You are on page 1of 306

‫الت‬‫في‬

‫نظيم‬

‫والتربي ا‬
‫لحربية‬ ‫ة‬

‫‪242426‬‬

‫‪A‬‬
‫دار الطليعة ‪ -‬بيروت‬
‫حقوق الطبع محفوظة‬

‫الطبعة الاولى‬

‫ايلول ) سبتمبر ( ‪۱۹۷۱‬‬


‫‪al‬‬
‫‪Hizb‬‬

‫ثلعربيالإشتراكي‬
‫بلبعا‬
‫حزا‬

‫‪h‬‬
‫‪al - tarbiya‬‬
‫‪tanzim‬‬ ‫‪in a‬‬
‫ارد‬

‫‪al- hiz biyah‬‬

‫فيالتنظيم والتربيةالحزبية‬

‫دار الطليعة للطباعة والنشر‬

‫بيروت‬
‫مقدمة‬

‫والتربية الحزبية التي تناثرت بين محاولتين‬ ‫هذه الموضوعات في التنظيم‬


‫عام ‪ ۱۹٦٠‬وعام ‪ ، ) ١ ( ) ١٩٦٣‬وبين الزوايا التنظيمية التي‬ ‫لجمع الابحاث التنظيمية‬

‫عبر السنوات‬ ‫الثورة العربية‬ ‫نشرت في المجلة الداخلية للمكتب الثقافي القومي‬
‫‪ ، .. ۱۹۷۱ – ١٩٦٩‬تجمع في هذا الكتاب حتى يكون منها اطار عام للتثقيف حول‬
‫·‬
‫المسألة التنظيمية وحقل للدراسات الهادفة الى بلورة نظرية متكاملة في التنظيم‬
‫ان هذا الميدان من الحياة النضالية ‪ ،‬ما يزال يعاني الكثير من الاهمال‬
‫مظهرا من ابرز مظاهر ازمة‬ ‫وهو يعكس‬ ‫والارتجال داخل قوى الثورة العربية ‪.‬‬
‫الحركة العربية الثورية ‪ .‬ذلك ان الممارسة التنظيمية ما تزال الى حد بعيد ‪ ،‬تسير‬

‫في مسالك التلمس العضوي او التجريب المفتقر الى التخطيط والى الابعاد النظرية‬
‫التي تحقق وحدة الفكر والممارسة ·‬

‫وقد حان الوقت لكي تتركز الجهود في هذه الارض البكر لاستدراك التخلف‬

‫والنقص في هذا الجانب من حياتنا النضالية ‪ ،‬واخصاب الابحاث التنظيمية باتجاه‬


‫بلورة نظرية في التنظيم تحدد وتطور المبادىء والمنطلقات التي ينبغي ان يقوم عليها‬
‫فلسطين والوطن العربي‬ ‫العمل الثوري الهادف الى بناء الوحدة العربية وتحرير‬
‫وتحقيق المجتمع الاشتراكي ‪ .‬واذا كانت المرحلة الراهنة من تاريخ النضال القومي‬
‫الاشتراكي العربي تتسم بكونها مرحلة مراجعة شاملة للمسيرة العربية القومية ‪ ،‬فان‬
‫المجال التنظيمي يشكل موضوعا هاما من موضوعات هذه المراجعة العامة‬
‫فيها‬ ‫ولا شك ان المتتبع للمحاولات المدرجة في هذا الكتاب ‪ ،‬سوف يجد‬

‫فهي بالاضافة الى ما تعكسه من استيعاب واع‬ ‫جهدا يصب في هذا الاتجاه ‪.‬‬
‫للصيغة التنظيمية العلمية المتجاوبة مع الضرورات‬ ‫لحاجة العمل الثوري العربي‬

‫التاريخية الراهنة ‪ ،‬تشكل في مجموعها خطوة في طريق الوصول الى هذه الصيغة‬
‫المطلوبة •‬

‫تعدد الموضوعات وتنوعها واختلاف‬ ‫ان ابحاث هذا الكتاب تؤلف ‪ ،‬رغم‬

‫المؤلفين ‪ ،‬نظرة موحدة الى طبيعة العلاقة التنظيمية كرابطة علمية بين الجانبين‬

‫‪ -‬ابحاث في التنظيم الحزبي ‪ -‬بيروت ‪ ، ١٩٦٠‬ودمشق ‪• ١٩٦٣‬‬ ‫( ‪)1‬‬

‫‪4534‬‬
‫الذاتي والموضوعي من حياة المناضل وحياة الحركة الثورية التي ينتمي اليها‬

‫‪ ،‬تأتي موحدة‬ ‫فالنظرة الى الانسان والى المجتمع والى المرحلة والى نضال العالم‬
‫ومتكاملة تقريبا ‪ .‬ومن هذه النظرة تشع الفكرة الاساسية التي تعالجها الموضوعات‬

‫المتعددة التي تغطي مختلف اوجه العلاقة التنظيمية ‪ ،‬وخاصة العلاقة الجدلية بين‬
‫‪ ،‬بين التنظيم القطري‬ ‫المناضل والحزب ‪ ،‬بين التنظيم الداخلي والعمل الجماهيري‬
‫والهوية القومية ‪ ،‬بين النضال الشعبي واستلام السلطة ‪ ،‬بين الديموقراطية‬
‫الخ ‪.‬‬ ‫والمركزية ‪ ،‬بين النظرية والممارسة ‪ ،‬بين الفكرة والانتماء الطبقي‬
‫لذلك فان مطالعة هذه الابحاث تدخل القارىء مباشرة في الجو الذي يجمع‬

‫هذه الكتابات والذين ساهموا في كتابتها ‪ ،‬جو التفتيش عن الصيغة الكلية المترابطة‬

‫ترابطا متكاملا التي تتوج المرحلة النضالية السابقة وتستطيع ان تشكل اساسا‬
‫لانطلاقة العمل العربي الثوري في المرحلة الجديدة القادمة‬

‫الوجوه‬ ‫وبين‬ ‫فاذا ما ربطنا بين الوجه التنظيمي للنضال العربي المعاصر‬
‫الايديولوجية والسياسية على ضوء الظروف الموضوعية الراهنة لهذا النضال ‪،‬‬

‫ادركنا ان تطوير الفكر التنظيمي داخل الحركة العربية الثورية يشكل حاجة رئيسية‬
‫من حاجات التطوير الشامل الذي تحتاج اليه حركة الثورة العربية بوجه عام ‪،‬‬
‫حتى تتمكن من تخطي الصعوبات التي تتجمع في طريقها ‪ ،‬وعلى التناقضات التي‬
‫دخلت فيها بعد هزيمة حزيران ‪.‬‬

‫والحقيقة ان الدافع الكامن وراء جمع هذه الابحاث التنظيمية ‪ ،‬هو المساهمة‬
‫تلبية هذه الحاجة الموضوعية ‪ ،‬وتسهيل مهمة المناضلين الذين يفتشون دوما‬

‫في مستوى مجابهة التحدي‬ ‫نضالهم‬ ‫عن الصيغ الفكرية والتنظيمية التي تجعل‬
‫الامبريالي الصهيوني الرجعي‬
‫وليس من توظيف افضل لجهود المناضلين في هذه المرحلة من نقل مواقع‬
‫الثورة العربية من التخلف والعفوية والارتجال على مواقع السبق والتخطيط‬
‫•‬
‫المبني على العقيدة الثورية المتطورة وعلى الخلق الثوري المتين‬ ‫والتنظيم المحكم‬
‫اذ بهذا وحده نستطيع ان ندخل المرحلة الجديدة وان ننهض من واقع النكسات‬
‫والهزيمة ‪ ،‬ونتابع المسيرة العربية الثورية بنجاح وتقدم ثابت نحو اهداف التحرر‬
‫الكامل والوحدة العربية والنظام الاشتراكي الذي يبنيه الكادحون ·‬

‫‪1‬‬
‫كيف نفهم التنظيم ( ‪) ۱‬‬

‫میشیل عفلق‬

‫في هذا الاجتماع سأثير بعض مسائل تتعلق بالتنظيم والتوجيه فانتم تتراسون‬
‫الحزب فرقا وشعبا ومكاتب ومن الضروري أن تعرفوا ما هي مهمة قادة الفرق‬
‫‪ .‬وقد يخطر‬ ‫‪ .‬وكيف ينظر حزبنا الى صفة القادة والتنظيم‬ ‫والشعب والمكاتب‬

‫ببال الكثيرين ان الحزب المنظم او المثل الاعلى للتنظيم الحزبي هو ان يكون الحزب‬
‫واعتقد ان هذه ان هي الا تشبيهات ولن‬ ‫كالجيش او كالآلة المحكمة الدقيقة ‪.‬‬
‫والحزب الذي هو مؤلف من افراد احرار‬ ‫فمهمة الحزب غير مهمة الجيش‬ ‫تصح‬

‫لا يمكن ان يكون آلة او كالآلة ‪ .‬اذن ففكرة التنظيم في حزبنا متصلة بفلسفة الحزب‬
‫فكرة التنظيم عن الفكرة الاساسية التي تقول‬ ‫ويصعب جدا ان نفصل‬ ‫نفسها ‪،‬‬

‫بالحرية ‪ .‬فنحن نسعى دوما ونلح في الطلب والتنبيه لكي يصل التنظيم في حزبنا‬
‫ولا نعني مطلقا اننا نهدف الى جعل الحزب‬ ‫الى اقصى درجات الاحكام والدقة ‪،‬‬
‫آلة وجعل اعضائه ادوات صغيرة في هذه الآلة‬
‫العضو هو الحزب‬ ‫‪.‬‬ ‫هذا تعبير خاطىء‬ ‫فالعضو ليس جزءا من الحزب ‪.‬‬

‫فالفرقة ليست جزءا ولكنها‬ ‫بصورة مصغرة ‪ ،‬والمنظمات الحزبية ليست اجزاء ‪.‬‬

‫وبالتالي فالموجهون والمنظمون والقادة في الحزب ليسوا‬ ‫الحزب بصورة مصغرة ‪.‬‬
‫‪ .‬كلا ‪ ،‬وانما كل واحد منهم شخص‬ ‫فيكون منهم شيء كامل‬ ‫اجزاء اذا جمعناهم‬
‫فليس من حذر في تجزئة العمل في‬ ‫کامل ‪ ،‬الا انهم يتناولون اجزاء من العمل ‪.‬‬
‫فقط ولكن التجزئة لا تصح مطلقا على الاشخاص ‪ ،‬وبتعبير آخر كل عضو‬ ‫التنفيذ‬

‫في حزبنا عليه ان يعرف كل ما يهم الحزب ‪ ،‬ان يطلع على هذا وان يهتم وان يعتبر‬
‫نفسه مسؤولا ولكنه من حيث التنفيذ لا يسأل الا عن الشيء الذي اوكل اليه‬

‫في التنفيذ والتوجيه محدودا في ناحية جزئية من‬ ‫اما ان يكون العضو‬ ‫تنفيذه‬

‫العمل الحزبي فهذا خطر كل الخطورة ‪ .‬أي لا يجوز له ان يطلع وان يهتم الا بهذه‬
‫الزاوية الصغيرة التي حصرنا جزءه فيها ‪ .‬هنا يتحول العضو الى آلة ‪ ،‬ومجموعة‬

‫حديث التي في اجتماع لقيادات الحزب في دمشق عام ‪. ١٩٥٥‬‬ ‫(‪) ۱‬‬

‫‪Y‬‬
‫الات لا تكون حزبا خلاقا يفيد المجتمع وينهض به ‪ .‬من هذه المبادىء الاولية يمكن‬

‫وقائد الفرقة مثلا ليس‬ ‫ان نستنتج بعض القواعد العملية في التنظيم والتوجيه ‪.‬‬

‫هو اصغر قائد ‪ .‬عليه ان يطلع على كل شؤون الحزب وان يهتم بكل شؤون الحزب‬

‫في‬ ‫ولكنه يبقى محصورا‬ ‫و مصيره وان ينقل هذا الاطلاع الى اعضاء فرقته ‪.‬‬

‫ففي حين عين‬ ‫‪.‬‬ ‫فقط‬ ‫الحدود التي عينها له النظام الداخلي من حيث التنفيذ‬
‫النظام الداخلي للقيادة العليا امر معالجة السياسة والوقوف المواقف السياسية‬
‫هذه‬ ‫لقيادة الفرقة مثل‬ ‫يعط‬ ‫وغير ذلك لم‬ ‫الكبرى والاتصالات والمفاوضات‬

‫الصلاحيات والمهام ‪ .‬الا ان قيادة الفرقة حتى تكون قائمة بواجبها يجب ان تعرف‬
‫بصورة معقولة مختصرة دون تفصيل ولكن بصورة واضحة ما هي سياسة الحزب‬

‫فالفرقة لا يطلب منها ان تعالج‬ ‫وما هي المواقف التي يقفها ومبررات هذه المواقف ‪.‬‬
‫‪ .‬ولكن لا يجوز ان تبقى‬ ‫مباشرة السياسة العامة بل بواسطة القيادات الاعلى منها‬
‫‪.‬‬
‫جاهلة لهذه السياسة وان تكتفي باستلام الاوامر والتنفيذ‬
‫فلا يظن البعض بان نتيجة العمل تكون بنسبة ارتقاء‬ ‫وهناك نقطة اخرى •‬

‫هذا العمل في التسلسل الحزبي ‪ :‬القيادة العليا او قيادة قطر او فرع هي شعبة‬
‫هذه نظرة خاطئة لاننا اذا حرصنا على الصورة الاصلية لحزبنا ان يكون‬ ‫او فرقة ‪.‬‬

‫في التسلسل ‪ ،‬هل هو في‬ ‫حزب افراد احرار فالقيمة لا تكون في مرتبة العمل‬
‫المرتبة العليا او الوسطى او الدنيا ‪ ،‬القيمة تكون في اداء العمل على احسن‬
‫من الجهد‬ ‫بادائه والاخلاص له وفي اعطائه حقه الكامل‬ ‫شكل ‪ ،‬وفي التعمق‬
‫والاهتمام ‪ .‬واكاد اقول شيئا ليس هو يقينيا ولكن لابرهن لكم على فساد النظرة‬
‫التي تعطيها القيمة للمرتبة اكاد اقول ان الامر على العكس وان القيمة تكون‬
‫للمجالات الدنيا أكثر من العليا مع قناعتي ان القيمة انما هي في درجة الاخلاص‬
‫والتعمق في تأدية العمل ‪ .‬ولماذا قلت لكم هذا القول ؟ لانه كلما ارتقت مراتب‬
‫الاعضاء‬
‫العمل في الحزب كثرت المشاغل وابتعد القادة عن المعاناة الحية مع‬
‫فكرية ونظرية وعملية تتطلب المناقشة ولكنها لا تسمح بالاتصال‬ ‫لينهمكوا في امور‬
‫المباشر كثيرا ‪ ،‬في حين ان العمل في المراتب الدنيا هو اقرب الى الحياة لانه دائم‬
‫فاذن المجال مفتوح اكثر لتربية هؤلاء الاعضاء لاستخدام‬ ‫مع الاعضاء كأفراد احرار ‪.‬‬
‫الحرية في تنمية مواهبهم وكفاءاتهم وفضائلهم لانه لا شيء يعادل الاتصال المباشر ‪.‬‬
‫هذا هو العمل المجدي الخلاق ‪ .‬انه تأثير مباشر من حرية على حريات مماثلة وارادة‬
‫وعندما تقوم حواجز بين القادة‬ ‫على ارادات مماثلة ومن نفس على نفوس اخرى •‬

‫والمواقف السياسية ‪،‬‬ ‫في المشاريع والدراسات‬ ‫والاعضاء ‪ ،‬حواجز غير حية ‪،‬‬
‫فاذا اردنا ان نحرص على‬ ‫يصبح مجال الخطأ اكثر لان هذا الاتصال قد نقص ‪.‬‬
‫الصفة المبررة او على الصفة الانقلابية ‪ -‬لان حزبنا لم يوجد ليكمل الواقع المريض‬
‫فاذا حرصنا على انقلابية الحزب يشتد حرصنا على فهم‬ ‫وانما ليبدل ويقلب ‪-‬‬

‫التنظيم على هذا الشكل ونقضي على كل هذه الآلية الممثلة المنفرة في التنظيم والتي‬
‫توهم بان الحزب ليس الا صورة عن دوائر الدولة لتسيير الاعمال وقضاء الاشغال‬
‫ولتحويل الاوراق وللقيام ببعض الاعمال دون رغبة وقناعة ومحبة ‪ .‬ومتى انتهت‬
‫هذه الاعمال يشعر الاعضاء بالحرية وبانهم انتهوا من سخرة ثقيلة ‪ .‬وهذه الصورة‬

‫لا تخلق نفوسا وكفاءات ولا تؤثر على المجتمع ‪.‬‬

‫فالتنظيم الآلي‬ ‫في حقيقته روح ومحبة واحترام الكرامة الانسانية‬ ‫التنظيم‬
‫كله احتقار للانسان لانه يعتبر الاعضاء ارقاما فقط في حين ان البشر ليسوا ارقاما‬
‫وكل منهم يختلف عن الآخر لان فيه ما يهيئه لان يخدم قضيته وفكرته ‪ ،‬وبشكل‬

‫خاص لا يتسنى لاي شخص آخر لان يخدمها بهذا الشكل ‪ .‬على المنظم ان ينظر‬

‫الى اعضاء فرقته كل باسمه ‪ ،‬وشرط شخصيته ‪ .‬انا لا افهم مطلقا ان يدخل امين‬
‫الفرقة وينظر الى مجموع الفرقة كأنها جسم غامض ‪ ،‬وان يؤدي واجبه بشكل‬

‫آلي ويطلب ما يجب ان يطلبه منها ‪ .‬الفرقة هي جسم اصطلاحي فلتسهيل العمل‬
‫‪ .‬ولكن في الواقع الخمسون والثلاثون والعشرة لا يمكن‬ ‫قسمنا الحزب الى فرق‬
‫ان نعتبرهم شيئا واحدا ‪ .‬خمسون معناها هناك خمسون عضوا لكل عضو كفاءات‬
‫فامين الفرقة ان لم ينظر الى فرقته ويوثق‬ ‫معينة وفيه عيوب يجب ان تعالج ‪.‬‬
‫الاتصال بينه وبين كل عضو ليكتشف كل واحد منهم بما فيه من كفاءات ومميزات‬

‫وبما فيه ايضا من نواقص ورواسب تعرقل عمله الحزبي كنقص في الثقافة وخلل‬
‫يكشف ذلك ليساعده على ان يؤدي عمله فانه‬ ‫في المزاج او اي شيء آخر ان لم‬
‫لا يكون قد قام بواجبه الصحيح ‪ .‬فواجبه اذن ان ينظر الى الفرقة بانها مؤلفة من‬

‫وعندما اقول قائد الفرقة فكأنني اقول كل‬ ‫بشر احرار وليست اداة للتنفيذ فقط ‪.‬‬
‫فليس من فرق اساسي في حزبنا بين القائد والمقود لاننا نفهم‬ ‫عضو في الفرقة‬
‫القيادة بانها حرية لا تفرض على الآخرين اشياء لا يقتنعون بها ‪ .‬وانما القيادة هي‬
‫وهكذا يتحقق الغرض‬ ‫ان تكشف لهم عن حريتهم حتى يقتنعوا بما اقتنعنا بــه‬

‫الاساسي من تكوين الحزب وهو ان ننشيء مواطنين عربا احرارا بنفسية جديدة ‪،‬‬
‫بارادة جديدة ‪ .‬لا نستطيع ان نخلق مواطنين الا بالاتصال المباشر مع الاشخاص‬
‫لا مع المجموعة‬

‫في مجتمعنا افكار خاطئة كثيرة وخرافات عامية يتناقلها حتى المتعلمون لانهم‬
‫لا يفكرون تفكيرا متعمقا ‪ .‬وكثيرا ما سمعنا في الماضي ونسمع حتى الان اعجابا‬
‫ويتلهف الاشخاص الذين يتوهمون انهم‬ ‫بالحركة النازية مثلا ‪ ،‬بالتنظيم النازي ‪،‬‬
‫فمصير التنظيم النازي تعرفون‬ ‫غيورون على امتهم ويتمنون ان يتسنى لبلادنا ·‬

‫ماذا حل به ‪ ،‬ولكن يجب ان تتنبهوا الى انه اذا كان التنظيم على الاسلوب النازي‬

‫اصاب الالمان بضرر فانه يصيب العرب باضعاف من هذا الضرر ‪ .‬فالامة الالمانية‬
‫امة راقية قطعت مراحل في الحضارة وكان تاريخها في صعود واستوفت نصيبها‬
‫واتي وقت اصيبت فيه‬ ‫من الحرية ‪ ،‬واثمرت هذه الحرية حضارة وفكرا‬
‫فتسرب اليها اليأس ونشأ شعور بانه من‬ ‫بهزيمة في الحرب اثرت على النفوس‬

‫‪.‬‬ ‫المستحسن أن تقيد الحرية فترة موقتة ليحزموا أمرهم وليحققوا مطلبا قوميا‬
‫وكان هذا مبرر لذلك التنظيم ‪ .‬ولكن الشعب المتحرر الراقي المتشبع ثقافة‬

‫وفكرا لا يتحول بيوم واحد الى آلة حتى ولو اعطي صفة الآلة لان كل تكوينه قام‬
‫على الحرية ‪ ،.‬ومع ذلك فقد اساء اليهم هذا التنظيم وورطهم في اخطار ومحن‬
‫ولكن يجب ان نذكر الفارق بين حالة العرب وحالة الامة الالمانية ‪ .‬حالة‬ ‫كثيرة‬

‫العرب اننا انقطعنا منذ قرون عن الحضارة ‪ ،‬ونسينا الحرية منذ مئات السنين ‪،‬‬

‫وفقدنا دوافع الابداع ومقومات استقلال الشخصية التي تعرف كيف تتصرف‬

‫مرت وخنقت ‪ ،‬نحن‬ ‫واذن فنحن بحاجة الى ما يفتح فينا هذه الاستعدادات التي‬
‫بحاجة الى تكوين الفرد العربي الحر المسؤول الواعي المستقل ‪ .‬بحاجة الى تكوين‬
‫الانسان العربي ‪ .‬لان النظرة الانسانية في جونا كادت تنعدم ‪ ،‬لذلك قلت ان فكرة‬
‫التنظيم لا تختلف عن فلسفة الحزب نفسه ‪ .‬فكما أن مهمة الحزب ان ينشىء مجتمعا‬

‫عربيا جديدا تسوده الحرية وتنطلق فيه قوى الابداع عند افراد الشعب الذي ترجع‬
‫فهو اي حزبنا مطالب بان يربي الانسان‬ ‫والقيم الانسانية الخالدة ‪،‬‬ ‫اليه المقاييس‬

‫العربي ‪ .‬والانسان العربي لا يربى بالتنظيم الآلي بل بهذا الاحترام لشخصية كل‬
‫عضو ‪ ،‬بهذا التعرف الصبور المحب لشخصية وكفاءة كل عضو ولاخطاء ونواقص‬
‫كل عضو ·‬

‫ولا اظن ان ثمة حاجة الى الاستدراك بان ما قلته لا يتنافى قط مع حاجتنا‬

‫الى الاختصاص في الحزب ‪ ،‬وعندما اقول بان كل عضو يجب ان يعرف تقريبا كل‬
‫ما يجري ويهم الحزب ‪ .‬وكل قائد فرقة او حلقة عليه ان يطلع على كل هذه الامور‬
‫كافة‬
‫‪ .‬هو المسؤول عنها ‪ .‬لا اظن ان احدا منكم يفهم من ذلك انه العضو الموجه‬
‫يجب ان يتلهى بالامور البعيدة ويهمل واجبه الخاص به ‪ ،‬ان يشغل فكره بما يجري‬

‫في ابعد مكان ويقصر هو في واجبه المباشر الذي اذا قصر فيه اختل عمل الحزب‬
‫المقصود اولا البرهان على وعي العضو وتشبعه بفكرة الحرية ان يقوم بواجبه ‪.‬‬

‫ولكن لا نريد ان يكون العضو حرا حاملا مسؤولية الحزب كله ‪ ،‬فعليه ان يطلع‬
‫لينفذ هذا العمل الصغير بنفسية كبيرة ·‬

‫اذا كان مهتما بالحزب فلا يعود هذا العمل الصغير الموكل اليه تنفيذه عملا‬
‫صغيرا وانما نابضا بالحياة تتلخص فيه رسالة الحزب‬

‫اذن نظرتنا الحرة الى التنظيم لا تتضارب مع التنفيذ الجزئي وتنمية الكفاءات‬
‫الاختصاصية ‪ .‬فالاختصاص هو في التنفيذ ‪ ،‬اما في العقل والنفس فلا اختصاص‬
‫ولا تجزئة وانما يجب ان تكون النفس مرآة لوحدة الشخصية ولوحدة قضية الحزب ‪.‬‬

‫‪1.‬‬
‫من هو البعثي الحقيقي ؟‬

‫بين البعثي والمنتسب الى حزب البعث ( ‪) ۱‬‬

‫كثيرا ما يلح هذا السؤال ويطرح نفسه باصرار يريد جوابا صريحا وقاطعا ‪،‬‬
‫ويبدو هذا السؤال اكثر اهمية والحاحا حين نرى بين صفوف الحركات الثورية‬

‫اشتاتا غير متجانسة وربما متباينة الى حد التناقض ‪ .‬وينبغي أن نثبت هنا ان هذه‬
‫· انها‬
‫الظاهرة ليست خطيرة الى حد يثير المخاوف ولا حتى مجرد الاستغراب‬
‫طبيعية الى الحد الذي يجعلها ملازمة لكل عمل ثوري مع التفاوت انسجاما واختلافا‬

‫ومن ابسط‬ ‫في تلك المتناقضات وتصفيتها لمصلحة الثورة ‪.‬‬ ‫وقدرة على التحكم‬
‫المسلمات ‪ ،‬ان اي عمل ثوري ينبثق وتتشكل ملامحه الاولى ثم ينمو تصاعدا واتساعا‬

‫وبدون الجماهير لا يمكن لاي‬ ‫بين الجماهير ‪ ،‬وسطه الطبيعي الذي لا غنى له عنه‬
‫عمل ثوري ان يوجد اساسا وبالتالي لا يمكن له ان يحمي نفسه او ينطلق في‬
‫ابعاده الحقيقية‬

‫انهيار حاد وشامل في مجتمع ما ‪ ،‬يسوده‬ ‫وطبيعي جدا ان مبرر اية ثورة‬
‫يصبح التغيير الشامل‬ ‫الانحلال والتخلف اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا بحيث‬

‫والجذري لمرتكزاته الاساسية شرطا اساسيا في احراز اي تقدم يرضي تطلعات‬


‫•‬
‫الجماهير ويحقق لها انسانيتها بعيدا عن اي شكل من اشكال الضغط او التأثير‬

‫يتجسد حين يتعدى‬ ‫ولعل اسوا انواع الفساد الذي يصيب المجتمعات المتخلفة ‪،‬‬
‫مظاهر السلطة بشتى اجهزتها وأوجه نشاطها المختلفة الى الانسان ذاته بحيث يصبح‬
‫الانسان جزءا من الفساد العام ونتيجة طبيعية من نتائج الانحلال الاجتماعي ‪ .‬وفي‬

‫هذه الحالة يتجسد الفساد بأبشع صوره ممثلا في سلوكية مريضة تحدد العلاقات‬
‫الانسانيه وفق مقاييس شخصية بحتة وتقيم كل الاعتبارات على اساس من النفعية‬
‫الضيقة التي لا ترى ابعد من مصلحتها ‪.‬‬

‫ان الجماهير دون شك اداة اية ثورة بل هي مبرر وجودها وسر ديمومتها‬

‫وبدونها لا تعني الثورة شيئا ولا يمكن ان تكون الا خواء قاتلا وهيكلا هزيلا متداعيا ‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫وعي الطليعة » ‪ ،‬جريدة الحزب الداخلية في القطر العراقي ‪ ،‬آذار ‪١٩٦٩‬‬ ‫(‪) 1‬‬

‫‪11‬‬
‫في الحركات‬ ‫والجماهير على هذا الاساس لا تحتاج الى دعوة توجه لها لتنخرط‬

‫الثورية ‪ ،‬انها تجد نفسها في صفوف الحركات الثورية بحكم انسجامها معها مصيريا‬

‫وان هذه الظاهرة بمقدار ما هي اساسية تحمل معها بعض المخاطر فانتقال الجماهير‬

‫الى صفوف الاحزاب الثورية يعني انتقال كل ماضيها برواسبه السلبية وبتطلعاته‬

‫الغائمة في اطار من العموميات غير المحددة ‪ .‬وهنا تبرز اهمية الحس الثوري الذي‬
‫يستطيع ان يعتمد الفرز المستند الى الفكر الواضح والانتماء الاجتماعي في تنقية‬

‫الحركة الثورية من كل الشوائب التي قد تعلق بها ‪ .‬ولكي تبقى ملامح الثورة‬
‫الاصيلة صافية واضحة تجد الحركات الثورية لزاما عليها أن تجتث كل عناصر‬
‫التعويق وتكتسح كل البثور التي تطفي عليها او تشوهها ‪.‬‬

‫في مثل هذا الجو الموبوء بالفساد والتحلل ‪ ،‬تتحرك القلة الثورية الطليعية‬

‫لايجاد متنفس سليم يبقي على حياتها اولا كشرط اساسي يكفل لها التحرك الى كل‬
‫اتجاه ‪ .‬وان اصالتها وحيويتها تعطيانها قدرة لا محدودة على ايجاد شروط حياتها‬
‫بذاتها وعلى بث الحياة والحركة حولها الا انها لا يمكن ان تسد كل منافذها دون‬

‫المفاسد والمتناقضات التي تحيط بها فتضطر الى تنسمها دون ان تشعر او تريد ‪.‬‬
‫·‬
‫وهذا لا يعني بالضرورة ضياع القلة الثورية او اختناقها في هذا الجو المريض‬
‫انه على العكس يتيح لها فرصة الكشف عن اصالتها ونقاء جوهرها بين اكداس‬
‫والفكرة الثورية النيرة لا يمكن ان يخنقها ظلام مطبق دامس‬ ‫الزيف والتشويه ‪.‬‬

‫في وميض شعلتها‬ ‫بقدر ما يجعلها أكثر تألقا وسطوعا اما الظلام فيندثر ويحترق‬
‫الوهاجة‬

‫من المهام الاساسية التي تواجه الحركات الثورية مدى قدرتها على اتخـــــــاذ‬
‫موقف من جماهيرنا ‪ ،‬موقف يغنيها بالقابليات ولا يسمح بولوج عناصر التخريب‬

‫‪ .‬وبمعنى اخر موقف يسد الباب في وجه المتسللين الا انه لا يحول‬ ‫الى صفوفها‬
‫دون التفاف الجماهير حول ثورتها رعاية لها وتطويرا لمضامينها الانسانية‬

‫ان الحركات الثورية بحاجة الى المصفاة التي لا تخطىء ‪ ،‬الى الحساسيـــة‬
‫الثورية التي تعتمد النقد الجريء الصريح المبرا من كل غرض لا يخدم الثورة‬

‫وحزبنا ‪ ،‬حزب البعث العربي الاشتراكي كواحد من الاحزاب الثورية التي‬


‫كان لها شرف تحمل مسؤوليات النضال الجدي ‪ ،‬حزبنا المناضل انطلق منذ البدء‬
‫هدفـــا‬ ‫انطلق من الجماهير‬ ‫من مقولة اعتمدتها كل الحركات الثورية الاصيلة ‪،‬‬
‫ووسيلة وآمن منذ البدء بالخلق الثوري الذي اعتمد الانسان الانقلابي الثائر على‬
‫المفاسد في نفسه قبل غيره ‪ .‬ان حزبنا في مسيرته الطويلة عمق مفاهيمه الثورية‬

‫وأكد ان البعثي يعني اكثر من مجرد المنتسب الى حزب سياسي ‪ ،‬ان البعثي هو‬

‫الثوري وهذا يفترض من فيه ان يمثل الثورة في سلوكه ‪ ،‬ان يكون صورة مصغرة‬
‫من تلك الثورة الا انها قوية واضحة الملامح تعلن عن نفسها وتجتذب جماهيرها اليها‬

‫کضرورة لا يمكن الاستغناء عنها فليس البعثي في تصورنا من قرأ جرائد الحزب او‬

‫دستوره او دفع تبرعا له ‪ ،‬أن البعثي هو الانسان الذي يلقن الجماهير فكرة البعث‬
‫‪ .‬ان البعثي اذن هو الذي يستطيع ان يجعل الوحدة‬ ‫من خلال سلوك يومي دائم‬

‫‪۱۲‬‬
‫قبل غيره وينقلها‬ ‫هو‬ ‫والحرية والاشتراكية صيغة للحياة الواقعية يتمثلها‬

‫الجماهير سلوكا حيا ترتضيه وتختاره دون ضغط او اکراه‬

‫ان كل بعثي مناضل حين ينضم الى حزب البعث يؤمن انه انخرط في‬
‫صفوف الثورة العربية المقدسة وهو بذلك يريد ان يكون جزءا لا يتجزا من هذه‬
‫الثورة ‪ ،‬يحمل صفاتها الايجابية ويتشرف بانتسابه لها ويعتز بالمسؤوليات التي‬

‫تلقيها عليه ‪ ،‬يريد ان يكون زخما جديدا في هذه الثورة لا رقما يتيما ينزوي في‬
‫سجل عتیق پربطه به انتساب رسمي محدد‬

‫‪۱۳‬‬
‫مفهوم الحزب ( )‬

‫مفهوم‬ ‫ان النشرة الصادرة عن المكتب الثقافي القومي في ‪ ٢٤-١٩٦٥٧‬حول‬


‫‪ ،‬تشير الى ان الاحزاب السياسية هي نتيجة‬ ‫الديمقراطية المركزية في الحزب‬
‫لتطور اجتماعي وحضاري نقل التجمعات المهنية والسياسية والفكرية من مستوى‬
‫عفوي ضيق قاصر على مهمات قريبة واهداف مباشرة الى مستوى الشمول‬
‫كما ان تلك‬ ‫والتنظيم والعلاقات الموضوعية والتطلع الى اهداف كبيرة وبعيدة‬

‫النشرة تقول بانه حتى عام ‪ ١٨٥٠‬لم يكن بلد من بلدان العالم يعرف وجود احزاب‬
‫سیاسية بالمعنى الحديث للكلمة ‪ .‬فقد كانت هناك نواد شعبية وجمعيات فكرية‬

‫وتجمعات برلمانية واتجاهات للرأي العام ولكن لم يكن هناك احزاب بالمفهوم الحديث ‪.‬‬
‫ثم جاءت مع منتصف القرن التاسع عشر مرحلة نشوء الاحزاب السياسية ‪،‬‬
‫فظهرت احزاب ذات منشأ فكري وطبقي متعدد اختلفت معه اسماء تلك الاحزاب‬
‫فكانت هناك احزاب تقدمية واخرى رجعية ‪ ،‬قومية‬ ‫وانظمتها وبرامجها وأدوارها‬
‫فلا بد اذن على ضوء ذلك مـــــن‬ ‫الخ ‪.‬‬ ‫او اقليمية ‪ ،‬اشتراكية او برجوازية‬

‫تحديد للمفهوم الحديث للاحزاب السياسية‬

‫شروط تكوين الحزب ‪:‬‬

‫هناك شروط خمسة لا بد ان تتوفر حتى تتكامل الصفات اللازمة لتحويل‬


‫التجمع السياسي الى مؤسسة حزبية حديثة ‪ ،‬وهي‬
‫‪ - ۱‬وجود الايديولوجية‬

‫‪ - ۲‬الوجود الجماهيري‬
‫‪ -‬الطليعة المنظمة‬

‫{ ‪ -‬الشكل التنظيمي‬
‫الالتزام‬

‫يجعل منها في النهاية وحدة‬ ‫ان ترابط هذه الشروط وتشابكها وتداخلها ‪،‬‬

‫« الثورة العربية» ‪ -‬السنة الأولى ‪ ،‬العدد العاشر ‪• ١٩٦٩ ،‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪18‬‬
‫فلا يمكن ان يكتمل بناء الحزب اذا بقي شرط او اكثر من هذه الشروط‬ ‫متكاملة ‪.‬‬
‫‪ .‬ان هذه العلاقة المتبادلة ذات الطابع‬ ‫الخمسة ناقصا او غير مكتمل الجوانب‬
‫الجدلي بين الشروط المذكورة تتضح من خلال البحث المفصل لكل واحد منها ‪.‬‬

‫‪ - ۱‬وجود الايديولوجية‬

‫ان القرن المنصرم الذي انقضى بين منتصف القرن التاسع عشر ومنتصف‬
‫القرن العشرين ‪ ،‬يمكن ان يسمى بحق عصر الايديولوجيات ذلك لان الحركات‬
‫‪ .‬فقد نظمت‬
‫السياسية كانت خلاله تعمل من خلال تصور شامل للمرحلة وللعصر‬
‫خلال القرن الماضي الايديولوجية الماركسية والايديولوجيات القومية الاشتراكية ‪،‬‬
‫لفكرة محددة اقتصاديــــا‬ ‫واصبح النشاط السياسي تعبيرا عن برنامج تطبيقي‬

‫و فلسفيا واجتماعيا ‪ ،‬كما أصبح النشاط الايديولوجي جزءا لا يتجزا من حياة‬

‫الاحزاب السياسية في تلك المرحلة‬

‫وقد اتسمت الايديولوجيات التي عرفها القرن المنصرم بمحاولة مزدوجة‬


‫ولتحديد الطريق والوسائل‬ ‫وتفسيره من جهة ‪،‬‬ ‫لتحليل الواقع الموضوعي المباشر‬
‫اللازمة لتغيير هذا الواقع وتبديله ·‬

‫وهكذا فان وجود دليل نظري للعمل السياسي اصبح يشكل الشرط الاول‬
‫الشرعية التشكيل الحزبي ‪ .‬لان الهوية الفكرية للحزب تفصح عن اهدافه المحددة‬
‫وعن البنية الفوقية والسياق التاريخي اللذين يكمنان وراء تلك الاهداف ولا يمكن‬
‫للخبرة السياسية التطبيقية وحدها الى ان تحل محل‬ ‫للممارسة العملية او‬

‫الوحدة الجدلية بين الفكرة والممارسة ‪ .‬لان الخبرة العملية مهما ارتقت وسمت ‪،‬‬
‫لا يمكن ان تضمن نجاح التجربة النضالية فهي ستبقى بدون النظرية عمياء ‪ .‬كما‬

‫ان النظرية بدون الممارسة العملية تبقى جوفاء مغرقة في التجريد وفي القدرات‬
‫الطوباوية وهذا ما يفسر لنا السبب وراء اخطاء توقعات کارل ماركس في بداية‬
‫تجربته حيث كانت تجربته العملية ما تزال في طور طفولتها ايخلال فترة ‪٠١٨٤٨‬‬

‫وهذا ايضا ما يكشف لنا عن اتساع احتمالات الخطأ في التجارب السياسية التي‬
‫تفتقر الى التصور الواضح للمرحلة وحاجاتها ‪ ،‬وعن اهمية الستراتيجية السياسية‬

‫في نجاح العمل السياسي ‪ .‬كذلك اهمية العلاقة بين الستراتيجية وبين النظرية في‬
‫رفع العمل السياسي الى مستوى العمل التاريخي ‪ ،‬عندما تكون النظرية مستوعبة‬
‫استيعابا كاملا للسياق التاريخي ‪ ،‬وتكون الستراتيجية ترجمة دقيقة للخطوات‬
‫المرحلية للنظرية وتطبيقها في الواقع‬
‫للاحزاب‬ ‫المفهوم الحديث‬ ‫شروط‬ ‫ان وجود الايديولوجية شرط رئيسي من‬

‫السياسية وخاصة الثورية منها ‪ .‬الا ان هذا شرط يستلزم وجود المادة التاريخية‬
‫•‬
‫للعمل السياسي ‪ ،‬وهو الشعب ‪ ،‬أي الوجود الجماهيري‬

‫‪10‬‬
‫‪ - ۲‬الوجود الجماهيري ‪:‬‬

‫فانه ايضا (عصر الجماهير )‬ ‫اذا كان القرن الاخير هو عصر ايديولوجيات ‪،‬‬
‫على الحياة‬ ‫للتعهدات الجماعية ( اي للايديولوجيات‬ ‫العلاقة بين التأثير المتزايد‬

‫السياسية للمجتمعات البشرية ‪ ،‬وبين الوجود الفعال للجماهير ودورها المتزايد في‬

‫قيادة الحياة السياسية ‪ .‬ان هذه العلاقة هي علاقة داخلية لا يمكن ان يفك احد‬
‫طريقها عن الاخر‬

‫بهذه العبارة عبر الرفيق ميشيل عفلق عن المرحلة‬ ‫لقد جاء عصر الجماهير‬
‫التاريخية للعالم المعاصر وعلى هذا الاساس اعتبر الطاقات الثورية للجماهير هي‬
‫المحرك التاريخي للحياة السياسية في عالمنا الراهن‬
‫في عصرنا كميا عفويا بل اصبح وجودا نوعيـــــا‬ ‫يعد‬ ‫لم‬ ‫ان وجود الجماهير‬
‫منظما ‪.‬‬
‫في العالم الثالث وفكرة‬ ‫وعندما نقول الجماهير تقفز مباشرة فكرة ( الامة )‬
‫فان العلاقة بين‬ ‫وعلى هذا الاساس‬ ‫في المجتمعات الصناعية المتقدمة ‪.‬‬ ‫( الطبقة )‬
‫في تجديد‬ ‫‪ ،‬تلعب دورا حاسما‬ ‫الايديولوجية وبين طبيعة التحريك الجماهيري‬

‫ابعاد هذا التحرك من جهة وفي تقييم مدى استيعاب الايديولوجية للخط التاريخي‬
‫لهذا التحرك ·‬

‫ان التطابق بين الخط الفكري وبين تطلعات الجماهير وحركة نضالها ‪ ،‬يشكل‬
‫المعيار لصحة الايديولوجية كما ان التزام هذه الحركة لخط فكري يشكل ضمانة‬
‫‪ .‬ان الوجود الجماهيري يعني وضع الطاقات‬ ‫لنجاحها ونجوعها وعظم مردودها‬
‫الثورية في مكانها الطبيعي من حركة الواقع ومن حلبة الصراع الاجتماعي لحسم‬
‫المواقف التاريخية ‪ .‬كما ان الوجود الجماهيري تعني بالاضافة الى اطلاق فعالية‬
‫الجماهير ‪ ،‬تحقيق الرقابة الجماهيرية على السلطة والقيادة الجماهيرية للنضال‬
‫القومي والطبقي ‪ ،‬والوقوف في وجه احتمالات تسلط البيروقراطية وقطع الطريق‬
‫على نشوء الطبقات الجديدة التي تحاول استغلال الشعارات الجماهيرية في ظل‬
‫السلطة الثورية‬

‫ان الإطارين اللذين يتحقق فيهما الوجود الجماهيري تحققا تاريخيا ‪ ،‬هما‬
‫المتمثل بوجود الامة الكادحة التي تشكل الطبقات الثورية الكادحة‬ ‫(الاطار القومي‬
‫المتمثل بوجود الطبقات الثورية‬ ‫الغالبية العظمى من ابنائها ‪ .‬والاطار الطبقي‬
‫وتحالفها في وجه اعداء الثورة ‪ .‬وهذان الاطاران يتطابقان تطابقا عفويا فــــــــــي‬
‫المجتمعات المتخلفة المجزاة المستعمرة وهذا التطابق لا يتحول الى تطابق منظم‬
‫لوجود المؤسسة الحزبية بالمعنى‬ ‫وموجه ومخطط الا اذا توفر الشرط الثالث‬

‫الحديث ‪ ،‬الا وهو وجود الطليعة المنظمة ‪.‬‬

‫‪ -‬وجود الطليعة المنظمة ‪:‬‬

‫ان العضوية التي تطبع حركة الجماهير بقدر ما هي تعبير ايجابي عن فعاليتها‬

‫‪١٦‬‬
‫ونشاطها ‪ ،‬هي في الوقت نفسه الشكل الاقل مردودا لهذه الفعالية ولهذا النشاط ‪.‬‬
‫وهي يمكن ان تصبحعنصرا سلبيا اذا ما اصبحت ميدانا للتبعثر والتشتت والفوضى‬

‫وللاندفاعات الطائشة‬ ‫والتيارات وساحة للتنافس السلبي‬ ‫واختلاف الاتجاهات‬

‫ان المحتوى الثوري التاريخي الكامن في حركة لا يمكن ان يتفجر بدون وجود الطليعة‬
‫المنظمة التي تتولى تعبئة قوى الجماهير واطلاق فعاليتها ضمن اطر منظمة هادفة‬

‫مسيطرة على حركة الواقع‬


‫وهكذا فان مفهوم الحزب الثوري يستلزم وجود الطليعة الثورية الملتزمة‬

‫بخط الثورة المرتبطة مصيريا بها المنسجمة في تفكيرها وفي خط سيرها مع فكر‬
‫‪ ،‬المتفاعلة مع‬ ‫الثورة واستراتيجيتها وتاكتيكها المرحلي ‪ ،‬الموحدة الفكر والتنظيم‬
‫الجماهير المتمثلة لحركتها المؤمنة بدورها ‪ ،‬القائدة لها‬

‫ان هذه الطليعة هي بالدرجة الاولى طليعة مثقفة ثقافة ثورية قادرة على‬
‫تحليل الواقع الموضوعي المباشر تحليلا علميا وعلى تفسير هذا الواقع تفسيرا عميقا‬

‫وشاملا ‪ ،‬وبالتالي ثقافة تملك تصورا عن المستقبل وعن اسلوب تغيير الواقع حسب‬
‫الصورة التي تمتلكها‬
‫ان وجود الطليعة المنظمة بهذا المعنى ‪ ،‬يعني تحقيق ركن اساسي ولا يمكن‬
‫ان يتحقق هذا الركن من اركان مفهوم الحزب الثوري على الشكل الافضل الا اذا‬
‫انفصلت الطليعة المنظمة عن اصولها الطبقية البرجوازية الصغيرة وتخلت عن عقلية‬

‫التسويات وانصاف الحلول والتردد بين قطبي التحول الاجتماعي‬


‫ولا يمكن ان يتم هذا الانفصال بعملية آلية ولا بمجرد الكلام والتمني ‪ ،‬بل‬
‫بنمط الحياة الذي يعيشه المناضل ضمن المنظمة وبمدى انشغاله بقضية الثورة‬
‫والترفع عن الصغائر وايمانه بحتمية‬ ‫وبمقدار استعداده للتضحية وانكار الذات‬

‫انتصار حركته التاريخية‬

‫‪ -‬الشكل التنظيمي ‪:‬‬

‫والمنظمة الثورية هي‬ ‫ان وجود الطليعة المنظمة بيَّن وجود المنظمة الثورية •‬

‫منظمة سياسية ‪ .‬لذلك فان الطلائع الشعبية ذات الطابع النقابي المهني لا تستطيع‬
‫ان تقوم بدور المنظمة السياسية ‪ .‬وعلى هذا الاساس فان المنظمة الثورية تقوم على‬
‫اساس نظرية تنظيمية ثورية وتلتزم الاشكال التنظيمية المعبرة عن هذه النظرية‬
‫والقادرة على تحقیق اعلی مردود ممكن للعمل الثوري‬
‫ان نظرية الديموقراطية (المركزية كما دلت التجارب الثورية ‪ ،‬تشكل صيغة‬

‫منسجمة مع طبيعة عمل الطليعة الثورية المنظمة ‪ ،‬وهي تحقق دون شك ‪ ،‬اذا ما‬
‫جرى تطبيقها والتقيد باشكالها التنظيمية الخاصة بالعلاقة بين القيادات العليا‬

‫والدنيا وبين رأي الاقلية ورأي الاكثرية ‪ ،‬وبين النقد والنقد الذاتي ‪ ،‬وبين الحقوق‬
‫والواجبات الخاصة بالعضو داخل المنظمة الثورية ‪ ،‬تحقق المردود الاعظم للنشاط‬
‫والفعالية الثورية ‪.‬‬

‫في التنظيم والتربية الحزبية‬ ‫‪۱۷‬‬


‫ان الهدف الاساسي من وجود الشكل التنظيمي ‪ ،‬هو الانتقال من الصيفة‬
‫العفوية الذاتية الى الصيفة الموضوعية العلمية ‪ .‬اذ بدون ارساء العلاقة بين اعضاء‬

‫المنظمة الثورية على اسس موضوعية لا يمكن ان يتحقق عمل ثوري علمي رصين ‪.‬‬
‫كما لا يمكن ان تقوم تربية ثورية تنقل العضو من اطار الواقع المتناقض الى اطار‬

‫واقع ثوري متحكم به مسيطر على حركته وعلى حركة التغيير الكامنة فيه‬
‫ان الشكل التنظيمي هو الذي يرتفع باعضاء المنظمة الثورية فوق اشخاصهم‬
‫و فوق العلاقات العضوية التي تعشعش فيها كل رواسب الواقع القاسية وهو الذي‬
‫يشد المناضل الى الثورة ويرسخ ارتباطه بها ويخلق اجواء جديدة تتجدد فيها ومن‬
‫خلالها عقلية المناضل وسلوكيته ونظرته الى الحياة ‪ .‬ان هذا الركن الاساسي من‬

‫ارکكان مفهوم الحزب الثوري يلعب دورا رئيسيا في اختصار الزمن وفي اختصار‬
‫المحاولات والاخطاء ‪ .‬وهو يشكل بالنسبة للتجارب الثورية في الدول النامية‬
‫والمجتمعات المتخلفة ‪ ،‬عاملا تربويا رئيسيا في خلق وتطوير المناضل وتحقيق‬
‫اداة الثورة‬

‫ه ‪ -‬الالتزام ‪:‬‬

‫فهو ما عبر عنه لينين‬ ‫اما العنصر الاخير من عناصر تكوين الحزب الثوري ‪،‬‬
‫فالعضو « الكادر » لا ينحصر التزامه بمجرد الارتباط التنظيمي‬ ‫بالاحتراف (الثوري‬

‫او الايديولوجي ‪ ،‬أو حتى بمجموعة هذه الارتباطات ‪ ،‬بل يتعدى ذلك الى الارتباط‬
‫في هذا المستوى من‬ ‫‪ .‬وان الحزب ‪،‬‬ ‫الكلي بالحزب والى احتراف العمل الثوري‬
‫فهو مصدر العيش وهو مصدر‬ ‫الالتزام ‪ ،‬يصبح المجال الحيوي لحياة المناضل ‪،‬‬

‫الافراح والاحزان ‪ ،‬وهو في مركز التفكير والعاطفة والاهتمام ‪ ،‬وهو مركز الثقة‬
‫والامل ومنبع التفاؤل‬
‫وهو المدرسة الكبرى التي يتقن الثائر في اروقتها فنون النضال ويتعلم‬
‫محبة الشعب ويصبح قائدا جديرا بتحمل مسؤوليات تاريخية ‪.‬‬

‫لبنية الحزب الثوري وخاصة في‬ ‫ان الاحتراف الثوري هو العمود الفقري‬
‫العالم الراهن حيث اصبحت الثورة علما وفنا واصبح اعتمادها على العنصر البشري‬
‫متقدما يسير جنبا الى جنب مع انضاج الظروف الموضوعية للتغيير الثوري ويستبق‬
‫هذا الانضاج احيانا لقطع الطريق على المخططات المعادية للثورة المضادة‬
‫از‬ ‫ان الالتزام بالثورة هو الوسيلة الوحيدة لخلق جيل الثورة الجديد‬
‫بدون هذا الالتزام المطلق الذي يربط مصير المناضل بمصير الامة ربطا كليا ‪ ،‬لا يمكن‬

‫الى اصول طبقي‬ ‫تصفية رواسب العقلية والشخصية التقليدية التي تنتمي‬
‫وايديولوجية بعيدة عن خط الثورة ‪ ،‬بل ومناقضة لها احيانا ·‬

‫ان المجتمع الثوري لا ينشأ الا في ظل الالتزام الثوري ‪ .‬لذلك فان الاحتراف‬
‫الثوري شرط رئيسي لتحقيق مفهوم الحزب الثوري بالمعنى العلمي الحديث ‪.‬‬

‫‪۱۸‬‬
‫المفهوم الماركسي للحزب‬

‫مفهوم ماركس وانجلز ‪:‬‬

‫ان كتابات کارل ماركس وفريدريك انجلز ‪ ،‬تشدد على الحركة العضوية‬

‫لذلك فهما يرفضان فكرة الحزب كقضية حقيقية لا تتسع‬ ‫لنضال الطبقة العاملة ‪.‬‬
‫فيها شرط المحافظة على الطابع العضوي‬ ‫لاستيعاب الطبقة العاملة ككل ولا يتحقق‬

‫لحركة الجماهير الكادحة‬


‫لذلك كانت الصيغة الوحيدة المقبولة لدى ماركس وانجلز ‪ ،‬هي صيغة الحزب‬
‫وكذلك صيغة الحزب‬ ‫الذي يفي تجمع الطبقة العاملة ضمن اطار تنظیم موحد‬

‫الذي يكون النظام فيه قائما على اقل قدر ممكن من الآلة واكبر قدر من العضوية ‪.‬‬

‫مفهوم لينين ‪:‬‬

‫فان مفهوم الحزب عند لينين يأخذ مفهوم الطليعة الثورية‬ ‫على خلاف ماركس‬
‫او النخبة ‪ .‬كذلك فأننا نجد لينين يؤكد على الاحتراف الثوري وعلى اهمية التنظيم ‪.‬‬
‫وانطلق فيها من مبدأين ‪ :‬الاول‬ ‫المركزية الديموقراطية‬ ‫وهو الذي وضع نظرية‬
‫الجماهير هي التي تصنع التاريخ) ‪ ،‬والثاني يشكل‬ ‫يتفق فيه مع ماركس وهو ‪:‬‬
‫لا بد من وجود قواعد موضوعية في التطور‬ ‫طرحا جديدا للمسألة وهو التالي ‪:‬‬
‫الاجتماعي تسمح بقيادة المجتمع قيادة علمية‬
‫لذلك فان‬
‫في رأي لينين تستلزم وجود الحزب الثوري‬ ‫و (القيادة العلمية‬
‫وجود الحزب الثوري ينبع في رأيه من المبررات التالية ‪:‬‬
‫قائدة مستقرة تكفل استمرارها‬ ‫‪ -‬حاجة الحركة الثورية الى وجود منظمة‬

‫وديمومتها‬
‫‪ - ۲‬ان الحاجة الى هذه المنظمة والى قوة تنظيمها تزداد كلما ازداد العمل‬
‫الجماهيري العضوي اتساعا‬

‫ـ ان هذه المنظمة يجب ان تشكل من الثوريين المحترفين وهكذا فان فكرة‬


‫الحزب الثوري تشكل بالنسبة الى لينين ظاهرة ملازمة لاعلى مرحلة من‬
‫مراحل الصراع الطبقي‬

‫اما خصائص الحزب الثوري فهي ‪:‬‬

‫ا ‪ -‬الموقف الحاسم من النظام الرأسمالي ومن محاولات التكيف مع هذا النظام ‪.‬‬
‫‪ -‬التقيد بالنظرية الثورية وبوحدة الفكر والممارسة وبالتاكتيك المرن ‪.‬‬

‫‪ -‬تمثيل الطبقة العاملة وقيادتها وتوجيهها لقلب النظام الرأسمالي وبناء‬


‫الاشتراكية‬

‫‪۱۹‬‬
‫المفهوم الستاليني ‪:‬‬

‫ينطلق ستالين من نقد احزاب الاممية الثانية التي كانت تشكل القوة المسيطرة‬
‫النضال‬ ‫الحركة العاملة والتي كانت تعتمد بصورة رئيسية على اشكال‬
‫البرلمانية‬
‫ليست‬ ‫النقد ‪ :‬هذه الاحزاب غير صالحة لنضال البروليتاريا الثوري لانها‬
‫لم تعد‬ ‫احزابا ثورية قادرة على قيادة البروليتاريا للاستيلاء على السلطة · وهي‬
‫ظروف المرحلة الجديدة الصدامية) ‪.‬‬ ‫تأتلف‬
‫مع‬

‫فهي ‪:‬‬ ‫اما حقائق الحزب الثوري‬


‫الحزب هو الزعيم الـ‬ ‫الطليعة القائدة للطبقة العاملة ‪:‬‬ ‫‪ -‬هو‬ ‫‪۱‬‬
‫للبروليتاريا ‪ .‬وحتى الحزب على رأس الطبقة العاملة يجب ان يكون مسلحا بالنظرية‬

‫الثورية وبمعرفة قوانين حركة الواقع أي بمعرفة قوانين الثورة وان ينظر ابعد مما‬
‫تنظر اليه الطبقة العاملة ‪ ،‬لا ان يخلد الى السير في ذيل الحركة العفوية للبروليتاريا ‪.‬‬
‫فالحزب هو‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -‬الطليعة المنظمة ‪ :‬روح الانضباط والصلابة في التنظيم‬

‫اعضاء احدى‬ ‫واعضاؤه هم‬ ‫‪،‬‬ ‫مجموع منظماته وهو النظام الاوجب لهذه المنظمات‬
‫يمحو‬ ‫الخطر من نشر تسميته‬ ‫منظمات الحزب على نطاق واسع لان ذلك الحزب‬

‫الخط الفاصل بين الحزب والطبقة العاملة ‪ ،‬ويقلب رأسا على عقب مهمة الحزب‬
‫•‬
‫التي هي رفع الجماهير غير المنظمة الى مستوى الطليعة‬

‫‪ -‬الحزب هو الشكل الاعلى لتنظيم البروليتاريا‬

‫فهناك النقابات والتعاونيات‬ ‫انه ليس المنظمة الوحيدة للطبقة العاملة ‪،‬‬
‫والكتل البرلمانية ‪ -‬والمنظمات الثقافية والتربوية والصحافة‬ ‫‪،‬‬ ‫والاتحادات المهنية‬
‫الخط‬
‫لكل منها عمله في نطاقه الخاص ‪ .‬ولكن الذي يعين‬ ‫واتحادات الشباب‬

‫والزامه هو الحزب الثوري ‪،‬‬ ‫العام لنضالها ويهيمن على عملية تطبيق هذا الخط‬
‫لانه الشكل الاعلى لاتحاد البروليتاريا الطبقي‬

‫{ ‪ -‬الحزب هو اداة دكتاتورية البروليتاريا ‪:‬‬

‫الحزب اداة في يد البروليتاريا لتحقيق دكتاتوريتها وتوسيعها وترسيخها ‪،‬‬


‫فالحزب ضروري لا من اجل استيلاء البروليتاريا على السلطة فحسب ‪ ،‬بل هو‬
‫انتصار الاشتراكية التام ‪.‬‬ ‫ضرورة للحفاظ عليها وتوطيدها وتوسيعها لتأمين‬ ‫اشد‬
‫اي لمتابعة النضال من نوع جديد ‪.‬‬

‫ه ‪ -‬الحزب وحدة اداة تتنافى ووجود التكتلات ‪:‬‬

‫ان وجود تكتلات في الحزب امر يتنافى ووحدة الحزب وانضباطه الحديدي ‪.‬‬

‫‪r.‬‬
‫ان وجود تكتلات يجر الى تشكيل عدة مراكز اي الى انعدام المركز الواحد المشترك‬

‫في الحزب اي انقسام الاداة الواحدة وتراخي الانضباط وتفككه وكذلك تفكـــــك‬

‫دكتاتورية البروليتاريا ‪.‬‬

‫والمصدر الطبقي لهذه‬ ‫والعناصر الانتهازية هي مصدر النزعة التكنيكية ‪،‬‬


‫العناصر ( فلاحون ‪ ،‬برجوازية صغيرة ‪ ،‬مثقفون ‪ ،‬الانحلال في الاوساط النقابية‬

‫هو الذي يبقي في داخلها على بذور التردد والانتهازية والشك والنقد‬ ‫والبرلمانية‬
‫فالنضال بلا رحمة ضد هذه العناصر وطردها من الحزب هما الشرط‬ ‫‪.‬‬
‫المرضي‬
‫لأول لنجاح الثورة في اداء مهماتها •‬
‫ا‬

‫مفهوم البعث ‪:‬‬

‫للحزب الثوري ينطلق من التأكيد على اهمية العوامل التي‬ ‫ان مفهوم البعث‬

‫وردت في مقدمة هذا البحث وهي‬


‫ا ‪ -‬الايديولوجية الثورية‬
‫‪ - ٢‬القاعدة الشعبية‬

‫‪ - ٣‬الجيل الثوري الجديد‬


‫‪ -‬النظرية التنظيمية‬

‫ه ‪ -‬الاحتراف الثوري‬
‫الايديولوجية‬ ‫وعلى هذا الاساس فان حزب البعث العربي الاشتراكي ينطلق من‬
‫وكذلك مـــــن‬ ‫اي من نظرية الوحدة والحرية والاشتراكية ‪.‬‬ ‫العربية ( الثورية‬
‫استراتيجية الثورة (العربية ) التي ترسم الخط السياسي لتحقق هذه الايديولوجية‬
‫الاستعمار‬
‫عبر مراحل النضال السياسي الذي تمر به الامة العربية خلال صراعها مع‬
‫العدد الاكبر من‬ ‫العالمي والصهيونية والرجعية والطبقات الاجتماعية التي تستغل‬

‫ابنائها ‪ ،‬من اجل بناء المجتمع العربي الموحد الاشتراكي ‪ .‬وحزب البعث العربي‬
‫لذلك كان تنظيمه قائما‬ ‫الاشتراكي بهذا المقياس يعتبر نفسه اداة الثورة العربية ‪.‬‬

‫على اساس تحقیق شروط خلق جيل عربي ثوري جديد متحرر من التجزئة وعقليتها‬
‫ومصالحها ‪ ،‬ملتحم التحاما مصيريا بمصلحة الطبقة العاملة في الوطن العربي ‪،‬‬
‫وتتمثل فيه صورة المستقبل العربي ‪ ،‬يسبق المجتمع الا انه يبقى في موضع التأثير‬
‫صورة الامة‬
‫الاقوى عليه حتى يتمكن من تغييره وتحقيق الصورة الجديدة للامة ‪.‬‬
‫في مقدراتها او‬ ‫المتحررة من الوجود الطبقي ومن كل اثر لقوى خارجية تتحكـ‬

‫تعطل ارادتها في تقرير مصيرها‬

‫لذلك فان حزب البعث العربي الاشتراكي يعتبر نفسه حزب الطبقة العاملة‬
‫العربية ‪ ،‬وقائد التحالف بين الطبقات الثورية في الوطن العربي وبين قوى الثورة‬
‫العربية‬

‫ان هذه الخصائص التي قام عليها حزب البعث العربي الاشتراكي ‪ ،‬وهي‬
‫خصائص الحزب القومي الاشتراكي الذي يتجاوز في فكره وفي تنظيمه معا حدود‬

‫‪۲۱‬‬
‫التجزئة ويعمل في تركيبه الداخلي على ان يلتزم نظرية الديموقراطية المركزية التي‬
‫في بنيته‬ ‫فيها العلاقة الثورية الصحيحة بين القيادة والقاعدة كما يعمل‬ ‫تتحقق‬

‫فقط لايديولوجية الطبقة العاملة العربية ‪ ،‬بل‬ ‫الطبقية على ان يكون ممثلا ليس‬

‫وللتكوين الطبقي الثوري في الامة العربية‬


‫ان هذه الخصائص تشكل صيغة علمية لا للحزب الثوري في الوطن العربي‬

‫ذلك لان نضال القارات‬ ‫‪ ،‬بل وللحزب الثوري في العالم الثالث ايضا ‪.‬‬ ‫فقط‬
‫الثلاث ‪ ،‬هو نضال وحدوي يتجه الى توحید اقطار جزاها الاستغلال الاجنبي‬
‫وهو نضال اشتراكي يتجه الى حذف الاستغلال الطبقي لمجموع افراد الامة‬
‫الكادحة‬
‫‪ .‬وهو نضال تحرري ديموقراطي وانساني ‪ ،‬لانه يواجه قوى الامبريالية‬
‫والصهيونية والرجعية التي تشكل قيادة الثورة المضادة في العالم اجمع‬

‫‪۲۲‬‬
‫في معنى الثورة ‪..‬‬

‫لسبب بسيط وهو انه‬ ‫الثورة‬ ‫لقد وقع الاختيار على هذا الموضوع‬
‫معنى‬
‫ما من كلمة سيء‬
‫اسيء استعمالها وظلمت في تأريخنا الحديث بقدر كلمة الثورة ‪ .‬والظلم‬
‫ا‬
‫فنحن العرب رغم تطور‬ ‫‪.‬‬ ‫لم يأت من خصومها بقدر ما نالها من دعاتها وادعيائها‬
‫الوعي القومي ورغم التجارب المريرة بعد كارثتي اللواء وفلسطين دون مستوى‬
‫الاحساس الكامل بالخطر والشعور بالمسؤولية أي دون مستوى الثورة الحقيقية ‪،‬‬
‫نستعير المظاهر التي تغطي حقيقتنا ونطلق الاسماء على غير مسمياتها ونعيش‬

‫التناقض في جميع تفاصيل حياتنا ‪.‬‬

‫من خلالها علـــــــى‬ ‫فاذن خلت حياتنا من مقاييس محددة موضوعية نحكم‬
‫‪ ،‬وبتنا نستعير كلمة البطولة لكي نصف‬ ‫الحوادث والاشخاص والمؤسسات والقيم‬
‫بها المغامرين والاذكياء ونطلق كلمة الثورة على كل ما هو نضال سلبي وحماس‬
‫فالتغيير السطحي المفاجيء ( ثورة ) والعمل التخريبي على نطاق واسع‬ ‫طائش‬

‫حتى بلغ الخوف بالثوريين الحقيقيين على هذه الكلمة حدا باتوا يخشون‬ ‫(ثورة)‬
‫معه استعمالها ‪ ،‬فقد اختلطت العملة الزائفة بالعملة الجيدة اختلاطا كبيرا واضاعت‬
‫جودة التزييف واتقانه مقاييس التمييز بين الزائف والاصيل‬

‫لذلك سنحاول الاجابة على الاسئلة الثلاثة الاتية ‪:‬‬

‫‪ - ۱‬ما هو معنى الثورة ؟‬


‫‪ -‬كيف يمكن ان تتحقق في حياة شبابنا ؟‬

‫ـ كيف نحققها في الواقع اي على ارض وطننا العربي وفي حياة الامة العربية ؟‬

‫معنى الثورة ‪:‬‬

‫اذا اردنا ان نعطي للثورة تعريفا جاز ان نقول بانها عملية تغيير جذرية‬
‫حاسمة تنقل المجتمع من نظام الى نظام جديد مغاير للسابق ومتجاوز له ‪.‬‬
‫لذلك كان علينا ان نأخذ بعين الاعتبار العناصر الثلاثة الاتية التي تنطوي عليها‬
‫عملية الثورة ‪:‬‬

‫‪۲۳‬‬
‫‪- 1‬‬
‫الواقع الفاسد الذي تتجمع فيه المتناقضات والمساوىء التي تنبىء عن عدم‬
‫صلاحيته او امكانية استمراره ·‬

‫يتصدون لعملية التغيير الحاسمة ويتحملون مسؤولية بناء‬ ‫‪ - ۲‬الثوار الذين‬

‫‪.‬‬ ‫النظام الجديد‬


‫‪-‬‬
‫التي تقود خطى الثائرين وتعلن عن صورة‬ ‫مجموعة الافكار والمثل والقيم‬
‫جديدة للمجتمع تناقض الصورة السابقة فتجعل المستقبل هو الهدف لا‬
‫الماضي ولا الحاضر‬

‫ان هذا التقسيم وسيلة للتوضيح ولا يعني ابدا استقلال هذه العناصر بعضها‬
‫اي مزيج من الواقع‬ ‫عن بعض استقلالا آليا ‪ ،‬لان الثورة ككمما قلت ه‬
‫هي (عملية‬
‫من العمل والنظر ‪ ،‬تعمل فيها اليد الى جانب العقل والقلب دون استقلال‬ ‫والتفكير‬

‫او انفصال ‪ .‬على ضوء هذه العناصر المؤلفة نستطيع ان نستجلي بعض مظاهـ‬
‫الثورات وخصائصها الاساسية‬

‫فالواقع الفاسد يعني وجود خلل‬ ‫فالعنصر الاول يقتضي وجود ازمة ما ‪،‬‬
‫في جانب من جوانب الحياة ‪ :‬سيطرة اجنبية ‪ ،‬تجزئة سياسية ‪ ،‬تخلف اقتصادي‬
‫الخ‪،‬‬ ‫او فكري ‪ ،‬تمزق في الاواصر الاجتماعية ‪ ،‬تفاوت طبقي ‪ ،‬انحطاط خلقي‬
‫او يعني خللا من جميع الوجوه يمس كافة ميادين الحياة الاجتماعية ويقتضي اعادة‬
‫النظر في الاسس التي تقوم عليها حياة الامة ‪ ،‬والواقع العربي هو من هذا النوع‬

‫الاخر لذلك كان الامر لا يتوقف عند اصلاح جزئي بل يتناول بعث الامة العربية‬
‫لذلك تتعدد اشكال الثورات تبعا لهذا العنصر الأول ‪ ،‬فمنها الثورات القومية‬

‫ذات الطابع السياسي الصرف ‪ ،‬ومنها الثورات الاجتماعية ذات الطابع الاقتصادي‬

‫اي الثورات الصناعية والثورات الطبقية ‪ ،‬ومنها الثورات الفكرية العميقة التي‬
‫تتناول اسس التفكير كالثورات العلمية ‪ ،‬ومنها الثورات الشاملة التي تتضمن هذه‬
‫الثورات جميعها وتتطلبها وتسعى الى تحقيقها حسب مراحلها وتخطيطها لظروفها ‪،‬‬
‫والثورة العربية مقدر عليها ان تكون من هذه الثورات الكلية الشاملة ‪.‬‬

‫ان وجود التناقضات في قلب الواقع يعلن اذن عن فساده وعن حاجته الى‬
‫التبديل والتغيير ‪ .‬لذلك كان وجود الازمات في الواقع عنصرا من العناصر التي‬
‫تقوم عليها الثورة ·‬

‫لقيام الثورة ‪ ،‬وعلى خلاف‬ ‫بید ان مجرد وجود التناقضات وحده لا يكفي‬
‫الحتميين الذين يعتبرون الثورات مجرد نتيجة طبيعية لعوامل وظروف تأريخية‬
‫موضوعية مستقلة الى حد ما عن ارادة الافراد والجماعات نرى ان مجرد ذكر كلمة‬

‫يعني مسبقا ادراكا لوجودها في هذا الواقع أي وجود (ثائرين ) يؤلفون‬ ‫(تناقضات‬
‫العنصر الثاني من عناصر الثورة ·‬

‫يجب ان تلقى توضيحا كافيا هنا لان كلمة‬ ‫ان عبارة (الثورة على ( الواقع‬

‫الواقع هي التي تدفع الى الالتباس ‪ .‬ان واقع الحياة البشرية يختلف عن واقع‬
‫الطبيعة ففي الطبيعة تجري التغييرات ببطء وان كانت لا تخلو من ثورات فالزلزال‬
‫وطغيان البحر والكوارث الطبيعية تمثل بدورها جانبا حركيا حتى في واقع الطبيعة ‪.‬‬

‫‪٢٤‬‬
‫اما في واقع الحياة البشرية فالتبدل والتغير هو الاساس والسكون والتقليـ‬

‫في واقع الحياة البشرية يشكل عوائق امام‬ ‫فالذي يحدث‬ ‫والجمود هي الشذوذ ‪،‬‬
‫التطور تخنق الحياة الاجتماعية وتحبسها عن تيار التقدم وتضفي عليها شكل‬

‫المستنقع ‪ ،‬فالثورة اذن هي عملية اعادة للحياة البشرية الى وضعها السليم اي‬
‫لذلك كانت هذه العملية بحاجة الى‬ ‫وضعها في طريق التطور العام للانسانية‬

‫الارادة البشرية التي تثور على واقع مؤقت عرضي يكتسب مع الزمن صفة الثبات‬
‫فيخدع الكثيرين عن حقيقته الزائلة الى ان تأتي الثورة اي يأتي الثوار الذين ادركوا‬
‫حقیقته‬

‫فالعنصر الثاني الذي نسميه الثوار ليس مجرد أداة بالمعنى الآلي للكلمة ‪ ،‬لان‬
‫الاداة البشرية تنطوي على الوعي وعلى الايمان وعلى الارادة وعلى الفضائل التي‬
‫تجعل منها اداة ثورية ·‬

‫لذلك فنحن نعتقد ان الثورة تنضج في وجدان الافراد بقدر ما تتهيأ في‬
‫فهي عملية خلق جديد بقدر ما هي ناتجة عن ظروف وعوامل‬ ‫بنیان الواقع ‪،‬‬
‫موضوعية تشكل مادة هذا الخلق والابداع الجديدين ‪ .‬ان في عملية الثورة ما في‬
‫الابداع الفني من مبادهة فكرية ووجدانية اي من عامل ذاتي يتجلى في مقدرة‬
‫العقل على تحليل الظروف الاجتماعية وادراك المتناقضات ‪ ،‬وفي حساسية الوجدان‬
‫وتنبهه ضدها •‬

‫فالثورة اذن تبدأ ثورة داخلية في النفس أي في الفكر والارادة وكل مقومات‬
‫اي‬ ‫الايديولوجيا الثورية‬ ‫الشخصية ‪ .‬اما العنصر الثالث من عناصر الثورة فهو‬

‫منظومة الافكار التي تؤلف اتجاها سياسيا واجتماعيا يوجه خطى الثائرين ويلهم‬

‫مخططاتهم وسلوكهم ‪ ،‬فلا يكفي ان يكون هناك ثائر واحد او مجموعة صغيرة او‬
‫كبيرة من الثائرين لا تجمع بينهم آصرة فكرية وسلوكية مشتركة حتى يستطيعوا‬
‫تحقيق ثورة‬

‫فالثورة تقتضي تمهيدا فكريا وقاعدة مشتركة من الافكار والمشاعر والفضائل‬


‫حتى تكون قادرة على استبدال الواقع والنظام الحالي بنظام جديد مغاير له ومتقدم‬
‫عليه‬

‫ان تفاعل الثوار مع هذه الايديولوجية عبر نضالهم وتكيفهم معها وتطويرهم لها‬

‫هو ما يؤدي الى خلق جيل الثورة أي الجيل الجديد الذي يختلف عن الاخرين‬
‫الثورة حياة وتربية‬ ‫ويمتاز عليهم بالوعي الثوري وبالسلوك الثوري ‪ .‬لذلك كانت‬
‫وليست مجرد حادثة ‪ .‬انها تجديد الحياة على مستوى الجماعة ‪ ،‬انها بعث للفرد‬

‫في بلادنا ما نال ( الثورة ) من تشويه ‪ ،‬فبدلا‬ ‫فقد نال ( الاخلاق )‬ ‫وللأمة من جديد ‪.‬‬
‫ان تكون الاخلاق ثورة مثل وقيم واستقلالا في الضمير وحرية في الإرادة ‪ .‬نجد‬

‫مفهوم الاخلاق ينحدر الى معنى الاستسلام للتقاليد والعادات الشائعة أي الى‬
‫ضعيف يخشى التبديل والتغيير الحاسمين ويخاف حتى مجرد كلمة‬ ‫معنی سلبي‬
‫( الثورة ) ·‬

‫الاخلاق ) مضمونها‬ ‫وأفقدنا‬ ‫فصلنا الاخلاق عن الثورة حطمناهما معا‬ ‫فاذا‬

‫‪To‬‬
‫فالثوريون يتحولون الى‬ ‫الحي المتجدد كما عزلنا ( الثورة) عن معناها الاننسسااننيي ‪.‬‬
‫فيملاهم‬ ‫الفضائل الثورية والاخلاق‬ ‫تجار ثورة والى مغامرين حين تضمر فيهم‬
‫الغرور وتسيطر عليهم الانانية وينعزلون عن شعبهم وتصبح علاقتهم به کعلاقه‬
‫فالافق الانساني هو العلامة الفارقة‬ ‫الممثلين على المسرح بالنسبة الى المشاهدين ‪.‬‬
‫فعندما ترون نموذجا يوحي بالعطاء الدائم والاستعداد‬ ‫بين الثائر ومدعي الثورة ‪،‬‬
‫يتجاوز‬ ‫للبذل والعمل من اجل مثل اعلى يتحلى بالتفاؤل وحب الاطلاع والعمل ‪،‬‬

‫الصغائر في تفكيره وسلوكه يتميز بالإنسانية العميقة فأنتم امام نموذج ثائر‬

‫كذلك فان مدعي الاخلاق يتحولون الى اجهزة آلية تتحدث عنها دون ان تعمل‬
‫على تثبيتها عندما تنفصل اخلاقهم عن الروح الثورية التي تربط الاخلاق باطارها‬
‫فاذا بلغ الفساد بهذا المجتمع حدا لا مجال لاصلاحه بغير‬ ‫‪.‬‬ ‫الحي وهو المجتمع‬

‫الثورة ‪ ،‬عرف الاخلاقيون ان الثورة هي الاخلاق وانها يجب ان تبدا داخل تفكيرهم‬
‫في مستوى المرحلة التأريخية التي‬ ‫لكي تكون اخلاقهم‬ ‫وداخل نفوسهم وسلوكهم‬

‫تجتازها امتهم ‪ ،‬والا فان الاخلاق غير الثورية لا تعدو كونها قشرة سطحية يابسة‬
‫فقدت صلتها بالجذع واستحالت الى مجرد كلمات ميتة‬
‫ففي‬ ‫لقد اجتازت البشرية مرحلة الطفولة الثورية الى مرحلة النضج الثوري ‪،‬‬
‫فعل على ضغط او كبت اما اليوم فالثورات قد‬ ‫القديم كانت الثورات مجرد ردود‬
‫تجاوزت ردود الفعل الى مستوى آخر هو ارادة التغيير والتصميم على اعطاء‬
‫حاجاتــــــــــــه‬ ‫المجتمع صورة جديدة اسلم من الصورة السابقة واصدق تعبيرا عن‬

‫ومتطلباته ‪ .‬لذلك كانت الاندفاعات المرتجلة وكان ضعف التنظيم وسيطرة العلاقات‬
‫العاطفية والشخصية وتقديس الفرد والتعلق بالزعيم خصائص تميز مرحلة الطفولة‬
‫ولا تتفق مع صفات الثورات الحديثة ‪.‬‬

‫في الماضي كانت الثورات تعبيرا عن عصبيات قائمة في الواقع تشكل جزءا‬
‫من تكوينه كالعصبية القبلية او العائلية او العرقية او الدينية ‪ ،‬اما اليوم فان‬

‫الثورة تنطوي على عصبية تربط بين جيل جديد يتكون مع الثورة في تفكيره‬
‫فهي ليست عصبية جاهزة بل هي « عصبية » تتكون مع الثائـ‬ ‫وسلوكه ‪،‬‬
‫وتكونه وتجعله شخصية جديدة لها قيم جديدة تشكل نواة المجتمع قادرا على‬

‫الانفصال عن الواقع وتناقضاته لكي يصبح الثوري مجتمع المستقبل المنشود لا‬
‫مجتمع الحاضر الفاسد‬

‫في الفكر والاسلوب فان‬ ‫فاذا لم يتوفر للثورة هذا الجيل الثوري المنسجم‬
‫بناءها الثوري يكون على الرمل ‪ ،‬لان الثورة ليست مجرد شعارات بل هي مجتمع‬

‫فاذا لم تتجسد الثورة بجيل بكامله كانت ثورة‬ ‫جديد يتكون مع جيل الثورة ‪،‬‬
‫تجريبية تفتقد اهم عناصر نجاحها وسلامة اتجاهها ولا تتعدى مستوى الطفولة‬
‫الثورية ·‬

‫فلا ثورة بالمعنى الحديث دون نظرية في العمل الثوري تلهم الثوار وتحدد‬
‫خطاهم وتقدم لهم وسيلة لفهم الواقع ودراسته وتحدد معالم شخصيتهم وقضيتهم‬
‫ودورهم التأريخي‬

‫‪٢٦‬‬
‫ولا ثورة بدون جيل ثوري تتجسد فيه الفضائل الثورية والخصال التي تميزه‬

‫في تفكيره وسلوكه مرتبط بقيم المجتمع الثوري‬ ‫عن الاجيال الاخرى جيل منسجم‬

‫ومنفصل عن الواقع الفاسد‬

‫ولا ثورة بالمعنى الحديث دون تجاوز لمرحلة الطفولة الثورية الى مرحلة النضج‬

‫الثوار بعضهم ببعض‬ ‫ومقاييس موضوعية ثابتة تربط‬ ‫الثوري اي دون روابط‬
‫فوق مرحلة الارتباط الشخصي وفوق سيطرة الاعتبارات العاطفية ‪ .‬ان‬ ‫وتجعلهم‬
‫هذا المستوى لا يتوفر الا عندما يكون ارتباط الثوار بحركتهم ارتباطا بحقيقة تذوب‬
‫اي عندما يكون ايمانهم بقضيتهم مطهرا‬ ‫فيه كل الرواسب التي ورثوها عن واقعهم‬
‫لهم من كل ما يحد من ثوريتهم او يسيء اليها او يدخل الزيف عليها‬

‫كيف يمكن ان تحقق مثل هذه الثورة في حياة شعبنا ؟‬

‫ان صفة الكلية والشمول التي تقتضيها الثورة العربية اي طابعها القومي‬
‫الاشتراكي الهادف الى تحرير الانسان من القيود التي تحد من تفتح انسانیته ‪ ،‬والی‬
‫اعتبار مشاركته في توجيه امور الدولة اساس الحياة الديمقراطية الجديدة ‪ ،‬ان‬
‫هذه الخصائص تحدد القوى الطبيعية التي تقوم عليها الثورة العربية وهي ‪ :‬العمال‬

‫الفلاحون ‪ ،‬الجنود ‪ ،‬الطلاب والمثقفون الثوريون ‪ .‬ان هذه القوى لا تستطيع ان‬
‫تقوم كل منها منعزلة عن الاخرى بعبء الثورة فلا بد من ان تلتحم جميعها داخل‬
‫حركة ثورية واحدة ‪ .‬ان الطلاب والمثقفين هم من الثورة بمثابة فكرها والعمال‬
‫والفلاحون بمثابة الاجهزة المنتجة فيها والجنود دمها الحار الذي يجري في عروقها ‪.‬‬
‫تشمل المثقفين الثوريين‬ ‫في حياة شعبنا اذا لم‬ ‫فالثورة لا تتحقق كاملة‬
‫والعمال والفلاحين والجنود ‪ ،‬وكل عنصر من قوى الثورة مثقفا كان أم عاملا ام‬
‫فلاحا ام جنديا متأخر عن تلبية نداء الثورة العربية انما يسجل على نفسه مسؤولية‬
‫‪.‬‬
‫تأريخية ‪ ،‬انه يعيق تطور هذه الثورة ويؤخر عملية تحقيقها في الواقع العربي‬
‫فزيادة عدد الثوريين ليس هو‬ ‫ولكن لا بد من القول ان الغاية ليست هي الكم‬
‫الهدف والقصد بل الغاية هي في النوعية بالدرجة الاولى ‪ ،‬فنحن من خلال عملنا‬
‫يستطيع ان يكون على‬ ‫الثوري نريد ان نقدم للانسانية النموذج الجديد الذي‬
‫مستوى الانسانية‬

‫فالنوعية الثورية اي تحقق الفكر الثوري والاخلاق الثورية في سلوك الثائر‬


‫هي الاساس لان القوى المعادية للثورة ليست مجرد قوى خارجية تتمثل في‬
‫الاستعمار والرجعية ‪ ،‬بل كثيرا ما تكون القوى المعادية للثورة داخليا كامنة فيها ‪،‬‬

‫فضعف الثقافة والوعي الثوريين وضعف روح الانضباط والغرور والانتهازية‬

‫في جسم الثورة وتهدمه وكثيرا ما تنال روح الثورة ذاتها‬ ‫والانانية امراض تفتك‬
‫فتشوهها او تقضي عليها ‪ .‬بقي علينا ان نجيب على السؤال الاخير ‪:‬‬

‫‪۲۷‬‬
‫كيف نحقق معنى الثورة في الوطن العربي ؟‬

‫فنسبة الأمية ونسبة الوفيات‬ ‫ان المجتمع العربي في واقعه الحالي متخلف ‪،‬‬
‫في توزيع الثروة والتجزئة السياسية‬ ‫العاليتين وضعف الدخل القومي والتفاوت‬
‫الخ ‪ ..‬كل هذه المظاهر تعكس البنية الهرمة للمجتمع العربي الراهن‬

‫فاذا اردنا ان نتصدى الى تغيير الواقع اصطدمنا بوجود اجهزة مقاومة لكل‬
‫تطور واصطدمنا بوجود مجموعة من المفاهيم المتخلفة عن روح العصر وبعقليات‬
‫داخل هذا المستنقع الراكد‬ ‫متحجرة وبمؤسسات تتركز فيها القوى المعادية للثورة‬

‫يعيش الانسان العربي اليوم ‪ .‬ان الثوار العرب يحاولون تجفيف هذا المستنقع‬
‫وزراعته وتحويل مياهه وتنظيم سقايته لكي يتحول من مستودع للآفات والامراض‬
‫الى ارض كلها غنى تفيض بالخير العميم على سكانها وعلى من حولها ‪ ،‬كما كان من‬
‫انهم يضعون نصب أعينهم‬ ‫قبل عندما كان اجدادنا على رأس القافلة البشرية ‪.‬‬

‫العلمي والتنظيم‬ ‫والتخطيط‬ ‫تحقيق اهداف الشعب ويعلمون ان النضال الدائم‬

‫الشعبي العقائدي هي وسائل هذا التحقيق ‪ ،‬الا انهم يعلمون كذلك ان هناك قوى‬
‫فان تحقيق معنى‬ ‫لذلك‬ ‫معادية كثيرة تقف في وجه تحقيق رسالتهم التأريخية ‪.‬‬

‫الثورة في داخل الواقع العربي انما يكون بقلب البنية السياسية والاقتصادية‬
‫والاجتماعية والفكرية لهذا الواقع •‬

‫نحن مطالبون بان نحقق وحدة هذه الامة العربية من محيطها الى خليجهـا‬
‫ولكننا نصطدم في سبيل هذا الهدف الاول من اهداف ثورتنا العربية بواقع‬
‫ونحن مطالبون بتحقيق‬ ‫يجزىء الارض والنفوس ويبعثر القوى ويفتت الجهود •‬
‫الاشتراكية لنجعل العدد الاكبر من ابناء امتنا هو الرقيب والموجه والحارس لهذه‬

‫فنصطدم بمصالح رهيبة جشعة‬ ‫الوحدة ولنحرر مجتمعنا من الاستغلال الطبقي ‪،‬‬
‫تحاول تخريب كل خطوة نحو هذا الهدف ·‬

‫فالقوى الخارجية والداخلية التي تعيق وتقاوم وتشوه وتضلل وتفسد هذه‬
‫الوحدة تطمع في الوصول الى غايات تجعل تحقيق اية وحدة سليمة امرا مستحيلا ‪.‬‬
‫انها تفتش عن وحدة تخدم اغراضها ‪ -‬اغراض القوى المعادية للثورة ‪ -‬فاذا‬
‫لم تتحقق مثل هذه الوحدة راحت تفتت القوى الثورية وتخلق التناقضات فيما‬

‫فيسهل عليها بعد ذلك ان تدعم التجزئة في النفوس وفي الواقع معا‬ ‫بينهم‬

‫ان هذه القوى المعادية للثورة ذاتها هي التي تحاول ان تضرب الاتجاه‬
‫الاشتراكي للثورة العربية بوسائل متعددة ابسطها خلق الصعوبات امام التجارب‬
‫لذلك‬ ‫‪،‬‬ ‫والخطوات الاشتراكية وزرع الانقسام داخل الحركة الاشتراكية نفسها‬
‫كانت مسؤولية القوى الثورية تقوم على وعي هذا المخطط التخريبي وعلى محاولة‬
‫تحطيمه لكي تحافظ على وحدتها والا فلا بد ان ينجح التخريب وأن توفر الحركة‬
‫الثورية على اعدائها المعارك لانها هي التي تقدم لهم الاسلحة لكي يجهزوا عليهـ‬
‫وتدلهم على مواقعها ومواطن الضعف فيها •‬

‫ان تحقيق الوحدة العربية على اسس سليمة لا يمكن ان يتم اذن الا عن طريق‬

‫‪۲۸‬‬
‫ثوري وكذلك تحقيق الاشتراكية ‪ ،‬وعندما نقول عمل ثوري نعني عمل علمي يقوم‬
‫على النضال المنظم وعلى تحليل الواقع وتخطيط التحول الوحدوي والاشتراكي‬

‫الرامي الى بعث الامة العربية وتخليصها من كل قيد يحد من قدرتها على التعبير عن‬
‫ذاتها والافصاح عن ممكناتها‬

‫فالذين يتجاهلون المخطط العالمي الصهيوني والاستعماري الهادف الى تفتيت‬


‫القوى الثورية في الوطن العربي او ابقائها في مرحلة الطفولة الثورية او تزييفها‬
‫والذين لا يأخذون بعين الاعتبار المرحلة التي تمر بها الثورة فيطرحون شعارات ذات‬
‫بريق ثوري لكي يحولوا الانظار عن خط سيرها الطبيعي والذين يعتقدون ان مجرد‬
‫ان جميع هؤلاء في منأى عن روح الثورة‬ ‫استعارة اسم الثورة العربية كاف‬
‫وعن امكانية تجسيدها في نفوسهم وفي الواقع العربي ‪.‬‬

‫‪۲۹‬‬
‫) ‪(1‬‬
‫حول النظام الداخلي الجديد‬

‫ان احد القضايا الاساسية التي عالجها مؤتمر الحزب ( ‪ ) ۲‬كانت قضية التنظيم‬
‫في الحزب وتنسيق علائقه الادارية على نحو يتلاءم مع هذه المرحلة من نمو الحزب‬
‫‪.‬‬ ‫وتطوره‬

‫ان ظروف الحزب الحاضرة ومتطلبات انطلاقته الجديدة تتطلب علائق حزبية‬

‫ينسقها ويشذبها نظام داخلي يستوعب انطلاقة الحزب ويغذيها ‪ ،‬ويكون في تطبيقه‬
‫فيه طبيعة الحزب واهدافه واسلوبه‬ ‫إداة ثورية فعالة تتمثل‬

‫ان النظام الداخلي الجديد الذي اقره المؤتمر القومي كان نتيجة لمجموع خبر‬
‫‪ ،‬وقد استوحى هذا النظام ‪.‬‬ ‫والقومي‬ ‫الحزب التنظيمية على الصعيدين القطري‬

‫والتعديلات التي طرأت عليه اثناء المؤتمر من اهداف الحزب في التنظيم والتي‬
‫ادرجت في مقدمة النظام الداخلي‬

‫ان تلك الاسس التي نصت عليها مقدمة النظام كانت نفس الاسس التي‬
‫ت ضرورة ادخال تعديلات اضافية على النظام القديم المتبع وعلى ضوء تلك‬
‫اظهرت‬
‫‪.‬‬
‫الاسس سنراجع اهم تلك التعديلات كل في حقله‬

‫‪ - ۱‬وحدة الحزب القومية‬

‫ان القيادة القومية لحزبنا هي التجسيد العملي لوحدة الحزب القومي وان‬
‫تشكيل هذه القيادة وصلاحياتها هما مقياس هذه الوحدة الحزبية ‪ .‬ولقد عدل‬

‫النظام الداخلي بما يؤكد وحدة الحزب القومية ويخلق من القيادة القومية جهازا‬
‫فعالا له من الامكانيات ما يكفي لكي يقود جميع اجزاء الحزب قيادة قومية فعالة ‪.‬‬
‫فمن حيث تشكيل القيادة ‪ ،‬نص النظام على انتخابها من قبل المؤتمر القومي‬
‫ومن بين اعضائه ‪ ،‬دون الاخذ بالتمثيل القطري كما جاء في النظام السابق وراعى‬
‫النظام تأمين فعالية القيادة فاشترط وجود مكتب قومي متفرع يقوم بمهام القيادة‬

‫القيادة القومية ‪ :‬النشرة الدورية ‪ ،‬ايار ‪• ١٩٦٠‬‬ ‫( ‪)1‬‬


‫اي المؤتمر القومي الثالث – المحرر ‪-‬‬ ‫(‪) ۲‬‬

‫‪٣٠‬‬
‫ه) •‬
‫القومية في حالة عدم انعقادها (المادة ‪ - ١٤‬الفقرة (‬

‫فقد راعى النظام كونها اعلى هيئة قيادية في‬ ‫ومن حيث صلاحيات القيادة ‪،‬‬
‫الحزب فمنحها من الصلاحيات ما يؤمن لها هذه الصفة وما يتمشى مع حقيقة‬

‫ازداد تشابك وتفاعل‬ ‫وحدة الحزب وظروف الوطن العربي السياسية حيث‬
‫الاوضاع القطرية والقومية‬

‫‪ - ٢‬المركزية في الحزب‬

‫لقد اكدت التعديلات على النظام الداخلي مبدأ المركزية في الحزب ضمن‬
‫ولقد حددت المسؤوليات بما يناسب طبيعة الحزب‬ ‫الديمقراطية في اجهزته ‪،‬‬
‫الثورية وبما يتمشى مع حرصه على التجانس والتناسق في كل منظماته فنری ان‬
‫مسؤولة مسؤولية مباشرة امام القيادات التي‬ ‫قيادات الفرق والشعب والفروع ‪،‬‬
‫تلي كل منها في التسلسل وليست أمام مؤتمراتها كما في القيادات القطرية‬
‫حقل الصلاحيات والواجبات‬ ‫والقومية‬

‫وان المواد الاخرى المدرجة في الحقل نفسه تشرح كيفية محاسبة المسؤولين‬
‫من اعضاء القيادات المختلفة في الحزب وتسهل تحديد الاخطاء والنواقص ‪ ،‬وتهيء‬
‫معالجتها والحد من انتشارها وتسربها ‪.‬‬

‫‪ - ٣‬الديمقراطية‬

‫يكفل النظام الداخلي للعضو الحزبي الحرية الكاملة في مناقشة اشخاص‬


‫الحزب وهيئاته وقراراته ضمن جهاز الحزب وبروح حزبية بناءة ‪ .‬ولقد عالجت‬

‫فنرى‬ ‫‪،‬‬ ‫في استكمال جوانب الديمقراطية في الحزب‬ ‫التعديلات بعض النواقص‬
‫الشعب والفروع والاقطار) حددت بحيث ان‬ ‫مثلا ان عضوية المؤتمرات الحزبية‬

‫مجموع اعضاء اي مؤتمر لن يقل عددهم عن اربعة اضعاف القيادة الممثلة في ذلك‬
‫المؤتمر ( المادة (‪ ) ۱٥‬وفي هذا دون شك تأكيد للديمقراطية وتوسيع للتمثيل القاعدي‬
‫في تلك المؤتمرات‬

‫ولقد اشترط النظام الداخلي ايضا ممارسة العضو للديمقراطية الحزبية‬


‫ونصت الفقرة ي ‪ -‬المادة (‪ ) ۱۲‬على ضرورة ممارسة الحزبي لحقه في النقد البناء‬
‫والنقد الذاتي ‪.‬‬

‫الثورية في اجهزة الحزب وتجانس الاجهزة الحزبية ‪:‬‬

‫سهولة ومرونة الاجهزة‬ ‫ان الثورية في التنظيم الحزبي ‪ ،‬تعني اساسيا ‪،‬‬
‫الحزبية بحيث تكون وسيلة فعالة لتحقيق اهداف الحزب الثورية ‪ ،‬وان لا تقف‬

‫‪۳۱‬‬
‫في حد ذاته غاية بدلا‬ ‫في اي لحظة عقبة تحجب عن الحزب غاياته فيصبح التنظيم‬
‫من وسيلة‬

‫أن اهم ما يدعم الثورية في اجهزة الحزب هو وجود الهيئات القيادية القادرة‬

‫على تحمل أعباء العمل الثوري والمحافظة على استمرارية نشاط الحزب وفعالياته‬
‫في كل حقل من الحقول ‪.‬‬

‫اننا نعلم ان حزبنا في مرحلته الحاضرة قد خرج من مرحلة النشوء في معظم‬


‫قطارنا وقد اكتمل نموه وتكاملت اجهزته مما يجعل منه عاملا فعالا في الحياة‬
‫السياسية في غالب الاقطار العربية ‪ .‬ان مرحلة الاكتمال التي بلغها التنظيم القطري‬
‫في اجزاء متعددة لحزبنا تتطلب من الاجهزة الحزبية اتصالات واسعة بجماه‬
‫البلد وهيئاته السياسية وتحتم وجود المبادرة دوما في يد الحزب وان تكون اجهزته‬

‫منبثة في جميع نواحي حياة البلد ‪ ،‬ان هذه المتطلبات جميعا جعلت وجود مكاتب‬
‫لذلك فان اقرار النظام الداخلي لمبدا‬ ‫سياسية متفرغة امر لا مفر منه اطلاقا ‪.‬‬

‫بالنسبة لظروف الحزب ومرحلة‬ ‫التفرغ في الحزب كانت نتيجة طبيعية وضرورية‬
‫المادة) ‪ - )١٤‬الفقرة (‪ . ) ٤‬ان الثورية في الحزب تعني ايضا تهيئة حزبيين‬ ‫نموه‬
‫لذلك اشترطت الانضباط الحزبي وتوجيه النقد بما‬ ‫سالحير وتهيئة الفرص لها ‪.‬‬
‫للحزب ثوريته واستقامة سلوك اعضائه •‬ ‫يحفظ‬

‫وفي حقل العضوية اشترط النظام ان يربي المرشحون لعضوية الحزب تربية‬
‫قبل ان يكونوا اعضاء‬ ‫ثورية صحيحة وان يكون عملهم وسلوكهم ضمن جهاز الحزب‬

‫لذلك فان ( الفقرة ج المادة‪)۸‬‬ ‫موضع درس ومراقبة القيادات المختصة‬ ‫عاملين فيه‬
‫زادت مدة التدريب من ستة اشهر الى سنة وجعلت موافقة القيادة المختصة شرطا‬

‫لكي ينتقل العضو المتدرب الى مرتبة العضو العامل‬

‫في تشكيل اجهزة الحزب فادخلت‬ ‫لقد عالج النظام ايضا ضرورة التجانس‬
‫تعديلات كثيرة على كيفية تشكيل الاجهزة الحزبية والقيادات المختلفة وتحديد عدد‬
‫اعضاء القيادات القومية والقطرية ‪ ،‬ووضعت شروطا واضحة وثابتة لعضوية‬
‫مختلف مؤتمرات الحزب‬

‫وفي حقل العقوبات الحزبية ‪ ،‬راعى النظام الداخلي توضيح هذه العقوبات‬
‫وتسهيل كيفية استعمالها ‪ ،‬كما وانه اوضح بان هذه العقوبات ‪ -‬عدا عن عقوبة‬
‫الفصل ‪-‬‬
‫سلوك الرفيق الحزبي وحثه على اصلاح‬ ‫لتقويم‬ ‫ما هي الا وسيلة‬
‫اخطائه ‪.‬‬

‫اضافة الى ما اشرنا اليه في التعديلات على النظام فان هنالك نقاط اخرى‬
‫اقل اهمية ‪ ،‬كلها جاء عن دراسة دقيقة لظروف الحزب ومتطلباته وكلها يخدم‬

‫عدفا من الاهداف التي نصت عليها مقدمة النظام والتي استوحت منها مواده‬

‫ان القيادة القومية تقرر ان اصدار هذه النشرة وتبلغ القيادات المختلفة بها‬
‫و اطلاع الاعضاء عليها تعتبر بمثابة امر حزبي لتطبيق احكام النظام الداخلي الجديد‬
‫من حينه وان أي تلكو في التطبيق او تجاهل لاحكام النظام سيعتبر ذنبا حزبيا‬
‫يعاقب عليه ونقا لاحكام هذا النظام‬

‫‪۳۲‬‬
‫ان محاولة تنظيم الحزب حسب النظام الداخلي الجديد لا بد وان تثير بعض‬
‫المسائل التنظيمية الهامة لدى القيادات مما يتطلب منها الدراسة والشروح ‪ .‬لذلك‬
‫فاننا نوصي جميع القيادات والاعضاء بضرورة القيام بدراسة دقيقة للنظام الداخلي‬

‫لمعرفة التعديلات التي تهم كل قيادة حسب اختصاصها ولترفع اي استفهام او‬
‫استيضاح الى القيادة الاعلى حسب التسلسل‬

‫ان القيادة القومية تعلم ان التطبيق الحزبي لهذا النظام لا يكفي وحده لتجسيد‬
‫ثورية الحزب في عمله الداخلي ‪ ،‬ما لم يكن هذا التطبيق مصحوبا بالوعي والتفهم‬
‫لمتطلبات حركتنا ومدعوما بالاخلاص للحزب والايمان بانطلاقته الجديدة ‪.‬‬ ‫العميقين‬

‫مقدمة النظام الداخلي ( ‪) 1‬‬

‫ينبثق هذا النظام من نظرية الحزب القومية الاشتراكية الديمقراطية‬


‫والاخلاق والعمل ‪ ،‬واهم اسسها ‪:‬‬ ‫التنظيم‬
‫‪-‬‬
‫في السلوك اليوم‬ ‫والتجسيد الكامل لنظريته‬ ‫‪،‬‬ ‫تطبيق مبادىء الحزب‬
‫للعضو الحزبي‬
‫‪ - ٢‬وحدة الحزب في النظرية والعمل المعبر عن حقيقته القومية الاشتراكية‬
‫الديمقراطية الثورية ‪.‬‬

‫‪ -‬التمسك بالديمقراطية المركزية ‪ ،‬والقيادة الجماعية ‪ ،‬والنقد والنقد الذاتي ‪،‬‬


‫كاملة‬
‫والتي يحدها احترام الحرية الحزبية الايجابية الخلاقة ‪ .‬والقيادة كاملـ‬

‫‪.‬‬ ‫الصلاحيات في غياب المؤتمر ‪ ،‬كاملة المسؤولية امامه في حال انعقاده‬


‫ومن‬ ‫هذا النظام من متطلبات منطق التنظيم الحزبي الثوري ‪،‬‬ ‫ويستلهم‬
‫في كافة مستويات الحزب‬ ‫جعل العلاقات الحزبية علاقات مبدئية موضوعية‬
‫‪ ،‬وتحل المصلحة‬ ‫ودرجاته وفي خططه ونشاطه بحيث يحل الحزب محل الشخص‬
‫الحزبية محل المصلحة الشخصية ‪ ،‬ويحل القرار الحزبي محل الرأي الشخصي‬
‫في هذا النظام بروحه ونصوصه بمراعاة‬ ‫وتتحقق هذه الاسس والتنظيمات‬
‫الامور التالية ‪:‬‬

‫ا ‪ -‬احترام حق العضو الحزبي في المشاركة الحزبية في حياة الحزب‬


‫ومصيره ‪ ،‬وذلك بالاشتراك في انتخاب هيئاته ‪ ،‬والاسهام بحرية في مناقشة كافة‬
‫شؤونه وسياسته وهيئاته واشخاصه ‪ ،‬واعتبار ممارسة العضو لهذه الحرية حقا‬

‫له وواجبا عليه ‪ ،‬لانها من اهم منابع الابداع الحزبي ومن الضمانات الاساسية لمنع‬
‫الانحراف والانتهازية في الحزب‬
‫‪ - ٢‬فهم الحرية فهما ايجابيا حزبيا يفترض ان تكون نقيضا للفوضى ‪ ،‬وان‬

‫(‪ ) 1‬وهو النظام المعمول به حاليا ‪ ،‬وكان المؤتمر القومي السادس قد اقر هذه المقدمة ‪.‬‬

‫‪-‬‬ ‫‪۳۳‬‬
‫في التنظيم والتربية الحزبية – ‪٣‬‬
‫تستهدف البناء وهي تمارس الهدم ‪ ،‬لا ان تمارس الهدم بحد ذاته او من اجل‬
‫ولا يجوز ان تمارس الا ضمن تشكيلات الحزب وهيئاته‬ ‫ارضاء رغبة شخصية‬

‫مع مراعاة دقيقة لمبدأ التسلسل الحزبي‬

‫‪ -‬التحريم المطلق لجعل اي راي يبديه العضو في اية جلسة او هيئة حزبية‬
‫‪ ٣‬ـ‬
‫اساسا لاتهامه او سببا للتهجم عليه •‬

‫‪-‬‬
‫‪ ٤‬ـ اعتبار راي الاكثرية في اية منظمة حزبية مختصة وحول اي امر هو راي‬
‫الحزب فيه ‪ ،‬ورأي الاكثرية هو المقياس الوحيد لمصلحة الحزب وحزبية الموقف‬

‫وعلى الاعضاء تبنيه والدفاع عنه وضمان حق الاقلية بالاحتفاظ برأيها مع التزامها‬
‫براي الاكثرية‬

‫ان اعضاء المؤتمرات ينتخبون من بين اعضاء القيادات والمؤتمرات التي دونها ‪،‬‬
‫وان اعضاء القيادات ينتخبون من بين اعضاء المؤتمر ‪ ،‬وفي هذا تقوية للتماسك‬
‫القيادي في الحزب وتحقيق الارتباط التنفيذي فيه ‪ .‬ثم ان اعضاء القيادة الدنيا‬
‫ينتخبون من بين اعضاء الفرقة ومنهم تنبثق المؤتمرات ‪ ،‬كما ان‬ ‫قيادة الفرقة‬
‫مسؤولة مسؤولية ثقة أمام مؤتمراتها •‬ ‫القطرية والقومية‬ ‫القيادات العليا‬
‫و تتحقق الديمقراطية في هذا النظام ‪ ،‬لان اعضاء القيادات الدنيا ‪ -‬قيادات‬

‫قاعدة الحزب ‪ ،‬انتخابا‬ ‫‪ ،‬وهم‬ ‫الفرق ‪ -‬ينتخبون من قبل اعضاء الفرقة انفسهم‬
‫مباشرا ومنهم تنبثق المؤتمرات بالانتخابات ايضا ‪ .‬وتتحقق المركزية بخضوع الاقلية‬
‫للاكثرية ‪ ،‬والقيادات الدنيا للقيادات العليا ‪ .‬وتتحقق الديمقراطية في هذا النظام‬
‫‪.‬‬
‫بممارسة الاعضاء لكافة حقوقهم بوعي وحرية واحترام العلاقات الحزبية‬
‫ه ‪ -‬ان لبنية الحزب الاجتماعية دورا هاما في حماية هذه الاسس الثورية‬

‫وفي حماية وحدة الحزب واستعداده النضالي الثوري ‪ ،‬اذ ان اعتماد الحزب عل‬
‫قاعدة من العمال والفلاحين وصغار الكسبة والجنود وكافة الثوريين عسكريين‬
‫ومثقفين ‪ ،‬يشكل انعكاسا حيا لاهدافه القومية والاشتراكية في تركيبه الاجتماعي‬
‫کجهاز عامل متحرك‬

‫‪٣٤‬‬
‫الحزب ( ‪) ۱‬‬ ‫كيف نفهم وحدة‬

‫الوحدة في البعث العربي‬

‫لقد نادى حزبنا بفكرة القومية العربية والتجسيد العملي لها وهو الوحدة‬
‫وشرح في كتاباته هذا المفهوم وحدده بانه الشعور الذي يربط العرب جميعا بانهم‬
‫ينتمون لأمة واحدة ‪ ،‬ذلك الشعور ‪ ،‬الذي هو احساس داخلي عميق ‪ ،‬مقرون‬
‫بالایمان بان لهذه الامة رسالة خاصة بها لا تتحقق الا اذا نهضت وتجددت حياتها‬
‫فالقومية العربية فكرة‬ ‫‪.‬‬ ‫اي اذا توحدت بمجتمع تقدمي حر اشتراكي متطور‬

‫تجسدها امة موحدة قوية يسترجع الفرد فيها انسانيته وحريته الحقيقية وتقدم‬
‫اهم في تقدم البشرية ·‬
‫للعالم تجربة مفيدة وتس‬
‫‪ ،‬وكلما ازداد تفتحها‬ ‫والفكرة هذه تتفتح في الافراد وتنبع من اعماقهم‬
‫ة والتحمت اجزاؤها المبعثرة ‪ .‬ان الوحدة العربية هي التعبير‬
‫اقتربت الامة من الوحد‬
‫العملي عن تحقيق الفكرة والوسط الذي تستطيع الفكرة فيه ان تثمر وتؤدي‬
‫مفعولها ‪ .‬لذلك فوحدة الامة العربية ليست اجراءا سياسيا نقول به لفوائده‬

‫القريبة التي تفوق اضراره بل هي التعبير السليم عن تحقيق فكرة الامة العربية التي‬
‫بدونها لا تكون هناك قومية عربية ‪ .‬من ذلك نستنتج بان الوحدة العربية تعني في‬
‫الدرجة الاولى وقبل كل شيء وحدة الشعب العربي في الفكر والروح والاتجاه‬
‫وتحقيق وحدة الفكرة والروح والاتجاه تتطلب ان نتجه للشعب الذي هو مادة‬
‫وهذه النظرة للوحدة العربية تختلف عن النظرة السياسية التي خرجت‬ ‫العمل‬

‫من الغرب حيث تمت وحدة المانيا ووحدة ايطاليا لا عن طريق النضال الشعبي من‬
‫اجل الفكرة وترسيخها بل عن طريق العمل السياسي الصرف مع حكومات الولايات‬
‫فالوحدة على النمط الغربي تعني في الدرجة الاولى‬ ‫وامراء الاقاليم والملوك ‪.‬‬
‫الوحدة السياسية وتوحيد السلطة والقوانين والجنسية ‪ .‬ان هذا الاختلاف بين‬
‫النظرة الحية الشعبية الفكرية التي ينادي بها حزبنا وبين النظرة القانونية السياسية‬

‫في الغرب هو الذي يؤدي للاختلاف في الاساليب والوسائل‬ ‫المجردة التي سادت‬

‫من تقرير قدم للمؤتمر القومي الثالث ‪١٩٥٩ ،‬‬ ‫(‪) 1‬‬

‫‪٣٥‬‬
‫ونقاط البدء ‪ .‬اننا في عملنا للوحدة العربية نبدأ بالشعب العربي لنقلب تفكيره‬
‫ولنجدد روحه ولنوحد اتجاهه ‪.‬‬

‫المبدأ الاساسي الثاني الذي تقوم عليه نظرتنا للوحدة العربية هو الثورية ‪،‬‬

‫اي اتباع الاسلوب الثوري الذي يتمرد على الحواجز والحدود والاعتبارات المحلية‬
‫‪ .‬ان اختيار الاسلوب‬ ‫والاوضاع الاقليمية وكل ما يرتبط بها من مصالح وقوى‬

‫الثوري لتحقيق الوحدة لم يأت اعتباطا ولا بسبب اندفاع عاطفي حماسي بل نتيجة‬
‫لتشخيص علمي واقعي لوضع الامة العربية ‪ .‬ان حالة التفكك والضعف وقوة‬
‫التجزئة قد بلغت حدا لم يعد من الممكن التغلب عليها الا باسلوب ثوري يقوم على‬
‫‪.‬‬ ‫نظرة جذرية للامور ومجابهة نضالية عنيفة للواقع‬

‫ان النضال العنيف حالة فكرية ونفسية عالية في التحرر والانعتاق من المصالح‬

‫لذلك فهي الحالة السليمة التي يدرك بها الشعب زيف التجزئة وضرورة الوحدة ‪.‬‬
‫وقد اوضح الرفيق ميشيل عفلق هذين المبدأين الملازمين بحديث له مع طلبة‬
‫المغرب العربي الذين سألوه عن وحدة المغرب العربي فقال ‪:‬‬
‫بالنسبة الى الامم التي طرأ عليها التأخر والانحطاط والجمود اجيالا من‬
‫الدهر كأمتنا العربية ‪ -‬وهذا شيء لا مجال لنكرانه ‪ -‬احسن حالة يمكن لأمـــة‬
‫حالة النضال · فالامة‬
‫متأخرة لكي تتوحد ولكي تشعر بشخصياتها ومؤهلاتها ‪ :‬هي‬
‫شيء مجرد ‪ ..‬هو في اذهان الجيل الجديد ‪ ،‬ولكنها‬ ‫العربية هي شيء الآن‬

‫في كل مكان موجود فيه شباب‬ ‫هي حلم في اذهاننا‬ ‫عمليا غير متحققة‬

‫يؤمن ان امته قادرة على الانبعاث وستعود مجموعة حية في المستقبل‬ ‫مؤمن‬

‫ولكن عمليا هل هناك امة عربية متحققة ؟ انها متحققة في كل مكان يوجد فيـــه‬
‫نضال ‪ ،‬وبشكل خاص اذا كان جديا يواجه الموت في كل ساعة ‪ ..‬في حالة مجابهة‬
‫اثقال‬ ‫الموت ترتفع الغشاوات وكل اثقال الجمود التي تراكمت خلال القرون‬
‫الجهل والمصالح المختلفة الانانية وغير ذلك ‪..‬‬
‫لوضع التجزئة نظرة مستمدة منه هي نظرة التجزئة التي هي موجودة لا عند‬
‫الحكومات فقط بل في الشعب نفسه ‪ .‬هناك تفكير التجزئة والمصالح المرتبطة بها‬
‫والقوى التي تسندها والثقافة التي ترشحت منها وطبعت الجيل بطابعها وتبقى‬

‫تطبع كل جيل جديد يأتي ‪ .‬يضاف لها قوى المصالح المادية والمعنوية للفئات الحاكمة‬
‫والطبقات المنتفعة المستغلة المرتبطة بوضع التجزئة ‪ .‬كل هذه القوى لا يمكن ان‬

‫تقهر الا اذا تكون تيار شعبي منتظم بحركة ثورية تغير التفكير والنظرة السائدة‬
‫وتضغط على الفئات الحاكمة والطبقات‬ ‫وتحل محلها النظرة والتفكير الوحدوي ‪،‬‬
‫المستغلة المنتفعة ‪ .‬عندها فقط تهدم الحدود السياسية والاجتماعية والاقتصادية‬
‫وينعكس التيار ويتغير مجرى التطور شطر التوحيد ‪.‬‬

‫التطبيق العملي للنظرية‬

‫هذا‬
‫هو ملخص نظرية الوحدة في حزبنا ‪ .‬وهي نظرية جديدة لم يسبق لحزب‬

‫‪٣٦‬‬
‫فالاحزاب القومية الاخرى كانت‬ ‫من الاحزاب ان وضعها بمثل هذا الوضوح •‬

‫ولا تزال الى اليوم تقول بالوحدة بشكل عام غير واضح ‪ ،‬لا يتعدى مجرد التمني‬
‫‪.‬‬
‫بتوحيد الامة العربية ‪ .‬فهي لم تحدد مدى خطورة التجزئة ولا اسلوب معالجتها‬
‫وليس أدل على عمومية وسطحية نظرة الفئات الاخرى وبعدها عن النظرة العلمية‬

‫من أنها في الوقت الذي تدعو فيه للوحدة نجدها تحصر نشاطها وتنظيمها في‬
‫نطاق الاقليم ‪.‬‬

‫وكان حزبنا هو الحركة الاولى التي وضعت تنظيمها على اساس نظرتها‬
‫فيه واتجهت لكل العرب كمنظمة عربية واحدة‬ ‫وخرجت عن الاقليم الذي نشأت‬
‫•‬
‫في حركتنا نصرة ثورة‬ ‫ولا غرو فنقطة الانطلاق‬ ‫لا تعترف بالتجزئة والحدود‬
‫‪ ١٩٤١‬في العراق‬
‫ومنذ البداية قال حزبنا بوحدة القضية العربية وبضرورة ان يبدأ العمل‬
‫قضيتها‬ ‫‪ .‬ان الامة العربية لا تتوحد الا اذا توحدت‬ ‫السياسي من هذه المسلمة‬
‫اي اذا تغير منطق السياسة من الاقليمية للوحدة ‪ ،‬اي اذا عولجت القضية بشكل‬
‫موحد ‪ .‬ويتطلب ذلك عمليا وحدة النضال القومي ‪ .‬ولكن وحدة النضال القومي‬
‫لا يمكن ان تتحقق عن طريق الاحزاب القومية الاقليمية مهما تحالفت وأتلفت •‬

‫نظريا لانه تجمع جامد متناقض يطلب التوحيد من‬ ‫فمن ناحية يبقى الارتباط‬
‫نظرتها الاقليمية السائدة في هذه الاحزاب تجمعها‬ ‫منظمات لا تستطيع ذلك بحكم‬
‫نظريا فقط سرعان ما يتشتت ويتضارب‬
‫فرضنا النظرة القومية في هذه الاحزاب الاقليمية‬ ‫ومن ناحية اخرى حتى لو‬
‫فيواجه التجمع صعوبات عملية تنظيمية تضعف‬ ‫يبقى التنظيم مختلا غير متسق ‪،‬‬
‫فلاسباب مبدئية وعملية لا يمكن ان يكون النضال‬ ‫‪.‬‬ ‫قوته وتحد من فعاليته‬

‫في الحزب القومي وحده تتوفر‬ ‫‪.‬‬ ‫قومي واحد‬ ‫القومي مو حدا الا على يد حزب‬
‫وفيه تتوفر مزايا الارتباط العضوي وقوة النضال‬ ‫النظرة الوحدوية الصحيحة ‪،‬‬
‫الناتجة عن التنظيم الموحد ‪.‬‬

‫حزب عربي شامل تؤسس له فروع في سائر‬ ‫هكذا قام حزبنا واعلن انه‬
‫لا يعالج السياسة القطرية الا من وجهة نظر المصلحة‬ ‫الاقطار العربية » ‪ ،‬وهو‬
‫العربية العليا‬

‫ولكن هذه النظرية القومية في العمل السياسي وفي التنظيم لا يمكن ترسيخ‬
‫جذورها وإحلالها محل النظرة الاقليمية الا اذا توفرت روح ثورية عالية تتغلب على‬
‫المحلية والثقافة الفاسدة العتيقة وترتفع لمستوى‬ ‫والاعتبارات‬ ‫والانانية‬ ‫المصالح‬
‫التضحية بكل ذلك في سبيل الفكرة الجديدة ‪ .‬وبجانب الروح الثورية يجب ان‬
‫يقوم نظام يجسد الفكرة ويحافظ عليها ويمدها بالقوة كلما واجهتها العقبات‬
‫والمصاعب ‪ .‬وبكلمات ابسط تتطلب الفكرة القومية ان يكون اعضاء حزبنا ـ خصوصا‬
‫مؤمنين بالوحدة ايمانا حقيقيا عميقا ‪ ،‬ايمانا ثوريا يضع الامة‬ ‫القياديين منهم‬

‫‪ ،‬ويقدم المصلحة العربية العليا فوق كل مصلحة محلية مهما‬ ‫دائما فوق الاقليم‬
‫ولاجل ان‬ ‫تزاحمت الحوادث وتطورت الاوضاع القطرية وازدادت مشاغلها‬

‫‪۳۷‬‬
‫تبقى هذه النظرية الثورية عند الاعضاء مسيطرة وقوية وحية يجب ان يتوفر‬

‫قوي وكفوء يستطيع فعلا ان يربط اجزاء الحزب وفروعه بمنظمة‬ ‫قومي‬ ‫تنظیم‬

‫واحدة ملتحمة عضويا ويفرض على الجميع المنطق والتنظيم القومي‬

‫واقع الحزب‬

‫ولكن هل استطاع الحزب ان يطبق نظرته في العمل السياسي وفي التنظيم‬

‫الداخلي ؟ هل استطاع فعلا ان يكون منظمة عربية تعالج المشاكل السياسية على‬
‫اساس مبدأ وحدة القضية العربية ؟ لقد عمل حزبنا في وسط ظروف التجزئة‬

‫فأسس فروعا كثيرة في الاقطار العربية وامتدت تنظيماته لخارج الوطن‬

‫‪ - 1‬المرحلة الاولى ( ‪) ۱‬‬

‫هي المرحلة البدائية عندما كانت التشكيلات الحزبية في الاقطار العربية‬

‫فاقتصر عملها على التوجيه الفكري ونشر‬ ‫صغيرة في عددها وبسيطة في تنظيمها ‪.‬‬
‫فكرة الحزب وثقافته وتثبيت المبادىء الاولية في التنظيم كالاجتماعات والمناقشات‬
‫وتطوير التشكيلات المتسلسلة من‬ ‫‪،‬‬ ‫وطبع النشرات والكتب وجمع الاشتراكات‬
‫الحلقة فما فوق‬

‫واتسمت هذه الفترة بالتعلق الشديد بثقافة الحزب والحماس القومي العاطفي‬
‫والتطلع لقطر سوريا لانه مكان ولادة الحزب ومركز اشعاعه وقوته ‪ .‬وبجانب‬

‫هذا الانغماس في فكرة الحزب كان هناك شبه انقطاع بين الحزب الناشيء والوضع‬
‫الاقليمي الذي يحيطه ‪ .‬فالتشكيلات الحزبية الاولى في العراق والاردن ولبنان في‬
‫السنوات القليلة التي تحيط سنة ‪ ١٩٥٠‬لم تكن منجذبة للسياسة المحلية لانها كانت‬
‫بادئة وليست ذات وزن سياسي مؤثر في الاوضاع ‪ .‬وان هي شاركت في السياسة‬
‫المحلية كانت مشاركتها غالبا من قبيل تسجيل الموقف والمناوشة وفي بعض الاحيان‬

‫مقصودة لاحتلال مكان بين الاحزاب التقليدية ‪ .‬وعلى العموم كانت تلك المشاركة‬
‫مرتبطة لحد بعيد بمبدأ وحدة القضية العربية ·‬

‫فحزبنا في لبنان في مرحلته الاولى لم يركز اهتمامه على وضع لبنان الداخلي‬
‫فقد تظاهر لنصرة مراكش عام ‪، ١٩٥١‬‬ ‫بقدر ما اهتم بقضايا الوطن العربي عامة ‪.‬‬
‫وقام بنشاط شعبي واسع ضد دكتاتورية الشيشكلي عندما نظم اضراب الجامعة‬
‫الاميركية على اثر ضرب الشرطة في دمشق طلبة الجامعة السورية بالرصاص ‪ ،‬واقام‬
‫مهرجانا شعبيا ضخما لتخليد شهداء ‪ ٦‬ايار ‪ .‬ووضع برنامجا لبيانات عديدة قرر‬
‫اصدارها في ذلك العام منها ذكرى تأسيس الجامعة العربية ‪ ،‬ويوم المرأة العربية ‪،‬‬

‫ان هذا التقسيم هو تحليلي لازمني اي انه مقصود للتوضيح والمناقشة ولا يمثل ادوارا زمنية‬ ‫(‪)۱‬‬
‫تاريخية ‪.‬‬

‫‪۳۸‬‬
‫فلسطین‬ ‫أو ذكرى تقسیم‬
‫فقد‬
‫وفي العراق سادت هذه النظرة القومية لحد بعيد في المرحلة الاولى‬
‫فقدم مذكرة‬ ‫الحزب هناك للحملة القومية ضد دكتاتورية الشيشكلي‬ ‫استجاب‬

‫لسفارة سوريا وتظاهر في دار السفارة متحديا ارهاب الفئة الحاكمة‬ ‫احتجاج‬
‫آنذاك‬
‫• و انطبع الجزء الاعظم من نشاطه بهذا الطابع القومي الشامل‬
‫‪:‬‬ ‫حاولنا تحلیل اسباب ذلك وجدنا انها تعود لعاملين‬ ‫واذا‬
‫فحرارة الفكرة القومية‬ ‫‪.‬‬ ‫اولا ‪ -‬الروح الثورية العالية الصادرة من الفكرة‬

‫والعفوية والصفاء الذي يتوفر عند الاعضاء الجدد ويطبع التشكيلات‬ ‫ونصاعتها‬

‫‪ .‬وهذا‬ ‫الناشئة قد ساعد لحد كبير عن اعطاء هذه الصفة القومية للنشاط‬
‫عامل ايجابي‬
‫ثانيا ‪-‬‬
‫فكونها ضعيفة غير‬ ‫وهناك عامل سلبي هو صغر تلك التشكيلات ‪.‬‬
‫ذات وزن سياسي قد جعلها تنفصل عن الشؤون الاقليمية وتتعلق بالعمل القومي‬
‫العام ‪ .‬ان التشكيلات الاولى لم يكن بمقدورها ان تؤثر عمليا في السياسة الاقليمية‬

‫لانها ناشئة صغيرة بالنسبة للاحزاب الاقليمية الموجودة ‪ .‬فهي عندما لا تكون‬
‫‪.‬‬
‫مساوية او مقاربة لتلك القوى لا تستطيع ان تساهم في العمل السياسي المحلي‬
‫تكن‬ ‫في هذه المرحلة لم‬ ‫فقوة النظرة القومية نسبيا‬ ‫ومهما كانت الاسباب‬
‫ناتجة عن قوة التنظيم القومي ومركزيته لانه لم يكن متوفرا‬
‫ان احسن مثال على هذه المرحلة هو حالة تشكيلات حزبنا الموجودة الآن‬

‫فهي تمر تقريبا بنفس المرحلة التي مرت‬ ‫في السعودية ومناطق الجنوب العربي ‪.‬‬
‫بها تشكيلات العراق والاردن ولبنان قبل حوالي السبع سنوات‬

‫‪ - ۲‬المرحلة الثانية‬

‫هذه المرحلة نمت تشكيلات الحزب وتوسعت وازدادت قوتها السياسية‬


‫اقطارها واستطاعت ان تحتل مكانا بين الاحزاب الاقليمية وان تتفوق عليها ببعض‬
‫‪ .‬ورافق هذا التوسع‬ ‫في العراق بالنسبة لحزب الاستقلال‬ ‫الاحيان كما حدث‬

‫في السياسة المحلية ‪ .‬ففي‬ ‫ازدياد الوزن السياسي للفروع واصبحت ذات اثر‬
‫وفي حوادث ‪ ١٩٥٦‬عندما‬ ‫العراق ساهم الحزب بشكل فعال في انتفاضة ‪١٩٥٣‬‬
‫‪ .‬وفي الاردن دخل‬ ‫قاوم حلف بغداد ودخل الجبهة الوطنية مع الاحزاب الاخرى‬
‫حزبنا محيط السياسة العملية عندما قاوم محاولة جر الاردن لحلف بغداد وخاض‬

‫معركة تطهير الجيش ‪ .‬وفي لبنان خاض حزبنا الثورة بجدارة واثبت كفاءة وثورية‬
‫عالية بالنسبة لقواه المحدودة وحداثة نشوئه‬

‫ان الذي حدث في هذه المرحلة هو اتصال الحزب بالواقع وتشابك نشاطه‬
‫بالسياسة العملية الاقليمية ‪ .‬للحزب روحه ونظرته القومية ولكن للواقع ايضا‬
‫روحه ونظرته الاقليمية ‪ .‬وبهذا الاتصال والتشابك لا بد ان يؤثر جانب بآخر‬
‫فيعتمد على توازن القوة في‬ ‫اما تحديد الجانب المؤثر والجانب المتأثر ومدى التأثر‬

‫‪٣٩‬‬
‫الجانبين ‪ .‬لقد كانت نتيجة هذا الالتقاء مزدوجة فقد اثر حزبنا بالواقع الاقليمي‬

‫فكرته التي تسرب‬ ‫في الجو‬ ‫الشيء فطعمه لحد ما بالنظرة القومية ونشر‬ ‫بعض‬
‫شيء من اثرها في الواقع ولكن من الناحية الاخرى ‪ -‬وهو موضوع بحثنا الان ‪-‬‬
‫فالوضع الاقليمي قد جذب تشكيلاتنا‬ ‫فيه ‪.‬‬ ‫تسربت روح التجزئة لحزبنا واثرت‬
‫فاكثر بتأثير اغراء النجاح‬ ‫نحوه وربطها به وجعلها تنغمس بشؤونه ومشاغله اكثر‬

‫السريع وكسب المنزلة السياسية بين الاحزاب الاخرى ‪ .‬اي ان الواقع قد استطاع‬
‫ان يجر حزبنا اليه بدلا من ان يحدث العكس ‪ .‬فازداد اهتمام حزبنا بالقضايا‬
‫قد ارتبطت‬ ‫الاقليمية بالنسبة للقضايا القومية حتى ان سياسته الطويلة الامد‬

‫بالوضع الاقليمي بشكل اخذ يوحي بتبدل في النظرة الاساسية ‪ .‬ان نشاط بعض‬

‫قد اصبح وكأنه يقوم على‬ ‫فيه‬ ‫تشكيلاتنا القطرية المتلازم مع القطر الذي تعمل‬
‫اساس ان حل المشكلة الاقليمية هو طريق حل المشكلة القومية بدلا من ان يكون‬
‫الاساس عكس ذلك‬

‫ومما مهد لنمو هذا الاتجاه بشكل اساسي هو ان التنظيم القومي لم يرتفع‬
‫مستواه السابق بل بقي على حالته الاولى ‪ :‬بدائيا يعوزه الاساس العلمي والاساليب‬
‫في الوقت الذي بدات التشكيلات الاقليمية تتجه بالتدريج نحو الاقليمية‬ ‫الحديثة ‪.‬‬
‫قومي مركزي متين يحد من هذا‬ ‫والانغماس في المشاكل المحلية لم يوجد تنظيم‬
‫الاتجاه ويرجع الحزب لوحدته ويطرح منه رواسب الواقع الفاسد التي تسربت‬
‫وفحوى ذلك ضعف القيادة القومية وتخلفها عن متطلبات الوضع القومي‬ ‫‪.‬‬ ‫اليه‬
‫· والقيادة القومية‬ ‫الجديد الذي نما وتوسع عما كان عليه في مرحلة التأسيس‬

‫نفسها لم تسلم من هذا الداء فقد جذبها واقع سوريا اليه فانغمست به واصبحت‬
‫في معظم نشاطها متجهة نحو معالجة الوضع الاقليمي‬

‫‪ -‬المرحلة الثالثة ‪-‬‬

‫هي مرحلة الاقليمية الانتهازية‬


‫قلنا ان المرحلة الثانية قد اتسمت بالانجذاب نحو السياسة المحلية والانغماس‬

‫فيها على حساب النشاط القومي ‪ .‬ولكن كل ذلك كان بدافع عفوي وبدون وعي‬

‫‪ .‬وهو لحد‬ ‫قصد للعمل المحلي‬


‫ونتيجة لتطور بطيء استدرج فيه الحزب عن غير‬
‫ما نتيجة طبيعية للاتصال الذي يحدث لاول مرة بين حزب ناشيء جديد يحمل‬

‫فكرة قومية انقلابية وبين واقع التجزئة وملابساته العملية ‪ .‬ان الذي حدث هو‬

‫ارتباك سببه نقص التجربة وعدم اقتران الثورية القطرية بنضال عملي يعمقها‬
‫ويرسل جذورها في النفوس‬

‫للاقليمية قد تبلورت وتوسع مفعولها وهيأت‬ ‫و لكن مرحلة الانجذاب العفوي‬

‫الجو لظهور بعض الافراد الطموحين الذين وجدوا في السياسة المحلية مجالا رحبا‬
‫لقد اندفع هؤلاء الافراد‬ ‫للظهور وتكوين مركز سياسي وزعامة محلية في الحزب ‪.‬‬
‫القلائل في العمل الاقليمي والسياسة المحلية لحد بعيد جدا بحيث اصبح مصيرهم‬

‫‪{.‬‬
‫ومستقبلهم السياسي مرتبط بهذا النشاط · وهكذا تكون في حزبنا بعض الافراد‬

‫في هذا الاتجاه وربطوا‬ ‫فدفعوا الحزب‬ ‫الذين يمتهنون العمل السياسي الاقليمي‬
‫مصيره بمصيرهم ومصير الكل بنجاح القضية الاقليمية ‪.‬‬

‫والجدير بالملاحظة هو ان توسع الحزب وازدياد قوته المحلية واحتلال مركز‬

‫ممتاز بين الاحزاب الاقليمية قد فتح مجالا للاشتراك في الحكم الامر الذي شجع‬
‫فنمت في‬ ‫هؤلاء الافراد على التمسك بالسياسة الاقليمية اكثر من ذي قبل‬
‫الحزب زعامات محلية اصبح من مصلحتها تحقيق شيء من اللامركزية والسير نحو‬

‫تفكيك الارتباط القومي ‪ .‬ان هذا التمركز الاقليمي من قبل بعض الافراد لم يكن‬
‫عفويا سببه نقص التجربة ولا هو نتيجة طبيعة للاتصال بالواقع بل جاء واعيا وبه‬
‫فمثلا‬
‫الكثير من التحسس للمصلحة الخاصة على حساب مصلحة الحزب ككل‬

‫هي الاصرار على الحاق‬ ‫القومي‬ ‫بدات في الحزب ظاهرة غريبة على فكرة التنظيم‬

‫الاعضاء الذين يخرجون من تنظيم احد الاقطار ويسكنون في الخارج بتنظيم ذلك‬
‫القطر ‪ ،‬أي أن سلطة التنظيم القطري اخذت تمتد لخارج القطر جغرافيا لتشمل‬
‫كل من يحملون جنسية ذلك القطر حتى ولو كانوا يقطنون خارجه ‪ ،‬وفرقة‬
‫•‬
‫اللاجئين السياسيين من الاردن في دمشق مثال على ذلك‬

‫ومثل هذه النظرة المتناقضة للفكرة التي قام عليها تنظيم حزبنا قد أدخلها‬
‫·‬
‫افراد قلائل وثبتوها عن قصد ووعي لانها تيسر سيطرة ونفوذا في هذه التنظيمات‬

‫این تتجسد الاقليمية في الحزب ؟‬

‫فات خطوات الاتجاه نحو الاقليمية واوضحنا خصائص كل‬ ‫استعرضنا فيما‬

‫‪ .‬وقد تجسد هذا الاتجاه في جوانب معينة من عملنا سنحاول مناقشتها‬ ‫خطوة‬
‫الان‬

‫‪ - 1‬الاقليمية في التنظيم‬

‫لقد تضافرت كل العوامل التي ذكرناها سابقا وهي ضعف الجهاز المركزي ‪،‬‬
‫وارتداد الواقع الفاسد وتسرب النظرة الاقليمية نتيجة للاتصال ‪ ،‬والميول الانتهازية‬
‫لقد تضافرت كل هذه العوامل على تفكيك وحدة الحزب‬ ‫عند بعض الافراد ‪،‬‬

‫الداخلية وخلق تيار يدفع نحو الخارج ‪ ،‬نحو الابتعاد بدلا من الدفع الى الداخل‬
‫فأصاب نظامنا ارتباك وتجزئة ظهرت بوادرها بشكل‬ ‫‪.‬‬ ‫نحو التماسك والوحدة‬

‫فبدلا من ان يكون لدينا نظام داخلي واحد مصمم بضوء‬ ‫تكيف للظروف المحلية ‪.‬‬

‫فيكون مرنا حاويا للتباين‬ ‫في الاقطار‬ ‫دراسة شاملة دقيقة للاوضاع المتباينة‬
‫ويضمن الوحدة بنفس الوقت ‪ ،‬بدلا من ذلك اخذت منظمات حزبنا في الاقطار‬
‫تتكيف للاوضاع المحلية وتسير بانظمتها الداخلية شطر ذلك التباين متكيفة معه بدلا‬
‫من ان تكيف اوضاعها هي وتسيطر على ظروفها يضمن نظام موحد ثوري يصهرها‬

‫‪٤١‬‬
‫في التنظيم لآخره واصبح التكيف‬ ‫وقد انفتح باب الاجتهاد‬ ‫ويؤكد وحدتها ‪.‬‬

‫النظر عن النظام الداخلي امرا شائعا معروفا تمارسه‬ ‫والتلاؤم مع الظروف بغض‬
‫فلو قمنا بدراسة مقارنة النظم المطبقة فعلا في الاقطار‬ ‫اغلب التشكيلات الحزبية ‪.‬‬

‫لوجدنا ان هناك تباينا كبيرا في كل المستويات الاساسية والثانوية ‪ .‬بل لقد وصلت‬
‫في بعض المناطق انظمة محلية خاصة كما حدث‬ ‫لحد ظهرت‬ ‫التجزئة في التنظيم‬

‫فعلا في تنظيم الطلبة في مصر والذي الغي مؤخرا‬


‫اما دوافع الخروج على النظام الداخلي واستعمال الاجتهاد على نطاق واسع‬
‫هناك اولا ضغط الظروف المحلية خصوصا في‬ ‫فهي خليط من عوامل عديدة ‪.‬‬
‫فضغط‬ ‫فيها سريا يواجه الارهاب من قبل السلطة ‪.‬‬ ‫الاقطار التي يكون العمل‬

‫الظروف بدلا من ان يواجه بروح ثورية عالية تعاف السهولة وتبقى مصرة على‬
‫التغلب عليها حصل شيء من التراخي والخضوع لمتطلبات الظروف فتكيف النظام‬
‫بدلا من ان يحدث العكس‬

‫وبجانب ذلك هناك النقص في النظام الداخلي نفسه الذي لم يكن من الشمول‬
‫والمرونة لدرجة يستوعب تباين الظروف وقسوتها في بعض المناطق ‪ ،‬والذي بقي‬
‫جامدا لا يتطور ازاء الصعوبات والعقبات في التطبيق‬
‫ولكن هناك نوع آخر من الاجتهادات التي كانت دوافعها التخلص من‬
‫هناك نوع من التكيف الذي اوجد ليخدم‬ ‫المسؤولية والالتفاف حول النصوص‬

‫لم تكن‬ ‫‪.‬‬ ‫اغراض بعض الاعضاء من ذوي المراكز العالية في الحزب ولدعم نفوذهم‬
‫كل حالات الخروج على النظام الداخلي ناشئة عن الارتخاء العفوي ونقص الوعي‬
‫وهبوط روح المسؤولية بل جاء بعضها مصلحيا مصمما عن وعي مسبق واصرار‬
‫‪.‬‬
‫وهذا هو وجه الخطورة في الموضوع‬

‫‪ - ۲‬الاقليمية في العمل السياسي ‪:‬‬

‫وتجسدت الاقليمية في نشاط حزبنا السياسي كتعبير عملي عن التفكك‬


‫الداخلي وارتداد الواقع الفاسد على ثوريتنا وتأثيره فيها ‪ .‬لقد انجذبت منظماتنا‬

‫الاقليمية نحو الشؤون المحلية ودخلت فيها وتشابكت معها واصبحت مرتبطة المصير‬

‫لحد بعيد بمصير الوضع المحلي ‪ .‬فظهرت في سياستها فكرة « القضايا » المتعددة‬
‫وهكذا ‪.‬‬ ‫بتعدد الاقطار كقضية الاردن » و « قضية « العراق » و « قضية لبنان »‬

‫قوة دافعـة‬ ‫ان هذا الاتجاه اذا ما استمر سيزداد قوة لانه سيغذي نفسه ويولد‬

‫ذاتية تزيده تركيزا ‪ .‬وتطوره الطبيعي التلقائي سيوصلنا عمليا لنفس موقف‬
‫الاحزاب القومية الاقليمية التي تقول بوجوب التركيز على القضية الاقليمية اولا ·‬

‫فمتى حلت مشكلة كل قطر من الاقطار العربية اصبح من اليسير حل القضية العربية‬
‫سوف لن يطول الوقت الذي نجد انفسنا لا نختلف بسياستنا العملية عن‬ ‫كلها‬
‫هذا الموقف فنصبح مجموعة احزاب لا تربطها غير امور شكلية بحتة ‪.‬‬

‫ولا يخفى ان هناك صلة عميقة بين الاقليمية في التنظيم والاقليمية في العمل‬

‫‪٤٢‬‬
‫قد انعكس بقلب تشكيلات الحزب‬ ‫فالاتجاه نحو الاقليمية في التنظيم‬
‫السياسي‬
‫الاقطار من المنظمات الادارية لمنظمات سياسية ‪ ،‬بربط تلك التشكيلات بالسياسة‬

‫فاصبحت وكأن مهمتها الاولى هو حل‬ ‫فيه‬ ‫المحلية وبقضية القطر الذي توجد‬

‫تلك القضايا كتحرير الاردن ‪ ،‬وتحرير العراق ‪ ،‬وتحرير لبنان ‪ ....‬الخ ‪ .‬في حين‬
‫ان النظرة القومية تقضي بان يدرس الوضع العربي ككل وتحدد مشكلة المرحلة‬
‫الحاضرة بضوء المشكلة الكبرى ‪ ،‬وترسم الخطة واستراتيجية تنفيذها ‪ ،‬واذا نتج‬
‫قضية العراق مثلا‬ ‫عن ذلك أن تقرر ان التركيز الان يجب ان يكون على حل‬
‫حسب الخطة الشاملة‬ ‫عندها يعبأ الحزب كله وتتحرك كل منظماته وقواه للعمل‬
‫لحل تلك القضية ·‬

‫هذا هو الاسلوب المنبثق من النظرة القومية · اما النظرة الاقليمية فتجزىء‬

‫القضية العربية وتؤدي منطقيا لان يعمل كل في قطره لحل مشكلته الخاصة ‪ .‬فماء‬
‫فحلها لا يكون الا بعدة خطط وبواسطة عدة منظمات‬ ‫دامت هناك عدة قضايا‬

‫‪ -‬الاقليمية في الاتجاه ‪:‬‬

‫ولكن هذا التباين في التنظيم وفي العمل السياسي قد غذى نفسه وولد قوة‬
‫فقد تبلور بالتدريج تباين في اسلوب العمل وفي‬ ‫الاقليمية ‪.‬‬ ‫تدفع للمزيد من‬
‫الموقف من بعض القضايا الايديولوجية ‪ .‬ان الاسلوب الذي تتطلبه النظرة القومية‬

‫والذي يقتضيه العمل على المستوى القومي الشامل يبدو غير مناسب في حدود‬
‫الاقليم وعندما يستعمل في حل القضايا الاقليمية‬
‫ظهر مؤخرا نحو العمل العسكري بدلا من العمل‬ ‫ويبدو ان الميل الذي‬
‫في النظرية القومية ينسجم الاسلوب مع‬ ‫الشعبي هو احدى نتائج هذا الاتجاه‬

‫فالقضية العربية عندما تجزا يصبح من المنتظر‬ ‫طبيعة المشكلة ويكون متفرعا منها ‪.‬‬
‫أن يختلف اسلوب حلها من قطر الآخر‬

‫قد اوجد اختلافا في الاتجاه العقائدي وخلق‬ ‫والتباين في الاسلوب هذا‬


‫بداية لتيارات واجتهادات متباينة بعضها عفوي واخر مصمم ‪ ،‬منها بروز التأكيـد‬
‫على التكتيك بمعناه التقليدي الانتهازي القائم على التآمر والتكتل والتوسل بشتى‬

‫الوسائل لتحقيق النجاح ‪ .‬واخذ العمل السياسي يميل للاقتصار على قسم صغير‬
‫خاص من الشعب بدلا من ان يتجه للجماهير العريضة ‪ .‬وظهرت بوادر اتجاهات‬
‫فجاءت‬ ‫فكرة الحزب ترشحت من الظروف المحلية ‪،‬‬ ‫متباينة وآراء غريبة عن‬
‫نسجمة معها ‪ ،‬لقد بدأت اجتهادات متباينة تظهر في معنى الثورية ومعنى النضال ؛‬

‫ومعنى العمل السياسي وهكذا ‪ .‬كل ذلك قد جاء نتيجة للابتعاد عن النظرة‬
‫حتى ان فكرة القومية العربية بدأت تتخذ معنى غريبا عن فكرتنا ‪.‬‬ ‫القومية‬

‫فالوحدة العربية اذا ما نظر اليها من زاوية الطريقة التي تمت بها وحدة سورية‬

‫ومصر والنظرة التي نتجت عنها واذا ما نظر اليها من زاوية محددة ضيقة لا تتعدى‬
‫توحید قطر صغیر کالاردن مع الجمهورية العربية المتحدة مثلا فانها حتما ستأخذ‬

‫‪٤٣‬‬
‫معنى يختلف عما لو نظرنا الوحدة العربية الشاملة التي يجب ان تضم كل الوطن‬

‫العربي بما فيه اقطار المغرب كالجزائر ومراكش ‪ .‬ان الظروف الموضوعية في هذين‬
‫القطرين مثلا تتسم بالاهمية الكبرى التي اكتسبها التنظيم الشعبي الحر وبتوفير‬

‫الامكانيات المادية اللازمة لبقاء الدولة وبالتجربة النضالية الفنية على عكس الحال‬
‫في الاردن ‪ .‬لذلك فالنظرة القومية للوحدة من حيث الاسلوب والشكل والاسس ‪،‬‬
‫لا بد وان تختلف عن النظرة المحلية الضيقة المحصورة في قضية توحيد قطر معين ‪.‬‬

‫وهكذا تفتح الاقليمية الباب امام سلسلة طويلة من الاختلافات الايديولوجية التي‬
‫في حين ان النظرة القومية هي المسلمة التي‬ ‫تزيد في البلبلة والتفكك والتفتيت ‪،‬‬
‫تتفرع منها النظرة الموحدة في جميع هذه الامور‬

‫اخطار الاقليمية‬

‫ان خطورة الاتجاه نحو الاقليمية الموجودة حاليا في حزبنا ليست خللا بسيطا‬
‫يمكن ان يحل في جسم الحزب ‪ .‬انها من الاهمية بمكان بحيث تهدد كيانه ووجوده ‪•.‬‬

‫ويمكننا ان نشخص جوانب الخطورة والاضرار الناتجة عن ذلك بما يلي ‪:‬‬
‫وقوة الحزب من‬ ‫فكرة الحزب الاساسية‬ ‫ا ‪ -‬أن الاتجاه الاقليمي يطعن‬
‫قوة فكرته فمتى خرج الحزب عن فكرته دخل في قبضة تطور مريض يقوده للموت‬

‫التدريجي ‪ .‬ان حزبنا قد اختار التنظيم القومي والنظرة الموحدة في النضال ايمانا‬
‫منه بان ذلك هو الخط السليم الوحيد لتحقيق فكرة القومية العربية ‪ .‬وبخروجه‬
‫عن هذا النهج سيدخل الفراغ والعمل العقيم الذي يعني الفشل في حل القضية •‬
‫عندها يزول المبرر الحقيقي لوجوده فيتحول لحركة عمياء غير ذات قصد فيضمحل‬
‫ويموت ‪.‬‬

‫‪ ،‬لانه يمس‬ ‫هذا‬


‫يتناول كيان الحزب ووجوده‬ ‫هو الخطر الجوهري الذي‬
‫فكرته الاساسية‬
‫‪-‬‬
‫وبجانب ذلك هناك خطر اقل اهمية يمكننا ان نفرده لغرض البحث‬

‫‪ .‬وهذا الخطر هو‬ ‫في حقيقته يتعلق بالنقطة الاولى‬ ‫والدراسة وبالرغم من انه‬
‫فسح المجال لظهور الانتهازية في الحزب‬

‫‪ .‬وبذلك يسهل على‬ ‫فصل الفرع عن الكيان الكلي‬ ‫ان العمل الاقليمي يعني‬

‫في ذلك الفرع والتسلط عليه واستخدامه لخدمة‬ ‫بعض الافراد الانتهازيين التحكم‬
‫اغراضهم الخاصة ‪ .‬ان العمل الاقليمي لضيقه او لزيف اسسه يفسح المجال امام‬
‫رواد المراكز والمصلحين للظهور ‪ .‬في حين ان محيط الحزب القومي الموحد باتساعه‬

‫وزخم الروح الثورية فيه ووزن القاعدة في تسيير شؤونه يضيق الخناق على مثل‬
‫هؤلاء الافراد ولا يرفع في سلم المسؤوليات الا العقائديين المناضلين المخلصين لقضية‬
‫الحزب ‪.‬‬

‫‪ -‬واخيرا هناك ضرر فني يصيب الحزب هو الضعف الذي ينتج عادة‬
‫عن‬
‫التفكك وضياع القوى والطاقات الثورية التي تنتج عادة من الوحدة العضوية الحية‬

‫‪٤٤‬‬
‫المتفاعلة ‪ .‬ان مجموع قوى الاجزاء وهي مفرقة منفصلة اقل بكثير من قوتها وهي‬
‫·‬
‫موحدة في كيان واحد ‪ ،‬ان التفكك بحد ذاته مصدر ضعف وهدر الامكانيات‬

‫وحدة الحزب هي اساس البعث الجديد‬

‫‪ - 1‬تقوية الجهاز المركزي ‪:‬‬

‫قوي يسهر عليها ويقومها كلما طرأ‬ ‫ان وحدة الحزب تحتاج لجهاز مركزي‬
‫‪ .‬ان ربط الاجزاء بجهاز وصل كفوء‬ ‫عليها خلل ويعمل دوما لترصينها وتقويتها‬

‫نشيط ضروري للمحافظة على الوحدة الداخلية ‪ .‬ويجب ان يكون الجهاز المركزي‬
‫واعيا ومدركا تمام الادراك لمعنى وحدة الحزب ومضمونها ليكون التوجيه الذي‬
‫يصدره والخطوات التي يقوم بها والبرامج التي يطبقها كلها تدعم الوحدة وتضيف‬
‫فالجهاز المركزي الواعي هو الذي يستطيع ان‬ ‫‪.‬‬ ‫قوة ومناعة بمرور الوقت‬ ‫اليها‬

‫يشخص الآثار الخفية الضارة التي تنطوي عليها تصرفات الاعضاء والقيادات‬
‫فیر صدها ويقومها حالا ·‬

‫القيادة القومية والاجهزة الادارية والفنية التي‬ ‫ويشمل الجهاز المركزي‬

‫تحيطها ‪ .‬ان تنظيم الجهاز المركزي هو نقطة الانطلاق في تحقيق الوحدة ‪ .‬لذلك‬
‫يجب ان تكون اسسه علمية مستندة على احدث قواعد التنظيم‬
‫ويمكننا ان نعدد بعض هذه الاسس الان ‪:‬‬
‫‪- 1‬‬
‫في العمل‬ ‫وتمرسهم‬ ‫مراعاة الكفاءة الفنية في اعضاء الجهاز وخبرتهم‬
‫القيادي ‪ ،‬فلا يكتفى بالاخلاص الفطري والحماس فقط ‪.‬‬

‫‪ - ۲‬توزيع العمل والتخصص على كل المستويات‬


‫‪ -‬تحديد واجبات وصلاحیات اعضاء الجهاز بشكل موضوعي واضح ينظم‬‫‪ ٣‬ـ‬
‫العلاقات الداخلية دون تراكم في المسؤولية وازدواج في الصلاحية ‪.‬‬

‫‪ - ٤‬استعمال الطرق العلمية الحديثة سواء في الوسائل والمعدات ام في‬


‫المعلومات واعداد التقارير والتخطيط‬
‫‪-‬‬
‫سيادة النظام والمقاييس الموضوعية على القيم الشخصية والعواطف‬

‫وتقوية الجهاز المركزي تتطلب امكانيات بشرية ومادية كبيرة والا فسيبقى‬
‫الجهاز مشلولا لا بسبب الفوضى والارتباك بل بسبب العجز المحض ‪ .‬لذلك يجب‬
‫ان يحشد لتكوين هذا الجهاز كل الامكانيات والكفاءات ليخرج سليما ووافيا بالغرض ‪.‬‬

‫المركزية في التنظيم‬

‫لا شك ان النظام الداخلي ركن اساسي في تنظيم العلاقات الداخلية في‬


‫الحزب وتحديد خطوط الاتجاه في النضال ‪ .‬فاذا كان النظام بروحه اقلیمیا انعكست‬
‫تلك الروح في العمل وادت لتثبيت وتقوية الاتجاه الاقليمي والعكس بالعكس‬

‫‪٤٥‬‬
‫والخطوة الاساسية في نظام داخلي وحدوي هي مركزية القيادة وتقوية سلطنها‬

‫ويتطلب ذلك طبعا ان تكون القيادة القومية‬ ‫‪.‬‬ ‫واخضاع كل القيادات الدنيا لها‬
‫قائمة على اسس علمية وقواعد تنظيمية تجعلها كفوءة وجديرة بهذه السلطة ‪ .‬فهي‬

‫بعددها وكفاءة عناصرها والاختصاص في توزيع العمل بين اعضائها وتفرغهم للعمل ‪،‬‬
‫والاجهزة الادارية والفنية التي تحيطها والروح الثورية العالية التي تصدر منها ‪،‬‬
‫تستطيع ان تجعل من سلطتها المركزية قوة تشد الفروع للداخل وتوحد الاتجاهات‬

‫ان السلطة المركزية يجب ان‬ ‫في جميع الاقطار ‪.‬‬ ‫المتباينة وتعمق النظرة القومية‬
‫تقترن بالكفاءة لتؤدي مفعولها في ترصين وحدة الحزب ومحو التباين في الاتجاهات‬
‫والقضاء على التفكك والانحلال ‪.‬‬

‫يجب ان يعطي النظام الداخلي للقيادة القومية صلاحيات واسعة على جميع‬
‫منظمات الحزب في كل الشؤون التنظيمية‬
‫السلطة‬
‫ففي الناحية التنظيمية يجب ان يسود مبدأ اعتبار القيادة القومية هي‬
‫في كل‬ ‫الوحيدة في الحزب وصاحبة السيادة المطلقة ( في غياب المؤتمر القومي)‬
‫شؤونه ‪ .‬وسيادة القيادة القومية يجب ان تكون موحدة غير مجزاة ‪ ،‬تامة وغير‬

‫منقوصة ‪ ،‬تعبيرها العملي هو احتكار سلطة التشريع والحكم والفصل في كل‬


‫الاختلافات ‪ .‬اما الصلاحيات التي تعطى للقيادات والمجالس الدنيا فيجب ان تكون‬
‫مفوضة يمكن استرجاعها باي وقت تراه القيادة القومية مناسبا ‪ .‬اي ان تفويض‬
‫لتسهيل العمل وتخفيف‬ ‫الصلاحيات يجب ان يكون لاسباب ادارية محضة ‪ ،‬اي‬

‫العبء لا من قبيل التنازل ‪ .‬ففي الامور الاعتيادية اليومية تستطيع ‪ ،‬بل من الافضل‬
‫من الوجهة الادارية ‪ ،‬ان تفوض بعض الصلاحيات للقيادات الدنيا ومجالسها ‪ .‬ومهما‬

‫فالمبدأ‬ ‫كانت كمية ونوعية الصلاحيات المفوضة كثيرة ام قليلة ‪ ،‬خطيرة ام ثانوية ‪،‬‬
‫الذي يجب ان يسود هو ان القيادة هي مصدر السلطة النهائي وتستطيع أن‬
‫·‬
‫تستعمل هذه السلطة في اي وقت تشاء ومتى رأت المصلحة تقضي بذلك‬
‫اما السيادة المجزأة‬ ‫هذا هو المبدأ الذي تقوم عليه فكرة السيادة الموحدة‬

‫فمن الوجهة النظرية غير ممكنة ومن الوجهة العملية لا تعني غير توزيع القوى بين‬
‫والفكرة هذه لا يلجأ اليها الا عندما يكون القصد احداث توازن‬ ‫‪.‬‬ ‫جهات متعددة‬

‫بين قوى متباينة بسبب عدم توفر ثقة تامة باحداها كما هو الحال في تنظيم الحكومة‬
‫في الولايات المتحدة مثلا ‪ .‬اننا حزب ثوري لا يمكنه ان يعيش الا اذا كان موحدا ‪،‬‬
‫بل لا مبرر لوجوده اذا لم يكن قوميا · وهو يقوم باساسه على الايمان والثقة‬

‫فلا مكان لفكرة توزيع القوى‬ ‫لذلك‬ ‫فيه ‪.‬‬ ‫والاخلاص ولا مجال للشك والريبة‬
‫وتوازنها فيه ابدا ‪ .‬ان وحدة السيادة فيه هي المبدأ الذي يناسب الطبيعة الثورية‬
‫لحزبنا والذي تتطلبه حاجاته الحاضرة‬

‫المركزية في التخطيط‬

‫فيعمل الحزب حسب‬ ‫ويجب ان يسود هذا المبدأ في التخطيط السياسي ‪،‬‬

‫‪٤٦‬‬
‫خطة موحدة تدرسها وترسمها القيادة القومية وتتخذها اجهزته القومية ‪ .‬اذ لا يمكن‬

‫للفرع ان يعالج القضية العربية وحده لضعف امكانياته ووسائله ‪ .‬وهو حتى عندما‬

‫تتوفر له الامكانيات تبقى معالجته ناقصة غير سليمة لانه يمارسها في حدود الاقليم‬
‫الذي يوجد فيه ‪ .‬وهذا هو سبب فشل الاحزاب القومية الاقليمية وانكفائها ثانية‬

‫نحو الوضع المحلي بعد ان فشلت في انجاز شيء مهم على الصعيد القومي ‪ .‬فالحزب‬
‫قيادته القومية الوضع العربي ككل ‪ ،‬واوضاع‬ ‫بواسطة‬ ‫يدرس‬ ‫كمنظمة واحدة‬

‫الاقطار والمناطق بتفصيل وموضوعية ‪ ،‬ثم يدرس اوضاعه الداخلية من كل الوجوه ‪،‬‬
‫تنظیمه و امكانياته وقواه ‪ .‬ويضع خطة لتحقيق اهداف معينة مستمدة من الاهداف‬

‫القومية الكبرى ‪ .‬وفي مجال الاستراتيجية يقارن بين الاغراض المتعددة ويكون‬
‫ة من المراحل‬ ‫لة‬
‫حل‬‫رح‬
‫مر‬ ‫ر ب‬
‫بم‬ ‫رر‬‫قر‬
‫يق‬‫د ي‬
‫قد‬‫حكما على طريقة تصنيفها في سلم الاهمية ‪ ..‬ففههوو ق‬
‫الاتجاه نحو تنظيم وضعه الداخلي وتمتين مؤسساته وتقوية منظماته ورفع كفاءتها‬
‫والتقليل من العمل السياسي ‪ .‬وهو قد يفضل ان ينصرف لعمل تأسيسي في‬
‫فيرسم خطة تنفذها‬ ‫منطقة جديدة وتحقيق توسع للحزب حيث لا يوجد الحزب‬
‫‪ .‬وهو عندما يقرر ان يدخل‬ ‫كل منظماته واضعة فيها كل ما عندها من امكانيات‬

‫محيط العمل السياسي قد يقرر ان يركز على قضية قطر واحد دون الاقطار الاخرى‬
‫وهكذا ‪ .‬المهم هو ان تكون استراتيجية الحزب قومية لا اقليمية ‪ .‬فعندما يتحرك‬
‫نحو تحقيق هدف معين يتحرك كله كمنظمة واحدة •‬

‫الاقطار تشکیلات ادارية لا سياسية‬

‫ان الحزب ككل هو المنظمة السياسية ‪ ،‬اما فروعه وكافة منظماته القطرية‬
‫فهي وحدات ادارية محضة انشئت لا لتمارس نشاطا سياسيا منفصلا وخاصا بها‬
‫لحل مشكلة هذا القطر او ذاك بل لتكون جزء عضويا من الجسم الذي هو الحزب‬

‫وهي عندما تتحرك يجب ان تتحرك تحت سيطرته وبتخطيط منه ‪ .‬صحيح ان‬
‫منظمات الحزب تشارك في رسم السياسة العامة فتستعمل ما يتجمع لديها من‬
‫معلومات عن الاوضاع السياسية المحلية وتكون اراء عن كيفية العمل محليا وقوميا‬

‫وتضع كل تجربتها تحت تصرف الحزب ويسمع رأيها في التخطيط العام ولكن كل‬
‫ذلك يبقى عملا ايجابيا لتوفير المادة الاولية لرسم الخطة ‪ ،‬ويبقى الاشتراك في‬

‫وضعها فنيا محضا وبحدود الاستشارة ‪ .‬اما بعد ان تقر الخطة فمهمة الفروع‬
‫والاقطار هي التنفيذ ‪ .‬وهذه هي الصيغة الادارية للتنظيمات ‪.‬‬

‫ان التشكيلات القطرية يجب الا تعمل على اساس الجنسية بل على اساس‬

‫في داخل حدود القطر‬ ‫الحدود الجغرافية اي انها يجب ان تتجه بعملها لمن يسكن‬
‫بغض النظر عن الجنسية ‪ .‬ففي العراق مثلا يجب ان يشمل التنظيم كل الحزبيين‬
‫الموجودين هناك سواء اكانوا من حملة جنسية العراق ام من الاردن ام من أي قطر‬

‫في منظمات الحزب‬ ‫عربي آخر ‪ .‬كذلك الذي يخرج من الاردن يجب ان يدخل‬
‫فلا تمتد سلطة القيادة القطرية لخارج الحدود على كل من يحمل‬ ‫حيث يوجد ‪.‬‬

‫‪٤٧‬‬
‫جنسية الاردن كما هو حال فرقة اللاجئين السياسيين في دمشق ‪ .‬ان الفرع قد‬
‫انشيء لا ليحل مشكلة الاردن ولا ليختص بسكان الاردن بل لاغراض ادارية‬
‫تنظيمية بحتة‬
‫يجب ان تجرد المنظمات القطرية من كل صلاحية سياسية خاصة كالاشتراك‬

‫في الحكم والانتخابات ودخول الجبهات وعقد المحالفات مع الاحزاب الاخرى ‪ ،‬فهذه‬

‫وكل مجالات النشاط السياسي الاخرى يجب ان يكون بتخطيط وتفويض من‬
‫القيادة القومية‬

‫التوجيه العقائدي الوحدوي‬

‫وصلاحياته‬ ‫ولا تقتصر وسائل تقوية وحدة الحزب على الجهاز المركزي‬

‫فبجانب الاجراءات التنظيمية هناك مجال واسع للتربية‬ ‫ونوعية النظام الداخلي ‪.‬‬
‫‪ .‬ان قاعدة الحزب وقياداته بحاجة ماسة لتوجيه مستمر‬ ‫والتوجيه الوحدوي‬
‫يشرح ويفصل هذه القضية ‪ ،‬ينبه للاخطار التي تواجه الحزب نتيجة للاتجاه‬
‫الاقليمي ويحذر من نتائجها ‪ .‬ان توضيح هذا الموضوع فكريا للقاعدة وللقيادات‬

‫من شأنه ان يخلق رأيا عاما يدعم بوعي خطوات القيادة القومية المصممة للقضاء على‬
‫الاقليمية ويوجد التجاوب السريع بين القيادة والقاعدة الذي هو اساسي لنجاح‬
‫الخطة‬

‫ان بعض جوانب الاتجاه الاقليمي ناتجة عن الغموض الفكري وضعف الوعي‬
‫في القاعدة وغفلة القيادات ‪ .‬لذلك فالتوجيه المستمر المتواصل حسب برنامج‬
‫ان عملية‬ ‫‪.‬‬ ‫مدروس ضروري كاداة لدعم الوحدة الداخلية وترسيخها في النفوس‬

‫التوحيد يجب ان يرافقها برنامج توجيهي دعائي تحشد له كل الكفاءات الكتابية‬


‫والخطابية‬
‫اقل اهمية من ذلك هو مراقبة القيادة القومية لما يكتب ويقال في‬ ‫وليس‬

‫داخل الحزب ‪ ،‬في فروعه واقطاره ‪ ،‬في فرقه وحلقاته ‪ .‬ان هذه الرقابة ضرورية‬
‫‪ -‬لا يشترط فيها ان تكون سابقة بل يمكن ان تكون لاحقة ‪ -‬لمنع اي توجيه مضر‬
‫بوحدة الحزب‬

‫‪٤٨‬‬
‫اهمية التنظيم القومي في حزبنا ( ‪) ۱‬‬

‫من الخصائص الجوهرية لحزبنا ومن سماته المميزة هي انه منذ ان نشأ ‪،‬‬
‫في فكره وتركيبه التنظيمي وادخل بهذه السمة شيئا جديدا الى‬ ‫نشأ حزبا قوميا‬
‫مفاهيم النضال العربي آنذاك‬

‫فكرة الحزب اخذت‬ ‫ولقد كانت نشأة الحزب على الشكل التالي ‪ :‬قيادة تمثل‬

‫تبشر بهذه الفكرة وتدعو الشباب العربي الى الانتظام في حركتها ‪ .‬والمكان الذي‬
‫نشأ فيه الحزب لم يكن الا مناسبة ولم يستطع ان يجعل منه حزبا سوريا او حتى‬
‫سوريا عربيا بل كان الحزب حزبا عربيا ضم منذ البدء السوري والاردني واللبناني‬
‫‪ .‬ومن هذه النواة العربية انطلقت المنظمات تؤسس‬ ‫والعراقي والتونسي والمغربي‬

‫الاقطار العربية ‪ .‬والمؤتمر التأسيسي الذي رضع دستور الحزب عام ‪، ١٩٤٧‬‬
‫كان يضم اعضاء من عدة اقطار عربية‬

‫ولم تكن هذه النشأة القومية للحزب وليدة العفوية أو الارتجال بل كانت تشير‬

‫بشكل واضح الى ان اصرار الحزب على تحقيق الامة العربية المصغرة بين صفوفه‬
‫لصورة هذه الامة‬ ‫في تنظيمه كتجسيد‬ ‫هو الذي جعله يصر على قيام الوحدة‬

‫وكتجاوز لواقع التجزئة المريض الذي استطاع ان ينفذ الى الفكر والعمل العربيين ‪،‬‬
‫وان يفرض اطره البالية عليهما مهما كان النزوع الى رفضها عند اصحابهما قويا ·‬

‫لقد اكد الحزب على هذه الميزة في مؤتمره القومي الثالث حين قال ‪:‬‬
‫ان وحدة الحزب القومية تجسد صدق ايمانه بوحدة الامة العربية‬
‫مختلف اقطار الوطن ‪ ،‬وصدق نضاله من اجل تحقيق هذه الوحدة عمليا على‬
‫الشعبية الديموقراطية التي يقوم عليها جيان الحزب وتنظيمه ‪.‬‬

‫ووحدة الحزب القومية اساس وجوده وثوريته ‪ ،‬لا مجرد وحدة تعاقدية بين‬
‫منظمات متميزة ‪ ،‬ان حزبنا القومي يستطيع وحده ان يحيط بمشاكل شعبنا‬

‫المتعددة في كل اقطاره بنظرة شاملة تؤمن تكامل جميع القوى الثورية في هذه‬
‫الاقطار وتعاونها في تجسيد ارادة المجموع وتحقيق مصلحته ‪ ،‬وصب كل قواها في‬

‫معركة يخوضها أي قطر وتجنب اي انحراف في موقف قطري يناقض المصلحة‬

‫« الثورة العربية» ‪ -‬السنة الاولى ‪ ،‬العدد الثامن ‪. ١٩٦٩ ،‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪٤٩‬‬
‫في التنظيم والتربية الحزبية ‪٤ -‬‬
‫القومية ويؤدي لانتكاسة قطرية في المستقبل‬

‫وسيكون تنظيم وحدة‬ ‫لهذا كان طابع الحزب القومي اعظم قوة ثورية فيه‬

‫الحزب القومية في الانطلاقة الجديدة اقوى ضمانة لانتصاراتنا وللاسراع في تحطيم‬

‫الاستعمار والرجعية والانحراف والفساد وتحقيق اهداف شعبنا ‪ .‬والحزب‬


‫سيقاوم بعنف اية محاولة للاساءة الى وحدته القومية والتآمر على مستقبل الامة‬

‫العربية » ‪.‬‬
‫بالطبع لم يكن اصرار الحزب على خلق هذه الامة العربية المصغرة ‪ ،‬وبكلمة‬

‫اخرى على تحقيق الانقلاب على الواقع الفاسد مجرد طموح مثالي يدخل في عالم‬
‫الاماني والآمال ‪ .‬وانما كان يعكس فهما عميقا لما يتضمنه خلق الامة العربية المصغرة‬
‫داخل الحزب من تنمية للقوى التي تغذي النضال العربي ومن خلق شروط تحمي‬
‫هذا النضال من تسرب الزيف اليه عن طريق دخول منطق الواقع الفاسد الى‬
‫صفوفه بين الفينة والاخرى ·‬

‫ما هي القوى التي ينميها التنظيم القومي ؟‬


‫ا ‪ -‬لقد كان الحزب باستمرار يقول ويدرك ان من اكبر مصادر قوته هي‬
‫كما‬
‫قدرته على الانفصال عن الواقع الفاسد وبناء نفسه على صورة المستقبل العربي‬
‫يريده الحزب والشعب العربي ان يكون ‪ .‬فعن طريق وجود هذا التناقض بين صورة‬
‫صورة الواقع الفاسد التي تصنعها‬ ‫الحزب التي تصنعها الارادة الثورية وبين‬
‫المصالح والاغراض ‪ ،‬ينكشف للمواطن العربي زيف واقعه واصالة طليعته مما يساعده‬
‫على رفض هذا الواقع والانضواء تحت لواء حركتنا التاريخية‬

‫والحزب عن طريق تجاوزه للتجزئة ومفاهيمها واطرها في تنظيمه وايديولوجيته‬


‫الوحدويان انما يعطي الانسان العربي اصدق دليل على مقدرة الارادة الثورية في‬
‫تجاوز التجزئة ويمكنه من التغلب على كل المفاهيم الاقليمية التي تحاول ان تصور‬
‫التجزئة بانها حالة دائمة وان هناك فروقا جوهرية بين العربي في سوريا والعربي‬

‫في مصر او العربي في اليمن أو العربي في المغرب‬


‫واذا نجح الحزب في ان يعطي للانسان العربي مثلا حيا عن واقعية الوحدة‬
‫وامكان تحقيقها فانما يخاطب فيه قوته لتحقيق هذا الهدف العظيم ويوفر له محورا‬
‫نضاليا يلتف حوله ويكافح في صفوفه •‬
‫‪ - ۲‬لقد اكد حزبنا باستمرار ان مقدرة الامة العربية على مجابهة اعدائها‬

‫اذا كانت موحدة او كان نضالها موحدا ‪ ،‬هي اكبر بكثير من مقدرتها على هذه‬
‫المجابهة وهي مجزاة او كان نضال اقطارها معزولا عن بعضه البعض‬

‫في نضالهم‬ ‫ففي اقل الاحتمالات واسوئها الشيء الذي يحصل عليه العرب‬

‫الموحد هو حتما احسن مما يحصلون عليه في حالة تجزئة النضال وانفراد كل‬
‫قطر بالمفاوضة » في سبيل البعث ) •‬

‫وهذا شيء طبيعي لان قدرة اعداء الامة العربية تكون اكبر بكثير اذا هي‬
‫واجهت كل قطر بمفرده و استفردته منها اذا واجهت الامة العربية ككل‬
‫يمكن ان تجابه الا‬ ‫الاستعمارية المعروفة لا‬ ‫فرق تسد‬ ‫ان استراتيجية‬
‫باستراتيجية « وحد تنتصر » من قبل الشعوب الضعيفة المقهورة‬

‫فالاستعمار الاميركي اذا اراد ان يقضي على بذور ثورة تحررية في احد‬

‫قطر يصبح اضعف بكثير مما لو تمكن‬ ‫في كل‬ ‫الاقطار وواجهته الجماهير العربية‬
‫‪.‬‬ ‫من مواجهة هذا القطر منفردا‬

‫فوحدة النضال العربي هي اذن اكبر رصيد للثورة العربية في عملية نموها وتصاعدها ‪.‬‬
‫ولئن كانت هذه الوحدة تتم بشكل عفوي في السابق وتتجاوز كل الحدود‬
‫وتستطيع ان‬ ‫الحكام والتقسيمات السياسية ‪،‬‬ ‫وتبرز الامة العربية موحدة رغم‬

‫تحقق انتصارات رائعة كما حدث في ثورة الجزائر والعدوان الثلاثي على مصر ‪...‬‬
‫فان اساليب اعداء هذه الأمة قد تطورت تطورا هائلا في اتجاه تطويق وحدة النضال‬
‫هذه ‪ ،‬وتفتيتها وافراغها من زخمها مستفيدة في ذلك كله من تعدد المنظمات‬
‫الوطنية ذات الطابع القطري ومن ضعف النضال الايديولوجي ضد القطرية ‪ .‬فبينما‬

‫تحركت الامة العربية باسرها يوم العدوان الثلاثي على مصر عام ‪ ، ١٩٥٦‬كان تحرك‬
‫هذه الامة محصورا ومحدودا ابان عدوان ‪ ، ١٩٦٧‬رغم خطورة العدوان الفائقة‬
‫•‬
‫ورغم الاستعدادات الشعبية الهائلة عند الجماهير العربية للتحرك‬
‫لماذا ؟‬

‫لانه لم يكن هناك تنظيم جماهيري على مستوى قومي يخطط لتفجير هـده‬
‫ضمن استراتيجية شاملة لمواجهة العدوان يضاف اليه ان اساليب‬ ‫الاستعدادات‬

‫الثورة المضادة قد استطاعت تطويق العفوية التي كانت المحرك الاساسي للانطلاقات‬
‫الشعبية قبل عشر سنوات‬

‫لقد اتضح مجددا ان الترجمة التنظيمية لوحدة النضال العربي هي في قيام‬


‫التنظيم القومي الموحد على صعيد الوطن العربي وهذا ما ادركه حزبنا منذ قيامه‬
‫فاذا كانت وحدة النضال العربي في عفويتها قوة تاريخية كبرى فكم تصبح‬
‫قوتها اذا دخلت نطاق العمل المنظم الشامل ؟‬

‫ما هي شروط حماية النضال التي يخلقها التنظيم القومي ؟‬

‫‪ ۱‬ـ ان اخطر ما تواجهه الامة العربية في عصرنا الحاضر انها تتعرض يوما‬
‫بعد يوم لاقصى المحاولات من اجل ان يعطى لتجزئتها السياسية ابعاد اقتصادية‬
‫واجتماعية تعمقها وتخلق عقبات كبرى في وجه ازالتها •‬

‫فالقوى المعادية للشعب العربي تقدم كل الامكانيات من اجل اعطاء كل كيان‬


‫قطري هزيل مبررات الاستمرار والحياة سواء على الصعيد الاقتصادي كأن تخلق‬

‫مشاريع اقتصادية تتعارض مع مشاريع مماثلة في اقطار اخرى او على الصعيد‬


‫الاجتماعي او الثقافي كأن تعمل على ابراز مميزات ثقافية او لغوية واجتماعية‬
‫خاصة بكل قطر على حساب وحدة ثقافته ولغته ومجتمعه مع الاقطار الاخرى ·‬

‫ان هذا الخطر الواضح والشديد الذي يحيق بامتنا والذي يعتبر خير شاهد‬

‫قانون تجزئة‬ ‫في هذا العصر وهو‬ ‫على حرص الامبرياليين على تطبيق قانونهم‬
‫الشعوب ‪ ،‬يجب ان يقابله جهد عنيف ومتواصل من قبل القوى الوحدوية الحقيقية‬
‫التي تدرك كم توفر التجزئة لاعداء هذه الامة من فرص الحياة‬

‫‪이‬‬
‫الا ان هذه القوى اذا كانت وحدوية النظرة وقطرية التكوين ستجد نفسها‬

‫مضطرة الى الانغماس في اللعبة القطرية ذاتها وفقدان رؤيتها الوحدوية كما انها‬
‫ستجد ذاتها اذا امتلكت لقوى معينة حريصة على ابقاء الأوضاع القطرية لان في‬

‫بقاء مثل هذه الاوضاع فقط تضمن مصالحها واستمرارها ونفوذها وهذا ما يفسر‬
‫الرأي القائل بان الاحزاب القطرية التركيب مهما كانت حسنة النوايا الوحدوية‬
‫قطرية النوايا والنظــرة‬ ‫قوى‬ ‫وصافية النظرة القومية ستتحول مع الزمن الى‬

‫والتصرف وبالتالي الى قوى غير ثورية لا بل تصبح معادية للثورة الوحدوية في‬
‫بعض الاحيان ( فقط الحزب القومي التركيب هو الذي يضمن باستمرار لفرعه في‬
‫ـق‬ ‫قطر ان يتجاوز خطر الانغماس في المشاكل القطرية والابتعاد عن المنطلـ‬
‫الوحدوي في التفكير ‪.‬‬

‫فيها‬ ‫وحتى هذا الحزب ذو التركيب القومي غالبا ما يجابه حالات يتعاون‬

‫ضعف مركزية قيادته القومية مع قوة تنظيمه في بعض الاقطار فيؤدي به الى جنوح‬
‫هذا التنظيم‬ ‫هذا التنظيم نحو التفكير القطري والمنزلقات الاقليمية ويصبح هم‬
‫الانفلات من التزاماته القومية ‪ .‬وقد يطمح الى تحويل كل التنظيمات الاخرى التابعة‬

‫للحزب لخدمة مخططاته داخل القطر‬


‫لقد وعى حزبنا اهمية النظرة القومية لنضاله داخل كل قطر منذ تأسيسه‬
‫فقد جاء في كتاب في سبيل البعث‬

‫فحزبنا في سوريا مثلا وهذا ينطبق عليه في كل الاقطار التي له فيها فروع‬
‫بدا حياته منذ تأسيسه وبدأ بنضاله يعالج مشاكل الشعب في الجزء الذي وجد‬
‫في سوريا كان يناضل ضد‬ ‫لما بدأ الحزب‬ ‫الحزب فيه ولكن على اساس عربي ‪.‬‬
‫الاستعمار الفرنسي ‪ ،‬ولكنه في كل خطوة خطاها في نضاله ضد الاستعمار كان يذكر‬
‫‪ .‬من الوطن العربي وان الاستعمار موجود ‪.‬‬ ‫الشعب بان هذا الجزء هو جزء من كل‬

‫اجزاء اخرى وان طرده من هنا واضعافه سيساعد الاقطار الاخرى على التحرر‬

‫والاستبداد باخواننا في‬ ‫وان بقاءه هنا في سوريا يساعد الاستعمار على الضغط‬
‫اقطار اخرى ‪ .‬وبعد التخلص من الاستعمار الفرنسي هنا وجه الحزب نضاله ضد‬
‫لانها كانت زمن الاستعمار سببا في استمرار بقائه ‪ ،‬لانها‬ ‫الطبقة الحاكمة‬ ‫الطبقة‬
‫زيفت النضال واضعفته عندما تزعمت النضال وساومت الاستعمار مرارا عليه ‪..‬‬
‫فهل كنا في نضال ضد هذه الطبقة ؟ هل كنا نعمل لسوريا كبلد قائم بذاته مستقل‬
‫لا تصله بالبلاد العربية صلة ؟ كلا كنا نعرف ان نضالنا ضد هذه الطبقة هو نضال‬

‫ضد مرض واحد ابتلي به العرب في ارضهم وعندما قاومنا الدكتاتورية العسكرية‬
‫‪. ) ٢٣٤٢٣١‬‬ ‫عربية ) ( في سبيل البعث ص‬
‫لم نكن نعالج حادثا اقليميا وانما ظاهرة (‬
‫فالنظرة يجب ان تكون دائما عربية حتى يأخذ النضال القطري مجراه الطبيعي‬

‫ضمن النضال القومي العام وهذه النظرة هي من ابرز ميزات حزبنا‬

‫ولئن كان قد تسمى بالبعث العربي فليس ذلك لانه اول حزب آمن بالوحدة‬
‫العربية فكرا وعملا وجعل تنظيمه على اساس عربي شامل فحسب بل لانه آمن منذ‬
‫البدء ان كل نظرة ومعالجة لمشاكل العرب الحيوية في اجزائها ومجموعها لا تصدر‬
‫فليس‬ ‫تكون نظرة خاطئة ومعالجة ضارة ‪.‬‬ ‫وحدة الامة « العربية‬ ‫من هذه المسلمة ‪:‬‬

‫اذن الفرق بين البعث العربي وبين الاحزاب الاخرى التي تنشأ في الاقطار العربية‬

‫والتي منها ما ينادي بالاشتراكية ومنها ما ينادي بالديموقراطية ومنها ما ينادي‬

‫فيه واكثرها يقول بالوحدة‬ ‫في حدود القطر الذي تنشأ‬ ‫بالاثنين معا‬
‫العربية كنتيجة وهدف اخير سيصل اليه كل قطر عندما يكتمل تطوره وتنضج‬
‫الشروط اللازمة لتحقيق الوحدة العربية ‪ ،‬نقول ان الفرق بين حزبنا وهذه الاحزاب‬

‫ليس فرقا في الكم بل وفي النوع ‪ ( .‬معركة المصير الواحد ص ‪. ) ١٩٠‬‬


‫قيم دور هذه الاحزاب والانظمة القطرية تقييما حاسما‬ ‫لا بل ان الحزب قد‬
‫ونهائيا منذ زمن حين قال ‪:‬‬
‫فلم يعد اذن عمل الاحزاب القطرية والحكومات مرحلة توصل الى الوحدة بل‬
‫سبيل‬ ‫اتجاها جديدا وطريقا مختلفا يبعد عنها ويضعف امكانياتها (‬
‫البعث ص ‪• ) ٢٤٢‬‬

‫ولقد تطور شرح هذه النظرية عبر نضال الحزب وتجاربه حتى وصل الرفيق‬
‫مسعود الشابي الى ابراز تناقض الاحزاب القطرية مع الوحدة على اساس طبقي‬
‫ما الذي جرى في ‪ ٢٣‬شباط »‬ ‫واضح فقال‬
‫فالاحزاب القطرية تتناقض مع الوحدة لتناقض مصالح القائمين عليها مع‬

‫مصلحة الوحدة في القضاء على المؤسسات ذات الاشكال القطرية ‪ .‬ان هذا يجعل‬
‫استطاعتنا ان نؤكد دون تحفظ بان الاحزاب القطرية بجميع اصنافها ومهما‬
‫كانت ايديولوجيتها لا يمكن ان تكون الا تعبيرا عن مصالح البورجوازية او البورجوازية‬
‫الصغيرة ‪ .‬إن المعاني العملية لهذا الالتزام تتجسد بالتالي ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫ا ‪ -‬اعتبار القيادة القومية الوحيدة في الحزب وان شرعية آية قيادة دنيا‬
‫تستمد من انسجامها مع هذه القيادة فقط ‪.‬‬

‫‪ - ٢‬تقوية اجهزة القيادة القومية ومكاتبها بشكل يؤمن لهذه القيادة الاطلاع‬

‫قطر وعلى‬ ‫السريع والشامل على الواقع الحزبي الخاص والواقع العام داخل كل‬
‫نطاق الوطن العربي كله‬
‫‪ -‬اولوية العمل على المستوى القومي لكل قائد حزبي على كل عمل اخر بما‬
‫هذا‬
‫من تفرغ كامل من قبل اعضاء قق لعملهم فيها‬ ‫يعني‬
‫ان حزبنا في هذه المرحلة هو الحركة الشعبية الوحيدة التي تعمل على نطاق‬

‫قومي وهذه الميزة هي احد اسرار قوة الميزة التي يجب ان لا نغفل اهميتها بل ونعمل‬
‫وانحزبنا بمقدار ما يتمسك بهذه الميزة ويخلص لها هو قادر‬ ‫علىتطويرها باستمرار‬

‫على ان يحفر لنفسه مجرى عميقا في النضال العربي وقادر علىان يوفر لهذا النضال‬
‫اداته الثورية الفعالة بعد ان قدم له الفكر والاطار التنظيمي العام •‬

‫القومي هو حماية وحدوية الحزب‬ ‫اذن الشرط الاول الذي يخلقه التنظيم‬

‫ومنعه من الانغماس الكامل في المشاغل القطرية مع ما يقود اليه مثل هذا الانغماس‬
‫من استسلام لمصالح وقوى غالبا ما تكون مناقضة لعقيدة الحزب ومسير نضاله‬

‫‪ ۲‬ـ من الواضح ان السلطة هي عبارة عن محك لقدرة الحزب الثوري واخلاصه‬

‫‪٥٣‬‬
‫لمبادئه وتعلقه بها ‪ .‬كما انه من الواضح ايضا ان للسلطة مقدرة هائلة على افساد‬

‫•‬ ‫ماسكي زمامها سواء من حيث قدرتها على ابعادهم عن مبادئهم او عن الشعب‬
‫ولما كانت السلطة امرا لا مفر منه امام اي حزب ثوري يطمح الى تغيير جدي‬

‫فهما علميا واضحا‬ ‫في الواقع الفاسد فانه من الضروري لهذا الحزب ان يمتلك‬
‫للسلطة وتأثيراتها وان يمتلك تصورا لكيفية تحويل السلطة وهي السيف ذي الحدين‬
‫لخدمة اهداف الثورة بدلا من ان تتمكن من تشويه مناضليه وافسادهم ‪ .‬كذلك على‬
‫الحزب الثوري ان يخلق الشروط الموضوعية التي تمكنه من السيطرة على السلطة‬
‫لمقتضيات‬ ‫الحزب‬ ‫سيطرة السلطة عليه وتسخيرها‬ ‫وتسخيرها لاهدافه بدلا من‬
‫الحفاظ عليها‬

‫ان من ابرز هذه الشروط الموضوعية التي يمتلكها الحزب هو وجود تنظيــم‬
‫قومي له ‪.‬‬
‫فاذا استلم الحزب السلطة في احد الاقطار قد تنشأ حالة يقوى فيها‬
‫تأثير السلطة على عدد كبير من الرفاق داخل هذا القطر فتضعف رؤيتهم الثورية‬
‫قابلية للانحراف عن خطه النضالي‬ ‫وتتحول مجالات اهتمامهم ويصبح الحزب اكثر‬

‫الا ان وجود التنظيم القومي الذي يضم مناضلين لم يزالوا بعد على التصاق حميمي‬
‫بالشعب ومبتعدين نسبيا عن تأثيرات السلطة يشكل صمام امان ضد اي امكانية‬
‫انحراف للقطر الحاكم‬
‫غير‬ ‫ة‬ ‫ط‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫غ‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫ط‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫خ‬ ‫ف‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ذ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫فالمناضل الحز‬

‫للجماهير العربية ومقدار انسجامها مع مبادىء الحزب ‪،‬‬ ‫ما تحققه من منجزات‬

‫بينما يستسلم المناضل الحزبي الواقع تحت تأثير السلطة الى مفاهيم مشوشة تحت‬
‫شعار « المرحلية » ومصلحة الحفاظ على الثورة فيجد نفسه وقد ابتعد شيئا فشيئا‬
‫عن مبادىء الحزب واصالته ‪.‬‬

‫وصمام الامان هذا قادر على ايصال صوته وتحقيق التجاوب المطلوب مــع‬
‫مستلزماته اذا كانت القيادة القومية للحزب هي القيادة الحقيقية وقراراتها هي‬
‫القرارات النافذة وسلطتها هي السلطة العليا‬

‫فالقيادة القومية اذن بحكم تكوينها القومي اقدر على محاكمة الامور من منطلق‬
‫قومي من اي قيادة دنيا وبالتالي اقدر على ردع الحزب عن أي انحراف قد يقع فيه ‪.‬‬
‫وتاريخ الحزب مليء بالشواهد التي تدل انه دائما حين كانت ترتفع داخل‬
‫الحزب اصوات تحت تأثير السلطة وتكاد انتزيف الحزب وتفقده معالمه ‪ ،‬كانت الهيئات‬
‫القومية من مؤتمر قومي او القيادة المنبثقة عنه تتقدم لتقاوم التزييف ·‬

‫هذا ما حصل في المؤتمر القومي الثالث حين حاول عبد الله الريماوي ان يلغي‬
‫دور الحزب بدافع من خضوعه لتأثيرات اجهزة السلطة الناصرية‬
‫وهذا ما حصل ايضا بعد الانفصال حين حاول بعض القياديين في سوريا‬

‫بدافع من الرغبة في الوصول السريع الى السلطة ان يبعدوا عن الحزب طابع‬


‫الوحدوي والذي هو اساس وجوده ·‬

‫وكذلك كانت القيادة القومية كمؤسسة هي قائدة الصراع الذي خاضه الحزب‬
‫قبل ‪ ۲۳‬شباط وبعده‬ ‫ضد تزییف القطريين‬

‫‪٥٤‬‬
‫بارز من شروط‬ ‫الوحيد وانما شرط‬ ‫على ان هذا الشرط طبعا ليس الشرط‬

‫ضمان عدم استسلام الحزب للسلطة‬


‫‪-‬‬
‫‪ ٣‬ـ ان التمسك بالتركيب القومي لحزبنا يمكن ايضا ان يشكل معيارا دقيقا‬

‫اما ان‬ ‫لكشف مدى الاخلاص والايمان بالوحدة العربية وبالتالي بالحزب لان حزبنا‬
‫يكون قوميا او لا يكون مطلقا‬

‫الكلام عن الوحدة العربية وحتى السير‬ ‫فلقد أصبح من السهل على العديد‬
‫بخطوات شكلية تجاهها ‪ ،‬الا ان ليس من السهل على المواطن ان يكشف صدق قائلي‬
‫هذا الكلام •‬

‫ان احد المعايير البارزة التي استطاع حزبنا ان يقدمها كضوء كشاف على مدى‬
‫اخلاص اي مسؤول او قائد لهدف الوحدة هو مدى ايمانه بالتنظيم القومي ‪ ،‬وحتى‬
‫الان يستطيع الحزب من خلال هذا المقياس ان يكتشف كثيرا من الوحدويين غــــير‬
‫الحقيقيي •‬
‫ن‬

‫فغير المؤمن بالتنظيم القومي مهما اتسع مجال نشاطه القومي ومهما غالى في‬
‫اظهار وحدويته سنجده يوما وقد انعزل على نفسه وداخل قطره معتبرا المشاغل‬

‫فيها مشاكله القطرية‬ ‫القومية عبارة عن كماليات‬


‫في مرحلة ازدادت‬
‫قومي شكلي‬ ‫وغير المؤمنين بالتنظيم القومي وان كانوا يسعون لتشكيل تنظيم‬
‫كالقطريين في سوريا نجدهم غير مؤمنين بالوحدة وبقيامها وان سعوا لتركيب وحدة‬
‫شكلية يخدعون بها الشعب كما خدعوا بعض الحزبيين عن طريق تنظيمهم القومي‬
‫الشكلي‬
‫ان هذه الشروط التي يخلقها التنظيم القومي بالاضافة الى القوى التي ينميها‬
‫وجوده تظهر ان اصرار الحزب على ان يكون تركيبه قوميا لم يكن مجرد رغبة عابرة‬
‫او طموحا مثاليا وانما قام نتيجة تحليل عميق لطبيعة النضال العربي وحاجاتـــــه‬
‫ولفهم شامل للقوى التي تحرك هذا الواقع •‬

‫ومقتضياته العملية هو مقياس اساسي لمقدرة الحزب‬ ‫والالتزام بهذا التنظيم‬


‫فحزب البعث لا يستطيع انجاز مهماته الا اذا زالت منـــــــــه‬ ‫على انجاز مهماته ‪.‬‬
‫الرواسب القطرية التي تأخذ مظهرها الرئيسي في محاولة رفض المركزية القومية‬

‫اتـلتي تحرص عليها وتحتفظ بها عناصر‬


‫ب ال‬
‫سب‬‫اس‬
‫وا‬‫رو‬
‫لر‬‫ال‬
‫ه ا‬
‫ذه‬‫هذ‬
‫الممثلة في القيادة ‪ ..‬ه‬
‫البورجوازية الصغيرة المولعة بالسلطة ويساعدها على الاحتفاظ بها ضعف النضال‬
‫الايديولوجي في الحزب ضد القطرية ونتائجها كما يساعدها ايضا اهمال بعض‬
‫العناصر القيادية الاطلاع على الاوضاع الحزبية والعامة في القطر المحكوم عن كتب ‪.‬‬
‫التقسيمات الاداريةفي حزبنا (‪)١‬‬

‫مقدمة ‪:‬‬

‫عن باقي الاحزاب‬ ‫تختلف قضية الوحدة بالنسبة لحزبنا اختلافا کلی‬
‫فالاحزاب الاخرى وحدوية‬ ‫في الوطن العربي‬ ‫والمنظمات السياسية الاخرى‬

‫بالالفاظ فقط ‪ ،‬اما حزبنا فانه وحدوي في تركيبه وعقيدته ‪ ،‬يجسد الوحدة في‬
‫تنظیمه ‪ .‬وهذه الميزة هي التي تميزه عن كل الاحزاب القومية ‪ ،‬كما ان هذه الميزة‬

‫نفسها هي التي تميزه عن الاحزاب الاشتراكية والشيوعية في الوطن العربي ‪.‬‬


‫وانما هو اشتراكي‬ ‫كما هي عليه الاحزاب الشيوعية‬ ‫و حزبنا ليس اشتراكيا فقط‬
‫فتلك الاحزاب حتى لو ادعت بأنها وحدوية النوايا فهي احزاب اقليمية‬ ‫وحدوي‬

‫بحكم تركيب تنظيمها ‪ ،‬وهي عاجزة بالتالي عن تحقيق الوحدة حتى لو حكمت‬
‫لقد اثبتت التجربة التاريخية للعرب وللشيوعية العالمية في العصر‬ ‫اكثر من قطر ‪.‬‬

‫الحديث ان الوحدة لا يمكن ان يحققها الا حزب منظم على المستوى القومي ‪ ،‬خاضع‬
‫لقيادة واحدة مركزية تمثل أعلى سلطة فيه ‪ ،‬ترتبط بها المنظمات القطرية المختلفة ‪.‬‬
‫لذلك فان حزبنا يبقى وحده حزب المرحلة العربية الراهنة وهـو عمادها ‪،‬‬

‫وهو حلها ‪ ،‬واداة تحقيق اهدافها في الوحدة والاشتراكية ‪ .‬لهذا السبب فـــان‬
‫الحرص على حفاظ حزبنا على الصفة الوحدوية لتنظيمه يوازي بالضبط الحرص‬
‫على تحقيق الوحدة العربية ‪ .‬اذ بدون هذه الصفة لا يمكن ان يؤدي مهمته‬
‫التاريخية ‪.‬‬

‫لقد وقعت في السنوات الاخيرة محاولات استعمارية لتوجيه العرب الى‬


‫الاشتراكية فقط دون الوحدة قصد ايهامهم بان الاشتراكية القطرية يمكن لها ان‬

‫تحل الازمة التي يعانيها الوطن العربي والمتمثلة في التخلف الاقتصادي والاجتماعي‬
‫وسيطرة الاستعمار ‪ .‬مع العلم التام بان عناصر الازمة الثلاثة لا يمكن حلها بالتطبيق‬
‫الاشتراكي القطري ‪ ،‬لان هذا التطبيق لن يغير من الواقع الاقتصادي والاستعماري‬
‫فمن البديهيات اليوم ان الازمة الاقتصادية لا يمكن ان تحل الا بواسطة‬ ‫شيئا ‪.‬‬
‫صناعة متقدمة تحتل نسبة مهمة من الدخل القومي ‪ ،‬وان هذه الصناعة لا يمكن ان‬

‫صدر في نشرة قومية بتاريخ ‪٢٠-١-١٩٦٦‬‬ ‫)‪(1‬‬


‫تتم الا اذا توفرت الامور التالية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬رأس مال استثماري ·‬

‫‪ -‬سوق واسع‬
‫‪ -‬مواد اولية رخيصة ‪.‬‬
‫وهي غير متوفرة في اي قطر عربي على حدة ‪ ،‬وانما تتوفر في الوطن العربي‬
‫ككل ‪ ،‬ويبقى بعد ذلك محتوى الاشتراكية فقط وهو توزيع الثروة ‪ .‬وتوزيع الثروة‬
‫لا يحل المشكل ‪ ،‬لان الثروة الموجودة حتى اذا وزعت توزيعا عادلا لا تستطيع موازنة‬

‫الزيادة المتنامية في عدد السكان‬


‫كذلك فان الاشتراكية القطرية لا يمكن ان تتمكن من طرد الاستعمار نهائيا من‬
‫المنطقة ‪ ،‬وسوف تبقى الاقطار خاضعة له نتيجة حاجتها الى المعونات الخارجية من‬
‫ان الاشتراكية لا تلتقي مع التبعية وفقدان‬ ‫الدول الكبرى مما يهدد استقلالها‬
‫الاستقلال ‪ .‬بالاضافة الى ان مقاومة الاستعمار يقضي بضرورة فتح جبهة واسعة‬
‫عليه بقيادة واحدة ولن يمكن ذلك اذا كان كل قطر مستقلا عن الاخر وله قيادته‬

‫السياسية الخاصة الخاضعة للمصالح القطرية‬


‫ان هذا هو سبب التوجيه الاستعماري لمحاولة ربط القومية بالبورجوازية‬

‫وتحويل انظار الحركات العربية الى الاشتراكية دون الوحدة ‪ .‬لان الاستعمار يعرف‬
‫ان الاشتراكية القطرية سوف تعاني الكثير اذا لم تفشل ‪ ،‬وبالتالي فانه بذلك‬
‫‪ .‬ان واجب‬‫يستطيع ان يضرب عصفورين بحجر واحد ‪ :‬الاشتراكية والوحدة معا‬
‫الحركات العربية ان تفلت من هذا التوجيه الاستعماري وان تكون تطبيقاتها‬

‫‪ .‬ان المشكل الاساسي‬ ‫الاشتراكية خطوة للاشتراكية على النطاق العربي الشامل‬

‫‪ -‬التخلف الاقتصادي والاجتماعي والاستعمار ـ لا يمكن ان يجد حله الا ضمن‬


‫هذا النطاق ‪.‬‬
‫ولهذا السبب فان اهمية الوحدة التنظيمية لحزبنا قضية اساسية لا بالنسبة‬
‫•‬ ‫للحزب فقط ‪ ،‬وانما هي في آن واحد اساسية لقضية الوحدة والاشتراكية معا‬
‫ان اعداء الوحدة والاشتراكية يسعون الى تحطيم هذه الوحدة التنظيمية لحزبنا‬

‫ولتستبدل تلك الوحدة‬ ‫في الوطن العربي ‪،‬‬ ‫ليمنعوا تحقيق الوحدة والاشتراكية‬

‫التنظيمية بمنظمات اقليمية تفقد مبرر وجودها‬


‫ان على المناضلين الحزبيين ان يعوا هذه الحقائق وان ينموا من نضالهم للحفاظ‬
‫على وحدته التنظيمية القومية ودعمها وتطويرها ‪.‬‬

‫فقط الاعداء الموجودين خارج الحزب ‪ ،‬وانما هناك‬ ‫ان اعداء الحزب ليسوا‬

‫القطرية والاقليمية ودعــــــــم‬ ‫اعداء في الداخل يسعون لنفس المهمة وهي تكريس‬
‫اتجاهاتها ‪ ،‬ويأتي على رأس هؤلاء الاعداء ‪ :‬الانتهازية الانتفاعية ‪ ،‬والجبن‬
‫والغرور والمغامرة البلهاء‬ ‫‪،‬‬ ‫بمصير الحزب‬ ‫والاستسلام امام الاغراءات واللامبالاة‬
‫والنظرة القصيرة والسطحية ‪.‬‬

‫اننا اذ نضع هذه الدراسة بين ايدي مناضلي حزبنا نشعر بتفاؤل ان حزبنا‬
‫في امكانه التغلب على ازمته اذا تسلح مناضلوه بالنظرة العلمية للامور والشجاعة‬

‫‪۰۷‬‬
‫الخلاقة ‪ ،‬ونبذ المجاملة والاستحياء ‪ ،‬والمواقف الوسطية المورطة‬

‫برزت في حزبنا ظاهرة مرضية عدة مرات سببت له هزات كبيرة وكانت‬
‫فيه ‪ ،‬ومع ان هذه الظاهرة قد تكررت كما قلنا خلال‬ ‫سببا في بعض الانقسامات‬
‫الخمس سنوات الاخيرة ‪ ، ٦٤٥٩‬الا انها لم تحظ بدراسة موضوعية علمية توضح‬

‫اسبابها وتضع علاجا لها او بالاحرى تقوم بعملية تلقيح ضدها ‪ .‬وفي كل مرة تبرز‬
‫فيها هذه الظاهرة يقع الهرب منها بدل دراستها ومعالجتها لمحاولة القاء المسؤولية‬

‫على شخص او مجموعة اشخاص تناسيا ان تصرف الاشخاص انفسهم تحدده‬

‫فيه الاطر والضمانات الحقيقية التي تضبط تصرفاتهم‬ ‫وتتحكم‬

‫هذه الظاهرة هي تمرد القيادة القطرية على القيادة القومية ‪ .‬وقد حدثت هذه‬
‫الظاهرة في التصرفات التالية ‪:‬‬
‫·‬‫ا ‪ -‬تمرد الريماوي سنة ‪١٩٥٩‬‬
‫‪-‬‬
‫تمرد الركابي سنة ‪. ١٩٦٠‬‬
‫‪-‬‬
‫‪ ٣‬ـ تمرد اكرم الحوراني سنة ‪١٩٦٢‬‬
‫‪ - ٤‬تمرد الشميطلي سنة ‪. ١٩٦٢‬‬
‫‪ -‬تمرد السعدي سنة ‪. ٦٣-١٩٦٤‬‬

‫‪ - ٦‬تمرد القيادة القطرية في سوريا اواخر عام ‪١٩٦٤‬‬


‫وربما كان من المفيد لو عرفت تفاصيل حوادث التمردات وسجلت مع هذا‬

‫التقرير الا ان ضيق المجال والنقص في المعرفة الكاملة لا يسمحان بذلك‬

‫ملابسات التمرد وتوقيتها ‪:‬‬

‫واول شيء يجب تسجيله في بداية هذه الدراسة هو ان هذه التمردات تتم‬
‫في حالة تكون فيها القيادات القطرية في مركز القوة بالنسبة للقيادة القومية ‪:‬‬

‫‪ ۱-‬بأن تكون تنظيمات الحزب في القطر قد اشتد ساعدها لنمو الحزب‬


‫وتضخم قواعده ولفه جمهورا واسعا كما حدث في العراق بعد سنة ‪١٩٥٩‬‬
‫‪ ۲‬ـ او وصوله الى الحكم او تنامي تأثيره في حكم قائم كما حدث في سوريا‬
‫‪.‬‬ ‫في بداية عهد الوحدة وفي الاردن عام ‪١٩٥٧‬‬

‫الاصطدام بين السلطة القطرية والسلطة القومية ‪:‬‬

‫هذه الظاهرة وايجاد حل‬ ‫على ان هناك حقيقة لا بد من توضيحها لفهم‬


‫لعلاجها ‪ ،‬هذه الحقيقة هي ان اية قوتين اذا كانتا تتحركان في مجال واحد ولم‬
‫هذا‬ ‫تكن احداهما تابعة للاخرى ومندمجة بها وجزءا منها لا بد أن يصطدمــــا‬
‫القانون الطبيعي العلمي لا بد من مراعاته ونحن بصدد بحث هذه الظاهرة وايجاد‬

‫الحلول لها‬

‫ان كلا من القيادة القومية والقيادة القطرية تمثل قوة معنوية وفي بعض‬

‫الاحيان فعلية ‪ .‬واستنادا على القانون السابق ذكره فان صدا مهما حتمي ما دامت‬
‫كل منهما تمارس سلطة على نفس ميدان التأثير الا وهو القواعد الحزبية في قطر‬

‫معين ‪ .‬الا انه لكي نتأكد من توفر الشروط التي تحتم الاصطدام بين هاتين القوتين‬
‫لا بد ان نتساءل ‪ :‬هل ان القيادة القطرية قوة تابعة للقيادة القومية وجزءا منها أو‬

‫ان النظام الداخلي للحزب ومؤتمراته‬ ‫انها قوة مستقلة تعتمد على قوتها الذاتية ؟‬
‫تقول ‪:‬‬

‫‪ ..‬بان القيادة القومية هي أعلى سلطة قيادية في الحزب تشرف على كافة‬
‫شؤونه ويخضع لها الحزب وكافة هيئاته ومنظماته وقياداته » ( ‪ . ) ۱‬وبما ان القيادة‬

‫القومية هي أعلى سلطة قيادية في الحزب فان سياسة الدولة تجاه الاقطار « يجب‬
‫ان تقرها القيادة القومية بعد الاخذ بعين الاعتبار راي قيادات الاقطار » ( ‪ . ) ٢‬أما‬

‫القيادة القطرية فان احدى مهماتها كما يحددها النظام الداخلي هي « تلقي توجيهات‬
‫فان للقيادة القومية‬ ‫‪ ،‬وبالتالي‬ ‫و قرارات القيادة القومية والعمل على تنفيذها » ( ‪) ۳‬‬
‫حق دعوة اي مؤتمر قطري لانتخاب قيادة قطرية جديدة اذا رأت حل القيادة‬
‫القائمة حينئذ بسبب خروجها عن مبادىء الحزب او سياسته العامة أو اتجاهاته‬
‫التي اقرها المؤتمر القومي » ( ‪ . ) ٤‬ان هذه النصوص صريحة من حيث تحديد صلة‬

‫فهي تعتبر الاولى جزء من الثانية وتابعة لها‬ ‫القيادة القطرية بالقيادة القومية ‪،‬‬
‫ولكن هل تسير الامور على ما يرام بمجرد ان تخط القوانين والقرارات على الورق ‪.‬‬
‫طبعا ان القوانين لا تفرض نفسها وانما تفرضها القوى المادية التي تسندها ‪ .‬ان‬

‫العمل السياسي لا يمكن ان يستند الى الضمانات الاخلاقية الفردية وحدها ‪ ،‬وانما‬
‫يجب ان يستند الى ضمانات مادية واقعية ‪ .‬بالاضافة الى أمر آخر لا بد من التنبيه‬
‫فهل‬ ‫اليه هو ان اية قوة لا تكون تابعة للاخرى الا اذا كانت تستمد قوتها منها ‪.‬‬
‫القيادة القطرية تستمد قوتها من القيادة القومية ‪ ،‬حتى نتأكد من ان القيادة‬
‫القطرية تابعة لها وجزء منها ومدمجة فيها ؟ ‪.‬‬

‫مصادر سلطة القيادة القطرية وقوتها ‪:‬‬

‫اننا اذا نظرنا للانظمة الداخلية التي صدرت عن الحزب نلاحظ ما يلي ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬ان القيادة القطرية لا تستمد شرعيتها وقوتها من القيادة القومية وانما‬

‫النظام الداخلي ‪ -‬المؤتمر القومي السادس ‪١٩٦٣‬‬ ‫(‪)۱‬‬


‫المؤتمر القومي السادس ‪ -‬مقررات المؤتمر القومي السادس ‪ ٢٣٥‬تشرین اول ‪ ٦٣‬صفحة ‪·. ١٣‬‬ ‫(‪) ۲‬‬
‫النظام الداخلي ‪ -‬المؤتمر القومي السادس ‪ -‬صفحة ‪. ۲۱‬‬ ‫(‪) ۳‬‬
‫النظام الداخلي ‪ -‬المؤتمر القومي السادس ‪ -‬صفحة ‪٢٦‬‬ ‫(‪)٤‬‬
‫تستمدها‬
‫من المؤتمر القطري الذي ينتخبها وغاية ما تفعله القيادة القومية وما‬
‫تملكه من حقوق هو ان تعمد القيادة القومية وتشهد بصحة العملية الانتخابية ‪.‬‬
‫صحيح ان القيادة القومية تملك حق حل القيادة القطرية كما تحدده الفقرة التالية‬

‫من النظام الداخلي ‪ .. « :‬وبالتالي يحق دعوة اي مؤتمر قطري لانتخاب قيادة‬
‫قطرية جديدة اذا رأت حل القيادة القائمة حينئذ بسبب خروجها عن مبادىء‬
‫الحزب او سياسته العامة او اتجاهاته التي اقرها المؤتمر القومي » ( ‪) ۱‬‬

‫الا ان القيادة القومية تجد نفسها في مأزق الامر الواقع اذا كانت القيادة‬
‫القطرية تمثل تنظيما ناميا وقويا في قطرها وتملك في يدها وسائل تعبئة الجماهير‬
‫الحزبية بما تريد وقادرة على القيام بشق الحزب لا لمجرد ملكها وجهة النظـ‬
‫الصحيحة ‪ ،‬وانما لكونها تملك قوة مادية بيدها تهدد بها الحزب والقيادة القومية ‪.‬‬

‫ولا يبقى للقيادة الاخيرة الا حلين ‪:‬‬


‫‪ -‬ان تحني ظهرها للعاصفة وان تتنازل عن رأيها وسلطتها لتتجنب انشقاقا‬
‫في الحزب ·‬
‫‪-‬‬
‫او ان تقدم على تحمل مسؤولياتها حفاظا على طابعه القومي ‪.‬‬
‫لقد دلل تاريخ حزبنا والتمردات القطرية التي حدثت فيه ان الاعتماد على‬
‫الاخلاق الذاتية في الحفاظ على وحدة الحزب وخضوع القيادة القطرية للقيادة‬
‫القومية باعتبارها أعلى سلطة فيه ‪ ..‬دلل على انه حرث في البحر ‪ ،‬كما دلل بان‬
‫القيادة القطرية بقدرتها الاعتماد على قوتها الذاتية وامكانها مصارعة القيادة القومية‬
‫قانونيا على الورق ‪.‬‬ ‫هي قوة مستقلة وليست تابعة للقيادة القومية عمليا وفعليا لا‬

‫ان الصيغ التنظيمية التي اقرتها الانظمة الداخلية على اختلافها لم تضع ضوابط‬
‫حقيقية تمنع هذا التمرد ‪ ،‬وذلك يجعل القيادة القطرية تستند في شرعيتها على‬
‫المؤتمر القطري وحده ‪ ،‬مما اعطاها قوة ذاتية مستقلة تدفعها الى صراع القيادة‬
‫القومية والتمرد عليها‬

‫فما‬
‫قومي الى افقاد القيادة القطرية قوتها‬ ‫هي الاسباب التي تدعونا كحزب‬
‫الذاتية ؟ ‪.‬‬

‫‪ - ۱‬سبق وان حللنا اوضاع علاقة القيادة القومية مع القيادات القطرية ورأينا‬
‫ان القيادة القطرية حسب ما يقره النظام الداخلي للحزب ‪ ،‬تملك قوة ذاتية تستطيع‬
‫بواسطتها ان تقدم على التمرد على القيادة القومية وهذه القوة آتية مما يلي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬استنادها في شرعيتها على الانتخابات من طرف المؤتمر القطري ‪.‬‬
‫ب ـ انبثاقها عن قاعدة قطرية لا قومية لان اعضاءها يصلون الى القيادة‬
‫مما يجعلها لا مبالية برأي القواعد‬ ‫‪،‬‬ ‫بواسطة قواعد قطرها فقط‬ ‫والى الحكم‬

‫النظام الداخلي ‪ -‬المؤتمر القومي السادس ‪ -‬صفحة ‪· ٢٦‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪1.‬‬
‫الحزبية خارج قطرها ‪ ،‬وهو المنزلق الى الاقليمية والقطرية‬

‫ج ‪ -‬الوسائل التي تملكها اذا وصلت للحكم او اصبحت تحظى بقوة حزبية‬

‫لها فعلها في قطرها‬

‫د ‪ -‬القيادة القومية في هذه الحالة قوة معنوية لا يدعم سلطتها رادع مادي‬

‫فعلي ‪ .‬ان القيادة القومية في هذا الوضع تصبح هيئة لا تملك الا نصائحها التي‬

‫تقدمها او مواعظ حسنة تضعها بين يدي القيادة القطرية‬

‫الحزب »‬ ‫هي أعلى سلطة في‬ ‫في هذه الاوضاع‬ ‫فهل تكون القيادة القومية‬

‫كما يحددها النظام الداخلي ومقررات المؤتمر القومي السادس وهي لا تملك من‬

‫الروادع الفعلية شيئا ‪ .‬اننا نخدع انفسنا لو اعتقدنا ان القوة المعنوية وحدها كافية‬

‫وان النص المكتوب على الورق وحده في مقررات المؤتمرات والنظام الداخلي يشكل‬

‫رادعا فعليا ‪ .‬ان الذي ألم الماما جزئيا بالسياسة يدرك ان القوانين المكتوبة لا يمكن‬

‫ان تحترم الا اذا كانت هناك قوة مادية تدعمها ‪ .‬وهل يمكن ان نترك المصير القومي‬
‫لحزبنا تحت رحمة امزجة فردية معرضة للتقلب والضعف والانحراف ‪ ،‬وان تكون‬
‫هذه الامزجة هي الضمانة الوحيدة لقومية تنظيمات حزبنا ‪ .‬اننا اذا ما قبلنا بذلك‬
‫ولم نسارع الى تغييره نكون قد وضعنا حزبنا ومصلحة الامة العربية رهن الصدف‬
‫والنوايا الطيبة وحدها •‬

‫ان اي حزبي مخلص للبعث ولقضية الامة العربية لن يقبل بذلك ‪ ،‬وسوف‬
‫يناضل ضد كل العوائق التي تقف امام ارادته وتصميمه وعلى رأسها الانتهازية‬
‫والانتفاعية القطرية •‬
‫‪ - ٢‬الخوف من ان تصبح المنظمات القطرية احزابا اقليمية كسائر الاحزاب‬

‫الاقليمية الموجودة في الوطن العربي ‪ .‬لان الاحزاب لا تكون قومية برفعها شعارات‬
‫قومية او امتلاكها قناعات ونوايا قومية ‪ ،‬وانما تكون كذلك اذا كانت جزء من حزب‬
‫منظم على المستوى القومي أي على مستوى الوطن العربي ‪ .‬ان النوايا والشعارات‬
‫ان هذا الخوف‬ ‫التي لا تسندها بنى تنظيمية لا تقدم ولا تؤخر في الواقع شيئا‬

‫هو الذي يدفعنا الى وجوب البحث عن صيفة لابقاء المنظمات القطرية في الاطار‬
‫وانما‬ ‫الحسنة ‪،‬‬ ‫القومي ‪ ،‬ولن يكون الحل حتما تقديم النصائح المكررة والمواعظ‬

‫قوميا بالحزب وبقواعده والصيغة التي تضمن مثل هذا‬ ‫هذه القيادات‬ ‫يكون بربط‬

‫الحل في رأينا هي التالية ‪:‬‬


‫‪-‬‬
‫أ ـ أن ينتهي ما يسمى بالقيادة القطرية في الاقطار التي وصل الحزب فيها‬
‫الى الحكم ‪ ،‬بأن يحكم الحزب هذه الاقطار بواسطة القيادة القومية نفسها مباشرة ‪.‬‬
‫ب ـ ان تعين القيادة القومية تعيينا مكتبا قطريا من بين اعضاء المؤتمر القطري‬
‫او من الاعضاء المنتخبين في قيادة قومية موسعة‬
‫ج ـ اعطاء حق تعيين وعزل قيادة الجيش وسلطات الامن والمخابرات للقيادة‬
‫القومية ‪ .‬واسباب ذلك ان وجود قيادتين شرعيتين مستقلة الواحدة عن الأخرى‬

‫في وجودها يؤدي الى ازدواجية في قيادة المنظمة القطرية والحكم الذي تحكمه ‪،‬‬

‫‪11‬‬
‫ى الصدام بينهما ‪.‬‬
‫ويوصل في النتيجة ال‬

‫كما ان القيادة القطرية في قطر يحكمه الحزب من الممكن جدا ان تنقلب الى‬

‫قيادة قطرية لا تولي اهمية لآراء المنظمات الحزبية في الاقطار الاخرى ما دامت‬

‫قواعد هذه المنظمات لا تؤثر في وجودها بالقيادة والحكم ‪ .‬اما اذا اصبح الذين‬

‫قيادة القطر وحكمه ينتخبون على المستوى القومي وتستند شرعية‬ ‫يصلون الى‬

‫اذ لا توجد قيادة قطرية‬ ‫قياداتهم الى قواعد الحزب في كل انحاء الوطن العربي‬

‫‪ ،‬فانهم حينئذ يصبح من المستحيل تقريبا عليهم ان ينقلبوا الى‬ ‫وانما قيادة (قومية‬

‫قطريين او ان يهملوا الاهتمام بآراء قواعد الحزب في كافة الاقطار الاخرى لان ذلك‬
‫يؤثر في مركزهم في الانتخابات القادمة ‪.‬‬

‫ولكن هل يشكل مثل هذا الحل الذي تنتهي فيه القيادة القطرية كقوة مستقلة‬
‫ذلك‬
‫خطرا على الديمقراطية في داخل الحزب ‪ .‬ان هذه الاجراءات على العكس من‬
‫سوف تقوي الديمقراطية المركزية في الحزب ‪ ،‬لان اعضاء القيادة القومية المعينين‬

‫‪ .‬واذا عين مكتب قطري فسيعين‬ ‫لإدارة القطر هم ممثلون لقاعدة الحزب جميعها‬

‫من اعضاء المؤتمر القطري ‪ ،‬ويراعى في تعيينهم عدة اعتبارات ‪ ،‬كماضيهم في‬
‫الحزب وكفاءتهم ونضاليتهم وثقافتهم وما الى ذلك من الصفات التي يمكن ان توضع‬
‫لها قواعد محددة ويوازن بينها عند الاختيار ‪ .‬اذ الهدف من استبدال الانتخاب‬

‫بالتعيين من طرف القيادة القومية هو انهاء الشرعية التي تستمد منها القيادات‬

‫القطرية قوتها أن يصبح اي تمرد يعني بوضوح خروجا عن الحزب مما يمنع التباس‬
‫الامور على القواعد الحزبية ويمكنهم من اتخاذ رد فعل حاسم وسريع ‪.‬‬
‫ومدير الاستخبارات‬ ‫قائد الجيش‬ ‫كمل ان اعطاء القيادة القومية حق تعيين‬

‫و قائد قوى الامن سيضع في يد القيادة القومية ضمانة حقيقية لحماية الحزب‬
‫•‬
‫وحكمه ‪ .‬لان جوهر السلطة في دولة ما هو الجيش وقوى الامن والاستخبارات‬
‫انه بدون المسك بهذه الاجهزة لا يمكن للحزب ان يقال عنه بانه حاكم وان الدولة‬
‫دولته ‪ .‬ان هذا الجوهر لا يمكن ان يترك تحت رحمة شخص او عدد قليل‬
‫الاشخاص ‪ ،‬مهما كانت صفات هؤلاء ومهما امتلكوا من اخلاص للحزب ومــــــــــــن‬

‫اخلاقية ‪ .‬انه لا يكفي ان تكون هذه الاجهزة بيد حزبيين حتى نقول ان الحزب هو‬
‫فيها ‪ .‬ان الحزب لا يكون متحكما فيها فعلا الا اذا كانت أعلى سلطة‬ ‫الذي يتحكم‬

‫‪.‬‬ ‫تملك حق الولاية والعزل للاشخاص المدمرين لها‬ ‫وهي القيادة القومية‬ ‫نيه‬

‫ان غير ذلك يكون نوعا من الخور الفكري ‪ .‬ان كل الاجهزة الاخرى في الدولة تعتبر‬
‫ادوات فنية تكنيكية من وزارات وغيرها من المناصب‬
‫ان السلطة السياسية تتمركز في قيادة الجيش ‪ .‬والحزب اذا لم يملك هذه‬
‫الاجهزة ‪-‬‬
‫ممثلا بأعلى قيادة فيه ‪ -‬يكون مشاركا في الحكم وليس حاكما ‪ ،‬وطابع‬
‫الحكم عبارة عن جبهة وليس طابع حكم حزب ‪.‬‬

‫ان هذه القضية لا بد أن تكون واضحة وضوحا تاما امام اعيننا وعلى ضوئها‬
‫يجب ان تصدر احكامنا وقراراتنا‬

‫‪٦٢‬‬
‫الموقف من القيادة القطرية في الاقطار التي لم يصل فيها الحزب بعد الى الحكم ‪:‬‬

‫يحكمها الحزب بعد لتمكين سلطة القيادة‬ ‫ان الحل بالنسبة للاقطار التي لم‬
‫القومية وربط المنظمات الحزبية بها ربطا متينا يختلف عن الحل في الاقطار التي‬
‫وصل فيها الى الحكم بالرغم من احتمالات بالنسبة اليها اقل ورودا واسهل علاجا ‪.‬‬

‫الا ان ذلك لا يمنعنا من ايجاد صيغة اكثر ضمانة ‪ ،‬لان ظروف هذه المنظمات تحتاج‬
‫الى حرية اكثر في العمل ‪ ،‬ونطاق ارسع في اللامركزية بحكم ظروفها السرية‬
‫وحاجاتها للاعتماد على نفسها اولا وقبل كل شيء ‪ ،‬وذلك لان الامكانيات التي بين‬
‫يديها والتي بواسطتها تضلل القواعد الحزبية او تمنعهم من التعبير عن انفسهم وعن‬
‫مواقفهم اقل ‪ .‬اذ هي لا تملك النفوذ ولا المغريات المادية‬

‫ولهذه الاسباب فان الحل يكون بالنسبة اليها لا حل القيادات القطرية وانما‬
‫تعيين هذه القيادات استنادا الى توصية من المؤتمرات القطرية وتكون هذه التوصية‬
‫غير ملزمة للقيادة القومية ‪ ،‬لها حق اقرارها ورفضها ولها حق الاعتراض على بعض‬

‫اشخاصها ‪ .‬ان المهم هنا ان تشعر هذه القيادات أن وجودها ليس مستندا الى‬
‫القواعد القطرية في قطرها وانما هو ايضا معلق بسلطة القيادة القومية ‪ .‬كما تعرف‬
‫القواعد الحزبية ان وجود هذه القيادات يكتسب شرعيته بواسطة القيادة القومية‬

‫وحدها ‪ .‬وانها اذا سلبت هذه الشرعية تنتفي عنها شرعية طاعتها‬
‫ان هذا الحل يمكن المنظمات الحزبية من الحرية التي تستوجبها ظروفهــــا‬

‫النضالية وهو في آن واحد يمكن سلطة القيادة القومية ويجعلها قادرة اكثر على‬
‫ربط المنظمات الحزبية بها ربطا متينا ويتيح للقواعد الحزبية اتخاذ رد فعل حاسم‬
‫وسريع تجاه اية محاولة تمردية من طرف قيادتها القطرية ‪.‬‬

‫خاتمة ‪:‬‬

‫هذه الحلول ليست حلولا نظرية ‪ ،‬وانما هى حلول اعطتها تجربة حزبنا طوال‬
‫وهي الدروس البليغة التي لقنتها ايانا وهي الضمانة‬ ‫ين نضاله العديدة‬

‫الحقيقية للحفاظ على طابعه المميز باعتباره الحزب المنظم على المستوى القوميالذي‬

‫وهي التطبيق العملي لما نصت عليه‬ ‫‪.‬‬ ‫تستوجبه المرحلة التاريخية للامة العربية‬
‫من كون التقسيمات القطرية ليست الا تقسيمات ادارية محضة‬ ‫قوانينه الداخلية‬

‫‪ .‬ان هذه الحلول تنبثق من صلب عقيدة‬ ‫اليها‬ ‫تزول بزوال الضرورات التي دعت‬
‫حزبنا ومبادئه وتراثه‬

‫‪٦٣‬‬
‫مبادىء الديمقراطية المركزية ( ‪) ١‬‬

‫ان من ابرز سمات حركتنا التاريخية انها جاءت لتؤكد ارتباطا لا ينفصم بين‬
‫القول والعمل بين الاسلوب والهدف بين الفكر والممارسة بين الوسيلة والغاية •‬

‫ولقد كان هذا الترابط تعبيرا عن جانب اساسي من جوانب اخلاقية الحزب‬
‫واختلافه النوعي عن سائر الحركات الاخرى التي قد ترفع شعاراته نفسها او تتقدم‬
‫لتلعب دوره ذاته وما ذلك الا لانه في حقيقته تعبير عن صدق الحزب واخلاصه‬
‫·‬
‫الكامل لمبادئه وانقطاعه النهائي عن كل ما يناقضها‬
‫ان الحزب الحقيقي الحزب الحي الذي‬ ‫وكما قال الرفيق ميشيل عفلق ‪:‬‬
‫يمكن ان يؤدي رسالة في العصر الحاضر للامة العربية هو الذي يجعل اهدافه خلق‬
‫امة أو بعثها بشريطة ان يحقق هذا الوصف في نفسه اولا ‪ ،‬اي ان يكون هو امة‬
‫مصغرة للامة الصافية السليمة الراقية التي يريد ان يبعثها ·‬

‫ينتكس الحزب ولم يتعرض لما تعرض اليه الا حين كان يبتعد عن هذا‬ ‫ولم‬
‫الشرط البسيط الواضح وحين كانت تدخل اليه باسم الواقعية ومراعاة الظروف‬
‫فلا يمكن ان‬ ‫تيارات غريبة عليه وعلى فكره وعلى نضاله وعلى نظرة الشعب اليه ‪.‬‬

‫يكون الحزب مماثلا مشابها متجانسا مع الواقع الفاسد المريض وان يدعي ان‬
‫كذلك‬ ‫باستطاعته خلق امة حية منسجمة حرة طليقة من كل الاعتبارات البالية‬

‫في تشكيله وفي اثناء طريقه نحو‬ ‫يجب ان يكون الحزب محققا لهذه الصفات‬
‫في سبيل البعث )‬ ‫غايته‬
‫فمن وحدة الغاية والوسيلة التي يصر عليها تراث الحزب وفكره ‪ ،‬اذ يعتبر‬
‫الوسيلة جزءا مثقلا بالغاية نابعا منها او انها ليست مجرد طريق نختاره للوصول‬

‫البعث ) ‪.‬‬ ‫في سبيل‬ ‫الطريق الموصل اليها‬ ‫الى الغاية بل اشعاع من الغاية يعين لنا‬
‫يجب ان تكون نظرتنا الى التنظيم وقواعده وعلاقاته‬

‫‪ .‬كما‬ ‫مجرد اداة للوصول الى الاهداف بل اشعاع نابع منها‬ ‫فالتنظيم ليس‬
‫انه ليس مجرد صيغة افضل لاسراعنا في انجاز مهماتنا بل هو الصيغة التي نحقق‬

‫« الثورة العربية ‪ -‬السنة الأولى ‪ ،‬العدد العاشر ‪• ١٩٦٩ ،‬‬ ‫(‪)۱‬‬

‫‪٦٤‬‬
‫من خلالها الانقلاب داخلنا والذي هو بنظر الحزب اسرع السبل لتحقيق غايتنا‬

‫الحقيقية مهما بدت انجازاته بطيئة في المراحل الاولى‬


‫فالتنظيم اذن هو المناخ الذي تخلق ضمنه الامة المصغرة التي تكون نموذجا‬

‫في تفاصيلها الصغيرة‬ ‫لامتنا المنشودة حتى‬


‫فيه الانقلاب على الواقع الفاسد ونخلق‬ ‫والتنظيم هو الاطار الذي نحقق‬

‫التناقض داخل هذا الواقع بين صورتنا الواضحة وبين صورته الفاسدة المشوهة‬

‫ونحن متأكدون ان انكشاف هذا التناقض سيكون خطوة حاسمة باتجاه انهاء الواقع‬
‫الفاسد واطلاق قوى الجماهير اطلاقا لا حدود له ·‬

‫الاساسية يجب ان يكون احد ابرز المقاييس‬ ‫والالتزام بقواعد هذا التنظيم‬
‫التي نعين من خلالها مدى اقترابنا او ابتعادنا عن عقيدة الحزب وافكاره‬

‫لقد علمتنا تجربة الحزب ان ما من تيار انحرافي على الصعيد الفكري والعملي‬
‫فالحزبيون الذين فقدوا‬ ‫‪.‬‬ ‫نفسه في انحراف تنظيمي ايضا‬ ‫نام داخله الا وعكس‬
‫فقدوا ايمانهم بالحزب ايضا ومارسوا‬ ‫ايمانهم بالشعب وحرموه حرياته الاساسية‬

‫عليه دكتاتورية رهيبة بقوة السلاح كانت اشد و اوضح من دكتاتوريتهم على الشعب ‪.‬‬
‫على المتضررين‬ ‫انفتاحهم‬ ‫والحزبيون الذين خفت حماسهم للاشتراكية وزاد‬
‫منها غاب عن ذهنهم ان حزبنا هو حزب الطبقة الكادحة وإن حياته واستمراره‬
‫مرهونان بقدرته على تحويل تركيبه الاجتماعي باتجاه استيعاب ابناء هذه الطبقات‬
‫وتوليهم لقياداته‬
‫كذلك وجدنا الحزبيين الذين تجاهلوا وحدة الغاية والوسيلة في علاقاتهم مع‬
‫الشعب فحاولوا التزييف عليه وخداعه والمناورة معه قد تجاهلوا ايضا هذه الوحدة‬

‫داخل الحزب فحاولوا ايضا خداع قواعده وقياداته واتباع ارخص المناورات داخله‬
‫او ابتعدوا عن الصدق في علاقاته معه وعملوا على تزييفه بكل قدراتهم وامكانياتهم ‪.‬‬
‫ومن هنا يجب ان تكون نظرتنا الى تنظيم الحزب والى مدى تجاوبه مع عقيدة‬

‫فقط من خلال هذه النظرة‬ ‫الحزب نظرة جديدة تدخله في صلب افكارنا ومبادئنا ‪.‬‬
‫يمكن ان يكون لدينا تنظيم حديدي صارم قادر على ضبط اعضائه ومنع تزايــــد‬
‫الاجتهادات ضمن صفوفهم ‪ ،‬وقادر ايضا على ان يكشف وبدقة بداية اي انحراف‬
‫فكري داخل الحزب ‪.‬‬

‫فاذا كانت مبادىء الحزب تتلخص بالوحدة والحرية والاشتراكية فان قواعد‬

‫تنظيمه الثلاث يجب ان تتلخص ايضا بالتنظيم القومي ‪ ،‬وبالديمقراطية المركزية‬


‫وبالتركيب الاجتماعي الذي يؤمن للطبقات الكادحة من عمال وفلاحين ومثقفين‬

‫ثوريين قيادة الحزب وبالتالي الثورة‬

‫الديمقراطية المركزية‬

‫حاجة الحزب لان يكون منسجما مع مبادئه تطلب منه ان يكون ديمقراطيا‬
‫علاقاته الداخلية وحاجة الحزب لان يكون منسجما مع دوره و فعالا وطليعيا ومؤثرا‬

‫في التنظيم والتربية الحزبية ـ ه‬


‫على مستويات نضالية ارفع تقتضي منه ان يكون مركزيا في علاقاته الداخلية ايضا ‪.‬‬
‫ين‬ ‫قامت عدة نظريات تحاول ان تظهر ان هناك تناقضا جوهريا بـ‬ ‫لقد‬

‫الديمقراطية والمركزية وان الحفاظ على العلاقة الصحيحة بينهما هو اشبــــــــه‬

‫فتضعف‬ ‫وانه من الطبيعي اما ان تسيطر الديمقراطية على الحزب‬ ‫‪.‬‬ ‫بالمعجزات‬

‫فعاليته الثورية ويتحول الى نوع من النادي الفكري او ان تزيد المركزية داخله‬

‫والحقيقة ان هذا التناقض غير‬ ‫‪.‬‬ ‫فيه الى علاقات دكتاتورية‬ ‫فتتحول العلاقات‬

‫موجود الا بالمقدار الذي يوجد فيه تناقض بين ما يسمونه بحرية الفكر والرأي وبين‬

‫الالتزام او الانتماء الى حزب معين‬


‫فالالتزام هو اعلى مراحل حرية الفكر لانه يعني ان الاخلاص للفكر والشعور‬
‫بالمسؤولية تجاهه يصل بالانسان الى مرتبة تحمل كافة التبعات والتضحيات‬

‫فعالا وقادرا‬ ‫الناشئة عن هذا الفكر حتى يتمكن هذا الفكر او الرأي من ان يكون‬
‫مله لى الحياة اليومية والواقع الملموس ‪.‬‬
‫ا‬ ‫على الانتقال من ذهن حا‬
‫بل واكثر من هذا فان الحزب الثوري هو المجال الحيوي الاول الذي يتمتع‬
‫فيه المواطن بحرية الفكر والحقيقة ‪.‬‬

‫في الاتجاه الفكري ذاته الذي يحمله المنضوي تحت لوائه‬ ‫فالحزب اولا يسير‬
‫والا لما كان انتسب اليه على الاطلاق ‪ .‬والحزب ثانيا يكاد يكون المؤسسة الوحيدة‬
‫التي يكون التحاق الانسان بها التحاقا طوعيا لا قسر فيه ولا اجبار وهو بالتالي غير‬
‫قادر على انهاء ارتباطه به حال تبدل‬ ‫مفروض على العضو بل وان هذا العضو‬
‫كما ان الحزب من ناحية ثالثة هو المجال الخصب لاغناء الفكر وتزويده‬ ‫قناعاته‬

‫بالتجارب وصقله وتعميقه عبر النضال‬

‫بينما لو اخذنا اي اطار اخر لوجدنا مثل هذه الحرية تكاد تكون معدومة ‪ ،‬ففي‬

‫المؤسسة التي يعمل فيها الانسان موظفا ماذا يجد ؟‬


‫يجد انه بالاضافة الى كونه مستغلا ‪ ،‬وعلاوة على كون اهداف هذه المؤسسة‬
‫يجد نفسه مضطرا لتنفيذ تعليمات‬ ‫فان الفرد‬ ‫تتعارض بطبيعة الحال مع اهدافه‬
‫وأوامر ترد اليه من اعلى ‪ ،‬كما انه لا يملك عمليا حرية الاختيار في البقاء في هذه‬
‫المؤسسة او تركها‬
‫وحتى اذا كان هذا الفرد صاحبا للمؤسسة فخضوعه لمتطلبات عمله ـ كحاجة‬
‫السوق وذوق المشترين ‪-‬‬
‫يجعله فاقدا في كثير من الاحيان لحرية التصرف وحتى‬
‫لحرية الفكر والابداع في مجال عمله حتى لا نقول في مجالات اخرى ·‬

‫هل‬ ‫‪،‬‬ ‫فيها ان تكون منبرا للرأي الحر‬ ‫فالصحافة نفسها التي يفترض‬
‫استطاعت او هل تستطيع عمليا ان تكون كذلك ؟ !‬

‫فان‬ ‫والالتزام تناقض وهمي بل على العكس‬ ‫اذن التناقض بين حرية الفكر‬
‫بما ينتج عنها من مسؤولية هي خطوة طبيعية نحو الالتزام ·‬
‫حرية الفكر‬
‫كذلك التناقض بين الديمقراطية والمركزية تناقض وهمي ايضا ‪ .‬فحين‬

‫يختار الحزبي قياداته ويصوت على القرارات الواجب تنفيذها ويناقش ويحاسب‬
‫فانه من الطبيعي ان يكون مستعدا للالتزام باختياره حتى يكون لهذا الاختيار معنى‬

‫عمليا وحقيقيا‬
‫فحرية الرأي والفكر دون التزام اذن ترف غير موجود ‪ ..‬وكذلك الديمقراطية‬

‫غير الفعالة هي ترف غير موجود وغير مطلوب ايضا‬


‫لكي ينسجم الحزب مع‬ ‫وهكذا نجد ان الديمقراطية داخل الحزب مطلوبة‬
‫افکاره وكي تشارك قواعد الحزب في عملية بنائه ‪ .‬والمركزية داخل الحزب مطلوبة‬
‫من اجل تشديد فعاليته ورص صفوفه وتمكينه من الارتفاع الى مستوى تأدية‬

‫مهمانه‬

‫فماذا تعني الديمقراطية المركزية على الصعيد العملي ؟ ‪..‬‬


‫هناك قواعد خمس يعتبر الالتزام بها وفهم روحيتها هو اساس تطبيـ‬

‫الديمقراطية المركزية داخل الحزب‬


‫‪ - ۱‬انتخاب القيادات انتخابا ‪.‬‬
‫المؤتمرات •‬
‫‪ -‬مبدا محاسبة القيادات في‬
‫‪ -‬خضوع الاقلية لرأي الاكثرية ‪.‬‬

‫{ ‪ -‬خضوع القيادات الدنيا للقيادات العليا‬


‫‪ -‬مبدا نفذ ثم ناقش ‪.‬‬

‫‪ -‬انتخاب القواعد للقيادات‬

‫وتتجلى في هذه القاعدة ابرز ملامح الديمقراطية حيث ان قيادات الحزب لا‬
‫تفرض على اعضائه فرضا بل انهم ينتخبونها انتخابا حرا ديمقراطيا مباشرا ضمن‬
‫الحدود التي تسمح بها سلامة العمل‬
‫ان هذا الحق الممنوح للعضو الحزبي يتطلب من قبله تحسسا بمسؤوليـــــــة‬
‫‪ ..‬اذ انه من السهل جدا على‬ ‫استعماله استعمالا لا يقود الى الاضرار بالحزب‬

‫الشخص ان يمارس مختلف انواع الخداع والمناورة كي يصل الى قيادات الحزب‬
‫للعناصر‬ ‫اذا لم يجد امامه سدا منيعا يقيمه وعي الحزبيين وحسن اختياره‬
‫القيادية ‪.‬‬

‫ان تسلح الحزبي بمقاييس موضوعية في عملية الانتخاب كمعرفة ماضي‬


‫المرشح النضالي ومدى جدية ارتباطه بالحزب وانسلاخه عن الواقع الفاسد ومدى‬
‫وعيه وقدرته وكفاءته هو الجدار الذي يصعب على الطارئين والانتهازيين اختراقه‬
‫للوصول الى اعلى المراكز‬

‫ان تنظيم الحزب الديمقراطي الذي يسمح بمثل هذا الاختيار رغم ما نتج من‬
‫مساوىء في الماضي يتضمن ثقة لا حدود لها بالعضو الحزبي والذي يجب بدوره‬
‫ان يكون عند مستواها في اللحظات الحاسمة من حياة الحزب ‪ .‬وهذا يتطلب ايضا‬
‫قبل ان يصبح حزبيا ومزيدا من الاحتراز منه اثناء‬ ‫مزيدا من السهر على النصير‬
‫فترة اختباره‬

‫‪٦٧‬‬
‫ومن جهة اخرى فان اطلاق حرية اختيار القيادة للحزبي يتضمن الزاما‬

‫بالانصياع لاوامرها وتنفيذ تعليماتها من اجل ان تصبح الديمقراطية خطوة في‬


‫سبيل تدعيم نظام الحزب بدلا من ان تكون عقبة في طريق اقامة نظام حديدي صارم ‪.‬‬

‫‪ -‬مبدأ محاسبة القيادات في المؤتمرات‬

‫ان حرية الاختيار التي تركت للعضو الحزبي في بداية الدورة الحزبية‬

‫لانتخاب قياداته العليا قد اكملت بحرية محاسبة القيادة التي اعطيت له في نهاية‬
‫الدورة الحزبية حين تتقدم هذه القيادة الى المؤتمر الذي انتخبها ليحاسبها ويقيم‬

‫الحزب يمنح لعدد من الحزبيين يبلغ ثلث اعضاء المؤتمر‬ ‫اعمالها ‪ ،‬لا بل ان تنظيم‬
‫حق توقيع عريضة تدعو الى عقد مؤتمر لمحاسبة تلك القيادة في اي وقت وانتزاع‬

‫الثقة منها وقت الضرورة‬

‫ان حرية المحاسبة في المؤتمرات وحرية النقد والنقد الذاتي داخل كل‬

‫اجتماع حزبي هي ايضا تتطلب مسؤولية ووعيا من الذي يمارسها ‪ ،‬فالحزبي يجب‬
‫ان يفهم كافة الظروف والعوائق التي حددت نشاط القيادة وكبلتها قبل ان ينطلق‬

‫فالمقياس الذي يجب ان يتبعه الحزبي في‬ ‫في عملية محاسبة صارمة وعنيفة لها ‪.‬‬

‫محاسبة القيادة هو مدى اقتناعها في القيام بما كان يمكنها أن تقوم به وليس‬
‫بمدى ابتعادها عن صورة مثالية يحملها في ذهنه عن عمل القيادة ‪ .‬ان اتساع نطاق‬
‫المحاسبة الى حدود غير معقولة يكون له انعكاسات خطيرة على مستقبــــل الحزب‬
‫اذ حينها يصبح الحزبيون القادرون متورعين عن تحمل مسؤولية القيادة‬ ‫وعمله‬

‫خوفا من المحاسبة غير المسؤولة ‪ .‬او من الاحتراق كما يحب البعض ان يسميها ‪،‬‬

‫مما يفسح المجال للعناصر المغامرة او العابثة او غير القادرة من ان تتصدى للقيادة‬
‫•‬ ‫مستغلة ابتعاد الآخرين عنها‬
‫ان أوضح مثال على هذه العقلية هو ما نال بعض الرفاق المؤسسين الذين‬
‫منحوا كل ما يملكونه للحزب ‪ ،‬لا بل اعطوا الحزب ما لا يستطيع غيرهم اعطاؤه من‬

‫فكر ريادي وقيادة تاريخية ‪ ،‬تحت شعار الحرص على مصلحة الحزب ومحاسبة‬
‫القيادات ‪ ،‬ليتبين بعدها ان كل من هاجم واتهم لم يستطع ان يقدم للحزب عشر‬
‫معشار ما قدمه هؤلاء حتى لا نقول انه لم يستطع ان يقدم للحزب غير التخريب في‬
‫قبل مؤسسات المجتمع‬ ‫مدللا من‬ ‫صفوفه وتفتيت وحدته ليعود بعدها صبيا‬
‫الفاسد ·‬

‫على ان توفر المسؤولية يجب ان لا يعني السكوت وعدم اتباع محاسبة دقيقة‬
‫صارمة وحتى قاسية في بعض الاحيان لان في مثل هذا الجو فقط تولد في الحزب‬
‫القدرة على الارتقاء المستمر وتتفجر في عناصره المواهب والكفاءات المخبوءة وامام‬
‫مثل هذا التحدي يكون الجواب غنيا خصبا لما فيه مصلحة الحزب وتطوره ‪.‬‬

‫‪٦٨‬‬
‫‪ -‬خضوع الاقلية لرأي الاكثرية واحترام الاكثرية لرأي الاقلية‬

‫ان المقياس العلمي الديمقراطي يعتبر ان اصوب الطرق لاتخاذ القرارات هو ما‬
‫فجزبنا ليس حركة دينية او ميتافيزيكية حتى يترك قراراته‬ ‫تختاره الاكثرية ‪،‬‬
‫لشخص فرد يؤلهه يتخذها ‪ ،‬كما انه ليس مؤسسة اوليفاركية لتكون الاقلية فيه‬

‫السائدة‬
‫هي‬
‫فحزبنا هو حزب ديمقراطي يؤمن بصوابية رأي الاكثرية مناعضائه لان القرار‬

‫الذي يتخذونه يمسهم هم بالدرجة الاولى‬


‫وهو ايضا حزب علمي وموضوعي في علاقاته وله ثقة كبيرة بأعضائه فهو يترك‬

‫لاغلبيتهم اتخاذ القرار‬


‫وعندما تتخذ هذه الاكثرية قرارا لا يصبح هذا القرار مجرد قرار الاكثرية بل‬
‫يصبح قرار الحزب يطلب من كل حزبي الالتزام به مهما كان رایه به وتبنيه والدفاع‬

‫عنه في الاوساط الشعبية‬


‫والاقلية المخالفة حين تتقيد براي الاكثرية انما تكون متقيدة بالحزب ‪ ،‬حريصة‬
‫‪.‬‬
‫على انضباطه آملة ان تتحول مع الزمن الى اكثرية فيه‬
‫واذا كان من واجب الاقلية حرصا منها على فعالية الحزب وقدرته ان تنصاع‬

‫لرأي الاكثرية فان من واجب الاكثرية ان تحترم رأي الاقلية وتستأنس به لانه لا‬
‫يمكن ان يكون في كل جوانبه خاطئا كما انه يحرم على الاكثرية ان تتخذ أي اجراء‬
‫بحق اي عضو من الاقلية لانه خالف رأيها‬
‫فمثل هذا الاجراء كفيل بالقضاء نهائيا على ديمقراطية الحزب او الروح‬

‫الاخوية التي يجب ان تسيطر على العلاقات ضمنه ‪ ،‬وهو وحده الذي يزرع بذرة‬
‫كل الامراض التي عانى ويعاني منها الحزب كالاتصالات الجانبية والتكتلات والشلل‬

‫ويصبح العضو خائفا من ان يقول رأيه في الاطار الذي يعتبر اقدس المجالات لقول‬

‫هذا الرأي في الحزب‬


‫كما ان مثل هذا الاجراء كفيل بتحويل الحزب الى مؤسسة دكتاتورية تعفي‬
‫فيها الاكثرية الاقلية لتعفي بعد ذلك اكثرية الاكثرية الباقية الاقلية الجديدة‬
‫وهلم جرا ‪.‬‬

‫{ ‪ -‬خضوع القيادات الدنيا للقيادات العليا‬

‫اذا كان خضوع الاقلية للاكثرية هو التزام المقياس العلمي والديمقراطي في‬

‫العمل فان التزام القيادات الدنيا بقرارات القيادات العليا هو مظهر آخر من مظاهر‬
‫التزام هذا المقياس يضاف اليه التزام نتائج الاختيار الذي قامت به القيادات الدنيا‬
‫حين انتخبت القيادات العليا‬

‫لتسيير العمل ولتشديد مركزية الجهاز‬ ‫ان مثل هذا الخضوع أمر ضروري‬
‫ولرفع مستوى فعاليته كما انه ايضا ضروري حتى لو كان رأي القيادات الدنيا‬
‫اشرافها على مجال اوسع‬ ‫مخالفا لرأي القيادات العليا لان هذه القيادات بحكم‬

‫وبحكم اتصالها بالقيادات الاعلى اقدر على رؤية الصورة من كافة جوانبها وبالتالي‬

‫اقدر على اتخاذ الرأي الاسلم ‪ ،‬بينما لا تنطلق القيادات الدنيا الا من ضمن الصورة‬
‫التي يسمح لها مجال عملها الضيق برؤيتها‬
‫غير انه اذا كان التزام القيادات الدنيا براي القيادات العليا امرا تفرضه ضرورة‬
‫العمل المنظم والتزام هذه القيادات بنتائج اختيارها فان علاقة القيادات الدنيا في‬
‫الحزب بالقيادة القومية يجب ان تكون مختلفة نوعا عن تلك العلاقات ·‬

‫في تمرده وثورته على التجزئة واعتباره‬ ‫فالحزب تجلت ثورته بأقوى شكل‬
‫الاقطار العربية وطنا واحدا والشعب العربي فيها يشكل امة واحدة رغم قوة‬
‫التجزئة كواقع ‪ ،‬واعتبر ان اهدافه الثورية الاخرى لا تتحقق الا على نطاق الوطن‬

‫والا تتشوه وتتزيف وتتردى الى اهداف‬ ‫العربي والامة العربية اي بمفهوم قومي وحدوي‬
‫فالحزب بدأ من الوحدة ليعالج التجزئة ولم يبدأ من التجزئة‬ ‫اصلاحية خادعة ‪.‬‬
‫ليصل الى الوحدة ‪ .‬وهذه هي ضمانة ثوريته ‪ .‬اشتراكية الحزب من البدء وحدوية‬
‫وبالتالي ثورية صادقة وتختلف كل الاختلاف عن الاشتراكيات التي تنشأ في قطر‬
‫والتي قد يتسع افق بعضها مع الزمن فيحاول عبثا ودون جدوى ان يتخطى المنطق‬
‫الصفة‬
‫القطري ‪ .‬وهكذا في الحرية والتحرر ‪ .‬فالصفة القومية في الحزب هي‬
‫الثورية الاولى وهي التي تعطي اهداف ومميزات الحزب ثوريتها الصادقة‬
‫من يمثل هذه الصفة القومية ؟ هي القيادات القومية ‪ .‬فبين القيادات القطرية‬
‫والقيادة القومية لا يوجد تدرج وانما تكليف وتوكيل من اعلى الى ادنى ‪ .‬والقيادات‬
‫القطرية تستمد شرعيتها من انسجامها مع القيادة القومية لا من انتخاب المؤتمرات‬
‫ك يسبب له‬ ‫القطرية‬
‫فالحزب يستطيع ان يعيش دون قيادات قطرية ولو ان ذل‬ ‫‪.‬‬

‫متاعب ادارية ولكن الحزب مجهزا بجميع القيادات القطرية دون ان يكون له قيادة‬
‫قومية لا يعود حزب البعث •‬

‫وان سبق وقيل ان القيادة القومية هي القيادة الوحيدة اي نزع الصفة‬


‫القيادية عن كل القيادات الاخرى وهذا معناه ان ما تحتاجه الامة العربية والثورة‬
‫العربية انما هو التفكير والعمل الثوريان المتحرران من تأثيرات واقع التجزئة المتخلف‬
‫المريض والذات يفرضان ذاتيهما على هذا الواقع من اجل التأثير فيه وتغييره مستندين‬
‫الى ارادة الثورة والحياة لدى الجماهير العربية‬

‫ه ‪ -‬مبدا نفذ ثم ناقش‬

‫ان الحزب الثوري ‪ ،‬لاسيما في امة كأمتنا ‪ ،‬يواجه اعتى المخاطر واشـــــد‬
‫‪ .‬فهو‬ ‫الاعداء قوة وامكانيات ‪ ،‬يعتبر نفسه في حالة معركة دائمة وتأهب مستمر‬

‫من هذه الناحية مثل الجيش في حالة الحرب وان كانت الجوانب الاخرى من عمله‬
‫وعلاقاته تميزه بشكل واضح عن الجيش •‬

‫وعلى هذا الاساس فان الحاجة في الحزب الثوري الى الانضباط الشديد‬

‫‪Y.‬‬
‫الصارم المستند على وعي ثوري ناضج تتطلب منه ان يتبع بعض الاساليب التي‬
‫تبع في الجيش واهمها مبدأ نفذ ثم ناقش ·‬
‫ت‬

‫فقد تكون مصلحة الحزب في القيام بعمل سريع وحاسم تقتضي اتخاذ اوامر‬

‫فحينها‬ ‫وتعليمات سريعة لا يمكن شرحها للاعضاء في حينها لاكثر من سبب ‪،‬‬
‫يقتضي على الحزبي ان ينفذ هذه الاوامر دون مناقشة على ان يحتفظ بحقه في‬
‫نقدها في اول لقاء حزبي بعد ذلك‬

‫في التصرف بشكل موحد في مناسبة معينة‬ ‫وقد تكون مصلحة الحزب‬
‫حديدي من جهة اخرى ‪ ،‬بان يكون القرار‬ ‫للتأثير من جهة ولفرض هيبته كتنظيم‬
‫المسؤول واحد يجب الانصياع له مهما كان رأينا مخالفا لرايه‬
‫ان الالتزام بهذه القاعدة ذو اهمية بالغة اذ قد ينتج عن عدم الالتزام بــــه‬
‫تضييع فرص كبيرة امام الحزب بسبب خلل في التنفيذ او فردية في التصرف‬

‫ان اهمية الحزب كجهاز عمل تكمن في القدرة على رفع مستوى الانسجام‬
‫والاختصاص والتوافق في اعماله وعليه فان القيادة التي تخطط لتحقيق مثل هذه‬
‫الامور يجب ان تكون مالكة لصلاحية التقرير وفرض التنفيذ على الاعضاء‬

‫ان المناقشة التي تأتي بعد حين وبعد التنفيذ هي القادرة على منع أي محاولة‬
‫لاستغلال هذا المبدأ لغير مصلحة الحزب ‪ ..‬اذ يعرف من يتخذ قرارا ان محاسبته‬
‫سنأتي وانها ستكون عسيرة بمقدار ما يكون قراره بعيدا عن مصلحة الحزب ·‬

‫نفذ ثم ناقش » هو مبدأ نضالي عال ‪ ،‬وان اي تهاون في تطبيقه‬ ‫ان مبدا‬
‫في مستوى الارتباط‬ ‫يؤدي الى خلل اساسي في العمل النضالي ويعكس تخلفا‬
‫بالحزب‬

‫وهكذا نجد ان قاعدة الديمقراطية المركزية في الحزب هي وحدها القادرة‬

‫بديمقراطيتها أن تمنع التنظيم الحزبي من الجنوح الى مزالق التنظيمات الفاشستية‬


‫والاتجاهات الدكتاتورية وهي وحدها القادرة بمركزيتها أن تمنع الجهاز الحزبي من‬
‫المهمات‬ ‫قادرة على القيام بأبسط‬ ‫فكري او جمعية خيرية غير‬ ‫التحول الى ناد‬
‫النضالية ·‬

‫‪۷۱‬‬
‫مفهوم الديمقراطية المركزيةفي الحزب ( ‪) ۱‬‬

‫للاحزاب السياسية ‪:‬‬ ‫تميز الدراسات العلمية بين مفهومين‬


‫‪ - ۱‬المفهوم الغربي الذي ينظر الى الحزب على انه تجمع ايديولوجي يربط‬
‫ص ‪ ..‬اي يعتبر الحزب اتحادا يضم افرادا يبشرون‬ ‫خا‬
‫اص‬ ‫شخ‬
‫اش‬‫لا‬
‫ال‬‫بين مجموعة من ا‬
‫بعقيدة سياسية معينة‬

‫‪ -‬المفهوم الماركسي الذي يعتبر الحزب تجسيدا لمصلحة طبقة معينة هي‬

‫طبقة البروليتاريا‬

‫غير ان هذا التقسيم لا يستوعب جميع المفاهيم التي تحدد هوية الاحزاب‬
‫السياسية ‪ .‬وعلى الرغم من ان الدراسات العلمية المشار اليها قد اقتصرت علـى‬
‫فاننا نلاحظ ان في اوروبا نفسها نشأت احزاب‬ ‫تحليل واقع الاحزاب الاوروبية ‪،‬‬

‫واحزاب قامت على المثقفين الاشتراكيين‬ ‫اشتراكية قامت على اساس نقابي عمالي‬
‫الذين يشكلون طليعة الاحزاب العمالية‬

‫اما في البلدان الناشئة سواء في آسيا او افريقيا او امريكا اللاتينية فعلى‬


‫الرغم من وجود احزاب يمكن ان تندرج تحت احد المفهومين السابقين الغربي او‬
‫الماركسي ‪ ،‬فان هذه البلدان تشهد نشأة احزاب ذات طابع ايديولوجي او طبقي‬
‫مستقل عنهما •‬
‫وحزبنا ( حزب البعث العربي الاشتراكي هو من هذه النوعية‬
‫الجديدة‬

‫لذلك لا بد عند الكلام عن الديمقراطية المركزية كأساس يقوم عليه التنظيم‬


‫من الاشارة الى العلاقة بين هوية الحزب ونوع التنظيم اللازم له ‪.‬‬
‫الحزبي‬
‫‪:‬‬
‫في سبيل ذلك لا بد من الوقوف اولا على الحقيقة التالية وهي‬
‫ان الاحزاب السياسية هي نتيجة لتطور اجتماعي وحضاري نقل التجمعات‬
‫قاصر على مهمات قريبة‬ ‫المهنية والسياسية والفكرية من مستوى عفوي ضيق‬
‫واهداف مباشرة الى مستوى الشمول والتنظيم والعلاقات الموضوعية والتطلع الى‬
‫اهداف كبيرة وبعيدة‬
‫فحتى عام ‪ ١٨٥٠‬لم يكن بلد من بلدان العالم يعرف وجود احزاب سياسية‬

‫نشرة المكتب الثقافي القومي ‪٢٤-٧-١٩٦٥ -‬‬ ‫(‪)۱‬‬

‫‪۷۲‬‬
‫فكرية وتجمعات‬ ‫كانت هناك نواد شعبية وجمعيات‬ ‫بالمعنى الحديث للكلمة ‪.‬‬

‫برلمانية واتجاهات للرأي العام ‪ ،‬ولكن لم يكن هناك احزاب ‪ .‬ثم جاءت مرحلة نشوء‬
‫الاحزاب السياسية ‪ .‬وكانت هناك احزاب تتركز فعاليتها على التجمعات البرلمانية‬

‫بكسب الاعضاء او تنظيمهم او‬ ‫وعلى القضايا السياسية وحدها دون ان تهتم‬

‫‪.‬‬ ‫بالقضايا الايديولوجية اهتماما كبيرا‬


‫كما كانت هناك فئة اخرى من الاحزاب تجمع في اهتماماتها بين العمل‬
‫البرلماني وبين العمل الشعبي المنظم المستند الى نظرية في العمل السياسي والى‬
‫تنظيم يعتمد على ممارسة الديمقراطية على جميع مستويات التنظيم وعلى تثقيف‬

‫الاعضاء ثقافة سياسية وعقائدية تتجاوز الميدان السياسي الى الميادين الاقتصادية‬

‫والاجتماعية‬
‫‪.‬‬
‫واخيرا قامت احزاب تتركز اهتماماتها على الطبقة العاملة او على مجموع‬

‫الطبقات المستغلة ‪ ،‬وتعتمد على نظرية محددة وعلى اسلوب في العمل يجمع‬
‫التنظيم العلني والتنظيم السري ‪ ،‬ولا تكتفى من العضو بمجرد الايمان بفكرة الحزب‬

‫بل يتطلب التزاما كليا لا مجرد انتساب سياسي‬


‫ان حزبنا من هذه الفئة الاخيرة التي تجمع عادة الاحزاب الثورية ذات الطابع‬

‫الاشتراكي‬
‫وعلى ضوء هذا التحديد لنوعية حزبنا نستطيع ان نتبين كيف ان الديمقراطية‬
‫المركزية تشكل الاساس الذي يجب ان يقوم عليه التنظيم في حزبنا •‬
‫ان حزبنا حزب قومي له فروع في معظم الاقطار العربية ‪ .‬كما انه حزب‬
‫ثوري اشتراكي يهدف الى تغيير البنية الاقتصادية والاجتماعية للوطن العربي ‪ .‬كما‬

‫انه حزب يؤمن بالحرية ويعتبر هدف الوحدة والاشتراكية الاساسي هو تحقيق‬

‫حرية الامة العربية ‪ ،‬وحرية الانسان العربي‬


‫بد ان يقوم علـــــــى‬
‫لذلك افان اي تنظيم يقوم في حزب من هذا النوع لا بد ان يقوم علـى‬
‫الديمقراطية المركزية ‪ ،‬اي‬
‫في توجيه ومراقبة‬ ‫‪ - ۱‬على مشاركة واسعة وفعالة من قاعدة الحزب‬
‫سیاسته وخططه ‪.‬‬
‫‪ -‬على صلاحيات واسعة لقياداته بدءا من القيادة القومية الى القيادات‬

‫القطرية وقيادات الفروع‬


‫فمفهوم الديمقراطية المركزية ينبع اذن من مفهومين اساسيين للحزب هما ‪:‬‬
‫الحرية والثورية ‪ .‬كما انها وبصورة خاصة في حزبنا تنبع من صفته القومية‬

‫فالقيادة القومية هي رمز وحدة الحزب وهو رمز يجب ان نحرص على تثبيت‬
‫ودعمه باستمرار لكي يصبح حزبنا منسجما مع رسالته القومية‬
‫كما ان الديمقراطية هي رمز لايماننا بالحرية ولنظرتنا الى الطبيعة الانسانية‬

‫للعلاقة بين اعضاء الحزب وقياداته ‪ ،‬وهي علاقة قائمة على الاحترام المتبادل وعلى‬
‫·‬
‫المشاركة في تحمل مسؤولية العمل القومي‬
‫فلا بد للحزب الثوري‬ ‫اما المركزية فهي اعلان عن الصفة الثورية في حزبنا‬

‫‪۷۳‬‬
‫الحزب ‪ ،‬وعلى تنفيذ مقررات‬ ‫على ضبط‬ ‫قياداته صلاحيات تساعدهم‬ ‫ان يعطي‬
‫قيادة تساعده وتحمي انتصارات متواصلة‬ ‫‪،‬‬ ‫مؤتمراته ‪ ،‬وعلى قيادة الحزب‬
‫تختصر الزمن وتسيطر على الواقع •‬

‫وهكذا فان تعبير الديمقراطية المركزية يبدو لاول وهلة وكأنه يجمع مفهومين‬

‫متناقضين ‪ .‬الا ان هذا التناقض يزول اذا حددنا المقصود بكل من الديمقراطية‬
‫والمركزية على ضوء فكرة الحزب‬
‫فالديمقراطية لا تعني ممارسة الحرية الفردية ممارسة مطلقة داخل الحزب ‪،‬‬

‫لان هذا المفهوم الديمقراطية هو المفهوم الغربي الكلاسيكي الذي يفصل الحرية‬
‫الفردية عن حرية الجماعة ‪.‬‬

‫بل الديمقراطية في حزبنا تعني عملية تنظيم يتم في داخلها الربط بين حرية‬
‫العضو وحرية الحزب والامة ‪ .‬وهذه العملية تقوم على افساح المجال للاعضاء‬

‫العاملين ‪ ،‬لان يساهموا في نقد الحزب وتقديم المقترحات ووجهات النظر التـ‬
‫تنبثق من قاعدة الحزب‬

‫كما ان المركزية لا تعني مجرد حصر الصلاحيات وتركيزها تركيزا مطلقا في‬
‫يد القيادات الحزبية ‪ ،‬لان هذا المفهوم هو اقرب الى الدكتاتورية منه الى المركزية ‪.‬‬
‫فالمركزية لا تعني السيطرة الاستبدادية التي تقيم الارتباط بين الاعضاء والقيادات‬

‫على اساس آلي تبعي ‪ ،‬بل تعني في حزبنا اقامة تنظيم ثوري يسمح للقيادات بان‬
‫تحقق استجابة سريعة للحوادث وخلق جو من الانسجام في العمل الحزبي‬
‫والرصانة في عمل المؤسسات الحزبية ومضاعفة المردود‬
‫لذلك فان الديمقراطية المركزية في حزبنا تشمل ممارسة الامور التالية ‪:‬‬
‫‪1‬ا ‪ -‬الانتخابات‬
‫‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫ب ـ النقد الذاتي والنقد‬
‫ج ‪ -‬الانضباط‬

‫وهي بمجموعها تشكل محتوى الديمقراطية المركزية وتحدد العلاقة ‪:‬‬


‫‪ - 1‬بين القاعدة والقيادات‬
‫ا‬
‫‪ -‬بين الاقلية والاكثرية‬
‫‪ -‬بين القيادات الدنيا والقيادات العليا‬

‫الانتخابات الحزبية‬

‫ان ميزة الانتخابات الحزبية هي في كونها تعبير عن حق طبيعي للعضو في‬


‫المشاركة في توجيه الحزب ‪ ،‬لذلك فهي في الوقت نفسه تعبير عن شعــــــــوره‬
‫•‬
‫بالمسؤولية عن مصير الحزب ونجاحه ‪ ،‬وبالتالي عن مستقبل القضية القومية‬
‫ضمن هذا الاطار يمكن ان نتبين الشروط التي يجب ان تتوفر في الانتخابات‬
‫الحزبية لكي تأتي على مستوى الدور الذي تلعبه في حياة الحزب‬
‫ا ‪ -‬ان الانتخابات الحزبية يجب ان تترفع عن المفاسد التي ترافق الجولات‬

‫‪٧٤‬‬
‫فالتكتلات المصلحية والتطبيقات الهامشية التي تتم‬ ‫الإنتخابية في الحياة العامة ‪،‬‬
‫فكرة التمثيل وتجعل قاعدة‬ ‫في معزل عن الهدف الاساسي من الانتخابات تفسد‬

‫الحزب مسؤولة عن الخلل او الضعف في القيادات ‪ ،‬وهذا ينعكس بالتالي على‬

‫فالانتخابات تعني شيئا خطيرا تقرر القاعدة الحزبية من‬ ‫نشاط الحزب وتقدمه ‪،‬‬

‫خلاله مستقبل العمل الحزبي اي مستقبل القضية العربية‬


‫‪ -‬والانتخابات الحزبية لا تكون ديمقراطية حقا الا اذا كانت عملية ممارسة‬
‫قناعات العضو‬ ‫فالرأي المستقل الذي ينبع من‬ ‫حقيقية لحزبية العضو الحزبي ‪.‬‬

‫الحزبي والذي يضع معايير ثابتة لاختيار الممثل ‪ ،‬دونما اي تأثير اخر الا القناعة‬

‫بان المستفيد الوحيد من النتيجة هو الحزب ‪ ،‬هذا الرأي المستقل هو الذي يحقق‬
‫الشرط الاساسي في جعل الانتخابات ديمقراطية حقا‬
‫هو الذي يجب ان يسيطر في عملية‬ ‫‪ - ٣‬لذلك فان مبدا اختيار الاسلم‬

‫فالمقاييس الحزبية ‪ ،‬من وعي الانتخابات ونضال مستمر‬ ‫الانتخابات في الحزب ‪.‬‬
‫واخلاص للحزب هي التي تفرق الانتخابات الحزبية عن الانتخابات بالمعنى المألوف‬
‫حيث تسيطر العلاقات الشخصية والعاطفية وروح المساومة والنفعية والمجاملة‬

‫والوجاهة والصداقة وغيرها من الارتباطات التي تناقض الروح الثورية التي تحدد‬
‫•‬ ‫هوية الحزب‬

‫النقد والنقد الذاتي‬

‫كما ان من جملة مظاهر الديمقراطية في الحزب هي النقد ‪ ،‬فمن حق العضو‬


‫الحزبي ان ينتقد داخل المؤسسة الحزبية وان يناقش اعمال الحزب وخططه ضمن‬

‫شروط الانضباط الحزبي الذي يقرره النظام الداخلي ‪ .‬ولكي يكون الانتقاد مجديا‬
‫يجب ان يستهدف التصحيح ‪ ،‬لذلك فان النقد الحزبي مرتبط دائما بمقياس للعمل‬
‫في مبادىء الحزب ومقرراته وانظمته التي وافق عليها الحزبيون‬ ‫الحزبي تتمثل‬
‫جميعا ‪ ،‬من دون ذلك يعتبر النقد تهديما للحزب ‪ ،‬ذلك ان الخطأ الحزبي لا يكون‬

‫في تطبيقها او محاولة‬ ‫الا نتيجة التطبيق الخاطىء للمقاييس الحزبية او التقصير‬
‫وقد تبدو الخطة الحزبية فاسدة لانها لم تنفذ‬ ‫‪.‬‬ ‫افسادها او الانحراف عنها‬
‫بصورة انضباطية متينة ‪.‬‬

‫وهكذا فان النقد كوسيلة لتصحيح الاخطاء او التقليل منها لا بد ان يكون‬


‫مصحوبا بنقد ذاتي يفسر العضو أو القائد بواسطته سلوكه الحزبي امام المؤسسة‬

‫الحزبية ويحدد مسؤوليته في الاخطاء وقد يكون من اهم هذه الاخطاء عدم شعوره‬
‫صلح او عدم تنفيذه‬ ‫بالمسؤولية خلال الانتخابات الحزبية ‪ ،‬اي عدم اختباره‬
‫المخطة بدقة او خروجه عن الانضباط الحزبي‬
‫·‬
‫الا ان المبالغة في النقد كالمبالغة في النقد الذاتي تسوق الى نتائج سلبية‬
‫از لا بد من استخدام النقد والنقد الذاتي كوسيلتين متممتين لبعضهما ضمن اطار‬
‫الإنضباط الحزبي وارادة النضال من اجل رفع مستوى الحزب ومردود العمل‬

‫‪Yo‬‬
‫وخلق الروابط الموضوعية والترابط العضوي داخل المؤسسة الحزبية‬

‫فالمبالغة في النقد ادى ببعض الحزبيين الى وضع انفسهم فوق الحزب ونقلوا‬
‫مساوىء الحزب واخطاءه الى خارج الحزب واقتصروا في انتقاداتهم على نشر‬
‫الاخطاء دون ان يعمدوا الى تفسيرها ومعرفة اسبابها وطرق تلافيها ودون ان‬
‫يحددوا مسؤوليتهم الذاتية في هذه الاخطاء‬
‫كما ان عقدة النقد هذه قد وصلت ببعض الحزبيين الى التحلل من كل اعتبار‬

‫خلقي او موضوعي في النقد ‪ ،‬والى مسحة من التشاؤم تلف بالظلام كل تاريخ‬


‫الحزب وتنظر اليه على انه تاريخ اخطاء متراكمة ·‬

‫في تبرير خططها وشرح سلوكها‬ ‫لا شك بان تقصير القيادات الحزبية‬

‫في خلق بعض الاسباب التي ادت الى مثل هـــذا‬ ‫والاعتراف باخطائها قد ساهم‬
‫وهذا ما يؤكد لنا مرة ثانية على ضرورة الربط دوما بين النقد والنقد‬ ‫الوضع‬
‫الذاتي كمظهرين اساسيين من مظاهر ممارسة الديمقراطية الحقيقية داخل الحزب ‪.‬‬

‫الانضباط الحزبي‬

‫ان مظاهر ممارسة الديمقراطية تتشكل من وسائل تحقيق الديمقراطية ‪ ،‬ومن‬


‫النقد والنقد الذاتي ومن الانضباط الحزبي‬
‫فضمن نطاق‬ ‫والانضباط هو صلة الوصل بين الديمقراطية والمركزية‬

‫الانضباط يتم الانسجام بين مفهومي الحرية والثورية ‪ ،‬لان الانضباط في حزبنا لا‬
‫يأخذ شكلا آليا مفروضا من فوق على الاعضاء ‪ ،‬بل هو تعبير عن ارادة الاعضاء في‬

‫العمل الشعبي الجماعي المنظم ‪ ،‬كما انه تعبير عن وعي القاعدة الحزبية لمقتضيات‬
‫العمل الحزبي الثوري‬

‫والقيادات والمؤتمرات‬ ‫المنظمات‬ ‫لذلك فان خضوع الاقلية للاكثرية داخل‬


‫فكري او ارهاب شخصي وعدم الانزلاق‬ ‫الحزبية والابتعاد عن ممارسة اي ضغط‬

‫في اية وصاية على الحزب والاحترام الفعلي للقرار الحزبي وخضوع القيادات الدنيا‬
‫للقيادات العليا ‪ ،‬تشكل الشروط الرئيسية لتحقيق الانضباط داخل الحزب ·‬

‫ويمكن على ضوء الامثلة الحية المستمدة من تاريخ الحزب ان نتبين الخطر‬

‫الجدي الذي يمكن ان يتعرض له الحزب من جراء المخالفات الانضباطية التي تحول‬
‫العمل الحزبي الى ميدان صالح للمغامرين الذين يجرون الحزب تحت وطأة نزواتهم‬
‫واندفاعاتهم الطائشة الى الهلاك وتعطي لاعداء الحزب الفرصة لكي ينقضوا عليه‬
‫وعلى مكتسباته وبالتالي على الانتصارات التي تحققها القضية القومية بقيادة‬
‫الحزب‬

‫في‬ ‫فعدم تقيد بعض القياديين في العراق بمقررات المؤتمر القطري المنعقد‬
‫ايلول عام ‪ ١٩٦٣‬ساقهم الى اسلوب غريب عن طبيعة الحزب ادى الى الاطاحة بكل‬

‫امكانيات التصحيح للاخطاء التي تعرض لها الحزب وبالتالي الى نكسة العراق‬
‫وظاهرة اضعاف فعالية القيادة القومية بسبب تأثرات شخصية واقليمية هي‬

‫‪٧٦‬‬
‫التي جعلت الحزب في العراق على يد فؤاد الركابي ‪ ،‬وفي الاردن على يد عبد الله‬

‫في مواقف غريبة على فكرته وسلوكـ‬ ‫الريماوي يرتكب اخطاء ورطت الحزب‬
‫واخلاقيته‬

‫فروعه في القطر السوري من قبل‬ ‫كما ان تجميد دور الحزب وقيادات‬


‫القيادة السياحية خلال اعوام ‪ ۱۹۵۸ - ۱۹٥٥‬هو الذي جعل الحزب يصل الى‬

‫درجة من الضعف جعلت دوره في توجيه الوحدة وحمايتها دون المستوى المطلوب ‪،‬‬
‫يضاف الى ذلك ان عملية حل الحزب نفسها انما كانت تعبيرا عن هذا الوضع الذي‬

‫كان يعانيه الحزب في تلك الفترة ‪ ،‬لان مشاركة القاعدة في اتخاذ هذا الحل كانت‬
‫شبه معدومة‬

‫وهكذا فان الديمقراطية المركزية انما تعني الارتفاع بالتنظيم الحزبي الى‬
‫مستوى تتحقق فيه الصورة الكاملة للممارسة الحقيقية للحرية الثورية ‪ ،‬وهو‬

‫مفهوم ديناميكي شأن كل المفاهيم الثورية لا بد ان يأخذ بعين الاعتبار تطور ظروف‬
‫الحزب‬

‫‪W‬‬
‫الكادر الحزبي‬

‫صفاته ‪ ،‬مهماته ‪ ،‬حقوقه ( ‪) ۱‬‬

‫الحزبي غالبا ما تتردد على السنة الاعضاء وحتى علــــى‬ ‫ان عبارة « الكادر‬

‫السنة الناس ‪ .‬ومن الضروري قبل كل شيء ان نعرف ما هو الكادر الحزبي‬

‫ان الكادر الحزبي هو تلك المجموعة من اعضاء الحزب المؤمنين ايمانا راسخا‬
‫بعقيدته الذين تمرسوا بالنضال ووصلوا من خلال هاتين الصفتين الى مراكز‬
‫انها تلك المجموعة التي ربطت مصيرها الشخصي وبالتالي مصير‬ ‫القيادة فيه‬

‫‪ .‬انها تلك المجموعة التي يمكن تسميتهـ‬ ‫اسرها بمصير الحزب وبقضية الثورة‬

‫بانها تحترف العمل الثوري وهي حتى عندما تضطر بسبب الحاجة المادية الى‬
‫الحصول على وظيفة او تعلم مهنة أو الحصول على شهادة مدرسية لا تنغمس في‬
‫هذه الوظيفة او المهنة او الشهادة على حساب عملها الثوري ولا تعتبر الرقي في‬

‫المسلك المهني اشباعا لطموحها في الحياة ‪ ..‬ان طموحها لا يشبعه سوى انتصار‬
‫الحزب وانتصار قضية الثورة ‪ ..‬انها تلك المجموعة التي تصدت للعمل الثوري بعد‬
‫ان اغرقت سفنها بايديها لكي لا تفكر بالعودة مرة اخرى الى شواطىء الحياة العادية‬
‫عندما يصاب الحزب بهزائم او تنحسر الثورة‬

‫ان عنصر الحزب الذي يعمل باخلاص أو نشاط ملموس في الحزب ولكنه في‬
‫الوقت نفسه يكرس القسط الاوفر من وقته ونشاطه وابداعه لتعلم مهنة من المهن‬

‫قبل انتصار الثورة او بعد انتصارها‬ ‫في مدارجها وللدخول في المجتمع‬ ‫وللترقي‬
‫من خلال موقعه المهنى الراقي قد يكون رفيقا جيدا وحزبيا مفيدا ‪ .‬ولكنه ليس‬
‫کادرا ‪ ..‬ان الكادر هو الذي جعل العمل الثوري مهنة الحياة بالنسبة له ‪ .‬فهو‬
‫اذا كان طبيبا لا يطمح الى ان يكون اشهر جراح في البلاد وانما يطمح الى ان يكون‬
‫منظما حزبيا كفوا أو قائدا من قادة الفكر او محرضا جماهيريا من الطراز الاول‬
‫والمهندس والعامل والفلاح الخ ·‬ ‫وكذلك الامر بالنسبة للمدرس والمحامي‬

‫ويمكن تصنيف كوادر الحزب الى ثلاثة اصناف ‪ :‬الصنف الاول هو الذي‬

‫يتألف من قيادة الحزب القومية وقياداته القطرية ‪ .‬اما الصنف الثاني فيتألف من‬
‫والمكاتب الثقافية والعمالية والفلاحية والطلابية وغيرها‬ ‫قيادات الفروع والشعب‬

‫‪ -‬السنة الأولى ‪ ،‬العدد الثاني عشر ‪١٩٦٩ ،‬‬ ‫« الثورة العربية‬ ‫(‪)۱‬‬

‫‪VA‬‬
‫فيتألف من عدد من الرفاق الذين كانوا في وقت من الاوقات‬ ‫اما الصنف الثالث‬

‫في مراكز قيادية ثم خرجوا منها او ابتعدوا عنها لاسباب لا تمس‬ ‫قريب أو بعيد‬

‫اخلاصهم للحزب وارتباطهم المصيري به وبقضية الثورة‬


‫كل عضو من اعضاء القيادات‬ ‫ولكن ليس‬ ‫هؤلاء يشكلون كوادر الحزب‬

‫والمكاتب التي ذكرناها وليس كل فرد من افراد الصنف الثالث كادرا حزبيا بصورة‬
‫مطلقة ‪.‬‬

‫ففي اطوار عديدة من تاريخ حزبنا وصل رفاق كثيرون الى مراكز قيادية‬

‫مختلفة ثم خرجوا منها ولكنهم لم يصبحوا اثناء تجملهم المسؤولية وبعدها كوادر‬
‫حزبية ‪ .‬أن أي رفيق ينتمي الى احد من الاصناف الثلاثة التي ترشحه مبدئيا لكي‬
‫يكون كادرا حزبيا حقا ان يثبت يشكل قاطع انه يحمل صفات الكادر واستعداده‬
‫•‬
‫لجعل العمل الحزبي والنشاط الثوري مهنة الحياة بالنسبة له‬
‫ولكي تكون الامور طبيعية في الحزب فان القائد يجب ان يكون كادرا والكادر‬
‫يجب ان يكون قائدا ‪ ..‬ان حزبا ثوريا حقا لا يحتمل ان يكون بين قادته من لم‬

‫يهبوا انفسهم نهائيا لقضية الحزب والثورة كما انه لا يحتمل ان يكون الذين وهبوا‬
‫انفسهم نهائيا لقضايا الحزب والثورة بعيدين عن مراكز القيادة والتوجيه فيه‬
‫واذا كانت ظروف موضوعية معينة قد سببت خللا في هذا الشأن في الماضي‬
‫فان وصول الحزب الى السلطة في القطر العراقي والارتفاع النسبي في المـ‬
‫الثوري يمنحاننا القدرة والعزم لوضع الامور في نصابها •‬

‫ان كل اعضاء القيادات القومية والقطرية والفروع والمكاتب والشعب يجب ان‬
‫يكونوا كوادر حزبية ·‬

‫فانهم لا يتأثرون‬ ‫لكي يصبحوا كوادر‬ ‫وان الذين يبدون استعدادا جديا‬
‫سواء أكان الحزب مالكا القدرة المادية على اعالتهم اولا ‪ .‬او سواء أبقاهم الحزب‬

‫في مواقعهم أو أبعدهم عنها ‪ .‬ان اختيارهم لانفسهم لكوادر هو قانونهم العام‬
‫وهنا لا بد من توضيح بعض النقاط ‪:‬‬

‫‪ - ۱‬ان الحزب لاسيما بعد ان تحمل مسؤولية الحكم مطالب بان ينفذ مبدأ‬
‫لانه بغير الكادر الثوري الكفو لا يستطيع الحزب ان‬ ‫كل قائد يجب ان يكون كادرا‬
‫يقوم بأعباء ومتطلبات الحكم الثوري •‬

‫قطر من الاقطار يضاعف مــــــن‬ ‫في‬ ‫‪ - ٢‬ان وصول الحزب الى السلطة‬
‫‪.‬‬
‫مسؤولياته حيال بناء الكادر الحزبي على الصعيد القومي‬
‫‪ -‬ان الكادر الحزبي لا يعني بصورة مطلقة الرفيق المتفرغ تفرغا تاما للعمل‬
‫الحزبي الصرف ‪ .‬انه ذلك الرفيق المتفرغ تفرغا تاما للعمل الحزبي بمعناه الواسع ‪..‬‬
‫فالمناضل الذي ينتدبه الحزب للعمل في نقابات العمال او في‬ ‫اي للعمل الثوري ‪.‬‬
‫الجمعيات الفلاحية او في المنظمات الحزبية هو كادر حزبي ‪ .‬وعندما يتسلم الحزب‬
‫السلطة فان مناضل الحزب يمكن حتى ان يستلم الوظائف العامة ويكون في الوقت‬
‫نفسه كادرا حزبيا ‪ .‬وهذه النقطة تحتاج الى شرح ‪::‬‬

‫عندما يستلم الحزب السلطة لا يعقل ان يترك كل الوظائف العامة لغير الحزبيين‬

‫‪٧٩‬‬
‫ولكن كيف نوفق بين كون القائد الحزبي في وظيفة‬ ‫•‬ ‫او للحزبيين غير القياديين‬

‫عامة وبين ضرورة بقائه كادرا ؟‬

‫ان الكادر الحزبي هو كما قلنا ذلك المناضل الذي جعل العمل الثوري مهنة‬
‫الحياة له ‪ .‬وعندما تقضي ظروف الثورة بضرورة استلام قائد حزبي لمركز وظيفي‬
‫اي يبقى مناضلا جعل العمل الثوري مهنة له ‪.‬‬ ‫مهم فان هذا القائد يبقى كادرا‬

‫ان القائد الحزبي الذي يصبح وزيرا او مديرا عاما او سفيرا الخ لان هذا‬
‫المنصب او ذاك حيوي جدا ولان للحزب حاجة ماسة الى ملئه بعناصر قيادية لا‬
‫ولكنه يفقد هذه الصفة عندما يتشبث بهذه‬ ‫يتخلى عن صفته ککادر حزبي‬
‫المناصب بشتى الطرق حتى ولو رأى الحزب ضرورة تركه لها والعمل في مجالات‬
‫جديدة قد تكون اقل درجة من حيث سلم الوظائف ولكنها اكثر اهمية بالنسبة‬
‫وهو بالتأكيد يفقد صفة الكادر ويتحول الى انتهازي عندما يفضل‬ ‫لقضية الثورة‬

‫المنصب الحكومي البارز على المسؤولية الحزبية او المسؤولية في صفوف الجماهير‬


‫ومنظماتها حتى لو كان ذلك المنصب الحكومي قليل الاهمية بالنسبة لقضية انتصار‬

‫الثورة ‪ .‬وهذه الناحية تبرز بصورة خاصة في المراحل الأولى للثورة ‪ ..‬كل ثورة ‪.‬‬

‫ففي بداية كل ثورة لا تكون مراكز القوة والتوجيه منسجمة تمام الانسجام‬
‫سلم الوظائف الحكومية ‪ .‬ان منصبا وزاريا ما قد لا يكون في هذه المرحلة مركزا‬
‫من مراكز الثقل وان سفارة ما قد لا تساوي شعرة بالنسبة لمسألة انتصار الثورة ‪.‬‬
‫ان فرقة حزبية او صحيفة او نقابة او منظمة عسكرية قد تكون مهمة بالنسبـــة‬

‫للثورة عشرة اضعاف اهمية وزارة ما او سفارة او مديرية عامة ‪ .‬والكادر الحقيقي‬

‫هو الذي يفضل العمل في مراكز التأثير والتوجيه الحقيقية ويبتعد عن المناصب‬
‫‪.‬‬
‫التي توفر الوجاهة ولكنها لا تقدم في قضية الثورة او تؤخر‬

‫فالكادر اذن هو ذلك المناضل الذي لا يفاضل بين الوزارة أو رئاسة نقابة من‬
‫النقابات أو قيادة فرع من فروع الحزب ‪ ..‬انه ذلك المناضل الذي يحتل هذا‬

‫وليس لانه منصب رفيع ( بالمقاييس البورجوازية للرفعة‬ ‫المنصب او ذاك لانه مهم‬
‫ومربح ومغر •‬

‫ان الكادر الحقيقي هو ذلك الذي يمكن ان يتخلى عن منصب السفير المترف‬
‫‪ .‬والحزب مطالب بان يمتحن‬ ‫ليعمل في نقابة اذا ما تطلبت مصلحة الثورة ذلك‬

‫کوادره لا بصورة مسرحية وانما في ساعات الحاجة والمحنة كما ان عليه ان يعيد‬
‫في الاجواء الوظيفية اللاثورية الى ساحة العمل الثوري‬ ‫الكوادر التي انغمست‬
‫من الادران البورجوازية‬ ‫نفسها‬ ‫ولتخلص‬ ‫النضالية‬ ‫صفاتها‬ ‫والجماهيري لتستعيد‬
‫التي علقت بها ‪ ..‬اما اذا فشلت في هذا الامتحان وبقيت تتطلع بشغف الى الوجاهة‬

‫فان على الحزب ان يضعها في الموضع الذي تستحق ‪.‬‬


‫والكادر الحزبي لا يعتبر قياديا لمجرد انه وصل بصورة من الصور الى المراكز‬

‫القيادية ‪ .‬لقد حدثت أمثلة كثيرة في الماضي عندما خرج رفاق عديدون من مراكز‬
‫فراغا يذكر وحل محلهم رفاق آخرون بصورة طبيعية ‪.‬‬ ‫قيادية ولكنهم لم يتركوا‬

‫وهذا يعني ان صفات معينة يجب ان تتوفر في المناضل لكي يكون كادرا حقا‬

‫‪۸۰‬‬
‫فان‬
‫صفة احتراف العمل الحزبي والعمل الثوري‬ ‫فبالاضافة الى الصفة الاولى‬

‫على الكادر ان يتحلى بصفات اخرى وهي الكفاءة والاخلاص العظيم للحزب ولمبادئه‬

‫في مواقف معينة‬ ‫والصلة الوثيقة مع الجماهير والقدرة على اتخاذ مواقف صائبة‬
‫يكون فيها الكادر مضطرا الى التصرف بصورة منفردة وكذلك القدرة على المبادرة‬

‫والتمرس على الضبط الحزبي الصارم والواعي‬


‫ان الكادر الحزبي الذي جعل الثورة مهنة الحياة له يجب ان يكون على صلة‬

‫وثيقة بالجماهير‬
‫ان من صفات تكوينه ككادر ان يعرف كيف يستطلع آراء الجماهير وأحاسيسها‬
‫يعكف على دراستها وتلخيصها واستخلاص‬ ‫حالتها المشتتة والمبعثرة ومن ثم‬
‫الجوهري من بينها وتعميم ذلك على الجماهير من جديد واتخاذه دليلا للعمل‬
‫ان الكادر هو ذلك القائد الذي يعرف كيف يقود الجماهير في الساعات‬
‫الحاسمة قيادة حكيمة وكفوءة بالاتجاه الذي يرسمه الحزب ‪ .‬انه ذلك القائد الذي‬
‫لا ينساق وراء انفعالات الجماهير الآنية وينسى الخط المركزي لستراتيجية الحزب‬
‫والثورة ‪ .‬انه ذلك القائد الذي تنظر اليه الجماهير باحترام وتضع ثقتها فيه وتمنحه‬
‫حبها لانها تجد فيه حقا صفات الرجل الذي يكرس حياته من اجلها والذي لا يبخل‬
‫باية تضحية في سبيلها ‪.‬‬

‫وعندما يصل الحزب الى السلطة تتخذ علاقة الكادر بالجماهير شكلا اكثر‬
‫حساسية ودقة من السابق عندما كان الكادر مناضلا عاديا وفي اكثر الاحيان‬
‫مضطهدا ‪ .‬ان الكادر الذي هو مناضل وقائد جماهيري يصبح ايضا عضوا في‬
‫الجهاز الحاكم ‪ .‬وفي هذه الحالة على الكادر ان يحرص حرصا شديدا على ان لا‬
‫تقوم بينه وبين الجماهير اية هوة وان يبقى في نظرها ذلك المناضل المحبوب الذي‬
‫تمنحه ثقتها وتعتقد انه اهل لقيادتها •‬

‫صفات الكادر ايضا القدرة على المبادرة واتخاذ القرارات وتحمل‬ ‫ومن‬

‫مسؤولية مبادراته وقراراته ‪ .‬ان هذا لا يعني جعل الكادر دكتاتورا صغيرا في‬
‫القطاع الذي يعمل به وانما يعني بالضبط صيرورته قائدا لانه لا يكون المرء قائدا‬
‫حقا اذا لم يملك القدرة على المبادرة وعلى اتخاذ قرارات سريعة صائبة في ظروف‬
‫تستوجب اتخاذ مثل هذه القرارات ولا يكون المرء قائدا طبعا اذا جبن عن تحمل‬
‫مسؤولية المبادرة واتخاذ القرار ·‬

‫ان الحزبيين الذين يتطلعون الى اعلى دائما ينتظرون الامر للقيام بأي عمل‬
‫انما يثقلون كاهل القيادة العليا ‪ ،‬قومية كانت او قطرية ‪ ،‬بمهمات لا حصر لهــــا‬

‫‪ .‬وان‬ ‫فتبقى دائما في حالة إنتظار وفي حالة تبلد وتكلس‬ ‫ويجمدون منظماتهم‬
‫الحزبيين الذين يرتجفون في ساعات المحنة او في اللحظات الحرجة عندما لا يكون‬
‫الاتصال مع القيادات الاعلى ممكنا لتلافي اية مشكلة او كارثة ولا يتخذون قرارا‬

‫وان‬ ‫‪.‬‬ ‫قيادة اعمال ومنظمات هامة‬ ‫في‬ ‫سريعا وصائبا لا يمكن ان يركن اليهم‬
‫الحزبيين الذين يخافون تحمل مسؤولية مبادراتهم وقراراتهم لا يحق ولا يجوز لهم‬

‫ان يكونوا في مراكز القيادة ‪ .‬ان هؤلاء جميعا ليسوا كوادر وان مكانهم هو حيث‬

‫في التنظيم والتربية الحزبية ‪٦ -‬‬ ‫‪시‬‬


‫‪.‬‬ ‫ينفذون فقط‬

‫والكادر الحزبي هو ذلك المناضل الذي يتحلى بصفة الانضباط التام ‪ .‬ان كل‬
‫مطالب بان يكون منضبطا ولكن الانضباط ممارسة والكادر هو المناضل الذي‬ ‫حزبي‬
‫فيه انه مارس الانضباط مدة طويلة وفي ظروف مختلفة وشاقة ولذلك‬ ‫يفترض‬

‫فان صفة الانضباط تكاد تصبح عنده وكأنها جزء لا يتجزا من شخصيته ‪ .‬ان الكادر‬
‫غير المنضبط لا يستطيع ان يقود منظمة حزبية او نقابية او مجموعة من الجماهير‬
‫او مؤسسة من المؤسسات قيادة صائبة وبالتالي يفقد صفة القائد الحق ‪ .‬والكادر‬

‫غير المنضبط يشكل في داخل الحزب عنصرا من عناصر الفوضى والبلبلة وهو‬
‫بسبب عدم انضباطه يميل الى الفردية والى عدم الانسجام مع قيادات الحزب ومع‬
‫الرفاق العاملين معه ويتحول تدريجيا الى شخص غير نافع ولا يجوز ابقاؤه في‬

‫مركز قيادي مهم ‪.‬‬


‫ان اخلاص الكادر لمبادىء الحزب هو احد المميزات الهامة التي تميز الكادر ‪.‬‬
‫وان هذا الاخلاص يجب ان يظهر في كل موقف وكل موقع ‪ ،‬وفي خضم كل معركة‬
‫وحدث ‪ .‬ان اخلاص الكادر يعتبر جوهر اهميته وأساس الاعتماد عليه ‪ ،‬فماذا‬

‫يعني اخلاص الكادر المبادىء الحزب ؟ انه يعني ان الكادر هو الذي يفهم قبل غيره‬
‫مبادىء الحزب ويحرص عليها حرصه على اثمن شيء في حياته ‪ ،‬ذلك لان مبادىء‬
‫الحزب تعكس جوهر مصالح الشعب ولب مطامحه فكل تشويه لمبادىء الحزب ‪ ،‬هو‬
‫فقدان لاساس وجوده كثوري ‪ .‬والكادر حينما يرتبط هذا الارتباط الوثيق بمبادىء‬

‫يمكن تحقيقه بدون الاخلاص‬ ‫‪ ،‬يعطي لنضاله وضوحا واستقامة وثباتا لا‬ ‫الحزب‬
‫لمبادىء الحزب ‪ .‬ولاجل ان يكون الكادر مخلصا لمبادىء الحزب عليه ان يفهم هذه‬
‫المبادىء بعمق ‪ .‬عليه ان يفهم لماذا وجد حزب البعث وعلى اية اسس مبدئية اقيمت‬
‫فلسفته •‬

‫ان الكادر يجب ان يعرف ان فلسفة الحزب لها اطار واضح ‪ .‬فالحزب ثوري‬
‫في طريقة تركيبه ورقي نظرته وفي معالجته للأمور ‪ ،‬لانه يستهدف قلب علاقات‬
‫لذلك يفترض في الكادر ان‬ ‫المجتمع القديم بطريقة ثورية واقامة علاقات جديدة ‪.‬‬
‫يعرف ويشخص العلاقات القديمة ويعرف البالية منها ‪ ،‬وان يعرف طرق التغيير‬

‫الثوري ويميزها عن الطرق الاصلاحية او الفوضوية ‪ ،‬وان يميز بين التقليد الأعمى‬
‫والترديد الببغاوي للنظريات الثورية ‪ ،‬ويستخلص بصورة عميقة موقف حزبــــه‬
‫ويدرك بصورة واعية موقعه ‪ ،‬وينهض لتعزيز هذا الموقع بالدفاع الصادق عن‬
‫مبادىء الحزب دون انتظار الحصول على منفعة شخصية وراء دفاعه هذا ‪.‬‬

‫ان الكادر يفهم ان مبادىء الحزب ثابتة وبالرغم من انها تتطور ولكنها لا تتغير‬
‫حسب رغبته ومشيئته ‪ .‬ان وحدة الامة العربية يشكل اساس وحدة الحزب‬

‫وبدونها يفقد الحزب الصفة المميزة له ‪ .‬كما ان بناء الاشتراكية امر جوهري‬

‫بالنسبة لحزبنا لا يمكن التخلي او التنازل عنه لاي سبب لانه هو السبيل الوحيد‬
‫لحرق مراحل التخلف التي يعيشها المجتمع العربي‬
‫ولهذا فان الاخلاص لهذه المبادىء هو الذي يحمي الكادر من الانزلاق في‬

‫‪۸۲‬‬
‫الصعوبات ‪ .‬وكذلك فان‬ ‫طريق المساومات او التدهور السياسي او التراجع امام‬

‫له سبل تحدده واولى هذه المبادىء صيانة الحزب‬ ‫الإخلاص لمبادىء الحزب ‪،‬‬

‫والعمل الجاد على تطوير ملاكاته وتوسيع شعبيته وممارسة النشاط‬ ‫ووحدته ‪،‬‬
‫الفكري الدؤوب من اجل التطبيق الخلاق لمبادئه ‪ ،‬ذلك لان عديدا من الاحزاب‬

‫تخلفت او اصبحت في خبر كان لانها لم تستطع أن تنجز رسالتها وتثبت صحة‬
‫•‬
‫تطبيقاتها بالرغم من صحة المبادىء التي اعتنقتها‬
‫فالاخلاص هو اذن التزام ثابت بالحزب ‪ ،‬بفكرته وبتنظيمه وبأوامره وتعليماته‬
‫وبكل ما يصدر عنه ‪ .‬وهذا الاخلاص لا يعني مجرد الرابطة المنفعلة الساكنة‬
‫بالحزب ‪ ،‬بل هي الرابطة الفاعلة النشطة التي تجعل من العضو الحزبي طاقة مشعة‬
‫قدرة الحزب كحركة ثورية على‬ ‫فيه تأثيرا عميقا تعكس‬ ‫تؤثر في الواقع الذي تعيش‬
‫التأثير في واقعها •‬

‫ان قوة الحركات الثورية وضعفها كثيرا ما تقاس بدرجة الاخلاص التي تشد‬
‫اعضاءها الى مبادئه ‪ .‬وهذا الاخلاص لا ينفصل عن الكفاءة والوعي والخبرة ‪ ،‬لانها‬

‫في سلسلة واحدة هي العمود الفقري لكل عمل ثوري‬ ‫بمجموعها تشكل حلقات‬
‫‪.‬‬
‫تاريخي جاد‬

‫ان العمل الثوري لا يمكن تحديده ضمن اطارات محكمة كالعمل الوظيفي لانه‬
‫لذلك فان مهمات الكادر لا يمكن تحديدها تحديدا‬ ‫يشمل كل قطاعات الحياة ‪،‬‬
‫محكما ‪ .‬ولكن يمكن القول بأن مهمات الكادر الاساسية هي ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬صياغة القرارات والاشراف على تنفيذها بصورة مباشرة أو غير مباشرة ‪.‬‬
‫‪ - ٢‬تهيئة الدراسات والتقارير التي يحتاجها الحزب •‬
‫‪ -‬قيادة ومراقبة النشاط الحزبي‬
‫التنظيمي والثقافي والعمل الجماهيري‬ ‫‪٣‬‬
‫والعمل بين المنظمات‬

‫‪ -‬رصد العناصر المتقدمة في الجهاز الحزبي وفي المنظمات الجماهيرية‬


‫وتدريبها على فنون النضال والقيادة وتهيئتها لتحمل المسؤوليات والمراكز القيادية ‪.‬‬
‫ه ‪ -‬اتخاذ المبادرة الواعية والسريعة في كل مسألة من المسائل الحيوية التي‬
‫نهم الحزب والثورة‬

‫‪ - ٦‬التعرف بصورة صحيحة على أوضاع الجماهير واحاسيسها ومطاليبها‬


‫والتيارات المؤثرة فيها وصياغة كل ذلك بصورة واضحة وعلمية ومحددة ودراستها‬
‫واتخاذ ما يلزم بشأنها ·‬
‫‪- V‬‬
‫حراسة مبادىء الحزب وتقاليده الثورية من الانحرافات والافكار‬
‫والتطبيقات الطارئة والغريبة ومراقبة تنفيذ مقررات المؤتمرات تنفيذا مخلصـــــــا‬
‫وواعيا ·‬

‫ان الكادر الحزبي بالنسبة للحزب هو بمثابة هيئة الاركان بالنسبة للجيش‬
‫وهو ايضا مثل تلك القلة من خيرة الضباط المدربين على احدث فنون القتال والذين‬
‫بتصدون للمعركة باقصى درجات الشجاعة والاستعداد للتضحية ‪.‬‬

‫‪ .‬انه يصبح كالجسد‬ ‫ولا يمكن تصور حزب ثوري بدون كادر جيد ونشيط‬

‫‪٨٣‬‬
‫الذي لا يملك عمودا فقريا وجهازا عصبيا ‪ .‬وقد رأينا خلال تجربة الحركة السياسية‬

‫في يوم من الايام مهمة وقوية وذات تأثير‬ ‫في الوطن العربي كيف ان احزابا كانت‬

‫جماهيري واسع ولكنها حتى عندما كان وجودها من الناحية الموضوعية مبررا لم‬

‫تستطع ان تقف على اقدامها ولا ان تقوم بأي نشاط سياسي ملموس في فترات‬
‫·‬
‫الاضطهاد لاسباب عديدة في مقدمتها افتقارها الى كادر ثابت ونشيط‬
‫ان للمناضل الذي يكرس حياته للحزب وللنشاط الثوري حقوقا كثيرة على‬

‫الحزب ‪ .‬فالحزب الذي يشترط توفر صفات نادرة في كوادره والذي يحمل هذا‬
‫وهي حياة‬
‫الكادر مسؤوليات ضخمة كالتي ذكرناها لا بد وان ينتبه الى ناحية هامة‬
‫الكادر كانسان له متطلبات انسانية مشروعة‬

‫وفي مقدمة ما يحتاجه الكادر من الحزب توفير الحاجات المادية والضمان‬


‫الاجتماعي فبدونهما لا يمكن للكادر أن يوفق بين الانصراف التام للعمل الثوري وبين‬
‫ومأكل وعلاج ونفقات اجتماعية اخرى‬ ‫تهيئة متطلبات الحياة من مسكن وملبس‬
‫كالزواج وما يتبعه ‪ ...‬ومهما كانت ظروف الحزب المادية قاسية وصعبة ‪،‬‬

‫‪ ،‬يبقى مقدما‬ ‫فان توفير الشروط المادية الضرورية للكادر الحزبي‬

‫وعلى الحزب ان يضحي لاقصى حد من‬ ‫على جميع الضرورات الاخرى ‪،‬‬
‫اجل تأمينها بشكل لائق لكي يشعر الكادر بان الحزب الذي وهب حياته من اجله‬

‫يقدر التضحية ويكافئها بتضحيات مقابلة دون ان يعني ذلك ان للنضال ثمنا ‪.‬‬
‫ومن الامور الاساسية التي يحتاجها الكادر الثقافة الثورية والثقافة العامة‬

‫والاطلاع على العالم وعلى التجارب العربية والعالمية ‪ .‬وفي ظروف کظروف حزبنا‬
‫في الماضي كان تأمين هذه الامور صعبا جدا فيما عدا الثقافة الثورية التي يفترض‬
‫ان يكتسبها المناضل من خلال التجربة الثورية ومن خلال القراءة والتتبع ‪ .‬وفي‬
‫الوقت الذي يجد فيه الحزب نفسه قادرا على تأمين هذه الحاجات فان عليه ان‬

‫یو فرها لكادره لكي يصبح الكادر مطلعا اطلاعا جيدا على الوطن العربي وعلى العالم‬
‫بتياراته الفكرية والسياسية وبمؤسساته وتطبيقاته ‪ .‬ان معر فة التجارب والاوضاع‬

‫الخارجية من خلال القراءة ومن خلال المعاينة شرط مهم من شروط تكوين الكادر ‪.‬‬
‫صحيح ان الكادر مطالب‬ ‫والكادر ايضا يحتاج الى رعاية معنوية خاصة ‪.‬‬

‫با قصى درجات الانضباط والاخلاص والشجاعة ولكنه انسان ‪ ..‬والانسان معرض‬
‫كوادره بسبب الاخطاء البسيطة او الهفوات ‪.‬‬ ‫ينحر‬ ‫للخطأ ‪ ..‬ولا يجوز للحزب ان‬

‫ان عليه ان ينبههم وان يحاسبهم بشدة ولكن على الحزب ايضا ان يقف عند الحدود‬
‫التي تضمن للكادر كرامته وتبقي معنوياته وتشعره بان الحزب يحاسب ولكنه لا‬
‫يشهر ويعاقب ولكنه لا يغدر بمناضليه القدامى الذين افنوا زهرة شبابهم مناجله‬
‫ان مهمات الكادر الصعبة والدقيقة تعرضه الى اخطار معنوية كثيرة بالاضافة‬
‫الى الاخطار المادية ‪ .‬ان الكادر قد يتعرض الى التهديد بالقتل من قبل الخصوم‬

‫وهو حتما يتعرض الى الوان شتى من التشهير من جانبهم والحزب مطالب بان يحمي‬
‫کوادره ماديا ومعنويا ‪ .‬عليه ان يحافظ على حياتهم وان يحافظ على شرفهم ‪ .‬ان‬
‫الحزب يجب ان يدافع عن كوادره بكل وسيلة متيسرة لديه ‪ .‬وهناك نقطة لا يجوز‬

‫‪ΔΕ‬‬
‫اغفالها ‪ ،‬أن الكادر قد يتعرض حتى الى نوع من النقد الذي يحمل طابع التجني من‬

‫قبل بعض العناصر في الحزب التي لا تتميز بخلق متين جدا وصلابة نضالية عالية ‪.‬‬
‫ان الكادر بحكم عمله مطالب بمحاسبة امثال هذه العناصر ونقدها بجراة ‪ ،..‬وقد‬

‫هذه العناصر بحملة مضادة تستهدف تحطيم الكادر لكي تبرر سلوكه‬
‫تقوم‬
‫في هذه الحالة على الحزب ان يحمي كادره من امثال هذه العناصر‬ ‫الانتهازي ‪.‬‬

‫الانتهازية الضعيفة ‪.‬‬


‫داخل الحزب‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫الى طبقة ذات نزعة دك‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ح‬ ‫ت‬ ‫لل‬ ‫ض‬ ‫ان الكادر معر‬
‫مختلف النشاطات‬ ‫فالكادر الذي يمارس العمل القيادي بانتظام والذي يعيش‬

‫الحزبية ويعاصر مختلف مراحل حياة الحزب قد يميل الى التصرف في داخل‬
‫الحزب وكأنه هو الحزب وان كل ما عداه ليس سوى مجموعة ليس لها من مهمة‬

‫سوى التنفيذ ‪ ،‬وهذا اكبر خطر يهدد مبدأ الديمقراطية والمركزية في داخل‬
‫‪.‬‬
‫الحزب ‪ .‬ان الكادر ليس طبقة نبلاء في مجتمع الحزب وانما هو فئة القادة‬
‫والقائد الحزبي هو ذلك المناضل الذي يقدس القيم والممارسة الديمقراطية ويعتبرها‬

‫لبنة اساسية جدا في حياة الحزب من غير ان يرخي بدوره حبل المركزية ويتيح‬
‫المجال للتسيب والفوضى‬
‫فان على‬ ‫في الجيش‬ ‫واذا كنا قد شبهنا الكادر بنوعية معينة من الضباط‬

‫القائد الحزبي ان يجعل رفاقه ينفذون اوامره لا لانهم يخافونه وانما لانهم يثقون‬
‫‪.‬‬
‫به ويقدرون كفاءته القيادية ولانه قادر على اقناعهم بصواب رايه وغنى تجربته‬
‫ولكي لا يتحول الكادر الى مجموعة من الطغاة فان على الكادر ان يعي بوضوح‬

‫الصلة الجدلية بين مبدأي الديمقراطية والمركزية في الحزب وان يمارس هذين‬
‫المبدأين بروح الايمان المفعم بهما والفهم الكامل لهما ‪.‬‬

‫ان علاقة الكادر بالقاعدة الحزبية يجب الا تنحصر في عملية اصدار الاوامر‬
‫والمحاسبة الصارمة وانما يجب ان تشمل الى جانب ذلك المحبة والتفاهم والانفتاح‬

‫وتقبل النقد الايجابي وتبادل التجارب ‪ .‬ولا يجوز للكادر أن يضع حواجز بينه وبين‬
‫العناصر المتقدمة من القاعدة الحزبية فلا يتيح لها مجال الصعود والترقي في سلم‬
‫المسؤوليات الحزبية ‪ .‬ان الكادر المخلص للحزب هو ذلك الذي يعمل بوعي واخلاص‬

‫لحصره بفئة مختارة منغلقة ‪ .‬ان الحزب الذي هو بأمس‬ ‫لتوسيع الكادر وليس‬
‫الحاجة الى كوادره القديمة المجربة هو ايضا وباستمرار بأمس الحاجة الى كوادر‬
‫جديدة تمنحه عزيمة الشباب وتزيده بالآراء الجديدة النابعة من التجارب والظروف‬

‫الموضوعية الجديدة التي يجتازها الحزب والتي قد لا يكون الكادر القديم ملاصقا‬
‫لها ومتفاعلا معها بصورة تامة كالعناصر القيادية الجديدة‬
‫والكادر معرض ايضا الى التحول الى طبقة ذات امتيازات بالنسبة للحزب‬
‫وبالنسبة للشعب ايضا وبخاصة عندما يصل الحزب الى السلطة‬

‫‪ .‬وعندما يصل الحزب الى السلطة‬ ‫ان الكادر هو الفئة القيادية في الحزب‬
‫فان الفئة القيادية في الحزب تصبح بصورة مباشرة وغير مباشرة الفئة القيادية في‬
‫·‬ ‫الحكم ‪..‬‬
‫وهذا يعني احتمال تدفق الامتيازات عليها من كل جانب‬
‫رف سه از‬
‫ال‬

‫ان قند‬ ‫ال ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫العيش بشم‬

‫لادي في الشر‬
‫يف يتم ذلك ‪:‬‬
‫على‬
‫يد مثل هذه الم‬
‫ستی ایمانه بعد‬

‫والا‬

‫حيحة في ألفيش مرغا‬ ‫زاده‬


‫على الناصل نواف‬
‫لدو‬
‫ت على وسائل الرها‬

‫شت دائما بونگ لی‬ ‫‪..‬‬


‫د حنة اجتماعية نجد في‬
‫لى شبة الجماهير‬

‫عن طريق الحرب وثورة ‪.‬‬


‫تي تميز بها أبان الناة‬
‫ات الكاتي‬
‫حفارلمادة كما ان محالة‬

‫اوبين القاعدة الجريد‬


‫الى‬
‫والبيروقراطية الحا‬

‫ة ولكي لا يتحول ‪:‬‬


‫جديدة‬

‫ان القطر الذي يحكمه حزبنا اليوم لا يشكل بسكانه وبأرضه سوى جزء صغير‬
‫وطن العربي الذي هو مسرح نضالنا ومن الامة العربية التي هي هدف هذا‬

‫نصل الى السلطة فالحزب لا‬ ‫ل ‪ .‬ومن هذه الحقيقة يمكن ان نقول باننا لم‬

‫الى السلطة الا عندما يحكم الدولة العربية الواحدة الاشتراكية والديمقراطية ‪،‬‬
‫فان تحول كادر الحزب الى طبقة سيكون شرا عظيما‬ ‫ا تحقق هذا الحكم‬

‫قطر واحد صغير ؟ معنى ذلك‬ ‫اذا تحول هذا الكادر الى طبقة جديدة في‬
‫لنا القومي سيتوقف وان معنى حزبنا سيتشــــــــــوه وان تقاليدنا الثورية‬
‫فلسطين وتحرير كل التراب‬ ‫‪ .‬ان حزبنا المطالب بقيادة الجماهير لتحرير‬

‫وتوحيد هذا التراب وبناء الدولة الديمقراطية الاشتراكية لن يتقدم خطوة‬

‫ذا ما سرى بين مناضليه الذين وصلوا الى السلطة في قطر واحد مرض‬
‫مرض الشعور بالدعـة ‪ ..‬مرض‬ ‫على الجماهير واحتقار مشاعرها‬
‫راء مغريات المادة ‪.‬‬ ‫‪--‬‬

‫في كل لحظة كل طاقات‬ ‫كل مناضل بعثي في قطرنا يجب ان يستعيد‬

‫الثورية وكل قيم النضال التي عاشها ومارسها في السنوات السابقة‬


‫لم نبق ثوريين شجعان متواضعين لا تأسرنا المادة ومغرياتها فاننا نعرض‬
‫رة الى خطر كبير وقد نفقد امتيازاتنا كلها بعد ان نكون قد اصبحنا‬
‫ة ذات امتيازات‬

‫‪AY‬‬
‫ان الكادر الذي يمثل الفئة التي حظيت بثقة الحزب والجماهير وحبهما نتيجة‬

‫للصفات التي يتميز بها ونتيجة لادائه لوظيفته الثورية بالشكل الاكمل لا يبقى‬

‫محبوبا من قبل قاعدة الحزب والجماهير ولا يكون موضوع ثقتهما اذا تحول بين‬

‫يوم وليلة الى رجل يملك من الامتيازات ما يزيد عن حاجته المشروعة الى العيش‬

‫الكريم والقدرة على تنفيذ واجباته الثورية‬


‫ان الكادر الذي يتمسك تمسكا شديدا بابهة السلطة والذي يغرف منها المزيد‬

‫كل يوم ويعيش حياة من الدعة والترف لا تتلاءم مع ماضيه ومع حياة الشظف التي‬
‫عانى منها السنوات الطوال والتي عرفته قاعدة الحزب وجماهير الشعب من خلالها‬
‫‪ .‬ان قاعدة‬ ‫قاعدة الحزب وجماهير الشعب‬ ‫لا يمكن ان يبقى محتفظا بحب وثقة‬
‫الحزب وجماهير الشعب ستنظر اليه كشخص تعب ليكسب وليس كمناضل وهب‬
‫·‬ ‫حياته لقضية الكادحين‬
‫قلنا ان الحزب مطالب بان يكافىء الكادر الذي تحمل شظف العيش بشجاعة‬
‫و ایمان وان يوفر له ما كان ينقصه من حاجة ‪ .‬وعندما يوفر الحزب للكادر هذه‬

‫المتطلبات فله عندئذ كل الحق في بتر كل مظهر من مظاهر الميل المادي غير المشروع‬
‫ولكن كيف يتم ذلك ؟ ‪..‬‬ ‫وكل مظهر من مظاهر التطلعات البورجوازية والانتهازية‬

‫ان هذه الناحية حساسة جدا ولا يجوز اغفالها ‪ ..‬ان كل شيء في مثل هذه الحال‬
‫يتوقف على مدى جدية التزام المناضل بقضية امته وبالتالي بمدى ايمانه بحتمية‬
‫فليس من‬ ‫انتصارها ‪ .‬كما يتوقف ايضا على مدى اصالة السلوك النضالي لديه ‪.‬‬
‫المعقول ان يفكر المناضل بحاجاته المادية مهما كان مرهقا ‪ ،‬بمعزل عن اهتمامه‬
‫بالحزب وبحاجات الحزب وليس معقولا ان يفكر المناضل بتجميع الاموال او بسرعة‬
‫استدراك نواقصه المادية ‪ ،‬اذا كان مناضلا حقا مؤمنا بحتمية انتصار الحزب بعيدا‬
‫عن المخاوف وعن الحسابات المادية التافهة ‪ ،‬او اذا كان يهتم حقا بابقاء صورة‬

‫الحزب ناصعة لدى الجماهير‬


‫ان الانتقال المفاجيء من حالة مادية سيئة الى بحبوحة في العيش امر غالبا‬
‫نفسيا عند الانسان وهذا مما يخلف لدى المناضل دوافع‬ ‫ما يسبب اضطرابا‬
‫مشاعر حب الترف والتكالب على وسائل الرفاهية‬ ‫انتهازية ومشاعر جديدة‬
‫والدعة ·‬

‫وفي هذا هل ننسى الجماهير ؟ ان الجماهير تشك دائما باولئك الذين‬


‫يقفزون من حالة الفقر الى حالة البحبوحة ‪ .‬هذه حقيقة اجتماعية نجدها في كل‬
‫فهل من الصحيح ان نعرض رفاقنا المناضلين الى شك الجماهير وهم‬ ‫مكان ‪.‬‬
‫يقودوها على طريق الحزب والثورة ‪..‬‬
‫المطالبون بان يكسبوا ثقتها واحترامها لكي‬
‫ان محافظة الكادر على الروح النضالية السامية التي تميز بها ابان النضال‬
‫‪ ..‬روح الشجاعة والتواضع والتضحية واحتقار المادة كما ان محافظته‬
‫لبي‬ ‫الس‬
‫القاعدة الحزبية‬ ‫على روح العمل الديمقراطي ومشاعر الحب والثقة بينه وبين‬

‫وجماهير الشعب وتجنبه مظاهر التعالي والفوقية في العمل والبيروقراطية الجامدة‬

‫هي ضمانات اساسية لكي يبقى الكادر فئة مناضلة قائدة ولكي لا يتحول الى‬

‫‪٨٦‬‬
‫طبقة جديدة‬

‫ان القطر الذي يحكمه حزبنا اليوم لا يشكل بسكانه وبأرضه سوى جزء صغير‬
‫من الوطن العربي الذي هو مسرح نضالنا ومن الامة العربية التي هي هدف هذا‬

‫النضال ‪ .‬ومن هذه الحقيقة يمكن ان نقول باننا لم نصل الى السلطة فالحزب لا‬
‫يصل الى السلطة الا عندما يحكم الدولة العربية الواحدة الاشتراكية والديمقراطية‬
‫فان تحول كادر الحزب الى طبقة سيكون شرا عظيما‬ ‫راذا ما تحقق هذا الحكم‬

‫قطر واحد صغير ؟ معنى ذلك‬ ‫في‬ ‫فكيف اذا تحول هذا الكادر الى طبقة جديدة‬
‫ان نضالنا القومي سيتوقف وان معنى حزبنا سيتشوه وان تقاليدنا الثورية‬
‫فلسطين وتحرير كل التراب‬ ‫ستندثر ‪ .‬ان حزبنا المطالب بقيادة الجماهير لتحرير‬

‫العربي وتوحيد هذا التراب وبناء الدولة الديمقراطية الاشتراكية لن يتقدم خطوة‬
‫واحدة اذا ما سرى بين مناضليه الذين وصلوا الى السلطة في قطر واحد مرض‬
‫مرض‬ ‫مرض الشعور بالدعة‬ ‫التعالي على الجماهير واحتقار مشاعرها‬
‫الركض وراء مغريات المادة •‬

‫في كل لحظة كل طاقات‬ ‫في قطرنا يجب ان يستعيد‬ ‫ان كل مناضل بعثي‬
‫الحماسة الثورية وكل قيم النضال التي عاشها ومارسها في السنوات السابقة‬
‫واننا اذا لم نبق ثوريين شجعان متواضعين لا تأسرنا المادة ومغرياتها فاننا نعرض‬
‫قضية الثورة الى خطر كبير وقد نفقد امتيازاتنا كلها بعد ان نكون قد اصبحنا‬
‫بالفعل طبقة ذات امتيازات‬

‫‪AY‬‬
‫دور القيادة الحزبية ( ‪) ١‬‬

‫‪ -‬القيادة والتنظيم‬

‫قيادة الجماهير وتعبئتها من اجل النضال لتحقيق‬ ‫حتى يستطيع اي تنظيم‬

‫في المجتمع لا بد ان يتوفر فيه كحد ادنى شرطــــــــــان‬ ‫اهدافها واحداث التغيير‬
‫اساسيان ‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫الشرط الاول ان تكون له خطة عمل واضحة تلائم امكانياته وتستفيد منها‬
‫جميعها وتضع الاشخاص المناسبين للعمل المناسب‬
‫قيادة تشرف على تلك الخطة وتوفر لها كافة‬ ‫‪ -‬الشرط الثاني ان تكون له‬
‫الظروف الملائمة لانجاحها وتحقيق ما جاء فيها وبذلك يكون نضال تلك المنظمة‬
‫يتحرك ضمن امكانيات معروفة ومستفادة منها كلها وتكون مقاييس المحاسبة وتحمل‬
‫المسؤولية واضحة‬

‫ومن هنا يتبين ان القيادة هي الاساس في نجاح أي حركة منظمة تعمل على‬

‫قيادة الجماهير وتحريكها في الاتجاه المحدد ‪ .‬فمتى توفرت القيادة بمفهومها الكامل‬
‫‪ .‬اما القيادة‬ ‫تتوفر عندئذ الشروط لرسم خطة تستفيد فيها من كل الامكانيات‬

‫فهي قيادة‬ ‫التي تعمل بدون خطة وتعطي الحلول لمختلف القضايا بشكل ارتجالي‬
‫‪ .‬وهذا يعني ان اي حركة‬ ‫طفيلية يمكن ان تظهر ولكنها لا تستطيع ان تبقى وتقود‬
‫تنوي استقطاب الجماهير وتحريكها لاهداف معينة ضمن خطوط عمل واضحة لا‬

‫بد ان تكون لها قيادة في مستوى المسؤولية والا كانت افكارها وبرامجها ملكا‬
‫للمكتبات والصحف وهواية لاصحاب الترف الفكري لا يمكن ان تعبر عن نفسها في‬
‫‪ .‬كما ان اي قيادة ليست لها برامج لحلول مشاكل المجتمع‬ ‫الشارع بين الجماهير‬
‫لا يمكن الا ان تكون مجموعة افراد تقود التنظيم الى وقت محدد بما يتنافى ومنطق‬
‫التطور ومتطلبات الحياة العصرية ‪.‬‬

‫في حديثنا هذا قيادة معينة او صنفا مـــــن‬ ‫ونحن بطبيعة الحال لا نقصد‬
‫اصناف القيادات الدنيا او العليا المعروفة في الحزب وانما نتناول في حديثنا‬

‫الثورة العربية » ‪ -‬السنة الأولى ‪ ،‬العددان الخامس والسادس ‪. ١٩٦٩ ،‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪M‬‬
‫مفهوم القيادة وكيف يمكن ان تقوم بدورها الاساسي في قيادة الجماهير سواء منه‬

‫الحزبية او الشعبية منطلقين في حديثنا من ‪:‬‬


‫‪ ۱‬ـ اي قيادة في اي تنظيم هي في الغالب تعبير عن واقع وضع تلك القواعد‬
‫‪-‬‬
‫التي تمثلها ·‬
‫‪ ٢‬ـ ان القيادة ضرورة تنظيمية الهدف منها تحديد المسؤولية وتقسيـ‬
‫‪-‬‬
‫العمل وحصره في عدد محدد من الاشخاص للاشراف على تنفيذ الخطة التـ‬
‫وأقرتها المؤتمرات فهي بهذا المعنى لا تعني انها احسن المجموعة‬ ‫وضعتها القواعد‬
‫التنظيمية او انها وحدها مطالبة بتنفيذ كل الخطة المتفق عليها ·‬

‫‪ ٣‬ـ ان اي تصور لقدرة القيادة على حل جميع المشاكل وتقديم كل الحلول‬

‫وتحقيق الخطة الموضوعة بحذافيرها تصور خاطىء‬


‫اذن حتى تستطيع القيادة القيام بمسؤولياتها لا بد من توفر الشروط‬

‫التالية ‪:‬‬
‫‪ ۱‬ـ ان تكون لها خطة عمل لمختلف مشاكل الوسط الذي تعيش فيه‬

‫‪ ٢‬ـ ان تسلم فيما بينها بقيادة شخص او شخصين او اكثر مؤهلين اكثر من‬

‫غيرهم للقدرة على التوجيه‬


‫‪ - ٣‬ان يكون بينها حد ادنى من الاحترام والانسجام الذي يحدده الاتفاق‬
‫الفكري والالتزام بالخطة واهداف الحركة ‪.‬‬
‫‪ -‬ان تسود الثقة علاقات القيادة فيما بينها وعلاقاتها بالتنظيم ‪ ،‬وهذا‬
‫‪ ٤‬ـ‬
‫يعني ان الشيء المدمر في اي تنظيم هو ان تصبح قيادته محل شك واتهام مما‬
‫يخلق جوا اقل ما يقال فيه انه يعطل عمل الجهاز ككل ويلهيه ببعضه‬
‫‪ -‬ان تمثل القيادة بقدر الامكان حصيلة الكفاءات الفكرية والتنظيميـ‬
‫‪ ٦‬ـ‬

‫والنضالية في التنظيم مع وضع كل كفاءة في مكانها الصحيح‬


‫وحتى تكون القيادة رائدة بالفعل لا بد ان تكون دائما في مستوى من الخبرة‬
‫قيادة لها‬ ‫وجماهير الشعب انها بالفعل‬ ‫والثقافة والتطور ما يشعر قواعد التنظيم‬

‫ميزات لا تتوفر في غيرها وانها تصبو باستمرار وبصورة متطورة لما تحس بــــه‬
‫القواعد بل وتكون لها من المبادرات وامكانيات العطاء ما يجعل الجهاز التنظيمي‬

‫فيه في حركة دائمة يتابع بحماس عمله من اجل تحقيق‬ ‫والوسط الذي يعيش‬
‫الاهداف المرسومة لتطوير المجتمع وحل مشاكل التخلف فيه ‪ ،‬بل ان يصل الى‬
‫حالة يشعر فيها بلذة الارتياح وهو يلاحق عمل القيادة وتنفيذ الخطة ويعيش جوا‬
‫ايجابيا ‪ ،‬القيمة فيه للالتزام بمبادىء الحركة ونظامها والاخلاص فيه لتراثها الفكري‬

‫والنضالي مما يمنع وجود التيارات الشخصية او الارتباطات الاستزلامية التي‬


‫يتحول يها التنظيم الى مجموعة زلم الولاء فيه لمجموعة متكتلة ‪ .‬ان حزبنا وهو‬
‫ف‬
‫في مرحلة التأسيس هذه أحوج ما يكون الى قيادة تتمتع بوعي تاريخي وتصورات‬
‫ثورية واضحة للواقع العربي ومتفقة في طرحها لكافة قضايا الحزب والشعب‬

‫لتقوده الى الحتمية وتضعه في اليقين‬

‫‪٨٩‬‬
‫‪ -‬العلاقة بين القيادة والقاعدة الحزبية‬

‫الحزب الثوري وحدة متشابكة من الخلايا المتحركة بين الجماهير ‪ ،‬تحددها‬

‫صيغ من العلاقات التنظيمية الداخلية التي تعبر عن الشكل المتطور لاساليب‬


‫النضال الثوري الجماهيري ‪ ،‬وتعتبر هذه الصيغ كالديمقراطية المركزية ‪ ،‬والنقد‬

‫والنقد الذاتي ‪ ،‬واساليب الارتباط بالجماهير الاساس التي تبنى عليها نظريـــــــة‬
‫التنظيم الحزبي ‪ .‬فكما ان الوحدة الفكرية ‪ ،‬تعتبر الاساس النظري لمسيرة الحزب ‪،‬‬
‫فان الوحدة التنظيمية لا تقل اهمية من حيث بناء الحزب والحفاظ على وحـــدة‬

‫ولا يكتب‬ ‫قيم نضالية ‪ ،‬وتجارب وخبر جماهيرية ‪،‬‬ ‫الفكر النظري ‪ ،‬لان التنظيم‬

‫للتنظيم التطور والنجاح ما لم يكن استجابة متطورة عن حاجات الكفاح الجماهيري ‪،‬‬
‫لأنه متى ما بني التنظيم على اسس من العلمية والموضوعية والصدق سيكون الاداة‬
‫الصحيحة للعمل المنتج والتحرك الواسع المستمر مع اوسع قطاعات الشعب ‪ .‬ان‬
‫التنظيم في الحزب خاصية متطورة يستند الى الوعي والادراك والشعور بالمسؤولية‪،‬‬
‫ويبعد كل ما هو جامد وسطحي ‪ .‬ان منظومة الحزب الواسعة من القيادات والقواعد‬
‫والجماهير لا تبنى على اساس الرغبة والاختيار في العمل ‪ ،‬وانما بنيت على اسس‬
‫من العلاقات الحزبية تحددها صيغ نضالية متطورة تجد في وحدة الحزب التنظيمية‬
‫المنطلق لتنمية الكفاءات والقابليات لدى الجمهرة الحزبية ومن ثم تطوير الاساليب‬
‫التنظيمية لتنشيط الحزب وتفاعله وجعله كلا متصلا بكيان الحزب ليكفل سير‬
‫‪.‬‬ ‫الحركة والنشاط والتفاعل‬

‫فيه العلاقة بين القيادات الحزبية العليا والقواعد ‪،‬‬ ‫في الوقت الذي نبحث‬

‫نجد ان العلاقة بين القيادات والقواعد ليست علاقة وظيفية ‪ ،‬ولا هي علاقة مبنية‬
‫على اسس من الشخصية الفردية ‪ ،‬وانما هي علاقة نضالية واعية ومتطورة ‪ ،‬تبدأ‬

‫من الفهم الموضوعي والحزبي لقيم الحزب ومبادئه الثورية وتنتهي بعملية التنظيم‬
‫الواعي ‪ ،‬لانه متى ما فقدت هذه الصفة سيتحول الحزب الى مجرد تجمع كيفي‬

‫عددي غير مترابط لا يعبر عن قدرات الحزب وامكانياته ‪ .‬وان العلاقة التي ستبنى‬
‫بين مختلف المنظمات الحزبية مجرد كلمات فارغة جوفاء ما لم تبن على اسس من‬
‫المحاسبة الحزبية الصارمة والاخلاق الثورية والالتزام الواعي بكل قرارات الحزب‬
‫وتعليماته ‪ ،‬أن نمو العلاقات الرفاقية الصادقة والمجابهة الواعية الصريحة داخل‬
‫الحزب رهن بالمحاسبة النضالية والثورية ‪ ،‬وكشف لكل الاخطاء والتجاوزات‬
‫اللانظامية وتصحيحها على ضوء المصلحة الحزبية ‪ ،‬ستنقذ الحزب من كافة‬

‫فاحلال العلاقات الحزبية محل العلاقات‬ ‫‪.‬‬ ‫التناقضات التي تشده الى الخلف‬
‫الشخصية والفردية ‪ ،‬ووضع مصلحة الحزب فوق اي اعتبار اخر ‪ ،‬والاندماج في‬

‫حياة الحزب الداخلية ‪ ،‬واحترام الصيغ والعلاقات الداخلية ‪ ،‬وتقييم الامور‬


‫والمشاكل التي تجابه الحزب بمنطق ثوري ‪ ،‬والعمل على توفير المناخ الحزبي السليم‬
‫في صفوف الحزب ‪ ،‬كلها امور ترمي بثقلها على عاتق قيادات الحزب ‪ .‬واذا كانت‬
‫هذه الامور تمثل الجانب المبدئي في الحزب فيقابله الجانب الاخلاقي الذي لا يقل‬

‫‪1.‬‬
‫اهمية ‪ ،‬حيث ان النظرة الاخلاقية للعمل الحزبي هي الجانب الموازي لعملية بناء‬

‫التنظيم الحزبي ‪ ،‬والاخلاق هي احدى السمات الثورية التي تميز حزبنا عن سائر‬
‫الحررككات الثورية في العالم ‪ .‬ان الاخلاق الثورية في الحزب عطاء نضالي ‪ ،‬ان تسلح‬
‫الحزب بنظرية الاخلاق الثورية سيحميه من ان يتحول العمل الحزبي الى عصابة من‬
‫المرتزقة طابعها الانانية والمصالح الشخصية وخنق الكفاءات واسقاط المناضلين ‪،‬‬
‫لان اخلاقية النضال والصدق والمجابهة الصريحة مع انفسنا ومع حزبنا ستجنب‬

‫الحزب الانزلاق في متاهات الانتهاز والانشقاق‬


‫على قيادات الحزب ان تكون واعية ويقظة لكل التصرفات الشاذة التي تصدر‬

‫من بعض المنظمات أو الحزبيين ‪ ،‬لان بعض التصرفات قد تنتج نتيجة للجهل في‬

‫التنظيم أو لضعف الكفاءة او لميل بيروقراطي او الغرور او ليس كل هذا وانما لعدم‬
‫يعي ‪ ،‬وهذه مسؤولية قيادية ‪ ،‬لان العلاقات الحزبية انتقال نوعي بين مختلف‬

‫القيادات تأتي عبر سلسلة من المواقف الخاطئة والسلبيات والتناقضات لان تطور‬
‫هذه العلاقة تفترض الثقة التي تتولد نتيجة ممارسة القيادات والقواعد للديمقراطية‬
‫الثورية بشكل واع ‪ ،‬بحيث تكون ممارستها بشكل ايجابي يساعد على تعميق الثقة‬
‫وخلق التلاحم الدائم بين مختلف الاجهزة الحزبية‬

‫ان على القيادة وهي تمارس صلاحياتها ان تمتلك بعد النظر وعمق التفكير في‬
‫معالجة قضايا الحزب الداخلية وأوضاع الجماهير ومشاكلها ‪ ،‬وان تكون ملكا لكل‬
‫الحزب من خلال قياداته ومؤتمراته ‪ ،‬لا ان تكون ملكا فقط للذين انتخبوها ‪ .‬ان على‬
‫القيادة الناجحة ان تعيش حياة الحزب بجوانبه الايجابية والسلبية ‪ ،‬وان تجعل من‬
‫سلوكها الحزبي المحور لنشاط كافة منظمات الحزب ‪ ،‬لان القيادة بما تملك من‬

‫قدرة سياسية ‪ ،‬وخبرة نضالية ‪ ،‬ويقظة ثورية ‪ ،‬ستعكس صورة الحزب الحية في‬
‫قواعد الحزب الواسعة ·‬

‫وتفهم مشاكلها‬ ‫ان القيادات الحزبية مطالبة دوما بتوثيق علاقاتها بالجماهير‬
‫من تجارب الجماهير والعودة اليها دائما وصياغة‬ ‫وتحسس آلامها ‪ ،‬ان التعلم‬
‫افکارها وآراءها هي الطريقة المثلى لتوسيع ارتباطنا بها ‪ ،‬لان الارتباط الحي مع‬
‫الجماهير سيزيد من وعيها ‪ ،‬وسيوجه نشاطاتها ‪ ،‬وستغنينا بخبرتها وتجربتهــــا‬

‫وستزيدنا معرفة بأساليب النضال ‪ .‬ومتى ما انعزلت القيادات الحزبية عن واقع‬


‫خط‬
‫الجماهير الصحيح ‪،‬‬ ‫النضال الحزبي والجماهيري ‪ ،‬ستبعد حتما من‬

‫مبدأ من الجماهير والى الجماهير ‪ -‬وستقع اسيرة لميلها البيروقراطي وغرورها‬


‫الخيالي ‪.‬‬
‫ان واجبات القيادة الصحيحة تتحدد بما يلي ‪:‬‬
‫قدرة القيادة على استيعاب كافة النشاطات السياسية والتنظيمية‬ ‫‪- ۱‬‬
‫والشعبية ·‬

‫‪ -‬السيطرة على خطط الحزب وبرامجه ومراقبة تنفيذها‬ ‫‪۲‬‬

‫‪ -‬العمل على تحقيق العلاقات الحزبية الصادقة في الحزب بالاشراف على‬


‫تطبيق مبادىء الحزب التنظيمية للحفاظ على خط الحزب التنظيمي والفكري‬

‫‪ད‬‬
‫ان متابعة القيادة لهذه الواجبات والسهر على تطوير الحزب من كافة الجوانب‬

‫باغناء تجاربه لا يأتي نظريا وانما تتولد عن طريق الممارسة الثورية لكافة الصلاحيات‬

‫المنصوص عنها بالنظام الداخلي ‪ ،‬لان اتخاذ القرارات والمواقف لا تقفز من فوق‬
‫ممارسة الواجبات الحزبية ‪ ،‬وانما تأتي نتيجة ممارسة نضالية واعية مبنية على‬
‫اسس من التحليل والتقدير الصحيح للموقف‬
‫ان احترام القاعدة الحزبية وعدم الاستخفاف بها او الاستهانة بنشاطها مهما‬

‫لان‬ ‫كانت طبيعة هذا النشاط مهمة تنمي الشعور بالمسؤولية لدى القاعدة الحزبية‬
‫صيغ العلاقات الجديدة وينمي روح‬ ‫الاحترام المتبادل بين مختلف القيادات يرسم‬
‫الثقة بجدوى العمل الجماهيري ‪ .‬وعلى القيادات ان تعمل من خلال التسلسل‬
‫التنظيمي على زيادة الفعالية والمشاركة الواعية لكافة اعضاء القاعدة ‪ ،‬كما علـى‬

‫القيادة ان تخلق من عضو القاعدة مناضلا مثاليا في مجالات عمله كالموظف في‬
‫في معمله والفلاح في حقله والكاسب‬ ‫دائرته والطالب في مدرسته والعامل‬

‫شغله والجندي في وحدته ‪ ،‬انه متى ما تمكنت القيادة بشخصيتها الحزبية ان‬
‫تخلق البعثي الجديد ‪ ،‬وتبعث فيه روح النضال والعمل والالتزام تكون قد انجزت‬
‫‪.‬‬
‫مهمة اساسية في عملية بناء القاعدة الحزبية وتمتين صلة الجماهير بالحزب‬
‫قدرا كافيا من الديمقراطية ‪ ،‬واعتبر‬ ‫ان النظام الداخلي في الحزب قد وفر‬
‫فالمشاركة الواعية‬ ‫العضو الحزبي قيمة نضالية واساسا في عملية البناء الحزبي ‪،‬‬
‫في مناقشة سياسات الحزب وخطه وبرامجه ‪ ،‬وانتقاد اخطاء الحزب بالشكل الذي‬
‫يضمن سلامة الحزب ويصون وحدته التنظيمية والفكرية ‪ ،‬وان يمارس حقـ‬

‫الانتخابي في انتخاب ممثليه الى قيادات الحزب ومؤتمراته بكل حرية‬


‫ان ممارسة القاعدة لكافة حقوقها وواجباتها بشكل صحيح سيزيد من وعيها‬

‫في مراقبة الخط السياسي والفكري للحزب ‪ .‬ان توفير الجو الطبيعي الحزبي‬
‫للنشاط واملاء الفراغ الذي تعيشه القاعدة في بعض الاحيان نتيجة انقطاعها وضعف‬
‫تلاحمها وتفاعلها مع قيادات الحزب ‪ ،‬سيجعلها في معزل لا تقوى على تجاوزه‬
‫فكلما‬
‫بالاسلوب الحزبي ‪ ،‬وانما تعبر عنه بالتذمر والابتعاد عن العمل الحزبي‬
‫كانت القاعدة الحزبية وحدة متماسكة ومتراصة ستقف عن كثب على قدرة القيادات‬

‫فاطلاع القيادة على آراء القاعدة‬ ‫في الالتزام وتطبيق مقررات المؤتمرات الحزبية ‪،‬‬
‫الحزبية والاجابة على تساؤلاتها بشكل دائم ‪ ،‬لان آراء القاعدة هي آراء الجماهير‬
‫الملموسة ‪ ،‬ومهمة القيادة تتحدد بصياغة كل الآراء المتناثرة التي تصلها من مختلف‬

‫الاجهزة الحزبية ومن ثم اعادة صياغتها بشكل تعليمات ومواقف وسياسات ·‬

‫بالقاعدة الحزبية ورعايتها واحترام شعورها ‪ ،‬ستكون‬ ‫ان الاهتمام الدائم‬


‫عامل دفع ونشاط للحزب ‪ ،‬لانها القوة المنظمة المنتشرة في صفوف الجماهير التي‬
‫فكلما‬ ‫سياسات الحزب عن طريق الارتباط المباشر والمستمر مع الشعب ‪،‬‬ ‫تعكس‬
‫تكون القاعدة الحزبية سليمة الاتجاه كلما تكون اقرب الى العمل الجماهيري الواعي‬
‫المنظم وكلما كانت القاعدة الحزبية مشبعة بالاجواء اللاحزبية المريضة كلما قل‬
‫نشاطها وضعفت ثقتها ‪ .‬لذا فان على قيادات الحزب أن تعمل على تهيئة كافة‬
‫الاجواء الحزبية في قواعد الحزب ‪ ،‬وان تخلق عندها الاستعدادات النضالية‬

‫‪ ،‬وان تعمل على تعبئتها لتنفيذ سياسة‬ ‫والحزبية لممارسة الارتباط بالجماهير‬
‫الحزب وحمل شعاراته ‪ .‬وانه متى ما انفصلت القيادة عن القاعدة ستكثر القناعات‬

‫الشخصية وتسود العلاقات غير الحزبية الى ان تسير القاعدة في تيار مغاير لتيار‬
‫الحزب‬
‫على القاعدة الحزبية ان تنبه الى مكامن الخطر فيما اذا شعرت بها وعلى‬

‫القيادة ان لا تعتبر تنبيه القاعدة لها نوعا من الضعف ‪ ،‬فواجب القيادة يتجدد دائما‬
‫بانها يجب ان تجهد وتعمل على خلق الولاء للحزب في صفوف القاعدة وهذه مهمة‬
‫شاقة وسهلة ‪ :‬مشقتها فيما اذا اردنا ان نحافظ على بعض القياديين حتى على الرغم‬

‫‪ ،‬وسهولتها ‪ ،‬لان التربية الحزبية واجب‬ ‫وعدم كفاءتهم ولا حزبيتهم‬ ‫من ضعفهم‬

‫اساسي ونضالي تؤديه القيادة يوميا لتطوير اجهزتها وزرع الافكار الثورية الصحيحة‬
‫اذهانهم ‪.‬‬

‫ان خبرة مناضلي الحزب في مختلف المستويات الحزبية ‪ ،‬هي ملك الحزب ‪،‬‬

‫في خدمة منظماتهم الحزبية ‪ ،‬حيث المنظمات‬ ‫وان تكون خبر وتجارب المناضلين‬
‫الحزبية هي المجرى الطبيعي لكل الآراء والتجارب لمناقشتها بشكل موضوعي ومن‬

‫ثم بلورتها بشكل قرارات ومواقف ‪ .‬وقد وفر النظام الداخلي في الحزب ضمانات‬
‫واسعة ضمن اطار التنظيمات الحزبية في الانتقاد والنقاش ‪ ،‬وقد وجد الحزب في‬
‫الذاتية ‪ -‬التعبير عن الفردية ‪ -‬في طرح المواضيع ومناقشتها هي مظهر من مظاهر‬
‫التكتل ‪ ،‬ان لم تدفع للتخريب والهدم فتعيق الحزب عن التطور والبناء ‪.‬‬

‫ان تفهمنا واستيعابنا لطبيعة العلاقات الحزبية ومقدرتنا على ممارســـــــة‬


‫في داخل الحزب ‪،‬‬ ‫وتوجيه الصراع‬ ‫الديمقراطية المركزية واسلوب النقد الذاتي‬
‫ستساعدنا على تطوير ارتباطنا مع الجماهير وقيادتها قيادة صحيحة لان صحة‬
‫الاسلوب ستسد المنافذ امام الانتهازية الحزبية والنفعية الشخصية التي تجد في‬
‫ومجالا لعبثها في عدم نمو‬ ‫تجاوز العلاقات الحزبية السليمة تحقيقا لطموحها‬

‫الحزب بشكل ثوري ‪ ،‬وعلى القيادة ان تكون مصدر ثقة الحزب والجماهير ‪ ،‬لان‬

‫توسيع النفوذ المعنوي والسياسي بين اوساط الجماهير مهمة قيادية في التخطيط‬
‫ومراقبة التنفيذ ‪.‬‬

‫‪۹۳‬‬
‫شروط الانضباط الحزبي‬

‫اهمية الانضباط في العمل الحزبي وشروط نجاحه ومساوىء التكتل‬

‫كلما تعرض حزبنا لازمة ما ترتفع اصوات بعض الرفاق مطالبة بالحزب‬

‫النموذجي ‪ ،‬الحزب الذي لا يعرف الانقسام ‪ ،‬الحزب المكتمل الصفات وبتعبير أدق‬
‫هذا‬
‫الحزب النظيف الخالي من المشاكل ‪ ،‬وفات هؤلاء الرفاق ان حزبنا هو من‬
‫المرض والجهل‬ ‫المجتمع ‪ ،‬المجتمع المتخلف الذي اصطلح على ان يوصف بصفات‬
‫فالحزب كما نعلم هو اسم معنوي لا وجود له الا في اعضائه ‪ ،‬فمجموع‬ ‫والفقر) ‪.‬‬
‫الاعضاء هو ما نسميه بالحزب وهؤلاء الاعضاء هم ابناء هذا المجتمع المتخلف الذي‬
‫يعاني ازمة حضارية ‪ .‬صحيح ان الحزب يقوم بتربية اعضائه ويخلق فيهم صفات‬

‫ثورية تقوم على اشلاء صفات تقليدية سيئة ولكن مهما بلغت قوة ودرجة تربية‬
‫الحزب لاعضائه فانه سيعجز حتما عن استئصال كل امراض المجتمع من نفوس‬

‫اعضائه جميعا وهذه الحقيقة هي التي تستدعي هذا التيقظ والحيطة والحذر حيث‬
‫ان هناك بعض العناصر التي دخلت الحزب والتي سيعجز الحزب من ان يخلق منها‬
‫وقد تسلك هذه العناصر سبلا‬ ‫‪.‬‬ ‫عناصر ثورية لاستحالة تخلصها من امراضها‬

‫في فنون هذه الامراض‬ ‫كثيرة لاخفاء امراضها الا ان هذه العناصر مهما برعت‬
‫فالقضية قضية زمنية وتعريض لتجربة‬ ‫فانها حتما ستنكشف ‪،‬‬ ‫الصفات السيئة‬
‫في آن واحد ·‬

‫ان بقاء هذه العناصر داخل الحزب يشكل باستمرار نقطة ضعف في جسم‬

‫فبدلا من ان يناضل الحزب لقضية الجماهير فان هذه العناصر تشغل‬ ‫الحزب‬
‫الحزب بقضايا فرعية لتعرقل سيره وبالتالي تعطل نضاله فهي تشكل قوة معادية‬
‫تمتلك‬
‫من الوسائل ما لا يستطيع ان يمتلكه اي عدو للحزب غيرها ‪ ،‬فقوتها تكمن‬
‫انها في الحزب ‪ ،‬تخرب من داخله وتعرقل نموه وبالتالي مسيرته لانها تشيع روحا‬
‫سلبية بين الاعضاء مهيئة حالة نفسية تسهل مهمتها •‬

‫ان حزبنا عرف هذه العناصر من خلال نضاله الطويل وخاصة العناصر‬

‫صدر في « الحقيقة » ‪ ،‬العدد الخامس ‪• ٢٠-١-١٩٦٥ ،‬‬ ‫)‪( ۱‬‬

‫‪18‬‬
‫الانتهازية ‪ -‬يمينية ويسارية ‪ -‬الا انه يؤسفنا بان هذه العناصر لا تواجه مواجهة‬

‫نحوها كل ذلك بحجة‬ ‫جدية وانما كان التساهل طابعا مميزا لسلوك الحزب‬
‫الخوف من الانقسام وحرصا على وحدته حتى ولو كانت شكلية ‪ ،‬وهكذا تتراكم‬

‫هذه العناصر ويضطر الحزب مؤخرا للتخلص منها فيكون انشقاقها مثيرا ملفتا‬

‫للانظار يوهم العضو العادي بان الحزب معها بينما كان بالامكان القضاء عليها وهي‬
‫في المهد دون ان تثير اي ضجة وحتى اذا حاولت ان تثير اي ضجة فانها لن تستطيع‬
‫ارة سخرية اعضاء الحزب عليها ‪.‬‬
‫الا اث‬

‫ان الانقسام مع هذه العناصر قائم وحتمي ولذا فالواجب تطهير الحزب‬
‫باستمرار من هذه العناصر لان الحزب لا يمكن ان يقف على قدميه طالما هــــذه‬

‫فهي اخطر عدو للحزب لانها تملك وسائل لا يملكهـ‬ ‫العناصر موجودة داخله ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫اعداؤه‬
‫ان السؤال الذي يطرحه بعض الرفاق هو السؤال التالي ‪ « :‬لماذا لا يوجد‬
‫حزب نظيف خال من المشكلات وخاصة الانقسامات ؟ » ‪.‬‬
‫والجواب هو ان طبيعة البشر نفسها واختلاف تربيتهم وتفاوت مصالحهم‬
‫يتفاوتون من حيث الشجاعة والتضحية والانانية والاخلاص والطموح حتى‬ ‫تجعلهم‬
‫ولو كانوا ينتمون لطبقة واحدة ‪ .‬واذا كان الحزب الثوري بتربيته المستمرة‬

‫لاعضائه وزجهم في معترك النضال قادرا على خلق كتلة ثورية شبه متجانسة الا ان‬
‫فالحزب النظيف الخالي من المشكلات‬ ‫هناك عناصر ستظل على هامش هذه الكتلة ‪.‬‬
‫والانقسامات لا وجود له في عالم البشر ولعل تاريخ الحركات الثورية يعكس لنا‬
‫هذه الحقيقة •‬

‫ان ثورية الحزب تكمن في قدرته على تطهير نفسه باستمرار من العناصر‬
‫الانتهازية دون ان يشعر أحد بخروجها من الحزب والقضاء على امكانية استقطابها‬

‫لبعض العناصر الطيبة التي قد تنخدع في شعاراتها البراقة فهي انتهازية مهما‬
‫‪.‬‬
‫حملت من شعارات‬

‫ان بعض الحزبيين يتساءلون عن القصد من طرح وحدة الحزب ويضيف‬


‫لماذا وحدة الحزب طالما هذه العناصر انتهازية ؟‬ ‫البعض قائلا ‪:‬‬

‫يجب ان لا يفهم من شعار وحدة الحزب الذي يرافق كل حملة تطهيرية بانه‬
‫الحفاظ على العناصر السيئة داخل الحزب وانما المقصود من هذا الشعار هـــو‬
‫التخلص نهائيا من العناصر الانتهازية وعدم السماح لها باستقطاب اي عضو ثوري‬
‫من اعضاء الحزب ‪ ،‬فالقصد من هذا الشعار عزل العناصر الانتهازية الى الابد عن‬

‫بالشعارات البراقة والكلمات الضخمـــــة‬ ‫كل عنصر ثوري قد يغرر به من قبلهم‬


‫الرنانة‬
‫ان هناك بعض الرفاق يعتقدون بان شعار وحدة الحزب يقصد منها اعادة‬

‫النظر في من اصبحوا خارج الحزب وذلك لانهم يتصورون بان الحزب سيقوى‬
‫بمثل هذه الوحدة ويجعله في مركز يستطيع ان يواجه خصومه · ولا شك بــــان‬

‫هذا التصور خاطىء من الاساس لان العناصر التي خرجت من الحزب وظلت فترة‬
‫زمنية خارج المنظمة يكون لها منطقها الخاص وخاصة اذا خرجت بشكل تكتل على‬
‫بان طول فترة وجودها خارج الحزب كانت معارضة للحزب فيصعب التخلص م‬

‫هذا الموقف المعارض بمجرد دخول الحزب من جديد ‪ .‬ان اعادة النظر في مـــر‬
‫اصبحوا خارج المنظمة امر يجب ان يحاط بشروط معينة اهمها ان تتناول العناص‬
‫في هــذ‬ ‫غير القيادية والتأكد ثانيا من انفصالها عن قيادتها لان عدم الانفصال‬

‫داخل الحزب لوجود توجيه خارجي تمارسه قياد‬ ‫الحالة يعني استمرار التكتل‬
‫غير القيادة الشرعية ‪ ،‬وهكذا تتحول القوة التي يتصورها البعض الى صراع جديد‬
‫لا بد ان يؤدي الى انقسام ‪ .‬وعلى هذا الاساس يجب ان تتوفر في من سيعاد النظ‬
‫فيهم الشروط التالية ‪:‬‬
‫‪ - ۱‬ان تكون من العناصر غير القيادية على ان يقر مبدأ الاستثناء‬

‫‪ - ۲‬ان يتم انفصالها عن قيادتها‬


‫‪-‬‬
‫‪ ٣‬ـ ان تخضع لتجربة معينة وذلك لمعرفة صدق نواياها ‪ ،‬على ان تكون هذ‬
‫التجربة هي التي ستحدد امر القبول او الرفض‬

‫ان العناصر الانتهازية لن تقول عن نفسها بانها انتهازية ولذا فهي ستبحث ع‬
‫كل وسيلة من شأنها اخفاء انتهازيتها لتحمي نفسها ‪ ،‬وهي لن تفكر الا في نفس‬
‫لا تقوم على اسمر‬ ‫ولذا فان شعاراتها وبرامجها ( وهذا اذا وجد لديها (برامج‬

‫موضوعية ‪ ،‬وانما التخبط صفة مميزة لها لا تبحث الا عن الشعارات التي تستهو‬
‫الاخرين ويحبذونها ولكنها طبعا بعيدة المنال او انها تكثر الحديث عن العلمي‬

‫والواقعية وتنتهي علميتها وواقعيتها بتكريس الواقع بدلا من تغييره ‪ ،‬ولذا يحس‬
‫الانتباه لهذين الاتجاهين الانتهازيين ‪ .‬ان كلا الاتجاهين الانتهازيين يشكلان خطر‬

‫على الحزب والخطورة تكمن في الاثر الذي قد يتركه أي منهما على الحزب بعا‬
‫قد تثير موجة محافظة لدى بعض الحزبيي‬ ‫فالانتهازية اليسارية‬ ‫عملية التطهير ‪،‬‬

‫بعد الشعور من التخلص من المرض بينما الاتجاه الانتهازي اليميني قد يثير موج‬
‫يسارية صبيانية‬

‫ان الوعي شرط اساسي للثوري وعلى هذا الاساس يجب على الحزب ا‬
‫يعطي اهمية خاصة لتثقيف اعضائه ‪ .‬وبمقدار ما يكون العضو الحزبي واعيا عل‬
‫الخ ‪ .‬كلما كا‬ ‫واقع الحزب من جميع الجوانب ‪ ،‬عقيدته ‪ ،‬نظامه ‪ ،‬قياداته‬
‫ذلك دافعا لتطوير الحزب وبمثابة حصانة تمنع العضو من ان يخدع باي شعار ا‬
‫ان يتعرض لاي انحراف‬

‫فشعار النقص العقائدي في الحزب لا يمكن ان يثير الحزبي الواعي حيث ا‬


‫هذه الظاهرة موجودة في الحزب قديمة ولا يمكن ان تكون مبررا للخروج عل‬
‫الحزب اذ ان هناك وسيلة لعلاج هذه الظاهرة وخاصة ان من يريدون الخروج عل‬

‫الحزب بحجة النقص العقائدي لم يأتوا بشيء جديد وانما الجديد في هذا الموضو‬
‫انه اصبح يطرح على جميع المستويات أي خارج المنظمة الحزبية تصورا منهم ا‬

‫الجماهير ستساهم في حل الازمة ‪ .‬وهكذا يلعب الوعي دورا اساسيا في كش‬


‫نوايا العناصر الانتهازية‬
‫ان الوعي هو الذي سيخفف الصدمة عند بعض الرفاق في كل عملية تطهيرية‬

‫لان هؤلاء الرفاق غالبا ما يرافقهم شعور من اليأس والتشاؤم عند بروز هذه الظاهرة‬
‫و فاتهم بان الحزب يقوى بتطهير نفسه من العناصر الانتهازية ‪.‬‬

‫الانضباط‬

‫ماذا كان يقصد بالانضباط ؟ ان المقصود من عبارة الانضباط في حزبنا هي‬


‫التقيد بما ورد في نظام الحزب من حقوق وواجبات ‪ ،‬الا ان هناك بعض النواحي‬
‫وفعلا فان‬ ‫تتغلب على نواح اخري وكأن عبارة الانضباط لا تشير الا اليها وحدها‬

‫ضمن‬ ‫فقط‬ ‫اغلب الرفاق يفهمون الانضباط طرح القضايا الحزبية داخل الحزب‬
‫تشكيلاته وهيئاته ‪.‬‬

‫ان النظام مهما كان دقيقا وصارما فانه لا قيمة له ما لم يقترن بطاعة من قبل‬
‫فرض طاعتها على الحزبيين وان‬ ‫تكن العقيدة في مستوى يؤهلها‬ ‫الاعضاء وما لم‬
‫تضع حدا لكل عملية تشويشية ‪ .‬فالنصوص لا تغير من الواقع شيئا وانما الحرص‬

‫قبل الجميع وتطبيق هذه النصوص ووجود رقابة‬ ‫على احترام هذه النصوص من‬
‫تضمن الاشراف على هذا التطبيق ‪ .‬كل ذلك يجعل من تلك النصوص مفيدة وجدية‬
‫•‬ ‫في آن واحد‬

‫اولا ‪ -‬الانضباط كاسلوب لمنع التهويش الخارجي ‪:‬‬

‫ان من أخطر الامور ان يستخدم الحزبي اسلوب اعداء الحزب علما بان الذي‬
‫يصدر من الحزبي هو أخطر بكثير من الذي يمكن ان يصدر من عدو الحزب ‪ ،‬فعدو‬
‫الحزب معروف لدى الناس بأنه خصم للحزب ولذا فان امكانيته التخريبية لا يمكن‬

‫ان تكون في مستوى امكانية التخريب من قبل الحزبي لان اي معارضة يبديهــــا‬
‫تنطلق من تلك الزاوية اما الحزبي فانه عندما يبدأ يطرح امور المنظمة الحزبية فانه‬
‫يساهم في تهديم الحزب وانه يعتبر تماما من اعدائه‬

‫ان النظام الداخلي صان لكل حزبي حق الانتقاد بل وجعله واجبا قبل ان‬
‫وعلى هذا الاساس فانه لا يوجد أي مبرر لاي‬ ‫يكون حقا ضمن المنظمة الحزبية ‪،‬‬

‫‪ .‬ان‬ ‫حزبي بان يطرح امور الحزب خارج الحزب الا اذا اعتبر نفسه خارج الحزب‬

‫بعض من بطرحون القضايا الحزبية خارج المنظمة يتذرعون بوجود ارهاب داخلي‬
‫ونحن لا يمكن ان ننفي امكانية قيام ارهاب من قبل بعض القيادات ولكن الرد على‬
‫هؤلاء هو ان الذي يستطيع الارهاب داخل المنظمة هو أقدر على ان يرهب الاعضاء‬
‫عندما يطرحون مشكلات الحزب خارج تنظيمه لان مبررات اتخاذ العقوبات في‬
‫الحالة الثانية متوفرة وما على القيادة الا تنفيذ العقوبة ‪ .‬ان طرح امور الحزب‬

‫خارج التنظيم له النتائج السيئة التالية ‪:‬‬

‫‪۹۷‬‬
‫في التنظيم والتربية الحزبية ‪٧ -‬‬
‫ا ‪ -‬فقدان هيئة الحزب ‪:‬‬

‫ان مناقشة مشكلات الحزب وأموره خارج المنظمة يسقط هيبة الحزب ويجعل‬
‫من العضوية الحزبية نوعا من التهريج والسفسطة ‪ ،‬لان النقد خارج المنظمة لا يقدم‬

‫بل يؤخر ‪ ،‬فاذا كان الهدف من النقد الاصلاح فان الذين من المفروض فيهم ان‬
‫يسمعوا النقد غير موجودين ( القيادة ) ولذا فان ذلك النقد لن تصبح له اي اهمية‬

‫بل هو نوع من التنفيس عن النفس ولن يكون له اي اثر في اصلاح الحزب ‪ ،‬فهو‬
‫‪ .‬بل انه ليس من الضروري ان يأخذ الحديث‬ ‫اسلوب مخرب ومضر بالحزب‬

‫الخارجي طابعا نقديا حتى يكون خروجا على الانضباط الحزبي وبالتالي يؤثر على‬
‫هيبة الحزب بل ان اي حديث في القضايا الحزبية خارج المنظمة يقضي على السرية‬
‫وقد يؤدي الى كشف مخططات الحزب‬

‫‪ - ٢‬تقوية العناصر الانتهازية ‪:‬‬

‫من الملاحظ ان بعض الاعضاء لا يطرحون القضايا داخل المنظمة فيما هم من‬

‫في العناصر الانتهازية التي‬ ‫اشد المنتقدين خارج المنظمة وهذه الظاهرة تتجلى لنا‬
‫فتلجأ الى التظاهر بالانضباط داخل‬ ‫تريد ان تحافظ على مواقعها داخل الحزب‬
‫الحزب بل وعدم التحدث احيانا حتى لا تلفت النظر اليها فتصبح موضع رقابة‬
‫الحزبية خارج المنظمة‬ ‫وطرح القضايا‬ ‫فيما هي على مستوى الاتصالات الجانبية‬
‫لتخلق لها تكتلا داخل المنظمة الحزبية ولتبدأ مساومتها‬

‫‪ -‬تقوية اعداء الحزب ‪:‬‬

‫لا شك ان خصوم الحزب سيستغلون هذا النقد وطرح قضايا الحزب خارج‬
‫المنظمة للتقليل من اهمية الحزب واسقاط هيبته لدى الجماهير ‪ ،‬ولذا نرى ان‬
‫اعداء الحزب يتسابقون على نشر اي حديث يصدر من حزبي يعلن فيه اي نقد‬

‫للحزب ‪ ،‬بل قد يبلغ بهم الامر الى تبني وجهة نظر من خرجوا على الحزب وذلك‬
‫حرصا منهم على تعميق الخلاف داخل الحزب وزيادة التناقضات داخله‬

‫ان هؤلاء غير المنضبطين يسلمون اعداء الحزب اسلحة جديدة ويعطون اجهزتهم‬
‫مادة جديدة للتشهير بالحزب ‪ ،‬وهكذا يتحول عدم الانضباط الى نوع من الانضمام‬

‫ولذا وجب محاربة هذا الاتجاه لدى بعض الاعضاء‬ ‫‪.‬‬ ‫الى القوى المعادية للحزب‬
‫محاربة جدية ولو تطلب الامر استئصالهم من الحزب‬

‫{ ‪ -‬اشغال الحزب عن القيام بمهامه النضالية ‪:‬‬

‫ان عرض القضايا الحزبية خارج المنظمة الحزبية يخلق روحا من التمرد وعدم‬
‫اطاعة الاوامر الحزبية وهذا يعرقل امكانية اي عمل بناء لعدم انضباط الاعضاء‬

‫‪ .‬ان انشغال الحزب مع نفسه هو الذي يفسر لنا‬ ‫الواجب ايكال هذه المهام لهم‬
‫غياب الحزب عن بعض المواقف النضالية ‪.‬‬

‫الانضباط كاسلوب لتقوية الحزب ‪:‬‬

‫ان الحديث عن تنظيم الحركات الثورية غالبا ما يرتبط بالحديث عن الجيش‬


‫وذلك لان تنظيم الجيش بما فيه من نظام طاعة صارم وانضباط تام هو الذي‬
‫بل ان الحزب الثوري الذي يبحث‬ ‫يجعله موضوع مقارنة مع الحركات الثورية ‪.‬‬
‫قال لينين‬ ‫عن النجاح الاكيد لا بد ان يكون له نظاما شبيها بنظام الجيش ‪ ،‬وقد‬
‫« ان ما نحتاج اليه هو تنظيم عسكري »‬ ‫الحزب ‪:‬‬ ‫وهو بصدد الحديث عن تنظيم‬

‫وعلى هذا الاساس يجب ان يعني الانضباط ما يلي ‪:‬‬

‫‪ - ۱‬نظام طاعة صارم ‪:‬‬

‫وهذا يعني اطاعة‬ ‫ثم ناقش‬ ‫نفذ‬ ‫وهذا ما نعبر عنه في النظام الداخلي‬

‫يأتي موضوع المناقشة ثانيا ‪ ،‬وهذا المبدأ ضروري‬ ‫القيادة وتنفيذ اوامرها اولا ثم‬
‫لاي حركة ثورية اذ يستحيل ان تناقش بعض الامور ثم يتم التنفيذ بعد المناقشة‬
‫وذلك لما تتطلبه بعض المهام الثورية من سرية وسرعة‬

‫ثم انه يستحيل على أي حركة ثورية ان تستغني عن هذا المبدأ رغم الجدل‬
‫الذي يثيره البعض بحجة ان هذا المبدا يشكل تقييدا لحرية الفرد ‪ .‬وعلى كل‬

‫فللتدليل على عدم الاستغناء عنه نفترض ان الحزب قرر ان يقوم بمظاهرة في قطر‬
‫ما وحدد اليوم والوقت ثم طرح الموضوع للمناقشة فان امكانية تسرب الخبر واردة‬
‫وهذا يعني ان الحكومة ستتخذ الاحتياطات اللازمة لاحباط المظاهرة علما بان هناك‬

‫بعض الامور اخطر من موضوع المظاهرة ‪ ،‬وان القصد من هذا المثال هو للتدليـل‬
‫على ان هناك قضايا كثيرة تستوجب التنفيذ السريع وعدم المناقشة الا بعد التنفيذ ‪،‬‬
‫ثم ان طرح القضايا مسبقا للمناقشة والتنفيذ لاحقا لا يجعل أي مبرر للقيادة فمهمة‬

‫القيادة هي قيادة التنظيم وفق مقررات المؤتمر والتعديلات المناسبة التي تراها‬
‫بحكم تغير عوامل كثيرة لم تدخل عند وضع الخطة‬
‫‪.‬‬ ‫ان عدم التقيد بهذا المبدأ هو اول مراحل انحلال الحركة الثورية وتلاشيها‬

‫‪ -‬عدم طرح القضايا الحزبية خارج المنظمة ‪:‬‬ ‫‪۲‬‬

‫هناك ظاهرة تلفت النظر بالنسبة لبعض الحزبيين وهي انهم يكثرون الانتقاد‬
‫خارج المنظمة اي خارج الاجتماعات الحزبية ولكنهم داخل المنظمة لا ينتقدون مما‬

‫بأنه كلما كثر انتقادهم خارج المنظمة كلما قل داخل‬ ‫نخرج باستنتاج‬ ‫يجعلنا‬
‫وهذا الاستنتاج مستوحى من هذه الحالة ولا يوجد سوى التفسيرات‬ ‫المنظمة‬

‫التالية لهذه الظاهرة ‪:‬‬


‫‪ -‬عناصر الانتهازية ‪ :‬تريد ان تكتل بعض الاعضاء خلفها وذلك بحجة حرصه‬
‫ا ـ‬

‫على مصلحة الحزب ‪ .‬ان الصفة المميزة لهذه العناصر قدرتها على التكييف حسب‬
‫ان هذه العناصر متملقة تخاطب‬ ‫كالحرباء‬ ‫الوسط وما يتطلبه ذلك من تغييرات‬
‫كل فرد بقناعاته فيشعر بالاقتراب نحوها ‪ .‬ولكن الحقيقة ه أنها ليست مع اح‬
‫ي‬
‫‪.‬‬ ‫وانما هي مع نفسها‬
‫خارجه‬
‫) او (داخله‬ ‫ب ‪ -‬ان هناك بعض العناصر التي تكثر من انتقاد الحزب‬

‫فهي باستمرار تكرر الانتقادات م‬ ‫لاظهار ثقافتها ومعرفتها بعيوب الحزب ‪.‬‬
‫التقديم والتأخير لايهام البعض بأن حديثها جديد وليس له صلة بالانتقادات السابق‬

‫و فعلا سيطر على بعض الحزبيين مفهوم مفاده ان انتقاد الحزبي يعني الوعي ‪.‬‬
‫وأخطر شيء في هذا الموضوع هو ان الانتقاد لا يتم الا كأسلوب لاستعراض الثقاف‬

‫لا كأسلوب يستهدف منه تصحيح اخطاء الحزب للخروج بحلول عملية‬
‫‪ -‬ان بعض العناصر التي تكثر من الانتقادات خارج المنظمة تتوهم احيان‬
‫ج ـ‬

‫لكثرة انتقاداتها بأنها قد قالت تلك الانتقادات داخل المنظمة فهي تنسى ان انتقاداته‬
‫•‬
‫لم تقلها الا خارج المنظمة وليس داخلها‬

‫‪ -‬الاستقلالية في الشخصية ‪:‬‬

‫وهذا المرض يتلخص في عد‬ ‫بعض الحزبيين يعانون مرضا خطيرا ‪،‬‬
‫الخ ‪ .‬وتختفي عبار‬ ‫الاستقلالية ‪ ،‬فغالبا ما نسمع بأن فلان من جماعة فلان‬
‫بان فلان مع الحزب وهذه ظاهرة خطيرة يجب محاربتها بكل ما اعطينا من قوة‬
‫حتى ان هؤلاء عندما يحضرون الاجتماعات فهم غالبا من الصامتين وينتظرون رف‬

‫الايدي وعندما يطرح اي موضوع للتصويت فانهم لا يرفعون ايديهم الا بعد عملي‬
‫استطلاعية يلفت رأسه يمينا او شمالا ‪ .‬ان هذا الاستزلام يجب ان يتخذ كمقيا‬
‫لكشف العناصر الانتهازية وعندما نطالب باستقلالية كل حزبي لا يعني هذا رف‬

‫كل رأي مفيد من اي حزبي بحجة الاستقلالية ‪ ،‬فهناك بعض الاقتراحات ليست م‬
‫صنعنا ولكننا على أتم استعداد لتبنيها حتى النهاية ‪ ،‬فالمقصود باستقلالية ان ننظ‬
‫فك‬ ‫للامور من خلال تقديرنا للمصلحة الحزبية لا من خلال تقدير الآخرين لها ‪،‬‬
‫حزبي يجب ان يقدر المصلحة الحزبية بأسلوبه ‪ ،‬ان عدم الاستقلال في الشخصي‬

‫يعني خروجا على نظام الحزب لانه بالتالي يقود الى نوع من التكتل الذي تعينه ل‬
‫مصالحه الخاصة ‪.‬‬

‫يجب كشف موقف هذه العناصر باعتباره موقفا تخريبيا وبالتالي فهو موق‬
‫اذا افترضنا انهم يقدرون‬ ‫غير حزبي لانه ينطلق من تقدير الاخرين لمصلحة الحزب‬
‫لان تقدير العضو الحزبي بذاته‬ ‫مصلحة الحزب‬
‫‪ ،‬ان الصفة المميزة لهذه‬ ‫ان عدم الاستقلالية هي مظهر من مظاهر التكتل‬

‫‪1 ..‬‬
‫العناصر انه في الحالات الحرجة تعتبر نفسها باجازة مثل حالة تعادل القوى فهي‬
‫تنتظر انتصار قوة ما لتهرع أمامها موهمة القوة المنتصرة انها لم تكن في اجازة وانما‬

‫كانت تطارد العدو اذا صح التعبير فيبلغ الاندفاع بها حتى اصبحت في مقدمة‬

‫الركب وهي طبعا كاذبة في ادعائها لانها كانت تتصنع الانشغال في امور تافهة حتى‬

‫تتجنب اتخاذ أي موقف خاسر ‪ ،‬وحتى ينجلي الموقف‬

‫‪ -‬الانضباط يعني عدم تحدي القيادة‬

‫ان من احد الظواهر التي تلفت النظر هي ان ابسط عضو ينتقد اعلى قيادة‬

‫في الحزب دون ان يستند نقده على معلومات اكيدة ‪ ،‬وانما يستند في الغالب على‬
‫او على التقديرات الشخصية ‪ ..‬او ان نقده‬ ‫الاشاعات بدلا من الاستفسار عنها‬
‫لا يستند على اي اساس ‪ ،‬وانما حبا في النقد ‪ .‬ولذا وجب الاخذ بالقاعدة‬

‫وعلى‬ ‫فقط »‬ ‫كل قيادة مسؤولة أمام مؤتمرها والقيادة الاعلى منها‬ ‫التالية ‪:‬‬

‫هذا الاساس فان قيادة فرع دمشق لا يمكن ان تكون موضع انتقاد الا من قبل‬
‫القيادة القطرية او مؤتمر الفرع فقط ‪ .‬والقيادة القطرية السورية مثلا لا يمكن ان‬
‫تكون موضع انتقاد الا من قبل القيادة القومية او المؤتمر القطري ‪ ..‬لان هذا المبدا‬
‫صحيح وسليم ‪ ،‬حيث ان شروط النقد البناء معرفة الموقف ككل بتفاصيله ‪ .‬وهذا‬

‫لا يتوفر الا لجهة مختصة ‪ .‬وعلى هذا الاساس يجب عدم انتقاد اية قيادة الا من‬
‫‪.‬‬
‫الجهة المختصة ‪ ،‬ويجب ان يتضمن نظام الحزب الداخلي ذلك‬

‫ان تحدي الزعامة السياسية في الحزب يلعب دورا اساسيا في اسقاط هيبة‬
‫ولذا يجب ان‬ ‫وان هذا الانتقاد احد مظاهر هذا التحدي‬ ‫الزعامة اي القيادة‬

‫‪ .‬ان انتقاد‬ ‫يوضع له حد بأن يترك للجهات المختصة على أن تمارسه وجدها فقط‬

‫قيادة الحزب من قبل اي عضو سيؤدي حتما الى ما يلي ‪:‬‬


‫‪ - ۱‬فقدان هيبة القيادة ‪ :‬عندما تفقد اية قيادة هيبتها فان امكانية قيادتها‬
‫للحزب تصبح امرا مشكوكا فيه ‪ .‬اذ ان الحركات الثورية تتكون بمحض الارادة‬
‫فذلك لانهم يحترمونها‬ ‫ولذا فان الاعضاء عندما يتقبلون اوامر القيادة‬ ‫الحرة‬
‫وعندما تنشأ هذه الظاهرة يجب‬ ‫وعندما يزول هذا الاحترام فان الطاعة تزول‬

‫الاسراع في اتخاذ الاجراءات التنظيمية اللازمة لفرض الطاعة وقد يستدعي ذلك‬
‫تغيير القيادة ‪ ،‬لان عدم اللجوء الى هذا الاسلوب قد يؤثر ‪ -‬من حيث ان عدم‬
‫اطاعة القيادة ‪ -‬قد يتحول الى تمرد على الحزب نفسه‬

‫‪- ۲‬‬
‫سيادة الفوضى بدلا من النظام ‪ :‬طالما فقدت القيادة هيبتها وبالتالي‬
‫سيطرتها على الاعضاء فان الحزب يصبح من الناحية العقلية بدون قيادة ‪ ..‬وهنا‬

‫تبرز الاجتهادات الفردية ‪ ،‬فتحل محل رأي القيادة ويعتبر هذا الوضع بيئة خصبة‬
‫لنشوء التكتلات داخل الحزب‬

‫‪1.1‬‬
‫ه ‪ -‬الانضباط يعني الشجاعة في مواجهة الامور‬

‫في المؤتمرات والاجتماعات ‪،‬‬ ‫ان بعض الاعضاء عندما تطرح قضايا الحزب‬
‫فانهم لا يواجهونها مواجهة جدية تستهدف الوصول الى حلول جذرية ‪ ،‬وانما‬

‫ينطلقون في معالجتهم لتلك الامور من خلال العلاقات الشخصية حتى انه في بعض‬
‫الحالات يبلغ الامر الى عدم اتخاذ أي موقف ‪ ،‬وانما الى تمييع القضايا واللجوء الى‬
‫فكأن هناك حياد بين الخيانة والوطنية او بين الحق والباطل ‪..‬‬ ‫ما يسمى « بالحياد » ‪.‬‬

‫حتى ان البعض يتجاهل الموضوع المطروح للنقاش وكأنه غير موجود في الاجتماع‪،‬‬
‫وذلك هروبا من اتخاذ أي موقف جدي ‪ .‬ويمكن تفسير مثل هذا الموقف بما يلي ‪:‬‬

‫ولهذا فان‬ ‫ا ‪ -‬ان القضية المطروحة تتعلق بصديق له صلات قوية بهؤلاء‬
‫المجاملة تحل محل المصلحة الحزبية‬

‫ولذا فان‬ ‫‪..‬‬ ‫‪ ۲-‬ان تكون القضية المطروحة متعلقة بحزبي له منصب كبير‬
‫قد يؤثر على علاقته بالقيادة علما بأنه في غنى عن‬ ‫اقتراح الحل الحزبي السليم‬

‫‪.‬‬ ‫کسب عداوته ‪ ،‬وليس من المصلحة اثارته‬

‫ان هذه العناصر تنطلق من تقدير مصلحي متعلق بذاتها ‪ ..‬ولذا يجب‬
‫فهي انتهازية في اهدافها‬ ‫محاربتها لانها لا تخدم از تب وانما تخدم نفسها‬
‫وأساليبها •‬

‫شروط نجاح الانضباط‬

‫اولا ـ ان تكون القيادة في مستوى المسؤولية ‪:‬‬

‫وهذا يعني ان تفرض القيادة احترامها على قاعدة الحزب ‪ ،‬وهذا لن يتم الا‬
‫اذا كانت القيادة منتجة وقادرة على قيادة التنظيم قيادة تضمن النصر الاكيد ‪ .‬ان‬

‫عدم انتاج القيادات هو احد المبررات القوية للتمرد عليها ‪ .‬ان فرض احترام‬
‫القيادة لا يتم الا بشكل طوعي ‪ ،‬وذلك لان الحزب تشكل بشكل ارادي وبالتالي‬
‫يجب ان تكون الطاعة ارادية ‪ ،‬وهذا لن يتم ما لم يحمل العضو الاحترام التام‬
‫للقيادة ‪ .‬وطبعا الاحترام لن يتم الا عن طريق عمل القيادة المتصل والذي يجعل من‬

‫تكليف لا تشريف » فالعضو العادي لا يمكن ان يحترم قيادة متربعة فوق‬ ‫القيادة‬

‫الكراسي وتاركة الامور وكأن الحزب آلة اوتوماتيكية تسير نفسها لوحدها ‪.‬‬
‫ان عدم ادراك المسؤوليات القيادية من قبل القياديين هو الذي يقود الى‬

‫الاهمال والتقصير وبالتالي يقود الى روح سلبية داخل الحزب تتجلى لنا في عدم‬

‫الاحترام للقيادة من قبل القاعدة التي تكون طبعا على حق في تصرفاتها لان من لا‬
‫يحترم نفسه لا يمكن ان يحترمه الاخرون‬
‫ان عدم قيام القيادة بواجباتها كوضع خطة حزبية لكل منطقة او محافظة‬

‫‪۱۰۲‬‬
‫وعدم ممارسة القيادة‬ ‫‪،‬‬ ‫وبالتالي لانشغال الفروع بها على مستوى المحافظات‬

‫للرقابة على الفروع وبالتالي اهمال التنظيم ‪ .‬ان عدم قيام القيادة بواجباتها سيجعلها‬
‫وهم على حق في احتقارهم لها •‬ ‫موضع احتقار من قبل الاعضاء‬

‫في يديها ‪ ،‬وانما هو‬ ‫ان مثل هذه القيادة لا تصح من نومها الا والحزب ليس‬
‫مجموعة تكتلات ومجموعة مراكز للتوجيه ‪ .‬ان مثل هذه القيادات فعلا لا تستحق‬

‫ولذا فان احدى اسس شروط الانضباط الحزبي‬ ‫الاحترام وهي سرعان ما تسقط‬

‫ان تكون القيادة في مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقها كقيادة‬

‫ثانيا ‪ -‬ان تحترم القيادات قرارات المؤتمر‬

‫ان احدى شروط الانضباط في الحزب ان تقوم القيادات بتنفيذ مقررات‬


‫وان عدم تنفيذ تلك المقررات يجعل القيادة موضع شك‬ ‫المؤتمرات التي انتخبتها ‪.‬‬
‫من قبل قاعدة الحزب ‪ .‬أن الذي يشعر بانه يعجز عن تنفيذ مقررات المؤتمر يجب‬
‫ان لا يرشح نفسه لمركز القيادة حتى يكون منسجما مع ضميره الحزبي ‪ .‬واذا‬
‫شعر ان تلك القرارات غير واقعية يجب عليه تنبيه المؤتمر الى ذلك في حالة عدم‬
‫تبني المؤتمر لرأيه فعليه ان لا يرشح نفسه‬

‫ان الذي يحدث في المؤتمرات الحزبية هو ان كل مؤتمر حزبي يخرج بقرارات‬


‫كثيرة الا ان الذي نلاحظه ان القيادات تتفاوت في تنفيذها ‪ .‬فمنها من لا ينفذ اي‬
‫شيء من تلك القرارات ‪ .‬ومنها من ينفذ جزءا ونادرا ما تنفذ كلها ‪ .‬ولا يوجد‬
‫سوى تفسيرين لهذه الظاهرة ·‬
‫‪-1‬‬
‫عدم واقعية القرارات ‪ :‬ان الذي لا شك فيه ان بعض القرارات التي‬
‫تتخذها بعض المؤتمرات الحزبية غير واقعية وان مصدرها فقط الآراء النظرية ‪ .‬اذ‬

‫فانه يستحيل تطبيقها وعلى هـذا‬ ‫عندما يراد وضع تلك القرارات موضع التنفيذ‬
‫الاساس يجب الحيلولة باستمرار دون ان تتخذ المؤتمرات الحزبية قرارات نظرية‬

‫منفصلة عن الواقع وهذا لن يتم ما لم يعد لكل المؤتمرات الحزبية اعدادا سليمـا‬
‫بغرض الوصول الى نتائج يمكن تطبيقها‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬تقصير القيادات ‪ :‬لا شك ان التقصير من قبل القيادات يشكل احــــــد‬ ‫‪ ۲‬ـ‬

‫الاسس في عدم تنفيذ تلك القرارات ‪ ،‬وتقصير القيادة ظاهرة يجب معالجتها بشكل‬
‫جدي وهذا لن يتم ما لم تكن القرارات المتخذة من قبل المؤتمرات واقعية حتى تضع‬
‫حدا لكل عملية تقصير من قبل اية قيادة والقضاء على اية محاولة للتبرير‬
‫‪-‬‬
‫‪ ٣‬ـ ان تكون قرارات القيادات معللة ‪ :‬أنه من الصعب تماما اقناع الاعضاء‬
‫بقرار معين ما لم يكن ذلك القرار معللا ‪ .‬وغالبا ما يدفع الكسل ببعض القيادات‬
‫الى انزال قرارات غير معللة وهي عندما تفعل ذلك تستهين بالآثار التي قد يتركها‬
‫قد يمتد الى خارج‬ ‫هذا القرار غير المعلل من بلبلة في نفوس الحزبيين وجدل‬
‫المنظمة وهنا يفقد الانضباط ‪ ..‬ان القيادات الناجحة هي التي تصدر قراراتها‬
‫معللة للاعضاء حتى تضع حدا لاي احتمال للتشويش والتخريب قد يستعمل من‬

‫‪١٠٣‬‬
‫قبل العناصر المخربة‬
‫‪ :‬ان احد الشروط الاساسية لنجاح‬ ‫‪ -‬حماية الديمقراطية داخل الحزب‬

‫الانضباط الحزبي هو ان يوفر لهم كل ما يرون قوله داخل الاجتماع والا اذا‬

‫استحال هذا فانه من البديهي ان يلجأ الحزبي الى التحدث خارج المنظمة الحزبية ‪..‬‬
‫ان الديمقراطية داخل الحزب شرط اساسي لتطوير الحزب وان الاستهانة بها يعني‬
‫استخفافا بقدرة الاعضاء على امكانية تصحيح اخطاء الحزب‬

‫ه ـ ان تلجأ القيادات الى الاستفتاء في بعض الامور الخطيرة ‪ :‬ان هناك بعض‬
‫الامور التي لم تتخذ المؤتمرات الحزبية قرارات بها وهي ايضا على مستوى معين‬
‫من الخطورة ولذا فانه من المستحسن أن تلجأ القيادة الى نوع من الاستئناس برأي‬

‫القيادات الدنيا لان هذا يعني اشراكها في المسؤولية وبالتالي كسب تأييدها‬

‫مساوىء التكتل‬

‫ان التكتل احد مظاهر الانقسام ‪ ،‬فهو المرحلة الاولى التي تسبق الانقسام لان‬
‫لى‬‫عـ‬
‫صمموا عل‬ ‫اصحاب التكتل قد وضعوا لهم مصلحة غير مصلحة الحزب ولانهم‬
‫تحقيق تلك المصالح ولعل خصائص التكتل تعكس لنا ذلك ‪:‬‬
‫‪ -‬بروز الصنمية ‪ ،‬فالمتكتلون حول فرد غالبا ما يتحدثون عن مزايا وصفات‬
‫‪ ۱‬ـ‬

‫هذا الفرد والى درجة اختراع الاساطير حوله وصرف اغلب الوقت في التحدث عن‬
‫هذا الفرد وعن انتصارات تكتلهم‬
‫‪-‬‬
‫التكتل حول الفرد يخفي مصلحة الحزب ويحل محلها مصلحة التكتل ‪،‬‬
‫فمثلا في المؤتمر القومي السادس عرض مشروع توسيع القيادات القطرية الحاكمة‬
‫اذ انه ليس من المعقول ان تكون القيادة القطرية ثمانية اشخاص في النضال السري‬

‫فمقتضيات الامور وظروف المرحلـــة‬ ‫في الحكم‬ ‫وان تكون نفس هذا العدد وهي‬
‫تتطلب توسيع القيادة ‪ ،‬لان مصلحة الحزب تقتضي ذلك ‪ ،‬غير ان الذي حدث هو‬
‫ان جزءا من القادة العراقيين وجزءا من القادة السوريين تصدوا لهذا الاقتراح‬

‫بتبريرات واهية متناسين مصلحة الحزب واضعين في عين الاعتبار مصلحة التكتل ‪.‬‬
‫فمصلحة الحزب زيادة العدد ‪ ،‬ومصلحة التكتل لا تقتضي ذلك لان زيادة عدد‬

‫القيادة يعني اجراء انتخابات تكميلية قد لا يفوز فيها فلان في سوريا وفلان في‬
‫العراق وهم ليسوا من هذا التكتل ‪ ،‬وهنا تتعرض مصالح التكتل للخطر ‪ .‬وعندما‬
‫عرض اقتراح ثان بشأن عدم الجمع بين مهمتين اساسيتين ‪ ،‬حددت المهام الاساسية‬
‫تصدى‬ ‫القيادة القومية ‪ ،‬القيادة القطرية ‪ ،‬المجلس الوطني ‪ ،‬والوزارة‬ ‫بما يلي ‪:‬‬
‫بعض قياديي سوريا والعراق الى رفض ذلك بدون أي مبرر لذلك الامر على الاطلاق‬
‫فمصلحة الحزب تقتضي ان يكون لدى كل مسؤول‬ ‫بالجمع بين كل هذه المهام‬

‫مهمة واحدة أو اثنتين على الأكثر في حالة الاضطرار اذا اردناه ان يكون منتجا‬
‫فتعدد المسؤوليات ادى الى عرقلة العمل وتجميده ‪ ،‬وهذا ما اكدته الاحداث فكانوا‬

‫اذن ينظرون للأمور من خلال مصلحتهم وعلى هذا يرفض التكتل الاقتراح لانهم‬

‫‪1.8‬‬
‫فيها ولذلك لم ينتجوا بالشكل‬ ‫يجمعون بين مناصب متعددة لا يريدون التفريط‬
‫السليم ·‬

‫لديها كفاءات وهذا‬ ‫‪ -‬التكتل يرفع لقيادات الحزب قيادات ضعيفة ليس‬

‫دليل على ان التكتل لا يهتم لمصلحة الحزب ‪ .‬ولما ان هؤلاء الضعفاء اصبحوا في‬
‫مركز القيادة يشعرون دائما بأن الفضل يعود الى التكتل وليس لكفاءاتهم وبالتالي‬
‫ينظرون الى مصلحة التكتل ومصلحتهم‬
‫‪-‬‬
‫‪ ٤‬ـ التكتل يحتقر النقد والنقد الذاتي ‪ ،‬اذ من الملاحظ ان المتكتلين لا‬
‫فهم يفهمون النقد الذاتي دائما بأنه التحدث عن‬ ‫يتحدثون الا عن المزايا والافضال ‪،‬‬

‫الجانب الايجابي من النقد الذاتي ) بينما الهدف الاساسي من وجود‬ ‫المزايا الفردية‬

‫هذه القاعدة الاساسية في الحزب وهي القضاء على الجوانب السلبية عند الحزبي‬
‫وأخطائه ‪.‬‬
‫واختفاء النقد الذاتي‬ ‫وذلك بالتنبيه المستمر البناء الى عيوب الحزبي‬

‫منحرف) ويميني‬ ‫فكل منتقد يصنفه بين‬ ‫يجر الى ارهاب داخل الحزب ‪،‬‬
‫ورجعي ‪ ..‬الخ ‪.‬‬

‫ولا شك ان لمثل هذا السلوك اثر سيء على سير الديمقراطية في الحزب‬
‫و تجميد لها اذ ان الارهاب قد قضى على كل مقوماتها‬

‫ه ـ التكتل يبدأ بالخروج على النظام الداخلي وينتهي بالخروج على الحزب‬
‫فالمتكتلون غالبا ما يسلكون سلوكا غير نظامي وعندما يغرقون في اخطائهم ويحاول‬
‫يستمرون في غيهم معتقدين بأنهم على حق او‬ ‫وتثور القاعدة لردهم‬ ‫من ينبههم‬
‫مصورين لانفسهم ذلك ولذا تجدهم في الاخير يخرجون على مبادىء الحزب بحجة‬
‫حماية الحزب‬

‫‪ - ٦‬تعدد مراكز التوجيه ‪ :‬التكتل يعني التمرد على القيادة واحلال قيادة‬
‫غيرها وهي قيادة التكتل ولذا فاننا نرى تعددا في مراكز التوجيه ولذا فان شروط‬
‫ضبط الحزب حل هذه التكتلات وتفتيتها وتخليص الحزب منها‬
‫‪ ۷‬ـ التكتل يضعف من قوة الحزب ويقلل من قدرته على القيام بأي عمل‬

‫حاسم لان مواجهته لوجود هذه العناصر يؤدي الى عدم مواجهة المعركة بمستواها‬
‫العام‬

‫‪1.0‬‬
‫التنظيم السري ( ‪) 1‬‬

‫عندما يبلغ التناقض بين الشعب والسلطة حدا عدائيا ملموسا تحرق فيه‬

‫السلطة كافة شروط الالتزام بمصالح الجماهير وحرياتها وتتصدى لجميع مطامحها‬
‫فان مزاولة النشاط السري للتنظيمات الثورية امر محتم‬ ‫وآمالها ‪،‬‬

‫في التنظيمات الثورية خطرا يهدد استقرارها ووجودها مما‬ ‫فالسلطة تجد‬
‫يدفع بالسلطة الى ممارسة القمع بأشكاله ضدها ‪ .‬كما ان التنظيمات الثورية تجد‬

‫في وجود السلطة خطرا يحمل للجماهير البؤس والخراب وعائقا امام اي تقدم‬
‫اجتماعي محتمل ‪ .‬لذلك فان مزاولة العمل السري نتيجة لازمة يقررها جانبا‬
‫وتتحدد الممارسة السرية‬ ‫ومصالح الجماهير (المضروبة‬ ‫القضية المطروحان (السلطة‬

‫للعمل الحزبي بموضوعتين متداخلتين ‪:‬‬


‫الاولى ‪ :‬ان التنظيم الثوري يعبر عن ارادة الجماهير بأكثر ما يمكن من‬
‫الاستطاعة الواقعية ‪ ..‬وينقل هذا التعبير الى حيز العلاقات العملية والتواصل‬
‫غير المنقطع •‬

‫بطريقة سرية في العمل‬ ‫هذا التعبير عن ارادة الجماهير‬ ‫احتفاظ‬ ‫‪:‬‬ ‫الثانية‬

‫والتحرك تمليها نوعية الظروف الشاذة والاضطرار النابع من طبيعة السلطة المعادية‬
‫واذا كان التناقض باديا في الظاهر بين هاتين الموضوعتين حيث ان الجماهير‬
‫تتوضح على نحو ملموس وفعال بالنسبة للحزب الثوري في حين ان السرية تغطي‬
‫فانه في الواقع ليس الا توكيدا‬ ‫كثيرا على ملموسية وفعالية العلاقات المباشرة ‪،‬‬
‫للوحدة الجدلية بينهما •‬

‫في الاساس بالتزامه المطلق‬ ‫فمبرر شرعية الحوب الثوري ووجوده يكمن‬
‫بقضايا الجماهير ‪ .‬هذا الالتزام الذي يتطلب توفر الثقة الضرورية التي يستحصلها‬
‫الحزب من الجماهير من خلال ادلته في الدفاع المثابر عن حقوقها والتزام مصالحها‬
‫من الجماهير الى الجماهير » تجسيدا‬ ‫الجوهرية ‪ ،‬ومن خلال تجسيده مقولة ‪:‬‬
‫حاسما‬

‫ولما كان من الطبيعي ان شعار الحزب الثوري هو التوجه الدائم لصالـ‬

‫‪۰ ۱۹۷۱‬‬ ‫« الثورة العربية » ‪ -‬السنة الثالثة ‪ ،‬العدد الثالث‬ ‫(‪)۱‬‬

‫‪1.7‬‬
‫الجماهير فان العودة للجماهير هي مسألة اساسية يفترضها العمل السري كلما آذن‬

‫عند اشتداده بانقطاع الصلة عن الجماهير ‪ .‬وهذا لا يحدد المرونة الضرورية فحسب‬

‫انما يثبت منطلقا جوهريا مفاده عدم السماح النهائي للسرية في العمل وفي ظل‬

‫‪ ،‬الحركات المحدودة‬ ‫الاختباء الدائم‬ ‫اقسى الظروف بالانقطاع الكلي عن الجماهير‬

‫جدا ‪ ،‬تحويل الغرف والدهاليز الى اماكن اساسية للعمل من دون الشارع ‪ ..‬الخ)‬

‫ولذلك تتعين الاهمية القصوى لمسألة العودة الى الجماهير التي تندرج ضمن مقولة‬
‫في حين تجد ما يعطلها احيانا‬ ‫التوجه نحو الجماهير ( وهي مقولة سياسية ومبدئية‬
‫من ضرورات واقعية ( ‪. ) 1‬‬
‫فان العودة للجماهير والاتصال المستمر بها لغرض الاثارة‬ ‫ومن هذا الفهم‬
‫والتحريك وتصعيد الحركات الاضرابية والتظاهرات وارفاق التيار المطلبي بالادراك‬

‫السياسي والشعارات الاساسية كل ذلك قد يجد نفسه احيانا في تعارض‬


‫سرية التنظيم بما تفترضه السرية المذكورة من تحديد للعلاقة مع الجماهير حسب‬

‫الاعتبارات المفروضة والتي يشكل نوع الحكم الموجود طابعها الغالب‬


‫من هنا تبدأ الاشكالات والعلاقات المتغيرة بين الحزب الثوري وبين السلطة ‪.‬‬

‫وهي اشکالات وتغيرات قائمة بتنوع على صعيد الواقع في حين انها محلولة الى حد‬
‫الوضوح على صعيد المبدأ والسياسة‬
‫·‬
‫وضمنا يلعب التنظيم دورا حاسما في صلب التناقضات الموجودة‬
‫هذه‬ ‫·‬
‫فكر الحزب وممارساته‬ ‫الشكل التوسطي بين‬ ‫اي التنظيم‬ ‫فهو‬
‫الممارسات التي تتحقق في وسط واسع ومتحرك هو ( الجماهير)‬
‫أبعادا متعينة بالظروف‬ ‫وتأخذ‬ ‫تتحدد طبيعة الممارسات‬ ‫وبسرية التنظيم‬
‫هي ليست اطلاقا ذات الابعاد الواسعة التي يكتسبها التنظيم العلني ‪ .‬والتعويض‬
‫في تقلص الممارسات الذي يفرضه التنظيم السري هو غنى الفكر الثوري‬ ‫الوحيد‬
‫‪ .‬لان الفكر الثوري والنظرية الثورية هما اللذان يخرجان بمحدودية‬ ‫للحزب‬
‫الممارسة الى نتائج اكثر سعة ‪ .‬لان النظرية الثورية هي بحد ذاتها خبرة مكثفة‬
‫الظروف الموجودة باقصى ما يمكن من الفائدة‬
‫ودليل في العمل يستطيع استثمار‬
‫ودفع الامكانات على طريقها الصائب والمنتج ‪.‬‬

‫فان وجود النظرية الثورية التي تشكل تعويضا عن القصور الذي‬ ‫وبالتأكيد‬
‫قد يؤول اليه العمل السري لا ينفي طبيعة العمل السري من حيث كونه استجماعا‬
‫وبادراك الضرورات الدافعة لسرية التنظيم‬ ‫‪.‬‬ ‫الجانبين هما ( الايجاب ) و ( السلب )‬
‫يكون السلب اضطراريا ومن الممكن معالجته في مجرى مواصلة النضال ·‬
‫ولادراك النسبة بين ايجابيات العمل السري والسلبيات الناجمة عنه لا بد من‬

‫معرفة ضرورات التنظيم السري‬


‫فما هي هذه الضرورات ؟‬

‫التوجه نحو الجماهير مبدا اساس ‪ .‬العودة للجماهير مسألة عملية‬ ‫‪い‬‬

‫‪۱۰۷‬‬
‫ان الحزب الثوري هو في واقعه وفي شروطه حزب جماهيري من درجة‬
‫اولی ‪ .‬اي انه حزب يقود الطبقات الشعبية الكادحة قيادة حقيقية ابتداء من‬

‫فيه ظروف مادية‬ ‫الذي تتهيأ‬ ‫مزاولته العمل السري ووصولا الى المستقبل‬

‫لتحريرها الدائم ‪ .‬اي انها قيادة مستمرة لحين الانتصار وما بعده ‪ .‬وهو بذلك‬
‫حزب طليعي صدامي يدخل سلسلة من المعارك مع السلطة المعادية للشعب وللحركة‬

‫فهو قد‬ ‫الثورية ‪ .‬ان هذه المعارك هي باختيار الحزب الثوري وبارادته ولذلك‬
‫اختار التحدي المباشر للسلطة والتي تكون حينئذ مستعدة كل الاستعداد لاشباع‬
‫الحزب الثوري بالضربات القمعية ‪.‬‬

‫وبقدر ازدياد العنف الحكومي ضد الحزب الثوري تزداد استعدادات الحزب‬

‫الثوري وذلك بواسطة التنظيم السري لمقاومة العنف بالعنف الثوري هذا التنظيم‬
‫فالحزب في حالة كونه‬ ‫الذي يقلل من مساحة تعرض الحزب الثوري للاضطهاد‬
‫مشمولا بعلنية التنظيم فانه يقع تحت طائل سياط السلطة ·‬

‫واذا كان التنظيم السري هو وقاية ضرورية للحزب الثوري ومحاولة موقتة‬
‫فانه ايضا يثير رعب‬ ‫للابقاء على الحزب بمأمن من الضربات الارهابية الكبرى‬
‫قادرة على‬ ‫السلطة ‪ .‬لان السلطة تدرك وجود قوة سياسية ثورية معادية لها وغير‬
‫كشفها أو معرفة بعض اجهزتها انما تشعر بتفاهتها وسقوط صلفها وغرورها‬
‫بوابة عجزها عن مقاومة عدوها السري ‪.‬‬

‫هنا تنبثق علامات خاصة في ميدان الصلة الضدية بين السلطة والحزب‬
‫‪.‬‬
‫الثوري ويكون بذلك قد ربح الحزب الثوري جولة اولى‬
‫ولا تعتمد السلطة على اجهزتها الجاسوسية وعناصرها المبثوثة في كل مكان‬

‫‪ .‬بل هي تلجأ الى وسائل اخرى‬ ‫لرصد الثوريين وشن الحملات الانتقامية ضدهم‬
‫ماكرة وذلك من اجل تخريب الحركة الثورية بالاندساس في احزابها وخلق الالفام‬
‫داخلها ‪ ،‬وبشراء العناصر الضعيفة المتداعية او المصلحية يتيسر للسلطة ان تحارب‬
‫اي حزب ثوري ببشاعة‬
‫ولكن صيانة الحزب لتشكيلاته بواسطة التنظيم السري هو الاجراء الحيوي‬
‫فما هي هذه التشكيلات والامور التي‬ ‫الذي يضمن للحزب نقلات جديدة بعدئذ ‪..‬‬

‫في حين يسعى الحزب الثوري كل السعي لابقائها‬ ‫تسعى السلطة المعادية لكشفها‬
‫سرية جدا ؟‬

‫‪ - ۱‬دور الطبع ومراكز التوزيع واجهزة المراسلة والممتلكات والنقود وغيرها‬


‫‪ .‬ان بقاء هذه في مأمن من رصد السلطة يوفر للحزب امكانات‬ ‫من المستلزمات‬
‫العمل المنتج بحرية ومقدرة فائقة‬

‫الاسماء ‪ ،‬العناوين ‪،‬‬ ‫‪ - ۲‬العناصر الثورية الهامة وما يتعلق بها من معلومات ‪:‬‬
‫الاوصاف ‪ ،‬الارتباطات العائلية ‪ ،‬الخصائص السلبية والايجابية ‪ ،‬درجة الانتماء‬
‫الخ) ‪.‬‬ ‫‪...‬‬ ‫الحزبي ‪ ،‬محلات السكن ‪ ،‬اماكن التردد والسفر والتنقل‬
‫ان معرفة الحزب الثوري لهذه المعلومات تيسر الاستفادة الممكنة من العناصر‬
‫الثورية وتجعل الحزب قادرا على تحريكها ومعرفة علاقاتها ‪ .‬وفيما اذا وقعت‬

‫‪1.A‬‬
‫المعلومات بيد عملاء السلطة المعادية فان الحزب يتعرض الى ضربة خطيرة تهز جهازه‬

‫ونشاطاته وتفرض عليه التراجع الدفاعي‬


‫‪ .‬حتى لا تستطيع السلطة ان‬ ‫‪ - ٣‬مواقع المنظمات السرية ‪ ،‬قوتها وسعتها‬
‫تمتلك اي فهم او انطباع لطبيعة قوى المنظمات الحزبية ‪ .‬لان معرفة القوى يدفع‬
‫الى وضع خطة للهجوم الانتقامي من قبل السلطة ‪ 1‬ولا يعكر مزاج السلطة شيء‬
‫كما يفعل جهلها بنوعية وحجم المنظمات السرية‬

‫‪ -‬روابط التنظيم السري الخارجية وعناصر الاتصال حيث من الضروري‬


‫جدا اخفاء روابط التنظيم السري بالقوى والاحزاب الاخرى وبذل اكبر ما يمكن من‬
‫الجهود لتغطية عناصر الاتصال وذلك لان كشفها يوقعها في محنة الانعزال عـــن‬
‫القوى السياسية والاجتماعية الاخرى‬

‫ان الاهتمام بتعيين عناصر الاتصال يجب ان ينطلق ايضا من فهم اساسي‬
‫لنوعية القوة او الحزب الذي يراد الاتصال به ‪ .‬اذ من الممكن احيانا تسلل عناصر‬

‫عميلة في الحزب الاخر بحيث يؤدي ذلك الى كشف عناصر الاتصال وهذا ما يجهض‬
‫الصلات السياسية الضرورية في مواجهة السلطة الرجعية‬
‫ولكن بالحساب الدقيق لكل الاعتبارات والاحتمالات يمكن التوصل الى وضع‬

‫حلول لروابط سرية غير معرضة للعدوانات الحكومية وفي كل حالات الدفاع عن‬
‫مسألة‬
‫سرية الحزب بتنظيماته ومواده وارتباطاته تبقى المسألة الاساسية هي‬
‫والذي لا يتهاوى امام عنف السلطة‬ ‫اختيار العنصر الحزبي الصلب والمتمرس‬
‫الرجعية ولا أمام اغراءاتها •‬

‫ان هذا العنصر هو اللبنة القوية في البناء الحزبي وهو اضافة الى ذلك بنال‬
‫ثقة الجماهير بشكل عام لان الجماهير تمنح عطفها للعنصر الثوري الصلب والذي‬
‫يتسم بنكران الذات والبذل الدائم‬

‫ومن مجموعة من العناصر الثورية الصلبة يمكن ادارة النشاط الجماهيري‬


‫التظاهرات (مثلا ) وهذا يعني ان الحزب الثوري يضطر‬ ‫الذي يحتاج الى العلنية‬
‫لكشف بعض عناصره في اعمال كهذه بحيث تكون هذه العناصر بمستوى المهمة‬
‫‪.‬‬ ‫والقدرة على تحمل نتائجها ( ‪) ۱‬‬

‫طبيعة السلطة ودرجة سرية التنظيم‬

‫ان سرية التنظيم تتقرر بالدرجة الاولى حسب طبيعة السلطة ولا يمكن التخلي‬
‫مثلا علـــــــى‬ ‫تبعا لاعتبارات وقتية كان يقدم الحكم‬ ‫عن الصيغة السرية للتنظيم‬
‫واذا كانت هناك فروق بين السلطة الرجعية والسلطة الوطنية‬ ‫تساهلات معينة ‪.‬‬

‫من الطبيعي ان المناضل الذي يقود تظاهرة قد يتعرض الى القتل من قبل السلطة الرجعية او‬ ‫(‪)1‬‬
‫يلقى القبض عليه ‪ ،‬ويتعرض الى ابشع تعذيب او انه يستطيع اخفاء نفسه بعدئذ من خلال‬
‫حماية الجماهير له ‪ ..‬الخ ‪.‬‬

‫‪1.9‬‬
‫فان درجة التنظيم تتعلق حتى بدرجة وطنية او رجعية السلطة‬

‫ولما كان بديهيا ان ازدياد ابتعاد السلطة عن قضايا الجماهير الملحة هو التبرير‬

‫الحاسم لمواصلة النضال السري فان مغازلة السلطة للجماهير وللحزب او الاحزاب‬

‫الثورية يجب ان لا توقع الحركة الثورية في الشرك ‪ .‬ان سلطة رجعية كائنا ما‬
‫كانت تساهلاتها او مرونتها يجب ان تدفع الحزب الثوري الى تنظيم سريته بشكل‬
‫‪.‬‬
‫دقيق وحذر بحيث لا تنطلي عليه سلوكية السلطة الماكرة‬
‫على ان ذلك لا يعني عدم الاستفادة من منعطفات الانفتاح او وهن السلطة‬

‫بحيث تلقي الحبل على الغارب ‪ .‬بشرط ان تتم الاستفادة تكتيكيا ضمن شرط سرية‬
‫التنظيم وسرية التحرك والمجابهة‬

‫ومن الممكن في جو كهذا الاستفادة من تنظيمات وعناصر المواجهة التي تستغل‬


‫طبيعة الظرف مع حماية القوة الاساسية الموجهة في اطار من السرية اللازمة ‪.‬‬
‫لقد كشفت حوادث كثيرة في التاريخ ان الاحزاب الثورية عندما تفضح نفسها‬
‫امام حكومات ذات حيل ومناورات ليبيرالية تغطي عنفها فانها تحشر نفسها في‬
‫·‬
‫عنق زجاجة وتصطادها سهام السلطة من كل صوب وحدب‬

‫ولا بد من الاشارة هنا الى مسألة جديرة بالتأكيد وهي ان الاحزاب الثورية‬
‫ذات البرامج البعيدة المدى من الضروري لها ان تحافظ على اسرارها التنظيمية في‬
‫في عهد الحكومات الوطنية القلقة او ذات النزوع الوطني‬ ‫القضايا الهامة حتى‬
‫البورجوازي الصغير واحيانا حتى في حالة مشاركتها في السلطة الوطنية ( حيث‬
‫لا يعرف مدى هذه المشاركة زمنيا ورهن اية ضرورة تتم ) ·‬

‫الذي نستخلصه ان سرية التنظيم يجب ان تخضع لحسابات وقياسات دقيقة‬


‫بتوجيه الغايات الاساسية للحزب ونضاله‬

‫مفعول سرية التنظيم على مبادىء التنظيم‬

‫تنظيم‬ ‫‪،‬‬ ‫الانتخاب‬ ‫‪،‬‬ ‫الديمقراطية‬ ‫المركزية‬ ‫ان المبادىء الاساسية للتنظيم‬
‫الكادر ‪ ..‬الخ لا يمكن ان تكون بمعزل عن وضع الحزب وظروفه الخاصة والعامة‬
‫بل على الرغم من كونها مبادىء اساسية فهي في الوقت ذاته خاضعة لظروف‬

‫الحزب واساليبه للتحرر من هذه الظروف ‪ .‬لذلك فهي في المرونة في تطبيق هذه‬
‫المبادىء يعني تخليصها من لاهوتيتها وشرطية الامتثال المطلق لها‬
‫فالمركزية الديمقراطية هي مبدأ تنظيمي جوهري تعتمده الاحزاب الثورية‬
‫‪.‬‬
‫اعتمادا فعليا في تكوين بنائها وعلاقاتها وتحديد خطوات توجهها‬
‫في ( المركزية ) و ( الديمقراطية) ووحدة هــــذا‬ ‫ولكن توزع المبدأ التنظيمي‬
‫التوزع بالصورة الجدلية اي بتأليف طرفي المبدأ لا يمكن أن يجري بمعزل عن طبيعة‬
‫الظرف السياسي ( نوع السلطة ‪ ،‬نوع الحزب ‪ ،‬طبيعة الصلة بين السلطة والحزب ‪،‬‬

‫السياسية ككل ‪ ،‬المنعطفات الكبرى والصغرى ‪ ..‬الخ) ‪.‬‬ ‫وضع الجماهير ‪ ،‬العلاقات‬
‫والارهاب السياسي‬ ‫في ظرف التنظيم السري بالذات حيث يزداد التسلط‬

‫‪۱۱۰‬‬
‫من قبل السلطة الرجعية او الدكتاتورية لا يمكن تطبيق المركزية الديمقراطية بنفس‬
‫هد ديمقراطي ·‬
‫التطبيق الذي تجري فيه في ظل ع‬
‫بل ان زيادة المركزية وهي ضرورة لا بد منها تتم على حساب تقليص مساحة‬

‫الديمقراطية ‪ .‬بمعنى ان الديمقراطية المتمثلة في الانتخابات العامة الشاملة لا يمكن‬

‫الوصول اليها في فترة الارهاب السياسي‬


‫يقود الى تأكيد ممارسات‬ ‫غير ان تقلص حدود الديمقراطية الاضطراري‬
‫ديمقراطية هامة تستطيع التعويض الى حد كبير عن نقصان الديمقراطية وزيادة‬
‫‪ .‬ومن هذه الممارسات تثبيت مبدأ القيادة الجماعية مع ما يحمله هذا‬
‫المركزية‬
‫التثبيت احيانا من مواقف وظروف قد تؤدي الى مبادرة الكادر المسؤول ( في حالات‬

‫الخ)‬ ‫انقطاع الصلات بفعل ظروف طارئة أو عند اعتقال رفاقه‬


‫ولو‬ ‫ان هذا التثبيت يعني الالتزام بعمل الهيئات لا عمل مجرد الاشخاص‬
‫ان الظرف البالغ القسوة والبطش قد لا يتخذ شكل اجتماع منتظم للخلية مما‬
‫يضطر الحزب للاخذ وقتيا بقاعدة الاتصالات الفردية والثنائية ‪ .‬كما انه يتوجب‬

‫بروح عالية‬ ‫داخل التنظيم الحزبي‬ ‫الموضوعيين‬ ‫والنقاش‬ ‫انضاج وبلورة النقد‬
‫ومنظمة‬

‫ان اساس الديمقراطية والعمل في الحزب السري هو الثقة الحزبية الناجمة‬


‫عن صواب السياسة او الاحترام المتبادل بين القواعد والقيادة وتوفر الكادر القيادي‬

‫الموثوق به ‪ .‬لذلك لا ينبغي التطير من السرية خوفا على الديمقراطية الحزبية ما دام‬
‫خط الحزب سليما لان الحفاظ على اقصى السرية هو منطلق العمل التنظيم‬

‫والضرورة الكبرى التي تخضع لها بقية الضرورات التنظيمية الاخرى من حيث انه‬
‫هو حماية للحزب بكل مبادئه ونضالاته •‬

‫لنأخذ مثلا على ذلك ‪ .‬ان عقد مؤتمر حزبي ضرورة متكررة ولكن ظروفا‬
‫فان هذا التأجيل هو حماية‬ ‫معينة استوجبت عدم عقد مؤتمر بتأجيل انعقاده‬

‫للحزب فيما اذا كانت هناك معلومات مؤكدة تشير الى ازدياد القمع الحكومــــــــــي‬
‫والمراقبة ورصد النشاطات السرية ‪ .‬ان عقد مؤتمر يحمل معه تصفية للمؤتمرين‬

‫ولا غلب قوى الحزب هو حماقة لا يمكن ان يفلسفها موضوع تنظيمي ‪ .‬وهكذا‬
‫فكذلـــك‬ ‫السرية التنظيم وما تتطلبه‬ ‫وفيما اذا كان واضحا المعنى الخاسم‬
‫هناك مخاطر تنجم من سرية التنظيم‬

‫ما هي المخاطر الناجمة عن سرية التنظيم ؟‬

‫اولا ‪ :‬ان تقلص الديمقراطية قد يقود الى البيروقراطية التي لا يمكن اكتشافها‬

‫الا في النشاط العلني والتي تظل متسترة وراء حاجات الحزب التنظيمية السرية ‪.‬‬
‫في السلوك كالفردية والغرور والامرية ونزعة‬ ‫وتأخذ البيروقراطية اشكالا متباينة‬
‫وقد يدخل في اعتقاد البعض ان البيروقراطية‬ ‫عدم الاكتراث لرأي القواعد‬

‫المحسوسة هي جزء من علامات العمل السري ‪ .‬وباستمرار البيروقراطية تضعف‬

‫‪111‬‬
‫ارادة الحزب وتهمل آراء القواعد وتموت ابسط متطلبات العمل الثوري ·‬

‫ثانيا ‪ :‬نشوء العزلة وخطرها بالنسبة للكادر المحترف وهذه عزلة مزدوجة‬

‫فهي عزلة عن القواعد من جهة كما انها عزلة عن الجماهير من جهة اخرى وببقاء‬

‫هذه العزلة تولد خصائص معينة للكادر الحزبي قد تقوده الى الانحراف ‪ .‬كما تقود‬
‫لذلك من الضروري الزام‬ ‫القواعد والجماهير الى عدم الثقة بالكادر المحترف ·‬

‫وآخر وتطويع العلاقة‬ ‫للقواعد بين حين‬ ‫والعودة‬ ‫« المنظمين » لاشرافات‬ ‫المسؤولين‬

‫اما بالنسبة للاتجاه البيروقراطي لدى‬ ‫مع الجماهير لصالح مستقبل الجماهير ‪.‬‬
‫الكادر ففي حالة تفاقمه وعدم استجابته للنقد فان العقوبات تكون ضرورية حينئذ ‪.‬‬

‫في القضايا المهمة التي قد تتطلب‬ ‫ثالثا ‪ :‬عدم اشتراك القواعد مع القيادة‬
‫اشتراك القواعد بها او فهمها لها على الاقل وهذا خطر يؤول بالاخير الى عدم الثقة‬
‫·‬ ‫بالقيادة تركيبا ونهجا‬

‫رابعا ‪ :‬احيانا تكون المغالاة في استعمال حجة سرية التنظيم حاملة معها خطأ‬
‫مستمرا في انتقاء العناصر القيادية وتثمينها ‪ ..‬مع ما يرافق ذلك من رفع عنصر‬
‫قيادية مما يوصل الى بعض‬ ‫مؤهل للجدارة القيادية او اهمال عنصر ذي امكانات‬
‫النتائج غير الحسنة في بناء الحزب وتطوير عمله‬
‫قد تدفع بعض الاحيان الى سرية الحزبية‬ ‫خامسا ‪ :‬ان سرية التنظيم‬
‫ومحدودية البرامج الحزبية التثقيفية ‪ .‬وهذا بدوره سبب من اسباب التخلف‬
‫الثقافي الحزبي والعام بالنسبة للبعض يجب معالجته ضمن سرية التنظيم وامكانات‬
‫الاستفادة الثقافية العلنية المتاحة‬

‫ان احتراف الكادر الحزبي والذي هو ضروري لادامة العمل يحمل معه احيانا‬
‫مخاطر نشوء بعض الميول الارتزاقية والتملق الوصولي مما يتطلب التركيز على‬
‫نوعية الكادر المحترف وقطع كل الاغراءات البسيطة التي تؤثر على نكران الذات‬
‫عن طريق انغماره بالعمل الحزبي ‪ .‬وكذلك يكون للتوعية المستمرة دورها في عدم‬
‫فرص جيدة لمعالجة احتمالات‬ ‫وبالنقد والممارسة تتهيأ‬ ‫تشجيع الميول المذكورة ‪.‬‬
‫فيجب اقصاؤهم عن الحزب‬ ‫الاخطار المعينة ‪ .‬اما بالنسبة للمتلونين النفعيين‬

‫الثوري مهما كانت دوافع الموافقة على وجودهم فيه •‬


‫سادسا ‪ :‬قد يتولد من ظاهرة الانكماش بفعل سرية التنظيم نوع من الميوعة‬

‫واللامبالاة في الحفاظ على السرية ‪ .‬وكرد فعل ازاء ذلك فكثيرا ما تقع النفسية‬
‫البورجوازية الصغيرة غير المنصهرة في نزعة عدم تحمل تبعات النضال السري‬

‫‪ ..‬الخ ‪ .‬ان النضال ضد ذلك‬ ‫فتكون ميالة للاجتماع في المحلات العامة والمقاهي‬
‫هو من شروط العمل السري الحقيقي ‪.‬‬

‫سابعا ‪ :‬هناك مخاطر الاندساس وتسرب العناصر الهزيلة في سرية التنظيم‬

‫حيث ان المجالات العلنية هي وحدها مختبرات حقيقية لانتقاء الاعضــــاء والكادر‬


‫بخاصة فكل شيء يمكن معرفته بأغلب جوانبه عند توفر العلنية ولذلك يجب ان‬

‫يكون التنظيم السري اكثر حذرا في اختيار عناصره وكادره‬


‫الانهيارات‬ ‫ثامنا ‪ :‬ان اجهزة العدو توجه ضرباتها من خلال الثغرات الداخلية‬

‫‪۱۱۲‬‬
‫لذلك فان قطع الطريق امام العدو يحصل‬
‫مثلا ‪ ،‬العناصر المشتراة ‪ ..‬الخ)‬
‫‪.‬‬
‫بمكافحة الثغرات الموجودة ‪ .‬وصلابة العنصر المنظم والتي هي صلابة المناضل امام‬

‫الرجعي هي في مقدمة شروط العضوية ولاسيما بالنسبة للكادر المتقدم ‪ .‬كما ان‬

‫الاستفادة المثلى والمرنة في اي مجال علني للتغلغل بين الجماهير وكسب‬


‫عناصرها للحزب ‪ .‬هي خير تعويض للحزب السري لما خسره ويخسره‬
‫تاسعا ‪ :‬ان الضربات التي قد تحققها السلطة الرجعية ضد الحزب الثوري‬

‫قد تفقده خيرة مناضليه ومسؤوليه مما يضع التنظيم السري امام صعوبات جمة‬
‫لذلك فمن الضروري انتقاء كادر احتياطي للقيادات المختلفة تلافيا لعواقب ضربات‬
‫ويولي الكادر العناية الفائقة لاسيما في ميدان الممارسة‬ ‫‪.‬‬ ‫العدو المتوقعة دائما‬

‫العملية ·‬
‫عاشرا ‪ :‬ان ظروف العمل السري قد تسبب میلاد میلین خاطئين في التفكير‬

‫التنظيمي وممارساته ‪:‬‬


‫ليبرالي تحريفي تصفوي يتعلق بالعلنية بشغف وينطلق‬ ‫ول ‪ -‬وهو‬
‫الميل الا‬
‫‪ .‬ولذلك يتهافت اصحاب‬ ‫من تصور مريض في ان سرية الحزب تمنع كل نشاط‬

‫هذا الميل على أي تنازل من قبل السلطة لابدال التنظيم الثوري السري بشكل من‬

‫‪.‬‬ ‫اشكال التنظيم العلني الاصلاحي المائع‬


‫يريد التقوقع على‬ ‫التنظيم‬ ‫يساري طفولي في‬ ‫اما الثاني ‪ :‬فهو متزمت‬
‫‪ .‬ويرتبط بهذا الميل اتجاه‬ ‫النفس بحجة الصيانة وبالتالي ينعزل عن الجماهير‬

‫تسفيه العمل في المنظمات الجماهيرية العلنية بعذر ان الرجعية مسيطرة عليها وان‬
‫في المجال المذكور وتخصيص كوادر مدربة‬ ‫للبوليس عيونا فيها ‪ .‬ان اتقان العمل‬

‫امر في غاية الاهمية بالنسبة للحزب السري‬


‫وبشكل عام يمكن القول ان الحزب الثوري السري مطالب دائما بفضح هذين‬

‫الميلين والكشف عن جذريهما والنتائج السلبية التي يؤديان اليها‬

‫بعض الالتزامات ازاء التنظيم السري‬

‫وجود التزامات لحمايته وتعميق‬ ‫ان اهمية سرية التنظيم القصوى تتطلب‬
‫نهجه والسير نحو غاياته المنشودة ‪ .‬وتزداد ضرورة هذه الالتزامات بصورة خاصة‬

‫في المناطق المتخلفة حيث ان مخاطر التنظيم السري التي ذكرناها قد تجتمع بمظاهر‬

‫التخلف فتشل العمل الحزبي والنضال الثوري عموما‬


‫من هنا فان التنظيم السري يتطلب ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬تقديرا صائبا للموقف وان يكون متفقا مع اتجاه حركة التاريخ لان الثوريين‬

‫فانهم لا يتوجهون تبعا لرغبات ذاتية بل‬ ‫عندما يشتركون في تنظيم سري ثوري‬
‫يلبون حاجة هامة وأساسية من حاجات الثورة العربية المعاصرة‬
‫ب ‪ -‬ان يكون للتنظيم استراتيجية سياسية مقررة يجري السير بهداهـا‬

‫لاسيما وان ظروف التجزئة في الوطن العربي قد اقامت صعوبات عديدة بوجه‬

‫في التنظيم والتربية الحزبية ‪٨ -‬‬ ‫‪۱۱۳‬‬


‫الستراتيجية الثورية الشاملة‬

‫‪-‬‬
‫ج ـ ان تكون وسائله التكتيكية في غاية المرونة والحذاقة بحيث تؤدي غرضها‬

‫في تطبيق مراحل الستراتيجية وان يجري العزل بين الستراتيجية والتكتيك من‬

‫حيث طبيعة كل واحد منهما وغرضه ويكون الحسم النهائي للستراتيجية ‪ .‬وفي‬
‫الواقع ان أشد ما يحتاجه التنظيم السري هو المهارة في التكتيك لتطبيق مبادئه‬
‫ولاحراز مواقع قوة له وتضييق الدائرة حول الخصم‬
‫د ـ ان لا يسمح لاي تأثير تمارسه الطبقات الرجعية والقوى الامبريالية‬
‫بصورة مباشرة أو غير مباشرة وفي اي جانب مهما كان مفيدا •‬

‫هـ ـ أن يكون ذا فعالية وقدرة على تحريك القضايا العربية في المعارك‬


‫اليومية والتكتيكية باتجاهات موحدة‬
‫‪-‬‬
‫و ـ ان تتوفر لدى التنظيم السري الخبرة الواسعة في العمل السري‬
‫في المواقف اضافة الى‬ ‫خصوصا في ميدان مراوغة العدو وسرعة التحرك والبت‬
‫الشرط الحاسم ـ والذي ذكرناه آنفا ‪ -‬وهو وجود الكادر القيادي الصلب موضع‬
‫ثقة الحزب والجماهير ‪.‬‬

‫ومن الطبيعي ان الخبرة في العمل السري تتطلب الاستفادة من خبرات‬


‫الحركات الثورية في العالم بأشكالها السرية والعلنية وبتدرجها وانتقالاتها‬
‫ز ‪ -‬صيانة اسرار التنظيم بايجاد نظام متقن للعلاقات والتضييق على تسرب‬
‫الاسرار التي قد لا تعني قواعد الحزب احيانا‬
‫ح ‪ -‬تنظيم الوضع المالي وتأمين معيشة وسلامة الكادر والاجهزة من خلال‬
‫توفير الامكانات اللازمة للحياة والتنقل والاختفاء ‪.‬‬
‫ط‬
‫‪ -‬تنظيم الوسائل والسبل التي تمكن الحزب من متابعة جميع خطوات‬
‫العدو وادخال عناصر موثوقة في مؤسساته حتى تكون اجراءات العدو غير مفاجئة‬

‫للحزب الثوري بل يقابلها باقصى الاستعداد‬


‫‪ .‬الصديقة ‪ .‬المحايدة‬ ‫الحليفة‬ ‫ي ‪ -‬متابعة نشاط جميع القوى الاخرى‬
‫العدوة ‪ ..‬الخ) متابعة جيدة‬

‫هذه هي بعض الالتزامات التي تحقق للتنظيم السري التطور الملموس في اداء‬

‫دوره ‪ :‬حماية اجهزة الحزب الثوري وتصليبها وتنامي استعدادها في مجابهة‬


‫السلطة المعادية ضمن خط الحزب الثوري العام واختيار المعارك بحيث يكون‬

‫الحزب في موضع الهجوم الثوري الدائم الذي يفرض على السلطة الدفاع المهزوم‬
‫عن نفسها‬

‫‪١١٤‬‬
‫التنظيم الفرقي‬

‫ودوره في الارتباط بالجماهير ( ‪) ١‬‬

‫الفرقة في الحزب ‪ ،‬تعتبر القاعدة الاساسية التي تستند اليها المنظمات‬

‫الحزبية العليا ‪ ،‬وتعتبر محور النشاط الحزبي الهادف في الاوساط الجماهيرية ‪.‬‬
‫واذا كانت مهمة القيادة هي وضع الخطط اللازمة لتطوير الحزب وتوجيه سياساته ‪،‬‬
‫فان مهمة القاعدة المنتشرة كخلايا النحل في صفوف الجماهير والتي توجهها مباشرة‬
‫الفرقة هي تنفيذ ما ترسمه القيادة ‪ .‬الفرقة في هذه الحالة تمثل كادرا سياسيا‬

‫بالاضافة الى الوظيفة التنظيمية التي تمارسها الفرقة في نشاطها اليومي ‪ .‬اذ هي‬
‫في حل المشاكل‬ ‫تتلمس اتجاهات الجماهير وحركة قواها السياسية وان تساهم‬
‫اليومية التي تعانيها الجماهير وان لا تدع هذه المشاكل عرضة للتضخم مما يتعذر‬
‫ايجاد الحلول العلمية الواقعية لها ‪ .‬هذا من جهة ‪ ،‬اما من الجهة الاخرى فان‬

‫واجب الفرقة الاساسي هو ان تلتحم بالجماهير تتعلم منها وتعمل على توعيتها‬
‫وقائدة لها ‪ ،‬يؤهلها وعيها ونظرتها السياسية لان تكون في مقدمتها في مناطق‬
‫عملها لا ذيلا لها‬

‫ماذا تناقش وتبحث الفرقة في اجتماعاتها ؟‬


‫لكي لا تضيع الفرقة في الامور والمشاكل التي تطرحها الجماهير ولكي لا تعيش‬
‫ضياعا تنظيميا وسياسيا ‪ ،‬يجب ان تبتعد عن روح الارتجال والعفوية في العمل‬
‫·‬
‫الحزبي لان مردود العمل الارتجالي ما هو الا نتائج آنية زائلة‬
‫‪ - ۱‬عقد اجتماعها بصورة دورية منتظمة تبحث فيها القضايا والمشاكل التي‬
‫تجابهها ومنها ‪:‬‬
‫‪ - 1‬القضايا الشعبية •‬

‫ب ‪ -‬القضايا السياسية‬
‫ج ‪ -‬القضايا التنظيمية‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬القضايا الشعبية ‪ :‬العمل مع الجماهير واسع ‪ ،‬ومشاكلها كثيرة ومتنوعة‬

‫‪ -‬السنة الأولى ‪ ،‬العدد التاسع ‪. ١٩٦٩ ،‬‬ ‫الثورة العربية‬ ‫(‪) 1‬‬

‫‪۱۱۰‬‬
‫فان دراسة هذه المشاكل برؤية موضوعية وثورية‬ ‫وحتى البعض منها تعجيزية ‪،‬‬

‫والاهتمام بايجاد الحلول لها من قبل الفرقة ‪ ،‬ستعزز نوعا من الثقة بقدرة الحزب‬

‫عليها ‪ ،‬بجدية الحزب في ايجاد الحلول لها فقضايا الذي تمثله الفرقة في منطقة‬
‫التخلف والفقر والمرض والجهل يجب ان تكون محور نشاط الفرقة الاجتماعي ‪•.‬‬

‫ب ــ القضايا السياسية ‪ :‬ان الفرقة مطالبة اسبوعيا بتقديم بحث او مناقشة‬

‫قضية سياسية آنية ‪ ،‬لها اهميتها في التصاق الجماهير الحزبية بقضايا الساعة‬
‫كالعمل الفدائي ‪ ،‬العلاقات الدولية مع المعسكر الاشتراكي ‪ ،‬قضية الشرق الاوسط ‪،‬‬
‫وسائل الاستعمار الجديد في هذه المرحلة ‪ ،‬الاشاعات ‪ ،‬الطائفية ‪ ،‬ايران والخليج‬
‫العربي ‪ ،‬خط الحكم السياسي وغيرها من المواضيع التي لها مساس بمصالح‬
‫الشعب الآنية ‪.‬‬

‫فتعتبر ذات اهمية بالغة بالنسبة المستقبل‬ ‫ج ‪ -‬اما القضايا التنظيمية ‪،‬‬

‫الفرقة وتطورها ‪ ،‬لان دراسة القضايا التنظيمية ومناقشتها في الاجتماعات تعتبر‬


‫الاساس في بناء الارضية الحزبية الصلبة التي يقف عليها مجموع الجهاز الحزبي ‪،‬‬
‫فكلما كانت هذه الارضية رخوة اصاب الحزب الخلل التنظيمي الذي يعطي النتائ‬
‫السلبية ‪.‬‬
‫فبحث مواضيع الكسب الحزبي ووسائل الاتصال بالجماهير ونشر افكا‬
‫الحزب في الاوساط الشعبية والاجتماعية وتطوير وتربية الجهاز الحزبي نضالي‬
‫وثقافيا ومراقبة تنفيذ تعليمات الحزب ‪ ،‬الدعاية الحزبية ‪ ،‬وغيرها من المواضي‬
‫التي تهم تربية قواعد الحزب ‪.‬‬

‫ان الاجتماعات لكي لا تكون روتينية ومملة يجب ان يكون هناك جدول لاعمال‬
‫والاسباب المعيقة‬ ‫الفرقة خلال الشهر ويتابع تنفيذه اسبوعيا ودراسة العراقيل‬
‫لتنفيذ البرنامج ‪ ،‬كما يجب ان تنطلق مناقشات الفرقة من مبادىء الحزب ‪ ،‬حت‬

‫تأتي الاقتراحات التي تبرز من خلال المناقشات مطابقة لشعارات الحزب وخططه‬
‫ومنسجمة مع اتجاهاته ‪ ،‬اما اذا كانت المناقشات مجردة ونظرية بعيدة عن روح‬
‫العمل الحزبي فهي حتما ستربك الحزب وتؤدي به الى نوع من المتاهات والضياع‬

‫يقاس نجاح وفشل اجتماع قيادة الفرقة على مدى تقدم الحزب ونموه في‬
‫اتجاهين ‪:‬‬

‫أ ـ عن مدى الارتباط الحي بين قيادة الفرقة والوسط الجماهيري الذي‬


‫‪.‬‬
‫تعمل في محيطه‬
‫•‬
‫ب ـ عن مدى ارتباطها وتفاعلها مع قيادات الحزب العليا‬

‫حيث ان ما يطرح في اجتماع قيادة الفرقة من مشاكل وقضايا تنظيمي‬


‫وسياسية‬
‫ما هي الا نتيجة لمعاناة الفرقة على الصعيدين التنظيمي والجماهيري‬

‫وحيث ان ما تطرحه من امور تصار الى قرارات ومواقف في هيئات الحزب العليا‬
‫فالفرقة والحالة هذه هي همزة الوصل بين الجماهير الواسعة وبين القيادات العلي‬

‫فعبرها تمر كل المشاكل التي تعانيها الجماهير وكل الآراء التي تطرحها ‪ .‬وفي نظر‬
‫الحزب ان الفرقة تعتبر ذات اهمية بالنسبة للعمل الحزبي ‪ ،‬حيث ان ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬نشاطها وخمولها ينعكس على الحزب بصورة مباشرة ‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫ب ‪1‬‬
‫قدرتها او عدم قدرتها على تحريك الجو الشعبي ‪ ،‬يؤدي الى عزلتهـا‬

‫في اوساط جماهيرية اوسع ‪.‬‬ ‫او تغلغلها‬

‫كفاءتها أو عدم كفاءتها قد يؤدي الى تسبب تنظيمها ‪ ،‬وبالتالي ضعف‬


‫تنفيذ اوامر الحزب‬

‫واذا كانت الفرقة تشكل سلما صغيرا في التسلسل الحزبي ‪ ،‬الا انها تعتبر‬
‫فعلى القيادات العليا‬ ‫لهذا‬ ‫ذات معنى نضالي كبير من حيث الاهمية الحزبية ‪،‬‬

‫وتزويدها بالتجارب‬ ‫وتطويرها نضاليا وثقافيا‬ ‫بقيادات الفرق ورعايتها‬ ‫الاهتمام‬


‫النضالية وملازمتها في الكفاح الجماهيري‬
‫ان صفات معينة يجب ان يتصف بها عضو الفرقة وشروط لازمة لحيات‬
‫الحزبية ومنها ‪:‬‬
‫•‬
‫ا ‪ -‬استعداده النضالي الدائم للتضحية والعمل في اوساط الجماهير‬
‫ب ‪ -‬اللباقة في الكلام ‪ .‬ويجمع بين الصلابة والمرونة في اتخاذ المواقف‬
‫ج ‪ -‬الايمان المطلق بمبادىء الحزب والعمل على نشرها والايمان بقدرة‬
‫الجماهير على تحقيق المعجزات ·‬
‫‪-‬‬
‫د ـ تسلحه بالصبر والوعي الدائم للمشاكل التي تطرحها الجماهير‬
‫ان نضالا منظما تقوده قيادة الفرقة بوضع الخطط المرحلية لكسب الجماهير‬

‫وتنظيمها وتوسيع قاعدتها ‪ ،‬بعيدا عن الاندفاعات العاطفية للجماهير ‪ ،‬والعناصر‬

‫في اقتناص المناصب الوظيفية هدفا يجعل الحزب جسرا‬ ‫الانتهازية التي ترى‬
‫للوصول الى غاياتها الذاتية ‪ ،‬وتحقيق مطامعها بواسطة الحزب ‪ ،‬فعلى الفرقة التي‬

‫هي بتماس مباشر ودائم مع مختلف الجماهير ‪ ،‬ان تعي هذه الحقائق وان تكون‬
‫يقظة وواعية لكل المحاولات الرامية الى الوجاهة العقائدية والانتفاع الثوري ‪ ،‬في‬

‫مرحلة يكون الحزب منها في اخطر المواقع ‪ ،‬لان النمو غير الطبيعي في الحزب لم‬
‫يستطع من رفع الكفاءات الحزبية النضالية والفكرية واحلال مبدأ تكافؤ الفرص‬
‫امام المناضلين داخل الحزب ‪ .‬ان عملية الكسب الجماهيري لتطوير الحزب يجب‬
‫ان لا يكون ستارا كثيفا يغطي الرؤية الثورية لواقع الحال لان الكسب غير المدروس‬

‫يؤدي بالنتيجة الى اضعاف الحزب وتفككه تنظيميا وبالتالي فقدان لوحدته الفكرية‬
‫والسياسية والتنظيمية ‪ .‬ان سياسة الباب المفتوح لقبول الجماهير وتنظيمها في‬
‫صفوف الحزب سياسة يمينية ‪ ،‬تنم عن عقلية متخلفة ومتحجرة وجاهلة بنفس‬
‫الوقت الى اساليب العمل الجماهيري ‪ ،‬لان هذه العقلية تقتل الروح الثورية في‬
‫الحزب وتسلب منه طليعته كقائد للجماهير وتحوله الى نقابة تقاس قوتها بعدد‬

‫الاصوات المسجلين فيها ‪ ،‬اما سياسة غلق الابواب في وجه الجماهير فتنم عن عقلية‬
‫طفولية يسارية ‪ ،‬تريد ان تحبس الحزب ليدور في اطارها ويسبح بعقلها وبالتالي‬

‫والخوف ‪ .‬ان السياسة الصحيحة‬ ‫توصل الى الحزب نوع من الانغلاق والتعقيد‬
‫في كسب الجماهير ‪ ،‬والارتباط بها وتنظيمها يجب ان تسير ضمن امكانيات الحزب‬
‫و قابلياته وسعة كوادره ‪ .‬ان اي تجاوز لهذه الامكانيات المحدودة يعني اصابة‬
‫الحزب بنوع من التورم الذي لا يشفى منه ‪ ،‬بتسلل العناصر الانتهازية والوصولية‬

‫‪۱۱۷‬‬
‫والنفعية واغتنام الفرصة الذهبية بعد ان وصل الحزب الى السلطة لضربه من‬

‫فيعني ابتعاد الجماهير عن الحزب‬ ‫هذه الامكانيات‬ ‫الداخل ‪ ،‬اما عدم استغلال‬

‫وبالتالي عزلته وقوقعته ‪ .‬ان الفرقة مطالبة في هـذه المرحلة باعتبارها المفتاح‬

‫لدخول الجماهير الى الحزب ‪ ،‬ان تحمي الحزب من العناصر الدخيلة والغريبة التي‬
‫‪ -‬من اي نفس ثورية اسيل •‬ ‫تحاول ان تسلب روح الحزب ونضاليته وترديه قتيلا ـ‬

‫ونظرة بسيطة على تاريخ العراق السياسي نجد ان الاحزاب التقليدية القديمة التي‬
‫مارست نشاطها في العراق قد انتهت بانتهاء الارضية الموضوعية لمحور نشاطها ‪،‬‬
‫فان كل حركة تجابه نفس المصير اذا ما وعت الظروف والواقع الذي تعمل به ‪ ،‬فاذا‬
‫كانت المصلحة الشخصية هي الدافع للارتباط بالحزب فانها ستولد مجموعة تعيش‬
‫على المساومة والتكتل والبيروقراطية وهذه منافية لابسط القواعد الحزبية‬

‫ان العضوية في الحزب شرف يجب ان تكتسبه العناصر الايجابية والنشطة‬


‫المؤمنة بفكر الحزب واتجاه الثورة ‪ ،‬لهذا يجب ان تأخذ بنظر الاعتبار الشروط‬
‫التالية في تقييم الاشخاص الذين ينتمون الى الحزب‬
‫‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫ا ‪ -‬مدى قابلية الحزبي لتلقي تعليمات القيادة وتنفيذها‬
‫ب ـ ادراك الحزب ومدى قدرته التنظيمية والعلمية ‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ج ـ اخلاقية الحزبي وسمعته في صفوف الجماهير‬

‫الفرقة والكسب الحزبي والجماهير‬

‫قاعدته‬ ‫لنمو الحزب وتوسيع‬ ‫يعتبر الوسط الشعبي المجال الطبيعي‬


‫الجماهيرية ‪ ،‬وهذا الوسط هو الينبوع الذي يمد الحزب باستمرار بعناصر قيادية‬

‫وان أي خطة في العمل الحزبي لا يكتب لها النجاح ما لم تعتمد الجماهير الشعبية‬
‫الاداة والهدف لتنفيذها ‪ ،‬وان اولی مسؤوليات الفرقة تتحدد بتوثيق الارتباط‬
‫وتعميقه مع هذا الوسط وتطويره سياسيا وثقافيا ‪ ،‬لتكوين مناخ طبيعي لنمو‬
‫الحزب فيه معافيا سليما من أمراض المجتمع‬

‫ان الجماهير ليست هي هذه المجموعة العددية بالمفهوم التقليدي للشعب ‪ ،‬او‬
‫کتل هلامية سائبة فاقدة لكل حس وطني ‪ ،‬وانما الجماهير بالمفهوم الثوري هي‬
‫قطاعات شعبية للحركة ‪ .‬وان قرب او بعد هذه القطاعات من الحزب تعتمد على‬

‫فيها وتفاعله معها ‪ ،‬وان قوة هذا التأثير تكون عندما يكون‬ ‫مدى تأثير الحزب‬
‫فمتى ما شعرت‬ ‫الحزب معبرا عن مشاعرها ومصالحها الطبقية وقائدا لنضالها ‪،‬‬

‫هذه الجماهير بان الحزب وضع نفسه فوقها وتجاوز مشاعرها وظروفها وواقعها‬
‫تنه ارتباطها الى ان يصبح غريبا عنها ·‬
‫ي‬
‫ان وضع خطة للكسب الجماهيري والحزبي ضرورة تقضيها مرحلة الثورة‬
‫وانقاذ العمل من عفويته وميوعته ‪ ،‬لان تحريك الجماهير بشكل منتظم وتوسيع‬
‫القاعدة الحزبية بشكل يتلاءم وامكانيات الحزب وقابلياته وعلى مدى استعداده في‬

‫استيعاب المد الجماهيري هي قضية اساسية في نضال الحزب ومرتكز ثوري‬

‫‪۱۱۸‬‬
‫ا ان ينظم كل الشعب في الحزب ‪ ،‬لاننا لا نريد ان‬
‫الحماية الثورة ‪ .‬وليس ضروريا‬

‫نحول حزبنا الى تجربة فاشلة يضم في صفوفه مختلف العناصر المتناقضة ‪ ،‬كما‬

‫حدث سابقا في الاتحاد القومي ومن بعده الاتحاد الاشتراكي ‪ .‬وقبولنا لكل من‬

‫باتي ويفتش عنا معناه ‪ ،‬ان طغيان الجماهير ستحولنا الى جهاز سياسي سطحي‬
‫منفعل غير قادر على بناء المواقف الثورية ‪ .‬أن عملنا مع الجماهير يجب ان يستند‬
‫الى اساس ثوري ثابت وهذا الاساس متطور ‪ ،‬هو توعية الجماهير سياسيا وفكريا‬
‫لقضاياها وربط هذه القضايا بالمشاكل القومية ‪ .‬ومهمة ارتباطه بالجماهير تهدف‬

‫الى ما يلي ‪:‬‬


‫‪ --‬خلق رأي عام الى جانب الحزب والثورة ‪.‬‬‫‪ 1‬ـ‬
‫ب ـ انتقاء العناصر التي تتمتع ببعض القابليات والاستعداد النضالي لضمها‬
‫الى الحزب ·‬

‫ج ‪ -‬خلق الثقة المتبادلة بين الجماهير والحزب‬

‫وفي الحقيقة ان اساليب العمل متنوعة وروافده كثيرة كلها تؤدي الى‬
‫الارتباط بالجماهير ومنها ‪:‬‬

‫والجمعيات‬ ‫ا ‪ -‬استخدام الواجهات الجماهيرية كالنقابات والاتحادات‬


‫ب ‪ -‬تكوين المستويات الثقافية والاجتماعية‬

‫ج ‪ -‬العمل عن طريق الحزب وغيرها من الوسائل الفعالة التي تضمن ارتباط‬


‫الجماهير بالحزب‬

‫ان كثيرا من الرفاق يتصور بانه لا توجد حاجة الى وضع خطة للكسب الحزبي‬

‫وفي نظره ان هذه القضية بسيطة ‪ ،‬وبديهية ‪ ،‬وهذا القول بحد ذاته نظرة يمينية‬
‫غوغائية لا تؤمن بالنضال المنظم ‪ ،‬والتي لا ترى في التنظيم الجماهيري فوائد العمل ‪.‬‬
‫ان وضع اي خطة يستلزم وضع الاهداف وتحديد الاساليب ويجب ان‬

‫تستند الى ما يلي ‪:‬‬


‫‪-‬‬
‫ا ـ تحديد الوسط الجماهيري ‪ ،‬طبيعته الطبقية ‪ ،‬ظروفه ‪ ،‬مدى تقبله‬
‫للعمل السياسي‬
‫‪ -‬دراسة الامكانيات الحزبية ومدى قابلياتها على التحرك والعمل‬
‫‪ -‬المعرفة الموضوعية ‪ ،‬والدراسة النفسية للواقع الاجتماعي والطبقي‬
‫{ ‪ -‬معرفة دقيقة بتراث الحزب ومواقفه وانجازاته السياسية والنضالية ‪.‬‬
‫والثورية لكيفية اجتذاب‬ ‫‪ -‬معرفة علمية لتجارب الحركات السياسية‬
‫ه ـ‬
‫هذه الأوساط الشعبية‬

‫‪ - ٦‬المعرفة التحليلية للواقع الاقتصادي والسياسي معا‬


‫ان اكبر خطأ نرتكبه هو عندما نربط الجماهير بحزبنا ربطا وظيفيا او ربطا‬

‫مينيا على المصالح الشخصية ‪ ،‬لان هذه المصالح مرحلية تنتهي بانتهاء حصول‬

‫الشخص على المكسب الشخصي او الانتفاع الثوري من الحزب ‪ ،‬ان علاقة حزبنا‬
‫و قواعدنا مع الجماهير يجب ان تبنى على اسس مبدئية وثورية مبنية على اساس‬
‫الكفاح الجماهيري المرتبط مصيريا بمستقبل الحزب ‪ ،‬ان قواعدنا مطالبة دائما‬

‫‪۱۱۹‬‬
‫بملاحظة ومتابعة اخطاءها التي تحصل نتيجة العمل ومحاولة تصحيحها ‪ ،‬لان‬

‫اخطاءنا المتكررة تكون مرئية للجماهير ‪ ،‬مما يؤثر بمرور الزمن على سمعة الحزب ‪.‬‬

‫على الفرقة ان تحقق العلاقة الايجابية مع جماهيرها وتطرح كافة السلبيات‬

‫والمواقف المنفعلة التي تحدث اثناء العمل ‪ ،‬كما ان الفرقة مطالبة بتهيئة المناخ الحزبي‬
‫الجدي داخل تنظيماتها ‪ ،‬وترفيع بشكل دائم الشعور بالمسؤولية اتجاه اية قضية‬
‫تجابهها ‪ ،‬وان تعمل على شد تنظيماتها باسلوب ثوري فعال منتج ‪ ،‬وان توزع‬
‫الاعمال على كافة الحزبيين كل ضمن امكانياته ومجال عمله ‪ ،‬ان لا ترهق حزبيين‬

‫على حساب آخرین مهملين ‪ ،‬وان يكون منطلقها دائما المحبة والشعور بالكرامة‬

‫‪ .‬على الفرقة ان تشجع المبادرات الحزبية ‪،‬‬ ‫والتعاون والتضامن في مجال العمل‬
‫وان تحارب الفردية والنهور ‪ ،‬ان تحدد مسؤوليات كل حزبي وتحاسبه على ضوء‬
‫مسؤولياته ‪ ،‬حقا ستكون قوة دافعة للنضال في العمل ‪ ،‬الفرقة مطالبة بان تجهد‬
‫نفسها في سبيل تربية اعضاءها وضبط الجماهير ‪ ،‬وهذا يحتاج الى تعميم تجارب‬

‫الحزبيين ضمن اطار الفرقة وتشجيعهم والعمل على تنمية قابلياتهم‬


‫ان العضوية في الحزب شرف يجب ان تكتسبه العناصر الإيجابية والنشطة‬
‫المؤمنة بفكر الحزب واتجاه الثورة ‪ ،‬هذه المقولة تحدد لنا الاسلوب الثوري ‪ ،‬اي‬
‫كيفية التصرف والتحرك وسط البيئة الشعبية ‪ ،‬فالاسلوب هو طريق العقيدة •‬

‫لهذا عندما نربط الاسلوب بالفكر نتمكن من انتقاء العناصر الايجابية وهذا ما نلح‬
‫عليه دوما‬

‫‪۱۲۰‬‬
‫اساليب تطوير عمل الفرقة الحزبية (‪) ١‬‬

‫حدد النظام الداخلي للحزب المهام الاساسية للفرقة وواجباتها بما يلي ‪ :‬تكون‬

‫الفرقة وحدة العمل والنشاط الحزبي وحلقة الاتصال بين الحزب وبين جماهير‬
‫الشعب ولذا فعليها القيام بالواجبات التالية ‪:‬‬

‫ا ‪ -‬ان تمارس النشاط الحزبي في مجال التوجيه والتنظيم والنضال بين‬


‫جماهير الشعب‬

‫ب ـ ان تنقل للحزب مطاليب الشعب وللشعب مقررات الحزب ومواقفه‬


‫السياسية‬
‫‪-‬‬
‫ج ـ ان تساهم في حياة الشعب السياسية والاقتصادية والثقافية عن طريق‬
‫المساهمة في النقابات والمؤسسات والجبهات التي من خلالها تستطيع تنفيذ برنامج‬
‫الحزب وتسعى لتنظيم الشعب بشكل يستطيع معه حل مشاكله والنضال من اجل‬
‫ذلك بقيادة الحزب ‪.‬‬

‫د ‪ -.‬العمل على تنشيط الحزب ضمن مجال الفرقة وفي مختلف قطاعات‬

‫العمل الشعبي وبصورة خاصة كسب اعضاء جدد‬


‫هـ ـ تنفيذ اوامر وتعليمات الهيئات الحزبية المسؤولة •‬

‫ولكي تستطيع قيادة الفرقة تحقيق هذه المهام والواجبات عليها ان تضع خطة‬
‫علمية مدروسة تسترشد بها في نضالها اليومي ونعني بها الخطة التنظيمية التي‬
‫يمكن اعتبارها التعبير العملي لنشاط الحزب على الصعيد السياسي والتطبيق الواعي‬
‫لشعاراته المرحلية وفقدانها يعني فقدان اهم عنصر من عناصر تطوير العمل الحزبي‬
‫و ضمان استمراريته كما أن نجاحها يعتمد على مدى قدرتها على استيعاب مخططات‬
‫الحزب وشعاراته وكذلك على تمكنها في تحليل الواقع الحزبي والجماهيري ضمن‬
‫منطقة عمل الفرقة وما يمكن ان تقدمه من حلول صحيحة لمشاكل الجماهير‬

‫الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ‪ .‬ومتى ما استطاعت الخطة ان تصعد النضال‬

‫الجماهيري وتحول العمل التنظيمي الى نضال يومي يمارسه البعثي في صفوف‬

‫الجماهير يمكن الحكم عليها بالنجاح ‪ .‬وفي ظروف استلام الحزب للحكم فان الخطة‬

‫‪ 1‬السنة الاولى ‪ ،‬العدد العاشر ‪١٩٦٩ ،‬‬ ‫الثورة العربية‬ ‫( ‪)1‬‬

‫‪۱۲۱‬‬
‫التنظيمية يجب ان تستوحى من الخطة السياسية وواقعه التنظيمي والفكري‬

‫وظروف العمل العلني ‪ .‬ان الاهداف والمهام المرحلية التي يجب تحقيقها من جراء‬
‫تطبيق هذه الخطة هي ما يلي ‪:‬‬

‫ا ‪ -‬توسيع قاعدة الحزب ضمن منطقة عمل الفرقة والحفاظ على وحدة‬

‫الحزب التنظيمية والفكرية ‪.‬‬

‫‪ ۲‬ـ تطوير العمل الشعبي والمهني والنقابي وخلق حزام جماهيري واسع حول‬
‫الحزب يتبنى سياساته ويدافع عن مواقفه‬
‫‪ ٣‬ـ دعم الثورة وحمايتها من اعدائها‬

‫ان الخطة التنظيمية المدروسة تضمن مساهمة جدية في تحقيق هذه المهام‬

‫وفي تطوير عمل الفرقة الحزبي والجماهيري ‪ .‬أن الخطة الناجحة يجب ان تستند‬
‫على استيعاب كامل للواقع الحزبي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي ضمن‬
‫منطقة عمل الفرقة بكافة امكانياته ونواقصه لذلك لا بد ان تتضمن الخطة ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬تحليل للواقع الاجتماعي ضمن منطقة عمل الفرقة ‪:‬‬

‫على قيادة الفرقة ان تحلل الطبقات الاجتماعية في المنطقة ‪ -‬الطبقة الاقطاعية ‪،‬‬
‫البرجوازية الكبيرة ‪ ،‬البرجوازية الصغيرة ‪ ،‬الطبقات الكادحة من فلاحين وعمال‬
‫وجنود وضباط ومثقفين ثوريين ‪ -‬وتحدد الطبقات التي سيعتمد عليها الحزب‬
‫كقاعدة له وكمعبر عن مصالحها والطبقات العدوة التي تتناقض مصالحها مع مبادىء‬
‫الحزب‬

‫ب ‪ -‬تحليل للفئات والقوى السياسية في المنطقة ‪:‬‬


‫قيادة الفرقة مطالبة بتحليل القوى السياسية في منطقة عملها وان تتعرف‬
‫على مبادئها وتركيبها الاجتماعي وان تجمع المعلومات الدقيقة عن قياداتها ومستوى‬
‫تفكيرهم وان تتطلع على مقرراتها واتجاهاتها وتناقضاتها فاذا استطاعت قيادة الفرقة‬

‫الحصول على هذه المعلومات تستطيع استعمالها في رصد تحركات الفئات المعادية‬
‫هذه القوى وفي الدعاية والتحريض ضدها كما يمكن الاستفادة منها في تثقيف‬
‫الجهاز الحزبي واعداده لفهم القضايا السياسية اضافة الى انه يمكن الاستفادة في‬
‫تحديد الاصدقاء من الاعداء‬

‫‪ 1‬القيام بدراسة جغرافية وسكانية للمنطقة ‪:‬‬


‫على قيادة الفرقة القيام بدراسة جغرافية وسكانية لمنطقة عملها بغية التعرف‬
‫ونواد وجمعيات‬ ‫وجامعات‬ ‫ومعاهد‬ ‫على مراكز التجمعات البشرية من مدارس‬

‫ونقابات ومقاه ومصانع وغير ذلك ‪ .‬وعليها ان تضع المخططات المدروسة للتغلغل في‬
‫هذه المنظمات والهيئات فاذا وجدت في المنطقة مدرسة معينة فعلى قيادة الفرقة‬
‫ان تقوم بعملية احصائية لمعرفة اتجاهات المدرسين كي تستطيع العمل مع الطيبين‬
‫منهم ومحاولة عزل المعادين كما وتضع المخططات لكسب الطلبة بمختلف الوسائل‬
‫سواء عن طريق الاتحاد الوطني للطلبة او النوادي الرياضية او استحداث مركز‬
‫لبيع الجرائد والكتب قرب المدرسة واستخدامه لنشر فكر الحزب ولتوثيق الروابط‬

‫وكذلك بالنسبة لبقية التجمعات البشرية التي‬ ‫مع الطلبة بغية ربطهم بالحزب ‪.‬‬

‫‪۱۲۲‬‬
‫يجب ان توضع لها خطط خاصة لكل تجمع حسب ظروفه وطرق التسلل اليه كي‬

‫يستطيع الحزب بالتالي السيطرة على هذه التجمعات لاستخدامها في تحريك‬


‫الجماهير ولانتقاء مناضليه من بين صفوفها‬
‫د ـ دراسة احتياجات المناطق الشعبية ‪ ،‬مثل الحاجة للماء ‪ 1‬الكهرباء ‪-‬‬

‫المدارس ‪ -‬المستوصفات ‪ -‬تبليط الشوارع وفتح الطرق والانهر والمبازل ‪ -‬توزيع‬

‫اراضي ـ وما شاكل ذلك ‪ .‬وعلى قيادة الفرقة تبني هذه الاحتياجات والعمل على‬
‫تحقيقها مما يزيد التصاق الحزب بجماهير المنطقة‬

‫‪ -‬مراقبة الاسواق التجارية والشعبية لمنع الاحتكار وتزويد الحزب‬ ‫ه‬

‫‪ .‬وعلى الفرقة توجيه اعضائها لشرح الغرض من‬ ‫بالمعلومات عن الوضع الاقتصادي‬
‫زيادة او تخفيض اسعار بعض المواد الاستهلاكية والحاجيات الاخرى كي تسد على‬

‫الاعداء والمخربين سبيل الاصطياد في الماء العكر ‪ .‬وعلى قيادة الفرقة ان تعمل على‬
‫مساهمة يشارك فيها الحزبيون وابناء المنطقة‬ ‫جمعية تعاونية استهلاكية‬ ‫تكوين‬
‫التوفير المواد الاستهلاكية باسعار مخفضة‬
‫‪-‬‬
‫و ـ اما فيما يتعلق بتطوير الجهاز الحزبي ضمن منطقة عمل الفرقة كي‬
‫فان اتباع الخطوات التالية‬ ‫والواجبات الملقاة على عاتقه‬ ‫يستطيع تنفيذ المهام‬
‫يساعدها على تحقيق ذلك ‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫فيما يتعلق بالجانب التثقيفي ‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫على قيادة الفرقة ان تضع برنامج تثقيفي شهري للاعضاء يتضمن‬
‫المواضيع الفكرية والسياسية التي يجب أن تدرس خلال شهر واحد من قبل كافة‬
‫الرفاق ضمن نطاق الفرقة مع توجيههم للمصادر والكتب والنشرات التي يمكن‬
‫الاستعانة بها ومطالبتهم بكتابة تقارير شهرية حول البرنامج المذكور بعد الانتهاء من‬

‫تطبيقه وذلك في نهاية كل شهر ‪ .‬اما بالنسبة للانصار فيجب ان يعد لهم برنامج‬
‫تثقيفي خاص يتضمن تعريفا بالحزب ومبادئه واهدافه وتاريخه النضالي وعلاقته‬
‫ببقية الاحزاب واختلافه عنها ‪ ،‬اضافة الى دراسات تنظيمية وسياسية واقتصادية‬

‫واجتماعية وتكون على مراحل بحيث لا يرشح النصير للعضوية الا اذا درس كافة‬
‫‪ .‬وبامكان‬ ‫هذه الامور واستوعبها وتجسدت في حياته اليومية الخاصة والعامة‬

‫قيادة الفرقة الاسترشاد بمشروع الخطة للعمل الثقافي المنشورة في العدد الثامن‬
‫لسنة ‪ ١٩٦٩‬من ‪ -‬الثورة العربية ‪-‬‬
‫جريدة المكتب الثقافي بالقيادة القومية في‬
‫وضع البرنامج التثقيفي‬

‫ب ـ على قيادة الفرقة تشكيل مكتبة حزبية تجمع كتبها من تبرعات الحزبيين‬
‫وبمساعدة الحزب لتكون مرجعا في الفرقة كي يستعين بها الحزبيون في دراساتهم ‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫‪۸۰‬‬

‫يجب استلام حلقات المرشحين من قبل قيادة الفرقة مباشرة على ان‬
‫تضع لهم برامج تثقيفية خاصة ‪.‬‬

‫د ‪ -‬اصدار نشرات تثقيفية مع نشرات داخلية مبسطة ضمن الخط الفكري‬


‫العام للحزب وكذلك اصدار بيانات جماهيرية لابناء المنطقة حول بعض المشاكل التي‬
‫قد تواجههم وذلك بعد استحصال موافقة القيادات العليا ‪.‬‬

‫‪۱۲۳‬‬
‫تطوع الحزبيون للتدريس فيها ‪.‬‬ ‫ه‬
‫فتح مدارس لمكافحة الامية على ان ي‬
‫‪ -‬على قيادة الفرقة ان تقوم بجرد كامل لكافة الحزبيين ضمن تنظيمها‬

‫وتحدد امكانيات وطاقات كل عضو ونصير بشكل مدروس ومن ثم تقوم بتوزيعهم‬

‫على كافة مجالات العمل الحزبي والجماهيري والواجهي استنادا للواقع الاجتماعي‬
‫‪.‬‬
‫والسياسي والاقتصادي‬
‫‪ -‬يجب تطبيق مبدأ الندوات والزيارات الحزبية على كافة المستويات‬ ‫‪ ٣‬ـ‬
‫وبصورة دورية ومستمرة ·‬

‫‪ -‬على قيادة الفرقة القيام بالسفرات الحزبية للمناطق الريفية المجاورة‬


‫ـ‬
‫مع محاولة اشراك اصدقاء الحزب فيها‬
‫‪ -‬يجب تبني المبادرات الحزبية الناجحة وتعميمها على جهاز الفرقة مع‬
‫رفعها للحزب للاستفادة منها ويجب ان تكون للفرقة مبادرات مدروسة وجماعية‬

‫ولا يجوز الاكتفاء بالمبادرات الفردية ‪ .‬ولا بد ان يشعر كل عضو بكونه قائدا في‬
‫هذا المجتمع وانه مطالب دوما بالمبادرة سواء على نطاق العمل الحزبي او الجماهير‬
‫وان الحزب يشجع هذه المبادرات وينميها لان مبادىء الديمقراطية المركزية تشجع‬
‫المنظمات العليا ضمن الخط العام‬ ‫الاعضاء على المبادرة وعلى مناقشة ودراسة آراء‬

‫للحزب‬

‫‪ - ٦‬القيام بانذارات تجريبية فورية للجهاز الحزبي للتأكد من الضبط والالتزام‬


‫ولكشف العناصر التي قد دخلت الحزب‬ ‫الحزبيين ولمعرفة دقة وسرعة التنفيذ‬
‫لاسباب مصلحية خاصة بعد استلام الحزب للحكم‬

‫‪ - ۷‬القيام بتنظيم دوريات مراقبة ضمن منطقة عمل الفرقة وذلك لمراقبة‬
‫الاعداء ورصد تحركاتهم‬

‫‪ - ۸‬فتح دورات تدريب عسكرية بمساعدة الحزب لتدريب كافة الحزبيين‬


‫على كيفية استعمال السلاح وحرب الشوارع ‪.‬‬

‫‪ - ٩‬مطالبة الحزبيين كافة بكتابة تقارير ادارية ومالية وثقافية شهرية على‬
‫ان يتضمن التقرير الاداري نشاط العضو خلال شهر واحد وشاط حلقات انصاره‬
‫مع مناقشة كافة القضايا السياسية والتنظيمية وكذلك بالنسبة للانصار ويجب‬

‫محاسبة المقصرين منهم‬

‫‪ - ۱۰‬القيام بالندوات الجماهيرية للتوعية والتثقيف ولشرح مبادىء واهداف‬

‫وسياسات الحزب وخططه ومكاسب ومنجزات الثورة في مختلف المجالات لتحقق‬


‫التلاحم بين الحزب والجماهير وللتعرف على مشاكل الجماهير والعمل على حلها ·‬

‫‪ -‬ترك العفوية في العمل واعتماد التخطيط في الاتصال المنظم والمستمر‬


‫‪– ۱۱‬‬
‫بمختلف قطاعات الشعب وتغذيتها بفكر الحزب ودفعها لتبني مواقفه في شتى‬

‫•‬ ‫المجالات‬

‫‪ – ۱۲‬تحقيق نوع من التعاون والتنسيق بين قيادة الفرقة والاجهزة الادارية‬


‫للدولة ضمن منطقة عمل الفرقة لحل مشاكل الجماهير مع ملاحظة عدم دمج‬

‫‪ .‬ولا بد ان يكون هناك استقلال بينهما لان في‬ ‫الحزب بالسلطة لجعله تابعا لها‬

‫‪١٢٤‬‬
‫السلطة نواقص كثيرة موروثة من عهود طويلة فاذا ارتكبت السلطة خطأ فان الحزب‬

‫غير مسؤول عنه وان على الحزب ان يكون دوما مع الجماهير متبنيا لمشاكلها باذلا‬

‫الجهد في سبيل تحقيق آمالها ومطامحها‬


‫ان العلاقة بين الحزب والسلطة يجب ان ينظر اليها من خلال مفهوم‬
‫‪ -‬الترابط ‪ -‬لا مفهوم ‪ -‬الاندماج ‪ -‬فدور الحزب في المرحلة الراهنة يختلف عن‬
‫دور السلطة الحاكمة الان ‪ -‬ليس في الاسس العامة والعلاقة مع الجماهير فتلك‬
‫زبي ‪-‬‬
‫‪-‬‬ ‫مسألة يلتحم فيها الحزب مع السلطة الفارق بين الموقف الرسمي والموقف الح‬
‫فالحكم بحكم دقة المرحلة الراهنة وتنوع العلاقات التي ترابط معها ‪ -‬العلاقات‬
‫الخارجية ‪ -‬الاجراءات الاقتصادية ‪ -‬مشكلة الشمال ‪ -‬المشاكل الداخلية‬

‫عموما ‪ ....‬الخ ‪ -‬ينهج نهجا يتلاءم مع دقة المرحلة وبالتالي فان مواقف الحكم هي‬
‫مواقف سياسية ولكنها ترتكز ‪ -‬وهذا امر بديهي ‪ -‬على الخط الفكري العام للحزب‬
‫فهو الذي‬ ‫في المرحلة الراهنة فهو دور الموجـه لسياسة الحكم‬ ‫اما دور الحزب‬
‫يخطط ويرسم المنهاج المرحلي لسياسة الحكم‬

‫الترابط ‪ -‬العضوي بين السلطة والحزب امر لا بد‬ ‫ان وعي الجهاز الحزبي لهذا‬

‫من ادراكه كي لا ننزلق في التصوير النفعي لاستلام الحزب للسلطة لذلك فان دور‬

‫البعثي الآن اشق من دوره في مرحلة النضال السلبي لانه مطالب اليوم بمزيد من‬
‫الانفتاح على الجماهير والالتحام معها لان السلطة سلطة الجماهير الكادحة قبل أن‬
‫تكون سلطة أي واحد منا ‪.‬‬
‫‪ - ١٣‬يجب ان يكون هناك جدول اعمال للاجتماع الحزبي كي لا تضيع‬
‫الفرقة ومنظماتها في الامور والمشاكل اليومية تسيرها روح الارتجال والعفوية‬
‫فيجب ان يتضمن الاجتماع التنظيمي كافة القضايا والامور التنظيمية‬ ‫والجمود ‪.‬‬

‫والشعبية ‪ ،‬اما الاجتماع التثقيفي فيجب ان يتضمن القضايا الفكرية والسياسية‬


‫فتبحث في الاجتماع التنظيمي كافة قضايا التنظيم كدراسة مشاكل المنطقة ووضع‬
‫وموضوع الكسب الحزبي‬ ‫الحلول لها ومتابعة تنفيذ التعليمات وكيفية تنفيذها‬
‫ووسائل تجديد الاتصال بالجماهير وتبني المطاليب الشعبية الممكنة التحقيق ‪ ،‬اما‬

‫الاجتماع التثقيفي فينبحث فيه القضايا السياسية القطرية والعربية والدولية وفكر‬
‫وذلك ضمن‬ ‫الحزب وتطوره وغير ذلك من المواضيع التي توسع افاق الحزبيين‬
‫برنامج معد مسبقا ‪ ،‬ويجب ان تكون كافة الاقتراحات والمناقشات متطابقة مع‬
‫مبادىء الحزب وشعاراته وخططه المرحلية ‪.‬‬

‫ان الاجتماع التنظيمي يكون على شكل حلقات اعضاء كما هو عليه الان اما‬
‫الاجتماع التثقيفي فيضم كافة اعضاء الفرقة ويكون اسبوعيا وبشكل دوري ‪.‬‬

‫‪ ―― 18‬على قيادة الفرقة ان تحقق الارتباط العضوي والتفاعل التام بين القواعد‬

‫ذلك الا اذا استطاعت قيادة الفرقة ان تعمل وفق خطة‬ ‫والقيادات العليا ولا يتم‬
‫تنظيمية وجدول اعمال اسبوعي وشهري مرسوم مسبقا كي تستطيع خلق جهاز‬

‫حزبي واع وكفوء لترجمة خطط وسياسات الحزب للجماهير ولنقل مشاكل الجماهير‬
‫للحزب عبر قيادة الفرقة ‪ .‬وبما ان الفرقة هي حلقة الوصل بين الحزب والجماهير‬

‫‪۱۲۵‬‬
‫وعبرها تمر كافة مشاكل الجماهير وآمالها وامانيها فان العلاقة بينها وبين القيادات‬

‫العليا يجب ان تكون وثيقة وان يكون هناك تلاحم بين كافة القيادات وعلى مختلف‬

‫المستويات وهذا لا يتحقق بمجرد النصح والارشاد وانما بتنفيذ المطاليب والمقترحات‬
‫المشروعة والاجابة على كافة التقارير والاستفسارات المقدمة من قيادة الفرقة‬

‫ومنظماتها الى القيادات العليا ‪ .‬كما ان على القيادات العليا ان تولي قيادة الفرقة‬
‫بالتوجيه والعناية عن طريق تزويدها بالتعليمات والدراسات التي تساعدها في‬
‫تأدية الواجبات الملقاة على عاتقها كما يجب ان يكون هناك حسن فهم وتطبيق واع‬

‫لمبادىء الديمقراطية المركزية في الحزب لان الديمقراطية المركزية تشجع‬ ‫وسليم‬


‫الاعضاء على مناقشة ودراسة آراء القيادات العليا ضمن الخط العام للحزب وهذا‬
‫قيادة الفرقة ومنظماتها وبين‬ ‫بدوره يؤدي الى التلاحم والارتباط العضوي بين‬
‫القيادات العليا‬
‫‪10‬‬
‫‪ ١٥‬ـ يجب تنمية المحاسبة النقدية في الجهاز الحزبي ‪ :‬ان النقد يجب ان‬
‫يكون نقدا ذاتيا وبناءا ولا يستطيع العضو الحزبي ان ينمي حاسته النقدية اذا لم‬
‫يطور نفسه فكريا وسياسيا وتنظيميا كي يستطيع ان يميز بين الجوانب السلبية‬
‫قد دأب منذ‬ ‫والجوانب الايجابية في كافة القضايا والامور الحزبية ‪ .‬ان الحزب‬
‫نشوئه على تشجيع اعضائه ومنظماته على النقد الذاتي واعتبره وسيلة مهمة وفعالة‬
‫لضمان سير الحزب في الاتجاه السليم وهو الشرط الاساسي لحل المشاكل‬
‫والتناقضات التي تنشأ اثناء العمل الحزبي ‪ .‬وان ممارسة النقد الذاتي البناء هو‬
‫نوع من الشعور بالمسؤولية وتأدية الواجب فعلى الاعضاء ان يطرحوا آراءهــــم‬

‫ويعبروا عن شعورهم بكل جرأة بدون خوف او تردد ‪ ،‬وعلى قيادة الفرقة ان تربي‬
‫اعضاءها تربية ايجابية بناءة بعيدة عن الطاعة العمياء وتنمي فيهم روح الشعور‬
‫•‬ ‫بالمسؤولية‬

‫‪ - ١٦‬ان الركن الاساسي في تحقيق هذه الخطة وتطوير العمل الحزبي هو‬
‫العضو الحزبي نفسه فمتى ما استطعنا ان نطوره تنظيميا وسياسيا وفكريا امكننا‬
‫ممارسة النضال اليومي بكفاءة عالية ‪ .‬وان حسن تطبيق هذه الخطة باشراف قيادة‬
‫فكري وعملي في سبيل‬ ‫الفرقة اضافة الى ما يبذله العضو الحزبي نفسه من جهد‬
‫تطوير نفسه وعدم الاكتفاء بما يزوده به الحزب من توجيهات وتعليمات نستطيع‬
‫خلق اعضاء يمتازون باستعدادهم الدائم للتضحية والنضال والقدرة على التعبير‬
‫عن مبادىء الحزب وسياسته ومواقفه امام الجماهير ومؤمنين ايمانا مطلقا بمبادىء‬
‫الحزب لانهم آمنوا بها عن فهم وادراك وبالتالي يكونون متسلحين بالصبر والوعي‬
‫الدائم للمشاكل اليومية التي تطرحها الجماهير ‪ .‬ويجب على كل عضو ان يحاسب‬
‫‪ -‬لئلا‬
‫نفسه حسابا عسيرا خاصة في هذا الظرف ‪ -‬ظرف استلام الحزب للحكم ـ‬
‫تصيبنا امراض الثورة كما اصيبت ثورات تقدمية عديدة بهذه الامراض فيجب ان‬
‫يستمر الالتصاق بين الحزب والجماهير لان الجماهير هي زاد الحزب ومعينه الذي‬

‫لا ينضب فيجب علينا محاربة مظاهر التعالي والغرور على الجماهير لاننا جزء منها‬
‫بل اننا طليعتها التي تشدنا اليها أكثر من وشيجة واكثر من صلة · ويجب ان تكون‬

‫‪١٢٦‬‬
‫العلاقة بين الحزبيين وجماهير المنطقة علاقة ود وطمأنينة واحترام كي تفتح الجماهير‬

‫قلوبها لنا لتبثنا مشاكلها وتنقل لنا آمالها ورغباتها وعلينا تلقي ما تطرحه الجماهير‬

‫علينا بصدور رحبة ونعمل على تحقيقها أو رفعها للحزب ‪ .‬وهناك نقطة هامة تجدر‬

‫الاشارة اليها وهي العلاقة بين الرفاق ضمن الفرقة ‪ .‬ان العلاقة يجب ان تكون‬
‫علاقة حب وتضحية واحترام لانها علاقة مصير ولا تتحقق هذه العلاقة الا اذا بلغ‬
‫الرفاق درجة عالية من الوعي والنضوج والايمان المطلق بمبادىء الحزب ونكران‬
‫الذات ‪ .‬وعلى العضو الحزبي ان يتقبل النقد فيما اذا تعرض له من رفيق آخر‬
‫بروح اخوية رفاقية بعيدا عن الحساسية وان لا يتصور هذا النقد تجريحا وانتقاصا‬
‫من قيمته لان السكوت عن الاخطاء والمجاملة الزائفة للمخطئين تعتبر مساهمة غير‬

‫واعية في تحطيم ذات الرفيق ‪ ،‬فيجب ان لا يستخدم النقد للهدم لانه يتحول عندئذ‬
‫الى نوع من التخريب والتفتيت ·‬

‫ان هذه الخطة لتطوير عمل الفرقة ليست نهائية لان هناك حاجة دائمة‬

‫لوضع خطط جديدة تلائم الظروف الموضوعية والذاتية للحزب والحكم ولكن يمكن‬
‫اعتبار هذه الخطة مساهمة متواضعة لتطوير العمل الحزبي في هذه المرحلة ‪.‬‬

‫‪۱۲۷‬‬
‫العمل الجماهيري ( ‪) ١‬‬

‫نود ان نبحث في هذه الدراسة جانبا هاما من الجوانب التنظيمية التي طالما‬

‫شكلت فراغا في حياة بعض الحركات الثورية الا وهو العمل الواجهي والتأكيد على‬
‫ضرورة تبنيه من قبل هذه الحركات وتفهم صيغة تطبيقه بالصورة النظامية اذ انه‬
‫‪.‬‬
‫يشكل الاساس في بناء التنظيم وتوسعه بالنسبة للحزب الثوري‬
‫ان كثيرا‬
‫من المنظمات رغم تبنيها فكرة العمل الواجهي كجانب من جوانب‬

‫العمل الحزبي لا تجيد تطبيق هذه الفكرة بشكل كامل لا بل تجهل صورة العمل‬
‫الواجهي وما هي الفوارق بينه وبين العمل الحزبي الكامل ولذلك نلاحظ ان في‬
‫اكثر الحالات تكون صورة العمل في التنظيم الواجهي شبيه وفي بعض الحالات‬
‫مطابق لشروط العمل الحزبي ولا يحمل من العمل الواجهي سوى الاسم ‪ ،‬وبهذه‬
‫الحالة تكون الجهود المبذولة لهذا الغرض لا فائدة منها او بالاحرى لا تؤدي كل‬
‫‪ .‬وظاهرة ضعف العمل وعدم توفر الكادر للعمل‬ ‫لتتننظظييمم‬
‫ال‬‫ا ا‬
‫ذا‬ ‫الفائدة المرجوة من ه‬
‫هذ‬

‫في مجال العمل الواجهي موجودة في حزبنا رغم الجهود المبذولة باستمرار في‬
‫ملاحظة هذا النقص ‪ .‬ويعتقد البعض ان الكادر الحزبي الذي يحتاجه العمل الواجهي‬

‫هو نفسه الذي يحتاجه العمل الحزبي الحقيقي وهذا هو سبب تعثر نجاح العمل‬
‫الواجهي ‪ .‬حيث ان هناك مواصفات معينة يتوجب توفرها في الكادر الذي يعمل‬
‫في العمل الواجهي لا يحتاجها الكادر الحزبي الآخر ‪ .‬وبالعكس وسنبحث هنا بعض‬
‫مواصفات الكادر الذي يحتاجه العمل الواجهي‬

‫ان من الاسباب الرئيسية التي دفعت الحركات السياسية بشكل عام والثورية‬
‫منها بشكل خاص الى الاهتمام بالعمل الواجهي هو ان الاحزاب الثورية تتجاوز في‬
‫طبيعة عملها الاطار السياسي وتضع في صلب اهتماماتها الاطر الاجتماعية والفكرية‬
‫والاقتصادية وحتى الدينية للجماهير التي تشكل مادة عملها الاساسية ‪ .‬ومن طرف‬

‫آخر نجد ان الارتباط المباشر للمشاغل المهنية والعائلية والاجتماعية العامة بحياة‬

‫الافراد والجماعات يجعل المشاغل السياسية تقع في دائرة المحيط لا في مركز‬


‫اهتمام المواطن ‪ .‬وذلك ما عدا الحالات الطارئة التي تتعرض فيها الامة ككل ومصير‬

‫‪ -‬السنة الثانية ‪ ،‬العدد الثالث ‪۱۹۷۰ ،‬‬ ‫الثورة العربية‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪۱۲۸‬‬
‫المجتمع باسره لاخطار مباشرة لذلك كان لا بد للعمل الحزبي ان يأخذ بدوره شكلين‬

‫احدهما مباشر يتجلى في صيغة العمل السياسي الذي يحمل اسم الحزب وطابع‬

‫الحزب المباشرين ‪ ،‬اما الشكل الآخر فيتجلى في صيغة العمل الواجهي الذي ينطلق‬
‫لتحقيق‬ ‫والفكرية المباشرة للمواطنين كتمهيد‬ ‫من الارتباطات المهنية والاجتماعية‬

‫بالحزب ‪ .‬اي صيغة العمل الثقافي والمهني وصيغة‬ ‫الارتباط السياسي وربطهم‬
‫النشاط المشترك ذي الطابع الفكري أو الفني او الرياضي او الديني او النسائي‬

‫او الطلابي او الفلاحي الخ‬


‫ونود ان نذكر بان هناك ثلاث وسائل للعمل الواجهي بالنسبة للاحزاب الثورية‬
‫وه ‪:‬‬
‫ي‬ ‫ومنها حزبنا‬
‫‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الوسيلة الاولى التي تتخذ طابعا مهنيا او نقابيا‬
‫‪-‬‬
‫الوسيلة الثانية التي تتخذ طابعا اجتماعيا‬
‫‪ -‬الوسيلة الثالثة التي تتخذ طابعا حزبيا بتسمية تخالف تسمية الحزب‬

‫ا ‪ -‬الاسلوب المهني والنقابي ‪:‬‬

‫يتمثل هذا الاسلوب في النقابات والاتحادات المهنية والعمالية والفلاحية‬


‫والطلابية والنسائية من قبل الحزب ‪ .‬والامثلة على ذلك هي‬
‫النقابات العمالية‬
‫للفلاحين والاتحادات‬ ‫والاتحادات الفلاحية والاتحاد العام‬ ‫للنقابات‬ ‫والاتحاد العام‬
‫النسوية والاتحاد العام للنساء والنقابات المهنية من نقابات المهندسين والاطباء‬
‫الخ ‪ .‬يكون اسلوب العمل‬ ‫‪...‬‬ ‫والمحامين والاتحاد العام للمهنيين واتحادات الطلبة‬

‫ونشاط الحزبيين في هذه المنظمات مختلفا تماما عن اسلوب العمل في الجهاز‬


‫الحزبي حيث ان اسس التعاون والاغراض التي وجدت من اجلها هذه التنظيمات‬

‫تختلف عن الجهاز الحزبي على شرط ان تؤدي بالنتيجة لخدمة الحزب والجهاز‬
‫الحزبي بشكل غير مباشر •‬

‫نلاحظ ان هناك شروطا عديدة ودقيقة تتخذ كأساس لانضمام الآخرين للحزب‬

‫وان ديمومة أي جهاز حزبي ثوري هو التقيد بالشروط المتعارف عليها ‪ ،‬ونؤكد‬
‫بانها شروط صعبة لا يمكن ان تنطبق على نسبة كبيرة من الآخرين ‪ .‬اما الشروط‬

‫الموضوعة كأساس للعمل ضمن العمل الواجهي وضمن النشاط المهني والنقابي فهي‬
‫دون الشروط المتبعة والمفروضة على العمل الحزبي ويمكن التنازل في كثير من‬

‫لغرض انجاح العمل‬ ‫الاحيان عن قسم كبير من هذه الشروط البسيطة كذلك‬
‫الواجهي وذلك لان التبعة الملقاة على عاتق الحزب هي دون التبعات الناتجة عن‬
‫تجاوز شروط الانتماء للتنظيم الحزبي وتصل في بعض الاحيان ان الشرط الوحيد‬
‫لانتماء الآخرين للتنظيمات المهنية والنقابية هو استعدادهم الشخصي للعمل ضمن‬
‫ونستطيع ان نقدر مدى نجاح اية منظمة مهنية او نقابية بمدى‬ ‫‪.‬‬ ‫هذه الواجهات‬
‫استعدادها لاستيعاب اكبر عدد ممكن ممن لهم علاقة بذلك المجال المهني او النقابي ‪.‬‬

‫وهذا بنفس الوقت يمكن كوادر الحزب التي تعمل ضمن العمل الواجهي ان تحتك‬

‫‪۱۲۹‬‬
‫في التنظيم والتربية الحزبية – ‪٩‬‬
‫باكبر عدد ممكن من الناس لبث آراء الحزب وبالتالي الحصول على القسم الحسن‬
‫‪ .‬والاستفادة من الآخرين في مهام اخرى لها مردود وفائدة مباشرة‬ ‫منهم للحزب‬
‫ونود ان نذكر هنا بان حزين‬ ‫حزبية يعجز الحزبيون الحقيقيون عن القيام بها ‪.‬‬

‫لا زال يعاني من العمل الواجهي الصحيح في هذا المجال ولا زالت الابواب مغلقة‬
‫امام الكثيرين من الدخول في المجالات المهنية والنقابية التي يقودها الحزب لاعتبارات‬
‫حزبية او اعتبارات اخرى بعيدة كل البعد عن مصلحة العمل الواجهي او العم‬

‫الحزبي بشكل غير مباشر ‪ .‬ويغلب طابع العمل الحزبي على العمل الواجهي عن‬
‫و ضعف الكادر وعدم وضوح فكر‬
‫الرفاق المسؤولين عن هذا الجانب وسببه دو‬

‫‪ ،‬وعليه يتوجب علينا الاهتمام بهذا الجان‬ ‫العمل الواجهي بشكل كامل لديهم‬

‫في هذه الجوانب واختبار الرفاق‬ ‫والتأكيد على توضيح اسلوب العمل الواجهي‬
‫‪ .‬نود ان نذكر اذ‬ ‫الذين لهم الامكانات للعمل في هذا المجال دون اعتبارات اخرى‬
‫ما اراد اي حزب ان يتسع ويكون في كل زاوية من زوايا المجتمع فالطريق هو‬
‫اهتمامه الجدي بالعمل النقابي والمهني بشكل خاص والعمل الواجهي بشكل عام‬

‫‪ - ۲‬الاسلوب الاجتماعي ‪:‬‬

‫ان الاسلوب الآخر من العمل الواجهي الذي يتبع وهو الاسلوب الذي يعتمد‬
‫العلاقات الاجتماعية والدينية وبعض النشاطات الفنية وهو اسلوب من شأنه‬

‫فيها بشكل كامل عن طريق العمل الحزبي ‪.‬‬ ‫التغلغل في مجالات لا يمكن التغلغل‬
‫والجمعيات الديني‬ ‫ويعتمد هذا الاسلوب النوادي الرياضية والنوادي الثقافية‬
‫ونوادي العلوم الطبية وغيرها ‪ .‬يعمل‬ ‫الرسم‬ ‫والنوادي الفنية الاخرى مثل نوادي‬
‫الحزب على دفع رفاق للعمل ضمن هذه المجالات اذا كانت موجودة بالاساس او‬

‫يدفع بقسم آخر من رفاقه بالتعاون مع الآخرين لاقامة مثل هذه الجمعيات‬
‫والنوادي ومن خلالها يمكن العمل على بث آراء الحزب ولكن بدرجة اخف مما هي‬
‫عليه في المجال المهني والنقابي ولكنها مفيدة جدا في حماية الحزب الثوري لصعوبة‬
‫کشف اتجاهات هذه الجمعيات والنشاطات الحزبية فيها من قبل القوى المعادية‬

‫اي ان هناك احتمال انکشاف نوايا ونشاطات الجانب المهني والنقابي بوقت اسرع‬

‫من النشاطات الواردة في الفقرة الثانية وذلك لان مهام النقابات والاتحادات تدفعها‬

‫في كثير من الاحيان ان تكشف اتجاهها ‪ .‬اما في المجالات الواردة في الفقرة الثانية‬
‫فاحتمالات الكشف نادرة جدا وغير متوقعة وذلك لان طبيعة نشاطات هذه المنظمات‬

‫لا تلفت انظار السلطة او القوى المعادية كما هو عليه في النشاطات النقابية والمهنية‬
‫الاخرى ‪ ،‬لذلك يكون هناك تركيز من قبل الاحزاب الثورية على العمل الواجهي في‬
‫هذا المجال في الظروف الحرجة وخلال ملاحقة الحزب ومنظماته الواجهية الاخرى ‪.‬‬

‫‪ -‬الاسلوب الحزبي ‪:‬‬

‫ان هناك اسلوبا آخر من اساليب العمل الواجهي يعتمد النشاط الحزبي‬

‫‪۱۳۰‬‬
‫في كثير من الاحيان عند فشل‬ ‫بتسمية اخرى تخالف تسمية الحزب ‪ .‬نلاحظ‬

‫العمل في منطقة ما وذلك لاسباب كثيرة اجتماعية أو دينية او اية اسباب‬ ‫الحزب‬
‫اخرى ‪ ،‬يعمل الحزب في بناء تنظيم حزبي بتسمية اخرى على ان تنسجم اهداف‬

‫هذا التنظيم مع اهداف الحزب الحقيقي مع التركيز على الجوانب التي يتأثر بها‬
‫ذلك المحيط والابتعاد عن كل ما من شأنه عزل هذا التنظيم كما عزلت الحزب‬
‫‪ .‬ويجب ان يعتمد في هذا التنظيم العناصر الحزبية الجيدة والتي لها‬
‫الحقيقي‬
‫وهناك امثلة كثيرة فالحزب‬ ‫خبرة خاصة ومكانة اجتماعية معينة في ذلك المحيط‬
‫اعتمد هذا الاسلوب بشكل واسع جدا في اوربا وذلك لصعوبة العمل‬
‫الشيوعي‬
‫باسم الحزب الشيوعي في معظم دول اوربا الغربية وذلك رغم تناقضات المجتمع‬
‫والمنطلقات المعادية‬ ‫هناك فنستطيع اعتباره كتلة صلدة من المفاهيم والشعارات‬

‫فمملكة البرجوازية في اوربا لم تكن مملكة اقتصادية فحسب بل هي‬ ‫للشيوعية ‪.‬‬
‫بالاضافة الى كونها مملكة تحتمي بالدين‬ ‫فكرية وفنية وسياسية ايضا ‪.‬‬ ‫مملكة‬
‫وتتخذ منه سياجا يحميها وسلاحا تحارب به کل تیار فكري وسياسي مضاد‬

‫ومهدد لمصالحها ‪ ،‬وما كان في مقدور الاحزاب الشيوعية ان تدخل الى صميم‬
‫دود لطرح السياسي مع اعدائها‬
‫ا‬ ‫ركائز المجتمع الاوربي فيما لو بقيت ضمن ح‬
‫وكذلك قيام الجبهات يقع ضمن هذا المجال لان الغرض من العمل الواجهي وفق‬
‫هذا الاسلوب هو تجنب الضربات العمودية ضد الحزب وبالتالي خلق نوع من‬
‫في المعارك الاساسية التي‬ ‫السياج لحمايته من الضربات القاسية وزج الآخرين‬
‫يخوضها الحزب وبنفس الوقت يخلق هذا الاسلوب اجواء جديدة للعمل السياسي‬
‫ويتيح الفرصة امام رفاق الحزب الاحتكاك بالعناصر الحزبية للاحزاب الاخرى ضمن‬
‫الجبهة وتوضيح وجهة نظر الحزب بشكل صريح ‪ .‬ويتوقف نجاح هذا الاسلوب على‬

‫قدرة الحزب وتخطيطه الواضح في هذا المجال وحسن توجيه الرفاق الحزبيين‬
‫لاداء هذه المهمة لان في اكثر الاحيان كان مردود هذه النشاطات وخاصة اسلوب‬
‫لوب ‪ .‬هذه‬
‫الجبهة سلبيا لسوء تصرفات الحزبيين وعجزهم عن الافادة من هذا الاس‬

‫تقریبا اهم المجالات التي يمكن من خلالها ممارسة العمل الواجهي والذي اعتبرناه في‬
‫المقدمة بانه الاساس والخطوة الاولى في سبيل العمل الحزبي الحقيقي ‪ .‬فقد كان‬
‫العمل الواجهي الباب الواسع الذي دخلت منه الحركة الاشتراكية والاحزاب‬

‫الشيوعية الى قلاع البورجوازية الاوربية ‪ ،‬ونحن في الوطن العربي وضمن اوضاع‬
‫التجزئة والتآمر الاستعماري والرجعي وضمن اطار الضرب على الحزبية والاحزاب‬

‫من قبل الحكام التقدميين احيانا لا بد ان نهيء الظروف والوسائل المناسبة لنمو‬
‫الحزب ولحمايته من التعرض الى ضربات تهدد مسيرته ومصيره ‪ .‬ولا شك ان العمل‬

‫ليس مهمة سلبية‬ ‫الواجهي هو احدى تلك الوسائل الهامة ‪ .‬الا ان العمل الواجهي‬
‫أي مجرد مهمة دفاعية بل في الوقت نفسه مهمة ايجابية هجومية يمكن ان‬ ‫فقط‬
‫تساعد الحزب على النمو والانتشار والتفاعل العميق الحي مع الواقع ‪ .‬وما دام من‬
‫اسباب اعتماد العمل الواجهي هو حماية الحزب من ضربات مباغتة ومباشرة وكذلك‬
‫بناء اطار واسع حول الحزب بغية حماية رفاق الحزب من المطاردة المباشرة والمستمرة‬

‫‪۱۳۱‬‬
‫فنستطيع ان نعتبر تأثير الرفيق الحزبي في الوسط المباشر يقع في باب العمل‬

‫الواجهي ونوضح ادناه اسلوب تأثير الرفيق في الوسط المباشر واثر ذلك على‬
‫هذا‬
‫نشاط الرفيق الحزبي بشكل خاص وعلى الحزب بشكل عام ‪ .‬الغرض من‬
‫الاسلوب هو نشاط الرفيق الحزبي في الوسط العائلي المباشر فنلاحظ ان كثيرا‬
‫هذا المجال‬
‫من الرفاق لا يهتمون بهذا الجانب ويحاولون ان يبعدوا عوائلهم عن‬
‫لا بل حجب كل ما من شأنه ان يفهم ما هي اهداف الحزب وضرورات وجوده‬

‫وبالتالي كسب العطف للحزب من خلال ذلك ‪ .‬لذلك نلاحظ ان الرفيق الحزبي‬

‫الذي لا يمارس هذا النشاط من البداية يعاني من مشاكل الا وهي ازمة الصراع بين‬
‫انه لا يستطيع ان يقدم للحزب كما يقدم‬ ‫‪ ،‬ونلاحظ‬ ‫عقليتين ونظريتين وجيلين‬
‫الرفيق الآخر الذي مارس النشاط في هذا المجال وتستطيع عائلة الرفيق الحزبي‬
‫المؤمنة باهداف الحزب حتى ولو كانت غير منظمة فيه ان تحمي الرفيق الحزبي‬
‫ظروف كثيرة كما تتمكن من دعمه ماديا والقيام ببعض مهامه الحزبية وتهيئة‬
‫الظروف الجيدة لنشاطه ‪ .‬ونود ان نذكر هنا ان ازمة الخلاف بين الرفيق وذويه‬

‫لا بد ان تنتهي لصالح الرفيق اذا استطاع بجهد دؤوب ودقيق ان يدخل ذويه في‬
‫جو العمل النضالي ابتداء بالفكر والاهتمامات والمشاغل اليومية وانتهاء بالعمل‬
‫وتكليف ذويه بالمساهمة في اشياء بسيطة تشعرهم بلذة المشاركة ‪ .‬ان كثيرا من‬
‫الرفاق استطاعوا بفضل اسلوب صحيح في مواجهة هذه الازمة ان يطوروا تطويرا‬
‫وان يصلوا الى درجة من التأثير المباشر على اوساطهم‬ ‫اساسيا في عقلية ذويهم‬
‫العائلية حتى اصبح حماس الاهل يفوق حماسهم ويشكل نوعا من الحكم والمقياس‬
‫في العمل النضالي ‪ .‬ان التأثير المباشر في حياة الاسرة‬ ‫على تقصيرهم او تساهلهم‬
‫يحول العلاقة بين الحزبي والحزب من علاقة فردية الى علاقة جماعية من نوع جديد‬
‫تحقق ارتباطا مصيريا ثابتا بينه وبين الحزب لذلك نستطيع ان نعتبر هذا الاسلوب‬

‫احد اساليب العمل الواجهي او احد الاساليب الثانوية على اقل تقدير وذلك لحرية‬
‫العمل التي يمتلكها الرفيق الحزبي في هذا المجال اكثر من المجالات الاخرى وخاصة‬
‫من ناحية الابتعاد عن عيون القوى المعادية ‪ .‬ويجب متابعة نشاطه هذا في جميع‬
‫الحالات ‪ ،‬ومهما كانت نتائج جهوده مع ذويه سلبا ام ايجابا ‪ .‬وفي كل مرحلة من‬
‫مراحل النضال وفي كل قطر يمكن ان تأخذ المؤسسات الواجهية اشكالا متلائمة مع‬

‫حاجات الظروف والقطر ومتطلباتهم كقيام الجبهات والتحالفات وانواع المواثيق على‬
‫ان يبقى العمل الواجهي محققا للاغراض التي وجد من اجلها ونوجزها بالنقاط‬
‫التالية ‪:‬‬

‫فيها بشكل‬ ‫ا ‪ -‬تمكين الحزب من الدخول في اوساط يتعذر عليه التغلغل‬


‫بارز اي باسم الحزب واسلوبه الواضح‬
‫ب ‪ -‬العمل على حماية الحزب وعدم تعريضه للضربات المباشرة والعمل على‬
‫كسب عطف اوسع الجماهير‬
‫ج‪ -‬التنوع في نشاطات الحزب وربطه ربطا حيا بالمجتمع وبيئاته واوساطه‬
‫المتعددة والمتنوعة اي تطبيق القول بدخول المجتمع من الباب في حالة تعذر الدخول‬

‫‪۱۳۲‬‬
‫اليه من الشباك‬

‫د ـ اكساب العمل الحزبي مرونة وبراعة تمكنه من ايصال صوت الحزب الى‬

‫كل زاوية وكل انسان اي استغلال كل المجالات التي يجتمع بها الآخرون في مجال‬

‫عمله الوظيفي او راحته أو في مجال تأدية هواياته الخاصة وحتى في حالة وجوده‬
‫في تنظيم آخر وذلك عن طريق قيام الجبهة او اي نوع من انواع المواثيق او التعاون‬
‫المرحلي‬

‫هذه اهم الغايات التي يؤدي اليها العمل الواجهي نأمل ان تحظى باهتمام‬
‫الرفاق وبالتالي ان تتكون نظرة جديدة وجدية للعمل الواجهي‬

‫‪۱۳۳‬‬
‫حول العمل بين الجماهير‬

‫‪ - ) ۱‬ان الاحزاب الثورية الطليعية في عصرنا هي تلك التنظيمات السياسية‬


‫‪ .‬واسترشادا بالايديولوجية العلمية‬ ‫التي تناضل على رأس جماهير الكادحين‬

‫الثورية ‪ ،‬في سبيل تصفية جميع اشكال الاستغلال الطبقي والظلم القومي في ظل‬
‫مجتمع اشتراكي زاهر‬

‫ان الحزب الثوري الطليعي ‪ ،‬يجب ان يمثل في الاساس مصالح وايديولوجية‬


‫في صفوفه‬ ‫الطبقات الاجتماعية الكادحة وفي مقدمتها الطبقة العاملة ‪ ،‬وأن يضم‬
‫خيرة عناصرها الواعية جنبا الى جنب مع العناصر المثقفة الواعية ‪ ،‬التي ربطت‬
‫مصيرها بمصير وقضية الطبقات الكادحة وآلت على نفسها النضال والتضحية في‬
‫سبيل البناء الاشتراكي ‪ .‬ولا يستطيع مثل هذا الحزب ان يحقق اهدافه الا اذا‬
‫استطاع رسم برنامج علمي لمراحل الثورة ‪ ،‬وصياغة ستراتيجية وخطط تكتيكية‬

‫( مرحلية ) صائبة ‪ ،‬والا اذا استطاع غلغلة افكاره وشعاراته بين جماهير الطبقة‬
‫العاملة والفلاحين الكادحين والجماهير الشعبية الاخرى ‪ ،‬واتقن فن توعيتها وتعبئتها‬

‫وتنظيمها ‪ ،‬لزجها في المعارك المختلفة ‪ ،‬السياسية والاقتصادية ‪ ،‬وصولا الى‬


‫اهدافه الثورية الكبرى ‪ .‬ان الثورة ‪ ،‬ديمقراطية شعبية قومية كانت او اشتراكية ‪،‬‬

‫هي ثورة الجماهير الكادحة الغفيرة في الاساس ‪ ،‬لانها صاحبة المصلحة الاولى في‬
‫ولانها لا تفقد في نضالها غير القيد والالم‬ ‫التغيير الاجتماعي ‪ -‬الاقتصادي الجذري‬
‫والعذاب ‪ .‬ان جماهير الشعب الكادح هي صانعة التاريخ ‪ .‬وهي لا تستطيع القيام‬
‫بدورها هذا من دون حزب ثوري قادر على ايقاظها ‪ ،‬وارشادها وقيادتها ‪ ،‬وتفجير‬
‫‪.‬‬ ‫طاقاتها ‪ ،‬وتسديد خطاها مرحلة فمرحلة‬

‫فان العلاقة بين الحزب والجماهير ‪ ،‬هي علاقة جدلية ‪ ،‬حية ‪،‬‬ ‫وهكذا ‪،‬‬
‫فالحزب من دون ارتباط حي بالجماهير هو‬ ‫والتأثير بينهما متبادل ‪ ،‬ومستمر ‪،‬‬

‫مجرد زمرة من المثقفين وقلة من العمال ‪ ،‬منفصلة عن القاعدة الشعبية ‪ ،‬وبالتالي‬


‫عاجزة لوحدها عن تحويل المجتمع ‪ ،‬وان الجماهير من دون حزب ثوري طليعي ‪،‬‬

‫‪ ،‬وتتيه في معمعان التطور اليومي وتعجز عن الحاق هزيمة حاسمة‬ ‫تظل (مادة خام‬
‫بالاعداء ‪ .‬ان الجماهير وان النظرية وان القيادة تتحد في وحدة عضوية واحدة ‪،‬‬
‫رغم التمايز والحدود بين هذه وتلك ‪ .‬واي خلل في جانب من جوانب هذه الوحدة ‪،‬‬

‫‪١٣٤‬‬
‫يلحق الأذى بالقضية كلها ‪ ،‬أي بقضية الثورة‬

‫‪ - ) ۲‬ان العمل بين الجماهير هو القانون الحتمي لنشاط الاحزاب الثورية ‪،‬‬

‫وتطورها وانتصاراتها ‪ ،‬انه الواجب الاول والرئيسي الذي يرافق الحزب في جميع‬
‫الظروف والمراحل دون استثناء ‪ ،‬قبل الثورة ‪ ،‬وبعدها ‪ ،‬على حد سواء‬

‫الثوري لاسقاط الانظمة الرجعية ‪ ،‬لا بد من‬ ‫السلبي )‬ ‫ففي مراحل النضال‬
‫توعية وتعبئة الجماهير الواسعة لزجها في المعارك الحاسمة شرطا للنصر ‪ .‬وفي‬
‫مراحل النضال الايجابي) ‪ -‬بعد الثورة ‪ -‬تزداد الاعباء الجماهيرية للحزب اضعافا‬

‫مضاعفة لاسباب كثيرة ‪ ،‬من بينها ان عمليات التحويل الاجتماعي – الاقتصادي ‪-‬‬

‫والثقافي والبناء هي اصعب وادق بما لا يقاس من عملية النضال السياسي الثوري‬
‫ضد نظام حكم عميل للاستعمار او برجوازي ‪ ،‬ومن بينها ان حد النضال بعـد‬

‫الثورة لا يتجه فقط الى جبهة قوى الردة في الميدان السياسي ‪ ،‬بل ويتجه بدرجة‬
‫کبری ضد العادات والمفاهيم والتقاليد البالية الموروثة من النظام القديم ‪ ،‬والتي‬

‫بدون مكافحتها الظافرة لا يمكن تحرير الطاقات الشعبية اللازمة للبناء في كل‬
‫الميادين •‬

‫) ‪ -‬ان الغاية من العمل بين الجماهير تختلف وفقا لطبيعة المهمات الثورية‬

‫المطروحة على الحركة الثورية في مختلف اطوار النضال ومراحله ‪ .‬كما ان هذا‬
‫العمل يتنوع ‪ ،‬ويتمايز داخل الطور نفسه او المرحلة ذاتها ‪ ،‬وفقا لطبيعة الطبقة‬

‫فلكل طبقة شعبية خصائصها ‪ ،‬ومشاكلها النوعية ‪،‬‬ ‫التي يعمل الحزب في صفوفها ‪.‬‬
‫ومستواها الاجتماعي والفكري الخاص ورغم ان العمل بين مختلف الطبقات الثورية‬
‫من الشعب يصب‬
‫كله في مجرى عام مشترك واحد ‪ ،‬فان كل ميدان من هذه‬
‫الميادين له صفاته وأساليبه وشروطه الخاصة ‪ .‬وحتى داخل طبقة اجتماعية واحدة‬
‫ة ‪ .‬فالعمل بين‬
‫دة‬‫حد‬
‫اح‬‫وا‬
‫ة و‬
‫ية‬‫لي‬
‫ال‬‫ضا‬
‫نض‬‫ة ن‬
‫لة‬‫حل‬
‫يتمايز النشاط الجماهيري للاحزاب الثورية في مرح‬
‫الفلاحين الفقراء ‪ ،‬يختلف عن العمل بين الفلاحين المتوسطين او الاغنياء ‪ .‬وحتى‬

‫داخل الطبقة العاملة نفسها ‪ ،‬التي تشترك ككل في مصالح عليا واحدة ‪ ،‬فان العمل‬
‫وهكذا ‪. . .‬‬ ‫بين عمال المشاريع الصناعية الكبرى هو غيره بين عمال المنشآت الصغيرة‬
‫ولكن الهدف العام المشترك من مختلف اوجه العمل بين الجماهير ‪ ،‬هو توعية‬

‫الجماهير ‪ ،‬وكسبها للنضال بشكل منظم ومؤثر ‪ ،‬سواء في مراحل النضال‬


‫(السلبي ) او ( الايجابي ) ‪ ،‬وتمكينها من ان تصنع تاريخها بنفسها من دون وصاية‬
‫حزب او نظام أيا كان‬
‫‪ ،‬تكون الغاية العامة هي ربط ودمج مختلف‬ ‫في مراحل النضال السلبي‬
‫ودفعها في مجرى عام مشترك حول القضية المركزية ‪-‬‬ ‫النشاطات الجماهيرية ‪،‬‬
‫قضية استلام سلطة الدولة ‪.‬‬

‫في‬ ‫ودمج تلك النشاطات‬‫وفي مراحل النضال الايجابي تتحدد الغاية بربط‬
‫المجرى العام لعملية التحويل الاجتماعي ‪-‬‬
‫الاقتصادي ‪ -‬السياسي ‪ -‬الثقافي ‪،‬‬
‫دمقراطيا شعبيا كان او اشتراكيا‬

‫ا ‪ ،‬لا تستطيع النجاح في مهمات‬


‫‪ - ) ٤‬ان الاحزاب الثورية حقا ‪ ،‬في عصررننا‬

‫‪۱۳۵‬‬
‫العمل الجماهيري الا اذا ‪:‬‬
‫‪T‬‬
‫آ ـ اهتدت بالعلم الاشتراكي الثوري كمرشد للعمل‬
‫ب ـ استطاعت صياغة برامج وخطط ستراتيجية وتكتيكية صائبة ‪ ،‬منسجمة‬

‫مع خصائص الواقع القطري والقومي ‪ ،‬ومع طبيعة المرحلة والمستوى العام لتناسب‬
‫القوى السياسية داخليا وعالميا‬
‫‪-‬‬
‫ج ـ ان تقيم تنظيما حديديا على اساس وحدة الفكر والارادة والعمل‬

‫والانضباط الحزبي الواعي ‪ ،‬لكي يقدر الحزب ان يناضل في سبيل اهدافه كرجل‬
‫واحد وبارادة فولاذية واحدة‬

‫د ـ ان تؤمن ايمانا عميقا بان الصلة مع الجماهير هي سر قوتها وانتصارها ‪.‬‬


‫وان الجماهير هي محررة نفسها ‪ ،‬وان الحزب الثوري يأخذ من الجماهير ويعطي‬
‫والى ( الجماهير ) لا كوصي او قائد متعال ‪ ،‬بل کمرشد‬ ‫من الجماهير‬ ‫الجماهير ‪،‬‬
‫وصديق ورفيق لا يكتفي بحكمته وحدها ‪ ،‬بل يعتمد ايضا على حكمة الجماهير‬
‫وتجربتها ومبادرتها وبالتالي لا يخلط بين مستوى وعيه ومستوى وعي الجماهير‬
‫ولا يتقدم بخطوات متسرعة‬ ‫فلا يتخلف عن الحركة العفوية للجماهير ‪،‬‬ ‫الكادحة ‪،‬‬
‫تفصله عنها ‪ ،‬بل يسير دوما امامها مقيما افضل وامتن الصلات معها‬

‫هـ ـ ان عدم جواز الخلط بين وعي الطلائع ووعي الجماهير الواسعة ‪ ،‬يعني‬
‫عدم الاكتفاء بقناعة المناضلين الحزبيين وحدهم ‪ ،‬بل يجب ان تقتنع الجماهير ‪ ،‬عبر‬
‫التي يطرحها‬ ‫تجربتها الملموسة نفسها بصواب الافكار والشعارات والخطط‬
‫الحزب ‪ ،‬فمثلا لا يكتفى ان يدرك الحزب ان سبيل الزراعة التعاونية الاشتراكية هو‬
‫السبيل السليم الوحيد لتطوير الريف ورفاه الفلاح والمجتمع ‪ ،‬بل يجب ايضا ان‬
‫تدرك الجماهير الفلاحية نفسها هذه الحقيقة عبر تجاربها العملية المختلفة وان‬
‫تقتنع بذلك ‪.‬‬

‫وعلى الحزب الثوري مساعدة الجماهير على ان تصل الى ذلك ‪ ،‬وهنا تتجلى‬
‫مدى حكمة ومرونة الحزب وقدرته القيادية‬
‫ه ) ‪ -‬اوضحنا آنفا ان اساليب واشكال العمل بين الجماهير تتحدد وفقا‬

‫وخصائصها‬ ‫لمراحل النضال المختلفة ‪ ،‬وكذلك وفقا لنوعية الجماهير المعنية ‪،‬‬
‫ومشاكلها النوعية المتميزة عن مشاكل سواها‬
‫‪6‬‬
‫فأساليب واشكال العمل بين الطبقة العاملة غيرها بين جماهير الفلاحين ‪،‬‬
‫و في غيرها بين الطلبة أو النساء او المثقفين ‪ ،‬وهذه الاساليب والاشكال تتغير ايضا‬

‫حسب الوضع السياسي القائم في البلاد ‪ ،‬ففي ظل حكم رجعي بوليسي سافر ‪،‬‬
‫وحيث يشن الحكام ارهابا مكشوفا على الحريات العامة ‪ ،‬تكون هذه الاساليب‬
‫والاشكال متكيفة وفق ظروف العمل السري في الاساس مع استثمار اية امكانيات‬
‫علنية شرعية متوفرة ‪ .‬اما حيث يضطر نظام برجوازي سائد الى اطلاق الحريات‬
‫البرجوازية بهذا القدر او ذاك ‪ ،‬فان محاولات العمل الشرعي (العلني) قد تصبح‬
‫هي السائدة ‪ ،‬وبالتالي لا بد من ان تتكيف اساليب العمل واشكاله تبعا لذلك‬
‫كما ان هذه الاساليب والاشكال لا بدان تراعي نوعية المجتمع والتقاليد السائدة فيه ‪.‬‬

‫‪١٣٦‬‬
‫ففي العربية السعودية نظام رجعي همجي متخلف ضار ‪ ،‬يكاد يحصر‬

‫نشاط جماهيري في حدود السرية التامة ‪ ،‬وفي اضيق الحدود ‪ .‬اما في قطر‬
‫کتونس حيث توجد تنظيمات مهنية متعددة تعمل علنا رغم ربطها بالسلطة ‪ ،‬فان‬

‫مجال الثوريين هو أوسع ‪ ،‬حيث يمكنهم بان يعملوا بابداع داخل التنظيمات القائمة‬
‫وحيث يوجد جماهير حقيقية فيها ‪ ،‬بموازاة النشاط السري‬

‫فان العمل بين‬ ‫فيه حريات برجوازية نسبية ‪،‬‬ ‫وفي قطر مثل لبنان ‪ ،‬توجد‬
‫الجماهير يمكن ان يتخذ اشكال العمل داخل التنظيمات المهنية والنقابية القائمة ‪،‬‬

‫وكذلك في الحملات الانتخابية المختلفة ‪ ،‬بموازاة النشاطات الجماهيرية المستقلة‬


‫·‬
‫بالمناسبات المختلفة وحين توفر الشروط ( مظاهرات واضرابات سياسية‬

‫في مراحل النضال السلبي ‪ ،‬يكون من واجب الثوريين قرن العمل السري‬
‫هنا يجب الحذر من ميلين خطرين ‪:‬‬ ‫بالنشاط العلني قرنا حيا مبدعا متواصلا ‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫الميل الاصلاحي ‪ ،‬الذي يتصور ان النضال الشرعي كفيل باسقاط النظام‬
‫الرجعي وتحقيق الثورة ‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫‪ -‬الميل ( اليساري ) الذي يرفض استثمار المجالات الشرعية بحجة انها ادوات‬

‫تخدير وتضليل للجماهير ‪ ،‬وبحجة انها ليست الاساليب الحاسمة في النضال‬


‫حقا ان القوى البرجوازية الحاكمة تعمل على نشر ميول الدستورية الاصلاحية‬
‫لبنان ‪ ،‬تونس ‪ ،‬مثلا ) ‪ .‬ولكن الاحزاب الثورية‬ ‫والشرعية البرجوازية بين الجماهير‬
‫قادرة على أن تمنح مضمونا ثوريا جديدا لهذه الاشكال والاساليب الشرعية وبضمنها‬
‫الانتخابات النيابية ‪ ،‬وهي تفعل ذلك لا لانها تتوهم ان هذه السبل هي الحاسمة ‪،‬‬

‫بل من اجل استخدامها لفضح البرجوازية والقوى الرجعية ‪ ،‬ولنشر وغلغلة المفاهيم‬
‫والشعارات الثورية بين الجماهير ‪ ،‬وكسب قطاعات جديدة منها لساحات التنظيم‬
‫والنضال •‬

‫فئة شعبية ‪ ،‬والعمل في‬ ‫ان الحزب الثوري يجب ان يغفل مشاكل اية‬
‫صفوفها ‪ ،‬وينبغي ان يعمل لكسب أوسع القطاعات الجماهيرية‬
‫ان القوى الرئيسية والحاسمة هي العمال والفلاحون الكادحون ‪ ،‬وهذه هي‬
‫‪ ،‬وبالتالي يجب ان تكون‬ ‫القوى الاكثر جذرية والاكثر تأثيرا في التحويل الثوري‬
‫ولكن الحزب الثوري يجب ان يكسب لقضيته بقية الفئات‬ ‫في مركز الاهتمام ‪.‬‬
‫اية فئة أو جماعة‬ ‫أو يضع على الحياد‬ ‫الشعبية ‪ ،‬لا بل ويجب ايضا ان يكسب‬

‫ذات مصلحة جزئية او وقتية في معاداة النظام القائم ‪ ،‬اذا كانت ذات شحنــــــة‬
‫وطنية معينة مهما كانت محدودة ‪ ،‬وقلقة ‪.‬‬

‫ولذلك‬ ‫اعمل حيث توجد الجماهير‬ ‫ان الحزب الثوري يسترشد دائما بشعار‬
‫فانه لا يتردد عن العمل داخل اكثر التنظيمات المهنية والنقابية و (الشعبية )‬
‫برجوازية ‪ ،‬او ارتباطا بالنظام الرجعي القائم ما دامت تلك التنظيمات تضم جماهير‬
‫حقيقية وخصوصا من الكادحين ‪ .‬كما انه يقيم صلات ‪ ،‬متنوعة مع قواعد اي حزب‬
‫رجعي اذا كان ذا جماهيرية حقيقية ‪ ،‬وذلك لغرض التأثير على تلك القواعد فكريا‬

‫وسياسيا ‪ ،‬وفضح قادتها وكسبها للقضية الثورية العامة‬

‫‪۱۳۷‬‬
‫والحزب الثوري يراقب ويتتبع مزاج الجماهير ‪ ،‬ولا يتخطاه ولا يجب ان‬

‫يتخطاه ‪ .‬ان الحزب الثوري لا يجب ان يهبط الى مستوى الجماهير المتأخرة ‪،‬‬

‫ولكنه ملزم في الوقت ذاته ان لا يتجاوز هذه الجماهير عند طرح شعاراته وسياساته ‪.‬‬
‫فالحزب الثوري لا يصدم المشاعر والمعتقدات الجماهيرية مهما كانت متخلفة‬

‫بالية ولكنه لا يغازل هذه المشاعر والمعتقدات ولا يستسلم لها ‪ .‬ان کتاب صادق‬

‫نقد الفكر الديني ) هو نموذج للموقف المنفعل الاول ‪ ،‬في حين ان تمسح بعض‬ ‫العظم‬
‫نموذج للموقف‬ ‫التنظيمات والانظمة السياسية التقدمية بالمعتقدات الغيبية هو‬
‫الثاني المتخلف ‪.‬‬

‫ان التزام الحقيقة مع الجماهير ‪ ،‬في جميع مراحل النضال ‪ ،‬هو احد المنابع‬
‫في بعض‬ ‫‪ .‬ان الحزب الثوري قد يخسر‬ ‫الاساسية لنجاح العمل بين الجماهير‬
‫ولقضية‬ ‫الحالات خسارة وقتية بسبب التزامه للمصالح الجذرية للجماهير ‪،‬‬
‫شروط الانتصار الستراتيجي‬ ‫الثورة ‪ ،‬ولكن هذه الخسارة الوقتية تكون احد‬
‫المقبل ‪ .‬وبالعكس ‪ ،‬فان الحزب الثوري قد يراعي نجاحا موقتا فيدخل في مساومات‬
‫غير ثورية ‪ ،‬او ينحرف في تكتيك يميني ذيلي مراعاة للجو السياسي السائد ‪،‬‬
‫ن هذا النجاح سيكون على حساب النجاح الستراتيجي ‪.‬‬
‫ولك‬
‫ان الجماهير قد لا تستسيغ بسبب تخلفها الفكري والسياسي هذا الموقف‬
‫التكتيكي الثوري او ذاك ‪ ،‬ولكن معالجة هذا الوضع المعقد لا يجب ان تتم عن طريق‬
‫الاستسلام امام تخلف الجماهير ‪ ،‬بل عبر العمل الدعائي والتحريكي والتنظيمي‬
‫السليم الكفيل بتبصير الجماهير وتنوير طريقها •‬

‫ان الاحزاب الثورية ‪ ،‬في مختلف مراحل النضال ‪ ،‬تتعامل مع تنظيمات مهنية‬
‫ونقابية وشعبية قائمة بالفعل ‪ ،‬وتضم الجماهير بالفعل ‪ ،‬ولا تصطنع تنظيمات‬

‫واجهية شكلية لن تضم في احسن الاحوال الا الحزبيين وانصار الحزب‬


‫ان الحكومات الرجعية تحاول دائما اقامة تنظيمات مهنية وسياسية ( واجهية)‬
‫انه‬
‫مصطنعة بامل كسب الجماهير ‪ .‬وهي تتصور ذلك الطريق الاقصر في حين‬
‫الطريق الخاسر ‪ .‬وسر ذلك ان هذه الحكومات تفكر بكسب الجماهير بعقلية القسر‬

‫والضم البوليسية ‪ ،‬وتتصور الجماهير قطيع رعاع ‪ ،‬وتعمي عن رؤية تجارب‬


‫·‬
‫وقد تندفع حكومات تقدمية ايضا في نفس الطريق‬ ‫الجماهير ووعيها النسبي‬
‫ولا سيما اذا لمست وجود تيارات تقدمية اخرى ذات مكانة شعبية بين الجماهير‬
‫ه‬
‫ذا هو النمط البرجوازي الصغير من كسب الجماهير ) ‪ ،‬وهو في جوهره منبثق‬
‫من عقلية الوصاية والعصا الزاجرة‬

‫ان الاحزاب الثورية الحقيقية التي تستلم زمام سلطة الدولة ‪ ،‬لا يمكن ابدا ان‬
‫تفكر في اصطناع تنظيمات شكلية بل تعمل بابداع من اجل ضمان قيادتها على‬
‫والتوعية السليمة ‪ ،‬وعبر تربية‬ ‫التنظيمات القائمة عبر السياسة الصحيحة ‪،‬‬

‫وتطوير ملاكات حزبية مؤهلة قادرة حقا على قيادة الجماهير وكسب ثقتها‬

‫ومن اهم شروط كسب الجماهير ‪ ،‬هو القدرة على تحقيق التحالفات الطبقية‬
‫والسياسية الضرورية وما تستلزمه من مناورات ومساومات تخدم القضية الثورية ‪.‬‬

‫‪١٣٨‬‬
‫الا قطرة في بحر‬ ‫هيبته وشعبيته ليس‬ ‫ان اي حزب ثوري مهما كانت‬

‫بالنسبة للجماهير الواسعة ‪ .‬وايا كان هذا الحزب وحتى بعد الانتصار ‪ ،‬فانه لن‬

‫يستطيع استيعاب الزخم الجماهيري الممتد ‪.‬‬

‫ولا بد للحزب الثوري الذي يقود السلطة ‪ ،‬ان يستوعب واقع انقسام الجماهير‬
‫الواعية تاريخيا على عدة تيارات سياسية اساسية ‪ ،‬ولا يمكن تجاوز هذا الواقع‬
‫باية حال ‪ .‬هنا تلعب الظروف التاريخية والعوامل النفسية والعاطفية دورا كبيرا‬

‫جدا حتى اذا كانت قيادة هذا التيار او ذاك غير جديرة بالثقة التي تمنحها اياها‬
‫جماهيرها المتأثرة بذلك التيار‬

‫فقد يحقق الحزب الثوري الحاكم منجزات كثيرة ‪ ،‬تؤيدها الجماهير المذكورة ‪،‬‬

‫ولكن بعقلية « لو ان جماعتنا كانوا هم في الحكم لحققوا منجزات اكبر واسرع‬


‫ان التجربة الطويلة والتوعية المستمرة للجماهير هما اللتان ستدلانها في‬
‫ومن اهم مستلزمات تنمية وتطوير الجماهير هو‬ ‫‪.‬‬ ‫النهاية على الطريق المنشود‬

‫الدخول في ائتلافات ومساومات ثورية مع قياداتها المختلفة وابداء المرونة الكافية‬


‫في التعامل معها ‪ ،‬فاذا سارت مع الثورة فذلك ما يخدم الجميع ‪ ،‬واذا تخلفت او‬
‫والمقرر ‪ ،‬وستنزع ثقتها حتما‬ ‫عرقلت الطريق فان جماهيرها ستكون هي الحكم‬
‫بالسلبيين المعرقلين ذوي النهج الذاتي‬
‫ان هذا‬
‫الطريق السياسي السليم الذي يجب على الحزب الثوري الحاكم‬
‫انتهاجه وهو عكس طريق بعض القوى التقدمية الحاكمة في اقطار عربية وغير‬
‫عربية ‪ ،‬حين تلجأ الى العنف تجاه القوى التقدمية الاخرى او تقدم على اقامة‬
‫ان هذا الطريق‬ ‫تنظيمات واجهية سياسية مصطنعة لتحل محل تلك القوى‬

‫ليس فقط لا يساعد على توسيع القاعدة الجماهيرية ‪ ،‬بل وسيكون سلاحا ضد‬

‫‪ .‬ان الحزب الثوري الحقيقي يثق‬ ‫الحزب الذي يمارسه ‪ ،‬ويضعف من شعبيته‬
‫فلن تثبطه العراقيل والصعوبات الوقتية مهما‬ ‫بنفسه و بصواب سياسته ‪ ،‬ولذلك‬

‫الا عند الضرورة القصوى) في التعامل مع‬ ‫كانت ‪ ،‬ولن يفكر في استخدام الزجر‬
‫‪ .‬ان معالجاته تكون عادة سياسية وفكرية لا ادارية‬ ‫التيارات التقدمية الاخرى‬
‫زجرية ‪ ،‬بيروقراطية ‪ .‬ان الجماهير لن تكسب الا بالسياسات الصائبة ‪ ،‬واساليب‬
‫‪.‬‬ ‫العمل الصائبة ‪ ،‬والتوعية الصحيحة‬

‫‪ ) ٦‬ـ ان التثقيف الجماهيري هو من اهم واجبات الحزب الثوري في كل‬


‫ووسائل التثقيف الجماهيري متعددة من‬ ‫السلبية والايجابية‬ ‫مراحل النضال‬
‫اهمها ‪:‬‬
‫•‬ ‫‪ -‬النشر ووسائل الاعلام الاخرى عند توفرها‬ ‫آ ـ‬
‫ب ‪-‬‬
‫الاتصال المباشر بالجماهير ‪ ،‬واحتكاك الرأي المباشر معها وجها لوجه‬

‫المصانع والمشاريع الصناعية ‪ ،‬وفي الارياف ‪ ،‬وفي داخل التنظيمات المهنية ‪،‬‬
‫والتحدث مع الشعب يجب‬ ‫و في محلات السكن ‪ ،‬والتجمعات الشعبية وغيرها‬
‫‪...‬‬
‫ان يكون بلغة بسيطة ‪ ،‬واضحة لا بلغة الاوصياء ولا العلماء ‪.‬‬

‫‪ -‬النقد والنقد الذاتي من جانب الحزب الثوري ‪ .‬ان قيام الحزب الثوري‬
‫ج ـ‬

‫‪۱۳۹‬‬
‫بنقد اخطائه علنيا ‪ ،‬ومحاسبة المقصرين وتحليل اسباب الخطأ ‪ ،‬ثم معالجة الاخطاء ‪،‬‬
‫هو مدرسة تربوية وتثقيفية كبرى للجماهير ‪ ،‬وشرط من شروط كسب ثقتها‬
‫الراسخة‬

‫د ـ وحين يستلم الحزب الثوري زمام السلطة ‪ ،‬تتفتح امامه ابواب واسعة‬

‫لتثقيف الجماهير منها ‪:‬‬

‫فتح الدورات التثقيفية للتربية وتطوير ملاكات من بين الجماهير الكادحة ‪.‬‬
‫تستطيع خطوة‬ ‫لكي‬ ‫والتنظيمات الجماهيرية الاخرى‬ ‫النقابات‬ ‫الاخذ بيد‬

‫فخطوة ان تمارس اعمال الادارة الاقتصادية ‪ ،‬وتقديم كوادر مؤهلة لقيـادة‬


‫الدولة والمجتمع ‪ .‬وهنا يجب عدم المهادنة مع اخطاء الجماهير ‪ ،‬ولكن باسلوب‬

‫رفاقي انشائي ‪ ،‬كما لا يجب تضخيم هذه الاخطاء ‪ ،‬واعتبارها السمة المميزة‬
‫للجماهير وتنظيماتها‬

‫مؤسسات التعليم المختلفة من ادنى الى اعلى‬


‫اجهزة الاعلام المختلفة ولا سيما التلفزيون والمسرح‬
‫النوادي والمكتبات العامة ‪ .‬الخ‬

‫‪18.‬‬
‫ملاحظات حول العمل في المنظمات الجماهيرية‬

‫ا ‪ -‬بعض الملاحظات العمومية‬

‫ان قضية النشاط الحزبي في المنظمات الشعبية والجماهيرية هي فی‬

‫والجماهير‬ ‫الاحزاب الطليعية‬ ‫جوهرها قضية العلاقة بين الطلائع الثورية المنظمة‬
‫‪ .‬انها قضية كيف تكسب الجماهير وتعبأ ‪ ،‬وتنظم‬ ‫الشعبية لاسيما الكادحة منها‬

‫لتلعب ادوارها الثورية بوعي وتخطيط ‪ ،‬وكيف تطلق مبادراتها وتطلق طاقاتهـ‬
‫النضالية والخلاقة وفقا لمراحل الكفاح المختلفة والمتتابعة ‪.‬‬

‫ولذلك فحين نتناول بالمعالجة مسألة النشاط الحزبي الجماهيري ‪ ،‬ينبغي‬


‫علينا ان ننطلق من الأسس التالية ‪:‬‬

‫طبيعة المرحلة التاريخية ‪ ،‬ومهماتها الاساسية ‪ ،‬وطبيعة الفترات والاطوار‬


‫النضالية المختلفة « الانتقالية » ضمن المرحلة التاريخية ‪ ،‬والمهمات التكتيكية المتغيرة‬
‫باستمرار‬

‫اهمية التنظيم الجماهيري ‪ ،‬بوصفه القوة القادرة على تجسيد الارادة‬


‫النضالية الواعية للجماهير ‪ ،‬وتعبئة قواها‬
‫ومستوى تجربة ووعي القطاعات‬ ‫‪،‬‬ ‫طبيعة المجال الجماهيري المعين‬

‫الجماهيرية المختلفة كل في ميدانها الخاص‬


‫طبيعة قوى الثورة الاساسية ‪ ،‬والثانوية ‪ ،‬وتمييز الطبقة المؤهلة تاريخيا‬
‫القيادة تحالف هذه القوى‬

‫‪ ،‬وركائزها السياسية والاقتصادية‬ ‫طبيعة قوى الردة « الاعداء »‬


‫والاجتماعية والفكرية في المجتمع ‪.‬‬

‫التمايزات الثانوية والاساسية داخل كل طبقة شعبية من معسكر الثورة‬


‫والفئات والاقسام المختلفة التي تنقسم اليها ‪.‬‬

‫• مستوى وفكر وتنظيم الحزب الثوري ‪ ،‬الطليعي ‪ ،‬ودرجة تجربته ‪ ،‬ومدى‬


‫سعة كوادره وبنيته الاجتماعية ‪ ،‬ومهماته النضالية الاساسية قطريا وقوميا ‪،‬‬

‫ودوليا ‪ ،‬وخطه الستراتيجي والخططي « التاكتيكي »‬


‫‪ .‬تمييز التيارات الاصلاحية اللاثورية ضمن الحركات والمنظمات الجماهيرية‬

‫‪181‬‬
‫لاسيما العمالية لمكافحة نفوذها الفكري ‪.‬‬

‫فترت النضال الثوري‬ ‫ان طبيعة ومهمات المنظمات الجماهيرية تختلف بين‬

‫وهذا‬ ‫بعد النصر‬ ‫الايجابي »‬ ‫وفترات النضال الثوري‬ ‫قبل النصر‬ ‫« السلبي »‬

‫ففي الفترات الاولى يكون واجب الاحزاب الثورية والمنظمات‬ ‫‪.‬‬ ‫امر طبيعي تماما‬
‫سبيل هدف‬ ‫في‬ ‫وتنظيمها‬ ‫وتوعيتها‬ ‫تعبئة الجماهير‬ ‫معين‬ ‫لحد‬ ‫الجماهيرية‬

‫اساسي مركزي هو اسقاط السلطة الرجعية واقامة الحكم الديمقراطي الشعبي‬


‫في مرحلة الثورة الديمقراطية الشعبية كما هو الحال‬ ‫اذا كانت الحركة الثورية‬
‫وان العمل السياسي الثوري والنشاط‬ ‫الاقطار ( العربية‬ ‫في العراق ‪ ،‬وفي غالبية‬
‫المهني الجماهيري في هذه الحالات يجابهان لا محالة بطش الرجعية الحاكمة‬

‫‪ ،‬ويكون واجب الحزب الثوري في‬ ‫واضطهادها واشكال التزييف التي تمارسها‬
‫في كل‬ ‫اضافة الى تعبئة الجماهير‬ ‫الجماهيرية‬ ‫مجالات العمل المهني « المنظمات‬
‫قطاع للدفاع عن حقوقها ومصالحها اليومية ‪ ،‬رفع مستوى وعيها الوطني ‪ ،‬والقومي‬

‫بين جماهير العمال وفقراء الريف » ‪ ،‬وربط‬ ‫والديمقراطي ‪ ،‬والاشتراكي ايضا‬


‫في عملية التغيير الثوري‬ ‫لتسهم‬ ‫المهنية بالاهداف السياسية الاساسية‬ ‫نضالاتها‬
‫الثوري‬ ‫واقامة الحكم‬ ‫البورجوازي الرجعي‬ ‫الحكم‬ ‫اسقاط‬ ‫السلطة الدولة‬
‫ومن المهمات الاساسية لهذا النشاط الحزبي وهذه هي مهمة تظل‬ ‫المنشود »‬
‫هي انتقاء خيرة العناصر الثورية في صفوف هذه‬ ‫قائمة بعد الانتصار ايضا‬
‫المنظمات ‪ ،‬وتدريبها لتكون مؤهلة لعضوية الحزب ‪ ،‬ولاسيما من بين العمال‬

‫الصناعيين وفقراء الريف ‪ ،‬وبالتالي توسيع قاعدة الحزب من جهة ‪ ،‬وتحسين‬


‫وتطوير بنيته الاجتماعية من الجهة الثانية‬

‫ان ابرز نقاط ضعف الاحزاب الثورية في الوطن العربي والبلدان المستقلة‬
‫حديثا ‪ ،‬هي ضيق قاعدتها الاجتماعية بين الكادحين من جهة ‪ ،‬وما يؤدي ذلك اليه‬
‫من اغراق صفوفه بالعناصر المثقلة والمنحدرة من غير اصول الطبقة الكادحة ‪ ،‬من‬
‫فكلما زاد الحزب الثوري من نشاطه بين الجماهير الكادحة ‪،‬‬ ‫جهة ثانية ‪ .‬لذلك‬
‫استطاع ان يحل بنجاح اكبر قضية ‪ ،‬هي تطوير بنيته الاجتماعية ‪ ،‬وخلق وتوسيع‬
‫·‬ ‫کوادره العمالية الواعية لتحتل مراكز اساسية في الحزب‬
‫ان الحزب الثوري الحقيقي ‪ ،‬ينبغي ان يعمل حيثما كانت الجماهير ‪ ،‬ومهما‬
‫صعوبات هذا العمل سواء بسبب القمع الرجعي او بسبب تأخر وعـــــــــي‬ ‫كانت‬

‫لتأثيرات الافكار والعادات الاقطاعية او‬ ‫قطاعات منها‬ ‫او خضوع‬ ‫الجماهير ‪،‬‬
‫ذلك ان الحزب الثوري‬ ‫ومعنى‬ ‫اللاثورية‬ ‫البورجوازية او الانتهازية الاصلاحية‬

‫النضال الثوري ضد الرجعية الحاكمة ينبغي ان يعمل‬ ‫السلبي‬ ‫في فترات النضال‬
‫حتى في المنظمات الجماهيرية التي تسيطر عليها قيادات رجعية او انتهازية ‪ ،‬وحتى‬
‫حين تكون هذه المنظمات ملحقة بالسلطة ‪ .‬وطبيعي أن الحزبيين سيعملون في هذه‬
‫والهوية الحزبية من‬ ‫الحزبي ‪،‬‬ ‫وبدون كشف التنظيم‬ ‫بمنتهى الحذر ‪،‬‬ ‫الحالات‬
‫اجل توعية الجماهير ‪ ،‬وتحريرها تدريجيا من سيطرة القيادات الرجعية والحكومية‬

‫الثوري ‪ ،‬ودفعها‬ ‫وتثقيفها بالوعي الطبقي الاشتراكي او الوعي الوطني والقومي‬

‫‪١٤٢‬‬
‫للنضال من اجل حقوقها ومصالحها الحيوية بالضد من رغبات واهواء القيادات ‪،‬‬

‫وربط نضالاتها تدريجيا بالنضال السياسي‬ ‫ومن ورائها السلطة الرجعية ‪،‬‬

‫الثوري العام‬
‫ان ربط العمل الشرعي بالعمل اللاشرعي « السري » هو الضمانة لاستمرار‬

‫صلة الحزب بالجماهير في كل الظروف القاسية ‪ ،‬كما انه يكون ضمانة اساسية‬

‫من ضمانات التعويض عن الكوادر التي تتساقط في حومة النضال ‪ ،‬او تهرب منها‬

‫وتستسلم للعدو ‪.‬‬


‫فان مهمات‬ ‫وحين تستلم القوى الثورية زمام السلطة الدولة « بعد النصر » ‪،‬‬

‫الثورية تتغير وطبيعة ومهمات المنظمات الجماهيرية تتغير هي‬ ‫او الحزب‬ ‫الاحزاب‬
‫مكتسبات‬
‫فحينذاك تبرز للمقدمة مهمات تعزيز وصيانة وتوسيع‬
‫الاخرى‬
‫‪-‬‬‫الثورة ‪ ،‬وتعبئة الجماهير وتنظيمها لصد ودحر دسائس ومؤامرات قوى الردة ‪-‬‬
‫هذا من جهة ‪ ،‬ومن جهة اخرى ‪ ،‬تنظيم الجماهير وتوعيتها المستمرة وتعبئتها‬

‫لزجها في معارك البناء الثوري والنشاط الايجابي ‪ ،‬لتقوم بدورها الحقيقي في هذا‬
‫الميدان الحيوي ‪ ،‬عن طريق تنظيماتها الشعبية المختلفة ‪ ،‬وفي ظل اوسع الاطارات‬
‫الديمقراطية الشعبية ‪ ،‬ولا يقل ذلك اهمية ‪ ،‬بل يفوقها ‪ ،‬تدريب الجماهير لكي‬
‫تكون مؤهلة لادارة ميادين الانتاج وللاسهام النشيط في ادارة الدولة عموما ‪ ،‬وهذا‬
‫ثانيا ‪ .‬ومن الجهة الثالثة ‪ ،‬تعبئة وتنظيم الجماهير ‪ ،‬وتسليحها للاسهام في المغارك‬
‫ولاسيما معركة تحرير فلسطين ‪ ،‬وللنضال في سبيل الوحدة‬ ‫القومية المصيرية ‪،‬‬

‫‪ .‬ورابعا ‪ ،‬استمرار الاتجاه بحزم ‪،‬‬ ‫القومية الثورية ذات المضمون الاشتراكي‬
‫لكسب الاعداد الغفيرة من خيرة‬ ‫واستنادا للامكانيات الهائلة التي توفرها الثورة ‪،‬‬
‫العناصر الكادحة الواعية الى صفوف الحزب الثوري ‪ ،‬وتوسيع قاعدته الاجتماعية‬
‫وتطوير بنيته الاجتماعية لتحقيق هدف اكثرية من العمال وفقراء الريف في تركيب‬

‫الحزب ‪ ،‬وفي تركيب هيئاته القيادية ‪ .‬وخامسا ‪ ،‬الاتجاه الصادق والثابت ‪،‬‬
‫‪6‬‬
‫ولاسيما العمالي والفلاحي ‪،‬‬ ‫لجعل ميادين العمل الجماهيري المنظمات الشعبية‬
‫قاعدة لبناء وتطوير تحالف الجماهير الشعبية ‪ ،‬ولتأمين وتحقيق وحدة وتلاحم كل‬
‫طبقة شعبية ‪ ،‬بصرف النظر عن انتماءاتها السياسية والدينية والقومية ولتحقيق‬

‫وحدة عمل ونضال جميع القواعد الحزبية الثورية التي تنتمي لاحزاب تقدمية عديدة ‪،‬‬

‫كشرط وكطريق نحو بناء جبهة تقدمية شعبية على الصعيد السياسي العام‬
‫ان مهمات الحزب الثوري الذي يستلم السلطة تزداد تعقيدا وصعوبة بعـد‬
‫الانتصار ‪ ،‬ولا يعود ذلك فقط الى ان الثورة ستواجه باستمرار تآمرا داخليا‬
‫سياسية وفكرية وحتى عسكرية »‬ ‫متعددة الاشكال‬ ‫وخارجيا محموما ومقاومات‬

‫بل يعود بدرجة اكبر الى الاسباب التالية ‪:‬‬


‫‪1‬ا ‪ -‬بعد النصر ‪ ،‬تندفع افواج الجماهير المتأخرة سباسيا للعمل والنشاط‬
‫وللعمل المهني خاصة ‪ ،‬أي ينشأ مد جماهيري واسع‬ ‫لهذا الحد أو ذاك‬ ‫السياسي‬
‫يحتاج الى استيعاب منظم ‪ .‬وكثيرا ما تكون شبكات الكادر الحزبي اضيق واقل من‬
‫ان تستوعب هذه الحشود الجماهيرية اي تقدر على توعيتها وتنظيمها رغم ان‬

‫‪١٤٣‬‬
‫منجزات الثورة نفسها هي خير مثقف وداعية‬

‫ب ‪ -‬قوة عادات وافكار المجتمع القديم ‪ ،‬بين الجماهير ‪ ،‬اذ ان التحول في‬

‫افكار الناس يكون عادة ابطأ وأضيق من التحول في الميادين الانتاجية والاجتماعية‬
‫والسياسية ‪ ،‬وهذا يخلق مخاطر وقوع قطاعات من الجماهير تحت تأثير وسيطرة‬

‫الدسائس الرجعية الماكرة التي تتستر وراء واجهات طائفية أو دينية او عنصرية‬
‫وغيرها ‪ .‬وهذا مما يضاعف من يقظة ومسؤولية الكوادر الحزبية الثورية العاملة‬
‫بين الجماهير‬
‫ج ‪ -‬أن مهمة اعادة بناء الجهاز الحكومي مهمة دقيقة ولا يمكن تحقيقها دفعة‬

‫والعناصر الرجعية والمتسللة والوصولية النفعية التي تبقى داخل اجهزة‬ ‫واحدة ‪،‬‬
‫مباشرة وغير مباشرة وبتخطيط او عفويا » ادوارا تخريبية‬ ‫الدولة ‪ ،‬تمارس بسلوكها‬

‫هدامة تسيء الى سمعة الحزب والثورة بين الجماهير ‪ ،‬وتخلق منافذ لنمو ونشوء‬
‫التذمر والسخط بينها ‪ ،‬مما تستغله الطبقات الرجعية المقهورة ودوائر الاستعمار‬
‫رامية للتطويح بالثورة •‬
‫وتعمل لتأجيجه وتعميقه في مساعيها ال‬
‫د ـ ان وضع الاحزاب الثورية في السلطة بحد ذاته يولد مخاطر عديدة‬
‫ينبغي الحذر منها مسبقا ‪ ،‬وقطع الطريق عليها باستمرار وفي مقدمة هذه المخاطر ‪،‬‬
‫خطر نشوء وبروز الميل البيروقراطي بين الثوريين الحزبيين ‪ ،‬مما يهدد بعزل الحزب‬
‫والسلطة الثورية عن الجماهير ‪ ،‬وتسهيل مؤامرات الاعداء‬
‫‪.‬‬

‫والحزبيـــــــة‬ ‫‪،‬‬ ‫والاستعلاء والزهو‬ ‫وميول الغرور‬ ‫ان الميل البيروقراطي ‪،‬‬
‫الضيقة ‪ ،‬والنفعية والرغبة في احراز مكاسب شخصية ‪ ،‬والتطلعات الشخصية‬
‫غير المشروعة ‪ ،‬والمحسوبيات و اهمال واجبات العمل الانتاجي او الوظيفي الخ ‪..‬‬
‫هي مخاطر جدية واجهت وتواجه كل حزب ثوري بعد انتصاره ‪ .‬والمكافحة الناجحة‬
‫لهذه الميول المحتملة تتطلب اعلى درجات الكفاءة القيادية الثورية في الحزب ‪ ،‬واعلى‬
‫درجات الضبط والالتزام من الحزبيين ولاسيما الكادر المتقدم ‪ ،‬واقوی اشکال روح‬
‫اه‬
‫التفاني والتضحية والتواضع واشد درجات الصرامة الحزبية والثورية تجـ‬
‫المسيئين والمهملين •‬

‫ان تجارب الثورات الشعبية الاخرى تعلمنا ان اعضاء في الاحزاب الثورية‬


‫الحاكمة وحتى كوادر قيادية بينها ‪ ،‬تصاب بعد النصر ببعض هذه الامراض ‪،‬‬

‫وتختل لديها العلاقة بين الحزب والجماهير او تبرز مطامحها الذاتية الكامنة وكأن‬
‫واضافة لدور الحزب في مكافحة هذه الميول ‪ ،‬وفي‬ ‫الثورة جاءت لهذا الغرض‬

‫رقابة حازمة على‬ ‫لتأمين‬ ‫في مؤسسات الدولة والحزب‬ ‫ایجاد الانظمة المناسبة‬
‫فان المنظمات الجماهيرية يجب ان‬ ‫الداخلية‬ ‫منظمات الحزب واعضائه « الرقابة‬

‫تلعب دورها الفعال في ممارسة الرقابة الشعبية على الحزب والدولة‬


‫ضرورة حيوية لا‬ ‫التعبير‬ ‫« الرقابة الخارجية ان صح‬ ‫ان الرقابة الشعبية‬
‫غنى للثورة عنها ‪ .‬ولتأمين ذلك لا بد من اشاعة وتطوير الديمقراطية في المجتمع‬
‫والحزب والدولة ‪.‬‬

‫ولاسيما اعضاء الحزب الثوري الذي ينفرد بالسلطة‬ ‫ان كل تقدمي ثوري ‪،‬‬

‫‪188‬‬
‫او يقودها مدعو الى ان يدرك بعمق وباستمرار ‪ ،‬ان الجماهير الشعبية هي محررة‬

‫نفسها ‪ ،‬وصانعة تاريخها ‪ .‬وان مهمة الاحزاب الثورية هي الارشاد والقيادة ‪ ،‬وهي‬
‫فباسم الجماهير ولتنفيذ ارادة‬ ‫حين تستلم السلطة ‪،‬‬ ‫اي الاحزاب الثورية‬
‫الجماهير ‪ ،‬ولتحقيق مطامحها الخيرة ولمساعدة الجماهير على التحرك والتبصر‬
‫لتخلق لنفسها وبنفسها حياتها الجديدة‬
‫وتعزيز الصلة معها باستمرار هو في راس مهمات‬ ‫ان الالتحام بالجماهير ‪،‬‬
‫ينبغي التفاعل المستمر مع آراء وملاحظات الجماهير ‪،‬‬ ‫الحزب الثوري وأعضائه ‪.‬‬
‫والفهم المستمر لمشاكلها ومطالبها ‪ ،‬ومشاركتها في جميع المجالات والمناسبات‬
‫ان الجماهير ليست اداة بيد الحزب ‪ ،‬بل ان الحزب هو اداة بيد الجماهير‬
‫للوصول الى حياتها الجديدة وتصفية المصالح المعادية والاستغلال ‪ .‬فالحزب‬
‫مرشدا‬
‫الثوري الحقيقي ‪ ،‬الطامح ليكون طليعة فعلية وعن جدارة يعتبر نفسه لا‬
‫انه يعلمها ويتعلم منها ‪ ،‬يرشدها‬ ‫فحسب ‪ ،‬بل وخادما لها ايضا‬ ‫للجماهير‬
‫ويستفيد من ملاحظاتها وتجاربها ‪ ،‬يقف في مقدمتها ولكنه لا ينفصل عنها ‪ ،‬يأخذ‬
‫ويطور كل تقليد ثوري لديها ‪ ،‬ويصحح افكارها الخاطئة دون ان يخضع ويستسلم‬

‫لهذه الافكار باسم الحرص على كسب الجماهير‬

‫ان القائد مهما يكن عبقريا ‪ ،‬لا يستطيع أن يقود الجماهير في الطريق الصحيح‬
‫الا اذا درس تجاربها وافكارها ‪ ،‬وهو مهدد بان يسير في الطريق الخاطيء اذا‬
‫ينظم ويحلل وينخل آراءها •‬

‫ان الحزب الثوري يواجه خطر ميلين خاطئين ‪:‬‬

‫‪ ،‬واعتبار دوره نفيا لدور الجماهير‬ ‫ا ‪ -‬الميل الى الاستعلاء على الجماهير‬

‫و اعتبار نفسه المحرر والمنقذ والوصي ‪ .‬ان الغالبية الساحقة من تجارب الثورات‬
‫قادتها البورجوازيـــــــة‬ ‫في الوطن العربي وآسيا وافريقيا التي‬ ‫الوطنية المعاصرة‬
‫فريسة هذا‬ ‫بحكم ذهنيتها ومصالحها »‬ ‫الصغيرة عانت وتعاني من وقوع القيادات‬
‫فالتدابير التقدمية تتخذ بمعزل عن مساهمة الجماهير ‪ ،‬والمنظمات الجماهيرية‬ ‫الميل ‪.‬‬
‫وهذا يقف من وراء ابرز عوامل سقوط‬ ‫شبه الحكومية ‪ ،‬والديمقراطية مخنوقة ‪.‬‬

‫الانظمة المتحررة التي أطاح بها الاستعمار والامبريالية ‪ ،‬ومن وراء انتكاسات او‬
‫مراوحة البعض الاخر ‪ .‬كما انه عامل رئيسي في نكسة ‪ 5‬حزيران‬

‫ب ـ اما الخطر الثاني فهو ميل الهبوط الى مستوى الجماهير المتأخرة ‪،‬‬
‫ومحاولة كسبها بأي ثمن وبدون تخطيط ‪ ،‬وليس على اساس الوعي الثوري العلمي ‪.‬‬
‫ان الارتباط بالجماهير وخدمتها لا يعنيان النزول الى افكارها الخاطئة ‪ ،‬او تقاليدها‬
‫‪ .‬ان الجماهير الشعبية‬ ‫البالية ‪ ،‬ولا يعنيان دغدغة واثارة التكسب الضيق لديها‬

‫معرضة الى السلبية واللامبالاة بفعل عوامل عديدة ولكن معالجة‬ ‫« اللاحزبية‬
‫السلبية واللامبالاة لا يعنيان تأمين تأييدها السطحي او الوقتي او المنفعل او‬
‫وحده التأييد الذي يثبت‬ ‫‪ ،‬وهو‬ ‫المصلحي ‪ ،‬بل تأمين تأييدها الواعي والمنظم‬
‫ويتطور ‪ ،‬ويضمن مساهمة الجماهير باندفاع واختيار وحماس لحماية الثورة ايام‬
‫في ايام النضال‬ ‫ولتقبل التضحيات المعاشية الوقتية عند الضرورة ‪.‬‬ ‫الخطر ‪،‬‬

‫في التنظيم والتربية الحزبية ‪١٠ -‬‬ ‫‪180‬‬


‫قوسين )‬ ‫ثورية بين‬ ‫اقصى ثورية »‬ ‫النفي‬ ‫الثوري « السلبي » يكون تكتيك مجرد‬

‫اسهل للتحرك الجماهيري في ظروف تصاعد موجة النضال ‪ .‬وهذه السهولة تغري‬

‫لاستخدام هذا التكتيك لكسب الجماهير‬ ‫السطحية‬ ‫الثوري اليساري « الثورية‬

‫وبعد الانتصار يتخذ هذا التكتيك شكلا آخر يجب التحصن ضده ‪ ،‬کمیل بعض‬

‫والالحاح لتقديم‬ ‫وتهيئة او الضغط‬ ‫الثوريين للاستعجال بالمنجزات دون تخطيط‬

‫مكاسب متلاحقة للقطاعات الجماهيرية المعينة حتى على حساب المصالح العليا‬
‫للانتاج والثورة ‪ ،‬وذلك بكسب الجماهير كيفما كان‬

‫وعلى الحزب الثوري الذي يقود السلطة ان يحذر من هذا الميل ‪ ،‬كما يحذر‬

‫من ميل التراجع امام تحرك العدو والمواقف الوسطية والمائعة تجاه قوى الردة ‪.‬‬

‫ان نضع عقولنا في رؤوسنا في الوقت‬ ‫ينبغي لنا‬ ‫التخلف خطر والعجلة خطر ‪.‬‬

‫اللازم ‪ ،‬ينبغي لنا ان نتشجع بحذر نافع من كل ركض الى امام دون رؤية ‪ ،‬من‬
‫ينبغي الامعان في التحقق من الاجراءات التي نعلنها في كل‬ ‫كل ضرب من التباهي‬
‫ساعة ‪ ،‬والتي نتخذها في كل دقيقة ‪ ،‬والتي تقدم البرهان بعد ذاك في كل ثانية‬
‫على ضعفها ‪ ،‬وعلى وهنها وغموضها ‪ ،‬والامر هنا انما هو العجلة ·‬

‫من الافضل ‪ :‬اقل من حيث الكمية شرط ان يكون احسن من حيث النوعية ‪.‬‬
‫ينبغي اتباع هذه القاعدة ‪:‬‬
‫من الافضل بعد سنتين او حتى بعد ثلاث سنوات ‪ ،‬هذا افضل من تعجيل‬

‫الامور دون اي امل في تكوين مادة بشرية جيدة‬


‫مما مر جميعا يتضح أن قضية النشاط الحزبي في المنظمات الجماهيرية هي‬
‫ــة‬
‫قضية مرتبطة مباشرة بدور الجماهير في الثورة ‪ ،‬ودورها في ادارة السلط‬
‫ومرتبطة بقضية الديمقراطية السياسية الشعبية ‪،‬‬ ‫والانتاج ‪ ،‬وبدورها القومي ‪،‬‬
‫وباهداف البناء الديمقراطي الشعبي والاشتراكي والهدف الوحدوي ‪ .‬وان تسمية‬
‫فالمنظمات الجماهيرية‬ ‫‪،‬‬ ‫ليست صحيحة‬ ‫الواجهي »‬ ‫هذا النشاط الحزبي بالعمل‬
‫ليست ولا يجب ان تكون مجرد ( واجهات » للحزب الثوري ‪ ،‬وذلك لان لها مهماتها‬
‫وان استخدام تعبير‬ ‫في الحياة السياسية والبنائية ‪.‬‬ ‫الخاصة وادوارها المستقلة‬

‫قد يوحي باختزال دور الجماهير الى مجرد ادوات في يد الحزب‬ ‫العمل الواجهي‬
‫الثوري ‪ ،‬ولذلك ينبغي عدم استعمال هذا الاصطلاح واستخدام المصطلحات الدقيقة‬
‫المعبرة عن جوهر القضية‬

‫ففي بعض فترات النضال الثوري ضد الرجعية الحاكمة قد تسنح امكانيــة‬


‫سياسية شرعية يمارس من خلالها الحزب الثوري‬ ‫ضرورة لاقامة تنظيمات‬ ‫وتجد‬

‫السري نشاطا سياسيا علنيا غير مباشر ‪ ،‬هنا يمكن وصف النشاط الحزبي « نشاط‬
‫فالنشاط‬ ‫السري » داخل مثل هذه المنظمات بالنشاط الواجهي ‪،‬‬ ‫الحزب الثوري‬
‫الواجهي هو جزء من كل ‪ ،‬جزء من مجمل النشاط الحزبي بين الجماهير والمنظمات‬
‫الجماهيرية المتعددة او هو شكل واحد من اشكال العمل الحزبي بين الجماهير‬

‫‪187‬‬
‫‪ - ٢‬مهمات النشاط الحزبي في المنظمات الجماهيرية بعد الثورة‬

‫آنها ‪ ،‬اختلاف طبيعة ومهمات هذا النشاط بعد انتصار الثورة ‪ ،‬وارتباطها‬
‫‪.‬‬ ‫بمراحل النضال والاهداف السياسية المركزية‬

‫وطبيعي ان تختلف مهمات النشاط الحزبي بعد الثورة من منظمة الى اخرى‬
‫وفقا لطبيعة ودور جماهير كل منظمة ‪ ،‬وطبيعة ومهمات كل منظمة ‪ ،‬فمهمات‬

‫النشاط الحزبي في النقابات ‪ ،‬تختلف عن مهماته في جمعيات الفلاحين الثورية ‪،‬‬


‫او جمعياتهم التعاونية ‪ ،‬أو في الاتحادات الطلابية او النسائية الخ ‪ ..‬لكن المشترك‬
‫هو مهمة تعزيز اقوى الصلات بجميع الجماهير الشعبية ‪ ،‬وتوعيتها ‪ ،‬وتدريبها ‪،‬‬
‫القاعدة‬
‫وأشراكها الفعلي في عمليات البناء والانجاز ‪ ،‬وفي حماية الثورة ‪ ،‬وتوسيع‬
‫الحزبية ‪ ،‬واختيار وتدريب الملاكات الثورية الآهلة بين الجماهير اللاحزبية ‪ ،‬وتأمين‬
‫الشعبية » على اجهزة السلطة وعلى الحزب‬ ‫عن طريق التنظيمات‬ ‫الرقابة الشعبية‬
‫الثوري ‪ ،‬وتحقيق التعاون القاعدي بين جميع القوى التقدمية ‪ ،‬ولحم وحـــدة‬
‫‪ ،‬وتعزيز الاخوة الكفاحية المصيرية بين جماهير العرب‬ ‫الطبقات الشعبية الثورية‬

‫والاكراد « في العراق »‬

‫وطبيعي ايضا ان لا يعير الحزب اهمية متساوية لعمله في جميع التنظيمات‬


‫فالمهم ‪ ،‬والاهم قبل كل شيء هي النقابات العمالية‬ ‫الشعبية ‪ ،‬بل يركز على الاهم‬
‫والتنظيمات الفلاحية ·‬

‫بين الاحزاب الثورية‬ ‫ان التنظيمات الجماهيرية هي بمثابة « الجسور الموصلة‬


‫والجماهير العريضة ‪ .‬وبعد الثورة ينبغي جعل هذه المنظمات ولاسيما نقابات‬
‫ونقابات‬ ‫العمال ‪ ،‬مدارس حقيقية للوعي الثوري ‪ ،‬والتدريب السياسي والمهني‬
‫ــع‬ ‫يجب ان تصبـ‬ ‫ونظرا للدور التاريخي للطبقة العاملة‬ ‫العمال بشكل خاص‬
‫مدرسة من نوع خاص بلا مدرسين‬ ‫مدرسة للادارة مدرسة للاشتراكية‬

‫هي‬ ‫‪ ..‬ان المنظمات الجماهيرية العمالية والفلاحية على الخصوص‬ ‫وتلامذة »‬

‫الاساس ‪ ،‬او القاعدة ‪ ،‬التي يمارس الحزب الثوري المنتصر استنادا اليها مهمات‬
‫السلطة ‪ .‬اما واسطة الحزب لممارسة هذه السلطة فيجب ان تكون المجالس‬
‫فالنقابات والاتحادات الفلاحية وغيرها هي بمثابة الحلقات بين‬ ‫الشعبية المنتخبة ‪،‬‬

‫الحزب الثوري والجماهير ‪ ،‬من جهة وبمثابة الخزان الذي يدفع بالكوادر اللازمة‬
‫لإدارة الاقتصاد والدولة من جهة ثانية •‬

‫ان النقابات العمالية خاصة والمنظمات الجماهيرية عامة يجب ان تمارس بعد‬

‫الثورة مهمات مزدوجة ‪ ،‬ان تحمي الجماهير الشعبية ومصالحها من الدولة‬


‫ولضمان افضل اشكال النشاط الحزبي‬ ‫الثورية ‪ ،‬وان تحمي هذه الدولة الثورية‬
‫في هذه المنظمات وتأهيلها للقيام بمهماتها على احسن وجه ‪ ،‬ينبغي ‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫‪ ۱‬ـ تجنب الأمرية والنزعة العسكرية من قبل الحزبيين الذين يشغلون مراكز‬
‫سؤولة في قيادات المنظمات •‬

‫‪ - ٢‬اشاعة الديمقراطية في حياة المنظمات الجماهيرية ‪ ،‬وأول اركانها هـو‬

‫‪١٤٧‬‬
‫الاخذ بقاعدة الانتخابات السليمة الحرة من اعلى الى ادنى •‬

‫‪ -‬مكافحة وتجنب الاساليب البيروقراطية والنزعة المكتبية في نشاطات‬

‫المنظمات‬

‫المذكورة على تعزيز الصلـــــة‬ ‫في المنظمات‬ ‫‪ -‬تركيز الحزبيين العاملين‬

‫بجماهيرها ‪ ،‬واقامة افضل علائق الود والصداقة المباشرة معها ‪ ،‬والتحلي بالتواضع‬
‫تجاهها ‪ ،‬ونقل مشاكلها وآرائها وملاحظاتها اولا بأول الى الحزب •‬

‫ه ‪ -‬ان يلتزم العضو الحزبي بقرارات المنظمة ‪ ،‬وان يكون القدوة في العمل‬
‫في مجال عمله ‪.‬‬

‫في مخاطبـ‬ ‫‪ - ٦‬ان يتحلى بالصبر وطول البال ‪ ،‬وعدم التطير والملل ‪،‬‬
‫الجماهير ‪ ،‬ولاسيما الفلاحين الذين يكون العمل بينهم عادة صعبا بسبب ظروفهم‬
‫وطبيعتهم‬ ‫وانتشار الافكار والتقاليد البالية بينهم‬ ‫الاجتماعية ومستوى وعيهم‬
‫القلقة‬

‫ـ عدم تحويل المنظمات الجماهيرية الى ملاحق بالدولة او الحزب ‪ ،‬والامتناع‬


‫عن تحويل مقراتها الى مكاتب للعمل الحزبي الصرف الذي لا علاقة له بطبيعة عملها ‪.‬‬
‫وخصوصا الكوادر المتفهمة لمشاكل‬ ‫‪ -‬ان يخصص الحزب كوادر آهلة ‪،‬‬

‫واقصاء كل عنصر‬ ‫في المنظمات الجماهيرية ‪،‬‬ ‫الجماهير ‪ ،‬والمندمجة معها ‪ ،‬للعمل‬
‫حزبي مسؤول يمارس الأمرية او يعاني من الغرور والتعالي او الروح المصلحية‬
‫والتأثر بالمحسوبيات ‪ .‬ان امثال هذه التصرفات تسيء للحزب الثوري وللثورة بين‬
‫الجماهير ·‬

‫‪ - ۹‬ان ميادين العمل الجماهيري مختبرات حقيقية لتدريب وانتقاء وتربية‬


‫افواج من الكوادر اللاحزبية وتصعيدها لاحتلال مراكز المسؤولية في الادارة‬
‫الانتاجية وفي اجهزة الدولة •‬

‫‪ - ۱۰‬وميادين العمل الجماهيري مختبر ايضا للحزبيين حيث يكشف عن‬


‫النوعيات الجيدة المستترة والكفاءات المتطورة ‪ .‬كما يفضح عمليا العناصر الحزبية‬
‫المسيئة وغير الصالحة ‪ ،‬أو العناصر الوصولية المصلحية المتسللة ‪ .‬ان آراء الجماهير‬

‫المنظمة في العناصر الحزبية محك حقيقي للتقييم ‪ ،‬وعلى الحزب الثوري ان يعيرها‬

‫اهمية استثنائية في تقديم الكادر وتوزيعه وفي تطهير الحزب من العناصر المسيئة‬
‫والمعرقلة ‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫‪ – ۱۱‬مكافحة نزعات الحرفية الضيقة بين الحزبيين العاملين في هذه المنظمة‬
‫الجماهيرية او تلك ‪ ،‬وتثقيفهم بروح النظر للأمور من زاوية المصالح الثورية العامة‬
‫وليس من زاوية مجال ضيق وميدان جزئي معين ‪.‬‬
‫‪- ۱۲‬‬
‫تشجيع وتدريب جماهير المنظمات الشعبية على ابداء آرائها وملاحظاتها‬
‫ونقداتها صراحة في ندوات او مؤتمرات او اجتماعات عامة ‪ ..‬ان الحزب والسلطة‬
‫‪ .‬وعلى الحزبيين ان‬ ‫الثوريين بحاجة الى رقابة الجماهير وليس فقط الى تأييدها‬
‫لا يكتفوا بمواقف التفسير والتبرير بل ان يصغوا بطول بال وتفتح لكافة الملاحظات ‪،‬‬
‫ونقلها للحزب بامانة وسرعة لمعالجة النواقص والاخطاء في الحال‬

‫‪١٤٨‬‬
‫والتعاون مع عناصر الاحزاب‬ ‫العصبوية‬ ‫‪ -‬تجنب الحزبية الضيقة‬ ‫‪۱۳‬‬

‫للمساهمة في النشاط المهني والنشاط‬ ‫ودفعهم‬ ‫التقدمية الاخرى واللاحزبيين‬


‫الجماهيري العام ‪ ،‬والتحلي بطول النفس والموضوعية ‪ ،‬والهدوء عند المناقشات مع‬

‫‪ ،‬ومكافحة اي مظهر‬ ‫الاخرين وخلق جو الثقة والاحترام المتبادل في التعامل معهم‬


‫من مظاهر الاستبداد او القسر او التزييف ‪ ،‬لانها تؤدي الى تحويل هذه المنظمات‬

‫الى منظمات شكلية او غير فاعلة ‪ ،‬والى انكماش الجماهير عنها ‪ ،‬وتظل مجرد هيكل‬

‫عظمي ‪ ،‬واجهي‬
‫قابليات الجماهير‬ ‫والتوعية منسجمة مع‬ ‫‪ -‬ان تكون اساليب التحريك‬ ‫‪١٤‬‬

‫ومستواها الفكري كل في مجالها المعين وتجنب لغة « الاساتذة » وتعلم التبسط في‬
‫الحديث والمناقشة ‪ ،‬وهذا يصح ايضا بالطبع على الصحف والمجلات الناطقة بلسان‬

‫واضحة ‪،‬‬ ‫يجب ان تأتي اساليب الكتابة والعرض مبسطة ‪،‬‬ ‫هذه المنظمات حيث‬
‫واختيار المواضيع متفقا مع ما تشعر به الجماهير وتطمح اليه ومع حاجاتها‬
‫الاساسية فضلا عن المهمات السياسية المباشرة‬
‫‪- ۱۵‬‬
‫في ميادين الانتاج ‪ ،‬ادوات لخلق طاعة‬ ‫جعل هذه المنظمات ولاسيما‬
‫اجتماعية جديدة بين الجماهير الكادحة ‪ ،‬أي خلق علاقات اجتماعية جديدة ‪ ،‬وطاعة‬
‫وهذه مهمة صعبة ومتشعبة ودقيقة‬ ‫‪ ،‬وتنظيم جديد للعمل‬ ‫جديدة في العمل‬

‫فتطوير الانتاج ‪ ،‬ورفع انتاجية العمل مهمة « لا‬ ‫للغاية ولكنها ضرورية جوهريا ‪،‬‬
‫يمكن ابدا ان تحلها بطولة اندفاع منفرد ‪ ،‬منعزلة ‪ ،‬انها تتطلب بطولة القيام بعمل‬
‫وجعل المواطن‬ ‫‪،‬‬ ‫جماهيري يومي تبلغ اعلى درجات الثبات والعناء والصعوبة‬

‫الكادح ‪ ،‬منعما بالتفاني ونكران الذات ‪ ،‬والحرص على الملكية العامة والتعاونية‬
‫ومصالح الجماهير الكادحة والشعور العميق بالتضامن الطبقي معهم ‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫‪ ١٦‬ـ التمسك دوما بالمنطلقات الطبقية ‪ ،‬في النشاط الحزبي الجماهيري‬
‫واذا كانت الطبقة العاملة بوجه عام منسجمة المصالح فان الفلاحين مثلا ‪ ،‬هم مراتب‬
‫فعلى الحزب ان يلقي‬ ‫ولذلك‬ ‫اجتماعية متعددة بينها الكادحة وبينها المستترة ‪،‬‬

‫بثقله مع الكادحين دوما ويرعى مصالحهم دوما ‪ ،‬من دون التفريط بالفئات والقوى‬
‫الاجتماعية الاخرى التي تؤيد الثورة بهذه الدرجة او تلك بفعل مجابهتها مع الكادحين‬
‫وفي مجال الشبيبة ايضا ‪،‬‬ ‫‪.‬‬ ‫لاستغلال ونهب البورجوازية الكبيرة وكبار الملاكين‬
‫ينبغي ايضا التركيز علــــى‬ ‫في اتحادات حقيقية‬ ‫الشبيبة‬ ‫حيث ينبغي تنظيم‬
‫الشبيبة العمالية والفلاحية ‪ .‬وفي المجال النسائي ايضا يجب النزول الى النسوة‬
‫الكادحات واعارة الاهتمام بتدريب وانتقاء الكوادر الآهلة من صفوفهن ‪ .‬ان من ابرز‬
‫نقاط ضعف عمل الاحزاب التقدمية عندنا طوال العقود المنصرمة ‪ ،‬في مجالات‬

‫العمل الجماهيري ‪ ،‬هو الاهتمام الرئيسي بعناصر البورجوازية الصغيرة في المدينة‬


‫والريف او بين الشبيبة والنساء نظرا لسهولة العمل بينهما وكسبها وهذا المرض‬

‫حتى تلك التي قطعت شوطا‬ ‫وينعكس على تراكيب هذه الاحزاب ‪،‬‬ ‫ايضا انعكس‬
‫فضلا عن التراكيب الاجتماعية لقيادات‬ ‫بعيدا عن عمرها ‪ ،‬كالتنظيمات الشيوعية ‪،‬‬
‫المنظمات الجماهيرية التي عملت طوال هذه الفترة ‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫ان المنظمات الجماهيرية لا يمكن ان تلعب دورها الحقيقي ما لم تقدها العناصر‬
‫الثورية الكادحة وما لم تتوفر لدينا شبكات من الكوادر اللاحزبية والحزبية ذات‬

‫الاصل المنحدر من بين الكادحين‬

‫ان النقابات في العديد من البلدان المستقلة حديثا تقودها ملاكات من‬


‫والاتحادات الفلاحية خاضعة لنفوذ اغنيــــــاء‬ ‫الارستقراطية النقابية المتبرجزة ‪،‬‬

‫فيها على شبيبة‬ ‫الفلاحين وصغار الملاكين ومنظمات الشبيبة والنساء تكاد تقتصر‬

‫ونحن في العراق مدعوون لتحسين‬ ‫‪.‬‬ ‫صفوف المثقفين‬ ‫ونساء المدن ولاسيما من‬
‫و تطوير المنظمات الجماهيرية باتجاه توسيع وتعميق وتركيز العمل بين الكادحين اولا‬
‫وقبل كل شيء‬
‫‪-‬‬
‫صيانة وتعميق المنطلق القومي في العمل الجماهيري ‪ ،‬ومكافحـــــــة‬
‫المنطلقات الاقليمية الضيقة سواء بتوعية الجماهير بمهماتها القومية ‪ ،‬او بتعزيز‬

‫في الاقطار‬ ‫الجماهيرية المماثلة‬ ‫الجماهيرية القطرية مع المنظمات‬ ‫صلات المنظمات‬


‫العربية الاخرى‬

‫‪ – ۱۸‬غرس وتطوير روح التضامن مع الشغيلة اليدوية والفكرية في العالم‬


‫‪ ،‬كاتحــــــــــاد النساء‬ ‫ومنظماتها المهنية والاجتماعية ومع المنظمات المهنية العالمية‬

‫الديمقراطي العالمي واتحاد الطلبة العالمي ‪ ،‬واتحاد النقابات العالمي ‪ ،‬واتحاد الشبيبة‬
‫الديمقراطي العالمي ‪ ،‬ومنظمة الحقوقيين الديمقراطيين الدولية ‪ ،‬ومنظمات التضامن‬
‫الاسيوي الافريقي ‪ ،‬الخ‬
‫‪- ۱۹‬‬
‫ان تكون في المقدمة من مهمات المنظمات الجماهيرية ‪ ،‬المساهمة‬

‫النشيطة في حملات العمل الشعبي ‪ ،‬وفي حملات مكافحة الأمية وتنظيم اللقاءات‬
‫وربط عمل الشغيلة الفكرية‬ ‫بين شغيلة المدن والريف وتعزيز الصلة بين منظماتها‬

‫بعمل الكادحين وتنظيم حملات ووفود منتظمة للعمل سوية مع الكادحين ‪ ،‬ولاسيما‬

‫في الريف ‪ .‬وعلى الثوري الحزبي ان يكون القدوة والطليعة في هذا المجال‬
‫باندفاعه ‪ ،‬وتحمله المشاق ‪ ،‬والصعاب ‪ ،‬وبروح التضحية واستسهال المتاعب ·‬

‫ومنظمات الطلبة والمعلمين والشبيبة والنساء مثلا ‪ ،‬لا ينبغي ان تعزل نفسها عن‬
‫بمعزل عن السياسة والثورة‬ ‫جماهير العمال والفلاحين ولا تنظر للثقافة والتعليم‬
‫والاقتصاد‬

‫والثوريون عموما ‪ ،‬مدعوون لمكافحة نظرة الاستهانة بالجماهير بحجة‬ ‫‪. ۲۰‬‬
‫انها غير مثقفة ‪ .‬صحيح ان هناك جماهير متأخرة تخضع لتأثيرات سلبية متعددة‬

‫ولكن تبرز هنا عدة نقاط ‪:‬‬

‫ا ‪ -‬هناك ايضا جماهير واعية متحركة هي التي تستطيع كسب وجر الجماهير‬

‫المتأخرة وهي التي تلعب الدور الفعال في اسناد الاجراءات الثورية وتتقبل حالا‬
‫كل اجراء ثوري وتقدمي‬
‫الثقافي » لا يجب النظر اليه من زاوية مدرسية « تعليمية »‬ ‫ب ـ ان المستوى‬
‫بل من زاوية الوعي بالمصالح الطبقية وبالثورة ‪ ،‬وفضلا عن ذلك فان المستوى‬
‫الثقافي هذا هو امر نسبي يختلف من قطر الآخر ومن مرحلة في قطر معين‬

‫‪10.‬‬
‫المرحلة اخرى •‬

‫‪-‬‬
‫في النزول لمستوى الجماهير‬ ‫ج ـ أن مهمات الاحزاب الثورية ليست‬

‫المتأخرة بل في رفع الجماهير المتأخرة الى مستوى الوعي الثوري للحزب ‪ .‬وبالضبط‬
‫لان هناك جماهير متأخرة تنطرح واجبات التوعية بمزيد من الالحاح والاولوية ‪،‬‬
‫والمقصود بالتوعية ليس فقط التثقيف بالنشرات او الندوات والبيانات والمحاضرات‬

‫بل كذلك بالتوعية بالسلوك العملي ‪ ،‬بالقدرة المثلى ‪ ،‬بما يبديه الثوري الملتزم من‬
‫والحزبيين‬ ‫روح التضحية ‪ ،‬وبممارسة النقد الذاتي الجريء من قبل الحزب‬
‫والسلطة الثورية وبما تحققه الثورة من منجزات فعلية •‬

‫‪ - ۲‬حول بعض النقاط التنظيمية‬

‫‪-‬‬
‫تأسيس المكاتب الحزبية المختصة ( المتفرغة حيثما امكن » لقيادة النشاط‬

‫الحزبي في كل قطاع جماهيري ولتنشيط وتطوير العمل في المجالات المهنية ‪ ،‬مثل‬


‫« مكتب الطلبة المركزي »‬ ‫‪ « ،‬مكتب الفلاحين «المركزي » ‪،‬‬ ‫مكتب العمال المركزي »‬

‫وهكذا ‪ ..‬ويشمل نطاق مسؤوليات وعمل هذه المكاتب وتنظيماتها ما يلي ‪:‬‬
‫فمكتب العمال يدير مجمل النشاط‬ ‫العمل في المنظمات المعنية ‪،‬‬

‫النقابات ومكتب الفلاحين يدير مجمل النشاط الحزبي في الجمعيات‬ ‫الحزبي‬


‫الخ‬ ‫الفلاحية‬
‫·‬
‫دراسة افضل اساليب العمل في تنظيمات هذه المكاتب‬
‫الرقابة على كيفية تطبيق خطة الحزب في هذه المنظمات‬
‫فيها الى القيادة القطرية لتعميم‬ ‫تقديم المقترحات حول مشاريع العمل‬
‫المفيد منها على المكاتب الحزبية المختصة‬

‫ب ‪ -‬تربية الكادر الحزبي العامل في المنظمة الجماهيرية بروح الانضباط‬


‫العالي ‪ ،‬خشية ذوبانه في اجواء الطابع السائد ‪ ،‬المرن الواسع للمنظمة الجماهيرية‬
‫الصارمين‬ ‫والتنظيم الحديديين‬ ‫مستلزمات الضبط‬ ‫وفقدان الحدود بينه وبين‬
‫للحزب ·‬

‫مهمة‬ ‫او ادارة حكومية‬ ‫‪ -‬تتولى الهيئات القيادية لكل منظمة شعبية‬
‫والاجراءات وايجاد اللجان الحزبية القادرة على تطبيق سياسة‬ ‫وضع الخطط‬

‫الحزب وقراراته في هذه المنظمات والادارات وتوطيد اتحادها مع الكادر اللاحزبي‬


‫والكوادر الثورية الاخرى ‪ ،‬وتعزيز الصلات مع الجماهير ‪ ،‬وتعزيز الضبط الحزبي ‪،‬‬

‫وهذا ايضا ينبغي تطبيقه في المؤتمرات والاجتماعات‬ ‫ومكافحة النزعة البيروقراطية‬


‫التي تدعو الى عقدها النقابات والجمعيات التعاونية والمنظمات الجماهيرية الاخرى‬
‫والمجالس الشعبية في المستقبل‬
‫العمل الجماهيري‬

‫من زاوية المسألة التنظيمية ( ‪) ١‬‬

‫ان الحديث عن اوليات العمل التنظيمي وشروطه الواقعية يقود بالضرورة الى‬

‫دراسة اساليب العمل الجماهيري حتى يمكن ادراك الطرق السليمة الناجحة‬

‫القادرة على ارساء أسس راسخة لبناء تنظيم ثوري متين ‪ ،‬بحيث تتحقق صلة‬
‫عضوية حية ما بين الحزب والجماهير ‪.‬‬

‫فيما اذا اراد ان يكون قائدا حقيقيا لحركة الجماهير‬ ‫ان الحزب الثوري‬

‫بالجماهير‬ ‫ويستمر في كينونته هذه فانه مطالب بانجاز اوسع وأوثق الصلات‬
‫مستوعبا حاجاتها مدركا احاسيسها وامينا على تطلعاتها ومناضلا من اجل تحقيق‬

‫اهدافها ‪ .‬وبذلك فانه لا يكتفي بترجمة آمال الجماهير بل يعمل لتحويلها الـ‬
‫انتصارات متتالية وانجازات ملموسة •‬

‫واذا كان لا بد من تحديد صيغة العمل الجماهيري ‪ ،‬فانه من البداهة في مكان‬


‫ان صيغة العمل الجماهيري تختلف في كل مرحلة ‪ ،‬حيث ان لكل مرحلة شروطها‬
‫ففي ظل‬ ‫التي تتحدد فيها وعلى ضوئها صيغة العمل الراهن المنسجم مع المرحلة ‪.‬‬
‫ومهام ينبغي ان يلتزم بها الحزبيون ويعيشونها في‬ ‫النضال السري توجد شروط‬
‫حين تختلف هذه الشروط عن شروط العمل العلني وبعد استلام السلطة‬
‫واساسي هو ضرورة‬ ‫مشترك اعظم‬ ‫قاسم‬ ‫وفي كل الاحوال والمراحل يوجد‬
‫ادراك الوضع النفسي ( السايكولوجي ) للجماهير ‪ ،‬هذا الوضع الذي يقرره تاريخ‬
‫الجماهير وحياتها المعيشية ‪ .‬ومن الواضح والاكيد ان الجماهير لا تمتلك وضعا‬

‫نفسيا ثابتا وجامدا ‪ .‬لذلك فان المناضل يدرك خصوصية الوضع النفسي بما لدية‬

‫من قدرة على تشخيص حقيقة وواقع كل طبقة اجتماعية او مرتبة اجتماعية بما‬
‫‪.‬‬
‫يمكنه من اختيار انجح وسائل الاتصال والتحريك والتعبئة‬

‫ان العضو الحزبي في ادراكه واقع العامل بما هو عامل ‪ ،‬او واقع الفلاح بما‬
‫‪.‬‬
‫هو فلاح ‪ ،‬يكسبه نتائج جيدة في ميدان العمل التنظيمي‬

‫‪ -‬السنة الثالثة ‪ ،‬العددان الأول والثاني ‪۱۹۷۱ ،‬‬ ‫« الثورة العربية‬ ‫(‪)۱‬‬

‫‪١٥٢‬‬
‫ء معرفة الوقائع‬
‫اء‬‫ه ععننا‬
‫سه‬‫فس‬
‫نف‬ ‫لف‬
‫ف ن‬ ‫كل‬
‫يك‬‫فالعضو الحزبي لا معنى لعضويته فيما اذا لم ي‬
‫ومن خلالها فقط‬ ‫‪ .‬ومن خلال المعرفة‬ ‫الاجتماعية والعلاقات معرفة صحيحة‬

‫يتيسر للحزب ان يلج من باب رئيسي لانه بالامكانيات التي توفرها للمناضل الحزبي‬
‫في معرفة واقع الجماهير يمكن تحويل المشاعر التي تسبغها على الحزب الى عمل‬

‫تنظيمي ‪ .‬فتتم عقلنة جادة لهذه المشاعر التي لو ظلت مجرد مشاعر لما قدر لهـا‬
‫اي فائدة ‪.‬‬

‫وهنا نقف عند نقطة مهمة وهي ان اكتشاف الوضع النفسي للجماهير ليست‬
‫بالمهمة اليسيرة التي يعتقد البعض سهولتها ‪ .‬بل هي مهمة لا يمكن انجازها ‪ ،‬الا‬
‫عندما تتوافر عناصر حزبية واعية تكون دائما بمستوى مسؤولياتها وبمستوى‬
‫فالجماهير‬ ‫‪.‬‬ ‫القدرة على تجسيد مبادىء الحزب وتحويلها الى سلوك عملي منظم‬
‫لا تطمئن الا الى العناصر ذات الصفات العالية ‪ ،‬التي تعكس لها باستمرار ‪ -‬في‬

‫الخلق والسلوك ‪ -‬الصدق والالتزام والاستعداد الدائم للتضحية ‪ ،‬وهذا هو الذي‬


‫يحمل الجماهير على ان تجعل من هذه العناصر طليعة قائدة لها‬

‫ان مفهوم الطليعة يعني بالنسبة للحزب الثوري استقطاب الجماهير وقيادتها‬
‫دون أن يكون الحزب مبتعدا عنها او متعاليا عليها لان ذلك يحمل من الضرر مـــــا‬
‫تحمله حالة انجرار الحزب وراء الاحداث ووراء الجماهير ‪ .‬ان الحزب الثوري‬

‫يجب ان يؤشر الحدود ضمن منطق وجوده الثوري وضمن تطوراته ‪ ،‬واضعا‬

‫الفواصل بين مهمته وبين حاجات الجماهير وكذلك بين حاجات الجماهير ذاتها ‪،‬‬
‫واذا‬ ‫ليست هي الحزب‬ ‫ليس هو الجماهير كما ان الجماهير‬ ‫اي الحزب‬ ‫انه‬

‫كان الحزبي حسب هذا التحديد مطالب بالنضال من اجل ان يكون معلما متواضعا‬
‫‪-‬‬
‫لا تعني ‪ ،‬وفي كل الاحوال الا التلمذة اي‬ ‫صفة المعلم‬ ‫للجماهير فان هذه الصفة‬
‫ان يكون الحزبي تلميذا مخلصا للجماهير متعلما منها وعنها كل شيء‬
‫فالمناضلون لا يصبحون اساتذة الا في وضعية واحدة لا يمكن التناور معها‬
‫وهي ان يكونوا تلاميذ للجماهير اوفياء فعبقرية الجماهير لا تحد ‪ -‬وان افضل‬

‫المعلومات تؤخذ من خلال هذه العبقرية‬

‫كيف يتصل الحزبي بالجماهير ؟ بالدرجة الاولى وقبل كل شيء يجب أن لا‬
‫يصطدم مع مشاعرها وتراثها ويجب ان يلغي كل الحواجز بينه وبينها عن طريق‬
‫الاحترام الحقيقي لها لا عن طريق الاحترام الزائف والدعائي ‪ .‬ان هناك عزلة عن‬
‫الجماهير حصلت في بعض المناطق ‪ ،‬وقد يحصل ما يشبهها في اي وقت وذلك‬
‫لان هناك شعورا لدى بعض الحزبيين بانهم « فوق الجماهير » او « اوصياء » او « فئة‬
‫فانه‬ ‫‪ .‬ان شعورا مثل هذا فيما اذا قدر له ان‬ ‫مختارة » او « نخبة ممتازة‬
‫يعم‬

‫يشوه الجهاز الحزبي ويعمل على خلق انفصام تام بين الحزب وبين الجماهير ‪،‬‬
‫ويصل الامر بالحزب الى حد التحول الى مؤسسات تقليدية غير مجدية‬
‫ان هناك امثلة عديدة ‪ ،‬نستلهمها من واقعنا تفضح نوعية الشعور المنحرف‬

‫فالحزبي الذي يترفع بعد انتصار‬ ‫الذي يحمل معه اشد الاخطار للحزب والثورة ‪.‬‬
‫الثورة عن ارتياد الاماكن السابقة والاعتيادية ‪ -‬مثل المقاهي وسواها ـ وينخرط‬

‫‪١٥٣‬‬
‫في وضع جديد وعلاقات جديدة لم يعتدها سابقا ‪ 1‬مثل ارتياد الملاهي والمراقص ‪.‬‬

‫الخ ‪ -‬لا يقدر باي حال من الاحوال نيل احترام الجماهير وتقديرها ‪ .‬بل بالعكس‬
‫‪ .‬وكذلك حينما ينتقل العضو‬ ‫فان الجماهير تفقد ثقتها بأي عنصر من هذا القبيل‬
‫الحزبي بعد الثورة انتقالة مفاجئة ومستغربة من وضعه المادي العادي الى حالة‬

‫جديدة من الترف والبذخ فان الجماهير تقلق ازاء هذه الظاهرة ‪ .‬ان هذا لا يعني‬
‫ان العضو الحزبي محرم عليه تحسين وضعه المادي ولكن بشرط ان يكون ذلك‬

‫مشروعا ودون اي تجاوز على حقوق ومصالح الجماهير ودون اي تزييف لحقيقة‬

‫العنصر الثوري ومعناه ‪.‬‬


‫‪.‬‬
‫شخصية وفرصة‬ ‫مغانم‬ ‫لهم‬ ‫فالذين يتصورون ان انتصار الثورة يوفر‬
‫في مركز المسؤولية في الجمعيات او‬ ‫ينتهزونها او الذين يعتقدون ان وجودهم‬
‫النقابات هو ضمان لرفاه شخصي انما يشكلون خطرا جسيما على الحزب‬
‫ان التأكيد على الصلة الحية بين السلوك اليومي وبين الشعارات الثورية التي‬
‫يطرحها الحزب هو شرط اساسي لخلق الانسجام والثقة المتبادلة مع الجماهير‬
‫فالمناضلون‬ ‫‪.‬‬ ‫وهذا ينطبق على عموم الحزبيين سواء اكانوا قادة او من القاعدة‬

‫الذين عاشوا سابقا مع الجماهير في مشكلاتها ‪ ،‬راصدين حاجاتها لا يمكن لهم بين‬
‫عشية وضحاها ضرب سياج حولهم لا ينفتح على الجماهير الا في مناسبات خاصة‬
‫و قليلة‬

‫في‬ ‫ان الجماهير لتشعر بالتأكيد بأتم الارتياح ازاء المناضلين الذين تجدهم‬
‫والمكاسب الشخصية ‪ .‬اما الذين يقيسون‬ ‫هادفين تحقيق الامتيازات‬ ‫نضالهم غير‬

‫نضالهم بمقدار ما يحوزونه من مكاسب ذاتية فانهم يتعرون كليا امام رؤية الجماهير‬

‫ويبدون مجرد ادعياء أو متساقطين واحتياطي لاي ردة محتملة واية خيانة للثورة‬
‫وحزبها ‪.‬‬

‫للعضو الحزبي‬ ‫وهناك مسألة ضرورية تضاف الى مسألة السلوك اليومي‬

‫ان اللغة‬ ‫وهي مسألة اللغة التي يتحدث بها الحزبي للقطاعات الجماهيرية ‪.‬‬
‫ولذلك ينبغي ان تتوفر‬ ‫السياسية تظل حاجة اساسية في تتمة المهام الثورية‬
‫فيها الشروط التي تجعل منها لغة فاعلة حقا ‪ .‬ان اللغة التي يجب ان تكون مطابقة‬
‫والاحتياجات الجماهيرية لا‬ ‫لمقتضيات الوضع الجماهيري والوضع السايكولوجي ‪،‬‬
‫والكلمات المنمقة ‪ ،‬ولا هي‬ ‫هي باللغة المترفعة غير المفهومة التي تعتمد الشعارات‬
‫فادح وعدم قدرة على رفع مستوى‬ ‫باللغة المبتذلة المتهافتة التي تدلل على نقص‬
‫الجماهير ‪.‬‬

‫وبكلمة اخرى ان المنطق‬ ‫ان منطق الحزبي يجب ان تستوعبه الجماهير‬


‫ا‬
‫لذلك فالتوجه للعمال‬ ‫لحزبي فيما اذا لم تستوعبه الجماهير لا يكون بذي شأن ‪.‬‬
‫الخ ‪ ،‬يجب ان يحصل ضمن مقياس‬ ‫او الفلاحين او الطلبة او الكسبة مثلا‬

‫وسطي يراعي الواقع اولا ولا يكرسه ثانيا ‪ ،‬بمعنى انه يطوره وينهض به‬
‫ــة‬
‫ولذلك فان اللغة التي يجب ان يتحدث بها يجب ان تكون لغة مبسط‬
‫وواضحة حتى تصل الى الجماهير مباشرة ‪ .‬ان التبسيط المعنى هنا يجعل اللغة‬

‫‪١٥٤‬‬
‫قادرة على حمل قناعات الحزب وآرائه الى الجماهير ‪ .‬اما المصطلحات والتقعر‬

‫اللغوي فذلك ما لا تفهمه الجماهير بل تعتقده مجرد طلاسم ومعميات ومصطلحات‬

‫لغزية ‪ .‬ان للمصطلحات واللغة السياسية المركزة ميدانها الاخر ‪ .‬اما مع الجماهير‬
‫فيجب تطويع اللغة وتيسيرها حتى تعطي النتائج المرجوة ‪ .‬واذا كان الموضوع قد‬
‫تطرق الى ضرورة فهم الواقع السايكولوجي للجماهير والى اهمية اللغة عند التوجه‬
‫ثر كبير في النضال • وهي تدخل‬
‫للجماهير فان هناك وسائل اخرى عملية ذات ا‬
‫ضمن قناعات الحزب الثوري ‪ .‬من ضمن هذه الوسائل في التعبئة كشف المظالم‬
‫الاجتماعية وتقصي اسبابها ونتائجها بشكل ملموس تدركه جمهرة الناس المحيطين ‪،‬‬
‫‪..‬‬ ‫فالطفل الذي يمتهن صبغ الاحذية والمرأة المتسولة والشيخ الكسيح‬
‫في حياتنا اليومية من مآس بارزة ‪ ،‬كل ذلك كـــان‬ ‫والعديد من صور لا تحصى‬
‫قبل الحزب في زمن النضال السري وذلك للتحريك‬ ‫يستغل استغلالا كبيرا من‬
‫وفي ظروف استلام السلطة يجب‬ ‫‪.‬‬ ‫والتحريض وتوسيع قاعدة المعارضة الثورية‬

‫تغيير طابع القضية وذلك لمعالجة هذه الظواهر التي كانت ادانتها تتم من اجل ادانة‬
‫انظمتها ‪.‬‬

‫في السابق كان ممكنا تعبئة الجماهير من خلال رفض هذه المظالم اما بعد‬
‫ذلك فان هذا الرفض يجب ان يدخل التطبيق بتصفية المظالم الاجتماعية تدريجيا ‪.‬‬

‫كذلك حين توجد في بعض المؤسسات العمالية زيادة في ساعات العمل وقلة‬
‫فان‬ ‫في الاجور وعدم وجود ضمانات في حالات العجز والشيخوخة والاصابات ‪،‬‬
‫وحدها الجهة الثورية علما ان تطبيق هذا‬ ‫الجهة التي تتصدى لمواجهة ذلك هي‬
‫التصدي عمليا هو الذي يؤكد مدى ثورية تلك الجهة واقعيا ‪ ،‬وهو الذي يلف‬
‫فهو بالضرورة‬ ‫‪ .‬اما اهمال تشخيص الحاجات والنواقص‬ ‫حولها‬ ‫الطبقة العاملة‬

‫فيما اذا استدام‪ -‬يجعل الطبقة العاملة في مؤسسة او اخرى متباعدة عن‬
‫الحزب‬
‫فان المشاكل الاجتماعية‬ ‫وكذلك من المهم ملاحظة العمل الريفي للحزب •‬

‫للفلاحين لا تحصى وكذلك المشاكل الصحية والثقافية ‪ .‬وان توجه الحزب الثوري‬

‫في طريق معالجتها جذريا يعني رصدها واكتشاف جذرها ‪ ،‬لانه بدون ذلك ليس‬
‫ثمة معالجة حقيقية مخلصة ‪.‬‬

‫ان الخطوة الثورية التي تعالج أوضاعا خاطئة قد تحمل معها اخطاءها أو‬
‫سلبيات التطبيق ‪ .‬بمعنى ان المشاكل الاجتماعية ليست بسيطة ‪ ،‬وان اتباع‬
‫سوف يكفل لف قطاعات‬ ‫ن الربوية (مثلا‬
‫الديو)‬ ‫الخطوات الضرورية لمعالجتها‬
‫جماهيرية واسعة حول الحزب ‪ .‬الا ان حل المشاكل الاجتماعية لا يعني قيام حركة‬
‫ثورية رائدة مستمرة على هذا الاساس لان النضال لا يمكن ان يكون ذا حدود مهنية‬

‫نقابية ‪ ،‬مصلحية صرف ‪ ،‬بل ان النضال النقابي والنضال من اجل المصالح‬


‫في جوهره جزء من النضال الوطني والقومي‬ ‫الاجتماعية للعمال والفلاحين هو‬
‫‪ .‬انه وجه من وجوهه •‬ ‫والانساني في العالم‬
‫ان الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والفلاحين وقطاعات الشعب الحقيقية لا‬

‫‪١٥٥‬‬
‫يمكن ان يكون من طرف واحد هو طرف الحزب فقط بل انه يجب السعي من اجل‬

‫ايصال العمال والفلاحين الى درجة من الوعي بحيث يكونون بمستوى الحفاظ على‬
‫‪ .‬ان توعية العمال والفلاحين بحيث يدركون ان هناك مهاما‬ ‫الانجازات العائدة لهم‬

‫كثيرة تنتظرهم على راسها مهمة بناء النظام الاجتماعي القادر فعلا على ان يكون‬
‫معركة ظافرة لتصفية الاستعمار والصهيونية •‬

‫ان الربط بين النضال السياسي والنضال الاجتماعي والاقتصادي والعمل‬


‫ضمن منطق وحدة المهمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ‪ ،‬هي ضمان الصلة‬

‫واي اتجاه لتحويل‬ ‫المتينة ما بين الحزب والجماهير في تيار الثورة المتصاعدة ‪.‬‬
‫النضال من اجل الحقوق العمالية او الفلاحية او الطلابية ‪ ..‬الخ الى نضال‬
‫نقابی صرف او الى ميدان المصلحة الوحيدة الطرف هو تكبيد للثورة وحزبها‬

‫بشتى الاضرار ‪ .‬كما انه في النتيجة سوف يلحق الضرر حتى بالمصالح النقابية ‪.‬‬
‫لكل اشكال ومحتويات النضال‬ ‫بلورة عليا‬ ‫ان النضال السياسي عموما هو‬
‫الاجتماعية وغير الاجتماعية ‪ .‬وهو بالحقيقة تصعيد جدي للحركة الثورية والفاء‬
‫•‬
‫للتناقضات الفادحة التي تعزل الثورة عن الجماهير او تبعد الجماهير عن الثورة‬
‫ولا بأس من ذكر مسألة هنا وهي ان الثورات كثيرا ما تبرز في مسيرتها‬
‫المطالبات المهنية ‪ ،‬وكثيرا ما تنمو اصوات نقابية انعزالية ‪ ،‬لذلك فان الحزب الثوري‬
‫يجب ان يتمكن وبالممارسة من الغاء ذلك ‪ .‬ان الاهداف الاجتماعية والاقتصادية‬

‫الخ ‪ ،‬حينما تطرح امام الثورة فانها تطرح سياسيا على صعيد الشعارات السياسية ‪،‬‬
‫وان الثورة تعالج المعضلات وتتوصل الى الاهداف بفعل الوسائل السياسي‬
‫·‬
‫الداخلة ضمن التصور السياسي والبرنامج السياسي المرحلي‬
‫يصرف بطبيعة الحال العضو‬ ‫والتأكيد على موضوعة سياسية النضال لا‬

‫زيارة مرضى ‪ ،‬مساعدة‬ ‫الحزبي عن القيام باعمال قد لا تبدو ذات مغزى سياسي‬

‫بل ان العكس هو الصحيح‬ ‫محتاجين ‪ ،‬اشتراك في افراح او احزان الاخرين ‪ ..‬الخ‬


‫فمثل هذه الصلات الاجتماعية لا بد ان تقدم دلالة سياسية في النتيجة ‪ .‬انها‬
‫توثق رابطة الحزبي بالجماهير ‪ ،‬وقد يرد البعض قائلا ان مثل هذه الصلات انما‬

‫هي مسألة ذاتية لا قيمة لها ‪ .‬هنا نقول بكل تأكيد انها اولا ليست مسألة ذاتية ‪،‬‬

‫الحزب وتوطد مكانته‬ ‫وثانيا ‪ ،‬فيما اذا اخذت كمسألة ذاتية فانها تعزز « موضوع‬
‫وهذا‬ ‫‪.‬‬ ‫بين الجماهير ‪ ،‬فالحزب مجموع اعضائه ومجموع علاقات اعضائه ايضا‬

‫المجموع لا يعني المراكمة الكمية بل هو المجموع النوعي ‪ ،‬السياسي والثقاف‬


‫وضمن منطق العلاقات توجد وتتواجد اساليب كثيرة لخدمــــــة‬ ‫والاجتماعي‬
‫فتوزيع الصحف الحزبية والادبيات وتطوير الدعاية‬ ‫‪.‬‬ ‫الجماهير والثورة والحزب‬
‫لمبادىء الحزب وسياسته ونقل الافكار الحزبية الى المواطنين ‪ ،‬من اعمال العضو‬
‫ويؤخذ بعين الاعتبار ان ادبيات الحزب وصحيفته لا بد ان‬ ‫الحزبي المستمرة‬
‫‪.‬‬ ‫تتوجه الى الجماهير بمرونة وتطوير في اللغة‬
‫بمعنى ان اللغة لا يمكن ان تكون‬
‫واحدة فالجماهير الفقيرة ‪ ،‬العمالية والفلاحية ‪ ،‬يجب التوجه اليها بلغة قريبة الى‬

‫السائد هو التبسيط‬ ‫وهذا لا يعني ان الاسلوب‬ ‫مداركها ‪ -‬كما ذكرنا سابقا ‪-‬‬

‫‪١٥٦‬‬
‫‪-‬‬
‫وكذلك يتم التوجه الى المثقفين ‪ -‬في اركان خاصة مثلا من الصحيفة‬ ‫الدائم )‬

‫بلغة ذات مستوى ثقافي مركز‬


‫وبصورة أعم يجب القول بان المهم هو ايصال المضامين السياسية التي يقررها‬
‫واللغة اداة توصيل لها وان الاهتمام في طرح المواد التي تنشر سواء في‬ ‫الحزب •‬
‫وحينما تتعزز‬ ‫صحافة الحزب او ادبياته حينما تكون بلغة سلسة واضحة ‪،‬‬

‫بالامثلة وتنقل آراء الحزب الى المواطنين بدون عسر فان ذلك يؤول بالتدريج الى‬
‫عقد احسن الاواصر مع جمهور الشارع‬

‫والتأكيد على هذا الجانب لا يعني ان هذا يطرح اسلوبا دعائيا فحسب بل‬
‫اسلوبا تربويا ايضا لان الحزب عند ذلك يقدر على التشخيص الاجتماعي الثاقب ‪،‬‬
‫ويقدر على المعالجة الموضوعية‬

‫ان الادبيات فيما اذا كانت معقدة ‪ ،‬لا تعطي اية نتيجة وربما نجمت عنها‬
‫اخذت بالتأكيد‬ ‫قد‬ ‫والادبيات والصحف التي يوزعها الحزب‬ ‫فالبيانات‬ ‫‪.‬‬ ‫خسائر‬

‫‪ .‬وربما تعرض الكثير منهم ـ اي‬ ‫في تكوينها وتوزيعها‬


‫الكثير من راحة المناضلين‬
‫المناضلين ‪ -‬الى ابشع انواع العسف ودخلوا السجون من اجلها ‪ ،‬واذا كان لهذه‬

‫الادبيات ثمن هو ثمن التضحية بالرزق ‪ ،‬بالراحة ‪ ،‬بالحياة ‪ ..‬الخ) فيجب الحرص‬
‫على ان لا يذهب ثمن ذلك سدى ‪ .‬ان التضحيات لا بد ان تؤتي أكلها • وذلك‬

‫بخدمة الجماهير بتوضيح الحقائق لها ‪ ،‬بتوعيتها‬


‫القيـ‬ ‫تبرز نقطة هامة وهي‬ ‫وعبر موضوع ذكر الوسائل والاساليب‬

‫ففي اي مجتمع توجد قيم جديدة بازغة ‪ ،‬وقد تكون هناك قيم لا مبرر‬ ‫التقليدية ‪.‬‬
‫لوجودها وغير منطقية الا انها ذات وجود شعبي ضخم ‪ .‬ماذا يترتب هنا علــــى‬
‫الواقعية اولا وغير الصحيحة وغير‬ ‫العضو الحزبي ؟ هل يقف بوجه هذه القيم‬
‫العصرية ثانيا ؟ بذلك يكون قد خسر الجماهير لانه تصدى لها في تقليد كبير لها ؟ ‪..‬‬

‫ان العضو الحزبي لا يعيش على توتراته ولا تكون حياته مجرد مشاجرات حتى اذا‬
‫كانت دوافعه صحيحة ‪ .‬انه مطالب بدراسة كل ما هو موجود كظواهر كبيرة واخرى‬
‫صغيرة‬

‫ان على الدراسة المتأتية هنا ان تكون واعية تماما حتى توضح الرؤية ‪ ،‬وتفتح‬

‫الباب أمام المعالجة الصحيحة ‪ .‬ان طريق العضو الحزبي ليس طريقا ضيقا محدودا ‪،‬‬
‫يدرس العضو‬ ‫واذا لم‬ ‫‪.‬‬ ‫محاط من كل الجهات باشياء ومواضيع عديدة‬ ‫بل هو‬
‫الحزبي ذلك بروية وموضوعية فانه يكون في اخر الامر كخيول العربات التي لا ترى‬

‫الفاسدة يتطلب انتهاج الوسائل‬ ‫ان النضال ضد القيم‬ ‫‪.‬‬ ‫سوى (طريقها)‬ ‫امامها‬

‫العلمية والفعالة بحيث يتم تحويل الجماهير الى وضع صحي جديد ‪ ،‬اما عندما‬
‫تؤدي الوسائل المتبعة الى العزلة عن الجماهير ‪ ،‬فمعنى ذلك انها وسائل غير صحيحة‬
‫بل ومنحرفة ‪ .‬لان النضال يبتدىء من الجماهير وينتهي اليها‬

‫من الجلي ان بعض القضايا الاجتماعية لا يمكن ان تعالج من خلال الشعارات‬


‫الستراتيجية بل ان هناك مواقف تكتيكية ضرورية لاسيما في مرحلة دقيقة هي‬
‫مرحلة استلام السلطة وكسب التأييد الجماهيري ‪ .‬والتغيرات المستمرة قد تفرض‬

‫‪١٥٧‬‬
‫في الشعارات التكتيكية فيما يظل الشعار الستراتيجي محافظا على‬ ‫عدة تغيرات‬
‫صحته ‪ .‬ومن البديهي ايضا ان الشعارات الستراتيجية تتحدد بالمراحل الثورية‬

‫وبطبيعة القوى الاجتماعية صاحبة التغيير وبنوعية السلطة ‪ ،‬وان المواقف والمطالبات‬
‫الى مرحلة‬ ‫ما قبل الثورة‬ ‫تتغير تبعا لذلك ‪ ،‬وبذلك فان تغير المرحلة من مرحلة‬

‫(الثورة ) بقيادة الحزب يعني ان المطالبات السابقة لا يمكن ان تظل كما هي ‪ .‬زيادة‬
‫الاجور مثلا عندما يطرحها النقابيون العمال في عهد رجعي هي موقف سياسي‬

‫هام ‪ .‬ولكن عندما تتعرض الثورة في زمن حكمها الى هجوم شرس او تكالب في‬
‫ان دولة الثورة لديها‬ ‫‪.‬‬ ‫التآمر الاستعماري ‪ ،‬فان المطالبة هذه تبدو غير سليمة‬
‫مهمات كثيرة وهي مهمات متداخلة ‪ ،‬وحسب ذلك فان الشعارات والمطالبات يجب‬
‫ان تنطلق من وحدة المهمات ووحدة كيان الثورة ولا يمكن فصل شعار زيادة الاجور‬

‫تطهير‬ ‫فصله ايضا عن‬ ‫عن التآمر فيما اذا كانت هناك مؤامرة كبيرة ‪ .‬ولا يمكن‬
‫والمؤسسات وتنظيم الشركات والعلاقات ‪ ،‬ولا عن مصالح الفئات‬ ‫الجهاز الاداري‬
‫الاجتماعية الاخرى ‪ ..‬الخ ‪ .‬ان الحركة النقابية هي جزء من الحركة الشعبية‬
‫والحركة الشعبية تتزايد ضمن مسار الثورة والتآمر ضد سلطة الثورة تآمر ضد‬
‫الحركة الشعبية •‪ ،‬وهذا ما يغير النظرة الى الشعارات والمواقف التي لا تكون‬
‫جامدة‬

‫لا يمكن ان تكون حركة « فوق‬ ‫ان الحركة النقابية « في شعاراتها ومواقفها‬
‫سنديكالية » ‪ -‬اي نقابية – صرفة ‪ ،‬لان‬ ‫وكذلك لا يجوز ان تبقى حركة‬ ‫يسارية‬
‫ذلك يؤدي في الحالتين الى تخريب الثورة والحركة الجماهيرية‬
‫في توجيه الحركة النقابية وتعميق مسيرتها‬ ‫ويلعب الحزب دوره القائد‬
‫بشرط ان لا تتحول النقابات الى ملاحق للاجهزة الحكومية ‪ .‬ان كون الحزب موجها‬

‫ومرشدا للحركة النقابية لا يعني انه يستغرق في القضايا الصغيرة والكبيرة التي‬
‫تهم تلك المنظمات ‪ .‬بل انه فقط يضع الخط العام الذي على ضوئه تتهيأ للمنظمات‬
‫الخ) امكانية ادارة شؤونها ‪.‬‬ ‫عمالية او فلاحية او طلابية‬

‫وبلا شك فان النقابات والمنظمات تكون اكثر قدرة على ادراك مشاكل المجتمع‬

‫وهنا لا تلعب‬ ‫‪.‬‬ ‫فيما اذا سارت وفق برنامج الحزب الثوري وضمن خطه العام‬
‫النقابات والمنظمات دورها الكبير في فهم المشاكل ومعالجتها فحسب بل انها توفر‬
‫ايضا للحزب والثورة تعبئة جماهيرية صالحة ‪ .‬ان شعارات الحزب الثوري من‬

‫الممكن ان تتربى بها الجماهير فيما اذا تربت الحركة النقابية على الاصول الثورية‬
‫المشروعة التي يضعها الحزب لها ‪.‬‬

‫في الحركة النقابية فانه يجد امامه فرصة‬ ‫وبالنسبة للعضو الحزبي العامل‬
‫‪ .‬وهو بذلك لا‬ ‫متاحة بأوسع ما يمكن للاتصال بالقطاعات العريضة من الجماهير‬

‫بالافضلية ويجابه‬ ‫وبالتالي ينطلق عن حس‬ ‫يعمل وكأنه متحصن بحزبه ونقابته ‪،‬‬
‫فلأنه حزبي مناضل مطالب بان يتحرك‬ ‫‪،‬‬ ‫الجماهير بلغة يابسة ‪ ،‬بل على العكس‬

‫بمنتهى المرونة والبساطة والنقاء الثوري لان مساهماته ومساهمات رفاقه هي التي‬
‫تحدد الى حد كبير مستقبل الحزب والثورة ‪ .‬وان اهداف الحزب هي رهن في‬
‫في نقابة معينة انما يتعامل‬ ‫فالعضو العامل‬ ‫تحقيقها بنوعية المساهمات المذكورة ‪.‬‬

‫فهو لا يسمح لنفسه بأي حال من الاحوال‬ ‫باخلاص وتواضع مع النقابيين الآخرين ‪.‬‬

‫فقط بالسلوك الثوري الحقيقي هذا السلوك‬ ‫ان يكون متعاليا ‪ .‬بل يسمح لنفسه‬
‫الذي يشد النقابيين اللاحزبيين للحزب تدريجيا من خلال اعضاء الحزب الملتزمين ‪.‬‬
‫ان فهم ظروف العامل ومشاكله ورغباته هو من مهمات العضو الحزبي النقابي‬
‫في الميدان الفلاحي ان يدرس نفسية‬ ‫فان مهمات العضو الحزبي العامل‬ ‫وكذلك‬
‫الفلاح وتقاليده وطموحاته الفردية وما تلعبه الملكية الفردية في حياته من‬
‫تأثيرات ‪ ..‬الخ ‪ .‬بذلك فقط يكون العضو الحزبي متسلحا بالمعرفة ومستنبطـــا‬
‫الوسائل الصحيحة لتوثيق الصلة بالجماهير ‪ .‬فالعمل الجماهيري يتطلب بالاساس‬
‫اسة مستمرة لنفسية الجماهير ‪ ،‬ولاساليب العمل من جهة ثانية ·‬
‫در‬
‫ولا يمكن ان يكون الالتزام المبدئي مبررا لفقدان دور الحزب او العضو الحزبي‬
‫بمعنى انه ليس كافيا ان يكون العضو الحزبي مبدئيا ‪ ،‬انما يجب ان تكون وسائله‬
‫بمستوى الدفاع عن المبدأ الثوري ‪ .‬فهناك سياسة واقعية تستهدف بالنهاية حماية‬

‫دور الحزب ولذلك فان مسألة التكتيك والمرونة من المسائل التي يجب على العضو‬
‫الحزبي ان يدركها أتم الادراك ‪.‬‬

‫و فهم مسألة التكتيك من قبل العضو الحزبي تتطلب دراسة معمقة لكل قضايا‬
‫التكتيك مع عدم فصلها عن المسائل الستراتيجية الهامة ‪ .‬ان قضايا التكتيك صغيرة‬
‫كانت او كبيرة تدلل على جانب حيوي جدا من العلم الثوري ‪ ،‬وكلما توصل العضو‬
‫فهم متطلبات المرحلة‬ ‫الحزبي الى استيعاب مسائل التكتيك كلما كان متمكنا من‬
‫التي تجتازها الثورة ‪ .‬وفي التاريخ امثلة كثيرة تؤكد انه لولا صحة التكتيك فان‬
‫احتمال الفشل وارد بصورة ملحوظة ‪ .‬ان لينين عندما قدم بواسطة قطار الماني الى‬
‫روسيا كان ينطلق من ضرورة اخضاع الوسيلة والاسلوب والعلاقة للهدف الاساسي ‪.‬‬

‫وكذلك فان الحزب حينما اقدم على تفجير ثورة ‪ ۱۷‬تموز كان قد وعى الى اقصى‬
‫حد كيفية التكتيك للتخلص من النايف وزمرته في ‪ ٣٠‬تموز ‪ .‬وضمن هذا الافق‬

‫في فهم خطورة التكتيك فان العضو الحزبي سيكون متمكنا وبفعل دراسة مثمرة‬
‫‪ .‬ان كيفية التعامل مع الخصوم‬ ‫والجماهير‬ ‫من استعمال التكتيك لصالح الثورة‬

‫او مع العناصر الوسطية تدخل ضمن المنظور الثوري العام للمرحلة ‪ .‬ان النضال من‬
‫في استعمال التكتيك‬ ‫فائقة‬ ‫اجل مجتمع وحدوي اشتراكي يستوجب مهارة‬
‫فالتقدم والتراجع والبناء والتحالف ‪ ..‬الخ كلها مسائل لا يمكن ان تجد حلولها‬
‫الصحيحة الا اذا كانت هناك قدرة تكتيكية بارعة ·‬

‫لننظر في المثل الاتي ‪:‬‬


‫من حيث المبدأ يكون صحيحا كليا ان تتحول السلطة الى سلطة الحزب‬
‫الثوري ‪ .‬ولكن فيما اذا جرت محاولة لفرض ذلك لكان ذلك مدعاة لاخطاء عديدة‬
‫ربما تقود الى كارثة ‪ .‬فالسلطة قادرة على ابتلاع الحزب وصرفه عن مهامه لان كادر‬

‫الحزب اقل من ان يتمكن على ان يكون كادر السلطة كما ان السلطة تحتاج الى‬
‫الخ ‪ .‬وليس من المعقول ان يحل الحزبي‬ ‫قابليات وظيفية رسمية واقتصادية‬
‫لانه يفشل في‬ ‫الذي ليست لديه خبرة في وظيفة تتطلب خبرة بهذا الخصوص‬
‫ذلك ويضر السلطة والحزب كما يضر نفسه ايضا‬

‫ان هناك عناصر غير حزبية وربما لا تمتلك ميلا سياسيا تقدميا ولكن لديها‬

‫خبرة وامكانية ‪ .‬وعلى هذا الاساس فان الحزب معني بالاستفادة من اولئك ‪ .‬ولا‬
‫يمكن تشجيع نفرة الاشخاص وحتى اذا كان هناك شخص رجعي مثلا ولكن مصلحة‬

‫الثورة تقتضي الاستفادة من خبرة محددة لديه في ميدان محدد فان العضو يجب‬
‫ان يستقبل تلك الاستفادة بتفهم لا بتهيج عصبي ‪.‬‬

‫وهنا تبرز اهمية تعميم دراسة التكتيك ‪ .‬هذه الدراسة التي لا تحقق للثورة‬
‫للحزب فتوته وريادته ‪ .‬ومن البديهي‬ ‫وللجماهير اهدافها فحسب ‪ ،‬بل انها تحفظ‬

‫ان نجاح الثورة يتحدد اساسا بقوة تنظيم الحزب وقدرة هذا التنظيم على تجاوز‬
‫العقبات وحل التناقضات الذاتية والموضوعية‬

‫فالحزب في كل مرحلة من مراحل عمله ‪ ،‬وفي كل مرحلة من مراحل تطور‬


‫ولا يمكن له ان‬ ‫الثورة ‪ ،‬تتواجد لديه مهمات جديدة وكذلك معضلات جديدة ‪.‬‬

‫يكن مستعملا كافة الاساليب التي‬ ‫يجتاز الطريق بصورة صحيحة فيما اذا لم‬

‫تضمن وحدته التنظيمية اولا ووحدة تحركه العملي ضمن نقاوة المبدأ ثاني‬
‫واستقطاب الجماهير استقطابا موضوعيا ثالثا ‪.‬‬

‫وفيما اذا لم يع العضو الحزبي ذلك وظل متشبثا بمسائل جامدة لا يتزحزح‬
‫عنها فانه بذلك لا يجهل ابسط المعلومات عن ديالكتيك الحزب والثورة والجماهير‬
‫فحسب بل انه يجهل ايضا قوانين الحياة ‪ .‬ان الف باء النضال تتمثل في تصدي‬

‫العضو الحزبي لدراسة كافة الظواهر دراسة علمية وفي التخطيط للمواقف وتعميق‬
‫وضمن ذلك فان التنظيم الحزبي الجيد ‪،‬‬ ‫الوحدة الجدلية بين الفكر والممارسة ‪.‬‬
‫ورة‬ ‫وقدرته على ان يمد الثـ‬ ‫يبقى اكثر المعايير صدقا لقياس ثورية الحزب ‪،‬‬

‫والجماهير باستمرار ‪ ،‬بما هو أجدى وافضل‬

‫‪١٦٠‬‬
‫التعبئة الجماهيرية ( ‪) ١‬‬

‫ان جميع الاحزاب الثورية في مسيرتها وفي كفاحها من اجل تحقيق مبادئها‬

‫واهدافها دائما تسعى الى تعبئة الجماهير حول الشعارات المرحلية التي تطرحها ‪.‬‬

‫وحزبنا كسائر الاحزاب الثورية سواء في مراحل النضال السلبي او في مرحلة‬


‫انتزاع السلطة اي في مرحلة تحقيق الاهداف الوحدوية الاشتراكية ‪ ،‬يحتاج الى‬
‫تعبئة الجماهير وتحشيد طاقاتها ولفها حول الشعارات المرحلية التي يطرحها‬
‫ولذلك تحتل قضية التعبئة الشعبية اهمية كبيرة بالنسبة لحزبنا والتعبئة تشتمل‬
‫على ميادين متعددة قسم منها يتعلق بالتعبئة السياسية وقسم منها يتعلق بالتعبئة‬

‫ولكل قسم من هذه الاقسام اساليب في العمل ومهام يجب ان نكون‬ ‫الفكرية ‪.‬‬
‫‪ .‬ولا‬ ‫مدركين لابعادها ولحقيقتها ولكيفية طرح الشعارات ولف الجماهير حولها‬
‫يمكن الحديث عن جميع هذه الاشكال من اشكال التعبئة دون وجود الحزب الثوري‬

‫لان الحزب الثوري يمتلك النظرية ويسترشد بالمبادىء التي تجعله يمتلك القدرة‬
‫·‬
‫على طرح الشعارات التي تنسجم وكل مرحلة من مراحل النضال‬

‫الحزب الثوري هو الذي يحدد الهدف الستراتيجي ويحدد الشعار التكتيكي ‪..‬‬
‫ويعرف في اي وقت يطرح هذا الشعار وفي اي وقت يسحبه ‪ ،‬في اي وقت‬
‫‪ .‬ودون وجود النظرية الثورية‬ ‫يحدد هذه المهمة وفي اي وقت يستطيع انجازها‬
‫ودون وجود الخطة ودون وجود الستراتيجية البعيدة والاهداف والاساليب‬
‫وتشكل التعبئة‬ ‫والتكتيكات المرحلية لا يمكن للحزب الثوري أن ينجز مهامه‬

‫الفكرية اهم اشكال التعبئة التي ينبغي على الحزب الثوري ان يهتم بها باستمرار‬

‫لان الحزب الثوري في مرحلة النضال السري يواجه اشكالا من التحديات الفكرية‬
‫وفي مرحلة استلام السلطة ايضا يواجه مشاكل ويواجه مهمات جديدة‬
‫أن الاستعمار يركز على مهمة الغزو الفكري ولعل مراجعة كثير من دور الكتب‬

‫والنشر تجعلنا ندرك بان الاجهزة الاستعمارية تهتم اهتماما كبيرا بموضوع التعبئة‬
‫الفكرية المعاكسة‬
‫فلو رجعنا الى الصحف والنشرات والافلام والمجلات التي‬ ‫·‬
‫تصدر عن المؤسسات المشبوهة التي تتعامل مع المخابرات الامريكية لوجدنا انها‬

‫•‬ ‫‪ -‬السنة الثانية ‪ ،‬العدد الثاني ‪۱۹۷۰ ،‬‬ ‫« الثورة العربية‬ ‫)‪( ۱‬‬

‫في التنظيم والتربية الحزبية ‪١١ -‬‬ ‫‪171‬‬


‫وافساد‬ ‫تحاول ان تورط وان تشتري المفكرين والكتاب نتيجة اغرائهم وارشائهم‬
‫‪.‬‬
‫ضمائرهم في محاولة للتضليل ولتشويه حقيقة مطامح الجماهير ونضالها‬
‫اما الجهات الاجنبية والقوى الرجعية والامبريالية فهي دائما تحاول ان تتبع‬

‫الاساليب التي من شأنها ان تساعدها على ابقاء هيمنتها وسيطرتها ‪ .‬فيكفي‬


‫الصحف‬
‫لمؤسسة ثقافية من المؤسسات اذا تمكنت على الاقل ان تجمد صحيفة من‬

‫حتى تعتبر انها ربحت معركة‬ ‫في مهاجمة الاستعمار الامريكي‬ ‫صوتها‬ ‫وان تعطل‬
‫من المعارك وكذلك بالنسبة لكافة اشكال الدعايات الثقافية على صعيد السينما وفي‬
‫التلفزيون والراديو وغيرها من اساليب الغزو الفكري التي تحاول ان تؤثر على‬
‫افكار الجماهير وتحاول ان تزعزع معتقداتها وتزرع اليأس في نفوسها ‪ .‬لذلك فان‬
‫الحزب الثوري يجب دائما ان يضع المؤسسات الثقافية بيد العناصر النظيفة بيد‬
‫العناصر الكفوءة بيد العناصر المخلصة لمسيرته والقادرة على ان تحقق اهدافه لانه‬

‫بدون وجود الكادر القادر على ان يعبىء الجماهير في مجرى نضالها الفكري لا يمكن‬
‫ان يعتبر ان الحزب قد احرز انتصارا حقيقيا •‬

‫ان التعبئة الفكرية هي من اشق المهام التي تواجه الحركات الثورية لانها‬
‫تتطلب باستمرار الاجابة على جميع التساؤلات وعلى كافة التحديات التي تواجهها‬

‫الحركة الثورية سواء على الصعيد الايديولوجي أو على الصعيد الستراتيجي وحتى‬
‫على صعيد الشعارات التاكتيكية لان الحزب الثوري تتجسد ثوريته من خلال‬
‫ودون‬
‫الشعارات والآراء الناضجة والتحليلات السديدة التي يقدمها للجماهير‬
‫وجود فكر واضح ونير ودون وجود اهداف معلومة للحزب الثوري ودون تثقيف‬
‫مستمر بها لا يمكن الحديث عن تعبئة فكرية مطلقا •‬

‫والدعوات التي تبنتها حركات‬ ‫لو راجعنا كثيرا من الكتب التي صدرت‬
‫للاحظنا بان هناك كثيرا من الاتجاهات الهادفة لتزييف النضال‬ ‫سياسية واحزاب‬

‫الحقيقي للجماهير ‪ .‬فنلاحظ بين آونة واخري ان هنالك من يدعو الى الاشتراكية‬
‫الرشيدة او الاشتراكية الاسلامية او الاشتراكية الافريقية التي يتبناها سنكور او‬
‫فطبعا هذه الظواهر بحاجة الى‬ ‫الاشتراكية الدستورية التي يتبناها بورقيبة ‪.‬‬
‫البزاز حينما تبنى‬ ‫‪.‬‬ ‫تعرية مستمرة وكشف حقيقي لطبيعة هذه الشعارات‬
‫الاشتراكية الرشيدة لم يكن يقصد مطلقا ان يحاول تحطيم الرأسمالية وانما هي‬

‫محاولة يريد من خلالها ادامة عمر الرأسمالية واستمرارها في تحكمها واستغلالها‬


‫للجماهير فلذلك رأيناه باسم الاشتراكية يحارب الاشتراكيين ‪ .‬وكذلك هنالك من‬
‫نلاحظ انه بعد تصدع الوحدة ووقوع الانفصال بين مصر وسوريا قد طرح شعار‬
‫الوحدة التامة ليستبعد الوحدة بين مصر وسوريا من جديد •‬

‫ان هذه الشعارات كانت محاولة لاجهاض الهدف المرحلي ‪ ،‬وكذلك ايضا‬

‫نلاحظ ان الحزب الشيوعي قد طرح في العراق شعار الاتحاد الفدرالي كبديل‬


‫فطبيعي ان هذه التشويهات لا بد ان تواجه بتحليل صائب‬ ‫للوحدة بعد ‪ ١٤‬تموز‬

‫يفضح حقيقتها حتى تتمكن الجماهير ان ترى الأمور على حقيقتها وان تقتنع بصحة‬

‫ما يطرحه الحزب وما يريد انجازه ‪ .‬وطبيعي ان نلاحظ ان التجربة الناصرية بالرغم‬

‫‪١٦٢‬‬
‫انها تتبنى شعارات الوحدة والحرية والاشتراكية الا اننا نجد ان هنالك تباعدا‬

‫منطقنا ومنطقها بين اسلوبنا واسلوبها فالحركة الناصرية بالرغم من انها تتبنى‬
‫هذه الشعارات الا انها من حيث الجوهر حركة يمينية وان كانت تكتسب في‬

‫ظاهرها مظهرا يساريا فهي حركة يسارية المظهر يمينية الجوهر ‪ .‬فطبيعي ان‬
‫الحزب مطالب باستمرار بكشف الاخطاء المميتة والشعارات المضللة للجماهير ‪ ،‬الا‬

‫ان هذا لا يعني اننا يجب ان نفتح النار على الفئات الوطنية التي نختلف معها وان‬
‫تفتعل المعارك التي لا تستلزمها ظروف المرحلة بل ان نكتفي بان نواجه آراءها بنقد‬
‫واذا وقفت بعض‬ ‫الجماهير من تعرية الاخطاء الموجودة بها ‪.‬‬ ‫صائب حتى تتمكن‬
‫القوى الوطنية المواقف السياسية الصائبة المنسجمة مع متطلبات المرحلة فان على‬

‫الحزب أن يشجعها على ذلك وان يطري موقفها امام الجماهير ‪ ،‬الا اننا في الوقت‬
‫الذي نحرص فيه على التنسيق مع هذه القوى الا انه يجب ان لا نسكت مطلقا عن‬
‫اخطائها سواء كانت النظرية او كانت السياسية او كانت التاكتيكية التي تواجهه‬
‫حركة الجماهير‬
‫هذا بالنسبة للتعبئة الفكرية اما بالنسبة للتعبئة السياسية فانها ترتبط‬
‫ارتباطا اساسيا بتحديد طبيعة المرحلة ومهمتها وتحديد الهدف الستراتيجي‬

‫وتحديد الشعار التكتيكي لانه بدون تحديد سليم لهذه القضايا لا يمكن الحديث عن‬
‫·‬
‫تعبئة سياسية بالمعنى العلمي والثوري‬
‫فالحزب الثوري يواجه مهمات كثيرة بعد انتقاله الى السلطة وهو لا يستطيع‬

‫ان يجابه مهمة تعبئة الجماهير لانجاز اصلاح زراعي جذري كما يجابه مهمة تحقيق‬
‫الاستقلال الاقتصادي ومهمة مواجهة الاحتكارات البترولية ومهمة العقلية العشائرية‬

‫في داخل المجتمع ‪ ،‬من‬ ‫والاتجاهات القبلية والاتجاهات الشوفينية التي تعيش‬
‫دون تعبئة سياسية تركز على الآراء الصائبة التي يتبناها الحزب‬

‫فعلى سبيل المثال يطرح الحزب بعد ‪ ۱۷‬تموز شعار تصفية شبكات التجسس ‪،‬‬

‫وعلى الرغم من ان تصفية شبكات التجسس هي من المهام التي تنتظر اي حركة‬


‫وطنية الا انه يشكل في المرحلة الراهنة سلاحا من اقوى اسلحة التحدي للقوى‬
‫الصهيونية والاستعمارية ومحاولة لقطع الطريق امام اية ردة محتملة ‪ ،‬استطاع‬
‫وقد لمسنا الاثر الذي‬ ‫ان يعبىء الجماهير حول الثورة وباتجاه المعركة المصيرية ‪.‬‬

‫لفها حول الثورة وفي تعبئتها حول هذا‬ ‫تركه هذا الشعار لتعبئة الجماهير وفي‬
‫وقد كان ذلك دليلا على صوابه لان الشعار الصائب هو الشعار‬ ‫‪.‬‬ ‫الشعار نفسه‬

‫الذي يستطيع ان يكسب اوسع الجماهير الى الحزب الثوري وان يشدها حوله وان‬
‫يمتن روابطه معها ‪.‬‬

‫بعض الشعارات حينما يتبناها الحزب الثوري يجد نفسه انه قد عبر بوضوح‬
‫فبعد نكبة الخامس من حزيران هنالك بعض‬ ‫عن اهداف الجماهير وتطلعاتها ‪،‬‬

‫الحركات السياسية وافقت على قرار مجلس الامن في حين ان حزبنا قد رفض‬
‫لمجابهة اخطار التحدي‬ ‫الكفاح المسلح‬ ‫هو‬ ‫هذا القرار واعلن بان الطريق الوحيد‬
‫ولقد رأينا كيف ان هذا الشعار قد استطاع ان يستقطب‬ ‫الامبريالي الصهيوني‬

‫‪١٦٣‬‬
‫اوسع الجماهير وان يعبئها وان ينمي من قدراتها وان يعزل كل الاتجاهات التي‬
‫يمكن ان توافق على هذا القرار ‪ .‬هذا الشعار ‪-‬‬
‫شعار الكفاح المسلح ـ استقطب‬
‫جميع العناصر الثورية التي تملك الاستعداد الدائم للتضحية وللبذل والعطاء اما‬

‫الشعارات التي كانت تميل الى الموافقة على الحلول الاستسلامية فلم تستطع ان‬
‫تعبيء سوى القوى الرجعية والقوى العميلة للامبريالية ‪ .‬فالشعار الحقيقي هو‬
‫ومنظماتها السياسية والمهنية والنقابية‬ ‫فرزا حقيقيا ما بين الجماهير‬ ‫الذي يحقق‬

‫‪ .‬كذلك فيما‬ ‫وما بين القوى الرجعية والقوى الامبريالية وما تمثله من مؤسسات‬

‫يتعلق بالشعار الذي طرحه الحزب حول الحل السلمي الديمقراطي للمسألة‬
‫هذا الشعار كسب اعدادا كبيرة من الجماهير واشعرها بأنه شعار يعتبر‬ ‫الكردية ‪.‬‬

‫الشعارات المرحلية التي يجب تحقيقها وانجازها لان الجماهير في المنطقة‬ ‫من أهم‬
‫الكردية او الجماهير العربية لا تجد من مصلحة الثورة حروبا لا ناقة لها فيها ولا‬

‫جمل ‪ .‬اضافة الى ذلك ان الجماهير الكردية تعبت ايضا من ظروف القتال اللامجدية‬

‫لذلك فان شعار الحل السلمي استقطب كل القوى الخيرة كل القوى الداعية الى‬
‫احلال السلام ‪ .‬اضافة الى ذلك ان القوى المعادية لهذا الشعار ‪ ،‬القوى التي‬
‫تستفيد من الحرب تعمل دائما وباستمرار الى الحيلولة دون وضع هذا الشعار‬

‫موضع التنفيذ لان القوى المستفيدة من الحرب لا يمكن لها ان توافق على ان يحل‬
‫السلام في هذه المنطقة والقوى المستفيدة من الحرب سواء كانت قوى عشائرية او‬
‫عناصر الاقطاع التي تجد ان احلال السلام واحلال سلطة الدولة في تلك المنطقة‬
‫يعني القضاء على نفوذها والقضاء على مصالحها وتصفية وجودها في هذه المنطقة‬
‫فهي تحاول ان تضع العقبات في طريق الحلول السلمية ‪ .‬بعض العناصر المستفيدة‬
‫من الحرب لهم ولاء مزدوج للحركة المسلحة من جهة وللدولة من جهة اخرى وهذه‬
‫العناصر تستلم الاموال من الدولة اضافة الى وجود الخيوط التي تربطها مع‬

‫قطع الرواتب وانتهاء عملية‬ ‫الحركة المسلحة واحلال السلام يعني بالنسبة اليها‬

‫وابدا على ان تضع العقبات‬ ‫ولذلك فهي تحرص دائما‬ ‫استنزاف موارد الدولة ‪.‬‬
‫في طريق تحقيق هذا الشعار وكذلك ايضا فان جميع العناصر التي تخشى ان‬

‫تدخل الثورة بعد حل المسألة الكردية في مرحلة التطبيق الاشتراكي يعتبرون احلال‬
‫السلام امرا يتعارض وما تهدف اليه مصالحهم ويعتبرون استمرار القتال وسيلة‬
‫من الوسائل التي تستنزف امكانية الحكم وتتعب الثورة وتجعلها غير قادرة على‬
‫تحقیق مهمات البناء التي يحتاجها شعبنا وبلدنا‬

‫وطبيعي ان الحزب الثوري في نضاله من اجل مهام التعبئة الفكرية والسياسية‬


‫يجب ان يعتمد اساليب كثيرة في انجاز هذه المهام عن طريق الصحف والاذاعة‬
‫والتلفزيون او المسارح او عن طريق الندوات المفتوحة بين الحزب والجماهير أو عن‬
‫طریق مجالس الادارات أو عن طريق العمل داخل المؤسسات الثقافية او المؤسسات‬

‫طریق مجالس الادارات او عن طريق العمل داخل المؤسسات الثقافية او المؤسسات المهنية‬
‫والمؤسسات الشعبية وغيرها من الوسائل التي تشكل جسورا بين الحزب وبين الجماهير‬
‫فالحزب‬ ‫‪.‬‬ ‫والثقافية ترتبط بدورها بالتعبئة المهنية‬ ‫ان التعبئة السياسية‬

‫الثوري يجب دائما ان يحول عمل الجماهير الى عمل منظم لان التنظيم في حياة‬
‫‪١٦٤‬‬
‫الجماهير يعتبر كل شيء والجماهير بدون التنظيم تعتبر لا شيء ومعنى انها لا شيء‬

‫يعني ان نضالها يبقى نضالا عفويا ونضالا غير هادف ‪ .‬ولكي يكون نضال الجماهير‬

‫نضالا منظما وهادفا يجب ان توجد المؤسسات التي تستطيع الجماهير من خلالها ان‬
‫تعبر عن مصالحها وعن مطامحها وعن اهدافها ‪ .‬من هذه المؤسسات هنالك‬

‫الاتحادات المهنية سواء كانت اتحادات العمال او اتحادات الفلاحين واتحادات الطلبة‬
‫او اتحادات الشبيبة او اتحاد النساء وما الى ذلك ‪ ..‬ولكل من هذه المؤسسات دور‬

‫في تعبئة الجماهير ‪ .‬الا ان اساليب التعبئة في مجال العمل المهني تحتاج الى‬
‫مرونة والى وعي يكون الحزب الثوري مرشدا وواعيا وموجها لا مسيطرا لان‬
‫السيطرة وجعل المؤسسات والمنظمات ذيلا سواء للحزب او للسلطة من شأنها ان‬

‫تعطل دورها وان تجهض امكانياتها وان تشل طاقاتها وتقمع مبادراتها الثورية‬

‫الحزب الثوري يجب دائما ان يطرح الشعار الصائب ودائما يجب ان يعتمد‬

‫الاسلوب الصائب ويجب في الوقت نفسه ان لا يستعجل الامور بتهور لان الحزب‬
‫الثوري يجب ان يعرف انه يجب ان يعالج الامور من زاوية النظر الى تحقيق المهام‬
‫البعيدة ولذلك يجب ان لا يندفع الحزب الثوري وراء حركة الجماهير العفوية وان‬
‫فعلى سبيل المثال نأخذ الاتحاد‬ ‫يكون مرشدا لها وان يكون موجها لا مسيطرا ‪.‬‬
‫العام لنقابات العمال ‪ ،‬لا شك ان الطبقة العاملة عانت من الاضطهاد وعانت‬
‫فان هذه الطبق‬ ‫لذلك‬ ‫الجوع وعانت من الحرمان وعانت من الفقر والبؤس ‪.‬‬

‫قد تكون مندفعة ومتسرعة في تحقيق‬ ‫فانها‬ ‫الاجتماعية اذا لم يقدها حزب ثوري‬
‫حساب نجاح المرحلة وحساب تحقيق‬ ‫وانجاز بعض المكاسب اليومية والآنية على‬
‫فالحزب الثوري لا يجوز ان يركض امام الجماهير بدون وعي وبدون‬ ‫الهدف الابعد ‪.‬‬

‫تخطيط بل يجب انيكون قائدا لها فلا يبتعد عنها ويبقى ملازما ومرشدا وموجها لها ‪.‬‬
‫والارشاد في هذا المجال يعني ان يخلق لديها حس التمييز والتوفيق بين المطالب‬
‫الآنية والاهداف البعيدة ·‬

‫ان الحزب الثوري يجب دائما ان يستشعر حاجات الجماهير وان يعرف‬
‫بالضبط ماذا تهدف اليه ولكن دور الحزب الثوري يجب ان يكون صمام الامان يجب‬
‫أن لا يجعل الجماهير تندفع بمعزل عن القوى الحقيقية وبمعزل عن الامكانيات‬
‫فان الحزب يجب ان يفتش عن وسائل اخرى لارشاد‬ ‫المتوفرة بالاضافة الى ذلك‬

‫بالسلطة الثورية او في النقابة ‪ ،‬لان القضايا الماديـــــــة‬ ‫الجماهير بجعلها ترتبط‬


‫فاذا بقي ارتباط الحزب‬ ‫والمصلحية ‪ ،‬امور سرعان ما تتحمل التقلبات ‪،‬‬
‫بالجماهير من خلال اعطاء المكاسب فقط فمعنى ذلك ان الحزب سوف يعجز عن ان‬

‫يبني حركة ثورية وان يبني نظاما سليما وقادرا على الاستمــــــرار لانه قد عود‬
‫الجماهير على العلاقة النفعية فما عادت تحركها الا المصالح الآنية والمصالح الذاتية ‪.‬‬

‫ان الجماهير تطالب الحكم الثوري بكثير من المستشفيات والمدارس وبأن يتخذ‬
‫لتأمين مستلزمات حياتها ‪،‬‬ ‫التدابير اللازمة لتخفيض ولتوفير السكن بأجر زهيد‬

‫فطبيعي ان يولي الحزب هذه المطالب اهتماما خاصا كجزء من استراتيجية الثورة‬
‫وضمن الحدود التي تجعل الثورة تسير بطريق سليم وتجعل الجماهير مرتبطة بها‬

‫‪١٦٥‬‬
‫وهنا يأتي دور الحزب داخل المؤسسات المهنية والنقابية‬ ‫ارتباطا واعيا ومسؤولا ‪.‬‬

‫في التوضيح والتوعية وشرح سياسته التي ينتهجها في ظروف من هذا النوع ‪.‬‬
‫ان يجرد حملة واسعة لمكافحة كل ما يعيق عملية التوعية للجماهير سواء بفتح‬
‫مدارس لمكافحة الأمية او عن طريق الندوات الشعبية والمواجهة المستمرة المفتوحة‬

‫والاستعانة بالمؤسسات النقابية ‪ ،‬وطبيعي ان يحرص الحزب‬ ‫‪،‬‬ ‫والمنظمة للجماهير‬


‫فالمؤسسة الحزبية لا يجوز‬ ‫على ان يشعر هذه المؤسسات بشخصيتها المستقلة ‪.‬‬

‫ان تحل محل المؤسسة النقابية والا فاننا سوف نجد انفسنا قد ابتعدنا او عزلنا‬
‫انفسنا‬
‫عن أوساط واسعة من الجماهير كانت مستعدة لدعمنا ·‬

‫في معمل من‬ ‫يستطيعون نتيجة لقلة عددهم‬ ‫قد لا‬ ‫ان الرفاق الحزبيين‬
‫المعامل او لسبب قلة وعيهم غير قادرين على ان يكسبوا غالبية جماهير العمال الى‬
‫ففي هذه الحالة يجب ان نفتش عن طريقة اخرى يجب دائما ان نفتش‬ ‫جانبهم‬
‫داخل المؤسسة العمالية عن العنصر الذي تثق الجماهير به وعن العناصر التي‬
‫تستطيع التأثير في الجو العمالي حتى نستقطبها الى جانبنا ونمارس دور الموجه لها ‪.‬‬
‫ومحاولة تزييف ارادة العمال وارادة‬ ‫اما محاولة احلال الحزبيين دوما‬

‫الجماهير بأي شكل كان فهي عملية تعطل الثورة وتعطل كثيرا من الطاقات التي‬
‫امكانياتها وتعزيز نهجها وضمان‬ ‫ينبغي ان توضع في خدمة الثورة لتطوي‬
‫استمرارها‬

‫فقد يفتقر حزبنا في بعض الاماكن الــــــى‬ ‫كذلك الامر في صفوف الفلاحين‬
‫فهل يعني ان الحزب يجب ان يعطل الجمعيات الفلاحية بانتظار‬ ‫الكادر الفلاحي‬
‫ميلاد هذا الكادر الحزبي او انه يجب ان يبرز العناصر التي تحظى بثقة الفلاحين‬
‫واحترامهم وان يمارس توعية مستمرة في الزيف حتى يمكن ايضا ان يستقطب من‬
‫في مهمته‬ ‫هذه الخامات الجديدة عناصر يمكن لها أن تستمر وان تساعد الحزب‬
‫وفي مسيرته ‪..‬‬

‫الشباب العنصر الخام الذي ينبغي علـــى‬ ‫كذلك ايضا بالنسبة للشباب‬

‫الحزب الثوري ان يوليه عناية خاصة وكبيرة لان هذه الطاقات الجديدة الطاقات‬
‫الواعية التي تتوفر فيها الامكانيات الكبيرة للنمو ولطرح الآراء الناضجة فهي بحكم‬
‫حداثة عهدها وتفتحها وقدرتها على ان تتفهم حاجات الناس اكثر من العناصر التي‬
‫فان الاهتمام بهذا العنصر يشكل احدى المهام التي تواجه‬ ‫لذلك‬ ‫اتعبها النضال ‪.‬‬
‫الثورة وتواجه الحزب اذ بدون تعبئة هذا القطاع لا يمكن ايضا للحزب الثوري ان‬

‫يضمن ديمومته واستمرار كسبه للجماهير وان يزج بطاقات جديدة في خضم العمل‬
‫النضالي ‪ .‬وكذلك ايضا بالنسبة للنقابات المهنية الاخرى سواء كانت نقابات الاطباء‬

‫او الصيادلة او المهندسين ‪ ،‬فان الحزب بالرغم من انه يعتبر هذه القطاعات قطاعات‬
‫من البورجوازية الصغيرة الا ان المرحلة تؤكد على ضرورة ربط نضالها ايضا بنضال‬
‫الجماهير الكادحة لان اي عزل لنضال هذه الفئات قد يخلق فرصا ومجالات كثيرة‬
‫للردة ويؤدي بالتالي الى خسارة جهود ومساهمة تلك القطاعات ويعطل دورها وهي‬
‫والحزب الثوري بقدر ما يزرع من‬ ‫القطاعات المتنورة والواعية في هذا المجتمع ‪.‬‬

‫‪١٦٦‬‬
‫ثقافة ثورية وفكر ثوري في هذه الفئات يستطيع ان يشد نضالها وان يعبىء قواها‬
‫فهو اذن مطالب باستمرار بأن يولي هذه القطاعات عناية خاصة وان‬ ‫الى جانبه‬

‫يتفهم حاجاتها ومشاكلها وان لا يجعل حدود نضالها ضمن مصالحها الضيقة بل ان‬

‫يفهمها بان نضالها واستمرارها مرتبط ارتباطا أساسيا بنضال الطبقة الكادحة وان‬

‫عزل نضالها عن نضال الطبقة الكادحة يفتح الثغرات والفجوات التي تتسلل منها‬

‫القوى المعادية وقوى الردة لضرب الثورة وتعطيل مسيرتها‬


‫ان الحديث عن المنظمات المهنية يجب ان لا ينسينا مطلقا الحديث عن العمل‬

‫في صفوف النساء فالمرأة تشكل نصف المجتمع وعلى الحزب ان يولي هذه الطاقة‬
‫شبه المعطلة عناية خاصة وان يعمل على تعبئة هذا القطاع وان يعمل باستمرار على‬

‫الثقافة النيرة والثقافة الثورية في صفوف هذا القطاع وان لا يعزل نضال‬
‫ان يزرع‬
‫وفي‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ث‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫في حم‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫ا‬ ‫س‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫دو‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ة‬ ‫أ‬ ‫ن‬
‫لا المر تل‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ض‬ ‫ن‬ ‫المرأة عن‬
‫انجاز الانتصار الذي يهدف الحزب الى تحقيقه ‪ .‬ولا يمكن الحديث عن تعبئة‬
‫نضاله بنضال القطاعات العمالية والفلاحية‬ ‫حقيقية دون تعبئة هذا القطاع وربط‬

‫والمهنية الاخرى ‪ .‬لانه لا يجوز ان نعزل نضال نصف المجتمع عن النصف الآخر ‪،‬‬
‫‪.‬‬
‫فالنضال كل مترابط ويكمل بعضه الاخر‬
‫فالحديث عن التعبئة المهنية والتعبئة الوطنية والقومية يقودنا الى الغاية‬

‫الاساسية من التعبئة وهي مدى قدرة الحزب على ان يكون الرائد والموجه لجميع‬

‫اشكال النضال الذي تمارسه الجماهير‬


‫ما هي المهمات التي تواجه البلد وما هي المخاطر التي تنتظره ؟ وما هي التعبئة‬
‫المطلوبة التي تمكن الحزب من ان يحشد اغلب الطاقات واغلب الامكانيات وان يزجها‬
‫يونية ومع الرجعية ومع القوى المستغلة ·‬
‫ومع‬ ‫في المعركة مع الاستعمار ومع الصه‬

‫اننا نلاحظ في المرحلة الحالية ان العراق يجابه اخطارا كبيرة وتنتظره مهمات‬
‫كثيرة ‪ ،‬فعلى صعيد التحدي الكبير يواجه الحزب والثورة تحديات الخطر الامبريالي‬

‫الصهيوني ‪ .‬لذلك فان التعبئة الوطنية يجب ان تحتل المكان الاول في المهام التي‬
‫تنتظر الثورة ودون وجود تعبئة وطنية ودون وجود ترصين للجبهة الداخلية ودون‬

‫وجود تكاتف نضالي بين كافة القوى التي لها مصلحة في انجاز مهام الثورة وفي‬
‫تحقيق انتصارها التام لا يمكن ان ندعي باننا لم نبق ثغرات ينفذ منها الخصوم‬
‫فايران تواجهنا بتحد جديد وتحاول ان تنفذ الدور المرسوم‬ ‫وينفذ منها الاعداء ‪.‬‬
‫وكذلك هنالك الرجعية في‬ ‫بجر الثورة الى اكثر من معركة حتى تضعفها‬ ‫لها‬
‫السعودية وفي الكويت وهي تعمل بشكل مستمر ايضا لاسقاط الثورة وتغذية كافة‬
‫العناصر المعادية للثورة بالاضافة الى الحكم الاردني الخائن والحكم السوري الذي‬
‫يشكل التحدي الكبير بالنسبة للحزب لانه يرفع شعارات الحزب من جهة ومن جهة‬

‫في العراق معركة حياة‬ ‫ثانية يزيف هذه الشعارات ويعتبر ان معركته مع الحزب‬
‫ب ‪ .‬والحزب‬
‫نب‬ ‫جا‬
‫ان‬ ‫او موت ‪ .‬وهكذا فنحن نلاحظ بأننا محاطون بأعداء كثيرين من كل ج‬

‫الثوري الحقيقي هو الذي يحدد المهمات ويقيم التحالفات على ضوء الحاجات التي‬
‫تطرحها المرحلة‬

‫‪١٦٧‬‬
‫ماذا يريد الحزب في هذه المرحلة ؟ ان الحزب يهدف الى اقامة نظـــــــام‬

‫ديمقراطي ثوري وحدوي لان النظام الديمقراطي الثوري الوحدوي هو النظام الذي‬

‫ويبني الديمقراطية الشعبية ويهيىء الظروف‬ ‫الاستقلال الاقتصادي‬ ‫ينجز ويحقق‬


‫للانتقال الى الاشتراكية وبنفس الوقت ايضا يعمل على تهيئة الظروف اللازمة‬

‫الوحدوية‬ ‫لانجاز الخطوات‬

‫هذه السمة الاساسية لنضالنا الحالي تحدد القوى التي يمكن ان تكون مؤهلة‬
‫للتعاون مع الحزب في هذه المرحلة ‪ .‬وافضل شكل من اشكال التعبئة الوطنية هي‬
‫ان الظروف مهيأة لقيام الجبهة ولكن رغم ذلك فان‬ ‫‪.‬‬ ‫لا شك العمل الجبهوي‬
‫الوصول الى الجبهة عملية لا تخلو من مصاعب قسم منها يتعلق بمخلفات الماضي‬

‫يضاف الى ذلك‬ ‫والصراعات السلبية التي عاشها الحزب مع بقية القوى الاخرى ‪.‬‬
‫فحزبنا في هذه المرحلة‬ ‫‪.‬‬ ‫للاخطار المصيرية التي تواجه البلد‬ ‫عدم التقدير السليم‬

‫مطالب ان يكون في اعلى حالات اليقظة والحذر تجاه المخططات الاستعمارية الهادفة‬
‫الى تكريس النكسة والى تعطيل الحركة التقدمية ومطالب ان يحشد كل الطاقات‬

‫ونحن حين نتحدث عن‬ ‫الخيرة وكل الكفاءات النضالية وان يشركها في المعركة ‪.‬‬
‫صيغة « لبرالية » للعمل الجبهوي‬ ‫عن‬ ‫العمل الجبهوي لا يعني ذلك اننا نفتش‬
‫فنحن لا نريد ان تكون الجبهة عبارة عن تجمع لفئات ليس لها هدف نضالي موحد‬
‫فالحزب يجب‬ ‫يتجاوز حدود تقاسم الوزارات ولا يلعب فيها الحزب دورا قياديا ‪،‬‬

‫ان يكون قائد كل عمل ثوري وان يكون رائدا ولكن هذا لا يعني ان الحزب يجب ان‬
‫يفرض قيادته على الناس ‪ ،‬الحزب الثوري يجب ان يثبت بالدليل العقلي ومن‬
‫خلال امكانياته وقدرته على تعبئة الجماهير ومن خلال الآراء الناضجة والحلول‬
‫السليمة والمواقف الصائبة ‪ ،‬انه هو جدير بالقيادة‬

‫لان الحزب الثوري الذي لا يستطيع ان يطرح شعارا صائبا ولا يستطيع ان‬
‫يضع برنامجا صحيحا ولا يستطيع ان يحلل مرحلة ولا يستطيع ان يكسب الشارع‬
‫فاذن الحزب الثوري في الوقت الذي يحرص‬ ‫الى جانبه لا يستطيع ان يكون قائدا ‪.‬‬
‫على ان يحتل دائما دور الريادة والقيادة يجب دائما ان تتوفر فيه الصفات اللازمة‬

‫للقيادة ‪ .‬ولا يجوز الحديث عن مهمات من هذا النوع بدون ان نكون قادرين بأن‬
‫فقيادتنا للحركات الاخرى ترتبط ارتباطا شديدا بنضوج‬ ‫نحقق ما نطمح اليه‬

‫وبالشعارات السليمة التي نقدمها‬ ‫البرامج التي نطرحها وبالمنجزات التي نحققها‬
‫للجماهير وبالخطط المرحلية التي نجابهها وبالصلابة النضالية التي يمكن ان تشدنا‬
‫الى الجماهير تكسبنا عطف واحترام القوى السياسية والوطنية الاخرى ذاتها‬
‫وان التعبئة الوطنية تتطلب من الحزب ان يفتش عن الجسور التي يمكن ان تخلق‬
‫له روابط مع الفئات الوطنية الاخرى وان يفتش عن الصيغ التي تمتن علاقته وتزيد‬
‫روابطه وتزيل الحساسيات القديمة بينه وبين القوى التقدمية الاخرى ‪ .‬لان ترصين‬

‫الجبهة الداخلية لا تنحصر مهمتها في المحافظة على الاوضاع القطرية فحسب وانما‬
‫تتعلق بالدرجة الاولى بانجاز المهام القومية التي تواجه الحزب لان حزبنا حزب‬

‫قومي تقدمي ‪ .‬وكون الحزب قوميا فينبغي ان يعالج المسائل لا من زاوية المصالح‬

‫‪١٦٨‬‬
‫القطرية وانما من زاوية المصالح القومية وفي مرحلة مصيرية كهذه يجب ان يعتبر‬

‫حزبنا نفسه في حلف طبيعي مع كل القوى المعادية للصهيونية والاستعمار والرجعية‬


‫للدفاع عن كل مواقع الثورة العربية في فلسطين وفي الخليج العربي وفي كل شبر‬

‫في الوطن العربي يستلزم في‬ ‫من ارض الوطن العربي ‪ .‬ثم ان وجود الحزب‬
‫اللازه‬ ‫الوقت نفسه ان يراعي في عمله وفي سياسته وفي اجراءاته الشروط‬
‫فالحزب مطالب من اجل‬ ‫في المناطق الاخرى في الوطن العربي ‪.‬‬ ‫لانتصار الحزب‬
‫ان ينمي قدراته في الاقطار العربية الاخرى ان لا يقطع روابطه مع القوى التقدمية‬
‫الاخرى والعناصر الوطنية لان قسما من القوى الوطنية ذات طابع قومي وقسم‬

‫فبالنسبة للقوى القومية يجب ان يأخذ الحزب بعين الاعتبار‬ ‫منها ذات طابع اممي ‪.‬‬
‫قد يؤدي الى خلق معركة للحزب في الاقطار الاخرى‬ ‫ان الدخول في معركة معها‬
‫فان الصراع‬ ‫كذلك بالنسبة لصراع الحزب مع القوى التقدمية ذات الطابع الاممي‬
‫معها في الداخل قد تكون لها نتائج سلبية ايضا في الخارج وخاصة بالنسبة للحركة‬
‫الثورية في العالم ‪.‬‬

‫فالحزب مطالب اذن بان يخلق المناخ اللازم لنموه وتهيئة افضل الظروف‬
‫اللازمة لتحقيق انتصاره ‪ ،‬لذلك تشكل مسألة التعبئة في المرحلة الراهنة اهــــم‬
‫المسائل التي تواجه الحزب ولا يمكن الحديث عن انجاز مهمات ثورية بدون وجود‬
‫تعبئة ثورية ‪ .‬والتعبئة الثورية يجب ان يحشد لها الحزب جميع الكوادر وجميع‬

‫الحزبيين وجميع العناصر المناضلة والشريفة في هذا القطر لانه لا يمكن مواجهة‬
‫ويجب ان لا نستهين‬ ‫خطر استعماري صهيوني بدون تحشيد افضل الكفاءات‬
‫من‬ ‫ة‬ ‫ك‬ ‫حر‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ة‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫بقوى الردة والقوى المعادية بحيث نعتمد اساليب متعددة‬

‫تحركاتها وان نكبح جماحها وان نحول دون تحقيق انتصارها وان نضع المصلحة‬
‫يجسد في سلوكه‬ ‫فوق اي اعتبار اخر لان الحزب الثوري اذا لم‬ ‫الوطنية العليا‬
‫والقضاء على‬ ‫وفي سياسته وفي عمله المطامح الوطنية يعني انه قد خان الامانة‬

‫قوى الردة وقوى العمالة يعني القضاء على كل مظاهر نشاطها ودعاياتها وأساليبها ‪.‬‬

‫كما ان المنجزات الثورية هي السبيل الاقوى سواء للتعبئة الثقافية او التعبئة‬


‫السياسية او التعبئة الوطنية او التعبئة الفكرية لان الشعارات التكتيكية لا تغني‬

‫فالانجازات هي التي تخلق‬ ‫‪.‬‬ ‫عن الانجازات التي يحققها الحزب الثوري في الحكم‬
‫مناخا لنمو الحزب وهي التي تلهب حماسة الجماهير وتدفعها بالثقة والاعتزاز‬
‫بالحزب لان الشعارات اذا ما ترجمت الى اعمال اصبحت مرکز استقطاب وجذب‬
‫سيما اذا جاءت في الوقت المناسب كالاعتراف بالمانيا الديمقراطية ووضع الجيش‬
‫يشخص‬ ‫هو الذي‬ ‫فالحزب الثوري‬ ‫تحت تصرف المنظمات الفدائية ‪..‬‬ ‫العراقي‬

‫المهمات وهو الذي يستشعر حاجة الجماهير وهو الذي يتفاعل معها في اجراءاته‬

‫ويعبر عن طموحها بينما الاحزاب الاصلاحية تحاول ان تجهض النضال الثوري‬


‫‪ .‬بعض‬ ‫وتحاول ان تضع العقبات في طريق الاستمرار بالثورة حتى النصر الاخير‬

‫الاحزاب التي تدعي الاشتراكية ‪ ،‬مثلا حزب العمال البريطاني ‪ ،‬لا يختلف ايضا‬
‫في سياسته وفي اعماله عن حزب المحافظين فمعنى ذلك ان هذا الحزب لم يكن‬

‫‪١٦٩‬‬
‫يسعى من اجل ان يحقق المبادىء التي تهدف الاشتراكية الى تحقيقها ‪ .‬فالاصلاحية‬

‫وان نشخص باستمرار‬ ‫انحراف ‪ ،‬يجب دائما ان نمارس تعرية ضد اتجاهاتها ‪،‬‬

‫المخاطر التي تنطوي عليها شعاراتها اللاثورية‬

‫الذي يجسد طموح الجماهير ودون هذا لا يمكن‬ ‫ان الحزب الثوري هو‬
‫الحديث عن وجود حزب ثوري ‪ .‬الحزب الثوري هو الذي ينقل النظريات الى‬

‫ميدان التطبيق العملي ويحقق الترابط ما بين الفكر والممارسة ‪ .‬لانه بدون الربط‬
‫الحي بين الفكر والممارسة يتحول الحزب الثوري الى مجموعة من المثقفين الاكادميين‬
‫الذين يحلو لهم الحديث عن المبادىء الثورية دون ان يجسدوا في اعمالهم وفي‬
‫تصرفاتهم السلوك الثوري‬

‫فالتعبئة هي المهمة الشاقة التي تواجه الحزب قبل الانتصار وبعد الانتصار‬
‫واذا كان الحزب الثوري مطالب بأن يعبىء اوسع الجماهير قبل الانتصار فمهمة‬
‫تعبئتها بعد الانتصار تصبح من المهام الاساسية لان الحزب سوف يواجه بشكل‬

‫مباشر مهام التغيير سواء بتحقيق اصلاح زراعي جذري او بتصفية بقايا العلاقات‬
‫‪.‬‬
‫الاقطاعية وازاحة الطبقات المستغلة ورفع راية النظام الاشتراكي عاليا‬

‫فطبيعي أن مهمة من هذا النوع مهمة شاقة وتحتاج الى عمل يومي ودؤوب‬
‫وصبور وتحتاج الى جهد كبير والى وعي مستمر وتحتاج ايضا الى خلق ثــــوري‬

‫حقيقي لان بناء الاشتراكية يحتاج الى ايمان يفوق حد التصور ‪ .‬ولا يمكن الحديث‬
‫عن بناء الاشتراكية في الوقت الذي لا يتجسد في الكوادر ‪ ،‬في سلوكها وفي‬
‫تصرفاتها ‪ ،‬الاتجاه الاشتراكي عمليا لان الممارسة العملية والتطبيق العملي هما‬
‫‪.‬‬ ‫لسياسة الحزب في تطبيق اهدافه‬ ‫المعيار الحقيقي عند المواطنين‬
‫ولا يمكن الحديث عن تحقيق انتصار حقيقي دون ان تجد الجماهير ان ادوات‬
‫الثورة اي اعضاء الحزب يعبرون بحق في خلقهم وفي تصرفاتهم وفي تعاملهم مع‬

‫لنفسية الجماهير‬ ‫عميق‬ ‫فهم‬ ‫وعن‬ ‫المواطنين عن المبادىء التي يطرحها الحزب‬
‫والحزب الثوري الذي لا يستطيع ان يحقق هذه المهام لا يستطيع ان يحقق التعبئة‬
‫الحقيقية لان التعبئة هي علم وفن يجب ان يتقنها كل قائد ثوري وكل كادر ثوري‬

‫سواء في مراحل النضال السلبي او في مراحل الانتصار ‪ .‬وهذا الفن وهذا العلم‬
‫نفسية الجماهير وعلى‬ ‫يعتمد بالدرجة الاولى على تشخيص المراحل وعلى تحليل‬
‫معرفة عاداتها وطباعها وعلى معرفة مشاكلها وحاجاتها سواء كانت الفكرية او النضالية‬
‫او السياسية ‪ .‬والجماهير لا تقتنع الا من خلال الأشخاص الذين يستطيعون‬

‫فالتعبئة ترتبط بسلوك الحزبيين وبقدرتهم على ان‬ ‫‪ .‬ولذلك‬ ‫الاستحواذ على ثقتها‬

‫يترجموا حاجة الجماهير ويترجموا آمالها ويحققوا ما تطمح اليه من غد ومستقبل‬


‫افضل‬
‫·‬
‫والتعبئة تحتاج ايضا الى ان يولي الحزبي اهتماما بالشعارات التكتيكية‬
‫فبدون وجود شعارات تكتيكية لا يمكن الحديث عن تحقيق نصر استراتيجي ‪،‬‬
‫فالشعار التكتيكي هو الشعار الذي يحدد المهمات المرحلية وهو الذي يعبر عن‬

‫المراحل التي يقطعها الحزب للوصول الى الهدف الاستراتيجي ‪ .‬والشعار التكتيكي‬

‫‪۱۷۰‬‬
‫هو الذي يجنب الحزب حرق المراحل ويجنبه الطفرات التي قد تؤدي الى خسائر‬

‫على صعيد الهدف الاستراتيجي‬


‫اعلن تأييده لقرارات التأميم وبنفس‬ ‫الحزب الشيوعي في اب سنة ‪١٩٦٤‬‬

‫الوقت أعلن انه يبارك وجود الاتحاد الاشتراكي وحاول ان يعطي ردة تشرين مظهرا‬

‫تقدميا ‪ .‬ان هذا الموقف التكتيكي الذي كان يهدف الحزب الشيوعي من ورائه الى‬
‫في داخله‬ ‫نصر موقت ادى الى هزيمة استراتيجية ادت الى حصول انشطارات‬

‫فالشعار التكتيكي يجب ان يكون دائما‬ ‫تبلورت بعده حزيران بشكل واضح ‪.‬‬

‫شعارا صائبا لا يبتعد عن نفسية مناضلي الحزب من جهة ولا يبتعد عن نفسية‬
‫الجماهير ويقدر الامكانيات الموضوعية ويقدر الظروف المحيطة • والقيادة الثورية‬

‫هي القيادة التي تنظر ببعد نظر ولا تجعل نفسها كخيول العربات التي لا تنظر الا‬

‫فقط الى الامام بل تنظر دائما الى مختلف الجوانب وتراجع مواقفها دائما‬
‫فاذن القيادة التي تنظر الى الامور ببعد نظر يجب دائما ‪ ،‬حتى اذا كانت‬
‫هنالك في بعض الحالات تنازلات ولكن من شأنها ان تؤدي الى تحقيق هدف‬
‫ستراتيجي ‪ ،‬ان تعتمدها ‪.‬‬

‫لينين ذخل روسيا بقطار الماني وتفاوض مع الالمان وحقق انتصار الثورة‬

‫في العالم ‪ .‬طبعا‬ ‫الاشتراكية في روسيا التي تعتبر اول ثورة فريدة من نوعها‬
‫التنازل الثوري ما كان على حساب ضياع الهدف الستراتيجي بل كان من اجل‬
‫تحقيق هدف ستراتيجي ثوري ومن اجل ان يعطي الفرص الحقيقية للحزب لانجاز‬
‫کامل اهدافه ومهمته ‪.‬‬
‫لكن الحزب الثوري يجب ان لا يغامر ويجب ان لا يبتعد مطلقا عن الجماهير‬

‫نمسألة التعبئة يجب ان ننظر اليها وباستمرار على انها اولى المهام التي يجب ان‬
‫نواجهها ‪ .‬ان الندوات المفتوحة تعتبر وسيلة من وسائل التعبئة الجماهيرية تشعر‬
‫بان الحزب مستعد بان يتفاعل وبان يجيب على كامل تساؤلاتها وان يفهم آراءها‬

‫وانه يقدر هذه الصلة الحية هذه الرابطة الروحية التي تربط الجماهير بالحزب وانه‬
‫بحترم مشاعر الناس ويقيم العلاقة معهم على اساس المصارحة والصدق والتزام‬
‫في بعض الحالات تلجأ بعض الحركات السياسية الى الكذب كوسيلة‬ ‫الحقيقة ‪.‬‬
‫لتحقيق انجازها الا ان هذه الحركات والقوى لا بد ان تكون قوى سيئة فهي بحاجة‬

‫الى الكذب من اجل ان تغطي حقيقتها امام الجماهير ‪ .‬وهي لا بد ان تنكشف وتتعرى‬
‫امام الجماهير‬
‫فالحزب الثوري مطالب دائما بان يعتمد الحقائق وان يكون واضحا في‬
‫اهدافه وفي سياسته كما هو واضح في مبادئه وان يكون اعضاؤه واعين لسياسة‬
‫قادرين على ان يثقفوا الجماهير بالشعارات التي يطرحها الحزب‬ ‫الحزب المرحلية‬
‫وان يتفاعلوا مع نفسية الجماهير‬
‫وحيثما يتحول الحزب الثوري الى مؤسسة قمة عند ذلك لا يختلف عن اي‬
‫جهاز بيروقراطي ينظر الى الجماهير من فوق ويعتبرها عبارة عن قطيع يجب ان‬

‫‪۱۷۱‬‬
‫تصفق وان تمشي على هامش الاحداث دائما دون ان يكون لها دورا اساسيا‬

‫وان‬ ‫بناء مصيرها وتحقيق مستقبلها ودون الاعتراف بان الجماهير هي الاساس‬
‫•‬ ‫والخالقة لمستقبلها والبانية لتاريخها‬ ‫الصانعة لقدرها‬ ‫عصرنا هو عصر الجماهير‬

‫ولا يمكن تحقيق تعبئة بدون الايمان بالجماهير التي نعمل على تعبئتها ‪ .‬فالتعبئة‬
‫تفترض أولا وقبل كل شيء ان نؤمن فعلا بالجماهير ودورها وبقدرتها على تحقيق‬
‫الانتصار‬

‫‪۱۷۲‬‬
‫)‪(1‬‬
‫التنظيم الشعبي والكفاح المسلح‬

‫لقد حدد المؤتمران القوميان التاسع والعاشر استراتيجية الحزب في الكفاح‬

‫شعبي مسلح هو احدى‬ ‫المسلح وكان قرار القيادة القومية للحزب بانشاء تنظيم‬
‫الصيغ الجدية والهامة لتنفيذ هذه الاستراتيجية وهو الى جانب ذلك يحقق غايات‬

‫جوهرية في كفاح شعبنا ضد الاستعمار والصهيونية والرجعية ‪ ،‬من ابرزها ان‬


‫هذا التنظيم يشكل السياج الواقي والامين للمقاتلين الشجعان الذين يقومون بواجبهم‬
‫في مقاتلة العدو ‪ ،‬ومن ناحية اخرى يؤهل ابناء شعبنا تأهيلا عسكريا وفكريا لخوض‬
‫‪.‬‬
‫المعركة المصيرية ويجعل منهم جبهة قتال ودفاع تشمل الارض العربية بكاملها‬
‫ونحن في بحثنا في دليل العمل الشعبي لن نتطرق الى الزوايا النظرية من الموضوع‬
‫ولكن سنبحث في اسلوب العمل الشعبي لاقامة تنظيم شعبي مسلح ‪ ،‬وعلاقة هذا‬
‫ولذا فسوف نتعرض في كلامنا‬ ‫التنظيم بالحزب على صعيد القيادات والقواعد‬
‫الى المواضيع التالية ‪:‬‬

‫اولا ‪ -‬معنى العمل الجبهوي في حزبنا الثوري ‪:‬‬

‫حزبنا ككل حزب ثوري يتصدى الى مهمة التغيير الجذري لقلب اوضاع‬
‫يفترض فيه ان يكون حزبا طلائعيا وبنفس الوقت ان‬ ‫المجتمع وبناء مجتمع جديد‬
‫يكون الحزب الطلائعي الملتحم بالجماهير لتحقيق اهدافها الثورية ‪ .‬ولتحقيق هذه‬
‫الغاية يلجأ الى صيغ العمل الجبهوي حتى يتمكن من ايجاد الصيغ العملية القيادة‬

‫الجماهير ‪ .‬ومن هذا المنطلق نجد أن عملنا الشعبي في جبهة التحرير العربية هو‬
‫احدى صيغ العمل الجبهوي للحزب ومن هنا نجد الفرق بين ان نعمل من اجل‬
‫فالحزبي في اي تنظيم جبهوي‬ ‫في عمل جبهوي ‪.‬‬ ‫الكسب الحزبي ومن ان نعمل‬
‫يقوم بمهمة حزبية في هذا التنظيم يكون اذا ما قام بهذه المهمة على اكمل وجه‬
‫يعمل بشكل دؤوب ودائم ويتمتع بالصفات‬ ‫في هذا التنظيم‬ ‫عنصرا نموذجيا‬
‫النموذجية لعنصر التنظيم الشعبي التي تجعل منه القدوة الحسنة والنموذجية‬

‫‪ -‬السنة الثانية ‪ ،‬العدد الثاني ‪۱۹۷۰ ،‬‬ ‫الثورة العربية‬ ‫(‪) 1‬‬

‫‪۱۷۳‬‬
‫لبقية عناصر التنظيم الجبهوي ‪ .‬من هذا الفهم يكون البعثي في سلوكه ونشاطه في‬

‫التنظيم الجبهوي العنصر القيادي وبالتالي يشكل الحزب بواسطة اعضائه المؤهلين‬
‫العمود الفقري والعصب المحرك‬ ‫الحزبية داخل التنظيم‬ ‫والكفؤين لتحقيق مهامهم‬

‫فبالقدر الذي ينجح فيه الحزبيون بالقيام بالمهام التي يوكلهم‬ ‫والموجه لهذا التنظيم‬
‫بنفس القدر ينجح الحزب في قيادة هذا التنظيم‬ ‫الحزب القيام بها داخل التنظيم‬
‫‪.‬‬ ‫وتوجيهه الوجهة التي يشاء‬
‫هو نجاحه‬ ‫الحزب‬ ‫والتزامه بتعليمات‬ ‫البعثي‬ ‫وكفاءة‬ ‫ونضوج‬ ‫ودليل نجاح‬
‫في مهمته داخل التنظيم الشعبي المسلح وهو مقدمة ايضا لجعله قائدا شعبيا في‬
‫نطاقه الشعبي عن جدارة ·‬

‫قد بنى‬ ‫في الحزب يعني ان الحزب‬ ‫ويجب الملاحظة بان العمل الجبهوي‬
‫شعارا معينا لمرحلة معينة وشعار حزبنا في هذه المرحلة هو الكفاح الشعبي المسلح‬
‫من اجل تحرير الوطن السليب وتحت هذا الشعار قد يدخل عناصر من المواطنين‬

‫لا تتفق مع الحزب في استراتيجيته العامة او بعض الاستراتيجيات المرحلية‬


‫لاخرى المختلفة عن هذه الاستراتيجية التي يتبناها الحزب الان وهي الكفاح‬
‫ا‬
‫في سلوكه ونشاطه وعمله خلال التنظيم‬ ‫فالبعثي‬ ‫‪.‬‬ ‫المسلح ‪ ،‬من اجل التحرير‬
‫الشعبي يجب ان يأخذ ذلك بعين الاعتبار الى جانب الالتزام المطلق والواعي والدقيق‬
‫باستراتيجية الحزب العامة‬

‫وخلال بناء التنظيم الشعبي وخلال النشاط داخل هذا التنظيم يجب ان‬
‫يتقيد البعثي باستراتيجية الحزب المرحلية وعدم التعرض الى نواح اخرى‬
‫فالتنظيم الشعبي المسلح بهذا المعنى سيكون اوسع تنظيما من الجهاز الحزبي لانه‬
‫يقوم على شعار يتفق عليه ويلتزم به تعدد اكثر اتساعا من العناصر الحزبية‬
‫وان التقيد باستراتيجية الحزب في الكفاح المسلح وعدم اظهار الهوية الحزبية‬
‫داخل التنظيم الشعبي المسلح هو احدى المهام الرئيسية التي ينجح بها البعثي‬
‫وان التنظيم الشعبي المسلح كاي‬ ‫في القيام بمهمته في التنظيم الشعبي المسلح ‪.‬‬
‫تنظيم جبهوي يخلق مناخا للنشاط الحزبي ولكن دون الخلط بين العمل الحزبي‬
‫فمن خلال التنظيم الشعبي المسلح لا يجوز للحزبي ان يظهر الا‬ ‫والعمل الجبهوي ‪.‬‬
‫بمظهر واحد هو ان يكون العنصر النموذجي لعنصر التنظيم الشعبي المسلح في اي‬
‫صعيد كان سواء في القيادة ام في القاعدة ولكن في الاحتكاك بين الحزبي وعنصر‬
‫التنظيم الشعبي يتمكن الحزبي من دراسة هذا العنصر وتقدير فيما اذا كان يتمتع‬

‫بالصفات الاولية التي تؤهله لان يكون بعثيا وفي طليعتها القيادة الشعبية في وسطه‬
‫والاخلاق العربية الاصيلة والتي تجعل منه انسانا يكون في سلوكه‬ ‫الشعبي ‪،‬‬
‫مصدر دعاية للحزب تجعل من اخلاقه مشجعا للحوار مع الآخرين لقبول عقيدة‬
‫الحزب وافكاره ثم الايمان الراسخ بالعروبة ووحدة الامة العربية وبناء المجتمع‬
‫العربي الاشتراكي الموحد ‪ .‬بعد ان يصل الحزبي مع عنصر التنظيم الشعبي لهذا‬
‫التصور دون الاشارة الى ان ذلك يمثل حزبا معينا وبعد الاطمئنان الى انه اصبح‬
‫مؤهلا فعلا للمفاتحة في قبول التنظيم يعرض عليه الالتزام ولكن خارج اطار التنظيم‬

‫‪١٧٤‬‬
‫الحزبي وعلى ان يكون ذلك نشاطا مستقلا عن النشاط الحزبي وبهذا الاسلوب يمكن‬
‫يكون الكسب للحزب وبهذا الاسلوب نستطيع الاستفادة من هذا الجو الجديد‬
‫ان‬
‫لرفد دم جديد لحزبنا دم من الشباب يحتاج اليه كل حزب ثوري ليطور نفسه‬

‫في ذاته التصور الصحيح‬ ‫وليكون قائدا فعليا ودائما للجماهير العربية وليحقق‬
‫‪ .‬وحزبنا احوج ما هو‬ ‫للحزب الطلائعي القائد للجماهير والملتحم بهذه الجماهير‬
‫عليه الان ان يحقق هذه الصيغة في تصديه للكفاح المسلح لتحرير ارضنا العربية‬
‫من الاستعمار الصهيوني ‪ ،‬هذا ملخص مكثف لتصور العمل الجبهوي كما اقره‬
‫مؤتمرنا القومي التاسع والعاشر ·‬

‫ثانيا ‪ -‬الشكل التنظيمي للتنظيم الشعبي المسلح ‪:‬‬

‫قلنا فيما سبق ان مقررات المؤتمر القومي التاسع كان ابرزها واهمها تحقيق‬
‫شعار الكفاح الشعبي المسلح من اجل التحرير وان مقررات الحزب تعتبر الافق‬

‫القومي هو الاسلوب الوحيد للتحرير وبذلك نجد أن جبهة التحرير العربية هي‬
‫جبهة عربية قومية وليست مختصة بقطر معين • وافق عملها قومي وليس قطريا‬

‫وان النضال القومي من اجل تحرير فلسطين هو نضال ايضا من اجل الوحدة ‪،‬‬
‫فلسطين يصنعون بنفس الوقت الوحدة‬ ‫لتحرير‬ ‫فالعرب عندما يتجهون بنضالهم‬
‫العربية ‪ ،‬ويخلقون بنفس الوقت القاعدة الصلبة التي ستبنى على اساسها الوحدة‬
‫·‬
‫العربية والتي ستحقق بنضالها المجتمع العربي الاشتراكي الموحد‬
‫اذن التنظيم الشعبي المسلح يجب ان يغطي الارض العربية كافة لينسجم مع‬
‫فيما يلي الهيكل التنظيمي‬ ‫مقررات الحزب وقرارات القيادة القومية وسنبحث‬
‫‪.‬‬
‫للتنظيم الشعبي المسلح‬
‫ما هو الهيكل التنظيمي المقترح للتنظيم الشعبي المسلح ؟‬
‫القمة الى‬
‫الشعبي المسلح من‬ ‫في توضيح الهيكل التنظيمي للتنظيم‬ ‫لنبدأ‬
‫القاعدة ‪:‬‬

‫‪ - ۱‬تتألف القيادة العليا للتنظيم الشعبي المسلح من مكتب مركزي يتبع‬


‫مباشرة للقيادة العامة للجبهة‬
‫‪- ۲‬‬
‫لجنة للقطر تتولى قيادة التنظيم في القطر وتتبع للمكتب المركزي‬
‫•‬
‫يمكن ان يكون قائد واحد للتنظيم الشعبي في القطر ويمكن ان يكون اكثر‬
‫‪ -‬يوزع القطر الى مناطق عمل شعبي ‪ .‬وكل منطقة عمل يكون فيها قائد‬
‫أو أكثر حسب حجم التنظيم في منطقة العمل •‬ ‫تنظيم‬

‫يؤلفون لجنة منطقة‬ ‫‪ -‬عندما يكون في منطقة العمل اكثر من قائد تنظيم‬
‫العمل ‪ .‬ويكون لهذه اللجنة امين للسر مختار من بين قادة التنظيم ويكون صلة‬
‫‪.‬‬
‫الوصل مع قائد التنظيم القطري او امين لجنة التنظيم القطري‬
‫ه ـ‪ -‬كل قائد تنظيم يتبع له مجموعات مسلحة يكون بينهم مسؤول المجموعة‬
‫يتبع مسؤول المجموعة الى قائد التنظيم الشعبي في المنطقة‬ ‫المسؤول‬ ‫ونائب‬

‫‪۱۷۰‬‬
‫ويتبع لقائد التنظيم الشعبي في المنطقة عدة مجموعات بهذه الصورة ويتم التشكيل‬
‫الهيكلي للتنظيم الشعبي المسلح من القمة الى القاعدة •‬

‫ثالثا ‪ -‬علاقة الحزب بالجبهة على صعيد التنظيم الشعبي المسلح ‪:‬‬

‫التنظيم الشعبي في المستويات العليا يتم على اساس ان الحزب هو الموجه‬


‫والمخطط للعمل الشعبي‬

‫وأما التنسيق في المستويات الادنى فيتم حسب تقدير الهيئة الفرعية وحسب‬

‫ظروف المنطقة ومع الحرص على مراعاة المبادىء السابقة في المحافظة على عدم‬
‫الخلط بين العمل الجبهوي والعمل الحزبي ‪.‬‬
‫هذه الصيغة لعلاقة الحزب بالجبهة على صعيد العمل الشعبي المسلح‬

‫يتضمن ما يلي ‪:‬‬


‫‪ - ۱‬الحزب هو الاساس في التخطيط لكل عمل جبهوي ‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫‪ ۲‬ـ الحزب هو القائد الفعلي لكل عمل جبهوي وجماهيري •‬
‫‪-‬‬
‫المحافظة على صيغة العمل الجبهوي بواقعها السليم من حيث عدم‬
‫الخلط بين العمل الحزبي والعمل الجبهوي‬
‫‪ ٤‬ـ الحزبي في التنظيم الشعبي هو العنصر النموذجي في هذا التنظيم‬
‫وهذه هي المهمة المكلف بها الحزبي داخل التنظيم الشعبي المسلح الذي هو التنظيم‬
‫الجبهوي للحزب في هذه المرحلة التي تمر بها الامة العربية والتي شعارها الكفاح‬
‫الشعبي المسلح من اجل التحرير ‪.‬‬

‫رابعا ‪ -‬الخطوات الواجب اتباعها لبناء تنظيمنا الشعبي المسلح ‪:‬‬

‫ان المجموعات التي يتم الاعتماد عليها في عملية بناء التنظيم الشعبي المسلح هم ‪:‬‬

‫وفي اعتمادنا‬ ‫الحزبيون واصدقاء الحزب ‪ ،‬عناصر الجبهة واصدقاء الجبهة ‪.‬‬
‫على هؤلاء العناصر تتبع الخطوات التالية في عملية بناء التنظيم الشعبي المسلح ‪:‬‬

‫الخطوة الاولى ‪ :‬مسح منطقة العمل الشعبي ‪ .‬وتقوم الهيئة المؤلفة من قيادة‬

‫الحزب مع قائد التنظيم الشعبي او امين لجنة التنظيم الشعبي بمسح منطقة العمل‬
‫لتحديد اماكن النشاط الشعبي وتحديد العناصر التي ستتولى هذه المهمة مع وضع‬

‫خطة عمل وما يقتضيه العمل الشعبي في المنطقة ·‬


‫الخطوة الثانية ‪ :‬من خلال النشاط الشعبي في المناطق التي تقرر بدء العمل‬
‫بها تحدد عناصر تكون مؤهلة لاقامة ندوات شعبية تبدأ قيادة التنظيم الشعبي في‬
‫اقامة هذه الندوات واجراء حوار لتوضيح اهداف الجبهة ومناقشة هذه الاهداف‬

‫مع المواطنين الذين هم عناصر هذه الندوات ·‬


‫الخطوة الثالثة ‪ :‬من خلال هذه الندوات نستخلص العناصر التي بلغ بها الوعي‬

‫درجة ايمانها الواعي باهداف جبهة التحرير العربية وتؤلف من هذه العناصر دورات‬

‫‪١٧٦‬‬
‫تدريب شعبي‬

‫الخطوة الرابعة ‪ :‬اقامة الدورات ‪ :‬في عملية اقامة الدورات للتدريب الشعبي‬

‫نراعي ظروف المواطنين بحيث من يتمكن منهم من التفرغ من عمله نقيم له دورة‬

‫ويكون للدورة برنامج تثقيفي‬ ‫·‬ ‫دائمة ومن لا يتمكن يدرب يوميا في نهاية عمله‬

‫وبرنامج عسكري يهدف الى بناء العنصر ثقافيا وعسكريا ليكون مؤهلا ليقوم بدوره‬

‫الوطني كعنصر في التنظيم الشعبي المسلح‬

‫يقوم المثقف وهو مسؤول مركز التدريب‬ ‫الخطوة الخامسة ‪ :‬تقييم الدورة ‪:‬‬

‫الشعبي مع قائد التنظيم والقيادة الحزبية بتقييم الدورة بحيث يقرر من سيكون‬

‫الشعبي المسلح ومن سيهمل تنظيمه‬ ‫عنصرا في التنظيم‬

‫وبعد هذه الخطوة تنظم العناصر المقيمة في التنظيم الشعبي المسلح كمجموعات‬

‫مسلحة ويكون كل مسؤول لمجموعة مسلحة مرتبطا بقائد التنظيم الشعبي في المنطقة ‪.‬‬
‫خامسا ‪ -‬علاقة الجبهة في التنظيمات المهنية وفي طليعتها المنظمات الطلابية‬
‫والعمالية والمعلمين ‪:‬‬

‫‪ - 1‬التنظيم الطلابي ‪:‬‬

‫ع‬ ‫يقام تنظيم طلابي في كل منطقة عمل ويكون لهذا التنظيم مسؤولا‬
‫الاحتفاظ ببقاء الطالب في تنظيمه الشعبي الاصلي ‪ .‬بحيث يكون للطلاب تنظيم‬
‫مزدوج مهني وسكني‬

‫ويشترط ان يتوفر في هذا المسؤول القدرة على التوجيه الثقافي للتنظيم‬


‫الطلابي في منطقة العمل الشعبي ‪ .‬وهذا المسؤول عضو في لجنة التنظيم الشعبي‬
‫في القطر لجنة طلابية‬ ‫ويشرف على النشاط الطلابي‬ ‫‪.‬‬ ‫المسلح في منطقة العمل‬

‫في مسؤول التنظيـ‬ ‫مركزية مرتبطة بمكتب التنظيم الشعبي المسلح ولا يشترط‬

‫الطلابي في منطقة العمل واللجنة الطلابية في القطر ان يكونوا عناصر طلابية بل‬
‫يكتفى بان يكونوا عناصر متخصصة أو عندها تجربة أو خبرة في العمل الطلابي‬
‫رئيسي بمهمة الدعاية‬ ‫سياسيا يقوم بشكل‬ ‫ويكون هذا الجهاز الطلابي جهازا‬
‫ونحقق بذلك وحدة القيادة الطلابية ووحدة التنظيم‬ ‫‪.‬‬ ‫والتوعية وجمع المعلومات‬

‫ووحدة التوجيه وبالتالي وحدة العمل في الحقل الطلابي‬

‫‪-- ۲‬‬
‫الحقل العمالي ‪:‬‬

‫لا بد من وجود تنظيم عمالي مسلح مستقل يتبع مكتب التنظيم الشعبي‬
‫المسلح ففي كل منطقة عمل يجب اقامة تنظيمات عمالية في كل مركز تجمع عمالي ‪،‬‬
‫في منطقة العمل‬

‫في التنظيم والتربية الحزبية ‪١٢ -‬‬ ‫‪۱۷۷‬‬


‫وتشكل لجنة عمالية مركزية مرتبطة بمكتب التنظيم الشعبي المسلح مهمتها‬

‫الاشراف على التنظيم العمالي المسلح في القطر بحيث نضمن وحدة القيادة ووحدة‬
‫‪.‬‬
‫التنظيم ‪ ،‬ووحدة التوجيه والفكر ووحدة العمل في الحقل العمالي‬

‫‪ -‬في حقل المعلمين ‪:‬‬

‫في المدن الكبرى تنظيمات خاصة على غرار التنظيمات‬ ‫يقام للمعلمين‬
‫المهام ويقوموا بنفس الدور المحدد‬ ‫جهاز سياسي ولهم نفس‬ ‫الطلابية وهم‬

‫للتنظيمات المهنية بجانب المهام التي تقتضيها طبيعة العمل الخاصة بمهنتهم‬

‫هذا هو هيكل العمل الشعبي من اجل بناء تنظيم شعبي مسلح يضع موضع‬

‫التنفيذ الفكرة الرئيسية التي انطلق منها المؤتمر القومي التاسع ‪ ،‬الا وهي ربط‬

‫مفهوم الجبهة والعمل الجبهوي بمفهوم الكفاح المسلح لتحرير الوطن العربي‬

‫‪۱۷۸‬‬
‫وسائل العمل بين العمال ( ‪) ۱‬‬

‫‪ -‬آفاق العمل ‪:‬‬

‫تشكل الطبقة العاملة العربية ركنا ثوريا هاما وقاعدة نضالية صلدة في حركة‬

‫الثورة العربية المعاصرة ‪ ،‬وقد كانت للظروف السياسية العربية والدولية من جهة ‪،‬‬

‫وللحركة السياسية العقائدية العربية المنظمة التي يمثل طليعتها حزب البعث العربي‬
‫الاشتراكي من جهة اخرى ‪ ،‬المنفذ لبلورة وعي الجماهير العمالية العربية وتطويرها‬
‫فكريا وسياسيا ·‬

‫‪ ،‬حيث كانت‬ ‫ان حزبنا قد تكون في مرحلة من مراحل النضال الوطني‬

‫الجماهير الشعبية بأمس الحاجة الى حزب يقودها ويلبي مطاليبها ويرضي طموحها‬
‫الوطني والقومي ‪ ،‬كما جاء الحزب ايضا كقوة منظمة لمجابهة الواقع العربي الفاسد‬

‫المتخلف ومن ثم تنظيم الوعي الوطني وقيادته وصبه في مجرى تيار الثورة العربية ‪.‬‬
‫وقد وجد حزبنا في الجماهير العمالية ركيزة من ركائز النضال الجماهيري وفصيلة‬
‫من الفصائل الشعبية كمادة للثورة ومحرك لها •‬

‫ان الطبقة العاملة في الوطن العربي غير ثابتة العدد ‪ ،‬وتشكل حركة متطورة‬
‫في تطور الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية ‪ ،‬وان‬ ‫ونامية تتأثر وتؤثر‬
‫سرعة هذا النمو والتطور مرتبط بحركة التصنيع في الوطن العربي‬
‫ونتساءل الى اي‬ ‫‪..‬‬
‫‪.‬‬ ‫الا اننا لا بد من ان نطرح السؤال التالي على حركتنا‬

‫وافقيا في استقطاب هذا القطاع‬ ‫مدى تمكنت حركة البعث من التغلغل عموديا‬
‫الشعبي الهام لبناء الحركة الثورية‬

‫في الحقيقة لقد بقي الحزب فترة ليست بالقصيرة يلامس جماهير هذا القطاع‬
‫الشعبي ملامسة خفيفة لاسباب عديدة منها ‪ :‬نمو الحزب في مراحل نشأته الاولى‬
‫في الاوساط المثقفة ‪ ،‬وعدم مقدرة الحزب آنذاك من استيعاب كل مشاكل هذا‬
‫القطاع ‪ .‬هذا بالاضافة الى حداثة الحزب قياسا الى بعض الحركات التي سبقتنا‬

‫في هذا المجال ‪ ،‬الا ان تطور المعركة في الوطن العربي وبكافة ابعادها وصدق‬
‫شعارات الحزب والتزام الحزب باهداف الجماهير الشعبية ‪ ،‬واحتضان الجماهير‬

‫‪ ،‬العــــــــــدد‬ ‫العدد السادس ‪ ، ١٩٦٩ ،‬والسنة الثانية‬ ‫الثورة العربية» ‪ -‬السنة الاولى‬
‫الأول ‪• ۱۹۷۰ ،‬‬

‫‪۱۷۹‬‬
‫لقد كان يتطلب من الحزب تنظيمها وتطويرها‬ ‫‪.‬‬ ‫له خلقت التفافا جماهيريا واسعا‬

‫بحيث كان العمل بين العمال المجال الخصب لنمو الحزب لـو ان الحزب اراد‬
‫الاستفادة منها تنظيميا ‪.‬‬

‫ان اعادة النظر بكل الاساليب والوسائل التقليدية التي طبعت عملنا في هذا‬
‫وابتداع الاساليب الثورية الجديدة المنسجمة مع تراث الحزب‬ ‫المجال الشعبي ‪،‬‬
‫وعقيدته القومية الاشتراكية ومع تطوره فكريا وشعبيا هي الضمانة لاستيعاب المد‬
‫لكي تقوم الطبقة العاملة بدورها النضالي‬ ‫الجماهيري العمالي وتنظيمه وتطويره‬
‫الهادف ضمن اطار العمل السياسي وليكون حزبنا طليعة هذا النضال وقائده‬

‫ان لعملنا في المجال العمالي ثلاثة جوانب ‪:‬‬


‫الجانب الاول ‪:‬‬

‫في الوطن العربي ‪ ،‬عن طريق‬ ‫ويتركز على توعية القاعدة العمالية العريضة‬
‫برامج التوعية والتثقيف النقابي والسياسي وغرس المفاهيم الاشتراكية والقيم‬
‫النضالية القومية التقدمية في نفوس العمال ‪ .‬وتسهيلا لتنفيذ هذا الشعار لا بد‬

‫اولا من كشف الزيف عن القياديين النقابيين الذين خانوا المصالح القومية والطبقية ‪.‬‬
‫اما الجانب الثاني ‪:‬‬

‫على استيعاب ‪ -‬وتنظيم الجماهير ضمن اطاره‬ ‫فيتركز في قدرة الحزب‬


‫التنظيمي ‪ .‬وهذا يعتمد على تحديد اساليب الكسب في صفوف العمال‬
‫يمكن تنفيذ جانب بمعزل عن‬ ‫وهذان الجانبان يكمل احدهما الاخر ‪ ،‬لانه لا‬
‫الجانب الآخر ‪ ،‬والذي يهمنا في هذا الصدد هو كيفية العمل بين العمال‬
‫ان اية حركة سياسية بامكانها ان تعبىء الجماهير من خلال الشعارات‬

‫الوطنية التي تطرحها في مجال العمل السياسي والشعبي ‪ ،‬وان تعبئة الجماهير‬
‫بما فيها الجماهير العمالية ‪ ،‬هي بداية الانطلاق في التنظيم الجماهيري ‪ ،‬حيث ان‬
‫شعارات الحزب السياسية هي اقرب الى تجاوب الجماهير ‪ ،‬لان قيمة اي شعار‬
‫في القضايا المصيرية للامة‬ ‫يجب ان يستند الى المواقف النضالية لذات الحركة‬
‫العربية كالوحدة العربية والحرية والاشتراكية وكشف دور النفوس المريضة المتآمرة‬

‫وتصفية الرجعية‬ ‫وتعريتها‬ ‫ومع الصهيونية الشرسة‬ ‫‪،‬‬ ‫مع الاستعمار الجديد‬
‫ومخلفاتها ومحاربة الامبريالية ‪ ،‬وكشف التآمر على الامة العربية ‪ ،‬وكلها شعارات‬

‫اقرب الى حس الجماهير ‪ .‬وان طرح مثل هذه الشعارات في بداية العمل ستساعدنا‬
‫على طرح نقطة ثانية ذات اهمية بالغة هي تنظيم الجموع المبعثرة من العمال • يجب‬

‫ان يشعر العامل بانه بدون التنظيم القوي لا يمكن التصدي الى اي قوة معادية ‪،‬‬
‫كما ان هذه الحالة ستدفعنا الى تركيز التنظيم النقابي المهني الذي بموجبه يمكن‬

‫توحيد طاقات العمال وتوجيهها بالشكل الصحيح ‪ ،‬كما يجب علينا ان نربط دائما‬

‫بين التنظيم النقابي وبين التنظيم السياسي المبدئي ‪ ،‬حيث لا يمكن ان يعيش وان‬
‫يطور التنظيم النقابي ما لم يستند الى قوة سياسية منظمة تكون العامل المغذي لفكر‬
‫النقابة وتوجيهها ضمن المخطط السياسي العام‬

‫في تثبيت قواعد ممارسة الديموقراطية المركزية‬ ‫فيتركز‬ ‫اما الجانب الثالث‬

‫‪۱۸۰‬‬
‫فعندما يتمكن العمال من اختيار ممثليهم الفعليين من بين‬ ‫داخل الاطار العمالي‬

‫صفوفهم بشكل طوعي ‪ ،‬وبارادة واعية ناضجة ‪ ..‬عند ذلك تستطيع الحركة العمالية‬

‫ان تأخذ دورها الفعال في تحريك العمل النقابي وقيادة المسيرة النضالية على‬
‫جميع مستوياتها وابعادها ‪.‬‬

‫لها‬ ‫وحتى تتمكن الطبقة العاملة من حسن اختيارها لا بد من ان تتوفر‬


‫‪:‬‬
‫الحصيلة الايجابية لعمل الحزب في الجوانب الثلاث السابقة اي‬
‫في‬ ‫‪ - 1‬الثقة بالنفس ‪ ،‬والتعرف على مضمون شخصيتها ومدى فاعليتها‬

‫المجتمع العربي‬
‫‪-‬‬
‫‪ ۲‬ـ ان تكشف دورها الطليعي في العمل النضالي على جميع مستوياته‬
‫و ابعاده قوميا وعالميا‬

‫ان تحقيق ذلك يقع بالدرجة الاولى على المثقفين الثوريين المسؤولين عن‬
‫الاحتكاك المباشر بالعمال وتوفير الكتب والنشرات ‪ -‬المجانية ‪ -‬الخاصة بالتثقيف‬

‫وتوفيرها بكميات كبيرة تتناسب وضخامة هذه الطبقة المناضلة ‪،‬‬ ‫العمالي‬

‫بل‬ ‫‪،‬‬ ‫ومبسطة المضمون بما يتلاءم وذهنية العامل‬ ‫وبطباعة سهلة الاسلوب ‪،‬‬
‫واوقات فراغه ·‬

‫يجب ان يفهم المثقفون ان‬ ‫لقد كتب الرفيق ميشيل عفلق يقول ‪.. ( :‬‬ ‫‪..‬‬

‫في خدمة‬ ‫بالخير الا اذا وضعوها‬ ‫ثقافتهم لا تكتسب معناها ولا تعود على امتهم‬
‫العمال وخدمة الطبقات الشعبية الكادحة والا اذا قسموا جهودهم بين عمل الفكر‬
‫وعمل اليد ‪.. ) .‬‬
‫‪ - ٣‬الثقافة الذاتية ‪ ،‬والتوعية النقابية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ‪.‬‬

‫اني لاطلب من العمال البعثيين أن يعملوا‬ ‫لقد كتب ايضا القائد المؤسس يقول ‪:‬‬
‫فوق عملهم بايديهم كما طلبت من المثقفين البعثيين ان يعملوا بايديهم فوق‬ ‫بفكرهم‬
‫عملهم بفكرهم ‪. ) ..‬‬

‫{ ‪ -.‬استقلالية شخصية الطبقة عن أي تأثير فوقي بعيد عن ارادتها الذاتية‬


‫الواعية‬

‫الثورية المختلفة ‪ ،‬يجب ان‬ ‫ه – وحتى لا تضيع الطبقة العاملة بين التيارات‬
‫‪ ،‬محددة الاطر ‪ ،‬وضمن خطة واعية‬ ‫تسير على اسس موضوعية واضحة المعالم‬
‫مفصلة بعيدة عن جو المزايدات الثورية الطفيلية ‪ ،‬والثرثرات اللفظية اليسارية ‪،‬‬

‫اللتان شوهتا المفهوم العربي الثوري الاصيل وعرقلتا مسيرته النضالية الواعية ‪،‬‬
‫بل واخذت هذه الموجة الغوغائية في تماديها الوقح تتقاسم الطبقة العاملة ‪ ،‬مقاسمة‬
‫‪ ،‬فتاهت الجماهير‬ ‫‪ ،‬وديست القيم‬ ‫فتميعت المفاهيم‬ ‫‪..‬‬ ‫نفعية وصولية ‪ ،‬انانية‬
‫فكانت الضحية ‪..‬‬ ‫الكادحة بين هذا وذاك ‪ ،‬وضلت طريقها ‪..‬‬

‫القومية الاشتراكية)‬ ‫لقد كان ذلك لاسباب كثيرة اهمها ‪ :‬انعدام الوعي والثقافة‬
‫لدى الطبقة العاملة ‪ ،‬مما سهل على تلك الموجة اليسارية الطفيلية مهمتها التخريبية‬
‫فقدان الثقة بنفسها ‪،‬‬ ‫فجزاتها ‪ ،‬ودفعتها الى‬ ‫بحيث تفككت الحركة العمالية ‪،‬‬
‫كل ذلك كان له اثرا فعالا في تمييع المواقف العمالية‬ ‫وبالطليعة القومية الثورية‬

‫‪۱۸۱‬‬
‫وكانت طعنة وجهت لليسار القومي العربي من دعاته بالذات‬ ‫وتشتيت قواها‬
‫ولديها كل الاستعداد‬ ‫‪ - ٦‬ان لدى الطبقة العاملة طاقات نضالية كامنة‬
‫‪..‬‬
‫للتضحية ‪ ،‬والنضال المستمر للوصول الى هذه الاهداف ·· لو احسن المناضلون‬

‫في‬ ‫بان يكونوا قدوة حسنة‬ ‫كيفية العمل والسلوك النضالي الصادق معها ‪..‬‬
‫مشاركة هذه الجماهير الكادحة بصدق واخلاص وتفاني مع نضالها وآلامها ‪ ،‬وعندما‬
‫يفهم المناضلون ويعيشون طبيعتها الخيرة لا بد وان يبتعدوا كل البعد عن ربط‬
‫نضال الطبقة العاملة بمطاليب انية ‪ ،‬نفعية ‪ ..‬مما يؤثر ذلك مع الزمن على نفسية‬
‫الطبقة العاملة وتعويدها ودفعها ‪ -‬من حيث لا تدري ‪ -‬نحو طريق الانتهازية‬
‫‪ .‬المهم هو ان تعي هذه الطبقة الكادحة بان نضالها هو من اجل احداث‬ ‫المصلحية‬

‫من اجل مكاسب ذاتية‬ ‫وليس‬ ‫‪،‬‬ ‫لبنيان المجتمع العربي ككل‬ ‫التغيير الجذري‬
‫فقط ‪ ،‬او بالاحرى تخص نقابة واحدة دون اخرى ‪ ،‬او‬ ‫موضعية تخصها وحدها‬
‫وحتى لا يتجزا النضال الجماهيري لا بد من ان يربط مصير‬ ‫عاملا دون آخر‬
‫لعامل مصير لفلاح كلاهما بمصير المثقف الثوري والحرفي وهكذا ‪ ..‬هذا الربط‬
‫و‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ا‬
‫لا بد وان يكون ربطا مصيريا عضويا متبادلا هدفه بناء المجتمع العربي الاشتراكي‬
‫الموحد ·‬

‫ان البلدان العربية لا تمثل مستوى واحدا من التحرر حيث لا زال الاستعمار‬

‫يوجه ويحكم العديد من الحكومات العربية ‪ ،‬التي تجد في الجماهير العربية وطلائعها‬
‫الثورية الخطر المباشر الذي يهدد مصالح الامبريالية ‪ ،‬ان وسائل الاستعمار الجديد‬
‫وان وسائله الجديدة باتت من الخطورة بمكان بحيث ابدل‬ ‫اختلفت وتنوعت ‪،‬‬
‫فاخذ يعتمد على عناصر تدعى‬ ‫ة ‪،‬‬
‫ية‬‫بي‬
‫رب‬‫عر‬
‫لع‬‫ال‬
‫طاارر ا‬
‫ن االلااققط‬
‫من‬‫استراتيجيته كلية في ككثثييرر م‬
‫هؤلاء بديلا لتلك‬ ‫لقد اوجد‬ ‫‪.‬‬ ‫اليسار والتقدمية في تنفيذ مخططاته الاجرامية‬
‫العناصر الرجعية المكشوفة التي اصبحت متخلفة بالنسبة لعصرنا هذا ‪ ،‬لذلك فان‬
‫وسائل الاستعمار الجهنمية باتت تهدد أمن الشعب وسلامته ‪ ..‬ان على حزبنا تقع‬
‫المسؤولية التاريخية تجاه امتنا العربية ‪ ..‬علينا ان نطور اساليب عملنا ‪ ،‬وان‬

‫نبدع من الاساليب ما يمكننا من مجابهة اساليب الاستعمار الجديدة اللئيمة ‪ .‬ان‬


‫مهمتنا النضالية الاولى هي ان نعيد ثقة الجماهير بنفسها ‪ ،‬بقدرتها على التحرر ‪،‬‬
‫بطليعتها القومية الثورية ‪ ،‬علينا ان نبني علاقة وطيدة مع الجماهير الشعبية‬
‫في كافة‬ ‫وان هذه العلاقة تتطور وتستمر من خلال تحقيق التنظيم‬ ‫الواسعة ‪،‬‬
‫المحالات‬

‫ولكي يسهل عملنا ضمن المجال العمالي لا بد لنا ان نحسن تطبيق النقاط‬
‫التالية ‪:‬‬
‫حث‬ ‫ب‬ ‫ج‬ ‫ي‬ ‫و‬
‫‪ - ۱‬دفع الجماهير العمالية الى تنظيم نفسها في نقابات مهنية ‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫اعضاءنا وانصارنا ومؤيدينا باتخاذ النقابة مجالا للنشاط السياسي الهادف‬

‫‪ - ۲‬العمل على تفهم مشاكل العمال وحلها بروح اخوية ‪ ،‬واشعار العامل‬
‫دائما بانه في رعاية الحزب ‪ ،‬وانه جزء من الحزب‬
‫‪1‬‬
‫ربط المشاكل التي يجابهها العامل بالاوضاع السياسية ‪ ،‬في حالة‬

‫‪۱۸۲‬‬
‫انخفاض الاجور او ارتفاع الاسعار او عدم تلبية المطاليب النقابية او غير ذلك ‪ ،‬على‬

‫ان يكون هذا الربط ربطا مصيريا بالطبقات الكادحة في ارجاء الوطن العربي ككل‬

‫{ ‪ -‬فضح وبشكل دائم العناصر النقابية الزائفة الطارئة التي لم تحقق اي‬
‫لـها عن الواقع‬
‫ة ععززله‬
‫لة‬‫ول‬
‫او‬‫حا‬
‫ومح‬ ‫‪ ،‬وكشف اساليب تسلطها ووصابتها الكاذبة ‪،‬‬
‫شيء‬

‫النقابي‬

‫ه ‪ -‬اتخاذ القاعدة العمالية ‪ ،‬المجال الطبيعي للكسب العمالي وعدم التركيز‬


‫على القيادات العمالية فقط لان القيادات لا تمثل ارادة العمال حاليا •‬

‫‪ ٦‬ـ احترام شعور العامل ‪ ،‬وعدم الاستخفاف برايه مهما كان طبيعة الرأي‬

‫الذي يطرحه ‪ ،‬صحيحا او غير صحيح ‪ ،‬على ان يكون هذا الاحترام صادقا وطبيعيا‬

‫دون اي افتعال ·‬

‫‪ - ۷‬اجابة العامل على كل مشكلة يطرحها ‪ ،‬لانه في الاجابة حل لنصف‬


‫المشكلة على ان تكون هذه الاجابة مليئة بروح الاخوة المصيرية‬

‫‪ - ۸‬التواضع الصادق في العمل وعدم الاستعلاء على العمال ‪ ،‬لان التواضع‬


‫صفة من صفات المناضل العربي الثوري ‪ ،‬وعلى البعثي ان يكون القدوة الحسنة‬
‫باخلاقه وسلوكه ‪ ،‬لان التواضع الاصيل الغير مفتعل سيسمح بتحقيق اوسع‬
‫العلاقات مع العمال‬

‫‪ - ۹‬على المناضل ان لا يتورط في تبني بعض المطاليب التعجيزية التي قد‬


‫تطرحها بعض العناصر السياسية المعارضة ‪ ،‬لان الالتزام بمثل هذه المطاليب وعدم‬
‫تنفيذها تفقدنا ثقة العمال في حالة تكرارها ‪.‬‬

‫‪ – ۱۰‬على المناضل البعثي ان يكون مرنا وثوريا بنفس الوقت بحيث يوجه‬

‫انظار زملاءه العمال اليه وان يكون في جميع تصرفاته وسلوكيته واخلاقيته ‪،‬‬
‫الصورة الحقيقية للمناضل البعثي‬

‫من خلال هذا العرض الموجز ‪ ،‬علينا دائما ان نكيف عملنا النقابي ضمن‬
‫قطر ما لان مستوى‬ ‫الشروط الموضوعية والذاتية التي تحيط بالحركة النقابية في‬

‫قوته وضعفه ‪ ،‬يتوقف على دور الحزب في التأثير في العمل‬ ‫العمل النقابي ‪،‬‬
‫النقابي وفي تطويره وانتشاله من عفويته‬

‫ب ‪ -‬طريقة العمل ‪:‬‬

‫عند‬
‫العزم على البدء في انشاء تنظيم عمالي حزبي لا بد من تصور حالتين‬
‫تمثلان الواقع الحزبي في صفوف الطبقة العاملة ‪ ،‬حتى نتمكن من خلال التصور‬
‫الدقيق لهاتين الحالتين تحديد الاسلوب الصحيح والصيغ الناجحة للعمل بين‬
‫العمال ‪.‬‬

‫الحالة الاولى ‪ :‬في هذه الحالة نفترض عدم وجود حزبيين منظمين في الجهاز‬

‫‪ .‬عندئذ كيف‬ ‫الحزبي القائم في القطاعات العمالية التي هي مجال نشاطنا الحزبي‬

‫‪۱۸۳‬‬
‫نبدأ العمل وما هي الصيغة السليمة حتى يكون لدينا جهاز حزبي في هذه القطاعات‬

‫العمالية‬

‫في مثل هذه الحالة لا بد للحزب من ندب حزبيين من غير العمال للعمل بين‬
‫العمال بحيث يكون نتيجة للعمل الدؤوب في اوساط الطبقة العاملة تنظيم حزبي‬
‫ان الرفاق‬ ‫‪.‬‬ ‫على اساس القطاعات العمالية المهنية وذلك ما سنوضحه بعد قليل‬

‫الحزبيين المؤهلين للنجاح في هذه المهمة يجب ان تتوفر فيهم الصفات التالية ‪:‬‬

‫فقير عمالي او فلاحي‬ ‫‪ - ۱‬ان يكون الحزبي من وسط‬


‫‪ - ۲‬ان يكون الحزبي قد عاش حياة الفقر في وسطه ويكون قد تربى في هذا‬
‫الوسط معظم سنين حياته وهو على صلة دائما في هذا الوسط حتى لحظات تكليفه‬
‫بهذه المهمة ‪.‬‬
‫هذا الوسط وقد عاشها‬ ‫‪ -‬على معرفة دقيقة وواعية لتقاليد وعادات‬

‫شخصيا حقبة كبيرة من سنين حياته بحيث لا يكون دخيلا على هذا الوسط اثناء‬

‫ممارسته النشاط الحزبي في صفوفه‬

‫{ ـ عنده الاستعداد الذاتي والمعنوي الصادقين ودون تكلف للانسجام في‬


‫حياة هذا الوسط الكادح ويعمل ضمن هذا الوسط كفرد من افراده‬
‫في انحيازه‬ ‫واضحا وبارزا‬ ‫‪ -‬ان يكون في سلوكه الشخصي والحزبي‬

‫في سلوكه اي تأثير للتكلف المبتذل أو المجاملات‬ ‫للطبقة العاملة دون ان يظهر‬
‫ان المثقفين الذين يتحلون بالصفات‬ ‫‪.‬‬ ‫بقصد كسب ثقته‬ ‫الرخيصة لهذا الوسط‬

‫في كسب العمال لصفوف‬ ‫السابقة لهم نفس الطاقة التي لدى العامل الحزبي‬
‫الحزب مع فارق الفرص الممنوحة لكل منهما حيث ان الفرص الممنوحة للعامل هي‬
‫في مكان عمله وفي مكان سكنه بينما المثقف لا يجد في النشاط الحزبي بين العمال‬
‫الا حقلا واحدا هو اماكن السكن العمالية ‪ .‬اما المحاذير التي يتصورها البعض من‬

‫دخول الحزبيين المثقفين للعمل بين العمال فهي محاذير وهمية لا تمت للحقيقة بصلة ‪.‬‬
‫وبعد اختيار المثقفين الصالحين للقيام بهذه المهمة ‪ ،‬لا بد من التعميم على‬

‫في الحقل العمالي وحثهم‬ ‫ونشاطاتهم‬ ‫الجهاز الحزبي لرفع تقارير عن معلوماتهم‬
‫للبحث من اجل كسب عمال للحزب وبذلك نساند موقف الرفاق العاملين بالحقل‬

‫العمالي بتوجيه انظار الحزب بكافة قطاعاته الاخرى للعمل كل في مجال نشاطه‬
‫العمالي الممكن لكسب عمال للحزب ‪ .‬ويفترض في الحزب ان يكون ذلك مهمة دائمة‬
‫في الحزب ان يكون تركيبه الاجتماعي من طبقة العمال‬ ‫للحزبيين اذ يفترض‬
‫والفلاحين فيكون بذلك قد وضع جزءا من طاقاته في تحقيق هذا الهدف الذي‬
‫يجعل الحزب في صيغته السليمة ليكون اداة ثورية لتحقيق اهداف الشعب في‬
‫‪ .‬وبعد اختيار العناصر المثقفة المؤهلة للعمل‬ ‫بناء المجتمع العربي الاشتراكي الموحد‬

‫بين العمال تحدد مهام هذه العناصر كقيادة للنشاط الحزبي في صفوف الطبقة‬
‫العاملة على ضوء تقسيم العمل بين اعضاء هذه القيادة بالنسبة لتوزيع مهامها في‬
‫في وسطها وكسب حزبيين‬ ‫ضرورة النشاط‬ ‫القطاعات العمالية التي يرى الحزب‬
‫في صفوفها •‬

‫‪١٨٤‬‬
‫في هذه الحالة لا بد من تصور وجود حزبيين في الوسط‬ ‫الحالة الثانية ‪:‬‬
‫العمالي وهنا لا بد ان نتصور وضعين لهذه الحالة ‪ .‬الوضع الاول ‪ :‬ان يكون عدد‬

‫الحزبيين كافيا في الوسط العمالي ليكونوا قيادة قادرة على البدء في العمل الحزبي‬
‫•‬
‫اما الوضع الثاني ‪ :‬فهو ان لا‬ ‫وعندئذ يكلف العمال الحزبيون للقيام بهذه المهمة‬

‫يكون عدد العمال الحزبيين كافيا للقيام بهذه المهمة او لا يكون لديهم جميعا او‬
‫بعضهم المؤهلات الكافية للقيام بهذه المهمة ‪ .‬في هذا الوضع لا بد من الاستعانة‬
‫‪.‬‬
‫بعناصر تتوفر فيها الصفات المذكورة في الحالة الاولى لتعويض النقص الموجود‬
‫على ضوء هاتين الحالتين نتصور احتمالات واقع وضعنا الحزبي في صفوف‬
‫ا في الشرح‬
‫نا‬‫لن‬
‫صل‬‫وص‬
‫ن و‬
‫ان‬‫د ا‬
‫عد‬‫بع‬
‫وب‬‫‪ .‬و‬ ‫الطبقة العاملة قبل البدء في العمل الحزبي العمالي‬
‫النقطة التي تلتقي فيها الحالتين لتصورنا للواقع الحزبي في صفوف الطبقة‬
‫العاملة عندئذ نبدا في الخطوات الاخرى التي تلتقي عندها جميع حالات واقعنا‬
‫الحزبي في صفوف هذه الطبقة ‪ .‬هذه الخطوات هي التالية ‪:‬‬
‫نحدد اولا القطاعات التي يرى الحزب ضرورة البدء في تشكيل تنظيم حزبي‬
‫في صفوفها ‪ ،‬ولا بد ان يراعي الحزب عند تحديد القطاعات العمالية التي يرغب‬

‫البدء في العمل الحزبي في صفوفها الامور التالية ‪:‬‬


‫‪ - ۱‬مراكز التجمع العمالية الكبرى ·‬
‫‪-‬‬
‫‪ ۲‬ـ اهميتها من حيث دورها في قيادة الطبقة العاملة واثرها السياسي في‬
‫صفوف الطبقة العاملة ومردود هذا الاثر على الشعب‬

‫‪ - ٣‬تأثير القطاع العمالي على حياة ابناء الشعب وآثاره في الاقتصاد والحياة‬
‫اليومية للجماهير الشعبية ‪.‬‬

‫فلا بد من مراعاة الامور السابقة في اولوية البدء في العمل الحزبي بالنسبة‬


‫‪ .‬على ان تكون خطتنا‬ ‫في صفوفها‬ ‫للقطاعات العمالية المرغوب بدء العمل الحزبي‬
‫العمالية مهما كان اثرها السياسي والاقتصادي‬ ‫البعيدة غزو كافة القطاعات‬

‫والاجتماعي ضئيلا لان العمال مع الفلاحين هم الاداة الفعلية لتحقيق اهداف الثورة‬
‫‪.‬‬
‫العربية ‪ ،‬لذلك لا بد من التأكيد على اهمية العمل في صفوفهم بشكل جاد وواع‬
‫وبعد تحديد القطاعات الهامة في مجال المدينة التي نريد بدء العمل العمالي بها ‪،‬‬

‫نراعي ان تكون كل مجموعة مؤلفة من مجموعة‬ ‫نقسم هذه القطاعات الى مجموعات‬

‫يصبح كل عضو في القيادة العمالية في اي‬ ‫وذلك بحيث‬ ‫القطاعات الاكثر (تشابها‬
‫قطاع‬ ‫هذه المجموعة المؤلفة من‬ ‫مستوى نختار هذه القيادة المسؤول التنفيذي عن‬

‫فخطة العمل توضع في تفصيلاتها للنشاط الحزبي‬ ‫فاكثر من القطاعات العمالية ‪.‬‬
‫والتنفيذ يقوم به مسؤول المجموعة العمالية مع‬ ‫العمالي في القيادة العمالية‬

‫وان جميع الاقتراحات الواردة الى القيادة العمالية‬ ‫قيادة المجموعة التابعة له ‪.‬‬
‫من المجموعات تؤخذ بعين الاعتبار في تحديد اي خطة عمالية للعمل بين العمال‬
‫وهكذا يتفرع التخصيص في العمل الحزبي العمالي من قمة الهرم الى اسفله حتى‬

‫يصبح كل قطاع عمالي له قيادته المسؤولة عن تنفيذ خطة العمل فيه والمسؤولة عن‬
‫الاهتمام لكسب عمال للحزب وجمع كافة المعلومات الدقيقة والواعية عن هذا القطاع‬

‫‪110‬‬
‫العمالي لوضعها تحت تصرف الحزب حتى يتمكن الحزب من تحديد مهمته ومواقفه‬

‫تجاه هذا القطاع لنصل في النهاية لان يكون الحزب القائد الفعلي لهذا القطاع‬

‫وكذلك نفعل تجاه كافة القطاعات العمالية ‪ .‬وان هذا التفرع التسلسلي في‬

‫فائدة كبيرة جدا هي‬ ‫في وسط العمال له‬ ‫في العمل الحزبي المهني‬ ‫التخصيص‬
‫توجيه الحزبيين للتخصيص في العمل الحزبي حتى يشمل هذا التخصيص القطاع‬
‫العمالي الواحد ‪ .‬بحيث يكون الحزبي قد وجه كل جهده وطاقاته للمعرفة الدقيقة‬
‫والواعية لكل ظروف وواقع هذا القطاع ووضع معلومات دقيقة وواعية تحت تصرف‬
‫قبل الحزب‬ ‫الحزب تمكنه من وضع الخطة المناسبة للسيطرة على هذا القطاع من‬
‫قيادة‬ ‫قائدا لهذا القطاع قيادة حقيقية وواعية ومستمرة لا‬ ‫بحيث يكون الحزب‬
‫وهمية ومبنية على معلومات عاجزة وضعيفة تضلل الحزب أكثر مما تهديه الى سوء‬

‫السبيل للعمل الحزبي في وسط هذا القطاع ‪ .‬وبعد هذا التحديد للصيغة السليمة‬
‫للعمل بين العمال تبدأ ميكانيكية العمل الحزبي في الوسط العمالي بتصور صحيح‬

‫هذا‬ ‫في الوسط العمالي ويجعل‬ ‫وسليم يعطي مردودا جيدا لنشاطاتنا الحزبية‬
‫في ظروف مناسبة‬ ‫ويضع الحزب‬ ‫‪،‬‬ ‫النشاط يسير في طريقه واسلوبه السليم‬
‫وحقيقية ليكون مؤهلا لقيادة الطبقة العاملة قيادة فعلية بكل ما تعني هذه الكلمة‬
‫من معنى ‪.‬‬

‫الحقل العمالي في المدينة‬


‫قيادة عمالية‬

‫جموعات‬ ‫مجموعات‬ ‫مجموعات‬


‫م‬

‫قطاعات عمالية‬ ‫قطاعات عمالية‬


‫قطاعات عمالية‬

‫قيادة المجموعة‬ ‫قيادة المجموعة‬ ‫قيادة المجموعة‬

‫قطاع عمالي‬ ‫قطاع عمالي‬ ‫قطاع عمالي‬


‫قيادة القطاع‬ ‫قيادة القطاع‬ ‫قيادة القطاع‬

‫الخ ‪.‬‬ ‫الخ ‪..‬‬

‫فرع القطاع حسب توزيعاته بالنسبة لمركز التجمع العمالي او بالنسبة للمعمل ‪.‬‬
‫هذا هو الشكل التنظيمي للتوزيع الحزبي للعمل العمالي مبينا بالهيكل التنظيمي‬
‫اعلاه وموضحا بما سبق من قول‬

‫نورد فيما يلي ملاحظتين لا بد من ذكرهما عند بحث صيغة العمل بين العمال‬
‫لاهميتهما وتوضيحهما فيما يلي بايجاز ‪:‬‬
‫الملاحظة الاولى ‪ :‬في الاسلوب المباشر للدعوى للحزب بين العمال سواء اكان‬
‫القصد كسب العامل كجمهرة للحزب او ليصبح عضوا فيه وذلك في حال توافر‬
‫الشروط المطلوبة للعضوية والمذكورة فيما سبق من توضيح ‪ :‬هنا نريد ان ننبه الى‬

‫ناحية هامة جدا هي ان اسلوب نشر الدعوة الحزبية في صفوف الطبقة العاملة‬

‫‪١٨٦‬‬
‫فالحزبي الذي‬ ‫يختلف من حيث الشكل فقط عن اسلوبه في القطاعات الاخرى ‪.‬‬
‫بريد دعوة عامل ما للحزب سواء اكان يصنفه من جمهور الحزب او عضوا فيه‬

‫لا بد قبل مفاتحته باي امر حزبي او حتى باي موضوع سياسي يكشف هويته‬
‫الحزبية او السياسية لا بد من دراسة هذا العامل بكافة نواحي حياته والناحية‬

‫الاهم في الدراسة معرفة علاقة هذا العامل بجهاز الادارة التابع لرب العمل‬
‫وبعد معرفة علاقة هذا العامل بجهاز الادارة التابع لرب العمل وبعد التأكد من ان‬

‫لديه من الصفات الاخلاقية وسلامة الحس الطبقي تجاه رب العمل‬ ‫هذا العامل‬
‫كمستغل والتأكد من ان ما سيدور بينه وبين الحزبي الناشط معه سوف لن يصل‬

‫الى مسامع رب العمل عندئذ يبدأ الحزبي في بحث افكار الحزب معه بعد ان يكون‬
‫قد وطد صداقته الشخصية مع هذا العامل ودون ان يشير في كلامه معه للحزب‬

‫كممثل لهذه الافكار في البدء ‪ ،‬ثم تطوير هذا البحث مع العامل تدريجيا حتى يصل‬
‫لمرحلة دعوته للحزب ‪ .‬وكذلك الحال بالنسبة للعامل الذي نعمل معه كي يكون‬
‫من جمهور الحزب ‪ .‬ان السبب الذي يجعل اسلوب عملنا بين العمال دقيقا لهذه‬

‫الدرجة هو الآتي ‪:‬‬


‫‪ - ۱‬ان رب العمل أي رب عمل لديه جهاز خاص به من المخبرين وقد‬

‫يستخدم في ذلك عددا من العمال الذين هانت اخلاقهم واختلت موازينهم واصبحوا‬
‫ممن لا اخلاق لهم ولا ضمير حتى كانوا بذلك عبيدا اذلاء لرب العمل مقابل بضعة‬
‫‪ .‬ان رب العمل يستخدم مثل هؤلاء العمال للتجسس‬ ‫دريهمات يضعها في جيوبهم‬

‫على العاملين في معمله فاذا توجس او تأكد بان احد العمال يعطف او ينتسب الى‬
‫فورا لاقذر الاساليب التي اعتاد المستغلون من ارباب‬ ‫حركة سياسية تقدمية لجأ‬
‫‪ .‬وذلك كوسيلة لتأديب العمال وابعادهم عن الجو‬ ‫العمل اتباعها وهو التسريح‬

‫السياسي الممثل لمصالحهم حتى يبقى رب العمل موغلا في استغلاله البشع للطبقة‬
‫العاملة ‪ ،‬هذه النتيجة الخطيرة التي تجعل اي حزبي او مؤيد للحزب خارج المعمل‬

‫بمجرد معرفة رب العمل له لان قوانين العمل البرجوازية تعطي هذه السلطة لرب‬
‫لمواجهة مثل هذا‬ ‫العمل ‪ .‬اذن لا بد للحزب الثوري من اختيار الاسلوب الملائم‬

‫الخطر وهذا لا يأتي لنا الا بمثل هذه الدقة النادرة في مجال النشاط الحزبي‬
‫والعمل السياسي في الوسط العمالي ‪ ،‬وذلك حتى يكون لدينا جهازا قويا وفعالا‬
‫نتمكن بواسطته من شل فعالية رب العمل ‪ .‬وبعد ان يصبح لدينا مثل هذا الجهاز‬
‫الحزبي القوي الفعال عندئذ يطرح الحزب معركته مع ارباب العمل وذلك بعــد‬
‫وهنا يستخدم الحزب اسلحته حسب الحاجة‬ ‫تخطيط وتدقيق علميين للمعركة ‪.‬‬
‫اليها‬
‫فالحزب هو الذي يخطط للمعركة مع رب العمل وهو الذي يحدد توقيتها‬

‫على ضوء كفاءته في ربح هذه المعركة لمصلحة جماهير العمال دون ان يكون لرب‬

‫العمل أي دور او فعالية بذلك ‪ ،‬ولذا يجب الاهتمام في الدقة التامة في العمل‬

‫بين العمال وعدم اعطاء رب العمل أي مبادرة لضرب اية نواة حزبية في معمله‬
‫‪- ۲‬‬
‫السلطة الواسعة لرب العمل في تسريح العامل وبشكل تعسفي لمجرد‬

‫‪۱۸۷‬‬
‫معرفته او حتى مجرد احساسه بان هذا العامل ينتمي او له عطف على جهة سياسية‬

‫معينة تقدمية ‪ .‬اذن هناك سلاحان لرب العمل هما ‪ :‬السلاح الاول التجسس على‬

‫العمال بواسطة عمال ممن لا اخلاق لهم ولا رادع من ضمير او وعي ليردعهم عن‬

‫التجسس لحساب رب العمل على ابناء طبقتهم ‪ ،‬ان مثل هؤلاء يتوجب على الحزب‬
‫كشفهم وفضح حقيقتهم للعمال بمختلف الاساليب شريطة ان يكون ذلك بالدقة‬

‫الكافية لعدم الاضرار بالحزبيين وتعرضهم لسخط رب العمل قبل ان يكون الحزب‬
‫من القوة بحيث يفتح معاركه مع رب العمل ويكون المنتصر الحقيقي في النهاية‬

‫والسلاح الثاني لرب العمل هو التسريح الكيفي والتعسفي ‪ .‬هذان السلاحان يجب‬
‫شلهما من يد رب العمل وذلك بالدقة المطلوبة في العمل العمالي ومراعاة هذه الدقة‬
‫لدود للطبقة العاملة من‬ ‫فسح المجال لرب العمل كعدو‬ ‫الى ابعد الحدود وعدم‬
‫توقيت المعركة لصالحه ليضمن نجاحها ‪ .‬بل علينا شل اسلحته والاحتفاظ بتوقيت‬
‫يجب ان يبقى حاضرا‬ ‫المعركة لنا على أن يكون ذلك بايدينا حيثما نجده مناسبا‬

‫في اذهاننا كعاملين في الحقل العمالي انه يجب شل خطة رب العمل في ضرب اي‬
‫فالدقة والوعي‬ ‫‪.‬‬ ‫نواة لحزبنا قبل ان تصبح قوة لا يقدر رب العمل على ضربها‬
‫اسلحة نحارب بها رب العمل الذي يعتبر في مقدمة مهامه ضرب اي نواة سياسية‬
‫تقدمية تمثل مصالح العمال حتى لا تكبر هذه النواة وتصبح قوة لا يستطيع تدميرها ‪.‬‬
‫علينا ان نحافظ بكل دقة ووعي على نواة حزبنا في كل معمل وفي كل حقل عمالي‬
‫حتى نصبح قوة عمالية وسياسية لا يقوى رب العمل على ضربها ‪ .‬بحيث تستطيع‬
‫هذه القوة الحزبية فتح المعارك مع رب العمل وربحها وتحقيق مطالب العمال‬
‫ماله ‪.‬‬
‫وأمانيهم العادلة في محاربة استغلال رب العمل لع‬
‫لنذكر دائما وبوعي ان مهمتنا الاساسية هي بناء قوة سياسية في كل قطاع‬
‫اهداف الحزب في‬ ‫عمالي يكون الحزب قائدا لها حتى نساهم وبجدية في تحقيق‬
‫الوحدة والحرية والاشتراكية ·‬

‫خاصة في ناحية‬ ‫الملاحظة الثانية ‪ :‬لكل قطاع عمالي صفات تجعل له اهمية‬

‫ما من نواحي النشاط الحزبي ‪ ،‬لذلك لا بد عند دراستنا لنشاطاتنا الحزبية في‬
‫كل قطاع عمالي ان نتنبه لهذه الميزات الخاصة لكل قطاع حتى نتمكن من الاستفادة‬
‫منها في نشاطنا الحزبي سواء اكان ذلك في الدعاية للحزب او في التأثير على‬
‫السلطة او محاربة خصوم الحزب والطبقة العاملة او في اي مجال آخر من مجالات‬
‫‪ .‬ونذكر بعض الامثلة للتوضيح‬ ‫النشاط الحزبي‬
‫‪-‬‬‫المثال الاول ‪ :‬في هذا المثال نأخذ عمال التنظيفات ‪ -‬عمال مصالح الدولة ‪.‬‬

‫عامل التنظيفات يتمكن وبسهولة بحكم عمله من ايصال المنشورات الحزبية الى اي‬

‫بيت حتى ولو كان بيت الحاكم نفسه دون ان يثير ذلك اي اشتباه تجاه الاخرين‬
‫وذلك بسبب طبيعة عمله ‪ .‬ومن ناحية اخرى نلمس مدى القيمة الكبرى ومدى‬
‫الضغط الذي يولده اضراب عمال هذه المهنة على السلطة اذ يشعر ويتأثر به كل‬
‫فرد من افراد ابناء الشعب‬

‫‪١٨٨‬‬
‫المثال الثاني ‪ :‬هو عمال تصليح الاحذية المنتشرين في الاحياء ان لمثل هؤلاء‬

‫العمال اهمية في الدعاية ونشر مبادىء الحزب ونشر ايضا المعلومات التي يرغب‬

‫في رواجها بين ابناء الشعب وذلك بحكم عملهم وصلاتهم مع جميع فئات‬ ‫الحزب‬
‫الشعب ‪.‬‬

‫المثال الثالث ‪ :‬هو سائقي السيارات العامة في المدينة ان كسب هذه النقابة‬
‫او عدد من افرادها يجعل في يد الحزب مجالا واسعا للعمل الدعائي حيث ان‬
‫السائقين يتمكنوا بحكم عملهم من ايصال الاخبار والمعلومات المرغوب نشرها الى اكبر‬
‫عدد ممكن من ابناء الشعب‬

‫وهكذا لو تفحصنا كل مهنة لوجدنا انها بصفة بارزة يمكن ان تكون أساسا‬

‫هاما في نشاطنا الحزبي لذا فعلى الحزب تفحص هذه الصفات في القطاعات العمالية‬
‫‪ .‬ان صيغة العمل‬ ‫والاستفادة منها في نشاطات الحزب بين جماهير ابناء الشعب‬
‫في صفوف ابناء الطبقة العاملة كما هو موضح فيما سبق من قول هي‬ ‫الحزبي‬

‫الصيغة الوحيدة التي تعطي لنشاطنا الحزبي افضل مردود في صفوف ابناء تلك‬
‫الطبقة ‪.‬‬

‫‪۱۸۹‬‬
‫المهمات الفلاحية الراهنة ومسار الثورة‬

‫لكي يدرك الفلاح قيمة تحرره عليه ان يقارن بين اوضاعه الحالية وحياته في‬
‫العهود الماضية وخاصة قبل ثورة ‪ ١٤‬تموز ‪ ، ١٩٥٨‬وذلك لانه من المعلوم ان الفلاح‬
‫لم يكن له حق الزواج دون اذن الملاك ‪ ،‬وكان ملزما بالعمل بصورة مجانية لحساب‬

‫يكن للفلاح حق ترك القرية‬ ‫سیده في الايام التي يعينها السركال او الوكيل ‪ ،‬ولم‬
‫الا باذن الملاك ‪ ،‬ولم يكن يستطيع ان يدخل قرية اخرى او يشرب ماءها دون اذن‬

‫السيد ‪ ،‬ولم يكن بمقدوره الا الخيار بين امرين عندما يكون مدينا الملاك اما السجن‬
‫والعقوبات الجسدية واما بيع عفشه وحتى بيع اطفاله لكي يسدد ديونه ‪ ،‬وكان‬
‫الفلاح مستخدما للموظفين ولم يكن بمقدور احد ان ينتقدهم أو يدعو الى تغييرهم ‪،‬‬
‫لان هذه الدعوة تعتبر مسا برغبة الملاك الذي اختار هذا الموظف وطلبه من المقامات‬
‫العليا ‪ ،‬الخ‬

‫وقد حدث بعض التحول في حياة الفلاحين بعد ثورة ‪ ١٤‬تموز قياسا الى‬
‫وضعهم السابق ‪ ،‬ولكن هذا التحول لم يكن بالنسبة لهم سوى ايجاد سلطة مزدوجة‬
‫سلطة الملاك وسلطة الموظفين ‪ .‬وحتى قيام ثورة ‪ ۱۷‬تموز لم يكن بمقدور الفلاحين‬
‫ان يفكروا بالحصول على قسط من حق المشاركة مع الموظفين في حل مشاكلهم او‬
‫المساهمة في بعض شؤون الدولة ومهامها ‪ ،‬ولم يعرفوا ما يجري في الدولة لانهم‬
‫كانوا منهوكين الى حد الاعياء للحصول على لقمة الخبز ‪.‬‬

‫قبل الملاكين وكبار‬ ‫لقد كان رجال الدولة يستقبلون في العهد الملكي من‬
‫الموظفين وبعد قيام الجمهورية اخذ الملاكون يستقبلون الموظفين استقبال الملوك من‬
‫اجل ابقاء ولاء السلطة لهم والظهور امام الفلاحين بان السلطة معهم ملكية كانت ام‬
‫جمهورية ‪ ،‬وهكذا فان مجموعة كبيرة من الموظفين سواء من ذوي الدخل المحدود او‬
‫من الموظفين الاغنياء من اصحاب الدور والسيارات الفخمة والارصدة المالية الكبيرة‬

‫كانت تحمي الملاكين وتمارس الاضطهاد ضد الفلاحين وتعمل على زيادة بؤسهم‬
‫ولهذا قامت طبقة الملاكين بخلق فئة جديدة من الموظفين من اصحاب‬ ‫وشقائهم‬

‫ففي الوقت الذي كانت الملكية تشعر بانها‬ ‫المال والقصور والحكم والحول والقوة ‪.‬‬
‫لا تستطيع الحكم بدون الملاكين ‪ ،‬غدت الفئة الجديدة من الموظفين ‪ ،‬تشعر بانها لا‬
‫ومن خلال عشر‬ ‫‪.‬‬ ‫بدون هذه الطبقة ومساندة عوائلها ورضاها‬ ‫تستطيع الحكم‬
‫سنوات من عمر الجمهورية ‪ ،‬ورغم جميع القوانين الاصلاحية والقرارات الصارمة‬

‫ضد الاقطاع لم يتزعزع الملاكون زعزعة حقيقية عن حكم الريف وبقيت الفئة الجديدة‬

‫الفنية من الموظفين منفذة لمصالحهم وتوجيهاتهم وتسير وفق مشيئتهم‬

‫لقد جرب الفلاحون الاغنياء من الموظفين ولم يحصلوا على العدالة في يوم من‬
‫الايام على ايديهم بل كانوا دائما يقفون كحكام حلفاء للاقطاع بعد كل تغيير ويسجنون‬
‫ويعزون‬ ‫الباطلة لصالح الملاكين‬ ‫الفلاحين ويرسلون التقارير الكاذبة ويلفقون التهم‬
‫كل خراب اقتصادي الى كسل الفلاح او هجرته فيرسمون المشاريع لطردهم من‬
‫‪.‬‬ ‫المدن او حصرهم في مدن معزولة عن مدينة النبلاء والموظفين‬

‫لقد كان جيش الموظفين الذين يقدر بعدد الجيش الوطني ان لم يكن اكثر ‪،‬‬
‫يقبض على كل شيء ويشكل قوة هائلة في افشال جميع الخطط والمشاريع الثورية‬

‫وسحب البساط من تحت اقدام كل ثوري يقدم على العمل من اجل تحقيق اصلاح‬
‫حقيقي ‪ .‬وليس غريبا ان يمارس الموظفون هذا الدور لان التركيب الاجتماعي لفئة‬
‫الموظفين ينحدر على الاغلب من الملاكين وكبار التجار وبقايا موظفي السلطة الاجنبية ‪،‬‬
‫والشركات الاحتكارية الاخرى ولا شك ان نسبة‬ ‫وكذلك موظفي شركات النفط‬
‫المتحررين من الطبقات الكادحة تعد ضئيلة ‪ ،‬وان معظمها قد تفسخت خلال احتكاكها‬
‫المستمر بطريقة حياة الفئة الجديدة من الموظفين وبسبب تزلفها الدائم لها‬
‫ولقد ظهرت خلال السنوات العشرة ‪ ،‬مظاهر البذخ والترف خلافا لما اعلنت‬
‫ثورة تموز عنه ‪ ،‬وتدهورت حياة الكادحين الذين هم مصدر هذا الثراء وازدادت‬
‫فلم يعد الفلاح المعدم‬ ‫نقرا وبؤسا ‪ ،‬وان مستوى المعيشة قد هبط بشكل ملحوظ‬
‫وحتى المتوسط قادرا على ان يتناول الدهن الحر ‪ ،‬ولا يملك النقود لشراء الدهن‬

‫النباتي الكافي ‪ ،‬وان نسبة المعدمين الذين لا يجدون بيتا لائقا بالانسان قد ارتفعت‬
‫لان مواد البناء كلها اصبحت سلعة تباع بالنقود ‪ ،‬واصبح النقد الوسيلة الوحيدة‬
‫للحصول على الحاجيات ‪ ،‬ولا زال الفلاح المعدم يتعاقد وفق نظام اكل الدهر عليه‬
‫وشرب ‪ ،‬نظام الاجرة العينية المقطوعة ‪ ،‬لذلك لا يحصل على النقود الا بشق‬
‫الانفس •‬

‫لقد كانت الارض القوة الرئيسية التي يملكها الاقطاعي في الماضي ‪ ،‬أما فيما‬
‫فان المال غدا القوة الرئيسية والتي هي في حوزة الاقطاعيين بعد ان تحولوا‬ ‫بعد‬
‫الى رأسماليين وتجار مع احتفاظهم بسلطتهم في الريف ‪ .‬ومن خلال رهن العقارات‬
‫وممارسة الحيل ‪ ،‬حصل الملاكون على المال الغزير كما حصلوا على اعفاءات من‬
‫الضرائب ‪ ،‬اما الفلاحون فيعيشون بالتقتير كل يوم ليومه ‪ ،‬ويضطرون عند كل‬
‫صيبة أو صعوبة حياتية ان يبيعوا ما يملكونه باسعار بخسة‬

‫ليس من السهل تغيير كل النظام بالسرعة التي تتغير بها الاجهزة العلوية في‬
‫الدولة بل تقتضي لذلك جهدا نضاليا عنيدا طويلا ‪ ،‬لان فئة الموظفين الاغنياء الذين‬
‫هم طليعة الملاكين والبرجوازيين ‪ ،‬سيدافعون عن النظام القديم وعن الدولة القديمة‬
‫الى‬ ‫الدولة الجديدة ‪ ،‬لان بعض اجهزة الحكومة الرئيسية ستبقى بايديهم‬ ‫داخل‬
‫مدة طويلة ‪ .‬ولا شك ان الطليعة الثورية تعرف جيدا اسباب الحرمان والبؤس في‬

‫‪۱۹۱‬‬
‫لريف ‪ ،‬ولاجل‬ ‫‪.‬‬ ‫الذين يسيرون مع الملاكين‬ ‫المدن والارياف وتعرف من هم‬

‫الحيلولة دون خداع الفلاحين من قبل الملاكين يجب وضع التحليلات الصائبة عن‬

‫اسباب البؤس ثم اكتشاف الطرق الجديدة التي سلكتها الطبقة الاقطاعية بالتحالف‬

‫قوة الملاكين وتحديد‬ ‫لذلك يجب تشخيص‬ ‫مع الفئة الجديدة من الموظفين الاغنياء ‪.‬‬

‫مدى نفوذهم ‪ ،‬وذلك بتحديد مقدار الاراضي التي لا زالوا يملكونها ملكا خاصا او‬
‫وبتحديد الامتيازات‬ ‫‪،‬‬ ‫لصالحهم‬ ‫فئة الموظفين‬ ‫بالحيل القانونية التي اوجدتها‬
‫في المدن على الحيــاة‬ ‫المصرفية وميدان النشاط التجاري وتأثير حلفاء الملاكين‬
‫وان الادعاء بان الدولة تستحوذ على اكبر واجود‬ ‫السياسية وشؤون الدولة ‪،‬‬

‫الاراضي وعلى اوسع الثروة ‪ ،‬ادعاء يأتي لصالح الملاكين والطبقة الجديدة الغنية‬
‫من الموظفين وكبار المرابين بغية اخفاء سلطانهم الحقيقي وراء تهويل سلطان الدولة‬
‫والمرابين الكبار يسيطرون على‬ ‫خافيا ان الملاكين وكبار الموظفين المتقاعدين‬ ‫وليس‬
‫املاك الدولة باشكال مختلفة ويجنون ارباحها ويدعون الدولة تحتفظ بسجلات‬

‫امتلاكها من دواوين يشرف عليها طلائع الملاكين وكبار الموظفين والاغنياء ممن وقفوا‬
‫ضد اي تقدم ولو بسيط لصالح الجماهير‬

‫ان التغييرات في الريف قد جاءت من حيث النتائج لغير صالح الفلاحين كما‬
‫انه ازداد عدد الاغنياء في الريف‬
‫قد اثروا سابقا بعد شراء‬ ‫من المعلوم ان جمهرة كبيرة من اغنياء الريف ‪،‬‬
‫لهم طبقة الملاكين والموظفين الاغنياء ‪،‬‬ ‫الاراضي او بسبب التسهيلات التي وفرتها‬
‫التي توفرها الدولة‬ ‫بسبب الشروط‬ ‫فاغنياء الريف قد حصلوا على الامتيازات‬
‫القديمة ‪ ،‬ولكن اغنياء الريف هؤلاء الذين غالبا ما يحصلون على الاراضي الجيدة في‬
‫اطراف المدن ‪ ،‬اخذوا يفتنون من الارض ومن التجارة وتحول الكثير منهم الى‬
‫ممولين‬

‫ان الفلاح المتوسط والفلاح المعدم لا يحصد من الحبوب اكثر من حاجته الا‬

‫نادرا ‪ ،‬والفلاح الغني يرمي باطنان غزيرة في السوق من الحبوب التي حصدتها‬
‫الآلات الحديثة ‪ ،‬مما يجبر الفلاح المتوسط او المعدم أن لا يجرؤ على نقل منتوجه‬
‫الفائض الى السوق بل يحتفظ به لمبادلته ببضائع اخرى يحملها البقال المتجول في‬
‫القرى ‪ .‬ان الارض بدون المال امر ثانوي في عملية الانتاج المعاصرة ‪ ،‬والمال نادر‬
‫ندرة العدالة تجاه الفلاحين المعدمين او المتوسطين ‪ ،‬وهو متوفر عند الغني ‪ ،‬وان‬

‫له القدرة على تجديد آلة المحراث القديمة أو تغيير‬ ‫الفلاح المتوسط او المعدم ليس‬
‫الحيوانات القديمة ‪ ،‬لذلك تبقى حاجتها لطلب المساعدة من بعض اغنياء الريف من‬
‫اجل الحصول على البدار او الحصول على عقد للعمل ‪.‬‬

‫ان بعض الدوائر الرسمية التي تشرف عليها فئة الموظفين الاغنياء كثيرا ما‬
‫تنشر الاخبار الكاذبة في العهود السابقة عن التسهيلات المصرفية او تخفيض اسعار‬
‫الآلات الزراعية وذلك ليخدعوا الناس بان الذي يجري لمصلحة سكان الريف وفي‬
‫الحقيقة أن من لا يملك الارض او المال او الماشية لن ينتفع من عشرات التسهيلات‬

‫او تخفيض الاسعار ‪ ،‬لانها تجري لمصلحة الملاكين والاغنياء واصحاب الاراضي والمال‬

‫‪۱۹۲‬‬
‫والماشية واصدقاء الموظفين الذين يرشدون حلفاءهم الى كل الحيل والسبل‬

‫للاستفادة من كل تقلبات الزمن‬

‫ان الفلاح المعدم يشقى من اجل الحصول على مورد للرزق ‪ ،‬ومن يبحث عن‬
‫مورد للرزق يضطر ان يكون اجيرا ولن يحصل على المال ‪ ،‬وحتى اذا كانت له‬

‫قطعة صغيرة فانه سوف يتركها او يعطيها لزراعتها بموجب نظام للمحاصصة لا تدر‬

‫عليه شيئا يذكر في حين انه مطالب بمساعدة بعض رجال الدين من جهة ودفع‬
‫الهبات والضرائب والرشاوى لقاء حصوله على دفتر النفوس او طلبات التجنيد‬

‫من جهة اخرى ‪ .‬ان الفلاح المتوسط والمعدم نادرا ما يتخلص من الديون وذلك‬
‫لعدم وجود مورد ثابت له ‪ ،‬وغالبا ما تعرضه الديون الى السجن بعد بيع اخر‬
‫حاجة بيتية واحيانا بعد بيع اطفاله‬

‫في الريف ‪ ،‬بل‬ ‫يعتبران مسألتين حاسمتين‬ ‫ليس الارض والمال وحدهما‬
‫العتاد والسلاح عنصر آخر ليس اقل تأثيرا على حياة الريفي في الوضع الطبقي‬
‫ان السلاح وسيلة هامة للحصول على الارض والمال في فترة معينة ‪ ،‬ثم تتحول‬
‫القصة ‪ ،‬فتصبح الارض والمال هما الباعثان على السلاح وحمله علنيا بفضل الاجازة‬
‫التي يوفرها له الموظفون والحلفاء ‪ ..‬ان معظم مشاكل الريف يعالجها السلاح ‪ ،‬لانه‬
‫هو الذي يرجح كفة الحق الى حامله ‪ ،‬وهو الذي يخنق الحقيقة مع جسد صاحبها‬

‫في وضح النهار وما على ورثة دم الضحية الا الهجرة لان السلاح ذاته ليس بصيرا‬
‫ولكنه لا یری الا بعيون حامله ‪ .‬فالارض والمال والسلاح هي كل شيء اما المنتجون‬

‫وتسعى الشهادات التي يلوكها الموظفون وفصائل‬ ‫فهم لا شيء ·‬ ‫الحقيقيون‬

‫صورة مغايرة للواقع ‪ ،‬ولكن ثمة ظاهرة اساسية هي ان‬ ‫البرجوازية الى تقديم‬
‫وتبرير ظلمهم‬ ‫البرجوازية وزمر موظفيها غير مهتمين اصلا بالدفاع عن انفسهم‬
‫بنكرانه ‪ .‬انهم لا يتوانون ابدا عن التحدث عن الفلاح بسخرية فهو في رأيهم جاهل‬
‫متخلف ويستحق الحياة الحيوانية ‪ ..‬الخ ‪ -‬كذا ـ ويذكرون كل ذلك بدون خجل‬

‫وهذا ان دل على شيء فانما يدل على مدى صلافة هذه القوى ووقاحتها واستهتارها‬

‫بابسط المسائل ‪ ..‬ان الموظف التابع للبرجوازيين ونديم الاقطاعيين يعتقد في داخله‬
‫ان الفلاح لا يمكن ان تكون له حياته الانسانية المشروعة ‪ .‬وبحكم هذا المنطق كان‬
‫الاضطهاد المركب للفلاحين لا يقاس وغير محدود ويدفع بالتالي بالضرورة الى‬
‫انتفاضات حادة ايضا‬
‫ان الجماهير الريفية الكادحة ظلت تخشى الموظفين ‪ ،‬لان جميع مصاعبهم‬

‫من جراء انحياز هذه الفئة الواسعة الى جانب الملاكين او اغنياء الريف ‪،‬‬
‫ظروف تتحمل الجمهرة الغالبة الضرائب والجوع واقلية مرفهة مصونة ‪ ،‬يولد الذعر‬
‫في المدارس حيث كان يستخدم بعض المعلمين‬ ‫في الريف ‪ ،‬بل حتى‬ ‫فقط‬ ‫ليس‬
‫فهم‬ ‫الاهانات والوان التعذيب ضد الطلاب من ابناء الفقراء الذين يتأخرون عن‬

‫ارشاد المعلم او يظهرون بمظهر وسخ ‪ .‬ولقد اعتاد ابناء الفقراء ان يمثلوا في‬
‫في حين ان ابناء الاغنياء‬ ‫الجيش ضعف او ثلاثة اضعاف مدة الخدمة القانونية ‪،‬‬
‫الامر عن طريق بعض الاطباء او الحيل او الرشاوى ‪ .‬وعندما‬ ‫يستطيعون أن ( يدبروا‬

‫‪۱۹۳‬‬
‫في التنظيم والتربية الحزبية ‪١٣ -‬‬
‫التفتت ثورة تموز هذا العام بان شددت على المساواة في الواجبات ‪ ،‬استطاعت‬

‫اجهزة الدولة القديمة ان تخترع شتى الشائعات وذلك لانه ظلت الى حد ما « طليعة »‬

‫الملاكين واغنياء الريف والبرجوازيين والفئة الثرية من الموظفين هم الذين بايديهم‬

‫طرق التنفيذ في بعض المجالات ‪ ،‬فبامكانهم أن يحولوا امورا عديدة لصالحهم بهدوء‬
‫وكتمان ودون ضجة وفق العادة القديمة ثم يلقون باللائمة بصورة مدلسة ضد‬

‫‪ .‬وتقف وراء‬ ‫الثورة وقواها بقيادة حزبها الصامد حزب البعث العربي الاشتراكي‬
‫هذه الخطة كل قوى الرده المتسترة والمكشوفة فيحولوا الانظار الى مسائل الخلافات‬

‫بين فلان و فلان ‪ ،‬اما قضايا الشعب الاساسية فانها لا تعنيهم وهم لا يدركون ان‬
‫الثورة بقيادتها اقوى من اساليبهم وحيلهم ‪ .‬ان ثورة تموز ولدت لتبقى ‪ .‬وان‬
‫قيادة حزب البعث لديها من التجربة ما يجعلها متمكنة على كشف اسالیب اعداء‬

‫الثورة والحزب ‪ .‬وان الثورة عندما تحقق منجزا هاما فان اعداء الثورة لا يبتهجون‬

‫فانهم يزدادون حقدا وضراوة وميلا لترويج‬ ‫به ولا يكونون سلبيين ازاءه بل بالعكس‬
‫ولكنه ملموس ضد الثورة‬ ‫‪ ...‬انه التحرك غير المباشر‬ ‫الاكاذيب والشائعات‬

‫واجراءاتها الهادفة ‪ .‬هذا التحرك الذي يوجد تارة في المدينة وتارة في الريف‬
‫مجموعا ضمن وحدة عمل قوى مضادة للثورة‬

‫ما هي مهمات الجمعيات الفلاحية في المرحلة الراهنة ‪:‬‬

‫تجابه الجمعيات الفلاحية الان مهمة خطيرة ومزدوجة هي مهمة الحفاظ‬


‫على المكتسبات الثورية وابقائها لصالح التحولات الزراعية الفعالة اولا ‪ ،‬ومهمة‬
‫التصدي للتآمر الذي بدات طلائعه بالزحف ضد الثورة ‪ ،‬ثانيا ‪ .‬وبالتأكيد فان هذه‬
‫المهمة المزدوجة تتطلب تخطيطا شاملا في ميدان العمل الفلاحي وميدان الجمعيات‬
‫‪ -‬اي المهمة ‪ -‬تتفتق عن مهمات عديدة متصلة ·‬
‫الفلاحية بالذات ‪ ،‬لانها ـ‬

‫ولكي تكون الجمعيات الفلاحية بمستوى المهمات المذكورة فانها يجب ان تعني ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬باعادة النظر في تنظيمها تنظيما ديمقراطيا مرنا مستجيبا للتغييرات‬
‫يكون‬ ‫‪ .‬ولكي‬ ‫الحاصلة في البنية الريفية وفي ذهنية الفلاح وعلاقاته وتصوراته‬
‫فلا بد له بالدرجة الاولى ان يستند على قاعدة جماهيرية‬ ‫فعلا‬ ‫التنظيم ديمقراطيا‬
‫فقراء الريف والعمال الزراعيين والفلاحين المتوسطين الذين‬ ‫فلاحية واسعة تشمل‬

‫تعرضوا غالبا لوطأة الاضطهاد الطبقي ‪ ،‬اضطهاد الاقطاع والملاكين والمرابين وزوائد‬
‫الدولة من الموظفين القدامى والرجعيين •‬

‫ان هذا الاستناد للجماهير الفلاحية الغفيرة كقاعدة ‪ ،‬ليس بالامر السهل كما‬
‫يعتقد البعض ‪ .‬انه لا يمكن حله بواسطة كليمات او عبارات او شعارات مكرورة‬
‫ومتعفنة من كثرة الاستعمال ‪ ،‬انه نضال شاق عسير ‪ ،‬وعملية تعبئة لا حصر لها ‪،‬‬
‫تعتمد اعتمادا مباشرا على نشر الحقيقة الثورية داخل الاوساط الفلاحية وعلى‬

‫توعية الفلاحين التوعية الطبقية المقبولة ‪ ،‬والتي لا تجد بينها وبين اذهان الفلاحين‬
‫حاجزا ‪.‬‬

‫‪198‬‬
‫في اجتماعات الجمعيات‬ ‫قد تحضر‬ ‫ان الجمهرة الكبرى من الفلاحين‬ ‫نعم‬

‫الفلاحية أو في التظاهرات التي تنظمها لكن هذا ليس دليلا على وجود تعبئة تنظيمية‬
‫فيظنون‬ ‫فعلي بل قد يكون هذا وهما يغرر ببعض المناضلين‬ ‫ذات اساس جماهيري‬
‫ان الفلاحين عموما قد انحازوا الى جانبهم ‪ ،‬جانب الثورة‬
‫ان ما يجب اخذه بعين الاعتبار وبحالة من النقد الواعي والهادف ان ولاء‬

‫الفلاحين قد يظل لفترة طويلة ولاء حماسيا انفعاليا وقتيا ‪ .‬ولذلك لا يمكن بناء‬

‫والمهمة التي تفرض نفسها على المناضلين وعلى‬ ‫استنتاجات وهمية على ضوئه ‪.‬‬
‫الجمعيات الفلاحية بالذات هي تحويل هذا الولاء للثورة لا الى تأييد خارجي اعلامي‬
‫‪.‬‬
‫فحسب بل الى مادة فعلية للثورة ‪ ،‬الى قوة من قوى الثورة‬
‫له بواسطة التنظيم‬ ‫وهذا ما يجب على الجمعيات الفلاحية ان تعيه وتخطط‬
‫الديمقراطي الثوري المتضمن توعية مستمرة ومعايشة حميمة وثقة اخلاقية مدعومة‬

‫بالوقائع‬
‫قاعدة فلاحية جماهيرية عريضة هو الشرط الاول لبناء‬ ‫ان ضمان تحقيق‬

‫الجمعيات الفلاحية ‪ .‬اما الخطأ الذي برز بعد الثورة وبعد التطبيقات الزراعية‬

‫فهو تركيز اقصى الاهتمام برؤساء الجمعيات الفلاحية‬ ‫الجيدة في الريف ‪،‬‬
‫وبالعناصر وابقاء الاهتمام بقاعدة الجمعيات ومضمونها البشري وبالجمهرة الفلاحية‬
‫الكبرى ‪ ،‬شكليا ومجردا ‪ .‬ويبدو ان البعض قد توخوا السهولة ‪ ،‬فالوصول الى‬

‫المسؤول ‪ ،‬الى العنصر الفلاحي ‪ ،‬اسهل بكثير من الوصول الى الجماهير الفلاحية‬
‫للأمـــــــور‬ ‫مسؤولين ببساطة وبتناول اعتيادي‬ ‫وحيث تؤسس العلاقة مع افراد‬
‫صعبة‬ ‫فانها تظل مع الفلاحين‬ ‫وباستعمال اسلوب الاوامر والايعازات والوصيات‬
‫جدا وتحتاج الى كفاءة متزايدة •‬

‫اذن بالدرجة الأولى ينصب الاهتمام على القاعدة الفلاحية بشكل مباشر ‪،‬‬
‫مع ما يتطلبه هذا من لغة وقابلية وتجربة ‪ .‬اما بعد ذلك فان اعادة النظر بالتكوين‬

‫فالثورة ‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫ايضا‬ ‫الدرجي للمسؤوليات الفلاحية يجب ان يولي اهتماما خاصا‬
‫وخصوصا في الريف ‪ ،‬تحمل كل يوم تغييرا جديدا ومشاكل جديدة ايضا وليس‬
‫ممكنا على الاطلاق بقاء العناصر المسؤولة متربعة على كرسي المسؤولية ‪.‬‬

‫ان بعض المسؤولين يتوصلون الى هذه النتيجة من خلال الانتخابات والبعض‬
‫‪.‬‬ ‫الاخر بدون انتخابات‬
‫في هذا‬ ‫تحديدا للشروط الصحيحة‬ ‫‪،‬‬ ‫ومن المستحسن‬
‫الجانب ‪ ،‬جانب اختيار المسؤولين التأكيد على النقاط التالية ‪:‬‬
‫اولا ‪ :‬ان عدم الانتخابات الديمقراطية للمسؤولين يعني انكار ارادة الفلاحين‬
‫وحقهم في اختيار ممثليهم ولذلك فالممثل الذي يفرض عسفا لا بد ان تكون لـه‬
‫مهمة شاذة او ذاتية على الاقل ‪ ،‬ويضطر للتنكيل بالفلاحين وتزوير رغباتهـ‬
‫‪.‬‬ ‫والوقوف ضد مطامحهم‬
‫ثانيا ‪ :‬ان الانتخاب قد يجري ولكن على نحو صوري ‪ ،‬كأن يجمع بعض‬

‫فتتم الموافقة بهمهمة‬ ‫فلانا مسؤولا للجمعية موافقون ؟‬ ‫الفلاحين ويقال لهم نريد‬
‫غامضة تصعد من بينها اصوات مؤيدة متفقة تصرخ ( نعم ) وكل ذلك يجري في جو‬

‫‪۱۹۵‬‬
‫وبنعومة خارجية وذلك باشعار الفلاحين ان الجهات العليا تريد‬ ‫شبه ارهابي ‪،‬‬
‫فلانا ‪.‬‬

‫الهزلي هذا ‪ ،‬هو تزييف للديمقراطية وابطال‬ ‫ان الانتخاب الصوري ‪،‬‬

‫فرض سلوك بيروقراطي وكادر‬ ‫فهو‬ ‫للممارسة الاصولية في الانتخاب وبالتالي‬


‫بيروقراطي لى الفلاحين ‪.‬‬
‫ع‬
‫ثالثا ‪ :‬ان البعض يفوزون في دورة انتخابية صحيحة ‪ ،‬ولكنهم يستغلون‬
‫فوزهم السابق والصحيح ليفرضوا انفسهم في الدورة الانتخابية الجديدة متجاهلين‬
‫ان الاصول الديمقراطية هي اصول ممارسة عامة ودائمة وليست موسمية تكرس‬
‫علاقات واشكال ثابتة بالارغام‬

‫في الامس لا يمكن ان‬ ‫ان نتيجة متحققة بفعل ممارسة ديمقراطية حدثت‬
‫تفرض كنتيجة في الغد بدون استمرار الممارسة او بقطعها بل ان كل ممارسة‬
‫ديمقراطية تختار نتائجها لا غير‬

‫رابعا ‪ :‬ان انتخاب الفلاحين المسؤول لهم لا يعني ان هذه الصيغة تظل جامدة‬
‫ولا يعتورها التغيير لان المسؤول قد يرتكب اخطاء فادحة في اليـــــوم الثاني او‬
‫الثالث ‪ ،‬او بعد اشهر من انتخابه بحيث لا يكون منسجما في اداء مهامه او قـد‬
‫يغير الفلاحون‬ ‫بحيث‬ ‫الفلاح وقلقه‬ ‫وهذا ما يحصل كثيرا بسبب تخلف‬ ‫يخونها‬
‫رأيهم بهذا المسؤول ‪ .‬حينذاك يكون غير منطقي على الاطلاق استمرار هذا المسؤول‬
‫في عمله المضاد او غير المكترث للفلاحين لحين انتهاء فترته التي انتخب لها ‪ .‬ان من‬

‫حق الفلاحين ان يقرروا رفض اي مسؤول غير ملتزم بصرف النظر عن عدم انتهاء‬
‫الدورة الانتخابية وزمن المسؤولية •‬

‫ان هذا البند الديمقراطي يعكس الى حد ما حقيقة اساسية هي ان الجماهير‬


‫يجب ان تتوفر لها فرص كاملة للتعبير عن ارادتها في اختيار ممثليها الامناء لها وغير‬
‫المنحرفين عن درب الثورة وذربها ‪ .‬وفي ذلك توجد ضمانة فعالة في عدم السماح‬
‫‪ .‬ان الديمقراطية الانتخابية وسيلة‬ ‫للانحراف والمتاجرة والتزييف باسم الفلاحين‬

‫وليست هدفا وهي في احسن احوالها يجب الا تكون غير الارادة الحقيقية‬
‫للجماهير ‪ .‬وهذه الارادة لا يمكن لحمها بزمن ‪.‬‬

‫ان كل ذلك ينبعث من حقيقة مؤكدة مفادها ان التنظيم لا يمكن ان يكون نوعا‬
‫بالمرحلة وبالظروف‬ ‫مرتبط‬ ‫فالتنظيم‬ ‫من الترتيب وتحديد العلاقة الجامدين ‪،‬‬
‫في الكادر الفلاحي في مقبل‬ ‫ان الشروط المطلوب توفرها‬ ‫الذاتية والموضوعية ‪،‬‬

‫الثورة الزراعية او في ميدان الاستثمار الجماعي للارض تختلف بالاساس عـــن‬


‫الشروط الاولى المطلوب توفرها عند بدء تأسيس الجمعيات الفلاحية وعند بـــــدء‬
‫الاصلاح الزراعي ‪.‬‬

‫الثورة الزراعية والاحتمالات الواردة‬

‫والمضي بها الى درجة انهاء الاستغلال‬ ‫ان تطوير تطبيقات الاصلاح الزراعي‬

‫‪١٩٦‬‬
‫وتثبيت اسس جديدة لحياة زراعية يكون الفلاح غايتها‬ ‫انهاء جذريا‬ ‫الزراعي‬

‫الفلاحي‬ ‫التعبئة والتنظيم‬ ‫في‬ ‫وأساسها يحمل معه بالضرورة تطورا‬ ‫ووسيلتها‬
‫وكلما كان التنظيم بمستوى التحول الزراعي كلما كان ذلك اضمن واكثر دفاعا ‪.‬‬

‫وعندما يكون التنظيم مفككا غير مدعوم بوحدة داخلية ولا بوحدة هدف ولا بطريقة‬
‫عمل فانه بذلك يعرقل مسيرة التحول الاجتماعي الريفي ويفتح الثغرات التي ينشط‬
‫من خلالها الاعداء وقوى الردة‬
‫ولكن النقطة الحاسمة في الامر ‪ ،‬هو ان المسألة المذكورة سلفا هي اعتيادية‬
‫وعمومية الى حد البداهة ‪ .‬ولذلك تبرز نقطة عملية ‪ ..‬هذه النقطة هي عدم‬

‫ومقولة التنظيم‬ ‫المحافظة على تبعية التنظيم الفلاحي للتغييرات العادية الزراعية ‪.‬‬
‫بمستوى الاجراءات مع صحتها هي مقولة غير مثمرة كليا ‪ .‬ان الصحيح الآن هو ان‬
‫اكثر تقدما وارفع مستوى من الاجراءات الزراعية ‪ ،‬اي ان‬ ‫يكون التنظيم الفلا ‪.‬‬
‫هذه هي النقطة الحاسمة والاكثر جوهرية ‪.‬‬
‫يكون التنظيم الفلاحي سابقا لا تابعا‬
‫لماذا ؟‬

‫بغية الايضاح نبين هنا ان في ذلك الطرح تنشيط للثورة وحماية لها وغلق‬
‫فعندما تتعطل الثورة وتخف قوتها الانجازية‬ ‫للابواب والمنافذ بوجه الردة‬

‫والاجرائية حينذاك يكون التنظيم الفلاحي قادرا على الضغط على دولة الثورة من‬
‫اجل مواصلة المسير وكذلك يكون قادرا على النقد وكشف مواطن التخلف والتعثر‬

‫بحكم استشرافه الواسع لابعاد المرحلة وبحكم مراقبته للعمليات الجارية ودور‬
‫‪.‬‬
‫الإطراف في شدها وجذبها والتأثير عليها سلبيا او ايجابيا‬
‫ان تنظيماتنا الفلاحية الحالية على العموم متخلفة عن الثورة والتقدم الحاصل ‪.‬‬
‫ولذلك فهي في وضع المؤيد لا وضع الثوري المتمكن على حمل بندقيته للدفاع عن‬
‫ارضه وحريته وثورته بوجه اعداء الثورة من القوى المضادة ‪ ،‬فيما اذا حصل امر‬
‫طارىء مضاد‬

‫السياسية والاقتصادية وان‬ ‫وعن حقوقهم‬ ‫ان يدافع العمال عن مكتسباتهم‬


‫يدافع الفلاحون عن أرضهم وحريتهم في حالة نشوب تآمر رجعي استعماري ‪ ،‬هي‬
‫ب ‪ .‬اننا نعلم من تاريخنا‬
‫عب‬‫شع‬
‫لش‬‫ال‬ ‫رة‬
‫ة ا‬ ‫ور‬
‫ة ‪ ،،‬ثثو‬
‫رة‬‫ور‬
‫ة االلثثو‬
‫ية‬‫بي‬
‫عب‬‫شع‬
‫حكمة الثورة وهي ددللااللةة ش‬

‫والانقلابات الوطنية تنتهي باسقاط فصائلها‬ ‫وتاريخ الثورات ان بعض الثورات‬

‫العسكرية ‪ ،‬في حين ان الثورة الحقيقية لا تنتهي عند ذاك فيما اذا كان العمال‬
‫والفلاحون وقوى الشعب الوطنية مستعدة اوتوماتيكيا للدفاع عن ثورتها ونفسها‬
‫ضد مضاد الثورة ·‬

‫كيف يتوفر هذا الاستعداد ؟ بالتنظيم حتما ‪ ..‬ولكن اي تنظيم ؟ هل كل‬

‫فقط بالتنظيم العالي الاكثر ثورية الاكثر انضباطا الاكثر‬ ‫تنظیم بعد تنظيما ؟ لا ‪،‬‬
‫‪ .‬بهكذا تنظيم لا‬ ‫نضجا بوعي اهدافه والاكثر تمكنا على الممارسة الفعالة المجدية‬

‫‪ .‬وبهكذا تنظيم تحسم‬ ‫يمكن ان يتحرك جيب رجعي ‪ ،‬وعش مضاد وعنصر متآمر‬
‫لصالح‬ ‫التناقضات بين الحكومة التقليدية نصف المعتدلة وبين الثورة وأدواتها‬
‫واذا كانت احتمالات السطو على الثورة واغتيالها تتم كثيرا من خلال‬ ‫الثورة‬

‫‪۱۹۷‬‬
‫الجهاز الاداري غير المتحول وطنيا وثوريا فان التنظيم الجيد والجماهيري بحق هو‬

‫الذي يقتل آمال الجهاز الاداري الرجعي باختطاف وسرقة الثورة ‪ ..‬ان قوى مضاد‬
‫الثورة داخل الجهاز الاداري وخارجه متى ما علمت ان الجماهير العمالية والفلاحية‬

‫والطلابية والنسائية والشبيبة بوجه عام ‪ ،‬منظمة اتم التنظيم واحسنه واكثره‬
‫توجيها ‪ ،‬فانها بذلك تخسر كل اوهامها ورغباتها وتسقط اخر ورقة بيدها‬
‫هل وصل التنظيم الفلاحي الى ذلك ؟ او بالاحرى كيف يصل الى ذلك ؟ هذا‬

‫هو ما يجب التخطيط من اجله ‪:‬‬


‫ا ‪ -‬تحسين مستوى التنظيم الفلاحي بتعبئة الفلاحين ثوريا وبالغاء وصاية‬

‫الكادر الفلاحي واحلال صيغة الوصايا الجماعية التي تختار الكادر وتعزله متى‬
‫‪ :‬اولهما دفع‬ ‫تشاء ‪ .‬كما يجب التأكيد على ظاهرتين حيويتين بهذا الخصوص‬

‫الجمعيات الفلاحية لانتقاد تلكو او اخطاء التطبيق في الاصلاح الزراعي ومناقشة‬


‫‪ .‬ثانيهما ‪:‬‬ ‫كافة التشريعات الزراعية والمشاركة في وضع المسائل التي تهم حياتهم‬
‫ضد‬ ‫وحتى التظاهر‬ ‫السماح للتعبيرات الفلاحية في محاسبة المسؤولين الفلاحين‬
‫‪ .‬ان هاتين الظاهرتين لهما مفعول كبير وذلك فــــــي‬ ‫اخطائهم البالغة ان وجدت‬
‫قضيتهم وفي التمرن للدفاع عنها ‪.‬‬ ‫تقريب الفلاحين من‬
‫فالفلاحون لا يمارسون نضالا‬ ‫‪.‬‬ ‫ب ـ بالدفاع عن الثورة دفاعا سياسيا واعيا‬

‫اقتصاديا صرفا في الوقت ذاته لا يتشاغلون بقضايا مهنية بل ان التأكيد على البعد‬
‫مانة كل نجاح مهني ‪ .‬وان ادراك الفلاحين لحقيقة ان‬
‫ضم‬‫السياسي للنضال هو ض‬
‫الثورة هي التي وفرت لهم هذه النجاحات ‪ ،‬يتطلب الدفاع عن الثورة ‪ .‬وهذا يعني‬
‫صاحبة‬ ‫‪ ..‬بحيث لا تكون الثورة في رأيهم‬ ‫الغاء المسافة بين الثورة وبين الفلاحين‬
‫منح وعطايا ‪ ،‬ولا يكونون هم مجرد منتفعين ‪ .‬ان الغاء المسافة يتم باعتقاد الفلاحين‬

‫الراسخ ان الثورة لن تكون شيئا يذكر بدونهم وانها لا تستمر في تقديم المنجزات‬
‫بدون ممارستهم الدفاعية عن الثورة ‪ .‬ان العديد من الفلاحين يتصورون ان الثورة‬
‫هي من صنع اشخاص محسنين ولا يعرفون قانونها وطبيعتها وقواها الاساسية ‪،‬‬

‫ولا صفتهم الخاصة في كونهم قوة بشرية هائلة تشكل غالبية طاقات الثورة‬
‫فقط موقفهـــم منها ‪ ،‬كلما‬ ‫وكلما أدرك الفلاحون موقعهم في الثورة وليس‬
‫الغيت الفوارق واصبح الفلاحون جنودا طليعيين من جنودها ‪ .‬وان مهمات التنظيم‬
‫في الريف بحيث يرصد‬ ‫في التوعية السياسية قادرة أن تخلق جوا ثقافيا ثوريا‬
‫الفلاح مسيرة الثورة وكذلك يعرف تحركات الاعداء الذين يتربصون بها ‪ .‬ان فلول‬

‫الاقطاعيين والملاكين الكبار وبورجوازيي الريف والمرابين ‪ ،‬لا يكفون عن مناصبة‬


‫لترويج الشائعات وحبــــك‬ ‫ويتحينون الفرصة التي يستثمرونها‬ ‫الثورة العداء ‪،‬‬
‫للتآمر ‪ ،‬وان مهمة الجمعيات الفلاحية على الاخص رصد‬ ‫الدسائس والتخطيط‬
‫هذه التحركات والنشاطات المضادة لاسيما وان الثورة قد وصلت الى مرحلة‬

‫ها‬
‫ا ‪ .‬ان الصراع‬ ‫ده‬
‫ضد‬‫ح ض‬
‫لح‬‫ال‬
‫صا‬‫مص‬
‫لم‬‫ال‬
‫تحقيق المنجزات بحيث اوغرت صدور القوى المضروبة ا‬
‫فانه يزداد خطرا ‪ .‬ان‬ ‫الطبقي لم يخمد في الريف بانتصار الفلاحين ‪ ،‬على العكس‬
‫تحركات الاقطاعيين في مرحلة كهذه من تعمق اجراءات الثورة هي الاكثر شراسة‬

‫‪١٩٨‬‬
‫وتدميرا وان اي تساهل او اي اعتقاد بانتهاء دور الاقطاع سيعنيان بلا شك عدم‬
‫الحرص على الثورة وتوفير مناسبة نافعة لاعدائها ‪.‬‬

‫فالا قطاعيون والرجعيون‬ ‫‪ -‬بزيادة المنتوج الزراعي وتحسينه وتنويعه‬

‫يتمسكون بحجة ذات‬ ‫للاستعمار والصهيونية‬ ‫والبورجوازيون الكبار والجواسيس‬

‫تأثير على الاذهان العادية ‪ ،‬وهذا بحجة ان الاصلاح الزراعي هو تخريب للزراعة‬
‫وتضييع للربع ‪.‬‬

‫فمثلا ‪ ،‬عند توزيع الاراضي على الفلاحين من قبل حكومة الثورة يفترض‬

‫حصول زيادة ملموسة في الانتاج الزراعي وتحسنا بينا في حياة الفلاحين ‪ ،‬ولكن‬
‫عندما يرافق التوزيع نتائج مثبطة ‪ ،‬كأن تزداد نسبة استيراد الحبوب ‪ ،‬او ان‬
‫يشتري الفلاحون الحبوب من التجار فان ذلك يعطي لاعداء الثورة والاصلاح‬
‫الزراعي سلاحا هاما ‪ .‬وسيقولون بلا شك ( هاكم انظروا ماذا فعل الفلاحون ‪ ،‬لقد‬

‫خربوا اقتصادنا الوطني ‪ ،‬انهم غير جديرين بأراض يفلحونها ويستثمرونها بدون‬
‫ان الاستغلال الاقطاعي كما هو معروف ليس فقط عملية اهانة‬ ‫وسيط )‬

‫الزراعي ‪ ،‬وبالمقابل فان‬ ‫و تشويه الانسانية الفلاح ‪ ،‬بل انه تدمير بشع للاقتصاد‬
‫الاصلاح الزراعي هو الضمانة لتطوير الزراعة واخذها مكانتها المطلوبة داخــــــــــــل‬

‫وان الجمعيات الفلاحية مطالبة بان تعي ذلك جيدا ‪ ،‬وادراك‬ ‫‪.‬‬ ‫الاقتصاد الوطني‬
‫اسباب هبوط مستوى الانتاج الزراعي‬
‫الانتاج الزراعـــــــي‬ ‫ونستطيع ان نكشف سببا مهما من بين اسباب تعرض‬
‫ومعالجتها وحتى يتدرب‬ ‫وذلك حتى تتهيأ امكانية كاملة لادراك الاسباب‬ ‫للهبوط‬

‫من المعلوم ان التوزيع قد تعرض‬ ‫الفلاحون على تحليل منشأ الاوضاع الخاطئة ·‬

‫في البدء الى اخطاء عديدة بسبب نقص الخبرة اولا ووجود عابثين ومعوقين ثانيا‬
‫والتأثر بالعلاقات والمسائل الشخصية ثالثا وباستغلال بساطة الفلاحين رابعا‬

‫وتتمثل هذه الاخطاء في توزيع قطعة ارض مثلا على فلاح معين ‪ ،‬ثم اخذها منه‬
‫وأعطائها لفلاح اخر ‪ ،‬وهذا التقلقل في التوزيع يربك الفلاح ولا يشده بارضه التي‬
‫لا يعتقد انها ارضه بحكم جهله لمدة استلامه لها • وازاء هذا القلق فان الفلاح لا‬
‫يعمل لاستثمار ارضه جيدا وربما يتركها او يهمل قسما منها او يحولها الى ارض‬
‫عشبية يستفيد من عشبها او يبيع هذا العشب ‪ ..‬الخ ‪·.‬‬

‫ان هذا كله يؤثر على سير الزراعة وعلى مردود الانتاج الزراعي ‪ .‬هذا سبب‬

‫واقعي معروف لا يحتاج سوى الى وضعه في اطاره الحقيقي وضمن غايته ‪ .‬وكذلك‬
‫من الممكن تقصي اسباب اخرى ‪.‬‬

‫ان الدفاع عن الاصلاح الزراعي وعن الفلاحين بالذات يحتاج الى براهين‬
‫واقعية وعلى رأس هذه البراهين الواقعية زيادة الانتاج الزراعي وتحسينه وبناء‬

‫‪ .‬ان النضال‬ ‫فقط توجه ضربة كبيرة للاعداء وأراجيفهم‬ ‫الريف وتطويره ‪ ،‬بذلك‬
‫الان هو من اجل تكذيب هذه الاراجيف من اجل ان لا تتحقق هذه الاراجيف‬
‫وتصدق ‪ .‬والجمعيات الفلاحية هي صاحبة الدور الفعال الاول في اداء هذه المهمة ‪.‬‬

‫د ــ باستيعاب ضرورة الزراعة الكثيفة والاستثمار الجماعي للارض ‪ ،‬وتثقيف‬

‫‪١٩٩‬‬
‫الفلاحين بذلك ‪ .‬ان الفلاح المفرد في ارضه اكثر تعرضا للمضايقة من قبل اعداء‬

‫للاضرار الزراعية في حين تكون المشاركة الجماعية في‬ ‫واكثر تعرضا‬ ‫‪،‬‬ ‫الفلاحين‬
‫استثمار وحدات زراعية موحدة دليل التماسك والصلابة ‪ ،‬وبقدر ما تحمل ضمانة‬

‫مادية اساسية للفلاح فانها تحمل ضمانة اقتصادية للقطر‬

‫هـ ‪ -‬بتتبع تطبيق قانون الاصلاح الزراعي ‪ ،‬لاسيما في موضوع عدم حق‬
‫الملاكين اختيار الارض التي يريدونها ورصد اعمال الاحتيال والمناورة على القانون‬

‫وابلاغ الجهات المسؤولة عن كافة ما يستجد من‬ ‫في ذلك ‪،‬‬ ‫ودور بعض الموظفين‬
‫اعمال تخريب ولصوصية واتفاقات مضادة لمنهج الثورة الزراعي‬

‫في وجدان الفلاح‬ ‫ان الجمعيات الفلاحية مطالبة الآن بتحقيق تحول نوعي‬
‫وفكره وسلوكه ‪ .‬واذا كان وضع الفلاحين وهم تحت لواء جمعياتهم الفلاحية ‪ ،‬هو‬
‫نفس وضعهم السابق للثورة ‪ ،‬اذن ماذا حققت الجمعيات الفلاحية لهم بالضبط ؟‬
‫الخ‬ ‫ان تجميع الفلاحين وتسجيل اسمائهم وجمع الاشتراكات وبدلات الانتساب‬
‫ليس مهمة الجمعيات الفلاحية الاساسية ‪ ،‬بل هو هامش تقرره المهمات الاصلية ‪،‬‬

‫ليس لحماية الثورة‬ ‫مهمات انضاج الطاقات الفلاحية وتوعيتها ودفعها الى الامام‬
‫فحسب ‪ ،‬بل والنضال من اجل تقدمها ‪.‬‬

‫الشروط الضامنة لجعل الجمعيات الفلاحية قادرة على انجاز واجباتها‬

‫هناك عدة شروط ذاتية وموضوعية تجعل الجمعيات الفلاحية متمكنة على‬

‫فاننا‬ ‫ولكي نكون فكرة واضحة عن هذه الشروط‬ ‫‪.‬‬ ‫انجاز واجباتها بصورة كاملة‬
‫نبتدىء ببيان الشرط الموضوعي الذي يتعلق بطبيعة ممارسات السلطة وموقفها ازاء‬
‫الفلاحين ‪ .‬فالسلطة مهما هيأت كامل مستلزمات العمل الفلاحي القانونية‬

‫فرض على كافة الحكومات المتعاقبة بعـد‬ ‫والتطبيقية ‪ ،‬وحيث ان المد الثوري قد‬
‫فلاحية مجازة ‪ ،‬فان‬ ‫تموز التمسك الرسمي بضرورة وجود جمعيات‬ ‫ثورة ‪١٤‬‬

‫الخطر الكامن هو مدى تحول التمسك الرسمي الى واقع حقيقي متعين ‪ .‬وقد كان‬
‫لسلطة حزب البعث المنبثقة بعد ثورة ‪ ۱۷‬تموز دورها الاساسي في تثبيت صيغة‬

‫جدية للعمل الفلاحي الديمقراطي على ضوئها اجيزت جمعيات فلاحية كثيرة واصبح‬
‫لهذه الجمعيات المجازة وزنها الفعال في تحقيق التغيرات المهمة في حياة الفلاحين ‪.‬‬
‫غير ان اعداء الحزب والثورة من الرجعيين والبيروقراطيين ومضروبي المصالح‬

‫لا تعجبهم جدية الثورة وحسمها القضايا لصالح الفلاحين ‪ ،‬لذلك فان هؤلاء‬
‫الاعداء يخططون بكل الاساليب والوسائل لتعويق مسيرة الثورة ‪ .‬ومن خلال‬

‫الموظفين المرتبطين بمعسكر اعداء الثورة ‪ ،‬والمنتشرين في الجهاز الاداري ‪ ،‬تحصل‬


‫هذه التجاوزات عدة‬ ‫وتأخذ‬ ‫تجاوزات عديدة على الجمعيات الفلاجية وحقوقها ‪.‬‬
‫اشكال منها ‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫عدم اشراك الجمعيات الفلاحية في معالجة القضايا التي تهم الفلاحين مع‬
‫الموظفين المسؤولين ‪ ،‬وذلك بتضييع الفرص او بالتقليل من شأن الجمعيات الفلاحية‬

‫‪T..‬‬
‫او بالقيام بمحاولات شيطانية تبرهن كذبا على فشل الفلاحين في امكانية المشاركة‬

‫الحقيقية‬
‫فلاحية مسؤولة على ان يكون ذلك طريقا لاغفال‬ ‫‪ -‬التركيز على عناصر‬
‫ب‬
‫دور الفلاحين وقيمتهم او نيلا من وحدتهم وتشجيعا لعوامل الانشقاق فيما بينهم ‪.‬‬
‫د ‪ -‬تحريض بعض الجمعيات الفلاحية ضد جمعيات فلاحية اخرى من خلال‬
‫التناقضات العشيرية الموجودة أو من خلال العناية بجمعية معينة واهمال جمعية‬

‫اخرى ·‬
‫‪ -‬ارسال المندسين والمغرضين لنشر الشائعات واختلاق الفتن‬
‫هـ ـ الاكثار من التوصيات التي تبدو في ظاهرها مخلصة للفلاحين الى حد‬
‫التطرف ‪ ،‬في حين لا تعدو في واقعها غير تضخيم الاخطاء واثارة التناقضات الحادة ‪.‬‬
‫و ـ تلفيق التهم وما يترتب على ذلك من فرض عقوبات مشددة ضد العناصر‬

‫الفلاحية‬
‫‪ -‬اذا كانت تلك التجاوزات من الممكن حصولها دائما حتى في أوج فترة‬
‫ز ـ‬
‫الثورة فان هناك التجاوزات الاكثر خطرا والتي تحصل عندما تجد فرصتها عنــد‬
‫توقف الثورة او عند احتدام تناقضاتها وتكون عادة متمثلة في تخريب الانتاج‬
‫الزراعي وفي تخريب السدود ومشاريع الري وفي سرقة المحاصيل ‪ ،‬واغتيال‬
‫الفلاحين الثوريين وخلق المصادمات العشيرية ‪ ..‬الخ ‪ ،‬نستخلص من ذلك ان هناك‬

‫وهي تتستر وراء شعارات الثورة وخلف او بين‬ ‫مضاد الثورة‬ ‫امکانیات كبيرة لقوى‬
‫فعالية تخريبية كبيرة لا يمكن‬ ‫اجهزتها وعناصرها القيادية وبالتالي تكون ذات‬
‫في خدمة الكادحين لاسيما الفلاحين‬ ‫التضييق عليها الا بوضع الثورة سلطتها كليا‬
‫وتهيئة افضل الظروف لعمل الجمعيات‬ ‫مسؤولية السلطة ازاءهم‬ ‫وبتشديد‬

‫الفلاحية وتطورها‬
‫ان تطهير الجهاز الاداري جذريا يستجيب لدوافع الثورة والتحول الثوري‬
‫ودعم النضال الفلاحي ماديا ومعنويا واشراك الجمعيات الفلاحية في ادارة شؤون‬
‫الريف وبناء قرى عصرية هي خطوات لا بد منها لرعاية العمل الفلاحي على ان ذلك‬
‫لا يكون بذي شأن ما لم تكن القاعدة المادية لتحول الريف تحولا تقدميا ملموسا قد‬
‫انجزت بفعل تطبيق الاصلاح الزراعي ‪ ،‬وتدخل الدولة بكل امكاناتها لمساعدة‬

‫من حيث الآلات ‪ ،‬البذور ‪ ،‬الاسمدة ‪ ،‬التسويق ‪ ،‬الري ‪ ،‬البزل ‪،‬‬ ‫الفلاحين‬

‫الخ)‬ ‫انشاء المزارع الحكومية ‪ ،‬تشجيع النشاطات الجماعية والتعاونية‬


‫هذه هي بعض الشروط الموضوعية الضامنة لانجاز الجمعيات الفلاحية‬

‫لمهماتها ‪ .‬اما بالنسبة للشروط الذاتية فهي تتعلق ببنية الجمعيات الفلاحية ونظامها‬

‫وعلاقاتها الداخلية ‪ .‬ويمكن اجمالها بما يلي ‪:‬‬


‫ا ‪ -‬توفر الديمقراطية داخل التنظيم الفلاحي وفي العلاقات الفلاحية توفرا‬
‫كاملا بحيث لا تتنامى البيروقراطية والفردية والنزعات الضارة ‪ ،‬ويتهيأ للفلاحين‬

‫المناخ الذي تترعرع فيه ارادتهم وتنمو وتتقدم في اختيار المسؤولين وفي التخطيط‬
‫الديمقراطية‬ ‫جوهر‬ ‫هي‬ ‫الفلاحية‬ ‫الريفية والديمقراطية داخل الجمعيات‬ ‫لحياتهم‬

‫‪۲۰۱‬‬
‫داخل الريف ككل وهي بذلك ليست سهلة الشيوع بل هي بحاجة الى نضال جدي‬

‫وتكريس دائب لان التخلف الذي يدفع الريف يطبع نفسية الفلاح بطابعه ‪ .‬كما ان‬
‫الاقطاع الذي صنع هذا التخلف اشاع بين الفلاحين طائفة كبيرة من التقاليد‬

‫الخ مما لا يمكن القضاء عليها الا بتحويل‬ ‫والامراض الاجتماعية والخرافات‬
‫اساس الريف تحويلا ثوريا وباقامة صرح الديمقراطية ‪ .‬على ان الطرح التطبيقي‬

‫للديمقراطية في الريف لا يكون بالمستوى السياسي العالي ‪ ،‬انما هو طرح تبسيطي‬


‫تدرجي يتناسب مع مدارك وطباع الفلاحين ويصعد بها ‪ .‬اما محاولات الاستعاضة‬

‫عن الديمقراطية بتحويل الفلاحين الى كتل تابعة ومنفذة فهي اكثر خطرا من اي‬
‫شيء اخر على مسيرة التغيير داخل الريف ‪ .‬وهي تبقي الفلاح مستودعا ثابتا‬
‫للاغراض الاجتماعية والاخطاء ومظاهر التخلف ‪.‬‬

‫وعلى هذا الاساس يجب محاربة كل النزعات التي تمسخ الديمقراطية وتقدم‬
‫ان الديمقراطية داخل الجمعية الفلاحية الواحدة‬ ‫صورة تعيسة لها او انها تلفيها‬

‫وبالنقابات والجمعيات‬ ‫تعني الديمقراطية في علاقة الجمعيات الفلاحية بالسلطة ‪،‬‬


‫الاخرى – ولا بد ان نأخذ بعين الاعتبار أن الحالة الناضجة للديمقراطية هي في‬
‫تدريب الفلاحين على كيفية ادارة شؤونهم بانفسهم ‪ .‬ويمكن السير نحو ذلـــــك‬

‫بخطوات تدريجية مدروسة ومتلائمة مع الواقع الريفي‬


‫‪-‬‬
‫فالفلاح طاقة من‬ ‫ب ـ تحقق الثورية تحققا ملموسا داخل التنظيم الفلاحي ‪.‬‬
‫الممكن لها ان تأخذ موضعها الفعال ‪ ،‬ومن الممكن ان تظل خاملة ‪ .‬ولكن بتحقيق‬
‫الروح الثورية من الممكن جدا ‪ ،‬بل من الواجب الاخذ بيد الطاقة الفلاحية وتطويرها ‪.‬‬

‫وقد يسأل البعض ‪ :‬هل ان التحقق الثوري يتم عن طريق الدراسات والمعاهــــد‬
‫والدورات التثقيفية والتعليمية ام ان له تعبيراته الاخرى ؟ ‪ ..‬في الواقع ان الريف‬

‫فالفلاح ثوري بطبيعة حاله ‪ ،‬ولو‬ ‫هو رحم للكثير من الاتجاهات والنزعات الثورية ‪.‬‬
‫ثيورية‬
‫لور‬
‫بشكل كامن ‪ .‬ولذلك فالمهمة هي في تظهير هذه الاتجاهات والنزعات االث‬
‫و قدراتها وانضاجها ‪.‬‬

‫والثورية الكامنة في داخل الفلاح هي التي يجب العناية بها • كما ان الريف‬

‫ان تحرير هذه التقاليد من القيود‬ ‫‪.‬‬ ‫يمتلك بشكل عام بعض التقاليد الثورية‬
‫والاغلال واستكمال وجودها بواسطة المعرفة والتثقيف الثوريين لامر حاسم الاهمية ‪.‬‬

‫ويجب ان لا يغيب عن البال ان النماذج الثورية التي هي معطيات التجربة الجديدة‬


‫التي وصل ويصل اليها التنظيم الفلاحي تلعب دورا اساسيا في تشكيل رؤية‬
‫ان الثورة كتغيرات حاسمة لا بد أن تقدم نماذج ثورية‬ ‫وتصور وسلوك الفلاحين‬

‫فالنموذج الثوري يطرد‬ ‫‪.‬‬ ‫عديدة يعيشها ويتعايش معها الفلاحون وتؤثر على واقعهم‬
‫كل ما هو رجعي ومظلم ومن صنع عبودي ‪ .‬ولذلك فتعزيز هذا النموذج هـ‬
‫•‬
‫الاساسي‬
‫‪-‬‬
‫تربية الكادر الفلاحي تربية ثورية ديمقراطية متجلية ‪ .‬أن دور الكادر‬
‫معروف في قيادة التنظيم الفلاحي وفي التعبير عن الاختيارات الفلاحية وفي متابعة‬
‫ولذلك لا بد من توفر الشروط الضامنة لجعل الكادر‬ ‫المسائل الحيوية للفلاحين‬

‫‪۲۰۲‬‬
‫ويجب التأكيد دوما على قضيتين ‪ ،‬الاولى ان‬ ‫الفلاحي بمستوى عمله ووظيفته‬

‫يكون الكادر الفلاحي فلاحا حقيقيا ‪ .‬ان النضال من اجل ذلك لهو امر بالغ الاهمية ‪.‬‬
‫يكفل أبعاد العناصر‬ ‫الفلاح الفقير‬ ‫والثانية ان النضال من اجل تطوير امكانات‬

‫الفلاحية ولكن الغنية ‪ .‬اذ كلما كان الكادر الفلاحي غنيا فانه يضيف من مكتسبات‬
‫‪.‬‬ ‫الثورة لنفسه فيزداد غنى على غنى‬

‫ان الواقع الجديد الذي وصلت اليه الثورة يحتم التخلي التدريجي والواعي‬
‫الخ)‬ ‫عن وجود كادر فلاحي غير فلاح ( موظف صغير ‪ ،‬كاسب ‪ ،‬ذو جذر مديني‬
‫لقد برزت ظاهرة ملفتة‬ ‫وكذلك التخلي عن الكادر الفلاحي ذي الاصل الاقطاعي‬

‫للمنظر وغير مشجعة وهي متمثلة في تسليم رئاسة الجمعية الفلاحية مثلا الى ابن‬
‫ورثة الاقطاع‬ ‫يستحوذ على مسؤوليتها‬ ‫شيخ العشيرة وهناك عشرات الجمعيات‬
‫الجدد الذين يمارسون داخل الجمعية حكما عشائريا صرفا ‪ .‬وان النتائج المؤقتة‬

‫لهي بلا شك حاملة لكل عوامل‬ ‫التي يحرزها هذا الوضع الرئاسي ‪ ،‬الاقطاعي (المقنع‬
‫الفشل وتكريس العلاقات البائدة •‬

‫اما القضية الثانية فهي قضية المرحلة ‪ ..‬ان الكادر الفلاحي يجب ان يتطور‬
‫ويتجدد بتطور وتجدد الوقائع ‪ .‬لذلك لا يمكن الاصرار على عنصر معين طوال الفترة‬
‫فازدهار الحركة الفلاحية نابع من ازدهار كادرها وملاكاتها المسؤولة‬ ‫‪.‬‬ ‫وما يليها‬
‫لمتكاثرة ‪ ،‬المتطورة ‪ ،‬ابدا ‪ ،‬ولذلك ما من خطيئة كخطيئة التجمـــــــد على عناصر‬
‫فهذه العناصر تتزايد اخطاؤها بمرور الزمن الى اغراقات يتم تشجيعها‬ ‫محدودة ‪،‬‬
‫سرا من قبل أعداء الثورة واعداء الحركة الفلاحية ‪ .‬واذا كانت الشروط اللازمة‬

‫في الكادر الفلاحي هي شروط ثورية ‪ ،‬ثقافية واجتماعية واخلاقية معروفة‬ ‫توفرها‬
‫الاساسي تعويد الفلاحين على مناقشة الكادر الفلاحي والاعتراض عليه‬ ‫نان من‬

‫فقط ضد الاقطاع والموظفين الرجعيين‬ ‫فالنضال الفلاحي لا يتحدد باطاره السابق‬


‫الكبار وضد حوشية الاقطاع ‪ .‬ان الريف يعج بالحركة والتناقضات ولا بد ان يكون‬
‫النضال الفلاحي جانب جديد هو جانب النضال الناضج ضد اخطاء الكادر الفلاحي ‪،‬‬
‫نالكادر ليس وثنا ولا هو بالسلطة العليا التي لا ينالها الشك ‪ .‬بل ان تعزيز الارادة‬
‫فاكثر تخريج وجبات عديدة من الكادر‬ ‫النضالية الجماعية للفلاحين يكفل اكثر‬
‫الفلاحي‬
‫ان المرحلة الجديدة المتسمة بطابع اشتداد التآمر الرجعي تحتم مستوى جديدا‬

‫للفلاحين ويعي‬ ‫التحول النوعي‬ ‫يرافق تطور الريف ويحمي‬ ‫الفلاحي بحيث‬ ‫الكادر‬
‫ستلزمات الدفاع عن واقع الثورة المتقدم ‪.‬‬

‫وليكن واضحا دوما ان ضرب الحركة الفلاحية لا يتم الا بضرب الكادر الفلاحي‬
‫ويأخذ هذا عدة اشكال ‪ .‬فاغتيال الكادر او حرقه او تسلل عناصر اقطاعية او من‬

‫الاذناب وتبوئها اماكن المسؤولية كلها تقود الى نتيجة واحدة هي ضرب الجمعيات‬
‫الفلاحية‬

‫ان العناية بالكادر الفلاحي هي شرط ملح لقطع الطريق امام التآمر في الريف‬
‫في المدينة والريف تمارس عملا موحدا لتمزيق الحركة‬ ‫لاسيما وان اطراف التآمر‬

‫‪٢٠٣‬‬
‫الفلاحية وتيئيس الفلاحين وفرض التراجعات‬

‫كيف نحمي الكادر الفلاحي من السقوط‬

‫هناك ظاهرة مكشوفة في الواقع الفلاحي وهي ان الكادر الفلاحي قد يتعرض‬


‫الى اخطار ذاتية بفعل عوامل عديدة ‪ .‬وحتى لو كان هذا الكادر فلاحا فقيرا فان‬

‫اخطار الانحراف تظل واردة ‪ .‬ولو انها واردة اكثر في حالة كون الكادر فلاحا غنيا‬
‫او من اسرة اقطاعية ‪ .‬ومن هذه العوامل ‪:‬‬
‫اولا ‪-‬‬
‫عندما يكون الكادر الفلاحي وكما ذكرنا ‪ ،‬ذا جذر طبقي غير فلاحي ‪،‬‬
‫او منتميا الى بورجوازية الريف الناشئة ·‬

‫ثانيا ‪ -‬عندما يكون مستفيدا فائدة شخصية من الثورة او من تغيرات الريف‬


‫‪.‬‬ ‫وكونه كادرا فلاحيا يوفر له فائدة اكبر‬
‫ثالثا ـ عندما يتشبث بعلاقات عشيرية أو عائلية ‪ ،‬ويجعلها مركزا لعلاقاته‬

‫الاخرى الى الحد الذي تستفيد فيه عائلته بالدرجة الاولى وعشيرته بالدرجـــــــة‬
‫الثانية من وضعها القائم ( توزيع قطع اراضي كثيرة على افراد عائلة الكادر الفلاحي‬
‫مثلا ) ·‬
‫رابعا ‪ -‬عندما يتعرض لاغراءات عديدة اخطرها اغراءات السلطة والمدينة‬

‫فانه يتخلى‬ ‫فالكادر الفلاحي عندما يضع نفسه داخل فلك الموظفين الحكوميين‬
‫تدريجيا من وضعه الفلاحي وينقل نفسه الى ضفة مقابلة للفلاحين وذات صراع‬
‫وهي ضفة الموظفين الحكوميين‬

‫قادرون على ارشاء الكادر وافساده بكل الوسائل‬ ‫وان الموظفين الحكوميين‬

‫‪ .‬ان البعض‬ ‫كما ان المدينة تمثل خطرا على اصالة الكادر الفلاحي وطبيعة عمله‬
‫والفلاحين ويسكنون المدينة دون مبرر ‪ .‬ان‬ ‫من الكادر الفلاحي يتركون قراهم‬
‫• انها تمثل اغراء كبيرا مجسما بحيث تقوده في‬ ‫المدينة هي مقبرة الكادر الفلا ‪.‬‬

‫لا‪.‬فلاحي لا يخسر‬
‫افل‬
‫طريق الترف الشخصي والتباهي ‪ .‬وبالنتيجة فان الكادر ال‬
‫الفلاحين فحسب ‪ ،‬بل انه يثير حساسية سكان المدينة ضده ايضا وربما يستفيد‬
‫والجمعيات‬ ‫الفلاحين‬ ‫ضد‬ ‫ونها‬
‫هـ‬‫ونر‬
‫يوطرو‬
‫ه الحساسية ففيط‬
‫ذه‬‫الاعداء الرجعيون من هذ‬
‫الفلاحية ايضا •‬

‫خامسا ‪ -‬عند تقريبه من قبل بعض العناصر الحزبية المسؤولة ‪.‬‬

‫سادسا ـ عند تقاضيه مرتبا معينا اضافة الى تصرفه بميزانية الجمعية‬
‫الفلاحية‬
‫‪-‬‬ ‫سابعا‬
‫عند تخليه النهائي عن العمل الزراعي ‪ ،‬واعتماده على الفلاحين‬
‫فذلك يورث نوعا من العطالة المبطنة التي تعتبر‬ ‫ليحرثوا ويزرعوا ارضه بدلا عنه ‪.‬‬

‫في وضعها هذا طفيلية مقيتة‬


‫هذه‬
‫هي بعض الملاحظات حول عوامل سقوط الكادر الفلاحي ‪ .‬والان نتناول‬

‫وهو موضوع حماية الكادر الفلاحي من‬ ‫الموضوع الذي لا يقل اهمية عن ذلك ‪،‬‬

‫‪T.E‬‬
‫السقوط ‪ .‬كيف ؟‬

‫ان حماية الكادر الفلاحي من السقوط هي مسألة بالغة الاهمية لاسيما‬


‫تصفية العلاقات الاقطاعية وبقية العلاقات‬ ‫فترات التحول الثوري وحيث تتم‬

‫الحقوقية التي تدعمها وتعمل على ايقاظها ‪ .‬والذي يزيد من اهمية المسألة ان‬

‫سقوط الكادر الفلاحي لا يتأتى بفعل العوامل الخارجية فحسب ‪ ،‬بل ان التاريخ‬
‫الكامل للريف يقدم عدة اسباب تساهم في تحقيق سقوط الكادر الفلاحي او في‬
‫تسريع عملية السقوط ‪ ،‬ولهذا فان العمل من اجل الضمانات الكافية لحماية‬

‫وزن سياسي هو عمل شاق ومتواصل‬ ‫الكادر كقيمة فلاحية اساسية ذات‬
‫وبالدرجة الاولى ‪ ،‬ومن طرف الحزب الثوري يجب النضال من اجل ما يلي ‪:‬‬

‫اولا ‪ :‬تثقيف الكادر الفلاحي ثقافة شعبية وثورية غنية تعتمد على اسمر‬
‫ومرتكزات توفر للكادر المعرفة الطليعية المنسجمة مع قدراته الذهنية وطبيعة‬
‫حياته الريفية ·‬

‫وفي الواقع فان مسألة التثقيف هذه هي مسألة مركبة ‪ ،‬لانها تتم على درجات‬
‫تعتمد حقيقة واحدة هي حقيقة النهوض بمستويات الكادر الفلاحي بعد تخليصه‬
‫من الجذور والترسبات التي لا تنسجم مع المرحلة الجديدة ومع نوعية التحقق‬
‫الثوري ·‬

‫ومن هنا فان الثقافة والتثقيف يتناولان التوعية الطبقية الدقيقة والملموسة‬

‫بطبيعة تكوين الريف ودور الاقطاع في مسخ الريف وتكوين لوحة زائفة عن الواقع‬
‫الدقة‬
‫الزراعي ‪ .‬وبواسطة هذه التوعية يميز الكادر الفلاحي تميزا بأتم ما يمكن من‬
‫بين الاقطاع وملحقاته الاجتماعية وبين الفلاحين بمراتبهم‬
‫المساحة‬
‫وتتوفر للكادر الفلاحي الامكانية الواسعة في كشف المساحة التي تعمل بها‬
‫المراتب الاجتماعية والعلاقة الجدلية بين ذلك وبين زمن الثورة المتمرحل حسب‬

‫ومن البديهي ان التوعية من هذا القبيل تتوصل‬ ‫‪.‬‬ ‫الاهداف المقررة في تخطيطاتها‬

‫الى فهم القوانين التي تحكمت بالريف والتي تتحكم به الان وفي المستقبل ‪ .‬فالريف‬
‫فهناك المرابي ‪ ،‬وهناك المحاصص‬ ‫يعج بالكثير من التلاوين والنوعيات الاجتماعية ‪:‬‬
‫وهناك الفلاح الصغير ‪ ،‬وهناك الفلاح المتوسط ‪ ،‬وهناك الفلاح الفني ‪ ،‬وهناك‬
‫الخ‬ ‫المرابع ‪ ،‬وهناك الراعي ‪ ،‬والحطاب والحطابة‬
‫هذه التوزيعات الواقعية لم يتهيأ للثورة ان تلغيها دفعة واحدة او تصهرها‬
‫ضمن عملية ثورية واحدة بل انها موجودة وتظل موجودة ‪ .‬والمهم هو النضال من‬

‫اجل ان تكون تناقضاتها سائرة بموازاة وانسجام مع خط الثورة لا ضده ‪.‬‬

‫والكادر الفلاحي في توعية المذكور انما يكتسب معرفة اجتماعية ريفية‬


‫واقتصادية وسياسية ‪ .‬فهو يعرف اجتماعيا العشائر وتاريخها وتاريخ علاقاتها ‪.‬‬

‫ويناضل بطريقة مدروسة وحكيمة ضد النزعات العشيرية التي لا تعرف الفلاحين‬


‫بل تعرف العشائر كعشائر وتحاول ضرب وحدة العمل والتنظيم الفلا‪.‬‬
‫بوسائل ماكرة ·‬

‫ومن اساس كهذا ‪ ،‬لا يكون الكادر الفلاح قادرا على التحرير من أمراض‬

‫‪۲۰۰‬‬
‫الا بعد قدرته على تحرير نفسه من العشيري‬ ‫بخطوات وتدرج مدروس‬ ‫العشيرية‬

‫بحيث يصل الى حالة يكتشف فيها نفسه لا كفلاح واحد بل كعموم الفلاحين‬

‫ولا يمكن حس‬ ‫فالعشيرية وكما هو معروف تاريخيا وعلميا هي تطوير للفردية ‪.‬‬

‫هذا دحرها بالفردية ‪ .‬ان العشيرية تدحر فقط من خلال الجماعية الفلاحية ‪ ،‬ا‬
‫ه ·‬
‫من خلال الاجتماع الفلاحي الاوسع والذي يكون التنظيم شكله وصمام بقائ‬
‫وخصوبة الاراض‬ ‫واقتصاديا يعي الكادر الفلاحي مسألة الانتاج الزراعي ‪،‬‬
‫العمليات المتعلقة ذلك ‪.‬‬
‫ب‬ ‫وطبيعة السقي والبزل وكافة‬

‫ان الثقافة الاقتصادية تدخل في خبرة الكادر الفلاحي كخبرة اكثر اهمي‬
‫بحيث تتوفر لدى الكادر نباهات واقعية وتقديرات عن المنتوج الزراعي وسير‬
‫‪.‬‬ ‫الحياة الاقتصادية‬
‫فالزراعة الفردية والزراعة الجماعية تفرضان نفسهما على الثورة كواقع ل‬

‫يكن الكادر الفلاحي متبصرا لذلك كل‬ ‫لم‬ ‫وفيما اذا‬ ‫‪.‬‬ ‫ابعاده الحاضرة والمستقبلة‬

‫فانه لا يكون عديم الفعالية لوحده فحسب ‪ ،‬بل انه يجر الفلاحين ايضا الى عد‬
‫الفعالية فلا يشاركون في عمليات تطوير الريف والزراعة الجماعية بفهم او بموافقة‬
‫وفيما شاركوا فانما يتم ذلك بنوعع من القسر‬

‫سواء في كيفي‬ ‫الزراعية‬ ‫وحيث من المعلوم أن هناك بعض الاضطرابات‬


‫فان الكادر الفلاحي يجب ان يكون واعيا بطبيعة هذ‬ ‫الزراعة او في نوعية المنتوج‬
‫في مهمات اساسية ذا‬ ‫الاضطرابات مستعدا لها غير متفاجيء بها وبذلك ينغمر‬
‫مدلول عام ‪.‬‬
‫ولا يقتصر وعي الكادر في المسألة الزراعية التي تحدثنا عنها في منطقة عمله ‪.‬‬
‫بل يجب ان يتوسع ليشمل عموم المسألة الزراعية في القطر ‪ .‬فالكادر الفلا ‪.‬‬
‫ح‬
‫معني ابدا بمعرفة كل التطورات الزراعية وتجارب العمل الشعبي والزراعة الحكومية‬
‫الخ ‪.‬‬ ‫والتعاونيات‬

‫وبذلك يغتني الكادر الفلاحي ويتوصل الى احساس ذاتي بانه بحاجة دائما‬
‫الى ان يعرف ويكتشف ‪.‬‬
‫باف‬

‫وهذه الحاجة تقضي قضاء تاما على مبررات السقوط‬


‫والتي هي مبررات قديمة او آنية ذات اسباب ذاتية ‪ ،‬ضيقة لا افق لها‬
‫وسياسيا ‪ ،‬يتوعى الكادر الفلاحي الابعاد السياسية لنشاطات التغيير‬
‫‪ ،‬الخ ‪.‬‬‫‪...‬‬ ‫الريف ‪ .‬ماذا تطرح ؟ وضمن اي مسار تتحقق ؟ وما هي اهداف الثورة‬

‫وهذا يدفعه الى الممارسة السياسية ‪ :‬تكتيل الفلاحين وتثقيفهم سياسيا ‪ ،‬وفض‬
‫لضرب اي عمل‬ ‫النشاطات التي يمارسها بعض اذناب الاقطاع والتهيؤ الحاسم‬
‫تآمري ضد الثورة يتحرك من الريف حسب تخطيط قيادة الثورة ‪ ،‬وضمن تنسيق‬
‫معتمد مع الاجهزة الثورية‬

‫يتضح لنا اذن ان التثقيف الثوري المتواصل للكادر الفلاحي هو انارة كاملة‬
‫لداخل الكادر الفلاحي بحيث لا يشعر الكادر بوجود اي فراغ داخلي يدفعه إلى أن‬
‫يلتفت الى امور غير ثورية‬

‫ان تصعيد النضال الداخلي عند الكادر الفلاحي بفعل الدفعات الثقافية‬

‫‪٢٠٦‬‬
‫الثورية سوف يسحق اسباب السقوط وكل العوامل المساعدة التي تغذي ذلك‬

‫وفي التثقيف تبرز امامنا النقطة الاتية ‪ :‬يعتقد البعض ان تثقيف الكادر‬
‫في الحقيقة ‪ ،‬يحتوي‬ ‫‪،‬‬ ‫ضمن المسائل الفلاحية لا غير‬ ‫الفلاحي يجب ان ينحصر‬

‫ذلك الاعتقاد على خطأ كبير لان المسائل الفلاحية هي جزء من المسألة الوطنية التي‬
‫هي جزء فعال في المسالة القومية ‪ ،‬مسالتنا الاساسية ‪.‬‬

‫وتبعا لذلك فان التثقيف لا يمكن تحديده في امور مهنية ومواضعات مصلحية‬

‫بل يجب ان يأخذ أبعاده الكاملة لان درجة الالتزام يمكن ان تتعين اهميتها بدرجة‬

‫ولا بد من‬ ‫توسيع المدارك الثقافية السياسية التي تقود الى ممارسات ناضجة ‪.‬‬

‫ملاحظة اخيرة هي ان وجود مدارس لاعداد الكادر الفلاحي او لتطوير مستويات‬

‫‪ ،‬أمران يمكن ان يلعبا‬ ‫في ذلك‬ ‫المثقفين‬ ‫الكادر ‪ ،‬وتخصيص الخبراء السياسيين‬

‫دورا كبيرا في عملية التثقيف‬


‫وقد يكون من الضروري جدا الالتفات الى اهمية‬ ‫ثانيا ‪ :‬التربية الثورية ‪،‬‬
‫التربية الثورية فيما اذا ادركنا ان الثقافة قد تقود الكادر الفلاحي الى نتيجة معاكسة‬

‫لان الثقافة التي يكتسبها الكادر الفلاحي قد تكون مدعاة لبعض الانتفاخ‬ ‫للنتيجة المأمولة‬
‫لان الفلاح بشكل عام ينطوي على صفات مختلفة‬ ‫و توهم الافضلية وهذا أمر ليس غريبا‬

‫لذلك فليس هناك تصور رياضي ‪:‬‬ ‫بفعل سوء حياته ‪ ،‬وتعاسة ظروفه وتخلفه ‪..‬‬
‫كمقدمة) مؤديا الى‬ ‫فقد يكون التحصيل الثقافي‬ ‫ان المقدمة كذا تؤدي الى كذا‬
‫الى الغرور مثلا ‪ ،‬الى التعالي عن الفلاحين )‬ ‫نتيجة غير متوقعة‬
‫يمكن عدم فهمه تبرز اهمية‬ ‫وبسبب هذا الاشكال المطروح جدليا والذي لا‬
‫التربية الثورية ‪ .‬فالكادر الفلاحي يجب ان يكون متواضعا ‪ ،‬مضحيا ‪ ،‬غير ملول ‪.‬‬

‫ويجب ان يجسد كل ما تعلمه ثوريا ويكتسب التغذية الثورية حتى يطرح‬


‫نفسه كمثل •‬

‫ان الاخلاقية الثورية ‪ ،‬تتعرض عند تحقيق الانتصارات الى هزات محتملة‬

‫‪ .‬ويمارس هذا‬ ‫فقد يكون الانتصار مدعاة لتباهي الكادر الفلاحي‬ ‫وواقعية اساسا‬
‫التباهي دون ان يدرك نتائجه وفعله التدريجي بالنفس ‪ .‬ان الكادر اذ يعتبر انتصار‬
‫الثورة انتصارا له قد يندفع بدون ادراك كما قلنا ‪ -‬الى توطيد انتصاره الشخصي‬

‫الزي المتفاخر ‪ ،‬التسلح المهيب ‪ ،‬التكلم مع الفلاحين من عل ‪ ،‬الغضب بدون‬


‫مبرر ‪ ،‬التبذير ‪ ،‬توهم الفضل على الآخرين ‪ ..‬الخ) ‪.‬‬

‫فهي‬ ‫وفيما لو عرفنا هذه الصفات جيدا ادركنا النتيجة التي تقودها اليها ‪.‬‬
‫صفات ذات تأثير تشويهي تدريجي يدمر الحقيقة الداخلية للثوري ‪.‬‬

‫ان التربية الثورية تهدف الى غرس احسن الصفات عند الكادر الفلا ‪.‬‬
‫وتطوير الصفات الطيبة واستئصال كل ما هو غير صحيح‬

‫في الاجتماعات الفلاحية يجب ان يكون الكادر الفلاحي مستعدا اتم الاستعداد‬
‫لسماع الانتقادات وقادرا كل القدرة على نقد ذاته ‪.‬‬

‫وفي الاعمال الزراعية يجب ان يكون الكادر الفلاحي اكثر عملا واستعدادا‬

‫‪۲۰۷‬‬
‫للتضحية من بقية الفلاحين ‪ ،‬انه دائما اكثر الفلاحين نشاطا واقلهم انتفاعا ‪ .‬ولا‬

‫نعني بذلك ان الكادر الفلاحي يجب ان لا يرتفع مستوى حياته ‪ ،‬بل بالعكس فان‬
‫ارتفاع مستوى حياته منوط بارتفاع مستوى حياة الفلاحين ولكن المقصود ان‬

‫‪ ،‬على حساب جهدهم وعرق‬ ‫الانتفاع فيما اذا وجد فهو على حساب الفلاحين‬
‫جبينهم وعلى حساب قضيتهم‬
‫ان التربية الثورية تطور االلككااددرر الفلاحي وتعمق قناعاته الثورية وتجـ‬
‫•‬
‫المبادىء التي يعتنقها الى فعل‬
‫مراقبة‬ ‫ثالثا ‪ :‬ضبط العلاقة بين « العناية باحوال الكادر الفلاحي » وبين‬
‫•‬
‫لان ما بين هذين الأمرين من الممكن حصول اختلالات كثيرة‬ ‫الكادر الفلاحي‬

‫ان العناية باحوال الكادر الفلاحي تتطلب الاخذ بعين الاعتبار ظروف الكادر‬
‫•‬
‫وطبيعة اعماله الشاقة التي قد تفرض عليه احيانا ان لا يرى عائلته أياما عديدة‬
‫اذ ليس من الجائز افقار الكادر الفلاحي بحجة ان ذلك ضرورة ‪ .‬ان اية ضرورة لا‬
‫فالكادر الفلاحي ليس زاهدا واعداده لا يعني تزهيده ‪.‬‬ ‫تنطلق من هذا الباب ‪،‬‬
‫ولكن بالمقابل يجب ان لا تقدم للكادر الفلاحي مغريات كثيرة وحقوق عالية تشوهه‬
‫بحكم التناقض الذي يأخذ طابعا طبقيا)‬ ‫اولا وتخلق صراعا بينه وبين الفلاحين‬

‫ولا بد هنا من التذكير ان الكادر الفلاحي فيما لو اغرق بالمكافآت فربما‬ ‫ثانيا ‪..‬‬
‫‪...‬‬

‫ينخدع معتقدا أن لكل عمل مكافأة ‪ .‬وحسب هذا الاعتقاد تتداعى « المثل » الثورية‬
‫ويسود منطق « الفائدة والاستفادة » ·‬

‫اما مراقبة الكادر الفلاحي فيجب ان تتم من قبل التنظيم الفلاحي الاعلى ومن‬
‫قبل الاجهزة الحزبية الثورية ‪ .‬ان هذه المراقبة ترصد نوعية ممارسات الكادر‬
‫وماهية اعماله‬

‫فمثلا يوجد كادر فلاحي معين ليس لديه من الممارسات الا الشخصية اي انه‬
‫ينسرق عن واجباته الحقيقية ‪ ،‬ويندفع نحو الترف الشخصي ‪ ،‬والملاهي ‪ .‬ولنفرض‬
‫اننا نأخذ النسبة التالية في حياة فلاح اصبح كادرا‬
‫‪ -‬بدأ الكادر المعين بارتياد محلات اللهو وكان لا يفعل‬
‫‪-‬‬
‫بدا بتدخين السكائر الاجنبية وكان لا يدخن‬
‫‪-‬‬
‫تزوج بامرأة ثانية أو ثالثة وكانت لديه زوجة واحدة‬
‫‪-‬‬
‫اصبحت لديه قطعتا ارض او اكثر‬
‫‪-‬‬
‫بدأ السكنى في المدينة او قضاء اغلب اوقاته فيها‬
‫‪-‬‬
‫نفض يده عن علاقاته السابقة ( فلاحية أو سواها وانخرط في علاقات‬
‫‪..‬‬ ‫خصوصية (مع الموظفين مثلا) ‪ ..‬الخ‬
‫هذه مواد تشكل ظاهرة يجب ان تدرس ‪ .‬ان بعض هذا التغيير قد يكون‬
‫‪.‬‬ ‫طبيعيا احيانا ولكنه ليس طبيعيا في معظم الاحيان ودائما‬
‫قادرة على تحمله واستيعابه ‪ .‬اما‬ ‫ان التغيير الطبيعي يجب ان تكون ( الذات‬
‫اذا كانت ( الذات ) غير طبيعية في تلقيه واستيعابه فانها تنسحب وراءه وتنسحق‬
‫ختما‬

‫‪۲۰۸‬‬
‫ان رصد ذلك ومراقبته والعمل على توجيه النقد اليه لهو أمر بالغ الاهمية‬

‫وکامل الضرورة حتى لا يسقط الكادر الحزبي في وحل الاهتمامات الشخصي‬

‫المصلحية التي تحكمه بعدئذ بمنطقها فلا يجد عندئذ لنفسه ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬تطهير التنظيم الفلاحي من الكادر الذي لا يمتلك حقيقة فلاحية‬


‫ثورية ‪ ،‬لأن هذا الكادر يتحول الى خطر بما يحمله من عدوى تؤثر على سلامة‬
‫الكادر الفلاحي الحقيقي‬
‫عندما يصبح کادرا‬ ‫وللثورة وحزبها‬ ‫للفلاحين‬ ‫المعادي‬ ‫فشيخ العشيرة مثلا‬
‫بقدرة قادر وبلعبة ماكرة فانه يهمه جدا ان يقدم نوعا من الاخلاص المنافق فينشر‬

‫الازدواجية ‪ ،‬والانشقاقات وينقل الجراثيم الى الكادر السليم ‪ .‬لنروي هذه الحادثة‬
‫مثلا ‪( :‬ح ) کادر فلاحي ‪ ،‬شيخ عشيرة ‪ ،‬متهم بجريمة قتل ‪ ،‬له ممارسات في‬
‫التهريب • المسألة لحد هذه اللحظة خطيرة ‪ .‬ولكن الخطورة لا تنتهي ‪ .‬انها فقط‬

‫تبتدىء · يقوم الكادر (ح ) بولائم يدعو لها مسؤولين ‪ ..‬المسؤولون بدورهم يدعونه‬

‫علب سكائر اجنبية ‪ ،‬اغنام ‪ ،‬قطع قماش ‪ ..‬الخ) ‪.‬‬ ‫في ولائمهم ‪ .‬يجلب لهم الهدايا‬
‫في الجلسات تلك وحيث تتم هذه العمليات ‪ ،‬يوجد كادر فلاحي سليم او اكثر‬
‫اما تنتابه العدوى فيضطر للتقليد متصورا ان هذا هو السلوك الصحيح الذي‬
‫بريده المسؤولون ‪ ،‬او انه يقابل ذلك بالامتعاض فينسحب تدريجيا ثم يتوقف عن مزاولة‬
‫النشاط ويهجره بعدئذ مشفوعا بمحاربة المسؤولين ‪ .‬ان تطهير التنظيم الفلاحي من الكادر‬
‫ويهجره بعدئذ مشفوعا بمحاربة المسؤولين ‪ .‬ان تطهير التنظيم الفلاحي من الكادر‬

‫المندس والانتهازي والوصولي ‪ ،‬ومن الكادر الذي تشوه بحيث لا يوجد بصيص من‬
‫امل في اعادة اعتباره ‪ ،‬هو موضوع له اهمية قصوى في سلامة التركيب التنظيمي‬
‫الفلاحي وفي اعفاء الكادر الفلاحي من التقليد المرضي‬

‫‪۲۰۹‬‬
‫في التنظيم والتربية الحزبية‬
‫حول العمل النسائي ونضال المرأة ( ‪) ١‬‬

‫في مطلع هذه الدراسة عرض مختلف وجهات النظر حول وضع‬ ‫سنحاول‬
‫المرأة في المجتمع ‪ .‬ومن ثم تلمس وجهة نظر الايديولوجية العربية الثورية حول هذه‬

‫المشكلة وما يمكن ان يطرح على اساسها من خطوط اساسية تلقي الضوء على حلول‬
‫هذه المشكلة المعقدة التي تعتبر احدى المشاكل الرئيسية التي تواجهها الثورة العربية‬
‫في سيرها بغية حل التناقضات القائمة في المجتمع العربي واقامة المجتمع الاشتراكي‬
‫العربي الموحد ‪.‬‬

‫ان الطبيعة حكمت على النساء بان يكن خادعات لنا »‬ ‫يقول نابوليون ‪:‬‬
‫ويقول لينين ‪ « :‬بدون المرأة لا يمكن ان تنجح اية حركة شعبية ولا يمكن‬
‫تحقيق الاشتراكية والمجتمع الشيوعي »‬

‫وتقول المنطلقات النظرية للمؤتمر القومي السادس في حزبنا ‪:‬‬


‫المرأة‬ ‫مبتورة ما دامت‬ ‫ان الممارسة الكاملة للديمقراطية الشعبية ستبقى‬

‫بعيدة عن الحياة العامة للمجتمع ‪ ،‬لذا اصبح تحرير المرأة العربية ضرورة ديمقراطية‬
‫ضرورة انسانية ‪ .‬ان النظرة الدونية الى المرأة جزء لا يتجزا‬ ‫بالاضافة الى كونها‬

‫من ايديولوجية المجتمع الاقطاعي ‪ -‬العشائري ولهذا فان تحرير المرأة يقع في راس‬
‫وان بناء مجتمع عصري ديمقراطي متحرر لا‬ ‫مهمات الثورة القومية الاشتراكية ‪،‬‬
‫يمكن ان يكون تاما وسليما الا اذا واجه قضية تحرير المرأة مواجهة مبدئية شاملة‬

‫وجريئة ‪ .‬وان التعليم وحده لا يمكن ان ينجز مهمة تحرير المرأة على نحو ثوري‬
‫وان الاستسلام للتطور العفوي لقضية تحرير المرأة ‪ ،‬سيجعل جوانب سير التطور‬
‫العربي مختلفة وغير متجانسة ‪ ،‬وان البناء الاشتراكي للمجتمع سيكون مشوها‬

‫‪ .‬لان‬ ‫العربي حلا جذريا‬ ‫وهجينا اذا لم تحل قضية تحرير المرأة في المجمع‬
‫الاشتراكية هي حل لمشكلة الانسان رجلا كان أم امرأة‬
‫ان انحسار النفوذ الاستعماري ‪ ،‬وتفكك النظام الاقطاعي العشائري وانتشار‬
‫التعليم ‪ ،‬قد دفع بقضية تحرير المرأة خطوات الى الامام ‪ .‬الا ان المجتمع الاشتراكي‬
‫هو وحده الذي يوفر ظروفا موضوعية لتحرير المرأة على نحو سريع وجذري ‪.‬‬

‫« الثورة العربية » ‪ -‬السنة الاولى ‪ ،‬العدد السابع ‪· ١٩٦٩ ،‬‬ ‫(‪) ۱‬‬

‫‪۲۱۰‬‬
‫ان الحزب والسلطة الثورية ‪ ،‬يجب ان يعملا على مكافحة العقلية السلبية‬

‫تجاه المرأة وان يعملا لتصفية آثار الافكار الرجعية وان يحولا هذا الكفاح الى‬

‫اسلوب عملي تطبيقي يتيح لها المساهمة الفعالة في الحياة العامة وفي النضال‬

‫هذه المساهمة الفعلية هي التي ترفع كل القيود التي تمنع تطور المرأة وتفتح‬
‫شخصيتها الانسانية ‪ ،‬الا ان الحزب والسلطة الثورية مطالبان في الوقت نفسه‬
‫بالوقوف في وجه المفاهيم السطحية الشكلية البورجوازية لتحرير المرأة ‪ ،‬المنافية‬

‫للجوانب الايجابية في التقاليد العربية والمعرقلة في الوقت نفسه لقضية البناء‬


‫الاشتراكي‬
‫ان حرية المرأة الحقيقية لا يمكن ان تتوفر الا بالنضال على جبهتين ‪ :‬النضال‬

‫ضد الاطر والتقاليد والعادات المتخلفة ‪ ،‬والنضال ضد المفهوم البورجوازي الشكلي‬

‫للحرية وربط هذا المفهوم الجديد لحرية المرأة بقضية البناء الاشتراكي للمجتمع العربي » ‪.‬‬
‫لعرض ومناقشة وجهات النظر المتعددة حول « المرأة »‬ ‫والان سنأتي‬

‫اولا ‪ :‬وجهة النظر البيولوجية ‪.‬‬

‫وهي وجهة النظر التي يحاول انصارها تعريف المرأة من خلال معطيات علم‬

‫الحياة ( البيولوجيا ) وتحدد مكان المرأة في المجتمع انطلاقا من الوضع البيولوجي ‪.‬‬
‫ان النظرات المختلفة والآراء المتعارضة جميعا والتي تفسر المرأة وتحدد مكانها‬
‫صحيح ان الجسم‬ ‫في المجتمع انطلاقا من الوضع البيولوجي هي نظرات خاطئة‬

‫هو وسيلة تمكن الانسان من العيش في العالم ولكنه اي التركيب الجسدي للانسان‬
‫‪ .‬ان المعطيات‬
‫ليس بكاف وحده لتحديد وضع الانسان في المجتمع وعلاقته به ‪. .‬‬

‫البيولوجية هي احدى المفاتيح التي تسمح لنا بفهم المرأة ولكنها لا تقرر مصيرها‬

‫نهائيا ‪ ،‬وهذه المعطيات لا تكفي لتحديد التمايز بين الجنسين ولا تفسر لماذا تعتبر‬
‫كما لا تحكم عليها بان تحافظ والى الابد على هذا الدور‬ ‫الثاني‬ ‫المرأة « الجنس‬
‫فان هذا المغزى يبدو لنا‬ ‫وعندما تأخذ احدى المعطيات الفيزيولوجية مغزى لها‬

‫مرتبطا بأشياء كثيرة اخرى ‪ .‬ويجب الرجوع الى قرائن اخرى اقتصادية واجتماعية‬
‫وتاريخية كيما نعرف موضوع الضعف لدى المرأة » ‪.‬‬

‫ان علاقة الرجل بالمرأة هي علاقة جدلية ‪ -‬ان المرحلة الأعلى لموقف كل من‬
‫هي لمرحلة التي يولد فيها كائن جديد يتجاوز كل من الاثنين ‪1‬‬
‫ا‬ ‫الرجل والمرأة ‪ ،‬و‬
‫ان هذه المرحلة هي وليدة لتعارض كل من الموقفين والذي لا بد له في النهاية من‬
‫تحقيق الانسجام الكامل والذي ينشأ في التركيب الجديد للانسان الجديد‬
‫نستطيع الاستخلاص من هذا بأنه يجب علينا ان نفسر المعطيات البيولوجية‬

‫على ضوء مجموعة العوامل البشرية والاقتصادية والاجتماعية ‪ .‬ونستطيع ان نقرر‬

‫بأن خضوع المرأة لواجب النوع وحدود امكانياتها الفردية هي وقائع بالغة الاهمية ‪.‬‬
‫فجسم المرأة هو احد العناصر الاساسية التي تفسر وضعها في هذا العالم ‪ .‬الا انه‬
‫لا يكفي وحده لتعريفها ‪ .‬ان النقص العضلي الذي كان يبعد المرأة عن وسائل‬

‫‪۲۱۱‬‬
‫الانتاج وعن الانتاج المباشر ‪ ،‬عندما كان العمل يتطلب مجهودا عضليا ‪ ،‬قد حل الى‬

‫فلقد حلت الآلة محل الانسان في ذلك ولم يبق من‬ ‫في عالمنا الراهن ‪،‬‬ ‫حد بعيد‬
‫مبرر لبقاء المرأة بعيدة عن عملية الانتاج ‪ ،‬كنتيجة لتلك النظرة ولذلك الوضع‬

‫ثانيا ‪ -‬وجهة نظر علم التحليل النفسي‬

‫او بالاحرى وجهات النظر المتعددة لعلم التحليل النفسي ‪ ،‬اذ ان وجهات نظر‬
‫جديدة قد جدت عند بعض العلماء النفسيين وطورت كثيرا بنظرتهم الى الانسان‬
‫‪...‬‬
‫ان المكان الذي يحتله الاب في الاسرة والافضلية العامة للذكور والتربية‬

‫كل هذا يوطد فكرة تفوق الرجل لدى المرأة ‪ .‬الا انها بفضل الامومة تجد في طفلها‬
‫ما يعيد التوازن ويكسبها نوعا من الاستقلال‬

‫ان النقد الأول الذي يوجه الى فرويد بشكل اساسي يدور حول المنهج الذي‬
‫فرويد بناء على حالات‬ ‫اذ ان هذه النظريات بناها‬ ‫‪.‬‬ ‫اعتمده وبنى عليه نظرياته‬

‫مرضية واننا لنجد انه من غير المقبول علميا بناء نظرية كلية من خلال استنتاجات‬
‫مبنية على حالات مرضية وجزئية شاذة‬

‫اما ادلر ويونج فقد تقدما وتخطيا فرويد ‪ ،‬حين نظرا الى الانسان ككـــــــل‬
‫وبين الجنس‬ ‫واعتبراه کائنا تحركه دوافع عديدة وربطا بين الانسان والمجتمـ‬

‫) العقل العام او الضمير العام للمجتمع بمـــ‬


‫بالاضافة الى اثر العقل الجمعي اي‬
‫يتضمن من عادات سائدة وتقاليد وانواع من التفكير) •‬

‫الا اننا نعتقد بان علم التحليل النفسي حتى بتخطيه ذاتية الانسان الفرد الى‬

‫فعل ادلر فانه ظل مقصرا عن النظر الى القضية من‬ ‫المجتمع والربط بينهما ‪ ،‬كما‬

‫جميع جوانبها ونقصد بذلك اهماله لاثر التكوين الاقتصادي للمجتمع السائد في‬
‫مرحلة تاريخية معينة وأثر هذا التكوين وانعكاساته على وعي الانسان والعلاقة‬
‫الجدلية بينهما‬

‫ان نظرة تاريخية مقارنة الى كل من المجتمعات الرأسمالية والاشتراكية ‪،‬‬

‫ترينا العلاقة الجدلية بين التكوين الاقتصادي والتفكير السائد او الوعي الاجتماعي ‪.‬‬
‫ان القيم الاجتماعية السائدة في المجتمع الاشتراكي لترتبط ارتباطا وثيقا بالاساس‬
‫ولقد استطاع المجتمع الاشتراكي‬ ‫الاقتصادي للنظام والقائم على الملكية الجماعية ‪.‬‬
‫حل مشكلة المراة على الشكل التالي ‪:‬‬

‫‪ - ۱‬جعله العمل وليس المال الوحدة التي يحدد على اساسها مركز اي فرد‬
‫المجتمع‬
‫‪ - ٢‬حل التناقض القائم بين ضرورة اسهام المرأة في العمل الانتاجي المباشر‬
‫خارج البيت وبين عملها داخل البيت كربة بيت وقيامها باعباء الخدمة المنزلية ‪،‬‬
‫عملا اجتماعيا وجماعيا يشارك به الجميع فالمطاعم‬ ‫الخدمة‬ ‫وذلك بان جعل من‬
‫جماعية ومؤمنة للجميع وبيوت العناية بالاطفال موجودة بشكل عام لكل من يعمل‬
‫بدون استثناء ‪ ..‬الخ ‪.‬‬

‫‪۲۱۲‬‬
‫ذلك‬ ‫فاننا نجد وضع المرأة على عكس‬ ‫اما بالنسبة للمجتمعات الراسمالية‬
‫في المجتمعات الرأسمالية الاكثر تقدما لا تزال تشعر‬ ‫تماما • ان المراة الاوروبية‬
‫ويشعر المجتمع بانخفاضها عن مستوى الرجل وتبعيتها له ونراها غير مستقرة‬

‫نتيجة لذلك فالتناقض لا يزال قائما وهو تناقض غير طبيعي ويظهر بميل المرأة الى‬
‫الظهور بمظهر الخشونة تقليدا للرجل ومحاكاة له وبميلها العكسي كذلك الى الاعتناء‬

‫في حين اننا نرى ان‬ ‫‪.‬‬ ‫بمظهرها للظهور كما يريدها المجتمع اي كأنثى وربة بيت‬

‫المرأة في المجتمعات الاشتراكية ينظر اليها كأنسان مساو للرجل وهي تساهــــم‬

‫‪ .‬ونرى كذلك بان وضع الاسرة وضع مستقر‬ ‫مساهمة جدية في الحياة العملية‬
‫‪.‬‬ ‫على عكس ما يتراءى لنا في المجتمعات الراسمالية‬

‫ان هذا كان يؤكد لنا اثر التكوين الاقتصادي للمجتمع على التفكير الانساني ‪،‬‬
‫‪.‬‬
‫هذا العامل الذي اهمله علماء التحليل النفسي‬

‫ثالثا ـ وجهة نظر المادية التاريخية‬

‫وهي تخالف وتتجاوز بنفس الوقت ‪ ،‬الكثير من المعتقدات المتعسفة‬

‫فهي تعتبر ان الانسانية ليست نوعا حيوانيا بل هي واقع تاريخي ‪ .‬ولا‬ ‫المراة ‪.‬‬
‫يتأثر الانسان بالطبيعة تأثرا سلبيا بل يحاول السيطرة عليها وتوجيهها وفقا لحاجاته‬
‫ليست عملية ذاتية وانما تجري‬ ‫في السيطرة عليها‬ ‫ومحاولته هذه‬ ‫ومصالحه •‬
‫والمعطيات‬ ‫•‬ ‫فقط ككيان عضوي‬ ‫لذلك لا يمكن اعتبار المرأة‬ ‫بصورة موضوعية ‪.‬‬
‫البيولوجية تكتسب اهميتها وتأخذ قيمة محسوسة ضمن العمل ‪ .‬وان شعور المرأة‬

‫بذاتها يعكس وضعا يتعلق بالتكوين الاقتصادي للمجتمع ‪ .‬هذا التعبير الذي تعبر‬
‫عنه درجة تطور الانسانية الفني ( التكنيكي) ·‬

‫ان انجلز ‪ ،‬يسرد تاريخ المرأة في كتابه « اصل الاسرة والعائلة والملكية‬
‫ويظهر ان تاريخ المرأة مرتبط ارتباطا اساسيا بتاريخ التكنيك ويشرحها‬ ‫الخاصة‬

‫بالشكل التالي ‪:‬‬


‫في العصر الحجري ‪ ،‬لما كانت الارض مشاعا بين افراد القبيلة ‪ ،‬كانت قوة‬
‫فكان هناك تقسيم متساو للاعمال بين الرجل‬ ‫في المزارع ‪،‬‬ ‫المرأة كافية للعمل‬

‫والمرأة ‪ ،‬الرجل يصطاد والمرأة تبقى في المنزل حيث تقوم بالاعمال الانتاجية‬

‫كالنسيج والعمل في الحقول ‪ ،‬وبالتالي كان لها دور كبير في الحياة الاقتصادية ‪.‬‬
‫واتسع نطاق الاستثمار الزراعي ‪،‬‬ ‫ولما اكتشفت المعادن واخترع المحراث‬
‫ظهرت الملكية الفردية ‪ .‬فصار ممكنا للرجل بان يصبح سيدا للعبيد والارض واصبح‬
‫ايضا مالكا للمرأة ‪ .‬ذلك هو الانكسار التاريخي الكبير للجنس النسائي وانه ليفسر‬

‫بالثورة التي طرأت على تقسيم العمل نتيجة لاختراع وسائل جديدة للانتاج ‪ :‬ان‬
‫العمل المنزلي الذي كان يضمن للمراة استقلالها في السابق لانها كانت تشارك‬
‫الرجل في عملية الانتاج المباشر ‪ ،‬صار يضمن سيطرة الرجل ‪ ،‬لان العمل المنزلي‬
‫لم تعد له سوى قيمة ثانوية جدا امام عمل الرجل المنتج ‪ .‬حينئذ حل الحق الابوي‬

‫‪۲۱۳‬‬
‫محل الحق الاموي وظهرت الاسرة الابوية القائمة على الملكية الفردية ‪ ،‬وفي مثل هذه‬
‫ولا يمكن للمرأة ان تتحرر الا حينما تستطيع‬ ‫‪.‬‬ ‫العائلة اصبحت المرأة مضطهدة‬
‫في الانتاج ولا يستدعيها العمل المنزلي الا بصورة طفيفة ‪،‬‬ ‫الاسهام الى حد بعيد‬
‫وهذا لن يصبح ممكنا الا ضمن مجتمعات الصناعة الكبرى الحديثة التي لا تفسح‬
‫المجال لعمل المرأة فحسب بل تتطلبه بصورة ملحة »‬

‫ان مقاومة وتحفظات النظرية الابوية الراسمالية هي التي تحول دون تحقيق‬

‫المساواة في كثير من البلاد وحينما يحل المجتمع الاشتراكي في العالم كله فلن يكون‬
‫هناك رجال ونساء بل عمال متساوون فيما بينهم »‬

‫لقد ابرزت المادية التاريخية والماركسية بشكل عام ‪ ،‬حقائق اساسية وذات‬
‫اهمية بالغة اهمها ‪:‬‬

‫‪ - ۱‬انها اعطت القيمة الكبرى للانسان في محاولته للسيطرة على الطبيعة‬


‫وجعلت من العمل مصدرا للقيمة وبذلك تكون‬ ‫وتوجيهها طبقا لحاجاته ومصالحه ‪،‬‬

‫قد ساهمت مساهمة كبرى في عملية الغاء استغلال الانسان للانسان واعادت‬
‫الاعتبار للطبقات الكادحة المستغلة والتي تشكل اغلبية الشعب ‪ .‬وهي بفلسفتها‬

‫المادية الجدلية قد تجاوزت وعارضت الفلسفات القديمة والتي كانت تبرر الاستغلال‬
‫الطبقي من قبل فئة قليلة العدد غير منتجة‬
‫فقد اعطتها‬ ‫‪،‬‬ ‫‪ ۲‬ـ وبالنظر الى قضية تحرير المرأة من استرقاقها الطويل‬
‫الماركسية حقها عندما اشارت الى ان رغبات الكائن تأخذ شكلا محسوسا بحسب‬

‫الامكانيات المادية التي تعرض له خاصة تقدم التكنيك ‪ ،‬وبان المعطيات البيولوجية‬
‫في مرحلة معينة من مراحل‬ ‫تكتسب اهمية حسب التكوين الاقتصادي السائد‬
‫تطور المجتمع ‪ ،‬وهي بذلك تكون قد تجاوزت النظريات المجحفة التي تريد ان تبقي‬
‫‪.‬‬
‫المرأة في عبوديتها وتبعيتها بانية نظرياتها على اساس الجنس والنوع فقط‬
‫غير ان انجلز في عرضه لتطور التاريخ البشري وفي استنتاجاته قد عمم‬
‫وتعسف في تعميمه وذلك عندما بنى هــــذه التعميمات والاستنتاجات من خلال‬
‫• اما‬
‫معالجته لثلاث مناطق في العالم وهي ‪ :‬بلاد الاغريق والرومان والجرمان‬
‫فاما انه لا يذكرها اطلاقا او يتعرض لها بصورة عرضية‬ ‫المناطق الاخرى من العالم‬
‫غير كافية لاثبات صحة التعميم‬
‫قد ذكرا خمس مراحل تاريخية لتطور‬ ‫ومن ناحية اخرى فان انجلز وماركس‬

‫التاريخ البشري وأكدا على ان جميع المجتمعات قد مرت بها وبينا بالتالي تحليلاتهما‬
‫لوضع المرأة من خلال عرضهما لهذه المراحل الخمس ومن خلال تحليلهما الاول في‬
‫سلمنا جدلا بان‬ ‫حين انهما لم يتسن لهما دراسة باقي المجتمعات ‪ .‬وحتى لو‬

‫انكسار المرأة التاريخي واستغلالها ابتدأ مع ظهور الملكية الفردية والتقسيم الاول‬
‫للعمل فاننا وبمنطق علمي لا نستطيع التعميم‬
‫ما يمكننا ان نقرره الان بصدد موضوعنا عن المرأة هو ان رغبات الكائن‬
‫الانساني تأخذ شكلا محسوسا لها بحسب الامكانيات المادية التي تعرض له خاصة‬

‫هذا التقدم التكنيكي او الحالـــــة‬ ‫قائمة بين‬ ‫تقدم التكنيك وبان علاقة جدلية‬

‫‪٢١٤‬‬
‫الاقتصادية السائدة وبين القيم الاجتماعية السائدة في مرحلة تاريخية معينة وبان‬
‫المعطيات البيولوجية تكتسب اهمية حسب التكوينين الاقتصادي والاجتماع‬

‫السائدين في هذه المرحلة‬


‫قضية « المرأة » وناقشنا كلا منها‬ ‫بعد ان عرضنا وجهات النظر المتعددة حول‬

‫على حدة ‪ ،‬سنحاول الان وضع بعض الخطوط التي ترشدنا كما قلنا آنفا الى حل‬
‫هذه المشكلة‬

‫هنالك منظاران ينبغي علينا النظر من خلالهما الى « المرأة »‬


‫اولا ‪ :‬من حيث كونها كائنا انسانيا ·‬

‫ثانيا ‪ :‬من حيث كونها عضوا في المجتمع ‪ :‬عليه واجبات وله حقوق هي نفس‬
‫حقوق الرجل‬
‫وعلى ذلك فباستطاعتنا ان نقرر تبعا لهذا كله وانطلاقا من هذين المنظارين‬
‫الامور التالية ‪:‬‬

‫اولا ‪ :‬ان تحرير المرأة في المجتمع العربي وفي العالم بشكل عام لا يتم الا‬
‫بتحرير المجتمع من مستغليه ‪ .‬لذلك فان تحقيق المجتمع الاشتراكي العربي الموحد‬
‫هو الكفيل وحده بخلق الظروف الموضوعية لتحرير المرأة ·‬

‫ثانيا ‪ :‬دون تحرير المرأة لا يمكن نجاح وتحقيق الثورة الاشتراكية واقامة‬
‫نظرا لكونها تشكل نصف مجموع الشعب‬ ‫المجتمع الاشتراكي العربي الموحد ‪.‬‬
‫ولكونها كذلك القطاع الاكثر اضطهادا من الطبقات الكادحة ولها مصلحة حقيقية‬
‫بالثورة وبالسير الى نهايتها‬
‫ثالثا ‪ :‬ان المرأة اضطهدت وما زالت مضطهدة من قبل الرجل ( باستثناء‬

‫صراع دائم مع سلطته ومحاولاته في فرض هذه‬ ‫وهي في‬ ‫المجتمعات (الاشتراكية‬
‫السلطة عليها وابقائها تابعة له ‪ .‬لكن هذا الصراع هو في الحقيقة ‪ ،‬يعبر عن تناقض‬
‫اما التناقض الاساسي فهو التناقض القائم بين المرأة الكادحة المستغلة‬ ‫ثانوي‬
‫كجزء من الطبقات الكادحة المستغلة وبين الطبقات المستغلة من بورجوازية تجارية‬

‫ناشئة واقطاع سياسي غير منفصل عنها والامبريالية العالمية من ورائها‬

‫ان الحركة الثورية ما لم تجعل نضالها العملي موجها نحو القضاء علـــــــى‬
‫في منزلقات تعطل تقدمها وتحولها عن خطها‬ ‫التناقضات الاساسية ستقع حتما‬
‫الشعبي الاساسي وبذلك تكون قد خدمت الحركة البورجوازية خدمة جلى ووضعت‬
‫مصير الثورة بين اياديها القذرة •‬

‫رابعا ‪ :‬ان العمل على كشف والغاء التناقضات الاساسية في مجتمعنا العربي‬
‫يحدد استراتيجية الثورة والمرحلة طويلة‬ ‫و اعتبار هذه التناقضات المنطلق الذي‬

‫يجب ان لا يغيب عن بالنا ابدا كحركة ثورية واعية ‪ ،‬المهام المرحلية والشعارات‬
‫التكتيكية التي عليها ان ترفعها وتناضل من اجلها ‪ ،‬ولكن كجزء غير منفصل عن‬
‫نضال عموم الطبقات الكادحة ‪ .‬مثلا ‪ :‬ان المطالبة بحقوق متساوية للمرأة بالرجل‬

‫دون طرح قضية النظام ككل لا يخدم الا الحركات البورجوازية التي تتصدر مثل‬
‫هذه الدعوات املا في امتصاص النقمة الشعبية وفي افراغ الدعوى من بعد ذلك‬

‫‪۲۱۰‬‬
‫ومن جهة ثانية فان طرح قضية النظام ككل‬ ‫الجماهير ‪.‬‬ ‫لافتقاد الثقة بينها وبين‬
‫بشكل عشوائي دون الطرح المسبق لشعارات تكتيكية تضع الجماهير الشعبية‬
‫بمواجهة مباشرة مع اعدائها لضرب الثورة وتستطيع الحركات المعادية للشعب‬
‫•‬ ‫استغلالها لصالحها‬

‫خامسا ‪ :‬قلنا سابقا ‪ :‬ان وجود الحزب الثوري ضرورة عملية لنجاح الثورة‬
‫وتحقيق اهداف المجتمع ‪.‬‬
‫فهو الذي يعبد الطريق لقوى المجتمع التقدمية والتي‬
‫تشكل النساء الكادحات جزءا هاما منها ‪ .‬ونؤكد هنا بان اية حركة ثورية ما لم‬

‫تستطع ان تضع في اعلى مهماتها مهمة تنظيم النساء الكادحات ‪ ،‬ان تدخل‬
‫صفوفهن وتجعلهن ينضوين تحت قيادتها وتضعهن تحت تأثيرها المباشر وتهيئهن‬

‫للنضال القومي والطبقي بقيادتها ‪ ،‬فهي لن تستطيع ان تنجح بتحرير المجتمع العربي‬
‫•‬
‫بكامله وتحقيق النظام الاشتراكي حيث تتكافأ فيه الفرص للجميع دون تفريق‬
‫سادسا ‪ :‬ان عدم مساهمة المرأة بصورة مباشرة في الانتاج هو العامل‬
‫لذلك فانه من مهام‬ ‫الرئيسي الذي جعل منها كائنا عديم القيمة ولا منفعة لوجوده‬
‫دفع المرأة‬ ‫) قبل استلام السلطة‬ ‫الحركة الثورية في مرحلة النضال السلبي اي‬
‫الى العمل ‪ ،‬كخطوة اولى نحو تحقیق شخصيتها المستقلة واعادة الثقة الى نفسها‬

‫وبالتالي دفعها باتجاه الثورة ‪ -‬اذ ان بلوغ مرحلة النضج الثوري والالتزام العقائدي‬
‫‪.‬يسبقه المراحل التالية ‪:‬‬

‫‪ - ۱‬الشعور بعدم الاستقرار وبوجود تناقضات ما تزال مشوشة ومبهمة‬


‫وما يتبع ذلك من معاناة فردية تتخذ اشكالا غير واعية ‪ ،‬وتكون السمة المميزة لهذه‬
‫‪.‬‬ ‫المرحلة عدم الثقة بالنفس وبالقدرة على المواجهة والتعبير‬
‫‪ - ۲‬المراقبة السلبية للحركات التي تنوي احداث التغيير في المجتمع يتبعها‬
‫الدخول في نقاشات استفهامية واستنتاجية مع اعضائها واعتماد الاسلوب المعارض‬
‫لكل منها‬
‫ذلك‬
‫‪ - ٣‬الانسجام المعقول مع احدى هذه الحركات فكريا وعمليا وما يستتبع‬
‫من اعادة الثقة الى النفس ومن الشعور بالقدرة الفائقة على التغيير نظرا لما تعطيه‬

‫الروح الجماعية من قوة للفرد في المواجهة‬


‫سابعا ‪ :‬ان العمل وحده غير كاف لتحقيق استقلالية المرأة واعادة الثقة الى‬
‫نفسها وبالتالي دفعها باتجاه الثورة ‪ ،‬وفي مرحلة النضال السلبي يجب ان يكون‬
‫متلازما مع عملية التوعية المنظمة من قبل الحزب الثوري ‪ -‬فالتمرد على القيم‬
‫المحتجزة للمجتمع لا يمكن ان يتم بعملية فردية عشوائية وسيسحق حتما ‪ .‬ومن‬

‫جهة ثانية أن عمل المرأة خارج البيت ليس كافيا لتخليصها من عبوديتها فهي ما‬

‫تزال تخضع للقيم القديمة التي يفرضها عليها المجتمع ‪ :‬ان الزوج هو المسؤول‬
‫وحده عن القيمة المادية التي تأخذها المرأة لقاء كدها وجهدها وهو وحده الذي‬
‫يجب ان يسيس امور البلد ‪ ...‬وهو وحده الذي يقرر وما عليها سوى الخضوع ‪ ،‬هو‬

‫وحده الكائن الاجتماعي واما هي فهي (آلة نشيطة تعمل بكد داخل جدران البيت ‪ .‬لذلك‬
‫نقول ان عملية التوعية المنظمة يجب ان تكون متلازمة مع دفع المرأة باتجاه العمل في‬

‫‪٢١٦‬‬
‫فالعمل هو وسيلة لتحقيق تمردها وليس غاية بحد ذاته ‪.‬‬ ‫مرحلة النضال السلبي‬

‫اما الاشكال الاخرى لعقلية التخلف الموجودة في الحزب فتظهر في الاتجاهين‬


‫عن شؤون‬ ‫بالاخص‬ ‫وتحررها ويبعدها‬ ‫استقلالها‬ ‫لها‬ ‫يحقق‬ ‫جوا موضوعيا للمرأة‬

‫الخدمة المنزلية التي تأخذ منها كل وقتها وجهدها ويحيلها الى كائن يجتر عمله‬
‫قوة الاستمرار دون اي تفكير •‬

‫في الحزب‬ ‫‪ :‬ان عملية التوعية الاجتماعية المنظمة يجب ان تشمل‬ ‫ثامنا‬
‫ان عقلية النظام الراسمالي والاقطاعي المستغل لا‬ ‫الثوري الرجال والنساء معا ‪.‬‬

‫تزال موجودة وبقوة في صفوف حزبنا ‪ ،‬هناك اتجاه نجده بين صفوف الحزب‬
‫فشل الفتاة العقائدية‬ ‫ينادي باستبعاد المرأة عن العمل الحزبي والمبرر لذلك هو‬

‫ويحكم اصحاب هذا الاتجاه على‬ ‫في العمل النضالي ‪.‬‬ ‫النجاح نجاحا كافيا‬
‫المرأة بشكل عام نتيجة لهذا الفشل بالعقم والجمود ‪ .‬ان هذه العقلية عقلية متخلفة‬
‫متخلفة‬
‫وذلك لانها تتعامى او تقفز عن الاسباب الكامنة وراء صورة الاشياء وهي‬
‫كذلك لانها لا تبحث في المحرك الاساسي وفي الاسباب الكلية التي تؤدي بمجموعها‬
‫‪.‬‬
‫الى حلق وضع اجتماعي معين‬

‫فعلى الحزب الثوري ان يهيىء‬ ‫في مرحلة ما بعد الاستيلاء على السلطة‬ ‫ما‬
‫التاليين ‪:‬‬

‫‪ - ۱‬الاتجاه الاول يدعو الى ضرورة بقاء المرأة في البيت فقط وبان عالمها‬
‫‪:‬‬
‫الوحيد هو عالم البيت داخل جدرانه ‪ ..‬اما عالم الرجل فهو العالم الخارجي‬
‫‪ ...‬الخ ·‬
‫عالم العمل والسياسة والاجتماع‬
‫‪-‬‬
‫‪ ٢‬ـ الاتجاه الثاني ‪ :‬ويبدو أقل حدة في الشكل اما من حيث الاساس لا‬
‫ي (الرجل )‬
‫ا)‬ ‫يختلف عن المنحى الأول وهو يدعو الى ضرورة مساعدة الجنس القوي‬
‫الركيك ( المرأة ) وعلى المرأة ان تقبل بالرجال المتفوقين عليها بنية وعقلا‬ ‫للجنس‬
‫والمولودين لاصدار الاوامر والقيادة وهي تبقى لها مهمة التنفيذ هذا اذا تساهلنا‬
‫معها‬

‫أن الاسباب التي ولدت هذه الاتجاهات الثلاثة هي باعتقادنا ‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫ا ـ عدم استيعاب الموقف النظري والعملي الذي يتطلب النضال من اجل‬
‫‪ -‬الاشتراكية‬‫تحقيق الاهداف الثلاثة ‪ :‬الوحدة ‪ -‬الحرية ـ‬
‫ب ‪-‬‬
‫عدم استكمال فهم دور الحزب الثوري في مرحلتي النضال السلبي‬
‫والايجابي وعدم تطابق الفكر مع الممارسة العملية وتسرب المفاهيم والنظرات المتخلفة‬

‫ورواسب الواقع وتناقضاته الى داخل الحزب‬


‫ج‪-‬‬
‫ضعف العلاقة القائمة بين الحزبي وحزبه من جهة وعدم صحتها من‬

‫جهة ثانية مثالا على ذلك علاقة زوجة الحزبي بالحزب هي في اكثر الاحيان علاقة‬
‫‪.‬‬
‫غير مباشرة وهي نتيجة لعلاقة زوجها بالحزب وليس نتيجة ايمان صحيح واع)‬
‫اما السبب الرئيسي باعتقادنا ‪ ،‬الذي دفع حزبنا الى هذه الازمات المتتالية‬

‫والى الازمة التي نعاني منها الان فهو يعود الى التركيب الطبقي لحزبنا ‪ ،‬هذا‬
‫التركيب الذي يتكون باغلمية من البورجوازية الصغيرة بما تتسم عقليتها من غرور‬

‫‪۲۱۷‬‬
‫وارتجال وتردد ومن النظر بمنظار الوصاية الى الجماهير الكادحة وعدم الجدية في‬
‫العمل ‪ ،‬ذلك نظرا لكونها لا تشكل طبقة واضحة ومحددة المعالم‬

‫ان الحركة الثورية التي اخذت على عاتقها مهام تحقيق المجتمع الاشتراكي‬

‫العربي الموحد لا بد لها من ان تحقق مهمتين داخل نفسها ‪:‬‬


‫‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ – ۱‬وحدة في الفكر‬

‫‪ - ۲‬وحدة النظرية مع الممارسة العملية والتي تأخذ شكلا لها في التنظيم‬


‫الحديدي القادر وحده على استقطاب الجماهير ‪ ،‬على التأثر بها والتأثير فيها ‪.‬‬
‫طالما ان الشعب هو بنظر البعث غاية ووسيلة بآن واحد‬

‫وان حزبنا ما لم يعالج هذه الامور بصرامة ووعي وجراة وما لم تكن عند كل‬
‫فلن نستطيع الخلاص من ازماتنا‬ ‫رفيق منا القدرة على تجاوز الذات الى المجتمع ‪،‬‬
‫وتحقيق المجتمع الذي نريده ‪ .‬وان حزبنا بما يحمل من امكانيات مخلصة وعظيمة‬
‫وواعية لهو القادر واكثر من اية حركة اخرى في الوطن العربي الكبير على تجاوز‬
‫ازماته وتحقيق المجتمع الاشتراكي العربي الموحد‬

‫‪۲۱۸‬‬
‫تفتيت الحركات الثورية واسلوب مواجهته ( ‪) ۱‬‬

‫تمهید ‪:‬‬

‫تواجه الحركات الثورية في العالم تحديات كثيرة تهدد ثورتها وقدرتها على‬
‫مواصلة النضال وتجمدها عند شعارات ضيقة ‪ .‬والحركة الثورية في العراق‬
‫مطالبة اليوم اكثر من أي وقت مضى بتطوير وسائلها الثورية للحفاظ على تقاليدها‬

‫النضالية في قيادة الجماهير بعد ان تطورت الاساليب المضادة واستحدثت الوسائل‬


‫والحركة الثورية ملزمة بمواجهة‬ ‫‪.‬‬ ‫الفنية الجديدة في مجابهة الحركات الثورية‬
‫التحدي بوسائل العنف الثوري مستخدمة هي الاخرى الاساليب الايجابية‬ ‫هذا‬

‫الخلاقة في تخطي الصعاب لتضع الاساس المتين الراسخ للحركة على الصعيدين‬
‫الداخلى والخارجي ·‬

‫ان التجربة الذاتية للحركة الثورية لم تكن قادرة وحدها وفي ظروف تزداد‬

‫فيها ضراوة الاجهزة المعادية وبدون التفاعل الحي مع التجارب الثورية الاخرى في‬
‫العالم على مواجهة تحديات الاستعمار والرجعية والامبريالية العالمية من خلال‬
‫‪.‬‬
‫الظروف القاسية التي يمر بها النضال الشعبي بصورة عامة‬
‫ان بناء حركة ثورية متطورة منسجمة في مواقفها يتطلب اعادة النظر‬
‫بأساليبها ومواقفها السابقة ‪ ،‬وعلى الحركة الثورية ان تواجه اعداءها بتطوير‬
‫باجهزتها الثورية‬ ‫اساليبها النضالية محتفظة لنفسها دائما بالتفوق عليهم‬

‫وبالرغم من تنوع عمليات التفتيت وتعدد الجهات التي تلجأ اليها‬ ‫‪.‬‬ ‫والشعبية‬
‫فستقتصر هذه الدراسة على بحث موضوع تفتيت الحركات الثورية السرية من قبل‬
‫اجهزة الحكم المعادي واسلوب مواجهته ·‬

‫مقدمة‬

‫بعد ان فشلت الانظمة الرجعية والدكتاتورية في القضاء على نشاط الحركات‬

‫·‬ ‫« الثورة العربية» ‪ -‬السنة الثانية ‪ ،‬العددان الخامس والسادس ‪۱۹۷۰ ،‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪۲۱۹‬‬
‫الثورية السرية باستخدام الارهاب بشتى وسائله عمدت الى تطبيق اسلوبين‬
‫منفصلين يخدمان غرضا واحدا هو القضاء على نشاط الحركة وتفتيتها ‪ .‬وقد اصبحت‬

‫هذه الاساليب مرتكزا لاستراتيجية واسعة تستند اليها اجهزة المخابرات في العالم لمجابهة‬
‫الثورية السرية وكجواب على تطور وسائل النضال‬ ‫النشاطات المتزايدة للحركات‬

‫والداب للحفاظ على الالتزامات العقائدية والثورية التي تميزت بها الحركات الثورية‬
‫والتي تعطي للحركة وجهها النضالي ‪ .‬وتقع الاساليب الحديثة في مقارعة الحركات‬
‫•‬ ‫‪-‬‬
‫‪٢‬ـ التفتيت‬ ‫الثورية السرية في استراتيجيتين أساسيتين هما ‪١ :‬ـ الارهاب‬
‫فان لكل منهما مستلزماتها واجهزتها وعناصرها‬ ‫وبالرغم من تكامل الاستراتيجيتين‬
‫ويمكن اعتبار استراتيجية التفتيت اكثر خطرا وابعد اثرا على الحركات الثورية‬
‫السرية من استراتيجية الارهاب اذا ما توفرت لها الاجهزة المخططة والكفاءات ذات‬

‫الدراية العلمية بتاريخ الحركات الثورية واسلوب نضالها واذا ما توفرت لها ايضا‬
‫العناصر المعدة اعدادا خاصا لهذا الغرض‬

‫التفتيت اسلوب تخصص يعتمد على دراسات علمية‬ ‫ولهذا كان اسلوب‬
‫واجتماعية وسايكولوجية يفوق من حيث الخطورة والتأثير والتطور اسلوب الارهاب‬

‫في مواجهة نضال الحركات الثورية والذي يثير‬ ‫الذي ينطوي على بدائية وعجز‬
‫نقمة الجماهير على السلطة البوليسية لسهولة التحسس به وتشخيصه‬

‫ان التفتيت يوفر على السلطة استخدام الارهاب بصورة دائمية ويمنحهـ‬
‫فرصة ادخاره للحظة الحاسمة ويرفع عنها تهمة البوليسية ومعاداة جماهير‬
‫ويهدف الاسلوب الجديد الى تحطيم التنظيم الثوري السري من الداخل‬ ‫الشعب‬

‫وشل العمل الجماعي لتسهيل تحطيم المبادرات الفردية وذات الاثر المحدود وتحويل‬
‫التنظيم الثوري الى مجرد هيكل تنظيمي تكتشف بواسطته جميع الكفاءات المعادية‬
‫للنظام وتسحق بداخله روح الثورة وتستهلك فيه كافة الطاقات والامكانات التي‬
‫يتمخض عنها الواقع الاجتماعي والسياسي • ويهدف ايضا الى خلق سلسلة من‬

‫التوترات السلبية والتناقضات الداخلية التي ترهق الحركة وتحد من نشاطها‬


‫وتكمن خطورة الاسلوب الجديد في كونه اسلوب خفي بتحركاته‬ ‫‪.‬‬ ‫و تبدد طاقاتها‬

‫في واقع سلبي نفسي وتنظيمي‬ ‫و ارتباطاته مكشوف بنتائجه فقط والتي تنعكس‬
‫يخنق الحركة ويدمرها وفي كونه ايضا قد يصل الى نتائج يعجز عن الوصول اليها‬
‫اسلوب الارهاب بسبب تطور وسائل النضال الثوري السري وصمود مناضلي‬
‫الحركة امام الارهاب‬

‫التفتيت ‪:‬‬

‫ويقصد به تجزئة الحركة الثورية وتمزيقها والتشكيك بدورها التاريخي‬


‫والتفتيت نوعان هما ‪:‬‬ ‫وتحطيم الالتزامات العقائدية والثورية لاعضائها عبر وسائل عدة‬

‫‪ - ۱‬التفتيت من الخارج ‪ :‬ويقصد به حملات الدعاية والارهاب المختلفة‬


‫الموجهة من قبل السلطة المعادية ضد الحركة الثورية التي تعبر عن اماني الجماهير‬

‫‪۲۲۰‬‬
‫وحاجاتها ‪ .‬وكان من نتائجه رص صفوف مناضلي الحركة وتعزيز ايمانهم بجدوى‬

‫بالنضال الثوري السري ومتطلباته‬ ‫وتمرسهم‬ ‫وتعميق ثوريتهم‬ ‫حركتهم وقضيتهم‬

‫وتوسيع النقمة الشعبية على الحكم المعادي واجهزته القمعية الارهابية ‪ ،‬وعاملا‬

‫الساقطة في دروب النضال‬ ‫الضعيفة وطرح العناصر‬ ‫يساعد على كشف العناصر‬
‫اسلوب الارهاب » قد يصيب الحركة ببعض الاضرار المادية ويحجب‬ ‫بالرغم من ان‬
‫كفاءاتها الفكرية وكوادرها القيادية ‪.‬‬ ‫عنها بعض‬
‫يتوقف نجاح عملية التفتيت على توافر عوامل‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ -‬التفتيت من الداخل‬
‫معينة مساعدة من داخل الحركة الثورية بالاضافة الى الادوات التي تستخدمها‬

‫الاجهزة المعادية في عملية التفتيت وهذه العوامل هي ‪:‬‬


‫ا ‪ -‬العوامل التنظيمية ‪ :‬وتشتمل على ظروف مادية ونفسية نابعة من‬

‫الظروف الداخلية للحركة نلخصها بما يلي‬


‫ا ‪ -‬الازمات العنيفة التي يمر بها التنظيم الثوري والتي تؤدي الى تصدعه‬
‫وانكشافه نتيجة للضربات السياسية الموجهة اليه من قبل اجهزة السلطة ‪ .‬وان‬

‫نفسية تستفيد منها الاجهزة المعادية في زرع‬ ‫التفكك التنظيمي يؤدي الى ازمات‬
‫الشك وعدم الثقة في صفوف الحركة ‪ .‬وانكشاف التنظيم يؤدي الى كشف اغلب‬
‫العناصر القيادية والكوادر الحزبية وتعطيلها عن ممارسة النشاط الثوري كما يؤدي‬
‫ايضا الى تصدع الارتباط الداخلي للحركة ويفقدها الوسائل المجدية في التأكد‬
‫من مستويات العناصر العاملة على تجميع عناصر الحركة بعد الضربة وسلامتها •‬

‫ب ـ التفريط بسرية العمل الثوري نتيجة التسيب التنظيمي وضعف المركزية‬


‫في العمل الثوري لاسباب منها ‪:‬‬
‫‪ - ۱‬ضعف التربية الحزبية والتي تؤدي حتما الى ضعف الالتزام الثوري ‪.‬‬

‫نتيجة انعدام‬ ‫‪ ۲‬ـ عدم امتصاص الضغوط النفسية والتنظيمية المشاكل الحزبية‬
‫الديمقراطية داخل الحركة الثورية واهمال المشاكل الحزبية مما يدفع ببعض‬

‫في المقاهي والمحلات العامة‬ ‫العناصر الثرثارة الى استئناف طرح القضايا السرية‬
‫ووضعها في متناول الاجهزة المعادية وبذلك تعطي صورة عن الاوضاع الداخلية‬
‫للحركة وامكانية التسلل اليها ‪.‬‬

‫ـ غموض الاهداف المرحلية للحركة الثورية انعدام التخطيط السياسي‬


‫‪.‬‬
‫يدفع الحركة الى مواقف مرتجلة قد تؤدي الى نتائج سلبية على الحركة‬
‫فكريا‬ ‫انعدام المبادرة السياسية‬ ‫‪ - ٤‬التخلف في مواجهة الاحداث‬
‫وسياسيا ويؤدي العاملان الاخيران الى ما يلي ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬القلق السياسي بشأن مصير الحركة وقدرتها على الصمود ومواصلة‬
‫الثورة على الواقع ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬خلق تيارات غريبة في داخل الحركة نتيجة بروز الاجتهادات الفردية‬


‫والتي يمكن ان تتطور الى تكتلات تهدد الحركة بالانقسام ‪ .‬وتسهل العوامل‬
‫السابقة مهمة التسلل الى داخل الحركة من جهة وتخلق الظروف المؤاتية لنجاحه‬
‫من جهة اخرى‬

‫‪۲۲۱‬‬
‫فالتكتلات الشخصية داخل الحركة الثورية مثلا قد تتبنى بعض العناصر‬

‫الغريبة والمدسوسة عن طريق علاقاتها الشخصية وذلك لفقدان التقييم الموضوعي‬


‫لدى هذه التكتلات وتجاوزها للعلاقات الحزبية ‪ .‬ونجد سياسة تجميع الاخطاء‬

‫وحرق العناصر المناضلة بالاضافة للأمراض التي تعاني منها الحركات الثورية تؤدي‬
‫الى تفكك الحركة وتساعد على خلق الظروف المؤاتية للتسلل وممارسة التفتيت ‪.‬‬
‫‪ ،‬تعتمد الاجهزة‬ ‫المسببة بفعل العوامل الخارجية)‬ ‫‪ - ٢‬العوامل النفسية ‪:‬‬

‫المعادية بعض الوسائل وهي الارهاب ‪ ،‬التعذيب ‪ ،‬السجن ‪ ،‬القتل ‪ ،‬الاعدام ‪،‬‬
‫‪.‬‬
‫الفصل من الوظيفة ‪ ،‬النفي ‪ ،‬التشكيك‬
‫لدى‬ ‫المختلفة بخلق اوضاع نفسية سلبية‬ ‫وسائلها‬ ‫توجه الاجهزة المعادية‬
‫في طريق النضال لاضعاف‬ ‫نتسبي الحركة الثورية تحول بينهم وبين استمرارهم‬
‫الحركة وتفتيتها ‪:‬‬

‫ا ‪ -‬البراءات ‪ :‬مستخدمة في ذلك الارهاب والاغراء‬


‫قبل لها بتحمل تبعات‬ ‫‪ :‬تساقط العناصر التي لا‬ ‫‪ - ٢‬ترك العمل الحزبي‬
‫مراحل النضال الطويل‬
‫بعض العناصر المنهارة والخائنة باجهزتها بالتهديد وبالتشهير او‬ ‫‪ -‬ربط‬

‫ايقاف التعقيبات القانونية ضدها وجعلها رهينة بمدى تعاونها معها‬

‫‪ -‬استغلال الضعف الجزئي في مواقف بعض العناصر في مواجهة تحديات‬


‫السلطة وتحويله الى موقف متخاذل من خلال التشهير بها وحمل اعضاء الحركة‬
‫‪ ،‬وتهدف الاجهزة المعادية من وراء‬ ‫على الاستجابة لها والمشاركة في التشهير‬
‫ذلك ما يلي ‪:‬‬

‫ا ‪ -‬تحطيم نفسية المناضلين وتعطيل بعض الكفاءات الحزبية من خـــــــــلال‬


‫التعذيب النفسي ‪.‬‬

‫ب ـ تحريك الوضع النفسي السلبي الذي يظهر اثناء الضربات الى داخل‬
‫الحركة من خلال التشكيك بمواقف الحركة وتشويه مواقف مناضليها لزرع الشك‬
‫والخوف وعدم الثقة في نفوس اعضاء الحركة‬
‫تمارس الاجهزة المعادية عملية التفتيت عبر وسائل عدةمنها ‪:‬‬ ‫وسائل التفتيت‬
‫ويتم ذلك عن طريق ‪:‬‬ ‫تحقيق الارتباط «بالحركة‬ ‫‪ - ۱‬التسلل الى الحركة ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬دفع العناصر المعدة اعدادا خاصا من الخارج الى داخل الحركة‬
‫ب ـ شراء بعض العناصر الضعيفة والمتخاذلة من داخل الحركة‬

‫ج ـ استغلال العناصر الوسيطة التي تستفيد من الطرفين لتحقيق مصالحها‬


‫التي تملك علاقات‬ ‫الانتهازية‬ ‫العناصر‬ ‫الخاصة من خلال خدمة مصالح الطرفين‬
‫واسعة بالاجهزة الثورية من جهة والسلطات الحاكمة من جهة اخرى‬

‫‪ - ٢‬التغلغل ‪ :‬ويقصد به دفع العناصر المشبوهة لتبؤ المراكز الحساسة في‬


‫الحركة نتيجة للاسباب التالية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬حداثة الحركة وقلة تجربتها في الميدانين التنظيمي والسياسي‬
‫والكوادر الحزبية‬ ‫القيادات‬ ‫ب ‪ -‬الافتقار الى عناصر الصفوف الاولى‬

‫‪۲۲۲‬‬
‫وظهور الحاجة الى العناصر التي تتوفر فيها بعض الشروط الثقافية والسياسية‬
‫‪.‬‬
‫لاشغال المراكز القيادية الشاغرة في ملاكات الحركة الثورية‬

‫ج ‪ -‬توريط الحركة بمواقف سياسية لا تخدم اغراض المرحلة بتشجيع من‬


‫اجهزة السلطة او بدافع من عدم النضج الثوري والسياسي ‪ ،‬ويترتب على ذلك‬
‫استمرار تجريد الحركة مما تبقى من كوادر وقيادات لاخلاء الطريق امام العناصر‬

‫المندسة والتي لم تتمكن من تبوء المراكز المهمة للوثوب الى مراكز القيادة ‪ .‬وتهدف‬
‫الاجهزة المعادية من وراء الكشف المستمر للتنظيمات الجديدة تجريدها مـــــــــــن‬

‫امكانياتها التي تكشف في الضربات الاولى لتذليل العقبات امام عناصرها المدسوسة‬
‫نشاط‬
‫وخلق الظروف الملائمة للوصول الى المراكز القيادية في الحركة لتضمن‬
‫الحركة الثورية وازالة خطرها وتكرس عملها بعد ذلك لتدمير الحركة من الداخل‬

‫بعد ان كان نشاطها السابق ذو طابع دفاعي فقط يهدف الى الحيلولة دون انطلاق‬
‫الحركة واستكمال شروط بنائها الداخلي ‪.‬‬
‫وقد توفر الاجهزة المعادية نوعا من‬

‫ضدها‬ ‫وايقاف التعقيبات‬ ‫الاستقرار الداخلي للحركة باغفال نشاطها وتحركاتها‬

‫مرحليا لتركيز عناصرها المندسة التي وصلت الى مراكز قيادية مهمة ومنحها فرصة‬
‫التمرس وتوثيق ارتباطاتها مع اعضاء الحركة وكسب ثقتهم ‪ .‬وبمداراتها في قيادة‬
‫الحركة وحمايتها المزعومتين ‪ .‬وتقوم العناصر المدسوسة بمهمة اكتشاف الطاقات‬

‫فى الحركة وتحريكها واجتذاب العناصر الصدامية التي لم تنلها الضربات‬ ‫المعطلة‬

‫قبل الاجهزة المعادية التي‬ ‫السابقة وتوريطها بمواقف سياسية حدية مرصودة من‬

‫تنزل ضربتها في اللحظة الحاسمة معتمدة اسلوب الارهاب السياسي مستخدمة‬

‫معلوماتها الدقيقة عن تحركات العناصر الثورية زارعة في نفوسهم الخيبة والمرارة‬


‫والشك ‪.‬‬

‫ان النكبات التي تصيب الحركات الثورية عن طريق الخيانة الداخلية لا بد ان‬
‫تلقي اضواء كاشفة على بعض العناصر الخائنة والمندسة وتفضحها مما يدفع الاجهزة‬
‫المعادية الى القاء تهمة الخيانة والعمالة على العناصر الصامدة المخلصة للتستر على‬

‫عملائها وحمايتهم من جهة ولتضخيم الشكوك التي تنجم عن تصور صدور الخيانة‬
‫نفسية الاعضاء وابعادهم عن النضال‬ ‫من قبل العناصر الصامدة وذلك لتحطيم‬
‫‪ -‬ضرب الاهداف التنظيمية والسياسية للحركة ‪ :‬لكل حركة ثورية‬
‫اهداف تنظيمية وسياسية توجه اليها الاجهزة المعادية هجماتها لعزل الحركة عن‬
‫قاعدتها الحية ‪ -‬الجماهير الشعبية ― وبث الشك في نفوس اعضائها ويتم ذلك‬

‫عن طريق ‪:‬‬


‫‪-‬‬
‫« الطعن بمبررات وجود‬ ‫قيادة الجماهير‬ ‫التشكيك بجدارة الحركة في‬
‫التنظيم » •‬
‫‪-‬‬
‫التشكيك بدور الحركة التاريخي على المستوى الفكري والسياس‬
‫والطعن بامكانيات التغيير والبناء‬
‫‪-‬‬
‫جـــ المبادرة لاتخاذ المواقف التي يمكن ان تطرحها الحركات الثورية وافراغها‬
‫من محتواها الثوري لالغاء المبررات السياسية والاجتماعية لوجود الحركة والتدليل‬

‫‪۲۲۳‬‬
‫التأميم الشكلية‬ ‫كما حدث في عميد‬ ‫على تخلف الحركة عن مواكبة الاحداث‬

‫التي قامت بها السلطة في العراق‬

‫د ‪ -‬طرح المنظمات البديلة التي تحظى بتأييد ودعم السلطة لاستقطاب جماهير‬
‫الحركة والعناصر الانتهازية والضعيفة التي لا ترغب في ترك العمل السياسي والتي‬
‫تجد في الانتماء للمنظمات الذيلية ستارا يحجب ضعفها وانتهازيتها‬

‫‪ - ٤‬شطر الحركة الثورية ‪ :‬ويتم كما يلي ‪ - 1 :‬استغلال عوامل داخلية وهي‪:‬‬
‫الطموح غير المشروع في تبو مراكز قيادية والتكتلات‬ ‫‪ - ۱‬عوامل شخصية‬
‫الشخصية والنشاطات الانتهازية‬

‫‪ ۲‬ـ فقدان الوحدة الفكرية والتي تؤدي الى تصدع الوحدة التنظيمية للحركة ‪.‬‬
‫·‬
‫‪ -‬السلوك اليميني و « اليسار » الطفولي‬
‫وتسعى الاجهزة المعادية الى تشجيع وتكريس الانشقاق داخل الحركة الثورية‬

‫بغض النظر عن ارتباط اطرافه بها على اساس ان انقسام وانشطار الحركات‬
‫الثورية هو بحد ذاته اضعاف لتلك الحركات ‪ .‬ومن الطبيعي ان يكشف الانقسام‬
‫عن مجموعات مختلفة من الاتجاهات احدها الاتجاه التاريخي الصحيح للحركة الأم‬

‫الأخرى التي ينتهي بعضها الى‬ ‫والتي تنمو بمرور الزمن على حساب الاطراف‬
‫ركات سياسية‬
‫حر‬‫ن ح‬
‫ان‬‫ضا‬
‫حض‬‫اح‬
‫الارتباط بجهات مشبوهة والبعض الاخر الى الارتماء في أ‬
‫اخرى واتخاذ طريق جديد في العمل سرعان ما يتبدد ‪ .‬وتحاول الاجهزة المعادية‬
‫الحركة‬ ‫التي كسبت بعض العناصر الساقطة استخدام اسلوب جديد لتفتيت‬
‫الثورية لتسهل تسلل العناصر التي ارتبطت بها بدافع المصلحة والحقد على‬
‫اجهزة الحركة الثورية اعتمادا على صلاتها السابقة وماضيها النضالي في الحركة ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬عوامل داخلية ‪ :‬ويتم شطر الحركة الثورية عن طريق العناصر المندسة‬

‫والمدسوسة والتي تستثمر التناقضات الداخلية للحركة النفسية منها والتنظيمية‬


‫·‬
‫وتطورها ضمن خطة بعيدة المدى الى صراع حاد يؤدي الى الانشطار‬
‫والتسلل نوعان ‪:‬‬
‫‪ - ۱‬التسلل بفعل عوامل ذاتية ‪:‬‬

‫لتشبثه‬ ‫الداخلي‬ ‫المدفوعة بعوامل ذاتية عمليات التخريب‬ ‫وتمارس العناصر‬


‫بمصالحها الخاصة على حسناب المصلحة العامة للحركة الثورية وتزيد في وطأ‬

‫الازمات الداخلية والآثار التي تتركها العمليات المضادة والموجهة من قبل الاجهز‬
‫‪:‬‬
‫المعادية ‪ .‬وأهم العوامل الذاتية التي تدفع بالعناصر الغريبة للحركة هي‬
‫ا ‪ -‬عقدة النقص ‪ :‬تلجأ بعض العناصر الى الانتساب للحركة الثورية لتغطي‬
‫•‬
‫فشلها في حياتها اليومية والعامة‬
‫ب ‪ -‬حب الظهور ‪ :‬ويكاد يكون هذا الحافز غريزة طبيعية عند الانسان ا‬

‫ان غلبته عند بعض الاشخاص يدفعهم الى التفتيش عن مجالات يبرزون من خلاله‬
‫على حساب القضايا الموضوعية‬
‫‪ -‬المصلحة الذاتية‬

‫‪ -‬التعقيد النفسي ‪ :‬وتحافظ هذه العناصر على وجودها داخل الحرك‬

‫‪٢٢٤‬‬
‫في الاجواء السلبية اجواء الدجل‬ ‫الثورية من خلال التكتلات الشخصية وتنمو‬
‫والمشاكل الداخلية لاحراز نجاحات‬ ‫الازمات‬ ‫والتشكيك وتستثمر‬ ‫والغموض‬

‫شخصية على حساب وحدة الحركة الثورية وتقاليدها النضالية ‪ .‬على ان سقوطها‬
‫في ظروف النضال السري الثوري ولا يشكل خطرا كبيرا على الحركة‬ ‫محتم‬
‫بالمقارنة بالفوائد التي تجنيها الحركة من وراء تخلصها من هذه العناصر التي تضر‬
‫كثرتها بثورية الحركة وتطمس معالمها النضالية‬

‫‪ ۲‬ـ التسلل بدافع من جبهات خارجية ‪ :‬ويكون على نوعين ‪:‬‬


‫ا ‪ -‬التسلل من قبل الحركات السياسية الاخرى‬

‫ب ـ التسلل من قبل اجهزة السلطة المعادية ‪ :‬تتبع السلطة المعادية اسلوب‬


‫على مستوى القيادات والقواعد »‬ ‫دس العناصر المخربة على مستويات مختلفة‬

‫وتحدد الدور الفعال لها حسب كفاءتها وقدرتها على التكيف وحصولها على ثقة‬
‫الحركة‬
‫اي ان نشاط العناصر المدسوسة يتوقف على وصولها الى مستويات‬ ‫‪..‬‬
‫‪.‬‬
‫وتعتمد الجهات المعادية نظام‬ ‫معينة داخل الحركة ضمن خطة بعيدة المدى‬

‫الخطوط المتعاقبة » أي الخطوط المنفصلة وكلما اكتشف خط بسبب من الاسباب‬

‫دفع خط جديد مما كانت قد جمدت الاتصال به لكي لا يتعرض للكشف ‪ .‬وتستفيد‬
‫من الحركة نفسها في زيادة عناصرها المدسوسة وتسعى الى تمكينهم وتركيزهم‬

‫ونشاطاتهم والتي يتعذر على غيرها‬ ‫داخل الحركة من خلال تفاضيها عن تحركهم‬
‫النهوض بها بسبب ظروف الارهاب والملاحقة والاعتقال ودفعها الى ممارسة مزيد‬

‫‪ .‬وقد تلجأ السلطة احيانا الى‬ ‫من النشاط لفرض نفسها على الحركة في الازمات‬
‫اعتقال بعض عناصرها لتمويهها وتوجيه الانظار اليها وزيادة رصيدها النضالي‬
‫وتعزيز ثقة الحركة بها تمهيدا لرفعها الى مستوى اعلى اعتمادا على الشروط المغلوطة‬
‫وتقوم العناصر المدسوسة بخدماتها على‬ ‫القادة وشروط القيادة ‪.‬‬ ‫المتبعة من تقييم‬
‫مرحلتين ‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫مرحلة الاستخدام السري ‪ :‬تمارس العناصر المدسوسة نشاطاتها داخل‬
‫الحركة في نقل المعلومات عن نشاط الحركة وكشف أوكارها وأماكنها وخططها‬

‫وفي تركيز العناصر المدسوسة الاخرى وفي بث روح الخيبة والهزيمة في نفوس‬
‫الثوريين‬

‫ب ـ مرحلة الاستخدام العلني ‪ :‬تمارس العناصر المدسوسة نشاطاتها ضمن‬


‫الاجهزة القمعية بصورة علنية بعد افتضاح أمرها داخل الحركة ‪ ،‬وتفيدها بخبرتها‬
‫ومعرفتها السابقة بالحركة وطريقة عملها واوجه نشاطها ونقاط الضعف بها ‪ ،‬او‬

‫تندفع في عملها وتبدي شتى انواع الحماس في العمل بحافز الدفاع عن النفس ‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫استخدام الحرب النفسية ‪ ،‬وذلك باتباع الوسائل التالية ‪:‬‬
‫ا ‪ -‬الدعاية المضادة ‪ :‬عن طريق اجهزة الاعلام واستخدام واجهات السلطة‬
‫لتشويه مواقفها السياسية والطعن بعقيدتها وتراثها النضالي‬
‫‪ -‬التشكيك ‪ ،‬وتتبع الاساليب التالية ‪:‬‬

‫‪ - ۱‬تهويل الخسائر التي تنجم عن توجيه الضربات للحركات الثورية والمبالغة‬

‫‪٢٢٥‬‬
‫في التنظيم والتربية الحزبية ـ ‪١٥‬‬
‫بتصديع الحركة وتشتتها ويستخدم في ذلك افراد الاجهزة القمعية كمصادر ثقة‬

‫و كذلك العناصر الوسيطة للتشكيك في قوة الحركة ونضاليتها‬


‫‪ -‬تشويه مواقف العناصر المناضلة وتجريد تلك المواقف من ظروفه‬
‫‪ ۲‬ـ‬

‫وملابساتها وتمرير ذلك الى داخل الحركة‬

‫‪ - ٣‬اتباع المعاملة المتباينة اتجاه اعضاء الحركة اثناء التحقيق لتفتيت موقفهم‬

‫الموحد من جهة ولامتصاص النقمة التي احدثتها المعاملة الوحشية لبعض عناصر‬
‫الحركة من جهة اخرى ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬بث روح الهزيمة في الحركة عن طريق ‪:‬‬


‫‪-‬‬
‫العناصر المدسوسة والوسيطة بحيث تمارس العناصر المدسوسة في‬

‫الحركة الثورية مهمتين احداهما مهنية تتلخص في كشف التنظيمات ونقل نشاطات‬

‫في العمل على بث روح الهزيمة في‬ ‫الحركة الى السلطة والثانية دعائية تتلخص‬

‫نفوس اعضاء الحركة وجماهيرها‬

‫‪ - ۲‬اعضاء الحركة المتأثرين بدعايات الاجهزة المعادية دون وعي‬

‫‪ - ٣‬الدعاية المضادة التي توجهها اجهزة الاعلام المختلفة‬


‫{ ‪ -‬التعبئة المعادية ‪ :‬احتكار المنظمات والنقابات والفعاليات من قبل المنظمات‬

‫الذيلية للسلطة وتسخير وسائل الاعلام لابرازها لتحطيم معنويات جماهير الحركة ‪.‬‬
‫د ‪ -‬ربط نشاط الحركة بالاعمال الشائنة « التآمر ‪ ،‬الخيانة ‪ ،‬الارتباطات‬

‫المشبوهة وطمس المعاني الايجابية للنشاط المرحلي للحركة ويتم عن طريق ‪:‬‬
‫‪ - ۱‬تبديل المسميات ‪ -‬تسمية النشاط الثوري بالمؤامرة ‪ ،‬ونعت التصدي‬

‫للرجعية والدكتاتورية وزيادة ممارسة الحركة في ميادين النضال « العمل على‬


‫‪ .‬الخ ‪.‬‬ ‫المستوى القومي والارتباط بالحركة الأم بالاتصال بدولة اجنبية‬

‫‪ - ٢‬التركيز على النتائج في حالة الفشل والنفوذ من خلال ذلك الى اتهام‬
‫قيادات الحركة بخيانة قواعدها لتخريب الثقة الواعية بين القيادات والقواعد ‪.‬‬

‫‪ -‬تشويه الاغراض والاهداف ‪ :‬تجاهل الاهداف الاجتماعية للنضال‬

‫وابراز الجوانب السلبية للعمل الثوري‬ ‫المرحلي والتي تستهدف مصلحة الجماهير‬

‫واستغلاله على انه ارضاء لشهوات الاشخاص من الطامعين في المناصب الوزارية ‪.‬‬
‫ه‬
‫وضع الحركة الثورية في صف الاعداء المشتركين ‪ ،‬من خلال المواقف‬
‫المتشابهة لاعداء السلطة وتجاهل الاختلاف النوعي في الموقفين وذلك لتشويه‬
‫نشاط الحزب‬ ‫سمعة الحركة كما نرى الان عند مقارنة السلطة لنشاطاتنا‬
‫الشيوعي لكون الجهتين تحارب السلطة القائمة »‬

‫في موقف كل من الحركة‬ ‫و ـ الاستفادة من التشابه المشترك الظاهري‬


‫الثورية والسلطة المعادية تجاه العدو المشترك لامتصاص الزخم الشعبي الذي‬

‫وازالة مبررات وجودها‬ ‫تملكه الحركة في صفوف الجماهير‬

‫‪٢٢٦‬‬
‫مجابهة التفتيت‬

‫ويمكن مجابهة التفتيت من خلال معالجة النواحي التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬التنظيمية‬
‫‪ -‬النفسية‬

‫وتهدف المعالجة المذكورة الى مكافحة العناصر المدسوسة في الداخل وايقاف‬


‫التسلل من الخارج‬
‫‪ - 1‬الناحية التنظيمية ‪:‬‬

‫تكييف الهيكل التنظيمي للحركات الثورية وفق متطلبات المرحلة وتشتمل‬


‫هذه الناحية على ما يلي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬تغيير شكل التنظيم ‪ ،‬وترمي الحركة الثورية من وراء تغيير شكــــل‬

‫التنظيم تحقيق ما يلي ‪:‬‬


‫ا ‪ -‬اخفاء مستويات العمل الثوري وتسلسل العلاقات التنظيمية وعدم فسح‬

‫المجال للخبرة الجديدة التي اكتسبتها الاجهزة المعادية لمكافحة نشاط الحركة الثورية ‪.‬‬
‫ب ـ ایجاد افضل صيغة للعمل الثوري والعلاقات التنظيمية وعدم فسح‬
‫المجال للاستغلال القيادي والمادي‬
‫‪-۲‬‬
‫ایجاد منظمات الواجهة ‪ :‬وترمي الحركة الثورية من وراء ممارسة العمل‬
‫الواجهي الى ما يلي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬تجنب الضربات السياسية المباشرة‬
‫ب ‪ -‬توسيع الجبهة المعادية للسلطة‬
‫‪-‬‬
‫اشراك جماهير غير حزبية في نشاط منظمات الواجهة وتجنب ادخال‬
‫العناصر غير المجربة في تنظيمات الحركة الثورية والتي قد يؤدي دخولها الـــــــى‬
‫اضعاف ثورية الحركة ووحدتها التنظيمية ‪ ،‬وبذلك تحافظ الحركة على علاقتها‬
‫الطيبة مع هذه العناصر وتنجو في نفس الوقت من المخاطر التي تنجم من دخولها‬
‫المفاجىء الى صفوف الحركة الثورية ·‬

‫د – تدريب كوادر الحركة الثورية واعضائها على العمل الشعبي وزيادة‬

‫الاختصاص في النشاط الثوري « نقابي مهني ‪ ،‬طلاب ‪ ،‬عمال ‪ ،‬الخ ‪» ..‬‬


‫عبية من خلال التعرف على حاجات‬
‫بي‬‫لعش‬
‫الش‬
‫هـ ـ تمتين الاتصال بالجماهير ا‬
‫الجماهير ونفسيتها •‬

‫‪ - ٣‬استحداث منظمات واجهزة جديدة تتطلبها ظروف النضال المرحلي‬

‫‪ - ٤‬اعتماد مبدأ التخصص في العمل وتلافي الازدواج في المسؤولية تجنبا‬


‫للتسلل الذي يطرا على العمل نتيجة للضربات السياسية من جهة وتحدي‬
‫المسؤولية الحزبية من جهة اخرى‬

‫واعتماد مبدأ التفرغ‬ ‫الاحتياطية‬ ‫القيادات‬ ‫‪ -‬اعداد قيادات الظل‬


‫ه ‪-‬‬
‫للقيادات العليا‬

‫‪ - ٦‬اعتماد مبدأ التوسع العمودي ‪ -‬بالاضافة الى التوسع الافقي ‪ -‬في‬

‫‪۲۲۷‬‬
‫العمل الشعبي ودفع عناصر جديدة غير مكشوفة لاستلام المهام الثورية للحركـ‬
‫وتغيير مهام العناصر المكشوفة بما يضمن سلامة الاجهزة الثورية‬
‫‪ -‬ابعاد العناصر الضعيفة عن المراكز القيادية‬
‫‪ - ۸‬جمع المعلومات الوافية عن عناصر الحركة وخاصة في اعقاب الازمات‬
‫والضربات السياسية‬

‫‪ - 1‬التأكيد على مبدأ السرية في العمل والديمقراطية المركزية‬


‫ب ـ تطوير اسالیب النضال السري في النواحي المادية والسياسية وتعميق‬
‫الالتزام الثوري لاعضاء الحركة‬

‫ج ‪ -‬احباط المخطط المعادي وفضح عمليات التسلل باتباع الوسائل التالية ‪:‬‬
‫‪ - ۱‬الانذارات التجريبية للاجهزة‬
‫‪ - ۲‬الاختبارات الشخصية للعناصر‬
‫‪-‬‬
‫التغلغل في اجهزة السلطة المعادية لاحباط مخططاتها‬

‫‪ - ٤‬التريث في تحقيق الاتصال الحزبي بالعناصر التي يطلق سراحها في‬


‫فيها الاجهزة الثورية المختصة‬ ‫ظروف غير طبيعية واخضاعها لفترة اختبار تواصل‬
‫جمع المعلومات الوافية عنها ويجب الانتباه الى ضرورة اعتماد الوسائل الواردة اعلاه‬
‫مجتمعة كي يتسنى توفير مستوى مقبول من الامان للحركة الثورية‬
‫د ‪ -‬حماية الاجهزة الثورية وذلك باتباع الوسائل التالية ‪:‬‬
‫‪ - ۱‬تكوين منظمات الطوارىء‬
‫‪ - ۲‬تكوين لجان حماية ·‬

‫‪ - ٣‬تعطيل اجهزة المراقبة الحكومية وذلك بشراء عناصر من افراد الام‬


‫ورصد تحركاتها ومضايقتها ·‬

‫التي تتعلق بسلامة الاجهزة الحزبية‬ ‫‪ ٤‬ـ التأكيد على سرعة نقل المعلومات‬
‫ومراعاة الامانة في نقلها في كافة الظروف وخاصة المعلومات التي يدلي بها المناضل‬
‫الى سلطات التحقيق عند اعتقاله لتلافي الاخطاء التي قد يقع فيها المناضل وتقليص‬
‫آثارها على سلامة الحركة‬
‫ه ‪ -‬تدريب الاعضاء على مواجهة اساليب التحقيق •‬

‫‪ - ٦‬تربية الاجهزة الثورية على المبادرة في متابعة ورصد التحركات المشبوهة‬


‫والمعادية وابلاغ قياداتهم بها بالسرعة الممكنة ·‬

‫‪ ۷‬ـ اعتماد مبدأ الدقة في تنفيذ التعليمات وتجنب احداث ثغرات في سياق‬
‫‪.‬‬
‫العمل والتي تستفيد منها الاجهزة المعادية‬
‫هـ ـ تشكيل مكتب دعاية ينهض بمهام الدعاية السياسية‬
‫و ‪-‬‬
‫الاهتمام بالامن الداخلي للحركة الثورية وبناؤه على اساس التخصص‬
‫ويمكن تأمين ذلك باستحداث‬ ‫‪.‬‬ ‫ذلك‬ ‫وتحديد المهام لتجنب ضياع المسؤولية في‬
‫جهاز للامن الداخلي يأخذ على عاتقه تنفيذ المهام التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬التغلغل في صفوف الحركات السياسية الاخرى ·‬
‫‪ -‬التغلغل في اجهزة الدولة الحساسة •‬

‫‪۲۲۸‬‬
‫لتوخي الفائدة وتجنب التفريط‬ ‫الوسيطة‬ ‫‪ - ٣‬ادامة العلاقات مع العناصر‬
‫باسرار الحركة »‬

‫ز ــ زيادة عدد العناصر ذات الكفاءة الفنية واعداد الكادر الفني من بين اعضاء‬
‫الحركة المخلصين ‪ ،‬لتجنب المخاطر الناجمة من اعتماد عناصر فنية غير موثوقة‬
‫بدافع الحاجة اليها‬

‫ح ‪ -‬الاهتمام بالتوعية الحزبية « الدراسات الفكرية والعقائدية والنشرات‬

‫‪ .‬ان سطحية المستوى الفكري والسياسي والعقائدي لاعضاء الحركة‬ ‫الحزبية‬

‫يسهل عملية تسلل العناصر الغريبة والمخربة والمدسوسة ويفتح امامها مجال التوغل‬
‫•‬ ‫الحركة وتبؤ مراكز مهمة فيها‬ ‫في‬

‫ط ـ اشباع الحاجات الضرورية لكوادر الحركة ومناضليها في حالة تعرضهم‬


‫الی ازمات الاعتقال والتشريد والسجن‬

‫ك ـ توفير العنصر المادي اللازم لتمويل الجانب التنظيمي للحركة الثورية ‪.‬‬
‫‪ -‬الناحية النفسية ‪ :‬معالجة الناحية النفسية تتلخص في تبديد القلق‬

‫النفسي الذي يتولد عن الازمات الحادة التي تصيب الحركة باستحداث اجهزة‬
‫فنية تأخذ على عاتقها هذه المهمة تلافيا للمضاعفات التي تنجم عن المعالجات‬
‫السطحية والمرتجلة •‬

‫ان الاجهزة المتخصصة والتي تتمتع بادراك سياسي وطبقي تكون في مأمن من‬

‫التأثر بالظروف السلبية وتجد في تلك الظروف مادتها الاولية لمواصلة مهامها ورفع‬
‫الروح المعنوية على صعيد الحركة والاوساط المحيطة بها ويمكن تأمين ذلك بما يلي‬
‫‪ - ۱‬توجيه الدعاية السياسية للحركة الثورية وفق ما يلي ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫آ ‪ -‬بث الشائعات لتحطيم مرتكزات الحكم المعادي والتي نلخصها بما يلي ‪:‬‬
‫‪ - ۱‬التشكيك بالشخصيات الضعيفة والتي لا تحظى بتأييد الشعب واحترامه ‪.‬‬
‫‪ - ٢‬فضح الاجهزة القمعية وذلك بنشر الوقائع والحقائق التي تؤدي الى‬
‫فضح سياسي جيد ومقنع للجماهير ويعزز ثقتها بالحزب ويضمن استمرار عطفها‬
‫عليه‬
‫‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫فشلها وتبعيتها‬ ‫للحكم وابراز‬ ‫« الشعبية‬ ‫تعرية الواجهات‬
‫‪ - ٤‬ربط الازمات التي تعانيها الجماهير كانتشار البطالة وموجة الغلاء وكذلك‬
‫استمرار النهب الذي تمارسه الشركات الاحتكارية وغيرها بطبيعة النظام القائم ·‬

‫ه ـ وضع شخصيات الحكم تحت المجهر وكشف نواقصها وشذوذها‬

‫وتصرفاتها أمام الجماهير‬


‫‪-‬‬
‫ب ـ مجابهة الدعاية المضادة التي يواجهها الحكم بدعاية اقوى منها « اسلوب‬
‫الدعاية الهجومية‬
‫•‬
‫الترويج لمبادىء الحركة وتهيئة الرأي العام لتقبل مواقفها السياسية‬
‫تفهم الظروف النفسية لاعضاء الحركة ودحر الخوف من ظهور العناصر‬
‫الساقطة والخائنة التى تكشف عنها الازمات الحادة بالتركيز على عدم خلو كافة‬

‫الحركات الثورية من مثل هذه العناصر والتأكيد على ان طريق النضال السري‬
‫الجدي وخوض الازمات هو السبيل لكشف هذه العناصر والتي يأتي سقوطها‬
‫‪۲۲۹‬‬
‫دائما في مصلحة الحركة على المدى البعيد بغض النظر عن الاضرار التي يمكن ان‬
‫تسببها للحركة ·‬

‫‪ ۲‬ـ تحويل الانظار داخل الحركة وخارجها عن البحث والاستقصاء في نتائج‬

‫التحقيق اثناء الازمات السياسية الى المواقف النضالية الصلبة التي وقفها او‬

‫سيقفها اعضاء الحركة الذين رمتهم الظروف في ايدي السلطات المعادية من جهة‬
‫والتركيز على حملات التعذيب الوحشية التي يتعرض لها المناضلون لتغطية المواقف‬
‫وذلك بابراز الوجه النضالي للحركة‬ ‫الضعيفة لبعض العناصر من جهة اخرى‬
‫امام الجماهير وتوفير دفع ثوري لاعضائها ‪.‬‬

‫‪ -‬ارهاق الاجهزة المعادية والعمل على تعميق تناقضاتها لابعادها عن‬

‫الهجومي في التخطيط‬ ‫الثورية وسلبها العنصر‬ ‫الموجه لضرب الحركات‬ ‫التخطيط‬


‫في موقف المدافع ‪ ،‬لان الاستقرار‬ ‫لها وحضرها‬ ‫وجرها الى معارك لم تخطط‬
‫الداخلي للجبهة المعادية يفرغها لاغراض التخطيط السياسي وتوجيه الضربات‬
‫المركزة ضد الحركة الثورية ‪ ،‬ويمكن ارهاق الجبهة المعادية بما يلي ‪:‬‬
‫‪T‬‬
‫« بين عناصر‬ ‫تفتيت الجبهة المعادية وتعميق التناقضات بين صفوفها‬
‫الحكم وبين الحكم والجبهات المساندة له من جهة اخرى‬

‫‪ -‬تحطيم الموقف الموحد للجبهة المعادية والعمل على اشعار القوى المترددة‬
‫ب ـ‬
‫بعدم قدرة الحكم على حمايتها او خدمة مصالحها‬

‫ج ‪ -‬دفع الحركات السياسية المناوئة للسلطة والحركات التي طرأ على‬


‫موقفها المؤيد بعض الفتور لاتخاذ مواقف حدية تجاهها وذلك بطرح شعارات مرحلية‬

‫تلتقي عندها الحركات السياسية المذكورة وتوسيع جبهة العداء للسلطة ‪.‬‬
‫د ـ تحليل طبيعة النظام الرجعي الديكتاتوري وفضح سياسته واساليبه‬
‫وتتبع جرائمه وسقطاته وفضحها امام الجماهير وذلك لتعرية هذا الحكم‬
‫ه ‪-‬‬
‫ضرب الهدف الذي يسعى اليه الحكم بالتشكيك به تارة وبالمناقشة تارة‬
‫اخرى‬
‫‪-‬‬
‫ربط مصلحة الجماهير الكادحة بنضال الحركة الثورية اليومي والمرحلي ‪.‬‬
‫ز ‪-‬‬
‫تعبئة الجماهير ضد اساليب التعذيب والنضال من اجل اطلاق سراح‬

‫المعتقلين وايقاف حملات الاعتقالات الكيفية والعمل على كبح جماح الارهاب وذلك‬
‫لايجاد ظروف افضل لتحرك القوى الثورية ‪.‬‬

‫‪ -‬العمل على تحطيم الولاء الوظيفي للافراد العاملين في اجهزة الحكم‬


‫وذلك من خلال التشكيك بنوايا الحكم ومسؤوليته « مثال ‪ -‬من اجل ان تكسب‬

‫الحركة الثورية احد موظفي الدولة لا بد ان تسعى الى تحطيم الولاء الوظيفي‬
‫و تشكيكه بتمثيل السلطة للشعب » ‪...‬‬
‫‪1‬‬
‫ه ‪ -‬رعاية العناصر التي تتولد لديها اوضاع نفسية معينة نتيجة للضعف الذي‬
‫طرا على موقفها اثناء الصراع الحاد مع السلطة وذلك لمنحها المناعة وحمايتها من‬
‫السقوط الى درك العمالة والخيانة والتخريب للحركة ودفاعا عن سمعة الحركة‬

‫وحفاظا على تقاليدها الثورية وذلك باتباع ما يلي ‪:‬‬

‫‪٢٣٠‬‬
‫ا ‪ -‬ادامة الدعم المادي والمعنوي لعوائلها التي تركت تحت رحمة الجوع والقلق‬

‫النفسي‬

‫ب ـ النظر اليها بموضوعية والحفاظ على ماضيها النضالي والتصدي لمحاولات‬

‫التشويه التي تثار من قبل العناصر الثرثارة والراصدة والعناصر السطحية‬


‫والانتهازية والمدسوسة تجنبا لدفعها الى مزيد من الخطأ والضعف وربط محاسبتها‬
‫بزوال الظروف الاستثنائية‬

‫‪۲۳۱‬‬
‫كيف يواجه مناضل الحزب اجهزة القمع‬

‫ولا‬ ‫ان مواجهة العدو وجها لوجه من اهم الامتحانات الثورية للمناضل‬
‫يمكن تصور قدرة الثوري وطاقته الحقيقية الا بعد ان يجتاز ظروف النضال اثناء‬
‫التحقيق وامام المحكمة وداخل السجن‬

‫ان الرجعية العدوة تهتم بالدرجة الاولى بسمعة المناضل الثوري ومكانته في‬
‫النضال ومعنوياته وشرفه السياسي فتحاول ان تسلب المناضل هذه الخواص‬
‫وتمسها في مختلف مراحل المجابهة المباشرة مع العدو ‪ :‬التحقيق ‪ ،‬المحاكمة ‪،‬‬
‫ففي المراحل الثلاثة هذه يتعرض المناضل الى مختلف وسائل الضغط‬ ‫‪.‬‬ ‫السجن‬
‫والقسوة الجسدية والنفسية‬
‫يكن‬ ‫لم‬ ‫تجابه الاجهزة القمعية اثناء التحقيق المناضل باساليب ووسائل‬

‫يتوقعها وفوق طاقته الاعتيادية بقصد تحقيق الاغراض الآتية ‪:‬‬

‫‪ - ۱‬الحصول من المناضل على جميع المعلومات السياسية وخاصة المتعلقة‬

‫بالحزب الذي ينتمي اليه الموقوف او بالاحزاب الوطنية الاخرى‬


‫‪ -‬اكتشاف نقاط الضعف من خلال المعلومات التي قد يمكن الحصول عليها ‪.‬‬ ‫‪ ۲‬ـ‬
‫كسب المناضل الموقوف عن طريق ‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪-‬‬
‫آ ـ حمله على الادلاء بالمعلومات التي تجعله ينفصل فكريا وعمليا عن منظمته‬
‫الثورية ‪.‬‬

‫ب ـ تحويل المناضل الى عنصر معاد الى حزبه وحركته وتحويله الى اداة‬
‫لنقل المعلومات عن منظمته‬

‫‪ ٤‬ـ استخدام سمعة المناضل التي كسبت من خلال نضال ثوري طويل ‪،‬‬

‫لبعث اليأس والردة في نفوس الجماهير الشعبية التي عرفته واوثقت الصلة‬
‫النضالية به ‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫جعل صمود هذا المناضل امام التحقيق خرافة ‪ ،‬وهذا ما يهدف اليه‬
‫العدو من خلال سعيه الى اقران حكم الرجعية في اذهان الناس على انه باق‬
‫لا يتزعزع ‪ .‬ان هذه الاهداف تتحقق من الحالات التالية ‪:‬‬

‫·‬ ‫‪۱۹۷۰‬‬ ‫‪ -‬السنة الثانية ‪ ،‬العدد الأول ‪،‬‬ ‫« الثورة العربية‬ ‫(‪)۱‬‬

‫‪۲۳۲‬‬
‫‪ - 1۱‬حينما يكون الثوري ضعيف الايمان بالمبادىء والمثل التي تبناها‬

‫النضال فينهار من الصدمة الاولى‬

‫‪ ۲-‬حينما يكون المناضل قد دخل في صراعات داخلية حادة ‪ ،‬خاصة ضد‬

‫القيادة الحزبية بصورة مستمرة ‪ ،‬مما يزعزع في نفسه الثقة بالقيادة ‪،‬‬

‫واخيرا يفقد الثقة بالحزب والحركة الثورية‬

‫‪ -‬حينما يتعرض المناضل الثوري ‪ -‬قبل توقيفه ‪ -‬الى اتهامات غير عادلة‬

‫فيكون المناضل الثوري في‬ ‫من قبل قيادة حزبه والى عقوبات جائرة ‪،‬‬
‫هذه الحالة معرضا الى الانهيار حين تعرضه الى وسائل وحشية في‬
‫‪.‬‬ ‫التحقيق‬

‫{ ‪ -‬حينما لا يعرف المناضل ببواطن الامور فيؤدي اعتقاله الى اطلاعه على‬

‫حقائق معينة تورد في اعترافات بعض القادة ‪ ،‬مما يؤدي الى فقدان‬

‫المهابة الثورية في العلاقات‬

‫‪ -‬قد يكون اعتراف بعض الثوريين ببعض الاسرار ‪ ،‬غير مضر لسبب‬

‫انكشاف تلك الاسرار من قبل ‪ ،‬غير ان العدو يستغل حتى هذا التراجع‬
‫ويعتبره تخاذلا وخطوة نحو تحطيم ثورية المناضل‬

‫‪ ٦‬ـ في حالة انشقاق الحزب او المنظمة الثورية ‪ ،‬تتهيأ الاسباب الادبية الى‬

‫انهيار العناصر الضعيفة وخاصة تلك العناصر التي تفتقر الى سلوك‬
‫ثوري في حياتها الشخصية ‪.‬‬

‫‪ -‬ان اغلب العناصر الثورية التي يطبع وضعها نواقص شخصية ‪ ،‬وخاصة‬
‫الضعف امام المغريات كالجنس والمال والرفاه ‪ ،‬معرضة قبل غيرها الى‬
‫الانهيار عند الصدمة الاولى ‪.‬‬

‫‪ - ۸‬ان معظم العناصر التي لها روابط اجتماعية وعائلية بالطبقات العليا‬
‫معرضة أكثر من غيرها الى الانهيار والتذلل‬
‫‪ - ۹‬ان العناصر الثورية التي تترك وراءها عوائل منكوبة ‪ ،‬والتي تتسرب‬
‫اليها عوامل التشتت العائلي والمآسي الاجتماعية ‪ ،‬اكثر من غيرها‬
‫عرضة الى انتكاسات نفسية الأمر الذي يجعل المناضل يبحث عن مخرج‬

‫للخلاص من المصاعب والمتاعب التي الحقت به نتيجة لانتمائه الى هذا‬


‫الحزب او تلك الحركة ومعاداته للرجعية والاستعمار‬

‫‪ -‬في حالة المرض الجسدي أو النفسي يكون الثوري معرضا الى التفكير‬ ‫‪J.‬‬

‫بالتراجع عن مواقفه وقناعاته فيصاب بضعف في شخصيته ‪ ،‬وهبوط‬


‫في قدرته النضالية ‪ ،‬مما قد يؤدي الى انهياره‬
‫– اذا كانت سياسة الحزب خاطئة منحرفة ‪ ،‬وموضع تعريض من جانب‬ ‫‪۱۱‬‬
‫قواعد الحزب‬

‫‪۲۳۳‬‬
‫اساليب التعذيب الجسدي والنفسي ‪:‬‬

‫ان الامبريالية استحدثت مختلف اساليب التعذيب الجسدي الوحشية ‪ ،‬وان‬

‫الرجعية في العالم تستورد هذه الاساليب مثل ما تستورد البضائع ‪ ،‬وتستورد‬


‫خبراء التعذيب كما تستورد خبراء الاقتصاد لاجل مجابهة الحركة الثورية في‬

‫داخل الوطن‬

‫ان الاجهزة القمعية الرجعية تستخدم من اجل تحطيم الشخصية الثورية‬


‫وتحاول اكتشاف‬ ‫في التعذيب الجسدي ‪،‬‬ ‫اساليب تعذيب وحشية لا انسانية‬

‫نقاط ضعف المناضل من خلال التدرج في اساليب التعذيب ‪ .‬ان المناضل الذي‬
‫يصمد ويرفض أن تصدر منه اية آهة كبادرة اولية لاظهار عدم تحمله التعذيب‬
‫وطلب الثوري المعذب لايـة حاجة‬ ‫يكون قد شجع الجلاد على مواصلة تعذيبه‬
‫كطلب سيجارة ‪ ،‬جرعة ماء ‪ ،‬او بطانية ‪ ،‬أو صورة اطفاله ‪ ،‬يكون مبعثا لتنبيه‬

‫الجلاد على استغلال نقطة الضعف هذه ‪ ،‬واظهار التأثر العاطفي والانفعال ‪ ،‬عند‬
‫لتشجيع الجلاد على مواصلة‬ ‫البذيء سيكون سببا‬ ‫الرفس او القذف والشتم‬
‫القذف والشتم البذيء ‪ ،‬واظهار الميل للمناقشة والثرثرة السياسية مع الجلاد‬

‫سيكون سببا لتشجيع الجلاد على مواصلة اثارة اسباب النقاش لجر المناضل الى‬
‫متاهات فكرية والانزلاق في مخطط العدو الرامي الى جر المناضل الى قبول امكانية‬
‫فكرة احتمال ان يكون للجلاد وضع سياسي‬ ‫التسوية السياسية والفكرية وقبول‬

‫يمكن اللقاء معه في قضية او تحليل لجعله سلما لامور اخرى ذات طابع مساومة ‪.‬‬
‫ان الجلاد يستخدم سلاحين في آن واحد ‪ ،‬سلاح القسوة ‪ ،‬وسلاح المراوغة‬
‫والسلاحان يستخدمان لتحقيق غرض واحد هو جر المناضل الى منزلق المساومة‬
‫فقره الفكري وانعدام الشعور‬ ‫والى قبول المصافحة مع الجلاد ‪ .‬ان الجلاد رغم‬

‫الانساني عنده يستطيع ان يتظاهر ببعض المثل ‪ ،‬وهذا التظاهر هو جزء من المهمة‬
‫غير الشريفة التي ينفذها ‪ ،‬فهو قد يجلب للمناضل تحت التعذيب سيكارة او هدية‬
‫او خبر لانه يهدف الى ايجاد رابطة أو صلة لان الجلاد يعتبر المناضل ( قلعة ) يجب‬

‫اختراقها ‪ ،‬والنفوذ الى داخلها ‪ ،‬من اي موقع ملائم لاجل احتلالها والسيطرة على‬
‫كل ما فيها والمناضل الثوري الصامد هو الذي يغلق ابواب القلعة ) جيدا ‪ ،‬خاصة‬
‫( الفم ) ويعقد اللسان ) وينتبه الى كل حركة من حركات الجلاد وتنقلاته •‬
‫ان الثوري يجب ان يواجه كل حركة وكل ضربة من الجلاد بروح صامدة‬

‫صامتة ‪ ،‬رزينة هادئة متفاعلة شهمة ‪ ،‬ان الجلاد قد يلجأ احيانا الى تهديد المناضل‬

‫الثوري بشرفه وبأعز الناس عليه ‪ ،‬الام ‪ ،‬الاخت ‪ ،‬الزوجة ‪ ،‬والتهديد بممارسة‬
‫هو اقسى واوجع‬ ‫من ان هذا الاسلوب‬ ‫وبالرغم‬ ‫المنكرات امامه لاجل انهياره ‪،‬‬
‫يمكن ان يعتبره اكثر‬ ‫معنوية المناضل ‪ ،‬ولكن الثوري الواعي لا‬ ‫اسلوب لتحطيم‬

‫قسوة من تدمير الحركة الثورية بكاملها وتعريض مصالح الجماهير الى خطر ‪ ،‬ان‬
‫الاعمال المنكرة الفردية هذه ليست اكثر هولا من استباحة الوطن وتدمير القوة‬

‫التي يعول عليها في تحقيق النصر‬

‫‪٢٣٤‬‬
‫ان المناضل الثوري كائن حي من الدم واللحم ورغم ذلك فينبغي ان لا يعترف‬
‫حتى النهاية وان يصمد رغم جميع الضربات التي توجه اليه وفي هذا ‪ ،‬انتصار‬

‫على الجلاد ‪ .‬ان ما يهم المناضل الثوري ‪ ،‬هو ان ينتظر وينتصر في المعركة فهذا‬
‫شرفه ‪ ،‬اما الهزيمة مهما كان التبرير فهي انهيار لشخصيته وشرفه معا‬
‫ماذا يريد الجلاد ؟ يريد الجلاد اكتشاف دار المطبعة مثلا او البوح باسماء‬

‫منظمته او فضح موقع دار حزبي او التفوه بعبارات منافية لمصالح الحركة الثورية‬
‫او تمس المبادىء الثورية ‪ ،‬او التخلي عن العقيدة واظهار الاستعداد للتعاون مع‬
‫الجلاد ثم التحول الى آلة في ماكنة الرجعية وجلاد من الجلادين •‬

‫يجب ان لا يغيب عن المناضل الثوري بانه حتى اذا تحول الى جلاد فانه لن‬
‫يكون موضع ثقة الجهاز الرجعي فهو يصبح العوبة ليس اكثر وانه لا يستطيع اعادة‬
‫فقده من شخصيته عن طريق مساومته الرخيصة هذه وسوف يكون على‬ ‫بناء ما‬

‫الدوام موضع عدم الثقة ‪ ،‬لان تراجعه امام الضغوط خلق عنده روح التزييف‬
‫والتخلي عن اعظم مثله التي تبناها في اوقات تمتعه بسلامة عقله وكامل حريته‬
‫ونقاء ضميره ‪ .‬ان الشعور بالهزيمة عند كل انسان ‪ ،‬يولد فقدانا لخواص الشخصية‬
‫الذي يتحمل هو نفسه مسؤولية‬ ‫والكرامة الانسانية خاصة لدى ذلك الشخص‬
‫الهزيمة ‪ .‬ان المناضل الثوري مسؤول عن صفاته الذاتية وتثقيف نفسه واتمام‬
‫شخصيته الثورية وعلاج نواقصه ‪ ،‬وان التحقيق والتعذيب والاهانة من العدو‬

‫والجوع والتشرد ‪ ،‬تكون من عوامل متانة الثوري وصلابته ورفع مكانته الشعبية‬
‫وتعزيز شخصيته الثورية وتعميق الثقة السياسية به وفتح آفاق جديدة لتطوره‬
‫مما تؤهله كل هذه الخواص المكتسبة خلال النضال أن يخدم شعبه بصورة أفضل ‪.‬‬

‫أن المناضل ينطلق في عمله ‪ ،‬وفي كل خطوة يخطوها من مبدا ثابت ‪ ،‬هو خدمة‬
‫الشعب ‪ ،‬وان انتماءه الحزبي وتحمل مشاق النضال الثوري هو من اجل خدمة‬
‫القضية العادلة التي تبناها اختياريا بدوافع نبيلة كريمة وروح متجردة من جني‬

‫المغانم والمنافع الشخصية في هذا الطريق الطويل الشاق‬


‫ان الحياة عند الثوري ‪ ،‬تبدأ من يوم شروعه بالنضال ويوم انتمائه الى‬

‫الحركة الثورية وابرامه الحلف والعقد الثوري الخالد مع رفاقه ‪ ،‬الذين هم دائما‬
‫اعز الناس اليه ‪ .‬ان الشعور بلذة الرفقة والاخوة الثورية عامل هام ومبعث سعادة‬
‫كبيرة عند المناضل ‪ ،‬ان الثوري يشعر بوجوده الثوري في وجود ثوريين وهو في‬
‫معهم ‪.‬‬ ‫تضامن ثابت ومخلص‬

‫ان الثوري يرتفع فوق المصاعب الناجمة عن النضال ‪ ،‬ويرتفع الى فوق‬

‫في الحركة الثورية ‪ ،‬وهو يفهم‬ ‫المستوى والقدرة لفهم طبيعة المشاكل الداخلية‬
‫التعذيب الجسدي في التحقيق ليس اكثر قساوة من غلطة سياسية تؤدي الى‬ ‫ان‬
‫الحاق الأذى بالشعب وان سنوات سجنه ليست اكثر وطأة من السجن الكبير الذي‬

‫بحشر الشعب فيه ‪ ،‬نتيجة لسيطرة الطغمة الرجعية الفاسدة التي تبيع مصالح‬
‫·‬ ‫الوطن لقاء منحها بعض الامتيازات الزائفة على حساب عذاب وجوع الملايين‬

‫ان المناضل الثوري هو الذي يمنح حبه لكل شيء يمثل حقيقة معينة ولا‬

‫‪٢٣٥‬‬
‫يخضع للضغوط والاغراء والتهديد وسلب الراحة الشخصية والعزلة القاسية في‬

‫السجن لانه واثق من انه يمثل الحقيقة في هذا الصراع وجلاديه وسجانيه يمثلون‬
‫في‬ ‫فهو في مكنوناته يرى‬ ‫وهو الذي يمنح عطفه لكل مضطهد ومعذب‬ ‫الباطل‬

‫ولا يفضل بين السلاسل التي‬ ‫اضطهاده وعذابه صورة مصغرة لما يعانيه شعبه ‪.‬‬
‫تقيد رجليه ويديه وبين الحياة القاسية التي يحياها الشعب يوميا ‪ ،‬كالمواطن‬
‫الباحث عن العمل فلا يجده ‪ ،‬والطفلة اليتيمة التي تكون مادة لهو لقتلة ابيها ‪،‬‬
‫ي يحيا كالبهائم دون امل بالحياة ‪..‬‬
‫والفلاح المعدم الذ‬

‫ان الثوري يعتبر السوط الذي ينزل على ظهره في غرفة الجلاد ‪ ،‬هو سوط‬
‫من ملايين السياط النازلة على ظهور الشعب ولن يفصل باي حال بين المعاناة‬

‫الشخصية ومعاناة الشعب فهو يبكي مع الشعب ويضحك معه ‪ ،‬وهو اول من‬
‫يذرف الدموع للضحايا ‪ ،‬واخر من يضحك للنصر وأول من يتقدم لتحقيق النصر‬
‫واخر من يجني ثماره ‪ .‬وهذا الشعور الثوري الاصيل غير ناجم عن تظاهر وتصنع ‪،‬‬
‫بل هو ناجم عن ضمير نقي لا يعرف المواربة والكذب ‪ ،‬ولا يعرف الخوف ‪ ،‬ولا‬
‫•‬
‫يعطي للحياة الشخصية الا قيمتها النضالية في خدمة الشعب والمثل الانسانية‬
‫فهو‬ ‫الثوري يحب امته ‪ ،‬لانه ينتمي اليها ‪ ،‬وهذا الانتماء ليس اختياريا ‪،‬‬
‫يتحمل مسؤولية مستقبل امته بالضرورة والوعي المدرك لهذه الضرورة فهو لن‬
‫انتماء ‪.‬‬
‫فهو ينتمي الى قوميته ويتبنى عقيدة‬ ‫يستطيع ان يعيش بلا مسؤولية ولا‬
‫·‬
‫لخلاص وتقدم امته ‪ ،‬وان تقدم وخلاص وتطور ذاته يتحقق ضمن القضية العامة‬
‫فهو قطرة من‬ ‫الثوري لا يركب الاحداث وانما يتواضع عن اصالة لا عن تصنع ‪،‬‬
‫بحر ‪ ،‬وهو شيء ويكاد ان يكون لا شيء في نفس الوقت فهو شيء حينما يكون‬
‫هناك وعاء يحويه ‪ ،‬امة ‪ ،‬شعب ينتمي اليه ‪ ،‬وهو لا شيء حينما يعتقد بانه لا‬
‫يحتاج الى وعاء ليحويه ‪ ،‬الثوري حينما يهب طاقاته للشعب ‪ ،‬لا يبخل بهذه الطاقات‬
‫لا يجزئها الى ما هو لنفسه ‪ ،‬لذاته ‪ ،‬وما هو للشعب ‪ ،‬للعمل الثوري ‪ ،‬ان حياته‬

‫وحدة واحدة متماسكة لا انفصام بين ساعات متابعة في قراءة الكتب وبين ساعات‬
‫استماعه لآراء وشكاوى الناس ولا يفصل بين اهتمامه بصحته وثقافته ‪ ،‬وبين‬
‫الانتاج الجيد الذي يعطيه‬

‫وهو يختلف بنظرته وسلوكه عن الناس‬ ‫‪،‬‬ ‫الثوري يحترم المرأة والطفل‬

‫الآخرين في نظرتهم تجاهها ‪ .‬تدخل قضية المرأة في الحركة الثورية كأكثر القضايا‬
‫في‬ ‫التي تحتاج الى عناية وعطف ثوري واخلاص بريء لاجل تحرير المرأة وجعلها‬
‫مستوى الرجل ‪ ،‬وهو يعكس ذلك في اخلاقه وتعامله في كل لحظة ويستطيع مثل‬
‫هذا الثوري ان يصمد مدى حياته ‪ ،‬يستطيع ان يحفر قبرا ابديا في ضميره لكل‬
‫الوان الظلم ويزرع شجرة السعادة للانسانية على انقاض دحر الظلم والاستبداد‬
‫والجور ·‬

‫ان الثوري يفهم لماذا توجه له الضربات القاسية حينما يقع بين مخالب وأنياب‬
‫الجلاد ‪ ،‬ويفهم بان الجلاد يمثل آلة تتحرك وفق مشيئة الطبقات الرجعية التي‬
‫تبذل كل المنكرات لاجل البقاء والرفاه والتنعم البرجوازي الذي لا يضع حدا له‬

‫‪٢٣٦‬‬
‫سوى النضال الثوري للطبقات المسحوقة ‪ .‬فهو يرفض عن ايمان الاستجابة لضغوط‬

‫في‬ ‫واغراءات الفئات المستغلة بسبب الدفاع الباسل عن الحقيقة التي تتجسد‬

‫موقف الصمود والشجاعة في البقاء على الولاء لمصالح الشعب مدى الحياة‬

‫ان الثوري لا يشعر بالوحدانية حتى اذا عزل في الزنزانة سنوات انه مؤمن‬

‫بانه جندي معروف في جيش كبير ‪ ،‬انه يقاتل في زنزانته بصموده في الوقت الذي‬
‫يقاتل الفدائي بمدفعه ‪ ،‬انهما يقاتلان جنبا الى جنب رغم سعة المسافة بينهما ‪ ،‬ان‬
‫طول المسافة لا تدل الا على طول امتداد الجبهة ليس اكثر ‪ .‬ان الثوري يعرف لماذا‬

‫يضحك من اعماقه لكل انتصار يحرزه اي معذب في الارض ضد الظلم والجور ‪،‬‬
‫لذلك يرى الثوري ان حصول‬ ‫ضد الراسمالية والامبريالية والاستغلال الطبقي ‪،‬‬
‫عمال الجزائر على زيادة في الاجور يعني تمكين العامل الجزائري بان يعود الى‬
‫اطفاله بهدايا جديدة وادخال السرور في نفوسهم ‪ ،‬فهو ينشرح لهذا الحدث ويعتبره‬
‫الثوري عظيم التلهف لتكوين شخصيته الثورية من‬ ‫سببا لادخال السرور في قلبه‬
‫خلال استقبال المصاعب بروح مرحة متفائلة ففي اللحظة التي تصدر المحكمة حكمها‬
‫بسجنه ‪ ،‬يفسر التجاء العدو الى سجنه دلیل ضعفه على عدم امكانية دوام حكمه‬
‫بالطرق السلمية فيلجأ العدو الى العنف ‪ ،‬والعنف يولد الثورة ‪ ،‬والثورة مهرجان‬

‫عظيم للجماهير وان احتراق جسده داخل السجن ‪ ،‬يسبب اضافة حرارة الى نار‬
‫الثورة ‪ ،‬وستكون الثورة آتية لا محالة ‪.‬‬

‫امام المحكمة ‪:‬‬

‫ان الامتحان الذي يجتازه الثوري امام المحكمة يعتبر من الامتحانات الهامة التي‬
‫تزود الثوري اما بشهادة الثورية واما يكون سببا لاطفاء الشعلة الثورية التي دفعته‬
‫الى المثول أمام المحاكم وليموت سياسيا وتخسره الحركة الثورية‬
‫من هو الحاكم ؟ انه احد الجلادين الذين يحملون كتيبا يسمونه القانون ‪،‬‬

‫والذي وضع لخدمة الطبقات الرجعية ‪ .‬انه انسان تابع تافه عديم الضمير يخدم‬
‫عدم شرعية وعدم قانونية تسلط الطبقة الحاكمة ‪ ،‬ان الحاكم لا يمثل الحقيقة بل‬
‫يمثل الحجر المدسوس في جسد الحقيقة ‪ ،‬انه لا يملك ارادته الحرة ‪ ،‬بل هو‬
‫يمثل ارادة غيره وهو بوق ينطق لغير الحقيقة ‪ ،‬وهو مدفوع بدوافع ذاتية شرسة‬
‫فهو اما ان ينتمي طبقيا او ذهنيا الى الطبقات الرجعية ويحمل‬ ‫في هذا العمل‬
‫ثقافاتها وعاداتها واما قد كون لذاتيته مصالح مرتبطة بها ومكاسب شخصية‬
‫ان وظيفة الحاكم تتلخص في سجن الثوري ‪ ،‬واضفاء وجه الحق على هذا‬

‫‪ ،‬بينما تكون وظيفة الثوري هي تعرية الطبيعة الطبقية للمحاكمة وزيف‬ ‫الحكم‬
‫الادعاءات الكاذبة التي يسترها الحاكم تحت العباءة السوداء وخلال الاسطر‬
‫القانونية المنمقة •‬

‫ان الثوري يقدر ان الاحكام الصادرة من الحاكم لن تنفذ الا ضمن السيطرة‬
‫الرجعية الظالمة وان ازالة السيطرة الرجعية ‪ ،‬لن تؤدي الى تحرير المناضلين من‬

‫‪۲۳۷‬‬
‫د العديدة التي‬ ‫السجون فحسب بل تؤدي الى تحرير الجماهير الشعبية من‬
‫کبلته وسلبت راحته وراحة امته ·‬

‫في السجون ‪:‬‬

‫يقال عن السجون بالنسبة‬ ‫‪ ،‬هذا مثل‬ ‫السجن محطة لراحة المناضلين‬


‫للمناضلين ‪ ،‬وفعلا ان السجن يمكن ان يصبح محطة لراحة المناضل الثوري ‪،‬‬

‫وراحة المناضل في السجن غير آتية من الاعتبارات المألوفة ‪ ،‬بل من الشعور بان‬
‫لهذا السجن ‪ ،‬وهذا السبب‬ ‫وجود الانسان في السجن دليل على وجود سبب‬
‫يعود الى قضية عادلة وهب المناضل طاقته للدفاع عنها وضحى ويضحي بكل‬
‫اشكال التضحيات من اجل ظفرها ‪..‬‬

‫ان المناضلين يحتاجون في السجون الى تنظيم انفسهم بشكل يلائم وجودهم‬
‫في السجن ضروري للاغراض التالية ‪:‬‬ ‫تحت قبضة العدو ‪ .‬ان التنظيم‬
‫لغرض تنظيم الحياة اليومية والمعيشية وتنظيم الشؤون الاقتصادية‬ ‫اولا ‪:‬‬
‫في السجن والتخفيف عن مئات المناضلين المعدمين الذين يدخلون‬
‫السجن وهم لا يملكون فلسا لاحتياجاتهم ‪ ،‬وكذلك ان وجود التنظيم‬
‫ضروري لغرض المحافظة على الصحة العامة · ان وجود تنظيم ف‬
‫السجن يكون بمثابة سلاح هام من اسلحة النضال لمجابهة ادارة السجون‬

‫المتمرسة في المعاملة القاسية الهادفة الى تحطيم معنوية المناضلي‬


‫‪ ،‬وزرع روح الندم والانهزامية ف‬ ‫في نفوسهم‬ ‫وادخال الوهم‬
‫شخصية المناضل •‬

‫ثانيا ‪ :‬ان وجود تنظيم في السجن للمناضلين ضروري جدا وذلك للاستفاد‬
‫من سنوات السجن للتثقيف واعداد الدراسات ‪ .‬وكذلك الاستفادة م‬

‫النوعيات الثورية المفكرة لرفع مستوى الآخرين ‪ ،‬واعداد الكادر الثوري‬


‫لاستئناف النضال الفعلي حال خروجه من السجن‬

‫فانهم سو‬ ‫في حالة انعدام التنظيم للمناضلين داخل السجن ‪،‬‬ ‫ثالثا ‪:‬‬
‫يتعرضون الى مخاطر التفكك والتفسخ والانهيار والضياع ‪ ،‬ه‬
‫بالاضافة الى المخاطر الناجمة عن انتشار الامراض النفسية والجسدي‬
‫والعقلية المحتملة ‪..‬‬

‫‪۲۳۸‬‬
‫التنظيم الثوري بين النظرية والممارسة ( ‪) ١‬‬

‫الاحزاب الثورية في المفهوم الواقعي لها ‪ ،‬لا يمكن ان تكون غاية في ذاتها ‪ ،‬بل‬
‫هي وسيلة من وسائل المجتمع في تحقيق مصالحه المادية والمعنوية ‪ ،‬تستقطب‬
‫نضاله وتحدد مواقعه وتقوده نحو الاهداف السياسية‬
‫ومن البداهة انه من الخطأ واللاعلمية النظر الى مصالح المجتمع كمصالح‬

‫فالمجتمع ‪ ،‬تبعا لدراسة بنياته ‪ ،‬يقسم الى طبقات اجتماعية متعددة‬ ‫موحدة ثابتة ‪.‬‬
‫ذات مصالح متباينة ‪ .‬وبحكم هذا التفاوت في التركيب الطبقي للمجتمع ‪ ،‬والذي‬
‫تعبر عنه بالضرورة انشطارات حاسمة في المصالح ‪ ،‬فان الاحزاب السياسية تدخل‬
‫في تباينها ضمن حقيقة ذلك الجدل ‪ .‬وهي هنا تعكس وباكثر ما يمكن من الحيوية‬
‫مصالح الطبقات وفوائدها ‪ .‬ولذلك فان خرافة تمثيل الحزب للمجتمع بكليته هي‬
‫ليست محض خرافة بل هي محاولة معاكسة للعلم والثورة ذات نوايا طبقية مظللة‬

‫وقد شهد قطرنا في المراحل المتعاقبة في تاريخه الحديث نشوء حركات سياسية‬
‫مختلفة ‪ ،‬ففي مرحلة التحرر الوطني ظهرت احزاب عبرت عن مصالح مجموعات‬

‫اجتماعية عليا وعن طبقات غنية ‪ ،‬اصطدمت للوهلة الاولى بالاستعمار حسب منطق‬
‫مصالحها ‪ ،‬ثم عادت اما لتلتحم مع الاحزاب او حركات سياسية تمثل مصالح‬
‫الطبقات العليا المتحالفة مع الاستعمار او انها انقرضت بحكم عدم قدرتها على‬

‫قطرنا‬ ‫تشخیص ضرورات النضال الوطني الاجتماعي واندثار بعض الاحزاب في‬
‫‪ -‬لم تقو على‬
‫لفترة معينة يكشف عن تجربة ثمينة ‪ ،‬فهي ‪ -‬اي الاحزاب المندثرة ـ‬
‫البقاء في تيار الثورة الوطنية ‪ ،‬وتشرذمت متحولة الى تجمعات بعض الاشخاص ‪،‬‬
‫او بعضها اندثر نهائيا‬

‫فهي‬ ‫وهذا يبرهن على ان هذه الاحزاب قد انتهت مرحلتها التاريخية ‪.‬‬
‫بتعبيرها عن مصالح محددة ‪ ،‬لم تقدر على مواصلة التطور بسبب رؤيتها الطبقية‬

‫‪ ..‬وهذا‬ ‫الضيقة جدا والتي تفترض سكون التاريخ وتجمده في حدود ( مرحلة )‬
‫ما قادها الى اهمال المراحل الاخرى للتاريخ والتي تتطلب منها الارتفاع الى‬
‫مستواها ‪ ،‬فسقطت حيث مضى التاريخ ‪.‬‬

‫‪ 1‬السنة الثالثة ‪ ،‬العددان الاول والثاني ‪۱۹۷۱ ،‬‬ ‫« الثورة العربية‬ ‫(‪)۱‬‬

‫‪۲۳۹‬‬
‫ضمن المد‬ ‫الاحزاب تنطرح هكذا‬ ‫واذا كانت النظرة العمومية لفشل بعض‬

‫الزمني وضمن تطور الحركة الاجتماعية فان عدم وجود نظرية تنظيمية قادرة على ان‬

‫تلبي حاجات النظرية الثورية ‪ ،‬وربط مصالح الحزب بمصالح الجماهير ربطا سياسيا‬
‫‪ .‬ان فهم التاريخ الحقيقي‬ ‫متقدما ‪ ،‬هو الذي اعاق تكون هذه الاحزاب كأحزاب‬
‫الخ) يدلل بصورة‬ ‫الاخاء ‪ ،‬الاستقلال ‪ ،‬الوطني الديمقراطي‬ ‫لبعض الاحزاب‬

‫مباشرة على ان بعضها قد انتهى نهائيا ‪ ،‬والبعض الآخر لم تبق منه الا مجموعة‬
‫‪ ،‬وانما يملكون بين الفينة والفينة‬ ‫لديهم نشاط جماهيري مثمر‬ ‫اشخاص ليس‬

‫حق التصريح او التحدث عن امور سياسية ‪ ،‬في الصالونات أو في النوادي او في‬


‫اماكن اخرى ‪ .‬وليس من رابطة تشد هؤلاء بالجماهير ولا الجماهير بهؤلاء ‪ ،‬حتى‬
‫ان هؤلاء قد انعزلوا فيما اذا كانوا قادة سابقين او مؤسسين عن جماهير حركتهم‬
‫•‬
‫التي لعبت دورها في مرحلة معينة من مراحل تاريخ الحركة الوطنية في العراق‬
‫وعند التفتيش عن تفسير لهذه الظاهرة ‪ -‬ظاهرة الاندثار والتقلص ـ نجد ان‬

‫هذه الاحزاب قد ربطت نفسها بقوى اجتماعية ليست هي قوى المستقبل ‪ ،‬وبذلك‬
‫فهي لم تتبع النظرية الثورية لقوى المستقبل ‪ ،‬وانما ظلت مشدودة ‪ -‬وجودا تنظيميا‬
‫‪.‬‬
‫وفكرا وسلوكا ‪ -‬بقوى الماضي التي تجاوزتها المرحلة‬
‫ان الانشداد الى قوى متأخرة ينهي بالاكيد الصفة التقدمية للاحزاب الممثلة‬
‫•‬
‫لهذه القوى ‪ .‬فالتقدمية هي وعي حركة التاريخ والتخطيط لبناء المستقبل‬
‫وللنظرية الثورية دورها الكبير في ذلك كله ‪ ،‬لانها تستطيع ان توضح اللوحة العامة‬
‫فالجماهير الكادحة التي هي اولا واخيرا قوة المستقبل ‪،‬‬ ‫لاهداف النضال ومراحله ‪.‬‬
‫لتحديد اهداف اخرى غير‬ ‫بحاجة الى نظرية ثورية توضح اهدافها وتخطط‬
‫ضمن النضال العام بغاية تسريع وتيرة التحرك‬ ‫استراتيجية بل مرحلية ‪ ،‬تدخل‬
‫النضالي‬
‫اي ان النظرية الثورية لا تنشغل بمجرد تجريدات عامة ‪ ،‬بل هي نظرية تختار‬

‫مسائلها الاساسية من حركة الواقع ومؤثراته ‪ .‬لذلك فهي اذ تحدد الاهداف المرحلية‬
‫فانما تحدد ضمن القوى الاجتماعية التي يمكن لها ان تختار دورها ضمن هذه‬
‫الاهداف المرحلية ‪ .‬ان قوة اجتماعية معينة تكون لها مصلحة في النضال ضمن‬
‫مرحلة معينة ‪ ،‬لا يجوز ابدا اقصاءها عن النضال او ابعادها عن المشاركة بحجة‬
‫او باخری •‬

‫ان هنالك امكانية لاستثمار كل القدرات الاجتماعية النافعة بشكل دقيق‬

‫في حين تكون الاستهانة بالقدرات الاجتماعية سببا‬ ‫و محسوب لا بشكل مطلق ‪،‬‬

‫لا نتناس الحركة الثورية بفعل الاتجاه اليساري الطفولي المغالي والنزعة المغامرة التي‬
‫تستعيض عن القوى الحليفة بهرطقات سياسية صبيانية ‪.‬‬

‫ان الحركة الثورية التي تمتلك نظريتها الثورية تستوفي من خلال شعاراتها‬
‫فالشعارات يجب ان تعبر عن حاجات الجماهير الملحة كالحاجة‬ ‫وجودها الفعال ‪.‬‬

‫كذا في المرحلة المعينة ‪ .‬وبذلك مثلا تنخرط القوى الاجتماعية التي لها المصلحة في‬
‫وفي مرحلة النضال ضد الاستعمار ضمن الشعارات النضالية‬ ‫احداث التغييرات‬

‫‪٢٤٠‬‬
‫التي يرفعها الحزب الثوري •‬

‫ففي مرحلة النضال ضد الاستعمار ‪ ،‬وعلى سبيل المثال ‪ ،‬وفي بداية تاريخ‬
‫الحركة الوطنية في القطر العراقي لم يكن منطقيا حصول قطيعة بين البرجوازية‬
‫الوطنية مثلا والبرجوازية الصغيرة والطبقات الكادحة ‪ .‬لان مصالح هذه الطبقات‬

‫كانت في بدء النضال الوطني مرتبطة اساسا بدحر الاستعمار وتصفية نفوذه‬
‫قوى الاستعمار القديم ‪ ،‬تجد الطبقات‬ ‫ولكن بعد انتصار الحركة الوطنية وازاحة‬

‫في مرحلة جديدة وامام تطور جديد للتاريخ لان الطبقات الغنية‬ ‫المذكورة نفسها‬
‫تحاول ان تحل محل الطبقات المرتبطة بالاستعمار ‪ .‬كما انها تحاول ان تمارس‬

‫نفس الدور الذي يمارسه الاستعمار ولكن ضمن افعال داخلية وتفاعل داخلي وبذلك‬
‫سرعان ما تقع في تناقض واضح بينها وبين الطبقات الاخرى التي تعتبرها ادنى‬
‫منها اجتماعيا ‪ .‬هنا ‪ ،‬لا بد حتما ان تتغير طبيعة الصراعات ‪ ،‬وبذلك فان الشعارات‬
‫تكون مختلفة كما ان الاهداف المرحلية للنضال تكون مغايرة للسابق‬

‫فان تشخيص القوى الاجتماعية تبعا لدورها الممكن وحسب المراحل ‪،‬‬ ‫اذن‬
‫هو شيء اساسي الحماية الحركة من‬ ‫وبالشكل الذي يضمن انتصار الحركة ‪،‬‬
‫الشعارات المغامرة والشعارات التي تستوعب الحاجات الاساسية التي تفرضها‬
‫الظروف المرحلية ‪ .‬وبالقدر الذي تستوعب فيه النظرية الثورية كل احتمالات‬

‫التغيير والتطور ‪ ،‬وحيث تطرح درجات الصراع بصورة منطقية وتغطي الواقع‬
‫فانها تدرك ايضا‬ ‫الطبقي بكل غناه وحركته ‪ ،‬والصراعات القومية بكل ابعادها ‪،‬‬
‫وتحدد الشعارات المرحلية التي يجب اعتمادها في مختلف ظروف النضال ‪ .‬وبهذا‬
‫فان الطريق الوحيد الذي يصون الحركة ويضمن وحدتها ويشد تنظيمها ويجعلها‬
‫متمكنة‬
‫من تحقيق النصر وقيادة الجماهير هو طريق جبهة النضال السياسي‬
‫والنظرية الثورية هي الاحاطة‬ ‫والاجتماعي والذي تقابله جبهة الخصوم والاعداء‬
‫بكل ذلك وفرز التناقضات تبعا لاولوية او ثانوية كل منها •‬

‫ولذا يتبين ان النظرية الثورية هي من مستلزمات تكون ووجود وممارسة‬


‫لانها تقدم كشفا نقديا بالاهداف القومية والمحلية‬ ‫الحزب الثوري الاساسية ‪.‬‬
‫وبالوسائل التطبيقية اللازمة في كل تحرك‬

‫غير ان وجود النظرية الثورية والمنهاج الذي يلتزم به الحزب الثوري لا يكفي‬
‫وحده ‪ .‬بل يكون بلا اثر اذا لم يرافقه توفر شروط هامة اخرى ‪.‬‬

‫هذه الشروط الاخرى هي التي تترجم النظرية والمنهاج ‪ ،‬وتنقلهما بصورة‬


‫موضوعية ـ وهي التي تحميهما من كل تزييف او عرقلة او اماتة ‪ ،‬من ضمن هذه‬

‫فالتنظيم هو الذي ينقل‬ ‫الشروط ‪ ،‬وهو اساسي فيما بينها ‪ ،‬شرط التنظيم ‪،‬‬
‫النظرية الى صعيد الواقع ‪ ،‬وهو التوسط بين القول والفعل ‪ ،‬بين الرؤية والممارسة ‪.‬‬
‫ان هناك الكثير من الذين يدرسون النظريات ويتفقهون بها ‪ ،‬ويستظهرونها‬

‫ولكنهم عاجزون كل العجز عن بناء حركة ثورية تنتزع حقوق الجماهير عبر الصراع‬
‫المشروع ‪.‬‬

‫فالترابط بين البرامج والاهداف التي تطرحها الحركة وبين الصيغة التنظيمية‬

‫‪٢٤١‬‬
‫في التنظيم والتربية الحزبية ـ ‪١٦‬‬
‫التي تتطلبها ظروف مرحلة من المراحل هو ترابط جدلي ‪ ،‬بدونه تكون النظرية غير‬
‫فاشلا ‪ ...‬ولما كان التنظيم هو العامل الرئيسي الذي‬ ‫مجدية ‪ ،‬ويكون التنظيم‬
‫فان مستلزمات التنظيم ذاتها هي ما يجب ادراكها ·‬ ‫الفعل‬ ‫ينقل النظرية الى حيز‬

‫فبدون‬ ‫من الطبيعي ان اولى مستلزمات التنظيم الناجح المتين توفر القيادة ‪.‬‬
‫والثابت ان القيادة لا يمكن ان‬ ‫القيادة لا يمكن للحزب الثوري ان ينتصر مطلقا ‪.‬‬

‫تعني القيادة العليا فقط بل انها تعني مجمل القيادات التي تكون على صلة مباشرة‬
‫وحية ودائمة مع الجماهير‬

‫ليس هو الحزب الذي ينجز اجراءات مؤقتة بواسطة‬ ‫فالحزب الجماهيري‬

‫في‬ ‫المراسيم والنزعة الادارية ‪ .‬انه يحدث التغييرات النوعية في حياة الجماهير ‪،‬‬
‫وهذه التغييرات النوعية لن‬ ‫في اسلوب عملها وفي نضالاتها الدائبة ‪.‬‬ ‫تفكيرها ‪،‬‬
‫تتم الا بواسطة مشاركة الجماهير المباشرة ‪ ،‬وبتوفر القيادة الواعية لذلك والملتزمة‬
‫لذلك فالقيادة شرط‬ ‫‪..‬‬ ‫بكافة الشروط الضامنة لانجاح التغييرات والحفاظ عليها‬

‫قيادات محلية موزعة‬ ‫اساسي لضمان نضال الحزب سواء كانت القيادات عليا ام‬
‫في المناطق التي يعمل الحزب فيها وفي شتى المجالات العمالية او الفلاحية والطلابية‬
‫فهذه القيادات المحلية هي همزة الوصل بين الجماهير وبين‬ ‫‪.‬‬ ‫او النسائية وغيرها‬
‫قيادات الحزب العليا ‪ ،‬تستطيع ان تستوعب حاجات الجماهير ومطامحها وآمالها‬
‫وتدرك مشاكلها فتنقلها بامانة الى الحزب حتى يصار الى طرح الشعارات المناسبة‬

‫واعتماد الاساليب التكتيكية الضرورية في سبيل تحقيق وانجاز احتياجات الجماهير ‪.‬‬
‫في التنظيم الجاد ‪ ،‬كذلك فهي‬ ‫والقيادة بدورها ‪ ،‬كما انها شرط حاسم‬
‫تحتاج الى شروط حتى تتحقق فيها كافة موجبات كونها قيادة ‪ .‬والشروط هذه‬
‫في حال توفرها تدفع عناصر الحركة للسير وراء القيادة كما تدفع الجماهير‬
‫·‬
‫لتأييدها والايمان الطوعي بجدارتها كقيادة‬

‫وفيما اذا لم تتكامل في القيادة الشروط الضرورية فانها حينذاك لا تكون‬


‫فصائل متقدمة بل تكون مجموعة اشخاص ليس لهم الحدود التي يتقدمون بها على‬

‫الجماهير وعلى اعضاء الحركة ‪ .‬وفي حالة انعدام الحدود فان القاعدة لا تسير وراء‬
‫القيادة لانه لم يتوفر بسبب ذلك وهذا ينطبق على الجماهير ايضا‬

‫تلمس جدارة القيادة من خلال الوعي الثوري سواء اكان هذا الوعي وعيا‬
‫بمبادىء الحزب واساليب عمله وتنظيمه او بالثقافة العامة ‪ .‬كما انه يجب ان تتوفر‬
‫القدرة الدائمة على المبادرة في اعطاء الرأي الصائب ووضع الحلول والخروج من‬
‫المأزق والملاءمة بين الهدف والوسيلة وكذلك لا بد ان يتمتع القادة بصفات شخصية‬

‫محسوسة قوامها الوفاء للجماهير والتواضع ونكران الذات والبذل مما يدفع‬
‫ان هذه الصفات الشخصية‬ ‫الجماهير الى ان تلتصق بها وتحيطها برعايتها ‪.‬‬

‫فان القائد الحزبي يفقد ثقة الجماهير اولا ثم ثقة‬ ‫ضرورية جدا وبدون توفرها‬
‫القاعدة الحزبية ثانيا وبالتأكيد فانه يسير في طريق الانتكاس‬

‫ومن الجدير بالذكر أن بعض الاحزاب التي عملت في مرحلة معينة من مراحل‬
‫النضال الوطني قد انتكست بعد أن صعدت الى قمة المسؤولية وذلك لان بعض‬

‫‪٢٤٢‬‬
‫وليس غريبا ان بعض‬ ‫نياداتها لم تمتلك اهدافا جماهيرية بل مطامح شخصية‬

‫العناصر التي عملت في قيادة بعض الاحزاب مثل خليل كنة وعبد المحسن الدوري‬
‫في مرحلة معينة محسوبة‬ ‫وغيرها كانت‬ ‫الاستقلال‬ ‫قيادة حزب‬ ‫واسماعيل الغانم‬
‫على الحركة الوطنية الا انه ما ان لوح لها بالكراسي والمناصب حتى تداعت وفضلت‬
‫ان تربط نفسها بالاجهزة التي كافحت ضدها في مرحلة ما ‪ ،‬لانها وجدت أن‬
‫مصالحها مرتبطة ومتحققة ضمن النظام القائم نفسه ‪.‬‬
‫ومن هنا كان البحث عن جذر القضية يقود الى معرفة الواقع المادي للقياديين ‪..‬‬
‫يمتلكون بذلك مزايا‬ ‫فانهم‬ ‫ان القياديين عندما يكونون من صلب الجماهير الفقيرة‬
‫جيدة تؤهلهم باستمرار للدفاع عن حقوق الجماهير ‪ .‬ومن الممكن ان يكون وضع‬

‫قد تخلوا عن جذورهم الطبقية لصالح الكادحين‬ ‫البعض من القادة متحددا بكونهم‬
‫وقد اكد حزب‬ ‫والحزب والثورة مخلفين وراءهم اصولهم الاقطاعية والبرجوازية ‪:‬‬

‫فالانقلابية هي الوسيلة الوحيدة‬ ‫« الانقلابية‬ ‫البعث منذ البدء مفهومه في التعبير‬


‫لإعداد المناضلين اعدادا ثوريا ‪ .‬وذلك بتغيير ذواتهم وتطويرها وغرس قيم ثورية‬
‫تتم المسيرة الحياتية السياسية على هداها ‪.‬‬

‫اذن فمسألة التغيير ‪ ،‬اي تغيير وضع الجماهير لا توجد ابدأ ما لم يتم التغيير‬

‫قيادة واعضاء بمستوى‬ ‫في بنية الحزب وقيادته واعضائه ‪ ،‬بحيث يكون الحزب‬
‫المهمات السياسية والجماهيرية ‪ .‬وبحيث تدرك الجماهير ان عناصر القيادة واعضاء‬

‫وعلى‬ ‫‪.‬‬ ‫الحزب يدركون حاجاتها ويسعون لتجسیم آمالها اكثر منها هي بالذات‬
‫القيادة التي تنطلق في اداء واجباتها ان تحذر كل من العناصر الموسمية والعناصر‬
‫‪ .‬ان العناصر‬ ‫الثرثارة والعناصر المترددة والمتخاذلة من هواة النضال المسطحين‬

‫الموسمية اشد خطرا على الحزب الثوري لانها لا تأتي الى العمل الحزبي الا حينما‬
‫الثوري ‪ .‬وقد شهدت‬ ‫تقتنع ان مصالحها منسجمة مع وجودها في الحزب‬
‫الحركات الثورية في العالم نوعيات كثيرة من هذا القبيل حيث تنقطع في مرحلة‬
‫معينة عن العمل الحزبي لا سيما في فترة الارهاب وحيث تعود عندما تخف وطأة‬
‫الارهاب واذا قوي الحزب واشتد ساعده واحرز مواقع امامية هامة فان العناصر‬
‫الموسمية المنقطعة تحاول جهد الامكان العودة بغية الاستفادة وحتى تبني لها امجادا‬
‫داخل الحزب ‪ .‬ان خطر العناصر الموسمية متأت من كونها غير قادرة ولا راغبة‬

‫بالاستمرار في النضال وليس لها اية صلابة‬


‫على ان الحديث عن العناصر الموسمية لا يعني ان كل العناصر الحزبية‬
‫المنقطعة عن العمل الحزبي هي عناصر موسمية بل ان هنالك عناصر حزبية قد‬
‫انقطعت في مرحلة معينة من مراحل النضال وذلك بسبب الظروف الداخلية للحزب‬
‫التي من الجائز انها تخلق اجواء تدفع البعض الى الابتعاد الاضطراري او لاسباب‬
‫اخرى لا تؤثر باي شكل من الاشكال على حقيقتهم النضالية ‪ .‬ان العناصر الموسمية‬
‫هي عناصر انتهازية لا ترتبط باي قضية نضالية بل ان شاغلها الوحيد هو مصالحها‬
‫الخاصة •‬

‫اما العناصر الثرثارة فانها تكون مدمرة في اية حركة ثورية كانت فهي كثيرة‬

‫‪٢٤٣‬‬
‫الكلام قليلة العمل تفضح اسرار الحركة وتسرب المعلومات للخصوم وهي تدعي كل‬

‫يئا ‪ .‬وكلما كانت الظروف التي يمر بها الحزب قاسية‬


‫شيء في حين قد لا تكون ششي‬

‫كلما كان الثرثارون يزيدون من قساوة هذه الظروف ‪ .‬فهم عناصر تعيق نشاط‬
‫بدون اقاویل وادعاءات وتشويهات · لذلك‬
‫الحزب الذي يجب ان يمارس نشاطه‬
‫فان خشية الحزب من العناصر الثرثارة يجب ان تدفعه الى تطهير نفسه منها حتى‬

‫يظل ذا تنظيم عال‬


‫وبالقدر الذي يحذر فيه الحزب من العناصر الموسمية والمهذارة فانه مطالب‬

‫بان يأخذ حذره من العناصر المزاجية التي لا تختار المبدا بل تختار مزاجها ولا تطبق‬

‫ما اختارته مبدئيا الا باشارة مزاجها وهي لا تنفذ ارادة الحزب بل تنفذ ما تقتنع به‬
‫فقط ‪ ،‬وترفض قناعات الآخرين ‪.‬‬

‫والذي‬ ‫من الطبيعي ان العمل الثوري عمل متكامل ‪ ،‬كما انه عمل طوعي‬

‫يعمل في الحزب يضع نصب عينيه ان مصيره ومصير عائلته مرتبطان بانتصار‬
‫الحزب ولذلك فهو لا بد ان ينفذ قرارات الحزب وتعليمات قيادته ‪ .‬لان هذه‬

‫قناعة‬ ‫فهي تمثل‬ ‫القرارات والتعليمات انما هي تعبير عن ارادة الحزب ككل ‪،‬‬
‫جمهور الحزب وقاعدة الحزب ‪ .‬ان العناصر المزاجية ترفض هذه المسلمة في العمل‬
‫‪ .‬وفي فترات الانعطاف او الازمات الحادة قد‬ ‫الحزبي ومزاجها هو قانونها الوحيد‬

‫في خلق العوائق امام محاولة‬ ‫تقود العناصر المزاجية الى كارثة او انها قد تساهم‬
‫التخلص من الازمات‬

‫وحيث ان العناصر الموسمية والثرثارة والمزاجية هي عناصر اعاقة وتعطيل‬


‫او تدمير احيانا بالنسبة للحركة الثورية ‪ ،‬فان تطهير الحزب من هذه العناصر يجب‬
‫ان يتم من قبل القيادة بدون ادنى تردد ‪ .‬ومن هنا يبدو جليا ان التردد يحمل من‬
‫فالتردد يقتل اي انتصار ثوري حقيقي ‪ .‬انه يدع الحركة‬ ‫المخاطر ما لا توصف ‪،‬‬
‫‪ .‬وبالطبع فان‬ ‫متأرجحة تتراوح بين ما هو كائن وبين الذي تريده او لا تريده‬
‫في حين ان الثوري‬ ‫الطبقة البرجوازية الصغيرة هي التي تحمل معها التردد دائما ‪.‬‬
‫الحقيقي لا يعرف غير التخطيط والاقدام وتقرير الموقف وكذلك حتى خصوم الثورة‬
‫لا يعرفون التردد ايضا ‪ .‬وفيما اذا وجد التردد داخل حزب على مستوى قيادي‬
‫فانه يقود الحزب الى مواقع يمينية والى مجموعة تراجعات تؤدي بالتالي الى‬
‫تحطيم الحزب ‪.‬‬

‫وبالرغم من ان التردد بشكل عام أمر غير صحيح بالنسبة للعضو الحزبي ‪ ،‬فانه‬
‫على كل حال يمكن معالجته ‪ ،‬اما بالنسبة للتردد في القيادة فانه اشد خطرا ‪ ،‬ان‬
‫المتردد يجب ان يحرم عليه تبو المراكز القيادية ‪ ،‬لان في ذلك حماية لوجود الحزب‬
‫وللمصالح الجماهيرية هذه الحماية التي لن تكون ولا تكون الا باتخاذ القرارات‬
‫الصائبة بدون تردد ‪ ،‬وبتطبيق هذه القرارات بشجاعة وبدون تردد ايضا‬
‫وحيث كانت هذه الشروط لا بد منها لتكوين القيادة الناجحة ‪ ،‬فان توفر‬
‫•‬
‫ذلك يجب ان يتم ضمن وحدة ارادة القيادة أو ضمن ما يسمى بالقيادة الجماعية‬

‫ولا يمكن النظر الى هذه الوحدة نظرة جامدة بل هي تعني وحدة تفاعل واجتهادات‬

‫‪٢٤٤‬‬
‫ومناقشات ووحدة اتفاق على ان التناقضات الايجابية هي خطوة نحو العمل الصحيح ‪.‬‬

‫والتباين ان دل على شيء فانما يدل على حيوية الحركة وديناميكية الحزب‬
‫وعلى قدرته في التطور لان التطور لا يوجد الا من خلال تفاعل المتعارضات على ان‬
‫وهنا تتأكد‬
‫الحزب الثوري يعرف كيف يستوعب هذه المسألة استيعابا كاملا‬

‫مسألة في غاية الاهمية بالنسبة للحزب ككل وبالنسبة للقيادة بشكل اخص ‪ ،‬وهي‬

‫مسألة خضوع الاقلية لقرارات الاكثرية ‪ .‬ويكون الالتزام في هذه الوضعية متمثلا‬
‫الاكثرية ·‬
‫احترام رأي الاقلية وفي تطبيق الاقلية لراي‬
‫ان الاكثرية ليست معصومة عن الخطأ ‪ ،‬ولكن لكون القيادة منتخبة من‬
‫‪ .‬وفيما اذا ثبت في فترة‬ ‫القواعد فان الاكثرية تعني خط الحزب وواقع الحزب‬

‫معينة ان رأي الاكثرية قد كان مخطئا او انه يقود الى متاعب للحزب والجماهير فان‬
‫الحزب الثوري متمكن تماما من معالجة الاخطاء وحسم الامور لصالح الحركة الثورية ‪.‬‬

‫قد يتصور البعض من الحزبيين ان الحزب الثوري لا يقع في اخطاء ‪ .‬وهذه‬


‫ضمن الصراعات المستمرة‬ ‫فالحزب الذي يعمل‬ ‫‪.‬‬ ‫نظرة لاهوتية غير مقبولة‬
‫والاجتهادات قد يجد نفسه ضمن ظروف ذاتية وموضوعية تقوده الى الوقوع‬
‫می الخطأ ·‬

‫ان الحزب الذي لا يخطىء هو الحزب الذي لا يعمل ‪ .‬وبالعمل الثوري وحده‬
‫وباحراز المواقع يوجد الخطأ ‪ ،‬ومعه امكانية تجاوز الخطأ نحو الصحيح ‪ .‬هذه هي‬
‫المسيرة الصادقة للحزب الثوري ‪ •.‬وضمانة الحزب في مسيرته الاعتماد على رأي‬

‫‪ .‬ومن‬ ‫الاكثرية داخل القيادة لمنع الانفجارات الداخلية ولتجاوز الازمات الذاتية‬
‫المؤكد ان الخضوع لرأي الاغلبية يجب ان لا يقود الى وضع ارهابي داخلي تكون‬
‫ضحاياه العناصر المختلفة التي تشكل الاقلية ‪ .‬ان وجود الاجتهادات المتباينة ما دام‬
‫منطلقا من مواقع فكرية واحدة لن تكون عاملا للتعويق بل عاملا لتحريك وتطوير‬
‫من الجانب الآخر ‪.‬‬

‫من المستلزمات التنظيمية الهامة تطبيق مبدا تنظيمي حاسم هو « المركزية‬


‫الديمقراطية » ‪ .‬حيث ان المركزية ضمانة القيادة ‪ -‬او الاغلبية – في ادارة شؤون‬
‫‪ .‬وحيث ان الديمقراطية ضمانة القواعد في اختيار قاداتها وفي الاسهام‬ ‫الحزب‬
‫صنع القرارات‬
‫في‬
‫والمركزية الديمقراطية ليست مفهوما تنظيميا بحتا بل انها مبدأ تقرره ظروف‬

‫العمل سواء كانت ظروف عمل سري او علني او حربي او سلمي ‪ ...‬الخ ‪ .‬والعلاقة‬
‫بين المركزية وبين الديمقراطية هي علاقة ديالكتيكية مشروطة بوقائع وامكانات‬
‫‪ .‬على انه يجب وبشكل عام عدم تضخم المركزية لان ذلك يؤدي الى سيادة‬ ‫عديدة‬
‫قبضات‬ ‫جو دكتاتوري ارهابي تكون فيه القيادة او الاشخاص القياديون اصحاب‬
‫وهراوات وتكون القواعد مستعبدة ‪ ،‬مسحوقة ‪ ،‬لا رأي لها ولا ممارسة ‪ ،‬فيما عدا‬
‫الممارسات المفروضة عليها وغير المقتنعة بها ·‬

‫كما انه لا يمكن التقليل من وزن المركزية والافراط في الديمقراطية الى حد‬
‫الية لان ذلك يؤدي الى تفكك الحزب ‪ ،‬وازدياد الفوضى ‪ ،‬وقيام الانقسامات‬

‫‪٢٤٥‬‬
‫والانشقاقات ‪ ،‬وضياع هيمنة الحزب على نفسه اولا وعلى الاحداث حتميا ثانيا‬

‫ان الديمقراطية تعني ممارسة النقد الذاتي بصورة بناءة ‪ ،‬والدخول في‬
‫الانتخابات وحق الصعود في سلم التسلسل الحزبي ‪ ،‬بالنسبة للكفاءات ومشاركة‬
‫الخ ‪ .‬لكنها لا تتم ضمن المركزية حيث ان القيادة‬ ‫القيادة في صنع القرارات‬
‫منتخبة ‪-‬‬
‫فمن حقها وباسم شرعيتها تلك ان‬ ‫كما ذكرنا ـ من القواعد وبالتالي‬
‫تنظر التزام القواعد بمقرراتها‬

‫وعلى هذا الاساس فان المركزية الديمقراطية هي قوة الحزب ‪ .‬والتنظيم‬


‫الثوري بحكمها هو تنظيم شبه عسكري الا ان الطاعة الحزبية هي طاعة واعية ‪،‬‬

‫وهي حرية واختيار نضالي يتجاوز ( الانا ) الى ( العام ) الى ( الثورة ) ‪.‬‬
‫ومن المستلزمات الاساسية التي ترعى التنظيم الحزبي وتجعل منه ثوريا‬
‫بحق ‪ ،‬تنطبق فيه افضل الاصول الديمقراطية الثورية ‪ ،‬مسألة التثقيف •‬

‫لغة بين القيادة وبينها ‪.‬‬ ‫وتبصير بالمستقبل ووحدة‬ ‫فالتثقيف هو توعية للقواعد‬
‫ان الحزب الثوري لا يريد اميين وجهلة حتى يستخدمهم لمآرب غامضة ‪ .‬انه يحتاج‬
‫العناصر المثقفة والحقيقية ‪ .‬ان الثقافة الحزبية العامة تؤدي حتما الى وحدة حية‬
‫وهي تفضح كل الاتجاهات الباطلة التحريفية والخاطئة داخل الحزب ‪،‬‬ ‫للحزب‬

‫هذه الاتجاهات التي لا تنمو وتتزايد الا عند ضعف الجو الثقافي داخل الحزب ‪.‬‬
‫كما انه‬ ‫فالتثقيف اذن يشكل صماما لحماية الجهاز الحزبي من خطر الانحراف‬

‫شرط وضمانة التجدد الخلاق •‬

‫والقيادة التي ترفض هذه المسلمة وتعتبر نفسها مجموعة من المعصومين انما‬
‫هي قيادة غير جديرة بالحزب ‪ .‬لان الحزب هو عملية تطور ‪ ،‬والتطور الحزبي هو‬

‫تطور في تركيبه ‪ ،‬وفي علاقاته ‪ ،‬وفي مسيرته ‪ ،‬وفي ابداعاته الخلاقة ‪ .‬ويحمل‬
‫هذا التطور تغييرا في القواعد وتغييرا في القيادات ضمن اشاعة الثقافة الثورية ‪.‬‬
‫ان الشعور بالعظمة المعصومة يقود الى نشوء الشيخوخة في عقل القيادة ‪ .‬وخلافا‬
‫لمنطق الحياة فان الشيخوخة بتحويلها الى منطق وصاية وبكبحها كل تطور مبدع‬
‫خلاق تلعب فيه الكفاءات الشابة الجديدة دورها الفعال ‪ ،‬تقود الحزب الى الهاوية ‪.‬‬

‫نعم ان الحزب يحرص كل الحرص على كوادره القديمة التي واكبت تاريخه‬
‫وفي الوقت نفسه فان‬ ‫وواكبت بناءه وساهمت في نشوئه وعاصرت ولادته ‪.‬‬

‫العناصر الجديدة تستفيد من خبرة العناصر القديمة ‪ ،‬او التي حركت الاجهزة‬
‫القديمة ثم انتابها التعب في مرحلة معينة ‪ ،‬بحيث ينشيء من خلال ذلك قيادات‬
‫•‬
‫جديدة تواكب التطور الحاصل في تاريخ الحزب والمجتمع والحركات الثورية‬
‫قضايا الجماهير‬ ‫في‬ ‫والتطور الحاصل‬ ‫ان اتساع الحزب واتساع قضاياه ‪،‬‬
‫وفيما اذا تصورت القيادة‬ ‫يتطلب استجابة عملية ونظرية ايضا من لدن القيادة ‪.‬‬

‫انها فوق الجماهير وفوق القواعد وأنها عالمة بكل شيء ولا يمكن ان تضاف لخبرتها‬
‫وهــــي ـ اي‬ ‫‪.‬‬ ‫او لعناصرها عناصر ‪ ،‬انما هي قيادة تحمل معها جرثومة الهزائم‬

‫القيادة ـ اذ تجمع كل انواع النشاط بجماع كفيها وتقطع الطريق امام الكفاءات‬
‫الشابة الهامة انما تخسر كل شيء حيث تظن انها ربحت كل شيء ‪.‬‬

‫‪٢٤٦‬‬
‫ان احتياج القيادة للقواعد وللجماهير والتعلم منها ‪ ،‬يتطلب وجود قواعد‬
‫على ان الثقافة‬ ‫مثقفة قادرة ان تخرج القيادات وقادرة على ايقاف الانحرافات‬

‫لیست حصرا على القواعد بل ان القيادة تحتاج الى ثقافة مستمرة ‪ .‬اما انغلاقها على‬

‫فهذا يضعها على الضد‬ ‫نفسها واعتبارها الوهمي بانها في منتهى الكمال والسداد‬
‫من قوانين الحياة والثورة‬

‫لزومي تحتمه طبيعة المهام السياسية ونوعية الثقافة‬ ‫هو امر‬ ‫فالتثقيف‬
‫القيادة‬ ‫ان القواعد لا تفهم‬ ‫‪.‬‬ ‫البشرية وكذلك طبيعة التحديات الثقافية الموجودة‬
‫فيما اذا يتقرر وجودها بفعل‬ ‫بدون الثقافة السياسية كما ان القيادة لا وزن لها‬
‫‪.‬‬ ‫مبررات سياسية وثقافية‬

‫وثمة حقيقة راسخة تدخل ضمن ديمقراطية التثقيف التي يجب تعميمها‬

‫داخل الجهاز الحزبي وهي ضرورة برمجة التثقيف ‪ .‬فالتثقيف يجب ان يكون مبنيا‬
‫على هدي المبادىء التي يسير على ضوئها الحزب ‪ ،‬وهو يتراوح حسب درجات‬
‫تتكون حصانة نوعية ضد التيارات‬ ‫‪.‬‬ ‫وبفعل الثقافة الثورية‬ ‫‪،‬‬ ‫الحزبي‬ ‫السلم‬

‫البورجوازية والاتجاهات المعادية للمصلحة الثورية ‪ .‬وفي الواقع ان التثقيف‬


‫•‬
‫السائب وغير المخطط يعادل في النتيجة من حيث الاضرار عدم التثقيف‬
‫فمن البديهي انها يجب ان تكون ذات مستويات ثقافية‬ ‫اما بالنسبة للقيادة‬
‫اوسع بحيث تضمن سلامة وضع الحزب الثقافي اولا وتسخر ذلك من اجل حماية‬
‫الحزب من الانفجارات أو المؤثرات المعادية ‪ ..‬ويتعلق بالثقافة الحزبية والثورية‬
‫النقد‬ ‫نهج أساسي يتربى ضمن الوسط الثقافي وينتعش وهو نهج « النقد » و‬

‫ضمن مناخ جيد دون ان يتعرض للقمع او‬ ‫بحيث يعيش العضو الحزبي‬ ‫الذاتي‬
‫المحاصرة وتكون له القدرة على كشف الاخطاء والتنبيه عن النواقص ومحاسبة‬
‫الذات وتنظيم التجربة بشكل اجود ‪ .‬ان العناصر التي تتطير من النقد هي عناصر‬

‫غير نافعة للحزب ‪ ،‬وفيما اذا كانت تهاب النقد والنقد الذاتي وتتستر على اخطائها‬

‫فانها تنتظم تدريجيا في صف الانحراف وعدم الاخلاص لقضية الثورة والحزب‬


‫و بازدياد العناصر غير المؤمنة بالنقد والنقد الذاتي تتزايد البؤر الانتهازية والاتجاهات‬
‫فرصها الصالحة وذلك لعدم‬ ‫النفعية الوصولية الهادمة ‪ .‬كما ان الانشقاقية تجد‬
‫يمكن التأكيد على ان‬ ‫وبشكل تلخيصي مركز‬ ‫وجود اجواء النقد الجريء لها‬

‫ارتباط النظرية الثورية بالتنظيم الثوري في وحدة جدلية واحدة تتكشف عبر‬
‫له المواقع‬ ‫صحة الحزب وييسر‬ ‫يحقق‬ ‫هو الذي‬ ‫‪،‬‬ ‫الممارسة بصورة تصاعدية‬
‫الجديدة‬
‫التي ترفدها التجربـ‬ ‫‪ .‬وهو الذي يرسخ افضل مبادىء التنظيم‬
‫بالجديد والثوري ‪.‬‬

‫ان تنظيم الحزب الثوري ليس مجردا او معزولا او اعتباطيا انه بقدر مـــــا‬
‫فهو يعتمد التجربة المعاشة ايضا ·‬ ‫يعتمد النظرية والمبادىء التنظيمية ‪،‬‬

‫‪٢٤٧‬‬
‫اختلاف المراحل وضرورات العمل الثوري‬

‫من الخصائص الاساسية في أي عمل ثوري ‪ ،‬انطلاقه دائما من استراتيجية‬


‫ثابتة ‪ ،‬هي في حقيقتها حصيلة التحليل العلمي لمعطيات الواقع وتثبيت المنطلقات‬
‫التي يمكن للممارسة ‪ ،‬على اساسها ‪ ،‬ان تغير هذا الواقع باتجاه متقدم وباضطراد ‪.‬‬
‫وهذا يعني ان العمل الثوري يمتلك الفكر والرؤية المستقبلية والقدرة على تجنب‬
‫الاخطاء ‪ .‬وبمعنى آخر فان العمل الثوري ليس مبرا من الخطأ بقدر ما يكون الخطأ‬
‫فثمة‬ ‫يكون الخطأ صميميا‬ ‫وحين‬ ‫‪.‬‬ ‫استثنائيا وعارضا وينسحب على التفصيلات‬
‫افتراضان ‪ :‬الاول ان يكون العمل عشوائيا وهو بالتالي لا يمكن ان يصدر عن‬

‫جهاز ثوري بالمعنى العلمي لكلمة الثورية والثاني ان يكون الخلل قد اصاب هذا‬
‫والتي بدونها يفقد‬ ‫‪،‬‬ ‫والتقاليد الثورية‬ ‫الجهاز فاصبح هيكلا خاويا من المضامين‬
‫سماته الاساسية ويتحول الى جثة ميتة تشكل عبئا على الثورة نفسها ان لم نقل‬
‫خطرا مباشرا عليها ‪.‬‬

‫وفي هذه الحالة تصبح عملية المراجعة الشاملة افقيا وعموديا المسألة الاولى‬
‫التي يمكن ان تبعث الثورة في الجهاز الثوري نفسه ‪ .‬وبدون هذه العملية لا يتعطل‬
‫الجهاز الثوري فحسب بل يصاب الخلق الثوري نفسه ‪ ،‬وينزلق الثوريون الــــــى‬
‫السقوط في هاوية الانشداد الى الواقع والعجز امامه ‪ .‬وباعتبار ان الثورة تتسم‬
‫الاولى الانطلاق من موقف كلي موحد دائم ‪ -‬في‬ ‫دائما بصفتين أساسيتين ‪:‬‬
‫الجوهر ‪ -‬ومهما بدت مختلفة الاعراض أو المسالك المظهرية ‪ .‬والثانية قدرة الثورة‬

‫على التطور استيعابا لكل مرحلة وتجاوزا لها لمرحلة ثانية ‪ .‬وباعتبار ان الثورة لا‬

‫تستغني عن هاتين الصفتين فان الثوريين مطالبون ان يجسدوا هذا الفهم من خلال‬
‫اثبات قدرتهم على المرونة في التحرك بين تعميق منطلقاتهم الاساسية واستجاباتهم‬
‫للمعطيات المتجددة دائما ‪ .‬وعلى مدى هذا الفهم يتقرر مصير الثورة الى حد كبير ‪.‬‬

‫ان طواعية الجهاز الثوري للتزاوج مع العوامل الموضوعية تخلق المعادلة‬


‫‪ .‬ومن خلال هذه‬
‫السليمة بين الذاتي والموضوعي في اتجاه التطور لصالح الثورة‬
‫المفاهيم التي هي في حقيقتها منطلقات لا يجادل فيها اثنان ‪ ،‬ينبغي ان نخرج عن‬

‫‪ -‬السنة الثالثة ‪ ،‬العددان الأول والثاني ‪۱۹۷۱ ،‬‬ ‫« الثورة العربية‬ ‫(‪) ۱‬‬

‫‪٢٤٨‬‬
‫في صميم قضيتنا التي تعيشها جماهيرنا‬ ‫اطر التعميمات وندخل في التخصيص ‪،‬‬

‫اليوم ‪ .‬ولكي نكون اكثر دقة واكثر جدوى ينبغي ان نمايز بين مرحلتين في نضال‬

‫لنثبت المهام الاساسية التي تواجه اي مناضل فينا وهو يجابه‬ ‫حزبنا وجماهيرنا‬
‫وبشكل يومي حاجات جديدة خطيرة ومسؤوليات اخطر ‪ .‬وطبيعي جدا انالاختلاف‬
‫بين هاتين المرحلتين ينسحب على جملة أمور ويلح بالضرورة لتغيير اساليب العمل‬

‫وفقا للتغيير النوعي في كل مرحلة ‪:‬‬

‫ا ‪ -‬المرحلة الاولى ‪ :‬النضال السلبي‬

‫في النضال السلبي تلقى على الحزب الثوري مهام كثيرة الا انها تعطيه قوى‬
‫اضافية غير قواه الذاتية ‪ ،‬وبالتالي تحدد نوعية ممارساته باشكال واضحة الى حد‬
‫كبير وبخاصة اذا كانت هذه الممارسات مقتصرة على المعارضة وكشف عوامل ضعف‬

‫و تخلف البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للسلطة التي يجابهها ‪ .‬ان القوى‬
‫الاحتياطية المضافة الى قوى الحزب الثوري الذاتية ابان النضال السلبي ‪ ،‬هي في‬
‫لتزمايتـزايد‬
‫الم‬
‫تخلف النظام والمؤسسات المتعاونة معه ‪ ،‬وهي في العطف الجماهيري ا‬
‫صمود الحزب الثوري امام المجابهة القمعية للسلطة‬ ‫وبمعادلة تتصاعد طرديا مع‬
‫‪ ،‬اذا احسن‬ ‫وهنا ينفتح امام الحزب الثوري باب العطاء الجماهيري‬ ‫الرجعية‬

‫الحزب فتح المنافذ السليمة بينه وبين الجماهير ‪ ،‬وبمعنى آخر اذا استطاع ان‬

‫يأخذ من الجماهير كل الدماء النقية الجديدة ويحجب في الوقت ذاته او يفرز كل‬
‫•‬
‫الاجسام الغريبة والخطيرة على كيانه الحي المتنامي‬
‫ان عملية الفرز والتمييز هذه لا يمكن ان تكون دقيقة وبصورة مطلقة ‪ ،‬الا ان‬

‫عملية التطهر الدائم عملية استئصال البثور والتخلص من الاورام والتقيحات مسألة‬
‫ملازمة للحزب الثوري •‬

‫وليس جديدا القول ان النضالية القدرة على الصمود والمواجهة) والاستعداد‬


‫‪ ، -‬ان تلك كلها معايير‬
‫الدائم للتضحية والارتباط مصيريا بالثورة ‪ -‬بكل ما تعنيه ـ‬

‫يعتمدها الحزب الثوري مع اخرى غيرها أبان النضال السلبي‬

‫‪-‬‬
‫المرحلة الثانية ‪ :‬النضال الايجابي‬

‫ان هذه المرحلة تختلف اختلافا جوهريا عن سابقتها لا في طبيعة موقع‬

‫بل وفي المهام الملقاة على عاتق المناضل‬ ‫‪،‬‬ ‫فحسب‬ ‫الحزب الثوري في كل منهما‬
‫الثوري في كل من المرحلتين وبالتالي في كل المواصفات المطلوبة فيه والمعايير التي‬

‫بموجبها يستطيع الحزب ان يقيم مناضليه وان يستمر في تحصين بنيته وتسييجها‬
‫بجماهيرية متصلة‬

‫ان مناضلي حزبنا قد اثبتوا بان فترات النضال السلبي صلابة فائقة على‬
‫قسوة ما جابهوا وانتزاعهم انتصارين خلال خمس سنوات رغم كل الظروف التي‬

‫‪٢٤٩‬‬
‫كانت لغير صالحهم ولغير صالح الحركة الوطنية باسرها ‪ ،‬انتصارهم هذا يؤكـ‬

‫بالدليل القاطع قدرتهم على قهر التحديات ‪ .‬ومع ثقتنا بنضالية رفاقنا فاننا ينبغي‬
‫‪ -‬وبالتالي التغيير‬ ‫ان نشخص خصائص المهام الجديدة ‪ -‬وفقا لطبيعة المرحلة ‪-‬‬

‫النوعي المطلوب فينا وفي جملة امور اساسية لكي نحول موقعنا الثوري على ارض‬
‫السابع عشر من تموز الى الثورة العربية بكل ابعادها الشمولية‬
‫في ضرورة تفهم‬ ‫تتحمل مسؤوليات جساما‬ ‫الحزب‬ ‫ان الاداة الثورية‬
‫المرحلة والتكيف الكامل لمجابهتها‬
‫ومن هنا فان ثمة معايير جديدة ينبغي ان تتسلح بها هذه الطليعة المناضلة لا‬
‫فحسب ‪ ،‬بل لتمتن هذه البنية كما ونوعا استعدادا لمواصلة‬ ‫لتحافظ على بنيتها‬
‫ثورتها الدائمة ‪ .‬والمناضل البعثي الذي يشكل حجر الاساس في بناء حزبه الثوري‬

‫ينبغي ان ينفسح لكل الصيغ التي تحافظ على جوهره بقدر ما تعطي حزبه القدرة‬
‫على التحرك الدائم بخط متصاعد والقدرة على التمييز بين المواقف والتحاكم معها‬
‫على اساس واحد هو مصلحة الثورة ‪ ،‬والثورة وحدها‬

‫ولكي نستجيب لمعطيات الواقع الجديد ينبغي ان يعتمد المناضل الحزبي‬


‫الاسس التالية ‪:‬‬

‫ا ـ في البنية الحزبية ‪:‬‬

‫اولا ‪-‬‬
‫ان المعايير الاساسية الثابتة في المناضل الحزبي ‪ ،‬بان الصراع مع‬
‫الانظمة الرجعية والمتخلفة معايير لا يستغنى عنها الا انها ليست المعايير الوحيدة‬

‫ولا تشكل هوية التزكية ‪ ،‬التي تمنح المناضلين الركون الى الدعة والراحة والوقوع‬

‫في مصيدة الامجاد الماضية ‪ .‬ان صمود أي مناضل في المعارك القاسية يعتبر كسب‬
‫للحزب كله كما ينبغي ان يشكل حافزا دائما للمناضل نفسه ‪ ،‬يمنحه التشبث‬
‫الاحتفاظ بالصورة المثلى في كل شيء‬

‫ثانيا ـ ان المرحلة الجديدة تطرح امام الحزبي اغراءات عديدة ‪ ،‬وبقدر تفوق‬
‫الحزبي على مقاومة الاغراءات المادية او المعنوية والصمود في موقع ترجيح كفة‬
‫الثورة دائما ‪ ،‬بقدر ذلك تماما يكون المناضل البعثي منسجما مع نفسه كثوري‬

‫مستمر ويهب دون مقابل ‪ ،‬بل لا يفكر بالمقابل اساسا‬


‫ثالثا ‪-‬‬
‫تعميق فكر المناضل وضرورة تسلحه بكل ما يجعله قادرا على استيعاب‬

‫احتياجات المرحلة وبالتالي مسهما في عملية دفع الثورة في آفاق متقدمة‬


‫رابعا ‪ -‬رصد كل النوازع والظواهر النفعية ومحاربتها بصراحة حفاظا على‬
‫المناضلين وعلى الثورة ذاتها ‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫خامسا ـ ان يشعر الحزبي بخطورة وصعوبة المرحلة الجديدة والا يركن الى‬
‫السلطة معتبرا اياها بديلا للحزب او حارسة له ‪ ،‬بل ينطلق من المفهوم السليم وهو‬

‫فيفقد المناضل‬ ‫ان الحزب مسؤول عن حماية السلطة وبدون ذلك يحدث خلل كبير‬

‫السلطة حين يحولها الى جهاز مهمته حماية المناضلين ‪ .‬ان البعثي يرتكب خطــــا‬

‫‪٢٥٠‬‬
‫في العمل من اجل تثبيت‬ ‫كبيرا في حق حزبه وثورته اذا تخلى عن دوره الدائم‬

‫‪.‬‬ ‫موقعه الثوري وتطويره بشكل مستمر‬


‫قادرا على‬ ‫سادسا ‪ -‬التزود بكل المعارف والخبرات التي تجعل من البعثي‬

‫استخدام العلم لمصلحة موقفه الثوري الواضح والمؤثر‬


‫‪-‬‬
‫سابعا ـ الانفتاح على كل تجربة تغني فكر الحزبي وبالتالي فكر الحزب‬
‫النقدي الاصيل القادر على الرفض أو‬ ‫والثورة وعلى اساس اعتماد تنمية الحس‬
‫·‬
‫الاخذ من موقف ايجابي ‪.‬‬
‫ثامنا ‪ -‬تفهم البعثي ان موقعه الذي يجب ان يحرص عليه دائما ويفضله على‬

‫غيره هو في صفوف جهازه الثوري ‪ ،‬وبالتالي يتخلص المناضل البعثي من الوقوع‬


‫في مرض اعتماد المراكز الوظيفية كمعايير للتقييم‬
‫تاسعا ‪ -.‬الابتعاد عن موقف الغرور وتحاشي الانزلاق الى مواقع اليأس في‬

‫وقت معا ·‬

‫ب ‪ -‬التعامل مع الجماهير ‪:‬‬

‫ان اي حزب ثوري لا يستغني عن الجماهير بالتأكيد فهي مادته الاساس‬


‫والاحتياطية الذي لا يجوز اغفاله ·‬

‫وعلاقة الحزب الثوري بالجماهير ليست علاقة آلية ميكانيكية تضع احدهما‬

‫فوق الاخر او الى جانبه بل هي جدلية عضوية مصيرية تضعهما معا في تلاحم‬
‫ه االلععللااققةة هي الظاهرة الصحية والطبيعية لاي حزب ثوري ‪،‬‬
‫ذه‬‫هذ‬ ‫يصعب فكه ‪ .‬اان‬
‫ن ه‬

‫و بدونها ينقلب الى كيان منكمش على نفسه ينتهي بالضرورة الى التآكل والاندثار ‪.‬‬
‫ومن هنا فان المرحلة الجديدة ‪ ،‬مرحلة تسلم السلطة تلقي على المناضل البعثي مهمة‬
‫توثيق العلاقة المصيرية بين الحزب والجماهير وفق اسس علمية لصالح هذه‬
‫وثمة اسس ينبغي على المناضل‬ ‫الجماهير بقدر ما هي اسناد للثورة وتطوير لها‬
‫في تعامله مع الجماهير في هذه المرحلة الحاسمة وهي تشكل‬ ‫البعثي أن يعتمدها‬
‫سبيلا وحيدا لتعميق الثورة وديمومتها ‪:‬‬
‫اولا ‪-‬‬
‫عرض الثورة امام الجماهير بصورتها المشرقة ومن خلال سلوك يومي‬
‫للمناضلين يعطي الجوانب الايجابية الحقيقية للثورة في صورتها المستقبلية ودون‬
‫ايقاع الجماهير في وهم التخيلات ونزاهة العمل الثوري او براءته من الاخطاء ‪ .‬ان‬
‫افضل ما تقدمه ثورتنا الى جماهيرها ‪ ،‬هو ذلك الاسلوب الذي يحمل الجماهير‬
‫مسؤولية الدفاع عنها من خلال شعورها الكامل انها ثورتها اولا ‪ ،‬ومن خلال‬
‫ادراكها ثانيا انها بحاجة الى كل طاقاتها وبخط متواز مع اتجاهها للعطاء الدائم ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬مخاطبة الجماهير باللغة التي تفهمها ‪ .‬ان احد اهم شروط الثورة هو‬
‫الا من خلال ایجاد‬ ‫في وضعها هدفا يوميا في النضال الجماهيري وذلك لا‬
‫يتم‬
‫ان كيل الوعود بلا حساب‬ ‫اللغة التي تفهمها الجماهير جيدا وتدرك كل ابعادها ‪.‬‬
‫والثرثرة اللامسؤولة قد تلف مدودا جماهيرية متسارعة حول الثورة ‪ ،‬الا ان هذه‬

‫‪٢٥١‬‬
‫تلقائيا عند اول‬ ‫قطيعة تامة بين الثورة وجماهيرها وتنكمش‬ ‫المدود ستنقلب الى‬

‫صدمة على طريق النضال ‪ .‬من هنا فان مخاطبة الجماهير باللغة البسيطة التي‬

‫تفهمها مصارحتها بالمشاكل التي ينبغي ان تجابهها وتشخيص مواقع اعدائها‬

‫وتأكيد مصلحتها في بقاء الثورة واستمرارها وبامثلة واقعية ‪ ،‬ان ذلك كله يخلق‬
‫اللغة المشتركة والبسيطة بين الثورة وجماهيرها ويعمق الروابط المصيرية بينهما ‪.‬‬

‫ثالثا ـ الحرص على تخليص الجماهير من كل الاوهام أو التقاليد التي تشدها‬


‫عن خوض معاركها لصالح تقدمها وحياتها المثلى ‪ ،‬ومن خلال اعتماد التوعية الدائمة‬

‫العملية والابتعاد عن اساليب استفزاز المشاعر والاستهانة بايمان الجماهير بالاشياء‬

‫مهما كانت ساذجة ومغلوطة ‪ .‬ان محاولة اقتلاع رواسب مئات من السنين لا‬
‫م الحلول‬
‫يمكن ان تنجح الا باعتماد الاسلوب العلمي والقرائن الواقعية وتقديـ‬
‫الايجابية وربط الجماهير بواقع يومي يشدها الى النضال الدائم من اجله‬
‫رابعا ‪ -‬نبذ النظرة الاستعلائية والاستهانة بالجماهير ‪ .‬ان الثوري يسيء الى‬

‫ثورته كل يوم حين يتعامل مع الجماهير على اساس كمي ينتقي منه ما يشاء ويلفظ‬
‫غيره ‪ .‬ان الجماهير هي مادة الثورة وهي هدفها النهائي ومبرر وجودها ومشروعية‬
‫وهذا يلقي بداهة على الثوري مسؤولية احداث تحولات نوعية في‬ ‫استمرارها‬

‫الجماهير من خلال غرس الثقة فيها وافساح مجال المشاركة لها واعتبارها قوة‬
‫‪.‬‬
‫رئيسة في العمل الثوري لا يمكن تغافلها او الاستغناء عنها‬
‫خامسا ‪ -‬نبذ النظرة التزمتية التي تتجمد عند احكام مسبقة ‪ ،‬تقف عند‬
‫حدودها قاصرة عن تجاوزها ·‬

‫اننا نخطىء كثيرا حين نعطي احكاما جزافية على الناس دون اعتماد معياري‬

‫التعقل والتجرد لمصلحة الثورة ‪ .‬وان احكامنا حتى وان كانت صحيحة في فترة ما‬
‫على الاشخاص فان تبدل الشروط الموضوعية وطبيعة المرحلة تفرضان التغير على‬
‫‪.‬‬
‫الاشخاص وعلى احكامنا في آن واحد‬
‫سادسا ‪ -‬تحاشي زج الجماهير في مواقف اكثر من طاقاتها ‪ -‬وفي ظرف‬
‫معين ‪ -‬وبشكل يفقد الجماهير ثقتها بنفسها ويدفعها الى اليأس والتردد ‪ .‬ان واجب‬

‫الثورة الاول هو في خلق الروح الصدامية الشجاعة لدى جماهيرها ومن خلال زج‬
‫هذه الجماهير في معارك مع أعدائها لتعميق ارتباطها بالثورة ولتأكيد احساسها‬
‫سمة اساسية في اية ثورة‬ ‫بضرورة التحرك ‪ .‬ان هذه الميزة التي تشكل‬ ‫الدائم‬
‫ينبغي ان تستخدم دائما لتصعيد الروح النضالية والمعنوية للجماهير وبالتالي فان‬
‫الحسابات الدقيقة لمعطيات الواقع وامتداداته على مختلف الاصعدة ‪ ،‬هذه‬
‫في تصاعده وتجنيبه‬ ‫الثوري‬ ‫في ابقاء الخط الجماهيري‬ ‫علمي‬ ‫شرط‬ ‫الحسابات‬
‫‪ .‬ان‬ ‫والارتجاجات الخطيرة المفاجئة التي تحدث نتيجة سوء التقدير‬ ‫الانتكاسات‬
‫الجماهير حين تحقق انتصارا كبيرا تضيف الى معنوياتها رصيدا بالتأكيد الا انها‬
‫وبالضرورة ستفقد هذا الرصيد وربما تهبط الى مستوى مفجع حين تتعرض‬
‫الصدمة لم تكن تتصورها ‪ .‬ومن هنا فان واجب البعثي المناضل ان يشد الجماهير‬

‫الى التحرك باتجاه خوض المعارك المستقبلية مع تشخيص علمي كامل لقوى الاعداء‬

‫‪٢٥٢‬‬
‫قواها الذاتية وقوى حلفائها ‪ ،‬وبذلك وحده يمكن‬ ‫وقوى الثورة نفسها بمجمل‬

‫للحزب ان يجنب الجماهير اية انتكاسة اولا كما انه يستطيع ثانيا ان يخلق لديها‬

‫المرونة والوعي الكاملين ويبعدها عن اجواء التشكيك والتردد والتشنجات ويجعلها‬


‫مشدودة نحو هدف واضح ثابت في وقت معا ‪.‬‬
‫سابعا ‪-‬‬
‫وضع كل التشريعات والاجراءات التقدمية التي تنجزها الثورة في‬
‫مواقعها الحقيقية باعتبارها تتجاوز المكتسبات الآنية وتفتح آفاقا واسعة لمستقبل‬
‫الثورة نفسها ‪ ،‬وبمعنى اخر اعتبار تلك الاجراءات ليست غاية نهائية بل منطلقات‬

‫او بدايات تشكل الاساس الراسخ والملامح الاولى لصورة الثورة ‪ .‬وبهذا يمكن‬
‫دائما الى تعميق هذه الاجراءات والدفاع عنها لا لذاتها فحسب‬ ‫للجماهير ان تنشد‬

‫بل لان زوالها يعني زوال الثورة وبالتالي تسديد ضربة ماحقة الى آمال الجماهير‬
‫في الحياة التي تريدها‬

‫جـ ـ‪ -‬التعامل مع القوى الذاتية والموضوعية ‪:‬‬

‫ان تاريخ نضال حزبنا ونضالنا في القطر العراقي بشكل خاص ترك آثارا‬
‫كثيرة على سلوكيتنا ‪ .‬ورغم ان مسيرة الحزب منذ ثورة السابع عشر من تموز قد‬
‫اكدت ان النهج العلمي الواقعي يشكل خصيصة بارزة لدى مناضلينا في هذه‬
‫فان ثمة رواسب كثيرة بقيت تمارس تأثيرها على تصرفاتنا في كثير من‬ ‫المرحلة ‪،‬‬
‫الاحيان ‪ .‬ان حزبنا واجه هجمات ظالمة وشرسة من قوى كثيرة تنسحب عليهــــا‬

‫التسمية الوطنية وبالتالي فان ذلك قد وضعنا في كثير من الاحيان في الماضـ‬


‫في مواقع ترجيح الخلافات الثانوية على التناقض الرئيسي‬ ‫ولو مكرهين‬
‫‪ .‬ورغم انفتاح الحزب على كافة القوى التي يضعهـ‬ ‫القوى الامبريالية وركائزها‬
‫وبقيادة الحزب ـ ضمن صيغة عريضة تلتقي‬ ‫السياق التاريخي في هذه المرحلة‬
‫فان سلبيات‬ ‫عندها باتجاه دحر مواقع الاستعمار والاستغلال في وطننا العربي ‪،‬‬
‫هذه القوى أو بعضها من جهة ورواسب الماضي من جهة اخرى تسهم في كثير من‬

‫الاحيان في دفع بعضها الى مواقف ليست لصالح الثورة وفي اتجاه لا ينسجم مع‬
‫خطها التاريخي ‪.‬‬

‫ان الثورة التي سمت على كل السلبيات وتجاوزت كل العقد ومركبات النقص‬
‫والثورة التي عالجت المسألة الكردية من موقف قومي‬ ‫المحكومة بالنظرة الفئوية ‪،‬‬

‫انساني ‪ ،‬هذه الثورة وبمعنى اخر هذا الحزب يؤكد على رفاقه في نهجه الثوري‬

‫هذا ان يختطوا الموقف العلمي الواضح في تعاملهم مع كافة القوى وفق ‪:‬‬
‫اولا ـ ان ثمة قوى حليفة مرحليا من خلال التقائها مع الحزب في خط‬
‫المواجهة مع الاستعمار والصهيونية والرجعية بمختلف مؤسساتها ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -‬ان ثمة قطاعات واسعة ليست حليفة للحزب لانها تجهله او لانها تفهم‬

‫عنه غير حقيقته ‪ ،‬وهذا يعني ان عملية كسح لاجواء سلبيات الماضي لا تزال ضرورية‬
‫لكي نضع في مواضع الدفاع عن الثورة والحزب قطاعات واسعة ‪ ،‬لا تحتاج اكثر‬

‫‪٢٥٣‬‬
‫من تحرك جهازنا الحزبي باتجاه توضیح نفسه اكثر وباتجاه اقامة معابر من الثقة‬

‫والمودة بينه وبين قوى هي تاريخيا في صفه وجزء من مسيرته‬


‫ثالثا‬
‫‪ -‬سد كل الطرق في وجه محاولات الانتفاع من تباعد القوى المؤهلة‬

‫للتحالف مرحليا ‪ ،‬وتعرية كل الاطراف التي تسعى لتشويه موقف الحزب والثورة‬
‫وادانة هذه الاطراف وعزلها نهائيا‬
‫هي المرجحة لكل‬ ‫رابعا ‪ -‬اعتبار مصلحة استمرار الثورة بقيادة الحزب‬
‫العلاقات التي يمارسها المناضل البعثي وعلى كل صعيد‬
‫تأكيد هوية الثورة والحزب من خلال علاقات الحزبي مع القوى‬ ‫‪-‬‬ ‫خامسا‬

‫بموقفه القومي التقدمي بعيدا‬ ‫وبمعنى آخر حرص الحزبي على التشبث‬ ‫الاخرى ‪،‬‬
‫عن الانزلاق الى الانكماش عن الموقف القومي مجاملة للتقدمية أو الوقوع في الموقف‬
‫الرجعي تشبثا بالقومية‬

‫ان موقفنا التقدمي الانساني ينبغي ان يكون دائما في ذهن الحزبي هو المقياس‬
‫الوحيد للتلاقي او الافتراق مع الاخرين وبشرط المرونة التي لا تمس الجوهر‬
‫سادسا ـ اعتبار الحزب كطليعة للثورة العربية رافدا مهما في حركة التاريخ‬

‫لصالح الجماهير العربية ذاتها وكل القوى التحررية العالمية ‪ ،‬وبذلك وحده ينتفي‬
‫‪ .‬ان الثورة‬ ‫موقف التهاون أو الشعور بالضعف امام الاخرين واستجداء تزكياتهم‬
‫في هوية المناضل البعثي وهي تكسبه قوة التأثير والفعل فيما حوله دائما‬
‫ان الثورة ليست عملا يسيرا لكنها بالتأكيد ليست لغزا مستعصيا على الثوري‬
‫الذي يدرك تماما اين يضع مواقع اقدامه ‪ .‬وبقدر ما يؤمن البعثي انه ثوري مسؤول‬
‫ينعكس هذا الايمان على كل تصرفاته داخل منظمته الحزبية ومع الجماهير وفي اي‬
‫انه هو الثورة وان بقائها مرتبط ببقائه سواء‬ ‫مرفق من المرافق التي يعمل فيها ‪.‬‬
‫فحين يحافظ على نفسه ‪ ،‬بمعنى حين يلتصق بخطه الثوري حين يعطي‬ ‫بسواء ‪.‬‬

‫ولاءه للثورة وحدها حينذاك يستطيع ان يشكل علائقه بصورة تفصح عن استيعابه‬
‫الكامل للمرحلة الجديدة التي ينهض باعبائها ‪ .‬ان البعثي اذا كان مستحقا لهذه‬
‫فلأنه كان ثوريا بكل أبعاد الثورية ‪ ،‬وحين رفض التشرنق ومد جذوره‬ ‫التسمية ‪،‬‬

‫و فروعه استطاع ان يحقق الانتصار بعد الانتصار ويقضي على الكبوة بعد الكبوة ‪.‬‬
‫ان اختلاف المراحل يلقي على الثورة ـ‪ -‬اي على الثوري ‪ -‬ضرورات كثيرة‬

‫في مقدمتها الاستجابات الواعية لمتطلبات هذه المراحل والتكيف لها مع الحفاظ على‬
‫جوهر الثوري وسماته المميزة‬

‫‪٢٥٤‬‬
‫كيف يحقق الحزب التوازن بين قيادته للجماهير‬

‫وقيادته للحكم بعد استلامه السلطة ( ‪) ١‬‬

‫في السياسة أن أي حزب ثوري يستهدف في نضاله‬ ‫من المسلمات الاولى‬


‫الاستيلاء على السلطة ‪ ،‬أي انه لا يزاول نشاطا طوباويا بل يقوم بالممارسات العملية‬
‫ــة‬ ‫التي تحقق له الاستيلاء على السلطة بتقويض السلطة القديمة واحلال السلط‬
‫ذلك لان‬
‫الجديدة التي يستطيع عن طريقها ان يجسد مبادئه بشكل عملي حي‬
‫السلطة ‪ ،‬هي اقوى الوسائل التي تمكن الحزب من تحقيق منهاجه‬

‫وتجربة الحزب في هذا الميدان هي بلا شك تجربة غنية لان تجارب الحزب‬
‫الماضية قد زودته برصيد كبير من الخبرة ‪ .‬وعلى هذا الاساس كان من اللازم دوما‬
‫كشف الطبيعة للسلطة حتى يمكن معرفة طبيعة اي منهاج ونوع القوى الاجتماعية‬
‫التي يسعى من اجل مصالحها ‪.‬‬

‫ان السلطة بشكل عام هي تلك المؤسسات المتنوعة التي تعكس مصالح طبقية‬
‫وطبقات معينة متحالفة بحيث تقف بالمقابل ضد طبقة او طبقات اخرى معينة‬
‫متحالفة معها‬

‫وعودة بسيطة الى الماضي القريب نجد ان السلطة الملكية التي از يحت بنضال‬
‫قوى الشعب الوطنية كانت تمثل بجميع مؤسساتها العلوية الطبقات المعادية‬

‫للجماهير ‪ ،‬وهي اداة تحقيق المصالح الاحتكارات الامبريالية ومصالح كبار الملاكين‬
‫والبورجوازيين ·‬

‫وقد كانت المهمات الوطنية معطلة نتيجة لسيطرة الطبقات المذكورة ‪ .‬واضافة‬

‫الى مهمات السلطة الملكية في تمثيل المصالح الاستعمارية والرجعية فقد كانت‬
‫وبالطبيعة اداة قمع ضد الطبقات الشعبية الحقيقية من خلال عدائها الثابت للقوى‬
‫والاحزاب الوطنية والتقدمية ·‬

‫رغم التحولات العديدة في اقامة‬ ‫تنجح سلطة تموز‬ ‫لم‬ ‫وخلال عشرة اعوام‬
‫السلطة الثورية التي كانت تطمح اليها الجماهير ‪ ،‬ولم تتمكن من طرح برامج عمل‬

‫الثورة العربية» ‪ -‬السنة الثالثة ‪ ،‬العددان الاول والثاني ‪۱۹۷۱ ،‬‬ ‫(‪) 1‬‬

‫‪۲۰۰‬‬
‫للتغيير الثوري في البنية والعلاقات الى ان جاءت ثورة ‪ ۱۷‬تموز ‪ ١٩٦٨‬التي احيت‬

‫من جديد المطامح الثورية لدى الجماهير ‪ ،‬باحلالها سلطة ثورية تهتدي بمنهاج‬
‫ثوري ‪ ،‬هما سلطة ومنهاج حزب البعث العربي الاشتراكي‬

‫ولما كان المنهاج الحزبي يعكس بطبيعته مصالح وفلسفة طبقات اجتماعية‬
‫معينة فان توضيح ذلك بالنسبة لحزب البعث يعني قطع الطريق على البرام‬
‫فهم طبيعة ومبادىء واساليب‬ ‫البورجوازية الصغيرة التي تعجز في الاصل عن‬
‫الحزب‬

‫ان منهاج حزبنا الذي اعلن في بيان المؤتمر القطري السابع منهاج ثوري يلائم‬
‫فقط مرحلة التحرر الديمقراطي الثوري بل مرحلة الانتقال الــــــــــى‬ ‫جذريا ليس‬
‫الاشتراكية‬
‫ة‬
‫ان هذا المنهاج يهدف الى تصفية سلطة الطبقات الرجعية الاقطاعيـ‬
‫تموز‬ ‫والبورجوازية المتحالفة مع الامبريالية ‪ .‬هذه السلطة التي لم تفلح ثورة ‪١٤‬‬
‫•‬
‫عام ‪ ۱۹٥٨‬وما أعقبها من انجاز تصفيتها‬

‫وتتم التصفية بالنسبة لمنطق الحزب بشكل عملي مدروس ‪ ،‬وذلك بالاعتماد‬
‫الكامل على الطبقات الشعبية المنتجة التي تجسد الثورة مصالحها وتنطلق من‬
‫فالعمال والفلاحون والجنود والبورجوازية الصغيرة‬ ‫‪.‬‬ ‫الفلسفة التي تحدد مستقبلها‬
‫هم المادة البشرية للثورة ‪ .‬وباستنهاض قدراتهم الثورية يمكن هدم كافة مخلفات‬
‫وجيوب السلطة القديمة وبناء سلطة الشعب الجديدة ·‬

‫وضمن العملية يجري تطبيق المبادىء الديمقراطية الثورية حيث يعكس منهاج‬
‫‪ .‬وكل هذا لا ينفصل بل يتوحد تماما‬ ‫الحزب كيفية الوصول الى الاشتراكية‬

‫يجب تحرير الامة العربية‬ ‫النضال الوحدوي ‪ ،‬لان في صلب منهاج حزب البعث‬
‫تحريرا كاملا من جميع القيود الرجعية والسير نحو وحدتها مما يؤكد أن المنهاج‬
‫يعكس المصالح القومية والتحررية للأمة العربية‬

‫فان سلطة تلتزم منهاجا كهذا يوحد حاجات الامة العربية‬ ‫وحسب ذلك‬

‫والحاجات الوطنية ضمن تحرك ديمقراطي ثوري انتقالي نحو الاشتراكية انمــــا‬
‫ويكون‬ ‫في انجاز اهداف الجماهير‬ ‫الاداة‬ ‫تكتسب خواص السلطة الثورية ‪،‬‬

‫دور الحزب في السلطة محددا بشكل علمي دقيق يضمن عدم الالتباس وعدم‬

‫ضياع الفوارق والحدود بين السلطة والحزب ‪ .‬لاسيما وان مهمات الحزب عديدة‬
‫وان نضاله الزمني لا يمكن تقليص ابعاده ·‬

‫وتصبح علاقة الحزب‬ ‫ان دور الحزب هو دور المرشد السياسي للسلطة ‪.‬‬

‫بالسلطة ليست علاقة حزب بحزب سياسي اخر او طبقة بطبقة اخرى ‪ ،‬بل علاقة‬
‫واتجاه المياه التي توزع على مختلف الترع‬ ‫فالناظم ينظم حجم‬ ‫الناظم بالسواقي ‪.‬‬
‫للارواء ‪ .‬بدون الناظم يكون التوزيع الصحيح للمياه معدوما ‪ .‬وعند ذلك تكون بقعة‬
‫من الارض مليئة بالماء وربما الى حد المستنقعية ‪ .‬بينما تظل بقع أخرى يابسة ·‬

‫كما ان دور الحزب من وجهة اخرى يجمع وظيفة الكبد الى وظيفة القلب‬
‫فالكبد هو التصفية والقلب هو التوزيع حيث يحدد تنقل الدم الى‬ ‫بالنسبة للدم ‪.‬‬

‫‪٢٥٦‬‬
‫حسب تنوعها واحتياجها‬ ‫اجزاء الجسم‬

‫وكل خلل في العلاقة بين السلطة والحزب يؤدي الى نفس النتائج عند حصول‬

‫خلل في وظيفة القلب والكبد حيث ان ارتباك وظائف القلب والكبد هو ارتباك‬
‫للجسم كله وفقدان للصحة‬

‫وفق هذا التبسيط التحليلي ‪ ،‬يمكن القول ان استيلاء الحزب على السلطة ‪،‬‬
‫‪ ،‬ان لا يؤدي الى ذوبانه فيها ‪ ،‬لانه بذلك يفقد دوره كمرشد سياسي ومنظم‬
‫ان ضياع الحدود بين السلطة والحزب الثوري‬ ‫كما تخسر السلطة من يوجهها ‪.‬‬
‫يفقد السلطة البصيرة الثورية ويوقعها تحت تأثيرات الطبقات الرجعية والاتجاهات‬

‫الفردية ‪ .‬كما يفقد الحزب دوره القيادي الثوري ‪ ،‬وبذلك ترتد السلطة الى طبيعتها‬

‫الاولى بعد ان يكون الحزب قد اضاع هويته وفقد دوره ‪.‬‬


‫ومن الممكن ملاحظة ذلك عندما تعتمد السلطة كوادر الحزب لادارة مركز‬

‫فان الكادر يتحول حينئذ الى جزء من‬ ‫السلطة والانقطاع عن النشاط الحزبي‬
‫السلطة وتتوقف بالتدريج المصادر التي تزوده بالوعي الثوري والقدرة على الرقابة‬
‫والمتابعة وتنقطع صلة الكادر بالجماهير‬

‫ان الكادر الذي يعين وينمو بقوة حزبيته وجماهيريته ‪ ،‬سوف يغمر وينعزل‬
‫تستنزفه اجهزة الحكم وتطفى عليه ‪ ،‬لان دوامة المشاكل الادارية المضنية ‪ ،‬سوف‬

‫تستنزف معظم فعاليته واهتماماته ‪ ،‬وبالتالي سوف تتقلص نشاطاته الحزبية‬


‫رويدا رويدا ‪ ،‬وتتعرض علاقته بالجماهير للنكوص والاضمحلال •‬

‫على ان من المهم عدم التصور بان كل مساهمة للكادر في مسؤوليات الحكم‬


‫والدولة هي ابتلاع للكادر ‪ .‬لان الامر في ذلك منوط بطريقة اشغال المراكز في‬
‫فالسلطة اداة تنفيذ والحزب اداة اشراف وتوجيه وتخطيط وصلة‬ ‫السلطة ‪،‬‬

‫بالشعب • وبدون وجود كوادر عالية النضج والمقدرة الثورية في ادارة السلطة لا‬

‫يمكن تصور اي تطبيق ثوري لخط الحزب‬


‫ان الثوري الملتزم والحزبي الملتزم هو من يتمكن من تحويل سياسة الحزب‬
‫لذلك فان المحذور يأتي من الانغمار في السلطة‬ ‫داخل السلطة الى سياسة للحكم‬

‫وليس من الاستيلاء عليها وقيادتها ‪ ،‬لان الانغمار لا يمكن ان يتم الا على حساب‬
‫الانتمائية الثورية للحزب ‪ .‬اما الابتعاد عن السلطة بحجة الانصراف للحزب فان ذلك‬
‫ليس من المنطقية في شيء لأن السلطة هي فرصة الحزب في رسم اهدافه عمليا ‪.‬‬

‫ان ترك السلطة للملاكات البورجوازية القديمة والدواوينية وعدم نقلها الى الملاكات‬
‫الثورية يعني ابتلاع البورجوازية للسلطة وسقوط الثورة‬

‫ان الخوف من ابتلاع السلطة لكوادر الحزب لا يجوز مطلقا ان يؤدي الى ابقاء‬
‫الرجعية والبورجوازية والانتهازية ‪ ،‬التي لا تلتزم بخط‬ ‫السلطة فريسة للعناصر‬

‫ثوري ولا بمنهاج تقدمي‬


‫ومن هذا المنطلق تعتبر مشاركة كوادر الحزب في قيادة السلطة بشكــــــل‬
‫اساسي وبارز شرطا لا بد منه لضمان ربط الثورة بالحزب ·‬

‫ومراحل التطور الاجتماعي والسياسي وطبيعة الصراعات‬ ‫ان ظروف القطر‬

‫في التنظيم والتربية الحزبية ‪١٧ -‬‬ ‫‪٢٥٧‬‬


‫يع‬
‫ع الملاكات وفي‬ ‫وز‬
‫زي‬ ‫تو‬ ‫في‬
‫ي ت‬ ‫الداخلية هي التي تحدد نوعية تعامل الحزب مع السلطة ف‬

‫تغيير المواقع وفي تنظيم الاجهزة بالصورة التي تهيىء للحزب قدرا اكبر في تطوير‬
‫سلطته وانجاز اهدافه المرسومة ‪.‬‬

‫وبالطبع لا يجوز أن تترك للرجعية المتخلفة سبل العبث والتحكم في اي موقع‬


‫من مواقع السلطة عندما تكون العناصر الثورية قادرة على ان تحل محلها ‪ .‬ولكن‬

‫هذا لا يعني ان السلطة مستعدة للاستغناء عن خبرة بعض الملاكات القديمة على‬
‫نحو جازم وحاسم ‪ .‬بل ان الاستفادة احيانا من هذه الخبرة في ظل رقابة ثورية‬
‫ــة‬
‫لوضعها في خدمة الثورة حاجة اساسية تستلزمها مصلحة الثورة والسلط‬
‫والحزب الثوري‬
‫ان الإدارة الثورية عند استلامها مثلا لمؤسسة من مؤسسات الدولة عليها ان‬
‫تكون في مستوى من النضج لفهم جميع الامور المتعلقة بالمؤسسة ‪ .‬عليها ان تحتفظ‬

‫فيها امكانية‬ ‫بالخبير القديم مؤقتا لحين احداث التغييرات في المراكز التي نضجت‬
‫التغيير‬

‫والادارة الثورية لا تعامل الخبرة القديمة بروح المقت العاطفي بل تعاملها بروح‬
‫مرنة قوامها الاخذ باعتبارات المقارنة بين الخبرة القديمة والخبرة الجديدة ‪ ،‬العقلية‬
‫الخ ‪.‬‬ ‫القديمة والعقلية الجديدة ‪ ،‬طريقة العمل القديمة وطريقة العمل الجديدة‬

‫لذلك فان الادارة الثورية والحالة هذه تكون في أمس الحاجة لاتباع مختلف الطرق‬
‫‪L‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬
‫والوسائل اقناع ‪ -‬اغراء ‪ .-‬قمع لكي تنتزع خبرات الاجهزة القديمة انتزاع‬
‫‪.‬‬
‫وتضعها في خدمة الثورة ريثما تتمكن الثورة من اعداد كوادرها‬
‫لكن ترحيل الكوادر الحزبية الى اجهزة الحكم ‪ ،‬لا ينهي المشكلة كما بينا آنفا ‪،‬‬
‫بل قد يعرض الكوادر للانعزال عن الحزب والجماهير‬

‫ما علاج هذه الظاهرة ؟‬

‫ان العلاج يتطلب التأكيد على ضرورة الالتزام بمبادىء القيادة الجماعية حيث‬
‫يجب ان يكون للحزب وجود حقيقي فعال داخل المؤسسة ‪ .‬أي يكون له وجوده ‪،‬‬
‫منظمته الحزبية ‪ ،‬ووجوده داخل اللجنة النقابية والهيئة الادارية للمؤسسة‬
‫كل هذه الهيئات يجب ان تعمل وتسير وفق خطة عمل ونسق لخدمة المسألة‬

‫المركزية المتعلقة بالمؤسسة فهل هذه المؤسسة ذات طابع اقتصادي صرف ام ذات‬
‫طابع مزدوج اقتصادي اجتماعي في آن واحد كالمؤسسات الصحية مثلا ؟‬
‫المهم ان خطة العمل يجب ان توضع بحيث تراعي طبيعة واجبات كل مؤسسة‬
‫حسب المقاييس الحزبية والنقابية والرسمية الموجودة‬

‫فالوزير مثلا عندما يتلقى خطة عمل فانه عضو في مجلس الوزراء وان سياسة‬
‫الحزب الصحيحة يتم التخطيط التشريعي لها من قبل مجلس قيادة الثورة بحيث‬
‫يستجيب لها مجلس الوزراء ويقوم الوزير بالتنفيذ ‪.‬‬

‫وفيما اذا كان الوزير حزبيا فانه بلا شك يجب ان يكون مرتبطا بالجهاز‬

‫الحزبي في الوزارة ‪ ،‬أي يكون على صلة وثيقة بمنظمة الحزب في الوزارة وذلك‬
‫وتبعا لهذا فان الوزير‬ ‫من اجل تطبيق القرارات التي يتخذها مجلس الوزراء ‪.‬‬

‫‪٢٥٨‬‬
‫يخضع لنقد الجهاز الحزبي والمؤسسات والجمعيات والموظفين والعمال بطريقة‬

‫ايجابية موجهة ويكون الوزير مسؤولا للاجابة عن كل نقد صادر عن سوء تطبيق‬

‫مقررات مجلس الوزراء باعتباره اعلى هيئة ينتمي اليها الوزير المعني‬
‫اما عن النسب في توزيع الكادر فمن الضروري وضعها بصورة جدية صائبة ‪،‬‬
‫في وظائف الدولة‬ ‫حيث يجب ان تحدد نسب اعضاء القيادة القطرية المشتركين‬
‫العليا ‪ .‬فعندما يكون عدد اعضاء القيادة ‪ ١٥‬عضوا يجب أن تدرس النسب المعقولة‬
‫المنظمات الشعبية‬ ‫لتوزيع مهمات الكادر القيادي على ( الحزب ) ‪ ( -‬الدولة)‬

‫فمثلا يمكن اعتماد مبدأ التثليث اي ( ‪ ) ٥‬لشؤون الحزب ( ‪ ) ٥‬لشؤون الدولة‬


‫وقد تظهر حاجة لاعادة النظر في‬ ‫( ‪ ) ٥‬لشؤون المنظمات والنقابات والجمعيات ‪.‬‬

‫العمل‬ ‫في‬ ‫يتحملون مسؤولياتهم‬ ‫في الدولة او الذين‬ ‫توريع النسب للمشتركين‬
‫الحزبي او العمل حسب طبيعة الظروف العامة وظروف الحزب وظروف السلطة ‪.‬‬

‫على انه يجب الاتفاق على مبدأ في التوزيع او على خطة مدروسة بعيدة عـــن‬
‫لا‬ ‫ان‬
‫الارتجال ‪ ..‬ا‬
‫ن من الخطأ تعيين كادر قيادي لشؤون الدولة رسميا في حين‬

‫يمارس وظيفة محددة معلومة في الدولة وكذلك من الخطأ ان يتجاوز الصلاحيات‬


‫الممنوحة له اذا حددت وظيفته لان هذا الاسلوب يؤدي الى الوقوع في اخطاء‬
‫وارتباكات ونزعات بيروقراطية كما يؤدي الى اسقاط دور السلطة او اضعافه ‪،‬‬
‫ويعمل على تضييع الدور السياسي للحزب ان عاجلا او آجلا •‬

‫ان الدولة مؤسسة قائمة بذاتها وفي نفس الوقت غير قائمة بذاتها انها قائمة‬
‫بذاتها كشخصية تنفيذية تبت في الامور وغير قائمة بذاتها لانها تستمد طــــــرق‬
‫ان اعتماد‬ ‫وأسلوب ونهج البت في الامور من السياسة العامة للحزب الثوري‬

‫مبدا توزيع الكادر القيادي ضرورة لا بد منها وذلك لتجنب خطر ابتلاع الكادر‬
‫و خطر انعزال السلطة عن الحزب وخطر انعزال السلطة والحزب عن الجماهير ‪.‬‬

‫في نفس الوقت يجب‬ ‫ولكن‬ ‫هذا بالنسبة لتوزيع الكادر القيادي الحزبي‬

‫المهم يجب ان يكون هناك مبدأ‬ ‫الاهتمام بتوزيع المشاركة على القوى الاخرى ‪.‬‬
‫وقرار الطريقة علاقة الحزب بالسلطة ‪ .‬فاذا كان عدد وزراء الدولة ‪ ٢١‬فعندما يكون‬

‫ثلثهم من الحزبيين يجب ان يوضع تصور للطريقة التي يتم بها توزيع الباقي‬
‫فكيف يتم توزيع الباقي ؟ من الطبيعي يكون الثلث الثاني من العناصر الوطنية‬
‫والصديقة والقوى الثورية الاخرى والثلث الاخير من العناصر الفنية التي تمثل‬
‫الخبرة ‪ .‬المهم ان يكون مبدأ التوزيع ليس للكادر الحزبي فحسب بل ايضا لمناصب‬
‫الدولة ‪ ،‬وحيث يفقد المبدأ تحل الفوضى وتنشأ مخاطر الانحراف بشتى انواعها •‬

‫وعندما يكون هنالك مبدأ صحیح مقرر وفق دراسة فانه تتم معرفة المسح السياسي‬
‫للبلد ولواجبات الدولة والحزب على ضوء هذا المسح ‪ .‬ان الحزب الثوري الذي‬
‫يتولى السلطة يجابه مهمة طريقة تنظيم العلاقة بين الحزب ‪ -‬السلطة ‪ -‬الجماهير‪،‬‬

‫ومن الافضل دوما ترتيب العلاقة كما يلي ‪:‬‬


‫الجماهير ‪ -‬الحزب ‪ -‬السلطة ‪ .‬بحيث لا يحصل خطأ ربط السلطة بالحزب‬
‫بدون الجماهير ‪ ،‬ولا ربط الحزب بالجماهير بدون السلطة الثورية ‪ .‬ويجب ان لا‬

‫‪٢٥٩‬‬
‫تدفع الامور الصغيرة والكبيرة الى نسيان ‪ ،‬ان السلطة مؤلفة من ثلاث حلقات وحلقة‬

‫يثبت هذا المبدأ يكون بالمقدور‬ ‫فعندما‬ ‫والسلطة هي الحزب‬ ‫الصلة بين الجماهير‬
‫توفير قدرة الرؤيا الصحيحة لتوزيع الكادر وعندما يكون التثليث هــــو المبدا فانه‬
‫في‬ ‫وحيث يوضع الحزب‬ ‫بذلك يصان الحزب والمنظمات الشعبية والسلطة ‪.‬‬

‫فان العلاقة بين الجماهير من خلال المنظمات الشعبية ـ الحزب‬ ‫مكانه الصحيح‬

‫‪ .‬تكون معروفة وحسب هذا المقياس يمكن معرفة مما وكيف يتألف‬ ‫السلطة‬

‫المجلس الوطني وهكذا‬


‫ان وجود المبدأ الواضح المقرر وفق دراسة ثورية واقعية شرط من شروط‬

‫عدم ضياع الكادر وعدم ابتلاع الكادر من قبل السلطة او ابتلاع السلطة من قبل‬
‫‪.‬‬
‫الحزب أو ذوبان الاثنين في الحركة العفوية للجماهير‬
‫ان ادراك الحزب لمعادلة « الجماهير ‪ -‬الحزب ‪ 1‬السلطة وقدرته على حفظ‬
‫هي الاسس‬ ‫التوازن بين اطرافها وتحركه دوما على ضوئها ومن اجل ترسيخها‬
‫قيادة الحزب للجماهير وللسلطة معا‬ ‫وتأكيد‬ ‫الثابتة لحفظ‬

‫‪٢٦٠‬‬
‫لكي لا يتحول الكادر الحزبي الى طبقة جديدة ( ‪) ۱‬‬

‫ان ظهور طبقة جديدة بعد استلام السلطة هي احدى الامراض التي قد‬

‫تصيب اية ثورة تقدمية ‪ .‬وهي تشكل خطرا من اهم الاخطار التي تواجهها وتهدد‬
‫اصالة مسيرتها وسلامة خطها فتزداد خطورة هذه الظاهرة عندما يملك الحزب‬

‫القيادة العامة للحكم ‪ ،‬حيث تنشأ مخاطر ابتلاع السلطة للحزب وزوال الحدود بين‬
‫الحكم وبين الحزب ‪ ،‬وعندئذ تضيع المقاييس الثورية وتتسلق عناصر كثيرة وخاصة‬

‫وطموحهم ومهارتهم في‬ ‫ونزواتهم‬ ‫وميولهم‬ ‫من المثقفين الذين لهم من امكانياتهم‬

‫القفز فوق الفرص وفي ركوب الاحداث ما يعزز احتمالات بروز معالم نشوء طبقة‬
‫‪.‬‬
‫جديدة تجيد الكلام عن الثورية وتجيد في الوقت نفسه استغلال الثورة‬

‫ان الطبقة التي تنشأ في ظل السلطة الثورية تعكس اول مرض من امراض‬
‫الثورة ‪ :‬مرض استغلال الثورة لمصالح فردية وفئوية بعيدة عن المصالح الحقيقية‬
‫فهي تشكل ظاهرة‬ ‫لذلك‬ ‫للعدد الاكبر التي تشكل مركز اهتمام السلطة الثورية ‪.‬‬

‫فضولية انتهازية تهدد تهديدا مباشرا الطابع الشعبي والطابع الاخلاقي للثورة‬
‫ان من سمات الطبقة الجديدة انها تستثمر النجاح والنصر لصالحها قبل كل‬
‫ومن خلال احتلال هذه‬ ‫شيء ‪ .‬وتستغل مراكزها السياسية لاحتكار السلطة ‪.‬‬

‫لها ولا قاربها (‪ ) ..‬فتتحول عن طريق‬ ‫المراكز تعمل على جني الفوائد والمنافع والمغانم‬
‫الثورة ‪ ،‬طريق خدمة الجماهير وتصبح طبقة متحكمة ذات سلطان ‪ ،‬ويصل بها‬

‫جبروتها وغرورها احيانا الى درجة تضرب فيها عرض الحائط كل رأي لا يرضي‬
‫رأيها ولا يتفق ومصالحها ‪ .‬فكل الامور لا يمكن ان تجري الا برضاها ‪ .‬و‬

‫مستعدة لان تتخطى جميع الامور التي لا ترضى عنها ‪ ،‬وان تضع نفسها فوق‬
‫الشعب والحزب والدولة ‪ .‬لذلك فهي تشكل طبقة بيروقراطية فاقدة للشعور بدور‬
‫الجماهير ومراقبة الجماهير ‪ ،‬متسلطة ‪ ،‬تختزل العلاقات الموضوعية بين الجماهير‬
‫والحزب والسلطة ‪ ،‬الى علاقات من طبيعة ذاتية بين مجموعة من العناصر القيادية ‪.‬‬

‫وتعطل دور المبادىء الديمقراطية في تنظيم العلاقات الاجتماعية داخل الحزب‬


‫والدولة ‪ ،‬وتستعيض عنها بعلاقات فردية شخصية تحكمية‬

‫‪ -‬السنة الاولى ‪ ،‬العدد التاسع ‪• ١٩٦٩ ،‬‬ ‫« الثورة العربية‬ ‫(‪)۱‬‬

‫‪٢٦١‬‬
‫وبكلمة واحدة فان الطبقة الجديدة تحاول ان تحل محل الطبقة القديمة التي‬
‫وهي تستغل بذكاء ودهاء كل فرصة تساعدها على الوصول ‪،‬‬ ‫جاءت على انقاضها‬

‫وعلى تبرير سلوكها وتمويهه ‪ .‬وهي تستفيد الى اقصى حد من ضعف الرقابة‬

‫وهي‬ ‫الشعبية والحزبية لتوطد نفوذها وتبني كيانها الطفولي الانتهازي الجديد ‪.‬‬
‫تنطلق من العلاقات الشخصية والعائلية والعشائرية لتمتد الى العلاقات الطبقي كما‬
‫ة‬

‫انها تنطلق من استغلال لماض نضالي لم يكن من صنعها ‪ ،‬ومن تبجح وادعاء بانها‬

‫فلولاها لما وجد هذا الرأي‬ ‫هي التي صنعت الثورة وخلقت الوعي العربي الثوري‬
‫ان‬ ‫ة‬ ‫ل‬ ‫ولا بد للقاف‬ ‫ش‬ ‫ولما وجدت الثورة ‪ .‬وانه من دونها لا تستطيع الثورة ان تعي‬
‫تتوقف ‪ ..‬الى غير ذلك من التصورات والمزاعم والادعاءات التي تضخم الادوار‬
‫الذاتية بشكل مرضي شاذ ‪ ،‬وتدفع اصحابها الى تصور انفسهم محركي عجلة‬

‫والمعنوية على الثورة وغالبا ما تكون‬ ‫التاريخ واصحاب الحق في الوصاية المادية‬
‫الاصول الطبقية البعيدة عن تجسيد ابعاد الثورة ومطامحها حتى النهاية ‪ ،‬اصول‬

‫هذه الطبقة‬ ‫الرئيسي لنشوء‬ ‫هي المصدر‬ ‫‪،‬‬ ‫البورجوازية الصغيرة والمتوسطة‬
‫الجديدة‬

‫‪ ،‬لا بد من معالجــــة‬ ‫وحتى يصان الكادر الحزبي من تسرب هذه الظاهرة‬


‫الشروط اللازمة لتوفير المناعة اللازمة ضد نشوئها وانتشارها ‪ ،‬حرصا على ثورية‬

‫هذا الكادر من جهة ‪ ،‬وحرصا على الثورة ذاتها كخط تاريخي معبر عن الحركة‬
‫الموضوعية للواقع ‪ ،‬وعن المصلحة المادية والمعنوية للطبقة الكادحة التي تشكل المادة‬
‫التاريخية لهذه الثورة وبالتالي حرصا على تطور الثورة وتجددها وانقاذها مــــــن‬
‫الجمود والاستغلال والتسلط‬

‫‪ -‬اعداده ‪-‬‬ ‫الكادر ‪ :‬اهمیته ‪ -‬صیانته‬


‫تربیته‬

‫الكادر هو المناضل الذي يجسد مبادىء الحزب في سلوكه ‪ ،‬والذي يشكل‬


‫الحزب وانتصار قضية الجماهير طموحه الاول ‪ ،‬وهو القادر على تفهم مشاكل‬

‫الجماهير وحاجاتها ‪ ،‬قادر على اثارتها وقيادتها مستعد للتضحية من اجلها ‪ ،‬وفي‬
‫سلوكه اليومي ووعيه واخلاقه مثلا تقتدي به قواعد الحزب وجماهيره‬
‫فدونه لا يمكن تصور قدرة‬ ‫ان الكادر في الحزب كالهيكل العظمي للانسان ‪،‬‬
‫الانسان على الحركة والوجود والعيش ‪ ،‬ان الكادر هو بنيان الحزب وبدونه لا يمكن‬

‫واحد ودرجة واحدة‬ ‫بمستوى‬ ‫وليس كادر الحزب‬ ‫تصور وجود حزب ثوري ‪.‬‬
‫فكوادر الحزب يمكن تصنيفهم الى ثلاثة اصناف ‪ ،‬فالصنف الاول هو الذي يتكون‬
‫اعضاء القيادة القومية واعضاء القيادات القطرية والذين برهنوا على ولائهم‬

‫لمبادىء الحزب ‪ ،‬وهؤلاء من الاعضاء الذين كرسوا حياتهم لقضية الحزب وانتصار‬
‫قضية الجماهير ‪ ،‬ويجب ان يكون جميعهم من الحزبيين المحترفين المتفرغين للحزب‬
‫نهائيا ‪ ،‬ويليهم كوادر الصنف الثاني وهم الكوادر الواسعة من قادة الفروع‬

‫والذين‬ ‫‪،‬‬ ‫والطلابية والمهنية‬ ‫والعمالية والفلاحية‬ ‫والشعب وقادة المكاتب الثقافية‬

‫‪٢٦٢‬‬
‫يؤلفون بمجموعهم القوة الفاعلة الواسعة لتماسك ووحدة الحزب ‪ ،‬والقوة الايجابية‬

‫التنفيذية المباشرة لمبادىء الحزب وسياسته والذين بمقدورهم أن يحولوا القرارات‬

‫فهم الكوادر الذين اقصوا عن‬ ‫الى تطبيق عملي ‪ ،‬اما الكوادر من الصنف الثالث ‪،‬‬
‫مسؤولياتهم لاسباب مختلفة او فشلوا في الانتخابات الحزبية ولكنهم احتفظوا‬

‫بشرفهم الثوري كاعضاء من الحزب او منقطعين عن العمل الحزبي لاسباب معينة ‪،‬‬
‫فرصا‬ ‫او مجمدين عن العمل الحزبي ‪ ،‬والذين لا زال الحزب على استعداد لمنحهم‬
‫أخرى للعودة الى الحزب من نشاطه وفعالياته من وقت لآخر بعد ان تؤكد التجربة‬

‫وتقبل النقد في المستقبل‬ ‫استعدادهم لتصحيح اخطائهم‬


‫ان الكادر على مختلف درجاته يمثل الوجود الفكري والسياسي للحزب ‪،‬‬
‫ولهذا فان العناية به هو عناية بالحزب ‪ ،‬والاعتناء بالكادر لن يكون الا بواسطــــة‬

‫الكادر نفسه ‪ ،‬لان العناية بالكادر هي الوسيلة الوحيدة التي تسهل مهمة انتصار‬
‫الحزب‬
‫ان الاعتناء بالكادر يجب ان يوجه الى ثلاثة امور رئيسية ‪ ،‬الصيانة ‪ ،‬الصحة‬

‫والثقافة ‪ .‬فالكادر بحكم عمله الفكري والجسمي والاندفاع الذاتي الحار للتضحية‬
‫معرض لاهمال ذاته ‪ ،‬وحياته ‪ ،‬وهذا الاهمال قد يعرض حياته الى الغدر والخيانة‬
‫والقتل وتشويه السمعة ‪ ،‬وقد يعرض صحته الى التدهور او ان يهمل تثقيف‬
‫نفسة بصورة ذاتية‬

‫ان صيانة حياة الكادر والمحافظة على صحته واتاحة الفرصة لتثقيف نفسه‬
‫من واجبات الحزب الضرورية ‪ ،‬وذلك ليكون قادرا على العمل بصحة جيدة وثقافة‬

‫ان الاهتمام بالكادر من هذه النواحي هو اهتمام بالحزب وتقدير لاهمية كنوز‬ ‫عالية‬
‫الكوادر الثورية منهوكة بسبب السجون والتشريد‬ ‫ان معظم‬ ‫الحزب الثمينة ‪.‬‬
‫والاختفاء وتحمل المسؤوليات الكبيرة في خدمة الشعب ‪.‬‬
‫ان الكادر حينما دخل الحزب الثوري ‪ ،‬ومارس العمل السري ‪ ،‬كان يتمتع‬
‫مخلصة ‪ ،‬روح تمتاز عن الاخرين بالتضحية ونكران الذات ‪ ،‬لان الحزب‬ ‫بروح‬
‫السري لا يضمن وصوله الى الحكم الا عبر تضحيات جسام يكون وقودها كوادر‬
‫‪ .‬لذلك فمن واجب الحزب الثوري ان يقدر التضحية الجليلة ويعتبرها‬ ‫الحزب‬
‫وتقدير اعمالهـ‬ ‫وتثمينهم‬ ‫‪ ،‬وتمييز المضحين‬ ‫للشعب‬ ‫رمز التفاني والاخلاص‬
‫المتفانية ‪ ،‬وعدم تسليم زمام توجيههم الى كوادر حديثة غير مجربة ‪ ،‬بل اتباع‬
‫سياسة ( التطعيم ) أي تطعيم الكادر القديم بالكادر الجديد ‪ ،‬وتجنب الوقوع في‬
‫الخطأ نتيجة لاختزال الخبرة القديمة وضياعها وسط نشاط حماسي للكادر الحديث‬

‫النشء وغير المنهوك ‪ ،‬ولكن من الخطأ الجمود على الكادر القديم ‪ ،‬لان (الكادر القديم )‬
‫قد يحس بالتعب وعدم الحماس وقلة الاندفاع او الاستخفاف بالتجربة‬ ‫والذي‬
‫فتطعيم الحديث بالقديم من‬ ‫الحديثة وصعوبة تقبل النقد وظهور ميول الاستعلاء ‪.‬‬

‫بفعله وخبرته وسعة اطلاعه بأمور البلد‬ ‫والاحتفاظ‬ ‫بواعث تجديد شباب الحزب‬

‫والاحزاب الاخرى ‪ ،‬وتاريخ الحزب نفسه وتياراته وتقييم احداثه الماضية والحرص‬
‫على الاندماج بالحزب بينما الكادر الحديث تعوزه مجموعة من الخواص لا يمكن ان‬

‫‪٢٦٣‬‬
‫يعمل بصورة سليمة بدون الكادر القديم‬

‫ان وضع خطة لتنسيق نشاط الكادر القديم وتطعيمه بالكادر الجديد‬
‫ضرورات صيانة الحزب والكادر نفسه ‪ ،‬لان الكادر يحتاج الى عناية ومراقبة‬
‫لسلوكه ‪ ،‬وذلك لان المجتمع البورجوازي يحيط الكادر بآلاف من العادات والتقاليد‬

‫البورجوازية والذي لم يتحرر ‪ .‬والميل الى الرفاه البورجوازي وحب الشهرة وكسب‬
‫البطانة والاعوان والازلام من خواص الفرد البورجوازي ‪ ،‬والكادر الذي يعمل في‬
‫المجتمع البورجوازي والذي لم يتحرر نهائيا من ترسباته والذي لم تسيطر المبادىء‬
‫الاشتراكية سيطرة تامة وتجعل من سلوكه انعكاسا حيا لما يؤمن به من المبادىء ‪،‬‬
‫فهو معرض الى الانحراف وراء هذه العادات ‪ ،‬وخاصة حينما تنشأ بينه وبين‬
‫‪ ،‬او عندما يشعر بالتفوق على الاخرين ‪ ،‬ولم ينقد او‬ ‫الحزب بعض المشاكل‬
‫يحاسب على اعماله الخاطئة‬

‫‪ .‬يكون ذكيا احيانا‬ ‫‪ ،‬ينتعش ويفسد‬ ‫ان الكادر كأي كائن حي ينمو ويموت‬
‫وربما بليدا احيانا اخرى ‪ ،‬ولاجل ان يكون الحزب مستوفيا لحاجاتـــــه المستمرة‬

‫‪ .‬كخروج عدد من الكوادر من‬ ‫للكادر ‪ ،‬على الحزب ان يكون مهيئا لكل الاحتمالات‬
‫الحزب ‪ ،‬او موت بعضهم او استشهاد آخرین ‪ ،‬وكذلك تعب البعض او انحراف‬
‫آخرین ‪ ،‬لذلك فان استعدادات الحزب المسبقة لاملاء هذه الشواغر ضرورة دائمية‬
‫في تربية الكادر يجب ان تستهدف ‪:‬‬ ‫لذا فان استعدادات الحزب‬ ‫وملحة ·‬

‫ا ‪ -‬الاحتفاظ بالكوادر القديمة والمحافظة عليها‬

‫‪ - ٢‬اعداد الكوادر الجديدة ‪ ،‬ومن المهم أن نعرف ان اعداد الكادر الجديد لن‬
‫يتم الا بواسطة الكادر القديم‬
‫‪ 1‬تطعيم نشاط الكادر القديم والحديث ‪ ،‬وذلك لتزويد الحديث بالخبر‬

‫وبعث الحماس والاندفاع في القديم‬


‫‪ ٤‬ـ ان يكون توزيع الكادر توزيعا صحيحا ‪ ،‬وهذا التوزيع له اهميته الكبرى ‪،‬‬
‫فالاخطار الناجمة عن عدم التوزيع الصحيح للكادر تسبب البلبلة وخسارة الكوادر‬
‫وارتباك امور الحزب ونشاطه‬

‫ه ‪ -‬ان مراقبة رأي الجماهير بالكادر من الشروط الهامة لصيانة سمعة‬


‫الحزب ‪ .‬ان الكادر الذي لا يؤتمن جانبه اجتماعيا يعتبر عنصرا فاسدا يجب العمل‬
‫على اصلاحه حالا او بتره ‪ ،‬لان الكادر هو زبدة الحزب ‪ ،‬وعندما تكون الزبدة‬

‫فاسدة فلا يمكن ان يرجى النجاح والنصر للحزب والثورة‬


‫‪ -‬ان الحزب يجب ان يطهر صفوفه من العناصر الفاسدة ‪ ،‬لان الحزب لا‬ ‫ـ‬
‫يقوى الا بتطهير نفسه من العناصر الفاسدة من مختلف المستويات ‪ ،‬وذلك لان‬

‫لتسلل عناصر غريبة من حثالات المجتمع والمحتالين والتافهين‬ ‫الحزب معرض‬


‫يدخلوا الحزب الا لتحقيق مصالح شخصية ‪ ،‬لذلك فان تطهير صفوف‬ ‫والذين لم‬

‫الحزب الثوري في اوقات مناسبة واعلان اسباب التطهير من مستلزمات تقوية‬


‫الحزب ‪ ،‬وعلى الحزب الثوري ان يغسل نفسه بين آونة واخرى لانه كمثل جسم‬
‫بين مجتمع مليء بالمنكرات ‪ ،‬عليه ان يطرد كافة العناصر الغريبة عنه ·‬

‫‪٢٦٤‬‬
‫‪ - ۷‬ان العناية بصحة وسلامة وثقافة الكادر هي جزء من العناية بالحزب ‪،‬‬

‫وهذه العناية يجب ان تأخذ سبيلا ثوريا هادفا الى علاج كافة الامراض التي تصيب‬
‫الكادر ‪ ،‬وحماية حياته وسمعته من اعتداءات ودعايات القوى الرجعية واعداء‬
‫الحزب ‪ ،‬وتوفير الامكانيات اللازمة لزيادة وعيه وثقافته •‬

‫والغذاء والزواج‬ ‫‪ ،‬الكساء والمأوى ‪،‬‬ ‫كما ان حل مشاكل الكادر الاساسية‬


‫واذا كان توفير مستلزمات حياة ومعيشة الكادر‬ ‫يجب ان نعيرها كثيرا من اهتمامنا‬
‫شيء ضروري الا ان هذه الحياة يجب ان تكون متوسطة بحيث لا تميل الى الرفاه‬

‫البورجوازي ‪ ،‬ولا الى الفقر والشعور بالحاجة لضرورات الحياة ‪ .‬لان الشعور‬
‫بالحاجة قد يدفع الكادر الى اقامة روابط شخصية سيئة ‪ ،‬او تدفعه الى الشعور‬
‫بعدم تقدير خدماته للحزب مما يؤثر على وضعه النفسي ‪ ،‬وخاصة الكوادر والذين‬
‫يعيلون عوائلا تعذبت كثيرا بسبب نضالها الثوري مع الكادر المعيل‬
‫‪ - ۸‬ان معاملة الكادر اثناء معاقبته من الامور الحساسة في تربية الكادر‬
‫ان اصدار الاحكام القاسية غير المقنعة تولد نكسة ليس عند الكادر المعاقب فحسب‬
‫بل عند الكوادر الأخرى ايضا ‪ ،‬ثم ان الكادر الذي نذر حياته سنوات للحزب ‪ ،‬ثم‬
‫يعاقب ويقحم بغتة في البحث عن لقمة الخبز ‪ ،‬يولد عنده ردة خطيرة ‪ ،‬مما تؤدي‬
‫الى قطع الامل باصلاح الكادر وعودته الى نشاطه الثوري والحزبي ‪ .‬ان على المنظمات‬
‫الحزبية ان تدرك أن طرد اي كادر والتشهير به بقساوة سيولد رد فعل حتى في‬
‫وليس مفاجأة واتخاذ الاصول‬ ‫‪ ،‬ويجب ان يكون القرار معقولا‬ ‫الوسط الشعبي‬
‫الحزبية من استخدام درجات العقوبة ‪ ،‬وعدم فضح كل السيئات الشخصية للكادر‬
‫واتخاذ الاجراءات اللازمة‬ ‫والتركيز على النهج السياسي والاخطاء السياسية ‪.‬‬

‫لتأمين معيشة الكادر حتى بعد معاقبته ليشعر هو ومن حوله بانه في الوقت الذي‬
‫لا يمكن للحزب ان يتسامح من الاخطاء التي تضر بمصلحة الشعب والثورة والحزب ‪،‬‬
‫الا انه عنده الاستعداد للرحمة ولاعطاء فرصة للكادر لتصحيح اخطاءه ‪ .‬ولذلك فان‬

‫الحزب لا بد ان يحتفظ بصداقته لعائلة الكادر المعاقب واقاربه ومحبيه لكي يخلق‬

‫جوا يرفعه لاصلاح نفسه ‪ .‬وعلى المنظمات الحزبية ان تفكر باتخاذ الاجراءات‬
‫اللازمة لمنع تدهور الكادر وعدم ترك اخطاءه تتعاظم لكي لا يخسره الحزب نهائيا‬
‫ولكي لا يضطر الى اتخاذ اجراءات انضباطية مفاجئة‬
‫ان تربية الكادر مهمة يقوم بها الكادر نفسه ‪ ،‬ولكن ليست بمقاييس وجهود‬

‫ومبادىء في العمل ‪ ،‬ان التربية الثورية تستهجن الغش والمناورة واللف والدوران ‪.‬‬
‫ان التربية الثورية ‪ ،‬تدخل في نفسية الكادر وفي ضميره من اجل تجنب الوقوع‬
‫تحت تأثیر مغريات المجتمع ‪ .‬ان الكادر ذو التربية الثورية نموذج لانسان يشار‬
‫والتضحية وحب الشعب والدفاع عن‬ ‫اليه بالبنان في الخلق القويم ونكران الذات‬
‫الحقيقة واحترام المرأة ورعاية الطفل والخضوع للنظام وحب العمل وتحمل‬
‫‪.‬‬
‫المسؤولية ‪ ،‬وعدم الانسياق وراء الصفات الرذيلة كالخديعة والغموض واللوم‬
‫ان الكادر ذو التربية الثورية نموذج انسان جديد لبناء نظام جديد ‪ ،‬فهو‬
‫فانه قبل كل شيء يخدم نفسه ‪ ،‬ويخدم‬ ‫عندما يتحلى بهذه الصفات الجليلة ‪،‬‬
‫فخم وامتلاكه لخواص‬ ‫سمعته ومكانته وشخصيته ‪ ،‬ومن يقارن بين امتلاكه لقصر‬

‫محببة عند الشعب ‪ ،‬يختار الثاني لانه خلال ذلك يخدم حزبه وشعبه وامته ‪ .‬ان‬
‫فهو يكون انسانا‬ ‫‪،‬‬ ‫الثوري حينما يدرك ان امتلاك احترام الشعب له اثمن واعظم‬
‫يل خدمة القضية‬ ‫صلبا في الفكر والخلق وتحمل العذاب وحتى الاهانة في‬

‫الثورية العظمى لأمته ‪ .‬ان الثوري يستطيع ان يكون صديقا للملايين في وطنه‬
‫وهذه الصداقة لا تكتسب بالمال والحيل والمغريات ‪ ،‬بل بالاخلاص للقضية التي‬

‫تناضل من اجلها هذه الملايين‬

‫ان الشرف عند الثوري شرف سياسي قبل كل شيء ‪ ،‬والشرف السياسي‬
‫جوهرة تحتوي على الشرف الشخصي وشرف الامة ‪ .‬ان الثوري يستطيع ان‬
‫يتحدث باسم شعبه ‪ ،‬لانه يمثل طموحه وآماله وكل المثل الفكرية والاخلاقية من‬
‫الشعب‬

‫ان المواطن العادي معرض لارتكاب انواع من الجريمة والجناية كالتزوير‬


‫والغش وغيرها وهذا متأتي من تركيب المجتمع نفسه ‪ ،‬ولكن لا يقبل النصيحة او‬
‫القيادة من قبل انسان اخر مثله يحمل نفس الصفات ‪ ،‬بل مستعد ان يسلم قيادته‬

‫الى انسان يحمل غير خواصه ‪ ،‬انسان مثالي بنظره‬


‫وطقوسهم الدينية‬ ‫ان الثوري يجب ان يحترم عادات الناس وتقاليدهم‬
‫ولاسيما لان ذلك يشكل احتراما للناس انفسهم ‪ ،‬واحتراما للعلاقات بينه وبين‬
‫الجمهرة الغالية من الشعب‬

‫ان الكادر الثوري ‪ ،‬لكي يبقى انسانا نافعا دائما ‪ ،‬يجب ان يكون سليــــم‬
‫اللسان ‪ ،‬وسليم النية ولكنه يجب ان يكون يقظا وذكيا وحاقدا على الظلم والظالمين‬
‫والاستغلال والاستبداد حقدا دفينا عارما‬

‫لكي لا يتحول كادر الحزب الى طبقة جديدة‬

‫ان البديهية التي يجب ان يعرفها كافة الحزبيين هي ان الكادر وجد لكـــــي‬
‫يبقى الحزب فاعلا دائما لا عاملا من عوامل ركود الحزب ومعرقلا لاندفاعاته الذاتية ‪.‬‬

‫ان الكادر هو الذي يبعث الطمأنينة والثقة في قواعد الحزب وهو الذي يحرك‬
‫الحزبيين عندما يصيبهم الفتور وحب الراحة فهو قائد جماهيري اولا وقائد لمنظمات‬
‫الحزب ثانيا لان الذي لا يعرف كيف يقود الجماهير ولا يستهويه الاندماج معها غير‬
‫قادر ابدا على قيادة الحزب ما دام الحزب هو التجسيد لاماني الجماهير وتطلعاتها ‪.‬‬
‫قادرون على قيادة الجماهير من المكاتب الفخمة‬ ‫ان الذين يعتقدون انهم‬
‫وباستخدام السيارات الفارهة مخطئون جدا لان من المحال ان يقود الجماهير كادر‬

‫عزل نفسه عن الجماهير ‪ ،‬لان قيادة الجماهير تستلزم معاناة مشاكلها وحياتها ‪،‬‬
‫معرفة آلامها وآمالها ‪ ،‬وكذلك كسب ثقتها واحترامها ‪ ،‬ولن يتم ذلك الا من خلال‬
‫العيش معها‬

‫ان على كادر الحزب ان يكون مثالا ونموذجا للتسامي ونكران الذات وعليه ان‬

‫‪٢٦٦‬‬
‫يبرهن للجماهير بان الثورة من اجلهم ولسعادتهم وليس من اجل الحزبيين ‪ ،‬وعلى‬

‫الحزبيين ان يضعوا في بالهم بان الضرورة قد تجعلهم متضررين من الثورة ‪ ،‬وعليهم‬


‫‪.‬‬
‫أن لا يصيبهم الفتور ما دامت الثورة قد قامت من اجل الجميع‬
‫اذا كانت هذه هي السمات الاساسية للكادر فالخوف كل الخوف ان يبدا‬

‫نکادر بالتخلي عن هذه الصفات بعد ان تستقر الثورة وتصبح في مأمن ‪ ،‬وعندها‬
‫يتحول الى نموذج جديد للأوضاع السابقة وربما يتحول الى طبقة جديدة ستكون‬
‫‪.‬‬ ‫عدوة للثورة لا محال‬

‫ولكي لا يتحول الكادر الى طبقة جديدة ‪ ،‬يجب اولا وقبل كل شيء ‪ ،‬تنظیم‬
‫العلاقة بين الجماهير ‪ -‬الحزب ‪ -‬السلطة تنظيما سليما ‪،‬‬
‫فان سلامة هذه العلاقة‬

‫شي الضمانة الاولى لمنع نشوء طبقة جديدة ‪ ،‬ولكن رغم ذلك فان نشوء طبقة جديدة‬
‫موجودة حتى بعد تنظيم العلاقة بين هذه الثلاثية الجماهير ‪ -‬الحزب ‪ -‬السلطة ) ‪،‬‬

‫لان الطبقة الجديدة يمكن ان تظهر من قمة السلطة وتنمو الى الاسفل ‪ ،‬او تنمو من‬

‫في القطاع‬ ‫نطاع رئيسي من قطاعات الدولة وتفرض نفسها كطبقة جديدة‬
‫ومناقشة منجزاتها‬ ‫الى النقد ‪،‬‬ ‫يجب اخضاع كل الهيئات والمنظمات‬ ‫‪.‬‬ ‫الإخرى‬

‫وفحص علاقاتها وتقييم اتجاهاتها ‪ ،‬وتغييرها وفق الاصول المبدئية ‪ ،‬وتغيير مهامها‬
‫‪ .‬ولكي لا تنشأ‬ ‫سيئة عليها‬ ‫ومواقعها وطبيعة عملها ومكانها حينما تظهر علامات‬
‫طبقة جديدة يجب التشديد على عدم الشذوذ من استخدام الصلاحيات والمحاسبة‬
‫في التصرفات النفعية ‪ ،‬والمواقف المستهترة بحقوق الشعب وحقوق ابسط مواطن‬
‫وحقوق الدولة وواجباتها وحقوق الحزب وواجباته ‪ ،‬وحقوق وواجبات الفرد‬
‫·‬ ‫المسؤول‬

‫قبل السلطة الثورية والمؤيدة من الحزب‬ ‫قوانين الدولة الصادرة من‬ ‫ان‬
‫الثوري والمنسجمة مع مصالح الجماهير يجب ان تكون محترمة ومطاعة عند‬
‫·‬ ‫الجميع ‪ ،‬وتطبق بحزم ولا يجوز فسح المجال لتخطيها والتلاعب بها من اي كان‬

‫ان القانون الثوري هو الذي ينظم العلاقات ويعتبر بمثابة الميزان الذي يمكن ان‬
‫نوزن به الامور ‪ ،‬لذلك فان قوانين الثورة واحترامها ‪ ،‬احدى الضمانات التي تكفل‬
‫عدم ظهور طبقة جديدة •‬

‫ان الطبقة الجديدة تريد ان تضع نفسها في موضع القوانين ‪ ،‬ولكن القوانين‬
‫الثورية هي التي تعبر عن ارادة كل الشعب ‪ ،‬وهي وحدها التي تترجم وتحدد‬

‫مصالح الشعب والخروج عليها خروج على مصالح الشعب ‪ ،‬وان تجاوز هــــذه‬
‫قوانين لا يجوز ان يحصل بارادة فرد ما او نتيجة امتعاض مسؤول ما من القانون‬

‫الثوري وعدم ملاءمته لذوقه او مصلحته او اجتهاده الشخصي‬


‫ان الطبقة الجديدة لا تظهر على جميع مؤسسات الدولة من خلال تطبيق‬

‫المنهاج الثوري ‪ ،‬وحينما تعرض اخطاء المخطئين ويشكر المتقدمون في الانجازات ‪،‬‬
‫الثورية وكسب عطف اوس‬ ‫المبتكرات‬ ‫ويتبارون في تحقيق النجاح وتقديم‬
‫والثورة والسلطة‬ ‫نحو الحزب‬ ‫الجماهير‬

‫ان الحزب الثوري يقطع احدى السبل المؤدية لظهور الطبقة الجديدة حينما‬

‫‪٢٦٧‬‬
‫يمنع جديا كل مظهر من مظاهر اضطهاد الشعب ‪ ،‬ان هذه الطبقة تنمو وتجرؤ على‬

‫‪ .‬وكذلك يقطع الحزب سبيلا اخر‬ ‫الظهور حينما تتاح لها فرصة اضطهاد الاخرين‬
‫حينما يشدد رقابته على ملاكاته وكوادره ‪ ،‬حينما‬ ‫من سبل نشوء هذه الطبقة ‪،‬‬

‫يكون اختياره للكادر ملائما للموقع الملائم ‪ ،‬حينما لا ينساق الحزب وراء سياسة‬
‫وحينما يطبق المبدأ تطبيقا صارما حيا وخلاقا ‪.‬‬
‫ترضية ملاكاته ‪،‬‬
‫ان الطبقة الجديدة تنمو من خلال السياسات الخاطئة ومن خلال الفرص غير‬

‫المتكافئة لتطور الكادر ‪ ،‬فالكادر الريفي محروم من كثير من وسائل التثقيف‬


‫والترفيه من الحزب بسبب بعده عن الحياة الثقافية وعن مؤسسات الدولة العليا‬

‫التي تتيح الاحتكاك والتلاصق معها الى كسب المغانم الادبية او المادية ‪ ،‬بينما الكادر‬
‫الفلاحي يقوم بعمل مضن وفي شروط حياتية قاسية وبين الفقر والجوع والتراب ‪.‬‬
‫اما الكادر العامل وخاصة العامل من مراكز الدولة فانه يعيش من ظروف يمكن‬
‫فان نشوء طبقة‬ ‫‪ -‬بالقياس الى الظروف الفلاحية ‪ -‬لذلك‬
‫اعتبارها بورجوازية –‬
‫جديدة من المدن اقرب الى الاحتمال بالنسبة للكوادر الأخرى ‪ ،‬العمالية والفلاحية‬
‫والعاملة بعيدا عن مراكز الدولة والمراكز الاقتصادية او الثقافية ‪ ،‬لذلك فان‬

‫التشديد والمراقبة على الكوادر العاملة من اوساط حكومية أكثر ضرورة من الكوادر‬

‫العاملة خارج اطار السلطة ‪ .‬وان الكوادر العاملة في الارياف والعاملة بعيدا عن‬
‫القيادات الحزبية العليا ‪ ،‬معرضة الى خطر التخلف والى خطر الذوبان من حركة‬

‫الجماهير العفوية وكذلك الى مخاطر التكلس وضياع خط الحزب الثوري وضعف‬
‫الشعور بوحدة الحزب ‪.‬‬

‫ولكي لا يتحول الكادر الى طبقة جديدة فانه يحتاج الى تثقيف ثوري مستمر‬
‫وتصليب نظري دائم وتزود مستمر بالثقافة الحزبية واستمرار المساهمة في بناء‬
‫الحياة الداخلية الحزبية ‪ .‬ان الكادر الذي يفهم بانه حصل عن طريق نضاله الحزبي‬
‫على المكانة الثورية والاجتماعية ‪ ،‬يستطيع ان يقدر النتائج التي سيجنيها عندما‬

‫يدير الحزب ظهره عليه ‪ ،‬حينما يفقد شرفه الحزبي ‪ ،‬وحينما يتخلى الحزب من‬
‫الدفاع عن نشاطه او تزكية اعماله‬

‫ان السبل سوف تكون مسدودة امام نشوء طبقة جديدة حينما يؤدي الحزب‬
‫وظيفته الطليعية سياسيا جيدا ‪ ،‬وحينما يمتن وحدته الداخلية ويشدد علــــــــــى‬

‫الديمقراطية المركزية ويوسع علاقته بالجماهير ولا يتغافل عن امراض السلطنــــــة‬


‫والآمرية التي تصيب الكوادر العاملة داخل السلطة‬

‫‪٢٦٨‬‬
‫لكي لا تبتلع السلطة كوادر الحزب ( ‪)۱‬‬

‫ان استلام السلطة من المهام الاساسية التي يسعى أي حزب ثوري لانجازها ‪،‬‬
‫ذلك لان تحقيق هذه المهمة هو المدخل الطبيعي لتحقيق اهداف الحزب الثوري‬
‫وتنفيذ برنامجه ‪ .‬وعملية استلام السلطة لا تعني السيطرة على المؤسسات العلوية‬
‫في الدولة فحسب ‪ ،‬وانما تقتضي السيطرة على اجهزة التنفيذ المختلفة فيها‬
‫وعدم تركها فريسة للعناصر البورجوازية القديمة ·‬

‫ان استلام الحزب الثوري للسلطة يعني تحطيم ماكنة الدولة القديمة‬

‫والسيطرة على اجهزتها التي كونت من اجل حماية مصالح الطبقات الرجعية التي‬
‫ناضلت القوى الثورية من اجل ازاحتها ‪ ،‬وتحقيق سلطة الطبقات الثورية‬
‫ان تحقيق سلطة الطبقات الثورية مرتبطة ببناء الاجهزة القادرة على النهوض‬
‫بمهمة التغيير الذي ينشده الحزب وتحقيق اهدافه ‪ .‬وأن بناء الاجهزة الثورية‬
‫يقتضي الاعتماد على الادوات الثورية ‪ ،‬وكوادر الحزب من اهم الادوات التي يعتمد‬

‫عليها في بناء اجهزة السلطة ‪ ،‬وان ظاهرة الاعتماد على كوادر الحزب في بناء‬
‫اجهزة الدولة تبرز حينما تكون السلطة ممثلة للحزب الثوري وحده دون مشاركة‬

‫اية قوة ثورية او تقدمية اخرى في انجاز مهام المرحلة ‪ .‬وبالرغم من اهمية وجود‬

‫الكادر الحزبي في اجهزة الدولة ‪ ،‬الا ان الاعتماد على كوادر الحزب وحده قد تؤدي‬
‫الى مخاطر كبيرة على مستقبل الحزب الثوري لا تقل خطرا عن ترك اجهزة الدولة‬
‫تحت رحمة الكوادر البورجوازية ‪ ،‬وهذا الخطر هو خطر ابتلاع السلطة لكوادر‬
‫الحزب ‪ .‬لان هذا الخطر لا ينحصر تأثيره على مستقبل الحزب فحسب بل على‬

‫وضع الثورة والسلطة ايضا ‪ ،‬ولذا فان معرفة مظاهر ابتلاع السلطة للكادر الحزبي‬
‫تساعد على معرفة الاسباب الحقيقية لهذه الظاهرة •‬

‫ان مظاهر ابتلاع السلطة للكادر الحزبي تظهر بأشكال متعددة منها ‪:‬‬

‫‪1 1‬‬
‫املاء ملاكات الدولة بالكوادر الحزبية لا على اساس القدرة السياسية‬

‫وعدم الاخذ بنظر الاعتبار الكفاءة‬ ‫والفنية ‪ ،‬بل على اساس التسلسل الحزبي ‪،‬‬

‫( الثورة العربية ‪ -‬السنة الأولى ‪ ،‬العدد العاشر ‪. ١٩٦٩ ،‬‬ ‫(‪)۱‬‬

‫‪٢٦٩‬‬
‫الجماهير‬ ‫سية او المقدرة على اداء الواجب بما يحقق مصلحة الثور‬

‫‪ - ۲‬تركيز النشاط الكلي لكوادر الحزب على انجاز مهمات السلطة ‪ ،‬وعدم‬
‫في ضمان‬ ‫ممارسة النشاط الحزبي وتجاهل الدور الخطير الذي يلعبه الحزب‬
‫انتصار الثورة وتحقيق مهامها ‪ ،‬الامر الذي يؤدي الى سيطرة عقلية السلط‬

‫والابتعاد عن مبادىء الحزب وافكاره وذوبان كوادر الحزب في السلطة وتحويله الى‬
‫ذيل لها‬

‫‪ -‬تخدير يقظة الحزب ونضاليته ‪ ،‬ودفع الحزب وكوادره الى تبرير جميع‬

‫الامر الذي‬ ‫قد تصدر من السلطة وأجهزتها ‪،‬‬ ‫التصرفات والمواقف الخاطئة التي‬

‫يؤدي الى تحميل الحزب مسؤولية الدفاع عن سلوك ومواقف عناصر الردة المتبقية‬

‫في اجهزة السلطة ‪ ،‬كما تؤدي الى ذوبان نشاط الكادر في جو من الادعاء الفارغ‬
‫للسلطة وبعض الافراد في قيادتها ‪ ،‬وهذا يسبب اضعاف مكانة هذه الكوادر داخل‬
‫اجهزة الحزب الثوري الامر الذي يدفعها الى ربط مصيرها بالسلطة بالرغم من ان‬
‫السلطة قد تخرج على سياسة الحزب ومبدئيته ‪ ،‬ولذلك فانها سوف تمارس كل‬

‫الوسائل التي تضمن لها الاستمرار في مواقعها ‪ ،‬لانها لم تعد واثقة من حماية‬
‫الحزب لها بعد ان ابتعدت عنه في سلوكها ومواقفها ‪ .‬ولذلك فانها ستعمد الــــــى‬
‫اتباع الاساليب اللامشروعة والتهافت على المكاسب الشخصية ومنح الامتيازات‬
‫التي تضمن لها التأييد والدعم الشخصي وذلك بانتهاج الاساليب التالية ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الاهتمام بالوساطات الشخصية‬
‫ب ‪-‬‬
‫محاولة تصعيد الاقارب والاصدقاء الى مراكز الدولة والوظائف‬
‫الحكومية ·‬
‫‪-‬‬
‫استغلال الحاجة الى الكوادر الفنية لاستلام اكثر من وظيفة واحدة في‬

‫وذلك من اجل زيادة نفوذها الشخصي لتحقيق مصالحها الشخصية ‪.‬‬ ‫اجهزة الدولة ‪.‬‬
‫د ‪ -‬محاولة ايجاد بطانة من الاعوان والمقربين‬
‫‪-‬‬
‫الحصول على المكاسب المادية غير المشروعة‬
‫ان هذه‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -‬محاربة الخصوم الشخصيين باستغلال النفوذ الحكومي‬

‫الاساليب لا بد ان تؤدي الى تنشيط تيار انتهازي مصلحي وخلق منافسات لا مبدئية‬
‫والاحتماء بمراكز السلطة لتحقيق المزيد من الامتيازات والمحافظة عليها او منافسة‬
‫فان هذه الاجواء ستؤدي الى دفع كوادر الحزب للركض‬ ‫لذلك‬ ‫الاخرين حولها ‪،‬‬
‫وراء الوظيفة داخل اجهزة السلطة والى اضعاف دور الوعي الثوري والتنظيم‬
‫الحزبي وبروز تناقضات لامبدئية داخل السلطة وداخل الحزب الثوري ‪ ،‬وظهور‬
‫تيار يدفع كوادر الحزب للتهافت على المسائل النفعية والتراجع عن خط الثورة‬
‫واضعاف دور الحزب ·‬
‫{ ـ تحول قادة المنظمات الاجتماعية كالنقابات والجمعيات والمؤسسات الى‬

‫ادوات تابعة للسلطة ‪ ،‬عندما يتخلى هؤلاء القادة عن الالتزام بارشادات وقرارات‬
‫الحزب ووقوفهم ضد خطه وتحبيذ قرارات دواوين الدولة على قرارات الحزب ‪،‬‬
‫و تبرز هذه الظاهرة عندما لا تزال قوى الردة والعناصر الحاقدة والعميلة محتمية‬

‫‪۲۷۰‬‬
‫داخل اجهزة السلطة الوطنية ‪ ،‬وتمارس نشاطها لاستمالة الكوادر النشطة‬

‫الحزب او في المنظمات الاجتماعية بشتى السبل لافساد ثوريتها وتوريطها في‬


‫مواقف خاطئة وخلق التناقضات بينها وبين الحزب‬
‫‪-‬‬
‫عدم خضوع الكادر الحزبي للمحاسبة عند مواجهته بالاخطاء التي يقع‬
‫فيها بحجج متنوعة تارة بحجة المحافظة على سرية العمل الذي يمارسه ‪ ،‬وتارة‬
‫اخرى بحجة تنفيذه لاوامر الدولة ‪ ،‬او ادعائه بخطأ تدخل الحزب في امور الدولة‬
‫وكأن الدولة فوق الحزب‬

‫ان ظهور مثل هذه الميول سوف تذيب الكادر داخل السلطة وتحوله الى اداة‬

‫طيعة في جهازها وبذلك يفقد الصفة الثورية التي تتسم بها كوادر الحزب ‪ .‬تلك‬
‫‪ .‬فما هي الاسباب التي تؤدي الى ذلك ؟؟‬ ‫هي مظاهر ابتلاع السلطة لكادر الحزب‬

‫‪ - ۱‬ان دوافع ابتلاع السلطة للكادر الحزبي موجودة داخل رحم المجتمع‬
‫فان كوادره‬ ‫الرجعية ‪،‬‬ ‫‪ ،‬وعند انتزاع الحزب الثوري للسلطة من الطبقات‬ ‫القديم‬
‫ستجد نفسها معرضة الى ضغط متزايد من الجماهير الحزبية المحرومة والجماهير‬

‫والاسراع بتنفيذها وقد تكون هذه المطاليب‬ ‫الشعبية المسحوقة لتحقيق مطاليبها‬
‫غير منسجمة مع الاهداف المرحلية التي يرمي الحزب الى تحقيقها ‪ .‬ولذلك فان‬
‫كوادر الحزب الثوري تجد نفسها عاجزة عن تأمين مطاليب الجماهير دون وجودها‬
‫السلطة ‪ ،‬مما يدفعها الى مزيد من الارتباط بالسلطة وفرض السلطان الشخصي‬

‫وذلك لاظهار المقدرة على تنفيذ المزيد من المكاسب المرتجلة التي تظهر نوعا من المزايدة‬
‫على خطط الحزب وشعاراته وتظهر السلطة وكأنها اكثر ثورية من الحزب مما‬
‫يسبب اضعاف ثقة الجماهير بالحزب وخلق شعور كاذب بقدرة السلطة على انجاز‬
‫المهام المرحلية للثورة بدون الحزب ‪.‬‬

‫‪ ٢‬ـ عندما يكون الحزب غير مهيأ لاستلام السلطة كليا فانه يضطر الى الاعتماد‬
‫على كوادر الدولة القديمة وعلى كوادر ليس لها هوية معلومة ‪ ،‬او على كوادر من‬

‫فعندما تظهر مخاطر على الثورة من قوى الردة فان‬ ‫عناصر وطنية اخرى ‪ ،‬لذلك‬
‫الحزب يضطر الى دفع كوادر عديدة الى اجهزة السلطة ومؤسسات الدولة بسبب‬
‫حملات التطهير التي يقوم بها والتي قد تكون قبل أوانها ‪ ،‬وهذا يؤدي الى ابتلاع‬
‫السلطة لمجموعة واسعة من كوادر الحزب •‬
‫‪-‬‬
‫فان الكادر الحزبي يقف‬ ‫عند ظهور اي خطر على السلطة الوطنية ‪،‬‬

‫وينبري للدفاع عن السلطة بحماس منقطع النظير ‪ ،‬مما يزيل عنده الحدود بين‬
‫الحزب والسلطة ‪ ،‬فينجرف في تيار يعتبر الدفاع عن مواقف السلطة هو المهمة‬
‫المطلوبة ‪ ،‬وعند ذلك يتحول الكادر الى جندي للسلطة بدلا من الحزب ‪ ،‬فتبتلعه‬
‫السلطة دون ان يدري ويفقد اسس وجوده ومصدر ثوريته ·‬
‫{‪-‬‬
‫ان الكادر عموما معرض لابتلاعه من قبل السلطة اذا لم تنظم العلاقات‬
‫الجيدة بين الحزب والسلطة وقبل ان تتضح جيدا في التطبيق مهام الحزب المتميزة‬
‫والمشتركة عن ومع مهام السلطة ولذلك فان كادر الحزب سوف يتعرض الى خطر‬

‫ابتلاعه من قبل السلطة ‪ .‬تلك هي الاسس المؤدية الى ابتلاع السلطة لكوادر الحزب‬

‫‪۲۷۱‬‬
‫المخاطر الناجمة عن ذلك ؟؟‬ ‫فما‬
‫هي‬

‫‪ ۱‬ـ عند استلام الحزب الثوري للسلطة تبرز الحاجة لاستلام المراكـ‬
‫الحساسة للدولة القديمة ‪ ،‬ولذلك فان كادر الحزب عند استلامه لمراكز السلطة ‪،‬‬

‫لا بد ان يقع في اخطاء كثيرة نتيجة لقلة خبرته بالرغم من اندفاعه الثوري ولذلك‬
‫فان هذه الاخطاء قد تكون سببا مباشرا لاظهار الحزب بمظهر العاجز عن قيــــــادة‬

‫واستلام وادارة الدولة ‪ ،‬وهذه النتيجة لها مخاطرها امام الشعب والحزب وسوف‬
‫تكون مادة تستغلها قوى الامبريالية والردة للتحرك ضد الثورة‬

‫‪ - ۲‬ان القوى الثورية تقدم الى ميدان العمل في اجهزة السلطة عناصر‬
‫نشطة ثورية لها القدرة على تخطي الصعاب وتتمتع بشعبية معينة ‪ ،‬ولذلك فان‬
‫استيعاب السلطة الى مثل هؤلاء الكوادر سيؤدي الى امتصاص جهود مجموعة من‬

‫خيرة المناضلين ‪ ،‬وقد يحصل هؤلاء على نوع من الاحترام وخاصة في الايام الاولى‬
‫لاستلام الحزب الثوري للسلطة ‪ ،‬الأمر الذي يؤدي الى ظهور عوامـــــــل الشعور‬
‫بامتلاك السلطة عندهم ‪ ،‬ومثل هذا الشعور يولد عندهم نوع من القناعة الذاتية‬
‫بانهم قادرون على رؤية الواقع وتنفيذ مقررات الحزب دون الحاجة الى ارشاده‬
‫ورقابته ‪.‬‬

‫‪ ٣‬ـ عندما تبتلع السلطة كوادر الحزب فمعنى ذلك انتقال الكثير منهم الى‬
‫فيه الكادر وخاصة في المراحل الاولى من‬ ‫میدان عمل جديد ‪ ،‬لا بد ان يتعثر‬

‫استلام السلطة حيث لا تستطيع هذه الكوادر ان تستوعب مهامها الجديدة وتكون‬
‫عرضة للنقد والتشهير ‪ ،‬وتتجاوز الحملة كوادر الحزب الى حملة ضد الحزب‬
‫فقط ‪ ،‬مما يسبب‬ ‫نفسه واتهامه باحتكار السلطة وحصر المسؤوليات بيد الحزبيين‬

‫انکماش العناصر التي ليس لها علاقة بالحزب ويؤدي الى وقوفها موقفا سلبيا منه ‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫‪ ٤‬ـ ان ابتلاع السلطة لكوادر الحزب سيؤدي حتما الى عدم قدرته علـــــى‬

‫استيعاب الجماهير وقيادتها ‪ ،‬كما يؤدي في الوقت نفسه الى التخلف في ميدان‬
‫التخطيط السياسي والنضال الفكري والتعبئة الشعبية ‪ ،‬لان الحزب بعد استلامه‬
‫‪.‬‬ ‫للسلطة سيجد توجها جماهيريا نحوه ‪ ،‬لانه بدأ يحقق آمال الجماهير ومطامحها‬

‫لذا فان توجيه الكادر نحو العمل في اجهزة السلطة ‪ ،‬سيؤدي بالنتيجة الى العجز‬
‫عن استيعاب الجماهير وشدها الى الحزب ‪ ،‬ولهذا فكلما ازداد عدد الكوادر المفرغة‬

‫للعمل في اجهزة السلطة كلما قلت قدرته على لف الجماهير حوله وربطها به ‪.‬‬
‫ان ازدياد عدد الكوادر في اجهزة السلطة سيؤدي حتما الى حدوث تباين‬

‫وتناقض كبير بين التطور العددي والتطور النوعي في اجهزة الحزب ‪ ،‬لان الجماهير‬
‫الحزبية التي لا تجد الكوادر القادرة على استيعابها وتنظيمها وتثقيفها وتوعيتها‬
‫فسوف تنخفض نوعيتها حتما ‪.‬‬

‫ستطرح‬ ‫ولكنها‬ ‫ان استلام الحزب للسلطة تضعه في ظروف سهلة للعمل ‪،‬‬
‫امامه مشاكل كثيرة ومتعددة ومعقدة سواء على الصعيد السياسي او الصعيد‬
‫الفكري ودون اعطاء الحلول السليمة والآراء الناضجة لجميع المسائل التي تواجهه‬
‫سيجد نفسه متخلفا في ميدان التعبئة الشعبية‬

‫‪۲۷۲‬‬
‫ان الاجابة على المسائل السياسية والنظرية التي تطرح امام الحزب تتطلب‬

‫وجود الكوادر المؤهلة للرد على ذلك ‪ ،‬وان الحاجة لضمان قيادة اجهزة الدولة ينبغي‬
‫ان لا يكون على حساب امتصاص الكوادر القادرة على التخطيط السياسي والنضال‬

‫الفكري لان التخلف في هذه المجالات سيعرض وحدة الحزب الايديولوجية الى‬
‫الخطر ‪ ،‬كما يؤدي الى تصديع وحدة الحزب التنظيمية ‪ ،‬الامر الذي قد يسبب‬
‫ضياع الحزب وخسارة الدولة‬

‫شأنه ان يفقد صلة الثورة‬ ‫ان التخلف في ميدان التعبئة الشعبية من‬
‫قيادة الحزب والثورة الى مؤسسة قمة بعيدة عن الاحساس‬ ‫ويحول‬ ‫بالجماهير‬
‫قادرة على الاستمرار بالثورة حتى‬ ‫مما يجعلها غير‬ ‫بحاجات الجماهير ومطاليبها ‪،‬‬
‫النهاية ·‬

‫ه ‪ -‬ان ابتلاع السلطة للكادر يؤدي الى اختزال دور الحزب السياســــــــ‬
‫ولذلك فان‬ ‫‪،‬‬ ‫واضعاف روابطه السياسية مع الاحزاب والفئات الثورية الاخرى‬
‫الاخطار التي تواجهه ‪ ،‬لان‬ ‫حزبا كحزبنا يعتبر ابتلاع السلطة لكادره من اهم‬

‫نضاله لا ينحصر في قطر واحد ‪ ،‬وان تطلعاته الثورية تتعدى الحدود القطرية لهذا‬
‫قتل الطاقات الثورية للحزب واذابتها في السلطة‬ ‫فان ابتلاع السلطة للكادر تعني‬
‫القطرية الامر الذي يعكس آثارا سلبية على وضع الحزب لان حزبنا يعتبر ان ميدان‬
‫نشاطه وعمله وتطبيقاته في الوطن العربي كله ‪ .‬ولهذا فان نسيان الطابع القومي‬
‫قطرية سوف يؤديان الى عزل الكادر عن استيعاب‬ ‫للحزب والانطلاق من نظرة‬
‫استراتيجية الحزب الثورية وتؤدي الى خنق الثورة نفسها وبروز تناقضات يصعب‬
‫حلها ‪ ،‬لذلك فمن الواجب توجيه انظار الكادر نحو مهمته الحقيقية ووظيفتـ‬

‫الكبرى وهي تحقيق مهام الثورة العربية الشاملة الامر الذي يستلزم تحصين‬
‫الكوادر ضد اي انحراف عن خواصها ‪ ،‬بالرغم من استلامهم لمهام ثورية في قطر‬
‫‪ .‬وان اخطر انحراف يمكن الوقوع فيه هو عدم ادراك الكوادر لدورهم‬ ‫واحد‬

‫الحقيقي في تحقيق انتصار الثورة العربية ‪ ،‬الأمر الذي قد يدفعهم الى اعتبار ان‬
‫‪.‬‬
‫مهمتهم تدور في فلك القطر الذي يحكم فيه الحزب‬
‫الضمانات‬
‫ي‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ف‬ ‫ب‬ ‫ز‬ ‫ح‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫واذا كانت تلك هي مخاطر ابتلاع السلطة لكوا‬
‫اللازمة لتجنب ذلك ؟‬

‫‪ - ١‬ان الحيلولة دون ابتلاع السلطة لكوادر الحزب تستلزم وجود تخطيط‬
‫لتوزيع الكادر الحزبي وذلك لان مهمة الكادر بعد استلام السلطة لا تنحصر‬ ‫سليم‬
‫فحسب وانما تقتضي قيادة التنظيم الحزبي من جهــة‬ ‫في قيادة اجهزة الدولة‬
‫و قيادة الجماهير عن طريق منظماتها الشعبية من جهة اخرى ‪ ،‬الأمر الذي يتطلب‬
‫توزيع كوادر الحزب بصورة تحقق توزيعا متناسبا يضمن قدرة الحزب على توجيه‬
‫و قيادة كافة الاجهزة ‪.‬‬

‫ضرورة اساسية لاستمرار الحزب والثورة وأي‬ ‫للكادر‬ ‫ان التوزيع السليم‬
‫خلاف في ذلك سيؤدي الى نتائج خطيرة على مستقبل الحزب والثورة ‪ ،‬لان اهمية‬
‫كوادر الحزب بالنسبة لانجاز مهام الثورة كأهمية الثروة في انجاز أي مشروع من‬

‫‪۲۷۳‬‬
‫في التنظيم والتربية الحزبية – ‪١٨‬‬
‫المشاريع ‪ ،‬واذا كان توزيع الثروة المخصصة لانجاز مشروع معين يجب ان يتم على‬

‫فان زيادة الاعتمادات المخصصة لبعض‬ ‫ضوء حاجة كل قسم من اقسام المشروع‬
‫الاقسام ستكون بلا شك على حساب حاجة الاقسام الاخرى ‪ .‬لذلك فان ثمن‬
‫شراء الارض المخصصة للمشروع ‪ -‬على سبيل المثال ‪ -‬يجب ان يكون بسعر لا‬

‫يؤدي الى العجز في المكائن المخصصة لتشغيله ‪ .‬لذلك فان تحديد النسب اللازمة‬
‫وكذلك مسألة‬ ‫لصرف المبالغ على اقسام المشروع تشكل اهمية كبيرة في انجازه‬

‫توزيع الكادر تعتبر من اهم المسائل التي على الحزب الثوري ان يدرك اهميتها في‬
‫تحقيق انتصاره ‪ .‬لان توزیع الكوادر على مختلف حقول العمل وتحديد نسب هذا‬
‫التوزيع تحديدا علميا وحسب حاجة كل جهاز من الاجهزة من الوسائل الضرورية‬
‫لدرء مخاطر ابتلاع السلطة للكادر الحزبي‬
‫‪-‬‬
‫‪ ۲‬ـ اقصاء عناصر الردة من المراكز الحساسة في اجهزة الدولة ‪ ،‬ذلك لان‬
‫في طريق الثورة ‪ ،‬اضافة‬ ‫هذه العناصر ستعمل كل ما من شأنه لوضع العقبات‬
‫عقلية الطبقات الرجعية ومصالحها مما يجعل امكانية الاطمئنان‬ ‫الى كونها تعكس‬

‫تهدف الثورة الى تحقيقه امرا‬ ‫وحماية البرنامج الذي‬ ‫لتنفيذ‬ ‫الى استعدادها‬
‫متعذرا ‪ .‬ولكن اقصاء عناصر الردة يجب ان لا يؤدي الى احلال كوادر الحزب‬

‫وحده في مراكزها ‪ ،‬بل يجب ان يكون الى جنب كوادر الحزب اعتماد عناصر نزيهة‬
‫شريفة اخرى مؤمنة ببرنامج الثورة مستعدة للسهر على تنفيذه ·‬

‫ان عناصر الردة ستعمل على توريط بعض قوى الثورة بالمواقف الخاطئة التي‬
‫من شأنها اضعاف سمعتها الشعبية من جهة وحرقها واسقاطها من جهة اخرى‬
‫نتيجة توريطها بأعمال منافية للمبادىء والقيم الثورية ‪ .‬مما يجعل بقاء قوى الثورة‬
‫وسيلة لحرق كوادر الحزب ومناضليه ولكن تصفية عناصر الردة قد يؤدي الى‬

‫وقوع اجهزة الثورة ببعض الاخطاء الفنية نتيجة لفقدان بعض الخبرات ‪ ،‬الا ان‬
‫وقوع العناصر الجديدة التي حلت محل العناصر القديمة في اخطاء لا يمكن ان‬
‫تقارن بالنتائج التي سوف تخلقها القوى المقهورة ‪ ،‬لان بقاء قوة الردة في اجهزة‬
‫الثورة سيعرض الثورة الى مخاطر كبيرة ‪ ،‬ومن المعلوم ان كثيرا من النظم الثورية‬
‫قد اختلت افقها الاقتصادية ونظم تعليمها وعمت الفوضى في البلاد بسبب مــــا‬
‫خلقته القوى الرجعية من مشاكل امامها وأدت الى سقوطها وليست ردة ‪۱۸‬‬
‫تشرين ‪ ١٩٦٣‬ببعيدة عنا‬

‫لذا يجب التمييز بين اخطاء الحزب والفواجع التي تسببها قوى الــــــردة‬
‫والتآمر ‪ ..‬لذلك يجب عدم التهيب من اقصاء عناصر الردة والتآمر من مسؤولية‬
‫ولعل تجارب القوى الثورية تؤكد بان كثيرا من القادة‬ ‫اجهزة الدولة الحساسة ‪.‬‬

‫في البلدان التي قدر للقوى الثورية استلام السلطة فيها ‪ ،‬لم يكن لهم‬ ‫العسكريين‬
‫تعليم عال ورتب كبيرة ‪ ،‬وقد نشأ في رحم الثورة قادة من صغار الرتب ولكنهم‬
‫جبابرة في التخطيط العسكري ‪ ،‬كما ان كثيرا من راسمي‬ ‫برهنوا على أنهم‬
‫انهم‬ ‫برهنوا على‬ ‫ولكنهم‬ ‫يحملوا الشهادات العالية ‪،‬‬ ‫التخطيط الاقتصادي لم‬
‫يحملون فكرا اقتصاديا نيرا عميقا قادرا على استيعاب القوانين الاقتصادية المحركة‬

‫‪٢٧٤‬‬
‫فان العبرة بالنتائج‬ ‫للنظام والقادرة على حل المعضلات التي تعانيها البلاد ‪ ،‬ولذا‬
‫·‬ ‫التي ترتبت على جهود الانسان ونشاطه وفكره وعمله‬
‫ان عدم التهيب من اقصاء عناصر الردة واحلال عناصر الثورة محلها يجب ان‬

‫لا يقلل من اهمية اعداد الكوادر المؤهلة لقيادة اجهزة الدولة بصورة تجمع بين‬
‫الاخلاص للثورة والكفاءة الفنية والقدرة على اداء الواجب بصورة صحيحة ‪ ،‬بل‬
‫يجب ان يؤكد الحاجة الى ذلك ‪ .‬الامر الذي يتطلب اتخاذ ما يلزم لاعداد الكوادر‬
‫·‬
‫التي تغطي حاجة الثورة وتضمن سير اجهزتها بصورة سليمة‬
‫ان ضمان استمرار اي حزب ثوري في قيادته للسلطة والجماهير وعدم تمكين‬
‫السلطة من ابتلاع كوادره يتطلب وجود خطة لعمله ‪ ،‬على الصعيد السياسي تتحدد‬

‫الاساليب‬ ‫وترسم‬ ‫للسلطة الثورية‬ ‫والمهام العاجلة‬ ‫الاهداف المرحلية للحزب‬ ‫فيها‬
‫التكتيكية التي يعتمدها الحزب من اجل ذلك وعلى الصعيد التنظيمي تحدد فيها‬
‫والعلاقة بين الحزب والمنظمات الشعبية‬ ‫صيفة العلاقة بين الحزب والحكم ‪،‬‬
‫والعلاقة بينهما وبين الجماهير‬

‫ان وجود الخطة لا يضمن للحزب الثوري القدرة على تحقيق برنامجه واحراز‬
‫دون تثقیف کوادره وجهازه بتلك الخطة ودون تعبئة الجماهير حول‬ ‫النصر ‪،‬‬

‫ولكن وجود الخطة يستلزم الاشراف التام على تنفيذها‬ ‫الشعارات التي تطرحها ‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫من قبل كوادر الحزب ‪ ،‬ونقد ومحاسبة ومعاقبة كل من يظهر خروجا عليها‬

‫ان وجود خطة لعمل الحزب ليست من اجل منع التخبط والارتجال وتعدد‬
‫الاجتهادات فحسب وانما من اجل كشف العناصر الانتهازية والوصولية التي تحاول‬

‫ان تحقق غاياتها بالمزايدة على المنهاج الذي وضعه الحزب وتحاول اظهار الحزب‬
‫وكأنه متخلف عن الانجازات التي تحققها السلطة ‪ ،‬وكذلك كشف العناصر اليمينية‬
‫التي تظهر نكوصا وتراجعا عن منهاج الحزب وسياسته‬
‫{ ‪-‬‬
‫ان الحزب الثوري لكي لا تشوه صورته في أذهان الجماهير يجب ان‬
‫يؤشر الحدود دائما بينه وبين السلطة ويجب ان يؤكد دائما محافظته على ما يميزه‬
‫عنها بالرغم من أن السلطة سلطته ‪ ،‬لان السلطة لاعتبارات عديدة مضطرة في كثير‬
‫من الاحيان لاتخاذ مواقف تكتيكية تبدو وكأنها غير منسجمة مع المواقف المبدئية‬
‫للحزب ‪ .‬كما ان السلطة تحت وطأة كثير من الضغوط قد تدفعها لمراجعة سياستها‬

‫وترى أن حماية الثورة يتطلب التراجع عن بعض الاجراءات السليمة وهذا يتطلب‬
‫ان يكون واضحا بان ذلك ليس موقفا مبدئيا ‪ ،‬وانما يجب ان يوضح لكوادر الحزب‬
‫•‬
‫وقواعده حقيقة ذلك حتى لا تضيع المبادىء في زحمة المواقف التكتيكية‬
‫ان كثيرا من قادة السلطة والذين هم اعضاء في الحزب الثوري أو في قيادته‬
‫والمهام التي تبدو وكأنها معارضة للموقف الثوري‬ ‫يمارسون بعض النشاطات‬ ‫قد‬

‫في السلطة الثورية الى‬ ‫الذي يجب ان يلتزم الحزب به ‪ ،‬كزيارة احد المسؤولين‬
‫بلد يعيش في ظل نظام رجعي ‪ .‬وكما ان سياسة دولة ثورية في مرحلة معينة قد‬
‫تضطر الى عدم الدخول في معارك مع بعض الانظمة على الرغم من كونها رجعية او‬
‫واذا كان الحزب الثوري مطالبا دائما بتحديد مواقفه‬ ‫‪.‬‬ ‫معادية لمصالح شعوبها‬

‫‪۲۷۵‬‬
‫المبدئية من جميع المسائل التي تواجهه ‪ ،‬الا ان السلطة قد لا تستطيع ان تعلن‬

‫مواقفها الصريحة في تلك المسائل او قد تتريث في اعلانها ‪ ،‬لان السلطة لا تستطيع‬

‫الدخول في معارك على اكثر من جبهة مما يضطرها الى التريث في اعلان مواقفها‬
‫الصريحة ‪ ،‬او اعلان المعركة على القوى المعادية ريثما تجد نفسها مهيأة لدخول‬

‫المعركة وتحقيق الانتصار فيها‬

‫ه ‪ -‬اعتماد المقاييس الموضوعية في اسناد المسؤوليات الوظيفية في اجهزة‬

‫السلطة ‪ ،‬وتطبيق مبدأ « اعتماد الشخص المناسب في المكان المناسب » مما يتطلب‬

‫عدم جعل المكانة الحزبية في تسلسل الهرم الحزبي مكافئة للمكانة الوظيفية في‬

‫تسلسل الهرم الوظيفي وهذا لا يعني ان العناصر الحزبية غير مؤهلة لاستلام الكثير‬

‫في اجهزة الدولة ‪ ،‬بالرغم من ان هناك كثيرا من الكوادر الحزبية‬ ‫من المسؤوليات‬
‫حتما عند استلامه‬ ‫وتعبئتها ستفشل‬ ‫القادرة على تهييج الجماهير وقيادتها‬

‫‪ ،‬مما يجعل اسنـــــــاد‬ ‫المسؤوليات ذات الطابع الاختصاصي في اجهزة الدولة‬

‫المسؤوليات لهم عاملا من أهم العوامل التي تؤدي الى تخلف تلك الاجهزة في الكثير من‬

‫المجالات كما ان اسناد المسؤوليات الوظيفية على ضوء المكانة الحزبية سيؤدي بصورةكبيرة‬

‫الى ايجاد المبررات التي تدفع الحزبيين الى الركض وراء المراكز الوظيفية ‪ ،‬اضافة الى انها‬
‫للصعود الى المراكز القيادية في‬ ‫في داخل الحزب‬ ‫ستخلق اتجاها انتهازيا تكتليا‬
‫في‬ ‫للصعود الى المراكز العليا‬ ‫قد عاد سلما‬ ‫‪ .‬لان مركز القيادة‬ ‫اجهزة الحزب‬

‫اجهزة السلطة الامر الذي سيؤدي الى بروز ظاهرة الولاءات الشخصية والاتجاهات‬

‫الكتلية وتنتهي بتصدع وحدة الحزب لذلك يجب تحديد المهام التي يجب ان ينهض‬
‫‪ ،‬اضافة‬ ‫بها كل جهاز من الاجهزة واختيار العناصر المؤهلة للنجاح في واجباتها‬
‫‪.‬‬ ‫الى الحرص على بقاء الحزب‬

‫‪ - ٦‬اذا كان ابتلاع السلطة لكادر الحزب من الظواهر التي تبرز عند ابتعاد‬
‫اجهزة الحزب عن الجماهير وعن النضال معها ‪ ،‬من اجل حقوقها وضمان مصالحها ‪،‬‬
‫‪،‬‬ ‫وان النضال الجماهيري يتطلب تواجد كوادر الحزب بين الجماهير والعيش معها‬
‫و احترام مشاعرها وخلق الثقة والقناعة التامة عندها بجدارة الحزب بقيادتها ‪ ،‬فان‬

‫الانغماس في المهام الوظيفية من شأنه ان يمتص كل جهودهم وأوقاتهم وقد لا يترك‬


‫للحزب الا بعض الفضلات منها ‪ ..‬لذلك فكلما ازداد انغمار كوادر الحزب في مهام‬

‫وعند ذلك تنعدم امكانية‬ ‫الحكم اليومية ‪ ،‬كلما ازداد نمو الظواهر البيروقراطية ‪،‬‬
‫بناء تجربة ثورية رائدة ‪ ،‬لذا يجب الانتباه دائما الى العلاقة الجدلية بين الابتعاد عن‬

‫خط النضال الشعبي وظهور البيروقراطية ‪ ،‬مما يستلزم اعتماد اسلوب النضالالشعبي‬
‫لضمان انتصار الحزب ولصيانته من المخاطر التي قد تواجهه ‪.‬‬ ‫باعتباره الطريق السليم‬
‫‪ ۷-‬تجنب ‪ ،‬ما امكن ‪ ،‬تكليف كوادر الحزب غير المتفرغين بأشغال اكثر من‬
‫وظيفة واحدة ‪ ،‬لان ذلك يحول دون امكانية التوفيق بين مهامهم الحزبية وبين‬

‫مهامهم الوظيفية وقد يؤدي الى الانصراف الكلي في المهام الوظيفية وعدم اداء مهام‬

‫‪٢٧٦‬‬
‫الحزب ‪ ،‬الأمر الذي يؤدي الى اضعاف روابطهم بالحزب ويعرضهم الى انحرافات‬

‫للمواقف السياسية التي يقفها الحزب وذلك لابتعادهم عن‬ ‫فكرية وعدم استيعابهم‬

‫اجوائه ·‬

‫ان انصراف كوادر الحزب الى المهام الوظيفية من شأنه ان يؤدي الى حرمان‬

‫في مسيرته الطويلة ‪.‬‬ ‫الحزب من الخبرات والتجارب النضالية التي كونها الحزب‬

‫في الوقت الذي يمكن ان تنهض بمهام اجهزة السلطة عناصر أخرى يتوفر فيهــــا‬

‫الاخلاص للثورة والحرص على سلامتها والمحافظة عليها ‪ .‬ولكن مهام الحزب لا يمكن‬

‫ان توكل الا للعناصر التي عاشت حياة الحزب وناضلت من اجل تحقيق اهدافه‬

‫ان حرمان الحزب من جهود الكوادر الحزبية المدربة وتحويلها الى اجهزة‬

‫الدولة ‪ ،‬يؤدي بالنتيجة الى اضطرار الحزب للاعتماد على الكفاءات الناقصة‬

‫والعناصر التي تفتقر الى الخبرة والتجربة ‪ ،‬مما يجعل الحزب غير قادر على بناء‬
‫اجهزته وتطويرها بصورة تضمن وتؤكد قدرته على حماية الثورة وتطويرها‬

‫‪ -‬قطع الطريق على الاغراءات الخارجية التي قد تشعر المتفرغين في العمل‬

‫الحزبي بمزايا العمل ضمن اطار السلطة ‪ ،‬وذلك عن طريق توفير الضمانات المادية‬
‫المزايا المعنوية للتفرغ‬ ‫وابراز‬ ‫المادية‬ ‫عن المتفرغ هموم التفكير بالمسائل‬ ‫التي تبعد‬

‫وتقديم المتفرغين للحزب من المرتبة الاجتماعية والتقييمات والاعتبارات على غـ‬

‫في نظـ‬ ‫سلم القيم‬ ‫المتفرغين بالاضافة الى ممارسة تربية حزبية رصينة تقلب‬

‫المناضل وتجعله متمسكا باستمرار بالقيم النضالية ومستخفا بكل قيمة لا صلة لها‬
‫بالنضال بل قد تتعارض مع شروطه‬
‫‪-‬‬
‫‪ ۹‬ـ ان حزبنا حزب البعث العربي الاشتراكي ‪ -‬قومي بنظريته وتركيبه ولا‬
‫يعالج المشاكل القطرية وكافة المسائل التي تواجهه الا من خلال نظرة قومية شاملة ‪،‬‬
‫ولذلك فالسياسة التي يتبعها لا بد ان تساعد على توفير الضمانات اللازمة لنموه‬
‫وضمانات انتشاره يتطلب ان تكون التجربة‬ ‫وانتشاره في كافة اقطار العروبة ‪،‬‬

‫التي يشيدها بقطر واحد نموذجا يستقطب الجماهير العربية في كل مكان ‪ ،‬وبالقدر‬
‫الذي تنمو وتزدهر وتتجسد المبادىء التي يرمي الى تحقيقها في التجارب القطرية‬
‫فانها ستساعد على التعجيل بانتصار الثورة العربية وتحقيق‬ ‫التي يشيدها ‪،‬‬
‫اهدافها ‪ ،‬ولا يجسد الحكم مبادىء الحزب اذا لم يكن وحدويا في نظرته ديمقراطيا‬
‫في تطبيقاته ‪ ،‬اشتراكيا في حلوله ‪ ،‬ولا يمكن للحزب ان يعجل بانتصار الثورة‬
‫العربية اذا لم تتوفر له شروط النمو والانتشار في بقية الاقطار ‪ ،‬والتجارب‬
‫طبيعة سياسته ومدى قربها وبعدها‬ ‫القطرية التي يبنيها الحزب هي التي تعكس‬
‫عن الجماهير العربية في كل مكان والجماهير العربية تقترب من هذه التجربة بالقدر‬
‫الذي تجد في مواقفها الحزم والجرأة في مجابهة الاستعمار والصهيونية والرجعية‬
‫وكذلك في قدرته على توطيد العلاقات مع القوى الوطنية والتقدمية ‪ ،‬واقامة‬
‫العلاقات الوطيدة لن تتم الا بالانفتاح على هذه القوى والعمل على اشراكها في بناء‬

‫‪۲۷۷‬‬
‫يحتكر جميع‬ ‫تجاربه والمشاركة في بناء هذه التجارب يفرض على الحزب ان لا‬

‫المراكز الوظيفية في اجهزة الدولة ‪ ،‬لانه سيجد نفسه متخلفا في ميادين التخطيط‬
‫خلق‬ ‫قد‬ ‫سيجد نفسه‬ ‫وكذلك‬ ‫والتعبئة الشعبية ‪،‬‬ ‫السياسي والنضال الفكري‬

‫جبهة واسعة لمعارضته ومحاصرته سواء في داخل القطر الذي يحكم فيه او الاقطار‬
‫التي يناضل من اجل انتصار مبادئه فيها‬

‫‪۲۷۸‬‬
‫لكي ينهض الحزب بمهمته القيادية‬

‫من المسلمات الاولى في السياسة ان اي حزب ثوري انما يستهدف في‬

‫نضاله الاستيلاء على السلطة ‪ ،‬أي انه لا يزاول نشاطا طوباويا بل يقوم بالممارسات‬

‫العملية التي تحقق له الاستيلاء بتقويض السلطة القديمة واحلال السلطة الجديدة‬
‫لتي تجسد مبادئه • وما السلطة اذن حسب هذا المفهوم الا وسيلة واداة لتحقيق‬
‫منهاج الحزب‬

‫و تجربة الحزب في هذا الميدان هي بلا شك تجربة غنية وذلك لانها تقاس‬
‫وعلى هذا الاساس كان من اللازم دوما كشف‬ ‫‪.‬‬ ‫بالتجارب الاخرى في الحكم‬
‫الطبيعة الطبقية للسلطة حتى يمكن معرفة طبيعة اي منهاج ونوع القوى الاجتماعية‬
‫التي يسعى من اجل مصالحها‬

‫ان السلطة بشكل عام هي تلك المؤسسات المتنوعة التي تعكس مصالح طبقة‬
‫او طبقات معينة متحالفة ‪ ،‬بحيث تقف بالمقابل ضد طبقة او طبقات اخرى معينة‬
‫متحالفة معها‬

‫وعودة بسيطة الى الماضي القريب نجد ان السلطة الملكية التي از يحت بنضال‬
‫كانت تمثل بجميع مؤسساتها العلوية الطبقات المعادية‬ ‫قوى الشعب الوطنية ‪،‬‬
‫للجماهير ‪ ،‬وهي اداة تحقيق لمصالح الاحتكارات الامبريالية ومصالح كبار الملاكين‬
‫كانت المهمات الوطنية معطلة نتيجة لسيطرة الطبقات‬ ‫وقد‬ ‫‪.‬‬ ‫والبورجوازيين‬

‫المذكورة ‪ .‬واضافة الى مهمات السلطة الملكية في تمثيل المصالح الاستعمارية‬


‫والرجعية فقد كانت وبالطبيعة اداة قمع ضد الطبقات الشعبية الحقيقية من خلال‬
‫عدائها الثابت للقوى والاحزاب الوطنية والتقدمية‬

‫التحولات العديدة في اقامة‬ ‫تنجح سلطة تموز ورغم‬ ‫وخلال عشرة اعوام لم‬
‫السلطة الثورية التي تكون بكليتها اداة لتحقيق برامج عمل ثوري وتغيير عام‬

‫البنية والعلاقات حتى مجيء ثورة ‪ ۱۷‬تموز ‪ ١٩٦٨‬حيث تجددت الثورة بدفعة الى‬
‫‪.‬‬
‫الامام احلت سلطة جديدة تسير وفق برنامج حزب البعث العربي الاشتراكي‬
‫وفلسفة طبقات اجتماعية‬ ‫ولما كان المنهاج الحزبي عاكسا بالضرورة مصالح‬
‫قطع الطريق على البرامج‬ ‫فان توضيح ذلك بالنسبة لحزب البعث يعني‬ ‫معينة ‪،‬‬

‫‪۲۷۹‬‬
‫فهم طبيعة ومبادىء وأساليب الحزب‬ ‫البورجوازية الصغيرة القاصرة عن‬

‫ان منهاج حزب البعث الذي اعلن في بيان المؤتمر القطري السابع منهاج‬
‫فقط مرحلة التحرر الديمقراطي الثوري بل مرحلة الانتقال‬ ‫ثوري يلائم جذريا ليس‬

‫‪ .‬ان هذا المنهاج يهدف الى تصفية سلطة الطبقات الرجعية‬ ‫الى الاشتراكية‬
‫الاقطاعية والبرجوازية المتحالفة مع الامبريالية ‪ .‬هذه السلطة التي لم تفلح ثورة‬

‫‪ .‬وتتم التصفية بالنسبة لارادة‬ ‫‪ ١٤‬تموز عام ‪ ١٩٥٨‬وما أعقبها في انجاز تصفيتها‬
‫الحزب بشكل عملي مدروس ‪ .‬وذلك بالاعتماد الكامل على الطبقات الشعبية المنتجة‬
‫فالعمال‬ ‫التي تجسد الثورة مصالحها وتنطلق من الفلسفة التي تحدد مستقبلها ‪.‬‬
‫‪ .‬وباستنهاض‬ ‫المادة البشرية للثورة‬ ‫والفلاحون والجنود والبرجوازية الصغيرة هم‬

‫قدراتهم الثورية يمكن هدم كافة دعائم وجيوب السلطة القديمة وبناء سلطة الشعب‬
‫الجديدة •‬

‫المبادىء الديمقراطية الثورية حيث يعكس‬ ‫وضمن العملية يجري تطبيق‬


‫منهاج الحزب كيفية الوصول الى الاشتراكية ‪ .‬وكل هذا لا ينفصل بل يتوحد تماما‬
‫مع النضال الوحدوي ‪ .‬لان في صلب منهاج حزب البعث يجب تحرير الامة‬
‫العربية تحريرا كاملا من جميع القيود الرجعية ‪ ،‬والسير نحو وحدتها مما يؤكد ان‬
‫‪ .‬وحسب ذلك فان سلطة‬ ‫المنهاج يعكس المصالح القومية والتحررية للامة العربية‬
‫تلتزم منهاجا كهذا يوحد حاجات الامة العربية والحاجات الوطنية ضمن تحرك‬
‫ديمقراطي ثوري انتقالي نحو الاشتراكية انما تكتسب خواص السلطة الثورية الاداة‬

‫في انجاز اهداف الجماهير ‪ ،‬ويكون دور الحزب في السلطة محددا بشكل علمي‬
‫دقيق يضمن عدم الالتباس وعدم ضياع الفوارق والحدود بين السلطة والحزب‬
‫لا سيما وان مهمات الحزب عديدة وان نضاله الزمني لا يمكن تقليص ابعاده‬
‫وتصبح علاقة الحزب‬ ‫ان دور الحزب هو دور المرشد السياسي للسلطة ‪.‬‬
‫بالسلطة ليست علاقة حزب بحزب سياسي آخر او طبقة بطبقة اخرى ‪ ،‬بل علاقة‬

‫الناظم بالسواقي ‪ .‬فالناظم ينظم حجم واتجاه المياه التي توزع على مختلف الترع‬
‫للارواء · بدون الناظم يكون التوزيع الصحيح للمياه معدوما ‪ .‬وعند ذلك تكون بقعة‬

‫من الارض مليئة بالماء وربما الى حد المستنقعية ‪ .‬بينما تظل بقع أخرى يابسة‬

‫كما أن دور الحزب من وجهة اخرى يجمع وظيفة الكبد الى وظيفة القلب بالنسبة‬
‫للدم ‪ .‬فالكبد هو التصفية والقلب هو التوزيع حيث يحدد تنقل الدم الى اجزاء‬
‫الجسم حسب تنوعها واحتياجها ‪ .‬وكل خلل في العلاقة بين السلطة والحزب يؤدي‬

‫الى نفس النتائج عند حصول خلل في وظيفة القلب والكبد حيث ان ارتباك وظائف‬
‫القلب والكبد هو ارتباك للجسم كله وفقدان للصحة ‪.‬‬

‫وفق هذا التبسيط التحليلي يمكن القول ان الحزب فيما اذا اراد ان يكون‬
‫السلطة‬
‫بحرفية ‪ ،‬فانه يفقد دوره كمرشد سياسي ومنظم كما تخسر السلطة مــن‬
‫يوجهها ‪ .‬وبابتعاد السلطة عن الحزب الثوري فانها تفقد البصيرة الثورية وتقع تحت‬
‫وبذلك تخسر السلطة خصائصها‬ ‫تأثيرات الطبقات الرجعية والاتجاهات الفردية •‬

‫الثورية ويخسر الحزب دوره المرشد‬

‫‪۲۸۰‬‬
‫ومن الممكن ملاحظة ذلك عندما تعتمد السلطة كوادر الحزب لادارة مركز‬

‫فان الكادر يتحول حينئذ الى جزء من‬ ‫السلطة والانقطاع عن النشاط الحزبي‬

‫السلطة وتتوقف بالتدريج المصادر التي تزوده بالوعي الثوري والقدرة على الرقابة‬
‫والمتابعة وتنقطع صلة الكادر بالجماهير ‪ .‬ان الكادر الذي لا يجد قوته الا من خلال‬

‫حزبيته وجماهيريته سوف يفقد قوته وذلك لتحدد حزبيته وتقلص جماهيريته بحكم‬

‫تحوله الى جزء من الجهاز الحاكم المنعزل عن الجماهير ‪ .‬على ان من المهم عدم‬

‫والدولة هي ابتلاع‬ ‫في مسؤوليات الحكم‬ ‫التصور بان كل مساهمة لكل كادر‬
‫فالامر في ذلك منوط بطريقة اشغال المراكز في السلطة فالسلطة اداة‬ ‫للكادر ‪.‬‬
‫تنفيذ والحزب اداة اشراف وتوجيه وتخطيط وصلة بالشعب ‪ .‬وبدون وجود کوادر‬

‫عالية النضج والمقدرة الثورية في ادارة السلطة لا يمكن تصور اي تطبيق ثوري‬
‫لخط الحزب‬

‫ان الثوري الملتزم والحزبي الملتزم هو من يتمكن من تحويل سياسة الحزب‬


‫داخل السلطة الى واقع ‪ .‬وبذلك فان الانغمار داخل مهام سلطوية صرفة انما يتم‬

‫على حساب الانتمائية الثورية له ‪ .‬اما الابتعاد عن السلطة بحجة الانصراف للحزب‬
‫اهدافه‬
‫فان ذلك ليس من المنطق في شيء لان السلطة هي فرصة الحزب في رسم‬
‫عمليا ‪ .‬أن ترك السلطة للملاكات البرجوازية القديمة والدواوينية وعدم نقلها الى‬

‫‪ .‬ان الخوف من‬ ‫الملاكات الثورية يعني ابتلاع البرجوازية للسلطة وسقوط الثورة‬
‫يسة‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫لطة‬ ‫س‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ابتلاع السلطة لكوادر الحزب لا يجوز مطلقا ان يؤدي الى اب اء‬
‫ق‬

‫للعناصر الرجعية والبرجوازية والانتهازية ‪ ،‬التي لا تلتزم بخط ثوري ولا بمنهاج‬
‫تقدمي ‪ .‬ومن المنطلق هذا تعتبر مشاركة كوادر الحزب في قيادة السلطة بشكل‬
‫اساسي وبارز شرط لا بد منه لضمان ربط الثورة بالحزب‬
‫ان ظروف القطر ومراحل التطور الاجتماعي والسياسي وطبيعة التصارعات‬
‫الداخلية هي التي تحدد نوعية تعامل الحزب مع السلطة في توزيع الملاكات وفي‬
‫تغيير المواقع وفي تنظيم الاجهزة بالصورة التي تهيء للحزب قدرا اكبر في تطوير‬
‫سلطته وانجاز اهدافه المرسومة ·‬

‫وليس من المعقول ان تبقي السلطة على بعض الملاكات الرجعية المتخلفة مع‬
‫وجود العناصر الثورية القادرة على ان تحل محلها ‪ .‬ولكن هذا لا يعني ان السلطة‬
‫مستعدة للاستغناء عن خبرة بعض الملاكات القديمة على نحو جازم وحاسم ‪ .‬بل ان‬

‫الاستفادة احيانا من هذه الخبرة في ظل رقابة ثورية لوضعها في خدمة الثورة‬


‫حاجة اساسية تستلزمها مصلحة الثورة والسلطة والحزب الثوري‬
‫ان الادارة الثورية عند استلامها مثلا المؤسسة من مؤسسات الدولة عليها ان‬

‫تكون في مستوى من النضج لفهم جميع الامور المتعلقة بالمؤسسة ‪ .‬عليها ان‬
‫تحتفظ بالخبير القديم مؤقتا لحين احداث التغييرات في المراكز التي نضجت فيها‬
‫والادارة الثورية لا تعامل الخبرة القديمة بروح المقت العاطفي بل‬ ‫امكانية التغيير ‪.‬‬
‫تعاملها بروح مقارن بين الخبرة القديمة والخبرة الجديدة ‪ ،‬العقلية القديمة والعقلية‬

‫فان‬ ‫لذلك‬ ‫‪.‬‬ ‫الخ‬ ‫‪..‬‬ ‫الجديدة ‪ ،‬طريقة العمل القديمة وطريقة العمل الجديدة‬

‫‪۲۸۱‬‬
‫‪ .‬وهنا يحصل خطر‬ ‫الادارة الثورية والحالة هذه تحتاج الى ملاكات ثورية حزبية‬
‫لا بد من توقعه وهو انعزال الكادر عن حزبه وانصرافه للعمل داخل المؤسسة بشكل‬

‫ما علاج هذه الظاهرة ؟‬ ‫آخر قد يؤدي الى الضياع‬

‫ان العلاج يتطلب التأكيد على ضرورة الالتزام بمبادىء القيادة الجماعية حيث‬

‫فعال داخل المؤسسة ‪ .‬اي يكون للحزبي‬ ‫يجب ان يكون للحزب وجود حقيقي‬
‫وجوده في منظمته الحزبية ‪ ،‬ووجوده داخل اللجنة النقابية والهيئة الإدارية‬
‫للمؤسسة‬

‫كل هذه الهيئات يجب ان تعمل وتسير وفق خطة عمل ونسق لخدمة‬
‫فهل هذه المؤسسة ذات طابع اقتصادي صرف‬ ‫المسألة المركزية المتعلقة بالمؤسسة ‪.‬‬

‫ام ذات طابع مزدوج اقتصادي اجتماعي في آن واحد كالمؤسسات الصحية مثلا ؟‬
‫المهم ان خطة العمل يجب ان توضع بحيث تراعي طبيعة واجبات كل مؤسسة‬
‫حسب المقاييس الحزبية والنقابية والرسمية الموجودة ‪.‬‬
‫فالوزير مثلا عندما يتلقى‬

‫فانه عضو في مجلس الوزراء وان سياسة الحزب الصحيحة يتم‬ ‫خطة عمل‬
‫قيادة الثورة بحيث يستجيب لها مجلس‬ ‫التخطيط التشريعي لها من قبل مجلس‬
‫‪ .‬وفيما اذا كان الوزير حزبيا فانه بلا شك يجب‬ ‫الوزراء ويقوم الوزير بالتنفيذ‬

‫ان يكون مرتبطا بالجهاز الحزبي في الوزارة ‪ ،‬اي يكون على صلة وثيقة بمنظمة‬
‫•‬
‫الحزب في الوزارة وذلك من اجل تطبيق القرارات التي يتخذها مجلس الوزراء‬
‫وتبعا لهذا فان الوزير يخضع لنقد الجهاز الحزبي والمؤسسات والجمعيات والموظفين‬
‫والعمال بطريقة ايجابية موجهة ويكون الوزير مسؤولا للاجابة عن كل نقد صادر عن‬
‫سوء تطبيق مقررات مجلس الوزراء باعتباره اعلى هيئة ينتمي اليها الوزير المعني ‪.‬‬
‫اما‬
‫عن النسب في توزيع الكادر فمن الضروري وضعها بصورة جدية صائبة ‪.‬‬
‫حيث يجب ان تحدد نسب اعضاء القيادة القطرية المشتركين في وظائف الدولة‬
‫فعندما يكون عدد اعضاء القيادة ( ‪ ) ۱٥‬عضوا يجب ان تدرس النسب‬ ‫العليا ‪.‬‬
‫الحزب) ‪ ( -‬الدولة) ‪ ( -‬المنظمات‬ ‫المعقولة لتوزيع مهمات الكادر القيادي على‬

‫فمثلا يمكن اعتماد مبدأ التثليث اي ( ‪ ) ٥‬لشؤون الحزب ( ‪ ) ٥‬لشؤون‬ ‫‪.‬‬ ‫الشعبية‬

‫‪ .‬وقد تظهر حاجة لاعادة النظر‬ ‫الدولة ( ‪ ) ٥‬لشؤون المنظمات والنقابات والجمعيات‬

‫في توزيع النسب للمشتركين في الدولة او الذين يتحملون مسؤولياتهم في العمل‬


‫الحزبي او العمل حسب طبيعة الظروف العامة وظروف الحزب وظروف السلطة ‪..‬‬

‫على انه يجب الاتفاق على مبدأ في التوزيع او على خطة مدروسة دونما‬
‫ارتجال يعصف بابسط الاصول ‪ .‬ان من الخطأ تعيين كادر قيادي لشؤون الدولة‬

‫بحيث يتم ذلك رسميا في حين لا يمارس قانونيا وظيفة محددة معلومة في الدولة‬
‫لان هذا الاسلوب يؤدي الى الوقوع في اخطاء وارتباكات ونزعات بيروقراطية كما‬
‫يؤدي الى اسقاط دور السلطة او اضعافه ‪ ،‬ويعمل على تضييع الدور السياسي‬
‫للحزب ان عاجلا او احلا •‬

‫ان الدولة مؤسسة قائمة بذاتها وفي نفس الوقت غير قائمة بذاتها ‪ ،‬انها‬
‫قائمة بذاتها كشخصية تنفيذية تبت في الامور وغير قائمة بذاتها لانها تستمد طرق‬

‫‪٢٨٢‬‬
‫في الامور من السياسة العامة للحزب الثوري ‪ .‬ان اعتماد‬ ‫و اسلوب ونهج البت‬
‫مبدأ توزيع الكادر القيادي ضرورة لا بد منها وذلك لتجنب خطر ابتلاع الكادر وخطر‬

‫هذا‬ ‫انعزال السلطة عن الحزب وخطر انعزال السلطة والحزب عن الجماهير ‪.‬‬

‫بالنسبة لتوزيع الكادر القيادي ويمكن اعتماد نفس المبدأ على الكوادر من الدرجات‬
‫يجب ان يكون هناك مبدأ وقرار الطريقة علاقة الحزب بالسلطة ‪.‬‬ ‫الاخرى ‪ .‬المهم‬
‫فاذا كان عدد وزراء الدولة ( ‪ ) ۲۱‬فعندما يشكل ( ‪ ) ۳/۱‬وزراء حزبيون يجب ان يقر‬

‫مبدا آخر توزيع الباقي فكيف يتم توزيع الباقي ؟ من الطبيعي يكون الثلث الثاني‬
‫من العناصر الوطنية والصديقة والقوى الثورية الاخرى والثلث الاخير من العناصر‬

‫الفنية التي تمثل الخبرة ‪ .‬المهم ان يكون مبدأ للتوزيع ليس للكادر الحزبي فحسب‬
‫بل ايضا لمناصب الدولة ‪ ،‬وحيث يفقد المبدأ تحل الفوضى وتنشأ مخاطر الانحراف‬

‫بشتى انواعها ‪ .‬وعندما يكون هنالك مبدأ صحیح مقرر وفق دراسة فانه تتم معرفة‬

‫المسح السياسي للبلد ولواجبات الدولة والحزب على ضوء هذا المسح ‪ .‬ان الحزب‬
‫‪-‬‬
‫الثوري الذي سيتولى السلطة يجابه مهمة طريقة تنظيم العلاقة بين الحزب‬
‫‪-‬‬
‫السلطة ‪ -‬الجماهير ‪ ،‬ومن الافضل دوما ترتيب العلاقة كما يلي ‪ :‬الجماهير‬
‫بحيث لا يحصل خطأ ربط السلطة بالحزب بدون الجماهير ‪،‬‬ ‫الحزب ـ السلطة‬

‫ولا ربط الحزب بالجماهير بدون السلطة الثورية ‪ .‬ويجب ان لا تدفع الامور‬
‫وحلقة الصلة‬ ‫حلقات‬ ‫الصغيرة والكبيرة الى نسيان ان السلسلة مؤلفة من ثلاث‬

‫فعندما يثبت هذا المبدأ يكون بالمقدور توفير‬ ‫‪.‬‬ ‫بين الجماهير والسلطة هي الحزب‬
‫هو المبدا فانه بذلك‬‫قدرة الرؤيا الصحيحة لتوزيع الكادر وعندما يكون التثليث‬
‫في مكانه‬ ‫يصان الحزب والمنظمات الشعبية والسلطة · وحيث يوضع الحزب‬
‫الصحيح فان العلاقة بين الجماهير من خلال المنظمات الشعبية ـ الحزب ‪ -‬السلطة‬

‫نا معروفة وحسب هذا المقياس يمكن معرفة مم وكيف يتألف المجلس الوطني‬ ‫تكو‬
‫وهكذ‬
‫•‬

‫أن وجود المبدأ الواضح المقرر وفق دراسة ثورية واقعية شرط من شروط‬
‫عدم ضياع الكادر وعدم ابتلاع الكادر من قبل السلطة او ابتلاع السلطة من قبل‬
‫الحزب او ابتلاع الاثنين للجماهير او ذوبان الاثنين في الجماهير •‬

‫‪۲۸۳‬‬
‫في التربية الحزبية ( ‪) ١‬‬

‫‪-1-‬‬

‫‪،‬‬ ‫التربية الحزبية تعني عملية التثقيف واعادة التكوين الفكري والخلقي‬
‫فالحزب الثوري‬ ‫الحزب الثوري تجاه مناضليه وملاكاته ‪.‬‬
‫والعملي التي يقوم بها‬
‫فترة محددة من اعداد ثقافي عام ‪،‬‬ ‫يستقبل المناضلين الذين ينتسبون اليه بعد‬
‫ومن التجربة العملية ‪ .‬غير ان هؤلاء المناضلين الجدد ‪ -‬ولا سيما المنحدرين منهم‬

‫من اصل طبقي برجوازي صغير ‪ -‬يحملون معهم مفاهيم وتقاليد متخلفة ‪ ،‬مناقضة‬

‫لفكرة الحزب وتقاليده النضالية ‪ .‬كما انهم يأتون وهم مزودون بالحد الادنى من‬
‫الفهم العام للحزب ‪ ،‬وفكرته وستراتيجيته واهدافه العامة واساليب عمله‬

‫‪،‬‬ ‫صالحين‬ ‫فلكي يصبح هؤلاء المناضلون ثوريين‬ ‫‪.‬‬ ‫البرنامج والنظام الداخلي)‬
‫واكفاء ‪ ،‬لا بد من اعادة تكوينهم الفكري ‪ ،‬وتشذيبهم من العادات والتقاليد‬

‫الثقافي والنظري ‪ ،‬ورفع‬ ‫البرجوازية الصغيرة ‪ ،‬كما لا بد من تعميق مستواهم‬


‫هذا المستوى باستمرار ‪ .‬وكل هذا يدعي بعملية التربية الحزبية ‪ .‬ولذلك فان‬
‫التربية الحزبية مهمة اساسية ثابتة من مهمات الحزب الثوري ‪ ،‬منذ البداية الاولى‬
‫فاذا تساهل الحزب في هذا الميدان ‪،‬‬ ‫لتكوينه وحتى الاطوار المتقدمة لوجوده ‪.‬‬
‫‪،‬‬ ‫فمعنى ذلك تساهله مع عقليات ومثل ومسلكيات غريبة عنه ‪ ،‬ضارة لنشاطه‬

‫وبالتالي ‪ ،‬يعني تحويل الحزب الى ناد للمثقفين ‪ ،‬او الى ملتقى توفيقي ‪ ،‬لالتقاء‬
‫وتعايش مختلف الايديولوجيات والاساليب والمسلكيات ‪ .‬وبذلك تشل فاعلية‬
‫قراراته ‪ ،‬ويصبح تشكيلة لا تشدها وحدة الفكر والارادة والعمل ‪ ،‬ومنظمة سائية‬

‫لا شكل لها ‪ .‬فاذا تراخى الحزب مثلا في مكافحة عقليات وميول الكبرياء الذاتية ‪،‬‬
‫والانانية الفردية ‪ ،‬والغرور ‪ ،‬بین اعضائه وتنظيماته ‪ ،‬تعذر على الحزب تحقيق‬
‫‪،‬‬ ‫وحدة صخرية فيه ‪ ،‬وتأمين مبادرة ونشاط اعضائه وتنظيماته بشكل موحد‬

‫و باندفاع ‪ ،‬وكرجل واحد ‪ .‬وهنا تصبح افضل القرارات والشعارات مجرد تسطير‬

‫« الثورة العربية » ‪ -‬السنة الثالثة ‪ ،‬العدد الثالث ‪۱۹۷۱ ،‬‬ ‫(‪)۱‬‬

‫‪٢٨٤‬‬
‫على الورق ‪ ،‬ولا تمتلك قدرة التحول والتحويل ‪ ،‬والتأثير الفعلي ‪ .‬واذا وقف‬

‫في الاجتهادات والتقديرات ‪ ،‬او‬ ‫الحزب موقف اللامبالاة تجاه التضارب الحاد‬

‫تجاه المسلك التنظيمي الخاطىء لهذه المنظمة او تلك ‪ ،‬ولاعضائه الفرادي ‪ ،‬اصبح‬
‫الخ ‪.‬‬ ‫مسرحا للتطاحن والخصام ‪ ،‬ومعرضا الى الانقسامات‬

‫في نشاطه على شبكات من المناضلين الشجعان ‪،‬‬ ‫ان الحزب الثوري يعتمد‬

‫للصلابة والرسوخ ‪،‬‬ ‫شرط‬ ‫هو‬ ‫‪ ،‬الوعي الكافي الذي‬ ‫‪ ،‬الواعين‬ ‫المضحين‬
‫والوعي بهذا المفهوم لا يعني فقط المعلومات‬ ‫والاستمرارية ‪ ،‬وللنشاط المبادر ‪.‬‬
‫النظرية والسياسية اللازمة ‪ ،‬بل يعني ايضا سيادة اخلاقية ثورية متينة ‪ ،‬وعلاقات‬
‫فكر ونظرية الحزب‬ ‫رفاقية اشتراكية بين الاعضاء ومسلكية عملية منسجمة مع‬
‫فالضحالة الثقافية ‪ ،‬والغرور ‪ ،‬والفردية الانانية ‪ ،‬والتبجح ‪،‬‬ ‫واهدافه الكبرى ‪.‬‬
‫هي‬ ‫‪..‬‬ ‫الخ‬ ‫والبيروقراطية ‪ ،‬ورفض النقد ‪ ،‬واللبرالية في التنظيم ‪ ،‬والثرثرة‬
‫وللاخلاق الثورية الطليعية ‪ ،‬وللافكار والقيم‬ ‫عدو لدود للحياة الحزبية السليمة ‪،‬‬
‫الاشتراكية الثورية‬
‫هي جزء من ايديولوجيات الاقطاع‬ ‫ان هذه الظواهر والمسلكيات والعقليات‬
‫والبرجوازية الصغيرة ‪ .‬وحين ينتسب المناضل الى حزب‬ ‫والفئات البرجوازية ‪،‬‬
‫ثوري حقيقي ‪ ،‬لا يستطيع التخلص دفعة واحدة من هذه التركات ‪ .‬ولذلك لا بد‬
‫للحزب ان يأخذ بيده ‪ ،‬بصبر ومرونة ‪ ،‬ومثابرة ‪ ،‬لتحويله الى مناضل طليعي حقا ‪.‬‬

‫‪- ۲۰-‬‬

‫ان هذه العملية تتطلب ‪:‬‬

‫وسياسات وشعارات‬ ‫واضحة وبرامج صائبة ‪،‬‬ ‫( ‪ ) ۱‬ان تكون للحزب رؤيا‬
‫فذلك هو الشرط الاول لكسب ثقة القاعدة ‪ ،‬والتفافها‬ ‫وحياة تنظيمية سليمة ‪.‬‬
‫حول القيادة ‪ ،‬ولتأمين انضباط حديدي واع في صفوف الحزب ‪ -‬ذلك الانضباط‬

‫الذي هو شرط حيوي لديمومة الحزب ناهيكم عن انتصاره‬

‫( ‪ ) ۲‬وضع خطط وبرامج تثقيفية ‪ ،‬سياسية ‪ ،‬ونظرية ‪ ،‬دورية ‪ ،‬تتبدل من‬


‫فترة الى اخرى ‪ ،‬على ان تكون ذات ارتباط تام بالمهمات الاساسية والمرحلية‬

‫للحركة الثورية ‪ ،‬وعلى ان تراعى مشاكل مختلف المناطق في البلد الواحد ‪ ،‬والمشاكل‬
‫النوعية لمختلف القطاعات الحزبية ‪ .‬أي بجوار المواضيع العامة ‪ ،‬المشتركة ‪ ،‬يجب‬
‫ايضا ادخال مواضيع محددة خاصة ‪ .‬كما وان هذه الخطط والبرامج يجب ان‬

‫فما يدرس للكادر‬ ‫تكون عملية ‪ ،‬وان تراعي المستويات الحزبية الثقافية المختلفة ‪،‬‬
‫الاكثر تقدما ‪ ،‬قد يصعب هضمه من قبل اعضاء وردوا الحزب توا ‪ ،‬ولا سيما اذا‬
‫•‬
‫ان برامج التثقيف الحزبي يجب ان تكون طموحة بالقدر‬ ‫كانوا من الكادحين‬
‫الممكن ‪ ،‬ومن الخطأ رسم برامج واسعة ‪ ،‬ومتشعبة ‪ ،‬يتعذر تطبيقها‬

‫( ‪ )۳‬ان فتح الدورات الحزبية المختلفة ‪ ،‬ولمدد قصيرة نسبيا ‪ ،‬وخصوصا‬


‫وتكون هذه المهمة‬ ‫‪.‬‬ ‫وسيلة هامة للتثقيف والتربية الحزبيين‬ ‫للملاكات الحزبية ‪،‬‬

‫‪٢٨٥‬‬
‫سهلة حين يكون الحزب الثوري ممسكا بزمام سلطة الدولة‬

‫( ‪ ) ٤‬اعتماد مبدأ النقد والنقد الذاتي من ادنى المستويات حتى اعلاها‬


‫ويعني ذلك ‪:‬‬

‫(‪ ) 1‬ان تقيم قيادة الحزب من فترة الى اخرى مجمل نشاطات الحزب ‪ ،‬وان‬
‫تشخص ما وقع من اخطاء ‪ ،‬وتحلل اسبابها وظروفها ‪ ،‬وترسم سبيل‬

‫ان لهذا التقليد الديمقراطي السليم اهمية تثقيفية كبيرة‬ ‫‪.‬‬ ‫معالجتها‬
‫قيادات‬ ‫وكلما كانت‬ ‫‪.‬‬ ‫للقواعد الحزبية والجماهير المناضلة على السواء‬

‫الحزب العليا ‪ ،‬متمسكة بمبدأ النقد والنقد الذاتي ‪ ،‬وتكون القدوة في‬
‫الحزبية العامة على ممارسة هذا‬ ‫تطبيقه ‪ ،‬تتشجع القواعد والملاكات‬

‫المبدأ باندفاع اكبر ‪ .‬ويدخل في هذا الباب ايضا ان تطلب القيادات‬


‫‪ ،‬وان تجيب عليها ‪ ،‬وان تأخذ‬ ‫باستمرار ملاحظات الاعضاء وآراءهم‬
‫بالصالح منها‬

‫(ب ) ان تمارس القيادات الحزبية تقليد الاشراف الحزبي الدائم على المنظمات‬
‫والاعضاء ‪ ،‬وتأخذ بقاعدة المحاسبة ‪ ،‬وتفرض العقوبات عند الضرورة‬

‫ان العقوبات الحزبية اذا كانت سليمة ‪ ،‬هي وسيلة تربوية هامة للعضو‬
‫المخطىء ‪ ،‬كما وانها وسيلة لصيانة الحزب من الاعضاء غير الصالحين‬
‫‪.‬‬ ‫وتصرفاتهم المسيئة‬

‫( جـ ) ان تطبق جميع التنظيمات والهيئات الحزبية قاعدة النقد والنقد الذاتي ‪،‬‬
‫وبالاساليب التنظيمية‬ ‫‪،‬‬ ‫الخاطئة‬ ‫العمل‬ ‫واساليب‬ ‫التصرفات‬ ‫تجاه‬
‫المقرة ‪ .‬ان معوقات وميولا سلبية عديدة تعرقل هذه الوجهة السليمة ‪،‬‬

‫او العنعنات الشخصية (الحب‬ ‫‪،‬‬ ‫منها ظاهرة العشائرية في العلاقات‬


‫او النفور) ‪ ،‬او كبرياء المثقفين التي تعتبر النقد اساءة والنقد الذاتي‬
‫اسقاطا للشخصية ‪ .‬ان هذه الظواهر والميول سائدة في مجتمعنا ‪،‬‬
‫وتحيط بالاحزاب الثورية ‪ ،‬وتتسلل اليها من خلال الاعضاء الجدد ‪،‬‬

‫لذلك فمن واجب القيادات‬ ‫خصوصا ذوي الاصل البرجوازي الصغير ‪.‬‬
‫العليا ان تثقف مجموع الحزب ضد هذه الظواهر ‪ ،‬وبروح التواضع ‪،‬‬

‫‪ .‬ومن المخاطر الدائمة التي‬ ‫الاشتراكية‬ ‫والمباراة‬ ‫والعلاقات الرفاقية ‪،‬‬


‫تتعرض لها ممارسة الاعضاء للنقد والنقد الذاتي ما يلي ‪:‬‬
‫اولا ‪ -‬بيروقراطية المسؤول ‪ ،‬أو الهيئة الاعلى ‪ ،‬وضيقهم بالنقد الوارد من‬
‫ادنى ‪ .‬ولمعالجة ذلك لا بد من نصوص صريحة في النظام الداخلي تدين‬
‫وتعاقب هذه الممارسات البيروقراطية‬

‫ثانيا ‪ -‬التشديد في النقد ‪ ،‬بتضخيم الخطأ الصغير ‪ ،‬أو التصرف البسيط ‪،‬‬
‫وبتوجيه الاتهامات الاعتباطية القاسية للعضو المخطىء ‪ .‬واحيانا تكون‬

‫الدوافع اللامبدئية كالعداء الشخصي او الشعور بالمنافسة من وراء‬


‫هذا التشديد ‪ ،‬فيقف المنتقد موقف المتربص لزميله او مسؤوله ‪،‬‬

‫‪٢٨٦‬‬
‫لاقتناص اية هفوة ‪ ،‬وتهويلها وشن حملة باسمها ·‬

‫ثالثا ‪ -‬سيادة المحاباة والعلاقات الشخصية داخل المنظمة الحزبية ‪ ،‬او قسم‬
‫من اعضائها ‪ ،‬مما يجعل هؤلاء يغضون النظر عن اخطاء بعضهم البعض ‪،‬‬
‫ويحاولون سترها ‪ ،‬او التهوين منها ‪ ،‬حرصا على العلاقات الشخصية‬
‫( الصداقات )‬

‫رابعا ‪ -‬كلما كان المستوى الثقافي والسياسي للعضو منخفضا ‪ ،‬كانت‬


‫ملاحظاته ونقداته جزئية ‪ ،‬سطحية ‪ ،‬تعنى بالقشور وتعجز عن الامساك‬
‫له اهمية خاصة تشجيع روح‬ ‫ومما‬ ‫بالجوهر والعكس بالعكس‬

‫المناقشة العلمية ‪ ،‬داخل الحزب ‪ ،‬وتربية الاعضاء باستقلالية الفكر ‪،‬‬

‫وعدم التطير من‬ ‫مع احترام آراء الآخرين ‪،‬‬ ‫وموضوعية الاحكام‬

‫وعدم التشبث بالرأي الخاطيء عندما‬ ‫الخلافات في وجهات النظر ‪،‬‬


‫يتجلى خطأه ‪ .‬ان تربية العضو بهذه الروح العلمية الانتقادية البناءة‬

‫‪ ،‬بالطبع ‪ ،‬بموازاة تربيته بروح الالتزام بالانضباط‬ ‫ينبغي ان تتم‬


‫الحزبي وتنفيذ القرارات بعد اتخاذها سواء كان العضو متفقا معها او‬
‫متحفظا عليها‬

‫( ‪ ) ٥‬ـ لكن أهم مدرسة حزبية للتربية الحزبية هي النضال العملي نفسه ‪ ،‬سواء‬
‫المرحلة « السلبية » ) او في مراحل ما بعد‬ ‫في مرحلة الكفاح السياسي الثوري‬
‫فالخبرة العملية والممارسات النضالية المختلفة ‪ ،‬من اشكال الكفاح‬ ‫الانتصار‬

‫الثوري الى النشاطات الجماهيرية وحملات البناء بعد النصر ‪ ،‬هي البوتقة الحقيقية‬

‫في بوتقة الحزب والحركة‬ ‫التي تستطيع ان تصهر الاعضاء الحزبيين المخلصين‬
‫وان تضمن كشف الاعضاء المعرقلين‬ ‫الثورية ‪ ،‬وان تصقلهم ايديولوجيا وخلقيا ‪،‬‬
‫والمسيئين ‪ ،‬وتطهر الحزب منهم ‪ ،‬كما انها المدرسة الحقيقية لجرد الاعضاء والملاكات ‪،‬‬
‫و تشخيص الكفاءات المطمورة ‪ ،‬وترقيتها الى المراكز الأهلة لها ‪ .‬والواقع ان الحزب‬

‫في غمار النضال‬ ‫الثوري كله يتطور فكرا وسياسة وخبرة وتنظيما وتكوينا ‪،‬‬
‫والعمل ‪ ،‬ويرتفع مستواه ويتطور ويرقى عبر مراحل النضال المختلفة بشرط ان‬
‫فاذا اقترن الفكر النظري الواضح ‪ ،‬والادراك‬ ‫تكون مواقفه العامة ثورية وصائبة ‪.‬‬
‫السياسي العام لدى العضو الحزبي ‪ ،‬بالخبرة العملية الضرورية اصبح مناضلا‬
‫جيدا ‪ ،‬وتزداد قدراته على خدمة القضية الثورية للحزب‬

‫‪-t-‬‬

‫الثورية‬ ‫وان الروح الحزبية‬ ‫‪،‬‬ ‫النظرية والسياسية )‬ ‫ان الثقافة الحزبية‬
‫هما عماد التربية الحزبية‬ ‫الاشتراكية‬

‫يتحقق عن طريق النشر والتعليم الحزبي‬ ‫ان الركن الاول ( الثقافة (الحزبية‬

‫( الصحافة والمنشورات والكراريس ‪ ،‬ودورات التثقيف ‪ ،‬والمدارس الحزبية الخاصة) ‪.‬‬

‫وهذا الركن اساسي ‪ ،‬لانه يضمن ان تكون لدى العضو الحزبي رؤيا سديدة لا فاق‬

‫‪۲۸۷‬‬
‫التردد والتشاؤم‬ ‫النضال واهدافه ‪ ،‬ولانه اساسي هام جدا في عدم استسلام الم‬

‫والانهزامية في ايام المحن والازمات والشدائد والتقلبات السياسية الحادة‬

‫فانه يضمن التوافق بين الفكر والعمل ‪ ،‬بين‬ ‫اما الركن الثاني ( الروح الحزبية‬
‫فاعضاء الحزب الثوري يجب‬ ‫النظرية والتطبيق ‪ ،‬بين الثقافة والحياة النضالية ‪.‬‬

‫ان يكونوا قدوة المجتمع ‪ ،‬والمثال في العزيمة ‪ ،‬والامانة والاخلاص للشعب ‪ ،‬وروح‬
‫التضحية والفداء ‪ ،‬والتجرد من المطامع الشخصية ‪ ،‬والتحلي بالتواضع ‪ ،‬وروح‬
‫التلمذة على الجماهير والالتصاق بها‬
‫‪ ..‬الخ ‪ ) ..‬تفقد العضو‬ ‫ان روح الانانية والكبرياء ‪ ،‬والغرور ‪ ،‬والثرثرة‬

‫الحزبي صفاء النظر وموضوعية التفكير ‪ ،‬وتنسيه تدريجيا اهداف الحزب التي‬
‫هي اهداف الجماهير ‪ .‬تنسيه انه خادم للجماهير برغم كونه عضو الطليعة فيها ‪،‬‬
‫وان مجموع تصرفاته ومسلكيته يجب ان تنسجم مع المصالح العليا للجماهير وحركتها‬
‫الثورية ‪ ،‬وان تتحرر من جميع آثار عقليات وميول الطبقات الاستغلالية في المجتمع ‪.‬‬
‫واستلام العناصر‬ ‫و تزداد هذه الظواهر خطرا بصعود الحزب الثوري الى الحكم‬
‫فاذا كان الكادر الحزبي‬ ‫في مختلف اجهزة السلطة ‪.‬‬ ‫الحزبية للمسؤوليات‬
‫البيروقراطي تجاه منظمته ايام النضال السري ‪ ،‬يسيء بتصرفه ‪ ،‬الى تلك المنظمة ‪،‬‬
‫سيسيء الى الشعب مباشرة ‪،‬‬ ‫فانه عند استلامه المسؤولية في احد اجهزة الحكم‬
‫وستحسب تصرفاته حتما على الحزب كله ‪ .‬واذا كانت‬ ‫وامام انظار الشعب‬

‫نزعات التسلق باي ثمن ضارة داخل التنظيم الحزبي في عهود النضال السلبي ‪،‬‬
‫فان ضررها يزداد اضعافا اذا سمح لها ان تستلم مسؤوليات حكومية هامة‬
‫ولذلك فان العمل التربوي المثابر لاجل سيادة الروح الحزبية العالية ‪ ،‬يظل‬
‫مهمة بالغة الخطورة بالنسبة للحزب الثوري المنتصر ‪ .‬ان اصدار دراسات مبسطة‬
‫حول هذه المواضيع ‪ ،‬وان الرقابة الحزبية من اعلى وان المحاسبات والعقوبات‬
‫الحزبية ‪ ،‬هي الوسائل المفيدة لتحقيق هذه المهمة ‪.‬‬

‫ان لغة الاقناع والشرح الصبور ‪ ،‬ونبرة الرفاقية والايجابية ‪ ،‬هي الاساس‬
‫لممارسة هذه العملية التربوية ‪ .‬وهذا الاساس لا يجب ان يعني تساهلا تجاه‬

‫المخالفات الخطيرة والتصرفات البالغة السوء ‪ ،‬حيث يجب في هذه الحالات اعتماد‬
‫اقصى الصرامة ضمانا لوحدة الحزب ‪ ،‬وعلاقته بالجماهير ‪ ،‬ولقوة مبادراته ولهيبة‬
‫افكاره ‪ ،‬وخصوصا اذا كان الحزب في الحكم‬
‫ولما كانت الجماهير هي صاحبة القضية ‪ ،‬ولما كان الارتباط بها سر نجاح‬

‫الحزب الثوري ‪ ،‬فان ربط العضو الحزبي بحياة الجماهير وآلامها ومبادراتها واشراكه‬
‫في نشاطاتها الانتاجية ‪ ،‬هو من اهم الوسائل الاساسية للتربية الحزبية ‪ ،‬ولتصليب‬
‫بالروح الثورية الاشتراكية ‪ .‬وبعد النصر‬ ‫العضو الحزبي (لا سيما غير (الكادح‬
‫خصوصا ‪ ،‬يجب ان يكون الاعضاء الحزبيون هم القدوة في التقيد بانضباط العمل‬
‫والوظيفة ‪ ،‬وفي التضحية بالوقت والراحة ‪ ،‬وفي المساهمة مع الجماهير وفي حل‬
‫‪ .‬ان الحزب بعد الثورة يصبح مكشوفا للانظار ‪ ،‬كالمرآة وان اية لطخة‬ ‫مشاكلها‬
‫على هذه المرآة ‪ ،‬تتكشف حالا للناس ‪ .‬ومهما تكن المنجزات التي يحققها الحزب‬

‫‪۲۸۸‬‬
‫للجماهير فان هذه الجماهير تظل متطلعة الى اعضاء الحزب وملاكاته ( من‬ ‫المنتصر‬

‫تحصي تصرفاتهم‬ ‫كانوا منهم في الجهاز الحكومي او في المنظمات الشعبية او غيرها‬


‫اليومية ‪ ،‬وتراقبهم عن كثب ‪ .‬وان قوة المثال ‪ ،‬الايجابية او السلبية ‪ ،‬للحزبيين‬

‫وهذا ما يجب ان يكون في مركز‬ ‫ستنعكس على موقف الجماهير ايجابا او سلبا‬
‫الاهتمام الدائم المستمر للحزب ولا سيما قياداته العليا •‬

‫في التنظيم والتربية الحزبية ‪١٩ -‬‬ ‫‪۲۸۹‬‬


‫اهمية الثقافة الحزبية ( ‪) ١‬‬

‫لقد بقي حزبنا خلال مرحلة طويلة بعد تأسيسه يعرف بانه ( حزب المثقفين ) ‪،‬‬
‫فقد كان خلال المرحلة الاولى من نشوئه يضم طليعة يشكل العمل التثقيفي مر‬
‫فقد بدا حزب البعث ( فكرة ) جمعت حولها نخبة من‬ ‫الثقل في برنامجها اليومي ‪.‬‬
‫فكرة البعث الصيغة المعبرة‬ ‫في‬ ‫المثقفين الثوريين من اقطار عربية مختلفة وجدوا‬
‫عن قضية الامة العربية تعبيرا اصيلا وعلى مستوى العصر‬

‫الذي كانت تعيشه الاجيال‬ ‫فكرة البعث حدا للقلق الفكري‬ ‫لقد وضعت‬

‫العربية ‪ ،‬لذلك بدأت اشبه بكلمة السر بالنسبة للتاريخ العربي المعاصر فلم تمض‬
‫فكرته الى‬ ‫بضع سنوات على نشوء حزب البعث العربي الاشتراكي حتى وصلت‬
‫سائر الاقطار العربية واستقطبت خيرة المثقفين والمناضلين ·‬

‫فهو الاسرة العربية‬ ‫كان الحزب خلال المرحلة الاولى هذه تجسيدا للفكرة ‪،‬‬

‫الجديدة التي تضم جيلا انفصل عن واقعه لكي يبدل هذا الواقع ولكي يحول التجزئة‬
‫·‬
‫والسيطرة الاجنبية والاستغلال الطبقي الى وحدة وحرية واشتراكية‬
‫وكان نضال الحزب خلال هذه الفكرة يتجلى على مستويين ‪ :‬مستوى الفكر‬

‫والكفاح الفكري ومستوى النضال الشعبي والعملي اليومي ‪ .‬فالحزب خلال مراحل‬
‫فكريا ويصطدم بايديولوجيات معادية تحاول ان‬ ‫نشوئه الاولى كان يواجه صراعا‬

‫تقضي على فكرة وحدة الامة العربية او تحاول ان تقضي على الفكرة الاشتراكية فكان‬
‫على الجيل العربي الاشتراكي الجديد ان يتزود بالسلاح الذي تتطلبه هذه المعركة‬
‫الفكرية فكانت الثقافة الحزبية هي السلاح الاساسي ‪ .‬اما على مستوى النضال‬
‫الشعبي اليومي فقد كان ربط السلوك الفردي والجماعي بالقيم الثورية التي تتطلبها‬
‫لذلك استطاع كفاح الحزب الفكري ان‬ ‫الفكرة هو مركز الثقل في العمل الحزبي ‪.‬‬
‫يخلق ايديولوجية جديدة واستطاعت مؤتمراته القومية وعلى نحو خاص المؤتمر‬

‫القومي السادس بمنطلقاته النظرية والمؤتمر القومي الثامن ان يطور هذه الايديولوجية‬
‫ويعمقها وان يوضح الصلة بين الصراع القومي والصراع الطبقي كما تمكن نضاله‬
‫الشعبي العملي اليومي ان يحقق الصلة بين الجماهير الشعبية وبين فكرته وان يدخل‬

‫‪١٩٦٤ ،‬‬ ‫« النشرة الداخلية القومية‬ ‫(‪)۱‬‬

‫‪۲۹۰‬‬
‫الجماهير بل حتى السياسة اليومية العربية في تفاعل دائم مع شعارات الوحدة‬

‫فكانت‬ ‫‪.‬‬ ‫لدى هـذه الجماهير‬ ‫وان يرفع مستوى الوعي‬ ‫والحرية والاشتراكية ‪،‬‬
‫حصيلة هذا النضال ان اصبح الحزب يقوم على المثقفين الثوريين والعمال والفلاحين‬

‫فتضاعفت بسبب ذلك مهمته الثقافية ‪ ،‬لان مهمة حزبنا الاولى‬ ‫والطلاب والجنود ‪.‬‬
‫هي في ان يكون الاداة المسؤولة عن تحويل هذه العناصر الثورية العاملة الى جيل‬
‫عقائدي يكون في مستوى تفکیره وسلو که قادرا على حمل رسالة الامة العربية‬

‫التاريخية ‪ ،‬اي قادرا على حمل فكرته‬

‫معنى الثقافة الحزبية ‪:‬‬

‫فالمثقف مهما تقدم في‬ ‫ان الثقافة الحزبية لا تعني الثقافة العامة وحدها ‪.‬‬
‫الدرجات العلمية قد يبقى اميا من الناحية الحزبية اذا لم يدخل الى حياة الحزب‬
‫ويحيا هذه الحياة من الداخل أي من خلال المعاناة اليومية للمشاكل السياسية‬

‫والتنظيمية والعقائدية والعمل الشعبي ‪ .‬انه يبقى متخلفا عن فكر الحزب اذا‬
‫يقرا كل تراثه ويعي كل مراحل تاريخ نشوئه ويطلع على التيارات الفكرية التي‬
‫تحيط به ‪.‬‬

‫ثم ان الثقافة الحزبية لا تعني مجرد القراءة والحفظ وترديد الشعارات ‪ ،‬لانها‬
‫حصيلة للموقف النضالي الثوري الذي يرافق حياة الحزب سواء على مستوى‬

‫الفكر او مستوى النضال العملي ‪ .‬انها ثمرة لاقتران الفكر بالعمل الثوري ‪ .‬ان‬
‫انما‬ ‫والثقافة الشعبية والثقافة النظرية ‪،‬‬ ‫الثقافة السياسية والثقافة التنظيمية‬
‫‪.‬‬
‫هي وجوه متعددة لا تأخذ شكلها العقائدي الا اذا ارتبطت بحياة نضالية يومية‬

‫وقد يصل العامل الحزبي او الفلاح الحزبي او الجندي الحزبي الذي يعيش‬
‫حياة حزبية صحيحة ويتتبع بشغف كل ما يصدر عن الحزب من انتاج فكري‬

‫ويشارك في كل مناسبات النضال الحزبي ويحدد سلوكه اليومي على ضوء شعوره‬
‫قد يصل الى مستوى من الثقافة الحزبية تتجاوز ثقافته‬ ‫بمسؤوليته التاريخية ‪،‬‬

‫المثقفين الذين يكتفون بالعمل الفكري العام المجرد ‪.‬‬


‫ان الثقافة الحزبية تتمتع بخصائص تميزها عن الثقافة العامة وان كانت تتطلب‬
‫ا‬
‫حدود من هذه الثقافة العامة تتناسب مع مسؤولية العضو الحزبي‬

‫الفكر الحزبي بالعمل الحزبي كما‬ ‫فالثقافة الحزبية ثقافة ثورية تتطلب ربط‬
‫مستمرا ومتصلا بتاريخ الحزب‬ ‫تتطلب عملا تثقيفيا سياسيا وتنظيميا وشعبيا‬
‫وبحياته اليومية‬

‫انها ثقافة ( سياسية ) تتطلب وعيا للواقع السياسي العربي في اقطار الامة‬
‫العربية كافة‬
‫ومعرفة بالتركيب السياسي لهذا الواقع أي بالتيارات السياسية وبمدى‬
‫قوتها ونوعيتها وطبيعة ارتباطها بالجماهير وبموقفها من قضايا الامة العربية‬

‫الاساسية كالصراع مع الاستعمار ومع الصهيونية العالمية ومع قوى التخلف ومع‬
‫الا قطاعية والرأسمالية ‪ ،‬وموقف هذه التيارات من الحزب‬

‫‪۲۹۱‬‬
‫فالثقافة السياسية الحزبية تتجلى في درجات من الوعي تختلف باختلاف‬

‫فالعضو العامل يحتاج الى ثقافة سياسية تتجاوز مستوى‬ ‫مراتب العمل الحزبي ‪،‬‬
‫ثقافة النصير وثقافة العضو القائد تحتاج الى مستوى ارفع من مستوى ثقافة العضو‬
‫العامل ‪ .‬الا انهم جميعا ينطلقون من منطلق واحد هو الحاجة الى تكوين منطق‬
‫سياسيا يأخذ‬ ‫سياسي يحلل الاوضاع والظروف على ضوء فكرة الحزب تحليلا‬

‫بعين الاعتبار القوى السياسية في الوطن العربي وفي العالم وموقف هذه القوى من‬
‫الحزب وموقفه منها‬

‫ولبرنامجــه‬ ‫لمهمة الحزب‬ ‫والثقافة الحزبية ثقافة ( تنظيمية ) تتطلب وعيا‬

‫ولتركيب الحزب التنظيمي ولعلاقة العضو الحزبي بمنظمته وعلاقة منظمته بمنظمات‬
‫الحزب وعلاقة القاعدة بالقيادة والقيادات الدنيا بالعليا وللهوية القومية للحزب التي‬

‫قومي شامل كما تتطلب وعيا‬ ‫تميزه عن سائر الاحزاب العربية الاخرى بتنظيم‬
‫فالاطلاع على النظام‬ ‫لحقوق العضو وواجباته وممارسته لهذه الحقوق والواجبات ‪.‬‬

‫الداخلي للحزب هو المدخل لهذه الثقافة التنظيمية وممارسة احكام هذا النظام عن‬
‫فان ثقافته التنظيمية‬ ‫‪ .‬اما العضو القائد‬ ‫ادراك ووعي هي مهمة العضو العامل‬

‫تتجاوز هذا الدور الى الاطلاع على الانظمة الداخلية للحركات السياسية الثورية في‬
‫العالم ومقارنتها بنظام الحزب وادراك الصلة بين النظام الداخلي وبين الاسس الفكرية‬
‫•‬
‫التي يقوم عليها والتي تنبع من فكرة الحزب‬
‫ثم ان الثقافة الحزبية ثقافة ( شعبية ) متفاعلة مع قضايا الشعب الحيوية‬

‫فالعضو الحزبي لا تكمل ثقافته الحزبية اذا لم‬ ‫اليومية الاقتصادية والاجتماعية ‪.‬‬
‫يكن لها مضمون واقعي مرتبط بالمشاكل العمالية والفلاحية بمشاكل القرية والحي‬
‫والمصنع والمدرسة ‪ .‬واذا لم تقترن بمعرفة لاساليب العمل الشعبي‬
‫ان الثقافة السياسية والتنظيمية والشعبية هي في حزبنا ثقافة نابعة من‬

‫فهي ثقافة عقائدية تنظر الى‬ ‫‪.‬‬ ‫مستلزمات الثقافة الثورية التي تميز فكرة الحزب‬
‫السياسة والى التنظيم والى العمل الشعبي من زاوية نظرية الحزب القائمة على‬
‫فهي اذن ثقافة ( قومية)‬ ‫‪.‬‬ ‫الارتباط المتبادل بين الوحدة والحرية والاشتراكية‬
‫ترتبط بسياق تاريخي محدد هو الامة العربية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها‬
‫فصورة الماضي القومي وصورة الحاضر‬ ‫وبالتقدم البشري ‪،‬‬ ‫وفي علاقتها بالعلم‬
‫يجب ان تكون في ذهن الحزبي على درجة من الوضوح تسمح له بتكوين منطق‬
‫ينطلق من قضية الامة العربية الواحدة في صراعها القومي مع الاستعمار وفي‬

‫صراعها مع كل اثار التجزئة من عصبيات اقليمية وطائفية وعشائرية وعائلية وفي‬


‫النظرة الى ارتباط القومية العربية برسالة انسانية أي بقيم الحق والحرية والعدالة‬
‫وبآفاق تاريخية تنفي عنها كل ما عرف عن التيارات القومية في اوربا من انفلاق‬
‫‪ ،‬وتربطها بتجارب التحرر في اسيا وافريقيا اي بيقظة‬ ‫و تعصب واتجاه عرقي‬
‫العالم وقومياته الثائرة على النظام الاستعماري والتي تعاني تجربة التحرر وتدفع‬
‫ثمن الحرية‬

‫ان القومية حركة نضالية مادتها الشعب العربي الا ان هدفها انساني هو‬

‫‪۲۹۲‬‬
‫الدفاع عن الحرية في العالم اجمع ومحاربة الاستعمار أينما وجد فالتشبع بالثقافة‬

‫العربية لا يعني الانغلاق على التراث العربي ولا الاكتفاء باللغة العربية ولا يعني مجرد‬

‫هذه الثقافة وربطها بالواقع الحي‬ ‫لتطوير‬ ‫فكري‬ ‫جهد‬ ‫الاعجاب بالماضي بل هو‬

‫وبتيارات العصر ‪ ،‬واغناء لهذا التراث واطلاع على التيارات الفكرية في العالم‬

‫ووضع الثقافة العربية في المكان الذي تتطلبه معركة الامة في سبيل تقرير مصيرها‬
‫وتحقيق اهدافها ‪.‬‬

‫الصراع القومي بالصراع‬ ‫تربط‬ ‫اشتراكية‬ ‫كما ان الثقافة الحزبية ثقافة‬

‫الطبقي ربطا يحقق الصلة العضوية بين المفهوم القومي والمفهوم الاشتراكي ‪ ،‬لذلك‬
‫فهي ثقافة تأخذ بعين الاعتبار تحليل التناقضات القائمة في المجتمع والتناقضات‬
‫وعلاقة هذا النظام بالاستعمار‬ ‫التي يخلقها وجود النظام الرأسمالي في العالم‬

‫فكر علمي منفتح على التجارب‬ ‫وباشكاله الحديثة فالفكر الحزبي الاشتراكي‬
‫الاشتراكية في العالم وعلى تطويرها ‪ ،‬ومقبل على التراث الاشتراكي العالمي يغذى‬
‫به ‪ ،‬كما انه فكر تخطيطي يقوم على ضبط الحقائق بالارقام وعلى التنبؤ بالخطوات‬
‫اللازمة وبالحاجات التي يتطلبها التحويل الاشتراكي‬

‫ازمة الثقافة الحزبية‬

‫على ضوء الخصائص التي تتميز بها الثقافة الحزبية ‪ ،‬وعلى ضوء نشأة حزبنا‬
‫و مراحل تطوره وتيارات العالم الراهن الفكرية يتبين لنا اولا ان حزبنا يتحمل‬
‫مسؤوليات ثقافية كبرى ‪ ،‬كما يتبين لنا ان واقع الحزب الثقافي بعيد عن حمل‬

‫الدور التاريخي ‪ .‬فنحن نعاني من ضعف الثقافة السياسية والتنظيمية والشعبية ‪،‬‬
‫ومن ضعف الفكر القومي والفكر الاشتراكي والصلة بينهما ‪ ،‬ونعاني ازمة لا بد من‬

‫تخطيط علمي وجدي لتجاوزها كيما يبقى حزبنا دوما ممثلا حقيقيا لفكر الامــة‬
‫العربية المعاصر‬

‫ففي حزبنا ثقافات حزبية أكثر منها ثقافة حزبية واحدة وهي في مجملها‬
‫ثقافات فجة غير ناضجة لانها تفتقر الى العمق والنزاهة الفكرية كما تفتقر الى‬
‫الاساس العلمي الموضوعي‬

‫كما ان العمل الحزبي لا يزال مفتقدا الى الصلة العضوية مع فكرة الحزب ‪،‬‬
‫بين الموقف‬ ‫والعشائري تكشف عن ضعف كبير‬ ‫فاثار السلوك الاقليمي والطائفي‬

‫والفكر الحزبي يصل الى حد التباعد احيانا وهذا مظهر من مظاهر ازمة الثقافة‬
‫الحزبية ‪ ،‬لان الثقافة الحقيقية لا بد ان تنعكس على السلوك العملي وعلى الموقف‬
‫‪.‬‬
‫اليومي من الاحداث ومن الاشخاص ومن التيارات الاجتماعية‬
‫فعندما يتحد العضو الحزبي بفكره لا بد ان تسقط عنه كل رواسب الواقع‬
‫فالعامل والفلاح والطالب‬ ‫الفاسد الذي خرج منه عندما انتسب الى حزب البعث ‪.‬‬

‫والجندي عندما يربط عمله الحزبي بمصلحة شخصية او عائلية او طائفية ‪ ،‬انما‬
‫يعبر عن أزمة عميقة في تكوينه الحزبي مظهرها الاول ازمة في ثقافته الحزبية التي‬

‫‪۲۹۳‬‬
‫تتطلب ربط العمل الحزبي والنضال القومي بفكرة الحزب وبالقيم الانسانية التي‬
‫يسعى الى تحقيقها وتبديل الواقع على اساسها ‪.‬‬

‫ان قوة التنظيم تتوقف الى حد بعيد على وحدة الفكر الحزبي ‪ ،‬لذلك فان‬

‫احد مصادر الخلل التنظيمي في حزبنا انما يعود الى تصدع هذه الوحدة في الفكر‬
‫الحزبي ودخول تيارات اخذت شكل ردود فعل اضعفت الثقة بفكر الحزب وبقدرته‬
‫فقد اكتفى بعض الرفاق بترديد صيغ جاهزة مستعارة من التفكير‬ ‫على التطور ‪.‬‬

‫الايديولوجي الكلاسيكي دون ان يقوم بجهد جدي او بدراسات علمية واقعية‬


‫مستمدة من الواقع العربي تغني الفكر الحزبي وتساعده على التطور ‪ .‬فعمل بذلك‬

‫على تضخيم ازمة الحزب الفكرية بدل ان يعمل على ايجاد الحلول الموضوعية لها ‪.‬‬

‫ان ازمة الحزب الثقافية تتجلى بالدرجة الاولى في تقصير الرفاق الحزبيين‬
‫عن بذل جهد ذاتي من التثقيف ‪ ،‬كما تتجلى ايضا في عجز المكاتب الثقافية في‬
‫واقعها الراهن عن تغطية ازمة الحزب الثقافية وتزويد الرفاق بالتوجيه وبالمادة‬

‫الطبيعية للعمل التثقيفي ‪ .‬اننا نلمس قصورا في المتابعة وفي التجديد الثقافي لدى‬
‫الرفاق ‪ ،‬كما نلمس ثغرات كبيرة في التفكير الحزبي حتى لدى الاعضاء القياديين‬
‫في الحزب يضاف الى ذلك شعور بالنقص تجاه الجهد الثقافي العالمي ‪ ..‬ان‬
‫احدى ثمرات هذه الازمة هذا الفقر الكبير في الامكانيات الثقافية في حزب عرف‬
‫دوما بانه حزب المثقفين •‬
‫ان هذه الازمة تشكل خطرا على مستقبل الحزب اذا لم يوضع لها العلاج ·‬

‫وهذا الخطر ‪ ،‬خطر انخفاض مستوى الثقافة الحزبية ينعكس بالدرجة الاولى على‬

‫واقع الاجيال الجديدة التي تدخل الحزب ‪ .‬لذلك لا بد من خطة ثقافية تعالج هذه‬

‫الازمة وتتناول مراحل الاعداد الحزبي بدءا من الانصار حتى الاعضاء العاملين والاعضاء‬
‫القياديين ‪ .‬والحزب بصدد وضع هذه الخطة‬

‫‪٢٩٤‬‬
‫التكوين الايديولوجي للمناضلين‬

‫التثقيف الثوري الذاتي‬

‫ان النظرية الثورية هي البوصلة المرشدة للاحزاب الثورية ‪ ،‬على اساسها‬


‫فالنظرية الثورية تمثل‬ ‫والمستقبل ‪،‬‬ ‫يحلل الواقع ‪ ،‬وتبنى خطط النضال للحاضر‬

‫فهي تستند الى آخر معطيات العلوم ‪ ،‬وتعمم‬ ‫خلاصة العلم والتجربة العالميين ‪،‬‬
‫وتستند الى خلاصة التجارب الثورية العالمية وقسماتها‬ ‫استنتاجاتها الاساسية ‪،‬‬
‫وخصائصها وقوانينها الاكثر عمومية والاكثر شمولا‬

‫ان النظرية الثورية ليست علما فوق العلوم ‪ ،‬او علم العلوم ‪ ،‬ولكنها ارقى‬

‫العلوم باعتبارها قادرة على الغوص في تعقيدات الواقع المحلي والقومي والدولي ‪،‬‬
‫وسبر تناقضاتها المتشابكة وكشف الجوهري والاساسي المختفي وراء الظواهر‬
‫‪ .‬ومن هنا‬
‫والجزئيات ‪ ،‬والامساك بالقوانين الاساسية والحاسمة في هذا التطور‬
‫للاحزاب والحركات الثورية بل وكذلك‬ ‫فقط‬ ‫كانت النظرية الثورية ضرورية ليس‬

‫واكتشافاتهم الجزئية الى‬ ‫للعلماء اذ بها يتمكنون من التوصل عبر دراساتهم‬


‫استنتاجات عامة صحيحة حول تطور الطبيعة والكون‬

‫ان النظرية الثورية ‪ ،‬اذ تحافظ على جوهرها العام العالمي المشترك ‪ ،‬فانها‬
‫تكتسب خصائص وطنية وقومية وفقا لطبيعة وخصائص المجتمع والحركة الثورية‬
‫‪.‬‬
‫فيه ومراحل تطور هذه الحركة ان النظرية غير مجردة غير مطلقة وغير عائمة في‬
‫فراغ ‪ ،‬بل هي عالمية وقومية متميزة في آن واحد ‪ ،‬ومن هنا فالنظرية الثورية حقا‬
‫والتناقضات الاساسية‬ ‫نظرية القوانين‬ ‫فقط‬ ‫ليست‬ ‫في الحركة الثورية العربية‬
‫للمجتمعات البشرية عموما ‪ ،‬وليست فقط نظرية الصراع الطبقي العالمي بين الطبقات‬
‫الاستغلالية والطبقات الكادحة ‪ ،‬بل هي في الوقت ذاته نظرية الصراع القومي الثوري‬
‫في الوطن العربي ضد الامبريالية والاستعمار واسرائيل ‪ ،‬ضد التجزئة والتخلف ‪،‬‬
‫للقوانين‬ ‫وان اي فهم‬ ‫‪.‬‬ ‫ومن اجل التحرر الكامل والوحدة واستعادة فلسطين‬
‫الاقتصادية والاجتماعية ذات الطابع العالمي بمعزل عن الاشكال الملموسة النابعة‬
‫فهم تشويهي ‪ ،‬هو مسخ فهم‬ ‫عن الخصائص والمميزات القومية والوطنية ‪ ،‬هو‬

‫هذا التشويه اكثر حين ندرك ان الثورات‬ ‫وكاريكاتير فهم ليس الا ‪ .‬ويبرز طابع‬
‫الاشتراكية الكاملة قد انتصرت في رقعة معظمها ينتمي الى ما يدعى بالعالم المتخلف‪،‬‬

‫‪٢٩٥‬‬
‫وان هذه الثورات قد تطورت من ثورات وطنية قومية ديمقراطية لتتحول الى ثوران‬
‫فالمهمات القومية والنضالات القومية قد اصبحت جزء لا يتجزا من‬ ‫اشتراكية ‪.‬‬

‫في كثرة من البلدان الرأسمالية المتقدمة لا تزال‬ ‫وحتى‬ ‫‪.‬‬ ‫الثورات الاشتراكية‬

‫للمهمات القومية اهميتها ( ضد التغلفل الامريكي مثلا)‬


‫ليس هناك ثورة قومية تحررية صرفة ‪ ،‬ولا ثورة اشتراكية (طبقية ) صرفة‬

‫‪ .‬وان‬ ‫فالعناصر والمهمات والجوانب تتشابك في عملية ديالكتيكية حية معقدة‬


‫النظرية الثورية لا تكون علمية بحق الا اذا عكست مختلف هذه العناصر والجوانب ‪.‬‬
‫ان اضفاء الصفة الاممية على النظرية الثورية ‪ ،‬عن طريق القفز عن القومية هو نوع‬

‫من العدمية لا يمت بصلة الى النظرية الثورية ولا الى تجارب الحركات الثورية‬

‫كذلك فان تصور حركة قومية بمعزل عن التيار الثوري‬ ‫الكبرى في عصرنا ‪.‬‬
‫العالمي ‪ ،‬عن الحركة الثورية العالمية ‪ ،‬هو تصور ضيق الافق وفادح الاضرار ‪ ،‬فهو‬
‫لا يغفل عن واقع الصلة القائم فعلا وحسب ‪ ،‬بل يؤدي ايضا الى عزل الحركة‬
‫‪.‬‬
‫الثورية القومية وتجريدها من الحلفاء والانصار في العالم‬
‫على اساس النظرية الثورية يعمل الحزب الثوري لتشخيص طبيعة المجتمع‬
‫وخصائصه ‪ ،‬وطبيعة المرحلة وميزاتها ‪ ،‬ومن ثم طبيعة المهمات الاساسية التـ‬

‫في كل مرحلة من مراحل التطور النضالي وصولا الى‬ ‫يجب النضال من اجلها‬
‫الاهداف البعيدة ‪ .‬ان تحليل واستيعاب طبيعة المجتمع ومتناقضاته وتركيبه الطبقي‬

‫وفرز القوى المعادية للتقدم ‪ ،‬وفرز‬ ‫والقومي ودرجة تخلف او تطور اقتصاده ‪،‬‬
‫الحلفاء في الداخل والخارج ـ كل هذه المهمات الجسيمة التي تتمثل في بلورة‬
‫وصياغة البرامج والخطط الستراتيجية والاهداف والشعارات ‪ ،‬ولا يمكن انجازها‬
‫من دون بوصلة النظرية الثورية ‪ .‬وطبيعي ان النظرية بحد ذاتها لا تخلق حزبا‬
‫ثوريا ‪ ،‬فالمطلوب مع عملية التنظير مارة الذكر ان يكون للحزب تنظيم كفؤ للقيام‬
‫بالمهمات المطروحة وان تكون له صلات قوية ومستمرة بالجماهير ‪ ،‬وان يكون متمرسا‬

‫باشكال النضال الثوري المختلفة ‪ ،‬وان تكون له استراتيجيته الثورية الواضحة ‪،‬‬
‫واساليبه وخططه التكتيكية البارعة ‪.‬‬

‫ان التنظير الثوري والتنظيم الثوري والممارسة الثورية كلها اوجه اساسية‬
‫لقضية اسمها الحزب الثوري ‪ .‬وكما ان العمل بدون مرشد نظري سيكون دورانا‬

‫في حلقات مفرغة او انغمارا في لحظات اليوم دون استشراف آفاق المستقبل ‪،‬‬
‫فان التنظير الثوري بدون عمل سيكون مجرد ثرثرة مثقفين ‪ .‬وبين التنظير والعمل‬

‫في ميدان العمل ‪،‬‬ ‫هناك التنظيم الذي يؤهل الحزب لترجمة شعاراته ووعوده‬
‫اي التطبيق •‬

‫ولكن الحزب الثوري ليس كائنا مجردا ‪ ،‬بل هو حاصل مجموع تنظيماته‬
‫فان النظرية الثورية‬ ‫وبالتالي‬ ‫وكوادره واعضائه وانصاره الواعين ‪ ،‬المتحركين ‪.‬‬

‫في افكار ونشاطات هذه المجموعة الديناميكية الواحدة المتفاعلة‬ ‫يجب ان تتمثل‬
‫وبتعبير آخر ‪ ،‬ان الحزب الثوري يجب ان يعمل‬ ‫في القيادات وحدها ‪.‬‬ ‫وليس‬

‫الرفيع في التثقيف الثوري على جميع‬ ‫وباستمرار لضمان توفير المستوى‬

‫‪٢٩٦‬‬
‫ضرورة والحاحا بالنسبة للكوادر‬ ‫هذه المهمة هي اشد‬ ‫‪ ،‬وان كانت‬ ‫المستويات‬
‫‪ .‬وايا كانت ظروف الحزب فان‬ ‫القيادية بحكم جسامة ودقة مسؤولياتها ومهماتها‬
‫مهمة التثقيف تظل من اهم مهماته الداخلية ‪ .‬وطبيعي انه في ظروف تسلم الحزب‬

‫لزمام السلطة تتوفر امكانيات وفرص اوسع واكبر بما لا يقاس لاداء هذه المهمة‬
‫صحيح ان واجبات الاعضاء والملاكات تزداد وتتشعب بعد استلام السلطة ‪ ،‬ولا‬

‫سيما تلك الاعداد التي تكلف بمسؤوليات في الادارة الحكومية والتنظيمات الشعبية ‪.‬‬
‫كما وصحيح ايضا ان عدد الحزبيين يظل قاصرا بالنسبة لعدد السكان ‪ ،‬وبالنسبة‬

‫لجسامة وكثرة المهمات ‪ .‬غير ان ذلك لا ينبغي ان يكون مبررا لاهمال التثقيف‬
‫الثوري باشكاله الحزبية العامة والذاتية ‪.‬‬

‫في الاعمال اليومية او‬ ‫ان اهمال التثقيف سيؤدي الى انغمار الحزبيين‬
‫واهمال القضايا السياسية الكبرى الوطنية‬ ‫الادارية واغفال مهمات المستقبل ‪،‬‬

‫نفسها وتكاد تنسى في‬ ‫فيصبح الحزبي كالآلة الصماء تنهك‬ ‫والقومية والدولية‬
‫همومها اليومية الشاقة القضايا والمشاكل العامة الكبرى ‪ .‬كما وان اهمال التثقيف‬

‫سيساعد على ان يقع عدد غير قليل من الحزبيين انفسهم ضحايا للتهويش والارباك‬
‫في ايام الصعوبات‬ ‫المضادين ولحملات الاشاعات المسمومة ‪ ،‬وللاضطراب الفكري‬
‫والازمات ‪ .‬اذا كان الحزبي واعيا لافكار حزبه واهدافه ‪ ،‬مستوعبا لتجارب الحركات‬
‫‪-‬‬
‫الثورية العالمية فسوف يكون متسلحا بيقظة ووعي تمكنانه ـ اينما كان موقعه في‬
‫المجتمع ‪ -‬من التصدي للعناصر الرجعية وفضح أعمالها التآمرية ‪:‬‬

‫فانه لن ينخدع بمظاهر التزلف والمراوغة والرياء وبالتالي‬ ‫فاذا كان موظفا ‪،‬‬
‫لن يقع ضحية لالاعيب هذه العناصر التي تظل تتربص بالثورة ‪ ..‬أنالنظرية والتجربة‬
‫العالمية تؤكدان على ان الرجعية ‪ ،‬ايا كانت مواقعها ‪ ،‬قد تنحني امام العاصفة‬
‫التلون وتنوع‬ ‫الثورية ولكنها لن تستسلم ولن تكف عن تخريباتها وتآمرها برغم‬
‫الاساليب ‪ ،‬ولا يمكن لمناضل واع حقا ان يصدق يوما ما ان اللين مع الرجعية‬
‫المنخذلة سيبدل طبيعتها وسيحولها من افعى تفتك الى حمامة وديعة ‪ .‬واذا كان‬

‫الحزبي نقابيا ‪ ،‬فان تسلحه بالنظرية الثورية واستيعابه للتجارب الثورية الحية او‬
‫للمهمات الاستراتيجية والمرحلية لحزبه ووطنه ‪ ،‬فانه سوف لا يكون قادرا ‪ -‬في‬
‫هذه الحالة ‪ -‬على حماية حقوق الطبقة العاملة وتطويرها الى ارفع مستوى فقط ‪،‬‬
‫‪-‬‬
‫وانما سوف يكون قادرا ايضا ـ وهذا هو الاهم في عمله الثوري – لان يقوم بحق ‪،‬‬
‫بدوره القيادي ‪ ،‬في تمكين الطبقة العاملة من القيام بدورها الثوري الاساسي في‬
‫ذلك لان‬ ‫‪..‬‬ ‫في البلاد‬ ‫المشاركة الجادة بتقرير وممارسة سياسة وادارة الحكم‬
‫الاصل في القيادة النقابية الثورية ان تصبح هذه القيادة هي مصدر حقوق الطبقة‬
‫العاملة ‪ ،‬وليست مجرد محام عنها يستجدي لها الحقوق ‪ ،‬ويعيش على ترديد‬
‫آلامها وهمومها ‪.‬‬

‫كما ان الصحفي الحزبي ‪ ،‬عندما يكون متمكنا من المنطق النظري الثوري‬


‫لحزبه ‪ ،‬وملما الالمام الكافي بسياساته وخططه واهدافه المرحلية والاستراتيجية ‪،‬‬
‫فان مهمته آنذاك لن تقتصر على الوظيفة الاخبارية ‪ ،‬وتعليقات المناسبة والاصداء‬

‫‪۲۹۷‬‬
‫وردود الفعل ‪ ،‬بل سوف يتحول الى داعية لحزبه في جميع مجالات الحياة ‪ ،‬وفي‬
‫بالشكل الذي يمكنه من استباق‬ ‫مختلف الاوساط المحلية والعربية والدولية‬

‫الاحداث وطرح الافكار الصحيحة على الرأي العام ‪ ،‬لكي يحميه من التسمم بالافكار‬
‫المدسوسة التي تعمل باستمرار على تشويه منجزات الحزب والثورة ‪ ،‬وتقديمها‬
‫بشكل معكوس ‪ ،‬لا سيما عندما لا تكون هذه المنجزات ‪ ،‬مسبوقة ‪ ،‬ومرفقة ‪،‬‬
‫ومتبوعة ‪ ،‬بالايضاحات الصادقة والتعليقات الايجابية المخلصة‬

‫ان مثلا واحدا نسوقه في هذا الصدد يكفي لبيان الفارق النوعي الخطير بين‬

‫الصحفي المحترف فقط ‪ ،‬وبين الصحفي الحزبي الثوري ‪ .‬لنفترض ان موضوع‬


‫البحث هو بيان ‪ ۱۱‬اذار التاريخي ‪ ،‬ان نظرة الصحفي المحترف منه ‪ ،‬لن تكون‬
‫بيان » صلح بين جانبين متحاربين ‪ ،‬تضمنت شروطا وبنودا‬ ‫اكثر من النظرة الى‬

‫رتبت حقوقا والتزامات على الاطراف المعنية ‪ ،‬وان البحث لا يتخطى عادة في مثل‬
‫هذا المنطق الصحفي حدود معرفة اية مادة من البيان طبقت ‪ ،‬واية مادة لم تطبق ‪..‬‬
‫وبالتالي ينتهي هذا‬ ‫وبالتالي من اخل بهذه الناحية ومن هو المسؤول عن تلك‬

‫بان البيان قد نجح ‪ ،‬او‬ ‫الجدل‬ ‫لا يقبل‬ ‫من تحليله الى حكم‬ ‫الصحفي « البارع‬
‫لكن الصحفي الحزبي الثوري المتشبع بنظرية‬ ‫‪..‬‬ ‫كذا‬ ‫‪...‬‬ ‫انه مهدد بالفشل‬

‫الثورة ‪ ،‬والملم كل الالمام بالدوافع الايديولوجية للحزب التي املت بیان ‪ ۱۱‬اذار‬
‫التاريخي ‪ ،‬ان مثل هذا الصحفي لن ينظر الى بيان ‪ ۱۱‬اذار من خلال « الوثيقة »‬
‫الوثيقة » من بنود وشروط‬ ‫ولا من خلال ما تضمنته هذه‬ ‫التي صدر بها فقط‬
‫فقط‬
‫بل سوف ينظر اليها من خلال مبادىء الحزب ‪ ،‬ومن خلال نظرته الانسانية‬

‫الثورية للحقوق القومية على الصعيد العالمي لمختلف الشعوب بشكل عام ‪ ،‬وعلى‬
‫الصعيد المحلي لجماهير الشعب في العراق بوجه خاص ‪ .‬ان مثل هذه النظرة ‪،‬‬
‫ستدفع بالصحفي حتما ‪ ،‬لان يقدم هذا الحدث التاريخي لا بوصفه وثيقة صلح ‪،‬‬
‫وقد تفشل اذا جرى هذا ولم يجر‬ ‫او صفقة سلام ‪ ،‬قد تنجح اذا تم كذا وكذا‬
‫ذاك‬
‫وانما يقدمه بوصفه حقيقة ثورية خالدة ‪ ،‬تحققت على يد الثورة لكي‬ ‫‪..‬‬

‫لان اخاء القومية العربية مع القومية الكردية ‪ ،‬ورسوخ السلام بينهما‬ ‫تبقى‬

‫لیست ـ ولا يمكن ان‬ ‫ووحدة جماهيرهما الوطنية فوق ارض الوطن الواحد‬
‫تكون ابدا ‪ 1‬مسألة صفقة او عقد ‪ ..‬انما مجرد تصحيح لمسار التاريخ الذي‬
‫انحرف عن طريقه خلال مراحل استثنائية شاذة ‪ ..‬والذي لا بد ان يعود ـ وقد‬
‫‪.‬‬ ‫عاد ‪-‬‬
‫الى مساره الطبيعي‬
‫ان التثقيف الحزبي يجب ان يكون مبرمجا وفق خطة مدروسة ‪ ،‬تأخذ‬

‫بالحسبان التام المهمات الآنية والمقبلة ‪ ،‬ومتطلبات النضال الثوري في كل مرحلة ‪.‬‬
‫وطبيعي ان القيادات هي المسؤولة عن تخطيط التثقيف الحزبي والاشراف‬
‫وممارسة النقد والمحاسبة تجاه‬ ‫على تطبيق الخطة ومتابعتها بصورة مستمرة ‪،‬‬

‫المهملين والكسالى ‪ .‬ان التثقيف الحزبي يمكن ان يجري باسلوبين اساسيين ‪:‬‬
‫جلسات التثقيف في اجتماعات الفرق ‪ ،‬او الدورات‬ ‫اسلوب التثقيف الداخلي العام‬
‫الشخصي ) ‪ ،‬الذي يجب ان يخضع‬ ‫‪ ،‬واسلوب التثقيف الذاتي‬ ‫التثقيفية الخاصة‬

‫‪۲۹۸‬‬
‫وايا كانت ضغوط العمل والواجبات فان‬ ‫•‬ ‫هو الآخر للاشراف والمتابعة الحزبيين‬

‫المناضل الثوري يجب ان يخطط لعمله اليومي ونشاطه بحيث يخصص وقتا للتثقيف‬

‫الذاتي اليومي بادبيات حزبه والادبيات الثورية العالمية ‪ .‬ان المناضل الثوري مدعو‬
‫الى ان يشعر ان اي يوم يمر عليه دون ان يخصص للقراءة والدراسة الثورية‬

‫فيه شيئا عزيزا غاليا ‪ ،‬او يوم ناقص‬ ‫ساعتين او ثلاث ساعات ‪ ،‬هو يوم فقد‬
‫النشاط ناقص الثمرة مهما كان قد انجز فيه من عمل يومي لصالح الثورة‬

‫و للبرمجة اهمية خاصة في التثقيف الذاتي ‪ ،‬لان المهم ليس القراءة ‪ ،‬بل ما يقرأ ‪،‬‬
‫فكر المناضل وهل يزوده بخبر جدید او توضیحات جديدة عن امور‬ ‫وهل يغني‬
‫اساسية ذات صلة مباشرة بالمهمات الثورية للمرحلة ‪ .‬والى جانب تخطيط التثقيف‬
‫فاستيعاب صفحة من‬ ‫الذاتي يجب تعويد المناضلين على الاهتمام بطريقة التثقيف ‪.‬‬

‫قراءة مائة صفحة عابرة خاطفة لا‬ ‫الادب الثوري استيعابا متعمقا هو اجدى من‬

‫وكلما ارتفع المستوى الثقافي والتعليمي للمناضل‬ ‫تغني معلومات المناضل وفكره ‪.‬‬
‫امكن ان يستخدم اسلوب تلخيص المقروء وتسجيل ملاحظاته عليه ثم بمراجعة هذه‬
‫‪ .‬ان هذه‬ ‫الخلاصات والملاحظات دوريا يستطيع ان يقيس مدى تطوره الفكري‬
‫الطريقة تساعد على ترسيخ المعلومات من جهة وعلى قدرة التفكير الانتقادي المستقل‬
‫من جهة ثانية ‪.‬‬

‫في وجه الصعوبات ‪،‬‬ ‫ان الثقافة الثورية تسلح المناضلين بالتفاؤل العلمي‬
‫فضلا عن انها تزوده بمهارة‬ ‫وبالقدرة على نشر وايضاح افكار الحزب بين الجماهير ‪،‬‬

‫خاصة في تشخيص اساليب التخريب والتآمر الرجعية وفضحها ‪ ،‬وبامكانية ربط‬


‫العمل اليومي في المجال المعين بالنشاط الثوري العام في القطر وفي الوطن العربي ‪.‬‬
‫ولذلك يظل التثقيف الثوري احد اهم واجبات المناضل الحزبي في جميع مراحل‬
‫تطور الحزب ‪.‬‬

‫السلوك الثوري‬

‫ان التثقيف الثوري برغم كل اهميته وابعاد نتائجه ‪ ،‬هو جانب واحد فقط من‬
‫ان الالتزام الايديولوجي الثوري لا‬ ‫‪.‬‬ ‫قضية الالتزام الايديولوجي لدى المناضلين‬
‫يشمل فقط الجانب الفكري ‪ -‬النظري للمناضل الحزبي ‪ ،‬بل ويشمل بالضرورة‬
‫جانب السلوك السياسي والشخصي ‪ ،‬والذي يجب ان يكون انعكاسا للثقافة الثورية‬
‫الصادقة ‪ ،‬وبمعنى آخر ان الالتزام الايديولوجي الحقيقي هو تلك العملية الديناميكية‬
‫والسلوك اليومي وحدة‬ ‫فيها التفكير السياسي والتنظير ‪،‬‬ ‫المتواصلة التي يشكل‬
‫واحدة غير قابلة للتجزئة ‪ ،‬وان اية تجزئة تعني الانفصام بين النظرية والتطبيق ‪،‬‬
‫في هذه الحالة ومهما تكن الثقافة الثورية عالية رفيعة المستوى فانها لن تحول‬

‫الحزبي الى مناضل ثوري حقيقي ‪ ،‬ان كثرة كاثرة من مثقفي مجتمعنا في العراقهم‬
‫ذوو افكار تقدمية على اختلاف المدارس والمناهج العقائدية ‪ .‬ولكن قلة منهم فقط‬

‫مؤهلون لاداء رسالة المناضل الثوري بكل تبعاتها وتضحياتها وكثيرا ما نجد مثقفا‬

‫‪۲۹۹‬‬
‫تقدميا يحمل افكارا تقدمية عن المرأة على الصعيد النظري ‪ ،‬ولكنه في واقع سلوكه‬

‫اليومي ‪ ،‬يتصرف خلاف افكاره ونظرياته شعر بذلك ام لم يشعر‬


‫فقط‬ ‫قلة‬
‫منهم‬ ‫وكثيرون يجيدون الحديث عن دور الجماهير في التاريخ ‪ ،‬لكن‬
‫فهنا لم تصبح النظريات والافكار‬ ‫تتصرف في مسلكها اليومي على هذا الاساس ‪.‬‬

‫جزءا لا يتجزأ من تكوين المناضل متغلغلة فيه لحما ودما ان صح التعبير ‪ ،‬بل نجد‬
‫النظريات تردد ‪ ،‬والسلوك العام يجري على النقيض منها ‪ .‬ان شجب التقاليد‬

‫العشائرية ومخلفات القيم الاقطاعية يكاد يكون شاملا بين مثقفي مجتمعنا ‪ ،‬ولكن‬
‫قد تحرر فعلا في سلوكه وتصرفاته من ضغط التقاليد والقيم ؟‬ ‫كم منهم‬

‫ان اول ما يجب ان يعكس في تصرفات المناضل وسلوكه انعكاسا طبيعيا دون‬
‫تكلف واصطناع هو الايمان بالقيمة الانسانية العليا للجماهير الكادحة وبقدراتها‬

‫احسن توجيهه‬ ‫اذا‬ ‫وحدها بتحويل تاريخ المجتمع‬ ‫الهائلة الكفيلة‬ ‫وطاقاتها‬
‫واستثمارها ‪ .‬ان المثقف البورجوازي لا يرى من الجماهير غير جوانبها السلبية التي‬
‫وكل مناضل ) الثوري يرى الجوانب الايجابية ايضا ‪،‬‬ ‫قد تكون كثيرة ‪ ،‬ولكن المثقف‬
‫ويقدرها ‪ ،‬وهو لا يغفل الجوانب السلبية ‪ ،‬بل يشخصها لا من اجل ازدراء الجماهير‬

‫واحتقارها او الشك فيها ‪ ،‬بل من اجل مكافحة هذه الجوانب بوعي ومثابرة وعلى‬
‫اساس الاقناع ‪.‬‬

‫ان الفارق النوعي بين البورجوازي والثوري في هذا الصدد ‪ ،‬ان الاول يفهم‬
‫‪ ،‬بينما الثاني (أي الثوري)‬ ‫الجوانب السلبية على انها من طبيعة تكوين الجماهير‬
‫‪ ،‬ان‬ ‫ير فض هذه النظرة الوحشية اللاانسانية اصلا ‪ ،‬ويدرك عن معرفة وعلم‬

‫الجماهير هي الضحية الأولى للسلبيات التي تفتك فيها ‪ ..‬وان هذه السلبيات قد‬
‫التفت على عنقها وكادت تخنقها ‪ ،‬بفعل عوامل تاريخية معروفة ‪ ،‬لعب اعداء‬

‫في تكوينها وتطويق الجماهير بها ‪ ..‬وان اخص خصائص‬ ‫الجماهير الدور الرئيس‬
‫في معالجة الجماهير وامراضها ‪ .‬ان‬ ‫الثورة انها وجدت لكي تكون الطبيب المختص‬
‫نظرات ومواقف ازدراء الجماهير او التعالي عليها ‪ ،‬هي بالضد من النظرية الثورية‬
‫‪.‬‬
‫وعلى نقيض تام مع السلوك النضالي الجيد‬
‫ويكون مستعدا لكــــل‬ ‫والمناضل الثوري ينظر الى واجباته مثل حقوقه ‪،‬‬
‫تضحية في سبيل نجاح الافكار التي يتبناها ‪ ،‬اما المثقف البورجوازي فانـه قـد‬
‫يردد شعارات وبرامج جميلة ولكنه يتعفف عن ابسط تضحية مهما كانت في سبيل‬
‫تحقيق تلك البرامج والشعارات ‪.‬‬

‫واذ يتحلل المثقف البورجوازي من كل نظام طاعة وانضباط ويعتبرهما قيودا‬


‫تكبح فردیته وذاتيته ‪ ،‬واذ يعتبر نفسه مرجع الكون ‪ ،‬ومحط الصواب ‪ ،‬فان‬
‫المناضل الثوري الجيد يكون على العكس ‪ ،‬مستعدا دائما لتحمل تبعات النظام‬
‫فلا يتيح لنفسه الثرثرة في المقاهي والطرقات ‪ ،‬ونشر الاسرار‬ ‫والانضباط ‪،‬‬
‫الحزبية ‪ ،‬والتشهير بزملائه انسياقا وراء شهوة التبجح والمكابرة ‪ ،‬بل يمارس حقه‬
‫النقد في اطار تنظيمه ‪ ،‬وينفذ القرارات الحزبية ولو كان رأيه مخالفا لها ما‬
‫دامت تلك القرارات تمثل ارادة الاكثرية‬
‫صفات المناضل الجيد ان يتصف بالتواضع ‪ ،‬ويتجنب الغرور ‪،‬‬ ‫ومن اهم‬
‫‪ ،‬ولا يغفل عن نواقصه ‪ ،‬ولا يتجاهل نقاط قوة الآخرين ‪ .‬ان‬ ‫فيقدر كفاءته كما‬
‫هي‬
‫النظرية الثورية على نقيض تام مع الغرور ‪ ،‬والاكتفاء بالذات ‪ ،‬فهي نظرية متجددة‬

‫متطورة ‪ ،‬تنبذ القوالب وتستوعب كل جديد في ميادين التجربة والعلم ‪ .‬ان‬


‫المثقف ذا العقلية البورجوازية يميل في غالب الاحيان الى الغرور ‪ ،‬فيتصور نفسه‬
‫جماع الحكمة ‪ ،‬ومنبع العلم كله ولا يطيق خلاف الاخرين معه ويستهين بالاخرين ‪.‬‬
‫ولكن الثوري الصادق يعلم انه مجرد حبة من حبات رمال بحار الكون ‪ ،‬وان حركة‬
‫‪ ،‬وان الجماهير الشعبية فيها طاقات‬ ‫الآلاف من المناضلين‬ ‫شعبية تضم عشرات‬

‫وكفاءات حبيسة ‪ ،‬قادرة على صنع المعجزات ‪ ،‬اذا اخرجت من قيدها ‪ .‬ان الثوري‬
‫يكون ويجب ان يكون مستعدا للتعلم من ابسط انسان ‪ ،‬ولا يكون موقفه من‬
‫الجماهير موقف المعلم البيروقراطي ‪ ،‬بل موقف الموجه المتواضع والرفيق والتلميذ‬
‫في آن واحد ‪ .‬ان الغرور هو سد في وجه تطور الاشخاص والاحزاب والحركات‬
‫واستفادتها من التجارب الثورية الاخرى ومن الجماهير‬ ‫يعيق رؤيتها لنواقصها ‪،‬‬
‫الكادحة‬

‫وطبيعي ان هذه الصفات الثورية الاساسية لا تولد بين عشية وضحاها ‪،‬‬
‫بل تحتاج الى ثقافة والى ممارسة نضالية داخل الحزب الثوري خصوصا وان‬
‫اغلبية الملاكات السياسية في مجتمعاتنا تأتي من مراتب البورجوازية الصغيرة‬
‫وتحمل معها الى الساحة الحزبية كثيرا من عادات وصفات هذه المراتب من فردية‬
‫وانانية وتردد وغرور ‪ ،‬الخ‬

‫ان مهمة الالتزام الايديولوجي الكامل فكرا وسلوكا ‪ ،‬نظرية وتطبيقا ‪ ،‬بالنسبة‬

‫للمناضل الحزبي هي مهمة مزدوجة ونعني بذلك دور القيادات في التوجيــ‬


‫‪ .‬ان مناضلين‬ ‫والتربية والتوعية وفي النقد والمحاسبة ‪ ،‬ودور الاشخاص انفسهم‬
‫‪ ،‬ويخضعان لذات التوجيه ‪ ،‬ولكن‬ ‫حزبيين اثنين قد يعيشان في نفس التنظيم‬
‫فهنا يعتمد الامر على العامل‬ ‫تطورهما قد يختلف فيتطور احدهما ويتخلف الثاني ‪.‬‬

‫الذاتي ‪ ،‬على الشخص نفسه وقدرته على كبح صفاته السلبية وعلى استيعاب‬
‫الافكار الثورية وترجمتها للسلوك‬

‫وعند الحديث عن تطور أو تخلف او عن الصفات الثورية أو السلبية للمناضلين‬


‫الحزبيين لا يجب بالطبع اسقاط العوامل والظروف الموضوعية التي تتفاعل معهم‬
‫ولكن‬ ‫نوعية التوجيه الحزبي ‪ ،‬مجال العمل ‪ ..‬الخ‬ ‫نوعية (التنظيم‬ ‫وتؤثر فيهم‬

‫اعتبار هذه العوامل والظروف كل شيء هو تقدير غير علمي ‪ ،‬وهو خاطيء تماما ‪،‬‬
‫فهو لا يفسر سر اختلاف تطور المناضلين الذين يعيشون ظروفا موضوعية واحدة‬
‫بجوانبها الايجابية أو السلبية ‪.‬‬

‫ولذلك فان المناضل الحزبي مدعو الى ان يتحمل بجدارة وشرف مهمة تجديد‬

‫‪.‬‬ ‫وتقوية بنائه النفسي فكريا وسلوكيا ليستحق اسم ولقب المناضل‬

‫‪٣٠١‬‬
‫مقدمة‬

‫‪Y‬‬ ‫كيف نفهم التنظيم‬

‫‪"1‬‬ ‫من هو البعثي الحقيقي ؟‬

‫‪18‬‬ ‫مفهوم الحزب‬


‫في معنى الثورة‬
‫‪۲۳‬‬
‫‪٣٠‬‬ ‫حول النظام الداخلي الجديد‬

‫‪٣٥‬‬ ‫كيف نفهم وحدة الحزب‬

‫‪٤٩‬‬ ‫حزبنا‬ ‫‪ -‬اهمية التنظيم القومي في‬

‫التقسيمات الادارية في حزبنا‬


‫مبادىء الديمقراطية المركزية‬

‫‪۷۲‬‬ ‫مفهوم الديمقراطية المركزية في الحزب‬


‫الكادر الحزبي ‪ :‬صفاته ‪ ،‬مهماته ‪ ،‬حقوقه‬
‫‪VɅ‬‬
‫دور القيادة الحزبية‬

‫‪٩٤‬‬ ‫‪ -‬شروط الانضباط الحزبي‬

‫‪1.7‬‬ ‫التنظيم السري‬


‫‪ -‬التنظيم الفرقي‬
‫‪110‬‬
‫‪۱۲۱‬‬ ‫اساليب تطوير عمل الفرقة الحزبية‬

‫‪۱۲۸‬‬ ‫العمل الجماهيري‬

‫‪١٣٤‬‬ ‫حول العمل بين الجماهير‬


‫‪ -‬ملاحظات حول العمل في المنظمات الجماهيرية‬
‫‪181‬‬
‫‪١٥٢‬‬ ‫العمل الجماهيري من زاوية المسألة التنظيمية‬
‫التعبئة الجماهيرية‬
‫‪١٦١‬‬
‫التنظيم الشعبي والكفاح المسلح‬
‫‪۱۷۳‬‬
‫وسائل العمل بين العمال‬
‫‪۱۷۹‬‬
‫المهمات الفلاحية الراهنة ومسار الثورة‬
‫‪11.‬‬

‫‪٣٠٢‬‬
‫‪۲۱۰‬‬ ‫حول العمل النسائي ونضال المرأة‬
‫‪۲۱۹‬‬ ‫تفتيت الحركات الثورية واسلوب مواجهته‬

‫‪۲۳۲‬‬ ‫كيف يواجه المناضل اجهزة القمع‬


‫‪۲۳۹‬‬ ‫التنظيم الثوري بين النظرية والممارسة‬
‫‪٢٤٨‬‬ ‫اختلاف المراحل وضرورات العمل الثوري‬

‫‪٢٥٥‬‬ ‫كيف يحقق الحزب التوازن بين السلطة والجماهير‬


‫‪٢٦١‬‬ ‫لكي لا يتحول الكادر الحزبي الى طبقة جديدة‬
‫‪٢٦٩‬‬ ‫لكي لا تبتلع السلطة كوادر الحزب‬
‫‪۲۷۹‬‬ ‫لكي ينهض الحزب بمهمته القيادية‬
‫‪٢٨٤‬‬ ‫في التربية الحزبية‬
‫‪۲۹۰‬‬ ‫اهمية الثقافة الحزبية‬

‫‪٢٩٥‬‬ ‫في التثقيف الثوري الذاتي‬

‫‪٣٠٣‬‬
‫صدر حديثاً‬

‫في سبيل البعث‬


‫میشیل عفلق‬

‫نضال البعث‬

‫الجزء الخامس‬
‫القطر العراقي ‪1904- ١٩٥٣‬‬

‫نضال حزب البعث العربي الاشتراكي‬


‫عبر مؤتمراته القومية‬
‫‪1978- ١٩٤٧‬‬

‫تطور الفكر الماركسي‬


‫الدكتور الياس فرح‬
‫طبعة ثانية منقحة‬

‫نظرات في الملامح الاساسية للمرحلة الراهنة‬


‫الدكتور الياس فرح‬

‫من الثورة القومية‬

‫الى الثورة الاشتراكية‬

‫عزيز السيد جاسم‬

‫‪٣٠٤‬‬
‫لاتاب‬ ‫د‬
‫هن ا‬
‫الكن‬

‫هذه الموضوعات في التنظيم والتربية الحزبية التي تناثرت بين محاولتين‬

‫لجمع الابحاث التنظيمية ( عام ‪ ١٩٦٠‬وعام ‪ ، ) ١٩٦٣‬وبين الزوايا التنظيمية‬

‫التي نشرت في المجلة الداخلية للمكتب الثقافي القومي ( الثورة العربية ) عبر‬

‫السنوات ‪ ، ۱۹۷۰ - ١٩٦٩‬تجمع في هذا الكتاب حق يكون منها اطار‬

‫عام للتثقيف حول المسألة التنظيمية وحقل للدراسات الهادفة الى بلورة نظرية‬

‫متكاملة في التنظيم » ‪.‬‬

‫ان هذا الميدان من الحياة النضالية ‪ ،‬ما يزال يعاني الكثير من الاهمال‬

‫والارتجال داخل قوى الثورة العربية ‪ .‬وهو يعكس مظهرا من ابرز مظاهر‬

‫ازمة الحركة العربية الثورية ‪ .‬ذلك ان الممارسة التنظيمية ما تزال الى‬

‫بعيد ‪ ،‬تسير في مسالك التلمس العفوي او التجريب المفتقر الى التخطيط والى‬

‫الابعاد النظرية التي تحقق وحدة الفكر والممارسة » ‪.‬‬

‫) من المقدمة )‬

‫الثمن ‪ ٦٠٠‬ق ‪ .‬ل ‪.‬‬


‫دارالطليعة للطباعة والنشر‬
‫‪ ۸۰۰‬ق ‪ .‬ص ‪.‬‬
‫بيروت‬

You might also like