You are on page 1of 15

‫المداخل االجتماعية لدراسة الصحة العامة‬

‫والسلوك الصحي‬

‫د‪ .‬مانع عمار‬


‫املركز اجلامعي عبد اهلل مرسلي ‪ -‬تيبازة‬

‫ملخص‪:‬‬
‫يف هـذا املقـال نحـاول أن نناقـش خمتلـف املقاربـات السوسـيولوجية لدراسـة الصحـة‬
‫وإسـهامات علـم اجتماع التنظيـم وعلـم االجتماع الطبـي يف دراسـة األبعـاد االجتامعيـة‬
‫للمـرض واملريض واملؤسسـات املوجهـة للرعاية والتكفل هبذين الطرفين وكيف تطورت‬
‫وأصبحـت السياسـات العموميـة للصحـة يف قلـب اهتاممـات البحـوث السوسـيولوجية‬
‫للصحـة والسـلوك الصحـي منذ اخلمسـينات‪.‬‬

‫الكلامت املفتاحية‪ :‬املقاربات السوسيولوجية‪ ،‬املريض‪ ،‬املرض‪ ،‬الرعاية الصحية‪.‬‬

‫‪Résumé :‬‬

‫‪Dans cet article nous allons essayer d’exposer et analyser les différentes‬‬
‫‪approches sociologiques qui étudient la santé et la contribution de la‬‬
‫‪sociologie du travail et la sociologie médicale à l’étude de la dimension‬‬
‫‪sociale de la maladie et du malade, ainsi que les structures destinées‬‬
‫‪à la prise en charges des deux parties et l’orientation de la politique‬‬
‫‪publique depuis les années cinquante, qui s’appuyait sur des études sur‬‬
‫‪la santé et d’hygiène publique.‬‬

‫‪Mots clés : approches sociologiques, le malade, la maladie, prise en‬‬


‫‪charge des malades.‬‬

‫العدد التاسع‬ ‫‪300‬‬


‫مقدمة‪:‬‬
‫أصبحـت نوعيـة اخلدمـات الصحيـة املقدمـة للمواطنين مـن بين املظاهر التـي تعرب عن‬
‫املسـتوى احلضـاري الـذي بلغتـه املجتمعـات‪ ،‬وإذا كانـت املـوارد املرصـودة لرتقيـة الصحة‬
‫العموميـة وبنـاء البنـى التحتيـة التي توفر وتقـدم خمتلف اخلدمـات الصحية تؤرق السـلطات‬
‫العموميـة يف خمتلـف املجتمعـات كوهنـا تتطلـب اهتاممـا كبيرا يف جوانبهـا املاديـة والبرشيـة‬
‫(البنـى التحتيـة‪ ،‬املـوارد املالية‪ ،‬املـوارد البرشيـة املؤهلة)‪ ،‬أصبحـت كذلك تسـتقطب اهتامم‬
‫خمتلـف التخصصـات التي هتتـم بصحة األفـراد واملجتمع؛ كالطـب واالقتصـاد والعديد من‬
‫التخصصـات األخـرى التـي هتتـم بالنظـام الصحـي وحتـاول تطويـق الواقـع املعقـد لقطاع‬
‫الصحـة وبشـكل عـام؛ يمكن النظـر إليهـا بوصفهـا «وضعـا» أو «حالة» مـن احليـاة اليومية‬
‫والتنظيـم االجتامعـي‪ ،‬وأن هيـاكل النظـام الصحـي االجتامعـي‪ ،‬واملؤسسـات الصحيـة هي‬
‫التـي حتـدد هويـة وطبيعـة «التنشـئة االجتامعيـة» التـي تتوافـق مـع هـذا النظـام ومؤسسـاته‬
‫االجتامعية‪.‬‬
‫وهيتـم علـم االجتامع بتفسير سـلوك الفـرد وفقا ملا حتـدده معايري هـذا النظـام‪ ،‬أو وصف‬
‫التفاعـل بين الفـرد والنظـام‪ ،‬ليـؤدي إىل التعـرف يف البدايـة على الديناميـات والعوامـل‬
‫والسـلوكيات املرتبطـة بـه‪ ،‬ثم يقـوم بالتحليل وفق تفسيرات خمتلفـة عن احليـاة االجتامعية‪،‬‬
‫مثـل دراسـة املحـددات االجتامعيـة والثقافيـة التـي تؤثـر على سـلوك املريـض وعالقتـه‬
‫بمختلـف األنظمـة الصحيـة والكيفيـات التي تتبناهـا خمتلف األنظمـة للوقاية ونشر الوعي‬
‫الصحـي بين أفـراد املجتمع‪.‬‬
‫«فهـو مـن مياديـن البحـث اجلديدة نسـبيا يف علـم االجتامع والعلـوم االجتامعيـة عموما‪.‬‬
‫ويف هـذا امليـدان جيري اسـتقصاء الطـرق واألوجـه التي يتأثر فيها اجلسـم أو اجلسـد البرشي‬
‫بالعوامـل واملؤثـرات االجتامعية‪ .‬فاجلسـد البشري ليس كيانـا فيزيقيا ماديا يعيـش يف الفراغ‬
‫أو خـارج السـياق االجتامعـي أو التجـارب التـي نمـر هبـا يف تفاعالتنـا غير املحـدودة مـع‬
‫منظومـة التجـارب والبيئـات النفسـية والروحيـة واالجتامعيـة واالقتصاديـة والطبيعية التي‬
‫تكتنـف وجودنـا اإلنسـاين‪ .‬وقـد بـدأ علماء االجتماع يف اآلونـة األخيرة بـإدراك األغـوار‬
‫العميقـة لطبيعـة الرتابطـات القائمـة بين احليـاة االجتامعيـة واجلسـد‪ ،‬وأخـذ هـذا املجـال‬
‫‪1‬‬
‫يكتسـب أمهيـة متزايـدة يف العلـوم االجتامعيـة على وجـه العموم‪».‬‬

‫‪ .1‬انتوين جدينز‪ ،‬علم االجتامع‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ ،2005 ،‬ص‪:‬‬
‫‪.225‬‬

‫‪301‬‬ ‫دفاتر البحوث العلمية‬


‫يف هـذه املقـال سـوف نتطـرق إىل البدايـات األوىل لسوسـيولوجيا الصحـة ثـم نتعـرض‬
‫ملختلـف املقاربـات السوسـيولوجية واملفاهيـم والنظريـات التـي تناولـت املواضيـع املتعلقة‬
‫بالصحـة والسـلوك الصحي‪.‬‬

‫‪ .1‬بعض التعاريف لسوسيولوجيا الصحة‪:‬‬


‫ينطلـق تعريـف علم االجتماع الطبي من مجـاالت اهتامم املجتمـع بالصحة واملرض‬
‫يف إطـار السياسـة الصحية وتحسين مسـتوى املعيشـة وزيـادة الوعي الصحـي وتخفيض‬
‫معـدالت الوفيـات وزيادة متوسـط العمـر ومقاومة األوبئة وسـواها”‬
‫فعلـم االجتماع الطبـي كفـرع مـن فـروع علـم االجتامع يسـاعد على تفسير وتحليل‬
‫خصائـص ومعطيـات الوسـط االجتامعـي يف عالقتـه بالصحة واملـرض‪ ،‬حيث يتيـح آلية‬
‫منهجيـة للتعـرف على املعطيـات االجتامعيـة األكثر مـا تكـون صلـة بالصحـة واملرض‬
‫كالفقـر والغنـى والتخلـف والتقدم والنمو السـكاين وتعاطـي وإدمان املخـدرات وغريها‪.‬‬
‫علما يـدرس بطريقة منهجية بنـاء املجتمع ونظمـه ووظائفه‬
‫ً‬ ‫فالسوسـيولوجيا باعتبارهـا‬
‫يف عالقتهـا بظاهـريت الصحـة واملرض ويركز بالخصـوص عىل فهم الظـروف االجتامعية‬
‫املعيشـية لألفـراد املرتبطـة بالسـكن والدخـل وسلامة البيئـة والغـذاء والكسـاء والثقافـة‬
‫والطـرق واألسـاليب الشـعبية للعالج والتنميـة االجتامعية والسياسـة الصحيـة وغريها‪.‬‬
‫كما ينظـر إليه البعـض عىل أنه العلـم الذي يهتم باألطـر االجتامعية لصحـة املجتمع‪،‬‬
‫وهـو على رأي “ساشمان” ‪« Suchman‬ميثـل توجهـاً اجتامعيـاً وطبيـاً جديـ ًدا للعنايـة‬
‫بالصحـة العامـة يف إطـار املعطيـات االجتامعيـة والظـروف واملسـتجدات عىل السـاحة‬
‫‪1‬‬
‫االجتامعيـة يف ارتباطهـا بصحـة املجتمـع والصحـة العامة»‬
‫ويف نفـس السـياق يشير «عبد السلام الدويبـي» يف تعريفـه لعلم االجتماع الطبي إىل‬
‫أن هـذا العلـم هو مـن «العلوم التـي تُعنى بالدراسـة والتحليـل باألبعـاد االجتامعية لصحة‬
‫املجتمـع وبالكيفيـة التـي تتوزع وتنتظـم بها الخدمـات الطبية يف املجتمع كما يركز عىل‬
‫فهـم العوامـل املختلفة التي تؤثـر يف توفري وتوزيع هـذه الخدمات وفرص االسـتفادة منها‬
‫ودرجـة مالءمتهـا وجدواهـا وفعاليتهـا»‪ ،2‬فهـو يقـوم كذلك «بدراسـة املظاهـر االجتامعية‬
‫‪1. Suchman, E.A., Sociology and the Field of Public health. 1989, Russel sage, foundation,‬‬
‫‪New York.‬‬
‫نقال عن ‪:‬عبد السالم الدويبي‪ ،‬علم االجتامع الطبي‪ ،‬دار الرشوق‪،‬عامن‪ ،‬األردن‪ ،2006،‬ص‪.14 :‬‬
‫‪ - .2‬عبد السالم الدويبي‪ ،‬نحو تطوير مفهوم اجتامعي لظاهريت الصحة واملرض‪،‬جملة البحوث العربية للعلوم‬

‫العدد التاسع‬ ‫‪302‬‬


‫للمـرض‪ ،‬واالتجاهـات املختلفـة نحـوه‪ ،‬وتوزيـع األمـراض وعالقتهـا بنظـام املجتمـع‪.‬‬
‫كما يتضمـن دراسـة البنـاء التنظيمـي لـدور العلاج واألدوار االجتامعيـة للمـرىض وملن‬
‫‪1‬‬
‫يعالجـون املـرىض (األطبـاء واملمرضـات ‪...‬الخ)»‬
‫ت ُظهـر هـذه التعاريـف أن هنـاك تداخل بين علم االجتماع الطبي والصحـي وهناك من‬
‫ال يفصلـون بشـكل واضـح بينهما ولعـل بُعـد الصحـة يف هـذا العلـم أصبح أكثر تداوال‬
‫كون�ه ذو بعد أوسـع ويشـمل كل مـا يرتبط بصحة الفـرد يف املجتمـع‪ ،‬ألن الوضع الصحي‬
‫للفـرد تتحكم فيـه مجموعة من املتغيرات االجتامعيـة والثقافيـة واالقتصادية‪.‬‬

‫‪ .2‬البدايات األوىل لسوسيولوجيا الصحة‪:‬‬


‫تظهـر الصحـة وبطريقـة أكثر إلحاحـا‪ ،‬باعتبارهـا واحدة مـن املتطلبـات الوظيفية ألي‬
‫نظـام اجتامعـي‪ .‬فمسـتوى عـال من انتشـار املرض‪ ،‬ومسـتوى متـدن للصحـة ميثل خلال‬
‫وظيفيـا بالنسـبة لوظائـف النظـام‪ .‬إن املـرض يعيقنـا يف املقـام األول من الوفـاء باألدوار‬
‫االجتامعيـة املنوطـة بنـا‪ .‬بهـذه الجمـل التـي كتبها «تالكـوت بارسـونز» سـنة ‪ ،1951‬فتح‬
‫مجـاال جديـدا يف سوسـيولوجيا الواقع الصحـي وهو امليدان الـذي أهمله الـرواد األوائل‬
‫يف علـم االجتماع‪ ،‬ويعتبر هـذا النـص املؤسـس ملـا يعـرف بعلـم االجتماع املـريض‬
‫والطبـي‪.‬ألن تحليـل بارسـونز مل يقف عنـد حد االعتراف بالبعد االجتامعـي للمرض‪ :‬بل‬
‫يدعونـا لدراسـة املكانـة املركزيـة التي يحتلهـا الطـب يف املجتمعات الحديثـة بعيدا عن‬
‫‪2‬‬
‫الوظائـف التقنيـة التـي يضطلع بها الطـب‪ ،‬وكذلك تحليـل دوره يف التنظيـم االجتامعي»‬
‫البدايـات األوىل إذن ظهـرت يف الواليـات املتحـدة األمريكيـة حيـث بـرز مجال علم‬
‫االجتماع الطبـي وبدأت تتبلـور مالمحه يف سـنوات الخمسـينات‪.‬‬
‫ففـي بدايـة القـرن العرشيـن حـاول األطبـاء إيجاد عالقـة مع علماء االجتماع وجرهم‬
‫لالهتمام مبيـدان الطـب؛ أطباء ومختصـون يف العلـوم االجتامعية ارتبطـوا بعالقات وثيقة‬
‫يف الجامعـات‪ ،‬واملثـال املعـروف الطبيب «هندرسـون» ( ‪ ،)L.G.Henderson‬الذي أسـس‬
‫مخبرا لدراسـة ظاهـرة «اإلجهـاد» بجامعـة هارفـارد‪ ،‬حيـث تَكَـون يف العلـوم االجتامعية‬
‫وأصبـح ينشـط لقاءا ا ًسماه « لقـاء باريتـو» )‪ )Séminaire Pareto‬حيث كان يرتاده «بارسـونز»‬
‫االجتامعية التطبيقية‪ ،‬املعهد العايل للعلوم االجتامعية التطبيقية العدد األول‪ ،1991 ،‬ص ‪.206 199-‬‬
‫‪ .1‬أمحد زكي بدوي‪ ،‬معجم مصطلحات العلوم االجتامعية‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،1993 ،‬ص ‪.402‬‬
‫‪2. Claudine HAROCHE, Sociologie de la santé, de la maladie et de la médecine, in :‬‬
‫‪Dictionnaire de sociologie, sous la direction d’André AKOUN, et Pierre ANSART, Ed. LE‬‬
‫‪ROBERT/SEUIL, 1999 p p. 469-470.‬‬

‫‪303‬‬ ‫دفاتر البحوث العلمية‬


‫و«مرتـون» وكان تأثير «هندرسـون واضحـا على «بارسـونز» حيث دفعـه إلنجـاز التحقيق‬
‫االمربيقـي األول والوحيـد حـول «املامرسـات الطبيـة» يف مستشـفى ماساشوسـات‬
‫‪1‬‬
‫ببوسطن‪.‬‬
‫أمـا يف فرنسـا فقـد بـدأت البوادر األوىل لدراسـة الجسـد واملوت خاصة مع «مارسـيل‬
‫مـوس» سـنة ‪ 1926‬حـول فكـرة املـوت وتصوراتهـا عند قبائـل استراليا وزيلنـدة الجديدة‬
‫ويف سـنة ‪ 1936‬تكلـم عام سماه « تقنيـة الجسـد» (‪ )Les techniques du corps‬حيث اعتمد‬
‫على مالحظـة مختلـف املواقـف يف الحيـاة اليومية من الـوالدة‪ ،‬الرشـد‪ ،‬النوم‪ ،‬النشـاط‪،‬‬
‫العناية بالجسـد‪.‬‬
‫غير أن «كونغلهـام» (‪ )Canguilhem‬الفيلسـوف الفرنسي كان أول مـن درس سـنة ‪1943‬‬
‫يف أطروحـة الدكتـوراه يف الطـب مـن خلال اهتاممـه بالصحـة كمفهوم معيـاري ورضورة‬
‫البحـث يف معنـاه ومختلـف أبعاده خاصة يف مجـال العالقات االجتامعيـة لألفراد‪« :‬يجب‬
‫النظـر خـارج الجسـد لكي نسـتطيع تقديـر مـا هـو طبيعي ومـا هو مـريض للجسـم» ومن‬
‫هنـا فتـح املجـال للعلـوم اإلنسـانية واالجتامعيـة القتحام املجـال الطبي واملسـاهمة يف‬
‫تفسير األسـباب االجتامعيـة للمرض‪.‬‬
‫ومـع تطـور وتوسـع مجال السوسـيولوجيا واسـتقاللها خاصـة يف الجامعـات عن باقي‬
‫العلـوم االجتامعيـة واإلنسـانية‪ ،‬فكانـت أهـم املجـاالت الرئيسـية التي اسـتقطبت اهتامم‬
‫علـم االجتماع مياديـن العمـل خاصـة منهـا الصناعـي‪ ،‬الجرميـة‪ ،‬الديـن‪ ،‬عـامل الريـف‪،‬‬
‫الرتفيـه‪ ،‬أمـا مجـال الطـب فلـم يكـن يعتبر مؤسسـة اجتامعيـة جديـرة باالهتمام وأيضـا‬
‫مجـال الصحـة وذلـك لكونهـا قضيـة تتعلـق بالفـرد والطبقـة‪ .‬وليـس واقعا يتطلب تفسيرا‬
‫سوسـيولوجيا‪.‬‬
‫لكـن عـرف هـذا املجـال مزيـدا مـن الزخـم بعـد قيـام بعـض املؤسسـات الخاصـة‬
‫بتمويـل أبحـاث إمربيقية حـول الطب كمؤسسـة اجتامعية مـن طرف «بارسـونز وهيوكس»‬
‫(‪ )Persons and Hughes‬يف سـنة ‪ 1955‬أو مريتـون وزملاؤه سـنة ‪.1957‬‬
‫كما أنـه البـد من اإلشـارة يف هذا الصـدد إىل الدراسـات التاريخيـة الفلسـفية التي قام‬
‫بهـا «ميشـال فوكو بين سـنة ‪ 1961‬و‪ »1963‬حول «الجنون‪ ،‬مبستشـفى الطـب اإلكلينييك»‬
‫والـذي ت َنبه لهذه املشـكلة من خالل ربطـه لظاهرة الجنون ومامرسـات الطب اإلكلينييك‪.‬‬

‫‪1. - Herzlich Claudine et Pierret Janine, « Au croisement de plusieurs mondes : la constitution de la‬‬
‫‪sociologie de la santé en France (1950-1985) », Revue française de sociologie, 2010/1 Vol .51, p p.121-‬‬
‫‪148.‬‬

‫العدد التاسع‬ ‫‪304‬‬


‫ولعـل مسـاهمة عـامل النفـس االجتامعـي الفرنسي «جـان سـتوتزل» (‪ )J.Stoetzel‬يف‬
‫دراسـته بعنـوان «الفرنسي وأطباؤه» مـن خالل تحقيق ميداين رسـم مالمح حقـل األبحاث‬
‫يف علـم النفـس االجتامعـي وبين رؤيتـه مـن خلال مقـال نشره يف مجلـة «الدميغرافيا»‬
‫سـنة ‪ 1960‬حيـث بـدأ مبالحظـة تعقـد مفهـوم املـرض ثـم قـام بتحليـل التنـوع الثقـايف‬
‫ملفهـوم املـرض وأسـبابه وارتباطـه مبفاهيـم أخالقيـة‪ ،‬وأخـذ كثريا مـن مفهوم «بارسـونز»‬
‫لـدور «املريـض» ودور «الطبيـب» وهـو مـا سـوف نتعـرض له الحقـا بيشء مـن التفصيل‬
‫‪1‬‬
‫باعتبـاره أول محاولـة علميـة يف التراث السوسـيولوجي الحديـث مليـدان الصحـة‪.‬‬
‫ومـع تطـور املسـاهامت يف هـذا الحقـل انصبـت االهتاممـات حـول املواضيـع التي‬
‫تهتـم بتنظيـم املستشـفى‪ ،‬تقسـيم العمـل بـه‪ ،‬األدوار واالسـتعامالت االجتامعيـة لـه‪،‬‬
‫التمثلات االجتامعيـة للعالقـة بني الجسـد والصحـة واملرض‪ ،‬وكـذا املـرىض‪ ،‬العمالء‪،‬‬
‫وأخيرا االقتصـاد الجـزيئ وتكاليـف املـرض والنظـام الصحـي‪.‬‬
‫ومل تتضـح معـامل سوسـيولوجيا الصحـة إال يف سـنوات الثامنينـات حيـث أصبحـت‬
‫متثـل مجـاال بحثيـا وأكادمييـا مسـتقال مثلـه مثـل سوسـيولوجيا العمـل وسوسـيولوجيا‬
‫الرتبية‪.‬‬

‫‪ .3‬أهم املقاربات السوسيولوجية لدراسة الصحة‬


‫تهتـم بالنماذج التفسيرية الطبيـة‪ ،‬حيـث تركـز على آليـات األمـراض العضويـة‪ .‬إن‬
‫التفسير االجتامعـي يعيـد توجيه االهتمام إىل العالقـات االجتامعية بوصفهـا املحددات‬
‫القويـة للتجربـة الصحيـة املتغيرة‪ .‬وباالعتماد على املعرفـة بعلـم األمـراض املعديـة (‬
‫الوبائيـة) وبتقنية الكشـف عـن التوزيع االجتامعـي للمميز للرشوط املحـددة تحديدا طبيا‬
‫يف مجموعـة مـا من السـكان‪ -‬فـإن االنتباه يرتكـز عىل متغيرات مثل الجنـس االجتامعي‪،‬‬
‫والطبقـة‪ ،‬بوصفهـا مؤثـرات مبـارشة يف عمليـات التعرف على مسـببات األمراض‪.‬‬
‫ويتصـل بهـذا االهتمام تطويـر مفاهيـم جديـدة عـن الصحـة‪ ،‬واعتلال الصحة مـن زوايا‬
‫غير طبيـة‪ .‬ويف تحليـل للتجربـة الفرديـة فـإن مفهـوم حلـول املـرض يتمثـل يف سلسـلة‬
‫معقـدة مـن التفاعالت بين العوامل الفسـيولوجية والنفسـية االجتامعية وتظهـر املتغريات‬
‫االجتامعيـة إمـا على هيئـة آليات وسـيطة تحكـم قدرة الفـرد على تحمل مناقشـة أحداث‬
‫الحيـاة املتأزمـة مثل الفجيعـة يف عزيز‪ ،‬أو الطلاق‪ ،‬أو البطالة‪ ،‬وهي األحـداث التي تعترب‬
‫أسـبابا مسـبقة لحلـول املـرض‪ ،‬أو تكـون محل اعتراف بكونها ذات دور سـببي مسـتقل‪.‬‬

‫‪1. - Op.cit. p p.121-148.‬‬

‫‪305‬‬ ‫دفاتر البحوث العلمية‬


‫ويتداخـل موضوع سوسـيولوجيا الصحة مع سوسـيولوجيا الطب‪ ،‬وعلـم االجتامع الطبي‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وعلم مسـببات األمراض الوبائية”‬
‫ويف الواقـع ال ميكـن فصـل املقاربـات السوسـيولوجية التـي تـدرس ميـدان الصحـة‬
‫عـن املداخـل السوسـيولوجية الكبرى التـي طورهـا رواد علـم االجتامع‪ ،‬وقد جسـد هذه‬
‫املقاربـة مجموعـة من علامء االجتماع املحدثني ‪ ،‬وتصنف هـذه االتجاهات إىل نوعني‪:‬‬

‫أوال‪ :‬االجتاهات الكالسيكية يف دراسة التنظيمات الطبية وإسهامات علم اجتماع‬


‫التنظيم‪.‬‬
‫ارتبطـت دراسـة التنظيمات الطبيـة يف بداياتهـا األوىل بتطـور سوسـيولوجيا العمـل‬
‫والتنظيـم وكانـت املنطلـق للـرؤى األوىل لدراسـة املنظمات الطبيـة باسـتعامل نفـس‬
‫املناهـج واألدوات وكان املرفـق الصحي التنظيم الذي تناولتـه البحوث يف بداياتها األوىل‬
‫ويف هـذا الصـدد نجد» املونت لدنسـاي» سـنة ‪ )Almont Lindsey( ،1962‬تحدث عن تنظيم‬
‫وإدارة خدمـات املستشـفى‪ ،‬ودور السـلطات الصحيـة املحليـة‪ ،‬وأطباء العائلـة وأدوارهم‬
‫املهنيـة الجديـدة‪ ،‬والضرورة الصحيـة للسياسـة الطارئـة وغريهـا‪« ».‬أيضا املحاولـة التي‬
‫قـام بهـا «هـوارد إي‪ .‬فرميـان وآخـرون ‪ »)Howard E.Freeman& Others ( ،1963‬عندما قاموا‬
‫بتحليـل تنظيمات العمـل الطبـي‪ ،‬خاصـة فيما يتعلـق بالتامسـك يف السـلطة املهنيـة‪،‬‬
‫وتجـزئ املسـؤولية الطبيـة‪ ،‬ومنـو مشـكالت التعـاون بين الهيئـات الطبيـة واإلداريـة يف‬
‫املستشـفى‪ ،‬والعمـل البريوقراطـي فيهـا‪ ،‬وشـكل العمـل الـذي يشـبع حاجـات املـرىض‬
‫فيهـا ويشـبع حاجات األطبـاء الوظيفيـة ‪ ...‬وغريها» ومحاولة «ريتشـارد م‪.‬ماجـرو» ودنيال‬
‫ب‪.‬ماجـرو» ( ‪ )Magraw Richard M.& Magraw Daniel B.‬يف تحليـل املستشـفى ودوره يف‬
‫التعـاون الطبـي‪ ،‬ودور الطبيـب ودور املريـض واملهـن الطبيـة وتدعيـم األعمال الفنيـة‬
‫املطلوبة للمستشـفى وغريها» وأخريا نسـجل رؤية «آن كارتريـت»( ‪)Anne Cartwright 1967‬‬
‫للعالقـة بين األطباء واملـرىض‪ ،‬رؤية املرىض للمستشـفى ووسـائل االتصال بين األطباء‬
‫‪2‬‬
‫واملـرىض‪ ،‬وبنيـة الخدمـة الصحيـة املجانيـة والخاصة»‬
‫ومـا لوحـظ عـن هـذه الدراسـات بالرغـم مـن تركيزها على التنظيمات الطبيـة إال أنها‬
‫مل تتحـرر مـن تأثيرات وسـيطرة البعـد املرتبـط بعلم اجتماع العمـل والتنظيمات‪ ،‬حيث‬
‫‪ - .1‬ميشال مان وآخرون‪ ،‬موسوعة العلوم االجتامعية‪ ،‬ترمجة‪ :‬عادل خمتار اهلواري وسعد عبد‬
‫العزيز مصلوح‪ ،‬دار املعرفة اجلامعية‪ ،‬مرص‪ ،1999 ،‬ص ص ‪.302-301‬‬
‫‪ - .2‬حممد اجلوهري وآخرون‪ ،‬علم االجتامع الطبي‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ، ،‬دار املسرية للنرش‪ ،‬عامن‪،‬‬
‫‪ ،2009‬ص‪.29-28 ،‬‬

‫العدد التاسع‬ ‫‪306‬‬


‫نجدهـا تختـار متغير مـن املتغيرات باعتباره صفـة مميـزة للتنظيـم كالتغير التكنولوجي‪،‬‬
‫بناء السـلطة ونوعيـة الوظائف‪ ،‬وعالقة التنظيـم بالبيئة الخارجيـة‪ ،‬والتنظيامت والجامعات‬
‫الرسـمية والغري الرسـمية‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬إسهامات علم االجتماع الطيب‪:‬‬


‫‪ -‬أاملدخل الوظيفي‪:‬‬
‫يعتبر “بارسـونز” كام ذكرنا سـابقا أحد أقطـاب هـذا البارديغم‪ ،‬حيـث “ينظر أصحاب‬
‫هـذا االتجـاه للتنظيـم كنسـق اجتامعي يتكـون من مجموعة أنسـاق فرعية‪ ،‬وهو نفسـه‬
‫يعتبر نسـقا فرعيـا لنسـق أكبر هـو املجتمـع‪ ،‬ويـرون أن اسـتمراره يلزمـه مجموعـة‬
‫متطلبـات وظيفيـة منهـا املواءمـة وتحقيـق الهـدف‪ ،‬والتدعيـم‪ ،‬والتكامـل والكمـون‪.‬‬
‫وينظـرون حديثـا للتنظيمات الطبية كنسـق صحي يتميـز بنظام لتقسـيم العمل يختلف‬
‫عـن غيره مـن التنظيمات األخرى‪.‬هـذا التقسـيم هـو مـا يجعـل اإلنجـاز والفعاليـة‬
‫التنظيميـة أيضـا يتسمان بنفـس سمات التمييز‪”.‬‬
‫ب‪ -‬املدخل النفيس االجتامعي‪:‬‬
‫وهـو الـذي انتقـل من دراسـة املريـض كحالـة فرديـة إىل العالقة بين الفـرد والتنظيم‬
‫الصحـي والرتكيـز على االنتماء الطبقـي للمريـض فأصحاب هـذا املدخـل ينظرون‬
‫“للتنظيـم االجتامعـي عرب حاجـات ودوافع أعضـاء التنظيم الشـخصية‪ ،‬فكالهام يؤثر‬
‫على سـلوكيات األفـراد‪ ،‬وقـد يشـكل مناطق للرصاع بين الفـرد والتنظيـم‪ ،‬ويؤثر عىل‬
‫إنجـاز التنظيـم ملهامتـه األساسـية‪ ،‬وقـد يخلـق تنظيمات غير رسـمية فيـه‪ .‬أمـا عن‬
‫هـذه الحاجـات والدوافـع الشـخصية ألعضاء ومـرىض التنظيمات الطبية فقـد بحثها‬
‫علماء االجتماع الطبـي يف بحوثهـم الحديثة عرب اسـتجابة املـرىض للرعايـة الطبية‪،‬‬
‫وعالقـة املـرىض بأفراد هيئـة التمريـض‪ ،‬والعالقة بني تكلفـة الخدمة الطبيـة واملكانة‬
‫( االجتامعيـة‪ -‬االقتصاديـة للمرىض)”‪.‬‬
‫ج‪ -‬مدخل النسق الفني والتنظيم الطبي ‪:‬‬
‫“ينظـر أصحـاب اتجـاه النسـق الفنـي للتنظيـم بوصفـه نسـقا اجتامعيـا ترتبـط فيـه‬
‫التكنولوجيـا بعواطـف األفـراد‪ ،‬وكالهما يرتبـط بالبيئـة املحيطـة بهـذا التنظيـم‪ .‬لهذا‬
‫فالتكنولوجيـا والبنـاء الرسـمي يحـددان درجـة إشـباع األفـراد داخـل وخـارج هـذا‬
‫التنظيـم‪ ،‬ويحـددان شـكل العالقـات املتبادلة بين الجوانب الرسـمية والغري الرسـمية‬
‫فيـه‪ ،‬وأخيرا يحـددان شـكل العالقة بني التنظيـم والبيئة‪ .‬أمـا عن نظريـة التنظيم الطبي‬

‫‪307‬‬ ‫دفاتر البحوث العلمية‬


‫فلـم تختلـف كثيرا عن سـابقتها‪ ،‬فالتغيرات التكنولوجيـة والعالقة مع البيئـة املحيطة‬
‫مـازاال العاملين املهمني يف نظرتهم لهـا‪ .‬إضافة لذلك فالجوانـب االقتصادية للتنظيم‬
‫يعتربهـا أصحـاب هـذا االتجاه مـن العوامـل املهمـة يف تشـكيل درجة إشـباع األفراد‬
‫مـن الخدمـة الطبيـة التـي يقدمها‪”.‬‬
‫د‪ -‬املدخل الثقايف يف دراسة التنظيامت الطبية‪:‬‬
‫مـازال أصحاب االتجـاه الوظيفـي يف األترثوبولوجيا الطبية واالجتماع الطبي يهتمون‬
‫يف دراسـاتهم الحديثـة بالعالقـة بين الثقافـة والصحـة واملـرض خاصـة فيما يتعلـق‬
‫بالتـداوي الشـعبي واملعالجين التقليديين‪ ،‬والطب الشـعبي‪ ،‬والقامئني عليـه‪ ،‬والبناء‬
‫الثقـايف الصحـي الـذي يقـوم عليـه‪ ،‬والصراع بين الطـب الرسـمي والشـعبي‪ ،‬وتأثري‬
‫ذلـك على أمناط العالقـة بني األطباء واملرىض‪.‬وقـد حاولت هذه الدراسـات الحديثة‬
‫االسـتفادة مـن أدوات علم اجتماع التنظيم يف فهـم تلك املوضوعـات واالنتقال منها‬
‫ملوضوعـات تخـص التنظيامت الطبيـة املختلفة‪.‬‬
‫ه‪ -‬املدخل اإلداري ‪:‬‬
‫سـاهمت العلـوم اإلداريـة بشـكل فعـال “يف دراسـة التنظيمات املختلفـة ومنهـا‬
‫التنظيمات الطبيـة‪ ،‬وهنـاك مسـاهامت بحثية عديـدة حـول إدارة التنظيمات الصحية‪،‬‬
‫والبنيـة التنظيميـة الطبيـة‪ ،‬والهيـاكل اإلداريـة للتنظيمات الطبية ‪ ،‬وغريها مـن املحاور‬
‫التـي اسـتفاد بهـا علـم اجتماع اإلدارة وعلـم االجتماع الطبـي يف دراسـة التنظيمات‬
‫الطبيـة‪ ”.‬وقـد اهتـم هـذا االتجاه بالصراع بني الهيئـة اإلداريـة والطبية يف املستشـفى‪،‬‬
‫والعالقـات التفاعليـة بين أفـراد الهيئـة اإلداريـة والطبية‪.‬‬
‫و‪ -‬مدخل التنظيامت الطبية الصغرى واملتخصصة‪:‬‬
‫“مل تعـد دراسـات التنظيمات الطبية ترى يف متيز تنظيامت املستشـفى عـن غريها من‬
‫التنظيمات األخـرى مـا يكفـي لتحليـل الرعايـة التـي تقدمهـا‪ ،‬ففـي داخلها مـاال مييز‬
‫كل قسـم منهـا رغم السمات املشتركة فيهـا مع بقية األقسـام األخـرى‪ .‬هـذا التميز ال‬
‫يسـمح لهـا باالنضامم تحـت نفس السـلطة والصراع والهرياركية الوظيفيـة‪ ،‬مام جعلها‬
‫تسـتقل عـن املستشـفى‪ .‬أكثر هـذه األقسـام النفسـية والعصبيـة‪ ،‬واألقسـام الخاصـة‬
‫بالنسـاء والتوليـد‪ ،‬صـار لكل منهام مستشـفاه الخاص بـه‪ ،‬تيل ذلك أقسـام طبية أخرى‬
‫‪1‬‬
‫صـار لـكل منهام مستشـفاه الخـاص وإدارتـه وهيئاتـه الطبية املميـزة له”‬

‫‪ .1‬حممد اجلوهري وآخرون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.69 28- :‬‬

‫العدد التاسع‬ ‫‪308‬‬


‫‪ .4‬املرض‪ ،‬املريض واملحيط يف التيارات السوسيولوجية ‪:‬‬
‫أوالً‪:‬املرض‪:‬‬
‫كان املـرض يف السـابق يفسر بعـدة تفسيرات عضويـة أو غيبيـة ميتافيزيقيـة‪ ،‬غير أن‬
‫مـع ظهور وتطـور الدراسـات الحقلية للعلـوم االجتامعية بـدأ االهتامم بالبعـد االجتامعي‬
‫للمـرض‪ ،‬حيـث أصبـح للمـرض “بعديـن أساسين؛ أحدهما شـخيص واآلخـر عـام‬
‫واجتامعـي‪.‬‬
‫إن إصابـة أحدنـا باملـرض ال تلحـق بـه مجـرد اإلحسـاس الفـردي بـاألمل والخـوف‬
‫والنكـد والحيرة واالرتبـاك‪ ،‬بـل إنها تؤثـر يف اآلخريـن حوله‪ .‬كما أن الناس الذيـن حولنا‬
‫أو نتعامـل معهـم يواجهـون حالتنـا املرضيـة بالتعاطـف أو مبـد يـد املسـاعدة أو تقديـم‬
‫الرعايـة واملسـاندة‪ .‬وهـم يبذلون الجهد لفهم مشـاعر املريـض ويحاولون اسـتيعاب هذه‬
‫املشـاعر وترتيـب آثارهـا على حياتهـم‪ .‬كما أن ردود الفعـل التـي تصـدر تجـاه املريض‬
‫مـن الذيـن يتعاملـون أو يتفاعلـون معه تسـهم يف التأثري عىل تصـور الفرد لنفسـه وألهميته‬
‫‪1‬‬
‫بالنسـبة إىل اآلخرين‪”.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬املريض‪:‬‬
‫وقـد بـرز يف الفكر السوسـيولوجي تياران متميـزان ومؤثران لفهم تجربـة املرض‪ .‬التيار‬
‫األول ارتبـط باملدرسـة الوظيفيـة يضـع بعـض املعايير والقواعد السـلوكية التـي يعتقد أن‬
‫األفـراد ينتهجونهـا يف حالـة املرض‪.‬أمـا التيـار الثاين الـذي يطرحـه التفاعليـون الرمزيون‬
‫فيمثـل محاولـة أوسـع لتقديم املبررات والتفسيرات التي توافـق حالة املـرض‪ ،‬والكيفية‬
‫التـي تؤثـر فيها هـذه املعاين على أفعال النـاس وأمناط سـلوكهم‪.‬‬
‫طـرح زعيـم املدرسـة الوظيفيـة “تالكـوت بارسـونز” فكـرة “دور املريـض” لتفسير‬
‫أمنـاط السـلوك التـي يسـلكها املريـض لتخفيـف اآلثـار الضـارة املربكـة التـي يخلفهـا‬
‫املرض‪.‬ويـرى الوظيفيـون عمومـا أن املجتمـع يف العادة بطريقة سلسـة وشـبه اجتامعية‪،‬‬
‫ومـن هنـا فـإن املـرض ميثـل نوعا مـن الخلـل الـذي يـؤدي إىل اضطـراب انسـياب هذه‬
‫الحالـة االجتامعيـة االعتيادية‪.‬فاملريـض على سـبيل املثـال‪ ،‬قـد ال يسـتطيع أن يـؤدي‬
‫أدواره‪/‬أدوارهـا املتوقعـة‪ ،‬أو رمبـا ال يكـون أداؤه على مـا عهـد فيه مـن كفـاءة‪ .‬ونظرا ألن‬
‫املـرىض ال يسـتطيعون القيـام بأدوارهـم املعتادة‪ ،‬فإن حيـاة من حولهم مـن الناس يعرتيها‬
‫االضطـراب واالرتبـاك‪ :‬فمهامت العمل خـارج البيت تظل تبحث عمـن يؤديها والواجبات‬

‫‪ .1‬انتوين غيدنز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.242 240- :‬‬

‫‪309‬‬ ‫دفاتر البحوث العلمية‬


‫واملسـؤوليات داخـل املنزل تظـل ناقصة غير مكتملة‪.‬ويرى بارسـونز أن النـاس يتعلمون‬
‫دور املريـض خالل تنشـئتهم االجتامعيـة األوىل‪ ،‬ثم ميارسـونه مبسـاعدة اآلخرين عندما‬
‫يصيبهـم املـرض‪ .‬وهنـاك ثالثـة عنارص أساسـية لهـذا الدور‪:‬‬
‫ ‪-‬إن الفـرد املريـض ليـس مسـؤوال بصفـة شـخصية عـن حالـة املـرض التـي يعانيهـا‪.‬‬
‫فاملـرض وفـق هذا املفهـوم إمنا هو نتيجة ألسـباب بدنيـة فوق طاقتـه‪ ،‬وال عالقة بني‬
‫بدايـات املرض وسـلوك اإلنسـان وأفعاله الشـخصية‪.‬‬
‫ ‪-‬إن للشـخص املريـض حقوقـا وامتيـازات معينـة‪ ،‬مـن بينهـا حقـه يف التخلي عـن‬
‫مسـؤولياته االعتياديـة‪ .‬وهـو‪ /‬هـي بالتـايل يسـتحق اإلعفـاء مـن واجبـات أو أدوار أو‬
‫أمنـاط سـلوك معينـة‪ .‬فاملريـض على سـبيل املثـال قـد يُعفى مـن بعـض الواجبات‬
‫التـي كان يقـوم بهـا يف العـادة داخـل املنـزل‪ .‬وأيضـا قـد يتسـامح معـه اآلخـرون يف‬
‫ترصفـات مسـتهجنة أو غير مقبولـة يف األحوال العاديـة‪ ،‬كام أنه يكتسـب الحق يف أن‬
‫يلتـزم الفـراش أو أن يتغيـب عـن العمـل بسـبب‪ -‬أو بدعـوى املـرض‪.‬‬
‫ ‪-‬ينبغـي على املريـض أن يعمل عىل اسـتعادة صحتـه باستشـارة خبري طبـي‪ ،‬وأن يقبل‬
‫بـأن يتحـول إىل مريـض‪ .‬ودور املريـض دور مؤقـت ومشروط بسـعي املريـض إىل‬
‫الشـفاء واسـتعادة العافيـة‪ ،‬وينبغـي عليـه على هـذا األسـاس أن يعطـي مرضـه طابـع‬
‫الرشعيـة بشـهادة أو تقريـر يعطيه لـه خبري طبي مهني بعد الكشـف عليـه‪ .‬ويجب عىل‬
‫املريـض يف هـذه الحالـة أن يبدي التعـاون مع الطبيـب باتباع ما يحـدده األخري له من‬
‫تعليمات ووصفـات للمعالجـة والـدواء‪ .‬أمـا املريض الـذي يرفض استشـارة الطبيب‬
‫أو ال يخضـع لسـلطته الطبيـة‪ ،‬فإنـه يقوض األسـاس الذي يقـوم عليـه دور املريض‪.‬‬
‫وقـد أسـهم عـدد مـن علماء االجتماع يف تطويـر وتعديـل نظريـة بارسـونز عـن دور‬
‫املريـض‪ .‬ويـرى واحد مـن هـؤالء (‪ )1970Freidson‬أن هنـاك ثالثة أنواع من املـرض يرافق‬
‫كل منهـا دور متميـز‪:‬‬
‫األول هـو الـدور الرشطـي الذي ينطبق على أفراد يعانـون أمراضا وعللا مؤقتة رسعان‬
‫مـا يسـتعيدون عافيتهـم بعدهـا‪ .‬ويتوقـع مـن املريض يف هـذه الحالـة أن يكتسـب حقوقا‬
‫وامتيازات تتناسـب وحـدة مرضه‪.‬‬
‫أمـا الـدور الرشعـي الالمشروط فيؤديـه املـرىض املصابـون باألمـراض املسـتعصية‬
‫كالرسطـان أو مـرض «الباركنسـون» أو «إلزهيمـر» التـي ال يسـتطيع املرىض بأنفسـهم بذل‬
‫أيـة محاولـة لتالفيهـا أو معالجتهـا ولهم‪ ،‬يف هـذه الحالة‪ ،‬الحـق يف أن ميارسـوا أو يتخلوا‬
‫عـن أي دور متوقـع منهم بحسـب مشـيئتهم‪.‬‬

‫العدد التاسع‬ ‫‪310‬‬


‫أمـا دور املريـض األخير فهـو غير الرشعي الـذي يكتسـبه املـرء عند إصابتـه مبرض‬
‫معين «موصـوم» اجتامعيـا( والوصـم هـو فصـل الفـرد أو عـزل فئـة عـن بقيـة املجتمـع‬
‫وإلصـاق خصائـص وصفـات –حقيقيـة أو موهومـة بهـم‪ -‬مما يجعـل فئـات أو قطاعـات‬
‫أخـرى مـن املجتمـع تنظـر إىل هـؤالء «املوصومني» نظـرة الشـك أو العـداء)‪ .‬وعىل هذا‬
‫األسـاس‪ ،‬فـإن جانبـاً مـن املجتمـع على األقـل‪ ،‬يعتبر أن املريض هـو املسـؤول األول‬
‫عما أصابه‪.‬‬
‫ويصـدق ذلـك على أكرثيـة املـرىض بنقـص املناعـة املكتسـبة ( اإليـدز) الذيـن ال‬
‫مينحـون يف أغلـب األحيـان‪ ،‬الحقـوق واالمتيـازات التـي ينطـوي عليهـا دور املريـض‬
‫العـادي‪ .‬كما يَصـدق ذلـك‪ ،‬مـع اختالف األسـباب‪ ،‬عىل مـن كانـوا يصابـون بالجذام يف‬
‫أوروبـا يف العصـور الوسـطى‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬املرض باعتباره وضع يعيشه الفرد‪:‬‬


‫يُعنـى التفاعليـون الرمزيـون بصـورة عامـة بالسـبل التـي يفسر بهـا النـاس عاملهـم‬
‫االجتامعـي ومـا يسـبغون عليـه مـن معـان وإيحـاءات‪ .‬وقـد طبق بعـض علماء االجتامع‬
‫هـؤالء هـذه املقاربـة على مياديـن الصحـة واملـرض‪ ،‬يف محاولـة لفهـم تجربـة النـاس‬
‫للمـرض وطريقـة إدراكهـم لـه‪ ،‬سـواء أصابهـم أم أصـاب اآلخريـن‪ .‬ومـن بعـض األسـئلة‬
‫املطروحـة يف هـذا السـياق‪ :‬مـا هـو رد الفعـل واسـتجابة النـاس عند سماعهم عن مرض‬
‫خطير؟ وكيـف يـؤدي املرض إىل تشـكيل حيـاة الناس اليوميـة؟ وما هو األثـر الذي يرتكه‬
‫العيـش مـع مـرض مزمـن على هويـة الفـرد الذاتية؟‬
‫لقـد «بـدأت أمناط املرض بالتغير يف املجتمعات الحديثة‪ ،‬وقد شـغل كثري من علامء‬
‫االجتماع أنفسـهم باألسـاليب التـي يتكيـف بهـا املـرىض املزمنين مـع مـا تنطـوي عليه‬
‫حالتهـم مـن اعتبـارات عمليـة وعاطفيـة‪ .‬فبعـض األمـراض تتطلـب معالجـات ومتابعات‬
‫منتظمـة قـد تؤثـر على الروتين اليومـي لحيـاة الناس حولهـم‪ ،‬ويتبـدى ذلـك يف حاالت‬
‫غسـل الـكىل‪ ،‬وتعاطـي األنسـولني‪ ،‬والحقـن واألدويـة‪ .‬كما أن هنـاك أمراضـا أخـرى‬
‫قـد تكـون بعـض آثارهـا مفاجئـة وغير متوقعـة‪ ،‬أو تكـون أعراضهـا الظاهريـة والسـلوكية‬
‫مثيرة للحـرج لـدى املحيطين باملريـض‪ ،‬ورمبـا لـدى املريـض نفسـه‪ ،‬مما يتطلب من‬
‫أهـل املريـض أو مـن يقومـون برعايتـه اتخـاذ خطـط واستراتيجيات معينـة ملواجهة مثل‬
‫هـذه املواقـف مـن جهـة أو إعـادة هيكلـة حياتهـم اليومية مـن جهـة أخـرى (‪،)Kelly,1992‬‬
‫ومـن ناحيـة أخـرى‪ ،‬اسـتقىص بعض علماء االجتماع الكيفيـة التـي يتمكن بهـا املرىض‬
‫املزمنـون مـن «إدارة» مرضهـم أو التعامـل معه يف سـياق حياتهـم الشـخصية واالجتامعية‬

‫‪311‬‬ ‫دفاتر البحوث العلمية‬


‫(‪ 1)Jobling,1988 ;Williams,1993‬ولعـل هـذا الواقـع الجديـد للمـرض واملـرىض مـن هـذا‬
‫النـوع قـد وضـع املجتمعات أمـام تحديـات جديدة تفـرض مقاربـات جديـدة تأخذ بعني‬
‫االعتبـار التحـوالت والتغيرات االجتامعيـة العميقة‪.‬‬

‫‪ .5‬األبعاد البيئية واالجتماعية والثقافية ملختلف املقاربات‬


‫لدراسة الصحة والسلوك الصحي ‪:‬‬
‫إن السوسيولوجيا تهتم بالطب‪ ،‬الرعاية الصحية ومامرسات الرعاية الصحية‪ ،‬ولكن‬
‫تهتم أيضا باملرىض ومهنيي الصحة‪ ،‬واملؤسسات التي تقدم خدمات الرعاية الصحية‪...‬‬
‫الخ‪ ،‬ويف كل الحاالت تعمل السوسيولوجيا عىل تحليل وتفسري الخصائص واإلشكاليات‬
‫الخاصة بعالقة الفرد باملجتمع‪ ،‬الجامعات واملجتمع‪ ،‬يف سياق صحي معني‪.‬‬
‫إن “ لكل مجتمع نظرته ومفهومه للصحة ألن اإلفراز الطبيعي للمجتمع البد أن يكون‬
‫ضمن ثقافة املجتمع وضمن البيئة الطبيعية واالجتامعية للمجتمع ألن أي بيئة تجد فيها‬
‫املسببات لألمراض البد أن تجد العالجات لهذه األمراض وملا كانت األرسة هي نواة‬
‫املجتمع التي ترفده بأفراده فالبد أن تختلف النظرة إىل املجتمع من فرد إىل آخر الختالف‬
‫التنشئة األرسية يف تكوين وتهيئة أفرادها للمجتمع مام يجعل من الصعب توحيد الفكر‬
‫‪2‬‬
‫والنظرة والهدف وتلقائيا األسلوب الذي يتعامل األفراد بواسطته مع املجتمع”‬
‫وما فتئت األنرثوبولويا تذكرنا بأن املرض ليس ذو طبيعة بيولوجية أو فردية إمنا أيضا‬
‫حدث سيكولوجي واجتامعي‪ .‬ميكن القول إذن أن البحث العلمي االجتامعي يف مجال‬
‫الطب استطاع أن يتوصل إىل أي مدى ميكن اعتبار الظروف االجتامعية والثقافية أسبابا‬
‫أصلية أو مساعدة لإلصابة ببعض األمراض‪ ،‬وأثبتت الدراسات يف مجال االجتامع الطبي‬
‫أهمية االستفادة من مفهوم التغري االجتامعي والدراسات الوفرية عن التغري االجتامعي يف‬
‫حقل علم االجتامع العام‪ ،‬وقد أمكن يف النهاية من االستعانة ببعض املفاهيم السوسيولوجية‬
‫العامة يف تشخيص املرض كمشكلة اجتامعية ثقافية من داخل نظريات معينة وذلك‬
‫مثل االستعانة بنظرية األنيميا( فقدان املعايري) ونظرية اإلحساس باألمان‪ ،‬ومفهوم العزلة‬
‫‪3‬‬
‫االجتامعية‪.‬‬
‫‪ .1‬انتوين غدنز‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.242-240 :‬‬
‫‪ .2‬قدري الشيخ عيل وآخرون‪ ،‬علم االجتامع الطبي‪ ،‬مكتبة املجتمع العريب‪،‬عامن‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪ ،2011‬ص‪.16:‬‬
‫‪ .3‬حممد اجلوهري‪ ،‬علم االجتامع التطبيقي‪ ،‬دار املعرفة اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مرص‪،1998 ،‬‬
‫ص‪ -‬ص‪.342-341 :‬‬

‫العدد التاسع‬ ‫‪312‬‬


‫إن البيئة واملحيط كفضاء ومجال مادي واجتامعي أصبح من بني املتغريات األساسية‬
‫التي دفعت إىل مراجعة جذرية للمقاربات السوسيولوجية الكالسيكية للصحة وتوجهها‬
‫إىل تبني البعد الشمويل واملقاربة املتكاملة لدراسة مسألة الصحة‪ .‬حيث ظهرت مقاربات‬
‫حديثة مثل تنظيامت الرعاية االجتامعية لـ(دافيد تاكيت) واملتطلبات الصحية للمجتمعات‬
‫املحلية لـ (جون أ‪ .‬دنتون) وسوسيولوجيا الوظائف الصحية داخل التنظيامت الطبية لـ (أي‬
‫جارتيل جاكو)‪.‬‬

‫خامتة‪:‬‬
‫مـن خلال هـذا العـرض نسـنتنج إذن‪ ،‬أن التطور الذي عرفـه مجال البحـث يف الصحة‬
‫كان مـن نتائجـه أن فتـح للعلـوم االجتامعيـة الباب لدراسـة الواقـع الجديـد‪ ،‬واقع املرض‬
‫والجسـد‪ ،‬األمل وطـرق التعامـل معـه وعالجـه والتكفل بـه؛ أي أصبحوا مواضيع للدراسـة‬
‫السوسـيولوجية حيـث مل يعـودوا حكـرا عىل ميـدان الطب وعلـوم الحياة‪.‬‬
‫لقد حاولنا أن نبني كيف تطورت مواضيع دراسة هذا التخصص‪ ،‬كام ميكن أن نقول‬
‫أن العوامل التي ساعدت عىل هذا التطور منها‪ :‬تطور السوسيولوجيا يف حد ذاتها والذي‬
‫لعب دورا مهام؛ غري أن هناك عنارص أخرى مهمة ساهمت يف تطور هذا التخصص منها‬
‫التحوالت االجتامعية والسياسية التي عرفتها املجتمعات حيث أصبح لزاما أن تتغري نظرة‬
‫املجتمع للطب والصحة‪ ،‬ليك تدخل يف مجال الدراسات السوسيولوجية‪ ،‬إضافة إىل‬
‫وجود إرادة سياسية للدول املتقدمة لتوجيه البحث ودعمه ماديا لالهتامم بهذه امليادين‪،‬‬
‫ولعل أهم العوامل يكمن يف االهتامم الذي أبدته ميادين الطب بالعلوم االجتامعية بعيدا عن‬
‫الفكر الطبي املهيمن عىل العالقة بني ما هو طبي واجتامعي‪.‬‬
‫فاملقاربـات السوسـيولوجية الكالسـيكية ارتبطت مبفاهيم ونظريـات التنظيم من خالل‬
‫الرتكيز عىل متغري أو أكرث لتفسير تطور التنظيامت الصحية كاملستشـفى واملرافق الصحية‬
‫املختلفـة‪ ،‬تقسـيم العمل بهـذه املؤسسـات‪ ،‬يف حني انتقلـت املقاربات السوسـيولوجية‬
‫الحديثـة إىل تبني التفسير السوسـيولوجي املتعـدد األبعاد من خلال الرتكيز عىل املرض‬
‫واملريـض واملرفـق الصحي واملحيط‪ ،‬وكذلـك التمثالت االجتامعية للعالقة بني الجسـد‬
‫والصحـة واملرض‪ ،‬وأخيرا النظام الصحي‪.‬‬
‫وهذا ما يحيلنا إىل األبعاد البيئية والثقافية للصحة ‪ -‬وكان األنرثوبولوجيني قد قدموا‬
‫إسهامات مهمة يف هذا املجال‪ -‬هذه األبعاد هي التي قدمت إضافات هامة للتعريف مبشكلة‬
‫الصحة كظاهرة اجتامعية كلية تستمد رشعيتها االبستمولوجية من التحقيقات والدراسات‬
‫الحقلية التي متثل تراثا سوسيولوجيا ساهم بشكل واضح يف تطور وازدهار هذا التخصص‪.‬‬

‫‪313‬‬ ‫دفاتر البحوث العلمية‬


‫املراجع‬
‫‪ - 1‬انتوين جدينز‪ ،‬علم االجتامع‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪.2005 ،‬‬
‫‪ - 2‬د‪ .‬عبد السالم بشري الدويبي‪ ،‬علم االجتامع الطبي‪ ،‬دار الرشوق‪ ،‬عامن‪ ،‬األردن‪.2006 ،‬‬
‫‪ - 3‬د‪.‬عبـد السلام بشير الدويبـي‪ ،‬نحـو تطويـر مفهـوم اجتامعـي لظاهـريت الصحـة واملـرض‪،‬‬
‫جملـة البحـوث العربيـة للعلـوم االجتامعيـة التطبيقيـة‪ ،‬العـدد األول‪،1991 ،‬املعهـد العـايل للعلوم‬
‫االجتامعيـة التطبيقيـة‪.‬‬
‫‪ - 4‬أمحد زكي بدوي‪ ،‬معجم مصطلحات العلوم االجتامعية‪ ،‬مكتبة لبنان‪.1993 ،‬‬
‫‪ - 5‬ميشـال مـان وآخـرون‪ ،‬موسـوعة العلـوم االجتامعيـة‪ ،‬ترمجة‪ :‬عادل خمتـار اهلواري وسـعد عبد‬
‫العزيـز مصلـوح‪ ،‬دار املعرفة اجلامعيـة‪ ،‬مرص‪.1999 ،‬‬
‫‪ - 6‬حممـد اجلوهـري وآخـرون‪ ،‬علم االجتماع الطبـي‪ ،‬الطبعـة األوىل‪ ،2009 ،‬دار املسيرة للنرش‪،‬‬
‫عامن‪.‬‬
‫‪ - 7‬حممد اجلوهري‪ ،‬علم االجتامع التطبيقي‪ ،‬دار املعرفة اجلامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مرص‪.1998 ،‬‬
‫‪ - 8‬قـدري الشـيخ علي وآخـرون‪ ،‬علـم االجتماع الطبـي‪ ،‬مكتبـة املجتمـع العريب‪،‬عمان‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪.2011‬‬
‫‪ - 9‬ديفيـد أرنولـد وآخـرون‪ ،‬الطـب االمربيـايل واملجتمعـات املحليـة‪ ،‬ترمجـة د‪.‬مصطفـى ابراهيم‬
‫فهمي‪،‬سلسـلة كتـب عـامل املعرفـة‪ ،‬رقـم ‪ ،1998 ،236‬املجلس الوطنـي للثقافة والفنـون واالداب‬
‫‪ -‬الكويت‪.‬‬
‫‪ - 10‬جـان شـارل سـورنيا‪ ،‬تاريـخ الطـب‪ ،‬من فـن املـداواة إىل علم التشـخيص‪ ،‬ترمجـة د‪ .‬ابراهيم‬
‫البجلايت‪ ،‬سلسـلة عـامل املعرفة رقـم ‪ ،281‬املجلس الوطنـي للثقافـة والفنـون واآلداب‪ -‬الكويت‪،‬‬
‫‪.2002‬‬
‫‪ - 11‬د‪.‬فيليـب عطيـة‪ ،‬أمـراض الفقـر‪ ،‬املشـكالت الصحيـة يف العـامل الثالـث‪ ،‬سلسـلة كتـب عامل‬
‫املعرفـة‪ ،‬املجلـس الوطنـي للثقافـة والفنـون واآلداب‪ -‬الكويـت‪.1992 ،‬‬
‫‪12- Suchman,E.A.,1989, Sociology and the Field of Public health.Russelsage,foundotion,New‬‬
‫‪york.‬‬
‫‪13- Claudine Haroche, Sociologie de la santé, de la maladie et de la médecine, in : Dictionnaire‬‬
‫‪de sociologie, sous la direction d’André AKOUN, et Pierre ANSART, Ed. LE ROBERT/‬‬
‫‪SEUIL .1999.‬‬
‫‪14- Herzlich Claudine et Pierret Janine, « Au croisement de plusieurs mondes : la constitution‬‬
‫‪de la sociologie de la santé en France (1950-1985) », Revue française de sociologie, 2010/1‬‬
‫‪Vol .51.‬‬

‫العدد التاسع‬ ‫‪314‬‬

You might also like