You are on page 1of 180

‫محمد بلو بن عثمان بن فودي‬

‫إنفسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساق الميسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسور‬
‫في تأريخ بلد التكرور‬
‫‪ .1‬الفصل الول‪ :‬في تحقيق اسم "التكرور"‬ ‫‪ .49‬ذكر المقام بجرو‬
‫‪ .2‬الفصل الثاني‪ :‬في تحديد بل د "التكرور"‬ ‫‪ .50‬ذكر غزوة دباو‬
‫‪ .3‬الفصممل الثممالث‪ :‬فممي تراجممم بعممض علممماء‬ ‫‪ .51‬ذكر انتقالنا إلى نزفر‬
‫"باغرم"‬ ‫‪ .52‬ذكر غزوة كب‬
‫‪ .4‬الفصل الرابع‪ :‬في وصف "برنو" وسكانها‬ ‫‪ .53‬غزوة فاقت‬
‫‪ .5‬الفصل الخامس‪ :‬في ترجمة الشيخ البكري‬ ‫‪ .54‬غزوة كنوما‬
‫‪ .6‬الفصممل السمما دس‪ :‬فممي بل د أهيممر وسممكانها‪،‬‬ ‫‪ .55‬غزوة بنغ‬
‫وبعض علمائها‬ ‫‪ .56‬غزوة صيلم‬
‫‪ .7‬الفصممل السممابع‪ :‬فممي بل د حمموس‪ ،‬وإقليمهمما‬ ‫‪ .57‬غزوة جاتو الولى‬
‫وساكنيها‬ ‫‪ .58‬غزوة بين‬
‫‪ .8‬الفصل الثامن‪ :‬في القاليم السبعة التي تقممرب‬ ‫‪ .59‬تلخيممص ممما وقممع فممي كاشممنة مممع جماعممة‬
‫من كاشنة وغوبر‪ ،‬وسكانيها‬ ‫المسلمين هناك‬
‫‪ .9‬الفصممل التاسممع‪ :‬فممي تراجممم بعممض علممماء‬ ‫‪ .60‬تلخيص ماوقع في كنوا‬
‫القاليم السبعة‬ ‫‪ .61‬انتقال الشيخ من سابنغرة إلى غواند‬
‫‪ .10‬الفصل العاشر‪ :‬في ترجمة والد المؤلف‬ ‫‪ .62‬ذكر غزو كروفي‬
‫‪ .11‬كلمه في لواقح النوار‬ ‫‪ .63‬ذكر غزوة جات الثانية‬
‫‪ .12‬شمائله الكريمة وآ دابه العلية وأخلقممه السممنية‬ ‫‪ .64‬ذكر غزوة زورار‬
‫التي يتأ دب بها في المجالس‬ ‫‪ .65‬ذكر غزوة أوغ‬
‫‪ .13‬الشارة إلى مممدار ممما يحممدث النمماس بممه فممي‬ ‫‪ .66‬ذكر وقعة ألوس‬
‫مجالسه‬ ‫‪ .67‬فتح سّو‬
‫‪ .14‬ذكر ما يستفتح به كلمه في مجلسممه ذكممر ممما‬ ‫‪ .68‬عزوة جاندوت‬
‫يحدث الناس به في فن أصول الدين‬ ‫‪ .69‬غزوة ياور‬
‫‪ .15‬أ دلة العقائد‬ ‫‪ .70‬غزوة بنا الولى‬
‫‪ .16‬في ذكرى ما يحدث الناس به في الفقه‬ ‫‪ .71‬غزوة باس‬
‫‪ .17‬الوضوء وصفته‬ ‫‪ .72‬غزوة فافر‬
‫‪ .18‬الغسل‬ ‫‪ .73‬غزوة برغ‬
‫‪ .19‬التيمم‬ ‫‪ .74‬غزوة دفو‬
‫‪ .20‬الصلة‬ ‫‪ .75‬غزوة القضاو الثانية‬
‫‪ .21‬قضاء الفوائت‬ ‫‪ .76‬ذكر بناء غواند‬
‫‪ .22‬السهو‬ ‫‪ .77‬ذكر غزوة كنو‬
‫‪ .23‬الزكاة‬ ‫‪ .78‬ذكر غزوات ارغنغ‬
‫‪ .24‬زكاة الفطر‬ ‫‪ .79‬غزوة فتح القاضوا الثلثة‬
‫‪ .25‬الصوم‬ ‫‪ .80‬غزوة بنا الثانية وما يتصل بها من غزو تند‬
‫‪ .26‬الحج‬ ‫‪ .81‬ذكر ما كان من أخبار آ در‬
‫‪ .27‬الذكاة‬ ‫‪ .82‬ذكر غزوة كنب‬
‫‪ .28‬اليمين‬ ‫‪ .83‬ذكرى غزوة غوار‬
‫‪ .29‬النذر‬ ‫‪ .84‬غزوة نف‬
‫‪ .30‬النكاح‬ ‫‪ .85‬تلخيص ممما وقممع بممأرض برنمموا مممع جماعممة‬
‫‪ .31‬البيع‬ ‫المسلمين هناك على ما بلغنا‬
‫‪ .32‬حفظ العضاء الظاهرة من المعاصي‬ ‫‪ .86‬ذكر قدوم امير المؤمنين محمد كما‬
‫‪ .33‬ذكر ما يحدث الناس به في فن التصوف‬ ‫‪ .87‬ذكممر ورو د وثممائق السمملطان مولنمما سممليمان‬
‫‪ .34‬ذكر ما يممذكر بممه مممن آيممات الممترهيب وذكممر‬ ‫سلطان المغربة‬
‫النار‬ ‫‪ .88‬تذنيب‬
‫‪ .35‬آيات الترغيب وصفات الجنة‬ ‫‪ .89‬تتتمة‬
‫‪ .36‬خاتمممة‪ :‬تممذكر فيهمما أقسممام المموعظ والتممذكير‬ ‫‪ .90‬فصممل فممي الشممارة إلممى مصممنفاته الشممريفة‬
‫وشروط النتساب لرشا د الناس إستطرا دًا‬ ‫ومؤلفاته المنيفة‬
‫‪ .37‬علو شأنه وابتداء حسد الملوك له‬ ‫‪ .91‬فصل في كرامات الشيخ رض ال عنه‬
‫‪ .38‬ذكر وقعة كن ]‪[Konni‬‬ ‫‪ .92‬فصل في الشارة إلى أول د الشيخ رضي المم‬
‫‪ .39‬ذكر وقعة كتو‬ ‫عنه‬
‫‪ .40‬تمام الخبر عن واقعة كتو‬ ‫‪ .93‬فصل في الشارة إلى وزرائه‬
‫‪ .41‬ذكر الطلب بعد الهزيمة والفل‬ ‫‪ .94‬فصل في الشارة إلى خدامه‬
‫‪ .42‬ذكر غزوة مني‬ ‫‪ .95‬فصل في الشارة إلى عماله‬
‫‪ .43‬تمام الخبر في مقامنا بغد‬ ‫‪ .96‬فصل‬
‫‪ .44‬تمام الخبر من اتنقالنا من غد‬ ‫‪ .97‬فصل‬
‫‪ .45‬رجوع الشيخ إلى أرض العدو من أهل غوبر‬ ‫‪ .98‬ور د الطريقة القا درية وفوائده‬
‫‪ .46‬ذكر غزوة " دن غد" افثانية‬ ‫‪ .99‬ور د الشيخ‬
‫‪ .47‬ذكر غزوة بور‬ ‫فصل‬ ‫‪.100‬‬

‫‪ .48‬ذكر غزوة القضاو الولى‬

‫عونممممممممممممممممممممممممممممممممك يمممممممممممممممممممممممممممممممما المممممممممممممممممممممممممممممممم‬


‫وصل ال على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا‪.‬‬
‫قال الفقير إلى ممموله الغنممي محمممد بلممو بممن عثمممان بممن فممو دي‪ .‬تغمممدهم الم‬
‫برحمته آمين‪:‬‬
‫الحمد ل الذي خلق الجن والنس لعبا دته‪ ،‬وشكر نعمه وأيا ديه وآلئممه‪ ،‬وهممو‬
‫المنعم الشكور‪ ،‬وفتق من حكمته السموات السممبع وممد الرض ليممدبر المممر‬
‫"أل إلى ال تصير المور" ]الشورى ‪ [53‬ومل أركان العالم بممدائع حكمتممه‬
‫مدى اليام والدهور "تبارك الممذي بيممده الملممك وهممو علممى كممل شميء قمدير"‬
‫]الملك ‪ [1‬وبعث الرسممل صمملوات الم وسمملمه عليهممم إلممى الخلممق‪ ،‬بممالزبر‬
‫والكتاب المنير‪ ،‬ليعلممموهم شممرائع الممديانات ويخرجمموهم مممن الظلمممات إلممى‬
‫النور‪ .‬وخص سيدنا محمدًا صلى ال عليه وسلم بفضائل ل تعد ول تحصممى‬
‫"يؤفك عنه من أفك" ]الممذاريات ‪ [9‬وهممدى إلممى سممبله مممن سمملك فممي جميممع‬
‫القاليم وجزائر البحور‪.‬‬
‫صمملى الم عليممه وسمملم‪ ،‬وعلممى السممابقين الوليممن مممن المهمماجرين النصممار‬
‫والصحابة أجمعين‪ ،‬ومن تبعهم بإحسان مدى العصار والدهور‪.‬‬
‫أما بعد‪ ،‬فلما من ال علينا في هذا الزمان بظهور هذا المممام الخليفممة‪ ،‬مجممد د‬
‫هذا الدين للبرية‪ ،‬محيي سنة المصطفى محمد صلى الم عليممه وسمملم‪ ،‬ناشممر‬
‫العلوم‪ ،‬وكاشف الغموم‪ ،‬والدي عثمممان بممن محمممد العممالم الربمماني‪ ،‬والغمموث‬
‫الصمداني‪ ،‬قطب الزمممان‪ ،‬وحجممة الوان‪ ،‬وعلمممة الممدنيا‪ ،‬وطممالق المرتبممة‬
‫العليا‪ ،‬ينبوع المعارف‪ ،‬و دوحة القواطف واللطائف‪-‬فالعلماء من بحر علومه‬
‫يغممترفون‪ ،‬والحكممماء مممن مشممكاة نمموره يقتبسممون‪ ،‬والوليمماء بكعبممة سممره‬
‫طائفون‪ ،‬والعارفون على عرفات حضرته وافقون‪ ،‬إلى مثلممه تشممد الرحممال‪،‬‬
‫وبمثله تضرب المثال‪ ،‬وفي وصفه تفني الجال‪ ،‬وعن بابه تقضي المممان‪،‬‬
‫أطال ال حياته‪ ،‬وجعل العقبة خيرًا‪ ،‬وأنعم المولى علينا بالجها د ببركاته فممي‬
‫هذه البل د‪ ،‬وأمدنا بجنو ده‪ ،‬وأيدنا بنصره‪ ،‬حممتى شمماهدنا مممن سمملطان قهممره‪،‬‬
‫وشمديد انتقمامه لعمدائه‪ ،‬وانتصماره لوليمائه‪ ،‬عجمائب وغرائمب وكراممات‬
‫ل وخيبممة‬‫لوليائه وأصفيائه‪ ،‬مما يزيد المؤمنين إيمان مًا‪ ،‬ويكسممب الكممافرين ذ ً‬
‫خسرانًا‪-‬بقيت النفس تتشوف إلى تأريخ ما وقع في هممذا الزمممان مممن الخيممر‪،‬‬
‫خصوصًا مع إضافة ما وقع قبممل فممي هممذا القطممر مممن العجممائب والغرائممب‪،‬‬
‫وأخبار الملوك والعلمماء‪ ،‬وممما ينخممرط فمي ذلممك ممن ذكمر النمموا در فمي هممذا‬
‫القطر‪ ،‬مما يستعذبه الفهم والعقل‪ ،‬وتسمتلذ عنمد سمماعه السمماع فمي النقمل‪.‬‬
‫ل وأؤخر أخرى‪ ،‬علمًا مني بأنه لم يستصمبح أحمد قبلمي فمي‬ ‫فجعلت أقدم رج ً‬
‫هممذا الظلم‪ .‬فممأقتبس مممن سممراجه فممي هممذا المممرام‪ ،‬مممع ممما أنمما بصممد ده مممن‬
‫الشغال وضيق الزمان‪ ،‬مع تحمل الثقال‪.‬‬
‫ثم بدا لي بعد الستخارة أن أرمي في هذا المرمى بسهم‪ ،‬لعل ال ينفعنممي بممه‬
‫ومن وقف عليه من المسلمين‪ .‬أعانني الم علممى تحريممره وتهممذيبه وترتيبممه‪،‬‬
‫ووفقني لكماه‪ ،‬إنه خير معين‪.‬‬
‫وسميته "إنفاق الميسور‪ ،‬في تأريخ بل د التكرور"‬
‫وال المستعان‪ ،‬وعليه التكلن‪ ،‬ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم‪.‬‬
‫الفصسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل الول‬
‫في تحقيق اسم "التكرور"‬
‫واعلم أن هذا السم الذي هو التكرور‪ ،‬علم على القليم الغربي من الجنمموب‬
‫السو داني‪ ،‬على ما فهمنا من تعبيرهم في التواريخ والنقول‪ .‬وهذا السم شائع‬
‫في الحرمين ومصر والحبشة‪ ،‬ومندرس في محله‪ ،‬حتى ل يعرفه أهممل هممذه‬
‫ل‪ ،‬وإنما يتلقونه من الحجاج الذين سموه بالحرمين ومصر‪.‬‬‫البل د أص ً‬
‫ورأيممت لمجممد الممدين الفيروزبمما دي فممي القمماموس أنممه بلممد بممالغرب‪ ،‬ورأينمما‬
‫لبعضهم أنه عبر عن كنو وكاشممنا وممما والهممما ببل د السممو دان‪ ،‬وعممبر عممن‬
‫تنكيت وما والها ببل د التكرور‪ .‬وال أعلم‪.‬‬
‫وقال ابن خلدون في التأريخ الكبير له حيث تكلم فممي أخبممار ملمموك السممو دان‬
‫المجاورين للمغرب‪ :‬شعوب السمو دان تمماجرنت‪ ،‬ويليهممم الكممانم‪ ،‬ويليهممم مممن‬
‫غربيهم كوكو‪ ،‬وبعدهم التكرور‪.‬‬
‫ولكن القصد تأريخ هذا القطر كله‪ ،‬من بلد فور إلى بلممد فمموت وممما وراءهمما‪،‬‬
‫وما والها‪ ،‬كما مر‪ ،‬بحسب المكنة‪ ،‬إذ قممدمنا أن تسممجيل التواريممخ فممي هممذه‬
‫ل‪.‬‬
‫البل د مهجور ]=مجهول[ أص ً‬
‫هذا وقد قال الحسن اليوسي في المحاضرات‪ :‬كان شيخ مشايخنا أبو عبد الم‬
‫محمد بن العربي ابن أبي المحاسن يوسف الفاسممي‪ ،‬مممن دأبممه أنممه مممتى لقممي‬
‫إنسانًا يسأله‪ :‬من أي بلممد هممو؟ فممإذا أخممبره قممال‪ :‬مممن عنممدكم مممن أهممل العلممم‬
‫والصلح؟ فإذا أخبره بشء من ذلك سجله‪ ،‬وهذا العتناء بالخبار والوقممائع‬
‫والمسانيد ضعيف جمًد فممي المغاربممة‪ ،‬فغلممب عليهممم فممي بمماب العلممم التعنمماء‬
‫بالدراية دون الرواية‪ .‬وفيما سوى ذلك ل همة لهم‪.‬‬
‫وكان أبو عبد الم المممذكور يممذكر فممي كتممابه "مممرآة المحاسممن" أنممه كممم فممي‬
‫المغرب من فاضل قد مات وضاع‪ ،‬من قلة اعتنائهم بالتأريخ! وهو كذلك‪.‬‬
‫وقد سألت شيخنا الستاذ أبا عبد الم بممن ناصممر‪ ،‬رحمممه الم ورضممي عنممه‪،‬‬
‫يومًا عن السند في بعض ما كنت آخذه عنه‪ .‬فقال لي‪ :‬أنا لممم تكممن لنمما روايممة‬
‫في هذا‪ ،‬وما كنا نعتنممي فمي ذلممك‪ ،‬قممال‪ :‬وقممد قضميت العجمب ممن المشمارقة‬
‫واعتنائهم بمثل هذا‪ ،‬حتى أني لما دخلت مصر كان كل من يأخممذ عنممه عهممد‬
‫الشاذلية يكتب الور د والرواية والزمان والمكان الواقع فيه ذلك‪ .‬إلخ‪.‬‬
‫وهذا حيث العلم والدين والعقل‪.‬‬
‫فأي شيء نقول ونحن في طممرف العمممارة‪ ،‬وفممي بلج السممو دان الممتي غلممب‬
‫على أهلهمما العجمممة‪ ،‬وظلمممات الجهممل والهمموى والكفممر! كممما قممال المغيلممي‪:‬‬
‫والغالب على أهل تلك البل د الجهل والهوى والكفر‪ ،‬وأصلهم كان ذلك‪ .‬إلخ‪.‬‬
‫لكن نأخذ ما سمنح وممما ور د علينما ممن الخبممار حسمب ممما تيسمر‪ ،‬ونمدع ممما‬
‫تعسر‪.‬‬
‫الفصسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل الثسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساني‬
‫في تحديد بلد "التكرور"‬
‫وأول هذه البل د من جهة المشرق‪ ،‬على تعبيرهم‪ ،‬بلد فمور‪ ،‬ويليمه ممن جهمة‬
‫المغرب بلد و داي وبلد باغرم‪:‬‬
‫فأما بلد فور فبلد واسع ذو أشجار وأنهار ومزارع‪ ،‬قوت أهله الدخن والممذرة‬
‫والدجر‪ ،‬وفيه رعاة كثيرون‪ ،‬ويعمره عجممم متعربممون‪ ،‬وعممرب متعجمممون‪،‬‬
‫وقد فشا فيه السلم كممثيرًا‪ ،‬وأكممثر أهممل هممذا القطممر حجمماج‪ ،‬وزعممموا أنهممم‬
‫يكرمون الحجاج‪ ،‬ول يتعرضون للطريق‪.‬‬
‫ويقرب من هذا الوصف أهل و داي وبمماغرم‪ ،‬ولكممن خربممت بمماغرم‪ ،‬وسممبب‬
‫خرابها‪-‬على ممما معممموا‪-‬أن سمملطانها أكممثر مممن الفسممق إكثممارًا فظيعمًا‪ ،‬حممتى‬
‫تزوج بابنته من صلبه! فسلط الم عليمه أميمر و داي صمابور‪ ،‬فخمرب ديماره‬
‫وقتله "فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا" ]النمل ‪.[52‬‬
‫وأما ما حاذا هذه البل د من جهة الشمال‪ ،‬فقفار ورمممال معمماطيش ل يعمرهمما‬
‫إل الرعاة في فصل الربيع من البرابرة والعرب المذكورين‪.‬‬
‫وأما ما والها من جهة الجنوب‪ ،‬فبل د كثيرة يعمرها أجلف السممو دان علممى‬
‫اختلف ألسنتهم‪ ،‬لم ينتشر فيها السلم كثيرًا ‪ ،‬ولم يتفق لي ممن أخبمار همذه‬
‫البل د‪ ،‬ونوا در المور وأخبار ملوكها وعلمائها ورجالها‪-‬ممما يحممق لنمما ذكممره‬
‫وإيرا ده على ما شرطنا قبل‪.‬‬
‫الفصسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل الثسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسالث‬
‫في تراجم بعض علماء "باغرم"‬
‫من شيوخ باغرم العمالم العلممة سمليمان‪ ،‬وابنمه النجيمب‪ ،‬أعجوبمة الزممان‪،‬‬
‫وطريفة الوان‪ ،‬العالم العلمة‪ ،‬الزاهد الورع الفهامة‪ ،‬محمد المموالي‪ ،‬لطممف‬
‫ال بهما‪ .‬وزعموا أن الشيخ سممليمان ذهممب ممن بلممدنا هممذا إلممى أهممل بمماغرم‪،‬‬
‫واستوطنها‪ ،‬وهو من قبيلتنا هذه‪.‬‬
‫وقد ألف ولده النجيب محمممد المموالي تممآليف تممدل علممى وفممور علمممه‪ ،‬وكممثرة‬
‫إحاطته وتضلعه بالعلوم‪ ،‬منها‪ :‬المنهل في علم التوحيد‪ ،‬ومنها نظمهممه علممى‬
‫النقاية ]للسيوطي[‪ ،‬ومنها قصائد وأشعار‪.‬‬
‫وكان قراء هذه البل د وما قرب منها معتنين بعلمم الوفمماق والحمروف وعلممم‬
‫النجوم‪ ،‬مستغرقين في طلبها‪ ،‬حريصين على ذلك‪ ،‬حتى هجروا علم الكتاب‬
‫ل‪ ،‬رغبة في الدنيا‪ ،‬فقال الشيخ فيهم‪:‬‬
‫والسنة والشريعة أص ً‬
‫من عذيري من أناس نجموا‬ ‫أفسدوا الدين وأبدوا كل ضر‬
‫تركوا علم الكتاب المنزل‬ ‫وحديث جا به ها دي البشر‬
‫وعلوم الشرع والفقه التي‬ ‫تنفع المرء وتحميه الخطر‬
‫صرفوا اللهم إلى مكسبهم‬ ‫لحطام زائل ل يستقر‬
‫آثروا الدنيا على أخراهم‬ ‫لم يبالوا ما يؤ ديهم لضر‬
‫وعلى وفق ورووه حيلة‬ ‫لكتساب المال والجاه المضر‬
‫جعلوه وصلة تدنيهم‬ ‫لبني الدنيا وآبوا بضرر‬
‫لقبوه علم سر كذبوا‬ ‫ماله والسر لكن علم شر‬
‫إنما السر علوم بثها‬ ‫أولياء ال أصحاب النظر‬
‫سلهم هل يعرفون حكمها‬ ‫قد تعاظوه لدي أهل البصر‬
‫ولعمري هو دهليز الر دى‬ ‫ولكفر قد يؤ دي في العبر‬
‫ما ترى فيمن تقضي عمره‬ ‫لرتصا د في شميس وقمر؟‬
‫يرتجممي السممؤل و دفممع الضممير‬
‫هذه الشيا لبئس المنتظر‬
‫من‬
‫يا عبا د ال يأهل التقى‬ ‫أبغضوهم واهجروهم بالهجر‬
‫أفسدوا الدين وأطفوا نوره‬ ‫هم عداة الدين في هذا العصر‬
‫صل يا رب وسلم دائمًا‬ ‫للنبي المصطفى ها دي البشر‬
‫وأخذ الشيخ عن الشيخ البكري‪:‬‬
‫وممن استوطنها قبمل همذين الشميخين الشميخ ولولمو‪ .‬وزعمموا أنمه اسمتوطن‬
‫بنُكبنُلنرَبر د‪-‬بضم الكاف واللم وفتح الباء المدغم فيها النممون وتسممكين الممراء‪-‬مممن‬
‫ناحية برن يممو منجهممة الشممكال‪ ،‬هممو والشمميخ الممولي ابممن الجرمممي التمماركي‪،‬‬
‫وجعل يجيئان الطريق‪ ،‬ويقرران للناس الحق‪ ،‬فتراسممل النمماس إلممى القتممداء‬
‫بهما‪ ،‬حتى تاب على أيديهما بعض عمال أمير برنو أمير عمر‪ ،‬فسعى بهممما‬
‫إلممى السمملطان سممي عمممر فاستحضممرهما فممي نمما ديه‪ ،‬وسممألهما عممن شممأنهما‪،‬‬
‫فأخبره الولي ابن الجرمي‪ ،‬فقال‪ :‬إنا ما أر دنا أن نشممتتت لممك الرعيممة‪ ،‬وإنممما‬
‫نرشد الناس إلى الطريممق‪ ،‬فقتلممه! فجممرى دمممه علممى كلمممة الشممها دة‪ .‬وسممرح‬
‫الشيخ ولوند‪ ،‬فهرب إلى باغرم واستوطنها‪ ،‬حتى توفي بها‪.‬‬
‫وزعموا أنه ولد بطريق الحج‪ ،‬ذهبت أمه وهممي حبلممى‪ ،‬فضمملت عممن الرفقممة‬
‫حتى عطشت‪ ،‬فولدته‪ ،‬فماتت عطشًا! وبقي ثلثة أيام‪ ،‬حتى مممرت بممه رفقممة‬
‫أخرى‪ ،‬فحملوه إلى بل دهم حتى شب‪ ،‬فتعلم القرآن‪ ،‬ثم رحل في طلب العلممم‬
‫إلى أكدز‪ ،‬وإلى تنبكتو‪ .‬ثم رجع إلى محله‪ ،‬حتى كان من أمره ما كان‪.‬‬
‫وتوفي هذا الشيخ بعد كمال اللف بقليل‪ .‬وال أعلم‪.‬‬
‫وزعموا أنه قال لجماعته‪ :‬قد أظلكم زمان ولي من أولياء ال‪ ،‬يظهر في هذه‬
‫البل د‪ ،‬يجد د الدين‪ ،‬ويحيي السنة‪ ،‬ويقيم الملة‪ ،‬فمن أ دركممه فليتبعممه‪ ،‬فعلمتممه‬
‫ل باللسان‪ ،‬حتى يتبعه أكثر الموقنين‪ ،‬ثم يجاهد بالسنان‪ ،‬ويملممك‬ ‫أنه يجاهد أو ً‬
‫هذه البل د‪ ،‬وليخرجن أمير برنوا من داره‪ ،‬كما أخرجنا من ديارنا‪ ،‬ويملكها‪.‬‬
‫والحمد ل قممد ظهممر‪ ،‬واتبعنمماه ووازرنمماه‪ .‬جعلنمما الم ممممن اهتممدى‪ ،‬وأحسممن‬
‫عواقب أمورنا‪ ،‬وأطال حياته‪ ،‬وجعل العاقبة خيرًا‪.‬‬
‫الفصسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل الرابسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسع‬
‫في وصف "برنو" وسكانها‬
‫ويليه من جهة المغرب بلد برنو‪-‬بفتح الباء وإسكان الراء وضم النون‪ ،‬بعدها‬
‫واو‪-‬وهي بلدة ذات أنهار وأشجار ورمال واسعة‪ ،‬عامرة بالسممكنى قبممل هممذا‬
‫الجها د‪ ،‬ولم تكن بلدة في هذا القطممر أوسمع منهما وأكثرهما عممارة‪ ،‬ويسممكنها‬
‫البربر والعرب المذكورون والفلتيون وفيها مماليك البربر كثيرًا‪.‬‬
‫وهؤلء الممبربر مممن بقايمما البممابرة الممذين بيممن الزنممج والحبمموش‪ ،‬وهممم الممذين‬
‫طر دهم حمير من اليمن بعد إفريقيس التبع‪.‬‬
‫وسبب مقامهم باليمن‪-‬على ما زعموا‪-‬أن إفريقيس تبع استغاث به أهل الشممام‬
‫حين أكثر البربر الفسا د فيها‪ ،‬واستنصروه عليهم‪ ،‬فغزاهم وشتت جممموعهم‪،‬‬
‫وسممبى منهممم ذراريهممم‪ .‬ولممما رأى نخمموتهم اسممتبقى ذراريهممم عنممده مماليممك‬
‫يستعين بهم‪.‬‬
‫فلما مات ومضممى برهممة قمماموا علممى حميممر‪ ،‬فمماقتتلوا‪ ،‬فطر دهممم حميممر مممن‬
‫اليمن‪ ،‬واستوطنوا قريبمًا مممن أرض الحبشممة‪ ،‬ثممم وافمموا كممانم واسممتوطنوها‪،‬‬
‫ووجدوا في هذا البلد عجمًا تحت حكممم إخمموانهم التمموارك‪ ،‬يقممال لهممم أمكيتمما‪.‬‬
‫وغلبوهم على البلد‪ ،‬وأقبلت دولتهم أيام استيطانهم البلد‪ ،‬حتى ملكوا أقاصممي‬
‫البلد من هذا القطر‪.‬‬
‫***‬
‫وكممانت و داي وبمماغرم قبممل هممذا تحممت سمملطانهم‪ ،‬وكممذلك بل د حمموس‪-‬بفتممح‬
‫الحمماء‪-‬وممما والهمما مممن بل د بمموش‪-‬بفتممح البمماء وإسممكان الممواو‪-‬ثممم ضممعفت‬
‫شوكتهم‪.‬‬
‫وقد حج من سلطينهم كثيرون‪ ،‬وتظاهروا بالخير والسملم وإقاممة الحمدو د‬
‫والشريعة في أوائك أمرهم جدًا‪ ،‬وبقيت آثار السلم فيها كثيرًا‪.‬‬
‫وقد انتشر السلم فيها انتشمارًا بيمن سملطينهم ووزرائهمم وعمامتهم‪ .‬بمل ل‬
‫يوجممد فممي هممذه البل د عامممة إل معتنممون بقممراءة القممرآن وتجويممده وحفظممه‬
‫وكتابته‪.‬وثم تزل العامة هكذا حتى قام هذا الجها د‪.‬‬
‫لكن حدثونا أن لسلطينهم وأمرائهم مممواطن يركبممون إليهمما‪ ،‬ويممذبحون بهمما‪،‬‬
‫ويرشون بالدماء على أبواب قريتهم‪ ،‬ولهم بيوت معظمة فيها حيات وأشممياء‬
‫يذبحون لها‪ ،‬ويفعلون للبحر كما كانت تفعل القبط للنيل أيممام الجاهليممة‪ .‬ولهممم‬
‫فممي ذلممك أعيمما د يجتمعممون فيهمما هممم وقراؤهممم وسمملطينهم وعممامتهم‪ ،‬ول‬
‫يحضرها غيرهممم‪ ،‬ويسمممون ذلممك عمما دة البلممد‪ ،‬ويزعمممون أن ذلممك صممدقات‬
‫يستعينون بها على جلب المصالح‪ ،‬و درء المفاسد‪ ،‬وإذا لممم تفعممل تلممك العمما دة‬
‫بطلت معايشهم‪ ،‬وقلت أرزاقهم‪ ،‬وضممعفت شمموكتهم‪ .‬وتوارثمموا هممذه العوائممد‬
‫كابرًا عن كابر‪.‬‬
‫ولم يبلغنا عن أحد من سلطينهم وعلماءهم‪-‬بالغاً ما بلغمموا‪-‬أنهممم أبطلمموا تلممك‬
‫العوائد‪ ،‬إل ما كان من الموفقين ممن ل يشمماركهم فممي أمممورهم مممن العممرب‬
‫والفلة‪ ،‬فممإنهم لممم يزالمموا ينكممرون عليهممم فعلهمما ويكفرونهممم‪ .‬ول شممك فممي‬
‫كفرهممم‪ ،‬وإن كممان علممماؤهم يممدعون أنهممم ل يريممدون بممذلك الشممراك‪ ،‬ول‬
‫يعتقدون التأثير‪ .‬فهم كفار‪ ،‬لن هذه الصنام من الشجار والميمماه والممماكن‬
‫التي يذبحون لها كانت أصنام أجدا دهم الذين لممم يسمملموا قبممل‪ ،‬فهممم فممي ذلممك‬
‫مقلدون لهم‪ ،‬وإن تظاهروا بالسلم والخير بعد ذلممك‪ ،‬لن السمملم فممي هممذه‬
‫البل د إنما ور د به التجار والمسافرون‪ ،‬فأخذه من أخذه منهم‪.‬‬
‫فمن الناس من خلص دينه كما ينبغي‪ ،‬ومن النمماس مممن خلطممه بممما يناقضممه‪.‬‬
‫وكان غالب ملمموك هممذه البل د مممن هممذا القبيممل‪ ،‬لنهممم أخممذوا بالسمملم وهممم‬
‫يقرون بالتوحيد‪ ،‬ويصلون ويصومون‪ ،‬ولكنهمم لممم يفمارقوا أحموال أجممدا دهم‬
‫الولين‪ ،‬ولم يتركوا من عوائدهم شمميئًا‪ ،‬فكممل مممن خممالطهم علممم بالضممرورة‬
‫أنهم متلبسون بما ل يصدر إل من كافر‪.‬‬
‫فبعضهم من قبل التقليد‪ ،‬وبعضهم من عمل نفسه‪.‬‬
‫قال شهاب الدين في نسيم الريمماض شممرح الشممفاء‪" :‬مممن أهممل السممو دان قمموم‬
‫مسلمون‪ ،‬ومنهم قوم كفار يعبدون الشجار‪ ،‬ومنهم كفار يعبدون المياه‪.‬‬
‫قال سيدنا المختار بن أحمد الكنتي في النصيحة الكافي‪:‬بلممد السممو دان بلممد قممد‬
‫غلب على أكثر أهله الكفر‪ ،‬ومن فيممه مممن المسمملمين تحممت قهممر الكفممرة‪ ،‬قممد‬
‫اتخذوهم أخراء‪ ،‬والناس يعملون بعمل أميرهم غالبًا‪ ،‬وهممم قممد غلبممت عليهممم‬
‫ظلمات الجهل والهوى والكفر‪ ،‬ولهذا نهى عن السفر إلى أرض العدو وبل د‬
‫السو دان‪ .‬إلخ‪.‬‬
‫وسيأتي لهذا مزيد بيان‪.‬‬
‫وإذا فهمت ما قررناه علمت أنهم ل يعذرون بما أظهروا من مقاصد أخرى‪-‬‬
‫كمن سجد لصنم بمائة ألف درهم‪-‬وإن كممانوا ينطقممون بالشممها دتين ويصمملون‬
‫يوصومون ويحجون ويعملون أعمممال الممبر‪ ،‬لن واحممدة مممن خصممال الكفممر‬
‫ف من خصال إلمان إجماعًا‪.‬‬‫يحبط أل ً‬
‫***‬
‫ومن عوائد هذا البلد‪-‬على ما حدثونا‪-‬انتشممار الفاحشممة فممي قراهمما وخيارهمما‪،‬‬
‫ول ينكر بعضهم على بعض البتة‪.‬‬
‫ومن أخلقهم النخوة والكبر في الفراء والعام‪ ،‬فالسلطين مممن بمماب أحممرى‪،‬‬
‫والحدة‪ ،‬والمكممر‪ ،‬والممذل‪ ،‬وعمممد المواسمماة‪ ،‬وسممفك الممدماء‪ ،‬والظلممم الكممثير‪،‬‬
‫والفجور‪.‬‬
‫وفيهم يقول الستاذ الطاهر بن إبراهيم في قصيدة‪:‬‬
‫إن كانورين كانوا‬ ‫أهل قهر واعتلء‬
‫فالراجيف لديهم‬ ‫كأراجيز الثناء‬
‫والساطير إليهم‬ ‫ذو أساطين البناء‬
‫والكاذيب إليهم‬ ‫من أكاذيب الجناء‬
‫والساطير أراجيز‬ ‫بساتي الغناء‬
‫يا بني كانور هذا‬ ‫من فنون الز دراء‬
‫الفصسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل الخسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسامس‬
‫في ترجمة الشيخ البكري‬
‫من علماء هذا البلد المام العالم العلمة المتفنن الفهامة شيخ الشيوم ذو الفهم‬
‫والرسوخ‪ ،‬الشيخ البكري‪ ،‬أخذ العربية والبلغة في جاندوت‪ ،‬وصممدر منهمما‬
‫عالمًا متفننمًا‪ ،‬ثممم رحممل لبل ده‪ ،‬ولقممي الشمميخ النجيممب التكممداوي النصمممني‪،‬‬
‫وتتلمذ له حتى صدر منه عالمًا متفننًا فرجع لبل ده‪ ،‬وتصدر للتدريس‪ ،‬وأقممام‬
‫بها حتى توفي‪.‬‬
‫ومنهم العالم العلمة الفقيه الفهامة أبو بكر الباركوم‪ ،‬المعريف بابن آجممروم‪،‬‬
‫أخذ عممن الشمميخ البكممري‪ ،‬لممه تممآليف تممدل علممى وفممور علمممه‪ ،‬منهمما‪ :‬العقيممدة‬
‫المعروفة بشرب الزلل‪.‬‬
‫ومنهممم العممالم العلمممة الفقيممه الفهامممة أبممو بكممر البمماركوم‪ ،‬المعممروف الشمميخ‬
‫الطاهر بن إبراهيم الفلتي‪ ،‬كممان نسمميج وحممده‪ ،‬عالممًا بممالمنقول والمعقممول‪،‬‬
‫صالحًا تقيًا بارعًا والحاصل أنه بلغ مبلغ الرجال‪.‬‬
‫نشأ بموضع يقال له "ذات البقر" بارعًا وأخذ العلم عممن الشمميخ البكممري‪ ،‬ثممم‬
‫رجع لموضممعه‪ ،‬وتصممدر للتممدريس‪ ،‬ثممم حملممه السمملطان إلممى حصممن برنممو‪،‬‬
‫وأسكنه فيها‪ ،‬وابنتى له دارًا‪ ،‬ووله خطة ]=خطبة[‪ .‬له تآليف وأشعار‪ :‬منها‬
‫نظمه على الكبرى وشممرحه‪ ،‬ونظمممه علممى الحكممم‪ ،‬ونظمممه الممدرر اللوامممع‪،‬‬
‫ومنار الجامع‪ ،‬فيعل التصريف‪.‬‬
‫كان رحمه ال كثير الحسا د في ذلك البلد‪ ،‬فقممي مممن جفمماء أهممل البلممد وجفمماء‬
‫السمملطان أمممرًا فظيعمما‪ ،‬لظهمماره النصممح لهممم‪ ،‬مممع أن الظممالمين ل يحبممون‬
‫الناصحين لهم‪ .‬وأتى يومًا باب السلطان يريد المدخول عليمه‪ ،‬فمأمر السملطان‬
‫البوال أن يصده ويمنعه من الدخول‪ ،‬فأغلق عليه البواب الباب وكر راجع مًا‪،‬‬
‫وأنشأ يقول‪:‬‬
‫أتركت بابا ل يحد مسافة‬ ‫وأأتيت بابا سده البواب‬
‫باب يقول‪ :‬فل تلج‪ ،‬وتول من‬ ‫بخل وكل ضم هذا الباب‬
‫وله قصيدة في النصح للسلطان من سماع أقوال الوضاة والسممعاية‪ ،‬وقممد مممر‬
‫منها أبيات‪.‬‬
‫وكان رحمه ال ممن يبشر بظهور هذا المام الخليفة‪ ،‬مجممد د هممذا الممذين فممي‬
‫رأس هذا القرن للبرية‪ ،‬والذي روي عنه الثقاة بسممنده إلممى اشمميخ ولونممد أنممه‬
‫قال‪ :‬قد أظلكم زمان ولي من أولياء الم يظهممر فممي هممذه البل د‪ ،‬يجممد د الممذين‬
‫للبرية‪ ،‬ويفشي العلم‪ ،‬وينصر السنة‪.‬‬
‫ومنهم غير هؤلء‪ ،‬ضاعت آثارهم لما قدمنا من عممدم تسممجيل التواريممخ فممي‬
‫هذه البل د‪.‬‬
‫الفصسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسادس‬
‫في بلد أهير وسكانها‪ ،‬وبعض علمائها‬

‫ويلي هذا البلد من جهة الشمال بلدة أهير‪ ،‬وهي بل واسعة‪ ،‬وقيعان ممتدة يعمرها التوارك‪ ،‬وبقايا صنهاجة‪ ،‬وبقايا‬
‫السو دان‪.‬‬

‫وكان هذا القليم قبل في يد السو دانيين‪ ،‬من أهل غوبر‪-‬بضم الغين وكسممر البمماء‪-‬فاسممتولى عليهمما التمموارك‪ :‬قبائممل‬
‫خمسة وافوا من الوجل‪ ،‬يقال لهم‪ :‬أمكيتا‪ ،‬وتمكك‪ ،‬وسندار‪ ،‬وأكدال وأجدارنين‪ .‬فتغلبوا على البلد ومكثوا فيها‪ ،‬ثم‬
‫ل مممن أهممل أسممتفي‪ ،‬ثممم‬
‫اتفق رأيهم في تأمير المير عليهم‪ ،‬ليقيم لهم أمرهم‪ ،‬وير د قويهم عن ضعيفهم‪ ،‬فأمروا رج ً‬
‫تنازعوا بعد ذلك وعزلوه‪ ،‬ثم طلبوا آخر‪ ،‬ولم يزالوا هكذا‪ :‬كلما لم يوافقوهم أميرهم عزلوه‪.‬‬

‫وكان هؤلء التوارك من بقايا البربر الذين انتشروا أيام فتح إفريقية‪.‬‬

‫والبربر‪ :‬امة من ولد إبراهيم‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬من ولد يافث‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬من يأجوج ومأجوج الذين سدهم ذو القرنيممن‪ ،‬وقممد خرجممت منهممم طائفممة يغيممرون فسممد مممن دونهممم‪ ،‬فبغمموا‬
‫وتناكحوا مع الترك والتتار‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬هم من ولد الجان‪ .‬ذهبت رفقة إلى بيت المقدس‪ ،‬فباتوا في قاع‪ ،‬فأصبحوا وقد حملت نساؤهم من جممان تلممك‬
‫البقعة‪ ،‬فولدتهم‪ ،‬وهم أمة جبلوا على سفك الدماء ونهب الموال والحرابة‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬إنهم هم الذين قتلوا النبي حنظلة‪ ،‬عليه الصلة والسلم‪.‬‬

‫وقيل‪ :‬إنهم الذين قتلوا النممبيين‪ :‬زكريمما ويحيممى عليهممما الصمملة والسمملم‪ .‬وهممم الممذين بغمموا علممى بنممي إسممرائيل‪،‬‬
‫فأخرجوهم من ديارهم‪ ،‬حتى قاتلهم طالوت‪ ،‬فقتل داو د أميرهم جالوت‪ ،‬حتى كمان مممن أمرهمم مما كمان‪ .‬وكمانوا إذ‬
‫ذاك بفلسطين‪ ،‬فخرجوا منها متوجهين إلى المغرب‪ ،‬حتى انتهوا إلى ألوبية ومراقبة‪ ،‬وهما كورتان من كور مصر‬
‫الغربية‪ ،‬مما تشرب من ماء السماء‪ ،‬ول ينالوها ماء النيل‪ ،‬فتفرقوا هنالممك‪ ،‬فتقممدمت زناتممة ومغيلممة إلمى المغممرب‪،‬‬
‫وسكنوا الجبال‪ ،‬وتقدمت لواته‪ ،‬فسكنت أرش أنطايلس وهي برقة وتفرقت في هذا المغرب‪ ،‬وانتشروا حممتى بلغمموا‬
‫السوس‪.‬‬

‫ونزلت هوارة مدينة البدوة‪ ،‬ونزلت نفوسة مدينة صبرة‪ ،‬وجل من كان بها من الروم من أجل ذلك‪.‬‬

‫وأقام الفارق‪-‬وكانوا خدماء الروم‪-‬على صلح يؤ دونه إلى من غلب على بل دهم‪ ،‬وهم بنو فارق بن ينصر بن حام‪.‬‬
‫ولنرجع إلى تقرير هذا القليم‪.‬‬

‫وزعما أنه لما افتتحت إفريقية انتشر من فيها من البربر‪ ،‬وساروا إلى المغممرب‪ ،‬واسممتوطنوا تممونس‪ ،‬وانتشممر مممن‬
‫تونس قبائلهم إلى المغرب‪ ،‬وسار بعضهم إلى الغرب الجنوبي‪ ،‬الضممارب فممي بل د السممو دان‪ ،‬فاسممتوطنوا الوجممل‬
‫وفزان وغدامس وغات‪.‬‬

‫هذه القبائل الخمس المذكورة‪ ،‬وافوا من الوجل‪ ،‬واستوطنوا هذا القليم ونفوا من بها من السو دانيين‪.‬‬

‫وكان السلم انتشر في هذا القليم كثيرًا‪ ،‬وظهر في أهله البركة والخير كثيرًا‪ ،‬وكان منهم العلماء والولياء ممممن‬
‫ل يحصيهم إل ال‪ ،‬وضاعوا لعدم تسجيل التأريخ في هذه البل د‪ ،‬كما قدمنا‪ ،‬ولكن نذكر طرف في الشارة إليهم‪:‬‬

‫فمنهم الستاذ الفقيه العاقب بن عبد ال النصمني المسوفي‪ ،‬قال أحمد بن بابا في "كفاية المحتمماج فممي معرفممة مممن‬
‫ليس في الديباج"‪ :‬العاقب بن عبد ال النصمني المسوفي من أهل تكممدة قريممة عمرهمما صممنهاجة‪ ،‬قممرب السممو دان‪،‬‬
‫فقيه نبيه‪ ،‬ذكي الفهم‪ ،‬وقا د الذهن‪ ،‬مشتغل بالعلم‪ ،‬في لسانه ذرابة‪ ،‬له تعاليق‪ ،‬من أحسنها كلممه علمى قمول خليمل‪:‬‬
‫"وخصصت نية الحالف"‪ ،‬وهو حسن مفيد‪ ،‬لخصته مع كلم غيره في جزء سممميته "تنممبيه الواقممف علممى تحريممر‪:‬‬
‫وخصصت نية الخالف"‪.‬‬

‫وله جزء في جواب الجمعة في قرية أنصمن‪ .‬خالفه فيممه غيممره‪ ،‬والصممواب معممه‪ ،‬والجممواب المحممدو د عممن أسممئلة‬
‫القاضي محمد بن محمو د‪ ،‬وأجوبة الفقير‪ ،‬عن أجوبة المير‪ ،‬أجاب فيها أسكيا الحاج محمد‪ .‬وله غيرها‪.‬‬

‫أخذ عن المغيلي والجلل السيوطي‪ ،‬وغيرهما‪.‬‬

‫وقع له نزاع مع مخلوف البلبالي في مسائل‪.‬‬

‫كان حيًا قرب الخمسين وتسعمائة‪.‬‬

‫ومنهم الستاذ النجيب بن محمد شمس الدين التكداوي النصمني‪ .‬قال أحمد بابا في الكتاب المذكور‪ :‬هو من شيوخ‬
‫العصر‪ ،‬معه فقه وصلح‪ ،‬شرح مختصر خليل بشرحين‪ :‬كبير في أربعة أسفار‪ ،‬وآخر في سفرين‪.‬‬

‫وله تعليق على تخميس عشرينيات الفازازي لبن مهيب في مدحه صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫أخذ عن أحمد سحولية‪ ،‬وهو الن بالحياة‪ ،‬كبير السن‪.‬‬

‫ومنهم الشيخ المام العالم الرباني سيدي محمو د البغدا دي‪ ،‬ذو المنمماقب الكممثيرة‪ ،‬والكرامممة الثيممرة‪ ،‬فريممد الممدهر‪،‬‬
‫ووحيد العصر‪ ،‬القطب‪ ،‬محيي السنة‪ ،‬وقامع البدعة‪ ،‬والداعي إلى الحق‪ ،‬المتكلم بكلم الولياء‪ ،‬سمملطان الطريقممة‪،‬‬
‫وبرهان الشريعة‪ ،‬مستغرق الوقت في العبا دة والذكار‪.‬‬

‫ دخل بل د آهير‪ ،‬مسرجًا بالنور والهداية‪ ،‬وهرع إليه للقتباس من نوره وهدايته من يرى اضطراره وافتقمماره إلممى‬
‫من ينقذه من الضللة إلى الهدى‪ ،‬ومن الظلم إلى النمور‪ ،‬ومممن الجهممل إلمى العلمم‪ ،‬ومممن الغفلممة إلممى اليقظمة‪ ،‬وممن‬
‫التشاغل لغير ال إلى التشاغل بال‪ ،‬ومن الهوا إلى التقوى‪ ،‬رحمهم ال وغفر لهم‪.‬‬

‫وأخذ عنه أصحابه‪ ،‬وتمشيخ ]تمشى؟[ على يده خلئق‪ ،‬واقتبس من نوره شيوخ جلة ]جيله؟[‪ ،‬وبقممي آثممار بركمماته‬
‫وبركاتهم‪.‬‬

‫وكان أصحابه يجلونه‪ ،‬ويعظمونه تعظيمًا‪ ،‬ويدعون له أن ]أنممه[ المهممدي المنتظممر‪ ،‬ويممروون فيممه أحمما ديث‪ ،‬كلهمما‬
‫قريب من الوضع‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬

‫بيد أنه عالم رباني‪ ،‬وغوث صمداني‪ ،‬بشر به أولياء ال قبل ظهوره‪.‬‬
‫فكان من أخلق أهل هذا البلد التجمد على العوائد الر دية‪ ،‬وتقديمها على الكتاب والسنة‪ ،‬وأقبح ما يكممون منهمما أنممه‬
‫إذا ظهر فيهم عالم أو ولي‪ ،‬ثم توفي‪ ،‬أقاموا من ذريته أحدًا مقامه‪ ،‬واقتدوا به كما كانوا يقتدون بذلك العالم والممولي‬
‫ل ل يعرف شيئًا‪ ،‬وربما كان كافرًا‪ .‬ول يستطيع أحد أن يبطل هذه العا دة فيهم‪ ،‬لشدة رسموخها‬ ‫وأشد‪ ،‬وإن كان جاه ً‬
‫فيهم‪ ،‬فصدق ما قال صلى ال عليه وسلم‪" :‬إن ال ل يقبض العلم انتزاعًا ينممتزعه مممن العبمما د‪ ،‬ولكممن يقبممض العلممم‬
‫ل‪ ،‬فسألوا فأفتوا بغير علم‪ ،‬فضلوا وأضلوا"‪.‬‬ ‫بقبض العلماء‪ ،‬حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤساء جها ً‬

‫وكانت هذه العا دة حقيقًا إزالتها‪.‬‬

‫ومن أقبحها أن طائفة منهم ل يتوارثون على مقتضى الكتاب والسنة‪ ،‬وإنما يرث عندهم ابن الخت‪.‬‬

‫ومن عوائدهم القبيحة المخالفة للشريعة عدم القصاص على مقتضى الكتاب والسنة‪ ،‬فإذا قتل منهم قتيممل قتلمموا مممن‬
‫قبيلة القاتل نفسًا‪ ،‬كما كان الولون يفعلون‪.‬‬

‫ومن عوائدهم الذميمة عزل السلطان بغير موجب شرعي‪ ،‬حتى أ دى إلى ضعف سمملطنتهم‪ ،‬وانتشممار الحرابممة فممي‬
‫بلدتهم‪ ،‬حتى ل يكا د تنضبط أمورهم البتة‪ .‬ومنها غير ذلك مما ل يعد ول يحصى‪.‬‬

‫الفصسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسابع‬
‫في بلد حوس‪ ،‬وإقليمها وساكنيها‬
‫ويلي هذا البلد من جهة اليمين‪ ،‬وغربي برنو بلد حوس‪ ،‬وهممو سممبعة أقمماليم‪،‬‬
‫لسانهم واحد‪ ،‬وعلى كل إقليم أمير نظير للخر قبممل هممذا الجهمما د‪ .‬وأوسممطها‬
‫كاشنة‪ ،‬وأوسعها زكزك‪ ،‬وأجدبها غوبر‪ ،‬وأبركها كنوا‪.‬‬
‫وهممي بل د ذات أنهممار وأشممجار ورمممال وجبممال وأو ديممة وغيمماض‪ ،‬يعمرهمما‬
‫السو دانيون من مماليك البربر‪ ،‬من أهل برنوا‪ ،‬والفلتيون‪ ،‬والتواركيون‪.‬‬
‫نزعموا أن عبدًا لسلطان برنوا يقال له باو‪ ،‬هو الذي ولد السو دانيين من أهل‬
‫هذا البلد‪ ،‬ولذلك قلنا‪ :‬إنهم من مماليك البربر‪ ،‬من أهل برنوا‪.‬‬
‫وحدثني الخ أمير المؤمنين محمد البمماقري بممن السمملطان محمممد العمما دل‪ ،‬أن‬
‫كاشنه وكنوا وزكزك و دورونه وبربم‪ ،‬كلهم من ولممد بمماو الممذي هممو مملمموك‬
‫سلطان برنوا‪ .‬وأما أهل غوبر فهم أحرار من أصمملهم‪ ،‬خرجمموا مممن مصممر‪،‬‬
‫وهم من بقايا القبط‪ ،‬وتوجهوا إلى المغرب‪ ،‬هكذا وجدت في التأريخ عندهم‪.‬‬
‫وهذه القاليم السبعة قد كان فيها من العجائب والغرائب أمممور كممثيرة‪ .‬وأول‬
‫من استقرت له الدولة فيها‪-‬على ما زعموا‪-‬آمنة بنت أمير زكزك‪ .‬غزت هذه‬
‫البل د واسممتولت عليهمما قهممرًا‪ ،‬حممتى أ دى إليهمما الخممراج مممن كاشممنة وكنمموا‪،‬‬
‫وغممزت فممي بل د بمماوش حممتى وصمملت البحممر المحيممط‪ ،‬مممن جممانب اليمممن‬
‫والغرب‪ ،‬وتوفيت بألتاغر‪-‬بفتح الهمزة والتاء مع التشديد وفتح الغين‪.‬‬
‫ولهذا كانت زكزك أوسع بل د حوس‪ ،‬إذ فيها أقاليم باوش كممثير‪ ،‬وهممو أقمماليم‬
‫يعمرها أجلف السو دان‪ ،‬فمممن تلممك القمماليم إقليممم غمموار‪-‬بضممم الغيممن وفتممح‬
‫الواو‪ .‬وهي سبعة أقاليم‪ ،‬لسانهم واحد‪ ،‬وهم من أجلف السو دان ولممم ينتشممر‬
‫فيهم السلم‪.‬‬
‫ومن تلك القاليم إقليم أتاغر‪ ،‬وهممو إقليممم واسممع‪ ،‬وبجنبهممم مرسممى ويممروى‪-‬‬
‫بكسر الياء وضم الواو‪ ،‬و دوم‪-‬بضم الدال‪ ،‬ويسكوا‪-‬بفتح الياء وإسكان السين‬
‫وضم الكاف‪ ،‬وكتوا‪-‬بضممم الكمماف والتمماء علممى لشمممام‪ ،‬وأ دام‪-‬بفتممح الهمممزة‬
‫والدال‪ ،‬وكتوا آخرو بها معدن الصفر والشبه‪ ،‬وكرنرف‪-‬بضم الكاف والراء‬
‫وإسكان النون مع ضم الراء‪.‬‬
‫وههذا القاليم يشتمل على نحو عشرين إقليمًا‪ ،‬سلطانهم واحد‪ ،‬وهو سمملطان‬
‫كرنرف‪ ،‬وهبت له الدولة فيما مضى‪ ،‬حتى ملك هذه القاليم الممتي هممي نحممو‬
‫عشرين‪.‬‬
‫وغزا كتوا وبرنوا‪ ،‬فخرب كثيرًا‪.‬‬
‫وفممي هممذا البلممد معممدن الكحممل والممذهب والملممح‪ ،‬وفممي جنبهممم مرسممى سممفن‬
‫النصارى من ملكان الذين يتجرون في السو دان‪.‬‬
‫ومن تلك القاليم إقليم أتاغر‪ ،‬وهو إقليم واسع‪ ،‬وبجنبهممم مرسممى السممفن مممن‬
‫همؤلء النصممارى الممذكورين‪ ،‬وهمذا البلممد والممذي قبلممه علمى شماطئ البحممر‬
‫المحيمط‪ ،‬وهمذه القماليم المممذكورة كلهمما فممي إقليمم زكمزك‪ ،‬ولمم ينتشممر فيهما‬
‫السلم قبل هذا الجها د‪.‬‬
‫الفصسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل الثسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسامن‬
‫في القاليم السبعة التي تقرب من كاشنة وغوبر‪ ،‬وسكانيها‬
‫وبقرب كاشنة وغوبر سبعة أقاليم كلها مندرجة في القاليم السبعة المممذكورة‬
‫آنفًا التي هي حوس‪ ،‬وهي بلد زنفر‪ ،‬وكب‪ ،‬ويمماور‪ ،‬ونفممي‪ ،‬ويممرب‪ ،‬وبممرغ‪،‬‬
‫وغرم‪ .‬وعلى كل بلد أمير نظير للخر‪.‬‬
‫فأما بلد زنفر‪-‬بفتح الزاي وإسكان النون وفتممح الفمماء‪-‬فأصممل أهلهمما‪-‬علممى ممما‬
‫زعموا‪-‬أن أباهم كشناوي وأمهم غوبوية‪ ،‬هبت له الدولة بعممد ضممعف شمموكة‬
‫أهل كب‪ ،‬فقام منهم سلطان يقال له يعقوب بن بب‪-‬بفتح البمماء‪ ،‬فخممرب ديممار‬
‫كممب‪ ،‬واسممتولى علممى أكممثر بل د كممب‪ ،‬وقممام علممى كاشممنة‪ ،‬واسممتولى علممى‬
‫بعضها‪ ،‬ثم ضممعفت شمموكتهم‪ ،‬وقممام عليهممم سمملطان غمموبر بابمماري‪ ،‬فخممرب‬
‫ ديارهم‪ ،‬وعقبها لبنيه خمسين سنة‪ ،‬فقام عليهم هذا الجها د‪.‬‬
‫وأما بلد كب‪-‬بفتح الكاف‪-‬فأصل أهلها‪ ،‬على ممما زعممموا‪ ،‬أن أمهممم كشممناوية‪،‬‬
‫وأبوهم من أهل سنفي‪ ،‬وهي بل د واسعة ذال أنهار وأشممجار ورمممال‪ ،‬هبممت‬
‫لهم دولة أيام كنب‪-‬بفتح الكاف وسممكون النممون وفتممح التمماء‪ ،‬ويقممال إنممه عبممد‬
‫للفلتيين‪ ،‬قام وقهر البل د وملممك القاصممي منهمما والممدواني‪ .‬ويقممال إنممه ملممك‬
‫كاشنة‪ ،‬وكنو‪ ،‬وغوبر‪ ،‬وزكزك‪ ،‬وبل د آهير‪ ،‬وبعض سنفي‪ ،‬وغزا برنوا‪.‬‬
‫وسبب غزوه لرض برنوا‪ ،‬على ما قيل‪ ،‬أن أمير برنوا ميعلمي اسممتغاث بمه‬
‫أمير آهير على سلطان كب‪ ،‬لجل ما شد د عليهم‪ ،‬فخممرج ميعلممي مممن برنمموا‬
‫غازيا‪ ،‬فسلك طريق سو سوبا د حتى سلك شمال دور وكاشنة‪ ،‬ويمين غوبر‪،‬‬
‫و دخل بل د كب‪ ،‬حتى وصل إلى حصن سورام‪-‬بضم السممين‪ .‬فتلقمماه سمملطان‬
‫كب صباح العيد‪ ،‬فاقتتل سماعة‪ ،‬فهمزم سملطان كمب للغمرب‪ ،‬وبقمي سملطان‬
‫برنوا هناك ليقاتل الحصن‪ ،‬فاستصممعب عليممه الحصممن‪ ،‬فكممر راجعمًا‪ .‬فسمملك‬
‫اليمين حتى وصل غند‪-‬بفتح الغين وإسكان النون‪ ،‬ومر راجعًا إلممى بلممده‪ .‬ثممم‬
‫أنشأ كنت جيشًا واقتفى آثاره حتى وصل أنغر‪-‬بضممم الهمممزة وسممكون النممون‬
‫وضم الغين‪ .‬فتلقاه البراون‪ ،‬وهزم من جنو دهم نحو سبعة‪ ،‬وغنم فيهم كثيرًا‪،‬‬
‫ثم كر راجعمًا حمتى وصممل إلممى موضمع يقمال لمه دغمل‪-‬بضممم المدال والغيمن‬
‫وإسكان اللم‪-‬من ناحية كاشنة‪ ،‬وبها طائفة باغيممة عليممه‪ ،‬فقمماتلهم أشممد قتممال‪،‬‬
‫حتى رموه بسهم‪ .‬فكر راجعًا حتى وصل إلى موضممع يقممال لممه جممرو‪-‬بكسممر‬
‫الجيم وإسكان الراء‪-‬فتوفي بها‪ ،‬وحمله قومه و دفنوه بدار سورام‪.‬‬
‫وكانت له ثلثة أمصممار‪ ،‬أقممدمها بلممد غنممغ‪-‬بضممم الغيممن وإسممكان النممون‪ ،‬ثممم‬
‫سورام‪ ،‬ثم بيك‪-‬بكسر اللم‪ .‬وتمكنت دولتهممم فيهمما‪ ،‬بممل ل يوجممد بهممذه البل د‬
‫ دولة أعظم منها فيما مضى‪ .‬وهذه آثارهم ما رؤي مثلها في هذه البل د‪ ،‬وقممد‬
‫مضى من خرابها نحو من مائة عام‪.‬‬
‫وقد بقيت دولتهم بعد كنت نحوًا من مائة عام‪ ،‬ولم تضعف شوكتهم حتى قممام‬
‫عليهم سلطان غوبر محمد بن شروم‪ ،‬وأغب‪-‬بفتح الهمزة والغين‪-‬ابن محمممد‬
‫بن المبارك‪ ،‬سلطان آهير‪ ،‬وأميممر زنفممر‪ .‬واسممتولى علممى معظممم البلممد أميممر‬
‫زنفر‪ ،‬والستولى كممل علممى ممما يلممي بلممده‪ ،‬وهممو الممذي خممرب هممذه المصممار‬
‫الثلثة‪ ،‬كما ذكرنا قبل‪.‬‬
‫وأما ياور فبلدة ذات جبال وأو دية على شمماطئ البحممر الممذي يقممال لممه النيممل‪،‬‬
‫ويعمرهمما أجلف السممو دان الممذين هممم ضممعاف العقممول‪ .‬وقممد تممولى عليهممم‬
‫السلطان العا دل المعروف بسوت‪ ،‬ور دهم عن الكفر إلى دين اللسلم وعممن‬
‫العبنما د إلمى الرشما د‪ ،‬فانتشممر بسممببه السملم فيهمما‪ .‬هكمذا وجممدت فممي كتماب‬
‫الستاذ محمد الوالي "النصائح" الذي ألفه لجله‪.‬‬
‫وأما بلد نوف‪ ،‬فبلد ذو أنهممار وأشممجار‪ ،‬ورمممال وجبممال‪ ،‬مممن جممانبه اليمممن‬
‫واليسر‪ ،‬يعمرها أجلف السو دان‪ ،‬ويقال أنهم من كاشنة أصلهم‪ ،‬والصحيح‬
‫أنهم أخلط من كاشنة وزكزك وكنوا وغيرهم‪ ،‬ولهم لسممان غيممر لسمان أهممل‬
‫حوس‪.‬‬
‫وكان أهل البلد محترفين جدًا وفيهم الصنائع العجيبممة‪ ،‬وفممي بل دهممم المممور‬
‫البديعة‪ ،‬ويجلب من بلدهم الطرائف الغريبة‪ ،‬وكأن بلممدهم إنممما اقتطعممت مممن‬
‫بل د الريممف‪ ،‬وتممولى عليهممم فيممما مضممى السمملطان العمما دل جبريممل‪ ،‬وانتشممر‬
‫السلم بسببه‪ ،‬فأبغضوه لشدة رسوخه في أمر الدين‪ ،‬وعزلوه وولمموا عليهمم‬
‫من يناسبهم في جنونهم ومجونهم‪.‬‬
‫وأممما بلممد يممرب فبلممدة واسممعة ذات أنهممار وأشممجار‪ ،‬ورمممال وجبممال‪ ،‬فمنهمما‬
‫الخبممار العجيبممة‪ ،‬والمممور الغريبممة‪ .‬بجنبهممم مرسممى السممفن للنصممارى‬
‫المذكورين‪.‬‬
‫وأهل هذا البلد‪ ،‬على ما يقال‪ ،‬إنهمم ممن بقايما بنمي كنعمان المذين همم عشميرة‬
‫نمرو د‪.‬‬
‫وسبب مقامهم بالمغرب' على ما قيل‪ ،‬أن يعرب بن قحطان هو الذي طر دهم‬
‫من العراق إلى المغممرب‪ .‬فسمملكوا بيممن مصممر والحبشممة‪ ،‬حممتى وصمملوا إلممى‬
‫يرب‪ ،‬وكانوا يخلفون فممي كممل بلممد طائفممة منهممم‪ ،‬ويقممال أن أجلف السممو دان‬
‫الذين يعمرون جوف الجبال‪ ،‬كلهم منهم‪ ،‬وكذا أهل باوور‪ .‬وهذا البلد يقممرب‬
‫وصف أهله بأهل نفي‪.‬‬
‫ومن بل دهم يجلب هذا الطير الخضر الذي هو ببغاء ناظق‪ ،‬وفي هممذا البلممد‬
‫أخبار عجيبة ذكرها محمد مسنة‪ ،‬صاحب النفحة العنبرية في "أزهار الربا‪،‬‬
‫في أخبار يريي"‪.‬‬
‫وكان أهل هذا البلد يجلب لهم العبيممد مممن بل دنمما هممذه‪ ،‬ويممبيعونهم للنصممارى‬
‫المذكورين‪ .‬وإنما ذكرت لك هذه القضية‪ ،‬لئل تمبيع عبمدًا مسملمًا لممن يجلبمه‬
‫إليها‪ ،‬وقد عمت البلوى بذلك‪.‬‬
‫وأما بلد برغ‪ ،‬فبلدة ذات أشممجار ورمممال‪ ،‬يعمرهمما أجلف السممو دان‪ ،‬ويقممال‬
‫أنهممم مممن عبيممد الفلتييممن الممذين خلفمموا وراء النهممر‪ ،‬حيممن جمماوزوا البحممر‬
‫وانتشروا في هذه البل د‪ ،‬وهؤلء السو دانيون عتاة مر دة فيهم السحر الكثير‪.‬‬
‫ويقال أن المير العا دل الحاج محمممد أسممكيا حيممن اسممتولى علممى هممذه البل د‪،‬‬
‫غزاهم ولم ينجع فيهم شيئًا‪ ،‬واستصعبوا عليه‪.‬‬
‫وأما بلد غرم‪ ،‬فهي بلدة واسعة ذات أنهممار وأشممجار ورمممال وجبممال‪ ،‬يقممرب‬
‫وصفهم من وصف أهل برغ‪ ،‬بيد أنهم سراق فجممار‪ ،‬وبلممدهم أوسممع مممن بلممد‬
‫برغ‪.‬‬
‫وبجنبهم بلد يقمال لمه مموش‪-‬بضمم الميمم‪ ،‬بلمدة واسمعة ذات أنهمار وأشمجار‪،‬‬
‫يعمرها أجلف السو دان‪ ،‬وفيها معدن الذهب‪.‬‬
‫الفصسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل التاسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسع‬
‫في تراجم بعض علماء القاليم السبعة‬
‫من علماء هذه القاليم السبعة المذكورة آنفًا التي هي‪ :‬دور‪ ،‬وكاشنة‪ ،‬وكنممو‪،‬‬
‫وغوبر‪ ،‬وزكزك‪-‬الشيخ المام العالم العلمة‪ ،‬التحرير الفهامة‪ ،‬فريد دهممره‪،‬‬
‫ووحيد عصره‪ ،‬عبد ال سك‪ ،‬الفلتمي البغماوي‪ ،‬رحمل فمي طلمب العمل إلمى‬
‫أقدر‪ ،‬وإلى فزان‪ ،‬وأخذ عن ابن غانم‪ ،‬ثم أخذ عن الشيخ البكممري‪ ،‬ثممم رجممع‬
‫لبل ده‪ ،‬وتصدى للقراء‪ .‬وأخذ عنه محمد البغمماوي‪ ،‬والقاضممي موسممى غممبر‬
‫السو داني‪.‬‬
‫وله مع شيخه البكري جزء يسير في مجاوبته‪ ،‬حيممث كفممر الشميخ الفلتييممن‪،‬‬
‫من أجل العا دة الممتي يفعلونهمما فممي الصممحارى قبممل ظهممور الشمميخ‪ ،‬وهممي أن‬
‫يجتمعوا ويخرجوا مع أول دهم الصغار‪ ،‬حتى ينتهموا إلمى موضمع بعيمد ممن‬
‫العمارة‪ ،‬ثم يعقدوا على رؤوس أول دهم ما يعقدون‪ ،‬ثم يوقدوا نارًا عظيمممة‪،‬‬
‫ويذبحوا البقر ما اسممتطاعوا‪ ،‬ويغممرزوا اللحممم حممول النممار‪ .‬فممإذا حممان وقممت‬
‫السممحر جمماء أول دهممم الكبممار‪ ،‬وهممم واقفممون‪ ،‬وبأيممديهم عصممى فيجعلممون‬
‫يضربونهم‪ ،‬حتى ينتهى أولئك الول د إلى النار واللحممم‪ ،‬ثممم يطوفممون بالنممار‬
‫هم وأول دهم‪ ،‬وهم يقولون‪ :‬نحن و داعة المم‪ ،‬ثممم و داعتمك أيهما النمار‪ ،‬وأنممت‬
‫أبونا وأمنا‪ ،‬وبعضممهم يرقمص عليهما‪ ،‬وبعضمهم يقعمد عليهمما فل تضممره‪ .‬ثمم‬
‫يأكلون لحومهم‪ ،‬هم وأول دهم الكبار والصغار‪ ،‬ثم إذا أصبحوا قام خطباؤهم‬
‫وتكلموا بكلم يرونه بليغًا عندهم‪ ،‬وأ دبوا أول دهم بما يرونه أ دبًا‪.‬‬
‫وكان الشيخ البكري يرى تكفيرهمم‪ .‬وكمان همذا الشميخ يمرى عمدم تكفيرهمم‪،‬‬
‫ويرى أن ذلك من المعاصي‪ ،‬لنهم يقرون بالتوحيد‪ ،‬ول يعتقممدون الشممراك‬
‫مع ال في شيء‪ ،‬ويصلون ويصومون‪.‬‬
‫ولكن الصواب مع الشيخ البكري‪ ،‬إذ التكفير في ظاهر الشممرع يكممون بممأ دنى‬
‫من ذلك‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫وفي هذا الشيخ يقول الشاعر‪:‬‬
‫وفي التعد د خذ من بعده عسرا مدينة العلم عبد ال ذاك سكا‬
‫***‬
‫من علماء هذه البل د المام العالم العلمممة محمسسد الكشسسناوي الفلتسسي‪ ،‬رحممل‬
‫للشرق‪ ،‬وحج وجاور الحرمين‪ ،‬ورجع لمصر‪ ،‬وتوفي بها‪.‬‬
‫ويقال أنه أقر له بالعلم والفضل علماء الحرمين ومصر‪.‬‬
‫ومنهم القاضي محمد بن أحمد بن أبي محمد التاذختي‪ .‬قال أحمممد بمماب‪ ،‬فممي‬
‫كفاية المحتاج‪ :‬عرف بأيد أحمد‪-‬بهمزة مفتوحة ويمماء سمماكنة فممدال مفتوحممة‪،‬‬
‫مضمافًا لسمم أحممد‪ ،‬ومعنماه‪ :‬ابمن‪ .‬كمان فقيهمًا عالممًا‪ ،‬فهاممًا محمدثًا‪ ،‬متفننمًا‬
‫ل‪ ،‬جيد الحفظ‪ ،‬حسن الفهم‪ ،‬كثير المنازعة‪.‬‬ ‫محص ً‬
‫وقرأ ببلده على جده الفقيه الحاج أحمد بن عمر‪ ،‬وعلى خمماله الفقيممه الصممالح‬
‫علي‪ ،‬ولقي بتكدة المام المغيلي وحضر دروسممه‪ ،‬ثممم رحممل للشممرق صممحبة‬
‫سمميدنا الفقيممه محمممو د‪ ،‬فلقممي أجلء‪ ،‬كشمميخ السمملم زكريمماء‪ ،‬والبرهممانين‪:‬‬
‫القلقشندي‪ ،‬وابن أبي شريف‪ ،‬وعبممد الحممق السممنباطي وجماعممة‪ .‬فأخممذ عنهممم‬
‫علم الحديث‪ ،‬وسمع وروى‪ ،‬وحضر دروس الخمموين اللقممانيين‪ ،‬وتصمماحب‬
‫مع أحمد بن عبد الحق السنباطي‪ .‬وأجازه مممن مكممة أبممو البركممات التممويري‪،‬‬
‫وابن عمه عبد القا در‪ ،‬وعلممي بممن ناصممر الحجممازي‪ ،‬وأبممو الطيممب البسممتي‪،‬‬
‫وغيرهم‪.‬‬
‫ثم رجع لبل د السو دان‪ ،‬وتوطن كاشنة‪ ،‬فأكرمه صاحبها‪ ،‬ووله قضاءها‪.‬‬
‫وتوفي في حدو د ست وثلثين وتسعمائة‪ ،‬عن نيف وستين سنة‪.‬‬
‫له تقاييد وطرر على مختصر الشيخ خليل‪.‬‬
‫***‬
‫ومنهم الشيخ السممتاذ المكاشممف المعممروف بسسابن الصسسباغ‪ ،‬دهليممز العلممم‪ ،‬لممه‬
‫تآليف‪ :‬منها شرحه على عشرينيات الفازاري‪ ،‬ولكن لم يشتهر‪.‬‬
‫ومنهم الشيخ العام العلمة التحرير محمد مسنة‪ ،‬له تواليف تدل علممى وفممور‬
‫علمه‪ ،‬منها النفح العنبرية في شرح العشممرينية‪ ،‬وبممزوغ الشمسممة فممي شممرح‬
‫العشماوية‪ ،‬وأزهار البر في أخبار يربي‪ .‬أخذ عن ابن الصباغ‪.‬‬
‫ومنهم هاشم وابن تاكم‪ ،‬من جلة زمانهما‪ ،‬وفيهما يقول السممتاذ الطمماهر بممن‬
‫إبراهيم‪ ،‬من قصيدة له‪:‬‬
‫أيممدري زممماني هاشممما وابممن‬
‫أتاكم بريق هاشما ما أتاكما‬
‫تاكما‬
‫ومنهم الشمميخ هسسارون الزكزكسسي‪ ،‬شمميخ الشمميوخ الفلتممي‪ ،‬وعنممه أخممذ الشمميخ‬
‫رمضان‪ .‬ومنهم الشيخ العلمة رمضان بن أحمسسد‪ ،‬وكان أصممله مممن فزانممن‪،‬‬
‫استوطن زنفر‪ ،‬وله قصائد وتواليف‪ ،‬منهمما‪ :‬نظمممه علممى رواة البخمماري‪ ،‬أي‬
‫رواية الفروع عن الصول‪ .‬ومنها الجوهرة في ذم علم النجوم‪.‬‬
‫ومنهم الشيخ العالم العلمة‪ ،‬والتحرير الفهامة‪ ،‬البليغ عمر بن محمد ابن أبي‬
‫ل‪ ،‬عالم مًا‬
‫بكر الترودي‪ .‬وكان أصله من ركب‪ ،‬وله بها آثار‪ .‬كممان فقيه ماً جلي ً‬
‫ل‪،‬من بيت علم و دين‪.‬‬ ‫ل أصي ً‬
‫صدرًا شهيرًا‪ ،‬ماجدًا فاض ً‬
‫له تقاييد وأشعار‪ :‬تخميس علممى الكممواكب الدريممة للبوصمميري‪ ،‬ولممه نخميممس‬
‫على "بانت سعا د" وله تقاييد وأشعار‪.‬‬
‫ومن كلمه رحمه ال ما كتبه لبعض الخوان نصحًا له‪ ،‬وبياناً لممما ل يعتمممد‬
‫عليه من الكتب فقال‪:‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد ل وحده‪ ،‬والصلة والسلم على مممن ل نممبي‬
‫بعده‪.‬‬
‫أما بعد‪ ،‬فالكتب التي ل ينبغي مطالعتها‪ ،‬والشتغال بها‪ ،‬لكون أكثر ممما فيهمما‬
‫ل‪ ،‬ولكون الحا ديث والثار المتي فيهما موضموعات كمثيرة فمي‬ ‫ضعيفًا وباط ً‬
‫أيدي الناس‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ .1‬كتاب وصية علي‬ ‫وكتاب بريد مممن‬ ‫‪.28‬‬
‫‪ .2‬وكتاب وصية فاطمة‬ ‫شرح الرسالة‬
‫‪ .3‬وكتمممماب وصممممية أبممممي‬ ‫وكتاب الوحشي‬ ‫‪.29‬‬
‫هريرة‬ ‫وكتمماب غريممب‪،‬‬ ‫‪.30‬‬
‫‪ .4‬وكتاب وصية معاذ‬ ‫كلهما شرح الشهاب‬
‫‪ .5‬وكتاب مرضاة الرب‬ ‫وكتممماب الريمممح‬ ‫‪.31‬‬
‫‪ .6‬وكتاب دقائق الخبار‬ ‫الحمر‬
‫‪ .7‬وكتاب تارك الصلة‬ ‫وكتممماب شممممس‬ ‫‪.32‬‬
‫‪ .8‬وكتاب غزوة خيبر‬ ‫المعارف‬
‫‪ .9‬وكتاب انشقاق القمر‬ ‫وكتمممماب قصممممة‬ ‫‪.33‬‬
‫وكتاب وفاة بلل‬ ‫‪.10‬‬ ‫الدعاء المبارك‬
‫وكتمممماب شممممفاعة‬ ‫‪.11‬‬ ‫وكتمممماب ذكممممر‬ ‫‪.34‬‬
‫المحمو د‬ ‫الخميس‬
‫وكتمممماب أهمممموال‬ ‫‪.12‬‬ ‫وكتاب الياقوتة‬ ‫‪.35‬‬
‫القيامة‬ ‫وكتمممماب النفممممخ‬ ‫‪.36‬‬
‫وكتممممماب صمممممفة‬ ‫‪.13‬‬ ‫والتسوية‬
‫الجنة‬ ‫وكتمماب البمماجي‬ ‫‪.37‬‬
‫وكتمممممممممماب كلم‬ ‫‪.14‬‬ ‫الذي أكثر ما فيها‪ :‬فممإن‬
‫البهائم‬ ‫قيل لك كذا وكممذا فقممل‪:‬‬
‫وكتاب الجمعة‬ ‫‪.15‬‬ ‫كذا وكذا‬
‫وكتمماب المعممراج‬ ‫‪.16‬‬ ‫وكتممممماب فتمممممح‬ ‫‪.38‬‬
‫الكبير‬ ‫مكمة‪ ،‬وهمو سمفر كمبير‬
‫والصغير معًا‬ ‫‪.17‬‬ ‫مجلد‬
‫وكتممماب المرشمممد‬ ‫‪.18‬‬ ‫وكتممماب غمممزوة‬ ‫‪.39‬‬
‫الذي أوله أربعة جممواهر‬ ‫سيسيان‬
‫فممممي نممممبي آ دم يزيلهمممما‬ ‫وكتاب فقه الدين‬ ‫‪.40‬‬
‫أربعة‪ ..‬إلخ‬ ‫وكتممماب إفحمممام‬ ‫‪.41‬‬
‫الخصممممم فممممي إباحممممة‬
‫الدخان‬
‫وكتممماب التمممبيين‬ ‫‪.42‬‬
‫في المواعظ‬
‫وكتاب سممؤالت‬ ‫‪.43‬‬
‫وكتممماب أربعيمممن‬ ‫‪.19‬‬
‫الراهب‬
‫حممديثًا الممذي أولممه‪ :‬لكممل‬
‫وكتاب من شرح‬ ‫‪.44‬‬
‫شيء مهر‪ ،‬ومهر الجنممة‬
‫البسملة‬
‫ترك الدنيا‬
‫وكتمماب الطيممر‪،‬‬ ‫‪.45‬‬
‫وكتممممماب قصمممممة‬ ‫‪.20‬‬
‫وما أبطله‬
‫الغلم‬
‫والكتممممممممممممماب‬ ‫‪.46‬‬
‫وكتممممماب قصمممممة‬ ‫‪.21‬‬
‫المعمممممروف بجمممممامع‬
‫القاضي مع السارق‬
‫الكبير‬
‫وكتممممماب قصمممممة‬ ‫‪.22‬‬
‫وكتاب المنتقممي‪،‬‬ ‫‪.47‬‬
‫الجارية مع أبي حازم‬
‫ول أعنممممممي شممممممرح‬
‫وكتممممماب قصمممممة‬ ‫‪.23‬‬
‫الشمممهاب‪ ،‬بمممل مجلمممدًا‬
‫العصفور‬
‫كثير السانيد‬
‫وكتممممماب العلمممممم‬ ‫‪.24‬‬
‫وكتمماب فضممائل‬ ‫‪.48‬‬
‫النمممممافع المممممذي أكمممممثر‬
‫رمضان‬
‫تراجمه‪ :‬أيش كذا‬
‫وكتمماب فضممائل‬ ‫‪.49‬‬
‫وكمممممممممماب آ داب‬ ‫‪.25‬‬
‫ليلة القدر‬
‫العلماء‬
‫وكتاب الفصول‬ ‫‪.50‬‬
‫وكتمماب السممبعيات‬ ‫‪.26‬‬
‫وكتمماب نصمميحة‬ ‫‪.51‬‬
‫في قصص النبياء‬
‫إبليس‬
‫وكتمممماب مناجمممماة‬ ‫‪.27‬‬ ‫وكتاب صمملوات‬ ‫‪.52‬‬
‫موسى‬ ‫الليالي الفاضلة‬
‫وكتمماب فضممائل‬ ‫‪.53‬‬
‫سممور القممرآن‪ ،‬سممورة‬
‫سورة‬
‫وكتاب الثعالبي‬ ‫‪.54‬‬
‫هذا ما به الفتوى عند العلماء‪.‬‬
‫رحل من بلده للشرق طلبًا للحج‪ ،‬وحبسته العذار‪ ،‬وسممكن برايممازاكي‪-‬بفتممح‬
‫الباء وفتح الممراء وبعممدها ألمف‪ ،‬وفتمح اليمماء وبعممدها ألمف وزاء‪ ،‬والمف بعمد‬
‫الزاي وكسر الكاف‪.‬‬
‫وبها قبره ظاهرًا يزار‪ ،‬وقد زرته مرارًا‪.‬‬
‫ومنهم الشيخ علي جب‪ ،‬العلمة المشهور المكاشف‪ ،‬له شرح علمى الكمبرى‪،‬‬
‫ل حسممن الخلممق والخلممق‪ ،‬سمماعيًا فممي‬
‫وشرح على لمية الفعممال‪ .‬كممان فاضم ً‬
‫الدعوة إلى ال‪ ،‬مجتهدًا فيها‪ ،‬معظمًا عنممد الخاصممة والعامممة‪ ،‬شمميخ الشمميوخ‪.‬‬
‫أخذ عنه العلمة النظار المحقق الصولي المتفنن أحمد بن غار‪.‬‬
‫وأخذ عنه الستاذ جبريل بن عمر‪ ،‬وأخذ عنه جلة من العلماء‪ ،‬وحصلت في‬
‫حضرته بركة عظيمة‪ .‬وتعزى إليه الكرامات‪.‬‬
‫توفي بمارنونا‪-‬بفحت اميم وألف بعده وراء مفتوحة ونممون مضمممومة‪ ،‬وبهمما‬
‫قبره ظاهر يزار‪.‬‬
‫ومنهم الستاذ جبريل بن عمر‪ ،‬شيخ السلم العلمة المحقق‪ ،‬القمدوة النظمار‬
‫الصالح البركة الحاج‪ ،‬قال الوالد في شفاه الغليل في حل ممما أشممكل مممن كلم‬
‫شيخنا جبريل‪-‬وهو يعممد فضممائله‪-‬فقممال‪" :‬ليعلممم أهممل بل دنمما السممو دانية هممذه‪،‬‬
‫بعض ما أنعم ال عليهممم‪ ،‬ليجتهممدوا فممي شممكر الم تعممالى‪ ،‬علممى وجممو د هممذا‬
‫الشيخ في هذا البلد‪ ،‬فيستوجبوا المزيد"‪ .‬فأقول وبال التوفيق‪.‬‬
‫ومن فضائله رضي ال عنه أنه كان ممن حمل لواء العلم في زمانه‪ ،‬فشرف‬
‫بزيارة بيت ال الحرام وزيارة قبر نبيه محمد صلى ال عليه وسلم مرتين‪.‬‬
‫ومن فضائله رضي ال عنه أنمه بلمغ الغايمة فمي الشمتغال بالكتماب والسمنة‪،‬‬
‫وحض الناس عليهما‪.‬‬
‫ومن فضائله رضي ال عنه‪ ،‬أنه كان أول من قام بهممدم العوائممد الذميمممة فممي‬
‫بل دنا السو دانية هذه‪ ،‬وكان كمال ذلك ببركته على أيدينا‪.‬‬
‫ومن فضمائله رضمي الم عنمه أنمه بلمغ الغايمة فمي العبما دة والخلمق الحسمن‪،‬‬
‫والغيرة على السلم‪ .‬كان حليمًا هينًا لينًا‪ ،‬حسن الكلم مع من لقيه‪ ،‬مبتسمممًا‬
‫معه‪ ،‬ول يحقد على أحد‪ ،‬ول يعبس في وجهه‪ ،‬ويطيب كلمه لجميممع النمماس‬
‫على طريق البسطة‪ ،‬حتى تظن أن كل واحد صديقه‪.‬‬
‫ومن فضائله رضي ال عنممه أنممه ذو بسممط و دعابممة‪ ،‬مشممرف بلبمماس الهيبممة‪،‬‬
‫وهو من أعجب العجائب في شأنه‪.‬‬
‫ومن فضائله رضي ال عنه أنه بلغ الغاية فممي تعظيممم المصممطفى صمملى الم‬
‫عليه وسلم‪ ،‬حتى أنه قل أن يذكره إل باسمه‪ :‬أفضال الخلق‪.‬‬
‫وفضائله رضي ال عنه كثيرة ل تحصى‪ .‬وفيما ذكرناه كفاؤة لمن تأمل‪.‬‬
‫ونحن بالنسبة إلى مقامه نسبة الظالع مع الصممليع‪ ،‬ونسممبة دوي الزنبممور مممع‬
‫نغمة الزبور‪ ،‬فوال ل نممدري هممل نهتممدي إلممى سممبيل السممنة‪ ،‬وتممرك العوائممد‬
‫الذميمة‪ ،‬لو ل تنبيه هذا الشيخ المبارك‪ .‬وكل مممن أحيمما السممنة وهممدم العوائممد‬
‫الذميمة في بل دنا السو دانية هذه‪ ،‬فهو موجممة مممن أمممواجه‪ ،‬ولممذلك قلممت فيممه‬
‫شعرًا‪:‬‬
‫فموجة أنا من أمواج جبريل إن قيل في بحسن الظن ما قيل‬
‫وهو رضي ال عنه كما قال في مدح شيخه مرتضى‪:‬‬
‫فريد الدهر فائق كل قرن‬ ‫عجيب شأنه في كل فن‬
‫ولو ل ل تزال لقلت ل ل‬ ‫وجو د لمثله في كل قرن‬
‫وأنا أقول أيضًا‪:‬‬
‫شيخ الشيوخ بأرضنا جبريل‬ ‫بركاته ما نالها تفصيل‬
‫كشفت به ظلم الضلل كأنه‬ ‫في كشفها ببل دنا قنديل‬
‫ولستاذنا العم عبد ال بن محمد‪:‬‬
‫جبريل من جبر الله به لنا‬ ‫ دينا حنيفا مستقيم المنهج‬
‫للشمممممرق تشمممممرق للقريمممممش شمس الضحى بزغممت بغممرب‬
‫فانتهت‬ ‫وخزرج‬
‫وأخذ عن هذا الشيخ الستاذ المذكور‬
‫وأخذ عنه أيضًا العلمة المشارك‪ ،‬التقي النقي المتفنن الصولي‪ ،‬المصطفى‬
‫بن الحاج عثمان‪.‬‬
‫وأخذ عنه أيضًا العلمة المشارك الراوية محمد الفربري بممن محممد‪ ،‬وانتفممع‬
‫به خلئق كثيرون‪ .‬وآثار بركاته في هذه الديار باقية‪.‬‬
‫وبالجلمة فهو شيخ الشيوخ‪ ،‬وصاحب التمكين والرسوخ‪ ،‬علم صدر متقن‪.‬‬
‫وأخممذ عممن الشمميخين النممبيلين‪ ،‬الخمموين المتفننيممن‪ ،‬الصمموليين‪ ،‬العلمممتين‪،‬‬
‫النظارين‪ ،‬الفاضلين‪ :‬أبي بكر وأخيه علي ابني الحاج عثمان‪ ،‬توفي أحممدهما‬
‫بفزان‪ ،‬وقد حج أبو بكر مرتين‪.‬‬
‫وأخذ أيضًا عن محمد بن الحاج المتفنن حسن الخط‪ ،‬ورحل معه إلى الحممج‪،‬‬
‫وتوفي هناك‪.‬‬
‫وقد لقيا‪ :‬هو وشيخنا يوسممف الحفنمماوي‪ ،‬وأخممذا عنممه‪ ،‬وقممد أشممار إلممى ممموت‬
‫أحدهما‪ .‬ومات محمد بن الحاج‪ ،‬ورجع هو لبلده‪ ،‬ثم رجع للحج ثاني مًا‪ ،‬ولقممي‬
‫الشيخ مرتضى وأخذ عنه‪ ،‬ورجع لبلده‪ ،‬وتوفي بها‪.‬‬
‫ومنهم شيخ الشميوخ الفقيمه المهيمب محمسسد المنقسسوري‪ .‬نقمل مختصمر خليمل‪،‬‬
‫ومهر جممدًا‪ ،‬وتصممدر للتممدريس‪ ،‬فأخممذ عنممه جماعممة‪ ،‬منهممم‪ :‬قاضممي القضمماة‬
‫شممعيب‪ ،‬وقاضممي القضمماة محمممد سممنب‪ ،‬وقاضممي القضمماة البركممة إبراهيممم‬
‫البرتاوي‪ ،‬والعلمة عياض إسحاق‪ ،‬وقاضي القضاة أبو بكر‪.‬‬
‫وظهر في طلبته البركة الكثيرة‪ ،‬انتفع بها المسلمون وبهم‪.‬‬
‫توفي بمرنون‪-‬بفتح الميم‪ ،‬وإسكان الراء ونممون بعممده واو ونممون‪ ،‬وبهمما قممبره‬
‫يزار‪ ،‬وقد زرته مرتين‪ :‬مرة مع الوالد‪.‬‬
‫الفصسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسل العاشسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسر‬
‫فسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي ترجمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسة والسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسد المؤلسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسف‬
‫رضي ال عنهما‬
‫ومنهم شمميخ السمملم‪ ،‬وعلممم العلم‪ ،‬العممالم الربمماني‪ ،‬والغمموي الصمممداني‪،‬‬
‫علمة الدنيا‪ ،‬وطالع المرتبة العليا‪ ،‬أبو محمد عثمان بن محمممد ابممن عثمممان‪،‬‬
‫المعروف بابن فو دي والدي‪ .‬أطال ال حياته‪ ،‬وجعل العاقبة خيرًا له‪.‬‬
‫بشر به أولياء ال قبل ظهوره‪ .‬من ذلك ممما تقممدم عمن الشمميخ ولديممد‪ ،‬والشمميخ‬
‫الطاهر‪.‬‬
‫ومن ذلك ما روى الثقاة عن أم هممانئ الصممالحة الوليممة الفلتيممة‪ ،‬أنهمما قممالت‪:‬‬
‫يظهر في هذا القطممر السممو داني ولممي مممن أوليمماء المم‪ ،‬يجممد د الممدين‪ ،‬ويحيممي‬
‫السنة‪ ،‬ويقيم الملة‪ ،‬ويتبعه الموفقون‪ ،‬ويشتهر في الفاق ذكره‪ ،‬ويقتدي العام‬
‫والخاص بأمره‪ ،‬ويشتهر المنتسبون إليممه بالجماعممة‪ .‬ومممن علمتهممم أنهممم ل‬
‫يعتنون برعي البقر كعا دة الفلتيين‪ ،‬ومن أ درك ذلك الزمان فليتبعه‪.‬‬
‫والحاصل أنه قد تفرس فيممه أوليمماء الم كممثيرًا‪ ،‬وأخممبروا بشممأنه وأمممره قبممل‬
‫ظهوره وحين ظهوره‪.‬‬
‫واعلم أن هذا الشيخ نشأ من صغره في الدعوة إلى ال‪ ،‬وقد أمممده ال م تعممالى‬
‫بممأنوار الفيممض‪ ،‬وجممذبه إلممى حضممرته‪ ،‬وكشممف لممه عممن حضممرة الفعممال‬
‫والسماء والصفات‪ ،‬وأشهده غرائب الذات‪ .‬فصار بحمد ال بين أولياء المم‪،‬‬
‫يكرع من كأسات القرب‪ ،‬ويكتسي مممن حلممل العرفممان والحممب‪ .‬وقلممده الحممق‬
‫تعالى تاج العناية والهداية‪ ،‬وأهله للدعوة إليه‪ ،‬وإرشا د العامة والخاصة‪.‬‬
‫وأخبرني أنه حين حصل له الجذب اللهي‪ ،‬ببركة الصلة على النبي صمملى‬
‫ال عليه وسلم‪ ،‬إذ كان يواظب عليها من غير ملل ول كلل ول فممترة‪ ،‬أمممده‬
‫ال بفيض النوار‪ ،‬بواسطة الشيخ عبد القا در الجيلي رضي ال عنممه‪ ،‬وجممده‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فشمماهد مممن عجممائب الملكمموت وحصممل علممى‬
‫غرائب الجبروت‪ ،‬وشاهد أفعممال السممماء والصممفات والممذات‪ ،‬ووقممف علممى‬
‫اللوح المحفوظ‪ ،‬وفك رمزه الملحوظ‪ .‬وكساه الحق تعالى حلممة الممدعوة إليممه‪،‬‬
‫وتوجه تاج الهداية والرشمما د إليممه‪ ،‬فنمما دى منمما دي الحضممرة‪ :‬يمما أيهمما النمماس‬
‫أجيبوا داعي ال‪ ،‬مرات‪ ،‬ثم قال‪" :‬يؤفك عنه من أفك"‪.‬‬
‫ثم ر ده الحق تعالى إلى محممل الفاقممة‪ ،‬ليتممأتى لممه الرشمما د والممدعوة‪ ،‬وربممما‬
‫تعاهدته أنوار الجلل فقبضته‪ ،‬أو تفقدته أنوار الجمال فبسطته‪ ،‬مممع أنممه مممن‬
‫أهل التمكين والمقامات‪ ،‬ل من أهل الحوال والوار دات‪ .‬فقام بما قلممده الحممق‬
‫به‪ ،‬وأهله من الدعوة إليه‪ ،‬والدللة عليه‪ ،‬فجعل يدعو إلممى ال م ويممدل عليممه‪،‬‬
‫ويكابد ما هو المعهو د من أخلق النمماس مممن الجفمماء والنكممار والسممتهزاء‪،‬‬
‫ولم يزل يجتهد ويحدثهم بقدر عقولهم ويلطفهم‪ .‬وقد لقي مممن جفممائهم ممما ل‬
‫يسممتطيع أن يصممفه الواصممف‪ ،‬حممتى أتمماح الم لممه أن صمممد إليممه الموفقممون‪،‬‬
‫واستمع إليه نفر من المؤمنين‪ .‬فجعل يقرر للناس الحق‪ ،‬ويبين لهم الطريق‪.‬‬
‫وقد وجد في هذه البلا د من أنواع اكفر والقسوق والعصمميان أمممورًا فظيعممة‪،‬‬
‫ل شنيعة‪ ،‬طبقت هذه البل د وملتها‪ ،‬حتى ل يكا د يوجد في هممذه البل د‬ ‫وأحوا ً‬
‫من صح إيممانه وتعبمد إل النما در القليمل‪ ،‬ول يوجمد فمي غمالبهم ممن يعمرف‬
‫التوحيد‪ ،‬ويحسن الوضوء والصلة والزكاة والصيام وسائر العبا دات‪:‬‬
‫فمنهم كفار يعبدون الحجار والجن‪ ،‬ويصممرحون علممى أنفسممهم بممالكفر‪ ،‬ول‬
‫يصلون ول يصومون ول يزكون‪ ،‬ويسبون ال ويقولون في حقه ما ل يليممق‬
‫في جنابه العلى‪ ،‬وهؤلء غالب عامة السممو دانيين الممذين لهممم "ماغنممداوا" ]‬
‫‪ [Maguzawa‬وبعض عتاة الفلتيين والتوارك‪.‬‬
‫ومنهم قوم يقرون بالتوحيد‪ ،‬ويصلون ويصومون ويزكون من غير استكمال‬
‫شروط‪ ،‬بل يأتون في ذلممك كلممه بالرسممم والعالمممة‪ ،‬مممع أنهممم يخلطممون هممذه‬
‫العمال بأعمال الكفر الذي ورثوه من آبائهم وأجممدا دهم‪ ،‬وبعضممهم مممن قبممل‬
‫نفسه‪ ،‬وعلى هؤلء يحمل قول الشيخ جبريل بن عمر في قصيدته‪:‬‬
‫للناس في السو دان بل تذكرة وبعد فاعلم أن ذا تبصرة‬
‫فل ترى منهم سوى من يدعي‬ ‫إسلمه بفمه الموسع‬
‫مستترا بالصوم والصلة‬ ‫عن قدحه بأقبح اللعنات‬
‫فهو حقا كافر صريح‬ ‫لنه محرم مبيح‬
‫عقيدة خالفها الجمع والوفي في الخوض دائم ومستمر في‬
‫ع ٍم عن الحديث والكتاب‬ ‫وما له قال ذوو اللباب‬
‫راض بحكم الجاهلية التي‬ ‫أزالها ال بوضع الشرعة‬
‫حير أفكار صغار العلم‬ ‫فحكموا إسلمهم بالوهم‬
‫ممما بينهممم وبيممن أهممل الشممرق‬
‫تفرقة لحت لهل الحق‬
‫]شرك؟[‬
‫وذاك يستبين بالظواهر‬ ‫يدركه فيهم ذوو البصائر‬
‫يدرك بالخبرة والتجربة‬ ‫بأفعال تظهر للبصرة‬
‫ما لم يكن بفعله إل الذي‬ ‫كفر أنه بالجماع يحتذي‬
‫فمن أتاه كافر مرتد‬ ‫كذاك كفرانا بواحا عد‬
‫وغالب ملوك هذه البل د وجنو دهم وأطباؤهم وعملؤهم من هذا القبيل‪.‬‬
‫ومنهم قوم يقرون بالتوحيد‪ ،‬ويصلون ويصومون ويزكون من غير استكمال‬
‫شروط كما مر مع أنهم مقيمون على عوائد ر دية‪ ،‬وبدع شيطانية‪.‬‬
‫ومنهم منهمكون في المعاصممي الجاهليممة متأنسمين بهمما‪ ،‬داريمن فيهمما مجممرى‬
‫المباحات‪ ،‬حتى كأنها لم ير د فيها نهي‪ ،‬وهممي خصممال كممثيرة أقمماموا عليهمما‪،‬‬
‫وهؤلء أكثر عامة الفلتيين‪ ،‬وبعض مسلمي السو دانيين‪ ،‬إذ قد مر أن غممالبه‬
‫كفار بالصالة‪ ،‬وبعضهم بالتخليط‬
‫ومنهم قوم مؤمنون عارفون بالتوحيد كما ينبغي‪ ،‬محسنون للوضوء والغسل‬
‫والصلة والزكاة والصيام‪ ،‬عاملين بذلك كما ينبغممي‪ ،‬وهممؤلء النمما در القليممل‬
‫كما مر‪.‬‬
‫ولما قام هذا الشيخ يدعو إلى ال‪ ،‬وينصح لعبا ده في دين ال‪ ،‬ويهممدم العوائممد‬
‫الر ديممة‪ ،‬ويخمممد البممدع الشمميطانية‪ ،‬ويحيممي السممنة المحمديممة‪ ،‬ويعلممم النمماس‬
‫فروض العيان ويدلهم على ال‪ ،‬ويرشدهم إلمى طماعته‪ ،‬ويكشمف لهممم ظلمم‬
‫الجهالت‪ ،‬ويزيل لهم الشكالت‪ ،‬وقد وجممد هممذه الطوائممف المممذكورة علممى‬
‫هذه الحالت‪ ،‬فسارع إليه الموفقون‪ ،‬وصمد إليه السممعداء المهتممدون‪ ،‬فجعممل‬
‫الناس يدخلون في دين ال أفواجًا‪ ،‬وترا دفت إليه الوفو د أمواجًا‪ ،‬ويقممرر لهممم‬
‫الطريق‪ ،‬ويبين لهم الحق‪ ،‬وفي ذلك يقول الستاذ أخوه عبد ال‪:‬‬
‫فأزاح عنا كل أسو د دجدج عثمان من قد جاءنا في ظلمة‬
‫في ذاك لومة لئم أو فجفج و دعا إلى دين الله ولم يخف‬
‫فأنصممات خلممق حيممن صممات‬
‫وعل له صيت فويق البرج‬
‫لصوته‬
‫بشمممرى لممممة أحممممد ببل دنممما‬
‫و دان في هذا الزمان المبهج‬
‫السمممم‬
‫كم سنة أحييتها وضللة‬ ‫أخمدتها جمرا ذكا بتأجج‬
‫وظللمممت فمممي أرض عوائمممدها‬
‫وتخالفت سنن النبي البهج‬
‫عدت‬
‫وصدت دوين الدين باب الولج استعظمتها أهلها فاستأسدت‬
‫جرذانها ترمي بنصل سلمج فاستنسرت بغثانها وتنمرت‬
‫من أرا د دين ال يمحو عزه‬ ‫فقمعته قمع القوى الولج‬
‫ولكممل فرعممون طغممى موسممى‬
‫وقضية عاصت على تنفج‬
‫سطا‬
‫وأسو د وجه الكفر بعد تبلج فأبيض وجه الدين بعد محاقه‬
‫والكفر في ذل ونهج منهج والدين في عز ونهج منهج‬
‫والبعدعة السو داء ليل يدجي والسنة الغراء صبح ينجلي‬
‫والدين في درع يميس مدبج طمست معالمها وأخلق ثوبها‬
‫عين الحياة تذل ماء الحشرج وتفجرت للدين من بركاته‬
‫ممماء يقممول صممفاؤه‪ :‬هممل مممن فجممممرى مممممذانبب للمشممممارب‬
‫أفهقت‬ ‫يجي‬
‫بليال صحو أو صباح مبلج حتى تبرج مثل بدر طالع‬
‫ثم إنه لما برز علممى أهممل زمممانه فممي هممذا السمملوب‪ ،‬أنقسممم النمماس فيممه إلممى‬
‫قسمين‪ :‬قسم معتقد‪ ،‬وقسم منكر منتقد‪ ،‬فأما المنكرون عليه فأشاعوا عليه ممما‬
‫هو المعهو د من أبناء الجنس‪ ،‬ونسبوه إلى الهواء والرياء وغير ذلك‪.‬‬
‫كضرائر الحسناء قلن لوجهها‬ ‫حسدا وبغضا أنه لدميم‬
‫وهو في ذلك يصبر على جفمماهم‪ ،‬ويتحمممل أذاهممم‪ ،‬ويعممرض عممن جهممالتهم‪،‬‬
‫ويتصامم عن سوء مقالتهم‪ ،‬قائمًا بما هو في صممد ده مممن النصممح والرشمما د‪،‬‬
‫و دعوة الخلق إلى ال‪.‬‬
‫قال عبد الوهاب الشعراني في لواقح النوار‪ :‬قال سيدي أبو الحسن الشمماذلي‬
‫رضي ال عنه‪ :‬قد جرت سنة ال تعالى في أنبيائه وأصفيائه أن يسلط عليهم‬
‫الخلق في مبتدأ أمرهم‪ ،‬وفي حال نهايتهم كلما مالت قلوبهم لغير الم تعممالى‪،‬‬
‫ثم تكمون الدولمة والنصمرة لهمم آخمر الممر‪ ،‬إذا أقبلموا علمى الم تعمالى كمل‬
‫القبال‪ .‬إخر‬
‫ثم قال‪ :‬وذلك لن المريد السالك يتعذر عليه الخلوص والمسير إلممى حضممرة‬
‫ال تعالى مع ميله إلممى الخلممق وركممونه إلممى اعتقمما دهم فيممه‪ ،‬فممإذا آذاه النمماس‬
‫وذموه ونقصوه ورموه بالبهتان والزور نفرت نفسه عنهم‪ ،‬ولممم يصممر عنممده‬
‫ركون إليهم البتة‪ ،‬وهنا يصفو له الموقت ممع ربمه ويصمح لمه القبمال عليمه‪،‬‬
‫لعدم التفاته إلى وراء‪ .‬فافهم‪.‬‬
‫ثم إذا رجعوا بعد انتهاء سيرهم إلى إرشا د الخلممق‪ ،‬يرجعممون‪-‬وعليهممم خلعممة‬
‫الحلم والعفو‪-‬فتحملمموا أذى الخلممق‪ ،‬ورضمموا علممى الم تعممالى فممي جميممع ممما‬
‫يصدر عن عبمما ده فممي حقهممم‪ ،‬فرفممع بممذلك قممدرهم بيممن عبمما ده‪ ،‬وكمممل بممذلك‬
‫أنوارهم‪ ،‬وحقممق بممذلك ميراثهممم للرسممل فممي تحمممل ممما يممر د عليهممم مممن أذى‬
‫الخلق‪ ،‬وظهر بذلك تقاوت مراتبهم‪ ،‬فإن الرجل يبتلي على حسب دينه‪.‬‬
‫وقال ال تعالى‪" :‬ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا علممى ممما كممذبوا وأوذوا‬
‫حتى أتاهم نصرنا" ]النعام ‪ .[34‬وذلك لن الكمل ل يخلو أحدهم عن هذين‬
‫الشهو دين‪ :‬إما أن يشهد الحق تعالى بقلبه‪ ،‬فهممو مممع الحممق ل التفممات لممه إلممى‬
‫عبا ده‪ ،‬وإما أن يشهد الخلق‪ ،‬فيجدهم عبا د المم‪ ،‬فيكرمهممم لسمميدهم‪ .‬وإن كممان‬
‫مصطلمًا فل كلم لنا معه‪ ،‬لزوال تكليفه حال اصطلمه‪ ،‬فعلم أنه ل بد لمممن‬
‫اقتفى آثار النبياء‪ ،‬من الولياء والعلماء‪ ،‬أن يممؤذوا كممما أوذوا‪ ،‬ويقممال فيهممم‬
‫الزور والبهتان‪ ،‬كما قيل فيهم‪ ،‬ليصبروا على الخلق كما صممبروا‪ ،‬ويتخلقمموا‬
‫بالرحمة على الخلق‪ ،‬رضي ال عنهم أجمعين‪.‬‬
‫وكان سيدي علي الخواص رضي ال عنه يقول‪ :‬لو كان كمممال الممدعوة إلممى‬
‫ال موقوفًا على إطباق الخلق على تصديقهم لكممان الولممى بممذلك رسممول الم‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬والنبياء قبله‪ ،‬وقممد صممدقنهم قمموم هممداهم الم بفضممله‪،‬‬
‫وحرم آخرون فأشقاهم ال بعدله‪.‬‬
‫ولما كان الولياء اوالعلماء على أقدام الرسل‪ ،‬عليهممم الصمملة والسمملم‪ ،‬فممي‬
‫مقام التأسي بهم‪ ،‬أنقسم النمماس فيهممم فريقيممن‪ :‬فريممق معتقممد مصممدق‪ ،‬وفريممق‬
‫منتقممد مكممذب‪ ،‬كممما وقممع للرسممل عليهممم الصمملة والسمملم‪ ،‬فحقممق الم بممذلك‬
‫ميراثهم‪.‬‬
‫ول يصدقهم ويعتقد صحة علومهم إلممى المم‪ ،‬إل مممن أرا د الم عممز وجممل أن‬
‫يلحقه بهم‪ ،‬ولو بعد حين‪.‬‬
‫وأما المكذب لهم والمنكر عليهم‪ ،‬فهو مطرو د عممن حضممرتهم‪ ،‬ل يزيممده ال م‬
‫بذلك إل بعدًا‪ .‬وإنما كان المعترف للولياء والعلماء‪ ،‬بتخصمميص ال م تعممالى‬
‫ل فممي النمماس‪ ،‬لغلبممة الجهممل بطريقهممم‪،‬‬
‫لهم‪ ،‬وعنايته بهم‪ ،‬واصطفائه لهممم قلي ً‬
‫واستيلء الغفلة وكراهة غالب الناس أن يكون لحد عليهم شممرف بمنزلممة أو‬
‫اختصاص‪ ،‬حسدًا من عند أنفسهم‪.‬‬
‫وقد نطق الكتاب العزيز بذلك فممي حممق نمموح عليممه الصمملة والسمملم‪ ،‬فقممال‪:‬‬
‫"وما آمن معه إل قليل"‪.‬‬
‫وقال تعالى‪" :‬ولكن أكثر الناس ل يؤمنون"‪" .‬ولكن أكثرا الناس ل يعلمون"‬
‫]غافر ‪ .[59-57‬وقال تعالى‪" :‬أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلممون إن‬
‫ل" ]الفرقان ‪ .[44‬وغيممر ذلممك مممن اليممات‪.‬‬
‫هم إل كالنعام بل هم أضل سبي ً‬
‫إخر‪.‬‬
‫كلمه في لواقح النوار‬
‫وهذا الذي ذكره هؤلء النئمة‪ ،‬هو المعهو د من أبناء الجنس من علممماء كممل‬
‫عصر‪ ،‬ولذلك أفتى بعض الفقهاء أنه ل تقبل شها دة بعضهم على بعض لهممذا‬
‫المعنى‪.‬‬
‫ول شك أنه ليس على العموم‪ ،‬ولكنه شائع معلوم‪.‬‬
‫ولقي هممذا الشمميخ مممن علممماء عصممره مممن الجفمماء والذيممة‪ ،‬ممما الم يحصمميه‬
‫ويدريه‪ ،‬فنصره ال وأيده بطائفة من العلماء المهتممدين‪ ،‬فصممدقوه ونصممروه‪.‬‬
‫وفي ذلك يقول أخوه الستاذ يحرض الخوان في نصرته ويذكرهم منممة ال م‬
‫التي أمتن بها عليهم في ظهوره منهم‪:‬‬
‫طربممممت فأشممممجاني الطيممممور‬
‫وفرحني منها الغيوث الروائح‬
‫الكوابح‬
‫وأمنني منها الظباء السوانح وخوفني منها ذئاب بوارح‬
‫علمممى الحمممق منممما أو يجيمممء‬
‫لقول النبي‪ :‬ل تزال جماعة‬
‫المقارح‬
‫تعيها رجال أو نساء صوالح أل بلغن عني لحي رسالة‬
‫لظهار دين ال فيه يناصح لعالمهم أو طالب العلم رائم‬
‫تجبهمممما عمممموام أو خممممواص‬
‫أقول له‪ :‬قم وا دع للدين دعوة‬
‫جحاجح‬
‫ول تخمممش فمممي إظهمممار ديمممن‬
‫بقولة قال تأسيه كناتح‬
‫محمد‬
‫وهممزء جهممول ضممل والحممق‬
‫ول تخش تكذيبا وإنكار جاحد‬
‫صابح‬
‫وغيبة هماز وضغن مشاحن‬ ‫يساعده من للعوائد راكح‬
‫وليس لمر ال أن جاء ضارح وليس لما تبني يد ال ها دم‬
‫وبين لهم أن العوائد بهرجت‬ ‫وسنتنا لحت عليها لوائح‬
‫وقممامت علممى سمموق الصمملح ولهممو الشممباب اليمموم قممد بممار‬
‫سوقه‬ ‫المدائح‬
‫وأهل الدنا اليوم قد بار سوقه‬ ‫وسنتنا قد ظللتها الدوائح‬
‫ومظهره ميزانه اليوم راجح ومنكر هذا الدين قد خف وزنه‬
‫وناصره قممد صممار فممي النمماس‬
‫ومنكره للخاص والعام دانح‬
‫عاليا‬
‫علينا ومن يشكر فذلك رابح وإن إله العشر قد من منة‬
‫ومن كفر النعام واتبع الهوى‬ ‫ففي بدئه بله القيامة طائح‬
‫وذاك بممأن قممد بيممن الممدين فممي‬
‫لنا نسبا نعلو به ونطامح‬
‫امرئ‬
‫نفز ونحز نعماه والكل فالح فإن نحن آويناه ننصر قوله‬
‫مصائب قوم عند قوم مصالح وإن قد أضعناه أفا د بغيرنا‬
‫ولممو نفعممت قربممي فقممط فيممه‬
‫أبو طالب عم النبي‪ ،‬وتارح‬
‫مار دي‬
‫ومممما ضمممر حوضمممًا أن أبتمممه وما ضر شمسًا إن نفممى العيممن‬
‫ضوءها‬ ‫القوامح‬
‫أطمممايب أرض تخمممرج النبمممت‬
‫بإذن ذويها إن أفاضت دوائح‬
‫رائعا‬
‫بسممابس نبممت فممي الراضممي‬
‫ولو همعت ديما لما أنبتت ولو‬
‫البوالح‬
‫فل يمنع الرشا د عدم قبولهم‬ ‫فمدخلهم مولهم أنت فاتح‬
‫فساقيهم المولى فإنك جا دح فإنك إن بلغتهم ضاع عذرهم‬
‫به بلغوا عني أتته صحائح مطيع لما قد قاله سيد الورى‬
‫علمممى شمممرطه للنممماس بمممالحق‬
‫وأمر بمعروف ونهى لمنكر‬
‫قارح‬
‫من الدين مما سهلته القرائح وفهمهمو ما يلزم المرء عقده‬
‫وغسمممل وضممموءا أو صممملة‬
‫وصوما وبيعا ثم كيف يناكح‬
‫زكاتهم‬
‫ومنهيهممما فالكمممل فمممي الكتمممب‬
‫وواجبها مسنونها مستحبها‬
‫واضح‬
‫علمممى غيمممر وجمممه والكمممف‬
‫وعلم نساء سترهم بأن ترى‬
‫القواسح‬
‫ن مولهمممممممممو ذو جممممممممدهم‬
‫وعلمهم الحسان كيف يراقبو‬
‫والصما دح‬
‫ليرعاه ذو فهم يطيعك لئح وكيف تراعي نية في جميعها‬
‫وكيف التحلي بالحميدة ناصح وكيممف التخلممي عممن صممفات‬
‫ذميمة‬
‫بنفسك فابممدأ حائممدا عممن همموى‬
‫لدي سومها ترعى وإنك كابح‬
‫الهوى‬
‫مطيع لشيطان وللدين قابح أضر عدو من بدارك ساكن‬
‫يكمممممممون خلل المنكمممممممرات سمملمة عيممب النفممس عممزت‬
‫لمالها‬ ‫المسارح‬
‫فل تسمممممتطيع المممممترك عمممممن‬
‫ولم تحتمل ذل كذاك السبا دح‬
‫شهواتها‬
‫ دواء ل داء النفوس مطحطح لجاؤك بالمولى وتقليل مطعم‬
‫جواسمميس صممن دوم مًا تطعممك وبالصممممممممغرين احفممممممممظ‪،‬‬
‫وبالجوفين والممم‬ ‫الجوارح‬
‫وتابعهم ترياق من هو صالح تباع لقرآن النبي وصحبه‬
‫كذاك سلم بالرياحين فائح عليه صلة ال ثم عليهم‬
‫ومستخرجات منه فيها نصائح وكتب تراعي سنة مثل مدخل‬
‫لباب طريق الصالحين مصالح كنياتها وكذلك إحياء سنة‬
‫عطائيها تشفي بهذا القبائح غزاليها وكذاك زروقيها‬
‫يعاملها معشوق دنياه طالح بجائيها أو ما حذا حذوها ول‬
‫يوفقنا المولى بجاه نبيه‬ ‫لسنته حتى تجيء الفوا دح‬
‫وأصحابه مارن تال ورائح عليه صلة ال ثم سلمه‬
‫شسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسمائله الكريمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسة‬
‫وآدابه العلية وأخلقه السنية التي يتأدب بها في المجالس‬
‫واعلممم أنممه نشممأ عفيفمًا متممدينًا‪ ،‬ذا خلل مرضممية‪ ،‬نسمميج وحممده‪ .‬انتهممت إليممه‬
‫المامة‪ ،‬وضربت عليه آباط البل شرقًا وغربًا‪ ،‬وهممو علممم العلممماء‪ ،‬ورافممع‬
‫لواء الدين‪ ،‬أحيا السنة وأمات البدعة‪ ،‬ونشممر العلمموم‪ ،‬وكشممف الغممموم‪ ،‬بهممر‬
‫علمه العقول‪ ،‬جمع بين الحقيقة والشريعة‪ ،‬فسر القرآن سنين بحضرة أكممابر‬
‫العلماء والصلحاء‪ ،‬عالمًا بقراءته وفنونه من بيان وأحكام‪ ،‬وناسخ ومنسوخ‪،‬‬
‫مع إمامته في الحديث وفقهه في غريبه‪ ،‬ورجاله وقنونه وفي أصول الممدين‪،‬‬
‫والذب عن السنة و دفع الشكال‪ ،‬قائمًا بالحق صحيح النظر‪ ،‬متدربًا في تعليم‬
‫الغوامض‪ ،‬إمامًا في النقممول العقليممة‪ ،‬متعبممدًا ناسممكًا‪ ،‬تصممدر للتممدريس وبممث‬
‫العلم‪ ،‬فمل القطر المغربي معارف وتلميذ‪ ،‬يقف أهل زمممانه عنممدما يقممول‪،‬‬
‫وكان حامل لممواء التحصمميل‪ ،‬وعليمه ممدار الشممورى والفتمموى‪ ،‬معظممًا عنمد‬
‫الخاصة والعامة‪ ،‬مجد دًا على رأس هذا القرن‪ ،‬خطيباً بليغًا‪ ،‬شاعرًا فصمميحاً‬
‫ل حسن الخلق‪ ،‬جميل العشرة‪ ،‬كريم الصحبة‪ ،‬محققاً شممديدًا العارضممة‪،‬‬ ‫فاض ً‬
‫مقطوعًا بوليته وقطبمانيته‪ ،‬كممثير الحيماء والشممفقة علمى الخلمق‪ ،‬متواضممعًا‪،‬‬
‫يرى نفسه كأقل الحشرات‪ ،‬وقافًا على حدو د الشريعة‪ ،‬آلف مًا بألوف مًا‪ ،‬لقممي مممن‬
‫المحبة والتعظيم من الخلق ما لم يعهد حممتى كممان أحممب النمماس إلممى أنفسممهم‪،‬‬
‫يتزاحمون عليه مع طلقة وجه‪ ،‬وحسن خلق وبشاشمة‪ .‬وكممان حليمماً رحيممًا‬
‫بممالمؤمنين‪ ،‬وضممع لممه القبممول‪ ،‬واتفممق علممى جللممة قممدره الثقلن‪ .‬وبالجملممة‬
‫فالوصف يقصر عن مزاياه‪ ،‬وهو شمميخ علممماء وقتممه‪ ،‬بممل قطممب الئمممة فممي‬
‫جميع العصار‪.‬‬
‫وهذه أوصافه ل يحتاج لنقلها من معين‪ ،‬ومتى احتاج نور شمس لدليل؟‬
‫قطب الوقت في الحال والمقال ]والمقام؟[‪ ،‬ناصر الدين بمقاله وبيانه‪ ،‬محيي‬
‫السنة بفعاله‪ ،‬دائم الرشا د والهداية‪ ،‬حجة ال علممى العممالم‪ ،‬متمسممك بالكتمماب‬
‫والسممنة‪ ،‬سمميد وقتممه وإمممام عصممره‪ ،‬وأعجوبممة زمممانه‪ ،‬ذو النممورين‪ :‬العلممم‬
‫والعمل‪ ،‬وكان صاحب كرامات ظاهرة ومقامممات فمماخرة‪ ،‬وأسممرار زاهممرة‪،‬‬
‫وبصائر باهرة‪ ،‬وأحوال خارقة‪ ،‬وأنفاس صا دقة وهمم عالية‪ ،‬ورتممب سممنية‪،‬‬
‫ومنمماظر دينينمة‪ ،‬وإشممارات نورانيمة‪ ،‬ونفحمات روحانيممة وأسممرار ملكوتيمة‪،‬‬
‫ومحاضرات قدسية‪.‬‬
‫له معراج العلمى فممي المعممارف‪ ،‬والمنهماج السممنى فمي الحقممائق‪ ،‬والطمور‬
‫الرفع في المعالي‪ ،‬والقدم الراسخة في أحوال النهايات‪ ،‬واليممد البيضمماء فممي‬
‫علوم الموار د‪ ،‬والباع الطويممل فمي التصممريف النافممذ والكشممف الخمارق عمن‬
‫حقائق اليات‪ ،‬والفتح المضاعف في معنى المشاهات‪ ،‬وهو أحد من أظهممره‬
‫ال إلى الوجو د‪ ،‬وأبرزه رحمة للخلق‪ ،‬ووضع له القبممول التممام عنممد الخمماص‬
‫والعام‪ ،‬وصرفه في العالم‪ ،‬ومكنه فممي أحكممام الوليممة‪ ،‬وخممرق لممه العمما دات‪،‬‬
‫وأنطقه بالمغيبات وأظهر على يديه العجائب والكرامات‪.‬‬
‫ثم اعلم أني رأيته إذا أرا د الخروج إلى الناس‪ ،‬يقف فممي زاويممة الممدار هنيممة‪،‬‬
‫ويتكلم بكلم‪ ،‬ثم ينصرف إلمى النمس‪ ،‬فسمألته عمن ذلمك‪ ،‬فقمال‪ :‬أجمد د النيمة‪،‬‬
‫وأعاهد ال على الخلص فيما أخرج إليه‪ ،‬وأسممأله أن يفهممم الحاضممرين ممما‬
‫أحدث به‪ ،‬ومع ذلك كنت أجد د النية في المجلس‪ ،‬وأتذكر في العهد‪ .‬وكان إذا‬
‫وصل إلى المجلس سلم بسلم عام يسمعه جميع الحاضرين‪ ،‬وإذا صعد على‬
‫الكرسي حيمماهم بتحيممة عاممة ثلث مممرات‪ ،‬ببشاشمة وطلقمة وجممه‪ ،‬وحسممن‬
‫خلممق‪ .‬ثممم ينصممت النمماس‪ ،‬فل يضممجر ول يحقممد ول يسممأم مممع كممونه مبتلممى‬
‫بجماعة من العوام ذوي سمموء أ دب‪ ،‬إذا استنصممتهم ل يسممكتون‪ ،‬وإذا منعهممم‬
‫من السؤال ل ينتهون‪ ،‬ثم يحدثهم بصوت عمال ل يممواجه بخطمابه أحمدًا دون‬
‫آخر‪ ،‬ول يستحييي أحدًا من الحاضممرين‪ ،‬وإن كممانوا شممويخاً جلممة أو علممماء‬
‫حسدة‪ ،‬بل يتكلم على الجميع‪ ،‬ول يبالي بهم‪ ،‬بما يعم النتفاع به‪ ،‬وربما ألقى‬
‫سؤال وهو في أثناء كلم‪ ،‬فيسكت له فيجيبه‪.‬‬
‫وكان صلبًا في الدين‪ ،‬ل تأخذه في ال لومة لئم‪ ،‬يحكم بالقسط والعممدل ولممو‬
‫في القربى‪ ،‬ل تأخذه حمية الجاهلية‪ ،‬بل ل يزيغ عن الحق‪.‬‬
‫وهذا طرف من شمائله الكريمة وأخلقه السنية‪ ،‬أشرت إليها تعليماً للجاهل‪،‬‬
‫وتذكيرًا للعالم الغافل‪ ،‬وتوفية لما شرطنا‪ .‬ولو أخذنا في ذكر شمائله الكريمة‬
‫الممتي خصممه ال م بهمما استقصمماء لحتجنمما إلممى السممفار وخرجنمما عممن حممد‬
‫القتصار‪ ،‬مع أن القتصار واجممب فممي هممذه العصممار‪ ،‬ول سمميما فممي هممذا‬
‫الزمان الذي تقاصرت همم أهله وتشاغلت بأمر معاشها وأغراضها وأقبلممت‬
‫إلى الدنيا وزخارفهمما‪ ،‬ونبممذوا كتمماب الم وراء ظهممورهم كممأنهم ل يعلمممون‪.‬‬
‫شعر‪:‬‬
‫كأن لم يكن بيممن الحجممون إلممى‬
‫أنيس ولم يسمر بمكة سامر‬
‫الصفا‬
‫ستكون يقظتهم لخطب أعظم ناموا عن المقصو د لم يتيقظوا‬
‫وإلى ال المشتكى‪.‬‬
‫الشارة إلى مدار ما يحدث الناس به في مجالسه‬
‫وأعلم أن مدار ذلك على خمسة أقسام‪:‬‬
‫القسم الول في ذكر ما فرضته الشريعة‪ ،‬وهي الصممول والفممروع الظماهرة‬
‫والباطنة‪ ،‬وسيأتي ذكرها إن شاء ال‪.‬‬
‫القسم الثاني في الحث على إتباع سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫القسم الثممالث فممي ر د الوهممام الممتي توهمهمما الطلبممة‪ ،‬إذ وجممد فممي هممذه البل د‬
‫طائفة مثل الطائفة التي ذكرها الحسن اليوسي‪ ،‬وهم طائفممة نظممروا فممي كلم‬
‫من حض من الئمة على النظر في علم التوحيد‪ ،‬وحذر من الجهل فيه ومممن‬
‫التقليد‪ ،‬فجعلوا يسألون الناس عما يعتقدون ويكلفونهم الجممواب والبانممة عممن‬
‫الصواب‪ .‬فربما عثروا على قاصر العبارة عما فممي قلبممه‪ ،‬أو ملجلممج اللسممان‬
‫لدهش ناله‪ ،‬أو جاهل بشيء مما يقدح في العقيدة‪ ،‬أو يظنممونه قا دحمًا‪ .‬وإن لممم‬
‫يقدح فيشيعون عليه الجهل والكفر‪ ،‬ثم أشاعوا أن الفسا د قد ظهممر فممي عقائممد‬
‫النممماس‪ ،‬وجعلممموا يقمممررون العقائمممد للعممموام بعبمممارات مقمممررة عنمممدهم‪،‬‬
‫واصطلحات محررة‪ ،‬وحدو د معبرة حسب ما فممي كتممب المتكلميممن‪ ،‬فشمماع‬
‫عند الناس أن من لم يشتغل بالتوحيد على النمط الذي يقررون فهو كافر‪.‬‬
‫وأشاعوا أن عوام المسلمين ل يؤكل ذبائحهم ول يناكحون‪ ،‬مخافة أن يكونوا‬
‫لم يعرفوا التوحيد‪.‬‬
‫ثم لم يقفوا في هذا‪ ،‬بل لما انتهكوا حرمة عوام المسلمين‪ ،‬ابتلهم ال بانتهاك‬
‫حرمة خاصتهم أيضًا‪ ،‬فتناولوا فقهاء وقتهم‪ ،‬ووقعوا في أهممل العلممم والممدين‪،‬‬
‫ومن هم على سبيل المهتدين وضللوهم إذ لممم يضممللوا العامممة‪ ،‬وقممد اشممتعلت‬
‫فتنتهم‪ ،‬وتراكمت ظلماتهم‪ ،‬حتى كا دت تطبق على هذا القطر كله‪ .‬فطلع هممذا‬
‫الشيخ عليهم‪ ،‬فأطفأ ال به نار فتنتهم‪ ،‬وكشف بنوره ظلماتهم فأبطل مذهبهم‪،‬‬
‫واجتث شجرتهم من فوق الرض‪ ،‬ولم يبق لها فرار‪.‬‬
‫ولمه تمآليف فمي الممر د عليهمم‪ ،‬تنيممف علمى خمسمين تأليفمًا‪ ،‬ولمه معهممم وقمائع‬
‫ومشاهد في المناظرة أجا د فيها وكشف عن ساسق الحممق والحقيقممة‪ ،‬والحمممد‬
‫ل‪.‬‬
‫ومثل هذا الر د على طائفة من الطلبة‪ ،‬وقفوا على بعمض الكتممب الفقهيممة ولممم‬
‫يهتدوا لواضح سبيلها‪ ،‬فجعلوا يفتممون بالشممواذ والمراجيمح‪ .‬وبعضممهم يطممالع‬
‫الكتممب الغريبممة أربابهمما‪ ،‬فيفتممون بممما فيهمما‪ ،‬وبعضممهم يأخممذ مممن كتممب‬
‫المسخوطين‪.‬‬
‫ومممن ذلممك الممر د علممى طائفممة ظهممرت فممي هممذه البل د بالممدعوى والتظمماهر‬
‫بالكشف‪ ،‬مع أنهم لم يخرجوا عن دائرة الشيطان والهوى‪ ،‬ولم يعرفوا بعض‬
‫ما يجب عليهممم مممن فممروض العيممان‪ ،‬وقفمموا علممى بعممض كتممب التصمموف‪،‬‬
‫وانقبضوا في زي الوقار والتقشف إرصا دًا للدينا وحطامها‪ ،‬وغروا مممن هممو‬
‫على شاكلتهم من الحمقى‪.‬‬
‫وبعضممهم ل يعممرف شمميئًا‪ ،‬وإنممما يتظمماهر بممذلك اقتناص مًا للممدينا واختلس مًا‬
‫لحطامها كما قال الحسن البوسي في المحاضرات‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬
‫وقع بسجلماسة أنه شاع في البلد ذات ليلممة‪ ،‬أنممه قممد ظهممر رجممل فممي المدينممة‬
‫الخالية‪ ،‬فأصبح الناس يهرولون إليه أفواجًا‪ ،‬فخرجنا مع الناس‪ ،‬فقائل يقول‪:‬‬
‫أنه من أولياء ال‪ ،‬وآخر يقول‪ :‬أنه صاحب الوقت‪ ،‬فلما بلغنا المدينممة وجممدنا‬
‫الخلئق اجتمعوا من كل ناحية على ذلك الرجممل‪ ،‬حممتى أن أميممر البلممد‪-‬وهممو‬
‫محمد بن اشريف‪-‬خرج فممي مموكبه‪ .‬فلمما كمثر النمماس‪ ،‬واشمتد الزحممام عليمه‬
‫وتعذرت رؤيته‪ ،‬دخل في قبة هناك في المقمابر‪ ،‬فمأخرج كفمه ممن طماق فمي‬
‫القبة‪ ،‬فجلع الناس يقبلون الكف وينصرفون‪ ،‬وكان كل من قبل الكممف اكتفممى‬
‫ورأى أنه قضى الحاجة‪ ،‬وقبلنمماه وانصممرفنا‪ .‬ثممم بعممد أيممام سمممعنا أنممه ذهممب‬
‫إلىناحية القرية‪ ،‬وأنه سقط في بئر هناك ومات‪ ،‬فظهممر أنممه رجممل مصمماب‪،‬‬
‫وكان يشتغل باستخدام الجان ونحو ذلك فهلك‪.‬‬
‫وإنما ذكرت هذا ليعلم ويتنبه لمن هذا الحاله‪ ،‬فكم تظاهر بالخير من ل خيممر‬
‫فيممه‪ ،‬ومممن مجنممون أو معتمموه‪ ،‬أو موسمموس أن ملبممس‪ ،‬فيقممع فيممه الغممترار‬
‫للجهلة الغمار‪:‬‬
‫ورائد أعجبته خضرة الدمن ما أنت أول سار غره قمر‬
‫وقد يشايعه من هممو علممى شمماكلته مممن الحمقممى ومممن الفجممار‪ ،‬وشممبه الشمميء‬
‫منجذب إليه‪-‬إن الطيور على أجناسها تقع‪-‬فيغتر الغبياء إل ممن عصمم الم‪.‬‬
‫وقد صعدت في أعوام الستين وألف إلى جبل من جبال هسكورة‪ ،‬فإذا برجل‬
‫نزل عليهم من ناحية الغرب‪ ،‬واشتهر بالفقر‪ ،‬وبني خبمماء لممه‪ ،‬وأقبممل النمماس‬
‫عليه بالهدايا والضيافات‪ ،‬وكان من أهل البلد فتى يختلممف إليممه ويممبيت عنممده‬
‫واستراب من أمره بعض الطلبة‪ ،‬فتلطف مساء ليلة حتى ولج الخباء‪ ،‬فكمممن‬
‫في زاويممة منممه‪ .‬فلممما عسممعس الليممل قممام المرابممط إلممى الفممتى‪ ،‬فاشممتغل معممه‬
‫بالفاحشة‪-‬نسأل ال العافية‪-‬ثم علم أنهم قد علموا بممه فهممرب‪ ،‬وبلممغ الخممبرإلى‬
‫إخوة الفتى فتبعوه‪ ،‬ولم أ در ما كان من أمره‪ ،‬ومثله كثير‪.‬‬
‫ومن أغرب ما وقع من هذا أيضًا ما وقع بسجلماسة‪ ،‬حدث به أخونا فممي الم‬
‫الولي الصالح أبو عبد ال محمد بممن عبممد الم بممن علممي بممن طمماهر الشممريف‬
‫المعممروف بممابن علممي رضممي ال م عنممه‪ :‬ممما لعممب بإخواننمما‪-‬يعنممي أشممراف‬
‫سجلمانة‪-‬إلى رجل جاءهم بالبلد‪ ،‬واتسم بسم الصمملح‪ ،‬ووقممع القبممال عليممه‪،‬‬
‫وكان يأتيه الرجل فيعده بأن يبلغه إلى مكة ويحممج بممه طرفممة عيممن‪ ،‬واسممتمر‬
‫على ذلك مدة‪ ،‬ثم قام نفر من الشراف واتفقوا علممى اختبمماره‪ ،‬فكمنموا فريبمًا‬
‫ل فقمال لممه‪ :‬يما سميدي إن همذه‬ ‫منه‪ ،‬وتقدم إليمه أحممدهم‪-‬وعنممده خمسمون مثقما ً‬
‫الصلة تثقل على نفسه‪ ،‬عسممى أن ترفعهمما عنممي‪ ،‬وأفممرغ تلممك الممدراهم بيممن‬
‫يديه‪ ،‬وكأنه هش لذلك‪ ،‬فبا دره الخرون‪ ،‬قبممل أن يسممتوفي كلمممه وأوجعمموه‬
‫ضربًا وطرو ده ]وطر دوه[‪ ،‬ثم بعد مدة سافر بعضممهم إلممى ناحيممة المغممرب‪،‬‬
‫فمر بعين ماء هناك‪ ،‬فإذا الرجل عندها يستقي قربة له منها‪ ،‬وإذا هو يهو دي‬
‫من يهو د معروفين هناك‪-‬نسأل ال العافية‪.‬‬
‫فالحذر مطلوب‪ ،‬ول سيما فيما نحن فيه من آخر الزمممان الممذي اسممتولى فيممه‬
‫الفسا د على الصلح‪ ،‬والهوى على الحق‪ ،‬والبدعة على السنة‪ ،‬إل من خصه‬
‫ال‪ ،‬وقليل ما هم‪.‬‬
‫في قول كعب‪ ،‬وفممي قممول ابممن‬
‫هذا الزمان الذي كنا نحاذره‬
‫مسعو د‬
‫لم يبك ميت‪ ،‬ولم يفرح بمولو د إن دام هذا ولم يحدث له غير‬
‫بل نقول‪ :‬ليته يدوم‪ ،‬فإنه "ل يأتي زمان إل والذي بعده شممر منممه"‪ ،‬كممما فممي‬
‫الحديث الكريم‪.‬‬
‫نعم ل بد للناس من تنفيس‪ ،‬فنسأل ال تعالى أن يرزقنا تنفيسًا نقضي فيممه ممما‬
‫بقي من أعمارنا من خير‪ ،‬ونستعتب مما مضى‪ ،‬إنه الكريم المنان‪.‬‬
‫هذا‪-‬ول بد مع الحذر‪-‬من حسن الظممن بعبمما د المم‪ ،‬ول سمميما مممن ظهممر عليممه‬
‫الخير‪ ،‬والتغفل عن عيوب الناس‪.‬‬
‫وفي الخممبر‪" :‬خصمملتان ليممس فوقهممما شمميء مممن الخيممر‪ :‬حسممن الظممن بممال‪،‬‬
‫وحسن الظن بالناس‪ ،‬وخصلتان ليس فوقهممما شمميء مممن الشممر‪ :‬سمموء الظممن‬
‫بال‪ ،‬وسيء الظن بالناس"‪.‬‬
‫ومممن تتبممع عيمموب النمماس‪ ،‬تتبممع الم عيمموبه‪ ،‬حممتى يفضممحه فممي قعممر بيتممه‪،‬‬
‫فالعتراض بل موجب جناية‪ ،‬واتباع كل ناعق غواية‪.‬‬
‫وفي كلم مولنا علي كرم ال وجهممه‪ :‬النمماس ثلثممة‪ :‬عممالم ربنمماني‪ ،‬ومتعلممم‬
‫على سبيل النجاة‪ ،‬وهمج رعاع أتباع كل ناعق‪.‬‬
‫فمن ثبتت استقامته‪ ،‬وصح علمه وورعه وجممب اتبمماعه‪ ،‬ومممن اتسممم بممالخير‬
‫وجب احترامه على قدره والتسليم له في حاله‪ ،‬ومن ألقى جلباب الحياء عممن‬
‫وجهه وجب لومه‪ .‬وإذا ظهرت البدعة وسكت العالم فعليه لعنممة المم‪ ،‬ول بممد‬
‫من مراعاة السلمة‪.‬‬
‫وهممذا بمماب واسممع ل يكفيممه إل ديمموان وحممده‪ ،‬وإنممما ذكرنمما هممذه الشممارة‬
‫استطرا دًا‪.‬‬
‫"ل المر من قبل ومن بعد"‪.‬‬
‫القسم الرابع‪-‬في إخما د البدع الشيطانية‪ ،‬ور د العوائد الر دية‪.‬‬
‫القسم الخامس‪-‬في بث العلمموم الشممرعية‪ ،‬وتحريممر المشممكلت فيهمما‪ ،‬ولفمما دة‬
‫بالغرائب النوا در في العلوم‪.‬‬
‫هذه القسام هممي حاصممل ممما يحممدث بممه‪ ،‬وغممالب تممواليفه نافعممة‪ ،‬ومصممنفاته‬
‫الشممافية‪ ،‬وفممي مجالسممه بغيممة الطممالبين‪ ،‬وغبطممة الراغممبين‪ ،‬مممن تحريممر‬
‫المشكلت وتهذيبها والتقاط الغرائب والزوائد من مهمات الوقت‪.‬‬
‫قال البسني‪ :‬كان شيخنا أبو عبد ال يقول في مجالس التممدريس‪ ،‬إذا لممم يكمن‬
‫في مجلس الدرس التقاط زائدة من الشيخ فل فائدة من حضور مجلسه‪.‬‬
‫ومن شعره‪:‬‬
‫إذا لم يكممن فممي مجلممس المممرء‬
‫بتقرير إيضاح لمشكل صورة‬
‫نكتة‬
‫فمممدع سمممعيه وانظمممر لنفسمممك‬
‫فل تتركن والترك أقبح خصلة‬
‫واجتهد‬
‫ومؤلفمماته مشممتملة علممى فوائممد وغرائممب عجممائب‪ ،‬مممن إيضمماح المشممكلت‬
‫وتقريب المعضلت‪ ،‬وتسهيل العويصات‪ ،‬وغير ذلك من منافعها الظمماهرة‪،‬‬
‫وفوائدها الباهرة‪.‬‬
‫وكان أبو عبد ال يقول‪ :‬وإنما تدخل التأليف في ذلك‪-‬يعني التنفمماع بهمما بعممد‬
‫الممات‪-‬إذا اشتملت على فوائد زائدة‪ ،‬وإل فذلك تخير للكاغد‪ ،‬ونعني بالفائدة‬
‫الزيا دة على الكتب المتقدمة‪ .‬وال أعلم‪.‬‬
‫ذكر ما يستفتح به كلمه في مجلسه‬
‫كان رضي ال عنه يستفتح كله في جلس الوعظ بخطبممة إمممامه الشمميخ عبممد‬
‫القا در الديلي رضي ال عنه‪ ،‬وهؤ‪:‬‬
‫الحمد ل رب العالمين‪-‬ويسكت‪-‬ثم يقول‪ :‬الحمد ل عد د خلقه‪ ،‬ورضمما نفسممه‪،‬‬
‫وزنة عرشه‪ ،‬ومدا د كلماته‪ ،‬ومنتهى علمه وجميع ماشاء وخلق وذرأ وبممرأ‪،‬‬
‫عالم الغيب والشها دة الرحمن الرحيم الملك القدوس العزيز الحكيم‪ ،‬أشهد أن‬
‫ل إله إل ال وحده لشريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد يحيي ويميت‪ ،‬بيده الخير‬
‫وهو على كل شيء قدير‪ ،‬وأن محمدًا عبدخ ورسوله‪ ،‬أرسممله بالهممدي و ديممن‬
‫الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون‪ ،‬اللهم أصلح اإمام والمممة‪،‬‬
‫والراعي والرعية‪ ،‬وألف بيممن قلمموبهم لخيممرات‪ ،‬وةا دفممع شممر بعضممهم عممن‬
‫بعض‪ ،‬اللهم أنت العالم بسممرائرنا بأسممرها وأنممت العممالم بحوائجنمما فاقضممها‪،‬‬
‫وأنت العالم بذنوبنا فاغفرهما‪ ،‬وأنمت العمالم بعيوبنما فاسمترها‪ ،‬ل ترنما حيمث‬
‫نهيتنا‪ ،‬ول تنقممدنا ممن حيممث أمرتنمما‪ ،‬أعزنمما بالطاعممة‪ ،‬ول تمذلنا بالمعصممية‪،‬‬
‫واشغلنا بك عمن سواك‪ ،‬واقطع عنا كل قاطع يقطعنا عنممك‪ ،‬وألهمنمما ذكممرك‬
‫وشكرك وحسن عبا دتك ولزوم طاعتك‪.‬‬
‫ثم يشير إلى تلقاء وجهه بأصبعه‪ ،‬ويقول‪ :‬ل إله إل ال‪ ،‬ما شمماء المم‪ ،‬ل قمموة‬
‫إل باال العلي العظيم‪ ،‬اللهم ل تحينا في غفلة‪ ،‬ول تأخذنا على غرة "ربنا ل‬
‫تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا‪ ،‬ربوا ول تحمل علينا إصًا كما حملته على الذين‬
‫من قبلنا‪ ،‬ربنا ول تحملنا ما ل طاقة لنا به‪ ،‬واعف عنا واغفممر لنمما وأرحمنمما‬
‫أنت مولنا فانصرنا على القوم الكافرين" ]البقرة ‪.[286‬‬
‫وربما استفتح بخطبته المشهورة في رؤوس تأليفه ورسائله‪ ،‬وهي‪ :‬الحمد ل‬
‫رب العالمين‪ ،‬وأفضل الصلة وأتممم التسممليم علممى سمميدنا محمممد‪ ،‬وعلممى آلممه‬
‫وصحبه أجمعين‪ ،‬ورضي ال تعالى عن السا دة التابعين والعلممماء العمماملين‪،‬‬
‫والئمة الربعة المجتهدين ومقلديهم إلى يوم الدين‪.‬‬
‫وربما استفتح بسند حديث الرحمممة‪ ،‬المسلسممل بالوليممة‪ ،‬إذا رآى الضممياف‪،‬‬
‫يسر د أسانيده التي أو دعها في كتابه‪-‬أسانيد الضعيف‪-‬وربما ذكر بعد الخطبة‬
‫حديث‪" :‬إنما العمال بالنيات"‪ ،‬ويقول‪ :‬وبسندنا المتصل إلى المممام الحممافظ‬
‫الحجة أبي عبد ال محمد بن إسماعيل بن إبراهيممم ابممن المغيممرة بممن بر دزيممة‬
‫البخاري الجعفي قال‪ :‬حدثنا الحميدي قال‪ :‬حدثنا سفيان قال‪ :‬حدثنا يحيى بممن‬
‫سعيد النصاره قال‪ :‬أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي‪ ،‬أنمه سمممع علقممة بممن‬
‫وقاص الليثي يقممول‪ :‬سمممعت عمممر بممن الخطمماب علممى المنممبر قممال‪ :‬سمممعت‬
‫رسول ال صلى الم عليممه وسمملم يقممول‪ :‬إنممما العمممال بالنيممات‪ ،‬وإنممما لكممل‬
‫امممرئ ممما نمموى‪ ،‬فمممن كممانت هجرتممه إلممى الم ورسمموله‪ ،‬فهجرتممه إلممى الم‬
‫ورسوله‪ ،‬ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها‪ ،‬أو إلى امرأة ينكحها فهجرتممه‬
‫إلى ما هاجر إليه‪.‬‬
‫ثم يقول‪ :‬أصلحوا نياتكم في أموركم كلها‪ :‬في العبمما دات وغيرهمما‪ ،‬فمممن كممان‬
‫يصلي فليصل ل‪ ،‬ومن كان يصوم فليصم ل‪ ،‬وهكذا في سائر العبا دات‪.‬‬
‫ذكسسسسسسر مسسسسسسا يحسسسسسسدث النسسسسسساس بسسسسسسه فسسسسسسي فسسسسسسن أصسسسسسسول السسسسسسدين‬
‫]ملتقط من "أصول الدين" له[‬
‫واعلم أنه يرتممب ذكممر تلممك الصممول‪ ،‬ويفسممرها بلغممة الحاضممرين‪ ،‬وهممو أن‬
‫يقول‪:‬‬
‫العالم حا دث وصمانعه الم تعمالى واجمب الوجمو د‪ ،‬قمديم ل أول لمه‪ ،‬مخمالف‬
‫للحوا دث‪ ،‬ما هو بجرم ول صفة للجرم‪ ،‬ول جهة له ول مكان‪ ،‬بمل همو كمما‬
‫كان في الزل قبل العالم‪ ،‬غني عن المحل والمخصص‪ ،‬واحد في ذاته وفممي‬
‫صفاته وفي أفعاله‪ ،‬قا در بقدرة‪ ،‬مريد بإرا دة‪ ،‬عالم بعلممم‪ ،‬حممي بحيمماة‪ ،‬سممميع‬
‫بسمع‪ ،‬بصير ببصر‪ ،‬متكلم بكلم‪ ،‬مختار في فعله وتركممه‪ ،‬والكمممال اللهممي‬
‫كله واجب له‪ ،‬والنص الذي هو ضد هذا الكمال اللهي مستحيل عليه‪.‬‬
‫ورسله كلهم من آ دم إلى محمد صلى ال عليه وسلم صا دقون أمناء‪ ،‬مبلغممون‬
‫ما أمروا بإبلغه للخلق والكمال البشر كله واجب لهم‪ ،‬والنقص البشري كله‬
‫مستحيل عليهم‪.‬‬
‫ويجوز في حقهم الكل والشرب والنكاح والبيع والشراء والمممرض الممذي ل‬
‫يؤ دي إلى نقص‪.‬‬
‫والملئكة كلهم معصومون‪ ،‬ل يعصون ال ما أمرهم‪ ،‬ويفعلون ما يؤمرون‪،‬‬
‫نورانيون‪ ،‬ليسوا بذكور ول بأناث‪ ،‬ول يأكلون ول يشربون‪.‬‬
‫والكتب المنزلة كلها حق وصدق‪ ،‬والموت بالجل حق‪ ،‬وسؤال منكر ونكير‬
‫للمقبممور وغيممره حممق‪ ،‬وعممذاب القممبر حممق‪ ،‬وجمممع النمماس فممي ذلممك حممق‪،‬‬
‫والحساب حق‪ ،‬والصراط حق‪ ،‬والكوثر حق‪ ،‬والنار و دوام النار مع أهلمهمما‬
‫حق‪ ،‬والجنة حق‪ ،‬و دوام الجنة مع أهلها حق‪ ،‬ورؤية المؤمنين له تعممالى فممي‬
‫الخرة حق‪) ،‬وأن الصلة والزكمماة والصمميام والحممج كممل منهمما واجممب‪ ،‬وأن‬
‫النكاح والبيع مباح(‪ ،‬وكل ما جاءت به الرسل حق وصدق‪] .‬ما بين القوسين‬
‫ناقص في "أصول الدين"‪ ،‬ويتبع هذا النص زيا دة في التقليد[‬
‫أدلة العقائد‬
‫و دليل حدوث العالم في العقل ملزمته للصفات الحا دثة من حركة أو سممكون‬
‫وغيرهما‪ ،‬وملزم الحا دث حا دث‪.‬‬
‫و دليل وجو ده فمي العقمل‪ :‬إخراجمه المخلوقمات ممن العمدم إلمى الوجمو د‪ ،‬لن‬
‫المعدوم ل يفعل‪.‬‬
‫و دليل قدمه في العقل‪ :‬قدرته على إيجا د المخلوقممات‪ ،‬لن الحمما دث عمماجز ل‬
‫يخلق‪.‬‬
‫و دليل بقائه في العقل‪ :‬ثبوت قدمه‪ ،‬لن كل ما ثبت قدمه استحال عدمه‪.‬‬
‫و دليل مخالفته للمخلوقات في العقل‪ :‬قدرته على إيجا دهمما‪ ،‬لن مممن ماثلهمما ل‬
‫يقدر أن يوجدها‪.‬‬
‫و دليل غناه تعالى بالذات في العقل‪ :‬وجوب اتصممافه بالقممدرة والرا دة والعلممم‬
‫والحياة‪ ،‬لن الصفة ل تتصف بها‪.‬‬
‫و دليل وحدانيته في العقل‪ :‬إيجمما د المخلوقممات‪ ،‬لنممه لممو كممان معممه ثممان لوقممع‬
‫التمانع بينهما‪.‬‬
‫و دليل قدرته في العقل‪ :‬إيجا د المخلوقات‪ ،‬لن العاجز ل يوجد‪.‬‬
‫و دليل إرا دته في العقل‪ :‬اختلف أنواع المخلوقات‪.‬‬
‫و دليل علمه في العقل‪ :‬التقان‬
‫و دليل حياته في العقل‪ :‬وجوب اتصافه بالقممدرة والرا دة والعلممم‪ ،‬لن الميممت‬
‫ل يتصف بها‪.‬‬
‫و دليل سمعه وبصره وكلمه في العقل‪ :‬وجوب اتصافه بالكمال‪ ،‬ولنه لو لم‬
‫يتصف بها اتصف بأضدا دها‪ ،‬وهي نقائص‪ ،‬والنقص عليه تعالى محال‪.‬‬
‫و دليل جواز فعله أو تركه في العقل‪ :‬لزوم قلب الحقائق في فممرض وجو دهمما‬
‫ل‪ ،‬أو اسممتحال‬
‫أو استحالتهما‪ ،‬لنه لممو وجممب عليممه شمميء مممن الممكنممات عق ً‬
‫ل في حقه وذلك ل يعقل‪.‬‬ ‫ل‪ ،‬لنقلب الممكن واجبًا أو مستحي ً‬
‫عق ً‬
‫و دليممل أمانممة الرسممل فممي العقممل‪ :‬أمممر الم تعممالى بالقتممداء بهمم فممي أقمموالهم‬
‫وأفعالهم‪.‬‬
‫و دليل تبليغهم ما أمر ال بتبليغه للخلق‪ :‬أمانتهم‪.‬‬
‫و دليل جواز العراض عليهم في العقل‪ :‬وقوعها بهم‪.‬‬
‫]هنا يستمر "أصول الدين"[ وإذا عرفت هذا كله فاعلم أن جميممع ممما جمماءوا‬
‫به صدق‪ :‬من عذاب القبر وأهواله والقيامة وأهوالها‪ ،‬مممن الصممراط وجميممع‬
‫المغيبات عنا‪ ،‬وأن الجنة والنار مخلوقتممان‪ ،‬وأن ال م تعممالى يممراه المؤمنممون‬
‫ويكلمهم وغير ذلك‪ ،‬مما هو مفصل في الكتمماب والسممنة‪] .‬حممتى هنمما أصممول‬
‫الدين[‬
‫و دليل ذلك كله في العقل‪ :‬إمكانه‪ ،‬وقد أثبت ال تعالى ذلك في القرآن العظيم‪.‬‬
‫واعلممم أنممه تعممالى أثبممت اليمممان علممى الجمممال بقمموله تعممالى‪" :‬آمنمموا بممال‬
‫ورسوله" ]الحديد ‪ [7‬وبقوله‪" :‬إنما المؤمنون الذين آمنوا بال ورسوله ثم لم‬
‫يرتممابوا وجاهممدوا بممأموالهم وأنفسممهم فممي سمبيل الم أولئممك هممم الصمما دقون"‬
‫]الحجر ‪ [15‬وبقوله‪" :‬قولوا آمنا بال وما أنزل إلينا وما أنممزل إلممى إبراهيممم‬
‫وإسماعيل وإسحاق ويقعوب والسباط وما أوتي موسى وعيسممى وممما أوتممي‬
‫النبيون من ربهم ل نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون" ]البقرة ‪.[126‬‬
‫وفصل أركانه بقمموله‪" :‬ولكممن الممبر مممن آمممن بممال واليمموم الخممر والملئكممة‬
‫والكتاب والنبيين‪] "...‬البقرة ‪.[177‬‬
‫وأثبت أن كل من أسلم ل يكفر‪ ،‬ول يساء الظن به‪ ،‬ما لم يظهر كفره بممالقول‬
‫وبالفعل‪ ،‬بقوله‪" :‬ول تقولوا لمممن ألقممى إليكممم السمملم لسممت مؤمنمًا" ]النسمماء‬
‫‪.[94‬‬
‫وأثبت حدوث العالم بقوله‪" :‬وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده" ]الروم ‪.[27‬‬
‫وأثبت كونه قديمًا بقوله‪" :‬هو الول"‪.‬‬
‫وأثبت كونه باقيًا بقوله‪" :‬وتوكل على الحي الذي ل يموت"‪.‬‬
‫وأثبت كونه مخالفًا لخلقه بقوله‪" :‬ليس كمثله شيء"‪.‬‬
‫وأثبت كونه غنيًا بقوله‪" :‬وال الغني"‪.‬‬
‫وأثبت كونه واحدًا بقوله‪" :‬قل هو ال أحد"‪.‬‬
‫وأثبت كونه قا درًا بقوله‪" :‬إن ال على كل شيء قدير"‪.‬‬
‫وأثبت كونه مريدًا بقوله‪" :‬فعال لما يريد"‪.‬‬
‫وأثبت كونه عالمًا بقوله‪" :‬إن ال بكل شيء عليم"‪.‬‬
‫وأثبت كونه حيًا بقوله‪" :‬هو الحي"‪.‬‬
‫وأثبت كونه سميعًا بصيرًا بقوله‪" :‬أسمع وأرى"‪.‬‬
‫وأثبت كونه متكلمًا بقوله‪" :‬وكلم ال موسى تكليمًا"‪.‬‬
‫وأثبت كونه مختارًا بالفعل والترك بقوله‪" :‬وربك يخلق ما يشاء ويختار"‪.‬‬
‫وأثبت صدق الرسل بقوله‪" :‬وصدق المرسلون"‪.‬‬
‫وأثبت أمانتهم يقوله في حكاية قولهم‪" :‬إني لكم رسول أمين"‪.‬‬
‫وأثبت تبليغهم الرسالة بقوله‪" :‬الذين يبلغون رسالت ال"‪.‬‬
‫وأثبت كونهم يتزوجون يقوله‪" :‬وجعلنا لهم أزواجًا وذرية"‪.‬‬
‫وأثبت كممونهم يممأكلون الطعممام ويممبيعون ويشممربون بقمموله‪" :‬يممأكلون الطعممام‬
‫ويمشون في السواق"‪.‬‬
‫وأثبت الملئكة بقوله‪" :‬الحمد ل فماطر السمموات والرض جاعمل الملئكمة‬
‫ل أولى أجنحة"‪.‬‬
‫رس ً‬
‫وأثبت كون الموت بالجل بقوله‪" :‬إذا جاء أجلهم فل يسممتأخرون سمماعة ول‬
‫يستقدمون"‪.‬‬
‫وأثبت تثبيت المؤمنين عند سؤال القبر بقوله‪" :‬يثبت ال الذين آمنمموا بممالقول‬
‫الثابت"‪.‬‬
‫وأثبممت عممذاب القممبر بقمموله‪" :‬ولممو تممرى إذا الظممالمون فممي غمممرات الممموت‬
‫والملئكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون"‪.‬‬
‫وأثبت نعيمه بقوله‪" :‬فأما إن كان من المقربين فممروح وريحممان وجنممة نعيممم‪.‬‬
‫وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلم لك من أصحاب اليمين"‪.‬‬
‫وأثبت البعث بقوله‪" :‬وإن الساعة آتية ل ريب فيهمما وإن ال م يبعممث مممن فممي‬
‫القبور"‪.‬‬
‫وأثبت الحشر بقوله‪" :‬وحشرناهم فلم نغدر منهم أحدًا"‪.‬‬
‫وأثبممت إيتمماء الكتممب بقمموله‪" :‬فأممما مممن أوتممي كتممابه بيمينممه" فممي حممق‬
‫المؤمنين‪"-‬وأما من أوتي كتابه بشماله" في حق الكافرين‪.‬‬
‫وأثبت وزن العمال بقوله‪" :‬والوزن يومئذ الحق"‪.‬‬
‫وأثبت الصراط بقوله‪" :‬فأهدوهم إلى صراط الجحيم"‪.‬‬
‫وأثبت النار بقوله‪" :‬إنا أعتدنا للظالمين نارًا"‪.‬‬
‫وأثبت الكوثر بقوله‪" :‬إنا أعطيناك الكوثر"‪.‬‬
‫وأثبت الجنة بقوله‪" :‬وجزاهم بما صبروا جنة وحريرًا"‪.‬‬
‫وأثبممت الشممفاعة بقمموله‪" :‬عسممى أن يبعثممك ربممك مقام مًا محمممو دًا" وبقمموله‪:‬‬
‫"ولسوف يعطيك ربك فترضى" وبقوله‪" :‬ول يشفعون إل لمن ارتضى"‪.‬‬
‫وأثبت رؤية المؤمنين له تعالى في الخرة بقوله‪" :‬وجوه يومئذ ناضممرة إلممى‬
‫ربها ناظرة"‪.‬‬
‫فهذه أصول الدين إلهياتهما‪ ،‬ونبواتهما‪ ،‬وسممعياتها‪ ،‬قمد أثبتهما الم تعمالى فمي‬
‫القرآن العظيم‪ ،‬فكل ما لم نذكر منها فهو مندرج فيها‪.‬‬
‫ويجب على كل مكلف أن يعتقدها‪ ،‬كما جاءت‪ ،‬وبال التوفيق‪.‬‬
‫فسسسسسسسي ذكسسسسسسسرى مسسسسسسسا يحسسسسسسسدث النسسسسسسساس بسسسسسسسه فسسسسسسسي الفقسسسسسسسه‬
‫]من رسالة القيرواني[‬
‫واعلم أنه يرتممب تلممك الفممروع بلغممة الحاضممرين‪ ،‬وهممو أن يقممول‪ :‬السممتبراء‬
‫واجب‪ ،‬وهو الستنجاء‪ ،‬وصفته أن يبدأ بغسل يده‪ ،‬فيغسل مخرج البول‪ ،‬ثممم‬
‫يمسح ما في المخرج من الذى بمدر أو غيره أو بيممده‪ ،‬ثممم يحكهمما بممالرض‬
‫ل‪ ،‬ويجيممد عممرك‬‫ويغسلها‪ ،‬ثم يستنجئ بالماء‪ ،‬ويواصل صبه‪ ،‬ويسترخي قلي ً‬
‫ذلك بيده حتى يتنظف من الذى‪ ،‬وليس عليه غسل ما بطن مممن المخرجيممن‪،‬‬
‫ول يستنجي من ريح‪.‬‬
‫الوضوء وصفته‬
‫وهو أن يغسل يديه‪ ،‬ثم يمدخل يمده فمي النمماء إن كممان مفتوحمًا‪ ،‬فيأخممذ الممماء‬
‫فيمضمض فاه ثلثًا من غرفة واحدة إن شاء‪ ،‬إو ثلث غرفممات‪ ،‬وإن اسممتاك‬
‫بأصبعه فحسن‪ ،‬ثم يستنشق بأنفه الماء‪ ،‬ثم يستنثره ثلثًا‪ :‬يجعل يده على أنفه‬
‫كامتخاطه‪ ،‬ويجزئ أقل مممن ثلث فممي المضمضمممة والستنشمماق ولممه جمممع‬
‫ذلك في غرفة واحدة‪ ،‬والنهاية أحسن‪ ،‬ثم يأخذ الماء إن شمماء بيممديه جميع مًا ‪،‬‬
‫وإن شاء بيده اليمنى‪ ،‬فيجعله في يديه جميعمًا‪ ،‬ثممم ينقلممه إلممى وجهممه فيفرغممه‬
‫ل له بيده من أعلى جبهته‪ ،‬وحده‪ :‬منابت شعر رأسمه إلمى طممرف ذقنمه‪،‬‬ ‫غاس ً‬
‫و دور وجهه كله من حد عظمي لحييه إلى صدغيه‪ ،‬ويمر يديه على ما غممار‬
‫من ظهر جفانه وأسارير جبهته‪ ،‬وممما تحممت مممارنه مممن ظمماهر أنفممه‪ ،‬يغسممل‬
‫وجهه هكذا ثلثًا‪ ،‬ينقممل الممماء إليممه‪ ،‬ويعممرك لحيتممه فممي غلسممه وجهممه بكفيممه‬
‫ليداخلها الماء‪ ،‬وليس عليه تخليلها في الوضوء في قول مالك ويجري عليهمما‬
‫يديه إلى آخرها‪ ،‬ثم يغسممل يممده اليمنممى ثلثمًا‪ ،‬أو اثنممتين يفيممض عليهمما الممماء‬
‫ويعركهما بيده اليسرى‪ ،‬ويخلل أصابع يمديه بعضمها ببعمض‪ ،‬ثمم يغسمل يمده‬
‫اليسرى كذلك‪ ،‬ويبلغ فيهما بالغسل إلى المرفقين يدخلهما في غسله‪-‬وقد قيل‪:‬‬
‫إليهما حد الغسل‪ ،‬فليس بواجب إ دخممال فيممه‪ ،‬وإ دخالهممما فيممه أحمموط‪ ،‬لممزوال‬
‫تكلف التحديد‪ ،‬ثم يأخذ الماء بيده اليمنى‪ ،‬فيفرغه على يده اليسرى‪ ،‬ثم يمسح‬
‫بهما رأسه‪ ،‬يبدأ من مقدمه مممن أول منممابت شممعر رأسممه‪-‬وقممد فممرق أطممراف‬
‫أصابع يديه‪ ،‬بعضها ببعض علمى رأسمه‪ ،‬ويجعممل إبهمماميه فممي صمدغيه‪ ،‬ثمم‬
‫يذهب بيديه ماسحًا إلى آخر شعر رأسه مما يلي قفاه‪ ،‬ثممم ير دهممما إلممى حيممث‬
‫بدأ‪ ،‬ويأخذ بإبهاميه خلف أذنيه إلى صدغيه‪ ،‬وكيفما مسح أجممزاه‪ ،‬إذا أوعممب‬
‫رأسه‪ ،‬والول أحسن‪.‬‬
‫ولو أ دخل يديه في الناء‪ ،‬ثم رفعهما مبلولتين‪ ،‬ومسح بهما رأسه أجممزأه‪ ،‬ثممم‬
‫يفرغ الماء على سبابتيه وإبهاميه‪ ،‬وإن شاء غمس ذلك في الممماء‪ ،‬ثممم يمسممح‬
‫بهما أذنيه ظاهرهما وباطنهما‪ ،‬وتمسح المرأة كممما ذكرنمما‪ ،‬وتمسممح دلليهمما‪،‬‬
‫ول تمسح على الوقاية‪ ،‬وتدخل يديها من تحممت عقمماص شممعرها فممي رجمموع‬
‫يديها في المسح‪ ،‬ثم يغسل رجليه يصب الماء بيده‪ ،‬ويعركهممما بيممده اليسممرى‬
‫ل‪ ،‬يوعبهما بذلك ثلثبنُا‪ ،‬وإن شاء خلل أصممابعه فممي ذلممك‪ ،‬فممإن تممرك‬
‫ل قلي ً‬
‫قلي ً‬
‫فل حممرج‪ ،‬والتخليممل أطيممب للنفممس‪ ،‬وأحممب إلممى العلممماء ويعممرك عقممبيه‬
‫وعرقوبيه وما ل يكا د يداخله الماء بسرعة من جساوة أو شقوق‪.‬‬
‫الغسل‬
‫وصفته‪ :‬أن يبدأ بغسممل ممما يفرجممه أو جسممده مممن الذى‪ ،‬ثممم يتوضممأ وضمموء‬
‫الصلة‪ ،‬فإن شاء غسل رجليه‪ ،‬وإن شاء أخرهما إلى آخر غسله‪ .‬ثممم يغمممس‬
‫يديه في الناء‪ ،‬ويرفعهما غير قابض بهما شيئًا‪ ،‬فيخلل بهما أص ‪3‬ول شعر‬
‫ل له بهن‪ ،‬وتفعممل ذلممك‬
‫رأسه‪ ،‬ثم يغرف بهما على رأسه ثلث غرفات‪ ،‬غاس ً‬
‫المرأة وتغعث رأسها وليس عليها حل عقاصها‪ ،‬ثم يفيممض الممماء علممى شممقه‬
‫اليمن‪ ،‬ثم شقه اليسر ويتدلك بيديه بأثر صب الماء‪ ،‬حتى يعمم جسممده‪ ،‬وممما‬
‫شك أن يكون الماء أخذه من جسده عاو ده به‪ ،‬و دلكه بيده حتى يمموعب جميممع‬
‫جسده‪ ،‬ويتتبع عمق سرته وتحت حلقه‪ ،‬ويخلل شعر لحيته‪ ،‬وتحت جنمماحيه‪،‬‬
‫وبين اليتيه‪ ،‬ورفغيه‪ ،‬وتحت ركبتيه وأسافل رجليه‪ ،‬ويخلممل أصممابع رجليممه‪،‬‬
‫ويغسل رجليه آخر ذلك‪ ،‬يجمع ذلممك فيهممما لتمممام غسممله وتمممام وضمموئه‪ ،‬إن‬
‫كان أخر غسلهما‪.‬‬
‫ويحذرأن يمس ذكره في تدليك باطن كفيه‪ ،‬فإن فعل ذلك وقممد أوعممب ظهممره‬
‫أعا د الوضوء وإن مسه في ابتداء غسله‪ ،‬وبعممد أن غسممل مواضممع الوضمموء‬
‫منه فليمر بعد ذلك بيديه على مواضع الوضمموء بالممماء‪-‬علممى ممما ينبغممي مممن‬
‫ذلك وينويه‪.‬‬
‫التيمم‬
‫وتيمم المريض والمسافر والصحيح الحاضر الممذي عممدم الممماء‪ ،‬أو لممم يقممدر‬
‫على مسه‪ ،‬أو خاف حديث مرض أو زيا دته‪.‬‬
‫وصمفته‪ :‬أن يضمرب بيمديه الرض‪ ،‬وإن تعلممق بهمما شميء نفضمهما نفضماً‬
‫خفيفًا‪ ،‬ثم يمسح بهما وجهممه كلممه مسممحًا‪ ،‬ثممم يضممرب بيممديه الرض فيمسممح‬
‫يمناه بيسراه‪ ،‬ويجعل أصابع يده اليسرى على أطراف أصابع يده اليمنى‪ .‬ثم‬
‫يمر أصابهع علمى ظماهر يمده وذراعمه‪ .‬وقمد حنما عليمه أصمابعه حمتى يبلمغ‬
‫المرفق‪ ،‬ثم يجعل كفه على باطن ذراعه من طي مرفقه قابض ماً عليممه‪ ،‬حممتى‬
‫يبلغ الكوع من يده اليمنممى‪ ،‬ثممم يجممره ببمماطن إبهممامه علممى ظمماهر إبهممام يممده‬
‫اليمنى‪ ،‬ثم يمسح اليسرى باليمنى هكذا‪.‬‬
‫ولن مسح اليمنى بكفه اليسرى‪ ،‬واليسممرى بكفممه اليمنممى‪ ،‬كيممف شمماء وتيسممر‬
‫عليه وقد أوعب المسح لجزأه‪ .‬والول أحسن‪.‬‬
‫الصلة‬
‫وصفتها أن تنوي أ داء الصلة الحاضممرة وتعاونهمما بلفظممة التكممبير‪ ،‬وهممو أن‬
‫تقول‪ :‬ال أكبر‪ ،‬مع حصممول النيممة فممي القلممب‪ ،‬واحممذر أن تفعممل ممما يتعاطمماه‬
‫بعض الجهلة‪ ،‬وهو أن يقول‪ :‬ال‪ ،‬ثم يسكت للنيممة‪ ،‬ويقممول‪ :‬أكممبر‪ ،‬أو يقممول‪:‬‬
‫ال أك‪ ،‬ثم يسكت لذلك‪ ،‬ثمم يقممول‪ :‬بمر‪ .‬وترفممع يمديك حمذو منكبيمك‪ ،‬أو دون‬
‫ذلك‪ ،‬ثم تقرأ الفاتحمة ممع سمورة سمرًأ‪ ،‬إن كمان نهاريمة‪ ،‬أو جهمرًا إن كمانت‬
‫ليلية‪ ،‬فإذا تمت السورة تكبر فممي انحطاطممك إلممى الركمموع فتمكممن يممديك مممن‬
‫ركبتيك‪ ،‬وتسوي ظهرك‪ ،‬مستويًا‪ ،‬ول ترفممع رأسممك‪ ،‬ول تطممأطئ‪ ،‬وتجممافي‬
‫بضبعيك عن جنبيك‪ ،‬وقل إن شئت‪" :‬سبحان ربي العظيم وبحمده"‪ ،‬ثم ترفع‬
‫رأسك وأنت قائل‪" :‬سمع ال لمن حمده"‪ ،‬ثم تقول‪" :‬اللهم ربنمما لممك الحمممد"‪،‬‬
‫ل‪ ،‬ثمم تهموي‬ ‫إن كنت وحمدك أو خلمف إممام‪ ،‬وتسمتوي قائمماً مطمئنماً مترسم ً‬
‫ساجدًا ل تجلس‪ ،‬ثم تسممجد‪ ،‬وتكممبر فممي انحطاطممك للسممجو د‪ ،‬فتمكممن جبهتممك‬
‫وأنفممك مممن الرض‪ ،‬وتباشممر بكفيممك الرض باسممطاً يممديك‪ ،‬مسممتويتين إلممى‬
‫القبلة‪ ،‬تجعلهما حذو أذنيك أو دون ذلممك‪ ،‬وذلممك واسممع‪ ،‬غيممر أنممك ل تفممرش‬
‫ذراعيممك فممي الرض‪ ،‬ول تضممم عضممديك إلممى جنبيممك‪ ،‬ولكممن تجنممح بهممما‬
‫تجنيحًا وسطًا‪ ،‬وتكون رجلك في سممجو دك قممائمتين وبطممون إبهاميهممما إلممى‬
‫الرض‪ ،‬وليس لطول ذلك وقت‪.‬‬
‫وأقله أن تطمئن مفاصلك متمكنمًا‪ ،‬ثمم ترفمع رأسممك بممالتكبير‪ ،‬فتجلممس فتثنمي‬
‫رجلك اليسرى في جلوسك بين السجدتين‪ ،‬وتنصب اليمنممى‪ ،‬وتجعممل بطممون‬
‫أصابعها إلمى الرض‪ ،‬وترفمع يمديك عمن الرض علمى ركبتيمك‪ .‬ثمم تسمجد‬
‫الثانية كما فعلت أول‪ ،‬ثم تقوم من الرض كما أنت‪ ،‬معتمممدًا علممى يممديك‪ ،‬ل‬
‫ترجع جالسمًا لتقمموم ممن جلوسمك‪ ،‬ولكمن كمما ذكممرت لممك‪ ،‬وتكمبر فممي حممال‬
‫قيامك‪ ،‬ثم تقرأ كما قرأت في الولى‪ ،‬أو دون ذلك‪.‬‬
‫قضاء الفوائت‬
‫ومن نشي صلة فليصلها إذا ذكرها‪.‬‬
‫السهو‬
‫ومن سها عن سنة مؤكدة كسممورة‪ ،‬أو جهممر‪ ،‬أو تكممبيرتين غيممر الحممرام أو‬
‫تحميدتين‪ ،‬أو أحد التشهدين‪ ،‬أو جلوس له‪-‬سجد قبل السلم‪ ،‬وكذا مممن نقممض‬
‫وزا د‪.‬‬
‫وفي الزيا دة فقط‪ ،‬كجهر بمحل سر‪ ،‬يسجد بعد السلم‪.‬‬
‫الزكاة‬
‫فمن وجب عليه الزكاة فليخرجها من طيب ماله‪ ،‬مع طيب نفس‪.‬‬
‫زكاة الفطر‬
‫تجب زكاة الفطر على كممل كممبير وصممغير‪ ،‬ذكممر أو أنممثى‪ ،‬حممر أو عبممد مممن‬
‫المسلمين‪ ،‬وهي صاع على كل نفس بصاع النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهو‬
‫أربعة أمدا د بمده عليه الصلة والسلم‪ .‬وتؤ دي من جل عيش أهل ذلك البلد‪.‬‬
‫الصوم‬
‫وصوم شهر رمضان فريضة‪ ،‬يصام لرؤية الهلل‪ ،‬ويفطر لرؤيته‪ ،‬والسممنة‬
‫فيه تعجيل الفطر‪ ،‬وتاخير السحور‪.‬‬
‫الحج‬
‫ل من المسلمين‪.‬‬
‫وحج البيت فريضة على كل من استطاع إليه سبي ً‬
‫الذكاة‬
‫يذبح الرجل والمرأة‪ ،‬والصغير والكبير‪ ،‬والحر والعبمد‪ ،‬وهمو قطمع الحلقمموم‬
‫والو داج‪ ،‬ل يجزئ أقل من ذلك‪.‬‬
‫اليمين‬
‫ومن حلف بال ثمم حنممث‪ ،‬فعليمه الكفمارة‪ .‬وهمي إطعممام عشممرة مسماكين ممن‬
‫المسلمين الحرار مدًا لكل مسممكين‪ ،‬بممد النممبي صمملى الم عليممه وسمملم‪ .‬وإن‬
‫كسمماهم‪ ،‬كسمماهم للرجممل قميممص‪ ،‬وللمممرأة قميممص وخمممار‪ ،‬أو عتممق رقبممة‬
‫مؤمنة‪ ،‬فإن لم يجد ذلك ول إطعامًا‪ ،‬فيصم ثلثممة أيممام يتممابعهم‪ ،‬فممإن فرقهممن‬
‫أجزأه‪.‬‬
‫النذر‬
‫ومن نذر ل نذرًا فليوفه‪.‬‬
‫النكاح‬
‫ومن تزوج فليتزوج مثنى مثنى‪ ،‬وثلث ثلث‪ ،‬ورباع ربمماع‪ ،‬فل يممز د علممى‬
‫ذلك‪ ،‬فإن لم يستطع فواحدة‪.‬‬
‫وليعدل بين نسائه‪ ،‬وعليه النفقة والسكنى بقممدر وجممده‪ ،‬ول قسممم فممي المممبيت‬
‫لمته‪ ،‬ول لم ولده‪.‬‬
‫البيع‬
‫ومن باع فليتجنب الخلبة والخديعة‪ ،‬وليذكر عيب سلعته‪.‬‬
‫حفظ العضاء الظاهرة من المعاصي‬
‫ويجب على كل مسلم أن يحفظ أذنه من استماع كل لغو وباطممل‪ ،‬وأن يحفممظ‬
‫عينيه من النظر إلى الحرام والهمز والغمممز‪ ،‬وأن يحفممظ اللسممان مممن الغيبممة‬
‫وكل ما ل يجوز‪ ،‬والتحدث بالباطل والغممش والنميمممة‪ ،‬وأن يحفممظ يممديه مممن‬
‫السرقة بهما وغيرها‪ ،‬وأن يحفظ البطن من أكل الحممرام‪ ،‬وأن يحفممظ العممورة‬
‫من الزنى واللواط‪ ،‬وأن يحفظ رجليه من مشممية المختممال‪ ،‬ومممن المشممي إلممى‬
‫المعصية‪.‬‬
‫ذكر ما يحدث الناس به في فن التصوف‬
‫واعلم أنه يقول‪ :‬اعلموا أن صفات القلب على ضربين‪ :‬مهلكممات ومنجيممات‪،‬‬
‫فالمهلكان‪ :‬هي الكبر والعجب‪ ،‬والحسمد‪ ،‬والحقمد‪ ،‬والبخممل‪ ،‬والريماء‪ ،‬وحمب‬
‫الجمماه‪ ،‬وحممب المممال‪ ،‬والفتخممار‪ ،‬والمممل‪ ،‬وإسمماءة الظممن بالمسمملمين‪ ،‬فهممذه‬
‫العشر من المهلكات من أصول مذمومات الخلق‪.‬‬
‫ويجب على كب مسلم أن يتخلي عنهمما‪ ،‬ويتحلممي بالمنجيممات‪ ،‬وهممي‪ :‬التوبممة‪،‬‬
‫والخلص‪ ،‬والصممبر‪ ،‬الزهممد‪ ،‬والتوكممل‪ ،‬وتفممويض المممر إلممى الم تعممالى‪،‬‬
‫وإرضا بقضائه‪ ،‬والتقوى‪ ،‬والخوف‪ ،‬والرجاء‪ .‬وهذه أيضاً من المنجيات من‬
‫أصول محمو دات الخلق‪ ،‬فمن أثبتها أثبممت فروعهمما فيممه بممإذن الم تعممالى‪.‬‬
‫]وانظر "أصول الولية"‪ ،‬فيها خمس عشر صفات[‬
‫ذكر ما يذكر به من آيات الترهيب وذكر النار‬
‫واعلم أنه يرتب اليات‪ ،‬وهو أن يقول‪:‬‬
‫فمن امتثل أوامر ال واجتنب نواهيه‪ ،‬فقد سلك طريق الجنة‪ ،‬ومن لممم يمتثممل‬
‫أوامر ال ولم يجتنب نواهيه‪ ،‬فقد هوى في النار‪ ،‬والتحممق بأهلهمما‪" .‬لهممم مممن‬
‫جهنم مها د ومن فوقهم غواش"‪.‬‬
‫وقال تعالى‪" :‬لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلممل"‪ ،‬وقممال تعممالى‪:‬‬
‫"وخاب كل جبار عنيد‪ ،‬من ورائه جهنم ويسقي من ماء صديد‪ ،‬يتجرعه ول‬
‫يكا د يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان‪ ،‬ومما همو بميمت ومممن ورائمه عمذاب‬
‫غليظ"‪ ،‬وقال تعالى‪" :‬والذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق‬
‫رؤوسهم الحميم‪ ،‬وصهر به ما في بطونهم والجلو د‪ ،‬ولهم مقامع مممن حديممد‪،‬‬
‫كلما أرا دوا أن يخرجوا منها من غم أعيممدوا فيهمما وذوقمموا عممذاب الحريممق"‪.‬‬
‫ل أم شجرة الزقوم‪ ،‬إنا جعلناهمما فتنممة للظممالمين‪،‬‬
‫وقال تعالى‪" :‬أذالك خير نز ً‬
‫إنها شجرة تخرج في أصممل الجحيممم‪ ،‬طلعهمما كممأنه رؤوس الشممياطين‪ ،‬فممإنهم‬
‫لكلون منها فمالئون منها البطون‪ ،‬ثم إن لهم عليها لشموباً ممن حميمم‪ ،‬ثمم إن‬
‫مرجعهم للى الجحيم‪ ،‬إنهم ألفوا آباءهم ضالين‪ ،‬فهم على آثارهم يهرعون"‪.‬‬
‫وقال تعالى‪" :‬إن شجرة الزقوم طعام الثيم‪ ،‬كالمهل يغلي في البطون كغلممي‬
‫الحميم"‪.‬‬
‫ويقال للملئكة‪" :‬خذوه"‪-‬يعني كل واحد من أهل النممار‪"-‬فمماعتلوه إلممى سممواء‬
‫الجحيم‪ ،‬ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم"‪" .‬خممذوه فغلمموه‪ ،‬ثممم الجحيممم‬
‫صلوه‪ ،‬ثم فممي سلسمملة ذرعهمما سممبعون ذراعمًا فاسمملكوه"‪ .‬وقممال تعممالى‪ :‬هممذا‬
‫فليذوقوه حميم وغساق‪ .‬وآخر من شممكله أزواج"‪ .‬وقممال تعممالى‪" :‬إذ الغلل‬
‫في أعناقهم والسلسل يسحبون‪ .‬في الحميم‪ ،‬ثم فممي النممار يسممجرون"‪ .‬وقممال‬
‫ل وجحيمًا‪ ،‬وطعامًا ذا غصة وعذابًا أليمًا"‪.‬‬
‫تعالى‪" :‬إن لدنيا أنكا ً‬
‫ثم بعد ذلك يذكر محاورة أهل النار‪ ،‬كما في حديث السهقي‪" :‬أنه كان لهممل‬
‫النار خمس دعوات‪ :‬فيجيبهم ال تعالى في أربعة‪ ،‬فإذا كان فممي الخامسممة لممم‬
‫يتكلموا بعدها أبدًا‪ :‬يقولون ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بممذنوبنا‪،‬‬
‫فهل إلى خروج من سبيل؟" فيجيبهم ال تعالى‪" :‬ذلكم بأنه إذا دعي ال وحده‬
‫كفرتم به‪ ،‬وإن يشرك به تؤمنوا‪ .‬فالحكم ل العلي الكبير"‪.‬‬
‫ثمم يقولمون‪" :‬ربنما أبصمرنا وسممعنا فرجعنما نعممل صمالحًا‪ ،‬إنما موقنمون"‪.‬‬
‫فيجيبهم ال تعالى‪" :‬فذوقوا بما نسيتم لقماء يمومكم همذا إنما نسميناكم‪ ،‬وذوقموا‬
‫عذاب الخلد بما كنتم تعملون"‪.‬‬
‫ثم يقولممون‪" :‬ربنمما أخرنمما إلممى أجممل قريممب‪ ،‬نجممب دعوتممك ونتبممع الرسممل"‪.‬‬
‫فيجيبهم ال تعالى‪" :‬أو لم تكونوا أفسمتم من قبل ما لكم فذوقوا فممما للظممالميم‬
‫من نصير"‪.‬‬
‫ويقولون‪" :‬ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قومًا ضالين"‪ .‬فيجيبهممم الم تعممالى‪:‬‬
‫"اخسئوا فيها ول تكلمون"‪ .‬فل يتكلمون بعدها أبدًا‪.‬‬
‫وكثيرًا ما ذكر محاورتهم التي في حديث ابن المبارك‪ ،‬قممال‪ :‬بلغنممي أن أهممل‬
‫النار استغاثوا بالخزنة‪ ،‬وقال ال تعالى‪" :‬وقال الذين في النممار لخزنممة جهنممم‬
‫ا دعوا ربكم يخفف عنا يومًا مممن العممذاب"‪ .‬فممر د عليهممم الخزنممة‪" :‬أو لممم تممك‬
‫تأتيكم رسلكم بالبينات؟ قالوا‪ :‬فا دعوا‪ .‬وما دعمماء الكممافرين إل فممي ضمملل"‪.‬‬
‫فلما يئسوا ممن الخزنمة نما دوا مالكمًا‪-‬وهمو عليهمم غضمبان‪ ،‬ولمه مجلمس فمي‬
‫وسطها‪ ،‬وجسور يمر عليها ملئكمة العممذاب‪ ،‬فهممو يمرى أقصماها كمما يممرى‬
‫أ دناها‪-‬فقالوا‪" :‬يمما مالممك ليقممض علينمما ربممك"‪ .‬فسممألوا الممموت‪ ،‬قممال‪ :‬فسممكت‬
‫عنهم‪ ،‬ثم ل يجيبهم ثمانين سنة‪ ،‬قال‪ :‬والسنة الثلثمائة وسممتون يوممًا والشممهر‬
‫ثلثون يوما‪ ،‬واليوم كألف سنة مما تعدون‪ .‬ثم لحظ إليهم بعد الثمانين‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫"إنكم ماكثون"‪.‬‬
‫فلما سمعوا منه ما سمعوا‪ ،‬ويئسوا من قبله‪ ،‬قال بعضهم لبعض‪ :‬يمما هممؤلء‪،‬‬
‫إنه قد نزل من العذاب والبلء بنا ما قد ترون‪ ،‬فهلممم فلنصممبر‪ ،‬فلعممل الصممبر‬
‫ينفعنا‪ ،‬كما صبر أهمل الطاعمة علمى طاعمة الم فنفعهمم الصممبر إذ صممبروا‪،‬‬
‫وأجمعوا رأيهم على الصبر‪ ،‬فصبروا فطممال صممبرهم‪ ،‬ثممم جزعمموا‪ ،‬فنمما دوا‪:‬‬
‫"سواء علينا أجزعنا أم صبرنا‪ ،‬ما لنا من محيص"‪ .‬أي من منجى‪.‬‬
‫قال إبليس عند ذلك‪" :‬إن ال وعدكم وعد الحق ووعدتكم فمأخلفتكم وممما كمان‬
‫لممي عليكممم مممن سمملطان إل أن دعمموتكم فاسممتجبتم لممي فل تلوممموني ولوممموا‬
‫أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بممما أشممركتمون مممن‬
‫قبل"‪ .‬فلما سمعوا مقالته مقتوا أنفسمهم‪ ،‬قممال‪ ،‬فتمو دوا‪" :‬لمقممت الم أكمبر ممن‬
‫مقتكم أنفسكم"‪ ،‬إلى قوله‪" :‬فهل إلممى خممروج مممن سممبيل؟" قممال‪ :‬فممر د عليهممم‬
‫"ذلكم بأنه إذا دعي ال وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنمموا فممالحكم لم العلممي‬
‫الكبير"‪.‬‬
‫فهذه واحدة‪ .‬فنا دوا الثانية‪" :‬ربنا أخرجنا نعمممل صممالحًا إنمما موقنممون"‪ .‬قممال‪:‬‬
‫فر د ال تعالى عليهم‪" :‬ولو شئنا لتينا كل نفس هداها ولكن حق القممول منممي‬
‫لملن جهنم من الجنة والناس أجمعين‪ ،‬فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنمما‬
‫نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون"‪.‬‬
‫فنا دوا الثالثة‪" :‬ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل"‪ .‬فممر د‬
‫ال تعالى عليهم‪" :‬أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لك من زوال‪ ،‬وسكنتم فممي‬
‫مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضممربنا لكممم المثممال‪،‬‬
‫وقد مكروا مكرهم وعند ال مكرهم وإن كمان مكرهمم لمتزول منمه الجبمال"‪.‬‬
‫هذه هي الثالثة‪.‬‬
‫ثم نا دوا الرابعة‪" :‬ربنا أخرجنا نعمل صالحًا غير الذي كنا نعمممل"‪ .‬قممال الم‬
‫لهم ر دًا عليهم‪" :‬أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير‪ ،‬فذوقوا‬
‫فما للظالمين من نصير"‪ .‬ثم مكث عنهم ما شاء المم‪ ،‬ثممم نمما داهم‪" :‬أفلممم تكممن‬
‫آياتي تتلى عليهم فكنتم بهمما تكممذبون؟" قممال‪ :‬فلممما سمممعوا كلمممه قممالوا‪ :‬الن‬
‫يرحمنا ربنا‪ ،‬فقالوا عند ذلك‪" :‬ربنا غلبت علينا شممقوتنا وكنمما قوممًا ضممالين‪.‬‬
‫ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون"‪ .‬فقال عند ذلك‪" :‬اخسممئوا فيهمما ول‬
‫تكلمون"‪.‬‬
‫فانقطع عند ذلك الرجاء والدعاء‪ ،‬وأقبل بعضهم على بعممض‪ ،‬ينفممخ بعضممهم‬
‫في وجه بعض‪ ،‬وأطبقت عليهم‪ ،‬فذلك قوله تعالى‪" :‬هذا يمموم ل ينطقممون ول‬
‫يؤذن لهم فيعتذرون"‪.‬‬
‫آيات الترغيب وصفات الجنة‬
‫واعلم أنه يرتممب اليمات‪ ،‬ويفسممرها بلغمة الحاضممرين‪ ،‬وهمو أن يقمول‪ :‬فممن‬
‫ضيبنُع‬
‫ل بنُن عيِ‬
‫امتثل أوامر ال واجتنب نواهيه‪ ،‬فذلك يدخل الجنة‪ ،‬قال تعالى‪" :‬عيِإاَّنا رَ‬
‫لَسْنرَهمماربنُ‬
‫حعيِتعيِه مبنُم ا رََسْ‬
‫ن رَت َسْ‬
‫جعيِري عيِم َسْ‬ ‫ن رَت َسْ‬
‫عَسْد ٍ‬
‫ت رَ‬ ‫جاَّنا بنُ‬‫ك رَلبنُهَسْم رَ‬ ‫ل )‪ (٣٠‬بنُأورَلعيِئ رَ‬ ‫عرَم ً‬ ‫ن رَ‬ ‫س رَ‬‫ح رَ‬
‫ن رَأ َسْ‬
‫جرَر رَم َسْ‬ ‫رَأ َسْ‬
‫س رَوعيِإسَسْ مرَتَسْبرَر ٍ‬
‫ق‬ ‫س مَسْنبنُد ٍ‬ ‫ن بنُ‬ ‫ضًرا عيِم َسْ‬ ‫خ َسْ‬ ‫ن عيِثرَياًبا بنُ‬‫سو رَ‬ ‫ب رَورَيَسْلرَب بنُ‬‫ن رَذرَه ٍ‬ ‫ساعيِورَر عيِم َسْ‬ ‫ن رَأ رَ‬
‫ن عيِفيرَها عيِم َسْ‬ ‫حاَّلَسْو رَ‬
‫بنُي رَ‬
‫ت بنُمَسْررَترَفًقا )‪] "(٣١‬الكهف[‪.‬‬ ‫سرَن َسْ‬‫ح بنُ‬‫ب رَو رَ‬ ‫ك عيِنَسْعرَم الاَّثرَوا بنُ‬ ‫لرَراعيِئ عيِ‬ ‫عرَلى ا رََسْ‬ ‫ن عيِفيرَها رَ‬ ‫بنُماَّتعيِكعيِئي رَ‬
‫ن )‪ (٤٢‬عيِفممي‬ ‫ق رَمَسْعبنُلو ٌم )‪ (٤١‬رَفرَواعيِكبنُه رَوبنُه مَسْم بنُمَسْكرَربنُمممو رَ‬ ‫ك رَلبنُهَسْم عيِرَسْز ٌ‬ ‫وقال تعالى‪" :‬بنُأورَلعيِئ رَ‬
‫ن)‬‫ن رَمعيِعي ٍ‬
‫س عيِم َسْ‬‫عرَلَسْيعيِهَسْم عيِبرَكأَسْ ٍ‬
‫ف رَ‬‫طا بنُ‬ ‫ن )‪ (٤٤‬بنُي رَ‬ ‫سبنُر ٍر بنُمرَترَقاعيِبعيِلي رَ‬ ‫عرَلى بنُ‬ ‫ت الاَّنعيِعيعيِم )‪ (٤٣‬رَ‬ ‫جاَّنا عيِ‬ ‫رَ‬
‫عَسْنرَهمما بنُيَسْنرَزبنُفممونرَ )‪(٤٧‬‬ ‫ل بنُهمَسْم رَ‬ ‫غمَسْول ٌ رَو رَ‬ ‫ل عيِفيرَهمما رَ‬‫ن )‪ (٤٦‬رَ‬ ‫شمماعيِرعيِبي رَ‬ ‫ضارَء رَلاَّذ ٍة عيِلل اَّ‬
‫‪ (٤٥‬رَبَسْي رَ‬
‫ن )‪"(٤٩‬‬ ‫ض رَمَسْكبنُنمممو ٌ‬ ‫ن رَبَسْيممم ٌ‬ ‫ن )‪ (٤٨‬كرَمممرَأاَّنبنُه اَّ‬ ‫عيممم ٌ‬ ‫ف عيِ‬ ‫طمممَسْر عيِ‬ ‫ت ال اَّ‬ ‫صمممرَرا بنُ‬ ‫عَسْنمممرَدبنُهَسْم رَقا عيِ‬
‫رَو عيِ‬
‫]الصفات[‪.‬‬
‫جاَّنمرَة رَأَسْنبنُتممَسْ‬
‫خبنُلموا اَسْل رَ‬ ‫ن )‪ (٦٩‬اَسْ د بنُ‬ ‫سمعيِلعيِمي رَ‬‫ن رَآرَمبنُنموا عيِبرَآرَياعيِترَنما رَورَكمابنُنوا بنُم َسْ‬ ‫وقال تعمالى‪" :‬اَّلمعيِذي رَ‬
‫ب رَوعيِفيرَها رَما‬ ‫ب رَورَأَسْكرَوا ٍ‬ ‫ن رَذرَه ٍ‬ ‫ف عيِم َسْ‬ ‫حا ٍ‬ ‫ص رَ‬ ‫عرَلَسْيعيِهَسْم عيِب عيِ‬
‫ف رَ‬‫طا بنُ‬ ‫ن )‪ (٧٠‬بنُي رَ‬ ‫حرَببنُرو رَ‬ ‫جبنُكَسْم بنُت َسْ‬
‫رَورَأَسْزرَوا بنُ‬
‫جاَّنمبنُة ااَّلعيِتممي‬ ‫ك اَسْل رَ‬
‫ن )‪ (٧١‬رَوعيِتَسْلم رَ‬ ‫خاعيِلمبنُدو رَ‬ ‫ن رَورَأَسْنبنُتمَسْم عيِفيرَهمما رَ‬
‫عبنُيم بنُ‬‫ل َسْ‬
‫س رَورَترَلم ُّذ ا رََسْ‬ ‫لَسْنبنُفم بنُ‬
‫شمرَتعيِهيعيِه ا رََسْ‬
‫رَت َسْ‬
‫ن )‪"(٧٣‬‬ ‫ن )‪ (٧٢‬رَلبنُكَسْم عيِفيرَها رَفاكعيِرَه ٌة رَكعيِثيرَر ٌة عيِمَسْنرَها رَتممَسْأبنُكبنُلو رَ‬ ‫بنُأوعيِرَسْثبنُتبنُمورَها عيِبرَما بنُكَسْنبنُتَسْم رَتَسْعرَمبنُلو رَ‬
‫]الزخرف[‪.‬‬
‫عبنُيممون ٍ )‪(٥٢‬‬ ‫ت رَو بنُ‬ ‫جاَّنمما ٍ‬ ‫ن )‪ (٥١‬عيِفممي رَ‬ ‫ن عيِفممي رَمرَقمما ٍم رَأعيِميم ٍ‬ ‫ن اَسْلبنُماَّتعيِقيم رَ‬ ‫وقممال تعممالى‪" :‬عيِإ اَّ‬
‫ن)‬ ‫عي م ٍ‬ ‫حممو ٍر عيِ‬ ‫جرَنممابنُهَسْم عيِب بنُ‬
‫ك رَورَزاَّو َسْ‬ ‫ن )‪ (٥٣‬رَكذرَعيِل رَ‬ ‫ق بنُمرَترَقاعيِبعيِلي رَ‬
‫سرَتَسْبرَر ٍ‬
‫س رَوعيِإ َسْ‬ ‫سَسْنبنُد ٍ‬
‫ن بنُ‬ ‫ن عيِم َسْ‬ ‫سو رَ‬ ‫رَيَسْلرَب بنُ‬
‫ل اَسْلرَمَسْورَتمرَة‬
‫ت عيِإ اَّ‬
‫ن عيِفيرَهمما اَسْلرَممَسْو رَ‬ ‫ل رَيمبنُذوبنُقو رَ‬ ‫ن )‪ (٥٥‬رَ‬ ‫ل رَفاعيِكرَه ٍة رَآعيِمعيِني رَ‬ ‫ن عيِفيرَها عيِببنُك ِّ‬ ‫عو رَ‬ ‫‪ (٥٤‬رَيَسْد بنُ‬
‫ظي مبنُم )‬ ‫ك بنُهرَو اَسْلرَف مَسْوبنُز اَسْلرَع عيِ‬ ‫ك رَذعيِل رَ‬‫ن رَر ِّب رَ‬ ‫ل عيِم َسْ‬ ‫ض ً‬
‫حيعيِم )‪ (٥٦‬رَف َسْ‬ ‫ج عيِ‬
‫ب اَسْل رَ‬ ‫عرَذا رَ‬ ‫لورَلى رَورَورَقابنُهَسْم رَ‬ ‫ا بنَُسْ‬
‫‪] "(٥٧‬الدخان[‪.‬‬
‫سمن ٍ‬ ‫غَسْيمعيِر رَآ عيِ‬
‫ن رَممما ٍء رَ‬ ‫ن عيِفيرَهمما رَأَسْنرَهمما ٌر عيِمم َسْ‬ ‫عرَد اَسْلبنُماَّتبنُقممو رَ‬
‫جاَّنعيِة ااَّلعيِتي بنُو عيِ‬‫ل اَسْل رَ‬ ‫وقال تعالى‪" :‬رَمرَث بنُ‬
‫ن رَورَأَسْنرَهمما ٌر عيِمم َسْ‬
‫ن‬ ‫شمماعيِرعيِبي رَ‬ ‫خمَسْم ٍر رَلماَّذ ٍة عيِلل اَّ‬‫ن رَ‬ ‫طَسْعبنُمبنُه رَورَأَسْنرَهمما ٌر عيِمم َسْ‬ ‫ن رَلَسْم رَيرَترَغاَّيَسْر رَ‬‫ن رَلرَب ٍ‬
‫رَورَأَسْنرَها ٌر عيِم َسْ‬
‫ن رَر ِّبعيِهَسْم" ]محمد ‪.[15‬‬ ‫ت رَورَمَسْغعيِفرَر ٌة عيِم َسْ‬ ‫ل الاَّثرَمرَرا عيِ‬ ‫ن بنُك ِّ‬
‫صىًّفى رَورَلبنُهَسْم عيِفيرَها عيِم َسْ‬ ‫ل بنُم رَ‬ ‫س ٍ‬
‫ع رَ‬ ‫رَ‬
‫ن عيِبرَممما رَآرَتممابنُهَسْم رَر ُّببنُهممَسْ‬ ‫ت رَورَنعيِعيم ٍم )‪ (١٧‬رَفمماعيِكعيِهي رَ‬ ‫جاَّنمما ٍ‬ ‫ن عيِفممي رَ‬ ‫ن اَسْلبنُماَّتعيِقيم رَ‬ ‫وقال تعممالى‪" :‬عيِإ اَّ‬
‫ن)‬ ‫شمرَربنُبوا رَهعيِنيًئمما عيِبرَممما بنُكَسْنبنُتمَسْم رَتَسْعرَمبنُلممو رَ‬ ‫حيعيِم )‪ (١٨‬بنُكبنُلمموا رَوا َسْ‬ ‫ج عيِ‬‫ب اَسْل رَ‬ ‫عرَذا رَ‬ ‫رَورَورَقابنُهَسْم رَر ُّببنُهَسْم رَ‬
‫ن رَآرَمبنُنمموا‬ ‫ن )‪ (٢٠‬رَوااَّلمعيِذي رَ‬ ‫عي ٍ‬ ‫حو ٍر عيِ‬ ‫جرَنابنُهَسْم عيِب بنُ‬
‫صبنُفورَف ٍة رَورَزاَّو َسْ‬ ‫سبنُر ٍر رَم َسْ‬ ‫عرَلى بنُ‬ ‫ن رَ‬ ‫‪ (١٩‬بنُماَّتعيِكعيِئي رَ‬
‫ي ٍء‬ ‫ش م َسْ‬ ‫ن رَ‬ ‫عرَمعيِلعيِه مَسْم عيِم م َسْ‬‫ن رَ‬ ‫حَسْقرَنا عيِبعيِهَسْم بنُذ ِّراَّيرَتبنُهَسْم رَورَما رَأرَلَسْترَنابنُهَسْم عيِم م َسْ‬‫ن رَأَسْل رَ‬‫رَوااَّترَبرَعَسْتبنُهَسْم بنُذ ِّراَّيبنُتبنُهَسْم عيِبعيِإيرَما ٍ‬
‫ش مرَتبنُهونرَ )‪(٢٢‬‬ ‫ح ٍم عيِماَّما رَي َسْ‬ ‫ن )‪ (٢١‬رَورَأَسْمرَدَسْ درَنابنُهَسْم عيِبرَفاعيِكرَه ٍة رَورَل َسْ‬ ‫ب رَرعيِهي ٌ‬ ‫س رَ‬ ‫ئ عيِبرَما رَك رَ‬ ‫ل اَسْمعيِر ٍ‬ ‫بنُك ُّ‬
‫ن رَلبنُهمَسْم‬ ‫غَسْلرَممما ٌ‬‫عرَلَسْيعيِهمَسْم عيِ‬
‫ف رَ‬ ‫طممو بنُ‬ ‫ل رَتَسْأعيِثي ٌم )‪ (٢٣‬رَورَي بنُ‬ ‫ل رَلَسْغ ٌو عيِفيرَها رَو رَ‬ ‫سا رَ‬ ‫ن عيِفيرَها رَكَسْأ ً‬ ‫عو رَ‬ ‫رَيرَترَنارَز بنُ‬
‫ن )‪ (٢٥‬رَقابنُلوا عيِإاَّنمما‬ ‫سارَءبنُلو رَ‬ ‫ض رَيرَت رَ‬ ‫عرَلى رَبعَسْ ٍ‬ ‫ضبنُهَسْم رَ‬ ‫ل رَبَسْع بنُ‬ ‫ن )‪ (٢٤‬رَورَأَسْقرَب رَ‬ ‫رَكرَأاَّنبنُهَسْم بنُلَسْؤبنُل ٌؤ رَمَسْكبنُنو ٌ‬
‫سبنُموعيِم )‪ (٢٧‬عيِإاَّنمما‬ ‫ب ال اَّ‬ ‫عرَذا رَ‬ ‫عرَلَسْيرَنا ورَرَورَقارَنا رَ‬ ‫ل رَ‬ ‫ن ا بنُاَّ‬ ‫ن )‪ (٢٦‬رَفرَم اَّ‬ ‫شعيِفعيِقي رَ‬‫ل عيِفي رَأَسْهعيِلرَنا بنُم َسْ‬ ‫بنُكاَّنا رَقَسْب بنُ‬
‫حيبنُم )‪] "(٢٨‬الطور[‪.‬‬ ‫عوبنُه عيِإاَّنبنُه بنُهرَو اَسْلرَب ُّر الاَّر عيِ‬ ‫ل رَنَسْد بنُ‬‫ن رَقَسْب بنُ‬ ‫بنُكاَّنا عيِم َسْ‬
‫ن)‬ ‫لعيِء رَر ِّببنُكرَممما بنُترَك م ِّذرَبا عيِ‬ ‫ي رَآ رَ‬ ‫ن )‪ (٤٦‬رَفعيِبأرَ ِّ‬ ‫جاَّنرَتا عيِ‬‫ف رَمرَقارَم رَر ِّبعيِه رَ‬ ‫خا رَ‬ ‫ن رَ‬ ‫وعال تعالى‪" :‬رَوعيِلرَم َسْ‬
‫ن)‬ ‫ن رَتجَسْعيِررَيا عيِ‬ ‫عَسْيرَنا عيِ‬ ‫ن )‪ (٤٩‬عيِفيعيِهرَما رَ‬ ‫لعيِء رَر ِّببنُكرَما بنُترَك ِّذرَبا عيِ‬ ‫ي رَآ رَ‬ ‫ن )‪ (٤٨‬رَفعيِبرَأ ِّ‬ ‫‪ (٤٧‬رَذرَوارَتا رَأَسْفرَنا ٍ‬
‫ن )‪ (٥٢‬رَفعيِبممرَأ ِّ‬
‫ي‬ ‫جا عيِ‬ ‫ل رَفاعيِكرَه ٍة رَزَسْو رَ‬ ‫ن كبنُ ِّ‬ ‫ن )‪ (٥١‬عيِفيعيِهرَما عيِم َسْ‬ ‫لعيِء رَر ِّببنُكرَما بنُترَك ِّذرَبا عيِ‬ ‫ي رَآ رَ‬ ‫‪ (٥٠‬رَفعيِبرَأ ِّ‬
‫جرَنممى‬ ‫ق رَو رَ‬ ‫سمرَتَسْبرَر ٍ‬ ‫ن عيِإ َسْ‬ ‫طاعيِئبنُنرَهمما عيِمم َسْ‬ ‫ش رَب رَ‬ ‫عرَلممى بنُفمبنُر ٍ‬ ‫ن رَ‬ ‫ن )‪ (٥٣‬بنُماَّتعيِكعيِئيم رَ‬ ‫لعيِء رَر ِّببنُكرَما بنُترَكم ِّذرَبا عيِ‬ ‫رَآ رَ‬
‫ف رَلممَسْم‬ ‫طَسْر عيِ‬ ‫ت ال اَّ‬ ‫صرَرا بنُ‬ ‫ن رَقا عيِ‬ ‫ن )‪ (٥٥‬عيِفيعيِه اَّ‬ ‫لعيِء رَر ِّببنُكرَما بنُترَك ِّذرَبا عيِ‬ ‫ي رَآ رَ‬ ‫ن )‪ (٥٤‬رَفعيِبرَأ ِّ‬ ‫ن رَ دا ٍ‬ ‫جاَّنرَتَسْي عيِ‬
‫اَسْل رَ‬
‫ن )‪ (٥٧‬رَكمرَأاَّنبنُه اَّ‬
‫ن‬ ‫لعيِء رَر ِّببنُكرَممما بنُترَكم ِّذرَبا عيِ‬ ‫ي رَآ رَ‬ ‫ن )‪ (٥٦‬رَفعيِبمرَأ ِّ‬ ‫جما ٌّ‬ ‫ل رَ‬ ‫س رَقَسْبرَلبنُهمَسْم رَو رَ‬ ‫ن عيِإَسْنم ٌ‬ ‫طعيِمَسْثبنُه اَّ‬ ‫رَي َسْ‬
‫سمما عيِ‬
‫ن‬ ‫لحَسْ رَ‬ ‫جرَزابنُء ا عيَِسْ‬ ‫ل رَ‬ ‫ن )‪ (٥٩‬رَه َسْ‬ ‫لعيِء رَر ِّببنُكرَما بنُترَك ِّذرَبا عيِ‬ ‫ي رَآ رَ‬ ‫ن )‪ (٥٨‬رَفعيِبرَأ ِّ‬ ‫جا بنُ‬‫ت رَواَسْلرَمَسْر رَ‬ ‫اَسْلرَيابنُقو بنُ‬
‫جاَّنرَتممانعيِ )‪(٦٢‬‬ ‫ن بنُ دوعيِنعيِهرَممما رَ‬ ‫ن )‪ (٦١‬رَوعيِم َسْ‬ ‫لعيِء رَر ِّببنُكرَما بنُترَك ِّذرَبا عيِ‬ ‫ي رَآ رَ‬ ‫ن )‪ (٦٠‬رَفعيِبرَأ ِّ‬ ‫سا بنُ‬ ‫ح رَ‬ ‫ل َسْ‬ ‫ل ا عيَِسْ‬ ‫عيِإ اَّ‬
‫ن)‬ ‫لعيِء رَر ِّببنُكرَممما بنُترَك م ِّذرَبا عيِ‬ ‫ي رَآ رَ‬ ‫ن )‪ (٦٤‬رَفعيِب مأرَ ِّ‬ ‫ن )‪ (٦٣‬بنُم مَسْدرَهااَّمرَتا عيِ‬ ‫لعيِء رَر ِّببنُكرَما بنُترَك م ِّذرَبا عيِ‬ ‫ي رَآ رَ‬ ‫رَفعيِبرَأ ِّ‬
‫ن )‪ (٦٧‬عيِفيعيِهرَممما‬ ‫لعيِء رَر ِّببنُكرَممما بنُترَك م ِّذرَبا عيِ‬ ‫ي رَآ رَ‬ ‫ن )‪ (٦٦‬رَفعيِب مرَأ ِّ‬ ‫خرَتا عيِ‬ ‫ضمما رَ‬ ‫ن رَن اَّ‬ ‫عَسْيرَنمما عيِ‬ ‫‪ (٦٥‬عيِفيعيِهرَممما رَ‬
‫خَسْيمرَرا ٌ‬
‫ت‬ ‫ن رَ‬ ‫ن )‪ (٦٩‬عيِفيعيِهم اَّ‬ ‫لعيِء رَر ِّببنُكرَممما بنُترَكم ِّذرَبا عيِ‬ ‫ي رَآ رَ‬ ‫ن )‪ (٦٨‬رَفعيِبمرَأ ِّ‬ ‫ل رَوبنُراَّممما ٌ‬ ‫خم ٌ‬ ‫رَفاعيِكرَهم ٌة رَورَن َسْ‬
‫خرَيمماعيِم )‬ ‫ت عيِفممي اَسْل عيِ‬ ‫صممورَرا ٌ‬ ‫حممو ٌر رَمَسْق بنُ‬ ‫ن )‪ (٧١‬بنُ‬ ‫لعيِء رَر ِّببنُكرَما بنُترَكم ِّذرَبا عيِ‬ ‫ي رَآ رَ‬ ‫ن )‪ (٧٠‬رَفعيِبرَأ ِّ‬ ‫سا ٌ‬ ‫ح رَ‬ ‫عيِ‬
‫جممانٌّ )‪(٧٤‬‬ ‫ل رَ‬ ‫س رَقَسْبرَلبنُهمَسْم رَو رَ‬ ‫ن عيِإَسْنم ٌ‬ ‫طعيِمَسْثبنُهم اَّ‬ ‫ن )‪ (٧٣‬رَلمَسْم رَي َسْ‬ ‫لعيِء رَر ِّببنُكرَما بنُترَك ِّذرَبا عيِ‬ ‫ي رَآ رَ‬ ‫‪ (٧٢‬رَفعيِبرَأ ِّ‬
‫ن)‬ ‫سمما ٍ‬ ‫ح رَ‬ ‫ي عيِ‬ ‫عَسْبرَقعيِر ٍّ‬ ‫ض ٍر رَو رَ‬ ‫خ َسْ‬ ‫ف بنُ‬ ‫عرَلى رَرَسْفرَر ٍ‬ ‫ن رَ‬ ‫ن )‪ (٧٥‬بنُماَّتعيِكعيِئي رَ‬ ‫لعيِء رَر ِّببنُكرَما بنُترَك ِّذرَبا عيِ‬ ‫ي رَآ رَ‬ ‫رَفعيِبرَأ ِّ‬
‫لَسْك مرَراعيِم )‬ ‫ل رَوا عيَِسْ‬ ‫ل عيِ‬ ‫ج رَ‬ ‫ك عيِذي اَسْل رَ‬ ‫سمبنُ رَر ِّب م رَ‬ ‫ك ا َسْ‬ ‫ن )‪ (٧٧‬رَترَبارَر رَ‬ ‫لعيِء رَر ِّببنُكرَما بنُترَك ِّذرَبا عيِ‬ ‫ي رَآ رَ‬ ‫‪ (٧٦‬رَفعيِبرَأ ِّ‬
‫‪] "(٧٨‬الرحمن[‪.‬‬
‫جاَّنمماتعيِ‬‫ن )‪ (١١‬عيِفممي رَ‬ ‫ن )‪ (١٠‬بنُأورَلعيِئمكرَ اَسْلبنُمرَقاَّربنُبممو رَ‬ ‫ساعيِببنُقو رَ‬ ‫ن ال اَّ‬ ‫ساعيِببنُقو رَ‬ ‫وقال تعالى‪" :‬رَوال اَّ‬
‫سمبنُر ٍر‬ ‫عرَلمى بنُ‬ ‫ن )‪ (١٤‬رَ‬ ‫خعيِريم رَ‬ ‫ل عيِ‬
‫ن ا رََسْ‬ ‫ل عيِمم رَ‬ ‫ن )‪ (١٣‬رَورَقعيِليم ٌ‬ ‫لاَّوعيِليم رَ‬ ‫ن ا رََسْ‬ ‫الاَّنعيِعيعيِم )‪ (١٢‬بنُثاَّلم ٌة عيِمم رَ‬
‫ن)‬ ‫ن بنُمخرَاَّلبنُدو رَ‬ ‫عرَلَسْيعيِهَسْم عيِوَسْلرَدا ٌ‬ ‫ف رَ‬ ‫طو بنُ‬ ‫ن )‪ (١٦‬رَي بنُ‬ ‫عرَلَسْيرَها بنُمرَترَقاعيِبعيِلي رَ‬
‫ن رَ‬ ‫ضورَن ٍة )‪ (١٥‬بنُماَّتعيِكعيِئي رَ‬ ‫رَمَسْو بنُ‬
‫ل بنُيَسْنعيِزبنُفو رَ‬
‫ن‬ ‫عَسْنرَها رَو رَ‬ ‫ن رَ‬ ‫عو رَ‬ ‫صاَّد بنُ‬‫ل بنُي رَ‬ ‫ن )‪ (١٨‬رَ‬ ‫ن رَمعيِعي ٍ‬ ‫س عيِم َسْ‬ ‫ق رَورَكَسْأ ٍ‬ ‫ب رَورَأرَباعيِري رَ‬ ‫‪ (١٧‬عيِبرَأَسْكرَوا ٍ‬
‫حممو ٌر‬ ‫ن )‪ (٢١‬رَو بنُ‬ ‫شمرَتبنُهو رَ‬ ‫طَسْيم ٍر عيِماَّممما رَي َسْ‬ ‫حمعيِم رَ‬ ‫ن )‪ (٢٠‬رَورَل َسْ‬ ‫خاَّيمبنُرو رَ‬ ‫)‪ (١٩‬رَورَفاعيِكرَه ٍة عيِماَّممما رَيرَت رَ‬
‫ن )‪ (٢٤‬رَ‬
‫ل‬ ‫جمرَزاًء عيِبرَمما رَكمابنُنوا رَيَسْعرَمبنُلمو رَ‬ ‫ن )‪ (٢٣‬رَ‬ ‫ل ال ُّلَسْؤبنُلعيِؤ اَسْلرَمَسْكبنُنمو عيِ‬ ‫ن )‪ (٢٢‬رَكرَأَسْمرَثا عيِ‬ ‫عي ٌ‬ ‫عيِ‬
‫حا بنُ‬
‫ب‬ ‫صم رَ‬ ‫لًما )‪ (٢٦‬رَورَأ َسْ‬ ‫سم رَ‬ ‫لًما رَ‬ ‫سم رَ‬ ‫ل رَ‬ ‫ل عيِقي ً‬ ‫ل رَتَسْأعيِثيًممما )‪ (٢٥‬عيِإ اَّ‬ ‫ن عيِفيرَها رَلَسْغمًوا رَو رَ‬ ‫سرَمبنُعو رَ‬ ‫رَي َسْ‬
‫ضممو ٍ د )‬ ‫ح رَمَسْن بنُ‬ ‫طَسْل م ٍ‬
‫خضبنُممو ٍ د )‪ (٢٨‬رَو رَ‬ ‫س مَسْد ٍر رَم َسْ‬ ‫ن )‪ (٢٧‬عيِفي عيِ‬ ‫ب اَسْلرَيعيِمي عيِ‬ ‫حا بنُ‬ ‫ص رَ‬ ‫ن رَما رَأ َسْ‬ ‫اَسْلرَيعيِمي عيِ‬
‫ب )‪ (٣١‬رَورَفاعيِكرَهمم ٍة رَكعيِثيممرَر ٍة )‪ (٣٢‬رَ‬
‫ل‬ ‫سممبنُكو ٍ‬ ‫ل رَمَسْمممبنُدو ٍ د )‪ (٣٠‬رَورَممما ٍء رَم َسْ‬ ‫ظمم ٍّ‬ ‫‪ (٢٩‬رَو عيِ‬
‫شاًء )‪(٣٥‬‬ ‫ن عيِإَسْن رَ‬
‫شَسْأرَنابنُه اَّ‬‫ع ٍة )‪ (٣٤‬عيِإاَّنا رَأَسْن رَ‬ ‫ش رَمَسْربنُفو رَ‬ ‫ع ٍة )‪ (٣٣‬رَوبنُفبنُر ٍ‬ ‫ل رَمَسْمبنُنو رَ‬ ‫ع ٍة رَو رَ‬ ‫طو رَ‬ ‫رَمَسْق بنُ‬
‫ن )‪"(٣٨‬‬ ‫ب اَسْلرَيعيِميممم عيِ‬ ‫حا عيِ‬ ‫صممم رَ‬ ‫ل َسْ‬ ‫عبنُرًبممما رَأَسْترَراًبممما )‪ (٣٧‬رَعيِ‬ ‫ن رَأَسْبرَكممماًرا )‪ (٣٦‬بنُ‬ ‫جرَعَسْلرَنمممابنُه اَّ‬‫رَف رَ‬
‫]الواقعة[‪.‬‬
‫عَسْيًنمما‬
‫جرَهمما رَكممابنُفوًرا )‪ (٥‬رَ‬
‫ن عيِمرَزا بنُ‬
‫س رَكمما رَ‬
‫ن رَكَسْأ ٍ‬
‫ن عيِم َسْ‬
‫شرَربنُبو رَ‬ ‫لَسْبرَرارَر رَي َسْ‬ ‫ن ا رََسْ‬ ‫وقال تعالى‪" :‬عيِإ اَّ‬
‫جيًرا )‪] "(٦‬النسان[‪.‬‬ ‫جبنُرورَنرَها رَتَسْف عيِ‬ ‫ل بنُيرَف ِّ‬ ‫عرَبابنُ د ا عيِاَّ‬
‫ب عيِبرَها عيِ‬
‫شرَر بنُ‬
‫رَي َسْ‬
‫عرَلممى‬ ‫ن عيِفيرَهمما رَ‬ ‫حعيِريمًرا )‪ (١٢‬بنُماَّتعيِكعيِئيم رَ‬ ‫جاَّنمًة رَو رَ‬ ‫صمرَببنُروا رَ‬ ‫جرَزابنُهَسْم عيِبرَممما رَ‬ ‫وقال تعالى‪" :‬رَو رَ‬
‫لبنُلرَها رَوبنُذ ِّلرَل َسْ‬
‫ت‬ ‫ظ رَ‬ ‫عرَلَسْيعيِهَسْم عيِ‬
‫ل رَزَسْمرَهعيِريًرا ) ‪ (١٣‬رَورَ داعيِنرَيًة رَ‬ ‫سا رَو رَ‬ ‫شَسْم ً‬
‫ن عيِفيرَها رَ‬ ‫ل رَيرَرَسْو رَ‬ ‫ك رَ‬ ‫لرَراعيِئ عيِ‬ ‫ا رََسْ‬
‫ت رَقمرَواعيِريرَر )‬ ‫ب رَكممارَن َسْ‬ ‫ض ٍة رَورَأَسْكمرَوا ٍ‬ ‫ن عيِف اَّ‬ ‫عرَلَسْيعيِهَسْم عيِبرَآعيِنرَي ٍة عيِم َسْ‬
‫ف رَ‬ ‫طا بنُ‬ ‫ل )‪ (١٤‬رَوبنُي رَ‬ ‫طوبنُفرَها رَتَسْذعيِلي ً‬ ‫بنُق بنُ‬
‫جرَهمما‬ ‫ن عيِمرَزا بنُ‬ ‫سا رَكا رَ‬ ‫ن عيِفيرَها رَكَسْأ ً‬ ‫سرَقَسْو رَ‬‫ض ٍة رَقاَّدبنُرورَها رَتَسْقعيِديًرا )‪ (١٦‬رَوبنُي َسْ‬ ‫ن عيِف اَّ‬ ‫‪ (١٥‬رَقرَواعيِريرَر عيِم َسْ‬
‫عرَلَسْيعيِهممَسْم عيِوَسْلممرَدا ٌ‬
‫ن‬ ‫ف رَ‬ ‫طممو بنُ‬ ‫ل )‪ (١٨‬رَورَي بنُ‬ ‫سممعيِبي ً‬ ‫سَسْل رَ‬ ‫سمماَّمى رَ‬ ‫عَسْيًنمما عيِفيرَهمما بنُت رَ‬ ‫ل )‪ (١٧‬رَ‬ ‫جعيِبي ً‬‫رَزَسْن رَ‬
‫ت رَثماَّم رَررَأَسْيمترَ رَنعيِعيًممما‬ ‫سَسْبرَتبنُهَسْم بنُلَسْؤبنُلًؤا رَمَسْنبنُثمموًرا )‪ (١٩‬رَوعيِإرَذا رَررَأَسْيم رَ‬ ‫ح عيِ‬ ‫ن عيِإرَذا رَررَأَسْيرَتبنُهَسْم رَ‬ ‫خاَّلبنُدو رَ‬ ‫بنُم رَ‬
‫سمماعيِورَر عيِمم َسْ‬
‫ن‬ ‫ح ُّلمموا رَأ رَ‬ ‫ق رَو بنُ‬ ‫سمرَتَسْبرَر ٌ‬ ‫ضم ٌر رَوعيِإ َسْ‬ ‫خ َسْ‬ ‫س بنُ‬ ‫سَسْنبنُد ٍ‬ ‫ب بنُ‬ ‫عاعيِلرَيبنُهَسْم عيِثرَيا بنُ‬ ‫رَوبنُمَسْلًكا رَكعيِبيًرا )‪ (٢٠‬رَ‬
‫طبنُهوًرا )‪] "(٢١‬النسان[‪.‬‬ ‫شرَراًبا رَ‬ ‫سرَقابنُهَسْم رَر ُّببنُهَسْم رَ‬ ‫ض ٍة رَو رَ‬ ‫عيِف اَّ‬
‫ظ مبنُرونرَ )‪(٢٣‬‬ ‫ك رَيَسْن بنُ‬
‫لرَراعيِئ م عيِ‬ ‫عرَلممى ا رََسْ‬ ‫لَسْب مرَرارَر رَلعيِفممي رَنعيِعي م ٍم )‪ (٢٢‬رَ‬ ‫ن ا رََسْ‬ ‫وقممال تعممالى‪" :‬عيِإ اَّ‬
‫خبنُتممو ٍم )‪(٢٥‬‬ ‫ق رَم َسْ‬ ‫حيم ٍ‬ ‫ن رَر عيِ‬ ‫ن عيِمم َسْ‬‫سمقرََسْو رَ‬
‫ضمرَررَة الاَّنعيِعيمعيِم )‪ (٢٤‬بنُي َسْ‬ ‫جمموعيِهعيِهَسْم رَن َسْ‬ ‫ف عيِفي بنُو بنُ‬ ‫رَتَسْععيِر بنُ‬
‫سمعيِني ٍم )‪(٢٧‬‬
‫ن رَت َسْ‬ ‫جمبنُه عيِمم َسْ‬ ‫ن )‪ (٢٦‬رَوعيِمرَزا بنُ‬ ‫سو رَ‬
‫س اَسْلبنُمرَترَناعيِف بنُ‬
‫ك رَفَسْلرَيرَترَنارَف عيِ‬‫ك رَوعيِفي رَذعيِل رَ‬ ‫س ٌ‬ ‫خرَتابنُمبنُه عيِم َسْ‬ ‫عيِ‬
‫ن )‪] "(٢٨‬المتففين[‪.‬‬ ‫ب عيِبرَها اَسْلبنُمرَقاَّربنُبو رَ‬ ‫شرَر بنُ‬ ‫عَسْيًنا رَي َسْ‬
‫رَ‬
‫عاعيِلرَي م ٍة )‬
‫جاَّن م ٍة رَ‬
‫ضرَي ٌة )‪ (٩‬عيِفممي رَ‬ ‫سَسْععيِيرَها رَرا عيِ‬
‫عرَم ٌة )‪ (٨‬عيِل رَ‬ ‫جو ٌه رَيَسْورَمعيِئ ٍذ رَنا عيِ‬‫وقال تعالى‪" :‬بنُو بنُ‬
‫ع م ٌة )‬
‫سبنُر ٌر رَمَسْربنُفو رَ‬ ‫جاعيِررَي ٌة )‪ (١٢‬عيِفيرَها بنُ‬ ‫ن رَ‬ ‫عَسْي ٌ‬
‫غرَيًة )‪ (١١‬عيِفيرَها رَ‬ ‫ل عيِ‬
‫سرَمبنُع عيِفيرَها رَ‬
‫ل رَت َسْ‬
‫‪ (١٠‬رَ‬
‫ي رَمَسْببنُثورَثم ٌة )‬
‫صمبنُفورَف ٌة )‪ (١٥‬رَورَزرَراعيِبم ُّ‬ ‫ق رَم َسْ‬ ‫ع ٌة )‪ (١٤‬رَورَنرَممماعيِر بنُ‬ ‫ضو رَ‬ ‫ب رَمَسْو بنُ‬‫‪ (١٣‬رَورَأَسْكرَوا ٌ‬
‫‪] "(١٦‬الغاشية[‪.‬‬
‫ثم يدعو الشيخ‪ ،‬وينصرف‪.‬‬
‫خاتمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسة‬
‫تسسسسسسسسسسسسسذكر فيهسسسسسسسسسسسسسا أقسسسسسسسسسسسسسسام السسسسسسسسسسسسسوعظ والتسسسسسسسسسسسسسذكير‬
‫وشروط النتساب لرشاد الناس إستطرادًا‬
‫واعلم أن الوعظ من حيث هو تذكير الناس أمور الخرة‪ ،‬بذكر أهوالها‪ ،‬وما‬
‫يكون في تلك العرصات وغيممر ذلممك‪ ،‬مممن ذكممر أمممور الحنممة علممى قسمممين‪:‬‬
‫محمو د ومذموم‪.‬‬
‫والمحمو د‪ :‬أن يذكرهم بآيات ال‪ ،‬والحكايات الصحيحة‪ ،‬قال تعممالى‪" :‬رَف مرَذ ِّكَسْر‬
‫ن)‬ ‫ن الم ِّذَسْكرَرى رَتَسْنرَفمبنُع اَسْلبنُممَسْؤعيِمعيِني رَ‬
‫عيعيِد )‪] "(٤٥‬ق[‪" ،‬رَورَذ ِّكَسْر رَفعيِإ اَّ‬
‫ف رَو عيِ‬‫خا بنُ‬
‫ن رَي رَ‬
‫ن رَم َسْ‬
‫عيِباَسْلبنُقَسْررَآ عيِ‬
‫‪] "(٥٥‬الذاريات[‪.‬‬
‫ومثل اليات الحا ديث والثار المتممواترة‪ ،‬والحمما ديث الصممحيحة‪ ،‬كممما نبممه‬
‫عليه غير واحد من العلماء‪.‬‬
‫والمممذموم‪ :‬أن يممذكرهم بممما ابتممدعه جهلممة القصمماص‪ ،‬مممن ذكممر الكمماذيب‬
‫والحا ديث الموضوعة‪.‬‬
‫وأما الوعظ المتعارف في بل دنا السو دانية هذه‪ ،‬وهمو إرشما د النماس إلمى مما‬
‫ينبغي أن يتعين عليهم تعلمه‪ ،‬وحملهم على المعروف‪ .‬ففرض على كل فقيممه‬
‫فرغ من فرض‪ .‬عينه‪ ،‬وتفرغ لفرض الكفاية‪ ،‬ويجب عليممه القيممام بممذلك فممي‬
‫كل قرية ومحلة‪ ،‬إن قام بهذا المر واحد سقط الحممرج عمن البماقين فمي ذلممك‬
‫القطر‪ ،‬وعا د ذلك المر عندهم من أفضل القربات‪ ،‬وأجل المقاما‪ .‬نبممه علممى‬
‫هذا الغزالي في الحياء‪ ،‬وأحمد بن حجر الهيثمي في الزواجر‪.‬‬
‫فإن قلت‪ :‬قد ور د عن النبي صلى الم عليممه وسمملم أنممه قممال‪ :‬إذا رأيممت شممحًا‬
‫مطاعًا وهوى متبعًا‪ ،‬وإعجاب كل ذي رأي برأيه‪ ،‬فعليك بخويصة نفسك‪.‬‬
‫هذا الحممديث وممما ضمماهاه يممدل علممى تجنممب أمممور العامممة‪ ،‬وطلممب السمملمة‬
‫لخويصة النفس لفسا د الزمان‪ ،‬ول شك ول خلف أن هذا الزمان الذي أشار‬
‫إليممه النممبي صمملى المم عليممه وسمملم كممما نبممه عليممه الحسممن اليوسممي فممي‬
‫المحاضرات‪.‬‬
‫قلت‪ :‬إن ذلك محمول على أنه علم أن إرشا ده أو أمره ونهيه بالفعممل والقممول‬
‫ل يؤثر فيهم شيئًا‪ ،‬أو علم ضرورة أن ذلك مما يهج الهرج‪ ،‬أو يجلب منكممرًا‬
‫أكبر‪ ،‬فقد سقط الوجوب عنه في حقهم‪ ،‬ورجع في حق نفسه‪ .‬وأما في حقهممم‬
‫فمستحب في الصورة الولى إذا لم يتعذر بالقول‪ ،‬وهو الغممالب‪ ،‬فليتكلممم فممي‬
‫ذلك فيذكر حكمه‪ ،‬وإن سمع الناس منه‪ .‬ورجعوا حصل المرا د‪ ،‬فإن أبوا فقد‬
‫ن عيِمَسْنبنُكمَسْم بنُأاَّمم ٌة‬
‫أقام عذره عند ال‪ ،‬وقممام بممما وجممب عليممه‪ ،‬قممال تعممالى‪ " :‬رَوَسْلرَتبنُكم َسْ‬
‫ك بنُهمبنُم‬ ‫ن اَسْلبنُمَسْنرَكمعيِر رَوبنُأورَلعيِئم رَ‬
‫عم عيِ‬
‫ن رَ‬
‫ف رَورَيَسْنهرَمَسْو رَ‬
‫ن عيِبماَسْلرَمَسْعبنُرو عيِ‬
‫خَسْيمعيِر رَورَيمَسْأبنُمبنُرو رَ‬
‫ن عيِإرَلممى اَسْل رَ‬
‫عو رَ‬ ‫رَيَسْد بنُ‬
‫ن )‪] "(١٠٤‬آل عمممران[‪ .‬وقممال عليممه الصمملة والسمملم كممما رواه‬ ‫حممو رَ‬ ‫اَسْلبنُمَسْفعيِل بنُ‬
‫الترمذي وغيره "لتأمرن بالمعروف‪ ،‬ولتنهون عن الممكر‪ ،‬أو ليوشممكن ال م‬
‫أن يبعث عليكم عقابًا منه‪ ،‬ثم تدعونه فل يستجاب لكم"‪ .‬وقال عليممه الصمملة‬
‫والسلم‪" :‬إذا ظهرت الفتن وسكت العالم فعليه لعنة ال"‪.‬‬
‫ثم أعلم أن للنتصاب والتصدر لما ذكر شروطًا‪:‬‬
‫منها ممارلسة الكتاب والسنة‪ ،‬والتضلع بالعلوم الشممرعية‪ ،‬بحيممث ل تزلزلممه‬
‫المسممائل‪ ،‬ول تدهشممه النمموازل‪ ،‬بممل يجمممع بيممن مفترقهمما‪ ،‬ويتصممرف فيهمما‬
‫تصرف الحيتان في لجج البحار‪ .‬ويتغلب فيها تغلممب الطيمر فممي جمو القفممار‪،‬‬
‫ببصيرة نافذة‪ ،‬وهمة عالية‪.‬‬
‫وأما ما يفعلممه بعممض أهممل بل دنمما السممو دانية هممذه‪ .‬وهممو أن يتصممدر الطممالب‬
‫والعامي للوعظ والصولة إلممى نشممر العلمموم‪ ،‬وإرشمما د النمماس‪ ،‬فهممو المصمميبة‬
‫ل مسممرفاً علممى نفسممه‪ ،‬لممم‬‫العظمى‪ ،‬والفتنة الكبرى‪ ،‬فما شئت إن تلقممي جمماه ً‬
‫ل أن يصل إلى ما ذكرنا‪ ،‬إذا نزعتممه نزعممة‬ ‫يعرف بعض ما يجب عليه‪ ،‬فض ً‬
‫شيطانية‪ ،‬وهيجته شممهوة نفسممانية فممي طلممب العلممم والدرجممة والوجاهممة عنممد‬
‫الملوك‪ ،‬واقتناص أممموال النمماس وغيممر ذلممك‪ ،‬وخيلممت لممه نفسممه أنممه ذو نيممة‬
‫حسنة‪ ،‬وهمة صا دقة في إرشا د الناس وتعليمهم‪ ،‬وأنه أهل لذلك‪ ،‬بل إن ذلممك‬
‫متعيممن عليممه ول بممدله مممن ذلممك‪-‬أل رأيتممه يصممول ويقممول‪ ،‬وينابممذ المنقممول‬
‫والمعقول‪ ،‬حتى إذا استخف قلوب العمموام‪ ،‬وأطمماعوه‪ ،‬وأحممدقوا بممه مممن كممل‬
‫جانب‪ ،‬فعند ذلك يهدم الدين ويفسده‪ ،‬ويعتنممي بممما سممؤلت لممه نفسممه الخبيثممة‪،‬‬
‫وهو ما أشار إليه صلى ال عليه وسلم في حممديث رفممع العلممم واتخمماذ النمماس‬
‫ل‪ ،‬فيسألون‪ ،‬فيفتون بغير علم‪ ،‬إلى أن قال‪ :‬فضلوا وأضلوا فكممل‬ ‫رؤساء جها ً‬
‫واحد من هؤلء أضمر فمي المدين علمى المسملمين ممن ألمف شميطان‪ ،‬وليمس‬
‫الخبر كالعيان‪ ،‬فافهم‪.‬‬
‫ومن ذلك النتصماب للتمدريس ممن غيمر أهليمة‪ ،‬قمال الشمريف جممال المدين‬
‫ل فممه‪ ،‬ول تممذكر‬‫السمهو دي‪ :‬يجب عليك أل تنتصب للتدريس إذا لممم تكممن أه ً‬
‫في الدرس من علم ل تفرفه‪ ،‬سواء شرطه الواقف أم لممم يشممرطه‪ ،‬فممإن ذلممك‬
‫لعممب فممي الممدين‪ ،‬واز دراء بيممن النمماس‪ ،‬قممال النممبي صمملى ال م عليممه وسمملم‪:‬‬
‫"المتشبع بما لم يعط كلبس ثوبي زور"‪.‬‬
‫وعن الشبلي‪ :‬من تصدر قبل أوانه فقد تصدى لهوانه‪ ،‬وعن أبي حنيفة‪" :‬من‬
‫طلب الرئاسة في غير حينها لم يزل في ذل ما بقممي‪ ،‬ولبعضممهم فممي تممدريس‬
‫من ل يصلح للتدريس‪:‬‬
‫جهول ليسمى بالفقيه المدرس تصدر للتدرس كل مهوس‬
‫ببيت قديم شاع في كل مجلس فحق لهل العلم أن يتمثلوا‬
‫كلها وحتى سامها كل مفلس لقد هزلت حتى بدا من هزالها‬
‫والواجب في حق العامة ومن في معنامم الرشا د والنكار‪ ،‬فيما استوى فممي‬
‫إ دراكه العام والخاص‪ ،‬من غير تصدر ول انتصاب اتفاقًا‪.‬‬
‫ومنها المكان‪ ،‬كما نبه عليه غير واحد من العلماء‪.‬‬
‫ضمموا عيِمم َسْ‬
‫ن‬ ‫لَسْنرَف ُّ‬
‫ب رَ‬
‫ظ اَسْلرَقَسْلم عيِ‬
‫غعيِليم رَ‬
‫ظمما رَ‬
‫ت رَف ىًّ‬
‫ومنها حسن السير‪ ،‬قال تعالى‪ " :‬رَورَلَسْو بنُكَسْنم رَ‬
‫ك" ]آل عمران ‪ .[159‬وهذه الشروط الثلثة ل بد منها‪.‬‬ ‫حَسْوعيِل رَ‬
‫رَ‬
‫وأما الشروط الباقية فغير لزمة في حق الرشا د‪ ،‬وإنما هي راجعة في حممق‬
‫المرشد‪ ،‬كحسن النية‪ ،‬وموافقة القول العمممل‪ ،‬فهممي شممروط كمممال ل شممروط‬
‫فعل‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫علو شأنه وابتداء حسد الملوك له‬
‫ثم إنه لم يزل هذا الشيخ يقرر فروض العيان هكذا للعامة‪ ،‬يبث فنون العلممم‬
‫للخاصة‪ ،‬ويربي المريدين والسالكين‪ ،‬ويرشممدهم إلممى آ داب الحضممرة‪ ،‬حممتى‬
‫صدر عوام أوانه عممارفين بفممروض أعيممانهم عمماملين‪ ،‬وصممار طلبممة زمممانه‬
‫علماء مهتدين‪ ،‬وكان أولئك المريدون والسالكون واصلين‪.‬‬
‫وكان يخرج في كل ليلة جمعة يعظ الناس بما تقممدم‪ ،‬ويحضممر مجلسممه خلممق‬
‫كثير‪ ،‬ل يحصى عد دهم إل ال‪ ،‬ويخرج في سممائر الليممالي بعممد العشمماء لبممث‬
‫العلوم والجا دة بالغرائب‪ .‬وكان يخرج بعد صمملة العصممر للتممدريس‪ ،‬يفسممر‬
‫القرآن‪ ،‬ويدرس الحديث والفقه والتصمموف‪ .‬ولممه تممآليف يدرسممها فممي بعممض‬
‫الحيان‪ .‬وكان يخرج إلى الفاق والبلدان للفا دة والوعظ‪ ،‬ثممم يرجممع لمحلممه‬
‫" دغل" ]‪.[Degel‬‬
‫وفدت عليه وفو د السلم شرقًا وغربًا‪ ،‬وقممدم عليممه سممائر العلممماء فممي وقتممه‬
‫متممبركين بممه‪ ،‬مسممتنيرين بنمموره‪ ،‬فأفمما د الكممل‪ ،‬فعممم النعممم فممي هممذه البلممدان‪،‬‬
‫وانتشرت بركاته فيها‪ ،‬فاستبان الدين‪ ،‬وعمل بالحق‪.‬‬
‫ثم إنه لما برز هذكا‪ ،‬وكثر أتباعه من العلماء والعمموام‪ ،‬وتراسممل الخلممق إلممى‬
‫القتداء به‪ ،‬وكفاه ال من ناوأه من علماء وقته‪ ،‬وشيده بالطائفة الصا دقة مممن‬
‫علماء كل قطر‪ ،‬حتى نشر أعلم الممدين‪ ،‬وأحيمما السممنة الغممراء‪ ،‬فتمكنممت فممي‬
‫البلد أي تمكين‪ ،‬نصب أهل الدنيا له العممداوة مممن ملمموك هممذه البل د‪ ،‬بعممد ممما‬
‫كانوا له مجلين معظمين‪ ،‬وبدعواته متمبركين‪ ،‬ممع أنمه يممداريهم ويلطفهمن‪،‬‬
‫ول يحول بينهم وبين ما يشتهون‪ ،‬بل ل يعممترض عليهممم‪ ،‬وإنممما غمماظهم ممما‬
‫يرون من ظهور الدين وقيام ما درس من معالم اليقين‪ ،‬وذهاب بهمماء ممما هممم‬
‫فيه من الضلل والباطل والتخميممن‪ ،‬مممع أن سمملطنتهم مؤسسممة علممى قواعممد‬
‫مخالفة للشريعة‪ ،‬وغالب سياساتهم خارجة عن الطريقة‪ .‬فلما أوضممح الشمميخ‬
‫الطريق‪ ،‬واهتدى إليه أهل التوفيق‪ ،‬وسلك السمالكون‪ ،‬وبقمي أهمل المدنيا ممن‬
‫علماء السوء والملوك في طغيانهم يعمهون‪ ،‬فخممف ميزانهممم‪ ،‬وبممار سمموقهم‪،‬‬
‫وسقطوا عن أعين المهتدين‪ ،‬فجعل أولئك الملوك والعلماء يؤذون الجماعممة‪،‬‬
‫وينهبون أموالهم‪ ،‬ويغرون بهم سممفهاؤهم‪ ،‬ويقطعممون طرقهممم‪ ،‬ويعترضممون‬
‫لكل من ينتسب إلى الشمميخ‪ ،‬وهممو وجممماعته ل يعترضممون لهممم‪ ،‬ول يجممري‬
‫علممى خمماطرهم أنهممم يطيقممون ذلممك البتممة‪ ،‬إذ غممالب أولئممك التبمماع ضممعاف‬
‫الناس‪ ،‬ل يعرفون الغزو قط‪.‬‬
‫ولم يزل كل من تولى من ملوك بل دنا مجتهدًا في إطفاء ذلممك النممور‪ ،‬ويكيممد‬
‫بالشيخ وبجماعته ويمكر بهم ويحتال في استئصالهم‪ ،‬وفي ذلك قلت‪:‬‬
‫ولة يممممروح الجممممور منهممممم‬
‫أل بلغن عني وإن كنت نائيا‬
‫ويرجع‬
‫فإن تنتهوا عن غيكم قد رشدتم‬ ‫وإل فحرب بيننا متوقع‬
‫وإن نحن أوذينا نفر بديننا‬ ‫إلى ال إن المر ل راجع‬
‫وأيضًا‪:‬‬
‫أراقبهم في وقت كل شروق أراقبهم في كل وقت علمته‬
‫وإن فجأونمممما بممممالعقيرة فممممي‬
‫نجالدهم حتى تقوم بسوق‬
‫الضحى‬
‫ولكن يتيح ال لهم الصوت‬ ‫فيموتون عن قريب‬
‫ثم إنه لما رأوا الشيخ ل ينتهي عما هممو فيممه‪ ،‬ول يممز دا د إل حسممنًا وابتهاجمًا‪،‬‬
‫ول يزال عوام الناس يدخلون في دين ال أفواجمًا‪ ،‬خممافوه علممى أمرهممم‪ ،‬لن‬
‫أمرهم مخالف لما همو بصممد ده‪ ،‬بمل مضمما د لغممالبه‪ .‬فل جممرم أن سملطنتهم ل‬
‫يوافقها الشريعة‪ ،‬لنهم أخذوا من العبا دات قدر ما يتنظفممون بممه ويسممتترون‪،‬‬
‫فيأتون بصورة الصلة والصيام والزكاة‪ ،‬ويتلفظون بكلمتي الشها دة من غير‬
‫مراعاة لشروط ما ذكر‪.‬‬
‫وأما الحكام فهم متجمدون على ما وجدوا آباءهم السملف المذين لمم يقمروا‬
‫بالسملم‪ ،‬ولمم يمدعوه لتنفسمهم‪ ،‬وغمالب أحكمامهم مصما دم للكتماب والسمنة‬
‫وإجماع المة‪ ،‬كما هو معلوم مشممهور مممع أنهممم مغممترون بممأقوال وأفعممال ل‬
‫تصدر إل من كافر‪.‬‬
‫فل جرم أن ظهور الدين‪ ،‬وقيام الشرع ل يوافقهم‪ ،‬فلذلك أجمعوا كيدهم على‬
‫نصب القتال بينهم وبيممن الشمميخ وجممماعته‪ ،‬ول يشممكون أن الدولممة لهممم‪ ،‬لممما‬
‫يرون من ضعف أتباعه عن المقاتلة‪ .‬فمماجتمع مشممورتهم علممى زجممر الممدعاة‬
‫إلى ال‪ ،‬ومنعهم من الوعظ‪ ،‬وأمر كل أحد أن يرجع إلى ما وجد عليممه آبمماءه‬
‫وأجدا ده‪ ،‬فلم يرعنا إل إنذار أمير غوبر نافانا‪ ،‬بثلثة أمور‪:‬‬
‫‪ .1‬أنه لم يرض لحد أن يعظ الناس إل الشيخ وحده‪،‬‬
‫‪ .2‬ولم يرض لحد بالسلم إل وارثه من آبائه‪ ،‬ومممن لممم يممرث السمملم‬
‫فليعد إلى ما وجد عليه آباءه وأجدا ده‪،‬‬
‫‪ .3‬وأل يتعمم أحد بعد اليوم‪ ،‬ول تضرب امرأة بخمارها على جيبها‪.‬‬
‫وهذا إنذاره في السواق‪ ،‬كل ذلمك سمعى منمه فمي مكيمدتنا‪ ،‬فكفانما الم كيمده‬
‫ومكره‪ ،‬فأتاح ال له الموت بعد لك عن قريب‪.‬‬
‫ولما ولي ابنه‪-‬ثينف‪-‬شمر عن سماق الجمد والجتهما د علمى ذلمك‪ ،‬حمتى غمزا‬
‫قرية عظيمة من قرى السلم‪ ،‬على حين غفلة من أهلها‪ ،‬فقتلوا ما شمماء ال م‬
‫من فقهائهمما وقرائهمما فممي نهممار رمضممان‪ ،‬وهممم صممائمون‪ ،‬ونهبمموا أممموالهم‪،‬‬
‫وأسروا ذراريهم‪ ،‬وجعلوا يفترشون الكتب والمصاحف‪ ،‬ويحتطبون اللواح‬
‫فيوقدون بها‪ ،‬ويستهزئون بأهل السلم‪ ،‬ويقولون لهممم‪" :‬إيتونمما بممما تعممدوننا‬
‫إن كنتم صا دقين"‪.‬‬
‫ثم جلموا يعرضون لقرية الشيخ‪ ،‬حتى أرسمل أميرهمم إلمى الشميخ أن ينحماز‬
‫بأهله وإخوانه وأبنائه فإنه يريد أن يهجم على القرية‪ .‬فأبى عليه الشيخ إل أن‬
‫يهاجر بجماعته‪-،‬ثم إنه أظهممر الندامممة فيممما قممال‪ ،‬وطلممب مممن الشمميخ المقممام‬
‫وترك التنقال‪ ،‬مممع أن قرائممن الحمموال مؤذنمة بعممدم المانمة منممه‪ ،‬وشمواهد‬
‫ال دلة ناطقة بذلك‪ .‬فاعتذر إليه الشيخ فهاجر من وسط بل دهم عام شريج في‬
‫شهر ذي القدعة‪ ،‬لعشر مضت منممه‪ 15 = 1213] .‬إبريممل ‪1799‬م‪ ،‬ولكممن‬
‫اقرأ "ح" عوض "ج" فتجد ‪ 21 = 1218‬فربرائر ‪1804‬م[‬
‫وقممام الفقيممه النممبيه‪ ،‬الزكممي الرضمما المعممروف بأغممال التمماركي ]‪،[Agali‬‬
‫صاحب الشيخ‪ ،‬وندم التوارك إلى معاونة الشيخ فممي الهجممرة‪ ،‬وحمممايته مممما‬
‫يتوقع من أعدائه‪ .‬فأعان الشيخ هو وكل مممن اسممتمع لممه وأطمماع منهممم‪ ،‬حممتى‬
‫وصل الشيخ إلى غد ]‪ ،[Gudu‬ثم رجع واجتهممد فممي إخممراج المسمملمين مممن‬
‫وسط الكفار‪ ،‬وأعان كثيرًا منهم‪.‬‬
‫وكنت عنده بعد غزو الكفار قرية المسلمين‪ ،‬مممن أهممل غينمما المممذكورة آنف مًا‪،‬‬
‫ورأيته حزن لذلك جدًا‪ ،‬ولحقه الحمية السمملمية‪ ،‬ولممما خرجممت مممن عنممده‪،‬‬
‫وهو يريد القدوم على الشيخ وقد سمعت أن أمير غوبر أرسل إلى الشمميخ أن‬
‫ينحاز بأهله وإخوانه‪ ،‬فإنه يريد أن يهجم على القرية‪ ،‬كتبت مع صمماحب لممي‬
‫كتابًا‪ ،‬أنقذته مع الفقيه أغال‪ ،‬فمن جملة ما فيه‪:‬‬
‫هل غرضمممت إلمممى شممميوخي‬
‫مني رسول فزت بالمال‬
‫حسبة‬
‫ويبا دروا التحويل في استعجال أن يهجروا البلد القبيح فعاله‬
‫إنا سنوقع فيه غارات لها‬ ‫نقع يثير قتامها كالل‬
‫والبيت والعرفات ذي الجبال فالحزم شأني والمقام وركنه‬
‫إن الدناءة حمل ذي الثقال كل ولست من الدناءة حامل‬
‫وإذا أذيت ببلدة و دعتها‬ ‫أنا ل أقيم بغير دار حلل‬
‫عجز ولوم غير فعل كمال إن القامة في مقام مذلة‬
‫فيفوز بالفوز الوفى أمثالي ولقد هممت وقد ينجز وعده‬
‫إن أوقع الحرب العوان لغوبر‬ ‫أو ير د منها أعجل الجال‬
‫فكتب إلى الوالد أن أقدم إلينا بما قدرت به من العممون علممى الهجممرة‪ ،‬فإنمما إن‬
‫شمماء الم علممى جنمماح الهجممرة‪ ،‬فسممرت إلممى كممب‪ .‬فبثثممت الوثممائق‪ ،‬ونمما ديت‬
‫بالجموع‪ ،‬فسرت حتى دخلت دغل‪ ،‬ووجدتهم في الهجرة‪ ،‬فهاجرنا من وسع‬
‫بل دهم سالمين‪ ،‬وأعاننا الفقيه أغال‪ ،‬والشيخ محمو د غر دم‪ ،‬وعلي جيممد قائممد‬
‫الجيمموش‪ ،‬وغيرهممم‪ ،‬فنزلنمما بغممد‪ ،‬فجعممل المنتسممبون إلممى الشمميخ مممن أهممل‬
‫ل للشهرين‪ ،‬ثم حجروا الناس عن الهجرة في‬ ‫الطراف‪ ،‬يهاجرون إليه إرسا ً‬
‫المحرم بأمر المير‪ ،‬فجعلوا يقطعممون علممى المهمماجرين الطممرق‪ ،‬ويأخممذون‬
‫أموالهم‪ ،‬وأعانهم على ذلك موالوهم التوارك‪.‬‬
‫فلم نزل هكذا‪ ،‬يلتحق بنا طائفة مممع عيممالهم وأممموالهم‪ ،‬وطائفممة بعيممالهم دون‬
‫أموالهم‪ ،‬وطائفة بأنفسهم دون عيال وأموال‪.‬‬
‫ثم إن الميمر لمما رأى أن النماس ل ينتهمون عمن الهجمرة‪ ،‬كتمب إلمى الشميخ‬
‫يأمره بالرجوع إلى موضعه دغل‪ ،‬يلتمس ذلك منه‪ .‬فكتب إليه الشمميخ أنممه ل‬
‫يرجممع هنمماك حممتى يتمموب الميممر‪ ،‬ويخلممص دينممه كممما ينبغممي ويتفممق هممو‬
‫والمسلمون على دين واحد‪ ،‬ويبسط القسط والعلد‪ ،‬وير د جميع ما سمملبوا مممن‬
‫الجماعة وما أسروا منهم‪ ،‬ليأمن الناس منه‪ ،‬فحينئذ يرجع إلممى محلتممه دغممل‪.‬‬
‫فسار بهذه الوثيقممة بريممده‪ ،‬ور د مممع وزيممر الميممر القمما دم علينمما بكتممابه‪ .‬فلممما‬
‫وصل إليه وقرأ عليه الكتاب وقد استحضممر جميممع وزرائممه وعلمممائه‪ ،‬جعممل‬
‫يسب الشيخ والجماعة‪ ،‬ويوغد عليهم‪ .‬واستفتى مممن حضممر مممن علمممائه فممي‬
‫أمر الشيخ وجماعته‪ ،‬فقممالوا لممه‪ :‬أنممت علممى الحممق‪ ،‬والشمميخ وجممماعته علممى‬
‫الضلل‪ .‬فكان كما قالت علماء اليهو د‪ ،‬حيممن سممألهم المشممركون‪ :‬مممن أهممدى‬
‫ل‪ ،‬يا معشر أهل الكتاب‪ ،‬نحممن أم محمممد؟ فقممال ابممن صمموريا‪ :‬أعرضمموا‬ ‫سبي ً‬
‫علينا دينكممم‪ .،‬فقممالوا‪ :‬نحممن ننحممر الكوممماء‪ ،‬ونسممقي الحجيممج‪ ،‬ونفممك العنمماة‪،‬‬
‫ونحفظ بيت ربنا‪ ،‬ونعبد ممما يعبممد آباؤنمما‪ ،‬ونصممل الرحممام‪ .‬فقممال‪ :‬وممما ديممن‬
‫محمد؟ قالوا‪ :‬صنبور‪ ،‬قطع أرحامنمما‪ ،‬واتبعممه السممراق الحجيممج‪ ،‬بنممو غفممار‪.‬‬
‫صيًبا‬ ‫ن بنُأوبنُتوا رَن عيِ‬ ‫ل‪ .‬فأنزل ال‪ " :‬رَأرَلَسْم رَترَر عيِإرَلى ااَّلعيِذي رَ‬ ‫قال‪ :‬لنتم خير منه وأهدى سبي ً‬
‫لعيِء رَأَسْهمرَدى‬ ‫ن رَكرَفمبنُروا رَهمبنُؤ رَ‬ ‫ن عيِلاَّلمعيِذي رَ‬ ‫ت رَورَيبنُقوبنُلو رَ‬ ‫غو عيِ‬ ‫طا بنُ‬ ‫ت رَوال اَّ‬ ‫جَسْب عيِ‬ ‫ن عيِباَسْل عيِ‬
‫ب بنُيَسْؤعيِمبنُنو رَ‬
‫ن اَسْلعيِكرَتا عيِ‬ ‫عيِم رَ‬
‫جمرَد رَلمبنُه‬ ‫ن رَت عيِ‬‫ل رَفرَل َسْ‬
‫ن ا بنُاَّ‬‫ن رَيَسْلرَع عيِ‬
‫ل رَورَم َسْ‬ ‫ن رَلرَعرَنبنُهبنُم ا بنُاَّ‬
‫ك ااَّلعيِذي رَ‬ ‫ل )‪ (٥١‬بنُأورَلعيِئ رَ‬ ‫سعيِبي ً‬
‫ن رَآرَمبنُنوا رَ‬ ‫ن ااَّلعيِذي رَ‬ ‫عيِم رَ‬
‫س رَنعيِقيمًرا )‪ (٥٣‬رَأَسْم‬ ‫ن الاَّنمما رَ‬ ‫ل بنُيَسْؤبنُتممو رَ‬ ‫ك رَفمعيِإًذا رَ‬ ‫ن اَسْلبنُمَسْلم عيِ‬ ‫ب عيِم رَ‬
‫صي ٌ‬ ‫صيًرا )‪ (٥٢‬رَأَسْم رَلبنُهَسْم رَن عيِ‬ ‫رَن عيِ‬
‫ل عيِإَسْبرَراعيِهيمرَم اَسْلعيِكرَتمما رَ‬
‫ب‬ ‫ضمعيِلهعيِ رَفرَقمَسْد رَآرَتَسْيرَنمما رَآ رَ‬‫ن رَف َسْ‬ ‫لم عيِمم َسْ‬ ‫عرَلى رَممما رَآرَتممابنُهبنُم ا بنُاَّ‬ ‫س رَ‬ ‫ن الاَّنا رَ‬ ‫سبنُدو رَ‬ ‫ح بنُ‬ ‫رَي َسْ‬
‫ظيًممما )‪] "(٥٤‬النسمماء[‪- .‬أور د هممذه الروايممة هكممذا‬ ‫ع عيِ‬ ‫حَسْكرَمرَة رَورَآرَتَسْيرَنابنُهَسْم بنُمَسْلًكمما رَ‬ ‫رَواَسْل عيِ‬
‫أحمد بن حنبل وابن جرير والن المنذر وغيرهم‪.‬‬
‫حدثني الخ المشارك التقي العابد المتفنن‪ ،‬أبو الحسن بن أحمممد‪ ،‬أنممه حضممر‬
‫الواقعة‪ .‬فكان ما حدثني أن الذي تولى القراءة‪-‬أعني قراءة كتاب الشيخ على‬
‫المير‪-‬زور وحرف كما شاء‪ ،‬وذكر أمورًا ل تطابق الحال‪ ،‬كل ذلك إغممراء‬
‫للمير على غزو الشيخ وجاعته‪ .‬ووافقممه علممى ممما زخممرف واخممترع وزور‬
‫من حضر من علمائهم السوء‪.‬‬
‫والخ التقي الصالح المعروف‪ ،‬بهداه حاضر‪-‬وكان قبل ممن ينصممح الميممر‬
‫ويوازره‪-‬وهو ساكت ل يقول شيئًا‪ .‬ثم إن قال المير لبريممد الشمميخ‪ :‬انفممذ ول‬
‫ل‪ ،‬وإذا بلغك ال إلى الشيخ‪ ،‬فأخبره بأني على التهئ والجهاز في‬ ‫أجد لك دلي ً‬
‫المسير‪ ،‬فليتأهب للقائي‪.‬‬
‫فخممرج البريممد هائممًا‪ ،‬ل يممدري أيممن يتمموجه‪ ،‬ولممم يجممد مممن يشمميعه‪ ،‬مممع أن‬
‫السو دانيين يقتلون كل من رأوه فلتيمًا‪ .‬ولممما خممرج مممن عنممده سمملك الشمممال‬
‫ل إلممى بلممدة آزر‪ .‬فلممما وصمملها‬
‫حتى وصل إلى الطبممل اغنبممل‪ ،‬فجعممل لممه دلي ً‬
‫تلطممف حممتى وصممل إلممى الشمميخ‪ ،‬فممأخبره بجميممع ممما كممان‪ ،‬وسممائر وزرائممه‬
‫حاضرون‪.‬‬
‫ثم إنه لما علمنا بالضرورة انقطاع حبممال المانممة بيننمما وبينهممم‪ ،‬وقممد أعممانهم‬
‫على عداوتنا جميع من هو على شاكلتهم من السو دانيين والتوارك‪ ،‬ولممم يبممق‬
‫لنا ملذ أو ملجأ في ملوك هذه البل د لتظافرهم على عداوتنا‪ ،‬وتعاقدهم علممى‬
‫ذلك‪ ،‬رومًا منهم لستئصالنا‪ ،‬اجتمعنا وشاورنا في أمرنا‪ ،‬وقلنا إنممه ل يتممأتي‬
‫ل من غير وال‪ .‬فبايعنا الشيخ على السمع والطاعممة فممي‬ ‫للناس أن يكونوا هم ً‬
‫المنشط والمكره‪ ،‬فبايع هو على إتباع الكتاب والسنة ليلة الخميس‪.‬‬
‫وأول ما بممايعه أخمموه المموزير عبممد المم‪ ،‬ثممم بممايعته‪ ،‬ثممم بممايعه المموزير عمممر‬
‫الكموني‪ ،‬ثم بايعه الكافة‪ .‬ثم إنه لما أصبحنا عقدت الرايات‪ ،‬ونفذنا إلى حفممر‬
‫الخندق‪ ،‬ونحن نتمثل بقوله‪:‬‬
‫وال لو ل ال ما اهتدينا‬ ‫ول تصدقنا ول صلينا‬
‫وأنزلن سكينة علينا‬ ‫وثبت القدام أن لقينا‬
‫إن الولى لقد بغوا علينا‬ ‫وإن أرا دوا فتنة أبينا‬
‫حتى حفرنا قدر استطاعنا‪ .‬ثم إنه كان قبممل مسممير البريممد إلممى القاضمماو‪ ،‬مممع‬
‫وزير المير‪ ،‬حين أكثر السو دانيون قطع الطرق للمهاجرين‪ ،‬هاج الجماعممة‬
‫يوم الخميمس علمى السمو دانيين المذين فمي تلمك الجهمة‪ ،‬فممالوا عليهمم بالقتمل‬
‫والسر والنهممب‪ .‬فلممما أصممبح يمموم الجمعممة قممام الشمميخ فخطممب النمماس فممأمر‬
‫بإطلق السارى ور د المنهوب‪ ،‬فأطلقوا ور د المنهوب إليهم‪.‬‬
‫ثم إنه كان قبل مسير البريد‪ ،‬كان يغزونا من عمممال الميممر‪ ،‬يسممتلبون النفممر‬
‫ويأسرون والشيخ يعرض عن ذلك‪ .‬فغزا خيل مرا داوس‪ ،‬وغزاخيممل‪-‬منتكممر‬
‫بزاغ ورمز‪-‬فقتلوا ونهبوا الموال‪ .‬والبريج إذ ذاك عند أميرهمم‪ .‬ثممم إنمه لمما‬
‫رجع البريد وأخبرنا بما جمرى هنماك أمرنما أميرنما وحفرنما الخنمدق‪ ،‬أنفمذنا‬
‫جيشنا إلى أطراف بلدهم‪ ،‬إلى موضع يقال له غنغ‪-‬بكسر الغين والنون‪-‬فلقي‬
‫الجيش كيدًا ونصرًا‪ ،‬فقتلوا‪ ،‬وأسروا ما شاء ال‪ .‬ثم إنه أنشأنا جيشًا آخر فممي‬
‫اثنين من شهر الربيع الول‪ ،‬وفخرجت بالرايات إلى المعسمكر‪ .‬فلممم يفجممأني‬
‫إل صائح‪ :‬السلح السلح‪ ،‬واصباحاه‪ .‬فغرزت الرايات حممتى يأخممذها أميممر‬
‫الجيش قائممد الجيمموش‪ ،‬فخرجممت صممامدًا إلممى الصممارخ‪ ،‬حممتى وصمملنا إليممه‪،‬‬
‫فوجدنا الخيل التي أغممارت قممد ولممت راجعممة‪ ،‬فاقتفينمما آثارهمما ممن الضممحى‪،‬‬
‫فلحقنا بهم بعد صلة العصر بثرم‪-‬بفتح المثلثة وإسكان الراء‪-‬ونحممن خمسممة‪.‬‬
‫فلم نلق كيدًا‪ ،‬فرجعنا من ورائهم بعد صلة المغممرب‪ .‬وقممد عطشممنا وعطممش‬
‫خيلنمما‪ .‬فممذبحنا مممن البقممر الممتي يخلفممون‪ ،‬فمصصممنا الفممرش‪-‬الكممرش وذهبنمما‬
‫راجعين‪ ،‬ولقينا بالجيش ناهضًا‪ ،‬فسار الجيش حتى غزاهممم فممي صممباح تلممك‬
‫الليلة‪.‬‬
‫وحدثني من حضر الواقعة أن الكفار لما سمممعوا بحسممهم تممأهبوا واسممتلموا‪.‬‬
‫ولقوهم فهزمهم المسمملمون حممتى وصمملوا إلممى ديممارهم‪ ،‬فأسممروا ونهبموا‪ .‬ثمم‬
‫مالوا إلى الماء فنزلوا فسقوا واستقوا حتى رووا‪ .‬ثم راحوا واستشهد في هذا‬
‫الغزو مؤذن الشيخ أحمد السو داني‪ ،‬والرجل الصالح بركند‪ .‬والحاصل أنه لم‬
‫يمزل يجمري بيننما وبينهمم وقمائع منمذ قمدم البريمد وقبمل قمدومه‪ ،‬ولمم يزالموا‬
‫يرسلون إلينا بالسرايا مثل كرفيا‪-‬بضممم الكمماف وإسممكان اراء‪-‬ونرسممل إليهممم‬
‫بالسرايا‪ ،‬حتى كانت هذه الوقعة المتقدم ذكرها‪.‬‬
‫ذكسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسر وقعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسة كسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسن ]‪[Konni‬‬
‫‪-‬بضم الكاف وتشديد النون‪-‬‬
‫وهي قرية جيل من السو دانيين‪ .‬ويقال أن أباهم غوبري‪ ،‬وأمهم مممن مماليممك‬
‫التور د‪ .‬قبيلتنا هذه‪ .‬ويقال أن قبيلتنا هذه ساكنوهم أول دخولهم في هممذه البل د‬
‫مدة طويلة‪ ،‬ثم تسلط عليهم أمير كن‪ ،‬محمد دمك‪-‬بفتح المدال وإسمكان الميمم‪-‬‬
‫فأغممار عليهممم غممدرًا‪ ،‬وذبممح مممن القممراء والعلممماء نحممو أربعيممن نفس مًا فممي‬
‫مساجدهم‪ ،‬وأسر الذراري‪ ،‬ونهب الممموال‪ ،‬فجل مممن ذلممك الرجممل الصممالح‬
‫محمد بن سعد‪ ،‬مع من التحق به‪ ،‬ونممزل بممرت‪-‬بفتمح الميمم والمراء وتشمديد‬
‫التاء‪-‬في بلد غلم‪-‬بفتح الغين وإسكان اللم‪-‬ووال أمير غوبر‪ ،‬ونزل بنوعال‪،‬‬
‫بقلب‪-‬بضم القاف واللم‪-‬والتحق بنو تحند‪-‬بفتممح التمماء وإسممكان الحمماء وضممم‬
‫النون‪-‬مع ممن معهمم بمأرض زنفمر‪ ،‬واسمتوطنوا تواغمام‪-‬بفتمح التماء والمواو‬
‫والغين‪.‬‬
‫ومنهم الستاذ ال ديب‪ ،‬العلمة التحرير‪ ،‬الفهامة المعروف بشمميخ‪ ،‬أخممذ عممن‬
‫قاضي العسكر يكنو‪ ،‬الفقيه المحدث موسى غيممر‪ ،‬وهممو عممن المممام اعلمممة‬
‫محمد البعاوي‪ ،‬وهو عن عند ال اثقة‪ .‬ثم رحل لكدز‪ ،‬وأخذ عن العلمممتين‪:‬‬
‫الشيخ والدرفان‪ ،‬وسعيد باش‪ .‬وأخذ أيضًا عن الشريفة آمنة‪ ،‬وعنه أخذ أخوه‬
‫ال ديب المتفنن المحدث المعروف ببممل سممميح‪ ،‬والممد ال ديممب النممبيه الجهيممذ‪،‬‬
‫العلمة المحدث إبراهيم بل‪ .‬ثممم إنممه تخلممف آخممرون فممي غربممي آذر‪ ،‬وخلممو‬
‫أرض كن‪.‬‬
‫ولنرجع إلى ما نحن بصد ده من ذكر وقعممة كممن‪ .‬وكممان مممن حممديثها أنممه لممما‬
‫رجع غزو متنكمر‪-‬بفتمح الميمم والتماء وإسمكان النمون وفتمح الكماف‪-‬اجتمعنما‬
‫للتخميس وقسم الربعة الخماس على الغنمين عسمر علينمما وتعممذر‪ ،‬لنشممار‬
‫المور وعدم ضبطها‪ ،‬وكثرة الخلئق‪ ،‬حتى ل يمكن كتبهم فممي ديمموان‪ ،‬مممع‬
‫انتشارهم حين رجوعهم‪ ،‬أخذ كل فريق إلى ناحيتهم وجمعنا ما قدرنا عليممه‪،‬‬
‫ووضعناه عند الخازن‪ ،‬عمر الكمون‪ ،‬وفكرنمما فممي قسمممه‪ ،‬فلممم يتفممق لنمما‪ .‬ثممم‬
‫خمسناه‪ ،‬ور د دنا إلى الغنمين الذين قدرنا عليهم ما بقي‪ ،‬فصالحوا فيما بينهم‪،‬‬
‫ولما انفصلنا مممن هممذا المممر أنشممأنا جيشمرَا‪ ،‬فخممرج يمموم الثنيممن فممي الربيممع‬
‫الول‪ ،‬وقد سمعنا بخبر مسير أمير غوقبر إلينمما‪ ،‬وأنممه بالمعسممكر‪ ،‬فشمماورنا‬
‫فممي أمممر الغممزو فمماتفق رأينمما بمسمميره وتعجيلممه‪ ،‬فخممرج الجيممش وعليممه مممن‬
‫أصممحال الشمميخ‪ ،‬محمممد غيممر‪-‬بفتممح الغيممن‪-‬فسممار بممه عشممية الربعمماء وليلممة‬
‫الخميس‪ ،‬فصبح الحصن صمبح الخميممس‪ ،‬فقمماتلوه أشمد قتممال‪ .‬واستشممهد ممن‬
‫المسلمين خلق كثير‪ .‬ثم فتح ال عليهم الحصن في العصر مممن اليمموم‪ ،‬فقتلمموا‬
‫رجمماله وسممبوا نسمماءهم وذراريهممم‪ ،‬واحممترق أكممثر عيممالهم فممي النممار الممتي‬
‫رموها‪ ،‬وقتلوا أمير البلد‪ .‬ثم إنهم لما فرغوا من الخصن أتاهم تمماركي‪ ،‬فقممال‬
‫لهم‪ :‬أ دركوا عيالكم‪ ،‬فقد خلفكم فيهم أمير غوبر‪ ،‬فإنه خرج من معسكره يمموم‬
‫الثلثاء‪ ،‬وبات ببور‪-‬بضم الباء‪-‬ثممم رحممل وحممل بغنممب‪-‬بفتممح الغيممن وإسممكان‬
‫النون‪-‬فنهض بالجيش محمد غير بغنب‪-‬فتح الغيممن‪-‬ورجعمموا يممومهم‪ .‬ثممم إنممه‬
‫قمنا غاية جهدنا ذلك اليوم وطلبنا القسم نكما ينبغي‪ ،‬فتعسر لجممل ممما ذكرنمما‬
‫قبل‪ ،‬مع ضيق الوقت‪.‬‬
‫ذكسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسر وقعسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسة كتسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسو‬
‫‪-‬بضم الكاف والتاء‪-‬‬
‫وهي أعظم وقعة بيننا وبينهم‪ ،‬وهي بمثابة يوم الفرقان‪ ،‬يوم التقى الجمعان‪.‬‬
‫وكان من حديثها أنه لما خرح بريدنا من عند أميممر غمموبر‪ ،‬أخممذ الميممر فممي‬
‫التأهب والجهاز وأرسممل إلممى أطممراف بل ده‪ ،‬وكممانت إخمموانه أميممر كاشممنة‪،‬‬
‫وأمير كنو‪ ،‬وأمير زكزك‪ ،‬وأمير دور وأمير أزبن‪ ،‬فأجابوه كلهم بما التمممس‬
‫منهم من مساعدته ومعاونته على كل من انتسب إلممى الشمميخ‪ .‬وأذنموا لمه فممي‬
‫الغزو‪ ،‬وأخذ كل واحد منهم يتأهب لغزو من انتسب إلى الشيخ في بلده‪.‬‬
‫ثم إنه لما أجابوه وأذنوا له في المسير ‪ ،‬وعاهدوه على المعاونة‪ ،‬خممرج يمموم‬
‫الحد إلى معسكر له من داخل الحصن‪ ،‬وبات ليلتين أو تسع ليال‪ ،‬ثممم خممرج‬
‫وسلك اليمين‪ ،‬وبات بنور‪ ،‬ثم رحل ونزل بغنب‪ ،‬كمما تقمدم‪ ،‬ثمم رحمل وحمل‬
‫بمكد‪-‬بفتح الميم والكال‪-‬ثم رحل ونزل بشار‪ ،‬ثمم رحممل ونمزل بجمان سمرك‪-‬‬
‫بفتح الجيم وإسكان النون وفتممح السممين وإسممكان الممراء‪-‬وبممات ليلممتين ينتظممر‬
‫بعض جنو ده‪ .‬وأقبل بجنو د ل يحصممى دععهممم إل المم‪ ،‬وانضمماف إليممه أكممثر‬
‫التوارك مشمرين‪ .‬ثم إنممه لممما بلغنمما مسمميرهم إلينمما بممالتواتر‪ ،‬خرجنمما صممباح‬
‫السبت‪ ،‬فعسكرنا قريبًا من ديارنا‪ ،‬وعلينا المموزير الكممبر‪ ،‬أخممو الشمميخ عبممد‬
‫ال‪ ،‬فنزل بنا قريبًا‪ .‬وظللنا يومنا ولممم نسمممع عممن خممبرهم شمميئًا‪ ،‬فرحنمما إلممى‬
‫ ديارنا فبتنا فيها‪ .‬ثم إنه غدونا صباح الحد إلى حيث ظللنا أمممس‪ ،‬فممإذا خيممل‬
‫من إخواننا الفلنيين خرجوا من عسكر الجيش مهاجرين‪ ،‬وقد خلفوا عيممالهم‬
‫في ديار الكفار‪ ،‬وهم أبو بكممر قائممد الخيممل الن‪ ،‬و دمممي‪-‬بضممم الممدال وكسممر‬
‫الميم‪-‬ويدمام‪-‬بكسر الياء والدال‪-‬وابن يمي‪-‬بكسر اليمماء الولممى وتشممديد ايمماء‬
‫الثانية‪.‬‬
‫وأخبرونمما أن الجيممش لممما نهممض ممن جممان سممرك‪ ،‬نمزل ميممداج‪-‬بفتمح الميممم‬
‫وإسكان الياء‪-‬وأنه نهض من ميداج إلى أغ‪-‬بفتح الهمزة والغين مع التشممديد‪-‬‬
‫أو إلى أيامي‪ ،‬يلدتان‪ .‬فرجعنمما إلممى الممديار فوجممدنا الشمميخ خارجمًا‪ .‬فممدعا لنمما‬
‫ل لممما‬‫وبشرنا بالنصر على الكفار‪ ،‬وشجع قلوبنا‪ .‬ثممم إنممه أمرنمما بممالخروج لي ً‬
‫سمعنا بنزولهم أيامي‪ .‬وكانت أيامي فريبًا منمما مسمميرة نصممف يمموم‪ .‬فخرجنمما‬
‫ل وبتنا قريبًا من ديارنا‪ ،‬وانتظرناهم يومنا متممأهبين‪ ،‬بيممن جبليممن بموضممع‬ ‫لي ً‬
‫يقال له ملب‪-‬بفتح الميم وكسممر اللم‪ .‬فظللنمما كلممما طممار أعصممار طرنمما إلممى‬
‫مراكزنا‪ ،‬وكلما رأينا دخانًا حتى أمسينا‪ ،‬فرجعنا إلى رحالنا‪ .‬وفي هذا اليمموم‬
‫التحق بنا جموع المسلمين الذين في آ در مع الفقيه‪ ،‬آغال‪ ،‬ومحمد بن الستاذ‬
‫جبريل‪ ،‬وجو د بن محمد وغيرهم‪ ،‬وفرحنا بقدومهم‪.‬‬
‫ثم إنه لما نزلوا أيامي ليلتهم‪ ،‬باتوا متعممبئين‪ .‬ثممم لممما أصممبحوا نهضمموا إلينمما‪،‬‬
‫فتلقاهم جموع العراب بجنبهم‪ ،‬فاقتتلوا ساعة‪ .‬ثمم هماجت سمحابة فمأمطرت‬
‫فرجعوا إلى معسكرهم واستكنوا‪ ،‬ولما انكشف السحاب نهضمموا إلممى جممموع‬
‫العراب فاقتتلوا هم وإياهم أشد قتال‪ .‬فهزموا العراب‪ .‬ولكن لم يكن يومئممذ‬
‫بأس‪ ،‬وهؤلء العراب رغبوا عن الدخول فينا وأخممذوا جممانبهم‪ ،‬فسمماق ال م‬
‫الجيش حتى نزل بساحتهم‪ ،‬وهم فممي عيمال‪ ،‬فجمرى مما جمرى‪ .‬ثمم إنهممم لمما‬
‫أصبحوا‪ ،‬وقد انحاز العراب وهربوا بعيالهم وبقرهم وسلكوا الغممرب‪ ،‬ولممم‬
‫يتوجهوا إلى الشمال حيث كنا نهض الجيممش‪ .‬واتبممع آثممارهم فجعلمموا يقتلممون‬
‫ويأسرون يومهم‪ ،‬حتى نزلوا بعد الغروب بكتوا وهوما‪ ،‬ليلة الخميس‪.‬‬
‫ثم إنه لما خرجنا يوم الربعاء‪ ،‬وانتظرناهم إلى الزوال‪ ،‬فلم نسمممع بحسممهم‪،‬‬
‫فخرجت في خيل فضربت حتى وصلت معسكرهم‪ ،‬فوجدت بعض العراب‬
‫الذين اختفوا في الغيال‪ ،‬فخبروني بأن الجيممش نهممض وتبممع آثممار العممراب‪،‬‬
‫وهو الن بقرب عيالكم‪ .‬فكررت راجعًا‪ ،‬فلقيت بالوزير وقد نهض بالجيش‪،‬‬
‫ونزل ببراغم‪-‬بفتح الباء والراء ممع الغيمما المعجمممة‪-‬فخمبرته بمما جمرى فكممر‬
‫راجعًا ومعه ما ل يحصيه إل ال‪ ،‬فرجعنا إلى ديارنا فعسكرنا يقرب الديار‪،‬‬
‫ل‪ ،‬حممتى تلحممق‬ ‫وبات أكثر الجند في ديارهم‪ .‬ثممم إنممه لممما أصممبح انتظممر قلي ً‬
‫الناس‪ ،‬فنهض بالجيش إلى كنو‪ ،‬ونحن بديارنا نشماهد المدخان‪ ،‬فسمرنا إليهمم‬
‫صباح الخميس‪ ،‬وعبأنا في السير حتى وصمملنا غممر دم‪-‬بضممم الغيممن وإسممكان‬
‫الراء وفتح الدال‪ .‬ثم ضربنا حممتى نزلنمما بقريممب مممن مممائهم الممذي هممو كتممو‪،‬‬
‫والجيش عليه فاسمتقينا ممن حيماض‪ ،‬ثمم نهضمنا إليهمم‪ ،‬وقمد سممعوا بحسمنا‪،‬‬
‫ورأى خيلهممم جمعنمما‪ ،‬وسممبق الفقيممه أغممال فممي خيممل‪ ،‬فممذا د جممموعهم عممن‬
‫ل‪ .‬ثم إنه لما قربنا منهم أخذنا في التعبئة‪ ،‬وجعلنا‬ ‫الحوض‪ ،‬واستلب منهم خي ً‬
‫نسير زحفًا زحفًا‪ ،‬وهم متعبئون واقفممون علممى مراكزهممم‪ ،‬قممد اسممتلموا فممي‬
‫جلئهم نحممو مائممة‪ ،‬وصممفوا الممدرق والمجممن وتهيئمموا‪ ،‬فبارزنمماهم فتراءينمما‪،‬‬
‫واكتحلت الحداق باالحممداق‪ ،‬فكبرنمما ثلثمًا‪ ،‬ثممم نهضممنا إليهممم‪ ،‬وقممد أنطقمموا‬
‫طبولهم‪ ،‬ونهضوا إلينا فالتقينمما سمماعة فحملممت ميمنتهممم علممى ميسممرتنا حممتى‬
‫خالطوهم وألجأوهم إلى القلب‪ .‬وحملت ميسرتهم علمى ميمنتنما كمذلك‪ ،‬فثبمت‬
‫القلممب منمما‪ ،‬فرممموا ورمينمما‪ ،‬وكممان قتالنمما إذ ذاك بممالرمي‪ ،‬فالخيممل ل تعممدو‬
‫عشرين ومعهم من الجيا د ما ل يحصمميه إل المم‪ .‬فلممما ثبممت قلبنمما تلحممق بممه‬
‫الميمنة والميسر‪ ،‬وقامت الحرب علممى سمماق‪ ،‬وتخممالط الصممفان‪ ،‬وهممزم ال م‬
‫الكفار‪ ،‬فولوا هاربين‪ ،‬وتفرقوا أبابيد وحممل المسمملمون علممى أكتممافهم يقتلممون‬
‫وينهبممون فقتممل منهممم ممما ل يحصمميه إل ال م تعممالى‪ ،‬فهممرب أميرهممم‪ ،‬وقتممل‬
‫صديقه‪ ،‬بيد ومتاج وغيرهم‪.‬‬
‫ثم إنه لما منح ال المسمملمين أكتممافهم تبعمموهم ليلهممم ويممومهم‪ ،‬ورجممع أميرنمما‬
‫الوزير على الماء فنزل فاستقينا‪ ،‬ثم رجعنا إلى معسكرهم فنزلنا حتى صلينا‬
‫العصر‪ ،‬ثم رحلنا إلى ديارنا فبتنا‪" ،‬فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد ل م‬
‫رب العالمين"‪ .‬وفي ذلك يقول الوزير عبد ال‪:‬‬
‫على قمع كفار علينا تجمعوا بدأت ببسم ال والشكر يتبع‬
‫ليستأصلوا السلم والمسمملمين‬
‫بل دهم وال في الفضل أوسع‬
‫من‬
‫تممموارك ممممع غممموبر ونيمممف‬
‫محزبهم وال يرأى ويسمع‬
‫سفيههم‬
‫بحرق وتخريب وأشياء تقطع فلما أتوا غنغنغ ما فيه أفسدوا‬
‫جموعمما مممن اعممراب والمممال وجاسمموا غياضمما فممي نجمموى‬
‫فقتلوا‬ ‫يجمع‬
‫عليهم جلل والقوانس ترفع فزا دهم كفرا وزا دوا تكبرا‬
‫ولبس شفوف يز دهيهم وخيلهم‬ ‫لها خيلء والزوابل شرع‬
‫لدي سينفي نيف بالذل يرجع فقلت وفألي مثل أمر محقق‬
‫وكنا انتظرناهم موضع بيننا‬ ‫ثلث ليل ثم أخرى نربع‬
‫ولما رأينا جبنهم عن جموعنا‬ ‫رحلنا إليهم واللواء مرفع‬
‫لكمممي يرجعممموكم نحمممو شمممرق فقيممل لنمما‪ :‬سمماروا إلممى كممت‬
‫غربكم‬ ‫فتجمع‬
‫فقلت‪ :‬النجا ل يسبقونا لجمعنا‬ ‫بعشر ربيع بدرها يتطلع‬
‫بغير دخول فيه والناس هجع وصلنا لهلينا فجاوزت منزلي‬
‫على السير بعد الين والجمموع‬
‫وليس معي إل قليل أطاعني‬
‫يلذع‬
‫نزلنا فصلينا إلى أن تجمعوا ولما رأينا الفجر ضاء عمو ده‬
‫قبيممممل زوال اليمممموم والجمممممع‬
‫فسرنا إلى غر دم وقد تم جمعنا‬
‫يوزع‬
‫رأوا جمعهمممم مثلمممي جماعتنممما فذ دنا جموع الكفر عن حوضه‬
‫وقد‬ ‫فعوا‬
‫فظنممموا محمممل الغيمممل ينصمممر‬
‫وأن الربا من ناصريهم ستنفع‬
‫جمعنا‬
‫طبولهم والجمع يدنو ويتبع ففروا إليها ثم صفوا وأنطقوا‬
‫رموا فرميناهم فولوا وأقشعوا إلى أن تراءينا وزا د اقترابنا‬
‫قد انكشفت عن شمس السمملم‬
‫فلم يك إل أن رأيت جهامهم‬
‫تلمع‬
‫بنصر الذي نصممر النممبي علممى‬
‫ببدر بجمع بلملئك يجامع‬
‫العدا‬
‫وأسيافنا وأراه طير وأضبع وكم من كمي جدلته أسهامنا‬
‫فجّزت فئوس رأسه يتقطع وكم ذي جلل صرعته أكفنا‬
‫لهم غير غيممل فممي دجممى الليممل‬
‫طر دناهم وسط النهار فلم يكن‬
‫مفزع‬
‫بريممم علممى اليممماء والشمممس‬
‫فجمع ظهري مع عشائيه ينفهم‬
‫تطلع‬
‫لكل الجهات قد تفرق جمعه‬ ‫بدا دًا ليوم الجمع ل يتجمع‬
‫علمممى رغمهمممم والممم يعطمممي‬
‫فخلوا لنا أموالهم ونساءهم‬
‫ويمنع‬
‫ونحممممن علىالسمممملم جمممممع‬
‫ولسنا بشيء غيره نترفع‬
‫تناصروا‬
‫قبائل إسلم فتورب قبيلنا‬ ‫فلتينا حوسينا الكل مجمع‬
‫علمممى نصمممر ديمممن الممم كمممان‬
‫وفينا سواهم من قبائل جمعت‬
‫التجمع‬
‫لعممرب فمممن روح ابممن عيممص‬
‫بنو تور أخوال الفلتين إخوة‬
‫تفرعوا‬
‫ومممن تممورب كممانت أمهممم هممي‬
‫وعقبة جد للفلتين من عرب‬
‫يجمع‬
‫وكن وريم نص الخبار يسمع فسل عنهم من حاربوا بمتنكر‬
‫ول تنهممموا فالصمممبر للنصمممر‬
‫فيا أمة السلم جدوا وجاهدوا‬
‫مرجع‬
‫وراجعكم بالعز والمال يرجع فقتلكم في جنة الخلد دائما‬
‫وليس لمر ال إنجاء مدفع فليس لما تبنى يد ال ها دم‬
‫وله أيضًا قصيدة أخرى‪:‬‬
‫أل من مبلغ عني لدا دي‬ ‫وزيد وكل ثاو في بل دي‬
‫ولة الكفر خوف فوات مال‬ ‫وطمع سلمة من ذي فسا د‬
‫بأن لم يبق بين المسلمين‬ ‫وبينكم علمات الو دا د‬
‫خذلتم جمع إسلم جهارا‬ ‫رضا منكم موالة العا دي‬
‫نسيتم ما قرأتم في الكتاب‬ ‫لذا أخطأتم سبل الرشا د‬
‫ألما يكفكم أن يثفقوكم‬ ‫ول يألونكم في ذا المرا د‬
‫إلمممى بنُبمممرَررَآبنُء عيِمَسْنبنُكمممَسْم يممما عبممما د‬
‫خبنُذوا ل‪..‬‬
‫ل رَتاَّت عيِ‬
‫كذلك ل تجد رَ‬
‫]الممتحنة ‪[3-1‬‬
‫رَبمرَرارَء ٌة فممافهموا صمموب السممدا د لواسعة رَورَلَسْو رَكابنُنوا وبدأ ]المائدة‬
‫‪[81‬‬ ‫]التوبة ‪[1‬‬
‫وليس لنا كلم في خليط‬ ‫لهم و د كبد وذاك با دي‬
‫ول تسأل عن أصحاب الجحيم‬ ‫كصاحب ناقة أهل الفسا د‬
‫تولى كبره يغضاً لدين‬ ‫فكان قدارهم وهم كعا د‬
‫وإنا في بل د ليس فيها‬ ‫سوى حكم الله على العبا د‬
‫أمير المؤمنين لنا أمير‬ ‫وصرنا كلنا أهل الجها د‬
‫نجاهد في سبيل ال دوما‬ ‫فنقتل أهل الكفر والعنا د‬
‫سلوا عنا مصا دمنا بغنغ‬ ‫متنكركن أيام الجل د‬
‫سلوا شيطان غوبر وهو ينف‬ ‫وهل لم ينف من بين البوا دي‬
‫وقد جمع الجموع لقطع دين‬ ‫ونا دى في المدائن كل نا دي‬
‫وفوقهم السوابغ من دروع‬ ‫وتحتهم العتاق من الجيا د‬
‫فساروا يقتلون ويأسرون‬ ‫ذوي السلم رومًا للفسا د‬
‫فلقيناهم يوم الخميس‬ ‫يغر دم قبل ظهر في النجا د‬
‫وقد ركزوا لحوماً حول نار‬ ‫وحازوا في الخيام عل العتا د‬
‫ثابًا من شفوف في صوان‬ ‫وأنواع البساط مع الوسا د‬
‫ول تسأل عن الكعك الخليط‬ ‫بسمن مع عسول في المزا د‬
‫نياما في النعيم فلم يرعهم‬ ‫سوى همس الرجالة والجيا د‬
‫وقاموا واستعدوا كل شيء‬ ‫لحرب ثم صفوا في عدا د‬
‫فسار لواؤنا يدنو إليهم‬ ‫وعا د لهم كغول في البجا د‬
‫فراميناهم ورموا نفوطا‬ ‫فصارت نارها مثل الرما د‬
‫كأن سهامهم ل نصل فيها‬ ‫وأسيفهم بأيد للجما د‬
‫كأن رماحهم بيدي عمي‬ ‫فولوا هاربين بغير زا د‬
‫تشتت جمعهم وهم عطاش‬ ‫حياري مثل غوغاء الجرا د‬
‫قتلناهم وحزنا كل مال‬ ‫لهم تركوه منثورًا بوا د‬
‫قتلنا قابغي وكذا تمدغي‬ ‫كذا ورو القياه في المبا دي‬
‫كذا أمثالهم تترى وكل‬ ‫شياطين وأشقاهم مغا د‬
‫ففر بل التفات ينف يعدو‬ ‫أمام خيوله تعدو بدا د‬
‫فأنفه من الموت المتاح‬ ‫تعلقه على عرف الجوا د‬
‫سوا د الليل صار له حصونا‬ ‫فبات ولم يذق طعم الرقا د‬
‫فوارسه عوابس في مروط‬ ‫عضضن على خيول كالقرا د‬
‫غياض بجو ظنوها قصورا‬ ‫فما بالوا بشوك أو قتا د‬
‫فلم يرجع لهم ثوب صحيح‬ ‫وكل قد تمزق في الوها د‬
‫فليسوا راجعين إلى قتال‬ ‫لنا فيها إلى يوم المعا د‬
‫أل أبلغ أنا الحسن بن أحمد‬ ‫مغلغة تبين بالمرا د‬
‫بأنا سوف نجمع للجها د‬ ‫جموعا من كوار إلى وطا د‬
‫تحل ببركها غار وتخشى‬ ‫جناحاها ر ديف إلى غل د‬
‫تفرح كل ذي قلب سليم‬ ‫وتحزن كل كفار الفؤا د‬
‫فإن ال ينصر ناصريه‬ ‫بوعد جاء من رب العبا د‬
‫وليس لنا سوى شكر اليا دي فوعد ال تم بنصر دين‬
‫تمام الخبر عن واقعة كتو‬
‫ولما هزم ال المشركين بكتو‪ ،‬وهرب أميرهم ينف‪ ،‬وخلى من الموال ما ل‬
‫يحصيه إل ال وغنمها المسلمون‪ ،‬فنزل بموضع يقال له رَتنرَبرَغرك‪-‬بفتممح التمماء‬
‫وإسكان النون وفتح الباء والغين المعجمممة وإسممكان المراء‪-‬ولقممي ممن تخلمف‬
‫عن الوقعة من بعض أقياله أمير غم‪-‬بضم الغين المعجمة‪-‬وهو الذي سبب له‬
‫غزو عبد السلم وجماعته بغنبنمما‪-‬بكسممر الغيممن وفتممح البمماء‪-‬حممتى همماج هممذا‬
‫المر وكانوا يجلون هذا القيل‪ ،‬فأمره على من التحمق بمه ممن الفمل‪ ،‬فعسمكر‬
‫هذا القيمل بشممول‪-‬بكسمر الشمين وضمم الميمم ممع التشمديد‪ ،‬والتحمق بمه ممن‬
‫جموعهم خلممق كممثير‪ ،‬وقممد انحمماز قممومهم مممن أهممل ذمتهممم مممن السممو دانيين‪،‬‬
‫ومممواليهم مممن الفلتييممن والتمموارك‪ ،‬وهربموا إلممى أقاصممي البلممد‪ ،‬وعسممكروا‬
‫هناك‪ ،‬أطمس قومهم بذلك‪ ،‬ورجعوا إلى ما حولهم‪.‬‬
‫ثم إنه لما رحعنا نحن إلى ديارنا‪ ،‬وقد ر د ال عنمما عممدونا‪ ،‬أقمنمما أياممًا ننظممر‬
‫في شأننا وندبر في أمورنا‪ ،‬ونجبر كسرنا‪ ،‬ونحتال في طلب القوت إذا أنهممم‬
‫ضيقوا علينا وضن عندنا القوت‪ ،‬لظافرة السو دانيين كلهم على عممداوتنا‪ ،‬فل‬
‫نمتممار فممي أي بلممدة مممن بل دهممم‪ ،‬ونحممن مهمماجرون‪ ،‬ليممس عنممدنا إل عيالنمما‬
‫ومواشينا‪ ،‬ول نقتات إل بما استلبنا من عدونا‪.‬‬
‫ذكر الطلب بعد الهزيمة والفل‬
‫ثم إنه اطمأنا أيامًا‪ .‬خرجت بالراية في طلممب القمموم‪ ،‬فسمملكت الشمممال‪ ،‬حممتى‬
‫نزلنا قريبًا من مهاجرنا‪ ،‬ثم إنممه أتممى إلينمما خيممل أغمماروا علممى أرض العممدو‪،‬‬
‫فخبرونمما أن العممدو كلهممم رجعمموا بعيممالهم ومراكبهممم‪ ،‬يحملممون المعيشممة‪،‬‬
‫وأغتروا بالعسكر الذي بجنبهم‪ ،‬وكان بيننا وبين العسكر حين خبرونا نصف‬
‫يوم‪.‬‬
‫ولما أصبحنا عبأنا الجيش‪ ،‬وأرسلنا بالسممرايا والغممارات علممى أرض العممدو‪،‬‬
‫فقتلوا وغنموا ما شاء ال‪ ،‬واحتملوا القوت‪ ،‬فسرت بهم حتى وصلت محلتنمما‬
‫التي هاجرنا منها‪ ،‬وعممبرت حممتى نزلممت قريبمًا مممن عسممكرهم‪ .‬ثممم إنهممم لممما‬
‫ل‪ ،‬فلقيمت بالسمرايا فرجعمت ممذعورة إلمى أميمر غمم‪،‬‬ ‫سممعوا بنما أنفمذوا خي ً‬
‫وأخبروه بكثرة الجيش وجده فانتقل بهم من شمول هرب مًا‪ ،‬حممتى نممزل كوتمما‪-‬‬
‫بفتح الكاف والواو مع التشديد‪.‬‬
‫ولما سمعت بهروبهم رجعت بممالقوم‪ ،‬وقممد غنممموا فلقينمما بغنممدو‪-‬بضممم الغيممن‬
‫المعجمة وإسكان النون وضم الدال‪-‬طائفمة ممن العمدو‪ ،‬وخرجموا ممن كنمب‪،‬‬
‫وهم من فل كتوا‪ ،‬فتوجهوا لبدهم‪ ،‬فجالممدناهم واستأصمملناهم‪ ،‬ثممم سممرنا حممتى‬
‫وصلنا ديارنا‪ ،‬بحمد ال وحسن عونه‪.‬‬
‫ذكر غزوة مني‬
‫وكان من حديثها أنه لما رجعنا من الطلب‪ ،‬اجتمعنا وشاورنا في أمرنا فاتفق‬
‫رأينا في إنفاذ الجيش إلى عسكرهم إن أمكن لنمما‪ ،‬فخممرج الجيممش حممتى نممزل‬
‫بمتنكر‪ ،‬بجنب مائها‪ ،‬فإذا خيل من العدو غزت على أطممراف بل دنمما‪ ،‬فقتلمموا‬
‫وأسممروا قريبمًا مممن معسممكرنا‪ ،‬ثممم إنممه نهممض الجيممش علممى آثممارهم واقتفممى‬
‫آثارهم‪ ،‬حتى صبح عسكرهم كوتاو‪-‬بفتح الكاف وتشديد الواو‪ .‬ولما أبصروا‬
‫بالجيش انحاز أكثرهم وسلك طريق مكممد‪ ،‬وتبعهممم الجيممش يمموم ذلممك‪ ،‬فنممزل‬
‫جيشنا بمكد‪ ،‬ونزلوا بكممرار‪ .‬وقمد جممرى بينممه وبينهممم محمماورات‪ ،‬ثممم نهممض‬
‫الجيش صباح ذلك اليوم إليهم وسلك الطريق حممتى وصمل إلممى كممرار‪ ،‬وبهمما‬
‫جمعهمم‪ ،‬فحسمهم عنهما‪ ،‬فنمزل الجيمش علمى مائهما يستسمقي‪ ،‬فتبعهمم الخيمل‬
‫وبعض الرجال‪ ،‬حتى وصلوا بهم إلى جنب الجبال‪ .‬فثبت لهم العدو‪ ،‬فاقتتلوا‬
‫ساعة‪ ،‬فانحاز المنافق ثنب‪-‬بفتح المثلثة وإسكان النممون‪ ،‬كممابش‪-‬بفتممح الكمماف‬
‫والباء‪-‬في خيل له‪.‬‬
‫ولممما رأى العممدو اكشممافه ثممابت خيممل المشممركين‪ ،‬فمممالوا علممى بقيممة الخيممل‬
‫والرجالمة‪ ،‬فكممانت الهزيممة فاستشممهد جماعممة ممن القمراء والصملحاء‪ ،‬حممتى‬
‫انتهى الفل إلى الجيش‪ ،‬فنهض قائد الجيش‪ ،‬وثبت لهم وسممار الجيممش إليهممم‪،‬‬
‫فهزمهم حتى وصل بهم إلى المعركة‪ ،‬فحسهم عنها‪ ،‬فتفرقوا عبا ديد‪ ،‬ثممم إنممه‬
‫عبأ بالجيش إلى مني‪ ،‬ونزل بها سمماعة مممن نهممار‪ ،‬وقممد أغممار الجيممش علممى‬
‫نواحيهمما‪ ،‬وأصمماب غنممائم وحمممل قوتممًا‪ ،‬فممراح وبممات قريبممًا منهمما‪ ،‬وكممان‬
‫المشركون لما سمعوا بالجيش أرسلوا إلى أميرهم يطلبون منه المد د‪ ،‬فأمدهم‬
‫بكل من تخلف منهم‪ ،‬وكانوا في هذه اليام ينتظرون المد د‪.‬‬
‫ولما راح الجيش من مني‪ ،‬لحق بهم مد د‪ ،‬فجاءوا بجمممع ل يحصمميه إل المم‪،‬‬
‫وحملوا من عد دهم معهم كثيرًا‪.‬‬
‫ولما أصبحوا نهضوا إلى جيشنا وتبعوا آثاره‪ ،‬وكان الجيش لما انتقل افممترق‬
‫ثلث فرق فأخذ المنافق طريقه مع جمع‪ ،‬وسلك اليمين‪ ،‬وتوجه لبل ده‪ ،‬وأخذ‬
‫أهل آ در من جماعة الفقيه أغال طريقهم فسلكوا الشمال‪ ،‬وأخممذ قائممد الجيممش‬
‫الطريق المتوسط‪ ،‬ونحى بل دنا "غد"‪ .‬فلما وصمملوا إلممى هممذا المحممل سمملكوا‬
‫طريق قائد الجيش‪ ،‬فلحقوا بهممم بعممد الضممحى‪ ،‬وسممار الجيممش وهممم يقمماتلونه‬
‫ل وخلفًا إلى الظهيرة‪ ،‬ولمم يكمن يمأس فمامتنع الجيمش عنهمم كلمما‬ ‫يمينًا وشما ً‬
‫صممالوا عليممه ثبممت لهممم رجممال‪ ،‬وثبتمموا حممتى أيسمموا منممه‪ ،‬فرجعمموا خممائبين‬
‫خاسرين حتى وصلوا غد‪ ،‬في عافية‪.‬‬
‫تمام الخبر في مقامنا بغد‬
‫ثم إنه لما سمار الجيممش إلممى "منممي" فممي ممدة قليلمة‪ ،‬ور د علينمما بريمد "غمد"‬
‫و"لغ" وأمير " دنك" وأمير "برم" وأمير "مفر" كلهم بالتهنيئة‪ ،‬وكممان أميممر‬
‫"برم" و"مفر" و" دنك" قبل هذا الجها د بغاة على أمير "غوبر"‪ ،‬ولما وصل‬
‫إليهم الخبر بما صنع ال للمسلمين فرحوا بذلك جدًا‪ ،‬ورغبمموا فينمما لعممدواتهم‬
‫له‪ ،‬ل رغبة فممي السمملم‪ ،‬فممداريناهم علممى ذلممك لشممدة احتياجنمما إلممى الميممرة‬
‫فأطلقوا إلينا عيرهم وتجارهم‪ ،‬وانتفعنا بذلك‪.‬‬
‫ولما رجع إلينا الجيش وقممد اشممتد بنمما الجمموع‪ ،‬وبلممغ كممل مبلممغ حممتى ل تكمما د‬
‫تتجمع الميرة من بعيد‪ ،‬أرسلني الواللممد إلممى الخ محمممد مويممج أميممر "كممب"‬
‫وهو ببلدة "ياب"‪ ،‬أنه يريد اللحوق بجماعته بها ليتسعوا في الميممرة‪ ،‬فأجمماب‬
‫إلى ذلك‪ ،‬وشرع في جهاز الشيخ‪ ،‬ووجدته أنه قد نصر على ما يليه مممن بلممد‬
‫العدو‪ ،‬ووسع كثيرًا‪ ،‬ثم ذهبت راجعًا فلقيت بالشيخ والجماعممة‪ ،‬فسممرنا حممتى‬
‫وصلنا بجنب البحر‪ ،‬فتأخر هناك أيامًا‪.‬‬
‫وكان العدو لما رجعوا مممن وراء الجيممش‪ ،‬سمماروا إلممى حصممن لهممم يقممال لممه‬
‫" دان غيد"‪-‬بفتح الدال وإسكان النون وكسر الغين‪-‬وأنشأوا جيشًا فغممدوا إلممى‬
‫أطراف جماعتنا في "ركن"‪-‬بكسر الراء والكاف وفتح النون فأصممابوا بقممرًا‬
‫وسبوا‪ ،‬فخرج إليهم الطلب فأنقذ بعض ما أصممابوا وغنممموا مممن خيممل العممدو‬
‫نحوًا من سبعين‪ ،‬وذهبوا بالبعض‪ ،‬ثم إنهم لممما وصمملوا إلممى حصممنهم‪ ،‬سمممع‬
‫أمير "غم" قائممدهم أن أميمر " دنممك" خلفمه فمي عيماله فقسممم الجيمش قسمممين‪،‬‬
‫وخلف بعضه في الحصممن‪ ،‬وسممار بممالبعض حممتى هجممم علممى أميممر " دنممك"‬
‫وجنوجه فشتتهم‪ ،‬وسكن بالجيش هناك‪.‬‬
‫ثم إنمه لممما تممأخر الشمميخ أنشممأ جيشمًا إلممى حصممنهم وبقيممة عسمكرهم‪ ،‬فخممرج‬
‫المنممافق "ثنممب كابشممي" فسممار بممالجيش حممتى وصمملنا الحصممن بعممد صمملة‬
‫العصممر‪ ،‬فخممرج عسممكرهم وكمممن فممي ناحيممة‪ .‬فسممار الجيممش وأخممذ يقاتممل‬
‫الحصن‪ ،‬ونحن نظن أنهم فممي الحصممن‪ .‬ثممم خرجمموا علممى الجماعممة‪ ،‬فكممانت‬
‫الهزيمة حتى انتهت إلى قائد الجيش‪ ،‬وتلحق الناس وغنمنمما منهممم‪ ،‬فغربممت‬
‫الشمس فنهضت بالجيش ونزلت به قريبًا من الحصن فبتنا‪.‬‬
‫ولما أصبحنا عبأنا للقتال‪ ،‬فغرونا بالصلح والمانة‪ ،‬وطلبوا منمما النصممراف‬
‫حتى يتأتي لهم الرسال إلينمما‪ ،‬فانصمرفت بمالجيش راجعمًا‪ ،‬فلممم ينقمض ذلممك‬
‫ل‪ ،‬فذهبنا إلى محلنا في‬ ‫اليوم حتى غدروا بنا وقتلوا من تأخر عن الجيش قلي ً‬
‫عافية‪.‬‬
‫ثم رحل الشيخ وجماعته حتى نممزل "بمغبممش"‪-‬بفتممح الميممم والغيممن وإسممكان‬
‫الباء‪-‬بقية فصل الربيع‪ ،‬وبها كاتب ملوك بل دنا السو دانية‪ .‬فمن جملة مما فمي‬
‫وثائقه أن بين لهم ما هممو فيمه مممن نصممر الحممق علممى الباطممل‪ ،‬وإحيمماء لسممنة‬
‫وإخما د البدعة‪ ،‬وطلب منهم أن يخلصوا لم دينهممم وأن يتممبرأوا مممن كممل ممما‬
‫يخالف الشرع ويصا دمه‪ ،‬والتمس منهم أن يساعدوه على جهمما د عممدوه‪ ،‬وأل‬
‫يغتروا بكلم عدوه فيه‪ ،‬فيسمماعدوا العممدو عليممه فيعمهممم الم بممالهلك بسممبب‬
‫ذلك‪ ،‬لن ال أقسم‪ :‬لينصرن المممؤمنين وليخزيممن الكممافرين‪ ،‬فسممار بالوثممائق‬
‫عبممد الرحمممن بممن العلمممة‪ ،‬زمنمموا والمصممطفى‪ .‬فلممما أوصمملوا وثيقممة أميممر‬
‫"كاشنة" ونظر إليها أخذته العزة فمزقها‪ ،‬فمزق ال ملكه‪.‬‬
‫ولما أوصلوا وثيقة أمير "كنوا" كا د أن يقبل‪ ،‬ثم أبى وسلك ما سلك إخوانه‪.‬‬
‫ولما أوصلوا وثيقة أمير "زكزك" قبل وتاب‪ ،‬وأبى عليه قومه‪ ،‬فقمماتلهم فقممام‬
‫على ذلك مدة عمره‪ .‬ولما مممات بغمموا علممى المسمملمين‪ ،‬وارتممدوا‪ ،‬وكممان مممن‬
‫أمرهم ما كان‪.‬‬
‫وفي هذا العام أنشأ منها سممرايا إلممى أرض العممدو‪ ،‬منهمما سممرية محمممو د إلممى‬
‫"كيمي"‪-‬بفح الكاف وإسكان الياء وكسر الميم‪.‬‬
‫تمام الخبر من اتنقالنا من غد‬
‫ثم إنه لما انتقلنا من "غد" وخلفنا الممذين بشمممالنا مممن جماعممة الشمميخ السممتاذ‬
‫أغال‪ ،‬صاحب الشيخ‪ ،‬والفقيه محمدان‪ ،‬والمموالي الكاشممف محمممد تكممر‪-‬بضممم‬
‫التاء والكماف‪-‬و"جمو د"‪ ،‬واجتمعموا‪ ،‬وحلمموا ثنيمة بيمن "آ در وغموبر" وكمان‬
‫العدو علموا بمقامهم هناك‪ ،‬فنصممب لهممم أميممر غمموبر عسممطرًا آخممر بجنبهممم‬
‫وجعل يمدهم بالمدا د‪ ،‬وكلما وصل اليهم مد د نهضوا إلممى الجماعممة فيممدرهم‬
‫ال عن الجماعة‪ ،‬فينهزمون‪ ،‬ولم يزالوا هكذا نحو سبع غزوات‪ ،‬حمتى أفنممى‬
‫الجماعممة أكممثرهم‪ ،‬فحينئممذ نهممض الجماعممة إلممى غزوهممم‪ ،‬فغممزوا أرض‬
‫"غدو"‪--‬بفتح الغين المعجمة وضم الدال‪-‬و"غلم"‪-‬بفتح الغين وإسممكان اللم‪-‬‬
‫و"زنغلم"‪-‬بكسر الزاي وإسكان النون وكسر الغين المعجمة‪-‬و"تاكس"‪-‬بضم‬
‫الكاف‪ ،‬فاستصعب عليهم "تاكس" وهزمهم بعض الهزيمممة ولممم يكممن بممأس‪،‬‬
‫وغزوا حتى وصلوا "كرفي"‪-‬بضخ الكاف وإسممكان الممراء‪-‬نصممف يمموم مممن‬
‫"الغاضا"‪ ،‬ورجعوا لمحلهم‪ ،‬وكان إذ ذاك ل يسمممعون بأخبارنمما‪ ،‬ول نسمممع‬
‫بخبرهم لحاطة العداء بهم وكثرة المياه‪.‬‬
‫رجوع الشيخ إلى أرض العدو من أهل غوبر‬
‫ثم إنه لما حان وقت الخريف اجتمعنا وشمماورنا فمي أمرنمما‪ ،‬فماتفق رأينمما فممي‬
‫الرجوع إلى أطراف بل د العدو بعيالنا‪ ،‬ليمكن لنا غزوهم‪ ،‬فانتقل الشيخ مممن‬
‫"مغبش" ونزل إلى "سيف"‪-‬بكسر السين وإسكان الياء وفتح افاء‪ ،‬ثممم خممرج‬
‫فنزل "بركن"‪ .‬فخرج سرية عليها عبد السمملم‪ ،‬فمماحتملوا قوتمًا‪ ،‬ثممم خرجممت‬
‫سرية أخرى فالحتملت أيضًا قوتمًا‪ ،‬ثممم انتقممل ونممزل "بسممكت"‪-‬بضممم السممين‬
‫والكاف مع التشديد‪ ،‬وتأخر هناك أيامًا‪.‬‬
‫ذكر غزوة "دن غد" افثانية‬
‫ثم إنه كان أمير "غم" أرسل إلى الشمميخ وطلممب أن يصمملح بينممه وبيممن أميممر‬
‫"غوبر"‪ .‬فأجاباه الشيخ إلى ذلك‪ ،‬فأرسل أمير "غم" إلممى أميممر "غمموبر" أن‬
‫وجه إلى الشيخ من وزرائك بريدًا‪ ،‬واصممطلح مممع الشمميخ‪ ،‬وأعطممه ممما يريممد‬
‫منك‪ ،‬فإنا ل نقدر على أمممره‪ ،‬فمموجه وزيممره الكممبر "غل ديممم"‪ ،‬وكممان بينممه‬
‫وبيممن الشمميخ موافقممة وهممو رجممل عاقممل يحممب الشمميخ‪ ،‬فضمميعوه ]فضمميفوه؟‬
‫فضيقوه؟[‪.‬‬
‫ولممما ضمميقنا عليهممم راجعمموه ووازروه‪ ،‬ولممذلك وجهمموه إلينمما‪ .‬فلممما نممزل‬
‫"بسكتوا" عازمًا علممى إنشمماء الجيممش إلممى " دار غممد" ور د علينمما يمموم ذلممك‪،‬‬
‫وأخبر الشيخ أن أمير "غوبر" ندم وعزم أن يقبل على الشيخ كل خلة طلبهمما‬
‫منه‪ .‬فاجتمعنا وشاورنا في أمرهم‪ ،‬فاتفق رأينا أن يجتهد المير ويسممير إلممى‬
‫الشيخ بنفسه‪ ،‬ويأخذ من الشيخ كل ما يريد‪ ،‬ولم نتكتممف بقممدوم المموزير علممًا‬
‫منا بأحوالهم‪ ،‬ومكايدهم‪ .‬فقبل منا ذلك الوزير‪ ،‬فضرب له الشيخ مدة يسيرة‪،‬‬
‫وأمنهم ما خل " دان غد"‪ ،‬فقبلوا ذلك منا‪ .‬فخرج الجيش إلى " دان غممد" يمموم‬
‫الخميس‪ ،‬فصحبهم بكرة الجمعة‪ ،‬فلم يكن بممأس أن فتممح ال م علينمما الحصممن‪،‬‬
‫فقتلنا وأسرنا ونهبنا‪ ،‬ولم تكن غنيمة مثلها‪ ،‬ثم كففنا أيدينا عن أرضهم‪ ،‬علممى‬
‫ما شرطناهم وعاقممدناهم‪ .‬فممذهب ذلممك المموزير حممتى وافممى الميممر‪ ،‬وأخممبره‬
‫بجميع المور‪ ،‬فكا د أن يقبل منه‪ ،‬فجمممع أهممل مشممورته‪ ،‬فمماتفق رأيهممم علممى‬
‫عدم مسيره وإنفاذ البر داء‪ ،‬فأنفذوا الشيخ الشريف "باب"‪ ،‬وكممان محصممورًا‬
‫عندهم مع قومه‪ ،‬فوافى‪ .‬وقد نزل الشيخ "بتبر"‪-‬بفقتح التمماء واإسممكان البمماء‪.‬‬
‫فأخبره بإباء المير عن المسير‪ ،‬وطلبه المصلحة هكذا‪ ،‬فلممم نقبممل علم مًا منمما‬
‫عرَلممى سرَمرَوا ٍء"‬
‫خرَيارَنمًة رَفاَسْنعيِبمَسْذ عيِإرَلَسْيعيِهمَسْم رَ‬
‫ن رَقمَسْو ٍم عيِ‬
‫ن عيِمم َسْ‬
‫خممارَف اَّ‬
‫بمكائدهم وخيممانتهم "رَوعيِإاَّممما رَت رَ‬
‫]النفال ‪ .[58‬فنبذنا إليهم عهممدهم‪ .‬فرجممع الشمميخ الشممريف "بمماب" واحتممال‪.‬‬
‫فخرج منهم إلى الجماعممة‪ ،‬ثممم إن الشمميخ أنشممأ غمزوة إلممى "كيمممي" لرجمموع‬
‫العداء إليها‪ ،‬وأنشأ آخر إلى "غنغرم"‪-‬بضم الغينين المعجمتين مممع إسممكان‬
‫النون‪ .‬فخرجت بهم إلى "غنغرم"‪ ،‬وقممد اجتمممع فيهمما العممدو‪ ،‬وتحصممنوا فممي‬
‫عيالها‪ ،‬ففتحها ال علينا‪ ،‬وغنمنا أكثر مممن غنيمممة " دان غممد"‪ .‬ورجعنمما وقممد‬
‫رجع غمزو كيممي بالنصممر والغنيممة‪ ،‬وعليهممم محممو د غمر دم‪ .‬ولممما رجعنمما‬
‫ورجع غزو محمو د انتقل من "ثبر ]تبر[" إلى "كرار"‪ .‬فنممزل بهمما‪ .‬وانضممم‬
‫إلينا جماعة الفقيه أغال‪ ،‬ومن معه‪ ،‬وجماعة الكشناويين‪.‬‬
‫وكان من حديثهم أن سلطان كاشنة‪ ،‬لما سمع بما وقممع لميممر غمموبر بعممد ممما‬
‫عاقممدوه وأذنمموا لممه‪ ،‬أمممر عممماله بغممزو جميممع مممن انتسممب إلممى الشمميخ‬
‫واستئصالهم‪ .‬فجعلوا يقتلون ويأسرون‪ ،‬فنفر أولئك الجماعممة يممأوي بعضممهم‬
‫إلممى بعممض حممتى صمماروا جماعممة‪ ،‬فجعلمموا يممدافعون عممن أنفسممهم‪ ،‬ووصممل‬
‫بعضهم إلى "مستماطي"‪ ،‬فتحصنوا بها‪ .‬ووصل بعضهم إلى "مممدب"‪-‬بفتممح‬
‫الميم والدال‪ .‬ثم توجهوا إلينا حتى دخلوا بلممد "زنفممر"‪ .‬ثممم خرجمموا ووصمملوا‬
‫إلينا "بكرار"‪ .‬وقد قطعوا الفيافي مسميرة شممهر‪ ،‬ولقمموا مممن العممدو الزحمموف‬
‫الكثيرة‪ ،‬ثم إنه اجتمعنا وشاورنا في أمرنا‪ ،‬فاتفق رأينا على إنقاذ العزو إلممى‬
‫ضواحي "حصن القاضاو" ليتمكن الوصول إليه‪.‬‬
‫ذكر غزوة بور‬
‫وكان من حممديثها أنممه لممما اجتمعنمما وشمماورنا فممي غممزو ضممواحي القاضمماو‪،‬‬
‫واتفق رأينا على إنفاذه‪ ،‬خرجنا‪ ،‬وعلينا علي جيد‪ ،‬قائد الجيوش‪ ،‬حتى نزلنمما‬
‫"مني"‪ .‬ثممم سممرنا وأغرنمما غربممي الحصممن‪ ،‬ووجممدنا الكفممار متحصممنين فممي‬
‫"غيال"‪ ،‬ففتحها ال علينا‪ .‬ولم نرجع حممتى وصمملنا "بممور"‪-‬بضممم البمماء ون‪-‬‬
‫نصف يوم من "القاضاو"‪ .‬وكان إخواننا من أقيال الفلتيين الذين مع الكفممار‬
‫بجنب الحصن من ناحية اليمين‪ ،‬قد أرسلوا إلينا بإسمملمهم‪ ،‬وقممد التحممق بهممم‬
‫من المسلمين المهاجرين والفرارين الذين تسلط عليهم العدو‪ ،‬وممن له نسممبة‬
‫إلينا‪ ،‬أو كان فلتيًا‪ .‬فأغاروا في ذلك اليوم حتى وصمملوا إلممى "جممرو" فريب مًا‬
‫من الحصن جدًا‪ .‬فرجعنا ورجعوا‪.‬‬
‫ذكر غزوة القضاو الولى‬
‫وكان من حديثه أنه لما رجعنا من غزو ضممواحيها الغربيممة‪ ،‬وغممزو إخواننمما‬
‫ضواحيها اليمانية‪-‬وقد التحق بنا الخ الصالح "نمو د" بجماعته‪ ،‬وأغار على‬
‫شرقي الحصن وأبلى‪-‬اجتمعنا وشمموارنا فممي أمرنمما‪ .‬فمماتفق رأينمما علممى قتمماله‬
‫والمسير إليه‪ ،‬مع أنه اجتمع فيه من جنو دهم وقومهم ما ل يحصمميهم إل المم‪،‬‬
‫ونحن قد التحق بنا كل من تخلف عنا من إخواننا‪ ،‬ممن كان محصورًا فيهمما‪،‬‬
‫فخرجنا مستهل شعبان‪ ،‬فنزلنا "بمني"‪ ،‬ثم رحلنا وعلينا الوزير الكممبر عبممد‬
‫ال‪ ،‬حتى نزلنا "بمور"‪ ،‬وأخرنما حمتى تلحمق النماس‪ .‬ثمم سمرنا حمتى نزلنما‬
‫"غاذك"‪ ،‬فأعجل قائد الجيش حتى لحق بالمقدمة‪ ،‬فوجممدناهم قممد أعممدوا لكممل‬
‫ناحية طائفة‪ ،‬وخرج عسكرهم فحمممل علممى ميسمرتنا فثبتمت‪ ،‬فماقتتلوا سماعة‬
‫وأهل الحصن يرمون بالسهام من ناحية والعسكر يقالت مممن ناحيممة‪ ،‬فأعاننمما‬
‫ال عليهم فهزمنا عسكرهم‪ ،‬وقد أصيب العم في رجلممه فمنحنمما الم أكتممافهم‪،‬‬
‫فاستحر القتل فيهم‪ ،‬ثم إن ميمنة الجيش بقيت على مقاتلممة الحصممن يمموم ذلممك‬
‫واتبعنا نحن آثارهم‪ ،‬ثم رحنمما إلممى المعسممكر الممذي أتينمما منممه‪ ،‬وأرسمملنا إلممى‬
‫الميمنة فلحقونما فخمرح خيمل المشمتركين لمما رحلنما‪ ،‬فكمنمت فمي خيمل ممن‬
‫ناحية‪ ،‬حتى أ دركوا مؤخرة الجيش‪ ،‬فحملنا عليهم فر دهممم المم‪ ،‬وكممانت خي ً‬
‫ل‬
‫عظيمة فوافينا الجيش وقممد نممزل بالمعسممكر‪ .‬ولممما أصممبحنا بعثمموا إلينمما خي ً‬
‫ل‬
‫عظيمممة وظننمما أن أميرهممم خممرج إلينمما‪ .‬فثممار الجيممش إليهممم‪ ،‬فتلقنمماهم خيلنمما‬
‫فانهزموا وتبعممت آثممارهم‪ ،‬فسممار جيشممنا حممتى نممزل "زغممرب"‪-‬بضممم الممزاء‬
‫والغين‪-‬بجنب الحصن من ناحيممة اليميممن‪ ،‬وبتنمما ثلث ليممال‪ ،‬ثممم سممرنا لقتممال‬
‫الحصن‪ ،‬فنزلنا وعبأنا للقتال يوم الحد‪ ،‬وقاتلنمماهم أشممد قتممال‪ ،‬حممتى كمما د أن‬
‫يفتح لنا‪ ،‬واستشهد من جماعتنا خلق كثير‪ ،‬وقتلنا منهم كذلك حتى الغممروب‪،‬‬
‫فرجعنا إلى المعسكر‪.‬‬
‫ثم إن التمموارك كممانوا ينممافقون يممأتون ويقولممون‪ :‬آمنمما وإذا خلمموا إلممى الكفممار‬
‫السممو دانيين قممالوا‪ :‬إنمما معكممم‪ ،‬ولممما حضممروا الوقعممة الوولممى رجعمموا إلممى‬
‫رحالهم واجتمعوا وخلفوا في عيالنا يغيرون‪ .‬فكتب إلينا الخ الصالح منهممم‪،‬‬
‫أحمد بن حيدرة‪ ،‬وأنذرنا منهم وأخبرنا بما هم فيهم‪ ،‬فنهض بالجيش المموزير‬
‫إلى عيالنا‪ ،‬وتخلفت فممي الخمموان الممذين بجنممب اليميممن لئل ينتشممروا‪ ،‬فبقينمما‬
‫نجاهد العدو‪ ،‬يغيرون علينا‪ ،‬ونغير عليهم حتى سار الجيش والتحق بالعيال‪.‬‬
‫وفي ذلك المقام أنشأت سرية إلى "أكي"‪-‬بفتح الهمزة وضممم الكمماف وتشممديد‬
‫اياء‪ ،‬فأصابت غنائم كثيرة ورجعت سالمة‪ .‬ثم انتقل الشيخ بالجماعة‪ ،‬ونحممى‬
‫ناحية القاضاو‪ ،‬حتى نزل "ببور"‪ .‬ولما سمعنا بمسيره خرجممت حممتى لقيتممه‪.‬‬
‫ثم إنه كتب أولئك التوارك كتابًا غرونا به‪ ،‬مع أنهم يجتمعون‪ .‬فلما تم جمعهم‬
‫ساروا إليها‪ ،‬وقد نزلنا "ثنثممو"‪-‬بضممحم المثلثممتين مممع إسممكان النممون‪-‬وانتشممر‬
‫الناس فممي طلممب القمموت‪ ،‬وبقممي الشممراف فممي الممديار‪ .‬فلممم يفجأنمما إل العممدو‬
‫وبجنبنا‪ ،‬فخرج الشراف ومن معهم فعسكرنا بجنب رجالنا‪ .‬ثم إنه أتى إلينمما‬
‫الخ الصالح أخو الشيخ سعد‪ ،‬ومعه الرايممة‪ ،‬وقممال‪ :‬انهضمموا إلممى عسممكرهم‬
‫فتقدمت إليه‪ ،‬وقلت‪ :‬دعهم حتى يدنوا منا‪ ،‬فممأبى وسممار بالنمماس‪ ،‬وأنمما إذ ذاك‬
‫مريض‪ ،‬فقعمدت عنهمم لمذلك حمتى وصملوا إلمى العمدو‪ ،‬وقمد تهيئموا وتعبموا‬
‫فالتتتلوا ساعة‪ ،‬فكانت الهزيمة واستشهد مممن خيممار الجماعممة طائفممة كممثيرة‪،‬‬
‫وانتهى الفرارون إلى حيث عسكرنا دون رحالنا‪ .‬فخرج الخ المموزير إلينمما‪،‬‬
‫وخرج بأثره الشيخ‪ ،‬وهو يدعو ال فهزم ال عدونا‪ ،‬ووضعنا فيهممم السمملح‪،‬‬
‫وتفرقمموا عبا ديممد‪ ،‬ثممم رجعنمما لممدفن الشممهداء‪ ،‬وقممد استشممهد منمما نحممو ألفيممن‬
‫واستشهد من خيار القوم رجال‪ ،‬ومنهم‪:‬‬
‫قاضي القضاة‪ ،‬محمد ثنب‬ ‫•‬

‫وصاحب اللواء‪ ،‬سعد‬ ‫•‬

‫ومحمو د غر دم‬ ‫•‬

‫ومحمد حم‬ ‫•‬

‫والعالم النبيه المحدث‪ ،‬زيد‬ ‫•‬

‫وأبو بكر بنغ‪-‬بكسر الباء وإسكان النون‬ ‫•‬

‫والمكاشف الصديق والصديق السو داني‬ ‫•‬

‫وغيرهم‪.‬‬ ‫•‬

‫واستشهد فيه من القراء نحو من مائتين‪ ،‬فدفنا ما استطعنا‪ ،‬ثممم رجعنمما‬


‫وبتنا في رجالنا‪ ،‬ثم غدونا و دفنا ورابطنا‪ ،‬وهممذه الواقعممة كممانت علممى‬
‫الميلين من القاضاو‪.‬‬
‫ثم رجعنا وبتنا‪ ،‬ثممم غممدونا ورابطنمما‪ ،‬ثممم رجعنمما فبتنمما‪ ،‬ثممم رحنمما إلممى‬
‫"برايزاك"‪ ،‬فنزلنا بها بقية شهر رمضان‪.‬‬
‫وفي هذا المحل غممزا إلممى أطممراف جاعتنمما العممدو وأصممابوا بقممرًا‪ .‬ثممم‬
‫عا دوا مرة أخرى‪ ،‬فهزمهم ال وأخزاهم‪ ،‬وفيه خرجنا إلى عسممكرهم‪،‬‬
‫وهم "بجرو" و"توارك" و"غوبر"‪ ،‬فعبأنا في لمسير‪ ،‬وكانت تعبئتنمما‬
‫إذا صممدق الحممرق‪ ،‬تقممدم الطلئممع‪ ،‬نحمموًا مممن مممائتي خيممل‪ ،‬ونقفيهممم‬
‫بالمقدمة من الرجالة القوياء‪ ،‬ونؤمر عليهممم‪ .‬ثممم تجمممع الرجالممة إلممى‬
‫القلب‪ ،‬ويجتمع فممي القلممب الشممراف‪ ،‬أهممل الرايممات مممع رايمماتهم‪ .‬ثممم‬
‫نجعل الخيممل فممي الميمنممة والميسممرة‪ ،‬ونممؤمر عليهمما‪ ،‬ثممم نجعممل علممى‬
‫المؤخرة طائفة‪ ،‬وهكذا سرنا متعبئين‪ ،‬حتى وصلنا "جرو"‪ .‬فوافيناهم‬
‫قد هربوا حين سمعوا بمسيرنا واتبعنا آثارهم‪ ،‬فقتلنا منهم ممما نلنمما‪ ،‬ثممم‬
‫رجعنا لمحلها‪ .‬وفي هذا المقممام خممرج بالرايممة محمممد بممن المصممطفى‪،‬‬
‫أمير "أ دو" وغزا "فوم" وغنم وسلم‪.‬‬
‫ذكسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسر المقسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسام بجسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسرو‬
‫‪-‬بفتح الجيم وضم الراء‪-‬‬
‫ثم إنه لما صلينا الفطر "ببرايزاك"‪ ،‬وقممد رزئنمما بممموت الفقيممه أغممال‪،‬‬
‫وممموت علممي أخممي الشمميخ الكممبر‪ ،‬مممع كممثرة الخمموف وشممدة الجمموع‬
‫والمراض‪ ،‬ونقص الموال والنفس‪ ،‬اجتمعنمما وشمماورنا فممي أمرنمما‪.‬‬
‫فاتفق رأينا في النتقال إلى "جرو"‪ ،‬وكانت "برايممزاك" علممى نصممف‬
‫يوم‪ .‬وأر دنا أن نقرب إلى "القاضاو" للحصار‪ ،‬فنزلنا "بجممرو" علممى‬
‫ميلين من القاضاو‪ ،‬من جانب الشمرق مسمتهل شموال‪ ،‬فأقمنما بهما ممع‬
‫عيالنا مرابطين محاصرين لهم‪ ،‬والغوابر والتواراك كممانوا علينمما يممدًا‬
‫واحدة‪ ،‬مجتمعين في الحصممن‪ ،‬وبعممض عسممكرهم بشممرقينا‪ .‬فلممم تممزل‬
‫خيل أهل الحصن يغيرون علينمما مممن جهممة الغممرب‪ ،‬وخيممل عسممكرهم‬
‫الشرقي يغيرون علينا من جهة الشرق‪ ،‬وأهمل الشمممال منهمم يغيمرون‬
‫علينا من جهة الشمال‪ ،‬ونحن كذلك يخممرج إليهممم السممرايا والغممارات‪،‬‬
‫لكن أكثر ما يكون منا الحراسة والرباط‪.‬‬
‫وفي هذا المقام خرج إلينا العممدو عممازمين علممى الغممزو‪ ،‬وقممد أخرجنمما‬
‫الراية عازمين على عزوهم‪ ،‬وعلينا مجيد بن داو د فلقيناهم قريبمًا مممن‬
‫رحالنا‪ ،‬فحملت عليهم خيل المسلمين‪ ،‬فانهزموا وركبت على أكتافهم‪،‬‬
‫فقتل منهم ما شاء ال‪ .‬ثممم رحنمما فنزلنمما قريبمًا مممن حصممنهم مممن جهممة‬
‫الشرق‪ .‬ثم رحل الجيش صباح الليل‪ ،‬وغزا "كرف" فأصمماب الغنممائم‬
‫واحتمل القوت‪ ،‬ورجع سالمًا غانمًا‪.‬‬
‫وفي هممذا المقممام خممرج أبممو حامممد بالنمماس للغممزو وطلممب القمموت إلممى‬
‫الجانب الشرقي‪ ،‬ولما وافوا " دبمماو"‪-‬بضممم الممدال‪-‬وجممدوا بهمما عسممكر‬
‫العدو‪ ،‬فاقتتلوا ساعة‪ ،‬فكانت الهزيمة‪.‬‬
‫ولممما وصممل إلينمما الفممل خرجنمما ولقينمما بهممم وقممد رجممع عنهممم عممدوهم‬
‫وأصاب منهم ما أصاب‪.‬‬
‫ذكر غزوة دباو‬
‫ولما رجع هذا الجيممش منهزممًا‪ ،‬اجتمعنمما وشماورنا فمي أمرنمما‪ ،‬فمماتفق‬
‫رأينا على إنقاذ الجيش إلممى عسمكر العمدو‪ ،‬فخممرج بالرايمة علممي قائمد‬
‫الجيش إلى " دباو" فباتوا "بفوم"‪ .‬ثم لما أصممبحوا عبممأوا للقتممال حممتى‬
‫أتوا " دباو" ووجدوا العدو خارجين ينتظرونهممم‪ ،‬فحملمموا علممى العممدو‬
‫ل ذريعمًا‪،‬‬
‫فهزمهممم المم‪ ،‬وركممب المسمملمون علممى أكتممافهم وقتلمموهم قت ً‬
‫وأسروا ونهبوا‪ ،‬واحتملوا القوت‪ ،‬ورجعوا منصورين‪.‬‬
‫ثم إنه لما رجع الجيش خرج بالراية محمممد بممن الحمماج بالنمماس لطلممب‬
‫ل‪ ،‬وباتوا قريبًا‬ ‫القوت‪ .‬فسمع العدو بمسيرهم‪ ،‬فخرجوا من الحصن لي ً‬
‫منا‪ .‬فغدوا إلى محمل رباطنا‪ ،‬فوافو ]فوافى[ الستاذ الوزير عبد المم‪،‬‬
‫قد سبق الناس إليه في طائفة يسيرة‪ ،‬فحملت خيلهم‪ ،‬وكانت قريبمًا ممن‬
‫اللف في رجالنا‪ ،‬وقد خرجت ولقيت بهم‪ ،‬وأنا مع رجليممن قريبمًا مممن‬
‫عند ال‪ .‬فانحازوا عنا وحملوا في الرجال‪ .‬ثم حمل قلبهم على الطائفة‬
‫التي مع الوزير عبد ال‪ ،‬وقد التحقت بهم فحملوا علينا‪ .‬ونزل السممتاذ‬
‫عن فرسه‪-‬فأحاطوا بنا‪ ،‬ونحو ل نعدو عشرة‪-‬فانحمنا قريباً وثبتنا لهم‪،‬‬
‫حتى ر د ال خيلهم خائبة منهزمة من الرحال‪ .‬فحمل عليهم رجال منمما‬
‫فر دوهم عن الرحممال‪ ،‬وتلحممق النمماس‪ ،‬وهممم ونحممن واقفممون‪ ،‬وقلبهممم‬
‫واقف علينا‪ ،‬فأصابوا منا رجلين‪ ،‬وقتلنا منهم طاغية‪.‬‬
‫ولممما نظممروا إلممى خيلهممم منهزمممة انحممازوا عنمما‪ ،‬فرجعمموا همماربين‪.‬‬
‫وتلحق الناس‪ ،‬وخرجنا إلى طلبهم حتى وصلنا قريبًا من حصنهم‪ .‬ثم‬
‫لم نزل هكذا نحن وإياهم‪ ،‬حتى انتقلنا إلى شاطئ البحر الغربممي قريبمًا‬
‫من القاضمماو‪ ،‬بموضممع يقممال لممه "جممرو"‪ ،‬فبتنمما ليممالي‪ .‬وقممد أشممتد بنمما‬
‫الجوع‪ ،‬فاتفق رأينمما علممى إنشمماء الغممزو إلممى الحصممن‪ .‬فخممرج النمماس‬
‫وعليهم علي قائد الجيش‪ ،‬حتى وصل الحصن‪ ،‬ولممم يكممن بينهممم كممبير‬
‫قتال‪ ،‬فرجع بالناس‪.‬‬
‫ذكر انتقالنا إلى نزفر‬
‫ولما أصبحنا بعمد رجمموع همذا الغممزو‪ ،‬اجتمعنمما وشماورنا فممي أمرنمما‪،‬‬
‫واتفق رأينا على النتقال إلى زفر لطلب القوت‪ ،‬ولممم يكممن معنمما أهممل‬
‫بلد من السو دانيين غيرهم لمكان عممداوتهم لهممل غمموبر‪ ،‬فانتقلنمما إلممى‬
‫زنفر بعيالنا‪ ،‬وخلينا بلد غمموبر‪ ،‬وسممرنا يومنمما فنزلنمما "بممرون"‪-‬بضممم‬
‫الراء‪ .‬ثم لما أصبحنا سممرنا ونزلنمما "بشممنكاز"‪-‬بكسممر الشممين وإسممكان‬
‫النون‪ ،‬فبتنا ليلتين‪ .‬فلحق بنا طلب العممدو‪ ،‬فكررنمما عليهممم‪ ،‬وهزمنمماهم‬
‫ل‪ .‬ثممم غممدونا وسممرنا إلممى "مممو داش"‬ ‫أشد الهزيمة‪ ،‬وقتلنمما منهممم رجمما ً‬
‫ونزلنا بها‪ .‬ثم سرنا حتى نزلنا " دمنممي"‪-‬بضممم الممدال‪ .‬وعنممدما سمممعنا‬
‫بخبر مسير الخ أحمد بن حيد إلينا مع بعض جماعتنا الذين لذوا به‪-‬‬
‫وهو مع بعض التوارك يلتمس لهممم المممان‪-‬فأمرنمما الشمميخ بالنتظمماره‪.‬‬
‫فانتظرته فممي خيممل حممتى الظهممر‪ .‬ثممم إنمه خممرج الطلممب ممن أعممدائنا‪،‬‬
‫وفجأونا‪ ،‬ونحن منتظرون الخ أحمد بن حيدرة‪ .‬فلممما رأينمماهم حملممت‬
‫ل ذريعًا‪ .‬ثم سرنا حممتى لحقنمما‬ ‫الخيل عليهم‪ ،‬فهزمهم ال‪ .‬فقتلنا منهم قت ً‬
‫بالناس وقممد نزلمموا "بهرغممرم"‪-‬بفتممح الهمماء وإسممكان الممراء‪ .‬ثممم رحنمما‬
‫ونزلنمما "بمممرا دم"‪-‬بفتممح الميممم وضممم الممدال‪ ،‬وبتنمما ليلممتين‪ .‬ثممم رحلنمما‬
‫"بدفومفر"‪-‬بضم الدال والفمماء وفتممح الميممم والفمماء‪ ،‬فبتنمما ليممالي‪ ،‬وبهمما‬
‫وجدنا العمارة والذي قطعناه في هذه المدة المذكورة فيافي وقفار‪.‬‬
‫وفي هذا الموضع تلقانا وفو د الزنافرة من السو دانيين‪ ،‬وقممد اشممتجروا‬
‫في أمر الولية‪ ،‬فأصلح بينهم الشيخ‪ .‬ثم رحلنا فنزلنمما "رمممرا"‪-‬بكسممر‬
‫الراء وضم الميم‪ ،‬وأقمنا بقية شهر ذي القعدة‪ ،‬وكنا خرجنا من غمموبر‬
‫مستهله‪.‬‬
‫وفي هذا المقام خممرج علممى قائممد الجيممش بالرايممة‪ ،‬فلممم يتفممق لممه جمممع‬
‫فرجع‪ ،‬وفي هذا المقام خرجت بالرايممة إلممى أطممراف بل د غموبر‪ ،‬فلممم‬
‫يتفق لي جمع‪-‬كما كان لعلي‪-‬فمضميت فمي طائفمة يسميرة‪ ،‬فسمرنا بهمم‬
‫خمس ليال‪ ،‬حتى وصمملنا قريبمًا مممن العممدو‪ ،‬فسممرت بهممم ليلممة كاملممة‪،‬‬
‫فصبحنا "رازفي"‪-‬بفتح اراء وضم الزاي‪ ،‬وبها ممن قممومهم كمثيرون‪.‬‬
‫فأغار الجيش عليهم‪ ،‬وغنم غنيمة عظيمة‪ .‬فخرجنا راجعين‪ ،‬فلحق بنا‬
‫الطلب‪ ،‬فكرت إليهم خيل المسلمين ور دوهم‪ .‬فسرنا يومنا حممتى نزلنمما‬
‫بمحل المن‪ ،‬فخمسنا‪ .‬ثم رحلنا إلى رجالنمما‪ ،‬فوجممدنا السممتاذ المموزير‬
‫انتقل بعياله إلى "سابنغر"‪-‬بفتح السين وضم الباء وفتح الغيممن‪ ،‬وبقممي‬
‫الشيخ ينتظر رجوعنا‪ .‬فرجعت مستهل ذي الحجة‪ .‬فلممما صمملينا العيممد‬
‫رحلنا إليهم‪ ،‬فوجدنا عليًا قائد الجيش خرج بالراية إلى ناحية "كاشنة"‬
‫وغممزا " دل"‪-‬بفتممح الممدال‪ ،‬وأصمماب غنيمممة ورجممع‪ .‬ثممم إنممه نزلنمما‬
‫"سابنغر"‪-‬مع أن أهل البلد من السو دانيين كلهم تعاقدوا على عداوتنا‪،‬‬
‫واتفقوا على طلب استئصالنا‪ ،‬ول ينفذ عيالنا في طلب القوت إلى بلدة‬
‫من بل دهم إل وأكلمموهم ممما خل "زنفمر" لممما ذكرنما‪-‬رجمع محمممد بمن‬
‫الحاج بجماعته إلى "غرباي" والتحق بمن تخلف عنهم من الجماعممة‪.‬‬
‫فجعل أمير "كاشنة" ينفذ إليهم جيوشًا‪ ،‬وهم يهزمونهم مرات‪.‬‬
‫وسيأتي نسق أخبر ما وقع في "كاشنة" و"كنو" في محله إن شاء ال‪،‬‬
‫ولنرجع إلى ما نحن بصد ده من ذكر غزوات جماعة الشيخ خاصة‪.‬‬
‫ذكر غزوة كب‬
‫وكان من حديثها أنه لما نزلنا "سابنغره"‪ ،‬ومعنا جممموع أهممل "كممب"‬
‫ممن أعانونا علممى جهمما د "غمموبر"‪ ،‬وفيهممم عثمممان مسممي بممن سمملطان‬
‫"كب"‪ ،‬وكان الشيخ وله على من سمع له من أهل "كب"‪ ،‬وكممان لممه‬
‫جهة ممن بلمد "كمب" قبمل همذا باغيمًا علمى سملطان "كمب"‪ .‬فاجتمعنما‬
‫وشاورنا في أمرنا‪ ،‬فاجتمع رأينا في غزو "كب"‪ .‬فخرج بالراية قائممد‬
‫الجيش‪ ،‬علي جيد‪ ،‬مع الوزير الكبر‪ ،‬وخلفوني في العيال مع الوالممد‪.‬‬
‫فسار الجيش حتى وصل "غنممم" فغزاهمما‪ .‬ثممم مممر يغممزو حممتى وصممل‬
‫حصن "كب"‪ ،‬فنزل قريبًا منه‪ ،‬وبات ليلمي‪ .‬ثممم نهمض إلمى الحصمن‪،‬‬
‫ففتحه ال عليهم‪ ،‬وقتلوا وغنموا غنيمة عظيمة لم يغنم مثلها‪ ،‬وأسكنوا‬
‫عثمان مسي فيه‪ ،‬وخرج أميممر "كممب" محمممد بممن سممليمان إلممى ناحيممة‬
‫الشمممال‪ ،‬ومممات منهممم أكممثر مممن ألممف عطشماً حممتى وصمملوا " دمممان"‬
‫وسكنوا فيها‪ .‬ثم انتقل إلى "أوغ"‪.‬‬
‫ولما فتح ال الحصمن للمسملمين أعنمى الحصمن الكمبير‪ ،‬ممن حصمون‬
‫"كب"‪-‬وكانوا فتحمموا حصممونًا قبممل ذلممك‪-‬اجتمعمموا وتشمماوروا‪ ،‬فمماتفق‬
‫رأيهم على إنفاذ الخيش إلى "غنب"‪ .‬فأنفممذوه إليممه ففتحممه الم عليهممم‪.‬‬
‫وقد كر علي جيد والستاذ الكبر راجعيممن بمممن معهممما قبممل وصممول‬
‫جيش "غنب"‪ ،‬فأنفذوه إليه‪ ،‬ففتحه ال عليهم‪ .‬وفي ذلك يقممول السممتاذ‬
‫عبد ال‪:‬‬
‫همومًا وفي الذكرى تهب صبا تممذكرت والممذكرى تممثير لممذي‬
‫النوى‬ ‫الهوى‬
‫وبعممدي عممن شمميخي فممأرّقني‬
‫أخلي ماتوا في الجها د وغيره‬
‫الجوى‬
‫وأهلممي وجيرانممي ومممن معهممم‬
‫فمن مبلغ عني بني وإخوتي‬
‫ثوى؟‬
‫وبولممل لممه فممي الفتممح والعممز‬
‫بأني و دندا مع علي وجمعنا‬
‫والروى‬
‫تزيمممد علمممى عشمممرين بمممالقهر‬
‫فتحنا حصونا بين كندا وكندتا‬
‫والقوى‬
‫بظاهرها وال يعلم ما انطوى وسالمنا رغما سواها فأسلمت‬
‫وزلم فلممم حصممنين دنكمما الممذي‬
‫ثلثة كنداليم ماسو وكلكلوا‬
‫حوى‬
‫وحصني معاذ كا دما طمماط فممي وبانمممذ وحصمممني غنبنممما روم‬
‫غنفر‬ ‫الهوى‬
‫وليلب منه فركندط فانزوى وزورغلي رندال ثم عظيمها‬
‫عظيممم الحصممون حصممن فممو د وفي اثنيممن مممع عشممر المحممرم‬
‫فتحنا‬ ‫الذي غوى‬
‫بفرسمممانه ذات الشممممال علمممى‬
‫قدار كباوا ثم فر ظهيرة‬
‫الصوى‬
‫لقممارون لممم يأخممذ بممزا د إلممى‬
‫فغا در في ذا الحصن مال كأنه‬
‫القرى‬
‫سمروات لسممتغنى الممذي كلنمما ولو ل شباك الشرع ثم سلسل‬
‫المم‬ ‫نوى‬
‫حوى ممن فتوحمات الغنمائم مما‬
‫سما جيشنا جيش الفتوح فكلنا‬
‫حوى‬
‫من الدين والدنيا سمموى وحشممة‬
‫وليس لنا أمر يهم قلوبنا‬
‫النوى‬
‫لجنات عدن في كرا د وثنثوى وفقد أحباء كرام تتابعوا‬
‫تممموج فممي قلممبي بحممور مممن‬
‫متى ما تذكرت المام وحزبه‬
‫الدوى‬
‫فإن سر غوبر والتوارك‪ ،‬ذلممك‬
‫قتال سجال ليس مرجعنا سوى‬
‫الممم‬
‫ومممن فممي جنممان الخلممد ليسمموا‬
‫فمن قتلوا هم في جهنم دائمًا‬
‫على استوا‬
‫وغممممر دم و دار غممممدا ويمممموم‬
‫ومع ذا فكم يوم بكن متنكري‬
‫لتاغوى‬
‫وبورى به ذاقمموا ضممروبا مممن‬
‫و ديم جميعا ثم بمبرم بعده‬
‫التوى‬
‫عميممق طويممل لسممتحالوا هبمما‬
‫فوال لو ل خندق وممر د‬
‫الكوى‬
‫حصرناهم شهرا ببابهم الحوى رحلنا إليهم بالعيال وما لنا‬
‫ومممازم ومممازوزى لممذلك ممما ولمممم يبمممق بيمممت بيمممن ريمممم‬
‫وحصنهم‬ ‫خوى‬
‫ونحن غوا د بين جرو ويانروا فخلوا لنا أقواتهم وبل دهم‬
‫نقتلهم من تل ماتوا لدمبوى ويوم أتونا للقتال فأ دبروا‬
‫ومثلهمممما مممممن علمممى كفمممره‬
‫قتلنا به جانز ومن كند بعده‬
‫انطوى‬
‫وما فيهم مممن صمموب صمماحبه‬
‫وكم مرة جاءوا بياتا فأقشعوا‬
‫ضوى‬
‫فولوا وممما نممالوا الممذي جمعهممم وأخممرى أتمموني فيممه خممامس‬
‫خمسة‬ ‫نوى‬
‫بشرق وغرب ثممم خمماب الممذي وطمممورا أتممموا جمعممما وجينممما‬
‫توزعوا‬ ‫غوى‬
‫ك سماعنا‬ ‫صراخ فنلقاهم سراعا بل توىوما ساعة إل يص ّ‬
‫تممممراه كصممممفراء الجممممرا د إذا‬
‫على كل جر داء وأجر د شيظم‬
‫استوى‬
‫إذا ما جر فوق الربا طممار فممي‬
‫قد اعتا د غارات الصباح تخاله‬
‫الهوى‬
‫لقتممممل وأسممممر جلهممممم خمممماف‬
‫فلما رأونا ل نمل جها دنا‬
‫فارعوى‬
‫ففممممروا إلممممى البلممممدان شممممتى‬
‫كجمع أناس كان في سبأ بوى‬
‫وجمعهم‬
‫فقد تمم نظممي وهمو حمال لممن‬
‫فلله حمد أول ثم آخرا‬
‫روى‬
‫ثم إنهم لما خلفوني في العيال‪ ،‬بت ليالي قلئل‪ ،‬فخرجت متوجهًا نحو‬
‫أطراف غوبر‪ ،‬فأعرض لنا أهل قرية ثلثمبنُا‪ ،‬فتقاتلنمما‪ ،‬فاصممطلحنا‪ .‬ثممم‬
‫إنه لما رحعنا منها بقيممة ذي الحجممة خرجممت بالرايممة مسممتهل المحممرم‬
‫متوجهًا إلى جانب "كاشنة"‪ ،‬حتى وصلت "تنفافي" بضم اتاء‪ .‬ثم بممدا‬
‫لممي التمموجه إلممى أطممراف بل د غمموبر‪ ،‬فسممرت بهممم ثلث ليممال‪ ،‬حممتى‬
‫وصلت قريبًا من أرض العدو‪ ،‬فسممرت الليممل كلممه‪ ،‬فصممبحنا "غممو دا"‬
‫بضح الغين المعجمة‪ ،‬وقد وجدنا عسكر العدو‪ ،‬فتلفونا‪ .‬فهزمهممم المم‪،‬‬
‫ل ذريعًا‪ ،‬وغنمنا منهم غنيمة عظيمة‪ ،‬وقممد فتممح إخواننمما‬ ‫وقتلنا فيهم قت ً‬
‫الذين ساروا إلى "كب" حصنها يوم السبت لثني عشر مممن المحممرم‪،‬‬
‫وفتحنا نحن "غو دا" يوم الحد‪ ،‬لثلثة عشر منممه بينهممما ليلممة واحممدة‪.‬‬
‫ولم نخل للعدو في بلده "رايا وريم" ديارًا‪ ،‬فرجعنا سالمين منصورين‬
‫إلممى رحلنمما‪ .‬واتفممق قممدومنا بقممدوم إخواننمما الممذين غممزوا فممي "كممب"‪،‬‬
‫والحمد ل رب العالمين‪.‬‬
‫غزوة فاقت‬
‫ثم إنه لما رجعنا من غزوة غو دا‪-‬ورجع إخواننا مممن "كممب"‪-‬خرجممت‬
‫بالراية بأمر الشيخ إلى ناحية أمير "زنفر" لما سمعنا أنه والى عممدونا‬
‫من أهل غوبر والتوارك‪ ،‬فسمرنا فممي آخمر المحمرم إليمه ليممالي‪ ،‬حممتى‬
‫نزلت ببابه‪ .‬وقد أغار على أرضه الخيل‪ ،‬فر د دنا جميع ما أخذوا إليه‪،‬‬
‫وطلبممت منممه المكالمممة‪ ،‬فممأبى‪ .‬وطلبممت منممه موالتنمما دون عممدونا‪،‬‬
‫فأبى‪.‬فنهضت بمالجيش إلمى حصمون قريتمه‪ ،‬ففتحهما الم لنما وغنمنما‪،‬‬
‫وأغرنمما علممى التمموارك الممذين وجممدناهم عنممده‪ .‬ثممم عبرنمما إلممى ناحيممة‬
‫"زرم"‪ ،‬والتحق بنا إخواننا الممذين كممانوا هنمماك‪ .‬ثممم ذهبنمما إلممى ناحيممة‬
‫الشمال من ناحية "زنفر"‪ ،‬فغزونا "فاقت" و"ساموا" و"زكوا"‪ ،‬فتممح‬
‫ال علينا حصونها‪ .‬وقد انتشر باقي الحصممون نحمموًا مممن خمسممين‪ .‬ثممم‬
‫رجعنا إلى معسكرنا من ناحية "زرم"‪ .‬ثم انتقلنا إلممى "جنفممار"‪-‬بضممم‬
‫الدال‪-‬وعبأنا لقتالها‪ .‬فوجدناهم قد هربوا إلى الجبال‪ .‬فمررنا واحتملنمما‬
‫القوت‪ .‬ثم سرنا ونزلنا "كرتوا" وخربناه‪ .‬ثممم ذهبنمما راجعيممن‪ ،‬فلحقنمما‬
‫طلب جوند "زنفر" كلها‪ .‬فالتقينا "بمالكوا" فأعاننا لم عليهممم‪ ،‬فر دهممم‬
‫ال عنا‪ .‬ثم سرنا حتى لحقنا برحالنا بحمد ال وحسن عونه‪.‬‬
‫غزوة كنوما‬
‫وكان من حديثها أنه لما نزلنا "بزنفر"‪-‬وقد انتشر رعايانا في الفاق‪-‬‬
‫لطلممب المعمماش‪ ،‬فسممار جماعممة إلممى ناحيممة "كاشممنة"‪ .‬فممأكلهم أميممر‬
‫"كنوما"‪ ،‬فقتل وأسر ونهب‪ .‬ولمااطمأننا وساعدنا الحال فممي غزوهممم‬
‫اجتمعنا وشاورنا‪ ،‬فاتفق رأينا في غزو "كنوما"‪ ،‬وكانت بلدة ممتنعة‪.‬‬
‫فخرج بالراية قائد الجيش علي‪ ،‬فسرنا ليممالي حممتى وصمملنا "كنوممما"‪.‬‬
‫فتلقونا‪ ،‬فقاتلناهم ساعة‪ .‬وقد أنزلوا ميمتنما واكشمفوا‪ ،‬وثبمت الميسمرة‪،‬‬
‫وكنت في الميسر في خيل عظيمة‪ ،‬فحملنا عليهم فهزمهممم المم‪ ،‬واتبممع‬
‫آثارهم الخيل‪ .‬ولما تلحق الرجالة‪-‬وكان "قد" تأخر صمماحب الرايممة‪-‬‬
‫صعدنا بهم الجبال‪ ،‬حممتى انتهينما إلمى حيمث ل يتمأيي للخيممل المسمير‪،‬‬
‫فنزلنا وسرنا على أقدامنا حتى انتهينا على ظهرهمما‪ ،‬فعسممكرنا هنمماك‪.‬‬
‫وقد تحصممن أميرهممم فممي حصممنه مممع خممواص دولتممه‪ ،‬فقالتنمماهم بقيممة‬
‫النهار‪.‬‬
‫ولما جن الليل رجعنا إلى المعسكر فبتنا‪ .‬فلممما أصممبحنا غممدونا إليهممم‪،‬‬
‫فوجدناهم قد هربوا‪ ،‬واتبعهم الخيممل فأصممابوا منهممم‪ .‬فأقمنمما بهمما أياممًا‬
‫واحتملنا القوت‪ .‬ثم رجعنا إلى رحالنا بحمد ال وحسن عونه‪.‬‬
‫غزوة بنغ‬
‫وكان من حديثها أنه لما رجعنا من "كنوما" وجممدنا أن أميممر "زنفممر"‬
‫أرسل السرايا في عيالنا‪ .‬فاجتمعنمما وشمماورنا فممي أمرنمما‪ ،‬فمماتفق رأينمما‬
‫على عزوه‪ .‬فخرج بالراية قائد الجيوش علي‪ ،‬فسرنا ليالي‪ .‬وقد انتشر‬
‫بعض حصونهم‪ ،‬واحتملنا القوت منها‪ .‬فسممرنا حممتى نزلنمما بحصممنهم‪،‬‬
‫فقاتلناه أشد قتال أياممًا‪ .‬فلحممق بممالجيش الجمموع‪ ،‬فغممدونا إلممى "قنممبر"‪-‬‬
‫بكشممر القمماف‪ ،‬فتقالتلنمما نحممن وإيمماهم سممائر النهممار‪ ،‬ثممم رحلنمما فنزلنمما‬
‫"فوش"‪-‬بضم الفاء‪ .‬ثم رجعنا لرجالنا بحمد ال وحسن عونه‪.‬‬
‫غزوة صيلم‬
‫ثم إنه لما رجعنمما مممن غممزوة "بنممغ"‪ ،‬وقممد سمممعنا باجتممماع بقيممة أهممل‬
‫"كب" في "أوغ" مع أميرهم الطريد الشريد في "صيلم"‪ ،‬وإغارتهم‬
‫على نواحي الجماعة‪ ،‬اتفق رأينا في غزو "صمميلم"‪ .‬فخممرج بالرايممة‬
‫قائد الجيممش فسممار ليممالي حممتى وصممل "صمميلم" فقاتلهمما‪ .‬ففتحهمما الم‬
‫عليهم‪ ،‬فقتلموا وأسممروا وغنمموا‪ .‬ورجعمموا لرجالنمما بحممد الم وحسمن‬
‫عونه‪.‬‬
‫غزوة جاتو الولى‬
‫وكان من حديثها أنه لما غزونا "بنغ" واستصعب‪ ،‬وبغي علينمما سممائر‬
‫أرض "زنفر" من أجل ذلك ومن أجممل فسمما د المحمماربين منمما‪ ،‬سممطوا‬
‫عليهم وأضروا بهم‪ .‬ولما بغمموا علينمما واجتمممع أكممثرهم فممي "جمماتوا"‪،‬‬
‫جعلوا يغيرون على أطراف الجماعة‪ ،‬فاجتمعنا وشمماورنا فممي أمرنمما‪،‬‬
‫فاتفق رأينا في غممزو "جمماتوا"‪ .‬فسممرنا ليممالي‪ ،‬فأصممابني حمممى الربممع‬
‫فرجعت‪ ،‬فسار الجيش حتى وصل رحالنا بحمد ال‪.‬‬
‫غزوة بين‬
‫ثم إنه لما رجعنا مممن غمزو "جمماتوا" اجتمعنمما وشمماورنا‪ ،‬فمماتفق رأينمما‬
‫على غزو "بين" لنقضهم العهد‪ .‬فسار بممالجيش علممي حممتى صممبحهم‪،‬‬
‫فقاتلهم‪ ،‬ففتح ال عليهم‪ ،‬فأصابوا غنيمة عظيمممة‪ .‬ورجعمموا بحمممد ال م‬
‫وحسو عونه‪.‬‬
‫تلخيسسسسسسسسسسسسسص مسسسسسسسسسسسسسا وقسسسسسسسسسسسسسع فسسسسسسسسسسسسسي كاشسسسسسسسسسسسسسنة‬
‫مع جماعة المسلمين هناك‬
‫ثم إنهم لما رجعوا من هذا الغزو‪-‬ونحن نسمع بخروج أميممر "كاشممنة"‬
‫إلى الجماعة‪ ،‬وقد اشتد بحضرتنا الجوع‪-‬فانتقلنمما إلممى "كممب"‪ ،‬ونممزل‬
‫الشيخ "بغا د"‪-‬بفتح الغين المعجمة‪ .‬وخلفنا إخواننمما مممن فلن "زنفممر"‬
‫في بلدهم مع شممدة الجمموع والخمموف‪ .‬ووجهممت عمممر دلج بريممدًا إلممى‬
‫جماعات "كاشنة" و"كنوا" ليخبرهم بشأننا ومكاننمما وممما جممرى فينمما‪.‬‬
‫فخرج من عنممدنا حممتى وصممل "كاشممنة"‪ ،‬وكممان مممن أهلهمما‪ ،‬فوجممدهم‬
‫"بستماك"‪ .‬وعبر بالوثائق إلى "كنو" ووافى قدومه "كاشممنة" بمسممير‬
‫أمير "كاشنة" الكافر‪ ،‬متوجهًا إلى "كنو"‪ ،‬هو وأميممر " دور" الكممافر‪.‬‬
‫وكممان أمممراء هممذه البل د قبممل هممذا الجهمما د‪ ،‬ل يتلقممون ول يغممزون‬
‫مجتمعين‪ ،‬ولما قام الجها د عليهم صاروا يدًا واحدة‪ ،‬ولذلك خرج أمير‬
‫"كاشنة" وأمير " دور" معًا‪ ،‬ومعهما من الجنو د ما ل يحصيه إل المم‪.‬‬
‫ولما انتهوا إلى أطراف جماعة "كنوا" تلقاهم قبيل من الفلتييممن تممابع‬
‫الدين وتاب‪ ،‬يقممال لممه " دان ثنممك" فممي نفممر يسممير‪ ،‬فهزمهممم‪ ،‬فرجعمموا‬
‫خائبين‪.‬‬
‫ولما وافى قدوم البريد عمر دلج هذه الوقعة‪ ،‬نهممض بممالجيش‪ ،‬وفتممح‬
‫بل دًا كثيرة وأنجع‪ .‬ثم إنممه لممما غممزوت "جمماتو" واجتمعنمما نحممن وهممم‬
‫وأهل كنو‪ ،‬عقدت لهم الراية إلى "رنممك"‪ ،‬وفتحوهمما‪ .‬وعقممدت لمحمممد‬
‫بن الحاج الراية إلى "رنك"‪ ،‬وفتحها وسكنها‪ .‬وكان قائد أميممر كاشممنة‬
‫الكافر‪ ،‬منذ هزموا خرج بالجيش ونزل "جانممدك" وجعممل يقاتممل أهممل‬
‫روم‪ ،‬ويغير على أطراف الجماعممة‪ ،‬وهممزم مممن روم ثلث هزيمممات‪.‬‬
‫ولما سمع بمكان محمد بن الحاج وجماعته‪ ،‬سممار إليهممم فهزمهممم المم‪،‬‬
‫فرجع خائبًا إلى حصن كاشنة‪ ،‬فكان سبب ضعفهم‪.‬‬
‫ولما رجع لحصن كاشنة‪ ،‬وتمكن أهل الجهمما د منهممم‪ ،‬سممار محمممد بممن‬
‫الحاج‪ ،‬ونزل بغربي الحصن‪ .‬وسار عمر دلج‪ ،‬ونزل قريباً من جهة‬
‫ليمين‪ ،‬فجعل يغير عليهممم‪ ،‬وحصممروهم‪ .‬وغزاهممم محمممد بممن الحمماج‪،‬‬
‫فسالموه دون عمر دلج‪ .‬فأرسلوا إلينا في ذلك‪ ،‬فأمرتهم بالغزو‪ ،‬ولممم‬
‫أجبه إلى إمضمماء المانممة لممما فممي ذلممك مممن خمموف الخيانممة والتفريممق‬
‫للجماعة‪ .‬فوافى البريد‪ ،‬وقد مات محمممد بممن الحمماج‪ .‬ولممما ألممح عليهممم‬
‫عمر دلج بالغزو‪ ،‬وخرج إليه أمير كاشنة وسار حتى وصل بمحلممه‪،‬‬
‫فعبأ للقتال‪ ،‬فتلقمماهم الجماعممة‪ ،‬ولممم ينجعمموا فيممه شمميئًا‪ .‬فرجعمموا إلممى‬
‫حصنهم وتحصنوا‪ .‬فسار إليهم أمير كاشنة بالجيش‪ ،‬حتى وصلوا إلى‬
‫الحصن‪ ،‬وقاتلوه‪ .‬فرجعت إليهم خيل السمملم مممن ناحيممة‪ ،‬فهزممموهم‪،‬‬
‫وقتل أمير كاشنة‪.‬‬
‫ثم إنه لما هزمهم ال انتقل عمر دلج حتى نممزل قريب ماً مممن حصممنهم‪،‬‬
‫فألح عليهم أيامًا حتى فتح ال عليه القريممة‪ .‬فسممار أميممر كاشممنة الكممافر‬
‫الذي ولي بعد المقتول إلى " دنكم" وكان الخ المظفممر محمممد محمممو د‬
‫من أهل الحفاظ‪ ،‬من أعان جماعممة كاشممنة علممى جها دهمما‪ ،‬وغممزا فيهمما‬
‫غزوات‪ ،‬وأبلى‪ :‬فمنها إعانته لهل روم على قائد خيممل أميممر كاشممنة‪،‬‬
‫ومنها غزوة سور‪ ،‬ومنها مقاتلته مع أهل "كممن"‪ ،‬ومنهما غمزوة فممو‪،‬‬
‫ومنها غزوة مرا د ثلث مرات‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫ولما أخرجوا عمر دلج‪ ،‬خرج بالرايممة‪ .‬وقممد اتفممق خروجممه بخممروج‬
‫جماعمة "كنمو" لنصمر عممر دلج‪ ،‬حمتى احتمعموا قريبمًا ممن حصمن‬
‫كاشنة‪ .‬فساروا‪ ،‬وعليهم الخ المظفر‪ ،‬إلى " دنكم"‪ .‬فقاتلوها أشد قتال‪،‬‬
‫ففتحوها بإذن ال‪ ،‬وقتلوا أمير كاشممنة الكممافر وصممنا ديد قممومه‪ .‬فرجممع‬
‫عمر دلج‪ ،‬وسكن حصن كاشنة‪.‬‬
‫ثم إنه بعد ذلك بقليل قدم أميرآهير محمممد البمماقر‪ .‬ونممزل بجيشممه وكمما د‬
‫التوارك‪ ،‬وأمروا أمير كاشنة آخر‪ .‬فقام عليه أميممر آهيممر وعمممر دلج‬
‫فقتلوه‪.‬‬
‫هذا تلخيص ما وقع "بكاشنة" باختصار‪ ،‬خوف الملل‪.‬‬
‫وأما تلخيص ما وقع في " دور"‪ ،‬فاعلم أنه قدمنا أن أميممر دور وأميممر‬
‫كاشنة هزما يومًا واحدًا‪ ،‬ولما رجع لبلده قام عليممه جماعممة أهممل دورا‬
‫المنتسبون إلى الشيخ‪ .‬وأعانهم دار تشك وموسى أمير "زكزك" الن‪.‬‬
‫فأكبوا عليهم وألحوا عليهم‪ ،‬وقاتلوهم حتى هممرب إلممى أطممراف بلممده‪،‬‬
‫وفتح حصنه‪ .‬ثم إنه لما سمع ما صنع أمير آهيممر محمممد البمماقر بممأمير‬
‫كاشنة الذي وله التوارك‪ ،‬هرب إلى "برنوا" إذ كان طمعه قبممل فيممه‪.‬‬
‫ولما سمع أنه سالم الجماعة هرب إلى "برنوا‪ ،‬وهو بها الن‪.‬‬
‫تلخيص ماوقع في كنوا‬
‫وقد قدمنا أن أمير غوبر لما هّم بغزو الشيخ‪ ،‬أرسل إلى إخوانه فطلب‬
‫منهم المساعدة‪ ،‬فأجابوه إلى ذلك‪ .‬ولما قام أمير كنمموا علممى المنتسممبين‬
‫إلى الشيخ‪ ،‬وقد خافوه على أنفسهم‪ ،‬وهمماجروا مممن وسممع بل دهممم إلممى‬
‫أطراف البلد وتلحقوا‪ ،‬أرسل إليهممم بممالغزوات‪ :‬غممزوة بغممزوة‪ ،‬والم‬
‫تعالى يعين المسلمين عليهم ويهزمهممم‪ .‬وجممرى بينهممم وبيممن الجماعممة‬
‫حروب عظيمة‪ ،‬ووقائق جسيمة‪ ،‬حتى خرج أمير كنوا الكافر بنفسممه‪،‬‬
‫ونزل محصن جان يحيى‪ .‬فسار إليه الجماعة بعيالهم‪ ،‬وأحماطوا بهمم‪،‬‬
‫فقاتلوا الحصن‪ ،‬حتى فتحه ال عليهم‪ ،‬وقتلمموا مممن جنممو د كنمموا كممثيرًا‪.‬‬
‫وهرب المير إلممى حصممنه الكممبر‪ .‬ثممم انتقممل الجماعممة إلممى "حبركممد"‬
‫فقاتلوه أشد قتال‪ ،‬وأقمماموا عليممه شممهرًا‪ .‬ثممم انتقلمموا ونزلمموا قريبمًا مممن‬
‫الحصن الكبر‪ ،‬فلم يلبثوا إل أيامًا قلئممل‪ ،‬ففتحممه الم عليهممم‪ .‬وهممرب‬
‫أمير كنوا إلى "رنو"‪ ،‬وتفرق أموره‪ .‬فسكنوا الحصن‪.‬‬
‫ثم إنه لما سمممع بممإخراج أميممر كاشممنة الكممافر لعمممر دلج مممن حصممن‬
‫كاشنة‪ ،‬طمع في إخممراج جماعممة كنممو‪ .‬فرجممع بمممن معممه‪ ،‬ولممما سمممع‬
‫بمسير الجماعة‪ ،‬خرجوا فقتلوه "ببرمممبرم"‪-‬بضممم الباشممئين والرائيممن‬
‫وإسكان الميم‪ .‬فقتلوه وشتتوا جنو ده‪ ،‬والحمد ل‪.‬‬
‫انتقال الشيخ من سابنغرة إلى غواند‬
‫ثم إنه لما اشتد بنا الجوع في نزفر‪-‬وقد بغى علينمما أهلمهمما‪-‬انتقلنمما إلممى‬
‫أطراف بل د "كب" فنزل الشيخ "بغواند"‪-‬بفتح الغيممن المعجمممة وفتممح‬
‫الواو‪-‬وانتشر جماعته في سائر البلد لطلب القوت‪.‬‬
‫ذكر غزو كروفي‬
‫وكممان مممن حممديثها أنممه لممما نزلنمما "كممب" أنشممأ الشمميخ الغممزو إلممى‬
‫"القاضاو"‪ ،‬فخرج بالراية علي جيد وتخلفت عن هذه الغزوة لمممرض‬
‫أصابني‪ .‬ولما فصل بالجند وعلم ضعفه عن المسير إلى القاضوا سلك‬
‫الشمممال‪ ،‬فشممن الغممارات علممى التممواري "بكمموفي"‪ ،‬فأصممابوا غنيمممة‪.‬‬
‫ورجعوا سالمين غانمين بحمد ال وعونه‪.‬‬
‫ذكر غزوة جات الثانية‬
‫وكان من حديثها أنه لما انتقلنا من "زنفممر" وخلفنمما بضممع قومنمما فيهمما‬
‫بين ضيق الجوع والخوف‪ ،‬أرسممل أهمل "زنفمر" إلممى أميممر "غموبر"‬
‫يستمدونه‪ ،‬فخرج جندهم‪ ،‬فجممال فممي زنفممر‪ ،‬وأغممار علممى بقيممة قومنمما‬
‫وأصاب ما أصاب‪ .‬ولما وصلوا إلى "زنفر" أرسل قومنا إلممى الشمميخ‬
‫يطلبون الغاثة منه‪ ،‬فأمرني بالمسير‪ .‬وخرجت بالراية‪ ،‬فسرنا ليممالي‬
‫حممتى وصمملنا "الجممواني" مممن بل د "زنفممر" فشممننا عليهممم الغممارات‪،‬‬
‫وفتحنا بإذن ال من حصونهم "بمماك" و"تممانو" حممتى وصمملنا "جممات"‬
‫ل شديدًا‪ ،‬وفتح منها تسع قرى‪ ،‬فرجعنمما إلممى العسممكر‪ .‬ثممم‬ ‫وقاتلناها قتا ً‬
‫رحنا إلى بل دنا سالمين غانمين‪ .‬وفي ذلك قلت‪:‬‬
‫بلء غزيزًا والحروب تسعر ألم تر أن ال أبلى عبا ده‬
‫فلقوا هوانًا والحوا دث تخطر بما أنزل الكفار دار بوارهم‬
‫وعممزز أهممل الممدين مممن بعممد‬
‫فهم في بل د ال أقوى وأوفر‬
‫يأسهم‬
‫أولمممو طمممولهم ممممن أرضمممهم‬
‫وقد رام أهل الكفر أن يستفزنا‬
‫فتناصروا‬
‫وأوقعهم في كل ما قد تحذروا فر د الله كيدهم في نحورهم‬
‫علممى صممنع مولنمما لنمما حيممن فسل عن حممروب بيننمما واقتنممع‬
‫بها‬ ‫تشكر‬
‫إلممى "جمماب" والنبمماء تجممري فسممل عممن قريممب يمموم أحمممل‬
‫راية‬ ‫فتذكر‬
‫ويدريه والتقريب فيه مسطر قتلنا جموع الكفر وال عالم‬
‫و"باناع" قتلنمما‪ ،‬وفممي "جمماب" "فبمممأكي" قتلنممماهم و"ثمممانوا"‬
‫بأرضها‬ ‫أكثر‬
‫وفي "ثممانوا" أربممع وعشممرون ففممي "بممال" أربعممة وخمسممون‬
‫قتلوا‬ ‫يذكر‬
‫علمممممى الشمممممرك أر دينممممماهم‬
‫ثلثون عدة أهل" باناع" أمة‬
‫فتعسفروا‬
‫وفممي "جمماتو" قتلنمما بهمما مائممة‬
‫وأبنا "لكانكي" هناك معسكر‬
‫وشيء‬
‫فدمرها المولى وإياه نشكر ثلث ليالي ثم أبنا لدمرها‬
‫بغمممممالي الغنمممممائم والجمممممموع‬
‫فرحنا كأنا من جواثي عشية‬
‫تكاثروا‬
‫ل ثم آخرًا‬
‫ول در المصطفى حين يذكر ول حمد أو ً‬
‫ذكسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسر غسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسزوة زورار‬
‫‪-‬بضم ازاي‪-‬‬
‫ولما انفصلنا بالجند إلى "جات"‪ ،‬وتأخر مممن تممأخر‪ ،‬طلممب العممم إنفمماذ‬
‫الجيش إلى ناحية الشمال‪ .‬فخرج بالراية قائد الجيش‪ ،‬وقد أمره الشمميخ‬
‫بغزو "فولكم"‪-‬بضم الفاء‪ ،‬ولم يأمره بغزو التوارك‪ ،‬إذ كانوا أرسمملوا‬
‫إليه بطلب المانة‪ ،‬فأجابهم إلى ذلك‪ ،‬وكتبت إليهممم‪ .‬فسممار "بوثممابغر"‬
‫البريد‪ .‬فلما انفصل قائد الجيش بالجند نحو التوارك من غير علم منه‪،‬‬
‫ل كممثيرة وبقممرًا و‬
‫فشن الغارة عليهم‪ ،‬وبريد الشيخ عندهم‪ .‬فأغمماروا إب ً‬
‫سبوا سبايا‪ .‬ثم رجعوا‪ .‬فخممرج الطلممب فممي إثرهممم‪ ،‬فلحقهممم "بكرفممي‪،‬‬
‫فاقتتلوا‪ .‬فكانت الهزيمة‪ ،‬واستشد الخ الصالح هداه‪.‬‬
‫ذكر غزوة أوغ‬
‫وسببها أن أمير "أوغ" كان تابع حين فتح حصنهم الكبر‪ ،‬ولكن كممان‬
‫ينافق‪ .‬فأرسل إلى أمير "غوبر" يستمده علينا‪ .‬فخرج العممدو مممن أهممل‬
‫"غوبر" فغزوا على أطراف الجماعة‪ ،‬حتى وصمملوا إلممى "اوغ"‪ ،‬ثممم‬
‫رجعوا لبل دهم‪ .‬ولحقهم بعض إخواننما بالليمل‪ ،‬واسمتلبوا منهمم بعمض‬
‫الغنيمة‪ ،‬وأكلوا منهم كثيرًا‪ .‬ثم إنه لما سمممعنا بمسمميرهم إلينمما‪ ،‬خرجنمما‬
‫للرباط‪ ،‬ثم أنشأنا غزوًا‪ ،‬فسرنا‪ ،‬وعلينا "مويج"‪ .‬فنزلنا "أوغ" فقاتلناه‬
‫ل شديدًا‪ ،‬وأقمنا عليهم أيامًا‪ .‬ثم رحلنمما راجعيممن لممما سمممعنا بمسممير‬
‫قتا ً‬
‫الحزاب إلينا‪.‬‬
‫ذكر وقعة ألوس‬
‫ثم إنه لما أقمنا على "أوغ" محاصرين لهمما‪ ،‬وأبطممأ علينمما الفتممح‪ ،‬ور د‬
‫علينا بعض الخوان‪ ،‬وأخبرنا بتحزب التوارك والغوابر وسممائر أهممل‬
‫أحوس إلينما‪ ،‬فتحولنما إلمى رحالنما‪ ،‬فلمم نلبممث إل يسميرًا حمتى سممعنا‬
‫بمسيرهم إلينا بالحزاب‪ .‬فانحاز من كان في جهة الشمال‪ .‬ثم إنه بلغنا‬
‫أنهممم عسممكروا قريبمًا منمما فاجتمعنمما وشمماورنا فممي أمرنمما‪ ،‬فمماتفق رأي‬
‫سا داتنا على الخروح إلى لقائهم‪ ،‬ورأي البعض علممى انتظممارهم حممتى‬
‫يصلوا إلى رحالنا‪ ،‬فصدر الكل علممى الخممروج إلممى لقممائهم بعممد ذلممك‪.‬‬
‫فخرج بالراية قائممد الجيمموش‪ ،‬ومعممه المموزير عبممد المم‪ ،‬حممتى وصمملوا‬
‫"كنممبر"‪-‬بفتممح الكمماف والبمماء‪ ،‬وتخلفممت فممي الممديار‪ ،‬فممأمرني الشمميخ‬
‫بمماللحوق بهممم‪ ،‬وقممال‪ :‬سممر معهممم لئل تقممع الهزيمممة‪ ،‬فيقولمموا‪ :‬تخلفممت‬
‫ل ووجدتهم بالمعسكر‪ ،‬وطلبممت منهممم‬ ‫وتخلف الناس‪ ،‬فتبعت آثارهم لي ً‬
‫الرجوع والنتظار في الرحال‪ ،‬فقبل مني الوزير‪ ،‬وأبى قائد الجيممش‪.‬‬
‫ولممما أصممبحت رجعممت إلممى رحالنمما‪ .‬ولممما وافينمما "لممغ"‪-‬بكسممر اللم‬
‫والغين‪ ،‬تأخرنا هناك‪ ،‬حتى صلينا الظهر والعصر‪ .‬ثم تشاوروا فاتفق‬
‫رأيهم بالمسير إلى العدو‪ .‬فسممرنا حممتى نزلنمما "بكولممد"‪-‬بضممم الكمماف‪،‬‬
‫وهو حصن فيه أهل الذمة وبعض الجماعة‪ .‬فممأكله الجيممش ونهبمموا ممما‬
‫فيه‪ .‬فقام الوزير فنهاهم ووعظهم فلم يسمعوا‪ .‬فقمت و دخلممت الحصممن‬
‫لنهاهم فكا دوا أن يقتلوني فخرجت‪ .‬ولما رأينا ما فعلموا وخفنما عاقبمة‬
‫ما صنعوا‪ ،‬طلب منا الوزير الرجوع‪ ،‬ولممم يسمماعده بعممض الرؤسمماء‪.‬‬
‫فمضينا حتى انتهينا إلممى جمممع التمموارك صممباح السممبت‪ .‬ولممما سمممعنا‬
‫بحسهم ورأينا آثارهم عبأنا للقتال‪ .‬فسرنا على التعبئة حتى وصلنا إلى‬
‫صفهم‪ .‬فرموا ورمينا‪ ،‬فحملت ميمنتهم على ميسرتنا‪ ،‬فكانت الهزيمة‪.‬‬
‫واستشهد من الجماعة نحو من ألف رجل‪ ،‬وانتهى الغل إلى الرحال‪.‬‬
‫ثم إنه لما أصبحنا يوم الحد أرسلوا إلينا غارة‪ ،‬فانحاز الناس ولجممأوا‬
‫ل بقول القائل‪:‬‬
‫إلى الحصن‪ .‬وخرج الفرسان وكنت ممن خرج متمث ً‬
‫أنا الذي بررت يوه الحره‬ ‫والحر ل يفر إل مرة‬
‫للجزين فرتي ذي كرة‬
‫ل كممثيرة‬ ‫فحملنا عليهم فهزمهم ال‪ ،‬وقتلنا منهم كثيرًا واستلبنا منهممم إب ً‬
‫وأتراسًا وسيوفًا‪ ،‬فولوا خائبين خاسرين‪ ،‬وكذلك يوم الثلثمماء‪ .‬ثممم لممما‬
‫ل‪ ،‬فخرجممت فممي خيممل فتلقينمماهم‬ ‫أصبحنا يوم الربعمماء بعثموا إلينمما خي ً‬
‫وطار دناهم سائر اليوم‪ .‬وقد نزل عسكرهم قريبًا منا‪ ،‬ولما كممان وقممت‬
‫العصر هزمنا خيلهم حتى انتهت إلى عسكرهم‪ .‬فركب كل من تخلممف‬
‫عنهم‪ ،‬وهي خيل عظيمة‪ .‬فتلقيناهم في نفر يسير‪ ،‬فحملوا علينا ومعهم‬
‫سو دانيون كثيرون‪ ،‬فثبتنا لهم فر دهم ال عنا‪ .‬ثم ركب إلينا من تخلممف‬
‫عنا من جيشنا‪ .‬ولما صلينا المغرب سرنا إليهم لنصيب منهم كيدًا‪ .‬فلم‬
‫نلق كيدًا‪ ،‬فرجعنا إلى ديارنا‪ .‬ولما أصبحنا يوم الخميس تحولوا قريبممًا‬
‫منا‪ ،‬وقد خرج الشيخ في المسجد يعظ الناس‪ ،‬ويأمرهم بممر د التبعممات‪،‬‬
‫ويممأمرهم بممالمعروف وينهمماهم عمن المنكمر‪ ،‬ويحرضممهم علممى القتمال‬
‫ويدعو لهم بالنصر‪ .‬ولما نزلوا قريبًا منا عبأوا للقتال‪ ،‬واشممرأبوا إلممى‬
‫الحصن‪ ،‬فتلقمماهم المسمملمون‪ ،‬وكنممت ممممن خممرج مممع الفرسممان‪ .‬ولممما‬
‫نهضوا إلينا‪ ،‬وأتونا من فوقنا ومن أسفل منا‪ ،‬وكانت خيلهم سلكت من‬
‫أسفل منا‪ ،‬وقلبهم من فوقنا وطائفة من خيل عظيمة سمملكت أيضمًا مممن‬
‫فوقنمما مممن جهمة الشمممال‪ ،‬فتلقينمما خيممل الميمنممة‪ ،‬فحملممت علينمما ونحممن‬
‫عشرون‪ ،‬وهم ينيفون على عشرة آلف‪ ،‬فثبتنا لهم فخالطونمما فانحزنمما‬
‫ل وكررنا إليهم‪ ،‬وثبتنا لهم وأنا أقول‪:‬‬ ‫قلي ً‬
‫أنا ابن عثمان مقوي ساعده‬ ‫أ دافع الكفار عن مقاصده‬
‫والبر يحمي عن حريم والده‬ ‫والعاق مغبون ولو في تالده‬
‫ولما رأوا ثباتنا وقفوا‪ ،‬فحملنا عليهم فر د دناهم إلى حيث انحزنا‪ .‬ولممما‬
‫وصل قلبهم إلى حيث وصل ثبت له رجال صا دقون فرموهم ورماهم‬
‫المسلمون‪ .‬فهزمهم المم‪ ،‬وحملنمما علممى ميمنتهممم فتضعضممعوا فتبعتهممم‬
‫الخيل والرجال إلى "غنباي"‪-‬بضم الغيممن‪ .‬وكممان أميممر "كممب" فيهمما‪،‬‬
‫وكان قبل مجيئهم حين فتح حصممنه تممابع هممو ومجمموس "كممب"‪ .‬ولممما‬
‫كممانت وقعممة ألمموس‪ ،‬ارتممدوا كلهممم‪ ،‬و دخلمموا فممي الجيممش ‪ ،‬وكممانت‬
‫الحصون الغربية منا كلها كذلك مرتدة‪.‬‬
‫وتشاغل الناس بالنهب حتى أمعن العدو ولم يتبعهم إل قليلون‪ ،‬أنجعوا‬
‫بعدوهم‪ .‬وفي هذه الوقعة يقول الوزير أبو عبد ال‪:‬‬
‫بليل التمام والصباح إلى المسا الهفي لقلب شابه الهم والسا‬
‫بثنثي وبعض في كوار والوسا لفقد أخلء مضوا في جها دهم‬
‫فمن كان فيهم في الجها د تنفسا هم عدتي في نصر دين محمد‬
‫أولي العلم قممارئ الضمميف فممي‬
‫فكلهم قار فقيه وتابع‬
‫الحرب أحمسا‬
‫ومجلس وعظ ل يفارق مجلسا وناصر دين ال لزم مسجد‬
‫بمممالقوال والفعمممال منمممه قمممد‬
‫لمظهر دين ال عثمان كلهم‬
‫اكتسى‬
‫وطمماعوا علممى نيممل اللذيممذات وخلفممت فممي خلممف أضمماعوا‬
‫صلتهم‬ ‫أنفسا‬
‫بإيثار ما يهواه والقلب خليسا وغالبهم شار بدنياه دينه‬
‫كما تأكل النعام يأكل بولسا جرئ على أكل الحرام وأكله‬
‫فمممن قممام ينهمماه عممن السمموء ول يسممممع الممممأمور يعصمممي‬
‫إمامه‬ ‫أخفسا‬
‫وإن كان ذا جاه يمهد عذره‬ ‫وأول ما قد قيل فيه و دلسا‬
‫بأخلط غوغاء الرعاء مدنسا وليلة نحش بت في كلد حائرا‬
‫لصممبح عسممت هممذه الصممحيفة‬
‫فقلت‪-‬وفينا بنت بيس بظلمهم‬
‫أبؤسا‬
‫فسممممرنا وذاك الجمممممع يممممأتي‬
‫فلما رأوا جمع التوارك أركسا‬
‫وراءنا‬
‫وخلفممت فممي الخممرى أنمما دي‪:‬‬
‫كأني أنا دي أو أكلم أخرسا‬
‫ارجعوا‬
‫فخمماب رجممائي فممي لعممل وفممي‬
‫وقد كنت أرجو كرهم لمقامنا‬
‫عسى‬
‫حممموني وبعممض حيممن فنممدس سممري بعممض أحبممابي وولممدي‬
‫وإخوتي‬ ‫قندسا‬
‫وهم صدقوا ما عاهدوا لم فمي‬
‫ومنا رجال لم يزالوا بصفنا‬
‫المسا‬
‫فنالوا جنانا والحسان وسندسا قضوا نحبهم فيها كفار وحمدا‬
‫وكمممل إذا مممما صممميح للحمممرب‬
‫ومنا رجال ال ينتظرونه‬
‫بلهسا‬
‫وصار إذا ما صيح فممي الممبيت‬
‫وما بدلوا قول وفعل كمن عدا‬
‫ دنكسا‬
‫سهاما تقد الترس لم تك خنسا وقد لقي الكفار منا بالوسا‬
‫فاقصد سهم ابن برهي وطرفه‬ ‫فولى إلي أصحابه متألسا‬
‫وذاك المنمممي ممممن نمممال ذلمممك فلسنا نخمماف الحممرب مممن قتممل‬
‫بعضنا‬ ‫قرطسا‬
‫فما زال فينا من علممى الحممرب‬
‫فمنذ بدت منا حروب توالدت‬
‫خرسا‬
‫فنحن نرى تلك الشها دة ملبسا وتكثير قتلنا إذا سر غيرنا‬
‫وغمممر دم و دان غنمممدا وجممموه‬
‫ومع ذا فكم يوم بكن‪-‬متنكرا‬
‫العدوسا‬
‫كنمممموم و دوش دل سممممل مممممن‬
‫وبمبرم مازوزي لزم أن بهم‬
‫تحدسا‬
‫وممما نيممل مممن جيممش والفتمموح‬
‫ دليل يكون النصر فيه مؤسسا‬
‫ونحوه‬
‫ويوم أتونا واشرأبوا لحصننا‬ ‫فولوا وجل بالسهام تخفسا‬
‫وزا دت لممدي النسمموان وجهمما‬
‫فقتل منهم نحو خمسين طاغيا‬
‫وشمسا‬
‫إلممى الليممل ل يممدري إلممى أيممن‬
‫فشتتهم رب السماء وبعضهم‬
‫طسسا‬
‫فخمممابوا لمممما لقممموا وبالسممملم‬
‫وذو شدة من قيل منهم تأيسا‬
‫أرسلوا‬
‫بشرق ول غرب وحسبكم مسا ول تأمنوا إسلم أو سلم كافر‬
‫فماخاب من رب البرية أنسا كلوا سلمهم ل ثم ثقوا به‬
‫ولما انفصلنا من أمر "ألمموس" اشممتد فيممث بل دنمما الجمموع لنتشممارها‪،‬‬
‫فخرجت بالعير إلى الطراف الغربية‪ ،‬وخرج قائد الجيش إلى "أوغ"‬
‫وقد اجتمع فيها العدو حتى انتهى إليهم‪ ،‬وشن الغارة فخرجوا في عد د‬
‫كثير‪-‬وهو في نفر يسير‪ ،‬فكانت الهزيمة‪ ،‬واستشهد يعقمموب المجاهممد‪.‬‬
‫ثم أنشمأ جيشمًا آخمر‪ ،‬فأرسمل بمه إلمى "كمرر"‪-‬بفتمح الكماف‪ ،‬فأصماب‬
‫غنيمة‪ .‬ثم أنشأ آخر إلى "أرغنع" فكانت الهزيمة‪ ،‬ولم يكن بأس‪.‬‬
‫ثم إنه خرج العدو من الغوابر إلى أهل "كب" وأغمماروا علممى جماعممة‬
‫محمد غابن ول دان‪ ،‬واستشهدوا محمد غابن وأوجعمموا‪ ،‬ولممما رجعممت‬
‫من الميرة وجدت هذا المر قد تفاقم‪ ،‬واتقض جميع من كان معنا مممن‬
‫السو دانيين مممن أهممل "كممب" حممتى أميرهممم‪ ،‬عثمممان مسممي‪ ،‬فخرجممت‬
‫بالراية حتى انتهينا قريبًا من حصن "سّو"‪-‬بفتح السين وتشديد الممواو‪،‬‬
‫فشننا عليهم الغارة‪ ،‬فقتلنا ما شاء ال وغنمنا‪ ،‬ومضيت إلى محمد تكر‬
‫لر ده إلينا بأمر الوالد‪.‬‬
‫ثم إنه خرج قائد الجيش بعد هذا إلى " دمممان"‪-‬بفتممح الممدال فلقممي بحمممد‬
‫ال العدو‪ ،‬فهزمهم ال عليه‪ ،‬ورجع سالماً غانمًا‪ ،‬والحمد لمم‪ .‬ثممم أنشممأ‬
‫جيش مًا آخممر‪ ،‬فمضممينا إلممى "غلممم"‪ ،‬فأغرنمما عليهمما وصممالحنا أهلهمما‪،‬‬
‫ومضينا إلى "ززعا"‪ ،‬فصالكنا أهلها‪ ،‬ومضينا إلممى "غممور"‪ ،‬ففتحهمما‬
‫ال علينا‪ ،‬وقتلنا رجالهم وسبينا ذراريهم‪ .‬ثم عبرنا إلممى "كمما د" فلقيننمما‬
‫جمع العدو فهزمهم ال‪ ،‬فقتلناهم وقطعناهم من دابرهم ولم ينفلت منهم‬
‫أحممد‪ ،‬واستشممهد صمماحبي محمممد غيممن‪ .‬ثممم لممما أصممبحنا مضممينا إلممى‬
‫حصنهم‪ .‬ولما وافيناه وجدناهم قد تحصممنوا فيممه‪ ،‬فعبرنمما فنزلنمما فبتنمما‪.‬‬
‫ولما أصبحنا فإذا صارخ‪ :‬اركبوا اركبوا‪ ،‬فلقينا خيمل العمدو ورجمالهم‬
‫خلطونا‪ ،‬فكانت الهزيمة‪ ،‬لكن لم يكن بأس‪ .‬ولما تلحق الجيممش وقفنمما‬
‫لهم‪ ،‬فر دهم ال عنمما‪ ،‬فأقبلنمما علممى قمموتهم فأحرقنمماه‪ ،‬ومضمميت لبلممدنا‪،‬‬
‫والحمد ل‪.‬‬
‫فتح سّو‬
‫ولما رجعنا لبل دنا خرج بالراية قائد الجيش ومضى حتى انتهممى إلممى‬
‫"سو"‪ ،‬ففتحها ال عليهم‪ ،‬وقتلوا "مسي"‪ ،‬وأصابوا غنيمة‪.‬‬
‫عزوة جاندوت‬
‫وكان من حديثها أنه أرسل الشيخ إلى سائر جماعته بالمشرق من أهل‬
‫زنفممر وكاشممهة وكنممو و دورا كلهممم أن يممر دوا عليممه‪ ،‬فلقينمماهم بمغممم‬
‫ليخبرهم ما يخبرهم‪ .‬ولما حان وقت الخريف وأقبلوا أرسمملني مكممانه‪،‬‬
‫وأخممبرني بممما أخممبرني‪ .‬ثممم أن خرجممت فسمملكت أرض زوم وزنفممر‪،‬‬
‫وكممانت زنفممر إذ ذاك باغيممة علينمما‪ ،‬حممتى انتهيممب ]انتهيممت؟[ إلممى‬
‫معسكرنا بكاركي فالتقيت أنا وإياهم هناك ببررغد‪ .‬فمموافى أهممل كنمموا‬
‫وقمد فتحموا بل دهمم‪ ،‬فمأمرت عليهمم الفقيمه العما دل سمليمان بمن الجمم‪،‬‬
‫وأخممبرت الكممل بممأن الوالممد حيمماهم وأمرهممم بالمبايعممة علممى السمممع‬
‫ل‪ ،‬ظاهرًا وباطنًا‪ ،‬وحركممة وسممكونًا‪،‬‬
‫ل وفع ً‬
‫والطاعة‪ ،‬واتباع السنة قو ً‬
‫ل ونهمارًا‪ ،‬فسممعوا وقبلموا‪ ،‬وأخمبرتهم بمأن يبشمرهم بمأن الم يفتمح‬ ‫لي ً‬
‫عليهممم البل د ويمكنهممم فممي الرض فليحممذروا بعممد ذلممك أن يتحاسممدوا‬
‫فيتفرقوا‪ ،‬أو يبدلوا شرائع السلم‪ ،‬كما بدل هؤلء‪ .‬فاستبشروا وقبلوا‬
‫النصيحة‪ .‬وأخبرتهم بممما بشممرهم بممه مممن قممرب ظهممور المهممدي‪ ،‬وأن‬
‫جماعة الشيخ طلئعه‪ ،‬ول ينقضي بإذن ال هذا الجهمما د حممتى يفضممي‬
‫إلى المهدي‪ .‬فسمعوا واستبشروا‪ ،‬و دفعوا إلي ما قدروا عليه مممن مممال‬
‫ال‪.‬‬
‫ثم أنشأنا جيشمًا إلممى جانممدوت‪ ،‬وبهمما مممن بقايمما الطلبممة‪ ،‬وكممانت قريممة‬
‫اشتهرت بسكنى العلماء‪ ،‬وكان من بها من الطلبة يضممللوننا ويغممرون‬
‫بنا السو دانيين‪ ،‬وقد طر دوا منها من انتسب إلينا من صلحائها كالحمماج‬
‫عمممر والخ المظفممر محمممد بممن الشممفاء‪ ،‬ولقيمما منهممم جفمماء وإذايممة‪،‬‬
‫وضررًا عظيمًا‪ .‬ولما اتفق رأينا على غزوهم سرنا إليهممم حممتى نزلنمما‬
‫بإزائهم‪ .‬فقدمت إليهم الخ محمد بن الشفاء‪ ،‬وقلممت لممه‪ :‬أخممبرهم بممأني‬
‫ما أتيت لغزوهم وإنما نزلت بإزائهم لناظرهم في هممذا المممر‪ ،‬فممإن‬
‫كنا على الصواب تابوا وتبعوا‪ ،‬وإن كانوا على الصواب تبنمما وتركنمما‬
‫ما نحن فيه‪ .‬ولما قال لهم ذلك قالوا‪ :‬ل ننمماظره فممي شمميء‪ ،‬ول نحممب‬
‫رؤيته‪ ،‬ول جمع ال بيننا وبينه وبين أبيه فممي الممذنيا والخممرة‪ .‬فرجممع‬
‫ووجممدني أصمملي العصممر‪ .‬فلممما قضمميت الصمملة أخممبرني‪ ،‬فركيممت‬
‫]=فركبت[ إلى الحصن بعد صلة العصر‪ ،‬وأقبل الجند إليهممم‪ ،‬ففتحممه‬
‫ال علينا فممي السمماعة والحمممد لمم‪ .‬وبتنمما هنمماك ليممالي‪ .‬ثممم رحلنمما إلممى‬
‫الغرب‪ .‬وقد انتشر من حصون كاشنة نحو خمسين حصممنًا‪ ،‬وأغزرنمما‬
‫على فلتيهم‪ ،‬إذ كانوا على شاكلتهم‪ ،‬ورجعنا سالمين غانمين‪ .‬فصممدر‬
‫الجموع إلى بل دهم وصدرنا إلى بل دنا بحمد ال‪.‬‬
‫غزوة ياور‬
‫ولما فصلنا بالجنممد إلممى جانمدوت ممن بل دنما‪ ،‬أنشمأ الشمميخ جيشمًا إلممى‬
‫ياور‪ .‬فخرج بالراية قائد الجيمش فغممزا يماور وفتمح منهمما قمرى كممثيرة‬
‫وخرج إليه أهل ياور فهزمهممم المم‪ ،‬وقاتممل حصممنهم الكممبير ولممم يفتمح‬
‫عليه‪ ،‬فكر راجعًا‪.‬‬
‫غزوة بنا الولى‬
‫ولما رجعنا من جاندوت ورجع على قائد الجيوش من ياور فلممم نلبممث‬
‫إل أيامًا‪ ،‬فخرج بالرايممة المموزير الكممبر‪ ،‬فسممار إلممى بنمما وكممانوا بغمماة‬
‫ل شديدًا‪ ،‬ولم يفتح عليه‪ ،‬فكر راجعًا‪.‬‬ ‫علينا‪ ،‬فقاتلهم قتا ً‬
‫غزوة باس‬
‫وكان من حديثها أنه لما رجعنا من جاندوت ورجعت قائد الجيش مممن‬
‫ياور اجتمعنمما وشمماورنا فمماتفق رأينمما فممي غمزو بمماس‪ .‬فخممرج بالرايممة‬
‫سلطان كب مويج‪ ،‬حتى وصل باس ولم يلق كيدًا‪ ،‬ورجع وقممد مضممى‬
‫عليهم شهران‪.‬‬
‫غزوة فافر‬
‫وكممان ممن حممديثها أنمه لمما همزم الم التموارك ممن غوانمدر ورجعموا‬
‫لبل دهم خرجوا وتوجهوا إلى أرض زنفر للميرة فأنشأوا هنالك غزوًا‬
‫من السو دانيين‪ ،‬فغزوا حصن غد بفتح الغيمن المعجممة‪ ،‬فهزمهمم الم‪.‬‬
‫وكان بها الفقيه الستاذ دنب ولما هزمهم ال رجعوا لرض كيمما ولممما‬
‫تهيأوا للرجوع ورجعوا لبل دهم تلقاهم الخ المظفر نمو د بجنب البحر‬
‫فاقتتلوا ساعة فهزمهم ال‪ ،‬واستاق أبقارهم‪ ،‬ونهبوا جميع ما معهم‪.‬‬
‫ل‪ ،‬ثممم‬
‫ولما رجعوا لبل دهم أخذوا بالتأهب إلى غزو زوم فمكثمموا طمموي ً‬
‫جاسوا إليها وكنا خرجنا لما سمعنا بمسيرهم‪ ،‬ونظن أنهم توجهوا إلينا‬
‫حين سلكوا طريق الغرب‪ ،‬ولما نحوا نحو زوم رجعنا لبل دنا‪ .‬فحينئممذ‬
‫ دعوت ال بهذه القصيدة المباركة المستجابة إن شاء ال تعالى‪:‬‬
‫أنا ديممك يمما مممولي فممي السممر‬
‫بأسمائك الحسنى السنية كالدر‬
‫والجهر‬
‫وبالمصممطفى الهمما دي الرشمميد‬
‫وأصحابه والل والتابع الغر‬
‫محمد‬
‫وبالوليممما والصمممالحين أولمممي وبالنبيمممما والرسممممل والملممممك‬
‫الرضى‬ ‫المر‬
‫وترزقنممما رزقممما كفافممما ممممدى‬
‫لتكفينا من كل سوء وفتنة‬
‫العمر‬
‫وكممما دوا بمممه فينممما ممممن الكيمممد إلهي ومولي تممرى مممن العممدا‬
‫سعوا‬ ‫والمكر‬
‫وخذه إذا يبغي علينا على قدر فكد يا إلهي كل من رام كيدنا‬
‫فمنممك نرجممي الفمموز بمماللطف‬
‫فنصرا عزيزا يا إلهي لقومنا‬
‫والنصر‬
‫فيقرع سنا بالندامة والخسر أغنبل فاحص جمعه ثم فله‬
‫عتوا واعتممدوا بممالظلم والفجممر‬
‫فل تجعلنا فتنة للذين هم‬
‫والكفر‬
‫ولو كره الكفار من ذلك النور وأتمم لنا نورا أرا دوا خمو ده‬
‫ومممن بركممات الرض أخممرج‬
‫وأسق بل دا كان فيه مقامنا‬
‫على الفور‬
‫وعجل بيسر ل يعقب بالعسر أغثنا أغثنا أنت مالك أمرنا‬
‫فمنممك نبغممي الكشممف مممن ذلممك‬
‫فقد مسنا ضر فضاقت فجاجنا‬
‫الضر‬
‫ونسممألك التأييممد بممالروح فممي‬
‫نريد فمن أيدته باء بالخير‬
‫الذي‬
‫إذ المرء مطبمموع علممى الشممؤم‬
‫نعوذ بوجه ال من شر نفسنا‬
‫والشر‬
‫ومن سوء أقممدار المهيمممن فممي‬
‫ومن شر وساوس رجيم مطر د‬
‫المر‬
‫فلطفك نرجو في المور مممدى ومن سوء قهممر الخلممق والممدين‬
‫والهجا‬ ‫الدهر‬
‫يضمماهون قممول الكممافرين بل‬
‫وفينا إلهي ما ترون من العدا‬
‫نكر‬
‫فل يرتضون الحكم من شرعة‬
‫وهم عرفاء الناس ثم رعاؤهم‬
‫المر‬
‫وأهمموائهم ظلممما وكفممرا علممى‬
‫فل يهنهم إل اتباع ضللهم‬
‫كفر‬
‫فتعلممم ممما هممم فيممه يمما رب مممن‬
‫فما زا دنا إل خبال سوا دهم‬
‫مكر‬
‫ول تبق ديارا يجاهد بالغدر فبد دهم يا رب فل سوا دهم‬
‫وقلممع عممما د الكفممر فممي ذلممك ويسمممر لنممما فتمممح الخصمممون‬
‫بأسرها‬ ‫القطر‬
‫مممن الشممرع فممي هممذي البل د‬
‫ويسر لنا يا رب نصب دعائم‬
‫على الفور‬
‫ومممن كممل سمموء فممي القيامممة‬
‫إلهي ومولي من النار نجني‬
‫والحشر‬
‫وأصحابه والل والتابع الغر وبلغ سلمي للنبي محمد‬
‫وآثرهم باللطف والعفو والغفر وبلغ لموتانا السلم بأسرهم‬
‫إليمممك رفعمممت البمممث فاشمممفعه‬
‫إلهي رجائي ل تخيب دعوتي‬
‫باليسر‬
‫ولما بلغوا أرض ركب ونهضوا إلممى زوم صممبح الربعاسممء‪ .‬فوافمموا‬
‫زوم وقت العصر‪ ،‬التقاهم المسلمون فهزمهم ال‪ .‬واستحر القتل فيهم‪،‬‬
‫ل ذريعًا‪ .‬وفي ذلك قلت‪:‬‬
‫وقتلهم قت ً‬
‫شفا شقما فممي القلممب مممن حيممن‬
‫أل هل أتاها أن غزوة فافرا‬
‫أخبرا‬
‫شمممفا النفمممس أ دبمممار التممموارك‬
‫فخابت ظنون غنبل ثم أ دبرا‬
‫يومها‬
‫وتسقيهم كأس المنايا المخمرا تصيح الر دينيات في حجباتهم‬
‫وأوباشمممهم ممممن أهمممل غممموبر وممممن قبمممل كمممانوا يحشمممرون‬
‫محاشهم‬ ‫وزنفرا‬
‫ثلثون ألفا أو يزيدون أكثرا ولما توافي جمعهم وزهاؤه‬
‫إلى زوم كممم قممد أجمعمموا الكيممد‬
‫ليستأصلوهم أو ينالوا الكابرا‬
‫كلهم‬
‫يقو دهم طاغوتهم وخبيثهم‬ ‫أغنبال أفاك ر دي فشمرا‬
‫أميممر كيمما وأبممرش طمماغوت‬
‫وخامد رأس الكفر ثم قدارهم‬
‫زنفرا‬
‫وجعممم أولممي السمملم قممد كممان‬
‫ دنوا وتدانوا زوم ثم تذامروا‬
‫أنفرا‬
‫فولوا على أقعابهم حين كبرا فلما التقاهم جمعنا فتضعضعوا‬
‫بنممو الحممرب فممي حافمماته حيممن‬
‫فلم يك إل راية الدين مشرع‬
‫شجرا‬
‫تمممداعي أولمممو السممملم حيمممن‬
‫بكل حسام يفرق الهام مشهرا‬
‫تذامروا‬
‫علممى كممل جهممد مممن نجممائب‬
‫وكل ر ديني وأسمر معضب‬
‫بربرا‬
‫نممدى صمماب فممي جممو النهممار‬
‫ورجلهم يحمي سهاما كأنها‬
‫وأمطرا‬
‫بمعممترك والكممف والرجممل قممد‬
‫فغا در خيل ال للنصر هامهم‬
‫فرى‬
‫وأموالهم نفل ورزقا ميسرا فخلوا لنا أزوا دهم ومتاعهم‬
‫كريها بغيضا قبل غزوة فافرا وكانوا قديما يعرفون لقاءهم‬
‫فسممل يمموم ثنتمموا حيممن ولمموا‬
‫وشنشن رهن خلفوه مجزرا‬
‫بأسرهم‬
‫وعممن يمموم ألممس حيممن دارت‬
‫فنالوا ونلنا واحتملنا المفاخرا‬
‫رحي الوغا‬
‫فتلك المنى منا نخب المآثرا وإن سرهم ما نالنا من شها دة‬
‫فطمموبى لممه واللطممف والمسممك‬
‫فمن قتلوه بلغوه مرا ده‬
‫أذفرا‬
‫وورث حورا من نساء حرائرا وروح وريحان وجنة خلدة‬
‫ومممن حلممل الفممر دوس يكسممي‬
‫حريرا و ديباجا وتبرا منضرا‬
‫جميعها‬
‫إلى درك مأمول لنا قد تعسرا فسبحان من ر د العدو ذريعة‬
‫سراتكم قتل فخلوا التفاخرا فأبلغهم أن قد قتلنا بغوبنا‬
‫فعممما دوا إلمممى صمممدق بجامعمممة‬
‫فباتت على جنب وساق تكسرا‬
‫الدجى‬
‫وأمثممماله مممممن هممموى الكفمممر وسمميد بممن برهممي قممد ثمموى ثممم‬
‫طرفه‬ ‫أشهرا‬
‫فإن لنا في كل ضد بواكرا إلهي إليهم أنهم حذروا الوغي‬
‫وفي ذلك قلت أيضًا‪:‬‬
‫أل أبلغ توارك أهل أزبن‬ ‫علنية فقد ذهب السرار‬
‫بأنا قد نزعنا خصيتيكم‬ ‫فليس لكم إلى زحف نفار‬
‫فأين سراتكم سيد بن برهي‬ ‫ونجل كجير مشؤوم قدار‬
‫وفي لحييه والقحف ازورار وأي صدي تركناه صريعا‬
‫ضربنا قرن كبشكم فأضحى‬ ‫أجم كأنه فيكم حمار‬
‫فحزنا يا توارك أهل أزبن‬ ‫ففروا كي يخلصكم فرار‬
‫فسيروا أربعين ونصف عام‬ ‫ففروا كي يخلصكم قرار‬
‫فلم يك قولكم أن تشتمونا‬ ‫وتفتخروا إذا جد الفخار‬
‫وللوزير عبد ال‪:‬‬
‫أمن طلل خل أم فقد قوم‬ ‫ألفتهم تبيت بغير نوم‬
‫فكم خل فقدت رضى تقي‬ ‫شجاع قارئ سرا د صوم‬
‫وكم طلل علمت بريم خال‬ ‫وشحغل كوكي وغلم غلم‬
‫فتلك ديار غوبر والتوارق‬ ‫ولة الكفر خاوية بظلم‬
‫وكم يوم بكن لنا عليهم‬ ‫و دارغد وغر دم أي يوم‬
‫بأيدينا هلك جميع غوبر‬ ‫هلك توارق يرماح زرم‬
‫غداة يقو دهم للحين جهل‬ ‫طبيلهم أغنبل دون علم‬
‫يؤازره الغوابر والكوابش‬ ‫كيا وزوافر غوغاء برم‬
‫فأور دهم يعافر حوض موت‬ ‫ففر بأهله بلباس نوم‬
‫وز دي قدارهم أصحاب لوم وسابق خامد شيطان آزر‬
‫مسيرة خمسة في نصف يوم ففروا عن جماعتهم وجازوا‬
‫فما بالوا بآبال وخيل‬ ‫وأعبدهم وأثوبهم وطعم‬
‫وأحرار ثووا في زرم نحوا‬ ‫ثلث مئين تؤذنهم بحزم‬
‫فثاب جميعهم عن جمع جيش‬ ‫لزرم وصلبوا طلب سلم‬
‫تقي الجمعان في أرجاء زرم فنعم الجمع جمع نمو د يوم اللمم‬
‫وغيظ صدور كفران وجرم شفاء صدور كل المؤمنين‬
‫إذا بقيت بها أصحاب حزم أل من مبلغ عني لعا در‬
‫بدار تداركوا بطرا د خامد‬ ‫قواكم قبل تشتيت وهدم‬
‫فخامد خامد ل تتركوه‬ ‫ليوقد ناره فيكم باثم‬
‫وكل محارب ل تتركوه‬ ‫بها ليدوم فيكم نيل سلم‬
‫وجمع المسلمين فتم نظمي فلله المعز وللرسول‬
‫وكان أهل غرسا ور دوا علينا وأشرافهم عندنا وأهل ميرتهم‪.‬‬
‫ولما جاش الجيش ذهب فتيانهم وأشرافهم عندنا يقولون‪ :‬نحممن معكممم‪،‬‬
‫ل نوالي الظالمين‪ .‬وفي ذلك قلت‪:‬‬
‫أصحبني بلغوا عني الجوابا‬ ‫إلى العذال قول مستطابا‬
‫أرقى لست من يهوى الربابا بأني ل أزال إلى المعالي‬
‫وضرغام إذا سمت الضرابا وأني ماجد سمح جيي‬
‫فأبلغ ز د مع هو دا يهو دي‬ ‫توقع وارتقب مني سبايا‬
‫ومغزاه فبات إلى تكره‬ ‫فاوقع في بل دكم الخرابا‬
‫ويكسو السهل والحزن النشابا بجند يمل الركان طرا‬
‫تلف الخيل يومئذ نساء‬ ‫أوانس قد أصبن لها نهابا‬
‫فل يحجبن يومئذ بخدر‬ ‫ول يوقين من شمس عتابا‬
‫ول يبقى بأرضكم عدوا‬ ‫ول يبقى لكم إل الترابا‬
‫عللت وفي التجارب كل علم‬ ‫بأن أتيسر أعلى ركابا‬
‫وهممم أولممى التمموارك كممل يمموم‬
‫وأعلهم إذا انتسبو شعابا‬
‫عهد‬
‫ول تثقوا بعهد غرس فإني‬ ‫رأيتهم نعاجا أو ذئابا‬
‫ولمممو وزنمممت شممميوخ غمممرس‬
‫عل الميزان ما وزنوا ذبابا‬
‫جميعا‬
‫ولما هزم ال التموارك وأخزاهمم رجعموا إلمى بل دهمم‪ ،‬وكمانوا أنفمذوا‬
‫لهل ميرتهم من السو دان كثيرًا فأكب الجماعة علممى عيرهممم‪ ،‬فممأكلوا‬
‫ما شاء ال من أموالهم‪ ،‬وتقووا بذلك‪ ،‬وضمعف بمذلك شموكتهم‪ .‬فقطمع‬
‫ دابر القوم الذين ظلموا والحمد ل رب العالمين‪.‬‬
‫غزوة برغ‬
‫ولما كان الربيع خرج العم الوزير بالرايممة‪ ،‬حممتى وصممل راغممم بضممم‬
‫الغين المعجمة‪ .‬فكا د أن يفتح عليهم‪ ،‬فكممر المشممركون‪ ،‬ولكممن لممم يكممن‬
‫يأس‪.‬‬
‫غزوة دفو‬
‫ثم بعد خروج العم إلى الغزو‪ ،‬خرجمت بالرايمة حمتى وصملت سمكت‪،‬‬
‫رومًا لغزو دفو‪ ،‬فرجعت ولم ألق كيدًا‪.‬‬
‫وقد انتشر أهل دفو وهربوا لما سمعوا بمسيرنا‪ ،‬وهنمماك أرسمملت إلممى‬
‫أخينا الظفر داون‪-‬بفتح الوا وإسكان الثاني‪ ،‬وهو من أقيممال الفلتييممن‪،‬‬
‫وأمرتممه بغممزو ضممواحي القضمماو ليجلممب إلممى أخبارهمما‪ ،‬ليتمكممن لنمما‬
‫غزوها في الخريف‪ .‬فخرج حتى شن الغارة ببمماب الحصممن‪ ،‬واسممتاق‬
‫بقرهم فخرج الطلب‪ ،‬فكممروا عليهممم‪ ،‬فقتلمموا منهممم‪ ،‬فرجعمموا بالغنيمممة‬
‫سالمين بحمد ال وحسن عونه‪ ،‬وأتوا بقص الخبر‪.‬‬
‫غزوة القضاو الثانية‬
‫ثم إنمه لممما حممان الخريممف احتمعنمما وشمماورنا‪ ،‬فمماتفق رأينمما فممي غممزو‬
‫القضاوا وعلينا قائد الجيش حتى وصمملنا غنممدم‪-‬بضممم الغيممن المعجمممة‬
‫والدال المهملة‪ ،‬فلحق بنا جموع أهل زرم فسرنا حممتى صممبحنا أرض‬
‫العدو‪ ،‬فأغارت الخيل عليهم والرجمل‪ ،‬فماتفق أن علمم العمدو بمسميرنا‬
‫فخرجوا إلينا‪ .‬فلقيناهم فلم يكن كبير أن هزمهممم الم تعممالى‪ ،‬فقتممل مممن‬
‫أشرافهم خمسة رجال‪ ،‬كل واحد منهم يعدل مائة عندهم‪ ،‬كأمير غلممم‪،‬‬
‫وغيره‪.‬‬
‫ثممم نزلنمما بعسممكرنا الجنفممي وبتنمما ليلممتين‪ ،‬وأمممرت علممى الخيممل الخ‬
‫الظفر نمو د فسار للحصن‪ ،‬فرجعوا سالمين‪.‬‬
‫ثم رحلنا فنزلنا قريبًا من الحصن‪ ،‬فبتنا‪ ،‬ثممم سممرنا لمعسممكرنا زغممرب‬
‫فنزلنا بها‪ .‬وقد اتفق قدومنا بصلح قوتهم‪ ،‬فاشتغلنا بفسما ده وتحريقمه‪،‬‬
‫فأحرقنمما معظمممه‪ .‬ثممم خممرج إلينمما العممدو حممتى صممبح عسممكرنا يمموم‬
‫الخميس‪ ،‬فلم يك بأس أن هزمهممم الم وقتممل مممن صممنا ديدهم نحممو مممن‬
‫عشممرين أو أكممثر‪ ،‬ول تسممأل عممن الوبمماش‪ ،‬ففممرح المسمملمون‪ ،‬وذل‬
‫الكافرون‪ ،‬والحمد ل رب العالمين‪.‬‬
‫ولما أصبحنا غدونا إلى الحصن‪ ،‬لننظر حاله‪ ،‬فقاتلناه ساعة‪ ،‬فرجعنمما‬
‫عازمين على قتاله‪ .‬فنهضنا بالجيش ونزلنمما قريبماً منهممم‪ ،‬حيممث نزلنمما‬
‫عازمين لقتممال الحصممن‪ ،‬فاجتمعنمما وشمماورنا‪ ،‬فمماتفق رأينمما فممي غممزو‬
‫التمموارك فسممرنا إلممى معسممكرنا لنعممبر إليهممم‪ ،‬فلقينمما أشممرافهم وافمموا‬
‫يلتمسون الصلح‪ ،‬فصالحناهم على عهو د ومواثيق‪ .‬ثممم رجعنمما لبل دنمما‬
‫بحند ال وعونه‪.‬‬
‫ذكر بناء غواند‬
‫ولما رجعنا لبل دنا‪-‬وقد وجدنا الشيخ مريضمًا‪-‬اشممتغلت ببنمماء الحصممن‬
‫الذي هو فيه‪ ،‬فبينناه‪ .‬ولما صح خرجت بالراية إلمى دنمد‪ .‬وكمانوا بغمة‬
‫يخرجون إلى أطراف بل دنا ويغيرون عليها‪ .‬ولما وصلنا إلى أطراف‬
‫بل دهم القريبة منا شننا عليهم الغارات‪ .‬ولما وصلنا حصن كيم وزكمو‬
‫قاتلناهما يوم الثنين‪ ،‬ففتحهما ال علينا‪ ،‬فرجعت من هناك‪ .‬فمممر قائممد‬
‫الجيش وقاتل هناك حصنًا فاستصعب‪ .‬ثممم مممر فقاتممل حصممنهم الكممبر‬
‫عند أميرهم الباغي‪ ،‬ففتحه ال عليه‪ ،‬وقتل الكافرون من أصلهم ومممن‬
‫عند آخرهم‪ .‬ثم سار بالجيش على كنب‪-‬بفتح الكاف‪ ،‬وكان بها طاغيممة‬
‫منهم‪ ،‬ففتحها ال عليهم‪ .‬ثم رجعوا لبل دنا سالمين غانمين‪ ،‬والحمد ل‪.‬‬
‫وفي هذه الغزوة وقع الوبمماء فممي الجيممش‪ ،‬فمممات منممه خلممق كممثيرون‪،‬‬
‫منهم عبد القا در وإخوانه من أصحاب الشيخ‪.‬‬
‫ذكر غزوة كنو‬
‫ولما انفصلنا مممن أمممر أهممل دنممد خرجممت بالرايممة متوجهماً إلممى أرض‬
‫كياو‪ ،‬وكان أمير كياو هو الذي أعلن التوارك علممى غممزو زرم‪ ،‬وهممو‬
‫ر دء العداء ومرصدهم‪.‬‬
‫ولما وصلت أرض زرم وجدت مشمماجرة بيممن سممو دانييها وجماعتنمما‪،‬‬
‫فأصلحت ذلمك‪ ،‬وممررت إلمى كيماو‪ ،‬وقمد انتقمض أرض بمرم و مفمر‬
‫ي‪-‬بضم الواو وفتح الياء‪،‬‬ ‫وبنع‪ ،‬وكانوا ينافقون فنزلنا قريبًا من أهل بنُو رَ‬
‫فتلقونمما فهزمهممم المم‪ .‬ومررنمما إلممى كنمماء حممتى نزلنمما برزغممدا‪ ،‬ولممما‬
‫استرحنا أيامًا سرنا إلى كيمماو‪ ،‬ونزلنمما تممور‪-‬بضممم التمماء‪ ،‬فعبأنمما حممتى‬
‫نزلنا قريبًا من كنو‪ .‬ثم نهض إليه الجيش‪ ،‬وقمد اتضمماف إليهممم عسممكر‬
‫ل في المعسكر لحاجممة‪ .‬ولممما نهممض‬ ‫أهل كياو كلهم‪ ،‬وكنت تخلفت قلي ً‬
‫الجيش إليهم تلقوه‪ ،‬فكانت الهزيمة‪ ،‬ولم يكن لهم بأس‪ ،‬فكررنمما إليهممم‪،‬‬
‫فهزمهم ال حتى ألجأناهم إلى الحصن‪.‬‬
‫ثم اقتتلنا نحن وهم سائر النهار واشتد المممر علينمما‪ ،‬فهمماجت نممار مممن‬
‫فوق‪ ،‬كرامة للشيخ‪ ،‬فانتشرت في ديارهم‪ ،‬فكانت سممببًا للفتممح‪ ،‬ففتحممه‬
‫ال علينا ومالت الخيل على جندهم حتى أفنمموهم‪ ،‬وقتممل مممن بقممي فممي‬
‫الحصن من رجالهم‪ ،‬وسبي ذراريهم ونسمماؤهم وجمممع أممموالهم‪ .‬وفممي‬
‫ذلك قلت‪:‬‬
‫يممموم دار الحمممرب فمممي كنممموا‬
‫سائلوا عنا وعن أعدائنا‬
‫الحفر‬
‫أو كأحطام الهشيم المحتظر قد تركناهم بها مثل الهبا‬
‫ولكم كر به فرساننا‬ ‫في صنا ديد كياوا المنكسر‬
‫إذ رجعنا لهم وقت الضحى‬ ‫بجنو د كجرا د منتشر‬
‫وكأن الخيل في أرجائها‬ ‫جدأ تخطف أشلء البقر‬
‫فلقيناهم وأوغلنا بهم‬ ‫برماح وسهام كالمطر‬
‫وأشرأبوا فرمونا مثلها‬ ‫فأقمنا هكذا حتى الظهر‬
‫فدخلنا حصنهم وقت العصر فدعونا‪ :‬يا نزال للوغي‬
‫فسقيناهم منايا فرأوا‬ ‫سهم أمثال جذع منقعر‬
‫قد رجعنا من جواثي للحفر ثم رحنا غانمين كأننا‬
‫فأحمدوا ل على إحسانه‬ ‫لولي السلم يأهل العبر‬
‫وثقوا بال في صرف الدهر فهو أهل الحمد والشكر معا‬
‫حبذا المولى ونعم المنتصر فهو مولنا ووالي أمرنا‬
‫ولما رجعنا لبل دنمما خممرج المظفممر نمممو د فغممزا كريماً مممن أهممل كيمماو‪،‬‬
‫ففتحها ال عليه‪ ،‬ولقي بجنو د كيا‪ ،‬فهزمهم ال وأبلى بهممم‪ .‬ثممم إنممه لممما‬
‫حان الربيع خرج المظفر "واون" فغزا شرًا حصممن القضمماو‪ ،‬فخممرج‬
‫الطلب فلحقهم‪ ،‬فمالوا على الطلب‪ ،‬فقتلوا من صنا ديد المشركين نحوًا‬
‫من عشرة‪ .‬فكان سبب ضعف شوكتهم في تلك الجهممة‪ .‬ثممم غممزا سممائر‬
‫الجهة المذكورة الخ المظفر نمو د‪ ،‬وأبلى‪ .‬وكذلك عمر دلج سمملطان‬
‫كاشنة غزا هو ناحية منهمما‪ ،‬فكممانت هممذه الغممزوات سممبب بلممد غمموبر‪،‬‬
‫والحمد ل رب العالمين‪.‬‬
‫ذكر غزوات ارغنغ‬
‫وكان من حديثها أن أهل أرغنغ سالمونا‪ .‬ثم رأينمما منهممم إخلفمًا‪ ،‬فنبممذ‬
‫إليهم الشيخ عهدهم‪ .‬ولما سمعوا بذلك وجهوا من أشرافهم ليطلبوا لهم‬
‫المان‪ ،‬فقتلهم أغيلمات‪ ،‬فثار الحممرب ومضممى الجنممد‪ ،‬وفيهممم المموزير‬
‫الكبير عبد ال‪ ،‬وقائد الجيش علي جيممد وعبممد السمملم‪ ،‬فقمماتلوا أرغنممغ‬
‫أشد قتال‪ ،‬وحاصروه ولم يفتح عليهم فرجعوا‪.‬‬
‫ثم اجتمعنمما وشمماورنا‪ ،‬فمماتفق رأينمما علممى غزوهممم وغممزو أوغ‪ .‬فسممار‬
‫الجيش وعليه قائممد الجيممش‪ ،‬فشممننا الغممارة علممى أهممل أرغنممغ فأصممبنا‬
‫غنائم‪ ،‬ثم مضينا ونزلنا أرغ‪ ،‬وأفسدنا بساتينهم كممثيرًا‪ ،‬فرجعنمما بحمممد‬
‫ال وحسن عونه‪.‬‬
‫ثم إنممه لممم تممزل السممرايا منمما غا ديممة عليهممم ورائحممة‪ ،‬حممتى اسممتلنوا‪،‬‬
‫فاجتمعنا وشاورنا في أمرنا فمماتفق رأينمما علممى غممزو أرغنممغ فمضممينا‬
‫بالجند حممتى نزلهمما عليهممم‪ ،‬فطلبمموا منمما الصمملح‪ ،‬فصممالحناهم‪ .‬فحينئممذ‬
‫استقام لنا بلد كب‪ ،‬ورجعنا بحمد ال وحسن عونه‪.‬‬
‫غزوة فتح القاضوا الثلثة‬
‫ثم إنه لما حان الربيع أرسلت إلى أطراف البل د كلها‪ ،‬وأمرتهم بالتهيأ‬
‫إلى غزو أطراف القاضاو‪ .‬فانتدب المسلمون كلهم‪ ،‬وقد جممر دوا علممى‬
‫الكفار من أهل غوبر‪ .‬ولما حان الخريف سرنا وعلى الجنو د الغربيممة‬
‫قائد الجيش‪ ،‬وعلى الجنو د الشرقية القائد المظفر نمو د وجماع أمرهما‬
‫عندي‪ .‬فخرجنا حتى نزلنا معسكرنا الجنفي‪ ،‬فبتنا ليالي‪ ،‬ثم سرنا يوم‬
‫الحد‪ ،‬فنزلنا قريبًا من الحصن‪ .‬ثم بتنا‪ ،‬ثم غدونا وعبأنا للقتال‪ .‬فأخممذ‬
‫الخ المظفر ناحية الشمال‪ ،‬فقاتل هناك‪ ،‬وأخذنا جهممة الشممرق‪ ،‬فقاتلنمما‬
‫هنمماك‪ ،‬وقاتممل سمملطان كاشممنة بيممن الغممرب واليميممن‪ ،‬ففتممح الم علينمما‬
‫الحصن طرفممة عيممن‪ .‬فمممال المسمملمون عليهممم بالقتممل والسممر‪ ،‬وقتممل‬
‫أميرهم ينممف وأقنممى رجمماله حمموله‪ ،‬والحمممد لمم‪ .‬فمموجهت البريممد إلممى‬
‫الشيخ‪ ،‬فوافى أن سبقه الجممن وأخممبروا بجميممع ممما يكممون حممتى خممرج‬
‫الشيخ وبشر الناس‪ .‬وذكر أهل السير أن الجن تسير بأخبممار الوقعممات‬
‫قبل أخبار النس‪ ،‬ويحتمممل أنممه رأى ذلممك كشممفًا‪ .‬ولممما فتممح الم علممى‬
‫المسمملمين هممذا الحصممن‪ ،‬فرحمموا فرح ماً شممديدًا‪ ،‬وذل المشممركونه ذ ً‬
‫ل‬
‫كثيرًا‪ ،‬وكان المسلمون أينما كانوا يتوقعممون وقعممة القاضمماو‪ ،‬والكفممار‬
‫حيممث كممانوا يممرون ثبممات ملكهممم وزوالممه بهمما‪ .‬وكممانوا فممي كممل بلممدة‬
‫مصمميخين إليهمما‪ ،‬ينظممرون ممما يكممون مممن أمرهمما‪ .‬فلممما كممانت الوقعممة‬
‫وسممارت بهمما الركبممان سممقط فممي أيممديهم‪ ،‬وانكسممر ظهممورهم‪ ،‬فتمماب‬
‫بعضهم‪ ،‬وتابع آخرون‪ ،‬فاستقام أمر البل د‪ ،‬واطمأن جوانبها‪ ،‬والحمممد‬
‫ل رب العالمين‪.‬‬
‫غسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسزوة بنسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسا الثانيسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسة‬
‫وما يتصل بها من غزو تند‬
‫ثم إنممه لممما رجعنمما مممن غممزو القاضمماو‪ ،‬اجتمعنمما وشمماورنا فممي غممزو‬
‫البغات من أهل "بنا"‪ ،‬فلم يكن بأس أن فتحهما الم علينما‪ .‬فممال الجنمد‬
‫عليهم بالقتل حتى أفنوا مقاتلتهم فلم ينفلت منهم أحممد‪ ،‬فسممبوا نسمماءهم‪.‬‬
‫ثم مررنا وصالحنا "بنغ"‪ .‬ثم مرنمما وصممالحنا "كممي"‪ .‬ثممم سممرنا حممتى‬
‫وصلنا "نتد" بجنب البحر الذي يقال إنه النيل‪ ،‬فقاتلنمماه أشممد قتممال فممي‬
‫أربعة أيام‪ ،‬فلممم يفتممح علينمما‪ ،‬فرجعنمما لبل دنمما‪ .‬فمماتفق أن غممزا إخواننمما‬
‫أرض "برنو" من ناحية "سوس با د"‪ ،‬فكانت الهزيمة‪ ،‬ولم يكن بأس‪.‬‬
‫فلما رجعنا خرجت فعسكرت بسكتوا مرابطمًا ومرتقبماً مما يمؤول إليمه‬
‫أمر التوارك‪ ،‬فوافى نزولي بها قممدوم أميممر أهيممر الخ الناصممح أميممر‬
‫آهر الباقري لبل ده آ در‪ ،‬فجرى بيني وبينه مراسلت‪ ،‬وكانت وعقممت‬
‫قبل هذا‪.‬‬
‫ولما اطمأن أميرهم فمي بلممد آ در بيمن التموارك أنمه يريمد القممدوم علمى‬
‫الشيخ للزيارة والتممبرك بممه والنخممراط فممي سمملكه‪ ،‬فممأبوا عليمه‪ .‬فممأبى‬
‫وسار فتبعوه بعد ذلك‪ ،‬حتى وصل بعسمكرنا‪ ،‬فبمات ليمالي‪ ،‬ثمم سمرت‬
‫معه فزار الشيخ وتبرك‪ ،‬وتحمل ممما تحمممل‪ ،‬وبممايع علممى اتبمماع الحممق‬
‫ونصرته‪ ،‬وأقام شهرًا‪ .‬ثم سار فنزل بمعسممكرنا‪ ،‬وأقممام أياممًا‪ ،‬وخلممف‬
‫عندي أول ده‪ ،‬ثم خرج إلى بل ده‪.‬‬
‫ولما وصل إلى أكرز كتب إلى ما جاوره يعلمهم بما سمممع ورأى مممن‬
‫أمور الشيخ‪ ،‬ويحضهم علممى متممابعته‪ .‬ثممم رجممع إلممى بلممده آ در عازممًا‬
‫على غزو المحاربين من أهل بلده‪ ،‬وغممزوا برنممو معنمما‪ ،‬فتمموفي بهمما‪،‬‬
‫رحمة ال عليه‪ ،‬وفي رثائه قلت‪:‬‬
‫إذا ممما تممذكرت الحممبيب الممذي‬
‫تموج من عيني دموع وتسكب‬
‫توى‬
‫ومممن قبلممك قممالوا فممي الرثمماء‬
‫ويرثي له قلبي مدى الدهر كله‬
‫وهذبوا‪:‬‬
‫عتبممت ولكممن ممما علممى الممموت "أخلي لممممو غيممممر الحمممممام‬
‫أصابكم‬ ‫معتب"‬
‫ذكر ما كان من أخبار آدر‬
‫وكان التوارك من أهل آ در حيممن خممرج أميرهممم إلممى غممزو زرم ور د‬
‫عليهممم كتمماب مممن محمممد البمماقري يممأمرهم بعزلممه وتولممة محمممد بممن‬
‫المصمممطفى لمكمممان‪ ،‬محبتمممه للجماعمممة‪ ،‬فعزلممموه وولممموا محممممد بمممن‬
‫المصطفى‪ .‬ثم نكصوا علممى أعقممابهم‪ ،‬فعزلمموا محمممد بممن المصممطفى‪،‬‬
‫ورجعوا إلى أميرهم الخبيث خامد‪ .‬وأعممانهم علممى ذلممك تمموارك أهيممر‬
‫من أهل تنبسي‪ .‬وفي ذلك قلت‪:‬‬
‫لعممممري لقمممد طاشمممت عقمممول‬
‫وضلت حلوم أليون وتقصر‬
‫بتونكت‬
‫وتهيممج أضممغان بهمما الحممرب‬
‫يرمونا فيما بيننا نقض عهدهم‬
‫تسعر‬
‫إل صممالحونا وأقصممدوا السمملم‬
‫فأنتم إلى الصلح أو السلم أفقر‬
‫تسلموا‬
‫بعا د حريقا مستطيرا فتحسر فخامد إن أوفدتموه يكن لهم‬
‫وقمممد يحمممدث الممممر الكمممبير‬
‫أل أبلغن عني ألمت رسالة‬
‫المحقر‬
‫لئمممن كمممان غوغممماء التممموارك‬
‫كما غر قوما قبلكم ثم أ دبروا‬
‫غركم‬
‫بمن أنت في آ در أتقى وتصبر ستعلم أن لفت أناها وضرست‬
‫وحلوا ثنايا انصما وتقهقروا وقد خذلتك أننسين تباعها‬
‫وجممممازو بأحممممما دو خلفوهمممما‬
‫أو التحقوا في واجل وطرابلس‬
‫وفرفروا‬
‫ثم إنه لممما قممدم إليثهممم أميممر المممؤمنين محمممد البمماقري‪ ،‬رومماً لزيممارة‬
‫الشيخ‪ ،‬أمرهم أن يتوبوا عن عداوة المسلمين والسعي فممي محمماربتهم‪،‬‬
‫فسمعوا له‪ ،‬وانقا دوا‪ .‬فلما زار ورجع لبل ده‪ ،‬توفي خامممد وولمموا بعممده‬
‫أخاه إبراهيم‪ ،‬وكان أخبث من خامد‪ .‬وفي ذلك قلت‪:‬‬
‫وخف لواها حين ولوا برهيما لعمري لقد زا دت شقاوة ليسن‬
‫فتلك ثلث في الديار تمتعوا‬ ‫كميعا د قدار فالياس أعلما‬
‫ذكر غزوة كنب‬
‫ولما حان الربيع خرج بالراية الوزير‪ ،‬ولما بلغ دب انتشر من بها من‬
‫العدو‪ ،‬ثم إنه لما سمع بمسيرهم أهل تند خافوا وهربوا‪.‬‬
‫ولما وصل بالحيش إلممى جممانب البحممر عممبر بهممم علممى حصممن كنممب‪،‬‬
‫فشنوا الغممارات علممى ضممواحيها الغربيممة‪ ،‬وأبلمموا هنمماك بلء عظيممًا‪.‬‬
‫فجاء أهل كنب من بني كرباس‪ ،‬فصممالحوه علممى سممائر بلممدانهم‪ ،‬فكممر‬
‫راجعًا بحمد ال وحسن عونه‪ .‬وفي ذلك يقول الوزير عبد ال‪:‬‬
‫فحمدا وشكرا طيب النفاس‬ ‫ل ذي اللء رب الناس‬
‫يعطي ويمنع من يشاء بفضله‬ ‫وبعد له ل يهتدي بقياس‬
‫فيعز من واله في آلئه‬ ‫يذل من عا داه بالرجاس‬
‫في الربعاء على بني كرباس ومن الدليل عليه سوط عذابه‬
‫نصرا لنا برماحنا وسهامنا‬ ‫وسيوفنا ببطونهم والرأس‬
‫أول دهم ونساؤهم مسبية‬ ‫ورجالهم مقتولة بالفأس‬
‫وتطاير الفرسان بالتراس بعد انتشار فراشهم بزروعهم‬
‫مممن بعممد هممدم وحممرق دلممب‬
‫فارتاع تند وهل له من آس؟‬
‫وطر دهم‬
‫هرب لبرغ ول إلى كنياس قولوا لهم‪ :‬توبوا فل ينجيكم‬
‫تممممروى وكنممممب رأوا تممممرى‬
‫بال والسلم خوف البأس‬
‫فتعوذوا‬
‫بغيوث عفو جاء بعد اليأس فنجوا وقد أخذ الهلل حلوقهم‬
‫ظنوا بأن البحر يمنع جمعنا‬ ‫فيه يغرهم أخو الوسواس‬
‫شرقا وغربا وهو جمع رأسي رأوا الجموع يمينهم وشمالهم‬
‫فيهممم دعمماء الشمميخ يحممدث فممي‬
‫سبل فجاجا عالي الجراس‬
‫الفل‬
‫خمممذ فضممملها واكتمممب علمممى‬
‫يا سائل أخبارنا عن بحرهم‬
‫القرطاس‬
‫بعصا المعونة طائع الجناس لما أتينا البحر طاع تفلقا‬
‫وورو دنا وصدورنا في فأس حتى رجعنا ثم خضنا ثانيا‬
‫فمممي البحمممر كمممالملك فممموق صممدق الرسممول رأى جممموع‬
‫غزاته‬ ‫كراسي‬
‫والبعمممض منهمممم جممماء ممممن‬
‫سرنا زيوم تواصل لجموعنا‬
‫كراتاس‬
‫أجرا يزول به أسي الفلس ثم انصرفنا آئبين ونرتجي‬
‫سيف كمن آبوا من العراس؟ ما منا سهم ول رمح ول‬
‫خير الورى والل والكياس ل حمد والصلة على العل‬
‫ولما حان الخريف بنيت للشيخ حصنًا بجنب معسكرنا بسيفاو‪ ،‬فانتقممل‬
‫إليممه‪ ،‬متعنمما ال م ببقممائه وجلممع العافبممة خيممرًا‪ .‬وبنيممت علممى معسممكرنا‬
‫حصنًا‪ ،‬فكانت قرية سكت عمارة إسلمية‪ .‬وفي ذلك قلت‪:‬‬
‫بسكت فذات التل دون المناهل لسعدي ديار يا لها من منازل‬
‫وجا د عليها كل أسحم هاطل بل د تمناها ذوو الرأي قبلها‬
‫ذكرى غزوة غوار‬
‫ثم إنه لما حان الربيع وقد رجع جموعنمما الممذين ور دوا "نفممي" لنصممر‬
‫عبد الرحمن النفوري على عسكر "نفمي" وقمد أصمابوا ممن المانمات‬
‫فقمنا غاية جهدنا‪ ،‬ور د دنا ما أمكن ر ده‪ ،‬ونحن نسمع بعتو أهل غمموار‬
‫وصيالهم على أطراف بل دنا‪ ،‬فخرجت ونزلت في المعسكر شهرين‪.‬‬
‫ولما حان الخريف نهضت حتى نزلت القاضاوا‪ ،‬فسممعيت جهممدي فممي‬
‫الصمملح‪ ،‬بممالمر بممالمعروف والنهممي عممن المنكممر‪ ،‬ور د المظممالم‪،‬‬
‫وأمممرت الخ محمممد فجلممس لهمما‪ ،‬وحضممر الفقهمماء‪ ،‬فبسممطوا العممدل‬
‫والقسط ما شاء ال أن يبسطوا‪ ،‬ونصروا المظلومين‪ .‬ثممم رحلنمما حممتى‬
‫نزلنا بمعسكرنا " دايو"‪ ،‬فبتنا ليالي‪ ،‬فلحق بنا الجنو د‪ .‬وكنا ننتظر وقع‬
‫الحاج المين وأمير برنوا لما سمعنا بمسيرهم إلى أطراف بل دنا‪ .‬وقد‬
‫كتبوا إلي كتابًا فيه من السب واللعن‪ ،‬وفحسن ]فحش؟[ القممول وبممذاءة‬
‫الكلم والتوعد والتهديد ما فيه‪ .‬وستأتي الشارة إليه‪.‬‬
‫ولما سمعنا بموقفهم بسيكو‪ ،‬وقد ر دهممم الم خممائبين‪ ،‬نهضممنا إلممى قممار‬
‫لمكان قربها‪ ،‬فسرنا حتى وصملنا إلمى "ممدو د" ففتحهما الم علينما‪ .‬ثمم‬
‫سرنا حتى نزلنما بحصمن "قممار" وقاتلنمماهم سمماعة وفتحهما الم علينمما‪.‬‬
‫فأسرنا أميرهم‪ ،‬وهو عندنا الن‪ .‬فشننا الغارات على بل دهم‪ ،‬والحمممد‬
‫ل رب العالمين‪ .‬وفي ذلك قلت‪:‬‬
‫خبر الحرب حين دارت بقار خبرن يا نسيم أهل الديار‬
‫قد تركناهم بها كهباء‬ ‫أهلكوا في غيابة وغبار‬
‫وأسرنا أميرهم في السار وغشينا بيوتهم بعد هذا‬
‫فاحمدوا ل واشكروا نعماه‬ ‫وعليه توكلوا في الغيار‬
‫وفي ذلك يقول الوزير‪:‬‬
‫حمممدا وشممكرا لربممي الواحممد‬
‫على هلك طغاة من بني غار‬
‫الباري‬
‫مهاجرين وفيهم جمع أنصار على حشو د جنو د من جماعتنا‬
‫أمامهم دعوات القا دري لنا‬ ‫أمامنا راجمات جمع كفار‬
‫بممدار كفممر فسمماءت حممال ذي‬
‫يخربون بل د الكفر إن نزلوا‬
‫الدار‬
‫يقممو دهم "بممل" فممي خيممل وفممي‬
‫بين الليوث كليث ثائر ضاري‬
‫رجل‬
‫فأصبحوا مثل عصف حط فممي‬
‫حتى أناخ على ساحات دارهم‬
‫النار‬
‫وليس فيها جميعا صوت ديار فأصبحوا ل نرى إل حصونهم‬
‫مقيدا بينهم في ملبس العار وأسر طاغوتهم قد زا د ذلهم‬
‫والجار يسمع ما قد حل بالجار يأهل غار ألما يكفكم كشنا‬
‫كممذا كنممو مممع زكممزك وهممي‬
‫وزنفرا مع غوار نسل بابار‬
‫قربكم‬
‫منهم فصاروا أحا ديثا لسمار تلكم بيوتهم بالظلم خاوية‬
‫فالحمد ل في جهر وأسرار بقدرة الواحد القهار قاهرهم‬
‫غزوة نف‬
‫ولما رجعنا من غزوة غمموار اشممتغلت بإصمملح دار الشمميخ‪ .‬فخرجممت‬
‫الجنممو د وعليهمما قائممد الجيممش حممتى ور د "نممف" فممأبلوا بلء عظيم مًا‪،‬‬
‫وفتحوا حصونًا كثيرة‪ ،‬ونصروا جماعتنا الذين كانوا بها‪ ،‬والحمممد ل م‬
‫رب العالمين‪.‬‬
‫تلخيسسسسسسسسسسسسسص مسسسسسسسسسسسسسا وقسسسسسسسسسسسسسع بسسسسسسسسسسسسسأرض برنسسسسسسسسسسسسسوا‬
‫مسسسسسسسع جماعسسسسسسسة المسسسسسسسسلمين هنسسسسسسساك علسسسسسسسى مسسسسسسسا بلغنسسسسسسسا‬
‫وبال الستعانة ل رب سواه‬
‫ثم إنه لما ضيق الجماعات على أمير دورا وأمير كاشنة وأميممر كتممو‪،‬‬
‫فبعثوا إلى أمير برنوا يتنجدونه على الجماعة‪ .‬فأرسل إلممى وزيممره أن‬
‫يقبل إلى انجا دهم ونصرهم‪ ،‬كما هو المعروف أن الملوك تممرى علممى‬
‫أنفسها إنجا د الملوك على من غلبهم‪ .‬فأقبل إلى ما أمر به‪ ،‬فأرسل إلممى‬
‫من يليه من أهل دورا بالسرايا والغارات‪ ،‬وجعل يتممأهب للمسممير إلممى‬
‫إنجمما د أميممر داورا وكتممو وكاشممنة بممأمر أميممره‪ .‬ولممما أحممس بممذلك‬
‫مجاوروهم وجماعتنا جعلوا ينحازون إلممى جهممة واحممدة‪ .‬فبعممث إليهممم‬
‫بالسرايا‪ ،‬وال تعالى ير دها عنهم‪ .‬ثم خرج بنفسه‪ ،‬فشن الغارة عليهم‪،‬‬
‫فزحف لهم‪ ،‬فر ده ال منهزمًا‪.‬‬
‫والحاصل أنهم لممم يزالمموا هكممذا‪ ،‬حممتى صممال عليممه بعممض الجماعممة‪،‬‬
‫فأخرجوه من حصنه‪ ،‬وتفمماقم المممر‪ .‬وكممان الجماعممة المنتسممبون إلممى‬
‫الشيخ في برنوا قبل قيام أمير برنممو عليهممم يلتحقممون بممأبوب فيممر فممي‬
‫أرض "يمماوش" ليعينمموه فممي الجهمما د‪ ،‬وبعضممهم يلتحممق فممي عبممدور‪،‬‬
‫ليعينه في جها د من يليه‪ .‬ولما سمعوا بتأهب أمير برنممو لنجمما د ملمموك‬
‫حوس وأمره الوزير أن يقبل إلى ذلك خافوا على أنفسهم‪ ،‬فهمماجر ممن‬
‫بناحية اليمين إلى "بو دير" وهاجر من الغرب إلى ناحية فممي عبممدور‪،‬‬
‫وثبت لهم ضرضمميم‪ ،‬كممما قممدمنا‪ ،‬وهممم يشممنونه عليممه الغممارات‪ ،‬والم‬
‫تعالى ير دها عنه‪ ،‬حتى صالوا عليه‪ ،‬فر دهم ال منهزمين‪ .‬فحينئذ قممام‬
‫عليهم حممتى أخممرج المموزير ممن حصممنه‪ ،‬ولممما تفماقم الممر‪ ،‬وأخمرج‬
‫الوزير من داره تشاغلوا عممما كممانوا بصممد ده مممن نصممرة مجمماوريهم‪،‬‬
‫وأقبلوا فممي نصممرة انفسممهم‪ .‬وهممذكا أمممر هممذا الجهمما د‪ ،‬كلممما قممام ملممك‬
‫لينصر إخوانه ويغزوا الشيخ‪ ،‬وثبممت عليممه جممماعته المنتسممبون إليممه‪،‬‬
‫فشغلوه عما هو بصد ده‪ ،‬حتى صار المر إلى ما صار إليه‪.‬‬
‫ثم إنه لما تفاقم المر‪ ،‬وجه أمير برنوا إلى الشيخ الحاج آ دم يسأل عن‬
‫سبب هذا المر‪ ،‬ويلتمس من الشيخ أن يمنع الفلتيين من الهجرة مممن‬
‫بلده‪ ،‬زاعمًا أنه أمير المؤمنين‪ ،‬فأمرني الشمميخ بكتممب الوثيقممة‪ .‬فكتبممت‬
‫إليه‪ ،‬وبينت له السبب أتم بيان‪ ،‬وبينت له أحوال أمممراء حمموس وأنهممم‬
‫كفار‪ ،‬وأن مظاهرتهم من مسلم ارتمدا د‪ ،‬فليحمذر أن يغمروه بغرورهمم‬
‫فيدخل في أمورهم‪ ،‬وطلبت منممه أن ينصممر الجماعممة عليهممم‪ ،‬وكتبممت‬
‫إلى الفلتيين ما يقتضي الموافقة بينهم وبين أمير برنوا‪ ،‬وحذرتهم من‬
‫العتداء في بلده‪.‬‬
‫ولما رحل من عندنا بلغنا أنه بلغ فوافي أمير برنموا خارجماً ومتوجهمًا‬
‫إلى ضرضيم وابن عبدور‪.‬‬
‫ولما أخرج له الورقات كمما د الميممر أن يقتلممه‪ ،‬وقممال لممه‪ :‬إنممك فلتممي‪،‬‬
‫ذهبت إلى إخوانك‪ ،‬ولم آمممن أن حملممت منهمم السممحر إلينمما‪ ،‬فشممفع لممه‬
‫الشريف الشهيد فهرب إلى أرض باغرم‪ ،‬ولم أ در ما كان من أمره‪.‬‬
‫ثم إن أمير برنوا مر لصوبه حتى عسكر بوشممكال فبعممث بالجنممد إلممى‬
‫جماعة ضرضيم فأكلوهم‪ ،‬ومر الجند إلى ابن عبممدور‪ ،‬فممالتقوا بقممدر‪،‬‬
‫فهزمهم ال وقتل من صنا ديدهم كثيرون‪ ،‬وقتل الوزير وقائد الجيممش‪،‬‬
‫ل ذريعًا‪.‬‬
‫وقتل منهم قت ً‬
‫ل‪ ،‬ونحى حصنه‪ .‬ولممما ر ده‬ ‫ولما انتهى الفلل إلى أمير برنوا هرب لي ً‬
‫ال عن المسلمين قام الخوان من أقيال الفلتيين الذين بممداي‪ ،‬فطلبمموا‬
‫الشيخ الفقيممه الصمموفي البخمماري‪ ،‬والممماهر الصممالح‪ ،‬التقممى المختممار‪،‬‬
‫وكانا انحازا بمن معهما إلى أبوب بممر فر دهممما لرض داي وشممرعوا‬
‫في جها د برنوا فوجه إليهم أمير برنوا قائد خيلممه مممرات‪ ،‬والم تعممالى‬
‫ير ده عنهم‪ ،‬ثم طلبوا أبوب بر فجمماء بجنممد المسمملمين واجتمممع معهممم‪،‬‬
‫فساحوا بأرض برنوا وجاهدوا فيها وأبلوا وأمعنوا فيها‪ ،‬ثم كر لبل ده‪.‬‬
‫ثم إنه توفي ابن عبدور‪ ،‬فقممام الفقيممه السمتاذ المحممب المتفنممن إبراهيمم‬
‫زاك‪ ،‬وجاهد فخرب برنوا حتى وصممل قريبمًا مممن الحصممن‪ ،‬وكمما د أن‬
‫يسممالمهم‪ .‬ثممم رجممع وقممام الخمموان الفلتيممون‪ ،‬وفيهممم علممماؤهم بممالوا‬
‫وجاهدوا أرض برنوا من جهة اليمين‪ ،‬فوجه إليهم أمير برنمموا جنممو دًا‬
‫وال تعالى ير دها عنهم‪ ،‬حتى أفنوا أكثر جنو د أهل برنمموا‪ ،‬واجتمعمموا‬
‫مع الماهر المختار‪ ،‬وكممانوا يناسممبونه‪ .‬فتمموفي الشمميخ البخمماري‪ ،‬فقممام‬
‫بالمر كله في برنوا الماهر المختار‪ ،‬بايع له المجاهمد الصما دق حاممد‬
‫فأقبل في جها د أهل برنوا حممتى أخممرج أميممر برنمموا مممن دار مملكتممه‪،‬‬
‫وتوجه لكانم‪ .‬وسكن المختار في الخصممن‪ .‬ثمم رجمع إليمه أميممر برنمموا‬
‫بمن استنفر هناك مرات‪ ،‬وال تعالى ير دهم‪ .‬ثممم إنممه لممما جمممع النمماس‬
‫الموال ورجعوا لبل دهم‪ ،‬وتفقممدوا عيممالهم خلفمموه فممي طائفممة يسمميرة‪.‬‬
‫ولما رجع أمير برنوا هناك واستغاث بمن تخلف عنممه‪ ،‬وفيهممم الحمماج‬
‫المين بن محمد الكانمي‪ ،‬فهجموا على الطائفة‪ ،‬فاستشممهدوهم فانتشممر‬
‫باقي الناس إلى ممتنممع البل د‪ ،‬ثممم إنممه لممم يرعنمما إل وثيقممة مممن الحمماج‬
‫المين‪ ،‬ونصها‪:‬‬
‫الحمد ل فاتح أبواب الهداية‪ ،‬ومانح أسباب السعا دة‪ ،‬والصلة والسلم‬
‫علممى مممن بعممث بالحنفيممة السممحمة وعلممى آلممه وأصممحابه الممذين هممدوا‬
‫وأوضحوا شرعه‪.‬‬
‫من المتعفر بتراب الذنوب‪ ،‬المتدثر بجلباب العيوب العبد الذليل محمد‬
‫المين بن محمد الكانمي إلى العلماء الفلتيين ورؤسائهم‪ ،‬السلم على‬
‫من اتبع الهدى‪.‬‬
‫أما بعمد‪ ،‬فمالبعث لرسمم هممذا المزبمور أنممه لمما سماقتني المقما دير لهمذا‬
‫القليم‪ ،‬وجدت نار الفتن بينكم وبين أهل الوطن موقو دة‪ ،‬فسممألت عممن‬
‫السبب‪ ،‬فقيل‪ :‬بغي‪ ،‬وقيل‪ :‬سنة‪ .‬وتحيرنا فممي المممر فكتبممت لخمموانكم‬
‫المجاورين لنا وثيقة طلبت منهم بيممان السممبب والممدليل علممى الجممواز‪،‬‬
‫ل عن عممالم‪ ،‬فض م ً‬
‫ل‬ ‫فأجابواني بجواب ركيك ل يصدر عن عاقل فض ً‬
‫عن مجد د‪ ،‬وعدوا فيه أسماء كتممب لنمما إطلع علممى بعضممها‪ ،‬لكممن لممم‬
‫نفهم منها ما فهموه‪،‬و بينما نحن في حيرة التر د د‪ ،‬هجممم بعضمهم علممى‬
‫ دار ال دارة‪ ،‬ونزل المهاجرون لنا قريباً منا فكاتبناهم ثانيًا‪ ،‬وناشدناهم‬
‫ل م والسمملم أن يكفمموا عنمما شممرهم فممامتنعوا‪ ،‬وصممالوا علينمما‪ .‬فقمنمما‬
‫مدافعين عن أنفسنا‪ ،‬متبرئين إلى ال من سوء صنيعهم‪ ،‬حيممن ضمماقت‬
‫ل‪ ،‬ووقممع منمما ممما وقممع‪ .‬وحيممن‬ ‫علينا الرض‪ ،‬ولم نجد مقامًا ول مجمما ً‬
‫وجدنا راحة‪ ،‬وفشا هذا‪-‬وال أعلممم بالمسممتقبل‪-‬رأينمما المكاتبممة‪ .‬وإن لممم‬
‫تنجع فكيم ]فيكم؟[ أحسن من السكوت‪.‬‬
‫فاعلموا أن العاقل يتلقى الكلم بقبول ليفهمه‪ ،‬فيجيب جواب مًا مسممتقيمًا‪،‬‬
‫فأخبرونا عن قتالكم لنا‪ ،‬واسترقاقكم أحرارنا‪.‬‬
‫إن قلتم‪ :‬فعلنمما ذلكممم بكممم لكفركممم فإنمما بممراء مممن الكفممر‪ ،‬بعيممدون عممن‬
‫سماحته‪ .‬فمإذا كمان إقاممة الصملة وإيتماء الزكماة ومعرفمة الم وصموم‬
‫رمضان وعمارة المساجد كفرًا‪ ،‬فما السلم؟‬
‫فهذه البنية التي أقمتم بها الجمعة‪ ،‬كنائس أم بيع أم بيوت نيران؟ وإن‬
‫كانت من غير شعائر السلم‪ ،‬فلرَم صليتم بها حين ملكتم؟ هل ذلممك إل‬
‫كلم متناقض؟‬
‫ومممن أعظممم حججكممم علممى تكفيممر عامممة المممؤمنين‪ ،‬ركمموب المممراء‬
‫لبعض المواطن‪ ،‬قصدًا للصدقة بها‪ ،‬وكشممف رؤوس الحرائممر‪ ،‬وأخممذ‬
‫الرشوة‪ ،‬وأكل مال اليتيم‪ ،‬والجور في الحكممم‪ .‬وهممذه الخمسممة ل تبيممح‬
‫لكم هذا الفعل‪ .‬أما ركوب المراء فبدعة شنيعة مذمومة وجممب النهممي‬
‫عنها والنكار على فاعلها‪ ،‬لكممن ل يكفممر فاعلهمما‪ ،‬إذ ليممس أحممد منهممم‬
‫يممدعي أن لهمما تمماثيرًا أو يقصممد بممذلك إشممراكًا‪ ،‬بممل قصممارى دعممواهم‬
‫لجهلهم أن الصدقة في هذه المواضع أحسن من غيرها‪ ،‬ومممن مممارس‬
‫كتب الفقه ووقف على كل الئمة في باب الحج حين تكلم علممى النهممي‬
‫عن الهدي للقبور والذبح عندها‪ ،‬علم مصداق ما قلناه‪.‬‬
‫وهممذه دميمماط مدينممة عظيمممة مممن مممدائن السمملم‪ ،‬وهممي بيممن مصممر‬
‫والشام‪ ،‬وذلك موضع العلم والسلم‪ ،‬وبأرضممها شممجرة تفعممل العامممة‬
‫مثل فعممل العمماجم‪ ،‬ولممم يقممم أحممد مممن العلممماء لقتممالهم‪ ،‬ول قممال أحممد‬
‫بكفرهم‪ .‬وأما كشف الممرأس فحممرام أيضمًا‪ ،‬ور د القممرآن بممالنهي عنممه‪،‬‬
‫لكن ل تكفر فاعلته‪ ،‬لن التكذيب يؤ دي إلى الكفر‪ ،‬وأما عدم الفعل مع‬
‫التصديق فمعصية تجب التوبة على الفور منها‪ ،‬أل ترى أن الحرة إذا‬
‫صلت مكشوفة الرأس وخرج الوقت ل إعمما دة عليهمما عنممد القائممل بممه‪،‬‬
‫كما هو معلوم في كتب الفقه‪ ،‬وكيف تصح الصلة من كافرة؟‬
‫وكذا أخذ الرشوة وأخذ مال اليتيم والجور فممي الحكممم‪ .‬وكممل ذلممك مممن‬
‫الكبائر التي نهى الم عنهمما‪ ،‬لكممن ل يكفممر أحممد بعممد أن اسممتقر إيمممانه‬
‫بذنب‪ ،‬فلو أمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وأعزلتم الناس حين لم‬
‫ينتهوا‪ ،‬لكممان أحسممي مممن همذا القتممل‪ ،‬إذ المممر والنهممي متوقممف علمى‬
‫شروط‪ :‬منها أل يؤ دي إلى ما هو أعظم منه‪ ،‬وهذا نهيكممم قممد ورطكممم‬
‫وأ دخل عليكم وعلى المسلمين ضررًا دنيوياً وأخرويًا‪ ،‬أليس الخممروج‬
‫على الملك بعد انعقا د البيعة حرامًا عند جميممع أهممل السممنة‪ ،‬وإن طممرأ‬
‫منه فسق‪ ،‬وتلك المسالة أوضح من شمس الظهيرة‪ ،‬ولكن ل حول ول‬
‫قوة إل بال العي العظيم‪.‬‬
‫فما سر قلة التأمل؟ أكثر من أن يحيط بها نطاق البيان‪.‬‬
‫سلمنا تسليمًا جدلينًا أن تلممك الفعممال مكفممرة صمماحبها‪ ،‬فكيممف يسممري‬
‫لغيره‪ ،‬وقد قال تعممالى‪" :‬ول تممزر وازرة وزر أخممرى"‪ .‬وقممال‪" :‬مممن‬
‫عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها"‪ ،‬إلى غير ذلك من الي‪.‬‬
‫سلمنا تسلميمًا جدليًا أن الكفر يسري للغير‪ ،‬لكن يلزم مممن ذلممك إبطممال‬
‫الشريعة‪ ،‬وكفر جميع الممة والعيماذ بممال تعمالى‪ ،‬إذ ممما ممن زممن إل‬
‫وفيه في جميع البلدان من الفسق والمعاصي ما ل ينحصر كثرة‪ .‬فهذه‬
‫مصر مثل برنوا وأعظم منهمما‪ ،‬وكممذلك الشممام وجميممع مممدن السمملم‪،‬‬
‫فبهن الرشوة والجور وأكل مال اليتيم والظلممم والبممدع مممن زمممن بنممي‬
‫أمية إلى يومنمما هممذا‪ ،‬ول يخلممو زمممن ول بلممد مممن نصمميب مممن البممدع‬
‫والمعاصي‪ ،‬فلو كفر الجميع بطل تممواليفهم‪ ،‬فكيممف تسممتدلون بممأقوالهم‬
‫وهم كفرة على ما يقتضيه قولكم‪ ،‬والعياذ بمال ممن الخبمط فمي المدين‪،‬‬
‫ومن اتباع النظر الفاسد‪.‬‬
‫نعم رأينا منكم ما ينكره كل موفق‪ ،‬وذلممك إهممانتكم للكتممب برميهمما فممي‬
‫الطرق وفي المواضع المستقذرة‪-‬وفيها اسممم ال م تعممالى‪ .‬وتعلمممون أن‬
‫من ألقى آية من القرآن في موضع مستقذر كفر‪ ،‬والعياذ بال! وكممذلك‬
‫رأينا من بعضكم من يعاهدون ويؤكمدون اليممان‪ ،‬ثمم ينقضمونها بعمد‬
‫توكيدها‪ ،‬بقتل الرجال واسترقاق النساء والبناء‪ ،‬فيا عجبماً منكممم بعممد‬
‫أن كممانت لكممم التقدمممة فممي العلممم والممدين‪ ،‬أحببتممم الملممك ورغبتممم فيممه‬
‫وسولت لكم نفوسكم‪ ،‬وتخيلتم ما تخيلتم‪ ،‬واستدللتم بظواهر ل تنهممض‬
‫ل‪ ،‬ل سيما وقد سمعنا من سير الشيخ عثمان بن فممو دي ورأينمما‬ ‫لكم دلي ً‬
‫في تآليفه ما يخالف فعلكم‪.‬‬
‫فإن كان هذا المر صمدر ممن بعلممه فل حمول ول قمموة إل بمال العلممي‬
‫ل‪ ،‬والن‪-‬كما قال القائل‪-‬إنمما نحممب الشمميخ‬
‫العظيم‪ .‬لقد كنا ظننا به جمي ً‬
‫والحق ما اتفقا‪ ،‬فإذا ما اختلفا كان الحق أولى‪ ،‬أعاذنا ال من أن نكون‬
‫ل المذين ضمل‬ ‫ممن قال ال تعالى فيهم‪" :‬همم ننمبئكم بالخسمرين أعمما ً‬
‫سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا"‪ ،‬وأن نكون‬
‫ممن قال ال تعلى فيهم‪" :‬فتقطعوا أمرهم بينهم زبرًا كممل حممزب بممما‬
‫لديهم فرحون"‪ .‬والسلم‬
‫فلما ور د علينا الكتاب أجاب عنه العم الستاذ عبد ال م بجممواب مقنممع‪،‬‬
‫وأجبته عنه‪ ،‬ونص الجواب مني‪:‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمممد لم ذي الحجممة البالغممة والكلممم النافممذة‬
‫الصا دعة بالحق الماحقة للباطل الدامغة‪ .‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده‬
‫ل شريك له‪ ،‬أمر بالمعروف ونهى عن المكنر والبغي‪ ،‬شها دة قاطعممة‬
‫شموسها بازغة‪ ،‬وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله‪ ،‬أرسله بالهدى و دين‬
‫الحق ليظهره على الدين كله‪ ،‬وينصممره علممى ذوي الهممواء الزائغممة‪،‬‬
‫صلى ال عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ذوي العلوم البارعة النافعة‪.‬‬
‫من العبمد الفقيمر لرحممة ربمه القمدير محممد بمل نجمل أميمر الممؤمنين‬
‫عثمان ابن فو دي‪ ،‬وفقه ال لرضاه وأذاقه حلوة تقواه‪.‬‬
‫أما بعد‪ ،‬فقد وصلت إلينمما رسممالة مممن شمميخ كممانمي‪ ،‬لسممت خلممون مممن‬
‫شممعبان‪ :‬أنممه يسممأل عممن سممبب قتممال أهممل الجماعممة لهممل البلممدان‪،‬‬
‫واسترقاق أحرارهم وذكر فيها أنه كانت فممي ذلممك بعممض المجمماورين‬
‫لهم من الفلتيين‪ ،‬فأجابوه بجواب ركيك‪ ،‬ل يصدر عممن عاقممل فض م ً‬
‫ل‬
‫ل عن مجد د‪ ،‬وذكروا له فممي الجممواب كتب ماً سممموها‪ ،‬لممه‬ ‫عن عالم فض ً‬
‫إطلع على بعضها‪ ،‬لكنه لم يفهم منها ما فهموه‪ .‬فبينما هو فممي حيممرة‬
‫التر د د‪ ،‬هجم بعض الفلتيين على دار المارة‪ ،‬ونزل المجاهدون لهممم‬
‫قريبًا منهم‪ .‬فكاتبوهم ثانيمًا‪ ،‬وناشممدوهم الم والسمملم أن يكفمموا عنهممم‬
‫شرهم فممامتنعوا‪ ،‬وصممالوا عليهممم‪ .‬فحينئممذ قمماموا دافعيممن عممن أنفسممهم‬
‫متبرئين إلى ال من سوء صنيع أولئك حين ضاقت عليهم الرض بما‬
‫رحبت‪ ،‬فوقع منهم ما وقع‪ .‬ثم ذكر بعد ذلك مناقضاته لهم وأقممام علممى‬
‫ذلك حججه وبراهينه‪ .‬وفهمنمما ممن مضمممون فحمموى خطممابه‪ ،‬بممل مممن‬
‫صريح كلمه‪ ،‬أنه استند بما سمع من أولئك في تضليل سائر الجماعة‬
‫وعلمائهم‪ ،‬وتوصل بذلك إلى التشنيع عليهم‪ ،‬مع أنممه لممم يممدرك حقيقممة‬
‫المر‪ ،‬ولم يقف على كنهه‪ ،‬وإنما تبلغه أخبار ممن ل يحسممن أ داءهمما‪،‬‬
‫فعلمنا أنه إما جاهل أو معاند‪ ،‬إذ لو كان من أهل المعرفة ممما سمماغ لممه‬
‫أن يحمل الكل على الضلل‪ ،‬لما يسمع من جممواب صممدر مممن بعممض‬
‫التباع‪ ،‬الذين لم يمارسوا العلوم‪ ،‬بل يجتهد في طلب الحممق‪ ،‬ويكمماتب‬
‫جميع من يظن بممه العلممم والممدين منهممم‪ ،‬حممتى إذا استقصممى جميممع ممما‬
‫عندهم من الخوبة والمقالت‪ ،‬فحينئذ يضعها على ميزان لسان العلممم‬
‫الذي عنده‪ ،‬فإن قبله وظهر له أنه حق اتبعممه‪ ،‬وإل رجممع إلممى التأويممل‬
‫والتماس المخرج ما أمكن‪ ،‬ووقف عن العمل به‪" ،‬ول يقممف ممما ليممس‬
‫لك به علم"‪ .‬ثم إنه إذا تعذر التأويممل‪ ،‬فحينئممذ يقمموم إلممى إرشمما دهم بممما‬
‫يغلب على ظنه أنه يصلحهم بالقول والمنمماظرة‪ ،‬والمممر بممالمعروف‪،‬‬
‫والنهي عن المنكر‪ ،‬وإن تعسر بالقول فشأنه بهم‪.‬‬
‫وأما قولنا‪ :‬أو معاند‪-‬فهو أنه يعرف الحق وطرقه‪ ،‬وأن جواب هممؤلء‬
‫ل يسوغ تضليل الجماعة كلها‪ ،‬حتى يسري في تعييبه إلى إمامه الذي‬
‫انتشممر فممي الفمماق محاسممن سمميره‪ ،‬وإنممما حملممه علممى ذلممك التعصممب‬
‫والحمية الجاهلية‪ ،‬عياذًا بممال‪ ،‬فنقممول‪ ،‬وبممال التوفيممق‪ ،‬لممو ل ممما قممال‬
‫المولى جل وعل‪" :‬وإذا حييتم بتحية" وما قاله رسوله المصطفى فيما‬
‫رواه البيهقي وغيره‪ ،‬أن رسول ال صلى ال عليمه وسمملم‪ :‬إن للكتمماب‬
‫حق ر د الجواب كر د السلم‪-‬لما جاوبناه بنت شفة‪ ،‬بل نخليه بينه وبين‬
‫أمثاله يتطاولون كما قال القائل‪:‬‬
‫ دع الحمير على أمثالها تصل فذاك كالعير ل يسعي تناظره‬
‫ل‪ ،‬وإنممما‬
‫ل‪ :‬أنا ما حاربنا الناس بما أجابوك أص ً‬ ‫واعلم أيها الكانمي أو ً‬
‫حاربناهم دفعًا عن أنفسنا و ديننا وأهلينا‪ ،‬لما آ دونا واسممتفزونا وطلبمموا‬
‫منا أن نعمو د إلمى مما ل يحمل لنما‪ ،‬وقمد بيمن لنما الشميخ الحمق ورأينماه‬
‫واتبعنمماه‪ ،‬فممأغروا بنمما سممفهاءهم يؤذوننمما وينهبممون أموالنمما ويقطعممون‬
‫طرقنا ونحممن نجتهممد فممي إصمملح ديننمما‪ ،‬وننشممر ممما عنممدنا مممن العلممم‬
‫وإرشا د من وصل إلينا‪ ،‬وهذا دأبنمما و دأبهممم‪ ،‬فلممما رأونمما أنمما ل ننتهممي‬
‫عما نحمن فيمه ول نمز دا د إل حسمنًا وابتهاجمًا‪ ،‬ول يمزال عموام النماس‬
‫يدخلون في دين ال أفواجًا‪ ،‬غاظهم ذلك‪ ،‬فأجمعوا كيدهم علممى نصممب‬
‫القتال بينا وبينهم‪ ،‬ول يشكون أن الدولة لهممم‪ ،‬لممما يممرون مممن ضممعفنا‬
‫عن المقاتلة‪ ،‬فلم يرعنا إل إنذار من أمير غوبر نافات بثلثة أمور‪:‬‬
‫أنه لم يقض لحد أن يعمظ النماس إل الشميخ وحمده‪ ،‬ولمم يمرض لحمد‬
‫بالسلم إل وارثه من آبائه‪ ،‬ومن لم يرث السلم فليعد إلى ممما عليممه‬
‫آباؤه وأجدا ده‪ ،‬وأل يتعمم أحد بعد اليوم‪ ،‬ول تضرب امممرأة بخمارهمما‬
‫على جيبها‪ .‬وهذا إنذاره في السواق‪ .‬كل ذلك سعى منه في مكيدتعنا‪.‬‬
‫فكفانا ال شره وضيرة وصرف عنا كيده ومكره‪ ،‬فأتاح ال له الممموت‬
‫بعد ذلك عن قريب‪.‬‬
‫ولما ولي ابنه ينف شمر عن سمماق الجممد والجتهمما د علممى ذلممك‪ ،‬حممتى‬
‫غزا قرية عظيمة من قرى السلم‪ ،‬على حين غفلة من أهلهما‪ ،‬فقتلمموا‬
‫ما شاء ال من فقهائها وقرائهمما فممي نهممار رمضممان وهممم صممائموهن‪،‬‬
‫ونهبممموا أمممموالهم‪ ،‬وأسمممروا ذراريهمممم‪ ،‬وجعلممموا يفترشمممون الكتمممب‬
‫والمصمماحف ويحتطبممون اللممواح يوقممدون بهمما‪ ،‬ويسممتهزئون بأهممل‬
‫السلم‪ ،‬ويقولوون لهمم‪" :‬إيتونما بمما تعمدوننا إن كنتمم صما دقين"‪ .‬ثمم‬
‫جعلوا يعرضممون لقريممة الشمميخ‪ ،‬حممتى أرسممل أميرهممم إلممى الشمميخ أن‬
‫ينحاز بأهله وإخوانه وأبنائه‪ ،‬فإنه يريممد أن يهجممم علممى القريممة‪ ،‬فممأبى‬
‫عليه إل أن يهاجر بجماعته‪ .‬فهاجر بها إلى موضع يقال له غممذ‪ ،‬فلممما‬
‫ل‪،‬‬‫وصل بها جعممل النمماس ممممن آثممروا السمملم يهمماجرون إليممه إرسمما ً‬
‫والكفرة تتعرض لهم وتقطع عليهم سبلهم بأمر أميرهم‪ .‬ثممم جعممل بعممد‬
‫ذلك يرسل إلينا بالسرايا والغارات‪ ،‬والشيخ يكاتبهم‪ ،‬فممأبوا عليممه‪ ،‬مممع‬
‫أن المير يتأهب إلينا‪ .‬فلما وصل إلينا هزمه ال‪ ،‬وشتت شمممله‪ ،‬فنجمما‬
‫بنفسه‪ .‬فلما رجع إلى داره أرسل إلى إخوانه أمير كاشنة‪ ،‬وأمير كنوا‪،‬‬
‫وأمير زكزك‪ ،‬وأمير دورا‪ ،‬وأميممر أهيممر‪ ،‬ينممذرهم بممأنه أهمممل نممويرة‬
‫شبت فممي بلممده‪ ،‬حممتى انتشممرت فمموق طمماقته وغلبتممه أن يطفئهمما حممتى‬
‫أغرقته‪ ،‬فليحذر كل أن يصاب في بلدته بمثل ما أصيب هممو بممه‪ .‬فقممام‬
‫كل واحد منهم على من ينتسبون إلى الشمميخ يقتممل ويأسممر‪ ،‬ففممروا فممي‬
‫البل د عبا ديممد‪ ،‬يممأوي معضممهم إلممى بعممض‪ ،‬حممتى صمماروا جماعممات‪.‬‬
‫فجعلوا يدافعون عن أنفسهم حتى صار المر إلممى ممما صممار إليممه فممي‬
‫تلك البل د‪ .‬وهذا ما نعرف عندنا فممي بل دنمما حقيقممة‪ .‬وأممما فممي بل دكممم‬
‫فليس عندنا علم ما أوقد المحاربة فيهمما‪ ،‬إل أنممه قممدم علينمما فممي بعممض‬
‫العوام الماضية رجل يقال له آ دم الحاج‪ ،‬وزعم أنه أرسله إمام برنوا‬
‫أحمد بن علي إلى الشيخ يسأله عن سبب هذا المر‪ ،‬وأن يمنممع الشمميخ‬
‫الفلتيين من الهجممرة عليممه مممن بلممده‪ ،‬وأنممه أميممر المممؤمنين‪ ،‬فممأمرني‬
‫الشيخ بكتب الرسالة‪ ،‬فكتبممت إليممه ممما هممو السممبب‪ ،‬وبينممت لممه أحمموال‬
‫أمراء حوس‪ .‬وأنهم كفار‪ ،‬وأن مظاهرتهم مممن مسمملم ارتممدا د‪ ،‬وكتبممت‬
‫إلى الفلتيين الذين في بلده‪ ،‬ممما يقتضممي المواصمملة بينهممم وبيممن أميممر‬
‫برنوا‪ ،‬ويوجب الموافقة ويمنع المخالفة‪.‬‬
‫فلما رحل من عندنا الرسول ومضى لسممبيله راجعمًا لممم نلبممث إل قليلً‬
‫بلغني أنه بلغ وأن أمير برنوا قتله فممي معسممكره فممي تمموجهه إلممى ابممن‬
‫عبدور‪ ،‬ووال أعلم بحقيقة الحال‪.‬‬
‫ثم نرجع الن إلى الجابة عنا في تشنعك علينا بجوار أمثالك‪ ،‬مممع ممما‬
‫ دسست في ذلك من مغالطاتكم‪ ،‬وقد سبق في قلبك مما سمبق‪ ،‬فأنقضمها‬
‫عروة عروة‪ ،‬فلله الحمد في الخرة والولممى‪ .‬فأممما الجابممة عنمما فيممما‬
‫شممنعت علينمما بجممواب مممن قممال لممك‪ :‬أنمما نجاهممد أهممل برنمموا وغيرهممم‬
‫بالكفر‪ ،‬وأستمسك في تفكيرهم بركوب المراء لبعض المواطن قصدًا‬
‫للصدقة بها‪ ،‬وانكشاف الحرائر وأخذ الرشوة وأكل مال اليتيم والجور‬
‫فممي الحكممم‪-‬فمعلمموم أن المعتمممد عنممد تكفيممر فممرق النحممل‪ :‬مممن قدريممة‬
‫وجبرية وغيرهم‪ ،‬ما خل المجسمة ومنكري علم ال بالجزئيات‪ .‬وهذا‬
‫في أهل اليمان‪ ،‬فكيف بما تقرر "عند كل" أنه ل يكفر أحد مممن أهممل‬
‫القبلة بذنب‪ ،‬يا عجبًا منك! كيف تقر لنا بالتقدمة في العلممم والممدين‪ ،‬ثممم‬
‫تشنع علينا بجهل أشباه هذا! فكلممك همذا متنماقض ويما عجبمًا! كيمف‬
‫يقال‪ :‬أنا نقاتل الناس لهذه الخمس‪ ،‬ففي تعمممل عنممدنا الن كممثيرًا‪ ،‬فلممو‬
‫عليها نقاتل ما منعنا أن نقاتل عامليها عنممدنا! ويمما عجبماً منممك لممو كنمما‬
‫نكفر عامة المؤمنين لم نتخذ مساجدهم لنا مساجد كما زعمت فكلممك‬
‫هذا متناقض‪.‬‬
‫ثانيمًا‪ ،‬ويمما عجبمماه منممك! كيممف يقممال‪ :‬أنمما نكفممر عاممة المممؤمنين بهممذه‬
‫الخمس‪ ،‬ونحن نفك كل ما ثبت إسلمه عندنا‪ ،‬ونطلقه ونخلممي سممبيله‪،‬‬
‫كما هو معلوم عندنا‪ ،‬فلم يبممق إل أن جميممع ممما ذكرتممه فينمما مغالطممات‬
‫مشاغبات‪ ،‬اتخذتها ذريعة إلى الجرح والقدح على المسلمين‪ ،‬وسولت‬
‫لك نفسك وخيلت أن ذلك يستقيم لك حجة في مذهبك الفاسد‪ .‬وهيهممات‬
‫ذلك‪ ،‬إنما سبق في قلبك ما سبق‪ ،‬وكاتبت أمثالك فسمعت منهم بقالت‬
‫غير لئقممة‪ ،‬إممما لقصممور بيممانهم عممن الحقيقممة‪ ،‬أو لسموء فهمممك‪ ،‬والم‬
‫تعالى أعلم‪ ،‬وإليه ترجع المور‪.‬‬
‫وأما دعواك أن نهينا عن المنكممر أ دى إلممى منكممر أكممبر‪ ،‬فليممس المممر‬
‫كذلك‪ ،‬فمعلمموم بالضممرورة عنممدنا أنمما لممم يتعممرض لنهممي الملمموك عمن‬
‫عوائدهم المخالفة للشرق‪ ،‬وإنما نرشد من آتانا يطلممب مممن يممدله علممى‬
‫الطريممق‪ ،‬والملمموك هممم الممذين بممدءونا بممالنهي عممن ديننمما والمحاربممة‪،‬‬
‫وضيقوا علينا كما ذكرت آنفًا‪.‬‬
‫وأما ا دعاؤك أن هذا المممر والنهممي أ دانمما إلممى ممما يضممر بممديننا‪ ،‬وهممو‬
‫الخروج على المام بعد البيعة‪ ،‬وقد ثبت عنممد كممل حرمتممه‪ ،‬وإن طممرأ‬
‫عليه فسق‪ ،‬فإن كان كلمك هذا يتناول ملوك بل دنا هذه فل عبرة بممه‪،‬‬
‫كما ثبت عندنا من كفرهم بجهل الصول والذبح للحجممار والشممجار‬
‫وإنكار البعث والنشور‪ ،‬هذا ما نعرفه في بل دنا هذه‪ .‬وأما فممي بل دكممم‬
‫فليس لنمما علممم بممأحوال أئمتهمما وسمملطينها‪ ،‬إل أنممه إذا كممان فيهمما قيممام‬
‫أميركم على إذابة المجمماوريين لكممم مممن الفلنييممن الممذين لهممم القتممداء‬
‫بالشيخ‪ ،‬حتى الجأتموهم إلى الهجممرة‪ ،‬تعصممباً لملمموك حمموس ونصممرة‬
‫لهمم‪ ،‬ومعلمموم أن الكمافرين بعضممهم أوليماء بعمض‪ ،‬كممما أن المممؤمنين‬
‫كذلك‪-‬علمنا بالضرورة أنه حينئذ راض بدينهم‪ ،‬حين قام يممواليهم دون‬
‫المؤمنين‪ ،‬ويظاهرهم عليهم‪ ،‬ول جممرم أن الرضمما بممالكفر كفممر‪-‬فعلممى‬
‫ل حيث أضممفت‬ ‫الحازم أن يفر منه إذ ذاك بدينه‪ .،‬ثم ل أعظم منك جه ً‬
‫إلينما لزم أقموال لمم نقلهمما‪ .‬وإنممما صممدرت عمن بعمض ممن ل يحسمن‬
‫التعبير عما عندنا‪ ،‬وذكروا لممك الحممق علممى وجهممه‪ ،‬فجمماء الخلممل مممن‬
‫سوء فهمك‪ ،‬كيف يمكن تكفير جميع المة وعلمائها والنبي صمملى الم‬
‫عليه وسلم يقول‪ :‬ل تجتمع أمتي على ضممللة‪ ،‬وتضممافرت الحمما ديث‬
‫على هذا المعنى‪ ،‬ويحك أن كفرنا جميع المة وعلماءها كما زعمممت‪،‬‬
‫فكيف نستدل بأقوالهم‪.‬‬
‫ثافثًا كلمك هذا متناقض‪ .‬ل يصدر عن عاقل فلممم يبممق إل أنممك مغلممط‬
‫لنا مشاغب‪ ،‬وإنما سبق في قلبك ما سبق‪.‬‬
‫سلمنا أن قائل هذا الجواب يلزممه مما عمد دت عليمه‪ ،‬ألمم تعلمم أن لزم‬
‫المذهب ليس بمذهب عند المحققين كما قدمنا‪.‬‬
‫وأما قولك‪ :‬رأينا منكممم الممخ‪ ،‬فمماعلم أيهمما الكممانمي أنممي شممهدت بعممض‬
‫الوقائع‪ ،‬ففتح حصن من حصون كاشن‪ ،‬فركبت لنظر حمماله‪ ،‬فرأيممت‬
‫الورقات تتطاير وتقع فممي المواضممع المسممتقذرة‪ ،‬فسممعيت جهممدي فممي‬
‫إخلصها فلم أقدر لكثرتها‪ ،‬فرجعت ولم أقض حاجتي‪ ،‬فظللت يممومي‬
‫واجمًا‪ .‬ثم جمعت الناس وبحثت عن فاعل ذلممك لزجرهممم‪ ،‬فلممم يتفممق‬
‫لي علم بأحد صدر منممه ذلممك‪ .‬فشمماورت ذوي الممرأي فيممه‪ ،‬فقممالوا‪ :‬إن‬
‫سممبب ذلممك اتفمماقي ل يقصممد فعلممه أحممد‪ ،‬وإنممما يكممون عنممد المناهبممة‬
‫والمجاذبممة للمتعممة‪ ،‬فتنحممل الربممط أو تنقطممع‪ ،‬ثممم تنتشممر القراطيممس‬
‫وتطيش‪ ،‬فل يختلج في خاطرك أن ذلك يكون من أهممل الممدين منمما‪ ،‬أو‬
‫برضى منهم‪ ،‬والعياذ بال‪ .‬اللهم إل أن يكون ذلك اللقاء‪-‬إن كممان مممن‬
‫السممفهاء السممفلة‪ ،‬ولممو أطلعنمما علممى مممن يلقممي الورقممات فممي المزابممل‬
‫والطرقات من السفهاء لوجعناهم وأخذناهم بأشد تأ ديب‪ .‬فإن كان بهم‬
‫تعيرنا فممانظر إلممى بنممي إسممرائيل‪ ،‬فقممد عبممدوا العجممل‪ ،‬وقممال بعضممهم‬
‫لموسى‪ :‬أرنا ال جهرة‪ ،‬إلى غير ذلك‪ ،‬فيلزمك إذ ذاك تنقيص الرسممل‬
‫بأتباعهم‪ ،‬والعياذ بال! وهكذا القول في نقض العهممو د والمواثيممق فممإن‬
‫ذلك ل يصمدر إل ممن السمفلة الممذين ل يعرفممون قممدر العهمد والميثمماق‬
‫وحفظ المانممة وأن الغمما در ينصممب لممه لممواء غممدره يمموم القيامممة‪ ،‬وإن‬
‫الشافع المشفع هو خصيم من غدر في ذمته‪.‬‬
‫وأما قولك‪ :‬فيا عجبًا منكمم بعمد أن كمانت لكمم التقدممة المح‪ ،‬فهمو كلم‬
‫متناقض‪ ،‬ل يتكلم به عاقل‪ ،‬كيف تشممهد لنمما بممالعلم والممدين‪ ،‬ثممم تنسممب‬
‫إلينا الجهل والفسوق؟ أحين أحببنا الملك انتزع العلم منا والدين؟ حتى‬
‫رجعنا إلى تسويلت النفوس وتخييلتهمما‪ ،‬واسممتدللنا بظممواهر ل تقمموم‬
‫حجة‪ ،‬أم عرفنا الحق‪ ،‬ثم نبممذناه‪ ،‬اتبعنمما التسممويلت والتخيلت بممدله؟‬
‫فإن قلت‪ :‬انتزع منكمم العلمم والمدين وانعكمس بكمم الحممال فكيمف أنممت‬
‫والحديث‪ :‬إن ال ل يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه‪-‬الحديث‪.‬‬
‫فإن قلت‪ :‬قد عرفتم الحق ونبذتموه ورجعتم إلممى ممما رجعتممم إليممه مممما‬
‫ذكر‪ ،‬قلنا‪ :‬فأنتم إذًا ممن بمماب أحممرى‪ ،‬إذ شمهدت لنما بالتقمدم فممي العلمم‬
‫والدين وإنما نبذناهم حين أحببنا الملممك‪ ،‬وإذا كنمما كممذلك فممأنتم لنبممذهما‬
‫أحرى‪ ،‬ومن لباس العلم والتقوى أعرى‪.‬‬
‫وأما قولك‪ :‬فإن كان هذا صدر عن رأيممه فكلم غلطممه ظمماهر‪ ،‬فكيممف‬
‫نبا در إلى أساءة الظممن بمممن قاضممت محسممن سمميره فيجميممع القطممار‪،‬‬
‫فاستطلق بالثناء عليه ألسنة العوام والخممواص أولممى البصممار‪ .‬فكيممف‬
‫تأخذنا بشيء سمعته ممن بعمض مجاوريمك المذين ل يكما د يبلغهممم ممن‬
‫خبره إل آحا د الخبار‪ ،‬فكيف يؤخذ بما صدر منهم؟ فكفممى بممه غلطمًا‪،‬‬
‫أم كيف تسممتدل بقمموله تعممالى‪" :‬ول تممزر وازرة وزر أخممرى" وقمموله‬
‫تعالى "من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها" ثم تأخذنا بعممد ذلممك‬
‫بشيء بلغك من بعض مجاوريكم‪ ،‬ولعلهم ممن ل يحسن التعممبير عممن‬
‫حقممائق المممور‪ ،‬أم هممم يحسممنون ولكممن أعرضمموا عنممك مممن إلحمما دك‬
‫فذكروا لك ما ذكروا‪ ،‬فكلمك هذا متناقض رابعًا‪-‬هيهات هيهممات لممما‬
‫تظنممون‪ ،‬ونعمموذ بممال أن نممر د علممى أعقابنمما بعممد أن هممدانا المم‪" ،‬هممذا‬
‫بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه وممن عممى فعليمه ومما أنما عليكمم‬
‫بحفيظ"‪ ،‬والسلم‪.‬‬
‫ثم أجبته بجواب آخر‪ ،‬ونصه‪:‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‪ ،‬والحمد ل وكفى‪ ،‬وسمملم علممى عبمما ده الممذين‬
‫اصطفى‪ .‬أما بعد‪ ،‬فمن محمد بل نجل أمير المؤمنين عثمان بن فممو دي‬
‫إلى الحاج المين جوابًا لما ور د من سؤاله‪ .‬أما قولك‪ :‬فأخبروني عممن‬
‫قتالكم لنا واسترقاقكم أحرارنمما‪ ...‬إلممى كلم متنمماقض‪ ،‬فممالجواب‪-‬والم‬
‫الموفق للصوال‪-‬اعلم أن سمبب قتالنما لكممم فلنكمم واليتممم كفمار حموس‬
‫ دوننا بغير تقيمة منهمم‪ ،‬وتعلممون أن ممن والمى الكفمار دون الممؤمنين‬
‫بغير تقية فهو مثلهم‪ ،‬كتابًا وسنة وإجماعًا‪ ،‬ولقيامكم أيضاً علممى إذايممة‬
‫المجاورين لكم من الجماعة حتى ألجأتموهم إلى الهجممرة‪ ،‬وبممدأتموهم‬
‫بالمقاتلة‪ ،‬تعصبًا لملوك حوس ونصرة لهممم‪ ،‬ول يخفممى أنممه ممما أقمتممم‬
‫لمظاهرتهم على المممؤمنين إل لرضمماكم بممدينهم‪ ،‬ول جممرم أن الرضمما‬
‫بالكفر كفر‪ ،‬وتعلمون علممى هممذا أن معرفمة الم وإقممام الصمملة وإيتمماء‬
‫الزكاة وصمموم رمضممان وعمممارة المسمماجد ول يمنممع ممن قتممالكم‪ ،‬ول‬
‫ينفعكم في الدنيا والخرة‪ ،‬لشبوت ارتدا دكم‪ ،‬إن كان سبق لكم السلم‬
‫الصحيح‪ .‬فإذا لم يكن موالة فممي الممدين يصممار إليممه فممي العقليممات ول‬
‫الشرعيات حينئذ‪.‬‬
‫وأما قولك‪ :‬واسترقاقكم أحرارنا‪ ،‬فلما علممم ممن الخلف فمي اسمترقاق‬
‫المرتممدين‪ ،‬انظممر أجممورة "المغيلممي" لسممئلة أسممكيا الحمماج محمممد‪،‬‬
‫والنوازل للبرزلي‪ ،‬تجد ذلك‪.‬‬
‫وأما قولك من أعظم حججكممم‪ ..‬إلممى ول قممال أحممد بكفرهممم‪ ،‬فل نسمملم‬
‫ دعواك أنهم ما يريممدون بممذلك إشممراكًا‪ ،‬فممإذا لممم يكممن الذبممح للحجممار‬
‫والشممجار كفممرًا وإشممراكًا ضممرورة‪ ،‬فممما الشمموك؟ والعممتر والنصممب‬
‫والصنام والزلم‪-‬كفى بهذا غلطًا‪.‬‬
‫وأممما قولممك ومممن مممارس كتممب الفقممه‪ ..‬إلممى آخممر الكلم‪ ،‬فجهممل منممك‬
‫صريح‪ ،‬فممذلك إنممما هممو لمممن أهممدى للفقممراء والخممدم لحضممرة القبممور‬
‫صدقة عليهم‪ ،‬أو لصممحاب القبممور ل تعممو د عليهممم بركمماتهم‪ ،‬ل لمممن‬
‫قصد الذبح للقبر نفسه‪ ،‬فإذا لممم يكمن الذبممح للقبممور نفسممها إشممراكًا فممما‬
‫الشممراك؟ وأممما قولممك‪ :‬هممذه دميمماط‪ ..‬إلممى آخممر الكلم‪ ،‬فل نسمملم أن‬
‫العلماء لم يتعرضوا لقتالهم‪ ،‬ولم يقولوا بكفرهم‪ ،‬فهذا عبد الرحمن بممن‬
‫يوسف الشريف تعرض للشجرة التي بسجلماسة فقطعهما‪ ،‬وقمال‪ :‬إنهما‬
‫مثل ذات أنواط‪ ،‬وتعلم أن ذا أنواط من الوثان في الجاهلية‪.‬‬
‫وقال الحسن اليوسي‪ :‬وبقرب "تاغية" مقام الشيخ ابممن يعممزي شممجرة‬
‫أخممرى مممن هممذا المعنممى‪ ،‬وغممرس مممن أحجممار‪ ،‬وكممان ذلممك حقيقي مًا‬
‫بالزالة‪ ،‬غير أن العالم سيفه لسانه‪ ،‬وممما وراء ذلممك فإنممما هممو لولممي‬
‫المر‪ ،‬ممن به قدرة على المر‪ .‬انظر المحاضرات‪.‬‬
‫وأما قولك‪ :‬وأما كشف الرأس‪ ..‬إلى "بممذنب"‪ ،‬فل نسمملم أن أحممدًا قممال‬
‫بالتكفير بالمعاصي‪ ،‬فإنما ذلك مغالطة منممك ومشمماغبة وزور وبهتممان‬
‫علينا‪ ،‬فال حسيبك‪.‬‬
‫وأما قولك‪ :‬فلو أمرتم‪ ..‬إلى أخرويًا‪ ،‬فل نسلم أنا جاوزنمما الحممدو د فممي‬
‫شروط المر والنهي‪ ،‬بممل وقفنمما عنممد الشممروط كممما ينبغممي‪ .‬فالمقاتلممة‬
‫الحا دثة فيما بين ذلك إنما هو من اعتدائكم علينا‪ ،‬فإنا لم نتعرض لنهي‬
‫الملوك عن عوائدهم المخالفة للشرع‪ ،‬فهممم الممذين بممدءونا بممالنهي عممن‬
‫الدين‪ ،‬وألجأونا إلى الهجرة‪ ،‬وبدأونا بالمقاتلة‪" ،‬فاسألوا أهل الذكر إن‬
‫كنتم ل تعلمون"‪.‬‬
‫وأما قولك‪ :‬أ دخل عليك وعلى المسلمين‪ ..‬الخ‪ ،‬فل نسلم أن ذلك أ دخممل‬
‫ضررًا‪ ،‬فإنه معلوم عندنا بالضرورة أنه إنما أ دخل خيرًا كممثيرًا علينمما‬
‫وعلى المسلمين وأورثهم أرضكم و دياركم وأممموالكم‪ ،‬وكفمماهم شممركم‬
‫وكيدكم‪ ،‬وهم اليوم في صلح دين و دنيا‪ ،‬والحمد ل على ذلك‪.‬‬
‫وأما قولك‪ :‬سلمنا‪ ..‬إلى النظممر الفاسممد‪-‬فكلم زور وبهتممان ومشمماغبة‪،‬‬
‫فمن قال منا بممالتكفير بالمعاصممي يلممتزمه ماعممد دت عليممه‪ ،‬هممذه جممرأة‬
‫منكم وتسلط في أعراض المسلمين‪" ،‬وتحسممبونه هين مًا وهممو عنممد ال م‬
‫عظيم"‪.‬‬
‫وأما قولك‪ :‬رأينا منكم الكلم‪ ..‬إلى البقاء‪ ،‬فمشمماغبة ومغلطممة‪ ،‬وتعلممم‬
‫أن هذه الفعال ل يمكن أن تكون من الخيار‪ ،‬وإنما تكون‪-‬إن كممانت‪-‬‬
‫من السفهاء منا‪ ،‬والنبي صلى ال عليه وسلم يقول‪" :‬الجها د ماض‪ ،‬ل‬
‫ينقصه جور من جار"‪.‬‬
‫وأما قولك‪ :‬يا عجبًا‪ ...‬إلى فعلكممم‪ ،‬فكلم مختلممط‪ ،‬أو كلم مممن تخبطممه‬
‫الشيطان من المس‪ ،‬تشهد لنا بالخير‪ ،‬ثممم تشمهد لنمما بالشممر‪ ،‬كفممى بهممذا‬
‫ل وخبطًا‪ ،‬وكيف تقول‪ :‬إننا أحببنا الملك‪،‬وتعلم أن الحب من أفعال‬ ‫خبا ً‬
‫القلوب؟ فهل شققت قلوبنا‪ ،‬فرأيت ممما فيهمما‪ ،‬أم اطلعممت علممى الغيممب؟‬
‫كفى بهذا منك زورًا وكذبًا‪ .‬وهكذا قولك في الشيخ عثمان بممن فممو دي‪:‬‬
‫ل فممي قلبممك‪،‬‬
‫شهدت له بالخير‪ ،‬ثم ألممت إليه بالشر‪ ،‬خبطاً منك وخبمما ً‬
‫كفى بهذا منك نقيصة‪.‬‬
‫فاعلم يا كانمي أننا براء من جميممع ممما رميتنمما بممه‪ ،‬راجعممون إلممى الم‬
‫تعالى مما ألممت به إلينا‪ ،‬وال المستعان على ما تصفون‪ ،‬والسلم‪.‬‬
‫ثم قام الفقيه إبراهيم ذا دا وجاهد حممتى غممزا أميممر برنممو وأخرجممه مممن‬
‫الحصمن إلمى كمانم‪ ،‬ولقمي الحماج الميمن‪ ،‬وقمد نفمر بالجنمد فاسمتقبلوا‬
‫إبراهيم زا دا فوجدوه قد كر راجعًا فتبعوه إلى داره‪ ،‬فوافوه وقد انتشر‬
‫الناس فنالوا منه ما نالوا‪ ،‬ثم كمروا راجعيمن‪ .‬ثمم أقبمل محممد منمغ بمن‬
‫الماهر المختار على غزو برنو هو وأهل "علو"‪.‬‬
‫ولمما رجمع الكمانمي غمزا أهمل علمو ولمم ينجمح فيهمم فهزمموه بعمض‬
‫هزيمة‪ ،‬ثم نهض محمد منغ فأخرج أمير برنو عن داره بعد ما رجع‪،‬‬
‫وهرب لكانم‪ ،‬ثم إنه قام الحاج المين‪ ،‬ونفر بالجند إلى علو فأغمماروا‪،‬‬
‫وانحاز محمد منغ وأهل سيكو ولم يلق كيدًا فرجع‪.‬‬
‫ثم إنه رجممع أميممر برنممو لممداره‪ ،‬فقممام محمممد منممغ فممأخرجه مممن داره‪،‬‬
‫فهرب لكممانم‪ ،‬فقممام الميممر الكممانمي ونفممر بالجنممد حممتى وصممل دممماتر‬
‫وجاوز‪ ،‬وقد وجدهم انحازوا وجرى بينهم وبين الجماعة قتال فلم يممك‬
‫كبيرًا‪ ،‬وكروا راجعين ولم يلقوا كيدًا‪ ،‬وكنت أكاتبهم كل عممام وأطلممب‬
‫منهم أن نصالح فتضيع الوثائق فيممما بيمن ذلممك‪ ،‬ولمم يبلغهممم إل وثيقممة‬
‫واحدة‪ .‬وكان في أنثاء ذلك ور د علينا من الحاج الميممن كتمماب‪ ،‬سمممح‬
‫فيه بعض المسامحة‪ ،‬جوابًا لوثيقة أخينا غوا دير ليم الذي بعث به إليممه‬
‫يطلب منه أن يصالح بينهم وبين الجماعة‪ ،‬فلما ور د علينا كتابه أجبته‬
‫ولكن لم يصل إليه‪-‬على ما بلغنا‪ .‬ونص الجنواب‪:‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‪ .‬الحمممد لم الممذي ألممف بيممن قلمموب المممؤمنين‪،‬‬
‫وأمرهممم بممموالة بعضممهم بعضممًا‪ ،‬ونهممى عممن ممموالتهم للكممافرين‪،‬‬
‫والصلة والسلم على من آخى بين النصار والمهاجرين‪ ،‬وعلى آلممه‬
‫وأصممحابه الممذين هممم أشممداء علممى الكفممار رحممماء بينهممم‪ ،‬أذلممة علممى‬
‫المؤمنين وأعزة على الكافرين والفمماجرين‪ ،‬وعلممى الممذين جمماءوا مممن‬
‫بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولخواننا الذي سبقونا باليمان ول تجعل‬
‫ل للذين آمنوا‪ ،‬ربنا إنك رؤوف رحيم‪.‬‬ ‫في قلوبنا غ ً‬
‫من الفقير إلى موله الغني‪ :‬محمد بلو نجل أمير المممؤمنين عثمممان بممن‬
‫فو دي إلى الحاج المين بن محمد الكانمي‪ ،‬يقرأ عليه السلم‪.‬‬
‫أما بعد فممإذا كممان المممولى جممل وعل لطممف بممك‪ ،‬ونظممرت إلينمما بعيممن‬
‫النصاف‪ ،‬وبدا لك أن نترك المجا دلة في الممدين إل بممالتي هممي أحسممن‬
‫وأحب‪ ،‬والكف عن التعصب أسمملم للعممواقب‪ ،‬لنممه يممؤ دي إلممى اتسمماع‬
‫الخرق وامتمدا د الفتمق‪ ،‬ويموجب إنكمار الحمق جملمة‪ ،‬لن الجمدال فمي‬
‫الدين دغل‪ ،‬والتعصب فيه خطر و دخممل‪ ،‬إل أن يكممون بإظهممار الحممق‬
‫باللين والرفق‪ ،‬وجا دلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمممن ضممل‬
‫عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين‪ .‬ولذلك اقتصرنا على الجابممة عنمما فممي‬
‫نقض عري الجدال الصا در منك خاصة‪ ،‬فأضربنا عن ذكر ممما عنممدنا‬
‫صفحًا‪ ،‬خوفًا من التعمرض لممما ذكمر‪ ،‬وإذا حققنما أنمما معمذورون فيمما‬
‫نحن فيه‪ ،‬إذ الدفع عن الدين والنفس والهل والمال واجب عند جميممع‬
‫أهل الملل‪ ،‬والمر بالمعروف والنهي عن المنكممر كممذلك‪ ،‬فينبغممي لممك‬
‫أن تنظر إلى المجاورين لكم من الجماعة بعين النصاف كذلك‪ ،‬لنك‬
‫ذكرت في كتابك الول أنك لما ساقتك المقا دير إلى إقليم برنوا وجدت‬
‫هذه النار موقدة فسألت عن السبب فقيل‪ :‬بغممي‪ ،‬وقيممل سممنة‪ .‬وتحيممرت‬
‫في المر‪ ،‬فاللئق أن تتبين هذا المر وتثبت فيه حتى تقف على العلم‬
‫بالسبب‪ ،‬ولعلهم كانوا معذورين كما كنا‪.‬‬
‫أما قولممك‪ :‬وإنممما كلمنمما فممي أرض برنممو وأهلهمما‪ ،‬إذ هممي مدينممة مممن‬
‫مدائن السلم‪ ،‬وسلطانها معدو د من كبممار سمملطين المسمملمين‪ ...‬إلممى‬
‫ول حاجة به‪-‬فاعلم أنا ذكرنا لك في كتابنا الول أنممه ليممس عنممدنا علممم‬
‫حقيقة أئمتها وسلطينها‪ ،‬لكن يبلغنا الخبار عنهمما بممما هممو أكممثر مممما‬
‫ذكرت فيهم‪ ،‬وهل هم باقون على ما يؤثر عن أوائلهم أم غيممروا‪ ،‬كممما‬
‫هو المعهو د في أذناب الدول‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫فإن قلت‪ :‬إنهم بماقون علمى السملم‪ ،‬ولمم يمداخلهم خلمل يناقضمه إلمى‬
‫الن‪ ،‬فذاك إليك‪ ،‬والعهدة عليك‪.‬‬
‫وأما قولك‪ :‬اعلم أيها الخ أن الذي مات فات والصمملح بيممن المسمملمين‬
‫خير‪ ،‬وفممي السممعي فممي ذلممك أجممر عظيممم‪ ،‬ول يكممون الصمملح إل بممأن‬
‫تتحمل أمرًا وأتحمل أمرًا الخ‪ -‬فاعلم يا أخي أن الذي أشرت إليممه أمممر‬
‫سديد‪ ،‬ورأي رشيد‪ ،‬ويمكن نفوذه كما ذكر‪ ،‬ولكن أيها الخ ينبغممي لنمما‬
‫ولك أن نسعى في هذا الصلح‪ ،‬ول نريد فيه إل الخير والصلح‪ ،‬ول‬
‫ل لقوله تعالى‪" :‬واتقو ال‬ ‫نقيده يقيد ما‪ ،‬ول نعلقه على شرط‪ ،‬بل امتثا ً‬
‫واصمملحوا ذات بينكممم"‪ ،‬وقمموله‪" :‬وإن طائفتممان مممن المممؤمنين أقتتلمموا‬
‫فأصلحوا بينهما" الية وأمثالهما‪ .‬ونعتمد فيما نسعى إليه أن يوفقنا ال‬
‫إلى ما فيه رضاه‪ ،‬وما يكون لنا ولكم مصلحة‪ ،‬قمال تعمالى‪" :‬إن يريمد‬
‫إصلحًا يوفق ال بينهما"‪.‬‬
‫وتعلم أيهمما الخ أن ممما ذكرتممه مممن أن منممازعته غيممر جممائزة شممرعًا‪-‬‬
‫مغالطة‪ ،‬فأين تجد اليوم من المراء القممدمين مممن اسممتكمل الشممروط‪،‬‬
‫وتمسك بالكتاب والسنة‪ ،‬واشترط لرعيته طمماعته علممى طمماعته لهممما‪،‬‬
‫ل أن نأخممذ فممي‬‫حتى ل يجوز الخروج منه والحروب‪ ،‬ولذلك قدمنا أو ً‬
‫الصلح وحقن الدماء وحفظ الموال وعصمة العراض‪ ،‬نابذين في‬
‫ذلك لكل قيد‪ ،‬ربما كان سببًا لسد باب الخير‪ ،‬إن نريد إل الصلح ممما‬
‫استطعنا‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وأنا نضرع إلى ال أن يأخذ بأيدينا وأيديكم ويسمملك بنمما الصممراط‬
‫المستقيم ويوفقنا إلى ما يحبممه ويرضمماه ويؤلممف بيننمما وبينكممم ويجعممل‬
‫بيننا وبينكم مو دة ورحمة ويغفممر لنمما ولكممم‪ ،‬إن ذلممك علممى الم يسممير‪،‬‬
‫"وما ذلك على ال بعزيز"‪ ،‬وال على كل شيء قدير‪ ،‬والسلم‪.‬‬
‫فسار بهذه الوثيقة بريدنا‪ ،‬فضاع فيممما بيننمما وبينهممم‪ ،‬ولممم نممزل هكممذا‪،‬‬
‫كلما كتبنا إليهم لتصال إليهم وثائقنا‪ ،‬فحينئذ تجشمت في إنفمماذ البريممد‬
‫إليهم‪ .‬وكتبنا إليهم ممما يقتضممي المواصمملة بيننمما وبينهممم‪ ،‬وطلبنمما منهممم‬
‫الموا دعة والمتاركة‪ ،‬وبينا لهم حقيقة أمرنا‪ ،‬وقبل وصول بريدنا إليهم‬
‫ور د علينا من الحاج المين كتاب آخر‪ ،‬فيه من الجدال والتعصممب ممما‬
‫فيه‪ ،‬فأجبته‪ ،‬ونص الجواب‪:‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم وصلى ال على مممن ل نممبي بعممده‪ ،‬الحمممد لم‬
‫اذي حفظ دين السلم بإحكام آياته للمؤمنين المسترشممدين‪ ،‬ونسممخ ممما‬
‫يلقي الشيطان في قلموب ممواليهم الظممالمين المذين فممي قلموبهم مممرض‬
‫والقاسية قلوبهم المشركين‪ ،‬وضمن حفظ الرآن لممما اشممتمل عليممه مممن‬
‫الشرائع بقوله‪" :‬إنمما نحممن نزلنمما الممذكر وإن لممه لحممافظون"‪ .‬والصمملة‬
‫والسلم على محمد سيد المرسلين‪ ،‬القائممل‪ :‬يحمممل هممذا العلممم ممن كممل‬
‫خلف عدوله‪ ،‬ينفون عنه تخريف الغالين‪ ،‬وانتحال المبطليممن‪ ،‬وتأويممل‬
‫الجاهلين‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬وممن تبعهمم بإحسمان إلممى يمموم‬
‫الدين‪.‬‬
‫فمن محمد بلو نجل أمير المؤمنين عثمان بن فو دي إلى الحاج الميممن‬
‫بن محمد الكانمي‪ ،‬يقرأ عليه السلم‪ ،‬ويحييه بأطيب كلم‪.‬‬
‫أما بعد‪ ،‬فقد وقفنا على كتابك الذي كتبت إلى مجاوريكم من الجماعة‪،‬‬
‫لتستبين الحق والحقيقة‪ ،‬وتأملنا حق التأمل‪ ،‬وفهمنا منه ما انتهممى إليممه‬
‫فهمنمما وحاصممل ممما فيممه‪ :‬أنممك طلبممت منمما امتثممال قمموله تعممالى‪" :‬وإأن‬
‫طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما"‪ .‬ثم استدللت فممي الشممأن‬
‫بما استدللت به‪ ،‬وشرطت في ذلك ما شرطت في وقوع الصلح‪ ،‬حتى‬
‫يخرج المهدي‪-‬إن كان‪-‬أو ينزل عيسى عليه السلم‪ ،‬وأكدت الحتجاج‬
‫بما أكدت‪ ،‬ثم رشحت الكلم بما ذكرت في بل دنا هذه‪ ،‬وما نويت بعممد‬
‫ي وما ساءك مني‪ ،‬ومما أنكممرت‬ ‫وقوع الصلح‪ ،‬ورشحت بما ذكرت ف ّ‬
‫على محمد الدليل‪.‬‬
‫فمماعلم أيهمما الخ إذا كممان المممولى لطممف بممك‪ ،‬ونظممرت إلينمما بعيممن‬
‫النصمماف‪ ،‬فمماللئق بممك أن تلقممي همذه المغالطممات والمشمماغبات الممتي‬
‫أكثرها حجج داحضة‪ ،‬وغالب قضياتها مزورة علينمما باطلممة‪ ،‬فمماللئق‬
‫العراض عن إجابتها‪ ،‬ولكن حملني علممى الجابممة قمموة الشممفقة علممى‬
‫جهلة الطلبة‪ ،‬كيل يغتروا بكثرة الصخب والشغب‪ ،‬فيظنموا أنمك علمى‬
‫ دليل في هذا المذهب‪ ،‬وليس قصده الصيال ول الجدال‪.‬‬
‫ل أنا ما ساغ لنا الذن لمجاوريكم مممن الجماعممة فممي قتممال‬ ‫هذا لتعلم أو ً‬
‫برنو إل لما تواتر من الخبار‪ ،‬وتضافر منها ممن خالطوهم وعرفمموا‬
‫أحوالهم‪ ،‬أنهم يذبحون للحجار والشجار ويعملون للبحر كممما كممانت‬
‫القبط تفعل للنيل أيام الجاهلية‪ ،‬وأن لهم بيوتًا معظمممة فيهمما أصممنامهم‪،‬‬
‫ولها سدنة‪ ،‬ورأينا مقتضى ذلممك فممي كتابممك الول‪ ،‬حيممث قلممت‪ :‬ومممن‬
‫أعظم حججكممم علممى تكفيممر عامممة المممؤمنين ركمموب المممراء لبعممض‬
‫المواطن قصدًا للصدقة‪ ،‬ثم تأولت أنهم ل يريممدون بهمما الشممراك‪ ،‬ول‬
‫يعتقدون فيها التأثير‪ ،‬وإنما قصممارى دعممواهم أن الصممدقة أفضممل مممن‬
‫غيرها‪ .‬ول يخفى على كل مممن لممه أ دنممى بصمميرة أن هممذه الممدعوى ل‬
‫عبرة بها‪ ،‬لن الحكم منوط بالظاهر‪ ،‬وال يتولى السرائر‪ ،‬فمن رأيناه‬
‫ذحب للحجار كفرناه بقطع‪ ،‬ووجو د هذه المور من جملممة ممما كفرنمما‬
‫بممه أهممل برنممو لنممه ممما بعممث أميممر برنممو‪-‬علممى ممما بلغنمما‪-‬علممى إذايممة‬
‫المجاورين لكم من الجماعة المنتسبين إلمى الشميخ‪ ،‬حمتى ألجمأهم إلمى‬
‫الهجرة‪ ،‬وبدأهم بالمقاتلة‪ ،‬إل التعصب لملمموك حمموس ونصممرتهم‪ ،‬ول‬
‫يخفي أنه ما نهض لنصرتهم إل لرضاه بممدينهم‪ ،‬ول جممرم أن الرضمما‬
‫بالكفر كفر‪ ،‬وقتالنما إيمماهم سمائغ‪ ،‬إذ جهما د الكفمار علمى كممل ممن قمدر‬
‫فرض‪ ،‬وقد تبين بما ذكرنمماه علممى أميممر برنمموا أنممه علممم علممى كفممره‪،‬‬
‫وتعلمون أن حكم البلد حكم سلطانها‪ ،‬فممإن كممان مسمملماً كممان البلممد دار‬
‫إسلم‪ ،‬وإن كان كممافرًا كممان البلممد دار كفممر‪ ،‬ول ينكممر هممذا إل جاهممل‬
‫بأقوال العلماء‪ ،‬وإذا تقرر ما ذكرنا فاعلم أن المسلمين المقيميممن بممدار‬
‫الحرب على ثلثة أقسام‪ :‬قسم خممالطوهم وتولمموهم‪ ،‬ورضمموا بممما هممم‬
‫فيه‪ ،‬فهؤلء كفار مرتدون مثلهم بإجماع‪ ،‬وليس في هذا نممزاع‪ ،‬وقسممم‬
‫ساكنوهم اختيارًا لكن غير راضين بفعلهم وإنما حبسهم معهم غممرض‬
‫ دنيمموي‪ ،‬فهممؤلء فسمماق بإجممماع‪ ،‬وليممس فممي ذلممك نممزاع‪ ،‬فممإذا غممزا‬
‫المسمملمون دار الحممرب وعممثروا عليهممم‪ ،‬وقبضمموا خلممي سممبيلهم هممم‬
‫وذراريهم اتفاقًا‪ .‬أما أموالهم ففي ر دها لهم وجعلهمما فممي الفيممء خلف‬
‫تقرر في علم الفقه‪ ،‬وقسم ساكنوهم اضطرارًا‪ ،‬فهؤلء ليس بهم بأس‪،‬‬
‫فإذا عثر عليهم وقبضوا خلي سممبيلهم هممم وذراريهممم اتفاقمًا‪ ،‬ور د إليممه‬
‫أموالهم اتفاقًا‪.‬‬
‫هذا ما نعرف في هذه المسألة حسبما وعيناه من أقمموال علممماء السممنة‪،‬‬
‫وحشممونا بمه كتبنمما‪ ،‬فلمتراجع‪ ،‬فلمو اقتصممرت علمى قولممك‪ :‬أنهمم تممابوا‬
‫وأقلعوا عما كانوا عليه لكممان أولممى مممن هممذا السممهاب‪ ،‬وأحممرى مممن‬
‫كثرة الصطخاب‪ ،‬إذ هو أقطع حجة عند كل ممن يعممترف بممالحق فممي‬
‫قتالهم‪ ،‬وهذا المر لم نعرفه قبل‪ ،‬ولم يبلغنا قط‪ ،‬لكن فمي خريممف همذا‬
‫العام ور دت علينا وثائق منسوبة إليكم يدل علممى ذلممك‪ ،‬ولممذلك وجهنمما‬
‫نحن بريدنا إليكم لنستوثق الخبر‪ ،‬ويأتينا بالحقيقة‪ ،‬فإذا كان المر كممما‬
‫قيل فسنوجه بريدنا مخدا د بن ليم ويحضر معممه سمما دات المشممرق مممن‬
‫الجماعممة‪ ،‬فتوجهممون أنتممم مممن ترضممونه لممموركم وتممأمنونهم وراء‬
‫ظهمموركم‪ ،‬فيكممون الموعممد بسمميكو‪ ،‬فيتعاقممدون علممى عهممو د ومواثيممق‬
‫يتوافقون عليها ويتراضون فيوضع القتال ويثبت السمملم‪ ،‬ولجممل ذلممك‬
‫تأخرنا هذا العام عن غزو برنوا وقد عزمنا عليه‪ ،‬فإذا كان المر كما‬
‫ذكرت من أنهم تابوا وأقلعوا فوضممع التقممال إذ ذاك عممما بيننمما وبينهممم‬
‫واجب‪ ،‬والصلح فيما بيننا وبينهم لزب‪.‬‬
‫وأما قولك‪ :‬وقد علمتم أنه لن يأتي آخممر هممذه المممة بأفضممل مممما كممان‬
‫عليه أولها‪-‬سمعته من شيخي سيدي معاوية‪ ،‬ول ندري أحديث أم أثر‪.‬‬
‫وتعلمون أننا في آخر الزمان‪-‬وقد مضى اثناعشر قرنًا فكلم صحيح‪،‬‬
‫لكن المرا د به بيان فضل السلف الصالح‪ ،‬وخصائصهم‪-‬وهم مممن هممم‪-‬‬
‫إذ هم الذين شهد لهم رسول ال صلى ال عليه وسلم بالفضمميلة بقمموله‪:‬‬
‫"خير القرون قرني‪ ،‬ثم الذين يلونهم‪ ،‬ثم الذين يلونهم"‪ ،‬وفي المدخل‪:‬‬
‫انظر إلى حكمة الشارع صلوات ال وسلمه عليممه فممي هممذه القممرون‪،‬‬
‫كيف خصهم بالفضيلة دون غيرهم من القرون‪ ،‬في كثير منهم البركمة‬
‫والخير‪ ،‬ولكن اختصت تلك القممرون بمزيممة ل يمموازيهم فيهمما غيرهمما‪،‬‬
‫وهي أن الم عمز وجممل خصمهم بإقاممة دينمه‪ ،‬وإعلء كلمتمه‪ .‬فمالقرن‬
‫الول منهم خصهم عممز وجممل بخصوصممية‪ ،‬ل سممبيل لحممد أن يلحممق‬
‫ل عن عمله‪ ،‬لن ال عز وجل قد خصهم برؤية نبيه‬ ‫غبار أحدهم فض ً‬
‫عليه الصلة ولسلم‪ ،‬ومشاهدته‪ ،‬ونزول القرآن عليهممم غضمًا طريمًا‬
‫يتلقونه من في النبيء صلى ال عليه وسلم‪ ،‬حين يتلقاه من في حبريل‬
‫عليه السلم‪ ،‬وخصهم بالقتال بين يدي نبيه ونصره وحمممايته‪ ،‬وإذلل‬
‫الكفر وإخممما ده‪ ،‬ورفممع منممار السمملم وإعلئممه‪ ،‬وحفظهممم آي القممرآن‬
‫الذي كان ينزل نجومًا‪ ،‬فأهلهم لحفظه حتى لم يضع منه حرف واحممد‪،‬‬
‫فجمعمموه ويسممروه لمممن بعممدهم‪ ،‬وفتحمموا البل د والقمماليم للمسمملمين‪،‬‬
‫ومهدوا لهم وحفظوا أحا ديث نبيهم في صممدورهم‪ ،‬وأثبتوهمما علممى ممما‬
‫ينبغي من عدم اللحن والغلط‪ ،‬والسهو والغفلة‪ ،‬ثم قال بعممد كلم‪ :‬فلممما‬
‫أن مضوا لسبيلهم طاهرين عقبهم التابعون رضي ال عنهممم‪ ،‬فجمعمموا‬
‫ما كان من الحا ديث متفرقًا‪ ،‬وبقي أحممدهم يرحممل فممي طلممب الحممديث‬
‫الواحد‪ ،‬وفي المسألة الواحدة الشهر والشهرين‪ .‬ضبطوا أمر الشممريعة‬
‫أتم ضبط‪ ،‬وتلقوا الحكام والتفسير من في الصحابة‪-‬رضي ال عنهم‪-‬‬
‫مثل علي بن أبي طممالب‪ ،‬وابممن عبمماس رضممي الم عهممما‪ .‬كممان علممي‬
‫رضي ال عنه يقممول‪ :‬سمملوني ممما دمممت بيممن أظهركممم‪ ،‬فممإني أعممرف‬
‫بأزقة السماء مما أنا عارف بأزقة الرض‪ .‬وقال عليه السلم في ابممن‬
‫عباس‪" :‬ترجمان القرآن"‪ ،‬فمن لقي مثممل هممؤلء كيممف يكممون علمممه؟‬
‫وكيف حاله وعمله؟ فحصل للقرن الثاني نصيب وافر أيضاً في إقامممة‬
‫الممدين ورؤيممة مممن رأى بعيممن رأسممه صمماحب الشممريعة صمملوات الم‬
‫وسلمه عليه‪ ،‬فلذلك كانوا أفضل من الذين بعدهم‪ .‬ثم عقبهم التممابعون‬
‫لهممم‪ ،‬وهممم تممابعوا التممابعين‪ ،‬رضممي الم عنهممم‪ ،‬وفيهممم حممدث الفقهمماء‬
‫المقلمدون والمرجموع إليهمم فمي النموازل الكاشمفون للكمرب‪ ،‬فوجمدوا‬
‫القرآن والحمد لم مجموعمًا ميسممرًا‪ ،‬ووجممدوا الحمما ديث قممد ضممبطت‬
‫وأحممرزت‪ ،‬فجمعمموا منهمما ممما كممان مفرقممًا‪ ،‬وتفقهمموا فممي القممرآن‬
‫والحا ديث‪ ،‬علممى مقتضممى قواعممد الشممريعة‪ ،‬واسممتخرجوا فوائممد مممن‬
‫الحمما ديث‪ ،‬واسممتنبطوا منهمما فرائممد وأحكممموا‪ ،‬وثبتمموا علممى مقتضممى‬
‫الصول والمعقول‪ ،‬و دونوا الدواوين‪ ،‬ويسروا علممى النمماس‪ ،‬وأزالمموا‬
‫المشكلت باستخراج الفروع مممن الصممول‪ ،‬ور د الفممرع إلممى أصممله‪،‬‬
‫وتممبيين الصممل ممن فرعمه‪ ،‬فمانتظم الحممال‪ ،‬واسمتقر أممر ديمن الممة‬
‫المحمدية بسببهم‪ ،‬فحصلت لهم مع إقامة هذا الممدين خصوصممية أيضمًا‬
‫بلقائهم من رأي من رأى صاحب العصمة‪ ،‬ومع بذلك يزيممد فممي حكممم‬
‫من الحكام التي تقررت‪ ،‬أو ينقص منها‪ ،‬فذلك مر دو د بالجماع‪.‬‬
‫وأما ما استخرجه من بعدهم من القوائد غير المتعلقة بالحكام فمقبول‬
‫لقوله عليه الصلة والسلم‪" :‬ل تنقضي عجائبه‪ ،‬ول يخلق مممع كممثرة‬
‫الر د"‪ .‬فعجائب القرآن والحديث ل تنقضي إلى يوم القيامممة‪ .‬كممل فممرن‬
‫ل بد له أن يأخذ فوائد جمة خصه ال بها وضمممها إليممه‪ ،‬لتكممون بركممة‬
‫هذه المة مستمرة إلى قيام الساعة‪ .‬قال عليه الصلة والسلم‪" :‬أمممتي‬
‫مثل المطر ل يدري أيه أنفع‪ .‬أوله أو آخره"‪ .‬أو كما قال عليه السمملم‬
‫يعني في البركة والخير‪ ،‬والدعوة إلى ال تعممالى‪ ،‬وتمبيين الحكممام‪ ،‬ل‬
‫أنهم يحدثون حكمًا من الحكام‪ ،‬اللهم إل ما يندر وقمموعه مممما لممم يقممع‬
‫في زمان من تقدم ذكرهم بالفعل ول بالقول ول بالبيان‪ ،‬فيجب إذ ذاك‬
‫أن ينظر الحكم فيه على مقتضى قواعدهم فمي الحكمام الثابتمة عنهمم‪،‬‬
‫البينة الصريحة‪ .‬فإذا كان كذلك علمى مقتضمى أصمولهم قلنماه فلمما أن‬
‫مضوا إلى سبيلهم ظاهرين‪ ،‬أتى مممن بعممدهم فلممم يجممد فممي هممذا الممدين‬
‫وظيفة يقام ويختص بها بل وجد المر على أكمل الحممالت‪ ،‬فلممم يبممق‬
‫لممه إل أن يحفممظ منممه ممما دونمموه واسممتنبطوه واسممتخرجوه وأفمما دوه‪.‬‬
‫فاختص إقامممة هممذا الممدين بممالقرون المممذكورة فممي الحممديث‪-‬ليممس إل‪-‬‬
‫فلجل ذلك كانوا خيرًا ممن أتى بعدهم‪ ،‬ول يحصل لمن يأتي بعد هذه‬
‫القممرون المشممهو د لهممم بممالخير‪-‬خيممر إل باتبمماع مممن شممهد لممه صمماحب‬
‫العصمة صلوات الم عليمه وسملمه‪ .‬فبقمي كممل ممن يممأتي بعمدهم فمي‬
‫ميزانهم‪ ،‬ومن بعض حسناتهم‪ .‬فبممان ممما قمماله عليممه الصمملة والسمملم‪:‬‬
‫"خير القرون قرني‪ ،‬ثم الذين يلونهم‪ ،‬ثم الذين يلونهم"‪ .‬ا ه‪.‬‬
‫وهذا الذي ذكره هممو معنممى قممول شمميخنا‪" :‬لممن يممأتي آخممر هممذه المممة‬
‫بأفضل مما كان عليه أولها"‪ ،‬ل مثل محمد الوالي والطاهر وأمثالهممما‬
‫من علماء برنوا‪ ،‬كما أشرت إليه في كتابك الول‪ .‬فقولك‪ :‬أحديث هممو‬
‫أم أثر‪ ،‬ثم قلت‪ :‬إن غالب ظنك أنه حديث‪ ،‬لكن لم تقف لمه علمى سمند‪،‬‬
‫ونحن لم نقف عليه‪ ،‬ولكن الحممافظ حجممة علممى مممن لممم يحفممظ‪ ،‬والممذي‬
‫عرفناه‪-‬كما رواه غير واحد من الحافظ‪-‬أنه صلى ال عليه وسلم قممال‪:‬‬
‫"ل يصلح آخر هذه المة إل ما أصلح أولها"‪ ،‬يعني القرآن والسمميف‪-‬‬
‫كما قال العلماء‪-‬والعجب منك أنك لم تزل تسممتدل فممي جميممع رسممائلك‬
‫وكتبك بالي والحا ديث على وجه الستدلل والفحام‪ ،‬مع أن المقلممد‬
‫إنما يسوغ له إيرا د الي والحا ديث علمى وحمه التممبرك والسمتئناس‪،‬‬
‫وكان حقه في الستدلل أن يسر د أقوال العلماء‪ ،‬ويستدل فقممط‪ ،‬وهممذا‬
‫هو خليقة المقلد وليس له أن يتعاطي وظيفة المجتهدين‪.‬‬
‫قممال الجلل السمميوطي‪" :‬فممإن السممتدلل إنممما يسمموغ للمجتهممد العممالم‬
‫بطرق الستدلل‪ ،‬فأما غيره فما له ولذلك؟"‬
‫قال الغزالي في كتاب التفرقة‪" :‬شرط المقلد أن يسكت‪ ،‬ويسكت عنه‪،‬‬
‫ل كممان متبعمًا ل‬‫لنه قاصر عن سلوك طريممق الحجمماج‪ ،‬ولممو كممان أه ً‬
‫تابعًا وإماممًا ل مأموممًا‪ ،‬وإن خمماض المقممدل فممي المحاجممة فممذلك منممه‬
‫فضول‪ ،‬والمشتغل به ضارب في حديد بار د‪ ،‬وطمالب لصملح بائممد‪،‬‬
‫"وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟" هذه عبممارة الغزالممي‪ .‬والعجممب‬
‫منك تصديك لذكر أ دلة ولو أر د عليك أ دلة مخالفة لما ذكرت‪ ،‬لممم تممدر‬
‫كيف تصنع فيهمما! قممال الجلل السمميوطي‪" :‬كيممف يحممل لمممن لممم يتقممن‬
‫واحمدًا ممن العلموم المشممترطة فمي التكلمم فممي القممرآن‪-‬وعمدتها خمسمة‬
‫عشر‪-‬أن يجرؤ على الستدلل بأيممات القممرآن والحمما ديث علممى حكممم‬
‫ل بطريق الستدلل‪ ،‬عمماجزًا‬ ‫من الحكام وعلى واحد من المور جاه ً‬
‫عن تحصيل مشروطه‪ ،‬ومثل هذا هممو الممذي ور د فيممه الحممديث‪" :‬مممن‬
‫قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار"‪ ،‬وفي رواية‪" :‬فقد كفر"‪.‬‬
‫وقممد أوجممب أهممل الصممول علممى المجتهممد المسممتدل‪-‬هممل معممه قرينممة‬
‫ل؟‪-‬فهمذا نطمح ممع النماطحين ممن غيمر‬ ‫تصرف الدليل عن ظماهره أو ً‬
‫تأمل ول مراعاة لشرط من الشروط‪ ،‬فلو استحيى هذا الرجل مممن الم‬
‫لتوقف عنممد مرتبتممه‪ ،‬وهممي التقليممد وتممرك السممتدلل لهلممه‪ .‬قممال الم‬
‫تعالى‪" :‬ولو ر دوه إلى الرسول وإلممى أولممي المممر منهممم لعلمممه الممذين‬
‫يستنبطونه منهم"‪-‬وأولو المر هم المجتهدون‪-‬كما قال عبد ال وجممابر‬
‫وابن عباس ومجاهممد وأبممو العاليممة فممي قمموله‪" :‬أطيعمموا الم وأطيعمموا‬
‫الرسول وأولي المر منكم"‪ .‬قال‪ :‬هم أهل العلممم‪ ،‬أل تممرى أنمه يقممول‪:‬‬
‫ولو ر دوه إلى الرسول وإلى أولي المر منهم لعلمه الممذين يسممتنبطونه‬
‫منهم‪ ،‬ومعلوم أن لفظ الفقهمماء والعلممماء إنممما يطلممق علممى المجتهممدين‪.‬‬
‫وأممما المقلممد فل يسمممى فقيه مًا ول عالم مًا‪ ،‬كممما نممص عليممه أهل فقممه‬
‫والصول‪ .‬وامتناع إطلق الفقيه والعممالم علمى المقلممد كامتنماع إطلق‬
‫المسلم على اليهو دي‪ ،‬خصوصية من المم‪" :‬ل يسممأل عممما يفعممل وهممم‬
‫يسألون"‪.‬‬
‫وأممما قولممك‪" :‬ومضممى مممن العلممماء والمجممد دين مممن الئمممة السمملف‬
‫والخلف من مضممى‪ ،‬وممما فيهممم مممن احتممج بهممذه الحجممج وكفممر عامممة‬
‫المممؤمنين وشممهر سمميف العممدوان هكممذا‪-‬مممع أن هممذه البممدع والمنمماكر‬
‫موجو دة فمي كمل قطمر وفمي كمل عصمر‪ .‬واليمات المتي أور دتموهما‪،‬‬
‫واستحللتم بها محممارم الم ل تخفممي يومئممذ علممى العجممائز والصممبيان‪،‬‬
‫ل عن فحول العلممماء فليسممعكم ممما وسممع الوليممن‪-‬وهممم لعمممر الم‬ ‫فض ً‬
‫سا دة‪ ،‬ما عليهم مزيد‪ ،‬يقطع العقل أن هذا القممرن ل يوجممد أفضممل مممن‬
‫الصدر الول ول أقوى ول أعلم‪-".‬فالجواب‪ :‬أنا ما قاتلنمما أهممل برنمموا‬
‫إل لما ذكرناه قبل ليس إل‪ ،‬وهذا الذي ذكرته في هممذه المقممدمات وممما‬
‫استخرجته منها من الستنباط والنتيجة فحجة داحضة‪ .‬كيف يقال‪ :‬إنه‬
‫ل يجوز لمن قمدر أن يغيمر المنمماكر ويزيمل المفاسممد‪ ،‬ل يصمح لمه أن‬
‫يتكلم فيها لكون من تقدمه من العلماء لم يغيرها أو لم يتكلم فيها‪ .‬وهذا‬
‫لعمري باطل‪ .‬قمال الحجمة المغيلممي فممي أجموبته لسممئلة أسممكيا الحماج‬
‫محمد‪" :‬فاكتسب لنفسك ما ترجى بركته‪ ،‬وتحمد لك عاقبته فممي الممدنيا‬
‫والخرة‪ ،‬ول تقل في باطل‪ ،‬قدرت اليوم على إزالته‪ :‬هممذا ل يلزمنممي‬
‫لني مافعلته‪ ،‬إنما فعله غيري‪ .‬وكل ما فعله غيرك‪ ،‬ثم صار إليممك إن‬
‫كان خيرًا فأثبته‪ ،‬وإن كان شرًا فأزله‪ ،‬ولو طال زمنه‪ ،‬لن الملك كلممه‬
‫ل‪ ،‬وأنت عبد ال‪ .‬واحب عليممك أن تصمملح ممما وصممل إليممك‪ ".‬ا ه قممال‬
‫ولي ال ابن أبي جمرة في بهجة النفوس‪" :‬ثم بعد هذا البيمان الواضمح‬
‫يحتجون على الجواز‪ ،‬لكون بعممض تلممك الشممياء الفاسممجة كممانت فممي‬
‫زمممن مممن تقممدمهم مممن الفضمملء ولممم يتكلممموا فيممه‪ ،‬ويممرون أنهممم ل‬
‫يتكلمون‪ .‬وإن ظهر الفسا د بالدليل الشرعي‪ ،‬لكون من تقدمهم لم يتكلممم‬
‫فيه‪ ،‬وهذا غلط آخر أيضًا‪ ،‬لن من كان قبلهممم‪-‬وكممان هممذا الواقممع فممي‬
‫زمانهم‪-‬محتمل أن يكون الواقع على هممذه الصمميغة الفاسممدة‪ ،‬ومحتمممل‬
‫أن يكون وافق السم‪ ،‬ولم يكن علممى هممذه الصمميغة الفاسممدة‪ ،‬فل حجممة‬
‫لهم فيه‪ ،‬لنه كان في زمانهم صالحًا‪ ،‬فلم يكن لهم فيما يتكلمممون‪-‬وهممو‬
‫الن فاسد‪-‬فوجب الكلم حين الفسا د‪.‬‬
‫ولهممذا المعنممى قممال رزيممن رحمممه المم‪ :‬ممما أتممى علممى بعممض الفقهمماء‬
‫المتأخرين إل وضعهم السماء على غيممر مسممميات‪ ،‬لنممه كممانت تلممك‬
‫السماء في الصدر الول علممى صمميغ جممائزة بوجمموه شممرعية‪ ،‬وهممي‬
‫اليوم على غير وجه جائز‪ ،‬فأجازوا غير الجائز‪ ،‬لشتراكه في السممم‬
‫مع الجائز‪ .‬وإن كانت فممي زمممانهم علممى تلممك الحمموال الفاسممدة‪ ،‬فهممو‬
‫محتمل أيضًا لن يكونوا غفلوا عنهمما‪ ،‬لشممغلهم عممما كممان عنممدهم آكممد‬
‫وأهم‪ ،‬فلم يلقوا إليها بالهم‪ ،‬أو نظروا إليها وغلطوا فيهمما‪ ،‬لنممه ل أحممد‬
‫معصوم من الغلممط‪ .‬وإذا غلمط أحممد فكيمف يتبممع فمي غلطمه؟ همذا ممن‬
‫الغلط‪ ،‬والظمماهر فممي هممذا الوضممع أحممد المموجهين‪ .‬والثممالث مرجمموح‪،‬‬
‫لجل أنه ل يحمل على المؤمنين إل الوجه الصلح‪ ،‬سمميما مممن تقممدم‪،‬‬
‫والوجهان هما ما تقدم من أنهمما كممانت صممالحة‪ ،‬أو فاسممدة ولممم يلتفتمموا‬
‫إليها لشغلهم بغيرها‪ ،‬لنهم لو التفتوا إليها لتكلموا عليها وعللوها‪ :‬أممما‬
‫بالجواز أو بالمنع‪ ،‬لو فعلوا ذلك لنقل عنهم‪ ،‬ولم ينقل عنهم شمميء فممي‬
‫ذلك‪ .‬فإذا لم يتكلموا فيها فكيف يعطي الحكم للسمماكت ول قائممل بممذلك‪،‬‬
‫مع أن الصل تطرق الفسا د إلى الحكام‪ ،‬لقوله صلى ال عليه وسمملم‪:‬‬
‫"لينقضن عرى السمملم عمروة عممروة‪ ،‬كلممما انتقضممت عممروة تشممبث‬
‫الناس بممالتي تليهمما‪ .‬وأولهممن نقممض الحكممم وآخرهممن نقممض الصمملة"‪.‬‬
‫فيتطرق الفسا د إلى الحكام شيئًا فشيئًا‪ ،‬ول يشعر به‪ ،‬كما أخبر بممذلك‬
‫الصا دق عليه السمملة والسمملم‪ ،‬فالعاقممل يكممون ممممن جممبر ممما نقممض‪،‬‬
‫ويحممذر أن يكممون ممممن أعممان علممى النقممض‪ ،‬وقممد قممال عليممه الصمملة‬
‫والسلم‪" :‬من أحيا سنة مممن سممنتي قممد أميتممت‪ ،‬فكأنممما أحيمماني‪ ،‬ومممن‬
‫أحياني كان معممي ف الجنممة"‪ .‬فحممذر أن تكممون مممع الخلممق‪ ،‬وكممن مممع‬
‫الحق حيث كان‪ ،‬لنممه عليممه الصمملة والسمملم قممال‪" :‬ل يكممون أحممدكم‬
‫إمعممة يقممول‪ :‬أنمما مممع النمماس‪ ،‬إن أحسممن النمماس أحسممنت‪ ،‬وإن أسمماءوا‬
‫أسأت‪ ،‬ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسممنوا‪ ،‬وإن أسمماءوا‬
‫أل نظلموا"‪.‬‬
‫وأما قولك‪" :‬وأطلب منكم أحد أمريممن‪ ،‬إممما أن تقولمموا‪ :‬فعممل فلن فممي‬
‫القليممم الفلنممي فممي العصممر الفلنممي مثممل هممذا مممن علممماء السممنة‬
‫المعتبرين"‪-‬فالجواب‪ :‬فاعلم أن من فعل مثل هذا ل يحصى كثرة‪ ،‬بممل‬
‫السؤال عن هذال تعنت‪ ،‬فهذا محمد بممن أبممي بكممر المعممروف بأسممكيا‪،‬‬
‫قريب منا قطرًا وعصرًا‪ ،‬لما ولى بلد سنغي بعد سممر علممي‪ ،‬فاسممتفتى‬
‫محمد بن عبد الكريم المغيلي التلمساني بما نصه‪ :‬ما جوابكم عن سممر‬
‫علي من ملوك سنغي؟ قال‪ :‬كانت أمممه مممن بلممد فممار‪ ،‬وهممم قمموم كفممار‬
‫يعبممدون الصممنام والشممجار والحجممار ويتصممدقون لهمما ويسممألون‬
‫حوائجهم عندها‪ ،‬فل يغممزون حممتى يشمماوروها‪ ،‬وإن قممدموا مممن سممفر‬
‫قصدوها ونزلوا عندها‪ ،‬ولتلك الصنام سممدنة يخممدمونها‪ ،‬فيهممم كهممان‬
‫وسحرة يقصدونها كذلك‪ ،‬وكان سر علي من صمغره إلمى كمبره كمثير‬
‫القامممة عنممدهم‪ ،‬حممتى نشممأ بينهممم‪ ،‬وتطبممع بطبممائعهم فممي شممركهم‬
‫وعوائدهم‪ .‬ثم بعد مون أبيه طلب السلطنة‪ ،‬فقممام علممى سممنغي وقمماتلهم‬
‫حتى غلبهم وتسلطن عليهم‪ ،‬كما كان أبوه من قبله مممن ملمموك سممنغي‪،‬‬
‫إل أنه لما نشأ من صغره إلى كبره بين أخواله وتطبع بطبائعهم‪ ،‬كممان‬
‫من صفته أنه ينطق بالشها دتين ونحوهما من ألفاظ المسلمين‪ ،‬ويصوم‬
‫رمضان ويتصدق كثيرًا بالذبائح وغيرها عند المساجد ونحوها‪ ،‬ومممع‬
‫ذلك يعظم بعض الشجار والحجار بالذبممح عنممدها والصممدقة والنممذر‬
‫لها والتضرع وطلب حوائجه منها‪ ،‬ويستعين بهما وبالسممحرة والكهممان‬
‫في أموره كلها أو جلها‪ .‬ومن صفاته أيضماً أنممه ل يتوقممف فممي النسمماء‬
‫بل نكاح ول غيره من الشروط السلمية‪ ،‬بل كلما أعجبته اممرأة فمي‬
‫جميع مملكته أخذها‪ ،‬وأ دخلها في بيتممه‪ .‬ومممن صممفاته أيضمًا أنممه حلممل‬
‫ دماء المسلمين بقتل القراء والعلماء والعبا د والنساء والصبيان الرضع‬
‫وغيرهم‪ ،‬ولم يزل علي ذلك مدة عمره حتى مات‪ .‬ثم ولى المر بعممده‬
‫أسكيا‪ ،‬فملك البل د ور د العبا د عن الشرك والفسا د‪ ،‬فما الحكم في سممن‬
‫علي وجميع أعوانه من الظلمة‪ ،‬الذين كممانوا بعملممون بعملممه‪ ،‬هممل هممم‬
‫كفار أو ل؟ وهل تسترق أول دهم من بعدهم‪ ،‬وتباع أمهات أول دهم أو‬
‫ل؟ فأجاب بما نصه‪:‬‬
‫إن سن علي وجميع أنصاره وأعوانه ل شك أنهم مممن أظلممم الظممالمين‬
‫الفاسممقين الممذين يقطعممون ممما أمممر ال م بممه أن يوصممل ويفسممدون فممي‬
‫الرض‪ .‬فجهمما د الميممر أسممكيا فيهممم وأخممذه السمملطنة مممن أيممديهم مممن‬
‫أفضل الجها د‪ .‬وأما هل هم كفار أو ل؟ فل يكفر أحممد مممن أهممل القبلممة‬
‫بذنب‪ ،‬فالذي ذكرتموه من حال سن علممي‪ ،‬علممم علممى الكفممر بل شممك‪.‬‬
‫فإن كان المر فيممه كممما ذكرتممم‪ ،‬فهممو كممافر‪ ،‬وكممذلك مممن عمممل بمثممل‬
‫عمله‪ ،‬بل يجب التكفير بما هو أقل ممن ذلممك‪ .‬وأمما اسمترقاق أول دهمم‬
‫فل أراه‪ ،‬وإن ثبت عليهممم ممموجب الحكممم بممالتكفير‪ ،‬لن الكفممار ثلثممة‬
‫أصناف‪ :‬الول من هو كافر صريح بالصالة‪ ،‬كالنصارى والمجمموس‬
‫ونحوهم ممن ورث الكفر الصريح من آبائه‪ .‬والثاني مممن كممان مسمملمًا‬
‫ثم ارتد عن دين السلم ارتدا دًا ظاهرًا وصرح بممأنه خممرج عممن ديممن‬
‫السلم و دخل في غيره من ديمن الكفمر‪ .‬الثمالث ممن يزعمم أنمه مسملم‬
‫وحكمنا بكفره لجل أنه صدر منه ما ل يقع في الظاهر إل من كممافر‪،‬‬
‫كما ذكرتم عن سن علي‪ .‬فالكافر بالصالة في الكفممر تسممبى ذراريهممم‬
‫ونساؤهم وتقسم أموالهم‪ ،‬ول خلف في ذلك بين العلماء‪ .‬وفي الكفممار‬
‫بالرتدا د خلف‪ :‬قال ابن القاسم في أهل حصن من المسمملمين ارتممدوا‬
‫عن دين السلم إلى الكفر‪ :‬ل تسبى ذراريهم ونساؤهم‪ ،‬وأما أممموالهم‬
‫فهي فيء للمسلمين‪ .‬قال ابن رشد‪ :‬وهذا هو الصحيح من جهة النظر‪،‬‬
‫لن المرتدين أحرار من أصمملهم‪ .‬قممال‪ :‬وإلممى مممذهب ابممن القاسممم فممي‬
‫المرتدين ذهب عامة العلماء وأئمة السلف وإذا علمت هممذا‪ ،‬وكممل مممن‬
‫فعل شيئًا من تلك الفعال الموجبممة للتكفيممر يسممتتاب‪ ،‬وإن تمماب تممرك‪،‬‬
‫وإن لم يتب قتل بالسيف كفممرًا‪ ،‬ول يسممترق أول دهممم‪ ،‬وإنممما يجممبرون‬
‫على السلم‪ .‬وأما بيع أمهات أول دهم التي استولدوها من أموال بيت‬
‫المال‪ ،‬فل أرى به بأسًا ‪ ،‬وإن كانوا ل يسترقون‪ .‬ا ه‬
‫وفمممي المختصمممر‪ :‬وإن ارتمممد جماعمممة وحممماربوا فكالمرتمممدين‪ ،‬قمممال‬
‫الشممبرخيتي فممي بيممان معنممى ذلممك‪ :‬يسممتتاب الكممبير ويجممبر الصممغير‪،‬‬
‫ويوقف المال ول تسبى العيال‪ ،‬وهو فعل عمر رضي ال عنه‪ ،‬وعليه‬
‫ل‪ .‬وقال أصبغ‪ :‬كالكفممار الحربييممن‬ ‫جماعة العلماء وأئمة السلف إل قلي ً‬
‫يسترقون هم وأول دهم وعيالهم‪ ،‬ولعمري إنه أمر خالف فيه عمممر أبمما‬
‫بكر في أهل الر دة من العرب‪ ،‬فجعلهم أبو بكر الناقضين للعهد‪ ،‬فقتممل‬
‫الكبار وسبى النساء والصغار‪ ،‬وجممرت فيهممم المقاسممم وفممي أممموالهم‪،‬‬
‫وهممو فعممل أبممي بكممر الصممديق رضممي ال م عنممه‪ .‬وال م ولممي التوفيممق‬
‫والهداية‪.‬‬
‫ثم استفتاه عن سلطان من المسلمين بجانبه‪ ،‬بما نصه‪ :‬ما جوابكم عممن‬
‫سلطان يعمل الحرام‪ ،‬فإذا قيل له في ذلك قال‪ :‬كل ما نعمل حلل‪ ،‬أنمما‬
‫أعلم منكم‪ ،‬و دأبه‪ :‬تلبيس الحق بالباطل‪ ،‬وله فقهاء اتخذهم لذلك‪ ،‬فكلما‬
‫ل؟‬‫أرا د أن يعمل شيئًا من غرضه أحضرهم‪ ،‬وقال لهم‪ :‬أليس هذا حل ً‬
‫فيقولون‪ :‬بلى‪ ،‬لك ذلك‪ ،‬فيوافقونه على غرضه ويستتر بهم من الطعن‬
‫عليه بالظلم والجور‪ .‬فهل مثل هذا السلطان ظالم أو كافر لجل تحليل‬
‫ما حرم ال؟ وكذلك أولئك الفقهاء؟‬
‫فأجاب بما نصه‪ :‬فمممن ثبممت عليممه أنممه حلممل المكممس ونحمموه مممن أكممل‬
‫أموال النمماس بالباطممل وجممب الحكممم بكفممره‪ ،‬وكممذلك مممن أنكممر الحممق‬
‫المبين ولبسه بالباطل‪.‬‬
‫وسأله بأشياء غير هذا‪ ،‬فأجابه بما أجاب‪ ،‬فلما أوصل عند هذا الميممر‬
‫الجواب‪ ،‬وحصل عنده العلم بالصواب‪ ،‬قام فمهد البل د‪ ،‬وبسط العممدل‬
‫بين العبا د‪ ،‬واشتهر عدله في سممائر القطممار‪ ،‬حممتى زاره مممن الفقهمماء‬
‫والعلممماء جماعممة‪ ،‬منهممم الحجممة المغيلممي‪ ،‬ثممم حممج ولقممي العمماقب‬
‫النصمني والجلل السيوطي وغيرهم من شيوخ السلم‪ ،‬وكتبمموا لممه‬
‫من النصائح ما كتبوا‪ ،‬وشهدوا له بالعدل والستقامة‪.‬‬
‫ول يخفممى أن أحمموال زمممانه وبل ده كممأحوال زماننمما وبل دنمما هممذه‬
‫وبل دكم‪ ،‬وحسبك به وبمن أفتونه في جها ده قدوة وأسمموة حسممنة‪ .‬فممإذا‬
‫علمت هذا علمت بأن جها دنا هذا جها د صدق صحيح‪ .‬فإنه موفمق لممما‬
‫عليه الي والحا ديث وأقوال علماء السنة‪ ،‬ولسنا في الخبط البتة‪.‬‬
‫وأما قولك‪ :‬حتى يخممرج المهممدي‪-‬إن كممان‪-‬أو ينممزل عيسممى‪ ،‬وكلهممما‬
‫ليس ببعيد‪-‬فالجواب‪ :‬إن كنت عنيت بكلمممك هممذا أن زمممان المهممدي‪،‬‬
‫وهو زمان العهممد وظهممور الحممق فواضممح‪ .‬وإن كنممت عنيممت بممه نفممي‬
‫الفاطمية عن شيخنا هذا‪ ،‬من أجل ما يبلغك أنه يكثر تقرير أمر العهد‪-‬‬
‫فاعلم أنه لم يتظاهر أنه المهممدي ول ا دعينماه لمه قمط‪ ،‬وكيممف يتظمماهر‬
‫بذلك أو ندعيه له‪ ،‬وبعض علمات المهدي الممتي ور دت فممي شممأنه لممم‬
‫توجد فيه؟ فمن وقف على كتاب البرهممان فممي علمممات المهممدي آخممر‬
‫الزمان‪ ،‬والعرف الوري في أخبار المهدي وأمثالهممما‪ ،‬كيممف يتصممور‬
‫أن يدعى الفاطميممة لمممن لممم يكمممل لممه شممروط المهممدي‪ ،‬عنممد كممل مممن‬
‫يعترف بوجو ده آخر الزمان؟ وسيظهر عن قريب إن شاء ال‪.‬‬
‫وأممما قولممك‪ :‬ومممن أرا د أن يتخطممى رقمماب علممماء المممة المتقممدمين‪،‬‬
‫ويدعي اليوم أنه فاتهم باستنباط‪ ،‬أو أكمن له ما عسر عليهم‪ ،‬فقد زلت‬
‫به القدم‪ ،‬وسقطت منه المكالمممة‪ ،‬ووقممع فممي مهممواة العجممب نسممأل الم‬
‫السلمة‪ -‬فالجواب‪ :‬أن هذا الكلم مشاغبة‪ ،‬وقد مر الجواب عنه‪.‬‬
‫وأما قولك‪ :‬واحتجاجي و دفعي كله عن أهل برنوا لما شمماع وذاع مممن‬
‫إسملمهم فمي سممائر القطمار والمصممار‪ ،‬وشمواهد آثممره عليهمم‪ ،‬وإن‬
‫كممانت ملمموكهم تفعممل أمممورًا مخالفممة للشممرع‪ ،‬فإنمما ل ننكممر ذلممك‪ ،‬ول‬
‫نرضى بفعلهم‪ ،‬لكن حيث سلطكم ال عليهم سوط عذاب وأ دبهممم بكممم‪،‬‬
‫وأقلعوا عما كانوا عليه‪ ،‬فتوبتهم تنفعهم‪ ،‬ول تبيممح لكممم أن تفعلمموا بهممم‬
‫هذا الفعل‪ -‬وقد مر الجواب عن مثل هذا آنفًا‪.‬‬
‫وأما قولك‪ :‬وأما أهل السو دان فل علم لي بها‪ ،‬ول تكلمت في أمرهمما‪،‬‬
‫وما أنا بداخل بينكم وبينهم إن لممم تتعرضمموا لرض برنمموا‪ ،‬وهمما هممو‬
‫برسولي العالم المين‪ ،‬بعثتمه إليكمم ليمأتي بمالخبر الصمحيح فمإن كمان‬
‫صلحًا وافقًا‪ ،‬فليأت به‪ ،‬سموء وقممع فمي جميعكمم أو مممن بعضممكم‪ ،‬وإن‬
‫كممانت حربمًا فليممأت بممه‪ - .‬فممالحواب‪ ،‬والم الموفممق للصممواب‪ :‬أنمما ممما‬
‫تعرضنا لبرنوا إل لما ذكرنا قبل‪ ،‬وهذا الصمملح الممذي دعمموتم إليممه قممد‬
‫بدأناكم به مرارًا‪ ،‬فلم نزل نكاتبكم به كل عام‪ .‬وغالب ظننا أن رسائلنا‬
‫ل تبلغكم ول تصل إليكم أخبارها‪ ،‬لعدم رؤيتنا جوابكم فيهمما‪ ،‬وهممو إن‬
‫شاء ال صلح موافق‪ ،‬وفقنا ال وإياكم إلى الخير‪.‬‬
‫وأما قولك‪ :‬وأنا منتظر لوراق بعثتها لعلماء المشرق في هذا المممر‪،‬‬
‫وبينممت لهممم حممال الفريقيممن‪ ،‬فممإن جمماء الجممواب موافق ماً لكممم سمملمت‬
‫وأذعنت‪ ،‬وإن جاء مخالفًا لكم بعثت به إليكم‪ ،‬إن شاء ال‪ - .‬فالجواب‪،‬‬
‫وبممال التوفيممق للصممواب‪ :‬كيممف تحاجنمما بجممواب اسممتفيته مممع أنممك لممم‬
‫تنصفنا في السؤال‪ ،‬وتعلم أن الجممواب إنممما يممأتي علممى وفممق السممؤال‪.‬‬
‫وقد رأينا في رسائلك التي ترسل بها إلينمما أنممك ممما أنصممفتنا فيهمما‪ ،‬ول‬
‫ذكرت المر على حقيقته‪ ،‬بل ترمينا بقضيات مزورات علينا‪ ،‬وأمور‬
‫موضوعات‪ ،‬فحيث ذركب المر على خلفه‪ ،‬ووشممحت الكلم حيممث‬
‫شئت‪ ،‬وذكرت في السؤال الصا در منك ما ذكرت‪ ،‬فل حاجممة لنمما فممي‬
‫الكلم على السؤال الوار د منك إل إذا رجعت وأنصفت‪ ،‬وذكممرت فممي‬
‫حال الفريقين ما يحق ذكره‪ ،‬ويثبت أمره‪ ،‬وعدتك الحمية والتعصب‪.‬‬
‫وأما قولك‪ :‬ثم إذا ثبت الصلح‪ ،‬واطمأن كل أحد فمي موضممعه ووضمع‬
‫السلح وترك الغزو‪ ،‬وسافر التجار‪ ،‬وحج الحجمماج‪ ،‬وانتشممر المممن‪،‬‬
‫فعند ذلك‪-‬إن كان الشيخ سيدنا عثمان بن فو دي حيًا‪ ،‬وسمعت بصحيح‬
‫خبره‪-‬سرت إلى حضرته‪ ،‬أو من أرضاه كنفسي‪ ،‬فإني ظني به جميل‬
‫واعتقا دي فيه حسن‪ - .‬فالجواب وال الموفق للصواب‪ :‬أن الصمملح إن‬
‫شاء ال‪ ،‬فيما بيننا وبينكم واقع‪ ،‬ولنضرع إلى ال أن يصرف عنه كل‬
‫مانع‪ .‬والذي ذكرت أنك تريد بعد حصوله القممدوم علممى الشمميخ‪ ،‬فكلم‬
‫حسن‪ ،‬لن مثله جدير أن يسعى إليه‪ ،‬بممل حقيممق أن يسممافر إليممه‪ ،‬كممما‬
‫قال المغيلي‪ :‬يجب عليك أن تطلب عالمًا من علماء الذكر حيث كممان‪،‬‬
‫لن علماء الذكر كالنبياء في المم الماضممية يجممب العتممما د عليهممم‪،‬‬
‫والسعي إليهم‪ ،‬وإن بعدوا‪ ،‬فالشيخ‪-‬متعه ال‪-‬بأتم العمر‪ ،‬وأعلى المر‪،‬‬
‫وجعل العاقبة خيرًا‪ ،‬مناقبه أجل من أن تحصى‪ ،‬بل هو كما قال القائل‬
‫ما في عله مقالة لمخالف‬ ‫فمسائل الجماع فيه تسطر‬
‫وأما قولك‪ :‬وإن لم أسمع بخبره‪-‬وكان المر من ابنه محد بل‪-‬فهو فممي‬
‫موضعه وأنا في موضعي‪ ،‬ما أنا بطممالب منممه خيممرًا ول شممرًا‪ ،‬إن لممم‬
‫يطلبني‪ .‬وإن ابتدأني وجد ما أرا ده خيرًا كان أو شرًا‪ ،‬فلقد فهمممت فممي‬
‫أول مكتوب منه ما يدل على أن أمره أمر سلطنة وملك‪ ،‬وحيممث كممان‬
‫المر هكذا‪ ،‬فل أخشى سطوته‪ ،‬ول أخاف شمموكته‪ .‬ومممع ذلممك فممأمره‬
‫ل‪ ،‬ما أنا بذاهب لجهته‪ ،‬ول قاصد أرضهم بسوء ما لم يظهر منهم ما‬
‫يوجب ذلك‪ .‬وال حسبه فيما تكلم به فينا‪ ،‬وما أقرب الوقوف بين يممدي‬
‫أحكممم الحمماكمين‪ ،‬والنتصمماف لمممن ظلممم مممن الظممالمين‪ .‬والسمملم‪- .‬‬
‫فالجواب‪ ،‬وال الموفق‪ :‬فما ذكرته مممن أنممك ل تطلممب منممي خيممرًا ول‬
‫شرًا فأنا‪ ،‬إن شاء ال‪ ،‬أبتدأك في طلممب الخيممر‪ ،‬ول أريممد الشممر البتممة‪.‬‬
‫"إن أريد إل الصلح ما استطعت‪ ،‬وما توفيقي إل بال عليممه تمموكلت‬
‫وإليه أنيب"‪.‬‬
‫وما ذكرت من أنك فهمت من أول مكتوب مني بممأن أمممري أمممر ملممك‬
‫وسلطنة‪ ،‬فل تخشى سطوتي‪ ،‬ول تخاف شوكتي‪ ،‬إلى ما يوجب ذلك‪،‬‬
‫ذلك‪-‬فل يخفى على كل ذي بصيرة ما في هذا الكلم والممذي قبلممه مممن‬
‫الجهالة وسخف المقالة‪ ،‬وال على ما نقول وكيل‪.‬‬
‫وما ذكرته مما ألمحت به في الكلم الذي ر د دت به عليك في الجممواب‬
‫الول والثاني من كتابك الذي شممنعت بمه علينمما‪ ،‬وزورت كممما شمئت‪،‬‬
‫فلك منكم عدم إنصاف‪ ،‬لنا ما ر د دنا عليممك إل علممى وفممق ممما رميتنمما‬
‫به‪" ،‬وجزاء سيئة سيئة مثلها"‪ ،‬مع أنه ليس في جوابنا سب ول فحش‬
‫ل‪ :‬ما للكريم على البذاءة من يسد‪ .‬ولممو أنصممفتم ممما اختلفتممم‬ ‫القول أص ً‬
‫علينا‪ ،‬بل ور د منكم وثيقة فيها من السب واللعن وفحش القول‪ ،‬وبذاءة‬
‫الكلم وسمموء المقممال والتوعممد والتهديممد ممما فيهمما‪ ،‬لكممن المم يعلمممه‬
‫ويحصيه‪ .‬فما منعني الجابة عنها واللتفات إليها والتفجع بما فيها إل‬
‫علمي بأن ذلمك إنمما يصمدر عمن الجهلء‪ ،‬فأعرضمت صمفحاً امتثما ً‬
‫ل‬
‫لقوله تعالى‪" :‬وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلمًا"‪ .‬ولممذلك كتبممت فممي‬
‫إجابتها بعد الحمد والثناء بما كتبت‪" .‬أما بعد‪ ،‬فقممد رأينمما كتممابكم الممذي‬
‫فيه خطابكم‪ ،‬لنا أعمالنا ولكم أعمالم‪ ،‬سلم عليكم ل نبتغي الجاهلين"‪.‬‬
‫وحسبنا ال ونعم الوكيل‪ ،‬والسلم‪.‬‬
‫وأيضًا إنما أعرضنا عن إجابتها‪ ،‬والتأذي بممما تصممفون والتوجممع بممه‪،‬‬
‫علمًا بأنه ل يضر السحاب نبح الكلب‪ .‬قال حسان بن ثابت‪:‬‬
‫ل تسبنني فلست بندى‬ ‫إن ندى من الرجال الكريم‬
‫ما أبالي أنب بالخزي تيس‬ ‫أم لحاني بظهر غيب لئيم‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫ما يضر البحر أمسى زاخرا‬ ‫أن رمي فيه غلم بحجر‬
‫وقال جرير‪:‬‬
‫زعم الفرز دق أن سيقتل مربعا‬ ‫أبشر بطول سلمة يا مربع‬
‫والعجيب منك أنك لم تزل تنسبني إلى إذايتك في الكلم‪ ،‬وتنحلني إلى‬
‫الجممدال‪ ،‬كممما فممي وثيقتممك الثانيممة‪ ،‬ل جممرم أن مممن تأهممل كلمممك فممي‬
‫وثائقك هذه‪ ،‬على ضرورة أنك المجا دل‪ ،‬ومن وقف على كتابكم الذي‬
‫أشرنا إليه علمم بالضمرورة أنكمم القممائلون بممالفحش والعيمب والذايمة‪.‬‬
‫شعرا‪:‬‬
‫وأي عبا د ال أنوك من عجل رماني بنو عجل بذاء أبيهم‬
‫"وال المستعان على ما تصفون"‪.‬‬
‫وأما قولك في الر د على محمممد الممدليل فممي تشممبيه عمممل الشمميخ بعمممل‬
‫رسول ال‪ ،‬فتعنت‪ ،‬وعلم على عدم اتفممان )علمم البيممان(‪ ،‬لن المعلموم‬
‫مممن المشممبه أن يكممون دون المسممبه بممه‪ ،‬وإن كممان يختلممف بمماختلف‬
‫الحمموال والنكممت‪ ،‬فليعلممم الواقممف علممى هممذه الورقممات‪ ،‬بممأن قصممدي‬
‫النصح للخوان لئل يغتروا بكثرة صخب هذا النسان‪ .‬وليس قصدي‬
‫الجدال ول النتصاف‪ ،‬فمن وقف عليها‪ ،‬وأمعن النظممر علمم قطعمًا أن‬
‫الحق بخلف ما يذكره‪ ،‬وحسبنا ال ونعم الوكيممل‪ .‬وقممد قممدمنا أنممه لممما‬
‫علمنما عمدم وصمول وثائقنمما إليهمم‪ ،‬تجشمممت فممي انفماذ البريمد‪ ،‬فسممار‬
‫بوثائقنا‪ .‬وحاصل ما في وثيقة الوالد‪ ،‬الذي كتبته له‪:‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‪ ،‬وصلى ال على سميدنا محمممد وآلممه وصممحبه‬
‫وسلم تسليمًا‪ .‬الحمد ل وحده ول إله غيره والصلة والسلم على مممن‬
‫ل نبي بعده‪ - .‬فمن أمير المؤمنين وسلطان المسلمين سمميدنا ووسمميلتنا‬
‫إلى ربنا عثمان بن فو دي إلى العممالم العلمممة محمممد الميممن الكممانمي‪،‬‬
‫بألف تحية وألف سلم‪ - .‬أما بعد‪ ،‬فباعث الرسممالة إليممك إعلمممك بممما‬
‫نحن فيه‪ ،‬إذ أكثر المجمماورون لكممم مممن جماعتنمما رفممع شممكايتهم منكممم‬
‫إلينا‪ ،‬وألحوا بالنتصار بنا عليكم‪ ،‬فتعين النظر فممي شممأنهم‪ ،‬والتمموجه‬
‫إلممى صمموبهم‪ .‬فمماعلموا علممم يقيممن بممأن طريقتنمما طريقممة أهممل السممنة‬
‫والجماعة‪ ،‬من إيثار الحق واتباع السممنة‪ ،‬حنفمماء عممن طريممق التفريممط‬
‫الذي هو الركون إلى العوائد‪ ،‬والتسامح في المعاصي‪ ،‬وعن الفممراط‬
‫الذي هو إنكار ما ليس بمنكر‪ ،‬فأحرى أل نكفر الناس بما ليممس كفممرًا‪.‬‬
‫فيطلب منكم أن تأمروا أمير برنوا وقومه أن يتوبوا إلى ال‪ ،‬ويتبرأوا‬
‫من كل عا دة ر ديممة‪ ،‬مخالفممة للشممريعة‪ ،‬وليتفممق هممو ومجمماوروهم مممن‬
‫الجماعة على طريق واحد‪ ،‬فيوضع القتال‪ ،‬ويثبت السلم‪ ،‬أو يتاركونمما‬
‫ول يتعرضمموا لنمما‪ ،‬فيكممون الصمملح بينممه وبيممن الجماعممة بعهممو د‬
‫ومواثيممق‪ ،‬ويتوافقممون عليهمما ويتراضممون فيوضممع القتممال عممما بيننمما‬
‫وبينهم‪ .‬وإن آثروا الطريقة الخرى‪ ،‬ورغبوا في بقممائهم علممى حممالتهم‬
‫اللى‪ ،‬فل يسعك المقام معهم ومعاونتهم‪ .‬قممال ال م تعممالى‪" :‬وتعمماونوا‬
‫على البر والتقوى ول تعاونوا على الثم والعدوان"‪ .‬والسمملم‪ - .‬هممذا‬
‫حاصل ما كتبته للشيخ ‪ -‬إلممى الحمماج الميممن بممأمره‪ ،‬وكتبممت إليممه بممما‬
‫حاصله‪:‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيممم‪ ،‬وصمملى الم علممى سمميدنا محمممد وآلممه وسمملم‬
‫تسليمًا‪-‬فمن محمد بل إلى الحاج المين بألف تحية وألف سلم‪-‬فباعث‬
‫الرسالة إليك إعلمممك بممأني لمم أزل كمل عممام أنفمذ الوثممائق فمي طلممب‬
‫الصلح فيما بين ذلك‪ ،‬فتضيع الوثائق ول تبلغكم‪ ،‬لممذلك أنفممذت هممذا‬
‫إليكم مع هذه الوثائق وكنممت قلممت شمعرًا‪ ،‬فمإن بلغمك فمماذكره‪ ،‬وإن لمم‬
‫يبلغك فانظره‪:‬‬
‫أل من مبلغ عني المينا‬ ‫رسالة ناصح يبدي اليقينا‬
‫تعلم أننا مما رمينا‬ ‫به براء فأوف العذر فينا‬
‫وأنا ما تغلبنا عليهم‬ ‫علوا أو فسا دا قاصدينا‬
‫ولكن حين أخرجنا اعتداء‬ ‫وبغيا صاح قمنا دافعينا‬
‫تبين أمرنا هذا أخانا‬ ‫وفتشه ول تعجل علينا‬
‫فممممدع عنممممك الركممممون إلممممى‬ ‫ونصر الظالمين الفاجرينا‬
‫العا دي‬
‫تعلم أنهم أهل اعتداء‬ ‫ووال أخا الصلح المؤمنينا‬
‫وخاللهم وظاهرهم عليهم‬ ‫فإن ال مخزى الكافرينا‬
‫فالحاصل أن من يتحرى السمملمة‪ ،‬و يتممورع مممن الملمممة‪ ،‬فل بممد أن‬
‫ل يكمما د يتضممح حللممه مممن شممبهته‪ ،‬فاسممعوا فممي الصمملح‬
‫يجتنممب ممما ً‬
‫جهدكم‪ ،‬فإنا نسعى فيه‪ ،‬وفقنا ال وإياكم إلى الخير والصمملح‪ .‬أ ه ممما‬
‫مر في الوثيقتين‪.‬‬
‫فسار بهذه الوثائق بريدنا عثمان‪ ،‬حمتى وصمل عنمده‪ ،‬فرحمب بالبريمد‬
‫وأكرمه‪ ،‬وأجاب بما نصه‪:‬‬
‫الحمد ل والصلة والسلم علممى رسممول الم مممن العبممد الممذليل محمممد‬
‫المين بن محمد الكانمي‪ ،‬إلى العالم العلمة الشيخ عثمان بممن فممو دي‪،‬‬
‫سلك ال بنا وبه سبيل السدا د‪ .‬السمملم التممام ورحمممة الم وبركمماته‪-‬أممما‬
‫بعممد‪ ،‬فقممد بلغنمما كتابممك وتأملنمماه حرفمًا حرفمًا‪ .‬أممما قممولكم‪ :‬إذ قممد أكممثر‬
‫المجاورون لكم من جماعتنمما رفممع شممكايتهم‪ ..‬الممخ ممما ذكممر فممي ذلممك‪،‬‬
‫فاعلم أنه لم يصدر منا إليهم ما يوجب الشكوى البتممة‪ ،‬إذ هممم يغيممرون‬
‫على أطراف بل دنا ويستلبون الموال ويسترقون الحممرار ويسممفكون‬
‫الدماء ويحرقون الديار‪ ،‬فنقوم لدفعهم واستخلص ما أخذوه‪ ،‬ونتبعهم‬
‫إلى حيث قدر ال تعالى‪ ،‬فتارة نجدهم وننقذ منهممم ممما اسممتلبوه‪ ،‬وتممارة‬
‫يعجز ونىًّنا هربًا‪ .‬هذا دأبنا معهم حتى اليوم ثلثة أعمموام‪ .‬وممما غممزوت‬
‫عليهم قط مبتدئًا طالبًا منهم نفعًا أو قاصدًا ضررًا‪ ،‬فهل ألم على ذلممك‬
‫شرعًا أو عرفًا؟ وإن كان هذا أوجب عليكم التوجه لصوبنا‪ ،‬فممما نحممن‬
‫بتاركين الطلب إن أغاروا لجممل تهديممدكم‪ ،‬ول نعطممي بأيممدينا للطغمماة‬
‫لجل وعيدكم‪ ،‬فإن المجاورين لنا أناس غلب عليهممم الجهممل والتقليممد‪.‬‬
‫همتهم ملك البل د وقهر العبا د بأي وجه‪ ،‬ولسممنا نعطيهممم ذلممك اخيممارًا‪.‬‬
‫وإن توجهتم إلينا بعد ما أطلعناكم على الموجب‪ ،‬فنحن على اللقمماء‪-‬إن‬
‫شاء ال‪-‬صابرون‪ ،‬وبعون ال‪ ،‬لكل صائل دافعون‪ ،‬ولمممن جاءنمما فممي‬
‫ ديارنا مقاتلون‪" ،‬وما النصر إل من عند ال"‪.‬‬
‫وأممما قولممك فمماعلموا علممم يقيممن بممأن طريقتنمما طريممق أهممل السممنة‬
‫والجماعممة‪ ..‬إلممى قولممك‪" :‬وتعمماونوا علممى الممبر والتقمموى"‪-‬فهممذا كلم‬
‫مستقيم ل ينكره ذو لب سليم‪ ،‬إل أن المجاورين ليس هذا الحالهم‪ .‬ولو‬
‫كانوا كذلك ما اختلفنا ول تقاتلنا‪ .‬وقد أمرنا الناس باتبمماع سممنة رسممول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم قبل هذا المر‪ ،‬وما زلنا آمرين‪-‬إن شمماء المم‪-‬‬
‫حتى يجف اللسان‪ ،‬أعانني ال وإياكم على طاعته‪ ،‬واتباع سنة نبيه‪.‬‬
‫وأممما قولممك‪ :‬إن آثممروا الطريقممة الخممرى‪ ،‬ورغبمموا فممي بقممائهم علممى‬
‫حالتهم الولى‪ ...‬الخ‪-‬فاعلم أني لست ممن ينصر الباطل‪ ،‬إن شاء ال‪،‬‬
‫ول ممن يدنون حول حماة‪ ،‬لكني ابتليت بأنمماس أتمماح ال م أن يجعلنممي‬
‫فيهم‪ ،‬وأكثرهم مرضى القلوب‪ ،‬وأنمما فيهممم كطممبيب يعالممج المممراض‬
‫المزمنة‪ ،‬ول معين له‪ ،‬وجاورني مممن جممماعتكم أنمماس ل خلق لهممم‪،‬‬
‫كلما أطفأت نارًا أوقدوا أخرى‪ ،‬وشغلوني وغيري عن دين ال فض م ً‬
‫ل‬
‫عما سواه‪ ،‬والن حيث جعممل الم المراسمملة بيننمما‪ ،‬يرجممى خمممو د نممار‬
‫الفتنة‪ ،‬إن شاء ال‪ ،‬فمر جميع الفلتيين يكفمموا عممن قتممال برنمموا وعممن‬
‫ل‪ ،‬ول يطمعوا في شيء سوى وجو د العافية والمممن‬ ‫الغزو عليها أص ً‬
‫في ديارهم على دينهم وأموالهم‪ .‬فإن بلغوا ذلك فبها ونعمت‪ ،‬وإن أبممو‬
‫ذلك‪ ،‬وجعلوا يخوضون في القيل والقال وإيممرا د ال دلممة المقابلممة بأ دلممة‬
‫مثلها‪ ،‬مدندنين حول طلب الملك‪ ،‬فل صمملح ول أمممن‪ ،‬وطممرق ال دلممة‬
‫متسعة لنا‪ ،‬كما هي عنممد ظنهممم متسممعة لهممم‪ ،‬ولكممن السمملم والحمموط‬
‫والصلح وضع القتال إن وجد إليه سبيله‪ ،‬ومممع هممذا كلممه ل أغزوهممم‬
‫ول أقصدهم ابتممداء‪ ،‬إل إذا أغمماروا وأفسممدوا‪ ،‬فل بممد مممن الطلممب ول‬
‫بأس به‪ ،‬إن شاء ال‪.‬‬
‫وأما المسافر والحاج فليأت ل يخف مممن جهتنمما شمميئًا‪ ،‬فممإني ل أظهممر‬
‫لفلتي عداوة إل إذا جاء غازيًا‪ ،‬وإن خالفني أهل برنو فيما آمرهم بممه‬
‫من المور الشممرعية والمصممالح الدنيويممة‪ ،‬أو تعممدوا علممى ابممن سممبيل‬
‫طالبًا فضل ال أو حاج لبيت ال‪ ،‬فعند ذلك أسل يدي من أمرهم‪ ،‬كممما‬
‫تسل الشعرة من العجين‪ ،‬ورجعت لموضعي الذي جئت منممه وتركممت‬
‫ما بينهم وبين جيرانهم‪ ،‬ينتقم الم مممن الظممالم بالظممالم‪ ،‬ثممم ينتقممم منهممم‬
‫جميعًا‪ .‬وفقنا ال وإيماكم لممما يحبمه ويرضمماه‪ ،‬وجعمل خيممر أيامنما يموم‬
‫نلقاه‪ .‬والسلم‪.‬‬
‫وجاوبنا بنا نصه‪:‬‬
‫الحمد ل والصلة والسلم على رسول ال‪ ،‬إلى محممد بمل بمن الشميخ‬
‫عثمان بن فو دي السلم التام عليك ورحمة ال وبركاته‪-‬أممما بعممد‪ ،‬فقممد‬
‫بلغنا كتابك‪ ،‬وفهمنا من مقتضاه أنك تجتهد في كل عام في إنفاذ الكتب‬
‫والرسائل إرا دة الصلح‪ ،‬فها قد من ال تعالى بوصول بريدكم إلينمما‪،‬‬
‫وشاهد أحوالنا وأخبرنا بأحوالكم‪ ،‬وقممد ختمممت وثيقتكممم الممتي أرسمملتها‬
‫معه بما ل مزيد عليه من قولممك‪ :‬والحاصممل أن مممن يتحممرى السمملمة‬
‫ل يكمما د يتضممح حللممه مممن‬ ‫ويتورع من الملمممة فل بممد أن يجتنممب ممما ً‬
‫شبهته‪ ..‬إلى آخر كلمك‪ .‬فإن المر كما ذكرت طممرق ال دلممة متسممعة‪،‬‬
‫وأوجه الشبه بينة‪ .‬وكلنا فممي غممرر وخطممر‪ ،‬والسمملم والحمموط تممرك‬
‫القتال‪ ،‬لكن قممدر الم أن مجاورينمما مممن المنتسممبين إليكممم أنمماس ليسمموا‬
‫مثلكم‪ ،‬ول هم على مثل حالكم‪ ،‬وهم السبب في تأجيج نار الفتنة بينممي‬
‫وبينكممم‪ .‬وإن أر دتممم ثبمموت الصمملح وفتممح الطممرق وانتشممار المممن‪،‬‬
‫فمروهم أن يكفوا عن الغزو على أرض برنوا وقتممال أهلهمما‪ ،‬ويكتفمموا‬
‫بالعافية والمممن عممما أرا دوه مممن الملممك والسمملطنة‪ .‬ثممم إذا كفمموا عممما‬
‫ذكرته وظهر غدر وخلف من أهممل برنمموا تركتهممم ورجعممت لرض‬
‫التي جئت منها‪ ،‬وليفعلوا عند ذلك ما أرا دوا‪ .‬هممذا‪ ،‬وإنممي ممما ابتممدأتهم‬
‫بالقتال قط فيما سبق‪ ،‬ول أبتدئهم فيما يأتي أيضًا‪ ،‬إل إذا أغاروا علممى‬
‫أطراف البل د‪ ،‬فعند ذلك ل بد من الخروج للطلممب‪ ،‬كعمما دتي الولممى‪،‬‬
‫وذلك جائز بل واجب حيث لم أقل بكفر أهممل برنمموا ولممم أر لتكفيرهممم‬
‫وجهًا‪ .‬وما قل وكفى خير مما كثر وألهى‪ .‬أحسن ال لنا ولكم العاقبممة‪،‬‬
‫وجعممل حظنمما مممن نعمممه نعممم الخمموة‪ .‬والسمملم‪ .‬الحمممد ل م والصمملة‬
‫والسلم على رسول ال‪.‬‬
‫حريص على مممن يقبممل القممول أل عم صباحا واحضر الممذهن‬
‫أنني‬ ‫بالفهم‬
‫وممما زغممت يوممما عممن طريممق فممإني أرى نفسممي علممى الحممق‬
‫والهدى‬ ‫ذوي العلم‬
‫من الغممزو والغممارات والسممفك ومممما كنمممت مختمممارا لمممما قمممد‬
‫سمعتمو‬ ‫للدم‬
‫عليهمممم ولكمممن دافمممع الجمممور‬
‫ولست بعات في قتالى ومعتد‬
‫والظلم‬
‫وذا واجممب ل خمموف فيممه مممن كإنفمماذ غرقممي والحريممق ومممن‬
‫ظلم‬ ‫الثم‬
‫لننجمممو ممممن التأويمممل والقمممول وفي الصمملح خيممر أن رضمميتم‬
‫جوابنا‬ ‫بالرجم‬
‫ذوو خبمممط ل يرتضمممون بمممذاولكن جيراني الذين يلونكم‬
‫السلم‬
‫علممى الممبر والتقمموى ويحسممن فنسمممأل رب العمممرش يجممممع‬
‫امرنا‬ ‫بالختم‬
‫أ ه‪ .‬كتبت البيات بعد أن ركب الصحاب على عجممل‪ ،‬وألحقتهمما‪ ،‬فل‬
‫تنظروا ما فيها من خلل‪ ،‬والمقصد صحيح‪ .‬والسلم‪.‬‬
‫ولما وصل عندنا جاوبه الشمميخ بجممواب مقنممع‪ ،‬بيممن فيممه الحممق ورفممع‬
‫الشكال‪ ،‬ونقض بالكلية عرى الجدال‪ ،‬فممماذا بعممد الحممق إل الضمملل‪.‬‬
‫وإن لطف ال بالحاج المين وفعل ما فيه وعمل بمقتضاه‪ ،‬فسنقول لممه‬
‫من أمرنمما يسممرًا‪ ،‬ول يلقممي منمما إلممى سممرورًا وخيممرًا‪ .‬وإن تممولى بعممد‬
‫ظهور الحق وخاض في القيممل والقممال‪ ،‬وأتممى بالتمويهممات الداحضممة‪،‬‬
‫والشبه الباطلة في السمتدلل‪ ،‬فضمرب العنماق حمتى تضمع الحمرب‬
‫أوزار القتال‪ .‬إن الحكم إل لم‪" .‬ومما النصمر إل ممن عنمد الم إن الم‬
‫عزيز حكيم"‪.‬‬
‫وقد فهمنا من رسائله ما يدل على أنه صاحب نخوة وتكبر وتعصممب‪،‬‬
‫وقد سبق في قلبه ممما سممبق‪ ،‬وقممل أن يرجممع متكممبر ولممو ظهممر الممدليل‬
‫وأوضح السبيل‪ ،‬ولكن الم يضممل مممن يشمماء ويهممدي إليممه مممن ينيممب‪،‬‬
‫أحسممن الم عاقبتنمما وعمماقبته وسمملك بنمما الصممراط المسممتقيم‪ .‬إنممه ولممي‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫ونص الجواب المقنع المذكور الذي أغنى عن كل جواب‪:‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد ل وحده‪ ،‬والصلة والسمملم علمى ممن‬
‫ل نبي بعده‪ - .‬من أميممر الممؤمنين عثممان بمن محمممد المعمروف بممابن‬
‫فو دي‪ ،‬متع ال السلم والمسلمين ببقائه وأيامه وجعل العاقبممة خيممرًا‪-‬‬
‫إلى الشيخ العالم الجاج محمد الميممن بممن محمممد الكممانمي‪ ،‬يسمملم عليممه‬
‫وعلى مممن كممان معمه مممن المسمملمين‪ .‬وسممبب الوثيقممة إعلمممك خمسمة‬
‫أمور‪ :‬وهي تغني عن جواب وثيقتك التي وصلت إلينا على يد بريممدنا‬
‫عثمان‪.‬‬
‫الول‪ ،‬إعلمك سبب القتال الذي وقع بيننا وبين سلطين حوس‪.‬‬
‫فاثاني‪ :‬إعلمك سبب القتال اذي وقع بيننا وبين سلطان برنوا وأهله‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬إعلمك أنا ل نكفر أحدًا من أهل القبلة‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬إعلمك أننا نكفر كل من يخلط أعمال السمملم بأعمممال الكفممر‬
‫وأقواله‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬إعلمك حكم إقامتك في بلد برنوا‪.‬‬
‫أما الول‪ ،‬الذي هو سبب القتال الذي وقع بيننا وبين سمملطين حمموس‬
‫فقد كفاك في ذلك ما كتبه إليك أخممي عبممد المم‪ ،‬فممإني قلممت لممه ذا يمموم‪:‬‬
‫اكتب له سبب القتال الذي وقممع بيننمما وبيممن سمملطين حمموس‪ ،‬فيعممذرنا‬
‫بذلك كل من وقف عليه‪ ،‬إن كان من أهل النصمماف‪ .‬فأجممابني بكتابممة‬
‫ذلك في قرطاس‪ ،‬ونص كلمه‪:‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‪ .‬والصلة والسلم على من ل نممبي بعممده‪ .‬أممما‬
‫بعد فمقصو دي في هذا المكتوب بيان هجرتنمما مممن بلممد غمموبر وسممبب‬
‫جها دنا الذي وقع بيننا وبين سلطين حوس ليعذرني في ذلك كممل مممن‬
‫وقف عليه إن كان من أهل النصاف‪.‬‬
‫اعلموا أن شيخنا عثمان بن محمد بن عثمان بن محمد أمير المؤمنين‪-‬‬
‫أطال ال حياته في طاعته‪-‬إنما نشأ على دعوة الخلق إلى دين الم فممي‬
‫كل مجلس حضر فيه‪ ،‬يبين فيه لهل كل مجلس بلغتهم ما هممو فممرض‬
‫عيممن عليهممم وغيممره‪ ،‬ويممأمرهم بمكممارم الخلق‪ ،‬مجتهممدًا فممي إزالممة‬
‫الشبهات عنهممم فممي فممن التوحيممد وغيممره‪ ،‬وفممي تخليهممم مممن الصممفات‬
‫المهلكات‪ ،‬والتحلي بالصفات المنجيات‪ ،‬وإحياء السنن وإخما د المدع‪.‬‬
‫فأجابه خلق كثير‪ ،‬ونصروه حتى اشتهر بذلك‪.‬‬
‫وكان يسير في جماعته يطوف في البلد لتبليغ الممدين فيهمما‪ ،‬حممتى تمماب‬
‫أكثر الجهال فيها من الكفر والفسق والبدع‪ ،‬وكان يداني علماء زمممانه‬
‫ل‪ ،‬حممتى‬‫الذين يخالفونه وينكرون عليه‪ ،‬ول يتعممرض للسمملطين أصم ً‬
‫كثرت جماعته واشتهروا باسممم الجماعممة فممي حمموس وكممانوا يممتركون‬
‫بل دهم وينتقلون إليه‪ ،‬وكان بعض من كان في جنوج السلطين يتوب‬
‫وينتقل إليه مع ماله ويترك سلطانه‪ ،‬فكممان ذلممك مممما يغيممظ السمملطين‬
‫حتى يقع بينهم وبين سلطينهم ما هو معروف‪ ،‬وهو ل يتعرض لهممم‪،‬‬
‫بل يتغفل عن ذلك‪ ،‬ويقول‪ :‬ل أ دخل بين أحد وبين سلطانه‪ ،‬ول أفممرق‬
‫بينهما‪ ،‬دفعًا للفتن‪ ،‬والمر مع ذلممك ل يممز دا د إل عظم مًا‪ ،‬فكممان حينئممذ‬
‫يداري السلطين بالسير إليهم وإظهممار المواصمملة بينممه وبينهممم‪ .‬ومممع‬
‫ذلك ما يرون من كثرة الجماعة وعزة السلم عنده وتألفهم يغيظهممم‪،‬‬
‫وشياطين الجن والنس تهيجهم‪ ،‬ويقولون‪ :‬إن لم يفرقوا هذه الجماعممة‬
‫فل ملك لكم‪ ،‬يفسدون لكم الرض باجتماع الناس عندهم ويممتركونكم‪،‬‬
‫حتى أرسل إلينا سلطان غوبر يريد الغدر بنا‪ ،‬علممى ممما سمممعنا وتممبين‬
‫لنا بقرائن أحواله وأقواله وأفعاله‪ .‬فوقانما الم شمره‪ ،‬وسممعت منمه مما‬
‫أعلمنا أنهم ل يريدون إل إهلكنا‪ ،‬فرجعنا إلى مكاننا‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك غزا سلطان غوبر جماعة من جماعممة الشمميخ‪ ،‬وقممد كممانت‬
‫هربت منه لما خافوه‪ .‬فاتبعوهم بالجيش حتى أخذوهم وقتلوهم وسممبوا‬
‫أول دهم ونساءهم وجعلوا يبيعنهم بيننما‪ ،‬ويخوفوننما بمثمل ذلمك‪ ،‬حمتى‬
‫أرسل إلى الشمميخ ذلممك السمملطان‪ :‬أن اخممرج مممن بلممدي أنممت وأول دك‬
‫ونساؤك وإخوتك‪ ،‬ول تخرج مع أحد غيرهم من جماعتك‪ ،‬وفارقهم‪.‬‬
‫فأرسل إليه الشيخ أني ل أفارق جماعتي‪ ،‬ولكن أخمرج معمي كمل ممن‬
‫أرا د الخروج‪ ،‬ومن أرا د المكث فليمكث‪.‬‬
‫فهاجرنا من وسط بل دهم سنة شريح‪ ،‬سنة ‪ 1218‬ه لعشر مضين مممن‬
‫ذي القعدة إلى أطراف البل د في البراري‪ ،‬فجعل المسلمون يهاجرون‬
‫ويتبعوننا‪ ،‬ويصلون إلينا‪ :‬بعضهم مممع أهلممه وممماله‪ ،‬وبعضممهم وحممده‪،‬‬
‫وقد أمر سلطان غوبر سلطين بل ده أن عيِيأخذوا من همماجر ويمنعمموهم‬
‫من الهجرة‪ ،‬فأخذوا أموال كثير من المسلمين وقتلوا بعضهم‪.‬‬
‫ثم جلع سلطينه الذين هم أقرب إلينا مممن جهممة شممرقنا يغيممرون علينمما‬
‫ويقتلون وينهبون ويأسرون‪ ،‬فاضطرب أمر الناس لممذلك‪ ،‬وجئنمما إلممى‬
‫الشيخ وقلنا له‪ :‬إن هذا المر قد عظم‪ ،‬وانتهى إلى شممهر السمملح‪ ،‬فل‬
‫بد أن نربط بالسلطان الذي يرجع أمممر النمماس إليممه‪ ،‬مممع أنممه ل يجمموز‬
‫ل‪ .‬فبايعناه لتلك الضرورة على اتبمماع ممما قممال‪،‬‬ ‫للمسلمين أن يكونا هم ً‬
‫على الكتاب والسنة وبايعناه على الجهمما د‪ .‬وقمنمما لممدفع الغممارات عنمما‪،‬‬
‫لن الدفع عن الموال والنفممس والهممل واجممب إجماعمًا‪ .‬فسممرنا إلممى‬
‫الممذين يغيممرون علينمما‪ ،‬وهممم خيممل متنكممر‪ ،‬فتلقونمما بالقتممل‪ ،‬فهزمنمماهم‬
‫وأحرقنا بيمموتهم وقتلنمما رجممالهم وسممبينا نسمماءهم وأول دهممم‪ ،‬فتفرقمموا‪،‬‬
‫وكنا نسمع أن ملكهممم سمملطان غمموبر يجمممع لنمما جموعماً ليستأصمملونا‪،‬‬
‫فحفرنا لذلك خندقًا اقتداء برسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬وكان أهممل‬
‫حصن سلطان كممن ممممن يغيممر علينمما مممن جهممة الشممرق‪ .‬فسممرنا إليممه‪،‬‬
‫وفتحنا حصنهم وقاتلناهم وقتلنما سملطانهم‪ .‬ثمم رجمع جيشمنا وانتظرنما‬
‫سمملطان غمموبر ينممف‪ ،‬فجمماء إلينمما بجيوشممه‪ ،‬فتلقينمماه بكتممو‪ ،‬فهممزم الم‬
‫ل مغلوبمًا‪ ،‬وذل بمذلك جميمع الكفمار فمي‬ ‫جنو ده‪ ،‬فهرب إلى حصنه ذلي ً‬
‫حوس‪ .‬فتيقظوا لمذلك‪ ،‬وجعمل كمل سملطان يقتمل المسملمين فمي بل ده‪،‬‬
‫فوقع الحرب بينهم‪ ،‬فاستأصل ال الكفار‪ ،‬إنجازًا لوعده في نصر دينه‬
‫وناصريه‪.‬‬
‫وكنا بعد طر د سلطان غوبر أرسلنا إلى جميع ملوك حوس أن ينصمموا‬
‫ دين الم ويعينونما فمي إقاممة المدين‪ .‬فتكمبروا وأبموا‪ ،‬فاستأصملهم الم‪.‬‬
‫"فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد ل رب العالمين"‪ .‬والسمملم‪ .‬ا ه‬
‫كلمه‪.‬‬
‫واما الثاني الذي هو سبب القتال الذي وقممع بيننما وبيمن سملطان برنموا‬
‫وأهله‪ ،‬فاعلم أنا ما قتلنمماهم لكفرهممم بالصممالة‪ ،‬وإن كممان يممؤثر عنهممم‬
‫تواترًا ما يوجب الحكممم بممالتكفير‪ ،‬مثممل ممما يفعلممونه فممي مكممان يسمممى‬
‫بيكمو‪ ،‬لعممدم علمنمما بمذلك حقيقممة‪ .‬وإنممما قاتلنمماهم لبتمدائهم لنمما بالقتممال‬
‫واعتدائهم علينا موالة للكفار وتعصبًا لهم ونصرة لهممم‪ ،‬ول جممرم أن‬
‫ذلك يوجب الحكم بارتدا دهم‪ ،‬إن كان سبق لهم السلم الصممحيح‪ .‬قممال‬
‫المغيلمي فمي مصمباح الواح فمي أصمول افلح‪ :‬ممما يمدل علمى عمدم‬
‫اليمان بنص القرآن موالة الكافرين‪ ،‬لقوله تعالى‪" :‬ترى كثيرًا منهممم‬
‫يتولون الذين كفروا لبئس ما قممدمت لهمم أنفسممهم أن سمخط الم عليهمم‬
‫وفي العذاب هم خالدون‪ .‬ولو كانوا يؤمنون بال والنبي وما أنزل إليممه‬
‫ما اتخذوهم أولياء ولكن كممثيرًا منهممم فاسممقون"‪ ،‬لن الممدليل المممذكور‬
‫بين أن من لزم اليمان عدم موالة الكفار‪ ،‬فلمممز بشممها دة رب العممزة‬
‫تكفير كل من تولى أحدًا منهم كائنًا مممن كممان فممي كممل زمممان ومكممان‪،‬‬
‫وموالتهم نصرهم‪ ،‬ولن المممولى هممو الناصممر وكممل مممن تممولى أحممدًا‬
‫منهم يكفر بما ظهر عليه من الموالة‪ .‬ول يعممذر بممما ظهممر عليممه مممن‬
‫قصد المنفعة‪ ،‬فيستتاب باسيف‪ .‬فإن مات أو قتل مات كافرًا فل يغسممل‬
‫ول يصلى عليه‪ ،‬ول يدفن في مقابر المسمملمين‪ ،‬وإن كممان مممدة حيمماته‬
‫ينطق بالشها دتين‪ ،‬ويصلي ويصوم ويحج‪ ،‬ويعمل بأعمممال الممبر‪،‬لنممه‬
‫ل عمل إل باليمان‪ ،‬وواحدة من خصال الكفر تحبط ألفاً مممن خصممال‬
‫اليما‪ ...‬ثم قال‪:‬‬
‫وكيف ل يكفر بموالة الكفار‪ ،‬وقد نص العلماء علممى التكفيممر بواحممدة‬
‫من خصال ل تحصى‪ ،‬كالسمتخفاف باسمم ممن أسمماء الم تعمالى‪ ،‬أو‬
‫بشمميء مممن وعممده أو وعيممده‪ ،‬أو برسممول ال م فممي شمميء مممن شممأنه‪،‬‬
‫كتصغير عضو من أعضائه أو تكذيبه في شيء مما جاء به‪،‬أو قمموله‪:‬‬
‫لو أمرنا ال أو النبي بكذا لم أفعل‪ ،‬أو لو صارت القبلة في هذه الجهممة‬
‫ما صليت إليها‪ ،‬أو لو شهد ملك أو نمبي بكمذا ممما صمدقته‪ ،‬أو لممو كمان‬
‫فلن نبيًا لم أؤمن به‪ ،‬أو قصعه من ثريممد خيممر مممن العلممم‪ ،‬أو ضممحك‬
‫على وجه الرضا بكلم كفر‪ ،‬أو قال لمريد السلم‪ :‬اصبر حتى يفرغ‬
‫المجلس‪ ،‬أو أشار على كممافر بممأل يسمملم‪ ،‬أو مسمملم بممأن يكفممر‪ ،‬كفتممواه‬
‫لمممرأة لتكفممر لتممبين مممن زوجهمما‪ ،‬أو اسممتهزأ بشمميء مممن الشممريعة‬
‫كجماعممة جلممس منهممم واحممد بمكممان مرتفممع‪ ،‬وجلسمموا حمموله يسممألونه‬
‫ل‪ ،‬وكمممن قممال عنممد‬ ‫مسائل ويضحكون‪ ،‬ثم يضممربون لممه بالوسممائد مث ً‬
‫شممرب الخمممر أو الزنممى‪ :‬بممال‪ ،‬أو صمملى لغيممر القبلممة متعمممدًا‪-‬فممإن‬
‫صا دفها‪ ،‬إلى غير ذلك من الفروع‪ .‬ا ه كلمه في مصباح الرواح في‬
‫أصول الفلح‪.‬‬
‫وأما الثالث الذي هو إعلمك أننا ل نكفر أحممدًا بممذنب مممن أهممل القبلممة‬
‫فهو كقولك‪ :‬لجماع أهل السممنة علممى عممدم التكفيممر بالمعاصممي‪ ،‬وفممي‬
‫ترجمة صحيح البخاري باب المعاصي من أمور الجاهليممة‪ ،‬ول يكفممر‬
‫صاحبها‪ .‬وفي درر القلئد‪:‬‬
‫ومممن عصممى بكممبير أو أصممر‬
‫صغيرة فاسق بالثم مجدول‬
‫على‬
‫وفي الرسالة‪ :‬وأنه ل يكفر أحد بذنب من أهل القبلة‪.‬‬
‫وأما الرابع الذي هو أننا نكفر كل مممن يخلممط أعمممال السمملم بأعمممال‬
‫الكفر وأقواله‪ ،‬وهو كذلك‪ ،‬لجماع أهممل السممنة علممى تكفيممر مممن كممان‬
‫كذلك‪ .‬وفي القصيدة الجزائرية‪:‬‬
‫ومثلهمممم كمممل ذي شمممرك‪ ،‬وإن‬
‫للدين أنفسهم كفر ول تغسل‬
‫نسبوا‬
‫وفي بدء المالي‪:‬‬
‫لفظ الكفر من غير اعتقا د‬ ‫يطوع ر د دين باغتفال‬
‫وفي المختصر‪ :‬والجاحد كافر‪ .‬وفي الكمموكب السمماطع‪ :‬جاحممد مجمممع‬
‫عليه علمًا ضرورة في الدين ليس مسلمًا‪ .‬وفي إذاء الدجنة‪:‬‬
‫وجاحد المعلوم بالضرورة‬ ‫باء بكفر وانتحى غروره‬
‫وأممما اخممامس‪ :‬وهممو إعلمممك حكممم إقامتممك فممي بلممد برنمموا‪ ،‬فمماعلم أن‬
‫إقامتك فيها محرمة‪ ،‬لنا قد بينا لك أنهم مرتدون بموالة كفممار بل دنمما‬
‫الحوسممية ومظمماهرتهم علينمما‪ ،‬فصممارت بلممدهم بلممد حممرب‪ ،‬فمموجبت‬
‫هجرتك منها لى غيرها من بل د السلم‪ ،‬لقوله عليه الصلة والسلم‪:‬‬
‫"إني بريء من مسلم سمماكن بيممن المشممركين"‪ ،‬ولقمموله عليممه الصمملة‬
‫والسمملم‪" :‬المممؤمن والكممافر ل تممتراءى نارهممما"‪ .‬أور دهممما سمميدنا‬
‫المختار الكنتي في النصمميحة الكافيممة‪ ،‬وقمموله عليممه الصمملة والسمملم‪:‬‬
‫"مممن جممامع المشممرك أو سممكن معممه فممإنه مثلممه"‪ ،‬رواه أبممو داو د عممن‬
‫سمرة‪.‬‬
‫وأما قولك في وثيقتك‪ :‬فمر جميع الفلتيين أن يكفمموا عممن قتممال برنمموا‬
‫وعن الغزو عليها‪ ،‬فل يمكن بل ل يجوز‪ ،‬بعد أن علمنا أنهم كممافرون‬
‫بمظاهرتهم أهل حوس علينا‪ .‬وفاعل ذلك كافر‪ ،‬كما بينه المغيلممي فممي‬
‫مصباح الرواح في أصول الفلح‪ ،‬كما مر بيانه‪.‬‬
‫والصلح ل يكون بيننا إل بأحد أمرين‪ :‬إما أن يرجعوا إلممى السمملم‬
‫الصحيح‪ ،‬أو يطلبوا منا وضع القتال و دخولهم في السلم‪ ،‬ول نظن أننا‬
‫نكفرك ونكفر جماعتك الذين كانوا معك من المسلمين بمظمماهرة أهممل‬
‫برنوا علينا‪ ،‬والعيمماذ بممال مممن ذلممك‪ ،‬لننمما ل نكفممر المبتممدع المتممأول‪،‬‬
‫وكيف نكفر العالم السني وهممو علممى التأويممل فممي كلمممه‪ ،‬إذ قممد رأينمما‬
‫تأويلك في جميع وثائقك‪ .‬وفي الدرر والقلئد‪:‬‬
‫من خالف الحق منا فهو مبتدع‬ ‫ول نكفره ما دام تأويل‬
‫ومرا دنا أنك على تأويل‪ ،‬أنك لم تعلم أنهممم كفممروا بمظمماهرتهم الكفممار‬
‫علينمما قبممل مجيئممك إليهممم‪ ،‬لكنممك تعتقممد أنهممم مسمملمون‪ ،‬والفلتيممون‬
‫المجمماورون لهممم مسمملمون فمموقعت الفتنممة بينهممم‪ ،‬ولممم تعتقممد أن قتممال‬
‫الفلتيين جها د‪ ،‬ول أن بل دهم دار حرب‪.‬‬
‫ثم إن الفلتيين كانوا يبتئدون لجمع الجيوش إليك‪ ،‬ثم تقوم للدفاع عممن‬
‫النفس والهل‪ ،‬لما عرفت أنه واجب شممرعًا‪ ،‬هممذا مممرا د كلمنمما أنممك‬
‫على تأويل‪ ،‬إذ لو عرفممت أنهممم كفممروا بمظمماهرتهم الكفممار علينمما قبممل‬
‫مجيئك إليهم‪ ،‬وكنت وليًا لهم دوننا لشترك اللزام‪ ،‬والعيمماذ بممال مممن‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ول يقال‪ :‬إنهم على تأويل لشتراك العلة‪ ،‬إذ حالك مغمماير لحممالهم لن‬
‫إسلمهم غير محقممق ول مثبممت عنممدنا‪ ،‬لممما يممؤثر عنهممم تممواترًا ممممن‬
‫خالطوهم وعرفوا أحوالهم‪ ،‬بأن لهم مواطن يركبون إليهمما‪ ،‬ويممذبحون‬
‫ويتصممدقون ويرشممون الممدماء علممى ابممواب قريتهممم‪ ،‬وأن لهممم بيوت مًا‬
‫معظمة فيهمما أصممنامهم‪ ،‬ويفعلممون للبحممر كممما تفعممل القبممط للنيممل أيممام‬
‫الجاهلية‪ .‬وكل هذا كفر في ظاهر حكم الشرع‪ ،‬وإن كانوا ل يعتقممدون‬
‫التأثير فيها‪ ،‬فهو إشراك تقليد‪ .‬فل يعذرون بما ظهر عليهم من مقاصد‬
‫ل بمائة ألممف درهممم‪ .‬فقممد بممان الفممرق بيممن‬ ‫أخرى‪ ،‬كمن سجد لصنم مث ً‬
‫أمرك وأمرهم لنك مسلم محقق إسلمه‪ ،‬بل عممالم سممني‪ ،‬وممما سمممعنا‬
‫من عوام والخواص ممممن عرفممك‪ ،‬إل مممن يحممدث أنممك عممالم صممالح‪.‬‬
‫والسلم‪.‬‬
‫ذكر قدوم امير المؤمنين محمد كما‬
‫ولما توفي أخوه محمد الباقر‪ ،‬وولي بعده‪ ،‬كتب إلممى الشمميخ أنممه ثممابت‬
‫على ما عليمه أخمموه قبممل‪ .‬ثمم سممار لبلممدة أكمموز ورجممع لزيممارة الشميخ‬
‫والنسلك في سلكه وتحمل ما تحمل أخوه قبل‪ .‬فقدم إلينما بسممكت‪ .‬ثمم‬
‫سرت معه إلى محل الشيخ‪ .‬ولما بلغ ومعه وزراؤه وأعوانه‪ ،‬أقمر أنمه‬
‫ما جمماء إل ليتحمممل ممما تحمممل أخمموه‪ ،‬ويسممتفيد ممن الشمميخ‪ ،‬ويواصممل‬
‫الجماعة ويعاونهم على البر والتقوى‪ ،‬ويتبرك بالشمميخ ونؤكممد المحبممة‬
‫والمانة له ولجميع عيالهم القاطنين ببل د السو دان‪ ،‬فأجابهم الشيخ لما‬
‫ دعوه‪ ،‬وقرر لهم بما عنده‪.‬‬
‫فمن جملة ما قرر لهم أن دعاه أمير المؤمنين محمد كما ناصممر الممدين‬
‫إلى معاونته ومساعدته إلى اتباع سنة رسول ال صلى ال عليه وسمملم‬
‫وإحيائه والتزام الورع والتقوى في خاصة النفس‪ ،‬مممع عممدم النكممار‪،‬‬
‫إنكار الحرام على كل ما فيه خلف‪ ،‬ول سيما إن قلد فمماعله فممي ذلممك‬
‫بعض العلماء‪ ،‬وترتب على فعله مصلحة شرعية‪ ،‬وأمره بالبراءة من‬
‫كل عا دة ر دية وبدعة شيطانية‪ ،‬لن كل منهما مما ل يشممهد لممه كتمماب‬
‫ول سنة‪ ،‬ول قول عالم من علممماء السممنة‪ ،‬أو حيممث ل يعتقممد بممه قممول‬
‫مخالف من العلماء ففي هذين النكار الكلممي واجممب‪ ،‬والسممكوت عليمه‬
‫حرام‪.‬‬
‫ثم دعاه الشيخ إلى محاربة من حارب الشيخ‪ ،‬ومسلمة من سالمه‪ ،‬لنه‬
‫ل يحممارب إل مممن حممارب الم ورسمموله‪ ،‬ول يسمملم إل مممن سممالم الم‬
‫تعالى‪.‬‬
‫ثم قال له‪ :‬إن أجبتني إلى متابعة الحممق والشممرع‪ ،‬فأنمما وجممماعتي مممن‬
‫أوليائك وأنصارك‪ .‬فاحكم بالعممدل والشممرع‪ ،‬ول تخممف فممي الم لومممة‬
‫لئم‪ ،‬ول تتوقف‪ .‬فكل من خالفممك فممإني ل أزال أ دعممو ال م أن يكفينممي‬
‫وإياك عن كل من خممالف الحممق وأرا د نصممر الباطممل واتبمماع الهمموى‪-‬‬
‫ومتى دعوت جمماعتي إلممى جهمما د فرقممة خمالفتكم فمي الممدين‪ ،‬ومنعمت‬
‫حكمًا من أحكام ال‪ ،‬أو حقًا من حقوقه‪ ،‬فممإنهم يجيبونممك وينصممرونك‪،‬‬
‫وتكفي أمر الفتنة إن شاء ال‪.‬‬
‫ثممم التفممت إلممى المموزراء والعمموان‪ ،‬وأمرهممم بالسمممع والطاعممة لممه‬
‫ومعاونته على ما تحمل ومساعدته‪ ،‬وأمرهم أن يحمدوا ال ويشممكروه‬
‫على ما خصهم بدعوته‪ ،‬فإنه لم يزل يدعو ال م تعممالى أن يؤيممده بأحممد‬
‫ملوك هذه البل د ووزرائه وأعوانه‪ ،‬فينصرونه‪ ،‬وعلى ما خصممهم بممه‬
‫ دون غيرهم من أهل القمماليم‪ ،‬مممع أنهممم لممم يفوقمموهم‪ ،‬وهممم قممد هلكمموا‬
‫وتشتتوا حين قاموا على المسمملمين‪ .‬وعليهممم أن يسمماعدوه علممى اتبمماع‬
‫الحممق والسممنة ونصممرتهما علممى الباطممل والبدعممة‪ ،‬فقممد سممعدوا بهممذا‬
‫الزمان‪ ،‬وأنهم حينئذ خير من آبائهم وأجدا دهم‪ ،‬حيث لممم يوافقمموا مثممل‬
‫هذا الزمان‪ ،‬وعملوا مثل ما عملوا‪ .‬ثم أجابهم إلممى ممما دعمموا إليممه مممن‬
‫تأكيد المحبة والمانة كقومهم‪ ،‬فرفع أسماء وزرائه عن قومهم‪ ،‬وخلي‬
‫شأنهم لهمم‪ ،‬وأمنهمم فمي تجماراتهم ممع أنهمم آمنمون‪ ،‬وطلمب منهمم أن‬
‫يؤمنوا سبلنا‪ ،‬ويخلوا بل دنا لمن والها‪ .‬فأجابوا وأذعنوا‪.‬‬
‫ثم دعونا نحن وإياهم على هذا العهد والميثمماق‪ .‬ثممم لممما رحلمموا عشممية‬
‫قررت لهم كلم الشيخ‪ ،‬حتى فهمه كل من لم يفهمه قبل أو لم يحضر‪.‬‬
‫ثم لما رحلوا من عندنا شيعناهم إلى حيممث و دعنمماهم وألقيممت إلممى مممن‬
‫حضر من علمائهم سؤالت‪ ،‬وقلت لهم‪ :‬قد قال لنا الشمميخ‪ :‬إن النكممار‬
‫فيما أجمع على وجوبه أو تحريمه‪.‬‬
‫وأما المختلف فيممه فل إنكممار فيممه إنكممار الحممرام‪ ،‬ونحممن نممرى أممموراً‬
‫ترتكب من جهتكم‪ ،‬وهي عندنا مما أجمع علممى وجوبهمما أو تحريمهمما‪،‬‬
‫فما عذركم في عدم القيام لها والنكار عليهمما؟ حممتى يشممتهر عنممد كممل‬
‫وجوبها أو تحريمها‪ ،‬فلو كان لكل مستند صحيح فعلمونا‪:‬‬
‫السؤال الول‪ :‬إيتاء الزكاة‪ ،‬فهو عندنا واجب إجماعمًا‪ ،‬مثممل الصمملة‪،‬‬
‫وقممد استفاضممت الخبممار أن أكممثر أصممحاب الممموال عنممدكم يقممرون‬
‫بالسلم ويصلون‪ ،‬ول يؤتون الزكاة‪ ،‬ولم يبلغنا أن علماء آهير اتفقوا‬
‫على النكار عليهم وضللوهم في ذلك‪ ،‬وإنما يبلغنا من الحا د‪ .‬وكيممف‬
‫يصح إسلم من فرق بين الصلة والزكاة؟ وكيف ل يجب القيام علممى‬
‫مانع الزكاة للمام إن وجد‪ ،‬وللجماعة إن فقد‪ ،‬وقد روي على ذلك‪.‬‬
‫السؤال الثمماني‪ :‬التمموريث علممى مقتضممى الكتمماب والسممنة‪ ،‬فهممو عنممدنا‬
‫واجب إجماعًا‪ ،‬وعدمه بدعممة شممنيعة مخالفممة للكتمماب والسممنة وأقمموال‬
‫علماء المة‪.‬‬
‫السؤال الثلث‪ :‬القصاص على مقتضى الكتاب والسنة واجب إجماعممًا‪،‬‬
‫وعدمه شرع لم يأذن به ال‪ ،‬وبقية من بقايا الجاهلية‪.‬‬
‫السؤال الربع‪ :‬عزل المممام لغيممر كفممر‪ ،‬وهممو حممرام عنممد جميممع أهممل‬
‫السنة‪ ،‬ومن يعتد به من علماء المة‪.‬‬
‫فإذا ثبت هذا عندكم‪ ،‬كما ثبت عندنا‪ ،‬فكيف يسوغ لكم معاشرة من لممم‬
‫يظهر التوبة والقلع عنها‪ ،‬والركممون إليهممم وإظهممار الرضمما عنهممم‪،‬‬
‫وتعلمون أن هجران الفاسق واجب‪ ،‬وصحبته حرام‪ .‬قال تعممالى‪" :‬ول‬
‫تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار"‪ ..‬الية‪ .‬وقال تعالى‪" :‬و دوا لممو‬
‫تدهن فيدهنون"‪.‬‬
‫قال القرطبي‪ :‬والفرق بين المداورة والمداهنة‪ :‬أن المداورة بذل الممدنيا‬
‫لصلح الدين أو الدنيا أو كلهما معًا‪ ،‬وهي مباحة‪ ،‬وربما اسممتحبت‪،‬‬
‫وأما المداهنة‪ ،‬فهي تممرك الممدين لصمملح الممدينا‪ .‬وفسممرها ابممن بطممال‬
‫بأنها معاشرة الفاسق‪ ،‬وإظهار الرضا بما هو فيه من غير إنكار عليه‪.‬‬
‫وفسر المداورة بأنها الرفق بالجاهل في التعليم‪ ،‬وبالفاسق بالنهي عممن‬
‫المنكممر فعلممه‪ ،‬وتممرك الغلظ عليممه‪ ،‬حيممث ل يظهممر ممما هممو فيممه‪،‬‬
‫والنكار عليه بلطف القول والفعل سيما إذا عممدت الحاجممة إلممى تممأليفه‬
‫أو كان ل ينجع فيه إل مثل ذلك أو نحمموه‪ .‬أليممس مممن الواجبممات علممى‬
‫أمير المؤمنين ناصر الدين وجماعته أن يحملوهم على العمل بالكتاب‬
‫والسنة وأقوال علماء الملة‪ ،‬ويخرجوهم من كل عمما دة خممالفت ذلممك أو‬
‫صا دفته إن قممدر همو وجممماعته المممؤثرون لتبمماع الحممق‪ ،‬أو ينحممازوا‬
‫عنهم ويهجروهم‪ ،‬ليرتدعوا بذلك‪ ،‬أو يهاجروا إلى جهة يتمكنون فيهمما‬
‫من إقامة الدين ونصرة الحق‪ ،‬وينعزلوا عنهم وعن أمرهم‪ ،‬إذ الهجرة‬
‫من بلد الكفر والمعصممية والبدعممة إلممى دار اليمممان والطاعممة والسممنة‬
‫متعين بل واجب إن دقمر عليمه ووجمد المهماجر‪ .‬نمص علمى همذا ابمن‬
‫جزي في القوانين‪ ،‬وصاحب المدخل وغيرهما‪.‬‬
‫ومقصو دنا بهدا الكلم النصمح والتنمبيه‪ ،‬ولكمن أنتمم أعمرف بمأحوالكم‬
‫فيما تأتون وتممدرون‪ ،‬وممما تبممدون وممما تكتمممون‪ ،‬وإعممذارنا إيمماكم فممي‬
‫أحمموالكم وجميممع أممموركم أولممى وأحممرى‪ ،‬إذ أنتممم أعممرف بهمما منمما‪،‬‬
‫وصاحب البيت بما فيه أ درى‪ ،‬وأنتم ل تغفلوا عنا في النصح والتنبيه‪.‬‬
‫فممالمؤمنون بعضممهم أوليمماء بعممض يممأمرون بممالمعروف وينهمون عممن‬
‫المنكر‪ .‬وفي الحديث الوار د عنه صلى ال عليه وسلم‪" :‬لن تهلممك أمممة‬
‫مع التناصح"‪ .‬فبقاء الدين وقيام ما درس من معالمه‪ ،‬إنممما هممو المممر‬
‫بالمعروف والنهي عممن المنكممر‪ ،‬والمناصممحة والتواصممي علممى الحممق‬
‫والصممبر عليممه والمرحمممة والمعونممة علممى الممبر والتقمموى‪ .‬جعلنمما الم‬
‫وإيمماكم ممممن حبممب إليممه اليمممان وزينممه فممي قلبممه‪ ،‬وكممره إليممه الكفممر‬
‫والفسوق والعصيا‪ ،‬وجعلنا من الشاكرين‪ ،‬والئمة الهمما دين المهتممدين‪.‬‬
‫ونتضرع إلى ال وندعوه بكممرم وجهممه وجللممة قممدره وإحاطممة علمممه‬
‫وقدرته وبكلماته التامممات وكتبممه المنزلممة وبممالقرآن العزيممز وبالرسممل‬
‫والنبياء وبمحمد عبده ورسمموله‪ ،‬أن يتممولى أمورنمما ويحسممن عواقبنمما‬
‫ويرشدنا إلى ما فيه سعا دتنا دينًا وأخرى بحمموله وقمموته‪ .‬الم أكممبر‪ ،‬ل‬
‫ملجأ ول منجممى منممه إل إليممه‪" .‬ربنمما عليممك توكلنمما وإليممك أننمما وإليممك‬
‫المصير"‪ .‬والسلم‪.‬‬
‫ذكسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسر ورود وثسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسائق السسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسلطان‬
‫مولنا سليمان سلطان المغربة‬
‫وقممد قممدمنا أن أميممر آهيممر محمممد البمماقر لممما قممدم علممى الشمميخ زائممراً‬
‫ومنسلكًا في سلكه أقام شهرًا متصفحًا أحوال الشيخ ويأخذ منه‪ .‬ثم إنممه‬
‫لما رجع لبل ده كتب إلى مجمماوريه بممأحوال الشمميخ مممما رأى وعمممل‪،‬‬
‫فسار البريد بالوثائق فور د بعد وفاته البريد لسلطان المغارب بوثيقتين‬
‫كريمتين مختومتين‪ ،‬وكان البريد من أهممل تمموني‪ ،‬وهممو رجممل صممالح‬
‫عالم صوفي ونص الوثيقتين‪:‬‬
‫بنسم ال ارحمن الرحيم‪ ،‬بسم الم وبممال‪ ،‬وممما تمموفيقي إل بممال‪ ،‬وهممو‬
‫حسبنا ونعم الوكيل‪ ،‬ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم‪" .‬فممانقلبوا‬
‫بنعمة من ال وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان ال"‪ .‬الحمد ل‬
‫الممذي هممدانا لليمممان والسمملم‪ ،‬وأزكممى الصمملة والسمملم علممى سمميد‬
‫الكونين والثقلين والفريقين من عرب ومن عجم‪ ،‬وعلممى آلممه وصممحبه‬
‫وكل من انتصر به‪.‬‬
‫أن تلقه السد في آجامها تجم ومن تكن برسول ال نصرته‬
‫وبعد السلم التام المحفوف بمزيد الكرام‪ ،‬على أخينا فمي الم سمللة‬
‫السلطين‪ ،‬والخلفاء السمماطين سمملطان أهيممر‪ ،‬السمملطان السمميد محمممد‬
‫الباقري بن السلطان محمد العدال‪.‬‬
‫فلتعلم أنه أتى حضرتنا العلية باليمد صممحبة همديتك الدالممة علمى حسمن‬
‫طويتك‪ ،‬كتاب منك كريم‪ ،‬فتلقيناه بالتبجيل والتكريم‪ ،‬وفتحناه فإذا هممو‬
‫مخبرنا عن حسممن حممالكم وممما فتممح الم بممه عليكممم مممن بلمموغ آمممالكم‪،‬‬
‫ومخبر عن حممال الفقيممه النممبيه الصممالح السمميد عثمممان بممن محمممد ابممن‬
‫فو دي‪ ،‬صالح الذي أقام ببل دكم منار السلم‪ ،‬وأحيا سممنة النممبي عليممه‬
‫الصملة والسملم‪ ،‬وأخممد البدعمة والضمللة‪ ،‬وهمدم أركممان الجهالمة‪،‬‬
‫وشممن الغممارات علممى بل د الكفممرة‪ ،‬حممتى كسممر شمموكتهم وأضممعف‬
‫مملكتهم‪ ،‬وقهر أهل الطغيان والفسمما د‪ ،‬وعل بممه اليمممان وسمما د‪ .‬وزا د‬
‫في شرح حاله عندنا حامل كتممابكم إلينمما الشمميخ عثمممان بممن محمممد بممن‬
‫منصور‪ ،‬بلسان طلممق غيممر ذي عممي وقصممور‪ ،‬وأطممال لسممانه بالثنمماء‬
‫عليكم وعلى وزيركم‪ ،‬حمتى خلنما أن العمدل عليكمم مقصمور‪ ،‬فحممدنا‬
‫إليكم ال الممذي يتوكممل عليمه المتوكلمون‪ ،‬وبمه نسممتعين‪ ،‬وهممو سمبحانه‬
‫القوي المعين‪ ،‬ونسأله تعالى أن يسبل عليكم مننه ومنحممه ويممديم علممى‬
‫أعا ديكم نقمه ومحنه‪ ،‬وحسن طويته‪ ،‬وتصديق فعله‪ ،‬وقد ذلممل قطمموفه‬
‫ل‪.‬‬
‫لناظره تذلي ً‬
‫جعل اللسان على الفؤا د دليل إن الكلم لفي الفؤا د وإنما‬
‫ل إليممه ثنمماؤكم الجميممل الممدال علممى حسممن‬ ‫ومممما زا د غبطممة فيممه ومي ً‬
‫سيرتكم وخلوص سريرتكم‪ ،‬وأن القصد وجه ال م والعمممل بقمموله جممل‬
‫وعل‪" :‬وتعاونوا على الممبر والتقمموى" الممذي هممو معتمممد المممؤمن فممي‬
‫التمسك بحبل ال القوى‪ ،‬وها نحن‪-‬إن شاء ال‪-‬ل ننساكم مممن الممدعاء‬
‫في الخلموات والجلموات‪ ،‬وفمي مظمان الجابمة وأ دبمار الصملوات‪ .‬فل‬
‫تنسونا أنتم من مثل ذلك أيضًا فممي أوقممات السممتجابة وحالممة الرجمموع‬
‫إلى ال والنابة‪ ،‬وأن يعيننا على ما كلفنمما بممه مممن أمممور الرعيممة‪ .‬وإن‬
‫المير أحوج إلى صالح ال دعية‪ ،‬سيما في هذا الزمان الممذي انتشممرت‬
‫فيه المفاسد‪ ،‬وطار به صيت كممل فاسممد‪ ،‬ولممم يوجممد مممن ببممذل للميممر‬
‫ل واحدًا تفر د‪.‬‬‫النصح المجر د ولو رج ً‬
‫فاشد د عليه وأين ذاك الواحد وإذا صفا لك من زمانك واحد‬
‫وقد صفا لك في هذا القائم‪-‬فيما ذكرت لنا‪-‬وكتبت به إلينا‪ ،‬فاشد د بيدك‬
‫عليه‪ ،‬وأ دم إحسانك إليه‪ .‬ختم ال لنا ولممك بالخاتمممة الحسممنى‪ ،‬وجعلنمما‬
‫جميعًا من أهل المقر السنى‪ ،‬بجاه النبي وعترته‪ ،‬وكل من هو ناصر‬
‫لملته‪ ،‬ويصلك الطابع الذي بعثت عليه على الوصف الذي أشرت فممي‬
‫كتابممك إليممه‪ ،‬صممحبة رسممولك الشمميخ عثمممان‪ ،‬الممذي وصممفتموه بغيممة‬
‫الوصف والمان‪ ،‬ولم نجد بدًا من إسعافك لما طلبت توفية بحق مالممك‬
‫في جانبنا من المحبة التي عليها طبعت‪ ،‬فنسأل ال أن يلهمنا ما يبيض‬
‫محيانا ومحياك‪ ،‬وأن يغفر لنا من فضله ما جنيناه‪ ،‬ويجعل خير أيامنمما‬
‫وأسعدها يوم نلقاه‪ ،‬إنه على ما يشاء قدير‪ ،‬وبالجابة جممدير‪ .‬وبتأريممخ‬
‫أواسط جمما دي الخمرة عمام خمسمة وعشمرين وممائتين وألمف‪ ،‬وهنما‬
‫انتهى نص الوثيقة الولى‪.‬‬
‫ونص الثانية‪:‬‬
‫بسممم الم الرحمممن الرحيممم‪ ،‬وصمملواته علممى سمميدنا محمممد المصممطفى‬
‫الكريم‪ ،‬وعلى آله وصحبه الذين اتهجوا نهجه القويم‪ ،‬إلى السيد الممذي‬
‫فشا في أقطممار السممو دان عممدله‪ ،‬واشممتهر فممي الفمماق المغربيممة ديممانته‬
‫وفضله‪ ،‬العلمة‪ ،‬النبيه العديم فممي زمممانه الشممبيه‪ ،‬ذو النممورين‪ :‬العلممم‬
‫والعمل الذين هما منتهى المل‪ ،‬السيد عثمان بن محمد بن عثمممان بممن‬
‫صالح الفلني‪ ،‬نفع ال بعلومه القاصي والداني‪ .‬وسلم منمما عليمه‪ ،‬ممما‬
‫الشتد شوقنا إليه‪ ،‬ورحمة من ال تغشاه‪ ،‬حتى ل يخشى إل ال م "وال م‬
‫أحق أن تخشاه"‪.‬‬
‫وبعد فقد بلغنا من الثناء عليك والتعريف بأحوالك وأفعالك وأقوالك ما‬
‫أوجب محبتنا عليك وتسلمنا إليممك‪ ،‬وذلممك علممى لسممان سمملطان محبتنمما‬
‫للسلطان ناحيتكم وأمير الطوائف السلمية بساحتكم المقمر فمي كتممابه‬
‫بفضلك‪ ،‬وأنك ناصح ل‪ ،‬وعليه مدار محبتنا للسلطان محمممد البمماقري‬
‫بن محمد العدال‪ ،‬فإنه أخبرنمما بممما قمممت بممه مممن المممر الممواجب‪ :‬مممن‬
‫المر المعروف والنهي عن المنكر الذي له نصممب الرسممول والميممر‬
‫والوزير والحاجب‪ ،‬حتى دخل النمماس فممي ديممن الم أفواجماً وترا دفممت‬
‫عليك وفو د السلم أمواجًا وصرت يلطف شمائلك إنسممان العيممن مممن‬
‫عين النسان‪.‬‬
‫والناس أكيممس مممن أن يمممدحوا‬
‫ما لم يروا عنده آثار إحسان‬
‫رجل‬
‫وهذا من أعظم منح ال وأتم النعم‪ ،‬كما يشهد الحديث‪" :‬لن يهدي الم‬
‫ل واحدًا خير لك من حمممر النعممم"‪ .‬فممال تعممالى يجممازيكم عممن‬ ‫بك رج ً‬
‫السلم خيرًا‪ ،‬ويقيكم ضيرًا ويممديم دولتكممم محفوفممة محفوظممة وبعيممن‬
‫العنايممة ملحوظممة وفممي حصممن ال م الحريممز آمنممة‪ .‬قممال ال م سممبحانه‪:‬‬
‫"ولينصرن ال من ينصره إن ال لقوي عزيمز‪ .‬المذين إن مكنماهم فمي‬
‫الرض أقاموا الصلة وآتمموا الزكمماة وأمممروا بممالمعروف ونهمموا عممن‬
‫المنكر ول عاقبة المور"‪ .‬والسمملم‪ .‬معمما د علممى جنممابكم الممذي صممار‬
‫للسلم بخلوص نصيحتكم كالبيت المعمممور‪ ،‬وفممي الثمماني عشممر مممن‬
‫جما دي الخرة عام خمسة وعشرين ومائتين وألف‪.‬‬
‫ويقال‪ :‬إننا ننسب هؤلء الشرفاء من جهمة جمدتنا فاطممة‪ ،‬الممتي يقمال‪:‬‬
‫أنها من ذرية الفقيه الصالح عبد السمد بن الشيخ الممولي الحمماج‪-‬وقممبره‬
‫ظاهر يزار في مقبرة معروف يقال لها‪ :‬عجمواء‪ ،‬فممي مغممرب حصممن‬
‫أغذا د وقريب من الحصن من الولياء والصممالحين أحمممد بممن ترفيممت‬
‫المعروف بممالفيللي‪ ،‬وهممو مممن ذريممة مممولي إ دبيممس الممذي هممو أخممو‬
‫مولي إسماعيل وال تعالى أعلم‪ .‬والسلم‪.‬‬
‫تذنيب‬
‫واعلم أن موجب جها دنا هذا أمران‪:‬‬
‫الول الدفع عن الهل والنفس والممدين‪ ،‬إذ قممد بينمما سممبب هممذا المممر‬
‫وباعثه فيما مر في غير ما موضع‪ ،‬وهذه المقاتلة حيثممما وقعممت بيننمما‬
‫وبين الناس‪ .‬إنما أصلها الدفع‪ ،‬لننا ما قمنا إل لدفع أمير غمموبر حيممن‬
‫بغي علينا واعتدى وصل‪ .‬فلما قاتلنمماه غلبنمماه‪" ،‬ولم العممزة ولرسمموله‬
‫وللمؤمنين"‪ .‬أرصد لنا إخوانه الذين أذنوا له في محاربتنمما‪ ،‬وعاهممدوا‬
‫له المساعدة والمعاونة علينا‪ ،‬فصالوا علينا‪ ،‬فقمنا أيضمًا دافعيممن عنمما‪،‬‬
‫حتى أنجز ال وعده ونصرعبده وهزم الحزاب وحده‪ ،‬إنه هو القوي‬
‫العزيز‪ ،‬فأنزل الكفار دار البوار وألبسممهم لبمماس الهمموان وعممزز أهممل‬
‫الممدين ونصممرهم فممي سممائر البلممدان‪ ،‬فاستأصممل ال م شممجرتهم وأزال‬
‫شوكتهم‪" ،‬فقطع دابر القوم الممذين ظلممموا والحمممد لم رب العممالمين"‪،‬‬
‫وجعل المسلمين خلئف في الرض ومكنهممم فممي الطممول والعممرض‪،‬‬
‫ولم عاقبممة المممور‪ .‬ثممم إنمه لممما قاتلنمما همؤلء فقتلنمما منهممم مممن قتلنمما‪،‬‬
‫وأخرجنا من أخرجنا‪ .‬أرصد لنا مجاوروهم من أهممل البل د لينجممدوهم‬
‫علينمما‪ ،‬كأهممل برنمموا وأهممل أهيممر وجميممع مممن والممى هممذه البل د ممممن‬
‫يحاربنا‪ .‬وكل من حاربنا حاربناه‪ ،‬إنممما لجممل ممما ذكرنمماه مممن قيممامهم‬
‫لنصر مجاوريهم علينا وموالتهم دوننا‪ ،‬ونحن لم نبتدئ أحدًا في هممذا‬
‫القتال إلى الن‪ .‬وإن كان يسوغ ويتمكممن إنممما نممدافع مممن صممال علينمما‬
‫ابتداء منه أو نصرة لوليائه المجاورين لنا‪ ،‬وهذا الذي ذكرنمماه عنممدنا‬
‫وعند كل من يعرف حقيقة هذا المر مما علم ضرورة‪.‬‬
‫المر الثاني‪ :‬مجاولة نصر الحق على الباطممل‪ ،‬والسممعي فممي مصممالح‬
‫السملمين‪ ،‬إذ جها د الكفار لكل من قدر واجب‪ ،‬بعد كمال الشروط‪.‬‬
‫وأما جها د الكفار الصليين مع المكان فواضح‪.‬‬
‫وأما جها د الكفار المرتدين فكذلك‪.‬‬
‫وقد قدمنا أن ملوك بل دنا هذه وجنو دهم وعلماء السوء من هذا القبيل‪،‬‬
‫لنهم وإن كانوا يدعون لنفسهم بالسمملم ويفوهممون بكلمممتي الشممها دة‬
‫ويأتون بصورة الصلة والصيام‪ ،‬فهم مقترنون بمما ل يصمدر إل ممن‬
‫كافر‪ ،‬كجهل ما يقدح في العقيدة والذبممح للشممجار والحجممار وإنكممار‬
‫الحق المبين‪ ،‬وبعضهم يصرح على نفيممه بممالكفر ول يممدعي السمملم‪،‬‬
‫وبعضهم يأخذ من العبا د وينكر الحكام وغير ذلك‪.‬‬
‫والحاصل‪ :‬أن أحوال ملوك بل دنا هذه كأحوال "سن علي" من ملمموك‬
‫سنغي حسبنا ذكر عنه محمد بن الحاج أسكيا‪ ،‬كما مر‪ ،‬فأجممابه الشمميخ‬
‫المغيلي بأن ما ذكر عنه علم على كفره بل شك‪ ،‬وكذلك كل من عمممل‬
‫بمثل عمله‪ ،‬وأنهم أظلم الظالمين الفاسقين الذين يقطعممون ممما أمممر الم‬
‫به أن يوصل ويفسدون في الرض‪.‬‬
‫فالجها د فيهممم وفممي أنصممارهم وأخممذ السمملطنة مممن أيممديهم مممن أفضممل‬
‫الجها د وأهمه‪ ،‬وإذا فهمت ما قدمناه علمت أن جها دنمما هممذا‪ ،‬وإن كممان‬
‫ دفعًا‪ ،‬ففيه نصر الحق على الباطل والسعي في المصلحة وفممك رقمماب‬
‫المؤمنين من أسر الكفرة‪ ،‬ول يخفى أن الجها د واجممب فممي هممذه البل د‬
‫لمن قدر‪ ،‬ولو لم يكن دفع‪.‬‬
‫وقد قدمنا أن سيدنا المختممار الكنممتي قممال فممي كتممابه الجرعممة الصممافية‬
‫والنصيحة الكافية‪ :‬بلد السو دان بلد غلب على أكثر أهلها الكفممر‪ ،‬ومممن‬
‫فيهمما مممن المسمملمين تحممت قهممر الكفممرة قممد اتخممذوهم أمممراء‪ ،‬والنمماس‬
‫يعملون بعمل أميرهم غالبًا‪ ،‬وقد غلب عليهم ظلمممات الجهممل والهمموى‬
‫والكفر‪ .‬ولهذا نهى عن السفر إلى أرض العممدو وبل د السممو دان‪ .‬وهممذا‬
‫الذي ذكره سيدي المختار الكنتي هممو المعممروف فممي البل د السممو دانية‬
‫هذه قبل الجها د‪.‬‬
‫وأما قول أحمد باب حين أجاب بأن هذه البل د التي هي برنو وكاشممنة‬
‫وبعض ذكرك ]=زكزك[ وما قاربها بل د إسمملم‪ ،‬فيحتمممل أن يكونمموا‬
‫أسلموا في الزمنة المتقدممة إلمى زممان أحممد بماب‪ ،‬ثمم ارتمدوا بعمد‪،‬‬
‫ويحتمل أن يكون لعدم مخالطته بهم ومعرفته بالحقيقة حكم بممما ظهممر‬
‫له وفشا في الخبار‪ ،‬ويحتمل أن يكممون نظممر إلممى استفاضممة السمملم‬
‫فيها في غير سلطينه‪.‬‬
‫والحتما الثاني أظهر‪ ،‬لنهم لو أسلموا وخلصوا دينهم لسمع ونقممل إذ‬
‫لم يبلغنا أنهم فارقوا أحوال أجدا دهم الولين الكافرين إلى زماننا‪ ،‬وإن‬
‫كانوا ظاهرين بالخير والسلم‪.‬‬
‫قال شيخ شيوخنا جبريل بن عمر‪ :‬وأما ما وقع في بل د السو دان‪-‬يعني‬
‫من المخلطين أعمال الكفر بأعمال السلم الذين هم غالب ملوك هممذه‬
‫البل د وجنو دهم‪-‬فليس ببدعة ول تحريف ول تغيير ول اتخاذ سنة‪ ،‬بل‬
‫هو كفرهم الذي بقوا عليه‪ ،‬إذ لم ينقل عن أحممد أنهممم تركمموه قممط‪ ،‬ولممو‬
‫نقل لسمع‪ .‬ثممم قممال‪ :‬إل أنهممم لممما أ دخلمموا علممى ظلمهممم أنمموار الصمملة‬
‫والصيام والتلفظ بل إله إل ال‪ ،‬ظممن الجاهممل منهممم وقليممل العلممم أنهممم‬
‫مسلمون‪ ،‬كل إنهم ليسوا بمسلمين‪.‬‬
‫واما الثالث من الحتمالت فمرجوح أيضًا‪ ،‬لن المعممروف مممن البلممد‬
‫حكم سلطانه‪ ،‬فإن كان مسلمًا كمان البلمد دار لسملم‪ ،‬وإن كمان كمافرًا‬
‫كان البلد دار كفر‪ ،‬تجب الهجرة منه إلى غيره إن وجد وأمكن‪.‬‬
‫وعلى هذا الذي ذكرناه يحمل قول كل مممن حكممم فممي هممذه البل د بأنهمما‬
‫ دار إسلم قبل هذا الجها د‪ .‬والذي ذكرناه فيها أنسب إلممى الحممق‪ ،‬وفممي‬
‫القبممول أولممى وأحممرى‪ ،‬لنمما سمماكناهم وخالطنمماهم وعرفنمما أحمموالهم‬
‫وصاحب البيت بما فيه أ درى‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫وأما اليوم فقد صارت دار إسلم‪ ،‬إذ أزال ال شوبها‪ ،‬وأبفى خالصممها‬
‫وبركة هذا الشيخ الذي ممن الم بظهموره‪ ،‬وأيمده بالكرامممات الظمماهرة‬
‫والنمموار البمماهرة‪ ،‬فنفممع السممعداء دعمموته‪ ،‬فسمممعوا وأطمماعوا‪ ،‬وقمممع‬
‫الشقياء البعداء سطوته فأذعنوا وأطاعوا‪ ،‬فأزال فيهما شمبه الضمملل‪،‬‬
‫فلم يبق فيه اليوم أشكال‪ .‬فدوخ الم لمه همذه البل د‪ ،‬وأقمام فيهما بالعمدل‬
‫والقسط بين العبا د‪ ،‬وأقام بكل إقليم نائبًا عنه يقوم بممالمر كممما ينبغممي‪،‬‬
‫فأقيمت الصلة وأ ديت الزكاة وأقيم الجها د ونشر العلم وأطفئممت الفتممن‬
‫وقمع البغاة وأنصف المظلوم وسبلت السبل وصين الدين والممدنيا‪ ،‬ول‬
‫جرم أنه من الخلفاء الراشدين والئمة الهمما دين المهتممدين‪ .‬وهممو القممائم‬
‫المبعوث المجد د في همذا الوان‪ ،‬إذ لم تنفيممس لعبمما ده‪ ،‬ولممو فممي آخممر‬
‫الزمان‪:‬‬
‫فإن شئت فأوجز في وصممفه أو أطنممب‪ ،‬وإن شممئت فقصممر أو أسممهب‪،‬‬
‫فإن الوصف يقصر عممن مزايمماه‪ ،‬فهممو قطممب المموقت الفخممم والغمموث‬
‫العظم‪ ،‬فالعلماء نجمموم‪ ،‬وهممو القمممر‪ ،‬بيممد أنممه ل يممدعي أنممه المهممدي‬
‫المنتظر‪ ،‬وجدير أن يقال فيه‪:‬‬
‫ما في عله مقالة لمخالف‬ ‫فمسائل الجماع فيه تسطر‬
‫تتتمة‬
‫وينبغي أن نسوق الكلم هنا في حكممم اسممترقاق أهممل هممذه البل د‪ ،‬وقممد‬
‫قدمنا أن أقسام أهل هذه البل د ثلثة أقسام‪:‬‬
‫قسم مؤمنممون مخلصممون‪ ،‬وهممؤلء النمما در قبممل ظهممور الشمميخ‪ ،‬وقسممم‬
‫مخلطون أعممال الكفمر بأعممال السملم‪ ،‬وهمؤلء غمالب ملموك همذه‬
‫البل د وجنو دهم وعلمائهم السوء‪ ،‬وقسم كفار بالصالة لمم يمدخلوا فمي‬
‫ل‪ ،‬وهؤلء عامة السو دانيين الممذين يقممال لهممم "ماغممذاو"‪.‬‬ ‫السلم أص ً‬
‫وإذا فهمت ما قدمناه علمت أن المجلوب إذا كان من ماغذاو يسممترق‪،‬‬
‫لن الكفممار بالصممال تسممبى ذراريهممم ونسمماؤهم وتقسممم أممموالهم‪ ،‬ول‬
‫خلف في ذلك بين العلماء‪.‬‬
‫وأما الذين ارتدوا عممن سممبيل السمملم ارتممدا دًا ظمماهرًا‪ ،‬وصممرح بممأنه‬
‫خرج عن دين السلم و دخل في غيره من دين الكفر وكانوا يزعمون‬
‫أنهم مسلمون‪ ،‬وحكمنا بكفرهم لجل أنه صدر منهم ما ل يقممع إل مممن‬
‫كافر‪ ،‬كغالب ملوك هذه البل د قبل الجهمما د وجنممو دهم وعلمممائهم الممذين‬
‫يجعلون لهم المكس‪ ،‬ويلبسون لهممم الحممق بالباطممل‪ ،‬أو يعينممونهم علممى‬
‫غزو المسلمين بنصرهم‪ ،‬وهؤلء يستتابون‪ ،‬فإن تابوا تركوا‪ ،‬وإن لممم‬
‫يتوبوا قتلوا بالسيف كفممرًا‪ ،‬وفممي اسممترقاقهم خلف‪ .‬وفممي المختصممر‪:‬‬
‫وإن ارتد جماعة فحاربوا فكالمرتدين‪ .‬قال الشبرخيتي في هذا المحممل‬
‫في بيان معنى ذلك‪ :‬يستتاب الكبير ويجبر الصغير ويوقممف المممال ول‬
‫تسبى العيال‪ ،‬وهو فعل عمر رضي ال عنممه‪ ،‬وعليممه جماعممة العلممماء‬
‫ل‪ ،‬وقال أصبغ‪ :‬كالكفممار الحربييممن يسممترقون هممم‬ ‫وأئمة السلف إل قلي ً‬
‫وأول دهم وعيالهم‪ .‬ولعمري إنه أمر خالف فيه عمر أبا بكمر فمي أهمل‬
‫الر دة من العممرب‪ ،‬فجعلهممم أبممو بكممر الناقضممين للعهممد‪ ،‬فقتممل الرجممال‬
‫وسبى النساء والصغار‪ ،‬وجرت فيهم المقاسم وفي أموالهم‪ ،‬وهو فعممل‬
‫أبي بكر الصديق رضي ال عنه‪ .‬وأما قممول مممن قممال‪ :‬إن السممو دانيين‬
‫من أهل هذه البل د‪-‬ممن مر‪-‬مماليك البربر من أهل برنوا‪ ،‬فممإن صممح‬
‫فهم فيء‪ .‬والسلم‪.‬‬
‫فصل في الشارة إلى مصنفاته الشريفة ومؤلفاته المنيفة‬
‫فمنها كتاب نور الولياء‬
‫وكتاب عمدة البيان‬
‫وكتاب علوم المعاملة‬
‫وكتاب عمدة العلماء‬
‫وكتاب عندة المتعبدين والمتحرفين‬
‫وكتاب مرآة الطلب‬
‫وكتاب حصن الفهام من جيوش الوهام‬
‫وكتاب أسانيد الضعيف‬
‫وكتاب السلسل الذهبية‬
‫وكتاب عمدة العبا د‬
‫وكتاب كف الطالبين عن تكفير عوام المسلمين‬
‫وكتاب عمدة دعوة العبا د إلى كتاب ال‬
‫وكتاب أصول الولية‬
‫وكتاب ترغيب عبا د ال في حفظ علوم دين ال‬
‫وكتاب رجوع الشيخ السنوسي عن التشديد في التقليد‬
‫وكتاب تمييز المسلمين من الكافرين‬
‫وكتاب التصوف‬
‫وكتاب تلخيص كتاب الحارث المحاسبي‬
‫وكتاب نصائح المة المحمدية‬
‫وكتاب الفصل الول‬
‫وكتاب سوق الصا دقين‬
‫وكتاب إحياء السنة وإخما د البدعة‬
‫وكتاب شفاء الغليل في كل ما أشكل من كلم شيخنا جبريل‬
‫وكتاب المسائل المهمة‬
‫وكتمماب الجهمما د‪ ،‬وغيرهمما مممما نممف علممى مائممة مؤلممف‪ ،‬وفممي القممدر‬
‫المذكور‬
‫كفاية لمن تأمل‬
‫فصل في كرامات الشيخ رض ال عنه‬
‫وللشيخ كرامات ل تعد ول تحصى‪ ،‬ول يحملها إل ديوان وحده‪ .‬ولممو‬
‫ل أن الحال ضيق علينا لور دنا منها بعض ما شاهدناه بأنفسنا‪ ،‬ولكن‬
‫ل‪ .‬والحمد ل‪.‬‬
‫إذا أذن ال لنا فسنفر د لها إن شاء ال تأليفاً مستق ً‬
‫فصل في الشارة إلى أولد الشيخ رضي ال عنه‬
‫ولممه مممن الول د‪ :‬محمممد سممعد‪ ،‬وعلممي‪ ،‬ومحمممد ثنممب‪ ،‬ومحمممد بممل‬
‫المؤلف‪ ،‬وأبو بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬ومحمد البخاري‪ ،‬ومحمد حاج‪ ،‬والحسن‪،‬‬
‫وآخممرون صممغار‪ ،‬ولممه مممن البنممات‪ :‬خديجممة‪ ،‬وعائشممة‪ ،‬وفاطمممة‪،‬‬
‫وخفصممة‪ ،‬وعائشممة أخممرى‪ ،‬وسممو دة‪ ،‬وأسممماء‪ ،‬وحنممة‪ ،‬وأخممر متممن‬
‫صغيرات‪ ،‬وأخر موجو دات‪.‬‬
‫ونجب من أول ده‪ :‬الكبير محمد سعد‪ ،‬نشممأ فتعلممم القممرآن والعلممم وقممرأ‬
‫النحممو والتصممريف‪ ،‬وفسممر القممرآن والحممديث‪ .‬والحاصممل‪ :‬إنممه نقممل‬
‫فأوعى‪ ،‬وظهر فيه البركة والنجابة‪ .‬وعليه قرأت النحممو‪ :‬قممرأت عليممه‬
‫اللفية حتى انتهيت إلى باب جمع التكسممير‪ ،‬فأهممل رمضممان‪ ،‬وفأقبلنمما‬
‫إلى استماع التفسير‪ ،‬وتوفي في الخر من الشهر فممي صممباح الفطممر‪،‬‬
‫وتمموفي معممه صمماحب الشمميخ الفقيممه المحممدث المتفنممن الصممالح التقممي‬
‫الرضى أبو محمد محمممو د‪ ،‬رحمممه المم‪ ،‬وعليممه قممرأت الرامممزة حممتى‬
‫انتهيت إلى أثنائها‪.‬‬
‫ولنرجع إلى ما نحن بصد ده من ذكر أول د الشيخ‪.‬‬
‫وممن نجب من أول د الشيخ‪ :‬محممد ثنمب العمالم العلممة الجممامع بيمن‬
‫الشريعة والحقيقة الصوفي‪ ،‬لكنه يتوحش عن الخلق أحيانماً وينقبممض‪،‬‬
‫ثم يفيق أحيانًا‪.‬‬
‫وممن نجب منهم‪ :‬المؤلف محمد بممل‪ ،‬وسممتأتي ترجمتممه فممي المموزراء‬
‫وبمماقي أول ده الموجممو دين ل بممأس بهممم‪ ،‬فيهممم البركممة‪ ،‬ويرجممى لهممم‬
‫صلح الحال والنجابة‪.‬‬
‫فصل في الشارة إلى وزرائه‬
‫ولمه ممن الموزراء صمماحبه التقممي الرضممى الصمموفي عمممر الكمموني‪،‬‬
‫ل‪،‬‬
‫صاحب الشممارات السممنية والعبممارات الجميلممة‪ .‬صممحب الشمميخ أو ً‬
‫وآزره وخدمه‪ ،‬وله عند الشيخ مكانة‪.‬‬
‫ومنهم‪ :‬وزيره الكبر وركنه البهر شقيقه الستاذ أبو محمممد عبممد الم‬
‫بن فممو دي‪ ،‬العممالم العلمممة النظممار الفهامممة شمميخنا البركممة‪ ،‬المصممنف‬
‫المفسممر المحممدث الراويممة الحممافظ المقممرئ المجممو د النحمموي اللغمموي‬
‫البياني المتفنن الخذ من كل فن بأوفر نصيب الراتع من كل علممم فممي‬
‫مرعاه الخصيب الشهير الرحالة آخر السا دات العلم وخاتمة النظار‬
‫ذو التحقيقات البديعة والبحاث النيقة الغريبة المتفق على شممرع‪ .‬لممه‬
‫القدم الراسخة والرحب الواسع في كممل مشممكل‪ ،‬سميف الم علمى ذوي‬
‫البدعة معدن الصدق والعلم وزنا د الفهم‪ ،‬كممان آيممة فممي تحقيممق العلمموم‬
‫مفرط الطلع على المنقول فممي الفنممون جممامع شممتات العلمموم فاضممل‬
‫وقته وأعجوبة أوانه‪ .‬له تواليف‪ :‬منها نظمه على النقاية‪ ،‬ومنها سللة‬
‫المفتاح‪.‬‬
‫وحاصله أنه رمى بسهام في كل فن وأصاب‪ ،‬وهممو العجممب العجمماب‪.‬‬
‫صحب الشيخ من صغره‪ ،‬وقرأ القممرآن وتعلممم العلممم منممه‪ ،‬وأخممذ عممن‬
‫الشيخ جبريل والشيخ أحمد بن غار وغيرهم‪.‬‬
‫ووازر الشيخ وخدم له‪ ،‬وكفاه المهمات من أمره‪ ،‬وجاهد في ال‪ ،‬وقام‬
‫بأمواله‪ ،‬ل تأخذه فممي الم لومممة لئممم‪ ،‬وسممار بمسمميرة حسممنة ووصممل‬
‫الرحام وشفى السقام‪ ،‬فال يجزيه عن السلم خيرًا‪ ،‬وكفاه مممن كممل‬
‫شر وضير‪.‬‬
‫ومنهممم العممالم العلمممة الفقيممه النممبيه إمممام المسممجد محمممد ثنممب‪ ،‬مممن‬
‫أصحاب الشيخ‪ ،‬ولي أمر خطة المامة والقضاء واستشهد بننشو‪.‬‬
‫ومنهم المؤلف‪ ،‬كنت منذ نشأت وقرأت القرآن وتعلمت العلممم لزمممت‬
‫الشيخ أتصفح أحواله وأستمع إلى مقاله‪ ،‬وأنا غلم حدث حتى حصممل‬
‫لممي مممن بركممة الشمميخ ممما سممار بممه الركبممان‪ ،‬وحممدث بممه المسممار فممي‬
‫العمران‪ .‬أخذت العربية والبلغممة عممن العممم المممذكور‪ ،‬وقممرأت عليممه‬
‫الصلين‪ ،‬وقرأت عليه إضاءة الدجنة والكوكب الساطع‪ ،‬وقرأت عليه‬
‫اللفية ولمية الفعال يشرحها الجامع بين اللغة والتصريف‪ ،‬وقممرأت‬
‫عليه في البلغممة تلخيممص المفتمماح والجمموهر المكنممون‪ ،‬وأخممذت عممن‬
‫الشيخ الوالد التفسير وأصول الدين والحممديث‪ ،‬وقممرأت عليممه النسممان‬
‫الكامل في الحقيقة‪ ،‬وأخذت عنه علومًا جمة وفوائد كثيرة‪ ،‬واشممتهرت‬
‫بيممن الطلبممة مممع الملممل والكلل‪ .‬وصممحبت الشمميخ ووازرتممه وقمممت‬
‫بأموره‪ ،‬وجاهدت العدو وأنجعت‪ ،‬وأنفقت بقدر الطاقممة علممى الموسممع‬
‫قدره وعلى المقتر قدره‪.‬‬
‫فصل في الشارة إلى خدامه‬
‫ولممه‪ :‬كممر منممغ وسممليمان وثنممب وسممليمان آخممر‪ ،‬يقممال لممه بلغبممه‪ ،‬وو د‬
‫وغيرهم‪.‬‬
‫فصل في الشارة إلى عماله‬
‫ولما فتح ال له البل د ولى أخاه الوزير سممائر بل د الغممرب‪ ،‬واسممتعمله‬
‫عليها ليرعى له فيها ويعممدل‪ ،‬وولنممي سمائر بل د الشمرق واسمتعملني‬
‫عليها لراعي فيها بالعدل‪ ،‬وقام كل واحممد منمما علممى قممدر ممما اتطمماع‪،‬‬
‫وبسط العدل في كل من حضره‪ ،‬وأقام كل واحد منا على ممما يعممد فيممه‬
‫نائبًا على كل إقليم من بل دنا‪.‬‬
‫ومن العمال الذين من جهتي‪ :‬أبو حامد على زنفر‪ ،‬وعمممر دلج علممى‬
‫كاشنة‪ ،‬وسليمان بن أبحم على كنوا‪ ،‬ويعقوب على يمماوش ]بمماوش؟[‪،‬‬
‫وإسحاق على دور‪ ،‬وإبراهيم على برنوا جميعهمما‪ ،‬ومحمممد منممغ علممى‬
‫برنوا الشرقية‪ ،‬وأيوب على ما واله من بل د ياوش‪.‬‬
‫فصل‬
‫ويليهمما مممن جهممة الشمممال بلممد سممنغي وهممو بلممد واسممع يعمرهمما بقايمما‬
‫صنهاجة والعجم والفلن‪ ،‬وهو إقليم ظهر فيه الخيممر والبركممة‪ ،‬وفشمما‬
‫فيهممم السمملم‪ ،‬وتممولى عليهممم العممدول مممن المممراء‪ ،‬وكممان فيهمما مممن‬
‫العلماء والصلح من ل يحصيه إل ال‪.‬‬
‫فصل‬
‫من علماء هذا القليم عبد العزيز التكممروري‪ ،‬رحممل إلممى الشممرق فممي‬
‫زمن أبي القاسم التويري‪ ،‬أواسممط التاسممعة وكممان عالممًا‪ ،‬فعممزا لهممل‬
‫مصر مسائل المختصر كلها لصممولها‪-‬علممى ممما قيممل‪-‬إل نحممو ثلثممة‪،‬‬
‫سمعته من شيخنا العلمة محمد بغيع رحمه ال‪ .‬نقل عنه الحطاب في‬
‫مواهبه وذكر في معجم السيوطي عبد العزيممز التكممروري وهممو غيممر‬
‫هذا فيما يظهر‪ ،‬وال أعلم‪ ،‬فانظره‪.‬‬
‫ومنهم محمد بن عمر بن محمد أقيت بن عمر بن علممي بممن يحيممى بممن‬
‫محمد الصنهاجي‪ ،‬قاضي تنبكت‪ ،‬كان فقيهاً فهامًا داركًا ثمماقب الفهممم‪،‬‬
‫من عقلء الناس و دهاتهم‪ ،‬ولي القضاء بعد أبيه‪ ،‬فساعدته الدنيا‪ .‬فنال‬
‫ما شمماء مممن دولممة ورئاسممة‪ ،‬وحصممل لممه دنيمما عريضممة‪ .‬شممرح رجممز‬
‫المغيلي في المنطق‪ .‬وأخذ عنممه والممدي البيممان والمنطممق‪ ،‬وتمموفي فممي‬
‫صفر سنة ثلث وسبعين وتسعمائة‪ ،‬مولده عام تسع وتسعمائة‪.‬‬
‫ومنهم محمد بن محمد بن أبي بكر الوانكري التنبكتي‪ ،‬عممرف ببغبممع‪-‬‬
‫ببمماء مفتوحممة فغيممن معجمممة سمماكنة فبمماء مضمممومة فغيممن مهملممة‬
‫مضمومة‪-‬شيخنا وبركتنا الفقيه العالم المتفنن الصممالح العابممد الناسممك‪،‬‬
‫كان من صالح خيار عبا د ال الصالحين والعلممماء العمماملين‪ ،‬مطبوعمًا‬
‫علممى الخيممر وحسممن النيممة وسمملمة الطويممة والنطبمماع علممى الخيممر‬
‫واعتقا د في الناس‪ ،‬يتساوون عنده في حسن ظنممه بهممم وعممدم معرفتممه‬
‫الشممر‪ ،‬يسممعي فممي حمموائحهم ويضممر نفسممه فممي نفعهممم‪ ،‬ويتفجممع‬
‫لمكروههممم‪ ،‬ويصمملح بينهممم‪ ،‬وينصممحهم إلممى محبممة العلممم وملزمممة‬
‫تعليمه‪ ،‬وصرف أوقاته فيه ومحبة أهله والتواضع التام‪ ،‬وبذل نفممائس‬
‫الكتب الغريبة العزيزة لهم‪ ،‬ول يفتش بعد ذلك عنها كائنًا ما كممان مممن‬
‫جميع الفنون‪ ،‬فضاع بذلك جملة من كتبه‪-‬نفعه ال بمذلك‪ .‬وربممما يممأتي‬
‫لبابه طالب يطلب كتابًا فيعطيه لممه مممن غيممر معرفتممه مممن هممو‪ ،‬فكممان‬
‫العجممب العجمماب فممي ذلممك‪ ،‬أثيممرًا لمموجهه تعممالى‪ ،‬مممع مجبتممه للكتممب‬
‫وتحصيله شراء ونسخًا‪ .‬وقد جئته يومًا أطلب منممه كتممب نحممو‪ ،‬ففتممش‬
‫في خزانته فأعطاني كممل ممما ظهممر بممه منهمما‪ ،‬إلممى صممبر عظيممم علممى‬
‫التعليم آباء النهار وعلى إيصال الفائدة للبليد بل ملل ول ضجر‪ ،‬حتى‬
‫يمل حاضروه‪ ،‬وهو ل يبالي حتى سمممعت بعممض إخواننمما وأصممحابنا‬
‫يقول‪ :‬أظن هذا الفقيه شرب ماء زمممزم لئل يمممل فممي القممراء‪ ،‬تعجبمًا‬
‫من صبره مع ملزمة العبمما دة والتجممافي عممن درن الخلق وإضمممار‬
‫ل على مما يعنيمه مجتنمب الخموض‬ ‫الخير لكل البرية حتى الظلمة‪ ،‬مقب ً‬
‫في الفضول‪ ،‬وارتداء من العفة والمسكنة أزين ر داء‪ ،‬وآخممذ بيممده مممن‬
‫النزاهة أقوى لممواء‪ ،‬مممع سممكينة ووقممار‪ ،‬وحسممن أخلق وحيمماء سممهل‬
‫الورو د والصدار‪ ،‬فأحبته القلوب كافة‪ ،‬وأثنوا عليه بلسان واحممد إلممى‬
‫الغاية‪ ،‬فل ترى إل محبًا ما دحًا ومثنيًا بالخير صا دقًا‪ ،‬طويممل الممروح‪،‬‬
‫ل يأنف من تعليم مبتدئ أو بليد‪ ،‬أفنى فيممه عمممره مممع تشممبثه بجوامممع‬
‫ل‪ .‬طلبه‬ ‫ل ول ناول له مثي ً‬ ‫العامة‪ ،‬وأمور القضاة‪ ،‬لم يصيبوا عنده بدي ً‬
‫السلطان لتولية القضاء فممأنف منممه وامتنممع وأعممرض عنممه واستشممفع‪،‬‬
‫فخلصه ال تعالى‪ .‬لزم القراء‪ ،‬ول سيما بعد موت سمميدي أحمممد بممن‬
‫سعيد‪ ،‬فأ دركته أنمما يقممرأ ممن صمملة الصممبح‪ ،‬أول وقتممه إلممى الضممحى‬
‫ل مختلفة‪ ،‬ثم يقوم لبيته وهو يصمملي الضممحى مممدة‪ ،‬وربممما‬ ‫الكبير‪ ،‬دو ً‬
‫مشى للقضاء في أمر الناس بعدها‪ ،‬ويصلح بيممن النمماس‪ ،‬ثممم يقممرأ فممي‬
‫بيته وقت الزوال ويصلي الظهممر بالنمماس‪ ،‬ويممدرس إلممى العصممر‪ ،‬ثممم‬
‫يصليها ويخرج لموضع آخر يممدرس فيممه للصممفرار أو قربممه‪ ،‬وبعممد‬
‫المغرب يدرس في الجممامع إلممى العشمماء ويرجممع لممبيته‪ ،‬وسمممعت أنممه‬
‫يحيى آخر الليل على الدوام‪ ،‬وكان محققًا دراك مًا‪ ،‬ذكي مًا فطن ماً غواص مًا‬
‫على الدقائق‪ ،‬حاضر الجواب‪ ،‬سريع الفهممم‪ ،‬منممور البصمميرة‪ ،‬سممكوتًا‬
‫صموتًا وقورًا‪ ،‬وربما انبسط مع أصحابه ومازحهم‪ ،‬آية ال في جو دة‬
‫الفهم وسرعة ال دراك‪ ،‬معروفًا بذلك‪ ،‬أخذ العربية والفقه من الفقيهين‬
‫الصالحين‪ :‬والده وخاله‪ ،‬ثم قطن مع أخيه الفقيه الصالح سمميدي أحمممد‬
‫شقيقه تنبكت ولزما الفقيه أحمد بن سعيد في مختصر خليل‪ ،‬ثم رحل‬
‫للحج مع خالهما‪ ،‬فلقوا الناصر اللقاني والتاجوري والشممريف يوسممف‬
‫الرصمميوني والبهمتوشممي الحنفممي والمممام محمممد البكممري وغيرهممم‪،‬‬
‫فاستفا دا منه‪ .‬ثم رجعا بعد حجهما وموت خالهما فنزل بتنبكت‪ ،‬فأخممذا‬
‫عن ابن سعيد الفقيه الحديث‪ ،‬قرءا عليه الموطأ والمدونمة والمختصمر‬
‫وغيرها‪ ،‬ولزممماه‪ ،‬وعممن سمميدي والممدي الصممول والبيممان والمنطممق‬
‫وقرأ عليه أصول السبكي وتلخيص المفتاح‪ ،‬وحضر عليه شيخنا بعممد‬
‫موت أخيه جمل الخونجي‪ ،‬ولزم مممع ذلممك القممراء حممتى صممار مممن‬
‫خيار أشياخ وقته في الفنون ل نظير له‪ ،‬ولزمتممه أكممثر مممن عشممرين‬
‫سنة‪ ،‬فختمت عليه مختصر خليل بقراءتي وقراءة غيممري نحممو عشممر‬
‫مرات أو ثمانية وختمت عليه الموطأ فراءة فهممم‪ ،‬وتسممهيل ابممن مالممك‬
‫قراءة بحث وتحقيق مدة ثلث سنين‪ ،‬وأصول السبكي بشرح المحلممي‬
‫ثلث مرات‪ ،‬قراءة تحقيق‪ ،‬وألفية العراقي بشممرح مؤلفهمما‪ ،‬وتلخيممص‬
‫المفتاح بمختصر السعد مرتيممن فأزيممد‪ ،‬وصممغرى السنوسممي‪ ،‬وشممرح‬
‫الجزائرية‪ ،‬وحكم ابن عطاء ال مع شرح زروق‪ ،‬ونظم أبممي مقرعممة‬
‫والهاشمية في التنجيم مع شرحها‪ ،‬ومقدمة التاجوري‪ ،‬ورجز المغيلي‬
‫في المنطق‪ ،‬والخزرجية في العروض بشرح الشريف البستي وكثيرًا‬
‫من تحفة الحكام لبن عاصم مع شرحها لوا ده كلها بقراءتي‪.‬‬
‫وفسرت عليممه القممرآن العزيممز إلممى أثنمماء سممورة العممراف‪ ،‬وسمممعت‬
‫ل‪ ،‬وهممو سممفر كممبير‪ ،‬ومواضممع‬
‫بلفظه جامع المعيار للونشريسي كممام ً‬
‫أخر منه‪.‬‬
‫وباحثته كثيرًا في المشكلت‪ ،‬وراجعته فممي المهمممات‪ .‬وبالجملممة فهممو‬
‫شمميخي وأسممتاذي‪ ،‬ممما نفعنممي أحممد كنفعممه وبكتبممه‪ ،‬رحمممه ال م تعممالى‬
‫وجازاه بالجنة‪.‬‬
‫وأجازني بخطه جميع ما يجوز له وعليه‪ ،‬وأوقفته على بعض تواليفي‬
‫فسر به‪ ،‬وقرظني عليه بخطه‪ ،‬بل كتب عني من أبحاثي وسمعته ينقل‬
‫بعضها في درسه‪ ،‬لنصافه وتواضعه وقبوله الحق حيث تعين‪ .‬وكان‬
‫معنا يوم الواقعة علينا‪ ،‬فكان آخر عهدي به‪ .‬ثممم بلغنممي أنممه تموفي فممي‬
‫شوال عام اثنتين وألف‪ .‬ومولده عام ثلثين وتسعمائة على ممما سمممعته‬
‫منه‪.‬‬
‫له تعاليق وحواش نبه فيها على ما وقع لشراح خليل وغيره‪ ،‬وتتبع ما‬
‫في الشرح الكبير للتتائي مممن السممهو نقلً وتقريممرًا فممي غايممة الفمما دة‪،‬‬
‫جمعتها في جزء تأليفه‪ ،‬رحمه ال تعالى‪.‬‬
‫ومنهم أحمد بن محمد بمن محممد أقيممت بمن عمممر بمن علمي بمن يحيممى‬
‫الصنهاجي التنبكتاوي‪ ،‬جد والد أحمد باب‪ ،‬يعرف بالحاج أحمد‪ ،‬أكبر‬
‫الخمموة الثلثممة‪ ،‬شممهروا علم مًا و دين مًا فممي قطرهممم‪ ،‬مممن أهممل الخيممر‬
‫والفضممل والعلممم والممدين‪ ،‬حافظممًا علممى السممنة والمممروءة والصمميانة‬
‫والتحري‪ ،‬محبًا في النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ملزمًا لقراءة قصممائد‬
‫مممدحه وشممفاء عيمماض علممى الممدوام‪ ،‬فقيهمماً لغويمماً نحويممًا عروضممياً‬
‫ل‪ ،‬اعتنى بالعلم على طول عمره‪ ،‬وله كتممب عممدة كتبهمما بخطممه‬ ‫محص ً‬
‫مع قوائد كثيرة‪ .‬أخذ عن جده لمممه الفقيممه القاضممي أنممد محمممد‪ ،‬وعممن‬
‫خاله الفقيه مختار النحو وغيرهما‪ ،‬شرق في عممام تسممعين وثمانمائممة‪،‬‬
‫وحج ولقي الجلل السيوطي وخالد الزهممري إممام النحمو وغيرهممما‪،‬‬
‫ورجع في زمن فتنممة الخممارجي سممني غممال ]سممن علممي[ و دخممل كنمموا‬
‫وغيرها من بل د السو دان‪ ،‬و درس العلم وأفا د‪ ،‬وانتفع به جمممع‪ ،‬منهممم‬
‫أخوه الفقيه محمو د‪ ،‬قرأ عليه المدونة وغيرها واجتهد في العلم درسممًا‬
‫ل‪ ،‬حتى توفي ليلة الجمعة في ربيع الثاني عام اثنين بل ثلثممة‬ ‫وتحصي ً‬
‫وأربعين وتسعمائة عن نحو ثمانين سنة‪ ،‬وطلمب للماممة فمي الجمامع‬
‫ل عن غيرها‪ .‬ومممن مشممهور كراممماته أنممه لممما زار‬ ‫بالناس فأبى‪ ،‬فض ً‬
‫القبر الشريف وطلب الممدخول إلممى داخلممه‪ ،‬منعممه الخممدم منممه‪ ،‬فجلممس‬
‫خممارجه يمممدحه صمملى ال م عليممه وسمملم‪ ،‬فانحممل لممه البمماب بل سممبب‬
‫فتبا دروا لتقبيل يده‪ .‬هكذا سمعت هذه الحكاية من جماعته‪.‬‬
‫ومنهم عبد ال بن عمر بن محمد أقيت بممن عمممر بممن علممي بممن يحيممى‬
‫الصنهاجي المتوني‪ ،‬شقيق جد المتقدم‪ ،‬كان فقيهاً حافظاً زاهدًا ورعممًا‬
‫صالحًا في غاية الورع والتقوى قوي الحفظ‪ ،‬درس بولتن وتوفي بها‬
‫سنة تسع وعشرين وتسمعمائة وولممد سمنة سممت وسمتين وثمانمائمة‪ .‬لمه‬
‫كرامات‪.‬‬
‫ومنهم محمو د بن عمر بن محمد أقيممت بممن عمممر بممن علممي بممن يحيممى‬
‫الصممنهاجي التنيكتمماوي‪ ،‬قاضمميها‪ ،‬أبممو الثنمماء وأبممو المحاسممن‪ ،‬عممالم‬
‫التكرور وصالحها‪ ،‬ومدرسها وفقيهها بل مدافع‪ .‬وكان من خيار عبا د‬
‫ال الصالحين العممارفين بمه‪ ،‬ذا ثبممات عظيمم فممي الممور‪ ،‬وهممدى تممام‬
‫وسممكون ووقممار وجللممة‪ .‬اشممتهر علمممه وصمملحه فممي البل د‪ ،‬وطممار‬
‫صيته في القطار شرقًا وغربًا‪ ،‬وظهرت بركتممه إلممى ديانممة وصمملح‬
‫وزهد ونزاهة‪ ،‬ل يخمماف لومممة لئممم‪ ،‬هممابته الخلممق كلهممم‪ ،‬السمملطين‬
‫ومن دونهم‪ ،‬فصاروا تحت أمره‪ ،‬يزورونه فمي داره متمبركين بمه‪ ،‬ل‬
‫يلتفت إليهممم‪ .‬ويهمما دونه بالهممدايا والتحممف تممترى‪ ،‬وكممان شمميخاً جمموا دًا‬
‫يفرق ما أهدي له الناس‪ .‬ولممي القضمماء عممام أربعممة عشممر وتسممعمائة‪،‬‬
‫فسد د في المور وشمد د‪ ،‬وتموخى الحمق و درأ الباطممل وهممد د‪ ،‬فاشمتهر‬
‫عدله بحيث ل يعرف له نظير في وقته‪ ،‬مع ملزمته التدريس‪ ،‬وللفقه‬
‫من فيه حلوة وطلوة‪ ،‬سهل العبا دة بل تكلف‪ ،‬حسن التكممرار‪ ،‬فمماتفع‬
‫به كممثيرون‪ ،‬وحيممى العلممم ببل ده‪ ،‬وكممثر طلبممة الفقممه‪ ،‬ونجممب جماعممة‬
‫منهم‪.‬‬
‫وأكمممثر ممممايقرءون المدونمممة والرسمممالة ومختصمممر خليمممل واللفيمممة‬
‫والسللجية‪ ،‬وعنده انتشر قراء خليل هناك‪ ،‬وقيد عليه تقاييد‪ ،‬أبرزهمما‬
‫بعضهم في سفرين‪ .‬وحج عام خمسممة عشممر وتسممعمائة‪ ،‬فلقممي السمما دة‬
‫الجلء‪ ،‬كإبراهيم المقدسي والشيخ زكريا والقلقشندي‪ ،‬مممن أصممحاب‬
‫الحافظ ابن حجر والقانيسي وغيرهم‪ ،‬عرف صلحه‪ ،‬ثم رجممع لبل ده‬
‫ولزم الفمما دة وإنفمماذ الحممق وطممال عمممره فممي الحممق‪ ،‬فممألحق النبمماء‬
‫بالباء‪ ،‬و درس نحو خمسين سنة‪ ،‬حتى توفي في سنة خمس وخمسين‬
‫ليلة الجمعة سا دس عشر رمضان‪ ،‬وبلممغ مممن الجللممة وتعظيممم النمماس‬
‫له‪ ،‬وشهرة الذكر بالصلح مبلغًا لم ينله غيره‪.‬‬
‫ولد سنة ثمان وستين وثمانمائة‪ ،‬أخذ عنه والممدي رحمممه المم‪ ،‬وأول ده‬
‫الثلثة القضاة‪ :‬محمممد والعمماقب وعمممر وغيرهممم‪ .‬ومنهممم العمماقب بممن‬
‫محمممو د ابممن عمممر بممن محمممد أقيممت بممن عمممر بممن علممي بممن يحيممى‬
‫الصنهاجي‪ ،‬قاضي تنبكت‪ ،‬من بيت علم و ديانة ورئاسمة‪ .‬كمان رحمممه‬
‫ال مسد دًا في أحكامه ثبتبنُا فهمًا‪ ،‬طبًا في الحق‪ ،‬ل تأخذه فممي الم لومممة‬
‫لئم‪ ،‬قوي القلممب حممدًا‪ ،‬مقممدمًا فممي المممور العظممام الممتي يتوقممف فيهمما‬
‫غيره‪ ،‬جسور على السلطان فمن دونه‪ ،‬ل يبممالي بهممم‪ ،‬وقممع لممه معهممم‬
‫وقائع‪ ،‬وكانوا يخضممعون لممه‪ ،‬ويهممابونه‪ ،‬ويطمماوعونه فيممما يريممد‪ ،‬إذا‬
‫رأى ما يكممره عممزل نفسممه‪ ،‬وسممد بممابه‪ ،‬فيلطفممونه حممتى يرجعمموا لممه‬
‫مرارًا‪ ،‬موسعًا له في دنياه‪ ،‬مجر دًا في أممموره‪ ،‬مممع التحممري والتقمموى‬
‫مهيبًا جدًا‪.‬‬
‫أخذ عن أبيه وعمه‪ .‬رحممل وحممج ولقممي الناصممر اللقمماني وأبمما الحسممن‬
‫البكري والشيخ اليشكري وطبقتهم‪ ،‬أجاز له اللقاني كممل ممما يجمموز لممه‬
‫وعنه‪ ،‬وأجازني هو كذلك‪ ،‬وكتب لي خطه بذلك‪ ،‬ولد عام ثلثة عشر‬
‫وتسعمائة‪ ،‬وتوفي في رجب عام أحد وتسعين وتسعماشة‪.‬‬
‫ومنهم أحمد باب قممال‪ ،‬الثقممة أبممو عبممد الم محمممد بمن يعقمموب ال ديممب‬
‫المراكشي‪ .‬كان أخونا أحمد باب من أهل العلم والفهم وال دراك التممام‪،‬‬
‫حسن التصنيف‪ ،‬كامل الحظ من العلوم‪ :‬فقهاً وحديثًا وعربية وأصلين‬
‫وتاريخًا‪ ،‬مليح التأليف‪ .‬ألف تآليف عربية مفيدة جامعة‪ ،‬فيهمما أبحمماث‪:‬‬
‫عنديات ونقلية‪ ،‬وهي كثيرة‪ ،‬كوضعه على مختصر خليل مممن الزكمماة‬
‫إلى أثناء التكلح في سفرين‪ ،‬وتنبيه الواقف على تحريممر‪ ،‬وخصصممت‬
‫نية الخالف‪ ،‬في كراس‪ ،‬وتعليق على أوائل اللفية‪ ،‬سماه النكت الوفية‬
‫في شرح اللفية‪ ،‬وآخر‪ ،‬سماه النكت الزكيممة‪ ،‬لممم يكمممل‪ ،‬ونيممل المممل‬
‫في تفضيل النية على العمل‪ ،‬في شرح حديث "نيممة المممؤمن أبلممغ مممن‬
‫عمله"‪ ،‬وآخر فيه سممماه غايممة المممل فممي تفضمميل النيممة علممى العمممل‪،‬‬
‫وغايممة الجتهمما د فممي مسمماواة الفاعممل للمبتممدأ فممي شممرط الفمما دة‪ ،‬فممي‬
‫كراسين‪ ،‬وآخر سماه النكت المستجا دة فممي شممرط الفمما دة‪ ،‬والتحممديث‬
‫والتأنيس في الحتجاج بابن إ دريس‪ ،‬يريممد بألفمماظه فممي العربيممة‪ ،‬فممي‬
‫ورقات‪ ،‬وجلب النعمممة و دفممع النقمممة بمجانيممة الظلمممة‪ ،‬فممي كراسممين‪،‬‬
‫وشممرح اللصممغرى للسنوسممي فممي كراريممس‪ ،‬ومختصممر ترجمممة‬
‫السنوسمي‪ ،‬فمي ثلثمة كراريممس‪ ،‬ونيمل البتهمماج بممذيل علمى الممديباج‪،‬‬
‫ومطلب المأرب في أعظم أسماه الرب تعممالى‪ ،‬فممي كراسممة‪ ،‬وترتيممب‬
‫جامع المعيار للونشريسي‪ ،‬كتب منه كراريس‪ ،‬وله وسائل وسيلة فممي‬
‫المشكلت‪ ،‬وقفت على بعضها‪.‬‬
‫ثم امتحن في طائفة من أهل بيته بثقافهم في بلدهم في محرم عام اثنين‬
‫وألف‪ ،‬على يد محمو د زرقون لما اسممتولى علممى بل دهممم‪ ،‬وجمماء بهممم‬
‫أسارى في قيو د‪ .‬فوصلوا مراكش أول رمضممان مممن العممام واسممتقروا‬
‫مع عيالهم في حكممم الثفمماف إلممى انصممرام أمممد المحنممة‪ .‬فسممرحوا يمموم‬
‫الحد الحا دي والعشرين لرمضان عام أربعممة وألممف‪ ،‬ففرحممت قلمموب‬
‫المؤمنين لذلك‪ ،‬جعلها ال لهم كفارة لذنوبهم‪ .‬حممدثني بحممديث الرحمممة‬
‫المسلسل بالولوية عمن والممده بسمنده‪ ،‬وحممديث المصممافحة عمن والممده‬
‫أيضًا‪ ،‬وسمعت عليمه أكمثر صمحيح مسملم بلفظمه‪ ،‬ولمم يفتنمي منمه إل‬
‫قليل‪ ،‬وقرأت عليه من الشممفا‪ ،‬وعشمرينيات الفمازازي‪ ،‬وتخميممس ابمن‬
‫مهيب لها‪ ،‬وشمميئًا مممن صممحيح البخمماري‪ ،‬وسممنن الترمممذي والموطممأ‪،‬‬
‫وسمعت جمبيع ألفية العراقي عليممه تفقهماً إل أبياتمًا‪ ،‬وأوائممل مختصممر‬
‫خليل‪ ،‬وأشياء من البي على مسلم وغير ذلك‪ .‬وأجازني وذكرتممه فممي‬
‫السانيد والرجال والتاريخ‪ .‬وكان من أوعية العلم‪ ،‬صممان ال م مهجتممه‬
‫وناولني مسلسل المالكية بسنده‪ .‬انتهى ملخصًا‪ ،‬وقد اتنتقيت ما في هذا‬
‫الفصل كله من كتاب كفاية المحتاج في معرفممة مممن ليممس فممي الممديباج‬
‫لحمد باب‪.‬‬
‫ومنهممم الشمميخ العممالم سمميدنا المموافي الكنممتي‪ ،‬العالمممة الفقيممه المحممدث‬
‫الصوفي الولي الصالح القطب الغوث العارف بال الرحالممة المشممهور‬
‫شرقًا وغربًا‪ ،‬وبالجملة فقدره فوق ما يذكر‪ ،‬فهو آخممر أئمممة الصمموفية‬
‫المحققين الجامعين للحقيقة والشسريعة‪ ،‬له كرامممات وتواليممف مفيممدة‪،‬‬
‫بلغ مبلغ الرجال‪ ،‬وكان معاصرًا للشيخ‪ ،‬وفيه يقول أستاذنا عبد ال‪:‬‬
‫بلمممغ شمممريف شمممريف أصمممل‬
‫عنى لشيخ كاسمه المختار‬
‫كاسمه‬
‫ريح النسيم تهب في السحار أزكى سلم شيب مسكا تمه‬
‫سممممارت بممممه الركبممممان فممممي‬
‫أخباره في علمه وصلحه‬
‫المصار‬
‫بل فممي القممرى بممل فممي البرايمما‬
‫بل في البحار الكل والشجار‬
‫كلها‬
‫قطب الكرام وجلة البرار شمس المشارق والمغرب كلها‬
‫أخبره أنا ل ندين بديله‬ ‫أبدا وإن كنا بذي القطار‬
‫ونشيم منه سحائب المطار متعلقين به نروم دعاءه‬
‫أنا وإن كنا بأرض لم تكن‬ ‫للمسلمين نقيم في الكفار‬
‫ دين‪ ،‬لنا دين النبي المختار لسنا نخالطهم بشيء بل لهم‬
‫ومرا دنا أن يسر المولى له‬ ‫تأليفه لنراه بلبصار‬
‫من شيخه في العلم والذكار نريد من إسنا ده ما ناله‬
‫فال ينفعنا به وينيلنا‬ ‫بركاته بنبينا المختار‬
‫ما سارت الركبان بالخبار صلى عليه ال مع أصحابه‬
‫وفيه يقول القطب الوالد عثمان‪:‬‬
‫بلغ تحياتي إلى المختار‬ ‫سراجنا في هذه المصار‬
‫وقل له ليدع بالخيرات‬ ‫في هذه الدنيا وفي الممات‬
‫وفي حلول القبر والقيام‬ ‫بلغه يا شريف بالسلم‬
‫يا رب ز د لشيخنا المختار‬ ‫كرامة التوفيق في الخيار‬
‫وانصره يا رب على العداء‬ ‫وأعطه بأحسن الجزاء‬
‫وقدر لقاءنا في الجنة‬ ‫يوم النشور يا عظيم المنة‬
‫بجاه سيد الورى محمد‬ ‫وصحبه ومن إليه يقتدي‬
‫صلى عليه ربنا وسلما‬ ‫ثم عليهم بالسلم عمما‬
‫وفيه قلت‪:‬‬
‫يا قاصدا نحو الهدى يعتام بي‬ ‫ويفو دني في ليلتي ونهاري‬
‫أبلغ تحياتي لكنت بأسرها‬ ‫ل سيما للسيد المختار‬
‫أبلغ تحية مشتك زلته‬ ‫للغوث مع أقطابه الخيار‬
‫واطلب لنا منه الدعاء فإنه‬ ‫بدعائه نرجو قضا الوطار‬
‫وكنت مرة جالسًا عند الشيخ‪ ،‬فور د رجل يستأذن‪ ،‬فأذن له‪ .‬ولما دخل‬
‫على الشيخ قال له‪ :‬اشهد بأني رأيثتك ثلث مرات‪ .‬والشيخ يقممول‪ :‬قممد‬
‫شهدت‪ .‬ثم قال للشيخ‪ :‬هل تدري ممما سممبب مقممالتي هممذه؟ فقممال‪ :‬إل أن‬
‫تخبرني‪ .‬قال‪ :‬قال كنت من خممدام سمميدنا المختممار‪،‬فقممدمت هممذا القطممر‬
‫مبتغي مًا فضممل المم‪ ،‬ثممم رجعممت لبل دنمما‪ ،‬وقممدمت علممى الشمميخ سمميدنا‬
‫المختار‪ ،‬فسألني عن سفري وعن البل د التي اتجرت فيهمما‪ .‬فقلممت لممه‪:‬‬
‫إلى بل د الشيخ سيدنا عثمان بن فو دي‪ .‬فقال‪ :‬هل وصمملت إلممى الشمميخ‬
‫ونظرت إلى وجهه؟ فقلت نعم‪ ،‬كاذبًا‪ .‬فقال‪ :‬اشممهد بممأني رأيتممك وأنممت‬
‫رأيت عثمان بن فو دي ثلث مرات‪ .‬فقال‪ :‬ل ألفينك يوم القيامممة‪ ،‬وقممد‬
‫لذت بك‪ ،‬وأنا أقول‪ :‬إني عيِرايتك وأنت رأيت الشيخ عثمممان بممن فممو دي‪.‬‬
‫فقلت لممه‪ :‬يمما شميخي إنممي كمذبت عليممك فمماعف عنممي‪ .‬فهممذا هممو سممبب‬
‫مسيري إليك لشهدك عيِبأني نظرت إليك‪ ،‬وأرجع إلممى سمميدي المختممار‬
‫فينظر إلي‪ .‬فبات عند الشيخ ليلة واحدة‪ ،‬ثم رحل لبل ده‪.‬‬
‫وللشيخ سيدنا المختار أورا د وأحممزاب‪ ،‬أخممذتها عممن المممام الصمموفي‬
‫فاضي ]=قاضممي[ "أمممو دي" الحمماج محمممد العافيممة‪ ،‬وهممو أخممذه عممن‬
‫الشيخ سيدنا المختار‪ ،‬والور د هو‪:‬‬
‫ورد الطريقة القادرية وفوائده‬
‫بسم ال الرحمممن الرحيممم‪ ،‬وصمملى الم علممى سمميدنا محمممد وعلممى آلممه‬
‫وصحبه وسلم تسليمًا‪ .‬ور د السلسلة القا درية‪ .‬وهممو مممن أجممل الورا د‪،‬‬
‫لنه يغني عن كل ور د‪ ،‬ول يغني عنه ور د‪ ،‬ومممن قوائممده أن صمماحبه‬
‫ل يموت إل على أحسن حال‪ .‬ولو فعل ما فعل‪ ،‬وهو أن تقول دبر كل‬
‫صلة مكوبة‪.‬‬
‫"حسبنا ال ونعم الوكيل" مممائتين‪" ،‬أسممتغفر المم" مممائتين‪" ،‬ل إلممه إل‬
‫ال" مائة‪" ،‬اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وسمملم"‬
‫مائة‪.‬‬
‫ثم تزيد بعد المغرب والصبح‪" :‬اللهم أرض علممى روح غموث الثقليممن‬
‫سمميدي ومممولي عبممد القمما در الجيلممي وأشممياخنا وأشممياخهم‪ ،‬أولهممم‬
‫وآخرهم" ثلثًا‪" ،‬ل إله إل أنت‪ ،‬سممبحانك‪ ،‬إنممي كنممت مممن الظممالمين"‬
‫سبعًا‪" ،‬اللهم يا لطيف أسألك اللطف فيممما جممرت بمه المقمما دير" سممبعًا‪،‬‬
‫"يا ال يا واحد يا موجو د يا جوا د‪ ،‬انفحني منممك بنفحممة خيممر‪ ،‬تغنينممي‬
‫بها عمن سواك‪ ،‬إنك على كل شيء قدير" سبعًا‪" ،‬اللهم بارك لممي فممي‬
‫الموت وفيما بعد الموت" أربعًا وعشرين‪ .‬ثممم تقممول بعممدها‪" :‬يمما المم"‬
‫ثلثًا‪" ،‬يا رب" ثلثًا‪" ،‬يا رحمن" ثلثًا‪" ،‬يا رحيم" ثلث مًا‪" ،‬ل تكلنممي‬
‫إلى نفسي في حفظ ما أملكتني مما أنت أملك به مني‪ ،‬وامد دني بدقائق‬
‫اسمك الحفيظ الذي حفظت به جميع الموجو دات‪ ،‬واكسممني بممدرع ممن‬
‫كفايتك‪ ،‬وقلدني بسيف نصرك وحمايتك وتّوجني بتاج عزك وكرمك‪،‬‬
‫ور دني بر داء منك وركبني مركممب النجمماة فممي الحيمماة وبعممد الممممات‪،‬‬
‫بحق فجش" ثلثًا‪" ،‬وأمدني بدقائق اسمك القهار الممذي تممدفع بمه عنممي‬
‫مممن أرا دنممي بسمموء مممن جميممع المؤذيممات‪ ،‬وتممولني وليممة العممز الممتي‬
‫يخضع لها كل جبار عنيد‪ ،‬وشيطان مريد‪ ،‬يا عزيز يمما جبممار" ثلث مًا‪،‬‬
‫"اللهم سخر لي جميع خلقممك كممما سممخرت البحممر لموسممى‪ ،‬وليممن لممي‬
‫قلوبهم كما لينت الحديد لداو د عليه السلم‪ ،‬فإنهم ل ينطقون إل بإذنك‪،‬‬
‫نواصيهم في قبضتك‪ ،‬وقلوبهم بيدك‪ ،‬تصرفهم كيممف شممئت‪ .‬يمما مقلممب‬
‫القلمموب ثبممت قلممبي علممى اليمممان‪ ،‬يمما علم الغيمموب" ثلثمًا‪" ،‬أطفممأت‬
‫غضب الناس بل إله إل ال‪ ،‬واستجلبت مو دتهم بسيدنا محمممد رسممول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬فلما رأيته أكبرته وقطعن أيممديهن حمماش ال م‬
‫ما هذا بشرًا إن هذا إل ملك كريم‪ ،‬يأيها الذين آمنوا ل تكونمموا كالممذين‬
‫آذوا موسى فبرأه ال مما قالوا وكممان عنممد الم وجيهمًا‪ .‬وألقيممت عليممك‬
‫محبة مني‪ ،‬يحبونهم كحب ال‪ ،‬والذين آمنوا أشد حبمًا لم‪ ،‬والكماظمين‬
‫الغيظ والعافين عمن النماس‪ ،‬والم يحمب المحسمنين‪ .‬أو ممن كمان ميتمًا‬
‫فأحييناه وجعلنا له نورًا يمشي بمه فمي النمماس‪ ،‬كمم مثلمه فممي الظلممات‬
‫ليس بخارج منها كذلك زيممن‪ .‬قممل ا دعمموا الم أو ا دعمموا الرحمممن أيممما‬
‫تدعوا فله السماء الحسنى‪ .‬ول تجهر بصلتك ول تخافت بهمما وابتممغ‬
‫ل‪ ،‬وقل الحمد ل الذي لم يتخذ ولدًا ولم يكن له شريك في‬ ‫بين ذلك سبي ً‬
‫الملك ولم يكن له ولي من الذل‪ ،‬وكربه تكبيرًا‪ ،‬ال م أكممبر مممما أخمماف‬
‫وأحذر"‪.‬‬
‫وتصلي بين المغرب والعشاء سممت ركعممات‪ ،‬تنمموي بممالوليين قضمماء‬
‫الحوائج‪ ،‬وتقرأ في الولى منهما الفاتحة و"أنا أعطينمماك" سممتًا‪ ،‬وفممي‬
‫الثانية بالفاتحمة و"قمل يأيهما الكمافرون" سمتًا‪ ،‬وتقمول فمي سمجو دهما‪:‬‬
‫"رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري"‪ ،‬وتنمموي بالوسممطيين حفممظ‬
‫اليمان‪ ،‬وتقممرأ فممي الولممى منهممما الفاتحممة و"الخلص" سممتًا‪ ،‬وفممي‬
‫الثانية الفاتحمة والمعموذتين ممرة‪ ،‬وتقمول فمي سمجو دهما‪" :‬اللهمم إنمي‬
‫أستو دعك ديني وإيماني فاحفظهما علي في حياتي وعند وفمماتي وبعممد‬
‫مماتي"‪ ،‬وتقول بعد السلم منهما‪:‬‬
‫"اللهم إني أستخيرك بعلمك‪ ،‬وأستقدرك بقدرتك‪ ،‬وأسمألك ممن فضملك‬
‫العظيم‪ ،‬فإنك تقدر ول أقدر وتعلم ول أعلم وأنت علم الغيوب‪ ،‬اللهممم‬
‫إن كنت تعلم أن جميع ما أتحرك بممه مممن هممذه السمماعة إلممى مثلهمما فممي‬
‫حقي وقي حق غيممري خيممر لممي فممي دينممي و دنيمماي ومعاشممي وعاقبممة‬
‫أمري وعاجله وآجله‪ ،‬فأقدره لي ويسره لممي‪ ،‬ثممم بممارك لممي فيممه‪ .‬وإن‬
‫كنت تعلم أن جميع ما أتحرك فيه من هذه الساعة إلى مثلها فممي حقممي‬
‫وفي حق غيري شممر لممي فممي دينممي و دنيمماي ومعاشممي وعاقبمة أمممري‬
‫وعاجله وآجله‪ ،‬فاصرفه عني واصرفني عنه وأقدر لممي الخيممر حيممث‬
‫كان‪ .‬ثم أرضني به‪ ،‬إنك على كممل شمميء قممدير"‪ ،‬وتنمموي بممالخيرتين‬
‫النجمماة مممن هممول المحشممر‪ ،‬وتقممرأ فممي الولممى منهممما الفاتحممة وآيممة‬
‫الكرسي‪ ،‬وفي الثانيممة الفاتحممة مممع "لممو أنزلنمما هممذا الممرآن" إلممى آخممر‬
‫سورة الحشر‪ ،‬وتقول في سمجو دهما‪" :‬ربنمما ل تممزغ قلوبنمما‪ "...‬اليممة‪.‬‬
‫وتدعو بعدهما بدعاء الستخارة المتقدم‪.‬‬
‫وتصمملي فممي جمموف الليمل ركعمتي التهجممد‪ ،‬تقممرأ فممي الولمى الفاتحممة‬
‫وسورة الكهمف‪ ،‬وفمي الثانيممة الفاتحمة وسمورة الممدخان أو "يممس" فمي‬
‫الولى و"الملك" فممي الثانيممة‪ ،‬أو قممل "يأيهمما الكممافرون" فممي الولممى‪،‬‬
‫و"قل هو ال أحد" في الثانية‪ ،‬بقدر الحفظ واتساع الوقت‪ .‬وتقممول فممي‬
‫سجو دها‪" :‬اللهم ارحم ذلي‪ ،‬وضارعتي إليك وآنس وحشتي بين يديك‬
‫وارحمني برحمتك‪ ،‬إنك على كل شمميء قممدير"‪ ،‬وتصمملي علممى النممبي‬
‫صلى ال عليه وسلم مائة بعدهما‪.‬‬
‫وتصمملي عنممد الضممحى ركعممتين‪ ،‬تقممرأ فممي الولممى بالفاتحممة وسممورة‬
‫الشمس‪ ،‬وفي الثانيممة بالفاتحممة وسممورة الحضممى‪ ،‬وتقممول بعممد السمملم‬
‫منهما‪" :‬يا منور يا فتاح‪ ،‬نور قلبي بنور معرفتك‪ ،‬واحفممظ لممي أبممواب‬
‫حكمتك‪ ،‬وانشر على خزائن رحمتك‪ ،‬إنك على كل شيء قدير" عشر‬
‫مرات‪.‬‬
‫وتم بحمد ال وحسن عونه‪.‬‬
‫ورد الشيخ‬
‫وهممذا ور ده الممذي يأخممذه عنممه المريممدون والسممالكون‪ ،‬قممد أخممذته عممن‬
‫شيخي القاضي العدل محمد العافية‪ ،‬ولقنني كما لقنمه الشمميخ المختممار‪،‬‬
‫وأجازه‪ ،‬ثم أجازني هو فيه وفي أحزاب الشيخ كلها‪ .‬وممما منعنممي مممن‬
‫سر دها ههنا إل خوف التطويل‪ ،‬ولم تزل نفحممات بركممات هممذا الشمميخ‬
‫تر د علينا‪ ،‬والحمد ل‪.‬‬
‫ومما حدثنا به صاحب الشيخ وتلميذه سيدنا هيب الممموي‪ ،‬أنممه خممرج‬
‫الشميخ يوممًا وقممال‪ :‬الوليمماء الكمممل اليمموم ثلثمة‪ :‬واحمد خلممف الشممام‪،‬‬
‫عربي‪ ،‬نمموره‪ :‬نممور ل إلممه إل المم‪ ،‬وواحممد فلتممي فممي بلممد السممو دان‪،‬‬
‫عثمان بن فو دي‪ ،‬نوره نور خاتم رسول الم الممذي فممي كتفممه اليسممر‪،‬‬
‫وواحد نوره نور قلب رسول ال‪ ،‬وسكت عنه‪ .‬فعلموا أنه هو هو‪.‬‬
‫ومما حدثنا به عن الشيخ أيضمًا أنممه خممرج ذات يمموم‪ ،‬فسممئل عممن هممذا‬
‫الجها د‪ ،‬وقيل له‪ :‬إنهم يفعلون كذا وكذا وأكممثروا‪ ،‬فقممال سمميدنا عثمممان‬
‫بن فو دي ولي من أولياء ال‪ ،‬وجها ده حق‪ ،‬وسيملك هذه البل د فلن‪.‬‬
‫فصل‬
‫ويلي بل د سنغي من جهة الغرب‪ ،‬ويلممي بممرك مممن جهممة الشمممال بل د‬
‫ملي وهو إقليم واسع يعمره السو دانيون‪ ،‬ويقال إنهممم مممن بقايمما القبممط‪،‬‬
‫ويعمرهمما أيضمًا التمموروذر الفلتيممون والعممرب واليهممو د والنصممارى‪،‬‬
‫وفيها معا دن الذهب‪ ،‬وبها مرسى سفن النصارى‪ ،‬من ملكان‪ ،‬يعمرها‬
‫قبل اليوم سرنكلي ويقال إنهم من الفرس‪ ،‬وهذه بل د قديمة العمران‪.‬‬
‫وأما إقليم السو دانيين منهم‪ ،‬وهو إقليم بنبر‪ ،‬فهو إقليم واسممع ذو أنهممار‬
‫وأشممجار‪ ،‬وهممم إلممى الن كفممار‪ ،‬وعنممدهم قمموت‪ .‬وفممي إقليمهممم معممدن‬
‫الممذهب‪ ،‬وبجنبهممم إقليممم الختممووذ‪ ،‬وإقليممم فمموت‪ ،‬وهممو إقليممم واسممع‬
‫يعمرونهمما هممم وسممرنكلي مممن الفممرس‪ .‬وأممما التمموروذ فقيممل إنهممم مممن‬
‫اليهممو د‪ ،‬وقيممل إنهممم مممن النصممارى‪ ،‬وقيممل إنهممم مممن أهممل بنممبر مممن‬
‫السو دانيين المممذكورين آنفمًا‪ .‬فوافمموا بجنممب البحريممن‪ :‬النيممل والفممرات‬
‫فاسممتوطنوا هنمماك‪ ،‬وجمماوروا اليهممو د الممذين فممي الجزائممر‪ ،‬وكممانوا إذا‬
‫أضروا باليهو د استفتح عليهم اليهو د بجنو د الصحابة ويقولون لهم‪ :‬أنا‬
‫أقمنا بهذه الجزائر لننتظر جنو د نبي مرسل ول نبي بعممده‪ ،‬فممإذا بعممث‬
‫وتوفي قام بالمر بعده صاحبه أبو بكممر‪ ،‬وإذا تمموفي قممام بممالمر بعممده‬
‫صاحبه عمر‪ ،‬فإذا توفي ور دت جنو ده على هذه البل د‪ ،‬ونزلمموا علممى‬
‫هذا الماء‪ ،‬يعنممون ترمممس‪ ،‬فممإذا جمماءوا اتبعنمماهم وغلبنمماكم علممى هممذه‬
‫البل د‪ ،‬لنه ل يغلبهم آحد‪ .‬هكذا وجدنا في كتبنا‪ ،‬والتمموروذ يسمممعون‪.‬‬
‫ولما نفذ جنو د الصحابة إلى المغرب ور دت به الخبار‪ ،‬وساروا إلممى‬
‫الغرب حتى نزلوا على ترمس‪ ،‬ولما رأى التوروذ ذلك سممبقوا اليهممو د‬
‫فأسلموا‪ ،‬وقال اليهو د‪ :‬ليس بمن نقول لكممم‪ ،‬فقممال لهممم التمموروذ‪ :‬نحممن‬
‫رأينا الحق فاتبعناه‪ ،‬فغممزا الجيممش سممرنكلي‪ ،‬ولممما أرا دوا النصممراف‬
‫قال لهم أمير التوروذ‪ :‬أتيتمونا بالدين ونحن جمماهلون بممه‪ ،‬فخلفمموا لنمما‬
‫من يعلمنا‪ ،‬فخلفوا لهم عقبة بن ياسر‪ ،‬أو عقبة بن عامر‪ ،‬أو عقبممة بممن‬
‫نافع‪ ،‬فجلس يعلم الدين والشممرائع‪ ،‬فزوجممه أميممر التمموروذ ابنتممه‪ ،‬مممخ‬
‫ممغ‪ ،‬فولمد منهما أربعمة أول د‪ :‬دعمت ونماس ووي ورعمرب‪ .‬ثمم سمار‬
‫لبل ده حتى وصل مصر‪ ،‬وخلف بنيه عند أمهم‪ ،‬فشبوا وتكلموا بلسان‬
‫غيممر لسممان أبيهممم وأمهممم‪ ،‬وكممان لسممان التمموروذ قبممل ذلممك واكممر‪ .‬ثممم‬
‫تزوجوا وولدوا فكان ذراريهم الفلن‪ .‬وقبائل الفلن كلها راجعممة إلممى‬
‫أربعة‪ (1) :‬جذامير لر ديت ولد فتع‪ ،‬فمن فتع قبائل سممنغي وغيرهممم‪،‬‬
‫)‪ (2‬وناس ولد البعاوين‪ ،‬فمنهم قبائل "بنُولرب" بضم المموا وغيرهممم‪) ،‬‬
‫‪ (3‬و"وي ولممد قربممي"‪ ،‬وقبائممل "فربممي" معروفممة عنممد القلن‪(4) ،‬‬
‫ورعرب ولد ويوب‪ ،‬وهذه جذامير الفلن‪ .‬ولما كثر هذا القبيل ساروا‬
‫واستوطنوا فلغ‪ ،‬حتى تكاثروا وأكثروا هناك من الفسق‪ ،‬وكان التزور‬
‫قبلهم غالبين على أرضهم‪ ،‬ولما جاء السمملم أسمملموا عليهمما‪ ،‬وأقبلمموا‬
‫في أمممر الممدين متمسممكين بممه غايممة التمسممك‪ ،‬ولممما سممار الفلن هنمماك‬
‫وتكاثروا رجعوا إلى فوت‪ ،‬وغدروا بأمير المؤمنين فقتلمموه هممو ومممن‬
‫معه يوم العيد‪ ،‬وهو يصلي بهم‪ ،‬فمممال عليهممم الفلن فقتلمموهم‪ ،‬فملكمموا‬
‫الرض‪ ،‬ومكثوا ما شاء ال وأكثروا في الرض الفسمما د‪ ،‬فقممام عليهممم‬
‫الفقيه إبراهيم‪ ،‬فجاهدهم فصب عليهممم ربممك سمموط عممذاب‪ ،‬فاسممتلنوا‬
‫وملك الفقيه الرض‪ ،‬ور د العبا د عممن العنمما د وأمممر بممالمعروف ونهممى‬
‫عن المنكر‪ ،‬وأحسن بلممد التمموروذ ممما شمماء المم‪ ،‬ثممم قممام عليهممم الفلن‬
‫وغلبمموهم علممى الرض‪ ،‬وأقبلمموا علممى الفسمما د‪ ،‬إذ كممان أمممر الممدين ل‬
‫يهمهممم إذ ذاك‪ ،‬كممما حممدثونا‪ ،‬وأقمماموا علممى ذلممك مممدة‪ .‬ثممم قممام عليهممم‬
‫التوروذ‪ ،‬فتقاتلوا هم وإيمماهم أشممد قتممال‪ ،‬وأوجعمموا الفلن‪ ،‬ولممما اشممتد‬
‫المر افترق الفلن ثلث فرق‪ :‬فرقة دخلمموا مممع التمموروذ‪ ،‬وأطمماعوا‪،‬‬
‫وفرقة رجعوا إلى فلغ وفوت جلوا وسمكنوا هنمماك‪ ،‬وفرقممة عزممموا أن‬
‫يسيروا إلى الشمرق ليمدخلوا ممع قبائممل آبممائهم العمرب‪ ،‬فمضموا حممتى‬
‫وصلوا إلى حيث وصمملوا فممي هممذه البل د‪ ،‬حممتى وصممل بعضممهم إلممى‬
‫قبائل العرب‪ ،‬وتخلف الضعفاء في هممذه البل د‪ ،‬وكممان مممن أمرهممم ممما‬
‫كان في هذه البل د‪.‬‬
‫ولما أخرج التوروذ الفلن من أرضهم وانتشروا‪ ،‬ورجع بعضهم إلمى‬
‫فلغ‪ ،‬أقام التوروذ على أرضهم فأقاموا الممدين وأحيمموا السممنن‪ .‬ثممم مممال‬
‫عليهم أهل فلغ من فلن‪ ،‬فغلبوهم على البلد‪ ،‬وملكمموه وهممم دمنيكممون‪،‬‬
‫فمكثوا ما شاء ال‪ .‬ثم قام عليهم الفقيه سليمان فغلبهممم وشممتتهم‪ ،‬وولمموا‬
‫أمير المؤمنين عبد القمما در‪ ،‬فقممام ومهممد البل د وجاهممد ور د العبمما د عممن‬
‫العنا د‪ .‬ثم أعزل وولوا بعده محمد المين‪ ،‬وهو الن عليهم‪.‬‬
‫وكان في القليم علممماء أكممثر مممن تنبكممت‪ ،‬ولكممن لبعممدها عنمما ل نكمما د‬
‫ل‪ .‬وكانت قبائل التوروذ اثنممتي عشممرة قبيلممة‪:‬‬ ‫نحفظ من أمورها إل قلي ً‬
‫ليممدب‪ ،‬وجممايب‪ ،‬و دبممب‪ ،‬وياليممالب‪ ،‬وآنممانب‪ ،‬وسممحب‪ ،‬وحنحنممب‪،‬‬
‫وجفرب‪ ،‬وسيسب‪.‬‬
‫وكان مسير قبيلتنا هممذه مممن فمموت إلممى هممذه البل د بعممد انتشممار الفلن‬
‫بقليل‪ ،‬وكان أهل هذه البل د أكثر حجاجاً على بعدهم‪ .‬وهو إقليم ظهممر‬
‫فيه البركة‪ ،‬وكان فيه علماء مهتدون‪.‬‬
‫ويقال إن الفلن من ولد جعفر بن ابي طممالب‪ ،‬والتمموروذ ممن اليهممو د‪،‬‬
‫نقلته عن الوالد‪ ،‬وهو عن الشيخ جبريل‪ ،‬وهو عن المرتضممى‪ .‬ويقممال‬
‫أيضًا إن الفلن من اليهو د‪ ،‬قال الشيخ ظاهر بن إبراهيم‪ :‬والدليل على‬
‫أن الفلن من اليهو د حبهم البقر والتمسك بالعصممى‪ ،‬وقيممل عممن ذلممك‪،‬‬
‫وال أعلم‪ ،‬وقد مر ما قاله الستاذ عبد ال‪:‬‬
‫لعممرب فمممن روم بممن عيصممو‬
‫بنو تور إخوان الفلتين أخوة‬
‫تفرعوا‬
‫ومممن تممور كممانت أمهممم هممي وعقبممه أبممو كممل الفلتيممن مممن‬
‫عرب‬ ‫تجمع‬
‫لم يكن وراء هذا القليم إل إقليم دمل‪ ،‬ولم ينتشر فيها السمملم‪ ،‬وهممي‬
‫على شاطء البحر المحيط‪ .‬وزعموا أنهم يسمممعون وجبممة الشمممس فممي‬
‫بل د دمل‪ ،‬وبعدهم السافرة في إقليم البحر بحنب جابلص‪.‬‬
‫وفي هذه البل د أخبار عجيبة‪ ،‬وطرائف غريبة‪ ،‬أعجلتنمما عممن الكثممار‬
‫منها محاولة الخاتمة‪ ،‬فنسأل ال أن يجعلها جميلة‪.‬‬
‫وقد انتهى والحمد ل ما عملنا عليه في هذا الكتاب من قصممد الشممارة‬
‫إلى تاريخ بل د التكرور‪ .‬وذكرنا من ذلممك ممما تيسممر‪ ،‬وأعرضممنا عممما‬
‫تعسر‪ ،‬وسلكنا مهيع المؤرخين‪ ،‬من ذكر الغث والسمين‪ .‬وألتمس مممن‬
‫الناظر في هذا الكتاب أن يسامحني ويعذرني من كممل هفمموة لفظيممة أو‬
‫معنوية‪ ،‬لقيام العذر‪ ،‬إذ قدمنا أنممه لممم يستصممبح أحممد فممي هممذا المممرام‪،‬‬
‫فألتمس من سراجه في هذا الظلم‪ ،‬مع ما أنا فيه مممن التقلممد المحتمموم‪،‬‬
‫وحمل كل الرئاسممة المعلمموم‪ ،‬ومكابممدة الفتممن المارجممة‪ ،‬وجهمما د العممدو‬
‫والفئة الخارجة‪ .‬فعملممت هممذه الكلمممات علممى عجممل‪ ،‬اغتناممًا للمتمماع‬
‫وإفا دة للقلوب والسممماع‪ ،‬والم المسممؤول فممي دفممع كممل شممر وضممير‪،‬‬
‫وجلب كل نفع وخير‪ .‬والحمد ل رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على‬
‫سيدنا محمد سيد المرسلين‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫ووافق الفممراغ ممن همذه النسمحة يموم الحممد لربمع عشمرة خلمت ممن‬
‫المحرم‪ ،‬عام سمتة وثلثيممن بعمد مممائتين وألممف‪ .‬تممم الكتمماب بحمممد الم‬
‫وحسن عونه‪ ،‬وتوفيقه الجميممل‪ ،‬وصمملى الم علممى سمميدنا محمممد خيممر‬
‫خلقه‪ ،‬وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا‪ .‬والحمد ل رب العالمين‪.‬‬
‫ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم‪.‬‬

You might also like