You are on page 1of 13

‫األكاديمية األسالمية ‪ -‬الدرس الثامن عشر‬

‫‪web.archive.org/web/20100619231351/http://islamacademy.net/Index.aspx‬‬

‫الدرس الثامن عشر ‪ -‬تابع باب المبتدأ والخبر "النواسخ"‬

‫فضيلة الشيخ‪ /‬د‪ .‬محمد بن عبد الرحمن السبيهين‬

‫مكتبة األكاديمية ‪ -‬مكتبة دروس األكاديمية ‪ -‬الدروس المفرغة ‪ -‬اللغة العربية ‪ -‬المستوى‬
‫الرابع ‪ -‬الدرس الثامن عشر ‪ -‬تابع باب المبتدأ والخبر "النواسخ"‬

‫‪1/13‬‬
‫اللغة العربية ‪ -‬المستوى الرابع‬ ‫اسم المادة‪:‬‬

‫‪20‬‬ ‫عدد الدروس‪:‬‬

‫الدرس الثامن عشر ‪ -‬تابع باب المبتدأ والخبر "النواسخ"‬ ‫اسم الدرس‪:‬‬

‫|‬ ‫|‬

‫‪2/13‬‬
‫اللغة العربية ‪ -‬المستوى الرابع‬

‫الدرس الثامن عشر‬

‫تابع باب المبتدأ والخبر "النواسخ"‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم والحمد هلل رب العالمين وصلى اهلل وسلم وبارك على‬
‫أشرف خلقه نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫وحديثنا اليوم ‪-‬إن شاء اهلل تعالى‪ -‬سيكون في خواتيم الحديث عن األفعال‬
‫الناسخة ثم البدء بعد ذلك في الحروف الناسخة وكل ذلك‪ ،‬أو كل الحديث‬
‫سيكون حول ما ينسخ حكم المبتدأ والخبر من حيث رفعهما‪ ،‬وأذِّك ر بما أذكر‬
‫به دائما من إمكانية استقبال االستفسارات النحوية واللغوية التي تعم بها الفائدة‬
‫وال تخص قدر اإلمكان بما ال يؤثر على ما نحن بصدده من شرح هذا المتن‪،‬‬
‫الذي أسأل اهلل ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬أن يكون شرحه نافعا مباركا‪.‬‬

‫نحن بعد حمد اهلل ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬قد كنا توقفنا عند أن هناك حرفا في‬
‫العربية هو "ما" هذا الحرف أشبه فعًال من األفعال الناسخة وهو "ليس" في‬
‫كونه نافيا‪ ،‬فنحن نعرف أن "ما" تنفي وكذلك "ليس" فلما أشبهتها وجد العلماء‬
‫أن العرب قد أجروها أيضا مجراها في العمل‪ ،‬قالوا‪ :‬إنها محمولة عليها‬
‫بسبب هذه المشابهة‪ ،‬وذلك ما يسمونه بـ"ما" الحجازية فنحن عندما نقرأ قول‬
‫اهلل ‪-‬سبحانه وتعالى‪َ? :-‬م ا َه َذ ا َبَش ًر ا?‪ ،‬فإنا نجد أن "ما" قد دخلت على الجملة‬
‫االسمية "هذا وبشر" وقد جاء الخبر في الجملة االسمية منصوبا "بشرا" ولم‬
‫يأتي مرفوعا كشأنه في الجملة االسمية من مبتدأ وخبر‪ ،‬فدل هذا على أن "ما"‬
‫قد عملت وأن اسم اإلشارة اسم لها‪ ،‬و"بشرا" خبًر ا لها منصوب‪ ،‬وكذلك في‬
‫قول اهلل ‪-‬سبحانه وتعالى‪َّ? :-‬م ا ُه َّن ُأَّمَه اِتِه ْم ?‪ ،‬فإن أصل الجملة "هن أمهاتهم"‬
‫لكن كلمة "أمهاتهم" ‪-‬كما ترون‪ -‬جاءت منصوبة وعالمة نصبها الكسرة؛‬
‫ألنها جمع مؤنث سالم‪ ،‬فدل هذا على أن "ما" قد أعملت عمل األفعال الناسخة‬
‫ولكونها حرف قيل‪ :‬إنها «ليست من األفعال الناسخة ولكنها محمولة عليها»‬
‫وحملها عليها من باب شبهها بـ "ليس" في النفي فعملت عملها‪ ،‬فرفعت االسم‬
‫وهو الضمير المنفصل "هن" ونصبت الخبر وهو جمع المؤنث السالم‬
‫"أمهاتهم" فنصب وعالمة نصبه الكسرة‪.‬‬

‫هذا االستعمال؛ أعني استعمال "ما" استعمال األفعال الناسخة وإعمالها إعمال‬
‫نظيرتها في المعنى وهو "ليس"‪ -‬ليس عند العرب جميعا‪ ،‬ولكنه عند‪ ...‬أو في‬
‫لغة طائفة كبيرة منهم وهم «الحجازيون»‪ ،‬ولذلك تسمى "ما" هذه العاملة‬
‫يسمونها "ما الحجازية"‪ ،‬وغرضهم من هذه التسمية أنها ال تعمل هذا العمل‬
‫إال عند قبائل الحجاز في وقت الفصاحة‪ ،‬قد كانت قبائل نجد في وقت‬
‫الفصاحة ال ُتعملها فتأتي بها وقد ارتفع المبتدأ والخبر وكأنها حرف نفي ال‬
‫عمل له‪ ،‬ولذلك سميت بـ"ما الحجازية"‪ ،‬أي أن عملها عمل األفعال الناسخة‬
‫إنما يكون عند قريش وبقية قبائل العرب في الحجاز بخالف قبائل العرب‬
‫األخرى‪.‬‬

‫ولكن المتأمل أيضا‪ ..‬طبعا القرآن الكريم "التنزيل" قد جاء في أصله وفي‬
‫معظمه على لغة قريش‪ ،‬ولذلك لزم هذا اإلعراب إلعمالها إعمال األفعال‬
‫الناسخة‪ ،‬لكنا عندما نتأمل قول اهلل ‪-‬سبحانه وتعالى‪َ? :-‬وَم ا ُمَح َّم ٌد ِإَّال‬
‫َر ُس وٌل ?‪َ? ،‬وَم ا َأْم ُر َنا ِإَّال َو اِح َد ٌة?‪ ،‬نجد أن الخبر هنا لم ينصب وإنما جاء‬
‫مرفوعا‪ ،‬مع أن "ما" نافية وقد دخلت على الجملة االسمية المكونة من مبتدأ‬
‫وخبر‪ ،‬فلما حصل ذلك نظر العلماء إلى الفرق بين هذه الجملة والجملة السابقة‬
‫في نحو «ما هذا بشرا»‪ ،‬فوجدوا أن هذه الجملة قد دخلت عليها "إال" أي أن‬
‫النفي ُنِقَض ‪ُ ،‬نِقَض النفي بـ "إال"؛ ومعنى نقضه أنه لم يعد نفيا؛ أي أنه عندما‬
‫تقول‪َ? :‬وَم ا ُمَح َّم ٌد ِإَّال َر ُس وٌل ?؛ أي إثبات الرسالة‪َ? ،‬وَم ا َأْم ُر َنا ِإَّال َو اِح َد ٌة?؛‬
‫إثبات هذا األمر الواحد‪ ،‬حينئذ نقول‪ :‬إنه إذا انتقض نفي "ما" "بإال" فإن "ما"‬
‫الحجازية هذه ال تعمل‪.‬‬

‫‪3/13‬‬
‫أعود فأقول‪ :‬إن إعمال "ما" هذه إعمال "ليس" لمشابهتها إياها في النفي إنما‬
‫يكون في لغة طائفة من طوائف العرب الفصحاء‪ ،‬وليس جميع العرب‪ ،‬ومع‬
‫ذلك حتى هذه الطائفة إذا دخلت "إال" على خبرها ترجع مهملة؛ أي غير‬
‫عاملة‪ ،‬ويعرب ما بعدها مبتدأ وخبر‪ ،‬وشاهد ذلك ما ذكرته من اآليتين‬
‫الكريمتين من قوله ‪-‬سبحانه وتعالى‪َ? :-‬وَم ا ُمَح َّم ٌد ِإَّال َر ُس وٌل ?‪ ،‬فنقول "ما"‬
‫حرف نفي‪" ،‬محمد" مبتدأ‪" ،‬إال" أداة حصر‪" ،‬ورسول" خبر مرفوع وعالمة‬
‫رفعه الضمة الظاهرة على آخره‪ ،‬وكذلك‪َ? :‬وَم ا َأْم ُر َنا ِإَّال َو اِح َد ٌة?‪ ،‬فإنا نقول‬
‫في "ما" مجرد حرف نفي وكذلك "إال" حرف حصر ال غير‪ ،‬ثم نقول "أمرنا"‬
‫مبتدأ هو مضاف "ونا" مضاف إليه "وواحدة" خبر مرفوع وعالمة رفعه‬
‫الضمة‪.‬‬

‫هذا هو خالصة األمر في ما يتعلق باستعمال "ما" استعمال األفعال الناسخة‬


‫أو ما يسمونه بـ "ما" الحجازية‪.‬‬

‫تأذن لي يا شيخ بأن نستعرض اإلجابات‬

‫وكان السؤاالن في المرة الماضية عن استعمال بعض األفعال الناسخة‬


‫استعمال "صار" ما المقصود به والتمثيل له؟ وأيضا كان السؤال الثاني‪ :‬عن‬
‫تمام األفعال الناسخة واستعمالها تامة ما معناه وما مثاله؟‬

‫نأخذ إجابات مقتطفة‪ ،‬تقول‪ :‬إجابة السؤال األول‪ :‬قد تستعمل بعض األفعال‬
‫الناسخة بمعنى "صار" أي للتحول من حال إلى حال ومنها "كان وظل‬
‫وأمسى وأصبح وأضحى"‪" ،‬كان" مثال ذلك‪ :‬قول اهلل تعالى‪َ? :‬وُبَّس ِت اْل َباُل‬
‫ِج‬
‫َبًّس ا * َفَك اَنْت َه َباًء ُّم نَبًّثا?‪ ،‬أي "صارت" هباء‪" ،‬وظل" ?َظ َّل َوْج ُه ُه ُمْس َو ًّدا?‪،‬‬
‫أي تحول من حال إلى حال‪" ،‬وأمسى" «أمست خالء» أي أصبحت الديار‬
‫خالء من أهلها بعد أن كانت عامرة‪" ،‬وأصبح"‪َ? :‬فَأْص َبْح ُتْم ِبِنْع َمِتِه ِإْخ َو اًن ?‬
‫أي تحولتم من حال الفرقة إلى األخوة واالجتماع‪" ،‬أضحى"‪« :‬أضحى يمزق‬
‫أثوابي ويضربني»‪ ،‬هذه إجابة السؤال األول من األخت‪.‬‬

‫وهنا إجابة السؤال الثاني من األخت كذلك تقول‪ :‬ما معنى استعمال األفعال‬
‫الناقصة تامة وما مثاله؟ الجواب‪ :‬تستعمل األفعال الناقصة تامة إذا اكتفت‬
‫بمرفوعها ولم تحتج إلى منصوب وهو الخبر‪ ،‬فحينئذ تكون تامة فترفع فاعال‬
‫بعدها وتكون الجملة فعلية وال يكون الفعل التام ناسخا؛ المثال على ذلك‪? :‬‬
‫َو ِإن َك اَن ُذ و ُع ْس َر ٍة َفَنِظ َر ٌة ِإَلى َمْيَس َر ٍة?‪" ،‬فكان" هنا تامة ألنها بمعنى وجد‪.‬‬
‫وقول اهلل تعالى‪َ? :‬فُس ْبَح اَن اِهلل ِح يَن ُتْم ُس وَن َوِح يَن ُتْص ِبُح وَن ?‪ ،‬فتمسون‬
‫وتصبحون هنا فعالن مضارعان تامان وليسا ناسخين‪ ،‬وواو الجماعة فاعل‪،‬‬
‫وأصبح معناها هنا؛ أي وجد في الصباح‪ ،‬وأمسى أي وجد في المساء‪ .‬وكذلك‬
‫قول اهلل تعالى‪َ? :‬خ اِلِد يَن ِفيَه ا َم ا َداَمِت الَّس َم اَو اُت َو اَألْر ُض ?‪" ،‬دام" هنا تامة‬
‫ألنها بمعنى بقي‪ ،‬والسموات فاعل مرفوع وعالمة رفعه الضمة الظاهرة على‬
‫آخره‪ ،‬شكرا لكل األخوة‪.‬‬

‫أتم الحديث عن األفعال الناسخة؛ يعني كان وأخواتها فأقول‪ :‬كما ذكرنا عن‬
‫"ما" الحجازية أنها أشبهت أحد األفعال الناسخة وهو "ليس" في النفي فعملت‬
‫عمله عند طائفة من العرب وهم الحجازيون‪ ،‬نقول كذلك‪ ...‬طبعا أنا أذكر هذه‬
‫األمور وأترك أمورا أخرى أكثر؛ أقل استعماال‪ ،‬وذلك في ما يتعلق بأمور‬
‫أحيانا ال ترد عند العرب إال بندرة وقلة‪ ،‬فأنا أضرب عنها إذا كانت كثيرة‬
‫التفاصيل قليلة االستعمال والحاجة‪.‬‬

‫تقول‪ :‬سؤالي خارج الموضوع‪ :‬أريد أن أعرف كيف يتم إعراب اسم الشخص‬
‫نفسه‪ ،‬كمثال‪ :‬يأتي أعرف مثال "أحمد مطوع"‪ ،‬أو "محمد السبيهين" فكيف يتم‬
‫إعراب اسم الشخص؟‬

‫هو طبعا عندما نذكر هذه األسماء فهي اآلن ليست أجزاء في جملة‪ ،‬وإذا كان‬
‫مجرد ذكر فالن الفالني فهذا ليس جملة وإنما هو اسم‪ ،‬واالسم ال يكون‬
‫معربا‪ ،‬حتى يكون ركنا في جملة؛ ألنه ال يدخل أصال الشيء في باب‬
‫اإلعراب حتى يكون ركنا من تركيب‪ ،‬فالنحو هو علم التركيب‪ ،‬وإذا لم تركب‬
‫الكلمات بعضها مع بعض فتكون إسنادا فال إعراب لها‪ ،‬لكن إذا قلنا‪ :‬هذا‬

‫‪4/13‬‬
‫محمد‪ ،‬فنقول‪ :‬محمد خبر‪ ،‬وإذا قلنا‪ :‬قال محمد‪ ،‬فمحمد فاعل‪ ،‬وإذا قلنا مثال‪:‬‬
‫رأيت الشيخ أحمد‪ ،‬فإنا نقول‪ :‬إن الشيخ مفعول به وأحمد بدل منه؛ ألنه هو‬
‫هو‪ ،‬هو الشيخ هو أحمد فصارت أحمد بدال منه‪ ،‬ويعرب بإعرابه وهكذا‪ ،‬فإذن‬
‫السؤال مطلق وعام فأنا أقول بصفة عامة‪ :‬إذا وجد في تركيب فإنه يعرب‬
‫بحسب موقعه من الجملة‪ ،‬فإن أرادت األخت به أنه لو قلنا مثال‪ :‬أبو عبد اهلل‬
‫صالح بن فالن‪ ،‬فإنا نقول‪ :‬إن "صالح" هو بدل من "أبي عبد اهلل" ويعرب‬
‫بإعرابه‪ ،‬فإن كان المبدل منه مرفوعا رفع‪ ،‬وإن كان منصوبا نصب‪ ،‬وإن كان‬
‫مجرورا جر‪.‬‬

‫لو قيل‪ :‬االسم فالن بن فالن مثال؟‪.‬‬

‫حينئذ يكون خبرا‪ ،‬االسم فالن هو المقصود به؛ يعني اسمه فالن فهذا هو‬
‫المقصود به فيكون خبرا له‪.‬‬

‫أقول‪ :‬إن ما ورد استعماله في القرآن الكريم مما َع ِم َل َع َم َل هذه األفعال‬


‫الناسخة وهو ليس منها‪" :‬الت"‬

‫ذلك في قول اهلل ‪-‬سبحانه وتعالى‪َ? -‬فَناَد ْو ا َو َالَت ِح يَن َم َناٍص ?‪ ،‬طبعا نحن‬
‫عندما ننظر في قراءة الجمهور «والت حين»‪ ،‬نجد أن الكلمة منصوبة‪،‬‬
‫نصبها هنا هو الذي جعل العلماء يقفون عند المسألة ويقولون‪ :‬إن "الت" إذن‬
‫عملت عمل األفعال فنصبت‪ ،‬مع أنها حرف‪ ،‬لكن هي أيضا حرف يفيد النفي‬
‫وجاءته التاء وهذه التاء هي‪" ...‬ال النافية" أصال ودخلت عليها التاء لتأنيث‬
‫اللفظ فقط‪ ،‬وإال فهي حرف نفي‪ ،‬أشبه أحد األفعال الناسخة وهو "ليس" كما‬
‫أشبهتهما‪ ،‬فعمل عمله ولذلك نصب كما رأينا‪ ،‬فإن قال قائل أين اسمها‬
‫وخبرها؟‬

‫نقول‪ :‬إن العلماء اشترطوا في عمل "ليس" شرطا دقيقا وهو «أن يكون اسمها‬
‫وخبرها كلمة بعينها» وهما كلمة "حين" فيكون االسم "حين" ويكون الخبر‬
‫"حين"‪ ،‬وأيضا ال يذكر االثنان معنا فيحذف أحدهما؛ بمعنى ال يقال‪" :‬حين"‬
‫و"حين" اسم وخبر‪ ،‬ولكن أحد الركنين يحذف ويبقى اآلخر‪ ،‬فلذلك في قوله‬
‫تعالى‪َ? :‬فَناَد ْو ا َو َالَت ِح يَن َم َناٍص ?‪ ،‬أصله «والت الحين حين مناص» أي‬
‫ليس الوقت وقت مهرب‪ ،‬لما نادوا لم يكن الوقت وقت هروب ولجوء وهو‬
‫المناص‪ ،‬ولذلك حذف الحين الذي هو اسم الت وبقي خبرها‪ ،‬إذن تحقق‬
‫الشرطان‪ :‬األول أن اسمها وخبرها كالهما لفظ الحين‪ ،‬والثاني حذف أحد‬
‫الركنين وهنا قد حذف االسم وهذا هو األكثر‪ ،‬فاألكثر أن يحذف اسمها ويبقى‬
‫خبرها الذي هو كلمة "حين" هنا وخبر ‪-‬نحن نعرف‪ -‬النواسخ هذه التي سبق‬
‫ذكرها يكون منصوبا‪ ،‬ولذلك جاء منصوبا‪.‬‬

‫ُقِر َأ "والت حيُن "‪ ،‬وحينئذ يكون هذا هو االسم والمحذوف هو الخبر‪ ،‬والتقدير‬
‫«والت حيُن مناص حيًنا لهم» فيكون المحذوف هو الخبر وهو أيضا لفظ‬
‫"حين" وهو المنصوب المحذوف‪ ،‬ولكن كما قلت إن األكثر في كالم العرب‬
‫أن يحذف اسمها ويبقى خبرها المنصوب فتظهر عالمة نصبه على آخره‪.‬‬

‫هذا هو أهم ما يقال في ما يتعلق بالنوع األول من النواسخ‪ ،‬وأقصد بالنوع‬


‫األول من النواسخ هي تلك األفعال أو تلك األشياء التي تدخل على المبتدأ‬
‫والخبر فتنسخ حكم ثانيهما وهو الخبر فتنصبه بعد أن كان مرفوعا‪ ،‬وتبقي‬
‫أولهما وهو المبتدأ مرفوعا على حاله وإن تغير إعرابه فأصبح اسما لهذه‬
‫األفعال بعد أن كان مبتدأ للخبر‪ .‬هذا الجزء األول‪.‬‬

‫نأتي اآلن للقسم الثاني من النواسخ؛ ونحن عرفنا في بداية الحديث عن‬
‫النواسخ أنها عبارة عن أشياء تدخل على جملة المبتدأ والخبر فتنسخ حكمهما‪،‬‬
‫ونحن عرفنا أن حكمهما هو الرفع‪ ،‬فإما أن تنسخ حكم الثاني‪ ،‬وإما أن تنسخ‬
‫حكم األول‪ ،‬أو تنسخهما معا‪ ،‬قد تقدم اآلن الحديث عما ينسخ حكم الثاني وهو‬
‫الخبر فينصبه بعد أن كان مرفوعا وهي "كان وأخواتها" وما ألحق بها‪ ،‬بقي‬
‫اآلن عكس ذلك وهو تلك النواسخ التي تدخل أيضا على المبتدأ والخبر فتنسخ‬

‫‪5/13‬‬
‫حكم المبتدأ األول‪ ،‬وتبقي الخبر؛ بمعنى أنها تنصب المبتدأ بعد أن كان‬
‫مرفوعا وتبقي الخبر على رفعه‪ ،‬وهذه هي التي تسمى "إن وأخواتها" وهي‬
‫حروف‪ ،‬بخالف "كان وأخواتها" فإنها أفعال‪.‬‬

‫من المرغبات في حفظ األلفية أو حفظ على األقل ما كان مهما ومركزا من‬
‫أبيات األلفية لطالب العلم والحريصين على ذلك‪ ،‬أذكر هنا بعض الشيء‬
‫مفيد‪ ،‬وأنا ُأَذ ِّك َر به بين الحين والحين فأرجو أال أثقل به على اإلخوة أقول‪:‬‬
‫«إن ألفية ابن مالك» هي من المتون المتميزة وعناية العلماء بها ما جاءت‬
‫لمجرد أنها اشتهرت‪ ،‬ولكن أيضا لما فيها من مزايا ودقة وشمول ومقدرة‬
‫فائقة عند الناظم ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬في أن يجمع القاعدة مع الحس الشعري الجيد‪،‬‬
‫فإنه قلما تجد نظما يجمع بين أشتات العلم وفي الوقت نفسه روح الشاعر أو‬
‫المقدرة (مقدرة الصياغة) الشعرية الجيدة‪ ،‬أنا ال أقول‪ :‬إنه ينبغي على طالب‬
‫العلم أن يحفظ أبيات األلفية كلها وإن كان هذا أمرا جيدا ومطلوبا‪ ،‬لكن أقول‬
‫على األقل ُتحفظ تلك األبيات الحاصرة والمفيدة من ألفية ابن مالك‪ ،‬يعني هنا‬
‫مثال في هذا الباب ابن مالك‪ ...‬وإن كنا ال نشرح نحن ألفية بن مالك‪ ،‬ولكن‬
‫ذكرها هنا مفيد؛ ألنه فيه ترغيب في هذه القضية‪ ،‬ابن مالك لما وصل إلى‬
‫الحروف الناسخة وقد كان قد شرح األفعال الناسخة كما نحن فيه اآلن وهي‬
‫"كان وأخواتها" قال‪:‬‬

‫إلَّن أَّن ليت لكَّن لعل ***كأَّن عكس ما لكان من عمل‬

‫الحروف الناسخة ستة‪« :‬إن وأن وليت ولكن ولعل وكأن»‪ ،‬التي نحن اآلن‬
‫بصددها ستة فقط‪ ،‬هو اآلن يريد أن يبين للطالب الحروف الناسخة‪ ،‬ويبين‬
‫عملها في بيت واحد‪ ،‬فجمعها وذكر عملها‪ ،‬بدل أن يقول إنها تدخل على‬
‫المبتدأ والخبر فتنصب المبتدأ وترفع الخبر‪ ،‬اختصر ذلك وقد ذكر أن كان‬
‫ترفع االسم وتنصب الخبر‪ ،‬قال هي بعكسها‪:‬‬

‫إلَّن أَّن ليت لكَّن لعل *** كأن عكس ما لكان من عمل‬

‫أي عكس ما قلناه في عمل "كان" فتلك ترفع ثم تنصب‪ ،‬وهذه تنصب ثم ترفع‪.‬‬

‫ثم ذكر بيتا ثانيا بعده جمع فيه ثالثة أمثلة لثالثة أحرف ناسخة بأسمائها‬
‫وأخبارها معربة في شيء يشبه القصة‪ ،‬وهو بيت واحد فقال‪:‬‬

‫كإَّن زيدا عالم بأني *** كفء ولكن ابنه ذو ِض ْغ ِن "‪.‬‬

‫مَّثل لـ "إن"‪ :‬زيدا عالم؛ إن واسمها وخبرها‪ ،‬ثم مثل لـ "أن"‪ :‬عالم بأني‪ ،‬مع‬
‫اسمها وخبرها‪ ،‬ومثل لـ "لكن" مع اسمها "ولكن ابنه ذو ضغن" أيضا مع‬
‫اسمها وخبرها فيما يشبه القصة‪ .‬يقول‪ :‬زيد‪ ...‬لعله جاء لزيد هذا ليطلب منه‬
‫طلبا أو يحتاج منه حاجة وقد كاد زيد أن يوافق له‪ ،‬ولكن تدخل االبن في‬
‫وسط القضية فأبطل وأفسد المشروع فقال‪ :‬إن زيدا عالم بأني كفء لهذا الذي‬
‫طلبته منه‪ ،‬ولكن ابنه صاحب حقد وأبطل األمر‪ ،‬فلعله وشى بشيء أو ذكر‬
‫عيبا من العيوب تبطل ما أراد فأفسد عليه ما أراده‪.‬‬

‫الشاهد في هذا أن ابن مالك جمع في هذا البيت ثالثة حروف ناسخة مع‬
‫أسمائها وأخبارها‪ ،‬وقد نصبت االسم ورفعت الخبر في مثل هذا الربط‬
‫السريع‪" ،‬كإن"‪" :‬ك" حرف تشبيه‪" ،‬إن زيدا عالم"‪ :‬إن مع اسمها زيد‬
‫منصوب وعالم خبرها‪" ،‬بأني كفء" أن مع اسمها ياء المتكلم وكفء خبرها‪،‬‬
‫"ولكن ابنه ذو ضغن"‪ :‬لكن مع اسمه ابن منصوب‪ ،‬وخبره ذو المرفوع‬
‫وعالمة رفعه الواو ألنه من األسماء الستة‪.‬‬

‫أعود فأقول‪ :‬إن هذه األحرف الناسخة الستة‪" :‬إن وأن وليت ولكن ولعل‬
‫وكأن" تدخل على الجملة االسمية المكونة من مبتدأ وخبر فتنسخ حكم المبتدأ‪،‬‬
‫فال يعود مرفوعا بل ينصب‪ ،‬وتبقي الخبر على حاله مرفوعا‪ ،‬ولكن يتغير‬
‫اسمهما في اإلعراب كما تغير اسم معموَلي كان وأخواتها‪ ،‬فيصبح المبتدأ بعد‬

‫‪6/13‬‬
‫"إن" اسما لـ "إن" منصوبا‪ ،‬ويصبح الخبر خبرا لها ويبقى على رفعه؛ أي‬
‫يبقى مرفوعا‪ ،‬ونقول‪ :‬إن الذي نصب االسم ونصب الخبر هو الحرف الناسخ‬
‫نفسه‪.‬‬

‫كما ذكرت من قبل‪ ،‬هذه حروف وكان وأخواتها أفعال‪ ،‬هذا فرق ظاهر بِّين‬
‫إال ما حمل على كان وأخواتها من مثل "ما" و"الت"‪ ...‬إلى آخره‪ .‬فهذه‬
‫حروف ولكنها عملت عمل األفعال الناسخة لمشابهتها إياها في النفي‪ ،‬هكذا‬
‫التمس العلماء الحكمة‪ ،‬واألصل أن العلماء وجدوها تعمل هذا العمل فالتمسوا‬
‫لها مثل هذه الحكمة‪.‬‬

‫الحروف الناسخة الستة ليس المتكلم مخير أن يأتي بأي واحدة منها في أي‬
‫وقت شاء أو ألي جملة أو لمعنى واحد؛ ألن كل واحد من هذه األحرف له‬
‫معنى‪ ،‬ولذلك فإن المتكلم إذا أراد أن يؤدي معنى من المعاني أتى بالحرف‬
‫الذي يمثله‪ ،‬فلكل حرف منها إن وأن لها معنى‪ ،‬وليت لها معنى‪ ،‬ولعل لها‬
‫معنى‪ ،‬وكأن لها معنى‪ ،‬ولكن لها معنى‪ ،‬فلكل واحد منها معنى يأتي به المتكلم‬
‫للداللة عليه‪ ،‬وهذا يختلف عن استعمال –مثال‪ -‬مجموعة من األفعال الناسخة‬
‫التي سبق ذكرها بمعنى واحد‪ ،‬كاستعمالها بمعنى "صار" فإنها تعمل عمال‬
‫واحدا وتؤدي معنى واحدا في ذلك الوقت‪ ،‬أما هنا فكل واحد منها يؤدي معنى‬
‫يختلف عن اآلخر‪ ،‬وإن تشابهت في العمل‪.‬‬

‫يقول‪ :‬هناك من يعرب "إذا" بقوله‪ :‬إذا ظرف لما يستقبل من الزمان متضمن‬
‫معنى الشرط‪ ،‬منصوب بجوابه‪ ،‬خافض لفعله‪ .‬ما المقصود بقولهم‪ :‬منصوب‬
‫بجوابه خافض لفعله؟‬

‫هم يقصدون أنه إذا قلت مثال‪" :‬إذا قام زيد قام عمرو"‪" ،‬إذا" ظرف فهو اسم‪،‬‬
‫واألسماء إذا وقعت بعدها جملة فإن هذه الجملة تكون في محل جر مضاف‬
‫إليه‪ ،‬فهو خافض لشرطه بمعنى أنه مضاف إلى شرطه‪ ،‬فجملة الشرط في‬
‫محل جر مضاف إليه بإضافة الظرف إليها وهو "إذا"‪ .‬وقولهم‪ :‬إنه منصوب‬
‫بجوابه‪ ،‬ألنك إذا قلت‪" :‬إذا جاء زيد أكرمتك"‪ ،‬التقدير‪" :‬أكرمك إذا جاء زيد"‪،‬‬
‫"إذا" ظرف‪ ،‬أي في الوقت الذي يجيء فيه زيد أكرمك‪ ،‬فنحن نقول‪ :‬متى‬
‫تكرمه؟ في ذلك الوقت‪ ،‬فأصبح الظرف ظرف زمان منصوب‪ ،‬ما الذي‬
‫نصب هذا الظرف؟ جواب الشرط‪ ،‬أو ما هو في معنى جواب الشرط وإن لم‬
‫يكن مجزوما‪ .‬في قولك‪ :‬أكرمتك‪ ،‬فالذي جزمه هو فعل جواب الشرط في‬
‫جملة الجواب؛ ألنه متعلق به‪.‬‬

‫يقولون‪ :‬إن الجار والمجرور والظرف الذي ينصبها هو الفعل الذي تعلقت به‪،‬‬
‫أنت إذا قلت‪ :‬مررت بزيد‪" ،‬بزيد" جار ومجرور‪ ،‬هي معمولة أي أنها في‬
‫محل نصب‪ ،‬ما الذي عمل فيها؟ الفعل "مررت" ألنها مرتبطة به "بزيد" ما‬
‫به زيد؟ تقول‪" :‬مررت"‪ .‬كذلك إذا قلت‪ :‬جئت اليوم‪" ،‬اليوم" ظرف‪ ،‬ما الذي‬
‫نصبه؟ الفعل "جئت" ‪،‬ألنه ما الذي حصل اليوم؟ "المجيء"‪ ،‬فالفعل الذي‪...‬‬
‫أو الحدث الذي وقع في الزمان المذكور "الظرف"‪ ،‬وقع في ذلك الظرف‪ ،‬أو‬
‫تعلق به الجار والمجرور هو الذي عمل فيه‪ ،‬هنا في قولك‪ :‬إذا جاء زيد‬
‫أكرمتك‪ ،‬الذي يحصل أن الوقت الذي يجيء فيه زيد متعلق بالجواب‬
‫"اإلكرام"؛ ألن اإلكرام يكون في هذا الوقت‪ ،‬ولذلك قيل إنه منصوب بجوابه؛‬
‫أي أن "إذا" الظرف ال يتم معناه إال عندما ُيتصور جوابه‪ ،‬وحينذاك هو الذي‬
‫عمل فيه وهذا معنى قولهم‪ :‬إن أشباه الجمل هي ال بد أن تتعلق بشيء يعملوا‬
‫فيها‪.‬‬

‫كذلك يسأل عن قول الشاعر‪:‬‬

‫إذا أعجبتك الدهر حال من امرئ‬

‫يسأل عن إعراب الدهر؟ هل يعرب ظرف أم مفعول به؟‬

‫‪7/13‬‬
‫المفعول به من وقع عليه الفعل‪ ،‬وهو اآلن ال يقول إنه إذا أعجبه‪ ....‬ألن‬
‫"أعجب" أصال ال يمكن أن تأتي على الدهر أو أنه قد وقع عليه اإلعجاب‪،‬‬
‫والمفعول به هو من وقع عليه الفعل‪ ،‬ولكن المقصود "في الدهر"‪ ،‬فالدهر هنا‬
‫ظرف زمان‪ ،‬كما أنك إذا قلت‪ :‬إذا جئت اليوم أي في هذا اليوم‪ ،‬ومن ثم فإنا‬
‫نقول إن "الدهر" ظرف زمان منصوب وعالمة نصبه الفتحة الظاهرة على‬
‫آخره‪.‬‬

‫أقول‪ :‬إن األحرف الناسخة هذه األحرف الستة كل واحد منها يؤدي معنى؛‬
‫يشترك الحرفان األوالن "أَّن وإَّن "‪ ،‬المفتوحة الهمزة والمكسورة الهمزة‪ ،‬طبعا‬
‫هم يقولون‪ :‬إن أم الباب هي "إَّن " كما أن أم الباب في األفعال الناسخة "كان"؛‬
‫ألنها أكثرها استعماال‪ ،‬فلذلك نقول‪ :‬إن الحرفين "إن وأن" يشتركان في معنى‬
‫واحد وهو التوكيد‪ ،‬وإن اختلفا في وضعهما وطريقة صياغة الجملة معهما‪،‬‬
‫نقول‪ :‬إن "إن وأن" يأتيان للتوكيد‪ .‬مثال‪ :‬تأتي بجملة المبتدأ والخبر تقول‪:‬‬
‫الجو بارد‪ُ ،‬تدِخ ل "إن" تقول‪ :‬إن الجو بارد‪ ،‬أنت اآلن لم تفد معنى جديدا‪،‬‬
‫ولكنك أكدت المعنى الموجود في المبتدأ والخبر؛ ومن ثم فإنا نقول‪ :‬إن المبتدأ‬
‫والخبر لم ُيَض ف إليهما شيء جديد بإضافة الحرف الناسخ‪ ،‬ولكن ُأكد معناهما‪.‬‬
‫إذن الحرف الناسخ "إن وأن" يضيفان إلى الجملة التوكيد وال يضيفان معنى‬
‫جديدا إليها‪ .‬ونحن نعرف أن التوكيد أحيانا يكون مقصد من مقاصد المتكلم‬
‫البليغ‪ ،‬ألنه يريد أن يزيد المعنى تقريرا في ذهن السامع‪ ،‬وبالذات إذا كان‬
‫السامع مترددا أو منكرا‪ ،‬فإنه يضيف له من المؤكدات ما يدفع عنه تردده أو‬
‫إنكاره‪.‬‬

‫أقول‪ :‬فأنت عندما تقول‪" :‬إن زيدا قائم" أو تقول‪ :‬بلغني أو "أعجبني أن زيدا‬
‫قائم"‪ ،‬فأنت استعمالك "إلن وأن" كالهما ال يغير في معنى الجملة ولكنه‬
‫يؤكدها‪ ،‬لكن لعل الواحد منا قد تنبه لشيء وهو أني في األولى قلت‪ :‬إن زيدا‬
‫قائم‪ ،‬وفي الثانية قلت‪ :‬أعجبني أن زيدا قائم‪.‬‬

‫فعندما استعملت مكسورة الهمزة "إن" جئت بها في أول الكالم‪ ،‬وعندما‬
‫استعملت المفتوحة الهمزة "أن" ذكرت كالما قبلها‪ ،‬وهذا الفرق بين استعمال‬
‫الحرفين‪" :‬أن" مكسورة الهمزة تأتي في أول الكالم بينما مفتوحة الهمزة ال بد‬
‫أن يسبقها كالم‪ ،‬وإال فهما يشتركان في المعنى والعمل‪ ،‬المعنى‪ :‬هو التوكيد‬
‫والعمل‪ :‬هو نسخ ‪-‬كما رأينا نسخ‪ -‬حكم المبتدأ الذي هو الرفع‪.‬‬

‫الحرف الثالث بعد "إن وأن"‪" ،‬لكن"‪ .‬لكن هذا الحرف هو حرف يقول‬
‫العلماء‪ :‬إنه حرف استدراك؛ ومعنى االستدراك‪ :‬هو أن تتذكر أيها المتكلم‬
‫شيئا فتريد أن تقف عنده أو تنبه إليه‪ ،‬كيف ذلك؟ إذا كنت تكلمت بكالم ثم‬
‫تخشى أن يكون السامع قد فهم شيئا فتستدرك لتوضح مسألة‪ ،‬والقصد من‬
‫خشية أن يكون المتكلم قد فهم شيئا أنه ربما يكون كالمك السابق يوحي بهذا‬
‫الشأن‪.‬‬

‫مثال‪ ،‬أنت عندما تقول‪ :‬زيد عالم‪ ،‬يفهم اآلن السامع أن هذا الرجل فيه خصال‬
‫الخير‪ ،‬فربما يتوقع أيضا أنه عنده من الصفات األخرى ما لم تذكره أيضا‪،‬‬
‫وأنت تعرف أن عنده صفات ليست بالطيبة‪ ،‬فتريد أن تنبه إليها وتستدرك‬
‫فتقول‪ :‬لكنه فاسق‪ ،‬فهذا معنى االستدراك‪ ،‬االستدراك هو‪ :‬أن تعقب الكالم‬
‫برفع ما يتوهم ثبوته‪ ،‬أو أن تعقب الكالم بإثبات ما يتوهم نفيه‪ ،‬األولى‬
‫وضحت من المثال األول‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬أن تعقب الكالم بإثبات ما يتوهم نفيه‪ ،‬أنت عندما تقول‪ :‬فالن –مثال‪-‬‬
‫بخيل فيتوهم أنه أيضا فيه الصفات السيئة األخرى فيقال هو جبان مثال وأنت‬
‫تعرف أنه ليس كذلك فتعقب وتقول‪ :‬لكنه شجاع‪ ،‬إذن تعقيب الكالم برفع ما‬
‫يتوهم ثبوته أو إثبات ما يتوهم نفيه من خالل الكالم السابق هو االستدراك‪،‬‬
‫هذا معنى قولنا‪ :‬لكن‪ ،‬فالمثال الذي ذكرته اآلن في قولي‪ :‬زيد عالم لكنه فاسق‪،‬‬
‫أو أن أقول‪ :‬ما زيد شجاع‪ ،‬لكنه كريم‪ ،‬فعندما قلت‪ :‬ما زيد شجاع‪ ،‬ظن الظان‬
‫أنه مع جبنه هو بخيل‪ ،‬فعقبته واستدركت في الكالم وقلت‪ :‬لكنه كريم‪.‬‬

‫‪8/13‬‬
‫هذا معنى االستدراك‪ ،‬وهو كما ذكرته أن يعقب الكالم برفع شيء يتوهم‬
‫السامع ثبوته من الكالم السابق‪ ،‬أو إثبات شيء يتوهم السامع نفيه من خالل‬
‫الكالم السابق فتستدرك وتعقب بمثل هذا العمل‪.‬‬

‫وبالنسبة لإلعراب واضح األمر في قولنا‪ :‬لكنه كريم‪" ،‬لكن" حرف ناسخ‬
‫والهاء اسم لكن منصوب ضمير متصل في محل نصب اسم لكن‪ ،‬و"كريم"‬
‫خبرها مرفوع وعالمة رفعه الضمة الظاهرة على آخره‪.‬‬

‫تقول‪ :‬قال تعالى‪ُ? :‬قْل َناُر َج َه َّنَم َأَش ُّد َح ًّر ا َّلْو َك اُنوا َيْفَقُهوَن ?‪ ،‬ما الحكم في‬
‫"أشد" التي هي اسم تفضيل‪ ،‬ما الحكم فيها؟‬

‫لعلها تسأل عن اإلعراب‪ ،‬واإلعراب فيا واضح‪" :‬النار" مبتدأ وهو مضاف‪،‬‬
‫و"جهنم" مضاف إليه مجرور وعالمة جره الفتحة ألنه ممنوع من الصرف‪،‬‬
‫و"أشد" خبر مرفوع وعالمة رفعه الضمة الظاهرة على آخره‪ ،‬وهو أيضا‬
‫ممنوع من الصرف للوصفية ووزن الفعل‪.‬‬

‫يقول‪ :‬كذلك عندي سؤال عن "جهنم" يا شيخ ‪-‬أعاذنا اهلل منها‪ -‬هنا تقول‪ :‬هل‬
‫لفظ جهنم ممنوع من الصرف ولماذا؟‬

‫قالوا‪ :‬إن العلمية والتأنيث هما األظهر يعني في هذا‪ ،‬ألنها اسم علم‪ ،‬على‬
‫مكان معين‪ ،‬عليها ‪-‬أعاذنا اهلل منها‪ -‬وأيضا التأنيث فيها‪ ،‬ونحن نعرف أنه إذا‬
‫اجتمع علتان من علل تسع أو علة واحدة قوية تقوم مقام العلتين منع االسم من‬
‫الصرف ولذلك قال اهلل تعالى‪ُ? :‬قْل َناُر َج َه َّنَم ?‪ ،‬ولم يقل نار جهنٍم ‪ ،‬ولو كانت‬
‫مصروفة لجرها بالكسرة‪ ،‬فجرها بالفتحة دليل على أنها ممنوعة من‬
‫الصرف‪ ،‬وقد ذكرت علة منعها من الصرف‪.‬‬

‫يقول‪ :‬الفرق بين الحرف واألداة؟‬

‫األداة‪ :‬هي كل ما يعمل سواء كان حرفا أو اسما أو فعال‪ ،‬فقد نقول‪ :‬أدوات‬
‫الشرط وهي تشمل حروفا وأسماء‪ ،‬وقد نقول أو نسمي النواسخ أدوات مثال‬
‫وهي تشمل أفعاال ناسخة وتشمل حروفا ناسخة‪ ،‬فاألداة في األصل أعم تشمل‬
‫كل ما يؤدي إلى شيء؛ أي كل ما يعمل‪ ،‬لكن عندما نقول الحروف الناسخة‬
‫فإنا نخصص القصد "بإن وأخواتها"‪ .‬فلذلك قولنا األحرف الناسخة أو قولنا‬
‫مثال حروف الجزم‪ ،‬أو حروف الشرط أكثر حصرا من قولنا أدوات‪.‬‬

‫تقول‪ :‬هل تعد "ابن" من الكنى‪ ،‬أم أن الكنية خاصة بأب؟‬

‫العلماء قالوا‪ :‬إنه ما صدر بأب أو أم أو ابن أو بنت‪ ،‬لكنه ليس على سبيل‬
‫الوصف ولكن على سبيل التسمية العلمية‪ ،‬يعني ليس المقصود بها أن تصف‬
‫فالن بأنه ابن فالن‪ ،‬ولكن اشتهر بين الناس أنه بتسميته ابن فالن‪ ،‬عندما يقال‬
‫مثال‪ :‬ابن مالك‪ ،‬اآلن أنت فقط تنسبه إلى والده‪ ،‬ألن أصله هو محمد بن عبد‬
‫اهلل‪ ،‬ليس والده مالكا‪ ،‬لكن هو اشتهر بهذه التسمية فهذه كنية حينذاك‪ ،‬لكن إذا‬
‫وصفته قلت‪ :‬هذا محمد بن عبد الرحمن‪ ،‬هذه ليست كنية له‪ ،‬ألنك تصفه‬
‫وصفا بها‪ ،‬فالكنية شرطها أن تقوم مقام العلم‪ ،‬بمعنى أنه يكون اشتهر بها‪ ،‬هذا‬
‫شرط التكنية بها‪ ،‬وهذا قد شمل عند العلماء باألصل األب واألم‪ ،‬أبو فالن وأم‬
‫فالن‪ ،‬وأيضا حملوا عليه بنت فالن وابن فالن إذا قامت مقام العلم؛ أي إذا‬
‫صارت ‪...‬عرف بها‪ ،‬وعرف بهذا االسم‪.‬‬

‫الحرف الرابع من الحروف الناسخة هو "كأن" وكأن أيضا يعمل عمل "إن"‬
‫فيدخل على جملة المبتدأ والخبر فينصب االسم ويرفع الخبر‪ ،‬لكن الفرق‬
‫بينهما المعنى الذي تؤديه "كأن"‪ .‬نحن عرفنا أن الحروف الناسخة ميزتها أن‬
‫كل حرف منها يؤدي معنى مستقال وإن تساوت في العمل‪" ،‬كأن" معناها‬
‫األصلي هو التشبيه‪ ،‬عندما تقول‪" :‬كأن زيدا أسٌد " أي أنك تشبهه به في‬
‫الشجاعة‪ ،‬فـ "زيدا" اسمه منصوب وعالمة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره‪،‬‬
‫و"أسد" خبره مرفوع وعالمة رفعه الضمة الظاهرة على آخره‪ ،‬هذا هو‬
‫األصل في استعمال كأن‪ ،‬وقد تستعمل للظن؛ فعندما تقول‪" :‬كأنك مريض"‬
‫يعني أظنك كذلك‪ ،‬أنت ال تشبهه بالمريض‪ ،‬ولكنك تقول أتوقع كذلك‪" ،‬كأن‬

‫‪9/13‬‬
‫الجو بارد"‪" ،‬كأن فالن حصل له كذا"‪ ،‬كأنك تبين ظنك لهذا الشيء تستعمل‬
‫للتشبيه وتستعمل للظن‪ ،‬والذي يفرق بين االثنين هو السياق والمقام‪ ،‬فإذا كان‬
‫المقام مقام تشبيه حملت على التشبيه‪ ،‬وإذا كان المقام مقام ظن حملت على‬
‫الظن فيهما‪.‬‬

‫كأن‪ :‬يا شيخ محمد مكون من حرفين‪ :‬حرف للتشبيه الكاف‪ ،‬والتوكيد؟‬

‫قال بعض العلماء –نعم‪ :-‬كأن تؤدي تشبيها مبالغا فيه أكثر من "الكاف" فأنت‬
‫عندما تقول‪" :‬محمد كزيد" وقولك‪" :‬كأن محمدا زيد" أكثر مبالغة وقوة فيها‪،‬‬
‫ألن "كأن" فيها حروف أكثر‪ ،‬وفيها إضافة حرف توكيد وهو "أن" والعلماء‬
‫قد اختلفوا فيها فمنهم من قال‪ :‬إنها عبارة عن ‪-‬كما ذكرت اآلن عبارة عن‪-‬‬
‫حرفين‪ :‬حرف التشبيه مع أن المؤكدة‪ ،‬ومنهم من قال هي برمتها تؤدي معنى‬
‫التشبيه المؤكد دون تفريق‪ ،‬فال يقال هذا‪ .‬وما دامت تؤدي المعنيين فحملها‬
‫على أنها مركبة من حرفين أولى وأوجه‪ ،‬وعلى كل حال هي تؤدي معنى‬
‫التشبيه والتوكيد جاء من زيادة األحرف‪ ،‬أو من استعمال "أن" فيها األمران‬
‫سواء‪ ،‬ألن زيادة المبنى أيضا تؤدي إلى زيادة في المعنى‪.‬‬

‫الحرف الخامس‪ :‬هو "ليت" وهو الحرف قبل األخير من الحروف الناسخة‪،‬‬
‫و"ليت" حرف من الحروف الناسخة‪ ،‬فينصب االسم ويرفع الخبر‪ ،‬لكنهم قالوا‬
‫معناه هو التمني؛ والتمني يأتي عند العرب على نوعين‪ :‬إما أن يطلب أو‬
‫يرجى أو يرغب في الشيء الذي ال يمكن حصوله‪ ،‬أو الشيء الذي يمكنه‬
‫حصوله ولكنه فيه عسر‪ ،‬عندما يقول أبو العتاهية‪:‬‬

‫أال ليت الشباب يعود يوما *** فأخبره بما فعل المشيب‬

‫يقول هذا الكالم شيخ قد شاب فنقول‪ :‬إنه يتمنى شيء ال يمكن حصوله‪ ،‬يطلب‬
‫شيئا ال يمكن حصول‪ ،‬ولذلك نقول‪ :‬إن التمني هنا هو طلب الشيء مستحيل‬
‫الحصول‪ ،‬وهذا هو األكثر في استعمال ليت في التمني؛ أن األصل فيها أن‬
‫يكون للشيء الذي ال يمكن حصوله‪ ،‬لكنه يستعمل في ما هو دون ذلك‪ ،‬عندما‬
‫يقول‪َ? :‬يا َلْيَت َلَنا ِم ْثَل َم ا ُأوِتَي َقاُر وُن ?‪ ،‬يا ليت لي ماال عندما يقول الفقير‬
‫المعدم‪ :‬يا ليت لي ماال كثيًر ا‪ ،‬يا ليت لي قنطارا من الذهب وهو ال يملك إال‬
‫القليل‪ ،‬نقول‪ :‬هذا ليس بعزيز على اهلل‪ ،‬لكنه عقال بعيد الحصول؛ ألنه ال‬
‫يتحقق حصول هذا للغني‪ ،‬أما الفقير فإن هذا بعيد الحصول عنه‪ ،‬كال األمرين‬
‫يسمى تمنيا عند العرب؛ أي طلب الشيء المتعسر أو المتعذر‪ ،‬لكن استعماله‬
‫المتعذر غير الممكن المستحيل أكثر‪ ،‬ومن هنا أنا أنبه على أمر لطيف ومفيد‪،‬‬
‫وهو من األمور التي شاعت عند الناس ويحسن التنبيه إليها‪ ،‬أنهم يستعملون‬
‫كلمة أتمنى هذه في األمور المطلوبة المحبوبة المرجوة فيقول‪ :‬أتمنى أن‬
‫أصبح طبيبا‪ ،‬وأتمنى أن تكون بخير‪ ،‬وأقول‪ :‬إن األصل في التمني عند‬
‫العرب؛ هو طلب الشيء إما المستحيل المتعذر‪ ،‬أو البعيد المتعسر‪ .‬ولذلك أنت‬
‫عندما تقول‪ :‬أتمنى كذا كأنك تتكلم عن شيء لن يحصل أو سيحصل بعسر‪،‬‬
‫كأن يقول أرجو وآمل‪ ،‬ولذلك ال يقال‪ :‬ما أمنياتك يا فالن‪ ،‬ولكن يقال ما‬
‫آمالك‪ .‬ألن التمني في األصل في استعمال العرب هو للشيء في معظمه‬
‫للمستحيل أو للشيء الذي يمكن ولكنه بعسر ومشقة‪ .‬ولذلك الرجاء واألمل هو‬
‫مقام هذا‪ ،‬فيقال‪ :‬أمنية فالن أو رجاؤه أو آمل أن يحصل لك كذا‪ ،‬أو أرجو أن‬
‫يحصل كذا‪ ،‬وال أقول‪ :‬أتمنى أن يحصل كذا‪ ،‬ألن التمني في األصل عند‬
‫العرب هو لهذين االستعمالين‪ :‬الشيء المتعذر مطلًقا ال يمكن‪ ،‬أو المتعسر‬
‫الذي يحصل ولكن فيه عسر وفي حصوله عسر‪.‬‬

‫الحرف األخير من الحروف الناسخة هو "لعل" وهذا معناه الترجي في‬


‫األصل‪ ،‬وهو المعنى اآلخر الذي هو أقرب حصوال عند العرب‪ ،‬فلذلك عندما‬
‫تقول‪ :‬ليت زيدا يأتي فأنت إما أنه متعذر أو متعسر‪ ،‬لكن عندما تقول‪ :‬لعل‬
‫زيدا يأتي فهذا فيه قرب حصول‪.‬‬

‫ولذلك يقولون‪ :‬الترجي هو توقع الشيء القريب المحبوب‪ ،‬عندما يكون الشيء‬
‫قريب الحصول وهو محبوب إلى النفس تستعمل معه أسلوب الترجي‪ ،‬هذا هو‬
‫أسلوب الترجي‪ ،‬وحرفه هنا في الحروف الناسخة هو "لعل"‪.‬‬

‫‪10/13‬‬
‫أنت عندما تقول‪" :‬لعل اهلل يرحمني" أي أني أرجو ذلك وهو قريب ‪-‬إن شاء‬
‫اهلل تعالى‪ -‬واهلل ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬هو خير مأمول‪ ،‬هنا يكون هذا أسلوب‬
‫ترجي‪ ،‬بعض العرب‪ ...‬أحيانا العرب تستعمل "لعل" في معنى آخر غير‬
‫الترجي؛ وهو ما يسمونه اإلشفاق؛ واإلشفاق هو‪ :‬خوف الشيء المكروه‪،‬‬
‫عندما تقول‪ :‬لعل زيدا هالك‪ ،‬أي أخاف أن يكون هلك‪ ،‬أخشى أن يكون كذلك‪،‬‬
‫هذا استعمال من استعماالت العرب ولكنه قليل‪ ،‬واألكثر في استعمال لعل أن‬
‫يكون لما ذكرناه منذ قليل طلب حصول الشيء القريب المحبوب وهو الترجي‬
‫لكن استعمال لعل لإلشفاق وهو خوف حصول الشيء المكروه وارد عن‬
‫العرب ولكنه قليل‪.‬‬

‫ذكر بعض العلماء أيضا أن مما تأتي له "لعل" وإن كان قليال‪ ،‬وهذا رأي‬
‫لبعض العلماء في تفسير قول اهلل ‪-‬سبحانه وتعالى‪َ? :-‬فُقوَال َلُه َقْو ًال َّلِّيًنا َّلَع َّلُه‬
‫َيَتَذَّك ُر َأْو َيْخ َش ى?‪ ،‬خطاب اهلل ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬إلى موسى وهارون‪" ،‬فقوال‬
‫له" أي لفرعون‪" ،‬قوال لينا لعله يتذكر أو يخشى"‪ .‬قالوا التفسير التقدير قوال‬
‫له ذلك تفسير اآلية؛ "كي يتذكر" فأفادت "لعل" هنا التعليل؛ أي علة طلب‬
‫القول اللين والكالم اللين له حصول التذكر والخشية‪ ،‬وعلى كل حال فهذا رأي‬
‫حسن ولكنه يمكن أن يحمل أيضا على الرجاء وهو طلب الشيء ممكن‬
‫الحصول والقريب الحصول‪ ،‬وحينذاك ال يحتاج إلى هذا المعنى وإذا حمل هذا‬
‫المعنى فهو معنى حسن‪ ،‬لكن ‪-‬كما قلت‪ -‬هو استعمال قليل حتى لو أثبت أو‬
‫حمل عليه معنى اآلية‪ ،‬ولكن االستعمال األكثر لـ "لعل" هو أن تكون للترجي‪.‬‬

‫تقول‪ :‬هل تختص "ما" الحجازية بهذه التسمية في حال عملها فقط؟ في قول‬
‫اهلل تعالى‪َ? :‬وَم ا ُمَح َّم ٌد ِإَّال َر ُس وٌل َقْد َخ َلْت ِم ن َقْبِلِه الُّر ُس ُل ? بأن "ما" هنا يعني‬
‫تسميتها بالحجازية ليست صوابا؟‬

‫المقصود بـ "ما" الحجازية هي "ما" العاملة عمل "ليس" فإذا لم تعمل لم تكن‬
‫هي "ما" الحجازية‪ ،‬ولذلك نقول هي العاملة عمل األفعال الناسخة المحمولة‬
‫عليها‪.‬‬

‫يقول‪ :‬أين خبر "ليت" في قوله‪َ? :‬يا َوْيَلَتى َلْيَتِني َلْم َأَّتِخ ْذ ُفَالًنا َخ ِليال?؟‬

‫اإلعراب الكامل‪:‬‬

‫"ليت" هنا حرف ناسخ‪" ،‬والنون" نون الوقاية‪" ،‬الياء" ياء المتكلم ضمير‬
‫متصل مبني على السكون في محل نصب اسم ليت‪ ،‬جملة "لم أتخذ فالنا‬
‫خليال" هي جملة خبر ليت في محل رفع تعرب "لم" حرف جزم‪" ،‬أتخذ" فعل‬
‫مضارع مجزوم وعالمة جزمه السكون‪ ،‬الفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره‬
‫أنا‪" ،‬فالنا" مفعول به أول منصوب وعالمة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره‪،‬‬
‫"خليال" مفعول به ثاني أيضا منصوب وعالمة نصبه الفتحة الظاهرة على‬
‫آخره‪ ،‬والجملة الفعلية في محل رفع خبر ليت‪.‬‬

‫تقول‪ :‬هل األحرف الناسخة تسمى األحرف المشبهة للفعل؟ يسأل عن سبب‬
‫تسميتها؟‬

‫هم قالوا‪ :‬إن األصل في العمل هو لألفعال‪ ،‬واألحرف محمولة عليها‪ ،‬فإذا‬
‫عملت األحرف فكأننا شبهناها باألفعال في هذه ولذلك قيل إنها مشبهة بها‪.‬‬

‫يقول‪ :‬في قول اهلل تعالى‪ِ? :‬إَّنا َنْح ُن َنَّز ْلَنا َع َلْيَك اْلُقْر آَن َتْنِز يال?‪ ،‬أريد الخبر؟‬
‫وإذا كان فيه رفع؟‬

‫كيف الرفع يا شيخ؟ أنت تقول إذا كان فيه رفع؟‬

‫مثل أليس ينصب المبتدأ ويرفع الخبر؟‬

‫بلى‬

‫األمر اآلخر‪ :‬أيهما أفصح‪ :‬أقول‪ :‬أفيدكم بأننا‪ ،‬أم أفيدكم بأنا؟‬

‫‪11/13‬‬
‫"إنا نحن نزلنا" هذه "إن" أصله "إننا" خففت بدمجها؛ توالي ثالث نونات‪ ،‬ألن‬
‫النون المشددة ومعها "نا" فـ "نا" الفاعلين هي اسم "إن"‪" ،‬نحن" على الرأي‬
‫األصوب فيها أنها ضمير فصل‪ ،‬إن أعربتها مبتدأ وصارت "نزلنا" الجملة‬
‫الفعلية هي الخبر‪ ،‬قلت‪ :‬الجملة االسمية "نحن نزلنا" في محل رفع خبر "إن"‪،‬‬
‫وإن جعلتها "نحن" ضمير فصل عماد ال عمل له فالجملة الفعلية هي الخبر‪،‬‬
‫والتقدير‪" :‬نزلنا هذه" نزل فعل ماض‪ ،‬والفاعل "نا" والقرآن مفعول‪ ،‬والجملة‬
‫الفعلية في محل رفع خبر إن‪ ،‬فأنت بالخيار أن تجعل الجملة اسمية باستعمال‬
‫ضمير الفصل مبتدأ‪ ،‬أو تجعل ضمير الفصل مجرد عماد ال عمل له وتكون‬
‫الجملة الفعلية هي الخبر‪.‬‬

‫أفيدكم بأننا أو بأن‬

‫األصل فيها أن "أفيد" تتعدى بنفسها فنقول‪" :‬أفيدكم أننا" ال داعي أصال‬
‫الستعمال الباء فيها‪ ،‬وإذا قلت‪ :‬أننا أو أنا فاألمر فيهما سواء‪ ،‬فالعرب تخفف‬
‫هذه بإثبات النون أو بحذفها‪.‬‬

‫هال تفضلتم بطرح أسئلة هذه المحاضرة؟‪.‬‬

‫السؤال األول‪:‬‬

‫ما معنى االستدراك في "لكن" وما مثاله؟‬

‫والسؤال الثاني‪:‬‬

‫اذكر المعاني التي تأتي لها "لعل" مع التمثيل؟‬

‫‪12/13‬‬
‫أرسل لصديق‬
‫أضف‬ ‫عرض‬ ‫أضف‬
‫تعليقًا‬ ‫التعليقات‬ ‫تعليقًا‬

‫اضف إلى‬
‫المفضلة‬

‫تقييم العنصر‪:‬‬ ‫التصويتات ‪0‬‬ ‫المعدل ‪ 0.00‬من ‪5‬‬

‫عدد القراءات ‪2241‬‬ ‫نسخة للطباعة‬

‫الرجاء مالحظة أنك بحاجة للبرامج التالية ‪، ، :‬‬


‫جميع الحقوق محفوظة ‪ -‬األكاديمية اإلسالمية المفتوحة ‪ 1425‬هـ‪ 1426 -‬هـ‬
‫يحق لك أخي المسلم االستفادة من محتويات الموقع في االستخدام الشخصي غير التجاري‬
‫جميع حقوق البرمجيات محفوظة لمجموعة سهم‬
‫اتـصــل بنـــــا ‪ -‬األكاديمية اإلسالمية المفتوحة‬

‫‪13/13‬‬

You might also like