You are on page 1of 92

‫كلية العلوـ الشرعية واإلسبلمية‬

‫مادة صحيػح اآلداب اإلسػبلمية‬


‫مادة صحيػح اآلداب ‪ -‬الفرقة األولى‬
‫شرح الشيخ‪ /‬ربيع بن علي‬ ‫"صحيػح اآلداب اإلسػبلمية"‬ ‫الفصل الدراسي "الثانػ ػي"‬

‫المحاضػػرة السابعػػة عشػػرة‬

‫الحمد هلل والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ﷺ ثم أما بعد‪.‬‬


‫اليوـ إف شاء اهلل تعالى‪" :‬آداب الطعاـ"‪ ،‬وللطعاـ آداب ثبتت عن النبي ﷺ‪.‬‬
‫‪ ‬أوؿ ىذه اآلداب‪" :‬التسمية في أولو"‬
‫ففي الصحيحين عن عمر بن أبي سلمة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬كنت غبلما في حجر رسوؿ اهلل ﷺ (في حجر رسوؿ اهلل‬
‫أي في تربيتو وتحت نظره)‪ ،‬وكانت يدي تطيش في الصحفة فقاؿ لي رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬يا غبلـ ِ‬
‫سم اهلل وكل بيمينك وكل‬
‫مما يليك"‪ .‬فما زالت تلك ِطعمتي بعد فإذا لم يذكر اسم اهلل على طعامو نُ ِزعت البركة منو وأكلت معو الشياطين‪.‬‬
‫وقد روى مسلم في صحيحو عن جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهما أنو سمع النبي ﷺ يقوؿ‪" :‬إذا دخل الرجل بيتو فذكر‬
‫اهلل عند دخولو وعند طعامو قاؿ الشيطاف‪ :‬ال مبيت لكم وال عشاء‪ .‬وإذا دخل فلم يذكر اهلل عند دخولو قاؿ الشيطاف‪:‬‬
‫أدركتم المبيت‪ .‬وإذا لم يذكر اهلل عند طعامو قاؿ‪ :‬أدركتم المبيت والعشاء"‬

‫وروى مسلم أيضا في صحيحو عن حذيفة رضي اهلل عنو‪ ،‬قاؿ‪" :‬كنا إذا حضرنا مع النبي ﷺ طعاما لم نضع أيديَنا حتى‬
‫يبدأ رسوؿ اهلل ﷺ فيضع يده وإنا حضرنا معو مرًة طعاما فجاءت جارية كأنها تُدفع فذىبت لتضع يدىا في الطعاـ فأخذ‬
‫رسوؿ ﷺ بيدىا ثم جاء أعرابي كأنما يُدفع فأخذ بيده‪ ،‬فقاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪ :‬إف الشيطاف يستحل الطعاـ أال يذكر اسم اهلل‬
‫عليو وأنو جاءبهذه الجارية ليستحل بها فأخذت بيدىا‪ ،‬وجاء بهذا األعرابي ليستحل بو فأخذت بيده‪ .‬والذي نفسي بيده‬
‫إف يده في يدي مع يدىا"‪.‬‬

‫ويستفاد من الحديث‪:‬‬
‫‪ -‬عناية النبي ﷺ باألطفاؿ وتعليمو لهم ﷺ‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو استحباب التسمية أوؿ الطعاـ‬
‫‪ -‬وفيو استحباب األكل باليمين‬
‫‪ -‬وفيو أنو يستحب لكل إنساف أف يأكل مما يليو‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو استحباب ذكر اهلل تعالى عند دخوؿ البيت‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ ‬الثاني من اآلداب‪" :‬أنو إذا نسي أف يسمي في أوؿ األكل فليقل بسم اهلل أولو وآخره"‬
‫وقد رواه الترمذي وقاؿ حسن صحيح عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬إذا أكل أحدكم طعاما فليقل‬
‫نسي في أولو فليقل بسم اهلل في أولو وآخره"‪.‬‬
‫بسم اهلل فإف َ‬
‫وروي عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪ :‬كاف النبي ﷺ يأكل طعاما في ٍ‬
‫ستة من أصحابو فجاء أعرابي فأكلو في لقمتين أي‬
‫بغير تسمية فقاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬أما إنو لو سمي لكفاكم"‪ .‬أي لكفاكم الطعاـ‪.‬‬

‫ويستفاد منو‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب ذكر ذكر اهلل تعالى عند األكل‬
‫‪ -‬وأف من نسي أفُ يسمي في أوؿ الطعاـ فليقل بسم اهلل في أولو وآخره‪.‬‬

‫‪ ‬الثالث من اآلداب‪" :‬األكل باليمين أي باليد اليمنى"‬


‫فقد روى مسلم في صحيحو عن ابن عمر رضي اهلل عنهما أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينو وإذا‬
‫شرب فليشرب بيمينو فإف الشيطاف يأكل بشمالو ويشرب بشمالو"‪.‬‬
‫وروى مسلم في صحيحو عن إياس بن سلمة بن األكوع أف أباه (رضي اهلل عنو) حدثو أف رجبل أكل عند رسوؿ اهلل ﷺ‬
‫بشمالو فقاؿ‪" :‬كل بيمينك‪ .‬فقاؿ‪ :‬ال استطيع‪ .‬قاؿ‪ :‬ال استطعت‪ .‬ما منعو إال الكبر‪.‬‬
‫قاؿ فما رفعها إلى فيو (يعني‪ُ :‬شلَّت يده ألنو امتنع عن االستجابة بكبره)‪.‬‬

‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬أنو ينبغي للمسلم أال يتشبو بأعداء اهلل من الشياطين واليهود والنصارى ونحوىم‬
‫‪ -‬وفيو أف الشياطين تأكل وتشرب‬
‫‪ -‬وأف الشيطاف لو يمين وشماؿ‬
‫‪ -‬وفيو أف من أكل بشمالو تشبو بالشيطاف في ذلك الفعل إذ أف بشمالو يأكل وبها يشرب‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو التحذير من مخالفة الرسوؿ ﷺ‪.‬‬

‫‪ ‬األدب الرابع‪" :‬األكل من الجانب الذي يليو"‬


‫ففي الصحيحين عن عمر بن أبيسلمة رضي عنو قاؿ‪ :‬كنت غبلما في حجر رسوؿ اهلل ﷺ وكانت يدي تطيش في الصحفة‬
‫سم اهلل وكل بيمينك وكل مما يليك‪ .‬فما زالت تلك ِطعمتي بعد "‪.‬‬
‫فقاؿ لي رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬يا غبلـ ِ‬
‫ويستفاد‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب التسمية على الطعاـ وأف يأكبلآلكل من الجانب الذي يليو‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ ‬الخامس من اآلداب‪" :‬األكل من جوانب القصعة أو الطبق"‪.‬‬
‫الغراء يحملها‬
‫قد روى أبو داود بسند حسن عن عبد اهلل بن بُسر (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬كاف للنبي ﷺ قصعةٌ يقاؿ لها َّ‬
‫ُتي بتلك القصعة يعني وقد ثُ ِرد فيها أي ُج ِهز فيها الطعاـ فالتفوا عليها فلما‬
‫أربعة رجاؿ فلما أضحوا وسجدوا الضحى أ َ‬
‫كثروا جثا رسوؿ اهلل ﷺ (جثا أي جلس على ركبتو وىذا من جهة ضيق المكاف توسعة على من بجواره) فلما كثروا جثا‬
‫رسوؿ اهلل ﷺ فقاؿ أعرابي‪ :‬ما ىذه الجلسة؟ قاؿ النبي ﷺ‪ :‬إف اهلل جعلني عبداكريما ولم يجعلني جبارا عنيدا‪ .‬ثم قاؿ‬
‫بارؾ فيها"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫رسوؿ اهلل ﷺ‪ :‬كلوا من حواليها ودعوا ذروتهاُ يُ َ‬

‫وروى اإلماـ أحمد بسند صحيح عن ابن عباس رضي اهلل عنهما عن النبي ﷺ أنو قاؿ‪" :‬كلوا في القصعة من جانبها وال‬
‫تأكلوا من وسطها فإنالبركة تنزؿ في وسطها"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب صبلة الضحى‪.‬‬ ‫‪ -‬استحباب األكل من جانب الطبق‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو عظيم تواضع النبي ﷺ‪.‬‬ ‫‪ -‬ومشروعية تسمية األواني‪.‬‬

‫‪ ‬السادس من آداب الطعاـ‪" :‬عدـ االكل متكئا"‬


‫فقد روى البخاري عن أبي ُج ِحيفة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬ال آكل متكئا"‪.‬‬
‫واالتكاء أف يتمكن في الجلوس لآلكل على أي صفة كاف أف يميل على أحد شقيو‪ ،‬وقيل أف يعتمد على يده اليسرى من‬
‫األرض‪.‬‬
‫ويؤخذ من ذلك‪ :‬كراىة األكل متكئا‪.‬‬

‫‪ ‬السابع من اآلداب‪" :‬أال يعيب طعاماً"‬


‫ففي الصحيحين عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬ما عاب النبي ﷺ طعاما قط‪ ،‬إف اشتهاه أكلو وإال تركو"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪ :‬كماؿ أخبلؽ النبي ﷺ حيث إنو إذا اشتهى األكل أكلو وإف لم يشتهو تركو‪.‬‬

‫‪ ‬األدب الثامن‪" :‬عدـ الشبػع"‬


‫وقد روى الترمذي وقاؿ حسن صحيح عن مقداد بن معدي كرب (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬سمعت رسوؿ اهلل ﷺ يقوؿ‪ :‬ما‬
‫وعاء شرا من بط ٍن‪ ،‬بحسب ابن آدـ أكبلت يُقمن صلبو‪ .‬فإف كاف ال محالة فُثلث لطعامو وثُلث لشرابو وثُلث‬
‫مؤل آدمي ً‬
‫لنَػ َف َسو"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬وأنو يكفي إلقامو حياة اإلنساف لقيمات يقمن صلبو‪.‬‬ ‫‪ -‬أنو ينبغي للمسلم أال يأكل حتى يشبع‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ ‬التاسع من آداب الطعاـ‪" :‬عدـ النفخ في الطعاـ والشراب"‬
‫فقد روى اإلماـ أحمد بسند صحيح عن ابن عباس رضي اهلل عنهما قاؿ‪" :‬نهى رسوؿ اهلل ﷺ عن النفخ في الطعاـ‬
‫والشراب"‪.‬‬
‫وقد روى الترمذي أيضا وقاؿ حسن صحيح عن أبي سعيد الخدري (رضي اهلل عنو) "أف النبي ﷺ نهى عن النفخ في‬
‫الشراب‪ ،‬فقاؿ رجل‪ :‬القذاة أراىا في اإلناء؟‬
‫قاؿ‪ :‬أىرقها‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬فإني ال أروى من نفس واحد‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬فأَبِن القدح إذف عن فيك"‪.‬‬
‫يعني إذا أردت أف تشرب ينبغي أف تبعد اإلناء عن فمك ثم ترده فتشرب على ثبلثة أنفاس كما سيأتي ذلك إف شاء اهلل‬
‫تعالى‪.‬‬

‫‪ ‬العاشر من آداب الطعاـ‪" :‬عدـ ترؾ اللقمة الساقطة على األرض"‬


‫فقد روى مسلم في صحيحو عن جابر (رضي اهلل عنو) قاؿ سمعت النبي ﷺ يقوؿ‪" :‬إف الشيطاف يحضر أحدكم عند كل‬
‫شيء من شأنو حتى يحضره عند طعامو‪ ،‬فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليُمط ما كاف بها من أذى ثم ليأكلها وال يدعها‬
‫للشيطاف‪ .‬فإذا فرغفليلعق أصابعو فإنو ال يدري في أي طعامو تكوف البركة"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب لعق اليد محافظة على بركة الطعاـ وتنظيفها لها‪.‬‬
‫‪ -‬استحباب األكل بثبلث أصابع وال يضم إليها الرابعة والخامسة إال لعذر بأف يكوف يحتاج إلى ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬استحباب أكل اللقمة الساقطة بعد إزالة ما بها من أذى‪.‬‬

‫‪ ‬األدب الحادي عشر‪" :‬عدـ ِ‬


‫القراف في التمر ونحوه إذا كاف يأكل مع أحد إال بإذنو"‬
‫عدـ ِ‬
‫القراف يعني أال يأكل أكثر من واحدة‪ ،‬ال يَػ ُقرف معها أخرى‪.‬‬
‫ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي اهلل عنهما قاؿ‪" :‬نهى النبي ﷺ أف يقرف الرجل بين التمرتين جميعا حتى يستأذف‬
‫أصحابو"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬كراىة ِ‬
‫القراف في التمر والعنب ونحوىما إذا كاف يأكل مع جماعة إال بإذنها مراعاة لها‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ ‬الثاني عشر من آداب الطعاـ‪" :‬الحمد بعد الطعاـ"‬
‫ففي سنن أبي داود بسند صحيح عن أبي أيوب األنصاري (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬كاف رسوؿ اهلل ﷺ إذا أكل أو شرب‬
‫وسوغو وجعل لو مخرجا"‪.‬‬
‫قاؿ الحمد هلل الذي أطعم وسقى َّ‬
‫وىناؾ صيغة أخرى للحمد رواىا البخاري في صحيحو عن أبي أمامة (رضي اهلل عنو) "أف النبي ﷺ كاف إذا رفع مائدتو‬
‫مستغنى عنو ربنا"‪.‬‬
‫ً‬ ‫مكفي وال مودع وال‬
‫ٍّ‬ ‫قاؿ‪ :‬الحمد هلل كثيرا طيبا مباركا فيو غير‬
‫ٍ‬
‫صيغة ثالثة رواىا اإلماـ أحمد بسند حسن عن عبد الرحمن بن جبير‪" :‬أنهحدثو رجل خدـ رسوؿ اهلل ﷺ ثماف‬ ‫وىناؾ‬
‫سنين أنو سمع النبي صلى وسلم إذا قُرب إليو طعامو يقوؿ‪ :‬بسم اهلل‪ ،‬وإذا فرغ من طعامو قاؿ‪ :‬الحمد هلل‪ ،‬اللهم أطعمت‬
‫وأسقيت وأغنيت وأقنيت وىديت وأحييت فلك الحمد على ما أعطيت"‪.‬‬
‫فالحمد بعد الطعاـ من أسباب رضا اهلل عن العبد فقد روى مسلم في صحيحو عن أنس بن مالك (رضي اهلل عنو)‪" :‬أف‬
‫النبي ﷺ قاؿ‪ :‬إف اهلل ليرضى عن العبد أف يأكل األكلة فيحم َده عليها‪ ،‬أو يشرب الشربة فيحمده عليها"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب حمد اهلل بعد الطعاـ‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو عظيم نعم اهلل على العبد‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو استحباب التنويع بين ىذه األذكار عند الفراغ من الطعاـ فيقوؿ ىذا تارة ويقوؿ ىذا تارة‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف شكر النعمة يؤدي إلى المزيد‪.‬‬
‫انتهت آداب الطعاـ ونتبعها إف شاء اهلل تعالى بآداب الشراب‪.‬‬

‫"آداب الشراب"‬
‫وىي اآلداب التي ينبغي فعلها عند الشرب اقتداء بالنبي ﷺ‬

‫‪ ‬أوؿ ىذه اآلداب‪" :‬التسمية في أولو"‬


‫ففي الصحيحين عن عمر بن أبي سلمة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬كنت غبلما في حجر رسوؿ اهلل ﷺ وكانت يدي تطيش في‬
‫سم اهلل وكل بيمينك وكل مما يليك فما زالت تلك ِطعمتي بعد"‪.‬‬
‫الصحفة فقاؿ لي رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬يا غبلـ ِ‬
‫وقد بينا معنى ىذا الحديث في اآلداب التي قبل ىذا‪.‬‬

‫روى مسلم أيضا في صحيحو عن جابر بن عبد اهلل (رضي اهلل عنو) أنو سمع النبي ﷺ يقوؿ‪" :‬إذا دخل الرجل بيتو فذكر‬
‫اهلل عند دخولو وعند طعامو قاؿ الشيطاف ال مبيت لكم وال عشاء وإذا دخل فلم يذكر اهلل عند دخولو قاؿ الشيطاف‬
‫أدركتم المبيت وإذا لم يذكر اهلل عند طعامو قاؿ أدركتم المبيت والعشاء"‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ ‬األدب الثاني‪" :‬الشرب جالسا إال لحاجة"‬
‫من السنو الشرب جالسا إال لحاجة‪ ،‬وقد روى مسلم في صحيحو عن‬
‫أبي سعيد الخدري (رضي اهلل عنو) "أف رسوؿ اهلل ﷺ نهى عن الشرب قائما"‬
‫ولكن ثبت في الصحيحين أف النبي ﷺ ش رب وىو قائم‪ ،‬عن ابن عباس رضي اهلل عنهما "أف النبي ﷺ شرب من زمزـ من‬
‫دلو منها وىو قائم"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب الشرب جالسا‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية الشرب قائما للحاجة‪ ،‬النبي ﷺ شرب واقفا عند زمزـ وكاف الداعي لذلك ىو الحاجة في‬
‫حاجة الزحاـ‪.‬‬
‫‪ -‬ويستفاد ايضا استحباب الشرب من ماء زمزـ وذلك باإلجماع‪.‬‬
‫‪ ‬الثالث من آداب الشرب‪" :‬الشرب باليمين"‬
‫فقد روى أبو داود بسند حسن عن حارثة بن وىب الخزاعي قاؿ‪ :‬حدثتني حفصة رضي اهلل عنها زوج النبي ﷺ "أف النبي‬
‫ﷺ كاف يجعل يمينو لطعامو وشرابو وثيابو ويجعل شمالو لما سوى ذلك"‪.‬‬
‫فالشرب باليمين من آداب الشرب‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب الشرب باليمين‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو استحباب األكل واللبس باليمين‬
‫‪ -‬وفيو تكريم اليد اليمنى على اليسرى‪.‬‬

‫‪ ‬األدب الرابع‪" :‬عدـ التنفس في اإلناء"‬


‫ففي الصحيحين عن أبي قتادة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬إذا شرب أحدكم فبل يتنفس في اإلناء وإذا أتى‬
‫الخبلء فبل يمس ذكره بيمينو وال يتمسح بيمينو"‪.‬‬
‫ومعنى التنفس في اإلناء ىو أف يشرب ويأخذ زفيرا وشهيقا وىو يشرب وال يرفع اإلناء عن فمو‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬كراىة التنفس داخل اإلناء‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو كراىة مس الذكر باليد اليمنى‪.‬‬
‫‪ -‬وكراىة االستنجاء باليد اليمنى‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ ‬الخامس من آداب الشراب‪" :‬الشرب على مرتين أو ثبلثة"‬
‫ففي الصحيحين عن ثمامة بن عبد اهلل بن أنس قاؿ‪" :‬كاف أنس (رضي اهلل عنو) يتنفس في اإلناء مرتين أو ثبلثا وزعم أف‬
‫النبي ﷺ كاف يتنفس ثبلثا"‪.‬‬
‫يتنفس في اإلناء أي خارج اإلناء يشرب مرة ثم يبعد اإلناء عن فمو ثم يشرب ثالثا‪.‬‬
‫وروى الطبراني في األوسط وحسنو في الفتح عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) "أف رسوؿ اهلل ﷺ كاف يشرب في ثبلثة‬
‫أنفاس"‪.‬‬
‫سمى اهلل فإذا أخره حمد اهلل يفعل بو ثبلث مرات يعني كاف النبي ﷺ ِ‬
‫يسمي اهلل ثم يشرب ثم‬ ‫أي إذا أدنى اإلناء إلى فيو َّ‬
‫يؤخر اإلناء عن فمو ويحمد اهلل ثم يقوؿ بس م اهلل ويشرب ثم يبعد عن فمو ويقوؿ الحمد هلل ثم يقوؿ بسم اهلل ويشرب ثم‬
‫يبعد اإلناء عن فمو ثم يقوؿ الحمد هلل‪.‬‬
‫ىكذا كاف يفعل رسوؿ اهلل ﷺ‪.‬‬
‫وفي مسلم أيضا عن أنس رضي عنو قاؿ‪" :‬كاف رسوؿ اهلل ﷺ يتنفس في الشراب ثبلثا‪ ،‬ويقوؿ إنو أروى وأبرأ وأمرأ‪.‬‬
‫قاؿ أنس‪ :‬فأنا أتنفس ثبلثا"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬كراىة الشرب مرة واحدة من نفس واحد‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو استحباب الشرب مرتين أو ثبلثا‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو كراىة التنفس داخل اإلناء‪.‬‬

‫‪ ‬السادس من آداب الشراب‪" :‬عدـ النفخ في اإلناء"‬


‫فقد روى الترمذي وقاؿ حسن صحيح عن ابن عباس رضي اهلل عنهما "أف النبي ﷺ نهى أف يُتنفس في اإلناء أو ينفخ‬

‫فيو"‪.‬‬

‫‪ ‬األدب السابع‪" :‬عدـ الشرب من فم السقاء"‬


‫وقد روى البخاري في صحيحو عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬نهى رسوؿ اهلل ﷺ عن الشرب من فم القربة أو‬
‫السقاء وأف يمنع جاره أف يغرز خشبة في داره"‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬كراىة الشرب من فم السقاء‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو كراىية منع الجار من التسقيف على جدار البيت إال لمن يجد جدارا غيره‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ ‬الثامن من اآلداب‪" :‬إذا شرب أعطى من اإلناء من على يمينو"‬
‫ففي الصحيحين عن أنس بن مالك (رضي اهلل عنو) "أنها ُحلبت لرسوؿ اهلل ﷺ‬
‫شاةٌ داجن (والشاة الداجن ىي من تألف البيت من الحيواف ىي الشاة التي ال تخرج‬
‫مع باقي الشياه بل تظل في البيت وال تخرج) أنها ُحلبت لرسوؿ اهلل ﷺ شاة داجن وىي في دارأنس بن مالك وشيب من‬
‫الماء الذي في البئر في دار أنس فأعطى رسوؿ اهلل ﷺ القدح فشرب منو حتى إذا نزع القدح من فيو وعلى يساره أبو‬
‫أعط أبا بكر يا رسوؿ اهلل‪ِ ،‬‬
‫أعط أبا بكر يا رسوؿ اهلل‪ .‬فأعطاه‬ ‫بكر وعن يمينو أعرابي فقاؿ عمروخاؼ أف يعطيهاألعرابي‪ِ :‬‬

‫األعرابي الذي على يمينو ثم قاؿ‪ :‬األيمن فاأليمن‪ .‬فإذا شرب الناس من إناء واحد فإذا شرب ثم يعطي من عن يمينو"‪.‬‬

‫‪ ‬التاسع من اآلداب‪" :‬عدـ الشرب في آنية الذىب والفضة"‬


‫ففي الصحيحين عن حذيفة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬سمعت النبي ﷺ يقوؿ‪" :‬ال تلبسوا الحرير وال الديباج وال تشربوا في‬
‫آنية الذىب والفضة وال تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولنا في اآلخرة"‪.‬‬
‫ال تلبسوا الحرير وال الديباج‪ :‬ىذا خاص بالرجاؿ‪.‬‬
‫وال تشربوا في آنية الذىب والفضة‪ :‬ىذا عاـ للرجاؿ والنساء‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا الحديث‪:‬‬
‫‪ -‬تحريم األكل والشرب في آنية الذىب والفضة‬
‫‪ -‬وفيو تحريم لبس الحرير وأنواعو للرجاؿ‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية اتخاذ الذىب والفضة في غير األكل والشرب‪.‬‬

‫‪ ‬العاشر من اآلداب‪" :‬ساقي القوـ آخرىم شربا"‬


‫فقد روى مسلم في صحيحو عن أبي قتادة (رضي اهلل عنو) عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬ساقي القوـ آخرىم شربا"‪.‬‬
‫فساقي القوـ‪ :‬ىو الذي يشرب آخر الناس ألنو ىو الذي يسقيهم‪.‬‬

‫‪ ‬الحادي عشر‪" :‬تغطيو اآلنية عند النوـ"‬


‫ففي الصحيحين عن جابر بن عبد اهلل (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬خمروا اآلنية (أي غطوىا) وأوكئوا‬
‫األسقية (أي اربطوىا) وأوجفوا األبواب (أي أغلقوا األبواب) وأكفتوا صبيانكم عند العشاء فإف للجن انتشارا وخطفة‪،‬‬
‫وأطفئوا المصابيح عند الرقاد فإف الفويسقة (الفويسقة‪:‬ىي الفأرة) ربما اجترت الفتيلة فأحرقت أىل البيت"‪.‬‬
‫وروى البخاري في صحيحو عن جابر (رضي اهلل عنو) عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬إذا استجنح الليل أو قاؿ جنح الليل فكفوا‬
‫صبيانكم فإف الشياطين تنتشر حينئذ‪ ،‬فإذا ذىب ساعة من العشاء فخلوىم‪ .‬وأغلق بابك واذكر اسم اهلل‪ ،‬واطفئ‬
‫مصباحك واذكر اسم اهلل‪ ،‬وأوكئ سقاءؾ واذكر اسم اهلل‪ ،‬وخمر إناءؾ واذكر اسم اهلل‪ ،‬ولو تعرض عليو شيئا"‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫وفي الصحيحين أيضا عن جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهما قاؿ‪" :‬جاء أبو حميد (رضي اهلل عنو) بقدح من لبن من النقيع‬
‫فقاؿ لو رسوؿ اهلل ﷺ‪ :‬أال خمرتو ولو أف تعرض عليو عودا"‪.‬‬
‫(جاء بلبن من النقيع) وىو اسم المكاف موضع سوؽ بالمدينة فجاء بو إلى بيت النبي فقاؿ لو أال خمرتو ولو أف تعرض‬
‫عليو عودا‪.‬‬
‫وروى مسلم في صحيحو عن جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهما قاؿ‪" :‬سمعت رسوؿ اهلل ﷺ يقوؿ‪" :‬غطوا اإلناء وأوكوا‬
‫السقاء فإف في السنة ليلة ينزؿ فيها وباء ال يمر بإناء ليس عليو غطاء أو سقاء ليس عليو وكاء إال نزؿ فيو من ذلك‬
‫الوباء"‪( .‬نسأؿ اهلل السبلمة)‬
‫ويستفاد من ىذا الحديث‪:‬‬
‫‪ -‬الحث على تغطية اآلنية وغلق األبواب‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو استحباب ذكر اهلل عند إطفاء المصباح وغلق األبواب وتغطية اآلنية‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو التحذير من ترؾ الصبياف في الشوارع عند دخوؿ الليل‪.‬‬

‫‪ ‬الثاني عشر من آداب الشرب‪" :‬الحمد في آخره"‬


‫فقد روى مسلم في صحيحو عن أنس بن مالك (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪ :‬إف اهلل ليرضى عن العبد أف‬
‫يأكل األكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها"‪.‬‬
‫وفي الختاـ نرجو التكرـ باإلجابة على ىذه األسئلة‪:‬‬

‫األسئ ػ ػ ػلة‬
‫السؤاؿ األوؿ‪ :‬اذكر خمسو من آداب الطعاـ إجماال وخمسة من آداب الشراب إجماال‪.‬‬
‫السؤاؿ الثاني‪ :‬من آداب الطعاـ األكل من طرؼ القصعة اذكر الدليل على ذلك‪.‬‬
‫السؤاؿ الثالث‪ :‬اذكر صيغ الحمد بعد الطعاـ والشراب‪.‬‬

‫ىذا وسبحانك اللهم وبحمدؾ نشهد أف ال إلو إال أنت نستغفرؾ ونتوب إليك‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫المحاضػ ػػرة الثامنػػة عشػػرة‬

‫الحمد هلل والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ﷺ ثم أما بعد؛‬


‫األدب الذي نتكلم عنو اليوـ إف شاء اهلل تعالى ىو‪[ :‬األدب مع الوالدين]‪ ،‬ومن جملة ىذه اآلداب‪:‬‬
‫‪ ‬األوؿ‪" :‬الشكر للوالدين"‬

‫َ‬ ‫َف ا ْش ُك ْر لِي َولَِوالِ َديْ َ‬


‫ك إِلَ َّي الْم ِ‬
‫ص ُير}‬ ‫اإلنسا َف بِوالِ َدي ِو حملَْتوُ أ ُُّموُ و ْىنًا َعلَ ٰى و ْى ٍن وِفصالُوُ فِي َعام ْي ِن أ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ص ْيػنَا ِْ َ َ ْ َ َ‬ ‫قاؿ تعالى‪َ { :‬وَو َّ‬
‫روى البخاري في األدب المفرد بسند صحيح عن سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى األشعري (رضي اهلل عنو) قاؿ‪:‬‬
‫يماني يطوؼ بالبيت حمل أمو وراء ظهره يقوؿ إني لها بعيرىا المذلل إف‬
‫"سمعت أبي يحدث أنو شهد ابن عمر ورجل ّ‬
‫أُذعرت ركابو لم أُذعر ما حملت وأرضعتني أكثر اهلل ربي ذو الجبلؿ األكبر‪ ،‬ثم قاؿ يا ابن عمر أترى أني جزيتها؟ قاؿ‪:‬‬
‫ال‪ ،‬وال بزفرة واحدة‪ ،‬ثم طاؼ ابن عمر فأتى المقاـ فصلى ركعتين‪ ،‬ثم قاؿ‪ :‬يا ابن أبي موسى إف كل ركعتين تكفراف ما‬
‫أمامهما (أي من الذنوب)"‪.‬‬
‫ويستفاد‪:‬‬
‫‪ -‬وجوب شكر اهلل تعالى‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أيضا وجوب شكر الوالدين‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف مدة اإلرضاع عاماف‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أنو مهما قدـ الولد من الخدمة ألمو فلن يستطيع أف يوفيها حقها‪.‬‬

‫‪ ‬األدب الثاني‪" :‬لين القوؿ لهما والتأدب عند مخاطبتهما"‬


‫َح ُد ُى َما أ َْو كِ َبل ُى َما فَ َبل تَػ ُقل لَّ ُه َما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫سانًا ۚ إِ َّما يَػ ْبػلُغَ َّن عن َد َؾ الْكبَػ َر أ َ‬
‫ك أ ََّال تَػ ْعبُ ُدوا إ َّال إيَّاهُ َوبال َْوال َديْ ِن إ ْح َ‬
‫ض ٰى َربُّ َ‬
‫قاؿ تعالى‪َ { :‬وقَ َ‬
‫َّ‬ ‫أ ٍّ‬
‫يما}‬ ‫ُؼ َوَال تَػ ْنػ َه ْرُى َما َوقُل ل ُه َما قَػ ْوًال َك ِر ً‬

‫وروى البخاري في األدب المفرد بسند صحيح عن طيسلة بن مياس قاؿ‪:‬‬


‫أحي‬
‫قاؿ لي ابن عمر رضي اهلل عنهما‪" :‬أت َفرؽ النار (أي أتخاؼ النار) وتحب أف تدخل الجنة؟قلت‪ :‬إي واهلل‪ ،‬قاؿ‪ٌ :‬‬
‫اجتنبت الكبائر "‪.‬‬
‫َ‬ ‫لتدخلن الجنة ما‬
‫ّ‬ ‫والداؾ؟ قلت‪ :‬عندي أمي‪ ،‬قاؿ‪ :‬فواهلل لو ألنت لها الكبلـ وأطعمتها الطعاـ‬
‫‪ -‬وفي ذلك دليل على وجوب إفراد اهلل تعالى بالعبادة‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو وجوب اإلحساف للوالدين والتأدب عند مخاطبتهما‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو حرمة التأفف للوالدين‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف من أسباب دخوؿ الجنة إالنة الكبلـ‪ ،‬وإطعاـ الطعاـ للوالدين‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ ‬األدب الثالث‪" :‬أال يسافر إال بإذنهما"‬
‫أحي‬
‫ففي الصحيحين عن عبد اهلل بن عمرو رضي اهلل عنهما قاؿ‪" :‬جاء رجل إلى النبي ﷺ فاستأذنو في الجهاد فقاؿ‪ٌ :‬‬
‫والداؾ؟ قاؿ‪ :‬نعم؛ قاؿ‪ :‬ففيهما فجاىد"‪.‬‬
‫وروى مسلم في صحيحو عن عبد اهلل بن عمرو بن العاص رضي اهلل عنهما قاؿ‪" :‬أقبل رجل إلى نبي اهلل ﷺ فقاؿ‪ :‬أبايعك‬
‫على الهجرة والجهاد أبتغي األجر من اهلل‪ ،‬قاؿ‪ :‬فهل من والديك أحد ّحي؟ قاؿ‪ :‬نعم؛ بل كبلىما‪ ،‬قاؿ فتبتغي األجر من‬
‫اهلل؟ قاؿ‪ :‬نعم؛ قاؿ‪ :‬فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما "‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬تقديم بر الوالدين على الجهاد‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أنو ال يجوز للولد أف يسافر إال بإذف والديو إال إذا حصل عليو ضرر‪.‬‬

‫‪ ‬األدب الرابع‪" :‬عدـ التعرض لسخطهما"‬


‫فقد روى الترمذي وحسنو عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) أف نبي اهلل ﷺ كاف يقوؿ‪" :‬ثبلث دعوات مستجابات ال شك‬
‫فيهن‪ :‬دعوة المظلوـ‪ ،‬ودعوة المسافر‪ ،‬ودعوة الوالد على ولده"‪.‬‬
‫وفي الصحيحين عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) أنو قاؿ‪" :‬كاف ُجريج يتعبد في صومعة فجاءت أمو‪ ،‬قاؿ ُحميد فوصف لنا‬
‫أبو رافع صفة أبي ىريرة بصفة رسوؿ اهلل ﷺ أمو حين دعتو كيف جعلت كفها فوؽ حاجبها (أي أف أبا ىريرة وصف كما‬
‫وصف النبي ﷺ حاؿ األـ عندما ألقت طلبا إلى ولدىا وىي تدعوه) فقاؿ ثم رفعت رأسها إليو تدعوه فقالت‪ :‬يا جريج أنا‬
‫أمك كلمني فصادفتو يصلي‪ ،‬فقاؿ‪ :‬اللهم أمي وصبلتي فاختار صبلتو‪ .‬فرجعت ثم عادت في الثانية فقالت‪ :‬يا جريج أنا‬
‫أمك فكلمني‪ ،‬قاؿ‪ :‬اللهم أمي وصبلتي فاختار صبلتو‪ ،‬فقالت‪ :‬اللهم إف ىذا ىو ابني وإني كلمتو فأبى أف يكلمني‪ ،‬اللهم‬
‫فبل تُ ِمتوُ حتى تُريو المومسات‪ ،‬قاؿ‪ :‬ولو دعت عليو أف يفتن لفتن‪ ،‬قاؿ‪ :‬وكاف راعي ضأف (راعي ضأف‪ :‬أي راعي األغناـ)‬
‫وكاف راعي ضأف يأوي إلى ديره‪ ،‬قاؿ‪ :‬فخرجت امرأة من القرية فواقع عليها الراعي فحملت فولدت غبلما فقيل لها‪ :‬ما‬
‫ىذا؟ قالت‪ :‬من صاحب ىذا الدير‪ ،‬قاؿ‪ :‬فجاؤوا بفؤوسهم ومساحيهم فنادوه فصادفوه وىو يصلي فلم يكلمهم‪ ،‬قاؿ‪:‬‬
‫فأخذوا يهدموف ديره‪ ،‬فلما رأى ذلك نزؿ إليهم فقالوا لو‪ :‬سل ىذه‪ .‬قاؿ‪ :‬فتبسم ثم مسح رأس الصبي فقاؿ‪ :‬من أبوؾ؟‬
‫قاؿ‪ :‬أبي راعي الضأف‪ ،‬فلما سمعوا ذلك منو قالوا‪ :‬نبني ما ىدمنا من ديرؾ بالذىب والفضة‪ ،‬قاؿ‪ :‬ال ولكن أعيدوه ترابا‬
‫كما كاف ثم عبل"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬وفيو أف السفر مظنة إجابة الدعاء‪.‬‬ ‫‪ -‬التحذير من الظلم‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو التحذير من التعرض لسخط الوالدين‪.‬‬ ‫‪ -‬وفيو عظيم دعوة المظلوـ‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف طاعة الوالدين مقدمة على نوافل العبادة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ ‬األدب الخامس‪" :‬خدمة الوالدين"‬
‫روى النسائي بسند حسن عن معاوية بن جاىمة السلمي رضي اهلل عنهما‪" :‬أف جاىمة (رضي اهلل عنو) جاء إلى النبي ﷺ‬
‫فق اؿ‪ :‬يا رسوؿ اهلل أردت أف أغزو وقد جئت أستشيرؾ‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ىل لك من أـ؟ قاؿ‪ :‬نعم؛ قاؿ‪ :‬فالزمها فإف الجنة تحت‬
‫رجليها"‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬أف بر الوالدين طريق إلى الجنة وسبب من أسبابها‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف بر الوالدين قد يكوف أفضل من الجهاد‪.‬‬

‫‪ ‬األدب السادس‪" :‬الدعاء لهما بعد موتهما واالستغفار لهما"‬


‫لقولو تعالى‪{ :‬وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}‬
‫وقد روى مسلم عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) أف النبي ﷺ قاؿ‪" :‬إذا مات اإلنساف انقطع عنو عملو إال من ثبلثة‪ :‬إال من‬
‫صدقة جارية أو علم ينتفع بو أو ولد صالح يدعو لو"‪.‬‬

‫وروى ابن ماجة بسند حسن عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬إف اهلل عز وجل ليرفع الدرجة للعبد‬
‫الصالح في الجنة فيقوؿ يا ربي أنى لي ىذا فيقوؿ باستغفار ولدؾ لك"‪.‬‬
‫ففي ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬الحث على الدعاء للوالدين بعد موتهما‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف ثواب العمل ينقطع بموت صاحبو‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو الحث على العمل ذي النفع المتعدي‪.‬‬

‫‪ ‬األدب السابع‪" :‬أف تتصدؽ عنهما بعد موتهما"‬


‫ففي الصحيحين عن عائشة رضي اهلل عنها‪" :‬أف رجبل قاؿ للنبي ﷺ‪ :‬إف أمي أفتُلِتَ ْ‬
‫ت نفسها وأظنها لو تكلمت تصدقت‪.‬‬
‫فهل لها أجر إف تصدقت عنها؟قاؿ‪ :‬نعم"‪.‬‬
‫افتلت‪ :‬أي خرجت نفسها فجأة (ماتت فجأة)‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬الحث على التصدؽ عن الوالدين بعد موتهما‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف الصدقة عن الميت تصل إليو‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أنو ينبغي للمسلم أف يبادر بالعمل الصالح ألف الموت قد يأتي فجأة‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ ‬األدب الثامن‪" :‬أف يصل المسلم أقاربو وأصدقائهما بعد موتهما"‬
‫فقد روى مسلم عن عبد اهلل بن دينار عن ابن عمر رضي اهلل عنهما‪" :‬أنو كاف إذا خرج إلى مكة كاف لو حمار يتروح عليو‬
‫إذا مل ركوب الراحلة‪ ،‬وعمامة يشد بها رأسو‪ ،‬فبينما ىو يوما على ذلك الحمار إذ مر بو أعرابي فقاؿ‪ :‬ألست ابن فبلف‬
‫ابن فبلف؟ قاؿ‪ :‬بلى؛ فأعطاه الحمار وقاؿ‪ :‬اركب ىذا‪ ،‬والعمامة قاؿ‪ :‬اُشدد بها رأسك‪.‬‬
‫فقاؿ لو بعض أصحابو‪ :‬غفراهلل لك أعطيت ىذا األعرابي حمارا كنت تروح عليو وعمامة كنت تشد بها رأسك؟‬
‫فقاؿ‪ :‬إني سمعت رسوؿ اهلل ﷺ يقوؿ‪ :‬إف من أبر البر صلة الرجل أىل ود أبيو بعد أف يولي‪ ،‬وإف أباه كاف صديقا لعمر"‪.‬‬
‫ومعنى يتروح عليو‪ :‬أنو كاف يستصحب حمارا ليستريح عليو من تعب ركوب الجمل‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬فضل صلة أصدقاء األب واإلحساف إليهم وإكرامهم‪.‬‬
‫‪ -‬وأنو ينبغي للولد أف يسعى في تحصيل ما ينفع والديو بعد موتهما‪.‬‬

‫‪ ‬األدب التاسع‪" :‬زيارة قبرىما"‬


‫فقد روي عن مسلم عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬زار النبي ﷺ قبر أمو فبكى وأبكى من حولو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬استأذنت‬
‫ربي في أف أستغفر لها فلم يؤذف لي واستأذنتو في أف ازور قبرىا فأذف لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية زيارة المقابر ألنها تزىد في الدنيا وتذكر الموت‪.‬‬ ‫‪ -‬مشروعية البكاء عند حضور المقابر‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية االستغفار للميت المسلم‪.‬‬

‫‪ ‬األدب العاشر‪" :‬عدـ مناداة األب أو األـ باسميهما"‬


‫فقد روى البخاري في األدب المفرد بسند صحيح موقوؼ عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو)‪" :‬أنو رأى رجلين فقاؿ‬
‫تس ِميو باسمو وال تمشي أمامو وال تجلس قبلو"‪.‬‬
‫ألحدىما‪ :‬من ىذا منك؟ فقاؿ‪ :‬أبي‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ال َ‬

‫‪ ‬األدب الحادي عشر‪" :‬عدـ االنتساب لغير الوالدين"‬


‫ففي الصحيحين عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) عن النبي ﷺ قاؿ‪ " :‬ال ترغبوا عن آبائكم‪ ،‬فمن رغب عن أبيو فهو َك َفر"‪.‬‬
‫مخرج من الملة‪.‬‬
‫َ‬ ‫أي ُكفر نعمة وليس ىو ال ُكفر الذي ىو‬
‫وفي الصحيحين أيضا عن سعد بن أبي وقاص (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬سمعت النبي ﷺ يقوؿ‪" :‬من ادعى إلى غير أبيو وىو‬
‫يعلم أنو غير أبيو فالجنة عليو حراـ‪ ،‬فالجنة عليو حراـ" أي من اعتقد ِح َّل ذلك فالجنة عليو حراـ‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬أف من جحد والديو أو أحدا منهما كفر بذلك‪.‬‬ ‫‪ -‬حرمة االنتساب لغير الوالدين‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ ‬األدب الثاني عشر‪" :‬أال يتسبب في شتمهما"‬
‫ففي الصحيحين عن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬إف من أكبر الكبائر أف يلعن الرجل‬
‫والديو‪،‬‬
‫قيل‪ :‬يا رسوؿ اهلل‪ ،‬وكيف يلعن الرجل والديو؟‬
‫قاؿ‪ :‬يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمو"‪.‬‬
‫فينبغي أال يسب الرجل أحدا لئبل يسب والديو‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬أف من تسبب في شتم والديو ارتكب كبيرة من الكبائر‪.‬‬
‫‪ -‬وأنو ينبغي لئلنساف أف يبتعد عن األشياء التي تتسبب في شتم والديو‪.‬‬

‫(آداب صلة األرحاـ)‬


‫آداب صلة األرحاـ تكملة آلداب بر الوالدين‪.‬‬

‫‪ ‬األدب األوؿ‪" :‬تفقد أحوالهما وإدخاؿ السرور عليهما"‬


‫ِ‬ ‫ٰ َّ ِ‬
‫اءلُو َف بِو َو ْاأل َْر َح َ‬
‫اـ} أي اتقوا قطع األرحاـ‪.‬‬ ‫سَ‬ ‫قاؿ اهلل تعالى‪َ { :‬واتَّػ ُقوا اللّ َو الذي تَ َ‬
‫سرهُ أف يبسط لو في رزقو‬
‫وفي الصحيحين عن أنس بن مالك (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬سمعت رسوؿ اهلل ﷺ يقوؿ‪" :‬من َّ‬
‫وينسأ لو في أثره فليصل رحمو"‪.‬‬

‫انج َفل الناس ِقبَلو‪،‬‬ ‫ِ‬


‫روى ابن ماجة بسند حسن عن عبد اهلل بن سبلـ (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬لما قَدـ النبي ﷺ المدينة َ‬
‫وقيل قد قدـ رسوؿ اهلل صلى عليو وسلم قدـ رسوؿ اهلل قدـ رسوؿ اهلل‪ ،‬فجئت في الناس ألنظر فلما تبينت وجهو عرفت‬
‫أف وجهو ليس بوجو كذاب‪ ،‬فكاف أوؿ شيء سمعتو تكلم بو أف قاؿ‪ :‬يا أيها الناس أفشوا السبلـ وأطعموا الطعاـ ِ‬
‫وصلوا‬
‫وصلوا بالليل والناس نياـ تدخلوا الجنة بسبلـ "‪.‬‬
‫األرحاـ َ‬
‫انج َفل الناس ِقبَلو‪ :‬أي دخل الناس قِبَلو‪ .‬أي ذىبوا مسرعين نحوه‪.‬‬
‫َ‬

‫وروى أحمد بسند صحيح عن عائشة أف النبي ﷺ قاؿ لها‪" :‬أنو من أعطي حظو من الرفق فقد أعطي حظو من خير الدنيا‬
‫واآلخرة وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمراف الديار ويزيداف في األعمار "‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬أف صلة الرحم تزيد في العمر والرزؽ‪.‬‬
‫‪ -‬وىي أيضا سبب لدخوؿ الجنة‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ ‬األدب الثاني‪" :‬عدـ قطيعة الرحم"‬
‫س ْيتُ ْم إِف تَػ َولَّْيتُ ْم أَف تُػ ْف ِس ُدوا فِي ْاأل َْر ِ‬
‫ض َوتُػ َقطِّعُوا أ َْر َح َام ُك ْم}‬ ‫قاؿ اهلل تعالى‪{ :‬فَػ َه ْل َع َ‬
‫وفي الصحيحين عن جبير بن مطعم (رضي اهلل عنو) أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬ال يدخل الجنة قاطع رحم"‬
‫وفي الصحيحين عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬إف اهلل خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت‬
‫الرحم‪ ،‬فقالت‪ :‬ىذا مقاـ العائذ بك م ن القطيعة‪ ،‬قاؿ‪ :‬نعم؛ أما ترضين أف أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت‪:‬‬
‫بلى؛ قاؿ‪ :‬فذاؾ لك"‪.‬‬
‫ض وتُػ َقطِّعوا أَرحام ُكم * أُوٰلَئِ َ َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬
‫ين‬
‫ك الذ َ‬ ‫س ْيتُ ْم إِف تَػ َول ْيتُ ْم أَف تُػ ْفس ُدوا في ْاأل َْر ِ َ ُ ْ َ َ ْ‬ ‫ثم قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪ " :‬اقرأوا اف شئتم {فَػ َه ْل َع َ‬
‫ص َارُى ْم * أَفَ َبل يَػتَ َدبػَّرو َف الْ ُق ْرآ َف أ َْـ َعلَ ٰى قُػلُ ٍ‬
‫وب أَقْػ َفالُ َها}‬ ‫ُ‬ ‫لَ َعنَػ ُه ُم اللَّوُ فَأ َ‬
‫َص َّم ُه ْم َوأَ ْع َم ٰى أَبْ َ‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬التحذير من قطيعة الرحم‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو الحث على وصل الرحم‪.‬‬

‫‪ ‬األدب الثالث‪" :‬صلة الرحم بنصحهم وإرشاد ضالهم وتذكير غافلهم"‬


‫قاؿ اهلل تعالى‪{ :‬وأنذر عشيرتك األقربين}‬
‫وفي الصحيحين عن أبيهريرة رضي اهلل أف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو قاؿ‪ " :‬لما أنزلت ىذه اآلية {وأنذر عشيرتك‬
‫وخص فقاؿ‪ :‬يا بني كعب بن لؤي؛ أنقذوا أنفسكم من النار‪ ،‬يا بني مرة‬
‫َّ‬ ‫فعم‬
‫األقربين} دعا رسوؿ اهلل ﷺ قريشا فاجتمعوا َّ‬
‫بن كعب؛ أنقذوا أنف سكم من النار‪ ،‬يا بني عبد شمس؛ أنقذوا أنفسكم من النار‪ ،‬يا بني عبد مناؼ أنقذوا أنفسكم من‬
‫النار‪ ،‬يا بني ىاشم؛ أنقذوا أنفسكم من النار‪ ،‬يا بني عبد المطلب؛ أنقذوا أنفسكم من النار‪ ،‬يا فاطمة؛ أنقذي نفسك من‬
‫النار‪ ،‬فإني ال أملك لكم من اهلل شيئا غير أف لكم رحما سأبُلها بببللها"‪.‬‬
‫خص‪ :‬أي في خطابو لهم‪.‬‬
‫فعم و َّ‬
‫َّ‬
‫يستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬تقرير قاعدة البدء باألقارب في كل شيء‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف النبي ﷺ ال يملك النفع ألقربائو وما من دونهم‪ ،‬من باب أولى لذا ال يجوز صرؼ العبادة لو كما يفعل‬

‫بعض‪.‬‬

‫‪ ‬األدب الرابع‪" :‬صلة الرحم بالتصدؽ عليهم إف كانوا فقراء"‬


‫وقد روى الترمذي وحسنو عن سلماف بن عامر (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬سمعت رسوؿ اهلل ﷺ يقوؿ‪" :‬الصدقة على المسكين‬
‫صدقة وىي على ذي الرحم اثنتاف صدقة وصلة"‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫وقاؿ البخاري رحمو اهلل حدثنا عبد اهلل بن يوسف قاؿ‪ :‬أخبرنا مالك عن إسحاؽ بن عبد اهلل بن أبي طلحة أنو سمع أنس‬
‫ابن مالك (رضي اهلل عنو) يقوؿ‪" :‬كاف أبو طلحة أكثر األنصار بالمدينةماال من نخل وكاف أحب أموالو إليو (بيرحاء)‬
‫وكانت مستقبلة المسجد وكاف رسوؿ اهلل ﷺ يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب"‪.‬‬
‫قاؿ أنس‪ :‬فلما أُنزلت ىذه اآلية‪{ :‬لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبوف}‬
‫قاـ أبو طلحة إلى رسوؿ اهلل ﷺ فقاؿ‪ :‬يا رسوؿ اهلل إف اهلل تبارؾ وتعالى يقوؿ‪{ :‬لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبوف}‬
‫وإف أحب أموالي إلى بيرحاء وإنها صدقة هلل أرجو برىا وذخرىا عند اهلل‪ ،‬فضعها يا رسوؿ اهلل حيث أراؾ اهلل قاؿ‪ :‬فقاؿ‬
‫ماؿ رابح‪ ،‬وقد سمعت ما قلت وإني أرى أف تجعلها في األقربين‪ ،‬فقاؿ أبو‬‫ماؿ رابح‪ ،‬ذلك ٌ‬‫رسوؿ اهلل ﷺ‪ :‬بَ ٍخ؛ ذلك ٌ‬
‫طلحة‪ :‬أفعل يا رسوؿ اهلل فقسمها أبو طلحة في أقاربو وبني عمو"‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا الحديث‪:‬‬
‫‪ -‬الصدقة على المسكين القريب أفضل من الصدقة على المسكين البعيد‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أنو لن يبلغ العبد بر اهلل وما عنده من نعيم اآلخرة حتى ينفق من أحب أموالو إليو‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف ال يضيع المعروؼ عند اهلل تعالى قَل ذلك أو َؾ ُُثر‪ ،‬قاؿ ما أُريد بو وجو اهلل تعالى‪.‬‬

‫‪ ‬األدب الخامس‪" :‬تقديم الهدايا لؤلرحاـ"‬


‫ففي الصحيحين عن ُكريب مولى بن عباس رضي اهلل عنهما‪" :‬أف ميمونة بنت الحارث رضي اهلل عنها أخبرتو أنها أعتقت‬
‫وليدة ولم تستأذف النبي ﷺ‪ ،‬فلما كاف يومها الذي يدور عليها فيو قالت‪ :‬أشعرت يا رسوؿ اهلل أني اعتقت وليدتي؟‬
‫قاؿ‪َ :‬أوفعلت قالت‪ :‬نعم؛قاؿ‪ :‬أما إنك لو أعطيتها أخوالك كاف أعظم لك أجرا"‪( .‬أو قاؿ أعظم ألجرؾ)‬
‫المفردات‪:‬‬
‫أعتقت وليدة‪ :‬أي َأمة‪.‬‬
‫ولم تستأذف النبي ﷺ‪،‬‬
‫يومها الذي يدور عليها فيو‪ :‬أي نوبتها في القسمة بين الزوجات‪.‬‬
‫أشعرت أني قد أعتقت وليدتي‪ :‬أي أعلمت أني أعتقت وليدتي؟‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬الهبة لذوي الرحم أفضل من العتق‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية تصدؽ المرأة من مالها بغير إذف زوجها وإف كانت غير م ِ‬
‫فسدة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫‪ ‬األدب السادس‪" :‬مقابلة القطيعة ِ‬
‫بالصلة والسيئة بالحسنة"‬
‫شو َف ربػَّهم وي َخافُو َف س ِ‬ ‫ِ‬ ‫قاؿ تعالى‪{ :‬والَّ ِذ ِ‬
‫ْحس ِ‬
‫اب}‬ ‫وء ال َ‬
‫ُ َ‬ ‫ين يَصلُو َف َما أ ََم َر اللَّوُ بِو أَف يُ َ‬
‫وص َل َويَ ْخ َ ْ َ ُ ْ َ َ‬ ‫َ َ‬

‫‪17‬‬
‫وروى البخاري عن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا‬
‫قُ ِطعت رحمو وصلها"‪.‬‬
‫وروى عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو)‪" :‬أف رجبل قاؿ‪ :‬يا رسوؿ اهلل إف لي قرابة أصلهم ويقطعونني‪ ،‬وأحسن إليهم ويسيئوف‬
‫ظهير عليهم ما‬
‫المل‪ ،‬وال يزاؿ معك من اهلل ٌ‬
‫تسفهم َ‬
‫إلي‪ ،‬وأحلم عنهم ويجهلوف علي‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ألف كنت كما قلت فكأنما ُ‬
‫ّ‬
‫دمت على ذلك"‪.‬‬
‫ويستفاد منو‪:‬‬
‫‪ -‬فضل صلة األرحاـ‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف الواصل الحقيقي لرحمو وىو الذي يصل وإف قُ ِطعت رحمو‪.‬‬

‫‪ ‬األدب السابع‪" :‬بر الخالة وصلتها"‬


‫فقد روى البخاري عن البراء بن عازب (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪ " :‬الخالة بمنزلة األـ‪ ،‬الخالة بمنزلة األـ "‬
‫األدب الثامن‪" :‬تجنب ال َخلوة باألجنبية أو مصافحتها أثناء زيارة األرحاـ"‬
‫ين ِزينَتَػ ُه َّن إَِّال َما ظَ َه َر ِم ْنػ َها ۚ َولْيَ ْ‬
‫ض ِربْ َن‬ ‫ِ‬
‫وج ُه َّن َوَال يػُْبد َ‬ ‫ْن فُػ ُر َ‬
‫ضن ِمن أَب ِ‬
‫صا ِرى َّن َويَ ْح َفظ َ‬ ‫ض َْ ْ ْ َ‬
‫قاؿ تعالى‪{ :‬وقُل لِّلْم ْؤِمنَ ِ‬
‫ات يَػ ْغ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ين ِزينَتَػ ُه َّن إَِّال لِبُػعُولَتِ ِه َّن أ َْو آبَائِ ِه َّن أ َْو آبَ ِاء بػُعُولَتِ ِه َّن أ َْو أَبْػنَائِ ِه َّن أ َْو أَبْػنَ ِاء بػُعُولَتِ ِه َّن أ َْو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب ُخ ُم ِرى َّن َعلَ ٰى ُجيُوب ِه َّن ۚ َوَال يػُْبد َ‬
‫ِ ِ‬

‫اؿ أَ ِو‬ ‫الر َج ِ‬‫اإل ْربَِة ِم َن ِّ‬‫ين غَْي ِر أُولِي ِْ‬ ‫ِِ‬
‫ت أَيْ َمانػُ ُه َّن أَ ِو التَّابع َ‬ ‫سائِ ِه َّن أ َْو َما َملَ َك ْ‬ ‫ِ‬ ‫إِ ْخوانِ ِه َّن أَو بنِي إِ ْخوانِ ِه َّن أَو بنِي أ َ ِ‬
‫َخ َوات ِه َّن أ َْو ن َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ين ِمن ِزينَتِ ِه َّن ۚ َوتُوبُوا إِلَى اللَّ ِو َج ِم ًيعا‬ ‫ِ‬ ‫ات النِّس ِاء ۚ وَال ي ْ ِ ِ ِ‬ ‫الطِّْف ِل الَّ ِذين لَم يظْهروا َعلَ ٰى َعور ِ‬
‫ض ِربْ َن بأ َْر ُجل ِه َّن ليُػ ْعلَ َم َما يُ ْخف َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ َ َُ‬
‫أَيُّوَ ال ُْم ْؤِمنُو َف لَ َعلَّ ُك ْم تُػ ْفلِ ُحو َف}‪.‬‬
‫وروى البخاري عن عقبة بن عامر (رضي اهلل عنو) أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬إياكم والدخوؿ على النساء‪ ،‬فقاؿ رجل من‬
‫الحمو؟ قاؿ‪ :‬الحمو الموت"‪.‬‬
‫َ‬ ‫األنصار‪ :‬يا رسوؿ اهلل أفرأيت‬
‫المفردات‪:‬‬
‫والحمو‪ :‬جمعها أحماء‪ ،‬وىم أقارب الزوج مثل‪[ :‬أخي الزوج‪ ،‬وابن أخيو‪ ،‬وعم الزوج‪ ،‬وابن عمو]‪" ،‬قاؿ الحمو الموت"‬

‫وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي اهلل عنهما عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬ال يخلوف رجل بامرأة إال مع ذي محرـ‪ ،‬فقاـ رجل‬
‫حاجةً واكتتبت في غزوة كذا وكذا‪ ،‬قاؿ‪ :‬ارجع فحج مع امرأتك"‪.‬‬
‫فقاؿ‪ :‬يا رسوؿ اهلل امرأتي خرجت ّ‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬بياف المحارـ الذين للمرأة المؤمنة أف تبدي زينتها عندىم ببل حرج‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو النهي عن الدخوؿ على األجنبيات والخلوة بهن سدا لذريعة وقوع الفاحشة‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫وفي الختاـ نرجو التكرـ باإلجابة على ىذه األسئلة‪.‬‬

‫األسئ ػ ػ ػلة‬
‫السؤاؿ األوؿ‪ :‬اذكر آداب بر الوالدين إجماال‪.‬‬
‫السؤاؿ الثاني‪ :‬اذكر آداب صلة الرحم إجماال‪.‬‬
‫السؤاؿ الثالث‪ :‬من آداب بر الوالدين عدـ التعرض لسخطهما‪ ،‬اذكر الدليل على ذلك‪.‬‬
‫السؤاؿ الرابع‪ :‬من آداب صلة األرحاـ بر الخالة وصلتها‪ ،‬اذكر الدليل على ذلك‪.‬‬

‫وفي الختاـ نسأؿ اهلل تبارؾ وتعالى أف يلهمنا رشدنا‪ ،‬وأف يفقهنا في ديننا‪.‬‬
‫ونسأؿ اهلل تبارؾ وتعالى أف يرزقنا الجنة يعيذنا من النار‪.‬‬
‫سبحانك اللهم وبحمدؾ نشهد أال إلو إال أنت نستغفرؾ ونتوب إليك‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫المحاض ػػرة التاسعػة عشػػرة‬

‫اليوـ إف شاء اهلل تعالى مع أدب جديد‪ ،‬ىو‪[ :‬األدب مع الجيراف]‬


‫واألدب مع الجيراف إجماال ىو‪:‬‬
‫‪ -‬أف يأمن جاره شره‪.‬‬ ‫‪ -‬عدـ إيذاء الجار‪.‬‬
‫‪ -‬االىتماـ بالجيراف‪.‬‬ ‫‪ -‬إكراـ الجار‪.‬‬
‫‪ -‬صيانة ِعرض الجار األقرب فاألقرب‪.‬‬ ‫‪ -‬الهدية للجيراف من الطعاـ ونحوه‪.‬‬
‫‪ -‬إىداء اللبن للجار‪.‬‬ ‫‪ -‬إكراـ الجار األقرب فاألقرب‪.‬‬
‫‪ -‬أال يمنع الجار جاره من استخداـ حائطو إف احتاجو‪.‬‬ ‫‪ -‬عدـ احتقار ىدية الجار وإف كانت يسيرة‪.‬‬
‫‪ -‬أف تحب لجارؾ ما تحب لنفسك‪.‬‬
‫ىذا على سبيل اإلجماؿ‪.‬‬
‫أما على سبيل التفصيل‪:‬‬
‫‪ ‬فاألدب األوؿ من آداب الجيراف‪" :‬عدـ إيذاء الجار"‬
‫ففي الصحيحين عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪ " :‬من كاف يؤمن باهلل واليوـ اآلخر فبل ِ‬
‫يؤذ جاره‪،‬‬
‫ومن كاف يؤمن باهلل واليوـ اآلخر فليكرـ ضيفو‪ ،‬ومن كاف يؤمن باهلل واليوـ اآلخر فليقل خيرا أو ليصمت"‪.‬‬
‫وروى اإلماـ أحمد بسند صحيح عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ " :‬قاؿ رجل‪ :‬يا رسوؿ اهلل إف فبلنة يُذكر من كثرة‬
‫صبلتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها قاؿ‪ :‬ىي في النار"‪.‬‬
‫والمراد بكثرة الصبلة والصياـ والصدقة‪ :‬أي التطوع‪.‬‬
‫أما الفرائض فبل إشكاؿ فيها‪.‬‬
‫فهي تُكثر من صبلة وصياـ وصدقة إال أنها تؤذي جيرانها بلسانها‪ .‬قاؿ‪ :‬ىي في النار‪.‬‬
‫تص َدؽ باألسوار من‬
‫قاؿ يا رسوؿ اهلل‪ :‬فإف فبلنة يُذكر من قلة صيامها وصدقتها وصبلتها (أي النوافل غير الفرائض) وإنها ّ‬
‫األَقِط وال تؤذي جيرانها بلسانها قاؿ‪ :‬ىي في الجنة "‪.‬‬
‫يستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬التحذير من إيذاء الجار‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬الحث على إكراـ الجار‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬من عبلمات اإليماف باهلل واليوـ اآلخر أف يقوؿ المرء خيرا أو ليسكت‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ ‬األدب الثاني‪" :‬أف يأمن جاره شره"‬
‫وقد روى مسلم عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪ " :‬ال يدخل الجنة من ال يأمن جاره بوائقو "‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا الحديث‪:‬‬
‫‪ -‬التحذير من عدـ تأمين الجار‪.‬‬
‫‪ -‬وأف الذي ال يأمن جاره بوائقو فهو ال يدخل الجنة التي أعدىا اهلل عز وجل لمن أحسن إلى جاره‪.‬‬
‫ومعنى بوائقو‪ :‬جمع بائقة‪ ،‬وىي الغائلة والداىية والفتك‪.‬‬

‫‪ ‬األدب الثالث‪" :‬إكراـ الجار"‬


‫فقد روى البخاري عن أبي ُشريح العدوي (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬سمعت أذناي وأبصرت عيناي حين تكلم النبي ﷺ فقاؿ‪:‬‬
‫" من كاف يؤمن باهلل واليوـ اآلخر فليكرـ جاره‪ ،‬ومن كاف يؤمن باهلل واليوـ اآلخر فليكرـ ضيفو‪ ،‬ومن كاف يؤمن باهلل واليوـ‬
‫يوـ وليلة‪ ،‬والضيافة ثبلثة أياـ‪ ،‬فما كاف وراء ذلك فهو‬
‫اآلخر فليكرـ ضيفو جائزتَو‪ ،‬قالوا‪ :‬وما جائزتُو يا رسوؿ اهلل؟ قاؿ‪ٌ :‬‬
‫خيرا أو ليصمت"‪.‬‬
‫صدقة عليو‪ ،‬ومن كاف يؤمن باهلل واليوـ اآلخر فليقل ً‬
‫ومعنى جائزتو‪ :‬ىي الهدية والعطية‪.‬‬
‫وىذا في أوؿ يوـ‪ .‬أما ثبلثة أياـ فهي الضيافة وما زاد عن ذلك فهو صدقة على الضيف‪.‬‬
‫وروى مسلم عن أبي ُشريح الخزاعي (رضي اهلل عنو) أف النبي ﷺ قاؿ‪" :‬من كاف يؤمن باهلل واليوـ اآلخر فليُحسن إلى‬
‫جاره"‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا الحديث‪:‬‬
‫‪ -‬األوؿ‪ :‬الحث على إكراـ الضيف‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬المطلوب من المضيف أف يبالغ في إكراـ الضيف اليوـ األوؿ وليلتو وفي باقي اليومين يأتي لو بما تيسر من‬
‫اإلكراـ غير مبالغ فيهما كاليوـ األوؿ‪ ،‬ثم بعد ذلك كاف صدقة على ضيفو‪.‬‬
‫‪ ‬األدب الرابع‪" :‬االىتماـ بالجيراف"‬
‫ففي الصحيحين عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬ما زاؿ جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنو‬
‫سيورثو"‪.‬‬
‫ّ‬
‫سيورثو‪ :‬أي حتى حسبت أف الجوار من أسباب اإلرث كالقرابة تماما‪.‬‬
‫ومعنى حتى ظننت أنو ّ‬
‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬الحث على االىتماـ بالجار واإلحساف إليو‪.‬‬
‫‪ -‬من كثرة مبالغة جبريل عليو السبلـ في وصية النبي ﷺ بالجار‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ ‬األدب الخامس‪" :‬الهدية للجيراف من الطعاـ ونحوه"‬
‫فقد روى مسلم عن أبي ذر (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬يا أبا ذر إذا طبخت مرق ًة فأكثر ماءىا وتعاىد‬
‫جيرانك"‪.‬‬
‫وروى الترمذي وحسنو عن مجاىد أف عبد اهلل بن عمرو رضي اهلل عنهما "ذُبحت لو شاةٌ في أىلو فلما جاء قاؿ‪ :‬أىديتم‬
‫سيورثو"‪.‬‬
‫لجارنا اليهودي؟ سمعت رسوؿ اهلل ﷺ يقوؿ‪ :‬ما زاؿ جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنو ّ‬

‫‪ ‬األدب السادس‪" :‬صيانة ِعرض الجار ومالو"‬


‫فقد روى اإلماـ أحمد بسند حسن عن المقداد بن األسود (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ ألصحابو‪" :‬ما تقولوف‬
‫حرمو اهلل ورسولو فهو حراـ إلى يوـ القيامة‪ ،‬قاؿ‪ :‬فقاؿ رسوؿ اهلل ﷺ ألصحابو‪ :‬ألف يزني الرجل بعشرة‬
‫في الزنا؟ قالوا‪َّ :‬‬
‫حرمها اهلل ورسولو‬
‫نسوة أيسر عليو (أي عند اهلل تعالي) من أف يزني بامرأة جاره‪ ،‬قاؿ‪ :‬فقاؿ‪ :‬ما تقولوف في السرقة؟ قالوا‪َّ :‬‬
‫فهي حراـ‪ ،‬قاؿ‪ :‬ألف يسرؽ الرجل من عشرة أبيات أيسر عليو من أف يسرؽ من جاره"‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬وفيو الحث على صيانة ِعرض الجار ومالو‪.‬‬ ‫‪ -‬عظيم ُحرمة الزنا والسرقة خاصة إذا كانت من الجار‪.‬‬

‫‪ ‬األدب السابع‪" :‬إكراـ الجار األقرب فاألقرب"‬


‫فقد روى البخاري عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪" :‬قلت‪ :‬يا رسوؿ اهلل إف لي جارين فإلى أيهما أىدي؟ قاؿ‪ :‬إلى أقربهما‬
‫منك بابًا"‪.‬‬
‫ويستفاد منو‪:‬‬
‫‪ -‬الحث على إكراـ الجار األقرب فاألقرب‪.‬‬
‫‪ ‬األدب الثامن‪" :‬إىداء اللبن للجار"‬
‫ففي الصحيحين عن عروة عن عائشة رضي اهلل عنها أنها قالت لعروة ابن أختها‪" :‬إنا كنا لننظر إلى الهبلؿ ثم الهبلؿ‪،‬‬
‫شيكم؟ قالت‪ :‬األسوداف‪ :‬التمر‬
‫ثبلثة أىلة في شهرين وما أوقدت في أبيات رسوؿ اهلل ﷺ نار‪ ،‬فقلت‪ :‬يا خالة؛ ما كاف يُع ّ‬
‫والماء‪.‬‬
‫أو قاؿ‪ :‬فقلت‪ :‬يا خالة ما كاف يُعيِشكم؟ قالت‪ :‬األسوداف التمر والماء‪ ،‬إال أنو قد كاف لرسوؿ اهلل ﷺ جيراف من األنصار‬
‫كانت لهم منائح‪ ،‬وكانوا يمنحوف رسوؿ اهلل ﷺ من ألبانهم فيسقينا"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬عظيم زىد النبي ﷺ في الدنيا (فقد كاف يأتي على بيتو الهبلؿ ثم الهبلؿ ثم الهبلؿ وال يُوقد في بيتو نار ﷺ)‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو الحث على إىداء الطعاـ للجار‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ ‬التاسع‪" :‬عدـ احتقار ىدية الجار وإف كانت يسيرة"‬
‫رسن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ففي الصحيحين عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬يا نساء المسلمات ال تَحقرف جارة لجارتها ولو ف َ‬
‫شاة"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫رسن شاة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪ -‬عدـ احتقار الهدية وإف كانت يسيرة وإف كانت ف َ‬
‫وفرسن الشاة‪ :‬ىو حافر‪ ،‬وأصلو في االبل‪ ،‬وىو فيها مثل القدـ في اإلنساف‪.‬‬

‫‪ ‬األدب العاشر‪" :‬أال يمنع الجار جاره من استخداـ حائطو إف احتاجو"‬


‫ففي الصحيحين عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬ال يمنع جار جاره أف يغرز خشبة في جداره"‪.‬‬
‫ثم يقوؿ أبو ىريرة (رضي اهلل عنو)‪ " :‬ما لي أراكم عنها معرضين واهلل ألرميّ َن بها بين أكتافكم"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬النهي عن منع الجار أف يضع خشبة على جدار جاره إذا لم يكن عليو ضرر من وضعها‪ ،‬وكاف للجار حاجة إلى‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وقُيد وضع الخشب بعدـ الضرر على صاحب الجدار‪ ،‬وبحاجة صاحب الخشب!؟‬
‫ألف التصرؼ في ماؿ الغير ممنوع إال بإذنو فبل يجوز إال لحاجة لهذا الجار في ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬األدب الحادي عشر‪" :‬أف تحب لجارؾ ما تحب لنفسك"‬


‫فقد روى مسلم في صحيحو عن أنس بن مالك رضي اهلل عنو‪ ،‬عن النبي ﷺ قاؿ‪ " :‬ال يؤمن أحدكم حتى يحب ألخيو أو‬
‫قاؿ لجاره ما يحب لنفسو"‪.‬‬
‫ويستفاد‪:‬‬
‫‪ -‬الحث على محبة إخواننا المسلمين ال َسيما الجار كمحبة أنفسنا‪.‬‬
‫‪ -‬وفي ىذا دليل على أف من عبلمات كماؿ اإليماف محبة الخير للغير‪.‬‬

‫وبهذا تنتهي اآلداب مع الجار‪ ،‬و نشرع إف شاء اهلل تعالى في‪[ :‬آداب اإلخوة]‬
‫وآداب اإلخوة كثيرة‪:‬‬
‫حسن أخبلقنا‪.‬‬
‫‪ ‬األدب األوؿ‪ُ " :‬حسن ال ُخلق" نسأؿ اهلل تعالى أف يُ ِّ‬
‫لي رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬اتق اهلل حيثماكنت وأتبع‬
‫فقد روى الترمذي وقاؿ حسن صحيح عن أبي ذر (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ َ‬
‫السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس ب ُخلق حسن وخالق الناس ب ُخلق حسن"‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫وروى الترمذي وحسنو البزار عن أبي الدرداء (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬سمعت النبي ﷺ يقوؿ‪" :‬ما من شيء يوضع في‬
‫الميزاف أثقل من ُحسن الخلق‪ ،‬وإف صاحب ُحسن الخلق ليبلغ بو درجة صاحب الصوـ والصبلة"‪.‬‬
‫نسأؿ اهلل عز وجل أف ي ِ‬
‫حسن أخبلقنا‪.‬‬‫ُ‬
‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬وفيو الحث على معاملة الناس ب ُخلق حسن‪.‬‬ ‫‪ -‬وجوب تقوى اهلل تعالى‪.‬‬
‫‪ -‬وعظيم مقاـ ُحسن الخلق‪.‬‬ ‫‪ -‬والحث على ُحسن الخلق‪.‬‬ ‫‪ -‬وفيو إثبات الميزاف‪ ،‬وأنو حقيقي‪.‬‬

‫‪ ‬األدب الثاني‪" :‬ستر العيوب لئلخواف"‬


‫ففي الصحيحين عن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما‪ ،‬أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪ " :‬المسلم أخو المسلم ال يظلمو وال‬
‫يُسلِمو‪ ،‬ومن كاف في حاجة أخيو كاف اهلل في حاجتو‪ ،‬ومن فرج عن مسلم كربة فرج اهلل عنو كربة من كربات يوـ القيامة‪،‬‬
‫ومن ستر مسلما ستره اهلل يوـ القيامة"‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا الحديث‪:‬‬
‫‪ -‬وفيو فضل قضاء حاجات المسلمين ونفعهم بما تيسر‪.‬‬ ‫‪ -‬الحث على التيسير على المعسر‪.‬‬

‫‪ ‬الثالث من اآلداب‪" :‬اختيار األصدقاء الصالحين"‬


‫فقد روى الترمذي وقاؿ حسن غريب عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪ " :‬الرجل على دين خليلو‬
‫فلينظر أحدكم من يخالل"‬
‫وروى الترمذي وحسنو البغوي عن أبي سعيد (رضي اهلل عنو) أنو سمع رسوؿ اهلل صلى اهلل وسلم يقوؿ‪ " :‬ال تصاحب إال‬
‫مؤمنا وال يأكل طعامك إال تقي"‪.‬‬
‫وىذا فيو دليل فيو على‪:‬‬
‫‪ -‬وفيو أف المؤمن ال يصاحب إال مؤمنا‪.‬‬ ‫‪ -‬اختيار الصديق الصالح ال ِسيّما في السفر‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو التحذير من مصاحبة الفساؽ‪.‬‬

‫‪ ‬األدب الرابع‪" :‬االبتعاد عن مصاحبة األشرار"‬


‫اء ُى ْم أ َْو إِ ْخ َوانَػ ُه ْم‬ ‫قاؿ تعالى‪َّ { :‬ال تَ ِج ُد قَػ ْوًما يػُ ْؤِمنُو َف بِاللَّ ِو َوالْيَػ ْوِـ ْاآل ِخ ِر يػُوادُّو َف َم ْن َح َّ َّ‬
‫اء ُى ْم أ َْو أَبْػنَ َ‬
‫اد اللوَ َوَر ُسولَوُ َولَ ْو َكانُوا آبَ َ‬ ‫َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يما َف َوأَيَّ َد ُىم بِ ُر ٍ‬ ‫ب فِي قُػلُوبِ ِه ُم ِْ‬ ‫أ َْو َع ِش َيرتَػ ُه ْم ۚ أُوٰلَئِ َ‬
‫ين‬
‫ار َخالد َ‬ ‫وح ِّم ْنوُ ۚ َويُ ْدخلُ ُه ْم َجنَّات تَ ْج ِري من تَ ْحت َها ْاألَنْػ َه ُ‬ ‫اإل َ‬ ‫ك َكتَ َ‬
‫ب اللَّ ِو ُى ُم ال ُْم ْفلِ ُحو َف}‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضوا ع ْنو ۚ أُوٰلَئِ َ ِ‬ ‫فِ َيها ۚ ر ِ‬
‫ب اللَّو ۚ أ ََال إِ َّف ح ْز َ‬ ‫ك ح ْز ُ‬ ‫ض َي اللَّوُ َع ْنػ ُه ْم َوَر ُ َ ُ‬ ‫َ‬
‫وقاؿ تعالى‪َ { :‬وَال تُ ِط ْع َم ْن أَ ْغ َفلْنَا قَػلْبَوُ َعن ِذ ْك ِرنَا َواتَّػبَ َع َى َواهُ َوَكا َف أ َْم ُرهُ فُػ ُرطًا}‬
‫اب إِلَ َّي}‬ ‫ِ ِ‬
‫يل َم ْن أَنَ َ‬ ‫قاؿ تعالى‪َ { :‬واتَّب ْع َسب َ‬

‫‪24‬‬
‫وفي الصحيحين عن أبي موسى (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل‬
‫يعدمك من صاحب المسك إما تشتريو أو تجد ريحو‪ ،‬وكير الحداديُحرؽ بدنك أو ثوبك‬
‫صاحب المسك وكير الحداد ال ُ‬
‫ريحا خبيثة"‪.‬‬
‫أو تجد منو ً‬
‫وىذا فيو‪:‬‬
‫‪ -‬وجوب االبتعاد عن مصاحبة األشرار‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو فضيلة مجالسة الصالحين‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية ضرب المثل لبياف المعنى‪.‬‬

‫‪ ‬األدب الخامس‪" :‬مبلزمة الحياء في التعامل مع اإلخواف"‬


‫ففي الصحيحين عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬اإليماف بضع وسبعوف‪ ،‬أو قاؿ بضع وستوف‬
‫شعبة‪ ،‬فأفضلها قوؿ ال إلو إال اهلل وأدناىا إماطة األذى عن الطريق‪ ،‬والحياء شعبة من اإليماف"‬
‫وبضع وسبعوف‪ :‬البِضع‪ :‬القطعة من الشيء وىو في العدد ما بين الثبلث إلى التسع‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا الحديث‪:‬‬
‫‪ -‬أف اإليماف قوؿ وعمل واعتقاد‪.‬‬
‫‪ -‬وىذا ىو معتقد أىل السنة والجماعة‪.‬‬
‫خصو بالذكر بعد ذكر المجمل‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو فضيلة الحياء حيث ّ‬
‫‪ -‬وفيو الحث علىمبلزمة الحياء في التعامل مع اإلخواف‪.‬‬

‫‪ ‬األدب السادس‪" :‬بشاشة الوجو"‬


‫تبسمك في وجو أخيك لك‬
‫فقد روى الترمذي وصححو األلباني عن أبي ذر (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪ُ " :‬‬
‫صدقة"‪.‬‬
‫وفي ذلك دليل على‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب البشاشة عند لقاء األصحاب‪.‬‬
‫بالتبسم أيضا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬وفيو أف الصدقة ال تقتصر على الماؿ فهي‬

‫‪ ‬األدب السابع‪" :‬عدـ إخبلؼ الوعد"‬


‫ثبلث‪ :‬إذا ح ّدث كذب‪ ،‬وإذا وعد‬
‫ففي الصحيحين عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) عن النبي ﷺ قاؿ‪ " :‬آية المنافق ٌ‬
‫أخلف‪ ،‬وإذا اؤتمن خاف"‪.‬‬
‫والمراد بالمنافق ىنا‪ :‬النفاؽ العملي الذي ىو دوف الكفر‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫ويستفاد منو‪:‬‬
‫‪ -‬التحذير من الخيانة‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو التحذير من النفاؽ العملي فضبل عن االعتقادي‪.‬‬
‫وخص النبي ﷺ ىذه الثبلثة بالذكر الشتمالها على‪ :‬المخالفة التي ىي مبنى النفاؽ من مخالفة السر العلن‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫فالكذب ىو اإلخبار عن الشيء على خبلؼ ما ىو بو‪ ،‬واألمانة حقها أف تؤدى إلى أىلها‪ ،‬فالخيانة مخالفة لها‪،‬‬
‫والخبلؼ في الوعد ظاىر‪ ،‬ولذا صرح بالخيانة‪.‬‬

‫‪ ‬األدب الثامن‪" :‬قبػوؿ العػذر"‬


‫صفح‪ ،‬فبلغ‬ ‫ففي الصحيحين عن سعد بن عبادة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬لو رأيت رجبل مع امرأتي لضربتو بالسيف غير ُم َ‬
‫ذلك رسوؿ رسوؿ اهلل ﷺ فقاؿ‪" :‬أتعجبوف من غيرة سعد؟ واهلل ألنا أغير منو‪ ،‬واهلل أغير مني‪ ،‬ومن أجل غيرة اهلل ّحرـ‬
‫الفواحش ما ظهر منها وما بطن‪ .‬وال أحد أحب إليو العذر من اهلل‪ ،‬ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين‪ ،‬وال أحد‬
‫أحب إليو ِ‬
‫المدحة من اهلل‪ .‬ومن أجل ذلك وعد اهلل الجنة"‪.‬‬
‫والمراد ب ِ‬
‫المدحة‪ :‬أي الثناء بذكر أوصاؼ الثناء واإلفضاؿ‪.‬‬

‫‪ ‬األدب التاسع‪" :‬قضاء حوائج اإلخواف واألصحاب"‬


‫روى ابن أبي الدنيا وحسنو األلباني عن عمرو بن دينار عن بعض أصحاب النبي ﷺ‪ ،‬أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬أحب الناس‬
‫سرور يُدخلو على مسلم أو يكشف عنو كربو أو يقضي عنو‬
‫إلى اهلل تعالى أنفعهم للناس‪ ،‬وأحب األعماؿ إلى اهلل تعالى ٌ‬
‫إلي من أف أعتكف في ىذا المسجد (يعني مسجد المدينة)‬ ‫ٍ‬
‫جوعا‪ ،‬وألف أمشي مع أخي في حاجة أحب ّ‬
‫دينًا أو يطرد عنو ً‬
‫رجاء يوـ القيامة‪ ،‬ومن‬
‫شهرا‪ ،‬ومن كف غضبو ستر اهلل عورتو‪ ،‬ومن كظم غيظو ولو شاء أف يمضيو أمضاه مؤل اهلل قلبو ً‬ ‫ً‬
‫مشى مع أخيو في حاجة حتى تتهيأ لو ثبت اهلل قدمو يوـ تزوؿ األقداـ‪ ،‬وإف سوء الخلق يُفسد العمل كما يُفسد الخل‬
‫العسل"‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا الحديث‪:‬‬
‫‪ -‬الحث علي قضاء حوائج المسلمين‪.‬‬
‫‪ -‬ويستفاد منو أيضا أف العمل ذو النفع المتعدي أفضل من العمل للنفع الذاتي‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو فضل كظم الغيظ عند المقدرة على إمضائو‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو التحذير من سوء ال ُخلق‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ ‬األدب العاشر‪" :‬خدمتهم إذا احتاجوا إليك"‬
‫فقد روى مسلم عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬من نَػ َّفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نَػ َّفس‬
‫لما ستره اهلل في‬
‫يسر اهلل عليو في الدنيا واآلخرة‪ ،‬ومن َستر مس ً‬
‫يسر على ُمعسر َّ‬
‫اهلل عنو كربة من كرب يوـ القيامة‪ ،‬ومن َّ‬
‫الدنيا واآلخرة‪ ،‬واهلل في عوف العبد ما كاف العبد في عوف أخيو"‪.‬‬
‫(وىذا ىو الشاىد‪ :‬واهلل في عوف العبد ماكاف العبد في عوف أخيو)‪.‬‬
‫علما سهل اهلل لو بو طريقا إلى الجنة‪ ،‬وما اجتمع قوـ في بيت من بيوت اهلل يتلوف كتاب اهلل‬
‫"ومن سلك طريقا يلتمس فيو ً‬
‫ويتدارسونو بينهم إال نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم المبلئكة وذكرىم اهلل فيمن عنده‪ ،‬ومن أبطأ بو عملو‬
‫سبو"‪.‬‬
‫لم يُسرع بو نَ َ‬
‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬الترغيب في التيسير على المعسر‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو فضل االشتغاؿ بطلب العلم‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو المسارعة في تنفيس ال ُكرب والتيسير العسير والستر على المسلمين‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف اإلنساف إذا عزـ على معاونة أخيو فينبغي لو أال يجبن عن إنفاذ قولو وص ِ‬
‫دعو بالحق إيمانًا بأف اهلل تعالى‬ ‫َ‬
‫في عونو‪.‬‬
‫‪ ‬الحادي عشر‪" :‬زيارتهم في اهلل والسؤاؿ عن أحوالهم"‬
‫مدرجتو‬
‫أخا لو في قرية أخرى فأرصد اهلل على َ‬
‫روى مسلم عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) عن النبي ﷺ‪" :‬أف رجبل زار ً‬
‫ملكا"‪ .‬فأرصد‪ :‬أي أقعد‪ .‬على مدرجتو‪ :‬على طريقو ملكا‪.‬‬
‫"فلما أتى عليو قاؿ‪ :‬أين تريد؟‪ ،‬قاؿ‪ :‬أريد أخا لي في ىذه القرية‪ ،‬قاؿ‪ :‬ىل لك عليو من نعمة تربُّها؟"‬
‫(تربُّها‪ :‬أي ىل لك عليو من مصلحة تقوـ بإصبلحها وتنهض إليو بسبب ذلك؟)‬
‫"قاؿ‪ :‬ال‪ ..‬غير أني أحببتو في اهلل عز وجل‪ ،‬قاؿ‪ :‬فإني رسوؿ اهلل إليك بأف اهلل قد أحبك كما أحببتو فيو"‪.‬‬
‫روى أحمد وصححو الحافظ بن حجر عن معاذ بن جبل (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬سمعت رسوؿ اهلل ﷺ يحكي عن ربو عز‬
‫في"‪.‬‬
‫في‪ ،‬وحقت محبتي للمتزاورين ّ‬
‫في‪ ،‬وحقت محبتي للمتباذلين ّ‬
‫وجل يقوؿ‪" :‬حقت محبتي للمتحابين ّ‬
‫المتباذلين‪ :‬التباذؿ‪ :‬أف يبذؿ كل منهما ما لو ألخيو متى احتاجو ال لغرض دنيوي‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬والحث على اإلخبلص في األعماؿ‪.‬‬ ‫‪ -‬الحث على التزاور في اهلل‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو فضيلة زيارة الصالحين واألصحاب‪.‬‬

‫‪ -‬وفيو فضل المحبة في اهلل تعالى وأنها سبب لحب اهلل تعالى للعبد‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ ‬الثاني عشر من اآلداب‪" :‬ال َذفاع عن اإلخواف والذب عنهم"‬
‫ب أَح ُد ُكم أَف يأْ ُكل لَحم أ ِ‬
‫َخ ِيو َم ْيتًا فَ َك ِرْىتُ ُموهُ ۚ}‬ ‫ِ‬
‫قاؿ تعالى‪{ :‬أَيُح ُّ َ ْ َ َ ْ َ‬
‫روى الترمذي وحسنو عن أبي الدرداء (رضي اهلل عنو) عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬من رد عن ِعرض أخيو رد اهلل عن وجهو النار‬
‫يوـ القيامة"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬تحريم الغيبة والنميمة‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو الحث على الدفاع عن اإلخواف‪ ،‬وال َذب عنهم‪.‬‬

‫‪ ‬األدب الثالث عشر‪" :‬ستر عيوب الصديق وإظهار الجميل"‬


‫فقد روى البخاري عن أنس (رضي اهلل عنو) عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬ال يؤمن أحدكم حتى يحب ألخيو ما يحب لنفسو"‪.‬‬
‫ويستفاد منو‪:‬‬
‫‪ -‬أنو كما يحب اإلنساف ستر عيوبو فكذلك ينبغي لو أف يستر عيوب اآلخرين‪ ،‬وىذا من كماؿ اإليماف‪.‬‬

‫‪ ‬الرابع عشر من اآلداب‪" :‬احتماؿ األذى وقلة الغضب"‬


‫فقد روى البخاري عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) أف رجبل قاؿ للنبي ﷺ‪" :‬أوصني‪ ،‬قاؿ‪ :‬ال تغضب‪ ،‬فردد مرارا قاؿ‪ :‬ال‬
‫تغضب"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬خطورة الغضب‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو حرص الصحابة رضي اهلل عنهم على السؤاؿ والفائدة‪.‬‬

‫‪ ‬الخامس عشر‪" :‬الدعاء لهم بظهر الغيب"‬


‫فقد روى مسلم في صحيحو عن صفواف وىو ابن عبد اهلل بن صفواف وكانت تحتو الدرداء‪ ،‬قاؿ‪" :‬قدمت الشاـ فأتيت أبا‬
‫الدرداء (رضي اهلل عنو) في منزلو فلم أجده ووجدت أـ الدرداء فقالت‪ :‬أتريد الحج العاـ؟‬
‫فقلت‪ :‬نعم‬
‫قالت‪ :‬فادعُ اهلل لنا بخير‪ .‬فإف النبي ﷺ كاف يقوؿ‪ :‬دعوة المرء المسلم ألخيو بظهر الغيب مستجابة‪ ،‬عند رأسو ملك‬
‫موكل كلما دعا ألخيو بخير قاؿ الملك الموكل بو‪ :‬آمين ولك بمثل (أي بمثل ما دعوت) "‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬فضيلة الدعاء بظهر الغيب‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو كلما كاف العمل بعي ًدا عن أسماع الناس كلما كاف أقرب للقبوؿ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ ‬السادس عشر‪" :‬التواضع لئلخواف وترؾ التكبر عليهم"‬
‫لي أف تواضعوا‬ ‫ِ‬
‫فقد روى مسلم عن عياض بن حمار المجاشعي (رضي اهلل عنو) أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬إف اهلل أوحى إ ّ‬
‫حتى ال يفخر أح ٌد على أحد وال يبغي أح ٌد على أحد"‪.‬‬
‫ويستفاد منو‪:‬‬
‫‪ -‬الحث على التواضع للناس في الخطاب‪ ،‬ال سيما لئلخواف‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو التحذير من الظلم‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو التحذير من االفتخار بالنفس والتكبر على الناس‪.‬‬

‫‪ ‬السابع عشر‪" :‬حفظ أسرار اإلخواف"‬


‫فقد روى الترمذي وحسنو عن جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنو‪ ،‬عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬إذا َّ‬
‫حدث الرجل الحديث ثم التفت‬
‫فهي أمانة"‪ .‬فحفظ السر أمانة‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا الحديث‪:‬‬
‫‪ -‬الحث على حفظ األسرار‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو سماحة الشريعة اإلسبلمية لمراعاتها خصوصيات الغير‪.‬‬

‫‪ ‬الثامن عشر‪" :‬النصح لئلخواف"‬


‫الداري (رضي اهلل عنو) أف النبي ﷺ قاؿ‪" :‬الدين النصيحة‪ .‬قلنا‪ :‬لمن؟ قاؿ‪ :‬هلل ولكتابو ولرسولو‬
‫ّ‬ ‫فقد روى مسلم عن تميم‬
‫وألئمة المسلمين وعامتهم"‪.‬‬
‫الدين النصيحة‪ :‬النصيحة‪ :‬تصفية النفس من الغش للمنصوح لو‪ ،‬أو ىي كلمة يُعبَر بها عن إرادة الخير للمنصوح لو‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬وفيو أف النصيحة تسمى دينًا وإسبلما‪.‬‬ ‫‪ -‬األمر بالنصيحة‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف النصيحة في الدين عامة وال تقتصر على بياف العيوب فقط‪.‬‬

‫‪ ‬التاسع عشر‪" :‬أال يهجر أخاه"‬


‫فقد روى البخاري عن أبي أيوب األنصاري (رضي اهلل عنو) أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬ال يحل ٍ‬
‫لرجل أف يهجر أخاه فوؽ‬
‫ثبلث ٍ‬
‫لياؿ يلتقياف فيُعرض ىذا ويُعرض ىذا وخيرىما الذي يبدأ بالسبلـ"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬حرمة ىجر األخ أخاه أكثر من ثبلث ٍ‬
‫لياؿ‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف خير المتخاصمين من يبدأ بالسبلـ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ ‬العشروف من اآلداب‪" :‬أال يقبل على إخوانو مقالة ٍ‬
‫واش وال نماـ"‬
‫فقد روى البخاري عن ىماـ قاؿ‪" :‬كنا مع حذيفة (رضي اهلل عنو) فقيل لو‪ :‬إف رجل يرفع الحديث إلى عثماف"‪.‬‬
‫(ويرفع الحديث يعني‪ :‬ينقل كبلـ الناس إلى عثماف أمير المؤمنين)‪.‬‬
‫"فقاؿ لو حذيفة‪ :‬سمعت النبي ﷺ قاؿ‪ :‬ال يدخل الجنة قتات"‪.‬‬
‫قتات‪ :‬أي نماـ‪.‬‬
‫والنماـ ىو‪ :‬الذي يكوف مع القوـ فيتحدثوف فينُم حديثهم‪.‬‬
‫سمع على القوـ وىم ال يعلموف ذلك ثم ينقل ما سمعو منهم‪.‬‬
‫وقيل القتات‪ :‬ىو الذي يتَ َ‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬التحذير من النميمة‪ ،‬وىي نقل الحديث لئلفساد والشر‪.‬‬
‫‪ -‬ويستفاد أيضا التحذير من التجسس على الغير‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف النميمة من أسباب دخوؿ النار‪.‬‬

‫وفي الختاـ نرجو التكرـ باإلجابة عن ىذه األسئلة‪:‬‬

‫األسئ ػ ػ ػلة‬
‫السؤاؿ األوؿ‪ :‬اذكر آداب الجيراف إجماال‪.‬‬
‫السؤاؿ الثاني‪ :‬اذكر اآلداب مع اإلخوة إجماال‪.‬‬
‫السؤاؿ الثالث‪ :‬من اآلداب مع الجيراف إكراـ الجار‪ ،‬فما الدليل على ذلك؟‬
‫السؤاؿ الرابع‪ :‬من آداب اإلخوة الدعاء لهم بظهر الغيب‪ .‬فما الدليل على ذلك؟‬

‫ىذا ونسأؿ اهلل تبارؾ وتعالى أف يفقهنا في ديننا وأف يلهمنا رشدنا‪،‬‬
‫ونسألو الجنة وما قرب إليها من قوؿ أو عمل ونعوذ بو من النار وما قرب إليها من قوؿ أو عمل‪.‬‬
‫سبحانك اللهم وبحمدؾ‪ ،‬نشهد أف ال إلو إال أنت‪ ،‬نستغفرؾ ونتوب إليك‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫المحاض ػػرة العشػ ػروف‬
‫اليوـ إف شاء اهلل تعالى نتكلم عن‪" :‬آداب عيادة المريض"‬
‫وآداب عيادة المريض ىي‪:‬‬

‫‪ ‬األوؿ‪" :‬أف يدعو اهلل لو بالشفاء"‬


‫فقد روى البخاري في صحيحو عن عائشة بنت سعد‪" :‬أف أباىا قاؿ‪ :‬تش ّكيت بمكة ش ًكى شدي ًدا فجاءني رسوؿ اهلل ﷺ‬
‫ماال وإني لم أترؾ إال ابنة واحدة فهل أوصي بثلثي مالي وأترؾ الثلث؟ قاؿ‪ :‬ال‪ ،‬فقلت‪:‬‬
‫يعودني فقلت‪ :‬يا نبي اهلل إني أترؾ ً‬
‫فأوصي بالنصف وأترؾ النصف؟ قاؿ‪ :‬ال‪ ،‬قلت‪ :‬فأوصي بالثلث وأترؾ لها الثلثين؟ قاؿ‪:‬الثلث والثلث كثير‪ ،‬ثم وضع يده‬
‫على جبهتو" [وىذا ىو موضع الشاىد ] "ثم وضع يده على جبهتو ثم مسح يده على وجهو وبطنو‪ ،‬ثم قاؿ‪ :‬اللهم اشف‬
‫إلي حتى الساعة "‪.‬‬
‫يخاؿ ّ‬
‫سعدا وأتمم لو ىجرتو‪ ،‬قاؿ‪ :‬فما زلت أجد برده على كبدي فيما ُ‬
‫ضا لم يحضر أجلو فقاؿ‬
‫وروى أبو داود والترمذي وحسنو عن ابن عباس رضي اهلل عنهما عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬من عاد مري ً‬
‫عنده سبع مرار‪ :‬أسأؿ اهلل العظيم رب العرش العظيم أف يشفيك إال عافاه اهلل من ذلك المرض"‪.‬‬
‫ومعنى لم يحضر أجلو‪ :‬أي لم ِ‬
‫يأت وقت موتو‪.‬‬
‫ضا‬
‫وحسنو الحافظ بن حجر عن ابن عمرو (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ النبي ﷺ‪ " :‬إذا جاء الرجل يعود مري ً‬
‫وروى أبو داود ّ‬
‫عدوا أو يمشي لك إلى جنازة "‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فليقل‪ :‬اللهم اشف عبدؾ اللهم اشف عبدؾ ينكأ لك ً‬
‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬الحث على عيادة المريض والدعاء لو‪.‬‬
‫‪ -‬وكذلك فيو مشروعية الوصية بالثلث فأقل‪.‬‬
‫‪ -‬وكذلك تستحب الوصية لمن ترؾ ماال كثيرا‪.‬‬

‫‪ ‬الثاني‪" :‬أف يأمره العائد لو بالصبر والتحمل"‬


‫قاؿ اهلل تعالى‪{ :‬وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا هلل وإنا إليو راجعوف أولئك عليهم صلوات من ربهم‬
‫ورحمة وأولئك ىم المهتدوف}‪.‬‬
‫وروى البخاري عن أبي موسى (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪ " :‬إذا مرض العبد أو سافر ُكتِب لو مثل ما كاف‬
‫صحيحا"‬
‫ً‬ ‫مقيما‬
‫يعمل ً‬
‫ُكتِب لو ما كاف يعمل مقيما صحيحا‪ :‬أي كتب لو ما كاف يعمل وىو مقيم غير مسافر وىو صحيح غير مريض‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬وفيو فضيلو المواظبة على العمل الصالح‪.‬‬ ‫‪ -‬فضيلة الصبر‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ ‬الثالث من اآلداب‪" :‬أف يذىب لعيادة المريض ماشيًا"‬
‫ففي الصحيحين عن جابر (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬عادني النبي ﷺ وأبو بكر في بني َسلِمة ماشييَن فوجدني النبي ﷺ ال‬
‫أعقل شيئا فدعا ٍ‬
‫بماء فتوضأ"‪.‬‬
‫ال أعقل شيئا‪ :‬أي من شدة المرض‪.‬‬
‫علي‪ ،‬فأفقت فقلت‪ :‬ما تأمرني أف أصنع في مالي يا رسوؿ اهلل فنزلت {يوصيكم اهلل في‬
‫رش ّ‬‫"فدعا بماء فتوضأ منو ثم َ‬
‫أوالدكم}‪.‬‬

‫ضا لم يزؿ في ُخ ِ‬
‫رفة الجنة‪ .‬قيل‪ :‬يا‬ ‫وروى مسلم عن ثوباف مولى رسوؿ اهلل ﷺ عن رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪ " :‬من عاد مري ً‬
‫رسوؿ اهلل؛ وما ُخرفة الجنة؟ قاؿ‪ :‬جناىا" أي ما يجتني منها‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬فضل عيادة المريض‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أيضا استحباب الذىاب لعيادة المريض ماشيًا‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية طلب الوصية من الصالحين‪.‬‬

‫‪ ‬الرابع من اآلداب‪" :‬يستحب أف يقوؿ الزائر‪ :‬ال بأس عليك‪ ،‬طهور إف شاء اهلل"‬
‫روى البخاري عن ابن عباس رضي اهلل عنهما‪ " :‬أف النبي ﷺ دخل على أعرابي يعوده‪ ،‬قاؿ‪ :‬وكاف النبي ﷺ إذا دخل على‬
‫مريض يعوده قاؿ‪ :‬ال بأس طهور إف شاء اهلل‪ ،‬فقاؿ لو‪( :‬أي لؤلعرابي) ال بأس طهور إف شاء اهلل‪ ،‬قاؿ‪ :‬قلت طهور؟ كبل؛‬
‫بل ىي حمى تفور‪ ،‬أو قاؿ‪ :‬تثور على شيخ كبير تزيره القبور‪ ،‬فقاؿ النبي ﷺ‪ :‬فنعم إذف"‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬أنو ينبغي للمريض أف يتلقى موعظة العائد بالقبوؿ ويحسن جواب من يُذكره بذلك‪.‬‬
‫‪ -‬من السنة أف يُخاطَب العليل بما يُسليو من ألمو‪.‬‬
‫‪ -‬ويستحب أف يقوؿ الزائر للمريض‪ :‬ال بأس طهور إف شاء اهلل‪.‬‬

‫‪ ‬الخامس من اآلداب‪" :‬استحباب وضع اليد على المريض ورقيتو"‬


‫ففي الصحيحين عن عائشة رضي اهلل عنها‪" :‬أف رسوؿ اهلل ﷺ كاف إذا أتى مريضا أو أُتي بو قاؿ‪ :‬أذىب الباس رب الناس‬
‫شفاء ال يغادر سقما"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اشف وأنت الشافي ال شفاء إال شفاؤؾ ً‬

‫وفي الصحيحين أيضا عنها رضي اهلل عنها‪" :‬أف رسوؿ اهلل ﷺ كاف إذا اشتكى يقرأ على نفسو بالمعوذات" (يعني إذا‬
‫مرض ﷺ يقرأ على نفسو بالمعوذات)‪" ،‬وينفث‪ ،‬فلما اشتد وجعو قالت‪ :‬كنت أقرأ عليو وأمسح بيده رجاء بركتها"‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬أنو ال شافي إال اهلل تبارؾ وتعالى‪.‬‬
‫يدع بالشفاء فقط إنما دعا بأال يترؾ وجعا‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو كماؿ دعاء النبي ﷺ حيث لم ُ‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية الرقية ما لم تكن شرًكا‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية رقية المريض دوف طلب منو‪.‬‬

‫‪ ‬السادس‪" :‬تذكير المريض بوضع يده على موضع األلم والدعاء لنفسو"‬
‫وجعا يجده في جسده منذ‬
‫روى مسلم عن عثماف بن أبي العاص الثقفي (رضي اهلل عنو)‪" :‬أنو شكى إلى رسوؿ اهلل ﷺ ً‬
‫أسلم‪ ،‬فقاؿ لو رسوؿ اهلل ﷺ‪ :‬ضع يدؾ على الذي تألم من جسدؾ وقل‪ :‬بسم اهلل ثبلثًا‪ ،‬وقل سبع مرات أعوذ باهلل‬
‫وقدرتو من شر ما أجد وأحاذر"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬مشروعية التوسل بصفات اهلل تعالى‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية التعوذ من وجع ىو فيو ومما يُتوقع حصولو في المستقبل من الحزف والخوؼ‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو استحباب وضع اليد اليمنى على موضع األلم مع الدعاء الوارد عن النبي ﷺ‪.‬‬

‫‪ ‬السابع‪" :‬استحباب سؤاؿ أىل المريض عن حالو"‬


‫روى البخاري عن علي بن أبي طالب (رضي اهلل عنو) أنو خرج من عند رسوؿ اهلل ﷺ في وجعو الذي تُوفي فيو فقاؿ‬
‫الناس‪ :‬يا أبا حسن كيف أصبح رسوؿ اهلل ﷺ؟ فقاؿ‪ :‬أصبح بحمد اهلل بارئًا فأخذ بيده عباس بن عبد المطلب فقاؿ لو‪:‬‬
‫أنت واهلل بعد ثبلث عبد العصى‪ ،‬وإني واهلل ألرى رسوؿ اهلل ﷺ سوؼ يُتوفى من وجعو ىذا"‪.‬‬
‫تابعا لغيره‪.‬‬
‫ومعنى‪ :‬أنت واهلل بعد ثبلث عبد العصى‪ :‬ىذا كناية عن أنو يصير ً‬
‫مأمورا عليك‪.‬‬
‫ويقصد أف النبي ﷺ يموت بعد ثبلثة أياـ‪ ،‬ويختار غيرؾ يا علي لئلمارة‪ ،‬وتصير أنت ً‬
‫"فقاؿ لو العباس‪ :‬أنت واهلل بعد ثبلث عبد العصى وإني واهلل ألرى رسوؿ اهلل ﷺ سوؼ يُتوفي من وجعو ىذا إني ألعرؼ‬
‫وجوه بني عبد المطلب عند الموت‪ ،‬اذىب بنا إلى رسوؿ اهلل ﷺ فلنسألو فيمن ىذا األمر إف كاف فينا علمنا ذلك‪ ،‬وإف‬
‫كاف في غيرنا علمناه فأوصى بنا‪،‬فقاؿ علي‪ :‬إنا واهلل إلف سألناىا رسوؿ اهلل ﷺ فمنعناىا ال يعطاناىا الناس بعده‪ ،‬وإني‬
‫واهلل ال أسألها رسوؿ اهلل ﷺ "‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬مشروعية عيادة المريض واستحباب سؤاؿ األىل عنو‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ ‬الثامن‪" :‬تطييب نفس المريض"‬
‫وعك كاف بو فقاؿ‪ :‬أبشر‬
‫رجبل من َ‬
‫فقد روى الترمذي وصححو األلباني عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو)‪" :‬أف النبي ﷺ عاد ً‬
‫فإف اهلل يقوؿ ىي ناري أسلطها على عبدي المذنب لتكوف حظو من النار"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬مشروعية عيادة المريض‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو استحباب تطييب نفس المريض بشيء من الكبلـ الحسن‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو عظيم لطف اهلل بعباده المذنبين‪ ،‬حيث جعل لهم ما يكفر ذنوبهم‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو عظيم ألم الحمى‪.‬‬
‫وبهذا تنتهي ىذه اآلداب "آداب عيادة المريض" وننتقل إلى اآلداب التالية وىي "اآلداب التي ينبغي فعلها عند المحتضر"‪.‬‬

‫(اآلداب التي ينبغي فعلها عند المحتضر)‬


‫‪ ‬أولها‪" :‬تذكيره بالوصية"‬
‫فقد روى البخاري عن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬ما حق امرئ مسلم لو شيء يوصي فيو‬
‫يبيت ليلتين إال ووصيتو مكتوبة عنده"‪.‬‬
‫وروى البخاري عن سعد بن أبي وقاص (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قلت‪ :‬يا رسوؿ اهلل أوصى بمالي كلو؟ قاؿ‪ :‬ال‪ ،‬قلت‪:‬‬
‫فالشطر؟ ق اؿ‪ :‬ال‪ ،‬قلت‪ :‬فالثلث؟ قاؿ‪ :‬فالثلث والثلث كثير إنك إف تذر ورثتك أغنياء خير من أف تدعهم عالة يتكففوف‬
‫الناس"‪ .‬عالة‪ :‬أي فقراء‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬مشروعية الوصية بضوابطها الشرعية‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو الحث على المبادرة باألعماؿ الصالحة‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية الوصية بالثلث فأقل واألفضل أف يوصي بأقل من الثلث‪.‬‬
‫‪ ‬الثاني‪" :‬تذكيره برحمة اهلل وفضلو"‬
‫فقد روى مسلم عن جابر بن عبد اهلل األنصاري رضي اهلل عنهما قاؿ‪ :‬سمعت رسوؿ اهلل ﷺ قبل موتو بثبلثو أياـ يقوؿ‪" :‬‬
‫ال يموتن أحدكم إال وىو يحسن الظن باهلل عز وجل "‪.‬‬
‫وروى الترمذي وحسنو عن أنس (رضي اهلل عنو)‪ " :‬أف النبي ﷺ دخل على شاب وىو في الموت (أي يحتضر)‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬
‫كيف تجدؾ؟ قاؿ‪ :‬واهلل يا رسوؿ اهلل إني أرجو اهلل وإني أخاؼ ذنوبي‪ ،‬فقاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪ :‬ال يجتمعاف في قلب عبد في‬
‫وأمنو مما يخاؼ "‪.‬‬
‫مثل ىذا الموطن إال أعطاه اهلل ما يرجو ّ‬

‫‪34‬‬
‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬وجوب حسن الظن باهلل عند الموت‪.‬‬
‫‪ -‬نسأؿ اهلل تعالى أف يُحسن خاتمتنا‪.‬‬
‫‪ -‬ويستفاد منو أيضا مشروعية دخوؿ الصالحين على المحتضر‪.‬‬
‫‪ -‬وأنو ينبغي لئلنساف أف يرجو رحمة اهلل عز وجل ويخاؼ من الذنوب‪.‬‬
‫‪ ‬الثالث‪" :‬تعاىد بل حلقو وشفتيو"‬
‫فقد روى البخاري عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪" :‬إف رسوؿ اهلل ﷺ كاف بين يديو ركوة أو علبة فيها ماء‪ ،‬فجعل يدخل‬
‫صب يده فجعل يقوؿ في الرفيق األعلى‬
‫يديو في الماء فيمسح بهما وجهو ويقوؿ‪ :‬ال إلو إال اهلل إف للموت سكرات ثم نَ َ‬
‫حتى قبض ومالت يده"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬أف للموت سكرات‪.‬‬
‫‪ -‬ويستفاد أيضا استحباب بل حلق المحتضر وشفتيو ليسهل عليو النطق ببل إلو إال اهلل‪.‬‬

‫‪ ‬الرابع‪ :‬تلقينو الشهادة‪.‬‬


‫فقد روى مسلم عن أبي سعيد الخدري (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬لقنوا موتاكم ال إلو إال اهلل"‪.‬‬
‫لقنوا موتاكم‪ :‬أي ذكروا من حضره الموت منكم بكلمة التوحيد‪ ،‬بأف تتلفظوا بها لتكوف آخر كبلمو‪.‬‬
‫وروى أبو داود وصححو األلباني عن معاذ بن جبل (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬من كاف آخر كبلمو ال إلو‬
‫إال اهلل دخل الجنة"‪( .‬نسأؿ اهلل الجنة وما قرب إليها من قوؿ أو عمل)‪.‬‬
‫من كاف آخر كبلمو‪ :‬أي من الدنيا‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب تلقين المحتضر كلمة التوحيد‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف من مات على كلمة التوحيد دخل الجنة‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف األعماؿ بالخواتيم‪.‬‬
‫‪ ‬الخامس‪ :‬إذا قضى أغمضوا عينيو ودعوا لو‬
‫فقد روى مسلم عن أـ سلمة رضي اهلل عنها قالت‪" :‬دخل رسوؿ اهلل ﷺ على أبي سلمة وقت شق بصره فأغمضمو ثم‬
‫قاؿ‪ :‬إف الروح إذا قبض تبعو البصر‪ ،‬فضج ناس من أىلو‪( ،‬أي ارتفعت أصواتهم بالبكاء)‪ ،‬فقاؿ‪( :‬أي النبي ﷺ)‪ :‬ال‬
‫يؤمنوف على ما تقولوف‪ ،‬ثم قاؿ‪ :‬اللهم اغفر ألبي سلمة‪ ،‬وارفع درجتو في‬
‫تدعوا على أنفسكم إال بخير فإف المبلئكة ِّ‬
‫ونور لو فيو"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫المهديين‪ ،‬واخلُفو في عقبتو في الغابرين‪ ،‬واغفر لنا ولو يا رب العالمين‪ ،‬وأفسح لو في قبره‪ّ ،‬‬

‫‪35‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬أف من اآلداب التي ينبغي فعلها عند المحتضر بعد موتو تغميض عينيو‪.‬‬
‫‪ -‬واستحباب الدعاء بالخير عند الميت‪.‬‬
‫‪ -‬واستحباب الدعاء للميت عند موتو وألىلو ولذريتو بأمور اآلخرة والدنيا‪.‬‬
‫‪ -‬وأنو ينبغي اف يقاؿ بعد إغماض الميت اللهم اغفر لفبلف ويسميو باسمو وارفع درجتو إلى آخر ما قاؿ النبي ﷺ‬
‫ألبي سلمة‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أيضا كراىة الدعاء بالشر عند الميت‪.‬‬

‫‪ ‬السادس من اآلداب‪" :‬شد لحييو وتليين مفاصلو"‬


‫فقد روى أبو داود بسند حسن عن عائشة رضي اهلل عنها‪" :‬أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪ :‬كسر عظم الميت ككسره حيا"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬تعظيم اإلسبلـ لئلنساف حيا وميتا‪.‬‬
‫‪ -‬وأنو ينبغي لمن حضر ميتا أف يشد لحيييو (أي فكيو)‪ ،‬ويلين مفاصلو لئبل يكسرىا عند الغسل‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أنو ال يُهاف ميتا كما ال يُهاف حيا‪ ،‬وذلك ليسهل غسل أعضائو وإال برد على حالتو فقد يضطرنا لكسر بعض‬
‫عظامو عند غسلو وتكفينو‪ ،‬وىذا ال يجوز فينبغي تليين مفاصلو‪.‬‬
‫‪ ‬السابع‪" :‬توجيهو إلى القبلة"‪.‬‬
‫أحياء وأمواتًا"‬
‫فقد روى أبو داود عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪ " :‬البيت الحراـ قبلتكم ً‬
‫فالقبلة إلى البيت الحراـ يوجو إليو الميت‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬ويشترط أيضا لصحة الصبلة التوجو القبلة‪.‬‬ ‫‪ -‬استحباب توجيو الميت إلى القبلة‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو تعظيم مكانة البيت الحراـ‪.‬‬

‫‪ ‬الثامن‪" :‬تجريده من ثيابو"‬


‫فقد روى أبو داود بسند صحيح عن عائشة رضي اهلل عنها أنها قالت‪ " :‬لما أرادوا غَسل النبي ﷺ قالوا‪ :‬واهلل ما ندري‬
‫أنُج ِرد رسوؿ اهلل ﷺ من ثيابو كما نُج ِرد موتانا؟ أـ نغسلو وعليو ثيابو؟ فلما اختلفوا‪ ،‬ألقى اهلل عليهم النوـ حتى ما منهم‬
‫كلم من ناحية البيت ال يدروف من ىو أف اغسلوا النبي ﷺ وعليو ثيابو‪ ،‬فقاموا إلى‬
‫رجل إال وذقنو في صدره‪ ،‬ثم كلمهم ُم ٌ‬
‫رسوؿ اهلل ﷺ فغسلوه وعليو قميصو يصبوف الماء فوؽ القميص ويدلكونو بالقميص دوف أيديهم‪ ،‬وكانت عائشة تقوؿ‪ :‬لو‬
‫غسلو إال نساءه "‪.‬‬
‫استقبلت من أمري ما استدبرت ما ّ‬

‫‪36‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬مشروعية تجريد الميت من ثيابو عند الغسل‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو يجوز للمرأة تغسيل زوجها‪.‬‬
‫‪ -‬وكذلك عظيم مكانة النبي ﷺ عند ربو سبحانو وتعالى‪.‬‬

‫‪ ‬التاسع‪" :‬تغطيتو بثوب إال المحرـ فبل يُغطى وجهو ورأسو"‬


‫وروى البخاري عن ابن عباس رضي اهلل عنهما قاؿ‪" :‬بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع عن راحلتو فوقصتو‪ ،‬أو قاؿ‪ :‬فأوقصتو‬
‫(أي صرعتو فكسرت عنقو) فمات‪ ،‬قاؿ النبي ﷺ‪ :‬اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين وال تحنطوه وال تخمروا رأسو فإنو‬
‫يُبعث يوـ القيامة ملبياً"‪.‬‬
‫وال تخمروا رأسو‪ :‬أي ال تغطوا رأسو‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬وجوب تغسيل الميت وأنو فرض كفاية‪.‬‬
‫المحرـ ولكن ال يُغطى رأسو ووجهو‪.‬‬
‫‪ -‬وأنو يُشرع اغتساؿ ُ‬
‫‪ ‬العاشر‪" :‬تحسين الكفن"‪.‬‬
‫حسن كفنو"‪.‬‬
‫ففي الصحيحين عن جابر (رضي اهلل عنو) أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬إذا ك ّفن أحدكم أخاه فليُ ِّ‬
‫وىذا فيو‪ :‬حث شديد على تحسين الكفن‪.‬‬

‫‪ ‬الحادي عشر‪" :‬التعجيل بتجهيزه ودفنو إذا تيقنوا موتو"‬


‫تك صالحة‬ ‫روى البخاري عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬أسرعوا بالجنَازة أو أسرعوا ِ‬
‫بالجنَازة فإف ُ‬ ‫َ‬
‫فشر تضعونو عن رقابكم"‪.‬‬
‫يك سوى ذلك ٌ‬ ‫فخير تقدمونها إليو‪ ،‬وإف ُ‬
‫وروى الترمذي وحسنو عن علي بن أبي طالب (رضي اهلل عنو) أف النبي ﷺ قاؿ لو‪" :‬يا علي ثبلث ال تؤخرىا‪ :‬الصبلة إذا‬
‫آنت‪ ،‬والجنازة إذا حضرت‪ ،‬واأليم إذا وجدت لها كفؤا"‪.‬‬
‫الصبلة إذا آنت‪ :‬أي إذا حضرت ودخل وقتها‪ ،‬والجنازة إذا حضرت‪.‬‬
‫واأليم‪ :‬أي المرأة التي ال زوج لها إذا وجدت لها كفؤا‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب التعجيل بتجهيز الميت ودفنو إذا تيقنوا الموت‪.‬‬
‫‪ -‬وعدـ مشروعية تأخير الجنازة‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف األمر باإلسراع بالجنازة للندب ببل خبلؼ بين العلماء‪ ،‬إال ابن حزـ فقد قاؿ‪ :‬بالوجوب‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫وفي الختاـ نرجو التكرـ باإلجابة على ىذه األسئلة‪.‬‬

‫األسئ ػ ػ ػلة‬
‫السؤاؿ األوؿ‪ :‬اذكر آداب عيادة المريض إجماال‪.‬‬
‫السؤاؿ الثاني‪ :‬ذكر اآلداب عند المحتضر إجماال‪.‬‬
‫السؤاؿ الثالث‪ :‬من آداب عيادة المريض أف يدعو لو بالشفاء‪ .‬اذكر دليل ذلك‪.‬‬
‫السؤاؿ الرابع‪ :‬من اآلداب عند المحتضر تلقينو الشهادة‪ .‬فما الدليل على ذلك؟‬
‫السؤاؿ األخير‪ :‬ما ىو حكم اإلسراع بالجنازة؟‬

‫ىذا وفي الختاـ نرجو اهلل تبارؾ وتعالى أف يتقبل منا أعمالنا‪ ،‬وأف يرزقنا اإلخبلص في القوؿ والعمل‪،‬‬
‫ونسألو تبارؾ الجنة وما قرب إليها من قوؿ أو عمل‪ ،‬ونعوذ بو اللهم من النار وما قرب إليها من قوؿ أو عمل‪.‬‬
‫سبحانك اللهم وبحمدؾ نشهد أف ال إلو إال انت نستغفرؾ ونتوب إليك‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫المحاضرة الحاديػة والعشروف‬

‫آداب اليوـ إف شاء اهلل تعالى ىي‪[ :‬آداب الجنائز]‬


‫وآداب الجنائز على سبيل اإلجماؿ‪:‬‬
‫‪ -‬الثاني‪ :‬عدـ لطم الخدود وشق الجيوب‪.‬‬ ‫‪ -‬األوؿ‪ :‬عدـ النعي‪.‬‬
‫‪ -‬الرابع‪ :‬تكثير المصلين على الميت‪.‬‬ ‫‪ -‬الثالث‪ :‬عدـ النياحة‬
‫‪ -‬السادس‪ :‬اإلسراع بالجنازة صراع وسفر‪.‬‬ ‫‪ -‬الخامس‪ :‬أف يحملها الرجاؿ دوف النساء‪.‬‬
‫‪ -‬الثامن‪ :‬أف ال يتبع الجنازة بما يخالف الشريعة اإلسبلمية‪.‬‬ ‫‪ -‬السابع‪ :‬أف يمشي الراكب خلف الجنازة‪.‬‬
‫‪ -‬العاشر‪ :‬أف يثني عليها بالخير إف كانت أىبل للثناء‪.‬‬ ‫‪ -‬التاسع‪ :‬الدعاء واالستغفار للميت‪.‬‬
‫‪ -‬الحادي عشر‪ :‬أف يقوؿ الذين يدخلوف الميت قبره‪( :‬بسم اهلل وعلى سنة رسوؿ اهلل)‬
‫‪ -‬الثاني عشر‪ :‬تذكير الحاضرين والمشيعين بالموت وما بعده‪.‬‬
‫ىذا على سبيل اإلجماؿ‪ ،‬أما على سبيل التفصيل‪.‬‬

‫‪ ‬األوؿ منها‪" :‬عدـ النعػي"‬


‫فقد روى الترمذي وقاؿ‪ :‬حسن صحيح عن حذيفة بن اليماف (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ " :‬إذا مت فبل تؤذنوا بي أحدا (أي إذا‬
‫مت فبل تؤذف بي‪ ،‬أي ال تخب روا بموتي أحدا‪ ،‬إذا مت فبل تؤذنوا بي أني أخاؼ أف يكوف نعيا) فإني سمعت رسوؿ اهلل‬
‫صلى اهلل وسلم ينهى عن النعي‪.‬‬
‫والنعي المنهي عنو ىو‪ :‬المناداة‪ ،‬أما اإلخبار بالهاتف وغيره ببل مناداة فبل بأس بو‪.‬‬
‫ألف النبي ﷺ أخبر بموت شهداء مؤتة كما في البخاري‪.‬‬
‫وأخبر بموت النجاشي‪ ،‬وصلى عليو صبلة الغائب كما في الصحيحين‪.‬‬
‫وقاؿ الترمذي رحمو اهلل تعالى‪ :‬وقد كره بعض أىل العلم النعي‪.‬‬
‫والنعي عندىم أف ينادى في الناس أف فبلنا مات ليشهدوا جنازتو‪.‬‬
‫وقاؿ بعض أىل العلم‪ :‬ال بأس أف يعلم أىل قرابتو وإخوانو‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬تحريم المناداة على الميت في األسواؽ والطرقات‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أيضا حرص الصحابة على اتباع سنة النبي ﷺ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ ‬الثاني من اآلداب‪" :‬عدـ لطم الخدود وشق الجيوب"‬
‫ففي الصحيحين عن عبد اهلل (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ النبي ﷺ‪" :‬ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى‬
‫الجاىلية"‬
‫(ليس منا) أي ليس منا معشر المسلمين‪ ،‬وىذه الكلمة تدؿ على أف الفعل المقروف معها من الكبائر‪.‬‬
‫من لطم الخدود‪ :‬أي ضربها‪ ،‬وشق الجيوب‪ :‬جمع جيب‪ ،‬وىو ما يفتح من الثوب ليدخل فيو الرأس‪.‬‬
‫والمراد بشقو‪ :‬إكماؿ فتحو إلى آخره‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬تحريم لطم الخدود وشق الجيوب عند المصيبة‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو وجوب الصبر عند المصيبة‪ ،‬وتحريم النياحة على الميت‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف من عبلمات التسخط على أقدار اهلل تعالى‪ :‬شق الجيوب‪ ،‬ولطم الخدود‪ ،‬والدعوة بدعوى الجاىلية‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف ىذه األفعاؿ الثبلثة المذكورة في الحديث من الكبائر‪.‬‬
‫‪ ‬الثالث‪" :‬عدـ النياحة"‬
‫ففي الصحيحين عن أـ عطية رضي اهلل عنها قالت‪" :‬أخذ علينا النبي ﷺ عند البيعة أال ننوح"‬
‫وروى مسلم عن أبي مالك األشعري رضي اهلل عنو‪ ،‬حدثو أف النبي ﷺ قاؿ‪" :‬أربع في أمتي من أمر الجاىلية ال يتركونهن‪:‬‬
‫الفخر في األحساب‪ ،‬والطعن في األنساب‪ ،‬واالستسقاء بالنجوـ‪ ،‬والنياحة‪ ،‬وقاؿ‪ :‬النائحة إذا لم تتب قبل موتها‪ ،‬تقاـ يوـ‬
‫القيامة وعليها سرباؿ من قطراف ودرع من جرب"‪( .‬نعوذ باهلل من ذلك)‪.‬‬
‫والنياحة ىي‪ :‬اجتماع النساء للبكاء على الميت متقاببلت‪.‬‬
‫والتناوح‪ :‬التقابل‪ ،‬ثم استعمل في صفة بكائهن بصوت ورنة وندبة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫إذا لم تتب تقاـ يوـ القيامة وعليها سرباؿ من قطراف‪.‬‬
‫(سرباؿ) أي قميص‪( ،‬من قطراف) أي من نحاس مذاب‪( ،‬ودرع من جرب) الدرع ىو‪ :‬قميص النساء‪.‬‬
‫(والسرباؿ) القميص مطلقا‪( ،‬من جرب) أي من أجل جرب كائن بها‪.‬‬
‫والمعنى‪ :‬أنو يسلط على أعضائها الجرب والحكة بحيث يغطي جلدىا تغطية الدرع ويلتزؽ بها‪( .‬نسأؿ اهلل السبلمة)‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬التحذير من النياحة على الميت‪.‬‬
‫‪ -‬وكذلك ال تنقطع التوبة إال بالموت أو إذا طلعت الشمس من مغربها‪ .‬بدليل قولو‪" :‬إذا لم تتب"‬
‫‪ -‬وفيو حرمة األربع الخصاؿ المذكورات‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف النوح لو لم يكن منهيا عنو لما أخذ النبي ﷺ على النساء في البيعة ترؾ النوح‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ ‬الرابع‪" :‬تكثير المصلين على الميت"‪.‬‬
‫روى مسلم عن عائشة عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬ما من ميت تصلي عليو أمة من المسلمين يبلغوف مائة كلهم يشفعوف لو إال‬
‫شفعوا فيو"‪.‬‬
‫‪( -‬يبلغوف مائة) أي في العدد‪.‬‬ ‫(تصلي عليو أمة من المسلمين) أي جماعة من المسلمين‪.‬‬
‫‪( -‬إال شفعوا) أي قبلت شفاعتهم‪.‬‬ ‫(كلهم يشفعوف لو) أي يدعوف لو‪.‬‬
‫وروى مسلم عن عبد اهلل بن عباس رضي اهلل عنهما‪ ،‬أنو مات ابن لو بقديد أو بعثفاف (وىذا اسم مكاف)‪ ،‬فقاؿ‪ :‬يا قتيب؛‬
‫انظر ما اجتمع لو من الناس‪ ،‬قاؿ‪ :‬فخرجت فإذا ناس قد اجتمعوا لو‪ ،‬فأخبرتو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬تقولهم أربعوف؟ قاؿ‪ :‬نعم‪،‬قاؿ‪:‬‬
‫اخرجوا فإني أخرجوه‪ ،‬فإني سمعت رسوؿ اهلل ﷺ يقوؿ‪" :‬ما من رجل مسلم يموت فيقوـ على جنازتو أربعوف رجبل ال‬
‫يشركوف باهلل شيئا إال شفعهم اهلل فيو"‪.‬‬
‫وروى أبو داود والترمذي‪ ،‬وحسنو عن مالك بن ىبيرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬ما من مسلم يموت‬
‫فيصلي عليو ثبلثة صفوؼ من المسلمين إال أوجب‪ ،‬قاؿ‪ :‬فكاف مالك إذا استقل أىل الجنازة (أي وجد عددىم قليبل)‬
‫جزأىم ثبلثة صفوؼ للحديث"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب تكثير المصلين على الميت‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أنو ما من ميت يصلي عليو مئة ويدعوف لو إال شفعوا فيو‪.‬‬
‫‪ -‬وأف ما من ميت يصلي عليو أربعوف ال يشركوف باهلل شيئا إال شفعوا فيو‪.‬‬
‫‪ -‬وأف ما من ميت يصلي عليو ثبلثة صفوؼ إال أوجبوا لو المغفرة من اهلل تعالى‪.‬‬

‫‪ ‬الخامس‪" :‬أف يحملها الرجاؿ دوف النساء"‬


‫قد روى البخاري عن أبي سعيد الخدري (رضي اهلل عنو) أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجاؿ‬
‫على أعناقهم" (وىذا ىو موضع الشاىد)‪" ،‬فإف كانت صالحة قالت‪ :‬قدموني‪ ،‬وإف كانت غير صالحة قالت‪ :‬يا ويلها أين‬
‫يذىبوف بها؟ يسمع صوتها كل شيء إال اإلنساف‪ ،‬ولو سمعو لصعق"‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬عظيم ثواب اهلل تعالى للصالحين‪.‬‬
‫‪ -‬وعظيم جزاء اهلل تعالى للفاسدين‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف الميت بعد موتو يعرؼ مصيره أمن أىل السعادة أـ من أىل الشقاوة‪.‬‬
‫(نسأؿ اهلل تعالى السعادة في الدنيا واآلخرة)‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ ‬السادس‪" :‬اإلسراع بالجنازة إسراعا وسطا"‬
‫لقد روى النسائي بسند حسن عن عبد الرحمن بن يونس قاؿ‪ " :‬شهدت جنازة عبد الرحمن بن سمرة (رضي اهلل عنو)‬
‫وخرج زياد يمشي بين يدي السرير (أي النعش) فجعل رجاؿ من أىل عبد الرحمن ومواليهم يستقبلوف السرير ويمشوف‬
‫على أعقابهم (أي يتوجهوف إليو ويأخذونو)‪ ،‬ويمشوف على أعقابهم (أي يرجعوف إلى الخلف) وىذه كناية عن شدة البطء‪،‬‬
‫ويقولوف‪ :‬رويدا رويدا (أي أمهلوا وال تسرعوا) "رويدا رويدا بارؾ اهلل فيكم‪ ،‬فكانوا يدبوف دبيبا حتى إذا كنا ببعض طريق‬
‫المربض لحقنا أبو بكرة على بغلة فلما رأى الذي يصنعوف حمل عليهم ببغلتو وأىوى إليهم بالسوت‪ ،‬وقاؿ‪ :‬وجو أبي‬
‫القاسم ﷺ لقد‪ ،‬رأيتنا مع رسوؿ اهلل ﷺ وإنا لنكاد نرمل بها رمبل فانبسط القوـ"‬
‫وفي الصحيحين عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬أسرعوا بالجنازة فإف تكن صالحة فخير تقدمونها وإف‬
‫تكن غير ذلك (أو قاؿ‪ :‬سوى ذلك) فشر تضعونو عن رقابكم"‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬الحث على اإلسراع بالجنازة إسراعا وسطا‪.‬‬
‫‪ -‬ومشروعية ركوب البغاؿ‪.‬‬
‫‪ -‬وفقو أبي بكرة رضي اهلل عنو‪.‬‬

‫‪ ‬السابع‪" :‬أف يمشي الراكب خلف الجنازة"‪.‬‬


‫فقد روى الترمذي وقاؿ‪ :‬حسن صحيح عن المغيرة بن شعبة رضي اهلل عنو‪ ،‬أف النبي ﷺ قاؿ‪" :‬الراكب خلف الجنازة‬
‫والماشي حيث شاء منها والطفل يصلى عليو"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬مشروعية الركوب في الذىاب مع الجنازة‪ ،‬ويكوف السير حينئذ خلفها‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية المشي أماـ الجنازة وخلفها وعن يمينها وعن شمالها‪ ،‬وأف جميع الجهات في حق الماشي سواء‪.‬‬

‫‪ ‬الثامن‪" :‬أال يتبع الجنازة بما يخالف الشريعة اإلسبلمية"‬


‫فقد روى مسلم في صحيحو عن عمرو بن العاص رضي اهلل عنهما وىو في سياقة الموت‪.‬‬
‫"فبكى طويبل وحوؿ وجهو إلى الجدار فجعل ابنو يقوؿ‪ :‬يا أبتاه؛ أما بشرؾ رسوؿ اهلل ﷺ بكذا؟ أما بشرؾ رسوؿ اهلل ﷺ‬
‫بكذا؟قاؿ‪ :‬فأقبل بوجهو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬إف أفضل ما نعد شهادة أف ال إلو إال اهلل وأف محمدا رسوؿ اهلل أني كنت على أطباؽ‬
‫ثبلث لقد رأيتني وما أحد أشد بغضا لرسوؿ اهلل ﷺ مني وال أحب إلي أف أكوف قد استمكنت منو فقتلتو‪ ،‬فلو مت على‬
‫تلك الحاؿ لكنت من أىل النار‪ ،‬فلما جعل اهلل اإلسبلـ في قلبي‪ ،‬أتيت النبي ﷺ فقلت‪ :‬أبسط يمينك فؤلبايعك‪ ،‬فبسط‬
‫يمينو‪ ،‬قاؿ‪ :‬فقبضت يدي‪ ،‬قاؿ‪ :‬ما لك يا عمر؟قاؿ‪ :‬قلت‪ :‬أردت أف أشترط‪ ،‬قاؿ‪ :‬تشترط ماذا؟ قلت‪ :‬أف يغفر لي‪،‬‬

‫‪42‬‬
‫قاؿ‪ :‬أما علمت أف اإلسبلـ يهدـ ما كاف قبلو؟ وأف الهجرة تهدـ ما كاف قبلها؟ وأف الحج يهدـ ما كاف قبلو؟ وما كاف أحد‬
‫أحب إلي من رسوؿ اهلل ﷺ وال أجل في عيني منو‪ ،‬وما كنت أطيق أف أمؤل عيني منو إجبلال لو‪ ،‬ولو سئلت أف أصفو ما‬
‫أطقت ألني لم أكن أملء عيني منو‪ ،‬ولو مت على تلك الحاؿ لرجوت أف أكوف من أىل الجنة‪ ،‬ثم ولينا أشياء ما أدري ما‬
‫حالي فيها‪ ،‬فإذا أنا مت فبل تصحبني نائحة وال نار فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا"‪.‬‬
‫(فشلوا علي التراب شنا) أمر من شن الماء إذا صبو متفرقا‪ ،‬أي صبوا علي التراب مفرقا‪.‬‬
‫"فشنوا علي التراب شنا‪ ،‬ثم أقيموا حوؿ قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ما ماذا أراجع‬
‫بو رسل ربي"‬
‫روى ابن ماجة بسند حسن عن أبي بردة قاؿ‪ :‬أوصى أبو موسى األشعري (رضي اهلل عنو) حين حضره الموت فقاؿ‪:‬‬
‫"ال تتبعوني بمجمر‪ ،‬قالوا لو‪ :‬أو سمعت فيو شيئا؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ "‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬أنو ينبغي لمن حضر محتضرا أف يذكره بأعمالو الصالحة إف كاف صالحا حتى يموت وىو يحسن الظن في ربو‪.‬‬
‫‪ ‬التاسع‪" :‬الدعاء واالستغفار للميت"‬
‫ففي الصحيحين عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو)‪" :‬أف رسوؿ اهلل ﷺ نعى لهم النجاشي"‪( .‬نعى) أي اخبر بموتو‪.‬‬
‫"نعى إليهم النجاشي صاحب الحبشة في اليوـ الذي مات فيو وقاؿ‪ :‬استغفروا ألخيكم"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬مشروعية إخبار الناس بموت اإلنساف إف لم يكن في الطرقات والمساجد‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو استحباب الدعاء للميت‪ ،‬االستغفار لو‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو فضيلة النجاشي وأنو مات مسلما‪.‬‬

‫‪ ‬العاشر من اآلداب‪" :‬أف يثني عليها بالخير إف كانت أىبل للثناء"‬


‫ففي الصحيحين عن أنس بن مالك (رضي اهلل عنو) قاؿ مروا قاؿ‪" :‬مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقاؿ‪ :‬النبي صلى اهلل‬
‫عليو وجبت‪ ،‬ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا فقاؿ‪ :‬وجبت‪ ،‬فقاؿ‪ :‬عمر بن الخطاب رضي اهلل عنهما‪ ،‬ما وجبت؟ قاؿ‪:‬‬
‫ىذا أثنيتم عليو خيرا فوجبت لو الجنة‪ ،‬وىذا أثنيتم عليو شرا فوجبت لو النار‪ ،‬أنتم شهداء اهلل في األرض"‪.‬‬

‫وفي رواية البخاري عن أنس (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬مر على النبي ﷺ بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقاؿ‪ :‬وجبت ثم مر بأخرى‬
‫فأثنوا عليها شرا‪ ،‬فقاؿ‪ :‬وجبت‪،‬فقيل‪ :‬يا رسوؿ اهلل قلت لهذا وجبت ولهذا وجبت قاؿ‪ :‬شهادة القوـ المؤمنوف شهداء اهلل‬
‫في األرض"‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ ‬الحادي عشر‪" :‬أف يقوؿ الذين يدخلوف الميت قبره‪( :‬بسم اهلل وعلى سنة رسوؿ اهلل)"‬
‫فقد روى أبو داود وحسنو األلباني عن ابن عمر رضي اهلل عنهما أف النبي ﷺ كاف إذا وضع الميت في القبر قاؿ‪ :‬بسم‬
‫اهلل وعلى سنة رسوؿ اهلل ﷺ‪.‬‬

‫‪ ‬الثاني عشر‪" :‬تذكير الحاضرين والمشيعين بالموت وما بعده"‬


‫فقد روى أبو داود وصححو األلباني عن البراء بن عازب (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬خرجنا مع النبي ﷺ في جنازة رجل من‬
‫األنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد‪ ،‬فجلس رسوؿ اهلل ﷺ وجلسنا حولو وكأف على رؤوسنا الطير‪ ،‬وفي يده عود ينكت‬
‫في األرض فرفع رأسو فقاؿ‪ :‬استعيذوا باهلل من عذاب القبر مرتين أو ثبلث‪ ،‬ثم قاؿ‪ :‬أف العبد المؤمن إذا كاف في انقطاع‬
‫من الدنيا وإقباؿ من اآلخرة نزؿ عليو مبلئكة من السماء بيض الوجوه كأف وجوىهم الشمس‪ ،‬معهم كفن من أكفاف الجنة‬
‫وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلس منو مد البصر‪ ،‬ثم يجيء ملك الموت عليو السبلـ‪ ،‬حتى يجلس عند رأسو فيقوؿ‪:‬‬
‫أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من اهلل ورضواف‪ ،‬قاؿ‪ :‬فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذىا فإذا‬
‫أخذىا لم يدعوىا في يده طرفة عين‪ ،‬حتى يأخدوىا فيجعلها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط‪ ،‬ويخرج منها كأطيب‬
‫نفحة مسك وجدت على وجو‪ ،‬قاؿ‪ :‬فيصعدوف بها فبل يمروف (يعني بها على مؤل من المبلئكة) إال قالوا‪ :‬ما ىذه الروح‬
‫الطيبة؟ فيقولوف‪ :‬فبلف ابن فبلف بأحسن أسمائو التي كانوا يسمونو بها في الدنيا حتى ينتهوا بو إلى السماء الدنيا‪،‬‬
‫فيستفتحوف لو فيفتح لهم‪ ،‬فيشيعو من كل سماء مقربوىا إلى السماء التي تليها حتى ينتهى بها إلى السماء السابعة فيقوؿ‬
‫اهلل عز وجل‪" :‬اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى األرض فإني منها خلقتهموفيها أعيدىم ومنها أخرجهم تارة‬
‫أخرى"‪ ،‬قاؿ‪ :‬فتعاد روحو في جسده فيتأتيو ملكاف فيجلسانو فيقوالف لو‪ :‬من ربك؟ فيقوؿ‪ :‬ربي اهلل‪ ،‬فيقوالف لو‪ :‬ما‬
‫دينك؟ فيقوؿ‪ :‬ديني اإلسبلـ‪ ،‬فيقوالف لو‪ :‬ما ىذا الرجل الذي بعث فيكم؟‬
‫فيقوؿ‪ :‬ىو رسوؿ اهلل ﷺ ‪ ،‬فيقوالف لو‪ :‬وما علمك؟ فيقوؿ‪ :‬قرأت كتاب اهلل فآمنت بو وصدقت‪ ،‬فينادي مناد في السماء‬
‫أف صدؽ عبدي فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا لو بابا إلى الجنة‪ ،‬قاؿ‪ :‬فيأتيو من روحها وطيبها ويفسح لو‬
‫في قبره مد بصره‪ ،‬قاؿ‪ :‬ويأتيو رجل حسن الوجو حسن الثياب طيب الريح فيقوؿ‪ :‬أبشر بالذي يسرؾ ىذا يومك الذي‬
‫كنت توعد فيقوؿ لو‪ :‬من أنت فوجهك الوجو يجيء بالخير‪ ،‬فيقوؿ‪ :‬أنا عملك الصالح‪ ،‬فيقوؿ‪ :‬ربي أقم الساعة حتى‬
‫أرجع إلى أىلي ومالي‪ ،‬قاؿ‪ :‬وإف العبد الكافر إذا كاف في انقطاع من الدنيا وإقباؿ من اآلخرة نزؿ إليو من السماء مبلئكة‬
‫سود الوجوه معهم المسوح (أي اللباس الخشن) فيجلسوف منو مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسو‪،‬‬
‫فيقوؿ‪ :‬أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من اهلل وغضب‪ ،‬قاؿ‪ :‬فتفرؽ في جسده فينتزعوىا كما ينتزع السفوت من‬
‫الصوؼ المبلوؿ فيأخذىا فإذا أخذىا لم يدعوىا في يده طرفة عين حتى يجعلوىا في تلك المسوح ويخرج منها كأنتن‬
‫ريح جيفة وجدت على وجو األرض‪ ،‬فيصعدوف بها فبل يمروف بها على مؤل من المبلئكة إال قالوا‪ :‬ما ىذه الروح الخبيث‬

‫‪44‬‬
‫في قولوف‪ :‬فبلف ابن فبلف بأقبح أسمائو التي كاف يسمى بها في الدنيا حتى ينتهى بها إلى السماء الدنيا‪ ،‬فيستفتح لو فبل‬
‫يفتح لو‪ ،‬ثم قرأ رسوؿ اهلل ﷺ‪{ :‬ال تفتح لهم أبواب السماء و ال يدخلوف الجنة حتى يدخل الجمل في سم الخياط}‬
‫فيقوؿ اهلل عز وجل‪" :‬اكتبوا كتابو في سجين" (في األرض السفلى) فتطرح روحو طرحا‪ ،‬ثم قرأ‪:‬‬
‫{ومن يشرؾ باهلل فكأنما خر من السماء فتخطفو الطير أو تهوي بو الريح في مكاف سحيق}‬
‫قاؿ‪ :‬فتعاد روحو في جسده‪ ،‬ويأتيو ملكاف فيجلسانو فيقوالف لو‪ :‬من ربك؟ فيقوؿ‪ :‬ىاه ىاه ال أدري‪ ،‬فيقوالف لو‪ :‬ما‬
‫دينك؟ فيقوؿ‪ :‬ىاه ىاه ال أدري‪ ،‬فيقوالف لو‪ :‬ما ىذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقوؿ‪ :‬ىاه ىاه ال أدري‪ ،‬فينادي مناد من‬
‫السماء أف كذب فافرشوا لو من النار‪ ،‬وافتحوا لو بابا من النار‪ ،‬فيأتيو من حرىا وسمومها ويضيق عليو قبره حتى تختلف‬
‫فيو أضبلعو‪ ،‬ويأتيو رجل قبيح الوجو قبيح الثياب منثن الريح‪ ،‬فيقوؿ‪ :‬أبشر بالذي يسوؤؾ ىذا يومك الذي كنت توعد‪،‬‬
‫فيقوؿ‪ :‬من أنت؟ فوجهك الوجو يجيء بالشر‪ ،‬فيقوؿ‪ :‬أنا عملك الخبيث‪ ،‬فيقوؿ‪ :‬ربي ال تقم الساعة "‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬مشروعية تذكير الحاضرين والمشيعين بالموت وما بعده‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية االستعاذة باهلل عز وجل من عذاب القبر‪.‬‬

‫اآلداب التي بعد ذلك ىي‪[ :‬آداب التعزية]‬


‫وىي على سبيل اإلجماؿ‪:‬‬
‫‪ -‬األوؿ‪ :‬التلفظ بالمأثور ما أمكن‪.‬‬
‫‪ -‬الثاني‪ :‬االستحباب صنع الطعاـ ألىل الميت‪.‬‬
‫‪ -‬الثالث‪ :‬المسح على رأس اليتيم وإكرامو‪.‬‬
‫أما على سبيل التفصيل‪:‬‬
‫‪ ‬األوؿ منها‪" :‬التلفظ بالمأثور ما أمكن"‪.‬‬
‫ما ىو ىذا المأثور؟ روى مسلم عن أـ سلمة رضي اهلل عنها قالت‪ " :‬دخل رسوؿ اهللﷺ على أبي سلمة وقد شق بصره‬
‫فأغمضو‪ ،‬ثم قاؿ‪ :‬إف الروح إذا قبضت تبعها البصر‪ ،‬فضج ناس من أىلو ضجة‪( ،‬أي ارتفعت أصواتهم بالبكاء) فقاؿ‪ :‬ال‬
‫تدعوا على أنفسكم إال بخير‪ ،‬فإف المبلئكة يؤمنوف على ما تقولوف‪ ،‬ثم قاؿ‪ :‬اللهم اغفر ألبي سلمة‪ ،‬وارفع درجتو في‬
‫المهديين‪ ،‬واخلفو في عقبو في الغابرين‪ ،‬واغفر لو ولنا يا رب العالمين‪ ،‬وأفسح لو في قبره ونور لو فيو"‪.‬‬
‫ىذا ىو المأثور الذي جاء عن النبي ﷺ ىو‪ :‬اللهم اغفر ألبي سلمة‪.‬‬
‫يقوؿ‪ :‬اللهم اغفر لفبلف‪ ،‬وارفع درجتو في المهديين‪ ،‬واخلفو في عاقبو في الغابرين‪ ،‬واغفر لنا ولو يا رب العالمين‪ ،‬وافسح‬
‫لو في قبره ونور لو فيو‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬أف من اآلداب التي ينبغي فعلها عند المحتضر بعد موتو‪ :‬تغميض عينيو‪.‬‬
‫‪ -‬واستحباب الدعاء بالخير عند الميت‪.‬‬
‫‪ -‬والحث على التلفظ بالمأثور بعد الموت‪.‬‬

‫‪ ‬الثاني‪" :‬استحباب صنع الطعاـ ألىل الميت"‬


‫روى أبو داود وحسنو األلباني عن عبد اهلل بن جعفر (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪ " :‬اصنعوا آلؿ جعفر طعاما‬
‫فإنو قد آتاىم أمر شغلهم"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬أنو ينبغي ألقارب الميت أف يرسلوا إلى أىل الميت طعاما الشتغالهم عن أنفسهم بما دىمهم من المصيبة‪.‬‬

‫‪ ‬الثالث‪" :‬المسح على رأس اليتيم وإكرامو"‬


‫روى أحمد في مسنده بسند صحيح عن عبد اهلل بن جعفر رضي اهلل عنهما قاؿ‪" :‬لو رأيتني وقسم وعبيد اهلل ابني عباس‬
‫ونحن صبياف نلعب إذ مر عليو النبي ﷺ على دابة فقاؿ‪ " :‬ارفعوا ىذا لي‪ ،‬قاؿ‪ :‬فحملني أمامو‪ ،‬وقاؿ لقسم‪ :‬ارفعوا ىذا‬
‫إلي‪ ،‬فجعلو وراءه‪ ،‬وكاف عبيد اهلل أحب إلى عباس من قسم‪ ،‬فما استحى من عمو أف حمل قسما وتركو‪ ،‬قاؿ‪ :‬ثم مسح‬
‫على رأسي ثبلث‪ .‬وقاؿ كلما مسح‪ :‬اللهم اخلف جعفرا في ولده‪ ،‬قاؿ‪ :‬قلت لعبد اهلل‪ :‬ما فعل قسم؟ قاؿ‪ :‬استشهد‪،‬‬
‫قاؿ‪ :‬قلت‪ :‬اهلل أعلم بالخير ورسولو بالخير"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬عظيم رحمة النبي ﷺ باألطفاؿ ال سيما اليتامى منهم‪.‬‬
‫‪ -‬واستحباب المسح على رأس اليتيم‪.‬‬
‫ىذا وفي الختاـ نسأؿ اهلل تبارؾ وتعالى أف يلهمنا رشدنا‪ ،‬وأف يرزقنا اإلخبلص في القوؿ والعمل‪.‬‬
‫وفي الختاـ نرجو التكرـ باإلجابة عن ىذه األسئلة‪:‬‬

‫األسئ ػ ػ ػلة‬
‫السؤاؿ األوؿ‪ :‬اذكر آداب الجنائز إجماال‪.‬‬
‫السؤاؿ الثاني‪ :‬اذكر آداب التعزية إجماال‪.‬‬
‫السؤاؿ الثالث‪ :‬من آداب الجنائز تكثير المصلين على الميت‪ .‬فما دليل ذلك؟‬
‫السؤاؿ الرابع‪ :‬من آداب التعزية التلفظ بالمأثور ما أمكن‪ .‬فما دليل ذلك؟‬

‫سبحانك اللهم وبحمدؾ‪ ،‬نشهد أف ال إلو إال أنت نستغفرؾ ونتوب إليك‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫المحاضػرة الثانيػػة والعشروف‬

‫واليوـ إف شاء اهلل تعالى نتعرض آلداب‪" :‬زيارة القبور"‬


‫وىي على سبيل اإلجماؿ‪:‬‬
‫‪ -‬عدـ االستغفار لمن مات على غير اإلسبلـ حتى ولو كاف قريبا‪.‬‬ ‫‪ -‬استحباب زيارة القبور‪.‬‬
‫‪ -‬الدعاء للميت‪.‬‬ ‫‪ -‬أف يسلم عليهم‪.‬‬
‫‪ -‬عدـ إيقاد الشموع والسروج وغيرىا فوؽ القبور‪.‬‬ ‫‪ -‬عدـ سب األموات‪.‬‬
‫‪ -‬أال يجلس فوؽ القبر وال يضجع عليو‪.‬‬ ‫‪ -‬البعد عن المخالفات الشرعية للزيارة‪.‬‬
‫‪ -‬عدـ المشي في المقابر بالحذاء‪.‬‬ ‫‪ -‬عدـ بناء المساجد على القبور‪.‬‬
‫‪ -‬عدـ االستغاثة باألموات‪.‬‬
‫أما على سبيل التفصيل‪:‬‬
‫فنقوؿ وباهلل التوفيق‪[ :‬آداب زيارة القبور]‬
‫‪ ‬األوؿ منها‪" :‬استحباب زيارة القبور"‪.‬‬
‫فقد روى مسلم عن بريدة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬ىيتكم عن زيارة القبور فزوروىا‪ ،‬ونهيتكم عن لحوـ‬
‫األضاحي فوؽ ثبلث فأمسكوا ما بدا لكم‪ ،‬ونهيتكم عن النبيذ إال في سقاء فاشربوا في األسقية كلها وال تشربوا مسكرا"‪.‬‬
‫والشاىد‪ :‬قولو ﷺ‪" :‬نهيتكم عن زيارة القبور فزوروىا"‬
‫(فزروىا) ىذا للرخصة أو لبلستحباب وعليو الجمهور‪.‬‬ ‫(نهيتكم عن زيارة القبور) األمر للرخصة‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬مشروعية زيارة القبور بعد النهي عنها‪.‬‬

‫‪ ‬الثاني‪" :‬عدـ االستغفار لمن مات على غير اإلسبلـ حتى ولو كاف قريبا"‬
‫ين َولَ ْو َكانُوا أُولِي قُػ ْربَ ٰى ِمن بَػ ْع ِد َما تَػبَػيَّ َن لَ ُه ْم أَنػَّ ُه ْم‬ ‫قاؿ اهلل تعالى‪{ :‬ما َكا َف لِلنَّبِ ِّي والَّ ِذين آمنُوا أَف يستَػغْ ِفروا لِل ِ‬
‫ْم ْش ِرك َ‬
‫َْ ُ ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ْج ِح ِيم}‬
‫اب ال َ‬
‫َص َح ُ‬
‫أْ‬
‫وروى مسلم عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬استأذنت ربي أف أستغفر ألمي فلم يأذف لي‬
‫واستأذنتو أف أزور قبر أمي فأذف لي"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬حرمة االستغفار لمن مات على الشرؾ‪ ،‬ألف اهلل عز وجل ال يغفر أف يشرؾ بو‪.‬‬
‫‪ -‬فإذف ال يطلب منو شيء أخبر أنو ال يفعلو‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ -‬وفيو أيضا مشروعية زيارة المقابر‪ .‬ألنها تُزىد في الدنيا وتذكر بالموت‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية االستغفار للميت المسلم‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية زيارة المشركين في الحياة و قبورىم بعد الوفاة‪ ،‬ألنو إذا جازت زيارتهم بعد الوفاة ففي الحياة‬
‫أولى‪ ،‬وظاىر الحديث يدؿ على أف أمو ﷺ ماتت على غير اإلسبلـ‪ ،‬وىو مذىب جمهور العلماء في شأف أبويو‬
‫ﷺ‪.‬‬
‫‪ ‬الثالث من اآلداب‪" :‬أف يسلم عليهم"‬
‫روى مسلم عن بريدة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬كاف رسوؿ اهلل ﷺ يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أف يقولوا‪ :‬السبلـ عليكم‬
‫أىل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إف شاء اهلل لبلحقوف‪ ،‬أسأؿ اهلل لنا ولكم العافية"‬
‫(أسأؿ اهلل لنا ولكم العافية) أي المعافاة في الدنيا واآلخرة من كل ببلء‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب الدعاء بهذا الذكر عند دخوؿ المقابر‪ ،‬واألولى في الدعاء أف يبدأ اإلنساف بنفسو ثم يدعو لمن يشاء‪.‬‬

‫‪ ‬الرابع‪" :‬الدعاء للميت"‬


‫اف َوَال تَ ْج َع ْل فِي قُػلُوبِنَا ِغ ِّبل‬
‫اإليم ِ‬ ‫ِ‬
‫ين َسبَػ ُقونَا ب ِْ َ‬
‫ِ ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ين َجاءُوا من بَػ ْعدى ْم يَػ ُقولُو َف َربػَّنَا ا ْغف ْر لَنَا َو ِإل ْخ َواننَا الذ َ‬
‫َّ ِ‬
‫قاؿ تعالى‪َ { :‬والذ َ‬
‫ك رء ٌ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِّّ ِ‬
‫يم}‬ ‫وؼ َّرح ٌ‬ ‫آمنُوا َربػَّنَا إنَّ َ َ ُ‬
‫ين َ‬
‫للذ َ‬
‫روى مسلم عن صفواف وىو ابن عبد اهلل بن صفواف وكانت تحتو الدرداء‪.‬‬
‫(كانت تحتو) أي كانت زوجتو‪ ،‬كانت تسمى الدرداء‪.‬‬
‫قاؿ‪" :‬وكانت تحتو الدرداء قاؿ‪ :‬قدمت الشاـ‪ ،‬فأتيت أبا الدرداء (رضي اهلل عنو) في منزلو فلم أجده ووجدت أـ الدرداء‪،‬‬
‫فادع اهلل لنا بخير فإف النبي ﷺ كاف يقوؿ‪ :‬دعوة المرء المسلم ألخيو‬
‫فقالت‪ :‬أتريد الحج العاـ؟ فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬قالت‪ُ :‬‬
‫بظهر الغيب مستجابة‪ ،‬عند رأسو ملك موكل كلما دعا ألخيو بخير قاؿ الملك الموكل بو آمين ولك بمثل"‪.‬‬
‫وىذا يفيد‪ :‬أف الدعاء للميت يقاؿ أيضا لصاحبو من على لساف الملك (ولك بمثل)‪.‬‬
‫وروى مسلم عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪ " :‬إذا مات اإلنساف انقطع عنو عملو إال من ثبلث‪ :‬إال‬
‫من صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفع بو‪ ،‬أو ولد صالح يدعو لو"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬بياف فضل المهاجرين واألنصار‪ ،‬وإف حبهم إيماف وبغضهم كفراف‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أيضا بياف طبقات المسلمين ودرجاتهم وىي ثبلثة باإلجماؿ‪:‬‬
‫‪ ‬األولى‪ :‬المهاجروف األولوف‪.‬‬
‫‪ ‬الثانية‪ :‬األنصار الذين تبوأوا الدار وىي المدينة وألفوا اإليماف‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫‪ ‬الثالثة‪ :‬من جاء بعدىم من التابعين وتابعي التابعين إلى قياـ الساعة من أىل اإليماف والتقوى‪.‬‬
‫‪ -‬وىذا يدؿ على أف من أراد أف يكوف من أصحاب الطبقة الثالثة فعليو أف يستغفر للذين سبقوا وأال يجعل في قلبو‬
‫حقدا أو غبل للذين آمنوا‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو فضيلة الدعاء بظهر الغيب‪.‬‬

‫‪ ‬الخامس‪" :‬عدـ سب األموات"‬


‫روى البخاري عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪ :‬قاؿ النبي ﷺ‪" :‬ال تسبوا األموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا"‪.‬‬
‫(أفضوا) أي وصلوا إلى ما قدموا‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬حرمة سب األموات‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو تعظيم اإلسبلـ لحرمة الميت‪.‬‬

‫والسرج وغيرىا فوؽ القبر"‬


‫‪ ‬السادس‪" :‬عدـ إيقاد الشموع ُ‬
‫روى الترمذي وحسنو عن ابن عباس رضي اهلل عنهما قاؿ‪ " :‬لعن رسوؿ اهلل صلى اهلل وسلم زائرات القبور والمتخذين‬
‫والسرج"‪.‬‬
‫عليها المساجد ُ‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬النهي عن اتخاذ الشموع والسرج وغيرىا قوؽ القبور‪.‬‬
‫‪ -‬ويستفاد أيضا النهي عن زيارة النساء للقبور مطلقا‪ ،‬والمسألة محل خبلؼ بين أىل العلم‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو رد صريح على القبوريين الذين يبنوف القباب على القبور ويسجدوف إليها‪ ،‬ويسرجوف عليها‪ ،‬ويضعوف الزىور‬
‫والرياحين عليها تكريما وتعظيما ألصحابها‪.‬‬

‫‪ ‬السابع‪" :‬البعد عن المخالفات الشرعية للزيارة"‬


‫روى مسلم عن جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهما قاؿ‪ " :‬كاف رسوؿ اهلل ﷺ إذا خطب احمرت عيناه‪ ،‬وعبل صوتو‪ ،‬واشتد‬
‫غضبو‪ ،‬حتى كأنو منذر جيش يقوؿ‪ :‬صبحكم ومساكم‪ ،‬ويقوؿ‪ :‬بعثت أنا والساعة كهاتين‪ ،‬ويقرف بين أصبعيو السبابة‬
‫والوسطى‪ ،‬ويقوؿ‪ :‬أما بعد فإف خير الحديث كتاب اهلل‪ ،‬وخير الهدي ىدي محمد‪ ،‬وشر األمور محدثاتها‪ ،‬وكل بدعة‬
‫ضبللة"‪.‬‬
‫والشاىد من الحديث‪ :‬وكل بدعة ضبللة‪.‬‬
‫فالبعد عن المخالفات الشرعية للزيارة من الدين والتلبس بهذه المخالفات من البدع والضبلالت‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬أف من قسم البدع وجعلها منها حسنة وسيئة‪ ،‬أف ىذا ال يقاؿ أصبل‪.‬‬
‫‪ -‬وإنما في الحديث رد على من قسم البدع إلى حسنة وسيئة‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف من أراد الهدى فعليو أف يسلك طريق النبي صلى اهلل وسلم‪.‬‬

‫‪ ‬الثامن‪" :‬أال يجلس فوؽ القبر وال يضطجع عليو"‬


‫روى مسلم عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬ألف يجلس أحدكم على جمرة فتحرؽ ثيابو فتخلص‬
‫إلى جلده خير لو من أف يجلس على قبر"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬حرمة الجلوس على القبر مطلقا‪ ،‬وعظيم حرمة الميت‪.‬‬

‫‪ ‬التاسع‪" :‬عدـ بناء المساجد على القبور"‬


‫ففي الصحيحين عن عائشة رضي اهلل عنها وابن عباس رضي اهلل عنهما قاؿ‪:‬‬
‫"لما نزؿ برسوؿ اهلل ﷺ طفق يطرح خميصة على وجهو"‪.‬‬
‫(لما نزؿ برسوؿ اهلل‪ :‬أي الموت)‪.‬‬
‫"لما نزؿ الموت برسوؿ اهلل ﷺ طفق يطرح خميصة على وجهو‪ ،‬فإذا اغتم كشفها عن وجهو فقاؿ‪ :‬وىو كذلك لعنة اهلل‬
‫على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا‪ ،‬يحذر ما صنعوا"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬حرمة بناء المساجد على القبور‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو بياف لضبلؿ أىل الكتاب‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو عظيم حماية النبي صلى عليو وسلم لجناب التوحيد‪.‬‬

‫‪ ‬العاشر‪" :‬عدـ المشي في المقابر بالحذاء"‬


‫قد روى أبو داود بسند حسن عن بشير بن الخصاصية (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ " :‬كنت أمشي مع رسوؿ اهلل ﷺ فمر على‬
‫قبور المسلمين فقاؿ‪ :‬لقد سبق ىؤالء شرا كثيرا‪( ،‬أي سبقوا حتى جعلوا الشر وراءىم ووصلوا إلى الخير)‪ ،‬قاؿ‪ :‬لقد سبق‬
‫ىؤالء شرا كثيرا‪ ،‬ثم مر على قبوؿ المشركين فقاؿ‪ :‬لقد سبق ىؤالء خيرا كثيرا‪( ،‬أي أنهم تقدموا وجاء خير كثير بعدىم لم‬
‫يدركوه)‪ ،‬قاؿ‪ :‬فحالت منو التفاتة فرأى رجبل يمشي بين القبور في نعليو‪ ،‬فقاؿ يا صاحب السبتيتين؛ ألقهما"‪.‬‬
‫(السبتيين) ىما النعبلف السبتيتاف ىما اللتاف صنعتا من الجلد المدبوغ‪.‬‬
‫(ألقهما) أي ال ِ‬
‫تمش بهما بين القبور‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬فضيلة مصاحبة الصالحين‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية زيارة القبور‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو كراىة المشي بين القبور بالنعاؿ مطلقا‪ ،‬سواء كانت سبتية أو غيرىا‪ ،‬إال لحاجة كشوؾ أو مطر‪.‬‬

‫‪ ‬الحادي عشر‪" :‬عدـ االستغاثة بالموتى"‬


‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ ُّ ِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫اب لَ ُك ْم أَنِّي ُممد ُكم بأَلْف ِّم َن ال َْم َبلئ َكة ُم ْردف َ‬
‫ين}‬ ‫قاؿ تعالى‪{ :‬إِ ْذ تَ ْستَغيثُو َف َربَّ ُك ْم فَ ْ‬
‫استَ َج َ‬
‫روى الترمذي وقاؿ حسن صحيح عن ابن عباس رضي اهلل عنهما قاؿ‪ " :‬كنت خلف رسوؿ اهلل صلى اهلل وسلم يوما‬
‫فقاؿ‪ :‬يا غبلـ إني أعلمك كلمات‪ :‬احفظ اهلل يحفظك احفظ اهلل تجده تجاىك‪ ،‬وإذا سألت فاسأؿ اهلل‪ ،‬وإذا استعنت‬
‫فاستعن باهلل‪ ،‬وأعلم أف األمة لو اجتمعت على أف ينفعوؾ بشيء لن ينفعوؾ إال بشيء قد كتبو اهلل لك‪ ،‬ولو اجتمعوا على‬
‫أف يضروؾ بشيء لن يضروؾ إال بشيء قد كتبو اهلل عليك‪ ،‬رفعت األقبلـ وجفت الصحف "‪.‬‬
‫والشاىد من الحديث قولو‪" :‬إذا سألت فاسأؿ اهلل وإذا استعنت فاستعن باهلل"‪.‬‬
‫فاالستعانة تكوف باهلل واالستغاثة تكوف باهلل ال بالموتى‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬جواز اإلرداؼ على الدابة إف أطاقت ذلك‪ - .‬وفيو عظيم تواضع النبي ﷺ‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أنو ال يجوز سؤاؿ غير اهلل في ما ال يقدر عليو إال اهلل تبارؾ وتعالى‪.‬‬

‫ثم ننتقل إلى نوع آخر من اآلداب وىو‪" :‬آداب النكاح"‬


‫وآداب النكاح على سبيل اإلجماؿ أيضا‪:‬‬
‫‪ -‬األوؿ‪ :‬أف يستخير اهلل تعالى‪.‬‬
‫‪ -‬الثاني‪ :‬ينظر إلى من يريد نكاحها‪.‬‬
‫‪ -‬الثالث‪ :‬أف يختار ذات الدين‪.‬‬
‫‪ -‬الرابع‪ :‬يستحب أف تكوف الزوجة بكرا‪.‬‬
‫‪ -‬الخامس‪ :‬يستحب أف تكوف ولودا‪.‬‬
‫‪ -‬السادس‪ :‬أف يطلب نكاحها من وليها‪.‬‬
‫‪ -‬السابع‪ :‬أال يغالي في المهر‪.‬‬
‫‪ -‬الثامن‪ :‬رضى الزوجين‪.‬‬
‫‪ -‬التاسع‪ :‬اختيار الرجل الصالح وإف كاف فقيرا‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫يخلو الخاطب بمخطوبتو إال مع ذي محرـ‪.‬‬
‫‪ -‬العاشر‪ :‬ال َ‬
‫‪ -‬الحادي عشر‪ :‬وضع اليد على ناصية الزوجة بعد العقد والدعاء بالبركة‪.‬‬
‫‪ -‬الثاني عشر‪ :‬استحباب الوليمة‪.‬‬
‫‪ -‬الثالث عشر‪ :‬أف يصلي بزوجتو ركعتين عند الدخوؿ‪.‬‬

‫أما على سبيل التفصيل فآداب النكاح‪:‬‬


‫‪ ‬األوؿ‪" :‬أف يستخير اهلل تعالى"‬
‫فقد روى البخاري عن جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهما قاؿ‪ " :‬كاف رسوؿ اهلل ﷺ يعلمنا االستخارة في األمور كلها كما‬
‫يعلمنا السورة من القرآف يقوؿ‪ :‬إذا ىم أحدكم باألمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل‪ :‬اللهم إني أستخيرؾ بعلمك‬
‫وأستقدرؾ بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر وال أقدر وتعلم وال أعلم وأنت عبلـ الغيوب اللهم إف كنت‬
‫تعلم أف ىذا األمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري‪( ،‬أو قاؿ عاجل أمري وآجلو) فاقدره لي ويسره لي ثم بارؾ لي‬
‫فيو وإف كنت تعلم أف ىذا األمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري (أو قاؿ‪ :‬في عاجل أمري وآجلو) فاصرفو عني‬
‫واصرفني عنو واقدر لي الخير حيث كاف ثم أرضني بو‪ ،‬قاؿ‪ :‬ويسمي حاجتو"‪.‬‬
‫وىذا إذا ىم باألمر‪ .‬كما قاؿ ﷺ‪" :‬إذا ىم أحدكم باألمر"‪ ،‬وىذا يشمل النكاح وغيره‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬مشروعية االستخارة في األمور كلها‪ ،‬في أمور الدنيا كلها‪ ،‬أما أمور اآلخرة فبل يحتاج فيها إلى االستخارة‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف المؤمن دائم الصلة باهلل تعالى يستشيره في جميع أموره‪.‬‬

‫‪ ‬الثاني‪" :‬أف ينظر إلى من يريد نكاحها"‬


‫روى الترمذي وحسنو عن المغيرة بن شعبة (رضي اهلل عنو)‪" :‬أنو خطب امرأة فقاؿ النبي ﷺ‪ :‬انظر إليها فإنو أحرى أف‬
‫يؤدـ بينكما"‪( .‬أف يؤدـ بينكما) أي بأف يؤلف ويوفق بينكما‪.‬‬
‫روى مسلم أيضا في صحيحو عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬كنت عند النبي ﷺ فأتاه رجل فأخبره أنو تزوج امرأة‬
‫من األنصار‪ ،‬فقاؿ لو رسوؿ اهلل ﷺ‪ :‬أنظرت إليها؟ قاؿ‪ :‬ال‪ ،‬قاؿ‪ :‬فاذىب فانظر إليها‪ ،‬فإف في أعين األنصار شيئا"‪.‬‬
‫وروى الحاكم وصححو ووافقو الذىبي عن جابر (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬إذا خطب أحدكم امرأة فإف‬
‫استطاع أف ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬وفيو جواز ذكر العيب للنصيحة‪.‬‬ ‫‪ -‬مشروعية النظر إلى ما يظهر غالبا من المخطوبة‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية النصيحة بدوف طلب‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ ‬الثالث‪" :‬أف يختار ذات الدين"‬
‫ففي الصحيحين عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) عن النبي ﷺ قاؿ‪ " :‬تنكح المرأة ألربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها‬
‫فاظفر بذات الدين تربت يداؾ"‪.‬‬
‫ومعنى (تربت يداؾ) أي إف لم تفعل افتقرتا أو لُصقتا بالتراب من شدة الفقر‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬ىي كلمة يدعم بها الكبلـ تارة للتعجب وتارة للزجر أو للتهويل أو اإلعجاب‪.‬‬
‫وىو كويل أمو‪ ،‬أو ال أبا لك‪ ،‬وىكذا‪...‬‬
‫وروى مسلم عن عبد اهلل بن عمرو بن العاص رضي اهلل عنهما أف رسوؿ اهلل صلى عليو وسلم قاؿ‪" :‬إف الدنيا كلها متاع‬
‫وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬الحث على نكاح صاحبة الدين‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف خير متاع الدنيا المرأة الصالحة‪.‬‬

‫‪ ‬الرابع‪" :‬يستحب أف تكوف الزوجة بكرا"‬


‫ففي الصحيحين عن جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهما قاؿ‪ " :‬كنا مع النبي ﷺ في غزوة فلما قفلنا "‬
‫(قفلنا) أي رجعنا‪.‬‬
‫قطوؼ‪ ،‬فلحقني راكب من خلفي"‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫"قاؿ‪ :‬فلما قفلنا كنا قريبا من المدينة‪ ،‬تعجلت على بعير لي‬
‫ٍ‬
‫قطوؼ) أي ىو البطيء المشي‪ .‬أي بعير بطيء في المشي‪.‬‬ ‫(على بعير لي‬
‫"قاؿ فلحقني راكب من خلفي فنخس بعيري َبعنَزة"‪.‬‬
‫(والعنزة) عصا نحو نصف الرمح في أسفلها سهم‪.‬‬
‫"قاؿ فنخس بعيري بعنزة كانت معو فسار بعيري كأحسن ما أنت ر ٍاء من اإلبل‪ ،‬فالتفت فإذا أنا برسوؿ اهلل ﷺ‪،‬فقلت‪ :‬يا‬
‫رسوؿ اهلل إني حديث عهد بعرس‪ ،‬قاؿ‪ :‬أتزوجت؟‪ ،‬قلت‪ :‬نعم‪،‬‬
‫قاؿ‪ :‬أبكرا أـ ثيبا؟ قاؿ‪ :‬قلت بل ثيبا‪ ،‬قاؿ‪ :‬فهبل بكرا تبلعبها وتبلعبك!‪،‬‬
‫قاؿ‪ :‬فلما قدمنا ذىبنا لندخل‪ ،‬فقاؿ‪ :‬أمهلوا حتى تدخلوا ليبل (أي عشاء) لكي تمتشط الشعثة وتستحد الُمغيبة "‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب الزواج من األبكار‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو فقو جابر (رضي اهلل عنو) إذ لم يتزوج بكرا للمصلحة‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أنو ينبغي للمسافر أال يرجع إلى بيتو فجأة من غير إعبلف أىلو‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ ‬الخامس‪" :‬يستحب أف تكوف ولودا"‬
‫فقد روى أبو داود بسند حسن عن معقل بن يسار (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ " :‬جاء رجل إلى النبي ﷺ‪ ،‬فقاؿ‪ :‬إني أصبت‬
‫امرأة ذات حسب وجماؿ‪ ،‬وإنها ال تلد أفأتزوجها؟‬
‫قاؿ‪ :‬ال‪ ،‬ثم أتاه الثانية فنهاه‪ ،‬ثم أتاه الثالثة‪ ،‬فقاؿ‪ :‬تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم األمم"‪.‬‬
‫(تزوجوا الولود) أي كثيرة الوالدة‪.‬‬
‫(والودود) أي العؤود التي إذا ظُلمت‪ ،‬قالت‪ :‬ىذه يدي في يدؾ ال أذوؽ غمضا حتى ترضى‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب تكثير النسل‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو الحث على زواج المرأة الودود الولود‪.‬‬

‫‪ ‬السادس‪" :‬أف يطلب نكاحها من وليها"‬


‫قد روى الترمذي وحسنو عن عائشة رضي اهلل عنها‪ ،‬أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬أيما إمرأة نكحت بغير إذف وليها فنكاحها‬
‫باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل‪ ،‬فإف دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها‪ ،‬فإف اشتجروا فالسلطاف ولي من ال‬
‫ولي لو"‪.‬‬
‫وروى أبو داود وصححو الحاكم والذىبي عن أبي موسى (رضي اهلل عنو) أف النبي ﷺ قاؿ‪" :‬ال نكاح إال بولي"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬أنو يشترط لصحة النكاح إذف الولي‪.‬‬
‫‪ -‬وأف من تزوج امرأة ببل ولي فلها المهر بما استحل من فرجها‪.‬‬
‫‪ -‬وإف لم يكن للمرأة أولياء فوليها السلطاف‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف من أراد أف يتزوج امرأة فعليو أف يطلب نكاحها من وليها‪.‬‬

‫‪ ‬السابع‪" :‬أال يغالي في المهر"‬


‫ص ُدؽ‬
‫فقد روى الترمذي وقاؿ حسن صحيح عن أبي العجفاء قاؿ‪ :‬قاؿ عمر بن الخطاب (رضي اهلل عنو)‪ " :‬أال ال تغلوا ُ‬
‫النساء‪ ،‬فإنو لو كاف مكرمة في الدنيا أو تقوى عند اهلل عز وجل‪ ،‬كاف أوالكم بو النبي ﷺ‪ ،‬ما أصدؽ رسوؿ اهلل ﷺ امرأة‬
‫بصدقة امرأتو حتى يكوف لها عداوة‬
‫من نسائو‪ ،‬وال أصدقت امرأة من بناتو‪ ،‬أكثر من ثنتي عشرة أوقية‪ ،‬وإف الرجل ال يُغلي ُ‬
‫في نفسو"‪.‬‬
‫بصدقة امرأتو أي مهرىا‪.‬‬
‫ما معنى ىذا؟ (وإف الرجل ال يغلي) أي ال يكثر ُ‬
‫أي بنتو أو ما كاف وليا لها‪ ،‬حتى يكوف لها عداوة في نفسو‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫(أي حتى يعاديها في نفسو عند أداء ذلك المهر لثقلو عليو حينئذ)‪،‬‬
‫"وحتى يقوؿ ُكلفت لكم ِعلق القربة"‪.‬‬
‫(علق القربة) أي تحملت كل شيء حتى َعرؽ القربة وىو‪ :‬سيبلف مائها‪.‬‬
‫وروى مسلم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنو قاؿ‪ :‬سألت عائشة زوج النبي ﷺ كم كاف صداؽ رسوؿ اهلل ﷺ؟ قالت‪:‬‬
‫كاف صداقو ألزواجو ثنتي عشرة أوقية ونشا‪ ،‬قالت‪ :‬أتدري ما النش؟ قاؿ‪ :‬قلت‪ :‬ال‪ ،‬قالت؛ نصف أوقية‪ ،‬فتلك خمسمائة‬
‫درىم‪ ،‬فهذا صداؽ رسوؿ اهلل ﷺ ألزواجو"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬الحث على عدـ الغلو في المهور‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو حرص الصحابة رضي اهلل عنهم على العمل بسنة النبي ﷺ قوال وعمبل‪.‬‬

‫‪ ‬الثامن‪" :‬رضى الزوجين"‬


‫ففي الصحيحين عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬ال تنكح األيم حتى تستأمر‪ ،‬وال تنكح البكر حتى‬
‫تُستأذف‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسوؿ اهلل؛ وكيف إذنها؟ (أي البكر) قاؿ‪ :‬أف تسكت"‪.‬‬
‫وروى أحمد بسند صحيح عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪ :‬جاءت فتاة إلى رسوؿ اهلل ﷺ فقالت‪ :‬يا رسوؿ اهلل؛ إف أبي‬
‫زوجني ابن أخيو يرفع بي خسيستو"‪.‬‬
‫(يرفع بي خسيستو‪ :‬أي يزيل عنو بإنكاحي إياه خسيستو‪ ،‬دناءتو‪.‬‬
‫أي أنو خسيس فأراد أف يجعلو بي عزيزا ويرفع بي قدره)‪.‬‬
‫"قاؿ‪ :‬فجعل األمر إليها‪ ،‬قالت‪ :‬فإني قد أجزت ما صنع أبي ولكن أردت أف تعلم النساء أف ليس لآلباء من األمر شيئا "‪.‬‬
‫لما أخبرت النبي ﷺ بذلك جعل األمر إليها إف قبل ت أو رفضت‪ ،‬فقالت‪ :‬فإني قد أجزت ما صنع أبي‪ ،‬ولكن أردت أف‬
‫تعلم النساء أف ليس لآلباء من األمر شيئا‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬أف الولي شرط في صحة النكاح‪.‬‬
‫‪ -‬وأنو ال تنكح الثيب حتى تستأذف‪.‬‬
‫‪ -‬وأف النكاح ليس في يد الثيب وإنما ىو بيد وليها‪ ،‬ولكن ال تنكح حتى تستأذف‪.‬‬
‫‪ -‬ومن شروط صحة النكاح رضى الزوجين‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف الثيب ال تجبر‪ ،‬والبكر تُستأذف أف يؤخذ إذنها في النكاح فإف سكتت فذلك إذف لها‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ ‬التاسع‪" :‬اختيار الرجل الصالح وإف كاف فقيرا"‬
‫فقد روى البخاري عن سهل بن سعد الساعدي (رضي اهلل عنو) أنو قاؿ‪" :‬مر رجل على رسوؿ اهلل ﷺ فقاؿ‪ :‬لرجل عنده‬
‫حري إف خطب أف ينكح وإف شفع أف يّشفع‪ ،‬قاؿ‪:‬‬ ‫جالس ما رأيك في ىذا؟ فقاؿ‪ :‬رجل من أشراؼ الناس‪ ،‬ىذا واهلل ٌ‬
‫فسكت رسوؿ اهلل ﷺ‪ ،‬ثم مر رجل آخر فقاؿ لو رسوؿ اهلل ﷺ‪ :‬ما رأيك في ىذا؟ فقاؿ‪ :‬يا رسوؿ اهلل ىذا رجل من فقراء‬
‫شفع‪ ،‬وإف قاؿ أف ال يُسمع لقولو‪ ،‬فقاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪ :‬ىذا‬
‫المسلمين‪ ،‬ىذا حري إف خطب أف ال ينكح وإف شفع أف ال ي ّ‬
‫خير من ملء األرض مثل ىذا"‪.‬‬
‫(ىذا خير) أي ىذا الفقير خير من ملء األرض‪.‬‬
‫(من مثل ىذا) أي من الغني‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬الحث على تزويج الرجل الصالح وإف كاف فقيرا‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف معيار القبوؿ عند اهلل صبلح القلوب ال المظاىر‪.‬‬

‫‪ ‬العاشر‪" :‬ال يخلو الخاطب بمخطوبتو إال مع ذي محرـ"‬


‫ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي اهلل عنهما عن النبي ﷺ قاؿ‪ " :‬ال يخلوف رجل بامرأة إال مع ذي محرـ"‪.‬‬
‫ويستفاد منو‪:‬‬
‫‪ -‬التحذير من الخلوة باألجنبية‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أنو ال يجوز للخاطب أف يخلو بمخطوبتو إال مع ذي محرـ‪.‬‬
‫‪ ‬الحادي عشر‪" :‬وضع اليد على ناصية الزوجة بعد العقد والدعاء بالبركة"‬
‫روى أبو داود بسند حسن عن عبد اهلل بن عمر بن العاص رضي اهلل عنهما عن النبي ﷺ أنو قاؿ‪ " :‬إذا تزوج أحدكم امرأة‬
‫أو اشترى خادما‪ ،‬فليقل‪ :‬اللهم إنى أسألك خيرىا وخير ما جبّلتها عليو‪ ،‬وأعوذ بك من شرىا ومن شر ما جبّلتها عليو‪،‬‬
‫وإذا اشترى بعيرا فليأخذ بذروة سنامو‪ ،‬وليقل مثل ذلك"‪.‬‬
‫(ذروة سنامو) أي أعلى سناـ البعير وىو ما ارتفع من على ظهره‪.‬‬
‫وفي رواية ألبي داود قاؿ‪" :‬ثم ليأخذ بناصيتها وليدعو بالبركة في المرأة والخادـ"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب الدعاء بالبركة للزوجة ووضع اليد على ناصيتها وكذلك عند شراء الشيء الجديد‪.‬‬
‫‪ ‬الثاني عشر‪" :‬استحباب الوليمة"‬
‫صفرة‪( .‬أي أثر‬‫ففي الصحيحين عن أنس بن مالك (رضي اهلل عنو) أف النبي ﷺ رأى على عبد الرحمن بن عوؼ أثر ُ‬
‫الطيب) فقاؿ‪ :‬ما ىذا؟ قاؿ يا رسوؿ اهلل إني تزوجت امرأة على وزف نواة من ذىب‪ ،‬قاؿ‪ :‬فبارؾ اهلل لك أولم ولو بشاة"‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫وىذا ىو موضع الشاىد‪.‬‬
‫وفي الصحيحين عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) أنو كاف يقوؿ‪" :‬شر الطعاـ طعاـ وليمةُ يدعى لها األغنياء ويُترؾ الفقراء‪،‬‬
‫ومن ترؾ الدعوة فقد عصى اهلل ورسولو"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب الوليمة للعرس‪.‬‬
‫‪ ‬الثالث عشر‪" :‬أف يصلي بزوجتو ركعتين عند الدخوؿ"‬
‫نفرا‬
‫روى ابن أبي شيبة بسند ال بأس بو عن أبي سعيد مولى أبي أسيد (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ " :‬تزوجت وأنا مملوؾ فدعوت ً‬
‫من أصحاب النبي ﷺ منهم أبو مسعود وأبو ذر وحذيفة يُعلمونني‪ ،‬فقاؿ‪ :‬إذا دخل عليك أىلك‪ ،‬فصل ركعتين ثم سل اهلل‬
‫من خير ما دخل عليك‪ ،‬ثم تعوذ بو من شره ثم شأنك وشأف أىلك"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬مشروعية دعاء بعض الصالحين ليلة العرس لسؤالهم عن بعض األمور الفقهية المتعلقة بالنكاح‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية صبلة ركعتين عند الدخوؿ بالمرأة‪.‬‬

‫ونكتفي بهذا القدر ونسأؿ اهلل تبارؾ وتعالى من فضلو في الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫وفي الختاـ نرجو التكرـ باإلجابة على ىذه األسئلة‪.‬‬

‫األسئ ػ ػ ػلة‬
‫السؤاؿ األوؿ‪ :‬اذكر آداب زيارة القبور إجماال؟‬
‫السؤاؿ الثاني‪ :‬اذكر آداب النكاح إجماال؟‬
‫السؤاؿ الثالث‪ :‬من آداب زيارة القبور الدعاء للميت‪ ،‬فما دليل ذلك؟‬
‫السؤاؿ الرابع‪ :‬من آداب النكاح رضى الزوجين‪ ،‬فما دليل ذلك؟‬

‫سبحانك اللهم وبحمدؾ‪ ،‬نشهد أف ال إلو إال أنت نستغفرؾ ونتوب إليك‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫المحاضػرة الثالثػػة والعشروف‬

‫سنتكلم اليوـ إف شاء اهلل تعالى عن‪" :‬آداب العطاس"‬


‫وآداب العطاس على سبيل اإلجماؿ‪:‬‬
‫‪ -‬األوؿ‪ :‬تشميت العاطس حق على المسلم‪.‬‬
‫‪ -‬الثاني‪ :‬أف يحمد العاطس ربو‪.‬‬
‫‪ -‬الثالث‪:‬يجوز أف يقوؿ العاطس الحمد هلل على كل حاؿ‪.‬‬
‫يشمت من لم يحمد اهلل‪.‬‬
‫‪ -‬الرابع‪ :‬ال ّ‬
‫ذكرا‪.‬‬
‫‪ -‬الخامس‪ :‬ال يجوز أف يزيد شيئا على الحمد ولو ً‬
‫‪ -‬السادس‪ :‬ويستحب لكل من سمعو أف يقوؿ لو‪ :‬يرحمك اهلل‪ ،‬أو يرحمكم اهلل‪ ،‬أو رحمكم اهلل‪.‬‬
‫ويستحب للعاطس بعد ذلك أف يقوؿ‪ :‬يهديكم اهلل ويصلح بالكم‪ ،‬أو يغفر اهلل لنا ولكم‪.‬‬
‫‪ -‬السابع‪ :‬إذا جاءه العطاس أف يضع يده أو ثوبو على فمو وأف يخفض صوتو‪.‬‬
‫يشمتو لكل مرة إلى أف يبلغ ثبلث مرات‪.‬‬
‫‪ -‬الثامن‪:‬إذا تكرر العطاس من إنساف متتابعا‪ ،‬فالسنة أف ّ‬
‫‪ -‬التاسع‪ :‬إذا عطس غير المسلم قاؿ لو‪ :‬يهديكم اهلل ويصلح بالكم‪.‬‬

‫أما على سبيل التفصيل‪:‬‬


‫‪ ‬األوؿ منها‪" :‬تشميت العاطس حق على المسلم"‬
‫ففي الصحيحين عن أبي ىريرة رضي اهلل عنو‪،‬عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬حق المسلم على المسلم خمس‪ :‬رد السبلـ‪ ،‬وعيادة‬
‫المريض‪ ،‬واتباع الجنائز‪ ،‬وإجابة الدعوة‪ ،‬وتشميت العاطس"‪.‬‬
‫والمراد (بإجابة الدعوة) أي دعوة الوليمة‪.‬‬
‫وتشميت العاطس‪ :‬بأف يقوؿ لو (يرحمك اهلل)‪.‬‬
‫ست‪ :‬إذا لقيتو فسلم عليو‪ ،‬وإذا دعاؾ فأجبو "‪.‬‬
‫وفي رواية لمسلم قاؿ‪" :‬حق المسلم على المسلم ٌ‬
‫(إذا دعاؾ) أي لئلعانة أو الدعوة‪.‬‬
‫(فأجبو) أي وجوبا‪ ،‬إف كانت لئلعانة أو لوليمة العرس‪ ،‬واستحبابا إذا كانت لغيرىا‪.‬‬
‫فشمتو‪ ،‬وإذا مرض فعُده‪ ،‬وإذا مات فاتبعو"‪.‬‬
‫"وإذا دعاؾ فأجبو‪ ،‬وإذا استنصحك فانصح لو‪ ،‬وإذا عطس فحمد اهلل تعالى ّ‬
‫وروى البخاري في صحيحو عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬إف اهلل تعالى يحب العُطاس ويكره‬
‫التثاؤب‪ ،‬فإذا عطس أحدك م وحمد اهلل تعالى كاف حقا على كل مسلم سمعو أف يقوؿ لو‪ :‬يرحمك اهلل‪ ،‬وأما التثاؤب فإنما‬
‫ىو من الشيطاف‪ ،‬فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع فإف أحدكم إذا تثاءب ضحك منو الشيطاف"‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫ويستفاد من ىذه األحاديث‪:‬‬
‫‪ -‬وعيادة المريض‪.‬‬ ‫‪ -‬الحث على رد السبلـ‪.‬‬
‫‪ -‬إجابة الدعوة‪.‬‬ ‫‪ -‬واتباع الجنائز‪.‬‬
‫‪ -‬وكذلك ال يشرع تشميت العاطس إذا لم يحمد اهلل تعالى‪.‬‬ ‫‪ -‬وتشميت العاطس‪.‬‬
‫ومعنى المحبة والكراىة في العطاس والتثاؤب ينصرؼ إلى سببهما‪ :‬وذلك أف العطاس يكوف عن خفة البدف وانفتاح‬
‫المسار وعدـ الغاية في الشبع‪.‬‬
‫وىو بخبلؼ التثاؤب فإنو يكوف عن غلبة امتبلء البدف وثقلو مما يكوف ناشئًا عن كثرة األكل والتخليط فيو‪.‬‬
‫واألوؿ يستدعي النشاط للعبادة‪ ،‬والثاني عكس ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬الثاني من آداب العطاس‪" :‬أف يحمد العاطس ربو"‬


‫فقد روى البخاري في صحيحو عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬إذا عطس فليقل الحمد هلل‪ ،‬وليقل لو‬
‫أخوه أو صاحبو يرحمك اهلل‪ ،‬فإذا قاؿ لو يرحمك اهلل فليقل يهديكم اهلل ويصلح بالكم"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬مشروعية الحمد عند العطاس‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو الهداية وإصبلح الحاؿ بيد اهلل تبارؾ وتعالى‪.‬‬
‫‪ ‬األدب الثالث‪" :‬يجوز أف يقوؿ العاطس الحمد هلل على كل حاؿ"‬
‫ما دليل ذلك؟ الدليل‪ :‬روى أبو داود وغيره بإسناد صحيح عن أبي ىريرة رضي اهلل عنو‪ ،‬عن النبي ﷺ قاؿ‪ " :‬إذا عطس‬
‫فليقل‪ :‬الحمد هلل على كل حاؿ‪ ،‬وليقل أخوه أو صاحبو‪ :‬يرحمك اهلل‪ ،‬ويقوؿ ىو‪ :‬يهديكم اهلل ويصلح بالكم "‪.‬‬

‫‪ ‬األدب الرابع‪" :‬ال يشمت من لم يحمد اهلل"‬


‫يشمت اآلخر‪ ،‬فقاؿ‬
‫فشمت أحدىما ولم ّ‬
‫ففي الصحيحين عن أنس (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬عطس رجبلف عند النبي ﷺ ّ‬
‫تشمتني‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ىذا حمد اهلل تعالى وإنك لم تحمد اهلل تعالى"‪.‬‬
‫فشمتو وعطست فلم ّ‬
‫يشمتو‪ :‬عطس فبلف ّ‬
‫الذي لم ّ‬
‫وروى مسلم في صحيحو عن أبي موسى األشعري (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬سمعت رسوؿ اهلل ﷺ يقوؿ‪ " :‬إذا عطس أحدكم‬
‫فشمتوه فإف لم يحمد فبل تشمتوه"‪.‬‬
‫فحمد اهلل تعالى ّ‬
‫أي يقولوا لو‪ :‬يرحمك اهلل‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬مشروعية تشميت العاطس إذا حمد اهلل تعالى‪ ،‬أما اذا لم يحمد فبل يجب ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية السؤاؿ عند االستشكاؿ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫كرا"‬
‫‪ ‬األدب الخامس‪" :‬ال يجوز أف يزيد شيئا على الحمد ولو ذ ً‬
‫الدليل على ذلك‪ :‬ما رواه الترمذي وحسنو األلباني عن ابن عمر رضي اهلل عنهما‪" :‬أف رجبل عطس إلى جنبو‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬
‫الحمد هلل والسبلـ على رسوؿ اهلل‪ ،‬فقاؿ ابن عمر‪ :‬وأنا أقوؿ الحمد هلل والسبلـ على رسوؿ ﷺ‪ ،‬وليس ىكذا علمنا‬
‫رسوؿ اهلل ﷺ‪ ،‬علمنا أف نقوؿ‪ :‬الحمد هلل على كل حاؿ"‪.‬‬
‫فهذا الرجل زاد في الحمد السبلـ على النبي ﷺ‪ ،‬فنهاه عن ذلك ابن عمر رضي اهلل عنهما‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫ذكرا‪ - .‬وفيو أف ألفاظ األذكار توقيفية ال يجوز الزيادة فيها‪.‬‬
‫‪ -‬ال يجوز للعاطس أف يزيد شيئا على الحمد ولو ً‬
‫‪ ‬السادس من اآلداب‪" :‬ويستحب لكل من سمعو أف يقوؿ لو‪ :‬يرحمك اهلل‪ ،‬أو يرحمكم اهلل‪ ،‬أو رحمكم اهلل"‬
‫ويستحب للعاطس بعد ذلك أف يقوؿ‪ :‬يهديكم اهلل ويصلح بالكم‪ ،‬أو يغفر اهلل لنا ولكم‪.‬‬
‫الدليل على ذلك ‪ :‬ما رواه مالك بسند صحيح عن نافع عن ابن عمر رضي اهلل عنهما أنو قاؿ‪" :‬إذا عطس أحدكم فقيل‬
‫لو‪ :‬يرحمك اهلل‪ ،‬يقوؿ‪ :‬يرحمنا اهلل وإياكم ويغفر اهلل لنا ولكم"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬أنو ينبغي للداعي ألف يدعو لنفسو أوال ثم يدعو لغيره‪.‬‬
‫‪ -‬ويستحب لكل من سمع العاطس أف‪ :‬يقوؿ لو‪ :‬يرحمك اهلل‪ ،‬أو يقوؿ لو‪ :‬يرحمكم اهلل‪ ،‬أو يقوؿ لو‪ :‬رحمكم اهلل‪.‬‬
‫‪ -‬ويستحب للعاطس بعد ذلك أف يقوؿ‪ :‬يهديكم اهلل ويصلح بالكم‪ ،‬أو يغفر اهلل لنا ولكم‪.‬‬

‫‪ ‬السابع من اآلداب‪" :‬إذا جاءه العطاس أف يضع يده أو ثوبو على فمو وأف يخفض صوتو"‬
‫فقد روى أبو داود والترمذي وصححو عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو)‪" :‬أف النبي ﷺ كاف إذا عطس غطى وجهو بيده أو‬
‫وغض بها صوتو) أي خفض بها صوتو‪.‬‬
‫وغض بها صوتو"‪َ ( .‬‬
‫بثوبو‪َ ،‬‬

‫يشمتو لكل مرة إلى أف يبلغ ثبلث مرات"‬


‫‪ ‬األدب الثامن‪" :‬إذا تكرر العطاس من إنساف متتابعا فالسنة أف ّ‬
‫فقد روى مسلم في صحيحو عن سلمة بن األكوع (رضي اهلل عنو) أنو سمع النبي ﷺ وعطس عنده رجل فقاؿ لو‪:‬‬
‫"يرحمك اهلل‪ ،‬ثم عطس أخرى‪ ،‬فقاؿ لو رسوؿ اهلل ﷺ‪ :‬الرجل مزكوـ"‪.‬‬
‫وفي رواية عند أبي داود والترمذي قاؿ سلمة (رضي اهلل عنو)‪ :‬عطس رجل عند رسوؿ اهلل ﷺ وأنا شاىد‪ ،‬فقاؿ رسوؿ اهلل‬
‫ﷺ‪" :‬يرحمك اهلل‪ ،‬ثم عطس الثانية والثالثة فقاؿ لو رسوؿ اهلل ﷺ‪ :‬يرحمك اهلل ىذا رجل مزكوـ "‪.‬‬
‫ومعنى (مزكوـ) أي أصابو الزكاـ‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫يشمتو لكل مرة إلى أف يبلغ ثبلث مرات‪.‬‬
‫‪ -‬أنو إذا تكرر العطاس من إنساف متتابعا فالسنة أف ّ‬

‫‪60‬‬
‫‪ ‬التاسع واألخير من آداب العطاس‪" :‬إذا عطس غير المسلم قاؿ لو‪ :‬يهديكم اهلل ويصلح بالكم"‬
‫فقد روى أبو داود والترمذي وغيرىما بسند حسن عن أبي موسى األشعري (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ " :‬كاف اليهود يتعاطسوف‬
‫عند رسوؿ اهلل ﷺ يرجوف أف يقوؿ لهم‪ :‬يرحمكم اهلل فيقوؿ (أي النبي ﷺ) لهم‪ :‬يهديكم اهلل ويصلح بالكم"‪.‬‬
‫سة من أنفسهم‪ ،‬يتكلفوف أف يتعاطسوا‪.‬‬
‫(يتعاطسوف) أي يطلبوف العطَ َ‬
‫و يستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬مشروعية قوؿ يهديكم اهلل ويصلح لمن عطس من غير المسلمين‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو بياف مكر اليهود ودىائهم‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو عظيم فطنة النبي ﷺ وذكائو بمراد اليهود‪.‬‬

‫(آداب التثاؤب)‬
‫وىي على سبيل اإلجماؿ أيضا‪:‬‬
‫‪ -‬رد التثاؤب بما استطاع‪.‬‬
‫‪ -‬وضع على الفم أثناء التثاؤب‪.‬‬
‫‪ -‬وضع اليد على الفم أثناء التثاؤب في الصبلة‪.‬‬
‫‪ -‬عدـ رفع الصوت بالتثاؤب‪.‬‬

‫أما على سبيل التفصيل‪:‬‬


‫‪ ‬األوؿ منها‪" :‬رد التثاؤب ما استطاع"‬
‫فقد روى البخاري في صحيحو عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬إف اهلل تعالى يحب العُطاس ويكره‬
‫التثاؤب‪ ،‬فإذا عطس أحدكم وحمد اهلل تعالى كاف حقا على كل مسلم سمعو أف يقوؿ لو‪ :‬يرحمك اهلل‪ ،‬وأما التثاؤب فإنما‬
‫ىو من الشيطاف فإذا تثاءب أحدكم [وىذا ىو موضع الشاىد] فليرده وما استطاع فإف أحدكم إذا تثاءب ضحك منو‬
‫الشيطاف"‪.‬‬
‫وبينا معنى المحبة والكره‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬وعيادة المريض‪.‬‬ ‫‪ -‬الحث على رد السبلـ‪.‬‬
‫‪ -‬وإجابة الدعوة‪.‬‬ ‫‪ -‬واتباع الجنائز‪.‬‬
‫‪ -‬وكذلك ينبغي أنو إذا تثاءب فليرده ما استطاع‪.‬‬ ‫‪ -‬وتشميت العاطس‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ ‬األدب الثاني‪" :‬وضع اليد على الفم أثناء التثاؤب"‬
‫فقد روى مسلم في صحيحو عن أبي سعيد الخدري (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬إذا تثاءب أحدكم‬
‫فليمسك بيده على فمو فإف الشيطاف يدخل (أي يضع يده على فمو) لئبل يدخل الشيطاف"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب وضع اليد على الفم عند التثاؤب‪.‬‬
‫‪ ‬الثالث من آداب التثاؤب‪" :‬وضع اليد على الفم أثناء التثاؤب في الصبلة"‬
‫فقد روى أبو داود وحسنو األلباني عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو)‪ " :‬أف رسوؿ اهلل ﷺ نهى عن السدؿ في الصبلة‪ ،‬وأف‬
‫يغطي الرجل فاه"‪.‬‬
‫(نهى عن السدؿ في الصبلة)‬
‫السدؿ ىو‪ :‬إرخاء الثوب حتى يصيب األرض‪.‬‬
‫أو ىو أف يلتحف بثوب ويدخل يديو من داخل فيركع ويسجد وىو كذلك‪.‬‬
‫أي ال يضع ذراعيو في أكماـ الثوب‪.‬‬
‫(وأف يغطي الرجل فاه) أف يغطي فمو في الصبلة‪.‬‬
‫فقد روى مسلم في صحيحو عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪ " :‬إذا تثاءب أحدكم في الصبلة‬
‫فليكظم ما استطاع فإف الشيطاف يدخل"‬
‫وروى أبو داود والترمذي وقاؿ حسن صحيح عن أبي سعيد الخدري (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ النبي ﷺ‪" :‬إذا تثاءب‬
‫أحدكم في الصبلة فليضع يده على ِ‬
‫فيو فإف الشيطاف يدخل مع التثاؤب"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬كراىة السدؿ ال سيما في الصبلة‪ - .‬و كراىة تغطية الفم في الصبلة‪.‬‬
‫‪ -‬وأنو ينبغي للمتثائب أف يحبس تثاؤبو ما استطاع إلى ذلك سبيبل‪.‬‬

‫‪ ‬األدب الرابع‪" :‬عدـ رفع الصوت بالتثاؤب"‬


‫فقد روى البخاري في صحيحو عن أبي ىريرة رضي اهلل عنو‪ ،‬أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬إذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع‬
‫إف أحدكم إذا قاؿ (ىا) ضحك منو الشيطاف"‪.‬‬
‫(إذا قاؿ‪ :‬ىا) أي بالغ في التثاؤب فظهر منو ىذا الحرؼ في نطقو‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب خفض الصوت عند التثاؤب‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو استحباب ترؾ كثرة األكل التي ىي سبب التثاؤب‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫وفي الختاـ نرجو التكرـ باإلجابة على ىذه األسئلة‪.‬‬

‫األسئ ػ ػ ػلة‬
‫السؤاؿ األوؿ‪ :‬اذكر آداب العطاس إجماال؟‬
‫السؤاؿ الثاني‪ :‬اذكر آداب التثاؤب إجماال؟‬
‫السؤاؿ الثالث‪ :‬من آداب العطاس تشميت العاطس‪ .‬فما دليل ذلك؟‬
‫السؤاؿ الرابع‪ :‬من آداب التثاؤب عدـ رفع الصوت بو‪ .‬فما دليل ذلك؟‬

‫وفي الختاـ نسأؿ اهلل تبارؾ وتعالى أف يرزقنا اإلخبلص في القوؿ والعمل‪ ،‬وأف يفقهنا في دينو‪،‬‬
‫ونسألو الجنة وما قرب إليها من قوؿ أو عمل‪ ،‬ونعوذ بو من النار وما قرب إليها من قوؿ أو عمل‪.‬‬
‫سبحانك اللهم وبحمدؾ‪ ،‬نشهد أف ال إلو إال أنت نستغفرؾ ونتوب إليك‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫المحاضػرة الرابعػػة والعش ػروف‬

‫سنتكلم اليوـ إف شاء اهلل تعالى أوال عن‪" :‬آداب لبس النعاؿ"‬
‫وىي على سبيل اإلجماؿ‪:‬‬
‫‪ -‬البدء بالشماؿ عند الخلع‪.‬‬ ‫‪ -‬التيمن في لبس النعل‪.‬‬
‫‪ -‬عدـ المشي في نعل واحد‪.‬‬ ‫‪ -‬أف يلبس النعل وىو جالس‪.‬‬
‫‪ -‬يستحب أف يمشي الرجل حافيا أحيانا‪.‬‬ ‫‪ -‬عدـ المشي بين المقابر بالحذاء‪.‬‬

‫أما على سبيل التفصيل فهي‪:‬‬


‫‪ ‬األوؿ منها‪" :‬التيمن في لبس النعل"‬
‫ففي الصحيحين عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪":‬كاف رسوؿ اهلل ﷺ ليحب التيمن في طهوره إذا تطهر‪ ،‬وفي ترجلو إذا‬
‫ترجل‪ ،‬وفي انتعالو إذا انتعل"‪.‬‬
‫(يحب التمين في طهوره) أي إذا تطهر في الوضوء أو الغسل‪.‬‬
‫(وفي ترجلو) أي في تسريحو ودىنو لشعره‪( ،‬وفي انتعالو إذا انتعل) أي في لبسو لنعلو‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب البدء باليمين في‪[ :‬الوضوء‪ ،‬وفي لبس النعل‪ ،‬وفي تسريح الشعر]‪ ،‬ويدؿ ذلك على تفضيل اليد‬
‫اليمنى على اليسرى‪.‬‬

‫‪ ‬الثاني‪" :‬البدء بالشماؿ عند الخلع"‬


‫ففي الصحيحين عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) أف رسوؿ اهلل صلى عليو وسلم قاؿ‪" :‬إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى‪ ،‬وإذا‬
‫نزع فليبدأ بالشماؿ‪ ،‬ليكن اليمنى أولهما تُنعل وآخرىما تُنزع"‪.‬‬
‫(وإذا نزع) أي خلع نعلو‪.‬‬ ‫‪( -‬إذا انتعل أحدكم) أي إذا أراد أف يلبس النعل‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب البدء باليمين عند لبس الحذاء‪ ،‬واستحباب البدء باليسرى عند خلع الحذاء‪.‬‬

‫‪ ‬الثالث من اآلداب‪" :‬أف يلبس النعل وىو جالس"‬


‫فقد روى ابن ماجة بسند صحيح عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬نهى رسوؿ اهلل ﷺ أف ينتعل الرجل وىو قائم"‪.‬‬
‫(أف ينتعل الرجل وىو قائم) أي أف يلبس حذاءه وىو قائم‪.‬‬
‫فيستفاد من ذلك‪ :‬أنو ال يشرع لبس الحذاء حاؿ القياـ‪ ،‬ويستحب من جلوس‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫‪ ‬الرابع‪" :‬عدـ المشي في نعل واحدة"‬
‫ففي الصحيحين عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬ال ِ‬
‫يمش أحدكم في نعل واحدة‪ ،‬ليحفهما جميعا‬
‫أو لينعلهما جميعا"‪.‬‬
‫أي ال يا ال ِ‬
‫يمش في رجل واحدة بها الحذاء واألخرى ليس بها الحذاء‪.‬‬
‫(ليحفهما جميعا) من الحفاء‪ .‬أي يمشي حافي القدمين جميعا‪ ،‬وال يلبس واحدة ويترؾ األخرى‪.‬‬
‫(أو ليُنعلهما جميعا) أي يلبسهما جميعا نعلين‪.‬‬

‫وروى مسلم في صحيحو عن جابر (رضي اهلل عنو) أف رسوؿ اهلل عليو وسلم‪" :‬نهى أف يأكل الرجل بشمالو‪ ،‬أو يمشي في‬
‫الصماء‪ ،‬وأف يحتبي في ثوب واحد كاشفا عن فرجو"‪.‬‬
‫نعل واحدة‪ ،‬وأف يشتمل ّ‬
‫(أف يمشي في نعل واحدة) بينا معناىا‪.‬‬
‫(وأف يشتمل الصماء) ىو أف يشتمل بالثوب حتى يجلل بو جسده‪.‬‬
‫ال يرفع منو جانبا‪ ،‬فبل يبقى ما يخرج منو يده‪.‬‬
‫سميت‪( :‬صماء) ألنو سد المنافذ كلها كالصخرة الصماء‪ ،‬التي ليس فيها فرؽ وال صدع‪.‬‬
‫(وأف يحتبي في ثوب واحد) أي أف يقعد اإلنساف على إليتو وينصب ساقيو ويحتوي عليهما بثوب أو نحوه أو بيده‪.‬‬
‫الحبوة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الحبوة والحبوة َ‬
‫وىذه القعدة يقاؿ لها‪َ :‬‬

‫وروى مسلم في صحيحو أيضا عن جابر (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬إذا انقطع شسع أحدكم"‪( ،‬والشسع)‬
‫ىو النعل‪.‬‬
‫يمش في نعل واحدة حتى يصلح شسعو‪ ،‬وال ِ‬
‫يمش في‬ ‫"إذا انقطع شسع أحدكم‪ ،‬أو "من أو من انقطع شسع نعلو فبل ِ‬
‫ِ‬
‫يحتب بالثوب الواحد‪ ،‬وال يلتحف الصماء"‪.‬‬ ‫خف واحد‪ ،‬وال يأكل بشمالو‪ ،‬وال‬
‫(وشسع النعل) ىو أحد سيور النعل‪ ،‬وىو ما يدخل بين اإلصبعين منو‪.‬‬

‫‪ ‬الخامس من ىذه اآلداب‪" :‬عدـ المشي بين المقابر بالحذاء"‬


‫فقد روى أبو داود بسند حسن عن بشير (وكاف اسمو في الجاىلية‪ :‬زحم بن معبد‪ ،‬فقاؿ لو رسوؿ اهلل ﷺ‪ :‬ما اسمك؟‬
‫قاؿ‪ :‬زحم بن معبد‪ ،‬قاؿ‪ :‬أنت بشير‪ ،‬فكاف اسمو‪ .‬قاؿ‪ :‬بينا أنا أمشي أو قاؿ بينا أنا أماشي رسوؿ اهلل ﷺ‪ ،‬فقاؿ‪ :‬يا ابن‬
‫الخصاصية؛ ما أصبحت تنقم على اهلل؟‬
‫(بينما أنا أماشي) أي أمشي معو كما يمشي ﷺ‪.‬‬
‫(ما أصبحت تنقم على اهلل) يقاؿ نقمت على الرجل‪ ،‬أنقم بالكسر إذا عتبت عليو‪.‬‬
‫"فيقوؿ يا ابن الخصاصية ما أصبحت تنقم على اهلل؟ تماشي رسوؿ اهلل ﷺ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫فقلت‪ :‬ما أنقم على اهلل شيئا كل خير فعل بي اهلل‪ ،‬فأتى على قبور المشركين فقاؿ لقد ُسبق ىؤالء بخير كثير‪( ،‬ثبلث‬
‫مرات) ثم أتى على قبور المشركين فقاؿ‪ :‬لقد أدرؾ ىؤالء خير كثير‪( ،‬ثبلث مرار) فبينما ىو يمشي إذ حانت منو نظرة"‪.‬‬
‫(حانت) أي التفت‪.‬‬
‫"فرأى‪ ،‬فإذا برجل يمشي بين القبور عليو نعبلف فقاؿ‪ :‬يا صاحب السبتيتين‪ ،‬ويحك ِ‬
‫ألق سبتيتيك‪.‬‬
‫فنظر؛ فلما عرؼ رسوؿ اهلل ﷺ خلع نعليو فرمى بهما"‪( .‬أي مشى بين القبور حافيا)‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬مشروعية تغيير االسم القبيح إلى اسم حسن‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو فضيلة مصاحبة الصالحين‪.‬‬
‫‪ -‬ومشروعية زيارة القبور‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو كراىة المشي بين القبور بالنعاؿ مطلقا سواء كانت سبتية أو غيرىا إال لحاجة كشوؾ أو مطر‪.‬‬

‫‪ ‬السادس‪" :‬يستحب أف يمشي الرجل حافيا أحيانا"‬


‫فقد روى أبو داود بسند حسن عن عبد اهلل بن بريدة‪" :‬أف رجبل من أصحاب النبي ﷺ رحل إلى فضالة بن عبيد‪ ،‬وىو‬
‫بمصر فقدـ عليو وىو يمد ناقةً لو"‪.‬‬
‫(يمد ناقة لو) أي يطعمها‪ ،‬يطعم الناقة‪.‬‬
‫"وىو يمد ناق ًة لو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬إني لم آتك زائرا‪ ،‬إنما أتيتك لحديث بلغني عن رسوؿ اهلل ﷺ رجوت أف يكوف عندؾ منو علم‪،‬‬
‫فرآه شعثا‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ما لي أراؾ شعثا؟"‬
‫(فرآه شعثا) أي غير ممتشط‪.‬‬
‫"فقاؿ‪( :‬أي الصحابي) ما لي أراؾ شعثا وأنت أمير البلد؟‬
‫قاؿ‪ :‬إف رسوؿ اهلل ﷺ كاف ينهانا عن كثير من اإلرفاه"‪.‬‬
‫والمراد (باإلرفاه) أي التوسع والتنعم وكثرة االشتغاؿ بتحسين الجسد وىيئتو‪.‬‬
‫"فقاؿ‪ :‬كاف ينهانا عن كثير من اإلرفاه‪ ،‬ورآه حافيا‪( ،‬أي الصحابي) رأى فضالة حافيا‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ما لي أراؾ حافيا؟‬
‫قاؿ‪ :‬إف رسوؿ اهلل ﷺ أمرنا أف نحتفي أحيانا"‪ .‬أي نمشي حفاة أحيانا‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب المشي بدوف نعل أحيانا‪.‬‬
‫‪ -‬ويستفاد أيضا كراىة التوسع في التنعم وتحسين الشعر وكثرة اإلرفاه‪.‬‬

‫انتهت بذلك ىذه اآلداب‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫ننتقل إلى آداب أخرى وىي‪" :‬آداب طالب العلم"‬
‫وىي على سبيل اإلجماؿ‪:‬‬
‫‪ -‬األوؿ‪ :‬أف يقصد بعلمو وجو اهلل تعالى (نسأؿ اهلل تعالى اإلخبلص والقبوؿ)‪.‬‬
‫‪ -‬الثاني‪ :‬الرحلة في طلب العلم‪.‬‬
‫‪ -‬الثالث‪ :‬عدـ الجلوس وسط الحلقة‪.‬‬
‫‪ -‬الرابع‪ :‬عدـ ِ‬
‫الشبع‪.‬‬
‫‪ -‬الخامس‪ :‬التثبت في ال ُفتيا‪.‬‬
‫‪ -‬السادس‪ :‬االبتعاد عن المعاصي‪.‬‬

‫وىي على سبيل التفصيل‪:‬‬


‫‪ ‬األوؿ‪" :‬أف يقصد بعلمو وجو اهلل تعالى"‬
‫ين الْ َقيِّ َم ِة}‬ ‫الزَكاةَ و ٰذَلِ َ ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫صين لَوُ الدِّين حنَػ َف ِ‬ ‫قاؿ تعالى‪ِ ِ ِ { :‬‬
‫كد ُ‬ ‫الص َبل َة َويػُ ْؤتُوا َّ َ‬
‫يموا َّ‬
‫اء َويُق ُ‬
‫َ ُ َ‬ ‫وما أُم ُروا إ َّال ليَػ ْعبُ ُدوا اللوَ ُم ْخل َ‬
‫َ‬
‫وفي الصحيحين عن عمر بن الخطاب (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬سمعت رسوؿ اهلل ﷺ يقوؿ‪" :‬إنما األعماؿ بالنيات وإنما‬
‫لكل امرئ ما نوى فمن كانت ىجرتو إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرتو إلى ما ىاجر إليو"‪.‬‬
‫وروى مسلم في صحيحو عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬سمعت رسوؿ اهلل ﷺ يقوؿ‪" :‬إف أوؿ الناس يُقضى يوـ‬
‫فعرفو نعمو فعرفها‪ ،‬قاؿ‪ :‬فما عملت فيها؟ قاؿ‪ :‬قاتلت فيك حتى استشهدت‪ ،‬قاؿ‪:‬‬
‫ُتي بو ّ‬
‫القيامة عليو رجل استشهد‪ ،‬فأ َ‬
‫كذبت‪ ،‬ولكنك قاتلت ليقاؿ جريء‪ ،‬فقد قيل‪ .‬ثم أمر بو فسحب على وجهو حتى ألقي في النار‪ ،‬ورجل تعلم العلم‬
‫فعرفو نعمو فعرفها‪ ،‬قاؿ‪ :‬فما عملت فيها؟ قاؿ‪ :‬تعلمت العلم وعلمتو وقرأت فيك القرآف‪،‬‬
‫ُتي بو ّ‬
‫وعلمو وقرأ القرآف فأ َ‬
‫قاؿ‪ :‬كذبت‪ ،‬ولكنك تعلمت العلم ليقاؿ عالم وقرأت القرآف ليقاؿ ىو قارئ‪ ،‬فقد قيل ثم أمر بو فسحب على وجهو حتى‬
‫ألقي في النار"‪.‬‬
‫نسأؿ اهلل تعالى السبلمة في الدنيا واآلخرة ونسألو تعالى اإلخبلص والقبوؿ‪.‬‬

‫فعرفو نعمو فعرفها‪ ،‬قاؿ‪ :‬فما عملت فيها؟ قاؿ ما تركت‬


‫ُتي بو ّ‬
‫وسع اهلل عليو وأعطاه من أصناؼ الماؿ كلو فأ َ‬
‫"قاؿ‪ :‬ورجل ّ‬
‫جواد‪ ،‬فقد قيل‪ .‬ثم أُمر بو‬
‫من سبيل تحب أف يُنفق فيها إال أنفقت فيها لك‪ ،‬قاؿ‪ :‬كذبت‪ ،‬ولكنك فعلت ليقاؿ ىو ّ‬
‫فسحب على وجهو ثم ألقي في النار"‪.‬‬
‫فهذا يدؿ على وجوب اإلخبلص في طلب العلم وأف يكوف هلل تعالى‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫ومن اإلخبلص أف تنوي بطلب العلم‪:‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬أف ترفع الجهل عن نفسك‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬أف تعبد اهلل على بصيرة‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬أف تتقرب إلى اهلل بطلب العلم ألف طلبو جهاد‪.‬‬
‫‪ -‬رابعاً‪ :‬أف تتعبد هلل بطلب العلم ألف مدارستو عبادة‪.‬‬
‫‪ -‬خامساً‪ :‬ومن النوايا أيضا أف تزداد بو خشية‪.‬‬
‫ِ ِ ِِ‬
‫شى اللَّ َو م ْن عبَاده ال ُْعلَ َماءُ ۚ إِ َّف اللَّ َو َع ِز ٌيز غَ ُف ٌ‬
‫ور}‬ ‫قاؿ تعالى‪{ :‬إِنَّ َما يَ ْخ َ‬
‫ومن النوايا أيضا ترتفع بو عند اهلل درجات‪.‬‬
‫قاؿ تعالى‪{ :‬يػرفَ ِع اللَّوُ الَّ ِذين آمنُوا ِمن ُكم والَّ ِذين أُوتُوا ال ِْعلْم َدرج ٍ‬
‫ات ۚ َواللَّوُ بِ َما تَػ ْع َملُو َف َخبِ ٌير}‪.‬‬ ‫َ ََ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬
‫وليحذر طالب العلم أف ينوي بالعلم تحصيل الدنيا‪.‬‬
‫وكذلك روى أبو داود بسند حسن عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬من تعلم علما مما يُبتغى بو‬
‫وجو اهلل عز وجل ال يتعلمو إال ليصيب بو َعرضا من الدنيا لم يجد َعرؼ الجنة يوـ القيامة"‪ .‬يعني‪ :‬ريحها‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬عظيم أمر اإلخبلص فإف اهلل ال يقبل من العمل إال ما كاف صوابا وابتغي بو وجهو‪.‬‬
‫‪ -‬والتحذير من إرادة الدنيا بعمل اآلخرة‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف الناس يتفاوتوف في األجر والثواب باختبلؼ النية‪ .‬فرب قليل تعظمو النية‪ ،‬ورب عمل عظيم تصغره النية‪.‬‬

‫‪ ‬الثاني من آداب طلب العلم‪" :‬الرحلة في طلب العلم"‬


‫روى أحمد في مسنده وحسنو األلباني عن عبد اهلل بن محمد بن عقيل‪ ،‬أنو سمع جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهما يقوؿ‪:‬‬
‫"بلغني عن رجل سمعو من رسوؿ اهلل ﷺ ‪ ،‬فاشتريت بعيرا ثم شددت عليو رحلي‪ ،‬فسرت إليو شهرا حتى قدمت عليو‬
‫الشاـ"‪( .‬سافر شهرا ليصل إليو)‪" .‬قاؿ‪ :‬فسرت إل يو شهرا حتى قدمت عليو الشاـ فإذا عبد اهلل بن أنيس‪ ،‬فقلت للبواب‪:‬‬
‫قل لو جابر على الباب‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ابن عبد اهلل؟ قلت‪ :‬نعم؛ فخرج يطأ ثوبو فاعتنقني واعتنقتو‪ ،‬فقلت‪ :‬حديثا بلغني عنك‬
‫أنك سمعتو من رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو في القصاص فخشيت أف تموت أو أموت قبل أف أسمعو‪ ،‬قاؿ‪ :‬سمعت رسوؿ‬
‫هما؟‬
‫هما قاؿ‪ :‬قلنا وما بُ ً‬
‫غرال بُ ً‬
‫اهلل ﷺ يقوؿ‪" :‬يحشر الناس يوـ القيامة (أو قاؿ العباد) عراةً ً‬
‫قاؿ‪ :‬ليس معهم شيء‪ ،‬ثم يناديهم بصوت يسمعو من قرب‪ :‬أنا الملك‪ ،‬أنا الدياف‪ ،‬وال ينبغي ألحد من أىل النار أف‬
‫يدخل النار ولو عند أحد من أىل الجنة حق حتى أق صو منو‪ ،‬وال ينبغي ألحد من أىل الجنة أف يدخل الجنة وألحد من‬
‫هما؟ قاؿ‪:‬‬
‫أىل النار عنده حق حتى أقصو منو‪ ،‬حتى اللطمة‪ ،‬قاؿ‪ :‬قلنا كيف وإنّا إنما نأتي اهلل عز وجل عراةً غُ ًرال بُ ً‬
‫بالحسنات والسيئات"‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫أي ستكوف المجازاة بالحسنات أو بالسيئات‪.‬‬
‫إما أف يأخذ من حسناتو‪ ،‬فإف فنيت حسناتو أعطى من سيئات المظلوـ‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬مشروعية الرحلة لطلب العلم‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو علو الهمة الصحابة رضي اهلل عنهم في طلب العلم‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو الحرص على علو اإلسناد والحث على المبادرة على تحصيل العلم‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية المعانقة‪.‬‬

‫‪ ‬األدب الثالث‪" :‬عدـ الجلوس وسط الحلقة"‬


‫إذا تحلق الطبلب حلقة فبل تقعد وسطها‪.‬‬
‫لما روى الترمذي وقاؿ حسن صحيح عن أبي مجلس‪" :‬أف رجبل قعد وسط الحلقة فقاؿ حذيفة‪ :‬ملعوف على لساف‬
‫محمد"‪ .‬أو قاؿ‪" :‬لعن اهلل على لساف محمد ﷺ من قعد وسط الحلقة"‪.‬‬
‫(واللعن) ىو الطرد من رحمة اهلل تبارؾ وتعالى‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬التحذير من الجلوس وسط الحلقة‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو شمولية الشريعة اإلسبلمية لشتى مناحي الحياة‪.‬‬

‫‪ ‬األدب الرابع‪" :‬عدـ الشبع"‬


‫فقد روى الترمذي وقاؿ حديث حسن صحيح عن المقداـ بن معد يكرب (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬سمعت رسوؿ اهلل ﷺ‬
‫وعاء شرا من بطن‪ ،‬حسب اآلدمي لقيمات يقمن صلبو‪ ،‬فإف غلبت اآلدمي نفسو‪ ،‬فثلث للطعاـ‪،‬‬
‫يقوؿ‪" :‬ما مؤل آدمي ً‬
‫وثلث للشراب‪ ،‬وثلث للنفس"‪.‬‬
‫الصحابي (رضي اهلل عنو) وىو‪ :‬المقداـ بن معدي كرب رضي اهلل عنو‪ ،‬يخبر عن النبي ﷺ‪ ،‬فيقوؿ النبي ﷺ‪" :‬ما مؤل‬
‫آدمي وعاء شرا من بطن‪ ،‬حسب اآلدمي لقيمات يقمن صلبو‪ ،‬فإف غلبت اآلدمي نفسو‪ ،‬فثلث للطعاـ‪ ،‬وثلث للشراب‪،‬‬
‫وثلث للنفس"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬التحذير من الشبع‪.‬‬
‫‪ -‬وأنو ينبغي لطالب العلم أف ال يكثر من األكل‪ ،‬وأنو يكفي إلقامة حياة اإلنساف لقيمات يقمن صلبو‪ ،‬فإف أبى وإف‬
‫كاف واكبل ال محالة‪ ،‬فثلث للطعاـ‪ ،‬وثلث للشراب‪ ،‬وثلث للنفس‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫‪ ‬األدب الخامس‪" :‬التثبت في ال ُفتيا"‬
‫فقد روى أبو داود بسند حسن عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬من أفتى بغير علم كاف إثمو على‬
‫من أفتاه‪ ،‬ومن أشار على أخيو بأمر يعلم أف الرشد في غيره فقد خانو"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬الحث على التثبت في ال ُفتيا‪.‬‬
‫‪ -‬وأنو ال يجوز ألحد أف يفكر أف يفتي في مسألة يجهلها‪.‬‬
‫‪ -‬وأنو أيضا ال يجوز ألحد أف يشير على أحد بما يراه ليس من مصلحة المستشير‪.‬‬

‫‪ ‬األدب السادس‪" :‬االبتعاد عن المعاصي"‬


‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫قاؿ تعالى‪َ { :‬واتَّػ ُقواْ الل َّو َويػُ َعلِّ ُم ُك ُم اللّوُ َواللّوُ ب ُك ِّل َش ْيء َعل ٌ‬
‫يم}‬
‫آمنُوا إِف تَػتَّػ ُقوا اللَّوَ يَ ْج َعل لَّ ُك ْم فُػ ْرقَانًا َويُ َك ِّف ْر َعن ُك ْم َسيِّئَاتِ ُك ْم َويَػ ْغ ِف ْر لَ ُك ْم ۚ َواللَّوُ ذُو الْ َف ْ‬
‫ض ِل‬ ‫َّ ِ‬
‫وقاؿ سبحانو‪{ :‬يَا أَيػُّ َها الذ َ‬
‫ين َ‬
‫ال َْع ِظ ِيم}‪.‬‬
‫فإذا ابتعد اإلنساف عن المعاصي فقهو اهلل عز وجل وعلمو‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬وجوب تقوى اهلل تعالى‪ ،‬وأعظم منزلة التقوى‪.‬‬
‫‪ -‬وأف من سبل التعلم االبتعاد عن المعاصي‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أيضا أف تقوى اهلل تعالى من أسباب مغفرة الذنوب‪.‬‬

‫وفي الختاـ نرجو التكرـ باإلجابة على ىذه األسئلة‪.‬‬

‫األسئ ػ ػ ػلة‬
‫السؤاؿ األوؿ‪ :‬اذكر آداب لبس النعاؿ إجماال‪.‬‬
‫السؤاؿ الثاني‪ :‬اذكر آداب طلب العلم إجماال‪.‬‬
‫السؤاؿ الثالث‪ :‬من آداب لبس النعل عدـ المشي في نعل واحد‪ .‬فما دليل ذلك؟‬
‫السؤاؿ الرابع‪ :‬من آداب طلب العلم أف يقصد بعلمو وجو اهلل تعالى‪ .‬فما دليل ذلك؟‬

‫نسأؿ اهلل تبارؾ وتعالى أف يفقهنا في ديننا‪ ،‬وأف يلهمنا رشدنا‪،‬‬


‫وأف يرزقنا الجنة وما قرب إليها من قوؿ أو عمل‪ ،‬ونعوذ بو من النار وما قرب إليها من قوؿ أو عمل‪.‬‬
‫سبحانك اللهم وبحمدؾ ونشهد اف ال إلو إال أنت نستغفرؾ ونتوب إليك‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫المحاضػرة الخامسة والعشروف‬

‫اليوـ إف شاء اهلل تعالى مع‪" :‬آداب السفر"‬


‫وىي إجماال‪:‬‬
‫‪ -‬كتابة الوصية‪.‬‬ ‫‪ -‬االستخارة‪.‬‬
‫‪ -‬اختيار الرفيق الصالح‪.‬‬ ‫‪ -‬األفضل أال يسافر وحده‪.‬‬
‫‪ -‬أف يدعو اهلل تعالى بدعاء السفر‪.‬‬ ‫‪ -‬أف يودع أىلو وجيرانو وأصحابو‪.‬‬
‫‪ -‬استحباب السفر يوـ الخميس‪.‬‬ ‫‪ -‬أف يطلب الوصية من العلماء والصالحين‪.‬‬
‫‪ -‬أال يصحب معو جرسا أو موسيقى‪.‬‬ ‫‪ -‬إذا كانوا جماعة أف يؤمروا أحدىم‪.‬‬
‫‪ -‬أف يدعو اهلل تعالى لنفسو وألىلو‪.‬‬ ‫‪ -‬التكبير إذا صعد علوا والتسبيح إذا نزؿ‪.‬‬
‫‪ -‬عدـ السفر بالمصحف إلى أرض العدو‪.‬‬ ‫‪ -‬إذا نزؿ بلدا استعاذ باهلل من شرىا‪.‬‬
‫‪ -‬أف يتعلم فقو السفر وما فيو من رخص في العبادات‪.‬‬ ‫‪ -‬أال تسافر المرأة إال مع محرـ‪.‬‬

‫أما على سبيل التفصيل‪ :‬فآداب السفر‪..‬‬


‫‪ ‬األوؿ منها‪" :‬االستخارة"‬
‫فقد روى البخاري ع ن جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهما قاؿ‪ :‬كاف رسوؿ اهلل ﷺ يعلمنا االستخارة في األمور كما يعلمنا‬
‫السورة من القرآف يقوؿ‪" :‬إذا ىم أحدكم باألمر فليركع ركعتين من غير الفريضة‪ ،‬ثم ليقل‪ :‬اللهم إني أستخيرؾ بعلمك‬
‫وأستقدرؾ بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر وال أقدر وتعلم وال أعلم وأنت عبلـ الغيوب‪ ،‬اللهم إف كنت‬
‫تعلم أف ىذا األمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو (قاؿ عاجل أمري وآجلو) فاقدره لي ويسره لي ثم بارؾ لي‬
‫فيو وإف كنت تعلم أف ىذا األمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قاؿ (في عاجل أمري وآجلو) فاصرفو عني‬
‫واصرفني عنو واقدر لي الخير حيث كاف ثم ارضني بو‪ ،‬قاؿ ويسمي حاجتو"‪.‬‬
‫االستخارة‪ :‬صبلة االستخارة‪ ،‬وىي طلب خير األمرين‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬مدى حرص النبي ﷺ على تعليم أصحابو على التوكل على اهلل في األمور كلها‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو عظيم علم اهلل واحاطتو بجميع األمور‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أنو ال أحد يعلم علم الغيب سوى اهلل تبارؾ وتعالى‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية االستخارة األمور الدنيوية كلها‪ ،‬أما األمور الشرعية التي تتعلق باآلخرة فبل استخارة فيها‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف المؤمن دائم صلة باهلل تعالى يستشيره في جميع أموره‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ ‬الثاني‪" :‬كتابة الوصية"‪.‬‬
‫ففي الصحيحين عن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬ما حق امرئ مسلم لو شيء يوصي فيو‬
‫يبيت ليلتين إال ووصيتو مكتوبة عنده"‪.‬‬
‫(لو شيء يوصي فيو) أي؛ ولو شيء يريد أف يوصي فيو‪.‬‬
‫(أال يبيت ليلتين إال ووصيتو مكتوبة عنده)‪ :‬الوصية ىي عهد خاص يكوف فيما بعد الموت‪.‬‬
‫وىي تدور مع األحكاـ التكليفية الخمسة‪.‬‬
‫فعلى سبيل المثاؿ‪:‬‬
‫‪ ‬تجب على من عليو حق ببل بينة أو أمانة ببل إشهاد‪.‬‬
‫‪ ‬وتستحب لمن ترؾ ماال كثيرا‪.‬‬
‫‪ ‬وتكره لفقير لو ورثة فقراء‪.‬‬
‫‪ ‬وتباح لفقير لو ورثة أغنياء‪.‬‬
‫‪ ‬وتحرـ‪" :‬لوارث‪ ،‬أو بأكثر من الثلث‪ ،‬أو إلعانة على محرـ"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬الحث على كتابة الوصية‪.‬‬
‫‪ -‬ومشروعية الوصية‪.‬‬
‫‪ -‬والحث على قصر األمل‪.‬‬

‫‪ ‬الثالث من اآلداب‪" :‬األفضل أال يسافر وحده"‬


‫فقد روى الترمذي وحسنو عن عمرو بن شعيب عن أبيو عن جده رضي اهلل عنهما‪ ،‬أف النبي ﷺ قاؿ‪" :‬الراكب شيطاف‬
‫والراكباف شيطاناف والثبلثة ركب"‪.‬‬
‫(الراكب شيطاف والركباف شيطاناف) أي؛ أف االنفراد والذىاب في األرض على سبيل الوحدة من فعل الشيطاف‪.‬‬
‫أو ىو شيء يحملو عليو الشيطاف‪.‬‬
‫وكذلك الراكباف‪.‬‬
‫(الثبلثة ركب) أي؛ جماعة‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬الحث على اجتماع الرفقة في السفر‪.‬‬
‫‪ -‬وأف الشيطاف يكوف أقرب إلضبلؿ المنفرد من الجماعة‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫‪ ‬الرابع‪" :‬اختيار الرفيق الصالح"‬
‫روى الترمذي وحسنو عن أبي سعيد الخدري رضي اهلل عنو‪ ،‬أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬ال تصاحب إال مؤمنا وال يأكل‬
‫طعامك إال تقي"‪( .‬نسأؿ اهلل تعالى أف نكوف من المؤمنين األتقياء)‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬الحث على اختيار الرفقة الصالحة‪.‬‬
‫‪ -‬والحث على مصاحبة المؤمنين األتقياء‪.‬‬

‫‪ ‬الخامس‪" :‬أف يودع أىلو وجيرانو وأصحابو"‬


‫فقد روى الترمذي وقاؿ حسن صحيح عن ابن عمر رضي اهلل عنهما أنو قاؿ‪" :‬قاؿ لرجل انتظر حتى أودعك كما كاف‬
‫رسوؿ اهلل ﷺ يودعنا‪ :‬أستودع اهلل دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك"‪.‬‬
‫(أستودع اهلل دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك) أي؛ استحفظ وأطلب من اهلل حفظ دينك وحفظ أمانتك‪.‬‬
‫(واألمانة) ىنا‪ :‬األىل‪ ،‬ومن يخلفو‪ ،‬ومالو الذي عند أمينو‪.‬‬
‫(وخواتيم أعمالك) أي؛ ما يختم بو من العمل‪ .‬دعا لو بذلك ألف األعماؿ بخواتيمها‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬شدة متابعة الصحابة رضي اهلل عنهم للنبي ﷺ‪ ،‬مما يدؿ على شدة حبهم لو‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو استحباب دعاء المقيم للمسافر بهذا الذكر عند السفر‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف األعماؿ بالخواتيم‪.‬‬

‫‪ ‬السادس‪" :‬أف يدعو اهلل تعالى بدعاء السفر"‬


‫فقد روى مسلم عن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما‪ ،‬أف النبي ﷺ كاف إذا ركب راحلتو كبر ثبلثا ثم قاؿ‪" :‬سبحاف الذي‬
‫سخر لنا ىذا وما كنا لو مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبوف‪،‬‬
‫ثم يقوؿ‪ :‬اللهم إني أسألك في سفري ىذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى‪ ،‬اللهم ىوف علينا السفر واط ِو عنا بعده (او‬
‫واط ِو لنا البعيد)‪ ،‬اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في األىل"‪.‬‬
‫(وما كنا لو مقرنين) أي؛ مطيعين وغالبين أو ضابطين‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب الدعاء بهذا الذكر عند السفر وعند الرجوع من السفر‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو استحباب التكبير عند االستواء على الدابة‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫‪ ‬السابع‪" :‬أف يطلب الوصية من العلماء والصالحين"‬
‫فقد روى الترمذي وقاؿ حسن غريب وصححو األلباني عن أنس (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬جاء رجل إلى النبي ﷺ فقاؿ يا‬
‫رس وؿ اهلل إني أريد سفرا فزودني‪ ،‬فقاؿ‪ :‬زودؾ اهلل التقوى‪ ،‬قاؿ‪ :‬زدني‪ ،‬قاؿ‪ :‬وغفر ذنبك‪ ،‬قاؿ‪ :‬زدني‪ ،‬قاؿ‪ :‬ويسر لك‬
‫الخير حيثما كنت"‪.‬‬
‫فطلب ىذا الصحابي الكريم من النبي ﷺ الزاد فدعا لو بهذه الدعوات‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬زودؾ اهلل التقوى‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬زدني‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬وغفر ذنبك‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬زدني‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬ويسر لك الخير حيثما كنت‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬مشروعية طلب الوصية من العلماء والصالحين عند السفر‪.‬‬

‫‪ ‬الثامن‪" :‬استحباب السفر يوـ الخميس"‬


‫فقد روى البخاري عن كعب بن مالك رضي اهلل كاف يقوؿ‪" :‬لقلما كاف رسوؿ اهلل ﷺ يخرج في سفر إال يوـ الخميس"‪.‬‬
‫وروى البخاري عن كعب بن مالك (رضي اهلل عنو)‪" :‬أف النبي ﷺ خرج يوـ الخميس في غزوة تبوؾ وكاف يحب أف يخرج‬
‫يوـ الخميس"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب السفر أو الشروع في السفر يوـ الخميس‪.‬‬
‫‪ -‬ويستفاد أيضا أف األياـ تتفاضل‪ ،‬ألف النبي ﷺ كاف يحب السفر يوـ الخميس عن غيره من األياـ‪.‬‬

‫‪ ‬التاسع‪ :‬إذا كانوا جماعة أف يؤمروا أحدىم"‬


‫فقد روى أبو داود وحسنو األلباني عن أبي سعيد الخدري رضي اهلل عنو‪ ،‬أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬إذا خرج ثبلثة في سفر‬
‫فليأمروا أحدىم"‪.‬‬
‫درءا للخبلؼ وأف تتفق الكلمة‪.‬‬
‫أي يجعلوا أحدا أميرا عليهم‪ ،‬أحد الثبلثة يجعلوه أميرا عليهم‪ ،‬وذلك ً‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬مشروعية التأمين في السفر‪.‬‬
‫‪ -‬وأف األمر بذلك ليكوف أمرىم جميعا‪ ،‬وال يتفرؽ بهم الرأي‪ ،‬وال يقع بينهم خبلؼ يشق عليهم ذلك‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫‪ ‬العاشر‪" :‬أال يصحب معو جرسا أو موسيقى"‬
‫فقد روى مسلم عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬الجرس مزامير الشيطاف"‬
‫وروى مسلم عن أبي ىريرة رضي عنو أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬ال تصحب المبلئكة رفقة فيها كلب وال جرس"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬عدـ مشروعية اتخاذ الجرس‪.‬‬
‫‪ -‬وعدـ مشروعية اصطحاب الجرس والكلب في السفر‪.‬‬

‫علوا والتسبيح وإذا نزؿ"‬


‫‪ ‬الحادي عشر‪" :‬التكبير إذا صعد ً‬
‫فقد روى أبو داود بسند حسن عن ابن عمر رضي اهلل عنهما قاؿ‪" :‬كاف النبي ﷺ وجيوشو إذا علوا الثنايا كبروا‪ ،‬وإذا‬
‫ىبطوا سبحوا"‪.‬‬
‫(والثنايا) جمع الطريق بين الجبلين‪ ،‬والمعنى إذا ارتفعوا عن األرض‪.‬‬
‫وروى البخاري في صحيحو عن أبي موسى األشعري (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬كنا مع رسوؿ اهلل ﷺ فكنا إذا أشرفنا على‬
‫واد ىللنا وكبرنا وارتفعت أصواتنا فقاؿ النبي عليو وسلم‪ :‬يا أيها الناس؛ اربعوا على أنفسكم فإنكم ال تدعوف أصما وال‬
‫غائبا‪ ،‬إنو معكم إنو سميع قريب تبارؾ اسمو وتعالى جده"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب التكبير عند الصعود‪ ،‬وكذلك التسبيح عند الهبوط‪.‬‬

‫‪ ‬الثاني عشر‪" :‬أف يدعو اهلل تعالى لنفسو وألىلو"‬


‫(أي في السفر)‪ ،‬فقد روى الترمذي وحسنو عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬ثبلث دعوات‬
‫مستجابات ال شك فيهن‪ :‬دعوة المظلوـ‪ ،‬ودعوة المسافر‪ ،‬ودعوة الوالد على ولده"‪.‬‬
‫(ودعوة المسافر) وىذا ىو محل الشاىد‪ ،‬يدعو المسافر لنفسو وألىلو‪ ،‬فيستجيب اهلل تعالى‪ .‬ألف دعوتو مستجابة شرط‬
‫أف يكوف سفره حبلال مباحا‪ ،‬وأف يكوف مطعمو ومشربو حبلال‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬أف دعاء المظلوـ مستجاب‪.‬‬
‫‪ -‬والتحذير من الظلم‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف السفر مظنة استجابة الدعاء‪.‬‬
‫‪ -‬وأنو ينبغي للوالدين أال يدعو على أبنائهما بشر‪.‬‬
‫‪ -‬والتحذير من العقوؽ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫‪ ‬الثالث عشر‪" :‬إذا نزؿ بلدا استعاذ باهلل من شرىا"‬
‫فقد روى مسلم عن خولة بنت حكيم السلمية رضي اهلل عنها قالت‪ :‬سمعت رسوؿ اهلل ﷺ يقوؿ‪" :‬من نزؿ منزال ثم قاؿ‪:‬‬
‫أعوذ بكلمات اهلل التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزلو ذلك"‪.‬‬
‫فيستعيذ باهلل تعالى من شر أي مكاف ينزؿ فيو وىو مسافر‪.‬‬
‫(حتى يرتحل) أي ينتقل من ىذا المكاف‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬أف من نزؿ منزال فاستعاذ باهلل من شر ما خلق لم يضره شيء‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية التوسل بأسماء اهلل تعالى وصفاتو‪.‬‬

‫‪ ‬الرابع عشر‪" :‬عدـ السفر بالمصحف إلى أرض العدو"‬


‫فقد روى مسلم عن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما‪ ،‬عن رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬أنو كاف ينهى أف يُسافر بالقرآف إلى أرض‬
‫العدو مخافة أف ينالو العدو"‪.‬‬
‫(مخافة أف ينالو العدو) أي بسوء‪ ،‬فإف أمنت العلة زاؿ المنع‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬عدـ مشروعية السفر بالقرآف إلى ببلد الكفار إال إذا أمن عليو‪.‬‬
‫‪ -‬ووجوب تعظيم كبلـ اهلل تعالى‪.‬‬

‫‪ ‬الخامس عشر‪" :‬أف ال تسافر المرأة إال مع محرـ"‬


‫فقد روى البخاري عن ابن عباس رضي اهلل عنهما قاؿ‪ :‬قاؿ النبي ﷺ‪" :‬ال تسافر المرأة اال مع ذي محرـ‪ ،‬وال يدخل‬
‫عليها الرجل إال ومعها محرـ‪ ،‬فقاؿ رجل‪ :‬يا رسوؿ اهلل إني أريد أف أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬
‫اخرج معها"‪.‬‬
‫فبل ينبغي أبدا للمرأة أف تسافر إال مع ذي محرـ منها‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬أنو ال يجوز للمرأة أف تسافر بدوف محرـ‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أنو ال يجب الحج على المرأة إال إذا وجدت محرما يسافر معها‪.‬‬
‫‪ ‬السادس عشر‪" :‬أف يعرؼ فقو السفر وما فيو من رخص في العبادات"‬
‫ص ُروا ِم َن َّ‬
‫الص َبلةِ}‬ ‫اح أَف تَػ ْق ُ‬
‫س َعلَْي ُك ْم ُجنَ ٌ‬ ‫ض َربْػتُ ْم فِي ْاأل َْر ِ‬
‫ض فَػلَْي َ‬ ‫من ذلك‪ :‬قصر الصبلة‪ .‬فاؿ تعالى‪َ { :‬وإِذَا َ‬
‫فمن العبادات التي تشرع في السفر قصر الصبلة‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫والمراد بقصر الصبلة‪ :‬الرباعية‪ ،‬فتقصر الظهر والعصر والعشاء‪ ،‬فبدؿ أربع ركعات تقصر إلى ركعتين‪.‬‬
‫أما المغرب فبل تقصر‪ ،‬وكذلك الصبح ال تقصر‪.‬‬
‫المسح على الخفين‪ :‬فقد روى مسلم عن شريح بن ىانئ قاؿ‪ :‬أتيت عائشة رضي اهلل عنها أسألها عن المسح على‬
‫الخفين فقالت‪ :‬عليك بابن أبي طالب فسلو فإنو كاف يسافر مع رسوؿ اهلل ﷺ‪ ،‬فسألناه فقاؿ‪" :‬جعل رسوؿ اهلل ﷺ ثبلثة‬
‫أياـ ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم"‪.‬‬
‫فمن األمور التي تشرع المسافر وكذاؾ الحاضر‪ :‬للحاضر أف يمسح على الخفين‪ ،‬لكن المسافر يمسح ثبلثة أياـ‬
‫ولياليهن‪ ،‬والمقيم يمسح يوـ وليلة‪ ،‬التيمم عند فقد الماء‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫قاؿ تعالى‪{ :‬وإف َوإِف ُكنتُم َّم ْر َ‬
‫اء فَػتَػيَ َّم ُموا‬
‫اء فَػلَ ْم تَج ُدوا َم ً‬
‫ِّس َ‬
‫َح ٌد ِّمن ُكم ِّم َن الْغَائط أ َْو َال َم ْستُ ُم الن َ‬ ‫اء أ َ‬‫ض ٰى أ َْو َعلَ ٰى َس َف ٍر أ َْو َج َ‬
‫وى ُك ْم َوأَيْ ِدي ُكم}‪.‬‬‫ص ِعي ًدا طَيِّبا فَامسحوا بِوج ِ‬
‫ً ْ َ ُ ُُ‬ ‫َ‬
‫وكذلك من العبادات التي تشرع في السفر‪ :‬الفطر في السفر‪.‬‬
‫قاؿ تعالى‪{ :‬فَ َمن َكا َف ِمن ُكم َّم ِري ً‬
‫ضا أ َْو َعلَ ٰى َس َف ٍر فَ ِع َّدةٌ ِّم ْن أَيَّ ٍاـ أ َ‬
‫ُخ َر}‬
‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ -‬مشروعية القصر في الصبلة في السفر‪.‬‬
‫‪ -‬وكذلك مشروعية المسح على الخفين للمسافر والمقيم‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف المسافر يمسح لثبلثة أياـ بلياليهن والمقيم يوما وليلة‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف مدة المسح تبدأ من أوؿ مسحة عليهما‪.‬‬

‫وصفة التيمم المشروع‪ :‬أف يقوؿ‪( :‬بسم اهلل)‪ ،‬ثم يضرب بيده األرض أو التراب‪ ،‬ثم ينفخ أو ينفض يديو ويمسح ظاىر يديو‬
‫وباطنهما ثم يمسح وجهو‪.‬‬

‫وفي الختاـ نرجو التكرـ باإلجابة على ىذه األسئلة‪.‬‬

‫األسئ ػ ػ ػلة‬
‫السؤاؿ األوؿ‪ :‬اذكر آداب السفر إجماال‪.‬‬
‫السؤاؿ الثاني‪ :‬ما ىو حكم قصر الصبلة في السفر؟ وما ىي الصبلة التي تقصر؟‬
‫السؤاؿ الثالث‪ :‬ما ىي صفة التيمم؟‬

‫ىذا ونسأؿ اهلل تبارؾ وتعالى الكريم من فضلو‪ ،‬ونسألو تبارؾ وتعالى أف يقينا شر أنفسنا وأف يلهمنا رشدنا‪،‬‬
‫وأف يرزقنا اإلخبلص في القوؿ والعمل‪.‬‬
‫سبحانك اللهم وبحمدؾ‪ ،‬نشهد أف ال إلو إالنستغفرؾ ونتوب إليك‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫المحاضػرة السادسػة والعشروف‬

‫وآداب اليوـ إف شاء اهلل تعالى ىي‪[ :‬آداب الهدية]‪.‬‬


‫وىي على سبيل اإلجماؿ‪:‬‬
‫‪ -‬قبوؿ ىدية ولو كانت بسيطة‪.‬‬
‫‪ -‬أف تشرؾ من حضر معك في الهدية إف كانت تقسم‪.‬‬
‫المهدي‪.‬‬
‫‪ -‬شكر ُ‬ ‫‪ -‬تقديم الهدية لتأليف القلوب‪.‬‬
‫‪ -‬عدـ رد الطيب أو الريحاف‪.‬‬ ‫‪ -‬أف تقدـ الهدية لؤلىم فاألىم أو لؤلقرب فاألقرب‪.‬‬
‫‪ -‬أسباب يجوز لها رد الهدية‪.‬‬
‫أما على سبيل التفصيل‪" :‬آداب الهدية"‬

‫‪ ‬األوؿ منها‪" :‬قبوؿ الهدية ولو كانت بسيطة"‬


‫إلي‬
‫فقد روى البخاري عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬لو دعيت إلى ذراع أو كراع ألجبت‪ ،‬ولو أىدي ّ‬
‫ذراع أو كراع لقبلت"‪.‬‬
‫(والذراع) أي؛ ذراع الشاة‪ ،‬ومعلوـ أنو قليل اللحم‪.‬‬
‫(أو كراع) ىو من الدواب ما دوف الكعب‪ ،‬والجمع أكرع‪.‬‬
‫(ألجبت) أي لتأليف الداعي‪ ،‬وزيادة المحبة فإف عدـ اإلجابة يقتضي النفرة وعدـ المحبة‪.‬‬
‫وفي الصحيحين عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬يا نساء المسلمات ال تحقرف جارة لجارتها ولو فرسن‬
‫شاة"‪.‬‬
‫(ولو فرسن شاة) والفرسن ىو‪ :‬عظم قليل اللحم وىو للبعير موضع الحافر للفرس ويطلق على الشاة مجازاونونو زائدة‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب إجابة الدعوة ولو بشيء قليل‪.‬‬
‫‪ -‬وكذلك استحباب قبوؿ الهدية ولو بشيء قليل‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو الحض على التهادي ولو باليسير‪ ،‬ألف الكثير قد ال يتيسر كل وقت‪ ،‬وإذا تواصل اليسير صار كثيرا‪.‬‬

‫‪ ‬الثاني‪" :‬أف تشرؾ من حضر معك في الهدية إف كانت تقسم"‬


‫فقد روى البخاري عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) كاف يقوؿ‪" :‬اهلل الذي ال إلو إال ىو (وىذا قسم) إف كنت ال أعتمد‬
‫بكبدي على األرض من الجوع‪ ،‬وإف كنت ألشد الحجر على بطني من الجوع‪ ،‬ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي‬
‫يخرجوف منو‪ ،‬فمر أبو بكر فسألتو عن آية من كتاب اهلل ما سألتو إال ليشبعني‪ ،‬فمر ولم يفعل‪ ،‬ثم مر بي عمر‪ ،‬فسألتو‬

‫‪78‬‬
‫عن آية من كتاب اهلل ما سألتو إال ليشبعني‪ ،‬فمر فلم يفعل‪ ،‬ثم مر بي أبو القاسم ﷺ فتبسم حين رآني‪ ،‬وعرؼ ما في‬
‫ْح ْق‪ ،‬ومضى يتبعني‪ ،‬ومضى قاؿ‪ :‬فتبعتو فدخل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نفسي وما في وجهي‪ ،‬ثم قاؿ‪ :‬يا أبا ىر؛ قلت‪ :‬لبيك يا رسوؿ اهلل قاؿ‪ :‬ال َ‬
‫فاستأذف‪ ،‬فأذف لي‪ ،‬فدخل فوجد لبنا في قدح‪ ،‬فقاؿ‪ :‬من أين ىذا اللبن؟ قالوا‪ :‬أىداه لك فبلف أو فبلنة‪ ،‬قاؿ‪ :‬أبا ِىر؛‬
‫قلت‪ :‬لبيك يا رسوؿ اهلل‪ ،‬قاؿ‪ :‬الحق بأىل الصفة فادعُهم لي"‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬وأىل الصفة أضياؼ اإلسبلـ‪.‬‬
‫يستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬عظيم حرص أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) على طلب العلم‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو عظيم زىد أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) في الدنيا‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو قبوؿ النبي ﷺ للهدية‪.‬‬ ‫‪ -‬وفيو شدة معرفة النبي ﷺ ألصحابو‪.‬‬
‫‪ -‬وأنو ينبغي لمن جاءتو ىدية أف يشرؾ من حضره فيها‪ ،‬فقد أشرؾ النبي ﷺ فيها معو أبا ىريرة وأىل الصفة أضياؼ‬
‫اإلسبلـ‪.‬‬

‫‪ ‬الثالث من ىذه اآلداب‪" :‬تقديم الهدية لتأليف القلوب"‬


‫فقد روى البخاري عن عبد اهلل بن أبي مليكة "أف النبي ﷺ أىديت لو أقبية من ديباج مزرورة بالذىب‪ ،‬فقسمها في ناس‬
‫من أصحابو وعزؿ منها واحدة لمخرمة بن نوفل‪ ،‬فجاء ومعو ابنو المسور بن مخرمة‪ ،‬فقاؿ‪ :‬فقاـ (أي النبي ﷺ) على‬
‫قباء فتلقاه بو واستقبلو بأزراره‪ ،‬فقاؿ‪ :‬يا أبا المسور خبأت ىذا لك‪،‬‬
‫الباب فقاؿ‪ :‬ادعو لي فسمع النبي ﷺ صوتو فأخذ ً‬
‫وكاف في خلقو شدة (أي مخرمة) (رضي اهلل عنو) وكاف النبي ﷺ يفعل ذلك تأليفا لو"‪.‬‬
‫(وكاف في خلقو شدة) أي في خلق مخرمة بن نوفل عليو رضواف اهلل‪.‬‬
‫ويستفاد ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬وفيو استحباب استقباؿ الضيف من على الباب‪.‬‬ ‫‪ -‬استحباب تقديم الهدية لتأليف القلوب‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو لين مخاطبة النبي ﷺ لمن كاف خلقو شديدا ليتألفو‪.‬‬

‫‪ ‬الرابع‪" :‬شكر المهدي"‬


‫فقد روى أبو داود وحسنو األلباني عن جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهما قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬من أعطي عطاء فوجد‬
‫فليج ِز بو‪ ،‬فإف لم يجد فليث ِن بو‪ ،‬فمن أثنى بو فقد شكره‪ ،‬ومن كتمو فقد كفره"‪.‬‬
‫(فوجد) أي وجد ماال ووجد قدرة على المكافأة‪.‬‬ ‫ي إليو ىدية‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عطاء) أي أُىد َ‬
‫ُعطي ً‬
‫(من أ َ‬
‫(فليجز بو) أي فليكافئ بو‪.‬‬
‫(فليث ِن بو) أي يشكره على ذلك الذي أحسن إليو بالعطاء‪.‬‬ ‫(ومن لم يجد) أي ماال‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫صنع إليو معروؼ‬
‫وروى الترمذي وقاؿ حسن جيد غريب عن أسامة بن زيد رضي اهلل عنهما قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬من ُ‬
‫فقاؿ لفاعلو جزاؾ اهلل خيرا فقد أبلغ في الثناء"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫شكرا باللساف على ىذا الجميل‪.‬‬
‫المهدي على الهدية‪ ،‬وإذا قصرت يداؾ بالمكافأة فيكوف ً‬
‫‪ -‬استحباب شكر ُ‬
‫‪ ‬الخامس‪" :‬أف تقدـ الهدية لؤلىم فاألىم أو لؤلقرب فاألقرب"‬
‫فقد روى البخاري عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪" :‬قلت يا رسوؿ اهلل إف لي جارين فإلى أيهما أىدي؟ قاؿ‪ :‬إلى أقربهما‬
‫منك بابا"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬الحث على تقديم الهدية لؤلقرب فاألقرب‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو الحث على إكراـ الجار‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أف االعتبار في الجوار بقرب الباب ال بقرب الجدار‪( .‬إلى أقربهما منك بابا)‬

‫‪ ‬السادس‪" :‬عدـ رد الطيب أو الريحاف"‬


‫فقد روى البخاري عن أنس (رضي اهلل عنو)‪" :‬أنو كاف ال يرد الطيب وزعم أف النبي ﷺ كاف ال يرد الطيب"‪.‬‬
‫(وكاف ال يرد الطيب) أي الريحاف بأنواعو‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬أنو ينبغي لمن أىدي إليو طيب أال يرده‪.‬‬
‫‪ -‬وأف النبي ﷺ لم يرد الطيب ألنو خفيف المحمل طيب الريح‪.‬‬

‫‪ ‬السابع‪" :‬أسباب يجوز فيها رد الهدية‪ ،‬أي عدـ القبوؿ لها"‪.‬‬


‫فقد روى أبو داود وصححو األلباني عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬وأيم اهلل (ىذا قسم‪ ،‬أصلو‬
‫عين اهلل وىو اسم وضع للقسم) وأيم اهلل ال أقبل بعد يوـ ىذا من أحد ىدية إال أف يكوف مهاجرا قرشيا أو أنصاريا أو‬
‫دوسيا أو ثقفيا"‪.‬‬

‫وروى البخاري في األدب المفرد عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬أىدى رجل من بني فزارة للنبي ﷺ ناقة فعوضو‬
‫فتسخطو (أي سخط أف يأخذ ىذا العطاء من النبي ﷺ ِلقلتو) قاؿ‪ :‬فسمعت النبي ﷺ على المنبر يقوؿ‪ :‬يهدي أحدىم‬
‫فأعوضو بقدر ما عندي ثم يسخطو‪ ،‬وأيم اهلل ال أقبل بعد عاـ ىذا من العرب ىدية إال من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو‬
‫دوسي"‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬كراىة قبوؿ الهدية مما يطلب بها االستكثار‪.‬‬
‫للمهدي أف يكلف نفسو ما ال يطيق‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو أنو ال ينبغي ُ‬
‫‪ -‬وفيو أف الهدية تكوف ولو بالقليل‪.‬‬
‫‪ -‬وخص النبي ﷺ ىؤالء المذكورين لما عرؼ فيهم من سخاوة النفس‪ ،‬وعلو الهمة‪ ،‬وقطع النظر عن األعراض‪.‬‬
‫وفي الختاـ نرجو التكرـ باإلجابة على ىذه األسئلة‪:‬‬

‫األسئ ػ ػ ػلة‬
‫السؤاؿ األوؿ‪ :‬اذكر آداب الهدية إجماال‪.‬‬
‫السؤاؿ الثاني‪ :‬من آداب الهدية شكر المهدي‪ .‬كيف يكوف ذلك؟ ثم اذكر الدليل على ذلك‪.‬‬
‫السؤاؿ الثالث‪ :‬من آداب الهدية عدـ رد الطيب‪ .‬اذكر الدليل على ذلك‪.‬‬

‫وفي الختاـ نسأؿ اهلل تبارؾ وتعالى أف يرزقنا العلم الصالح والعمل الخالص المتقبل‪.‬‬
‫سبحانك اللهم وبحمدؾ نشهد أف ال إلو إال أنت نستغفرؾ ونتوب إليك‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫المحاضػرة السابع ػػة والعشروف‬

‫آداب اليوـ إف شاء اهلل تعالى ىي‪" :‬آداب النوـ"‬


‫وىي على سبيل اإلجماؿ‪:‬‬
‫‪ -‬الثاني‪ :‬الوضوء قبل النوـ‪.‬‬ ‫‪ ‬األوؿ‪ :‬عدـ النوـ قبل العشاء والحديث بعدىا‪.‬‬
‫‪ ‬الثالث‪ :‬نفض الفراش قبل النوـ عليو واالضطجاع على الجنب األيمن‪.‬‬
‫‪ ‬الرابع‪ :‬جمع الكفين وقراءة المعوذات مع النفث والمسح على الجسد ثبلثا‪.‬‬
‫‪ -‬السادس‪ :‬التسبيح والتحميد والتكبير عند النوـ‪.‬‬ ‫‪ ‬الخامس‪ :‬قراءة آية الكرسي عند النوـ‪.‬‬
‫‪ -‬الثامن‪ :‬إغبلؽ األبواب وتغطية اآلنية عند النوـ‪.‬‬ ‫‪ ‬السابع‪ :‬إطفاء البوتجاز ونحوه عند النوـ‪.‬‬
‫‪ -‬العاشر‪ :‬عدـ النوـ على البطن‪.‬‬ ‫‪ ‬التاسع‪ :‬الوضوء للجنب إذا أراد أف يناـ‪.‬‬
‫‪ ‬الحادي عشر‪ :‬ذكر اهلل عند االستيقاظ‪.‬‬

‫أما على سبيل التفصيل فنقوؿ‪:‬‬


‫‪ ‬األوؿ من آداب النوـ‪" :‬عدـ النوـ قبل العشاء والحديث بعدىا"‬
‫ففي الصحيحين عن أبي برزة (رضي اهلل عنو)‪" :‬أف رسوؿ اهلل ﷺ كاف يكره النوـ قبل العشاء والحديث بعدىا"‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا الحديث‪:‬‬
‫‪ ‬كراىة النوـ قبل العشاء والحديث بعدىا‪.‬‬
‫‪ ‬وىو تقرير لقاعدة سد الذرائع‪.‬‬
‫لماذا؟ ألف النوـ قبل العشاء قد يضيع العشاء‪ .‬فنهى النبي اهلل عليو وسلم عنو‪ ،‬وألف الحديث بعد العشاء قد يؤدي إلى‬
‫السهر فيضيع صبلة الفجر‪ ،‬فسد النبي ﷺ ىذا الباب‪.‬‬
‫وىذا نص كبلـ النبي ﷺ حيث قاؿ أبو برزة‪" :‬أف رسوؿ اهلل ﷺ كاف يكره النوـ قبل العشاء والحديث بعدىا"‪.‬‬

‫‪ ‬الثاني‪" :‬الوضوء قبل النوـ"‬


‫ففي الصحيحين عن البراء بن عازب (رضي اهلل عنو) قاؿ‪ :‬قاؿ النبي ﷺ‪" :‬إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءؾ للصبلة"‪.‬‬
‫وىذا ىو الشاىد (الوضوء قبل النوـ)‬
‫قاؿ ﷺ‪" :‬إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءؾ للصبلة ثم اضطجع على شقك األيمن‪ ،‬ثم قل‪ :‬اللهم أسلمت وجهي إليك‬
‫وفوضت أمري إليك‪ ،‬وألجأت ظهري إليك‪ ،‬رغبة ورىبة إليك‪ ،‬ال ملجأ وال منجى منك إال إليك‪ ،‬اللهم آمنت بكتابك‬
‫الذي أنزلت‪ ،‬ونبيك الذي أرسلت‪ ،‬فإف مت من ليلتك فأنت على الفطرة‪ ،‬واجعلهن آخر ما تتكلم بو‪ ،‬قاؿ‪ :‬فرددتها على‬
‫النبي ﷺ‪ ،‬فلما بلغت اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت قلت‪ :‬ورسولك‪ ،‬قاؿ‪ :‬ال ونبيك الذي أرسلت"‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫فيتعار‬
‫ّ‬ ‫وروى أحمد بسند حسن عن معاذ بن جبل (رضي اهلل عنو) عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬ما من مسلم يبيت على ذكر طاىرا‬
‫من الليل فيسأؿ اهلل خيرا من الدنيا واآلخرة إال أعطاه إياه"‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا‪:‬‬
‫‪ ‬أوال‪ :‬استحباب النوـ على وضوء‪.‬‬
‫‪ ‬الثاني‪ :‬استحباب النوـ على الجانب األيمن‪.‬‬
‫‪ ‬الثالث‪ :‬ضرورة السير في طريق اهلل بين جناحي الخوؼ والرجاء‪.‬‬
‫‪ ‬الرابع‪ :‬ألفاظ األذكار توقيفية ولها خصائص وأسرار ال يدخلها القياس فتجب المحافظة على اللفظ الذي وردت‬
‫بو‪.‬‬
‫‪ ‬الخامس‪ :‬استحباب الدعاء بهذا الذكر عند النوـ‪.‬‬
‫‪ ‬السادس‪ :‬خص الجانب األيمن لفوائد منها‪ :‬أنو أسرع لبلنتباه‪ ،‬أف القلب متعلق إلى جهة اليمين فبل يفقد بالنوـ‪.‬‬
‫ولذلك قاؿ ابن الجوزي رحمو اهلل تعالى‪ :‬ىذه الهيئة نص عليها األطباء أنها أصلح للبدف قالوا‪ :‬يبدأ باالضطجاع على‬
‫الجانب األيمن ساعة ثم ينقلب إلى األيسر‪ ،‬ألف األوؿ سبب النحدار الطعاـ الشتماؿ الكبد على المعدة‪.‬‬
‫إذف فيسن الوضوء قبل النوـ‪.‬‬

‫‪ ‬الثالث من اآلداب‪" :‬نفض الفراش قبل النوـ عليو واالضطجاع على الجنب األيمن"‬
‫ففي الصحيحين عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪" :‬إذا أوى أحدكم إلى فراشو فليأخذ داخلة إزاره‬
‫(أي طرؼ اإلزار الذي يلي الجسد) فلينفض بها فراشو وليسم اهلل‪ ،‬فإنو ال يعلم ما خلفو بعده على فراشو‪ ،‬فإذا أراد أف‬
‫يضطجع فليضطجع على شقو األيمن‪ ،‬وليقل‪ :‬سبحانك اللهم ربي بك وضعت جنبي وبك أرفعو إف أمسكت نفسي فاغفر‬
‫لها وإف أرسلتها فاحفظها بما تحفظ بو عبادؾ الصالحين"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬أنو ينبغي لمن أراد أف يناـ أف ينفض فراشو الحتماؿ أف يكوف فيو شيء يؤذيو‪.‬‬
‫‪ ‬وفيو أيضا استحباب التسمية قبل كل أمر ذي باؿ‪ ،‬واالستعانة باهلل على القياـ بو‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو استحباب الذكر بهذا الدعاء عند النوـ‪.‬‬ ‫‪ ‬وفيو أيضا استحباب النوـ على الشق األيمن‪.‬‬

‫‪ ‬الرابع من اآلداب‪" :‬جمع الكفين وقراءة المعوذات مع النفث والمسح على الجسد ثبلثا"‬
‫فقد روى البخاري عن عائشة رضي اهلل عنها‪" :‬أف النبي ﷺ كاف إذا أوى إلى فراشو كل ليلة جمع كفيو ثم نفث فيهما‬
‫(النفث‪ :‬ىو إخراج ريح من الفم مع شيء من الريق) فقرأ فيهما‪ :‬قل ىو اهلل أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب‬
‫الناس ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسو ووجهو وما أقبل من جسده‪ ،‬يفعل ذلك ثبلث مرات"‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬استحباب جمع الكفين وقراءة المعوذات فيهما مع النفث والمسح على الجسد‪.‬‬
‫‪ ‬وفيو فضيلة ىذه الصور الثبلثة المذكورة‪.‬‬

‫‪ ‬الخامس من اآلداب‪" :‬قراءة آية الكرسي عند النوـ"‬


‫فقد روى البخاري معلقا عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬وكلني رسوؿ اهلل ﷺ بحفظ زكاة رمضاف فأتاني آت فجعل‬
‫يحثو من الطعاـ (أي يغرؼ ويأخذ بكفو) ويأكل فأخذتو وقلت‪ :‬واهلل ألرفعنك إلى رسوؿ اهلل ﷺ‪ ،‬فقاؿ‪ :‬إني محتاج وعلي‬
‫عياؿ ولي حاجة شديدة‪ ،‬قاؿ‪ :‬فخليت عنو‪ ،‬فأصبحت‪ ،‬فقاؿ النبي ﷺ‪ :‬يا أبا ىريرة؛ ما فعل أسيرؾ البارحة؟ قاؿ‪ :‬قلت يا‬
‫رسوؿ اهلل شكا حاجة شديدة وعياال فرحمتو فخليت سبيلو‪ ،‬قاؿ‪ :‬أما إنو قد كذبك وسيعود‪ ،‬فعرفت أنو سيعود لقوؿ‬
‫رسوؿ اهلل صلى عليو وسلم أنو سيعود فرصدتو (فرصدتو‪ :‬ترقبتو وانتظرتو) فجاء يحثو من الطعاـ‪ ،‬فأخذتو فقلت‪ :‬ألرفعنك‬
‫إلى رسوؿ اهلل ﷺ‪ ،‬قاؿ‪ :‬دعني فإني محتاج وعلي عياؿ ال أعود‪ ،‬فرحمتو‪ ،‬فخليت سبيلو فأصبحت‪ ،‬فقاؿ لي رسوؿ اهلل‬
‫ﷺ‪ :‬يا أبا ىريرة ما فعل أسيرؾ البارحة؟ قلت‪ :‬يا رسوؿ اهلل شكا حاجة شديدة وعياال فرحمتو فخليت سبيلو‪ ،‬قاؿ‪ :‬أما إنو‬
‫قد كذبك وسيعود فرصدتو الثالثة‪ ،‬فجاء يحثو من الطعاـ فأخذتو فقلت‪ :‬ألرفعنك إلى رسوؿ اهلل ﷺ‪ ،‬وىذا آخر ثبلث‬
‫مرات‪ ،‬إنك تزعم ال تعود ثم تعود‪ ،‬قاؿ‪ :‬دعني أعلمك كلمات ينفعك اهلل بها‪،‬قلت‪ :‬ما ىو؟ قاؿ‪ :‬إذا أويت إلى فراشك‬
‫فاقرأ آية الكرسي اهلل ال إلو إال ىو الحي القيوـ حتى تختم اآلية فإنك لن يزاؿ عليك من اهلل حافظ وال يقربنك شيطاف‬
‫حتى تصبح‪ ،‬فخليت سبيلو فأصبحت‪ ،‬فقاؿ لي رسوؿ اهلل ﷺ‪ :‬ما فعل أسيرؾ البارحة قلت‪ :‬يا رسوؿ اهلل زعم أنو يعلمني‬
‫كلمات ينفعني اهلل بها فخليت سبيلو‪ ،‬قاؿ‪ :‬ما ىي؟ قلت‪ :‬قاؿ لي‪ :‬إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها‬
‫حتى تختم اآلية‪{ :‬اهلل ال إلو إال ىو الحي القيوـ} وقاؿ لي‪ :‬لن يزاؿ عليك من اهلل حافظ وال يقربك شيطاف حتى تصبح‪،‬‬
‫وكاف أحرص شيء على الخير‪ ،‬فقاؿ النبي ﷺ‪ :‬أما إنو قد صدقك وىو كذوب‪ ،‬تعلم من كنت تخاطب منذ ثبلث لياؿ يا‬
‫أبا ىريرة؟ قاؿ‪ :‬ال‪ ،‬قاؿ‪ :‬ذاؾ شيطاف"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬مشروعية الوكالة في األعماؿ البدنية‪.‬‬
‫‪ ‬وفيو إمكاف رؤية الجن‪.‬‬
‫‪ ‬وفيو فضيلة آية الكرسي‪.‬‬
‫‪ ‬واستحباب قراءة آية الكرسي عند النوـ‪.‬‬
‫‪ ‬وأيضا مشروعية تصرؼ الوكيل في الشيء اليسير من ماؿ موكلو‪.‬‬
‫‪ ‬وفيو تشكل الشيطاف في صورة اآلدميين‪.‬‬
‫‪ ‬وفيو مشروعية أخذ النصيحة من الكافر إف كانت توافق ديننا‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫‪ ‬السادس من اآلداب‪" :‬التسبيح والتحميد والتكبير عند النوـ"‬
‫ففي الصحيحين عن علي (رضي اهلل عنو) أف فاطمة رضي اهلل عنها أتت النبي ﷺ تشكو إليو ما تلقى في يدىا من الرحى‬
‫وبلغها أنو جاءه رقيق فلن تصادفو فذكرت ذلك لعائشة‪ ،‬فلما جاء أخبرتو عائشة رضي اهلل عنها (أي بما أرادت فاطمة)‬
‫قاؿ‪ :‬فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا‪ ،‬فذىبنا نقوـ فقاؿ‪ :‬على مكانكما فجاء فقعد بيني وبينها حتى وجدت برد قدميو على‬
‫بطني‪ ،‬فقاؿ‪ :‬أال أدلكما على خير مما سألتما؟ إذا أخذتما مضجعكما أو أويتما إلى فراشكما فسبحا ثبلثا وثبلثين واحمدا‬
‫ثبلثا وثبلثين وكبرا أربعا وثبلثين فهو خير لكما من خادـ"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬فضيلة علي وفاطمة رضي اهلل عنهما‪.‬‬
‫‪ ‬وفيو استحباب التسبيح والتحميد والتهليل بهذا العدد عند النوـ‪.‬‬
‫‪ ‬وفيو فضيلة التسبيح والتكبير عند النوـ‪.‬‬

‫‪ ‬السابع‪" :‬إطفاء البوتاجاز ونحوه عند النوـ"‬


‫ففي الصحيحين عن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬ال تتركوا النار في بيوتكم حين تناموف"‪.‬‬
‫وفي الصحيحين أيضا عن أبي موسى (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬احترؽ بيت على أىلو بالمدينة من الليل‪ ،‬فلما حدث رسوؿ‬
‫ﷺ بشأنهم قاؿ‪ :‬إف ىذه النار إنما ىي عدو لكم‪ ،‬فإذا نمتم فأطفئوىا عنكم"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬أنو ينبغي لمن أراد أف يناـ أنيطفئ النار إف خيف أف تسبب حريقا‪ .‬وىذا األمر لئلرشاد‪.‬‬
‫‪ ‬وفيو كماؿ الشريعة اإلسبلمية لمراعاتها لكافة شؤوف الحياة‪.‬‬

‫‪ ‬الثامن‪" :‬إغبلؽ األبواب وتغطية اآلنية عند النوـ"‬


‫ففي الصحيحين عن جابر (رضي اهلل عنو) عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬إذا استجنح الليل (استجنح‪ :‬أي أقبل الليل بظلمتو) أو‬
‫قاؿ‪ :‬جنح الليل‪ ،‬فكفوا صبيانكم‪ ،‬فإف الشياطين تنتشر حينئذ‪ ،‬فإذا ذىبت ساعة من العشاء فخلوىم‪ .‬وأغلق بابك واذكر‬
‫اسم اهلل وأطفئ مصباحك واذكر اسم اهلل وأوكئ سقاءؾ واذكر اسم اهلل (أي اربط سقاءؾ) وخمر إناءؾ واذكر اسم اهلل‪،‬‬
‫ولو أف تعرض عليو شيئا (أي ولو أف تضع عليو عودا)"‪.‬‬

‫وروى مسلم في صحيحو عن جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنهما قاؿ‪ :‬سمعت رسوؿ اهلل ﷺ يقوؿ‪" :‬غطوا اإلناء وأوكوا‬
‫السقاء فإف في السنة ليلة ينزؿ فيها وباء ال يمر بإناء ليس عليو غطاء أو سقاء ليس عليو وكاء إال نزؿ فيو من ذلك‬
‫الوباء"‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬الحث على تغطية اآلنية وغلق األبواب‪.‬‬
‫‪ ‬وفيو استحباب ذكر اهلل عند إطفاء المصباح وغلق األبواب وتغطية اآلنية‪.‬‬
‫والحكمة في ذلك‪ :‬انتشار الشياطين حينئذ وأف حركتهم في الليل أمكن منها لهم في النهار ألف الظبلـ أجمع‬
‫للقوى الشيطانية من غيره‪.‬‬

‫‪ ‬التاسع‪" :‬الوضوء للجنب إذا أراد أف يناـ"‬


‫ففي الصحيحين عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪" :‬كاف النبي ﷺ إذا أراد أف يناـ وىو جنب غسل فرجو وتوضأ وضوءه‬
‫للصبلة"‪.‬‬
‫وفي الصحيحين أيضا أف عمر بن الخطاب (رضي اهلل عنو) سأؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬أيرقد أحدنا وىو جنب؟ قاؿ‪ :‬نعم؛ إذا‬
‫توضأ أحدكم فليرقد وىو جنب"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬أنو يستحب للجنب أف يتوضأ قبل أف يناـ‪.‬‬
‫‪ ‬وفيو حرص عمر بن الخطاب (رضي اهلل عنو) على تعلم أمور دينو‪.‬‬

‫‪ ‬العاشر‪" :‬عدـ النوـ على البطن"‬


‫فقد روى الترمذي بسند حسن عن أبي ىريرة (رضي اهلل عنو) قاؿ‪" :‬رأى رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو رجبل مضطجعا على‬
‫بطنو فقاؿ‪ :‬إف ىذه ضجعة ال يحبها اهلل" (أي ىيئة ال يحبها اهلل تعالى)‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪ :‬كراىة النوـ على البطن‪.‬‬

‫‪ ‬الحادي عشر من اآلداب‪" :‬ذكر اهلل عند االستيقاظ"‬


‫تعار من الليل (أي استيقظ من نومو)‬ ‫فقد روى البخاري عن عبادة بن الصامت رضي اهلل عنو‪ ،‬عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬من ّ‬
‫فقاؿ‪ :‬ال إلو إال اهلل وحده ال شريك لو‪ ،‬لو الملك ولو الحمد وىو على كل شيء قدير‪ ،‬الحمد هلل وسبحاف اهلل وال إلو إال‬
‫اهلل واهلل أكبر‪ ،‬وال حوؿ وال قوة إال باهلل‪ ،‬ثم قاؿ‪ :‬اللهم اغفر لي أو دعا‪ ،‬استجيب لو‪ ،‬فإذا توضأ وصلى قبلت صبلتو"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬استحباب ذكر اهلل تعالى بهذا الذكر عند النوـ‪.‬‬
‫‪ ‬وفيو فضيلة الدعاء بهذا الذكر عند االستيقاظ من نوـ الليل‪.‬‬
‫‪ ‬وفيو استحباب النوـ على طهارة‪.‬‬
‫وبهذا نكوف قد انتهينا من جملة ىذه اآلداب‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫وفي الختاـ نرجو التكرـ باإلجابة على ىذه األسئلة‪.‬‬

‫األسئ ػ ػ ػلة‬
‫السؤاؿ األوؿ‪ :‬اذكر آداب النوـ إجماال‪.‬‬
‫السؤاؿ الثاني‪ :‬من آداب النوـ الوضوء قبلو‪ .‬فما دليل ذلك؟‬
‫السؤاؿ الثالث‪ :‬من آداب النوـ عدـ االضطجاع على البطن‪ .‬فما دليل ذلك؟‬

‫نسأؿ اهلل تبارؾ وتعالى أف يفقهنا في ديننا‪ ،‬وأف يلهمنا رشدنا‪ ،‬وأف يرزقنا اإلخبلص في القوؿ والعمل‪،‬‬
‫وأف يجعلنا من عباده المتقين المخلصين العاملين لوجهو الكريم‪.‬‬
‫سبحانك اللهم وبحمدؾ‪ ،‬نشهد أف ال إلو إال أنت نستغفرؾ ونتوب إليك‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫المحاضػرة الثامن ػػة والعشروف‬
‫أدب اليوـ إف شاء اهلل تعالى ىو‪[ :‬األدب مع النفس]‬
‫وآداب النفس إجماال‪:‬‬
‫‪ -‬الثاني‪ :‬صياـ االثنين والخميس‪.‬‬ ‫‪ ‬األوؿ‪ :‬محاسبة النفس‪.‬‬
‫‪ -‬الرابع‪ :‬أذكار الصباح والمساء‪.‬‬ ‫‪ ‬الثالث‪ :‬قياـ الليل‪.‬‬
‫‪ -‬السادس‪ :‬تطهير القلب مما يغضب الرب جل وعبل‪.‬‬ ‫‪ ‬الخامس‪ :‬صبلة الضحى‪.‬‬
‫‪ ‬السابع‪ :‬أكل الحبلؿ‪.‬‬
‫أما على سبيل التفصيل‪:‬‬
‫‪ ‬األوؿ منها‪" :‬محاسبة النفس"‬
‫ت لِغَ ٍد}‬ ‫َّ‬
‫آمنُوا اتَّػ ُقوا اللوَ َولْتَنظُْر نَػ ْف ٌ‬
‫س َّما قَ َّد َم ْ‬ ‫َّ ِ‬
‫قاؿ اهلل تعالى‪{ :‬يَا أَيػُّ َها الذ َ‬
‫ين َ‬
‫(ولتنظر نفس ما قدمت لغد) أي لينظر كل أحد ما قدـ ليوـ القيامة من خير أو شر‪.‬‬
‫ص ِغ َيرًة َوَال‬ ‫ِ‬ ‫اؿ ٰى َذا ال ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْكتَ ِ‬
‫اب َال يػُغَاد ُر َ‬ ‫ين مما فيو َويَػ ُقولُو َف يَا َويْػلَتَػنَا َم ِ َ‬ ‫ين ُم ْشفق َ‬ ‫اب فَػتَػ َرى ال ُْم ْج ِرم َ‬
‫{وُوض َع الْكتَ ُ‬
‫قاؿ اهلل تعالى‪َ :‬‬
‫َح ًدا} (مشفقين) أي خائفين‪.‬‬ ‫كأَ‬ ‫اض ًرا ۚ َوَال يَظ ِْل ُم َربُّ َ‬
‫اىا ۚ ووج ُدوا ما َع ِملُوا ح ِ‬
‫َ‬ ‫ص َ ََ َ َ‬ ‫َكبِ َيرًة إَِّال أ ْ‬
‫َح َ‬
‫س اللَّ َّو َام ِة}‬ ‫وقاؿ تعالى‪{ :‬وَال أُق ِ‬
‫ْس ُم بِالنَّػ ْف ِ‬ ‫َ‬
‫ويستفاد من ىذه اآليات‪:‬‬
‫‪ -‬والتحذير من الكفر والنفاؽ‪.‬‬ ‫‪ -‬ووجوب تقوى اهلل تبارؾ وتعالى‪.‬‬ ‫‪ ‬وجوب محاسبة النفس‪.‬‬

‫‪ ‬الثاني‪" :‬صياـ االثنين والخميس"‬


‫فقد روى الترمذي وصححو األلباني عن أبي ىريرة رضي اهلل عنو أف رسوؿ اهلل ﷺ قاؿ‪ " :‬تعرض األعماؿ يوـ االثنين‬
‫والخميس‪ ،‬فأحب أف يعرض عملي وأنا صائم "‪.‬‬
‫ويستفاد من ىذا الحديث‪:‬‬
‫‪ -‬وفيو أف االعماؿ تعرض على اهلل تعالى يوـ االثنين والخميس‪.‬‬ ‫‪ ‬استحباب صوـ يوـ االثنين والخميس‪.‬‬
‫والحكمة من ذلك‪ :‬أف اهلل تعالى يباىي بالطائعين المبلئكة‪ ،‬وإال فهو غني عن العرض ألنو أعلم بعباده من المبلئكة‪.‬‬

‫‪ ‬الثالث‪" :‬قياـ الليل"‬


‫ففي الصحيحين عن عائشة رضي اهلل عنها أف النبي ﷺ‪":‬كاف يقوـ من الليل حتى تتفطر قدماه‪( ،‬أي تتشقق) فقالت‬
‫عائشة‪ :‬لم تصنع ىذا يا رسوؿ اهلل وقد غفر اهلل لك ما تقدـ من ذنبك وما تأخر؟ قاؿ‪ :‬أفبل أحب أف أكوف عبدا شكورا!‬
‫فلما كثر لحمو (أي سمن) ﷺ‪ ،‬صلى جالسا فإذا أراد أف يركع قاـ فقرأ ثم ركع"‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬واستحباب قياـ الليل‪.‬‬ ‫‪ ‬عظيم عبادة النبي ﷺ‪.‬‬
‫‪ -‬وفيو مشروعية الصبلة جالسا لمن لم يقدر على القياـ‪.‬‬ ‫‪ ‬وعظيم مرتبة الشكر‪.‬‬

‫‪ ‬الرابع من اآلداب‪" :‬أذكار الصباح والمساء"‬


‫فقد روى البخاري عن شداد بن أوس رضي اهلل عنو عن النبي ﷺ قاؿ‪" :‬سيد االستغفار أف تقوؿ‪( :‬اللهم انت ربي ال إلو‬
‫إال أنت خلقتني وأنا عبدؾ وأنا على عهدؾ ووعدؾ ما استطعت‪ ،‬أعوذ بك من شر ما صنعت‪ ،‬أبوء لك بنعمتك علي‪،‬‬
‫وأبوء بذنبي‪ ،‬فاغفر لي‪ ،‬فإنو ال يغفر الذنوب إال أنت)‪.‬‬
‫قاؿ‪ :‬فمن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومو قبل أف يمسي فهو من أىل الجنة‪ ،‬ومن قالها من الليل وىو موقن بها‬
‫فمات قبل أف يصبح فهو من أىل الجنة "‪( .‬نسأؿ اهلل الجنة وما قرب إليها من قوؿ أو عمل)‪.‬‬
‫ومعنى موقنا بها‪ :‬أي مخلصا من قلبو مصدقا بثوابها‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬وىذا الذكر أفضل صيغ االستغفار‪.‬‬ ‫‪ ‬تفاوت كبلـ اهلل في األفضلية‪.‬‬
‫‪ ‬وفيو مشروعية التوسل بأفعاؿ اهلل تبارؾ وتعالى‪.‬‬

‫‪ ‬الخامس‪" :‬صبلة الضحى"‬


‫فقد روى مسلم في صحيحو عن أبي ذر رضي اهلل عنو عن النبي ﷺ أنو قاؿ‪" :‬يصبح على كل سبلمى من أحدكم‬
‫صدقة"‪( .‬والسبلمى) ىي ملتقى العظاـ في بدف اإلنساف ما يسمى‪ :‬بالمفاصل‪.‬‬
‫أي على كل مفصل من مفاصل اإلنساف صدقة كل يوـ‪.‬‬
‫قاؿ ﷺ‪" :‬يصبح على كل سبلمى من أحدكم صدقة‪ ،‬فكل تسبيحة صدقة‪ ،‬وكل تحميدة صدقة‪ ،‬وكل تهليلة صدقة‪ ،‬وكل‬
‫تكبيرة صدقة‪ ،‬وأمر بالمعروؼ صدقة‪ ،‬ونهي عن المنكر صدقة‪ ،‬ويجزئ من ذلك ركعتاف يركعهما من الضحى"‪.‬‬
‫أي بعد طلوع الشمس ويمتد وقت صبلة الضحى من طلوع الشمس إلى قبيل صبلة الظهر بقليل‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬وجوب شكر نعم اهلل التي في اإلنساف‪.‬‬
‫‪ ‬وفيو أفضل الصدقات ما كاف نفعو متعديا‪.‬‬
‫‪ ‬وفيو أف الصدقة ال تنحصر في الماؿ‪.‬‬
‫‪ ‬وفيو فضل ىذه األمة حيث تعمل قليبل وتربح كثيرا‪( .‬نسأؿ اهلل تعالى أف يجعلنا من الرابحين)‪.‬‬
‫‪ ‬وفيو فضيلة ركعتي الضحى‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫‪ ‬السادس من اآلداب‪" :‬تطهير القلب عما يغضب الرب جل وعبل"‬
‫فقد روي عن أبي ىريرة رضي اهلل عنو قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ﷺ‪" :‬إف اهلل ال ينظر إلى صوركم وأموالكم‪ ،‬ولكن ينظر إلى‬
‫قلوبكم وأعمالكم"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬أنو ينبغي لئلنساف أف يطهر قلبو مما ال يرضي اهلل تعالى ألنو محط نظر الرب تبارؾ وتعالى القلب‪( .‬إف اهلل ال‬
‫ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم)‬
‫‪ ‬وفيو الحث على اإلخبلص في العمل‪( .‬نسأؿ اهلل تعالى أف نكوف من المخلصين)‪.‬‬

‫‪ ‬السابع‪" :‬أكل ماؿ الحبلؿ أو األكل الحبلؿ"‬


‫فقد روى مسلم في صحيحو عن أبي ىريرة رضي اهلل عنو قاؿ‪ :‬قاؿ‪ :‬رسوؿ اهلل ﷺ‪ " :‬أيها الناس إف اهلل طيب ال يقبل إال‬
‫طيبا وإف اهلل أمر المؤمنين بما أمر بو المرسلين فقاؿ‪ :‬يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملوف‬
‫عليم‪ ،‬وقاؿ‪ :‬يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم‪ ،‬ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديو إلى السماء‬
‫يا رب يا رب ومطعمو حراـ ومشربو حراـ وملبسو حراـ وغذي بالحراـ فأنى يستجاب لذلك"‪.‬‬
‫(غذي بالحراـ) أي أكل من حراـ‪.‬‬
‫وفي الصحيحين عن النعماف بن بشير رضي اهلل عنو قاؿ‪ :‬سمعت رسوؿ اهلل ﷺ يقوؿ‪" :‬الحبلؿ بين والحراـ بين وبينهما‬
‫مشتبهات ال يعلمه ن كثير من الناس‪ .‬فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينو وعرضو‪ .‬ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حوؿ‬
‫الحمى يوشك أي يواقعو‪ ،‬أال وإف لكل ملك حمى أال إف حمى اهلل في أرضو محارمو (أي فعل المنهي عنو أو ترؾ‬
‫الواجب وىي المعاصي أال إف حمى اهلل في أرضو محارمو)‪ ،‬أال وإف في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلو وإذا‬
‫(نسأؿ اهلل تعالى أف يصلح فساد قلوبنا)‪.‬‬ ‫فسدت فسد الجسد كلو أال وىي القلب"‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬األمر بإخبلص العمل هلل عز وجل‪.‬‬
‫‪ ‬والحث على اإلنفاؽ من الحبلؿ‪.‬‬
‫‪ ‬وفيو النهي عن االنفاؽ من الحراـ‪.‬‬
‫‪ ‬وفيو أف أكل الحبلؿ يعين على عمل الصالحات ويعين على إجابة الدعاء‪.‬‬

‫وفي ختاـ ىذه المحاضرة نرجو التكرـ باإلجابة على ىذه األسئلة‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫األسئ ػ ػ ػلة‬
‫السؤاؿ األوؿ‪ :‬اذكر اآلداب مع النفس إجماال‪.‬‬
‫السؤاؿ الثاني‪ :‬من األدب مع النفس محاسبتها‪ .‬فما دليل ذلك؟‬
‫السؤاؿ الثالث‪ :‬من األدب مع النفس أكل الحبلؿ‪ .‬فما دليل ذلك؟‬

‫وفي ختاـ ىذا الكتاب‪.‬‬


‫نسأؿ اهلل تعالى أف يجعلو في موازين حسناتنا‪ ،‬وأف يجعلنا من الذين يستمعوف القوؿ فيتبعوف أحسنو‪.‬‬
‫ونسألو تبارؾ وتعالى اإلخبلص والقبوؿ في القوؿ والعمل‪.‬‬
‫سبحانك اللهم وبحمدؾ نشهد أف ال إلو إال أنت نستغفرؾ ونتوب إليك‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫فهػرس "تفريػغ المحاضرات"‬

‫الصفح ػ ػة‬ ‫المحاض ػ ػ ػ ػػرة‬ ‫ـ‬


‫‪2‬‬ ‫المحاضػرة السابعػػة عش ػػرة‬ ‫‪1‬‬
‫‪11‬‬ ‫المحاضػرة الثامن ػػة عش ػػرة‬ ‫‪2‬‬
‫‪22‬‬ ‫المحاضػرة التاسع ػػة عش ػػرة‬ ‫‪3‬‬
‫‪31‬‬ ‫المحاضػرة العشػػروف‬ ‫‪4‬‬
‫‪39‬‬ ‫المحاضػرة الحاديػػة والعشػروف‬ ‫‪5‬‬
‫‪47‬‬ ‫المحاضػرة الثػانيػػة والعشػروف‬ ‫‪6‬‬
‫‪58‬‬ ‫المحاضػرة الثالث ػ ػػة والعشػروف‬ ‫‪7‬‬
‫‪64‬‬ ‫المحاضػرة الرابع ػػة والعشػروف‬ ‫‪8‬‬
‫‪71‬‬ ‫المحاضػرة الخامس ػػة والعشػروف‬ ‫‪9‬‬
‫‪78‬‬ ‫المحاضػرة السػادس ػػة والعشػروف‬ ‫‪12‬‬
‫‪82‬‬ ‫المحاضػرة السػابع ػػة والعشػروف‬ ‫‪11‬‬
‫‪88‬‬ ‫المحاضػرة الثػػامن ػػة والعشػروف‬ ‫‪12‬‬

‫الخاتم ػ ػػة‬
‫وىنا تنتهى محاضرات مادة (اآلداب اإلسػبلمية)‬
‫من كتاب " الآلئي البهية شرح صحيح اآلداب اإلسػبلمية"‬
‫شرح فضيلة الشيخ‪ :‬ربيػع بن علي (حفظو اهلل)‪ ،‬ونفع اهلل بو اإلسػبلـ والمسلمين‪،‬‬
‫وجزاه اهلل عنا خير الجزاء‪ ،‬وبهذا تنتهى محاضرات الفصل الدراسي الثانػػي (الفرقػة األولى)‬
‫العلم‪ ،‬نفع اهلل بكم‪ ،‬وزادكم ِعلماً‪ ،‬وعمبلً (اللهم آميػػن)‬
‫بالتوفيق لجميع طلبة ِ‬

‫نسألكم الدعاء لمن قاـ بجمع وتنسيق المحاضرات‪ ،‬حتى خرجت إليكم بهذا الشكل البسيط الفريد‪.‬‬
‫أخرجو لكم‪ :‬أخوكم في اهلل (فهد بن عبدالع ػزي ػ ػز)‬
‫"جمهورية مصػر العربية"‬
‫"نسألكم الدعػاء"‬

‫‪92‬‬

You might also like