You are on page 1of 262

1

‫نادي القتال‬
‫رواية‬

‫تشاك بوالنيك‬

‫ترمجة‪ :‬د‪ .‬أمحد خالد توفيق‬


‫العنوان األصيل للكتاب‪:‬‬

‫‪Fight Club‬‬
‫‪By: Chuck Palahniuk‬‬
‫الغالف‪ :‬حممد ماهر‬
‫املؤلف‬
‫اشتهرت قصة (نادي القتال) كثريا يف مرص عن طريق عرض الفيلم الشائق‬
‫الذي أخرجه (ديفيد فنرش)‪ ،‬ونال شعبية خاصة لدى الشباب‪ ..‬وهي ظاهرة‬
‫تكررت يف العامل كله‪.‬‬

‫تشاك بوالنيك )‪ (Chuck Palahniuk‬اسم غريب لكاتب أمريكي من‬


‫أصل فرنيس ‪ -‬رويس‪ ،‬واملقطع األخري من اسمه ذو أصول أوكرانية كام يقول‬
‫هو‪ .‬يقول إن اسمي جديه كانا (بوال) و(نيك)‪ ..‬وهذه هي الطريقة التي جيب‬
‫أن ينطق هبا اسمه‪( :‬بوال ‪ -‬نيك)‪.‬‬

‫يقول من عرفوا بوالنيك إنه رجل هادئ ال تعتقد أبدا أنه مؤلف هذه‬
‫الروايات العنيفة‪ .‬إال أن احلقيقة املفزعة التي عرفها هي أن ‪ %85‬من قراء األدب‬
‫نسوة يف منتصف العمر‪ .‬وقرر أن ما يريده فعال هو أن يكتب ملن ال يقرءون بدال‬
‫من أن يكتب جلمهور القصة املعتاد‪ .‬لقد رغب يف أن يكتب أدبا خياطب الرجال‬
‫أساسا‪ ..‬نوعا من األدب الذكري امليلء بوساوس الفحولة وشهوة الرصاع‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫كانت القصة ‪ -‬وبالتايل الفيلم ‪ -‬من أكثر األعامل إثارة للجدل‪ ،‬حتى أن‬
‫ناقدا رصينا مثل (روجر إيربت) أطلق عىل عامل بوالنيك مصطلح (بورنو‬
‫الفتوات ‪ .)Macho Porn‬وهو مصطلح أحبه بوالنيك كثريا حني سمعه‪ .‬فهو‬
‫بالفعل بالغ االهتامم بالعنف واجلنس‪ .‬ويرى أن املجتمع األمريكي قد تعلم‬
‫التسامح بالنسبة للجنس لكنه ال يغفر أبدا أن متتدح العنف (هذا رأيه عىل كل‬
‫حال)‪ .‬ناقد آخر هو (ركس ريد) قال إن الفيلم (سيجد مجهوره املناسب يف‬
‫جهنم)‪ ،‬وكان رد بوالنيك إنه سيزور ريد يف جهنم ولربام دعاه إىل كأس هناك‪.‬‬

‫منذ صدورمها ظلت روايتا (نادي القتال) و(املجنون األمريكي) توضعان‬


‫دوما يف قائمة الكتب التي تتجاوز ما هو معقول‪ .‬إن الرواية األوىل تتحدث عن‬
‫املجتمع األمريكي الذي يتحلل ويلتهم نفسه ألسباب كثرية منها تفكك األرسة‪،‬‬
‫وقد جاءت للكاتب أمهات غاضبات كثريات ألنه يقول يف روايته عىل لسان‬
‫البطل‪ :‬ما تراه اليوم هو جيل كامل من الرجال ربته أمهات وحيدات‪ .‬تأمل هذه‬
‫اجلملة الصدمة‪« :‬لو كنت ذكرا مسيحيا وكنت تعيش يف أمريكا‪ ،‬فإن أباك هو‬
‫نموذجك األول لإلله‪ .‬وإذا مل تكن تعرف أباك‪ ،‬أو مات أو مل تره يف البيت قط‪،‬‬

‫‪5‬‬
‫فكيف يكون إيامنك باهلل؟»‪ .‬هكذا يعرتف املؤلف عىل لسان بطله (تايلر) بأن‬
‫تفسخ األرسة قد هز فكرة الدين ذاهتا‪ .‬وتأمل هذه اجلملة‪« :‬نحن أبناء التاريخ‬
‫األوسطون الذين ربانا جهاز التلفزيون‪ ،‬وقال لنا إننا يوما سنصري مليونريات‬
‫ونجوم سينام ونجوم موسيقا روك‪ ،‬لكن هذا لن حيدث‪ .‬ونحن اآلن نستوعب‬
‫هذه احلقيقة»‪.‬‬

‫القصة حتوي قدرا هائال من التمرد والغضب والفوضوية‪ ،‬إىل حد أهنا‬


‫تذكرنا ببعض كتابات (كروبوتكني) الفوضوي الرويس األشهر‪ ،‬وكان يف‬
‫القصة وصف مفصل لطرق إعداد املتفجرات والنابامل من أشياء بسيطة مثل براز‬
‫القط وعصري الربتقال‪ ،‬وإن اضطر الكاتب – آسفا ‪ -‬إىل حجب بعض تفاصيل‬
‫الوصفات كي ال جيرهبا أحدهم‪ .‬هناك الكثري من الولع باملذاقات املثرية‬
‫لالشمئزاز‪ ،‬وهو تأثري مقصود بغرض (الصدمة الربجوازية)‪ .‬إىل حد أن بعض‬
‫الفقرات حتتاج إىل معدة قوية حقا‪ .‬يقول بوالنيك‪« :‬نارشي يوقفني أحيانا عند‬
‫حدي‪ ،‬وغالبا ما أجده عىل حق‪ .‬يف النسخة األصلية للرواية كانوا يقومون‬
‫بإخصاء رئيس البوليس‪ .‬وكانت هناك ثالجة مليئة باخليص يف منزل (بيرب‬

‫‪6‬‬
‫سرتيت)‪ ،‬فقال يل النارش‪ :‬هكذا ستفقد الكثري من التعاطف‪ ..‬ال جتعلهم يفعلون‬
‫ذلك‪ ،‬لذا تراجعت واآلن رسين أنني أطعته»‪ .‬بعد الرواية انترشت أندية القتال‬
‫يف الواليات املتحدة‪ .‬بوالنيك نفسه يتدرب عىل القتال مع مصارع حمرتف ثالث‬
‫مرات أسبوعيا‪.‬‬

‫بطل قصة (نادي القتال) ال اسم له‪ ..‬يف الفيلم أسموه (جاك)‪ ،‬والسبب هو‬
‫أن كاتب السيناريو كان بحاجة إىل أي اسم يضع أمامه سطور احلوار‪ .‬فكرة‬
‫القصة راودت بوالنيك حني كان يعمل متطوعا يف املستشفيات‪ ،‬وكان يرافق‬
‫املرىض إىل جمموعات العالج‪ ،‬وينتظرهم حتى يعود هبم إىل املستشفى‪ .‬ويف كل‬
‫مرة كان يراوده شعور أصيل بالذنب ألنه الشخص الوحيد السليم بني هؤالء‪.‬‬
‫وخطرت له فكرة‪ :‬ماذا لو ادعى أحدهم املرض ليجلس مع هذه املجموعات‪،‬‬
‫فقط من أجل الشعور بالصدق واحلرارة لدى املرىض؟ «إن الناس إذا اعتقدوا‬
‫أنك حتترض‪ ،‬يعطونك كامل اهتاممهم‪ ..‬إذا كانت هذه هي آخر مرة يرونك فيها‬
‫فإهنم يرونك حقا‪ ..‬وينسون كل يشء آخر عن دفاتر شيكاهتم وأغاين الراديو‬

‫‪7‬‬
‫والعناية بشعرهم‪ .‬إنك تظفر باهتاممهم الكامل»‪ .‬هذه إذن قصة عن التطهر‬
‫‪ catharsis‬بمعناه النفيس واألرسطوطايل‪.‬‬

‫اخليط الثاين يعود لعهد ما قبل ممارسته الكتابة‪ ،‬حني كان يعمل عىل خط‬
‫جتميع يف رشكة شحن‪ .‬ثم راح يامرس البحوث عىل املركبات لتطويرها ويكتب‬
‫تقارير‪ .‬كان يف إجازة ودخل يف مشاجرة عنيفة‪ .‬وحني عاد بعدها للعمل كان يف‬
‫أسوأ حال لكن أحدا مل يسأله عام دهاه‪ .‬وخطر له إنه لو بدا مظهرك شنيعا بام‬
‫يكفي فإن بوسعك عمل أي يشء ألن أحدا لن يتدخل يف شئونك‪ .‬هكذا يميض‬
‫بطل القصة بفجوة خميفة ال تلتئم يف خده فيناديه كل من يقابله ب (سيدي)‪ .‬كل‬
‫القصة حقيقي إذن ما عدا فكرة نادي القتال نفسها‪ ..‬هذا ما يقوله بوالنيك‪.‬‬

‫ويقول بوالنيك إنه بعد ما رأى الفيلم‪ ،‬وجد أن السيناريو تنبه ألشياء كثرية‪،‬‬
‫وخلق عالقات مل ختطر له ببال‪ ،‬حتى أنه شعر باخلجل من نفسه ألنه مل يفكر فيها‬
‫من قبل‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫قصة (نادي القتال) هتاجم امللكية الفردية وكل قيمة برجوازية برشاسة‪:‬‬
‫«اإلعالنات جعلت هؤالء القوم يطاردون السيارات والثياب التي ال حيتاجون‬
‫إليها‪ .‬هناك أجيال ظلت تعمل يف وظائف تكرهها قط لتستطيع رشاء أشياء ال‬
‫حتتاج إليها‪ »...‬بوالنيك نفسه ال يعبأ بامللكية ألهنا جتعل احلياة أعقد‪ ،‬ويقول إنه‬
‫حني كان فقريا كان يفكر طيلة الوقت يف األشياء التي سيبتاعها لو صار ثريا‪..‬‬
‫اليوم هو ثري ولكنه فقد أية رغبة يف االمتالك‪ ..‬ويقول‪« :‬أمحد اهلل أنني مل أملك‬
‫ماال يكفي الرتكاب األخطاء التي كنت سأرتكبها»‪.‬‬

‫ال يعبأ تشاك بوالنيك بالشهرة وال املال كام قلنا‪ ،‬لكنه حريص عىل أن حيب‬
‫الرجال كتبه‪ ،‬أما عن فلسفته يف أدبه فيقول‪« :‬جيب أن نقبل الفوىض واألشياء‬
‫التي نراها كوارث‪ .‬ألننا هبذه األشياء نتغري‪ .‬جيب أن نرحب بالكارثة»‪.‬‬

‫قصصه تتحرك لألمام برسعة الربق مع منحنيات كثرية تصيب بالدوار‪.‬‬


‫هذه املنحنيات الشهرية يف قصصه تعكس بالضبط حتاشيه لكل ما ال حيبه يف‬
‫الكتب‪ .‬كان يكره القصص التي تضيع فصال كامال يف وصف برتقالة أو انتظار‬
‫رجل حتى يربد الشاي‪ ،‬فهو يريد أفعاال ال صفات‪ ،‬عىل أن يرتك القارئ يكمل‬

‫‪9‬‬
‫بنفسه ما هو ناقص‪« .‬ال أحتاج لعقدة يف كل فصل بل أحتاج لعقدة يف كل مجلة»‪.‬‬
‫وأسلوبه يف الكتابة مميز حقا‪ ..‬يبدأ الفصل بحدث ال تستطيع فهمه‪ ،‬وتشك يف‬
‫كونه قد فاتك أثناء القراءة‪ ،‬ثم تتوغل يف القراءة فتكتمل الصورة ببطء‪ ،‬كأن‬
‫فصوله وقصصه كلها جيب أن تقرأ من هناياهتا‪ ..‬ثم إنه يمزج بني زمنني أو أكثر‬
‫عىل نفس مستوى السياق‪ ،‬مع صوت عال لتدفق الالشعور‪ .‬يقول امللمون بأدبه‬
‫إن هذه بالضبط سامت أسلوب (املينيامليزم ‪ )Minimalism‬الذي يتعامل معه‬
‫بوالنيك كأنه يبرش بدين رسي له أتباعه املخلصون‪ .‬املينيامليزم أصال مدرسة‬
‫جتريدية يف الرسم والنحت‪ ،‬تلتزم بأقىص تبسيط ممكن يف الشكل واللون الذي‬
‫قد يكون أحاديا‪ ،‬مع غفلية املوضوع واألسلوب معا‪ .‬ويعرتف بوالنيك بأن‬
‫معلمه (توم سبانوير) أقنعه باستخدام هذا األسلوب الذي استقاه من كاتب آخر‬
‫هو (جوردون ليش)‪.‬‬

‫حاولت يف الرتمجة أن ألتزم حرفيا بأسلوبه هذا‪ ،‬خاصة مع اجلمل القصرية‬


‫القاطعة والتكرار عىل غرار «ذهبت أللقى مدير فندق (برسامن)‪ .‬جلست هناك‬
‫يف مكتب مدير فندق (برسامن)» أو اإلفراط يف استعامل الزمن املضارع‪:‬‬

‫‪10‬‬
‫«(مارال) تشعل لفافة تبغ‪( .‬مارال) تقول إهنا مرهقة»‪ ..‬فضلت أن ألتزم هبذا‬
‫جمازفا بأن يفرتض القارئ أن هناك خلال معينا يف صياغتي للجمل‪.‬‬

‫تتضمن قصص بوالنيك التالية (الباقي حيا) و(الوحوش اخلفية)‬


‫و(االختناق) ‪ -‬وهي كوميديا سوداء عن مدمني اجلنس ‪ -‬و(أغنية املهد)‬
‫وقصته األخرية حتمل اسم (مفكرة)‪ ،‬أما آخر كتبه ‪ -‬حتى كتابة هذه الرتمجة ‪-‬‬
‫فموضوعه وطنه بورتالند وحيمل عنوان (هاربون والجئون)‪ .‬عىل أنه يميض‬
‫الوقت بني كتاب وآخر يف كتابة قصص قصرية ملجلة (بالي بوي)‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل األول‬
‫جيد يل (تايلر) عمال كساق‪ ،‬وبعد هذا يزج باملسدس يف فمي قائال‪« :‬اخلطوة‬
‫األوىل للحياة األبدية هي أن متوت»‪ .‬برغم هذا كنت و(تايلر) صديقني محيمني‬
‫لفرتة طويلة‪ ،‬وكان الناس يسألونني دوما‪ :‬هل أعرف من هو (تايلر دوردن)؟‪.‬‬
‫ماسورة املسدس تضغط عىل مؤخرة حلقي و(تايلر) يقول‪« :‬نحن ال نموت‬
‫حقا»‪ .‬بلساين أشعر بثقوب كتم الصوت التي حفرناها يف املاسورة‪ .‬إن أكثر‬
‫اجللبة التي حتدثها طلقة الرصاص ينتج عن انفجار الغازات‪ ،‬ثم ذلك األزيز‬
‫الضئيل الذي حتدثه الرصاصة ألهنا حترك برسعة هائلة‪ .‬لكي تصنع كاتم صوت‬
‫عليك أن حتدث ثقوبا يف ماسورة املسدس‪ ..‬ثقوبا عديدة ألن هذا جيعل الغاز‬
‫خيرج‪ ،‬ويبطئ الرصاصة إىل ما هو أقل من رسعة الصوت‪ .‬ضع الثقوب يف‬
‫املكان اخلطأ ولسوف ينسف املسدس رأسك‪.‬‬

‫(تايلر) يقول‪« :‬ليس هذا هو املوت حقا‪ ..‬سنصري أسطورة‪ ..‬لن نشيخ»‪.‬‬

‫أملس املاسورة بلساين وأقول‪( :‬تايلر)‪ ..‬أنت تفكر بطريقة مصايص الدماء‪..‬‬
‫البناية التي نقف فوقها لن تكون هنا خالل عرش دقائق‪ .‬خذ تركيز ‪ %98‬من‬
‫‪12‬‬
‫محض النرتيك وأضفه لثالثة أضعاف الكمية من محض الكربيتيك‪ .‬افعل هذا يف‬
‫حوض ثلجي‪ .‬ثم أضف اجللرسين نقطة نقطة بقطارة‪ ..‬اآلن لديك‬
‫النيرتوجلرسين‪ .‬أعرف هذا ألن (تايلر) يعرفه‪ .‬اخلط الناتج بنشارة اخلشب‪،‬‬
‫ولسوف حتصل عىل متفجر جيد‪ .‬كثري من الناس يمزجون النيرتو بالقطن وملح‬
‫(إبسوم) امللني كمصدر للكربيتات‪ .‬هذا ينجح أيضا‪ .‬بعض القوم يمزجون‬
‫البارافني بالنيرتو‪ .‬مل ينجح البارافني معي قط‪.‬‬

‫هكذا أقف أنا و(تايلر) فوق بناية (باركر موريس) واملسدس حمشور يف‬
‫فمي‪ ،‬ونسمع صوت زجاج يتهشم‪ .‬انظر عرب احلافة‪ ..‬إنه يوم غائم حتى عىل‬
‫هذا االرتفاع‪ .‬هذه أعىل بناية يف العامل‪ ،‬وعىل هذا االرتفاع تكون الريح باردة‬
‫دوما‪ .‬كل يشء هادئ‪ ،‬فينتابك شعور بأنك واحد من تلك القردة التي يرسلوهنا‬
‫للفضاء‪ .‬تقوم بالعمل البسيط الذي دربوها عىل القيام به‪ .‬جتذب رافعة‪ ..‬تضغط‬
‫زرا‪ ..‬ال تفهم أي يشء من هذا‪ ..‬فقط متوت بعدها‪ .‬عىل ارتفاع ‪ 191‬طابقا‪..‬‬
‫تنظر من فوق احلافة والشارع من حتتك مربقش ببساط من الناس يقفون‪..‬‬
‫ينظرون ألعىل‪ .‬الزجاج املهشم هو نافذة حتتنا‪ ..‬تفجر نافذة يف جانب البناية‪ ،‬ثم‬

‫‪13‬‬
‫تطري خزانة ملفات بحجم ثالجة كبرية سوداء‪ ..‬وتسقط ألسفل ببطء‪ ..‬تصغر‪..‬‬
‫تتوارى وسط الزحام املحتشد‪ .‬يف موضع ما من ال ‪ 191‬طابقا حتتنا تركض قردة‬
‫الفضاء يف جلنة الكوارث يف (مرشوع األرضار) حماولة تدمري كل قصاصة من‬
‫التاريخ‪ ..‬إن املقولة القديمة عن أنك تقتل دوما الشخص الذي حتبه‪ ..‬حسن‪..‬‬
‫إهنا تعمل بالطريقة وعكسها‪ .‬بمسدس يف فمك وماسورته بني أسنانك‪ ،‬ال‬
‫يمكنك إال أن تتكلم بحروف متحركة‪ .‬هذه آخر عرش دقائق لنا‪..‬‬

‫نافذة أخرى تنفجر يف البناية ويتناثر الزجاج كأنه رسب متألق من اليامم‪ ،‬ثم‬
‫خترج طاولة خشبية دفعها رجال الطوارئ بوصة بعد بوصة من جانب البناية‪،‬‬
‫حتى سقطت عىل حافتها وسط الزحام‪ .‬لن تبقى بناية (باركر موريس) هنا بعد‬
‫تسع دقائق‪ .‬أنت تصنع كمية كافية من هالم التفجري وتطوق أعمدة األساس‬
‫ألي يشء‪ .‬وهبذا يسقط أي مبنى يف العامل‪ .‬فقط جيب أن حتيطه بأكياس الرمال‪،‬‬
‫حتى ينصب االنفجار عىل األعمدة ال عىل ساحة انتظار السيارات حوهلا‪ .‬طريقة‬
‫احلشو هذه ليست يف أي كتاب تاريخ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ثمة ثالث طرق لعمل النابامل‪ :‬األوىل أن ختلط مقدارين متساويني من‬
‫اجلازولني وعصري الربتقال املركز‪ .‬الثانية أن ختلط مقدارين متساويني من‬
‫اجلازولني مع الدايت كوال‪ ..‬الثالثة أن تقلب فضالت قط مع اجلازولني حتى‬
‫يصري اخلليط سميكا‪ .‬اسألني عن طريقة عمل غاز األعصاب‪ .‬آه!‪ ..‬وكل قنابل‬
‫السيارات املجنونة هذه‪ .‬تسع دقائق‪ .‬سوف تتهاوى بناية (باركر موريس)‬
‫بطوابقها املئة وواحد وتسعني‪ ،‬كأهنا شجرة هتوي يف غابة‪ .‬وتدوي صيحة‬
‫احلطابني (تيمرب)‪ ..‬من الغريب أن تفكر يف أن املكان الذي نقف فيه سوف يصري‬
‫نقطة يف السامء‪.‬‬

‫املسدس يف فمي‪ .‬أتساءل عن مدى نظافته‪ ..‬لقد نسينا كل يشء عن خطة‬


‫(تايلر) لالنتحار والقتل بينام نحن نرى خزانة ملفات أخرى هتوي من جانب‬
‫البناية‪ ،‬واألدراج تنفتح فيتطاير الورق األبيض مع الريح‪ ،‬ثامن دقائق‪ ..‬ثم‬
‫الدخان‪ .‬الدخان خيرج من النوافذ املهشمة‪ .‬سوف يصطدم فريق املفرقعات‬
‫باملفجر األويل خالل ثامن دقائق‪ .‬سوف يفجر املفجر األويل املفجر األسايس‪،‬‬
‫ولسوف تدخل صورة بناية (موريس باركر) كل كتب التاريخ‪ .‬إنه تتابع من‬

‫‪15‬‬
‫مخس صور‪ .‬هنا البناية سليمة‪ ..‬الصورة الثانية متثل البناية وقد مالت بزاوية‬
‫ثامنني درجة‪ ،‬ثم سبعني درجة‪ .‬البناية مائلة بخمس وأربعني درجة يف الصورة‬
‫الرابعة حني هتاوي اهلياكل‪ ..‬الصورة األخرية ينهار فيها الربج بكل طوابقه فوق‬
‫املتحف الوطني الذي هو هدف (تايلر) احلقيقي‪.‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬هذا هو عاملنا اآلن‪ ..‬عاملنا‪ ..‬وهؤالء القوم الذين وىل‬
‫عهدهم قد ماتوا‪»..‬‬

‫لو عرفت كيف سيحدث هذا‪ ،‬لرسين أكثر أن أكون ميتا بدال من أن أكون‬
‫يف اجلنة اآلن‪ .‬سبع دقائق‪ ..‬وعىل قمة بناية (باركر موريس) يضع (تايلر)‬
‫مسدسه يف فمي‪ .‬بينام تتطاير خزانات امللفات واألوراق وأجهزة احلاسب اآليل‬
‫من نوافذ البناية‪ ،‬والدخان خيرج من النوافذ املحطمة‪ ،‬وفريق املفرقعات يقف يف‬
‫الشارع ينظر لساعته‪ ..‬أنا أعرف هذا كله‪ ..‬املسدس‪ ..‬الفوىض‪ ..‬إن االنفجار‬
‫قريب‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫(مارال سينجر)‪ ..‬ست دقائق‪ ..‬إن نوعا من مثلث احلب حييط بنا‪ ..‬أنا أريد‬
‫(تايلر)‪ ،‬و(تايلر) يريد (مارال)‪ ،‬و(مارال) تريدين أنا‪ .‬أنا ال أريد (مارال)‪،‬‬
‫و(تايلر) مل يعد بحاجة يل‪ ..‬ليس بعد اليوم‪ .‬األمر ال يتعلق باحلب بل يتعلق‬
‫بغريزة التملك‪ .‬ومن دون (مارال) لن يملك (تايلر) شيئا‪.‬‬

‫مخس دقائق‪ ..‬لربام رصنا أسطورتني وربام ال‪ .‬لكن‪ ..‬أين سيكون املسيح‬
‫اليوم لو أن أحدا مل يدون اإلنجيل؟‪ ..‬أربع دقائق‪ ..‬أحتسس ماسورة املسدس‬
‫بلساين وأقول‪ :‬تريد أن تصري أسطورة؟‪( ..‬تايلر) يا رجل‪ ..‬أنا سأصنع منك‬
‫أسطورة‪ .‬كنت هنا منذ البداية وأتذكر كل يشء‪....‬‬

‫ثالث دقائق‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫الفصل الثاين‬
‫كانت ذراعا (بوب) الغليظتان مطبقتني عيل‪ ،‬فوجدت نفيس حمشورا يف‬
‫الظالم بني ثدييه الكبريين اجلديدين‪ .‬كنا يف قبو الكنيسة امليلء بالرجال‪ ،‬حيث‬
‫اعتدنا أن نلتقي كل ليلة‪ .‬هذا هو (آرت) وهذا (بول) وهذا (بوب)‪ .‬كتفاه‬
‫العمالقان ذكراين باألفق‪ .‬كان ل (بوب) شعر أشقر كثيف كأنه غارق يف عجينة‬
‫كثيفة من كريم الشعر‪ ،‬وكان يضغط براحتي يديه عىل رأيس فوق الثديني‬
‫اجلديدين عىل صدره الربمييل‪.‬‬

‫يقول (بوب)‪:‬‬

‫‪« -‬سيكون األمر عىل ما يرام‪ ..‬سوف تبكي اآلن»‬

‫ومن ركبتي إىل جبهتي أشعر بالتفاعل الكياموي داخل (بوب) وهو حيرق‬
‫الغذاء واألكسجني‪....‬‬

‫‪18‬‬
‫ويرتفع كتفاه يف شهيق طويل ثم هيبطان‪ ..‬هيبطان‪ ..‬هيبطان بزفرات مرجتفة‪.‬‬
‫يرتفعان ألعىل‪ ..‬هيبطان‪ ..‬هيبطان‪ ..‬هيبطان‪ .‬لقد ظللت آيت هنا كل أسبوع ملدة‬
‫عامني‪ ،‬ويف كل أسبوع خينقني (بوب) بذراعيه فأبكي‪.‬‬

‫يقول (بوب)‪:‬‬

‫‪« -‬لربام استأصلوه مبكرا‪ ..‬لربام هو جمرد رسطان خصية‪ ..‬مع رسطان‬
‫اخلصية تكون فرصتك يف احلياة مئة يف املئة‪ ..‬واآلن فلتبك!»‬

‫ويأخذ نفسا عميقا ثم يشهق ويشهق‪.‬‬

‫‪« -‬هلم اآلن‪ ..‬فلتبك»‬

‫وهيبط الوجه املبتل العمالق عىل وجهي فأغوص داخله‪ .‬هنا أبكي‪ ..‬البكاء‬
‫متاح يف الظلمة اخلانقة حني جتد نفسك داخل شخص آخر‪ ،‬وحني تدرك أن كل‬
‫ما يمكنك حتقيقه سوف ينتهي كهراء‪ ،‬وكل ما كنت تفخر به سوف يطاح به‪.‬‬
‫وأضيع داخل وجهه‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫هذه هي الطريقة التي قابلت هبا (مارال سينجر)‪ .‬كان (بوب) يبكي ألنه منذ‬
‫ستة أشهر تم استئصال خصيتيه‪ ،‬ثم بدأ العالج باهلرمونات‪ .‬إن لديه ثديني ألن‬
‫نسبة التستوستريون أعىل من الالزم‪ .‬ارفع معدل التسوستريون ولسوف يرفع‬
‫جسدك اإلسرتوجني بحثا عن التوازن‪ .‬هنا تبكي ألن حياتك تصري ال يشء‪..‬‬
‫ليس ال يشء فحسب بل هو النسيان التام‪ .‬الكثري من اإلسرتوجني ولسوف‬
‫يصري لك ثديا امرأة‪ .‬من السهل أن تبكي حني تدرك أن كل شخص احببته‬
‫سوف يتخىل عنك أو يموت‪ .‬عىل املدى البعيد سوف هيبط متوسط حياة كل‬
‫إنسان إىل الصفر‪( .‬بوب) حيبني ألنه حيسبني بال خصيتني مثله‪.‬‬

‫حولنا يف قبو كنيسة (الثالوث املقدس األسقفية) هناك عرشون رجال وامرأة‬
‫واحدة‪ ،‬كلهم يقفون أزواجا وأكثرهم يبكون‪ .‬بعضهم انحني لألمام وألصق‬
‫أذنه بأذن رفيقه كام يفعل املصارعون‪ .‬الرجل الذي يرافق املرأة الوحيدة يضع‬
‫ساعديه عىل كتفيها‪ ..‬ساعد عىل كل جانب من رأسها‪ ،‬ووجهه الباكي مدفون‬
‫يف عنقها‪ .‬يميل وجهها جلانب وتتناول لفافة تبغ‪.‬‬

‫أختلس هلا نظرة من حتت إبط (بوب) بينام هو يرصخ‪:‬‬

‫‪20‬‬
‫‪« -‬طيلة حيايت‪ ..‬ملاذا أفعل أي يشء؟‪ ..‬ال أعرف»‬

‫هي املرأة الوحيدة هنا يف جمموعة (الرجال الباقون معا)‪ ..‬جمموعة مساندة‬
‫مرىض رسطان اخلصيتني‪ .‬تدخن لفافة تبغها حتت ثقل رجل غريب‪ ،‬وتتالقى‬
‫عيناها بعيني‪ .‬مزيف‪ ..‬مزيفة‪ ..‬شعر قصري أسود المع‪ .‬عينان كبريتان كام‬
‫يرسموهنا يف أفالم الرسوم املتحركة اليابانية‪ .‬نحيلة تلبس ثوبا بلون خميض‬
‫اللبن‪ ،‬عليه أزهار داكنة مرتاصة‪ .‬هذه املرأة موجودة أيضا يف جمموعة (مساندة‬
‫مرىض الدرن الرئوي) التي أحرضها ليلة اجلمعة‪ .‬وكانت يف جمموعة (مائدة‬
‫رسطان اجللد األسود) التي أحرضها مساء األربعاء‪ .‬وكانت يف جمموعة املناقشة‬
‫اخلاصة برسطان الدم والتي يعقدها (املؤمنون املخلصون)‪ .‬يف منتصف شعرها‬
‫ترى جلد فروة رأسها األبيض الالمع‪.‬‬

‫حني ترى هذه املجموعات املساندة للمرىض‪ ،‬جتد أن هلا أسامء غامضة‬
‫طنانة‪ .‬املجموعة التي أحرضها يوم الثالثاء عن طفيليات الدم اسمها (حرر‬
‫وطهر)‪ ..‬املجموعة التي أحرضها عن طفيليات املخ اسمها (ما فوق وما‬
‫وراء)‪ ..‬وظهر األحد أحرض جمموعة (الرجال الباقون معا) يف كنيسة (الثالوث‬

‫‪21‬‬
‫املقدس األسقفية) فأجدها هنا‪ .‬األسوأ من هذا أنني ال أستطيع البكاء وهي‬
‫تراقبني‪ .‬هذا هو أفضل جزء أحبه حني يمسك يب (بوب) فأبكي بال أمل‪ .‬كلنا‬
‫نجهد أنفسنا بالعمل‪ ،‬وهذا هو املكان الوحيد الذي أسرتخي فيه‪ ..‬هنا إجازيت‪.‬‬

‫لقد ذهبت ألوىل جمموعات مساندة املرىض منذ عامني‪ ،‬بعد ما قصدت‬
‫طبيبي ألستشريه من جديد بشأن األرق الذي يطاردين‪ .‬ثالثة أسابيع ومل أنم‬
‫بعد‪ .‬ثالثة أسابيع بال نوم وسوف يصري كل يشء كتجربة خروج الروح من‬
‫اجلسد‪ .‬قال يل الطبيب‪:‬‬

‫‪« -‬األرق هو جمرد عرض ليشء أكرب‪ ..‬ابحث عن اليشء اخلطأ‪ ..‬أصغ‬
‫جلسدك‪».‬‬

‫مل أكن أريد سوى النوم‪ .‬أردت بعض كبسوالت (أميتال الصوديوم)‬
‫الزرقاء التي حتوي ‪ ۲۰۰‬ملجم من املادة‪ .‬أردت كبسوالت (التوينال) الشبيهة‬
‫بالرصاصة‪ ،‬أو (السيكونال) األمحر كصبغة الشفاه‪ .‬نصحني الكثري من األطباء‬
‫بمضغ التليو وممارسة الرياضة‪ .‬لو رأيت ثمرة الفاكهة الضامرة املسنة التي حتول‬

‫‪22‬‬
‫هلا وجهي حلسبتني ميتا‪ .‬قال يل الطبيب إنه لو أردت أن أرى األمل احلقيقي فعيل‬
‫أن أقصد مجاعة (القربان املقدس) مساء الثالثاء‪ ،‬وأري طفيليات املخ وأمراض‬
‫العظام الضمورية واختالالت املخ العضوية‪ .‬أرى مرىض الرسطان يقاومون‪.‬‬
‫لذا ذهبت هناك‪.‬‬

‫يف أول جمموعة ذهبت إليها كان هناك من قدموا اآلخرين ايل‪ :‬هذه‬
‫(أليس)‪ ..‬هذه (برندا)‪ ..‬هذا (دوفر)‪ ..‬الكل يبتسمون مع وجود ذلك املسدس‬
‫اخلفي املصوب لرءوسهم‪ .‬ال أقول اسمي احلقيقي يف مجعيات املساعدة‪ .‬هيكل‬
‫عظمي صغري المرأة اسمها (تشول) يتدىل رسواهلا خاليا حزينا‪ .‬قالت إن أسوأ‬
‫مشكلة بالنسبة لطفيليات املخ إن أحدا ال يامرس اجلنس معها‪ .‬هي هنا قريبة من‬
‫املوت حتى أن رشكة التأمني عىل احلياة دفعت هلا مخسة وسبعني الفا من‬
‫الدوالرات‪ ،‬لكن كل ما تتمناه هو أن يضاجعها أحدهم للمرة األخرية‪ .‬ليست‬
‫املودة ما تريد بل اجلنس‪ .‬فامذا يقول الرجل؟‪ ..‬ماذا تقول أنت؟‪ ..‬بدأ كل يشء‬
‫بإرهاق بسيط‪ ..‬واآلن مل تعد تطيق الذهاب للحصول عىل العالج‪ .‬أفالم‬
‫إباحية‪ ..‬كانت لدهيا أفالم إباحية يف دارها‪ ..‬حكت يل أنه يف عهد الثورة‬

‫‪23‬‬
‫الفرنسية‪ ،‬كانت السجينات ‪ -‬الدوقات واملاركيزات والبارونات ‪ -‬املحكوم‬
‫عليهن باإلعدام ينمن مع أي رجل يصل إليهن‪ .‬وشهقت يف عنقي‪ .‬املضاجعة‬
‫تزجي الوقت‪ ..‬الفرنسيون يطلقون عليها (امليتة الصغرى ‪La petite‬‬

‫‪( ..)mort‬تشول) لدهيا أفالم إباحية لو كنت مهتام‪ ،‬أميل نيرتات‪..‬‬


‫ومشحامت‪ ..‬يف املعتاد كان هذا سيؤدي لتهيجي‪ ،‬لكن (تشول) كانت هيكال‬
‫عظميا مغموسا يف شمع أصفر‪ .‬وأنا ال يشء‪ ..‬لست حتى ال يشء‪ ..‬لكن كتفيها‬
‫حيتكان يب حني نجلس يف دائرة عىل السجادة املشعثة‪ .‬نغمض عيوننا ويأيت دور‬
‫(تشول) كي تقتادنا يف تأمل موجه‪ ..‬وتأخذنا إىل حديقة الصفاء‪ .‬كانت حتكي‬
‫لنا عن القرص ذي األبواب السبعة‪ ..‬داخل القرص هناك سبعة أبواب والباب‬
‫األخرض والباب األصفر‪ .‬وكانت تكلمنا وهي تفتح كل باب‪ ..‬الباب األزرق‪..‬‬
‫الباب األمحر‪ ..‬الباب األبيض‪ ..‬وتبحث عام هنالك‪ .‬مغميض األعني كنا نتخيل‬
‫أملنا كرة من الضوء األبيض الشايف يطفو حول أقدامنا ويرتفع لركبنا‪..‬‬
‫خلصورنا‪ ..‬لصدورنا‪ ..‬تنفتح مراكز التشاكرا ( ) فينا‪ ..‬تشاكرا القلب‪ ..‬تشاكرا‬
‫*‬

‫* التشاكرا من مراكز الطاقة اجلسدية السبعة لدى مماريس اليوجا‬

‫‪24‬‬
‫الرأس‪ ..‬كانت (تشول) حتدثا عن كهوف نلقى فيها حيواناتنا التي متثل قوتنا‪..‬‬
‫حيواين كان البطريق‪ .‬كان الثلج يغطي الكهف وقد أمرين البطريق بأن انزلق‪..‬‬
‫بال جهد فعلنا ذلك عرب املمرات‪ .‬ثم جاء وقت االحتضان‪ .‬افتح عينيك‪ ..‬هذا‬
‫هو التالمس اجلسدي كام قالت (تشول)‪ ..‬عىل كل منا أن ينتقي رشيكا‪.‬‬

‫ألقت (تشول) بنفسها حول رأيس وبكت‪ .‬كان لدهيا مشد صدر بال محاالت‬
‫يف البيت هلذا بكت‪ .‬كان لدهيا زيت وأصفاد هلذا بكت‪ ..‬بينام أنا أرمق عقرب‬
‫ساعتي يدور أحد عرش مرة‪ .‬هلذا مل أبك يف أول جمموعة مساعدة أحرضها‪ .‬مل‬
‫أبك كذلك يف املرة الثانية وال الثالثة‪ .‬مل أبك بسبب طفيليات الدم وال رسطان‬
‫القولون وال العته املخي العضوي‪ .‬هذا هو احلال مع األرق‪ ..‬كل يشء بعيد‪..‬‬
‫نسخة من نسخة من نسخة‪ ..‬األرق يبعدك عن كل يشء‪ ..‬ال تستطيع ملس يشء‬
‫وال يشء يلمسك‪..‬‬

‫ثم ظهر (بوب)‪ .‬حينام ذهبت أول مرة إىل جمموعة رسطان اخلصية‪ ،‬جاء إيل‬
‫يف جمموعة (الرجال الباقون معا) وراح يبكي‪ .‬وحني جاء وقت العناق هنض‬
‫كشجرة ويداه إىل جانبيه‪ ،‬وقد استدار كتفاه‪ ،‬وذقنه عىل صدره‪ ،‬وعيناه مغلفتان‬

‫‪25‬‬
‫بالدموع‪ .‬وهو حيك قدميه باألرض‪ ،‬ليلقي بثقله عيل‪ .‬لقد هبط عيل هبوطا‪،‬‬
‫والتفت حويل ذراعاه القويتان‪ .‬قال يل إنه كان مولعا بالرشاب‪ .‬ثم الستريويد‬
‫الذي يستعملونه يف سباق اخليول (ويسرتول)‪ ..‬صالة التدريب التي يملكها‪..‬‬
‫تزوج ثالث مرات وكان مسئوال عن اختبار املنتجات اجلديدة‪ ..‬أمل أره يف‬
‫التلفزيون؟‪ ..‬ال؟‪ ...‬كل برنامج تدريب عضالت الصدر كان من ابتكاره‪ .‬إن‬
‫األشخاص الصادقني هبذا الشكل جيعلونني أشعر بالتخاذل لو كنت تفهم ما‬
‫أعنيه‪ .‬مل يكن (بوب) يعرف ما حدث له‪ ..‬ربام واحدة من ال (هوفو) مل تنزل‪..‬‬
‫وعرف أن هذا عامل يمهد للرسطان‪ .‬أخربين عن عالج اهلرمونات ما بعد‬
‫اجلراحة‪ .‬أبطال كامل األجسام الذين يتعاطون الكثري من التستوستريون تصري‬
‫هلم أثداء نساء‪ .‬كان عيل أن أسأله عام يقصده بلفظة (هوفو)‪ .‬قال يل إن معناها‬
‫(اخلصيتان)‪( ..‬الكرتان)‪( ..‬البيضتان)‪ ..‬يف املكسيك حيث تبتاع اهلرمونات‬
‫يطلقون عليهام (البيضتان)‪ .‬طالق‪ ..‬طالق‪ ..‬طالق‪ ..‬حدثني عن نفسه وأراين‬
‫صورة يف حافظته تظهره عاريا ضخام يف مسابقة ما‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫هي طريقة غبية للحياة ‪ -‬كام قال ‪ -‬لكن حني حيلقون لك عىل املنصة‪ ،‬وقد‬
‫فقدت من دهن جسدك نحو ‪ ،%2‬قد تركتك مدرات البول باردا صلبا‬
‫كاخلرسانة‪ ،‬يصيبك العمى من األضواء والصمم من صدى السامعات العالية‬
‫حتى يأمرك احلكم‪:‬‬

‫‪« -‬افرد العضلة الرباعية‪ ..‬اثن واثبت يف هذا الوضع» «افرد ذراعك‬
‫اليرسى‪ ..‬اثن العضلة ذات الرأسني واثبت»‪.‬‬

‫هنا يصري األمر أروع من احلياة الواقعية‪ .‬وتنطلق برسعة يف طريق الرسطان‪.‬‬
‫ثم يأيت اإلفالس‪ .‬كان لديه ولدان بالغان ال يردان عىل مكاملاته اهلاتفية‪ .‬وكان‬
‫عالج ثدييه األنثويني أن يقوم الطبيب بفتح ما حتت العضالت الصدرية‬
‫ويسحب أي سائل‪ .‬هذا كل ما أذكره ألن (بوب) كان حييطني بذراعيه اآلن‪،‬‬
‫ورأسه يغطيني‪ .‬هكذا غبت يف الظالم والنسيان والصمت التام‪ ،‬وحني خرجت‬
‫من صدره أخريا‪ ،‬كان صدر قميصه صورة مبتلة لوجهي الباكي‪..‬‬

‫‪27‬‬
‫كان هذا لقائي األول بمجموعة (الرجال الباقون معا) منذ عامني‪ .‬ويف كل‬
‫لقاء بعد هذا كان (بوب) جيعلني أبكي‪ .‬مل أعد للطبيب قط‪ ،‬ومل أمضغ جذور‬
‫(التليو)‪ ..‬كانت هذه هي احلرية‪ ..‬أن تفقد أي أمل‪ ..‬هذا هو معنى احلرية‪ ..‬لو‬
‫مل أتكلم كان القوم يف املجموعة يفرتضون األسوأ‪ ،‬وينفجرون يف البكاء فأبكي‬
‫أكثر‪ .‬انظر للنجوم فوقك ولسوف تضيع‪ .‬وأثناء عوديت لداري بعد جمموعة‬
‫املساعدة كنت أشعر بأنني حي كام مل أشعر من قبل‪ .‬مل أكن مهددا بالرسطان أو‬
‫طفيليات الدم‪ .‬كنت املركز الدافئ للعامل من حويل‪ .‬وهكذا نمت‪ ..‬حتى الرضع‬
‫ال ينامون هبذه الراحة‪ .‬يف كل ليلة كنت أموت ويف الصباح أحيا‪ ..‬أبعث‪...‬‬

‫حتى هذه الليلة‪ ..‬عامان من التوفيق حتى هذه الليلة‪ ،‬ألنني ال أقدر عىل‬
‫البكاء بينام هذه املرأة تراقبني‪ ..‬ألنني ال أستطيع أن أبلغ القاع فال خالص يل‪..‬‬
‫مل أنم منذ أربعة أيام‪ ..‬إهنا تراقبني فأشعر أنني كاذب وأهنا زائفة‪ ..‬إهنا كاذبة‪..‬‬
‫ليلة التعارف قدمنا أنفسنا‪ :‬أنا (بوب)‪ ..‬أنا (بول)‪ ..‬أنا (تريي)‪ ..‬أنا (ديفيد)‪..‬‬
‫لكني ال أعطي اسمي احلقيقي أبدا‪.‬‬

‫سألتني‪:‬‬

‫‪28‬‬
‫‪« -‬رسطان‪ ..‬أليس كذلك؟» ‪ -‬ثم قالت ‪« -‬حسن‪ ..‬مرحبا‪ ..‬أنا (مارال‬
‫سينجر)»‬

‫بعدها انشغلنا يف هدهدة الطفل بداخلنا‪ .‬الرجل مازال يبكي عىل عنقها‪،‬‬
‫فتسحب نفسا آخر من لفافة تبغها‪ .‬أراقبها وأنا بني ثديي (بوب)‪ ..‬بالنسبة هلا أنا‬
‫زائف‪ ..‬لكني مل أستطع النوم منذ الليلة الثانية التي رأيتها فيها‪ .‬أنا الزائف األول‬
‫هنا‪ ..‬بالطبع ما مل يكن هؤالء القوم يكذبون بصدد آالمهم وسعاهلم وأورامهم‪.‬‬
‫حتى (بوب) ذلك الوعل الكبري‪( .‬مارال) تدخن وتشخص بعينيها اآلن‪ .‬يف هذه‬
‫اللحظة انعكس كذهبا يف كذيب وصار ما أراه أكاذيب وسط كل حقائق هؤالء‪..‬‬
‫كلهم يتكلمون عن أسوأ خماوفهم‪ ..‬عن أن املوت آت هلم مبارشة‪ ،‬وعن أن‬
‫ماسورة املسدس مضغوطة عىل مؤخرة حلوقهم‪.‬‬

‫لكن (مارال) تدخن وتشخص بعينيها‪ ،‬وأنا مدفون حتت بساط ثقيل يبكي‪،‬‬
‫وفجأة يصري املوت مساويا للزهور البالستيكية عىل شاشة الفيديو‪ ..‬ليس حدثا‬
‫عىل اإلطالق‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫أمهس‪:‬‬

‫‪(« -‬بوب)‪ ..‬أنت هتشمني‪».‬‬

‫أحاول أن أبقي صويت خفيضا ثم أرصخ‪:‬‬

‫‪(« -‬بوب)‪ ..‬جيب أن أذهب إىل (الدورة)‪»..‬‬

‫ثمة مرآة معلقة فوق املغطس يف احلامم‪ .‬لو ظلت القواعد ثابتة فلسوف ألقى‬
‫(مارال) يف (ما فوق وما وراء) وجمموعة (أمراض اعتالل املخ الطفييل)‪..‬‬
‫ستكون (مارال) هناك طبعا‪ ،‬ولسوف أجلس هناك جوارها‪ .‬وبعد التأمل املوجه‬
‫وأبواب القرص السبعة‪ ،‬وكرة النور الشافية‪ ،‬وبعد ما نفتح التشاكرا‪ ،‬ويأيت دور‬
‫العناق‪ ،‬سأمسك بالعاهرة الصغرية‪ .‬ذراعاها مضغوطتان إىل جانبيها‪ ،‬وشفتاي‬
‫تلتصقان بأذهنا‪ ..‬سأقول هلا‪( :‬مارال)‪ ..‬أيتها األكذوبة الكربى‪ ..‬اخرجي من‬
‫هنا‪ ..‬هذا هو اليشء احلقيقي الوحيد يف حيايت وأنت تفسدينه‪ .‬أيتها السائحة‬
‫الكبرية‪ ..‬يف املرة القادمة التي نلتقي فيها‪ ،‬سأقول‪( :‬مارال)‪ ..‬أنا ال أستطيع أن‬
‫أضاجعك هنا‪ ..‬أنا بحاجة هلذا املكان‪ ..‬انرصيف‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫تصحو من النوم يف (بيج هاربر إنرتناشيونال)‪ ..‬ومع كل إقالع أو هبوط‬
‫للطائرة‪ ،‬حني متيل الطائرة عىل جانبها‪ ،‬كنت أدعو اهلل أن تسقط وتتحطم‪ .‬هذه‬
‫اللحظة كانت تشفيني من األرق‪ ..‬تداعبني بحلم النوم كشحنة تبغ معدومة‬
‫احليلة يف خمزن أمتعة الطائرة‪ .‬هكذا قابلت (تايلر دوردن)‪.‬‬

‫تصحو يف (أوهار)‪ ..‬تصحو يف (الجارديا)‪ ..‬تصحو يف (لوجان)‪( .‬تايلر)‬


‫يعمل بعض الوقت كعامل عرض سينامئي‪ .‬بسبب طبيعته ال يقدر (تايلر) إال‬
‫عىل العمل يف وظائف ليلية‪ .‬لو تغيب عامل عرض ألسباب مرضية يتصل‬
‫االحتاد ب (تايلر)‪ .‬بعض الناس خلقوا للنهار وبعضهم خلق لليل‪ .‬ال أقدر إال‬
‫عىل العمل يف عمل صباحي‪.‬‬

‫تصحو يف (دولس)‪ ..‬التأمني يدفع لك ثالثة أضعاف القيمة لو مت يف‬


‫رحلة عمل‪ .‬كنت أدعو اهلل أن تؤثر الريح عىل الطائرة‪ ..‬دعوت أن ينحرش البجع‬
‫يف التوربينات‪ ،‬وأن يتكاثف الثلج فوق اجلناحني أو تتطاير املسامري‪ ،.‬وبينام‬
‫الطائرة تقلع‪ ،‬وهي مندفعة عىل املمر وقد ارتفعت ثنيتا جناحيها‪ ،‬ومقاعدنا يف‬
‫‪31‬‬
‫وضع قائم وكل متاعنا يف خزانات املتاع فوق الرءوس‪ ،‬وهناية املمر تركض‬
‫لتلقانا‪ ،‬كنت أدعو اهلل أن حيدث ارتطام‪.‬‬

‫تصحو يف (الف فيلدز)‪ .‬ويف كابينة العرض ‪ -‬لو كانت دار العرض‬
‫قديمة ‪ -‬جيري (تايلر) تبديل البكرتني‪ .‬مع التبديل يكون لديك جهازا عرض‬
‫يف الكابينة وأحدمها يعمل‪ .‬أعرف هذا ألن (تايلر) يعرف هذا‪ .‬ويتم تعبئة بكرة‬
‫الفيلم التالية يف جهاز العرض الثاين‪ .‬أكثر األفالم تتكون من ست أو سبع‬
‫بكرات صغرية تعرض برتتيب معني‪ .‬دور العرض احلديثة تضع كل البكرات‬
‫معا يف بكرة قطرها مخسة أقدام‪ .‬هكذا ال حتتاج إىل استخدام آلتي عرض وتبديل‬
‫الفيلم‪ .‬البكرة األوىل‪ .‬انقل‪ ..‬البكرة الثانية‪ ..‬البكرة الثالثة عىل آلة العرض‬
‫األوىل‪..‬‬

‫تصحو يف (يس تاك)‪ ..‬أدرس صور الناس يف املطوية اخلاصة بمقعدي‪.‬‬


‫امرأة تطفو يف املحيط‪ ،‬وشعرها البني ينترش خلفها‪ ..‬تضم وسادة املقعد إىل‬
‫صدرها‪ ،‬وعيناها واسعتان‪ ،‬لكنها ال تبتسم أو تقطب‪ .‬ويف صورة أخرى أناس‬
‫هادئون كأبقار اهلندوس‪ ،‬يمدون أيدهيم من مقاعدهم إىل أقنعة األكسجني‬

‫‪32‬‬
‫املعلقة من السقف‪ .‬ال بد أن هذا وضع طوارئ‪ .‬آه‪ ..‬لقد حدث فقدان لضغط‬
‫الطائرة‪.‬‬

‫تصحو يف (ويلو ران)‪ .‬دار عرض قيمة‪ ..‬دار عرض جديدة‪ ..‬كي ينقل‬
‫(تايلر) الفيلم لدار عرض جديدة عليه أن يقسمه إىل بكراته الست األصلية‪.‬‬
‫توضع البكرات الصغرية يف زوج من احلقائب املسدسة املعدنية‪ .‬كل حقيبة هلا‬
‫مقبض يف أعالها‪ .‬ارفع واحدة ألعىل ولسوف ينخلع كتفك فهي ثقيلة إىل هذا‬
‫احلد‪..‬‬

‫(تايلر) ساق يف مطعم‪ ..‬خيدم عىل املوائد يف فندق يف قلب املدينة‪ ..‬وهو‬
‫عامل عرض يعمل مع احتاد عامل العرض السينامئي‪ .‬ال أعرف كم من الوقت‬
‫عمل يف تلك الليايل التي مل أكن أنام فيها‪ .‬يف دور العرض القديمة التي تعرض‬
‫فيلام عىل جهازي عرض‪ ،‬جيب عىل العامل أن يستعد لتغيري آلة العرض يف‬
‫الوقت املناسب‪ ،‬حتى ال يشعر اجلمهور بالفارق حني تنتهي بكرة وتبدأ أخرى‪.‬‬
‫جيب أن تراقب النقط البيضاء يف أعىل الشاشة‪ .‬الركن األيمن منها‪ .‬هذا هو‬
‫اإلنذار‪ ..‬راقب الفيلم ولسوف ترى نقطتني يف هناية البكرة‪ .‬يسموهنا (حروق‬

‫‪33‬‬
‫سجائر) يف تلك املهنة‪ .‬األوىل هي إنذار بدقيقتني‪ ..‬هنا تشغل اجلهاز الثاين‪ ،‬حتى‬
‫يكتسب الرسعة‪ ..‬النقطة الثانية هي إنذار بخمس ثوان‪ ..‬إثارة‪ ..‬أنت تقف بني‬
‫جهازي عرض‪ ،‬والكابينة حارة بسبب مصابيح (الزينون) التي لو نظرت هلا‬
‫مبارشة لعميت‪ .‬أول نقطة تظهر‪ ..‬الصوت يأيت من مكرب صوت عال خلف‬
‫الشاشة‪ .‬داخل كابينة العرض ال يصل الصوت‪ ،‬ألن صوت العجلة املسننة يبدو‬
‫كطلقات البندقية اآللية‪ ..‬وهي تدير الفيلم برسعة ستة أقدام يف الثانية‪ ..‬عرشة‬
‫كادرات يف القدم‪ ..‬ستني كادرا يف الثانية‪ .‬اآلن وقد دار جهازا العرض تقف‬
‫بينهام ممسكا برافعة الغلق لكليهام‪ .‬أجهزة العرض القديمة تريك إنذارا عىل‬
‫البكرة‪ .‬وحتى بعد عرض الفيلم يف التلفزيون تظل نقاط اإلنذار عليه‪ .‬حتى عىل‬
‫أفالم الطائرات‪ .‬عند هناية البكرة تصري بكرة التلقيم أكثر رسعة حتى يبدأ‬
‫اإلنذار يدق بأن تغيريا صار وشيكا‪ .‬الظالم حار جدا من املصابيح داخل آلتي‬
‫العرض‪ ،‬واإلنذار يدق‪ .‬قف هناك بني جهازي العرض‪ ،‬وراقب ركن الشاشة‪.‬‬
‫تظهر النقطة الثانية‪ ..‬عد خلمسة‪ ..‬اغلق أحد الغالقني وافتح اآلخر‪ ..‬تم‬
‫التغيري‪ ..‬ويستمر الفيلم‪ .‬مل يفطن أي من املشاهدين ليشء‪ .‬ويامرس عامل‬

‫‪34‬‬
‫العرض أشياء كثرية ال يفرتض منه القيام هبا‪ .‬ليست كل آلة عرض بإنذار‪.‬‬
‫وهكذا تصحو احيانا من نومك يف البيت مذعورا‪ ،‬شاعرا أنك نمت يف الكابينة‬
‫ونسيت تغيري البكرتني‪ .‬سوف يلعنك اجلمهور‪ ..‬لقد دمرت احللم السينامئي‬
‫الذي كانوا يرونه ولسوف يتصل املدير باالحتاد‪.‬‬

‫تصحو يف (كريس فيلد)‪ ..‬سحر السفر يف كل مكان أذهب إليه‪ ..‬حياة‬


‫صغرية‪ ،‬أقصد الفندق‪ ..‬صابون صغري‪ ..‬شامبو صغري‪ ..‬قطعة زبد لواحد‪..‬‬
‫معجون صغري وفرشاة تستعمل مرة واحدة‪ .‬اجلس يف مقعد الطائرة‪ ..‬املشكلة‬
‫هي أن كتفيك كبريان جدا‪ ..‬ساقاك اخلاصتان بأليس يف بالد العجائب قد صار‬
‫طوهلام أمياال فجأة حتى أهنام يلمسان اجلالس أمامك‪ .‬يصل العشاء‪ ..‬قطعة من‬
‫الدجاج كأهنا نموذج يتدرب عليه هواة الطهي‪ ..‬نوع من ألعاب التجميع يبقيك‬
‫منهمكا‪ .‬لقد أضاء الطيار عالمة ربط احلزام‪ ،‬ولسوف نطلب منك أال متيش يف‬
‫القمرة‪.‬‬

‫تصحو يف (ميجز فيلد)‪ .‬أحيانا يصحو (تايلر) يف الظالم‪ ،‬شاعرا بالرعب‬


‫من أن يكون قد أضاع تغيري البكرة‪ ،‬أو أن الفيلم انقطع أو حترك حتى راحت‬

‫‪35‬‬
‫الرتوس تصنع صفا من الثقوب يف جمرى الصوت‪ .‬عندما يدور الفيلم عىل‬
‫قرص الرتوس‪ ،‬ييضء املصباح عرب جمرى الصوت وبدال من سامع الكالم تسمع‬
‫صوت مروحة هليكوبرت (وب واب) بينام خترج كل حزمة ضوء منفجرة من‬
‫أحد الثقوب‪ .‬ما ال جيب أن يفعله عامل العرض أيضا هو هذا‪( :‬تايلر) يصنع‬
‫رشائح ضوئية من أفضل كادرات يف الفيلم‪ .‬أول فيلم بدت فيه البطلة عارية‬
‫الصدر كان للممثلة (أنجي ديكنسون)‪ .‬وعندما انتقل الفيلم من دور العرض‬
‫الغربية إىل دور العرض الرشقية‪ ،‬كان املشهد العاري قد اختفى‪ .‬عامل عرض‬
‫رسق كادرا‪ ..‬وعامل آخر رسق كادرا‪ .‬اجلميع أراد أن تكون عنده رشحية عارية‬
‫ل (أنجي)‪ .‬ثم ظهر البورنو يف األفالم وكون بعض عامل العرض هؤالء‬
‫جمموعات مذهلة‪.‬‬

‫تصحو يف (بوينج فيلد)‪ .‬تصحو يف (الكس)‪ .‬كانت طائرتنا الليلة شبه‬


‫خاوية لذا خذ راحتك كي تفرد مساند الذراع وتتمدد‪ ،‬واثن ركبتيك وخرصك‪،‬‬
‫وأرح ذراعك عىل ثالثة مقاعد‪ .‬أضبط ساعتي عىل ساعتني مبكرتني أو ثالث‬

‫‪36‬‬
‫ساعات متأخرة‪ .‬حسب توقيت املحيط اهلادي أو اجلبيل أو املركزي أو التوقيت‬
‫الرشقي‪ .‬أفقد ساعة ثم ساعة‪ ..‬تلك حياتك وأنت تفقدها دقيقة يف كل مرة‪.‬‬

‫تصحو يف (كليفالند هوبكنز)‪ ..‬تصحو يف (يس تاك) من جديد‪ .‬أنت عامل‬


‫عرض وأنت متعب غاضب‪ .‬لكن األهم أنك تشعر بامللل‪ .‬لذا تأخذ كادرا عاريا‬
‫مجعه عامل آخر جتده خمبئا يف كابينة العرض‪ ،‬ثم توصل هذا الكادر الذي يظهر‬
‫عضوا ذكريا حمتقنا أو عضوا أنثويا متثائبا يف لقطة قريبة‪ ،‬وتلحمه بفيلم روائي‬
‫آخر‪ .‬هذا الفيلم حيكي عن واحدة من مغامرات احليوانات األليفة حني يرتك‬
‫القط والكلب وحدمها‪ ،‬وقد سافرت األرسة‪ ،‬وعليهام أن جيدا طريق العودة‪ .‬يف‬
‫البكرة الثالثة بمجرد أن يأكل القط والكلب ‪ -‬اللذان يتكلامن وهلام صوتان‬
‫برشيان ‪ -‬علبة القاممة يظهر انتصاب للحظة من الثانية‪( .‬تايلر) يفعل هذا‪ .‬كادر‬
‫واحد يف فيلم عىل الشاشة معناه واحد عىل ‪ 16‬من الثانية‪ .‬قسم الثانية إىل ستة‬
‫عرش جزءا‪ ..‬هذه هي الفرتة التي يبقاها االنتصاب‪ .‬يطل أمحر شنيعا من ارتفاع‬
‫شاهق فوق اجلمهور الذي يتسىل بأكل الفيشار‪ ،‬لكن ال أحد يراه‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫تصحو يف (لوجان) من جديد‪ .‬هذه طريقة شنيعة للسفر‪ .‬أذهب‬
‫الجتامعات ال يريد رئييس أن أحرضها‪ ..‬آخذ مذكرات‪ ..‬سأعود لك‪ ..‬أيا كنت‬
‫سأكون هناك ألجرب الوصفة‪ ..‬سأبقي األمر رسا‪ ..‬سآخذ مذكرات ثم أعود‬
‫لك‪.‬‬

‫إهنا حسبة بسيطة‪ .‬مشكلة يف شكل قصة‪ ..‬لو غادرت سيارة جديدة صنعتها‬
‫رشكتي (شيكاغو) متجهة غربا برسعة ‪ 60‬ميال يف الساعة‪ ،‬ثم حدث هلا حادث‬
‫وهتشمت واحرتقت‪ ،‬وقد سجن اجلميع داخلها‪ ،‬فهل تسرتدها رشكتي من‬
‫األسواق؟‪ ..‬خذ عدد السيارات يف السوق (أ) وارضبه يف معدل الفشل (ب)‪،‬‬
‫ثم ارضب النتيجة يف متوسط تكلفة التسوية خارج املحكمة (ج)‪ .‬أ يف ب يف ج‬
‫= س‪ .‬هذا هو ما نخرسه لو مل نسرتد السيارة‪ .‬لو كانت س أكثر من تكلفة‬
‫االسرتداد‪ ،‬نسرتد السيارة وال يصاب أحد بأذى‪ ،‬أما لو كانت س أقل فنحن ال‬
‫نسرتدها‪ .‬يف كل مكان أذهب إليه أجد اهليكل املتفحم لسيارة ينتظرين‪ .‬أعرف‬
‫مكان كل هيكل وأعترب هذا رس مهنتي‪ .‬موعد الفندق‪ ..‬طعام مطاعم‪ .‬يف كل‬
‫مكان أذهب إليه أعقد صداقات صغرية مع الناس اجلالسني بجواري من لوجان‬

‫‪38‬‬
‫إىل كرييس إىل ويلوران‪ .‬أنا منسق محالت اسرتداد‪ ..‬هكذا أخرب الصديق اجلالس‬
‫جواري‪ ،‬لكنني أشق طريقي إىل أن أصري غاسل أطباق‪.‬‬

‫تصحو يف (أوهار) من جديد‪ .‬لقد حلم (تايلر) لقطة عضو ذكري يف كل‬
‫فيلم بعد هذا‪ ..‬عادة تكون لقطة مقربة أو هي لقطة لعضو أنثوي‪ ..‬أربع قصص‬
‫طويلة‪ ،‬وارتفاع يف ضغط الدم إذ ترقص سندريال مع األمري اجلميل‪ ،‬والناس‬
‫يراقبون‪ .‬مل يشك أحد‪ .‬كان الناس يرشبون ويأكلون لكن الليل كان خيتلف‪ .‬يف‬
‫املساء يشعر الناس بالغثيان أو يبكون وال أعرف السبب‪ .‬فقط يستطيع عصفور‬
‫طنان أن يضبط (تايلر) وهو يعمل‪...‬‬

‫تصحو يف (جي إف كى)‪ ..‬أذوب وأنتفخ حلظة اهلبوط‪ ،‬حني تلمس عجلة‬
‫واحدة املهبط‪ ،‬وتتصلب الطائرة حريى بني قرار أن تصحح وضعها أو تنقلب‪.‬‬
‫أنظر للنجوم ولسوف تضيع‪ .‬متاعك ال هيم‪ ..‬ال يشء هيم‪ ..‬وال حتى رائحة‬
‫البخر من أنفاسك‪ ..‬النوافذ مظلمة باخلارج واملحركات التوربينية تزأر‪ .‬القمرة‬
‫متيل بزاوية خاطئة حتت زئري التوربينات‪ ..‬لن حتتاج بعد اليوم إىل تقديم مذكرة‬
‫بنفقات السفر‪ .‬اإليصاالت مطلوبة ألي مبلغ يتجاوز ‪ 25‬دوالرا‪ ..‬لن حتلق‬

‫‪39‬‬
‫شعرك ثانية‪ .‬رضبة مكتومة أخرى وتصطدم العجلة الثانية باألسفلت‪ .‬الصوت‬
‫املتقطع ملائة قفل حزام أمان يفتح‪ ،‬وصديقك الذي يصلح لالستعامل مرة‬
‫واحدة‪ ،‬والذي كنت متوت جواره يقول‪ :‬أمل أن تنجز مهمتك‪ ..‬نعم‪ .‬وأنا‬
‫كذلك‪ ..‬هذا هو طول حلظتك‪ ..‬وتعود احلياة ملسارها‪.‬‬

‫بطريقة ما وعن طريق الصدفة قابلت (تايلر)‪ .‬كان هذا وقت اإلجازة‪.‬‬

‫تصحو يف (الكس)‪ ..‬من جديد‪ ..‬قابلت (تايلر) حني قصدت شاطئ‬


‫عراة‪ ..‬كان هذا يف هناية الصيف بالضبط‪ ،‬وكنت نائام‪ .‬كان (تايلر) عاريا مبلال‬
‫بالعرق خشنا من الرمال‪ .‬شعره مبتل عىل شكل خيوط يتدىل عىل وجهه‪ .‬لقد‬
‫جاء هنا كثريا قبل لقائنا‪ ،‬وكان يسحب بقايا خشب من بني األمواج وجيرها عىل‬
‫الشاطئ‪ ،‬ويف الرمال الرطبة زرع نصف دائرة من ألواح اخلشب عىل بعد‬
‫بوصات عن بعضها‪ ..‬كانت هناك أربعة ألواح‪ .‬وحني صحوت رأيته خيرج‬
‫لوحا خامسا من املاء‪ .‬حفر حفرة حتت أحد طريف اللوح‪ ،‬ثم رفعه ليسقط يف‬
‫احلفرة‪ ،‬ويقف يف زاوية قائمة‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫تصحو عىل الشاطئ‪ ..‬كنا الوحيدين عىل الشاطئ‪ .‬وبعصا رسم (تايلر)‬
‫خطا مستقيام عىل الرمال عىل بعد عدة أقدام‪ .‬ثم راح يثبت اللوح بوضع الرمال‬
‫حول قاعدته‪ .‬كنت الشخص الوحيد الذي يرى هذا‪ .‬ثم صاح‪:‬‬

‫‪« -‬هل تعلم كم الساعة؟»‬

‫دائام ما ألبس ساعة‪ .‬سألته‪:‬‬

‫‪« -‬أين؟»‬

‫‪« -‬اآلن‪»..‬‬

‫كانت الساعة الرابعة وست دقائق بعد الظهر‪ .‬بعد قليل جلس القرفصاء يف‬
‫ظل األعواد‪ .‬جلس بضع دقائق ثم هنض وسبح يف البحر‪ ..‬ارتدي يت شريت‬
‫ورسواال وتأهب لالنرصاف‪ .‬كان عيل أن أسأل‪ ..‬كان عيل أن أعرف ماذا كان‬
‫يفعل وأنا نائم‪ .‬لو استطعت أن أصحو يف مكان خمتلف ويف وقت خمتلف‪ ،‬فهل‬
‫بوسعي أن أصحو كشخص خمتلف؟ سألته إن كان فنانا‪ .‬هز (تايلر) كتفه ورشح‬
‫يل كيف أن مخسة األلواح تتسع قرب القاعدة‪ .‬أراين اخلط الذي رسمه عىل‬

‫‪41‬‬
‫الرمال وكيف يستخدمه ليقيس به الظل الذي يرميه كل لوح‪ .‬أحيانا تنهض‬
‫وتريد أن تتساءل أين أنت‪ .‬ما صنعه (تايلر) كان ظال ليد عمالقة‪ .‬فقط كانت‬
‫األصابع طويلة كأصابع (نوسفرياتو) مصاص الدماء‪ ،‬لكن اإلهبام كان قصريا‪،‬‬
‫إال أنه قال يل كيف أنه يف الساعة الرابعة وثالثني دقيقة سيصري ظل اليد متقنا‪.‬‬
‫ظل الظل العمالق متقنا لدقيقة واحدة‪ ،‬ولدقيقة واحدة جلس (تايلر) يف راحة‬
‫الظل الذي صنعه بنفسه‪.‬‬

‫تصحو فتجد أنك يف ال مكان‪ .‬دقيقة كانت كافية ‪ -‬كذا قال (تايلر) ‪-‬‬
‫صحيح أن عىل املرء أن يعمل جاهدا من أجلها‪ ..‬لكن دقيقة من الكامل تستحق‬
‫اجلهد‪ .‬حلظة هي أكثر ما حتلم باحلصول عليه من الكامل‪ .‬تصحو‪ ..‬وهذا كاف‪.‬‬

‫كان اسمه (تايلر دوردن)‪ ..‬وكان عامل عرض سينامئي لدى االحتاد‪ ،‬وكان‬
‫كذلك ساقيا يف فندق يف وسط املدينة‪ ،‬وأعطاين رقم هاتفه‪ .‬هكذا التقينا‪.‬‬

‫كل طفيليات املخ املعتادة هنا الليلة‪ ..‬دائام ما تعقد جمموعة (ما فوق وما‬
‫وراء) اجتامعا هنا‪ ..‬هذا هو (بيرت)‪ ..‬هذا هو (ألدو)‪ ..‬لنقدم بعضنا‪ ..‬هذه‬

‫‪42‬‬
‫(مارال سينجر)‪ ،‬وهي معنا ألول مرة‪ ..‬مرحبا (مارال)‪ ..‬يف (ما فوق وما وراء)‬
‫نبدأ باملحادثات التمهيدية‪ ..‬هذه املجموعة ال تدعى (طفيليات املخ)‪ ..‬لن‬
‫تسمع أحدا يقول (طفيليات)‪ ..‬الكل يف خري حال دائام‪ .‬إنه ذلك العقار‬
‫اجلديد‪ ..‬برغم هذا جتد يف كل مكان ذلك احلول املصاحب لصداع مخسة أيام‪.‬‬
‫امرأة متسح دموعا ال تتحكم فيها‪ ..‬كل واحد يضع بطاقة باسمه‪ ،‬والناس الذين‬
‫تقابلهم كل ليلة ثالثاء منذ عام‪ ..‬جاءوا من أجلك‪ ..‬مصافحات وعيوهنم عىل‬
‫بطاقة اسمك‪ .‬ال أصدق أننا التقينا‪ ..‬ال يذكرون اسم (طفيل) بل يقولون‬
‫(العامل)‪ ...‬ال يقولون (شفاء) بل يقولون (عالج)‪ ..‬أثناء املحادثة حيكي‬
‫أحدهم كيف انترش (العامل) يف نخاعه الشوكي‪ ،‬وهنا يفقد التحكم يف يده‬
‫اليرسى فجأة ‪ .‬يقول أحدهم إن (العامل) قد جفف بطانة خمه لذا شد املخ من‬
‫موضعه مسببا نوبات التشنج‪.‬‬

‫آخر مرة كنت فيها هناك أخربتني امرأة تدعى (تشول) بأفضل أخبار اليها‪.‬‬
‫وقفت عىل قدميها مستندة إىل مسندي املقعد وأعلنت أهنا مل تعد ختاف املوت‪.‬‬
‫الليلة بعد التعارف تقول فتاة ال أعرفها حتمل بطاقة باسم (جلندا)‪ ،‬إهنا أخت‬

‫‪43‬‬
‫(تشول) وإنه يف الثانية من صباح الثالثاء ماتت (تشول) أخريا‪ .‬أوه‪ ..‬ال بد أن‬
‫هذا لذيذ‪ ..‬لقد ظلت تبكي بني ذراعي طيلة عامني أثناء العناق‪ ،‬واآلن هي‬
‫ميتة‪ ..‬ميتة عىل األرض‪ ..‬ميتة يف وعاء حلفظ الرماد‪ ..‬ميتة يف رضيح‪ .‬يف قبو‬
‫حلفظ أوعية الرماد‪ ..‬الدليل عىل أنك يف يوم جتهد نفسك يف التفكري‪ ،‬ويف اليوم‬
‫التايل أنت سامد بارد لألرض‪ ..‬مأدبة للديدان‪ .‬هذه هي معجزة املوت املذهلة‪..‬‬
‫وال بد أنه يشء لذيذ لو مل تكن تلك الفتاة هنا‪( ..‬مارال)‪ ..‬و(مارال) تنظر يل من‬
‫بني كل مرىض طفيليات املخ‪ ..‬كاذب‪ ..‬مزورة‪( ..‬مارال) الكاذبة‪ ..‬بل أنت‬
‫الكاذب‪ ..‬كل واحد هنا سوف يرجتف‪ ..‬يسقط عىل األرض وهو يعوي‪،‬‬
‫ويتحول موضع العورة يف رسواله اجلينز إىل األزرق الداكن‪ .‬خلف كل باب من‬
‫سبعة األبواب‪ ..‬الباب األزرق‪ ..‬الباب الربتقايل‪ ..‬تقف (مارال)‪ ..‬الباب‬
‫األخرض‪( ..‬مارال) تقف هناك‪ .‬كذاب‪ ..‬يف رحلة التأمل أبحث عن حيواين‬
‫الذي أستمد منه القوة‪ ..‬حيواين هو (مارال)‪ ..‬تدخن لفافة تبغها وتقلب‬
‫عينيها‪ ..‬كذاب‪ ..‬شعر أسود وشفتان ممتلئتان كوسادة‪ ..‬كذاب‪ ..‬شفتان صنعتا‬
‫من جلد أريكة إيطالية‪ ..‬لن تستطيع الفرار‪...‬‬

‫‪44‬‬
‫(تشول) كانت هي املادة األصيلة‪( ..‬تشول) كانت تبدو كهيكل (جوين‬
‫ميتشيل) ( ) لو جعلته يبتسم ويميش يف حفل متوددا للجميع‪ .‬ختيل (تشول)‬‫*‬

‫بحجمها الذي يشبه حجم حرشة‪ ،‬تركض عرب قاعات أحشائها الداخلية يف‬
‫الثانية صباحا‪ .‬نبضها صفارة إنذار تعلن‪ :‬استعدي للموت خالل عرش‪ ..‬ثامن‬
‫ثوان‪ ..‬يبدأ املوت بعد سبع‪ ..‬ست‪ ...‬يف الليل تركض (تشول) يف متاهة أوردهتا‬
‫التي بدأت تفرغ من الدم‪ ،‬واألنابيب املتفجرة التي خيرج منها السائل اللمفاوي‬
‫الساخن‪ .‬تنتفخ اخلراريج يف األنسجة املحيطة هبا كآللئ بيضاء‪ ،‬صفارة اإلنذار‬
‫تعلن‪ :‬استعدي لتفقدي التحكم يف أمعائك بعد عرش ثوان‪ ..‬تسع‪ ..‬ثامن‪..‬‬
‫سبع‪ ..‬استعدي لتفرغي روحك بعد عرش ثوان‪ ..‬تسع‪ ..‬ثامن‪ ..‬سبع‪( ..‬تشول)‬
‫مغمورة‪ ،‬حتى كاحلها بالسائل اخلارج من كليتيها التالفتني‪ .‬يبدأ املوت خالل‬
‫مخس‪ ..‬أربع‪ ..‬ومن حوهلا بدأت الطفيليات تدهن قلبها بلوهنا اخلاص‪ ..‬أربع‪..‬‬
‫ثالث‪ ..‬اثنني‪ ..‬تتسلق (تشول) بيدهيا فوق البطانة املجعدة حللقها‪ .‬املوت يبدأ‬
‫بعد ثالث‪ ..‬ثانيتني‪ ..‬ضوء القمر يسطع عرب الفم املفتوح‪ ..‬استعدي آلخر نفس‬

‫* مطربة بوب شهرية ونحيلة جدا‬

‫‪45‬‬
‫اآلن‪ ..‬أفرغي‪ ..‬اآلن‪ ..‬ختلصت الروح من اجلسد‪ ..‬اآلن يبدأ املوت‪ ..‬آه‪ ..‬ال بد‬
‫أن هذا لذيذ‪ ..‬تذكرت دفء (تشول) واضطراهبا بني ذراعي‪ ،‬وتذكرت (تشول)‬
‫امليتة يف مكان ما‪ .‬لكن ال‪( ..‬مارال) تراقبني‪..‬‬

‫أثناء التأمل املوجه أفتح ذراعي كي أستقبل الطفل الذي بداخيل‪ ..‬لكن‬
‫الطفل هو (مارال)‪ .‬تدخن لفافة تبغها‪ ..‬ال كرة بيضاء شافية‪ ..‬كذاب‪ ..‬ال‬
‫تشاكرا‪ ..‬تصور التشاكرا اخلاصة بك تتفتح كالوردة‪ ،‬ويف املركز انفجار بالرسعة‬
‫البطيئة لضوء عذب‪ ..‬كذاب‪ ..‬تبقى التشاكرا مغلقة‪ ..‬وحني ينتهي التأمل يكون‬
‫اجلميع ممددين‪ ،‬ويساعد كل منا اآلخر عىل أن ينهض عىل قدميه‪ .‬فقد جاء وقت‬
‫التالمس اجلسدي العالجي‪ .‬من أجل العناق أعرب الغرفة ألقف أمام (مارال)‬
‫التي تنظر لوجهي‪ ،‬بينام أنا أرقب اجلميع منتظرا إشارة البدء‪ ،‬هلموا‪ ..‬إشارة‬
‫البدء‪ ..‬احتضن شخصا بقربك‪ ..‬تلتف ذراعاي حول (مارال)‪ ..‬اخرت شخصا‬
‫مهام لك الليلة‪ .‬يدا (مارال) بلفافة التبغ يف خرصها‪ ..‬قل هلذا الشخص ما حتس‬
‫به‪( ..‬مارال) ليست مصابة برسطان اخلصية‪( ..‬مارال) ليست مصابة بالدرن‪..‬‬
‫هي ال حتترض‪ ..‬بالنسبة لتلك الفلسفة املتحذلقة نحن مجيعا نحترض‪ ،‬لكن‬

‫‪46‬‬
‫(مارال) ال حتترض بالطريقة التي احترضت هبا (تشول)‪ .‬أعط نفسك‪..‬‬
‫(مارال)‪ ..‬هل حتبني التفاح؟‪ ..‬أعطيني نفسك بالكامل‪ ..‬اخرجي يا (مارال)‪..‬‬
‫اخرجي‪ ..‬اخرجي‪ ..‬ابكي لو أردت‪ ..‬تنظر يل (مارال)‪ ..‬عيناها بنيتان وشحمتا‬
‫اذنيها تتجعدان حول ثقب القرط‪ ..‬ال قرط‪ ..‬شفتاها مكسوتان باجللد امليت‪..‬‬
‫هلمي ارصخي‪ ..‬تقول يل‪« :‬أنت كذلك ال حتترض‪»..‬‬

‫حولنا الناس يبكون وحيتضنون بعضهم‪« ..‬لو فضحت أمري لفضحت‬


‫امرك‪ ..»..‬ثم نتفق عىل أن نقسم األسبوع‪ ..‬يمكنها أن تأخذ جمموعات أمراض‬
‫العظام وطفيليات املخ والدرن‪ ،‬وأنا سأبقي رسطان اخلصية وطفيليات الدم‬
‫وعته املخ العضوي‪ .‬تسألني (مارال)‪« :‬وماذا عن رسطان القولون الصاعد؟»‪.‬‬
‫إهنا بارعة وحتفظ درسها جيدا‪ ..‬سوف نقسم جمموعة (رسطان القولون‬
‫الصاعد)‪ .‬ستكون هلا أول وثالث أحد من كل شهر‪ .‬تقول‪ :‬ال‪ ..‬هي تريد كل‬
‫يشء هلا‪ ..‬كل الرسطانات هلا‪ ..‬وتضيق عيناها‪ .‬مل حتلم قط بأن تستمتع إىل هذا‬
‫احلد‪ ..‬لقد عادت للحياة‪ .‬لقد استعاد جلدها رونقه‪ ..‬مل تر شخصا ميتا طيلة‬
‫حياهتا‪ ..‬فال معنى للحياة ألهنا ال تستطيع أن تعقد مقارنة بني حياهتا وبني يشء‬

‫‪47‬‬
‫آخر‪ .‬واآلن كل هذا املوت واحلزن والبكاء‪ ..‬يمكنها اآلن أن حتب حياهتا‪ ..‬هلذا‬
‫لن ترتك أية جمموعة‪ .‬تقول (مارال)‪« :‬اعتدت أن أعمل عند حانويت ألشعر‬
‫بالرضا‪ ..‬لكن اجلنازات ال تقارن هبذا‪ ..‬اجلنازات احتفال جتريدي رمزي بينام‬
‫هنا لديك خربة املوت احلقيقية‪»..‬‬

‫اآلخرون حولنا جيففون الدموع ويربتون عىل ظهور بعضهم‪ .‬أقول هلا إنه‬
‫ليس بوسعنا أن نأيت معا‪« ..‬إذن ال تأت أنت‪ ..»..‬أنا بحاجة هلذا‪« ..‬إذن اذهب‬
‫إىل اجلنازات»‪ ..‬اآلن ختىل كل واحد عن رفيقه ومتاسكت األيدي للصالة‪ .‬أبتعد‬
‫عن (مارال)‪« .‬كم لك من الوقت هنا؟»‪ ..‬الصالة اخلتامية‪ ..‬عامني‪ ..‬رجل بني‬
‫املصلني يأخذ بيدي‪ ،‬ورجل آخر يأخذ بيد (مارال)‪ .‬تبدأ هذه الصلوات‪ ..‬باركنا‬
‫يا رب‪ ..‬باركنا يف غضبنا وخوفا‪ ..‬متيل (مارال) برأسها نحوي وتسأل‪:‬‬
‫«عامان؟»‪ ..‬باركنا ومتسك بنا‪ ..‬كل من الحظني خالل هذين العامني قد مات‬
‫أو شفي ومل يعد قط‪ ..‬تقول (مارال)‪« :‬حسن‪ ..‬حسن‪ ..‬لتأخذ أنت رسطان‬
‫اخلصية»‪( ..‬بوب) الضخم يبكي فوقي طيلة الوقت‪ ..‬شكرا‪ ..‬اهدنا لقدرنا‪..‬‬
‫أعطنا السالم‪« .‬عفوا‪..»..‬‬

‫‪48‬‬
‫هكذا قابلت (مارال)‪..‬‬

‫‪49‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫رشح يل رجل مهامت األمن كل يشء‪.‬‬

‫يمكن للمتعاملني مع احلقائب أن يتجاهلوا صوت (التكتكة) الصادر من‬


‫احلقيبة‪ .‬كان يطلق عىل املتعاملني مع احلقائب اسم (القاذفون)‪ .‬إن القنابل‬
‫اجلديدة ال حتدث تكتكة‪ ،‬لكن مع حقيبة هتتز فال بد أن يبلغ القاذفون الرشطة‪.‬‬
‫وكان سبب انتقايل ألقيم مع (تايلر) هو أن أكثر خطوط الطريان تتعامل بذات‬
‫السياسة مع احلقائب اهلزازة‪ .‬لدى عوديت من (دوليس) كان كل يشء معي يف‬
‫حقيبة واحدة‪ ،‬فحني تسافر كثريا تتعلم أن حتزم نفس األشياء يف كل رحلة‪ .‬ستة‬
‫قمصان بيضاء‪ ..‬رسواالن أسودان‪ .‬احلد األدنى ملا حتتاج إليه كي تظل حيا‪..‬‬
‫منبه للسفر‪ ..‬آلة حالقة كهربية بالبطارية‪ ..‬معجون أسنان‪ .‬ستة رساويل‬
‫داخلية‪ ...‬ستة أزواج جوارب‪ ..‬تبني أن حقيبتي هتتز لدى مغادريت (دولس)‪،‬‬
‫لذا أخذها رجال األمن يف املطار‪ .‬كل يشء كان يف تلك احلقيبة بام فيه لوازم‬
‫عدسايت امللتصقة‪ ،‬وربطة عنق محراء بأرشطة زرقاء‪ ،‬وربطة عنق محراء سادة‪.‬‬
‫هذه القائمة معلقة دوما عىل باب غرفة نومي يف البيت‪ .‬وبيتي كان شقة مشرتكة‬

‫‪50‬‬
‫يف الطابق اخلامس عرش‪ ..‬نوع من املعرض الذي حيتفظون فيه باألرامل‬
‫واملوظفني الصغار‪.‬‬

‫نرشة البيع كانت تعدك بطبقة سمكها قدم من اخلرسانة يف السقف واجلدار‬
‫تفصلك عن أي تلفزيون مفتوح أو سرتيو عال‪ .‬كذلك أنت ال تستطيع فتح‬
‫النافذة بحيث تتصاعد الروائح لتذكرك بآخر وجبة طهوهتا‪ ،‬أو آخر رحلة قمت‬
‫هبا للحامم‪ .‬هناك مطبخ يذكرك بمحل القصاب‪ ،‬وهناك إضاءة خافتة‪ .‬برغم هذا‬
‫طبقة اخلرسانة هذه مهمة ألن جارك أو جارتك فقد البطارية يف سامعة أذنه‪،‬‬
‫ويريد سامع املباريات بأعىل صوت ممكن‪ .‬أو حني يدوي انفجار بركاين هائل فيام‬
‫كان من قبل أثاث غرفة معيشتك‪ ،‬وتطري النوافذ التي متتد من السقف لألرضية‪،‬‬
‫وهتبط ألسفل تاركة شقتك فقط‪ ..‬وقد حتولت إىل حفرة خرسانة منزوعة‬
‫األحشاء يف (مسقط) البناية‪ .‬هذه األشياء حتدث‪ .‬حتى جمموعتك من األطباق‬
‫املصنوعة يدويا من الزجاج األخرض‪ ،‬بكل ما عليها من فقاقيع وعيوب ورمال‬
‫تيش بأهنا صنعت بوساطة األهايل األصليني البسطاء شديدي األمانة يف مكان‬
‫ما من العامل‪ .‬كل هذه األطباق يطريها االنفجار‪ ..‬تصور الستائر املمتدة من‬

‫‪51‬‬
‫السقف لألرضية تتفجر وتتمزق يف الريح امللتهبة‪ .‬مخسة عرش طابقا فوق‬
‫املدينة‪ ..‬هتوي هذه األشياء مشتعلة فوق كل سيارة يف الشارع‪..‬‬

‫بينام أنا اجته غربا نائام‪ ..‬برسعة ‪ 0.6‬ماخ أو ‪ 445‬ميال يف الساعة‪ ..‬رسعة‬
‫طريان حقيقية‪ ،‬وخرباء املفرقعات يتفحصون حقيبتي يف ممر تم إخالؤه يف‬
‫(دوليس)‪ .‬يقول رجل مهامت األمن إنه يف كل تسع من عرش مرات‪ ،‬يتضح أن‬
‫االهتزاز ناجم عن آلة حالقة كهربائية‪ .‬كانت تلك آلة حالقتي التي تعمل‬
‫بالبطارية‪ .‬أحيانا أخرى يتضح أهنا عضو ذكري صناعي هزاز (ديلدو)‪ .‬هذا ما‬
‫أخربين به رجل مهامت األمن‪ .‬كان هذا عندما وصلت دون حقيبتي‪ ،‬حيث كان‬
‫عيل أن أرسلها بسيارة أجرة للبيت‪ ،‬وأجد أغطيتي الصوفية املمزقة عىل األرض‪.‬‬
‫يقول رجل مهامت األمن‪ :‬تصور أن خترب مسافرة لدى الوصول أن ال (ديلدو)‬
‫قد جعلنا نحتجز أمتعتها يف الساحل الرشقي‪ .‬أحيانا يكون هذا رجال‪ .‬سياسة‬
‫رشكة الطريان أال توحي بملكية الراكب هلذا (الديلدو)‪ .‬استعمل لفظة غري‬
‫حمددة‪ ..‬قل (ديلدو)‪ ..‬ال تقل‪ :‬الديلدو اخلاص بك‪ ..‬ال تقل أبدا إن الديلدو قام‬
‫بتشغيل نفسه‪ ،‬وأحدث حالة طوارئ احتاجت إلفراغ متاعك‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫كان املطر هيطل حني صحوت كي أركب مواصلتي إىل (ستابلتون)‪ ..‬كان‬
‫املطر هيطل حني صحوت لرحلتي األخرية للوطن‪ .‬إعالن طلب منا أن ننتهز‬
‫الفرصة ونتفقد مقاعدنا بحثا عن أية متعلقات شخصية نسيناها خلفنا‪ .‬ثم ذكر‬
‫اإلعالن اسمي‪ ..‬هال تفضلت وقابلت ممثل رشكة الطريان الذي ينتظر عند‬
‫البوابات؟‪ ..‬أرجعت ساعتي ثالث ساعات وبرغم هذا كان منتصف الليل قد‬
‫مر‪ .‬هناك كان ممثل رشكة الطريان عند البوابة‪ ،‬وكان هناك رجل مهامت األمن‬
‫ليقول يل‪ :‬ها‪ ..‬لقد تسببت آلة حالقتك الكهربية يف أن يظل متاعك يف (دولس)‪.‬‬
‫رجل مهامت األمن يطلق عىل املتعاملني مع احلقائب اسم (القاذفون)‪ .‬ثم أطلق‬
‫عليهم اسم (املشاغبون)‪ .‬وليربهن يل عىل أن األمور كان يمكن أن تكون أسوأ‬
‫قال يل‪ :‬عىل األقل مل يكن هذا (ديلدو)‪ .‬وهنا ‪ -‬ربام ألنني رجل وهو رجل‬
‫والساعة الواحدة صباحا ‪ -‬وليجعلني أضحك‪ ،‬قال يل إن االسم املتداول‬
‫للمضيفة يف أوساط املهنة هو (نادلة الفضاء) أو (فراش اجلو)‪ ..‬بدا يل كأن‬
‫الرجل يلبس ثياب ربان‪ :‬قميص أبيض وربطة عنق زرقاء ومقصبان عىل‬
‫الكتفني‪ .‬لقد تم إخالء متاعي وسوف يصل غدا‪ .‬سألني رجل مهامت األمن‬

‫‪53‬‬
‫عن اسمي ورقم هاتفي وعنواين‪ ،‬ثم سألني عن الفارق بني الواقي الذكري‬
‫وقمرة قيادة الطائرة‪ ..‬ثم قال‪« :‬أنت ال تستطيع أن تضع أكثر من عضو ذكري‬
‫يف الواقي الذكري الواحد»‪..‬‬

‫ركبت سيارة أجرة للبيت بآخر عرشة دوالرات معي‪ .‬آلة حالقتي الكهربية‬
‫‪ -‬التي مل تكن قنبلة ‪ -‬تقع اآلن عىل بعد ثالث مناطق زمنية خلفي‪ .‬يشء كان‬
‫قنبلة‪ ..‬قنبلة كبرية قد نسفت منضدة القهوة املتقنة من طراز (نجورندا) اخلاصة‬
‫يب‪ ،‬التي تبدو ك (ين) أخرض و(يانج) برتقايل يلتحامن كدائرة‪ .‬لقد حتولت إىل‬
‫شظايا اآلن‪ ..‬واألريكة من طراز (هاباراندا) ذات األغطية الربتقالية‪ ،‬والتي‬
‫صممتها (إريكا بيكاري) قد صارت حطاما اآلن‪ .‬مل أكن الضحية الوحيدة‬
‫لغريزة بناء األعشاش هذه‪ .‬األشخاص الذين أعرفهم والذين حيبون اجللوس‬
‫يف احلامم مع املجالت اخلالعية‪ ،‬اآلن جيلسون يف احلامم ومعهم كتالوج أثاث‬
‫(إيكيا)‪ .‬كلنا نملك ذات شيزلونج (يوهانشوف) بطرازه املخطط باللون‬
‫األخرض‪ .‬الشيزلونج اخلاص يب هوى حمرتقا من مخسة عرش طابقا‪ ،‬وسقط يف‬
‫نافورة‪ .‬كلنا نملك ذات املصابيح الورقية (ريزالمبا‪/‬هار) املصنوعة من السلك‬

‫‪54‬‬
‫وورق غري مبيض ال يؤذي البيئة‪ ..‬يف احلامم معدن ال يصدأ‪ ..‬غسالة اطباق‬
‫آمنة‪ ..‬ساعة الردهة مصنوعة من الصلب املجلفن‪ ..‬وحدة رف (كليبسك)‪ ..‬آه‬
‫حقا‪ ..‬صناديق قبعات (هيمليج)‪ ..‬جمموعة حلاف (موماال)‪ ..‬تصميم توماس‬
‫هاريال ومتوافرة باأللوان التالية‪ :‬أوركيد‪ ..‬فوشيا‪ ..‬كوبالت‪ ..‬عاج‪ ..‬أبنوس‪..‬‬
‫كهرمان‪ ..‬قرشة بيضة أو مربقشة‪ ..‬أفنيت عمري كله كي أبتاع هذه األشياء‪..‬‬
‫أنت تبتاع األثاث وتقول لنفسك‪ :‬هذه آخر أريكة احتاج إليها يف حيايت‪ .‬ابتع‬
‫األريكة‪ ،‬وبعد عامني أنت راض بأنه مهام حدث فعىل األقل قد ظفرت‬
‫بأريكتك‪ .‬ثم طاقم األطباق املناسب‪ ..‬ثم الفراش األمثل‪ ..‬الستائر‪ ..‬البساط‪..‬‬
‫ثم جتد نفسك حبيس عشك املفضل‪ ،‬واألشياء التي اعتدت أن متتلكها متلكك‬
‫اآلن‪ .‬إىل أن تعود من املطار‪ .‬يقف البواب خارج الظالل ليخربك أن حادثا وقع‪.‬‬
‫كان رجال الرشطة هنا وسألوا الكثري من األسئلة‪ .‬يعتقد رجال الرشطة أن الغاز‬
‫الطبيعي هو السبب‪ .‬ربام اشتعل هلب الفرن وربام كان هناك ترسب يف الغاز‪..‬‬
‫لقد ارتفع الغاز للسقف ومأل الشقة من السقف إىل األرض يف كل غرفة‪ .‬كانت‬
‫مساحتها ‪ 1700‬قدم مربع وهلا أسقف عالية‪ ،‬وال بد أن الغاز ترسب حتى‬

‫‪55‬‬
‫امتألت كل الغرف‪ .‬وهنا اشتعل الضاغط (الكومربيسور) يف قاع الثالجة‪..‬‬
‫انفجار‪ ..‬طارت النوافذ ذات اإلطار املصنوع من األلومنيوم‪ ،‬واشتعلت الستائر‬
‫واألريكة واملصابيح ودوريات املدرسة وشهادة الدبلوم واهلاتف‪ .‬كل يشء طار‬
‫من الطابق اخلامس عرش كأنه انفجار شميس‪ .‬آه‪ ..‬ليست ثالجتي!‪ ..‬كنت قد‬
‫كومت عىل الرفوف أنواعا من املسرتدة وبعض اخلمور اجليدة‪ ،‬وكان هناك أربعة‬
‫عرش نوعا من السلطة اخلالية من الدهن‪ ،‬وسبعة أنواع من (الكيربز)‪ .‬أعرف‪..‬‬
‫أعرف‪ ..‬بيت ميلء باملقبالت لكن ال يوجد فيه طعام حقيقي‪ .‬البواب يتمخط‬
‫ويسقط يشء يف منديله‪ ،‬فيتلقفه برباعة العب البيسبول إذ يتلقى كرة يف قفازه‪..‬‬

‫يقول البواب‪ :‬بوسعك الصعود للطابق اخلامس عرش‪ ،‬لكن ال أحد يمكنه‬
‫دخول الوحدة‪ .‬أوامر الرشطة‪ .‬سأل رجال الرشطة عام إذا كانت لدي عشيقة‬
‫قديمة قد تفعل شيئا كهذا‪ ،‬أو لدي عداوة مع شخص يستطيع احلصول عىل‬
‫ديناميت‪.‬‬

‫قال البواب‪« :‬ما كان األمر ليستحق الصعود‪ ..‬مل تبق إال اجلدران‬
‫اخلرسانية»‬

‫‪56‬‬
‫لكن الرشطة مل تستبعد احلريق املتعمد‪ .‬فلم يشم أحد رائحة الغاز‪ ..‬ويرفع‬
‫البواب حاجبه‪ .‬هذا الرجل يقيض يومه يف مغازلة اخلادمات واملربيات الاليت‬
‫يعملن يف الشقق الكبرية يف الطابق العلوي‪ ،‬وينتظرهن يف مقعده بمدخل البناية‬
‫حني ينهني عملهن‪ .‬عشت هنا ثالثة أعوام ومازال الرجل جيلس ليقرأ جملة‬
‫(إيلري كوين) كل ليلة‪ ،‬بينام أنا أنقل ما أمحله من يد ليد‪ ،‬كي أفتح باب البناية‬
‫وأدخل‪ .‬يرفع البوب حاجبا وخيربين كيف أن الناس يسافرون يف رحالت طويلة‬
‫وينسون شمعة‪ ،‬شمعة طويلة جدا حترتق يف دلو كبري من اجلازولني‪ .‬أناس‬
‫عندهم مشاكل مالية يفعلون هذه األشياء‪ ..‬أناس يرغبون يف اخلالص من‬
‫الفقر‪ .‬طلبت منه استعامل اهلاتف يف املدخل‪ ،‬فقال‪« :‬شباب كثريون حياولون‬
‫التأثري يف الناس ويبتاعون الكثري من األشياء‪.»..‬‬

‫طلبت (تايلر)‪ ..‬دق اهلاتف يف منزله املستأجر يف (بيرب سرتيت)‪ ..‬آه‪..‬‬


‫أرجوك يا (تايلر) رد عيل‪ ..‬ويدق اهلاتف‪ ..‬انحنى البواب عىل كتفي وقال‪:‬‬
‫«كثري من الشباب ال يعرف ما يريد حقا‪»..‬‬

‫‪57‬‬
‫آه‪ ..‬يا (تايلر)‪ ..‬أرجوك أن تنقذين‪ ..‬ويدق اهلاتف‪« ..‬شباب كثريون‬
‫حيسبون أهنم حيتاجون إىل العامل»‪ ..‬أنقذين من األثاث السويدي‪ ..‬أنقذين من‬
‫الفن البارع‪ ..‬ويدق هلاتف فيجيب (تايلر)‪ .‬قال البواب‪« :‬لو إن تعرف ما تريد‪..‬‬
‫تنته بأشياء كثرية ال تريدها‪ .»..‬فليحرم عيل الكامل‪ ..‬فليحرم عيل الرضا‪..‬‬
‫فليحرم عيل اإلتقان‪ ..‬أنقذين يا (تايلر) من أن أصري مكتمال أو متقنا‪..‬‬

‫اتفقت مع (تايلر) عىل اللقاء يف البار‪ .‬سألني البواب عن رقم هاتف يمكن‬
‫للرشطة أن تطلبني فيه‪ .‬السامء ما زالت متطر‪ ...‬سياريت ال (أودي) مازالت تقف‬
‫يف الساحة‪ .‬التقيت (تايلر) ورشبنا الكثري من اجلعة‪ ..‬وقال يل (تايلر) أن بوسعي‬
‫االنتقال لإلقامة معه‪ ،‬لكن جيب أن أسدي له خدمة‪ .‬غدا تصل حقيبة متاعي‬
‫وفيها أقل ما يمكن‪ :‬ستة قمصان‪ ..‬ستة أزواج من اجلوارب‪ ..‬ستة أزواج من‬
‫الثياب الداخلية‪.‬‬

‫هناك ‪ -‬بينام نحن ثمالن يف البار حيث ال يراقبنا وال يعبأ بنا أحد ‪ -‬سألت‬
‫(تايلر) عام يريده مني‪ .‬فقال‪:‬‬

‫‪58‬‬
‫‪« -‬أريدك أن ترضبني بأعنف ما تستطيع‪»..‬‬

‫‪59‬‬
‫الفصل اخلامس‬
‫شاشتان من العرض التجريبي الذي أعددته لرشكة (ميكروسوفت)‪ .‬أشعر‬
‫بمذاق الدم وأبدأ يف ابتالع ريقي‪ .‬ال يعرف رئييس موضوع العرض‪ ،‬لكنه لن‬
‫يرتكني أقدمه بعني سوداء ونصف وجهي منتفخ بسبب الغرز اجلراحية داخل‬
‫خدي‪ .‬لقد بدأت اخلياطة ترتاخي وأشعر هبا بطرف لساين داخل خدي‪ .‬تظهر‬
‫الصورة حبل صيد سمك عىل الشاطئ‪ .‬أختيل اخلياطة كغرز سوداء عىل ظهر‬
‫كلب بعد عالجه‪ ..‬وأبتلع املزيد من الدم‪ .‬يقوم رئييس بتقديم موضوعي وأقوم‬
‫أنا بتشغيل جهاز العرض املتصل بال (الب توب)‪ ،‬هلذا أنا يف ركن الغرفة يف‬
‫الظالم‪ .‬شفتاي ملتصقان بالدم وأنا أحاول أن ألعقه‪ ،‬وحني تعود األضواء‬
‫سوف أستدير إىل املستشارين (إلني) و(والرت) و(نوربريت) و(ليندا) من رشكة‬
‫(ميكروسوفت) وأقول شكرا عىل جميئكم‪ ..‬بينام فمي يلتمع بالدم‪ ،‬والدم‬
‫ينساب يف الشقوق بني أسناين‪ .‬يمكنك أن تبتلع مقدارا من الدم قبل أن يصيبك‬
‫الغثيان‪ .‬نادي القتال غدا وأنا لن أفوت نادي القتال‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫قبل تقديم العرض يبتسم (والرت) من رشكة ميكروسوفت بفكه العمالق‬
‫الشبيه باملجرفة‪ ،‬والذي يذكرك لونه بقطعة من البطاطس املشوية‪ .‬يصافحني‬
‫بيده ذات اخلاتم العمالق فتلتف كفه الناعمة امللساء عىل يدي‪ ،‬ويقول‪« :‬أكره‬
‫أن أرى ما حدث للشخص اآلخر يف املشاجرة»‬

‫أول قاعدة لنادي القتال هي أنك ال تتكلم عن نادي القتال‪ .‬أخرب (والرت)‬
‫أنني تعثرت فسقطت وجرحت نفيس‪ .‬وقبل العرض التقديمي إذ أجلس‬
‫مواجها لرئييس‪ ،‬أخربه أين تبدأ كل رشحية يف النص‪ ،‬وحني أردت أن أشغل‬
‫اجلزء املعد للفيديو‪ ،‬يقول رئييس‪:‬‬

‫‪« -‬فيم تتورط يف هناية كل أسبوع؟»‬

‫‪« -‬ال أريد أن أموت من دون بعض الندوب»‬

‫مل يعد ذا جدوى أن متلك جسدا مجيال خاليا من العيوب‪ ..‬أنت ترى‬
‫السيارات اخلارجة من معرض التاجر عام ‪ ،1955‬وكنت أفكر دوما‪ ..‬يا هلا من‬
‫خسارة‪...‬‬

‫‪61‬‬
‫ثاين قاعدة لنادي القتال هي أنك ال تتكلم عن نادي القتال‪ .‬ربام أثناء الغداء‬
‫يأيت الساقي ملنضدتك‪ ،‬والساقي له عينا دب (باندا) عمالق من كثرة السواد‬
‫حوهلام بسبب نادي القتال يف عطلة األسبوع املايض‪ .‬لقد رأيت رأسه حمشورا بني‬
‫األرض اخلرسانية وركبة فتى يزن مائتي رطل‪ ،‬راح يدق بقبضته فوق قنطرة‬
‫أنف الساقي مرارا ومرارا‪ ،‬وصوت ارتطام رأسه يرتفع أعىل من كل الرصاخ‪،‬‬
‫إىل أن بصق الساقي دما ليقول‪ :‬كفى!‬

‫أنت ال تقول شيئا ألن نادي القتال يوجد فقط يف تلك الساعات ما بني بدئه‬
‫وانتهائه‪ ..‬لقد رأيت الفتى الذي يعمل يف مركز نسخ املستندات‪ ،‬الذي ينسى أن‬
‫يثقب الطلبات أو يضع قصاصات ملونة بني رزم النسخ‪ ،‬لكن هذا الفتى كان‬
‫كاآلهلة ملدة عرش دقائق‪ ..‬حني رأيته يوسع أحد املحاسبني الذين يفوقونه يف‬
‫احلجم مرتني ركال‪ ،‬ثم هيوي عىل الرجل ويقيده حتى اضطر إىل التوقف‪ .‬هذه‬
‫هي القاعدة الثالثة لنادي القتال‪ :‬حني يرصخ أحدهم طالبا التوقف أو يعجز عن‬
‫الدفاع عن نفسه ‪ -‬حتى لو كان يصطنع هذا ‪ -‬فالقتال ينتهي‪ .‬كلام قابلت هذا‬
‫الفتى ال تستطيع أن هتنئه بالقتال الرائع الذي خاضه‪ .‬رجالن فقط لكل معركة‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫معركة واحدة يف كل مرة‪ ..‬يقاتالن من دون أحذية أو قمصان‪ ..‬وتستمر املعارك‬
‫طاملا جيب أن تستمر‪ .‬هذه قواعد نادي القتال‪ .‬وكينونة هؤالء القوم يف العامل‬
‫احلقيقي ختتلف متاما عن كينونتهم يف نادي القتال‪ .‬حتى لو أخربت الفتى يف‬
‫مركز نسخ األوراق أنه قاتل جيدا‪ ،‬فأنت ال تتكلم مع الرجل نفسه‪ .‬يف نادي‬
‫القتال أكون شخصا آخر لن يتعرفه رئييس‪ .‬بعد ليلة يف نادي القتال تشعر أن‬
‫هناك من خفض صوت العامل احلقيقي‪ .‬ال يستطيع أحد أن يضايقك‪ ..‬كلامتك‬
‫قانون‪ ،‬ولو خرق اآلخرون هذا القانون فهذا لن يضايقك‪ .‬يف العامل احلقيقي أنا‬
‫منسق محالت اسرتداد املنتجات ألبس قميصا وربطة عنق‪ ..‬أجلس يف الظالم‬
‫بفم ميلء بالدم‪ ،‬أبدل الرشائح بينام رئييس خيرب (ميكروسوفت) كيف اختار‬
‫اللون األزرق العنربي الباهت كأيقونة‪.‬‬

‫كان أول نادي قتال يتكون مني و(تايلر) نتبادل اللكامت‪ .‬كان يكفيني يف‬
‫السابق حني أعود لداري غاضبا شاعرا بالفشل أن أنظف شقتي أو أعني‬
‫بسياريت‪ .‬يوما ما سأموت دون ندبة لكن سأترك خلفي شقة مجيلة وسيارة‪ .‬إىل‬
‫أن يأيت املالك اجلديد‪ ..‬ال يشء يبقى ثابتا‪ ..‬وحتى (املوناليزا) تتهاوى‪...‬‬

‫‪63‬‬
‫منذ عرفت نادي القتال صار نصف عدد األسنان يف فمي قابال‬
‫(للخلخلة)‪...‬‬

‫مل يعرف (تايلر) أباه قط‪ .‬ربام كان التدمري الذايت هو اإلجابة‪ .‬ما زلت‬
‫و(تايلر) نذهب إىل نادي القتال معا‪ ..‬إنه يقع يف قبو بار‪ ..‬وبعد ما يغلق البار يف‬
‫ليلة السبت‪ ،‬تذهب هناك لتجد اشخاصا آخرين‪ .‬يقف (تايلر) حتت الضوء‬
‫الوحيد يف وسط البدروم املبطن بخرسانة سوداء‪ ،‬ويرى الضوء يتوهج يف مائة‬
‫زوج من العيون يف الظالم‪ .‬أول ما يقوله (تايلر) هو‪:‬‬

‫‪« -‬القاعدة األويل لنادي القتال هي‪ :‬ال تتكلم عن نادي القتال‪ ..‬القاعدة‬
‫الثانية لنادي القتال» ‪ -‬يرصخ (تايلر) ‪« -‬القاعدة الثانية لنادي القتال هي‪ :‬ال‬
‫تتكلم عن نادي القتال»‪..‬‬

‫أنا عرفت أيب ستة أعوام‪ ..‬لكن ال أذكر أي يشء‪ ..‬كان أيب يكون أرسة‬
‫جديدة يف مدينة جديدة كل ستة أعوام‪ .‬هبذا الشكل ال تشعر بأنه يتعامل مع‬
‫أرسة بل مع توكيل جتاري مميز‪ .‬ما تراه يف نادي القتال هو جيل من الرجال ربته‬

‫‪64‬‬
‫النساء‪( .‬تايلر) يقف حتت الضوء الوحيد يف ظالم ما بعد منتصف الليل يف قبو‬
‫ميلء بالرجال‪ ،‬ويستعرض باقي القوانني‪ :‬رجالن لكل معركة‪ ..‬معركة واحدة‬
‫يف كل مرة‪ ..‬ال أحذية وال قمصان‪ ..‬املعارك تستمر طاملا جيب أن تستمر‪..‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬القاعدة السابعة هي‪ :‬لو كانت هذه املعركة األوىل لك يف‬
‫نادي القتال‪ ،‬فعليك أن تقاتل‪».‬‬

‫نادي القتال ليس مباراة كرة قدم يف التلفزيون‪ .‬ال تشاهد رجاال ال تعرفهم‬
‫عرب العامل يرضبون بعضهم عىل القمر الصناعي‪ ،‬مع تأخري دقيقتني يف البث‪..‬‬
‫وإعالنات عن البرية كل عرش دقائق‪ ..‬وحلظة فاصل للتعريف بالقناة‪ .‬بعد ما‬
‫تنضم إىل نادي القتال تصري مشاهدة املباريات يف التلفزيون كأهنا مشاهدة أفالم‬
‫جنسية بينام بوسعك االستمتاع بجنس ممتاز‪ .‬سيصري نادي القتال سببا لذهابك‬
‫لصالة التدريب وحلق شعرك وتقليم أظفارك‪ ..‬إن صاالت التدريب التي‬
‫ستقصدها مليئة بأشخاص حياولون أن يبدوا كرجال‪ .‬كأنك كي تكون رجال‬
‫جيب أن تبدو كام يريد النحات أو مدرس الفنون‪ .‬وكام يقول (تايلر) حتى صوت‬
‫استنشاقك اهلواء يصري متضخام‪ ،‬مل يذهب أيب للكلية لذا كان من املهم له أن‬

‫‪65‬‬
‫أذهب للكلية‪ ..‬بعد الكلية اتصلت به وسألته‪ :‬وماذا بعد؟‪ ..‬مل يعرف‪ ..‬وحني‬
‫وجدت الوظيفة وبلغت اخلامسة والعرشين اتصلت به‪ ،‬وسألته‪ :‬وماذا بعد؟‪..‬‬
‫فلم يعرف‪ ،‬لذا قال يل‪ :‬تزوج‪ .‬أنا اآلن يف الثالثني وأتساءل عام إذا كانت امرأة‬
‫أخرى هي اإلجابة التي أبحث عنها‪.‬‬

‫ما حيدث يف نادي القتال ال يمكن التعبري عنه بكلامت‪ ..‬بعض الناس‬
‫يريدون قتاال كل أسبوع‪ ..‬هذا األسبوع قال (تايلر) إنه سيسمح بدخول أول‬
‫مخسني شخصا وال مزيد‪ ..‬األسبوع املايض كنت وشاب آخر عىل قائمة القتال‪.‬‬
‫ال بد أنه قىض أسبوعا سيئا ألنه وضع ذراعي خلف رأيس‪ ،‬وراح يرضب وجهي‬
‫يف األرض اخلرسانية حتى مزقت أسناين خدي من الداخل‪ ،‬وانتفخت عيناي‪..‬‬
‫حتى قلت‪ :‬توقف‪ ،‬ونظرت ألسفل ألرى طبعة بالدم من وجهي عىل األرض‪.‬‬
‫وقف (تايلر) أمامي وكالنا ننظر إىل حرف ‪ O‬الكبري الذي صنعه فمي والدم‬
‫يسيل منه‪ ،‬وشق عيني ينظر يل من عىل األرض‪ ،‬فيقول (تايلر)‪« :‬مجيل»‬

‫أصافح الفتى وأقول‪ :‬قتال جيد‪ .‬يقول الفتى‪« :‬ماذا عن األسبوع القادم؟»‬

‫‪66‬‬
‫أحاول االبتسام برغم كل االنتفاخ يف وجهي‪ ،‬وأقول‪ :‬انظر يل‪ ..‬ماذا عن‬
‫الشهر القادم‪ ...‬أنت ال تشعر باحلياة أبدا كام تشعر هبا يف نادي القتال‪ ..‬حني‬
‫تقف أنت واآلخر حتت ذلك الضوء الوحيد وسط املشاهدين‪ .‬نادي القتال ال‬
‫هيتم بربح أو خسارة املباريات‪ ..‬نادي القتال ال هيتم بالكلامت‪ .‬ترى رجال يأيت‬
‫لنادي القتال للمرة األوىل‪ ،‬ومؤخرته كأهنا رغيف من اخلبز األبيض‪ ..‬فلرت هذا‬
‫الرجل نفسه بعد ستة أشهر‪ ..‬سوف تراه كأنام هو منحوت من اخلشب‪ .‬إنه يثق‬
‫بنفسه وقدرته عىل أن يتوىل كل يشء‪ ..‬هناك هلاث وصخب يف نادي القتال كأنك‬
‫يف صالة تدريب‪ ،‬لكن نادي القتال ال يعبأ باملظهر اجلميل‪ .‬وحني تصحو ظهر‬
‫األحد تشعر بأن خالصك قد تم‪.‬‬

‫بعد ليلتي األخرية‪ ،‬مسح الرجل الذي كان يقاتلني األرض‪ ،‬بينام طلبت أنا‬
‫رشكة التأمني ألطلب ذهايب لغرفة الطوارئ‪ .‬يف املستشفى أخربهم (تايلر) أنني‬
‫سقطت عىل األرض‪ .‬أحيانا يتكلم (تايلر) عني‪ ..‬ويف اخلارج ترشق الشمس‪.‬‬
‫أنت ال تتكلم عن نادي القتال ألنه ال وجود له‪ ،‬ما عدا مخس ساعات من الثانية‬
‫حتى السابعة صباح األحد‪ .‬حني ابتكرنا نادي القتال مل أكن أو (تايلر) قد دخلنا‬

‫‪67‬‬
‫أية معركة من قبل‪ ..‬إن مل تر معركة من قبل فإنك تتساءل‪ ..‬تتساءل عن األذى‪..‬‬
‫عام تستطيع عمله إزاء رجل آخر‪ .‬كنت أنا أول من شعر (تايلر) باألمان وهو‬
‫يسأله‪ ..‬وكنا ثملني يف البار حيث ال يعبأ أحد بام نقول‪..‬‬

‫قال يل (تايلر)‪:‬‬

‫‪« -‬أريد منك خدمة‪ ..‬أريدك أن ترضبني بأعنف ما تستطيع» مل أرد ذلك‪،‬‬
‫لكن (تايلر) رشح يل كل يشء‪ .‬الرغبة يف أال متوت من دون ندوب‪ ..‬امللل من‬
‫مشاهدة املصارعني املحرتفني‪ ،‬والرغبة يف أن تعرف عن نفسك أكثر‪ .‬عن رغبة‬
‫التدمري الذايت‪ .‬كانت حيايت تبدو مكتملة ولربام كان علينا أن نحطم كل يشء‬
‫لنصنع من أنفسنا شيئا أفضل‪ ..‬نظرت حويل وقلت‪ :‬ليكن‪ .‬ليكن‪ ..‬لكن يف‬
‫اخلارج يف ساحة انتظار السيارات‪..‬‬

‫لذا خرجنا وسألت (تايلر) إن كان يريد الرضبة يف الوجه أم املعدة‪ ..‬قال‪:‬‬

‫‪« -‬لتكن مفاجأة‪»..‬‬

‫‪68‬‬
‫قلت له إنني مل أرضب أحدا قط‪ ،‬فقال (تايلر)‪« :‬إذن حان الوقت أهيا‬
‫املخبول»‬

‫قلت له أن يغمض عينيه‪ ،‬لكنه قال‪« :‬ال‪».‬‬

‫وككل رجل يف ليلته األوىل يف نادي القتال أخذت شهيقا عميقا‪ ،‬وطوحت‬
‫بقبضتي يف فك (تايلر) ككل فيلم رعاة بقر رأيته يف حيايت‪ .‬لكن قبضتي ارتطمت‬
‫بجانب عنق (تايلر)‪ ..‬اللعنة‪ ..‬هذا ال يصلح‪ ..‬وأردت أن أجرب ثانية‪ ،‬لكن‬
‫(تايلر) قال‪« :‬بل هي تصلح»‬

‫ورضبني مبارشة‪ ..‬كأهنا تلك القفازات املتصلة بسوستة يف أفالم الرسوم‬


‫املتحركة التي كنا نراها صبيحة السبت‪ ..‬مبارشة يف منتصف صدري فسقطت‬
‫للوراء فوق سيارة‪ .‬ووقفنا هنالك‪( ..‬تايلر) حيك جانب عنقه وأنا أضع يدي‬
‫عىل صدري‪ ،‬وكالنا نعرف أننا ذهبنا إىل مكان مل نذهب إليه قط‪ ..‬مثل القط‬
‫والفأر يف أفالم الرسوم املتحركة‪ ..‬مازلنا حيني ونرغب يف أن نرى إىل أي مدى‬
‫يمكننا التامدي ونظل حيني‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫قال (تايلر)‪« :‬مجييل»‪ ..‬وقلت أنا إنني أريده أن يرضبني ثانية‪ ،‬فقال (تايلر)‪:‬‬
‫«ال‪ ..‬أنت ترضبني‪»..‬‬

‫لذا رضبته حتت أذنه بالضبط‪ ،‬فدفعني بعنف ودفن كعب حذائه يف معديت‪.‬‬
‫ما حدث بعد هذا وبعده ال يوصف بكلامت‪ ..‬لكن البار أغلق وخرج الناس‬
‫يرصخون حولنا يف ساحة االنتظار‪ .‬وبدال من (تايلر) شعرت بأنني قادر عىل‬
‫النيل من كل يشء يسء يف العامل‪ ..‬املغسلة التي أعادت ثيايب وقد هتشمت بعض‬
‫األزرار‪ ..‬املرصف الذي يقول إنني سحبت مئات الدوالرات فوق رصيدي‪..‬‬
‫عميل حيث استعمل رئييس الكمبيوتر اخلاص يب‪ ،‬وعبث بملفات تنفيذ‬
‫(الدوس)‪ ..‬و(مارال سينجر) التي رسقت جمموعات املساندة مني‪ ..‬مل حتل أيه‬
‫مشكلة من مشاكيل لدى انتهاء القتال‪ ،‬لكن ال يشء هيم‪...‬‬

‫كانت ليلة القتال األوىل ليلة أحد ومل يكن (تايلر) قد حلق ذقنه طيلة العطلة‪،‬‬
‫لذا احرتقت مفاصل أصابعي من ذقنه‪ .‬وإذ رقدنا عىل ظهرينا يف ساحة االنتظار‬
‫ناظرين إيل نجم وجد طريقه عرب أضواء الشارع‪ ،‬سألت (تايلر) عام كان يقاتله‪.‬‬
‫قال يل انه كان يقال أباه‪ ..‬ربام مل نكن بحاجة ألب كي نستكمل أنفسنا‪ ..‬ال يوجد‬

‫‪70‬‬
‫يشء شخيص بصدد من نقاتله يف نادي القتال‪ .‬أنت تقاتل من أجل القتال‪ .‬ال‬
‫يفرتض منك أن تتكلم عن نادي القتال‪ ،‬لكننا تكلمنا عنه طيلة أسبوعني‪ ..‬كان‬
‫الناس يلتقون يف ساحة االنتظار هذه بعد ما يغلق البار‪ ،‬وحني برد اجلو تربع بار‬
‫آخر بمنحنا البدروم الذي نلتقي فيه اآلن‪.‬‬

‫وحني يلتقي نادي القتال يعطي (تايلر) التعليامت التي اتفقنا عليها‪ .‬يرصخ‬
‫(تايلر) يف قمع الضوء يف مركز البدروم امليلء بالرجال‪« :‬أكثركم هنا ألن شخصا‬
‫ما خرق القواعد‪ ..‬ألن شخصا ما أخربكم عن نادي القتال‪ ..‬حسن‪ ..‬جيب أن‬
‫تتوقفوا عن الكالم أو تبدأوا نادي قتال خاصا بكم‪ ،‬ألنكم اعتبارا من األسبوع‬
‫القادم ستدونون أسامءكم يف قائمة‪ ،‬وأول مخسني اسام هم املسموح هلم‬
‫بالدخول‪ .‬لو دخلتم فلتبدأوا القتال حاال‪ ..‬لو مل تريدوا القتال فهناك من يريده‪.‬‬
‫لذا من األفضل أن تظلوا يف بيوتكم‪»..‬‬

‫يرصخ (تايلر)‪« :‬لو كانت هذه أول ليلة لكم يف نادي القتال‪ ،‬فعليكم أن‬
‫تقاتلوا»‬

‫‪71‬‬
‫إن أكثر الناس جاءوا لنادي القتال من أجل يشء خيافون أن يقاتلوه‪ .‬بعد‬
‫بضع معارك يقل خوفك كثريا‪ .‬بعض أفضل األصدقاء يلتقون للمرة األوىل يف‬
‫نادي القتال‪ .‬اآلن أذهب للمؤمترات فأرى وجوها عىل منضدة املؤمتر‪ ..‬حماسبني‬
‫وشباب املديرين وحمامني بأنوف مهشمة كأهنا الباذنجان حتت الضامدات‪ ،‬أو‬
‫أري غرزتني حتت عني أو فكا مثبتا‪ .‬هؤالء هم الرجال اهلادئون الذين يصغون‬
‫حتى يأيت وقت اختاذ القرار‪ ..‬هنز رءوسنا لبعض‪ ..‬بعدها يسألني املدير من أين‬
‫أعرف هؤالء‪ .‬طبقا لكالم املدير صار البيزنس يضم عددا أقل فأقل من السادة‬
‫املهذبني وعددا أكرب من البلطجية‪ .‬ويستمر العرض التقديمي‪ .‬وتلتقي عيناي‬
‫بعيني (والرت) من رشكة (ميكروسوفت)‪ ..‬هو ذا رجل له أسنان سليمة وجلد‬
‫أبيض‪ ،‬ووظيفة تستحق أن تكتب ملجلة اخلرجيني تسأهلم عن كيفية الفوز هبا‪.‬‬
‫تعرف أنه أصغر من أن يكون قد قاتل يف أية حرب‪ ..‬ولو مل يكن أبواه مطلقني‬
‫فال بد أن أباه مل يأت للبيت قط‪ ..‬واآلن هو هنا ينظر يل ونصف وجهي حليق‬
‫نظيف‪ ،‬بينام النصف اآلخر كدمة ترمقه شذرا يف الظالم‪ ..‬الدم يلتمع عىل‬
‫شفتي‪ ..‬ربام هو يفكر يف املآدب النباتية التي ذهب هلا األسبوع املايض‪ ،‬أو ربام‬

‫‪72‬‬
‫يفكر يف األوزون‪ ،‬أو يفكر يف حاجة األرض إىل وقف جتربة املنتجات القاسية‬
‫عىل احليوانات‪ ..‬لكن ربام ال يفكر يف هذا‪..‬‬

‫‪73‬‬
‫الفصل السادس‬
‫ذات صباح أجد الواقي الذكري الذي يبدو كقنديل بحر‪ ،‬وهو يطفو فوق‬
‫مياه املرحاض‪ .‬هكذا يقابل (تايلر) (مارال)‪ ..‬أهنض ألتبول فأرى هذا اليشء‬
‫وسط قذارة املرحاض التي تذكرك بالرسوم عىل جدران كهف‪ .‬ال تتاملك إال أن‬
‫تفكر‪ ..‬فيم تفكر احليوانات املنوية؟‪ ..‬ربام تقول لنفسها‪ :‬هل هذا هو املهبل؟‪..‬‬
‫ماذا جيري هنا؟‪ ..‬طيلة الليل أحلم بأن (مارال) متتطيني‪( ..‬مارال) تدخن لفافة‬
‫تبغها‪( ..‬مارال) تقلب عينيها‪ ..‬أصحو يف فرايش‪ ،‬والباب إىل غرفة (تايلر)‬
‫موصد اآلن‪ .‬كان الباب إىل غرفته ال يغلق أبدا‪..‬‬

‫اهنمرت األمطار طيلة الليل‪ ،‬والقوباء يف سطح الغرفة تتشقق‪ ..‬تتجعد‪..‬‬


‫ويتخللها املطر‪ ،‬ويتجمع فوق قمة جص احلائط‪ ،‬ثم هيبط عرب أسالك الكهرباء‪.‬‬
‫حينام متطر السامء جيب أن تسحب القوابس‪ ..‬فلن جترؤ عىل فتح األنوار‪ .‬البيت‬
‫الذي يستأجره (تايلر) مكون من ثالثة طوابق وقبو‪ .‬نحمل الشموع‪ ..‬ثمة كرار‬
‫وحشايا للنوم ونوافذ ذات زجاج ملون تطل عىل الدرج‪ .‬هناك نوافذ بارزة‬
‫للخارج يف الردهة‪ ..‬أما ألواح القاعدة فهي منحوتة وارتفاعها نحو ثامنية عرش‬

‫‪74‬‬
‫قدما‪ .‬هيطل املطر فوق املنزل فينتفخ كل ما هو خشبي ثم ينكمش‪ ،‬وتربز املسامري‬
‫وتصدأ‪ .‬يف كل صوب هناك مسامري صدئة تدوس عليها أو تصدمها بكوعك‪،‬‬
‫وهناك محام واحد فقط لسبع الغرف‪ .‬واآلن صار هناك واق ذكري مستعمل‪.‬‬
‫هذا البيت ينتظر شيئا ما‪ ..‬تغيريا يف التقسيم أو وصية ما‪ ..‬من ثم يتم هدمه‪.‬‬

‫سألت (تايلر) عن الفرتة التي قضاها هنا‪ ،‬فقال إهنا ستة أسابيع‪ .‬منذ بدء‬
‫اخلليقة كان هناك مالك يملك اشرتاكا ملدى احلياة يف جملتي (ريدرز داجيست)‬
‫و(ناشونال جيوجرافيكس)‪ .‬أكوام عالية من املجالت تزداد ارتفاعا كلام هطلت‬
‫األمطار‪ .‬يقول (تايلر) إن الساكن األخري كان يطوي أوراق املجالت الرباقة‬
‫لتكون مظاريف تصلح للكوكايني‪ .‬ال أقفال عىل الباب منذ اقتحم رجال‬
‫الرشطة أو شخص ما الباب‪ .‬هناك تسع طبقات من ورق احلائط منتفخة عىل‬
‫جدران حجرة الطعام‪ .‬زهور حتت رشائط حتت زهور حتت طيور حتت نباتات‪.‬‬
‫جرياننا الوحيدون مها ورشتان مغلقتان‪ ،‬وداخل املنزل توجد خزانة هبا أداة للف‬
‫أغطية املائدة بحيث ال تتجعد‪ .‬وهناك خزانة فراء‪ .‬البالط يف احلامم منقوش‬

‫‪75‬‬
‫بزهور دقيقة أمجل من النقوش عىل الصيني‪ ،‬لكن هناك واقيا ذكريا مستعمال يف‬
‫املرحاض‪.‬‬

‫عشت مع (تايلر) شهرا‪ ..‬أنا (جو ذو السالميات البيضاء)‪ ..‬كيف ال حيب‬


‫(تايلر) لقبا كهذا؟‪ ..‬منذ ليلتني جلس (تايلر) وحده يرسم ل (سنو وايت)‬
‫أعضاء جنسية‪ .‬فكيف أنال اهتاممه؟‪ ..‬أنا (جو الذي يؤمله وحينقه شعوره‬
‫باالضطهاد)‪ ..‬واألسوأ أن هذا خطئي‪ .‬بعد ما نمت ليلة أمس عاد (تايلر) من‬
‫ورديته كساق يف مطعم‪ ،‬واتصلت (مارال) ثانية من فندق (رجينت)‪ .‬هذا هو كل‬
‫يشء كام قالت (مارال)‪ .‬النفق والضوء الذي يقودك يف هناية النفق‪ ..‬خربة املوت‬
‫كانت عذبة جدا‪ ،‬وقد أرادت (مارال) أن أصغي هلا وهي تصف كيف ارتفع‬
‫جسدها وطفا يف اهلواء‪ .‬مل تكن تعرف هل تستطيع الروح استعامل اهلاتف‪ ،‬لكنها‬
‫عىل األقل أرادت من يسمع آخر نفس هلا‪ .‬ال‪ ..‬ال‪( .‬تايلر) يرد عىل اهلاتف‬
‫وييسء فهم املوقف كله‪ .‬مل يلتقيا قط لذا يفرتض (تايلر) أن احتضار (مارال) أمر‬
‫شنيع‪ ..‬ال يشء من هذا القبيل‪ .‬ليس هذا من شأن (تايلر) لكن (تايلر) يطلب‬
‫الرشطة‪ ،‬و(تايلر) يركض إىل فندق (رجينت)‪ .‬واآلن ‪ -‬طبقا للعادة الصينية‬

‫‪76‬‬
‫القديمة التي تعلمناها كلنا من التلفزيون ‪ -‬صار (تايلر) مسئوال عن (مارال)‬
‫لألبد‪ ،‬ألن (تايلر) أنقذ حياة (مارال)‪ .‬لو كنت قد ضحيت بدقيقتني وذهبت‬
‫ألرى (مارال) وهي متوت ملا حدث يشء من هذا كله‪.‬‬

‫حيكي يل (تايلر) كيف أن (مارال) تعيش يف الغرفة رقم ‪ ،G8‬يف الطابق‬


‫العلوي من فندق (رجينت) عرب ممر صاخب يضج بأصوات الضحك املعلب‬
‫يأيت من أجهزة التلفزيون عرب األبواب‪ ..‬كل ثانيتني تسمع ممثلة ترصخ أو ممثال‬
‫يموت وسط طلقات الرصاص‪ .‬يصل (تايلر) لنهاية املمر وقبل أن يقرع الباب‪،‬‬
‫تنطلق من باب الغرفة ‪ G8‬ذراع نحيلة نحيلة بيضاء كالزبد‪ ،‬وتقبض عىل‬
‫معصمه وجتذبه إىل الداخل‪ .‬أدفن نفيس بني أعداد جملة (ريدرز داجيست)‪ ،‬بينام‬
‫(مارال) جتذب (تايلر) إىل حجرهتا‪ ،‬كان بوسعه أن يسمع عواء الفرامل‬
‫والرسينات تتجمع أمام فندق (رجينت)‪ ..‬عىل املزينة هناك عضو ذكري صناعي‬
‫(ديلدو) مصنوع من نفس البالستيك الوردي الذي صنعت منه ماليني الدمى‬
‫(باريب)‪ ..‬يمكنه أن يتخيل ماليني الدمى الصغرية ودمى (باريب) و(الديلدو)‬

‫‪77‬‬
‫خترج من نفس خط التجميع يف (تايوان)‪( .‬مارال) تنظر ل (تايلر) وهو يتأمل‬
‫(الديلدو) اخلاص هبا‪ ..‬وتقلب عينيها وتقول‪:‬‬

‫‪« -‬ال ختف‪ ...‬ليس خطرا عليك»‬

‫تدفعه إىل املمر ثانية وتقول له إهنا آسفة‪ ،‬لكن ما كان عليه أن يطلب‬
‫الرشطة‪ .‬وعىل األرجح الرشطة موجودة يف الطابق األسفل اآلن‪ .‬يف املمر تغلق‬
‫(مارال) باب الغرفة ‪ G8‬وتقتاد (تايلر) إىل الدرج‪ .‬وعىل الدرج يلصق (تايلر)‬
‫و(مارال) جسدهيام باجلدار بينام هيجم رجال الرشطة واملسعفون حاملني‬
‫األكسجني باحثني عن الباب ‪ .G8‬ختربهم (مارال) أن الباب يف هناية املمر‪.‬‬
‫ختربهم (مارال) أن الفتاة التي تقطن الغرفة ‪ G8‬كانت لطيفة‪ ،‬لكنها اآلن وحش‬
‫فاجر‪ .‬الفتاة ركام برشي ملوث‪ ..‬وهي مرتبكة ختشى أن ختتار االختيار اخلطأ‪..‬‬
‫هلذا ال ختتار أي يشء‪ ..‬وترصخ (مارال)‪:‬‬

‫‪« -‬الفتاة يف الغرفة ‪ G8‬ال تؤمن بنفسها‪ ..‬وهي قلقة من أن تشيخ فتتضاءل‬
‫اخليارات أمامها‪ ..‬حظا سعيدا»‬

‫‪78‬‬
‫يقف رجال الرشطة خلف الباب‪ ،‬عىل حني هيرع (تايلر) و(مارال) عرب‬
‫املدخل‪ ..‬خلفهام يرصخ رجل رشطة من خالل الباب‪:‬‬

‫‪« -‬دعينا نساعدك يا مس (سينجر)!‪ ..‬لديك كل األسباب لتعييش‪ ..‬دعينا‬


‫ندخل يا (مارال) ولسوف نساعدك عىل حل مشاكلك‪»!...‬‬

‫اندفعت (مارال) و(تايلر) إىل الشارع‪ ،‬وأدخلها (تايلر) إىل سيارة أجرة ويف‬
‫الطابق الثامن كان بوسعه أن يرى الظالل تتحرك أماما وخلفا عرب نوافذ غرفة‬
‫(مارال)‪ .‬وهناك يف الطريق‪ ،‬حيث كل األضواء والسيارات األخرى‪ ،‬وستة‬
‫طوابري من السيارات تتسابق نحو نقطة الزوال‪ ،‬خترب (مارال) (تايلر) أن عليه‬
‫أبقاءها متيقظة طيلة الليل‪ .‬فلو نامت ملاتت‪..‬‬

‫كثريون يريدون أن متوت (مارال)‪ ..‬هكذا قالت ل (تايلر)‪ .‬هؤالء الناس‬


‫ماتوا فعال وهم يف اجلانب اآلخر اآلن‪ ،‬لكنهم يتصلون هبا هاتفيا يف الليل‪ .‬كانت‬
‫تذهب للبارات فتسمع الساقي ينادي باسمها‪ ،‬وحني ترد عىل املكاملة ال تسمع‬
‫صوتا‪ .‬لقد بقي (تايلر) و(مارال) ساهرين أكثر الليل يف الغرفة املواجهة يل‪..‬‬

‫‪79‬‬
‫وحني يصحو (تايلر) تكون (مارال) قد رحلت عادة إىل فندق (رجينت)‪ .‬أخرب‬
‫(تايلر) أن (مارال) ليست بحاجة إىل عشيق‪ ..‬حتتاج إىل أخصائي اجتامعي‪ .‬يقول‬
‫(تايلر)‪« :‬ال تدع هذا حبا‪»..‬‬

‫قصة حب قصرية طويلة‪ ..‬اآلن (مارال) قد خرجت لتدمر جزءا آخر من‬
‫حيايت‪ .‬منذ أيام الكلية أكون صداقات‪ ..‬ثم يتزوجون‪ .‬فأفقد األصدقاء‪..‬‬
‫حسن‪ ..‬يسألني (تايلر)‪ :‬هل هذه مشكلة بالنسبة يل؟‪ ..‬أنا (جو ذو القبضتني‬
‫املطبقتني)‪ ،‬فأقول ال‪ ..‬ال يضايقني هذا‪ ..‬صوب مسدسا إىل رأيس وادهن‬
‫احلائط بمخي‪ ..‬سيكون كل هذا مجيال‪ ..‬ممتازا‪..‬‬

‫يريدين رئييس أن أعود للدار بسبب كل الدم املتجمد عىل رسوايل‪ ،‬وأنا‬
‫مرسور جدا هلذا‪ .‬والفجوة التي تكونت يف خدي تأبى أن تلتئم‪ ..‬سأذهب‬
‫للعمل لكن حمجري عيني املنتفخني قطعتان من الزالبية املحروقة‪ ،‬ويف وسطهام‬
‫ثقبان أبقيتهام كي أرى عربمها‪ .‬حتى اليوم ضايقني أن أحدا مل يلحظ ما طرأ عيل‬
‫من حتوالت جديرة بفلسفة (زن)‪ .‬لكني ما زلت أؤدي عميل الصغري عىل‬
‫الفاكس‪ ..‬أكتب تلك األشعار اليابانية املقفاة (اهلايكو) وأرسلها بالفاكس‬

‫‪80‬‬
‫للجميع‪ .‬وحني القى أحدهم يف الردهة أقابل وجهه املعادي بأسلوب (زن)‪.‬‬
‫يمكن للنحالت العاملة أن ترحل يمكن لذكور النحل أن حتلق مبتعدة فامللكة‬
‫عبدهتم ختل عن كل ممتلكاتك الدنيوية وسيارتك واذهب لتعيش يف منزل‬
‫مستأجر يف الركن العفن من املدينة حيث يف الليل تسمع (مارال) و(تايلر) يف‬
‫غرفته) ( )‪ .‬هذا جيعلني أنا مركز الكون اهلادئ‪ ..‬أنا بعيني املنتفختني والدم‬ ‫*‬

‫اجلاف يف لطخ سوداء عىل رسوايل‪ .‬أقول مرحبا لكل شخص يف العمل‪ .‬مرحبا‪..‬‬
‫انظروا يل!‪ ..‬أنا قد رصت (زن) للغاية!‪ ..‬هذا دم‪ ..‬هذا ال يشء‪ ..‬مرحبا‪ ..‬كل‬
‫يشء هو ال يشء ومن اجلميل أن يستنري املرء باحلقيقة‪ .‬مثيل‪ ..‬انظروا خلارج‬
‫النافذة‪ ..‬طائر‪..‬‬

‫سألني الرئيس إن كان الدم دمي‪ ..‬حيلق الطائر يف اجتاه الريح‪ .‬أكتب‬
‫(اهلايكو) يف رأيس‪ ..‬حتى بدون عش يعترب الطائر العامل بيته‪ ..‬احلياة مهنتك‪..‬‬
‫أعد عىل أصابعي‪ ..‬مخسة‪ ..‬سبعة‪ ..‬مخسة‪ ..‬الدم هل هو يل؟‪ ..‬نعم‪ ..‬بعضه‪..‬‬
‫تلك إجابة خاطئة وكأن األمر مهم‪ ..‬لدي رسواالن أسودان‪ ..‬ستة قمصان‬

‫* ال توجد عالمات ترقيم يف هذه اجلملة الطويلة‪ ،‬وواضح أنه يقلد شعر (اهلايكو) الياباين‪..‬‬

‫‪81‬‬
‫بيضاء‪ ...‬ستة أزواج من الثياب الداخلية‪ ..‬احلد األدنى‪ ..‬أذهب لنادي القتال‪..‬‬
‫فتحدث هذه األشياء‪ ..‬يقول رئييس‪« :‬عد للبيت‪ ..‬واستبدل ثيابك»‬

‫بدأت أتساءل إن كان (تايلر) و(مارال) الشخص ذاته‪ ..‬ففيام عدا‬


‫مضاجعتها كل ليلة يف غرفة (مارال)‪ ..‬يامرسان‪ ..‬يامرسان‪ ..‬فإهنام ليسا يف ذات‬
‫الغرفة أبدا‪ ..‬ال أرامها معا أبدا‪ ..‬لكنك كذلك ال تراين مع املمثلة (زازا جابور)‬
‫وهذا ال يدل عىل أننا نفس الشخص‪ ...‬يمكنني أن أغسل رسوايل‪ ..‬جيب عىل‬
‫(تايلر) أن يعلمني طريقة صنع الصابون‪( ..‬تايلر) يف الطابق العلوي واملطبخ‬
‫ميلء برائحة الثوم والشعر املحروق‪( .‬مارال) جتلس يف املطبخ حترق باطن‬
‫ذراعها بلفافة تبغ وتطلق عىل نفسها النجاة البرشية‪« .‬إنني أعتنق فسادي املريض‬
‫املتقيح»‪.‬‬

‫هذا ما خترب به هناية لفافة التبغ املشتعلة‪( .‬مارال) تضغط اللفافة عىل بطن‬
‫ذراعها البيضاء الناعمة‪« .‬احرتقي‪ ..‬احرتقي‪ ..‬احرتقي‪»..‬‬

‫‪82‬‬
‫(تايلر) يف الطابق العلوي يف غرفة نومي‪ ،‬يتأمل أسنانه يف املرآة‪ ،‬وخيربين أنه‬
‫وجد يل وظيفة كساق بعض الوقت يف مطعم‪« .‬يف فندق (برسامن) لو كان‬
‫بإمكانك العمل ليال‪ ..‬إن هذا العمل سيشعل حقدك الطبقي‪ .»..‬فأقول له إنني‬
‫موافق‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬سيجعلونك تضع ربطة عنق معقودة‪ ..‬كل ما حتتاج إليه‬
‫لتعمل هناك هو قميص أبيض ورسوال أسود‪..».‬‬

‫أقول له إننا نريد صابونا يا (تايلر)‪ ..‬نريد أن نصنع صابونا‪ ..‬أريد أن اغسل‬
‫رسوايل‪ ..‬أمسك بقدميه بينام هو يقوم بتمرين اجللوس مائتي مرة‪« .‬لنصنع‬
‫الصابون جيب أن نذيب الدهن»‪( ..‬تايلر) يملك الكثري من املعلومات القيمة‪.‬‬
‫وبرغم مضاجعتهام فإن (تايلر) و(مارال) ال يتواجدان أبدا يف الغرفة ذاهتا‪ ..‬لو‬
‫كان (تايلر) موجودا تتجاهله (مارال)‪ ،‬وهذا هو أسلوب ملجأ الكالب‪ ..‬حيث‬
‫مازال من حيبك لدرجة أنه ينقذ حياتك قادرا عىل أن خيصيك‪ .‬مارال تنظر يل‬
‫كأنام أنا من يمتطيها وتقول‪« :‬ال أستطيع أن أربح معك‪ ..‬أليس كذلك؟»‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫(مارال) تقصد الباب اخللفي مغنية أغنية (وادي الدمى) املخيفة‪ .‬أنظر هلا‬
‫وهي ترحل‪ ..‬هناك حلظة‪ .‬حلظتان‪ ..‬ثالث حلظات من الصمت حتى تتوارى‬
‫من الغرفة‪ .‬أستدير للوراء فأرى (تايلر)‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬هل ختلصت منها؟»‬

‫بال صوت‪ ..‬بال رائحة‪ ..‬يظهر (تايلر)‪ .‬يقول (تايلر) وهو يثب من باب‬
‫املطبخ إىل فريزر الثالجة‪« :‬أوال‪ ..‬نحتاج إىل أن نذيب بعض الدهن»‪ ..‬يقول يل‬
‫(تايلر) إنه لو كنت غاضبا بصدد رئييس فعيل أن أقصد مكتب الربيد‪ ،‬وأمأل‬
‫استامرة (تغيري عنوان) له‪ ،‬بحيث يرسل كل الربيد املوجه له إىل (راجبي) يف‬
‫داكوتا الشاملية‪ .‬وجيذب (تايلر) من الفريزر أكياسا مليئة باملادة البيضاء املتجمدة‬
‫ويلقيها يف احلوض‪ .‬أما أنا فعيل أن أضع كرسولة كبرية عىل املوقد وأمألها تقريبا‬
‫باملاء‪ .‬لو قل املاء السود لون الدهن إذ يتحول إىل شحم‪..‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬هذا الدهن حيوي الكثري من امللح‪ ..‬لذا كلام زاد املاء كان هذا‬
‫أفضل»‬

‫‪84‬‬
‫ضع الدهن يف املاء‪ ،‬واجعله يغيل‪( .‬تايلر) يعرص اخلليط األبيض من كل‬
‫كيس يف املاء‪ ،‬ثم يدفن األكياس يف قاع القاممة‪..‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬استعمل خيالك قليال‪ ..‬تذكر كل هراء االبتكار الذي‬


‫علموه لك يف الكشافة‪ .‬تذكر كيمياء املدرسة الثانوية‪»..‬‬

‫عسري عيل أن أختيل (تايلر) يف الكشافة‪ ..‬خيربين (تايلر) أن بوسعي كذلك‬


‫أن أقود السيارة لبيت املدير ذات ليلة‪ ،‬وأثبت خرطوما إىل ماسورة باخلارج‪..‬‬
‫أثبت اخلرطوم إىل مضخة يدوية ثم أمأل مواسري املياه يف البيت بالصبغة‪ .‬أمحر أو‬
‫أزرق أو أخرض‪ ..‬وأنتظر ألرى كيف يبدو املدير يف اليوم التايل‪ .‬أو يمكنني أن‬
‫أجلس وأضخ حتى يرتفع الضغط يف املواسري كلها فوق ‪ 110‬رطال لكل بوصة‬
‫مربعة‪ ،‬وهبذه الطريقة لو ضغط أحدهم السيفون النفجر خزان املرحاض‪ .‬عند‬
‫ضغط ‪ 150‬لو فتح أحدهم الدش ألطار ضغط املاء قمة الدش ولتحول إىل‬
‫قذيفة مورتار‪( .‬تايلر) يقول هذا ليجعلني يف حالة معنوية أفضل‪ .‬احلقيقة هي‬
‫أنني أحب رئييس‪ ..‬باإلضافة إىل أنني مستنري اآلن‪ ..‬أنت تعرف هذا السلوك‬

‫‪85‬‬
‫البوذي‪ ..‬زهور (الكريامنثيموم) العنكبوتية‪ ..‬دروس بوذا (السوترا)‪ ..‬هاري‬
‫راما‪ ..‬كام تعرف‪ ..‬كريشنا كريشنا‪ ..‬مستنري‪..‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬أن تلصق ريشا يف مؤخرتك ال يعني أنك رصت دجاجة‪»..‬‬

‫إذ يذوب الدهن يصعد الشحم عىل سطح املاء املغيل‪ ..‬أقول‪ :‬إذن أنا ألصق‬
‫ريشا بمؤخريت‪ ..‬مسرت ومسز (نجاسة برشية)‪ .‬قلل احلرارة حتت الكرسولة‪..‬‬
‫حرك املاء املغيل‪ ..‬مزيد من الشحم ينفصل حتى يتغطى املاء بطبقة من اللؤلؤ هلا‬
‫لون قوس القزح‪ .‬استعمل ملعقة كبرية لتزيح هذه الطبقة جانبا وأبقها‪ .‬أسأله‪:‬‬
‫كيف حال (مارال)؟‪..‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬عىل األقل (مارال) حتاول أن تصل للحضيض»‬

‫أحرك املاء املغيل‪ ..‬أستمر يف إزاحة الشحم حتى ال يعود مزيد منه‪ .‬هذا هو‬
‫شحم التنظيف الذي نزعناه من املاء‪ .‬يقول (تايلر) إنني ما زلت بعيدا عن‬
‫احلضيض‪ .‬ما مل أسقط للقاع فخاليص غري ممكن‪ .‬املسيح فعل هذا بالصلب‪..‬‬
‫ال جيب فقط أن اهجر املال وامللكية واملعرفة‪ ..‬ليس األمر رحلة استجامم يف هناية‬

‫‪86‬‬
‫األسبوع‪ .‬جيب أن أنأى بنفيس عن التحسن‪ ..‬جيب أن نركض نحو الكارثة‪ .‬لن‬
‫ألعب لعبة السالمة أوال مرة أخرى‪ ..‬هذه ليست حلقة دراسية‪.‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬لو فقدت أعصابك قبل أن تبلغ احلضيض‪ ،‬فلن تنجح‬
‫أبدا‪ ..»..‬فقط بعد الكارثة يمكن أن نبعث‪« ..‬فقط بعد ما تفقد كل يشء‪ ..‬تصري‬
‫حرا كي تعمل أي يشء‪»..‬‬

‫ما أشعر به هو تنوير قبل األوان‪ ..‬يقول (تايلر)‪« :‬واستمر يف التقليب‪..»..‬‬


‫حني يغيل الدهن بام يكفي بحيث ال يبقى شحم‪ ،‬ختلص من املاء‪ .‬اغسل‬
‫الكرسولة وامألها بامء نقي‪ .‬أسأله هل أنا بأي شكل قريب من القاع؟‪ ..‬يقول‬
‫(تايلر)‪« :‬من مكانك اآلن ال يمكنك جمرد ختيل شكل القاع‪»..‬‬

‫كرر العملية مع الشحم الذي فصلته‪ ..‬اغل املاء بالشحم‪..‬‬

‫واكشط واستمر يف الكشط‪.‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬الدهن الذي نستعمله ميلء بامللح‪ ..‬ملح كثري جدا فلن‬
‫يتامسك الصابون»‪ ..‬اغل واكشط‪( ..‬مارال) قد عادت‪ ..‬يف الثانية الثانية (مارال)‬

‫‪87‬‬
‫تفتح الباب‪ ..‬لقد رحل (تايلر)‪ ..‬تاليش‪ ..‬جرى من الغرفة‪ ..‬اختفى‪( .‬تايلر)‬
‫صعد للطابق األعىل أو (تايلر) نزل للبدروم‪.‬‬

‫(مارال) تدخل من الباب حاملة علبة رقائق الصودا الكاوية‪ ،‬مارال تقول‪:‬‬
‫«يف املتجر لدهيم ورق تواليت تم تدويره ‪ %100‬ال بد أن أسوأ مهنة يف العامل هي‬
‫إعادة تدوير ورق التواليت»‪.‬‬

‫آخذ علبة الصودا وأضعها عىل املنضدة‪ .‬وال أقول شيئا‪ ..‬تقول (مارال)‪:‬‬
‫«هل بوسعي قضاء الليلة هنا؟»‪ .‬فال أجيب‪ ..‬اعد يف رأيس مخسة مقاطع لفظية‪..‬‬
‫سبعة‪ ..‬مخسة‪ ..‬النمر يستطيع االبتسام الثعبان سيقول إنه حيبك األكاذيب جتعلنا‬
‫أرشارا‪( .‬مارال) تقول‪« :‬ماذا تطهو؟»‪ ..‬أنا (جو نقطة الغليان)‪ ..‬أقول هلا‬
‫انرصيف‪ ..‬فقط انرصيف‪ ..‬اخرجي‪ ..‬أمل تظفري بقضمة كبرية من حيايت بعد؟‪..‬‬
‫(مارال) متسك بكمي ريثام تقبل خدي‪ .‬تقول‪« :‬أرجوك أن تطلبني‪ ..‬أرجوك‪..‬‬
‫جيب أن نتكلم‪ .»..‬أقول نعم‪ ..‬نعم‪ ..‬نعم‪..‬‬

‫‪88‬‬
‫وحني خترج (مارال) من الباب يظهر (تايلر) يف مؤخرة الغرفة‪ ..‬كأهنا حيلة‬
‫سحرية‪ ..‬أبواي ظال يامرسان هذه احليلة مخس سنوات‪ .‬أواصل الغيل والكشط‪،‬‬
‫بينام يفرغ (تايلر) جزءا من الثالجة‪ .‬البخار يتكاثف يف اهلواء ويتساقط املاء من‬
‫سقف املطبخ‪ ..‬الضوء اخلافت من املصباح ذي األربعني وات يف مؤخرة‬
‫الثالجة‪ ..‬ال أراه خلف زجاجات الكتشاب الفارغة ومرطبانات املايونيز‬
‫واملخلل‪ .‬بروفيل (تايلر) يلتمع‪ ..‬اغل واكشط‪ ..‬ضع الشحم املكشوط يف علب‬
‫اللبن الكرتونية التي انتزع اعالها‪ ..‬ومن فوق مقعد وضع أمام الفريزر يقف‬
‫(تايلر) لريقب الشحم يربد‪ ..‬يف حرارة املطبخ يتكاثف الضباب األبيض من قاع‬
‫الثالجة ويتجمع عند قدمي (تايلر)‪ .‬إذ أمأل علب اللبن بالشحم‪ ،‬يضعها‬
‫(تايلر) يف الثالجة‪ .‬اركع جوار (تايلر) أمام الثالجة فيمسك بيدي ويريني إياها‪.‬‬
‫خط احلياة‪ ..‬جبال كوكبي الزهرة واملريخ‪ .‬يتجمع الضباب البارد حولنا وييضء‬
‫النور املعتم عىل وجوهنا‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬أحتاج إىل أن تقدم يل معروفا آخر»‪.‬‬
‫هذا يتعلق ب (مارال)‪ ..‬أليس كذلك؟‬

‫‪89‬‬
‫‪« -‬ال تكلمها عني أبدا‪ ..‬ال تتكلم عني من وراء ظهري‪ ..‬هل تعد؟»‪.‬‬
‫فأعد‪ ..‬يقول (تايلر)‪« :‬لو ذكرتني أمامها فلن تراين أبدا‪ ..»..‬هكذا أعد‪..‬‬
‫«تعد؟»‪ ..‬فأعد‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬تذكر أنك وعدت ثالث مرات‪»..‬‬

‫يشء صاف سميك يتجمع فوق الشحم يف الثالجة‪ .‬أقول إن الشحم‬


‫ينفصل‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬ال تقلق‪ ..‬الطبقة الصافية هي اجللرسين‪ ..‬يمكنك‬
‫إعادة خلطه لو صنعت الصابون أو يمكنك كشطه للتخلص منه»‬

‫(تايلر) يلعق شفتيه ويقلب كف يدي ألسفل‪ ،‬ثم يلثم ظهر يدي ويقول‪:‬‬

‫‪« -‬يمكنك أن ختلط اجللرسين بحمض النرتيك لتحصل عىل‬


‫النيرتوجلرسين‪ .»..‬أشهق من فمي وأقول نيرتوجلرسين‪( .‬تايلر) يبلل شفتيه‬
‫جيدا ثم يلثم يدي ويقول‪« :‬يمكنك خلط النيرتوجلرسين بالصوديوم والنشارة‬
‫لتصنع الديناميت»‪ .‬أقول ديناميت‪ ..‬وأجلس عىل كعبي‪( ..‬تايلر) ينزع الغطاء‬
‫عن علبة صودا الغسيل‪( ..‬تايلر) يقول‪:‬‬

‫‪90‬‬
‫‪« -‬يمكنك تفجري اجلسور‪ ..‬يمكنك خلط النيرتوجلرسين مع محض‬
‫النرتيك والبارافني لتصنع متفجرات جيالتينية‪ ..‬يمكنك تفجري بناية‪ ..‬سهل‪»..‬‬

‫(تايلر) يقلب علبة صودا الغسيل فوق ظهر يدي ببوصة‪( ..‬تايلر) يقول‪:‬‬
‫«هذا حرق كيميائي‪ ..‬ولسوف يؤملك أسوأ مما لو احرتقت بالنار‪ ..‬أسوأ من مائة‬
‫لفافة تبغ‪»..‬‬

‫يلتمع أثر شفتيه عىل ظهر يدي‪ ..‬يقول (تايلر)‪« :‬سوف تكون عندك ندبة‪..‬‬
‫يمكنك أن تنسف العامل كله لو كان عندك قدر كاف من الصابون‪ ..‬اآلن تذكر‬
‫وعدك»‬

‫ثم يصب (تايلر) صودا الغسيل‪..‬‬

‫‪91‬‬
‫الفصل السابع‬
‫أدي لعاب (تايلر) وظيفتني‪ ..‬إن القبلة الرطبة عىل ظهر يدي أبقت رقائق‬
‫الصودا يف مكاهنا وهي حترتق‪ ..‬هذه هي الوظيفة األوىل‪ ..‬الوظيفة الثانية هي أن‬
‫الصودا ال حترق إال حني ختتلط باملاء‪ .‬أو اللعاب‪« ..‬هذا حرق كيميائي‪..‬‬
‫ولسوف يؤملك أسوأ من أي حرق سابق»‪.‬‬

‫يمكنك استخدام الصودا الكاوية لفتح البالوعات املسدودة‪ ..‬أغمض‬


‫عينيك‪ ..‬عجينة من الصودا واملاء يمكن أن خترتق مقالة من األلومنيوم‪ .‬حملول‬
‫من الصودا الكاوية واملاء يذيب ملعقة خشبية‪ .‬الصودا تسخن ألكثر من مائتي‬
‫درجة‪ ،‬وإذ تسخن حترق ظهر يدي و(تايلر) يضع أصابع يده فوق أصابعي‪،‬‬
‫وفوق رسوايل املتسخ بالدم‪ .‬ويطلب مني (تايلر) أن أنتبه ألن هذه أعظم حلظة‬
‫يف حيايت‪.‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬ألن كل يشء قبل هذه اللحظة قصة‪ ..‬وكل ما بعد هذه‬
‫اللحظة قصة‪ .»..‬هذه أعظم حلظات حياتنا‪ .‬الصودا املتمسكة بلعاب (تايلر) قد‬
‫صارت كنار املعسكر أو وسم بالنار أو كومة ذرية تشتعل عىل ظهر يدي يف هناية‬
‫‪92‬‬
‫طريق طويل طويل يبعد عني أمياال‪ .‬يطلب مني (تايلر) أن أعود معه‪ .‬يدي‬
‫تفارقني‪ ..‬صغرية يف األفق يف هناية الطريق‪ ..‬تتصور أن النار ما زالت حترتق فيام‬
‫عدا أهنا اآلن خلف خط األفق‪ .‬غروب‪..‬‬

‫(تايلر) يقول‪« :‬عد إىل األمل‪ ..»..‬هذا هو نوع التأمل املوجه الذي يامرسونه‬
‫يف جمموعات املساعدة‪ .‬للمرىض‪ .‬ال تفكر جمرد التفكري يف لفظة أمل‪ .‬التأمل‬
‫املوجه يؤدي عمله مع الرسطان ويمكن أن يعمل مع هذا‪ ..‬يقول (تايلر)‪« :‬ال‬
‫تنظر ليدك‪ ..‬ال تفكر يف كلامت االحرتاق أو اللحم أو األنسجة أو التفحم‪ ..‬ال‬
‫تصغ لرصاخك‪ ..‬أنت يف أيرلندا‪ ..‬أغمض عينيك‪ ..‬أنت يف أيرلندا ذلك‬
‫الصيف الذي أهنيت فيه الكلية‪ ،‬وأنت حتتيس الرشاب يف حانة قرب القلعة التي‬
‫يرتدد عليها السياح الربيطانيون واألمريكان كل يوم‪ ،‬كي يلثموا حجر‬
‫(بالرين)‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬ال حتجب هذا املشهد‪ ..‬الصابون والتضحية البرشية‬
‫متالزمان»‪« .‬أنت تغادر احلانة وسط حشد من الناس ومتيش وسط صمت‬
‫الشوارع الرطب ألن املطر اهنمر منذ قليل‪ .‬إنه الليل‪ ..‬حتى تصل إىل قلعة حجر‬
‫(بالرين)‪ ..‬األرضيات متحللة هلذا تتسلق الدرجات احلجرية‪ ،‬بينام السواد يزداد‬

‫‪93‬‬
‫ويزداد عىل الناحيتني وأنت تتسلق‪ .‬الكل هادئ أثناء التسلق‪ ،‬فقد اعتاد اجلميع‬
‫هذا التمرد الصغري‪.»..‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬أصغ يل‪ ..‬افتح عينيك‪( ..»..‬تايلر) يقول‪« :‬يف املايض كانت‬
‫التضحيات البرشية تتم فوق هضبة عىل النهر‪ ..‬آالف الناس‪ ..‬أصغ إيل‪ ..‬كانت‬
‫التضحيات تتم واألجساد تتفحم عىل حمرقة»‪ ..‬يمكنك أن ترصخ‪( ..‬تايلر)‬
‫يقول‪« :‬يمكنك الذهاب إىل املغطس وترك املاء يسيل فوق يدك‪ ..‬لكن عليك‬
‫أوال أن تعرف أنك غبي وسوف متوت»‪ ..‬انظر يل‪ ...‬يقول (تايلر)‪« :‬يوما ما‬
‫ستموت‪ ..‬لكن حتى تتبني هذه احلقيقة أنت عديم النفع بالنسبة يل‪ ..‬أنت يف‬
‫أيرلندا‪ ..‬يمكنك أن تبكي‪ ..‬لكن كل دمعة هتبط فوق الصودا الكاوية عىل‬
‫جلدك سرتك ندبة كأهنا حرق سيجارة‪ ..».‬تأمل موجه‪« ..‬أنت يف أيرلندا ذلك‬
‫الصيف الذي تركت فيه الكلية»‪ ..‬ربام كانت هذه أول مرة أردت فيها ممارسة‬
‫الفوضوية‪ ..‬قبل أن تلتقي (تايلر دوردن) بأعوام‪ ..‬قبل أن تفسد براءتك‬
‫األوىل‪ ..‬تعلمت بعض أعامل التمرد البسيطة‪ ..‬يف أيرلندا أنت‪ ..‬تقف عىل‬

‫‪94‬‬
‫رصيف يف قمة الدرجات يف قلعة‪ ..‬يقول (تايلر)‪« :‬يمكننا استعامل اخلل‪ ..‬كي‬
‫نعادل احلرق‪ ..‬لكن عليك أن تستسلم أوال‪»..‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬بعد ما متت التضحية بمئات البرش‪ ،‬واحرقوا‪ ..‬خرج إفراز‬
‫أبيض سميك من املذبح ليهبط إىل النهر»‪ ..‬عليك أوال أن تصل إىل احلضيض‪..‬‬
‫أنت تقف ع ىل منصة يف قلعة يف أيرلندا وظالم بال قاع حول احلافة‪ ..‬وأمامك‬
‫عىل بعد ذراع من الظلمة يوجد جدار صخري‪ ..‬يقول (تايلر)‪« :‬املطر ينهمر‬
‫فوق املحرقة عاما تلو عام‪ ..‬وعاما تلو عام حيرق الناس‪ ،‬واملطر يسيل عرب الرماد‬
‫املحرتق ليصري حملول صودا كاوية‪ ،‬وخيتلط هذا بالدهن الذائب للضحايا‪..‬‬
‫فيتكون إفراز سميك من الصابون يزحف من قاعدة املذبح‪ ،‬وهيبط إىل السفح‬
‫نحو النهر‪ ».‬واأليرلنديون من حولك‪ ،‬وهم يامرسون أعامل التمرد البسيطة‪.‬‬
‫يمشون نحو احلافة ويقفون مطلني عىل الظلمة الال متناهية حتتهم ويتبولون‪.‬‬
‫ويقولون لك هلم‪ ..‬تبول بولك األمريكي الثري األصفر بفعل الفيتامينات‪..‬‬
‫غال وثري ويتم التخلص منه‪ ..‬يقول (تايلر)‪« :‬هذه أروع حلظة يف حياتك‪..‬‬
‫لكنك يف مكان ما فال تلحق هبا‪« .»..‬أنت يف أيرلندا تقوم بذلك العمل‪ ..‬أوه‪..‬‬

‫‪95‬‬
‫نعم‪ ..‬يمكنك أن تشم األمونيا وجرعتك اليومية من الفيتامينات‪ ..‬وحني يسقط‬
‫الصابون يف النهر بعد ألف عام من قتل الناس واملطر‪ ،‬وجد القدامى أن ثياهبم‬
‫تصري أنظف لو غسلوها هنا»‪ .‬أنا أتبول عىل حجر (بالرين)‪ ..‬أنا أتبول يف‬
‫رسوايل األسود ببقع الدم اجلافة عليه التي ال يطيقها رئييس‪ .‬أنت يف بيت‬
‫مستأجر يف (بيرب سرتيت)‪..‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬هذا له معنى ما‪ .»..‬يقول (تايلر)‪« :‬هذه عالمة‪( ..»..‬تايلر)‬
‫يملك معلومات مهمة‪ ..‬الثقافات التي مل تعرف الصابون كانت تستعمل بوهلا‬
‫وبول الكالب لغسيل الثياب والشعر؛ ألن محض البوليك حيوي الكثري من‬
‫األمونيا‪ ..‬رائحة اخلل والنار عىل ظهر يدك يف هناية طريق طويل تتاليش‪ .‬رائحة‬
‫صودا الغسيل حترق املسارات املتشعبة جليوبك األنفية‪ ..‬يقول (تايلر)‪« :‬كان‬
‫قتل كل هؤالء الناس عمال صائبا‪ ..»..‬ظهر يدك أمحر منتفخ المع بنفس شكل‬
‫قبلة (تايلر)‪ ..‬حول الشفتني تتناثر حروق سيجارة جاءت من شخص يبكي‪.‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬افتح عينيك‪ »..‬ووجهه يلتمع بالدموع‪« ..‬أهنئك‪ ..‬لقد‬


‫صنع أول صابون من األبطال‪ ..‬فكر يف احليوانات التي يستعملوهنا يف جتربة‬

‫‪96‬‬
‫املنتجات‪ .‬فكر يف القردة التي يقذفوهنا إىل الفضاء»‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬من دون‬
‫موهتا‪ ..‬من دون عذاهبا‪..‬‬

‫من دون تضحيتها ملا امتلكنا شيئا‪»..‬‬

‫أوقف املصعد بني الطوابق‪ ،‬بينام يفك (تايلر) حزامه‪ .‬حني يتوقف املصعد‬
‫تتوقف سلطانيات احلساء املوضوعة عىل عربة البوفيه عن االهتزاز‪ .‬ويتصاعد‬
‫بخار عش الغراب إىل سقف املصعد‪ ،‬بينام ينزع (تايلر) الغطاء عن سلطانية‬
‫احلساء‪( .‬تايلر) يقول‪« :‬ال تنظر يل‪ ..‬وإال فلن أستطيع االستمرار»‪ .‬احلساء‬
‫ثخني من الطامطم وعشب (السيالنرتو) واملحار‪ ..‬بني رائحة االثنني ال يمكن‬
‫ألحد أن يشم أي يشء نضعه فيه‪..‬‬

‫أقول له أن يرسع وال أنظر من فوق كتفي إىل (تايلر) وهو ينتهي من عمله‪..‬‬
‫يبدو يل األمر مضحكا كأنام هو فيل طويل يلبس قميص ساق وربطة عنق‪ ،‬وهو‬
‫يرشب احلساء بخرطومه الصغري‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫يقول (تايلر)‪« :‬ال تنظر يل»‪ ..‬للمصعد أمامي نافذة صغرية تسمح يل برؤية‬
‫ردهة خدم املطعم‪ .‬لكن وقد توقف املصعد بني طابقني فأنا أرى رصصورا فوق‬
‫مشمع األرضية األخرض‪ .‬ومن هناك يمتد املمر لنقطة الزوال‪ ،‬وأبواب نصف‬
‫مفتوحة حيث اجلبابرة وزوجاهتم من العاملقة حيتسون براميل الشامبانيا‪،‬‬
‫وجيأرون يف بعضهم البعض مرتدين آللئ أكرب مما تتصور‪ ..‬أخرب (تايلر) أنه يف‬
‫األسبوع املايض حني كان حماميو (إمباير ستيت) هنا الحتفال الكريسامس‪،‬‬
‫قمت باإليالج يف حلوى الربتقال بالكريم اخلاصة هبم‪ .‬خيربين (تايلر) أنه يف‬
‫األسبوع املايض أوقف املصعد وأخرج غازات بطنه يف احللوى املخصصة حلفل‬
‫شاي (رابطة الشباب)‪ .‬ألن (تايلر) يعرف أن حلوي (املرينج) متتص الرائحة‪.‬‬
‫عىل مستوى الرصصور نسمع عازيف (اهلارب) األرسى يعزفون‪ ،‬بينام يرفع‬
‫اجلبابرة شوكاهتم املحملة بلحم احلمالن‪ ،‬وكل قضمة بحجم خنزير كامل‪،‬‬
‫وكل فم كأنه جمموعة أحجار قاطعة عاجية من (ستوهننج)‪ ..‬أقول هيا‪ ..‬يقول‬
‫(تايلر)‪« :‬ال أستطيع‪»..‬‬

‫‪98‬‬
‫لو برد احلساء ألعادوه‪ ..‬العاملقة سيعيدون شيئا ما للمطبخ بال سبب‪ ..‬فقط‬
‫يريدون أن يروك جتري من أجل ماهلم‪ .‬يف عشاء كهذا هم يعرفون أن البقشيش‬
‫ضمن الفاتورة لذا يعاملونك كأنك قذارة‪ ..‬يف احلقيقة نحن ال نعيد شيئا‬
‫للمطبخ‪ .‬غري وضع البطاطس الباريسية واألسبريجيس اهلولندي يف الطبق‬
‫قليال‪ ،‬وقدمه لشخص آخر‪ ..‬وفجأة سوف يصري ممتازا‪ .‬أقول شالالت نياجرا‪..‬‬
‫هنر النيل‪..‬‬

‫يف أيام املدرسة كنا نعتقد أنه لو وضعت يد شخص ما يف سلطانية من املاء‬
‫الدافئ وهو نائم‪ ،‬فإنه يبلل فراشه‪ .‬يقول (تايلر) من خلفي‪« :‬أوه‪ ..‬نعم‪ ..‬لقد‬
‫نجحت‪ ..‬نعم‪ .‬نعم‪»..‬‬

‫خلف األبواب نصف املفتوحة يف قاعات الرقص‪ ،‬والتنورات الذهبية‬


‫واحلمراء والسوداء الطويلة كستائر مسارح (برودواي) القديمة‪ ..‬من حني‬
‫آلخر تصل أزواج من سيارات (الكاديالك) بجلد أسود حيث كان جيب أن‬
‫يوجد الزجاج‪ .‬فوق السيارات مدينة من األبراج يف حزام أمحر‪( ..‬تايلر) وأنا‬
‫رصنا رجيل حرب عصابات ضد مهنة التخديم‪ ..‬خمربني حلفالت العشاء‪ ..‬إن‬

‫‪99‬‬
‫الفندق يستضيف حفالت العشاء‪ ،‬وحني يطلب أحدهم الطعام‪ ،‬فإنه يظفر‬
‫بالطعام والرشاب والصيني والزجاج والساقي‪ ..‬ويأخذون كل هذا يف فاتورة‬
‫واحدة‪ ..‬وألهنم يعرفون اهنم ال يستطيعون هتديدك‪ ،‬فأنت بالنسبة هلم جمرد‬
‫رصصور‪.‬‬

‫ذات مرة أرشف (تايلر) عىل حفل عشاء‪ ،‬كان هذا قبل أن يتحول إىل ساق‬
‫خائن‪ ..‬يف هذا احلفل كان يقدم طبق األسامك يف ذلك البيت األبيض الزجاجي‪،‬‬
‫الذي يطفو فوق املدينة عىل أرجل من صلب مثبتة إىل جوانب التل‪ .‬وأثناء املأدبة‬
‫بينام كان يغسل الصلصة من األطباق‪ ،‬جاءت صاحبة الدار إىل املطبخ حاملة‬
‫قصاصة ورق ترفرف كأهنا العلم‪ ،‬ويدها ترجتف بشدة‪ .‬بني أسناهنا املطبقة كانت‬
‫املدام تريد معرفة ما إذا كان السقاة رأوا أحد الضيوف يتجه إىل املمر الذي يقود‬
‫إىل غرف النوم؟‪ ..‬خاصة النساء من الضيوف‪ ..‬أو صاحب الدعوة؟‬

‫يف املطبخ يقف (تايلر) و(ألربت) و(لني) و(جريي) يشطفون ويصفون‬


‫األطباق‪ ،‬وطباخة تدعي (ليزيل) ختلط زبد الثوم فوق رءوس اخلرشوف املحشو‬
‫باجلمربي واملحار‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬ليس مفرتضا بنا الذهاب إىل هذا اجلزء من‬

‫‪100‬‬
‫البيت‪ ..‬نحن ندخل من املرآب‪ ..‬كل ما هو مسموح لنا أن نراه هو املرآب‬
‫واملطبخ وغرفة الطعام»‪.‬‬

‫يأيت املضيف من خلف زوجته عىل باب املطبخ‪ ،‬ويأخذ قصاصة الورق من‬
‫يدها املرجتفة‪ .‬ويقول‪« :‬كل يشء عىل ما يرام‪ .»..‬تقول له‪« :‬كيف أواجه كل‬
‫هؤالء الناس قبل أن أعرف من فعل هذا‪...‬؟»‬

‫يضع املضيف يده مفتوحة عىل ظهر ثوهبا احلريري األبيض الذي يناسب‬
‫لون بيتها‪ ،‬فتستقيم املدام يف وقفتها وهتدأ فجأة‪ ..‬يقول‪« :‬كلهم ضيوف‪ ..‬وهذا‬
‫احلفل مهم جدا‪»..‬‬

‫يبدو هذا مضحكا كأنه متكلم من البطن يعيد احلياة إىل دميته‪ ..‬املدام تنظر‬
‫لزوجها ثم يأخذها الزوج عائدين إىل غرفة الطعام‪ .‬تسقط الورقة عىل األرض‬
‫بينام الباب يصدر هسيسا ويقذف الورقة عند قدمي (تايلر)‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬ماذا‬
‫فيها؟»‪ .‬يبدأ (لني) يف تنظيف أطباق السمك‪ ،‬وتعيد (ليزيل) صينية اخلرشوف‬
‫إىل الفرن وتقول‪« :‬ماذا فيها؟»‬

‫‪101‬‬
‫ينظر (تايلر) إىل يمني (ليزيل) ويقول دون أن يلتقط املذكرة‪« :‬مكتوب‪ :‬لقد‬
‫تبولت يف أكثر من قنينة من عطورك الفاخرة‪ .».‬يبتسم (ألربت)‪« :‬أنت تبولت‬
‫يف عطرها؟»‪ .‬يقول (تايلر) ال‪ ..‬فقط ترك املذكرة بني الزجاجات‪ ..‬عندها نحو‬
‫مائة زجاجة فوق رف املرآة يف محامها‪ .‬وتبتسم (ليزيل)‪« :‬إذن أنت مل تفعل هذا‬
‫حقا؟»‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬ال‪ ..‬لكنها ال تعرف هذا‪ .»..‬وطيلة ما بقي من الليل يف حفل‬
‫العشاء يف ذلك البيت األبيض والزجاجي يف السامء‪ ،‬ظل (تايلر) ينظف األطباق‬
‫من اخلرشوف البارد‪ ،‬وحلم العجل البارد بال (بوم دوشيس) ثم ال (شوفلري آ ال‬
‫بولونيز) البارد‪ ..‬ويمأل كأسها باخلمر اثنتي عرشة مرة‪ .‬واملدام جالسة تراقب‬
‫كل واحدة من ضيفاهتا تلتهم الطعام‪ ،‬إىل أن جاءت حلظة ما بني إخالء أطباق‬
‫(الدندورمة) وتقديم جاتوه املشمش‪ ،‬خال فيها مكان السيدة عند رأس املائدة‪.‬‬

‫كانوا يغسلون األطباق بعد رحيل الضيوف‪ ،‬ويضعون الصيني يف عربة‬


‫الفان اخلاصة بالفندق‪ ،‬حني جاء صاحب الدعوة إىل املطبخ‪ ،‬وطلب أن يسمع‬
‫(ألربت) بمساعدته يف محل يشء ثقيل‪ .‬تقول (ليزيل) لربام متادى (تايلر) أكثر من‬

‫‪102‬‬
‫الالزم‪ .‬بصوت عال خيربها (تايلر) كيف أهنم يقتلون احليتان لصنع هذا العطر‬
‫الذي يكلف أكثر من وزنه ذهبا لكل أوقية‪ .‬أكثر الناس مل يروا حوتا قط‪ ..‬إن ل‬
‫(ليزيل) طفلني يعيشان يف شقة قرب الطريق املجاين‪ ،‬واملدام صاحبة الدعوة‬
‫لدهيا دوالرات يف زجاجات باحلامم تفوق ما يمكن أن نحققه كلنا يف عام‪ .‬يعود‬
‫(ألربت) حيث كان مع صاحب الدار ويطلب رقم النجدة ‪ 911‬عىل اهلاتف‪.‬‬
‫يضع يدا عىل فمه ويقول‪ :‬ما كان عىل (تايلر) أن يرتك تلك املذكرة‪ ..‬يقول‬
‫(تايلر)‪« :‬إذن أخرب هبذا مديري يف الفندق‪ ..‬فلتفصلوين‪ ..‬أنا لست متزوجا من‬
‫هذه املهنة احلقرية»‪.‬‬

‫ينظر اجلميع إىل أقدامهم‪ .‬فيقول (تايلر)‪« :‬الفصل هو أفضل يشء يمكن أن‬
‫حيدث ألي واحد منا‪ ..‬هبذه الطريقة نكف عن الركض عىل املاء ونفعل شيئا‬
‫بحياتنا‪( .»..‬ألربت) يقول يف اهلاتف إننا بحاجة إىل سيارة إسعاف وخيربهم‬
‫بالعنوان‪ .‬ومنتظرا جوار اهلاتف خيربنا أن صاحبة الدار يف حال سيئة اآلن‪ ..‬كان‬
‫عىل (ألربت) أن حيملها محال من املرحاض‪ .‬مل يستطع صاحب الدار محلها ألن‬
‫املدام تتهمه بأنه هو من بال يف زجاجات عطرها‪ .‬وتقول إنه حياول دفعها‬

‫‪103‬‬
‫للجنون عن طريق إقامة عالقة مع واحدة من الضيفات الليلة‪ ،‬وهي قد تعبت‪..‬‬
‫تعبت من كل هؤالء الذين يعتربوهنم أصدقاء هلم‪ ..‬مل يستطع صاحب الدار أن‬
‫حيملها ألن املدام سقطت خلف املرحاض يف ثوهبا األبيض‪ ،‬وهي تلوح بزجاجة‬
‫عطر نصف مهشمة‪ ،‬املدام تقول إهنا ستذبحه لو حاول فقط أن يلمسها‪.‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬مجيل»‪ .‬ورائحة (ألربت) كرهية‪ .‬تقول (ليزيل)‪(« :‬ألربت) يا‬
‫حبيبي‪ ..‬أنت كريه الرائحة»‪ .‬يقول (ألربت)‪ :‬ما من طريقة خترج هبا من ذلك‬
‫احلامم من دون أن تكون رائحتك كرهية‪ .‬كل زجاجات العطر مهشمة عىل‬
‫األرض واملرحاض ميلء بباقي الزجاجات‪ .‬تبدو كالثلج‪ .‬كحفالت الفندق‬
‫الباهظة التي نمأل فيها املبوالت بالثلج املهشم‪ .‬احلامم كريه الرائحة واألرض‬
‫خشنة من رقائق الثلج الذي ال يذوب‪ ..‬وحني ساعد (ألربت) املدام عىل‬
‫الوقوف كان ثوهبا األبيض مبلال ببقع صفراء‪ ،‬وقد قذفت املدام بالزجاجة‬
‫املهشمة عىل صاحب الدار‪ .‬تتعثر يف الزجاج والعطر فتسقط عىل راحتيها‪ .‬إهنا‬
‫تبكي وتنزف وتتكوم جوار املرحاض‪ .‬واألمل يلسعها‪ .‬تقول‪« :‬آه يا (والرت)‪...‬‬
‫إنه يلسع‪ ..‬يلسع‪ .».‬عطر كل احليتان امليتة يف اجلروح بيدهيا‪ ..‬وهو يلسعها‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫صاحب الدار جيذب املدام نحوه وهي تضم يدهيا كأنام هي تصيل لكن يدهيا‬
‫متباعدتان‪ ،‬والدم جيري عىل الراحتني وأسفل املعصم‪ ،‬فوق سوار مايس‪ ،‬ثم إىل‬
‫كوعيها‪.‬‬

‫ويقول صاحب الدار‪« :‬سيكون كل يشء عىل ما يرام يا (نينا)‪ .»..‬تقول‬


‫املدام‪« :‬يداي يا (والرت)‪ ..‬من يفعل هذا يب؟ من يمكن أن يكرهني إىل هذا‬
‫احلد؟»‪ .‬صاحب الدار يقول أللربت‪« :‬هال طلبت سيارة إسعاف؟»‬

‫هذه كانت أوىل مهام (تايلر) كإرهايب ضد مهنة التخديم‪ .‬رجل حرب‬
‫عصابات‪ ..‬لقد ظل يامرس هذا أعواما لكنه يقول إن األمر سيصري أمتع لو‬
‫تقاسمه اثنان‪ .‬يف هناية قصة (ألربت) يبتسم (تايلر) ويقول‪« :‬مجيل»‪.‬‬

‫ونعود إىل الفندق حيث املصعد الواقف بني طابقني‪ ،‬أخرب (تايلر) كيف‬
‫عطست يف صلصة السمك املنقط يف مؤمتر أطباء األمراض اجللدية‪ ،‬وقد قال يل‬
‫ثالثة أشخاص إن الصلصة كانت ماحلة جدا‪ ،‬وقال واحد إهنا كانت طيبة‬
‫املذاق‪ .‬هيز (تايلر) ما بقي منه فوق سلطانية احلساء‪ .‬هذا أسهل مع احلساء البارد‬

‫‪105‬‬
‫والبطاطس املمهوكة (فييش سواز) أو (اجلازباتشو)‪ .‬ال يمكن عمل هذا مع‬
‫حساء البصل الذي تكون عىل سطحه طبقة من اجلبن الذائب‪ .‬لو أكلت هنا يف‬
‫يوم من األيام فلن أطلب إال حساء البصل‪..‬‬

‫كنا قد بدأنا نفلس من األفكار‪ ،‬وصار ما نقوم به للطعام ممال كأنه جزء من‬
‫واجبات العمل‪ .‬ثم سمعت أحد املحامني أو األطباء ‪ -‬ال هيم ‪ -‬يقول إن‬
‫جرثومة االلتهاب الكبدي تعيش عىل الفوالذ غري القابل للصدأ ستة أشهر‪.‬‬
‫سألت الطبيب عن السبيل الذي نحصل منه عىل جرثومة االلتهاب الكبدي‪.‬‬
‫كان ثمال بام يكفي كي يضحك‪ ..‬كل يشء يذهب إىل مستودع النفايات الطبية‪..‬‬
‫هذا ما يقول‪ .‬ثم يضحك‪ .‬كل يشء‪..‬‬

‫أضع يدي عىل مفتاح املصعد‪ ،‬وأسأل (تايلر) أن كان مستعدا‪ ،‬إن الندبة عىل‬
‫ظهر يدي منتفخة محراء المعة كشفتني حتمالن ذات شكل قبلة (تايلر)‪ .‬يقول‬
‫(تايلر)‪« :‬ثانية واحدة‪»..‬‬

‫‪106‬‬
‫ال بد أن صلصة الطامطم ما زالت ساخنة ألن اليشء الذي يعيده (تايلر)‬
‫لرسواله اآلن أمحر متاما كأنه مجربي عمالق‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫الفصل الثامن‬
‫يف أمريكا اجلنوبية ‪ -‬أرض السحر ‪ -‬كان بوسعنا أن نخوض النهر حيث‬
‫يسبح السمك الصغري يف إحليل (تايلر)‪ .‬للسمك أشواك خترج وتدخل يف‬
‫جسده‪ ،‬ويتأهب لوضع البيض‪ ..‬ويف مجيع األحوال فإن طريقتنا يف قضاء ليلة‬
‫السبت يمكن أن تكون أسوأ‪.‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬كان يمكن أن يكون أسوأ‪ ..‬هذا الذي فعلناه بأم (مارال)»‪.‬‬
‫أقول له أن خيرس‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬كان بوسع احلكومة الفرنسية أن تأخذنا إىل‬
‫جمموعة مبان حتت األرض خارج (باريس)‪ ،‬حيث يقتلع عيوننا ال اجلراحون بل‬
‫جمموعة من الفنيني متوسطي املهارة‪ ،‬وذلك بفرض قياس سمية دهان بالرش‪.‬‬
‫يقول (تايلر)‪« :‬هذه األمور حتدث‪ ..‬فقط اقرأ الصحف‪»..‬‬

‫أما ما هو أسوأ فهو أنني أعرف ما فعله (تايلر) بأم (مارال)‪ .‬للمرة األوىل‬
‫منذ قابلته كان (تايلر) قد ربح بعض املال يف اللعب‪( .‬تايلر) يمتلك بعض‬
‫الدوالرات احلقيقية‪ ..‬لقد اتصل (نوردسرتوم) وترك طلبا بامئتي قطعة من‬
‫صابون الوجه البني اخلاص ب (تايلر) قبل الكريسامس‪ .‬لو حسبنا قطعة الصابون‬
‫‪108‬‬
‫بعرشين دوالرا ‪ -‬وهو سعر اجلملة املقرتح ‪ -‬لكان لدينا مال يكفي للخروج‬
‫ليلة السبت‪ .‬مال يكفي إلصالح الترسب يف أنبوب الغاز‪ ..‬يكفي ألن نذهب‬
‫للرقص‪ ..‬لو كففت عن القلق بصدد املال لكان بوسعي أن أستقيل من عميل‪.‬‬
‫(تايلر) يدعو نفسه (رشكة صابون بيرب سرتيت)‪ ..‬الناس يقولون إن هذا أفضل‬
‫صابون يف العامل‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬كان األسوأ ليقع لو أنك أكلت أم (مارال)‬
‫بطريق اخلطأ»‪.‬‬

‫أقول له أن خيرس بحق اجلحيم‪ ،‬وفمي ميلء بدجاج (كونج باو)‪ .‬املكان‬
‫الذي نحن فيه مساء السبت هذا هو مقعد أمامي يف سيارة (إمباال)‬
‫موديل‪ ،1968‬تقف عىل إطارين فارغني يف الصف األمامي من معرض‬
‫سيارات مستعملة‪ .‬أنا و(تايلر) نتحدث‪ ..‬نحتيس اجلعة من العلب‪ ..‬وهذا‬
‫املقعد األمامي أكرب من أرائك معظم الناس‪ .‬يف مهنة بيع السيارات يطلقون عىل‬
‫هذه الساحات اسم (ساحات قدور املال)‪ ،‬حيث تقدر تكلفة كل سيارة بحوايل‬
‫مائتي دوالر‪ .‬ويف النهار يقف الغجر الذين يديرون هذه الساحات خارج‬
‫مكاتبهم اخلشبية‪ ،‬ويدخنون لفافات تبغ طويلة رفيعة‪ .‬هذه السيارات هي تلك‬

‫‪109‬‬
‫السيارات املنقضة التي تكون أول ما يقوده الطلبة يف املدرسة الثانوية‪:‬‬
‫جرملينز‪ ..‬بيرسز‪ ..‬ميفريكز‪ ..‬هونيتس‪ ..‬بنتو‪ ..‬كامارو‪ ..‬داسرت‪ ..‬إمباال‪..‬‬
‫سيارات أحبها الناس ثم ختلصوا منها‪ ..‬حيوانات يف احلظرية‪ ..‬ثياب عرس يف‬
‫(جودويل)‪ ..‬خشب من اللدائن‪ ..‬وجلد من اللدائن‪ ..‬ودواخل كروم من‬
‫اللدائن‪..‬‬

‫يف الليل ال يغلق الغجر أبواب السيارات‪ .‬األضواء يف اجلادة تلتمع عىل‬
‫السعر املكتوب عىل زجاج السيارة األمامي العريض‪ .‬شاهد الواليات املتحدة‪..‬‬
‫السعر ‪ 89‬دوالرا‪ ..‬من الداخل يبدو الرقم كأنه ‪ 89‬بنسا‪ ،‬صفر‪ ..‬صفر‪ ..‬عالمة‬
‫عرشية‪ ..‬ثامنية‪ ..‬تسعة‪ ..‬أمريكا تطالبك باالتصال‪ ..‬أكثر السيارات هنا سعرها‬
‫يف حدود ‪ 100‬دوالر‪ ،‬وكل السيارات عليها اتفاقية للبيع (بحالتها) عىل‬
‫الزجاج أمام السائق‪.‬‬

‫نحب (اإلمباال) ألنه لو أردنا النوم يف سيارة ليلة السبت فإن هذه السيارة‬
‫هبا املقاعد األكرب‪ .‬نأكل طعاما صينيا ألنه ليس بوسعنا الذهاب للبيت‪ .‬إما أن‬
‫ننام هنا أو نظل ساهرين طيلة الليل يف ناد للرقص‪ .‬لكننا ال نذهب ألندية‬

‫‪110‬‬
‫الرقص‪( ..‬تايلر) يقول إن املوسيقا هناك صاخبة جدا‪ ،‬خاصة جيتار (الباص)‪.‬‬
‫إنه ينسف إيقاعك احليوي‪ .‬آخر مرة خرجنا فيها قال (تايلر) إن املوسيقا العالية‬
‫تصيبه باإلمساك‪ .‬وبعد كأسني من الرشاب يشعر كل واحد بأنه مركز االهتامم‪،‬‬
‫لكنه منفصل متاما عن املشاركة مع أي واحد آخر‪ .‬أنت اجلثة يف قصة بوليسية‬
‫بريطانية‪..‬‬

‫ننام يف السيارة ألن (مارال) جاءت للبيت وهددت باستدعاء الرشطة‬


‫واعتقايل ألنني طهوت أمها‪ ..‬ثم خرجت من البيت وراحت ترصخ أنني غول‬
‫وآكل حلوم برش‪ ،‬راحت تركل أعداد الريدرز داجيست وناشونال‬
‫جيوجرافيكس‪ ،‬فرتكتها هناك‪ .‬باختصار‪ ..‬بعد حماولتها املزيفة لالنتحار‬
‫بالزاناكس يف فندق (رجينت)‪ ،‬ليس بوسعي أن أتصورها تطلب الرشطة‪ ،‬لكن‬
‫(تايلر) رأى من احلكمة أن ننام يف اخلارج هذه الليلة‪ .‬عىل سبيل االحتياط‪..‬‬
‫احتياطا ألن حترق (مارال) البيت‪ ..‬احتياطا ألن جتد (مارال) سالحا‪ ..‬احتياطا‬
‫ألن تكون (مارال) ما زالت يف البيت‪..‬‬

‫‪111‬‬
‫أراقب وجه القمر األبيض‪ ..‬النجوم ال تغضب‪ ..‬الخ‪ ..‬الخ‪ ..‬الخ‪..‬‬
‫وينتهي األمر هنا بعلبة برية يف يدي‪ ،‬داخل السيارة اإلمباال بعجلة قيادهتا الباردة‬
‫الصلبة املصنوعة من (البكليت)‪ ،‬والتي يصل قطرها لثالثة أقدام‪ .‬واملقعد‬
‫املصنوع من الفينيل يلدغ مؤخريت عرب رسوال اجلينز‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬مرة أخري‬
‫قل يل ما حدث بالضبط»‬

‫لعدة أسابيع جتاهلت ما كان يزمعه (تايلر)‪ .‬ذات مرة ذهب ملكتب الربيد‬
‫وراقبته وهو يرسل برقية ألم (مارال)‪« :‬أنا جمعدة بشكل فظيع (قف)‪ ..‬أرجوك‬
‫ساعديني (قف)»‪ .‬وأخرج للموظف بطاقة مكتبة (مارال) ووقع باسمها عىل‬
‫الربقية‪ .‬وصاح أن نعم‪ .‬يمكن أن يكون اسم (مارال) لرجل‪ .‬هلذا مل يستطع‬
‫املوظف إال أن هيتم بشئونه اخلاصة‪ .‬وإذ غادرنا مكتب الربيد قال (تايلر) إن عيل‬
‫أن أثق به إذا كنت أحبه‪ .‬مل أكن بحاجة ملعرفة هذا‪ ..‬ثم أخذين (تايلر) إىل مطعم‬
‫(جاربونزو) اللتهام احلمص‪ .‬ما أثار رعبي ليس الربقية بل أن (تايلر) مل يعد‬
‫يسيطر عىل نفسه‪ ..‬مل أر (تايلر) قط يدفع املال نقدا ألي يشء‪ ..‬وال الثياب‪ ..‬إن‬
‫(تايلر) يذهب لألندية والفنادق ويزعم أنه جيمع الثياب جلمعيات البحث عن‬

‫‪112‬‬
‫املفقودين‪ ..‬هذا أفضل من (مارال) التي تقصد املغاسل العامة لترسق رساويل‬
‫اجلينز من املجففات‪ ،‬وتبيعها مقابل ‪ ۱۲‬دوالرا يف األماكن التي تبتاع اجلينز‬
‫املستعمل)‪( ..‬تايلر) ال يأكل يف املطاعم أبدا‪ ..‬و(مارال) مل تصب بالتجاعيد‪..‬‬

‫بال سبب واضح أرسل (تايلر) ألم (مارال) صندوق شيكوالتة يزن مخسني‬
‫رطال‪ .‬يقول يل (تايلر) حيث جلسنا يف (اإلمباال)‪« :‬كان يمكن هلذه العطلة أن‬
‫تكون أسوأ بسبب العنكبوت الناسك البني»‪ .‬حينام يعضك ال حيقنك بالسم‬
‫فحسب‪ ،‬بل بإنزيم هاضم يذيب األنسجة حول العضة‪ ..‬أي أنه يذيب ذراعك‬
‫أو وجهك حرفيا‪.‬‬

‫كان (تايلر) يتوارى هذه الليلة حني حدث كل هذا‪ .‬ظهرت (مارال) يف‬
‫البيت دون أن تدق الباب‪ ،‬وتنحني صائحة‪« :‬توك توك!»‪ .‬أنا أقرأ (ريدرز‬
‫داجيست) يف املطبخ‪ .‬شاردا بالكامل‪ ..‬تقول (مارال)‪(« :‬تايلر)‪ ..‬هل يل أن‬
‫أدخل؟‪ ..‬هل أنت يف الدار؟»‪ ..‬أصيح فيها أن (تايلر) ليس بالدار‪ .‬تقول‬
‫(مارال)‪« :‬ال تكن سافال‪»..‬‬

‫‪113‬‬
‫اآلن أنا عند الباب األمامي‪( ..‬مارال) تقف يف البهو ومعها طرد حيمل شعار‬
‫(فيدرال إكسربيس) وتقول‪« :‬أردت وضع يشء يف الفريزر عندكم»‪ .‬أتبعها إىل‬
‫املطبخ وأنا أردد ال‪ ..‬ال‪ ..‬ال‪ ..‬لن تبدأ يف ختزين مهمالهتا يف هذا البيت‪( .‬مارال)‬
‫تقول‪« :‬ليس لدي فريزر يف الفندق‪ ،‬وأنت تقول إن هذا بوسعي»‪ .‬ال‪ ..‬مل أقل‪..‬‬
‫آخر ما أريده هو أن حترض (مارال) جزءا من خملفاهتا يف كل مرة‪( .‬مارال) قد‬
‫فتحت طرد (فيدرال إكسربيس) عىل منضدة املطبخ‪ ،‬وأخرجت شيئا من تغليف‬
‫ال (ستريوفوم) وهزت هذا اليشء األبيض يف وجهي‪.‬‬

‫‪« -‬هذه ليست مهمالت‪ ..‬هذه أمي التي تتكلم عنها‪ ..‬لذا اغرب عن‬
‫وجهي»‪.‬‬

‫ما خترجه (مارال) من الطرد هو واحد من األكياس ذات املحتوى األبيض‬


‫التي استخرج منها (تايلر) الشحم‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬كان يمكن لألمور أن تسوء‬
‫أكثر لو أنك بالصدفة أكلت حمتويات هذه األكياس‪ ..‬لو هنضت يف منتصف‬
‫الليل‪ ،‬وعرصت إفراز أحد هذه األكياس وأضفت له خليط حساء بصل‬
‫(كاليفورنيا) ثم التهمته مع رقائق البطاطس أو الربوكويل‪.»..‬‬

‫‪114‬‬
‫كان أكثر يشء تريده يف العامل هو اال تفتح (مارال) الفريزر‪ .‬سألتها عام‬
‫ستفعله باملادة البيضاء‪ ،‬فقالت‪« :‬شفاه باريسية‪ ..‬كلام تقدمت يف العمر انسحبت‬
‫شفتاك إىل داخل فمك‪ ..‬هلذا أدخر جلراحة حقن للشفتني بالكوالجني‪ .‬لدي‬
‫حوايل ثالثني رطال من الكوالجني يف الفريزر‪».‬‬

‫سألتها عن احلجم الذي تريد أن تنفخ شفتيها إليه‪ ،‬تقول (مارال) إن‬
‫اجلراحة نفسها هي ما يثري قلقها‪ .‬أخرب (تايلر) أن املادة يف طرد (فيدرال‬
‫إكسربيس) هي ذات املادة التي صنعنا منها الصابون‪ .‬منذ اتضح أن السيليكون‬
‫خطر‪ ،‬صار الكوالجني هو املادة األهم إلزالة التجاعيد ولنفخ الشفاه‪ .‬رشحت‬
‫يل (مارال) أنك حتصل عىل الكوالجني رخيصا من دهن األبقار الذي تم تعقيمه‬
‫وتعبئته‪ .‬لكن هذا الكوالجني الرخيص ال يبقى طويال يف جسدك‪ .‬لو حقنت به‬
‫يطرده اجلسد وبعد ستة أشهر تعود شفتاك نحيلتني‪ .‬أفضل الكوالجني هو‬
‫دهنك اخلاص يتم امتصاصه من فخذيك ويعقم ثم حيقن يف شفتيك أو حيث‬
‫تريد‪ .‬هذا النوع من الكوالجني يدوم‪ .‬اليشء املوجود يف الفريزر هو رصيد‬
‫(مارال) املدخر من الكوالجني‪ .‬فكلام ازدادت أمها سمنة‪ ،‬أجرت جراحة شفط‬

‫‪115‬‬
‫وتعبئ هذا الدهن‪ .‬وتقول (مارال) إن العملية تدعى (التلقيط)‪ ..‬لو مل حتتج أم‬
‫(مارال) للكوالجني ترسل بالطرود إىل (مارال)‪ .‬ليس لدي (مارال) دهن خاص‬
‫هبا‪ ،‬وأمها تعتقد أن كوالجني األرسة سيكون أفضل ل (مارال) من دهن البقر‬
‫الرخيص‪.‬‬

‫أضواء الشارع عرب اجلادة تدخل إىل النافذة فتطبع عىل خد (تايلر) كلمة‬
‫(بحالتها)‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬العناكب تستطيع أن تبيض‪ ،‬والريقة خترتق الطريق‬
‫حتت جلدك‪ ..‬هذا هو أسوأ ما يمكن أن تصري إليه حياتك»‪ ،‬أشعر يف هذه‬
‫اللحظة أن شطرية الدجاج باللوز التي آكلها‪ ،‬بصلصتها الدافئة هلا مذاق الدهن‬
‫الذي تم شفطه من فخذي أم (مارال)‪.‬‬

‫كان وأنا أقف يف املطبخ مع (مارال) أنني فهمت ما فعله (تايلر)‪( .‬جمعدة‬
‫بشكل فظيع)‪ ..‬وعرفت ملاذا أرسل احللوى ألم (مارال)‪( ..‬أرجوك‬
‫ساعديني)‪ ..‬أقول ل (مارال) ليس من مصلحتك أن تنظري يف الفريزر‪( .‬مارال)‬
‫تقول‪« :‬أفعل ماذا؟»‪ .‬خيربين (تايلر) يف اإلمباال‪« :‬نحن ال نأكل اللحم األمحر‬

‫‪116‬‬
‫أبدا‪ »..‬وليس بوسعه استعامل دهن الدجاج ألن الصابون لن يتجمد يف شكل‬
‫قطع‪ .‬أقول إنه كان عليه أن خيرب (مارال)‪ ..‬اآلن تعتقد أنني من فعل هذا‪..‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬التصبن‪ ..‬هو التفاعل الكياموي الذي حتتاج إليه لتصنع‬
‫صابونا جيدا‪ ..‬لن يصلح دهن الدجاج أو أي دهن به ملح أكثر من الالزم»‪.‬‬
‫يقول (تايلر)‪« :‬اسمع‪ ..‬إن لدينا طلبية كربى‪ ..‬كل ما علينا هو أن نرسل ألم‬
‫(مارال) بعض الشيكوالتة‪ ..‬وربام بعض كعك الفاكهة»‪ ..‬ال أعتقد هذا يصلح‪..‬‬
‫لنخترص القصة‪ ،‬نظرت (مارال) إىل داخل الفريزر‪ .‬يف البداية كانت هناك‬
‫مشاجرة صغرية‪ ..‬أحاول أن أوقفها‪ ،‬فتسقط حقيبتها فوق مشمع األرضية‪،‬‬
‫فننزلق معا فوق القذارة البيضاء املشحمة‪ .‬أمسك بخرص (مارال) من اخللف‪..‬‬
‫شعرها األسود يرضب وجهي‪ .‬ذراعاها إىل جانبيها‪ ..‬أقول هلا مرارا ومرارا إنني‬
‫لست من فعل هذا‪« ..‬أمي! أنت تسكبها يف كل مكان!»‬

‫أخربها إننا كنا بحاجة لعمل صابون‪ ..‬كان عيل أن أغسل رسوايل‪ ..‬أن ندفع‬
‫اإلجيار‪ ..‬أن نصلح الثقب يف خط الغاز‪ ..‬مل يكن أنا‪( ..‬تايلر) هو الفاعل‪ ..‬تقول‬
‫(مارال)‪« :‬إالم تنظر؟»‪ .‬وجتمع تنورهتا‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫أحاول النهوض من األرض الزلقة ممسكا ملء ذراعي من تنورهتا القطنية‪،‬‬
‫و(مارال) ‪ -‬التي صارت برسواهلا الداخيل وحذائها ذي الكعب العايل‬
‫وبلوزهتا ‪ -‬تفتح الفريزر‪ .‬وبالداخل ال يوجد رصيد من الكوالجني‪ .‬هناك‬
‫بطاريتان وال يشء غري هذا‪« ..‬أين هي؟»‪ ..‬أنا أزحف للوراء ويداي وحذاءاي‬
‫ينزلقان فوق املشمع‪ .‬مؤخريت متسح مسارا نظيفا يف املستنقع بعيدا عن (مارال)‬
‫والثالجة‪ .‬أرفع التنورة لوجهي كي ال أرى وجه (مارال) وأنا أخربها‪ .‬احلقيقة‪..‬‬
‫لقد صنعنا منه صابونا‪ ..‬منها‪ ..‬من أم (مارال)‪ ..‬صابون؟‬

‫«‪ ..‬صابون‪ ..‬تغيل الدهن وختلطه بصودا الغسيل‪ ..‬حتصل عىل الصابون»‪،‬‬
‫حني بدأت (مارال) ترصخ رميت بالتنورة يف وجهها وجريت‪( .‬مارال) تركض‬
‫ورائي‪ ..‬تتدحرج يف األركان‪ ..‬تنزلق‪ ..‬ترتك بصامت يد قذرة من الشحم وقذارة‬
‫األرضية عىل ورق احلائط‪ .‬تطلب املدد‪ ..‬جتري‪( ..‬مارال) ترصخ‪« :‬أنت غليت‬
‫أمي!»‪( .‬تايلر) غىل أمها‪ .‬الباب األمامي كان مازال مفتوحا‪ ،‬هلذا فررت منه بينام‬
‫(مارال) ترصخ يف فتحته من خلفي‪ .‬مل تنزلق قدماي عىل خرسانة املمشى‬

‫‪118‬‬
‫وواصلت اجلري‪ .‬حتى وجدت (تايلر) أو وجدين (تايلر)‪ .‬وحكيت له ما‬
‫حدث‪.‬‬

‫أمسك كل منا علبة برية ومتدد عىل املقعد األمامي أو اخللفي‪ .‬حتى هذه‬
‫اللحظة ال بد أن (مارال) يف البيت‪ ،‬ترمي باملجالت يف اجلدار وترصخ كيف أنني‬
‫حقري‪ ،‬ووحش ورأساميل ذو وجهني‪ ،‬ووغد منحرف‪ .‬األميال بني (مارال) وبيني‬
‫متتلئ باحلرشات ورسطان اجللد والفريوسات آكلة اللحم‪ .‬أنا اآلن يف مكان‬
‫ليس هبذا السوء‪.‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬حني يرضب الربق إنسانا حيرتق رأسه ليصري كرة (بيزبول)‬
‫متفحمة‪ ..‬ويغلق زمامه نفسه»‪ ..‬أسأله إن كنا وصلنا احلضيض الليلة؟‪..‬‬
‫فيضطجع (تايلر) ويقول‪« :‬لو كانت (مارلني مونرو) حية هنا اآلن‪ ،‬فامذا كنت‬
‫ستفعله؟»‪ .‬أقول له مساء اخلري‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬كانت ستغرس خمالبها يف غطاء‬
‫تابوهتا‪»..‬‬

‫‪119‬‬
‫الفصل التاسع‬
‫يقف رئييس جوار مكتبي بابتسامته اخلفيفة وشفتاه ملتصقتان مشدودتان‪،‬‬
‫وسوأته تالمس كوعي‪ .‬أكون منهمكا يف كتابة خطاب تغطية حلملة اسرتداد‬
‫منتج‪ .‬وهذه اخلطابات تبدأ دوما بذات الطريقة‪« :‬هذه امللحوظة ترسل لك‬
‫باالتفاق مع متطلبات قانون سالمة املركبات القومي‪ .‬لقد قررنا أن هناك خلال‬
‫موجودا‪»...‬‬

‫هذا األسبوع كنت أستخدم صيغة املسئولية عن اخلسائر‪ ،‬ألن أ يف ب يف‬


‫ج كانت تساوي أكثر من تكاليف االسرتداد‪ .‬هذا األسبوع كانت املشكلة هي‬
‫املشبك البالستيكي الصغري الذي يمسك باملطاط يف مساحات الزجاج‪ .‬قطعة‬
‫تافهة‪ ..‬هناك مائتا مركبة فقط تأثرت باملوضوع‪ .‬وهذا ال يقارن بتكاليف‬
‫العمل‪ ..‬األسبوع املايض كان الوضع أكثر نموذجية‪ .‬كان يتعلق ببعض اجللد‬
‫الذي تم دبغه بامدة كيميائية تسبب تشوهات احلمل‪ ،‬مثل (النرييت) الصناعي‬
‫أو يشء يشبهه لكنه مازال يستعمل يف الدباغة يف العامل الثالث‪ .‬يشء قوي لدرجة‬
‫أنه قد يسبب تشوهات اجلنني لدى أي امرأة حامل تتعامل معه‪ .‬األسبوع املايض‬

‫‪120‬‬
‫مل يتصل أحد بإدارة املركبات‪ ،‬ومل يطالب أحد باسرتداد املنتج‪ ..‬ثمن اجللد‬
‫اجلديد مرضوبا يف تكاليف العمل مرضوبا يف تكاليف اإلدارة يساوي أكثر من‬
‫ربع أرباحنا‪ .‬لو اكتشف أحدهم خطأنا فام زال بوسعنا تعويض عائالت حزينة‬
‫كثرية قبل أن نقرتب من تكلفة تغيري ‪ 65000‬بطانة جلدية‪ .‬إال أننا يف هذا‬
‫األسبوع نقوم بحملة اسرتداد منتج وقد عاد يل األرق‪ .‬األرق‪ ..‬اآلن يبدو كأن‬
‫العامل كله قد قرر أن يقف ويلقي خملفاته فوق قربي‪.‬‬

‫رئييس يلبس ربطة عنقه الرمادية فال بد أن اليوم هو الثالثاء‪ .‬حيرض لفافة‬
‫ورق ملكتبي ويسألني عام إذا كنت أبحث عن يشء ما‪ .‬هذه األوراق نسيها‬
‫أحدهم يف آلة النسخ ويقرأ‪:‬‬

‫‪« -‬أول قاعدة لنادي القتال هي أنك ال تتكلم عن نادي القتال» وتدور عيناه‬
‫من جانب آلخر يف الورقة ويضحك «ثاين قاعدة لنادي القتال هي أنك ال تتكلم‬
‫عن نادي القتال»‪ ..‬أسمع كلامت (تايلر) خترج من رئييس‪ ..‬السيد املدير الذي‬
‫يضع صورة أرسته عىل مكتبه‪ ،‬وأحالمه عن التقاعد املبكر‪ ،‬وقضاء الشتاء يف‬
‫معسكر يف صحراء (أريزونا)‪ ..‬السيد املدير بقمصانه املنشاة أكثر من الالزم‬

‫‪121‬‬
‫وموعد حالقة الشعر كل ثالثاء بعد الغداء‪ .‬ينظر يل ويقول‪« :‬آمل أال تكون هذه‬
‫ختصك»‪.‬‬

‫أنا (جو الغاضب)‪ ..‬طلب مني (تايلر) أن أطبع قواعد نادي القتال‬
‫وأنسخها عرش مرات‪ .‬ليست تسعا وال أحد عرش‪ ..‬يقول (تايلر)‪ :‬عرش‪ ..‬لكن‬
‫ما زلت أعاين األرق وال أذكر أنني نمت منذ ثالث ليال‪ .‬ال بد أن هذا هو األصل‬
‫الذي كتبته‪ ..‬صنعت عرش نسخ ونسيت األصل‪ ..‬ضوء آلة النسخ يف وجهي‪..‬‬
‫ابتعاد كل يشء عنك الذي يسببه األرق‪ ..‬نسخة من نسخة من نسخة‪ ..‬ال‬
‫تستطيع ملس يشء وال يستطيع يشء ملسك‪..‬‬

‫ويواصل رئييس القراءة‪« :‬رجالن فقط لكل معركة»‪ ..‬ال يرمش أحدنا‬
‫بعينه‪ .‬يواصل رئييس القراءة‪« :‬معركة واحدة يف كل مرة»‪ .‬مل أنم منذ ثالثة أيام‬
‫ما مل أكن نائام اآلن‪ .‬رئييس هيز الورقة حتت أنفي‪ .‬ويقول ما هذا؟‪ ..‬هل هي لعبة‬
‫ألعبها عىل حساب وقت الرشكة؟‪ ..‬إنني أتقاىض راتبي كي أكون منتبها ال‬
‫أللعب لعبة حرب سخيفة‪ ..‬ال أتقاىض راتبي كي أيسء استعامل آالت النسخ‪.‬‬
‫ما رأيك؟‬

‫‪122‬‬
‫وهيز الورقة حتت أنفي‪ .‬ما رأيي؟‪ ..‬ماذا جيب عمله مع مستخدم يضيع‬
‫وقت الرشكة يف عامل خيايل صغري؟‪ .‬لو كنت يف مكانه فامذا كنت أفعله؟‪..‬‬
‫الفجوة يف خدي واالنتفاخ األزرق حول عيني وندبة قبلة (تايلر) احلمراء عىل‬
‫ظهر يدي‪ ..‬نسخة من نسخة من نسخة‪ ..‬ختمينات‪ ..‬بحق األبقار اهلندوسية ملاذا‬
‫يريد (تايلر) عرش نسخ من قواعد نادي القتال؟‬

‫أقول لرئييس‪ :‬ما أفعله هو أن آخذ حذري ممن أتكلم معه‪ ..‬يبدو يل أن قاتال‬
‫خمتال نفسيا كتب هذا الكالم‪ ،‬وهذا املخبول قد يفقد صوابه يف أية حلظة أثناء‬
‫العمل‪ ،‬وهياجم املكاتب بسالح شبه أوتوماتيكي من طراز (أرماليت أر ‪)180‬‬
‫يكتفي املدير بالنظر يل‪ ..‬أقول إنني أعتقد أن ذلك الشخص يعود للبيت كل‬
‫ليلة‪ ،‬ومعه مربد مدبب‪ ،‬ويربد صليبا عىل كل واحدة من طلقاته‪ ..‬هبذه الطريقة‬
‫حني يظهر يف العمل ذات صباح‪ ،‬ويفرغ طلقة يف رئيسه اللحوح املزعج عديم‬
‫النفع القذر‪ ،‬فإن الطلقة ستنفجر عرب األخاديد التي بردها‪ ،‬مثلام حيدث‬
‫للرصاص ال (دم دم) الذي ينفجر داخلك‪ ،‬فيبعثر أحشاءك القذرة عرب ثقوب‬
‫عمودك الفقري‪ .‬ختيل أحشاءك تنفتح باحلركة البطيئة مع انفجار غشاء السجق‬

‫‪123‬‬
‫الذي يغلف أمعاءك الدقيقة‪ .‬يأخذ رئييس الورقة من حتت أنفي‪ ،‬فأقول‪ :‬هلم‬
‫اقرأ املزيد‪ ..‬يبدو األمر ساحرا‪ ..‬عمل عقل مريض متاما‪ ..‬وأضحك‪ ...‬إن‬
‫حواف الفجوة يف خدي هلا نفس اللون األزرق املسود الذي تراه يف لثة الكلب‪.‬‬
‫واجللد املشدود حول عيني يبدو كأنام هو مدهون بالورنيش‪ .‬فقط ينظر يل‬
‫الرئيس‪ ..‬أقول‪ :‬دعني أساعدك‪ ..‬القاعدة الرابعة لنادي القتال هي معركة‬
‫واحدة يف كل مرة‪ ..‬ينظر رئييس للقواعد ثم لوجهي‪ ..‬أقول‪ :‬القاعدة اخلامسة‬
‫لنادي القتال هي ال أحذية‪ .‬ال قمصان‪ ..‬ينظر رئييس للقواعد ثم لوجهي‪..‬‬

‫أقول له إن ذلك املخبول ربام يستعمل بندقية (إجيل أبايش) ألن خمزن‬
‫(األبايش) يستوعب ثالثني طلقة ويزن فقط تسعة أرطال‪ ..‬بينام (األرماليت)‬
‫تستوعب فقط مخس طلقات‪ ..‬بثالثني طلقة يستطيع بطلنا املخبول متاما أن‬
‫يقيض عىل كل نائب مدير‪ ،‬وتبقى معه طلقات تكفي لكل مدير‪.‬‬

‫إهنا كلامت (تايلر) خترج من فمي‪ .‬أنا الذي كنت دوما إنسانا لطيف‬
‫املعرش‪ ..‬أنظر لرئييس‪ ..‬إن له عينني زرقاوين‪ ..‬باهتتني‪ .‬إن البندقية (‪)G R 68‬‬
‫بدورها تستوعب كذلك ثالثني طلقة‪ ،‬وتزن سبعة أرطال‪ ،‬فقط ينظر يل‬

‫‪124‬‬
‫الرئيس‪ ..‬أقول‪ :‬هذا خميف‪ ..‬ال بد أنه عرف ذلك الشخص عدة أعوام‪ ..‬ربام‬
‫يعرف هذا الشخص كل يشء عنه‪..‬‬

‫يعرف أين يعيش وأين تعمل زوجته وأية مدرسة فيها أطفاله‪.‬‬

‫هذا مرهق‪ ..‬بل هو ممل يف حلظة ما‪ ..‬وملاذا حيتاج (تايلر) إىل عرش نسخ من‬
‫قواعد نادي القتال؟‪ .‬ما ال جيب أن أقوله هو علمي ببطانة املقاعد اجللدية التي‬
‫تؤدي لتشوهات األجنة‪ .‬أعرف موضوع بطانة الفرامل املزيفة التي تبدو سليمة‬
‫حتى ختدع وكالء املشرتيات‪ ،‬لكنها تتلف بعد ألفي ميل‪ .‬أعرف عن ريوستات‬
‫جهاز التكييف الذي يسخن حتى حيرق اخلرائط التي حتتفظ هبا يف التابلوه‪.‬‬
‫أعرف اآلالف الذين حيرتقون أحياء بسبب رشارة حاقن الوقود‪ .‬رأيت أرجل‬
‫الناس مبتورة عند الركبة‪ ،‬ألن شاحنات (التريبو) تنفجر وترسل ريشها عرب‬
‫جدار النار الواقي لترضب الراكب‪ .‬كنت يف احلقل ورأيت السيارات املتفحمة‬
‫وقرأت التقارير التي تصف أسباب احلادث بأهنا (غري معروفة)‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫ال ‪ ..‬أقول إن األوراق ال ختصني‪ ..‬آخذ الورقة من بني أصابعه‪ ..‬ال بد أن‬
‫احلافة جرحت إهبامه ألن يده ارتفعت لفمه‪ ..‬وهو يمتص بقوة وقد اتسعت‬
‫عيناه‪ .‬أكور الورقة وألقي هبا يف سلة املمهالت‪ .‬أقول‪ :‬ربام ليس من واجبك أن‬
‫جتلب يل كل قطعة مهمالت جتدها‪..‬‬

‫ليلة األحد‪ ..‬أقصد (الرجال الباقون معا) وقبو (الثالوث املقدس‬


‫األسقفية) خال متاما‪( .‬بوب) الكبري فقط وأنا‪ ..‬أجته نحوه وكل عضلة تؤملني‪،‬‬
‫لكن قلبي مازال يركض‪ ،‬وأفكاري إعصار يف رأيس‪ ..‬هذا هو األرق‪ ..‬طيلة‬
‫الليل أفكارك يف اهلواء‪ ..‬طيلة الليل تفكر‪ :‬هل أنا نائم؟‪ ..‬هل نمت؟‪ ..‬خترج‬
‫ذراعا (بوب) من كمي (التي شريت) مليئتني بالعضالت‪ ،‬ولشد ما تلمعان‪..‬‬
‫(بوب) الكبري يبتسم‪ ..‬إنه سعيد ألنه رآين‪ ..‬حسبني ميتا‪ ..‬أقول له‪ :‬وأنا‬
‫كذلك‪..‬‬

‫يقول (بوب)‪« :‬حسن‪ ..‬لدي اخبار طيبة‪ .»..‬لكن أين اجلميع؟ «هذه هي‬
‫األخبار الطيبة‪ ..‬لقد تشتتت املجموعة‪ ..‬أنا فقط آيت هنا ألخرب أي شخص أجده‬
‫هبذا‪ .»..‬ألقي بنفيس عىل إحدى األرائك مغمض العينني‪ .‬يقول (بوب)‪:‬‬

‫‪126‬‬
‫«األخبار الطيبة هي أن هناك جمموعة جديدة‪ .‬لكن أول قاعدة هلذه املجموعة‬
‫هي أن عليك اال تتكلم عنها‪ ..‬والقاعدة الثانية هي أن عليك أال تتكلم عنها»‪..‬‬
‫يا للعنة!‪ ..‬أفتح عيني‪ ..‬يقول (بوب)‪« :‬املجموعة اسمها نادي القتال‪ ..‬وتلتقي‬
‫مساء كل مجعة يف مرآب مغلق عرب املدينة‪ ...‬ويف ليايل اخلميس هناك نادي قتال‬
‫آخر يلتقي يف مرآب قريب»‪ .‬ال أعرف شيئا عن هذه األماكن‪.‬‬

‫يقول (بوب)‪« :‬القاعدة األويل لنادي القتال هي أال تتكلم عن نادي‬


‫القتال»‪ ..‬ليلة السبت يذهب (تايلر) معي إىل نادي القتال‪« .‬فقط رجلني لكل‬
‫معركة»‪ .‬صباح األحد نعود للبيت مرضوبني وننام حتى الظهر‪ .‬يقول (بوب)‪:‬‬
‫«معركة واحدة يف كل مرة»‪ .‬يوم األحد واالثنني يقوم (تايلر) باخلدمة عىل املوائد‬
‫«تقاتل بال قميص وال حذاء‪ .»..‬ليلة الثالثاء‪ ..‬يصنع (تايلر) الصابون ويلفه يف‬
‫مناديل ورقية ويشحنه‪ .‬رشكة صابون (بيرب سرتيت)‪ ..‬يقول (بوب)‪« :‬املعارك‬
‫تستمر مادامت جيب أن تستمر‪ ..‬هذه هي القواعد التي اخرتعها واحد هو الذي‬
‫اخرتع نادي القتال»‪ .‬يسأل (بوب)‪« :‬هل تعرفه؟»‪ ...‬مل أره قط‪ ..‬يقول (بوب)‬

‫‪127‬‬
‫الكبري‪« :‬اسمه هو (تايلر دوردن)‪ ..»..‬رشكة صابون (بيرب سرتيت)‪ ..‬هل‬
‫أعرفه؟‪ ..‬أقول‪ :‬ال أدري‪ ..‬ربام‪.....‬‬

‫‪128‬‬
‫الفصل العارش‬
‫حني أتوجه إىل فندق (رجينت) أجد (مارال) يف الردهة تلبس روبا‪ .‬لقد‬
‫اتصلت يب (مارال) يف العمل وسألتني أن أفوت موعد اجلمنزيوم أو املغسلة أو‬
‫املكتبة أو اليشء الذي انتويت القيام به بعد العمل‪ ،‬وأن أذهب ألراها‪ .‬هلذا‬
‫اتصلت (مارال)‪ ..‬ألهنا تكرهني‪ ..‬ال تتكلم عن رصيدها من الكوالجني‪ ..‬ما‬
‫تقوله هو‪ :‬هل بوسعي أن أقدم هلا خدمة؟‪ ..‬كانت ترقد يف الفراش هذا الصباح‪،‬‬
‫وهي تعيش عىل الوجبات التي جتلبها هيئة (وجبات عىل عجالت) جلرياهنا‬
‫املوتى‪ .‬تتسلم (مارال) الوجبات وتزعم أن جرياهنا نيام‪..‬‬

‫لالختصار‪ ،‬كانت (مارال) راقدة يف الفراش هذا الصباح تنتظر قدوم‬


‫(وجبات عىل عجالت) بني الظهرية والثانية مساء‪ .‬مل يكن ل (مارال) تأمني‬
‫صحي طيلة العامني املاضيني لذا كفت عن البحث يف نفسها‪ ،‬إال أهنا وجدت‬
‫هذا الصباح نتوءا وعقدا ملفاوية حتت إبطها‪ ..‬وهذه العقد كانت صلبة وحساسة‬
‫لألمل يف الوقت ذاته‪ ،‬ومل تستطع أن خترب هبذا أحدا ممن حتب كي ال تفزعهم‪،‬‬
‫وليس معها املال الكايف لطلب رأي طبيب‪ .‬لكنها بحاجة إىل أن تتكلم مع‬

‫‪129‬‬
‫أحدهم‪ ،‬وتطلب منه أن يرى‪ ..‬لون عيني (مارال) البنيتني كلون حيوان تم‬
‫تسخينه يف فرن ثم ألقي يف املاء البارد‪ .‬تقول (مارال) إهنا ستساحمني عىل موضوع‬
‫الكوالجني لو ساعدهتا بإلقاء نظرة‪ .‬أعتقد أهنا مل تطلب (تايلر) ألهنا ال تريد أن‬
‫تثري رعبه‪ .‬أنا متعادل بالنسبة هلا وأدين هلا هبذا‪.‬‬

‫نصعد ألعىل لغرفتها‪ ،‬وختربين (مارال) كيف أنك يف الربية ال ترى‬


‫احليوانات املسنة‪ ،‬ألهنا بمجرد أن تشيخ متوت‪ .‬لو مرضت أو أبطأت يقتلها يشء‬
‫أقوى‪ .‬احليوانات مل ختلق لتتقدم يف العمر‪ .‬ترقد (مارال) عىل الفراش وتفك‬
‫ربطة الروب وتقول إن ثقافتنا قد جعلت املوت شيئا معيبا‪ .‬ال بد أن احليوانات‬
‫املسنة استثناء خارق للطبيعة‪ .‬شواذ‪( ..‬مارال) باردة تعرق بينام أخربها كيف‬
‫كانت عندي ثألولة أيام الكلية‪ ..‬وكانت عىل عضوي الذكري‪ ..‬ذهبت‬
‫للمدرسة الطبية كي أزيلها‪ ،‬وبعد هذا أخربت أيب‪ ..‬كان هذا بعد أعوام فضحك‬
‫أيب وقال إنني أمحق‪ ..‬ألن الثآليل هي نوع من وسائل االستثارة يف الطبيعة كأهنا‬
‫جهاز دغدغة‪ .‬النساء حيببنها‪ ..‬أركع جوار فراش (مارال) ويداي بارتان بسبب‬
‫اجلو يف اخلارج‪ ..‬أحتسس جلدها البارد ببطء‪ ..‬وأفرك جزءا صغريا من (مارال)‬

‫‪130‬‬
‫بني أصابعي مع كل بوصة‪ .‬تقول (مارال) إن وسائل االستثارة هذه – الثآليل ‪-‬‬
‫تسبب رسطان عنق الرحم للنساء‪.‬‬

‫هكذا كنت جالسا عىل احلزام الورقي يف غرفة الفحص‪ ،‬بينام طالب طب‬
‫يرش النرتوجني السائل من علبة عىل عضوي‪ ،‬وثامنية طالب طب يراقبون‪.‬‬
‫هكذا ينتهي بك األمر لو مل يكن عندك تأمني صحي‪ .‬لو مل يطلقوا عليه اسم‬
‫(عضو) فإهنم يطلقون عليه اسم (أير)‪ ،‬ومهام كان اسمه فإهنم يرشونه‬
‫بالنرتوجني السائل فيبدو األمر كأنام هم رشوه بصودا الغسيل‪ ..‬أمل يفوق‬
‫الوصف‪...‬‬

‫تضحك (مارال) هلذا‪ ..‬حتى جتد أن أصابعي توقفت‪ ..‬كأنني وجدت‬


‫شيئا‪ ..‬تكف (مارال) عن التنفس‪ ،‬وكأن قلبها قبضة ترضب بعنف عرب غشاء‬
‫طبل مشدود‪ .‬لكنني توقفت ألنني أتكلم‪ ،‬وألننا للحظة مل نعد يف غرفة نوم‬
‫(مارال)‪ .‬كنا يف مدرسة الطب منذ أعوام جالسني عىل الورق اللزج‪ ،‬وعضوي‬
‫الذكري حيرتق بالنار من النرتوجني السائل‪ ،‬وأحد طلبة الطب رأى قدمي‬
‫العارية فغادر الغرفة رسيعا بخطوتني واسعتني‪ .‬ثم عاد وخلفه ثالثة أطباء‬

‫‪131‬‬
‫حقيقيني‪ ..‬وأزاحوا الرجل الذي حيمل العلبة جانبا‪ .‬طبيب حقيقي قبض عىل‬
‫قدمي احلافية وطوحها يف وجه الطبيبني احلقيقيني اآلخرين‪ ،‬وقلبها الثالثة‬
‫والتقطوا هلا صور (بوالرويد) فورية‪ ،‬وكأنام باقي الرجل نصف العاري نصف‬
‫املكتيس مل يكن له وجود‪ .‬فقط القدم‪ ..‬وتزاحم باقي طلبة الطب لريوا‪ ،‬وسألني‬
‫طبيب‪« :‬منذ متى تلك البقعة احلمراء عىل قدمك؟»‪ .‬كان يتحدث عن ومحة‪..‬‬
‫عىل قدمي اليمنى ومحة كان أيب يتندر ويقول إهنا تبدو كأسرتاليا محراء داكنة‪ ،‬مع‬
‫(نيوزيلندا) صغرية جوارها‪ .‬هذا ما حكيته هلم ففرغ اهلواء من رئاهتم مجيعا من‬
‫فرط الضحك‪ .‬كان عضوي اآلن قد بدأ يذوب من الثلج‪ .‬تركني اجلميع ما عدا‬
‫طالب الطب الذي حيمل النرتوجني‪ ،‬وبدا أنه كان ليتمنى االنرصاف هو اآلخر‪.‬‬
‫كان يشعر بخيبة أمل حتى أنه مل ينظر لعيني‪ ،‬وهو يتناول العضو ويشده‪ .‬ومن‬
‫العلبة خرج رذاذ خفيف عىل ما تبقى من الثألولة‪ .‬يمكنك أن تغمض عينيك‬
‫وتتخيل أن عضوك طوله مئات األميال‪ ،‬لكنه مازال يؤمل‪( .‬مارال) تنظر للندبة‬
‫يف موضع قبلة (تايلر)‪ .‬قلت لطالب الطب‪ :‬ال بد أنكم ال ترون ومحات كثرية‬
‫هنا‪ .‬ليس األمر كذلك‪ ..‬هذا ما قاله‪ ..‬لقد اعتقد اجلميع أن الومحة رسطان‪ .‬ذلك‬

‫‪132‬‬
‫النوع اجلديد من الرسطان الذي يصيب الشباب‪ .‬يصحون من النوم ليجدوا‬
‫تلك البقعة احلمراء عىل أرجلهم أو كاحلهم‪ .‬هذه البقع ال تزول‪ ..‬بل تنترش‬
‫حتى تغطيك ومتوت‪..‬‬

‫قال طالب الطب إن اجلميع حتمسوا ألهنم حسبوك مصابا هبذا الرسطان‬
‫اجلديد‪ ،‬فقد أصيب به قليلون لكنه ينترش‪ .‬كان هذا منذ أعوام وأعوام‪ .‬أقول ل‬
‫(مارال) إن الرسطان سيكون كهذا‪ ..‬ربام وقعت أخطاء ومن املهم أال تنيس بقية‬
‫جسدك ملجرد أن جزءا صغريا مرض‪ ..‬تقول (مارال)‪« :‬ربام»‪.‬‬

‫لقد أهنى الطالب ذو النرتوجني عمله وأخربين أن الثألولة ستسقط خالل‬


‫أيام قليلة‪ .‬عىل الورق الذي أجلس عليه صورة فورية لقدمي مل يعد أحد‬
‫يريدها‪ ..‬سألته إن كان بوسعي أخذ الصورة؟‪ ..‬ومازالت يف غرفتي حمشورة يف‬
‫إطار املرآة‪ ..‬أرسح شعري أمام املرآة قبل ذهايب للعمل كل يوم‪ ،‬وأفكر كيف أنه‬
‫كان عندي رسطان ملدة عرش دقائق‪ ..‬أسوأ من الرسطان‪ ..‬أخرب (مارال) كيف‬
‫أن عيد الشكر هذا العام كان أول عيد شكر مل أذهب فيه مع جدي للتزلج‪ ،‬برغم‬
‫أن سمك اجلليد بلغ ستة أقدام‪ .‬كانت جديت تضع دائام تلك الضامدت عىل‬

‫‪133‬‬
‫جبهتها وذراعيها حيث تلك الشامات التي لدهيا‪ ،‬مل تكن عىل ما يرام‪ .‬إهنا تنترش‬
‫ثم يتحول لوهنا من البني إىل األسود واألزرق‪ .‬حني خرجت من املستشفى آخر‬
‫مرة كان جدي حيمل حقيبتها‪ ،‬وكانت ثقيلة لدرجة إنه شعر بأنه غري متوازن‪.‬‬
‫كانت جديت ذات األصل الكندي الفرنيس خجوال‪ ،‬حتى أهنا مل ترتد ثوب‬
‫استحامم أمام الناس قط‪ ،‬وكانت تفتح املاء يف املغطس لتغطي أي صوت خيرج‬
‫منها يف احلامم‪ .‬خارجة من مستشفى (الدي أوف لوردز) بعد استئصال جزئي‬
‫لثدهيا‪ .‬تقول‪« :‬هل تشعر بالدوار؟»‪ .‬بالنسبة جلدي هذا يلخص كل يشء‪..‬‬
‫جديت‪ ..‬الرسطان‪ ..‬زواجهام‪ ..‬حياهتام‪ ..‬وهو يضحك كلام حكى تلك القصة‪.‬‬
‫(مارال) ال تضحك‪ ..‬أريد أن أجعلها تضحك‪ ..‬أن أمنحها الدفء‪ ..‬أن أجعلها‬
‫تساحمني عىل موضوع الكوالجني‪ ..‬أريد أن أخربها أنني ال أجد شيئا‪ ..‬لو‬
‫وجدت هي شيئا هذا الصباح فهو خطأ‪ ..‬ومحة‪( ..‬مارال) حتمل ندبة قبلة (تايلر)‬
‫عىل ظهر يدها‪ ..‬أريدها أن تضحك لذا ال أخربها عن آخر مرة احتضنت فيها‬
‫(تشول)‪( ..‬تشول) بال شعر‪ ...‬هيكل عظمي مغموس يف الشمع األصفر‪،‬‬

‫‪134‬‬
‫بإيشارب حريري حول رأسها األصلع‪ .‬احتضنت (تشول) مرة أخرية قبل أن‬
‫ختتفي لألبد‪ .‬أخربهتا أهنا تبدو كالقراصنة‪ ..‬فضحكت‪..‬‬

‫حني أذهب للشاطئ أجلس وقدمي اليمنى حتتي‪( ...‬أسرتاليا)‬


‫و(نيوزيلندا)‪ ..‬أو أدفنها يف الرمل‪ ..‬أخشى أن يرى الناس هذه الومحة فأموت‬
‫يف أذهاهنم‪ ..‬الرسطان الذي ليس عندي موجود يف كل مكان اآلن‪ ..‬ال أخرب‬
‫(مارال) هبذا‪ ..‬هناك أشياء كثرية ال يفيدنا أن نعرفها عن الناس الذين نحبهم‪..‬‬
‫ألضحكها أخرب (مارال) عن املرأة يف برنامج (عزيزيت آيب) التي تزوجت متعهد‬
‫جنازات ناجحا وسيام‪ ،‬ويف ليلة الدخلة أغرقها يف حوض من املاء املثلج حتى‬
‫صار جلدها غري قابل للمس‪ ،‬ثم جعلها تنام يف الفراش ساكنة متاما كلام‬
‫ضاجعها‪ ..‬املضحك أن املرأة اعتربت هذه من طقوس ليلة الزفاف‪ ،‬وقضت‬
‫عرش سنوات متارس هذه الطريقة‪ ،‬إىل أن كتبت إىل (عزيزيت آيب) تسأل إن كانت‬
‫(آيب) تعتقد أن هلذا معنى ما‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫الفصل احلادي عرش‬
‫هلذا أحببت جمموعات مساندة املرىض للغاية‪ ..‬إن الناس إذا اعتقدوا أنك‬
‫حتترض‪ ،‬يعطونك كامل اهتاممهم‪ ..‬إذا كانت هذه هي آخر مرة يرونك فيها فإهنم‬
‫يرونك حقا‪ ..‬وينسون كل يشء آخر عن دفاتر شيكاهتم وأغاين الراديو والعناية‬
‫بشعرهم‪ .‬إنك تظفر باهتاممهم الكامل‪ ..‬الناس هنا يصغون بدال من انتظار‬
‫دورهم للكالم‪ ..‬وحني يتكلمون حيكون لك قصة‪ .‬حينام تتكلامن معا تبنيان‬
‫شيئا‪ ،‬وحينام تنتهيان يغدو كل منكام خمتلفا عام كان‪ .‬بدأت (مارال) تذهب‬
‫ملجموعات املساندة بعد ما وجدت النتوء األول‪ ..‬وصبيحة وجدنا النتوء الثاين‪،‬‬
‫تواثبت إىل املطبخ وساقاها يف رجل واحدة من جورهبا الكولون‪ ،‬وقالت‪:‬‬
‫«لنظر‪ ..‬أنا عروس بحر‪ ..‬ليس هذا مثل ما يفعله الرجال حني جيلسون عىل‬
‫املرحاض ويتظاهرون بأنه دراجة بخارية‪ ..‬هذا يشء مبتكر»‪.‬‬

‫قبل هذا مبارشة قابلت (مارال) يف جمموعة (الرجال الباقون معا) وكانت‬
‫تعاين من النتوء األول‪ ..‬اآلن صار هناك نتوء ثان‪ .‬لكن عليك أن تعرف أن‬
‫(مارال) ما زالت حية‪ ..‬قالت يل (مارال) إن فلسفتها يف احلياة هي أهنا قد متوت‬

‫‪136‬‬
‫يف أية حلظة‪ .‬ومأساة حياهتا أهنا ال تفعل هذا‪ ..‬حني وجدت (مارال) النتوء‬
‫األول ذهبت إىل عيادة حيث جلست األمهات الشبيهات بأخيلة املآتة عىل‬
‫مقاعد بالستيكية مرتاصة عىل ثالثة جوانب‪ ،‬بأطفال كسيحني كالدمى عىل‬
‫حجرهن أو عند أقدامهن‪ .‬كان لألطفال سواد حول عيوهنم كام حيدث للموز‬
‫حني يفسد وينكمش‪ .‬واألمهات هيرشن كتال من قرش الشعر الذي سببته‬
‫الفطريات‪ .‬كانت األسنان تبدو عمالقة يف الوجوه الناحلة‪ ..‬ترى األسنان كأهنا‬
‫شظايا عظام خترج من اجللد لتطحن األشياء‪ .‬هكذا ينتهي بك احلال لو مل يكن‬
‫عندك تأمني صحي‪.‬‬

‫قبل أن يعرف أحد شيئا‪ ،‬أراد الكثري من الشواذ جنسيا أن يرزقوا بأطفال‪،‬‬
‫واآلن مرض األطفال بينام أمهاهتم حيترضن وآباؤهم ماتوا بالفعل‪ ..‬جيلسون‬
‫وسط رائحة القيء والبول واخلل‪ ،‬بينام املمرضة تسأل كل أم منذ متى هي‬
‫مريضة‪ ،‬وما إذا كان البنها والد حي أو كفيل‪ ..‬تقول (مارال)‪ :‬ال‪ .‬لو كانت‬
‫ستموت فهي ال تريد أن تعرف هذا‪ ..‬مشت (مارال) من العيادة إىل مغسلة‬
‫املدينة‪ ،‬ورسقت كل رساويل اجلينز من آالت التجفيف‪ ..‬ثم اجتهت إىل بائع أخذ‬

‫‪137‬‬
‫منها الرسوال بخمسة عرش دوالرا‪ .‬وابتاعت لنفسها جوربا بكولون‪ ..‬النوع‬
‫املمتاز الذي ال ينزلق ألسفل‪ ..‬ال يوجد يشء ثابت‪ ..‬كل يشء يسقط‪..‬‬

‫لقد بدأت (مارال) ترتاد مجاعات املساندة ألهنا وجدت أنه من األفضل أن‬
‫هتتم بقاذورات البرش اآلخرين‪ .‬كل إنسان فيه يشء ما خطأ‪ ..‬ولفرتة شعرت‬
‫باستقرار يف قلبها‪ ..‬ثم بدأت (مارال) عمال يف إعدادات اجلنائز يف مستودع‬
‫للجثث‪ ،‬حيث خيرج الرجال البدينون أو ‪ -‬عىل األرجح ‪ -‬النساء البدينات من‬
‫غرفة العرض حاملني جرة حفظ رماد املوتى‪ ،‬يف حجم مظروف البيضة‪.‬‬
‫وجتلس (مارال) يف البهو بشعرها املعقوص وجورهبا ذي الكولون والنتوء يف‬
‫صدرها‪ ..‬وتقول‪« :‬مدام‪ .‬ال تتملقي نفسك‪ ..‬لن نستطيع وضع رأسك املتفحم‬
‫وحده يف هذه اجلرة الصغرية‪ ..‬عودي للمعرض واختاري جرة يف حجم كرة‬
‫(البولنج)»‪.‬‬

‫كان قلب (مارال) يبدو كوجهي متاما‪ ..‬معربا عن فوىض العامل‪ ..‬فضالت‬
‫استهالك قذرة لن هيتم أحد بإعادة تدويرها‪ ..‬أخربتني (مارال) إهنا ‪ -‬ما بني‬
‫جمموعات املساندة والعيادة ‪ -‬قابلت الكثريين ممن ماتوا اآلن‪ ..‬هؤالء الناس‬

‫‪138‬‬
‫ماتوا لكنهم يتصلون ليال هبا من اجلانب اآلخر‪ ..‬كانت (مارال) تذهب إىل‬
‫البارات فتسمع الساقي ينادي باسمها‪ ..‬وحني تذهب لتلقي املكاملة جتد أن اخلط‬
‫ميت‪ ..‬ويف وقتها كانت تعترب أن هذا هو هناية االنحدار ألسفل‪ .‬تقول (مارال)‪:‬‬
‫«حني تكون يف الرابعة والعرشين ال تكون عندك فكرة عن املدى الذي يمكن‬
‫أن تنحدر إليه‪ ..‬لكني كنت رسيعة التعلم»‬

‫يف املرة األوىل التي مألت فيها (مارال) جرة رماد جثث‪ ،‬مل يكن عىل وجهها‬
‫قناع‪ ..‬وبعد هذا متخطت فوجدت يف املنديل الورقي قذارة سوداء بقيت من‬
‫مسرت (فالن الفالين)‪ ..‬يف بيت (بيرب سرتيت)‪ ،‬لو دق اهلاتف مرة ورفعت‬
‫السامعة مل جتد أحدا تعرف عىل الفور أن أحدهم كان يريد (مارال)‪ .‬كان هذا‬
‫حيدث أكثر مما تظن‪.‬‬

‫يف بيت (بيرب سرتيت) اتصل يب مفتش رشطة حيقق يف انفجار شقتي‪ ،‬وقد‬
‫وقف (تايلر) ملصقا صدره بكتفي‪ ،‬هيمس يف أذين األخرى وأنا أمسك‬
‫باهلاتف‪ ..‬وسألني املفتش إن كنت أعرف شخصا قادرا عىل تصنيع ديناميت‬
‫بيتي‪ ..‬فهمس (تايلر)‪« :‬الكوارث جزء طبيعي من نشأيت‪ ..‬نحو املأساة والفناء»‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫أخربت املفتش أن الثالجة انفجرت ودمرت شقتي‪ ..‬هيمس (تايلر)‪« :‬إنني‬
‫ألقطع ارتباطي بالقوة اجلسدية واملمتلكات‪ ..‬ألنني لن أكتشف قوة روحي‬
‫العظمى إال من خالل تدمري نفيس»‪ .‬قال املفتش إن الديناميت كانت فيه‬
‫شوائب‪ ..‬بقايا من أوكساالت األمونيا وبركلوريد البوتاسيوم مما يعني أن‬
‫القنبلة تم صنعها يف املنزل‪ .‬واملزالج عىل الباب األمامي كان موصدا‪ .‬قلت له‬
‫إنني كنت يف (واشنطن) تلك الليلة‪ .‬أخربين املفتش عىل اهلاتف كيف أن أحدهم‬
‫رش الفريون من علبة عىل املزالج‪ ،‬ثم رضبه بإزميل كي هيشم األسطوانة‪ .‬هكذا‬
‫يرسق اللصوص الدراجات‪..‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬املحرر الذي يدمر أمالكي اخلاصة إنام يقاتل من أجل‬
‫خالص روحي‪ .»..‬املفتش يقول إن من صنع القنبلة قد فتح الغاز وأطفأ أضواء‬
‫الفرن قبل االنفجار بأيام‪ ..‬حيتاج األمر إىل أيام حتى يبلغ الغاز للشقة ويصل إىل‬
‫(الكومربسور) يف قاع الثالجة‪ ،‬من ثم يبدأ موتور (الكومربسور) عملية‬
‫التفجري‪..‬‬

‫‪140‬‬
‫هيمس (تايلر)‪« :‬قل له نعم‪ ..‬أنت فعلتها‪ ..‬أنت فجرت كل يشء‪ ..‬هذا ما‬
‫يريد أن يسمعه‪ .»..‬أقول للمفتش أن ال‪ ..‬مل أفتح الغاز ثم أغادر املدينة‪ ..‬أنا‬
‫أحب حيايت‪ ..‬لقد أحببت تلك الشقة‪ ..‬أحببت كل شظية خشب من األثاث‬
‫الذي كان حيايت كلها‪ ..‬كل يشء‪ ..‬املصابيح‪ ..‬املقاعد‪ ..‬السجاجيد‪ ..‬كلها‬
‫كانت أنا‪ ..‬األطباق يف اخلزانة كانت أنا‪ ..‬النباتات كانت أنا‪ ..‬كنت أنا الذي‬
‫انفجر‪ ..‬أال يرى ذلك؟‪ ..‬لكن املفتش أمرين بأال أغادر املدينة‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫الفصل الثاين عرش‬
‫اكتفى سعادته السيد (رئيس احتاد عامل العرض ونقابة مشغيل السينام‬
‫املستقلة) باجللوس‪ .‬كان يشء مروع ينمو خلف وحتت وداخل كل ما أخذه‬
‫كحقيقة مسلمة من قبل‪ .‬ال يوجد يشء ثابت‪ .‬كل يشء يتهاوى ويتحطم‪..‬‬
‫أعرف هذا ألن (تايلر) يعرف هذا‪..‬‬

‫ملدة ثالث سنوات كان (تايلر) يقوم بتجميع وتفكيك الرشائط لسلسلة من‬
‫دور السينام‪ .‬إن الفيلم ينقل يف ست أو سبع بكرات صغرية موضوعة يف علبة‬
‫معدنية‪ .‬عمل (تايلر) هو مجع البكرات الصغرية يف بكرة واحدة قطرها مخسة‬
‫أقدام تتعامل معه آالت العرض التي تغذي نفسها‪ .‬بعد ثالثة أعوام صارت‬
‫سبعة دور عرض ‪ -‬وعىل األقل ثالث شاشات يف كل دار عرض ‪ -‬تقدم‬
‫عروضا جديدة كل أسبوع‪ .‬وكان (تايلر) يتعامل مع مئات النسخ‪ .‬لكن االحتاد‬
‫مل يعد بحاجة إىل (تايلر) بعد اليوم‪ .‬وكان عىل السيد رئيس االحتاد أن يطلب من‬
‫(تايلر) أن جيلس قليال‪ .‬كان العمل ممال والراتب ضئيال لذا فإن رئيس احتاد عامل‬
‫العرض ونقابة مشغيل السينام املستقلة قال إنه يسدي معروفا ل (تايلر دوردن)‬

‫‪142‬‬
‫عن طريق هذا الطرد الدبلومايس املهذب‪ .‬ال تفكر يف هذا كرفض لك‪ .‬فكر يف‬
‫األمر كتخفيض عاملة‪.‬‬

‫يقول السيد رئيس اجلامعة‪« :‬نحن نقدر مسامهتك يف نجاحنا»‪ .‬قال (تايلر)‬
‫إن هذه مل تكن مشكلة‪ ،‬وضحك‪ ..‬فطاملا أرسل له االحتاد شيكاته فهو سيبقي‬
‫فمه مغلقا‪ .‬قال (تايلر)‪« :‬فكر يف هذا كتقاعد مبكر‪ ..‬بمعاش»‪ .‬لقد تعامل‬
‫(تايلر) مع مئات النسخ‪ ،‬وعادت األفالم إىل املوزع‪ ،‬ثم عادت له يف إعادة‬
‫العرض‪ ..‬كوميديا‪ ..‬دراما‪ ..‬أفالم موسيقية‪ ..‬رومانسية‪ ..‬أفالم حركة‪..‬‬
‫مغامرات‪ ..‬كلها تم حلام الكادر املنفرد اخلاص ب (تايلر) فيها‪ ،‬والذي يظهر‬
‫البورنو واللواط والعبودية اجلنسية واجلنس الفموي‪ .‬ليس لدي (تايلر) ما‬
‫خيرسه‪ .‬إن (تايلر) هو خملفات العامل‪ ..‬هذا هو ما طلب مني (تايلر) أن أخرب به‬
‫مدير فندق (برسامن) كذلك‪ .‬يف هذه الوظيفة األخرى له ‪ -‬يف فندق‬
‫(برسامن) ‪ -‬أعلن (تايلر) أنه نكرة‪ ..‬ال أحد يعبأ بحياته أو مماته‪ ..‬وكان الشعور‬
‫متبادال بشكل لعني‪ ..‬هذا ما طلب مني (تايلر) أن أقوله يف غرفة املدير‪ ،‬ورجال‬
‫األمن يقفون خارج الباب‪ .‬سهرت أنا و(تايلر) لساعة متأخرة وتبادلنا‬

‫‪143‬‬
‫احلكايات بعد ما انتهى كل يشء‪ ..‬لقد رصت و(تايلر) أقرب إىل توءمني‬
‫متامثلني‪ ..‬كالنا له عظام وجنة غائرة‪ ،‬وقد فقد جلدنا ذاكرته‪ ..‬نيس إىل أين‬
‫ينزلق بعد ما نرضب‪ ..‬سحجات كانت نتيجة لنادي القتال‪ ،‬أما تشوهات وجه‬
‫(تايلر) فكانت بيد رئيس احتاد عامل العرض‪.‬‬

‫بعد ما خرج (تايلر) زحفا من مكاتب االحتاد‪ ،‬ذهبت أللقي مدير فندق‬
‫(برسامن)‪ .‬جلست هناك يف مكتب مدير فندق (برسامن)‪ .‬أنا (جو املنتقم)‪ .‬كان‬
‫أول ما قاله يل املدير هو أن لدي ثالث دقائق‪ .‬يف أول ثالثني ثانية أخربته كيف‬
‫كنت أبول يف احلساء‪ ،‬وأعطس عىل أوراق سلطة اهلندباء املقلية‪ ،‬واآلن أريد أن‬
‫يرسل يل الفندق شيكا كل أسبوع يساوي أجري عن أسبوع عمل مع البقشيش‪.‬‬
‫يف املقابل لن آيت للعمل ثانية ولن أذهب إىل الصحف والسلطات الصحية ألقدم‬
‫اعرتافايت الباكية‪ .‬سوف تقول املانشيتات‪« :‬جارسون خمتل عقليا يعرتف بتلويث‬
‫الطعام»‪ .‬بالتأكيد قد أدخل السجن‪ ..‬بوسعهم أن يشنقوين أو جيروين يف‬
‫الشوارع أو يسلخوا جلدي وحيرقوين بالصودا الكاوية‪ ..‬لكن فندق (برسامن)‬

‫‪144‬‬
‫سوف يشتهر بأنه املكان الذي أكل فيه أثرى أثرياء العامل البول‪ .‬كلمت (تايلر)‬
‫خترج من فمي‪ ..‬وقد كنت يف املايض شخصا وديعا‪..‬‬

‫يف مكتب احتاد عامل العرض‪ ،‬ضحك (تايلر) بعد ما لكمه رئيس االحتاد‪.‬‬
‫اللكمة أطارت (تايلر) من مقعده فجلس جوار احلائط يضحك‪« .‬هلم!‪ ..‬لن‬
‫تستطيع قتيل! أهيا للعني الغبي!‪ ..‬حولني إىل سجادة لكنك ال تستطيع قتيل‪.»..‬‬
‫لديك الكثري لتخرسه‪ ..‬ليس لدي يشء‪ ..‬أنت لديك كل يشء‪ ..‬هلم!‪ ..‬يف‬
‫معديت‪ ..‬رضبة أخرى لرأيس‪ .‬كهف يف أسناين‪ ..‬لكن استمر يف إرسال‬
‫الشيكات‪ ..‬حطم ضلوعي‪ ..‬لكن لو نسيت راتب أسبوع ألعلنت ما لدي‪،‬‬
‫ولسوف تصري أنت واحتادك احلقري فريسة للمطالبات القانونية من كل صاحب‬
‫فيلم وموزع وكل أم رأى ابنها قضيبا منتصبا يف فيلم الرسوم املتحركة (بامبي)‪.‬‬

‫قال (تايلر)‪« :‬أنا ركام‪ ..‬أنا قاذورات وركام وجمنون بالنسبة لك وكل هذا‬
‫العامل اللعني»‪ .‬قال (تايلر) لرئيس االحتاد‪« :‬أنت ال تبايل بأين أحيا أو كيف أشعر‬
‫أو ماذا آكل أو كيف أطعم أطفايل‪ ..‬أو كيف أدفع للطبيب إذا مرضت‪ ..‬وأنا‬
‫جمنون وملول وضعيف‪ ..‬لكني ما زلت مسئوليتكم»‪ .‬جالسا هنالك يف مكتب‬

‫‪145‬‬
‫فندق (برسامن)‪ ،‬ما زالت شفتاي ممزقتني إىل عرشة أجزاء من أثر نادي القتال‪.‬‬
‫الثقب يف خدي ينظر إىل مدير فندق (برسامن)‪ ..‬هذا مقنع للغاية‪ .‬مبدئيا قلت‬
‫ذات ما قاله (تايلر)‪ .‬فبعد ما أوقع رئيس االحتاد (تايلر) أرضا‪ ..‬وبعد ما رأي‬
‫الرئيس أن (تايلر) مل يرد‪ ..‬تراجع بجسده العمالق ‪ -‬األكرب مما حيتاج إليه ‪-‬‬
‫وركل (تايلر) يف الضلوع‪ ،‬فضحك (تايلر)‪ .‬بعدما تكور (تايلر) ككرة وجه‬
‫الرئيس ركلة إىل كليته لكن (تايلر) كان مستمرا يف الضحك‪ .‬قال (تايلر)‪« :‬هلم‬
‫هات املزيد!‪ ..‬ثق يب‪ ..‬ستشعر بكثري من التحسن‪ ..‬ستشعر بشعور رائع!»‪.‬‬

‫يف مكتب فندق (برسامن)‪ ،‬سألت مدير الفندق إن كان بوسعي استعامل‬
‫هاتفه‪ ،‬وطلبت رقم مكتب التحرير يف اجلريدة‪ .‬وبينام مدير الفندق يراقبني‬
‫قلت‪« :‬مرحبا‪ ..‬أنا ارتكبت جريمة شنعاء ضد اإلنسانية أثناء تعبريي عن‬
‫االحتجاج السيايس‪ ..‬إن احتجاجي كان بسبب استغالل العامل يف مهنة‬
‫الفندقة»‪ ..‬لو دخلت السجن فلن أكون جمرد شخص خمتل عقليا يلوث احلساء‪.‬‬
‫سيكون لألمر بعد بطويل‪( .‬روبني هود) السقاة الذي يعطي الفقراء‪ .‬برفق تناول‬
‫مدير فندق (برسامن) السامعة من يدي‪ .‬وقال إنه ال يريد أن أعمل هنا ثانية‪،‬‬

‫‪146‬‬
‫بالشكل الذي أبدو به اآلن‪ .‬أقف عند مكتبه وأقول‪ :‬ماذا؟‪ .‬ثم أطوح ذراعي‬
‫وأرضب أنفي ليسيل منه الدم‪.‬‬

‫بال سبب عىل اإلطالق أتذكر الليلة التي تشاجرت فيها مع (تايلر) للمرة‬
‫األوىل‪ .‬أريدك أن ترضبني بأقوى ما تستطيع‪ .‬ليست لكمة صعبة‪ .‬أرضب نفيس‬
‫مرة أخرى‪ .‬هذا يبدو مجيال لكني ألقي بنفيس إىل الوراء ألرضب اجلدار‪ ،‬حمدثا‬
‫دويا هائال وموقعا اللوحات املعلقة هناك‪ .‬الزجاج املهشم ولوحة األزهار واملاء‬
‫عىل األرض وأنا بينها‪ .‬الدم يلوث البساط فأمد يدي وأمتسك بحافة مكتب‬
‫املدير‪ ،‬ملوثا إياه بالدم‪ ..‬وأقول‪ :‬أرجوك ساعدين‪ ..‬ساعدين‪ ..‬ثم أبدأ يف‬
‫الضحك‪ .‬ساعدين‪ ..‬ساعدين‪ ..‬ال ترضبني ثانية أرجوك‪ ..‬أنزلق عىل األرض‬
‫وأزحف ملوثا البساط بدمي‪ ،‬ستكون أول كلمة أقوهلا (من فضلك)‪ ..‬لذا أبقي‬
‫شفتي مغلقتني‪ .‬ينهض الوحش وجير نفسه وسط الزهور واألكاليل املرسومة‬
‫عىل البساط الرشقي‪ .‬الدم يسيل من أنفي وينزلق إىل حلقي ثم فمي‪ ..‬حارا‪.‬‬
‫يزحف الوحش عرب البساط ملتهبا جامعا كل الغبار ونسيل الكتان فوق خمالبه‬
‫امللوثة بالدم‪ .‬يمسك باملدير من كاحله ويقوهلا‪ :‬املال‪ .‬وأضحك ثانية‪ ..‬قلها‪..‬‬

‫‪147‬‬
‫ال ترضبني من فضلك‪ ..‬لفظة (أرجوك) خترج وسط فقاعة من الدماء‪ ..‬قلها‪..‬‬
‫أرجوك‪ ...‬وتنفجر الفقاعة بالدم‪...‬‬

‫هذه هي الطريقة التي صار هبا (تايلر) يملك الوقت ليبدأ نادي قتال كل يوم‬
‫من األسبوع‪ ..‬بعد هذا صارت هناك سبعة نواد للقتال‪ ..‬وبعد هذا صار هناك‬
‫مخسة عرش ناديا للقتال‪ ..‬وبعد هذا صار هناك ثالثة وعرشون ناديا للقتال‪،‬‬
‫ومازال (تايلر) يرغب يف املزيد‪ .‬أتوسل ملدير فندق (برسامن)‪ :‬أرجوك‪..‬‬
‫أعطني‪ ..‬أنت متلك كل يشء وأنا ال أملك شيئا‪ ..‬وأزحف بدمي عىل ساقي‬
‫بنطال مدير فندق (برسامن) الذي يرتاجع للوراء‪ .‬يستند عىل عتبة النافذة خلفه‬
‫وحتى شفتاه الرفيعتان ترتاجعان عن أسنانه‪ .‬الوحش ينشب خمالبه يف حزام‬
‫املدير ويتسلق ألعىل كي يمسك بالقميص املنشى األبيض‪ ،‬وألف يدي الداميتني‬
‫حول معصمي املدير الناعمني‪ .‬أرجوك‪ ..‬وأضحك بام يكفي كي يشطر شفتي‬
‫إىل نصفني‪ ..‬ثمة مقاومة إذ يرصخ املدير وحياول حترير يديه مني‪ ..‬ومن دمي‬
‫وأنفي املهشم‪ ..‬القذارة تلتصق بالدم الذي يغطينا‪ ..‬ويف هذه اللحظة األكثر‬
‫روعة يقرر رجال األمن أن يدخلوا الغرفة‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫الفصل الثالث عرش‬
‫نرشت اجلرائد اليوم كيف أن أحدهم اقتحم املكاتب الواقعة بني الطابق‬
‫العارش واخلامس عرش من برج (هاين)‪ ،‬وخرج من نافذة املكتب ودهن اجلانب‬
‫اجلنويب من البناية بقناع ضاحك ارتفاعه مخسة طوابق‪ ،‬ثم أشعل النار وقت‬
‫الفجر‪ ،‬حتى صارت النافذة يف مركز كل عني عمالقة تتألق بوهج عمالق ال‬
‫يمكن جتاهله فوق املدينة بأرسها‪ .‬ويف الصورة التي نرشت يف الصفحة األوىل‪،‬‬
‫يبدو الوجه كثمرة قرع عسيل (يقطينة) غاضبة أو عفريت ياباين أو تنني جشع‬
‫يتعلق يف السامء‪ .‬أما الدخان فبدا كحاجبي ساحرة أو قرين شيطان‪ .‬لقد رصخ‬
‫الناس وهم يطوحون رءوسهم للوراء‪ ..‬ما معنى هذا؟‪ ..‬من فعل هذا؟‪..‬‬

‫حتى بعد انطفاء النار ظل الوجه هناك وازداد سوءا‪ ..‬لقد صارت العينان‬
‫اخلاليتان ترمقان اجلميع يف الشارع‪ ،‬لكنهام يف اآلن ذاته كانتا ميتني‪ ،‬بالطبع تقرأ‬
‫هذا الكالم وترغب يف معرفة ما إذا كان هذا جزءا من (مرشوع األرضار)‪ .‬تقول‬
‫اجلريدة أن رجال الرشطة ليس لدهيم طرف خيط‪ .‬ربام عصابات شباب أو غرباء‬
‫من الفضاء‪ ..‬أيا من كان الفاعل فقد كان معرضا للموت وهو يتعلق بإطارات‬

‫‪149‬‬
‫النوافذ ممسكا بعلبة من الطالء األسود‪ .‬هل هي (جلنة الرضر) أم (جلنة‬
‫التخريب)؟‪ ..‬يبدو أن الوجه العمالق هو واجبهم املنزيل الذي طلب منهم‬
‫األسبوع املايض‪( .‬تايلر) قد يعرف‪ ،‬لكن أول قاعدة يف (مرشوع األرضار) هي‬
‫أنك ال تسأل عن (مرشوع األرضار)‪.‬‬

‫يف (جلنة االعتداء) ب (مرشوع األرضار) هذا األسبوع‪ ،‬يقول (تايلر) إنه علم‬
‫اجلميع متطلبات إطالق الرصاص‪ ..‬كل ما يفعله املسدس هو أن يركز انفجارا‬
‫يف اجتاه واحد‪ ..‬يف اللقاء األخري ل (جلنة االعتداء) جلب (تايلر) سالحا ناريا‬
‫ودليل اهلاتف التجاري‪ .‬يلتقون يف البدروم حيث يلتقي نادي القتال ليلة‬
‫السبت‪ .‬كل جلنة تلتقي يف ليلة مستقلة‪( :‬التخريب) تلتقي االثنني‪( ..‬االعتداء)‬
‫الثالثاء‪( ..‬الرضر) األربعاء‪( ..‬التضليل) تلتقي اخلميس‪ ..‬الفوىض املنظمة‪..‬‬
‫بريوقراطية الفوضوية‪ ..‬ختيل هذا‪ ..‬مثل جمموعات مساندة املرىض‪ .‬يشء من‬
‫هذا القبيل‪ ..‬يف ليلة الثالثاء اقرتحت جلنة (االعتداء) خطة لألسبوع القادم‪..‬‬
‫وقرأ (تايلر) االقرتاحات وأعطى اللجنة واجبها املنزيل‪ .‬يف مثل هذا الوقت من‬
‫األسبوع القادم‪ ،‬جيب عىل كل عضو يف جلنة (االعتداء) أن يدخل مشاجرة ال‬

‫‪150‬‬
‫خيرج منها بطال منترصا‪ ..‬عىل أال تكون يف نادي القتال‪ .‬هذا أصعب مما تصور‪..‬‬
‫إن رجل الشارع يبذل أي جهد كي ال يقاتل‪ ..‬الفكرة هي أن جتد أي نكرة يف‬
‫الشارع ممن مل يسبق هلم القتال‪ ،‬وجتنده‪ ..‬دعه جيرب الفوز ألول مرة يف حياته‪..‬‬
‫اجعله ينفجر‪ ...‬أعطه عذرا كي يوسعك رضبا‪ ..‬يمكنك حتمل هذا‪ ..‬لو فزت‬
‫أنت ألفسدت كل يشء‪..‬‬

‫قال (تايلر) للجنة‪« :‬ما عليكم عمله يا قوم هو أن تذكروا هؤالء األشخاص‬
‫بنوع القوة التي ما زالت لدهيم‪ ..»..‬هذا هو كالم (تايلر) احلاميس‪ .‬ثم إنه فتح‬
‫كل واحدة من األوراق املطوية يف الصندوق الورقي أمامه‪ .‬هكذا تقرتح كل جلنة‬
‫أحداث األسبوع القادم‪ .‬اكتب األحداث يف خانة اجلمعية‪ ..‬ثم اقطع الورقة‬
‫واطوها وضعها يف الصندوق‪( .‬تايلر) يتفقد االقرتاحات ويتخلص من أية‬
‫أفكار سيئة‪ .‬كلام ختلص من ورقة وضع ورقة فارغة مطوية يف الصندوق‪ .‬ثم‬
‫يأخذ كل عضو يف اللجنة ورقة من الصندوق‪ .‬وكام رشح يل (تايلر) فإن من‬
‫يأخذ ورقة بيضاء فليس لديه هذا األسبوع إال واجبه املنزيل‪ .‬لو سحبت اقرتاحا‬
‫فعليك مثال أن تذهب إىل مهرجان البرية هذا األسبوع وتغرق شخصا يف‬

‫‪151‬‬
‫مرحاض كياموي‪ ..‬سوف تنال تقديرا أكرب لو أنك تلقيت علقة عىل عملك هذا‪.‬‬
‫أو حترض عرض أزياء وتقذف جيالتني الشليك (الفراولة) من إحدى الرشفات‬
‫املنخفضة‪ .‬لو قبض عليك تطرد من (جلنة االعتداء)‪ .‬لو ضحكت تطرد من‬
‫اللجنة‪ .‬ال أحد يعرف من يسحب أي اقرتاح‪ ..‬فقط (تايلر) يعرف االقرتاحات‬
‫كلها‪ ،‬ويعرف أهيا تم قبوله وأهيا تم إلقاؤه يف القاممة‪ .‬يف هناية األسبوع قد تسمع‬
‫عن رجل جمهول يرسق سيارة (جاجوار) ويقودها لتسقط يف نافورة‪ .‬عندها‬
‫تتساءل‪ :‬هل هذا اقرتاح من اقرتاحات اللجنة التي كان يمكنك أن تسحبها؟‪..‬‬
‫الثالثاء القادم سوف تذهب للقاء اللجنة حتت الضوء الوحيد يف نادي القتال‬
‫املعتم‪ ،‬وما زلت تتساءل عمن دفع السيارة اجلاجوار نحو النافورة‪ .‬من ذهب إىل‬
‫سقف متحف الفنون وسدد كرات من الدهان نحو قاعة النحت؟‪ ..‬من رسم‬
‫قناع الشيطان عىل برج (هاين)؟‪ ..‬بوسعك أن تتخيل فريقا من الكتبة القانونيني‬
‫وموظفي األرشيف يتسللون إىل مكاتبهم اليومية‪ ..‬لربام كانوا ثملني نوعا حتى‬
‫إن كان هذا ضد قوانني (مرشوع األرضار)‪ .‬يستعملون املفاتيح اخلاصة وعلب‬
‫رش الفريون كي حيطموا أقفال اخلزانات‪ ،‬من ثم يتعلقون عىل واجهة املبنى‬

‫‪152‬‬
‫املكونة من القرميد‪ ،‬ويأمن كل منهم لآلخر بأن يتمسك باحلبل‪ ..‬يتأرجحون‪.‬‬
‫وجيازفون باملوت الرسيع يف تلك املكاتب التي يموتون فيها كل ساعة هنارا‪.‬‬

‫ويف النهار التايل سوف يكون هؤالء املوظفون أنفسهم وسط الزحام‬
‫بشعورهم املمشطة بعناية إىل اخللف‪ ،‬سكارى من قلة النوم لكنهم يضعون‬
‫ربطات العنق‪ ،‬ويصغون للزحام حوهلم يتساءل عمن فعل هذا‪ .‬يرصخ رجال‬
‫الرشطة يف اجلميع أن يبتعدوا بينام املاء يتدفق من كل عني بنية عمالقة‪ .‬قال يل‬
‫(تايلر) إنه ال جيد أكثر من أربعة اقرتاحات جيدة يف كل اجتامع‪ ،‬لذا فإن فرصتك‬
‫يف أن تسحب اقرتاحا حقيقيا هي أربعة من عرشة‪ .‬هناك ‪ 25‬شخصا يف (جلنة‬
‫االعتداء) بمن فيهم (تايلر)‪ .‬يكلف كل منهم بواجبه املنزيل‪ :‬أن خيرس مشاجرة‬
‫أمام املأل‪ ..‬ثم يسحب اقرتاحا‪ .‬هذا األسبوع قال هلم (تايلر)‪:‬‬

‫‪« -‬أخرجوا من هنا وابتاعوا مسدسا‪»..‬‬

‫وناول أحد الفتية دليل اهلاتف وطلب منه أن ينتزع إعالنا منه‪ .‬ثم ناول‬
‫الدليل آلخر‪ .‬ال يسمح لشخصني بأن يذهبا لذات املكان للرشاء أو أطالق‬

‫‪153‬‬
‫النار‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬هذا» ‪ -‬وخيرج مسدسا من جيب معطفه ‪« -‬هذا‬
‫مسدس‪ ..‬وخالل أسبوعني جيب عىل كل منكم أن حيرض مسدسا من احلجم‬
‫ذاته إىل االجتامع‪ .‬ومن األفضل أن تدفعوا ثمنه نقدا»‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬يف اللقاء‬
‫التايل سوف تبدلون املسدسات ثم تبلغون عن رسقة املسدسات التي ابتعتموها»‬

‫مل يسأل أحد عن يشء‪ ..‬أنت ال توجه أسئلة‪ ..‬هذه هي القاعدة األوىل ل‬
‫(مرشوع األرضار)‪ .‬ناول (تايلر) املسدس ملن حوله‪ .‬كان ثقيال برغم صغر‬
‫حجمه كأن شيئا عمالقا كجبل أو شمس قد انكمش ليصنع هذا‪ .‬أمسكه أعضاء‬
‫اللجنة بني إصبعني‪ .‬أراد اجلميع أن يسألوا عام إذا كان حمشوا‪ ،‬لكن القاعدة‬
‫الثانية ل (مرشوع األرضار) هي أنك ال توجه أسئلة‪ .‬ربام كان حمشوا وربام ال‪.‬‬
‫ربام كان علينا دوما أن نفرتض األسوأ‪.‬‬

‫فال (تايلر)‪« :‬السالح صغري ومتقن الصنع‪ .‬كل ما عليك هو أن تسحب‬


‫الزناد للخلف»‪ .‬القاعدة الثالثة ملرشوع التخريب هي أال أعذار هنالك‪ .‬يقول‬
‫(تايلر)‪« :‬الزناد حيرر املطرقة‪ ..‬املطرقة ترضب البارود»‪ .‬القاعدة الرابعة هي ال‬
‫أكاذيب‪« .‬االنفجار ينسف قرصا معدنيا يف الطرف املفتوح للمقذوف‪ .‬وتقوم‬

‫‪154‬‬
‫املاسورة برتكيز املسحوق املتفجر والطلقة التي تنطلق كصاروخ»‪ .‬يقول‬
‫(تايلر)‪« :‬مثل رجل يقذف من مدفع‪ ..‬كقذيفة تنطلق من منصة إطالق‪ ..‬يف اجتاه‬
‫واحد»‪.‬‬

‫حني ابتكر (تايلر) (مرشوع األرضار)‪ ،‬قال إنه ال شأن له بالناس اآلخرين‪.‬‬
‫مل يكن يبايل ما إذا تأذى الناس اآلخرون أم ال‪ .‬كان اهلدف هو أن يعلم كل واحد‬
‫يف املرشوع كيف أن لديه القدرة عىل تغيري التاريخ‪ .‬نحن ‪ -‬كل واحد منا ‪-‬‬
‫بوسعه أن يسيطر عىل العامل‪ .‬لقد ابتكر (تايلر) (مرشوع األرضار) وهو يف نادي‬
‫القتال‪ .‬كنت قد قالت رجال أتى ألول مرة إىل نادي القتال‪ .‬يف ليلة السبت تلك‬
‫جاءنا شاب له وجه مالئكي للمرة األوىل‪ ،‬فدخلت معه يف قتال‪ .‬هذه هي‬
‫القاعدة‪ ..‬لو كانت هذه أول مرة لك يف نادي القتال فعليك أن تقاتل‪ .‬لقد قاتلته‬
‫ألن األرق عاودين وكنت بحاجة إىل تدمري أي يشء مجيل‪ .‬بام أن أكثر وجهي ال‬
‫جيد الفرصة ليلتئم أبدا‪ ،‬فليس لدي ما أخرسه من ناحية املظهر‪ .‬سألني رئييس‬
‫يف العمل عام أفعله بصدد الفجوة التي ال تلتئم أبدا يف خدي‪ .‬قلت له إنني‬
‫أسدها بإصبعني حني أرشب كي ال خترج القهوة منها‪ .‬ويف تلك الليلة يف نادي‬

‫‪155‬‬
‫القتال رضبت هذا القادم اجلديد‪ ،‬ودققت هذا الوجه املالئكي اجلميل‪ ،‬يف‬
‫البداية بالنتوءات العظمية يف قبضتي‪ ،‬ثم بمؤخرة قبضتي بعد ما تعرت‬
‫سالميايت من أثر أسنانه‪ .‬قال يل (تايلر) فيام بعد إنه مل يرين قط أدمر شيئا إىل هذه‬
‫الدرجة الكاملة‪ .‬يف تلك الليلة شعر (تايلر) بأن عليه أن ينقل نادي القتال‬
‫ملستوى آخر أو يغلقه‪ .‬قال (تايلر) وهو جالس إىل مائدة اإلفطار يف الصباح‬
‫التايل‪« :‬بدوت يل كمجنون أهيا املريض النفيس‪ ..‬ألين ذهبت؟» قلت إنني أشعر‬
‫بأسوأ حال ولست مسرتخيا عىل اإلطالق‪ .‬مل أنل أي قسط من النوم‪ .‬ربام كان‬
‫املرء قد بدأ يعتاد القتال‪ ،‬ولربام كان عيل أن انتقل ليشء أكرب‪ .‬يف هذا الصباح‬
‫أبتكر (تايلر) (مرشوع األرضار)‪ .‬سألني (تايلر) عن اليشء الذي أقاتله فعال‪..‬‬
‫ما قاله (تايلر) عن أننا فضالت وعبيد التاريخ هو ما شعرت به فعال‪ ..‬أردت أن‬
‫أدمر كل يشء مجيل مل أنله قط‪ ..‬أحرق غابات أمطار األمازون‪ ..‬أرش‬
‫(الكلوروفلوركاربون) يف طبقة األوزون‪ .‬أفك أغطية آبار البرتول‪ .‬أردت أن‬
‫أقتل السمك الذي لن أستطيع أكله‪ ،‬وأدمر الشواطئ الفرنسية التي لن أراها‬
‫أبدا‪ .‬أردت للعامل كله أن يبلغ احلضيض‪ .‬وأنا أرضب ذلك الفتى متنيت أن أدفن‬

‫‪156‬‬
‫رصاصة بني عيني كل دب (باندا) مهدد باالنقراض ومل يستطع احلفاظ عىل‬
‫ساللته‪ ،‬وكل حوت ودرفيل استسلم وألقى بنفسه عىل الشط‪ .‬ال تعترب هذا‬
‫انقراضا‪ ..‬فكر فيه كخفض أعداد العاملة‪ ،‬آلالف السنني أفسد البرش كل يشء‬
‫عىل هذا الكوكب واآلن يتوقع مني التاريخ أن أنظف ما تركه اجلميع من فوىض‪.‬‬
‫جيب أن أغسل وأجفف علب احلساء‪ ..‬عىل أن أدفع فاتورة التلوث النووي‬
‫وخزانات اجلازولني والنفايات التي تم إلقاؤها قبل أن أولد بجيل كامل‪.‬‬
‫أمسكت بوجه (السيد مالك) كأنه طفل أو كرة حتت إبطي‪ ،‬وسحقته بسالميات‬
‫أصابعي حتى هتشمت أسنانه وبرزت من بني شفتيه‪ .‬حتى سقط من بني ذراعي‬
‫ليتحول إىل كومة عند قدمي‪ .‬حتى رق اجللد عىل عظمتي وجنتيه وصار أسود‪.‬‬
‫أردت أن استنشق الدخان‪ ..‬إن الغزالن والطيور ترف سخيف‪ ،‬والسمك جيب‬
‫أن يموت ويطفو‪ .‬أردت أن أحرق متحف (اللوفر)‪ ..‬سوف أحطم (إجلني‬

‫‪157‬‬
‫ماربلز)( ) بمطرقة وأمسح مؤخريت بال (موناليزا)‪ .‬هذا هو عاملي اآلن‪ .‬عاملي‪...‬‬ ‫*‬

‫عاملي‪ ..‬وهؤالء الناس املندثرون موتى‪.‬‬

‫كان هذا عىل اإلفطار ذلك الصباح‪ ،‬حني ابتكر (تايلر) (مرشوع األرضار)‪.‬‬
‫أردنا أن نحرر العامل من التاريخ‪ .‬كنا نتناول اإلفطار يف ذلك البيت يف (بيرب‬
‫سرتيت)‪ .‬وقد قال يل (تايلر)‪« :‬ختيل أنك تزرع الفجل وتبذر الطامطم يف الطابق‬
‫اخلامس عرش من ناطحة سحاب منسية‪ ،‬سندهن ناطحات السحاب بوجوه‬
‫طوطم وعفاريت‪ .‬ويف املساء سيفر من بقي من البرش إىل حدائق احليوان اخلاوية‪،‬‬
‫ويغلقون عىل أنفسهم األقفاص ليحتموا من الدببة والنمور والذئاب التي ترقبنا‬
‫من خارج قضبان األقفاص ليال»‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬إعادة تدوير النفايات وحتديد‬
‫رسعة القيادة هراء‪ ..‬إهنم يترصفون كالرجل الذي يقلع عن التدخني عىل فراش‬

‫* معناها (رخام إجلني)‪ :‬قطعة أثرية يونانية عظيمة القيمة من معبد (البانثينون) رسقها إيرل (إجلني) عام‬
‫‪ 1801‬ووضعها يف املتحف الربيطاين‪ .‬وهي القصة املعتادة ألن العثامنيني الذين كانوا حيتلون اليونان كانوا‬
‫متساهلني بصدد اآلثار ألهنم مل يروا أية قيمة هلذه األشياء‪ ،‬وحاليا جتري معركة دبلوماسية حتاول فيها اليونان‬
‫اسرتداد هذا األثر املهم‪ .‬لكن يرى كثريون أنه لو مل ترسق هذه التحفة الندثرت أو أحرقها العثامنيون للحصول‬
‫عىل مادة اجلري‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫املوت»‪« .‬إنه (مرشوع األرضار) الذي سينقذ العامل‪ .‬عرص جليد ثقايف‪ ..‬عرص‬
‫ظالم يتم خلقه قبل األوان‪( ..‬مرشوع األرضار) سوف يرغم البرشية عىل أن‬
‫تنام أو تتوقف فرتة كافية إىل أن تشفى األرض من جراحها‪.‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬أنت تربر الفوضوية‪ ..‬تصور هذا‪ ..‬مثلام يفعل نادي القتال‬
‫مع املوظفني فإن (مرشوع األرضار) سوف يدمر احلضارة حتى نتمكن من أن‬
‫نخلق من العامل شيئا أفضل»‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬ختيل أن تطارد األيائل أمام واجهات املحالت وأكوام‬


‫الثياب املتعفنة اجلميلة‪ ..‬سوف تلبس ثيابا جلدية تظل عليك بقية حياتك‪..‬‬
‫سوف تتسلق أغصان (الكودزو) التي حتيط بأبراج (سريز)‪ .‬هذا هو هدف‬
‫(مرشوع األرضار)‪ ..‬أن ينسف احلضارة فورا‪».‬‬

‫أما ما سيحدث فيام بعد يف (مرشوع األرضار) فال أحد يعرف‪ .‬القاعدة‬
‫الثانية هي أال توجه أسئلة‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫قال (تايلر) للجنة االعتداء‪« :‬ال جتلبوا طلقات‪ ..‬وال تقلقوا هبذا الصدد‪..‬‬
‫نعم‪ ..‬سوف يكون عليكم قتل شخص ما‪ ..‬جلان احلرق واالعتداء والتشهري‬
‫والرضر‪ ..‬ال أسئلة‪ .‬ال أسئلة‪ ..‬ال أعذار وال أكاذيب»‪ .‬القاعدة اخلامسة ل‬
‫(مرشوع األرضار) هي أن عليك أن تثق ب (تايلر)‪ .‬طلب مني (تايلر) أن أطبع‬
‫وأنسخ هذه التعليامت‪.‬‬

‫منذ أسبوع كان يقيس أبعاد القبو يف البيت املستأجر يف (بيرب سرتيت)‪ .‬طوله‬
‫‪ 65‬حذاء وعرضه ‪ 40‬حذاء‪ .‬كان يفكر بصوت عال‪ .‬سألني (تايلر)‪:‬‬

‫‪« -‬كم يساوي ‪ 6‬يف ‪7‬؟»‬

‫اثنني وأربعني‪..‬‬

‫‪« -‬و ‪ 42‬يف ‪3‬؟»‬

‫مائة وستا وعرشين‪..‬‬

‫ناولني قائمة ملحوظات كتبت باليد وطلب أن أطبعها وأنسخها ‪ 72‬مرة‪.‬‬


‫سألته مل هذا العدد؟‪ .‬فقال‪« :‬هذا هو عدد الذين يمكن أن يناموا يف القبو لو‬

‫‪160‬‬
‫وضعناهم يف أرسة ذات ثالثة أدوار من فضالت اجليش‪ .‬سألته عن حاجياهتم‬
‫فقال إهنم لن حيرضوا إال ما يف القائمة‪ ..‬وهذا يمكن وضعه حتت احلشية‪.‬‬

‫هذه القائمة جيدها رئييس يف آلة النسخ‪ .‬عداد اآللة ما زال يشري إىل ‪72‬‬
‫نسخة‪ .‬تقول القائمة‪:‬‬

‫‪« -‬إحضار املطلوب ال يضمن قبولك يف التدريبات‪ ..‬لكن لن ننظر بعني‬


‫االعتبار ألي متقدم ما مل جيلب هذه األشياء ومعها ‪ 500‬دوالر نقدا لتغطي‬
‫تكاليف الدفن»‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬إن حرق جثة الفقري يكلف ‪ 300‬دوالر عىل األقل‪ .‬والسعر‬
‫يف ارتفاع‪ .‬كل من يموت وليس معه هذا املال تذهب جثته إىل دروس الترشيح‪.‬‬
‫جيب أن يظل هذا املال يف حذاء الطالب حتى إذا ما هلك ال يكون موته عبئا عىل‬
‫(مرشوع األرضار)‪ .‬باإلضافة هلذا جيب أن حيمل املتقدم معه قميصني ورسوالني‬
‫أسودي اللون»‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫الفصل الرابع عرش‬
‫جيلب رئييس فرخا آخر من الورق إىل مكتبي ويضعه عند كوعي‪ .‬مل أعد‬
‫أضع حتى ربطة العنق‪ .‬رئييس يضع ربطته الزرقاء فال بد أن اليوم اخلميس‪.‬‬
‫الباب املفيض لغرفة رئييس مغلق اآلن‪ ،‬ومل نتبادل إال كلمتني منذ وجد قواعد‬
‫نادي القتال يف آلة النسخ‪ ،‬وحني ملحت إىل أنني قد أفجر أحشاءه ببندقية آلية‪.‬‬
‫ربام أطلب املسئولني عن عقود اإلذعان يف قسم النقل‪ .‬هناك سناد حتميل للمقعد‬
‫األمامي لسياراتنا مل جيتز أيا من اختبارات التصادم قبل أن يتم إنتاجه‪ .‬لو كنت‬
‫تعرف ألين توجه عينيك فهناك جثث مدفونة يف كل صوب‪ .‬أقول له صباح‬
‫اخلري‪ .‬فيقول‪« :‬صباح»‪ .‬عند كوعي أجد وثيقة أخرى رسية كانت خمصصة يل‬
‫فقط‪ ،‬مطلوب زوج من األحذية السوداء واجلوارب السوداء ومعطف أسود‬
‫ثقيل‪ .‬هذا يتضمن الثياب التي يلبسها املتقدم‪ .‬منشفة بيضاء واحدة‪ .‬حشية من‬
‫خملفات اجليش‪ .‬سلطانية بالستيك بيضاء‪ .‬عىل مكتبي ورئييس يقف جواري‪،‬‬
‫ألتقط القائمة األصلية وأشكره‪ .‬يذهب رئييس ملكتبه بينام ألعب لعبة (السوليتري)‬
‫عىل الكمبيوتر‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫بعد ساعات العمل أعطي النسخ ل (تايلر)‪ ،‬ومتر األيام‪ .‬أعود للبيت‪ .‬أذهب‬
‫للعمل‪ .‬أعود للبيت فأجد رجال يقف عىل الرواق األمامي‪ .‬الرجل يقف عىل‬
‫بايب األمامي ومعه قميصه األسود الثاين والرسوال يف كيس ورقي بني اللون‪،‬‬
‫ومعه األشياء األخرية‪ :‬منشفة بيضاء وحشية من فضالت اجليش وسلطانية من‬
‫البالستيك يضعها عىل ترابزين الرواق‪ .‬ومن نافذة بالطابق العلوي نختلس أنا‬
‫و(تايلر) النظر للفتى‪ .‬ويأمرين (تايلر) برصف الفتى‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬إنه صغري‬
‫السن جدا»‬

‫إن الفتى الواقف بالرواق هو السيد (وجه املالك) الذي حاولت تدمريه يوم‬
‫ابتكر (تايلر) (مرشوع األرضار)‪ .‬حتى بعينيه السوداوين وقصة البحارة‬
‫الشقراء يمكنك أن ترى تقطيبته الصارمة بال ندوب وال جتاعيد‪ .‬ضعه يف فستان‬
‫واجعله يبتسم ولسوف يتحول إىل امرأة‪ .‬السيد (وجه املالك) يقف عىل أطراف‬
‫أصابعه وخيتلس النظر عرب شقوق اخلشب‪ ،‬ويداه عىل جانبه‪ ،‬وحذاءاه أسودان‬
‫وقميصه أسود‪ .‬يأمرين (تايلر)‪« :‬ختلص منه‪ ..‬إنه صغري جدا»‬

‫‪163‬‬
‫أسأله‪« :‬متى يعترب الصغري أصغر من الالزم؟»‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬ال هيم‪ .‬إذا‬
‫كان املتقدم صغريا نقول له إنه صغري جدا‪ .‬لو كان بدينا فهو بدين جدا‪ .‬نحيل‬
‫إذن هو نحيل جدا‪ .‬أبيض إذن هو أبيض جدا‪ .‬أسود إذن هو أسود جدا‪.»..‬‬
‫يقول (تايلر) إن هذه هي الطريقة التي كانت املعابد البوذية ختترب هبا املتقدمني‬
‫منذ زمن سحيق‪ .‬تقول للمتقدم لك أن يرحل‪ .‬فإن ظل ينتظر عىل املدخل ثالثة‬
‫أيام بال طعام وال مأوي وال تشجيع‪ ،‬عندها وعندها فقط يمكنه أن يدخل ويبدأ‬
‫التدريب‪ .‬لذا أقول للسيد (وجه مالئكي) إنه صغري السن‪ ،‬ولكنه عند الغداء ما‬
‫زال ينتظر‪ .‬بعد الغداء سأنزل له وأرضبه بمكنسة‪ ،‬من أعىل ينظر يل (تايلر) وأنا‬
‫أهوي بالعصا عىل أذن الفتى‪ ،‬لكن الفتى يظل واقفا‪ ،‬فألقي بام حيمله يف البالوعة‬
‫وأصيح‪ .‬ابتعد‪ ..‬أمل تسمع؟‪ .‬أنت صغري جدا‪ ..‬لن تنجح‪ .‬تعال بعد عامني‬
‫وتقدم ثانية‪ .‬فقط ارحل‪ ..‬ابتعد عن مدخل بيتي‪ .‬يف اليوم الثاين مازال الفتى‬
‫هناك‪ ،‬فيخرج له (تايلر) قائال‪« :‬أنا آسف‪ .»..‬هو آسف ألنه كلم الفتى عن‬
‫التدريب‪ ،‬لكن الفتى صغري فعال بحق‪ ،‬فليته يتفضل بالرحيل‪ .‬أسلوب الرشطي‬
‫الطيب والرشطي الرشير‪ .‬أرصخ من جديد يف الفتى‪ ،‬ثم بعد ست ساعات خيرج‬

‫‪164‬‬
‫له (تايلر) ليقول إنه آسف لكن ال‪ ..‬جيب أن يرحل‪ .‬يقول (تايلر) إنه سيطلب‬
‫الرشطة ما مل يرحل الفتى‪ .‬لكن الفتى يبقى وثيابه مازالت يف البالوعة‪ .‬الريح‬
‫تبعد الكيس الورقي املمزق‪ .‬لكنه يبقى‪ .‬يف اليوم الثالث هناك متقدم آخر عىل‬
‫الباب‪ .‬السيد (مالك) ما زال هناك‪ ،‬فينزل (تايلر) ويقول له‪« :‬هلم‪ ..‬هات‬
‫حاجياتك من الشارع وادخل»‪ .‬وللشخص اجلديد يقول (تايلر) إنه آسف‪ ،‬لكن‬
‫هناك خطأ‪ .‬إن القادم اجلديد أكرب سنا من أن يتدرب هنا‪ ،‬فلو تفضل بالرحيل‪.‬‬

‫أذهب للعمل كل يوم ثم أعود‪ ،‬ويف كل يوم هناك رجل أو اثنان ينتظران يف‬
‫الرواق‪ .‬ال تلتقي عيوهنم يب‪ .‬أغلق الباب وأتركهم هناك‪ .‬ظل هذا حيدث يوميا‬
‫لفرتة ما‪ ،‬فأحيانا يرحل املتقدم وأحيانا يبقى حتى اليوم الثالث‪ ،‬وحتى امتألت‬
‫كل أرسة املبيت التي ابتعتها و(تايلر) ووضعناها يف القبو‪ .‬ذات مرة أعطاين‬
‫(تايلر) مخسامئة دوالر نقدا وطلب أن أحفظها يف حذائي طيلة الوقت‪ .‬تكاليف‬
‫دفني‪ .‬هذه عادة أخرى من عادات أديرة البوذيني‪ .‬أعود من العمل اليوم ألجد‬
‫البيت مليئا بالغرباء الذين قبلهم (تايلر)‪ .‬كلهم يعمل‪ ..‬لقد حتول الطابق األول‬
‫كله إىل مطبخ ومصنع صابون‪ .‬ال خيلو احلامم أبدا‪ .‬خيتفي بعض الرجال بضعة‬

‫‪165‬‬
‫أيام ثم يعودون ومعهم حقائب محراء مطاطية مليئة بالدهن السائل‪ .‬ذات ليلة‬
‫يصعد (تايلر) للطابق العلوي ليجدين أتوارى يف غرفتي فيقول‪« :‬ال تضايقهم‪..‬‬
‫هم مجيعا يعرفون ما يفعلون‪ .‬هذا جزء من (مرشوع األرضار)‪ .‬ال أحد يفهم‬
‫اخلطة كاملة‪ ،‬لكن كل واحد مدرب عىل أداء جزء صغري برباعة‪»..‬‬

‫إن قاعدة (مرشوع األرضار) هي أن عليك أن تثق ب (تايلر)‪ .‬ثم يرحل‬


‫(تايلر)‪ .‬طيلة اليوم يقوم فريق فتية (مرشوع األرضار) بتذويب الدهن‪ .‬وأنا ال‬
‫أنام‪ .‬طيلة الليل أسمع باقي الفرق ختلط الصودا الكاوية وتقطع الصابون‪،‬‬
‫وتطهيه ثم تغلف كل قطعة صابون باملناديل الورقية وتضع عليها خاتم رشكة‬
‫(بيرب سرتيت للصابون)‪ .‬يبدو أن كل واحد يعرف ما يفعله باستثنائي‪ ،‬و(تايلر)‬
‫مل يعد للبيت‪ .‬أحتضن اجلدران شاعرا بأنني فأر حبيس هذه اآللية من الرجال‬
‫الصامتني الذين هلم طاقة القردة املدربة‪ ،‬يطهون ويعملون وينامون يف فرق‪ .‬شد‬
‫رافعة‪ ..‬اضغط زرا‪ .‬فريق من قردة الفضاء يطهو الوجبات طيلة اليوم‪ ،‬وفرق‬
‫من قردة الفضاء تأكل من السلطانيات التي جلبوها معهم‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫ذات صباح كنت ذاهبا للعمل ألجد (بوب) الضخم يف البهو يلبس حذاء‬
‫أسود وقميصا أسود ورسواال‪ .‬أسأله عام إذا كان قد رأى (تايلر) مؤخرا‪ .‬هل‬
‫أرسله (تايلر) هنا؟‪ .‬يقول (بوب) الضخم وكعباه متالصقان وظهره مستقيام‪:‬‬
‫«القاعدة األوىل ل (مرشوع األرضار) هي أنك ال توجه أسئلة عن (مرشوع‬
‫األرضار)»‪ .‬فأسأل عن املهمة التي ال حتتاج لعقل التي كلفه هبا (تايلر)‪ .‬هناك‬
‫أشخاص مهمتهم سلق األرز طيلة اليوم‪ ،‬أو غسل سلطانيات األكل أو تنظيف‬
‫املخلفات‪ .‬طيلة اليوم‪ .‬هل وعده (تايلر) بالسعادة إذا ما قىض ست عرشة ساعة‬
‫يوميا يقطع الصابون؟‪ .‬ال يقول (بوب) الضخم شيئا فأعود للعمل‪ .‬أعود‬
‫لداري ألجد أن (بوب) ما زال يف مكانه‪ .‬ال أنام طيلة الليل ويف الصباح أجد‬
‫(بوب) الضخم يعنى باحلديقة‪ .‬قبل أن أذهب للعمل أسأل (بوب) الضخم‬
‫عمن دعاه إىل هنا‪ .‬من كلفه هبذا العمل؟‪ .‬هل رأى (تايلر)؟‪ .‬هل كان (تايلر)‬
‫هنا ليلة أمس؟‪ .‬يقول (بوب) الضخم‪« :‬القاعدة األوىل ل (مرشوع األرضار)‬
‫هي أنك ال توجه أ‪»..‬‬

‫‪167‬‬
‫هنا أقاطعه‪ .‬أقول‪ ..‬أجل‪ ..‬أجل‪ ..‬أجل‪ ..‬وبينام أنا يف العمل تقوم فرق قردة‬
‫الفضاء بحفر العشب املوحل حول البيت‪ ،‬ويعاملون القذارة بأمالح (اإلبسوم)‬
‫لتقليل احلمضية‪ .‬ويكومون الروث الذي مجعوه من حظائر املاشية مع أكياس‬
‫من بقايا الشعر من احلالقني‪ ،‬إلبعاد اخللدان والفئران وزيادة حمتوى الربوتني يف‬
‫األرض‪ .‬ويف أية حلظة يأيت قردة الفضاء من سلخانة ما‪ ،‬بحقائب من الدم لزيادة‬
‫احلديد يف الرتبة‪ ،‬والعظام لزيادة الفوسفور‪ .‬فرق قردة الفضاء تزرع الرحيان‬
‫والزعرت واخلس والنعناع يف شكل متعدد األلوان‪ .‬نافذة من الزهور وسط كل‬
‫بقعة خرضاء‪ .‬فريق آخر خيرج ليال لقتل القواقع والعلق بضوء الشمعة‪ .‬فريق‬
‫آخر من قردة الفضاء يلتقط األوراق وثمر العليق األفضل لغليه من أجل‬
‫احلصول عىل صبغ طبيعي‪ .‬العشب املعمر ألنه مطهر طبيعي‪ ،‬وأوراق البنفسج‬
‫ألهنا تشفي الصداع‪ ،‬وال (وودرف) ألنه يعطي الصابون رائحة العشب الذي تم‬
‫جزه‪ .‬ويف املطبخ زجاجات من الفودكا لصنع صابون السكر البني‪ .‬أرسق‬
‫زجاجة فودكا وأنفق تكاليف جنازيت عىل السجائر‪ .‬تظهر (مارال)‪ .‬نتحدث عن‬
‫النباتات‪ .‬نميش أنا و(مارال) عرب اخلرضة التي تشبه الكاليدوسكوب‬

‫‪168‬‬
‫(املشكال)‪ ،‬نرشب وندخن‪ .‬نتحدث عن ثدييها‪ ،‬نتحدث عن كل يشء ماعدا‬
‫(تايلر دوردن)‪.‬‬

‫وذات يوم نجد يف الصحف كيف أن فريقا من رجال يرتدون السواد قد‬
‫اقتحموا حيا أكثر ثراء باجلوار‪ ،‬ومعرضا للسيارات الفاخرة‪ ،‬وهم حيطمون‬
‫مصدات السيارات بمضارب البيزبول‪ ،‬حتى انتفخت أكياس اهلواء بالداخل‬
‫وانفجرت مبعثرة ما فيها من مسحوق‪ ،‬وقد راحت إنذارات السيارات تعوي‪.‬‬

‫ويف مصنع (بيرب سرتيت للصابون) فرق أخرى تلتقط البتالت من الزهور‪،‬‬
‫أو شقائق النعامن والالفندر وتضعها يف صناديق مع طبقة من الشحم الذي‬
‫سيمتص الرائحة‪ ،‬ليصنعوا صابونا برائحة الزهور‪ .‬ختربين (مارال) عن‬
‫النباتات‪ .‬إن الزهرة ‪ -‬تقول يل ‪ -‬قابض طبيعي لألنسجة‪ .‬بعض الزهور هلا‬
‫أسامء جنائزية‪ :‬السوسن‪ ..‬الرحيان‪ ..‬إكليل اجلبل‪ ..‬الفربينا‪ ...‬بعضها هلا أسامء‬
‫جنيات شكسبري مثل‪( :‬سبايكنارد) و(كاوزليبس) و(ميدوسويت)‪ ..‬لسان‬
‫الغزال برائحة الفانيليا املحببة فيه‪ .‬يف كل ليلة أميش مع (مارال) يف احلديقة إىل‬
‫أن أتيقن أن (تايلر) لن يعود هذه الليلة‪ .‬خلفنا قرد فضاء جيمع البلسم أو النعناع‬

‫‪169‬‬
‫الذي هتشمه (مارال) حتت أنفي‪ .‬عقب سيجارة عىل األرض‪ .‬قرد الفضاء يسوي‬
‫املمر خلفه ليمسح أي أثر يقول إننا مررنا هنا‪.‬‬

‫وذات ليلة يف حديقة وسط املدينة‪ ،‬سكب بعض الرجال اجلازولني حول‬
‫كل شجرة ومن شجرة لشجرة أشعلوا حريق غابات مصغرا‪ ،‬جاء يف الصحيفة‬
‫كيف أن نوافذ جملس املدينة عرب الشارع ذابت‪ ،‬وكيف أن السيارات الواقفة‬
‫انصهرت عجالهتا‪.‬‬

‫بيت (تايلر) املستأجر يف (بيرب سرتيت) كائن حي رطب من الداخل‪ ،‬بكل‬


‫هؤالء الذين يعرقون ويتنفسون‪ .‬كثريون يتحركون بالداخل فيرتك املنزل‪ .‬كان‬
‫هناك من يثقب آالت الرصافة واهلواتف التي تعمل بالعملة‪ ،‬ثم حيقن يف الثقوب‬
‫شحام وبودنج الفانيليا‪ .‬و(تايلر) مل يعد للبيت‪ .‬لكن بعد شهر صارت لعدد من‬
‫قردة الفضاء قبلة (تايلر) عىل ظهور أيدهيم‪ .‬ثم اختفى هؤالء القردة أيضا‪ ،‬وجاء‬
‫آخرون‪ .‬ويف كل يوم يأيت الرجال يف سيارات خمتلفة‪ .‬ال ترى السيارة ذاهتا‬
‫مرتني‪ .‬ذات ليلة أسمع (مارال) يف الرواق تقول لقرد فضاء‪« :‬أنا هنا كي أري‬

‫‪170‬‬
‫(تايلر)‪( ..‬تايلر دوردن) يعيش هنا‪ ..‬أنا صديقته»‪ .‬يقول قرد الفضاء‪« :‬آسف‪..‬‬
‫لكنك‪ »...‬ثم يصمت ويقول‪« :‬أنت أصغر سنا من أن تتدريب هنا»‬

‫‪« -‬اذهب للجحيم»‬

‫يقول قرد الفضاء‪« :‬باإلضافة هلذا أنت مل جتلبي األشياء املطلوبة‪ .‬قميصان‬
‫«(تايلر)‪.»..!..‬‬ ‫(مارال)‪:‬‬ ‫فترصخ‬ ‫أسودان»‪.‬‬ ‫ورسواالن‬
‫وحذاءان‪(«..‬تايلر)‪ .»..!..‬وجوربان أسودان وزوجان من الثياب الداخلية‪.‬‬
‫«(تايلر)‪ .»..!..‬وأسمع الباب األمامي يغلق بقوة‪( .‬مارال) ال تنتظر ثالثة‬
‫األيام‪ .‬يف أكثر األيام أعود بعد العمل وأعد لنفيس شطرية من زبد الفول‬
‫السوداين‪ .‬حني أعود للمنزل أجد أحد قردة الفضاء حيكي للقردة اآلخرين‬
‫املحتشدين يف الطابق األول‪:‬‬

‫‪« -‬أنت لست كسفة ثلجية مجيلة نادرة‪ .‬أنت مادة عضوية متحللة ككل‬
‫واحد آخر‪ .‬وكلنا جزء من كومة الروث ذاهتا‪ - ».‬يواصل قرد الفضاء ‪« -‬ثقافتنا‬

‫‪171‬‬
‫جعلتنا اليشء ذاته‪ ..‬ال أحد منا يف احلقيقة أبيض أو أسود أو ثري‪ ..‬كلنا نريد‬
‫اليشء ذاته‪ .‬بينام من ناحية الفردية نحن ال يشء»‬

‫ويتوقف القارئ حني أدخل ألعد شطرية‪ ،‬وجيلس كل قردة الفضاء صامتني‬
‫كأنام أنا وحدي‪ .‬أطلب منهم أال يضايقوا أنفسهم‪ .‬لقد قرأته بالفعل‪ .‬بل طبعته‪.‬‬
‫حتى رئييس قرأه‪ .‬كلنا كومة قاممة كبرية‪ .‬استمروا‪ ..‬العبوا لعبتكم الصغرية‪.‬‬

‫ينتظر قردة الفضاء صامتني حتى أعد شطرييت وآخذ زجاجة فودكا أخرى‬
‫وأصعد يف الدرج‪ .‬خلفي أسمع‪« :‬أنت لست كسفة ثلجية مجيلة نادرة»‪ .‬أنا (جو‬
‫ذو القلب املحطم) ألن (تايلر) ختىل عني‪ .‬ألن أيب ختىل عني‪ .‬آه‪ ..‬يمكنني‬
‫االستمرار لألبد‪ .‬يف عدة ليال بعد العمل أقصد نادي قتال آخر يف قبو أو مرآب‬
‫وأسأل اجلميع إن كانوا قد رأوا (تايلر)‪ .‬يف كل نادي قتال هناك رجل مل أره قط‬
‫يقف حتت ضوء وحيد يف قلب الظالم‪ ،‬حييط به الرجال‪ ،‬ويقرأ كلامت (تايلر)‪.‬‬
‫القاعدة األويل لنادي القتال‪ :‬ال تتكلم عن نادي القتال‪ .‬حني يبدأ القتال أنتحي‬
‫بقائد النادي جانبا وأسأله عام إذا كان قد رأى (تايلر)‪ .‬أقول إنني أعيش مع‬
‫(تايلر) ومل يعد للبيت منذ فرتة‪ .‬تتسع عينا الرجل ويسألني إن كنت حقا أعرف‬

‫‪172‬‬
‫(تايلر دوردن)‪ .‬هذا حيدث يف أكثر أندية القتال‪ .‬نعم‪ ..‬أقول إنني أفضل صديق‬
‫ل (تايلر)‪ .‬ثم فجأة يريد اجلميع أن يصافحوين‪ .‬ينظر هؤالء للثقب يف خدي‬
‫واجللد املسود عىل وجهي‪ ،‬واللون األصفر واألخرض عىل احلواف‪ ،‬ثم يلقبونني‬
‫بالسيد‪ .‬ال يا سيدي‪ ..‬عىل اإلطالق يا سيدي‪ .‬ال أحد يعرفونه قابل (تايلر‬
‫دوردن)‪ .‬أصدقاء أصدقائنا عرفوا (تايلر) وأنشأوا هذا القسم من نادي القتال‬
‫يا سيدي‪ .‬ثم يغمزون يل‪ .‬ال أحد يعرفونه رأى (تايلر دوردن)‪ .‬يسألني اجلميع‬
‫هل (تايلر) يكون جيشا اآلن حقا؟‪ .‬هذه هي الكلمة‪ .‬هل (تايلر) ال ينام إال‬
‫ساعة فحسب كل ليلة؟ اإلشاعات تقول إن (تايلر) سيوجد أندية قتال يف كل‬
‫البالد‪ .‬ما بعد هذا؟‪ ..‬يريد الكل أن يعرف‪ .‬لقد انتقلت اجتامعات (مرشوع‬
‫األرضار) إىل أقبية أكرب ألن كل جلنة‪ :‬السطو‪ ..‬اإليذاء‪ ..‬التشهري‪ ..‬تنمو إذ‬
‫يتخرج أفراد أكرب من نادي القتال‪ .‬كل جلنة هلا قائد وحتى القادة ال يعرفون‬
‫مكان (تايلر)‪ .‬يتصل هبم هاتفيا كل أسبوع‪ .‬كل من يف (مرشوع األرضار) يريد‬
‫معرفة وماذا بعد‪ .‬إىل أين نحن ذاهبون؟ ما الذي نتطلع إليه؟‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫يف (بيرب سرتيت) أميش أنا و(مارال) يف احلديقة ليال بأقدام حافية‪ ،‬وكل‬
‫خطوة تتصاعد منها رائحة زهرة الفربينا واجلرمانيوم‪ .‬حولنا قمصان ورساويل‬
‫سود وشموع‪ ،‬يرفعون أوراق الشجر ليقتلوا قوقعا أو علقة‪ .‬تسأل (مارال) عام‬
‫حيدث هنا‪ .‬الرباز والشعر املقصوص يربز جوار اكوام الرتاب‪ .‬عظام ودم‪.‬‬
‫النباتات تنمو أرسع مما يستطيع قردة الفضاء جزها‪ .‬تسألني (مارال)‪« :‬ماذا تنوي‬
‫عمله؟»‪ .‬ماذا أقول؟‪ .‬وسط الطني أرى بقعة ذهبية تلمع فأنحني ألراها‪ .‬أقول‬
‫ل (مارال) إنني ال أعرف ما سيحدث‪ .‬يبدو أننا تم التخيل عنا‪ ،‬بركن عيني أرى‬
‫قردة الفضاء جيولون يف ثياب سود‪ ،‬وكل منهم ينحني عىل شمعته‪ .‬اليشء‬
‫الذهبي الذي وجدته هو رضس أمامي له حشو ذهبي‪ .‬جواره يربز رضسان‬
‫حمشوان بالزئبق اململغم فيض اللون‪ .‬إهنا عظمة فك‪ .‬أقول ال‪ ..‬ال أعرف ما‬
‫سوف حيدث‪ ..‬وأدفن الرضس‪ ..‬الرضسني‪ ..‬ثالثة األرضاس وسط القاذورات‬
‫مع الشعر والرباز حيث لن تستطيع (مارال) أن تراها‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫الفصل اخلامس عرش‬
‫ليلة اجلمعة هذه أنام عىل مكتبي يف العمل‪ .‬حني أصحو ووجهي ويداي‬
‫املتقاطعتان عىل مكتبي‪ ،‬يدق جرس اهلاتف‪ ،‬وقد رحل اجلميع‪ .‬كان جرس‬
‫هاتف يدق يف أحالمي وال أعرف إن كان الواقع قد انزلق للحلم‪ ،‬أم أن احللم‬
‫قد انسكب عىل الواقع‪ .‬أرد عىل اهلاتف‪ .‬املسئولية القانونية واإلذعان‪ .‬هذا هو‬
‫القسم الذي أعمل فيه‪ .‬املسئولية القانونية واإلذعان‪.‬‬

‫الشمس تغرب وسحب عاصفة قادمة من (وايومنج) واليابان تتجمع‬


‫نحونا‪ .‬ليس األمر أن لدي نافذة يف املكتب‪ .‬كل اجلدران اخلارجية هي زجاج‬
‫من السقف إىل األرضية‪ .‬كل يشء أعمل فيه هو زجاج من السقف إىل األرضية‪.‬‬
‫كل يشء ستائر أفقية‪ .‬كل يشء هو سجادة رمادية صناعية مربقشة بشواهد‬
‫القبور الصغرية‪ ،‬حيث تنغرس أجهزة احلاسب الشخيص يف الشبكة‪ .‬كل يشء‬
‫متاهة من املربعات حتيط هبا أسوار من اخلشب الرقائقي املبطن‪ .‬مكنسة كهربية‬
‫تئز يف مكان ما‪ .‬ذهب رئييس للعمل‪ .‬أرسل يل بريدا إلكرتونيا ثم اختفي‪ .‬عىل‬
‫أن أعد مراجعة رسمية خالل أسابيع‪ .‬أرتب كل أوراقي‪ .‬أجري حتديثات عىل‬

‫‪175‬‬
‫امللخص الذي سأعرضه‪ .‬إهنم يرتبون ملقاضايت‪ .‬أنا (جو الذي ال يندهش أبدا)‪.‬‬
‫لقد كنت يف الفرتة األخرية أترصف بشكل تعس‪.‬‬

‫ألتقط اهلاتف فإذا هذا (تايلر) الذي يقول‪:‬‬

‫‪« -‬أخرج اآلن‪ .‬ثمة أشخاص ينتظرونك يف ساحة انتظار السيارات»‪ .‬أسأله‬
‫من هم؟‪ .‬فيقول (تايلر)‪« :‬إهنم ينتظرون»‪ .‬أشم رائحة اجلازولني من يدي‪ .‬يقول‬
‫(تايلر)‪« :‬أخرج‪ .‬إن معهم سيارة باخلارج‪ .‬لدهيم سيارة كاديالك»‪ .‬ما زلت شبه‬
‫نائم وال أعرف إن كان (تايلر) حلام‪ ،‬أم أين أنا حلم (تايلر)‪ .‬أشم رائحة‬
‫اجلازولني عىل يدي‪ .‬ال أحد هنا لذا أخرج قاصدا ساحة االنتظار‪ .‬هناك شخص‬
‫من نادي القتال يعمل يف السيارات‪ ،‬وها هو ذا يوقف سيارته (الكورنيش)‬
‫حيث مكان وقوف أحدهم‪ .‬كل ما أستطيع عمله هو أن أنظر إليها‪ ..‬كل السيارة‬
‫أسود وذهبي‪ ..‬علبة سيجار عمالقة تتأهب لتقودين إىل مكان ما‪ .‬خيرج‬
‫امليكانيكي من السيارة ليخربين أال أقلق‪ .‬لقد بدل األرقام مع سيارة أخرى تقف‬
‫يف ساحة االنتظار الطويلة عىل طريق املطار‪ .‬يقول امليكانيكي إن بوسعه أن‬
‫يشغل أي يشء‪ .‬سلكان خيرجان من عمود القيادة‪ .‬وصل السلكني معا عندما‬

‫‪176‬‬
‫تغلق الدائرة إىل امللف اللولبي لبادئ احلركة‪ ،‬وتأخذ السيارة يف رحلة جمنونة‪.‬‬
‫إما أن تفعل هذا أو تزيف شفرة املفتاح‪ .‬ثالثة قردة فضاء جتلس يف املقعد اخللفي‬
‫بقمصاهنم ورساويلهم السود‪ .‬ال أري رشا‪ .‬ال أسمع رشا‪ .‬ال أقول رشا‪ .‬أسأل‬
‫أين (تايلر) إذن؟‪ .‬يفتح يل امليكانيكي باب الكاديالك كأنه سائقي اخلاص‪.‬‬
‫الرجل نحيل وبارز العظام له كتفان يذكرانك بعارضة اهلدف‪ .‬أسال إن كنا‬
‫ذاهبني للقاء (تايلر)‪.‬‬

‫يف وسط املقعد كعكة عيد ميالد هبا شموع تنتظر من يوقدها‪ .‬أدخل‪ .‬نقود‬
‫السيارة‪ .‬حتى بعد أسبوع من نادي القتال ال يضايقك أن تقود برسعة قانونية‪.‬‬
‫ربام يكون لون برازك أسود ولديك إصابات داخلية ملدة يومني‪ ،‬لكنك بخري‪.‬‬
‫السيارات األخرى متر بك‪ .‬سيارات تتكوم وراءك وقائدوها يأتون بحركات‬
‫بذيئة بأيدهيم‪ .‬الغرباء يكرهونك‪ .‬ال يوجد يشء شخيص هنا‪ .‬بعد نادي القتال‬
‫أنت مسرتخ متاما فليس بوسعك أن هتتم‪ .‬حتى الراديو ال تفتحه‪ .‬ربام تؤملك‬
‫ضلوعك بسبب كرس رفيع كالشعرة كلام أخذت نفسا‪ .‬السيارات خلفك تقلب‬

‫‪177‬‬
‫أنوارها‪ .‬الشمس تغرب ذهبية برتقالية‪ .‬امليكانيكي هنا يقود السيارة‪ .‬كعكة عيد‬
‫امليالد عىل املقعد بيننا‪.‬‬

‫من املفزع أنه ترى رجاال مثل امليكانيكي يف نادي القتال‪ .‬األشخاص‬
‫النحيلون ال يتوقفون أبدأ‪ .‬يقاتلون حتى يتحولوا إىل هامبورجر‪ .‬رجال بيض‬
‫موشومون كأهنم هياكل عظمية غمست يف شمع أصفر‪ ،‬ورجال سود كاللحم‬
‫املقدد‪ .‬هؤالء الرجال يظلون معا‪ .‬ال يقولون توقف أبدا‪ .‬إهنم مليئون بالطاقة‬
‫وهيتزون برسعة حتى أنك ترى حدودهم زائغة‪ .‬هؤالء األشخاص الذين‬
‫يتعافون من يشء ما‪ .‬كأن آخر خيار أمامهم هو املوت‪ ،‬وهم يريدون أن يموتوا‬
‫يف قتال‪ .‬جيب أن يقاتلوا بعضهم‪ .‬لن يدعوهم واحد آخر للقتال‪ ،‬وهم لن يدعوا‬
‫شخصا آخر إال النحيل مثلهم ذلك املفعم عظاما وهتورا‪ ..‬وألن أحدا آخر لن‬
‫يقبل مقاتلتهم‪ .‬املشاهدون ال يرصخون حني يلتحم شخصان مثل امليكانيكي‪.‬‬
‫كل ما تسمعه هو صوت املقاتلني يلهثان عرب األسنان‪ ،‬واأليدي تلتحم‪ ،‬وصوت‬
‫التصادم حني ترتطم القبضات بالضلوع الرفيعة اجلوفاء‪ .‬ترى األوتار‬
‫والعضالت واألوردة حتت جلودهم ثب‪ .‬جلودهم تلمع وتعرق حتت الضوء‬

‫‪178‬‬
‫الوحيد‪ .‬عرش‪ .‬مخس عرشة دقيقة تتوارى‪ ،‬يعرقون‪ ..‬وعرقهم له رائحة تذكرك‬
‫بالدجاج املقيل‪ .‬ستمر عرشون دقيقة من نادي القتال‪ .‬يف النهاية يسقط أحد‬
‫الرجلني‪ .‬بعد القتال يظل رجالن من مدمني املخدرات الذين حياولون اإلقالع‬
‫معا بقية الليلة‪ ،‬مرهقني يبتسامن ألهنام قاتال بخشونة‪ .‬منذ إنشاء نادي القتال‬
‫وهذا امليكانيكي يقيم حول بيت (بيرب سرتيت)‪ .‬يريدين أن أسمع األغنية التي‬
‫كتبها‪ .‬أن أرى عش الطيور الذي ابتناه‪ .‬أراين صورة لفتاة وسألني عام إذا كانت‬
‫مجيلة بام يكفي ليتزوجها‪.‬‬

‫جالسا يف املقعد األمامي يقول الرجل‪:‬‬

‫‪« -‬هل رأيت تلك الكعكة التي صنعتها لك؟‪ ..‬أنا صنعتها‪ .»..‬هذا ليس‬
‫عيد ميالدي‪« .‬بعض الزيت وصل إىل األطواق‪ .‬لكني غريت الزيت ومرشح‬
‫اهلواء‪ .‬تفقدت الصامم والتوقيت‪ .‬من املفرتض أن ينهمر املطر الليلة لذا غريت‬
‫الشفرات»‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫أسأله عام ينتويه (تايلر)‪ .‬يفتح مطفأة التبغ ويدفع والعة السجائر‪ ،‬ويقول‪:‬‬
‫«هل هذا اختبار؟‪ ..‬هل متتحننا؟»‪ .‬أين (تايلر)؟‪« .‬القاعدة األوىل لنادي القتال‬
‫هي أال تتكلم عن نادي القتال» وآخر قاعدة ل (مرشوع األرضار) هي أنك ال‬
‫توجه أسئلة‪ ،‬فامذا عساه خيربين؟‪ .‬يقول يل‪« :‬جيب أن تفهم أن أباك كان هو‬
‫النموذج الذي بنيت عليه ختيلك لإلله»‪.‬‬

‫ومن ورائي يصغر مكتبي ووظيفتي‪ ..‬أصغر‪ ..‬فأصغر‪ ..‬خيتفيان‪ .‬أشم‬


‫رائحة اجلازولني عىل يدي‪ ،‬يقول امليكانيكي‪« :‬لو كنت ذكرا مسيحيا وكنت‬
‫تعيش يف أمريكا‪ ،‬فإن أباك هو نموذجك لإلله‪ .‬وإذا مل تكن تعرف أباك‪ ،‬أو مات‬
‫أو مل تره يف البيت أبدا‪ ،‬فكيف يكون إيامنك باهلل؟»‪.‬‬

‫تلك هي عقيدة (تايلر دوردن) جمملة‪ .‬خطها عىل أوراق بينام أنا نائم ثم‬
‫أعطيت يل كي أنسخها وأصورها يف العمل‪ .‬قرأهتا كلها‪ .‬حتى رئييس قرأها عىل‬
‫األرجح‪ .‬يقول امليكانيكي‪« :‬ينتهي بك األمر أن تقيض حياتك بحثا عن األب‬
‫واإلله‪ .‬جيب عليك أن تقبل احتامل أن اهلل ال حيبك‪ .‬ربام هو يكرهنا‪ ..‬ليس هذا‬
‫أسوأ يشء يمكن أن حيدث»‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫وكان رأي (تايلر) أن جذب اهتامم اإلله بك عن طريق الرش قد يكون أفضل‬
‫من أال تنال اهتاممه عىل اإلطالق‪ .‬ربام مقته لك أفضل من المباالته‪ .‬لو كان‬
‫عليك االختيار بني أن تكون عدوه أو ال يشء فأهيام ختتار؟‪ .‬حسب كالم (تايلر‬
‫دوردن) فنحن أبناء الرب األوسطون‪ ،‬بال مكان خاص يف التاريخ أو عناية‬
‫خاصة‪ .‬ما مل ننل اهتامم الرب فال أمل لنا يف اللعنة أو اخلالص‪ .‬ما األسوأ؟‪..‬‬
‫اجلحيم أم ال يشء؟‪ ..‬فقط حني نعتقل ونعاقب يمكننا أن نرجو اخلالص‪ .‬يقول‬
‫امليكانيكي‪« :‬احرق اللوفر وامسح مؤخرتك باملوناليزا‪ ..‬هبذه الطريقة عىل‬
‫األقل سيعرف الرب اسامءنا»‪ .‬كلام انحدرت أكثر كلام حلقت أعىل‪ .‬كلام ابتعدت‬
‫أكثر كلام أراد الرب أن تعود أكثر‪ .‬يقول امليكانيكي‪« :‬لو أن االبن الضال مل يربح‬
‫الدار لظل احلمل السمني حيا» ( )‪ .‬ال يكفي أن تكون ذرة رمل من رمال‬
‫*‬

‫الشاطئ أو نجمة من النجوم يف السامء‪.‬‬

‫ويدخل بالسيارة إىل املمر القديم الذي ال يسمح بالتجاوز‪ ،‬ورسعان ما‬
‫يتكون صف من الشاحنات متيش وراءنا بالرسعة القانونية‪ .‬تعمينا األضواء من‬

‫* يتكلم عن قصة عودة االبن الضال يف التوراة‪ .‬فالفتى الضال قد عاد ألبيه‪ ،‬من ثم ذبح له أسمن محل عنده‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫خلفنا‪ ،‬وها نحن أوالء نتكلم‪ ..‬وقد انعكست صورتنا عرب زجاج النافذة‪ .‬نقود‬
‫بالرسعة التي تسمح للقانون أن يكون قانونا كام كان (تايلر) سيقول‪ .‬إن القيادة‬
‫برسعة تشبه إشعال النار أو زرع القنابل أو إطالق الرصاص عىل رجل‪ .‬املجرم‬
‫هو املجرم هو املجرم‪.‬‬

‫يقول امليكانيكي‪« :‬األسبوع املايض كان بوسعنا أن نمأل أربعة أندية قتال»‪.‬‬
‫األسبوع القادم لو وجد امليكانيكي بارا مناسبا فإنه سوف يرشح القوانني ل‬
‫(بوب) الضخم ويعطيه نادي القتال اخلاص به‪ .‬من اآلن حينام ينشئ أحد القادة‬
‫نادي قتال‪ ،‬وحني يقف اجلميع يف الضوء الوحيد يف القبو ينتظرون‪ ،‬جيب أن‬
‫يدور القائد ويدور حول حدود الزحام يف الظالم‪ .‬أسأله من الذي صنع هذه‬
‫القواعد اجلديدة؟‪ .‬هل هو (تايلر)؟‪ ..‬يبتسم امليكانيكي ويقول‪« :‬أنت تعرف‬
‫من يصنع القواعد»‪ .‬القاعدة اجلديدة هي أنه ال جيب أن يكون أحد مركزا لنادي‬
‫القتال‪ .‬ال أحد يقف يف املركز باستثناء الرجلني املتصارعني‪ .‬سوف يرصخ القائد‬
‫وهو يميش ببطء حول الزحام يف الظالم‪ .‬سينظر الرجال يف الزحام للرجال‬
‫اآلخرين عرب مركز الغرفة‪ .‬هكذا سيكون احلال يف كل أندية القتال‪ .‬ليس من‬

‫‪182‬‬
‫العسري أن جتد مرآبا أو بارا الستضافة نادي قتال جديد‪ .‬حسب ما يقول‬
‫امليكانيكي فإن القاعدة اجلديدة لنادي القتال هي أنه سيظل جمانيا لألبد‪ .‬لن‬
‫يكلفك الدخول ماال أبدا‪.‬‬

‫يرصخ امليكانيكي من النافذة اجلانبية يف السيارات القادمة نحونا‪ ،‬بينام هواء‬


‫الليل البارد هيب عىل جانب السيارة‪« :‬نريدكم أنتم ال مالكم!»‪ .‬يرصخ‬
‫امليكانيكي من النافذة‪« :‬ما دمتم يف نادي القتال‪ ،‬فأنتم لستم ما لديكم من مال‬
‫يف املرصف‪ ..‬أنتم لستم وظائفكم‪ ..‬أنتم لستم أرسكم‪ ..‬أنتم لستم ما تقولونه‬
‫ألنفسكم»‪ .‬يرصخ امليكانيكي يف الريح‪« :‬أنتم لستم أسامءكم‪ .»..‬يتوىل أحد‬
‫قردة الفضاء يف املقعد اخللفي األمر‪« :‬أنتم لستم مشاكلكم‪ ..‬أنتم لستم‬
‫أعامركم‪ .»..‬امليكانيكي يمأل السيارة بأضواء الكشافات عرب الزجاج‪ .‬سيارة تلو‬
‫أخرى تندفع نحونا مبارشة نحونا وآلة تنبيهها ترصخ‪ ،‬فينحرف امليكانيكي بام‬
‫يكفي فقط لتحاشيها‪ .‬األضواء تأيت نحونا أكرب فأكرب‪ ..‬آالت التنبيه تعوي‪..‬‬
‫فيمد امليكانيكي عنقه نحو الوهج والضوضاء ويرصخ‪« :‬أنتم لستم آمالكم‪.»..‬‬
‫فال يسمع أحد رصاخه‪ .‬هذه املرة انحرفت السيارة التي كانت قادمة نحونا‪،‬‬

‫‪183‬‬
‫سيارة أخرى قادمة وأضواؤها تتوهج‪ ..‬ختفت‪ ..‬تتوهج‪ ..‬ختفت‪ ..‬آلة التنبيه‬
‫تعوي‪ ..‬فيرصخ امليكانيكي‪« :‬لن تنجوا!»‬

‫وال ينحرف لكن السيارة القادمة نحونا مبارشة تفعل‪ ،‬تظهر سيارة أخرى‬
‫فيعوي امليكانيكي‪« :‬كلنا سنموت يوما ما‪ »..‬هذه املرة تنحرف السيارة القادمة‬
‫لكن امليكانيكي ينحرف كذلك يف طريقها‪ .‬تتحرف السيارة فينحرف امليكانيكي‬
‫كذلك‪ .‬لقد صار الوجه للوجه من جديد‪ .‬تذوب وتنتفخ يف هذه اللحظة‪ .‬من‬
‫أجل هذه اللحظة ال يشء هيم‪ .‬انظر للنجوم ولسوف ينتهي أمرك أنت‪ ..‬ليس‬
‫أمر متاعك‪ ..‬ال يشء هيم‪ ..‬حتى رائحة البخر الكرهية من فمك‪.‬‬

‫النوافذ مظلمة من اخلارج وآلة تنبيه السيارة تدوي‪ .‬أضواء املقدمة تتوهج‬
‫وختفت يف وجهك‪ ،‬فلن يكون عليك أن تذهب للعمل ثانية‪ .‬لن حتتاج إىل حالقة‬
‫شعر أخرى‪ .‬يقول امليكانيكي‪« :‬برسعة‪»..‬‬

‫وتنحرف السيارة ثانية فيعاود االنحراف يف طريقها‪ .‬يقول‪« :‬ماذا كنت‬


‫تتمنى لو فعلته قبل أن متوت؟»‪ .‬والسيارة القادمة تعوي وامليكانيكي هادئ‬

‫‪184‬‬
‫جدا‪ ،‬حتى أنه يلتفت يل جواره عىل املقعد ويقول‪« :‬عرش ثوان عىل التصادم‪..‬‬
‫تسع‪ ..‬ثامن‪ ..‬سبع‪ ..‬ست‪.»..‬‬

‫أقول‪ :‬وظيفتي‪ .‬أمتنى لو تركت وظيفتي‪ .‬تبتعد الرصخة إذ تنحرف السيارة‬


‫لكن امليكانيكي ال ينحرف ليصدمها‪ .‬أضواء أكثر أمامنا‪ ،‬فيستدير امليكانيكي‬
‫لثالثة القردة يف املقعد اخللفي‪ .‬ويقول‪« :‬هيه يا قردة الفضاء‪ ..‬أترون كيف نلعب‬
‫هذه اللعبة؟‪ ..‬اعرتفوا اآلن وإال متم مجيعا»‪..‬‬

‫متر جوارنا سيارة عىل اليمني كتب عىل واقي االصطدام اخلاص هبا‪« :‬أنا‬
‫أقود أفضل حني أكون ثمال»‪ .‬تقول الصحف إن آالفا من هذه امللصقات‬
‫ظهرت عىل السيارات ذات صباح‪ .‬ملصقات أخرى تقول‪« :‬كن عجيل»‪.‬‬
‫«السائقون الثملون يتحدون األمهات»‪« .‬قم بإعادة تدوير كل احليوانات»‪.‬‬
‫قرأت الصحف وعرفت أن (جلنة التشهري) هي من فعل هذا‪ .‬أو ربام (جلنة‬
‫األذى)‪ .‬جالسا جواري خيربين ميكانيكي نادي القتال‪ ،‬ذلك الرجل النظيف‬
‫املتزن أن نعم‪ ..‬ملصقات الثمل هذه جزء من (مرشوع األرضار)‪ .‬القردة الثالثة‬
‫هادئون يف املقعد اخللفي‪( .‬جلنة األذى) تطبع بطاقات جيب للخطوط اجلوية‬

‫‪185‬‬
‫تظهر املسافرين يتقاتلون عىل أقنعة األكسجني‪ ،‬بينام هتوي طائرهتم نحو‬
‫الصخور برسعة ألف ميل يف الساعة‪ .‬تتسابق جلنتا التشهري واألذى عىل تطوير‬
‫فريوس جيعل آالت الرصافة يف البنوك مريضة‪ ..‬لدرجة أن تتقيأ أوراقا بعرشة‬
‫وعرشين دوالرا‪ .‬خترج القداحة املشتعلة فيطلب مني امليكانيكي أن أوقد شموع‬
‫التورتة‪ .‬أشعل الشموع فتتوهج الكعكة حتت هالة من النريان‪« .‬ماذا كنت تتمني‬
‫لو فعلته قبل أن متوت؟»‪ .‬يقوهلا امليكانيكي وينحرف بنا يف وجه شاحنة آتية‪.‬‬
‫تطلق الشاحنة آلة تنبيهها مطلقة دويا عاليا تلو آخر بينام كشافاهتا األمامية تسطع‬
‫كأهنا الشمس لتيضء ابتسامة امليكانيكي‪ .‬يقول للمرآة حيث جيلس قردة الفضاء‬
‫يف املقعد اخللفي‪« :‬متنوا شيئا‪ ..‬برسعة!»‬

‫«أمامنا مخس ثوان قبل النسيان النهائي‪ ..‬واحد‪ .»..‬لقد صارت الشاحنة‬
‫هي كل يشء أمامنا‪« ..‬ثالثة»‪ .‬من املقعد اخللفي يقول أحدهم‪« :‬اركب حصانا‪..‬‬
‫ابن بيتا‪ ..‬ارسم وشام»‪.‬‬

‫يقول امليكانيكي‪« :‬فلتؤمن يب‪ ..‬وعندها ستموت لألبد‪.»..‬‬

‫‪186‬‬
‫انحرفت الشاحنة بعد فوات األوان‪ ،‬وانحرف امليكانيكي لكن مؤخرة‬
‫سيارتنا رضبت أحد رفارف الشاحنة األمامية‪ .‬مل أعرف هذا وقتها‪ .‬ما أعرفه هو‬
‫األضواء‪ .‬األضواء تتألق يف الظالم وأطري أنا ألرضب الباب اجلانبي ثم الكعكة‬
‫ثم امليكانيكي خلف عجلة القيادة‪ .‬شموع الكعكة تنطفئ‪ .‬ويف ثانية رائعة مل يعد‬
‫هناك ضوء داخل السيارة الدافئة املبطنة باجللد‪ ،‬واندفعت رصخاتنا بنفس‬
‫النغمة العميقة‪ .‬مع نفس األنني اخلفيض لبوق الشاحنة اهلوائي‪ ،‬فلم تعد لنا‬
‫سيطرة وال خيارات وال اجتاه وال مفر‪ ..‬لقد هلكنا‪ .‬أمنيتي اآلن هي أن أموت‪..‬‬
‫أنا ال أمثل شيئا للعامل إذا قورنت ب (تايلر)‪ .‬أنا عديم احليلة‪ ..‬غبي‪ ..‬وكل ما‬
‫أفعله هو أن أريد وأحتاج ألشياء‪ ،‬حيايت احلقرية‪ ..‬عميل القذر‪ ..‬أثاثي‬
‫السويدي‪ ..‬مل أقل ألحد هذا قط قط‪ ،‬لكن قبل أن ألقى (تايلر) كنت أنوي رشاء‬
‫كلب وأسميه (حاشية السلطان)‪ ..‬إىل هذا احلد يمكن أن تسوء حياتك‪ .‬اقتلني‪.‬‬
‫أمتسك بعجلة القيادة وأتلوى عائدا إىل زحام املرور‪ .‬اآلن استعد إلفراغ‬
‫روحك‪ .‬اآلن يصارع امليكانيكي عجلة القيادة نحو جانب الطريق وأنا أصارع‬
‫كي أموت‪ .‬هذه معجزة املوت املذهلة‪ .‬يف ثانية أنت حي متيش وتتكلم‪ ..‬ويف‬

‫‪187‬‬
‫الثانية األخرى أنت يشء‪ .‬أنا ال يشء بل أقل من هذا‪ .‬بارد‪ .‬غري مرئي‪ .‬أشم‬
‫اجللد‪ .‬حزام األمان يلتف من حويل كقميص األكتاف‪ .‬وحني أحاول النهوض‬
‫يرضب رأيس عجلة القيادة‪ .‬هذا يؤملني أكثر مما جيب‪ .‬أنظر ألعىل فأرى وجه‬
‫امليكانيكي من فوقي يبتسم ويقود وأرى النجوم خارج نافذته‪ .‬يداي ووجهي‬
‫لزجان بفعل يشء‪ ..‬هل هو دم؟‪ .‬ثلج ناعم خمفوق كالقشدة‪ .‬يقول امليكانيكي‪:‬‬
‫«عيد ميالد سعيد»‪ .‬أشم الدخان فأتذكر كعكة عيد امليالد‪ .‬يقول‪« :‬كدت أحطم‬
‫عجلة القيادة برأسك»‪.‬‬

‫ال يشء سوى هذا‪ ..‬فقط هواء الليل ورائحة الدخان والنجوم وامليكانيكي‬
‫يقود ويبتسم‪ .‬رأيس يف حجره‪ .‬وفجأة شعر بأنني غري راغب يف اجللوس‪ .‬أين‬
‫الكعكة؟‪ ..‬يقول امليكانيكي‪« :‬عىل األرض‪ .»..‬فقط هواء الليل ورائحة الدخان‬
‫أثقل‪ .‬هل حققت أمنيتي؟ فوقي عىل خلفية نجوم السامء يبتسم الوجه‪:‬‬

‫‪« -‬شموع عيد امليالد هذه‪ ..‬إهنا من النوع الذي ال ينطفئ‪».‬‬

‫‪188‬‬
‫وفوق رأيس تتعود عيناي الظلمة لرتيا الدخان ينبعث من نريان صغرية‬
‫حتيط بنا يف بطانة سقف السيارة‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫الفصل السادس عرش‬
‫يضغط ميكانيكي نادي القتال دواسة البنزين‪ ،‬ممارسا هتوره اهلادئ خلف‬
‫عجلة القيادة‪ ،‬ومازال لدينا عمل مهم نقوم به الليلة‪ .‬ثمة يشء جيب أن أتعلمه‬
‫قبل انتهاء احلضارة‪ ،‬هو أن أنظر للنجوم وأعرف اجتاهي‪ .‬األمور هادئة كأننا‬
‫نقود سيارة كاديالك يف الفضاء اخلارجي‪.‬‬

‫ثالثة الرجال يف املقعد اخللفي فقدوا وعيهم أو ناموا‪ .‬يقول امليكانيكي‪:‬‬


‫«أنت مررت بتجربة دنو من احلياة»‪ ..‬يرفع يده عن املقود ويلمس الكدمة‬
‫الطويلة حيث رضب رأيس عجلة القيادة‪ .‬لقد تورمت جبهتي إىل حد أن عيني‬
‫أغلقتا‪ ،‬وهو يمرر طرف إصبع بارد عىل التورم‪ .‬ترتطم السيارة (الكورنيش)‬
‫فينفجر األمل من عيني كام خيرج الظل من حافة القبعة‪ .‬صوت املساعدين‬
‫اخللفيني يعوي ويئن يف السكون بينام نحن نندفع يف هذا الطريق اللييل‪ .‬يقول‬
‫امليكانيكي كيف أن واقي الصدمات اخللفي مل يعد يثبته إال األربطة‪ ،‬وكيف إنه‬
‫كاد ينفصل حني اشتبك بواقي صدمات الشاحنة‪ .‬أسأله عام إذا كانت الليلة‬

‫‪190‬‬
‫جزءا من واجبات (مرشوع األرضار)؟‪ .‬يقول‪« :‬جزء منها‪ ..‬عيل أن أقدم أربعة‬
‫قرابني برشية‪ ..‬عيل أن أجلب الكثري من الشحم»‬

‫‪« -‬شحم؟»‬

‫‪« -‬للصابون»‬

‫ماذا خيططه (تايلر)؟‪ .‬يتكلم امليكانيكي ومن الواضح أن هذا كالم (تايلر‬
‫دوردن)‪« :‬أرى أمامي أذكى الرجال عىل وجه األرض»‪ .‬ويرتسم وجهه حمددا‬
‫أمام النجوم يف نافذة السائق «وهؤالء الرجال يعملون يف مضخات البنزين أو‬
‫يقومون باخلدمة عىل املوائد»‪ .‬أرى بوضوح عىل خلفية النجوم منظر جبهته‪..‬‬
‫حاجبيه‪ ..‬منحنى أنفه‪ ..‬أهدابه‪ ..‬املنظر اجلانبي البالستيكي لفمه‪.‬‬

‫‪« -‬لو استطعنا وضع هؤالء القوم يف معسكرات تدريب ونربيهم‪« .»..‬كل‬
‫ما يفعله املسدس هو تركيز انفجار يف اجتاه واحد»‪« .‬لديك طابور من الشباب‬
‫والشابات‪ ..‬وكلهم يريدون التضحية بحياهتم هلدف ما‪ .‬اإلعالنات جعلت‬
‫هؤالء القوم يطاردون السيارات والثياب التي ال حيتاجون إليها‪ .‬هناك أجيال‬

‫‪191‬‬
‫ظلت تعمل يف وظائف تكرهها فقط لتستطيع رشاء أشياء ال حتتاج إليها‪ ...‬ال‬
‫توجد حروب عظيمة يف جيلنا وال كساد عظيم‪ ..‬لكن لدينا حربا عظمى‬
‫للروح‪ .‬لدينا ثورة عظمى ضد الثقافة‪ .‬الكساد العظيم هو حياتنا‪ .‬جيب أن نعلم‬
‫هؤالء الرجال والنساء معنى احلرية عن طريق استعبادهم‪ .‬نعلمهم معنى‬
‫الشجاعة بإفزاعهم»‪« .‬نابليون زعم كاذبا أنه يستطيع أن جيعل الناس يضحون‬
‫بحياهتم من أجل قطعة من وشاح‪ .‬تصور لو أننا نظمنا إرضابا وأبى اجلميع‬
‫العمل حتى يتم توزيع ثروات العامل بالقسطاس»‪« .‬ختيل صيد الوعول يف‬
‫الغابات حول خرائب مركز (روكفلر) التجاري»‪.‬‬

‫يقول امليكانيكي‪« :‬ما قلته عن وظيفتك‪ ..‬هل كنت تعنيه؟‪ .»..‬نعم كنت‬
‫أعنيه‪« .‬هلذا نحن عىل الطريق الليلة»‪ .‬نحن فرقة صيد نبحث عن الدهن‪.‬‬
‫سنذهب إىل مستودع املهمالت الطبي‪ .‬سنذهب إىل املحرقة وهناك بني الثياب‬
‫اجلراحية املهملة وغيار اجلروح‪ ،‬واألورام التي مر عليها عرش سنوات‪ ،‬واإلبر‬
‫التي ختلصوا منها‪ ،‬وأنابيب احلقن الوريدي‪ ..‬أشياء خميفة‪ .‬نعم أشياء خميفة‪ .‬بني‬
‫عينات الدم واألطراف املبتورة سنجد ماال أكثر مما نستطيع نقله يف ليلة واحدة‬

‫‪192‬‬
‫حتى لو كنا سننقله يف شاحنة خملفات‪ .‬سنجد ماال يكفي لتحميل هذه‬
‫(الكورنيش) حتى حمور العجلة‪« .‬دهن‪ ..‬دهن تم شفطه من أكثر األفخاذ ثراء‬
‫يف أمريكا‪ .‬أغنى وأسمن أفخاذ يف العامل»‪ .‬هدفنا هو األكياس احلمراء املليئة‬
‫بالدهن الذي تم شفطه لننقله إىل (بيرب سرتيت) ونخلطه بالصودا الكاوية‬
‫ونبات إكليل اجلبل‪ ،‬ونبيعه ثانية للناس الذين دفعوا ليشفطوه‪ .‬قطعة الصابون‬
‫بعرشين دوالرا‪ ..‬هؤالء األشخاص هم الوحيدون الذين يمكنهم دفع مبلغ‬
‫كهذا‪ .‬يقول‪« :‬أكثر الدهون ثراء ودسامة يف العامل‪ .‬هذا جيعل الليلة نوعا من‬
‫مغامرات (روبني هود)‪ .»..‬نريان الشمع تتناثر عىل بطانة السقف‪ .‬يقول‪« :‬بينام‬
‫نحن هناك‪ ..‬علينا أن نفتش عن بعض فريوسات االلتهاب الكبدي كذلك»‬

‫‪193‬‬
‫الفصل السابع عرش‬
‫اآلن بدأت الدموع تنهمر‪ ،‬وانحدرت قطرة كبرية عىل ماسورة املسدس ثم‬
‫عىل احللقة املحيطة بالزناد لتنفجر عىل إصبعي السبابة‪ .‬أغمض (ريموند هسل)‬
‫عينيه لذا ضغطت املسدس بقوة عىل صدغه‪ ،‬حتى يظل شاعرا به هناك‪ ،‬وأنني‬
‫بجواره‪ ،‬وأن هذه حياته‪ .‬أنه قد يموت يف أية حلظة‪ .‬مل يكن هذا سالحا رخيصا‬
‫وقد تساءلت عام إذا كان امللح يمكن أن يتلفه‪ .‬لقد كان كل يشء سهال‪ .‬لقد‬
‫فعلت كل ما طلبه امليكانيكي‪ .‬هلذا احتجنا إىل رشاء مسدس‪ .‬هذا هو واجبي‬
‫املنزيل‪ .‬علينا أن نجلب ل (تايلر) اثنتي عرشة رخصة قيادة‪ .‬معنى هذا أن كال منا‬
‫سيقدم اثني عرش قربانا برشيا‪.‬‬

‫لقد أوقفت سياريت وانتظرت خارج املربع العمراين حتى ينهي (ريموند‬
‫هيسل) ورديته يف (كونر مارت) الساهر طيلة الليل‪ .‬وعند منتصف الليل كان‬
‫بانتظار احلافلة الليلية حني دنوت منه وقلت‪ :‬مرحبا‪ .‬مل يقل (ريموند هيسل) أي‬
‫يشء‪ .‬ربام حسب أنني أريد ماله‪ ..‬راتبه الذي يبلغ احلد األدنى‪ ..‬األربعة عرش‬
‫دوالرا يف جيبه‪ .‬آه يا (ريموند هيسل)!‪ ..‬يا ألعوامك الثالثة والعرشين‪ ..‬حني‬

‫‪194‬‬
‫رحت تبكي والدموع تنحدر عىل ماسورة املسدس امللصق بصدغك‪ ..‬ال‪ ..‬مل‬
‫يكن املال هو غريض‪ .‬ليس املال كل يشء‪ .‬مل تقل مرحبا‪ .‬أنت لست حافظة‬
‫نقودك التعسة‪.‬‬

‫أقول له‪ :‬ليلة طيبة لكن باردة‪ .‬حتى مرحبا مل تقلها‪ .‬قلت ال جتر وإال أطلقت‬
‫الرصاص عليك من الظهر‪ .‬أخرجت املسدس وكنت أضع قفازات من‬
‫الالتكس‪ ،‬حتى إذا صار املسدس دليل اهتام يف قضية فلن يكون عليه إال قطرات‬
‫دمع (ريموند هيسل) اجلافة‪( .‬ريموند هيسل) أبيض عمره ثالثة وعرشون عاما‬
‫بال عالمات مميزه‪.‬‬

‫ثم نلت اهتاممك‪ .‬عيناك كبريتان لدرجة أنني يف إضاءة الشارع اخلافتة‬
‫استطعت أن أرى أن لوهنام أخرض مقاوم للتجمد‪ .‬كنت هتتز لألمام واخللف كلام‬
‫ملس املسدس وجهك‪ ،‬كأنام املسدس ساخن جدا أو بارد جدا‪ .‬حتى قلت أنا ال‬
‫تتقهقر‪ ..‬عندها تركت املسدس يلمسك‪ ،‬وحتى يف هذه اللحظة أرجعت رأسك‬
‫للوراء بعيدا عن املاسورة‪ .‬أعطيتني حافظتك كام طلبت‪ .‬كان اسمك عىل‬
‫الرخصة هو (ريموند ك‪ .‬هيسل)‪ .‬تعيش يف ‪ 1320‬إس إي ببنج‪ .‬شقة أ‪ .‬ال بد‬

‫‪195‬‬
‫أهنا شقة يف البدروم‪ .‬شقق البدروم تأخذ حروفا بدال من األرقام‪( .‬ريموند ك‬
‫ك ك ك ك هيسل)‪ ..‬كنت أتكلم معك‪ .‬تدحرج رأسك للوراء بعيدا عن املسدس‬
‫وقلت نعم‪ .‬قلت نعم أنت تعيش يف البدروم‪« .‬لديك صور يف احلافظة كذلك‪.‬‬
‫هناك صورة أمك‪ .‬جيب أن تفتح عينيك لرتى صورة بابا وماما يبتسامن وترى‬
‫املسدس يف الوقت ذاته‪ .‬لكنك تفعل ثم تغمض عينيك ثانية وتبدأ يف البكاء‪.‬‬

‫سوف هتدأ‪ ..‬إهنا معجزة املوت املذهلة‪ .‬يف دقيقة أنت شخص‪ ..‬يف الدقيقة‬
‫األخرى أنت يشء‪ .‬ولسوف يتصل بابا وماما بالطبيب العجوز أيا كان اسمه‬
‫طالبني سجالت تقويم أسنانك للتعرف عىل جثتك‪ ،‬ألنه لن يبقى من وجهك‬
‫الكثري‪ .‬بابا وماما كانا يتوقعان منك الكثري‪ ..‬لكن احلياة مل تكن عادلة‪ ،‬وها قد‬
‫صارت األمور إىل هذا‪ .‬أربعة عرش دوالرا‪ .‬هل هذه أمك؟‪ .‬نعم‪ .‬كنت تبكي‪..‬‬
‫تتمخط ‪ ..‬تبكي‪ ..‬وابتلعت ريقك‪ .‬نعم‪ .‬لديك بطاقة مكتبة‪ .‬لديك كارنيه‬
‫استعارة فيديو‪ .‬بطاقة أمن اجتامعي‪ .‬أربعة عرش دوالرا نقدا‪ .‬أردت أن آخذ‬
‫ترصيح اشرتاك احلافلة لكن امليكانيكي أمرين بأن آخذ رخصة القيادة فقط‪.‬‬
‫كارنيه طالب جامعي انتهى تاريخ صالحيته‪ .‬كنت تدرس شيئا ما‪ .‬هنا أطلقت‬

‫‪196‬‬
‫رصخة حادة حتى أنني ضغطت املسدس أكثر عىل خدك‪ ،‬فبدأت ترتاجع حتى‬
‫أمرتك بأن تثبت وإال مت حيث أنت‪ .‬ماذا كنت تدرس؟‪ .‬أين؟‪ ..‬يف الكلية‪.‬‬
‫لديك كارنيه طالب جامعي‪ .‬أوه‪ ..‬مل تكن تعرف‪ ..‬ابك‪ ..‬ابتلع ريقك‪ ..‬متخط‪..‬‬
‫متخط‪ ..‬كنت أدرس األحياء‪.‬‬

‫اسمع‪ ..‬اآلن ستموت يا (ريموند ك ك ك ك ك هيسل)‪ ..‬الليلة‪ .‬ربام متوت‬


‫خالل ثانية أو ساعة‪ ..‬قرر هذا‪ .‬لذا اكذب عيل‪ .‬قل يل أول ما خيطر بذهنك‪.‬‬
‫ابتكر شيئا‪ .‬ال أهتم‪ .‬إن السالح معي‪ .‬أخريا تصغي وخترج من املأساة الصغرية‬
‫التي يف ذهنك‪ .‬امأل الفراغات‪ .‬ماذا يريد (ريموند هسل) أن يكونه حني يكرب؟‬
‫العودة للدار‪ ..‬قلت إن كل ما تريده هو العودة لدارك‪ .‬ال غرابة يف هذا‪ .‬لكن‬
‫بعد هذا كيف تنوي أن متيض حياتك لو كان بوسعك عمل كل يشء يف العامل؟‪.‬‬
‫ابتكر شيئا‪ .‬ال تعرف؟‪ ..‬إذن ستموت اآلن‪ .‬أقول اآلن أدر رأسك‪ .‬املوت يبدأ‬
‫خالل عرش‪ ..‬تسع‪ ..‬ثامن‪ ..‬تقول أريد أن أكون طبيبا بيطريا‪ .‬هذا يعني‬
‫احليوانات‪ ..‬عليك أن تذهب للمدرسة هلذا الغرض‪ .‬معنى هذا الكثري من‬
‫الدراسة‪ .‬من املمكن أن تذهب للمدرسة وتدرس بجد أو تكون ميتا‪ .‬اخرت‬

‫‪197‬‬
‫أنت‪ .‬وضعت احلافظة يف اجليب اخللفي لرسوالك اجلينز‪ .‬إذن أردت أن تكون‬
‫طبيب حيوانات‪.‬‬

‫أنزع فوهة املسدس عن خد وألصقها باآلخر‪ .‬هل هذا ما أردته دوما يا‬
‫(ريموند ك ك ك ك ك هيسل)؟‪ ..‬طبيبا بيطريا؟‪ .‬نعم‪ ..‬بال خداع؟‪ ..‬ال‪ .‬ال‪...‬‬
‫قلت نعم‪ .‬وألصقت فوهة املسدس بذقنك‪ .‬تركت الفوهة دائرة براقة رطبة من‬
‫الدموع‪ .‬قلت‪ :‬إذن‪ ..‬عد للمدرسة‪ ،‬ولو صحوت غدا فلتجد طريقا يقودك إىل‬
‫املدرسة‪ .‬وضغطت الفوهة عىل كل خد‪ ،‬ثم عىل ذقنك ثم يف جبهتك‪ .‬قلت من‬
‫املمكن أن متوت اآلن‪ .‬معي رخصة قيادتك ولسوف آيت ألراك يا مسرت (ريموند‬
‫ك ك ك ك ك هيسل)‪ .‬بعد ثالثة أشهر ثم ستة أشهر ثم بعد عام‪ .‬فإذا مل أجدك يف‬
‫املدرسة يف طريقك لتصري طبيبا بيطريا ستموت‪ .‬مل تقل شيئا‪ ..‬أخرج من هنا‬
‫وعش حياتك احلقرية‪ ،‬لكن تذكر أين أراقبك‪ .‬وأنا أفضل أن أقتلك عىل أن أراك‬
‫متارس عمال حقريا يعطيك فقط ما يكفي من مال لرشاء اجلبن ومشاهدة‬
‫التلفزيون‪ .‬اآلن سأرحل فال تستدر للوراء‪ .‬هذا ما يريد (تايلر) أن أفعله‪ .‬هذه‬
‫كلامت (تايلر) خترج من فمي‪ .‬أنا يدا (تايلر)‪ .‬وكل واحد يف (مرشوع األرضار)‬

‫‪198‬‬
‫هو جزء من (تايلر) والعكس‪ .‬سوف يبدو مذاق عشائك أشهى من أي يشء‬
‫أكلته من قبل يا (ريموند ك هيسل)‪ ،‬ولسوف يكون الغد أمجل يوم يف حياتك‪.‬‬

‫يف البار يرحبون يب ويريدون أن يبتاعوا يل اجلعة‪ .‬أسأهلم عام إذا كانوا قد‬
‫رأوا من يدعى (تايلر دوردن)‪ .‬من الغباء أن أسأل إذا ما كانوا يعرفون نادي‬
‫القتال‪ .‬القاعدة األوىل هي أال تتكلم عن نادي القتال‪ .‬لكن هل رأوا (تايلر‬
‫دوردن)؟‪ ...‬يقولون إهنم مل يسمعوا عنه‪ .‬لكن ربام جتده يف شيكاغو يا سيدي‪.‬‬
‫ال بد أن الفجوة يف خدي هي ما جيعل الناس ينادونني (سيدي)‪ .‬ويغمزون‪.‬‬
‫تصحو يف (أوهار) وتركب إىل شيكاغو‪ ..‬وتقدم ساعتك ساعة‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫الفصل الثامن عرش‬
‫تصحو يف (سكاي هاربر إنرتناشونال)‪ .‬وتؤخر ساعة معصمك ساعتني‪.‬‬
‫املركبة تأخذين إىل (فينكس)‪ ،‬ألجد يف كل بار أدخله رجاال بخيوط جراحية‬
‫حول حماجر عيوهنم‪ ،‬حيث هشمت رضبة قوية حلم وجوههم عىل تلك احلافة‬
‫احلادة‪ .‬هناك أشخاص بأنوف منحرفة يرونني بالفجوة يف خدي‪ ،‬فنصري أرسة‬
‫واحدة عىل الفور‪( .‬تايلر) مل يعد للبيت منذ فرتة‪ .‬أمارس عميل البسيط‪ ..‬أذهب‬
‫من مطار ملطار ألتفحص السيارات التي هلك الناس فيها‪ .‬إنه سحر السفر‪.‬‬
‫حياة هشة‪ ..‬صابون رقيق‪ .‬مقاعد الطائرة اهلشة‪ .‬يف كل مكان أسافر إليه أسأل‬
‫عن (تايلر)‪ .‬لو وجدته فإن رخصات قيادة قرابيني البرشية االثني عرش يف‬
‫جيبي‪ .‬يف كل بار أدخله‪ ..‬يف كل بار لعني أدخله أرى أشخاصا مرضوبني‪ .‬لو‬
‫أنك استطعت أن تصحو كل يوم يف مكان خمتلف وزمن خمتلف فلامذا ال تستطيع‬
‫أن تصحو كشخص خمتلف؟‪ .‬يف كل بار تدخله جتد أشخاصا تم رضهبم بقسوة‬
‫يدعونك إىل رشب البرية‪ .‬وآسف يا سيدي‪ ..‬هم مل يقابلوا (تايلر دوردن) قط‪.‬‬
‫ويغمزون‪ .‬مل يسمعوا باالسم من قبل يا سيدي‪ ..‬هل هناك نادي قتال هنا‬

‫‪200‬‬
‫الليلة؟‪ .‬ال يا سيدي‪ ..‬القاعدة الثانية لنادي القتال هي أال تتكلم عن نادي‬
‫القتال‪ .‬وهيز األشخاص املرضوبني يف البار رءوسهم‪ .‬مل نسمع عنه قط يا سيدي‪.‬‬
‫لكن ربام جتد نادي القتال الذي تسأل عنه يف (سياتل)‪.‬‬

‫تصحو يف (ميجز فيلد) وتطلب (مارال) لتعرف ماذا حيدث يف (بيرب‬


‫سرتيت)‪ .‬تقول (مارال) إن كل قردة الفضاء حتلق رءوسها اآلن‪ .‬لقد سخنت‬
‫آالت احلالقة الكهربية ورائحة البيت كلها هي رائحة الشعر املحرتق‪ .‬قردة‬
‫الفضاء كلها حترق بصامت أصابعها بالصودا الكاوية‪.‬‬

‫تصحو يف (يس تاك) وتؤخر ساعة معصمك ساعتني‪ .‬املركبة تأخذك إىل‬
‫قلب (سياتل)‪ ،‬ويف أول بار تدخله جتد الساقي يضع ياقة عالجية ترجع رأسه‬
‫للوراء‪ ،‬حتى أنه حيتاج إىل أن ينظر من فوق أنفه األمحر املهشم الشبيه بالباذنجان‬
‫كي يراك‪ .‬البار فارغ والساقي يقول‪« :‬مرحبا بعودتك يا سيدي»‬

‫‪201‬‬
‫أنا مل آت إىل هذا البار من قبل قط‪ ..‬قط‪ ..‬أسأله عام إذا كان سمع عن (تايلر‬
‫دوردن)‪ ،‬فيقطب الساقي وذقنه ملتصقة ألعىل الياقة ويقول‪« :‬هل هذا‬
‫اختبار؟»‪ .‬أقول نعم هذا اختبار فهل قابلت من قبل (تايلر دوردن)؟‪ .‬يقول‬
‫«أنت جئت هنا األسبوع املايض يا مسرت (دوردن)‪ ..‬أال تتذكر؟»‪( .‬تايلر) كان‬
‫هنا إذن‪« .‬بل كنت أنت هنا يا سيدي»‪ .‬أنا مل آت هنا قط قبل هذه الليلة‪« .‬لو‬
‫كنت تقول هذا يا سيدي فهو كذلك‪ .‬لكنك ليلة اخلميس جئت لتسألني متى‬
‫يغلق البوليس هذا البار»‪.‬‬

‫ليلة اخلميس ظللت أعاين األرق طيلة الليل‪ .‬أتساءل عام إذا كنت متيقظا‪..‬‬
‫صحوت يف ساعة متأخرة صباح اجلمعة وعظامي تؤملني أشعر بأن عيني مل تغلقا‬
‫قط‪ .‬يقول ساقي البار‪« :‬نعم يا سيدي‪ ..‬ليلة اخلميس كنت تقف حيث أنت‬
‫اآلن‪ ،‬وكنت تسألني عن كبسات البوليس‪ ..‬وأخربتني كيف اضطر كثريون إىل‬
‫ترك نادي القتال اخلاص بيوم األربعاء»‬

‫هيز الساقي كتفه ويلوي عنقه لينظر يف البار اخلاوي‪ ،‬ويقول‪:‬‬

‫‪202‬‬
‫‪« -‬لن يسمعنا أحد يا مسرت (دوردن)‪ ..‬لقد ختىل عنا سبعة وعرشون واحدا‬
‫ليلة أمس‪ ..‬إن املكان يكون خاليا دوما بعد نادي القتال»‪.‬‬

‫يف كل بار دخلته ذلك األسبوع كان القوم ينادونني (سيدي)‪ .‬ويف كل بار‬
‫أدخله كان أعضاء نادي القتال يبدون متشاهبني‪ .‬فكيف يعرفني غريب؟‪ .‬يقول‬
‫الساقي‪« :‬إن لديك ومحة يا مسرت (دوردن)‪ ..‬عىل قدمك‪ ..‬تبدو كأسرتاليا داكنة‬
‫مع نيوزيلندا جوارها‪»..‬‬

‫فقط (مارال) تعرف هذا‪( ..‬مارال) وأيب‪ .‬حتى (تايلر) ال يعرف هذا‬
‫املوضوع‪ .‬حني أذهب للشاطئ أجلس وتلك الساق مثنية حتتي‪ .‬الرسطان الذي‬
‫ليس عندي هو يف كل مكان اآلن‪.‬‬

‫‪« -‬كل واحد يف (مرشوع األرضار) يعرف يا مسرت (دوردن)»‪ .‬ويرفع‬


‫الساقي ظهر يده يل فأرى قبلة حمروقة هناك‪ .‬قبلتي؟‪ ..‬قبلة (تايلر)‪ .‬يقول‬
‫الساقي‪« :‬اجلميع يعرف بأمر الومحة‪ ..‬إهنا جزء من األسطورة‪ ..‬أنت تتحول إىل‬
‫أسطورة لعينة يا رجل»‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫أطلب (مارال) من فندق (سياتل) ألسأهلا إن كنا فعلناها‪ ..‬أنت تعرف‪..‬‬
‫مكاملة ملسافة بعيدة‪ ..‬تقول (مارال)‪« :‬ماذا؟»‪ .‬هل نمنا معا؟‪« .‬ماذا؟»‪ .‬هل‬
‫حدث أن مارست اجلنس معك؟‪ .‬تقول‪« :‬رباه!‪ ..‬حسن‪ ..‬حسن»‪ .‬هل مارسنا‬
‫اجلنس؟‪« .‬أنت كتلة قذارة»‪ .‬هل مارسنا اجلنس؟‪« .‬بوسعي أن أقتلك»‪ .‬هل‬
‫معنى هذا نعم أم ال؟‪ .‬تقول (مارال)‪« :‬كنت أعرف أن هذا سيحدث‪ ..‬أنت جمرد‬
‫قرشة‪ .‬حتبني وتتجاهلني‪ ..‬تنقذ حيايت ثم تصنع من أمي حساء»‪ .‬أقرص نفيس‪.‬‬
‫أسأل (مارال) عن كيفية لقائنا فتقول (مارال)‪« :‬يف هذا اليشء املخصص‬
‫لرسطان اخلصية‪ .‬ثم أنقذت حيايت‪».‬‬

‫أنا أنقذت حياهتا؟‪« .‬أنت أنقذت حيايت»‪( .‬تايلر) أنقذ حياهتا‪« .‬أنت أنقذت‬
‫حيايت»‪ .‬أدخل إصبعي يف فجوة خدي وأحركه‪ ..‬هذا يكفي إلحداث أمل عنيف‬
‫يوقظني‪ .‬تقول (مارال)‪« :‬أنت أنقذت حيايت‪ .‬فندق (رجينت)‪ ..‬كنت قد‬
‫حاولت االنتحار‪ ..‬هل تذكر؟»‪ .‬أوه‪ ...‬تقول (مارال)‪« :‬يف تلك الليلة قلت إنني‬
‫أريد اإلجهاض‪ .».‬كنا قد ختلصنا لتونا من التوتر فأسأل (مارال) عن اسمي‪.‬‬
‫سوف نموت مجيعا‪..‬‬

‫‪204‬‬
‫تقول (مارال)‪« :‬أنت (تايلر دوردن)‪ ..‬اسمك هو (تايلر ‪ -‬براز بدال من‬
‫املخ ‪ -‬دوردن)‪ ..‬تعيش يف ‪ NE 5123‬بيرب سرتيت حيث حيتشد اآلن أتباعك‬
‫حيلقون رءوسهم وحيرقون جلودهم بالصودا الكاوية»‪ .‬أريد أن أنام‪ .‬ترصخ‬
‫(مارال)‪« :‬جيب أن ترجع هنا‪ ..‬قبل أن يصنع هؤالء األقزام صابونا مني»‪ .‬جيب‬
‫أن أجد (تايلر)‪ .‬أسأهلا عن كيفية حصوهلا عىل الندبة عىل ظهر يدها‪ .‬تقول‬
‫(مارال)‪« :‬أنت‪ ..‬أنت لثمت يدي»‪ .‬جيب أن أجد (تايلر)‪ .‬جيب أن أنام‪ .‬جيب‬
‫أن أذهب ألنام‪ .‬أقول ل (مارال) تصبحني عىل خري‪ ،‬ويصري رصاخها أصغر‬
‫فأصغر فأصغر‪ ..‬ويتالشى إذ أضع سامعة اهلاتف‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫الفصل التاسع عرش‬
‫طيلة الليل حتلق األفكار يف الفضاء‪ .‬هل أنا نائم؟‪ ..‬هل نمت أصال؟ هذا‬
‫هو األرق‪ .‬حاول أن تسرتخي مع كل زفري لكن قلبك ما زال يتسارع وأفكارك‬
‫إعصار يف رأسك‪ .‬ال يشء يفلح‪ ..‬لست يف أيرلندا‪ ..‬وال تعد املاشية‪ ..‬أنت تعد‬
‫األيام والساعات والدقائق منذ نمت آخر مرة‪ .‬لقد ضحك طبيبك منك‪ .‬مل يمت‬
‫أحد قط من نقص النوم‪ .‬بمظهر وجهك الذي يشبه الفاكهة املهشمة كنت‬
‫ستفرتض أنك ميت‪.‬‬

‫بعد الثالثة صباحا يف رسير فندق يف (سياتل)‪ ،‬صار الوقت متأخرا كي جتد‬
‫جمموعة مساندة رسطان‪ .‬متأخرا جدا كي جتد كبسوالت أميتال الصوديوم‬
‫الزرقاء أو السيكونال األمحر كطالء الشفاه‪ .‬بعد الثالثة صباحا ليس بوسعك أن‬
‫تندمج يف نادي قتال‪ .‬جيب أن جتد (تايلر)‪ .‬جيب أن تظفر ببعض النوم‪ .‬ثم تصحو‬
‫لتجد (تايلر) يقف يف الظالم جوار الفراش‪ .‬تنهض‪ ،‬يف اللحظة التي غبت فيها‬
‫يف النوم كان (تايلر) هناك يقول‪« :‬اصح‪ ..‬اصح‪ ..‬لقد حللنا املشكلة مع‬
‫البوليس هنا يف (سياتل)‪ .‬اصح»‪« .‬أراد مدير الرشطة أن يقوم بكبسة عىل ما‬

‫‪206‬‬
‫يطلق عليه (نشاطات شبه عصابية) وأندية مالكمة بعد الساعات الرسمية‪ .‬لكن‬
‫ال تقلق‪ ..‬السيد مدير الرشطة لن يكون مشكلة»‪.‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬إننا نمسك به من خصيتيه اآلن»‪ .‬أسأل عام إذا كان (تايلر)‬
‫يتبعني‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬مضحك»‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬أردت أن أسألك اليشء ذاته‪.‬‬
‫لقد تكلمت عني مع اآلخرين أهيا القذر الصغري‪ ..‬لقد حنثت بوعدك»‪( .‬تايلر)‬
‫يتساءل متى أفهم كنهه‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬يف كل مرة نمت فيها‪ ،‬كنت أخرج وأقوم‬
‫بعمل وحيش‪ ..‬عمل جمنون‪ ..‬عمل خارج سيطرة عقيل»‪.‬‬

‫يركع (تايلر) جوار الفراش وهيمس‪« :‬اخلميس املايض نمت أنت‪،‬‬


‫فاستقللت أنا الطائرة إىل (سياتل) أللقي نظرة عىل نادي قتال صغري‪ .‬ألحتقق من‬
‫عدد املنسحبني‪ .‬أبحث عن مواهب جديدة‪ .‬إن لدينا (مرشوع األرضار) يف‬
‫(سياتل) كذلك»‪.‬‬

‫تتحسس أنامل (تايلر) النتوء فوق حاجبي ويقول‪« :‬لدينا (مرشوع‬


‫األرضار) يف (لوس أنجيليس) و(ديرتويت)‪ ..‬هناك مرشوع أرضار كبري يف‬

‫‪207‬‬
‫(واشنطن) العاصمة ويف (نيويورك)‪ .‬لدينا مرشوع أرضار يف (شيكاغو) لشدة‬
‫دهشتك»‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬ال أصدق أنك حنثت بوعدك‪ .‬أول قاعدة هي أال‬
‫تتكلم عن نادي القتال»‪.‬‬

‫كان يف (سياتل) األسبوع املايض حني أخربه ساقي بار يضع ياقة عالجية أن‬
‫رجال الرشطة سوف يكبسون عىل نادي القتال‪ .‬مأمور الرشطة نفسه أراد هذا‬
‫بشكل خاص‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬ما حيدث هنا هو أن رجال رشطة يأتون لنادي‬
‫القتال وحيبونه‪ .‬لدينا صحفيون وكتبة قانون وحمامون‪ ،‬ونحن نعرف كل ما‬
‫سيحدث»‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬كانوا سيغلقون أبوابنا عىل األقل يف (سياتل»‪ .‬أسأله‬
‫عام فعل بصدد هذا‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬ما فعلناه بصدد هذا‪ ..‬طلبنا اجتامع (جلنة‬
‫االعتداء)‪ .‬مل يعد هناك أنت وأنا بعد اليوم»‪ .‬ويعترص طرف أنفي ويقول‪:‬‬
‫«أعتقد أنك فهمت ما هنالك»‪.‬‬

‫كالنا يستعمل اجلسد ذاته لكن يف أوقات خمتلفة‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬علينا‬
‫واجب منزيل خاص‪ .‬قلت أحرض يل خصيتي سعادته مأمور رشطة (سياتل) أيا‬
‫من كان‪ ..‬ساخنتني يتصاعد منهام البخار‪ .».‬أنا ال أحلم‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬نعم ال‬

‫‪208‬‬
‫حتلم‪ ..‬لقد كونا فريقا من أربعة عرش قرد فضاء‪ ..‬منهم مخسة من رجال الرشطة‪،‬‬
‫وقد تواجدنا مجيعا يف احلديقة حني يقوم سموه بنزهة كلبه الليلة»‪ .‬يقول (تايلر)‪:‬‬
‫«ال تقلق‪ ..‬الكلب بخري‪ ..‬لقد استغرقت اهلجمة ثالث دقائق أقل من أفضل‬
‫بروفة قمنا هبا‪ .‬أفضل بروفة قمنا هبا كانت تسع دقائق‪ .‬كان لدينا مخسة من قردة‬
‫الفضاء يمسكون به‪( .‬تايلر) خيربين هبذا لكني بشكل ما أعرفه بالفعل‪ .‬ثالثة‬
‫قردة يراقبون‪ ،‬وواحد خدر الرجل باألثري وأحدهم أنزل رسوال بزة التدريب‬
‫املوقرة‪ .‬الكلب كان خنوعا وقد اكتفى بالنباح والنباح‪ .‬النباح والنباح‪ .‬أحد قردة‬
‫الفضاء لف الرباط املطاطي ثالث مرات حتى أحكم العقدة حول صفن معاليه‬
‫املوقر‪ .‬قرد فضاء بني فخذيه يمسك باملبضع‪ .‬هيمس (تايلر) يف أذين بوجهه الذي‬
‫تلقى لكامت كثرية‪« :‬وأنا أمهس يف أذنه البوليسية املوقرة أن عليه أن يوقف تلك‬
‫الكبسات عىل نادي القتال‪ ،‬وإال أخربنا العامل أن معاليه ال يملك خصيتني‪ .‬إىل‬
‫أي حد تعتقد أنه يمكنك التامدي يا صاحب السعادة؟‪ ..‬الرباط املطاطي يقتل‬
‫أية أحاسيس هناك»‪« .‬ما مستقبلك السيايس لو عرف الناخبون أنه ال توجد‬
‫خصيتان لك؟»‪.‬‬

‫‪209‬‬
‫عند هذا احلد كان معاليه قد فقد اإلحساس‪ .‬خصيتاه صارتا باردتني كالثلج‬
‫يا رجل‪ .‬لو أغلق نادي قتال واحد ألرسلنا خصيتيه إىل رشق البالد وغرهبا‪.‬‬
‫واحدة إىل نيويورك واألخرى للوس أنجيليس‪ .‬واحدة لكل نوع من أنواع‬
‫الصحف‪ .‬أخرج قردة الفضاء خرقة األثري من فمه فقال املأمور‪ :‬ال‪ ..‬قال‬
‫(تايلر)‪« :‬ليس لدينا ما نفقده إال نادي القتال»‪ .‬بينام مأمور الرشطة لديه كل‬
‫يشء‪ .‬كل ما بقي لنا هو قاذورات وركام العامل‪ .‬وهز (تايلر) رأسه لقرد الفضاء‬
‫الذي حيمل السكني بني فخذي املأمور‪ .‬سأله (تايلر)‪« :‬ختيل باقي حياتك‬
‫بكيسك يتدىل فارغا»‪ .‬قال املأمور ال‪ ..‬ال تفعلوا هذا‪ .‬توقفوا‪ .‬أرجوكم‪ ..‬رباه‪..‬‬
‫النجدة‪ ..‬ال‪ .‬توقفوا‪ .‬هنا يدفع قرد الفضاء بنصل سكينه ويكتفي بقطع الرباط‬
‫املطاطي‪ .‬ست دقائق وكنا قد انتهينا‪.‬‬

‫قال (تايلر)‪« :‬تذكر هذا‪ ..‬الناس الذين حتاول أن تطئهم هم الناس الذين‬
‫تعتمد عليهم‪ ..‬نحن القوم الذين يغسلون غسيلك ويطهون طعامك ويقدمون‬
‫لك العشاء‪ .‬نحن نعد فراشك‪ .‬نحرسك أثناء نومك‪ .‬نقود سيارات اإلسعاف‪.‬‬
‫نوجه مكاملاتك اهلاتفية‪ .‬نحن الطهاة وسائقو التاكيس ونعرف كل يشء عنك‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫نحن نتوىل مطالباتك للتأمني ونفقات بطاقة االئتامن‪ .‬نتحكم يف كل حياتك‪.‬‬
‫نحن أطفال التاريخ األوسطون الذين ربانا جهاز التلفزيون وقال لنا إننا يوما‬
‫سنصري مليونريات ونجوم سينام ونجوم موسيقا روك‪ ،‬لكن هذا لن حيدث‪.‬‬
‫ونحن اآلن نستوعب هذه احلقيقة»‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬لذا ال تعبث معنا‪.»..‬‬

‫قرد الفضاء يضغط أكثر باألثري عىل أنف املأمور‪ ،‬فيغيب عن الوعي‪ .‬فريق‬
‫آخر يضعه يف ثيابه ثم يعيدونه وكلبه للدار‪ .‬بعد هذا أصبح الرس خيصه‪ .‬هكذا مل‬
‫نعد نتوقع املزيد من الكبسات عىل أندية القتال‪ .‬لقد عاد سعادته إىل داره مذعورا‬
‫لكنه سليم‪.‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬كلام قمنا هبذه الواجبات املنزلية الصغرية‪ ،‬يساهم رجال‬
‫نادي القتال هؤالء الذين ليس لدهيم ما خيرسون يف (مرشوع األرضار)»‪ .‬ويركع‬
‫(تايلر) جوار فرايش قائال‪« :‬أغمض عينيك وأعطني يدك»‪ .‬أغلق عيني فيأخذ‬
‫(تايلر) يدي‪ .‬أشعر بشفتي (تايلر) عىل ندبة قبلته‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬قلت لك إنه‬
‫لو تكلمت عني من وراء ظهري فلن تراين أبدا‪ .‬نحن لسنا شخصني منفصلني‪..‬‬
‫باختصار حني تصحو أنت متلك السيطرة ويمكنك أن تطلق عىل نفسك أي‬

‫‪211‬‬
‫يشء‪ ..‬لكن متى نمت أتوىل أنا القيادة‪ .‬وتصري أنت مسرت (تايلر دوردن)»‪.‬‬
‫أقول‪ :‬لكننا تقاتلنا ليلة ابتكرنا نادي القتال‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬مل تكن تقاتلني‬
‫فعال‪ ...‬قلت بنفسك ذلك‪ ..‬كنت تقاتل كل ما تكرهه يف العامل»‪ .‬لكن بوسعي‬
‫أن أراك‪« .‬أنت نائم اآلن»‪ .‬لكنك تستأجر بيتا ولك وظيفة‪ ..‬وظيفتان‪ ...‬يقول‬
‫(تايلر)‪« :‬أطلب شيكاتك امللغاة من املرصف‪ .‬لقد استأجرت املرصف باسمك‪.‬‬
‫ستجد الكتابة عىل ظهر شيكات اإلجيار متاثل األوراق التي كنت تنسخها يل»‪.‬‬
‫كان (تايلر) ينفق مايل‪ ..‬ال غرابة يف أن رصيدي ال يسمح بالسحب طيلة الوقت‪.‬‬

‫«والوظائف‪ ..‬ملاذا تعتقد أنك مرهق إىل هذا احلد؟‪ ..‬رباه‪ .‬هذا ليس أرقا‪.‬‬
‫ما إن تنام حتى أتوىل أنا القيادة‪ ..‬وأذهب للعمل أو نادي القتال أو أي يشء‪ .‬من‬
‫حسن حظك أنني مل أجد وظيفة كمريب ثعابني»‪ .‬أقول‪ :‬لكن ماذا عن (مارال)؟‪.‬‬
‫«(مارال) حتبك‪( ..‬مارال) ال تعرف الفارق بيني وبينك‪ .‬أعطيتها اسام مستعارا‬
‫يوم لقائكام‪ ..‬مل تعطها اسمك احلقيقي قط يف أية جمموعة مساندة‪ .‬أنت أهيا القذر‬
‫املزيف‪ ..‬منذ أن أنقذت أنا حياهتا تعتقد (مارال) أن اسمك هو (تايلر دوردن)»‪.‬‬
‫اآلن وقد رصت أعرف رس (تايلر) فهل خيتفي لألبد؟‬

‫‪212‬‬
‫يقول (تايلر)‪« :‬ال‪ .»..‬ما زال يمسك بيدي‪« .‬ما كنت ألكون هنا لو مل تكن‬
‫بحاجة إيل‪ .‬ما زلت أحيا حيايت أثناء نومك‪ ،‬لكن إذا حاولت العبث معي أو‬
‫قيدت نفسك للفراش بالسالسل ليال‪ ،‬أو تعاطيت جرعات كبرية من املنوم‪،‬‬
‫سنصري عدوين‪ .‬ولسوف انتقم منك»‪.‬‬

‫هذا هراء‪ ..‬هذا حلم‪( .‬تايلر) جمرد إسقاط‪ .‬إنه اضطراب فصامي‪ .‬حالة‬
‫هروب نفيس‪( .‬تايلر دوردن) هو هلوستي اخلاصة‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬تبا هلذا‬
‫اهلراء‪ ..‬ربام كنت أنت هلوسة الشيزوفرنيا اخلاصة يب»‪ .‬كنت هنا أوال‪ .‬يقول‬
‫(تايلر)‪« :‬أجل أجل أجل‪ ..‬لكن دعنا نر من يبقى للنهاية»‪.‬‬

‫هذا وهم‪ .‬هذا حلم‪ .‬وسوف أصحو منه‪«: .‬إذن اصح منه»‪ .‬هنا يدق اهلاتف‬
‫وقد رحل (تايلر)‪ .‬الشمس تدخل عرب الستائر‪ .‬إهنا السابعة صباحا واملكاملة‬
‫مكاملة إيقاظ‪ .‬وحني أرفع السامعة ال أجد صوتا‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫الفصل العرشون‬
‫تتحرك األمور برسعة لألمام‪ ..‬أعود إىل (مارال) ورشكة صابون (بيرب‬
‫سرتيت)‪ .‬ما زال كل يشء يتهاوى‪ ،‬يف البيت أشعر بخوف يمنعني من تفقد‬
‫فريزر الثالجة‪ .‬ختيل دستة من أكياس الشطائر البالستيكية عليها بطاقات مدن‬
‫مثل (الس فيجاس) و(شيكاغو) و(ميلوكي) حيث كان عىل (تايلر) أن يطلق‬
‫هتديداته حلامية فروع نادي القتال‪ .‬يف كل كيس هناك زوج من مواد الطعام‬
‫املجمدة‪ .‬يف ركن من املطبخ جيلس قرد فضاء عىل مشمع األرضية املتشقق‬
‫ويتفحص وجهه يف املرأة‪.‬‬

‫‪« -‬أنا قذارة هذا العامل التي ترقص والتي تغني‪ .»..‬هكذا يقول للمرآة‪« .‬أنا‬
‫الفضالت السامة املتبقية من عملية خلق العامل‪ .».‬يتحرك باقي قردة الفضاء يف‬
‫احلديقة‪ ،‬يلتقطون أشياء ويقتلون أشياء‪.‬‬

‫بيد واحدة عىل باب الفريزر آخذ شهيقا عميقا وأحاول أن أركز حقيقتي‬
‫الروحية املستنرية‪ .‬قطرات املطر عىل الزهور حيوانات (ديزين) السعيدة هذا‬
‫جيعلني أتأمل‪ .‬تنحني (مارال) فوق كتفي وتقول‪« :‬ماذا أعددت للعشاء؟»‪ .‬جيلس‬
‫‪214‬‬
‫قرد الفضاء القرفصاء وينظر للمرآة‪« :‬أنا القذارة وفضالت الكون امللوثة»‪.‬‬
‫أستدير بالكامل‪ ..‬منذ شهر كنت أخشى أن أترك (مارال) تلقي نظرة عىل حمتوى‬
‫الفريزر‪ .‬اآلن أخشى أنا نفيس أن أنظر إىل داخل الثالجة‪ .‬رباه!‪( .‬تايلر)‪.‬‬
‫(مارال) حتبني‪( .‬مارال) ال تعرف الفارق‪.‬‬

‫تقول (مارال)‪« :‬أنا سعيدة لعودتك‪ .‬ثمة ما جيب أن نناقشه»‪ .‬آه أجل‪ .‬جيب‬
‫أن نتكلم‪ .‬ال أستطيع أن أرغم نفيس عىل النظر داخل الفريزر‪ .‬أنا (جو اجلبان)‪.‬‬
‫أقول ل (مارال) أال تلمس شيئا يف هذا الفريزر‪ .‬ال تفتحيه‪ .‬لو وجدت شيئا‬
‫بداخله ال تأكليه أو تطعميه للقط أو أي يشء‪ .‬قرد الفضاء الذي حيمل املرآة‬
‫يرمقنا هلذا أقول ل (مارال) إن علينا أن نرحل‪ .‬جيب أن نكمل هذا احلوار يف‬
‫موضع آخر‪ .‬يف القبو يقف قرد فضاء يقرأ لباقي القردة‪« :‬ثالث الطرق لصنع‬
‫النابامل‪ ..‬واحد‪ ..‬يمكن مزج مقادير متساوية من اجلازولني وعصري الربتقال‬
‫املركز»‪ .‬يقرأ قرد الفضاء يف القبو‪« :‬اثنان‪ ..‬يمكن مزج كميات متساوية من‬
‫اجلازولني والدايت كوال‪ .‬ثالثة يمكن أن تذيب براز القط يف اجلازولني حتى‬
‫يصري اخلليط ثخينا»‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫نعرب أنا و(مارال) من مصنع صابون (بيرب سرتيت) إىل مائدة جوار النافذة‬
‫يف كوكب (ديني)‪ ..‬الكوكب الربتقايل‪ .‬كان (تايلر) يتكلم عن هذا‪ ،‬وكيف أنه‬
‫ما دامت إنجلرتا قد قامت بكل االستكشافات وبنت املستعمرات ورسمت‬
‫اخلرائط‪ ،‬فإن أكثر األماكن اجلغرافية هلا هذا الطراز من األسامء املستهلكة‪ .‬كان‬
‫عىل اإلنجليز أن يسموا كل يشء‪ .‬لو كل يشء تقريبا‪ ،‬مثل أيرلندا‪( .‬نيو لندن)‪،‬‬
‫(أوسرتاليا)‪( .‬نيو لندن)‪ ،‬اهلند‪( .‬نيو لندن)‪ ،‬إيداهو‪( .‬نيو يورك)‪( ،‬نيو يورك)‪.‬‬
‫فإذا نظرت إىل املستقبل‪ ،‬جتد أنه هبذه الطريقة حني تبدأ محالت استكشاف أعامق‬
‫الفضاء‪ ،‬فلسوف تكون الرشكات العمالقة هي التي تكتشف الكواكب اجلديدة‬
‫وترسم خرائطها‪ .‬كرة (آي يب إم) النجمية‪ .‬جمرة (فيليب موريس)‪ .‬كوكب‬
‫(ديني)‪ .‬سوف يأخذ كل كوكب هوية الرشكة التي تغتصبه أوال‪ .‬عامل‬
‫(بودفايزر)‪.‬‬

‫الساقي الذي خيدمنا لديه بيضة أوزة عىل جبينه ويقف يف رصامة‪ ،‬وقد‬
‫تالصق كعباه‪ .‬يقول الساقي «سيدي!‪ ..‬هل ترغبان يف طلب يشء اآلن‪.»..‬‬
‫يقول لنا‪« :‬سيدي‪ ..‬كل ما تطلبه جماين يا سيدي!»‪.‬‬

‫‪216‬‬
‫تكاد تتخيل أنك تشم رائحة البول يف كل طبق حساء‪ .‬اثنان قهوة من‬
‫فضلك‪ .‬تسأل (مارال)‪« :‬ملاذا يقدم لنا طعاما جمانيا؟»‪ .‬السبب أن الساقي يعتقد‬
‫أنني (تايلر دوردن)‪ .‬يف هذه احلالة تطلب (مارال) أصدافا مقلية مع حساء‬
‫السمك والبصل‪ ،‬ودجاجا مقليا وبطاطس مشوية وكعكة بالشيكوالتة‬
‫املخفوقة‪ .‬ومن املمر املفيض املؤدي إىل املطبخ‪ ،‬يقف ثالثة طهاة أحدهم له‬
‫خياطة عىل شفته العليا‪ ،‬يراقبونني و(مارال) ويتهامسون وقد تالصقت‬
‫رءوسهم املكدومة معا‪ .‬أطلب من الساقي أن جيلب لنا طعاما نظيفا من فضلك‪.‬‬
‫من فضلك ال تفعل أية محاقة بالطعام الذي نطلبه‪.‬‬

‫يقول الساقي‪« :‬يف هذه احلالة يا سيدي‪ ،‬هل يل أن أنصح السيدة هنا بأال‬
‫تأكل حساء السمك والبصل»‪ .‬شكرا لك‪ ..‬ال حساء سمك‪( .‬مارال) تنظر يل‬
‫فأقول هلا‪« :‬ثقي يب»‪.‬‬

‫يستدير الساقي ويبلغ طلبنا للمطبخ‪ .‬ومن نافذة املطبخ يرفع الطهاة الثالثة‬
‫إهبامهم ألعىل‪ .‬تقول (مارال)‪« :‬إن لك وضعا متميزا ك (تايلر دوردن)»‪ .‬أقول ل‬
‫(مارال) إن عليها من اآلن فصاعدا أن خترج معي يف كل مكان ليال‪ ،‬وأن تدون‬

‫‪217‬‬
‫يف كل مكان ذهبت إليه من أقابله‪ .‬هل أقوم بإخصاء شخص مهم؟‪ ..‬هذا النوع‬
‫من التفاصيل‪ .‬أخرج حافظتي وأري (مارال) رخصة قياديت التي حتمل اسمي‬
‫احلقيقي‪ .‬ال (تايلر دوردن)‪.‬‬

‫تقول (مارال)‪« :‬لكن اجلميع يعرف أنك (تايلر دوردن)»‪ .‬اجلميع ما عداي‪.‬‬
‫ال أحد يف العمل يناديني (تايلر دوردن)‪ .‬رئييس يناديني باسمي احلقيقي‪ .‬أبواي‬
‫يعرفان من أنا حقا‪ .‬تسأل (مارال)‪« :‬إذن ملاذا أنت (تايلر دوردن) بالنسبة لبعض‬
‫الناس ولست كذلك بالنسبة للجميع؟»‪ .‬حينام قابلت (تايلر) للمرة األوىل كنت‬
‫نائام‪ .‬كنت متعبا خمبوال مندفعا‪ ،‬وكلام ركبت طائرة متنيت أن تتحطم‪ .‬كنت‬
‫أحسد الناس الذين يموتون بالرسطان‪ .‬كنت أكره حيايت‪ .‬كنت متعبا وقد‬
‫كرهت عميل وأثاثي ومل أر سبيال لتغيري أي يشء‪ .‬فقط يمكنني أن أهنيها‪ .‬كنت‬
‫أشعر بأنني يف مصيدة‪ .‬كنت مكتمال أكثر من الالزم‪ .‬كنت تاما أكثر من الالزم‪.‬‬
‫أردت مغادرة حيايت اهلشة‪ .‬سئمت قطع الزبد التي تكفي لشخص واحد‪،‬‬
‫ومقاعد الطائرة املجعدة‪ .‬األثاث السويدي والفن املتقن‪ .‬أخذت إجازة ونمت‬
‫عىل الشاطئ‪ ،‬وحني صحوت كان (تايلر دوردن) هناك عاريا يغمره العرق‪..‬‬

‫‪218‬‬
‫خشنا من الرمال‪ ..‬وشعره جمعد مبتل يتدىل فوق وجهه‪ .‬كان يلتقط اخلشب‬
‫الذي يلقيه املد إىل الشاطئ‪ ،‬وما صنعه كان ظل يد عمالقة‪ ،‬وكان (تايلر) جيلس‬
‫يف مركز هذا اإلتقان الذي قام به‪ .‬وما كان لك أن تتوقع من االكتامل إال حلظة‪.‬‬
‫ربام مل أصح قط عىل هذا الشط‪ ..‬ربام بدأ كل هذا حني تبولت فوق حجر‬
‫(بالرين)‪ .‬حينام أنام ال أنام فعال‪ .‬أنظر للمناضد األخرى يف كوكب (ديني)‪..‬‬
‫أعد واحدا‪ ..‬اثنني‪ ..‬ثالثة‪ ..‬أربعة‪ ..‬مخسة أشخاص هلم عظام وجنتني مسودة‬
‫أو أنوف مهشمة ينظرون يل‪.‬‬

‫تقول (مارال)‪« :‬ال‪ ..‬أنت ال تنام»‪( .‬تايلر دوردن) شخصية منفصلة خلقتها‬
‫أنا‪ ،‬واآلن هيدد بأن يأخذ حيايت احلقيقية‪ .‬تقول مارال)‪« :‬مثل أم (أنتوين بريكينز)‬
‫يف فيلم (سايكو)‪ .‬هذا مثري فعال‪ .‬كل شخص له انحرافاته النفسية‪ .‬ذات مرة‬
‫كنت عىل عالقة بشخص ال يكف عن ثقب جسده لتثبيت احليل»‪.‬‬

‫أقول أنا إن وجهة نظري هي أنني أنام فينهض (تايلر) بجسدي ووجهي‬
‫امليلء بالكدمات كي يرتكب جريمة ما‪ .‬يف الصباح التايل أهنض منهكا مهشم‬

‫‪219‬‬
‫العظام متأكدا من أنني مل أنم قط‪ .‬يف الليلة التالية أدخل الفراش يف ساعة مبكرة‬
‫أكثر فأكثر‪ .‬هكذا يتوىل (تايلر) األمر فرتة أطول وأطول‪.‬‬

‫تقول (مارال)‪« :‬لكنك أنت (تايلر)‪ .»..‬ال‪ ..‬ال‪ ..‬لست هو‪ .‬أحب كل ما‬
‫يتعلق ب (تايلر دوردن) وشجاعته وذكائه‪ .‬أعصابه‪( .‬تايلر) مرح وجذاب‬
‫ومستقل‪ ،‬والرجال ينظرون له متوقعني أن يغري عاملهم‪( .‬تايلر) قادر وحر بينام‬
‫أنا ال‪ .‬أنا لست (تايلر دوردن)‪.‬‬

‫تقول (مارال)‪« :‬لكنك أنت (تايلر)‪( .»..‬تايلر) وأنا نتقاسم اجلسد ذاته‬
‫وحتى هذه اللحظة مل أعرف هذا‪ .‬حينام كان (تايلر) يضاجع (مارال) كنت نائام‪.‬‬
‫كان (تايلر) يتكلم ويميش بينام كنت أعتقد أنني نائم‪ .‬كل من يف نادي القتال‬
‫و(مرشوع األرضار) يعرفني باسم (تايلر دوردن)‪ .‬يف كل مرة دخلت فيها‬
‫الفراش مبكرا وصحوت متأخرا‪ ،‬كان سبب هذا أننا كنا معا‪ .‬تقول (مارال)‪:‬‬
‫«مثل احليوانات يف مأوى احليوانات الضالة»‪ .‬وادي الكالب‪ .‬حيث حتى إذا مل‬
‫يقتلوك وأحبك أحدهم لدرجة أن يأخذك لداره‪ ،‬فإهنم خيصونك برغم هذا‪ .‬لن‬

‫‪220‬‬
‫أصحو أبدا وسوف يتوىل (تايلر) أمري لألبد‪ .‬جيلب لنا الساقي القهوة ويقرع‬
‫كعبيه ويرحل‪ .‬أشم قهويت‪ .‬رائحتها قهوة‪.‬‬

‫تقول (مارال)‪« :‬إذن‪ ..‬حتى لو صدقت هذا كله‪ ،‬فامذا تريد مني؟»‪ .‬إذن‬
‫(تايلر) ال يستطيع السيطرة الكاملة وأنا بحاجة إىل (مارال) كي تبقيني متيقظا‪.‬‬
‫طيلة الوقت‪ .‬دائرة كاملة‪ .‬ليلة أنقذ (تايلر) حياهتا سألته (مارال) أن يبقيها‬
‫متيقظة طيلة الليل‪ .‬يف الثانية التي أنام فيها يتوىل (تايلر) األمر وحيدث يشء‬
‫مروع‪ .‬فإذا نمت كان عىل (مارال) أن تعرف مسار (تايلر)‪ .‬ألين يذهب‪ .‬ماذا‬
‫يفعل‪ .‬هكذا يمكنني يف النهار أن أرسع بتصليح األرضار التي حدثت‪.‬‬

‫‪221‬‬
‫الفصل احلادي والعرشون‬
‫اسمه (روبرت بولسون)‪ ،‬وهو يف الثامنة واألربعني‪ .‬اسمه (روبرت‬
‫بولسون) وسوف يظل (روبرت بولسون) يف الثامنة واألربعني لألبد‪ .‬عىل املدى‬
‫الزمني البعيد سيهبط معدل حياة اإلنسان إىل صفر‪( .‬بوب الضخم)‪ .‬خبز اجلبن‬
‫الضخم‪ .‬الوعل الكبري كان عليه واجب منزيل هو (مجد واثقب)‪ .‬هكذا دخل‬
‫(تايلر) إىل شقتي لينسفها بالديناميت املصنوع يدويا‪.‬‬

‫خذ علبة من الفريون ‪ R-12‬لو كان بوسعك أن جتده‪ ،‬خاصة بعد موضوع‬
‫األوزون‪ ..‬أو فريون ‪ R-134a‬ورشه عىل اسطوانة القفل حتى يتجمد‪ .‬يف‬
‫عمليات (مجد واثقب) ترش السرباي عىل هاتف عمومي بالعملة أو عداد‬
‫انتظار أو صندوق صحف‪ .‬ثم تستعمل املطرقة واألزميل كي هتشم األسطوانة‬
‫املتجمدة‪ .‬يف عمليات (مجد واثقب) تثقب اهلاتف أو آلة الرصافة ثم تثبت أنبوبا‬
‫يف الثقب وحتقن خالله الشحم أو بودنج الفانيليا أو الصق البالستيك‪ .‬ليس‬
‫اهلدف أن (مرشوع اإليذاء) يريد رسقة بعض الفكة‪ .‬إن رشكة صابون (بيرب‬
‫سرتيت) لدهيا الكثري من الطلبات املرتاكمة‪ .‬ليساعدنا اهلل حني يأيت موسم‬

‫‪222‬‬
‫اإلجازات‪ .‬الغرض من هذا الواجب املنزيل تقوية أعصابك‪ .‬حتتاج لبعض‬
‫التحايل‪ .‬بدال من إزميل الثلج ربام استطعت استعامل مثقاب كهريب‪ .‬هذا يؤدي‬
‫العمل أفضل كام أنه حيدث ضوضاء أقل‪ .‬كان ما يمسك به (بوب) مثقابا كهربيا‬
‫بال سلك‪ ،‬حني ظن رجال الرشطة أنه مسدس وقتلوا (بوب)‪.‬‬

‫مل يكن هناك ما يربط (بوب) بمرشوع اإليذاء أو نادي القتال أو الصابون‪.‬‬
‫يف جيبه كانت صورة لنفسه عاريا ضخام يف إحدى مباريات كامل األجسام‪ .‬لقد‬
‫قال (بوب) إهنا طريقة سخيفة للحياة‪ .‬تعميك أضواء املنصة ويصيبك بالصمم‬
‫نظام الصوت حتى يأمرك القايض‪ :‬افرد عضلتك الرباعية اليمني‪ ..‬اثن واثبت‪..‬‬
‫ضع يديك حيث أرامها‪ .‬افرد يرساك‪ ..‬اثن ذات الرأسني واثبت‪ ،‬ألق باملسدس‪.‬‬
‫هذا كان أفضل من احلياة الواقعية‪ .‬عىل يده كانت ندبة يف موضع قبلتي‪ .‬كان‬
‫شعر (بوب) الضخم حليقا وبصامته حمروقة بالصودا الكاوية‪ .‬من األفضل له‬
‫أن يتأذى من أن يعتقل‪ ،‬ألهنم لو اعتقلوك فقد طردت من (مرشوع األرضار)‪.‬‬
‫ولن تطلب منك واجبات منزلية أخرى‪.‬‬

‫‪223‬‬
‫يف حلظة كان (بوب) هو املركز الدافئ للحياة الصاخبة حوله‪ ،‬ويف اللحظة‬
‫التالية (روبرت بولسون) صار شيئا‪ .‬بعد إطالق الرصاص عليه جاءت معجزة‬
‫املوت املذهلة‪.‬‬

‫الليلة يف كل نادي قتال سوف يميش القائد يف الظالم حول زحام الناس‬
‫الذين سيحدقون يف بعضهم البعض‪ ،‬عرب املركز اخلايل يف كل بدروم نادي قتال‪،‬‬
‫ولسوف يرصخ قائال‪« :‬اسمه (روبرت بولسون)»‪ .‬فيرصخ اجلمع‪« :‬اسمه‬
‫(روبرت بولسون)»‪ .‬يرصخ القائد‪« :‬عمره ثامنية وأربعون عاما»‪ .‬فيرصخ‬
‫اجلمع‪« :‬عمره ثامنية وأربعون عاما»‪ .‬عمره ثامنية وأربعون عاما وهو جزء من‬
‫نادي القتال‪ .‬عمره ثامنية وأربعون عاما وكان جزءا من (مرشوع األرضار)‪ .‬فقط‬
‫يف املوت نحظى بأسامئنا احلقيقية ألننا يف املوت ال نصري جزءا من املهمة‪ .‬يف‬
‫املوت نصري ابطاال‪ .‬وتتصايح اجلموع‪(« :‬روبرت بولسون)»‪ .‬وتتصايح‬
‫اجلموع‪(« :‬روبرت بولسون)»‪ .‬وتتصايح اجلموع‪(« :‬روبرت بولسون)»‪.‬‬

‫أذهب الليلة لنادي القتال كي أغلقه‪ .‬أقف يف الضوء الوحيد يف مركز القاعة‬
‫فيهلل النادي‪ .‬بالنسبة للجميع هنا أنا (تايلر دوردن)‪ .‬ذكي‪ ..‬قوي‪ ..‬شجاع‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫أطبق يدي طلبا للصمت ثم أقرتح‪ :‬مل ال ننهي الليلة عند هذا احلد؟‪ .‬عودوا‬
‫لبيوتكم الليلة وانسوا نادي القتال‪ .‬أعتقد أن نادي القتال أدى الغرض منه‪ .‬أال‬
‫ترون هذا؟‪ ..‬لقد ألغي (مرشوع األرضار)‪ ..‬سمعت أن يف التلفزيون مباراة كرة‬
‫قدم مثرية‪.‬‬

‫يكتفي مائة رجل بالنظر يل‪ .‬أقول ثمة رجل قد مات‪ .‬هذه اللعبة انتهت ومل‬
‫تعد مسلية‪ .‬هنا من مكان ما خارج اجلمع أسمع رئيس املجموعة الذي ال أعرفه‬
‫يقول‪« :‬القاعدة األويل لنادي القتال هي ال تتكلم عن نادي القتال»‪.‬‬

‫أرصخ‪ :‬عودوا لدياركم‪« .!.‬القاعدة الثانية لنادي القتال هي ال تتكلم عن‬


‫نادي القتال»‪ .‬لقد ألغي نادي القتال‪ .‬لقد ألغي (مرشوع األرضار)‪« .‬القاعدة‬
‫الثالثة هي رجالن فقط يف املشاجرة»‪ .‬أرصخ‪ :‬أنا (تايلر دوردن)‪ .‬آمركم‬
‫باخلروج من هنا!‪ .‬لكن ال أحد ينظر يل‪ .‬فقط يتبادل الرجال النظرات عرب مركز‬
‫احلجرة‪ .‬يتحرك صوت قائد املجموعة ببطء حول الغرفة‪ .‬رجالن للمشاجرة‪.‬‬
‫ال قمصان‪ .‬ال أحذية‪ .‬يستمر القتال ما دام جيب أن يستمر‪ .‬ختيل أن هذا حيدث‬

‫‪225‬‬
‫يف مائة مدينة‪ ،‬وبنصف دستة من اللغات‪ .‬تنتهي القواعد وأنا ما زلت أقف يف‬
‫مركز الغرفة‪.‬‬

‫يرصخ الصوت من الظالم‪« :‬القتال املسجل رقم ‪ ..1‬تقدما‪ .‬أخلوا مركز‬


‫النادي»‪ .‬ال أحترك‪« .‬أخلوا مركز النادي»‪ .‬ال أحترك‪ .‬الضوء الوحيد يف الظالم‬
‫ينعكس يف مائة زوج من العيون‪ ،‬كلها ترتكز عيل وتنتظر‪ .‬أحاول أن أرى كل‬
‫رجل كام كان (تايلر) سرياه‪ .‬اخرت أفضل املقاتلني للتدريب يف (مرشوع‬
‫األرضار)‪ .‬من سيدعوه (تايلر) للعمل يف رشكة صابون (بيرب سرتيت)؟‪.‬‬
‫«أخلوا مركز النادي»‪ :‬هذا إجراء قتايل معتاد‪ .‬بعد ثالثة طلبات من الرئيس‬
‫سوف أطرد من النادي‪ .‬لكنني (تايلر دوردن)‪ .‬أنا اخرتعت نادي القتال‪ .‬نادي‬
‫القتال ملكي‪ .‬أنا كتبت هذه القواعد‪ ،‬ولو مل أكن أنا ملا كان أحدكم هنا‪ .‬وأنا‬
‫آمركم بإيقافه هنا!‪.‬‬

‫«استعدوا لطرد العضو خالل ثالث‪ ..‬اثنان‪ ..‬واحد‪ .»..‬تتقلص دائرة‬


‫الرجال لتتزاحم فوقي‪ ،‬ومتسك مائتا ذراع بكل بوصة من ذراعي وساقي‪،‬‬
‫ورسعان ما أرفع كنرس يفرد جناحيه نحو الضوء‪ .‬استعد إلفراغ روحك خالل‬

‫‪226‬‬
‫مخس‪ ..‬أربع‪ ..‬ثالث‪ ..‬اثنتان‪ ..‬واحدة‪ ..‬وأنتقل فوق الرءوس من يد ليد سابحا‬
‫نحو الباب‪ .‬أنا أطفو‪ ..‬أنا أطري‪ ..‬أنا أرصخ‪ :‬نادي القتال ملكي‪( .‬مرشوع‬
‫األرضار) كان فكريت‪ .‬ال يمكنكم طردي‪ .‬أنا املتحكم هنا‪ .‬عودوا لبيوتكم‪.‬‬
‫يدوي صوت رئيس املجموعة‪« :‬القتال املسجل رقم ‪ ..1‬تقدما إىل مركز النادي‬
‫من فضلكام‪ ..‬اآلن»‪ .‬لن أرحل‪ .‬لن أستسلم‪ .‬استطيع التغلب عىل هذا‪ .‬أنا‬
‫املسيطر هنا‪.‬‬

‫«اطردوا عضو نادي القتال اآلن!»‪ .‬أفرغ روحك اآلن‪ .‬وأطري ببطء نحو‬
‫الباب وإىل الليل ذي النجوم فوق رأيس واهلواء البارد‪ .‬واستقر فوق اسفلت‬
‫ساحة االنتظار‪ .‬ترتاجع األيدي ويغلق الباب خلفي‪ .‬يف مائة من املدن يدور‬
‫القتال من دوين‪ .‬يل أعوام أريد أن أنام‪ .‬أريد ذلك النوع من االنزالق‪..‬‬
‫االستسالم‪ ..‬ذلك اجلزء من النوم الشبيه بالسقوط‪ ..‬اآلن صار النوم آخر ما‬
‫أريد‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫مع (مارال) يف الغرفة ‪ G8‬يف فندق (رجينت)‪ .‬بينام كل املسنني ومدمني‬
‫املخدرات يغلقون عليهم حجراهتم الصغرية‪ ،‬يبدو يل بشكل ما أن قنوطي أمر‬
‫طبيعي متوقع‪.‬‬

‫تقول (مارال) وهي جتلس القرفصاء عىل فراشها‪ ،‬وهي متسك بنصف دستة‬
‫من أقراص اإليقاظ اخرجتها من رشيطها‪« :‬كنت عىل عالقة بشاب كان يعاين‬
‫كوابيس مروعة‪ .‬كان يكره النوم هو اآلخر»‪ .‬ماذا حدث للفتى الذي كانت عىل‬
‫عالقة به؟‪« .‬أوه‪ ..‬لقد مات‪ ...‬نوبة قلبية‪ .‬زيادة يف جرعة األمفيتامني‪ .»..‬تقول‬
‫(مارال)‪« :‬كان يف التاسعة عرشة فحسب»‪ .‬شكرا ملشاركتي املعلومة‪.‬‬

‫عندما دخلنا الفندق‪ ،‬كان الفتى اجلالس عىل منصة االستقبال له شعر مزق‬
‫نصفه إىل اجلذور‪ .‬فروة رأسه عارية مليئة بالقشور‪ ،‬وقد حياين‪ .‬التفت كل‬
‫املسنني اجلالسني أمام التلفزيون لريوا من هذا الذي يناديه الفتى ب (سيدي)‪.‬‬
‫«مساء اخلري يا سيدي»‪ .‬اآلن أختيله يتصل بقيادات (مرشوع األرضار) ليبلغهم‬
‫بمكاين‪ .‬كلهم لدهيم خرائط للمدينة ولسوف يغرسون دبابيس ضغط يف النقاط‬
‫التي أوجد فيها‪ .‬أشعر بأنني موسوم كأوزة مهاجرة يف اململكة الربية‪ .‬كلهم‬

‫‪228‬‬
‫يتجسسون عيل‪ .‬تقول (مارال)‪« :‬يمكنك أن تأخذ ستة من هذه األقراص وال‬
‫تشعر بغثيان يف معدتك‪ .‬لكن عليك أن تأخذها عن طريق الرشج»‪ .‬آه‪ .‬هذا‬
‫ممتع‪ .‬تقول (مارال)‪« :‬أنا ال أخرتع هذا‪ .‬ربام نأتيك بيشء أقوى فيام بعد‪ .‬بعض‬
‫العقارات احلقيقية مثل (كروس تويس) أو (اجلامل األسود) أو (التامسيح)»‪ .‬أنا‬
‫لن أضع هذه األقراص يف رشجي‪« .‬إذن خذ اثنني فقط»‪ .‬ثم ألين نذهب؟‪« .‬إىل‬
‫صالة البولنج‪ .‬إهنا مفتوحة طيلة الليل‪ ،‬ولن يرتكوك تنام هناك»‪ .‬أقول إن الناس‬
‫يف كل مكان نذهب له حيسبونني (تايلر دوردن)‪.‬‬

‫«أهلذا تركنا سائق احلافلة نركب جمانا؟»‪ .‬نعم‪ .‬وهلذا ختىل الرجالن يف احلافلة‬
‫عن مقعدهيام‪« .‬إذن ما وجهة نظرك؟»‪ .‬ال أحسب أن االختباء كاف‪ .‬جيب أن‬
‫نتخلص من (تايلر) بطريقة ما‪ .‬تقول (مارال)‪« :‬ذات مرة كنت عىل عالقة بشاب‬
‫كان حيب ارتداء ثيايب‪ .‬أنت تعرف‪ ..‬الفساتني‪ ..‬القبعات ذات احلجاب‪ .‬يمكن‬
‫أن ألبسك مثيل وأتسلل بك»‪ .‬أنا لست مصابا بشذوذ ارتداء ثياب النساء‪ ،‬ولن‬
‫أضع هذه األقراص يف رشجي‪ .‬تقول (مارال)‪« :‬األمور تسوء‪ .‬ذات مرة كنت‬
‫عىل عالقة بشاب أراد أن أمثل مشهدا سحاقيا مع دميته اجلنسية التي تنفخ‬

‫‪229‬‬
‫باهلواء»‪ .‬ختيلت نفيس قصة من قصص (مارال)‪ .‬ذات مرة كنت عىل عالقة‬
‫بشاب يعاين من فصام شخصية‪« .‬ذات مرة كنت عىل عالقة بشاب يستعمل‬
‫أجهزة تضخيم العضو الذكري تلك»‪.‬‬

‫أسأهلا كم الساعة اآلن‪« .‬الرابعة صباحا»‪ .‬خالل ثالث ساعات أخرى جيب‬
‫أن أكون يف العمل‪ .‬تقول (مارال)‪« :‬خذ أقراصك‪ .‬بام أنك (تايلر دوردن) فعىل‬
‫األرجح سيرتكوننا نلعب البولنج جمانا‪ .‬هيه‪ ..‬قبل أن نتخلص من (تايلر) هل‬
‫بوسعنا التسوق؟‪ .‬ربام حصلنا عىل سيارة مجيلة‪ .‬بعض الثياب‪ .‬بعض األقراص‬
‫املدجمة»‪( .‬مارال)‪« .‬حسن‪ ..‬انس املوضوع»‪.‬‬

‫‪230‬‬
‫الفصل الثاين والعرشون‬
‫تلك املقولة القديمة التي حتكي كيف أنك تقتل دوما اليشء الذي حتب‪،‬‬
‫صحيحة بالطريقة وعكسها‪ .‬بالفعل صحيحة بالطريقة وعكسها‪ .‬هذا الصباح‬
‫ذهبت للعمل وكانت حواجز الرشطة ما بني البناية وساحة االنتظار‪ ،‬وكان‬
‫رجال الرشطة يقفون عىل الباب األمامي‪ .‬مل أحاول جمرد اخلروج من احلافلة‪ .‬أنا‬
‫(جو ذو العرق البارد)‪ .‬من احلافلة أرى النوافذ التي ترتفع من األرضية إىل‬
‫السقف يف الطابق الثالث من بناية عميل‪ ،‬وقد انفجرت وبالداخل رجل إطفاء‬
‫يف معطف واق أصفر متسخ يفك لوحا حمرتقا يتدىل من السقف‪ .‬منضدة‬
‫متفحمة خترج من النافذة‪ ،‬يدفعها رجال إطفاء‪ ،‬فتهوي من ثالثة الطوابق إىل‬
‫اإلفريز‪ ،‬ثم ترتطم باألرض حمدثة أثرا نفسيا أكثر من الصوت‪ .‬تنفتح والدخان‬
‫يتصاعد منها‪.‬‬

‫أنا (فم معدة جو)‪ .‬هذا مكتبي‪ .‬أعرف أن رئييس قد مات‪ .‬ثالث طرق‬
‫لعمل النابامل‪ .‬عرفت أن (تايلر) سيقتل رئييس‪ .‬وحني شممت رائحة اجلازولني‬
‫عىل يدي حلظة قلت إنني أرغب يف ترك عميل‪ ،‬عرفت أنني أعطيته اإلذن‪ .‬كن‬

‫‪231‬‬
‫ضيفي وتكرم بقتل رئييس‪ .‬أعرف أن جهاز كمبيوتر انفجر‪ .‬أعرف هذا ألن‬
‫(تايلر) يعرف هذا‪ .‬ال أريد أن أعرف هذا لكنك تستعمل مثقاب الصائغ لتصنع‬
‫فجوة يف قمة شاشة الكمبيوتر‪ .‬كل قردة الفضاء يعرفون هذا‪ .‬لقد طبعت‬
‫مالحظات (تايلر)‪ .‬هذا طراز آخر من قنبلة املصباح الضوئي‪ ،‬حني حتدث ثقبا‬
‫يف املصباح ثم متلؤه باجلازولني‪ .‬سد الفجوة بالسيليكون أو الشمع ثم أعد‬
‫املصباح للدواية وانتظر حتى يأيت شخص للغرفة وييضء النور‪.‬‬

‫أنبوب شاشة الكمبيوتر يمكنه أن حيوي كمية جازولني أكثر من املصباح‪.‬‬


‫أنبوب أشعة الكاثود‪ .‬حتتاج إىل إزالة البالستيك حول األنبوب وهذا سهل‪ ،‬أو‬
‫تستعمل ألواح التهوية يف أعىل العلبة‪ .‬أوال تنزع قابس الشاشة‪ ،‬هذا أيضا ينجح‬
‫مع التلفزيون‪ .‬فقط تذكر أنه لو تصاعدت رشارة ‪ -‬جمرد كهرباء استاتيكية من‬
‫السجادة ‪ -‬فأنت ميت‪ .‬ستحرتق حيا وأنت ترصخ‪ .‬أنبوب الكاثود يمكن أن‬
‫حيتوي عىل ‪ 300‬ڤولت من الكهرباء اإلجيابية لذا تستعمل مفكا كبريا عرب‬
‫مكثف الكهرباء‪ .‬إذا مت هنا فذلك ألنك مل تستعمل مفكا معزوال‪ .‬هناك تفريغ‬
‫داخل الكاثود لذا ما إن تصنع ثقبا حتى يمتص األنبوب اهلواء بصوت صفري‪.‬‬

‫‪232‬‬
‫ابدأ يف توسيع الثقب أكثر فأكثر حتى تستطيع إدخال قمع عربه‪ ،‬ثم امأل األنبوب‬
‫بام اخرتته من سائل متفجر‪ .‬النابامل املنزيل جيد‪ ،‬ومن املتفجرات اجليدة‬
‫برمنجنات البوتاسيوم خملوطة بالسكر الناعم‪ ،‬الفكرة هي خلط مادة حترتق‬
‫برسعة مع مادة متنح هذا احلريق األكسجني الكايف‪ .‬لو احرتق برسعة ينجم‬
‫انفجار‪ .‬بروكسيد الباريوم وغبار الزنك‪ .‬نرتات األمونيوم ونشارة األلومنيوم‪.‬‬
‫إنه كتاب طبخ الفوضويني اجلديد‪ .‬نرتات الباريوم يف صلصة من الكربيت يتم‬
‫جتميلها بالفحم‪ .‬هذا هو بارودك األويل‪ .‬شهية طيبة‪..‬‬

‫احش شاشة الكمبيوتر هبذا‪ ،‬وحني يشغلها البعض فمعنى هذا أن تنفجر‬
‫ستة أرطال من البارود يف وجوههم‪ .‬املشكلة هنا أنني كنت أميل نوعا لرئييس‪.‬‬
‫لو كنت ذكرا وتعيش يف أمريكا‪ ،‬وكان أبوك هو نموذجك لإلله‪ ،‬فلربام وجدت‬
‫أباك يف مهنتك‪ .‬لكن (تايلر) مل حيب رئييس‪ .‬سوف تبحث الرشطة عني‪ .‬كنت‬
‫آخر شخص يف البناية ليلة اجلمعة‪ .‬صحوت من النوم ألجد أنفايس متكاثفة عىل‬
‫املكتب‪ ،‬و(تايلر) عىل اهلاتف‪ ،‬يقول يل‪:‬‬

‫‪233‬‬
‫‪« -‬أخرج‪ ..‬هناك سيارة ختصنا‪ ..‬إهنا (كاديالك)»‪ .‬كان اجلازولني عىل يدي‪.‬‬
‫سألني ميكانيكي نادي القتال عام أمتنى لو كنت فعلته قبل أن أموت‪ .‬أردت أن‬
‫أهجر وظيفتي‪ .‬كنت هبذا أعطي اإلذن ل (تايلر)‪ .‬كن ضيفي وتفضل بقتل‬
‫رئييس‪.‬‬

‫من مكتبي الذي انفجر‪ ،‬أركب احلافلة حتى نقطة العودة املرسومة باحلىص‬
‫يف هناية اخلط‪ .‬هنا تتالشى الطرق يف الساحات اخلالية واحلقول املحروثة‪ .‬يتناول‬
‫السائق حقيبة غداء وترموس وينظر يل يف املرآة فوق رأسه‪ .‬أحاول التفكري يف‬
‫مكان أذهب له حيث ال يبحث عني رجال الرشطة‪ .‬أري نحو عرشين شخصا‬
‫جيلسون بيني والسائق‪ .‬أعد مؤخرة عرشين رأسا‪ .‬عرشين رأسا حليقا‪ .‬يلتفت‬
‫السائق نحوي حيث جلست يف املقعد اخللفي ويقول‪:‬‬

‫‪« -‬مسرت (دوردن)‪ ..‬أنا فعال أحرتم ما تقوم به‪ ..‬مل أرك من قبل لذا أرجو‬
‫أن تساحمني عىل هذا»‪ .‬يقول السائق‪« :‬اللجنة تقول إن هذه فكرتك‪.»..‬‬
‫وتستدير الروس احلليقة واحدا تلو اآلخر‪ .‬ثم يقفون واحدا تلو اآلخر‪ .‬أقرهبم‬
‫يل حيمل سكني صيد‪ .‬هذا الذي حيمل السكني هو ميكانيكي نادي القتال‪.‬‬

‫‪234‬‬
‫يقول السائق‪« :‬أنت رجل شجاع حتى تأخذ نصيبك من الواجبات‬
‫املنزلية»‪.‬‬

‫يقول امليكانيكي للسائق‪« :‬اخرس!‪ ..‬ال جيب أن تقول شيئا»‪ .‬أنت تعرف‬
‫أن أحد قردة الفضاء معه ربطة مطاطية ليلفها حول خصيتيك‪ .‬إهنم يملئون‬
‫مقدمة احلافلة‪ .‬يقول امليكانيكي‪« :‬أنت تعرف القانون يا مسرت (دوردن)‪ .‬أنت‬
‫قلتها بنفسك‪ .‬لو حاول أحدهم أن يغلق النادي حتى أنت فعلينا أن نظفر‬
‫بخصيتيه»‪ .‬منسالن‪ ..‬بيضتان‪ ..‬جوهرتان‪ ..‬ختيل أفضل‪ ،‬جزء منك جممدا يف‬
‫كيس ساندويتش بالستيكي يف رشكة صابون (بيرب سرتيت)‪ .‬يقول امليكانيكي‪:‬‬
‫«تعرف أنه ال جدوى من مقاومتنا»‪ .‬يراقبنا سائق احلافلة يف املرآة وهو يمضغ‬
‫شطريته‪ .‬تعوي رسينة رشطة وهي تقرتب‪ .‬جرار زراعي يقعقع يف احلقل عن‬
‫بعد‪ .‬طيور‪ .‬نافذة يف مؤخرة احلافلة نصف مفتوحة‪ .‬سحب‪ .‬أعشاب تنمو فوق‬
‫نقطة العودة املرسومة باحلىص‪ .‬ذباب أو نحل يطن حول األعشاب‪.‬‬

‫يقول ميكانيكي نادي القتال‪« :‬نريد شيئا ثانويا صغريا‪ ،‬هذه املرة ليس جمرد‬
‫هتديد يا مسرت (دوردن)‪ .‬هذه املرة سوف نقطعها فعال»‪ .‬يقول سائق احلافلة‪:‬‬

‫‪235‬‬
‫«إهنم رجال الرشطة»‪ .‬تقرتب الرسينة من مكان ما عند مقدمة احلافلة‪ .‬إذن بم‬
‫أدافع عن نفيس؟‪.‬‬

‫تتوقف سيارة رشطة أمام احلافلة‪ ،‬وأضواؤها تتألق محراء وزرقاء عرب زجاج‬
‫النافذة‪ ،‬وشخص ما خارج احلافلة يصيح‪:‬‬

‫‪« -‬توقف هناك!»‪ .‬لقد نجوت‪ .‬نوعا ما‪ .‬يمكن أن أحكي لرجال الرشطة‬
‫عن (تايلر)‪ .‬سأخربهم كل يشء عن نادي القتال ولربام أسجن‪ .‬بعدها سيكون‬
‫(مرشوع األرضار) مشكلتهم التي عليهم حلها‪ ،‬ولن يكون عيل التحديق يف هذه‬
‫السكني‪ .‬يصعد رجال الرشطة إىل احلافلة ويسأل الرشطي األول‪:‬‬

‫‪« -‬أمل تقطعهام بعد؟»‪ .‬يقول الرشطي الثاين‪« :‬افعل هذا برسعة‪ ..‬ثمة أمر‬
‫صدر باعتقاله»‪ .‬ثم ينزع قبعته ويقول يل‪« :‬ال يوجد يشء شخيص يا مسرت‬
‫(دوردن)‪ .‬إن لقاءك يرسين»‪.‬‬

‫أقول إنكم مجيعا ترتكبون خطأ جسيام‪ .‬يقول امليكانيكي‪« :‬أنت أخربتنا إنك‬
‫عىل األرجح ستقول هذا»‪ .‬أنا لست (تايلر دوردن)‪« .‬قلت لنا إنك ستقول هذا‬

‫‪236‬‬
‫أيضا»‪ .‬أنا أغري القواعد‪ .‬يمكنكم أن حتظوا بنادي قتال لكنكم لن تستأصلوا‬
‫خصية أي إنسان ثانية‪ .‬يقول امليكانيكي‪« :‬أجل‪ ..‬أجل‪ .»..‬لقد اجتاز نصف‬
‫املمشى والسكني يف يده‪« .‬قلت إنك بالتأكيد ستقول هذا»‪ .‬ليكن أنا (تايلر‬
‫دوردن)‪ .‬أنا هو‪ ،‬ليكن أنا (تايلر دوردن)‪ .‬وأنا أميل القواعد وأقول لك ارم هذه‬
‫السكني‪.‬‬

‫ينادي امليكانيكي من فوق كتفه‪« :‬ما أفضل رقم قيايس حققناه يف عملية‬
‫(اقطع‪ -‬و‪ -‬اجر)؟»‪ .‬يصيح أحدهم‪« :‬أربع دقائق»‪ .‬يصيح امليكانيكي‪« :‬هل‬
‫يقوم أحدكم بحساب وقت هذه؟»‪ .‬لقد صعد الرشطيان إىل مقدمة احلافلة‬
‫اآلن‪ ،‬وأحدمها يمسك بساعته ويقول‪« :‬ثانية واحدة‪ ..‬انتظر حتى يبلغ العقرب‬
‫الثاين رقم اثني عرش»‪ .‬يقول الرشطي‪« :‬تسع»‪« .‬ثامن»‪« .‬سبع»‪.‬‬

‫أحرش جسدي عرب النافذة املفتوحة‪ .‬ترضب معديت احلاجز املعدين الرفيع‬
‫للنافذة‪ ،‬ومن ورائي يصيح ميكانيكي نادي القتال‪« :‬مسرت (دوردن)‪ ..‬أنت‬
‫ستفسد التوقيت متاما»‪ .‬ونصفي خارج النافذة أنشب أظفاري يف اإلفريز‬
‫املطاطي األسود الذي حيمي العجلة اخللفية‪ .‬هناك من يمسك بساقي ويشد‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫أرصخ يف اجلرار الذي أراه عن بعد‪« :‬هيه!‪ ..‬هيه!!»‪ .‬وجهي أمحر ميلء بالدم‬
‫وأنا أتعلق مقلوبا ألسفل‪ .‬أرتفع ألعىل ألن األيادي حول كاحيل جتذبني ثانية‪.‬‬
‫ربطة عنقي تطري أمام وجهي‪ .‬تتعلق بكلة حزامي بحاجز النافذة‪ .‬النحل‬
‫والذباب والعشب عىل بعد بوصات من وجهي‪ ،‬وأنا أرصخ‪« :‬هييه!»‪ .‬أيد‬
‫تتعلق بمؤخرة رسوايل‪ ،‬جتذبني وهتز رسوايل وحزامي فوق أردايف‪ .‬أحدهم‬
‫داخل احلافلة يرصخ‪« :‬دقيقة واحدة!»‪.‬‬

‫ينزلق حذائي عن قدمي‪ .‬تضم األيدي ساقي معا‪ .‬حاجز النافذة الذي‬
‫سخنته الشمس خيرتق معديت‪ .‬يتدىل قمييص األبيض حول يدي وكتفي‪ .‬وما‬
‫زلت أرصخ‪« :‬هييه!»‬

‫رجالي مفرودتان مستقيمتان خلفي‪ .‬رسوايل انزلق عن رجيل واختفي‪.‬‬


‫الشمس تلتمع دافئة عىل مؤخريت‪ .‬الدم يسيل عىل وجهي وعيناي تنفجران من‬
‫الضغط‪ .‬كل ما أراه القميص األبيض حول وجهي‪ .‬اجلرار يقعقع يف مكان ما‪.‬‬
‫النحل يطن‪ .‬وكل إنسان يبعد مليون ميل عني‪ .‬وعىل بعد مليون ميل خلفي‬
‫يرصخ أحدهم‪« :‬دقيقتان!»‪ .‬وتنزلق يد بني رجيل وتفتش‪ .‬ويقول أحدهم‪« :‬ال‬

‫‪238‬‬
‫تؤملوه!»‪ .‬األيدي املمسكة بكاحيل تبعد ماليني األميال‪ .‬أتصورها يف هناية طريق‬
‫طويل طويل‪ .‬تأمل موجه‪ .‬ال تتخيل حاجز النافذة سكينا ساخنة تشق معدتك‪.‬‬
‫ال تتخيل فريقا من الرجال يباعدون بني فخذيك‪ .‬عىل بعد مليون ميل‪ ..‬عىل‬
‫بعد بزيليون ميل‪ ..‬يد خشنة دافئة تلتف حولك وجتذبك للداخل‪ ،‬وأحدهم‬
‫يمسكك بقوة أكثر فأكثر‪ .‬ربطة مطاطية‪.‬‬

‫أنت يف أيرلندا‪ .‬أنت يف نادي القتال‪ .‬أنت يف العمل‪ .‬أنت يف أي مكان لكن‬
‫ليس هنا‪ .‬أحدهم يرصخ بعيدا بعيدا‪« :‬ثالث دقائق!»‪ .‬أنت تعرف األمر يا مسرت‬
‫(دوردن)‪ ..‬ال تعبث مع نادي القتال»‪.‬‬

‫يد دافئة توضع حتتك كأهنا قدح‪ .‬طرف السكني البارد‪ ،‬يد تلتف حول‬
‫صدرك‪ .‬اتصال جسدي عالجي‪ .‬وقت األحضان‪ .‬واألثري يوضع عىل أنفك‬
‫وفمك‪ .‬ثم ال يشء‪ ..‬ال يشء‪..‬‬

‫نسيان‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫الفصل الثالث والعرشون‬
‫شقتي التي دمرها االنفجار سوداء بلون الفضاء اخلارجي‪ ،‬مدمرة قابعة يف‬
‫الليل فوق أضواء املدينة اخلافتة‪ .‬أما وقد ذهبت النوافذ‪ ،‬فقد تدىل رشيط الرشطة‬
‫األصفر الذي حييطون به مرسح اجلريمة‪ ،‬يتلوى من حافة اهلاوية يف الطابق‬
‫اخلامس عرش‪ .‬أصحو من نومي عىل األرضية اخلرسانية‪ .‬كانت هذه أرضية من‬
‫اخلشب فيام مىض‪ ،‬وكانت هناك لوحات عىل اجلدران قبل االنفجار‪ .‬كان هناك‬
‫أثاث سويدي‪ .‬كل هذا قبل (تايلر)‪ .‬أنا مرتد ثيايب الكاملة‪ .‬أضع يدي يف جيبي‬
‫وأحتسس‪ .‬ال توجد أعضاء ناقصة‪ .‬خائف لكني سليم اجلسد‪.‬‬

‫اجته إىل احلافة التي تطل من فوق مخسة عرش طابقا عىل ساحة االنتظار‪ .‬تأمل‬
‫أضواء املدينة والنجوم‪ ..‬عندها تضيع‪ .‬كل هذا صار خلفنا‪ .‬هاهنا ‪ -‬يف أميال‬
‫الليل التي تفصل بني األرض والنجوم ‪ -‬أشعر كأنني واحد من حيوانات‬
‫الفضاء تلك‪ .‬كالب‪ ..‬قردة‪ ..‬برش‪ ..‬قم بعملك الصغري فقط‪ ..‬اضغط زرا‪.‬‬
‫اجذب رافعة‪ .‬ال تفهم حقا أيا مما تقوم به‪ .‬العامل قد فقد صوابه‪ .‬رئييس مات‪..‬‬
‫بيتي تالشى‪ .‬وظيفتي ضاعت‪ .‬وأنا مسئول عن هذا كله‪ .‬مل يبق يشء‪ .‬سحبت‬

‫‪240‬‬
‫أكثر من رصيدي يف املرصف‪ .‬اخط عىل احلافة‪ .‬رشيط الرشطة يتأرجح ما بيني‬
‫وما بني النسيان‪ .‬اخط عىل احلافة‪ .‬ماذا عساه يكون هناك أيضا؟‪ .‬هناك (مارال)‪.‬‬
‫اخط عىل احلافة‪ .‬هناك (مارال) وهي يف قلب كل يشء لكنها ال تعرف هذا‪ .‬إهنا‬
‫حتبك‪ .‬إهنا حتب (تايلر)‪ .‬وهي ال تعرف الفارق‪ ،‬جيب أن خيربها أحدهم‪ .‬اخرج‪.‬‬
‫اخرج‪ .‬أنقذ نفسك‪.‬‬

‫تركب املصعد إىل املدخل‪ ،‬والبواب الذي مل حيبك قط يبتسم لك اآلن وقد‬
‫فقد ثالث أسنان من فمه‪ ،‬ويقول‪« :‬صباح اخلري يا مسرت (دوردن)‪ ..‬هل أجلب‬
‫لك سيارة أجرة؟ هل أنت بخري؟ هل تريد استعامل اهلاتف؟»‪ .‬تتصل ب (مارال)‬
‫يف فندق (رجينت)‪ .‬املوظف هناك يقول‪« :‬حاال يا مسرت (دوردن)»‪ .‬ثم تأيت‬
‫(مارال) للهاتف‪ .‬البواب يصغي من فوق كتفك‪ .‬املوظف يف فندق (رجينت)‬
‫يصغي أيضا عىل األرجح‪ .‬تقول‪( :‬مارال) جيب أن نتكلم‪ .‬تقول (مارال)‪:‬‬
‫«اذهب للجحيم»‪ .‬تقول إهنا ربام تكون يف خطر‪ .‬إهنا تستحق أن تعرف ما جيري‬
‫هنالك‪ .‬جيب أن تقابلك‪ .‬جيب أن تتكلام‪« .‬أين؟»‪ .‬فلتذهب إىل أول مكان التقينا‬
‫فيه‪ .‬تذكري‪ .‬ارجعي بالذاكرة‪ .‬كرة الضوء الشافية البيضاء‪ .‬القرص ذو األبواب‬

‫‪241‬‬
‫السبعة‪ .‬تقول‪« :‬فهمت»‪ .‬سأكون هناك بعد عرشين دقيقة‪ .‬كوين هناك‪ .‬وتضع‬
‫الساعة فيقول البواب‪« :‬يمكن أن أجلب لك سيارة األجرة يا مسرت (دوردن)‪.‬‬
‫جمانا ألي مكان تريد»‪ .‬فتية نادي القتال يقتفون أثرك‪ .‬تقول‪ :‬ال‪ ..‬اجلو مجيل‬
‫الليلة وأحسبني سأميش‪.‬‬

‫إهنا ليلة السبت‪ ..‬ليلة جمموعة رسطان القولون يف قبو (فريست‬


‫ميثودست)‪ .‬و(مارال) بانتظارك هنالك حني تصل‪( .‬مارال سينجر) تقلب‬
‫عينيها‪( .‬مارال سينجر) بعينني حييطهام السواد‪ .‬جتلسان عىل البساط الوبري‬
‫اخلشن عىل ناحيتي دائرة التأمل‪ ،‬وحتاول أن تستدعي احليوان رمز قوتك‪ ،‬بينام‬
‫ترمقك (مارال) بعينها السوداء‪ .‬تغمض عينيك وتتأمل يف القرص ذي السبعة‬
‫األبواب‪ .‬هتدهد الطفل يف داخلك‪ .‬ترمقك (مارال)‪ .‬ثم يأيت وقت االحتضان‪.‬‬
‫افتح عينيك‪ .‬جيب أن نختار رفيقا لكل منا‪( .‬مارال) تعرب الغرفة بثالث خطوات‬
‫رسيعة‪ ،‬وتصفعني بعنف عىل وجهي‪ .‬شارك نفسك مع اآلخرين كلية‪( .‬مارال)‬
‫تقول‪« :‬أنت يا قطعة القذارة اللعينة!» حولنا يقف اجلميع حيملقون‪ .‬ثم تنهال‬

‫‪242‬‬
‫عيل قبضتا (مارال) يف كل اجتاه‪ .‬إهنا ترصخ‪« :‬أنت قتلت شخصا‪ .‬لقد طلبت‬
‫الرشطة ولسوف يكونون هنا حتام يف أية دقيقة»‪.‬‬

‫أمسك بمعصميها‪ ،‬وأقول‪ :‬إن الرشطة قد تأيت لكن ربام ال تفعل‪ .‬تتلوى‬
‫(مارال) وتقول إن الرشطة قادمة برسعة إىل هنا كي تقيدين إىل املقعد الكهربائي‪،‬‬
‫سوف خيبزون عيني حتى خترج من مكاهنا‪ ،‬أو عىل األقل يعطونني حقنة مميتة‪.‬‬
‫سوف يبدو هذا بالضبط كلدغة نحلة‪ .‬جرعة كبرية من فينوباربيتال الصوديوم‬
‫وبعدها النوم األكرب‪ .‬كأنه مأوى الكالب‪( .‬مارال) تقول إهنا رأتني أقتل شخصا‬
‫أمس‪ .‬لو كانت تعني رئييس فأنا أقول أجل أجل أجل‪ .‬أعرف‪ ..‬الرشطة‬
‫تعرف‪ ..‬اجلميع يبحث عني كي يعطيني احلقنة املميتة‪ ،‬لكن (تايلر) هو من قتل‬
‫رئييس‪ .‬أنا و(تايلر) لنا بالصدفة نفس البصامت لكن ال أحد يفهم‪ .‬تقول‬
‫(مارال)‪« :‬اذهب إىل اجلحيم»‪ .‬وتدفع عينها املرضوبة نحوي‪« .‬ألنك أنت‬
‫وأتباعك حتبون أن ترضبوا‪ .‬فقط املسني مرة واحدة ولسوف ينتهي أمرك»‪.‬‬
‫تقول (مارال)‪« :‬أنا رأيتك تطلق الرصاص عىل رجل أمس»‪.‬‬

‫‪243‬‬
‫أقول كال‪ ..‬كانت قنبلة‪ .‬وقد حدث هذا صباح اليوم‪( .‬تايلر) أحدث ثقبا‬
‫يف شاشة كمبيوتر ثم صب اجلازولني أو البارود‪ .‬كل القوم املصابني برسطان‬
‫القولون يقفون يراقبون هذا‪ .‬تقول (مارال)‪« :‬ال‪ .‬أنا اقتفيت أثرك إىل فندق‬
‫(برسامن) وكنت تعمل ساقيا يف إحدى حفالت ألغاز القتل تلك»‪ .‬حفالت‬
‫ألغاز القتل‪ ..‬األثرياء يأتون للفندق حلفل عشاء كبري‪ ،‬ويمثلون نوعا من قصص‬
‫(أجاثا كريستي)‪ .‬وبني تقديم عصيدة السالمون وحلم الغزال‪ ،‬تنطفئ األنوار‬
‫لدقيقة ويتظاهر أحدهم بأنه قتل‪ .‬موت مسل من طراز (دعونا نتظاهر هبذا)‪.‬‬
‫بقية العشاء يسكر الضيوف ويأكلون حساء اخلرض‪ ،‬وحياولون البحث عن أدله‬
‫تقودهم إىل أهيم هو القاتل املخبول‪ .‬تقول (مارال)‪« :‬أنت أطلقت الرصاص عىل‬
‫مندوب العمدة للحفاظ عىل البيئة»‪( .‬تايلر) أطلق الرصاص عىل مندوب‬
‫العمدة ليشء ما‪( .‬مارال) تقول‪« :‬وأنت لست مصابا بالرسطان كذلك»‪.‬‬

‫هكذا جتري األمور برسعة‪ .‬فرقع بأصابعك وعندها ينظر لك اجلميع‪.‬‬


‫أرصخ فيها‪ :‬أنت كذلك لست مصابة بالرسطان!‪ .‬ترصخ (مارال)‪« :‬لقد ظل‬
‫يأيت هنا عامني‪ ،‬وهو ليس مصابا بيشء!»‪ .‬أنا أحاول إنقاذ حياتك‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫‪« -‬ماذا؟‪ ..‬وملاذا حتتاج حيايت إىل إنقاذ؟»‪ .‬ألنك تقتفني أثري‪ .‬ألنك اقتفيت‬
‫أثري الليلة وألنك رأيت (تايلر دوردن) يقتل شخصا‪ ،‬و(تايلر) سوف يقتل أي‬
‫شخص يتهدد (مرشوع األرضار)‪ .‬كل شخص يف الغرفة يبدو وقد خرج من‬
‫مأساته الصغرية‪ .‬موضوع رسطاهنم التافه‪ .‬حتى الذين يتعاطون أقراص عالج‬
‫األمل املنومة ينظرون لنا بعيون متسعة متنبهة‪.‬‬

‫أقول للجمع‪« :‬أنا آسف‪ ..‬مل أقصد أي أذى‪ .‬جيب أن نرحل‪ .‬جيب أن نتكلم‬
‫عن هذا يف اخلارج»‪ .‬هنا يصيح اجلميع‪« :‬ال‪ ..‬ابق!‪ ..‬وماذا أيضا؟»‪ .‬أقول أنا مل‬
‫أقتل أحدا‪ .‬أقول أنا لست (تايلر دوردن)‪ .‬إنه اجلزء اآلخر من شخصيتي‬
‫املنفصمة‪ .‬هل رأى احدكم فيلم (سيبيل)؟‬

‫تقول (مارال)‪« :‬إذن من سيقتلني؟‪( .‬تايلر) أم أنت؟‪ .‬أقول (تايلر)‪ ،‬لكني‬


‫أستطيع أن أتوىل أمر (تايلر)‪ .‬فقط خذي حذرك من أعضاء (مرشوع األرضار)‪.‬‬
‫ربام أعطاهم (تايلر) أمرا بأن خيطفوك أو أي يشء‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫‪« -‬وملاذا جيب أن أصدق هذا؟»‪ .‬هكذا جتري األمور برسعة‪ .‬أقول ألنني‬
‫أحسبني أميل لك‪ .‬تقول (مارال)‪« :‬إذن هو ليس حبا؟»‪ .‬أقول هذه حلظة مبتذلة‬
‫بام يكفي‪ .‬ال تتعجيل األمور‪ .‬الكل يراقبنا‪ .‬جيب أن أرحل‪ .‬جيب أن أخرج من‬
‫هنا‪ .‬أقول‪ :‬خذي احلذر من األشخاص حليقي الرءوس أو الذين يبدون كأنام‬
‫هم تلقوا علقة‪ .‬عيون سود‪ .‬أسنان مفقودة‪ .‬هذا النوع من األمور‪ .‬تقول‬
‫(مارال)‪« :‬إذن ألين تذهب؟»‪.‬‬

‫جيب أن أتوىل أمر (تايلر)‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫الفصل الرابع والعرشون‬
‫كان اسمه (باتريك مادن)‪ ،‬وكان مندوب العمدة للحفاظ عىل البيئة‪ .‬كان‬
‫اسمه (باتريك مادن)‪ ،‬وقد كان عدوا ل (مرشوع األرضار)‪ .‬أجول يف الظالم‬
‫حول بناية (فريست ميثودست) فتعود يل الذاكرة كاملة‪ ،‬كل ما يعرفه (تايلر)‬
‫يعود لذاكريت‪ .‬كان (باتريك مادن) جيمع قائمة عن البارات التي تعقد فيها أندية‬
‫القتال‪ .‬فجأة رصت أعرف كيف أشغل آلة عرض سينامئي‪ .‬أعرف كيف أهشم‬
‫األقفال‪ ،‬وكيف استأجر (تايلر) البيت يف (بيرب سرتيت) قبل أن يكشف عن‬
‫نفسه يل عىل الشط‪ .‬أعرف ملاذا وجد (تايلر)‪( .‬تايلر) كان حيب (مارال)‪ .‬من‬
‫الليلة األوىل للقائنا‪ ،‬أراد (تايلر) أو جزء مني أن يكون مع (مارال)‪ .‬ال يشء من‬
‫هذا هيم‪ .‬ليس اآلن‪ .‬لكن التفاصيل تعود يل وأنا أميش يف الليل إىل أقرب نادي‬
‫قتال‪ .‬ثمة نادي قتال يف قبو (بار السالح) يف ليايل السبت‪ .‬من املحتمل أن جتده‬
‫يف القائمة التي جيمعها (مادن)‪( ..‬مادن) امليت البائس‪ .‬الليلة أذهب ل (بار‬
‫السالح) فينشق اجلمع لدى دخويل عىل طريقة سوستة الثياب‪ .‬بالنسبة للجميع‬
‫هنا أنا (تايلر دوردن) العظيم القوي‪ ..‬اإلله واألب‪ ..‬من كل صوب حويل‬

‫‪247‬‬
‫اسمع‪« :‬مساء اخلري سيدي»‪« ..‬مرحبا بك يف نادي القتال يا سيدي»‪« ..‬شكرا‬
‫عىل االنضامم لنا سيدي»‪.‬‬

‫وجهي الوحيش بدأ يلتئم لتوه‪ .‬الفجوة يف خدي تبتسم‪ .‬تقطيبة فوق فمي‬
‫احلقيقي‪ .‬ألنني (تايلر دوردن) وألنه (طظ فيكم) فإنني أسجل نفيس لقتال كل‬
‫واحد يف النادي الليلة‪ .‬مخسون معركة‪ .‬معركة واحدة يف كل مرة‪ .‬ال أحذية ال‬
‫قمصان‪ .‬تستمر املعارك ما دامت جيب أن تستمر‪ .‬وإذا كان (تايلر) حيب‬
‫(مارال)‪ ،‬فأنا أحب (مارال)‪ .‬وما حيدث ال يمكن التعبري عنه بكلامت‪ .‬أريد أن‬
‫أخنق كل الشواطئ الفرنسية التي لن أراها‪ .‬ختيل أن تصطاد الوعول عرب‬
‫الغابات الرطبة حول مركز (روكفلر)‪.‬‬

‫يف أول معركة أمسك يب الفتى يف مقص (نلسون) كامل ثم راح يضغط‬
‫وجهي‪ ..‬يضغط خدي‪ ..‬يضغط الفجوة يف خدي عىل األرض اخلرسانية حتى‬
‫حتركت أسناين من مكاهنا‪ ،‬وغرست جذورها املدببة يف لساين‪ .‬اآلن أتذكر‬
‫(باتريك مادن) ميتا عىل األرض‪ .‬متثال صغري لزوجته وابنته الصغرية ذات‬
‫(الشنيون) يف شعرها‪ .‬زوجته ضحكت وحاولت أن تصب الشمبانيا بني شفتيه‬

‫‪248‬‬
‫امليتتني‪ .‬قالت الزوجة إن هذا الدم املزيف أمحر جدا‪ ..‬أكثر من الالزم‪ .‬ذاقت‬
‫مسز (باتريك مادن) الدم‪ .‬أتذكر أنني كنت هناك أقف خارج حفل لغز القتل‪،‬‬
‫والسقاة الذين هم قردة فضاء يقفون للحراسة من حويل‪( .‬مارال) يف ثوهبا الذي‬
‫تنثر عليه زهور سود كورق احلائط‪ ،‬تراقب من الناحية األخرى من قاعة‬
‫الرقص‪.‬‬

‫يف معركتي الثانية وضع الفتى ركبته ما بني لوحي كتفي‪ .‬الفتى جيذب‬
‫ذراعي معا خلف ظهري‪ ،‬ثم يرضب صدري باألرض اخلرسانية‪ .‬عظمة‬
‫ترقويت‪ ..‬أسمعها تتهشم عىل جانب‪ .‬سوف أهشم (إجلني ماربلز) بمطرقة‬
‫وأمسح مؤخريت باملوناليزا‪ .‬رفعت مسز (باتريك مادن) إصبعني ملوثني بالدم‪،‬‬
‫والدم يسيل يف جمار بني أسناهنا‪ ،‬ثم سال الدم عىل أصابعها‪ ..‬عىل معصمها‪..‬‬
‫فوق السوار املايس‪ .‬ثم إىل كوعها حيث راح يتساقط يف قطرات عىل األرض‪.‬‬

‫القتال الثالث‪ ..‬أصحو ألجد أن هذا هو القتال الثالث‪ .‬ال مزيد من األسامء‬
‫يف نادي القتال‪ .‬أنت لست اسمك‪ ..‬أنت لست أرستك‪ ..‬رقم ثالثة يبدو أنه‬
‫يعرف ما أريد‪ ،‬ويمسك برأيس يف الظالم وخينقني‪ .‬هناك مسكة تعطيك فقط ما‬

‫‪249‬‬
‫يكفي من اهلواء كي تظل حيا‪ .‬رقم ثالثة يمسك برأيس يف ثنية ذراعه‪ ،‬كأنه‬
‫يمسك بطفل رضيع أو كرة قدم‪ ،‬ويدق رأيس بقبضته املطبقة‪ .‬حتى تعض‬
‫أسناين اللحم داخل خدي‪ .‬حتى تالقي الفجوة يف خدي ركن فمي‪ .‬يلتقي‬
‫الشقان يف شق واحد كبري يمتد من أذين ألنفي‪ .‬رقم ثالثة يرضب حتى تتعرى‬
‫قبضته‪ .‬حتى أبكي‪ .‬كيف سيتخىل عنك كل من أحببت أو يموت‪ .‬كل ما خلقته‬
‫سوف يلقى به بعيدا‪ .‬كل يشء فخرت به سوف ينتهي يف القاممة‪ .‬أنا‬
‫(أوزيامندوس) ملك امللوك‪ ..‬لكمة أخرى وتنغلق أسناين عىل لساين‪ .‬يسقط‬
‫نصف لساين عىل األرض ويركل بعيدا‪ .‬التمثال الصغري الذي يمثل مسز‬
‫(باتريك مادن) وهي راكعة جوار جثة زوجها‪ .‬األثرياء‪ ..‬الناس الذين‬
‫يعتربوهنم أصدقاء حيتشدون حوهلا ثملني ويضحكون‪ .‬الزوجة قالت‪:‬‬
‫«(باتريك)!»‪ .‬بركة الدم تتسع وتتسع حتى تلمس تنورهتا‪ ،‬تقول‪(« :‬باتريك)‪..‬‬
‫هذا كاف‪ ..‬كف عن املوت‪.»..‬‬

‫الدم يتسلق تنورهتا‪ .‬اخلاصية الشعرية‪ .‬خيطا بخيط يتسلق تنورهتا‪ .‬من‬
‫حويل يرصخ رجال (مرشوع األرضار)‪ .‬ثم ترصخ مسز (باتريك مادن)‪ .‬ويف‬

‫‪250‬‬
‫قبو (بار السالح) يسقط (تايلر دوردن) عىل األرض يف فوىض دافئة‪( .‬تايلر‬
‫دوردن) العظيم‪ ..‬الذي وصل لالكتامل يف حلظة والذي قال إن هذه اللحظة هي‬
‫غاية ما تصبو إليه من االكتامل‪ .‬وتستمر املعارك ألنني أريد أن أموت‪ .‬ألنه يف‬
‫املوت فقط نحظى بأسامء‪ .‬فقط يف املوت ال نعود جزءا من (مرشوع األرضار)‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫الفصل اخلامس والعرشون‬
‫يقف (تايلر دوردن) هناك‪ ..‬غاية يف الوسامة‪ ..‬مالكا بطريقة (كل يشء‬
‫أشقر) اخلاصة به‪ .‬رغبتي يف احلياة تذهلني‪ .‬أنا الذي رصت عينة من نسيج‬
‫دموي يف غرفتي برشكة صابون (بيرب سرتيت)‪ .‬كل يشء يف غرفتي قد وىل‪ .‬املرآة‬
‫التي عليها صورة قدمي‪ ،‬يوم أصبت بالرسطان ملدة عرش دقائق‪ .‬ما هو أسوأ من‬
‫الرسطان‪ .‬لقد ذهبت املرآة‪ .‬باب اخلزانة مفتوح وقمصاين الستة البيض‬
‫والرساويل السود والثياب الداخلية واألحذية قد ولت مجيعا‪ .‬يقول (تايلر)‪:‬‬
‫«اهنض»‪.‬‬

‫خلف وداخل وحتت كل ما أخذته قضية مسلمة كان يشء مرعب ينمو‪ .‬لقد‬
‫هتاوي كل يشء‪ .‬تم إخالء قردة الفضاء‪ .‬كل يشء أعيد توزيعه‪ ،‬بام فيه الدهن‬
‫املشفوط واألرسة واملال‪ ..‬وبخاصة املال‪ .‬مل تبق إال احلديقة والبيت املستأجر‪.‬‬
‫يقول (تايلر)‪« :‬آخر ما سنقوم به هو موضوع استشهادك‪ .‬موتك العظيم»‪ .‬لن‬
‫يكون هذا كام املوت احلزين املفعم بالكآبة‪ ،‬بل سيكون موتا مفرحا باعثا عىل‬

‫‪252‬‬
‫األمل‪ .‬أوه يا (تايلر)‪ ..‬أنا أتأمل‪ ..‬اقتلني هنا‪« .‬بل اهنض»‪ .‬اقتلني‪ ..‬اقتلني‪..‬‬
‫اقتلني‪..‬‬

‫يقول (تايلر)‪« :‬جيب أن يكون ضخام‪ .‬ختيل هذا‪ :‬فوق أعىل بناية يف العامل‪.‬‬
‫يستويل (مرشوع األرضار) عىل البناية كلها‪ .‬الدخان خيرج من النوافذ‪ .‬املكاتب‬
‫هتوي عىل الناس املتزامحني يف الشارع‪ .‬أوبرا موت حقيقية‪ ..‬هذا ما ستحظى به»‪.‬‬
‫أقول ال‪ .‬لقد استغللتني بام يكفي‪« .‬لو مل تتعاون سنطارد (مارال)»‪ .‬أقول له إذن‬
‫تقدمني إىل حيث تريد‪ .‬يقول (تايلر)‪« :‬اخرج بحق اجلحيم من الفراش اآلن‪.‬‬
‫وضع مؤخرتك يف السيارة اللعينة»‪.‬‬

‫لذا أقف أنا و(تايلر) عىل قمة بناية (باركر موريس) واملسدس يف فمي‪ .‬نحن‬
‫يف آخر عرش دقائق لنا‪ ،‬لن تكون بناية (باركر موريس) هنا بعد عرش دقائق‪.‬‬
‫أعرف هذا ألن (تايلر) يعرف هذا‪ .‬ماسورة املسدس تلتصق بمؤخرة حلقي‪،‬‬
‫و(تايلر) يقول‪« :‬لن نموت»‪.‬‬

‫‪253‬‬
‫أحتسس ماسورة املسدس بلساين وألصقها بخدي السليم‪ ،‬وأقول‪:‬‬
‫(تايلر)‪ ..‬أنت تفكر يف مصايص الدماء‪ .‬هذه آخر ثامن دقائق لنا‪ .‬املسدس هنا يف‬
‫حالة ما إذا وصلت طائرات هليكوبرت الرشطة أوال‪ .‬يبدو املنظر كأنه رجل وحيد‬
‫يضع مسدسا يف فمه‪ ،‬لكن (تايلر) هو الذي يمسك باملسدس وهذه حيايت أنا‪.‬‬
‫خذ ‪ %98‬من محض النرتيك املدخن‪ ،‬وأضفه لثالثة أضعاف الكمية من محض‬
‫الكربيتيك‪ .‬لقد صار عندك النيرتوجلرسين‪ .‬سبع دقائق‪ .‬اخلط النيرتو بنشارة‬
‫اخلشب وسوف حتصل عىل مفجر بالستيكي جيد‪ .‬أكثر قردة الفضاء يمزجون‬
‫النيرتو بالقطن ثم يضيفون أمالح (اإلبسوم) كمصدر للكربيتات‪ .‬هذا أيضا‬
‫ينجح‪ .‬بعض القردة يستعملون البارافني‪ ،‬لكن البارافني مل ينجح معي قط‪ .‬أربع‬
‫دقائق‪ .‬أنا و(تايلر) عىل حافة السطح واملسدس يف فمي‪ ..‬أتساءل عام إذا كان‬
‫املسدس نظيفا‪ .‬ثالث دقائق‪ .‬ثم يرصخ أحدهم‪« :‬انتظر!»‪.‬‬

‫هذه (مارال) قادمة نحونا عرب السطح‪( .‬مارال) قادمة نحوي أنا ألن (تايلر)‬
‫قد اختفى‪( .‬تايلر) هلوستي أنا ال هلوستها‪( .‬تايلر) قد اختفى رسيعا كحيلة‬

‫‪254‬‬
‫مشعوذ‪ .‬اآلن أنا جمرد رجل يدس مسدسا يف فمه‪ .‬ترصخ (مارال)‪« :‬لقد اقتفينا‬
‫أثرك‪ .‬كل الناس من جمموعة مساندة املرىض‪ .‬ال تفعل هذا‪ ..‬ألق باملسدس»‪.‬‬

‫خلف (مارال) كل رسطانات القولون وكل طفيليات املخ وكل مرىض‬


‫رسطان اجللد األسود ومرىض الدرن‪ ،‬يمشون ويعرجون ويدفعون مقاعدهم‬
‫نحوي‪ .‬إهنم يقولون‪« :‬توقف»‪ .‬أصواهتم تصل يل عىل الريح الباردة وهم‬
‫يقولون‪« :‬توقف» و«بوسعنا أن نساعدك»‪« .‬دعنا نساعدك»‪.‬‬

‫وعرب السامء يأيت صوت ال (ووب ووب) املميز هلليكوبرت الرشطة‪ .‬أرصخ‬
‫ابتعدوا‪ .‬اخرجوا من هنا‪ .‬هذه البناية ستنفجر‪ .‬ترصخ (مارال)‪« :‬نعرف هذا»‪.‬‬
‫تبدو اللحظة كعيد الظهور اخلاص يب‪ .‬أنا ال أقتل نفيس‪ ..‬أنا أقتل (تايلر)‪ .‬أنا‬
‫(جو العنيف)‪ .‬أتذكر كل يشء‪.‬‬

‫ترصخ (مارال)‪« :‬ليس هذا حبا وال أي يشء‪ ..‬لكن أعتقد أنني أميل لك»‪.‬‬
‫دقيقة واحدة‪( .‬مارال) متيل ل (تايلر)‪( .‬مارال) ترصخ‪« :‬ال‪ .‬بل أميل لك أنت‪.‬‬
‫أنا أعرف الفارق بينكام»‪ .‬وال يشء ينفجر‪ .‬فوهة املسدس ملتصقة بخدي‬

‫‪255‬‬
‫السليم‪ .‬أقول (تايلر)‪ ..‬أنت مزجت النيرتو بالبارافني‪ .‬أليس كذلك؟‪ .‬البارافني‬
‫ال ينجح أبدا‪ .‬جيب أن أفعل هذا‪.‬‬

‫طائرات هليكوبرت الرشطة‪ .‬أجذب الزناد‪.‬‬

‫‪256‬‬
‫الفصل السادس والعرشون‬
‫يف بيت أيب هناك منازل كثرية‪ .‬بالطبع حينام جذبت الزناد لقيت حتفي‪.‬‬
‫كذاب‪ .‬وقد مات (تايلر)‪.‬‬

‫مع طائرات اهلليكوبرت اخلاصة بالرشطة هتدر نحونا‪ ،‬و(مارال) وكل‬


‫جمموعة املساندة التي مل تستطع أن تساعد نفسها‪ ،‬وكلهم حياول أن ينقذين‪ ،‬كان‬
‫عيل أن أجذب الزناد‪ .‬كان هذا أفضل من احلياة احلقيقية‪ .‬وحلظتك املكتملة تلك‬
‫ال تستمر لألبد‪.‬‬

‫كل يشء يف السامء أبيض يف أبيض‪ .‬مزيف‪ .‬كل يشء يف السامء هادئ‬
‫واألحذية مكسوة باملطاط‪ .‬أستطيع النوم هنا يف السامء الناس يكتبون يل‬
‫ويقولون إهنم لن ينسوين‪ .‬إنني بطلهم‪ .‬سوف أحتسن‪ .‬املالئكة هنا من طراز‬
‫مالئكة العهد القديم‪ .‬فيلق له مالزمون‪ ،‬وحشد ساموي يعمل يف ورديات‪.‬‬

‫‪257‬‬
‫وردية الليل‪ .‬جيلبون لك الطعام عىل صينية ومعها كوب ورقي به الدواء‪ ،‬طاقم‬
‫ألعاب وادي الدمى ( )‪.‬‬
‫*‬

‫يسألونني «ملاذا؟»‪ .‬ملاذا سببت كل هذا األمل؟‪ .‬أمل أفهم أن كال منا كسفة‬
‫ثلجية مقدسة متميزة يف خصوصيتها؟ أال أرى أننا مجيعا مظاهر للحب؟‬

‫أنا ال أرى أننا متميزون‪ .‬لكننا لسنا قاممة وال خملفات كذلك‪ .‬نحن نحن‬
‫فحسب‪ .‬وما حيدث لنا حيدث فحسب‪.‬‬

‫أتذكر كل يشء‪ .‬خروج الرصاصة من مسدس (تايلر)‪ ،‬وكيف مزقت خدي‬


‫اآلخر لرتسم يل ابتسامة من أذن ألذن‪ .‬أجل‪ ..‬كيقطينة (اهلالوين) الغاضبة‪،‬‬
‫كعفريت ياباين‪ .‬كتنني جشع‪.‬‬

‫(مارال) ما زالت عىل األرض وهي تكتب يل‪ .‬يوما ما ‪ -‬كذا تقول ‪ -‬سوف‬
‫يعيدونني‪ .‬ولو كان هناك هاتف يف السامء لطلبت (مارال) وحلظة أن تقول‪:‬‬

‫* من الواضح طبعا أنه يف مستشفى األمراض العقلية‪ ،‬وإن اعترب أن هذه هي السامء‪ .‬لكني اضطررت‬
‫لتخفيف بعض املقاطع يف هذا الفصل فقط ألهنا ال ختلو من جتديف ال شك فيه‪.‬‬

‫‪258‬‬
‫«آلو» لن أضع السامعة‪« .‬مرحبا‪ ..‬ماذا حيدث؟‪ ..‬قل يل كل التفاصيل الصغرية»‪.‬‬
‫لكني ال أريد أن أعود‪ .‬ليس بعد‪ .‬لسبب ما‪ .‬ألنه من حني آلخر جيلب يل أحدهم‬
‫صينية الغداء وعليها الغداء‪ ،‬وعينه مسودة أو جبينه منتفخ من أثر اخلياطة‬
‫ويقول‪« :‬نفتقدك يا مسرت (دوردن)»‪ .‬أو يدفع رجل ذو أنف مهشم املمسحة‬
‫بجواري وهيمس‪« :‬كل يشء يسري طبقا للخطة‪ .‬سوف نحطم احلضارة حتى‬
‫نصنع من العامل شيئا أفضل»‪ .‬وهيمس‪« :‬نحن نتطلع الستعادك»‪.‬‬

‫متت‬

‫‪259‬‬
‫الفهرس‬

‫املؤلف ‪4 .................................................................‬‬

‫الفصل األول ‪12 ........................................................‬‬

‫الفصل الثاين ‪18 .........................................................‬‬

‫الفصل الثالث ‪31 .......................................................‬‬

‫الفصل الرابع ‪50 ........................................................‬‬

‫الفصل اخلامس ‪60 ......................................................‬‬

‫الفصل السادس ‪74 .....................................................‬‬

‫الفصل السابع ‪92 .......................................................‬‬

‫الفصل الثامن ‪108 ......................................................‬‬

‫الفصل التاسع ‪120 .....................................................‬‬

‫الفصل العارش ‪129 .....................................................‬‬

‫‪260‬‬
‫الفصل احلادي عرش ‪136 ................................................‬‬

‫الفصل الثاين عرش‪142 ..................................................‬‬

‫الفصل الثالث عرش ‪149 ................................................‬‬

‫الفصل الرابع عرش ‪162 .................................................‬‬

‫الفصل اخلامس عرش ‪175 ...............................................‬‬

‫الفصل السادس عرش ‪190 ..............................................‬‬

‫الفصل السابع عرش ‪194 ................................................‬‬

‫الفصل الثامن عرش ‪200 ................................................‬‬

‫الفصل التاسع عرش ‪206 ................................................‬‬

‫الفصل العرشون ‪214 ...................................................‬‬

‫الفصل احلادي والعرشون ‪222 ..........................................‬‬

‫الفصل الثاين والعرشون ‪231 ............................................‬‬

‫الفصل الثالث والعرشون ‪240 ..........................................‬‬

‫‪261‬‬
‫الفصل الرابع والعرشون ‪247 ...........................................‬‬

‫الفصل اخلامس والعرشون ‪252 .........................................‬‬

‫الفصل السادس والعرشون ‪257 ........................................‬‬

‫الفهرس ‪260 ...........................................................‬‬

‫‪262‬‬

You might also like