Professional Documents
Culture Documents
،9102التً اختارت منظمة الصحة العالمٌة ،المغرب هذه السنة ،الحتضانها تحت شعار “الرعاٌة الصحٌة
األولٌة 3الطرٌك نحو التغطٌة الصحٌة الشاملة”.
وفً ما ٌلً نص الرسالة الملكٌة التً تالها وزٌر الصحة ،السٌد أناس الدكالً.
“الحمد هلل ،والصالة والسالم عـلى مـوالنا رسول هللا وآلـه وصحبـه.
ٌطٌـب لنـا فـً البـداٌـة ،أن نتـوجـه بعبـارات الشكـر لمنظمـة الصحـة العالمٌـة ،عـلى اختٌـارهـا للمملكـة
المغـربٌـة ،ومدٌنـة الربـاط ،الحتضـان فعـالٌـات تخلٌـد الٌـوم العـالمـً للصحـة ،لسنـة .9102
كمـا نـود بهـذه المنـاسبـة ،أن نشٌـد بـالمجهـودات الكبٌـرة ،التـً بـذلتهـا هـذه المنظمـة ،وعـلى رأسهـا مـدٌـرهـا
العـام ،معـالـً الـدكتـور تٌـدروس أدهـانـوم غٌبـرٌسـوس ،بتنسٌـك مـع الحكـومـة المغـربٌـة ،لتـوفٌـر الظـروف
المـالئمـة إلنجـاح هـذه التظـاهـرة الـدولٌـة البـارزة.
وال ٌسعنـا إال أن نبـارن تخلٌـدكـم لهـذا الٌـوم تحـت شعـار” الرعـاٌـة الصحٌـة األولٌـة 3الطرٌـك نحـو التغطٌـة
الصحٌـة الشـاملـة” ،نظـرا للعنـاٌـة الخـاصـة التـً مـا فتـئنـا نـولٌهـا لمنظـومـة الحمـاٌـة االجتمـاعٌـة عمـومـا،
ولصحـة المـواطنٌـن والمـواطنـات عـلى وجـه الخصـوص.
ذلـن أن األهمٌـة البـالغـة التـً تكتسٌهـا خـدمـات الـرعـاٌـة الصحٌـة األسـاسٌـة بصفـة عـامـة ،وفـً إطـار
المنظـومـة الصحٌـة عـلى وجـه الخصـوص ،نـابعـة مـن كـونهـا نهجـا ٌشمـل كـل مكـونـات المجتمـع،
وٌتمحـور حـول احتٌـاجـات وأولـوٌـات األفـراد واألسـر والمجتمعـات ،وٌهتـم بصحتهـم ،بجـوانبهـا البـدنٌـة
والنفسٌـة واالجتمـاعٌـة ،الشـاملـة والمتـرابطـة ،إرشـادا وولـاٌـة وعـالجـا ،وإعـادة تـأهٌـل.
كمـا تـرتكـز الـرعـاٌـة الصحٌـة األولٌـة ،عـلى االلتـزام بـالعـدالـة االجتمـاعٌـة ،والمسـاواة فـً الـولـوج إلـى
الخـدمـات الصحٌـة ،وعـلى االعتـراف بـالحـك األسـاسـً فـً التمتـع بـأعلـى مستـوى ممكـن مـن الصحـة ،كمـا
ورد فـً المـادة 92مـن اإلعـالن العـالمـً لحمـوق اإلنسـان ،ونـص عـلى ذلـن دستـور المنظمـة العـالمٌـة
للصحـة الصـادر فـً .0291
وإذا كـان تـوفٌـر المـوارد المـالٌـة والبشـرٌـة الصحٌـة المـالئمـة ،ضـرورٌـا لتـوفٌـر الـرعـاٌـة الصحٌـة
األولٌـة ،فـإن مـن الـواجـب التعـامـل بمنهجٌـة مـع المحـددات األوسـع للصحـة ،بمـا فـً ذلـن العـوامـل
االجتمـاعٌـة وااللتصـادٌـة ،والبٌئٌـة والسلـوكٌـة.
وهـو مـا ٌمتضـً بلـورة وإلـرار سٌـاسـات وإجـراءات لطـاعٌـة وبٌـن -لطـاعٌـة ،تـأخـذ بعٌـن االعتبـار هـذه
العـوامـل مجتمعـة ،فـً إطـار المسؤولٌـة المشتركـة بٌـن كافـة المتدخلٌـن فـً الشـأن الصحـً ،والتـً تملـً
علٌهـم جمٌعـا تضافـر الجهـود ،وتـرشٌـد المـوارد.
ال ٌخفـى علٌكـم أن أكثـر مـن نصـف سكـان العـالـمٌ ،فتمـرون حـالٌـا إلـى الـرعـاٌـة الصحٌـة األسـاسٌـة ،رغـم
أن التغطٌـة الصحٌـة الشـاملـة تكتسـً أهمٌـة بـالغـة بـالنسبـة للفـرد وللمجتمـع ،وبـالنسبـة للمنظـومـات الصحٌـة
والمجتمـع الـدولـً.
فتحمٌـك التغطٌـة الصحٌـة الشـاملـة لٌـس أمـرا بعٌـد المنـال ،كمـا أنـه لٌـس حكـرا عـلى الـدول المتمـدمـة ،فمـد
أكـدت تجـارب عـدٌـدة وبشكـل ملمـوس ،أنـه ٌمكـن بلـوغ هـذا الهـدف ،كٌفمـا كـان مستـوى نمـو الـدول.
غٌـر أن الـوفـاء بهـذا االلتـزام ٌتطلب تـوافـر بعـض الشـروط األسـاسٌـة فـً النظـام الصحـً ،مـن بٌنهـا 3
نهـج سٌـاسـة دوائٌـة بنـاءة تـروم تـوفٌـر األدوٌـة األسـاسٌـة ،التـً تعتمـد علٌهـا البـرامـج الصحٌـة العمـومٌـة
ذات األولـوٌـة ،وتشجٌـع التصنٌـع المحلـً لـألدوٌـة الجنٌسـة ،والمستلـزمـات الطبٌـة ذات الجـودة ،مـن أجـل
تحمٌـك السٌـادة الـدوائٌـة.
وبمـوازاة ذلـنٌ ،تعٌـن تعـزٌـز الحمـاٌـة المـالٌـة لـألفـراد واألسـر لتحمٌـك هـذا المبتغـى ،حتـى ال ٌضطـر
المـواطنـون ،السٌمـا ذوي الـدخـل المحـدود ،إلـى تسـدٌـد معظـم تكـالٌـف عـالجـاتهـم مـن مـواردهـم الـذاتٌـة.
هـذا ،وٌنبغـً تضـافـر الجهـود بٌـن البلـدان ،لضمـان نجـاعـة أكبـر فـً تحمٌـك غـاٌـات الهـدف الثـالـث مـن
بٌـن أهـداف التنمٌـة المستـدامـة ،أي ضمـان الحٌـاة الصحٌـة وتشجٌـع الـرفـاه للجمٌـع مـن كـل األعمـار فـً
أفـك ،9101والـذي التـزم بـه المغـرب كبـالـً أعضـاء المجتمـع الـدولـً.
كمـا أن للتغطٌـة الصحٌـة الشـاملـة أولـوٌـات ٌجـب مـراعـاتهـا ،مـن بٌنهـا الـرصـد الـوبـائـً والتصـدي
لـألوبئـة العـابـرة للحـدود ؛ وتعـزٌـز المنظـومـات الصحٌـة ؛ والمسـاهمـة فـً التنمٌـة االجتمـاعٌـة
وااللتصـادٌـة ؛ وتلبٌـة احتٌـاجـات وتـولعـات السكـان ،فٌمـا ٌخـص صحتهـم وتكـالٌفهـا.
كمـا أنهـا لٌسـت رهٌنـة التمـوٌـل فمـط ،وال تمتصـر عـلى مجهـودات لطـاع الصحـة وحـده ،بـل ٌجـب اتخـاذ
كـافـة التـدابٌـر الكفٌلـة بضمـان المسـاواة واإلنصـاف ،فـً الـولـوج إلـى الخـدمـات الصحٌـة ،وتحمٌـك التنمٌـة
المستـدامـة ،واإلدمـاج والتمـاسـن االجتمـاعٌٌـن.
تكتسـً الـرعـاٌـة الصحٌـة األولٌـة ،أهمٌـة بـالغـة فـً اتجـاه تحمٌـك التغطٌـة الصحٌـة الشـاملـة ،بـاعتبـارهـا
تتجـاوب مـع التحول الكبٌـر الـذي ٌجتـاح العـالـم ،وٌتحـدى المنظـومـات الصحٌـة ،وكٌفٌـة تمـوٌـل الـرعـاٌـة
الصحٌـة ،عـن طـرٌـك اعتمـاد آلٌـات تعـاضـدٌـة وتضـامنٌـة لمـواجهـة المخـاطـر والنفمـات الصحٌـة
المتـزاٌـدة.
ولضمـان نجـاعتهـاٌ ،تعٌـن اعتمـاد تمـوٌـالت مبتكـرة للخـدمـات التـً تـوفـرهـا ،خصـوصـا فـً ولـت ٌشهـد
ارتفـاع التكـالٌـف ،وتـزاٌـد وتٌـرة شٌخـوخـة السكـان ،وزٌـادة األمـراض المـزمنـة ،وتـوافـر عـالجـات جـدٌـدة
ذات تكلفـة أكبـر .وهـو مـا ٌتطلـب البحـث أوال ،عـن آلٌـات للحـد مـن جوانـب هـدر التمـوٌـل ،وضعـف
الفعـالٌـة.
لهـذا نـؤكـد عـلى ضـرورة خلـك دٌنـامٌـة جـدٌـدة ،لتجـاوز مختلـف اإلكـراهـات والمعٌمـاتٌ ،كـون إصـالح
منظـومـة الـرعـاٌـة الصحٌـة األولٌـة أحـد أهـم مرتكـزاتهـا ،بالمـوازاة مـع االلتـزام بالمضـً لـدمـا نحـو
تحمٌـك التغطٌـة الصحٌـة الشـاملـة ،فـً أفـك .9101
هـذا الهـدف الـذي نسعـى جـاهـدٌـن لبلـوغـه ،مـن خـالل تفعٌـل وتعـزٌـز سٌـاسـات الحمـاٌـة االجتمـاعٌـة،
ومـواصلـة التنفٌـذ التـدرٌجـً للتغطٌـة الصحٌـة األسـاسٌـة لتشمـل جمٌـع المـواطنٌـن بمختلـف شـرائحهـم
وفئـاتهـم.
لمـد خطـى المغـرب خطـوات واسعـة فـً إرسـاء نظـم التغطٌـة الصحٌـة األسـاسٌـة ،بحٌـث دخلـت التغطٌـة
الصحٌـة اإلجبـارٌـة حٌـز التنفٌـذ سنـة ،9112كمـا تـم تعمٌـم نظـام المسـاعـدة الطبٌـة أو مـا ٌسمـى بـ
“الـرامٌـد” سنـة .9109بـاإلضـافـة إلـى ذلـن ،تـم اتخـاذ مجمـوعـة مـن اإلجـراءات فـً مجـال تـوسٌـع
االستفـادة مـن أنظمـة التـأمٌـن عـن المـرض ،لتشمـل طلبـة التعلٌـم العـالـً فـً المطـاعٌـن العـام والتكـوٌـن
المهنـً ،والمهـاجـرٌـن وكـذلـن أمهـات وآبـاء األشخـاص المـؤ ّمنٌـن.
كمـا انخـرط المغـرب ،فـً إجـراءات التـأمٌـن اإلجبـاري األسـاسـً عـن المـرض الخـاص بفئـات المهنٌٌـن،
والعمـال المستملٌـن ،واألشخـاص غٌـر األجـراء ،بهـدف تكمٌـل مشـروع التغطٌـة الصحٌـة الشـاملـة وتحمٌـك
الـولـوج العـادل للعـالجـات كمـا ٌنـص علٌـه دستـور المملكـة المغـربٌـة.
إال إننـا نهٌـب بـالحكـومـة إلـى اإلسـراع بـإصـدار النصـوص التشـرٌعٌـة والتنظٌمٌـة والتطبٌمٌـة ،الخـاصـة
بـإصـالح الـرعـاٌـة الصحٌـة األولٌـة ،ومـواصلـة تـوسٌـع التـأمٌـن اإلجبـاري عـلى المـرض ،بمـا ٌتٌـح
تعـزٌـز الـولـوج إلـى خـدمـات صحٌـة عـن لـرب ،ذات جـودة عـالٌـة ،وبكلفـة معمـولـة ،مـع إعطـاء مسـؤولٌـة
أكبـر للمستـوى التـرابـً ،فـً إطـار الجهـوٌـة المـوسعـة والـالتمـركـز اإلداري.
وال ٌفـوتنـا هنـا ،أن نتـوجـه بعبـارات الشكـر لمنظمـة الصحـة العـالمٌـة ،عـلى دعمهـا المتـواصـل لجهـود
المملكـة المغـربٌـة ،فـً سبٌـل النهـوض بـالمنظـومـة الصحٌـة الـوطنٌـة ،وتجـوٌـد الخـدمـات الصحٌـة الممـدمـة
للمـواطنٌـن ،ومحـاربـة األمـراض ،خصـوصـا فـً إطـار مشـروع إصـالح الـرعـاٌـة الصحٌـة األولٌـة،
واتفـالٌـة استـراتٌجٌـة التعـاون ،التـً أبـرمهـا المغـرب مـع المنظمـة للفتـرة مـا بٌـن 9102و.9190
نغتنـم هـذه المنـاسبـة لنثمـن عـالٌـا الـدور الـرٌـادي ،الـذي تضطلـع بـه المنظمـة فـً مجـال دعـم تحمٌـك
الـرعـاٌـة الصحٌـة الشـاملـة.
وإننـا نتطلـع بكـامـل االهتمـام ،إلـى مـا سٌفـرزه هـذا الجمـع العـالمـً ،مـن خـالصـات وتـوصٌـات بنـاءة،
نتـوخـى منهـا مواكبـة الدٌنـامٌـة الحالٌـة التـً ٌشهـدهـا هـذا المطـاع الحٌـوي.
وختـامـا ،نـرحب بكـم ضٌـوفـا كـرامـا ،ببلـدكـم الثـانـً المغـرب ،متمنٌـن لكـم طٌـب الممـام بٌننـا ،وداعٌـن هللا
تعـالـى أن ٌكلـل أشغـالكـم بكـامـل التـوفٌـك.