال وأحداث القصة .قبل أن
يظهر نص طويل نسبيا يمثل النص -النواة.
وهذه نماذج مصورة من الصفحات المشار إليها:
20ينظر :فاطمة البريكي ،مدخل إلى األدب التفاعلي ،سبق ذكره ،ص ،.221زهير رحاحلة ،جدل اللغة في النصوص اإلبداعية الرقمية ،سبق ذكره
ص ،817زهور كرام ،األدب الرقمي ،ط ،3دار رؤية ،القاهرة ،2112 ،ص.82
21تنظر الصفحة التالية في موقع الكاتبhttp://sanajleh-shades.com/other-accounts-of-the-author :
12
الشكل :2واجهة رسومية تمثل غزو المدينة الشكل : 1واجهة العنونة
الشكل :4اإلشارة إلى أن العمل تأليف وإخراج في الوقت نفسه الشكل :3واجهة تجنيسية " تحدد نوع العمل".
يمثل النص -النواة كل أحداث القصة التي تبدأ بغزو بني إسرائيل واألدوميين لمملكة " ميشع
بن كموشيت" وحصارهم لعاصمة ملكه "ديبون" ومقاومة المدينة للحصار حتى ظهور المجاعة
فيها ،وتتوالى األحداث حتى يقترح الكاهن على الملك إرضاء الرب كموش بتقديم ابنه قربانا
وحين يهم الملك بذبح ابنه يتدخل الرب ليفديه بكبش عظيم يأمره بذبحه ونثر دمه على األعداء
فينهزمون ،ثم يتحول المغزو إلى غاز فيهاجم االبن مملكة اسرائيل ويحاصر أور سليم ولكن
الرومان يوقفون الحصار فينصرف االبن إلى مناصرة أحد حلفائهم بعد استنجاده به ،وبعد
دخانا على شكل غيمة عظيمة أخذ يقترب من
ً انتصاره ،يقصد مصر لمواصلة غزوه ،ولكن
الجيش ،ويصيح الكاهن :إنها الساعة "يوم القيامة" ،ثم هبت ريح رفعت الكل إلى السماء ومنهم
ابن الملك .وتنتهي القصة بهذه الجملة الرابط -وفجأة جاء الصوت.
13
خارج هذا النص النواة ،لن يجد القارئ ما يشبع فضوله ،ورغم أن المؤثرات السمعية والبصرية
موجودة ،إال أنها متواضعة جماليا ،كالمشهد الذي تحيل عليه الجملة-الرابط "سرت على رأس
الجيش" :
فهو مشهد رسومي ساذج ورتيب .إن الروابط المقحمة ال تشكل لبنة حقيقية في البناء السردي
للقصة ،إذ يمكن االستغناء عنها تماما ،وبعضها مقحم في القصة خارج سياق الحبكة والتسلسل
المنطقي لألحداث مثل مشهد إحراق الطيار األردني معاذ الكساسبة من طرف داعش إذ ال
عالقة له ب السياق السردي ،فالقصة تتحدث عن إحراق ابن الملك لقائد جيش العدو ،فما عالقة
هذا بمشهد إعدام الكساسبة من طرف داعش؟
وإذا تأملنا بنية العمل فأول مالحظة أنه نص هجين يقوم على االقتباس المتعدد من القصص
القرآني والتوراتي والتاريخ األردني المحلي "الحروب القبلية في األردن" ولغته السردية متوسطة،
أما الحبكة فمرتبكة وتفتقر إلى التماسك المنطقي ،ون أمثلة ذلك"غضب " الرب كموش دون
سبب في نهاية القصة ،وإعالن يوم القيامة.
بعيدا عن األبعاد الفنية والجمالية في القصة ،يمكننا تقديم المالحظات اآلتية بإيجاز يفرضه
الحيز المتاح للتحليل:
-الرابط التشعبي ال يبرر الحديث عن نوع أدبي جديد كما بشر به الكاتب في كتابه عن
فالرابط الرقمي هو في نهاية 25
الرواية الرقمية ،حيث يقول أنه جاء "ببدعة جديدة"،
25محمد سناجلة ،رواية الواقعية الرقمية( ،نسخة الكترونية من موقع )/https://www.facebook.com/TheBooksص .1
14
المطاف ليس إال نوعا من الفهرس الرقمي ،أو الهامش الرقمي .ألن الفهرس والهامش
الكالسيكيان يلعبان دو ار مشابها للروابط .وكل روابط النص ال تحيل إال إلى مقاطع
فيديو مأخوذة من مواقع األنترنت ،وهي مبتوتة الصلة بسياقات القصة.
-التفاعل مع القصة تأكيد لدور الكاتب الفرد ،فرغم أن الكاتب محمد سناجلة يوفر الخيار
التفاعلي الذي يستلزم منطقيا مشاركة القارئ في بناء وتحوير أحداث القصة ،إال أنه في
الواقع ال يملك تغيير األحداث ،بل يملك الضغط عل الزر للوصول إلى نص آخر ،أو
قراءة أخرى كما يسميها الكاتب ،كما أنه ال يملك خيار التقديم والتأخير ،إذ ال بد له من
قراءة النص -النواة قبل أن ينتقل إلى خيارات محدودة تتيحها الروابط التشعبية التي ال
تمثل إال ملفات صورية أو رسومية أو فيلمية هامشية مبتوتة الصلة بصلب القصة.
الخالصة :بناء على النماذج التي تمت اإلشارة إليها يمكننا القول أن السرد الرقمي
العربي ما زال لم يحقق غايته المنشودة وهي بناء نص مفتوح يشارك في كتابته مجموعة
من القراء عبر خصيصة التفاعل المتاحة عبر األنترنت ومواقع التواصل االجتماعي،
وهي تجربة تتطلب التواضع من طرف المؤلف بأن يزيح اسمه أوال ،وأن يشرك القراء
في اختيار الشخصيات واألحداث ،نحن في النهاية إزاء نصوص سردية منشورة رقميا،
ومزودة بمؤثرات سمعية بصرية محدودة التأثير ،وبناء عليه يمكننا القول أنها نصوص
كالسيكية منشورة رقميا ،بل إن أغلبها قد تمت إعادة نشرها ورقيا مثل رواية "ظالل
الواحد" لمحمد سناجلة ،ورواية " الزنزانة رقم ستة" لحمزة قريرة ،وهذا يؤكد أنها مبنية
على النص -النواة كما قلنا ،أي أنها ال تختلف عن النص الكالسيكي الخطي في
جوهرها.
15