Professional Documents
Culture Documents
«﷽
احلمد هلل الواجب وجوده ،املمتنع نظريه ،املمكن سواه وغريه ،الصادر باختياره رشه وخريه ،وصالته عىل سيدنا
قال رمحه اهلل( :بسم اهلل الرمحن الرحيم) ابتدأ الشارح –رمحه اهلل ونفعنا بعلومه يف الدارين -رشحه
ا
امتثاًل بحديث النبي × «كل أمر ذي بال ًل يبدأ ببسم اهلل فهو أبرت أو أجزم أو أقطع» روايات ،أي :ناقص -1
وقليل الربكة.
-3وعمال بام شاع بني املؤلفني ،بل وكأنه وقع عليه إمجاع املصنفني.
اعلم أن الباء من حروف املعاين ،وقد ذكر العلامء هلا معان كثري كاًلستعانة واملصاحبة والتعدية...إلخ ما
هو مبسوط يف كتاب النحو كمغني اللبيب عن كتب األعاريب ًلبن هشام األنصاري.
-1إما أهنا للمصاحبة عىل وجه التربك ،أي :أبدأ مستصح ابا اسم اهلل.
واملصاحبة :انضامم يشء ليشء آخر انضام اما يقتيض تالزمهام فيام يقع عليهام أو منهام.
وهلا عالمتان:
-أن حيسن يف موضعها «مع» ،مثل :قوله تعاىل( :اهبط بسالم) أي :مع سالم.
مسلام.
ا -أن تغني عنها وعن مصحوهبا احلال ،مثل :قوله تعاىل( :اهبط بسالم) أي:
-2وإما أهنا لالستعانة عىل وجه التربك ،أي :أبدأ مستعيناا باسم اهلل.
وباء اًلستعانة :هي الداخلة عىل آلة الفعل وهي التي تسمى بباء اآللة نحو قطعت بالسكني.
واألأوىل جعلها للمصاحبة ألن جعلها لالستعانة فيه شبهة إساءة أدب ،ألن باء اًلستعانة تدخل عىل اآللة
واعلم أن اجلر واملجرور ًلبد له من متعلق إليصال معنى الفعل إىل اًلسم ،فحينام تقول« :بالسكني» ا
مثال
كامال إًل إذا جعلت اجلر واملجرور متعلق بـ «قطعت» ا
مثال ،فحينام تقول قطعت بالسكني فإنك ًل تفهم املعنى ا
خاصا.
عاما أو ا
ا - مؤخرا.
ا مقدما أو
ا - اسام أو ا
فعال. ا -
فاألوىل أن يكون ذلك املقدر ا
فعال؛ ألن الفعل هو األصل يف العمل.
مؤخرا » ،ألنه أدخل يف التعظيم وألنه اهلل مقدم ذاتاا فوجب تقديمه
ا واألوىل أن يكون ذلك الفعل املقدر «
خاصا» داًل عىل نوع الفعل الذي يقوم به املرء ،إذ أن كل فاعل
واألوىل أن يكون هذا الفعل املقدر املؤخر « ا
يضمر ما جعل التسمية مبدأ له ،فإن املسافر إذا حل أو ارحتل قال« :بسم اهلل» أي :بسم اهلل أحل وبسم اهلل
أرحتل ،فال يقصد بسم اهلل أبدأ؛ ألن البدأ عام ،واحلل أو اًلرحتال خاص.
وعىل هذا فالتقدير بناء عىل أن املقدر فعل مؤخر خاص هو :بسم اهلل الرمحن الرحيم أؤلف.
وهو مشتق عند البرصيني من «السمو» ،وهو :العلو؛ ألنه يعلو به مسامه ،وعند الكوفيني من « أو أس أم»
واملختار هو رأي البرصيني ،وهو من األسامء التي حذفت أعجازها لكثرة اًلستعامل وبنيت أوائلها
فأصله كام اخرتانا «سمو» حذف العجز «الواو» فأصبحت «سم» فبني أوهلا عىل السكون فصارت « ْسم»،
والقاعدة تقول ًل يبتدأ بالساكن ،فأدخلت عليها مهزة الوصل التي توصلنا للنطق بالساكن فأصبحت «اسم».
سم وسام واسم بتثليث أول ...هلن سامء عارش متت انجيل
نقول :تطويل الباء يف الكتاب للتفخيم ،والتعويض عن األلف املحذوفة عن اًلسم لف اظا وخ اطا املوصلة
نقول :حذفت لكثرة اًلستعامل ،كام حذفت ألف الرمحن خ اطا ،وعوض عنها بتطويل الباء.
واهلل :علم عىل الذات الواجب الوجود املستجمع جلميع الصفات الكاملية.
وقيل هو «رب» وقد ذكر احلافظ ابن حجر كالم العلامء يف تلك املسألة يف رشحه عىل صحيح البخاري.
«الرمحن الرحيم» صفتان مأخوذتان من الرمحة بمعنى :اإلحسان أو إرادة اإلحسانً ،ل بمعناها األصيل
الذي هو :رقة يف القلب تقتيض التفضيل واإلحسانً ،لستحالة ذلك يف حقه تعاىل ،فـ «الرمحن الرحيم» يف حقه
و«الرمحن» بمعنى :املحسن بجالئل النعم أي بالنعم اجلليلة أو أصول النعم كالوجود واإليامن والعافية
و«الرحيم» بمعنى املحسن بدقائق النعم ،أي :النعم الدقيقة أو فروع النعم ،كاجلامل وزيادة اإليامن ونقصه،
و«الرمحن» أبلغ من «الرحيم» ألن زيادة املبني تدل عىل زيادة املعنى غالب اا ،واألول خمتص به تعاىل بخالف
الثاين فإنه يطلق عىل غريه سبحانه كام يف قوله (باملؤمنني رؤوف رحيم) ،وإنام مجع بينهام ،إشارة إىل أنه ينبغي أن
يطلب منه تعاىل النعم احلقرية كام ينبغي أن يطلب منه النعم العظيمة ألن الكل منه وحده سبحانه وتعاىل.
قلنا :ألن الرمحن متعلق بالنشأة األوىل ،بخالف الثاين فإنه متعلق بالنشأة األخرى.
قال –رمحه اهلل( -احلمد هلل الواجب وجوده ،املمتنع نظريه ،املمكن سواه وغريه ،الصادر باختياره شره
وخريه).
الثناء بالكالم عىل املحمود فعل ينبئ عن تعظيم املنعم فعل ينبئ عن تعظيم املنعم رصف العبد مجيع ما أنعم
منعام عىل اهلل به عليه إىل ما خلق
ا منعام عىل بسبب كونه
ا بسبب كونه بجميل صفاته.
ألجله. الشاكر أو غريه. احلامد أوغريه.
وًلم احلمد للجنس –كام هو خمتار الزخمرشي -وهي :الالم التي يشار هبا للحقيقة من حيث هي هي بغض
أو لالستغراق –كام هو خمتار اجلمهور -وهي :الالم التي يشار هبا للحقيقة ضمن مجيع األفراد التي يتناوهلا
والالم يف «هلل» لالستحقاق ،وًلم اًلستحقاق هي :التي تقع بني اسم ذات واسم معنى.
فـ «احلمد» اسم معنى «واهلل» اسم ذات -عىل ما سبق -فيكون املعنى جنس احلمد من حيث هو ،أو مجيع
وهاهنا أسئلة:
-1اقتدا اء بحديث النبي –صىل اهلل عليه وسلم( -كل أمر ذي بال ًل يبدأ فيه ببسم هلل فهو أقطع) ،وحديث
(كل أمر ذي بال ًل يبدأ فيه بحمد هلل فهو أقطع) ،ومعنى «ذي بال» :أي صاحب حال بحيث هيتم به
أيضا أن ًل يكون
مكروها لذاته ،ويشرتط ا
ا رشع اا ،بحيث ًل يكون من سفاسف األمور ،وليس حمر اما أو
فاًلبتداء احلقيقي هو :ما كان ساب اقا ومل يكن مسبو اقا بيشء ،أو قل :ما ًل يتقدم عليه يشء.
واًلبتداء اإلضايف هو :ما يكون ساب اقا بالنسبة إىل املقصود وإن كان مسبو اقا بالنسبة إىل غريه.
وعليه فالبسملة هنا ابتداء حقيقي ألنه مل يتقدم عليها يشء بل جاءت أوًلا ،واحلمدلة ابتداء إضايف ألهنا
متقدمة بالنسبة ملا للقصود ،فاملقصود يف هذا الكتاب هو علم املنطق ،فكل الكالم الذي قبل الرشوع يف
املقصود يعد ابتدا اء إضاف ايا فهو ابتداء بالنسبة ملا بعده ،وإن كان مسبو اقا بالنسبة إىل البسملة.
فاًلبتداء أمر عريف ممتد من األخذ يف التأليف إىل الرشوع يف املقصود ،وبذلك يرتفع توهم التعارض بني
احلديثني ،يكون املصنف قد عمل هبام م اعا ،كام أنه قد صح بني أرباب احلديث أن املقصود من الروايات كالمه
هو اًلبتداء بذكر اهلل وذلك للرواية األخرى التي تقول (كل أمر ذي بال مل يفتح بذكر اهلل فهو أبرت) ،وهلذا
-1ألنه محد املوىل لذاته ،وذاته سبحانه ثابتة ومستمرة فناسب ذلك احلمد باجلملة اإلسمية الدالة
اخلامس :ملاذا قدم «احلمد» عىل «هلل» مع أن تقديم اًلسم الكريم أوىل؟
أن املقام مقام محد وإن كان ذكر اهلل أهم يف نفسه فقدمت األمهية العارضة عىل األمهية الذاتية للبالغة
فاألول :يقال له« :الواجب» ،هو الذي يقتيض ذاته وجوده ،كـ«الباري عز وجل».
والثاين :يقال له« :املمتنع» ،هو الذي يقتيض ذاته عدمه ،كـ «رشيك الباري تعاىل».
والثالث :يقال له «املمكن باإلمكان اخلاص» ،هو الذي ًل يقتيض ذاته وجوده وًل عدمه ،ويكون نسبة
الوجود والعدم له سواء ،كـ«سائر املوجودات».
تنبيه:
يطلق «اإلمكان» باًلشرتاك اللفظي عىل سلب الرضورة من الطرفني وعىل سلب الرضورة من أحد
الطرفني ،األول هو« :اإلمكان اخلاص» ،والثاين هو« :اإلمكان العام» ،واإلمكان العام ينقسم إىل:
أ -اإلمكان العام املقيد بجانب الوجود مع سلب الرضورة عن العدم.
ب -اإلمكان العام املقيد بجانب العدم مع سلب الرضورة عن الوجود.
فاإلمكان العام يعم املفهومات الثالث« :الواجب واملمتنع واملمكن اخلاص».
رشح كالمه:
كل أفراد (احلمد) مستحقة (هلل الواجب وجوده) الذي يقتيض ذاته وجوده (املمتنع) الذي يقتيض ذاته عدم
(نظريه) ومثيله ورشيكه يف األلوهية وخواصها والدليل عليه برهان التامنع املشار إليه بقوله تعاىل( :لو كان فيهام
آهلة إًل اهلل لفسدتا) (املمكن) باإلمكان اخلاص الذي ًل يقتيض ذاته وجوده وًل عدمه (سواه وغريه) أي:
سوى اهلل وغريه ،فالضمري يف «سواه وغريه» راجع إىل اهلل وًل يلزم أن يصري املمتنع ممكناا؛ ألن قوله« :املمكن
ا
مقابال لقوله «املمتنع» مل يتناوله. سواه وغريه» ملا كان يف