Professional Documents
Culture Documents
-ﻫﺪف اﶈﺎﺿﺮة:
اﶈﺎﺿﺮة اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻧﺘﻄﺮق ﻓﻴﻬﺎ إﱃ ﻧشأة وتﻄور علم اﻵ ر عﱪ اﳊﻘﺐ اﻟﺘﺎرﳜﻴﺔ اﳌﺨﺘلﻔﺔ +أﻣﺎ اﻹﺷﻜﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ
اﻟﱵ تﺘﻤﺤور ﺣوﳍﺎ اﶈﺎﺿﺮة ﻫﻲ تﺪور ﺣول ﻣﺎﻫﻲ اﳌﺮاﺣل اﻟﱵ ﻣﺮ ﺎ علم اﻵ ر ﰲ ﻧشأته وتﻄوره إﱃ أن أصبح
-اﶈﺎﺿﺮة:
كﺎن علم اﻵ ر ﰲ بﺪايﺔ اﻷﻣﺮ عبﺎرة عن وصﻔﺎً ﳎﺮداً يذكﺮ اﳌﺎﺿﻲ وكﺎن اﻟﺪاﻓع وراءه سﲑ أغوار اﳌﺎﺿﻲ
وﻣﻌﺮﻓﺔ اﳊﻀﺎرات اﻟﺴﺎبﻘﺔ ﻓﻜﺎن ﳛﺮكه اﻟﻔﻀول بﻼ ﻣﻨﻬﺞ أو إﻃﺎر ﳛﻜﻤه كﻤﺎ تﺮكز اﻻﻫﺘﻤﺎم عﻤﺎل ﻓﻨﻴﺔ ﻗﺪﳝﺔ
*اﳌﺮﺣلﺔ اﻷوﱃ:
يﻌﺘﱪ اﻟشﺎعﺮ اﳌلﺤﻤﻲ اﻟﻴو ﱐ "ﻫوﻣﲑوس" ﻫو اﳌؤسس اﳊﻘﻴﻘﻲ ﻟﻌلم اﻵ ر ،ﻓﻘﺪ ﻗﺪم ﰲ ﻣلﺤﻤﱵ اﻹﻟﻴﺎذة
واﻷوديﺴﺎ وصﻔﺎً ﻟبﻌﺾ اﻷﻣﺎكن واﻷﺣﺪاث اﻟﱵ سبﻘﺖ عﺼﺮه ،تﻨﻘل اﻟﻘﺎرئ أو اﳌﺴﺘﻤع إﱃ ﺧﺎرج اﻟزﻣن ﺣﻴﺚ
ﰐ بﻌﺪ ﻫوﻣﲑوس اﳌؤرخ اﻹغﺮيﻘﻲ "ﺛﻴﻜودﻳﺪس" اﻟذي ﻗﺪم وصﻔﺎً ﻟﺘﺎريﺦ اﻹغﺮيق ﻣﻨذ اﻟبﺪء ﰲ كﺘﺎبه عن
اﳊﺮوب اﻟﺒلوﺑوﻧﻴﺰﻳﺔ ،وﰲ اﻟﻔﺼول اﻷوﱃ ﳍذا اﻟﻜﺘﺎب أﺷﺎر ﳚﺎز إﱃ اﻟبﺤﺮيﺔ اﻟﻴو ﻧﻴﺔ وﻫﻨﺪسﺔ اﻟبﻨﺎء وﻃﺮز
اﳌﻼبس وأﻧواعﻬﺎ واﻷ ث اﳉﻨﺎﺋزي ،وﰲ واﻗع اﻷﻣﺮ ﻫﻨﺎك بﻌﺾ اﻟﻜﺘﺎ ت اﻟﻜﻼسﻴﻜﻴﺔ تﻌﺘﱪ ﻣﺼﺪراً ﻫﺎﻣﺎً ﰲ دراسﺔ
اﻵ ر ،وﰲ ﻧﻔس اﻟوﻗﺖ رغم كو ﺎ ﻻ تﺘﺤﺪث عن اﳊﻀﺎرة اﻟﻘﺪﳝﺔ ﻓﻘط ،إﻻ أ ﺎ تﻘﺪم وصﻔﺎً دﻗﻴﻘﺎً وﻣﻌﺎصﺮاً ﻟبﻌﺾ
اﳌﺪن وبﻌﺾ اﻵ ر بﻌﻴﻨﻬﺎ ،ﻣﺜل ﻣﺎ ﻗﺪﻣه ﺑلو رك اﻟذي كﺘﺐ اﻟﻌﺪيﺪ ﻣن اﳌؤﻟﻔﺎت ﻣﺜل :اﳊﻴﺎة اﳌﻘﺎرﻧﺔ واﻷﺧﻼق،
ﲤﺜلﻬﺎ كﺘﺎ ت ﺳﱰاﺑون ،اﻟذي يﺴبق ﺑلو رك ﺣﻴﺚ عﺎش ﰲ اﻟﻔﱰة ﻣن 64ق.م ﺣﱴ عﺎم 19م ،ﺣﻴﺚ
تﻌﺘﱪ ﻫذه اﻟﻜﺘﺎ ت أﺣﺪ اﳋﻄوات اﳍﺎﻣﺔ ﻟوﺟود علم اﻵ ر اﻟوصﻔﻲ إذ ﻗﺪم ﰲ كﺘﺎبه اﳉﻐﺮاﻓﻴﺎ ،اﻟذي يﻘع ﰲ سبﻌﺔ
عشﺮ كﺘﺎ ً وصﻔﺎً كﺎﻣﻼً ﻟﺘﺎريﺦ واﻗﺘﺼﺎد وﺟغﺮاﻓﻴﺔ اﻟبلﺪان اﻟﱵ تﻘع ﰲ ﻧﻄﺎق اﻹﻣﱪاﻃوريﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ ،ﻣﻌﺪداً اﻟﺘﻄور
اﻟﺘﺎرﳜﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي وكل ﻣﺎ ﻫو ﳑﻴز ﰲ عﺎدات اﻟشﻌوب وتﻘﺎﻟﻴﺪﻫﺎ وﻃبﻴﻌﺘﻬﺎ وﺣﻴوا ﺎ ،وكﺎن كﺘﺎبه ﻫذا يﺪرس
ﰲ ﻣﺪارس أورو ﰲ اﻟﻌﺼور اﻟوسﻄى ،وﻻ يزال ﻫذا اﻟﻜﺘﺎب ﳝﺜل ﺣﺠﺮ اﻟزاويﺔ ﻟﻸﺛﺮيﲔ اﶈﺪﺛﲔ ﲝﻴﺚ يﻘﺪم ﳍم
*اﳌﺮﺣلﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ:
ﰐ كﺘﺎ ت اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻹغﺮيق ﰲ اﳌﺮﺣلﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻟلﻨشأة اﻷوﱃ ﻟﻌلم اﻵ ر ،وﻣن بﲔ ﻫذه اﻟﻜﺘﺎ ت ﰐ
كﺘﺎ ت اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ "ﺑوزاﻧﻴﺎس" ،وﻫو اﻟذي عﺎش ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﱐ اﳌﻴﻼدي ﺣﻴﻨﻤﺎ اﻫﺘم اﻹغﺮيق بﱰاﺛﻬم ﺣﺜﲔ عن
إﳒﺎزا م وإسﻬﺎﻣﺎ م ﰲ اﳊﻀﺎرة بﻌﺪ أن ﻓﻘﺪوا ﻣﺮكز اﻟﺼﺪارة اﻟذي تبوأته روﻣﺎ ،ويﻌﺘﱪ كﺘﺎب "وﺻﻒ اﻟﻴو ن"
ﲟﺜﺎبﺔ دﻟﻴل ﻟلﺴﻴﺎح اﻷﺟﺎﻧﺐ اﻟذين يﻔﺪون ﻟبﻼد اﻟﻴو ن ،وﻗﺪ ﻗﺪم ﻓﻴه بوزاﻧﻴﺎس وصﻔﺎً ﻟﻜﺜﲑ ﻣن بﻼد اﻟﻴو ن وﺣﺪد
ﻓﻴه اﻷﻣﺎكن اﻟﱵ تﺴﺘﺤق اﻟز رة ﺧﺎصﺔ اﻟﺘﻤﺎﺛﻴل واﻟﺼور اﳌﺮسوﻣﺔ واﳌﻘﺎبﺮ وأﻣﺎكن اﻟﻌبﺎدة واﻷسﺎﻃﲑ اﻟﱵ ﺣﻴﻜﺖ
ﻣن ﺣوﳍﺎ ،كﻤﺎ يذكﺮ أيﻀﺎً اﻷ ﺎر واﻟﻘﺮى واﻟﻄﺮق بل ويﺘﻄﺮق ﻟوصف اﳌﻨﺘﺠﺎت اﶈلﻴﺔ دوﳕﺎ اﻟﺘﻌﺮض ﻟلﺠواﻧﺐ
اﻻﻗﺘﺼﺎديﺔ وﻟﻌل أﻫم ﻣﺎ ﳝﻴز كﺘﺎ ت بوزاﻧﻴﺎس أﻧه يﺼف ﻣﺎ يﺮاه بﻌﻴﻨه ﺧﻼل رﺣﻼته ،ﺣﻴﺚ ﻗﺪم ﻓﻴﻬﺎ وصﻔﺎً ﻟﻶ ر
اﻟبﺎﻗﻴﺔ ﻣن ﺣﻀﺎرة اﻟﻴو ن وﺟﺎء ﳏﺎيﺪاً ﰲ وصﻔه وواﻗﻌﻴﺎً ﺧﺎصﺔ ﰲ وصﻔه ﻟﺮسوﻣﺎت اﻟﻔﻨﺎن "بوﻟﻴﺠﻨوتوس" ،وﲤﺎﺛﻴل
ﻣﺎيﺮون وﻓﻴﺪ س ،وإ ّن ﻣﺎ ذكﺮه عن اﻟﻔﻨﺎن بﺮاكﺴﺘلﻴس ﻻ يﺘﻔق ﻣع ﻣﺎ ﻗﺪﻣه وﻣﻜﺎﻧﺘه بﲔ ﻓﻨﺎﱐ اﻟﻴو ن كﻤﺎ أﻧه ﱂ
اﳌﻘﺎﻃﻌﺎت ،اﻟﻜﺘﺎب اﻷول ﺧﺼﺼه ﻹﻗلﻴم أتﻴﻜﺎ ،واﻟﺜﺎﱐ ﳌﻴﺠﺎرا ،واﻟﺜﺎﻟﺚ ﻟﻜوﻧﺚ ،واﻟﺮابع ﳌﻴﺴﻴﻨﺎ ،واﳋﺎﻣس
واﻟﺴﺎدس ﻷﻟﻴس ،واﻟﺴﺎبع ﻵﺧﺎ ،واﻟﺜﺎﻣن ﻷركﺎد ،واﻟﺘﺎسع ﻟبؤﺷﻴﺎ ،واﻟﻌﺎﺷﺮ ﻟﻔوكﻴس ،وﳑﺎ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻴه أ ّن ﻣﺎ
كﺘﺎ ت بوزاﻧﻴﺎس ﻫﻲ ﲟﺜﺎبﺔ اﻟلبﻨﺔ اﻷوﱃ اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ صﺮح علم اﻵ ر ،ﻓﻀﻼً عن كو ﺎ أﺣﺴن ﻣﺎ وصل إﻟﻴﻨﺎ ﻣن
بﻨﻔس اﳌﻨـظور واﳌﻨﻬﺞ اﻟوصﻔﻲ اﻟذي بـﺪأ به علم اﻵﺛـﺎر ﺟﺎءت اﻟﻜﺘﺎ ت اﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ اﻟﻜﻼسﻴﻜﻴﺔ و ﰐ على
رأس ﻫذه اﻟﻜﺘﺎ ت ،ﻣﺎ كﺘبه اﻟﻜﺎتﺐ اﻟﺮوﻣﺎﱐ ﻓﻴﱰوﻓﻴوس ،ﺣﻴﺚ كﺘﺐ كﺘﺎ ً عن اﻟﻌﻤﺎرة ،اﻟذي ﺟﺎء ﰲ عشﺮة
كﺘﺐ ،اسﺘﻌﺮض ﻓﻴه تﻄور ﻫﻨﺪسﺔ اﻟبﻨﺎء ﻣن ﻣواد وﻃﺮق بﻨﺎء وتﻘﻨﻴﺎت ،كﻤﺎ تﻨﺎول أيﻀﺎً ﻧظم تغذيﺔ وصﺮف اﳌﻴﺎه
واﳌﻴﻜﺎﻧﻴﻜﺎ واﻟﺴﺎعﺎت اﳌﺎﺋﻴﺔ واﳌزاول ،كﻤﺎ تﻌﺮض أيﻀﺎً ﻟلﻤبﺎﱐ اﳌﺨﺘلﻔﺔ وعﻤﺎر ﺎ ﻣﺜل اﳌﺴﺎرح واﳌﻨﺎزل واﳌﻌﺎبﺪ
وﻣﺎ ﻗﺪﻣه اﻟﻜﺎتﺐ اﻟﺮوﻣﺎﱐ ﺑلﻴﲏ اﻷﻛﱪ ﰲ كﺘﺎبه اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟطﺒﻴﻌﻲ ﰐ ﰲ ﻧﻔس اﻹﻃﺎر إذ ﻗﺪم ﻓﻴه
ﻣوﺿوعﺎت ﻣﺘﻌﺪدة ﻣن بﻴﻨﻬﺎ اﻟﻔﻨﺎﻧﲔ وأعﻤﺎﳍم اﻟﻔﻨﻴﺔ ﰲ ﳎﺎﻻت اﻟﻨﺤﺖ واﻟﻔﻨون اﻟﺼغﺮى واﻟﺮسم ،وﻗﺪ اعﺘﻤﺪ ﰲ
كﺘﺎ ته على كﺘﺎ ت سﺎبﻘﺔ ﻟه ﻣﺜل ﻣؤﻟﻔﺎت "ﻓﺎرون" ،اﻟﱵ ﺿﺎعﺖ وﱂ يﺼلﻨﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﻲء ،وإذا كﺎن ﻫوﻣﲑوس ﻫو
أبو علم اﻵ ر ،ﻓإ ّن اﻹﻣﱪاﻃور اﻟﺮوﻣﺎﱐ ﻫﺎدر ن ﻫو أول ﻣن أسس ﻣﺘﺤﻔﺎً ﰲ اﻟﻌﺎﱂ ﺣﻴﺚ بﲎ ﻗﺼﺮه على اﻟﻄﺮاز
اﻟﻴو ﱐ ،كﻤﺎ ﻗﺎم ببﻨﺎء ﻣﺪرسﺔ وأكﺎدﳝﻴﺔ ورواﻗﺎً ﳊﻔﻆ اﻟﺮسوﻣﺎت ،وﻣﺴﺮﺣﺎً إغﺮيﻘﻴﺎً ،وﻣلﻌبﺎً ﳏﺎكﻴﺎً سﺎﺋﺮ ﻣظﺎﻫﺮ
اﻟﻌﻤﺎرة اﻹغﺮيﻘﻴﺔ اﻟﱵ كﺎن ﺷغوﻓﺎً ﺎ اﻟﱵ زارﻫﺎ ﻓﺘﻌلق ﺎ ،كﻤﺎ بﲎ ﻣﺘﺤﻔﺎً ﲨع ﻓﻴه اﻟﻌﺪيﺪ ﻣن اﻷعﻤﺎل اﻟﻴو ﻧﻴﺔ
اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻷصلﻴﺔ ،واﻟﱵ اسﺘﻄﺎعﺖ اﻟبﻌﺜﺎت اﻷﺛﺮيﺔ ﰲ اﻟﻌﺼور اﻟوسﻄى اﻟﻌﺜور علﻴﻬﺎ عﻨﺪﻣﺎ اﻫﺘم ﲡﺎر اﻟﻌﺎد ت ﻗﺘﻨﺎء
اﻷعﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ واﻹﲡﺎر ﻓﻴﻬﺎ ﳌن يﺮغﺐ ﰲ أرﺟﺎء اﻷرض ،ﻓﻜﺎن أن تﻔﺮﻗﺖ ﻫذه اﻵ ر ﰲ ﻣﺘﺎﺣف اﻟﻌﺎﱂ ﺧﺎصﺔ ﰲ
أورو .
بﺪأ اﻻﻫﺘﻤﺎم بﻌلم اﻵ ر يزداد ﺧﻼل اﻟﻘﺮن اﻟﺮاﺑﻊ عشﺮ ،وإن كﺎﻧﺖ بﺪايﺘه ﻣن أﻓﺮاد ﺣﻴﺚ ارتﻜز اﻻﻫﺘﻤﺎم
ﻵ ر اﻟﻜﻼسﻴﻜﻴﺔ ،وﳝﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘول إن ﻫذه اﻟﻔﱰة كﺎﻧﺖ ﻓﱰة اﻫﺘم ﻓﻴﻬﺎ اﻷﻓﺮاد بﻌلم اﻵ ر دوﳕﺎ ﻣﻨﻬﺞ علﻤﻲ يﻨظم
عﻤلﻬم ،أي أﻧه كﺎن ﻫﻨﺎك أﺛﺮيون وﱂ يﻜن ﻫﻨﺎك علم ﻟﻶ ر ،وﰲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻫؤﻻء ﰐ اﳋﻄﻴﺐ اﻹيﻄﺎﱄ
"ﻛوﻻدﻳﺮ ﻧﺰو")1310ـ1354م( ،اﻟذي كﺎن يﺮيﺪ توﺣﻴﺪ إيﻄﺎﻟﻴﺎ اعﺘﻤﺎداً على اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻼتﻴﻨﻴﺔ اﻟﻘﺪﳝﺔ وﳐلﻔﺎت
ﺟﺎء بﻌﺪه ﺳﲑ ك داﻧﻜون)1451-1397م( ،اﻟذي كﺎن ﳚوب اﳌﺮاكز اﳊﻀﺎريﺔ اﻟﻘﺪﳝﺔ ﰲ اﻟﻴو ن
وإيﻄﺎﻟﻴﺎ ،وكﺎن ﺷغوﻓﺎً أيﻀﺎً ﻟﻜﺘﺎ ت واﻟﻨﺼوص اﻟﻘﺪﳝﺔ وﻗﺪ سﺠل ﻣﺎ وﺟﺪه ﰲ سﺖ ﳎلﺪات ﲨﻴع ﻣﻼﺣظﺎته
بﻴﻨﻤﺎ ﰲ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس عشﺮ سﺎد اﻫﺘﻤﺎم ﰲ اﻷوسﺎط اﻟﺮاﻗﻴﺔ ﰲ ا ﺘﻤع اﻹيﻄﺎﱄ ﻗﺘﻨﺎء ﳎﻤوعﺎت ﻣن
اﻟﻌﺎد ت واﻟﺘﺤف اﻟﻔﻨﻴﺔ ،اﻟﱵ صﺎرت ﻓﻴﻤﺎ بﻌﺪ ﻧواة ﻟلﻤﺘﺎﺣف اﳌﺨﺘلﻔﺔ ،كﻤﺎ ﺷﻬﺪ ﻫذا اﻟﻘﺮن اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﻟغﺎ
إ ّن اﻟﺮ دة اﻟﻔﻌلﻴﺔ ﰲ ﻫذا اﻟﻘﺮن تبﻘى ﻟلﻌلﻤﺎء اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ،ﺣﻴﺚ كﺎﻧﺖ أوﱃ اﻹسﻬﺎﻣﺎت اﻟﻔﻌلﻴﺔ على يﺪ
"ﻧﻴﻜوﻻ ﻛلود ﻓﺎﺑﺮن ﻳﺮﺳﻴﻚ") 1580ـ 1637م( ،واﻟذي كﺎن ﻣﻬﺘﻤﺎ بشﱴ ﻓﺮوع اﻟﻌلم واﳌﻌﺮﻓﺔ ﻓﻬو ﻗﺎﻧوﱐ رع
عﻀو بﺮﳌﺎن يﻬﺘم ﻟﻌلوم اﻟﻄبﻴﻌﻴﺔ وعلم اﻵ ر ،وكﺎن ﻣن أرﻗى أﻓﺮاد ا ﺘﻤع اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ.
أﻧﻔق اﻟﻜﺜﲑ على اﻟبﻌﺜﺎت اﻟﻌلﻤﻴﺔ اﻟﱵ سﺎﻓﺮت إﱃ اﻟﻴو ن وﻗﱪص وآسﻴﺎ اﻟﺼغﺮى وإﻓﺮيﻘﻴﺎ ﺧﺎصﺔ ﻣﺼﺮ
وبﻼد اﳊبشﺔ ،ﰐ بﻌﺪ ذﻟﻚ اﻟبﻌﺜﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ اﻟﱵ أرسلﻬﺎ "ﻟوﻳﺲ اﻟﺜﺎﻟﺚ عشﺮ" ﻣلﻚ ﻓﺮﻧﺴﺎ إﱃ بﻼد اﻟﻴو ن بﺮ سﺔ
اﻟﻌﺎﱂ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ "ﻟوﻳﺲ دﻳشﺎي" ،واﻟﱵ ﻇلﺖ تﻌﻤل ﺣﱴ عﺼﺮ ﻟويس اﻟﺮابع عشﺮ ،وﻟﻌل أبﺮز اﻹسﻬﺎﻣﺎت اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ
ﰲ ﳎﺎل اﻵ ر تلﻚ اﻟﺮسوﻣﺎت اﻟﺘﺴﺠﻴلﻴﺔ ﻟلﻨﺤﺖ اﳉﺪاري على ﻣﻌبﺪ اﻟبﺎرﺛﻨون ،وإن كﺎن ﱂ يبق ﻣﻨﻬﺎ غﲑ بﻌﺾ
اﻟﻌﺎد ت واﳌﺘﺎﺟﺮة ﻓﻴﻬﺎ ،واﻟذي ﻗﺎم بﺮﺣلﺔ كﱪى إﱃ اﻟشﺮق ﲟﺮاﻓﻘﺔ عﺎﱂ إﳒلﻴزي يﺪعى "وﻳلﺮ" ،سﺠﻼ ﺧﻼﳍﺎ ﻣﺎ
ﺷﺎﻫﺪاه وﲨﻌﺎه ﰲ رﺣلﺘﻬﻤﺎ إﱃ اﻟشﺮق ،وكﺎن عﻨوان كﺘﺎبه" :رﺣلﺔ إﱃ إﻳطﺎﻟﻴﺎ ودﳌﺎﺳﻴﺎ واﻟﻴو ن واﻟشﺮق" ،ويﻌزي
إﱃ ﺟﺎك سبون إﻧه صﺎﺣﺐ اﻻصﻄﻼح " Archaeologieأرﻛﻴوﻟوﺟﻲ" ،ﰲ كﺘﺎبه ﻣزيﺞ ﻣن علوم اﻵ ر،
واﻟذي اﻗﱰح ﻓﻴه تﻘﺴﻴم اﻟﺪراسﺎت اﻟﻘﺪﳝﺔ إﱃ ﲦﺎﻧﻴﺔ أﻧواع وﻫﻲ تﻌﺘﱪ أول دراسﺔ تﺼﻨﻴﻔﻴﺔ ﻧوعﻴﺔ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﰲ اﻟﺘﺎريﺦ.
وﺟﺎء بﻌﺪه اﻟﺮاﻫﺐ "ﻣوﻧﺘوﻛون" صﺎﺣﺐ كﺘﺎب :اﻟﻌﺼور اﻟﻘﺪﳝﺔ ،اﻟذي ﻗﺪم ﻓﻴه ﺷﺮﺣﺎ وصورا ،وﻫو أول
ﻣؤﻟف ﳚﻤع اﳊﻀﺎرتﲔ اﻟﻴو ﻧﻴﺔ واﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ ﻣﻌﺎً ،ويﻌﺘﱪ اﻟلبﻨﺔ اﻷوﱃ ﰲ ﳎﺎل علم اﻵ ر اﻟﻜﻼسﻴﻜﻴﺔ.
أﻣﺎ ﰲ اﻟﻌﺼﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓإن اﻹﻫﺘﻤﺎم بﻘﻲ ﻣﺴﺘﻤﺮا سواء عﻨﺪ اﻟﻜﺘﺎب أو اﻷﻣﺮاء واﻟﺴﻼﻃﲔ ،ﻓأﻣﺎ اﻟﻜﺘﺎب
ﻓإن اﻟﻜﺜﲑ ﻣﻨﻬم –ﺧﺎصﺔ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ واﳉغﺮاﻓﻴﲔ -ﻣن ﺟﺎءت ﻧﺼوصه ﻣﻄﻌﻤﺔ وصﺎف ﳌﻌﺎﱂ أﺛﺮيﺔ وأﻃﻼل ﻣﺪن ﻗﺪﳝﺔ
وأوصﺎف دﻗﻴﻘﺔ ﳌﻨشﺂت ﻣﻌﻤﺎريﺔ ،وﻣن أوﻟﺌﻚ اﻟﻜﺘﺎب اﻹدريﺴﻲ واﳌﻘﺮيزي واﳌﻘﺪيﺴﻲ وابن رسﺘه واﻟبﻜﺮي ،وﻣن
اﻟﻜﺘﺎب ﻣن دعى إﱃ ﺣﻔﻆ اﻵ ر وصﻴﺎﻧﺘﻬﺎ واﻻﻫﺘﻤﺎم ﺎ ﻷ ﺎ تﻌﺘﱪ ﺟزء ﻣن تﺮاث اﻷﻣﺔ ،ﻛﺎﺑﻦ ﺧلﺪون
وعﺒﺪاﻟلطﻴﻒ اﻟﺒﻐﺪادي.
أﻣﺎ اﳊﻜﺎم ﻓﻘﺪ عﻤﺪوا إﱃ ﺟلﺐ وﲨع اﻟبﻘﺎ اﻷﺛﺮيﺔ اﻟﻘﺪﳝﺔ وإعﺎدة اسﺘﻌﻤﺎﳍﺎ ﰲ بﻨﺎء ﻣﻨشﺂ م اﳉﺪيﺪة
وتزيﻴﻨﻬﺎ كﺎﻷعﻤﺪة واﻟﺘﻴﺠﺎن ،وأﺣﻴﺎ اﺣﺘﻔظوا بﻌﻤﺎﺋﺮ وأعﺎدوا اسﺘﻌﻤﺎﳍﺎ دون ﺪﳝﻬﺎ ،وأﺣﻴﺎ أﺧﺮى ﱂ يﺘﻌﺮﺿوا
أﻣﺎ ﰲ اﻟﻌﺼﺮ اﳊﺪﻳﺚ ﻓلﻘﺪ تﻄور اﻹﻫﺘﻤﺎم بﻌلم اﻵ ر أكﺜﺮ ﻓأكﺜﺮ بل أﺧذ ﻣﻨﺤى آﺧﺮ ﺟﺪيﺪاً ﺧﺎصﺔ ﰲ
أور ،ﺣﻴﺚ اﻫﺘم اﻷوربﻴون ﰲ عﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻵ ر اﻟﻴو ﻧﻴﺔ واﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ اﻟﱵ وﺟﺪوﻫﺎ ﺣوﳍم وﲢﻴط م ،ﰒ بﻌﺪ
ر اﻟشﻌوب واﻷﻣم اﻷﺧﺮى ﻣع ﻇﻬور اﻻسﺘﻌﻤﺎر ،وﺧﺎصﺔ ﰲ بﻼد اﳌشﺮق على ذﻟﻚ بﺪؤوا يوﺟﻬون اﻫﺘﻤﺎﻣﻬم
يﺪ اﳊﻤﻼت اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ واﻹﻧﻜلﻴزيﺔ اﻟﱵ كﺎﻧﺖ ﲢﻤل ﻣﻌﻬﺎ علﻤﺎء ورﺟﺎل دين وﲡﺎر ﻟلﻜشف عن اﳌﺨلﻔﺎت اﻷﺛﺮيﺔ
وﲪلﻬﺎ ﻣﻌﻬم إﱃ أور ،وﻧﻔس اﻟشﻲء كذﻟﻚ ﻟلﺤﻤﻼت اﻻسﺘﻌﻤﺎريﺔ على بﻼد اﳌغﺮب ﻓﻘﺪ عﻤلﺖ ﻧﻔس اﻟشﻲء