You are on page 1of 93

‫وزارة التعليم العالي و البحث العلمي‬

‫ج ـ ــامعة زيان عاشور ـ الجلفة ـ‬


‫كليــة العل ــوم االقتصــاديــة و التجارية و علــوم التسييــر‬
‫قس ــم عل ــوم التسيير‬

‫مطبوعة علمية بيداغوجية أعدت للوفاء بمتطلبات مقياس‬

‫الثقافة التنظيمية‬
‫‪Organizational culture‬‬

‫موجهة لطلبة السنوات الثانية ماستر إدارة املوارد البشرية‬

‫إعداد الدكتور‪:‬‬
‫بن عودة مصطفى‬
‫أستاذ محاضر أ‬

‫السنة الجامعية‬
‫‪0202 - 0202‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫لقد تم إعداد هذه املطبوعة لتتناسب مع املتطلبات املبدئية لدراسة مقياس الثقافة التنظيمية وعلى ذلك‬
‫ً‬
‫فقد حاولت جاهدأ التركيز على التبسيط واإليجاز وكذا االملام باملفاهيم وأسلوب العرض ما أمكن ليسهل للطالب‬
‫الذي يدرس الثقافة التنظيمية ألول مرة التعامل معها‪.‬‬
‫و قد ركزت هذه املطبوعة على املقرر الخاص بمقياس الثقافة التنظيمية‪ ،‬وذلك من خالل تحديد مفهوم‬
‫الثقافة التنظيمية وأهميتها‪ ،‬ومحدداتها‪ ،‬وكذا تحديد مكونات الثقافة التنظيمية‪ ،‬وكذا التطرق لدراسة وتحليل أهم‬
‫خصائص وأبعاد الثقافة التنظيمية‪ ،‬باإلضافة لدراسة مستويات وأنواع الثقافة التنظيمية‪.‬‬
‫و اتساقا مع الهدف من إعداد هذه املطبوعة فقد تم عرض املادة العلمية الواردة فيها مقسمة إلى أربعة‬
‫فصول كالتالي‪:‬‬
‫محاور املطبوعة‬

‫املوض ـ ـ ـ ـ ـ ــوع‬ ‫الفصل‬


‫مفهوم الثقافة التنظيمية‬ ‫األول‬
‫مكونات الثقافة التنظيمية‬ ‫الثاني‬
‫خصائص وأبعاد الثقافة التنظيمية‬ ‫الثالث‬
‫مستويات وأنواع الثقافة التنظيمية‬ ‫الرابع‬

‫‪2‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫فهرس املطبوعة‬

‫الصفحة‬ ‫محتوى املطبوعة‬


‫‪03‬‬ ‫املقدمة‬
‫‪ 6‬ـ ‪19‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬مفهوم الثقافة التنظيمية‪.‬‬
‫‪06‬‬ ‫‪ .2‬نشأة الثقافة التنظيمية‪.‬‬
‫‪08‬‬ ‫‪ .2‬تعريف الثقافة التنظيمية‪.‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪ .3‬املفاهيم التنظيمية املشابهة ملفهوم الثقافة التنظيمية‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫‪ .4‬أهمية الثقافة التنظيمية‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫‪ .5‬محددات الثقافة التنظيمية‪.‬‬
‫‪ 19‬ـ ‪00‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬مكونات الثقافة التنظيمية‪.‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪ .2‬املكونات غير املادية الثقافة التنظيمية‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫‪ .0‬املكونات املادية الثقافة التنظيمية‪.‬‬
‫‪31‬‬ ‫‪ .3‬املوروث الثقافي للمنظمة‪.‬‬
‫‪ 01‬ـ ‪69‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬خصائص وأبعاد الثقافة التنظيمية‪.‬‬
‫‪01‬‬ ‫‪ .2‬خصائص الثقافة التنظيمية‪.‬‬
‫‪01‬‬ ‫‪ .0‬أبعاد الثقافة التنظيمية‪.‬‬
‫‪ 69‬ـ ‪83‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬مستويات وأنواع الثقافة التنظيمية‪.‬‬
‫‪69‬‬ ‫‪ .2‬املستويات الخارجية للثقافة التنظيمية‪.‬‬
‫‪69‬‬ ‫‪ .0‬املستويات الداخلية للثقافة التنظيمية‪.‬‬
‫‪70‬‬ ‫‪ .3‬أنواع الثقافة التنظيمية‪.‬‬
‫‪80‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪86‬‬ ‫قائمة املصادر و املراجع‬

‫‪3‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫قائمة األشكال‬

‫الصفحة‬ ‫عنوان الشكل‬ ‫رقم الشكل‬


‫‪11‬‬ ‫محددات الثقافة التنظيمية‬ ‫الشكل ‪:1‬‬
‫‪21‬‬ ‫املكونات الالمادية للثقافة التنظيمية‬ ‫الشكل ‪:2‬‬
‫‪23‬‬ ‫كيفية تحول الحلول الناجحة إلى قيم بديهية‬ ‫الشكل ‪:3‬‬
‫‪33‬‬ ‫مستويات الثقافة التنظيمية‬ ‫الشكل ‪:4‬‬
‫‪11‬‬ ‫تقسيم الثقافات التنظيمية الذي قام بتطويره كل من ‪ CAMERON‬و ‪ETTINGTON‬‬ ‫الشكل‪:1‬‬

‫‪4‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫إن املتتبع لبيئة األعمال اليوم‪ ،‬يالحظ بال شك بأن املؤسسات االقتصادية اليوم تعيش في بيئة‬
‫أعمال تتصف بالتغير والتعقد الشديد نتيجة ارتفاع درجة الغموض واإلبهام وحاالت عدم التأكد ناهيك على‬
‫أنها بيئة غير مستقرة تشهد مجموعة من التطورات واملستجدات متسارعة اإليقاع وفي شتى امليادين‪،‬‬
‫خصوصا عندما تغيرت قواعد لعبة األعمال وبدأنا نعيش ونلتمس أبعاد عالم جديد‪ ،‬عالم شبكي مترابط‬
‫تزداد فيه عوامل التقارب وكذا انحصار الفوارق املكانية والزمانية بين الدول والشعوب‪ ،‬نتيجة تفاقم ظاهرة‬
‫العوملة واشتداد أتون املنافسة وانتشار ظاهرة االنفجار الرقمي والكمي‪ ،‬وتزايد سرعة وتيرة ثورات االتصال‬
‫واملعلومات‪ ،‬مما أدى إلى صعوبة التكيف والتحكم والسيطرة في هذه التغيرات البيئية‪.‬‬
‫عالم كل ش يء فيه متغير والثابت الوحيد فيه هو التغيير‪ ،‬لذلك فإن‬
‫وبالتالي فإننا نعيش اليوم في ٍ‬
‫شعار املؤسسات املعاصرة اليوم هو التفاني أو الفناء أو باألحرى العمل بمبدأ من لم يتجدد يتبدد‪ ،‬لذلك‬
‫أثرا َوت ً‬
‫أثيرا‪ ،‬من خالل قدرتها على‬ ‫أصبحت املؤسسة الحديثة اليوم تتميز بانفتاح كبير على محيطها الخارجي َت ً‬
‫التطويع (خلق واستغالل الفرص)‪ ،‬واملطاوعة )التكيف مع الفرص والتهديدات)‪ ،‬وأصبحت أكثر وعيا ببيئتها‬
‫الداخلية املشكلة أساسا من املوارد املختلفة‪ ،‬الهيكل التنظيمي واملنظومة الثقافية‪.‬‬
‫فثقافة املؤسسة تعتبر من أهم مكونات البناء الداخلي للمؤسسة‪ ،‬لذا فهي بمثابة شخصية‬
‫املؤسسة‪ ،‬كما أنها من أصعب مكونات البناء التنظيمي على االقتباس والنسخ والتقليد‪ ،‬ذلك أنها تمثل‬
‫الثروة التي ال تنضب‪ ،‬وهي كذلك الرأس املالي االجتماعي للمؤسسة‪ ،‬وهي بمثابة البعد املستتر (الخفي)‪،‬‬
‫الذي َيشد بناء املؤسسة بعضه ببعض‪ ،‬فإذ كان لكل مؤسسة تشكيلة من املنتجات ُتمكنها من تحقيق مركز‬
‫تنافس ي يميزها عن بقية منافسيها‪ ،‬فإن لها كذلك ُمنتج يؤثر ويتأثر بأفكار وسلوكيات رؤساءها ومرؤوسيها‪،‬‬
‫ويعطي للمؤسسة صبغة تميزها عن باقي املؤسسات األخرى‪ ،‬لذلك لم تعد املؤسسات املعاصرة اليوم تفاخر‬
‫بحجمها وقوتها وثباتها‪ ،‬ولكن بالتأكيد أصبحت تفاخر بخصوصية ثقافتها التي تعكس تميزها وتفوقها‪.‬‬
‫وكما أن لثقافة املؤسسة دور بالغ األهمية في تحقيق النجاح والتفوق والتميز للعديد من منظمات‬
‫األعمال خاصة اليابانية واألمريكية واألملانية‪ ،‬كان كذلك سببا في فشل العديد من املؤسسات األخرى لذلك‬
‫نستطيع أن نقول أنه كلما كان محيط املؤسسة متقلب وغير قار كلما ظهرت الحاجة ألهمية النسق الثقافي‬
‫وتعاظم دوره في تحقيق االندماج الداخلي والتكيف الخارجي‪.‬‬
‫لذا حظيت الثقافة بشكل عام والثقافة التنظيمية بشكل خاص باهتمام الكثير من علماء اإلدارة‬
‫ومنظري اإلدارة االستراتيجية والسلوك التنظيمي وإدارة املوارد البشرية وكذا علم اجتماع املنظمات‪ ،‬نظرا‬
‫ملا لها من دور فعال في تحديد كفاءة وفاعلية التنظيمات اإلدارية‪ ،‬وسلوك األفراد العاملين‪ ،‬وبالتالي التأثير‬

‫‪5‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫على كفاءة وأهمية القرارات اإلدارية‪ .‬كما تعد الثقافة التنظيمية من املتغيرات األساسية التي تعمل على‬
‫تشكيل العديد من السلوكيات التنظيمية التي تتحدد ً‬
‫بناء على أبعاد الثقافة التنظيمية‪ ،‬التي تختلف‬
‫بإختالف طبيعة املنظمات وتنوع الدول التي تنتمي إليها هاته املنظمات‪ .‬هذا وتلعب الثقافة التنظيمية دورا‬
‫ً‬
‫رئيسيا على جميع املستويات واألنشطة داخل التنظيم اإلداري‪ ،‬حيث تساهم في إيجاد مناخ مالئم‪ ،‬يعمل‬
‫على تحسين وتطوير األداء بشكل جيد وفعال‪ ،‬مما يؤدي إلى تحقيق األهداف الفردية والجماعية والتنظيمية‪.‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬ماهية الثقافة التنظيمية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مذكورا عن الثقافة التنظيمية؛‬ ‫قد أتى على منظمات املال واألعمال حين من الدهر لم يكن فيه شيئا‬
‫ففي كل مرحلة تاريخية سابقة كانت إدارة األعمال تركز على مجال مختلف‪ ،‬ففي الستينيات ركزت على‬
‫السلعة وفي السبعينيات ركزت على السوق وفي الثمانينيات ركزت على العميل‪ ،‬فإلى غاية هذه الفترة كانت‬
‫املنظمات (قائمة على مؤشرات اقتصادية بحتة؛ كما كانت تعتمد على أسباب خارجية أكثر مما تستند إلى‬
‫أسباب داخلية)؛ كما أن كل التصورات والنظريات التي كانت تعتقد بأن املنظمة وليدة تكنولوجيتها‪ ،‬تغيرت‬
‫فيما بعد إذ أصبح الهيكل التنظيمي هو املحدد للسلوك واألفعال داخل املنظمة ثم انتقل هذا التصور إلى‬
‫اعتبار أن االستراتيجية هي التي تتحكم في القرارات اإلدارية والسلوكيات الفردية ولكن مع بداية الثمانينيات‬
‫بدأ هذا االعتقاد يتالش ى تحت ضغط األزمة االقتصادية آنذاك ومع احتدام املنافسة بين املنظمات األمريكية‬
‫واليابانية‪ ،‬أين بدأ يتضاءل االهتمام واالعتقاد بدور االستراتيجية في توجيه سلوك األفراد داخل املنظمة‪،‬‬
‫ويتعاظم االهتمام بدور نسق فرعي أخر داخل املنظمة وهو النسق الفرعي للثقافة والذي أصبح يطلق عليه‬
‫فيما بعد بثقافة املنظمة "‪ "Corporate Culture‬وذلك لحل إشكاليتي (تباعد الهوة التي أصبحت تعاني منها‬
‫جميع املنظمات بين بناء وتشكيل القرار من جهة وتطبيقه من جهة ثانية)؛و (القدرة على ضمان التأقلم مع‬
‫املحيط دون اإلخالل بالتناسق واالندماج الداخلي)‪.‬‬
‫أوالـ نشأة الثقافة التنظيمية‪:‬‬
‫‪ ‬يعود ظهور مصطلح ثقافة املنظمة (املؤسسة)‪ ،‬لسنوات الخمسينيات من القرن املاض ي وبالتحديد في‬
‫كندا‪ ،‬أين ظهرت أعمال (‪ ،)Elliott Jaques‬الذي اقترح بدوره تعريفا لثقافة املنظمة باعتبارها تمثل نمط‬
‫لتفكير املشترك داخل املنظمة يساعد على إرساء نظام للعادات والروابط االجتماعية املشتركة بين أعضائها‪.‬‬
‫‪ ‬لم يستعمل مصطلح ثقافة املنظمة (ثقافة املؤسسة)‪ ،‬في حقل اإلدارة و األعمال إال في سنة ‪ 1731‬من‬
‫طرف أحد أساتذة "‪ "Harvard Busines School‬يدعى (‪ ،)Davis Stanley‬في أحد كتبه واملوسوم تحت عنوان‬
‫"‪."Comparative Management: Organizational And Cultural Perspectives‬‬

‫‪6‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪ ‬وفي عام ‪ 1737‬كتب (‪ ،)Pettigrew‬مقالة بعنوان "‪ ،"On Studying Organizational Culture‬واعتبرت هذه‬
‫املقالة بداية إحياء جديد لهذا املفهوم‪.‬‬
‫‪ ‬ففي ‪ 1711/11/23‬نشر األستاذ (‪ ،)Davis Stanley‬نفسه مقال في املجلة االقتصادية "‪"Business Week‬‬
‫حاول من خالله مقارنة عمل خمس منظمات انطالقا من ثقافة كل منظمة‪ ،‬كما أدرجت مجلة "‪"Fortune‬‬
‫ً‬
‫ركنا تحت عنوان (‪.)Corporate Culture‬‬
‫‪ ‬كما يؤكد (‪ ،)Geert Hofsted‬أن مصطلح الثقافة التنظيمية لم يعد شائعا إال في حدود الثمانينيات ويحيل‬
‫ذلك لكتابين هما‪ ،(Corporate Culture: Deal And Kennedy) :‬وكتاب أخر بعنوان البحث عن التميز‬
‫)‪(Search of Exelence: Peter And Watermane‬‬
‫‪ ‬مع بداية الثمانينات من القرن العشرين حدث ما يسمى باالنفجار املعرفي في ميدان الثقافة التنظيمية‬
‫حيث أجريت العديد من الدراسات‪ ،‬وألفت الكتب‪ ،‬كما عقدت الندوات واملؤتمرات العديدة‪ ،‬وأفردت كثير‬
‫ً‬
‫من املجالت الدورية أعدادا خاصة ناقشت فيها موضوع الثقافة التنظيمية‪.‬‬
‫ومنذ ذلك الحين حدث اهتمام كبير بدراسة الثقافة التنظيمية‪ ،‬وقد ساعد على ظهور وانتشار‬
‫مدخل الثقافة التنظيمية العديد من العوامل من بينها‪:‬‬
‫‪ -1‬عل ىىى املس ــتوى األك ــاديمي ظه ىىر اتج ىىاه ب ىىين الب ىىاحثين يه ىىتم بدراس ــة الطبيع ــة الس ــيكولوجية واملعنوي ــة‬
‫للمنظمــة‪ ،‬وذلىىك بعىىدما أدركىىوا أن املىىدخل الرشىىيد"‪ "Rational Approach‬أهمىىل العديىىد مىىن املفىىاهيم‬
‫املتعلقىىة باملنظمىىة وركىىز علىىى الجوانىىب املاديىىة مثىىل الهياكىىل التنظيميىىة‪ ،‬والقواعىىد واإلج ىراءات‪ ،‬وبالتىىالي‬
‫وجد الباحثون أنهم بحاجة ملفهوم يمكن في ضوئه تفسىير التبىاين بىين املنظمىات بىالرغم مىن تشىابهها فىي‬
‫العديد من الجوانب املادية‪.‬‬
‫‪ -2‬علىىى املســتوى العملــي حققىىت الشىىركات اليابانيىىة بعىىد الحىىرب العامليىىة الثانيىىة نجاحىىا ملحوظىىا‪ ،‬ممىىا دفىىع‬
‫الش ىىركات األمريكي ىىة للبح ىىث ع ىىن أس ىىباب ه ىىذا النج ىىاح‪ ،‬وأس ىىباب اخ ىىتالف مس ىىتوى أدائه ىىا ع ىىن مس ىىتوى‬
‫مثيالتهىىا اليابانيىىة‪ ،‬وبخاصىىة أن الدراسىىات أثبتىىت أن للثقافىىة التنظيميىىة السىىائدة فىىي الشىىركات اليابانيىىة‬
‫دور في تحقيق ذلك النجاح‪.‬‬
‫‪ -3‬علىىى املســتوى االقتصــادي زاد االنىىدماج بىىين املنظمىىات ممىىا خلىىق رغبىىة فىىي التعىىرف علىىى كيفيىىة إحىىداث‬
‫التوافىىق بىىين الكيانىىات املندمجىىة وخاصىىا بعىىد فشىىل بعىىض عمليىىات االنىىدماج نتيجىىة لالخىىتالف فىىي قىىيم‬
‫وس ىىلوك العى ىىاملين هى ىىذا مى ىىن ناحيى ىىة‪ ،‬ومى ىىن ناحي ىىة أخى ىىرى زاد االتجى ىىاه نحى ىىو األعمى ىىال الدوليى ىىة وانتشى ىىرت‬
‫الشركات الدولية واملتعددة الجنسىيات وأصىبحت تلىك املنظمىات مهتمىة بتحسىين مهىارات االتصىال بىين‬

‫‪7‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫الثقاف ىىات املختلف ىىة (‪ ،)Cross Culture Communication‬وكى ىىذلك لفه ىىم ثقافى ىىة الع ىىاملين بالى ىدول‬
‫املختلفة‪.‬‬
‫ثانياـ تعريف الثقافة التنظيمية‪:‬‬
‫إلعطاء الداللة الحقيقة ملفهوم الثقافة التنظيمية يمكن الرجوع إلى عدة تعاريف نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫عرفها (‪ ،)Davis‬بأنها‪ » :‬مجموعة من القيم واملعتقدات والتوقعات املشتركة والتي تعد كدليل‬
‫لألفراد في املنظمة ينتج من خاللها معايير تؤثر بشكل كبير على سلوكيات األفراد داخل املنظمة»‪.‬‬
‫أما (‪ ،)Thévenet‬فقد عرف الثقافة التنظيمية بأنها‪» :‬ذلك العنصر من عناصر املنظمة الذي يجعلها‬
‫تختلف عن باقي املنظمات‪ ،‬حيث تعد كمجموعة من املراجع )‪ ،(References‬املشتركة داخل املنظمة والتي‬
‫تكونت خالل مدة حياتها استجابة لبعض املشاكل‪ .‬وبهذا تكون الثقافة التنظيمية كمجموعة متناسقة من‬
‫االتجاهات و السلوكيات املشتركة بين العمال في حقل العمل»‪.‬‬
‫أما (‪ ،)Deal And Kennedy‬فقد عرفا الثقافة التنظيمية بأنها‪» :‬عبارة عن ذلك التناسق واالتحاد‬
‫بين القيم واألساطير والبطوالت والرموز املوجودة داخل املنظمة والتي تقوم بإنتاجها بنفسها»‪.‬‬
‫أما (‪ ،)Gibson And Al‬فقد عرفوها بأنها‪» :‬مجموعة من املدركات تعكسها سلوكيات األفراد‬
‫وجماعات العمل‪ ،‬كما أنها تعبر عن الرموز والطقوس والقصص والتقاليد وأساليب التفكير واألنظمة‬
‫ً‬
‫والنصوص والكتابات املوثقة فضال عن منتجات تعبر عن قدرات الفرد واملنظمة»‪.‬‬
‫أما (سيد خطاب)‪ ،‬فقد عرفها بأنها‪» :‬نسيج من اللغة التي يتعامل بها العاملين والعادات التنظيمية‬
‫الخاصة بها والقانون الذي ينظم تعامالتها ونظام القيم الذي ينظم قواعد ووسائل السلوك املقبول‬
‫اجتماعيا»‪.‬‬
‫ويعرفها كال من (‪ ،)French And Bell And Zawachi‬بأنها‪» :‬الفلسفات واإليديولوجيات والقيم‬
‫واملفاهيم واملعتقدات املشتركة وكذلك الطموحات واآلمال واالتجاهات واملعايير التي تربط الجماعة‪ ،‬وكل هذه‬
‫الخصائص النفسية املتشابكة توضح مدى التوافق واالتفاق والتساق االجتماعي سواء أكان ضمنيا أم‬
‫ظاهريا‪ ،‬وتتضمن أيضا كيفية التعامل مع القرارات وكيفية التعامل مع املشكالت وغيرها»‪.‬‬
‫ويعرفها كل من (‪ ،)Francesco and Gold‬بأنها‪ » :‬مجموعة من القيم املشتركة التي تحكم تفاعل‬
‫أعضاء املنظمة مع بعضهم البعض ومع العمالء واملوردين واملوزعين وغيرهم من األطراف خارج املنظمة‪،‬‬
‫ويمكن من خالل ثقافة املنظمة تحقيق الكفاءة والفاعلية التنظيمية وتحقيق ميزة تنافسية من خالل تىأثير‬
‫ثقافة املنظمة على سلوك أعضائها»‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫ُ‬
‫أما (‪ ،)Ott‬فيعرفها بأنها‪» :‬تلك الثقافة التي توجد في املنظمات شيئا ذو عالقة بالثقافة االجتماعية‬
‫وتستمد مصادرها من مفاهيم كالقيم واملعتقدات واالفتراضات وأنماط السلوك‪ ،‬فضال عن كونها ً‬
‫بناء‬
‫ً‬
‫أفكارا‬ ‫ً‬
‫أفكارا متحدة توفر‬ ‫اجتماعيا غير مرئي‪ ،‬لكنها قوى محسوسة تقف خلف نشاطات املنظمة‪ ،‬وهي‬
‫وتوجهات يتحرك عبرها أعضاء املنظمة »‪.‬‬
‫أما (‪ ،)Edgard Schein‬فيعرف الثقافة التنظيمية على أنها‪» :‬مجموعة من املبادئ األساسية التي‬
‫اخترعتها أو اكتشفتها أو شكلتها جماعة معينة وذلك بهدف التعود على حل بعض املشاكل فيما يخص التأقلم‬
‫مع محيطها الخارجي واالنسجام أو التكامل الداخلي‪ ،‬هذه املبادئ األساسية يتم تعليمها لكل عضو جديد في‬
‫الجماعة‪ ،‬وذلك على أنها الطريقة املالئمة واملثلى للقدرة على التفكير واإلحساس باملشاكل املتعلقة والناتجة‬
‫عن العمل الجماعي‪ ،‬إذ تظهر هذه املبادئ في شكل قيم معلنة أو رموز وعادات وأساطير وغيرها من العناصر‬
‫األخرى»‪.‬‬
‫كما أنه يكمن تجميع هذه التعاريف للثقافة التنظيمية في شكل مجموعات ‪:‬‬
‫‪ ‬املجموعة األولى‪ :‬تعرف الثقافة التنظيمية على أنها نظام أو مجموعة من املكونات التي تتضمن كل من‬
‫القيم‪ ،‬املعتقدات‪ ،‬األعراف‪ ،‬التوقعات التنظيمية السائدة واملسيطرة واملنتجة داخل املنظمة والتي تنتقل من‬
‫جيل ألخر عن طريق مجموعة من املكونات الثقافية التنظيمية األخرى كالرموز والطقوس والشعائر و اللغة‬
‫والقصص واألبطال واألساطير والتي يمكن أن تظهر في مختلف الترتيبات املادية وكذا في سلوكيات العاملين‬
‫باملنظمة والتي تعمل ككل متكامل داخل املنظمة‪ ،‬وتشكل كل هذه املفاهيم مجتمعة االتفاق الجماعي املعلن‬
‫وغير املعلن حول الطريقة التي يؤدى بها العمل في املنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬املجموعة الثانية‪ :‬تعرف الثقافة التنظيمية على أنها مجموعة من املراجع والقواعد والقوانين واألخالق‬
‫املحددة واملوجهة لسلوكيات واملمارسات التنظيمية الصحيحة‪.‬‬
‫‪ ‬املجموعة الثالثة‪ :‬تعرف الثقافة التنظيمية على أنها عبارة عن إيديولوجيا تشكل ذلك النسق من األفعال‬
‫والتصرفات واألحكام املنظمة التي تستعمل لوصف وشرح وترجمة وتبرير الوضعية لجماعة أو مجموعة‬
‫معينة‪.‬‬
‫‪ ‬املجموعة الرابعة‪ :‬تعرف الثقافة التنظيمية على فلسفة تشكل سياسات املنظمة تجاه مختلف األطراف‬
‫ذوي العالقة باملنظمة سواء كانوا العاملين فيها أو عمالئها ومورديها وكذا املوزعين و بقية األطراف خارج‬
‫املنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬املجموعة الخامسة‪ :‬تعرف الثقافة التنظيمية على أنها نتاج تفاعل اجتماعي معقد ومتعدد الجوانب‬
‫يعكس شخصية وهوية املنظمة التي تميزها عن غيرها من املنظمات بما يحقق التماثل بين أعضاء املنظمة‬

‫‪9‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫في السلوكيات املوجهة لحل املشكالت التي تواجه أعضاء املنظمة كمجتمع هادف‪ ،‬فضال عن كونها بناء‬
‫اجتماعي غير مرئي ُيوجد في املنظمة شيئا ذو عالقة بالثقافة االجتماعية املستمدة من ثقافة املجتمع الذي‬
‫تعيش فيه املنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬املجموعة السادسة‪ :‬تعرف الثقافة التنظيمية على أنها مقاربة لفهم الواقع وحل املشاكل واالختالالت‬
‫التنظيمية املتعلقة بالتكيف والتأقلم مع املحيط الخارجي واالنسجام والتكامل مع املحيط الداخلي للمنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬املجموعة السابعة‪ :‬تعرف الثقافة التنظيمية على أنها أداة تعليمية توضح للعاملين طريقة العمل باملنظمة‬
‫كما أنها نسيج من اللغة يتعامل بها العاملين يخضع للتطور والتغير بشكل مستمر حسب اتجاه املعرفة‬
‫والخبرة واتجاه حركة مؤشرات التعليم في املنظمة‪.‬‬
‫انطالقا من التعاريف السابقة يمكن أن نستنتج التعريف التالي للثقافة التنظيمية‪:‬‬
‫"هي عبارة عن منظومة مشتركة من القيم واملعتقدات واألعراف والتوقعات والسلوكيات التي تكونت‬
‫داخل املنظمة واستقرت على مدار مدة طويلة من الزمن واملستمدة جذورها من الثقافة االجتماعية ورسالة‬
‫ورؤية وأهداف املنظمة والتي طورها أفراد املنظمة لتحقيق أهداف املنظمة من خالل التكيف الخارجي‬
‫وتحقيق أهداف العاملين عن طريق التكامل الداخلي‪ ،‬والتي تنتقل إلى أفراد املنظمة من خالل القصص‬
‫والطقوس واألساطير واألبطال والرموز فضال عن كونها لغة موحدة وفلسفة وإيديولوجيا تشكل سياسات‬
‫املنظمة تجاه مختلف األطراف ذوي العالقة باملنظمة‪ ،‬والتي يمكن أن تظهر في مختلف الترتيبات املادية وكذا‬
‫في سلوكيات العاملين باملنظمة‪ ،‬كما أنها تمثل إطارا رقابيا على كل ما هو مقبول أو مرفوض داخل املنظمة‬
‫وبالرغم من استقرار هذه املنظومة إال أنها تتسم بالتجديد والتطوير من خالل عوامل التعلم والتغيير الداخلي‬
‫إلى جانب التغيير في الثقافة العامة للبيئة املحيطة واملجتمع ككل"‬
‫ثالثاـ املفاهيم التنظيمية املشابهة ملفهوم الثقافة التنظيمية‪:‬‬
‫لكي نتناول مفهوم الثقافة التنظيمية‪ ،‬يجب التفرقة بين هذا املفهوم وبعض املفاهيم األخرى والتي‬
‫من الخطأ أن نعد أحدها مرادفا للثقافة التنظيمية‪ ،‬نظرا لالختالف من حيث الجوهر واملفهوم ومن هذه‬
‫املفاهيم املناخ التنظيمي واألخالق التنظيمية والحضارة التنظيمية واملسؤولية االجتماعية والنظم التنظيمية‪،‬‬
‫ويمكن توضيح هذه املفاهيم فيما يلي ‪:‬‬
‫‪1‬ـ املناخ التنظيمي‪ :‬هو مجموعة من الخصائص التي تميز بيئة املنظمة الداخلية والتي يعمل األفراد ضمنها‪،‬‬
‫فتؤثر على قيمهم واتجاهاتهم و إدراكاتهم‪ ،‬وذلك ألنها تتمتع بدرجة عالية من االستقرار والثبات النسبي‪،‬‬
‫فاملناخ التنظيمي يؤثر على العاملين ويؤدي إلى اإلحباط أو التحفيز ألنه يعمل كوسيط بين متطلبات الوظيفة‬
‫واحتياجات العاملين‪ .‬ونالحظ من ذلك استبعاد خصائص البيئة الخارجية عن مضمون املناخ التنظيمي‪.‬‬

‫‪01‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫وعليه فإن املناخ التنظيمي يبحث في البيئة الداخلية للمنظمة بينما تبحث الثقافة التنظيمية في‬
‫البيئة الداخلية والخارجية لها‪ ،‬كما أن املناخ التنظيمي يشتمل على الهيكل التنظيمي‪ ،‬واإلجراءات وبيئة‬
‫العمل ويبحث عن العالقة بين النظم واتجاهات العاملين‪.‬‬
‫ً‬
‫فاملناخ التنظيمي غالبا ما يشير إلى األوضاع الحالية في املنظمة‪ ،‬وإلى الترابط بين ثالثة عوامل هي‪:‬‬
‫ً‬
‫جماعات العمل‪ ،‬والعاملون‪ ،‬واألداء‪ ،‬لذا فاملناخ غالبا ما يعالج بسهولة من قبل اإلدارة من أجل التأثير‬
‫املباشر علي سلوك العاملين بعكس الثقافة التنظيمية التي تعتبر أكثر صعوبة في تعديلها في خالل فترة قصيرة‬
‫ً‬
‫األجل‪ ،‬ألنها تحدد عبر تقاليد تتشكل خالل فترة طويلة نسبيا‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد يفرق (‪ ،)Geert Hofsted‬بين مفهومي الثقافة التنظيمية واملناخ التنظيمي على اعتبار‬
‫أن املفهوم األول يرتبط باملنظمة بينما يرتبط الثاني باألفراد وأنه يمكن النظر للثاني على أنه جزء من األول‪،‬‬
‫كما أن الثاني يستخدم لوصف الواقع التنظيمي على املدى القصير‪ ،‬بينما يستخدم األول لوصف هذا الواقع‬
‫على املدى البعيد ‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ األخالق التنظيمية‪:‬‬
‫تعرف األخالق التنظيمية على أنها مجموعة من القيم التي تنشئها وتطورها مجموعة من األفراد الذين‬
‫تربط بينهم عالقات وظيفية‪ ،‬لتحكم سلوكهم وأداءهم ألعمالهم واستخدامهم للموارد املتاحة في‬
‫منظماتهم‪،‬وتختلف األخالق التنظيمية في املنظمة عن السلوكيات التي يحكمها القانون‪ ،‬فالقواعد القانونية‬
‫ُ‬
‫تظهر مجموعة من املبادئ والتشريعات التي تصف كيف يتصرف األفراد على نحو مقبول في املنظمة وعليه‬
‫فإنها تغطي السلوكيات الرسمية في املنظمة ولكنها ال تعطي جميع معايير األخالق التي يلتزم بها األفراد داخل‬
‫املنظمة‪ .‬ومع احتمال وجود منطقة مشتركة بين القواعد القانونية واألخالق التنظيمية‪ ،‬إال أن هذه املنطقة‬
‫املشتركة تختلف من منطقة إلى أخرى‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ الحضارة التنظيمية‪:‬‬
‫الحضارة التنظيمية هي مجموعة من القيم املشتركة املوجهة لسلوك املنظمات في مجتمع ما مقارنة‬
‫باملنظمات العاملة في املجتمعات األخرى‪.‬‬
‫أي أن مصطلح الحضارة التنظيمية أعم وأشمل من مصطلح الثقافة التنظيمية التي تعد أحد‬
‫متغيراتها‪ ،‬فالثقافة التنظيمية هي عبارة عن مجموعة من القيم املشتركة التي يتمسك بها العاملون في منظمة‬
‫ما‪ ،‬لتميزها عن غيرها من املنظمات ضمن املجتمع الواحد أو الحضارة الواحدة‪ .‬وبهذا تعد الثقافة التنظيمية‬
‫حضارة تنظيمية فرعية حين تتميز بها منظمة ما أو مجموع منظمات عن غيرها داخل املجتمع الواحد‪،‬‬
‫وعندها يمكن القول بأن لكل منظمة ثقافة تنظيمية خاصة بها تميزها عن غيرها‪ ،‬مثلما لكل مجتمع حضارة‬

‫‪00‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫تميز منظماته دون غيرها من املجتمعات ‪ .‬وهكذا تصبح الحضارة التنظيمية شاملة لكل التراث املوروث‬
‫واملجذر في املجتمع الكبير بما في ذلك ديانته ولغته وفنونه وآدابه وتقاليده وطرق عيشه وتفاعله مع الكون‬
‫والحياة وهذا ما يتوافق مع مفهوم الثقافة الوطنية عند (‪.)Geert Hofsted‬‬
‫‪ 4‬ـ املسؤولية االجتماعية‪:‬‬
‫إن التأثيرات والعالقات التبادلية بين املنظمة والبيئة الخارجية يطلق عليها املسؤولية االجتماعية وهي‬
‫في أبسط معانيها عبارة عن سلسلة من التأثيرات املتتالية واملتبادلة بين املنظمة واملجتمع في حدود القوانين‬
‫والقيم واألخالق واملبادئ االجتماعية للمجتمع الذي توجد فيه املنظمة‪ ،‬وبذلك تتمثل املسؤولية االجتماعية‬
‫في املسؤولية املعنوية التي تعمل على حماية املتعاملين مع املنظمة واملتأثرين بقراراتها وتصرفاتها‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ النظم التنظيمية‪:‬‬
‫تتمثل النظم التنظيمية في نظم االستقطاب‪ ،‬ونظم العمل ونظم املكافأة واملخصصات والقواعد‬
‫املحددة لكل وظيفة داخل املنظمة وبذلك تختلف عن الثقافة التنظيمية‪ ،‬وعليه تعد النظم التنظيمية‬
‫إحدى متغيرات الثقافة التنظيمية وهي تعمل فقط داخل بيئة العمل‬
‫رايعا‪ :‬أهمية الثقافة التنظيمية‬
‫يرى ( ‪ ،)Gross and Shichman‬بأنه يمكن تلخيص أهمية الثقافة التنظيمية في كلمة "‪ ،"Home‬على‬
‫اعتبار أن الثقافة القوية للمنظمة تشبه العائلة التي تعمل بصورة بيت‪ ،‬ويمكن تلخيص أهميتها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬بناء إحساس بالتاريخ (‪ :)History‬فالثقافة ذات الجذور العريقة تعتبر منهجا تاريخيا تسرد فيه حكايات‬
‫األداء املتميز واألشخاص البارزين في املنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬إيجاد شعور بالتوحد (‪ :)Oneness‬توحد الثقافة السلوكيات املختلفة وتعزز القيم املشتركة ومعايير‬
‫األداء املتميز‪.‬‬
‫‪ ‬تطوير إحساس بالعضوية واالنتماء (‪ :)Membership‬من خالل نظم العوائد‪ ،‬التخطيط الوظيفي‬
‫االختيار والتعيين‪ ،‬التدريب والتطوير وتحقيق االستقرار الوظيفي للعاملين‪.‬‬
‫‪ ‬تفعيل التبادل بين األعضاء (‪ :)Exchange‬من خالل مشاركة العاملين في اتخاذ القرارات وتطوير فرق‬
‫العمل والتنسيق بين الجماعات ‪.‬‬
‫وما يمكن استخالصه مما سبق هو أن الثقافة التنظيمية تكمن أهميتها من خالل الوظائف التي‬
‫تؤديها داخل املنظمات‪ ،‬والتي يمكن لنا أن نجمعها في ثالثة وظائف أساسية‪ ،‬الوظائف املتعلقة باألفراد‬
‫والتماسك االجتماعي‪ ،‬الوظائف املتعلقة بالتنسيق والتكامل الداخلي‪ ،‬والوظائف املتعلقة بالبيئة الخارجية‬
‫والتكيف معها‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪02‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫أـ الوظائف املتعلقة باألفراد والتماسك االجتماعي‪ :‬والتي يمكن تلخيصها فيما يلي‪:‬‬
‫‪2‬ـ تعطي أفراد املنظمة هوية تنظيمية‪ :‬الثقافة التنظيمية الواضحة تنمي الشعور بالذاتية وتحدد‬
‫الهوية الخاصة بالعاملين‪ ،‬فكلما زاد وضوح القيم واالتجاهات املشتركة كلما زاد ارتباط األفراد‬
‫ببعضهم البعض وزاد شعورهم بأنهم جزء مؤثر وهام باملنظمة‪ .‬وهو ما يؤدي إلى تحقيق نوع من‬
‫التآلف والتماسك االجتماعي ما بين العاملين‪ ،‬وهو ما يمنحهم الشعور بالتوحد وكذا اإلحساس‬
‫ً‬
‫بغرض مشترك وبتالي تكوين هوية واحدة والعمل معا بفاعلية‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى تمييز املنظمة عن‬
‫مثيالتها‪.‬‬
‫‪0‬ـ توفر إطارا جيدا لتشكيل وتوجيه السلوك التنظيمي‪ :‬فالثقافة التنظيمية تمد املوظفين برؤية‬
‫واضحة وفهم أعمق للطريقة التي تؤدى بها األشياء‪ ،‬وذلك من خالل الضغوط التي تمارسها على‬
‫األفراد العاملين للمض ي قدما للتفكير والتصرف بطرق تنسجم وتتناسب مع الثقافة السائدة‬
‫باملنظمة‪ .‬وهو ما يؤدي بدوره إلى تنمية مشاركة األفراد في تشكيل القيم التنظيمية ومدى انتشارها‬
‫بينهم‪.‬‬
‫‪3‬ـ تسهل االلتزام الجماعي‪ :‬تنمي الثقافة التنظيمية االهتمامات الجماعية بدال من االهتمامات‬
‫الفردية‪ ،‬كما تخلق نوع من االلتزام تجاه غايات املنظمة‪ .‬مما يجعل األفراد أو األعضاء يتوافقون‬
‫ً‬
‫ويعملون معا لتحقيق تلك األهداف بفعالية وبالتالي تغليب مصلحة املنظمة على مصلحة الشخصية‪.‬‬
‫‪4‬ـ تعزز استقرار النظام االجتماعي‪ :‬تشجع الثقافة التنظيمية على التنسيق والتعاون الدائمين بين‬
‫أعضاء املنظمة من خالل تضيف الفجوة بين معتقدات األفراد ومعتقداتهم و تعريفهم بكيفية‬
‫االتصال فيما بينهم والعمل مع بعضهم البعض بفاعلية‪ ،‬فهي بذلك تسهل عملية الوالء التنظيمي‬
‫وتعزز استقرار وتوازن املنظمة كنظام اجتماعي‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫ب ـ الوظائف املتعلقة بالتنسيق والتكامل الداخلي‪ :‬وتتمثل أساسا في تلك العمليات التي تمكن الجماعة‬
‫ً‬
‫من انجاز األشياء معا‪ ،‬والتي ال يستطيع األفراد إنجازها بمفردهم‪ .‬وذلك من خالل ما يلي‪:‬‬
‫‪2‬ـ تحقيق التكامل الداخلي بين أفراد املنظمة‪ :‬من خالل تعريفهم بكيفية االتصال الفعال مع بعضهم‬
‫البعض‪ ،‬إذ أن الثقافة التنظيمية تلعب دور غير مباشر في التأثير على السلوك‪ ،‬من خالل اللغة املشتركة التي‬
‫يتعامل بها أعضاء املنظمة‪ ،‬والتي تسهل االتصاالت بين مختلف األطراف في املنظمة‪.‬‬
‫‪0‬ـ اإلحساس بالعضوية واالنتماء‪ :‬فهي تخلق إحساس لدى العاملين بانتمائهم إليها والتزامهم بتحقيق‬
‫أهدافها‪ ،‬مما يساعد على استقرار أوضاع العاملين ويؤدي إلى انخفاض معدل دوران العمل‪.‬‬

‫‪03‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫ً‬
‫‪3‬ـ توزيع القوة والنفوذ‪ :‬ويتمثل أساسا في تكوين اتفاق جماعي حول الكيفية التي يتم بها توزيع النفوذ والقوة‬
‫والسلطة وكذا القوانين التي تحكم تسلسل السلطة وإصدار األوامر وكذا القواعد التي تحكم تصرفات القادة‬
‫والعاملين في مختلف املواقف وكيفية اكتسابها واملحافظة عليها‪.‬‬
‫‪4‬ـ تحقيق العالقات بين الجماعات املناظرة‪ :‬وتتمثل في تكوين اتفاق جماعي سائد‪ ،‬عن طبيعة املناظرة‬
‫وطبيعة العالقات بين الجنسين‪ ،‬ومعايير الصداقة واملودة واملجامالت بين الزمالء‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪5‬ـ تستخدم كأداة للرقابة االجتماعية على األفراد‪ :‬حيث أن الثقافة التنظيمية تكون اتفاق وفهم مشترك‬
‫بين العاملين‪ُ ،‬يمكن األفراد من التمييز بين ما هو جيد وما هو سيئ وبين الخطأ والصواب وبين املرغوب وغير‬
‫املرغوب‪ ،‬فهي بمثابة الدستور املرجعي املحدد للسلوك الجيد للعاملين واملحدد للممنوعات واملحظورات‬
‫ومجاالت الحرية التي ال يجب اختراقها‪ ،‬وذلك من خالل تحديد أساليب الثواب والعقاب السائدة في املنظمة‪.‬‬
‫‪6‬ـ دعم التنسيق بين أجزاء املنظمة‪ :‬فهي تجمع أجزاء املنظمة في كيان واحد منسجم ومترابط يجعلها وحدة‬
‫متماسكة لها اتجاه واضح نحو تحقيق االهداف العليا والرؤية العامة لها‪.‬‬
‫‪7‬ـ تحكم طريقة اتخاذ القرارات‪ :‬من خالل مشاركة العاملين في اتخاذ القرارات وذلك عن طريق تطوير‬
‫وتحريك مواهب وقدرات فرق العمل وتشجيعها على اإلبداع واالبتكار والتنسيق والتعاون بين األشخاص و‬
‫الجماعات‪.‬‬
‫ج ـ الوظائف املتعلقة بالبيئة الخارجية والتكيف معها‪ :‬وتتمثل أهمية الثقافة التنظيمية من خالل‬
‫املساعدة في إدراك بيئة املنظمة من قبل فريق اإلدارة العليا‪ ،‬إذ أن الثقافة التنظيمية تؤثر بشكل مباشر أو‬
‫غير مباشر في معتقدات وافتراضات املخططين االستراتيجيين عند بناء استراتيجياتهم‪ ،‬وبذلك يساعد النسيج‬
‫الثقافي في التعرف على نوع القيم واملعتقدات املشتركة بين أفراد املنظمة وتعاملهم مع البيئة واملنافسين‪.‬‬
‫ويظهر لك من خالل‪:‬‬
‫‪1‬ى تكوين فهم واضح وسائد بين أعضاء املنظمة حول رسالة املنظمة؛‬
‫‪2‬ى تكوين اتفاق جماعي بين أعضاء املنظمة نحو األهداف التي تحققها رسالة املنظمة؛‬
‫‪ 3‬ى تحديد الوسائل التي يمكن استخدامها لتحقيق األهداف املسطرة وكذا املعايير املستخدمة‬
‫لقياسها؛‬
‫‪4‬ى تحديد طرق التفاعل مع الجمهور الخارجي سواء كانوا عمالء‪ ،‬مساهمين‪ ،‬موردين‪ ،‬منافسين‪،‬‬
‫جهات حكومية‪ ،‬منظمات غير حكومية؛‬
‫‪1‬ى تعتبر مصدر للميزة التنافسية للمنظمة خاصة إذا كانت تؤكد على سلوكيات خالقة كالتفاني في‬
‫العمل وخدمة العميل؛‬

‫‪04‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫ً ً‬
‫‪6‬ى تعتبر عامال مهما في جذب العاملين املالئمين خاصة إذا كانت تتبنى قيم اإلبداع واالبتكار والتفوق‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪3‬ى تعتبر عنصرا جذريا يؤثر على قابلية املنظمة للتغيير‪ ،‬وقدرتها على مواكبة مختلف املستجدات‬
‫والتطورات الجارية من حولها؛‬
‫‪1‬ى تقوم بتحديد أسلوب وسرعة استجابة أفراد املنظمة لتحركات املنافسين واحتياجات العمالء بما‬
‫يحقق للمنظمة تواجدها ونموها؛‬
‫‪7‬ى االرتقاء بمستوى فاعلية املنظمة‪ ،‬وذلك من خالل زيادة حصة املبيعات أو تحسين جودة الخدمات‬
‫التي تقدمها عامة‪ ،‬عن املنظمات التي تفتقر لوجود مثل هذه الثقافة‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬محددات الثقافة التنظيمية‬
‫كل منظمة مهما كان حجمها أو عدد أفرادها أو طبيعة املجموعات التي تحتويها‪ ،‬فهي تمتلك ثقافة‬
‫معينة تميزها عن باقي املنظمات األخرى‪ ،‬فهذه الثقافة ال تتشكل مصادفة أو بصورة فجائية وال تتحدد من‬
‫فراغ وإنما تساهم عدة عناصر في تشكيلها‪ ،‬كما تترك هذه املحددات بصماتها املميزة على أنماط تسييرها‬
‫وقواعد العمل وكذا السلوكيات املناسبة لتحقيق أهدافها‪ ،‬لذلك فقد اهتم العلماء والباحثين في مجال‬
‫ً‬
‫الثقافة واملنظمات بدراسة مختلف هذه املحددات ملا لها من تأثير وأهمية في املنظمات‪ ،‬وتم االتفاق عموما‬
‫على أنها تتمثل عادة في ‪ :‬الثقافة الوطنية‪ ،‬الثقافة الجهوية‪ ،‬الثقافة املهنية‪ ،‬واملميزات الفرعية للمدراء‬
‫والقادة كما هو موضح في الشكل التالي ‪:‬‬
‫الشكل ‪ :2‬محددات الثقافة التنظيمية‬

‫الثقافة الوطنية‬
‫الثقافة‬

‫الجهوية‬
‫الثقافة التنظيمية‬

‫املميزات الفردية‬
‫الثقافة املهنية‬

‫‪Source: Oliver Meier, management interculturel, Dunod, Paris, 2004, p: 22.‬‬

‫‪05‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪2‬ـ الثقافة الوطنية‪:‬‬


‫نعني بالثقافة الوطنية ذلك املركب املعقد من العادات و القيم و املعتقدات الدينية و األخالقية وكذا‬
‫األساطير التي تحدد نمط السلوك الفردي والجماعي ألفراد املجموعة الواحدة‪ ،‬والتي يشترك فيها أعضاء دولة‬
‫معينة أي أنها ذلك الرابط االجتماعي الذي يمنح املجموعة هويتها ويحدد طبيعة العالقات والتفاعالت فيما‬
‫بينها‪ ،‬ولهذا نجد أن هذه الثقافة تختلف من دولة أو وطن إلى آخر باختالف العناصر املكونة لها‪ ،‬وتبرز هذه‬
‫الثقافة خاصة فيما تحمله من بصمات مستمدة من ثقافة املجتمع وسماته التي يتوارثها األفراد بما في ذلك‬
‫النظام السياس ي املطبق والنظام االجتماعي (من دين وعادات وتقاليد ولغة‪...‬الخ) والنظام التربوي‪ ،‬الظروف‬
‫االقتصادية للدولة‪ ،‬الهيكل اإلداري للدولة وغيره من األنظمة األخرى‪ .‬حيث تقوم الثقافة الوطنية بتأثير كبير‬
‫على الثقافة التنظيمية للمنظمات املوجودة في ذلك البلد‪ ،‬على اعتبار أن القيم السائدة في املجتمع هي عبارة‬
‫عن روافد تصب في نمط اإلدارة وفي سلوك األفراد فيها‪ ،‬إذ أنها تمنح للمنظمة قيما إلدراك املشترك‪،‬‬
‫ومقاربات لفهم الواقع التنظيمي‪ ،‬وهو ما يجعل املنظمات املختلفة العاملة في نفس البيئة االجتماعية تتشابه‬
‫في بعض الجوانب واألبعاد الثقافية‪.‬‬
‫ويرجع ذلك إلى نقل أفراد هذا الوطن لجزء كبير من الثقافة الوطنية إلى داخل املنظمة التي يعملون‬
‫بها‪.‬‬
‫وهو ما كشفته دراسات (‪ ،)Hofsted‬والتي جاء بها في مؤلفه تأثير الثقافة (‪،)Culture's Consequence‬‬
‫والتي تعتبر األكثر ثر ًاء في مجال العالقة بين تطبيقات اإلدارة والثقافة الوطنية من خالل األبحاث التطبيقية‬
‫التي أجريت على مجموعة من الشركات متعددة الجنسيات واملتواجدة في (‪ 53‬بلد مختلف)‪ ،‬فإنه و بالرغم‬
‫من إرادة اإلدارة في اتخاذ نفس التطبيقات اإلدارية على مستوي مختلف املنظمات‪ ،‬إال أنها لم تحقق النتائج‬
‫املرجوة وذلك الختالف تفسيرات األفراد وفق مدركاتهم‪ ،‬فقد اختلفت النتيجة من بلد ألخر باختالف أبعاد‬
‫الثقافة الوطنية املحددة للثقافة التنظيمية‪ ،‬إذ أن هناك أربع متغيرات قطبية وهي اإلحساس باملشاركة في‬
‫السلطة (البعد التدرجي أو الهرمي)‪ ،‬الرغبة في السيطرة والتحكم (مراقبة عدم التأكد)‪ ،‬ودرجة الفردية‪،‬‬
‫وتقاسم األدوار االجتماعية بين الرجال والنساء (درجة الذكورية)‪ ،‬والتي نلخصها فيما يلي ‪:‬‬
‫ـ البعد الهرمي‪ :‬يعبر عن املدى الذي من خالله يقبل أفراد املجتمع التوزيع في مستويات نفوذ القوة‪،‬‬
‫فهذا الفاصل الرتبوي قد ينعكس في مدي تسليم وتقبل العامل للسلطة املمارسة من قبل املسؤول‪،‬‬
‫إذ أن هذا البعد يعكس فكرة تقبل فجوة القوة والنفوذ أو الطريقة التي يتعامل معها أفراد املنظمة‬
‫مع الفرو قات املوجودة بينهم‪ .‬فقد نجد في بعض املجتمعات أن هناك تقبل رسمي أو غير رسمي‬

‫‪06‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫لظاهرة السيطرة والذي ينعكس على أسلوب عمل املنظمة فكلما كانت هذه املتغيرة موجودة بقوة في‬
‫املنظمات كانت اإلدارة أكثر مركزية‪.‬‬
‫ـ عدم التأكد‪ :‬يعكس هذا املتغير درجة االضطراب في املجتمعات‪ ،‬إذ نجد من الدول ما يفضل عملية‬
‫التخطيط للمستقبل حتى و إن كان مجرد توقع سيناريو يسمح برسم التطورات املمكنة مما من شأنه‬
‫تخفيض االضطراب‪ ،‬أما دول أخرى فتفضل حالة عدم التأكد الذي يظهر كتحدي يجعله يبرهن‬
‫القدرة على التكيف‪.‬‬
‫ـ درجة الفردية‪ :‬بينت دراسات (‪ ،)Hofsted‬أن مستوى الفردية في كل الحاالت يرتبط مباشرة بمستوى‬
‫التطور االقتصادي فالدول الصناعية تمثل مؤشر قوي للفردية باستثناء اليابان حيث أن الروح‬
‫الجماعية تفضل معنى العمل الجماعي‪ ،‬ما يفسر نمو و نجاح حلقات الجودة في اليابان و أهمية‬
‫العالقات غير الرسمية في منظمات أمريكا الالتينية و اإلفريقية التي تقلص املسافة الهرمية بين الرئيس‬
‫و املرؤوس‪.‬‬
‫ـ درجة الذكورة مقابل األنوثة‪ :‬تبين هذه الثنائية درجة تقبل املشاركة املتكافئة في الوظائف‬
‫االجتماعية بين الرجال والنساء في املنظمة‪ ،‬إذ أن هذه الثنائية ال تقوم على أساس تقسيم العمل‬
‫حسب الجنس فقط‪ ،‬بل تسمح بقياس األهمية التي يعطيها كل فرد إلى مصالحه الشخصية مقارنة‬
‫باملصالح الجماعية ألعضاء املنظمة‪ ،‬ففي الثقافات التي تتسم بدرجة من األنوثة نجد أن العمال‬
‫يهتمون كثيرا بظروف العمل‪ ،‬وروح التعاون‪ ،‬وجو املرح بين الزمالء‪ ،‬وإلى إقامة عالقات اجتماعية‬
‫متسامحة مع التركيز واالهتمام بجودة الحياة االجتماعية‪ ،‬كما يهتمون كذلك بالتكوين‪ ،‬أما في النوع‬
‫الثاني نجد أن األجر والنجاح الفردي وامليل إلى استخدام القوة في الحيازة أكثر قيمة في هذه‬
‫املجتمعات‪.‬‬
‫‪0‬ـ الثقافة الجهوية ‪:‬‬
‫رغم وجود ثقافة وطنية واحدة داخل كل دولة فهذا ال يعني عدم وجود ثقافات فرعية مرتبطة بكل‬
‫إقليم جغرافي وبيئة اجتماعية داخل هذه الدولة وهو ما يطلق عليه بالثقافات الجهوية‪ ،‬وبهذا نجد أنه داخل‬
‫كل دولة معينة هناك جماعات وأقاليم لها ثقافاتها الخاصة بها‪ ،‬وأنماطها السلوكية وفهمها الخاص بها والذي‬
‫يشترك فيه أعضاء هذه الجماعة مما يؤثر على تكوين الثقافة التنظيمية داخل املنظمة‪ .‬فهناك دراسات‬
‫وبحوث في فرنسا بينت أن االختالف الجهوي له أثره على ثقافة املنظمة وعلى نمطها اإلداري‪.‬‬
‫فمن هذين املستويين اللذين يشكالن املحيط الثقافي الخارجي ألي منظمة ويتركان بذلك أثرهما على‬
‫النسق الثقافي‪ ،‬نستنتج أن للمنظمة في نفس الوقت هوية واستقاللية نسبية عن محيطها تتفاوت حسب‬

‫‪07‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫درجة قوة هذه املتغيرات الثقافية الخارجية من جهة وحسب درجة تشكل وقوة هذا النسق الثقافي في حد‬
‫ذاته‪.‬‬
‫‪ 3‬الثقافة املهنية‪:‬‬
‫إن الثقافة ليست نتاج خصائص وطنية أو جغرافية وإقليمية فقط‪ ،‬وإنما تتمثل في تلك الخصائص‬
‫الثقافية التي يكتسبها الفرد من جراء املنصب أو الوظيفة التي يؤديها داخل املنظمة‪ ،‬فموقع الفرد في السلم‬
‫الوظيفي ودرجة النفوذ والسلطة التي يمتلكها‪ ،‬يمكن أن تكون مصادر قوية لنشوء أنماط ثقافية خاصة تميز‬
‫ً‬
‫بين األفراد من مستوى وظيفي إلى أخر داخل املنظمة‪ ،‬فهي أيضا انعكاس ملاض منهي مشترك‪ ،‬حيث يكتسبها‬
‫ً‬
‫األفراد أيضا داخل ذلك املجتمع املنهي على أساس أنهم يواجهون متغيرات متباينة‪ ،‬ويتعرضون ألنواع مختلفة‬
‫من الضغوطات مما يدفعهم إلى تشكيل مجموعة من القيم والعادات واملعتقدات التي تحكم وترشد‬
‫سلوكاتهم أو التي يعتقدون أنها تحمي تواجدهم في املنظمة‪ ،‬بهذا ما يؤدي إلى تكوين ثقافات فرعية في‬
‫املستويات اإلدارية والتنظيمية املختلفة داخل إدارات وأقسام املنظمة نفسه‪ .‬وبهذا تكون هذه الثقافة املهنية‬
‫كثقافة خاصة تكتسب داخل العمل‪ ،‬وهو ما أكده املفكر (‪ ،)Saulieu Sain‬في مؤلفه "الهوية في العمل"‬
‫بقوله أن ً‬
‫جزءا ً‬
‫كبيرا من ثقافة وهوية الفرد تتشكل خالل عمله‪ .‬حيث تؤثر هذه الثقافة املهنية بشكل مباشر‬
‫على الثقافة التنظيمية للمنظمة‪ ،‬خاصة في حالة انتقال العمال من قسم إلى قسم داخل املنظمة أو من‬
‫منظمة إلى أخرى‪.‬‬
‫‪4‬ـ املميزات الفردية للمدراء والقادة‪:‬‬
‫ً‬
‫يمكن للثقافة التنظيمية أن تتأثر أيضا بشخصية مدراء املنظمة املتعاقبين عليها‪ ،‬إذ يحاول كل مدير‬
‫أو قائد إعطاء بعض املعايير و الرموز لباقي األعضاء من أجل الرجوع إليها واالقتداء بها بهدف حل بعض‬
‫كبيرا عند الحديث عن مؤسس املنظمة الذي يحمل‬ ‫املشاكل التي تعترض هذه املنظمة‪ ،‬ويكون هذا التأثير ً‬
‫ً‬
‫العديد من القيم والعادات ويحاول تجسيدها‪ ،‬فهو يؤدي دورا هاما في إرساء قيم وأعراف املنظمة من خالل‬
‫تجسيد فكرة مشروع املؤسسة‪ ،‬فهذا املؤسس يقوم منذ البداية بنقل أفكاره وقيمه ومعتقداته وسلوكياته إلى‬
‫املؤسسة التي قام بإنشائها وإلى األفراد الذين التحقوا بها‪ ،‬فهو من يقوم من البداية باختيار األفراد الذين‬
‫يعملون معه واملتفقون معه عادة في وجهات النظر بخصوص ما هو مهم ومقبول أو مرفوض‪ ،‬والتي تنتقل‬
‫ً‬
‫اتفاقا ً‬
‫عاما‬ ‫بمرور الوقت إلى املرؤوسين في املستويات األدنى حتى تشمل وتعم املنظمة ككل‪ ،‬ولذا فإن هناك‬
‫على أن الثقافة التنظيمية تتأثر بدرجة كبيرة بثقافة النخبة أو ثقافة اإلدارة العليا في املنظمة‪.‬‬

‫‪08‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫غير أن هناك ً‬
‫عددا من املؤلفين يرى بأن املحيط الثقافي الداخلي الذي يتشكل من الثقافات التحتية‬
‫ً‬
‫مصدرا للتشتت والنزاع والخالف وعدم الشعور باالنتماء كما أشار إلى ذلك (‪،)Gaston Jauffry‬‬ ‫يمكن أن يكون‬
‫في مقال يعبر فيه عن رأيه عن الكفاءة والهوية وأثر ذلك على االندماج الداخلي في املنظمة‪.‬‬
‫ومما تقدم نستطيع القول أن ثقافة التنظيمية هي ثقافة تتميز باالستقالل النسبي عن الثقافة‬
‫الوطنية واملحلية وحتى املهنية وأنها منتجة في نفس الوقت لثقافات تحتية تتميز باالستقالل النسبي عنها لكن‬
‫في تفاعل دائم ومستمر معها‪ .‬وعلى الرغم من ذلك فإن الثقافة التنظيمية تتميز بقوتها وهويتها بل في بعض‬
‫األحيان تأثيرها على الثقافات األخرى الوطنية واملحلية يكون كبيرا جدا و هذا ما تبينه الدراسة املعمقة التي قام‬
‫بها كل من الباحثين‬
‫(‪ ،)Sirota and Greenwood‬من جامعة "‪"Harvard Business School‬حول ثقافة الشركات متعددة‬
‫الجنسيات في عالقتها بالثقافات املحلية والوطنية شملت هذه الدراسة عينة من العمال لهم انتماءات قومية‬
‫مختلفة ويعملون في شركة "‪ "I.B.M‬األمريكية فوجد هذان الباحثان أن سلوكيات هؤالء العمال وردود‬
‫أفعالهم مرتبطة بانتماءاتهم املهنية والوظيفية لشركة "‪ "I.B.M‬أكثر من ارتباطهم بثقافتهم الوطنية أو‬
‫القومية‪ ،‬هذا ما بين أن ثقافة املنظمة إذا كانت قوية تستطيع أن تتجاوز كل االنتماءات الثقافية األخرى‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬مكونات الثقافة التنظيمية‬
‫بعدما عالجنا في املبحث السابق مفهوم وأهمية الثقافة التنظيمية وأهم العوامل التي تساهم في بناء‬
‫وتشكيل الثقافة التنظيمية‪ ،‬لذا نحاول في هذا املبحث التعرف على مكونات الثقافة التنظيمية وذلك من‬
‫خالل استعراض أهم مكوناتها‪ ،‬فقد احتلت الرمزية الثقافية أهمية كبيرة في دراسة ثقافة املنظمات منذ‬
‫العقد الثامن من القرن العشرين‪ ،‬وقد تباين تركيز الباحثين على مكونات الثقافة التنظيمية حيث حدد‬
‫(‪ ،)E.H.Schein‬ثالث مكونات للثقافة التنظيمية وهي‪:‬‬
‫‪ ‬املكتسبات‪.‬‬
‫‪ ‬االفتراضات‪.‬‬
‫‪ ‬القيم‪.‬‬
‫بينما يرى )‪ ،(OTT‬بأن الثقافة التنظيمية تتكون من خمسة عناصر وهي‪:‬‬
‫‪ ‬أنواع السلوك‪.‬‬
‫‪ ‬القيم واملعتقدات‪.‬‬
‫‪ ‬االفتراضات‪.‬‬
‫‪ ‬الثقافة الفرعية واملناخ التنظيمي‪.‬‬

‫‪09‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪ ‬اللغة املستخدمة في املنظمة‪.‬‬


‫أما (‪ ،)Terrence And Kennedy‬فقد حددا مكونات الثقافة التنظيمية في خمسة عناصر وهي‪:‬‬
‫‪ ‬القيم‪.‬‬
‫‪ ‬بيئة العمل‪.‬‬
‫‪ ‬رموز املنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬السلوك اليومي للمنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬عمل الثقافة‪.‬‬
‫وحدد كل من (‪ ،)Allaire And Firesirotu‬ثالث مكونات للثقافة التنظيمية وهي‪:‬‬
‫‪ ‬البنية‪.‬‬
‫‪ ‬النظام الثقافي‪.‬‬
‫‪ ‬األفراد‪.‬‬
‫أما محمود علي الزقالي فقد قسم مكونات الثقافة التنظيمية إلى ثالث مكونات وهي‪:‬‬
‫‪ ‬املكون املعنوي‪.‬‬
‫‪ ‬املكون املادي‪.‬‬
‫‪ ‬املكون السلوكي‪.‬‬
‫ويتضح من هذه املكونات أنه يمكننا تقسيم الثقافة التنظيمية إلى مكونات غير مادية وأخرى مادية‬
‫تتمثل في الظواهر املادية والسلوكية للثقافة التنظيمية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬املكونات غير املادية للثقافة التنظيمية‬
‫نعني بالعناصر غير املادية تلك العناصر التي ال نستطيع إدراكها بحواسنا‪ ،‬حيث أنها تمثل‬
‫الجزء األكبر من عناصر الثقافة على عكس العناصر املادية األخرى للثقافة‪ ،‬إذ تظهر الثقافة‬
‫التنظيمية وكأنها جبل جليدي )‪ ،(Iceberg‬ال يظهر منه إال الجزء القليل بينما الجزء األكبر منه ال‬
‫يظهر للعيان‪ ،‬والشكل التالي يوضح لنا ذلك‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫الشكل ‪ :0‬املكونات الالمادية للثقافة التنظيمية‬

‫العناصر املادية للثقافة‬


‫الهياكل التنظيمية‪،‬‬

‫العادات والطقوس‪...‬‬

‫العناصر غير املادية للثقافة‬ ‫القيم واملعتقدات‬

‫التنظيمية‬ ‫واملبادئ‪...‬الخ‬

‫‪Source: Steven L-Mc shane, Mary Ann Von Glinow, Organizational Behavior, Mc Graw-Hill‬‬

‫‪companies, USA, 2000 P:456.‬‬

‫‪2‬ـ القيم‪:‬‬
‫كما هو شأن الثقافة التنظيمية فإن القيم موضوع يكتسب أهمية كبيرة يتفق عليها الجميع سواء‬
‫نظروا إليها على أنها أحكام ومعايير لدى األفراد والجماعات أو وسائل وأهداف واهتمامات أو مهام والتزامات‪.‬‬
‫إذ أنها تعد بمثابة القاعدة التي تساعد في فهم االتجاهات والدوافع وتفسير املواقف‪ ،‬وهي التي تؤثر في عملياتنا‬
‫اإلدراكية وعلى إحساسنا وعالقاتنا وقراراتنا الشخصية والوظيفية‪.‬‬
‫وتمثل القيم الركيزة الرئيسية في أي ثقافة تنظيمية‪ ،‬فهي جوهر أي منظمة تسعى إلى تحقيق أهدافها‬
‫بكفاءة وفعالية وهي تعكس شعور العاملين واتجاهاتهم العامة نحو املنظمة‪ ،‬كما تحدد الخطوط العريضة‬
‫ألنشطتهم اليومية‪ ،‬لذا يتوقف نجاح املنظمات على مدى إدراك العاملين لتلك القيم التنظيمية والعمل‬
‫بموجبها‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫ً ً‬
‫كما تعد القيم ركنا مهما لدورها الفعال في ضبط وتوجيه السلوك نحو اإلطار اإليجابي فهي معيار يميز‬
‫بين السلوك املقبول (الصح)‪ ،‬وغير املقبول (الخطأ)‪ ،‬مما يتيح املجال لتعزيز السلوك اإليجابي ومقاومة‬
‫السلوك السلبي‪ .‬فالقيم جمع قيمة‪ ،‬و(قيمة ( اسم هيئة من قيم الش يء بكذا‪ ،‬بمعنى كان ثمنه املقابل له كذا‪ ،‬ثم‬
‫استعمل بمعنى القدر واملنزلة‪ ،‬ومن هنا نشأ املعنى الفلسفي لهذه الكلمة‪ ،‬فهو (انتقال من داللة معروفة في علم‬
‫الحساب وعلم االقتصاد السياس ي إلى داللة معنوية تعبر عما في األشياء من خير أو جمال أو صواب)‪.‬‬
‫كما تعبر القيم عن مجموعة األحكام والقناعات واالتفاقات املشتركة واملعايير والتصورات واالتجاهات‬
‫املركزية التي يصدرها األفراد بالتفصيل حول تفضيل وتقييم املوضوعات واألشياء املنبثقة عن واقع تنظيمي‬
‫ُ‬
‫قار داخل منظمة ما‪ ،‬وتمكن األفراد من التمييز بين ما هو جيد وما هو سيئ وبين الخطأ والصواب وبين‬
‫املرغوب وغير املرغوب وبين ما يجب أن يكون وما هو كائن بين النجاح وبين الفشل‪ ،‬بين الفاعلية والالفعالية‬
‫وتكون بمثابة املوجه للحكم والتقييم عن األشياء واألعمال واملمارسات والتأثير فيها‪.‬‬
‫ً‬
‫كما أنها اعتقاد ثابت نسبيا يتجسد بأنماط محددة من السلوك‪ ،‬أو أهداف غائية تكون مفضلة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫شخصيا أو اجتماعيا على نقيضاتها من السلوك أو األهداف األخرى‪،‬كما ينظر إليها أنها تمثل ذلك املحك أو‬
‫الدستور املرجعي املحدد لسلوك العاملين واملحدد للممنوعات واملحظورات ومجاالت الحرية التي ال يجب‬
‫اختراقها‪ .‬وبهذا فإن القيم تشمل كل املوضوعات والظروف واملبادئ التي أصبحت ذات معنى خالل تجربة‬
‫اإلنسان الطويلة‪ ،‬كالشجاعة والقوة واالحتمال‪ ،‬واإليثار واملهارة الفنية‪ ،‬واألمانة والحرية والعدالة‪ ،‬وهي ال‬
‫تمثل صفات وحسب؛ بل هي أنماط السلوك التي تعبر عن هذه القيم كما تعتبر موجهات لهذا السلوك في‬
‫املجتمع‪ ،‬لذلك تسهم قيم الذين يتمتعون باألدوار القوية في املنظمة في تشكيل شخصية املنظمة‪ ،‬وكذلك‬
‫فإن كل األشخاص اللذين يؤدون أدوار قوية في املنظمة يشتركون في نفس القيم األساسية‪ ،‬وتكون لها من‬
‫القوة والتأثير على املنظمة بما لها من صفة الضرورة وااللتزام والعمومية وأن أي خروج أو انحراف عنها يصبح‬
‫بمثابة الخروج عن أهداف املنظمة‪ ،‬ومن هذه القيم املساواة بين العاملين واالهتمام بإدارة الوقت وبناء‬
‫العالقات واحترام اآلخرين‪.....‬الخ‪.‬‬
‫وبالتالي تمثل القيم ذلك االعتقاد الراسخ بأن التصرف بطريقة معينة هو أفضل من التصرف‬
‫بطريقة أخرى متاحة وأن اتخاذ قرار معين يكون أفضل من اتخاذ قرار آخر لذلك فإن مؤلفي كتاب البحث‬
‫عن التميز‬
‫أو التفوق (‪ ،)Peters and Waterman‬يؤكدان أن مصدر النجاح الدائم ألي منظمة يكمن في قدرتها‬
‫ً‬
‫تعبويا لكل املجهودات وعلى كافة املستويات‪ ،‬كما أنه ال‬ ‫ً‬
‫مصدرا‬ ‫على إنتاج قيمة محورية ورئيسية لتشكل‬
‫توجد قيم مماثلة لكل املنظمات‪ ،‬ألن لكل منظمة تاريخها وذاكرتها الخاصة ‪.‬ومن ثمة يجب أخذ الحيطة‬

‫‪22‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫بخصوص اختيار قيم تبدو من الوهلة األولى صالحة لكل املنظمات‪ ،‬ولكنها في األخير تكون بدون معنى ألنها أكثر‬
‫عمومية كما أنها تظهر لألفراد على أنها غير مالئمة لخصوصيات منظماتهم ولنشاطها األساس ي‪ ،‬وهذه القيم في‬
‫الحقيقة صنفان منها ما هو معبر عنه في الخطاب الرسمي ملسؤولي املنظمة وفي املواثيق والتقارير واإلعالنات‬
‫والحمالت االشهارية‪...‬الخ‪.‬‬
‫ومنها ما هو غير معبر عنه بل يتجلى بشكل أو بآخر في السياسات‪ ،‬االستراتيجيات التكنولوجيات‪،‬‬
‫االرتباط بالهياكل التنظيمية‪ ،‬الهندسة املعمارية للمنشآت‪ ،‬أنظمة الرقابة‪ ،‬التعامل مع الزبائن‪ ،‬العالقة مع‬
‫البيئة‪ ،‬العالقات الرسمية والسلوكيات الفردية والجماعية وكل هذه الجوانب تعكس بشكل أو بآخر القيم‬
‫املرجعية للمنظمة‪.‬‬
‫فحتى األهداف والغايات التي تسعى املنظمة لتحقيقها نابعة من قيم تريد أن تجعل منها أنماطا‬
‫لسلوك أعضائها وواجهة تستقطب بها زبائنها‪ ،‬فقيم الجودة في املنتج والخدمة والوفاء للعمال األوفياء‬
‫واملتفانين في خدمة املنظمة تشكل كلها أهدافا وغايات تعمل املنظمة يوميا على تكريسها ميدانيا من خالل‬
‫أنظمتها اإلدارية والتسويقية‪.‬‬
‫لذلك كان يقول (‪ ،)M.Thevent‬كيف لي أن أتصور قرارا أو سلوكا أو تحركا ال يتخذ سلما من القيم‬
‫كمرجع له؟ لذلك فإن قوة تأثير الثقافة على أصحابها ينبع من مدى اقتناعهم ببداهتها نفس الش يء بالنسبة‬
‫ً‬
‫معيارا للسلوك أو لالختيار إال إذا كانت بديهية لديهم والقيم عندما تصل إلى درجة‬ ‫للقيم ال يمكن أن تكون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫معيارا منمطا للسلوكيات و القرارات كما يبين ذلك جليا (‪ ،)E.H.Schein‬فيما أطلق عليه آلية‬ ‫البداهة تصبح‬
‫النجاح (‪ ،) Mécanisme Du Success‬كما هو مبين في الشكل املوالي‪:‬‬
‫الشكل ‪ :3‬كيفية تحول الحلول الناجحة إلى قيم بديهية‬

‫الحل‬ ‫الحل‬ ‫الحل‬ ‫املشكلة‬

‫المشكلة‬

‫البحث عن الحلول‬

‫‪Source: Pierre Morin, Eric Delavallée, Le manager à l’écoute du sociologue, ed Organisation. Paris 2111, P 16‬‬

‫‪23‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫فاختيار مجموعة من الحلول يؤدي في النهاية إلى إيجاد الحل األمثل من وجهة نظرهم وحسب ظروفهم و‬
‫عقلنتهم وبذلك يصبح هذا الحل األمثل هو اإلجابة الدائمة لكل اإلشكاالت التي تحمل نفس خصائص املشكلة‬
‫األولى ويصبح هذا الحل بمثابة قيم بديهية‪.‬‬
‫وعلى الرغم من تفاوت طبيعة النظام القيمي وقوته اإللزامية باختالف خصائص الجماعات‪ ،‬إال أن‬
‫هناك اتفاق على ضرورة توافر عدة شروط في القيم لتشكل جوهر الثقافة التنظيمية‪ ،‬إذ يمكن إيجازها في‬
‫مايلي ‪:‬‬
‫‪ ‬أن تكون مقنعة ومختارة من عدة بدائل حتى يتم تبنيها وااللتزام بها من قيل العاملين على كافة‬
‫املستويات‪.‬‬
‫‪ ‬أن تكون متناسقة فكريا وسلوكيا مع قيم األفراد العاملين باملنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬أن تكون محددة العدد وواضحة الهدف‪ ،‬حتى يمكن إدراكها وتحديد ما تتضمنه من سلوك‪.‬‬
‫‪ ‬أن تكون عملية وثابتة في كل األحوال واملواقف حتى يسهل ترجمتها إلى واقع‪.‬‬
‫‪ ‬أن تعزز األداء الذي يحقق أهداف املنظمة وأهداف العاملين‪.‬‬
‫‪ ‬أن تكون مدونة حتى تصبح واضحة بالقدر الكافي وملزمة للعاملين باملنظمة‪.‬‬
‫كما تتعدد أنواع القيم التنظيمية ويخضع هذا التعدد إلى االختالف في اتجاهات وتخصصات‬
‫ً‬
‫املصنفين لها؛ وإجماال يمكن أن تقسم القيم التنظيمية إلى نوعين أساسين هما‪ :‬قيم وظيفية ( ‪Functional‬‬
‫‪ ،)Values‬تركز على سالمة إنجاز األعمال األساسية في املنظمة‪ ،‬كما توجه األفراد داخل املنظمة نحو األمور‬
‫العادية التي ينبغي توجيه عنايتهم لها مثل‪ :‬خدمة العمالء‪ ،‬الجودة‪ ،‬تحمل املخاطر‪ ،‬السرعة‪....‬الخ‪ .‬ونوع أخر‬
‫من القيم وهي قيم التميز(‪ ،)Elitist Values‬والتي تركز بشكل أكبر على تفوق املنظمة على منافسيها؛ لذا تسعى‬
‫إلى التأكيد على ريادة املنظمة في السوق‪ ،‬وقصص نجاح املنظمة عن منافسيها‪ ،‬وكذا الرموز التي ساهمت في‬
‫تحقيق هذا النجاح‪.‬‬
‫‪0‬ـ املعتقدات التنظيمية‪:‬‬
‫هي عبارة عن أفكار مشتركة راسخة في أذهان العاملين حول طبيعة العمل والحياة االجتماعية في بيئة‬
‫العمل وكيفية إنجاز العمل وغيرها من املهام التنظيمية‪ ،‬وفق عالقة جماعية تفاعلية‪ .‬كما تشير إلى األفكار‬
‫يحملها فرد معين اتجاه ش يء ما وتعبر عن مدى فهمنا للحقيقة وقد تبنى على أساس املعرفة‬ ‫التصورية التي ٌ‬
‫واآلراء والعقيدة كما أنها قد تكون مصحوبة أو غير مصحوبة بشحنات عاطفية‪ ،‬لذا فإننا نجد أن هناك من‬
‫املعتقدات ما هو سلبي ومنها ما هو إيجابي وهنا تكمن مسؤولية اإلدارة في تعزيز وتقوية تلك املعتقدات‬
‫اإليجابية لألفراد مثل الحب والصداقة واالحترام والتقدير والوالء‪ ،‬و املشاركة في عملية صنع القرار‪ ،‬واملشاركة‬

‫‪24‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫في العمل الجماعي وأثره في تحقيق أهداف املنظمة‪ ،‬والسعي من أجل إزالة تلك املعتقدات السلبية مثل‬
‫الكراهية واألنانية وغيرها من الصفات الذميمة‪ .‬حيث نجد أنه إذا أحب الفرد وظيفته وكانت فكرته عنها‬
‫إيجابية ويكون لديه توجه مساند لوظيفته األمر الذي يجعله يرى الجوانب الحسنة فيها ويتغاض ى عن‬
‫صعوباتها ويدافع عن ها إذا انتقدها أحد األفراد‪ ،‬ومن ثم فهو يقبل على أدائها بشغف ويحرص على القيام‬
‫بأعبائها وربما أبدع فيها والعكس صحيح‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه ينبغي أن يكون هناك تنسيق وانسجام بين القيم واملعتقدات التنظيمية من‬
‫جهة‪ ،‬وبين املعتقدات الشخصية الخاصة بكل فرد من جهة أخرى هذا ألن وجود أي تعارض يؤدي على ابتعاد‬
‫األفراد بسيكولوجيا عن التنظيم‪ ،‬مما يتسبب في نشوء تصدع بين األفراد واملنظمة‪ ،‬وعندما يفشل األفراد في‬
‫مشاركة املنظمة في املعتقدات وطرق العمل تكون النتيجة ظهور أعراض العزلة ثم االنسحاب املبكر من‬
‫املنظمة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ التوقعات التنظيمية‪:‬‬
‫تتمثل التوقعات التنظيمية بالتعاقد السيكولوجي غير املكتوب والذي يعني مجموعة من التوقعات التي‬
‫يحددها أو يتوقعها الفرد أو املنظمة كل منهما من اآلخر خالل فترة عمل الفرد في املنظمة‪ ،‬إذ تمثل التوقعات ما‬
‫يضنه األفراد حقيقي‪ ،‬ومن ثم يؤثر على طريقة تلقيهم لألحداث واإلحساس بها‪ ،‬مثال ذلك توقعات الرؤساء‬
‫من املرؤوسين‪ ،‬واملرؤوسين من الرؤساء‪ ،‬والزمالء من الزمالء اآلخرين واملتمثلة بالتقدير واالحترام املتبادل‪،‬‬
‫وتوفير بيئة تنظيمية ومناخ تنظيمي يساعد ويدعم احتياجات الفرد العامل النفسية واالقتصادية‪.‬‬
‫‪4‬ـ األعراف التنظيمية‪:‬‬
‫يقصد باألعرف عموما (‪ ،)USAGES‬فالعرف عبارة عن طائفة من األفكار واآلراء واملعتقدات التي تنشأ‬
‫في جو الجماعة وتمثل مقدساتها ومحرماتها‪ ،‬وتنعكس فيما يزاوله األفراد من أعمال وما يلجؤون إليه في كثير‬
‫من مظاهر سلوكهم الجماعي‪ ،‬أما في املنظمة فاألعراف التنظيمية عبارة عن مجموعة من املعايير التي يلتزم بها‬
‫نظمة لسير األفراد وإنجازاتهم ومهامهم‬‫العاملون في املنظمة على اعتبار أنها معايير مفيدة للمنظمة‪ ،‬وقواعد ُم ِ‬
‫داخل املنظمة‪ ،‬ويفترض أن تكون هذه األعراف غير مكتوبة وواجبة اإلتباع‪ ،‬كما أن الخروج عنها يعرض‬
‫صاحبها للعقاب‪ ،‬وتلعب هذه األعراف دورا مهما في الرقابة الداخلية وتحقيق الشفافية في األنشطة الجارية‪،‬‬
‫ومن الطبيعي أن تسود بعض األعراف االجتماعية والتنظيمية بين موظفي املنظمة لتمثل معايير يحتكم لها‬
‫العاملون في سلوكهم و ً‬
‫جزءا من ثقافة تصبغ تصرفاتهم‪ ،‬وتصبح أشبه باألنظمة الحاكمة غير املكتوبة داخل‬
‫املنظمة لكنها تحترم من قبل جميع العاملين‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪5‬ـ االتجاهات‪:‬‬
‫ت عرف االتجاهات على أنها‪ :‬ذلك النظام أو النسق املعرفي غير املحايد؛ الذي يتأثر بالجوانب االنفعالية‬
‫واألحكام الشخصية‪ ،‬ويؤدي باإلنسان إلى تكوين وبناء ارتباطات وأحكام موجبة أو سالبة بموضوع معين‪ ،‬فهي‬
‫تعبر عن امليل والنزوع عند الفرد لالستجابة والتفاعل بطريقة معينة تجاه املنبهات الخارجية من أشياء‬
‫وأحداث يتفاعل معها‪ ،‬واالتجاهات إما أن تكون مؤيدة للدوافع أو معارضة لها‪ ،‬فهي تمثل حاالت مفترضة من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫االستعداد لالستجابة بطريقة تقييمية تؤيد أو تعارض موقفا معينا‪ ،‬وتؤدي دورا كبيرا في تحديد سلوكيات‬
‫اإلنسان ومشاعره إزاء األشياء التي يمارسها‪.‬‬
‫كما تعرف االتجاهات على أنها أساليب معينة للتفكير واملشاعر واألفعال؛ فهي أنظمة مستقرة‬
‫لتقييمات إيجابية أو سلبية ومشاعر عاطفية ونزوعات سلوكية‪.‬‬
‫ودراسة االتجاهات داخل املنظمة يعتبر من األمور الجوهرية في دراسة وتطوير الثقافة التنظيمية‬
‫لألفراد العاملين فيها‪ ،‬ذلك أن التعرف على االتجاهات يسمح بتعزيز االتجاهات اإليجابية واملنسجمة مع‬
‫تحقيق األهداف الرئيسية للمنظمة‪ ،‬ومحاولة إضعاف االتجاهات السلبية التي تعيق تحقيق هذه األهداف‪،‬‬
‫أو على األقل تعديلها أو تغييرها بما يجعلها تتفق مع مصالح املنظمة‪.‬‬
‫‪6‬ـ اإليديولوجيا‪:‬‬
‫األيديولوجيا هي ذلك النسق من األفعال والتصرفات واألحكام املنظمة التي تستعمل لوصف وشرح‬
‫وترجمة وتبرير الوضعية لجماعة أو مجموعة معينة واملستوحاة بصورة كبيرة من القيم‪ .‬كما أنها نظام من‬
‫املعتقدات بشأن البيئة االجتماعية املحيطة‪ ،‬وتتضمن دالالت عن مدى صحة بعض التصرفات االجتماعية‪،‬‬
‫وأنماط التصرف التي يجب القيام بها في ضوء تلك الدالالت‪ .‬وتكون األيديولوجيا حاضرة متى ما كان هناك‬
‫أفراد فاعلون وفعل وتصرف جماعي بمعنى نزاع وصراع محتمل حول الغايات وحول وسائل ذلك الفعل‪.‬‬
‫وهناك أيضا ما يعرف بالخطاب األيديولوجي الذي هو عبارة عن نص قصير والذي له محتوى (يتكلم‬
‫عن أشياء أساسية)‪ ،‬وله مؤلف الذي هو املدير‪ ،‬ويعمل وفقا لقواعد بسيطة‪ :‬التأكيد )‪ ،( L’affirmation‬املنع‬
‫)‪ (L’exclusion‬التعميم أو التمثيل املبسط )‪ ،(Schématisation‬والحجب أو الستر )‪ ، (L’occultation‬إن‬
‫الخطاب اإليديولوجي يقدم لنا طريقة لرؤية العالم أو ببساطة‪ ،‬رؤية لحياة املنظمة‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫ثانيا‪ :‬املكونات املادية لثقافة التنظيمية‬


‫ال يمكن التعرف على العناصر غير املادية (املعنوية)‪ ،‬للثقافة التنظيمية‪ ،‬إال من خالل تلك العناصر‬
‫املادية للثقافة التنظيمية‪ ،‬والتي تتمثل في كل ما يمكن رؤيته أو إدراكه بحواسنا‪ ،‬من رموز عادات‪ ،‬سلوكيات‬
‫وغيرها من األشياء األخرى‪ ،‬وتتمثل هذه املكونات عادة في كل من الظواهر املادية للثقافة‪ ،‬والظواهر‬
‫السلوكية‪.‬‬
‫وفيما يلي سنحاول التطرق إلى مختلف هذه الظواهر واملؤشرات‪:‬‬
‫‪2‬ـ الظواهر املادية للثقافة التنظيمية‪:‬‬
‫أ ‪ -‬املؤشرات املادية‪ :‬تعتبر الظواهر واملؤشرات املادية (‪ ،)Les Manifestations‬بمثابة ما يطفو فوق السطح‬
‫من الحمم البركانية الدالة على ما يحتويه باطن األرض من املكونات واملركبات‪،‬تماما كما يعتقد الباحثون في‬
‫مجال السلوك وإدارة املنظمات بأن الظواهر واملؤشرات املادية داخل املنظمة تعكس القيم واملعتقدات‬
‫ُ‬
‫واألعراف التنظيمية املعمول بها‪ .‬كما أنها عبارة عن مجموعة من اإلشارات املادية امللموسة والتي تعنى في‬
‫األساس بتهيئة البناء الفيزيائي وترتيب واستغالل الفضاء املكاني وكيفية وطبيعة التعامل مع الطاقة وبنية‬
‫املادة وكذا نوع العالقة وطبيعة الحوار مع البيئة‪ ،‬فهذه اإلشارات تحيط باألفراد ماديا وتقدم لهم مثيرات‬
‫حسية فورية أثناء القيام بأنشطة ثقافية تعبيرية‪ .‬كما أنها تعطي دالالت كبيرة للثقافة السائدة وتعكس‬
‫سلوكات وتصرفات األفراد‪ ،‬كما تحمل في طياتها معان ترتبط بقيم املنظمة أما معانيها الرمزية فهي بمثابة‬
‫إشارات تمييز ثقافية‪.‬‬
‫وتتضمن هذه اإلشارات كيفية اختيار املوقع الجغرافي وطبيعة الهندسة املعمارية املميزة واملتميزة‬
‫للمباني واملنشأة والوحدات واملخازن وكيفية توزيعها وتموقعها داخل الفضاء املكاني للمنظمة وكذا أساليب‬
‫التهيئة (‪ ،)Les Modes D'amenagement‬من نوع الطالء وطبيعة بنية املادة املستخدمة في البناء وكذا وجود‬
‫للحدائق والنافورات واملساحات الخضراء وكيفية تموقع الطرق واملرافق واملالعب والساحات واملستودعات‬
‫والالفتات وحظائر توقف السيارات كلها تعتبر إشارات مادية تعكس ً‬
‫قيما ثقافية معينة‪.‬‬
‫فارتفاع األبراج وعدد الطوابق واملساحات التي تشغلها دور العبادة‪ ،‬وجودة الهندسة املعمارية للمباني‬
‫تحمل معاني متعلقة بقيم األفراد داخل املنظمة‪ ،‬وتعكس وتبين صورة خارجية للثقافة السائدة داخل‬
‫املنظمة‪ ،‬فحتى داخل شركة تويوتا هناك تصميم ملساجد خاصة بوكالء البيع الشخص ي الوافدين من‬
‫البلدان املسلمة أثناء الدورات التكوينية والتدريبية ‪.‬‬
‫كما تتضمن املؤشرات املادية كذلك تهيئة وترتيب الفضاء الداخلي من تزويد املنظمة باإلضاءة‬
‫والتهوية والتدفئة والتكييف وكيفية استخدام هذه الطاقة واالقتصاد فيها وعدم هدرها واستنزافها‪ ،‬ودرجة‬

‫‪27‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫ُ‬
‫االعتماد على الطاقات البديلة واملتجددة وكذلك طرق التخلص من النفايات واملخلفات ودرجة استغاللها‬
‫ُ‬ ‫وتدويرها‪ ،‬فاملنظمة ينبغي أن تحمل ً‬
‫قيما ثقافية تعنى ببناء عالقات صداقة مع البيئة‪.‬‬
‫وتتضمن كذلك الظواهر واملؤشرات املادية‪ ،‬طبيعة الهندسة والديكور الداخلي من توزيع للقاعات‬
‫واألقسام وأماكن االجتماعات واستقبال الضيوف والعمالء‪ ،‬وأماكن حفظ وتخزين الوثائق وكذا أساليب‬
‫وطرق التزيين من توزيع املكاتب والخزائن ونوع وطبيعة مادة صنع األثاث واملعدات واألدوات‪ ،‬فسمك السجاد‬
‫(‪ ،)Moquette‬واألبواب ونوع جلد األرائك مثال ولون زجاج النوافذ ونوع خشب املكاتب ودرجة اإليحاء في‬
‫األلواح والساعات الجدارية في مكاتب الرؤساء و قاعات استقبال األجانب والزبائن والضيوف‪ ،‬وغيرها من‬
‫إشارات التمييز كلها تحمل معان ثقافية مدركة‪.‬‬
‫وكذلك هناك العديد من املؤشرات املادية األخرى‪ ،‬فنوع ولون سيارات العمل السياحية والتجارية‬
‫للمنظمة وحتى سعة األسطوانة (‪ ،)La Cylindrée‬للشاحنات وعربات نقل البضائع‪ ،‬وكذا هندسة أنظمة‬
‫اإلنذار واملراقبة وكذلك تصميم منافذ ومخارج الطوارئ واالستعجاالت وطرق وتدابير الصحة والسالمة‪ ،‬وحتى‬
‫طبيعة وتنوع الوجبات التي تقدم لألفراد داخل مطاعم املنظمة وما تحمله من قيمة غذائية وصحية‬
‫مدروسة‪ ،‬تعكس في الحقيقة قيمة وأهمية األفراد لدى املنظمة‪ ،‬فكل هذه اإلشارات واملؤشرات تعتبر بمثابة‬
‫قيما جوهرية للثقافة السائدة داخل املنظمة واملمتدة أفقيا خارج‬ ‫مرتبة رمزية تحمل معان كبيرة تعكس ً‬
‫حدود املنظمة ‪.‬‬
‫ويكون لهذه الظواهر واملؤشرات املادية تأثيرا واضحا على سلوكيات واتجاهات األفراد في املنظمة‪ ،‬ومن‬
‫أمثلة املجاالت التي يمكن أن تتأثر بهذه الهياكل املادية‪:‬‬
‫الشعور باألمان الوظيفي‪ ،‬االتجاه إلى تكوين صداقات في العمل‪ ،‬االستعداد للمرونة والقدرة على‬
‫التكيف‪ ،‬االستعداد للمناقشة والحوار بشفافية‪ ،‬الحرص على التمسك باإلجراءات والسلوكيات‪.‬‬
‫ففي عام ‪ ،1771‬نقلت شركة "ألكو" طاقم العمل من املكتب الرئيس ي املوجود في البرج املكون من‪31‬‬
‫طابقا والذي بني عام ‪ ،1711‬إلى مبنى مكون من ‪ 6‬طوابق فقط صمم خصيصا كي يستطيع العاملون‬
‫االتصال ببعضهم البعض ‪.‬‬
‫ففي املبنى الجديد ُ‬
‫صممت املكاتب لكي تكون مفتوحة‪ ،‬وتم بناء جدران زجاجية فاصلة ما بين‬
‫حجرات العمل وقاعات االجتماعات مما يمكن املوظفين من رؤية زمالئهم في العمل‪ ،‬واتخذت املطاعم الشكل‬
‫الجماعي والعائلي ما يمكن العاملين من تجاذب أطراف الحديث أثناء تناول الوجبات الجماعية ‪.‬‬
‫لذلك كان يرى رئيس شركة "ألكو" السيد "باول أونيل"‪ ،‬أن التصميم الجديد لبيئة العمل بهذا‬
‫الشكل يعتبر ً‬
‫جزءا مكمال للهدف الذي تسعى إليه الشركة‪ ،‬وهو زيادة التعاون واالتصال واالعتماد املتبادل‬

‫‪28‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫بين املوظفين ‪ .‬وساعد تصميم املبنى أيضا على تضييق الفجوة بين الرؤساء واملرؤوسين وذلك لتسهيل‬
‫املقابالت واالجتماعات بين جميع أعضاء الشركة‪ ،‬ومن أجل ذلك كله أصبح االستثمار في الهندسة املادية ألي‬
‫منظمة يعتبر بمثابة استثمار في رأس املال االجتماعي للمنظمة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬الرموز )‪ :(Symbols‬تمثل الرموز إشارات أو عالمات )‪ ،(Des Signes‬مشبعة بمعلومات ثقافية‪ ،‬وعادة ما‬
‫تكون في شكل كلمات أو صور أو أشكال أو ألوان أو أفعال وتصرفات تحمل معان لها دالالت خاصة؛ إذ تتمثل‬
‫في كل من اللغة (ذلك الجزء املندمج داخل عاملنا املركب)‪ ،‬وكل التصرفات الحركية والتعبيرات اللفظية‬
‫واإليماءات املستخدمة واإلشارات غير اللفظية وكذا نوع ولون اللباس‪ ،‬وتظهر كذلك في شكل أشياء وأفعال‬
‫وأحداث نوعية أو ذات عالقة معينة تستخدم للتعبير عن معان معينة ترمي إليها والتي تتجاوز بكثير الرمز في‬
‫حد ذاته‪ ،‬والتي يصعب إدراكها بحواسنا كما تسمح بتمييز أعضاء املنظمة عن الخارجين عنها وهو ما يجعل‬
‫الثقافة التنظيمية ظاهرة خاصة داخل املنظمة‪.‬‬
‫كما تستخدم هذه الرموز في األساس لتدعيم وتعزيز القيم ووسيلة لنقل وبث وإيصال معان‬
‫ومواضيع مهمة لألفراد مثل شعار املنظمة‪ ،‬عالمتها‪ ،‬اسمها التجاري‪ ،‬لغة الحوار والخطاب والنقاش والتفاوض‬
‫ونمط اللباس وغيرها من املعاني األخرى‪.‬‬
‫فهذه الرموز والعالمات تقوم بترتيب األشخاص حسب انتماءاتهم واستحقاقاتهم وتشكل عامال‬
‫أساسيا في توجيه وتحديد سلوكاتهم أو تعتبر بمثابة قيمة ملا توفره لألفراد من تمايز )‪ ،(Distinction‬كما يرى‬
‫(‪ ،)Pierre Bordieu‬ألنها تتضمن شحنة ثقافية (‪ ،)Une Charge Culturelle‬وتمثل الرموز ً‬
‫قيما مرجعية‬
‫للمنظمة في تكيفها وتالؤمها مع البيئة‪.‬‬
‫فلون البذلة الرسمية أو حمل شارة املنظمة أو لبس الياقة املميزة لكل مستوى تنظيمي وكذا الياقة‬
‫االستثنائية الخاصة باستقبال الضيوف أو الزبائن أو أصحاب املصالح أو إلقامة وإحياء الطقوس والشعائر‬
‫التنظيمية أو الخاصة بتلبية الطلبات أو اللقاءات مع الجمهور أو التفاوض مع أصحاب الصفقات وكذا‬
‫حضور وتمثيل املنظمة في املؤتمرات وامللتقيات مع الساسة و اإلعالميين تعتبر كلها بمثابة رموز ثيابية‬
‫(‪.)Code Vestimentaire‬‬
‫وكذلك طبيعة الكلمات واأللفاظ وصياغة الجمل للحديث أو لتقديم النصائح واإلرشادات‬
‫واالستفسارات أو إللقاء الخطابات الرسمية سواء كانت داخلية أو خارجية‪ ،‬وكذا طبيعة الكلمات الخاصة‬
‫بتحرير الكتابات اإلدارية والتقارير والنشرات الدورية وكذا طبيعة كتابة الرسائل والشكاوى الصاعدة والنازلة‬
‫بين مختلف املستويات التنظيمية وكذلك عبارات االحترام والتقدير‪ ،‬سيدي‪ ،‬أنتم عفوا‪ ،‬سيادتكم‪ ،‬من‬
‫فضلك‪ ،‬من فضلك‪...‬كلها تشكل لغة وإشارات حية (‪ ،)Jargon‬خاصة باملنظمة في عمليات االتصال اليومي‬

‫‪29‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫إذ تعتبر بمثابة رموز كتابية وكالمية كما أنها ُتضفي ً‬


‫جوا من التالحم اإلنساني (‪D'harmonie Humaine‬‬
‫‪ ،)Climat‬وكذا طبيعة وطريقة تقديم األوسمة والقالئد والنياشين والجوائز واملكافأة املادية واملعنوية تشكل‬
‫كلها مجتمعة الرموز التي تثمن نجاح األفراد في تحقيق األهداف التي رسمتها لهم املنظمة‪.‬‬
‫فالرموز في الحقيقة تؤكد على تكافؤ الفرص بين مختلف املساهمين وعدالة املرتبات واملشاركة في‬
‫األرباح بحصص متساوية )‪ ،(The Pooled‬واملكافأة اإلضافية "‪."Bonus‬‬
‫فشركة (‪ ،)Addition Wesly‬تمنح لكل شخص نجمة من البرونز مكافأة له عن إنجازاته األسبوعية‬
‫املتميزة‪ ،‬ثم تنتقل في األسبوع املوالي إلى شخص أخر تقديرا له على إنجازاته املتفوقة فهذا الرمز الثقافي يعتبر‬
‫موجه لسلوك اإليجابي من جهة ومدعم للقيم التي تريد املنظمة إنتاجها وتسويقها داخليا من جهة أخرى‪.‬‬
‫كما نجد مثال لدى شركة (‪ ،)Danone‬شعار الشركة )‪ ،(Logos‬والذي يتمثل في دائرة بداخلها طفل‬
‫يرفع رأسه باتجاه نجمة‪ ،‬فهو بسيط في كل دول العالم ولكن يحمل في طياته ً‬
‫قيما معينة مثل األمل‪ ،‬التطلع‪،‬‬
‫والنمو والتطور‪.‬‬
‫‪ - 0‬الظواهر السلوكية‪:‬‬
‫وهي تتمثل في املؤشرات التي يعكسها سلوك اإلفراد في املنظمة‪ ،‬واملستمدة أساسا من القيم‬
‫واملعتقدات التنظيمية املشتركة‪ ،‬والتي تصبح مع مرور الزمن كعادات ُيقتدى بها وتميز املنظمة عن غيرها من‬
‫املنظمات األخرى‪ ،‬ومن هذه الظواهر نذكر‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الطقوس والشعائر )‪:(Rituals And Rites‬‬
‫تعرف الطقوس في األساس على أنها ممارسات تقديسية ذات طابع رمزي بحت‪ ،‬بينما تشير في املنظمة‬
‫إلى تلك األحداث والتظاهرات واألنشطة املبرمجة واملتكررة بطريقة نمطية والتي يقوم بها أفراد املنظمة وفق‬
‫قواعد وقوانين رسمية وغير رسمية‪ .‬واملرتبطة بنقل رسائل وأهداف تسعى املنظمة إلى تحقيقها‪ ،‬كما تعبر هذه‬
‫األنشطة املتكررة عن أفكار محددة وتعكس ً‬
‫قيما رئيسية في املنظمة‪ ،‬والتي تحاول املنظمة تعزيزها بصورة‬
‫دائمة عن طريق العادات التنظيمية‪ ،‬ومثال ذلك ما يحدث داخل املنظمات اليابانية حيث أن العمال في كل‬
‫املستويات التنظيمية يبدؤون يومهم دائما بتمارين الجمناستيك )‪ ،(Gymnastique‬ويرددون كذلك بعض‬
‫األناشيد الصباحية التي تزيدهم حيوية ونشاطا‪،‬كما نجد أن فترات االستراحة اليومية لتناول القهوة والشاي‬
‫ً‬
‫فرصا لتقوية وتعزيز الروابط بين العاملين وإدماجهم وتطوير الشعور باالنتماء‬ ‫واملرطبات توفر للمنظمة‬
‫لذواتهم‪.‬‬
‫وهناك عدة أنواع من الطقوس في املنظمة أهمها‪ :‬طقوس االلتحاق باملنظمة؛ مثل‪ :‬الجولة التقليدية‬
‫للمبنى‪ ،‬أو عقد دورات تدريبية لتعريف العاملين الجدد بقيم وأعراف املنظمة‪ ،‬وطقوس تأكيد الوحدة؛ مثل‪:‬‬

‫‪31‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫االحتفاالت الرسمية باألعياد واملناسبات‪ ،‬وطقوس التدعيم؛ مثل تقديم جائزة سنوية للعامل املثالي بهدف‬
‫تحفيزه على االلتزام بقيم وأعراف املنظمة‪.‬‬
‫كما تعتبر بعض األعمال األخرى من أفضل العادات في املنظمة‪ ،‬وكركيزة مهمة في تثبيت الثقافة‬
‫التنظيمية منها مثال الوجبات الجماعية (‪ ،)Les Repas‬التي يتم تناولها داخل املنظمة من طرف املسؤولين مع‬
‫مرؤوسيهم وكذا الخرجات الجماعية وممارسة النشاطات الرياضية بصفة جماعية سواء كانت هذه الرياضات‬
‫فردية أو جماعية إذ تعمل على توطيد وبناء العالقات وكسر الحواجز الرسمية والرتبوية ما بين األفراد‪ ،‬هذه‬
‫كبيرا من األعمال اليومية التي ترمز لكل ما يتم وما ال يتم داخل‬ ‫ً‬
‫حجما ً‬ ‫الطقوس والعادات التنظيمية تخص‬
‫ال جماعة تجاه األجانب وهو ما يجعل أغلب النشاطات اليومية شعائرية‪ ،‬كطريقة الكالم والكتابة‪ ،‬التحية‬
‫والسالم‪ ،‬كيفية مقاطعة محادثة‪ ،‬كيفية الرد على البرقيات واملكاملات الهاتفية‪ ،‬كيفية مناداة األفراد‪ ،‬طريقة‬
‫األكل والشرب‪ ،‬كيفية الوقوف والجلوس وعقد الجلسات وكذا طريقة تحضير وتسيير االجتماعات وممارسة‬
‫الشعائر الدينية داخل املنظمة‪.‬‬
‫وبهذا نجد أن الوظيفة الحقيقية للطقوس والشعائر‪ ،‬هي وظيفة رمزية باعتبارها أداة تنظيمية‬
‫للوحدة الجماعية‪ ،‬فهي إذن قواعد ضابطة للمناسبات ال تهدف إلى تحقيق منفعة‪ ،‬وإنما هي أدوات تنظيمية‬
‫من طبيعة الحياة االجتماعية‪ ،‬تعمل على تثبيت قواعد السلوك الجمعية‪ ،‬ألنها تتكرر بصفة انتظامية‪ ،‬كما‬
‫تعمل على تدعيم القيم التنظيمية‪ ،‬وإعادة إنتاجها من جديد ألنها عبارة عن نشاطات‪ ،‬وتظاهرات تتميز‬
‫بالتكرار في كل مناسبة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬االحتفاالت (‪:)Ceremonies‬‬
‫باإلضافة إلى تلك األنشطة التي تحدث يوميا داخل املنظمة هناك بعض األحداث واملمارسات‬
‫االستثنائية والتي تصبح كطقوس وعادات تنظيمية مع مرور الزمن والتي تتمثل خاصة في تلك املراسيم‬
‫واالحتفاالت واألعياد واملناسبات التي تحييها املنظمة دوريا وتعكس فكرها الجماعي الستذكار مناسبات اإلنجاز‬
‫املتميز‪ ،‬كإجراء احتفال سنوي لتكريم أفضل موظف أو لتكريم املتقاعدين أو لترقية املسؤولين املتفانين‪ ،‬أو‬
‫تلك املراسيم التي تقام عند التحاق موظف جديد أو عند تطوير أو تحسين منتج جديد أو عند تكريم العمال‬
‫املتفوقين وأصحاب األعمال اإلبداعية أو عند إقامة االجتماع السنوي للمساهمين أو تلك االحتفاليات‬
‫بتحقيق فوائض في األرباح ومعدالت النمو واألداء املتزايد‪ ،‬وغيرها من األنشطة األخرى‪ .‬وبهذا يتضح لنا أهمية‬
‫هذه الطقوس والشعائر و االحتفاالت في تحقيق مجموعة من األهداف أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬تنمية وتعزيز االنتماء للمنظمة‪.‬‬
‫‪ -2‬تمجيد األحداث التليدة وإحياء التراث العتيد للمنظمة ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪ -3‬التأكيد على ترسيخ وتمجيد وتبجيل القيم وإعادة بعثها وإنتاجها من جديد ‪.‬‬
‫‪ -4‬تعمل الطقوس على جمع مختلف الوظائف واملستويات التنظيمية في نفس الزمان واملكان ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬املوروث الثقافي للمنظمة (‪:)L'heritage Culture‬‬
‫نقصد باملوروث الثقافي للمنظمة تلك األحداث واملواقف التي مرت بها املنظمة منها ما هو إيجابي‬
‫ً‬
‫محفزا لألفراد ومنها ما هو سلبي والذي تحاول‬ ‫ً‬
‫وعنصرا‬ ‫ً‬
‫مرجعا‬ ‫تحاول املنظمة التركيز عليه ونشره باعتباره‬
‫املنظمة التغاض ي عنه ألنه مثبط لعمل األفراد واملنظمة ككل‪ .‬ويتكون املوروث الثقافي للمنظمة عادة من‪:‬‬
‫‪ - 2‬املؤسسون األوائل (‪:)Les Fondateurs‬‬
‫ً‬
‫شخصا ما‬ ‫تاريخيا ومنطقيا فإن أي منظمة ال تنشأ هكذا فجأة أو ً‬
‫عرضا‪ ،‬فعلى العموم فإن هناك‬
‫حل‬
‫لديه فكرة أولية عن منتج ما‪ ،‬أو عن نشاط ما‪ ،‬أو عن فرصة سانحة لم تستغل بعد أو عن كيفية ٍ‬
‫ملشكلة عويصة‪ ،‬هذا الشخص هو ما يعرف باملؤسس‪.‬‬
‫هذا املؤسس له مجموعة من األفكار والرؤى واألهداف‪ ،‬فالواقع العملي بين لنا أن الكثير من‬
‫املنظمات ارتبطت قيمها وهويتها بشخصية مؤسسيها مثال ‪...،Renault ،Ford‬إذ يقوم هؤالء املؤسسون‬
‫بتكريس وإرساء أفكارهم واعتقاداتهم ويطبعون املنظمة ببصمتهم الخاصة والتي قد تستمر طيلة حياة‬
‫املنظمة‪.‬‬
‫كما تكمن أهمية هذا العنصر في كون أن ثقافة التنظيمية هي نتاج للقيم الثقافية للمؤسسين والتي‬
‫يعملون على تكريسها في مؤسستهم؛ وهذا ما يجعلنا نقول بأن ثقافة بيئة األعمال الداخلية للمنظمة تتأثر‬
‫بسلوكيات واعتقادات وأعمال املؤسسين‪ .‬بحيث تبقى معتقداتهم وسلوكاتهم وطرق تسييرهم قائمة حتى ولو‬
‫غادروا أو رحلوا عن املنظمة‪.‬‬

‫إنه و حسب (‪ ،)E.Schein‬فإن هناك أربع خطوات تميز إنشاء أي منظمة‪:‬‬


‫‪ -‬في البداية هناك شخص واحد هو املؤسس يملك فكرة عن منظمة جديدة‪.‬‬
‫‪ -‬يقوم ذلك الشخص بجمع مجموعة صغيرة من األفراد حوله يتقاسمون معه نفس الرؤية‪ ،‬تلك الفكرة تبدو‬
‫لهم أنها تستحق أن يخاطر في سبيلها‪.‬‬
‫‪ -‬تقوم املجموعة بأعمال مشتركة من أجل بعث النشاط وقواعده التنظيمية‪.‬‬
‫‪ -‬ينظم العمل الحقا أفراد آخرين و‪...‬يبدأ التاريخ‪.‬‬
‫إن مسألة املؤسسين تم تناولها من قبل (‪ ،)E.Berne Et J.P.Quazza‬اللذين يعتبران من أحد املؤسسين‬
‫ملفهوم التحليل التصالحي )‪ ،(L'analyse Transactionnelle‬واللذين يريان بأن كل جماعة‪ ،‬كل منظمة‪ ،‬توجد‬

‫‪32‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫مسبقا أو سابقة لنشأتها الرسمية تماما كما هو في فكر مؤسسيها‪ .‬وحسب هذا املفهوم فإن املؤسس يرسل‬
‫منذ البدايات األولى للمنظمة عدد من الرسائل القوية والجبرية التي ُتهيكل وتؤطر مستقبل املنظمة‬
‫واستمراريتها‪ ،‬كما أن هاته الرسائل يمكن تشكيلها في أربعة نماذج كبرى‪:‬‬
‫‪ -‬املعتقدات‪ :‬يشرح هذا النوع من الرسائل ويبين سبب وجود املنظمة‪ ،‬كما يساعد أفراد املنظمة على التميز‬
‫والتموقع في موقع خاص يميز أفراد املنظمة عن بقية العالم الخارجي‪ ،‬وكأمثلة عن ذلك‪ ،‬الرسائل التي يقدمها‬
‫املؤسسون اليابانيون لتغذية القانون األساس ي الياباني عند منظمة (‪ ،)Matsushita‬وكذا احترام األشخاص‬
‫واحتراف هواية البيع واإليمان الروحاني بخدمة الزبون بالنسبة (‪.)I.B.M‬‬
‫‪ -‬السلوكيات‪ :‬هذا النوع من الرسائل يصف لألعضاء املنظمة مجموعة من السلوكيات ألجل تنميتها وتطويرها‪.‬‬
‫‪ -‬املشاعر‪ :‬هذا النوع من الرسائل يعتبر بمثابة العقد السيكولوجي الذي تعقده املنظمة مع أعضائها فهو‬
‫يشتمل على مجموعة من إشارات العرفان املتبادل‪ ،‬فهذه الرسائل تشبع حاجة األفراد بأن يكونوا معروفين‬
‫أو معترف بهم‪.‬‬
‫‪ -‬التكنولوجيا‪ :‬من املؤسس تستمد وتستلهم املنظمة مجموعة من املعايير اآللية والتي تتجسد في أنظمة‬
‫ُ‬
‫التسيير وأنظمة املكافأة والتي تعنى في األساس بمقارنة الواقع وحل املشاكل ‪.‬‬
‫وحسب (‪ ،)Thevenet‬فإن هناك في العموم ثالثة أنواع من املعلومات التي ينبغي تسليط الضوء عليها حول‬
‫املؤسسين األوائل‪:‬‬
‫‪ -‬األصل االجتماعي ‪ :‬معرفة حقيقة أصل املؤسس أمر في غاية األهمية‪ ،‬فبالرجوع إلى وسطه األصلي يتم بناء‬
‫وصياغة قصة نشأة املنظمة من جديد‪ ،‬فمعرفة وسطه الطفولي والعائلي والعشائري ومعرفة األصل‬
‫االجتماعي الديني (‪ ،)L'origine Socioreligieuse‬الذي عاش وكبر وترعرع فيه املؤسس هي كلها أمور ذات‬
‫أهمية في توضيح وتحديد اختيارات‪ ،‬واتجاهات املؤسس وما تعكسه من رؤية للعالم الخارجي‪.‬‬
‫‪ -‬التحدي‪ :‬ينبغي معرفة طبيعة القرارات العادية (األصلية) التي يتخذها املؤسس في مواجهة وضعية حرجة‪،‬‬
‫وكيف يتصرف بطريقة عادية إزاءها‪ ،‬إذ تظهر حسب (‪ ،)Thevenet‬أهمية هذا العنصر عند والدة الثنائية‬
‫األولى (‪ ،)Première Dyade‬بين املشكلة والحل‪ً ،‬‬
‫وبناء على هذه الثنائية ينعكس هذا التحدي في كيفية تعامل‬
‫أفراد املنظمة مع املشاكل التي تواجههم‪.‬‬
‫‪ -‬املبادئ األساسية‪ :‬من حياة املؤسس نستمد واحدة أو أكثر من املبادئ السحرية )‪،( Principes-Fétiche‬‬
‫التي تشكل قاعدة لقيادة املنظمة‪ ،‬والتي استغرقت مساحات زمنية كبيرة من املؤسس في سبيل نقلها أو‬
‫تحويلها إلى ممارسات يومية يقوم بها أعضاء املنظمة على أرض الواقع‪ .‬ففي أحيان كثيرة تؤثر املبادئ‬
‫الشخصية للمؤسسين على قدرة املنظمة على تحقيق ميزات تنافسية‪ ،‬فعلى سبيل املثال‪ :‬أنشأ مؤسس شركة‬

‫‪33‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫(‪ ،)Microsoft‬ثقافة تنظيمية مبنية على قيم االبتكار والعمل الجاد واملثابرة مع تشجيع الحرية الشخصية‬
‫وعدم االلتزام بالرسميات‪ ،‬وكانت هذه القيم هي السر في النجاح الذي تعيشه هذه املنظمة‪.‬‬
‫ويستطرد (‪ ،)Thevenet‬قائال‪ :‬ليس من السهل معرفة من هو املؤسس‪ ،‬كذلك فإنه من املعقول بأن‬
‫مؤسسا‪ ،‬فهناك حالة النشأة بدون مؤسس كالتي تصادف وضعيات االندماج‬‫ً‬ ‫نجد املنظمة التي ال تمتلك‬
‫(‪ ،)Fusion‬واالبتالع (‪....،)Absorption‬الخ وفي هاته الحاالت يتقلد الدور زمنيا وتراكميا شخصيات أخرى‪.‬‬
‫‪ - 0‬التاريخ (‪:)L'histoire‬‬
‫في التاريخ نبحث عن األسالك الناقلة (‪ ،)Les Fils Conducteurs‬وفي التاريخ نبحث عن اللحمات ( ‪Les‬‬
‫‪ ،)Trames‬وعن مصدر الشرعية بالنسبة ملجموعة من السلوكيات واملمارسات‪ .‬في التاريخ نصبر أغوار املاض ي‬
‫لنستخرج لغة حوار موحدة قائمة على التوازن الديناميكي ما بين القرارات واألحداث املاضية‪ .‬نذهب إلى أبعد‬
‫من األحداث وتسلسلها‪ ،‬لنركز على إحياء االحتفالية الذاتية للفترات الصعبة والعويصة التي عاشتها املنظمة‬
‫سابقا في شكل ذاكرة حية تنتج حلوال جديدة حاضرا ومستقبال بدال من إعادة إنتاج ما تعلمناه في املاض ي‪.‬‬
‫فال يمكن بأي حال من األحوال شرح وتفسير الحاضر من تطور وتنوع للنشاطات‪ ،‬تغيير في الخيارات‬
‫التكنولوجية‪ ،‬تغيير وتنوع في األسواق‪ ،‬وكذا في االتجاهات االستراتيجية‪ ،‬تغيير في سلوكيات وأساليب تفكير‬
‫األفراد واملسيرين وحتى في عالقة املنظمة مع البيئة إال من خالل الرجوع إلى املصادر التاريخية‪.‬‬
‫من أجل ذلك كله قامت املنظمات الكبرى بتشكيل فرق ولجان لنفض الغبار عن أرشيفها ومساعدة‬
‫الباحثين للقيام بمجموعة من الدراسات حول األحداث التاريخية البارزة التي هزت املنظمة سواء حدثت‬
‫داخل املنظمة أو خارجها وأثرت عليها‪ ،‬وذلك إلحياء املجد التليد والتراث العتيد والشخصيات القيادية الفذة‬
‫والقويمة للمنظمة واختزانها في ذاكرة أفرادها ‪.‬‬
‫ً‬
‫فهناك من املنظمات في سبيل ذلك من قدمت كتبا ومؤلفات‪ ،‬ومنها من أقامت املعارض واملتاحف‬
‫واالحتفاليات ونذكر منها على سبيل املثال ال الحصر ما يلي‪:‬‬
‫‪ :)Michelin( ‬عبارة عن كتاب ألف من طرف صحفي أوضح فيه التطورات واألزمات التي مرت بها الشركة‪،‬‬
‫نقرأ فيه كذلك حيثيات التسيير اليومي وكذا طبيعة العالقات اإلنسانية واالتجاهات االستراتيجية للشركة‪.‬‬
‫‪ :)Renault( ‬كتاب يسطر ملصانع رونو ويركز كثيرا على التطورات االجتماعية والتحالفات والنزاعات داخل‬
‫رونو ‪.‬‬
‫‪ :)Les Célèbres Années À Général Motors( ‬السنوات الشهيرة في جينرال موتورز والذي ألف من طرف‬
‫مسير هذه املجموعة‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪ ‬كما أن بعض املنظمات أنشأت متاحف مثل (‪ ،)BMW‬و(‪ ،)Philips‬من أجل التذكير بمآثر وإنجازات‬
‫املنظمة‪.‬‬
‫‪ :)Saint-Gobain Et Alcatel( ‬قامتا بطلب خدمات بعض املؤرخين من أجل كتابة ماضيهما وذلك لتحفيز‬
‫وربط العمال بمنظمتيهما‪.‬‬
‫وغيرها من تواريخ املنظمات مثل تاريخ (‪ ،) Schlumberger‬وتاريخ (‪........،)IBM‬الخ‪.‬‬
‫إال أنه يجب اإلشارة إلى أن العديد من املؤلفين تناولوا التاريخ انطالقا من مفهوم املقاربة الدورية‬
‫(‪ ،)Approche Cyclique‬والتي تنص على أن لكل منظمة مجموعة من املراحل التي ينبغي املرور بها في شكل‬
‫دورة حياة تبدأ بالوالدة وتنتهي باملوت املحتم‪ ،‬لذلك فإنه ال ش يء يسمح بقبول هاته الحتمية منطقيا‪ ،‬فعلى‬
‫العكس من ذلك تماما فتاريخ املنظمات مبني في األساس على تقلبات (‪ ،)Revirements‬وإعادة انطالق "‬
‫(‪ ،)Redémarrages‬وتوسعات ‪.....‬وكلها تتعارض وتتنافى مع هذه الحتمية‪ ،‬لذلك يجب عدم إغفالها في دراسة‬
‫تاريخ املنظمة‪.‬‬
‫لذلك يستطرد (‪ ،) Thevenet‬قائال‪ :‬هناك فكرتان كبيرتان تقودان إلى تشخيص التاريخ‪:‬‬
‫‪ ‬الرغبة الحقيقية في تشكيل فرضيات عن تاريخ املنظمة‪ ،‬وليس فقط االقتحام في تجميع كل‬
‫األحداث والوقائع املاضية‪.‬‬
‫‪ ‬االعتماد على التاريخ كمرشد ودليل في تشكيل املراحل التي يشقها تاريخ املنظمة‪.‬‬
‫إن القراءة الجيدة للمعلومات املتعلقة بالتاريخ تفض ي إلى نقاش حول كل من األفراد‪ ،‬الهياكل‪،‬‬
‫التواريخ الهامة‪ ،‬املحيط‪:‬‬
‫‪ ‬فعلى صعيد األفراد ينبغي التمييز ما بين الرؤساء واملرؤوسين واألبطال والقادة ألن تقلد األفراد للوظائف‬
‫يستدعي معايير اختيار مختلفة‪ .‬وبالنسبة (‪ ،)E. Schein‬فإن القادة هم املؤسسون واملنشئون الحقيقيون‬
‫تأثيرا ً‬
‫كبيرا يؤدي في‬ ‫لثقافة املنظمة ألن حولهم تتشكل وتتطور تاريخيا جماعة معينة‪ ،‬وعليها يمارس القادة ً‬
‫األخير إلى تغيير في السلوكيات وأساليب التفكير داخل املنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬فحتى (‪ ،)Le Cursus‬الخاص باملديرين يفهم في معنى واسع‪ ،‬ففي فرنسا مثال نجد هناك مديري منظمات‬
‫كبيرة لهم نفس التخصص و حتى متخرجون من نفس املدرسة‪ ،‬إن هذا التماثل في نوعية املديرين يمثل‬
‫تركيبة أساسية في أسلوب اتخاذ القرار وكذلك في محتوى الخيارات االستراتيجية للمنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬أما على مستوى تصميم وتطور الهياكل التنظيمية وتكيفها مع املتغيرات البيئية خالل األزمات واألوضاع‬
‫الحرجة‪ ،‬يساعد في توضيح و تبيان القطيعات الكبرى بالنسبة للمنظمة‪ ،‬وإعادة بناء التطابق بين الواقع‬
‫وإجابة وردود أفعال املنظمة‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫ً‬
‫‪ ‬أما فيما يتعلق بالتواريخ (‪ ،)Les Dates‬فمن املهم معرفتها ألنها تخص أحداثا هامة تتعلق باملنظمة‪ ،‬لذلك‬
‫يجب قبولها وتخليدها في ذاكرة أفرادها‪.‬‬
‫‪ ‬أما فيما يخص املحيط يجب توضيح الضغوطات القوية التي تمارسها األحداث الخارجية على املنظمة‪،‬‬
‫فشركة (‪ ،)NESTLÉ‬استطاعت في سنوات السبعينات مواجهة تلك الحملة الشرسة ضدها واملتمثلة في اتهامها‬
‫بقتل العديد من األطفال في بلدان العالم الثالث‪ ،‬إن هذا الهجوم كان قويا لدرجة أنه دفع الواليات املتحدة‬
‫األمريكية إلى مقاطعة وحظر منتجات الشركة السويسرية على أراضيها‪ ،‬إن هذا الحدث لم يشكل بالنسبة‬
‫للشركة انقالبا بسيطا‪ ،‬بل إن هذا الهجوم ناقض تماما تاريخ املنظمة وتاريخ مؤسسيها الذين وضعوا في‬
‫األساس منتجات غذائية موجهة إلى األطفال (عديمي القدرة على قبول حليب األم)‪ ،‬إن هاته الحادثة أدت‬
‫باملنظمة إلى إظهار ردود جد قوية‪ ،‬فعلى املستوى القانوني ربحت املنظمة قضاياها‪.....‬وبعد سنوات من‬
‫الحملة‪ ،‬وعلى املستوى العلمي‪ ،‬فإن قواعد رقابة النوعية تدعمت إلى الحد الذي استدعى تطبيق قوانين جد‬
‫صارمة‪ .‬إن هذا الهجوم للمحيط شكل جرحا وصدمة كبيرة ولكن ردود أفعال املنظمة أوضحت وبينت قيمها‪.‬‬
‫‪ - 3‬القصص (‪:)Stories‬‬
‫هي رواية مجموعة من األحداث البارزة وكذا األعمال واملآثر البطولية التي حدثت داخل املنظمة في‬
‫ً‬
‫املاض ي‪ ،‬والتي تفسر كال من العادات والطقوس والشعائر وترسخ لكل من القيم واملعتقدات‪ ،‬كما تتضمن‬
‫مجموعة من الحكايات والطرائف والنكت عن حاالت التميز واملنافسة وحاالت النجاح والفشل‪ .‬وتدور هذه‬
‫القصص في الغالب حول املؤسسين األوائل للمنظمة‪ ،‬وكذا القصص البطولية التي تسرد اإلنجازات الفريدة‬
‫واملتميزة وكذا التصرفات التي تدل على الحكمة والروية والقدرة الكبيرة على الخروج من املآزق وحسن‬
‫التصرف مع املواقف الحرجة لكي يقتدي بها ويتم تناولها و وتداولها عبر األجيال‪.‬‬
‫وتقوم معظم القصص على أحداث حقيقية أداها أو شارك بها مؤسس الشركة أو أحد أو بعض‬
‫ُ‬
‫مديريها أو عمالها وتروى ألعضاء املنظمة الجدد ليتعرفوا على املنظمة أكثر وعن نقاط تميزها‪ .‬كما أنها توفر‬
‫معلومات عن األحداث التاريخية التي مرت بها املؤسسة؛ بما يساعد املوظفين على فهم الحاضر‪ ،‬والتمسك‬
‫بالثقافة واملحافظة عليها‪.‬‬
‫فالقصة أفضل من الحديث الصريح واملباشر في معظم األحيان‪ ،‬ألن ما تستطيعه القصة تعجز عنه‬
‫املعلومات‪ ،‬ذلك أن للقصة قدرة كبيرة على اإلقناع و التأثير والتحفيز بينما تسعى املعلومات واألوامر إلى اإلبالغ‬
‫واإلخبار فقط‪.‬‬
‫فالقصص تحوي الكثير من الرموز والدالالت واإليحاءات التي يروق للناس االستغراق في تفسيرها‬
‫وتأمل حبكتها والتفكير في أسرارها‪ ،‬ذلك أن معنى القصص أهم بكثير من الكلمات والحروف التي تكونها‪ ،‬كما‬

‫‪36‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫تكتنز القصة بداخلها طاقة تحفيزية كامنة تترك أثرا عميقا ال يمحى على األفراد‪ ،‬فالبعد النفس ي الكامن في‬
‫القصة يعكس الواقع أكثر مما تفعله الحقائق املجردة‪ ،‬فقد تتغير الكلمات وتنحرف عن اتجاهاتها وتبقى‬
‫القصص راسخة في أذهان مستمعيها لكي يتم تواترها عبر األجيال‪.‬‬
‫كما أن القصص تروى داخل املنظمة من طرف الجميع ألن القصة ال تحتاج إلى سلطة رسمية في‬
‫الوقت الذي تحتاج معظم األحاديث والحوارات واالتصاالت إلى سلطة املرسل لتوصيل فحواها إلى الطرف‬
‫األخر‪ ،‬لذلك فإن أفضل طريقة على القادة واملدراء واملسؤولين تعلمها واالستثمار فيها من أجل التأثير اإليجابي‬
‫في اآلخرين‪ ،‬التعليم والتدريب‪ ،‬ترسيخ القيم وإرساء أفكار الرؤساء‪ ،‬تمجيد تاريخ املنظمة‪ ،‬أو من أجل إحياء‬
‫الشخصيات البطولية وكذا دحر اإلشاعات هو إجادة فن القص‪ ،‬فمهما كانت فحوى الرسالة التي نود‬
‫إيصالها إلى الطرف األخر سواء كانت نقدا أو تحذيرا أو تأييدا‪ ،‬فليس هناك أفضل من استخدام وسرد‬
‫القصص لتوصيل هذه الرسائل‪.‬‬
‫وسواء كنت على وشك إبرام صفقة أو الدخول في مشروع جديد أو إدارة حملة للعالقات العامة عبر‬
‫وسائل اإلعالم أو تدريب موظفيك على كيفية كتابة وتحرير الرسائل والتقارير و استخدام الحاسوب أو حتى‬
‫طريقة الرد على املكاملات الهاتفية‪ ،‬فما عليك سوى سرد مجموعة من القصص املحفزة التي حدثت داخل‬
‫املنظمة ولها دالالت ومعان كبيرة‪.‬‬
‫كما تعتبر القصص والحكايات عبارة عن رموز تجسد قيما تنظيمية‪ ،‬وتسىتخدم غالبىا لتعكس رسالة‬
‫معينة مثل أن تحكي للموظفين كيفية تأسيس و تطىور منظمىة معينة‪ ،‬وكذا الصعوبات التي واجهت نموها و‬
‫تطورها‪ ،‬كما يمكن عرض قصىة حيىاة أحىد كبىار املسؤولين مند أن كان صغيرا‪ ،‬وطريقة كفاحه‪ ،‬ونضاله في‬
‫الدراسة والحياة‪ ،‬حتى أصبح مديرا ناجحا أو رجل أعمال مشهور يضرب به املثىل‪.‬‬
‫فعندما نقول نحن نحترم األمانة مع الزمالء والزبناء فهذا ال يعني ً‬
‫شيئا‪ ،‬فهو مجرد كالم أو شعارات‬
‫رنانة ولكن عندما تروي قصة حقيقية حدثت ملندوب املبيعات الذي أخطأ في حق أحد الزبناء ثم اعترف‬
‫بخطئه وذهب إلى الزبون معتذرا‪ ،‬فقام الزبون بشراء املزيد احتراما ألمانته ونزاهته‪ ،‬فإنك ترسل بذلك إلى‬
‫املستمع رسالة واضحة عما تعنيه األمانة داخل املنظمة وعما تقصده أنت كمسؤول باحترامك لها‪.‬‬
‫‪ - 4‬املجاز‪ ،‬والطرائف‪ ،‬والنكت‪ ،‬واأللعـاب‪:‬‬
‫يجىري اسىتخدامها كأساليب رمزية للتعبير عن املحبة‪ ،‬واأللفة‪ ،‬وتخفيف بعض الصراعات بين‬
‫ُ‬
‫العاملين‪ ،‬وتنقية القلوب من املشاحنات‪ ،‬أو سوء الظن‪ ،‬أو عدم الثقة وتعد الطرائف‪ ،‬والنكت واأللعاب‪،‬‬
‫واملجاز بمثابة وسائل إنسانية تستخدم في االحتفاالت‪ ،‬واالجتماعات؛ إلزاحة بعض العوائق أثنىاء عمليىة‬
‫التصال بين أعضاء املنظمة‪ ،‬وتهدف إلى تعىديل بعىض املمارسىات اإلدارية‪ ،‬أو السلوكية لبعض األعضاء فىي‬

‫‪37‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫املنظمىة‪ .‬وتسىاعد علىى اإلبداع‪ ،‬واالبتكار‪ .‬كما تستخدم األلعاب لتوثيق عرى الثقة‪ ،‬والصداقة بين العاملين في‬
‫مختلف املستويات اإلدارية بمنظمات األعمال‪.‬‬
‫‪ -5‬األسطورة (‪:)Myth‬‬
‫من بين التشكيالت الرمزية الهامة لثقافة املنظمة‪ ،‬نجد األساطير‪ ،‬واألسطورة هي قصة من نوع معين‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تعطي تفسيرا خياليا ولكن مقبوال لحدث أو لش يء معين يبدو بخالف ذلك محيرا وغامضا‪ .‬فاألسطورة قصة‬
‫ً‬
‫مثالية شخصياتها هم أبطال املنظمة أو بعض األشخاص الخيالين في بعض األحيان تروي أحداثا حقيقية‬
‫وقعت في املنظمة‪.‬‬
‫كما يمكن تعريفها على أنها‪" :‬كالم بدون ُم ِؤلف"‪ ،‬أي أنه ال يوجد مؤلف محدد لهذه القصة ألن‬
‫املؤلف هنا "إجماعي" إنه ذلك الجسم االجتماعي (‪ ،)Corps Social‬الذي يتكلم بصورة رواة؛ أي أن األسطورة‬
‫تروى وتتداول بين أفراد الجماعة لكن دون أن تنسب لشخص محدد باعتبار أن أحداثها تنسج من طرف‬
‫الجماعة املتعلقة بها‪ ،‬حيث يتداول أفراد الجماعة أحداث األسطورة في شكل قصة مثالية انطالقا من‬
‫أحداث حقيقية تكون قد حدثت في منظمتهم‪ ،‬وغالبا ما تكون بطريقة استعارية‪.‬‬
‫فقد يقوم أفراد املنظمة أحيانا بتأليف الروايات التي يغلب عليها الطابع املثالي حول مؤسس ي املنظمة‬
‫أو نشأتها أو حضورها التاريخي من أجل توفير إطار لتفسير األحداث الجارية في املنظمة‪ .‬وتهدف إلى التأثير على‬
‫سلوك األفراد وتدعيم وت رسيخ القيم الجماعية داخل املنظمة‪ ،‬إذ غالبا ما ال يتحدث األفراد بشكل مباشر‬
‫عن القيم واملعتقدات ولكنها تنعكس فيما يتداولونه من قصص وأساطير عن حياة املنظمة‪ ،‬ولهذا تكون‬
‫األساطير كأحد األساليب التعليمية من طرف هؤالء األفراد‪.‬‬
‫والهدف األساس ي من إشاعة األساطير بين أفراد املنظمة هو إعطاء صورة مثالية عنها وعن جو العمل‬
‫بها‪ ،‬وتكمن أهميتها في كون أنها ال تنسب إلى شخص بعينه مما يجعل أفراد املنظمة يركزون أكثر على األحداث‬
‫وعلى أبطالها الذين يصورون على أنهم ينجزون أعمالهم في أوقاتها ويضحون من أجل منظمتهم وازدهارها‪،‬‬
‫ويتم تفع يل تأثير األساطير في سلوك أفراد املنظمة من خالل اصباغها بالطابع اإليديولوجي الذي غالبا ما يؤثر‬
‫على عواطف الجماعة‪.‬‬
‫لذلك نستنتج من هذه التعاريف السابقة بأن األسطورة هي عبارة عن رواية من غير مؤلف ألحداث‬
‫حقيقية يتقمص دور البطل فيها غالبا أشخاص خياليين‪ ،‬وذلك بهدف التأثير على سلوك األفراد وتدعيم‬
‫القيم واملعتقدات التنظيمية داخل هذه املنظمة‪.‬‬
‫لذلك نجد أن بعض مديري املنظمات أصبحوا أساطير والذين تعدت سمعتهم إطار منظماتهم مثل‬
‫(‪ ،)George Besst‬املدير السابق لشركة (‪ ،)Renault‬و(‪ ،)Carlos Ghosn‬الرئيس التنفيذي ملجموعة‬

‫‪38‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫(‪ ،)Renault-Nissan‬والتي تعتبر ثالث أكبر مصنع للسيارات في العالم‪ ،‬و الشخص الوحيد الذي يرأس‬
‫شركتين بهذا الحجم وفي نفس الوقت‪ ،‬والذي أصبح أسطورة في كل من فرنسا واليابان‪.‬‬
‫‪ - 6‬األبطال (‪:)Heros‬‬
‫هم أفراد غير عادين تميزوا و تفردوا على بقية زمالئهم في بيئة العمل من خالل إنجازات أو أعمال‬
‫استثنائية تتميز بالنزعة اإلنحرافية عن املألوف‪ ،‬كما تعترف لهم املنظمة بذلك بكل احترام وتقدير إذ يصبحون‬
‫أحيانا رمزا للمجال الذي تعمل فيه املنظمة‪ .‬وهم شخصيات تركت بصمات واضحة في حياة املنظمة‪،‬‬
‫ونجحت في غرس بعض القيم واألعراف داخل املنظمة‪ .‬وهم الذين رسخوا النجاح كجزء من ذاكرة املنظمة‪.‬‬
‫كما أن األبطال أناس يتمسكون بقيم املنظمة ويقدمون دورا نموذجيا في األداء واالنجاز لباقي أعضاء‬
‫املنظمة مما يجعلهم مثاال يتقدى به‪ ،‬وقد فرق (‪ ،)Deal And Kenedy‬بين نوعين من األبطال‪:‬‬
‫‪ ‬أفراد يتميزون بكفاءة معتبرة موجودون داخل مختلف املستويات التنظيمية حيث أنهم يصنعون‬
‫و يبيعون ويضمنون خدمة املنتجات وبهذا فهم أبطال لوضعية وظروف معينة‪.‬‬
‫‪ ‬أفراد يولدون مع املنظمة هم عادة مؤسسو هذه املنظمات‪.‬‬
‫‪ - 7‬الطابوهات (‪:)Tabou‬‬
‫تعتبر الطابوهات أو ما يسمى (املحرمات املقدسة)‪ ،‬ذلك الوجه الخفي الذي ال ينبغي الخوض فيه وال‬
‫حتى الحديث عنه ألنه يخالف القواعد االجتماعية والتنظيمية املعمول بها‪ .‬فهي كل املواضيع واألحداث‬
‫املأساوية التي ال يجوز الحديث عنها‪ ،‬وال حتى الخوض فيها أو الكالم عنها أو تداولها داخل املنظمة‪ ،‬أو تلك‬
‫أثرا ً‬
‫سلبيا على العاملين واملنظمة ككل‪.‬‬ ‫التصرفات واألعمال التي ال ينبغي اقترافها مرة أخرى ألن لها ً‬
‫وتتمثل في كل من اإلخفاقات و االختالالت والتوترات التي من شئنها إحداث اضطراب لألفراد داخل‬
‫املنظمة وكذا الصورة الخارجية للمنظمة‪ .‬ومن أمثلة ذلك اإلخفاقات التجارية‪ ،‬هفوات املدراء والرؤساء‪،‬‬
‫اإلخفاقات الشخصية‪ ،‬نقاط الضعف‪ ،‬األماكن الحساسة‪ ،‬التواريخ الحساسة‪...‬الخ‪.‬‬
‫وقد تحدث كل من (‪ ،)Mitroff‬و (‪ ،)Kilmam‬على نوع معين من الطابوهات‪ ،‬الذي أسموه باألحداث‬
‫غير الواردة (املدهشة)‪ ،)Impensable( ،‬ويتعلق األمىر حسب هذين الباحثين بتلك األحداث املأساوية التي‬
‫يكون لها تأثير سلبي وخطير على منتجات املنظمة والتي ال يمكن للمديرين التكهن بها أو توقعها‪ ،‬حيث حدد‬
‫الباحثون أربعة أنواع من هذه الطابوهات‪:‬‬
‫‪ ‬الحدث املأساوي القادم من الخارج وذلك عند طرح املنظمة ملنتجاتها في السوق‪ ،‬حيث قد تتعرض‬
‫ً‬
‫للتلف الجزئي أو الكلي‪ ،‬علما أنها تحمل اسم وعنوان املنظمة املنتجة وهذا ما يعرضها للخسارة املادية و‬
‫املعنوية؛‬

‫‪39‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪ ‬الحدث املأساوي املتأتي من الداخل‪ ،‬حيث أنه عند صنع منتج ما قد يتعرض إلى عيب يشوبه في أحد‬
‫ً‬
‫مراحل إنتاجه ويجعل منه منتجا غير مطابق للمواصفات املطلوبة في السوق‪ ،‬وهو ما يعرض هذه‬
‫املنظمة للخسارة املادية واملعنوية ويعمل حتى على تشويه سمعتها في السوق؛‬
‫‪ ‬قد تصطدم منتجات املنظمة بمنتجات بديلة في السوق‪ ،‬مما يعرض منتجات املنظمة للزوال بمجرد‬
‫ظهور هذه املنتجات البديلة؛‬
‫‪ ‬الحدث الخاص بالفهم الخاطئ لرمزية وطبيعة املنتجات‪ ،‬فقد تنتج املنظمة منتجات موجهة لشريحة‬
‫معينة من املجتمع ولالستعمال الخاص‪ ،‬لكن يحدث أن تصطدم هذه املنتجات بالجانب الديني لشرائح‬
‫أخرى من نفس املجتمع أو من مجتمع آخر وهو ما يؤثر على صورة وسمعة هذه املنظمة ومنتجاتها‪ ،‬وكذا‬
‫موقعها التنافس ي في السوق‪.‬‬
‫‪8‬ـ اإلشاعات‪:‬‬
‫هي عبارة عن تشكيالت رمزية ذات أصل ثقافي تكون في األساس ما بين العادات والخرافات‪ .‬تعتبر‬
‫ً‬
‫أخبارا ال أساس لها من الصحة في غالب األحيان‪ ،‬كما أن رفضها يعتبر خطأ وكذلك األمر عند اعتبارها‬ ‫كذلك‬
‫كمؤشر عن سوء االستعمال فهي تعتبر أداة فعالة في التسيير واالتصال‪.‬‬
‫فكم من القرارات التي تم اتخاذها من خالل اإلشاعات؟ وكم من املشروعات التي تم تحضيرها‬
‫والترويج لها‪ ،‬إنه من الخطأ اعتبار اإلشاعة كتهديد لنظام املعلومات واالتصال الرسمي‪ .‬إنها ال تمثل نسخا أو‬
‫بديال لالتصال الرسمي‪ ،‬حتى ولو كانت تتغذى أحيانا من أخطاء هذا األخير‪ ،‬إنها نظام كامل له مبرره املستقل‬
‫تماما‪.‬‬
‫‪9‬ـ الشبكة الثقافية‪:‬‬
‫هي بمثابة ذلك الهيكل الخفي للمنظمة الذي يهتم أساسا بربط عناصر ومكونات ثقافة املنظمة مع‬
‫بعضها البعض وذلك لتعزيز القيم وترويج األساطير والحصول على املعلومات وإقامة الصداقات‪ ،‬وإيجاد‬
‫مؤيدين ومساندين للمنظمة‪ ،‬وعموما فإن لكل شبكة هيكلها الخاص وفيه ستة أنواع من األشخاص‪:‬‬
‫املتحدثون عن تاريخ املنظمة‪ ،‬املتكهنون بمستقبل املنظمة‪ ،‬املشوشون الجواسيس‪ ،‬أصحاب الدسائس‪،‬‬
‫املروجون للمعلومات‪.‬‬
‫كما أن الشبكة الثقافية بإمك انها أن تعمل بشكل إيجابي في حالة ما إذا تحقق شرطان وهما‪ ،‬أن‬
‫تكون للمنظمة ثقافة منسجمة ‪،‬وأن ينسج األبطال هذه الشبكة‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫الفصل الثالث ‪ :‬خصائص أبعاد الثقافة التنظيمية‬


‫بالرجوع إلى أدبيات إدارة األعمال يتضح أن للثقافة التنظيمية مجموعة من الخصائص األبعاد والتي‬
‫تؤثر وتتأثر بدورها بمجموعة من املتغيرات السلوكية األخرى‪ ،‬كما أن هذه الخصائص واألبعاد تختلف من‬
‫باحث إلى آخر ومن دراسة إلى أخرى‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬خصائص الثقافة التنظيمية‬
‫هناك مجموعة من الخصائص التي تتصف بها ثقافة املنظمة والتي نوردها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬الثقافة التنظيمية عملية مكتسبة‪ :‬حيث نعني بذلك بأن الثقافة التنظيمية ال تولد مع الفرد أي أنها‬
‫ليست غريزية فطرية بل يتم اكتسابها عن طريق التعلم واملحاكاة و الخبرة والتجربة والتفاعل واالحتكاك بين‬
‫األفراد في بيئة العمل وبهذا يتعلم ويكتسب األفراد ثقافة جديدة بمجرد دخولهم للمنظمة‪ ،‬وبتالي تصبح‬
‫الثقافة ً‬
‫جزءا من سلوكيات األفراد داخل املنظمة كما تنتقل عبر األجيال بشكل طبيعي وتلقائي‪.‬‬
‫‪ .2‬الثقافة التنظيمية نظام مركب‪ :‬حيث أنها تتكون من مجموعة من املكونات أو األجزاء الفرعية املتفاعلة‬
‫فيما بينها‪ ،‬بحيث تضم الجانب املعنوي ويتمثل في القيم و األخالق واملعتقدات واألفكار التي يحملها األفراد‬
‫وتضم كذلك الجانب املادي واملتمثل في كل ما ينتجه األفراد من أشياء ملموسة‪.‬‬
‫‪ .3‬الثقافة التنظيمية نظام متكامل‪ :‬فهي تشكل كال متكامال وتسعى إلى خلق التناسق واالنسجام والتناغم‬
‫بين مجموع أجزائها فأي تغيير يطرأ على جانب من جوانب الحياة يؤثر في باقي مكونات النمط الثقافي للمنظمة‪.‬‬
‫‪ .4‬الثقافة التنظيمية نظام تراكمي متصل ومستمر‪ :‬بحيث أن كل جيل من أجيال املنظمة يعمل على تسليمها‬
‫لألجيال الالحقة فهي تعلم وتورث جيال بعد جيل‪.‬‬
‫‪ .1‬الثقافة التنظيمية نظام متغير و متطور‪ :‬إن استمرار الثقافة ال يعني أن انتقالها من جيل إلى جيل كما هي‬
‫عليه‪ ،‬و إنما تحدث عليها تغيرات وذلك بإضافة عناصر أو مالمح جديدة أو التخلي عن عناصر ومالمح أخرى‬
‫وذلك استجابة للتغيرات البيئية‪ .‬إال أن عملية تغير الثقافة تعتبر من أصعب أنواع عمليات التغيير داخل‬
‫املنظمة‪.‬‬
‫‪ .6‬الثقافة التنظيمية نظام مرن لها خاصية التكيف‪ :‬فهي نظام مرن له القدرة على التكيف مع ما يحدث من‬
‫تغييرات في محيط املنظمة الداخلي والخارجي وذلك بهدف تحقيق أهداف املنظمة واحتياجات أفرادها‪.‬‬
‫‪ .3‬الثقافة التنظيمية مرآة عاكسة للمناخ التنظيمي السائد‪ :‬تعكس ثقافة املنظمة املناخ التنظيمي السائد من‬
‫ناحية طرق وأساليب املشاركة في اتخاذ القرارات‪ ،‬التعامل مع العمالء‪ ،‬اتجاهات ومشاعر اإلدارة العليا نحو‬
‫العاملين‪ ،‬إضافة إلى لغة الخطاب اإلداري واملصطلحات املستعملة في ذلك داخل املنظمة‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪ .1‬الثقافة التنظيمية نظام انتقائي‪ :‬يؤدي تزايد السمات الثقافية ومكوناتها إلى عدم االحتفاظ بالثقافة‬
‫التنظيمية ومن ثم انتقاء العناصر الثقافية بقدر ما يحقق إشباع حاجات ومتطلبات أفراد املنظمة والتكيف‬
‫مع البيئة االجتماعية والطبيعية املحيطة بها‪.‬‬
‫‪ -7‬الثقافة التنظيمية نظام متغير و متطور‪ :‬فاستمرارية الثقافة التنظيمية ال تعني تناقلها عبر األجيال‬
‫كما هي عليه‪ ،‬وال تنتقل بطريقة غريزية‪ ،‬بل هي في تغيير مستمر حيث تدخل عليها مالمح جديدة وتفقد مالمح‬
‫قديمة ومما يالحظ إقبال األفراد والجماعات وتقبلهم للتغيير في األدوات واألجهزة والتقنيات ومقاومتهم للتغيير‬
‫في العادات والتقاليد والسلوك‪ ،‬مما يجعل التغيير الثقافي يحدث بسرعة في العناصر املادية للثقافة وببطء‬
‫شديد في العناصر املعنوية للثقافة مما يتسبب في حدوث ظاهرة التخلف الثقافي‪.‬‬
‫ويضيف الرخيمي سمة أخرى لسمات الثقافة التنظيمية معتبرا إيها كمحدد ملعايير السلوك إذ تعد‬
‫الثقافة التنظيمية مكملة لعنصر الرسمية وليس بديال عنها‪ ،‬فوجود القيم الثقافية التي تعزز وتؤكد ما تنص‬
‫أمرا في غاية األهمية ليكون تصرف وسلوك املوظف‬ ‫عليه التعليمات والسياسات لضبط سلوك العاملين‪ً ،‬‬
‫متفقا مع مصالح املنظمة ليس خوفا من التعليمات فقط بل انسجاما مع القيم السائدة في املنظمة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أبعاد الثقافة التنظيمية‬
‫تعتبر الثقافة التنظيمية أحد املتغيرات الهامة للبيئة االجتماعية‪ ،‬فهي تشكل األنماط املعيارية‬
‫للممارسات السلوكية لألفراد والعالقات الشخصية التي تنشا بينهم‪ ،‬كما أنها مركب يحتوي على مجموعة من‬
‫القيم واملعتقدات والعادات والتقاليد وأنماط السلوك التي يكتسبها األفراد والجماعات وتغلب على ممارساتهم‬
‫السلوكية في الحياة بطريقة شعورية أو الالشعورية‪ .‬كما تعد الثقافة التنظيمية من املتغيرات األساسية التي‬
‫تعمل على تشكيل العديد من السلوكيات التنظيمية التي تتحدد ً‬
‫بناء على أبعاد الثقافة التنظيمية‪ ،‬التي‬
‫تختلف باختالف طبيعة املنظمات وتنوع الدول التي تنتمي إليها هاته املنظمات‪.‬‬
‫‪ :2‬بعد االحتواء والترابط‬
‫أدركت معظم املنظمات اليوم أن رضا الفرد لم يعد بالضرورة هو املحدد الوحيد لوالئه وزيادة‬
‫إنتاجيته‪ ،‬فقد توصلت هذه املنظمات وفقا لبيئة العمل والدراسات العلمية أن أنسب وسيلة إلى دفع وتحفيز‬
‫األفراد لتحقيق مستويات عالية من األداء وإظهار مزيد من السلوكيات اإليجابية في مكان العمل يكمن في‬
‫توفير بيئة عمل من شأنها جعل الفرد أكثر احتواء لوظيفته‪ ،‬وجعله أكثر ارتباطا بعمله وبمنظمته‪.‬‬
‫ويشير مفهوم االحتواء الوظيفي إلى مدى أهمية العمل بالنسبة للفرد‪ ،‬ومدى اندماجه بقلبه وعقله في‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عمله؛ بحيث يصبح عمله جزءا مهما من حياته وأنه جزء من املنظمة وأن لعمله تأثير مباشر في تحقيق‬
‫أهداف املنظمة‪ ،‬كما أن االحتواء التنظيمي عبارة عن مجموعة من املمارسات والقيم التي تسهم في توفير بيئة‬

‫‪42‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫عمل من شأنها أن تجعل الفرد أكثر احتواء لوظيفته وجعله أكثر ارتباطا بعمله وبمنظمته‪ ،‬ومن بين هذه‬
‫القيم نجد‪:‬‬
‫‪ ‬قيم االنتشار‪ :‬يتضمن بعد االحتواء والترابط قيم االنتشار والتي تشير إلى مدى انتشار قيم الثقافة‬
‫التنظيمية بين العاملين وتبنيهم لها وجعلها كأساس للتصرف داخل املنظمة مما يجعل منها أساس للثقافة‬
‫القوية وكذا فهمها بطريقة واحدة من قبل العاملين مما يمكنهم من الوصول إلى اتفاق عام‪.‬‬
‫‪ ‬قيم القوة‪ :‬يتضمن بعد االحتواء والترابط قيم القوة والتي تشير إلى قوة الثقافة التنظيمية و مدى تأثيرها‬
‫على العاملين مما يجعل منها دافعا إلى تحقيق كفاءة في األداء ومنه تحقيق األهداف املرجوة‪.‬‬
‫‪ ‬قيم االلتزام‪ :‬يتضمن بعد االحتواء والترابط كذلك قيم االلتزام والتي تشير إلى الدرجة التي يكون فيها‬
‫أعضاء املنظمة على استعداد لبذل جهود معتبرة وإظهار الوالء واالنتماء لها لتحقيق أهدافها‪.‬‬
‫ومن هنا نجد أن ثقافة االحتواء والترابط تخلق لدى العاملين توجها إيجابيا نحو املنظمة وقيمها‪ ،‬كما‬
‫تمثل وسيلة فعالة لدفع األفراد إلى إخراج أفضل ما لديهم من املهارات والقدرات التي تمكنهم من أداء العمل‪،‬‬
‫وهناك عدة متطلبات تسهم في تحقيق مفهوم االحتواء يمكن توضيحها في ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬االتجاه نحو مشاركة العاملين‪:‬‬
‫إن إشراك العاملين‪ ،‬هو التزام طويل األجل وطريقة جديدة لتسيير العمل وتغيير أساس ي في ثقافة‬
‫العمل‪ ،‬ويمكن للثقافة التنظيمية بما تحتويه من قيم املسؤولية واالستقاللية واملشاركة في صناعة القرار‬
‫وتفويض السلطات والصالحيات من تحقيق االحتواء والترابط و االبتعاد قدر املستطاع عن اإلرباك‬
‫واالزدواجية‪ .‬وتتضمن مشاركة العاملين العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ ‬املشاركة في صناعة القرار‪:‬‬
‫تعرف املشاركة بأنها إعطاء العاملين الفرصة للدخول في تحاور مع إدارتهم وتوضيح ما يجول لديهم‬
‫من أمور وظروف تتعلق بطبيعة أعمالهم وتعتبر عملية املشاركة بين الرئيس واملرؤوسين في مختلف األمور‬
‫املتعلقة باملنظمة كصناعة القرارات ورسم السياسات وصياغة الخطط وغيرها ذات تأثير كبير على واقع‬
‫العمل واإلنتاجية حيث يعتبر األفراد األكثر معرفة باملشكالت التي تحيط بالعمل واألكثر معرفة في إيجاد‬
‫الحلول البديلة كما يعد إفساح املجال أمام العاملين للمشاركة مع اآلخرين وخاصة مع املستويات اإلدارية‬
‫املسؤولة مصدرا من مصادر الدعم املعنوي لهم األمر الذي يجعلهم يشعرون بقيمتهم وإنسانيتهم مما‬
‫يساعدهم ذلك على االجتهاد أكثر في األداء وطرح األفكار التي من شأنها تحسين طرق العمل والحد من املشاكل‬
‫والصراعات الوظيفية‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫كما أن للمشاركة في اتخاذ القرارات أهمية كبيرة في توفير املزيد من االحتواء والترابط من خالل‬
‫مساعدة األفراد على بذل املزيد من الجهود وكذا تفجير الطاقات الكامنة لديهم لبلوغ الهدف‪ ،‬وذلك انطالقا‬
‫من أنهم جزء من التنظيم‪ ،‬كما تشكل املشاركة حافزا معنويا إيجابيا للعاملين وتعمل على رفع الروح املعنوية‬
‫وتنمية االنتماء والرضا الوظيفي لديهم تجاه املنظمة التي يعملون بها كلها عوامل تزيد من احتواء وترابط‬
‫العاملين‪.‬‬
‫ُ‬
‫كما تؤثر القيم الثقافية للمديرين في اتخاذ قراراتهم إذ تعبر عن أفكار و قيم و معتقدات و مبادئ متخذ‬
‫القرار والتي ستؤثر حتما على منفذيه‪ ،‬و من الضروري أن تتوافق مع قيم و معتقدات األفراد باملنظمة و إال‬
‫انعكس أثرها سلبا على سلوك الفرد‪ ،‬لذلك يساهم إشراك األفراد العاملين في سيرورة اتخاذ القرار في تحسيس‬
‫ُ‬
‫الفرد بأهميته كمورد بشري و أهمية قراراته في صناعة نجاح املنظمة واستمرارها‪ ،‬إذ تجسد املشاركة تفاعل قيم‬
‫املؤسس و قيم األفراد العاملين باإلضافة إلى ترسيخ قيم التعاون و قيم املشاركة و العمل بروح الفريق‪ ،‬والتي‬
‫سينعكس تأثيرها على والء الفرد للمنظمة و انتمائه إليها‪ ،‬وهو ما يزيد من مستوى االحتواء والترابط‪.‬‬
‫‪ ‬تفويض السلطات‪:‬‬
‫يعتبر مفهوم تفويض السلطة‪ ،‬كوصف يطلق على درجات وأشكال متفاوتة لتقاسم السلطة وتشاركها مع‬
‫املرؤوسين‪ ،‬كما أن تفويض السلطة من شأنه أن يحقق نوع من االحتواء والترابط‪ .‬ومما ال شك فيه‪ ،‬أن عملية‬
‫تفويض السلطة من شأنها أن تعود على املنظمة‪ ،‬وعلى كل العاملين فيها بعدة مزايا‪ ،‬تتفاوت في أهميتها ونوعها‪،‬‬
‫بتفاوت درجة تفويض السلطة‪ ،‬وبتفاوت قدرات كل من الرؤساء واملرؤوسين‪ ،‬والبيئة التي تعمل فيها املنظمة‪ ،‬إذ‬
‫أن تفويض السلطة يتيح أمام املفوض إليه الفرصة لتحسين أدائه‪ ،‬فكلما تعلم أكثر‪ ،‬من خالل الخبرة والتجربة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ت َسند إليه سلطات أكبر‪ ،‬وأعمال أكثر صعوبة‪ ،‬وكذا تمنح له االستقاللية في اتخاذ القرارات؛ من هذا املنطلق‬
‫البد على املدير أن يحقق مشاركة مرؤوسيه ‪ -‬من خالل تفويض السلطة إليهم ‪ -‬إذا ما أراد أو رغب في تنمية‬
‫ً‬
‫مهاراتهم أو صقلها؛ كما يؤثر التفويض الفعال إيجابيا على معنويات العاملين‪ ،‬فالتعلم أثناء العمل‪ ،‬والشعور‬
‫بزيادة املسؤولية واملشاركة‪ ،‬وزيادة االتصال بين الرئيس واملرؤوس‪ ،‬كل ذلك يمكن أن يساعد على رفع املعنويات‬
‫وزيادة الشعور بالرضا وتحقيق االحتواء والترابط ما بين االفراد داخل املنظمة‪.‬‬
‫ب‪ .‬االتجاه نحو تطوير قدرات العاملين‪:‬‬
‫تعتبر القدرة على تطوير العاملين أحد الخصائص الثقافية الهامة التي أثبتت الدراسات أنها تؤثر على‬
‫أداء املنظمة وبالتالي على نجاحها‪ ،‬حيث أن التحديات التي تواجهها املنظمات تحتاج إلى االستثمار في املوارد‬
‫البشرية‪ ،‬وبالتالي أصبحت املنظمات تهتم بتطوير وتدريب وتمكين العاملين كنشاط يساعدها على مواجهة‬
‫التحديات البيئية ويساعدها على تعزيز أدائها واكتساب ميزات تنافسية‪ ،‬وبدال من النظرة التقليدية التي كانت‬

‫‪44‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫تركز على تطوير العاملين في املستويات اإلدارية العليا‪ ،‬أصبحت املنظمات تهتم بتطوير العاملين في جميع‬
‫املستويات خاصة مع زيادة االعتماد على فرق العمل وزيادة درجة مشاركة واحتواء العاملين في العمل‪.‬‬
‫كما يعتمد نجاح املنظمة على مدى قدرتها على تطوير العاملين وإتاحة الفرصة أمامهم الكتساب‬
‫مهارات متنوعة بما يكفي لإلعطاء الفرد مرونة أكبر ومعرفة أوسع تمكنه من العمل في مواقع مختلفة‬
‫والتكيف بشكل فعال مع متغيرات متطلبات العمل‪.‬‬
‫ويعرف عرف تطوير العاملين بأنه مجموعة من األنشطة املنظمة واملخططة واملصممة بواسطة‬
‫املنظمة إلمداد األعضاء باملهارات املطلوبة ملقابلة املتطلبات الوظيفية الحالية واملستقبلية‪.‬‬
‫وتظهر أهمية تطوير العاملين سواء على املستوى الفردي أو على مستوى املنظمة‪ ،‬فعلى املستوى‬
‫الفردي يشعر العاملون أن اإلدارة تهتم بهم وتحاول أن تنمى قدراتهم ومهارتهم‪ ،‬مما ينعكس إيجابيا على‬
‫اتجاهات وسلوكيات العاملين‪ ،‬حيث يزداد االلتزام التنظيمي‪ ،‬واالحتواء والترابط‪ ،‬أما على مستوى املنظمة‪،‬‬
‫تساعد برامج تطوير العاملين املنظمات على التغير بصورة فعالة‪ ،‬وعلى أداء العمل بمرونة‪ ،‬مما يساعد على‬
‫ظهور ثقافة التعلم وهو ما يزيد من قبول التدريب والتعلم مما ينعكس إيجابيا على تحقيق معدالت أداء‬
‫مرتفعة وزيادة إنتاجية العاملين‪.‬‬
‫ويتطلب تطوير قدرات العاملين ضرورة اهتمام اإلدارة العليا بخلق وغرس ثقافة التعلم في املنظمة‬
‫وجعلها أحد دعائم الثقافة التنظيمية‪ ،‬وتوفير برامج شاملة لتطوير وتمكين وتدريب العاملين‪ ،‬ومن خالل ذلك‬
‫تتمكن اإلدارة من توليد القناعة لدى العاملين بأن فرص الترقي والنمو الوظيفي لن تتأتي إال من خالل‬
‫العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ ‬تمكين العاملين‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫يعتبر تمكين العاملين مفهوما مهما وحديثا في مجال تطور الفكىر اإلداري‪ ،‬وبىاألخص بعد تحول اهتمام‬
‫اإلداريين والباحثين من نموذج منظمة التحكم والسيطرة‪ ،‬إلى نموذج املنظمىة املمكنة‪ ،‬كما تعددت اآلراء‬
‫والتعاريف التي تناولت مفهوم تمكين العاملين باعتباره أحد املفىاهيم اإلدارية الرئيسة‪ ،‬التي تدعم تطبيق‬
‫منهج اإلدارة الحديثة واملنفتحىة‪ ،‬فقد عرفه املدهون على أنه عملية مىنح العىاملين وتزويىدهم باملهىارات‪،‬‬
‫واألدوات‪ ،‬واملعلومات‪ ،‬والسلطة‪ ،‬واملسؤولية املتعلقة بعملهم‪ ،‬ليتمكنوا مىن تصىميم عملهىم‪ ،‬واستخدام‬
‫املعلومات‪ ،‬والتفاعل مع اآلخرين‪ ،‬واتخاذ القرارات املناسبة‪ ،‬دون الحاجة إلى موافقىة مسبقة من الرئيس أو‬
‫املدير‪ ،‬بهدف إعطاء العاملين الفرصة إلتقان عملهىم‪ ،‬وإدارتىه بطريقىة يمكنهم من خاللها تقديم خدمة أفضل‬
‫للعمالء‪ .‬ويرى )‪ ،(RUSSELL‬بأن التمكين التنظيمي هو إعادة توزيع السلطة والسىيطرة فىي املنظمىة‪ ،‬وهو نتيجة‬
‫املشاركة الكاملة بين العمال والقادة في اتخاذ القرارات‪ .‬ويرى املحاسنة أن التمكين التنظيمي هو منح األفراد‬

‫‪45‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫حرية اإلدارة والتصرف‪ ،‬فىي صىنع القرارات من خالل توسيع نطاق تفىويض السىلطة‪ ،‬وزيىادة املشىاركة‪،‬‬
‫وتحفيىزهم ذاتيا‪ ،‬وتطوير شخصيتهم‪ ،‬وتوفير بيئة مناسبة لتفعيله‪ .‬وبالتالي فإن تمكين العاملين يعتبر‬
‫استراتيجية إدارية قائمة على أساس مجموعة من املمارسات اإلدارية التحفيزيىة‪ ،‬التي ترسخ الشعور لدى‬
‫املوظف بقيمة‪ ،‬ومعنى عمله‪ ،‬وتعمىق شىعوره بجدارتىه‪ ،‬وكفاءتىه‪ ،‬وقدرته على االستقالل‪ ،‬والتقرير الذاتي‪،‬‬
‫ً‬
‫فيما يتعلق بعمله‪ ،‬وزرع اإلحساس لديه بتىأثير عملىه في سير عمل املنظمة ككل‪ ،‬سواء أكان يعمل منفردا أو‬
‫ضمن فريق عمل‪ .‬كما أن التمكين هو ممارسة حديث تهدف إلى إطالق الطاقات الكامنة للعاملين‪ ،‬من خالل‬
‫النقل املتكافئ للسلطة واملسؤولية في غياب عنصر املساءلة املباشرة‪ ،‬مع توسيع مجال إكساب الثقة واعطاء‬
‫الصالحيات وحرية التصرف إضافة إلى الدعوة الصادقة للمشاركة في سلطة القرار‪.‬‬
‫والتمكين عبارة عن منهج أو فلسفة إدارية معاصرة يتم من خاللها إعادة النظر في طريقة توزيع‬
‫سلطة صنع و اتخاذ القرارات‪ ،‬بشكل بجعلها أكثر مرونة وتوزعا على جميع األطراف في املنظمة سواء كانوا‬
‫أفرادا أو فرق العمال ‪ ،‬لتحفيز اإلبداع و التحسين املستمر‪ ،‬مع التأكيد على أهمية توفر عامل الرقابة‬
‫الذاتية لتنمية اإلحساس بامللكية واملسؤولية على النتائج‪.‬‬
‫كما أن املتأمل في تعاريف التمكين يالحظ أنها تصب جميعا في االتجاه الداعي إلى زيادة االهتمام‬
‫بالعاملين من خالل توزيع صالحياتهم وإثراء كمية املعلومات التي تعطى لهم‪ ،‬وتوسيع فرص املبادرة واملبادأة‬
‫التخاذ قراراتهم ومواجهة املشاكل التي تعترض أدائهم‪.‬‬
‫ومن أجل الوصول إلى تطبيق مفهوم التمكين ال بد من توفر دعائم أساسية أهمها‪ :‬الثقة املتبادلة‪،‬‬
‫وقابلية العاملين‪ ،‬وقناعة املديرين‪ ،‬واملشاركة في املعلومات‪ ،‬وإعادة تصميم الهيكل التنظيمي مع التركيز إلى‬
‫االتجاه نحو التمايز األفقي بدال من تعدد املستويات اإلدارية‪ ،‬باإلضافة إلى التدريب والتطوير‪.‬‬
‫كما أن املمارسات التنظيمية التمكينية‪ ،‬ما هي إال محرضات داخلية للموظف‪ ،‬من أجل إنتاج‬
‫سلوكيات تخدم العمل في املنظمة‪ ،‬وذلك من خالل شعور املوظف بالكفاءة‪ ،‬واالستقاللية‪ ،‬والقدرة على‬
‫اتخاذ القرارات املتعلقة بعمله‪ ،‬ومن ثم فإن تهيئة الظروف التمكينية في بيئة العمل‪ ،‬تخلق الرغبة لدى‬
‫املوظف لتحدي املواقف الصعبة في العمل‪ ،‬وبمقابل الجهود التي تبذلها إدارة املنظمة لتطوير قدرات‬
‫املوظفين من خالل املمارسات التنظيمية التمكينية‪ ،‬فإن املوظفين يشعرون بأنهم مدينون للمنظمة وتتولد‬
‫لديهم الرغبة في إنجاز مهامهم بالشكل املناسب‪ ،‬وذلك بناء على االلتزام الناتج عن العالقة التبادلية‬
‫االجتماعية بين املنظمة وموظفيها‪ ،‬التي قوامها الثقة املتبادلة بين املوظفين وقادتهم في العمل‪ ،‬ومن ثم فإن‬
‫بيئة العمل التي تزود املوظفين باملعلومات‪ ،‬وتمنحهم الدعم واملوارد‪ ،‬وفرص التعلم والتطور‪ ،‬من شأنها أن‬

‫‪46‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫تؤثر في املوظفين‪ ،‬وتغير في مواقفهم واتجاهاتهم‪ ،‬وتؤثر في إنتاجيتهم وسلوكياتهم التنظيمية‪ ،‬كما يخلق التمكين‬
‫حالة من االنسجام النفس ي بين املوظف واملنظمة التي يعمل بها‪.‬‬
‫‪ ‬التدريب‪:‬‬
‫ُ‬
‫تحقق الثقافة التنظيمية االحتواء والترابط من خالل تنميىة االهتمام بالعنصىر البشىرى والسعي إلىى‬
‫تطىوير كفاءتىه‪ ،‬ويعتبىر التىدريب مىن أهىم الوسىائل التىي تسىعى لتحقيىق تنميىة كىل مىن األفىراد واملنظمىات‪،‬‬
‫والتىدريب مىن العمليىات األساسىية فىي بنىاء القىوة الوظيفيىة اإليجابيىة ذات اإلنتاجيىة والفعاليىة‪ ،‬وهو يهىدف‬
‫إلىى معاونىة األفىراد علىى تحسىين وتطىوير وتنميىة خبىراتهم ومهىاراتهم وقىدراتهم‪ ،‬وزيادة معلوماتهم‪ ،‬وقد يكون‬
‫الهدف منه أيضىا تغييىر أو تعىديل سىلوكهم أو اتجاهاتهم للتأكيىد على النواحي اإليجابية في العمل ومن ثم خلق‬
‫الفكر االبتكاري واإلبداعي‪.‬‬
‫كما أن التدريب هو مجمل النشاطات‪ ،‬والوسائل‪ ،‬والطرق‪ ،‬والدعائم التي تساعد في تحفيز العمال‬
‫لتحسين معارفهم وسلوكهم‪ ،‬وقدراتهم الفكرية الضرورية‪ ،‬في آن واحد‪ ،‬لتحقيق أهداف املنظمة من جهة‪،‬‬
‫وتحقيق أهدافهم الشخصية واالجتماعية من جهة أخرى‪ ،‬دون أن ننس ى األداء الجيد لوظائفهم الحالية أو‬
‫املستقبلية‪.‬‬
‫وتتجلى أهمية التدريب في أنه يتيح للعمال التأقلم مع التغيرات التي تحدث على مستوى العمل‪ ،‬نظرا‬
‫لحالة التطور التي تمس أسلوب العمل والتي تؤدي بدورها إلى تغيير طبيعة العمليات اإلنتاجية‪ ،‬فضال عن أن‬
‫التدريب هو في حد ذاته صقل للمهارات والخبرات واملعلومات واملعارف؛ كما يهدف التدريب إلى رفع الروح‬
‫املعنوية للعناصر البشرية‪ ،‬مما يدفعهم إلى العمل بكامل قدراتهم وهو ما يزيد درجة احتواء العاملين داخل‬
‫املنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬التعلم‪:‬‬
‫على الرغم من أن أساسيات نظرية التعلم التنظيمي كعامل لتعزيز األداء يمكن أن ترجع إلى‬
‫السبعينات من القرن العشرين إال أن الكتابات الخاصة بها قد توسعت خالل فترة التسعينات‪ ،‬حيث زاد‬
‫اهتمام الباحثين واملمارسين بدراسة التعلم واتجهوا من التركيز على التعلم الفردي إلى التركيز على التعلم‬
‫التنظيمي‪ ،‬إذ يعرف التعلم التنظيمي بأنه عبارة عن اكتساب وتطوير معارف ومهارات وسلوكيات جديدة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وهو عملية مبنية أساسا على الخبرة‪ ،‬وغالبا ما ينتج عنه تغير في السلوك نتيجة اكتساب تلك املعلومات‬
‫واملهارات الجديدة‪ .‬كما يمكن تعريف التعلم التنظيمي بأنه‪ :‬العملية التي من خاللها تتولد املعرفة عن طريف‬
‫نقل الخبرة‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫و يمكن أن تحقق الثقافة التنظيمية االحتواء والترابط من خالل ثقافة التعلم املستمر‪ ،‬وذلك‬
‫بإشراك جميع أعضائها في عملية التعلم‪ ،‬بحيث يصبح جميع العاملين يبحثون عن املشكالت التي تواجه‬
‫املنظمة ويقوم الجميع بالبحث عن حل لتلك املشكالت من أجل توفير فرصة للتجربة والتحسين املستمر‪،‬‬
‫حيث عرف (‪ ،)REYNOLDS, 2004‬ثقافة التعلم‪ ،‬بأنها‪» :‬تلك الثقافة التي تشجع توجيه سلوك األفراد تجاه‬
‫التعلم«‪ ،‬بحيث اقترح مجموعة من املمارسات املشجعة عل تطبيق ثقافة التعلم وهي‪:‬‬
‫‪ ‬تطوير ونشر الرؤية املستقبلية للمنظمة؛‬
‫‪ ‬تمكين العمال وإعطائهم الحرية ألداء أعمالهم‪،‬‬
‫‪ ‬تبني نهج إداري يسهل من اتخاذ القرارات ويسهل من عمل االفراد؛‬
‫‪ ‬توفير بعض الدعائم التي يستند التعلم عليها خاصة املعلوماتية منها؛‬
‫‪ ‬توفير املجال الستقبال التغذية العكسية من العمال؛‬
‫‪ ‬محاولة معرفة أسلوب التعلم الخاص بكل فرد ومحاولة تعديله إن أمكن حتى يتناسب مع طبيعة عمله؛‬
‫كما ُيعطى التعلم التنظيمي املنظمة القدرة على البقاء واملنافسة والتكيف مع التغيرات املستقبلية في‬
‫بيئة العمل‪ ،‬فمن أجل بقاء املنظمة يجب أن تتعلم على األقل بنفس سرعة التغيرات البيئية هذا من ناحية‪،‬‬
‫ومن ناحية أخرى يزيد التعلم التنظيمي من الصالحيات والقدرات اإلدارية التي تمكن املنظمة من خدمة‬
‫عمالئها بشكل أفضل‪ ،‬وتحسين األداء الحالي‪ ،‬وكذلك تعزيز األداء املرتقب مما ينعكس على زيادة قدرة‬
‫املنظمة على اكتساب ميزات تنافسية أكثر‪ ،‬ولكي يحدث التحسن األساس ي في األداء يجب أن يزيد معدل‬
‫التعلم التنظيمي عن معدل التغير التنظيمي‪.‬‬
‫ج‪ .‬االتجاه نحو التقدير والتحفيز‪:‬‬
‫يعتبر االتجاه نحو التقدير والتحفيز وسيلة هامة تسعى املنظمات من خاللها أن توائم بين أهداف‬
‫األفراد وأهدافها‪ ،‬وذلك من خالل تحفيزهم وتقديرهم وتعزيز السلوك االجتمىاعي‪ ،‬لخلىق دافعيىة اجتماعية‬
‫أساسها العالقات االجتماعية التي تؤسس للتعاون و التىرابط االجتمىاعي ألفىراد وتوحيد الجهود للعمل كقدرة‬
‫جماعية في مواجهة املشاكل التي تعيق توازن واستقرار البناء االجتماعي للمنظمة‪ ،‬كما تعتمد استمرارية الفرد‬
‫في األداء املثمر على الدرجة التي تؤكد فيها الثقافة التنظيمية باملنظمة على مراعاة العالقات اإلنسانية بين‬
‫العاملين واالهتمام بتلبية احتياجاتهم‪ ،‬واحترامهم وتقديرهم‪ ،‬ونشر ثقافة اإلنجاز والشعور باألمن واالستقرار‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الوظيفي وكذا تحقيق طموحاتهم الشخصية ورعايتهم صحيا واجتماعيا‪ ،‬ويمكن تحقيق ذلك من خالل ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪48‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪ ‬احترام وتقدير العاملين‪:‬‬


‫يساعد احترام وتقدير العاملين باملنظمة على تحفيزهم واستنهاض جهودهم ورفع كفاءتهم في مجال‬
‫العمل‪ ،‬فكل ما تقدمة املنظمة من أشكال التكريم والتحفيز املختلفة واملعاملة الحسنة للعاملين‪ ،‬له دور‬
‫فعال في رفع كفاءة العمل باملنظمة‪ ،‬كما يحقق نوع من االحتواء والترابط داخل املنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬الشعور باألمن واالستقرار الوظيفي‪ :‬عندما يسود شعور عام لدى العاملين باملنظمة باألمن واالستقرار‬
‫الوظيفي‪ ،‬وأنه ال توجد املخاوف املرتبطة بمشاعر التهديد بالفصل عن العمل‪ ،‬أو توقف نشاط املنظمة‪ ،‬فإن‬
‫ذلك يعكس ثقافة تنظيمية قوية وايجابية قادرة على احتواء أفرادها من خالل اإلحساس بىاألمن واالستقرار‬
‫الوظيفي‪ ،‬ومن ثم ارتفاع مستوى دافعية األفراد إلىى املشىاركة االيجابيىة في تطور وتقدم املنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬املكافأة وتشجيع اإلنجاز‪:‬‬
‫تعد املكافأة وتشجيع اإلنجاز من العوامل املهمة التي تساعد على تحفيز العاملين ورفع كفاءتهم في‬
‫مجال العمل‪ ،‬فاإلدارة الناجحة تستخدم أسلوب الثواب والعقاب من أجل توحيد جهود العاملين في اتجاه فع‬
‫مستوى األداء‪ ،‬وملا كانت املكافأة تؤثر في األساليب التي يتصف بها األفراد فإنه يمكن استخدامها الجتذاب‬
‫العاملين القادرين وإبراز إمكاناتهم وقدراتهم املختلفة وتوحيد جهودهم من أجل تحقيق أهداف املنظمة‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل التحفيز بعدة أساليب من بينها‪:‬‬
‫‪ ‬التحفيز املادي‪ :‬ويشمل الحوافز املادية التي تقوم بإشباع حاجات اإلنسان األساسية فتشىجع العاملين على‬
‫بذل قصارى جهدهم في العمل‪ ،‬و تجنيد ما لديهم مىن قىدرات‪ ،‬و االرتقىاء بمستوى كفايتهم‪ ،‬و من هذه الحوافز‬
‫الراتب واملكافآت التشجيعية و العالوات و املشاركة في األرباح و املكافآت من االقتراحات ‪ ،‬والحوافز املادية‬
‫تشمل كل الطرق املتعلقىة بىدفع مادي على أساس اإلنتاج لزيادته من حيث الكم أو تحسينه من حيث النوع‬
‫أحدهما أو كالهما وعلى ذلك فإن العامل كلما أنتج أكثر أو أفضل كلما تحصل على كسب أكبر فىي حىين أن‬
‫التقصير في اإلنتاج كما أو كيفا يصيبه بالحرمان الجزئي أو الكلىي والحىافز املىادي ذو طابع مالي نقدي أو‬
‫اقتصادي و يتمثل فيما يحصل عليه العاملون من مزايىا أو حقىوق كالرواتب واألجور والعالوات والتعويضات‬
‫واملكافآت واملعاشات التقاعدية‪.‬‬
‫‪ ‬التحفيز املعنوي‪ :‬ويشمل الحوافز املعنوية التي تساعد العامل وتحقق له إشىباع حاجاته األخرى النفسيىة‬
‫واالجتمىاعية‪ ،‬فتزيد من شعور العامل بالرضا في عمله ووالئىه لىه‪ ،‬وتحقيىق التعىاون ب ىىين زمالئىىه‪ ،‬ومنهىىا فىرص‬
‫الترقيىىة واالعت ىراف والتقىىدير بالجهىىد الوظيفي ومسؤوليات الوظيفة‪ ،‬واألثر الوظيفي‪ ،‬واملشاركة في اتخاذ‬
‫القىرارات‪ ،‬وفىرص النمو واالبتكار وفرص التعبير عن الذات وإبداء الرأي واالقتراحات‪ .‬والحوافز املعنوية ال تقل‬
‫أهمية عن الحوافز املعنوية وفقا للظروف التي تمر بها املنظمة‪ ،‬لذا فإن لها أن تختار ما بين الحوافز املعنوية‬

‫‪49‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫ما يالءم ظروفها‪ ،‬والحوافز املعنوية هي التي تشبع حاجة أو أكثر من الحاجات االجتماعية أو الذاتية للفرد‬
‫العامل كالحاجة إلى التقدير‪ ،‬أو تحقيق الذات أو االحترام أو القبول االجتماعي‪ ،‬فهي تعبر عن االعتبارات‬
‫اإلنسانية للعامل في عمله‪ ،‬فهي تحافظ و تحسن اتجاهاته وموقعهم اتجاه العمل و رؤسائهم و زمالئهم بصفة‬
‫خاصة‪.‬‬
‫‪ ‬التحفيز الفردي‪ :‬ويشمل تلك الحوافز التي تستهدف الفرد فيمنح الحوافز نتيجة أداءه عمال معينا و يرتبط‬
‫هذا النوع من الحوافز بأداء الفرد بشكل مباشر‪ ،‬كما يرتبط برغبته في زيىادة دخله لقاء زيادة إنتاجية‪ ،‬كما‬
‫أن هذا النوع من التحفيز يؤدي إلى إيجاد روح التنافس الفردي‪ ،‬و يحصل الفرد من خالله على تقدير رئيسه‬
‫في صورة ثناء أو خطاب شكر أو اشتراك في اتخاذ قرار أو حل مشكلة معينة‪.‬‬
‫‪ ‬التحفيز الجماعي‪:‬‬
‫يتضمن تلك الحوافز التي تحصل عليها مجموعة من األفىراد نتيجىة اشتراكهم في أداء معين بحيث‬
‫ينجر كل عامل جزءا من هذا العمل و يتم توزيىع الحىوافز الجماعية عليهم توزيعا عادال‪ ،‬وتهدف الحوافز‬
‫الجماعية إلى إشباع حاجات نفسية واجتماعية ومادية لىدى أعضىاء الجماعة الواحدة مثل حاجات االنتماء‬
‫ً‬
‫والوالء وتقدير اآلخرين وزيادة رغبتهم فىي تحقيىق املصلحة العامة واألهداف املشتركة مما ينعكس إيجابا في‬
‫تحقيق نوع من االحتواء والترابط‪.‬‬
‫‪ ‬الرعاية الصحية واالجتماعية‪:‬‬
‫تعد الرعاية الصحية واالجتماعية من أهم عناصر الثقافة التنظيمية املرتبطة ببعد االحتواء والترابط‬
‫وذلك من خالل تلبية االحتياجات النفسية واملادية للعاملين‪ ،‬وذلك عن طريق تلبية بيئة العمل املادية‬
‫واالجتماعية املناسبة‪ ،‬وتوفير التأمين الصحي والرعاية الصحية املناسبين للعاملين وألسرهم‪ ،‬وكذلك توفي‬
‫أوجه الرعاية االجتماعية املناسبة لهم‪ ،‬وكذا حل مشاكلهم املختلفة‪.‬‬
‫د‪ .‬االتجاه نحو تفعيل االتصاالت‪:‬‬
‫يعد تفعيل االتصاالت داخل املنظمة من السمات الثقافية املهمة التي تساعد على تحقيق االحتواء‬
‫والترابط‪ ،‬وذلك ملا تحققه االتصاالت في توصيل وتبليغ وتوحيد األفكار وتحقيق التنسيق والتكامل بين‬
‫الوحدات واألقسام املختلفة‪ ،‬مما يساهم في رفع الروح املعنوية للعاملين وتحفيزهم على رفع مستوى أدائهم‪.‬‬
‫إذ أن االتصال الفعال هو أساس التفاعل االجتماعي‪ ،‬حيث يعبر عن مجموع العالقات االجتماعية‪،‬‬
‫التي يىتم فيهىا تبادل املعلومات واألفكار بين أعضاء النسق‪ ،‬هذا التفاعل في التنظيم يعتمد علىى االتصىال‪،‬‬
‫طاملىا أنىه أداة لنقىل املعلومات والوقائع‪ ،‬واألفكار واملشاعر من شخص إلى آخر‪ ،‬ومن مسىتوى معىين إلىى‬
‫مستوى آخر داخل كل التنظيمات‪ ،‬وهذا بىدوره يجعىل مىن املمكىن تحقيىق األهىداف التنظيمية‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫كما يعتبر االتصال الفعال وسىيلة لتبىادل األفكىار واالتجاهات والرغبات بين أعضاء التنظيم‪ ،‬مما‬
‫يساعد على االرتباط والتماسك‪ ،‬كما يؤدي إلى دمج وصهر كل األهداف الفردية في هدف جماعي واحد وهو ما‬
‫يسىاعد على ظهور التعاون في العمل وتجميع مختلف وجهات النظر واملعتقدات قصد إقناع العاملين والتأثير‬
‫في سلوكهم‪.‬‬
‫فطبيعة االتصال الفعال تساعد على تعزيز وتنمية العالقات االجتماعية‪ ،‬كمىا ُيشعر العاملين‬
‫بأهميتهم ودورهم في إنجاح كافىة املشىاريع التىي قامىت املنظمىة مىنى أجلها‪ ،‬وهو ما يساعد في توسيع آفىاق الفرد‬
‫وإبداعاته وبث روح التعاون واالندماج في جماعة العمل وهو ما يحقق نوع من االحتواء والترابط الوظيفي‪.‬‬
‫‪ 0‬ـ بعد االتساق والتجانس‪:‬‬
‫يعد التكامل الثقافي من متطلبات قوة الثقافة التنظيمية وتماسكها‪ ،‬وتتوقف قوة الثقافة التنظيمية‬
‫على بعد االتساق والتجانس والذي يتضمن مدى عمق واتساق القيم التي يعتنقها أفراد املنظمة ومدى‬
‫إيمانهم بها‪ ،‬وكذا على جودة التنسيق والتكامل بين اإلدارات واألقسام املختلفة للمنظمة‪ ،‬وهناك عدة‬
‫متطلبات تسهم في تحقيق مفهوم االتساق والتجانس يمكن توضيحها في ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬وضوح القيم الجوهرية‪:‬‬
‫تعد القيم الجوهرية بمثابة املبادئ األساسية والثابتة للمنظمة التي توضح معايير السلوك‪ ،‬فهي‬
‫ُ‬
‫األساس الذي تبنى عليه املنظمة‪ ،‬وهي التي توحد قيم ومعتقدات األفراد حول األهداف التي تسعى املنظمة إلى‬
‫تحقيقها‪ ،‬كما أن للقيم الجوهرية الغلبة على معظم القيم األخرى السائدة في املنظمة‪ ،‬فجميع القيم الالزمة‬
‫ألداء العمل تشتق من هه القيم الجوهرية‪.‬‬
‫كما تعمل القيم الجوهرية الواضحة على الحفاظ على هوية املنظمة‪ ،‬وعلى إثارة دافعية العاملين‬
‫واملحافظة على سلوكهم اإليجابي‪ ،‬وحتى تتصف القيم الجوهرية بالوضوح‪ ،‬فال بد أن تتوفر فيها الشروط‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ ‬أن تكون واضحة الهدف وسهلة الفهم؛‬
‫‪ ‬أن تكون مقنعة ومختارة من بين عدة بدائل حتي يتم تبنها وااللتزام بها؛‬
‫ً‬
‫‪ ‬أن تكون متسقة ومتوافقة فكريا مع قيم وسلوك العاملين؛‬
‫‪ ‬أن تعزز األداء الذي يحقق أهداف املنظمة والعاملين على حد سواء؛‬
‫‪ ‬أن تكون ثابتة وواقعية بحيث يسهل ترجمتها على أرض الواقع‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫ب‪ .‬االتفاق على القيم الجوهرية‪:‬‬


‫تعتمد قوة وتماسك الثقافة التنظيمية على مدى التطابق والتجانس واالتفاق بين قيم ومعتقدات‬
‫العاملين وقيم ومعتقدات املنظمة‪ ،‬فالثقافة القوية تتمتع بمستويات عالية من االتفاق واالنسجام بين قيم‬
‫ومعتقدات أفرادها‪ ،‬مما يسهم في تحقيق مستويات عالية من الرضا ويزيد من مستوى كفاءة الفرد في‬
‫املنظمة‪.‬‬
‫ً‬
‫كما تعتمد قوة وتماسك الثقافة التنظيمية أيضا على مدى توافق األقوال مع األفعال وهو ما يعرف‬
‫بالتوافق التنظيمي الذي يشير إلى درجة توافق القيم التي تمارسها املنظمة بالفعل مع قيمها املعلنة واملنشورة‬
‫واملوثقة في سالتها‪.‬‬
‫ج‪ .‬التنسيق والتكامل‪:‬‬
‫تتكون معظم املنظمات من إدارات وأقسام متعددة تتفاعل مع بعضها البعض إلنجاز املهام‬
‫التنظيمية املشتركة‪ ،‬ومع زيادة حجم املنظمات وتعقدها وتنوع إداراتها وأقسامها فهي تحتاج إلي مستويات‬
‫عالية من التنسيق والتكامل بين تلك الوحدات حتى تتمكن من تحقيق أهدافها بنجاح‪ ،‬وقد ازدادت أهمية‬
‫التنسيق والتكامل مع اتساع نطاق اإلشراف في املنظمات وتداخل املهام وظهور التركيبات املسطحة‪.‬‬
‫كما يتطلب التنسيق والتكامل تحقيق االنسجام بين نشاطات األقسام والفروع املختلفة‪ ،‬وبين جهود‬
‫العاملين في القسم‪ ،‬أو الفرع الواحد‪ ،‬ضمن إطار تعاوني متناسق‪ ،‬يساعد على تحقيق التكامل‪ ،‬ويعمل على‬
‫توحيد الجهود وتجميعها‪ ،‬وتعبئتها للوصول إلى الهدف املنشود بأفضل الطرق‪ .‬ويتحقق كذلك من خالل قدرة‬
‫اإلدارة العليا على تحقيق التنسيق الفعال بين القيم واملعاني املشتركة والتوقعات املتوافقة التي تضمن أن كل‬
‫جزء في املنظمة يسير نحو اتجاه وهدف واحد‪.‬‬
‫كما ُيحقق التنسيق والتكامل بين اإلدارات واألقسام املختلفة في املنظمة العديد من الفوائد من‬
‫أهمها‪:‬‬
‫‪‬التركيز على إنجاز املهام‪ :‬حيث ال يركز العاملون في اإلدارات املختلفة على إنجاز أهدافهم الشخصية‪ ،‬بل‬
‫يركزون على األهداف الكلية للمنظمة ككل‪ ،‬مما يؤدى إلى تبادل املعلومات واملوارد وبالتالي حدوث تقدم أكثر‬
‫في إنجاز املهام‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة التحام وتماسك العاملين‪ :‬يؤدي التعاون والتكامل بين العاملين إلي زيادة درجة االلتحام والتماسك‬
‫بينهم‪ ،‬حيث ينجذب العاملون للمنظمة ككل وليس للجماعة التي ينتمون لها‪ ،‬ويتحقق إشباع ورضا لجميع‬
‫أعضاء املنظمة‪ ،‬فاألعضاء في اإلدارات املختلفة يتعاونون مع بعضهم البعض ويعملون على ربط إنجاز مهام‬
‫األقسام املختلفة بأهداف املنظمة‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪ ‬إنجاز األهداف التنظيمية‪ :‬يساعد التعاون املنظمة على إنجاز أهدافها حيث توجه مختلف الجهود‬
‫لتحقيق أهداف املنظمة وال توجه طاقة العاملين للتنافس بين بعضهم البعض‪ ،‬فاملنظمات تستطيع أن تحقق‬
‫أهدافها الكلية بنجاح عندما تقوم املجموعات الفرعية بأداء مهامها بصورة جيدة وتتعاون مع بعضها البعض‪.‬‬
‫‪3‬ـ بعد القدرة على التكيف‪:‬‬
‫يتكلل سعي املنظمات الهادفة للبقاء بمدى نجاحها في التكيف مع بيئتها‪ ،‬ففي خضم ما تواجهه‬
‫ً‬
‫املنظمات من تغيرات متسارعة في شتى امليادين كونها تعمل في بيئات ديناميكية مضطربة قياسا بالبيئات التي‬
‫كانت تعمل فيها بالسابق‪ ،‬فإن حالة القبول بأن البيئة املضطربة هي الحقيقة السائدة في الوقت الحاضر‬
‫بدأت تتزايد‪ ،‬من هنا تتأكد أهمية دراسة البيئة وأثرها على منظماتنا‪ .‬لذلك أصبحت املنظمات اليوم تعمل‬
‫في ظل بيئة متحركة ومتغيرة ومعقدة تحتوي على الكثير من املتغيرات التي يكون لها أثر بالغ األهمية في مجمل‬
‫العمليات واألنشطة التي تمارسها املنظمة والقرارات التي تتخذها‪ ،‬لذلك تسعى هذه املنظمات للتكيف مع‬
‫التغيرات الحاصلة في بيئتها عن طريق القرارات االستراتيجية التي تتخذها بعد فهم طبيعة ما يحصل في‬
‫البيئة من تغيرات واستيعابها وتحديد سبل االستجابة ملتطلباتها أو محاولة التأثير فيها قدر اإلمكان لتحقيق‬
‫أهدافها في النمو والتطور والبقاء‪.‬‬
‫كما أن موضوع التكيف البيئي يستلزم بعض العناوين الرئيسية مثل الفلسفة واالستراتيجية التي‬
‫يتحدد بموجبها الغرض الرئيس ي للمنظمة واستراتيجية تحقيقه واملعاني التي يتم بموجبها كيفية أداء األفراد‬
‫واملدراء من أجل تحقيق األهداف االستراتيجية‪ ،‬لذلك نجد أن هناك عالقة ارتباط قوية بين الثقافة‬
‫التنظيمية واإلدارة االستراتيجية‪ ،‬حيث أن التعديل في إحداهما يؤدي إلى التعديل في األخرى‪.‬‬
‫أ‪ .‬مفهوم القدرة على التكيف‪:‬‬
‫إن القدرة على التكيف مع البيئة الداخلية والخارجية تعتبر من أحد الخصائص الهامة واألساسية‬
‫لثقافة املنظمة‪ ،‬وهذا يعني وجود نظام من املعتقدات والقيم واملعايير التي تدعم قدرة املنظمة على استقبال‬
‫وتفسير و ترجمة اإلشارات الصادرة من البيئة إلى سلوكيات تعمل على زيادة فرصة املنظمة في البقاء والنمو‪.‬‬
‫كما أن القدرة على التكيف تعتبر مؤشر لقدرة املنظمة على تشخيص التغيرات البيئية الحاصلة في محيط‬
‫عملها ومن ثم القيام بكافة التعديالت والتغيرات املمكنة في تركيبها ونشاطاتها التنظيمية لتحقيق التناغم مع‬
‫ُ‬
‫هذه التغيرات‪ .‬وتعني عملية التكيف البيئي بكل ما يخص حاالت املوائمة فيما بين عناصر املنظمة الداخلية‬
‫وعناصر البيئة الخارجية سواء كانت البيئة الخاصة أو البيئة العامة‪ ،‬وذلك لتصور الرؤية املىستقبلية‬
‫للمنظمىة‪ ،‬ورسم رسالتها وتحديد غاياتها علي املدى البعيد‪ ،‬وتحديد أبعاد العالقات املتوقعىة بينها وبين بيئتها‬

‫‪53‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫بما يسهم في بيان الفرص واملخاطر املحيطة بهىا‪ ،‬ونقىاط القىوة والضعف املميزة لها‪ ،‬وذلك بهدف اتخاذ‬
‫القرارات االستراتيجية املؤثرة علي املدى البعيد ومراجعتها وتقويمها‪.‬‬
‫ومن خالل استعراض املفاهيم السابقة يتبين لنا بأن التكيف البيئي يتعلق بتحليل البيئة الداخلية‬
‫والخارجية والتي هي عبارة عن مجموعة من املثيرات املتنوعة‪ ،‬لذا على املنظمة أن تفهم تلك املثيرات بطرق‬
‫مختلفة وتستجيب بإجراء تعديالت وتغيرات في بيئتها الداخلية وذلك حسب طريقة إدراكها في إطار سلوك‬
‫تكيفي تنظيمي بينها وبين البيئة الخارجية‪.‬‬
‫ً‬
‫وتأسيسا على ما تقدم يمكن تحديد مفهوم القدرة على التكيف بأنها مقياس لقدرة تفكير املنظمة في‬
‫إحداث التغيرات االستراتيجية األنسب في أبعاد متنوعة من بيئتها الداخلية ملواجهة تحديات محتملة في البيئة‬
‫الخارجية لضمان تحقيق فاعليتها‪.‬‬
‫ب‪ .‬أهمية القدرة على التكيف‪:‬‬
‫تحقق املنظمات التي تتسم بالقدرة على التكيف العديد من املزايا واملنافع‪ ،‬منها ما يرتبط بوضوح‬
‫الرؤية املستقبلية أمىام واضعي االستراتيجية وتحقيق عنصر املبادأة لتفاعل املنظمة مع بيئتها‪ ،‬بجانب إمكانيىة‬
‫تحقيق املنظمة للعائد االقتصادي املرض ي‪ ،‬وتخصيص مواردها وفق ما يسهم باستغالل الفرص املمكنة‬
‫واالستفادة من نقاط القوة املتاحة وتجنب املخاطر املحيطىة وتحجىيم عوامل الضعف الداخلية وفيما يلي‬
‫نتناول بعض املزايا التي تعود علي املنظمات من جراء اهتمامها بخاصية القدرة على التكيف من خالل‬
‫اهتمامها بالتوجه االستراتيجي‪:‬‬
‫‪ ‬وضوح الرؤية املستقبلية واتخاذ القرارات االستراتيجية‪ :‬إن املنظمات الناجحة هي تلك التي لها رؤية‬
‫صائبة عن األمور املستقبلية ودقة في توقعاتها وبالتالي تكرس مواردها واهتماماتها لهذه األمور‪ .‬وهكذا يمكىن‬
‫القول بأن املنظمات التي تتسم بالقدرة على التكيف هي تلك املنظمات التي تهتم بوضع استراتيجيات واضحة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ألعمالها وتحقق نجاحا ملحوظا في إنتاجيتها ومبيعاتها وأرباحها‪.‬‬
‫‪ ‬التفاعل البيئي علي املدى البعيد‪ :‬ال تستطيع املنظمات التىأثير في ظروف ومتغيرات بيئتها على املدى‬
‫القصير‪ ،‬إذ ال يمكنها التحكم أو السيطرة علي الظروف االقتصادية أو االجتماعية السىائدة‪ ،‬في حين يمكنها‬
‫ذلك من خالل تفاعلهىا البيئي علي املدى البعيىد‪ ،‬بناء علي قراراتها االسىتراتيجية‪ ،‬الىتي تمكنها من التأثير في‬
‫بيئتها‪ ،‬ومن ثم يمكن للمنظمة ذات الثقافة املتكيفة أن تحظى باستغالل الفرص املتاحة وتقلل من أثر‬
‫املخاطر البيئية بما يعزز عناصر القوى الداخلية ويحسن من عوامىل الىضعف الداخلية‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪ ‬تحقيق النتائج االقتصادية واملالية املرضية‪ :‬أثبتت بعض الدراسات أن هنىاك عالقة إحصائية إيجابية‬
‫بين النتائج االقتصادية واملالية للمنظمة ومدى اهتمامهىا بالتوجه االستراتيجي طويل املدى وتحريها دقة اتخاذ‬
‫القرارات االستراتيجية‪.‬‬
‫‪ ‬تدعيم املركز التنافس ي‪ :‬إن القدرة على التكيف تمكن املنظمات من تقوية مركزها التنافس ي في ظل‬
‫الظروف التنافسية املحلية أو الدولية‪ ،‬وتدعم مركز الصناعات الىتي تواجىه التغيرات التكنولوجية املتالحقة‪،‬‬
‫وتساعد املنظمات علي االستفادة من مواردها وثرواتها الفنية واملادية والبشرية‪.‬‬
‫‪ ‬القدرة علي إحداث التغيير‪ :‬تعتمد املنظمات التي تتسم بالقدرة على التكيف في وضع وصياغة‬
‫استراتيجياتها على كوادر ذات تحديات ونظرات ثاقبة للمستقبل تحمل معها الرغبىة في إحىداث التغىيير‬
‫والتصحيح واالكتشاف‪.‬‬
‫‪ ‬تخصيص املوارد واإلمكانات بطريقة فعالة‪ :‬تساعد القدرة على التكيف مع املستجدات واملتغيرات البيئية‬
‫علي توجيه جهود املنظمة التوجيه الصحيح في املدى البعيىد‪ ،‬كمىا تىسهم في استخدام مواردها وإمكاناتها‬
‫بطريقة فعالة بما يمكن من تعزيز نقاط القىوة والتغلب علي نقاط الضعف‪.‬‬
‫وبموجب ما سبق يمكن النظر إلى القدرة على التكيف من خالل تحقيق التطابق بين عمليات صياغة‬
‫استراتيجيات املنظمة ومكونات بيئتها التي تتسم بالتعقيد والديناميكية‪ ،‬ذلك أن نجاح املنظمات مرهون‬
‫بنجاح استراتيجياتها املختارة التي تحقق لها التكيف مع البيئة وتذليل عقباتها لتسهم االستراتيجية عندئذ‬
‫بزيادة احتماالت النجاح املستهدف‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ بعد تشجيع اإلبداع واالبتكار‪:‬‬
‫يعتبر موضوع اإلبداع واالبتكار من املوضوعات الهامة بالنسبة لجميع املنظمات التي تواجه بيئة‬
‫متغيرة ومعقدة‪ ،‬لذلك أصبح تشجيع اإلبداع واالبتكار والحث عليه في مقدمة األهداف التي تسعى العديد من‬
‫املنظمات إلى تحقيقها‪ ،‬كما يعتبر اإلبداع واالبتكار من أكبر التحديات التي تواجه املنظمات‪ ،‬فقد أدت‬
‫املنافسة بين املن ظمات بشكل خاص وعوامل البيئة املحيطة باملنظمة بشكل عام إلى تنامي حاجة املنظمات‬
‫لتطوير الخدمات وابتكار و إبداع إجراءات وعمليات جديدة لتعزيز األداء وتأكيد البقاء‪.‬‬
‫أ‪ .‬مفهوم تشجيع اإلبداع واالبتكار‪:‬‬
‫تعد الثقافة التنظيمية أحد املحددات الرئيسية لطبيعة املمارسات اإلبداعية في أي منظمة فهي‬
‫تشكل األنماط املعيارية للممارسات السلوكية لألفراد والعالقات الشخصية التي تنشأ بينهم‪ ،‬فالقيم‬
‫واملعتقدات التنظيمية املكونة لثقافة التنظيمية تمثل املحك األساس ي للطاقات والقدرات اإلبداعية باملنظمة‪،‬‬
‫فهي تؤثر بالدرجة األولى على أداء الفرد وإبداعه وإنتاجيته في مجال العمل‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫فالثقافة التنظيمية تمثل نقطة البداية الحقيقية إلثارة الدافعية وتحريك السلوك نحو األداء املثمر‬
‫ً‬
‫واإلبداع‪ ،‬وهناك ثالثة عناصر أساسية يعد وجودها شرطا ضروريا لوجود مناخ تنظيمي مشجع وداعم‬
‫للتوجهات اإلبداعية‪:‬‬
‫‪ ‬تبني املنظمة للقيم واملبادئ التي تنمي االتجاهات اإلبداعية وإعالنها ملختلف العاملين بها‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬صياغة هذه القيم وترجمتها في نظم وأساليب ووسائل تغرس اإلبداع منهجا لكل العمليات والنشاطات‬
‫الوظيفية‪.‬‬
‫‪ ‬إتباع النظم واألساليب والحوافز التي تعمق إيمان العاملين بهده القيم واملبادئ بالقدر الذي يحقق‬
‫التزامهم بها وحرصهم على تنظيمها‪.‬‬
‫وبناء على ما سبق فإن الثقافة التنظيمية املشجعة على االبتكار واإلبداع ينبغي أن تتوفر فيها‬
‫مجموعة من العوامل املحفزة على االبتكار واإلبداع ومن أهمها‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ ‬تحسين املناخ العىام باملنظمىة وجعلىه أكثىر انفتاحىا وتبىادل للخبرات وتقىبال للىرأي والرأي اآلخر‪.‬‬
‫‪ ‬وضع التصورات املستقبلية للمنظمة بالتعاون مع املبدعين‪.‬‬
‫‪ ‬تشجيع األداء االبتكاري‪ ،‬ودعم املبدعين وتبنىي أفكىارهم ودراستها بشىكل جىاد‪ ،‬حتىى لىو بدت غريبة ألول‬
‫وهلة‪.‬‬
‫‪ ‬تشجيع العاملين على طرح األفكار واالستماع إليها واحترامها‪ ،‬وكذلك تشجيع النقاش الحر واالهتمام بآراء‬
‫اآلخرين واالعتراف بمساهماتهم في اإلنجاز‪،‬‬
‫‪ ‬توفير قنوات اتصال مفتوحة تسمح بنقل املعلومات املرتدة والسماح لكل املستويات بتوصيل ما لديها من‬
‫أفكار أو تحفظات‪.‬‬
‫‪ ‬تشجيع وتنمية قدرات األفراد بإتاحة الفرصة لهم للمشاركة في اتخاذ القرارات وتحقيق النجاحات‬
‫للمنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬تشجيع األفراد على التعبير عن أفكارهم بحرية؛ وذلك من خالل احترام تباين وجهات نظر العاملين‬
‫والتشجيع على ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬الحد من اإلشراف املفرط‪ ،‬وتوفير قدر من االستقاللية لدى العاملين‪ ،‬ومنحهم الصالحيات التي تمكنهم من‬
‫أداء أعمالهم‪.‬‬
‫‪ ‬البنية التنظيمية؛ واملقصود عدد محدود من التسلسل الهرمي‪ ،‬ومعايير مرنة‪ ،‬والالمركزية القوية‪،‬‬
‫‪ ‬املوارد املادية والتكنولوجية؛ وتعني توافر األدوات والتقنيات التكنولوجية التي تيسر عمليات إنتاج األفكار‬
‫الجديدة‪،‬‬

‫‪56‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪ ‬إفساح املجال للمبادأة واملخاطرة وتحمل نتائج الفشل؛ وذلك من خالل التقليل من أهمية األفكار املترتبة‬
‫على األفكار اإلبداعية وتوفير الحماية للعاملين من مخاطر تطبيق أفكارهم اإلبداعية‪.‬‬
‫‪ ‬التدريب؛ ويعني تطوي برامج تدريب لكل العاملين في املنظمة بهدف تنمية القدرات اإلبداعية‪،‬‬
‫‪ ‬تشجيع العاملين علىى التفاعىل واملشىاركة مىع مجموعىات العمىل األخىرى إلىى جانىب املجموعة التي ينتمون‬
‫إليها‪،‬‬
‫‪ ‬تعزيز الرقابة الذاتية لدى العاملين‪،‬‬
‫‪ ‬تعميم قصص النجاح واإلبداع والتأكيد على األبطال وأهميتهم‪،‬‬
‫‪ ‬التخلص من اإلجراءات الروتينية املعقدة التي تحول دون انطالق األفكار واإلبداع‪ ،‬وتفجير الطاقات‬
‫اإلبداعية املكبوتة لدى العاملين‪.‬‬
‫‪ ‬اسىتخدام مثيرات اجتماعية تسىاعد علىى خلىق منىاخ اجتمىاعي مالئىم وعالقىات إيجابية غير رسمية‪ ،‬تسهم‬
‫في دعم وتطوير عالقىات العمىل‪ ،‬وتسىمح باإلبىداع الحىر البعيد عىن القوالب الرسمية الجامدة‪.‬‬
‫‪ ‬إفساح املجال ألية فكرة أن تولد وتنمو وتكبر ما دامت في االتجاه الصحيح‪ ،‬مع إعطاء حرية كبيرة ألفراد‬
‫كي يبدعوا‪.‬‬
‫‪ ‬يجب مكافأة وتشجيع اإلبداع واالبتكار أينما وجد‪ ،‬فالش يء الذي يكافأ هناك ميل دائم ومستمر لتكراره‪،‬‬
‫‪ ‬تخصيص جوائز ومخصصات مالية للمبدعين‪،‬‬
‫َ‬
‫‪ ‬وضع الرجل املناسب في املكان املناسب‪ ،‬وتكليفه بأعمال تمثل تحديات لفكره وقدراته لكي ت ْزكى فيه روح‬
‫اإلبداع والتطوير وتحدي املجهول دون مبالغة أو تفريط‪،‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬التطلع إلى األعلى دائما من شأنه أن يحرك حوافز األفراد إلى االبتكار واإلبداع‪،‬‬
‫‪ ‬مساندة املسؤولين لألفكار اإلبداعية وتقبلهم ودعمهم لها‪.‬‬
‫‪ ‬بث الثقة بالنفس‪ ،‬والتأكيد على أن كل فرد قىادر علىى اإلبىداع طاملىا تىوفرت لىه عوامىل اإلبىداع ومناخه‬
‫املناسب‪.‬‬
‫‪ ‬تشجيع اسىتخدام األساليب العلمية‪ ،‬التىي تسىهم فىي توليد األفكىار وخلىق روح اإلبداع وتقديم أفكىار‬
‫جديدة عنىد دراسة القرارات فىي مختلىف مراحلهىا‪ ،‬ومىن ببن تلىك األساليب‪ ،‬أسىلوب العصىف الىذهني‪ ،‬التحليل‬
‫املرفولوجي‪ ،‬وقبعات التفكير الستة‪ ،‬وتحليل العوامل املؤثرة‪ ،‬أسلوب سكامبر (األسئلة املحفزة لطرح األفكار)‪،‬‬
‫والتأليف بين األشتات واملجموعة اإلسمية ومصفوفة االكتشاف وغيرها من األساليب التي تنتج أفكار إبداعية‬
‫جديدة تعتبر املنطلق الرئيس ي لإلبداع‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫وعلى ضوء ما سبق يمكن القول بأن الثقافة التنظيمية املؤيدة أو املشىجعة لإلبىداع تقوم على أساس‬
‫مجموعة من االعتبارات؛ كالتركيز على الحوافز املادية واملعنوية والفكرية والرحالت الترفيهية لتشجيع اإلبداع‬
‫وتخصيص ميزانية كافية للبحث والتطوير‪ ،‬والتشجيع على تحمل املخاطر من خالل تقدير األفكار الجديدة‬
‫واملفاهيم غير التقليدية‪ ،‬واملحاولة في األشياء الجديدة وإن كانت خطرة وتقبل األخطاء التي يمكن تجنبها إذا‬
‫لم تنجح املحاوالت اإلبداعية‪ ،‬واملشاركة في صنع القرارات والتوسع في الالمركزية في اتخاذ القرارات وتفويض‬
‫السلطة بشكل أكبر وتطوير األنظمة والقوانين الخاصة بالعمل والتأكيد على املرونة في تطبيقها‪ ،‬وكذا إقامة‬
‫الدورات التدريبية إليضاح أهمية اإلبداع وتدريب العاملين على أساليب تنمية القدرات اإلبداعية‪ ،‬وإيفاد‬
‫العاملين إلى الخارج لنقل وتوطين التكنولوجيا الحديثة‪ ،‬واالعتماد على املعايير العلمية في عملية التوظيف‬
‫الختيار األشخاص املناسبين باإلضافة إلى تعيينهم في األماكن التي تتناسب مع قدراتهم وميوالتهم‪ ،‬وزرع روح‬
‫العمل الجماعي بين العاملين وإعطائهم الحرية لتقديم أفكار التي تؤدي إلى التغيير البناء‪ ،‬والعمل على تطبيق‬
‫األفكار اإلبداعية بعد اختبارها بشكل علمي‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ بعد التوجه نحو النتائج‪:‬‬
‫تقوم املنظمات بممارسة األعمال التي أنشئت من أجلها ولكل منها هدف أو مجموعة أهداف تسعى‬
‫لتحقيها‪ ،‬وتنجح بعضها في تحقيق أهدافها من نمو وتوسع وقدرات على إشباع حاجات عمالئها والنجاح في‬
‫دخول أسواق جديدة‪ ،‬وإنتاج منتجات جديدة مما يؤدي إلى بقائها واستمرارها ويتعثر بعضها األخر ويفشل في‬
‫تحقيق األهداف مما يؤدي إلى اإلفالس أو الخروج من عالم األعمال‪ ،‬وقد تشترك هذه املنظمات الناجحة‬
‫والفاشلة في النشاط نفسه‪ ،‬وفي الظروف البيئية نفسها بل وتقوم كل منها بتوفير نوع من املنتجات نفسها‪ ،‬ولكن‬
‫تنجح األولى وتفشل الثانية‪ ،‬ويعود ذلك إلى وجود ثقافة قوية تلعب دور أساس ي في الرفع من إنتاجية‬
‫العاملين وكذا رضاهم الوظيفي والرفع من الروح املعنوية لهم وتسهل عملية االتصال فيما بينهم وينتج عن‬
‫ذلك كله مستوى من التعاون وااللتزام والتجانس حيث يعمل جميعهم داخل إطار ثقافي موحد يدفعهم إلى‬
‫االتجاه نحو تحقيق األهداف املرجوة والتفوق في تحقيق األداء التنظيمي‪.‬‬
‫أ‪ .‬مفهوم التوجه نحو النتائج‪:‬‬
‫التوجه نحو النتائج عبارة عن مجموعة من العمليات املتداخلة و املتكاملة‪ ،‬تهدف إلى التحديد‬
‫الدقيق والواضح للغايات واألهداف املرجوة واعتمادها كأساس للتخطيط والتوجيه في كافة مجاالت‬
‫النشاطات باملنظمة‪ ،‬وهذا من خالل تحديد املستوى املطلوب من األداء ثم قياس املستوى الفعلي لألداء‬
‫وتحديد الفارق بين املستويين والعمل على تضييقه وتحسين وتطوير األداء الفعلي ليصل إلى املستوى‬
‫املستهدف‪ .‬كما أن األداة الحقيقية والقوة الفاعلة في تحقيق غايات وأهداف املنظمات هم املوارد البشرية من‬

‫‪58‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫العاملين ذوي املعرفة الذين يتم اختيارهم بعناية فائقة‪ ،‬وتوفر لهم اإلدارة فرص التنمية املستمرة والتدريب‬
‫الهادف إلى زيادة مهاراتهم‪ ،‬وتستثر قدراتهم الفكرية واملعرفية في تطوير األداء وبالتالي تحقيق األهداف‬
‫املسطرة‪.‬‬
‫كما أن التوجه نحو النتائج عبارة عن عملية مستمرة‪ ،‬تنفذ باالشتراك بين املوظف و رئيىسه املباشر‪،‬‬
‫وتهدف إلى التوصل إلى توقعات وفهم واضحين بخصوص‪:‬‬
‫‪ ‬واجبات العمل األساسية التي يتوقع من املوظف تأديتها‪.‬‬
‫‪ ‬كيف يسهم عمل املوظف في تحقيق أهداف املؤسسة‪.‬‬
‫‪ ‬ماذا يعني إتقان العمل بعبارات محددة‪.‬‬
‫‪ ‬كيف سيعمل املوظف واملشرف معا للمحافظة على األداء الحالي للموظف وتحىسينه والبناء عليه‪.‬‬
‫‪ ‬كيف سيجري تقييم أداء العامل‪.‬‬
‫‪ ‬ما هي العقبات التي تعترض األداء وكيفية التغلب عليها‪.‬‬
‫ويعتقد (‪ ،)DENSION‬بأن القيم واالتجاهات واالفتراضات واملعايير السائدة في املنظمة لها تأثير كبير‬
‫على تحقيق أهداف املنظمة من خالل التأثير على أداء املنظمة‪ ،‬فهو يرى بأن زيادة األداء أو تناقصه يرجع إلى‬
‫القيم واملعتقدات التي يعتنقها أفراد املنظمة‪ .‬حيث أشارت العديدة من الدراسات إلى وجود عالقة إيجابية‬
‫بين الثقافة التنظيمية والتوجه نحو النتائج‪ ،‬ففي الدراسة التي أجراها كل من ( ‪PETERS AND‬‬
‫‪ ،)WATERMAN‬حول خصائص املنظمات متميزة األداء وجدا أن هيمنة الثقافة التنظيمية وتماسكها هي‬
‫صفة أساسية في هذه املنظمات متفوقة األداء‪ ،‬إذ نجد أن الثقافة التنظيمية املتجهة نحو تحقيق النتائج هي‬
‫ُ‬
‫تلك الثقافة التي تعمل على إزالة الحاجة إلى الكتيبات والخرائط واللوائح التنظيمية‪ ،‬فاألفراد يعرفون ماذا‬
‫يفترض أن يعملوا وكيف يعملون ألن السلوك املناسب تحدده استمرار الرموز والحكايات واملراسيم‬
‫والطقوس‪ ،‬كما تعمل الثقافة التنظيمية أيضا على زيادة فعالية املنظمة وزيادة الترابط االجتماعي وجماعية‬
‫العمل وفعالية نظام االتصال الداخلي وذلك لتركيزها على اإلنجاز والنتائج‪.‬‬
‫وفي بحث آخر حدد كل من (‪ ،)PETERS AND WATERMAN‬مجموعة من املعتقدات التي تعكس‬
‫الثقافة التنظيمية السائدة في املنظمة التي تود الوصول إلى تحقيق األهداف من خالل تحقيق أداء متميز وهذه‬
‫املعتقدات هي‪:‬‬
‫ً‬
‫شعورا باالستمتاع بالعمل‬ ‫‪ ‬ضرورة خلق مناخ يسمح بأداء الفرد لعمله في ظروف جد مناسبة مما يولد لديه‬
‫الجاد واملمتع في نفس الوقت‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪ ‬ضرورة اعتقاد األفراد بأن يكونوا األفضل في أدائهم ألعمالهم وتقديم مخرجات تمكنهم من التفوق على‬
‫بقية املنافسين‪.‬‬
‫‪ ‬االعتقاد بقدرة األفراد على االبتكار وتحمل املخاطرة دون تعريضهم للعقاب عند الفشل‪.‬‬
‫‪ ‬االعتقاد بأهمية الحضور للتعرف على التفاصيل‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة االهتمام البالغ بالعاملين ورد االعتبار لهم كآدميين لهم مشاعر وأحاسيس تحكم سلوكاتهم و‬
‫تصرفاتهم‪.‬‬
‫‪ ‬تشجيع االتصال غير الرسمي باعتباره وسيلة أساسية في تحسين تدفق املعلومات‪.‬‬
‫‪ ‬االعتقاد بأهمية ضبط اإلدارة بافتراض أن املديرين يجب أن يكونوا فاعلين وليس مجرد مخططين‪.‬‬
‫‪ ‬االهتمام بالفلسفة التنظيمية املعترف بها واملعدة واملؤيدة من اإلدارة العليا باعتبارها املرشد األساس ي‬
‫لسلوك األفراد داخل املنظمة‪.‬‬
‫ب‪ .‬متطلبات تحقيق التوجه نحو النتائج‪:‬‬
‫يحتاج تحقيق التوجه نحو النتائج مجموعة من املتطلبات من بينها‪:‬‬
‫‪ ‬وضع األهداف‪ :‬تعتبر عملية وضع األهداف من األمىور الجذابىة واملوجهىة ألداء األفراد‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫توجيه جهود العاملين‪ ،‬وتوضيح أدوارهم‪ ،‬حيث أثبتت العديد من الدراسات أن األهىداف الواضحة واملحددة‬
‫تحث األفراد على األداء الفعال وهو ما يحقق النتائج املسطرة‪ .‬كما يمكن تلخيص أهمية وضع األهداف في‬
‫النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ ‬تنشيط وتوجيه الجهود‪ :‬إذ تعتبر األهداف غايات يستهدفها السلوك‪ ،‬ألنها تنشط وتوجىه السلوك نحوها‪،‬‬
‫فعند قيام املنظمة بتحديد أهدافها فإن جهود العاملين توجه نحوها‪ ،‬كمىا أن األهداف هي أساس وضع‬
‫الخطط واالستراتيجيات‪ ،‬وبالتالي توفر األهداف حافزا لإلدارة والعاملين لبذل الجهد الالزم للوصول إليها و‬
‫تحقيقها‪.‬‬
‫‪ ‬توفير مستلزمات الرقابة‪ :‬حيث تعتبر األهداف الدعامة الرئيسية لوظيفة الرقابة‪ ،‬حيىث تسعى هذه‬
‫األخيرة إلى التحقق من أن األداء يتم وفقا لألهداف املحددة‪.‬‬
‫‪ ‬توفير مقاييس األداء‪ :‬حيث توفر األهداف األسس و املعايير التي تىستخدم لتقيىيم أداء اإلدارة و العاملين‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ ‬التركيز على املوظف‪ :‬يعتبر املوظف العامل األكثر تأثيرا في تحقيق النتائج املسطرة‪ ،‬و هناك عدة مداخل‬
‫يمكن استخدامها لتحسين قدرات املوظف لتحقيق النتائج املسطرة من أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬التركيز على نواحي القوة‪ :‬يجب اإلدراك أن محاولة القضاء على جميع نواحي الضعف في املوظف أمر غير‬
‫واقعي ‪ ،‬وأن كل فرد هو عبارة عن خليط من نواحي القوة و نىواحي الضعف حيث تتغلب نواحي القوة على‬

‫‪61‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫نواحي الضعف عند أغلب األفراد‪ ،‬و بالتالي تكىون مجهودات التحسين أكثر نجاحا عندما يتم تركيز البحث على‬
‫أساليب االستفادة من املواهب والقدرات املتوفرة‪ ،‬فضال عن محاولة تنمية مواهب وقدرات ضعيفة أو‬
‫جديدة‪.‬‬
‫‪ ‬التركيز على املرغوب‪ :‬لوحظ أن هناك ارتباط ذا داللة بين ما يرغب الفرد في عملىه و بين ما يؤديه بامتياز‪،‬‬
‫وبالتالي يمكن زيادة احتماالت األداء املمتاز بالقدر الذي يمكىن بىه السماح لألفراد بأداء األعمال التي يحبون‬
‫أداءها‪ ،‬و هذا ال يعني أن ينجز العمىل و يتىرك دون أداء ملجرد أن أحدا ال يرغب في أداءه فاملطلوب هو توفير‬
‫درجة من االنسجام بىين األفراد واألعمال املوكلة إليهم‪.‬‬
‫‪ ‬الربط باألهداف الشخصية‪ :‬يجب أن ترتبط مجهودات تحسين األداء وتنسجم مع أهىداف املوظف‬
‫الشخصية و اهتماماته‪ ،‬حيث أنه عندما تتوافر لدى املوظف اهتمامات مهنية قوية يجب االستفادة منها عن‬
‫طريق إظهار كيف أن التحسين املرغوب في األداء سيىساهم فىي تحقيق هذه االهتمامات ‪ ،‬و تؤدي هذه العملية‬
‫إلى توفير النفع املتبادل وبالتالي تحقيق النتائج املرجوة بفعالية‪.‬‬
‫‪ ‬التركيز على محتوى الوظيفة‪ :‬إن التغيير في تركيبة املهام الوظيفية املوكلة للموظف‪ ،‬يوفر فرصا جيدة‬
‫لتحسين األداء‪ ،‬وتساهم محتويات الوظيفة في تدني األداء إذا كانت مملة‪ ،‬وإذا كانت تفوق مهارات املوظف‪،‬‬
‫أو إذا احتوت على مهام غير مناسبة أو غير ضرورية‪ ،‬وهناك عدة أساليب لدراسة هىذه املشاكل أهمها‪:‬‬
‫‪ ‬تحديد املهام الضرورية‪ :‬إن نقطة البداية في دراسة وتحسين األداء في وظيفة معينة هو التساؤل عن‬
‫ضرورة كل مهمة من مهام الوظيفة‪ ،‬بمعنى آخر أنه عند دراسة الوظيفة بعناية يجب أن تقلص هذه الوظيفة‬
‫إلى عناصرها األساسية فقط‪.‬‬
‫‪ ‬تحديد املهام املالئمة‪ :‬بعد تحديد املهام الضرورية للوظيفة يتم تحديد الجهىة املناسىبة التي يجب أن‬
‫تؤدى فيها هذه املهام‪ ،‬أو بمعنى آخر تحديد املهام املالئمة لسلطات واملوظف و صالحياته‪.‬‬
‫‪ ‬تصميم الوظيفة‪ :‬إن نتيجة عملية تحليل الوظيفة هو تصميم الوظيفة ‪ ،‬واملقصود بتصميم الوظيفة‬
‫عملية تحديد مهام و أنشطة الوظيفة الواحدة و تجميعها وفقا العتبىارات التىشابه واالرتباط‪ ،‬ويتضمن‬
‫تصميم الوظيفة عادة مفهومين أساسين توسيع نطاق الوظيفة وإثىراء الوظيفىة حيث يتضمن توسيع نطاق‬
‫الوظيفة زيادة عدد مهام املوظف املنجزة داخل إطار الوظيفىة التي يشغلها‪ ،‬أما إثراء الوظيفة فيتضمن زيادة‬
‫املسؤولية والحرية املعطاة للموظىف‪.‬‬
‫‪‬تبادل الوظائف‪ :‬تبادل الوظائف هو أسلوب سهل ولكنه فعال في تخفيض أو إزالة امللىل الوظيفي‪ ،‬وبالتالي‬
‫فهو يرفع من مستوى الدافعية لدى العاملين‪ ،‬ويعني هىذا األسىلوب عملية تحريك األفراد من وظيفة إلى‬
‫أخرى لفترة من الوقت‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪6‬ـ بعد التوجه بالفريق‪:‬‬


‫ُتعد فرق العمل أحد األساليب اإلدارية التي تؤدي إلى زيادة فعالية املنظمات‪ ،‬كما أصبحت فرق‬
‫العمل استراتيجية ُمنتهجة في العديد من املنظمات التي تستطيع استثمار مواردها بنجاح من خالل اختزال‬
‫الكلف وتحىسين العوائد على املوجودات‪ ،‬ولقد أسىهمت التغيىرات البيئية واالنتقاالت الفلسفية في منهج االدارة‬
‫وكذا التطورات السريعة التي شهدها العىالم في مجال التقنيات والتنظيم إلى تحول كبير من خالل االنتقال‬
‫من األنموذج الهرمي للمنظمة الذي يركز على الطابع الفردي واالجتهادي في السلوك إلى أنموذج جديد يستند‬
‫ً‬
‫أساسا إلى مفهوم الفريق‪ ،‬من هنا تعاظم االهتمام ببناء فرق العمل وانتقل تركيز السلوكيين من الفرد إلى‬
‫الجماعة‪ ،‬وأصبحت القناعة بأن تقسيم املنظمة إلى فرق عمل يؤدي إلى منافع متبادلة بين املنظمة والعاملين‬
‫فيها‪،‬وتجدر اإلشارة إلى أن بناء فرق العمل أصبحت عنصرا أساسيا في تطبيق العديد من املمارسات اإلدارية‬
‫استخدمت فرق العمل لحل العديد من املشكالت‪،‬‬ ‫الحديثة كتمكين العاملين‪ ،‬وإدارة الجودة الشاملة‪ ،‬كذلك ُ‬
‫وملساعدة املنظمة على التقدم خاصة مع زيادة درجة التعقيد في مجال األعمال‪ ،‬ومن ثم أصبح العمل‬
‫الجماعي أكثر كفاءة من العمل الفردي‪ ،‬ففي الحاالت التي تتطلب مهارات وخبرات وآراء متعددة يحقق العمل‬
‫الجماعي وفق فرق العمل نتائج أفضل من العمل الفردي‪ .‬لذلك تتميز فرق العمل عن العمل الفردي بما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬القدرة على التعامل مع أنواع عديدة من املشاكل املعقدة‪.‬‬
‫‪ ‬توفير التنوع في املعارف واملهارات والخبرات‪ ،‬ملواجهة املشكالت‪ ،‬وحلها بكفاءة أكبر‪.‬‬
‫‪ ‬إمكانية حل املشاكل التي لها أبعاد تتعلق بعدة أقسام أو وظائف في املنظمة‪.‬‬
‫‪ ‬إن فرص تنفيذ التوصيات الصادرة عن مجموعة‪ ،‬أكبر من فرص تنفيذ التوصيات‪ ،‬أو املقترحات‪ ،‬أو‬
‫وجهات النظر الفردية‪.‬‬
‫‪ ‬يساهم أسلوب الفريق في رفع الروح املعنوية‪ ،‬وتعزيز الشعور بامللكية‪ ،‬من خالل املشاركة في حل املشكلة‬
‫وصنع القرار‪.‬‬
‫غير أن بناء فرق العمل وحده ال يضمن تحقيقها ألهدافها بكفاءة وفاعلية‪ ،‬لذلك كان ال بد من‬
‫االهتمام بزيادة مستوى فاعلية هذه الفرق للتأكد من أنها تسير باتجاه تحقيق األهداف من خالل االرتقاء‬
‫بمستوى أدائها والتعاون والتنسيق فيما بينها ومراقبة املخرجات العملية لهذه الفرق ومقارنتها باألهداف‬
‫املرسومة‪ ،‬وزيادة قدرتها على التعامل مع االختالفات والصراعات التي قد تنشأ بين األفراد في بعض الحاالت‪.‬‬
‫كما يمكن تعريف فريق العمل بأنه مجموعة من األفراد يمتلكون مهارات متكاملة يتم اختيارهم من‬
‫نفس املستوى اإلداري‪ ،‬أو من عدة مستويات إدارية‪ ،‬كي يعملوا مع بعضهم البعض بشكل تعاوني بغرض‬

‫‪62‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫تحقيق هدف معين‪ ،‬ويعد أعضاء الفريق مسؤولين عن تحقيق هذه األهداف‪ ،‬وفريق العمل إما أن يكون‬
‫دائما او مؤقتا وإما أن يكون تنفيذيا أو إستشاريا‪.‬‬
‫ونظرا ملا تتمتع به فرق العمل من سمات أساسية وحيوية يرتهن تفعيلها عبر تفصيل النشاط‬
‫حد‬
‫اإلنساني‪ ،‬والسلوك التنظيمي بما يضمن تحقيق فوائد عديدة لكل من األفراد العاملين واملنظمة على ٍ‬
‫سواء‪ ،‬فعلى املستوى الفردي تزداد أهمية فرق العمل من خالل قدرتها على التقليل من الشعور بالوحدة‬
‫والتركيز على الهدف‪ ،‬وتزيد من إحساس العاملين بالهوية واالنتماء والفخر بأدائهم الجماعي‪ ،‬وخلق بيئة عالية‬
‫للتحفيز‪ ،‬واستجابة أسرع للمتغيرات التكنولوجية‪ ،‬وتقليل االعتماد على الوصف الوظيفي‪ ،‬وتفويض فعال‬
‫للمهام مع زيادة ودقة في األداء‪ ،‬وتحسين مستوى القرارات وفعالية االتصاالت وتطوير املهارات‪ ،‬أما على‬
‫املستوى التنظيمي فإن بعد التوجه نحو الفريق يحسن من اإلنتاجية ويزيد القدرة على التعلم والتحسين‬
‫املستمرين ويحقق مرونة في املنظمات‪ ،‬مما يجعل املنظمة تستجيب بصورة أفضل للضغوط البيئية التي‬
‫يمكن أن تتمثل في القوى السوقية‪ ،‬والقواعد الحكومية ومتطلبات العمالء وغيرها من القوى مما يؤدي إلى‬
‫زيادة فعالية املنظمة من خالل قدرتها على تطوير األداء التنظيمي‪ ،‬وخلق ثورة تنظيمية من خالل تطوير‬
‫وتوليد األفكار الجديدة‪ ،‬والبرامج‪ ،‬والعمليات‪ ،‬مما ينعكس إيجابا على التصنيع من خالل تطوير املنتج‪،‬‬
‫وإدخال املنتجات الجديدة والجودة في اإلنتاج‪ ،‬وكذلك قدرتها على التغلب على املشاكل في بيئات العمل‬
‫املتغيرة و غير املستقرة ملا تتمتع به من مرونة عالية وفاعلية جيدة وهو ما ُيمكن املنظمة من اكتساب ميزة‬
‫تنافسية‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ بعد التوجه بالعميل‪:‬‬
‫ساعد التطور التكنولوجي الحاصل في شتى امليادين خاصة في مجال املعلومات واالتصال في إرساء ثقافة‬
‫عاملية جديدة‪ ،‬أو باألحرى غير قواعد اللعب في األسواق العاملية‪ ،‬وهذا ما جعل السلطة تنتقل من املنتج إلى‬
‫الزبون‪ ،‬كما أصبحت املنظمات على يقين تام بأن سر بقائها وتطورها في السوق هو حفاظها على زبائنها الدائمين‪،‬‬
‫وعدم التخلي عنهم باإلضافة إلى كسب زبائن جدد كهدف ثان‪ ،‬وهذا لن يتسنى لها إال بالحصول على رضاهم‬
‫ووفائهم عن طريق تبني مفهوم التوجه نحو العمالء وجعلهم محور اهتمام املنظمة‪.‬‬
‫لذا فإنه يوجد اهتمام متزايد لدى منظمات األعمال بالتوجه نحو العميل‪ ،‬إذ أن التحدي الحقيقي‬
‫ألية منظمة ليس إنتاج وتقديم السلع والخدمات فحسب‪ ،‬بل القدرة على اإلشباع املستمر لحاجات العمالء‬
‫ً‬
‫وتلبية رغباتهم‪ ،‬كما أن رضا العميل لم يعد كافيا بل أصبحت املنظمات تسعى جاهدة إلى إسعاد عمالئها‪،‬‬
‫وذلك من خالل البحث عن أساليب جديدة في توطيد عالقتها مع العمالء باتجاه ارتفاع خط النمو في تلك‬
‫العالقة ومن ثم زيادة أرباحها‪ ،‬ومن هنا تغيرت طبيعة نظرة املنظمات في عالقتها مع عمالئها بحيث تحولت‬

‫‪63‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫ً‬
‫هذه النظرة من التركيز على املعامالت إلى التركيز على العالقات مستهدفة احتفاظا طويل األمد بالعمالء‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل إقامة الروابط وتوطيد العالقات وإدامة التواصل والتحاور معهم باستخدام وسائل االتصال‬
‫املختلفة إلقناعهم بشراء منتجات املنظمة واالستفادة من خدماتها‪ ،‬وبالتالي فاملنظمات اآلن تدرك بأن التوجه‬
‫بالعميل جزء أساس ي من ثقافة املنظمة وعنصر هام من عناصر تحقيق النجاح‪.‬‬
‫أ‪ .‬مفهوم التوجه بالعميل‪:‬‬
‫أدركت منظمات األعمال املتواجدة في أسواق ذات منافسة شديدة أن نجاحها واستقرارها يبقى‬
‫مرهونا بمدى قدرتها على معرفة وتحديد حاجات ورغبات عمالئها بدقة وقدرتها على إشباعها وتلبيتها‪ ،‬فأخذت‬
‫عرفها األخصائيون في مجال التسويق بالتوجه بالعميل الذي‬ ‫استراتيجيات املنظمة وجهة جديدة أكثر تطىورا ّ‬
‫ً‬
‫متطورا ملفهوم التسويق جاء نتيجة التدرج التاريخي ملجموعة من التصورات التسويقية التي تبنتها‬ ‫يشكل قالبا‬
‫املنظمة خالل مراحل تطورها‪.‬‬
‫كما أن التركيز على العميل يترافق مع أبعاد الثقافة التنظيمية التي تركز على إرضاء وإسعاد العميل‬
‫داخل وخارج املنظمة‪ ،‬أي أنها تشتمل على بعد أخر وهو التركيز على العاملين والتوجه بهم‪ ،‬حيث يمثل ذلك‬
‫قوة الدفع الرئيسية نحو التطبيق لسياسة التوجه بالعميل‪.‬‬
‫وإلعطاء الداللة الحقيقة ملفهوم التوجه بالعميل يمكن الرجوع إلى عدة تعاريف نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫يعرف (‪ ،)SAWHNEY AND ZABIN , 2001‬التوجه بالعميل بأنه القىدرة علىى الحىوار املسىتمر مىع‬
‫العمالء باسىتعمال تشكيلة مىن الوسىائل املختلفىة التىي تعمىل علىى البقىاء باتصال دائىم مع العميل‪.‬‬
‫ويعرف (‪ ،)KOTLER , 2003‬التوجه بالعميل بأنه عملية بناء عالقات طويلة األمد مع العمالء املربحين‬
‫والحفاظ عليها عن طريق تسليم أفضل قيمة وكذا تسليم أفضل العروض التي تتماش ى مع حاجياتهم وتطور‬
‫أذواقهم مقارنة باملنافسين بغية إرضاء العمالء وخلق وفائهم للمنظمة‪.‬‬
‫كما يعرف (‪ ،)SOTOUDEH , 2006‬التوجه بالعميل على أنه استراتيجية عمل تركز على العميل و‬
‫تهدف إلى زيادة رضا ووالء العميل من خالل تقديم منتجات أكثر استجابة وبحسب الطلب لكل عميل‪.‬‬
‫و يعرف التوجه بالعميل على أنه (‪ ،)CHITNIS , 2006‬عبارة عن أداة تنافىسية تمكىن املنظمة من‬
‫تحقيق التفوق على منافسيها من خالل كسب العمالء واالعتناء بهىم وزيىادة رضاهم وبناء عالقات وثيقة‬
‫وطويلة األجل معهم‪.‬‬
‫كما يعرف (‪ ،)KOTLER AND KELLER , 2006‬التوجه بالعميل على أنه إيجاد وحفظ وتعزيز عالقات‬
‫طويلة األمىد مىع الزبائن واملجهزين واملوزعين واملساهمين اآلخرين‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫في حين عرف (امللحم‪ ،)2113 ،‬التوجه بالعميل بأنه فلسفة أداء العمل القائم على سياسة االحتفاظ‬
‫بالزبائن الحاليين بدال من التركيز واالهتمام بجذب عمالء جدد‪ ،‬وذلك عن طريق تحديد وفهم ما يريده‬
‫ً‬
‫العميل سعيا لتحقيق عوائد مرضية للمنظمة في األمد الطويل‪.‬‬
‫ً‬
‫وتأسيسا على ما سبق فإن التوجه بالعميل هو عبارة عن فلسفة تسويقية معاصرة تتمثل في املقدرة‬
‫العالية للمنظمة على إيجاد وحفظ وتعزيز عالقات طويلة األمىد مع مختلف األطراف األساسية ( الزبائن‪،‬‬
‫العاملين‪ ،‬املجهزين‪ ،‬املوزعين واملساهمين)‪ ،‬بغية إرضائهم وزيادة والئهم للمنظمة‪ ،‬كما أنه عبارة أن‬
‫ُ‬
‫استراتيجية و أداة تنافسية تمكن املنظمة من تحقيق التفوق على بقية منافسيها‪.‬‬
‫ب‪ .‬أهمية التوجه بالعميل‪:‬‬
‫يعد التوجه بالعميل من األدوات التي تساعد على تجاوز التحديات التسويقية التي تفرزها التغيرات‬
‫البيئية‪ ،‬فهو يحقق املنافع لكل من املىسوق والعميل فىي آن واحد‪ ،‬وللمنظمات الكبيرة والصغيرة على حد‬
‫سواء‪ ،‬كما يستند التوجه بالعميل على تعزيز اإلشباع لدى الزبائن وكسب والئهم في سعي املنظمة لالحتفاظ‬
‫بهم‪ ،‬مع التأكيىد علىى تقديم خدمات متميزة إلسعادهم وإشباع حاجاتهم وتلبية رغباتهم وتعزيز تمسكهم‬
‫باملنظمة‪ ،‬وذلك من خىالل تقديمه املنافع املميزة والقيمة املضافة التي يسعون إلى تحقيقها‪ ،‬و يقود املنظمة‬
‫إلى تحقيق اآلتي‪:‬‬
‫‪ ‬رضا العميل‪:‬‬
‫تكسب املنظمة عمالئها عن طريق إرضائهم‪ ،‬من هنا عد الباحثون رضا العميل مهمة أساسية ينبغي‬
‫على املنظمات أن تعمل على تحقيقها‪ ،‬وذلك من خالل تحقيق التوافق بين توقعات العميل واملنظمة والتأكيد‬
‫على أن طلباتهم تم تلبيتها بصورة كاملة‪ ،‬إذ على املنظمة أن تتجه ألخذ رأي عمالئها بعد الشراء الكتشاف‬
‫نقاط الضعف لديها من أجل إدخال التحسينات الفورية على املنتجات ً‬
‫بناء على طلب العمالء ومقترحاتهم‪،‬‬
‫بما يزيد مىن رضا العمالء ومن مشترياتهم‪ ،‬ويمكن مىن خالل انتهاج ثقافة التوجه بالعميل أن تتبنى املنظمة‬
‫روابط شخصية طويلة األمد مع العمالء بحيث تكون األولوية للعالقات مع الزبائن لتحقيق املبيعات املتميزة‪،‬‬
‫فضال عن قيامهىا بتقىديم منتجات وفقا لطلبات العمالء‪ ،‬مما يدفع العميل إلى إعادة الشراء‪ .‬ويعرف (‪, 2003‬‬
‫‪ ،)KOTLER‬رضا العميل بأنه شعور الشخص بالسعادة أو خيبة أمل ناتجة عن مقارنة األداء املتحقق للمنتج‬
‫مع توقعاته‪ ،‬لذلك فإن انخفاض رضا العميل وعدم تناميه بمعدل املنافسين يؤدي إلىى انخفىاض مبيعىات‬
‫املنظمة في املستقبل‪ .‬ويرى (عباس وآخرون‪ ،)2111 ،‬بأنه يمكن للمنظمة التغلىب والتفوق على أداء منافسيها‬
‫من املنظمات األخرى إذا ما أحسنت التصرف فىي كىسب عمالئها‪ ،‬وذلك من خالل القيام بأداء أفضل في تلبية‬
‫حاجات ورغبات العمالء والعمل على إرضائهم‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪ ‬والء العميل‪:‬‬
‫يعد والء العميل الركن األساس لنجاح أي منظمة‪ ،‬كما أن عملية االحتفاظ بالعمالء أصبحت من‬
‫القضايا الصعبة جدا بسبب التغيرات الحاصلة في سلوكيات العمالء‪ ،‬ويستخدم الوالء لإلشارة إلى تفضيل‬
‫العمالء لشراء منتجات منظمة محدودة دون سىواها‪ .‬وعرفته (الزيواني‪ ،)2114 ،‬بأنه متغير سلوكي يمثل حالة‬
‫غير ملموسة‪ ،‬ال يمكىن تحديىد أبعادها بشكل مادي‪ ،‬بل ُيستدل عليها من خالل ممارسات وظواهر معينة‪،‬‬
‫تتمثل بتوجىه العميل االيجابي والفعال نحو املنظمة أو عالمة ما واإلخالص لها و اإلنشداد نحوهىا‪ .‬ويرى‬
‫ً‬
‫(‪ ،)HARRELL, 2113‬بأنه ال يمكن للمنظمة أن تحقق أرباحا مقبولة من دون أن تكون لديها قاعدة والء قوية‬
‫من قبل الزبىائن‪ ،‬إذ أن نسبة ( ‪ 11‬ى ‪ % )71‬من أرباح املنظمة تتولد على طريق والء الزبون لها‪ ،‬كما يرى‬
‫(‪ ،)ARNOLD AND AL, 2114‬بأنه يمكن للمنظمىة مىن خالل تحقيق والء العميل لها أن تواجه أغلب‬
‫املنافسين في السوق‪ ،‬فضال عىن زيىادة مبيعاتها‪ ،‬وتحسين سمعتها‪ ،‬وخفض كلف اكتساب عمالء جدد لها‪.‬‬
‫ً‬
‫وتأسيسا على ما تقدم يمكن القول بأن والء العميل يعد أحد األهداف الرئيسة إلدارة عالقات‬
‫ً‬
‫العميل لكون الوالء يجعل الزبون وفيا للمنظمة‪ ،‬وبالتالي لن يىستبدلها بمنظمىة أخرى وسيقوم في كل مرة‬
‫بالشراء منها وهو ما يحقق لها ميزة تنافسية على األمد الطويل‪.‬‬
‫‪ ‬قيمة العميل‪:‬‬
‫أصبح العميل يعتمد في تقييمه للمنتجات على املقارنة بين املنفعة التي يحصل عليها من استهالكه‬
‫للمنتج مع تكلفة الحصول عليه‪ ،‬والفرق الناتج عن هذه املقارنة ّ‬
‫يعبر عنه بالقيمة املدركة‪ ،‬فالقيمة تعتبر ركنا‬
‫ً‬
‫أساسيا لتحقيق الجودة وبذلك تسعى املنظمات إلى تحقيق وتعظيم القيمة للوصول إلى رضا العميل وضمان‬
‫والئه‪ .‬ويرى (الدوري والسعيدي‪ ،)2116 ،‬بأن أساس الفوز واالحتفاظ بالعميل هو فهم حاجاته وإتمام عملية‬
‫الشراء بصورة أفضل من املنافسين والعمل علىى إيىصال أكبر قيمة له‪ .‬لذلك تهتم املنظمات بخلق قيمة‬
‫للعميل حتى تضمن جودة منتجاتها فهي تبحث على ما يطلبه العميل من قيمة مضافة‪ ،‬ومن أهم املعايير التي‬
‫يستخدمها العميل في تقديره للقيمة‪ :‬مجموع الخدمات املقدمة ودرجة مطابقة املنتج لتوقعاته‪ ،‬تكلفة الشراء‬
‫واالستعمال مع آجال التسليم‪ ،‬فاملنظمة تعمل على توفيرها في منتجاتها وبذلك تحقق الجودة املرغوبة من‬
‫قبل العميل ومنه توفر املنظمة لعمالئها املطابقة بين ما يتوقعه وما تقدمه من أداء الذي ينتج عنه رضا‬
‫عمالئها الذي يضمن والءهم وبلوغ املنظمة مثل هذا املستوى يسمح لها بجلب عمالء جدد‪.‬‬
‫ً‬
‫فضال عما تقدم فإن املنظمة التي تتمكن من إقامة روابط طويلة األمد مع عمالئها وتقدم منتجات‬
‫ُ‬
‫متميزة تشعر العمالء بأنها تحقق لهم القيمة مما يىدفعهم إلىى إعىادة (تكرار) الشراء من تلك املنظمة وزيادة‬
‫والءهم لها‪ ،‬فاملنظمات الناجحة ال تكتفي فقط باستقطاب عمالء جدد‪ ،‬وإنما بتطوير وتعزيىز عالقات طويلة‬

‫‪66‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫األمد معهم لتضمن لنفسها البقاء والتوسع‪ ،‬فالعديد من العمالء املوالين غالبا ما يكونون مصدرا من مصادر‬
‫االستقطاب لعمالء آخرين‪ ،‬وذلك من خالل الكلمة الطيبة التي ينقلونها عن املنظمة وتوصياتهم ومقترحاتهم‬
‫وآرائهم االيجابية التي يتأثر بها العمالء الجدد أو املحتملين‪ .‬كما أن الهدف الرئيس للتوجه بالعميل هىو تحويىل‬
‫العمالء الجدد إلى عمالء دائميين‪ ،‬ثم تحويلهم إلى عمالء موالين يتصرفون كمىدافعين عن املنظمة‪ ،‬وعندما‬
‫يدافع العميل املوالي عن الفلسفة التي تتبناها املنظمة والخدمات التي تقدمها فإنه يتحول إلى مصدر من‬
‫مصادر استقطاب املزيد من العمالء الجىدد‪.‬‬
‫‪ ‬أساليب التوجه بالعميل‪:‬‬
‫يحتاج تطبيق التوجه بالعميل لوجود مجموعة من األساليب التسويقية فبرامج التوجه بالعميل‬
‫الناجحة ال تحدث بالصدفة‪ ،‬وإنما يجب هيكلتها بطريقة شاملة تضم العديد من األساليب من بينها‪:‬‬
‫‪ ‬مشاركة العميل‪:‬‬
‫تتمثل مشاركة العميل فيما يقوم به من مهمة أو مجموعة مهام تتعلق بعملية إنتاج املنتج أو‬
‫الخدمة‪ ،‬لذلك يؤكد كل من (‪ ،)PRAHALAD AND RAMASWAMY , 2004‬على أنه يجب على املنظمات لكي‬
‫تنتهج ثقافة التوجه بالعميل أن ال تتصرف تصرفا منفردا‪ ،‬إذ يجب مشاركة العميل في جميع عملياتها‪ ،‬بدءا‬
‫من التصميم حتى البيع‪ ،‬فاالختيار النهائي البتكار املنتج هو استجابة العميل عن طريق استيعاب آرائه‬
‫وتفضيالته‪ .‬كما تختلف صور مشاركة العميل‪ ،‬فهي ال تقتصر عل مجرد أنه يمد الشركة ببعض املعلومات‬
‫التي تمكنها من إنتاج منتجات تفي باحتياجات العمالء‪ ،‬بل تشتمل تبادل املعلومات‪ ،‬وعنصر املسؤولية‪،‬‬
‫والتفاعل الشخص ي‪ .‬ويقصد بتبادل املعلومات ما يسهم به العمالء من معلومات لضمان تلبية احتياجاتهم‪.‬‬
‫أما عنصر املسؤولية فيقصد به أن العمالء يجب أن يعترفوا بواجبهم ومسؤوليتهم لتفعيل دورهم من‬
‫العالقة‪ ،‬والتفاعل الشخص ي الذي يعني أن تتسم العالقة بالثقة‪ ،‬واالعتمادية‪ ،‬والتعاون‪ ،‬وااللتزام‪.‬‬
‫‪ ‬االحتفاظ بالعمالء‪:‬‬
‫يعتمد نجاح املنظمات بشكل عام ومنظمات الخدمة بشكل خاص في قدراتها وإمكانياتها على بناء‬
‫قاعدة متينة من الزبائن املوالين لها‪ ،‬فاملنظمات الخدمية الناجحة ال تكتفي باستقطاب الزبائن في املقام‬
‫األول فحسب وإنما تعمل باتجاه تطوير وتعزيز عالقات طويلة األمد معهم لتضمن لنفسها البقاء والنمو‪،‬‬
‫لذلك يرى أن مفتاح االحتفاظ بالزبائن‪ ،‬هو تحقيق الرضا والسعادة لهم‪ ،‬فرضا الزبون وسعادته يمثل‬
‫مقياس ملستوى األداء املتحقق من الخدمة املقدمة‪ ،‬إذ أن زيادة األداء عما هو متوقع يجعل الزبائن سعداء‪،‬‬
‫ومن هنا تحاول املنظمات تحقيق الرضا والسعادة لهم بدرجة عالية واملحافظة عليها‪ ،‬إذ إن انخفاض حالة‬
‫الرضا والسعادة قد يؤدي بالعمالء إلى التحول إلى املنظمات املنافسة ما دامت املنظمات الحالية غير قادرة‬

‫‪67‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫على تلبية توقعاتهم‪ .‬وعلى هذا األساس يؤكد بأنه يتوجب على املنظمات أن تقوم بقياس رضا الزبائن‬
‫وسعادتهم بشكل دوري ومنتظم واالتصال بهم هاتفيا لالستفسار عن مدى رضاهم وسعادتهم وكذا قياس‬
‫مستوى ذلك الرضا والسعادة‪.‬‬
‫‪ ‬تمكين العميل‪:‬‬
‫لم تقدم مراجع التسويق تعريفا واضحا ملصطلح "تمكين العميل" ووفقا لرؤية البحث فإن التمكين في‬
‫مجال التسويق هو أحد عناصر التطور في الفكر التسويقي املعاصر‪ ،‬التي بدأت من مرحلة التوجه باإلنتاج أي‬
‫نقطة تجاهل العميل‪ ،‬ثم االنتقال من عملية املشاركة وصوال إلى التمكين الذي يعد هو التجسيد العملي لكل‬
‫األفكار السابقة‪ ،‬كما تكمن عملية تمكين العميل في منحه بعض الصالحيات عن طريق تزويده ببعض املوارد‬
‫املتمثلة في إمداده بقدر كبير من املعلومات‪ ،‬وجعله يستوعب أكثر‪ ،‬الدور الذي سيقوم به في أثناء مشاركته في‬
‫عملية إنتاج املنتجات التي يرغبها‪ .‬وذلك من خالل تمكينه من تقديم أفكار جديدة حول تصميمات املنتج‬
‫الجديد‪ ،‬وكذلك تمكينه من اختيار تصميم املنتج من أجل إنتاجه وطرحه باألسواق‪.‬‬
‫‪ ‬إدارة معرفة العميل‪:‬‬
‫ً‬
‫تشكل إدارة معرفة الزبون منطلقا أساسيا نحو ثقافة التوجه بالعميل؛ ففي الوقت الذي تبدأ فيه‬
‫املنظمات بتطوير وابتكار منتجات جديدة اعتمادا على املعرفة الداخلية فإن بعض املنظمات املعاصرة تلجأ‬
‫إلى مصادر جديدة للمعرفة ليست بالضرورة أن تكون موجودة داخل املنظمة‪ ،‬بل يمكن أن تكون تلك‬
‫املعرفة خارجية وخاصة بالعمالء‪ ،‬وذلك من أجل إيجاد قيمة للمنظمة‪ ،‬ولهذا فإن التركيز املتزايد على إدارة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫معرفة الزبون أمرا ال بد منه‪ .‬وينظر إلى إدارة معرفة الزبون بوصفها خيارا استراتيجيا لبناء وتحقيق التفوق‬
‫والنجاح‪ ،‬ويعد هذا االهتمام تحوال جذريا من املنظور الداخلي للتفوق على أساس العمليات إلى منظور‬
‫التفوق على أساس الزبون‪ ،‬إذ تحتاج املنظمات التي عملت على جذب الزبون إلى تسخير وتجهيز قابلياتها إلدارة‬
‫معرفة أولئك الذين يشترون سلعها وخدماتها‪.‬‬
‫وبموجب ما سبق تشير إدارة معرفة الزبون إلى كونها العمليات التي تهتم بتشخيص واكتساب‬
‫واستخدام األفكار واملعلومات التي تحصل عليها املنظمة من الزبائن‪ ،‬إذ أن املعرفة الناتجة من تفاعل املنظمة‬
‫مع الزبائن واألسواق واالحتكاك بالظروف واملتغيرات املختلفة‪ ،‬ال تهدر بل تجمع وتمتلك وتستخرج منها‬
‫الدروس والدالئل واملؤشرات‪ ،‬ويتم توظيفها في تطوير الهياكل واألفكار واألساليب واألنشطة التي تتبلور في سلع‬
‫وخدمات أفضل تحقق للزبائن مستويات من اإلشباع واملنافع تزيد كثيرا عما يقدمه املنافسون‪.‬‬
‫كما ينبغي التنويه إلى أن بناء ثقافة التوجه بالعميل يمكن أن تخلق نوع من االتجاهات والقيم التي‬
‫توجه سلوك أعضاء التنظيم نحو تحقيق رضا العمالء‪ ،‬فقد وصف (‪ ،)DAY‬الثقافة املوجهة بالعمالء بأنها‬

‫‪68‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫عبارة عن ‪ :‬ذلك النتماء وااللتزام الشامل ملجموعة من العمليات واملعتقدات والقيم والسلوكيات التي تعكس‬
‫فلسفة كل القرارات املتخذة واملوجهة ملفهوم العمالء واملدارة من خالل مفاهيم مشتركة ومحورية لخدمة‬
‫حاجات العميل وخلق قيمة له‪.‬‬
‫وخالصة ملا تقدم فإن ثقافة التوجه بالعميل هي عبارة عن فلسفة أو أسلوب إداري متكامل يقوم‬
‫ً‬
‫أساسا على توجيه سلوك أعضاء التنظيم نحو إيجىاد وحفىظ وتطوير وإدامة وتعزيز عالقات املنظمة مع زبائنها‬
‫ومىع بقيىة الىشركاء كىاملجهزين واملوزعين واملساهمين من خالل تقديم املنافع املتميزة والقيمة املىضافة‪ ،‬وبمىا‬
‫يضمن رضاهم ويمكنها من االحتفاظ بهم وكسب والئهم ويحقق لها التميز والبقىاء في السوق‪.‬‬
‫الفصل الرابع ‪ :‬مستويات وأنواع الثقافة التنظيمية‬
‫بعدما استعرضنا مختلف مكونات الثقافة التنظيمية‪ ،‬من مكونات مادية وغير مادية وموروث ثقافي‪،‬‬
‫وكذا خصائص وأبعاد الثقافة التنظيمية‪ ،‬والحظنا أهمية وجود هذه العناصر داخل املنظمة سنحاول في هذا‬
‫الفصل التعرف بشكل أدق على مستويات الثقافة التنظيمية‪ ،‬حيث نتطرق في الجزء األول إلى معرفة‬
‫املستويات الخارجية والداخلية للثقافة التنظيمية‪ ،‬وفي الجزء الثاني سنحاول معرفة مختلف أنواع الثقافة‬
‫التنظيمية‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬املستويات الخارجية للثقافة التنظيمية‬
‫ال تنشأ ثقافة املنظمة من فراغ‪ ،‬فاملنظمة توجد في مجتمع‪ ،‬ويحكم هذا املجتمع مجموعة من القيم‬
‫واملعتقدات واألنماط السلوكية‪ ،‬وهذا ما يعطي التصرفات صفة الشرعية من املجتمع‪ ،‬فتنشأ الثقافة‬
‫املجتمعية‪ .‬وحيث أن املنظمة ككيان اجتماعي فهي تتكون من أفراد لكل منهم أخالقياته وأعرافه وتقاليده‪،‬‬
‫ومن ثم تنشأ قيم وعادات يجب االلتزام بها على مستوى النشاط أو املهنة الواحدة‪ .‬وحيث أن املنظمة تتكون‬
‫من العديد من الوظائف واألقسام ولكل قسم اهتماماته واتجاهاته‪ ،‬فتنشأ الثقافة التنظيمية والثقافات‬
‫الفرعية‪ .‬وبما أن العالم أصبح يجتمع على مفاهيم وقيم موحدة على نحو ما‪ ،‬فإن منظمات اليوم تعمل في‬
‫ظل بيئة عمل دولية‪ ،‬وبتالي قد ينشأ ما يسمى بالثقافة الدولية‪.‬‬
‫وهنا يمكن تقسيم مستويات الثقافة التنظيمية إلى مستويين هما‪ :‬املستويات الخارجية لثقافة‬
‫التنظيمية‪ ،‬وتشمل الثقافة الفردية‪ ،‬التنظيمية‪ ،‬الوظيفية والدولية وكذلك التقسيم الداخلي ويشمل الجزء‬
‫الظاهر من أنماط السلوك‪ ،‬القيم والقناعات‪ ،‬االفتراضات األساسية‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪2‬ـ الثقافة الفردية (الشخصية)‪:‬‬


‫لكل فرد معتقداته وقيمه ومعايير سلوكية تحكم تصرفاته وقد تكون موروثة عن الوالدين أو التاريخ‬
‫ً‬
‫العائلي‪ ،‬وقد تكون من املجتمع الذي عاش فيه‪ ،‬أو عن الدين أو املدرسة أو األصدقاء أوقد تكون خليطا من‬
‫كلما سبق‪ ،‬وبالتالي لكل فرد ثقافته التي تختلف من شخص إلى أخر‪.‬‬
‫‪0‬ـ الثقافة التنظيمية والثقافات الفرعية‪:‬‬
‫عادة ما تكون للمنظمات الحكومية واملنظمات البيروقراطية الكبيرة ثقافات مختلفة عن املنظمات‬
‫الصغيرة والخاصة‪ ،‬كما قد تكون لها ثقافات مختلفة في أماكن العمل داخل نفس املنظمة‪ .‬حيث يمكن أن‬
‫نجد الثقافات الفرعية داخل إدارات وأقسام وقطاعات املنظمة‪ ،‬ويرجع ذلك إلى أن األفراد في هذه املستويات‬
‫أو في الوحدات التنظيمية يواجهون متغيرات مختلفة ويتعرضون ملصادر وأنواع متباينة من الضغوط‪ ،‬مما‬
‫يدفعهم إلى تشكيل مجموعة من القيم واملعتقدات التي تحكم سلوكهم‪ ،‬أو التي يعتقدون أنها تحمي مصالحهم‬
‫أو تواجدهم في املنظمة‪.‬‬
‫‪3‬ـ الثقافة الوظيفية‪:‬‬
‫يوجد تشابه في الثقافة داخل الصناعة أو املهنة أو النشاط الواحد‪ ،‬فغالبا ما توجد بعض القيم‬
‫واملعتقدات الخاصة بمنظمة ما‪ ،‬وفي نفس الوقت تعتنقها معظم أو جميع املنظمات العاملة في نفس النشاط‬
‫أو املهنة‪ ،‬وبمرور الوقت يتكرر نمط معين داخل النشاط أو املهنة يكون له تأثير مميز على جوانب رئيسية‪ ،‬مثل‬
‫نمط اتخاذ القرارات‪ ،‬ومضمون السياسات‪ ،‬ونمط حياة األعضاء‪ ،‬أو نوع املالبس وغيرها‪.‬‬
‫‪4‬ـ الثقافة املجتمعية‪:‬‬
‫تمثل الثقافة في هذا املستوى القيم واالتجاهات واملفاهيم السائدة في املجتمع الذي توجد فيه‬
‫املنظمة‪ ،‬والتي ينقلها األعضاء عن املجتمع إلى داخل املنظمة‪ ،‬وتتأثر هذه الثقافة بعدد من القوى‬
‫االجتماعية مثل النظام السياس ي‪ ،‬ونظام التعليم‪ ،‬والظروف االقتصادية‪ ،‬والهيكل اإلداري للدولة‪ .‬وتؤثر‬
‫الثقافة املجتمعية على استراتيجيات املنظمة ورسالتها وأهدافها ومعايير مخرجاتها‪ ،‬بحيث يجب أن تكون‬
‫استراتيجية املنظمة ومنتجاتها وخدماتها وإعالناتها متوافقة مع ثقافة املجتمع حتى تكتسب املنظمة الشرعية‬
‫والقبول من املجتمع وتتمكن من تحقيق رسالتها وأهدافها‪.‬‬
‫‪5‬ـ الثقافة الدولية (الحضارة التنظيمية)‪:‬‬
‫أصبح العالم اليوم محكوما بالعديد من القيم واألعراف التي تحكم كافة البلدان وبالتالي فإن‬
‫ّ‬
‫الثقافة التنظيمية يجب أال تنمو بشكل مستقل عن الثقافة القومية والدولية التي تنشأ فيها املنظمة‪ .‬إن‬

‫‪71‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫ً‬
‫توحدا في بعض املصطلحات والقوانين التي‬ ‫إنشاء العديد من املعاهدات الدولية والهيئات العاملية أوجدت‬
‫تنضوي تحت مظلة األعراف الدولية‪.‬‬
‫كما أن الثقافات التنظيمية للمنظمات الدولية الكبرى تطغى على الثقافات الفردية أو الخلفيات‬
‫الثقافية املتعددة التي أتى بها املوظفون إلى املنظمات الدولية‪ ،‬ولهذا فإن أي فروق ثقافية فردية سوف لن‬
‫يكون لها ذلك التأثير على النسق الثقافي العام‪ ،‬حيث أن املتاع الثقافي الفردي ال يمثل أية مشاكل لتلك‬
‫املنظمات الدولية‪ ،‬بل سرعان ما يتم االنخراط في إطار الثقافة الدولية‪ ،‬ويزداد والء العاملين إلى ثقافتهم‬
‫الدولية‪ ،‬حيث أنه األكثر قدرة على البقاء‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬املستويات الداخلية للثقافة التنظيمية‬
‫وفي تقسيم آخر ملستويات ثقافة املنظمة‪ ،‬يكاد يجمع عليه معظم الكتاب واملهتمين‪ ،‬وهو ما يطلق‬
‫عليه التقسيم الداخلي لثقافة املنظمة‪ .‬بحيث قام كل من "‪ KOTTER‬و‪ " HESKETT‬بتحديد مستويين لهذه‬
‫الثقافة وهما‪:‬‬
‫‪2‬ـ املستوى الداخلي‪:‬‬
‫وهو املستوى األعمق واألقل رؤية‪ ،‬وهو مجموع القيم التي يشترك فيها األفراد في املجوعة التنظيمية‬
‫الواحدة‪ ،‬والتي تميل إلى االستقرار واالستمرار بمرور الوقت‪ ،‬وفي الغالب عند هذا املستوى تكون الثقافة‬
‫التنظيمية صعبة التغيير‪.‬‬
‫‪0‬ـ املستوى الخارجي‪:‬‬
‫وهو العناصر املرئية واملتمثلة في تصرفات وممارسات األفراد‪ ،‬أي كل ما يمكن مالحظته بصورة‬
‫مباشرة‪.‬‬
‫كما أن هناك من يرى بأن للثقافة التنظيمية ثالثة مستويات رئيسة ولكنها في النهاية تتكامل مع‬
‫بعضها لتشكل الكل الثقافي للتنظيم ويمكن إيرادها على النحو اآلتي حسب "‪"NELSON & QUICK‬‬
‫‪2‬ـ املستوى األول ‪ :‬األشياء الصنعية ) أي من صنع اإلنسان ( وتشمل في مضمونها ما يلي‪ :‬التصرفات الشخصية‬
‫َ‬
‫للعاملين واالحتفاالت والشعائر داخل املنظمة والقصص والطقوس والرموز‪ .‬ويعتبر هذا املستوى من أكثر‬
‫ً‬
‫وضوحا حيث إنها رموز الثقافة في بيئة العمل االجتماعي والحس ي‪.‬‬ ‫مستويات الثقافة‬
‫‪0‬ـ املستوى الثاني ‪ :‬القيم وتعكس معتقدات العامل األساسية ملا ينبغي وما ال ينبغي‪ ،‬ويتحدد نمطه السلوكي وفق‬
‫هذه القيم‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪3‬ـ املستوى الثالث ‪ :‬املسلمات وهي املعتقدات التي توجه سلوك أفراد املنظمة في كيفية فهم األشياء والتفكير‬
‫فيها وهي جوهر الثقافة‪ ،‬وأهم خاصية للمسلمات أنها تكون أحيانا كثيرة كامنة في الالوعي‪ ،‬بمعنى أن أعضاء‬
‫املنظمة قد ال يدركون مسلماتهم ِوإن كانوا يسلكون وفقها وهم غالبا ما يترددون في مناقشتها أو تغييرها‪.‬‬
‫و قدم "‪ "E.SCHEIN‬نموذجا يقيم فيه ثقافة املنظمة بثالثة مستويات وهي‪:‬‬
‫‪2‬ـ املستوى الخارجي (السطحي)‪ :‬يحتوى هذا املستوى على املظاهر السلوكية املرئية للثقافة التنظيمية التي‬
‫يمكن مالحظة بعضها من خالل املمارسات اليومية ألعضاء املنظمة‪ ،‬والبعض اآلخر يتم اكتشافه من خالل‬
‫سؤال األفراد عن هذه املظاهر والتي تجعل املنظمات مختلفة عن بعضها البعض‪ ،‬بل وفى أحيان كثيرة‬
‫متفردة‪ ،‬ومن بين تلك املظاهر‪ :‬القصص التي تركز على األحداث الهامة باملنظمة؛ اللغة املشتركة بين أعضاء‬
‫املنظمة؛ طريقة امللبس الخاصة باملنظمة؛ الرموز التي تعبر عن املنظمة مثل شعار املنظمة؛ وكذا األبطال‬
‫الذين حققوا إنجازات للمنظمة‪.‬‬
‫‪0‬ـ مستوى القيم واملعتقدات‪ :‬والتي يعبر عنها في الغالب بشكل عقائدي ومجموعة املبادئ األخالقية‪،‬‬
‫واملحفزات التي توجه عملية صناعة القرارات‪ ،‬كما تعبر تلك القيم واملعتقدات عن‪ :‬املبادئ وأساليب التفكير‬
‫التي أقرها أعضاء املنظمة؛ السلوكيات املرغوبة؛ املعايير التي تستخدم في تقييم املخرجات‪.‬‬
‫‪3‬ـ املستوى الثالث (االفتراضات األساسية)‪ :‬وهي تعتبر أساس الثقافة التنظيمية‪ ،‬فهي التي تخلق القيم‬
‫واملعتقدات‪ ،‬بحيث تصبح بمرور الوقت مسلما بها ومقبولة على أنها حقائق ال تقبل الجدل‪ ،‬كما أنها تتمثل في‬
‫كل من‪ :‬االفتراضات التي كونها األفراد عن أنفسهم وعن منظماتهم؛ طبيعة العالقة بين املنظمة وبيئتها‬
‫الخارجية؛ ما يؤمن به األفراد أنه حقيقي وغير قابل للنقاش؛ طبيعة العالقة بين أعضاء املنظمة مع بعضهم‬
‫البعض‪ ،‬وهل يسود تلك العالقة التعاون أم املنافسة؟‪.‬‬
‫كذلك فإن االفتراضات األساسية توفر اإلطار أو املقدمة املنطقية التي تبنى عليها القيم‪ ،‬وعليه تفهم‬
‫هذه االفتراضات على أنها داخلية أو ضمنية في األفراد (أكثر مستويات الثقافة اختفاء)‪ ،‬وبالطبع ليس من‬
‫السهل مالحظتها‪ ،‬وتتطلب دقة وعناية في البحث عنها‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫والشكل التالي يوضح ذلك‪.‬‬

‫الشكل‪ :4‬مستويات الثقافة التنظيمية‬

‫املصدر‪ :‬الهواري‪ ،‬سيد‪ ،‬اإلدارة ‪ :‬األصول واألسس العلمية للقرن الى ‪ 21‬القاهرة مكتبة عين شمس‪ ، 2002،‬ص‪.29 :‬‬

‫‪73‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫ثالثا ‪ :‬أنواع الثقافة التنظيمية‬


‫هناك عدد كبير من التصنيفات ألنواع الثقافة التنظيمية دعت إليها ظروف بحثية ودراسية وسياسية‬
‫متنوعة‪ ،‬وهذه التصنيفات بالغة األهمية والفائدة ً‬
‫نظرا ملا تمدنا به من نظرة شاملة ألنماط املتغيرات والتنوع‬
‫بين الثقافات‪ ،‬إال أن كل تصنيف يختلف عن اآلخر في درجة التعقيد وعدد املتغيرات التي يضعها في الحسبان‬
‫كما يتأثر التصنيف بدرجة قابليته للتطبيق داخل املنظمات‪.‬‬
‫ففي عام ‪ 1732‬م أكد "‪ "HARISSON‬بأن هناك أربعة أنواع من الثقافة التنظيمية أسماها ثقافة‬
‫الدور‪ ،‬وثقافة القوة‪ ،‬وثقافة املهمة‪ ،‬وثقافة الناس‪ .‬وفي عام ‪1731‬م قام "‪"HANDY‬بترتيب تلك الثقافات‪،‬‬
‫وذلك بإضافة بعض الرموز املستوحاة من األساطير اليونانية القديمة مثال ذلك‪ ،‬رمز املعبد اليوناني لثقافة‬
‫الدور‪ ،‬ونسيج العنكبوت لثقافة القوة‪ ،‬والشكل الشبكي لثقافة املهمة‪ ،‬والشكل العنقودي لثقافة الناس‪،‬‬
‫وقد كان هذا التصنيف ذا تأثير كبير على فهم الباحثين واملمارسين لكيفية عمل املنظمات‪ .‬وتأتي هذه‬
‫الثقافات التنظيمية كما يلي‪:‬‬
‫‪2‬ـ ثقافة القوة (نسيج العنكبوت)‪ :‬تتواجد هذه الثقافة غالبا في املنظمات التي حققت نموها في إطار شخص‬
‫قوي ومتسلط؛ حيث أن الهيكل يشبه نسيج العنكبوت‪ ،‬ذلك أن ثقافة القوة لديها‬
‫عادة مصدر وحيد تستمد منه قوتها‪ ،‬ومن هذا املصدر تنتشر خيوط وظيفية‬
‫متخصصة‪ ،‬وتقع السلطة في هذا النمط في مركز الدائرة بحيث يخرج من املركز‬
‫خطوط نوعية تخصصية من شأنها تنسيق وتيسير الفعل أيا كان نوعه واتجاهه ألجل السيطرة والتأثير في‬
‫ً‬
‫جميع جوانب املنظمة‪ ،‬وذلك وفق السلطة املركزية التي تميل أكثر للعمل من خالل قرارات معدة مسبقا‬
‫للتعامل مع ظروف معينة وليس من خالل فرض لوائح وقواعد ثابتة‪ ،‬مما يجعل هذا النوع أكثر تالؤما مع‬
‫عملية التغيير‪ ،‬غير أنه معرقل لعملية االبتكار نظرا للقدر املحدود من هامش الحرية املمنوحة لألفراد ‪.‬‬
‫وتعتمد هذه الثقافة لتحقيق فاعليتها على الثقة املتبادلة بين القائد والعاملين‪ ،‬وعلى االتصاالت‬
‫الفردية في ما بين العاملين‪ ،‬وهناك توزيع محدود للقوة في هذه الثقافة‪ ،‬مع وجود شعور قوي بين املنظمة‬
‫واألفراد للعمل معا لبلوغ األهداف النهائية عن طريق القائد‪ ،‬أما األفراد فيتم تشجيعهم للقيام بأداء مهام‬
‫محددة دون طرح الكثير من األسئلة‪ ،‬لذلك فإن معظم القرارات املهمة تصدر على أساس تشاوري محدود‪.‬‬
‫ففي ظل هذا النمط هناك عوامل تؤدي إلى رفع مستوى فاعلية املنظمة‪ ،‬وتوجد هناك بعض الضوابط‬
‫املحدودة‪ ،‬وال توجد حاجة لكثير من اإلجراءات الروتينية‪ ،‬حيث تصفى وتسوى كافة املواقف على أساس حبي‬
‫وودي وباتصال مباشر بين السلطة وجهة االختصاص املعنية‪ ،‬وتكمن قوة ثقافة السلطة في قدرتها على سرعة‬
‫رد الفعل‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫كما يمثل حجم الشبكة مشكلة أساسية في هذا النوع من الثقافة‪ ،‬فقد تكون الشبكة قابلة للشرخ‬
‫أو الكسر في أي موقع إذا هي امتدت لعدد كبير من األنشطة وإلى مدى جغرافي واسع مما يستطيع املركز‬
‫بلوغه‪ .‬وتتميز ثقافة السلطة بالقوة والقساوة‪ ،‬وتهتم بالغايات اكبر من اهتمامها بالوسائل املتبعة لبلوغ تلك‬
‫الغايات‪ ،‬أما املوظفون فينظر لهم ضمن هذه الثقافة على أنهم مطيعون بطبعهم طاعة عمياء للسلطة‪ ،‬وغير‬
‫مكترثين بتحمل املخاطر التي قد تنطوي عليها اإلجراءات التنفيذية في كثير أو قليل‪ .‬في هذه البيئة ترتفع أهمية‬
‫السرية واألمن كاعتبارات عليا ال مجال للتالعب فيها‪ .‬ويؤدي الفشل في وضع الشخص املناسب في املكان‬
‫املناسب إلى انخفاض الروح املعنوية‪ ،‬وكثرة التقلب في املناصب اإلدارية املتوسطة‪ ،‬وافتقاد االتجاه‬
‫االستراتيجي املالئم‪ .‬لذلك يكون هذا النوع من الثقافة سائدا في املنظمات صغيرة الحجم والحديثة نسبيا‪.‬‬
‫‪0‬ـ ثقافة الدور(املعبد اليوناني)‪ :‬هي عبارة عن ثقافة بيروقراطية تؤدي فيها العقالنية واملنطق الدور األساس ي‬
‫في األداء‪ ،‬ويرمز لهذا النوع من الثقافة باملعبد اليوناني فقوة هذه الثقافة تكمن في قمة املعبد أين تتخذ‬
‫قرارات املنظمة وتعكس أعمدة املعبد وظائفها واختصاصاتها (قسم املشتريات‪ /‬قسم‬
‫الشئون املالية ‪ /‬قسم اإلنتاج ‪ ...‬وهكذا) سلسلة متناغمة من الركائز التي بينها مستوى‬
‫عال من التنسيق‪ ،‬والتي تنفذ القرارات‪ ،‬وينظر لثقافة الدور كمجموعة من الدعامات‬ ‫ٍ‬
‫التي يتم إدارتها والتنسيق فيما بينها بواسطة مجموعة محدودة من املديرين التنفيذيين‪،‬‬
‫مما ال يدع مجاال للمبادرة واالبتكار‪ ،‬وكل أداء يتعدى ثقافة الدور ليس مطلوبا وال يتم تشجيعه‪ ،‬بحيث‬
‫تسيطر القواعد واإلجراءات والقوانين وتوصيف األدوار على البيئة الداخلية‪ ،‬وتقوم الترقية على أساس األداء‬
‫الذي يحظى بقبول وموافقة مجموعة التنفيذيين واإلداريين‪ ،‬كما تكون هذه الثقافة أكثر نجاحا في البيئات‬
‫املستقرة والتي يمكن توقع ما يحدث فيها‪ ،‬إذ تعتمد في سيطرتها على مجموعة من األساليب الرقابية املباشرة‪،‬‬
‫ويكون هذا النوع من الثقافة سائدا في املنظمات البيروقراطية‪.‬‬
‫وأوضح األمثلة على تطبيق نمط ثقافة األدوار‪ ،‬نجده في أجهزة الخدمة املدنية وصناعة البترول‪،‬‬
‫واألنشطة التمويلية بالبنوك‪ ،‬وتكمن املشكلة الرئيسية في ثقافة الدور في بطء إدراكها ورد فعلها للمتغيرات‪.‬‬
‫فاملنظمات التي تتسم بهذا النوع من الثقافة تبعث على االطمئنان بالنسبة لألفراد الذين يقدرون األمان‪،‬‬
‫ولديهم درجة عالية من التنبؤ باملخاطر‪ .‬بينما تبعث على اإلحباط الشديد لإلفراد الطموحين أو الراغبين في‬
‫الوصول للسلطة‪.‬‬
‫ً‬
‫‪3‬ـ ثقافة الناس(العنقود)‪ :‬وفقا "‪ ،"HANDY‬يظهر هذا النمط من الثقافة في شكل عنقود‬
‫أو حلقة عندما تقرر مجموعة من األشخاص االعتناء بمصالحهم املشتركة على نحو‬
‫ً‬
‫جماعي بدال من األساس الفردي‪ .‬وتكون مصحوبة عادة بهياكل غير رسمية وعلى درجة‬

‫‪75‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫كبيرة من الالمركزية‪ ،‬وفي هذا النوع من الثقافة التنظيمية يقرر األفراد ألنفسهم قواعد وسياسات متبعة‪،‬‬
‫بينما يقل االعتماد على آليات التنسيق بينهم‪ .‬فاألفراد يتمتعون باستقاللية كبيرة في العالقات فيما بينهم‪،‬‬
‫ً‬
‫ولديهم تأثير مشترك‪ ،‬وإذا ما تطلب األمر استخدام السلطة‪ ،‬فإنها تمارس غالبا على قاعدة الخبرة‪ .‬لذلك‬
‫تعطى األولوية في هذا النوع من الثقافة لألفراد‪ ،‬حيث تقوم هذه الثقافة بإشراك األفراد في عملية اتخاذ‬
‫القرار‪ ،‬وتنتشر هذه الثقافة في املنظمات التي تحمل طابع تعاوني؛ كالتعاونيات املهنية (بين املحاسبين مثال)‪،‬‬
‫أو املنظمات التقنية صغيرة الحجم‪ ،‬وكذلك في املهن الحرة عند األطباء واملحامين واملهندسين‪ ،‬ويمكن تمثيلها‬
‫بيانيا كالعنقود بحيث ال يسيطر أحد األفراد على األخر‪.‬‬
‫‪4‬ـ ثقافة املهمة(الشكل الشبكي)‪ :‬تتخذ هذه الثقافة شكل مصفوفة أو شبكة‪ ،‬حيث نجد صلة وثيقة ما بين‬
‫األقسام والوظائف والتخصصات‪ ،‬ويعتبر هذا االتصال والتكامل بين األقسام كأداة تمكن املنظمة من‬
‫التكيف مع املتغيرات السريعة‪ ،‬إذ ترتكز هذه الثقافة على إنجاز املهام املوكلة لألفراد‪،‬‬
‫حد ما‪ ،‬بحيث تقوم هذه الثقافة على‬ ‫أين تكون القوة موزعة ومنتشرة بالتساوي إلى ٍ‬
‫الخبرة املهنية أو االحترافية أكثر منها على املركز أو قوة التأثير الشخص ي (الكاريزما)‪،‬‬
‫وعادة ما تنمو وتتطور في املنظمات التي تركز على مشاريع معينة‪ ،‬حيث يتم تخصيص‬
‫فرق عمل إلنجاز تلك املشاريع‪ ،‬ويتميز هذا النوع من الثقافة باملرونة وإمكانية املواءمة والتوافق و االستقاللية‬
‫النسبية لفرق العمل في القرارات واملسؤوليات‪ ،‬فهو مناخ يشجع على العمل الجماعي و التركيز على تحقيق‬
‫النتائج النهائية للمشاريع‪ ،‬ويمكن تمثيل ذلك بالشكل الشبكي‪.‬‬
‫إذ يعد األداء الجماعي واملرونة والقدرة على التطوير‪ ،‬والتحكم الذاتي‪ ،‬واالحترام املتبادل القائم على‬
‫أساس القدرة والكفاءة وليس السن أو الوضع االجتماعي من أهم املبادئ التنظيمية في هذا النوع من الثقافة‬
‫‪ .‬ففي هذا املناخ‪ ،‬يتسم السوق بدرجة عالية من املنافسة‪ ،‬كما يتميز بقصر دورة حياة املنتج‪ ،‬والعمل‬
‫الدؤوب على االبتكار كضرورة ال مجال للتنازل عنها‪ .‬ومن األمثلة البارزة على هذا النمط الثقافي‪ :‬وكاالت‬
‫الدعاية واإلعالن‪ .‬وتنطوي هذه البيئة التنظيمية على عدد من املشكالت الرئيسية التي تتساوى من حيث‬
‫خطورتها‪ ،‬وهي صعوبة رفع املستوى االقتصادي‪ ،‬واالعتماد األساس ي على جودة فريق العمل املعني‪ ،‬عالوة على‬
‫ذلك إذا حدث خطأ ما وجب فرض بعض التحكم من املركز‪ ،‬ويترتب على ذلك زوال ثقافة املهام لتحل محلها‬
‫ثقافة األدوار أو السلطة‪ ،‬إما عن طريق قواعد وإجراءات أو عن تأثير سياس ي يسيطر على حياة املنظمة‪ .‬وفي‬
‫كال الحالتين؛ فإن ذلك يؤدي إلى انخفاض الروح املعنوية‪ .‬وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجهها ثقافة‬
‫املهام إال أنها النموذج املفضل من قبل املديرين على املستوى اإلداري األدنى واملتوسط‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫وفي عام ‪ 1712‬قام كل من ‪ DEAL AND KENNEDY‬بتمييز أربع أنواع من الثقافات من خالل‬
‫فحصهم ملئات الشركات‪ ،‬وتتمثل هذه األنواع في‪:‬‬
‫الثقافة الصارمة ( ثقافة مفتول العضالت ) ‪ THE TOUGH-GUY MACHO CULTURE‬والثقافة الجادة التي‬
‫تجمع بين الجد والهزل ‪ THE WORK-HARD/PLAY-HARD CULTURE‬وثقافة الرهان ‪BET-YOUR-‬‬
‫‪ ،COMPANY CULTURE‬وثقافة العمليات ‪CULTURE .THE PROCESS‬وهذه الثقافات يحددها اثنان من‬
‫العوامل في مناخ السوق‪:‬‬
‫األول‪ :‬درجة املخاطرة املتعلقة بأنشطة الشركة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬سرعة االستقبال‪ ،‬واستفادة الشركة وموظفيها من التغذية العكسية فيما يخص االستراتيجيات‬
‫والقرارات املنظمة لألعمال‪.‬‬
‫أدرك ديل وكيندي أن النموذج الذي قدماه من الصعب أن ينطبق على مؤسسة أو منظمة ما‬
‫بحذافيره‪ ،‬وقد ذكرا أن النموذج الذي قدماه ما هو إال خطوة أولى مفيدة ملساعدة املديرين في التعرف على‬
‫ثقافة املنظمات التي ينتسبون إليها‪.‬‬
‫‪ -1‬الثقافة الصارمة ( ثقافة مفتول العضالت ) ‪:THE TOUGH-GUY MACHO CULTURE‬‬
‫أشخاصا على مستوى مرتفع من اإلحساس‬ ‫ً‬ ‫الثقافة الصارمة نمط شائع في املنظمات التي تضم‬
‫ُ‬
‫بالتفرد‪ ،‬وهم املقبلون على املخاطرة والقادرون على تصحيح مسار األداء في ضوء التغذية الراجعة التي تبين‬
‫معدل جودة قراراتهم وأفعالهم‪ .‬كما يحدث على سبيل املثال‪ ،‬في قطاع الشرطة وعلى مستوى الجراحين‪،‬‬
‫وشركات االستشارات اإلدارية‪ ،‬وصناعة الترفيه‪ .‬حيث يتم التركيز على سرعة األداء ملواجهة موقف متفاقم ًّأيا‬
‫ً‬
‫صارما حيال أعمالها وزمالء‬ ‫ً‬
‫منهجا‬ ‫ًّ‬
‫محوريا حيث تنتهج تلك املنظمات‬ ‫كان نوعه‪ ،‬أما املخاطرة فتؤدي ً‬
‫دورا‬
‫العمل األمر الذي يساعد على ظهور املنافسة الداخلية والتوتر والصراع‪ ،‬وهي من املظاهر الطبيعية في ظل‬
‫هذا املناخ‪ .‬وبينما تتميز هذه املنظمات بالنجاح في البيئة عالية املخاطر‪ .‬إال أنها منظمات غير قادرة على تحقيق‬
‫استثمارات سريعة أو طويلة املدى‪ ،‬وغير قادرة على احتمال الشخصيات متقلبة املزاج ‪ ،‬كما أنها بيئات عمل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ال تستفيد كثيرا من التنسيق بين األنشطة‪ ،‬حيث تميل إلى تجميع أكبر عدد من العاملين‪ ،‬وغالبا ما تفشل في‬
‫تطوير نفسها على نحو قوي وفعال‪.‬‬
‫‪ -0‬الثقافة التي تجمع بين الجد والهزل ‪:THE WORK-HARD/PLAY-HARD CULTURE‬‬
‫تميل املنظمات املمثلة لهذا النمط الثقافي إلى االبتعاد عن املخاطرة قدر اإلمكان‪ ،‬وتتميز بأنها ثقافة‬
‫سريعة التغذية العكسية‪ ،‬وتأكد على املرح والعمل‪ .‬ومن أمثلتها‪ ( :‬املنظمات العاملة في مجال املبيعات‪،‬‬
‫واملنظمات العاملة في مجال العقارات والحاسب اآللي‪ ،‬والشركات االستهالكية مثل ماكدونالدز)؛ حيث تركز‬

‫‪77‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫على امل طالب التي يقترحها العمالء‪ ،‬ويتميز أداؤها بالديناميكية واالبتكار في مجال عوامل جذب املستهلك وحثه‬
‫على التعامل معها‪ ،‬وعلى الرغم من ارتفاع مستوى اإلنجاز فيها‪ ،‬فإنها تميل إلى التركيز على الحاضر مع‬
‫االعتدال في مجال الجودة دونما إفراط أو تفريط مع االعتماد على الحلول السريعة إذا حدث خطأ ما‪.‬‬
‫‪ -3‬ثقافة الرهان ‪:BET-YOUR-COMPANY CULTURE‬‬
‫املناخ السائد في منظمات ثقافة الرهان ينطوي على مستوى مرتفع من املخاطرة‪ ،‬وتستغرق التغذية‬
‫ً‬
‫طويال ًّ‬ ‫ً‬
‫نسبيا‪ .‬ومن أبرز األمثلة على هذا النوع من املنظمات‪ ،‬شركات‬ ‫العكسية حول اإلجراءات والقرارات وقتا‬
‫صناعة الطائرات (مثل شركة بيونج) وشركات البترول (مثل شركة شل)‪ ،‬وتركز هذه املنظمات بشكل أساس ي‬
‫على االعتبارات املستقبلية‪ ،‬واملشروعات والطموحات الكبرى التي يستغرق التحقق من كفاءتها مرور سنوات‬
‫وسنوات‪ ،‬كما تميل عملية اتخاذ القرارات بها إلى االتجاه من أعلى إلى أسفل األمر الذي يعكس الطبيعة‬
‫الهرمية لهذه الشركات‪ .‬أما األشخاص الذين يكتب لهم االستمرار في مثل هذه املنظمات‪ ،‬فهم على درجة‬
‫عالية من احترام السلطة واإلدارة‪ ،‬وعلى درجة عالية من الخبرة العملية التطبيقية والكفاءة‪ ،‬ويلتزمون معظم‬
‫الوقت باعتبارات التعاون مع الزمالء‪ ،‬ويتميزون بقوة الشخصية بحيث يمكنهم التعامل مع القرارات التي على‬
‫درجة كبيرة من الضغط‪ ،‬وثقافة الرهان من الثقافات التنظيمية القادرة على النجاح في مجال التطوير‬
‫ً‬
‫التطبيقي على أساس علمي في مجال التقدم واالختراعات‪ ،‬إال أن استجاباتها على املدى الزمني بطيئة نوعا ما‪،‬‬
‫وقد يسبب هذا الكثير من املشكالت‪.‬‬
‫‪ -4‬ثقافة العمليات( التشغيل واملعالجة ) ‪:THE PROCESS CULTURE‬‬
‫وهي ثقافة ال تحبذ املخاطرة‪ ،‬وتعتمد على التغذية العكسية البطيئة وأكثر األمثلة على هذا النوع‬
‫من املنظمات‪ :‬البنوك وشركات التامين وأجهزة الخدمة املدنية‪ .‬فالعاملون في هذا املناخ التنظيمي لديهم قدر‬
‫بسيط من التغذية العكسية عن األنشطة التي يمارسونها‪ ،‬فيتجنبون قراءة التقارير واملذكرات‪ ،‬فهم يركزون‬
‫ً‬
‫على كيفية أداء األشياء‪ ،‬فضال عن ماهية األشياء التي يعملونها‪ .‬ولذا يتميز معظم العاملين في هذا املناخ‬
‫بالحذر الشديد والحرص الشديد على تكامل النظام واالنضباط الفني في األداء الخاص باملهام‪ ،‬وينجح في هذا‬
‫املناخ األشخاص الحريصون املحافظون على مواعيدهم‪ ،‬والذين يركزون على التنميق والنظام والتفاصيل‬
‫وعقد االجتماعات املطولة واملناقشات املستفيضة لكافة اإلجراءات‪ ،‬والتأكيد على احترام املناصب‬
‫واملستويات الرسمية والتفكير في البناء الهرمي للسلطة‪ ،‬وهي من الثقافات الفعالة عند التعامل مع مناخ‬
‫معروف ويمكن التنبؤ به‪ ،‬ولكنها تفتقر لرد الفعل السريع‪ ،‬كما ينقصها الكثير من اإلبداع ووضوح الرؤية‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫وفي عام ‪1713‬م قام كل من "‪ " Quinn and McGrath‬بتقسيم الثقافة التنظيمية إلى‬
‫أربعة أنواع وهي كالتالي‪:‬‬
‫الثقافة العقالنية ( السوق) ‪ ، MARKET‬والثقافة األيديولوجية ‪ ،ADHOCRACY‬والثقافة املالزمة (العشيرة)‬
‫‪ ،CLAN‬والثقافة الهرمية ( التدرج) ‪.HIERARCHY‬‬
‫هذا التصنيف قائم على أساس تحليل طبيعة الصفقات واملعامالت املرتبطة بتبادل املعلومات‬
‫ً‬
‫أساسا ًّ‬
‫فكريا لتصنيفهما الذي طرحاه‪ ،‬وهو االعتقاد بأنه‬ ‫داخل املنظمات‪ .‬حيث أوضح املفكرين أن هناك‬
‫كلما حدث تفاعل بين األفراد والجماعات‪ ،‬فانه يوجد هناك تبادل ألشياء ذات قيمة مثل األفكار والحقائق‪،‬‬
‫وتشكل هذه املبادالت والصفقات أهمية في للمنظمة ألنها تحدد حالة األفراد والجماعات والسلطة التي‬
‫يستطيعون استخدامها ودرجة رضاهم على الوضع الراهن‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تحدد هذه االعتبارات املوقف‬
‫الخاص بكل فرد معني وبكل مجموعة معينة‪ ،‬أما السلطة فيمكن املشاركة فيها في ضوء معطيات األمر‬
‫الواقع‪ ،‬ومن ثم كانت طبيعة الصفقات في منظمة ما من الوسائل التي يمكن استخدامها في التمييز بين األنواع‬
‫املختلفة للثقافات‪.‬‬
‫وفي عام ‪ 1713‬قدم "‪ "Scholz‬في سعيه لفهم العالقة بين الثقافة التنظيمية وبين االستراتيجية‬
‫ً‬
‫وصفا لثالثة أبعاد ثقافية هي بعد التطور ‪( EVOLUTION‬كيف تتغير الثقافة عبر الزمن) والبعد الداخلي‬
‫‪ ( INTERNAL‬كيف تأثر الظروف الداخلية للمنظمة على ثقافتها) والبعد الخارجي ‪ ( EXTERNAL‬كيف تأثر‬
‫البيئة الخارجية املحيطة باملنظمة على ثقافتها ) وهذا البعد األخير ربما استعارة سشولز من تصنيف ديل‬
‫وكندي‪ ،‬أما بعد التطور فقد رجع فيه سشولتز الى التراث البحثي في مجال اإلدارة االستراتيجية‪ ،‬ومنها اشتق‬
‫خمسة أنواع ثقافية أولية هي‪ :‬االستقرار‪ ،STABLE‬والتفاعل ‪ ،REACTIVE‬والتوقع ‪،ANTICIPATING‬‬
‫واالستكشاف ‪ ،EXPLORING‬واإلبداع ‪ ،CREATIVE‬ومن ثم وضع األسس الخاصة لكل منها مثل السمات‬
‫الشخصية والشعور القوي بالزمن والشعور القوي باملخاطرة واالنتماء لشعار ما وامليل إلى التطوير‪.‬‬
‫أما بالنسبة للبعد الداخلي‪ ،‬فمرة أخرى نجد "‪ ،"SCHOLZ‬يعيد صياغة األفكار الحالية حول آلية‬
‫عمل املنظمة‪ .‬وفي هذه املرة حدد ثالثة أنواع ثقافية هي‪ :‬اإلنتاج والبيروقراطية واالحتراف‪ ،‬والتي ميزها بدرجة‬
‫متفاوتة وفقا لتكرارها واملعيارية واملتطلبات املهارية وحقوق امللكية على تنوعها ى مادية ى حسية ى فكرية‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫منظما مما جعل الكثير من‬‫ً‬ ‫ً‬
‫جديدا أو‬ ‫إال أن أي من تلك األفكار التي طرحها التصنيف لم يكن‬
‫املتخصصين يصفون تصنيف "‪ ،"SCHOLZ‬بأنه محاولة جادة‪ ،‬وجديرة باالحترام لوضع إطار تنظيمي ألفكار‬
‫متعارف عليه‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫وفي عام ‪1711‬م قام كل من "‪ CAMERON‬و‪ "ETTINGTON‬بتطوير هذا النموذج‪ ،‬وذلك بإضافة‬
‫محورين متعامدين يشير املحور العمودي إلى التغيير املرن (البيئة املنفتحة)‪ ،‬مقابل الرقابة واالستقرار‪ ،‬بينما‬
‫يشير املحور األفقي إلى النظر إلى املنظمة من الخارج (البيئة الخارجية)‪ ،‬مقابل النظر إليها من الداخل (البيئة‬
‫الداخلية)‪ ،‬وتنتشر بين رؤوس املحورين الثقافات التنظيمية األربعة التالية‪:‬‬
‫‪2‬ـ الثقافة املتطورة ‪ :DEVELOPMENTAL ADHOCRACY CULTURE‬من خصائصها املبادرات‪ ،‬اإلبداع‪،‬‬
‫التكيف‪ ،‬التفاعل‪ ،‬فهي ثقافة منفتحة على البيئة الخارجية أكثر من االهتمام باألمور الداخلية‪ ،‬وتركز على‬
‫التغيير وإحراز املوارد الرئيسية للمنظمة ويتم تحفيز األفراد من خالل شحذ الهمم إلنجاز املهام بحيث يتطلب‬
‫هذا النوع من الثقافة القائد املبدع واملبادر‪.‬‬
‫‪0‬ـ ثقافة الجماعة ‪ :GROUP CULTURE‬تقوم هذه الثقافة على القيم املتزامنة مع األعراف‪ ،‬حيث يلتزم‬
‫األعضاء بالتعليمات والتوجهات التنظيمية املبنية على الثقة والتقليد وااللتزام طويل األجل ومن خصائصها‬
‫التماسك‪ ،‬املشاركة‪ ،‬فرق العمل‪ ،‬الشعور العائلي‪ ،‬كما ترتكز هذه الثقافة استراتيجيا على تنمية املوارد‬
‫البشرية ومشاركة األفراد في صناعة القرارات وبناء والء األفراد والتزامهم لجماعة‪ ،‬ويتصف القائد هنا‬
‫ّ‬
‫واملبسط "‪. "FACILATOR‬‬ ‫بالناصح‬
‫‪3‬ـ الثقافة العقالنية ‪ :RATIONAL CULTURE‬ومن بين الخصائص املهيمنة لهذا النوع من الثقافة بلوغ‬
‫األهداف‪ ،‬املنافسة والتبادل البيئي‪ ،‬ومن أهدافها األساسية التخطيط‪ ،‬اإلنتاجية والكفاءة في إدارة املوارد‪،‬‬
‫ويتم تحفيز أعضائها على أساس أن األداء املتميز يقود إلى تحقيق األهداف التنظيمية والتي تعود عليهم‬
‫بالعوائد واملكافآت‪ ،‬وترتبط هذه الثقافة مع اإلدارة باألهداف‪ ،‬وتركز استراتيجياتها نحو كسب املنافسة‪،‬‬
‫والتفوق واالمتياز‪.‬‬
‫‪4‬ـ الثقافة الهرمية ‪ :HIERARCHY CULTURE‬من خصائصها املهيمنة‪ :‬األوامر‪ ،‬والقوانين واالنتظام‬
‫واالتساق "‪ ،"UNFORMITY‬والكفاءة‪ ،‬وتقوم على القيم واألعراف املتالزمة مع البيروقراطية‪ ،‬وعادة ما تكون‬
‫قيمها ثابتة وراسخة لذلك يلتزم األعضاء باألوامر عندما تكون األدوار رسمية حسب القوانين والصالحيات‬
‫املعطاة‪.‬‬
‫وفي دراسة مماثلة قام بها "‪ "SCHULZ‬وزمالؤه عام ‪ 2111‬بعنوان استخدام قوة الثقافة املؤسسية‬
‫عددا ً‬
‫كبيرا من منظمات القطاع الحكومي والقطاع الخاص في الواليات املتحدة‬ ‫لبلوغ النتائج‪ ،‬شملت ً‬

‫األمريكية‪ ،‬وخرجت هذه الدراسة بتقييم الثقافة التنظيمية في تلك املنظمات إلى ما يلي‪:‬‬

‫‪81‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪2‬ـ ثقافة التحكم والسيطرة ‪ :‬ومن خواصها التنبؤ واألوامر الرسمية‪ ،‬بحيث يتسم نمطها القيادي‬
‫بالدكتاتورية والسلطوية املقاومة للتغيير‪ ،‬مع التقيد واالهتمام بالقنوات التنظيمية الرسمية حسب القوانين‬
‫املعمول بها‪ ،‬كما تعتمد استراتيجيتها في النجاح على تنفيذ األوامر الرسمية‪.‬‬
‫‪0‬ـ الثقافة التعاونية‪ :‬وهي التي تسعى لبناء عالقات مع مختلف األطراف ذوي املصالح باملنظمة مما ينعكس‬
‫على جودة العالقات‪ ،‬كما تعمل القيادة على تشجيع املشاركة العالية لألعضاء في اتخاذ القرارات‪ ،‬مع التركيز‬
‫على بناء فرق العمل ذات التماسك العالي‪ ،‬كما تعتمد استراتيجيتها في النجاح على جودة العالقات بين‬
‫العاملين مع بعضهم البعض ومع املنظمة وكذا مع مختلف أصحاب املصالح‪.‬‬
‫‪3‬ـ ثقافة الجدارة‪ :‬من خواصها تشجيع التميز واإلبداع واألفكار الجديدة‪ ،‬كما تكون القيادة حاملة ذات رؤى‬
‫بعيدة كما تعتمد استراتيجيتها في النجاح على التميز والريادة في مجال التقنية غير املسبوقة‪.‬‬
‫‪4‬ـ ثقافة التهذيبية التنموية‪ :‬تؤكد هذه الثقافة على إغناء وإثراء حياة العاملين واملستفيدين على حد سواء‪،‬‬
‫وعادة ما تأخذ قيادتها نمط اإليحاء واإلثارة من قبل قادة يتمتعون بجاذبية خاصة‪ ،‬وتتطلع استراتيجياتها‬
‫دائما إلى األهداف طويلة األجل‪.‬‬
‫وقد قدم كل من "‪KWAN‬و ‪ "WALKER‬سنة ‪ 2114‬نموذجا يوضحان فيه تقسيمات الثقافات التنظيمية‬
‫السابقة‪ ،‬كما هو في الشكل التالي‪:‬‬
‫الشكل‪ :5‬تقسيم الثقافات التنظيمية الذي قام بتطويره كل من ‪ CAMERON‬و‬
‫‪ETTINGTON‬‬

‫‪Source: Kwan Paula, WalkerAllan, op.cit,p:24‬‬


‫ويالحظ من الشكل التالي ما يلي ‪:‬‬
‫أن املحور األفقي (الذي يقارن بين بعدي النظرة الخارجية مقابل النظرة الداخلية للمنظمة) يبين‬
‫أن ثقافات املنظمات التي تعكس النظرة الداخلية تؤكد على املحافظة والتمسك باألنظمة مع التركيز على‬

‫‪80‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫السيطرة والرقابة الداخلية‪ ،‬بينما الثقافات التي تعكس النظرة الخارجية للمنظمة تركز على التحسينات في‬
‫املواقع التنافسية‪ ،‬وذلك بتعقب التغير البيئي‪.‬‬
‫أما املحور العمودي (الذي يقارن بين بعدي املرونة مقابل الرقابة)‪ ،‬يعكس أداء الهيكل التنظيمي‪،‬‬
‫أي أن ثقافات التوجيه باملرونة تدعم الالمركزية والتميز‪ ،‬بينما ثقافات التوجيه باملراقبة تدعم املركزية‬
‫والتكامل الداخلي‪.‬‬
‫وفي جانب محور الرقابة‪ ،‬فإن الثقافات التنظيمية العقالنية والهرمية تميل إلى اإلدارة باملشاركة‪،‬‬
‫واالعتماد على الكفاءة التقنية املستخدمة داخل املنظمة‪ ،‬وضبط الجودة بواسطة املعايير‪ ،‬وضبط العمليات‬
‫الداخلية ونظام االتصال الفعال‪ ،‬والتوثيق‪ ،‬وإدارة املعلومات‪.‬‬
‫أما فيما يخص جانب املرونة‪ ،‬فإن الثقافات التنظيمية املتطورة والجماعية تترابط في جو من الثقة‬
‫والتوجهات اإليجابية نحو املنظمة‪ ،‬إذ تميل إلى العدالة في العوائد واملكافآت‪ ،‬كما أن هذه املنظمات تمتلك‬
‫درجة عالية من الخبرة تمكنها من الريادة والبحث عن طرق جديدة لزيادة حصتها في السوق ‪.‬‬
‫وأخيرا نالحظ أنه ال توجد عالقات ترابط بين الثقافة املتطورة والثقافة الهرمية من جانب وبين‬
‫الثقافة الجماعية والثقافة العقالنية من جانب أخر‪.‬‬
‫وهناك من الرواد واملهتمين في مجال اإلدارة من يصنف الثقافة السائدة إلى قسمين‪ :‬الثقافة‬
‫القوية والثقافة الضعيفة ونذكر منهم "‪ DETERT‬و ‪ "SCHROEDER‬إذ يشيران إلى أن هناك عاملين أساسين‬
‫يحددان درجة قوة الثقافة السائدة في املنظمة وهما‪:‬‬
‫ى عنصر الشدة "‪ :"INTENSITY‬ويشير هذا العنصر إلى مدى شدة أو قوة تمسك أعضاء املنظمة بالقيم‬
‫واملعتقدات املشتركة بينهم‪.‬‬
‫ى عنصر اإلجماع "‪ :"CONSENSUS‬أو مدى املشاطرة لنفس القيم واملعتقدات في املنظمة من قبل األعضاء‪.‬‬
‫وبالتالي فإن الثقافة تستمد قوتها كلما كان هناك إجماع كبير بين األعضاء على القيم واملعتقدات‪،‬‬
‫كما يعتمد اإلجماع على تعريف األفراد بالقيم السائدة في املنظمة وكيفية إدارتها وعلى العوائد واملكافآت التي‬
‫تمنح لألفراد امللتزمين بهذه القيم وهذا ما يساعد اآلخرين على تعلم القيم وفهمها‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى فإن الثقافة التنظيمية القوية قد تشكل عبئا على املنظمة وذلك في الحاالت‬
‫التالية‪:‬‬
‫ى عندما تتغير رسالة املنظمة أو أهدافها أو استراتيجياتها‪ ،‬وبالتالي فإن الثقافة القوية التي كانت تدعم النجاح‬
‫السابق للمنظمة قد ال تتناسب مع النظام الجديد‪ ،‬ويكون من الصعب تغيرها طاملا أن هناك العديد من‬
‫األفراد املتمسكين بها‪ ،‬وهو ما يزيد من عملية مقاومة التغيير‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫ى يمكن أن تهدد بعض الثقافات التنظيمية القوية فعالية املنظمة‪ ،‬وذلك عندما تكون معادية ألهداف‬
‫املنظمة أو أن تكون قائمة على افتراضات وقيم ومعتقدات تشجع على النزاعات الداخلية‪ ،‬مما ينعكس سلبا‬
‫على أداء املنظمة‪.‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق يمكن القول أنه بالرغم من أهمية تصنيفات الثقافة التنظيمية‪ ،‬إال أنه يجب‬
‫إدراك الطبيعة الداخلية للمنظمات‪ ،‬بحيث تكون معقدة ال يمكن ربطها بأحد أنواع التقسيمات السابقة‬
‫للثقافات التنظيمية بشكل محدد وبنفس الدقة والتفاصيل‪ ،‬ويعود ذلك لعدة أسباب منها وجود الثقافات‬
‫الفرعية املتعددة داخل املنظمة‪ ،‬أو تأثير البيئة الداخلية والخارجية على مدخالت ومخرجات املنظمة‪ ،‬أو على‬
‫درجة التعقيد واملركزية السائدة‪ ،‬أو درجة االعتماد على التقنية وغيرها من األسباب التي تحول دون التقيد‬
‫الدقيق بأحد التقسيمات السابقة للثقافات التنظيمية‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫تطرقنا في املطبوعة املتعلقة بمقياس الثقافة التنظيمية إلى محاولة تحديد مفهوم الثقافة‬
‫التنظيمية وأهميتها‪ ،‬ومحدداتها‪ ،‬وكذا تحديد مكونات الثقافة التنظيمية‪ ،‬وكذا التطرق لدراسة وتحليل أهم‬
‫خصائص وأبعاد الثقافة التنظيمية‪ ،‬باإلضافة لدراسة مستويات وأنواع الثقافة التنظيمية‪.‬‬
‫وقد خلصنا من خالل الدراسة والتحليل إلى تحديد مفهوم الثقافة واستعراض مختلف مكوناتها‬
‫املادية والالمادية‪ ،‬وكذلك تعرضنا ألهم الخصائص واملميزات التي تشترك فيها الثقافة رغم تعددها واختالفها‬
‫من مجتمع آلخر‪.‬‬
‫كما خلصنا إلى أن البحث عن تعريف دقيق ومضبوط للثقافة التنظيمية يعد أمرا في غاية الصعوبة‪،‬‬
‫لذا قمنا بطرح العديد من التعاريف للثقافة التنظيمية والتي قدمتها مختلف أدبيات إدارة األعمال‪ ،‬وتوصلنا من‬
‫خالل ذلك إلى أنه وبرغم تعدد هذه التعاريف والتصنيفات للثقافة التنظيمية واختالفها عن بعضها البعض‬
‫في بعض النقاط إال أنه يمكن تجميعا في شكل مجموعات متجانسة‪.‬‬
‫كما خلصنا إلى أن يجب التفرقة بين مفهوم الثقافة التنظيمية وبعض املفاهيم األخرى والتي من‬
‫الخطأ أن نعد أحدها مرادفا للثقافة التنظيمية‪ ،‬نظرا لالختالف من حيث الجوهر واملفهوم ومن هذه املفاهيم‬
‫املناخ التنظيمي واألخالق التنظيمية والحضارة التنظيمية واملسؤولية االجتماعية والنظم التنظيمية‪ .‬كما‬
‫تناولنا بالدراسة والتحليل األهمية والدور الذي تلعبه الثقافة التنظيمية على املستويين الداخلي والخارجي‪،‬‬
‫وكذا سرد مختلف العوامل واملتغيرات املساهمة في بناء وتشكيل الثقافة التنظيمية داخل املنظمات‪.‬‬
‫كما خلصنا كذلك إلى أن الثقافة التنظيمية ال تتشكل مصادفة أو بصورة فجائية وال تتحدد من‬
‫فراغ وإنما تساهم عدة عناصر في تشكيلها‪ ،‬ومن بين هاته العناصر‪ :‬الثقافة الوطنية‪ ،‬الثقافة الجهوية‪،‬‬
‫الثقافة املهنية‪ ،‬وكذا املميزات الفرعية للمدراء والقادة‪ .‬وعلى الرغم من األثر الكبير الذي تلعبه هذه‬
‫املحددات في تشكيل ثقافة املنظمات‪ ،‬إال أن لكل منظمة هوية واستقاللية نسبية عن محيطها تتجلى أكثر‬
‫في تلك االستقاللية النسبية عن الثقافة الوطنية واملحلية وحتى املهنية‪ ،‬لدرجة تصبح فيها الثقافة التنظيمية‬
‫منتجة لثقافات تحتية تتميز باالستقالل النسبي عنها لكن في تفاعل دائم ومستمر معها‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫وقد خلصنا عن طريق الدراسة والتحليل إلى أن مكونات الثقافة التنظيمية متعددة ومتباينة ويمكن‬
‫النظر إليها من زوايا متعددة‪ ،‬ومما خلصنا إليه هو أنه يمكننا تقسيمها إلى مكونات غير مادية ومكونات مادية‬
‫وأخرى متعلقة بمكونات املوروث الثقافي‪.‬‬
‫ونعني باملكونات غير املادية للثقافة تلك العناصر التي ال نستطيع إدراكها بحواسنا‪ ،‬غير أنها تمثل‬
‫ً‬
‫الجزء األكبر من عناصر الثقافة التنظيمية واملتمثل أساسا في القيم التنظيمية واملعتقدات التنظيمية‬
‫والتوقعات التنظيمية واألعراف التنظيمية واالتجاهات وكذا اإليديولوجيا‪ .‬أما املكونات املادية للثقافة‬
‫التنظيمية فتتمثل في كل ما يمكن رؤيته أو إدراكه بحواسنا‪ ،‬من الظواهر واملؤشرات املادية والرموز وكذلك‬
‫الطقوس والشعائر‪ .‬ومن بين مكونات الثقافة التنظيمية كذلك تلك األحداث واملواقف التي مرت بها املنظمة‬
‫ً‬
‫واملتمثلة في املوروث الثقافي للمنظمة واملتكون أساسا من املؤسسون األوائل وتاريخ املنظمة والقصص‬
‫واألبطال واألساطير واملجاز‪ ،‬والطرائف‪ ،‬والنكت‪ ،‬واأللعىاب والطابوهات واإلشاعات وكذا الشبكة الثقافية‬
‫ومهنة املنظمة‪.‬‬
‫كما خلصنا إلى أن هناك مجموعة من الخصائص التي تتصف بها ثقافة املنظمة والتي هي محل‬
‫ً‬
‫إجماع العديد من املفكرين‪ ،‬ومن جهة أخرى تتضمن ثقافة املنظمة كذلك أبعادا رئيسة ترتبط ببعضها‬
‫البعض‪ ،‬وتعتمد على بعضها البعض‪ ،‬إذ أن هناك تشابه كبير في العديد من هذه األبعاد وهذا ما بينته‬
‫العديد من الدراسات وذلك على الرغم من اختالف طبيعة املنظمات وتنوع الدول التي تمت فيها هاته‬
‫الدراسات‪ .‬كما خلصنا إلى أن هناك سبعة أبعاد من بين ثمانية عشر بعد من أبعاد الثقافة التنظيمية مثلت‬
‫النسب العالية ملا جاء بها الباحثون في نماذجهم وهي (بعد االحتواء والترابط ى بعد االتساق والتجانس ى بعد‬
‫القدرة على التكيف ى بعد تشجيع االبداع واالبتكارـ بعد التوجه بالنتائج ى بعد التوجه بالفريق ى بعد‬
‫التوجه بالعميل)‪ ،‬قد تم اعتمادها كأبعاد للدراسة الحالية‪.‬‬
‫كما خلصنا إلى أنه يمكن تقسيم مستويات الثقافة التنظيمية إلى مستويين هما‪ :‬املستويات‬
‫الخارجية لثقافة التنظيمية‪ ،‬وتشمل الثقافة الفردية‪ ،‬الفرعية‪ ،‬الوظيفية‪ ،‬املجتمعية‪ ،‬والدولية‪ ،‬وكذلك‬
‫التقسيم الداخلي ويشمل الجزء الظاهر من أنماط السلوك‪ ،‬القيم والقناعات‪ ،‬االفتراضات األساسية‪.‬‬
‫كما خلصنا كذلك إلى أن هناك عدد كبير من التصنيفات ألنواع الثقافة التنظيمية‪ ،‬إال أن كل‬
‫تصنيف يختلف عن اآلخر في درجة التعقيد وعدد املتغيرات التي يضعها في الحسبان‪ ،‬كما يتأثر كل تصنيف‬
‫من هاته التصانيف بدرجة قابليته للتطبيق داخل املنظمات‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫قائمة املراجع املعتمدة‪:‬‬


‫أوال‪ :‬باللغة العربية‪:‬‬
‫‪ ‬الكتب ‪:‬‬
‫‪ .1‬أبو بكر مصطفى محمود وحسين السيد طه‪ ،‬املدير وتنمية العاملين‪ ،‬مطابع الوالء الحديثة‪ ،‬القاهرة ى‬
‫مصر‪.2111،‬‬
‫‪ .2‬أحمد سيد مصطفى‪ ،‬إدارة السلوك التنظيمي‪ :‬رؤية معاصرة‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية ى مصر‪.2111 ،‬‬
‫‪ .3‬جاد الرب محمد السيد‪ ،‬السلوك التنظيمي‪ :‬موضوعات وتراجم وبحوث إدارية متقدمة‪ ،‬مطبعة العشري‪،‬‬
‫اإلسكندرية ى مصر‪.2111 ،‬‬
‫‪ .4‬جمال الدين املرس ي‪ ،‬إدارة الثقافة التنظيمية والتغيير‪ ،‬الدار الجامعية للنشر والطبع والتوزيع‪ ،‬اإلسكندرية ى‬
‫مصر‪.2116 ،‬‬
‫‪ .1‬جيرالد جرينبرج‪ ،‬روبرت بارون‪ ،‬إدارة السلوك في املنظمات‪ ،‬ترجمة ‪ :‬رفاعي محمد رفاعي و إسماعيل علي‬
‫بسيوني‪ ،‬دار املريخ للنشر‪ ،‬الرياض ى السعودية‪.2114 ،‬‬
‫‪ .6‬حسين حريم‪ ،‬إدارة املنظمات‪ ،‬دار حامد‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة األولى‪.2113 ،‬‬
‫‪ .3‬خليل موس ى‪ ،‬اإلدارة املعاصرة‪ :‬املبادئ ـ الوظائف ـ املمارسة‪ ،‬املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫بدون بلد‪.2111 ،‬‬
‫‪ .1‬رمضان محمد القذافي‪ ،‬العلوم السلوكية في مجال اإلدارة واإلنتاج‪ ،‬املكتب الجامعي الحديث‪ ،‬اإلسكندرية ى‬
‫مصر‪.1773 ،‬‬
‫‪ .7‬زايد عادل حسن‪ ،‬األداء التنظيمي املتميز‪ :‬الطريق إلى منظمة املستقبل‪ ،‬املنظمة العربية للتنمية اإلدارية‪،‬‬
‫القاهرة‪.2113 ،‬‬
‫‪ .11‬سامية حسن الساعاتي‪ ،‬الثقافة الشخصية‪ ،‬بحث في علم االجتماع الثقافي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة ى مصر‪،‬‬
‫‪.1771‬‬
‫‪ .11‬سليم إبراهيم الحسينة‪ ،‬السلوك اإلداري و العلوم السلوكية‪ ،‬مؤسسة وراق للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ى األردن‪،‬‬
‫‪.1777‬‬
‫‪ .12‬عبد الحميد أحمد رشوان‪ ،‬علم اجتماع التنظيم‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية ى مصر ‪.2114 ،‬‬
‫‪ .13‬عبد املعطي محمد عساف‪ ،‬السلوك التنظيمي في املنظمات املعاصرة‪ ،‬دار زهران للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ى‬
‫األردن‪.1774 ،‬‬
‫‪ .14‬علي شريف‪ ،‬منال الكردي‪ ،‬أساسيات التنظيم وإدارة األعمال‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية ى مصر‪.2114 ،‬‬
‫‪ .11‬عمر وصفي عقيلي‪ ،‬إدارة املوارد البشرية‪ :‬بعد استراتيجي‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬عمان ى األردن‪.2111 ،‬‬
‫‪ .16‬فرنسيس ديف‪ ،‬ومايك وودكوك‪ ،‬القيم التنظيمية‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الرحمان أحمد بن هيجان‪ ،‬معهد اإلدارة‬
‫العامة‪ ،‬الرياض ى السعودية ‪.1771،‬‬
‫‪ .13‬فيليب اتكنسون‪ ،‬إدارة الجودة الشاملة والتغيير التنظيمي‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد الفتاح السيد النعماني‪ ،‬مركز الخبرات‬
‫املهنية لإلدارة‪ ،‬القاهرة ى مصر‪.1776 ،‬‬
‫‪ .11‬كامل محمد املغربي‪ ،‬السلوك التنظيمي‪ :‬مفاهيم وأسس سلوك الفرد والجماعة في التنظيم‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬‬
‫دار الفكر‪ ،‬عمان ى األردن‪.2114 ،‬‬
‫‪86‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪ .17‬الكبيس ي عامر خضير‪ ،‬التنظيم اإلداري الحكومي بين التقليد واملعاصرة‪ ،‬دار الشرق للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الدوحة ى قطر‪.1771 ،‬‬
‫‪ .21‬محمد أكرم العدلوني‪ ،‬العمل املؤسس ي‪ ،‬دار إبن حزم‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بيروت ى لبنان‪.2112 ،‬‬
‫‪ .21‬محمد عبد الفتاح الصيرفي‪ ،‬اإلدارة الرائدة‪ ،‬دار صفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ى األردن‪.2113 ،‬‬
‫‪ .22‬مصطفى محمود أبو بكر‪ ،‬التنظيم اإلداري في املنظمات املعاصرة‪ :‬مدخل تطبيقي إلعداد وتطوير التنظيم‬
‫اإلداري للمنشأة املتخصصة‪ ،‬دار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية ى مصر‪.2111 ،‬‬
‫‪ .23‬مصطفى محمود أبو بكر‪ ،‬دليل التفكير االستراتيجي وإعداد الخطة االستراتيجية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية ى‬
‫مصر‪.2111 ،‬‬
‫‪ .24‬مؤيد سعيد سالم‪ ،‬تنظيم املنظمات‪ :‬دراسة في تطوير الفكر التنظيمي خالل ‪ 222‬عام‪ ،‬عالم الكتب الحديث‪،‬‬
‫اربد ى األردن‪.1776 ،‬‬
‫‪ .21‬ناضر محمد العديلي‪ ،‬السلوك اإلنساني والتنظيم ‪:‬منظور كلي مقارن‪ ،‬معهد اإلدارة العامة‪ ،‬الرياض ى‬
‫السعودية ‪.1773‬‬
‫‪ .26‬نيكي هانس‪ ،‬إدارة الفريق‪ :‬استراتيجية الفريق‪ ،‬ترجمة‪ :‬سرور على إبراهيم‪ ،‬دار املريخ للنشر‪ ،‬الرياض ى‬
‫السعودية‪.2111 ،‬‬
‫‪ ‬أطروحات الدكتوراه‪:‬‬
‫‪ .23‬إياد علي الدجني‪ ،‬دور التخطيط االستراتيجي في جودة األداء املؤسس ي‪ :‬دراسة وصفية تحليلية في الجامعات‬
‫النظامية الفلسطينية‪ ،‬أطروحة دكتوراه غير منشورة في علوم التربية‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬قسم‬
‫املناهج وطرائق التدريس ‪،‬جامعة دمشق‪.2111 ،‬‬
‫‪ .21‬الباتول علوط‪ ،‬الثقافة التنظيمية وأثرها على األداء الوظيفي للمرأة العاملة في املؤسسة العمومية‬
‫االستشفائية‪ :‬دراسة ميدانية ببعض املؤسسات العمومية االستشفائية بوالية الجلفة‪ ،‬أطروحة دكتوراه غير‬
‫منشورة في علم االجتماع تنظيم وعمل‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬قسم علم االجتماع‪ ،‬جامعة الجزائر‬
‫(‪.2113 ،)2‬‬
‫‪ .27‬بن عيس ى محمد املهدي‪ ،‬ثقافة املؤسسة‪ :‬دراسة ميدانية باملؤسسة االقتصادية العمومية‪ ،‬أطروحة دكتوراه‬
‫دولة غير منشورة في علم االجتماع‪ ،‬قسم علم االجتماع‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة الجزائر‪.2111 ،‬‬
‫‪ .31‬زينب إسماعيل إبراهيم الغرابلي‪ ،‬دور الثقافة التنظيمية في تدعيم التوجه االستراتيجي إلدارة املوارد البشرية‬
‫في املنظمات الخدمية الحكومية ‪ :‬دراسة تطبيقية على بعض الجامعات الحكومية املصرية‪ ،‬أطروحة دكتوراه‬
‫فلسفة غير منشورة في إدارة األعمال‪ ،‬قسم إدارة األعمال ‪ ،‬كلية التجارة‪ ،‬جامعة املنوفية‪.2113 ،‬‬
‫‪ .31‬صالح بن سعد املربع‪ ،‬القيادة االستراتيجية ودورها في تطوير الثقافة التنظيمية في األجهزة األمنية‪ :‬دراسة‬
‫ميدانية مقارنة على املديرية العامة للجوازات واملديرية العامة للدفاع املدني‪ ،‬أطروحة دكتوراه فلسفة غير‬
‫منشورة في العلوم األمنية‪ ،‬السعودية‪ :‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬قسم العلوم اإلدارية ‪،‬جامعة نايف العربية للعلوم‬
‫األمنية‪.2111،‬‬
‫‪ .32‬عبد هللا مهدي العمري‪ ،‬تأثير القيادة التحويلية على الثقافة التنظيمية في املنظمات اإلماراتية مع التطبيق‬
‫على قطاع البترول‪ ،‬أطروحة دكتوراه فلسفة غير منشورة في اإلدارة العامة‪ ،‬كلية االقتصاد والعلوم السياسية‬
‫‪،‬قسم اإلدارة العامة‪ ،‬جامعة القاهرة‪.2111،‬‬
‫‪87‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪ .33‬علي بن فهيد بن فهد الفعر الشريف‪ ،‬الثقافة التنظيمية ودورها في اإلبداع اإلداري بالجامعات السعودية‪:‬‬
‫دراسة ميدانية‪ ،‬أطروحة دكتوراه غير منشورة في اإلدارة التربوية والتخطيط‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬قسم اإلدارة التربوية‬
‫والتخطيط ‪،‬جامعة أم القرى ‪.2113،‬‬
‫‪ .34‬علي عبد هللا‪ ،‬أثر البيئة على أداء املؤسسات العمومية االقتصادية حالة الجزائر‪ ،‬أطروحة دكتوراه غير‬
‫منشورة في العلوم االقتصادية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬الجزائر‪.1777 ،‬‬
‫‪ .31‬علي محمد عبد الجبار مهدي الحميري‪ ،‬دور إدارة املوارد البشرية في بناء وتدعيم ثقافة الجودة الشاملة‬
‫بالتطبيق على شركات القطاع الصناعي اليمني الحاصلة على شهادة الجودة‪ ،‬أطروحة دكتوراه غير منشورة في‬
‫إدارة األعمال‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير ‪،‬قسم علوم التسيير ‪ ،‬جامعة الجزائر (‪.2111 ،)3‬‬
‫‪ .36‬منى محمد سيد إبراهيم‪ ،‬إطار مرجعي مقارن لخصائص الثقافة التنظيمية ‪ :‬دراسة تطبيقية للبنوك التجارية‬
‫في مصر‪ ،‬أطروحة دكتوراه دولة غير منشورة في إدارة األعمال‪ ،‬قسم إدارة األعمال ‪ ،‬كلية التجارة‪ ،‬جامعة املنصورة‪،‬‬
‫‪.2116‬‬
‫‪ .33‬وافية صحراوي‪ ،‬الثقافة التنظيمية وعالقتها بالضغط املنهي والوالء التنظيمي وفعالية الذات لدى اطارات‬
‫الجامعة الجزائرية ‪ :‬دراسة ميدانية على جامعة الجزائر سابقا‪ ،‬أطروحة دكتوراه غير منشورة في علم النفس‬
‫العمل والتنظيم‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬قسم علم النفس وعلوم التربية واألرطوفونيا‪ ،‬جامعة الجزائر‬
‫(‪.2113 ،)2‬‬
‫‪ .31‬يوسف جغلولي‪ ،‬القيادة اإلدارية الوسطى وعالقتها بتطوير الثقافة التنظيمية باملنظمة اإلدارية‪ :‬دراسة‬
‫ميدانية باملديريات التنفيذية لوالية املسيلة‪ ،‬أطروحة دكتوراه دولة غير منشورة في علم االجتماع تنظيم وعمل‪،‬‬
‫قسم علم االجتماع‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة الجزائر (‪.2111 ،)2‬‬
‫‪ ‬رسائل املاجستير‪:‬‬
‫‪ .37‬أسعد أحمد محمد عكاشة‪ ،‬أثر الثقافة التنظيمية على مستوى االداء الوظيفي‪ :‬دراسة تطبيقية على شركة‬
‫االتصاالت في فلسطين‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة في إدارة األعمال‪ ،‬كلية التجارة ‪ ،‬قسم إدارة األعمال‪ ،‬الجامعة‬
‫اإلسالمية بغزة‪ ،‬فلسطين‪.2111 ،‬‬
‫‪ .41‬إلياس سالم‪ ،‬تأثير الثقافة التنظيمية على أداء املوارد البشرية‪ :‬دراسة حالة الشركة الجزائرية لألملنيوم‬
‫باملسيلة‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة في إدارة األعمال‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة املسيلة‪،‬‬
‫‪.2116‬‬
‫‪ .41‬بن عودة مصطفى‪ ،‬ثقافة املنظمة وتأثيرھا على األداء التنظيمي‪ :‬دراسة حالة املؤسسة العمومية االستشفائية‬
‫بالجلفة‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة في إدارة أعمال‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة‬
‫البليدة‪.2111،‬‬
‫‪ .42‬بن قرقور ليندة‪ ،‬الثقافة التنظيمية مدخل استراتيجي إلحداث التطوير التنظيمي‪ :‬دراسة حالة املطحنة‬
‫الصناعية ملتيجة‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة في علوم التسيير‪ ،‬فرع إدارة أعمال‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم‬
‫التسيير ‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.2116 ،‬‬
‫‪ .43‬بوبكر منصور‪ ،‬الثقافة التنظيمية وعالقتها بسوء السلوك التنظيمي‪ :‬املصالح الخارجية للدولة بوالية‬
‫الوادي نموذجا‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة في علم النفس العمل والتنظيم‪ ،‬كليىة اآلداب والعلىوم اإلنسانيىىة‪،‬‬
‫قسم علم النفس وعلوم التربية‪ ،‬جامعة منتىوري بقسنطينة‪.2113 ،‬‬
‫‪88‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪ .44‬تيطراوي خالد‪ ،‬تأثير الثقافة التنظيمية في تحسين أداء العمال في املؤسسة الصناعية ‪ :‬دراسة حالة‬
‫بمؤسسة الصناعية ‪ TIDAL‬باملسيلة‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة في علم اجتماع تنظيم وعمل‪ ،‬كلية العلوم‬
‫اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة الجزائر (‪.2112 ،)2‬‬
‫‪ .41‬حمىد بىن فرحان الش ىىلوي‪ ،‬الثقافة التنظيمية وعالقتها باالنتماء التنظيمي‪ :‬دراسة ميدانية على منسوبي كلية‬
‫امللك خالد العسكرية املدنيين والعسكريين‪ ،‬مذكرة ماجيستير غير منشورة في العلوم اإلدارية‪ ،‬السعودية‪ :‬كلية‬
‫الدراسات العليا‪ ،‬قسم العلوم اإلدارية ‪،‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪.2111 ،‬‬
‫‪ .46‬خديجة عبادو‪ ،‬القيم التنظيمية وعالقتها بالوالء التنظيمي لدى أساتذة الجامعات‪ :‬دراسة ميدانية بواليات‬
‫(ورقلة‪ ،‬وغرداية‪ ،‬والوادي‪ ،‬وبسكرة) مذكرة ماجستير غير منشورة في علم النفس تنظيم وعمل‪ ،‬كلية العلوم‬
‫االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ى ورقلة‪.2113 ،‬‬
‫‪ .43‬رابح العايب‪ ،‬القيم التنظيمية وعالقتها بالصراع التنظيمي‪ :‬دراسة ميدانية على العمال املنفذين بمركب‬
‫املجارف والرافعات بقسنطينة‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة في علم النفس‪ ،‬تخصص علم النفس العمل والسلوك‬
‫التنظيمي‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية والعلوم االجتماعية ‪ ،‬جامعة قسنطينة ‪.2117 ،‬‬
‫‪ .41‬ربيعي ميلود‪ ،‬تأثير ثقافة املؤسسة على تطبيق نظام إدارة الجودة الشاملة ‪ :‬دراسة حالة مؤسسة األنابيب‬
‫الناقلة للغاز "‪ "PIPE GAZ‬بغرداية‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة في االقتصاد وتسيير املؤسسات‪ ،‬كلية العلوم‬
‫االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬قسم علوم التسيير‪ ،‬جامعة ‪ 21‬أوت ‪ 11‬بسكيكدة‪.2113،‬‬
‫‪ .47‬الرخيمي ممدوح جالل‪ ،‬دور الثقافة التنظيمية في تطبيق إدارة الجودة الشاملة على قطاع الصناعات‬
‫الكيماوية بمحافظة جدة‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة في إدارة األعمال ‪ ،‬كلية االقتصاد واإلدارة العامة‪ ،‬جامعة‬
‫امللك عبد العزيز‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪.2111 ،‬‬
‫‪ .11‬شتاتحة عائشة‪ ،‬إحداث التغيير التنظيمي من خالل مدخل ثقافة املنظمة‪ :‬دراسة حالة مديرية التوزيع‬
‫"سونلغاز" باألغواط‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة في إدارة أعمال‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪.2113،‬‬
‫‪ .11‬عبد الرحمان فالح العبادلة‪ ،‬األنماط القيادية لدى الفئات القيادية في الدوائر الحكومية في محافظات‬
‫الجنوب وعالقتها بالثقافة التنظيمية‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة في اإلدارة العامة‪ ،‬كلية االقتصاد والعلوم‬
‫اإلدارية‪ ،‬جامعة مؤتة‪.2113 ،‬‬
‫‪ .12‬عمر محمود عبد هللا‪ ،‬تقييم مالئمة الثقافة التنظيمية لتطبيق نظام إدارة الجودة الشاملة باملستشفيات‬
‫الجامعية بالقاهرة‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة في إدارة األعمال‪ ،‬جامعة عين شمس‪.2113 ،‬‬
‫‪ .13‬عهود أحمد عمرو‪ ،‬أثر ثقافة املنظمة في اختيار االستراتيجيات التسويقية ودور تكنولوجيا املعلومات‪ :‬دراسة‬
‫تطبيقية في قطاع اإلنشاءات في األردن‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة في إدارة األعمال‪ ،‬كلية األعمال‪ ،‬جامعة‬
‫الشرق األوسط‪.2113 ،‬‬
‫‪ .14‬قاسمي كمال‪ ،‬املقومات واملعوقات الثقافية لتطبيق نظامي إدارة الجودة الشاملة واأليزو ‪ 9222‬في املؤسسة‬
‫الصناعية الجزائرية ‪ :‬دراسة حالة بمؤسستي توضيب الورق وفنون الطباعة ـ ‪ EMBAG‬ـ ومؤسسة شيك‬
‫الجزائر ـ ‪ ،SHIK ALGERIE‬مذكرة ماجستير غير منشورة في إدارة األعمال‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلم التسيير‬
‫والعلوم التجارية‪ ،‬جامعة املسيلة‪.2113 ،‬‬

‫‪89‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪ .11‬ماجد بن غرم هللا بن محمد الحقيب الغامدي‪ ،‬مالئمة الثقافة التنظيمية السائدة في الكليات التقنية لتطبيق‬
‫إدارة الجودة الشاملة‪ :‬دراسة ميدانية على الكلية التقنية بالباحة‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة في اإلدارة التربوية‬
‫والتخطيط‪ ، ،‬كلية التربية‪ ،‬قسم اإلدارة التربوية والتخطيط جامعة أم القرى‪.2111 ،‬‬
‫‪ .16‬محمد العربي غزي‪ ،‬ثقافة املؤسسة وتأثيرها على أدائها العام‪ :‬دراسة حالة البنوك الجزائرية بالتطبيق على‬
‫وكاالت البنوك العمومية الجزائرية ملدينة املسيلة‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة في العلوم التجارية‪ ،‬فرع‬
‫استراتيجية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير والعلوم التجارية‪ ،‬جامعة محمد بوضياف‪ ،‬املسيلة‪.2116 ،‬‬
‫‪ .13‬محمد بن غالب العوفي‪ ،‬الثقافة التنظيمية وعالقتها بااللتزام التنظيمي‪ :‬دراسة ميدانية على هيئة الرقابة و‬
‫التحقيق بمنطقة الرياض‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة في العلوم اإلدارية‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬قسم العلوم‬
‫اإلدارية‪ ،‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪.2111،‬‬
‫‪ .11‬مليكة خنيش‪ ،‬الثقافة التنظيمية والتسيير باملؤسسة االقتصادية الخاصة‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬تخصص علم‬
‫اجتماع ثقافي‪ ،‬كلية العلوم االجتماعية والديموغرافيا‪ ،‬جامعة البليدة‪.2116 ،‬‬
‫‪ .17‬مهديد فاطمة الزهراء‪ ،‬الثقافة التنظيمية كمدخل لتحقيق األداء املتميز للمؤسسة االقتصادية‪ :‬دراسة حالة‬
‫شركة كوندور لألجهزة اإللكترونية والكهرومنزلية‪ ،‬مذكرة ماجستير غير منشورة في إدارة األعمال‪ ،‬كلية العلوم‬
‫االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة املسيلة‪.2111 ،‬‬
‫‪ .61‬هدار لحسن‪ ،‬دور الثقافة التنظيمية في إدارة التغيير في املؤسسة االقتصادية الجزائرية‪ ،‬مذكرة ماجستير غير‬
‫منشورة في إدارة األعمال‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة سطيف‪.2116 ،‬‬
‫‪ ‬املقاالت العلمية‪:‬‬
‫‪ .61‬أحمد نجم الدين عيداروس‪ ،‬تجويد إدارة الثقافة التنظيمية بمؤسسات التعليم األساس ي بمصر في ضوء‬
‫مدخل إدارة التغيير‪ ،‬مجلة التربية‪ ،‬مصر‪ :‬كلية التربية ى جامعة الزقازيق‪ ،‬املجلد (‪ ،)7‬العدد (‪.2116 ،)11‬‬
‫‪ .62‬آنيت سيمونز‪ ،‬املدي الراوي‪ :‬اإللهام والتأثير واإلقناع من خالل فن القص‪ ،‬خالصات كتب املدير ورجل‬
‫األعمال‪ ،‬القاهرة ى مصر ‪ :‬إصدار الشركة العربية لإلعالم العلمي (شعاع)‪ ،‬السنة (‪ ،)7‬العدد (‪.2111 ،)23‬‬
‫‪ .63‬خالد يوسف محمد الزعبي‪ ،‬أثر االلتزام بالقيم الثقافية والتنظيمية على مستوى األداء الوظيفي لدى‬
‫العاملين في القطاع العام بحافظة الكرك‪ ،‬مجلة جامعة امللك عبد العزيز‪ ،‬السعودية‪ :‬كلية االقتصاد واإلدارة ى‬
‫جامعة امللك عبد العزيز‪ ،‬املجلد (‪ ،)22‬العدد (‪.2111 ،)1‬‬
‫‪ .64‬خميس ناصر محمد‪ ،‬تأثير الثقافة التنظيمية في تبني نظام اإلدارة البيئية ‪ : ISO14001‬دراسة تطبيقية في‬
‫الشركة العامة لصناعة الزجاج والسيراميك‪ ،‬مجلة جامعة االنبار للعلوم االقتصادية واإلدارية ‪ ،‬العراق‪ ،‬املجلد‬
‫(‪ ،)4‬العدد (‪.2112 ،)1‬‬
‫‪ .61‬الرشيد عادل محمود‪ ،‬الثقافة التنظيمية في منظمات األعمال األردنية‪ ،‬أبحاث اليرموك‪ ،‬سلسلة العلوم‬
‫اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬املجلد (‪ ،)21‬العدد (‪.2112 ،)3‬‬
‫‪ .66‬زين الدين بروش‪ ،‬لحسن هدار‪ ،‬دور الثقافة التنظيمية في إدارة التغيير في املؤسسة االقتصادية الجزائرية‪:‬‬
‫دراسة ميدانية باملؤسسة الوطنية ألجهزة القياس واملراقبة ـ ‪ ENAMC‬ـ بالعلمة‪ ،‬مجلة ابحاث اقتصادية وادارية‬
‫الجزائر‪ :‬كلية العلوم االقتصادية و التجارية وعلوم التسييرى جامعة محمد خيضر بسكرة‪ ،‬العدد (‪.2113 ،)1‬‬

‫‪91‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪ .63‬سندس رضيوي خوين‪ ،‬قياس العالقة ما بين العوملة والثقافة التنظيمية‪ :‬دراسة حالة كلية اإلدارة‬
‫واالقتصاد بجامعة بغداد ‪ ،‬مجلة اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬العراق‪ :‬كلية اإلدارة واالقتصاد ى الجامعة املستنصرية‪ ،‬العدد‬
‫(‪.2117 ،)33‬‬
‫‪ .61‬شهناز فاضل أحمد‪ ،‬تأثير الثقافة التنظيمية في التغلب على معوقات اإلبداع التنظيمي ‪ :‬دراسة استطالعية‪،‬‬
‫املجلة العراقية للعلوم االقتصادية العراق‪ :‬كلية اإلدارة واالقتصاد ى جامعة املستنصرية‪ ،‬املجلد (‪ ،)3‬العدد (‪،)21‬‬
‫‪.2117‬‬
‫‪ .67‬الصرايرة أكثم عبد املجيد‪ ،‬العالقة بين الثقافة التنظيمية واإلبداع اإلداري في شركتي البوتاس والفوسفات‬
‫املساهمتين‪ ،‬مؤتة للبحوث والدراسات‪ ،‬املجلد (‪ ، )12‬العدد (‪.2113 ،)4‬‬
‫‪ .31‬صالح الدين الهيتي‪ ،‬تأثير االختالفات املحتملة للقيم الثقافية في أداء العاملين‪ :‬دراسة ميدانية التجاهات‬
‫العاملين في مدينة‪ .‬الحسين بن عبد هللا الثاني الصناعية‪ ،‬املجلة األردنية في إدارة األعمال‪ ،‬االردن ‪:‬الجامعة‬
‫االردنية‪ ،‬املجلد (‪ ،)1‬العدد (‪.2111 ،)1‬‬
‫‪ .31‬عبد الحميد عبد الفتاح املغربي‪ ،‬أثر الثقافة التنظيمية على االرتباط الوظيفي بالتطبيق على االجهزة‬
‫الحكومية السعودية‪ ،‬املجلة املصرية للدراسات التجارية‪ ،‬مصر‪ ،‬املجلد (‪ ،)36‬العدد (‪.2112 ،)3‬‬
‫‪ .32‬عفاف حسن هادي الساعاتي‪ ،‬ياسر عادل محمود الخفاجي‪ ،‬الثقافة املنظمية وأثرها في تعزيز األداء الوظيفي‬
‫بحث في شركة صناعات االصباغ الحديثة‪ ،‬مجلة اإلدارة واالقتصاد‪ ،‬العراق‪ :‬كلية اإلدارة واالقتصاد ى جامعة‬
‫بغداد‪ ،‬املجلد (‪ ،)21‬العدد (‪.2114 ،)36‬‬
‫‪ .33‬ماهر أحمد حسن محمد‪ ،‬عمر محمد مرس ي‪ ،‬الثقافة التنظيمية و عالقتها باإلبداع اإلداري للقيادات اإلدارية‬
‫بجامعة أسيوط‪ ،‬املجلة العلمية‪ ،‬مصر‪ :‬كلية التربية‪ ،‬جامعة أسيوط‪ ،‬املجلد (‪ ،)21‬العدد (‪.2112 ،)2‬‬
‫‪ .34‬محمد عبد اشتيوي‪ ،‬أثر الثقافة التنظيمية على اإلبداع اإلداري‪ :‬دراسة تطبيقية على مستشفى الوفاء‬
‫للتأهيل الطبي بمحافظة غزة‪ ،‬مجلة البحوث والدراسات التربوية الفلسطينية‪ ،‬فلسطين‪ :‬كلية التربية ى جامعة‬
‫القدس املفتوحة‪ ،‬العدد (‪.2112 ،)17‬‬
‫‪ .31‬محمد نجيب صبري محمود‪ ،‬أثر إدراك الثقافة التنظيمية على ضغوط العمل ‪ ،‬مجلة البحوث التجارية‪ ،‬مصر‪:‬‬
‫كلية التجارة ‪ -‬جامعة الزقازيق‪ ،‬املجلد (‪ ،)23‬العدد (‪.2111 ،)1‬‬
‫‪ .36‬محمود عبدالحميد محمود صالح‪ ،‬أثر القيم التنظيمية على فعالية األداء‪ :‬دراسة تطبيقية على العاملين‬
‫بالوظائف الفنية الرقابية في الجهاز املركزي للمحاسبات بجمهورية مصر‪ ،‬مجلة جامعة امللك سعود‪ ،‬السعودية‪:‬‬
‫كلية العلوم اإلدارية جامعة امللك سعود‪ ،‬املجلد (‪ ،)21‬العدد (‪ 1‬ى ‪.2111 ،)2‬‬
‫‪ .33‬محمود علي الزقالي‪ ،‬دوافع واتجاهات الثقافة اإلدارية لدى املدرين في املجتمع املصري‪ :‬دراسة ميدانية‪ ،‬مجلة‬
‫البحوث التجارية‪ ،‬مصر‪ :‬كلية التجارة جامعة الزقازيق‪ ،‬املجلد (‪.1774 ،)16‬‬
‫‪ .31‬نائل عبد الحافظ العواملة‪ ،‬منظومة القيم املؤثرة في النظام اإلداري‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬مجلة جامعة امللك‬
‫سعود‪ ،‬السعودية ‪ :‬كلية العلوم اإلدارية جامعة امللك سعود‪ ،‬املجلد (‪ ،)1‬العدد (‪.1773 ،)2‬‬
‫‪ .37‬هبه أحمد عبد اللطيف‪ ،‬الثقافة التنظيمية وتنمية مهارة حل املشكلة لدى االخصائيين االجتماعيين العاملين‬
‫باملنظمات غير الحكومية‪ ،‬مجلة دراسات في الخدمة االجتماعية والعلوم االنسانية ‪ ،‬مصر‪ :‬كلية التربية جامعة‬
‫أسيوط‪ ،‬املجلد (‪ ،)1‬العدد (‪.2111 ،)21‬‬

‫‪90‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

‫‪ .11‬وجيه عبد الستار نافع‪ ،‬القيم الثقافية الفردية والتنظيمية وأثرها على األداء الوظيفي‪ :‬دراسة تطبيقية على‬
‫البنوك السعودية بمحافظة الطائف‪ ،‬مجلة آفاق جديدة للدراسات التجارية ‪ ،‬مصر‪ :‬كلية التجارة ى جامعة‬
‫القاهرة‪ ،‬املجلد (‪ ،)24‬العدد (‪ 3‬ى ‪.2112 ،)4‬‬
‫‪ ‬املداخالت من امللتقيات واملؤتمرات العلمية‪:‬‬
‫‪ .11‬إبراهيم أحمد عواد أبو جامع‪ ،‬الثقافة املؤسسية واإلبداع اإلداري في املؤسسة التربوية األردنية‪ ،‬ورقة بحثية‬
‫مقدمة إلى املؤتمر الدولي للتنمية اإلدارية نحو أداء متميز في القطاع الحكومي تحت عنوان‪ :‬التوجهات واألساليب‬
‫الحديثة في تطوير أداء املنظمات‪ ،‬السعودية‪ :‬معهد اإلدارة العامة بالرياض‪ ،‬يومي ‪ 11‬ى ‪ 14‬نوفمبر ‪.2117‬‬
‫‪ .12‬بروش زين الدين وقاسمي كمال‪ ،‬إدارة التغيير وعالقته بثقافة املؤسسة‪ ،‬ورقة بحثية مقدمة إلى امللتقى الدولي‬
‫حول التسيير للمؤسسات االقتصادية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلم التسيير والعلوم التجارية‪ ،‬جامعة املسيلة‪ ،‬يومي‬
‫‪ 14 -13‬ماي ‪.2111‬‬
‫‪ .13‬بلعجوز حسين‪ ،‬غزي محمد عربي‪ ،‬ثقافة املؤسسة وأثرها على األداء العام للمؤسسة‪ :‬دراسة في ضوء مؤشر‬
‫الكفاية والفعالية‪ ،‬ورقة بحثية مقدمة إلى امللتقى الدولي حول التسيير الفعال في املؤسسات االقتصادية‪ ،‬الجزائر‪:‬‬
‫جامعة محمد بوضياف باملسيلة‪ ،‬يومي ‪ 13‬ى ‪ 14‬ماي ‪.2111‬‬
‫‪ .14‬عبد هللا البريدي‪ ،‬نحو فهم بنية الثقافة التنظيمية في التعليم التقني في السعودية كمدخل للتطور‪ :‬دراسة‬
‫استطالعية‪ ،‬ورقة بحثية مقدمة إلى املؤتمر الثالث للمؤسسة العامة للتعليم التقني والتدريب املنهي‪ ،‬الرياض‪ ،‬أيام‬
‫‪ 14 -11‬ديسمبر ‪.2114‬‬
‫ثانيا‪ :‬باللغة الفرنسية‪:‬‬
‫‪85. Détrie Jean Pierre, strategor: politique générale de l'entreprise, Edition DUNAD, 3 ème édition, Paris,‬‬
‫‪1997.‬‬
‫‪86. Détrie Jean Pierre, strategor: politique générale de l'entreprise, Edition DUNAD, 3 ème édition, Paris,‬‬
‫‪1997.‬‬
‫‪87. Gilles Bressy, Christian Konkuyt, économie d'entreprise, Dalloz Edition, 7 ème édition, Paris, 2004.‬‬
‫‪88. Jean-Pierre Jardel, l’apport de l’anthropologie à la GRH, in revue française de gestion, N° 415,‬‬
‫‪décembre 2000.‬‬
‫‪89. John Schermerhorn, James Hunt, comportement humane et organisation, village medial, Canada,‬‬
‫‪2002.‬‬
‫‪90. LAURANT Pascal, Français Bouard, Economie d'entreprise, Tome 2, Edition d'organisations, Paris‬‬
‫‪1991.‬‬
‫‪91. Marc Bosche, la culture sans histoire, revue française de gestion, n° 47, 1984.‬‬
‫‪92. Michel Petit, Audrey Klesta, management d'équipe : concepts et pratiques, Edition DUNAD, Paris,‬‬
‫‪2000.‬‬
‫‪93. Oliver Meier, management intercultural, Edition DUNAD, Paris, 2004.‬‬
‫‪94. Pierre Morin, Eric Delavallée, Le manager à l’écoute du sociologue, ed Organisation. Paris 2000.‬‬

‫‪92‬‬
‫مقياس الثقافة التنظيمية‬

95. R.T.Pascale et A.G.Athos, Le management est-il un art japonais ?, Les Editions d'Organisation, Paris,
1984.
96. Reitter roland, Ramanantsoa Bernard, Pouvoir et politique, Au-delà de la culture d’entreprise, Mc
Graw-Hill, Paris, 1985.
97. Samuel Mercier, une contribution a la politique de formalisation de l'éthique dans les grandes
entreprises, thèse de doctorat de science des organisation, paris IX, Dauphine, 1997.
98. Schwebig Philippe, Les communications de l'entreprise, Au-delà de l'image, édition Mc Graw-Hill,
Paris, 1991.
99. Thévenet Maurice, Audit de La culture d'entreprise, les Editions d'organisation, Paris, 1986.
100. Thomas Peters., Robert Waterman., le prix de l’excellence, inter édition; Paris 1983.
101. W.G.Ouchi, Théorie Z, Inter Editions, Paris, 1982.
:‫ باللغة اإلنجليزية‬:‫ثالثا‬
102. Brown Andrew., Organizational Culture, 2nd ed., Essex Pearson Education Limited, 1998.
103. Daft Richard, Organization Theory and Design, 7th Ed., Cincinnati: South Western College
Publishing, 2001.
104. Daniel R. Denison, What Is the Culture and Organizational Climate? A Native's Point of View
on a Decade of Paradigm Wars, Academy of Management Review, July 1996.
105. Detert James, Schroede Roger, Aframe Work For Linking Culture Improvement Organization ,
New jersey, Prentice Hall ,2000.
106. Don cohen, Prusaka laurence, in good company: How social capital makes organization work,
Harvard Business Review, Harvard Business school publishing, press, 2001.
107. Harris Lloyd, Ogbonna Emmanuel, Athree Perspective Approch to Understanding Culture In
retail Organizations, New jersey, Prentice Hall ,1997.
108. Kanji gopal, Yui Hiroshi, Total quality Culture, Total quality management, magazine, vol 1, No6,
1997.
109. Kims cameron, Robert Quinn, Diagnosing and changing organisational, culture addison Wesley,
1999.
110. Kwan Paula, Walker Allan, Validating the Competing Values Model, Organizational Analysis, vol
(12), 2004.
111. Michell. M ,and Yate. D , How to Use Your Organizational Culture as a Competitive Tool,
Nonprofit World, Vol 20,No2,2002.
112. Scholz, C., Corporate Culture and Strategy – the Problem of Strategic Fit, Long Range Planning,
Vol.20, No (4) , 1987.

93

You might also like