Professional Documents
Culture Documents
المجتمع الصناعي ومستقبله تيد كازينسكي
المجتمع الصناعي ومستقبله تيد كازينسكي
ترجمة
الضابط هاشم
مراجعة لغوية
الحاچ چورچي
الطبعة الثانية
2023
إلى عـليـا ،حـسـين ،دانـيــال
ودنـيــا
ّ
مقدمة ر
المتجم
التفكت به
ر هل أبدأ بالتعريف بالرجل؟ اسمه ومولده وتاريخه يف رسد يثقل عىل الرأس
وعىل اليد كتابته؟ ُج ّل ما عىل أحدكم أن يفعله هو تحريك أنامله عىل شاشة هاتفه
الذك ليصل إىل الطرف اآلخر من العالم بكامل الحرية ،أو هكذا تظنون! ي
أحك لكم عن الرجل ،لكن سأقول ما آمل أن يقيكم ررس الدعاية المحيطة بقصته. لن ي
بيئ ،مجرم بال قلب ،رجل بال مغامرات سيقولون لك "فوضوي مجنون ،متطرف ي
نسائية ،معتوه آخر من نتاج التجارب النفسية"...
ُ ّ
سفه نبوءته ر ر
الئ أصبحنا نعيشها
ي الئ ما قيلت إال لت
حسنا ،دع عنك كل تلك المسميات ي
ليل نهارّ ،أيا كان لونك أو دينك أو عقيدتك السياسية.
ال هو بالفوضوي وال بالمعتوه ،بل عبقري أدرك ما سيكون ،وصاغ كل تلك األحاديث
الئ نتحرس بها عىل حالنا يف مقال يعجز اإلنسان الحديث عن القبول بهر
الجانبية ي
ليصل إىل جوهر القضية :المجتمع الحديث وكل ما فيه من امتهان للكرامة ر
البرسية.
الثماني خريفا يف سجنه ،تزداد رسالته انتشارا يوما بعد يوم،
ر حي يذوي الرجل ذو يف ر
ألن الحقيقة ال يمكن إخفاؤها والواقع الذي تحاولون الهروب منه ُيطبق عليكم بال
رحمة ،شئتم أم أبيتم.
ر
ترجمئ لبيانه. عرفانا له ولما قام به أقدم لكم
ي
ّ
مقدمة
البرسي .لقد زادت بشكل .1لقد كانت الثورة الصناعية ونتائجها كارثة عىل الجنس ر
كبت من متوسط العمر المتوقع ألولئك منا الذين يعيشون يف البلدان "المتقدمة"، ر
غت ُمرضية ،وأخضعت ر
البرس لكنها زعزعت استقرار المجتمع ،وجعلت الحياة ر
لإلهانات ،وأدت إىل انتشار المعاناة النفسية (والجسدية أيضا يف العالم الثالث)
ستيد الوضع الطبيع .التطور المستمر للتقنية ري وألحقت أضارا جسيمة بالعالم
أكت والحياة الطبيعية ألض ٍار سوءا .ومن المؤكد أنها ستعرض اإلنسان إلهانات ر
االجتماع والمعاناة النفسية ،وقد
ي أخطر ،وربما تؤدي إىل مزيد من االضطراب
حئ يف البلدان "المتقدمة". تؤدي إىل زيادة المعاناة الجسدية ر
التقئ أو ينهار .إذا نجا ،فلربما يحقق يف نهاية المطاف ي الصناع
ي .2قد يستمر النظام
مستوى منخفضا من المعاناة الجسدية والنفسية ،ولكن فقط بعد مرور رفتة طويلة
ومؤلمة للغاية من التكيف وفقط عىل حساب التقليل الدائم من ر
البرس والعديد من
الكائنات الحية األخرى إىل منتجات هندسية ومجرد تروس يف اآللة االجتماعية.
عالوة عىل ذلك ،إذا استمر النظام ،فستكون العواقب حتمية :ال توجد طريقة
إلصالح أو تعديل النظام لمنعه من حرمان الناس من الكرامة واالستقاللية.
كت النظام كلما كانت .3إذا انهار النظام ،فستظل العواقب مؤلمة للغاية .ولكن كلما ر
ً نتائج انهياره ر
أكت كارثية ،لذلك إذا كان النظام سينهار ،فمن األفضل أن ينهار عاجال
ً
وليس آجال.
الصناع .هذه الثورة قد تستخدم أو ال ي .4لذلك نحن ندعو إىل ثورة ضد النظام
تستخدم العنف .قد تكون مفاجئة أو قد تكون عملية تدريجية نسبيا تمتد لعقود
ر
الئ يجب قليلة .ال يمكننا التنبؤ بأي من ذلك .لكننا نحدد بشكل عام اإلجراءات ي
الصناع اتخاذها من أجل تمهيد الطريق لثورة ضد هذا ي عىل من يكرهون النظام
الشكل من المجتمع .هذه ليست ثورة سياسية .سيكون هدفها اإلطاحة ليس
الحاىل.
ي بالحكومات ولكن باألسس االقتصادية والتقنية للمجتمع
5
الئ نتجت عن النظام ر
نوىل اهتماما يف هذا المقال لبعض التطورات السلبية ي .5ي
حئ نشت إليها فقط ً
إشارة عابرة أو ر التقئ .تطورات سلبية أخرى سوف ر الصناع
ي ي
غت مهمة .ألسباب نعتت هذه التطورات األخرى ر تماما .هذا ال ي
يعئ أننا ر سنتجاهلها
ر ُ
الكاف
الئ لم تحظ باهتمام الجمهور ي قص مناقشتنا عىل المجاالت ي عملية علينا أن ن ِ
شء جديد نقوله .عىل سبيل المثال ،نظرا لوجود حركات بيئية أو ر ر
الئ لدينا فيها ي
أو ي
برية منظمة جيدا ،فقد كتبنا القليل جدا عن التدهور البيئ أو تدمت الطبيعة ّ
التية، ّ
ر ر ي
نعتتها يف غاية األهمية.
رغم أننا ر
6
نفسية اليسارية الحديثة
ُ
.6سيتفق الجميع تقريبا عىل أننا نعيش يف مجتمع مضطرب للغاية .ت ر
عتت اليسارية
أكت مظاهر جنون عالمنا انتشارا ،لذا فإن مناقشة نفسية اليسارية يمكن واحدة من ر
أن تكون بمثابة مقدمة لمناقشة مشاكل المجتمع الحديث بشكل عام.
العرسين ،كان من الممكن أن .7لكن ما ه اليسارية؟ خالل النصف األول من القرن ر
ي
ُ ر
يتطابق اليسار عمليا مع االشتاكية .اليوم الحركة مجزأة وليس من الواضح من
يمكن تسميته يساريا .عندما نتحدث عن اليسار ريي يف هذا المقال ،فإننا نضع يف
اعيي ،أنماط "الصوابية السياسية"، ر
اكيي ،الجم ر أساش االشت ر
ي اعتبارنا بشكل
والمعاقي ونشطاء حقوق الحيوان وما
ر المثليي
ر الناشطي (عن حقوق)
ر النسويات،
شابه .لكن ليس كل من يرتبط بإحدى هذه الحركات يساريا .ما نحاول الوصول إليه
نفس ،أو باألحرى ي يف مناقشة اليسارية ليس كحركة أو كعقيدة سياسية بل كنوع
مجموعة من األنواع ذات الصلة .وهكذا ،فإن ما نعنيه بـ "اليسارية" سوف يظهر
أكت وضوحا يف سياق مناقشتنا للنفسية اليسارية( .انظر أيضا الفقرات -227 بشكل ر
.)230
.8ومع ذلك ،فإن مفهومنا لليسارية سيظل أقل وضوحا مما نتمئ ،ولكن يبدو أنه ال
أي عالج لهذا .كل ما نحاول القيام به هنا هو اإلشارة بطريقة تقريبية إىل يوجد ّ
اللتي نعتقد أنهما القوة الدافعة الرئيسية لليسارية الحديثة. النفسيتي ر
ر عتي
الت ر
ع بأي حال من األحوال أننا نقول كل الحقيقة عن النفسية اليسارية. َّ
نحن ال ند ي
أيضا ،تنطبق مناقشتنا عىل اليسارية الحديثة فقط .رنتك المجال مفتوحا للتساؤل
عرس وأوائل القرن ألي مدى يمكن تطبيق مناقشتنا عىل يساري القرن التاسع ر
يي
ر
العرسين.
ّ
.9التعتان النفسيتان اللتان تقوم عليهما اليسارية الحديثة نسميهما "مشاعر الدونية"
ّ ّ
ه سمة من سمات اليسارية الحديثة ي ونية الد "الفوقية االجتماعية" .إن مشاعر و
ه سمة فقط ل ررسيحة محددة فقط من اليسارية ّ
ككل ،بينما الفوقية االجتماعية ي
الحديثة؛ لكنها ررسيحة مؤثرة للغاية.
7
ّ
مشاعر الدونية
ّ
الحرف للكلمة ،بل ي بالمعئ بالنقص الشعور فقط ليس ونية" الد نعئ بـ "مشاعر ي .10
ّ
نعئ أيضا مجموعة كاملة من السمات ذات الصلة؛ تدي ر
احتام الذات ،الشعور ي ي
بالعجز ،الميول االكتئابية ،االنهزامية ،الشعور بالذنب ،كراهية الذات ،وما إىل ذلك.
نجادل بأن اليسار ريي المعاضين يميلون إىل امتالك بعض هذه المشاعر (ربما تكون
أكت أو أقل كبتا) وأن هذه المشاعر حاسمة يف تحديد اتجاه اليسارية الحديثة. ر
عرف الئ ُي ّ
ر ر
شء يقال عنه (أو ّعن المجموعات ي .11عندما يفرس شخص ما تقريبا أي ي
احتام الذات. عن نفسه بها) عىل أنه ازدراء ،فإننا نستنتج أنه يشعر بالدونية أو تدي ر
ي
الئر
يظهر هذا االتجاه ربي نشطاء حقوق األقليات ،سواء أكانوا ينتمون إىل األقليات ي
يدافعون عن حقوقها أم ال .إنهم شديدو الحساسية تجاه الكلمات المستخدمة
شء يقال عن األقليات .لم يكن للمصطلحات ر
لتسمية األقليات وبشأن أي ي
األفريق ،اآلسيوي ،الشخص ي
ر "حلوة" لإلشارة إىل "معوق" أو ُ ّ "رس ر يف"، "ز رنج" ،ر
ي
ُ َ َ
المعاق أو المرأة يف األصل أي داللة ازدراءية .كانت "مره" و "حلوة" مجرد مرادفات
أنثوية لكلمة "دكر" أو "صاحب" .لقد ربط الناشطون أنفسهم الدالالت السلبية
بهذه المصطلحات .ذهب بعض نشطاء حقوق الحيوان إىل حد رفض كلمة "حيوان
حيواي" .يبذل علماء علم اإلنسان ي أليف" واإلضار عىل استبدالها بكلمة "رفيق
تفستهر شء عن الشعوب البدائية يمكن كبتة لتجنب قول أي ر اليسار ريي جهودا ر
ُ ي
مية" .يبدو أنهم مرتابون عىل أنه سلئ .يريدون استبدال كلمة "بدائية" بكلمة "أ ّ
ري
يوح بأن أي ثقافة بدائية أدي من ثقافتنا( .نحن ال نقصد ر
شء قد ي تقريبا من أي ي
نشت إىل الحساسية اإلشارة إىل أن الثقافات البدائية أدي من ثقافتنا .نحن فقط ر
المفرطة لعلماء اإلنسان اليسار ريي).
"غت الصائبة سياسيا" ليسوا ر
.12أولئك األكت حساسية تجاه المصطلحات ر
الفقتة من السود ،المهاجر اآلسيوي ،امرأة تعرضت ر قاطئ األحياءي المعتادين من
حئ ال ينتمون إىل كثتون منهم ر لإلساءة أو شخص معاق ،لكن أقلية من النشطاء ،ر
ممتة من المجتمع. أي مجموعة "مضطهدة" ولكنهم ينتمون إىل طبقات ر
تتبوأ مكانتها ربي أساتذة الجامعات ،الذين لديهم وظائف آمنة فالصوابية السياسية ّ
8
سليىل عائالت
ي بمرتبات مريحة ،ومعظمهم من الذكور البيض من األسوياء جنسيا
من الطبقة الوسىط إىل العليا.
الئ لديها صورة ر
مع مشاكل الجماعات ي ّ
تماه شديد
ي .13العديد من اليسار ريي لديهم
مثليي) أو أقل شأنا بأي شكل ضعيفة (نساء) ،مهزومة (الهنود الحمر) ،منفرة ( ر
يعتفوا ألنفسهم آخر .يشعر اليساريون أنفسهم أن هذه الجماعات أقل شأنـا .لن ر
ّ
أبدا بأن لديهم مثل هذه المشاعر ،ولكن نظرتهم الدونية لتلك المجموعات تحديدا
ه ما تجعلهم يتماهون مع مشاكلهم( .نحن ال نقصد اإلشارة إىل أن النساء ،الهنود، ي
وغتهم ،هم أدي متلة ،نحن فقط نوضح نقطة عن النفسية اليسارية). ر
.14إن النسويات حريصات بشدة عىل إثبات أن النساء قويات وقادرات مثل الرجال.
من الواضح أنهن متعجات بسبب الخوف من أن النساء قد ال يكن بقوة أو قدرة
الرجال.
شء له صورة قوية وجيدة وناجحة .يكرهون أمريكا، ر
.15يميل اليساريون إىل كره أي ي
يكرهون الحضارة الغربية ،يكرهون الذكور البيض ،يكرهون العقالنية .من الواضح
الئ يقدمها اليساريون لكراهية الغرب وما إىل ذلك ال تتوافق مع ر
أن األسباب ي
متحت
ر عداي ،استعماري، ي دوافعهم الحقيقية .يقولون أنهم يكرهون الغرب ألنه
جنسيا وعرقيا وما إىل ذلك ،ولكن حيث تظهر هذه األخطاء نفسها يف البلدان
االشتاكية أو يف الثقافات البدائية ،يجد اليساري األعذار لهم ،أو يف أفضل األحوال ر
كثتا) إىل ر
يشت بحماسة (وغالبا ما يبالغ ر حي أنه ر
يعتف عىل مضض بوجودها؛ يف ر
حي تظهر يف الحضارة الغربية .وهكذا يتضح أن هذه األخطاء ليست هذه العيوب ر
الحقيق لليساري لكراهية أمريكا والغرب .يكره أمريكا والغرب ألنهما أقوياء ر الدافع
ي
وناجحون*.
9
.16كلمات مثل "الثقة بالنفس"" ،االعتماد عىل الذات"" ،المبادرة"" ،المغامرة"،
ً
"التفاؤل" ،وما إىل ذلك ،تلعب دورا ضئيًل يف المفردات التحررية واليسارية.
اليساري مناهض للفردانية ،مؤيد للجماعية .يريد من المجتمع أن يحل مشاكل كل
يعتئ بهم .إنه ليس ي لئ احتياجات الجميع لهم ،أن فرد عوضا عن أنفسهم ،أن ي ر ي
داخىل بالثقة يف قدرته عىل حل مشاكله وتلبية ي من النوع الذي لديه إحساس
احتياجاته الخاصة .إن اليساري مناهض لمفهوم المنافسة ألنه يشعر ،يف أعماق
نفسه ،بأنه فاشل.
كت عىل ر .17تميل األشكال الفنية ر
الئ تروق للمفكرين اليسار ريي المعاضين إىل الت ر ي
ً ً
القذارة ،الهزيمة واليأس ،أو بدال من ذلك فإنها تأخذ رنتة العربدة ،متخلصة من
التفكت شء من خالل ر
ر السيطرة العقالنية كما لو لم يكن هناك أمل يف تحقيق أي ي
تبق هو أن تغمر نفسك يف أحاسيس آنية. المنطق وكل ما ر ر
ي
الموضوع
ي .18يميل المفكرون اليساريون الحديثون إىل رفض العقل والعلم والواقع
نسئ ثقافيا .صحيح أنه يمكن للمرء أن يطرح أسئلة جادة شء واإلضار عىل أن كل ر
ً ي ر ي
حول أسس المعرفة العلمية وكيف يمكن -إن أمكن أصًل -تعريف مفهوم الواقع
الموضوع .لكن من الواضح أن المفكرين اليسار ريي المعاضين ليسوا مجرد علماء ي
منهج أسس المعرفة .إنهم متورطون عاطفيا يف ر ي هادئي يحللون بشكل ر منطقيي
ر
هجومهم عىل الحقيقة والواقع .إنهم يهاجمون هذه المفاهيم بسبب احتياجاتهم
النفسية .من ناحية ،إن هجومهم هو منفذ للعدائية ،وبقدر نجاحه ،فإنه يشبع
اليساريي يكرهون العلم والعقالنية ر الحاجة للشعور بالقوة .واألهم من ذلك ،أن
ألنهما يصنفان معتقدات معينة عىل أنها صحيحة (أي ناجحة ،متفوقة)
ّ
ومعتقدات أخرى عىل أنها خاطئة (أي فاشلة ،متدنية) .إن مشاعر الدونية لدى
اليساري عميقة لدرجة أنه ال يستطيع تحمل أي تصنيف لبعض األشياء عىل أنها
ناجحة أو متفوقة وأمور أخرى بأنها فاشلة أو متدنية .وهذا أيضا يكمن وراء رفض
العقىل وفائدة اختبارات معدل الذكاء. ي العديد من اليسار ريي لمفهوم المرض
البرسي ألن مثل هذه للتفستات الوراثية للقدرات والسلوك ر ر اليساريون معادون
التفستات تميل إىل جعل بعض األشخاص يبدون أعىل أو أدي من اآلخرين .يفضل ر
اليساريون منح المجتمع الفضل أو اللوم عىل قدرة الفرد أو عدمها.
10
وبالتاىل ،إذا كان الشخص "أدي" فهذا ليس خطأه ،بل خطأ المجتمع ،ألنه لم يتم ي
تربيته بشكل صحيح.
ّ
.19اليساري ليس عادة من النوع الذي تجعله مشاعر الدونية متبجحا ،متفاخرا،
متنمرا ،مروجا للذات أو منافسا ال يرحم .عىل األقل هذا النوع من األشخاص لم
يفقد الثقة يف نفسه تماما بعد .صحيح أن لديه عيب يف إحساسه بالقوة وتقدير
الذات ،ولكن ال يزال بإمكانه تصور نفسه عىل أنه يمتلك القدرة عىل أن يكون قويا،
وجهوده لجعل نفسه قويا تنتج سلوكه المزعج ]1[ .لكن اليساري بعيد كل البعد عن
ّ ّ
متأصل لدرجة أنه ال يستطيع تصور نفسه كفرد قوي ذلك .إن شعوره بالدونية
وذي قيمة .ومن هنا جاءت جماعية اليسار ريي .يمكن أن يشعر بالقوة فقط كعضو
عرف نفسه بها. اهتية ُي ّ كبتة أو حركة جم ر يف منظمة ر
.20الحظ التعة المازوخية لألساليب اليسارية .يحتج اليساريون من خالل
الرسطة أو العنص ريي إلساءة االستلقاء أمام المركبات ،فهم يستفزون عمدا ر
كثت من األحيان ،لكن معاملتهم ،وما إىل ذلك .قد تكون هذه األساليب فعالة يف ر
العديد من اليسار ريي يستخدمونها ليس كوسيلة لتحقيق غاية ولكن ألنهم يفضلون
ه سمة يسارية. الطرق المازوخية .كراهية الذات ي
.21قد يزعم اليساريون أن نشاطهم مدفوع بالشفقة أو المبادئ األخالقية ،وأن
االجتماع .لكن الرأفة والمبدأ فوق النوع من لليسار ا
دور يلعب ر
األخالف المبدأ
ي ي
ر
ه عنص ئيسيي للنشاط اليساري .العدائية ي الدافعي الر ر
ر األخالف ال يمكن أن يكونا
ي
ُ
بارز جدا يف السلوك اليساري .هكذا هو الدافع للسلطة .عالوة عىل ذلك ،فإن ر
الكثت
ّ من السلوك اليساري ال ُ
ع ي يد الذين لألشخاص امفيد ليكون عقالي
ي بشكل حسب ي
اليساريون أنهم يحاولون مساعدتهم .عىل سبيل المثال ،إذا اعتقد المرء أن الدمج
المنطق المطالبة بالدمج اإلجباري بعبارات ر اإلجباري* مفيد للسود ،فهل من
ي
عدائية أو متعصبة؟
ر
وانترس يف دول أخرى تحت مسىم ر
العرسين اإليجاي" ظهر منذ ستينيات القرن
ري "بالتميت
ر أمريك ُي رتجم قانونيا
ي * قانون
"تميت مضاد" إللحاق مجموعات يف التوظيف أو التعليم أو األعمال أو الحياة السياسية -بدأ
ر "المحاصصة" ،يتلخص بأنه
ّ األمريكيي ثم امتد لكل من ُي ّ
التميت الذي ُمورس ضدهم
ر السع إلصالح
ي عرف نفسه بأنه أقلية/مضطهد/ضحية -بعلة ر باألفريقيي
ر
11
وتصالج من شأنه أن يقدم ي سياش
ي من الواضح أنه سيكون من األفضل اتخاذ نهج
عىل األقل تنازالت لفظية ورمزية لألشخاص البيض الذين يعتقدون أن الدمج
يمت ضدهم .لكن النشطاء اليسار ريي ال يتخذون مثل هذا النهج ألنه لن اإلجباري ر
ر ً .
الحقيق بدال من ذلك،ي يلئ احتياجاتهم العاطفية .مساعدة السود ليست هدفهم ري
للسلطة.المحبطة ُ للتعبت عن عدائيتهم وحاجتهم ُ ر توفر التوترات العرقية ذريعة لهم
العداي تجاه األغلبية
ي وهم بذلك يصون يف الواقع بالسود ،ألن موقف النشطاء
البيضاء يميل إىل تأجيج الكراهية العرقية.
يعاي من مشاكل اجتماعية عىل اإلطالق ،لكان عىل ي .22إذا لم يكن مجتمعنا
لك يوفروا ألنفسهم ذريعة إلثارة الضجة. مشاكل اع اليساريي ر
اخت
ّي ر
ع أنه وصف دقيق لكل من يمكن اعتباره يساريا .إنه .23نؤكد أن ما تقدم ال يد ي
تقريئ عىل نزعة عامة لليسارية. ر
مجرد مؤرس ر ي
12
ّ
الفوقية االجتماعية
الئ يتمر
.24يستخدم علماء النفس مصطلح "التنشئة االجتماعية" لوصف العملية ي
التفكت والعمل حسب متطلبات المجتمعُ .يقال ر من خاللها تدريب األطفال عىل
إن الشخص يكون اجتماعيا إذا كان يؤمن بالقواعد األخالقية لمجتمعه ويطيعها
غت المعقول أن نقول إن العديد وبكونه جزء فعال من ذلك المجتمع .قد يبدو من ر
متمرد .ومع ذلك، ّ اجتماعيي ،حيث ُينظر إىل اليساري عىل أنه ر من اليسار ريي فوق
متمردين كما يبدون. كثت من اليسار ريي ليسوا ّ يمكن الدفاع عن هذا الرأي .ر
الكثت بحيث ال يمكن ألحد أن يفكر األخالف لمجتمعنا يتطلب ر .25إن القانون
ر ي
فتض بنا أن نكره ويشعر ويتصف بطريقة أخالقية تماما .عىل سبيل المثال ،ال ي ر
اعتف أي شخص ،لكن الجميع تقريبا يكره شخصا ما ف وقت ما أو آخر ،سواء ر
ي
التفكت
ر بذلك لنفسه أم ال .بعض الناس ُمغالون يف اجتماعيتهم لدرجة أن محاولة
أخالف تفرض عليهم عبئا شديدا .لتجنب الشعور ر والشعور والتصف بشكل
ي
يتعي عليهم باستمرار خداع أنفسهم بشأن دوافعهم الخاصة والبحث عن بالذنب ،ر
أخالف .نحن ر غت ر
ي الئ لها يف الواقع أصل ر تفستات أخالقية للمشاعر واألفعال ي ر
[2] .
اجتماع" لوصف هؤالء األشخاص ي نستخدم مصطلح "فوق
احتام الذات ،الشعور بالعجز، .26يمكن أن تؤدي فوق االجتماعية إىل تدي ر
ي
ر
االنهزامية ،الشعور بالذنب ،وما إىل ذلك .من أهم الوسائل ال يئ يعمل مجتمعنا من
ه بجعلهم يشعرون بالخجل من السلوك خاللها عىل جعل األطفال اجتماعيون ي
معي أو الكالم المخالف لتوقعات المجتمع .إذا كان هذا مبالغا فيه ،أو إذا كان طفل ر
ينته بالشعور بالخجل من نفسه. ي معرضا بشكل خاص لمثل هذه المشاعر ،فإنه
فكت وسلوك الشخص فوق االجتماع ُم ّ ً
قيد بتوقعات ي ر ت فإن ذلك، عىل عالوة
االجتماع االعتيادي .ينخرط غالبية بالشخص الخاصة تلك من المجتمع ر
أكت
ي
كبت من السلوك المشاغب .إنهم يكذبون ،يرتكبون رسقات تافهة، الناس يف قدر ر
قواني المرور ،يتكاسلون يف العمل ،يكرهون شخصا ما ،يقولون أشياء ر يخالفون
حاقدة أو يستخدمون بعض الحيل المخادعة للتقدم عىل الرجل اآلخر .ال يستطيع
ّ
االجتماع أن يفعل هذه األشياء ،أو إذا فعلها فإنه ُيولد يف نفسه ي الشخص فوق
13
يختت،
ر االجتماع أن
ي إحساسا بالخزي وكراهية الذات .ال يستطيع الشخص فوق
دون الشعور بالذنب ،أفكارا أو مشاعر تتعارض مع األخالق المقبولة؛ ال يستطيع
"غت الطاهرة" .والتنشئة االجتماعية ليست مجرد مسألة التفكت يف األفكار ر ر
الئ ال تندرج ر
أخالقية؛ نحن اجتماعيون للتوافق مع العديد من قواعد السلوك ي
االجتماع يتم إبقائه مقيدا بلجام ي تحت عنوان األخالق .وهكذا فإن الشخص فوق
الئ وضعها المجتمع له .وينتج عن ر
ض حياته يف الركض عىل القضبان ي نفس ويق ي ي
والئ يمكن ر
االجتماعيي شعورا بالتقييد والعجز ي ر هذا يف العديد من األشخاص فوق
أكت صور الفوقية االجتماعية ه من بي ر ّ أن ح أن تمثل مشقة بالغة .نحن ر
نقت
ر ي
البرس عىل بعضهم البعض. الئ يمارسها ر ر
القسوة ي
.27نحن نجادل يف أن ررسيحة مهمة ومؤثرة للغاية من اليسار الحديث هم فوق
كبتة يف تحديد اتجاه اليسارية اجتماعيي وأن مغالتهم االجتماعية لها أهمية ر ر
مثقفي أو أعضاء ر االجتماع إىل أن يكونوا
ي الحديثة .يميل اليساريون من النوع فوق
الرسيحة ر
األكت امعيي [ ]3يشكلون ر يف الطبقة الوسىط العليا .الحظ أن
المثقفي الج ر ر
أكت ررسيحة يسارية. اجتماعية يف مجتمعنا وأيضا ر
النفس ويؤكد استقالليته ي االجتماع أن يتخلص من لجامه ي .28يحاول اليساري فوق
أكت القيم أساسية للتمرد عىل ر ّ يكق التمرد .لكنه عادة ال يكون قويا بما ّ عت
ي ر
للمجتمع .بشكل عام ،أهداف اليسار ريي اليوم ال تتعارض مع األخالق المقبولة.
ً
عىل النقيض من ذلك ،يأخذ اليسار مبدأ أخالقيا مقبوًل ،ويتبناه عىل أنه مبدأ خاص
به ،ثم يتهم المجتمع السائد بانتهاك هذا المبدأ .أمثلة :المساواة العرقية ،المساواة
الجنسي ،مساعدة الفقراء ،السالم يف مقابل الحرب ،الالعنف بشكل عام، ر ربي
التعبت ،الرفق بالحيوانات .واألهم من ذلك هو واجب الفرد يف خدمة ر حرية
المجتمع وواجب المجتمع لرعاية الفرد .كانت كل هذه قيما متجذرة بعمق يف
التعبت عن لفتة طويلة .تم مجتمعنا (أو عىل األقل الطبقات الوسىط والعليا) [ ]4ر
ر
احة أو ضمنيا أو ر ً
بافتاض مسبق يف معظم المواد المقدمة إلينا من هذه القيم ض
يتمرد اليساريون، قبل وسائل االتصال اإلعالمية الرئيسية والنظام التعليىم .ال ّ
ي ً
االجتماعيي ،عادة ضد هذه المبادئ ولكنهم ريترون عداءهم للمجتمع ر خاصة فوق
يلتم بهذه المبادئ. من خالل االدعاء (بدرجة من الحقيقة) بأن المجتمع ال ر
14
االجتماع ارتباطه
ي الئ ُيظهر بها اليساري فوق ر
يىل توضيح للطريقة ي .29فيما ي
تمرد ضده.الحقيق بالمواقف التقليدية لمجتمعنا بينما يتظاهر بأنه ف حالة ّ ر
ي ي
يضغط العديد من اليسار ريي من أجل الدمج اإلجباري ،لنقل السود إىل وظائف
تحسي التعليم يف مدارس السود والمزيد من األموال ر رفيعة المستوى ،من أجل
يعتتون طريقة حياة "الطبقة الدنيا" السوداء وصمة اجتماعية. لهكذا مدارس؛ ر
ً
محاميا ،عالما يريدون دمج الرجل األسود يف النظام ،جعله مديرا تنفيذيا لألعمال،
ستد اليساريون بأن آخر ما يريدون تماما مثل البيض من الطبقة الوسىط العليا .ر
ً
هو تحويل الرجل األسود إىل نسخة من الرجل األبيض؛ بدال من ذلك ،يريدون
الحفاظ عىل الثقافة األفريقية األمريكية .ولكن من ماذا يتكون هذا الحفاظ عىل
أكت من تناول طعام عىل الثقافة األفريقية األمريكية؟ بالكاد يتكون من أي رشء ر
ي
الطراز األسود ،االستماع إىل موسي رق عىل الطراز األسود ،ارتداء مالبس عىل الطراز
األسود والذهاب إىل كنيسة أو مسجد عىل الطراز األسود .بعبارة أخرى ،ال يمكنه
النواح األساسية ،يرغب معظم ي التعبت عن نفسه إال يف األمور السطحية .من جميع ر
ُُ
االجتماعيي يف جعل الرجل األسود متوافق مع مثل الطبقة الوسىط ر اليسار ريي فوق
البيضاء .إنهم يريدون أن يجعلوه يدرس الموضوعات التقنية ،أن يصبح مديرا
يقض حياته يف تسلق سلم المكانة االجتماعية إلثبات أن السود ي تنفيذيا أو عالما ،أن
"مسؤولي" ،يريدون أن تصبح ر بجودة البيض .إنهم يريدون جعل اآلباء السود
ه بالضبط قيم النظام غت عنيفة ،وما إىل ذلك .لكن هذه ي العصابات السوداء ر
الئ يستمع إليها الرجل ،ما نوع ر ر التقئ .ال يهتم النظام ر
كثتا بنوع الموسيق ي ي الصناع
ي
الئ يرتديها أو الدين الذي يؤمن به طالما يدرس يف المدرسة ،يتوىل وظيفة ر المالبس
ً ي
غت ر
محتمة ،ويتسلق سلم المكانة االجتماعية ،أن يكون والدا "مسؤوال" ،أن يكون ر
عنيف وهكذا دواليك .يف الواقع ،بغض النظر عن مدى إنكاره ،يريد اليساري فوق
االجتماع دمج الرجل األسود يف النظام وجعله يتبئ قيمه. ي
15
يتمردون أبدا عىلاالجتماعيي ،ال ّ
ر حئ فوق .30نحن بالتأكيد ال ّندع أن اليسار ريي ،ر
ي
القيم األساسية لمجتمعنا .من الواضح أنهم يفعلون ذلك يف بعض األحيان .لقد
التمرد عىل أحد أهم مبادئ ّ االجتماعيي إىل حد
ر ذهب بعض اليسار ريي فوق
المجتمع الحديث من خالل االنخراط يف العنف الجسدي .من وجهة نظرهم ،فإن
العنف بالنسبة لهم هو شكل من أشكال "التحرر" .بعبارة أخرى ،بارتكاب العنف
الئ تم تطويعهم عليها .ألنهم ُمغالون اجتماعيا فقد كانت ر
يخرقون القيود النفسية ي
تأي حاجتهم إىل التحرر منها. أكت ضيقا عليهم من غتهم؛ ومن هنا ر هذه القيود ر
ي ر
تمردهم من منظور القيم السائدة .إذا انخرطوا يف أعمال لكنهم عادة ما ريترون ّ
ّ
عنف ،فإنهم يدعون أنهم يحاربون العنصية أو ما شابه.
االعتاضات عىل الرسم المصغر السابق ر .31نحن ندرك أنه يمكن إثارة العديد من
شء مثل الوصف الكامل له سوف ر
الحقيق معقد ،وأي ر للنفسية اليسارية .الوضع
ّ ي ي
ر
ع فقط يستغرق عدة مجلدات حئ لو كانت البيانات الصورية متوفرة .نحن ند ي
نزعتي يف نفسية اليسارية الحديثة.ر أننا رأرسنا تقريبا إىل أهم
احتام الذات .32مشاكل اليساري تدل عىل مشاكل مجتمعنا ككل .ال يقتص تدي ر
ي
والميول االكتئابية واالنهزامية عىل اليسار .عىل الرغم من أنها ملحوظة خصيصا يف
اجتماعيي إىل حد
ر منترسة يف مجتمعنا .ويحاول مجتمع اليوم جعلنا اليسار ،إال أنها ر
يختوننا عن كيفية تناول الطعام ،وكيفية الختاء ر
حئ أن ر أكت من أي مجتمع سابق .ر ر
ممارسة الرياضة ،وكيفية ممارسة الحب ،وكيفية تربية أطفالنا وما إىل ذلك.
16
عملية ُ
السلطة
17
الخطتة ،يحتاج اإلنسان إىل أهداف
ر .37لهذا ،من أجل تجنب المشاكل النفسية
ّ
يتطلب تحقيقها جهدا ،ويجب أن يكون لديه معدل نجاح معقول يف تحقيق
أهدافه.
18
أنشطة بديلة
ر
اإلمتاطور .38لكن ال يشعر كل نبيل متف بالملل واإلحباط .عىل سبيل المثال ،ر
بدال من االنغماس ف المتعة المنحلةّ ، ً
كرس نفسه لعلم األحياء البحرية، ي هتوهيتو،ر
ممتا فيه .عندما ال يضطر الناس إىل بذل جهد لتلبية حاجاتهم وهو مجال أصبح ر
كثت من الحاالت ،يتابعون المادية غالبا ما يضعون أهدافا ُمصطنعة ألنفسهم .يف ر
الئ كانوا سيضعونها يف البحث ر
هذه األهداف بنفس الطاقة والمشاركة العاطفية ي
اإلمتاطورية الرومانية أعمالهم ر عن الصوريات المادية .وهكذا كان للنبالء يف
هائلير األوروبيي منذ بضعة قرون وقتا وطاقة ر األدبية؛ استثمر العديد من النبالء
يف الصيد ،رغم أنهم بالتأكيد لم يكونوا بحاجة إىل اللحم؛ تنافس النبالء اآلخرون
للتوة؛ وبعض النبالء القالئل ،مثل عىل المكانة من خالل العروض الباذخة ر
هتوهيتو ،اتجهوا إىل العلم. ر
وجه نحو هدف ُمصطنع لتميت نشاط ُم ّ .39نستخدم مصطلح "نشاط بديل"
ر
وضعه الناس ألنفسهم فقط من أجل الحصول عىل هدف ما للعمل نحوه ،أو دعنا
السع وراء الهدف .هنا ي نقول ،فقط من أجل "اإلرضاء"* الذي يحصلون عليه من
الكثت
كرس ر قاعدة مقبولة عموما لتعريف النشاط البديل :بـفرض أن الشخص س ُي ّ
من الوقت والجهد لتحقيق الهدف ص ،مع العلم أن معظم وقته وجهده يذهب
سع الشخص س وراء الهدف األصل لتلبية حاجاته الحيوية ،ومع العلم أيضا أن ي يف
ّ ّ
ومشوقة، ص يتطلب منه استخدام قدراته الجسدية والعقلية بطريقة متنوعة
اآلي :إذا لم يت ّئ لـ الشخص س تحقيق الهدف ص ،هل سوف ي
اسأل نفسك السؤال ر
السع فإن ، بالنق اإلجابة كانت إذا الشديد؟ بالحرمان شعوره ف ذلك ب ّ
يتسب
ي ي ّ ي
للهدف ص ال يمثل لـ الشخص س إال مجرد "نشاط بديل".
19
ً
هتوهيتو يف علم األحياء البحرية شكلت نشاطا بديًل ،ألنه من الواضح أن دراسات ر
غت يقض وقته يف العمل يف مهام ر ي هتوهيتو أن من المؤكد تماما أنه إذا كان عىل ر
مثتة لالهتمام من أجل الحصول عىل ضورات الحياة ،فلن يشعر بالحرمان علمية ر
ترسي ــح ودورات حياة الحيوانات البحرية .من ناحية ألنه لم يعرف كل رشء عن علم ر
ً ي
السع وراء الجنس والحب (عىل سبيل المثال) ليس نشاطا بديال ،ألن ي أخرى فإن
حئ لو كان وجودهم ُمرضيا ،سيشعرون بالحرمان إذا قضوا حياتهم معظم الناس ،ر
كبت السع وراء قدر ر ي دون أن تكون لهم عالقة أبدا بأحد أعضاء الجنس اآلخر( .لكن
ً من الجنس ،ر
أكت مما يحتاجه الشخص يف الحقيقة ،يمكن أن يكون نشاطا بديال).
الصناع الحديث ال يلزم سوى الحد األدي من الجهد لتلبية ي .40يف المجتمع
يئ الكتساب بعض المهارات يكق الخضوع رلتنامج تدر ر ي االحتياجات المادية للفرد .ي
الكاف
ي الصغتة ،ثم القدوم إىل العمل يف الوقت المحدد وبذل الجهد الضئيل ر التقنية
ه قدر معتدل من الذكاء ،واألهم من للحفاظ عىل الوظيفة .المتطلبات الوحيدة ي
يعتئي غت .إذا كان لدى المرء هذه المواصفات ،فإن المجتمع ذلك كله ،الطاعة ال ر
به من المهد إىل اللحد( .نعم ،هناك طبقة دنيا ال يمكن أن تأخذ الصورات المادية
ُ ّ
المثت وبالتاىل فليس من ري .) السائد المجتمع عن هنا نتحدث لكننا به، مسل كأمر م
العلىم، ي وه تشمل العمل مىلء باألنشطة البديلة .ي للدهشة أن المجتمع الحديث ي
واألدي ،تسلق سلم المناصب يف ري الفئ
اإلنساي ،اإلبداع يي الرياض ،العمل
ي اإلنجاز
الئ تتوقف ر ر ر
بكثت النقطة ي الئ تتجاوز ر الرسكات ،اكتساب األموال والسلع المادية ي
االجتماع عندما تعالج القضايا ي ضاف ،والنشاط عندها عن إعطاء أي إشباع مادي إ ي
الناشطي البيض الذين يعملون من ر الئ ليست مهمة للناشط شخصيا ،كما يف حالة ر
ي
غت البيضاء .هذه ليست دائما أنشطة بديلة خالصة ،نظرا أجل حقوق األقليات ر
غت مدفوعي جزئيا باحتياجات أخرى ر ر ألن العديد من األشخاص قد يكونون
العلىم مدفوعا جزئيا بدافع الوجاهة، ي الحاجة إىل تحقيق هدف ما .قد يكون العمل
االجتماع المتطرف بدافع ي التعبت عن المشاعر ،النشاط ر الفئ بدافع ي اإلبداع
العدائية .ولكن بالنسبة لمعظم األشخاص الذين يسعون خلفها ،فإن هذه األنشطة
كبت منها أنشطة بديلة. ه يف جزء ر ي
20
عىل سبيل المثال ،ربما يوافق غالبية العلماء عىل أن "اإلرضاء" الذي يحصلون
الئ يكسبونها.ر
عليه من عملهم أهم من المال والوجاهة ي
تعتت األنشطة البديلة أقل .41بالنسبة للعديد من األشخاص إن لم يكن معظمهم ،ر
الئ يرغب الناس يف تحقيقها ر
السع وراء أهداف حقيقية (أي األهداف ي ي إرضاءا من
ر
المؤرسات السلطة قد تم تحقيقها بالفعل) .أحد حئ لو كانت حاجتهم إىل عملية ُ ر
كثت من الحاالت أو يف معظمها ،األشخاص الذين عىل ذلك هو حقيقة أنه ،يف ر
وبالتاىل فإن صانع
ي يشاركون بعمق يف أنشطة بديلة ال يرضون أبدا ،ال يرتاحون أبدا.
التوة .لم يكد العالم يحل مشكلة المال يسع باستمرار إىل المزيد والمزيد من ر
ّ واحدة ر
حئ ينتقل إىل أخرى .يقود عداء المسافات الطويلة نفسه إىل الركض دائما
أبعد وأرسع .سيقول العديد من األشخاص الذين يسعون خلف أنشطة بديلة أنهم
أكت مما يحصلون عليه من يحصلون عىل قدر أكت بكثت من الرضا بهذه األنشطة ر
ر ر
األعمال "العادية" المتمثلة يف تلبية احتياجاتهم الحيوية ،ولكن هذا بسبب أنه يف
حئ أصبح أمرا مجتمعنا الجهد الالزم لتلبية االحتياجات الحيوية تم تقليصه ر
هامشيا .واألهم من ذلك ،أن الناس يف مجتمعنا ال ُيشبعون احتياجاتهم الحيوية
باستقاللية ولكن من خالل العمل كأجزاء من آلة اجتماعية هائلة .يف المقابل ،يتمتع
كبت من االستقاللية يف ممارسة أنشطتهم البديلة. الناس عموما بقدر ر
21
االستقاللية
غت ضورية لكل فرد .لكن معظم السلطة قد تكون ر .42االستقاللية كجزء من عملية ُ
أكت أو أقل من االستقاللية يف العمل نحو أهدافهم .يجب الناس يحتاجون إىل درجة ر
ُ
أن تبذل جهودهم كمبادرة منهم ويجب أن تكون تحت توجيههم وسيطرتهم .ومع
يتعي عىل معظم الناس ممارسة هذه المبادرة ،التوجيه والسيطرة كأفراد. ذلك ،ال ر
ً
وبالتاىل إذا ناقش ستة أشخاصي . ةصغت
ر مجموعة في كعضو العمل يكق
ي ما ادة ع
مشتكا ناجحا لتحقيق هذا الهدف ،فسيتم تلبية هدفا فيما بينهم وبذلوا جهدا ر
السلطة .لكن إذا عملوا بموجب أوامر صارمة صادرة من أعىل حاجتهم إىل عملية ُ
َّ ً
وال رتتك لهم مجاًل التخاذ قرار ومبادرة مستقل ري ،فلن يتم تلبية حاجتهم إىل عملية
ُ السلطة .وينطبق ر ُ
جماع إذا كانت
ي أساس عىل اترار الق تخذ ت السء نفسه عندما ي
][5
ً ر
كبتة جدا بحيث يكون دور كل فرد ضئيًل. الجماع ر ي الئ تتخذ القرار المجموعة ي
كبتة لالستقاللية .إما أن
.43صحيح أن بعض األفراد يبدو أنهم ليس لديهم حاجة ر
التماه مع منظمة
ي للسلطة ضعيفا أو أنهم ُيرضون ذلك من خالل يكون دافعهم ُ
الئ ال تفكر ،ويبدو أنها راضية بإحساس ر قوية ينتمون إليها .ثم هناك األنواع ر ّ
التية ،ي
بالسلطة (الجندي المقاتل الجيد ،الذي يحصل عىل إحساسه جسدي بحت ُ
الئ ُيرضيه استخدامها يف الطاعة العمياء ر
بالسلطة من خالل تطوير مهارات قتاله ي
ُ
لرؤسائه).
السلطة — وجود هدف ،بذل .44لكن بالنسبة لمعظم الناس فإنه من خالل عملية ُ
احتام الذات ،الثقة بالنفس جهد مستقل وتحقيق الهدف — يتم اكتساب ر
السلطةوالشعور بالقوة .عندما ال يكون لدى المرء فرصة كافية للخوض ف عملية ُ
ي
الئ يتم بها تعطيل عملية تكون العواقب (اعتمادا عىل الفرد وعىل الطريقة ر
ّ ي
احتام الذات ،مشاعر الدونية ،االنهزامية، السلطة) الملل ،اإلحباط ،تدي ر ُ
ي
االكتئاب ،القلق ،الذنب ،اليأس ،العدائية ،اإلساءة للزوج أو الطفل ،نهم اللذة،
الطبيع ،اضطرابات النوم ،اضطرابات األكل ،وما إىل ذلك. ي غتالجنس ر
ي السلوك
][6
22
مصادر المشاكل االجتماعية
أي من األعراض السابقة يف أي مجتمع ،ولكنها موجودة يف .45يمكن أن تحدث ٌّ
الصناع الحديث عىل نطاق واسع .لسنا أول من ذكر أن العالم اليوم يبدو ي المجتمع
وكأنه يفقد عقله .هذا النوع من األشياء ليس طبيعيا بالنسبة للمجتمعات ر
البرسية.
البداي عاي من إجهاد وإحباط أقل وكان ي هناك سبب وجيه لالعتقاد بأن اإلنسان
شء أكت رضا بطريقته ف الحياة من اإلنسان الحديث .صحيح أنه لم يكن كل ر ر
ي ً ي
عرسة" يف المجتمعات البدائية .فقد كانت اإلساءة إىل النساء شائعة عرسة عىل ر " ر
الجنس شائعا إىل حد ما ربي افر االنح وكان ، اليي ر
األست األصليي ربي السكان
ي ر ر
بعض القبائل الهندية األمريكية .لكن يبدو أنه بالحديث بشكل عام عن أنواع
الئ ذكرناها يف الفقرة السابقة كانت أقل شيوعا ربي الشعوب البدائية مما ر
المشاكل ي
ه عليه يف المجتمع الحديث. ي
.46نعزو المشاكل االجتماعية والنفسية للمجتمع الحديث إىل حقيقة أن ذلك
المجتمع يتطلب من الناس أن يعيشوا يف ظروف تختلف اختالفا جذريا عن
البرسي وأن يتصفوا بطرق تتعارض مع أنماط الئ تطور فيها الجنس ر ر
الظروف ي
البرسي خالل معيشتهم يف ظل الظروف السابقة. الئ طورها الجنس ر ر
السلوك ي
السلطة بشكل نعتت عدم وجود فرصة لتجربة عملية ُ يتضح مما كتبناه بالفعل أننا ر
الئ ُيخضع المجتمع الحديث الناس لها. ر
غت الطبيعية ي صحيح كأحد أهم الظروف ر
السلطة كمصدر للمشاكل ولكنه ليس الوحيد .قبل التعامل مع تعطل عملية ُ
االجتماعية سنناقش بعض المصادر األخرى.
الصناع الحديث الكثافة ي غت الطبيعية السائدة يف المجتمع .47من ربي الظروف ر
االجتماع
ي التغيت
ر السكانية المفرطة ،عزل اإلنسان عن الطبيعة ،الرسعة المفرطة يف
الصغتة الطبيعية مثل األرسة الممتدة ،القرية أو القبيلة. ر وانهيار المجتمعات
.48من المعروف أن االزدحام يزيد من التوتر والعدوانية .إن درجة االزدحام
التقئ .كانت جميع ي ه نتائج للتقدم الموجودة اليوم وعزلة اإلنسان عن الطبيعة ي
المجتمعات ما قبل الصناعية يف الغالب ريفية .أدت الثورة الصناعية إىل زيادة حجم
كبت ،وقد أتاحت التقنية الزراعية المدن ونسبة السكان الذين يعيشون فيها بشكل ر
23
بكثت مما كانت تفعل من قبل( .أيضا، ر
الحديثة لألرض أن تدعم تعدادا سكانيا أكت ر
تؤدي التقنية إىل تفاقم آثار االزدحام ألنها تضع المزيد من القوى التخريبية يف أيدي
الناس .عىل سبيل المثال ،مجموعة متنوعة من األجهزة المسببة للضوضاء:
جزازات العشب ،أجهزة المذياع ،الدراجات النارية ،وما إىل ذلك .إذا كان استخدام
غت مقيد ،فإن األشخاص الذين يريدون السالم والهدوء يشعرون هذه األجهزة ر
باإلحباط من الضوضاء .إذا تم تقييد استخدامها ،فإن األشخاص الذين يستخدمون
اختاع هذه اآلالت مطلقا،األجهزة يشعرون باإلحباط من اللوائح .ولكن إذا لم يتم ر
فلن يكون هناك ضاع أو إحباط ناتج عنها).
ً ّ
يتغت عادة ببطء فقط)الطبيع (الذي ر
ي العالم م قد .49بالنسبة للمجتمعات البدائية،
إطارا مستقرا وبالتاىل شعورا باألمان .ف العالم الحديث ،يهيمن المجتمع ر
البرسي ي ي
لتغت
كبتة بسبب ا ر ويتغت المجتمع الحديث برسعة ر ر عىل الطبيعة وليس العكس،
وبالتاىل ال يوجد إطار مستقر. ي التقئ.
ي
.50المحافظون أغبياء :يتذمرون من انحالل القيم التقليدية ،لكنهم يدعمون
التقئ والنمو االقتصادي .من الواضح أنه لم يخطر ببالهم أبدا أنه ي بحماس التقدم
تغيتات رسيعة وجذرية يف التقنية واقتصاد المجتمع دون التسبب ال يمكنك إجراء ر
التغيتات
ر تغيتات رسيعة يف جميع جوانب المجتمع األخرى أيضا ،وأن هذه يف ر
الرسيعة تؤدي حتما إىل تحطيم القيم التقليدية.
الئ تربط المجموعات ر
يعئ إىل حد ما تفكك الروابط ي .51انهيار القيم التقليدية ي
صغتة الحجم .يتم أيضا تعزيز تفكك المجموعات االجتماعية االجتماعية التقليدية ر
الصغتة من خالل حقيقة أن الظروف الحديثة غالبا ما تتطلب أو تغري األفراد ر
ً
فاصلي أنفسهم عن مجتمعاتهم .عالوة عىل ذلك، ر باالنتقال إىل أماكن جديدة،
التقئ أن ُيضعف الروابط األرسية والمجتمعات المحلية إذا ي يجب عىل المجتمع
ً
كان يريد أن يعمل بكفاءة .يف المجتمع الحديث ،يجب أن يكون والء الفرد أوال
صغت الحجم ،ألنه إذا كانت الوالءات الداخلية ر للنظام وفقط ثانويا لمجتمع
الصغتة الحجم أقوى من الوالء للنظام ،فإن هذه المجتمعات ستسع ر للمجتمعات
لتحقيق مصلحتها الخاصة عىل حساب النظام.
24
ُ ّ ً ً ر
عي ابن عمه ،صديقه أو .52لنفتض أن مسؤوال عاما أو مسؤوًل تنفيذيا يف ررسكة ي ر
ً ً ّ
تعيي الشخص األفضل تأهيال لهذه الوظيفة .لقد ابن ملته يف منصب بدال من ر
ه "المحسوبية" أو الشخض بأن يحل محل والئه للنظام ،وهذه ي ي سمح للوالء
"التميت" ،وكالهما خطايا رهيبة يف المجتمع الحديث .المجتمعات الصناعية ر
سئ يف إخضاع الوالءات الشخصية أو المحلية للوالء الئ قامت بعمل ر ر
الناشئة ي
وبالتاىل ،فإن
ي غت فعالة للغاية( .انظر إىل أمريكا الالتينية)*. للنظام عادة ما تكون ر
الصغتة
ر الصناع المتقدم ال يمكنه أن يتحمل سوى تلك المجتمعات ي المجتمع
[7] .
الئ يتم إضعافها وترويضها وتحويلها إىل أدوات للنظام ر
ي
والتغت الرسي ــع وانهيار االعتاف عىل نطاق واسع بأن االزدحام ر .53لقد تم
ر
لتفست حجم ر المجتمعات كمصادر للمشاكل االجتماعية .لكننا ال نعتقد أن هذا ٍ
كاف
الئ نراها اليوم.ر
المشكالت ي
الكبتة والمزدحمة للغاية ،ومع .54كان يوجد عدد قليل من المدن ما قبل الصناعية ر
يعاي منه
ي ذلك ال يبدو أن سكانها عانوا من مشاكل نفسية بالقدر نفسه الذي
غت مزدحمة ،ونجد اإلنسان الحديث .يف أمريكا اليوم ال تزال هناك مناطق ريفية ر
نفس المشاكل الموجودة يف المناطق الحصية ،عىل الرغم من أن المشاكل تميل
وبالتاىل ال يبدو أن االزدحام هو العامل ي إىل أن تكون أقل حدة يف المناطق الريفية.
الحاسم.
ّ .55عىل الحافة المتنامية للحدود األمريكية خالل القرن التاسع ر
عرس ،ربما أدى تنقل
صغتة الحجم إىل نفس القدر من ر السكان إىل تقسيم األرس الممتدة والمجموعات
ّ
لمتفردة باختيارها تفككها اليوم عىل األقل .يف الواقع ،عاشت العديد من العائالت ا
تنتىم إىل أي مجتمع عىل ي جتان عىل بعد عدة أميال ،ال يف مثل هذه العزلة ،بال ر
اإلطالق ،ومع ذلك ال يبدو أنها قد طورت مشاكل نتيجة لذلك.
* أو ر
الرسق األوسط!
25
األمريك رسيعا وعميقاي التغيت يف المجتمع الحدودي ر .56عالوة عىل ذلك ،كان
خشئ ،خارج نطاق القانون والنظام ويتغذى ري للغاية .قد ُيولد الرجل وينشأ يف كوخ
التية؛ وبحلول الوقت الذي وصل فيه إىل سن الشيخوخة، إىل حد كبت عىل اللحوم ّ
ر ر
ربما كان يعمل يف وظيفة عادية ويعيش يف مجتمع منظم مع تطبيق قانون فعال.
ً
تغيتا أعمق من ذلك الذي يحدث عادة يف حياة الفرد الحديث ،ومع ذلك كان هذا ر
األمريك يف القرن
ي ال يبدو أنه أدى إىل مشاكل نفسية .يف الواقع ،كان لدى المجتمع
عرس رنتة متفائلة وثقة بالنفس ،تختلف تماما عن تلك السائدة يف مجتمع التاسع ر
[8] .
اليوم
.57االختالف ،كما نجادل ،هو أن اإلنسان المعاض لديه إحساس ( ُم رتر إىل حد
حي أن رجل التخوم ف القرن التاسع ر
عرس كان التغيت مفروض عليه ،يف ر ر كب رت) بأن
ي
التغيت بنفسه ،من خالل اختياره ر كبت) أنه خلق لديه إحساس ( ُم رتر أيضا إىل حد ر
الشخض وجعلها
ي الخاص .وهكذا استقر أحد الرواد عىل قطعة أرض من اختياره
مزرعة بجهوده الخاصة .يف تلك األيام قد يكون لمقاطعة بأكملها بضع مئات من
ً السكان فقط وكانت كيانا ر
أكت عزلة واستقالًل من مقاطعة حديثة .ومن هنا شارك
صغتة نسبيا يف إنشاء مجتمع منظم جديد .قد ر المزارع الرائد كعضو يف مجموعة
عما إذا كان إنشاء هذا المجتمع يمثل تحسينا ،ولكنه عىل أية حال يتساءل المرء ّ
أشبع حاجة الرواد لعملية ُ
السلطة.
تغت رسي ــع و/أو افتقرت الئ حدث فيها ر ر
.58يمكن إعطاء أمثلة أخرى للمجتمعات ي
السلوك الهائل الذي
ي إىل روابط مجتمعية وثيقة بدون هذا النوع من االنحراف
ّ
ع أن أهم سبب للمشاكل االجتماعية الصناع اليوم .نحن ي
ند ي نالحظه يف المجتمع
والنفسية يف المجتمع الحديث هو حقيقة أن الناس ليس لديهم الفرصة الكافية
السلطة بطريقة طبيعية .ال نقصد أن نقول إن المجتمع الحديث للخوض ف عملية ُ
ي
ُ
هو المجتمع الوحيد الذي تعطلت فيه عملية السلطة .ربما تدخلت معظم
أكت أو أقل .ولكن السلطة بدرجة ر المجتمعات المتحصة ،إن لم يكن كلها ،ف عملية ُ
ي
الصناع الحديث أصبحت المشكلة حادة بشكل خاص .اليسارية ،عىل ي يف المجتمع
ه جزئيا أحد ر
األخت (من منتصف إىل أواخر القرن العرسين) ،ي ر األقل يف شكلها
السلطة. أعراض الحرمان فيما يتعلق بعملية ُ
26
تعطيل عملية ُ
السلطة يف المجتمع الحديث
ر ر
الئ يمكن .59نقسم الدوافع البرسية إىل ثالث مجموعات )1( :تلك الدوافع ي
الئ يمكن إشباعها ولكن فقط عىل حساب جهد جاد؛ ر
إشباعها بأقل جهد؛ ( )2تلك ي
كاف بغض النظر عن مقدار الجهد الذي الئ ال يمكن إشباعها بشكل ٍ ر
( )3تلك ي
كتت السلطة ه عملية إرضاء دوافع المجموعة الثانية .كلما ر يبذله المرء .عملية ُ
ي
الدوافع يف المجموعة الثالثة ،كلما زاد اإلحباط ،الغضب ،االنهزامية ،االكتئاب ،وما
إىل ذلك.
البرسية الطبيعية بدفعها إىل .60ف المجتمع الصناع الحديث ،تميل الدوافع ر
ي ي
ر
المجموعتي األوىل والثالثة ،وتميل المجموعة الثانية إىل التكون بشكل متايد من
ر
الئ تم اصطناعها. ر
الدوافع ي
.61يف المجتمعات البدائية ،تندرج الصورات المادية بشكل عام يف المجموعة (:)2
يمكن الحصول عليها ،ولكن فقط عىل حساب جهد جاد .لكن المجتمع الحديث
يميل إىل ضمان الصوريات المادية للجميع يف مقابل الحد األدي من الجهد فقط،
وبالتاىل يتم دفع الصورات المادية إىل المجموعة (( .)1قد يكون هناك خالف ي
ً ً
حول ما إذا كان الجهد المطلوب لشغل وظيفة "ضئيًل"؛ ولكن عادة ،يف الوظائف
ذات المستوى األدي إىل المتوسط ،مهما كان الجهد المطلوب فهو مجرد الطاعة.
تجلس أو تقف حيث ُيطلب منك الجلوس أو الوقوف وتفعل ما ُيطلب منك القيام
به بالطريقة ر ُ
وف أيالئ يطلب منك القيام بها .نادرا ما تضطر إىل بذل جهد جاد ،ي ي
حال من األحوال من الصعب أن يكون لديك أي استقاللية يف العمل ،بحيث ال يتم
[9].
السلطة بشكل جيد)تلبية الحاجة إىل عملية ُ
تبق يف المجموعة .62االحتياجات االجتماعية ،مثل الجنس ،الحب والمكانة ،غالبا ر
( )2يف المجتمع الحديث ،اعتمادا عىل حالة الفرد ]10[ .لكن ،باستثناء األشخاص
الذين لديهم دافع قوي بشكل خاص للحصول عىل المكانة ،فإن الجهد المطلوب
السلطة بشكل غت كاف لتلبية الحاجة إىل عملية ُ لتحقيق الدوافع االجتماعية ر
ٍ
رض. ُ
م ي
27
وبالتاىل المصطنعة لتقع يف المجموعة (،)2 .63لذلك تم إنشاء بعض االحتياجات ُ
ي
ر ُ
الئ تجعل تلئ الحاجة إىل عملية السلطة .تم تطوير تقنيات الدعاية والتسويق ي ري
حئ يحلموا الكثت من الناس يشعرون أنهم بحاجة إىل أشياء لم يرغبها أجدادهم أو ر ر
يكق من المال لتلبية هذه االحتياجات بها .يتطلب األمر جهدا جادا لكسب ما ي
فه تقع يف المجموعة (( .)2لكن انظر الفقرات .)82-80 ُ
المصطنعة ،ومن ثم ي
كبت من خالل السلطة بشكل ر يجب أن يلئ اإلنسان الحديث حاجته إىل عملية ُ
ري
الئ أوجدتها صناعة الدعاية والتسويق [،]11 ر ُ
السع وراء االحتياجات المصطنعة ي ي
ومن خالل األنشطة البديلة.
المصطنعة لكثت من الناس ،وربما األغلبية ،تكون هذه األشكال ُ .64يبدو أنه بالنسبة ر
االجتماعيي
ر غت كافية .إن الموضوع الذي يتكرر يف كتابات النقاد السلطة ر لعملية ُ
الكثت
ر العرسين هو اإلحساس بالالهدف الذي ُيصيب ف النصف الثاي من القرن ر
ي ي
ُ
من الناس يف المجتمع الحديث( .غالبا ما يطلق عىل انعدام الهدف هذا أسماء
"التيه االجتماع" أو "فراغ الطبقة الوسىط") .ر ّ
نقتح أن ما يسىم "أزمة ي أخرى مثل
لاللتام بنشاط الهوية" هو ف الواقع بحث عن إحساس بالهدف ،وغالبا ما يكون ر ّ
ي
كبت منها رد فعل عىل انعدام الهدف يف الحياة بديل .قد تكون الوجودية يف جزء ر
ينترس البحث عن "اإلرضاء" عىل نطاق واسع يف المجتمع الحديث. الحديثة ]12[ .ر
ئيس هو لكننا نعتقد أنه بالنسبة لغالبية الناس ،فإن النشاط الذي يتمثل هدفه الر ي
ُ
يلئ بشكل اإلرضاء (أي نشاط بديل) لن يجلب إرضاءا مرضيا تماما .بمعئ آخر ،ال ر ي
السلطة( .انظر الفقرة .)41ال يمكن إشباع هذه الحاجة كامل الحاجة إىل عملية ُ
ر
خارح ،مثل الصوريات المادية، ر ي الئ لها هدف بالكامل إال من خالل األنشطة ي
الجنس ،الحب ،المكانة ،االنتقام ،وما إىل ذلك.
السع لتحقيق األهداف من خالل كسب المال، ي .65عالوة عىل ذلك ،عندما يتم
تسلق سلم المكانة أو العمل كجزء من النظام بطريقة أخرى ،يصبح معظم الناس
يف وضع ال يؤهلهم إلتمام سعيهم باستقاللية .معظم العمال هم موظفون لدى
شخص آخر ،وكما رأرسنا يف الفقرة ،61يجب أن يقضوا أيامهم يف فعل ما ُيطلب
حئ معظم األشخاص الذين الئ ُيطلب منهم القيام بها .ر ر
منهم القيام به بالطريقة ي
الشخض لديهم فقط استقاللية محدودة .إنها شكوى مزمنة ي يعملون لحسابهم
28
المبتدئي من أن أيديهم مقيدةر الصغتة ورجال األعمال ر ألصحاب األعمال التجارية
غت ضورية ،لكن الحكوم المفرط .ال شك أن بعض هذه اللوائح ر ي بسبب التنظيم
يف المجمل اللوائح الحكومية أجزاء أساسية وحتمية من مجتمعنا المعقد للغاية.
الصغتة اليوم عىل نظام االمتياز .ذكرت صحيفة وول ر كبت من األعمال يعمل جزء ر
الرسكات المانحة لالمتياز تطلب ستيت جورنال قبل بضع سنوات أن العديد من ر ر
المتقدمي للحصول عىل امتياز إجراء اختبار شخصية مصمم الستبعاد أولئك ر من
قابلي لالنقياد بشكل الذين لديهم إبداع ومبادرة ،ألن مثل هؤالء األشخاص ليسوا ر
الصغتة
ر يستثئ من األعمال التجارية
ي كاف للذهاب مع طاعة نظام االمتياز .هذا ٍ
أمس الحاجة إىل االستقاللية.العديد من األشخاص الذين هم ف ّ
ي
ر
.66يعيش الناس اليوم تحت حكم ما يفعله النظام من أجلهم أو فيهم أكت مما
ر ر ر
يفعلونه ألنفسهم .وما يفعلونه ألنفسهم يتم أكت فأكت عىل طول القنوات ي
الئ
ر
الئ يوفرها النظام ،يجب استغالل يضعها النظام .تميل الفرص إىل أن تكون تلك ي
الختاء إذا
الئ يحددها ر ر []13
والقواني ،ويجب اتباع التقنيات ي ر الفرص وفقا للوائح
كان هناك فرصة للنجاح.
السلطة تتعطل يف مجتمعنا من خالل عدم كفاية األهداف .67وهكذا فإن عملية ُ
السع وراء األهداف .لكنها أيضا تتعطل ي الحقيقية وعدم كفاية االستقاللية يف
ر ر ر
الئ ال يستطيع الئ تقع يف المجموعة ( :)3الدوافع ي بسبب تلك الدوافع البرسية ي
كاف بغض النظر عن مقدار الجهد الذي يبذله .أحد هذه المرء إشباعها بشكل ٍ
الدوافع هو الحاجة إىل األمان .تعتمد حياتنا عىل قرارات يتخذها أشخاص آخرون؛
حئ األشخاص الذين ليس لدينا سيطرة عىل هذه القرارات وعادة ال نعرف ر
يتخذونها"( .نحن نعيش يف عالم يتخذ فيه عدد قليل نسبيا من الناس — ربما
500أو — 1000القرارات المهمة" ،فيليب ب .هيمان من كلية الحقوق بجامعة
ً
أنتوي لويس ،نيويورك تايمز 21 ،أبريل .)1995حياتنا تعتمد ي عن نقال هارفارد،
معايت األمان يف محطة طاقة نووية يتم اتباعها بشكل صحيح؛ ر عىل ما إذا كانت
حول كمية المبيدات المسموح لها بالوصول إىل طعامنا أو مقدار التلوث يف الهواء؛
حول مدى مهارة (أو عدم كفاءة) طبيبنا؛ ما إذا كنا سنخرس أو سنحصل عىل وظيفة
قد تعتمد عىل قرارات يتخذها اقتصاديون حكوميون أو مديرو ررسكات؛
29
بتأمي أنفسهم ضد هذه ر وهكذا دواليك .معظم األفراد ليسوا يف وضع يسمح لهم
أكت من) محدود للغاية .لذلك فإن بحث الفرد عن األمان يكون التهديدات بشكل ( ر
حبطا ،مما يؤدي إىل الشعور بقلة الحيلة*. ُ
م ِ
البداي أقل أمانا جسديا من اإلنسان الحديث ،كما ر
االعتاض بأن اإلنسان .68يمكن
ي
يتضح من قص عمره المتوقع؛ ومن ثم فإن اإلنسان الحديث يعاي أقل ،وليس ر
أكت ي
النفس ال يتوافق بشكل وثيق لبرس .لكن األمانمن مقدار انعدام األمان الطبيع ل ر
ي ي
الموضوع بقدر ما هو
ي مع األمان الجسدي .ما يجعلنا نشعر باألمان ليس األمان
البداي ،الذي يهدده
ي الشعور بالثقة يف قدرتنا عىل االعتناء بأنفسنا .يمكن لإلنسان
حيوان فتاك أو الجوع ،أن يدافع عن نفسه أو يسافر بحثا عن الطعام .ليس لديه
يقي من النجاح يف هذه الجهود ،لكنه ليس عاجزا بأي حال من األحوال ضد األشياء ر
ر ر
الئ تهدده .من ناحية أخرى ،فإن الفرد الحديث مهدد بالعديد من األشياء ي
الئ ال ي
حول له وال قوة له بها :الحوادث النووية ،المواد المرسطنة يف الغذاء ،التلوث
الكبتة لخصوصيته ،الظواهر ر
البيئ ،الحرب ،الصائب المتايدة ،انتهاك المنظمات ر ي
الئ قد تعطل طريقة حياته. ر
الوطئ ي
ي االجتماعية أو االقتصادية عىل الصعيد
الئ تهدده؛ المرض عىل ر
البداي عاجز أمام بعض األمور ي ي .69صحيح أن اإلنسان
سبيل المثال .لكن يمكنه أن يتقبل مخاطر المرض برزانة .إنه جزء من طبيعة
ر
خياىل ما .لكن التهديدات ي
الئ ي األشياء ،إنه ليس خطأ أحد ،إال إذا كان خطأ عفريت
يتعرض لها الفرد الحديث تميل إىل أن تكون من صنع اإلنسان .إنها ليست نتائج
الصدفة ولكنها مفروضة عليه من ِقبل أشخاص آخرين ال يستطيع أن يؤثر ،كفرد،
وبالتاىل يشعر باإلحباط ،اإلهانة والغضب.
ي يف قراراتهم.
30
البداي يمتلك يف الغالب أمنه يف يديه (إما كفرد أو كعضو ي .70وهكذا فإن اإلنسان
حي أن أمن اإلنسان الحديث يف أيدي أشخاص أو منظمات صغتة) يف ر يف مجموعة ر
التأثت عليهم شخصيا .لذا فإن كبتة جدا بالنسبة له ليكون قادرا عىل ر بعيدة جدا أو ر
المجموعتي ( )1و ()3؛ يف بعض ر دافع اإلنسان الحديث لألمان يميل إىل الوقوع يف
المناطق (الغذاء ،المأوى ،إىل آخره) يتم ضمان أمانه عىل حساب جهد ضئيل
بسط الوضع فقط ،بينما ف مناطق أخرى ال يمكنه تحقيق األمان( .ما سبق ذكره ُي ّ
ي
يشت بطريقة عامة تقريبية إىل كيفية اختالف حالة ر
كبت ،لكنه ر الحقيق إىل حد ر ي
البداي).
ي اإلنسان الحديث عن تلك لإلنسان
حبطة الئ تكون بالصورة ُم َ ر
.71لدى الناس العديد من الدوافع أو التعات العابرة ي
يف الحياة الحديثة ،ومن ثم تندرج يف المجموعة ( .)3قد يغضب المرء ،لكن
حئ كثت من الحاالت ال يسمح ر المجتمع الحديث ال يمكنه السماح بالقتال .يف ر
اللفىط .عند الذهاب إىل مكان ما ،قد يكون المرء يف عجلة من أمره ،أو ي بالعدوان
قد يكون يف حالة مزاجية للسفر ببطء ،ولكن عموما ليس أمامه خيار سوى التحرك
مع تدفق حركة المرور واالنصياع إلشاراته .قد يرغب المرء يف القيام بعمله بطريقة
عادة ما يمكن للمرء أن يعمل فقط وفقا للقواعد ر ً
الئ وضعها ي مختلفة ،ولكن
نواح عديدة أخرى أيضا ،فإن اإلنسان الحديث مقيد بشبكة ٍ صاحب العمل .من
ر ُ
تاىل
ي وبال دوافعه من العديد حبط ت الئ
والقواني (الصيحة أو الضمنية) ي ر من اللوائح
السلطة .ال يمكن االستغناء عن معظم هذه اللوائح ،ألنها ضورية تتدخل ف عملية ُ
ي
الصناع.
ي لعمل المجتمع
ر
الئ ال تمت النواح .يف األمور ي ي .72إن المجتمع الحديث متساهل للغاية من بعض
لست النظام يمكننا عموما أن نفعل ما يحلو لنا .يمكننا أن نؤمن بأي دين بصلة ر
خطت عىل النظام) .يمكننا الذهاب إىل الفراش مع ر (طالما أنه ال يشجع عىل سلوك
ر
شء أي شخص نحبه (طالما أننا نمارس "الجنس اآلمن") .يمكننا أن نفعل أي ي
متايد نحبه طالما أنه غت مهم .ولكن ف جميع األمور المهمة ،يميل النظام بشكل ر
ي ر
إىل تنظيم سلوكنا.
.73يتم تنظيم السلوك ليس فقط من خالل قواعد ضيحة وليس فقط من ِقبل
عت المبارس أو ر ر غتالحكومة .غالبا ما يكون التحكم موجودا من خالل اإلكراه ر
31
غت الحكومة ،أو من ِقبل النفس أو التالعب ،ومن ِقبل منظمات أخرى ر ي الضغط
ً
[]14
الكبتة شكال من أشكال الدعاية ر النظام ككل .تستخدم معظم المنظمات
للتالعب بالمواقف أو السلوك العام .ال تقتص الدعاية عىل "اإلعالنات التجارية"
وف بعض األحيان ال ُيقصد بها أن تكون دعاية من قبل األشخاص الذين والتسويق ،ي
التفيهية هو شكل قوي من أشكال يصنعونها .عىل سبيل المثال ،محتوى المواد ر
يجتنا عىل العمل المبارس :ال يوجد نص دستوري ر ر الدعاية .مثال عىل اإلكراه ر
غت
ّ كموظفي مطالبي بالتوقيع يوميا ف ر
دفت الحضور واإلنصاف واتباع أوامر صاحب ي ر ر
ّ
كالبدائيي أو الذهاب
ر العمل .فالقانون ليس به ما يمنعنا من الذهاب ر
للتية للعيش
يف مغامرة إلنشاء عمل ألنفسنا ولكن من الناحية العملية لم يتبق سوى القليل جدا
التية ،وهناك مساحة يف االقتصاد لعدد محدود فقط من أصحاب من البالد ّ
ر
كموظفي لدى شخص آخر. ر الصغتة .ومن ثم يمكن لمعظمنا البقاء فقط ر األعمال
البدي نقتح أن هوس اإلنسان الحديث بطول العمر ،والحفاظ عىل النشاط ر .74
ي
حئ سن متقدمة ،هو أحد أعراض عدم اإلرضاء الناجم عن والجاذبية الجنسية ر
ُ
ه أحد تلك الحرمان فيما يتعلق بعملية السلطة .كما أن "أزمة منتصف العمر" ي
األعراض .وكذلك هو عدم االهتمام بإنجاب األطفال وهو أمر شائع إىل حد ما يف
تخيل يف المجتمعات البدائية. غت ُم ّ المجتمع الحديث ولكن يكاد ر
ه سلسلة من المراحل .بإتمام تحقيق .75يف المجتمعات البدائية الحياة ي
احتياجات وأغراض إحدى المراحل ،فال يوجد أي تردد محدد يف االنتقال إىل
السلطة عندما يصبح صيادا ،ليس الصيد من المرحلة التالية .يمر الشاب بعملية ُ
أجل الرياضة أو لإلرضاء ولكن للحصول عىل اللحم الصوري للطعام( .للشابات،
السلطة االجتماعية؛ لن نناقش أكت عىل ُ ر ر
كت بشكل ر تكون العملية أكت تعقيدا ،مع الت ر
ذلك هنا) بعد اجتياز هذه المرحلة بنجاح ،ال ريتدد الشاب يف االستقرار وقبول
الحديثي إنجاب
ر مسؤوليات إنشاء أرسة ( .يف المقابل ،يؤجل بعض األشخاص
غت معلوم ألنهم مشغولون جدا يف البحث عن نوع من "اإلرضاء". األطفال لوقت ر
واف — نقتح أن اإلرضاء الذي يحتاجون إليه هو اختبار عملية ُ ر
بشكل ٍٍ السلطة
ً
بأهداف حقيقية بدال من أهداف ُمصطنعة ألنشطة بديلة) .مرة أخرى ،بعد أن
السلطة من خالل تزويدهم بالصورات عت خوض عملية ُ نجح يف تربية أطفاله ،ر
32
داي أن عمله قد تم وأنه مستعد لقبول الشيخوخة (إذا المادية ،يشعر الرجل الب ي
نجا هذا الوقت الطويل) والموت .من ناحية أخرى ،يشعر العديد من األشخاص
الحديثي باالنزعاج من حتمية التدهور الجسدي والموت ،كما يتضح من مقدار ر
الجهد الذي يبذله يف محاولة الحفاظ عىل حالتهم البدنية ومظهرهم وصحتهم.
ً
نحن نجادل يف أن هذا يرجع إىل عدم اإلرضاء الناجم حقيقة من أنهم لم يستخدموا
السلطةقواهم البدنية مطلقا ف أي استخدام عمىل ،ولم يخضعوا أبدا لعملية ُ
ي ي
البداي ،الذي استخدم جسده ي باستخدام أجسادهم بطريقة جادة .ليس اإلنسان
يخس تدهور العمر ،ولكنه اإلنسان الحديث ،الذي يوميا ألغراض عملية ،هو الذي ر
المس من سيارته إىل متله .إنه الرجل لم يكن لجسده أبدا فائدة عملية بما تتجاوز ر
ي
السلطة خالل حياته هو األفضل استعدادا لقبول الذي تم إشباع حاجته إىل عملية ُ
نهاية تلك الحياة.
.76ردا عىل الحجج الواردة يف هذا القسم ،سيقول أحدهم" ،يجب عىل المجتمع
السلطة" .هذا لن ينجح مع أن يجد طريقة لمنح الناس الفرصة لخوض عملية ُ
السلطة .بالنسبة لهؤالء أولئك الذين يحتاجون إىل االستقاللية ف عملية ُ
ي
تدمت قيمة الفرصة من خالل حقيقة أن المجتمع يمنحها لهم .ما األشخاص ،يتم ر
يحتاجونه هو العثور عىل فرصهم الخاصة أو صنعها .طالما أن النظام يمنحهم
مقيدا لهم .لتحقيق االستقاللية يجب عليهم التخلص من هذا فرصهم فإنه ال يزال ّ
اللجام.
33
كيف ّ
يتكيف بعض األشخاص
حئ أن بعض .77ال يعاي كل فرد ف مجتمع الصناع التقئ من مشاكل نفسية .ر
ي ي ي ي
الناس يصحون بأنهم راضون تماما عن المجتمع كما هو .نناقش اآلن بعض
كبتا يف استجابتهم للمجتمع الحديث. الئ تجعل الناس يختلفون اختالفا ر ر
األسباب ي
ً
أوال ،هناك بال شك اختالفات ف قوة الدافع إىل ُ
السلطة .قد يكون األفراد الذين .78
ي
السلطة ،أو عىلللسلطة بحاجة قليلة نسبيا لخوض عملية ُ لديهم دافع ضعيف ُ
األقل حاجة قليلة نسبيا لالستقاللية ف عملية ُ
السلطة .هذه أنواع سهلة االنقياد ي
األمريك
ي كان من الممكن أن تكون سعيدة مثل عبيد المزارع السود يف الجنوب
القديم( .نحن ال نقصد السخرية من "عبيد المزارع السود" يف الجنوب القديم.
إحقاقا لهم فأن معظم العبيد لم يرضوا بعبوديتهم .نحن نسخر من األشخاص
الذين يرضون بالعبودية).
االستثناي ،الذي يف سعيهم ورائه
ي .79بعض الناس قد يكون لديهم بعض الدافع
السلطة .عىل سبيل المثال ،أولئك الذين لديهم دافع يلبون احتياجاتهم لعملية ُ
غت عادي للمكانة االجتماعية قد يقضوا حياتهم كلها يف تسلق سلم قوي بشكل ر
المكانة دون الشعور بالملل من هذه اللعبة.
.80يتفاوت الناس من حيث قابليتهم للتأثر بتقنيات اإلعالن والتسويق .البعض
كبتا من المال ،فلن يتمكنوا من إرضاء حئ لو حققوا قدرا ر قابل للغاية لدرجة أنه ر
ر ُ ّ
الئ تدليها صناعة التسويق أمام أعينهم. نهمهم المستمر لأللعاب الالمعة الجديدة ي
كبتا ،ورغباتهم
حئ لو كان دخلهم ر لذا فهم دائما يشعرون بضغوط مالية شديدة ر
حبطة.ستكون ُم َ
.81بعض الناس لديهم قابلية منخفضة للتأثر بتقنيات اإلعالن والتسويق .هؤالء
هم األشخاص الذين ال يهتمون بالمال .االستحواذ المادي ال يخدم حاجتهم لعملية
ُ
السلطة.
.82إن األشخاص الذين لديهم قابلية متوسطة للتأثر بأساليب اإلعالن والتسويق
يكق من المال إلشباع رغبتهم يف الحصول عىل السلع قادرون عىل كسب ما ي
والخدمات ،ولكن فقط عىل حساب جهد جاد (العمل لساعات إضافية ،االلتحاق
34
وبالتاىل فإن االستحواذ المادي يخدم التقيات ،وما إىل ذلك).بوظيفة ثانية ،كسب ر
ي
يعئ بالصورة إشباع حاجتهم بالكامل .قد ُ
حاجتهم لعملية السلطة .ولكن هذا ال ي
السلطة (قد يتكون عملهم من اتباع غت كافية ف عملية ُ يكون لديهم استقاللية ر
ي
حبطة (عىل سبيل المثال ،األمن ،العدوانية). األوامر) وقد تكون بعض دوافعهم ُم َ
(نحن مذنبون بالمبالغة ف التبسيط ف الفقرات 82-80ألننا ر
افتضنا أن الرغبة يف ي ي
ه بالكامل من إنشاء صناعة اإلعالن والتسويق .بالطبع ليس االستحواذ المادي ي
[11].
األمر بهذه البساطة)
التماه مع منظمة خالل من لطة .83بعض الناس ُي ّلبون جزئيا حاجتهم إىل ُ
الس
ي
جماهتية .ينضم الفرد الذي يفتقر إىل األهداف أو القوة إىل حركة أو ر قوية أو حركة
منظمة ،يتبئ أهدافها عىل أنها أهدافه الخاصة ،ثم يعمل عىل تحقيق تلك
األهداف .عندما يتم تحقيق بعض األهداف ،يشعر الفرد ،عىل الرغم من أن جهوده
الشخصية لم تلعب سوى دور ضئيل يف تحقيق األهداف( ،من خالل تماهيه مع
السلطة .هذه الظاهرة استغلها الحركة أو المنظمة) كما لو كان قد مر بعملية ُ
الفاشيون ،النازيون والشيوعيون .يستخدمها مجتمعنا أيضا ،وإن كان بشكل أقل
فظاظة .مثال :كان مانويل نورييغا* مصدر إزعاج للواليات المتحدة (الهدف:
معاقبة نورييغا) .غزت الواليات المتحدة بنما (جهد) وعاقبت نورييغا (تحقيق
األمريكيي،
ر السلطة والعديد من الهدف) .وهكذا خاضت الواليات المتحدة عملية ُ
غت ر
مبارس. السلطة بشكل ر بسبب تماهيهم مع الواليات المتحدة ،خاضوا عملية ُ
ومن هنا جاءت الموافقة العامة عىل نطاق واسع عىل غزو بنما؛ أعطت الناس
الرسكات ،األحزابلسلطة ]15[ .نشهد نفس الظاهرة ف الجيوش ،ر إحساسا با ُ
ي
السياسية ،المنظمات اإلنسانية والحركات الدينية أو العقائدية .عىل وجه
الخصوص ،تميل الحركات اليسارية إىل جذب األشخاص الذين يسعون إىل إشباع
كبتة أوتماه مع منظمة ر السلطة .لكن بالنسبة لمعظم الناس ،فإن ال حاجتهم إىل ُ
ي
السلطة. جماهتية ال يلئ بشكل كامل الحاجة إىل ُ ر حركة
ري
بنىم ربق ف ُ
السلطة بعد استيالئه عليها بدعم من وكالة االستخبارات األمريكية ّ
* عسكري ي ي ي
35
ه من خالل ُ ر
يلئ بها الناس حاجتهم إىل عملية السلطة ي الئ ر ي
.84الطريقة األخرى ي
األنشطة البديلة .كما أوضحنا يف الفقرات ،40-38فإن النشاط البديل هو نشاط
موجه نحو هدف ُمصطنع يسع الفرد لتحقيقه من أجل "اإلرضاء" الذي يحصل
السع وراء الهدف ،وليس ألنه يحتاج إىل تحقيق الهدف بحد ذاته .عىل ي عليه من
عمىل لبناء عضالت ضخمة ،أو ضب كرة بيضاء ي سبيل المثال ،ال يوجد دافع
التيدية .ومع ذلك، صغتة يف حفرة أو الحصول عىل سلسلة كاملة من الطوابع ر ر
الكثت من الناس يف مجتمعنا أنفسهم بشغف لبناء األجسام ،الجولف أو ر يكرس
وبالتاىل سوف يعلقون هم،غت من أكت "منقادون" ر جمع الطوابع .بعض األشخاص ُ
ي ر
أكت عىل نشاط بديل لمجرد أن الناس من حولهم يعاملونه عىل أنه مهم أو أهمية ر
يختهم أنه مهم .هذا هو السبب يف أن بعض األشخاص يتعاملون ألن المجتمع ر
بجدية شديدة بشأن أنشطة تافهة بوضوح مثل متابعة الرياضة أو لعبة الطاولة أو
الشطرنج أو المالحقات العلمية الغامضة ،بينما ال يرى آخرون ممن لديهم رؤية
كبتة
وبالتاىل ال يولونها أبدا أهمية ر
ي ه،
أفضل هذه األشياء إال أنشطة بديلة كما ي
كثت السلطة بهذه الطريقة .ر لتلبية حاجتهم إىل عملية ُ
نشت إىل أنه يف ريبق فقط أن ر
ه أيضا نشاط بديل. تكون طريقة الشخص يف كسب لقمة العيش ي من الحاالت
ً
ليس نشاطا بديال نقيا ،حيث أن جزءا من الدافع لهذا النشاط هو اكتساب
الصوريات المادية و(بالنسبة لبعض األشخاص) المكانة االجتماعية والكماليات
الكثت من الناس يبذلون يف عملهم جهدا الئ تجعلهم اإلعالنات يرغبون فيها .لكن ر ر
ي
بكثت مما هو ضوري لكسب أي أموال أو مكانة يحتاجون إليها ،وهذا الجهد أكت ر ر
ً.
العاطق المصاحب
ي اإلضاف ،مع االستثمار
ي اإلضاف يشكل نشاطا بديال هذا الجهد ي
الئ تعمل من أجل التطوير المستمر وتحقيق الكمال ر
له ،هو واحد من أقوى القوى ي
للنظام ،مع عواقب سلبية عىل الحرية الفردية (انظر الفقرة .)131بالنسبة للعلماء
األكت إبداعا عىل وجه الخصوص ،يميل العمل إىل أن يكون نشاطا ر والمهندسي
ر
ً
كبت .هذه النقطة مهمة للغاية لدرجة أنها تستحق مناقشة منفصلة، ر حد إىل بديًل
سنعطيها لها بعد قليل (الفقرات .)92-87
36
يلئ العديد من األشخاص يف المجتمع الحديث .85يف هذا القسم ،أوضحنا كيف ر ي
بدرجة أو بأخرى .لكننا نعتقد أنه بالنسبة لغالبية الناس، حاجتهم إىل عملية ُ
السلطة
ٍ
ُ فإن الحاجة إىل عملية ُ
السلطة لم تشبع تماما .يف المقام األول ،فإن أولئك الذين
لديهم دافع ال يشبع للحصول عىل المكانة ،أو الذين "يعلقون" بقوة عىل نشاط
السلطةبديل ،أو الذين يتعاطفون بقوة كافية مع حركة أو منظمة لتلبية حاجتهم إىل ُ
اض تماما عن أنشطة غت ر ٍ بهذه الطريقة ،هم شخصيات استثنائية .البعض اآلخر ر
الثاي ،يفرضي الفقرتي 41و .)64يف المقام
ر بالتماه مع منظمة (انظر
ي بديلة أو
كبتا من التحكم من خالل التنظيم الصي ــح أو من خالل التنشئة النظام قدرا ر
االجتماعية ،مما يؤدي إىل ضعف االستقاللية ،واإلحباط بسبب استحالة تحقيق
الكثت من التعات.
أهداف معينة وضورة تقييد ر
اضي تماما ،فإننا
التقئ ر ر الصناع حئ لو كان معظم الناس يف المجتمع .86لكن ر
ي ي
) *(FCسنظل نعارض هذا الشكل من المجتمع ،ألننا (من ربي أسباب أخرى) ر
نعتت
المهي تلبية حاجة المرء إىل عملية ال ُسلطة من خالل أنشطة بديلة أو من ر أنه من
السع لتحقيق أهداف حقيقية. ي التماه مع منظمة ،وليس من خالل
ي خالل
37
دوافع العلماء
ّ .
ع بعض العلماء ي يد .87العلم والتقنية يقدمان أهم األمثلة عىل األنشطة البديلة
أنهم مدفوعون "بالفضول" أو بالرغبة يف "إفادة اإلنسانية" .لكن من السهل أن نرى
ئيس لمعظم العلماء .بالنسبة إىل أنه ال يمكن أن يكون أي من هذين الدافع الر ي
"الفضول" ،فإن هذا المفهوم هو ببساطة سخيف .يعمل معظم العلماء عىل حل
تثت أي فضول عادي .عىل سبيل المثال ،هل والئ ال ر ر
مشاكل عالية التخصصية ي
فضوىل بشأن خصائص ر
الحرسات عالم
عالم الرياضيات أو ِ عالم الفلك أو ِ
ِ
ي
الكيمياي هو الذي يشعر بالفضول ي األيزوبروبيل ترايميثيل ميثان؟ بالطبع ال .فقط
ه نشاطه ر
فضوىل حيال ذلك فقط ألن الكيمياء ي ي شء من هذا القبيل ،وهو حيال ي
فضوىل بشأن التصنيف المناسب لنوع جديد من الخنافس؟ ي الكيمياي
ي البديل .هل
ر
الحرسات الحرسات فقط ،وهو مهتم به فقط ألن علم ر عالم
ال ،هذا السؤال يهم ِ
الحرسات أن يبذلوا جهدا جادا ر وعالم
ِ الكيمياي هو نشاطه البديل .إذا كان عىل
ي
مثتةللحصول عىل الصوريات المادية ،وإذا استخدم هذا الجهد قدراتهم بطريقة ر
العلىم ،فلن يعبأوا بشأن األيزوبروبيل ترايميثيل ي غتالسع ر ي لالهتمام ولكن يف بعض
لنفتض أن نقص األموال المخصصة للتعليم بعد ميثان أو تصنيف الخنافس .ر
ً
كيمياي .يف هذه
ي من بدال تأميبالكيمياي إىل أن يصبح وسيط ر ي التخرج قد أدى
شء بخصوص ر
التأمي ولم يكن ليهتم بأي ي ر الحالة كان سيكون مهتما جدا يف مسائل
الطبيع أن ننسب لمجرد ي األيزوبروبيل ترايميثيل ميثان .عىل أي حال ،ليس من
تفست
ر الفضول مقدار الوقت والجهد اللذين يبذلهما العلماء يف عملهم .إن
"الفضول" لدوافع العلماء ال يصمد.
تفست "نفع اإلنسانية" ال يعمل بشكل أفضل .بعض األعمال العلمية ليس لها ر .88
البرسي كعلم اآلثار أو علم اللغة المقارن عىل عالقة يمكن تصورها برفاهية الجنس ر
خطتة بشكل واضح. ر سبيل المثال .تقدم بعض مجاالت العلوم األخرى احتماالت
ومع ذلك ،فإن العلماء يف هذه المجاالت متحمسون لعملهم مثل أولئك الذين
يطورون اللقاحات أو يدرسون تلوث الهواء .لنأخذ حالة الدكتور إدوارد تيلر ،الذي
التوي ــج لمحطات الطاقة النووية .هل نشأت هذه كان له دور عاطق واضح ف ر
ي ي
38
المشاركة من الرغبة يف إفادة اإلنسانية؟ إذا كان األمر كذلك ،فلماذا لم يتأثر الدكتور
تيلر ألسباب "إنسانية" أخرى؟ إذا كان إنسانيا فلماذا ساعد يف تطوير القنبلة
الهيدروجينية؟ كما هو الحال مع العديد من اإلنجازات العلمية األخرى ،هناك سبب
البرسية بالفعل .هل عما إذا كانت محطات الطاقة النووية تفيد ر كبت من التساؤل ّ ر
المتاكمة وخطر الحوادث؟ رأى الكهرباء الرخيصة تفوق المخلفات (النووية) ر
العاطق مع
ي الدكتور تيلر جانبا واحدا فقط من السؤال .من الواضح أن انخراطه
شخض حصل ي الطاقة النووية لم ينشأ من الرغبة يف "إفادة اإلنسانية" ولكن إلرضاء
الفعىل.
ي عليه من عمله ومن رؤية ذلك قيد االستخدام
السء نفسه عىل العلماء بشكل عام .مع استثناءات نادرة محتملة ،فإن .89ينطبق ر
ً ً ي
دافعهم ليس فضوًل وال رغبة يف إفادة اإلنسانية بل الحاجة إىل خوض عملية
السلطة :أن يكون لديك هدف (مشكلة علمية يجب حلها) ،بذل جهد (بحث ُ
علىم) وبلوغ الهدف (حل المشكلة) .العلم نشاط بديل ألن العلماء يعملون أساسا ي
من أجل اإلرضاء الذي يحصلون عليه من العمل نفسه.
.90بالطبع ،األمر ليس بهذه البساطة .تلعب دوافع أخرى دورا للعديد من العلماء.
المال والوجاهة عىل سبيل المثال .قد يكون بعض العلماء أشخاصا من النوع الذي
الكثت
لديه دافع ال يشبع للحصول عىل الوجاهة (انظر الفقرة )79وهذا قد يوفر ر
من التحفت لعملهم .ال شك أن غالبية العلماء ،مثل غالبية الجماهت العادية ،ر
أكت ر ر
أو أقل عرضة لتقنيات اإلعالن والتسويق ويحتاجون إىل المال إلشباع رغباتهم من
ً
كبت منه وبالتاىل فإن العلم ليس نشاطا بديال نقيا .لكنه يف جزء ر
ي السلع والخدمات.
نشاط بديل.
ويشبع العديد من العلماء .91أيضا العلم والتقنية يشكالن حركة جماهتية قويةُ ،
ر
الجماهتية (انظر الفقرة .)83ر التماه مع هذه الحركة للسلطة من خالل حاجتهم ُ
ي
البرسيالحقيق للجنس ر ر يست العلم بشكل أعىم ،بغض النظر عن الرفاه
ي .92وهكذا ر
والمسؤولي
ر أو ألي معيار آخر ،مطيعا فقط لالحتياجات النفسية للعلماء
الحكوميي ومديري ا رلرسكات الذين يقدمون األموال لألبحاث. ر
39
طبيعة الحرية
40
السياسية وإلبقاء أولئك الذين لديهم ُسلطة سياسية يف الصف من خالل الكشف
ُ
العلئ عن أي سوء سلوك من جانبهم .لكن حرية الصحافة ليست ذات فائدة تذكر ي
للمواطن العادي كفرد .تخضع وسائل اإلعالم يف الغالب لسيطرة المنظمات ر
الكبتة
المدمجة يف النظام .يمكن ألي شخص لديه القليل من المال أن يطبع شيئا ما ،أو
يمكنه توزيعه عىل شبكة التواصل المعلوماتية أو بطريقة ما ،ولكن ما سيقوله
وبالتاىل لن يكون لها الئ ر
تنرسها وسائل اإلعالم، سيغمره الكم الهائل من المواد ر
ً ي ي
عمىل .لذلك فإن ترك انطباع يف المجتمع بالكلمات يكاد يكون مستحيًل ي تأثت
ر
الصغتة .خذنا ) (FCعىل سبيل المثال .إذا ر بالنسبة لمعظم األفراد والمجموعات
لم نقم بأي عمل عنيف وقمنا بتقديم الكتابات الحالية إىل أحد ر
النارسين ،فمن
ونرسها ،ربما لم تكن لتجتذب العديد من المحتمل أال يتم قبولها .إذا تم قبولها ر
أكت من قراءة تنرسه وسائل اإلعالم ر التفيه الذي رالقراء ،ألنه من الممتع مشاهدة ر
حئ لو كان لهذه الكتابات العديد من القراء ،فإن معظم هؤالء القراء رصي .ر مقال ر
ُ
الئ ت ّ ر
عرضهم لها رسعان ما سينسون ما قرأوه ألن أذهانهم غارقة يف كمية المواد ي
وسائل اإلعالم .من أجل إيصال رسالتنا إىل الجمهور مع بعض الفرصة رلتك انطباع
ُ
دائم ،كان علينا قتل أناس.
بكثت مما ر
.97الحقوق الدستورية مفيدة إىل حد ما ،لكنها ال تعمل عىل ضمان أكت ر
يمكن تسميته بمفهوم الطبقة الوسىط للحرية .وفقا لذلك المفهوم ،فإن اإلنسان
"الحر" هو يف األساس عنص من عناض اآللة االجتماعية ولديه فقط مجموعة
معينة من الحريات المقررة والمحددة؛ الحريات المصممة لخدمة احتياجات اآللة
أكت من احتياجات الفرد .وهكذا يتمتع الرجل من الطبقة الوسىط االجتماعية ر
"الحر" بالحرية االقتصادية ألن ذلك يعزز النمو والتقدم؛ يتمتع بحرية الصحافة
السياسيي؛ له الحق يف محاكمة
ر العلئ يقيد سوء السلوك من قبل القادة
ي ألن النقد
عادلة ألن الحبس حسب نزوة األقوياء سيص بالنظام .كان هذا بوضوح موقف
سيمون بوليڤار* .بالنسبة له ،الناس يستحقون الحرية فقط إذا استخدموها لتعزيز
التقدم (التقدم كما تصورته الطبقة الوسىط) .اتخذ مفكرون آخرون وجهة نظر
مماثلة للحرية باعتبارها مجرد وسيلة لتحقيق غايات جماعية.
ويىل ر
اك ثوري فت ي
وسياش اشت ي
ي * قائد عسكري
41
العرسين" ،الصفحة ،202 تشيست ش تان" ،الفكر السياش الصيئ ف القرن ر ر يرسح ر
ي ي ي ي
"يمنح الفرد الحقوق ألنه عضو يف المجتمع فلسفة زعيم الكومينتانغ* هوو هان ميُ :
ر
يعئ مجتمع األمة وحياته المجتمعية تتطلب مثل هذه الحقوق .بالمجتمع ،كان هوو ي
وف الصفحة 259يذكر تان أنه وفقا لكارسوم تشانغ** يجب استخدام الحرية بأرسه" .ي
ر
الئ يتمتع بها المرء إذا كان لمصلحة الدولة والشعب ككل .ولكن ما هو نوع الحرية ي
بإمكانه استخدامها فقط كما يصفها شخص آخر؟ إن مفهوم ) (FCللحرية ليس مفهوم
ّ
غتهم من ُمنظري الطبقة الوسىط .تكمن مشكلة هؤالء بوليڤار ،هوو ،تشانج أو ر
ً ُ ّ
وبالتاىل
ي . لهم بديًل ا نشاط االجتماعية النظريات وتطبيق تطوير جعلوا أنهم في رين نظ الم
ُ نظرين ر ُ ّ
أكت من احتياجات أي أناس قد فإن النظريات مصممة لتلبية احتياجات الم
ُ
يكق للعيش يف مجتمع تفرض فيه تلك النظريات. سئ الحظ بما ي يكونوا ر
االفتاض أن الشخص ر ينبع .98نقطة أخرى يجب توضيحها يف هذا القسم :ال
ي
يكق .الحرية مقيدة جزئيا من خالل يتمتع بحرية كافية لمجرد أنه يقول أن لديه ما ي
واعي لها ،وعالوة عىل ذلك فإن غت ر والئ يكون الناس فيها ر ر
الضوابط النفسية ي
أكت منأفكار العديد من الناس حول ما يشكل الحرية تحكمها األعراف االجتماعية ر
احتياجاتهم الحقيقية .عىل سبيل المثال ،من المحتمل أن يقول العديد من
االجتماع أن معظم الناس ،بما يف ذلك أنفسهم ،يتفاعلون ي اليسار ريي من النوع فوق
ر ً
االجتماع
ي اجتماعيا قليًل جدا وليس أكت من الالزم ،ومع ذلك يدفع اليساري فوق
ثمنا نفسيا باهظا لمستوى اجتماعيته المرتفع.
الصيئ
ي القوم
ي * الحزب
42
بعض مبادئ التاري ــخ
43
.104المبدأ الرابع .ال يمكن تصميم نوع جديد من المجتمع عىل الورق .أي أنه ال
الرسوع يف تنفيذه يمكنك التخطيط لشكل جديد من أشكال المجتمع مسبقا ،ثم ر
وتوقع أن يعمل كما تم تصميمه للقيام به.
.105إن المبدأين الثالث والرابع ناتجان عن تعقيدات المجتمعات ر
البرسية .سيؤثر
البرسي عىل اقتصاد المجتمع وبيئته المادية؛ سيؤثر االقتصاد التغيت ف السلوك ر
ر ي
التغيتات يف االقتصاد والبيئة عىل السلوك ر عىل البيئة والعكس صحيح ،وستؤثر
والتأثتات
ر البرسي بطرق معقدة ال يمكن التنبؤ بها؛ وهكذا دواليك .شبكة األسباب ر
ّ
معقدة للغاية بحيث ال يمكن فكها وفهمها.
بوع وعقالنية شكل مجتمعهم .تتطور ي .106المبدأ الخامس .ال يختار الناس
برسيةالئ ال تخضع لسيطرة ر ر
االجتماع ي
ي المجتمعات من خالل عمليات التطور
عقالنية.
.107المبدأ الخامس هو نتيجة للمبادئ األربعة األخرى.
االجتماع بشكل عام إما أن
ي .108للتوضيح :وفقا للمبدأ األول ،فإن محاولة اإلصالح
التغيت الذي
ر تعمل ف االتجاه الذي يتطور فيه المجتمع عىل أي حال (بحيث ُي ِّ
رسع ي
تأثت عابر ،بحيث يعود المجتمع رسيعا إىل كان سيحدث عىل أي حال) أو أنه فقط ر
تغيت دائم يف اتجاه التنمية ألي جانب مهم من جوانب أخدوده القديم .إلجراء ر
كاف والثورة مطلوبة( .ال تنطوي الثورة بالصورة عىل غت ٍ المجتمع ،فإن اإلصالح ر
تغت الثورة أبدا جانبا انتفاضة مسلحة أو اإلطاحة بحكومة) .وفقا للمبدأ ي
الثاي ،ال ر
تغت المجتمع بأرسه؛ ووفقا للمبدأ الثالث ،تحدث واحدا فقط من المجتمع ،إنها ر
تغيتات لم يتوقعها أو يرغب فيها الثوار أبدا .وفقا للمبدأ الرابع ،عندما يؤسس ر
الثوريون أو الحالمون (بالمدينة الفاضلة) نوعا جديدا من المجتمع ،فإن ذلك ال
يست كما هو مخطط له أبدا. ر
44
ً
.109ال تقدم الثورة األمريكية مثاال مضادا .لم تكن "الثورة" األمريكية ثورة بالمعئ
سياش بعيدي المقصود للكلمة ،بل كانت حربا من أجل االستقالل أعقبها إصالح
األمريك ،ولم يطمحوا إىل ي يغت اآلباء المؤسسون اتجاه تطور المجتمع المدى .لم ر
يطاي.
الت ي التأثت المثبط للحكم ر ر األمريك من
ي ذلك .لقد حرروا فقط تطور المجتمع
أساش ،بل دفع الثقافة السياسية األمريكية ي السياش أي تيار ي يغت إصالحهم لم ر
يطاي ،الذي كان المجتمع الت ي الطبيع .كان المجتمع ر ي فقط عىل طول اتجاه نموها
النياي .وقبل حرب لفتة طويلة يف اتجاه نظام التمثيل األمريك فرعا منه ،يتحرك ر
ير ي
النياي
ري كبتة من حكم التمثيل االستقالل ،كان األمريكيون يمارسون بالفعل درجة ر
السياش الذي وضعه الدستور عىل ي يف المجالس االستعمارية .تمت صياغة النظام
كبتة ،بالتأكيد — تغيتات ر يطاي والمجالس االستعمارية .مع إجراء ر الت ي غرار النظام ر
المؤسسي اتخذوا خطوة مهمة للغاية .لكنها كانت ر ليس هناك شك يف أن اآلباء
اإلنجلتية بالفعل. الئ كان يسلكها العالم الناطق باللغة ر
ر خطوة عىل طول الطريق ي
الئ كان يسكنها يف الغالب أشخاص ر
والدليل هو أن بريطانيا وجميع مستعمراتها ي
أساش لنظام ي بريطاي انته بها المطاف بأنظمة نيابية مشابهة بشكل ي من أصل
المؤسسون أعصابهم ورفضوا التوقيع عىل إعالن ّ الواليات المتحدة .لو فقد اآلباء
كبت .ربما لكانت االستقالل ،فإن أسلوبنا يف الحياة اليوم لم يكن ليختلف بشكل ر
ً
نياي ورئيس وزراء بدًل من لدينا مع بريطانيا عالقات أوثق ،وكان لدينا مجلس ر ي
وبالتاىل ،فإن الثورة األمريكية ي مجلس شيوخ ورئيس ،ليس هذا بالفارق الجوهري.
ً
ال تقدم مثاال مضادا لمبادئنا ولكنها تقدم توضيحا جيدا لها.
يتعي عىل المرء استخدام الفطرة السليمة يف تطبيق هذه ّ
.110ومع ذلك ،اليزال ر
ً ٌ
مساحة للتأويل ويمكن العثور غت حاسمة تاركة ر ةبلغ
ٍ هنا مكتوبة المبادئ .ي
فه
غت قابلة لالنتهاك كقواني ر
ر عىل استثناءات لها .لذلك فنحن ال نقدم هذه المبادئ
ّ
للتفكر ،ر ولكن كقواعد عامة أو خطوط ر
والئ قد توفر ترياقا جزئيا لألفكار ي شادية است
الساذجة حول مستقبل المجتمع .يجب أن تؤخذ المبادئ يف االعتبار باستمرار،
وعندما يصل المرء إىل رأي يتعارض معها ،يجب عىل المرء إعادة النظر بعناية يف
يص عىل رأيه فقط إذا كان لدى المرء أسباب وجيهة للقيام بذلك. تفكته وأن ّر
45
التقئ
ي الصناع
ي ال يمكن إصالح المجتمع
ّ
الصناع
ي النظام إصالح أمر ر تعذ .111تساعد المبادئ السابقة عىل توضيح مدى
المتايد عىل حرياتنا الشخصية .فبالعودة ور ًاء، بطريقة تمنعه من فرض التضييق ر
لتسخت
ر إىل عص الثورة الصناعية عىل أقل تقدير ،نجد أنه كان هناك ميل دائم
التقنية يف دعم النظام القائم بثمن فادح عىل الحرية الشخصية واالستقاللية الذاتية
تغيت مصمم لحماية الحرية من التقنية سيكون مخالفا لألفراد .ومن ثم فإن أي ر
تغيتا غيت سيكون إما ر وبالتاىل ،فإن مثل هذا الت ر ي أساش يف تنمية مجتمعنا. ي لتيار
يكق ليكون دائما كبتا بما ي مؤقتا — رسعان ما سيغمره تيار التاري ــخ — أو إذا كان ر
والثاي.
ي يغت طبيعة مجتمعنا بأرسه .هذا وفقا للمبدأين األول فسيكون من شأنه أن ر
سيتغت بطريقة ال يمكن التنبؤ بها مسبقا (المبدأ ر عالوة عىل ذلك ،نظرا ألن المجتمع
كبتة بما تغيتات رالرسوع يف إجراء ر كبتة .لن يتم ر الثالث) ،فستكون هناك مخاطرة ر
يك يق إلحداث فرق دائم لصالح الحرية ألنه سيتم إدراك أنها ستؤدي إىل تعطيل
خطت .لذا فإن أي محاوالت لإلصالح ستكون خجولة للغاية بحيث ر النظام بشكل
يكق إلحداث فرق دائم، حئ لو تم ر ال تكون فعالة .ر
كبتة بما ي تغيتات ر الرسوع يف ر
وبالتاىل ،ال .واضحة ) للنظام ( لة الم ِّ
عط التاجع عنها عندما تصبح آثارها ُ فسيتم ر
ي
تغيتات دائمة لصالح الحرية إال من قبل األشخاص المستعدين يمكن إحداث ر
وغت متوقع للنظام بأكمله .بعبارة أخرى من قبل الثور ريي خطت ر تغيت جذري ،ر لقبول ر
اإلصالحيي.
ر وليس
المفتضة ر الحريصي عىل إنقاذ الحرية دون التضحية بالفوائد .112إن األشخاص
ر
سيقتحون مخططات ساذجة لشكل جديد من أشكال المجتمع من شأنه ر للتقنية
التوفيق ربي الحرية والتقنية .بصف النظر عن حقيقة أن األشخاص الذين يقدمون
يقتحون أي وسيلة عملية يمكن من خاللها إنشاء االقتاحات نادرا ما ر مثل هذه ر
ّ الشكل الجديد للمجتمع ف المقام األول ،فلذلك ،وطبقا للمبدأ الرابع ،ر
حئ لو تمكن ي
يعىط نتائج مختلفة تماما الشكل الجديد للمجتمع من الظهور ،فإنه إما سينهار أو س ي
عن تلك المتوقعة.
46
غت المحتمل للغاية العثور عىل أي حئ عىل أسس عامة للغاية ،يبدو من ر .113لذا ،ر
لتغيت المجتمع من شأنها التوفيق ربي الحرية والتقنية الحديثة .يف األقسام
ر طريقة
التقئ أكت تحديدا الستنتاج أن الحرية والتقدم القليلة التالية سوف نقدم أسبابا ر
ي
متوافقي.
ر غت ر
47
الصناع
ي إن تقييد الحرية أمر ال مفر منه يف المجتمع
48
األمريكيي ،عىل سبيل المثال ،تم تدريب األوالد عىل أنشطة خارجيةر من ربي الهنود
نشطة — فقط من النوع الذي يحبه األوالد .لكن يف مجتمعنا ،يتم دفع األطفال
إىل دراسة المواد التقنية ،وهو ما يفعله معظمهم عىل مضض.
البرسي ،هناك .116بسبب الضغط المستمر الذي يمارسه النظام لتعديل السلوك ر
زيادة تدريجية يف عدد األشخاص الذين ال يستطيعون أو لن يقوموا بالتكيف مع
ُ
عتاىل أنظمة الرعاية الحكومية ،أعضاء عصابات الشباب، متطلبات المجتمع :م ي
المتمردون المناهضون للحكومة ،المخربون المتطرفون ّ المنتمون للطوائف*،
البيئيون ،المترسبون (من التعليم) والمقاومون من مختلف األنواع.
مصت الفرد عىل قرارات ال يستطيع .117يف أي مجتمع متقدم تقنيا ،يجب أن يعتمد ر
التقئ إىل مجتمعات
ي كبت .ال يمكن تقسيم المجتمع شخصيا أن يؤثر عليها إىل حد ر
كبتة جدا من األشخاص صغتة مستقلة ،ألن اإلنتاج يعتمد عىل تعاون أعداد ر ر
ُّ
واآلالت .هكذا مجتمع يجب أن يكون منظما للغاية و هكذا قرارات يجب أن تتخذ
كبتة جدا من الناس .عندما يؤثر القرار ،لنقول ،عىل مليون بحيث تؤثر عىل أعداد ر
شخص ،فإن كل فرد من األفراد المتأثرين ،يف المتوسط ،ال يملك سوى حصة
عمىل هو أن يتم اتخاذ
ي واحدة من المليون يف صنع القرار .ما يحدث يف العادة بشكل
للرسكات ،أو من قبل التنفيذيي ر
ر العامي أو المديرين
ر المسؤولي
ر القرارات من قبل
حئ عندما يصوت الجمهور عىل قرار ،يكون عدد التقنيي ،ولكن رر المتخصصي
ر
]17[ . ً
وبالتاىل فإن
ي أكت من أن يكون تصويت أي فرد بمفرده مهما الناخبي عادة ر
ر
الئر
التأثت بشكل يمكن قياسه يف القرارات الرئيسية ي غت قادرين عىل ر معظم األفراد ر
تؤثر عىل حياتهم .ال توجد طريقة يمكن تصورها لعالج هذا يف مجتمع متقدم تقنيا.
يحاول النظام "حل" هذه المشكلة باستخدام الدعاية لجعل الناس يريدون
حئ لو كان هذا "الحل" ناجحا تماما يف الئ تم اتخاذها من أجلهم ،ولكن ر ر
القرارات ي
جعل الناس يشعرون بتحسن ،سيكون ذلك مهينا.
* تسمية ظهرت خصيصا لمجموعات دينية أمريكية ذات عقائد وممارسات غريبة أو مستهجنة
49
.118يدافع المحافظون وآخرون عن المزيد من "االستقاللية المحلية" .كانت
المجتمعات المحلية تتمتع باالستقاللية ذات مرة ،لكن مثل هذا االستقاللية تصبح
أكت انغماسا ر
وأكت اعتمادا عىل أقل احتمالية حي تصبح المجتمعات المحلية ر
ر
األنظمة واسعة النطاق مثل المرافق العامة ،شبكات الحواسب ،أنظمة الطرق
الجماهتي ونظام الرعاية الصحية الحديث .تعمل أيضا ر الرسيعة ،وسائط االتصال
معي غالبا ما تؤثر عىل ضد االستقاللية حقيقة أن التقنية المطبقة يف مكان ر
ر
الحرسية أو وبالتاىل ،فإن استخدام المبيدات األشخاص يف أماكن أخرى بعيدة.
ي
المواد الكيميائية بالقرب من خور مياه قد يلوث إمدادات المياه عىل بعد مئات
تأثت االحتباس الحراري عىل العالم بأرسه. األميال يف اتجاه مجرى النهر ،ويؤثر ر
ً .119إن النظام لم ولن يوجد لتلبية االحتياجات ر
البرسية .بدال من ذلك ،فإن السلوك
البرسي هو الذي يجب تعديله بما يتوافق مع احتياجات النظام .هذا ال عالقة له ر
التقئ .إنه ليس الئ قد تتظاهر بأنها توجه النظام ر
ي بالعقيدة السياسية أو االجتماعية ي
يستشداالشتاكية .إنه خطأ التقنية ،ألن النظام ال ر ر خطأ الرأسمالية وليس خطأ
]18[ .
يلئ النظام العديد من بالطبع ر ي بالعقيدة السياسية بل بالصورة التقنية
البرسية ،ولكن بشكل عام فإنه يفعل هذا فقط بقدر استفادة النظام االحتياجات ر
ه األهم ،وليس احتياجات اإلنسان .عىل من القيام بذلك .إن احتياجات النظام ي
سبيل المثال ،يوفر النظام الطعام للناس ألن النظام ال يمكن أن يعمل إذا كان
مئ أمكنه فعل ذلك، يلئ االحتياجات النفسية للناس ر
الجميع يتضورون جوعا؛ إنه ر ي
الكثت من الناس باالكتئاب أو ّ
التمرد .لكن النظام، ألنه ال يمكن أن يعمل إذا أصيب ر
ألسباب جيدة ،صلدة وعملية ،يجب أن يمارس ضغطا مستمرا عىل الناس
ر
المتاكمة؟ الكثت من النفايات ليصوغوا سلوكهم وفقا الحتياجات النظام.
ر
التعليىم ،دعاة حماية البيئة ،الجميع يغمرونناي الحكومة ،وسائل اإلعالم ،النظام
كبتة من الدعاية حول إعادة التدوير .هل تحتاج إىل المزيد من الكوادر بكمية ر
الفنية؟ جوقة من األصوات تحض األطفال عىل دراسة العلوم .ال أحد يتوقف عن
اهقي عىل قضاء معظم وقتهم يف اإلنساي إجبار المر ر غت السؤال ّ
عما إذا كان من ر
ي
دراسة مواضيع يكرهها معظمهم .عندما يتم إخراج العمال المهرة من العمل بسبب
التقئ ويضطرون إىل الخضوع لـ "إعادة التأهيل" ،ال يسأل أحد ما إذا كان ي التقدم
50
ُ َّ
المسلم به ببساطة أنه يجب عىل الجميع دفعهم بهذه الطريقة أمرا مهينا .من
البرسية عىل الصورةالرضوخ للصورة التقنية .ولسبب وجيه :إذا ُقدمت الحاجات ر
التقنية سيكون هناك مشاكل اقتصادية ،بطالة أو نقص ( يف المواد) أو ما هو أسوأ.
كبت بالمدى الذي يتصف يتم تحديد مفهوم "الصحة العقلية" يف مجتمعنا إىل حد ر
فيه الفرد وفقا الحتياجات النظام وأن يفعل ذلك دون إظهار عالمات اإلجهاد.
.120إن الجهود المبذولة إلفساح المجال لإلحساس بالهدف واالستقاللية داخل
الرسكات ،بتكليفأكت من مزحة .عىل سبيل المثال ،قامت إحدى ر النظام ليست ر
ً
كل موظف فيها بإعداد فهرس كامل لبياناتها ،بدًل من تكليف كل واحد بإعداد جزء
المفتض أن يمنحهم ذلك إحساسا بالهدف ر واحد وتجميعهم يف النهاية ،وكان من
ّ واإلنجاز .بعض ر
الرسكات تحاول منح موظفيها مزيدا من االستقاللية يف عملهم،
ولكن ألسباب عملية ال يمكن القيام بذلك إال عىل نطاق محدود للغاية ،وعىل أي
الموظفي مطلقا استقاللية فيما يتعلق باألهداف النهائية — ال ر حال ،ال يتم منح
الئ يختارونها شخصيا، ر
يمكنهم توجيه جهودهم "المستقلة" أبدا نحو األهداف ي
الرسكة ونموها .ستتوقف أي ولكن فقط نحو أهداف صاحب العمل ،مثل بقاء ر
ررسكة عن العمل قريبا إذا سمحت لموظفيها بالتصف بطريقة أخرى .وبالمثل ،يف
اك ،يجب عىل العمال توجيه جهودهم نحو أهداف ر ر
أي مرسوع داخل نظام اشت ي
المرسوع لن يخدم غرضه كجزء من النظام .مرة أخرى ،ألسباب المرسوع ،وإال فإن ر ر
كبت
الصغتة أن يتمتعوا بقدر رر تقنية بحتة ،ال يمكن لمعظم األفراد أو المجموعات
الصغتة عادة ما
ر حئ أصحاب األعمال من االستقاللية ف المجتمع الصناع .ر
ي ي
الحكوم،
ي يتمتعون باستقاللية محدودة فقط .بصف النظر عن ضورة التنظيم
فهو مقيد بحقيقة أنه يجب عليه االنخراط يف النظام االقتصادي واالمتثال
ً
يتعي عىل صاحب لمتطلباته .مثال ،عندما يطور شخص ما تقنية جديدة ،غالبا ما ر
حئ يظل قادرا عىل الصغتة استخدام هذه التقنية سواء أراد ذلك أم ال ،ر ر األعمال
المنافسة.
51
ال يمكن فصل األجزاء" السيئة "من التقنية عن األجزاء" الجيدة"
الصناع لصالح الحرية وهو أن ي .121يوجد سبب آخر لعدم إمكانية إصالح المجتمع
ه نظام موحد تعتمد فيه جميع األجزاء عىل بعضها البعض .ال التقنية الحديثة ي
يمكنك التخلص من األجزاء "السيئة" من التقنية واالحتفاظ باألجزاء "الجيدة"
فقط .خذ الطب الحديث ،عىل سبيل المثال .يعتمد التقدم يف العلوم الطبية عىل
وغتها من المجاالت .تتطلب الفتياء ،األحياء ،علوم الحاسوب ر التقدم يف الكيمياء ،ر
توفتها
العالجات الطبية المتقدمة معدات باهظة الثمن ذات تقنية عالية ال يمكن ر
إال من خالل مجتمع متقدم تقنيا وثري اقتصاديا .من الواضح أنه ال يمكنك تحقيق
يتماش معه. ر التقئ بأكمله وكل ما كبت يف الطب بدون النظام تقدم ر
ي
التقئ ،فإنه يف حد الطئ بدون بقية النظام ر
ي .122حئ لو أمكن الحفاظ عىل التقدم ر ي
افتض عىل سبيل المثال أنه تم اكتشاف عالج الرسور .رذاته سيؤدي إىل بعض ر
ر
اي لمرض السكري من لمرض السكري .سيتمكن األشخاص الذين لديهم ميل ور ي
الطبيع ضد
ي البقاء عىل قيد الحياة والتكاثر مثل أي شخص آخر .سيتوقف االنتقاء
جماهت( .حدث هذا اآلن ر وستنترس هذه المورثات ربي ال ر مورثات مرض السكري
غت قابل للشفاء ،يمكن السيطرة بالفعل إىل حد ما ،ألن مرض السكري ،رغم أنه ر
ر
السء مع األمراض األخرى اإلنسولي) .سيحدث نفس ي ر عليه من خالل استخدام
الئ تتأثر احتمالية حدوثها بالعوامل الوراثية (عىل سبيل المثال رسطان األطفال) ر
ي
للجماهت .سيكون الحل الوحيد نوعا ما من برامج اي وسينتج عنها تدهور ور ر
ر ي
ر
تحسي النسل أو الهندسة الوراثية الشاملة للبرس ،بحيث ال يكون اإلنسان يف ر
المستقبل من صنع الطبيعة أو الصدفة أو هللا (اعتمادا عىل آرائك الدينية أو
ّ
الفلسفية) ،بل منتج مصنع.
كثتا اآلن ،فقط انتظر الكبتة تتدخل يف حياتك ر ر .123إذا كنت تعتقد أن الحكومة
اي ألطفالك .مثل هذا التنظيم ر ر
حئ تبدأ الحكومة يف تنظيم التكوين (التعديل) الور ي
غتللبرس ،ألن عواقب الهندسة الوراثية ر سوف يتبع حتما إدخال الهندسة الوراثية ر
[19].
المنظمة ستكون كارثية
52
.124الرد المعتاد عىل هذه المخاوف هو بالحديث عن "أخالقيات مهنة الطب".
الطئ
لكن قواعد أخالقيات مهنية لن تعمل عىل حماية الحرية يف مواجهة التقدم ر ي
بل ستؤدي إىل تفاقم األمور .إن قواعد األخالقيات المهنية المطبقة عىل الهندسة
للبرس .شخص ما (ربما من الوراثية ستكون ف الواقع وسيلة لتنظيم التعديل الور راي ر
ي ي
الطبقة الوسىط العليا ،يف الغالب) سيقرر أن مثل هذا التطبيق أو ذاك للهندسة
"أخالف" وآخر ليس كذلك ،لذا فهم يف الواقع سيفرضون قيمهم ر الوراثية هو
ي
حئ إذا تم اختيار قواعد الخاصة عىل التكوين الور راي للجمهور عىل العموم .ر
ي
أخالقيات مهنية عىل أساس رأي األغلبية تماما ،فإن األغلبية ستفرض قيمها
عما يشكل استخداما الخاصة عىل أي أقليات قد يكون لديها فكرة مختلفة ّ
ر
ستحىم
ي "أخالقيا" للهندسة الوراثية .قواعد األخالقيات المهنية الوحيدة ي
الئ
الئ تحظر أي هندسة وراثية للب ررس ،ويمكنك أن تكون عىل ر
ه تلك ي الحرية حقا ي
قئ .ال يمكن ألي يقي من أنه لن يتم تطبيق مثل هذه القواعد يف أي مجتمع ت ي ر
لفتة طويلة ،ألن اإلغراء ختل الهندسة الوراثية إىل دور ثانوي أن تصمد ر قواعد ت ر
الذي تمثله القوة الهائلة للتقنية الحيوية سيكون ال يقاوم ،خاصة وأن العديد من
تطبيقاتها بالنسبة لغالبية الناس ستبدو جيدة بشكل واضح ال لبس فيه (القضاء
الئ يحتاجونها ر
عىل األمراض الجسمانية والعقلية ،مما يمنح الناس القدرات ي
للتعايش يف عالم اليوم) .حتما ،سيتم استخدام الهندسة الوراثية عىل نطاق واسع،
[20] .
لتقئ
الصناع ا ي
ي ولكن فقط بطرق تتفق مع احتياجات النظام
53
ه قوة اجتماعية أقوى من التطلع إىل الحرية
التقنية ي
ه .125ليس من الممكن التوصل إىل مقاربة دائمة ربي التقنية والحرية ،ألن التقنية ي
األكت قوة وتتعدى باستمرار عىل الحرية من خالل ر إىل حد بعيد القوة االجتماعية
تخيل حالة جارين ،يمتلك كل منهما يف البداية نفس المساحة التنازالت المتكررةّ .
من األرض ،لكن أحدهما أقوى من اآلخر .القوي يطلب قطعة من أرض اآلخر.
أعطئ نصف ما طلبته" .ليس ي الضعيف يرفض .القوي يقول" ،حسنا ،لنتساوم.
لدى الشخص الضعيف متسع من الخيارات سوى االستسالم .يف وقت الحق،
يطلب الجار القوي قطعة أخرى من األرض ،ومرة أخرى هناك حل وسط ،وما إىل
ذلك .من خالل فرض سلسلة طويلة من التنازالت عىل الرجل األضعف ،يحصل
القوي يف النهاية عىل كل أرضه .وهكذا هو األمر يف الصاع ربي التقنية والحرية.
.126دعونا نوضح لماذا تعد التقنية قوة اجتماعية أقوى من التطلع إىل الحرية.
ً
يتبي أنه يهددها كثتا عادة ما ر التقئ الذي يبدو أنه ال يهدد الحرية ر
ي .127إن التقدم
اآلىل .كان بإمكانخطت فيما بعد .عىل سبيل المثال ،ضع يف اعتبارك النقل ي ر بشكل
بوتتته الخاصة دون اتباع الست رس سابقا الذهاب إىل حيث يشاء ،ر الرجل الذي يم ر
ً ي
التقئ .عندما تم تقديم السيارات ي الدعم أنظمة عن ستقال أي لوائح مرور وكان م
يمس ،ولم بدت أنها تزيد من حرية اإلنسان .لم يأخذوا أي حرية من الرجل الذي ر
ي
يجب عىل أحد أن يمتلك سيارة إذا كان هو لم يكن يريد واحدة ،وأي شخص اختار
يمس .لكن ي
بكثت من الرجل الذي ر ررساء سيارة يمكنه السفر بشكل أرسع وأبعد ر
تغيت المجتمع بطريقة تقيد بشكل رسعان ما أدى إدخال وسائل النقل اآللية إىل ر
كثتة ،أصبح من الصوري كبت حرية اإلنسان يف التنقل .عندما أصبحت السيارات ر ر
تنظيم استخدامها عىل نطاق واسع .يف السيارة ،ال سيما يف المناطق المكتظة
بالسكان ،ال يمكن للمرء الذهاب إىل حيث يحلو له بالرسعة الخاصة به؛ حركة الفرد
التامات: تحكمها تدفق حركة المرور وقواني المرور المختلفة .أحدهم مقيد بعدة ر
ر
التأمي ،الصيانة المطلوبة التخيص ،اختبار القيادة ،تجديد التسجيل، متطلبات ر
ر
الرساء .عالوة عىل ذلك ،لم يعد استخدام للسالمة ،األقساط الشهرية عىل سعر ر
تغت ترتيب مدننا بحيث لم يعد غالبية اآلىل اختياريا .منذ إدخال النقل ي
اآلىل ،ر النقل ي
54
الناس يعيشون عىل مسافة قريبة من مكان عملهم ومناطق التسوق وفرص ر
التفيه،
يتعي عليهم االعتماد عىل السيارات من أجل االنتقال .وإال يجب عليهم بحيث ر
وف هذه الحالة يكون لديهم سيطرة أقل عىل حركتهم استخدام وسائل النقل العام ،ي
كبت .يف المدينة، حئ حرية الرجل السائر اآلن مقيدة بشكل ر مقارنة بقيادة السيارة .ر
أساش لخدمة ي عليه أن يتوقف باستمرار النتظار أضواء المرور المصممة بشكل
الست عىل طول حركة مرور السيارات .يف الريف ،تجعل حركة مرور السيارات من ر
ر
الئ أوضحناها وغت سار( .الحظ هذه النقطة المهمة ي خطتا رر الطريق الرسي ــع أمرا
اآلىل :عندما يتم تقديم عنص جديد من التقنية كخيار يمكن للتو يف حالة النقل ي
ر
كثت من للفرد قبوله أو عدم قبوله كما يشاء ،فإنه ال يبق بالصورة اختياريا .يف ر
تغت المجتمع بطريقة تجعل الناس يجدون أنفسهم يف الحاالت ،التقنية الجديدة ر
مجتين عىل استخدامها). النهاية ر
التقئ ككل إىل تضييق مجال حريتنا باستمرار ،فإن كل تقدم ي .128بينما يؤدي التقدم
تقئ جديد إذا أخذ عىل حدة سيبدو مرغوب فيه .الكهرباء ،السباكة الداخلية، ي
االتصاالت الرسيعة بعيدة المدى ...كيف يمكن للمرء أن يجادل ضد أي من هذه
والئ صنعت المجتمع ر ر
الئ ال حص لها ي األشياء ،أو ضد أي من التطورات التقنية ي
الحديث؟ كان من السخف مقاومة إدخال الهاتف ،عىل سبيل المثال .لقد وفر
العديد من المزايا بال عيوب .ومع ذلك ،وكما أوضحنا يف الفقرات ،76-59فإن كل
مصت الرجل العادي ر هذه التطورات التقنية مجتمعة قد خلقت عالما لم يعد فيه
التنفيذيي
ر السياسيي ،المديرين ر ربي يديه أو يف أيدي ج رتانه وأصدقائه ،بل يف أيدي
التأثت عليهم ر المجهولي الذين ليس له ُسلطة ر والموظفي
ر والتقنيي
ر الرسكات ف ر
ي
كفرد .نفس العملية ستستمر يف المستقبل .خذ الهندسة الوراثية ،عىل سبيل ]21 [
اي .إنها المثال .قلة من الناس سوف تقاوم إدخال تقنية وراثية تقض عىل مرض ور ر
ي ي
ّ الكثت من ُ سبب َّ ال ت ّ
كبتا من هذه المعاناة .لكن عددا ر ر أي ض ٍر ظاهر ،بل وتمنع
َ َ
البرس "منتجات هند َسها النظام" ال التحسينات الوراثية ُمجتمعة ،سوف يجعل ر
كائنات أبدعتها الصدفة الحرة أو اإلرادة اإللهية (اعتمادا عىل معتقداتك الدينية).
55
.129وهناك سبب آخر لكون التقنية قوة اجتماعية بهذه القوة ،وهو أن التقدم
يست يف اتجاه واحد فقط ،ال يمكن عكسه أبدا. معي ،ر التقئ ،يف سياق مجتمع ر ي
ً
تقئ ،يصبح الناس عادة معتمدين عليه ،بحيث ال يمكنهم بمجرد إدخال ابتكار ي
أكت تقدما .ال يعتمد الناساالستغناء عنه مرة أخرى ،ما لم يتم استبداله بابتكار ر
كأفراد عىل عنص جديد من التقنية فحسب ،بل يصبح النظام ككل معتمدا عليه.
(تخيل ما سيحدث للنظام اليوم إذا تم التخلص من أجهزة الحاسوب ،عىل سبيل
وبالتاىل يمكن للنظام أن يتحرك يف اتجاه واحد فقط ،نحو مزيد من التقنية. ي المثال).
التاجع خطوة إىل الوراء ،لكن التقنية ال تفرض التقنية مرارا وتكرارا عىل الحرية ر
التقئ بأكمله. بالنظام اإلطاحة باستثناء — اجع يمكنها أبدا ر
الت
ي
كبت وتهدد الحرية يف العديد من النقاط المختلفة يف نفس .130تتقدم التقنية بتسارع ر
الكبتة،
ر والقواني ،زيادة اعتماد األفراد عىل المنظمات
ر الوقت (االزدحام ،اللوائح
الدعاية والتقنيات النفسية األخرى ،الهندسة الوراثية ،انتهاك الخصوصية من
خالل أجهزة المراقبة والحواسب ،إىل آخره) .لكبح أي واحد من مهددات الحرية
ً ً
يتطلب ذلك نضاًل اجتماعيا طويًل وصعبا .فأولئك الذين يريدون حماية الحرية،
حئ تصيبهم يف عج ُز ُهم العدد الهائل من الهجمات الجديدة ورسعة تطورها ر ِ ُي
ّ
النهاية الالمباالة ويتوقفوا عن المقاومة .إن مقاومة كل تهديد عىل حدة سيكون بال
التقئ ككل؛ لكن
ي جدوى .ال يمكن أن نأمل يف النجاح إال من خالل محاربة النظام
هذه ثورة وليست إصالح.
.131يميل التقنيون (نستخدم هذا المصطلح بمعناه الواسع لوصف كل من يؤدون
مهمة متخصصة تتطلب تدريبا) إىل االنغماس يف عملهم (نشاطهم البديل) لدرجة
التقئ وحريتهم ،ينحازون دائما تقريبا لصالح عملهم
ي أنه عندما ينشأ نزاع ربي عملهم
كثتة:
التقئ .هذا واضح جدا يف حالة العلماء ،لكنه يظهر أيضا يف أماكن أخرى ر ي
ّ
المدي ال يتورعون عن استخدام العمل منظمات أعضاء ، البيئة ماة ح ، بويون ر
فالت
ي
غتها من األساليب النفسية لمساعدتهم عىل تحقيق غاياتهم الدعاية [ ]14أو ر
الرسكات الك رتى والمؤسسات الحكومية الجديرة بالثناء .وهكذا أيضا عىل مستوى ر
ّ
الئ ال رتتدد يف جمع المعلومات حول األفراد بغض النظر عن حق الخصوصية، ي
ر
طالما يرون ذلك مفيدا .فغالبا ما تتضايق أجهزة إنفاذ القانون من الحقوق
56
الدستورية المكفولة للمشتبه به وغالبا إنسان برئ بالكامل ،فيفعلون كل ما بوسعهم
قانوي) لتقييد هذه الحقوق أو ي غت قانوي (أو يف بعض األحيان بشكل ر ي بشكل
ر
وموظق
ي الحكوميي
ر المسؤولي
ر التحايل عليها .يؤمن معظم هؤالء الت ر
بويي،
القانون بالحرية والخصوصية والحقوق الدستورية ،ولكن عندما تتعارض هذه
الحقوق مع عملهم ،فإنهم عادة ما يشعرون أن عملهم ر
أكت أهمية.
السع وأكت إضارا عند .132من المعروف أن الناس عموما يعملون بشكل أفضل ر
ي
للحصول عىل مكافأة مقارنة بمحاولة تجنب عقاب أو نتيجة سلبية .العلماء
الئ يحصلون عليها من خالل ر
أساش المكافآت ي ي التقنيي يدفعهم بشكل
ر غتهم من و ر
التقئ للحرية يعملون عىل تجنب النتائج ي عملهم .لكن أولئك الذين يعارضون الغزو
وبالتاىل هناك القليل ممن يعملون بإضار وبصورة جيدة يف هذه المهمة ي السلبية،
ّ
المحبطة .إذا حقق اإلصالحيون يف أي وقت مض انتصارا بارزا بدا أنه شكل حاجزا
التقئ ،فسيميل معظمهم إىل ي صلبا ضد المزيد من تآكل الحرية الناتجة عن التقدم
ً االستخاء وتحويل انتباههم إىل أنشطة ر ر
مشغولير أكت قبوًل .لكن العلماء سيظلون
مختتاتهم ،وستجد التقنية أثناء تقدمها طرقا ،عىل الرغم من أي حواجز، ر يف
أكت اعتمادا عىل لممارسة المزيد والمزيد من السيطرة عىل األفراد وجعلهم دائما ر
النظام.
قواني ،مؤسسات ،أعراف أو قواعد .133ال يمكن ألي ترتيبات اجتماعية ،سواء كانت ر
التتيباتأخالقية ،أن توفر حماية دائمة من التقنيةُ .يظهر التاري ــخ أن جميع ر
التقئ دائم يف
ي تتغت أو تنهار يف النهاية .لكن التقدم االجتماعية مؤقتة؛ جميعها ر
افتض ،عىل سبيل المثال ،أنه كان من الممكن التوصل إىل سياق حضارة معينة .ر
الئ من شأنها أن تمنع تطبيق الهندسة الوراثية عىل التتيبات االجتماعية ر بعض ر
ي
البرس ،أو تمنع تطبيقها بطريقة تهدد الحرية والكرامة .ومع ذلك ،ستظل التقنية ر
ً
آجال سينهار ر ً
االجتماع .ربما يف وقت قريب ،بالنظر إىل ي تيب الت أم عاجال تنتظر.
التغيت يف مجتمعنا .ثم تبدأ الهندسة الوراثية يف غزو مجال حريتنا .وسيكون ر وتتة ر
هذا الغزو ال رجوع فيه (إال بانهيار الحضارة التقنية نفسها) .يجب تبديد أي أوهام
التتيبات االجتماعية بما يحدث حاليا مع حول تحقيق أي رشء دائم من خالل ر
ي
الترسيعات البيئية. ر
57
قبل بضع سنوات بدا أن هناك حواجز قانونية آمنة تمنع عىل األقل بعض أسوأ
تغت يف اتجاه الرياح السياسية ،بدأت هذه البيئ .لكن بمجرد ر
ي أشكال التدهور
الحواجز يف االنهيار.
.134لكل األسباب السابقة ،تعد التقنية قوة اجتماعية أقوى من التطلع إىل الحرية.
لكن هذا التصي ــح يتطلب معيارا مهما .يبدو أنه خالل العقود العديدة القادمة
التقئ لضغوط شديدة بسبب المشاكل االقتصادية ي اع
سوف يتعرض النظام الصن ي
ّ
التمرد ،العدائية، والبيئية ،وخصوصا بسبب مشاكل السلوك ر
البرسي (اإلبعاد،
مجموعة متنوعة من الصعوبات االجتماعية والنفسية) .نأمل أن تؤدي الضغوط
كاف
الئ من المحتمل أن يمر النظام بها إىل انهياره ،أو عىل األقل إضعافه بشكل ٍ ر
ي
حئ تصبح الثورة ضده ممكنة .إذا حدثت مثل هذه الثورة ونجحت ،فسيكون ر
التطلع إىل الحرية يف تلك اللحظة بالذات أقوى من التقنية.
.135يف الفقرة ،125استخدمنا تشبيها لجار ضعيف تركه جار قوي ُمعدما والذي
افتض اآلن أن الجار القوي يأخذ كل أرضه بفرض سلسلة من التنازالت عليه .لكن ر
يجتغت قادر عىل الدفاع عن نفسه .يمكن للجار الضعيف أن ر مرض ،بحيث يكون ر ِ
القوي عىل إعادته أرضه ،أو يمكنه قتله .إذا سمح للرجل القوي بالبقاء عىل قيد
وأجته فقط عىل إعادة األرض ،فهو أحمق ،ألنه عندما يتعاف الرجل القوي الحياة ر
سيأخذ كل األرض لنفسه مرة أخرى .البديل المعقول الوحيد للرجل األضعف هو
الصناع مريض
ي قتل القوي بينما تتاح له الفرصة .بنفس الطريقة ،بينما النظام
يقض يف النهاية
ي تدمته .إذا تنازلنا وتركناه يتعاف من مرضه ،فسوف
يجب علينا ر
عىل كل حريتنا.
58
غت قابلة للحل
لقد ثبت أن المشكالت االجتماعية األبسط ر
.136إذا كان أي شخص ال يزال يتخيل أنه سيكون من الممكن إصالح النظام بطريقة
تحىم الحرية من التقنية ،فليأخذ يف االعتبار كيف تعامل مجتمعنا بطريقة خرقاء ي
بكثت. ر ر
وغت ناجحة يف الغالب مع مشاكل اجتماعية أخرى أكت بساطة وأكت وضوحا ر ر
السياش ،االتجار
ي البيئ ،الفساد
من ربي أمور أخرى ،فشل النظام يف وقف التدهور ي
بالمخدرات أو العنف المت يىل.
.137خذ مشاكلنا البيئية عىل سبيل المثال .هنا يكون تضارب القيمة واضحا :المنفعة
االقتصادية اآلن مقابل إنقاذ بعض مواردنا الطبيعية ألحفادنا ]22[ .لكن فيما يتعلق
التثرة والتعتيم من األشخاص الذين بهذا الموضوع ،ال نحصل إال عىل الكثت من ر
ر
شء مثل مسار عمل واضح ومتسق ،ونستمر يف مراكمة ر ُ
لديهم السلطة ،وال ي
سيتعي عىل أحفادنا التعايش معها .تتكون محاوالت حل ر
الئ
ر المشاكل البيئية ي
المشكلة البيئية من ضاعات وتنازالت ربي فصائل عدة ،بعضها يتصاعد يف لحظة،
المتغتة للرأي
ر تغت التيارات والبعض اآلخر يف لحظة أخرى .خط النضال ر
يتغت مع ر
العام .هذه ليست عملية عقالنية ،كما أنها ليست عملية من المحتمل أن تؤدي إىل
الكتى ،إذا تم "حلها" عىل حل ناجح وناجع للمشكلة .المشاكل االجتماعية ر
اإلطالق ،نادرا ما يتم حلها أو ال يتم حلها أبدا من خالل أي خطة عقالنية شاملة.
عت عملية تقوم فيها المجموعات المختلفة المتنافسة إنهم يجهدون أنفسهم فقط ر
قصتة المدى يف العادة) للوصول (بشكل الئ تسع وراء اهتماماتها الذاتية [ ( ]23ر ر
ي
غت مستقرة مؤقتة إىل حد ما .يف الواقع، أساش عن طريق الحظ) إىل تسوية ر ي
الئ صغناها يف الفقرات 106-100تجعل من المشكوك فيه أن التخطيط ر
المبادئ ي
العقالي طويل األجل يمكن أن يكون ناجحا عىل اإلطالق. ي االجتماع
ي
البرسي يف أحسن األحوال قدرة محدودة للغاية عىل .138هكذا يتضح أن للجنس ر
ر
األكت المبارسة منها نسبيا .فكيف سيحل المشكلة ر حئحل المشاكل االجتماعية ،ر
وه التوفيق ربي الحرية والتقنية؟ تقدم التقنية مزايا مادية واضحة، صعوبة ودقة ي
مختلفي .ومن السهل
ر تعئ أشياء مختلفة ألناسه فكرة مجردة ي حي أن الحرية ي يف ر
طمس خسارتها بالدعاية والكالم المعسول.
59
.139والحظ هذا االختالف المهم :من المتصور أن مشاكلنا البيئية (عىل سبيل
المثال) قد تتم تسويتها يف يوم من األيام من خالل خطة عقالنية وشاملة ،ولكن
إذا حدث ذلك فسيكون ذلك فقط ألنه من مصلحة النظام عىل المدى الطويل
حل هذه المشاكل .لكن ليس من مصلحة النظام الحفاظ عىل الحرية أو استقاللية
الصغتة .عىل العكس من ذلك ،من مصلحة النظام السيطرة عىل ر المجموعات
حي أن االعتبارات العمليةالبرسي إىل أقض حد ممكن ]24[ .وهكذا ،يف ر السلوك ر
منطق وحكيم للمشاكل البيئية ،فإن ر تجت النظام يف النهاية عىل اتباع نهج
ي قد ر
البرسي بشكلستجت النظام عىل تنظيم السلوك ر ر االعتبارات العملية بنفس القدر
غت ر
مبارسة من شأنها ر
وثيق أكت من أي وقت مض (ويفضل أن يكون ذلك بوسائل ر
إخفاء التعدي عىل الحرية) .هذا ليس رأينا فقط .أكد علماء االجتماع البارزون (مثل
جيمس كيو ويلسون) عىل أهمية "التنشئة االجتماعية" للناس بشكل ر
أكت فعالية.
60
الثورة أسهل من اإلصالح
.140نتمئ أن نكون قد أقنعنا القارئ بأن النظام ال يمكن إصالحه بطريقة توفق ربي
التقئ كليا .هذا
ي الصناع
ي الحرية والتقنية .المخرج الوحيد هو االستغناء عن النظام
وأساش
ي تغيت جذرييعئ ثورة ،ليس بالصورة انتفاضة مسلحة ،ولكن بالتأكيد ر ي
يف طبيعة المجتمع.
بكثت مما ر
أكت رتغيت ر
.141يميل الناس إىل االفتاض أنه نظرا ألن الثورة تنطوي عىل ر
يحدث يف اإلصالح ،فإن تحقيق الثورة أصعب من تحقيق اإلصالح .يف الواقع،
بكثت من اإلصالح .والسبب هو أن الحركة الثورة يف ظل ظروف معينة أسهل ر
الئ ال يمكن لحركة اإلصالح أن تلهمها .تقدم ر ر
الثورية يمكن أن تلهم قوة االلتام ي
حركة اإلصالح مجرد حل لمشكلة اجتماعية معينة .تقدم الحركة الثورية حل جميع
الئ ر
المشاكل دفعة واحدة وخلق عالم جديد بالكامل؛ إنها توفر نوعا من المثالية ي
كبتة .لهذه األسباب ،سيكون يخاطر الناس بشدة من أجلها ويقدمون تضحيات ر
ً
التقئ بالكامل بدال من وضع قيود فعالة ودائمةي بكثت اإلطاحة بالنظام
من األسهل ر
عىل تطوير أو تطبيق أي قطاع واحد من التقنية ،كالهندسة الوراثية ،عىل سبيل
الكثت من الناس أنفسهم بشغف أوحد لفرض قيود عىل الهندسة المثال .لن يكرس ر
كبت من الوراثية والحفاظ عليها ،ولكن يف ظل ظروف مناسبة ،قد يكرس عدد ر
الصناع .كما رأرسنا يف الفقرة ،132
ي التقئ
ي الناس أنفسهم بشغف لثورة ضد النظام
اإلصالحيي الذين يسعون إىل الحد من جوانب معينة من التقنية سيعملون ر فإن
عىل تجنب نتيجة سلبية .لكن الثوار يعملون للحصول عىل مكافأة قوية — تحقيق
أكت مما يفعل اإلصالحيون. رؤيتهم الثورية — وبالتاىل يعملون بجدية أكت و بإضار ر
ر ي
التغيتات
ر .142إن اإلصالح مقيد دائما بالخوف من العواقب المؤلمة إذا ذهبت
بعيدا .ولكن بمجرد أن تسيطر حىم ثورية عىل المجتمع ،يصبح الناس عىل
غت محدودة من أجل ثورتهم .ظهر هذا بوضوح يف استعداد لتحمل مصاعب ر
الثور رتي الفرنسية والروسية.
61
التمت حقا بالثورة ،لكنقد يكون ف مثل هذه الحاالت أن أقلية فقط من السكان ر
ي
كبتة ونشطة بدرجة كافية بحيث أصبحت القوة المهيمنة يف المجتمع. هذه األقلية ر
سيكون لدينا المزيد لنقوله عن الثورة يف الفقرات 180إىل .205
62
السيطرة عىل السلوك ر
البرسي
.143منذ بداية الحضارة ،كان عىل المجتمعات المنظمة أن تمارس ضغوطا عىل
األكت .تختلف أنواع الضغوط ر االجتماع البرسية من أجل عمل الكائن الكائنات ر
ي
كبتا من مجتمع إىل آخر .بعض الضغوط جسدية (سوء التغذية ،العمل اختالفا ر
البرسيالمفرط ،التلوث البيئ) ،بعضها نفس (الضوضاء ،االزدحام ،إجبار السلوك ر
ي ي ّ
ر
الماض ،كانت الطبيعة البرسية ف . ) المجتمع يتطلبها الئر بالطريقة ل التشك عىل
ي ي ي
وبالتاىل ،تمكنت
ي تغتت عىل أي حال ضمن حدود معينة فقط. ثابتة تقريبا ،أو ر
المجتمعات من دفع الناس إىل حدود معينة فقط .عندما يتم تجاوز حد التحمل
التمرد ،أو الجريمة ،أو الفساد ،أو التهرب من العمل، ّ البرسي ،تبدأ األمور بالسوء: ر
أو االكتئاب ومشاكل عقلية أخرى ،أو ارتفاع معدل الوفيات ،أو انخفاض معدل
غت فعال للغاية شء آخر ،بحيث ينهار المجتمع ،أو يصبح أدائه ر ر
المواليد أو أي ي
ويتم استبداله (رسيعا أو تدريجيا ،من خالل الغزو ،االستتاف أو التطور) بنوع ر
أكت
[25] .
فعالية من المجتمعات
الماض قيودا معينة عىل تطور البرسية يف .144وهكذا ،فقد وضعت الطبيعة ر
ي
ر
معي وليس أ كت .لكن هذا قد ر
يتغت اليوم، المجتمعات .يمكن دفع الناس إىل حد ر
البرس. ألن التقنية الحديثة تطور طرقا لتعديل ر
غت سعداء بشكل رهيب ،ثم ُ
.145تخيل مجتمعا يخضع الناس لظروف تجعلهم ر
علىم؟ إنه يحدث بالفعل إىل حد يعطيهم المخدرات للتخلص من تعاستهم .خيال ي
كبت يف ما يف مجتمعنا .من المعروف أن معدل االكتئاب الرسيري قد ازداد بشكل ر
السلطة ،كما هو موضح يف األختة .نعتقد أن هذا يرجع إىل تعطيل عملية ُ ر العقود
المتايد لالكتئاب هو حئ لو كنا مخطئي ،فإن المعدل ر الفقرات .76-59ولكن ر
ر
ً
بالتأكيد نتيجة لبعض الظروف الموجودة يف مجتمع اليوم .بدال من إزالة الظروف
عقاقت مضادة
ر الئ تجعل الناس يعانون من االكتئاب ،يقدم المجتمع الحديث لهم ر
ي
ه وسيلة لتعديل الحالة الداخلية للفرد لالكتئاب ّ .يف الواقع ،مضادات االكتئاب ي
غت محتملة. الئ لوال ذلك لوجدها ر ر
بطريقة تمكنه من تحمل الظروف االجتماعية ي
63
ونشت هنا إىل اي بحت. ر
ر (نعم ،نحن نعلم أن االكتئاب غالبا ما يكون من أصل ور ي
الئ تلعب فيها البيئة دورا مهيمنا). ر
تلك الحاالت ي
الئ تؤثر عىل العقل ليست سوى مثال واحد عىل األساليب الجديدة ر ر
عقاقت ي .146إن ال
ر ر ر
نلق نظرة عىلالئ يطورها المجتمع الحديث .دعونا ي للتحكم يف السلوك البرسي ي
بعض الطرق األخرى.
ُ
.147يف البداية ،هناك تقنيات المراقبة .تستخدم آالت التصوير المخفية اآلن يف
ُ
وف العديد من األماكن األخرى ،تستخدم أجهزة الحاسوب لجمع معظم المتاجر ي
ر
الئ يتم الحصول ومعالجة كميات هائلة من المعلومات حول األفراد .المعلومات ي
كبت من فعالية اإلكراه الجسدي (أي إنفاذ القانون) ]26[ .ثم هناك عليها تزيد بشكل ر
الئ توفر لها وسائل اإلعالم قنوات فعالة .لقد تم تطوير تقنيات ر
طرق الدعاية ي
التأثت عىل الرأي العام .تعمل صناعة ر فعالة للفوز باالنتخابات ،بيع المنتجات،
كبتة من الجنس حئ عندما ر التفيه كأداة نفسية مهمة للنظام ،ر ر
تنرس كميات ر
التفيه لإلنسان الحديث وسيلة أساسية للهروب .أثناء استغراقه يف والعنف .يوفر ر
مشاهدة شاشة العرض والمقاطع المصورة وما إىل ذلك ،يمكنه أن ينس التوتر،
القلق ،اإلحباط ،عدم الرضا .العديد من الشعوب البدائية ،عندما ال يكون لديهم
قانعي تماما بالجلوس لساعات يف كل مرة ال يفعلون ر عمل يقومون به ،يكونون
شيئا عىل اإلطالق ،ألنهم يف سالم مع أنفسهم ومع عالمهم .لكن معظم الناس
مستمتعي ،وإال فإنهم يشعرونر مشغولي باستمرار أور الحديثي يجب أن يكونوا ر
"بالملل" ،أي يصابون بالتململ ،عدم االرتياح ،التوتر.
.148تقنيات أخرى تصب أعمق مما سبق .لم يعد التعليم مجرد مسألة صفع مؤخرة
والتبيت عىل رأسه عندما يعرفها .لقد أصبح أسلوبا طفل عندما ال يعرف دروسه ر
*
علميا للتحكم يف نمو الطفل .عىل سبيل المثال ،حققت مراكز سيلڤان التعليمية
ُ
تحفت األطفال عىل الدراسة ،كما تستخدم األساليب النفسية أيضا ر كبتا يف
نجاحا ر
أكت أو أقل يف العديد من المدارس التقليدية .تم تصميم تقنيات "األبوة بنجاح ر
الئ يتم تدريسها للوالدين لجعل األطفال يقبلون القيم األساسية للنظام ر
واألمومة" ي
ويتصفون بطرق يرض عنها النظام.
* مؤسسة تعليمية خاصة عىل نظام ر
الرسكات ،عالية التخصصية وضخمة التنظيم للطلبة يف مرحلة ما قبل الدراسة الجامعية
64
النفس ،وما إىل ذلك،
أنظمة "الصحة العقلية" ،وتقنيات "التدخل" ،والعالج ً ي
مصممة ظاهريا إلفادة األفراد ،ولكنها يف الواقع تعمل عادة كطرق لحث األفراد
التفكت والتصف حسب ما يتطلبه النظام( .ال يوجد تناقض هنا؛ فالفرد الذي ر عىل
تجعله مواقفه أو سلوكه يف ضاع مع النظام يواجه قوة أقوى من أن يغلبها أو يهرب
يعاي من اإلجهاد ،اإلحباط ،الهزيمة .سيكون طريقه وبالتاىل من المحتمل أن يي منها،
بكثت إذا كان يفكر ويتصف كما يتطلب النظام .وبــهذا المعئ ،فإن النظام أسهل ر
حئ يتوافق معه) .إساءة معاملة األطفال يعمل لصالح الفرد عندما يغسل دماغه ر
بأشكالها الجسيمة والواضحة مرفوضة يف معظم ،إذا لم يكن يف كل ،الثقافات.
تعذيب طفل لسبب تافه أو بدون سبب عىل اإلطالق هو أمر ي ّنفر الجميع تقريبا.
لكن العديد من علماء النفس يفرسون مفهوم اإلساءة عىل نطاق أوسع .هل الصفع
منطق ومتسق ،هو شكل من ر عىل مؤخرته ،عند استخدامه كجزء من نظام تأديب
ي
أشكال اإلساءة؟ سيتم تحديد السؤال يف نهاية المطاف من خالل ما إذا كان الصفع
الحاىل للمجتمع .يف
ي يميل إىل إنتاج سلوك يجعل الشخص عىل ما يرام مع النظام
تفستها لتشمل أي طريقة رلتبية األطفال ر الممارسة العملية ،تميل كلمة "إساءة" إىل
غت مالئم للنظام .وهكذا ،عندما يذهبون إىل أبعد من منع القسوة تنتج سلوكا ر
الئ ال معئ لها ،فإن برامج منع "إساءة معاملة األطفال" تكون موجهة ر
الواضحة ي
نحو السيطرة عىل السلوك ر
البرسي نيابة عن النظام.
المفتض أن تستمر األبحاث لزيادة فعالية األساليب النفسية للتحكم يف ر .149من
غت المحتمل أن تكون التقنيات النفسية البرسي .لكننا نعتقد أنه من ر السلوك ر
البرس مع نوع المجتمع الذي تخلقه التقنية .ربما ر
يتعي وحدها كافية لتكييف ر
استخدام األساليب الحيوية .لقد ذكرنا بالفعل استخدام المخدرات يف هذا الصدد.
البرسي .بدأت الهندسة الوراثية قد يوفر علم األعصاب طرقا أخرى لتعديل العقل ر
الفتاض أن مثل للبرس بالحدوث عىل شكل "عالج بالمورثات" ،وال يوجد سبب ر ر
الئ تؤثر هذه األساليب لن ُتستخدم ف النهاية لتعديل تلك الجوانب من الجسم ر
ي ي
العقىل.
ي عىل األداء
الصناع يدخل عىل األرجح رفتة ي .150كما ذكرنا يف الفقرة ،134يبدو أن المجتمع
البرسي وجزئيا إىلمن اإلجهاد الشديد ،ويرجع ذلك جزئيا إىل مشاكل السلوك ر
65
كبتة من المشاكل االقتصادية والبيئية للنظام المشاكل االقتصادية والبيئية .ونسبة ر
احتام الذات ،االكتئاب ،العدائية، البرس .اإلبعاد ،تدي ر تنجم عن طريقة تصف ر
ي
غت تعاط المخدرات بشكل ر التمرد؛ األطفال الذين لن يدرسوا ،عصابات الشباب، ّ
ي
غت اآلمن ،حمل قانوي ،االغتصاب ،إساءة معاملة األطفال ،جرائم أخرى ،الجنس ر ي
العرف، ر السياش ،الكراهية العرقية ،التنافس السكاي ،الفساد المراهقات ،النمو
ي ي ي
الصاع العقائدي المرير (عىل سبيل المثال ،المؤيد لالختيار يف مقابل المؤيد للحياة
السياش ،اإلرهاب ،التخريب ،والجماعات ي — فيما يخص اإلجهاض) ،التطرف
المناهضة للحكومة ،جماعات الكراهية .كل هذا يهدد بقاء النظام ذاته .لذلك
البرسي. سيضطر النظام إىل استخدام كل الوسائل العملية للسيطرة عىل السلوك ر
االجتماع الذي نراه اليوم ليس نتيجة مجرد الصدفة. ي .151من المؤكد أن االضطراب
الئ يفرضها النظام عىل الناس( .لقد ر
يمكن أن يكون فقط نتيجة لظروف الحياة ي
السلطة) .إذا نجحت األنظمة يف جادلنا بأن أهم هذه الظروف هو تعطيل عملية ُ
البرسي لضمان بقائها ،فسيتم تجاوز نقطة تحول فرض سيطرة كافية عىل السلوك ر
البرسي يف السابق قيودا حي فرضت حدود التحمل ر جديدة ف تاري ــخ ر
البرسية .يف ر ي
عىل تطور المجتمعات (كما أوضحنا يف الفقر رتي 143و ،)144سيكون المجتمع
البرس ،سواء عن الصناع التقئ قادرا عىل تجاوز هذه الحدود عن طريق تعديل ر
ي ي
طريق األساليب النفسية أو األساليب الحيوية أو كليهما .يف المستقبل ،لن يتم
ً تعديل النظم االجتماعية لتناسب احتياجات ر
البرس .بدال من ذلك ،سيتم تعديل
[27].
اإلنسان ليناسب احتياجات النظام
بنيةالبرسي ّ .152بشكل عام ،من المحتمل أال يتم إدخال التحكم التقئ ف السلوك ر
ي ي
كل خطوة ]28[ .
حئ من خالل الرغبة الواعية يف تقييد حرية اإلنسان شمولية أو ر
البرسي سوف تؤخذ عىل أنها استجابة جديدة ف تأكيد السيطرة عىل العقل ر
ي
عقالنية لمشكلة ما تواجه المجتمع ،مثل عالج إدمان الكحول ،تقليل معدل
كثت من الحاالت سيكون الجريمة أو حث الشباب عىل دراسة العلوم والهندسة .يف ر
نفس مضادا لالكتئاب ي إنساي .عىل سبيل المثال ،عندما يصف طبيب ي هناك رمتر
إنساي
ي لمريض مكتئب ،فمن الواضح أنه يقدم خدمة لهذا الفرد .سيكون من الال
حجب الدواء عن شخص يحتاجه .عندما يرسل اآلباء أطفالهم إىل مراكز سيلڤان
66
متحمسي لدراساتهم ،فإنهم يفعلون ذلك من ر التعليمية للتالعب بهم ليصبحوا
اهتمامهم برفاهية أطفالهم .قد يكون بعض هؤالء اآلباء يرغبون يف أال يحتاج المرء
إىل تدريب متخصص للحصول عىل وظيفة وأن طفلهم لم يكن مضطرا إىل غسل
دماغه ليصبح مهووسا بالحاسوب .لكن ماذا بيدهم أن يفعلوا؟ ال يمكنهم ر
تغيت
عاطال عن العمل إذا لم يكن لديه مهارات معينة. ً
المجتمع ،وقد يكون طفلهم
لذلك يرسلونه إىل سيلڤان.
البرسي بقرار محسوب من السلطات .153وبالتاىل ،لن يتم إدخال التحكم ف السلوك ر
ي ي
االجتماع (تطور رسي ــع ،مع ذلك) .سيكون من ي ولكن من خالل عملية التطور
المستحيل مقاومة العملية ،ألن كل تقدم ،إن أخذ عىل حدة ،سيبدو مفيدا ،أو عىل
الرس المتورط يف تحقيق التقدم أقل مما سينتج عن عدم القيام به األقل سيبدو ر
(انظر الفقرة .)127يتم استخدام الدعاية عىل سبيل المثال للعديد من األغراض
الجيدة ،مثل محاربة إساءة معاملة األطفال أو الكراهية العرقية ]14[ .من الواضح
التبية الجنسية (إىل الحد الذي يجعلها التبية الجنسية مفيدة ،لكن تأثت ر أن ر
ر
ناجحة) يكمن يف إبعاد تشكيل المواقف الجنسية عن األرسة ووضعها يف أيدي
الدولة كما يمثلها نظام المدارس العامة.
يكت الطفل ليصبح ر
.154لنفتض أنه تم اكتشاف سمة حيوية تزيد من احتمالية أن ر
وافتض أن نوعا من العالج بالمورثات يمكنه إزالة هذه السمة ]29[ .بالطبع مجرما ،ر
معظم اآلباء الذين يمتلك أطفالهم هذه السمة سيخضعونهم للعالج .سيكون من
غت ذلك ،ألن الطفل من المحتمل أن يعيش حياة بائسة إذا اإلنساي أن تفعل ر
ي غت
ر
نشأ ليصبح مجرما .لكن العديد من المجتمعات البدائية أو معظمها لديها معدل
جريمة منخفض مقارنة بمجتمعنا ،عىل الرغم من أنها ال تمتلك أساليب عالية
التقنية رلتبية األطفال وال أنظمة عقابية قاسية .نظرا لعدم وجود سبب ر
الفتاض
البدائيي ،من مفتسة فطرية ر
أكت من الرجال األكت حداثة لديهم ميول ر ر أن الرجال
ر
الئ تفرضها ر
المؤكد أن معدل الجريمة المرتفع يف مجتمعنا هو بسبب الضغوط ي
الكثتون معها .لذا ،فإن العالج
والئ ال أو لن يتكيف ر ر
الظروف الحديثة عىل الناس ،ي
المصمم إلزالة الميول اإلجرامية المحتملة هو عىل األقل جزئيا طريقة إلعادة
هندسة األشخاص بحيث يتناسبون مع متطلبات النظام.
67
غت مالئم للنظام عىل أنه تفكت أو سلوك ر .155يميل مجتمعنا إىل اعتبار أي نمط من ر
"مرض" ،وهذا أمر معقول ألنه عندما ال يتأقلم الفرد يف النظام فإن ذلك يسبب
األلم للفرد وكذلك المشاكل للنظام .لذاُ ،ينظر إىل التالعب بالفرد لتكييفه مع النظام
وبالتاىل فهو جيد.
ي عىل أنه "عالج" لـ "المرض"
.156يف الفقرة 127رأرسنا إىل أنه إذا كان استخدام عنص جديد من التقنية اختياريا
تغيت ف البداية ،فإنه ال ر
يبق بالصورة اختياريا ،ألن التقنية الجديدة تميل إىل ر ي
ً
المجتمع بطريقة تجعل العمل صعبا أو مستحيال بالنسبة للفرد دون استخدام تلك
البرسي .يف عالم يتم فيه وضع معظم التقنية .هذا ينطبق أيضا عىل تقنية السلوك ر
متحمسي للدراسة ،سيضطر أحد الوالدين ر األطفال يف أنظمة تدريبية لجعلهم
فسيكت الطفل
ر تقريبا إىل وضع ابنه يف مثل هذا نظام ،ألنه إذا لم يفعل ذلك،
جاهال وبالتاىل غت قابل للتوظيف .أو ر ً ً
لنفتض أن عالجا ي ر ليكون ،مقارنة باآلخرين،
ُ
كبت من غت مرغوب فيها ،سيقلل بشكل ر حيويا قد اكتشف أنه ،وبدون آثار جانبية ر
كبتالكثت من الناس يف مجتمعنا .إذا اختار عدد ر ر يعاي منه
النفس الذي ي ي الضغط
من الناس الخضوع للعالج ،فسيتم تقليل المستوى العام للتوتر يف المجتمع،
بحيث يمكن للنظام زيادة الضغوط المسببة للتوتر .سيؤدي هذا إىل مزيد من
األشخاص للخضوع للعالج؛ وهكذا دواليك ،بحيث تصبح الضغوط يف نهاية
المطاف ثقيلة للغاية بحيث ال يتمكن سوى عدد قليل من الناس من البقاء عىل
دون الخضوع للعالج المخفض للتوتر .يف الواقع ،يبدو أن شيئا كهذا قد حدث
لتمكي الناس من تقليلر بالفعل مع واحدة من أهم األدوات النفسية يف مجتمعنا
الجماع (انظر الفقرة .)147 التفيهالتوتر (أو عىل األقل الهروب مؤقتا منه) ،إنه ر
ي
الجماع "اختياري" :ال يوجد قانون يلزمنا بمشاهدة شاشة فيه للتاستخدامنا ر
ي
الجماع هو ر
العرض ،االستماع إىل المذياع ،قراءة المجالت .ومع ذلك ،فإن التفيه
ي
يشتك الجميع من
ي وسيلة للهروب وتقليل التوتر الذي أصبح معظمنا يعتمد عليه.
المري ،لكن الجميع تقريبا يشاهده .قلة من الناس تخلوا عن عادة ي قذارة البث
مشاهدته ،لكنه سيكون شخصا نادرا يمكنه التعايش اليوم دون استخدام أي شكل
الجماع. التفيه من أشكال ر
ي
68
البرسي ،كان معظم الناس يتعايشون حئ وقت قريب جدا ف التاري ــخ ر (ومع ذلك ،ر
ي
غت ذلك الذي أنشأه كل مجتمع بشكل جيد للغاية مع عدم وجود أي ترفيه آخر ر
التفيه ،ربما لم يكن النظام بمقدوره اإلفالت بكل هذا محىل لنفسه) .بدون صناعة ر
ي
القدر من التوتر الناتج عن الضغط علينا كما يفعل.
الصناع ،فمن المحتمل أن تكتسب التقنية يف نهاية بافتاض بقاء المجتمع .157ر
ي
البرسي .لقد ثبت بما ال يدع يقتب من السيطرة الكاملة عىل السلوك ر المطاف شيئا ر
مجاال للشك أن الفكر والسلوك ر ً
كبت .كما أظهر البرسي لهما أساس حيوي إىل حد ر
المجربون ،يمكن تشغيل وإيقاف مشاعر مثل الجوع ،البهجة ،الغضب والخوف
تدمت الذكريات عن الكهرباي ألجزاء مناسبة من الدماغ .يمكن ر ي التحفت
ر عن طريق
التحفت
ر طريق إتالف أجزاء من الدماغ أو يمكن إخراجها إىل السطح عن طريق
غت الحالة المزاجية عن طريق المخدرات. حدث الهلوسة أو ُت َ ُ َ
الكهرباي .يمكن أن ت
ر ي
غت مادية ،ولكن إذا كانت هناك روح فمن الواضح برسية رقد توجد أو ال توجد روح ر
البرسي .ألنه إذا لم يكن األمر كذلك ،فلن أنها أقل قوة من اآلليات الحيوية للسلوك ر
بالعقاقت
ر يتمكن الباحثون بهذه السهولة من التالعب بالمشاعر والسلوك ر
البرسي
والتيارات الكهربائية.
العمىل لجميع الناس إدخال أقطاب كهربائية المفتض أنه سيكون من غ رت ر .158من
ي
حئ يمكن للسلطات التحكم فيها .لكن حقيقة أن األفكار والمشاعر ف رؤوسهم ر
ي
البرسية منفتحة للغاية عىل التدخل الحيوي تظهر أن مشكلة التحكم يف السلوك ر
ه يف األساس مشكلة تقنية؛ مشكلة خاليا عصبية ،هرمونات وجزيئات ر
البرسي ي
المتمت الئ يمكن مهاجمتها علميا .بالنظر إىل السجل ر
ر معقدة؛ نوع من المشاكل ي
كبت يف كبت إحراز تقدم ر
لمجتمعنا يف حل المشكالت التقنية ،فمن المحتمل بشكل ر
البرسي. السيطرة عىل السلوك ر
البرسي؟ بالتأكيد .159هل ستمنع المقاومة العامة إدخال التحكم التقئ ف السلوك ر
ي ي
ستمنع إذا جرت محاولة إلدخال مثل هذه السيطرة دفعة واحدة .ولكن بما أنه
الصغتة ،فلنر التقئ من خالل سلسلة طويلة من التطورات ي سيتم إدخال التحكم
تكون هناك مقاومة عامة منطقية وفعالة( .انظر الفقرات .)153 ،132 ،127
69
نشت إىل أن الخيال
علىم ،ر
ي .160ألولئك الذين يعتقدون أن كل هذا يبدو وكأنه خيال
غتت الثورة الصناعية بشكل جذري بيئة العلىم باألمس هو حقيقة اليوم .لقد ر
ي
ر
اإلنسان وطريقة حياته ،ومن المتوقع فقط أنه مع تطبيق التقنية بشكل متايد عىل
سيتغت جذريا كما حدث يف بيئته
ر الجسم والعقل ر
البرس ريي ،فإن اإلنسان نفسه
وطريقة حياته.
70
البرسي عىل ر
مفتق طرق الجنس ر
.161لكننا تقدمنا يف قصتنا .إن تطوير سلسلة من التقنيات النفسية أو الحيوية يف
اجتماع شء ،ودمج هذه التقنيات يف نظام ر ر
ي المختت للتالعب بالسلوك البرسي ي ر
االثني .عىل سبيل المثال، ر
ه األكت صعوبة ربي شء آخر .المعضلة ر
ر األختة ي
ر فعال ي
التبوي تعمل بشكل جيد بال شك يف "المدارس ف حي أن تقنيات علم النفس ر
ي ر
التجريبية" حيث يتم تطويرها ،فليس من السهل بالصورة تطبيقها بشكل فعال يف
التعليىم .نعلم جميعا كيف تبدو العديد من مدارسنا .المعلمون ي جميع أنحاء نظامنا
السكاكي والمسدسات من األطفال عن إخضاعهم ألحدث ر مشغولون جدا بأخذ
مهووسي بالحواسب .وهكذا ،عىل الرغم من كل التطورات ر التقنيات لجعلهم
مثت حئ اآلن لم يكن ناجحا بشكل ر البرسي ،فإن النظام ر التقنية المتعلقة بالسلوك ر
البرس .األشخاص الذين يخضع سلوكهم بشكل جيد إىل لإلعجاب ف السيطرة عىل ر
ي
حد ما لسيطرة النظام هم من النوع الذي ينتمون للـ "الطبقة الوسىط" .لكن هناك
متمردين ضد النظام: ّ متايدة من األشخاص الذين هم بطريقة أو بأخرى أعدادا ر
المتطرفي عتاىل أنظمة الرعاية الحكومية ،عصابات الشباب ،الطوائف ،الناز ريي، ُ
ر م ي
غت النظامية ،وما إىل ذلك.البيئيي ،رجال التنظيمات المسلحة ر ر
الئ تهدد بقاءه، ر
.162يخوض النظام حاليا كفاحا يائسا للتغلب عىل بعض المشاكل ي
البرسي .إذا نجح النظام يف اكتساب سيطرة كافية عىل ومن أهمها مشاكل السلوك ر
البرسي بالرسعة الكافية ،فمن المحتمل أن يستمر .وإال فإنه سوف ينهار. السلوك ر
نعتقد أنه من المرجح أن يتم حل المشكلة يف غضون العقود العديدة القادمة ،لنقل
40إىل 100عام.
لنفتض أن النظام نجا من أزمة العقود العديدة التالية .بحلول ذلك الوقت .163ر
الئ تواجهه، ر
سيتحتم عليه أن يحل ،أو عىل األقل يسيطر ،عىل المشاكل الرئيسية ي
طيعي ر للبرس؛ أي جعل الناس وال سيما تلك المتعلقة بـ "التنشئة االجتماعية" ر
بدرجة كافية بحيث ال َي ُعد سلوكهم مهددا للنظام .وبتحقيق ذلك ،ال يبدو أنه
المفتض أن تتقدم نحو ر سيكون هناك أي عقبة أخرى أمام تطور التقنية ،ومن
البرس المنطق ،وهو التحكم الكامل ف كل رشء عىل األرض ،بما ف ذلك ر ر استنتاجها
ي ي ي ي
71
وجميع الكائنات الحية المهمة األخرى .قد يصبح النظام منظمة وحدوية متجانسة،
الئ تتعايش يف عالقة ر
أو قد يكون مجزءا إىل حد ما ويتكون من عدد من المنظمات ي
تتضمن عناض من التعاون والمنافسة ،تماما كما هو الحال اليوم مع الحكومة
الكبتة األخرى ،يتعاونون ويتنافسون مع بعضهم البعض. ر والرسكات والمنظماتر
الصغتة سيكونون ر ستختق حرية اإلنسان ،ألن األفراد والمجموعات ي غالبا ما
الكبتة المسلحة بالتقنية الفائقة وترسانة من األدوات ر عاجزين أمام المنظمات
بالبرس ،إىل جانب أدوات المراقبة واإلكراه ر النفسية والحيوية المتقدمة للتالعب
ر
وحئ الجسدي .فقط عدد قليل من الناس سيكون لديهم أي ُسلطة حقيقية،
هؤالء ربما لن يتمتعوا إال بقدر محدود للغاية من الحرية ،ألن سلوكهم أيضا سيتم
التنفيذيي يف
ر للسياسيي والمديرين
ر تنظيمه؛ تماما كما هو الحال اليوم ،يمكن
السلطة فقط طالما ظل سلوكهم ضمن حدود الرسكات االحتفاظ بمناصبهم ف ُ ر
ي
معينة ضيقة إىل حد ما.
.164ال تتخيل أن األنظمة ستتوقف عن تطوير تقنيات أخرى للتحكم ف ر
البرس ي
ر
والطبيعة بمجرد انتهاء أزمة العقود القليلة القادمة ،ولم تعد السيطرة المتايدة
ستيد ضورية لبقاء النظام .عىل العكس من ذلك ،بمجرد انتهاء األوقات الصعبة ر
أكت ،ألنه لن يعوقه بعد اآلن النظام من سيطرته عىل الناس والطبيعة برسعة ر
ئيس لبسط يعاي منها حاليا .البقاء ليس الدافع الر ي ي صعوبات من النوع الذي
السيطرة .كما أوضحنا يف الفقرات ،90-87يقوم التقنيون والعلماء بعملهم إىل حد
السلطة من خالل حل المشكالت كبت كنشاط بديل؛ أي أنها تلئ حاجتهم إىل ُ ر
ري
أكت المشكالت التقنية .سيستمرون ف القيام بذلك بحماس وبال هوادة ،ومن بي ر
ر ي
إثارة لالهتمام وتحديا بالنسبة لهم لحلها ستكون تلك المتعلقة بفهم الجسم
"خت اإلنسانية" بالطبع.البرسي والتدخل يف تطورها .من أجل ر والعقل ر
أكت من لنفتض ،من ناحية أخرى ،أن ضغوط العقود القادمة ستكون ر .165لكن ر
الالزم بالنسبة للنظام .إذا تعطل النظام ،فقد تكون هناك رفتة من الفوض" ،وقت
الماض .من الئ سجلها التاري ــخ يف عهود مختلفة من ر
ي االضطرابات" مثل تلك ي
المستحيل التنبؤ بما سيحدث يف مثل هذا الوقت من االضطرابات ،ولكن عىل أي
األكت يف أن المجتمع البرسي فرصة جديدة .يتمثل الخطر ر حال ،سيتم منح الجنس ر
72
الصناع قد يبدأ يف إعادة تكوين نفسه يف غضون السنوات القليلة األوىل بعد ي
ُ
المتعطشي للسلطة)
ر االنهيار .بالتأكيد سيكون هناك ر
الكثت من الناس (خاصة من
متلهفي إلعادة تشغيل المصانع مرة أخرى.
ر الذين سيكونون
الئ ُيخضع بها ر
أولئك الذين يكرهون العبودية ي .166لذلك هناك مهمتان تواجهان
ر ً . َ ُ
الجنس البرسي أوال ،يجب أن نعمل عىل تصعيد الضغوط الصناع
ي النظام
حئ تصبح كاف ر االجتماعية داخل النظام لزيادة احتمالية انهياره أو إضعافه بشكل ٍ
ونرس عقيدة معارضة للتقنية والنظامالثورة ضده ممكنة .ثانيا ،من الصوري تطوير ر
الصناع إذا
ي الصناع .يمكن أن تصبح مثل هذه العقيدة أساسا لثورة ضد المجتمع ي
وعندما يصبح النظام ضعيفا بدرجة كافية .ستساعد مثل هذه العقيدة عىل ضمان
الصناع ،سيتم تحطيم بقاياه بشكل ال يمكن إصالحه،ي أنه يف حالة انهيار المجتمع
تدمت المصانع وحرق الكتب التقنية ومابحيث ال يمكن إعادة بناء النظام .يجب ر
إىل ذلك.
73
المعاناة ال ر
برسية
الصناع نتيجة عمل ثوري بحت .ولن يكون عرضة للهجوم ي .167لن ينهار النظام
خطتة للغاية.
ر الثوري إال إذا أدت مشاكله الداخلية الخاصة بالتنمية إىل مصاعب
تلقاي أو من خالل عملية عفوية ي لذلك إذا انهار النظام فسوف يفعل ذلك إما بشكل
الكثت من الناس،ر جزئيا ولكن يساعدها الثوار .إذا كان االنهيار مفاجئا ،فسيموت
ألن تعداد العالم قد تضخم لدرجة أنه ال يمكنه إطعام نفسه بعد اآلن بدون التقنية
حئ لو كان االنهيار تدريجيا بدرجة كافية بحيث يمكن أن يحدث المتقدمة .ر
أكت من ارتفاع معدل انخفاض عدد السكان من خالل خفض معدل المواليد ر
الصناع فوضوية للغايةي الوفيات ،فمن المحتمل أن تكون عملية إزالة المجتمع
الكثت من المعاناة .من السذاجة االعتقاد بأنه من المحتمل أن يتم ر وتنطوي عىل
ُ ّ ً
حئيج من التقنية بطريقة منظمة وبإدارة سلسة ،خاصة وأن م ر ي التخلص التدر ر ي
التقنية سوف يقاومون بعناد يف كل خطوة .فهل من القسوة إذا العمل من أجل
انهيار النظام؟ ربما ،ولكن ربما ال .يف المقام األول ،لن يكون الثوريون قادرين عىل
تحطيم النظام ما لم يكن بالفعل يف مشكلة كافية بحيث تكون هناك فرصة جيدة
كت النظام ،كلما كانت عواقب النهياره يف النهاية من تلقاء نفسه عىل أي حال؛ وكلما ر
انهياره كارثية؛ لذلك قد يكون الثوار ،من خالل ترسي ــع بداية االنهيار ،سيقللون من
مدى الكارثة.
وبي فقدان الحرية الثاي ،عىل المرء أن يوازن ربي النضال والموت ر ي .168يف المقام
أكت أهمية من طول العمر أو والكرامة .بالنسبة للكثتين منا ،تعتت الحرية والكرامة ر
ر ر
تجنب األلم الجسدي .أضف إىل ذلك ،علينا جميعا أن نموت يف وقت ما ،وقد
يكون من األفضل أن نموت خالل قتالنا من أجل البقاء ،أو من أجل قضية ،عىل
أن نعيش حياة طويلة ولكنها فارغة وعديمة الهدف.
.169يف المقام الثالث ،ليس من المؤكد إطالقا أن بقاء النظام سيؤدي إىل معاناة أقل
ّ
يتسبب ،يف مما قد يؤدي إليه انهيار النظام .لقد تسبب النظام بالفعل ،واليزال
ر
الئ منحت الناس عىل مدى معاناة هائلة يف جميع أنحاء العالم .الثقافات القديمة ،ي
السني عالقة ُمرضية مع بعضهم البعض ومع بيئتهم ،تحطمت عند تماسها ر مئات
74
الصناع ،وكانت النتيجة قائمة كاملة من المشاكل االقتصادية والبيئية ي بالمجتمع
الكثت من ر الصناع هو أن ي واالجتماعية والنفسية .كان أحد آثار اقتحام المجتمع
غت متوازنة .ومن هنا جاء الضوابط التقليدية عىل السكان يف العالم أصبحت ر
ر
المنترسة يف دول السكاي مع كل ما يعنيه ذلك .ثم هناك المعاناة النفسية االنفجار
ي
فتض أنها محظوظة (انظر الفقر رتي 44و .)45ال أحد يعرف ماذا الئ ُي ر
ر
الغرب ي
وغتها من سيحدث نتيجة الستنفاذ طبقة األوزون ،وظاهرة االحتباس الحراري ر
الئ ال يمكن توقعها بعد .وكما أظهر االنتشار النووي ،ال يمكن إبعاد ر
المشاكل البيئية ي
غت المسؤولة .هل ترغب يف التقنية الجديدة عن أيدي الطغاة ودول العالم الثالث ر
التكهن بما سيفعله العراق أو كوريا الشمالية بالهندسة الوراثية؟
" .170أوه!" سيقول محبو التقنية" ،العلم سيصلح كل ذلك! سوف نتغلب عىل
نقض عىل المعاناة النفسية ،سنجعل الجميع بصحة جيدة ي المجاعة ،س
تقض ر
المفتض أن وسعداء!" ...طبعا أكيد .هذا ما قالوه قبل 200عام .كان من
ي
الثورة الصناعية عىل الفقر ،وتجعل الجميع سعداء ،وما إىل ذلك .وكانت النتيجة
الفعلية مختلفة تماما .محبو التقنية ساذجون بشكل ميؤوس منه (أو يخادعون
كي (أو يختارون تجاهل) غت مدر ر أنفسهم) يف فهمهم للمشاكل االجتماعية .إنهم ر
الئ تبدو مفيدة ،يف ر كبتة ،ر
التغيتات ي ر حئ تغيتات ر
حقيقة أنه عندما يتم إدخال ر
والئ يستحيل التنبؤ ر
التغيتات األخرى ،ي ر المجتمع ،فإنها تؤدي إىل سلسلة طويلة من
ه اضطراب المجتمع .لذلك فمن المحتمل بمعظمها (الفقرة .)103والنتيجة ي
جدا أنه يف محاوالتهم إلنهاء الفقر والمرض ،وهندسة شخصيات سهلة االنقياد،
وسعيدة وما إىل ذلك ،سيخلق محبو التقنية أنظمة اجتماعية مضطربة بشكل
الحاىل .عىل سبيل المثال ،يتفاخر العلماء بأنهم النظام من أكت حئ ر رهيب ،ر
ي
سينهون المجاعة من خالل إنشاء نباتات غذائية جديدة معدلة وراثيا .لكن هذا
البرسي باالستمرار يف التوسع إىل ما ال نهاية ،ومن المعروف أن سيسمح للتعداد ر
ر
االزدحام يؤدي إىل زيادة التوتر والعدوانية .هذا مجرد مثال واحد عىل المشاكل ي
الئ
التقئ إىل
ي الختات السابقة ،سيؤدي التقدم يمكن التنبؤ بها .نؤكد أنه ،كما أظهرت ر
مشاكل جديدة أخرى ال يمكن التنبؤ بها مسبقا (الفقرة .)103يف الواقع ،منذ الثورة
أكت مما كانت تحل الصناعية ،خلقت التقنية مشاكل جديدة للمجتمع برسعة ر
75
وبالتاىل ،فإن األمر سيستغرق رفتة طويلة وصعبة من التجربة
ي المشاكل القديمة.
حئ التقنية لحل أخطاء عالمهم الشجاع الجديد (إن تمكنوا من ذلك ُ ّ
والخطأ لم ر ي
ً
كبتة .لذلك ليس من الواضح عىل أصال) .يف هذه األثناء ستكون هناك معاناة ر
الصناع قد ينطوي عىل معاناة أقل من انهيار ذلك
ي اإلطالق أن بقاء المجتمع
البرسي إىل مضيق ال ُيحتمل أن يكون من
المجتمع .لقد أوصلت التقنية الجنس ر
السهل الهروب منه.
76
المستقبل
الصناع قد نجا من العقود العديدة التالية وأن المجتمع أن اآلن ض .171لكن ر
لنفت
ي
األخطاء ُطردت من النظام يف نهاية المطاف ،بحيث يعمل بسالسة .أي نوع من
األنظمة سيكون؟ سننظر يف عدة احتماالت.
ً .172ر
لنفتض أوال أن علماء الحاسوب نجحوا يف تطوير آالت ذكية يمكنها أن تفعل
المفتض ر البرس القيام به .يف هذه الحالة ،منكل األشياء بشكل أفضل مما يستطيع ر
أن يتم تنفيذ جميع األعمال من خالل أنظمة ضخمة عالية التنظيم من اآلالت ولن
الحالتي .قد ُيسمح لآلالتر
برسي .قد تحدث ّ
أي من يكون من الصوري بذل جهد ر
البرسية برسي ،أو قد يتم االحتفاظ بالسيطرة ر باتخاذ جميع قراراتها دون رإرساف ر
عىل اآلالت.
.173إذا ُسمح لآلالت باتخاذ جميع قراراتها الخاصة ،فال يمكننا إجراء أي تخمينات
نشت تخمي كيف يمكن أن تتصف هذه اآلالت .ر ر بشأن النتائج ،ألنه من المستحيل
البرسي سيكون تحت رحمة اآلالت .قد ُيقال إن الجنس مصت الجنس ر فقط إىل أن ر
نقتح أن السلطة لآلالت .لكننا ال ر
البرسي لن يكون من الحماقة بمكان لتسليم كل ُ ر
ستستوىل عىل السلطة طواعية لآلالت وال أن اآلالت سيسلم ُ البرسي ُالجنس ر
ي
البرسي قد يسمح لنفسه بسهولة نقتحه هو أن الجنس ر السلطة عمدا .ما ر ُ
عمىل
ي باالنجراف إىل درجة من االعتمادية عىل اآلالت بحيث لن يكون لديه خيار
ر
الئ تواجهه أصبحا سوى قبول جميع قرارات اآلالت .وألن المجتمع والمشكالت ي
وأكت ،سيسمح الناس لآلالت أكت ر وأكت تعقيدا ،ف حي يزيد ذكاء اآلالت ر أكت ر ر
ي ر
الئ ر
باتخاذ المزيد والمزيد من قراراتهم نيابة عنهم ،وذلك ببساطة ألن القرارات ي
الئ يقررها اإلنسان .يف نهاية المطاف، ر
تتخذها اآللة ستحقق نتائج أفضل من تلك ي
قد يتم الوصول إىل مرحلة تكون فيها القرارات الالزمة للحفاظ عىل تشغيل النظام
البرسي القيام بها .يف تلك المرحلة ستكون معقدة للغاية بحيث ال يستطيع الذكاء ر
اآلالت مسيطرة بالفعل .لن يتمكن الناس من إيقاف تشغيل اآلالت ،ألنهم
كبت لدرجة أن إيقاف تشغيلها قد يصل إىل حد االنتحار. سيعتمدون عليها بشكل ر
77
البرسي يف اآلالت .يف هذه .174من ناحية أخرى ،من الممكن االحتفاظ بالتحكم ر
الحالة ،قد يتحكم الرجل العادي يف بعض اآلالت الخاصة به ،مثل سيارته أو جهاز
الكبتة من اآلالت سيكون يف أيدي الحاسوب الخاص به ،ولكن التحكم يف األنظمة ر
اختالفي .بفضل التقنياتر صغتة — تماما كما هو الحال اليوم ،ولكن مع ر نخبة
البرسي لن يكون الجماهت؛ وألن العمل رر أكت عىلحسنة ،سيكون للنخبة سيطرة ر الم ّ ُ
الجماهت ستكون عبئا عديم الفائدة عىل النظام .إذا كانت ر ضوريا بعد اآلن ،فإن
إنسانيي ،فقد
ر النخبة قاسية فقد يقررون ببساطة إبادة جموع ر
البرسية .إذا كانوا
غتها من التقنيات النفسية أو الحيوية لتقليل معدل يستخدمون الدعاية أو ر
كي العالم للنخبة .أو ،إذا كانت النخبة حئ تنقرض الكتلة ر
البرسية ،تار ر المواليد ر
الطيبي لبقية
ر تتكون من ضعاف القلوب التحرر ريي ،فقد يقررون لعب دور الرعاة
البرسي .سوف يتأكدون من إشباع االحتياجات الجسدية لكل شخص ،أن الجنس ر
جميع األطفال يتم تربيتهم يف ظل ظروف نفسية صحية ،أن كل شخص لديه هواية
ً
اض لـ "العالج" لشفاء ٍ ر غت
ر شخص أي يخضع وأن مشغوًل مفيدة إلبقائه
"مشكلته" .بطبيعة الحال ،ستكون الحياة بال هدف لدرجة أنهم سيضطرون
السلطة أو لجعلهم البرس حيويا أو نفسيا ،إما إللغاء حاجتهم إىل عملية ُ لهندسة ر
غت مؤذية .قد يكون هؤالء السلطة يف هواية ر قانعي" مع سعيهم للحصول عىل ُ " ر
المهندسون سعداء يف مثل هذا المجتمع ،لكنهم بالتأكيد لن يكونوا أحرارا. َ البرس ُ
ر
سيكونون قد تم تخفيضهم إىل متلة الحيوانات األليفة.
ناع، ر
.175لكن لنفتض اآلن أن علماء الحاسوب لم ينجحوا يف تطوير الذكاء االصط ي
حئ مع ذلك ،ستهتم اآلالت بالمزيد والمزيد البرسي ضوريا .ربحيث يظل العمل ر
البرس ريي ذويالعاملي ر متايد من من المهام األبسط بحيث يكون هناك فائض ر
ر
المستويات األدي من القدرة( .نرى هذا يحدث بالفعل .هناك العديد من
األشخاص الذين يجدون صعوبة أو استحالة الحصول عىل عمل ،ألسباب ذهنية
أو نفسية ال يمكنهم اكتساب مستوى التدريب الالزم لجعل أنفسهم مفيدين يف
متايدةالنظام الحاىل) .أما عىل أولئك الذين يعملون بالفعل ،سيتم وضع مطالب ر
ي
باستمرار :سوف يحتاجون إىل المزيد والمزيد من التدريب ،المزيد والمزيد من
أكت موثوقية ،توافقية ،وسهولة يف االنقياد، القدرات ،وسيتعي عليهم أن يكونوا ر
ر
78
ح عمالق .ستصبح مهامهم تخصصية ر ر
ألنهم سيكونون أكت فأكت مثل خاليا كائن ي
كتهم ر متايد ،بحيث يكون عملهم ،إىل حد ما ،بعيدا عن العالم ال ر بشكل ر
حقيق ،بت ر
ي
سيتعي عىل النظام استخدام أي وسيلة ر عىل ررسيحة ضئيلة واحدة من الواقع.
ّ
طيعي ،أن يمتلكوا ر تمكنه ،سواء كانت نفسية أو حيوية ،من هندسة الناس ليكونوا
السلطة يف بعض الئ يتطلبها النظام و أن "ينقلوا" دافعهم للحصول عىل ُ ر
القدرات ي
المهام التخصصية .لكن القول بأن الناس يف مثل هذا المجتمع يجب أن يكونوا
طيعي قد تتطلب مؤهالت .قد يجد المجتمع القدرة التنافسية مفيدة ،ررسيطة أن ر
يتم إيجاد طرق لتوجيه القدرة التنافسية إىل قنوات تخدم احتياجات النظام .يمكننا
أن نتخيل مجتمعا مستقبليا توجد فيه منافسة النهائية عىل مناصب الوجاهة
والسلطة .لكن لن يصل سوى عدد قليل جدا من األشخاص إىل القمة ،حيث تكمن ُ
ّ
القوة الحقيقية الوحيدة (انظر نهاية الفقرة .)163إنه لمجتمع ُمنفر للغاية ذلك
كبتة
السلطة فقط عن طريق إبعاد أعداد ر الذي يمكن فيه للفرد أن يلئ حاجته إىل ُ
ري
ُ
من الناس عن الطريق وحرمانهم من فرصتهم يف السلطة.
أكت من جانب واحد من .176بإمكان المرء تصور مجرى لألحداث يتضمن ر
الئ ناقشناها للتو .عىل سبيل المثال ،قد تتوىل اآلالت معظم العمل ر
االحتماالت ي
مشغولي من خالل ر الذي له أهمية حقيقية وعملية ،ولكن سيتم إبقاء ر
البرس
ر ً
الكبت
غت مهم نسبيا لقد تم اقتاح ،عىل سبيل المثال ،أن التطور ر . إعطائهم عمًل ر
سيمض الناس وقتهم يف تلميع للبرس .وهكذا ف صناعة الخدمات قد يوفر العمل ر
ي ي
أحذية بعضهم البعض ،يقودون بعضهم البعض يف سيارات األجرة ،يصنعون
الحرف اليدوية لبعضهم البعض ،يخدمون عىل طاوالت بعضهم البعض ،وما إىل
البرسي ،ونشك يف أن ذلك .تبدو لنا هذا كطريقة بغيضة جدا لينته إليها الجنس ر
ي
العديد من الناس سيجدون حياة ُمرضية يف مثل هذا "اإلشغال" الذي ال طائل من
خطتة (المخدرات ،الجريمة ،الطوائف، ر ورائه .سوف يبحثون عن منافذ أخرى
للتكيف مع ُّ مجموعات الكراهية) ما لم يكونوا قد تم تصميمهم حيويا أو نفسيا
أسلوب الحياة هذا.
79
غئ عن القول أن مجرى األحداث المبينة أعاله ال يستنفذ كل االحتماالت .إنه .177ي
أكت ترجيحا .لكن ال يمكننا تصور أي الئ تبدو لنا ر ر
يشت فقط إىل أنواع النتائج ًي ر
الئ وصفناها للتو .من المحتمل بشكل ر ر
معقولة تكون أكت قبوال من تلك ي ٍ أحداث
ٍ
الصناع خالل 40إىل 100عام القادمة ،فسيكون ي التقئ
ي كبت أنه إذا استمر النظام ر
قد طور يف ذلك الوقت خصائص عامة معينة :األفراد (عىل األقل أولئك من الطبقة
وبالتاىل لديهم كل
ي "الوسىط" ،الذين تم دمجهم يف النظام ويمكنونه من اآلداء،
ً السلطة) سيكونون ر ُ
الكبتة؛
ر المنظمات عىل مض وقت أي من اعتمادية أكت
ً سيكونون ر
أكت "اجتماعية" من أي وقت مض وستكون صفاتهم الجسدية والعقلية
ً ر
الئ تم تصميمها لهم بدال من أن تكون ه تلك ي كبت جدا) ي كبت (ربما إىل حد ر إىل حد ر
يتبق من الطبيعة ّ
التية نتيجة للصدفة (أو بإرادة هللا ،أو أي رشء آخر)؛ وكل ما قد ر
ر ي
ر ُ
سوف يتحول إىل بقايا محفوظة للدراسة العلمية ويحتفظ بها تحت إرساف العلماء
برية بالفعل) .عىل المدى الطويل (قل بضعة قرون من وإدارتهم (ومن ثم لن تكون ّ
البرسي وال أي كائنات أخرى مهمة كما نعرفهم اآلن) ،من المحتمل أال يوجد جنس ر
اليوم ،ألنه بمجرد أن تبدأ يف تعديل الكائنات الحية من خالل الهندسة الوراثية ،ال
يوجد سبب للتوقف عند أي نقطة معينة ،بحيث ستستمر التعديالت عىل األرجح
تغيت اإلنسان والكائنات الحية األخرى تماما. حئ يتم ر ر
للبرس بيئة مادية واجتماعية .178مهما يكن األمر ،فمن المؤكد أن التقنية تخلق ر
الطبيع الجنس كيف معها االنتقاء الئ َّ ر
ي جديدة تختلف جذريا عن طيف البيئات ي
البرسي جسديا ونفسيا .إذا لم يتم تكييف اإلنسان مع هذه البيئة الجديدة من ر
صناع ،فسوف يتكيف معها من خالل عملية انتقاء ي خالل إعادة تصميمه بشكل
ر
األخت.
ر بكثت منطبيعية طويلة ومؤلمة .األول أكت احتماال ر
الع ِفن بأكمله وتحمل العواقب. .179من األفضل التخلص من النظام َ
80
التخطيط بعيد المدى
الكثت
ر .180يأخذنا محبو التقنية جميعا يف رحلة متهورة تماما نحو المجهول .يفهم
التقئ بنا ،لكنهم يتخذون موقفا سلبيا تجاهه من الناس شيئا ّ
عما يفعله التقدم
ي
حتىم .نعتقد أنه ي ألنهم يعتقدون بأنه أمر ال مفر منه .لكننا ) (FCال نعتقد أنه أمر
الرسوع يف إيقافه. يمكن إيقافه ،وسنقدم هنا بعض اإليماءات حول كيفية ر
ئيسيتي يف الوقت الحاض هما تعزيز ر المهمتي الر
ر .181كما ذكرنا يف الفقرة ،166فإن
ونرس عقيدة الضغط االجتماع وعدم االستقرار ف المجتمع الصناع وتطوير ر
ي ي ي
ر ُ
الصناع .عندما يصبح النظام مرهقا ومتعزعا بدرجة معارضة للتقنية والنظام
ي
كافية ،سيكون حدوث ثورة ضد التقنية ممكنا .سيكون النمط مشابها لنمط
الروش ،لعدة ي الفرنس والمجتمع ي الثور رتي الفرنسية والروسية .أظهر المجتمع
متايدة من التوتر والضعف .يف غضون ذلك، عقود قبل ثورات كل منهما ،عالمات ر
تم تطوير العقائد ال ر يئ قدمت وجهة نظر جديدة للعالم مختلفة تماما عن النظرة
القديمة .يف الحالة الروسية ،كان الثوار يعملون بنشاط لتقويض النظام القديم.
كاف (بسبب األزمة إضاف ٍ
ي عندها ،عندما تم وضع النظام القديم تحت ضغط
ر ر
شء المالية يف فرنسا ،الهزيمة العسكرية يف روسيا) جرفته الثورة .ما نقتحه هو ي
عىل نفس المنوال.
فاشلتي .لكن معظم ر الموضوع القول بأن الثور رتي الفرنسية والروسية كانتا ي .182من
تدمت الشكل القديم للمجتمع واآلخر هو إقامة الشكل الثورات لها هدفان .أحدهما ر
الجديد للمجتمع الذي تصوره الثوار .لقد فشل الثوار الفرنسيون والروس (لحسن
الحظ!) يف خلق النوع الجديد من المجتمع الذي حلموا به ،لكنهم نجحوا تماما يف
ومثاىل
ي تدمت المجتمع القديم .ليس لدينا أوهام حول إمكانية إنشاء شكل جديد ر
الحاىل للمجتمع.
ي تدمت الشكل للمجتمع .هدفنا فقط هو ر
حماش ألي عقيدة ،يجب أن يكون لها مثال ي .183لكن من أجل الحصول عىل دعم
شء .المثال ر ر
اإليجاي الذي
ري لسء وكذلك ضد ي وسلئ .يجب أن تكون ي ري إيجاي
ري
التية :تلك الجوانب من عمل األرض وكائناتها ّ ر
نقتحه هو الطبيعة .إنها الطبيعة ر
البرسي .ومع البرسية والخالية من التدخل والتحكم ر الحية المستقلة عن اإلدارة ر
81
نعئ بها جوانب عمل الفرد البرسية ،ر التية ،فإننا ندرج الطبيعة ر الطبيعة ّ
والئ ي
ي ر
الئ ال تخضع للتنظيم من قبل المجتمع المنظم ولكنها نتاج الصدفة ،أو ر ر
البرسي ي
اإلرادة الحرة ،أو هللا (اعتمادا عىل دينك أو آرائك).
ر
ه خارج .184تعمل الطبيعة كمثال مضاد تماما للتقنية ألسباب عدة .الطبيعة ( ي
والئ ي
الئ تسع إىل توسيع ُسلطة النظام إىل األبد). ر
ه عكس التقنية ( ي سلطة النظام) ي
ُ
يتفق معظم الناس عىل أن الطبيعة جميلة؛ بالتأكيد لديها جاذبية شعبية هائلة .إن
دعاة حماية البيئة المتشددين لديهم بالفعل عقيدة تمجد الطبيعة وتعارض
التقنية .ليس من الصوري من أجل الطبيعة إقامة عالم ي
[]30
خياىل أو أي نوع
ي مثاىل
تعتئ بنفسها :لقد كانت خليقة تلقائية ي جديد من النظم االجتماعية .الطبيعة
برسي بوقت طويل ،ولقرون ال حص لها ،تعايشت أنواع ُوجدت قبل أي مجتمع ر
كبتا من الصر. البرسية مع الطبيعة دون أن تفعل بها قدرا ر مختلفة من المجتمعات ر
البرسي عىل الطبيعة مدمرا حقا. تأثت المجتمع ر فقط مع الثورة الصناعية أصبح ر
لتخفيف الضغط عىل الطبيعة ،ليس من الصوري إنشاء نوع خاص من النظام
الصناع .صحيح أن هذا لن ي االجتماع ،من الصوري فقط التخلص من المجتمع ي
الصناع بالفعل يف إلحاق أضار جسيمة ي يحل كل المشاكل .لقد تسبب المجتمع
ً
طويال ر
حئ تلتئم الندوب .إىل جانب ذلك ،يمكن بالطبيعة وسيستغرق األمر وقتا
كبتة بالطبيعة .ومع ذلك، حئ لمجتمعات ما قبل الثورة الصناعية أن تلحق أضارا ر ر
الكثت .سوف يخفف أسوأ الضغوط ر الصناع سيحقق
ي فإن التخلص من المجتمع
حئ تبدأ الندوب يف االلتئام .س رتيل قدرة المجتمع المنظم عىل عىل الطبيعة ر
البرسية) .أيا كان نوع االستمرار ف زيادة سيطرته عىل الطبيعة (بما ف ذلك الطبيعة ر
ي ي
الصناع ،فمن المؤكد أن معظم الناس ي المجتمع الذي قد يوجد بعد زوال النظام
سيعيشون بالقرب من الطبيعة ،ألنه يف غياب التقنية المتقدمة ال توجد طريقة
فالحي أو رعاة
ر أخرى يمكن للناس أن يعيشوا بها .إلطعام أنفسهم يجب أن يكونوا
المحىل سوف تزداد، ذايأو صيادين وما إىل ذلك ،وبصفة عامة ،فأنظمة الحكم ال ر
ي ي
ألن النقص يف التقنية المتقدمة واالتصاالت الرسيعة سوف يحد من قدرة
الكبتة األخرى من السيطرة عىل المجتمعات المحلية. الحكومات أو المنظمات ر
82
الصناع — حسنا ،ال يمكنك ي .185بالنسبة للعواقب السلبية للقضاء عىل المجتمع
ر
شء عليك التضحية بآخر. تناول كعكتك والحفاظ عليها أيضا .لكسب ي
تفكتالنفس .لهذا السبب يتجنبون القيام بأي ر ي .186معظم الناس يكرهون الصاع
جاد حول القضايا االجتماعية الصعبة ،ويحبون أن تعرض عليهم مثل هذه القضايا
شء .لذلك يجب ُ َّ
بمصطلحات مبسطة ،باألبيض واألسود :هذا كله جيد وذاك كله ي
مستويي.
ر تطوير العقيدة الثورية عىل
األكت تعقيدا ،يجب أن تقدم العقيدة نفسها ألشخاص أذكياء، ر .187عىل المستوى
وعقالنيي .يجب أن يكون الهدف هو خلق نواة من األشخاص الذين ر واعي ر
عقالي ومدروس ،مع تقدير كامل للمشاكل ي الصناع عىل أساس
ي سيعارضون النظام
والغموض الذي ينطوي عليه ،والثمن الذي يجب دفعه للتخلص من النظام .من
األهمية بمكان جذب أشخاص من هذا النوع ،ألنهم أشخاص قادرون وسيكونون
عقالي
ي التأثت عىل اآلخرين .يجب مخاطبة هؤالء األشخاص عىل مستوى فعالي يف ر
ر
المبالغة .هذا قدر اإلمكان .ال ينبع أبدا تشويه الحقائق عمدا ويجب تجنب اللغة ُ
ي
يعئ أنه ال يمكن استدعاء المشاعر ،ولكن عند إجراء هكذا استدعاء ،يجب ال ي
تدمت شء آخر من شأنه ر
ر توح الحذر لتجنب تحريف الحقيقة أو القيام بأي ي ي
االحتام الفكري للعقيدة. ر
ّ .188عىل المستوى الثاي ،ينبع ر
نرس العقيدة يف شكل مبسط من شأنه أن يمكن ي ي
المفكرة من رؤية تضارب التقنية يف مقابل الطبيعة بعبارات ال لبس غت ُاألغلبية ر
التعبت عن العقيدة بلغة ر الثاي ،يجب أال يتم حئ يف هذا المستوى فيها .ولكن ر
ُ ّ ي
غت عقالنية لدرجة أنها تنفر الناس من النوع المفكر رخيصة جدا أو مبالغة أو ر
قصتة ر والعقالي .يف بعض األحيان ،تحقق الدعاية الرخيصة والمبالغة مكاسب ي
ر
مثتة لإلعجاب ،لكن سيكون من األكت فائدة عىل المدى الطويل الحفاظ المدى ر
غت ر
مي ِعوضا عن إثارة مشاعر ر عىل والء عدد قليل من الناس األذكياء الملت ر
سيغتون موقفهم يف أقرب وقت يأ ر يي ر متقلئ المزاج من الغوغاء الذين ري المفكرين
فيه شخص مع حيلة دعائية أفضل.
83
الئ تثت الغوغائية ضورية عندما ر
يقتب ومع ذلك ،قد تكون الدعاية من النوع ر ي ر
نهاي ربي العقائد المتنافسة لتحديد النظام من نقطة االنهيار ويكون هناك ضاع ي
أيها سيصبح مهيمنا عندما تنهار النظرة القديمة إىل العالم.
النهاي ،يجب عىل الثوار أال يتوقعوا وجود األغلبية يف صفهم. ي .189قبل ذلك النضال
ر
الئ نادرا ما لديها
التاري ــخ يصنعه أقليات نشطة ومصممة ،وليس من ِقبل األغلبية ،ي
النهاي نحو يحي الوقت للدفع عما تريده حقا .وإىل أن ر فكرة واضحة ومتسقة ّ
ي
الثورة [ ،]31فإن مهمة الثوار ستكون أقل ف كسب التأييد الضحل لألغلبية ر
وأكت يف ي
فيكق توعيتهم بوجود األغلبية أما .بشدة مي ر
الملت صغتة من الناس بناء نواة
ي ر ر
وتذكتهم بها باستمرار .عىل الرغم من أنه سيكون من المرغوب ر العقيدة الجديدة
فيه بالطبع الحصول عىل دعم األغلبية دون الوصول لدرجة إضعاف النواة الصلبة
ر
مي بجدية. المك ّونة من األشخاص الملت ر ُ
االجتماع سيساعد عىل زعزعة استقرار النظام ،ولكن عىل ي .190أي نوع من الصاع
المرء أن يكون حذرا بشأن نوع الصاع الذي يشجعه .يجب رسم خط التاع ربي
الصناع من ناحية أخرى (السياسيون، ي جماهت الشعب من ناحية ،ونخبة المجتمع ر
العلماء ،رجال األعمال رفيعو المستوى ،المسؤولون الحكوميون ،إىل آخره) .ال ربي
وجماهت الشعب من ناحية أخرى .عىل سبيل المثال ،سيكون من ر الثوار من ناحية
ً .
السئ للثور ريي إدانة األمريك ريي عىل عاداتهم االستهالكية بدال من ذلك، التخطيط ر
األمريك العادي عىل أنه ضحية لصناعة اإلعالن والتسويق، ي يجب تصوير المواطن
الئ ال يحتاجها يف مقابل تعويض ر ر
األمر الذي خدعه ليشتي الكث رت من الخردة ي
النهجي يتفق مع الحقائق .إنها مجرد ر ضعيف للغاية عن حريته المفقودة .كال
مسألة موقف سواء كنت تلوم صناعة اإلعالن عىل التالعب بالجمهور أو تلوم
الجمهور عىل سماحه بالتالعب به .كمسألة تخطيطية ،يجب عىل المرء بشكل عام
تجنب إلقاء اللوم عىل الجمهور.
غت ذلك ربي اجتماع آخر ر
ي ينبع للمرء أن يفكر مليا قبل تشجيع أي ضاع .191ي
ر ُ ر ُ
الئ تمارس التقنية الئ تمسك التقنية) وعامة الناس ( ي النخبة الممتلكة للسلطة ( ي
ُسلطتها عليها) .فمن ناحية ،تميل الصاعات األخرى إىل ضف االنتباه عن
العاديي ،ربي التقنية والطبيعة)؛
ر السلطوية والناس الصاعات المهمة ( ربي النخبة ُ
84
من ناحية أخرى ،قد تميل الصاعات األخرى يف الواقع إىل تشجيع التقنية ،ألن كل
جانب يف مثل هذا الصاع يريد استخدام القوة التقنية للتقدم عىل خصمه .يظهر
هذا بوضوح يف التنافس ربي الدول .كما يظهر يف التاعات العرقية داخل الدول .عىل
السلطة لألفارقةسبيل المثال ،يتوق العديد من القادة السود ف أمريكا إىل اكتساب ُ
ي
ُ
كيي من خالل وضع األفراد السود يف النخبة السلطوية التقنية .إنهم يريدون األمري ر
الحكوميي السود ،العلماء ،المديرين ر المسؤولي
ر أن يكون هناك العديد من
للرسكات وما إىل ذلك .وبــهذه الطريقة يساعدون يف استيعاب الثقافة التنفيذيي ر
ر
التقئ .بشكل عام ،يجب عىل المرء أن يشجع ي الفرعية األفريقية األمريكية يف النظام
الئ يمكن أن تدخل يف إطار ضاعات النخبة ر
فقط تلك الصاعات االجتماعية ي
العاديي ،التقنية مقابل الطبيعة. ر السلطوية مقابل الناس ُ
العرف ال تتم من خالل المناضة المسلحة لحقوق ر .192لكن طريقة تثبيط التاع
ً . ي
األقليات (انظر الفقر رتي 21و )29بدال من ذلك ،يجب عىل الثوار التأكيد عىل
التميت له
ر تعاي من الحرمان إىل حد ما ،إال أن هذا أنه عىل الرغم من أن األقليات ي
وف النضال ضد النظام، ر أهمية هامشية .عدونا
التقئ ،ي
ي الصناع
ي الحقيق هو النظام ي
للتميتات العرقية.
ر ال أهمية
.193إن نوع الثورة الذي يدور يف أذهاننا لن ينطوي بالصورة عىل انتفاضة مسلحة
ضد أي حكومة .قد يتضمن أو ال يتضمن عنفا جسديا ،لكنه لن يكون ثورة سياسية.
كتها عىل التقنية واالقتصاد وليس السياسة. سيكون تر ر
السلطة السياسية ،سواء بوسائل حئ تجنب توىل ُ .194ربما يتوجب عىل الثوار ر
ي
الصناع إىل نقطة الخطر حئ يصل الضغط عىل النظام غت قانونية ،ر قانونية أو ر
ي
لنفتض عىل سبيل المثال أن حزبا "أخص" ويثبت أنه فاشل ف نظر معظم الناس .ر
ي
ما فاز بالسيطرة عىل مجلس شيوخ الواليات المتحدة يف االنتخابات .من أجل
سيتعي عليهم اتخاذ تداب رت
ر تجنب خيانة عقيدتهم الخاصة أو تخفيف حدتها،
صارمة لتحويل النمو االقتصادي إىل انكماش اقتصادي .بالنسبة للرجل العادي،
ستبدو النتائج كارثية :ستكون هناك بطالة هائلة ،نقص يف السلع ،وما إىل ذلك.
حئ لو أمكن تجنب اآلثار السيئة الجسيمة من خالل اإلدارة الماهرة الفائقة ،فال ر
مدمني لها. الئ أصبحوا ر
ر خىل عن الكماليات ي يتعي عىل الناس البدء يف الت ي يزال ر
85
ُ
سوف ريتايد االستياء ،سيتم التصويت ضد حزب الخص إلبعاده عن المنصب،
وسيعاي الثوار من انتكاسة شديدة .لهذا السبب يجب أال يحاول الثوار اكتساب ي
ُ ُ
السلطة السياسية حئ يوقع النظام نفسه يف مثل هذه الفوض بحيث ينظر إىل ر ُ
الصناع نفسه وليس عن ي أي صعوبات عىل أنها ناتجة عن إخفاقات النظام
سياسات الثوار .من المحتمل أن تكون الثورة ضد التقنية ثورة من ِقبل غرباء (عن
الثوار) ،ثورة من أسفل وليس من أعىل.
.195يجب أن تكون الثورة دولية وعىل مستوى العالم .ال يمكن تنفيذها عىل أساس
قتح عىل الواليات المتحدة ،عىل سبيل المثال ،أن كل دولة عىل حدة .عندما ُي ر
التقئ أو النمو االقتصادي ،يصاب الناس بالهلع ويبدأون يف الصاخ ي تقلل من التقدم
اليابانيي سيتقدمون علينا .يالآلالت المقدسة! ر بأنه إذا تخلفنا يف التقنية ،فإن
أكت مما نبيعه! (القوميةسوف يخرج العالم من مداره إذا باع اليابانيون سيارات ر
النياي واألكت منطقية ،أنه إذا تأخرت الدول ذات الحكم ر *
كبت للتقنية)
ري ه مروج ر ي
الصي وڤيتنام نسبيا يف العالم يف التقنية بينما استمرت الدول الشمولية السيئة مثل ر
وكوريا الشمالية يف التقدم ،فقد يصل الطغاة يف النهاية للسيطرة عىل العالم .لهذا
الصناع يف جميع الدول يف وقت واحد ،إىل الحد ي السبب يجب مهاجمة النظام
تدمت النظامر الذي قد يكون ذلك ممكنا .صحيح ،ليس هناك ما يضمن إمكانية
وحئ أنه من الممكن تصور الصناع ف نفس الوقت تقريبا ف جميع أنحاء العالم ،ر
ً ي ي ي
أن محاولة اإلطاحة بالنظام يمكن أن تؤدي بدال من ذلك إىل هيمنة الطغاة عىل
ه المخاطرة الذي يجب أن تؤخذ .وتستحق أن تؤخذ ،ألن الفرق النظام .هذه ي
صناع
ي صغت مقارنة بالفرق ربي نظامنياي" ونظام يحكمه طغاة ر صناع " ر ي
ي ربي نظام
الصناع الذي يسيطر عليه الطغاة
ي صناع ]33[ .بل قد نجادل بأن النظام ي غتوآخر ر
ً فض ًال ،ألن األنظمة ر ُ ّ
الئ يسيطر عليها الطغاة أثبتت عادة عدم فعاليتها، ي سيكون م
أكت ترجيحا بأن تنهار .انظر إىل كوبا. وبالتاىل ر
ي
86
الئ تميل إىل ر
بعي االعتبار تفضيل اإلجراءات ي .196يجب عىل الثور ريي أن يأخذوا ر
وحد .من المحتمل أن تكون اتفاقيات التجارة الحرة ربط االقتصاد العالىم بشكل ُم َّ
ي
القصت ،لكنها ربما تكون ر مثل الـ NAFTAوالـ GATTضارة بالبيئة عىل المدى
مفيدة عىل المدى الطويل ألنها تعزز االعتمادية االقتصادية ربي الدول .سيكون من
تدمت النظام الصناع عىل أساس عالىم إذا كان االقتصاد العالىم ُم َّ
وحدا ي ي ي األسهل ر
لدرجة أن انهياره يف أي دولة رئيسية واحدة سيؤدي إىل انهياره يف جميع الدول
الصناعية.
والكثت من السيطرة عىل ر السلطةالكثت من ُ .197يعتقد البعض أن لإلنسان الحديث ر
البرسي .يف أحسن أكت سلبية من جانب الجنس ر الطبيعة؛ يجادلون لموقف ر
غت واضح ،ألنهم يفشلون يف األحوالُ ،ي ّ
عت هؤالء األشخاص عن أنفسهم بشكل ر ر
الصغتة .من ر الكبتة وسلطة األفراد والمجموعات ُ ر ُ
التميت ربي سلطة المنظمات ر
السلطة .اإلنسان الحديث الخطأ المجادلة بالعجز والسلبية ،ألن الناس بحاجة إىل ُ
لصناع — لديه ُسلطة هائلة عىل الطبيعة ،ونحن ي جماع — أي النظام ا ي ككيان
الصغتة من األفراد لديهم ر الحديثي والمجموعات ر نعتت ذلك ررسا .لكن األفراد ) (FCر
البداي عىل اإلطالق .بشكل عام، ي بكثت مما كان يتمتع به اإلنسان ُسلطة أقل ر
السلطة الهائلة "لإلنسان الحديث" عىل الطبيعة ال يمارسها األفراد أو المجموعات ُ
الكبتة .إىل الحد الذي عندما يمارس الفرد الحديث ر الصغتة ولكن المنظمات ر
العادي ُسلطة التقنية ،فأنه ُيسمح له بالقيام بذلك فقط ضمن حدود ضيقة وفقط
التخيص تحت رإرساف وسيطرة النظام( .أنت بحاجة إىل ترخيص لكل رشء ومع ر
ي
الئ يختار النظام ر التقنية السلطات تلك فقط فرد ال يمتلك .) والقواني اللوائح تأي ر
ي ر ي
تزويده بها .سلطته الشخصية عىل الطبيعة ضئيلة.
كبتة عىل الطبيعة؛ أو ربما البدائيي ُسلطة ر
ر الصغتةر .198كان لألفراد والمجموعات
البداي إىل اإلنسان احتاج عندما .الطبيعة ف لطة سيكون من األفضل أن نقول ُ
ي ي
الطعام ،كان يعرف كيفية العثور عىل جذور صالحة لألكل وإعدادها ،وكيفية تتبع
التودة يحىم نفسه من ر ي الطريدة وصيدها بأسلحة محلية الصنع .كان يعرف كيف
الشديدة ،المطر ،الحيوانات الخطرة ،وما إىل ذلك.
87
ّ
الجمعية لكن اإلنسان البداي تسبب ف ضر ضئيل نسبيا للطبيعة ألن ُ
السلطة ي ي
الصناع. ّ ُ
اي كانت ضئيلة مقارنة بالسلطة الجمعية للمجتمع
ي للمجتمع البد ي
ينبع كرسينبع للمرء أن يجادل بأنه ي .199عوضا من الجدل ألجل العجز والسلبية ،ي
كبت من ُسلطة وحرية األفراد ستيد بشكل ر الصناع ،وأن هذا ر ي ُسلطة النظام
الصغتة.
ر والمجموعات
الصناع تماما ،يجب أن يكون الهدف الوحيد للثوار هو ي لحي تحطيم النظام .200ر
ئيس. تدمت هذا النظام .األهداف األخرى تصف االنتباه والطاقة عن الهدف الر ي ر
غتواألهم من ذلك أنه إذا سمح الثوار ألنفسهم بأن يكون لديهم أي هدف آخر ر
تدمت التقنية ،فسيغريــهم استخدام التقنية كأداة للوصول إىل هذا الهدف اآلخر .إذا ر
ه استسلموا لهذا اإلغراء ،فسيعودون ر
التقئ ،ألن التقنية الحديثة ي
ي مبارسة إىل الفخ
ومنظم بإحكام ،لذلك ،من أجل االحتفاظ ببعض التقنية ،يجد المرء وحد ُ نظام ُم َّ
ينته األمر بالتضحية بكميات ي نفسه مضطرا لالحتفاظ بمعظم التقنيات ،ومن ثم
رمزية فقط من التقنية.
لنفتض عىل سبيل المثال أن الثوار اتخذوا "العدالة االجتماعية" كهدف .وبما .201ر
تلقاي؛ ه عليه ،فلن تتحقق العدالة االجتماعية بشكل ر
ي أن الطبيعة البرسية كما ي
يجب أن يتم فرضها .من أجل فرضها ،يجب عىل الثوار االحتفاظ بالتنظيم
كزيي .لذلك سيحتاجون إىل نقل رسي ــع واتصاالت عىل مسافات والسيطرة المر ر
وبالتاىل يحتاجون إىل كل التقنية الالزمة لدعم أنظمة النقل واالتصاالت. ي طويلة،
سيتعي عليهم استخدام التقنية الزراعية والتصنيعية. ر إلطعام الفقراء وكسوتهم،
تجتهم محاولة ضمان العدالة االجتماعية عىل االحتفاظ وهكذا دواليك .بحيث ر
ر
شء ضد العدالة االجتماعية، يعئ ذلك أن لدينا أي ي التقئ .ال ي ي بمعظم أجزاء النظام
التقئ. النظام من التخلص جهود ف بالتدخل لها سمح ولكن يجب أال ُ
ي
ي ي
.202سيكون أمرا ميؤوسا منه أن يحاول الثوار مهاجمة النظام دون استخدام بعض
ر
شء آخر ،فيجب عليهم استخدام وسائط التقنيات الحديثة .إذا لم يكن هناك ي
لنرس رسالتهم .لكن يجب عليهم استخدام التقنية الحديثة لغرض واحد االتصال ر
التقئ.
ي فقط :مهاجمة النظام
88
لنفتض أنه بدأ يقول لنفسه" ،النبيذ .203تخيل مدمن كحول يقبع أمامه برميل نبيذ .ر
الصغتة من النبيذ
ر ليس سيئا إذا تم استخدامه باعتدال .لماذا ،يقولون إن الكميات
صغتا واحدا فقط "....حسنا، مرسوبا ر مفيدة لك! لن يسبب ىل أي ضر إذا تناولت ر
ي
ر
أنت تعرف ما الذي سيحدث .ال تنس أبدا أن الجنس البرسي مع التقنية يشبه
مدمن الكحول مع برميل من النبيذ.
علىم قوي عىل أكت عدد ممكن من األطفال .هناك دليل ي .204يجب أن ينجب الثوار ر
االجتماع الموقف أن ح أن المواقف االجتماعية موروثة إىل حد كبت .ال أحد ر
يقت
ي ر
اي للشخص ،ولكن يبدو أن سمات الشخصية مبارسة للتكوين الور ر
ر هو نتيجة
ي
موروثة جزئيا وأن سمات شخصية معينة تميل ،يف سياق مجتمعنا ،إىل جعل
الشخص ر
أثتت االجتماع أو ذاك .وقد ر ي الموقف بهذا لالحتفاظ عرضة أكت
االعتاضات واهنة ويبدو أنها ذات دوافع ر اعتاضات عىل هذه االستنتاجات ،لكن ر
تبئ عقائدية .عىل أي حال ،ال أحد ينكر أن األطفال يميلون يف المتوسط إىل ي
كثتا ما مواقف اجتماعية مماثلة لتلك الخاصة بوالديهم .من وجهة نظرنا ،ال يهم ر
إذا كانت المواقف قد تم نقلها وراثيا أو من خالل التنشئة يف الطفولة .يف كلتا
الحالتي يتم نقلها.
ر
التمرد عىل النظامّ ه أن العديد من األشخاص الذين يميلون إىل .205المشكلة ي
أكت قابليةالصناع قلقون أيضا بشأن مشاكل التضخم السكاي ،ومن ثم فهم ر
ي ي
إلنجاب القليل من األطفال أو عدم إنجابهم .وبــهذه الطريقة ،قد يسلمون العالم
الصناع.
ي إىل هذا النوع من األشخاص الذين يدعمون أو عىل األقل يقبلون النظام
الحاىل إعادة إنتاج نفسهي لضمان قوة الجيل القادم من الثوار ،يجب عىل الجيل
السكاي بشكلي ستيدون من سوء مشكلة التضخم بوفرة .وبفعلهم هذا فإنهم ر
الصناع ،ألنه بمجرد زوال ي ه التخلص من النظام طفيف .والمشكلة المهمة ي
الصناع سينخفض عدد سكان العالم بالصورة (انظر الفقرة )167؛ بينما، ي النظام
الصناع ،فسيستمر يف تطوير تقنيات جديدة إلنتاج الغذاء قد ي إذا استمر النظام
تمكن سكان العالم من االستمرار يف الزيادة إىل ما ال نهاية تقريبا.
89
نص عليها بشكل مطلق الئ ّ ر
.206فيما يتعلق بالتخطيط الثوري ،فإن النقاط الوحيدة ي
األساش الوحيد يجب أن يكون القضاء عىل التقنية الحديثة ،وأنه
ي ه أن الهدف ي
ال يمكن السماح ألي هدف آخر بمنافسة هذا الهدف .بالنسبة للبقية ،يجب عىل
تشت إىل أن بعض التوصيات الواردة يفتجريئ .إذا كانت التجربة ر
ري الثوار اتباع نهج
عندئذ تجاهل تلك التوصيات.
ٍ تعىط نتائج جيدة ،فيجب
ي الفقرات السابقة لن
90
نوعان من التقنية
91
بكثت بناء بيت ثلج أو الحفاظ عىل الطعام للتتيد؟ سيكون من األسهل ر غاز مناسب ر
عن طريق التجفيف أو التمليح ،كما حدث قبل ر
اختاع الثالجة.
الصناع بشكل كامل ،فسوف تضيع ي .210لذلك من الواضح أنه إذا تم تعطل النظام
ر
السء نفسه عىل التقنيات األخرى المعتمدة عىل التتيد برسعة .وينطبق ي تقنية ر
أكت ،سيستغرق األمر قرونا إلعادة المنظمة .وبمجرد فقدان هذه التقنية لجيل أو ر
بنائها ،تماما كما استغرق بناؤها قرونا ألول مرة .الكتب التقنية الناجية ستكون قليلة
الصناع ،إذا تم بناؤه من الصفر دون مساعدة خارجية ،ال يمكن مجتمع ال .ة ر
ومبعت
ي
بناؤه إال يف سلسلة من المراحل :أنت بحاجة إىل أدوات لصنع أدوات لصنع أدوات
لصنع أدوات لصنع أدوات ...يتطلب األمر عملية طويلة من التنمية االقتصادية
وحئ يف حالة عدم وجود عقيدة معارضة للتقنية، والتقدم ف التنظيم االجتماع .ر
ي ي
ال يوجد سبب لالعتقاد بأن أي شخص سيكون مهتما بإعادة بناء المجتمع
الصناع .الحماس من أجل "التقدم" ظاهرة خاصة بالشكل الحديث للمجتمع، ي
عرس أو ما يقرب من ذلك. ويبدو أنها لم تكن موجودة قبل القرن السابع ر
.211يف أواخر العصور الوسىط ،كانت هناك أربــع حضارات رئيسية كانت بنفس
الصي ،اليابان،
والرسق األقض ( ر "التقدم" تقريبا :أوروبا ،العالم اإلسالم ،الهند ،ر
ي
كوريا) .ظلت ثالث من تلك الحضارات مستقرة إىل حد ما ،وأوروبا فقط أصبحت
أكت حركية .ال أحد يعرف لماذا أصبحت أوروبا حركية يف ذلك الوقت .المؤرخون ر
لديهم نظرياتهم ولكن هذه مجرد تكهنات .عىل أي حال ،من الواضح أن التطور
تقئ للمجتمع ال يحدث إال يف ظل ظروف خاصة .لذلك ال يوجد الرسي ــع نحو شكل ي
تقئ طويل األمد. ر
سبب الفتاض أنه ال يمكن إحداث تراجع ي
صناع يف النهاية؟ ربما ،ولكن
ي تقئ
.212هل سيتطور المجتمع مرة أخرى إىل شكل ي
ال طائل من القلق بشأن ذلك ،حيث ال يمكننا التنبؤ باألحداث أو التحكم فيها بعد
500أو 1000عام يف المستقبل .يجب التعامل مع هذه المشاكل من ِقبل الناس
الذين سيعيشون يف ذلك الوقت.
92
خطر اليسارية
ّ
التمرد واالنتماء إىل حركة ما ،فإن اليسار ريي أو األشخاص .213بسبب حاجتهم إىل
ّ
متمردة أو ناشطة منجذبي إىل حركة
ر غت
النفس غالبا ما يكونون ر من نفس النوع
ي
لم تكن أهدافها وعضويتها يسارية من البداية .يمكن أن يؤدي تدفق تلك األنواع
غت يسارية إىل حركة يسارية ،بحيث تحل اليسارية بسهولة إىل تحويل حركة ر
األهداف اليسارية محل األهداف األصلية للحركة أو تشوهها.
تحتم الطبيعة وتعارض التقنية أن تتخذ الئ ر ر
.214لتجنب ذلك ،يجب عىل الحركة ي
موقفا مناهضا لليسار بشكل حازم وأن تتجنب كل تعاون مع اليسار ريي .تتعارض
التية ،حرية اإلنسان والقضاء عىل التقنية اليسارية عىل المدى الطويل مع الطبيعة ّ
ر
ً
الحديثة .اليسارية جماعية .إنها تسع إىل ربط العالم بأرسه (كال من الطبيعة
ر
يعئ إدارة الطبيعة وحياة اإلنسان والجنس البرسي) معا يف كيان واحد .لكن هذا ي
من خالل منظومة مجتمعية ،ويتطلب ذلك تقنية متقدمة .ال يمكن أن يكون لديك
وحد بدون النقل والتواصل الرسي ــع ،ال يمكنك جعل جميع الناس يحبون عالم ُم َّ
بعضهم البعض بدون تقنيات نفسية متطورة ،ال يمكنك الحصول عىل "مجتمع
ر
شء ،فإن اليسارية مدفوعة مخطط" بدون القاعدة التقنية الالزمة .وفوق كل ي
جماع، السلطة عىل أساس السلطة ،ويسع اليساري للحصول عىل ُ بالحاجة إىل ُ
ي
غت المحتمل أن تتخىل جماهتية أو منظمة .من ر ر التماه مع حركة
ي من خالل
للسلطة الجماعية. قيم للغاية ُاليسارية عن التقنية عىل اإلطالق ،ألن التقنية مصدر ِّ
للسلطة ،لكنه يسع إليها عىل أساس فردي أو يف .215الفوضوي* [ ]34أيضا يسع ُ
الصغتة قادرين عىل التحكم
ر صغتة .يريد أن يكون األفراد والمجموعاتر مجموعة
يف ظروف حياتهم .إنه يعارض التقنية ألنها تجعل المجموعات الصغ رتة تعتمد عىل
الكبتة.
المنظمات ر
* الفوضوي المقصود هنا بمعئ "الالسلطوي" ،وليس بالفوضوي بالمعئ المتعارف عليه حاليا ،والمستخدم كأداة من أدوات
ّ
المتمردة ،كما أشار المؤلف يف الفقرة 213وسيؤكد الحقا يف كثت من الحركات
العنف اليساري بعد أن تغلغلت تلك العقيدة يف ر
الحاشية ،مالحظة رقم 33
93
.216قد يبدو أن بعض اليسار ريي يعارضون التقنية ،لكنهم سيعارضونها فقط طالما
غت يسار ريي .إذا أصبحت التقئ خاضع لسيطرة ري أنهم غرباء (عن النظام) وأن النظام
التقئ أداة يف أيدي
ي ه المهيمنة يف المجتمع ،بحيث أصبح النظام اليسارية ي
اليسار ريي ،فسيستخدمونها بحماس ويعززون نموها .بفعلهم هذا ،سوف يكررون
الماض .عندما كان البالشفة يف روسيا غرباء،
ي نمطا أظهرته اليسارية مرارا وتكرارا يف
صت لألقليات ّ عارضوا بقوة الرقابة ر
والرسطة الرسية ،ودعوا إىل حق تقرير الم ر
أكت ضامة السلطة ،فرضوا رقابة ر العرقية ،وما إىل ذلك؛ لكن بمجرد وصولهم إىل ُ
أكت قساوة من أي من تلك المتواجدة يف عهد القياضة، رسية ر وأنشأوا ررسطة ّ
وقمعوا األقليات العرقية عىل األقل بقدر ما فعل القياضة .يف الواليات المتحدة،
قبل عقدين من الزمن عندما كان اليساريون أقلية يف جامعاتنا ،كان األساتذة
اليساريون من أشد المؤيدين للحرية الجامعية ،لكن اليوم ،يف جامعاتنا حيث أصبح
مهيمني ،أظهروا أنفسهم أنهم عىل استعداد لسلب تلك الحرية من ر اليساريون
السء مع اليسار ريي الجميع( .هذه ه "الصوابية السياسية") .سيحدث نفس ر
ي ي
والتقنية :سوف يستخدمونها لقمع أي شخص آخر إذا ما وضعوها تحت
سيطرتهم.
للسلطة ،وبشكل األكت تعطشا ُر .217يف الثورات السابقة ،كان اليساريون من النوع
ً
غت اليسار ريي ،وكذلك مع اليسار ريي ذوي الميول متكرر ،تعاونوا أوال مع الثوار ر
السلطة بأنفسهم .لقد فعل التحررية ،ثم قاموا فيما بعد بخيانتهم لالستيالء عىل ُ
ذلك روبسبي رت* يف الثورة الفرنسية ،وفعلها البالشفة يف الثورة الروسية ،وفعلها
الشيوعيون ف إسبانيا عام ،1938وفعلها ر
كاستو** وأتباعه يف كوبا .بالنظر إىل ي
غت اليسار ريي
الماض لليسارية ،سيكون من الحماقة تماما أن يتعاون الثوار ر ي التاري ــخ
اليوم مع اليسار ريي.
94
.218أشار مفكرون مختلفون إىل أن اليسارية نوع من الدين .اليسارية ليست ديانة
تفتض وجود أي كائن خارق بالمعئ الدقيق للكلمة ألن العقيدة اليسارية ال ر
كبت للطبيعة .لكن بالنسبة لليساري ،فإن اليسارية تلعب دورا نفسيا يشبه إىل حد ر
الدور الذي يلعبه الدين عند بعض الناس .اليساري بحاجة إىل اإليمان باليسارية.
النفس .ال تتعدل معتقداته بسهولة بالمنطق أو ي إنها تلعب دورا حيويا يف اقتصاده
ً
الحقائق .لديه قناعة عميقة بأن اليسارية صائبة أخالقيا وبشكل قاطع ،وأن لديه
ليس فقط الحق ولكن من واجبه فرض األخالق اليسارية عىل الجميع( .ومع ذلك،
يعتتون أنفسهم نشت إليهم باسم "اليسار ريي" ال ر فإن العديد من األشخاص الذين ر
يسار ريي ولن يصفوا نظام معتقداتهم عىل أنه يساري .نستخدم مصطلح "اليسارية"
الئ تشمل الحركات ر
ألننا ال نعرف أي كلمة أفضل لوصف طيف العقائد ذات الصلة ي
المثليي ،الصوابية السياسية ،وما إىل ذلك ،وألن هذه الحركات لها ر النسوية ،حقوق
عالقة قوية باليسار القديم .انظر الفقرات .)230-227
.219اليسارية قوة شمولية .أينما كانت اليسارية يف موقع قوة فإنها تميل إىل غزو كل
زاوية خاصة وإجبار كل فكرة عىل التشكل يف قالب يساري .يعود ذلك جزئيا إىل
الديئ لليسارية :كل ما يتعارض مع المعتقدات اليسارية يمثل خطيئة. ي الطابع شبه
للسلطة .يسع واألهم من ذلك ،أن اليسار قوة شمولية بسبب دافع اليسار ريي ُ
التماه مع حركة اجتماعية السلطة من خالل اليساري إىل إشباع حاجته إىل ُ
ي
السلطة من خالل المساعدة يف متابعة وتحقيق أهداف ويحاول أن يمر بعملية ُ
تلك الحركة (انظر الفقرة .)83ولكن بغض النظر عن المدى الذي قطعته الحركة
يكتق أبدا ،ألن نشاطه هو نشاط بديل (انظر ي يف تحقيق أهدافها ،فإن اليساري لن
الحقيق لليساري ليس تحقيق األهداف الظاهرية ر الفقرة .)41أي أن الدافع
ي
السلطة الذي يحصل عليه من النضال لليسارية .ف الواقع ،هو مدفوع بإحساس ُ
ي
]35[ .
يكتق
ي تاىل فإن اليساري ال
وبال ي اجتماع
ي من أجل ،ومن ثم ،الوصول إىل هدف
السلطة تقوده دائما إىل الئ حققها بالفعل .إن حاجته إىل عملية ُ ر
أبدا باألهداف ي
السع وراء هدف جديد .اليساري يريد تكافؤ الفرص لألقليات .عندما يتم تحقيق ي
ر
ذلك ،فإنه يص عىل المساواة اإلحصائية ف اإلنجاز من ِقبل األقليات .وطالما َ
بق ي ي
أي شخص يحمل يف زاوية ما من عقله موقفا سلبيا تجاه أقلية ما ،سيتوجب عىل
95
اليساري إعادة تثقيفه .واألقليات العرقية ليست كافية .ال يمكن السماح ألي
البديني ،كبار
ر المعاقي ،األشخاص ر المثليي،
ر شخص بأن يتخذ موقفا سلبيا تجاه
يكق أن يتم إعالم الجمهور ي وغتهم .ال وغتهم ر القبيحي ر
ر السن ،األشخاص
التدخي؛ يجب دمغ تحذير عىل كل علبة سجائر .ثم يجب تقييد إعالنات ر بمخاطر
حئ يتم حظر التبغ ،وبعد ذلك السجائر إذا لم يتم حظرها .لن يرض النشطاء أبدا ر
ي
سيكون الكحول ،ثم الوجبات الرسيعة ،وما إىل ذلك .لقد حارب النشطاء إساءة
معاملة األطفال الجسيمة ،وهو أمر معقول .لكنهم اآلن يريدون وقف كل الصفع.
شء آخر ر ر
صج ،ثم ي ي غت يعتتونه ر شء آخر ر ستغبون يف حظر ي عندما يفعلون ذلك ،ر
حئ يتمتعوا بالسيطرة الكاملة عىل جميع ممارسات تربية ثم آخر .لن يرضوا أبدا ر
األطفال .وبعد ذلك سينتقلون إىل سبب آخر.
الئ كانت خاطئة يف ر ر
.220افتض أنك طلبت من اليسار ريي إعداد قائمة بكل األشياء ي
اجتماع طلبوه .من اآلمن أن نقول إنه تغيت ر
ي المجتمع ،ثم افتض أنك أجريت كل ر
"رسا" اجتماعيا عامي سيجد غالبية اليسار ريي شيئا جديدا يشكون منه ،ر يف غضون ر
جديدا يستوجب التصحيح؛ ألن اليساري ،مرة أخرى ،مدفوع ،ليس بالضيق من
للسلطة من خالل فرض حلوله مشاكل المجتمع ،بل بقدر حاجته إىل إرضاء دافعه ُ
عىل المجتمع.
.221بسبب القيود المفروضة عىل أفكارهم وسلوكهم من المستوى المفرط لتنشئتهم
السع وراء
ي االجتماع
ي االجتماعية ،ال يستطيع العديد من اليسار ريي من النوع فوق
السلطة ليس الئ يفعلها اآلخرون .بالنسبة لهم ،فإن الدافع إىل ُ ر ُ
السلطة بالطريقة ي
له سوى منفذ واحد مقبول أخالقيا ،وهو الصاع لفرض أخالقياتهم عىل الجميع.
االجتماع ،هم مؤمنون حقيقيون بنفس ي .222اليساريون ،وال سيما من النوع فوق
الحقيقيي من
ر الحقيق .لكن ليس كل المؤم رني ر معئ كتاب إيريك هوفر* ،المؤمن
ي
المفتض أن يكون النازي ر النفس كاليسار ريي .عىل سبيل المثال ،من نفس النوع
ي
المؤمن حقا (بنازيته) مختلفا تماما من الناحية النفسية عن اليساري المؤمن حقا
الحقيقيي
ر المؤمني
ر التفاي الفردي لقضية ما .إن ي (بيساريته) ،بسبب قدرتهم عىل
هم عنص مفيد ،وربما ضوري ،ألي حركة ثورية.
الجماهتية
ر أمريك اهتم بنفسية التنظيمات
ي * مفكر
96
نعتف أننا ال نعرف كيف نتعامل معها .لسنا متأكدين هذه تمثل مشكلة يجب أن ر
الحاىل ،كل الحقيق لثورة ضد التقنية .يف الوقت ر تسخت طاقات المؤمن من كيفية
ي ي ر
حقيق يقوم بتجنيد آمن للثورة ما لم يكن ر ما يمكننا قوله هو أنه ال يوجد مؤمن
ُُ ي
ملتما أيضا بمثل عليا أخرى ،فقد يرغب يف التامه حصيا لتدمت التقنية .إذا كان ر ر
ر
ُُ
المثل (انظر الفقر رتي .)201 ،200 للسع وراء تلك
ي استخدام التقنية كأداة
كبت .أعرف جون ه هراء ر .223قد يقول بعض القراء" ،هذه األشياء عن اليسارية ي
وجي من اليسار وليس لديهم كل هذه الميول الشمولية" .من الصحيح تماما أن ر
ر
حئ أغلبية أعدادهم ،هم أشخاص محتمون يؤمنون العديد من اليسار ريي ،وربما ر
معي) وال يرغبون يف استخدام األساليب حقا بالتسامح مع قيم اآلخرين (إىل حد ر
االستبدادية للوصول إىل أهدافهم االجتماعية .مالحظاتنا حول اليسارية ليس
للتطبيق عىل كل فرد يساري ،بل تهدف إىل وصف الطابع العام لليسارية كحركة.
الطابع العام للحركة ال يتحدد بالصورة بالنسب العددية لمختلف أنواع األشخاص
المنخرطي يف الحركة.
ر
السلطة يف الحركات اليسارية يميلون إىل أن .224األشخاص الذين يصلون إىل مراكز ُ
المتعطشي للسلطة ،ألن األشخاص أكت الفئات المتعطشة ُ يكونوا يساريي من ر
ر ر
السلطة .بمجرد أن للسلطة هم أولئك الذين يسعون جاهدين للوصول إىل مراكز ُ ُ
للسلطة عىل الحركة ،سيكون هناك العديد من اليسار ريي المتعطشي ُ
ر تسيطر أنواع
من الساللة األلطف الذين ال يوافقون داخليا عىل العديد من تصفات القادة ،لكن
ال يمكنهم حمل أنفسهم عىل معارضتها .إنهم بحاجة إىل إيمانهم بالحركة ،وألنهم
التخىل عن هذا اإليمان ،فهم يتماشون مع القادة .صحيح أن بعض ي ال يستطيعون
لئ تظهر ،لكنهم اليسار ريي لديهم الشجاعة الكافية لمعارضة االتجاهات الشمولية ا ر
ً ي
أكت قسوة وتحايال للسلطة أفضل تنظيما ،ر يخرسون عموما ،ألن أنواع المتعطشة ُ
وقد حرصوا عىل بناء قاعدة ُسلطوية قوية ألنفسهم.
97
الئ سيطر عليها ر
.225تجلت تلك الظواهر بوضوح يف روسيا والدول األخرى ي
يئ ،نادرا ما انتقد ر اليساريون .وبالمثل ،قبل انهيار
الشيوعية يف االتحاد السوڤ ي ّ
ر
فسيعتفون بأن االتحاد اليساريون يف الغرب ذلك البلد .إذا تم حثهم عىل فعل ذلك
كثتة خاطئة ،لكنهم بعد ذلك سيحاولون إيجاد أعذار يئ فعل أشياء ر ر
السوڤ ي
للشيوعيي والبدء يف الحديث عن أخطاء الغرب .لقد عارضوا دائما المقاومة ر
الشيوع .احتج اليساريون يف جميع أنحاء العالم بقوة ي العسكرية الغربية للعدوان
عىل التدخل العسكري للواليات المتحدة يف ڤيتنام ،لكن عندما غزا االتحاد
يئ أفغانستان لم يفعلوا شيئا .ليس ألنهم وافقوا عىل األفعال السوڤيتية؛ ر
السوڤ ي
لكن بسبب إيمانهم اليساري ،لم يستطيعوا تحمل وضع أنفسهم يف مواجهة
الشيوعية .اليوم ،يف جامعاتنا حيث أصبحت "الصوابية السياسية" مهيمنة ،ربما
يكون هناك العديد من اليسار ريي الذين ال يوافقون بشكل خاص عىل قمع الحرية
الجامعية ،لكنهم يتماشون معها عىل أي حال.
اليساريي هم شخصيا معتدلون ومتسامحون ر .226وهكذا فإن حقيقة أن العديد من
ّ
شمولية. إىل حد ما ال يمنع بأي حال من األحوال اليسارية ككل من أن يكون لها نزعة
غت الواضح ما نعنيه خطتة .ما زال من رر .227نقاشنا عن اليسارية فيه نقطة ضعف
الكثت مما يمكننا فعله حيال ذلك .تنقسم ر بكلمة "يساري" .ال يبدو أن هناك
اليسارية اليوم إىل طيف كامل من الحركات الناشطة .ومع ذلك ،ليست كل الحركات
الناشطة يسارية ،ويبدو أن بعض الحركات الناشطة (عىل سبيل المثال ،المتطرفون
غت اليسارية
البيئيون) تشمل شخصيات من النوع اليساري وشخصيات من األنواع ر
تتالش مجموعةر تماما الذين يجب أن يعرفوا أفضل من أن يتعاونوا مع اليسار ريي.
غت اليسار ريي وغالبا ما نتعرض متنوعة من اليسار ريي تدريجيا إىل أنواع مختلفة من ر
معي يساريا أم ال .يتم تحديد مفهومنا عن لضغوط شديدة لنقرر ما إذا كان فرد ر
الئ قدمناها يف هذه المقالة إىل الحد الذي أمكننا ر
اليسارية من خالل المناقشة ي
تعريفها به عىل اإلطالق ،وال يمكننا إال أن ننصح القارئ باستخدام حكمه يف تقرير
من هو اليساري.
98
المعايت لتشخيص اليسارية .ال يمكن تطبيق ر .228لكن سيكون من المفيد رسد بعض
المعايت دون
ر يستوف بعض األفراد بعض ي المعايت بطريقة قاطعة ونهائية .قد ر هذه
المعايت .مرة أخرى، ر يستوف بعض اليساري ري أيا من ي أن يكونوا يسار ريي ،وقد ال
عليك فقط أن تستخدم حكمك.
موجه نحو الجماعية الواسعة النطاق .يؤكد عىل واجب الفرد يف خدمة .229اليساري َّ
سلئ تجاه الفردانية .غالبا المجتمع وواجب المجتمع يف رعاية الفرد .لديه موقف ر ي
ر
وغتها من ما يتخذ رنتة أخالقية .إنه يميل للحد من األسلحة ،للتبية الجنسية ر
االجتماع ،للدمج اإلجباري، للتخطيط ،ا ي نفس ة""المستنت بوية األساليب ر
الت
ي ر
التماه مع الضحايا .إنه يميل إىل أن يكون ضد ي للتعددية الثقافية .يميل إىل
كثتا ما يجد األعذار لهؤالء اليسار ريي الذين يرتكبون المنافسة وضد العنف ،لكنه ر
العنف .إنه مغرم باستخدام العبارات الجذابة الشائعة لليسار ،مثل "العنصية"،
"اإلمتيالية"،
ر "التميت عىل أساس الجنس""ُ ،رهاب المثلية"" ،الرأسمالية"، ر
االجتماع"" ،العدالة
ي "التغيت
ر "االستعمار الجديد"" ،اإلبادة الجماعية"،
االجتماعية"" ،المسؤولية االجتماعية" .ربما تكون أفضل سمة تشخيصية لليساري
المثليي ،الحقوقر ه ميله إىل التعاطف مع الحركات التالية :النسوية ،حقوق ي
المعاقي ،حقوق الحيوان ،الصوابية السياسية .من شبه المؤكد أن ر العرقية ،حقوق
[36].
أي شخص يتعاطف بشدة مع كل هذه الحركات هو يساري
للسلطة ،غالبا ما يتسمون بالغطرسة األكت تعطشا ُ .230أخطر اليساريي ،وهم أولئك ر
ر
أو بتقديس عقائدي ألفكارهم .ومع ذلك ،فإن أخطر اليسار ريي عىل اإلطالق قد
االجتماع الذين يتجنبون العروض ي يكونون بعض األشخاص من النوع فوق
المزعجة للعدوانية ويمتنعون عن اإلعالن عن يساريتهم ،ولكنهم يعملون بهدوء
"المستنتة" للتنشئة االجتماعية ر وخفاء لتعزيز القيم الجماعية ،التقنيات النفسية
المستتون (كمار لألطفال ،اعتماد الفرد عىل النظام وما إىل ذلك .هؤالء اليساريون
يمكن أن نسميهم) يقاربون أنواعا من الطبقة الوسىط معينة فيما يتعلق باألفعال
ر ّ
الطبق العملية ،لكنهم يختلفون عنهم يف النفسية ،العقيدة والدوافع .يحاول
ي
الوسىط العادي إخضاع الناس إىل سيطرة النظام من أجل حماية أسلوب حياته، ّ
ي
ر
أو يفعل ذلك لمجرد أن مواقفه تقليدية .يحاول اليساري المستت أن يضع الناس
99
ر
المستت حقيق بعقيدة جماعية .يختلف اليساري ر تحت سيطرة النظام ألنه مؤمن
ّ ي
االجتماع من خالل حقيقة أن نزعته التمردية
ي عن اليساري العادي من النوع فوق
ّ
الوسىط العادي من ر ّ
الطبق أكت إحكاما .إنه يختلف عن أضعف وأن اجتماعيته ر
ي ي
خالل حقيقة أن هناك بعض النقص العميق داخله مما يجعل من الصوري له أن
ر
المستت جيدا) يكرس نفسه لقضية ويغمر نفسه يف الجماعية .وربما يكون دافعه ( ّ
ّ
الوسىط العادي. ر ّ
الطبق للسلطة أقوى من دافعُ
ي ي
100
مالحظة ختامية
101
مالحظات
والمنافسي الذين
ر حئ جميع ،المتنمرين ]( [1الفقرة )19نحن نؤكد أن معظم ،أو ر
ال يرحمون يعانون من الشعور بالنقص.
]( [2الفقرة )25خالل رفتة العص الڤيكتوري عاي العديد من األشخاص النوع
خطتة نتيجة لقمع أو محاولة قمع مشاعرهم ر االجتماع من مشاكل نفسية
ي فوق
ُ
الجنسية .يبدو أن فرويد* بئ نظرياته عىل أشخاص من هذا النوع .اليوم تحول
كت التنشئة االجتماعية من الجنس إىل العدوان. تر ر
المتخصصي يف الهندسة أو العلوم
ر ]( [3الفقرة )27ال يشمل بالصورة
"التطبيقية".
]( [4الفقرة )28هناك العديد من أفراد الطبقة الوسىط والعليا الذين يقاومون
عادة ما تكون مقاومتهم ّ ً
رسية .تظهر هذه المقاومة يف بعض هذه القيم ،ولكن
ئيس للدعاية يف مجتمعنا هو وسائل اإلعالم عىل نطاق محدود للغاية .الدافع الر ي
التعبت،
ر ئيس وراء تحول هذه القيم ،إذا جازلصالح القيم المعلنة .إن السبب الر ي
الصناع .يتم تثبيط العنف ألنه
ي ه أنها مفيدة للنظام إىل القيم الرسمية لمجتمعنا ي
يعطل عمل النظام .يتم تثبيط العنصية ألن التاعات العرقية تعطل أيضا النظام
والتميت يهدر مواهب أعضاء مجموعات األقليات الذين يمكن أن يكونوا مفيدين ر
للنظام .يجب "معالجة" الفقر ألن الطبقة الدنيا تسبب مشاكل للنظام واالحتكاك
بالطبقة الدنيا يقلل من معنويات الطبقات األخرى .يتم تشجيع النساء عىل
الحصول عىل وظائف ألن مواهبهن مفيدة للنظام ،واألهم من ذلك ،ألنه من خالل
وجود وظائف منتظمة لهن ،تصبح النساء ر
أكت اندماجا يف النظام ويرتبطن به بشكل
بدال من أرسهن .هذا يساعد عىل إضعاف التضامن األرسي. ً ر
مبارس
102
(يقول قادة النظام أنهم يريدون تقوية األرسة ،لكن ما يقصدونه حقا هو أنهم يريدون
أن تكون األرسة بمثابة أداة فعالة للتنشئة االجتماعية لألطفال وفقا الحتياجات
الفقرتي 51و 52أن النظام ال يستطيع تحمل السماح ر النظام .نحن نجادل يف
الصغتة األخرى بأن تكون قوية أو مستقلة).
ر لألرسة أو المجموعات االجتماعية
]( [5الفقرة )42يمكن القول إن غالبية الناس ال يريدون اتخاذ قراراتهم بأنفسهم
ولكنهم يريدون من القادة أن يفكروا نيابة عنهم .هناك درجة من الحقيقة يف هذا.
الصغتة ،لكن اتخاذ القرارات بشأن
ر يحب الناس اتخاذ قراراتهم الخاصة يف األمور
نفس ،ومعظم الناس يكرهون ي األسئلة األساسية الصعبة يتطلب مواجهة ضاع
النفس .ومن ثم يميلون إىل االعتماد عىل اآلخرين يف اتخاذ قرارات صعبة.
ي الصاع
ُ
لكن ال ريتتب عىل ذلك أنهم يحبون أن تفرض عليهم قرارات دون أن تتاح لهم أي
للتأثت عىل تلك القرارات .غالبية الناس هم أتباع بالفطرة ،وليسوا قادة،ر فرصة
ر
المبارس إىل قادتهم ،يريدون أن يكونوا قادرين الشخض لكنهم يرغبون يف الوصول
ي
التأثت عىل القادة والمشاركة إىل حد ما يف اتخاذ القرارات الصعبة .عىل األقل
ر عىل
إىل هذه الدرجة يحتاجون إىل االستقاللية.
الئ تظهر عىل الحيوانات ر
]( [6الفقرة )44بعض األعراض المذكورة مشابهة لتلك ي
المحبوسة .رلرسح كيفية ظهور هذه األعراض من الحرمان فيما يتعلق بعملية
الئر ر
المنطق للطبيعة ر ُ
السلطة :الفهم
يخت المرء أن االفتقار إىل األهداف ي
البرسية ر ي
يتطلب تحقيقها جهدا يؤدي إىل الملل وأن ذلك الملل ،المستمر ر
لفتة طويلة ،غالبا
ما يؤدي يف النهاية إىل االكتئاب .يؤدي الفشل يف تحقيق األهداف إىل اإلحباط
وتقليل الثقة بالنفس .يؤدي اإلحباط إىل الغضب ،والغضب إىل العدوانية ،غالبا
لفتة طويلة عىل شكل إساءة معاملة الزوج أو الطفل .لقد ثبت أن اإلحباط المستمر ر
يؤدي عادة إىل االكتئاب وأن االكتئاب يميل إىل التسبب يف الشعور بالذنب،
اضطرابات النوم ،اضطرابات األكل والمشاعر السيئة تجاه الذات .أولئك الذين
كتياق؛ ومن هنا نهم اللذة والجنس يميلون إىل االكتئاب يبحثون عن المتعة ر
المفرط ،مع االنحرافات الجنسية كوسيلة للحصول عىل نشوات جديدة.
يميل الملل أيضا إىل التسبب يف البحث عن المتعة بشكل مفرط ،نظرا لعدم وجود
أهداف أخرى ،غالبا ما يستخدم الناس المتعة كهدف .ما سبق هو تبسيط .الواقع
103
السلطة ليس السبب الوحيد أكت تعقيدا ،وبالطبع الحرمان فيما يتعلق بعملية ُ ر
نعئ بالصورة اكتئابا لألعراض الموصوفة .بالمناسبة ،عندما نذكر االكتئاب فإننا ال ي
كثت من األحيان أشكال نفس .يف ر ي شديدا بدرجة كافية ليتم معالجته من ِقبل طبيب
نعئ بالصورة خفيفة من االكتئاب تحدث .وعندما نتحدث عن األهداف فإننا ال ي
أهدافا طويلة المدى ومدروسة جيدا .بالنسبة للعديد من األشخاص أو لمعظمهم
المبارس (مجرد تزويد المرء لنفسه وأرسته ر البرسية ،أهداف الوجود عت تاري ــخ ر ر
اليوم) كانت كافية تماما.
ي بقوتهم
جزي لعدد قليل من المجموعات السلبية ال ر يئ ي ]( [7الفقرة )52يجوز إجراء استثناء
تأثت ضئيل عىل المجتمع األوسع .بصف والئ لها ر تتطلع إىل الداخل ،مثل اآلميش* ر
ي
الصغتة الحقيقية يف أمريكا اليوم .عىل ر النظر عن هؤالء ،توجد بعض المجتمعات
يعتتهم خطرين ،وهم سبيل المثال ،عصابات الشباب و "الطوائف" .الجميع ر
كذلك ،ألن أعضاء هذه الجماعات مخلصون يف المقام األول لبعضهم البعض
ً
وبالتاىل ال يمكن للنظام السيطرة عليهم .أو خذ الغجر .عادة ما يفلت ي وليس للنظام،
الغجر من الرسقة واالحتيال ألن والءاتهم تجعلهم دائما قادرين عىل إقناع الغجر
اآلخرين باإلدالء بشهادة "تثبت" براءتهم .من الواضح أن النظام سيكون يف مشكلة
خطتة إذا انتىم الك رثت من الناس إىل هذه المجموعات .أدرك بعض المفكرين ر
الصي ضورة ر مهتمي بتحديثر العرسين الذين كانوا ر الصينيي يف أوائل القرن
ر
الصغتة مثل األرسة ،وفقا لسون يات سن**" :كان ر تحطيم المجموعات االجتماعية
والئ من شأنها أن ر
الصيئ بحاجة إىل موجة جديدة من الروح الوطنية ،ي ي الشعب
تؤدي إىل لنقل الوالء من األرسة إىل الدولة "....ووفقا لما قاله يىل هوانغ "كان البد
التخىل عن االرتباطات التقليدية ،ال سيما بالعائلة ،إذا ما نشأت القومية*** يف ي من
العرسين" ،الصفحة تشيست ش تان" ،الفكر السياش الصيئ ف القرن ر ر الصي"( .
ي ي ي ي ر
،125الصفحة .)297
صيئ
ي سياش وثوري
ي ** قائد
األصىل
ي ه الوطنية ،أي االنتماء للدولة وليس القومية بمفهومها
*** مجددا ،القومية المقصودة هنا ي
104
تعاي من عرس كانت]( [8الفقرة )56نعم ،نحن ندرك أن أمريكا ف القرن التاسع ر
ي ي
نعت عن أنفسنا ّ
خطتة ،ولكن من أجل اإليجاز علينا أن ر ر مشكالت ،ومشكالت
بعبارات ُم َّ
بسطة.
]( [9الفقرة )61رنتك "الطبقة الدنيا" جانبا .نحن نتحدث عن التيار السائد.
]( [10الفقرة )62يبذل بعض علماء االجتماع ،المربون ،وأخصائيو "الصحة
العقلية" ومن يف حكمهم قصارى جهدهم لنقل الدوافع االجتماعية إىل المجموعة
( )1من خالل محاولة التأكد من أن كل فرد لديه حياة اجتماعية ُمرضية.
]( [11الفقرتان 63و )82هل صحيح أن الدافع وراء النهم الرهيب لالستهالك
برسيالمادي هو أمر اصطنعته صناعة اإلعالن والتسويق؟ بالتأكيد ال يوجد دافع ر
ر
الئ رغب فيها الناس يف فطري الكتساب المادة .كانت هناك العديد من الثقافات ي
التوة المادية بخالف ما كان ضوريا لتلبية احتياجاتهم الحصول عىل القليل من ر
المكسيكيي التقليدية، ارعي ر
ر األساسية (السكان األصليون األستاليون ،ثقافة المز ر
وبعض الثقافات األفريقية) .من ناحية أخرى ،كانت هناك أيضا العديد من ثقافات
الئ لعب فيها اقتناء المواد دورا مهما .لذلك ال يمكننا االدعاء أن ر
ما قبل الصناعة ي
ه حصيا من عمل صناعة اإلعالن والتسويق. الثقافة الموجهة لالستحواذ اليوم ي
لكن من الواضح أن صناعة اإلعالن والتسويق كان لها دور مهم يف خلق تلك الثقافة.
الماليي عىل اإلعالنات هذا النوع من المال الئ تنفق ر لن تنفق ر
ر الكبتة ي ر الرسكات
لتق أحد أعضاء فريق ستده ف زيادة المبيعات .إ ر بدون دليل قوي عىل أنها ست ر
ي
ه جعل ليخته" ،مهمتنا ي يكق ر عامي وكان ضيحا بما ي ر )(FCبمدير مبيعات قبل
يشتون أشياء ال يريدونها وال يحتاجونها" .ثم وصف كيف يمكن لمبتدئ الناس ر
درب أن يقدم للناس حقائق حول منتج ما ،وال يحقق أي مبيعات عىل غت ُم ّ
ر
الكثت من المبيعات لنفس ّ ُ ر
ختة بإجراء ر اإلطالق ،بينما يقوم بائع محتف مدرب وذو ر
األشخاص .هذا يدل عىل أن الناس يتم التالعب بهم رلرساء أشياء ال يريدونها حقا.
105
]( [12الفقرة )64يبدو أن مشكلة انعدام الهدف قد أصبحت أقل خطورة خالل
بدي ر
الخمسة عرس عاما الماضية أو نحو ذلك ،ألن الناس يشعرون اآلن بأمان ي
واقتصادي أقل مما كانوا عليه سابقا ،والحاجة إىل األمن توفر لهم هدفا .لكن تم
استبدال انعدام الهدف باإلحباط من صعوبة تحقيق األمن .نؤكد عىل مشكلة
انعدام الهدف ألن التحرر ريي واليسار ريي يرغبون يف حل مشاكلنا االجتماعية بجعل
المجتمع يضمن األمن للجميع .ولكن إذا كان ذلك ممكنا ،فلن يؤدي إال إىل عودة
مشكلة انعدام الهدف .القضية الحقيقية ليست ما إذا كان المجتمع يوفر بشكل
ه أن الناس يعتمدون عىل النظام من أجل ضعيف أمن الناس؛ المشكلة ي جيد أو
ً
أمنهم بدال من امتالكه بأيديهم .هذا ،بالمناسبة ،هو جزء من سبب انشغال بعض
الناس بالحق يف حمل السالح؛ حيازة سالح يضع هذا الجانب من أمنهم يف أيديهم.
المحافظي لتقليل مقدار اللوائح الحكومية ليست ذات
ر ]( [13الفقرة )66جهود
ُ
أي فائدة تذكر للرجل العادي .لسبب واحد ،يمكن إلغاء جزء بسيط فقط من
ر
لسء آخر ،فإن معظم إلغاء اللوائح يؤثر عىل اللوائح ألن معظم اللوائح ضورية .ي
السلطة من األعمال وليس الفرد العادي ،بحيث يكون تأث رته الرئيس هو أخذ ُ
ي
للرسكات الخاصة .ما يعنيه هذا بالنسبة للرجل العادي هو أن الحكومة ومنحها ر
الكتى ،والذي قد الرسكات رتدخل الحكومة ف حياته يتم استبداله بتدخل من ر
ي
الئ تدخل إمدادات ر
تسمح ،عىل سبيل المثال ،بإلقاء المزيد من المواد الكيميائية ي
المياه الخاصة به وتسبب له الرسطان .المحافظون يعاملون الرجل العادي عىل أنه
الكتى.
الرسكات ر رجل ُمغفل ،يستغلون استياءه من الحكومة ر
الكبتة لتعزيز قوة ر
]( [14الفقرة )73عندما يوافق شخص ما عىل الغرض من استخدام الدعاية يف
التعبتات الملطفة
ر قضية معينة ،فإنه يسميها "تثقيفا" أو يطبق عليها بعض
ه دعاية بغض النظر عن الغرض من استخدامها. المماثلة .لكن الدعاية ي
نعت عن موافقتنا أو رفضنا لغزو بنما .نحن نستخدمها ]( [15الفقرة )83نحن ال ر
فقط لتوضيح نقطة.
106
يطاي ،كانتالت ي ]( [16الفقرة )95عندما كانت المستعمرات األمريكية تحت الحكم ر
هناك ضمانات قانونية أقل وأضعف فعالية للحرية مما كانت عليه بعد دخول
حت التنفيذ ،ومع ذلك كان هناك المزيد من الحرية الشخصية يف األمريك ر
ي الدستور
أكت مما كانت عليه بعد الثورة أمريكا ما قبل الصناعية ،قبل و بعد حرب االستقالل ،ر
الصناعية يف هذا البلد .نقتبس من "العنف يف أمريكا :مقارنة وجهات نظر تاريخية"،
من تحرير هيو ديفيس جراهام وتيد روبرت جور ،الفصل 12بقلم روجر رلي،
لمعايت اللياقة ،ومعه زيادة االعتماد يف
ر يجالصفحات " :478-476التعزيز التدر ر ي
عرس) ...كانت شائعة للمجتمع تطبيق القانون الرسىم (ف أمريكا القرن التاسع ر
ي ي
يشت
االجتماع طويل األمد وواسع االنتشار لدرجة أنه ر ي التغيت يف السلوك
ر بأرسه...
الصناع الحصي؛ي إىل وجود صلة بأهم ما يف المجتمع المعاض ...ذلك هو التحول
حواىل 660,940نسمة%81 ، ي يف عام 1835كان عدد سكان والية ماساتشوستس
منهم ريفيون ،وأغلبهم من سكان ما قبل المرحلة الصناعية ومن مواليد الوالية .لقد
كبت من الحرية الشخصية .سواء كانوا عمال نقل، اعتاد مواطنوها عىل قدر ر
حرفيي ،فقد اعتادوا جميعا عىل وضع جداولهم الخاصة ،وطبيعة ر ارعي أومز ر
مستقلي عمليا عن بعضهم البعض ...لم تكن المشاكل الفردية، ر عملهم جعلتهم
اجتماع أوسع "...لكن ضغط الزحف حئ الجرائم سببا بشكل عام لقلق الخطايا أو ر
ي
الثناي نحو المصانع والمدن ،والذي وصل ذروته يف عام ،1835كان له ي السكاي
ي
ً ر
الشخض طوال القرن التاسع عرس وصوال للقرن ي تأثته المتعاظم عىل السلوك ر
العرسين .فالبنسبة للمصانع ،تطلب العمل فيه سلوكا نمطيا ،حياة تحكمها طاعة ر
إليقاعات الساعة وجداول الدوام ،وأوامر رئيس الوردية .أما المدن ،احتياجات
اعتاض الئ لم تكن محل ر ر
المعيشة يف أحياء مكتظة أعاق العديد من التصفات ي
وظفي المدن هؤالء ،سواء من ذوي الياقات الزرقاء أو ر سابقا .بل نجد أيضا أن م
البيضاء* يف المؤسسات الك ربتة ،يعتمدون بشكل متبادل عىل زمالئهم؛ نظرا ألن
عمل رجل واحد يدخل يف عمل آخر ،فلم يعد عمل رجل واحد ملكا له.
* ترمز الياقات الزرقاء للعمالة األدي شأنا ،وتكون يف العادة ألعمال جسمانية ،يف مقابل البيضاء األعىل شأنا ،يف العادة مكتبية
107
المتتبة عىل التنظيم الجديد للحياة والعمل ظهرت آثارها بشكل كل هذه النتائج ر
حواىل %76من سكان ي واضح بحلول عام ،1900عندما تم تصنيف
ماساتشوستس البالغ عددهم 2,805,346نسمة عىل أنهم سكان حصيون .ر
الكثت
غت المنتظم الذي كان يمكن تحمله يف مجتمع عفوي من السلوك العنيف أو ر
األكت رسمية وتعاونية ف ر مقبوال ف الجو ر ً
الفتة الالحقة ...أدى ي ي ومستقل لم يعد
وأكت اجتماعية ر
وأكت أكت قابلية للتتبع ر االنتقال إىل المدن ،باختصار ،إىل إنتاج جيل ر
"تحصا" من أسالفه.
ر
]( [17الفقرة )117المدافعون عن النظام مغرمون باالستشهاد بالحاالت ي
الئ تم
صوتي ،ولكن مثل هذه الحاالت ر فيها حسم االنتخابات بأغلبية صوت واحد أو
نادرة.
اض المتقدمة تقنيا ،يعيش الرجال حياة متشابهة ]( [18الفقرة " )119اليوم ،يف األر ي
للغاية عىل الرغم من االختالفات المكانية والدينية والسياسية .إن الحياة اليومية
شيوع يف ّ
ومصف ومصف بوذي يف طوكيو، ّ مسيج يف شيكاغو، ّ
لمصف
ي ي ي ي ي
بكثت بالمقارنة ربي حياة أي رجل واحد وآخر عاش قبل ر
ه أكت تشابها ر موسكو ،ي
ر
ستاج دي كامب، ه نتيجة لتقنية مشتكة "....ل .ر ألف عام .هذه التشابهات ي
موظق المصارف ي باالنتي ،صفحة .17إن حياة ر "المهندسون القدماء" طبعة
التأثت .ولكن كل المجتمعات التقنية، ر الثالثة ليست متطابقة ،فالعقيدة لها بعض
من أجل البقاء ،يجب أن تتطور عىل طول المسار نفسه تقريبا.
فكر ف أن مهندس ور ر ّ
الكثت من ر يصنع قد مسؤول غت ي راي ي ]( [19الفقرة )123فقط
اإلرهابيي.
ر
غت المرغوب فيها للتقدم ]( [20الفقرة )124للحصول عىل مثال آخر للعواقب ر
حئ لو كان العالج مكلفا افتض أنه تم اكتشاف عالج موثوق للرسطان .ر الطئ ،ر
ري
للغاية بحيث ال يمكن إتاحته ألي شخص باستثناء النخبة ،فإنها (أي التكلفة) لن
تزيد من دافعهم لوقف هروب المواد المرسطنة إىل البيئة.
108
الكثت من الناس قد يجدون مفارقة يف الفكرة القائلة بأن ]( [21الفقرة )128بما أن ر
ُ
كبتا من األشياء الجيدة يمكن أن تنتج شيئا سيئا ،فإننا نوضح ذلك بقياس. عددا ر
معلىم لنفتض أن السيد أ يلعب الشطرنج مع السيد ب ،السيد ج ،أحد كبار ر
ي
الشطرنج ،ينظر من فوق كتف السيد أ .يريد السيد أ بالطبع الفوز يف لعبته ،لذلك
افتض إذا أشار السيد ج إىل خطوة جيدة ليقوم بها ،فإنه يقدم خدمة للسيد أ .لكن ر
يخت السيد أ كيف يقوم بجميع تحركاته .يف كل حركة بعينها ،فإنه اآلن أن السيد ج ر
يقدم معروفا للسيد أ من خالل إظهار أفضل حركاته له ،ولكن من خالل القيام بكل
حركاته من أجله ،فإنه يفسد لعبته ،لهذا ال فائدة يف لعب السيد أ اللعبة عىل
اإلطالق إذا قام شخص آخر بعمل كل حركاته .إن وضع اإلنسان المعاض مشابه
ُ ُ
لوضع السيد أ .النظام يجعل حياة الفرد أسهل بالنسبة له بطرق ال تعد وال تحض،
مصته.
ولكنه بذلك يحرمه من التحكم يف ر
]( [22الفقرة )137نحن هنا ننظر فقط إىل تضارب القيم داخل التيار السائد .من
أجل التبسيط ،رنتك القيم "الخارجية" خارج الصورة مثل فكرة أن الطبيعة ّ
التية ر
أهم من الرفاهية االقتصادية لإلنسان.
]( [23الفقرة )137المصلحة الذاتية ليست بالصورة مصلحة مادية .يمكن أن
نرس تتألف من تلبية بعض االحتياجات النفسية ،عىل سبيل المثال ،من خالل ر
الشخصيي.
ر العقيدة أو الدين
]( [24الفقرة )139توضيح :من مصلحة النظام السماح بدرجة معينة من الحرية
يف بعض المناطق .عىل سبيل المثال ،أثبتت الحرية االقتصادية (مع الحدود
والقيود المناسبة) فعاليتها يف تعزيز النمو االقتصادي .لكن فقط الحرية المخططة
حئ لجما دائما ،ر والمقيدة والمحدودة ه ف مصلحة النظام .يجب أن يظل الفرد ُم ّ
ي ي ً
الفقرتي 94و .)97
ر انظر ( األحيان بعض في طويًل لو كان اللجام
109
]( [25الفقرة )143نحن ال نقصد اإليحاء بأن فعالية أو إمكانية بقاء المجتمع كانت
دائما تتناسب عكسيا مع مقدار الضغط أو عدم الراحة الذي ُيخضع المجتمع
الناس له .هذا بالتأكيد ليس هو الحال .هناك سبب وجيه لالعتقاد بأن العديد من
األوروي ،لكنري المجتمعات البدائية أخضعت الناس لضغط أقل مما فعل المجتمع
بداي ،ودائما ما فاز يف بكثت من أي مجتمع ر
ي األوروي أثبت فعاليته أكت ر ري المجتمع
الئ توفرها التقنية. ر
ضاعات مع مثل هذه المجتمعات بسبب المزايا ي
األكت فعالية هو أمر جيد ر ]( [26الفقرة )147إذا كنت تعتقد أن تطبيق القانون
بشكل ال لبس فيه ألنه يقمع الجريمة ،فتذكر حينها أن الجريمة كما حددها النظام
تدخي الحشيشة "جريمة"، ر ليست بالصورة ما تسميه أنت جريمة .اليومُ ،يعد
سجل يف بعض األماكن يف الواليات المتحدة .غدا، وكذلك حيازة سالح ناري غت ُم ّ
ر
ً ّ ُ
عتت حيازة أي سالح ناري ،سواء أكان مسجال أم ال ،جريمة ،وقد يحدث ر قد ُ
السء
ي ر ي
نفسه مع أساليب تربية األطفال المرفوضة ،مثل الصفع .يف بعض البلدان ،يعد
يقي بأن هذا لن التعبت عن اآلراء السياسية المعارضة جريمة ،وليس هناك من ر ر
سياش يدوم إىل ي يحدث أبدا يف الواليات المتحدة ،حيث ال يوجد دستور أو نظام
كبتة وقوية لتطبيق القانون ،فهناك خطأ األبد .إذا كان المجتمع بحاجة إىل مؤسسة ر
جسيم يف ذلك المجتمع؛ حتما أنه ُيخضع الناس لضغوط شديدة إذا رفض هذا
الكبت اتباع القواعد ،أو يتبعها فقط بسبب اإلكراه .لقد استمرت العديد من العدد ر
الماض بالقليل من قوة إنفاذ قانون رسمية أو عدم وجودها عىل ي المجتمعات يف
اإلطالق.
للتأثت عىلر ]( [27الفقرة )151من المؤكد أن المجتمعات السابقة كان لديها وسائل
البرسي ،لكنها كانت بدائية ومنخفضة الفعالية مقارنة بالوسائل التقنية السلوك ر
الئ يجري تطويرها اآلن. ر
ي
تشت إىل ]( [28الفقرة )152ومع ذلك ،أعرب بعض علماء النفس عالنية عن آراء ر
ُ
"أومئ"
ي جلة م في
*
شانون كلود الرياضيات عالم عن قل ون ازدراءهم لحرية اإلنسان.
للبرس، (أغسطس )1987قوله" ،أتخيل وقتا سنكون فيه لإلنسان اآلىل كما الكالب ر
ي ّ
اآلىل".
ي لذلك ق أصف وأنا
الرقىم ر
الحقيق للعص * عالم أمريك من مؤسس نظرية المعلومات ُ
ويوصف باألب
ي ي ي ي
110
ً ً
]( [29الفقرة )154هذا ليس خياال علميا! بعد كتابة الفقرة ،154صادفنا مقاال يف
مجلة "ساينتفيك أمريكان" ،حيث يعمل العلماء عىل تطوير تقنيات للتعرف عىل
المحتملي يف المستقبل ومعالجتهم بمجموعة من الوسائل الحيوية ر المجرمي
ر
والنفسية .يدعو بعض العلماء إىل التطبيق اإلجباري للعالج ،والذي قد يكون متاحا
ام" ،بقلم دبليو وايت يف المستقبل القريب( .انظر "البحث عن العنص اإلجر ي
جيبس ،ساينتفيك أمريكان ،مارس .)1995ربما تعتقد أن هذا ال بأس به ألن
عنيفي .لكن بالطبع لن
ر مجرمي
ر سيطبق عىل أولئك الذين قد يصبحون العالج ُ
يتوقف األمر عند هذا الحد .بعد ذلك ،سيتم تطبيق العالج عىل أولئك الذين قد
ائقي مخمورين (فهم يعرضون حياة اإلنسان للخطر أيضا) ،ثم ربما يصبحون س ر
للقضاء عىل من يصفعون أطفالهم ،ثم عىل دعاة حماية البيئة الذين يخربون
غت مالئم للنظام.
وف النهاية عىل أي شخص يكون سلوكه ر البيئ ،ي
ي معدات الرصد
ّ
اىل للتقنية أن الطبيعة،
]( [30الفقرة )184من المزايا األخرى للطبيعة كالضد المث ي
كثت من الناس ،تلهم نوعا من التبجيل كالمرتبط بالدين ،بحيث يمكن إضفاء يف ر
ديئ .صحيح أنه يف العديد من ي القدش عىل الطبيعة عىل أساس ي الطابع
وتتير للنظام القائم ،ولكن من الصحيح أيضا المجتمعات كان الدين بمثابة دعم ر
ديئ ّ
للتمرد.
وبالتاىل قد يكون من المفيد إدخال عنص ي ي أن الدين غالبا ما وفر أساسا
ديئ قوي. ّ
الغري اليوم ليس له أساس يري التمرد ضد التقنية ،خاصة وأن المجتمع يف
الدين ،يف الوقت الحاض إما يستخدم كدعم رخيص وشفاف للتعة الشخصية
حئ يتم المحافظي بهذه الطريقة) ،أو ر
ر قصتة النظر (يستخدمه بعض ر الضيقة
اإلنجيليي)* أو
ر استغالله بشكل ساخر لكسب المال السهل (من قبل العديد من
التوتستانتية األصولية" ،الطوائف")** أو تحلل إىل الالعقالنية الفظة (الطوائف ر
التوتستانتية الرئيسية)***. ببساطة أصبح راكدا (الكاثوليكية ،ر
111
األختة هو
ر حرك شهده الغرب يف اآلونة أقرب رشء إىل دين قوي وواسع االنتشار و ّ
ي ي
ُ ِّ ُ
شبه-الدين اليساري ،لكن اليسارية اليوم مجزأة وليس لها هدف موحد وملهم.
ديئ يف مجتمعنا يمكن أن يكتنفه دين يركز عىل الطبيعة يف وبالتاىل ،هناك فراغ ي
ي
أساش ليقوم ي معارضة التقنية .ولكن سيكون من الخطأ محاولة اختالق دين بشكل
ً الم ر
بهذا الدور .من المحتمل أن يكون مثل هذا الدين ُ
*
ختع فاشال .خذ ديانة Gaia
عىل سبيل المثال .هل يؤمن أتباعها بها حقا أم أنهم يلعبون دورا يف تمثيلية؟ إن
كان األمر مجرد ثمثيلية ،فسوف ينتهون إىل الفشل يف آخر المطاف .ربما يكون من
األفضل عدم محاولة إدخال الدين يف ضاع الطبيعة مقابل التقنية ما لم تؤمن حقا
يثت استجابة عميقة وقوية وحقيقية لدى العديد من بهذا الدين بنفسك وتجد أنه ر
األشخاص اآلخرين.
النهاي .يمكن تصور إلغاء بافتاض حدوث مثل هذا الدفع ]( [31الفقرة )189ر
ي
الصناع بطريقة تدريجية أو مجزأة إىل حد ما (انظر الفقرات 4و 167 ي النظام
والمالحظة .)32
]( [32الفقرة )193باإلمكان تصور (كاحتمالية بعيدة) أن الثورة قد تتكون فقط
وغت مؤلم يج ر تغيت هائل يف المواقف تجاه التقنية مما يؤدي إىل تفكك تدر ر ي من ر
محظوظي للغاية .لكن من المحتمل جدا ر الصناع .إذا حدث هذا سنكون ي للنظام
تقئ صعبا للغاية ومليئا بالصاعات والكوارث. غت ي أن يكون االنتقال إىل مجتمع ر
بكثت من ر ُ
والتقئ للمجتمع أكت أهمية ر ي عتت الهيكل االقتصادي ]( [33الفقرة )195ي ر
الئ يعيش بها اإلنسان العادي (انظر الفقرات ر
السياش يف تحديد الطريقة ي ي هيكله
،119 ،95والمالحظات .)18 ،16
يشت هذا اللفظ إىل "عالمتنا الخاصة" من الفوضوية .تم ]( [34الفقرة )215ر
الفوضويي" ،وقد ال يقبل ر تسمية مجموعة متنوعة من المواقف االجتماعية بـ "
فوضويي بياننا الوارد يف الفقرة .215يجب أن ر عتتون أنفسهم العديد ممن ي ر
غت عنيفة ربما لن يقبل أعضاؤها نالحظ ،بالمناسبة ،أن هناك حركة فوضوية ر
)(FCكالسلطوية وبالتأكيد لن يوافقوا عىل أساليب ) (FCالعنيفة.
* ديانة ر
تقتب من عبادة األرض والوثنية بالرغم من عدم تعريف نفسها بذلك
112
اليساريي مدفوعون ايضا بالعدائية ،لكن تلك
ر ]( [35الفقرة )219العديد من
حبطة ُ
للسلطة. العدائية ربما تكون ناتجة جزئيا عن الحاجة ُ
الم َ
نعئ الشخص الذي يتعاطف مع هذه ]( [36الفقرة )229من المهم أن نفهم أننا ي
المثليي جنسيا،
ر ه موجودة اليوم يف مجتمعنا .من يعتقد أن النساء، الحركات كما ي
وما إىل ذلك ،يجب أن يتمتعوا بحقوق متساوية ليس بالصورة أن يكون يساريا .إن
المثليي ،إىل آخره ،الموجودة يف مجتمعنا لها نغمة
ر الحركات النسوية ،حقوق
تمت اليسارية ،وإذا كان المرء يعتقد ،عىل سبيل المثال ،أن
كالئ رر
عقائدية خاصة ي
المرأة يجب أن تتمتع بحقوق متساوية ،فليس بالصورة أن يتعاطف المرء مع
ه اليوم.الحركة النسوية كما ي
ان ـت ـه
113