You are on page 1of 140

‫تلخيص مقرر احلديث‬

‫للمستوى السابع شريعة‬

‫إعداد‪:‬‬
‫طالب وطالبات املستوى السابع شريعة صباحي‬

‫معهد العلوم اإلسالمية والعربية يف إندونيسيا‬


‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ابب الرضاع‬
‫ما جاء يف الرضعة والرضعتني‬
‫‪ – 1043‬عن عائشة رضي هللا عنها قالت‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬ال حترم املصة وال‬
‫املصتان) أخرجه مسلم‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫صه‬ ‫ِ‬
‫صه ومصصته ُأم ّ‬
‫املصة‪ :‬املصة هي الواحدة من املص‪ ،‬وهو أخذ اليسري من الشيء‪ .‬ومصصته ابلكسر ُأم ّ‬
‫صه‪ :‬شربته شراب رفيقا‪.‬‬
‫أخ ّ‬
‫كخصصته ُ‬
‫الرضعة‪ :‬املرة من الرضاع‪ ،‬وهي إذا التقم الصيب الثدي وامتص منه مث ترك ذلك ابختياره من غري عارض‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دل على أن مص الصيب الثدي مرة أو مرتني ال يصري به رضيعا للمرضع‪.‬‬
‫أقوال العلماء يف املسألة‬
‫اختلف العلماء يف املقدر احملرم من اللنب على ثالثة أقوال‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أن ثالث مصات فصاعدا حترم‪ ،‬وهو قول داود وأتباعه‪ .‬ودليلهم‪ :‬مفهوم حديث الباب‪ ،‬ويف‬
‫لفظ آخر ملسلم‪( :‬ال حترم اإلمالجة وال اإلمالجتان)‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬أن قليل الرضاع وكثريه حيرم وحده ما وصل إىل اجلوف من اللنب‪ ،‬وهذا قول احلنفية ومالك‬
‫واهلادوية‪ .‬ومن أدلتهم‪ :‬اإلمجاع على أنه حيرم من الرضاع ما يفطر به الصائم‪ .‬وعموم قوله تعاىل‪( :‬وأمهاتكم‬
‫الاليت أرضعنكم) إذ علق هللا التحرمي بسبب الرضاع‪ ،‬فمىت وجد االسم حتقق احلكم‪ .‬وقال صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪( :‬حيرم من الرضاع ما حيرم من النسب)‪ .‬وحلديث عقبة وقوله صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬كيف وقد زعمت أهنا‬
‫أرضعتكما) ومل يستفصل عدد الرضاع‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬أن عدد الرضعة اليت حترم هي مخس رضعات‪ ،‬وهو قول الشافعي ورواية عن أمحد‪ .‬ومن أدلتهم‪:‬‬
‫ما أييت من عائشة رضي هللا عنها يف نص على اخلمس حيث قالت‪( :‬كان فيما أنزل من القرآن‪ :‬عشر رضعات‬
‫معلومات حيرمن‪ .‬مث نسخن خبمس معلومات‪ ،‬فتويف رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وهي فيما يقرأ من القرآن)‪.‬‬

‫(‪)2‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫وأبن سهلة بنت سهيل أرضعت ساملا مخس رضعات‪ ،‬وهذا وإن عارض حديث الباب فإن حكمه املنطوق‬
‫وهو مقدم على املنطوق‪ ،‬وحديث سهلة يعضد ما جاء عن عائشة سابقا على أنه فعل الصحابية وهو أمر‬
‫متقرر عندهم‪ ،‬فبهذا يرتجح لنا القول الثالث على غريه‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ما جاء أن الرضاع احملرم هو ما يسد اجلوع‬
‫َو َسله َم‪« :-‬اُنْظُْر َن َم ْن‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِه‬
‫صلهى ه‬ ‫ول هِ‬ ‫ض َي ه‬ ‫‪ -1044‬و َع ْنـ َها ‪-‬ر ِ‬
‫اَّلل ‪َ -‬‬ ‫ال َر ُس ُ‬
‫َت‪ :‬قَ َ‬ ‫اَّللُ َع ْنـ َها‪ -‬قَال ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضا َعةُ ِم ْن ال َْم َج َ‬
‫اع ِة» ُمتهـ َف ٌق َعلَْي ِه‪.‬‬ ‫إ ْخ َوانُ ُك هن‪ ،‬فَِإ هَّنَا ال هر َ‬
‫سبب الورود‬
‫يف احلديث قصة‪ ،‬وهو «أنه ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬دخل على عائشة وعندها رجل فكأنه تغري وجهه كأنه‬
‫كره ذلك‪ ،‬فقالت إنه أخي‪ ،‬فقال انظرن من إخوانكن‪ ،‬فإمنا الرضاعة من اجملاعة» قال املصنف مل أقف على‬
‫امسه وأظنه ابنا أليب القعيس‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫فيه األمر ابلتحقيق يف أمر الرضاعة‪ ،‬هل هو رضاع صحيح بشرطه من وقوعه يف زمن الرضاع ومقدار اإلرضاع‪،‬‬
‫فإن احلكم الذي ينشأ من الرضاع إمنا يكون إذا وقع الرضاع املشروط‪.‬‬
‫من شروط اعتبار الرضاعة ‪:‬‬
‫‪ -‬الذي إذا جاع كان طعامه الذي يشبعه اللنب من الرضاع ال حيث يكون الغذاء بغري الرضاع‬
‫‪ -‬يكون الرضيع طفال يسد اللنب جوعه ألن معدته ضعيفة يكفيها اللنب وينبت بذلك حلمه فيصري جزءا‬
‫من املرضعة فيشرتك يف احلرمة مع أوالدها‪ ،‬فهو يف معىن حديث ابن مسعود اآليت «ال رضاع إال ما‬
‫أنشز العظم‪ ،‬وأنبت اللحم» وحديث أم سلمة «ال حيرم من الرضاع إال ما فتق األمعاء» ‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫اختلف العلماء هل العربة يف الرضاع و صول اللنب إىل اجلوف أبي طريقة أم البد من التقام الثدي و مص‬
‫اللنب منه ؟‬

‫(‪)3‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫قال اجلمهور ‪ :‬أن التغذي بلنب املرضعة حمرم سواء كان شراب‪ ،‬أو وجورا‪ ،‬أو سعوطا‪ ،‬أو حقنة حيث‬ ‫‪)1‬‬
‫كان يسد جوع الصيب ‪ ،‬بعموم حديث ابن مسعود «ال رضاع إال ما أنشز العظم‪ ،‬وأنبت اللحم»‬
‫وقالت اهلادوية واحلنفية ال حترم احلقنة وكأهنم يقولون إهنا ال تدخل حتت اسم الرضاع‪.‬‬ ‫‪)2‬‬
‫والظاهرية أيخذون مبسمى الرضاع فيقولون ‪ :‬ال يعترب الرضاع إال التقام الثدي و مص اللنب‪.‬‬ ‫‪)3‬‬
‫‪‬‬
‫حكم رضاع الكبري‬
‫‪ -1045‬وعنها ‪-‬رضي هللا عنها‪ -‬قالت‪ :‬جاءت سهلة بنت سهيل قالت‪ :‬اي رسول هللا‪ ،‬إن ساملا موىل أيب‬
‫حذيفة معنا يف بيتنا‪ ،‬وقد بلغ ما يبلغ الرجال‪ ،‬فقال‪ :‬أرضعيه‪ ،‬حترمي عليه‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫ما يبلغ الرجال‪ :‬بلغ سن البلوغ‪.‬‬
‫سبب الورود‬
‫أن أاب حذيفة قد تبىن ساملا وزوجه‪ ،‬وكان سامل موىل امرأة من األنصار‪ ،‬فلما جاء حترمي التبين‪ ،‬أمروا أن من له‬
‫أب معروف نسب إىل أبيه ومن مل يكن كذلك يدعى له موىل أو أخ يف الدين فحني ذلك سألت سهلة النيب‪-‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪.-‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على أن رضاع الكبري حيرم‪ .‬ويف املسألة خالف‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫اخلالف يف هذه املسألة على قولني‪:‬‬
‫ثبوت حكم التحرمي يف رضاع الكبري‪ ،‬وهو قول عائشة وعلي وعروة والليث وابن حزم وداود‬ ‫‪)1‬‬
‫الظاهري‪.‬‬
‫عدم حترمي رضاع الكبري‪ ،‬و أنه ال حيرم إال يف حالة الصغر‪ .‬وهو قول مجهور الصحابة والتابعني‬ ‫‪)2‬‬
‫والفقهاء‪ .‬ومع ذلك هم اختلفوا يف حتديد الصغر؛ الكثري منهم قالوا؛ التحرمي ما كان يف احلولني‬

‫(‪)4‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫فما فوق ذلك فال‪ .‬و قالت مجاعة منهم؛ الرضاع احملرم ما كان قبل الفطام ومل حيددوا بزمان‪ .‬وقال‬
‫األوزاعي؛ إن فطم وله عام واحد واستمر فطامه مث رضع يف احلولني مل حيرم هذا الرضاع شيئا‪ ،‬وإن‬
‫متادى الرضاع ومل يفطم‪ ،‬فما رضع يف احلولني حرم‪ ،‬وما كان بعدها مل حيرم‪.‬‬
‫أدلة الفقهاء‬
‫أدلة القائلني بثبوت التحرمي‪:‬‬
‫‪ -‬ظاهر هذا احلديث‪.‬‬
‫‪ -‬قوله تعاىل {حولني كاملني*ملن أراد أن يتم الزضاعة} فإهنا مطلق غري مقيد بوقت‪.‬‬
‫أدلة القلئلني بعدم ثبوت التحرمي إال يف الصغر‪:‬‬
‫‪ -‬قوله‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬؛ {إمنا الرضاع من اجملاعة} و أنه ال يصدق ذلك إال على من يشبعه‬
‫اللنب فال يدخل فيه الكبري‪ ،‬سيما أنه قد ورد بصيغة احلصر‪.‬‬
‫‪ -‬أن احلديث خاص يف قضية سهلة‪ ،‬فال يتعدى إىل غريه كما قالت أم سلمة؛ "ما نرى ذلك‪.‬إال خاصا‬
‫بسامل وما ندري لعله رخصة لسامل"‪.‬‬
‫الراجح‪ :‬هو ما ذهب إليه مجهور الصحابة والتبعني من أن رضاع الكبري ال حيرم‪ .‬والعلم عند هللا‪.‬‬
‫وقال ابن تيمية‪" :‬يعت رب الصغر يف الرضاع إال إذا دعت إليه احلاجة كرضاع الكبري الذي ال يستغين عن دخوله‬
‫على املرأة‪ ،‬ويشق احتجاهبا عنه‪ ".‬وهللا أعلم ابلصواب‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ضاع حيرم أقارب ال هزْوج‬ ‫ال هر َ‬
‫اء‬
‫َت‪ :‬فَأَبَـ ْيت أَ ْن آذَ َن لَهُ‪ ،‬فَـلَ هما َج َ‬ ‫اب‪ .‬قَال ْ‬‫اء يَ ْستَأْ ِذ ُن َعلَيْـ َها بَـ ْع َد احلِ َج ِ‬ ‫‪ -1046‬وعنها (أَ هن أَفْـلَ َح أَ َخا أَِِب الْ ُق َع ْي ِ‬
‫س َج َ‬
‫ال‪ :‬إنههُ َع ُّمك) ُمتهـ َف ٌق َعلَ ْي ِه‪.‬‬
‫صنَـ ْعته‪ ،‬فَأ ََم َرِين أَ ْن آذ َن لَهُ َعلَ هي‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫ِ‬ ‫اَّلل صلهى ه ِ‬
‫اَّلل َعلَ ْيه َو َسله َم أَ ْخ َ َْبته ِابلهذي َ‬ ‫ول ه َ‬
‫َر ُس ُ‬
‫ِ‬
‫معاين الكلمات‬
‫َي َع ْن َعائِ َشة‪.‬‬
‫َو َعنْ َها‪ :‬أ ْ‬
‫يل‪َ :‬م ْوًل ِألِّم َسلَ َمة‪.‬‬‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أَن أَفْ ِ‬
‫لح‪ :‬ب َفْت ِح ا ْهل َمَزة ففاء آخ ُرهُ َحاء ُم ْه َملَة َم ْوًل لَر ُسول الَّل صلي هللا عليه وسلم‪َ .‬وق َ‬
‫َ‬
‫وم ٍة َو َع ْني َو ِس ْني ُم ْه َملَتَ ْني بيَنَ ُه َما ُمثَناة َحتتِية‪.‬‬ ‫س‪ :‬بَِق ٍ‬
‫َخا أَِيب الْ ُق َعْي ِ‬
‫ض ُم َ‬
‫اف َم ْ‬ ‫أَ‬

‫(‪)5‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫يَ ْستَأْ ِذ ُن َعلَيْ َها‪ :‬طلب اإلذن للدخول منها‪.‬‬


‫احلجاب‪ :‬الساتر‪ ،‬واجلمع ‪ :‬حجب‪ .‬احلجاب ما أشرف من اجلبل‪.‬‬
‫أبيت‪ :‬أبيت الشيء أي‪ :‬عفت وامتنعت عنه‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫ض ِاع ِيف َح ِّق َزْو ِج الْ ُم ْر ِض َع ِة َوأَقَا ِربِه َكالْ ُم ْر ِض َع ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫احل ِد ُ ِ‬
‫يث َدليل َعلَى ثبُوت ُح ْك ِم الر َ‬ ‫َ‬
‫أقوال العلماء‬
‫ض ِاع ِيف َح ِّق َزْو ِج الْ ُم ْر ِض َع ِة َوأَقَا ِربِه َكالْ ُم ْر ِض َع ِة‬ ‫ور ِم ْن الص َحابَِة َوالتابِعِ ْني َوأ ِ‬
‫َهل الْ َم َذ ِ‬
‫اهب‪ :‬يثبت ُح ْكم الر َ‬ ‫‪ )1‬اجلُ ْم ُه ُ‬
‫أدلتهم‪:‬‬
‫ب‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ -‬ألن سبب اللنب هو ماء الرج ِل والْمرأ َِة معا فَوجب أَ ْن ي ُكو َن الر َ ِ‬
‫ب َولَد الْ َولَد أ َْو َج َ‬
‫ضاعُ م ْن ُُهَا َكاجلَ ّد لَما َكا َن َسبَ َ‬ ‫ََ َ َ َ َ ُ ُ َ َ ْ َ ً َ َ َ َ‬
‫اس ِيف ه َذا احل ْك ِم‪ :‬اللَِّق ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ ِِ‬
‫َخَر َجه َعْنه ابْ ُن أَِيب َشيْ بَةَ‪.‬‬
‫اح َواحد‪ .‬أ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك قَ َال ابْ ُن َعب ٍ َ ُ‬ ‫َحت ِر َمي َولَد الْ َولَد لَه لتَ َعلُّقه بَِولَدهِ َول َذل َ‬
‫صيب‪.‬‬ ‫‪ -‬فَِإن الْو ْطء ي ِد ُّر اللنب فَلِلرج ِل ِمْنه نَ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َُ َ‬
‫‪ -‬حديث عائشة الذي رواه الشيخان‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يج وعائِ َشةُ و َمج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْم‬ ‫اعة م ْن التابِع ْني َوابْ ُن الْ ُمْنذ ِر َوَد ُاود َوأَتْبَاعُه‪ ،‬فَ َقالُوا‪َ :‬ال يثَبُ ُ‬
‫ت ُحك ُ‬ ‫َ َ‬ ‫الزبري َوَراف ُع بْ ُن َخد ٍ َ َ‬
‫‪ )2‬ابْ ُن عُ َمَر َوابْ ُن ُّ‬
‫ض ِاع لِلر ُج ِل‪.‬‬
‫الر َ‬
‫أدلتهم‪:‬‬
‫هو لِْل َم ْرأَةِ ال ِيت الل َنب ِمنْ َها‪.‬‬
‫اع إمنا َ‬
‫ضَ‬
‫ِ‬
‫‪ -‬ألن الر َ‬
‫(وأُم َهاتُ ُك ُم الالتِى أ َْر َ‬
‫ض ْعنَ ُك ْم)‪.‬‬ ‫‪َ -‬ويَ ُد ُّل َعلَْيه قَ ْوله تَ َع َ‬
‫اىل‪َ :‬‬
‫ين ِم ِّين َوأَ ََن َع ُّمك قلُت‬ ‫(دخل َعلَي أَفْلَح فَاستََرتت ِمنْه فَ َق َ ِ‬
‫ال أَتَ ْستَرت َ‬ ‫ُ ْ ْ‬ ‫ت‪َ َ َ :‬‬
‫يح َحْيث قَالَ ْ‬‫ص ِر ٍ‬ ‫ِ‬
‫‪َ -‬وِيف ِرَوايَة أَِيب َد ُاود ِزَاي َدةُ تَ ْ‬
‫ضعتْ ِين الْمرأَةُ وال ِ‬
‫يرض ْع ِين الر ُجل)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ال‪ :‬أَر َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ض َعتْك ْامَرأَةُ أَخي‪ .‬قلُت ‪ :‬إمنا أ َْر َ َ َ ْ َ‬ ‫م ْن أَيْ َن؟ قَ َ ْ‬
‫ات ال يَ ُد ُّل َعلَى أَن َما‬ ‫يث فَِإن ِذ ْكر ْاألمه ِ‬ ‫س فِ َيها َما يعُا ِرض احلَ ِد َ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫ور ألن اآلية لَْي َ‬ ‫هب إلَْيه اجلُ ْم ُه ُ‬‫الراجح‪ :‬الْ َواض ُح َما َذ َ‬
‫اع ٍة ِم ْن‬ ‫ِ‬ ‫ك مث إ ْن دل بِ ْفه ِ‬ ‫ِ‬
‫استَ َدلُّوا بَِفتْ َوى َمج َ‬ ‫ف ِيف ُ‬
‫األصول َوقَ ْد ْ‬ ‫ب ُمطرٍِح َك َماعُ ِر َ‬ ‫ومه فَ ُهو َم ْف ُهومُ لَ َق ٍ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫س َك َذل َ‬‫َع َداهن لَْي َ‬
‫ث ِيف الْ َم ْسأَلَ ِة َو َسبَ َقه ابْ ُن الْ َقيِِّم‬ ‫ِ‬
‫َخ ِري َن الْبَ ْح َ‬ ‫ِ‬ ‫الص َحابَِة ِهب َذا الْ َم ْذ ِ‬
‫ض الْ ُمتَأ ّ‬‫ال َبع ُ‬‫ك َوقَ ْد أَطَ َ‬ ‫هب َوَال ََي َفى أَنه ال ُحجةَ ِيف َذل َ‬
‫استَ ْح َسنَه ابْ ُن تَ ْي ِمية‪.‬‬
‫يف ا ْهلد ِي َو ْ‬
‫‪‬‬

‫(‪)6‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫مقدار الرضاع احملرم‬


‫ات م ْعلُوم ٍ‬
‫ات‬ ‫آن‪ :‬عَ ْشر ر َ ٍ‬ ‫َت‪َ « :‬كا َن فِيما أُنْ ِز َل ِمن الْ ُقر ِ‬ ‫ض َي ه‬‫‪ -1047‬وعَ ْنـ َها ‪ -‬ر ِ‬
‫ض َع َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫اَّللُ عَ ْنـ َها ‪ -‬قَال ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اَّلل َعلَْي ِه وسلهم ‪ -‬و ِهي فِيما يـ ْقرأُ ِمن الْ ُقر ِ‬ ‫ول هِ‬ ‫س م ْعلُ ٍ‬ ‫ِ ِ‬
‫آن»‬ ‫ََ َ َ َ َ ُ َ ْ ْ‬ ‫صلهى هُ‬ ‫اَّلل ‪َ -‬‬ ‫ومات فَـتُـ ُوِ َ‬
‫يف َر ُس ُ‬ ‫ُحيَ ِرْم َن‪ُ ،‬ثُه نُس ْخ َن ِبَ ْم ٍ َ َ‬
‫َرَواهُ ُم ْسلِ ٌم‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على أن الرضاع الذي تثبت به احلرمة مخس رضعات‪ ،‬ومفهومه أن الرضعة والرضعتني والثالث‬
‫وما نقص عن اخلمس ال حيرم‪.‬‬
‫ووجه االستدالل‪ :‬أن السيدة عائشة –رضي هللا عنها‪ -‬ذكرت عددا أعلى وعددا أدىن‪ ،‬ولو كان هناك عدد‬
‫أدىن من اخلمس لبينته‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫‪ )1‬القول األول‪ :‬أن أقل عدد تثبت به احلرمة مخس رضعات‪ .‬وهذا قول عبد هللا بن مسعود‪ ،‬وعبد هللا بن‬
‫الزبري ‪-‬رضي هللا عنهم‪ ،-‬ومذهب الشافعي‪ ،‬وأمحد‪ ،‬وابن حزم‪ ،‬ورجحه الصنعاين ‪،‬والشوكاين‪ .‬واستدلوا‬
‫ابحلديث الذي معنا‪.‬‬
‫‪ )2‬القول الثاين‪ :‬أن قليل الرضاع وكثريه حيرم‪ .‬قال به علي‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وابن عمر –رضي هللا عنهم‪،-‬‬
‫(وأم َهاتُ ُك ُم االِيت أ َْر َ‬
‫ض ْعنَ ُك ْم)‪،‬‬ ‫وهو مذهب مالك‪ ،‬وأيب حنيفة‪ ،‬ورواية عن أمحد‪ .‬واستدلوا بقوله تعاىل ‪َ :‬‬
‫فقد علق هللا التحرمي بوجود اإلرضاع ومل يقيد ذلك بشيء‪.‬‬
‫‪ )3‬القول الثالث‪ :‬أنه ال يثبت التحرمي أبقل من ثالث رضعات‪ .‬وبه قال أبو عبيدة‪ ،‬وداود‪ ،‬وهو رواية عن‬
‫(ال َْحت ُرُم الْ َمصةُ َوالْ َمصتَان) قالوا ‪ :‬فمفهوم احلديث أن ما زاد على‬
‫أمحد‪ .‬واستدلوا ابحلديث املتقدم ‪َ :‬‬
‫املصتني يثبت به التحرمي‪ ،‬وهو الثالث فصاعداً‪.‬‬
‫الرتجيح‪ :‬الراجح بني هذه األقوال هو القول األول‪ ،‬وهو أن الرضاع احملرم مخس رضعات‪ ،‬وذلك ألمور‪:‬‬
‫‪ )1‬إن حديث عائشة –رضي هللا عنها‪ -‬نص صريح‪ ،‬ويقويه حديث ‪( :‬ال حترم املصة واملصتان)‪.‬‬
‫‪ )2‬إن الرضاع ِشبهة اجلزئية بني املرضع والرضيع‪ ،‬وذلك ال يتحقق إال برضاع كامل‪ ،‬وهو مخس وجبات حبيث‬
‫ينبت اللحم وينشز العظم‪.‬‬

‫(‪)7‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫‪ )3‬أما القول أبن قليل الرضاع وكثريه حمرم فهو مردود ابحلديث املتقدم‪( :‬ال حترم املصة واملصتان)‪ ،‬وأما قوله‬
‫تعاىل (وأمهاتكم االيت أرضعن كم) فإن السنة بينت أن الرضاعة اليت حترم هي ما كانت مبينة على العدد‪.‬‬
‫فاآلية من قبيل اجململ الذي بينه احلديث بضبط عدده‪.‬‬
‫‪ )4‬وأما من قال إن الثالث حترم فدليله مفهوم حديث عائشة –رضي هللا عنها‪ ،-‬واخلمس منطوق‪ ،‬فهو‬
‫مقدم‪.‬‬
‫‪ )5‬إن العمل ابحلديث الذي معنا إعمال لألحاديث كلها‪.‬‬
‫‪‬‬
‫حيرم من الرضاع ما حيرم من النسب‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم‪ -‬أُ ِري َد َعلَى ابْـنَ ِة ََحْ َزةَ‪،‬‬
‫صلهى ه‬
‫هِب ‪َ -‬‬‫اَّللُ َع ْنـ ُه َما‪ :-‬أَ هن النِ ه‬
‫ض َي ه‬‫اس ‪-‬ر ِ‬
‫‪َ -1048‬و َع ْن ابْ ِن َعبه ٍ َ‬
‫ب‪ُ .‬متهـ َف ٌق عَلَْي ِه‪.‬‬
‫هس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضاعَ ِة‪ ،‬وَْحيرم ِمن ال هر َ ِ‬
‫َخي ِم ْن ال هر َ‬ ‫ال‪ :‬هإَّنَا َال َِحتلُّ ِِل‪ ،‬هإَّنَا ابـنَةُ أ ِ‬
‫ضاعَة َما َْحي ُر ُم م ْن الن َ‬ ‫َ ُُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫فَـ َق َ‬
‫معاين الكلمات‬
‫أريد‪ :‬بضم اهلمزة مبين للمجهول من اإلرادة‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫‪ -‬أحكام الرضاع هي حرمة التناكح وجواز النظر واخللوة واملسافرة‪.‬‬
‫‪ -‬قوله‪ - :‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬وحيرم من الرضاع ما حيرم من النسب يراد به تشبيهه به يف التحرمي‪.‬‬
‫‪ -‬أقارب املرضع أقارب للرضيع‪ .‬وأما أقارب الرضيع ما عدا أوالده‪ ،‬فال عالقة بينهم وبني املرضع‪ ،‬فال يثبت‬
‫هلم شيء من األحكام‪.‬‬
‫‪ -‬اختلف يف اسم ابنة محزة على سبعة أقوال ليس فيها ما جيزم به‬
‫فائدة‪ :‬وإمنا كانت ابنة أخيه ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬؛ ألنه رضع من ثويبة أمة أيب هلب‪ ،‬وقد كانت أرضعت‬
‫عمه محزة‬
‫‪‬‬

‫(‪)8‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫صفة الرضاع احملرم وزمنه‬


‫اَّللُ عَلَْي ِه َو َسله َم ‪َ :-‬‬
‫«ال‬ ‫صلهى ه‬ ‫ول هِ‬ ‫ض َي ه‬ ‫‪ -1049‬وعَن أُِم سلَمةَ ‪ -‬ر ِ‬
‫اَّلل ‪َ -‬‬ ‫ال َر ُس ُ‬
‫َت‪ :‬قَ َ‬‫اَّللُ عَ ْنـ َها ‪ -‬قَال ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ‬
‫ص هح َحهُ ُه َو َوا ْحلَاكِ ُم‪.‬‬
‫ي َو َ‬‫الرتِم ِذ ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ُحيَ ِر ُم ِم ْن ال هر َ‬
‫ض ِاع هإال َما فَـتَ َق ْاأل َْم َعاءَ‪َ ،‬وَكا َن قَـ ْب َل الْفطَ ِام» َرَواهُ ِ ْ‬
‫اع هإال ِيف ا ْحلَْول ْ ِ‬ ‫اس ‪ -‬ر ِ‬
‫َني»‪.‬‬ ‫ض َ‬‫«ال َر َ‬
‫ال‪َ :‬‬ ‫ض َي ه‬
‫اَّللُ َع ْنـ ُه َما ‪ -‬قَ َ‬ ‫‪َ -1050‬و َع ْن ابْ ِن َعبه ٍ َ‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم ‪َ :-‬‬
‫«ال‬ ‫صلهى ه‬ ‫ول هِ‬ ‫ض َي ه‬ ‫ود ‪ -‬ر ِ‬ ‫‪ -1051‬و َعن اب ِن مسع ٍ‬
‫اَّلل ‪َ -‬‬ ‫ال َر ُس ُ‬
‫اَّللُ َع ْنهُ ‪ -‬قَا َل‪ :‬قَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ْ َ ُْ‬
‫ت الله ْح َم»‪.‬‬ ‫اع هإال َما أَنْ َ‬
‫ش َز ال َْعظ َْم‪َ ،‬وأَنْـبَ َ‬ ‫ض َ‬‫َر َ‬
‫معاين الكلمات‬
‫ِ‬ ‫ما فَتَق ْاألَمعاء‪ :‬ما سلَ َ ِ ِ‬
‫ك ف َيها م ْن الْ َفْت ِق مبَْع َىن الش ِّق َوالْ ُمَر ُاد َما َو َ‬
‫ص َل إلَْي َها‪.‬‬ ‫َ َ َْ َ َ َ‬
‫الفطام‪ :‬فصل الصيب من الرضاع‪.‬‬
‫أنشز العظم‪ّ :‬قواه وأحكمه وأكرب حجمه‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫ِ‬
‫ت‬ ‫‪ -‬يف احلديث دليل على أن صفة الرضاع الذي تثبت به احلرمة ما تغذى به اجلسم َويَ ْق َوى بِه َ‬
‫العظْ ُم َويَْن بُ ُ‬
‫َعلَْي ِه َحلْ ُمهُ‪.‬‬
‫‪ -‬ال حيرم القليل من الرضاع ال ِذي َال يَْن ُف ُذ إىل األمعاء‪.‬‬
‫‪ -‬إن الرضاع احملرم هو ماكان يف احلولني وأما ماكان بعدُها فال حيرم ومعىن قبل الفطام ما كان قبل حولني‪.‬‬
‫‪‬‬
‫حكم شهادة املرضعة‬
‫‪ -1052‬وعن عقبة بن احلارث‪ :‬أنه تزوج أم حيىي بنت أِب إهاب‪ ،‬فجاءت امرأة‪ ،‬فقالت‪ :‬لقد أرضعتكما‪،‬‬
‫فسأل النِب ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬فقال‪ :‬كيف‪ ،‬وقد قيل‪ .‬ففارقها عقبة فنكحت زوجا غريه‪ .‬أخرجه‬
‫البخاري‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على أن شهادة املرضعة وحدها تقبل‪ ،‬وبوب على ذلك البخاري‪.‬‬

‫(‪)9‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫األقوال يف املسألة‬
‫األول‪ :‬قال اإلمام أمحد بن حنبل ومجاعة من السلف‪ :‬أن شهادة املرضعة وحدها تقبل‪.‬‬ ‫‪)1‬‬
‫الثاين‪ :‬قال اإلمام مالك‪ :‬إنه ال يقبل يف الرضاع إال امراتن‪.‬‬ ‫‪)2‬‬
‫الثالث‪ :‬قال اإلمام أبو حنيفة واهلادوية ‪ :‬أن الرضاع كغريه ال بد من شهادة رجلني‪ ،‬أو رجل وامرأتني‪،‬‬ ‫‪)3‬‬
‫وال تكفي شهادة املرضعة؛ ألهنما تقرر فعلها‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬قال اإلمام الشافعي‪ :‬تقبل شهادة املرضعة مع ثالث نسوة بشرط أن ال تعرض بطلب أجرة‪،‬‬ ‫‪)4‬‬
‫قالوا‪ :‬وهذا احلديث حممول على استحباب والتحرز عن مظان االشتباه‪.‬‬
‫الرتجيح‪ :‬القول الراجح يف هذه املسألة‪ :‬هو القول األول أن الشهادة يف الرضاع ابمرة واحدة تكفي‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ما جاء يف النهي عن اسرتضاع احلمقاء‬
‫‪ -1053‬عن زايد السهمي‪ ،‬قال‪َّ(( :‬نى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن تسرتضع احلمقى))‪ .‬أخرجه‬
‫أبو داود‪ ،‬وهو مرسل‪ ،‬ليست لزايد صحبة‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫احلمقى‪ :‬خفيفة العقل‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث فيه هني عن اسرتضاع احلمقى؛ ووجه النهي أن للرضاع أتثريا يف الطباع‪ ،‬فيختار من ال محاقة فيها‬
‫وحنوها‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)10‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ابب النفقات‬
‫جواز إنفاق املرأة من مال زوجها بغري علمه إذا منعها الكفاية‬
‫‪ -1054‬عن عائشة أَّنا قالت ‪ :‬دخلت هند بنت عتبة ‪ -‬امراة أِب سفيان ـ على رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم فقالت ‪ :‬اي رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬إن أاب سفيان رجل شحيح ال يُعطيين ِم َن النهفقة‬
‫ال ‪« :‬‬ ‫ما يكفيين ويكفي بين ‪ ،‬إال ما أخذت من ماله بغري علمه ‪ ،‬فَـ َه ْل َعلَي يف ذلك من جناح ؟ فَـ َق َ‬
‫خذي من ماله ابملعروف َما يَكفيك ويكفي بنيك » ‪ (.‬متفق عليه )‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫شحيح‪ :‬البخل مع احلرص‪.‬‬
‫سبب الورود‬
‫إن هند بنت عتبة شكت إىل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن زوجها (أيب سفيان)‪ ،‬أنه رجل خبيل يف النفقة‬
‫فأخذت هند من ماله بغري إذنه ‪ ،‬وسألت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حكم يف تلك املسألة‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫‪ -‬جواز ذكر اإلنسان مبا يكره إذا كان على وجه االشتكاء واالستفتاء ‪ ،‬وهذا أحد املواضع اليت أجازوا فيها‬
‫الغيبة‪.‬‬
‫‪ -‬وجوب نفقة الزوجة واألوالد على الزوج ‪ ،‬وظاهره وإن كان الولد كبريا لعموم اللفظ وعدم االستفصال ‪،‬‬
‫فإن أتى ما َيصه من حديث آخر وإال فالعموم قاض بذلك‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫حكم الكفاية من غري تقدير للنفقة‪:‬‬
‫ذهب مجاهري العلماء‪ ،‬منهم اهلادي و الشافعي ‪ ،‬على أهنا واجبة ‪ ،‬وعليه دل قوله تعاىل ‪ { :‬وعلى‬ ‫‪)1‬‬
‫املولود له رزقهن و كسوهتن ابملعروف } [البقرة ‪ .]۲۳۳ :‬ويف قول للشافعي‪ّ :‬إهنا مق ّدرة ابألمدان‪،‬‬
‫فعلى املوسر كل يوم ُمدان‪ ،‬واملتوسط مد ونصف‪ ،‬واملعسر ُمد‪ ،‬وعن اهلادي‪ :‬كل يوم مدان ويف كل‬
‫شهر درُهان لإلدام‪.‬‬

‫(‪)11‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫قال النووي ‪ :‬هذا احلديث حجة على من اعترب التقدير ‪ .‬قال املصنف تعقبًا له ‪ :‬ليس صرحيا يف الرد‬ ‫‪)2‬‬
‫عليهم ‪ ،‬ولكن الت قدير مبا ذكر حيتاج إىل دليل ‪ ،‬فإن ثبت محلت الكفاية يف ذلك احلديث على ذلك‬
‫املقدر‪.‬‬
‫الراجح‪ :‬قول مجهور العلماء‪.‬‬
‫‪‬‬
‫بيان فضل املنفق وما تنبغي مراعاته عند اإلنفاق‬
‫‪ -1055‬وعن طارق احملارِب قال‪:‬قدمنا املدينة فإذا رسول هلل – صلى هللا علي و سلم‪ -‬قائم على املنَب‬
‫خيطب الناس‪ .‬ويقول ((يد املعطي العليا‪ ،‬وابدأ مبن تعول ‪ :‬أُهمك و أابك‪ ،‬وأختك و أخاك‪ُ،‬ث أدانك‬
‫أدانك)) رواه النسائي‪ ،‬وصححه ابن حبان والدارقطين‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫تعول‪ :‬حمتاج فقري‬
‫فقه احلديث‬
‫وجوب اإلنفاق على القريب املعسر أبن يكون القريب واراث ابلنسب لقوله تعاىل (وعلى الوا ِر ِ‬
‫ث ِمثل ذلك)‬ ‫ََ َ‬
‫[البقرة ‪.]233:‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫‪ )1‬وجوب اإلنفاق على القريب املعسر أبن يكون القريب واراث ابلنسب لقوله تعاىل (وعلى الوا ِر ِ‬
‫ث ِمثل‬ ‫ََ َ‬
‫ذلك) [البقرة ‪ .]233:‬وإىل هذا ذهب عمر وابن أيب ليلى و أمحد واهلادي‪.‬‬
‫‪ )2‬وعند الشافعي أن النفقة جتب للفقري غري مكتسب زمنا او صغريا أو جمنوَن لعجزه عن كفاية نفسه‪.‬‬
‫‪ )3‬قال العلماء ‪ :‬جتب نفقة األصل على الفرع دون العكس‪.‬‬
‫‪ )4‬وعند احلنفية ‪:‬تلزم النفقة لقريب حمرم فقري عاجز عن التكسب بقدر اإلرث‬
‫اختلف العلماء يف سقوط نفقة الولد والزوجة‪:‬‬
‫‪ -‬قال قوم‪ :‬تسقط للزوجة و األقارب‬

‫(‪)12‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫‪ -‬وقال قوم‪ :‬اليسقطان‬


‫‪ -‬وقيل‪ :‬تسقط نفقة القريب دون الزوجة‪.‬‬
‫وعللوا هذا التفصيل أبن نفقة القريب إمنا ُشرعت للمواساة ألجل إحياء النفس‪.‬‬
‫ودليل أصحاب قول الثاين‪ :‬أ ّن نفقة الزوجة فهي واجبة ال ألجل املواساة‪ ،‬بل إلمجاع الصحابة على عدم‬
‫سقوطها وقال ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪( :-‬وهلن عليكم رزقهن و كسوهتن ابملعروف)‬
‫‪‬‬
‫وجوب نفقة اململوك على مالكه‬
‫اَّلل َعلَي ِه وسلهم ‪« :-‬لِلْمملُ ِ‬
‫وك طَ َع ُامهُ َوكِ ْس َوتُهُ‪،‬‬ ‫ول هِ‬
‫اَّلل ‪ َ -‬ه‬ ‫‪َ -1056‬و َع ْن أَِِب ُه َريْـ َرةَ قَ َ‬
‫َْ‬ ‫صلى هُ ْ َ َ َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ‬
‫يق» َرَواهُ ُم ْسلِ ٌم‪.‬‬‫ف ِم ْن ال َْع َم ِل هإال َما يُ ِط ُ‬ ‫َوَال يُ َكله ُ‬
‫معاين الكلمات‬
‫الْ َمملوك‪ :‬عبد‪/‬الرقيق من البشر‬
‫كسوة‪ :‬الثوب يسترت به ويتحلى‬
‫ما يطيق‪ :‬ما يقدر عليه‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫‪ -‬وجوب اإلحسان إىل اململوك والعمال إبعطائهم حقوقهم وعدم تكليفهم من العمل ما ال يطيقون‪.‬‬
‫س‬ ‫ب‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫‪ -‬جيب على السيد نفقة رقيقه و كسوته مطلقا ابإلمجاع ‪ ،‬واحلديث اآلمر إبِِطْع ِامه ِِما يطعم وكِسوتِِه ِ‬
‫ِم‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫يث الْكِتَ ِ‬ ‫اإل ْمج ِاع علَى ه َذا َالحتَمل أَن ه َذا ي َقيد مطْلَق ح ِد ِ‬ ‫ب‪ ،‬ولَوَال ما قِ ِ‬
‫ِ‬
‫اب َو‬ ‫ْ ََ َ ُّ ُ َ َ‬ ‫يل‪ :‬م ْن ِْ َ َ َ‬ ‫َْحم ُمول َعلَى الن ْد َ ْ َ َ‬
‫من ْاألعمال ّإال ما يطيقه‪ ،‬وهذا جممع عليه أيضا‪.‬‬ ‫السيّد ْ‬
‫أنه ال يكلفه ّ‬
‫‪‬‬
‫وجوب نفقة الزوجة على زوجها‬
‫َح ِد َان َعلَْي ِه؟‬ ‫ِ‬ ‫ول هِ‬ ‫ش ِْري ِي َع ْن أَبِ ِيه قَ َ‬
‫‪َ -1057‬و َع ْن َحكِ ِيم بْ ِن ُم َعا ِويَةَ الْ ُق َ‬
‫اَّلل‪َ ،‬ما َح ُّق َزْو َجة أ َ‬ ‫ال‪« :‬قُـلْت‪َ :‬اي َر ُس َ‬
‫س ِاء‪.‬‬ ‫يث‪ ،‬وتَـ َقد ِ ِ ِ‬
‫هم ِيف ع ْش َرة الن َ‬
‫ِ‬
‫ْس َو َها إذَا ا ْكتَ َس ْيت» ا ْحلَد َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪ :‬أَ ْن تُطْع َم َها إذَا طَع ْمت‪َ ،‬وتَك ُ‬ ‫قَ َ‬

‫(‪)13‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫اَّللُ َعلَْي ِه وسلهم ‪ِ -‬يف ح ِد ِ‬


‫يث ا ْحلَ ِج‬ ‫صلهى ه‬ ‫اَّللُ تَـ َع َاَل َع ْنهُ ‪َ -‬ع ْن النِهِب ‪َ -‬‬
‫ض َي ه‬ ‫‪ -1058‬و َعن جابِ ٍر ‪ -‬ر ِ‬
‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫وف»‪.‬‬ ‫ال ِيف ِذ ْك ِر النِسا ِء «وََل هن َعلَي ُكم ِرْزقُـه هن وكِسو ُُتُ هن ِابلْمعر ِ‬
‫بِطُولِ ِه ‪ -‬قَ َ‬
‫َ ُْ‬ ‫َ َ ُ ْ ْ ُ َ َْ‬
‫معاين الكلمات‬
‫تكسوها‪ :‬من الكسوة وهي ما يلبس‪.‬‬
‫رزقهن‪ :‬من الرزق واملراد اإلطعام‪.‬‬
‫املعروف‪ :‬ما تعورف بني الناس من اتفاق‪.‬‬
‫سبب الورود‬
‫سؤال حكيم بن معاوية عن حق الزوجة‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫‪ -‬الواجب للزوجة طعام مصنوع وال جتب القيمة إال برضا َم ْن َجيب عليه اإلنفاق [ابن القيم يف اهلدي‬
‫النبوي]‪.‬‬
‫‪ -‬املعروف الذي نص عليه‪ :‬يكسوها ِما يلبس ويطعمها ِما أيكل‪ .‬وليس من املعروف فرض الدراهم‪.‬‬
‫‪ -‬فإن الدراهم جتعل عوضاً عن الواجب األصلي [الشافعي]‪.‬‬
‫‪ -‬املقتات يكون عوضاً عن األصل [اجلمهور]‪.‬‬
‫ترجيح اإلمام الصنعاين‬
‫عدم اإلجبار على املعاوضة ابلدراهم؛ ألسباب‪:‬‬
‫‪ -‬أن الشرع مل جيربه على ذلك‪،‬‬
‫‪ -‬خمالف لقواعد الشرع ونصوص األئمة‪،‬‬
‫‪ -‬خمالف ملصاحل العباد‪.‬‬
‫لكن إذا اتفق املنفق واملنفق عليه جاز‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)14‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫عظم مسؤولية املرء عمن تلزمه نفقته‬


‫‪ -1059‬وعن عبد هللا بن عمر رضي هللا تعاَل عنهما قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬كفى‬
‫ابملرء إمثا أن يضيع من يقوت) رواه النسائي‪ .‬وهو عند مسلم بلفظ‪( :‬أن حيبس عمن ميلك قوته)‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫‪ -‬احلديث دليل على وجوب النفقة على اإلنسان ملن يقوته‪ ،‬فإنه ال ميون آمثا إال على تركه ملا جيب عليه‪.‬‬
‫‪ -‬وقد بولغ هنا يف إمثه أبن جعل ذلك اإلمث كافيا يف هالكه عن كل إمث سواه‪.‬‬
‫‪ -‬والذي يقوهتم وميلك قوهتم هم الذين جيب عليه اإلنفاق عليهم‪ ،‬وهم‪ :‬أهله وأوالده وعبيده‪.‬‬
‫‪ -‬ولفظ مسلم خاص بقوت املماليك ولفظ النسائي عام‪ ،‬وال يوجد اإلختالف يف وجوهبا‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ما جاء يف نفقة احلامل املتوىف عنها‬
‫‪ -1060‬وعن جابر يرفعه‪ ،‬يف احلامل املتوىف عنها زوجها قال‪(( :‬ال نفقة َلا))‪ .‬أخرجه البيهقي‪ ،‬ورجاله‬
‫ثقات‪ ،‬لكن قال‪ :‬احملفوظ وقفه‪ .‬وثبت نفي النفقة يف حديث فاطمة بنت قيس كما تقدم‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫يرفعه‪ :‬أي أنه يعترب حديثا مرفوعا‪.‬‬
‫احملفوظ وقفه‪ :‬أي يرى البيهقي أن الصحيح هو موقوف عند جابر‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫يدل احلديث على أن احلامل املتوىف عنها زوجها ليست هلا نفقة يف العدة‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫حترير حمل النزاع‪ :‬اتفق العلماء على أنه ال نفقة للمرأء املتوىف عنها زوجها إذا كانت غري حامل‪ ،‬ولكنهم‬
‫اختلفوا يف النفقة للحامل املتوىف عنها زوجها‪:‬‬
‫‪ -‬القول األول‪ :‬أنه ال نفقة هلا‪ .‬وهو قول اجلمهور‪ ،‬منهم جابر وابن عباس ‪-‬رضي هللا عنهم‪ -‬وابن املسيب‬
‫وعطاء مذهب أيب حنيفة ومالك والشافعي والراجح عند احلنابلة‪ .‬واستدلوا هبذا احلديث‪ ،‬وألن األصل‬

‫(‪)15‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫براءة الذمة‪ ،‬وذكر املصنف حديث فاطمة بنت قيس هنا فكأنه يريد أن البائن واملتوىف عنها حكمهما‬
‫واحد جبامع البينونة واحلل للغري‪.‬‬
‫‪ -‬القول الثاين‪ :‬أنه جتب النفقة هلا‪ .‬قاله بعض أهل العلم منهم اهلادي مستدلني بقوله تعاىل‪ ....(( :‬متاعا‬
‫إىل احلول غري إخراج)) وقالوا نسخ املدة يف اآلية ال يوجب نسخ النفقة‪ ،‬وألهنا حمبوسة بسببه فتجب‬
‫نفقتها‪.‬‬
‫‪ -‬الراجح‪ :‬القول األول‪ .‬أي‪ :‬ال نفقة هلا‪ ،‬لقوة مأخذه‪ ،‬فإن اآلية كانت جتب النفقة ابلوصية مث نسخت‬
‫إما آبية‪...(( :‬يرتبصن أبنفسهن أربعة أشهر وعشرا)) وإما آبية املواريث ((وهلن الربع ِما تركتم‪))...‬‬
‫فاملرياث يغين النفقة‪ ،‬وإما ابحلديث ((ال وصية للوارث))‪.‬‬
‫‪‬‬
‫وجوب اإلنفاق على الزوجة واململوك والولد‬
‫‪ -1061‬عن أيب هريرة ‪ -‬رضي هللا تعاىل عنه – قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬اليد‬
‫العليا خري من اليد السفلى‪ ،‬ويبدأ أحدكم مبن يعول‪ ،‬تقول املرأة‪:‬أطعمين‪ ،‬أو طلقين‪ .‬رواه الدارقطين‬
‫وإسناده حسن‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫اليد العليا‪ :‬املعطية أو املنفقة‪.‬‬
‫اليد السفلى‪ :‬املانعة أو السائلة‪.‬‬
‫يبدأ‪ :‬الرب واإلحسان‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫نفقة من بلغ من األوالد وال مال له وال كسب‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫اختلف العلماء يف نفقة من بلغ من األوالد‪ ،‬وال مال له‪ ،‬وال كسب‪:‬‬

‫(‪)16‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫أوجب طائفة النفقة جلميع األوالد أطفاال كانوا أو ابلغني‪ ،‬إَناث أو ذكراَن إذا مل يكن هلم أموال‬ ‫‪)1‬‬
‫يستغنون هبا عن اآلابء‪.‬‬
‫ذهب اجلمهور إىل أن الواجب اإلنفاق عليهم إىل أن يبلغ الذكر وتتزوج األنثى مث ال نفقة على‬ ‫‪)2‬‬
‫األب إال إذا كانوا زمىن‪ ،‬فإن كانت هلم أموال‪ ،‬فال وجوب على األب واستدل به على أن للزوجة‬
‫إذا عسر زوجها بنفقتها طلب الفراق‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ما جاء يف الفرقة إذا أعسر الزوج ابلنفقة‬
‫‪ -1062‬عن «سعيد بن املسيب ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬يف الرجل ال جيد ما ينفق على أهله‪ ،‬قال‪ :‬يفرق‬
‫بينهما»‪ .‬أخرجه سعيد بن منصور عن سفيان عن أِب الزاند عنه ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قلت لسعيد بن‬
‫املسيب سنة؟ قال سنة‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫سنة‪ :‬سنة رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪.-‬‬
‫فقه احلديث‬
‫هذا احلديث يدل على فسخ الزوجية عند إعسار الزوج‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫‪ )1‬ثبوت الفسخ‪ ،‬وهو مذهب علي وعمر وأيب هريرة ومجاعة من التابعني‪ .‬ومن الفقهاء مالك والشافعي‬
‫وأمحد وبه قال أهل الظاهر مستدلني هبذا احلديث وحديث «ال ضرر‪ ،‬وال ضرار»‪ ،‬وقال تعاىل‪{ :‬وال‬
‫تضاروهن}‪ ،‬وقال تعاىل‪} :‬فإمساك معروف أو تسريح إبحسان{‪ .‬وذلك إذا كان الزوج مل تنفق زوجته‬
‫فقد أحلق الضرر العظيم للزوجة‪ ،‬والنفقة هي مقابل االستمتاع بدليل أن الناشز ال نفقة هلا عند اجلمهور‪،‬‬
‫فإذا مل جتب النفقة سقط االستمتاع فوجب اخليار للزوجة‪.‬‬
‫‪ )2‬أنه ال فسخ ابإلعسار عن النفقة‪ ،‬وهو ما ذهب إليه اهلادوية واحلنفية‪ ،‬وهو قول الشافعي مستدلني بقوله‬
‫تعاىل {ومن قدر ع ليه رزقه فلينفق ِما آاته هللا ال يكلف هللا نفسا إال ما آاتها} [الطالق‪ ]7 :‬قالوا‪:‬‬
‫وإذا مل يكلفه هللا النفقة يف هذا احلال‪ ،‬فقد ترك ما ال جيب عليه‪ ،‬وال أيمث برتكه‪ ،‬فال يكون سببا للتفريق‪.‬‬

‫(‪)17‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫‪ )3‬أنه حيبس الزوج إذا أعسر ابلنفقة حىت جيد ما ينفق‪ ،‬وهو قول العنربي‪ ،‬وقالت اهلادوية حيبس للتكسب‬
‫والقوالن مشكالن ألن الواجب إمنا هو الغداء يف وقته والعشاء يف وقته‪ ،‬فهو واجب يف وقته فاحلبس إن‬
‫كان يف خالل وجوب الواجب‪ ،‬فهو مانع عنه فيعود على الغرض املراد ابلنقض‪ ،‬وإن كان قبله‪ ،‬فال‬
‫وجوب فكيف حيبس لغري واجب‪ ،‬وإن كان بعده صار كالدين‪ ،‬وال حيبس له مع ظهور اإلعسار اتفاقا‪.‬‬
‫احلبس مانع من العمل والكسب والسعي‪.‬‬
‫‪ )4‬التوقف‪ ،‬وهو قول حممد بن داود أبن الزوجة تؤمر ابلصرب واالحتساب والزوج يسعى للبحث عن العمل‪.‬‬
‫‪ )5‬أن الزوجة إذا كانت موسرة وزوجها معسر كلفت اإلنفاق على زوجها‪ ،‬وال ترجع عليه إذا أيسر لقوله‬
‫تعاىل‪{ :‬وعلى الوارث مثل ذلك} [البقرة‪ ، ]233 :‬وهو قول أيب حممد بن حزم‪ .‬ورد أبن اآلية ساقها‬
‫يف نفقة املولود الصغري ولعله ال يرى التخصيص ابلسياق‪.‬‬
‫‪ )6‬أن املرأة إذا تزوجت عاملة إبعساره‪ ،‬أو كان موسرا مث أصابته جائحة‪ ،‬فإنه ال فسخ هلا وإال كان هلا الفسخ‬
‫وهو قول ابن القيم‪ ،‬فكأنه جعل علمها بعسرته ولكن حيث كان موسرا عند تزوجه مث أعسر للجائحة‬
‫ال يظهر وجه عدم ثبوت الفسخ هلا‪.‬‬
‫القول الراجح‪ :‬هو القول األول‪.‬‬
‫وقد اختلف القائلون ابلفسخ يف أتجيله ابلنفقة‪:‬‬
‫‪ )1‬فقال مالك‪ :‬يؤجل شهرا‪،‬‬
‫‪ )2‬قال الشافعي‪ :‬ثالثة أايم‪،‬‬
‫‪ )3‬قال محاد‪ :‬سنة‪،‬‬
‫‪ )4‬وقيل‪ :‬شهرا‪ ،‬أو شهرين‪.‬‬
‫ولكن ال دليل على التعيني‪ ،‬بل ما حيصل به التضرر الذي يعلم ومن قال إنه جيب عليه التطليق قال ترافعه‬
‫الزوجة إىل احلاكم لينفق أو يطلق‪ .‬وعلى القول أبنه فسخ ترافعه إىل احلاكم ليثبت اإلعسار مث تفسخ هي وقيل‪:‬‬
‫ترافعه إىل احلاكم ليجربه على الطالق‪ ،‬أو يفسخ عليه‪ ،‬أو أيذن هلا يف الفسخ‪ ،‬فإن فسخ‪ ،‬أو أذن يف الفسخ‪،‬‬
‫فهو فسخ ال طالق‪ ،‬وال رجعة له‪ ،‬وإن أيسر يف العدة‪ ،‬فإن طلق كان طالقا رجعيا له فيه الرجعة‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)18‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫إذا غاب الزوج ومل يرتك نفقة‬


‫سائِِه ْم‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ - 1063‬وعَن عُمر ‪ -‬ر ِ‬
‫ب َإَل أ َُم َراء ْاألَ ْجنَاد ِيف ِر َجال غَابُوا عَ ْن ن َ‬ ‫اَّللُ تَـ َع َاَل َعنْهُ ‪ -‬أَنههُ َكتَ َ‬
‫ض َي ه‬ ‫َ ْ ََ َ‬
‫شافِعِ ُّي ُثُه الْبـ ْيـ َه ِق ُّي ِبِِسنَ ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اد‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫سوا‪ .‬أَ ْخ َر َجهُ ال ه‬ ‫وه ْم ِِبَ ْن يُـ ْنف ُقوا أ َْو يُطَل ُقوا‪ ،‬فَإ ْن طَل ُقوا بَـ َعثُوا بنَـ َف َقة َما َحبَ ُ‬
‫أَ ْن ََيْ ُخ ُذ ُ‬
‫س ٍن‪.‬‬ ‫َح َ‬
‫فقه احلديث‬
‫فيه دليل على أن النفقة ال يسقط وجوهبا ابملطل وعلى أنه جيب أحد األمرين على األزواج إما اإلنفاق أو‬
‫الطالق‪.‬‬
‫‪‬‬
‫مراتب النفقة ومن أحق ابلتقدمي؟‬
‫ار؟‬ ‫ول هِ ِ ِ ِ‬ ‫صلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َم‪ .‬فَـ َق َ‬ ‫‪-1064‬عن أِب هريرة قال َجاءَ َر ُج ٌل إِ ََل النِ ِ‬
‫اَّلل ع ْندي دينَ ٌ‬ ‫ال‪َ :‬اي َر ُس َ‬ ‫هِب َ‬
‫ال‪ِ :‬ع ْن ِدي آ َخ ُر؟‬ ‫ال‪" :‬أَنِْف ْقهُ َعلَى ول ِ‬
‫َد َك" قَ َ‬ ‫َ‬ ‫اَّلل‪ِ ،‬ع ْن ِدي آ َخ ُر؟ قَ َ‬
‫ول هِ‬ ‫ال‪َ :‬اي َر ُس َ‬ ‫ك"‪ .‬قَ َ‬‫قَا َل‪" :‬أَنِْف ْقهُ َعلَى نَـ ْف ِس َ‬
‫ت‬ ‫ال‪ِ :‬ع ْن ِدي آ َخ ُر؟ قَ َ‬
‫ال‪" :‬أَنْ َ‬ ‫ك"‪ .‬قَ َ‬ ‫اد ِم َ‬
‫ال‪" :‬أَنِْف ْقهُ َعلَى َخ ِ‬‫ال‪ِ :‬ع ْن ِدي آ َخ ُر؟ قَ َ‬ ‫ال‪" :‬أَنِْف ْقهُ َعلَى أ َْهلِ َ‬
‫ك"‪ .‬قَ َ‬ ‫قَ َ‬
‫أَ ْعلَ ُم‪ ".‬أخرجه الشافعي واللفظ له‪ ،‬وأبو داود والنسائي واحلاكم بتقدمي الزوجة على الولد‪.‬‬
‫معاين املفردات‬
‫السائل‪ :‬أراد بسؤاله الصدقة ابلدَننري‪ ،‬فحمله ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬على ما هو أهم وأوىل‪ ،‬وهو اإلنفاق‪.‬‬
‫أنت أعلم‪ :‬أي حبال من يستحق الصدقة‪ ،‬فتحرى يف ذالك‪ ،‬واجتهد‪.‬‬
‫عندي دينار‪ :‬أي كيف أفعل به؟‬
‫أنفقه على نفسك‪ :‬أي تصدق به على نفسك واقض به حاجتك‪.‬‬
‫أنفقه على والدك‪ :‬أي ابذله يف حاجة والدك ووسع به عليه‪.‬‬
‫أنفقه على أهلك‪ :‬أي ابذله يف حاجة زوجتك ووسع به عليها‪.‬‬
‫أنفقه على خادمك‪ :‬أي ابذله يف حاجة ِملوكك أو من يقوم خبدمتك ووسع به عليه‪.‬‬

‫(‪)19‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫فقه احلديث‬
‫يف احلديث حث على إنفاق اإلنسان ما عنده‪ ،‬وأنه ال يدخر‪ ،‬ألنه قال له يف اآلخر بعد كفايته أي يف احلديث‬
‫الرتغيب يف اإلنفاق وعدم اإلدخار‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫اختلف العلماء النفقة بعد النفس‪ ،‬هل يبدأ بزوجته أو أوالده؟‬
‫األول‪ :‬أن النققة الزوجة مقدم على الولد وهذا قاله حيىي القطان‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬قدم سفيان الثوري الولد على الزوجة‪.‬‬
‫‪‬‬
‫أتكيد نفقة الوالدين‬
‫ول هِ‬
‫اَّلل‪َ ،‬م ْن‬ ‫ال‪« :‬قُـلْت‪َ :‬اي َر ُس َ‬‫اَّللُ َع ْنـ ُه ْم ‪ -‬قَ َ‬ ‫‪ -1065‬و َعن ََبْ ِز بْ ِن حكِ ٍيم َعن أَبِ ِيه َعن ج ِدهِ ‪ -‬ر ِ‬
‫ض َي ه‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ال‪ :‬أ ََابك‪ُ ،‬ثُه‬
‫ال‪ :‬أُهمك‪ .‬قُـلْت‪ُ :‬ثُه َم ْن؟ قَ َ‬ ‫ال‪ :‬أُهمك‪ .‬قُـلْت‪ُ :‬ثُه َم ْن؟ قَ َ‬ ‫ال‪ :‬أُهمك‪ .‬قُـلْت‪ُ :‬ثُه َم ْن؟ قَ َ‬ ‫أَبَـ ُّر؟ قَ َ‬
‫سنَهُ‪.‬‬ ‫الرتِم ِذ ُّ‬
‫ي َو َح ه‬ ‫ب» أَ ْخ َر َجهُ أَبُو َد ُاود َو ِ ْ‬
‫ب فَ ْاألَقـ َْر َ‬‫ْاألَقـ َْر َ‬
‫معاين الكلمات‬
‫الرب يف اللغة من الباء والراء املضاعف مبعىن الصدق يف احملبة والطاعة وعدم العقوق‪ .‬تقول‪ :‬بر الوالدين اي‬
‫طاعتهما مع احملبة هبما‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫كما سبق يف حديث طارق احملاريب أنه دليل على وجوب اإلنفاق على القريب‪ ،‬وخص بذكر األم مث األب‪.‬‬
‫فهذا احلديث جاء مؤكدا ابلإلنفاق على الوالدين مع تكرير ذكر األم ثالث مرات‪ ،‬وذلك دال على أنه بتقدمي‬
‫األم يف الذكر ابلرب يقتضي أحقيتها وأولويتها ابإلنفاق من األب‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)20‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ابب احلضانة‬
‫تعريف احلضانة‬

‫احلِ ْ‬
‫ض ُن بِ َك ْس ِر‬ ‫ضنَهُ َو ْ‬ ‫ضانَةً جعلَه ِيف ِح ْ ِ ِ‬ ‫ضن الصِيب ح ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ َكس ِر ْ ِ‬
‫احتَ َ‬
‫ضنه أ َْو َرابهُ فَ ْ‬ ‫ضنًا َوح َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ص َدر م ْن َح َ َ‬ ‫احلَاء الْ ُم ْه َملَة َم ْ‬ ‫ْ‬
‫ب الش ْي ِء‪ ،‬أ َْو ََن ِحيَتُهُ َك َما ِيف‬ ‫ِ‬ ‫اإلب ِط َإىل الْ َك ْش ِح والص ْد ِر‪ ،‬أَو الْع ُ ِ‬
‫ض َدان َوَما بَْي نَ ُه َما َو َجان ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ا ْحلَاء َو ُه َو َما ُدو َن ِْ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وس‪َ .‬وِيف الش ْرِع ِح ْف ُ‬
‫ظ َم ْن َال يَ ْستَق ُّل ِأب َْم ِرهِ َوتَ ْربِيَتُهُ َوِوقَايَتُهُ َعما يُ ْهل ُكهُ‪ ،‬أ َْو يَ ُ‬ ‫الْ َق ُام ِ‬
‫‪1‬‬
‫ضُّرهُ‪.‬‬
‫سقوط حضانة األم إذا تزوجت‬
‫ت بَط ِْين لَهُ ِو َعاءً‪َ ،‬وثَ ْديِي‬ ‫ول هِ‬
‫اَّلل إ هن ابِْين َه َذا َكانَ ْ‬ ‫َت‪َ :‬اي َر ُس َ‬ ‫‪َ -1066‬عن َعب ِد هِ‬
‫اَّلل بْ ِن َع ْم ٍرو أَ هن ْام َرأَةً قَال ْ‬ ‫ْ ْ‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه‬
‫صلهى ه‬ ‫ول هِ‬ ‫اد أَ ْن يَـ ْن ِز َعهُ ِم ِين‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫لَهُ ِس َقاءً‪َ ،‬و ِح ْج ِري لَهُ ِح َواءً‪َ ،‬وإِ هن أ ََابهُ طَله َق ِين َوأ ََر َ‬
‫اَّلل ‪َ -‬‬ ‫ال ََلَا َر ُس ُ‬
‫ِ ‪2‬‬
‫ص هح َحهُ ا ْحلَاك ُم‪.‬‬‫ََحَ ُد َوأَبُو َد ُاود َو َ‬ ‫َح ُّق بِ ِه‪َ ،‬ما َملْ تَـ ْن ِك ِحي» َرَواهُ أ ْ‬ ‫ِ‬
‫َو َسله َم ‪« :-‬أَنْت أ َ‬
‫‪3‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫ِو َعاء‪ :‬هو بكسر الواو ما حيفظ فيه الشئ من الظروف‪ .‬ومجعه أوعية واملراد أهنا محلته يف بطنها‪.‬‬
‫ِس َقاء‪ :‬هو بكسر السني إَنء يصنع من جلد الس ْخلَ ِة إذا أجذع يكون للماء واللنب‪.‬‬
‫ِحجري‪ :‬بفتح احلاء وكسرها‪ ،‬يسمى به الثوب‪ ،‬واحلضن‪ ،‬أما املصدر فبالفتح ال غري‪ ،‬واملراد هنا هو‪ :‬حضن‬
‫‪4‬‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫ِح َواء‪ :‬بكسر احلاء واملراد أن حجرها كان مكانه الذى حيويه ويضمه وجيمعه ويصونه وحيرزه‪.‬‬
‫أن ينزعه مىن‪ :‬أى أن أيخذه مىن ويبعده عين‪.‬‬
‫أنت أحق به ما مل تنكحى‪ :‬أى أنت أحق حبضانة ولدك هذا ما مل تتزوجى غري أبيه‪.‬‬

‫‪ 1‬سبل السالم (‪)561 /3‬‬


‫‪ 2‬احلديث حسن‪ .‬أخرجه أبو داود‪ ،‬والدارقطين‪ ،‬واحلاكم‪ ،‬وأمحد من طريق عمرو بن شعيب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ج ِّده‪ .‬قال احلاكم‪" :‬صحيح اإلسناد"‪ ،‬ووافقه الذهيب‪.‬‬
‫واحلديث حسن فقط‪ ،‬ومل يصل إىل درجة الصحة؛ للخالف املعروف يف عمرو بن شعيب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ .‬توضيح األحكام من بلوغ املرام (‪)58 /6‬‬
‫‪ 3‬فقه اإلسالم = شرح بلوغ املرام (‪)117 /8‬‬
‫‪ 4‬توضيح األحكام من بلوغ املرام (‪)59 /6‬‬

‫(‪)21‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫فقه احلديث‬
‫ات‬ ‫يث دلِيل علَى أَن ْاألُم أَح ُّق ِِحبضانَِة ولَ ِدها إ َذا أَراد ْاألَب انْتِزاعه ِمْن ها‪ ،‬وقَ ْد ذَ َكرت ه ِذ ِه الْمرأَةُ ِص َف ٍ‬ ‫ِْ‬
‫َ ْ َ َْ‬ ‫َ َ ُ َ َُ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫احلَد ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ضي استِح َقاقَها وأَولَ ِوي ت ها ِِحب ِ ِ‬ ‫اختَص ِ‬
‫ك َو َح َك َم‬‫صلى الَّلُ َعلَْي ِه َو َسل َم ‪َ -‬علَى َذل َ‬ ‫ضانَة َولَد َها‪َ ،‬وأَقَرَها ‪َ -‬‬ ‫ت هبَا تَ ْقتَ ِ ْ ْ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫ْ ْ‬
‫َح َك ِام ُم ْستَ ِقرة ِيف الْ ِفطَْرِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫َهلَا‪.‬فَفيه تَ ْنبِيه َعلَى الْ َم ْع َىن الْ ُم ْقتَضي للْ ُح ْك ِم‪َ ،‬وأَن الْعلَ َل َوالْ َم َع ِاينَ الْ ُم ْعتَََربةَ ِيف إثْبَات ْاأل ْ‬
‫يم ِة‪.‬‬‫ِ‬
‫السل َ‬
‫اش َها‬‫اس‪ِ " :‬رحيُ َها َوفَِر ُ‬ ‫ال ابْ ُن َعب ٍ‬ ‫ضى بِِه أَبُو بَ ْك ٍر ُمث عُ َم ُر‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫يث َال ِخ َال َ ِ‬
‫ف ف ِيه َوقَ َ‬ ‫احلَ ِد ُ‬ ‫ْم ال ِذي َدل َعلَْي ِه ْ‬ ‫احلُك ُ‬
‫َو ْ‬
‫يث َعلَى أَن ْاألُم إذَا‬ ‫احلَ ِد ُ‬‫َخَر َجهُ َعْب ُد الرز ِاق ِيف قِص ٍة‪َ .‬وَدل ْ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫َو َحُّرَها َخ ْري لَهُ منْك َحىت يَ ُشب َوََيْتَ َار لنَ ْفسه " َوأ ْ‬
‫اهريُ‪.‬‬ ‫اجلم ِ‬ ‫احلِ َ ِ ِ ِ‬ ‫ُّها ِم ْن ْ‬
‫ب َْ َ‬ ‫ضانَة َوإلَْيه َذ َه َ‬ ‫ط َحق َ‬‫ت َس َق َ‬ ‫نَ َك َح ْ‬
‫احلسن وابن حزٍم َإىل ع َدِم س ُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫َمجع علَى ه َذا ُك ُّل من أَح َف ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫وط‬ ‫َ ُ‬ ‫ب َْ َ ُ َ ْ ُ َ ْ‬ ‫ظ َعنْهُ م ْن أ َْه ِل الْعلْ ِم َوذَ َه َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫ال ابْ ُن الْ ُمنْذ ِر‪ :‬أ َْ َ َ َ‬ ‫قَ َ‬
‫ك َكا َن عِْن َد والِ َدتِِه وِهي ُمَزو َجة وَك َذا أ ُُّم َسلَمةَ تَ َزو َج ْ ِ‬ ‫اح واستَ َدل ِأبَن أَنَس بن مالِ ٍ‬ ‫احلِ َ ِ ِ‬
‫ضانَة ِابلنّ َك ِ َ ْ‬
‫يب ‪-‬‬ ‫ت ابلنِ ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫ْ‬
‫صلى الَّلُ َعلَْي ِه َو َسل َم ‪ِ -‬خلَالَتِ َها‬ ‫يب ‪َ -‬‬
‫صلى الَّل علَي ِه وسلم ‪ -‬وب ِقي ولَ ُدها ِيف َك َفالَتِها وَك َذا اب نَةُ محَْزةَ قَ ِ‬
‫ضى هبَا النِ ُّ‬ ‫َ َ ْ َ َ‬ ‫َ ُ َ ْ َ َ َ ََ َ َ َ‬
‫يث َع ْم ِرو بْ ِن‬ ‫يل‪ :‬إن َح ِد َ‬ ‫َ‬
‫يد؛ ِألَنه قَ ْد قِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ص ِحي َفة يُِ‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫يث ابْ ِن عُمر الْم ْذ ُكور فِ ِيه َم َقال‪ ،‬فَإِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ال وح ِ‬
‫د‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ة‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ز‬‫َ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ي‬ ‫وِ‬
‫ه‬
‫َ َ‬
‫ي‬‫ب قَبِلَهُ ْاألَئِمةُ َو َع ِملُوا بِِه‪ .‬الْبُ َخا ِر ُّ‬ ‫يث َع ْم ِرو بْ ِن ُش َعْي ٍ‬ ‫يب َعْنهُ ِأبَن َح ِد َ‬ ‫ِ‬
‫صحي َفة َوأُج َ‬
‫ب عن أَبِ ِيه عن ج ِّدهِ ِ‬
‫َْ َ َ‬ ‫ُش َعْي ٍ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫احلُ َمْي ِد ُّ‬ ‫ِِ‬
‫ت َإىل الْ َق ْد ِح فيه‪َ .‬وأَما َما اُ ْحتُج بِه‪ ،‬فَإِنهُ‬ ‫اق بْ ُن َر ْاه َويْه أ َْمثَا ُهلُْم‪ ،‬فَ َال يُلْتَ َف ُ‬‫ي َوإِ ْس َح ُ‬ ‫يين َو ْ‬
‫َمحَ ُد َوابْ ُن الْ َمد ِّ‬
‫َوأ ْ‬
‫اع ِيف أَن لِ ْألُِّم الْ ُمَزو َج ِة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ضانَةُ َوُمنَ َاز َعته‪َ .‬وأَما َم َع َع َدِم طَلَبِه‪ ،‬فَ َال نَز َ‬
‫ِ‬
‫ب َم ْن تَ ْن تَق ُل إلَْي ِه ا ْحلِ َ‬ ‫َال يَتِ ُّم َدلِ ًيال إال َم َع طَلَ ِ‬
‫ص الْم ْذ ُكورةِ أَنه حصل نِزاع ِيف ذَلِك‪ ،‬فَ َال دلِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يما ذَ َكَرهُ َعلَى َما اد َعاهُ‪.‬‬ ‫يل ف َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ص ِ َ َ ُ َ ََ َ‬ ‫وم بَِولَد َها َوَملْ يُ ْذ َك ْر ِيف الْق َ‬ ‫أَ ْن تَ ُق َ‬
‫قال ابن القيم يف "اهلدي"‪ :‬ويف هذا دليل على اعتبار املعاين‪ ،‬والعِلل يف األحكام‪ ،‬وإَنطتها هبا‪ ،‬وأن ذلك أمر‬
‫مستقر يف الفطرة السليمة"‪.‬‬
‫وقال الشوكاين‪" :‬يف احلديث دليل على أن األم أوىل ابلولد من األب‪ ،‬ما مل حيصل مانع من ذلك‪ ،‬كالنكاح‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫وحكا ابن املنذر اإلمجاع عليه"‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪ 5‬توضيح األحكام من بلوغ املرام (‪)59-60 /6‬‬

‫(‪)22‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ما جاء يف ختيري الولد بني أبويه‬


‫ول هِ‬
‫ب ِاببِْين‪َ ،‬وقَ ْد نَـ َف َع ِين‬ ‫اَّلل إ هن َزْو ِجي يُ ِري ُد أَ ْن يَذ َ‬
‫ْه َ‬ ‫َت‪َ :‬اي َر ُس َ‬ ‫«ام َرأَةً قَال ْ‬‫‪َ -1067‬وعَ ْن أَِِب ُه َريْـ َرةَ أَ هن ْ‬
‫اَّلل َعلَي ِه وسلهم ‪ :-‬اي غُ َالم‪َ ،‬ه َذا أَبوك‪ ،‬و َه ِذهِ‬
‫ُ َ‬ ‫صلهى هُ ْ َ َ َ َ ُ‬ ‫هِب ‪َ -‬‬ ‫ال النِ ُّ‬‫َو َس َق ِاين ِم ْن بِْئ ِر أَِِب ِعنَـبَةَ‪ ،‬فَ َجاءَ َزْو ُج َها‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫ي‪.‬‬ ‫الرتِم ِذ ُّ‬
‫ص هح َحهُ ِ ْ‬ ‫ت بِ ِه» َرَواهُ أ ْ‬
‫ََحَ ُد َو ْاأل َْربَـ َعةُ‪َ ،‬و َ‬ ‫أ ُُّمك‪ ،‬فَ ُخ ْذ بِيَ ِد أَيِ ِه َما ِش ْئت فَأَ َخ َذ بِيَ ِد أ ُِم ِه‪ ،‬فَانْطَلَ َق ْ‬
‫معاين الكلمات‬
‫اح َد ُة حب ِ‬
‫ات الْعِنَ ِ‬ ‫ني الْمهملَ ِة و ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‪.‬‬ ‫َ‬ ‫عنبة‪ :‬ب َك ْس ِر الْ َع ْ ُ ْ َ َ‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على أن الصيب بعد استغنائه بنفسه َيري بني األم واألب‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫واختلف العلماء يف ذلك‪:‬‬
‫وح ّد التخيري من السبع سنني [إسحاق بن راهويه]؛ عمال هبذا احلديث‪.‬‬
‫‪ )1‬أنه َيري الصيب َ‬
‫‪ )2‬عدم التخيري‪ ،‬األم أوىل به إىل أن يستغين بنفسه‪ ،‬فإذا استغىن بنفسه فاألب أوىل ابلذكر واألم أوىل‬
‫ابألنثى [اهلادوية واحلنفية]‪.‬‬
‫‪ )3‬عدم التخيري‪ ،‬األم أحق ابلولد ذكرا كان أو أنثى‪ ،‬قيل‪ :‬حىت يبلغ [مالك]‪.‬‬
‫دليل القول الثاين والثالث‪:‬‬
‫واستدل نفاة التخيري بعموم حديث «أنت أحق به ما مل تنكحي» قالوا‪ :‬ولو كان االختيار إىل الصغري ما كانت‬
‫أحق به‪.‬‬
‫(وأجيب) أبنه إن كان عاما يف األزمنة أو مطلقا فيها فحديث التخيري َيصصه‪ ،‬أو يقيده‪ ،‬وهذا مجع بني‬
‫الدليلني‪.‬‬
‫املسألة‪ :‬إن مل خيرت الصِب فمن األحق به؟ وفيها قوالن‪:‬‬
‫‪ )1‬يكون لألم بال قرعة؛ ألن احلضانة حق هلا‪ ،‬وإمنا ينقل عنها ابختياره‪ ،‬فإذا مل َيري بقي على األصل‪.‬‬

‫(‪)23‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫‪ )2‬وقيل‪ :‬وهو األقوى دليال إنه يقرع بينهما إذ قد جاء يف القرعة حديث أيب هريرة بلفظ‪ :‬فقال النيب ‪-‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪« :-‬استهما‪ ،‬فقال الرجل من حيول بيين وبني ولدي‪ ،‬فقال ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪ -‬اخرت أيهما شئت فاختار أمه فذهبت به»‪ .‬أخرجه البيهقي‪.‬‬
‫ابن القيم يف اهلدي النبوي‪:‬‬
‫إن التخيري والقرعة ال يكوَنن إال إذا حصلت به مصلحة الولد‪ ،‬فلو كانت األم أصون من األب وأغري منه‬
‫قدمت عليه‪ ،‬وال التفات إىل قرعة‪ ،‬وال اختيار الصيب يف هذه احلالة ‪ .....‬فإذا كانت األم ترتكه يف املكتب أو‬
‫تعلمه القرآن والصيب يؤثر اللعب ومعاشرة أقرانه وأبوه ميكنه من ذلك‪ ،‬فإهنا أحق به‪ ،‬وال ختيري‪ ،‬وال قرعة وكذلك‬
‫العكس‪.‬ا‪.‬ه ‪.‬‬
‫‪‬‬
‫حكم حضانة األبوين إذا كان أحدمها كافراً‬
‫‪ -1068‬وعن «رافع بن سنان ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أنه أسلم‪ ،‬وأبت امرأته أن تسلم فأقعد النِب ‪ -‬صلى‬
‫هللا عليه وسلم ‪ -‬األم انحية واألب انحية‪ ،‬وأق عد الصِب بينهما فمال إَل أمه‪ ،‬فقال‪ :‬اللهم اهده فمال‬
‫إَل أبيه فأخذه» ‪ .‬أخرجه أبو داود والنسائي وصححه احلاكم‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫أقعد‪ :‬أجلسه‪ ،‬وجعله يقعُد‬
‫الناحية‪ :‬اجلانب أو اجلهة‬
‫بعد‬
‫الصيب‪ :‬الصغري دون الغالم أو من مل يُفطم ُ‬
‫فقه احلديث‬
‫‪ -‬احلديث ليس فيه ختيري الصيب إذ الظاهر أنه مل يبلغ سن االختيار‪ ،‬فإنه إمنا أقعده ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪ -‬بينهما ودعا أن يهديه هللا فاختار أابه ألجل الدعوة النبوية فليس من أدلة التخيري‪.‬‬
‫‪ -‬يف احلديث دليل على ثبوت حق احلضانة لألم الكافرة وإن كان الولد مسلما‪ ،‬إذ لو مل يكن هلا حق مل‬
‫يقعده النيب ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬بينهما‪.‬‬

‫(‪)24‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫األقوال يف مسألة‬
‫هل يثبت حق احلضانة لألم الكافرة إن كان الولد مسلما ؟ فيها قوالن‪:‬‬
‫‪ )1‬مذهب أهل الرأي والثوري ‪ :‬أ ّن لألم الكافرة حق احلضانة وإن كان الولد مسلما‪.‬‬
‫الدليل على ذلك ‪ :‬عن «رافع بن سنان ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أنه أسلم‪ ،‬وأبت امرأته أن تسلم فأقعد النيب‬
‫‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬األم َنحية واألب َنحية‪ ،‬وأقعد الصيب بينهما فمال إىل أمه‪ ،‬فقال‪ :‬اللهم‬
‫اهده فمال إىل أبيه فأخذه» ‪ .‬أخرجه أبو داود والنسائي وصححه احلاكم‪ ،‬و لو مل يكن هلا حق مل يقعده‬
‫النيب ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬بينهما‪.‬‬
‫‪ )2‬مذهب اجلمهور ‪ :‬أنه ال حق هلا مع كفرها‪ .‬دليلهم‪:‬‬
‫الدليل األول‪ :‬ألن هللا تعاىل قطع املواالة بني الكافرين واملسلمني وجعل املؤمنني بعضهم أوىل ببعض‪،‬‬
‫وقال‪{ :‬ولن جيعل هللا للكافرين على املؤمنني سبيال} [النساء‪ ]141 :‬واحلضانة والية ال بد فيها من‬
‫مراعاة مصلحة املوىل عليه‪.‬‬
‫الدليل الثاين‪ :‬ألن احلاضن يكون حريصا على تربية الطفل على دينه‬
‫الرتجيح‪ :‬الراجح عند اجلمهور‪ ،‬لعدم انتهاض حديث الرافع فال يعمل به يف األحكام‪ ،‬و إن قُ ّدر أنه صحيح‬
‫فهو منسوخ ابآلية ‪{ :‬ولن جيعل هللا للكافرين على املؤمنني سبيال} [النساء‪ ]141 :‬واملنسوخ ال يُعمل به‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ما جاء أن اخلالة مبنزلة األم يف احلضانة‬
‫‪ -1069‬وعن الَباء بن عازب «أن النِب ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قضى يف ابنة َحزة خلالتها‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫اخلالة مبنزلة األم»‪ .‬أخرجه البخاري‪ .‬وأخرجه أَحد من حديث علي ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ ،-‬فقال‪« :‬واجلارية‬
‫عند خالتها‪ ،‬وأن اخلالة والدة» ‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫دل احلديث على أن احلضانة تثبت للخالة‪ ،‬وأهنا كاألم؛ وهذا يقتضي أن اخلالة أوىل من األب ومن أم األم‪،‬‬
‫ولكن خص ذلك اإلمجاع‪.‬‬

‫(‪)25‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫وأيضا ظاهر احلديث يدل على أن حضانة اخلالة املزوجة أوىل من الرجال؛ ألنه ملا حصل االختصام بني علي‬
‫وجعفر وزيد بن حارثة فالنيب ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قضى هبا جلعفر كما وردت يف الرواية‪ .‬ومل يقض ‪-‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬هبا جلعفر إال ألن خالتها حتت يد جعفر‪ ،‬أي زوجته‪ .‬وقال‪ " :‬اخلالة مبنزلة األم " إابنة‬
‫أبن القضاء للخالة فمعىن قوله قضى هبا جلعفر قضى هبا لزوجة جعفر‪ ،‬وإمنا أوقع القضاء عليه؛ ألنه املطالب‪.‬‬
‫مث إن استشكل أبن اخلالة مزوجة‪ ،‬وال حق هلا يف احلضانة حلديث «أنت أحق به ما مل تنكحي»‪ .‬واجلواب عنه‬
‫أن احلق يف املزوجة للزوج‪ ،‬وإمنا تسقط حضانتها؛ ألهنا تشتغل ابلقيام حبقه وخدمته‪ ،‬فإذا رضي الزوج أبهنا‬
‫حتضن من هلا حق يف حضانته وأحب بقاء الطفل يف حجره مل يسقط حق املرأة من احلضانة‪ ،‬وهذه القصة‬
‫دليل احلكم‪ ،‬وهذا مذهب احلسن واإلمام حيىي وابن حزم وابن جرير‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ِ‬
‫اإلحسان إَل اخلادم‬ ‫فضل‬
‫ـادمه بِطَ ِ‬
‫عام ِه‪،‬‬ ‫أح َد ُكم خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ُ ُ‬
‫ول هللا‪ :‬إذا أتى َ‬
‫ريرة رض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي هللا َعنه قَال‪ :‬قَال َر ُس ُ‬
‫‪َ –1070‬و َعن أبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ُه َ‬
‫ني ‪ .‬متفق عليه‪ ،‬واللفظ للبخاري‪.‬‬ ‫ُقمتَ ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫سهُ معه فَليناولْهُ لُ ْق َمةً أو ل َ‬ ‫فإ ْن ملْ ُجيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ُ‬
‫معاين الكلمات‬
‫لُقمة‪ :‬ما يُل َق ُم ِمن الطعام يف ال َف ِم َمرةً‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫حرا وهي أنثى واملخدوم ذكر‬
‫‪ -‬اخلادم يُطلق على الذكر واألنثى وقد يكون ِملوكا أو ُحرا‪ ،‬وإذا كان اخلادم ًّ‬
‫فال بد أن يكون ْحمرماً‪ .‬وهذا األمر يدل على اإلجياب‪.‬‬
‫‪ -‬واحلديث فيه األمر أبن يُطعِمه ِما يطعم وليس املراد به مؤاكلتَه وال أن يُ ْش َبعه ِمن ع ِ‬
‫ني ما أيكل‪ ،‬بل يُشرُكه‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فيه أبدىن شي ٍئ من ٍ‬
‫لقمة أو لقمتني‪.‬‬
‫‪ -‬قال ابن املنذر ‪ :‬إن الواجب إطعام اخلادم ِمن غالب القوت الذي أيكل منه مثلُهُ يف تلك البلدة‪ ،‬وكذلك‬
‫اإلدام والكسوة‪.‬‬
‫وعالجه" يدل أن ذلك يتعلق ابخلادم‪ ،‬له عناية يف حتصيل الطعام‪.‬‬
‫َ‬ ‫ل حره‬
‫‪ -‬ومتام احلديث ‪ " :‬فإنه َو َ‬
‫‪ -‬ويندرج يف ذلك احلك ِم‪ ،‬احلامل للطعام لوجود املعىن فيه‪ ،‬وهو تعلُّق ِ‬
‫نفسه به‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫(‪)26‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫‪‬‬
‫النهي عن تعذيب احليوان‬
‫‪ - 1071‬و عن ابن عمر عن النِب صلى هللا عليه وسلم قال ‪(( :‬عذبت امرأة يف هرة سجنتها حىت‬
‫ماتت فدخلت فيها النار‪ ،‬ال هي أطعمتها وسقتها إذ هي حبستها‪ ،‬وال هي تركتها أتكل من خشاش‬
‫األرض))‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫هرة أو قطّة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫السنور و اهلر ال ّذكر‪ ،‬و قوله يف ٍ‬
‫هرة أي بسبب ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اهلرة‪ :‬أنثى ّ‬
‫ّ‬
‫السجن‪ :‬احملبِس‪ ،‬واجلمع ‪ :‬سجون‪.‬‬
‫خشاش األرض‪ :‬هوام األرض وحشراهتا من فأرة وحنوها‪.‬‬
‫سبب الورود‬
‫مل أجد سبب ورود هذا احلديث‪ ،‬قال احلافظ ابن حجر‪ :‬مل أقف على امسها‪ .‬يف رواية ّأهنا محرييّة‪ ،‬و يف رواية‬
‫من بين إسرائيل‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫حمرم‪.‬‬
‫اهلرة؛ ألنه ال عذاب إال على فعل ّ‬
‫‪ -‬دليل على حترمي قتل ّ‬
‫‪ -‬أصل يف حترمي تعذيب احليوان و حبسه بدون طعام و شراب؛ أل ّن هذا من الظلم والتعدي‪.‬‬
‫اهلرة وحبسها بشرط إطعامها وسقيها؛ أل ّن الرسول صلى هللا عليه وسلّم مل يرتب الذم إال على‬
‫‪ -‬جواز اقتناء ّ‬
‫ترك إطعامها وسقيها‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬دليل على وجوب نفقة احليوان على مالكه‪ ،‬كذا قال النووي‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫‪ )1‬النووي‪ّ :‬إهنا كانت مسلمة‪ ،‬و إّمنا تدخل النار هبذه املعصية‪.7‬‬

‫‪ 6‬منحة العالم (‪)2019/8‬‬


‫‪ 7‬شرح النووي (‪)240/14‬‬

‫(‪)27‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫‪ )2‬أبو نعيم‪ّ :‬إهنا كانت كافرة فعُ ّذبت بسبب كفرها‪ ،‬وزيدت عذااب بسبب ذلك‪ 8‬وكذا البيهقي يف "البعث‬
‫و النشور"‪.‬‬
‫عدوها دون هذه احلالة‪.‬‬
‫اهلرة جيوز قتلها حال ّ‬
‫‪ )3‬الدمريي ‪ :‬األصح أ ّن ّ‬
‫وجوز القاضي قتلها يف حال سكوهنا‪ ،‬إحلاقا هلا ابخلمس الفواسق‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪)4‬‬
‫حمرم و كذلك تعذيبها وحبسها بدون طعام و شراب؛ أل ّن هذا‬ ‫والراجح ‪ -‬وهللا أعلم – على أ ّن قتل ّ‬
‫اهلرة ّ‬
‫يدل على أ ّن‬
‫من الظلم‪ .‬واملوجب من العقوبة املذكورة فيه جمموع األمرين من احلبس و املنع عن األكل‪ ،‬و هذا ّ‬
‫يستحق فاعله النار‪.‬‬
‫ّ‬ ‫هذا الفعل ذنب عظيم‬
‫‪‬‬

‫‪ 8‬ذكر أخبار أصبهان (‪)184/2‬‬

‫(‪)28‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫كتاب اجلناايت‬
‫حرمة دم املسلم‬
‫‪ -1072‬عن ابن مسعود ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ (( : -‬ال حيل‬
‫دم امرئ مسلم يشهد أن ال إله إال هللا وأين رسول هللا إال ِبحدى ثالث ‪ :‬الثيب الزاين والنفس ابلنفس‬
‫والتارك لدينه املفارق للجماعة ))‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫حيل قتل مسلم إال ِبحدى‬
‫‪ -1073‬وعن عائشة عن رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬قال ‪(( :‬ال ُّ‬
‫فريجم ورجل يقتل مسلماً ِ‬
‫متعم ًدا فيقتل ورجل خيرج من اإلسالم فيحارب هللا‬ ‫ثالث خصال ‪ :‬زان حمصن ُ‬
‫ورسوله فيُقتل أو يصلب أو ينفى من األرض)) رواه أبو داود والنسائي وصححه احلاكم‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫الثيب الزاين‪ :‬أي الزاين احملصن‪.‬‬
‫النفس ابلنفس‪ :‬القصاص بشروطه‪.‬‬
‫التارك لدينه‪ :‬هو املرتد عن اإلسالم ويعم كل مرتد عن اإلسالم أبي ردة كان‪.‬‬
‫املفارق للجماعة‪ :‬أي يتناول كل خارج عن اجلماعة ببدعة أو بغي أو غريُها كاخلوارج إذا قاتلوا أو أفسدوا‪.‬‬
‫النفي‪ :‬احلبس عند أيب حنيفة‪ ،‬وعند الشافعي النفي من بلد إىل بلد ال يزال يُطلب وهو هارب فزِع‪ ،‬وقيل ينفى‬
‫من بلده فقط‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث رقم ‪ 1072‬دليل على أنه ال يباح دم املسلم إال إبتيانه إبحدى الثالث‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫احلديث رقم ‪ 1072‬و‪ 1073‬دليل على أنه ال يقتل الكافر األصلي لطلب إميانه بل لدفع شره ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وقد يقال ‪ :‬إن الكافر األصلي داخل حتت ((والتارك لدينه املفارق للجماعة))؛ ألنه ترك فطرته اليت فطر‬ ‫‪-‬‬
‫هللا عليها كما عرف يف حمله‪.‬‬

‫(‪)29‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫قوله‪ (( :‬فيحارب هللا ورسوله )) بعد قوله ‪َ (( :‬يرج من اإلسالم )) بيان حلكم خاص خلارج عن‬ ‫‪-‬‬
‫اإلسالم خاص وهو احملارب وله حكم خاص هو ما ذكر من القتل أو الصلب أو النفي‪ ،‬فهو أخص من‬
‫الذي أفاده احلديث رقم ‪.1072‬‬
‫كافرا‪.‬‬
‫مسلما كان أو ً‬
‫ظاهر احلديث رقم ‪ 1073‬واآلية‪ :‬أن اإلمام ُخم ّري بني هذه العقوابت يف كل حمارب ً‬ ‫‪-‬‬
‫‪‬‬
‫تعظيم شأن الدماء‬
‫‪ -1074‬عن عبد هللا بن مسعود قال ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪" :‬أول ما يقضى بني الناس‬
‫يوم القيامة يف الدماء" متفق عليه‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫يقضي‪ :‬حيكم‬
‫يف الدماء‪ :‬يف مسألة سفك الدماء‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫هذا احلديث دليل على عظم شأن الدماء‪ ،‬فإنه ال يقدم يف القضاء إال األهم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ظاهر احلديث أن أول ما يقضى بني الناس يوم القيامة يف مسألة الدم ويعارضه حديث "أول ما حياسب‬ ‫‪-‬‬
‫العبد عليه صالته" أخرجه أصحاب السنن من حديث أيب هريرة ‪-‬رضي هللا عنه‪ ،-‬وجياب عن ذلك‬
‫أبن حديث الدماء ِما يتعلق حبقوق املخلوق وحديث الصالة فيما يتعلق بعبادة اخلالق وأبن ذلك يف‬
‫أولية القضاء واآلخر يف احلساب فال تعارض‪.‬‬
‫يدل على ما ذكر احلديث الذي أخرجه النسائي عن ابن مسعود ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬بلفظ ‪" :‬أول ما‬ ‫‪-‬‬
‫حياسب عليه العبد صالته وأول ما يقضى بني الناس يف الدماء" ويؤيده احلديث الذي أخرجه البخاري‬
‫من حديث علي ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬وغريه ‪" :‬أنه ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬أول من جيثو بني يدي الرمحن للخصومة‬
‫يوم القيامة يف قتلى بدر"‬
‫وبني االختصام حديث أيب هريرة ‪-‬رضي هللا عنه‪" : -‬أول ما يقضى بني الناس يف الدماء وأييت كل قتيل‬ ‫‪-‬‬
‫قد محل رأسه يقول‪ :‬اي رب سل هذا فيم قتلين‪ "..‬ويف حديث ابن عباس ‪-‬رضي هللا عنهما‪ -‬يرفعه ‪:‬‬

‫(‪)30‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫"أييت املقتول معلقا رأسه بغحدى يديه ملببا قاتله بيده األخرى تشحط أوداجه دما حىت يقفا بني يدي‬
‫هللا تعاىل" أخرجه الرتمذي والنسائي‪.‬‬
‫‪‬‬
‫حكم قتل احلر ابلعبد‬
‫‪ -1075‬وعن مسرة قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬من قتل عبده قتلناه‪ ،‬ومن وجد عبده‬
‫جدعناه))‪ .‬رواه أَحد واألربعة‪ ،‬وحسنه الرتمذي‪ ،‬وهو من رواية احلسن عن مسرة‪،‬وقد اختلف يف مساعه‬
‫منه‪.‬‬
‫ويف رواية أِب داود والنسائي بزايدة‪((:‬ومن خصى عبده خصيناه)) وصحح احلاكم هذه الزايدة‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على أنه يقاد السيد بعبده يف النفس واألطراف‪ ،‬إذ اجلدع قطع األنف أو األذن أو اليد أو‬
‫الشفه‪،‬كما يف "القاموس"‪ ،‬ويقاس عليه إذا كان القاتل غري السيد بطريق األوىل‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫‪ )1‬ذهب النخعي وغريه‪ :‬إىل أنه يقتل احلر ابلعبد حلديث مسرة هذا‪ ،‬وأيده عموم قوله تعاىل‪(( :‬النفس‬
‫ابلنفس)) املائدة‪.45 :‬‬
‫‪ )2‬ذهب أبو حنيفة‪ :‬إىل أنه يقتل به؛ لعموم اآلية‪ ،‬إال إذا كان سيده‪ ،‬وكأنه َيص السيد حبديث‪ .‬ال يقاد‬
‫ِملوك من مالكه‪ ،‬وال ولد من والده‪ .‬أخرجه البخاري‪ .‬إال أنه من رواية عمر بن عيسى يذكر عن البخاري‬
‫أنه منكر احلديث‪.‬‬
‫‪ )3‬وذهبت اهلادوية والشافعية ومالك وأمحد‪ :‬إىل أنه ال يقاد احلر ابلعبد مطلقا مستدلني مبا يفيدونه قوله‬
‫تعاىل‪(( :‬احلر ابحلر)) البقرة‪ .178 :‬فإن تعريف املبتدأ يفيد احلصر‪ ،‬وأنه ال يقتل احلر بغري احلر وألنه‬
‫تعلى قال يف صدر اآلية‪(( :‬كتب عليكم القصاص))‪ ،‬وهو املساواة‪ ،‬وقوله‪(( :‬احلر ابحلر)) تفسري‬
‫وتفصيل هلا‪.‬‬
‫وأما قتل العبد ابحلر فإمجاع‪ ،‬وإذا تقرر أن احلر ال يقتل ابلعبد فيلزم من قتله قيمته على خالف فيها معروف‪،‬‬
‫ولو بلغت ما بلغت‪ ،‬وإن جاوزت دية احلر‪.‬‬

‫(‪)31‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫أما إذا قتل السيد عبده ففيه حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‪ :‬أن رجال قتل عبدا له متعمدا فجلده‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم مائة جلدة‪ ،‬ونفاه سنة و حما سهمه من املسلمني‪،‬ومل يقده به و أمره أن يعتق رقبة‬
‫‪‬‬
‫حكم قتل الوالد ابلولد‬
‫‪ -1076‬عن عمر بن اخلطاب رضي هللا عنه قال‪ :‬مسعت رسول هللا ﷺ يقول‪(( :‬ال يقاد الوالد ابلولد))‬
‫رواه أَحد‪ ،‬والرتمذي‪ ،‬وابن ماجه‪ ،‬وصححه ابن اجلارود والبيهقي‪ ،‬وقال الرتمذي‪ :‬إنه مضطرب‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫يقاد‪ :‬من ال َق َود‪ ،‬وهو األخذ للقتل‪ ،‬واملراد يقتل‪.‬‬
‫سبب الورود‬
‫عن عبد هللا بن عمرو قال‪ :‬حنلت لرجل من بين مدجل جارية‪ ،‬فأصاب منها ابنا‪ ،‬فكان يستخدمها‪ ،‬فلما شب‬
‫الغالم دعاها يوما‪ ،‬فقال‪" :‬اصنعي كذا وكذا‪ ،‬فقال الغالم‪" :‬ال‪ ،‬إل مىت تستأمي أمي‪ ،‬قال‪ :‬فغضب‪ ،‬فحذفه‬
‫بسيفه‪ ،‬فأصاب رجله فمات الغالم‪ ،‬فانطلق يف رهط من قومه إىل عمر رضي هللا عنه‪ .‬فقال عمر‪" :‬اي عدو‬
‫نفسه‪ ،‬أنت الذي قتلت ابنك‪ ،‬لوال أين مسعت رسول هللا ﷺ يقول‪(( :‬ال يقاد األب من ابنه)) لقتلتك‪ ،‬هلم‬
‫ديته‪............‬‬
‫درجة احلديث‬
‫ويف إسناده احلجاج بن أرطأة‪ ،‬ووجه اضطرابه‪ :‬أنه اختلف فيه على عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‪ :‬فقيل‪:‬‬
‫عن عمر‪ ،‬وهي رواية الكتاب‪ .‬وقيل‪ :‬عن سراقة‪.‬‬
‫قال الرتمذي‪" :‬و روي عن عمرو بن شعيب مرسال‪ ،‬وهذا حديث فيه اضطراب‪ ،‬والعمل عليه عند أهل العلم‪".‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على أنه ال يقتل الوالد بولده‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬

‫(‪)32‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫‪ )1‬اجلمهور على أنه ال يقتل الوالد ابلولد وإىل هذا ذهب اجلماهري من الصحابة وغريهم كاهلادوية واحلنفية‬
‫والشافعية وأمحد وإسحاق مطلقا‪ ،‬قالوا‪ :‬ألن األب سبب لوجود الولد فال يكون الولد سببا إلعدامه‪.‬‬
‫‪ )2‬ذهب البيت إىل أنه ال يقاد الوالد ابلولد والدليل‪(( :‬النفس ابلنفس))‪.‬‬
‫‪ )3‬وذهب مالك إىل أنه يقاد الوالد ابلولد إذا أضجعه وذحبه ألن ذلك عمد حقيقة ال حيتمل غريه‪ ،‬وإمنا‬
‫فرق بني األب وغريه ملا لألب من الشفقة على ولده وغلبة قصد التأديب فيحمل على عدم قصد‬
‫العمد‪.‬‬
‫وعلى األب الدية ومل يعطى منها شيئا وال يرث من الدية إمجاعا وهذا عند اجلمهور واجلد واألم كاألب يف‬
‫سقوط القود‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ما جاء يف قتل املسلم ابلكافر وأن املؤمنني تتكافأ دماؤهم‬
‫‪ -1077‬وعن أِب جحيفة قال‪ :‬قلت لعلي‪ :‬هل عندكم شيءٌ من الوحي غري القرآن؟ قال‪" :‬ال‪ ،‬والذي‬
‫فلق احلبة وبرأ النسمة‪ ،‬إال فهم يعطيه هللا تعاَل رجالً يف القرآن وما يف هذه الصحيفة‪ ،‬قلت‪ :‬وما يف هذه‬
‫مسلم بكاف ٍر" رواه البخاري‪.‬‬
‫الصحيفة؟ قال‪ :‬العقل‪ ،‬وفكاك األسري‪ ،‬وال يقتل ٌ‬
‫وأخرجه أَحد وأبو داود والنسائي من ٍ‬
‫وجه آخر عن عل ٍي رضوان هللا عليه وقال فيه‪" :‬املؤمنون تتكافأ‬
‫دماؤهم‪ ،‬ويسعى بذمتهم أدانهم‪ ،‬وهم ي ٌد على من سواهم‪ ،‬وال يقتل مؤمن بكاف ٍر وال ذو ٍ‬
‫عهد يف عهده"‬ ‫ٌ‬
‫وصححه احلاكم‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫فلق احلبة‪ :‬الفلق هو الشق واحلب مايكون يف السنبل‪.‬‬
‫برأ النسمة‪ :‬النسمة هي اخللق وهي كل كائن حي فيه روح‪.‬‬
‫الفهم‪ :‬جودة استعداد الذهن لالستنباط وحسن تصور املعىن‪ ،‬ومجعه‪ :‬أفهام وفهوم‪.‬‬
‫الصحيفة‪ :‬الورقة املكتوبة‪.‬‬
‫العقل‪ :‬هي الدية‪.‬‬

‫(‪)33‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫فكاك األسري‪ :‬إطالقه وختليصه من يد العدو‪.‬‬


‫تتكافأ دماؤهم‪ :‬تساوي دمائهم‪.‬‬
‫أدَنهم‪ :‬أقلهم قيمة يف جمتمعهم‪.‬‬
‫هم يد على من سواهم‪ :‬هم جمتمعون على أعدائهم وال يتفرقون بل يعني بعضهم بعضا‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على أنه ال يقتل مسلم بكافر فإن الكافر غري مكافئ للمسلم‪ .‬أما الكافر فيقتل ابملسلم‬ ‫‪-‬‬
‫إبمجاع العلماء ملا يف الصحيح ‪ " :‬أن النيب صلى هللا عليه وسلم قتل يهوداي رضخ رأس جارية من األنصار‬
‫" وألن املسلم أعلى رتبة إبسالمه من الكافر‪.‬‬
‫احلديث دليل على حترمي قتل املعاهد مادام متمسكا بعهده مع املسلمني ‪ ،‬ملا جاء يف صحيح البخاري‬ ‫‪-‬‬
‫من حديث ابن عمر ‪ :‬أن النيب صلى هللا عليه وسلم قال‪ " :‬من قتل معاهدا مل يرح رائحة اجلنة‪".‬‬
‫ا حلديث دليل على أن دماء املؤمنني واملسلمني تتساوي يف الدية والقصاص فليس أحد أفضل من أحد‬ ‫‪-‬‬
‫وال يف األنساب وال يف األعراق‪.‬‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم بعث إىل الناس مجيعا وأمر بتبليغهم شرع هللا وأحكامه ومل ختص رسالته أحدا‬ ‫‪-‬‬
‫دون أحد‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫اختلفوا يف حكم قتل املسلم ابلكافر ‪:‬‬
‫‪ )1‬القول األول‪ :‬أنه ال يقتل مسلم بكافر قودا‪ ،‬فإن الكافر غري مكافئ للمسلم وهذا ما ذهب إليه اجلمهور‪.‬‬
‫واستدل اجلمهور حبديث الباب وحبديث علي ‪-‬رضي هللا عنه‪" :-‬املؤمنون تتكافأ دماؤهم"‪.‬‬
‫‪ )2‬القول الثاين‪ :‬أنه يقتل املسلم ابلذمي إذا قتله بغري استحقاق‪ ،‬ألن النصوص جاءت بعقوبة القصاص‬
‫عامة وهذا ما ذهب إليه أبو حنيفة‪ .‬وهذه هي أدلتهم‪:‬‬
‫اص ِيف الْ َقْت لَى) [البقرة ‪.]178 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ُ‬ ‫ب َعلَْي ُك ُم الْق َ‬ ‫‪ -‬قوله تعاىل‪ُ ( :‬كت َ‬
‫‪ -‬قوله تعاىل‪َ ( :‬وَكتَ ْب نَا َعلَْي ِه ْم فِ َيها أَن الن ْفس ِابلن ْف ِ‬
‫س ) [املائدة ‪.]45 :‬‬ ‫َ‬

‫(‪)34‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫وما فَ َق ْد َج َعلْنَا لَِولِيِّ ِه ُسلْطَ ً‬


‫اَن ) [اإلسراء ‪.]33 :‬‬ ‫ِ‬
‫‪ -‬قوله تعاىل‪َ ( :‬وَمن قُت َل َمظْلُ ً‬
‫‪ -‬ملا أخرجه البيهقي من ‪" :‬أنه صلى هللا عليه وسلم قتل مسلما مبعاهد‪ ،‬وقال ‪ :‬أَن أكرم من وىف‬
‫بذمته ‪".‬‬
‫الرتجيح‪ :‬أن قول اجلمهور أقرب للصواب ألسباب اتلية‪:‬‬
‫‪ -‬وذلك لصحة ما استدلوا به وسالمته من املعارض‪.‬‬
‫‪ -‬ما ذكر احلنفية من أدلة قرآنية خمصوصة حبديث الباب وهو ‪ " :‬ال يقتل مسلم بكافر‪" .‬‬
‫‪ -‬واحلديث الذي استدل به احلنفية وهو حديث مرسل من حديث عبد الرمحن البيلماين‪ .‬وقال الدار قطين‬
‫‪ " :‬ابن البيلماين ضعيف ال تقوم به حجة "‪ .‬وذكر الشافعي يف " األم " ‪ :‬أن حديث ابن البيلماين‬
‫كان يف قصة املستأمن الذي قتله عمرو بن أمية الضمري‪ ،‬فعلى هذا لو ثبت لكان منسوخا حبديث ‪:‬‬
‫" ال يقتل مسلم بكافر " خطب به النيب صلى هللا عليه وسلم يوم الفتح كما يف رواية عمرو بن شعيب‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ما جاء يف القصاص ابملثقل‪ ،‬وقتل الرجل ابملرأة‬
‫صنَع بِ ِ‬ ‫ك أَ هن َجا ِريَةً ُو ِج َد َرأْ ُس َها قَ ْد ُر ه‬‫س بْ ِن مالِ ٍ‬
‫ك َه َذا؟‬ ‫ُوها‪َ :‬م ْن َ َ‬
‫سأَل َ‬ ‫ني َح َج َريْ ِن‪ ،‬فَ َ‬ ‫ض بََْ‬ ‫‪َ -1078‬ع ْن أَنَ ِ َ‬
‫ول هِ‬
‫اَّلل صلى هللا عليه‬ ‫ي‪ .‬فَأَقَـ هر‪ .‬فَأ ََم َر َر ُس ُ‬ ‫ت بِرأْ ِس َها‪ .‬فَأ ُِخ َذ الْيـ ُه ِ‬
‫ود ُّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫فُالَ ٌن‪ ،‬فُالَ ٌن؟ َح هىت ذَ َك ُروا يَـ ُهود ااي‪ ،‬فَأ َْوَم ْ َ‬
‫ني َح َج َريْ ِن ‪ .‬متفق عليه واللفظ ملسلم‪.‬‬
‫ض َرأْ ُسهُ بََْ‬
‫وسلم أَ ْن يُـ َر ه‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على أنه جيب القصاص ابملثقل كاحملدد‪ ،‬وأنه يقتل الرجل ابملرأة‪ ،‬وأنه يقتل مبا قتل به‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫املسألة األوَل‪ :‬القصاص ابملثقل كاحملدد‪ :‬فيها قوالن‪:‬‬
‫‪ )1‬القول األول‪ :‬وجوب القصاص ابملثقل‪ ،‬وهو قول اهلادوية والشافعية ومالك وحممد بن احلسن‪.‬‬
‫‪ )2‬القول الثاين‪ :‬أنه ال قصاص يف القتل ابملثقل‪ ،‬وهو قول أيب حنيفة والشعيب والنخعي‪.‬‬
‫أدلة القول األول‪:‬‬

‫(‪)35‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫‪ -‬حديث أنس‬
‫‪ -‬مراعة املعىن املناسب يف هذا وهو صيانة الدماء من اإلهدار وألن القتل ابملثقل كالقتل ابحملدد يف‬
‫إزهاق الروح وهو ظاهر قوي‪.‬‬
‫أدلة القول الثاين‪:‬‬
‫‪ -‬حديث النعمان بن بشري الذي أخرجه البيهقي‪" :‬كل شيء خطأ إال السيف ولكل خطأ أرش" ويف‬
‫لفظ "كل شيء سوى احلديدة خطأ‪ ،‬ولكل خطأ أرش"‪.‬‬
‫‪ -‬حديث أنس يدل على أنه حصل يف الرض اجلرح أو أبن اليهودي كان عادته قتل الصبيان‪ ،‬فهو من‬
‫الساعني يف األرض فسادا‪.‬‬
‫الرتجيح‪ :‬الراجح هو القول األول على وجوب القصاص ابملثقل لقوة أدلته وأن احلديث الذي أخرجه البيهقي‬
‫مداره عل ى جابر اجلعفي وقيس بن الربيع وال حيتج هبما فال يقاوم حديث أنس هذا‪ ،‬وجواب احلنفية فيه‬
‫تكلف‪.‬‬
‫املسألة الثانية‪ :‬قتل الرجل ابملرأة‪ :‬اختلف الفقهاء فيها إىل ثالثة أقوال‪:‬‬
‫‪ )1‬القول األول‪ :‬أنه يقتل الرجل ابملرأة وهو قول أكثر أهل العلم بل حكى ابن املنذر اإلمجاع هلذا احلديث‪.‬‬
‫‪ )2‬القول الثاين‪ :‬أنه ال يقتل الرجل ابألنثى‪.‬‬
‫‪ )3‬القول الثالث‪ :‬أنه يقاد ابملرأة وتوىف ورثته نصف ديته‬
‫دليل القول األول‪ :‬حديث أنس هذا‪.‬‬
‫دليل القول الثاين‪ :‬مفهوم قوله تعاىل {واألنثى ابألنثى} البقرة ‪.178‬‬
‫أدلة القول الثالث‪:‬‬
‫‪ -‬قوله تعاىل‪{ :‬واجلروح قصاص} املائدة ‪.45‬‬
‫‪ -‬تفاوت الرجل واملرأة يف الدية‪.‬‬
‫الرتجيح‪ :‬الراجح هو القول األول على أن الرجل يقتل ابملرأة حلديث أنس‪ .‬ورد استدالل احلسن البصري ابآلية‬
‫بثبوت كتاب عمرو بن حزم الذي تلقاه الناس ابلقبول"أن الذكر يقتل ابألنثى فهو أقوى من مفهوم اآلية‪ .‬وقول‬

‫(‪)36‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫احلنفية مردود أبن التفاوت يف الدية ال يوجب التفاوت يف النفس‪ ،‬ولذا يقتل عبد قيمته ألف بعبد قيمته‬
‫عشرون‪ ،‬وقد وقعت املساواة يف القصاص؛ ألن املراد املساواة يف اجلرح أن ال يزيد املقتص على ما وقع فيه من‬
‫اجلرح‪.‬‬
‫‪‬‬
‫حكم جناية الغالم إذا كانت عاقلته فقراء‬
‫‪ -1079‬وعن عمران بن احلصني رضي هللا عنه أن غالما ألانس فقراء قطع أذن غالم ألانس أغنياء ‪،‬‬
‫فأتوا النِب ص م ‪ ،‬فلم جيعل َلم شيئا ‪ .‬رواه أَحد والثالثة ِبسناد صحيح‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫دل احلديث على أنه ال غرامة للفقري‪.‬‬
‫قال اإلمام البيهقي‪ :‬إن كان املراد ابلغالم اململوك فإمجاع أهل العلم‪ :‬أن جناية العبد يف رقبته‪- ،‬وهللا أعلم‪ -‬أن‬
‫جنايته كانت خطأ ‪.‬‬
‫النيب مل جيعل عليه شيئا؛ ألنه التزم أرش جنايته‪ ،‬فأعطاه من عنده متربعا بذلك‪.‬‬
‫قوله‪( :‬ومل أرشها على عاقلته)‪ ،‬هذا مذهب الشافعي أن عمد الصغري يكون يف ماله وال حتمله العاقلة‪.‬‬
‫‪‬‬
‫النهي عن القصاص يف اجلراحات قبل برء اجملين عليه‬
‫ب َع ْن أَبِ ِيه َع ْن َج ِدهِ «أَ هن َر ُج ًال طَ َع َن َر ُج ًال بَِق ْر ٍن ِيف ُرْكبَتِ ِه فَ َجاءَ َإَل النِ ِ‬
‫هِب‬ ‫‪َ -1080‬و َع ْن َع ْم ِرو بْ ِن ُش َع ْي ٍ‬
‫ال َاي‬ ‫ال أَقِ ْدِين فَأَقَا َدهُ ُثُه َجاءَ إل َْي ِه‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫َبأَ ُثُه َجاءَ إل َْي ِه‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫ال أَقِ ْدِين‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫ال َح هىت تَ ْ َ‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫صلهى ه‬ ‫َ‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه‬
‫صلهى ه‬ ‫ول هِ‬ ‫ص ْي ِتين فَأَبْـ َع َدك ه‬ ‫ول هِ‬
‫اَّلل َ‬ ‫اَّللُ َوبَطَ َل َع َر ُجك ُثُه ََّنَى َر ُس ُ‬ ‫ال قَ ْد ََّنَْيـتُك فَـ َع َ‬
‫اَّلل َع َر ْجت‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫َر ُس َ‬
‫هارقُط ِْين وأ ُِعله ِاب ِْإل ْر َس ِ‬
‫ال‪.‬‬ ‫ََحَ ُد َوالد َ‬ ‫احبُهُ»‪َ .‬رَواهُ أ ْ‬ ‫ص ِمن جر ٍح ح هىت ي َْبأَ ص ِ‬
‫َو َسله َم أَ ْن يُـ ْقتَ ه ْ ُ ْ َ َ َ َ‬
‫َ‬
‫سبب اإلرسال‬
‫ب ِجلَ ِّدهِ‪.‬‬
‫ت لَِقاء ُش َعْي ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بنَاءً َعلَى أَن ُش َعْي بًا َملْ يُ ْدرْك َجدهُ‪َ ،‬وقَ ْد ُدف َع أبَنهُ ثَبَ َ ُ‬
‫فقه احلديث‬

‫(‪)37‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلِر ِ‬ ‫دلِيل علَى أَنه َال ي ْقتَ ُّ ِ‬


‫السَرايَةُ‪.‬‬ ‫ص َل الْ ُْربءُ ِم ْن َذل َ‬
‫ك َوتُ ْؤَم َن ّ‬ ‫احات َحىت َْحي ُ‬
‫ص م ْن ْ َ َ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬
‫ص ِ‬
‫اص‪.‬‬ ‫‪ )1‬الشافع ُّي‪ :‬االنْتظَار َمنْ ُدوب‪ ،‬بِ َدل ِيل متَْكينه َ‬
‫صلى الَّلُ َعلَْيه َو َسل َم م ْن االقْت َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ص ِ‬
‫اص َكا َن قَ ْب َل‬ ‫اد ِويةُ َوغَ ْريُُه ْم‪ :‬أَنهُ َواجب؛ ألَن َدفْ َع الْ َم َفاسد َواجب‪َ ،‬وإِ ْذنُهُ َ‬
‫صلى الَّلُ َعلَْيه َو َسل َم ِابالقْت َ‬ ‫‪ )2‬اهلَ َ‬
‫ول إلَْي ِه ِم ْن الْ َم ْف َس َدةِ‪.‬‬
‫عِلْ ِم ِه ِمبَا ُيؤ ُ‬
‫‪‬‬
‫ما جاء يف قتل شبه العمد‪ ،‬ودية اجلنني‬
‫ت إِ ْح َد ُ‬
‫امهَا اَْألُ ْخ َرى‬ ‫ت اِ ْم َرأ َََت ِن ِم ْن ُه َذيْ ٍل‪ ،‬فَـ َرَم ْ‬‫ال‪ - :‬اِقْـتَـتَـلَ ِ‬ ‫‪َ -1081‬و َع ْن أَِِب ُه َريْـ َرةَ ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قَ َ‬
‫ول اَ هِ‬ ‫ول اَ هِ‬‫صموا إِ ََل َر ُس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّلل ‪-‬‬ ‫ضى َر ُس ُ‬ ‫َّلل ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬فَـ َق َ‬ ‫ِبَ َج ٍر‪ ،‬فَـ َقتَـلَْتـ َها َوَما ِيف بَطْن َها‪ ،‬فَا ْختَ َ ُ‬
‫ضى بِ ِديَِة اَل َْم ْرأَةِ َعلَى َعاقِلَتِ َها‪َ .‬وَوهرثَـ َها‬‫صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أَ هن ِديَةَ َجنِينِ َها‪ :‬غُ هرةٌ؛ َع ْب ٌد أَ ْو َولِي َدةٌ‪َ ،‬وقَ َ‬
‫ول اَ هِ‬ ‫ال ََحَ ُل بْ ُن اَلنهابِغَ ِة اَ َْلَُذِ ُّ‬
‫ب‪َ ،‬وَال أَ َك َل‪َ ،‬وَال‬ ‫ف يَـغْ َر ُم َم ْن َال َش ِر َ‬ ‫َّلل! َك ْي َ‬ ‫ِل‪َ :‬اي َر ُس َ‬ ‫َولَ َد َها َوَم ْن َم َع ُه ْم‪ .‬فَـ َق َ‬
‫َّلل ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪" -‬إِ هَّنَا َه َذا ِمن إِ ْخو ِ‬ ‫ول اَ هِ‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫ْ َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ك يُطَ ُّل ؟ فَـ َق َ‬ ‫نَطَ َق‪َ ،‬وَال ا ْستَـ َه هل‪ ،‬فَ ِمثْ ُل َذلِ َ‬
‫َج ِل َس ْجعِ ِه اَله ِذي َس َج َع‪ُ .‬متهـ َف ٌق َعلَْي ِه‪.‬‬ ‫اَلْ ُكه ِ ِ‬
‫هان"؛ م ْن أ ْ‬
‫اس; أَ هن عُ َم َر ‪ -‬رضي هللا عنه ‪َ -‬سأ َ‬
‫َل َم ْن‬ ‫يث اِبْ ِن َعبه ٍ‬ ‫‪ -1082‬وأَ ْخرجهُ أَبو َداو َد‪ ،‬والنهسائِ ُّي‪ِ :‬من ح ِد ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ ََ ُ ُ َ َ‬
‫ام ََحَ ُل بْ ُن اَلنهابِغَ ِة‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫َّلل ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ِ -‬يف اَ ْجلَنِ ِ‬ ‫ول اَ هِ‬‫ضاء َر ُس ِ‬
‫ني‬
‫ت بَ َْ‬
‫ال‪ُ :‬ك ْن ُ‬ ‫ال‪ :‬فَـ َق َ‬
‫ني؟ قَ َ‬ ‫َش ِه َد قَ َ َ‬
‫ص هح َحهُ اِبْ ُن ِحبها َن‪َ ،‬وا ْحلَاكِ ُم‪.‬‬
‫ص ًرا‪َ .‬و َ‬ ‫ت إِ ْح َد ُ‬
‫امهَا اَْألُ ْخ َرى‪ ...‬فَ َذ َك َرهُ ُُمْتَ َ‬ ‫ض َربَ ْ‬ ‫اِ ْم َرأَتَ ْ ِ‬
‫ني‪ ،‬فَ َ‬
‫معاين الكلمات‬
‫وليدة‪ :‬األمة‪.‬‬
‫عاقلة‪ :‬عصبة‪.‬‬
‫استهل‪ :‬رفع الصوت‪.‬‬
‫يطل‪ :‬يهدر‪ ،‬ويلغى وال يضمن‪.‬‬
‫ّ‬
‫إمالص املرأة‪ :‬إمنا مسي إمالصا ألن املرأة تزلقه قبل وقت الوالدة‪.‬‬

‫(‪)38‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫سبب الورود ‪1082 -‬‬


‫وأخرجه أبو داود والنسائي من حديث ابن عباس رضي هللا عنه أن عمر سأل من شهد قضاء رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم يف اجلنني قال فقام محل بن النابغة املذكور يف احلديث الذي قبله فقال كنت بني امرأتني فضربت‬
‫إحداُها األخرى فذكره خمتصرا وصححه ابن حبان واحلاكم وأخرجه أبو داود بلفظ أن عمر سأل الناس عن‬
‫إمالص املرأة فقال املغرية شهدت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم "قضى فيها بغرة عبد أو أمة" فقال ائتين مبن‬
‫يشهد معك قال فأاته حممد بن مسلمة فشهد له‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث ‪:1081‬‬
‫‪ -‬أن اجلنني إذا مات بسبب اجلناية وجب فيه الغرة مطلقا بعبد أو أمة‪ ،‬سواء انفصل عن أمه وخرج ميتا أو‬
‫مات يف بطنها‪ ،‬فأما إذا خرج حيا مث مات ففيه الدية كاملة‪ ،‬بشرط أن يعلم أنه جنني أبن خترج منه يد أو‬
‫رجل‪ ،‬وإال فال‪ .‬وقال الشعيب‪ :‬الغرة مخسمائة درهم‪ .‬وعند أيب داود والنسائي‪ :‬مائة شاة‪ .‬وقيل‪ :‬مخس من‬
‫اإلبل‪ .‬والراجح هو األول ألن احلديث فسر الغرة بعبد أو أمة‪.‬‬
‫‪ -‬إ ن القتل املذكور يف احلديث شبه العمد‪ ،‬ألن النيب قضى ابلدية‪ ،‬فال قصاص يف مثل هذا القتل‪ ،‬وهو‬
‫احلق‪ ،‬فالقتل كان حبجر صغري أو عود صغري وال يقصد مبثله القتل حبسب األغلب‪.‬‬
‫‪ -‬إن الدية واجبة على العاقلة‪ ،‬وبه قال اجلمهور‪.‬‬
‫وقال مجاعة‪ :‬ال يعقل أحد عن أحد‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬املراد به اجلزاء األخروي‪ ،‬أي ‪ :‬ال جيين عليه جناية يعاقب هبا يف اآلخرة‪.‬‬
‫‪ -‬يف احلديث دليل على كراهية السجع لوجهني‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا قصد به معارضة حكم الشرع وإبطاله‪.‬‬
‫‪ -2‬أنه تكلف يف املاطبة‪.‬‬
‫فأما السجع الذي ورد منه ﷺ يف بعض األوقات فليس مذموما ألنه غري الوجهني املذكورين‪.‬‬
‫احلديث ‪ :1082‬احلديث دليل على أن يف اجلنني غرة ذكرا كان أو أنثى إلطالق احلديث‪.‬‬

‫(‪)39‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫‪‬‬
‫ثبوت القصاص يف الطهر ِ‬
‫ف كالسن‬ ‫َ‬
‫ضوا‬ ‫ت ثَنِيهةَ َجا ِريٍَة‪ ،‬فَطَلَبُوا إِلَْيـ َها ال َْع ْف َو فَأَبَـ ْوا‪ ،‬فَـ َع َر ُ‬‫س َر ْ‬ ‫س أَ هن ُّ ِ‬
‫الربَـي َع ب ْنتَ النهض ِر َع همتَهُ َك َ‬ ‫‪َ -1083‬ع ْن أَنَ ٍ‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه‬
‫صلهى ه‬ ‫ول هِ‬ ‫ِ‬ ‫اَّلل صلهى ه ِ‬ ‫ْاألَرش فَأَبـوا‪ .‬فَأَتَـوا رس َ ِ‬
‫اَّلل َ‬ ‫اص‪ ،‬فَأ ََم َر َر ُس ُ‬ ‫ص َ‬ ‫اَّللُ َعلَْيه َو َسله َم فَأَبَـ ْوا إِهال الْق َ‬ ‫ول ه َ‬ ‫ْ َُ‬ ‫ْ َ َْ‬
‫الربَـيِ ِع؟ َال‪َ ،‬واله ِذي بَـ َعثَ َ‬ ‫س ُر ثَنِيهةُ ُّ‬ ‫ول هِ‬ ‫ِ‬
‫ك ِاب ْحلَ ِق‪َ ،‬ال‬ ‫اَّلل‪ ،‬أَتُ ْك َ‬ ‫ض ِر‪َ :‬اي َر ُس َ‬ ‫س بْ ُن النه ْ‬‫ال أَنَ ُ‬
‫اص‪ .‬فَـ َق َ‬ ‫ص ِ‬ ‫َو َسله َم ِابلْق َ‬
‫اَّلل ال ِْقصاص) فَـر ِ‬ ‫ِ‬ ‫اَّلل َعلَْي ِه وسلهم‪( :‬اي أنَ ِ‬ ‫ول هِ‬ ‫ْس ُر ثَنِيهـتُـ َها‪ .‬فَـ َق َ‬
‫ض َي الْ َق ْو ُم فَـ َع َف ْوا‪.‬‬ ‫اب ه َ ُ َ‬ ‫س‪ ،‬كتَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫صلهى هُ‬ ‫اَّلل َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫تُك َ‬
‫اَّلل من لَو أَقْسم َعلَى هِ‬ ‫اَّلل صلهى ه ِ ه ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ال رس ُ ِ‬
‫اَّلل َألَبَـ هرهُ)‪[ .‬متفق عليه‪،‬‬ ‫اَّللُ َعلَْيه َو َسل َم‪( :‬إ هن م ْن عبَاد ه َ ْ ْ َ َ‬ ‫ول ه َ‬ ‫فَـ َق َ َ ُ‬
‫واللفظ للبخاري]‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫ثنية‪ :‬أسنان يف مقدم الفم‪ ،‬ثنتان من فوق‪ ،‬وثنتان من حتت‪.‬‬
‫جارية‪ :‬شابة من األنصار‪.‬‬
‫األرش‪ :‬أي الدية‪.‬‬

‫ْس ُر ثَنِيةُ ُّ‬


‫الربَيِّ ِع؟ َال‪...‬إخل‪ :‬مل يقل ذلك أنس رداً على النيب وإعراضا عن حكمه‪ ،‬وإمنا قاله من ابب التوقع‬ ‫أَتُك َ‬
‫والرجاء أبن هللا تعاىل يرضي اخلصم‪ ،‬ويلقي يف قلبه اإلجابة إىل العفوأو أخذ الدية بدل القصاص‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫السن‪ ،‬وقد ثبت اإلمجاع على القصاص يف السن إذا كانت اجلناية عمداً‪ .‬وأما العظم‬
‫‪ -‬وجوب القصاص يف ّ‬
‫قصاص يف العظم الذي َياف منه ذهاب النفس‪ ،‬إذ مل تتأت فيه‬
‫َ‬ ‫السن فقد قام اإلمجاع على أنه ال‬
‫غري ّ‬
‫املماثلة‪.‬‬
‫ظن وقوعه‪.‬‬
‫‪ -‬جيوز احللف فيما يُ ّ‬
‫‪‬‬

‫(‪)40‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫من قُتِ َل بني قوم ومل يُعرف قاتله‬


‫"م ْن قُتِ َل يف ِع ِميا‬ ‫ِ‬
‫صلى هللا عَلَْيه َو َسلم‪َ :‬‬ ‫رسول هللا َ‬‫قال ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫رضي هللا عَ ْنـ ُه َما َ‬ ‫س َ‬ ‫‪ -1084‬عَ ْن اب ِن عَبا ٍ‬
‫اخلَطأِ‪َ ،‬وَم ْن قُتِ َل َع ْمداً فَـ ُه َو قَـ َوٌد‪َ ،‬وَم ْن َح َ‬
‫ال ُدونَهُ فَـ َعلَْي ِه ل َْعنَةُ‬ ‫ِبجر أ َْو َس ْو ٍط أ َْو َعصاً فَـ َع ْقلُهُ َع ْق ُل ْ‬ ‫ِ‬
‫أَ ْو ِرمياً َ‬
‫اَّلل" أَ ْخرجهُ أَبو َداو َد والنسائي وابن ماج ْه ِبسنَ ٍ‬ ‫ِ‬
‫اد قَوي ‪.‬‬ ‫ُْ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ه ََ ُ ُ‬
‫معاين الكلمات‬
‫يف عِ ِّميًّا‪ :‬يف حالة غري مبينة‪ ،‬ال يدرى فيه القاتل وال حال قتله فوجد بينهم قتيل‪.‬‬
‫ِرِّميًّا‪ :‬يف ترٍام جرى بينهم ُفوجد بينهم قتيال‪.‬‬
‫فعقله عقل اخلطأ العقل‪ :‬الدية‪ ،‬ومعناه‪ :‬فديته قدر دية قتل اخلطأ‪.‬‬
‫عمدا فقود يديه‪ :‬أي فعليه قود نفسه‪ ،‬أو فعليه قود عمل يده الذي هو القتل‪.‬‬
‫ً‬
‫فمن حال دونه‪ :‬دون القود أو القصاص‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫يف احلديث دليل على أنه إذا قتل إنسان يف حال مشتبهة مل يتضح فيها القاتل‪ ،‬كما لو تقاتل فريقان وتراموا‬
‫حبجارة أو حنوها مث وجد بينهم قتيل ال يُدرئ من قتله فإن ديته دية القتل اخلطأ وال قصاص فيه‪ ،‬وهذا أظهر‬
‫األقوال يف هذه املسألة؛ لداللة احلديث عليه‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫الدية على من تكون إذا قتل إنسان يف حال مشتبهة مل يتضح فيها القاتل؟‬
‫‪ )1‬القول األول‪ :‬أن الدية يف بيت املال‪ ،‬وهو قول إسحاق وهو أرجح‪.‬‬
‫‪ )2‬القول الثاين‪ :‬أن ديته جتب على مجيع من حضر وهذا قول احلسن‪.‬‬
‫‪ )3‬القول الثالث‪ :‬أنه هدر وهو قول مالك‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)41‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫عقوبة القاتل واملمسك‬


‫‪ -1085‬وعن ابن عمر عن النِب صلى هللا عليه وسلم قال ‪(( :‬إذا أمسك الرجل الرجل وقتله اآلخر‬
‫يقتل الذي قتل‪ ،‬وحيبس الذي أمسك))‪[ .‬رواه الدارقطين موصوال ‪ ،‬و صححه ابن القطان ‪ ،‬و رجاله‬
‫ثقات إال أن البيهقي رجح املرسل]‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على‪:‬‬
‫‪ -‬أنه ليس على املمسك سوى حبسه‪،‬‬
‫‪ -‬ومل يذكر قدر مدته فهي راجعة إىل نظر احلاكم‪،‬‬
‫‪ -‬وأن القود أو الدية على القاتل‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫ليس على املمسك سوى حبسه‪ ،‬ومل يذكر قدر مدت ه فهي راجعة إىل نظر احلاكم‪ ،‬وأن القود أو الدية‬ ‫‪)1‬‬
‫على القاتل‪ ،‬وإىل هذا ذهب اهلادوية واحلنفية والشافعية ؛ للحديث و لقوله تعاىل ‪ { :‬فمن اعتدى‬
‫عليكم } [البقرة ‪.]194 :‬‬
‫أهنما يقتالن مجيعا إذ ُها مشرتكان يف قتله‪ ،‬فإنه لوال اإلمساك ما انقتل‪ .‬وإىل هذا ذهب مالك والنخعي‬ ‫‪)2‬‬
‫وابن أيب ليلى‪.‬‬
‫الرتجيح‪ :‬والراجح القول األول؛ ألن ظاهر احلديث يدل على ذلك‪.‬‬
‫‪‬‬
‫حكم قتل املسلم ابملعاهد‬
‫‪ -1086‬وعن عبد الرَحن بن البيلماين أن «النِب ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قتل مسلما مبعاهد‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫أان أوَل من وىف بذمته»‪[ .‬أخرجه عبد الرزاق هكذا مرسال‪ ،‬وصله الدارقطين بذكر ابن عمر فيه‪ ،‬وإسناد‬
‫املوصول واه]‪.‬‬

‫(‪)42‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫معاين الكلمات‬
‫املعاهد‪ :‬الكافر الذي كان بيننا وبينه عهد ملدة معينة أو مطلقة‪ ،‬كالذين عاهدهم النيب صلى هللا عليه وسلم من‬
‫املشركني بصلح احلديبية‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫بني يف احلديث أن رسول هللا قتل مسلما ابملعاهد‪ ،‬لكن احلديث فيه ضعف‪ .‬عبد الرمحن بن البيلماين بفتح‬
‫املوحدة وسكون املثناة التحتية وفتح الالم ضعفه مجاعة‪ ،‬فال حيتج مبا انفرد به إذا وصل فكيف إذا أرسل فكيف‬
‫إذا خالف‪ .‬وفيه إبراهيم بن حممد بن أيب ليلى ضعيف‬
‫‪‬‬
‫قتل اجلماعة ابلواحد‬
‫‪ -1087‬وعن ابن عمر ‪ -‬رضي اهلل عنهما ‪ -‬قال‪ :‬قتل غامل غيلة‪ ،‬فقال عمر‪ :‬لو اشرتك فيه أهل‬
‫صنعاء لقتلتهم به أخرجه البخاري‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫غيلة‪ :‬سرا أي أن يضجعه فيذجبه و خباصة على ماله‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫هذا احلديث دليل أن رأي عمر ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أنه تقتل اجلماعة ابلواحد وظاهره ولو مل يباشره كل واحد‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫يف قتل اجلماعة ابلواحد مذاهب‪:‬‬
‫ذهب مجاهري فقهاء األمصار‪ ،‬وهو مروي عن علي ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬وغريه‪ ،‬أخرج البخاري " عن‬ ‫‪)1‬‬
‫علي ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬يف رجلني شهدا على رجل ابلسرقة فقطعه علي ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬مث أتياه‬
‫آبخر‪ ،‬فقاال هذا الذي سرق وأخطأَن على األول فلم جيز شهادهتما على األخر وأغرمهما دية األول‪،‬‬
‫وقال لو أعلم أنكما تعمدمتا لقطعتكما "‪ ،‬وال فرق بني القصاص يف األطراف والنفس‪.‬‬

‫(‪)43‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ذهب الشافعي وجماعة ورواية عن مالك أنه َيتار الورثة واحدا من اجلماعة‪ .‬ويف رواية عن مالك يقرع‬ ‫‪)2‬‬
‫بينهم فمن خرجت عليه القرعة قتل ويلزم الباقون احلصة من الدية وحجتهم أن الكفاءة معرتبة‪ ،‬وال‬
‫تقتل اجلماعة ابلواحد كما ال يقتل احلر ابلعبد‪.‬‬
‫عند أهل الظاهر أنه القصاص على اجلماعة بل الدية رعاية للمماثلة‪.‬‬ ‫‪)3‬‬
‫الرتجيح‪ :‬الراجح قول أهل الظاهر ألنه تعاىل أوجب القصاص‪ ،‬وهو املماثلة‪،‬وموجب القصاص هو اجلناية اليت‬
‫تزهق الروح ‪،‬فإن زهقت مبجموع فعلهم فكل فرد ليس بقاتل ‪ ،‬وإن كان كل واحد قاتال ابنفراده لزم توارد‬
‫املؤثرات على أثر واحد ‪.‬وأما حكم عمر ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬ففعل صحايب ال تقوم به احلجة‪ ،‬ودعوى أنه إجماع‬
‫غري مقبولة‪ ،‬وإذا مل جيب قتل اجلماعة ابلواحد‪ ،‬فإنه تلزمهم دية واحدة‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ختيري الوِل بني القصاص والدية‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم ‪:-‬‬
‫صلهى ه‬ ‫ول هِ‬ ‫اع ِي ‪ -‬ر ِ‬ ‫اخلُز ِ‬
‫اَّلل ‪َ -‬‬ ‫ال َر ُس ُ‬
‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫اَّللُ َع ْنهُ ‪ -‬قَ َ‬ ‫ض َي ه‬ ‫َ‬ ‫‪َ -1088‬و َع ْن أَِِب ُش َريْ ٍح ْ َ‬
‫ني‪ :‬إ هما أَ ْن ََيْ ُخ ُذوا ال َْع ْق َل أ َْو يَـ ْقتُـلُوا» أَ ْخ َر َجهُ أَبُو َد ُاود‬ ‫ني ِخ َريَتَ ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫يل بَـ ْع َد َم َقال َِت َه ِذه فَأ َْهلُهُ بََْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«فَ َم ْن قُت َل لَهُ قَت ٌ‬
‫يث أَِِب ُه َريْـ َرةَ ِمبَْعنَاهُ‪.‬‬ ‫ني ِمن ح ِد ِ‬ ‫َصلُهُ ِيف ال ه ِ‬ ‫هسائِ ُّي ‪َ -‬وأ ْ‬
‫يح ْ ِ ْ َ‬ ‫صح َ‬ ‫َوالن َ‬
‫معاين الكلمات‬
‫مقاليت‪ :‬كالمي‪.‬‬
‫أيخذوا العقل‪ :‬العفو‪.‬‬
‫سبب الورود‬
‫وإين‬
‫ورد احلديث حيث أ ّن رسول هللا قال يف أثناء كالمه "مث إنّكم معشر خذاعة قتلتم هذا الرجل من هذيل ّ‬
‫عاقله فمن قتل له قتيل ‪....‬‬
‫فقه احلديث‬
‫إ ّن الواجب أحد شيئني‪ّ :‬إما القصاص أو الدية‪ ،‬واخلرية يف ذالك إىل الوال بني أربعة أشياء‪ :‬العفو جماَن‪ ،‬أو‬
‫العفو إىل الدية‪ ،‬أو القصاص وال خالف يف ختيري بني هذه الثالثة‪.‬‬

‫(‪)44‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫األقوال يف املسألة‬
‫والرابعة املصاحلة إىل أكثر من الدية فيه وجهان‪:‬‬
‫األول احلنابلة قال به اجلواز‬
‫الثاين مذهب الشافعي وأحد الروايتني عن مالك‪ ،‬قالوا به ليس له العفو على مال ّإال الدية أو دوهنا هذا أرجح‬
‫دليال‪ ،‬فإ ّن اختار الدية سقط القود ومل يكن له طلبه بعد‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)45‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ابب الدايت‬
‫تعريف الدية‬
‫الدية يف اللغة مصدر ودي يدي‪ ،‬تطلق على املال املؤدي للمجين عليه أو وليه‪ ،‬وأصلها ودية‪ ،‬وحدفت الواو‬
‫وأثبتت اهلاء بدال عنها‪ ،‬كالعدة من الوعد والزَن من الوزن‪ ،‬تقول‪ :‬وديت القتيل أدية دية ووداي‪ .‬إذا أعطيته‬
‫ديته‪.‬‬
‫وأما الدية يف االصطالح عند مجهور الفقهاء‪ :‬املال املؤدي إىل اجملين عليه أو وليه بسبب اجلناية على النفس أو‬
‫ما دو هنا وقد عرفها بعض املالكية أبهنا ‪ :‬مال جيب بقتل آدمي حر عن دمه أو جيرحه مقدراً شرعاً ال ابجتهاد‬
‫وعرفها بعض الشافعية أبهنا‪ :‬املال الواجب ابجلناية على احلر سواء كانت يف النفس أو طرف‪.‬‬
‫وعند مجهور األحناف ‪ :‬املال املؤدي بسبب اجلناية على النفس ‪ ،‬أما ما وجب بسبب اجلناية على ما دون‬
‫النفس افراد به األرش ‪.‬‬
‫ولعل الراجح هو رأي مجهور الفقهاء ‪ ،‬يقوي ذلك أن الرسول صلى هللا عليه وسلم أطلق الدية على املال الذي‬
‫يدفع يف مقابل اجلناية على األعضاء ‪ ،‬من ذلك حديث‪ " :‬دية أصابع اليدين والرجلني سواء عشرة من اإلبل‬
‫لكل إصبع " ‪ .‬رواه الرتمذي وقال‪ :‬حديث حسن صحيح ‪ ،‬وعلى حج اجلمهور جند أن البخاري ترجم بباب‬
‫‪ :‬دية األصابع ‪ .‬ويراعى أيضاً أن فريقاً من الفقهاء اعترب الدية يف احلر والقيمة يف العبد‪ ،‬بينما خالف ذلك‬
‫آخرون ‪.‬‬
‫مقادير الدايت‬
‫هِب ‪-‬‬ ‫اَّللُ َع ْنـ ُه ْم ‪ -‬أَ هن «النِ ه‬ ‫ض َي ه‬ ‫‪ -1089‬عن أَِِب ب ْك ِر بْ ِن ُحمَ هم ِد بْ ِن َعم ِرو بْ ِن ح ْزٍم َعن أَبِ ِيه َعن ج ِدهِ ‪ -‬ر ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬
‫ط ُم ْؤِمنًا قَـ ْت ًال َع ْن بَـيِنَ ٍة‪،‬‬‫يث‪َ .‬وفِ ِيه أَ هن َم ْن ا ْعتَـبَ َ‬ ‫ب َإَل أ َْه ِل الْيَ َم ِن ‪ -‬فَ َذ َك َر ا ْحلَ ِد َ‬ ‫صلهى ه ِ‬
‫اَّللُ َعلَْيه َو َسله َم ‪َ -‬كتَ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الديَةَ ِمائَةً ِم ْن ِْ ِ‬‫س ِ‬ ‫ضى أ َْولِيَاء الْم ْقتُ ِ‬
‫ول‪َ ،‬وإِ هن ِيف النهـ ْف ِ‬ ‫فَِإنههُ قَـ َوٌد‪ ،‬هإال أَ ْن يَـ ْر َ‬
‫ب َج ْد ُعهُ‬ ‫اإلب ِل‪َ ،‬وِيف ْاألَنْف إذَا أُوع َ‬ ‫ُ َ‬
‫ني ِ‬
‫الديَةُ‪،‬‬ ‫ضتَ ْ ِ‬ ‫الديةُ‪ ،‬وِيف ال هذ َك ِر ِ‬
‫الديَةُ‪َ ،‬وِيف الْبَـ ْي َ‬ ‫ش َفتَ ْ ِ ِ‬ ‫الديَةُ‪َ ،‬وِيف ال ه‬ ‫ان ِ‬ ‫الديةُ‪ ،‬وِيف اللِس ِ‬ ‫الديةُ‪ ،‬وِيف الْع ْيـنَ ْ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ني َ َ‬ ‫َ‬ ‫ني َ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ‬
‫الديَِة‪،‬‬
‫ث ِ‬ ‫الديَِة‪َ ،‬وِيف ا ْجلَائَِف ِة ثُـلُ ُ‬‫ث ِ‬ ‫وم ِة ثُـلُ ُ‬ ‫ص ُ ِِ‬
‫ف الديَة‪َ ،‬وِيف ال َْمأْ ُم َ‬ ‫الر ْج ِل ال َْواح َدةِ نِ ْ‬
‫الديَةُ‪َ ،‬وِيف ِ‬ ‫ْب ِ‬ ‫الصل ِ‬
‫َوِيف ُّ‬
‫اإلبِ ِل‪ ،‬وِيف ِ‬ ‫ِ‬ ‫صابِ ِع الْيَ ِد َو ِ‬ ‫ِ‬ ‫َوِيف ال ُْمنَـ ِقلَ ِة ََخْس َع ْش َرةَ ِم ْن ِْ‬
‫الس ِن‬ ‫الر ْج ِل َع ْش ٌر م ْن ِْ َ‬ ‫ُصبُ ٍع م ْن أَ َ‬ ‫اإلبِ ِل‪َ ،‬وِيف ُك ِل أ ْ‬ ‫َ‬

‫(‪)46‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ْف ِدينَا ٍر»‬


‫ب أَل ُ‬ ‫س ِم ْن ِْ‬
‫اإلبِ ِل‪َ ،‬وإِ هن ال هر ُج َل يُـ ْقتَ ُل ِابل َْم ْرأَةِ‪َ ،‬و َعلَى أ َْه ِل ال هذ َه ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ََخْس ِم ْن ِْ ِ‬
‫اإلب ِل‪َ ،‬وِيف ال ُْموض َحة ََخْ ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ص هحتِ ِه‪.‬‬
‫ََحَ ُد‪ ،‬وا ْختَـلَ ُفوا ِيف ِ‬ ‫ِ‬ ‫يل‪ ،‬والنهسائِ ُّي واب ِن ُخزْميَةَ وابن ا ْجل ِ‬ ‫ِ‬
‫ارود َوابْ ُن حبها َن َوأ ْ َ‬ ‫أَ ْخ َر َجهُ أَبُو َد ُاود ِيف ال َْم َراس ِ َ َ َ ْ َ َ ْ ُ َ ُ‬
‫معاين الكلمات‬
‫اعتبط‪- :‬بعني مهملة فمثناة فوقية فموحدة فطاء مهملة‪ -‬وهو القتل بغري سبب موجب وأصله من اعتبط الناقة‬
‫إذا ذحبها من غري مرض وال داء‪.‬‬
‫عن بينة‪ :‬أي‪ :‬قد قامت اهليئة على معرفة القائل ابلشاهدين أو ابإلقرار؛ ألن املقصود ابلبينة كل ما أابن احلق‬
‫وأظهره‪.‬‬
‫فإنه قَ َود‪- :‬ابلفتح‪ -‬أي‪ :‬فحكمه القصاص‪.‬‬
‫وإن يف النفس مائة من اإلبل‪ :‬أي‪ :‬االقتصار على هذا النوع من أنواع الدية يدل على أنه األصل يف الوجوب‪.‬‬
‫ب َج ْدعه الدية‪ :‬بضم اهلمزة من أوعب على البناء للمجهول‪ ،‬أي‪ :‬قطع مجيعه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أُْوع َ‬
‫ويف البيضتني‪ :‬أي ‪ :‬اخلصيتني‪.‬‬
‫ويف الصلب الدية‪ :‬قال يف القاموس‪ :‬الصلب ابلضم وابلتحريك عظم من لدن الكاهن إىل العجب‪.‬‬
‫ويف املأمومة‪ :‬الشجة اليت بلغت إىل أم الدماغ وهو اجللدة فوق الدماغ أو اجللدة الرقيقة‪.‬‬
‫ويف احلائفة‪ :‬قال يف القاموس‪ :‬احلائفة هي الطعنة اليت تبلغ اجلوف أو تنفذه مث فسر اجلوف ابلبطن وقال يف‬
‫البحر‪ :‬هي ما وصل جوف العضو من ظهر أو صدر أو ورك أو عنق أو ساق أو عضد ِما له جوف‪.‬‬
‫ويف املثقلة‪ :‬الشجة اليت ينتقل منها فراش العظام وهي فشور تكون على العظم دون اللحم ويف النهاية إمنا اليت‬
‫خترج صغار العظام وتنتقل عن أماكنها وقيل اليت تنقل العظم أي تكسره‪.‬‬
‫ويف املوضحة مخس من اإلبل‪ :‬اجلرحة اليت ترفع اللحم ونكشف العظم بال هشم‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث اشتمل على مسائل فقهية‪:‬‬
‫األوَل‪ :‬يف احلديث دليل على ثبوت القصاص إذا قتل املسلم املعصوم عمداً عدواَنً إال أن يرضى أولياء املقتول‬
‫ابلدية‪.‬‬

‫(‪)47‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫الثانية‪ :‬يف احلديث دليل على أن الدايت الكاملة للنفس املسلمة هي مئة من الإلبل‪ ،‬ويشهد هلذا حديث‬
‫سهل بن حثمة الطويل ‪-‬اآليت‪ -‬يف القسامة وفيه‪ ( :‬وفكره رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن يبطل دمه‪ ،‬فوداه‬
‫مبائة من األبل الصدقة )‪.‬‬
‫‪ -‬وقد ذهبت الشافعية والنظارية واحلنابلة يف رواية إىل أن اإليل هي األصل يف الدية ‪ ،‬وما عداها كالبقر‬
‫والغنم والذهب والفضة فهو مقوم هبا أصال‪.‬‬
‫‪ -‬وذهب بعض العلماء إىل أن أصول الدية هي اإلبل والبقر والغنم والذهب والفضة وهذا هو الصحيح‬
‫من املذهب عند احلنابلة وهو قول عطاء وطاوس ‪ ،‬وفقها املدينة السبعة ‪ ،‬واستدلوا حبديث عمرو بن‬
‫شعيب عن أبيه عن جده ‪ ( :‬أن عمر قام خطيباً فقال ‪ :‬أال إن اإلبل قد غلت ‪ ،‬فقؤم على أهل‬
‫الذهب ألف دينار ‪ ،‬وعلى أهل الورق اثين عشر ألفاً ‪ ،‬وعلى أهل البقر مائيت بقرة ‪ ،‬وعلى أهل الشاة‬
‫ألفي شاة ‪ ،‬وعلى أهل اخللّل مائيت حلة ) والقول الراجح ‪ :‬القول األول ماذهبت إليه الشافعية والظاهرية‬
‫واحلنابلة‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬يف احلديث دليل على أن ما يف اإلنسان منه شيئ واحد ففيه الدية كاملة ‪ ،‬كاألنف واللسان والذكر ‪.‬‬
‫أما األنف فقد أمجع أهل العلم على وجوب الدية كاملة يف استئصاله لقوله ‪ ( :‬ويف األنف إذا أوعب جدعة‬
‫الدية )‪ .‬وكذا اللسان فقد أمجع أهل العلم على وجوب الدية فيه كاملة لقوله ‪ ( :‬يف اللسان الدية ) وكذا الذكر‬
‫فقد أمجع العلماء على وجوب الدية فيه كاملة لقوله ‪ ( :‬ويف الذكر الدية )‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬يف احلديث دليل على أن يف الشفتني الدية ‪ ،‬وهذا أمر جممع عليه ‪ ،‬لقوله‪ ( :‬ويف الشفتني الدية )‪.‬‬
‫اخلامسة‪ :‬احلديث دليل على أن يف البيضتني وُها اخلصيتني الدية‪ ،‬لقوله‪ ( :‬ويف البيضتني الدية )‪.‬‬
‫السادسة‪ :‬يف احلديث دليل على‪:‬‬
‫‪ -‬وجوب الدية يف كسر الصلب إذا مل جيرب ‪ ،‬وهذا قول اجلمهور من احلنفية واملالكية واحلنابلة ‪ ،‬لقوله ‪:‬‬
‫( ويف الصلب الدية )‪.‬‬
‫‪ -‬والقول اآلخر‪ :‬أن فيه حكومية‪ ،‬إال أن يذهب مشبه أو مجانه فتجب الدية لتلك امليفعة‪ ،‬وهذا قول‬
‫الشافعية والقاضي من احلنابلة‪ ،‬قالوا‪ :‬ألنه عضو مل نذهب منفعته‪ ،‬فلم حتب يف دية كاملة كسائر‬
‫األعضاء‪.‬‬

‫(‪)48‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫والراجح‪ :‬القول األول ألن حديث الباب نص يف ذلك‪ ،‬مع ما عضده من مرسل سعيد بن املسيب‪ ،‬وأما قوهلم‬
‫‪ :‬مل انذهب ملعنه‪ ،‬ففيه النظر‪ ،‬فإن الدفع قد ذهب مع احلديوية‪ ،‬وهللا تعاىل قال ‪ ( :‬لقد خلقنا اإلنسان يف‬
‫أحسن تقومي )‪.‬‬
‫السابعة‪ :‬يف احلديث دليل على وجوب الدية كاملة يف إتالف العينني ‪ ،‬وقد أمجع أهل العلم على ذلك ‪ ،‬لقوله‬
‫‪ ( :‬ويف العينني الدية ) ‪ ،‬ألن العني من أعظم اجلوارح منيعة ومجاال‪.‬‬
‫الثامنة‪ :‬دل احلديث على أن يف املأمومة ثلت الدية سواء أكانت عمدا أو خطأ‪ ،‬وقد ذهب إليه هذا عامة‬
‫أهل العلم‪ ،‬لقوله‪ ( :‬ويف املأمومة ثلث الدية )‪.‬‬
‫التاسعة‪ :‬دل احلديث على أن يف احلائفة ثلث الدية سواء أكانت عمدا أو خطأ‪ ،‬وقد ذهب إىل هذا عامة‬
‫أهل العلم‪ ،‬لقوله‪ ( :‬ويف احلالفة تلك الدية )‪.‬‬
‫العاشرة‪ :‬دل احلديث على أن يف املنقلة مخس عشر من اإلبل ‪ ،‬وقد ذهب إليه هذا عامة أهل العلم‪ ،‬لقوله‪:‬‬
‫( ويف املستقلة مخسة عشر من اإلبل )‪.‬‬
‫احلادية عشرة‪ :‬ويف احلديث دليل على أن كل أصبع من أصابع اليدين أو الرجلني فيه عشر من اإلبل‪ ،‬وقد‬
‫ذهب إليه هذا عامة أهل العلم؛ لقوله‪ ( :‬ويف كل إصباع من أصابع اليد والرجل عشر من اإلبل‪.‬‬
‫الثانية عشرة‪ :‬ويف احلديث على أن دية السن مخس من اإلبل ‪ ،‬وقد ذهب إليه هذا عامة أهل العلم‪.‬‬
‫الثالثة عشر‪ :‬ويف احلديث على أن يف املوضحة مخسا من اإلبل‪ ،‬لقوله‪ ( :‬ويف املوضحة مخس من اإلبل ) ‪.‬‬
‫الرابعة عشر‪ :‬ويف احلديث دليل على أن الرجل يقتل ابملرأة‪ ،‬وهذا مذهب مجهور الفقهاء؛ لقوله‪ ( :‬وأن الرجل‬
‫يقتل ابملرأة )‪.‬‬
‫اخلامسة عشر‪ :‬ويف احلديث دليل على أن الدية على أهل الذهب ألف دينار‪ ،‬وظاهر هذا أنه أصل على أهل‬
‫الذهب‪ ،‬واإلبل أصل على أهل اإلبل‪ ،‬وحيتمل أن ذلك مع عدم اإلبل وأن قيمة املائة منها ألف دينار يف ذلك‬
‫العصر‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)49‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫أسنان اإلبل يف دية اخلطأ‬


‫‪ -1090‬وعن ابن مسعود عن النِب ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪« :‬دية اخلطإ أَخاسا عشرون حقة‪،‬‬
‫وعشرون جذعة‪ ،‬وعشرون بنات ُماض‪ ،‬وعشرون بنات لبون‪ ،‬وعشرون بين لبون» ‪ .‬أخرجه الدارقطين‪.‬‬
‫وأخرجه األربعة بلفظ "وعشرون بين ُماض" بدل لبون‪ .‬وإسناد األول أقوى‪ .‬وأخرجه ابن أِب شيبة من‬
‫وجه آخر موقوفا‪ ،‬وهو أصح من املرفوع‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫حقة‪ :‬ما دخلت يف السنة الرابعة‪.‬‬
‫جذعة‪ :‬ما دخلت يف اخلامسة‪.‬‬
‫بنت خماض‪ :‬اليت اليت دخلت يف السنة الثانية‪.‬‬
‫بنت لبون‪ :‬اليت دخلت يف الثالثة‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫واحلديث دليل على أن دية اخلطإ تؤخذ أمخاساً‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫أن دية اخلطإ تؤخذ أمخاساً وأن اخلامس بنو لبون (الشافعي ومالك ومجاعة من العلماء)؛ أخذاً ابلرواية‬ ‫‪)1‬‬
‫املوقوفة‪....( :‬وعشرون بين لبون)‪.‬‬
‫أن دية اخلطإ تؤخذ أمخاساً وأن اخلامس بنو خماض (أبو حنيفة)؛ أخذاً مبا أخرجه األربعة‪....( :‬وعشرون‬ ‫‪)2‬‬
‫بين خماض)‪.‬‬
‫أهنا تؤخذ أرابعا إبسقاط بين اللبون (اهلادي وآخرون)‪ .‬واستدل له حبديث مل يثبته احلفاظ‪.‬‬ ‫‪)3‬‬
‫‪‬‬
‫أسنان اإلبل يف دية العمد‬
‫‪ -1091‬وأخرجه أبو داود والرتمذي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه ‪{ :‬الدية ثالثون‬
‫حقة‪ ،‬وثالثون جذعة‪ ،‬وأربعون خلفة‪ ،‬يف بطوَّنا أوالدها}‬

‫(‪)50‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫معاين الكلمات‬
‫حقة‪ :‬اإلبل ما دخلت يف السنة الرابعة‪ ،‬مسيت بذلك؛ ألهنا استحقت الركوب؛ واحلمل‪.‬‬
‫جذعة‪ :‬ما دخلت يف السنة اخلامسة‪ ،‬مسيت بذلك؛ ألهنا أسقطت مقدم أسناهنا‪.‬‬
‫وجتمع اخللفة على (خلفات)‪.‬‬
‫خلفة‪ :‬وهي احلامل ُ‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على أن التحديد يف دية اخلطأ ثالثون حقة‪ ،‬وثالثون جذعة‪ ،‬وأربعون خلفة يف بطوهنا أوالدها‬
‫فقد أخذ هبا مجاعة من السلف‪ ،‬منهم‪ :‬عطاء‪ ،‬وحممد بن احلسن‪ ،‬وروي عن عمر‪ ،‬وزيد بن اثبت‪ ،‬وأيب موسى‪،‬‬
‫واملغرية‪ ،‬وهي رواية عن إمام أمحد‪ ،‬اختارها أبو اخلطاب‪ ،‬واملوفق يف العمدة‪ ،‬والزركشي‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ما جاء يف حاالت يعظُ ُم فيها القتل‬
‫‪ -1092‬وعن ابن عمر رضي هللا عنهما عن النِب صلى هللا عليه وسلم قال ‪ :‬إن أعىت الناس على هللا‬
‫ثالثة‪ ،‬من قتل يف حرم هللا‪ ،‬أو قتل غري قاتله‪ ،‬أو قتل لذحل اجلاهلية‪[ .‬أخرجه ابن حبان يف حديث‬
‫صححه]‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫أعىت‪ :‬اسم التفضيل من العتو‪ ،‬وهو التجرب‪.‬‬
‫حرم هللا‪ :‬مكة واملدينة‪.‬‬
‫لذحل اجلاهلية‪ :‬الثأر وطلب املكافأة جبناية جنيت عليه من قتل أو غريه‪.‬‬
‫سبب الورود‬
‫تل رجل رجال ابملزدلفة ‪-‬يعين يف غزوة الفتح‪.-‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على أن هؤالء الثالثة أزيد يف العتو على غريهم من العتاة‪.‬‬

‫(‪)51‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫(األول) من قتل يف احلرم فمعصية قتله تزيد على معصية من قتل يف غري احلرم‪ ،‬وظاهره العموم حلرم مكة‬
‫واملدينة‪ .‬ولكن احلديث ورد يف غزاة الفتح يف رجل قتل ابملزدلفة إال أن السبب ال َيص به إال أن يقال اإلضافة‬
‫عهدية واملعهود حرم مكة‪.‬‬
‫(والثاين) من قتل غري قاتله أي من كان له دم عند شخص فيقتل رجال آخر غري من عنده له الدم سواء كان‬
‫له مشاركة يف القتل أو ال‪.‬‬
‫(الثالث) قوله (أو قتل لذحل اجلاهلية) تقدم تفسري الذحل‪ ،‬وهو العداوة أيضا‪ ،‬وقد فسر احلديث حديث أيب‬
‫شريح اخلزاعي أنه ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪« :‬أعىت الناس من قتل غري قاتله‪ ،‬أو طلب بدم يف اجلاهلية‬
‫من أهل اإلسالم‪ ،‬أو بصر عينه ما مل تبصر» أخرجه البيهقي‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫وقد ذهب الشافعي إىل التغليظ يف الدية على من وقع منه قتل اخلطإ يف احلرم‪ ،‬أو قتل حمرما من النسب‪ ،‬أو‬
‫قتل يف األشهر احلرم قال‪ :‬ألن الصحابة غلظوا يف هذه األحوال‪.‬‬
‫وأخرج السدي عن مرة عن ابن مسعود قال‪« :‬ما من رجل يهم بسيئة فتكتب عليه إال أن رجال لو هم بعد أن‬
‫يقتل رجال ابلبيت احلرام إال أذاقه هللا تعاىل من عذاب أليم» ‪ ،‬وقد رفعه يف رواية‪.‬‬
‫تعليق الشوكاين‪ :‬وهذا مبين على أن الظرف يف قوله تعاىل‪{ :‬ومن يرد فيه إبحلاد بظلم نذقه من عذاب أليم}‬
‫[احلج‪ ]25 :‬متعلق بغري اإلرادة بل ابإلحلاد‪ ،‬وإن كانت اإلرادة يف غريه واآلية حمتملة‪.‬‬
‫وورد يف التغليظ يف الدية حديث عمرو بن شعيب مرفوعا بلفظ «عقل شبه العمد مغلظ مثل قتل العمد‪ ،‬وال‬
‫يقتل صاحبه وذلك أن ينزو الشيطان بني الناس فتكون دماء يف غري ضغينة‪ ،‬وال محل سالح» ‪ .‬رواه أمحد وأبو‬
‫داود‪.‬‬
‫‪‬‬
‫تغليظ يف شبه العمد‬
‫ال‪ (( :‬أَالَ إِ هن ِديَ َة اخلَطَِإ‬
‫ول هللا صلى هللا عليه وسلم قَ َ‬ ‫‪َ -1093‬ع ْن َع ْب ِدهللا بْ ِن َع ْم ٍرو بن العاص أَ هن َر ُس َ‬
‫ون أ َْوالَ ِد َها ))‪ .‬أخرجه أبو داود‬ ‫سو ِط والعصا ِمائَةٌ ِمن اإلب ِل ِم ْنـ َها أَربـعو َن ِيف بطُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ش ْبه ا َلع ْمد َما َكا َن ابل ه ْ َ َ َ‬
‫والنسائي وابن ماجه‪ ،‬وصححه ابن حبان‪.‬‬

‫(‪)52‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫معاين الكلمات‬
‫الدية‪ :‬لغة هي املال الواجب يف النفس‪ ،‬ويف الشرع هي املال الواجب ابجلناية على احلر يف نفس أو فيما دوهنا‬
‫كما عرفها اخلطيب الشربيين‪.‬‬
‫السوط‪- :‬بفتح األول وسكون الثاين‪ -‬مجع سياط وأسواط‪ ،‬آلة كالقضيب من جلد يضرب هبا‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫بداية األمر لنعرف أوال ما هو قتل شبه العمد حىت يسهل لنا فهم ما يف هذا احلديث‪.‬‬
‫قتل شبه العمد هو أن يقصد إنساَنً معصوم الدم فيقتله جبناية ال تقتل غالباً ومل جيرحه هبا‪ ،‬فيموت هبا اجملين‬
‫عليه كأن يضرب أحد شخصاً يف غري مقتل بعصاً صغرية أو بسوط‪ ،‬أو لَ َكزه بيده وحنو ذلك‪.‬‬
‫فالضرب مقصود‪ ،‬والقتل غري مقصود‪ ،‬فسمي شبه عمد‪.‬‬
‫حكم قتل شبه العمد من كبائر الذنوب؛ ألنه اعتداء على نفس معصومة بغري حق‪ ،‬وفيه الدية مغلظة على‬
‫العاقلة‪.‬‬
‫والدية املغلظة هي مائة من اإلبل‪ ،‬أربعون منها يف بطوهنا أوالدُها كما ذكر يف هذا احلديث‪ .‬وتتحمل العاقلة‬
‫‪-‬أي‪ :‬أهل القاتل‪ -‬هذه الدية‪ ،‬وتكون مؤجلة على ثالث سنني‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ما جاء يف دية األصابع واألسنان‬
‫ال‪ِ ِ ِ ِ َ :‬‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم قَ َ‬
‫صلهى ه‬ ‫ول هِ‬ ‫اَّللُ َع ْنهُ َع ْن َر ُس ِ‬ ‫اس ر ِ‬
‫«هذه‪َ ،‬و َهذه َس َواءٌ‬ ‫اَّلل َ‬ ‫ض َي ه‬ ‫‪َ -1094‬و َع ْن ابْ ِن َعبه ٍ َ‬
‫ي‪.‬‬‫ام» َرَواهُ الْبُ َخا ِر ُّ‬ ‫ص َر َو ِْ‬ ‫يـ ْع ِين ِْ‬
‫اإل َْبَ َ‬ ‫اخل ْن َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬ ‫الرتِم ِذ ِي‪ِ :‬‬
‫س َس َواءٌ»‪.‬‬
‫ادهُ بَـيَ ًاان ب َق ْوله «الثهنيهةُ َوالض ْر ُ‬
‫َسنَا ُن َس َواءٌ» َز َ‬
‫«و ْاأل ْ‬
‫َصاب ِع َس َواءٌ» َ‬
‫«ديَةُ ْاأل َ ِ‬ ‫َوِألَِِب َد ُاود َو ِ ْ‬
‫ني سواء َع ْشرةٌ ِمن ِْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُصبُ ٍع»‪.‬‬‫اإلبِ ِل ل ُك ِل أ ْ‬ ‫الر ْجلَ ْ ِ َ َ ٌ َ ْ‬ ‫َصابِ ِع الْيَ َديْ ِن َو ِ‬
‫َوِالبْ ِن حبها َن‪« :‬ديَةُ أ َ‬
‫معاين الكلمات‬
‫الثنِيةُ‪ :‬إحدى األسنان األربع اليت مقدم الفم ‪ ،‬ثنتان من فوق وثنتان من حتت‪.‬‬
‫الس ّن الطاحنة‪.‬‬
‫س‪ّ :‬‬ ‫ال ِّ‬
‫ض ْر ُ‬

‫(‪)53‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫فقه احلديث‬
‫‪ -‬أن دية كل إصبع من أصابع اليدين والرجلني على حد سواء‪ ،‬ال فرق بني إصبع وإصبع‪.‬‬
‫‪ -‬أن دية كل إصبع من أصابع اليدين والرجلني عشر من اإلبل‪.‬‬
‫‪ -‬أن دية كل سن من األسنان على حد سواء‪ ،‬ال فرق بني سن وأخرى‪ ،‬فالثنية والناب والضرس على حد‬
‫سواء يف مقدار ديتها‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ما جاء يف ضمان املتطبب ملا أتلفه‬
‫ب ‪َ -‬وَملْ يَ ُك ْن‬ ‫«م ْن تَطَبه َ‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫ب َع ْن أَبِ ِيه َع ْن َج ِدهِ رضي هللا عنهم َرفَـ َعهُ قَ َ‬ ‫‪َ -1095‬و َع ْن َع ْم ِرو بْ ِن ُش َع ْي ٍ‬
‫ض ِام ٌن»‬
‫سا فَ َما ُدو ََّنَا‪ ،‬فَـ ُه َو َ‬
‫اب نَـ ْف ً‬
‫َص َ‬ ‫ب َم ْع ُروفًا ‪ -‬فَأ َ‬ ‫لط ِ‬ ‫ِاب ِ‬

‫هسائِ ُّي َوغَ ِْريِمهَا‪ ،‬هإال أَ هن َم ْن أ َْر َسلَهُ أَقـ َْوى ِِمه ْن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص هح َحهُ ا ْحلَاك ُم‪َ ،‬و ُه َو ع ْن َد أَِِب َد ُاود َوالن َ‬ ‫ْين َو َ‬ ‫هارقُط ِ ُّ‬
‫أَ ْخ َر َجهُ الد َ‬
‫صلَهُ‪.‬‬‫َو َ‬
‫معاين الكلمات‬
‫ب‪ :‬صيغة تفعل‪ ،‬تستعمل يف معىن تكلّف الشيء‪ ،‬مثل جتمل وتصرب‪ ،‬ومعناه‪ :‬تكلف الطب وتعاطاه‪،‬‬ ‫َم ْن تَطَب َ‬
‫فداوى مريضا ومل يكن عارفا له‪.‬‬
‫وهنَا‪ :‬أي‪ :‬فأهلك نفس املريض أو أتلف شيئا منه‪ ،‬واحلديث شامل لطب األدوية واجلراحة‬
‫اب نَ ْف ًسا فَ َما ُد َ‬
‫َص َ‬
‫فَأ َ‬
‫وتوابع ذلك‪.‬‬
‫ض ِامن‪ :‬أي‪ :‬ملا أتلفه‪.‬‬
‫فَ ُه َو َ‬
‫فقه احلديث‬
‫أن من ادعى علم الطب وليس بعامل فيه فغر الناس وعاجله إنساَن فمات من عالجه أو أتلف بعض أعضائه‬
‫فإنه ضامن ملا أتلف‪ ،‬وجتب عليه الدية ألنه متعد‪.‬‬

‫(‪)54‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫قد أمجع أهل العلم على تضمني الطبيب اجلاهل‪ ،‬قال ابن رشد‪ :‬ال خالفا بني أهل العلم أنه إذا مل يكن من‬
‫أهل الطب أنه يضمن‪ ،‬ألنه متعد‪ )9(.‬ومثل هذا قال اخلطايب وابن القيم‪.‬‬
‫واحلديث دليل على تضمني املتطبِّب ما أتلفه من نفس فما دوهنا سواء أصاب ابلسراية أو ابملباشرة وسواء كان‬
‫عمدا‪ ،‬أو خطأ‪ ،‬وقد ادعى على هذا اإلمجاع‪.‬‬
‫ذكر ابن رشد أنه إذا أخطأ وهو ليس من أهل املعرفة أن عليه الضرب والسجن والدية يف ماله وقيل‪ :‬على‬
‫العاقلة‪.‬‬
‫وذكر ابن القيم أن الطبيب اليكون حاذقا يثق من نفسه جودة الصنعة وإحكام املصلحة حىت يراعي عشرين‬
‫(‪)10‬‬
‫أمرا مث سردها‪.‬‬
‫واعلم أن املتطبب هو من ليس له خربة ابلعالج وليس له شيخ معروف والطبيب احلاذق هو من له شيخ‬
‫معروف وثق من نفسه جبودة الصنعة وإحكام املعرفة‪.‬‬
‫ومفهوم احلديث أنه إذا عاجله من له علم وبصارة ابلطب أنه اليضمن ما نتج من فعله‪ ،‬وهكذا أعنت الطبيب‬
‫احلاذق ابلسراية فإنه اليضمن إتفاقا‪ ،‬ألهنا سراية فعل مأذون فيه من جهة الشرع‪ ،‬ومن جهة الشخص املعاجل‬
‫وهكذا سراية كل مأذون فيه مل يتعد الفاعل يف سببه كسراية احلد وسراية القصاص عند اجلمهور خالفا أليب‬
‫حنيفة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ ،-‬فإنه أوجب الضمان هبا‪.‬‬
‫وفرق الشافعي بني الفعل املقدر شرعا كاحلد وغري املقدر كالتعزير‪ ،‬فال يضمن يف املقدر ويضمن يف غري املقدر؛‬
‫ألنه راجع إىل االجتهاد‪ ،‬فهو يف مظنة العدوان‪ ،‬وإن كان اإلعنات ابملباشرة‪ ،‬فهو مضمون عليه إن كان عمدا‪،‬‬
‫وإن كان خطأ فعلى العاقلة‪.‬‬
‫فإن كان الفعل غري مأذون فيه كما لو خنت صبيا بغري إذن وليه فسرت جنايته ضمن‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪ )9‬بداية اجملتهد (‪)338/4‬‬


‫(‪ )10‬زاد املعاد (‪)142/4‬‬

‫(‪)55‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫دية املوضحة‬
‫‪ -1096‬وعنه أن النِب صلى هللا عليه وسلم قال‪« :‬يف املواضح َخس َخس من اإلبل»‪ .‬رواه أَحد‬
‫واألربعة‪.‬‬
‫وزاد أَحد‪« :‬واألصابع سواء‪ ،‬كلهن عشر عشر من اإلبل»‪ .‬وصححة ابن خزمية وابن اجلارود‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫املواضح‪ :‬مجع موضحة‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫هذا احلديث موافق ملا تقدم يف حديث كتاب عمرو بن حزم‪ ،‬وموضحة الوجه والرأس سواء ابإلمجاع إذ ُها‬
‫كالعضو الواحد‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ما جاء يف دية أهل الذمة ودية املرأة‬
‫‪ -1097‬وعنه ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‪« :‬عقل أهل الذمة نصف‬
‫عقل املسلمني» ‪ .‬رواه أَحد واألربعة‪ .‬ولفظ أِب داود «دية املعاهد نصف دية احلر» ‪ .‬وللنسائي «عقل‬
‫املرأة مثل عقل الرجل حىت يبلغ الثلث من ديتها»وصححه ابن خزمية‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫وعنه‪ :‬أي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‪ .‬هو عمرو بن شعيب بن حممد بن صاحب رسول هللا ﷺ‬
‫عبد هللا بن عمرو بن العاص‪.‬‬
‫وأهل الذمة‪ :‬هم الذين يُعطون عهداً مستمراً للبقاء يف دار اإلسالم إذا أعطوا اجلزية والتزموا أحكام اإلسالم ‪.‬‬
‫واملراد هبم ‪ :‬اليهود والنصارى الذين يعيشون حتت سلطان املسلمني ‪.‬‬
‫املعاهد‪- :‬بكسر اهلاء‪ ،‬وقيل‪ :‬بفتحها‪ -‬وهو الذي دخل دار اإلسالم من الكفار بعهد من اإلمام أو من أحد‬
‫املسلمني‪.‬‬

‫(‪)56‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫فقه احلديث‬
‫فيه دليل على أن دية أهل الذمة نصف دية احلر املسلم وأن دية جراح املرأة مثل دية جراح الرجل‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫املسألة األوَل‪ :‬يف دية أهل الذمة‪ ،‬وللعلماء فيها ثالثة أقوال‪:‬‬
‫‪ )1‬القول األول‪ :‬أهنا نصف دية املسلم كما أفاده احلديث‪.‬‬
‫وإليه ذهب عمر بن عبد العزيز وعروة بن الزبري‪ ،‬وهو قول مالك وابن شربمة وأمحد بن حنبل غري أن‬
‫أمحد قال‪ :‬إذا كان القتل خطأ‪ ،‬فإن كان عمدا مل يقد به وتضاعف عليه اثين عشر ألفا‪.‬‬
‫‪ )2‬القول الثاين‪ :‬ديته دية املسلم‪.‬‬
‫وإليه ذهب احلنفية وسفيان الثوري ‪ ،‬وهو قول الشعيب والنخعي ويروى ذلك عن عمر وابن مسعود‪.‬‬
‫واستدلوا بقوله تعاىل‪{ :‬وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إىل أهله} [النساء‪]92 :‬‬
‫واستدلوا مبا أخرجه البيهقي عن ابن جريج عن الزهري عن أيب هريرة قال «كانت دية اليهودي والنصراين‬
‫يف زمن النيب ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬مثل دية املسلمني» ‪ .. .‬احلديث‪ .‬ولكن حديث الزهري عن‬
‫أيب هريرة مرسل ومراسيل الزهري قبيحة‪.‬‬
‫‪ )3‬القول الثالث ‪:‬ديته الثلث من دية املسلم‪.‬‬
‫‪ )4‬وإليه ذهب الشافعي وإسحاق بن راهويه‪ .‬ودليلهم هو مفهوم قوله يف حديث عمرو بن حزم «ويف النفس‬
‫املؤمنة مائة من اإلبل» ‪ ،‬فإنه دل على أن غري املؤمنة خبالفها وكأنه جعل بيان هذا املفهوم ما أخرجه‬
‫الشافعي نفسه عن ابن املسيب أن عمر بن اخلطاب ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ " -‬قضى يف دية اليهودي‬
‫والنصراين أبربعة آالف‪ ،‬ويف دية اجملوسي بثمامنائة " ومثله عن عثمان ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬فجعل قضاء‬
‫عمر ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬مبينا للقدر الذي أمجله مفهوم الصفة‪.‬‬
‫الرتجيح‪ :‬فالقول األول أرجح لقوة دليله‪ ،‬واألحاديث الواردة يف هذا الباب تبني املراد من اآلية يف سورة النساء‬
‫‪.92:‬‬
‫املسألة الثانية‪ :‬دية املرأة وجراحاُتا‬
‫وللنسائي «عقل املرأة مثل عقل الرجل حىت يبلغ الثلث من ديتها» وصححه ابن خزمية‪.‬‬

‫(‪)57‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫يف املسألة قوالن‪:‬‬


‫‪ )1‬استدل هبذا احلديث من قال أبن دية جراح املرأة مثل دية جراح الرجل حىت تبلغ الثلث من ديته‪ ،‬فإذا‬
‫جاوز الثلث فعلى النصف من ديته‪ ،‬مبعىن أن اجلنابة اليت توجب ثلث الدية تكون هي والرجل سواء‪،‬‬
‫وحديث الباب نص يف ذلك‪ ،‬فيقدم على ما سواه‪ ،‬وعلى هذا فإذا قطع إصبع امرأة ففيه عشر من‬
‫اإلبل‪ ،‬ويف إصبعني عشرون‪ ،‬ويف ثالثة ثالثون‪ ،‬ويف أربعة أصابع عشرون نصف دية الرجل‪ .‬وهذا قول‬
‫املالكية واحلنابلة والشافعي يف القدمي ‪ ،‬وهو قول سعيد بن املسيب والقاسم بن حممد وآخرين وعن ربيعة‪.‬‬
‫‪ )2‬وذهب علي ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬واهلادوية واحلنفية إىل أن دية املرأة وجراحاهتا على النصف من دية الرجل‬
‫وأخرج البيهقي عن علي أيضا أنه كان يقول " جراحات النساء على النصف من دية الرجل فيما قل‬
‫وكثر‪.‬‬
‫‪ )3‬أما دي ة النفس فقد أمجع أهل العلم على أن املرأة على النصف من دية الرجل‪ ،‬نقل اإلمجاع ابن املنذر‬
‫وابن عبد الرب وابن رشد واملوفق ابن قدامة ‪ ،‬وغريهم‪.‬‬
‫‪‬‬
‫حكم شبه العمد‬
‫ظ ِمثْ ُل‬
‫«ع ْق ُل ِش ْب ِه ال َْع ْم ِد ُمغَله ٌ‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم ‪َ :-‬‬ ‫صلهى ه‬ ‫اَّلل ‪َ -‬‬
‫ول هِ‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫‪َ -1098‬و َع ْنهُ قَال‪ :‬قَ َ‬
‫ضغِينَ ٍة‪َ ،‬وَال ََحْ ِل‬
‫هاس ِيف غَ ِْري َ‬ ‫ش ْيطَا ُن فَـتَ ُكو َن ِد َماءٌ بََْ‬
‫ني الن ِ‬ ‫احبُهُ‪َ ،‬وذَلِ َ‬
‫ك أَ ْن يَـ ْنـ ُزَو ال ه‬ ‫َع ْقلِ الْعم ِد‪ ،‬وَال يـ ْقتل ص ِ‬
‫َْ َ ُ َ ُ َ‬
‫ضعه َفهُ‪.‬‬ ‫هارقُط ِ ُّ‬
‫ْين َو َ‬ ‫ِ‬
‫س َال ٍح» أَ ْخ َر َجهُ الد َ‬
‫معاين الكلمات‬
‫يَنْ ُزَو‪ :‬يثب‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلِراح ِمن َغ ِري قَ ٍ ِ‬ ‫احل ِد ُ ِ‬
‫صد إلَْيه َوَملْ يَ ُك ْن بِس َال ٍح فَإِنهُ َال قَ َو َد فيه‪َ ،‬وأَنهُ شْبهُ‬
‫يث َدليل على أَنهُ إ َذا َوقَ َع ْ َ ُ ْ ْ ْ‬ ‫‪ -‬يف َْ‬
‫الْ َع ْم ِد فَيَلَْزُم فِ ِيه ال ِّديَةُ ُمغَلظَةً‪.‬‬
‫ات ِشْب ِه الْ َع ْم ِد‪.‬‬‫‪ِ -‬يف احلديث دلِيل علَى إثْب ِ‬
‫َ َ َ‬

‫(‪)58‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫األقوال يف املسألة‬
‫التغليظ يف الدية‪ ،‬فيه قوالن للعلماء‪:‬‬
‫‪ )1‬أن تَ ُكو ُن الدية أَثْ َال ًاث وهذا مذهب الشافِعِ ِي ومالِ ٍ‬
‫ك وهو الراجح‪.‬‬ ‫ّ ََ‬
‫‪ )2‬أن تَ ُكو ُن الدية أرابعا وهو مذهب اهلادوية‪.‬‬
‫‪‬‬
‫مقدار الدية من الفضة‬
‫‪ –1099‬وعن ابن عباس رضي هللا عنهما قال (( قتل رجل رجال على عهد رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ ، -‬فجعل النِب ديته اثين عشر ألفا ))‪ .‬رواه االربعه ورجح النسائي و أبو حامت إرساله‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل جواز الدية ابلدرهم أو غريه وال تقصر ابإلبل فقط دون غريه‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫اختلفوا يف قدر دية القتل‪:‬‬
‫‪ )1‬ذهب أكثر العلماء إىل أن دية القتل اثين عشر ألف درهم واستدل حبديث الباب‪.‬‬
‫‪ )2‬ذهب اهلادرية و أهل العراق أهنا عشرة االف درهم واستدل له يف البحر بقوله‪ :‬لقول علي به‪ ،‬وهو توقيف‪.‬‬
‫الرتجيح‪ :‬الراجح القول األول لقوة دليلهم يف ذلك‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ما جاء أنه ال يؤخذ أحد جبناية غريه‬
‫‪ -1100‬عن أِب رمثة قال ‪ :‬أتيت النِب صلى هللا عليه وسلم و معي ابين فقال ‪( :‬من هذا؟) فقلت ‪:‬‬
‫ابين و أشهد به ‪ .‬فقال ‪ ( :‬أما إنه ال جيين عليك وال جتين عليه)‪ .‬رواه النسائي و أبو داود‪ ،‬و صححه‬
‫ابن خزمية وابن اجلارود‪ .‬و هذا احلديث درجته صحيح‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫الشهادة‪ :‬األخبار مبا رأى ‪ ،‬و اإلقرار مبا علم عن يقني وبال زايدة وال نقصان‪.‬‬

‫(‪)59‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫اجلناية‪ :‬الذنب أو ما يفعله اإلنسان ِما يوجب عليه العقاب أو القصاص‪.‬‬


‫فقه احلديث‬
‫‪ -‬لعل مفهوم اجلناية يف احلديث هو اإلمث ‪ ،‬وإال فإن الدية حتمتها العاقلة‪.‬‬
‫‪ -‬احلديث دليل على أنه ال يؤخذ أحد جبريرة غريه‪ ،‬سواء أكان قريبا كاألب والولد وغريُها‪ ،‬أم أجنبيا؛ ألن‬
‫هللا تعاىل أوجب العدل‪ ،‬فقال سبحانه ‪( :‬وال تزر وازرة وزر أخرى ) (سورة فاطر ‪.)18 :‬‬
‫‪ -‬ليس ألحد أن يقتل أحدا جبناية أخيه أو ابن عمه؛ ألن هذا هو عمل اجلاهلية؛ وقد جاء اإلسالم إببطاله‬
‫والقضاء عليه‪.‬‬
‫‪ -‬ما ورد من أن العاقلة حتمل الدية يف شبه العمد و اخلطأ‪ ،‬فليس من حتمت اجلناية‪ ،‬وإمنا هو من ابب‬
‫التعاون و التعاضد فيما بني املسلمني‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)60‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ابب دعوى الدم والقسامة‬


‫أحكام القسامة‬
‫‪ -1101‬عن سهل ابن أِب جثمة عن رجال من كَباء قومه‪ ،‬أن عبدهللا ابن سهل وحميصة ابن مسعود‪،‬‬
‫خرج إَل خيَب من جهد أصاَبم‪ ،‬فأيت حميصة فأخَب‪ :‬أن عبدهللا ابن سهل قد قُتل وطُرح يف عني‪ ،‬فأتى‬
‫يهود‪ ،‬فقال‪ :‬أنتم‪-‬وهللا‪-‬قتلتموه‪ ،‬قالوا‪ :‬وهللا‪ ،‬ماقتلناه‪ ،‬فأقبل هو وأخوه حويصة وعبد الرَحن بن سهل‪،‬‬
‫فذهب حميصة ليتكلم‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪(:‬كَب كَب) يريد السن‪ ،‬فتكلم حويصة ُث‬
‫تكلم حميصة‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪( :‬إما أن يدعو صاحبكم‪ ،‬وإما أن َيذنوا ِبرب)‪،‬‬
‫فكتب إليهم يف ذلك‪ .‬فكتبوا‪ :‬إان وهللا‪ ،‬ماقتلناه‪ ،‬فقال حلويصة‪ ،‬وحميصة‪ ،‬وعبد الرَحن بن سهل‪( :‬أحتلفون‬
‫وتستحقون دم صاحبكم؟)‪ ،‬قالوا‪ :‬ال‪ .‬قال‪( :‬فليحلف لكم يهود؟)‪ ،‬قالوا‪ :‬ليس مسلمني‪ ،‬فوداه رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم من عنده‪ ،‬فبعث إليهم مائة انقة‪ .‬قال سهل‪ :‬فلقد ركضتين منها انقة َحراء‪.‬‬
‫متفق عليه‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫عن رجال من كرباء قومه‪ :‬من شيوخ قوم سهل ابن أيب جثمة‪ ،‬وهم من األنصار من بين حارثة من اخلزرج‪.‬‬
‫أن عبدهللا ابن سهل‪ :‬هو عبد هللا ابن سهل ابن زيد ابن كعب احلارثي األنصاري‪ ،‬قتل يف خيرب على عهد‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بعد فتحها‪.‬‬
‫حميّصة ابن مسعود‪ :‬وهو حميّصة ابن مسعود بن زيد ابن كعب احلارثي األنصاري املدين ابن عم عبد هللا بن‬
‫سهل املقتول‪.‬‬
‫من جهد أصاهبم‪ :‬بسبب مشقة وضيق عيش‪.‬‬
‫وطرح يف عني‪ :‬ألقي بعد قتله يف عني‬
‫كرب‪ :‬ليبدأ األكرب ابلكالم‪ ،‬واللفظ الثاين أتكيد لألول‬
‫كرب ّ‬
‫ّ‬
‫إما أن يدوا صاحبكم‪ :‬إما أن يدفع اليهود لكم ديق القتيل‪.‬‬

‫(‪)61‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫فكتب إليهم يف ذلك‪ :‬فكتب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إىل اليهود كتااب يف هذه القضية يذكر فيه ما‬
‫ادعي به عليهم‪ ،‬ووجود القتيل بينهم‪.‬‬
‫ليسوا مسلمني‪ :‬فال نرضى أبمياهنم‪ ،‬ألهنم كفار يتورعون عن الكذب‪.‬‬
‫فوداه‪ :‬فدفع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم دية القتيل لئال يهدر دمه‪.‬‬
‫ركضتين منها َنقة‪ :‬ضربتين برجلها‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫ألسن ابلكالم‪ ،‬ألن حميّصة وحويّصة قتل عبد هللا‪ .‬وعبد الرمحن هو أخو عبدهللا‪،‬‬
‫‪ -‬قدم صلى هللا عليه وسلم ا ّ‬
‫وأما حويّصة وحميّصة فابنا عمه‪.‬‬
‫‪ -‬دفع النيب صلى هللا عليه وسلم دية الصحايب القتيل من عبده من ابب الفيء‪ ،‬قطعا للنزاع‪.‬‬
‫‪ -‬حكم القيامة خمالف لسائر الدعاوى من جهة أن اليمني على امل ّدعي وأهنا مخسون ميينا‪.‬‬
‫‪ -‬أنه إذا وجد القتيل اجملهول القاتل ووجدت القرائن على قاتله حلف أولياء املقتول‪.‬‬
‫‪ -‬أن األولياء الذين حيلفون يف القيامة هم العصبة‪ ،‬أي‪ :‬عصبة املقتول‪.‬‬
‫‪ -‬أنه إذا نكل امل ّدعون عن احللف‪ ،‬وهو ال يريد أن حيلف وهو ال يرى‪ ،‬توجهت األميان على املدعى عليهم‪،‬‬
‫فإذا حلفوا انتهت اخلصومة‪ ،‬ومل يثبت عليهم شيء‪.‬‬
‫‪ -‬يف احلديث دليل على أن املشرتكني يف طلب حق ينبغي أن يقدموا للكالم واحدا منهم‪ ،‬وهذا نوع من‬
‫األدب‪.‬‬
‫‪ -‬يف احلديث دليل على أن موجب القسامة هو القود‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫هذا احلديث هو األصل يف مسألة القسامة‪ ،‬وصفتها‪ :‬أن يوجد القتيل وال يعرف قاتله‪ ،‬وال تقوم البينة على من‬
‫قتلة‪ ،‬في ّدعي أولياء املقتول على واحد أو مجاعة قتلة‪ ،‬وتقوم القرائن على صدق الول املدعي‪.‬‬
‫وجود اللوث وهو أخرب بغري ما يسأل عنه‪ .‬ففي تفسري اللوث قوالن‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أنه العداوة الظاهرة‪ ،‬كنحو بني أهل األنصار وأهل خيرب‪.‬‬ ‫‪)1‬‬

‫(‪)62‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫القول الثاين‪ :‬أن اللوث ما رجح جانب املدعي يف دعواه‪ ،‬وهذا القول أعم من األول‪ ،‬ألنه يشمل‬ ‫‪)2‬‬
‫العداوة وغريها من القرائن‪ ،‬كأن يوجد القتيل يف دار إنسان‪ ،‬أي يرى أاثثه عنده‪.‬‬
‫من هم األولياء الذين حيلفون يف القسامة؟‬
‫استدل العلماء على أن األولياء الذين حيلفون يف القسامة هم العصبة أي عصبة املقتول‪ ،‬وهذا القول‬ ‫‪)1‬‬
‫األول‪.‬‬
‫القول الثاين ‪ :‬أن األولياء الذين حيلفون هم الوارثون‪ ،‬وهذا قول الشافعي‪ ،‬ورواية عن أمحد‪ ،‬واستدلوا‬ ‫‪)2‬‬
‫أبن النيب صلى هللا عليه وسلم جعل احلالف هو املستحق للدية أو القصاص‪ ،‬ومعلوم أن غري الوارث‬
‫ال يستحق شيئا‪ ،‬فدل ذلك على أنه ال حيلف إال الوارث املستحق للدية‪.‬‬
‫الرتجيح‪ :‬والقول األول أرجح‪ ،‬ملا تقدم من أن النيب صلى هللا عليه وسلم خاطب بذلك بين عمه وهم غري‬
‫كملوا‬
‫وارثني‪ ،‬وألنه ال يعقل أن يكون مخسون رجال وارثني‪ ،‬وعلى هذا فاليبدأ ابلوارثني‪ ،‬فإن مل يبلغوا مخسني ّ‬
‫من سائر العصبات الذين ال يرثون‪ ،‬األقرب فاألقرب منهم إىل امليت‪.‬‬
‫ما الذي توجبه القسامة؟ قوالن ألهل العلم‪:‬‬
‫يف احلديث دليل على أن موجب القسامة هو القود‪ ،‬وهو قول األكثرين‪ ،‬لقوله‪﴿ :‬أحتلفون وتستحقون‬ ‫‪)1‬‬
‫دم صاحبكم﴾‪.‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬أن القسامة توجب الدية وال توجب القسامة‪ ،‬وهو قول احلنفية‪ ،‬والشافعية يف اجلديد‪،‬‬ ‫‪)2‬‬
‫ومجاعة من الصحابة والتابعني‪ .‬واستدلوا بقوله‪( :‬إما أن يدور صاحبكم‪ ،‬وإما أن يؤذوا حبرب) وهذا‬
‫حصر بني األمرين ال اثلث هلما وهو القصاص‪.‬‬
‫الرتجيح‪ :‬والقول األول أرجح لقوة مأخذه‪ ،‬ويؤيده املعىن‪ ،‬فإن ردع اجملرمني وصيانة الدماء واستقرار األمن إمنا‬
‫يكون يف القسامة على الوجه الذي صحت به اآلاثر‪ ،‬وأما غرامة الدية فأمر ميسور عند أرابب الفساد‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ما جاء يف أن القسامة كانت يف اجلاهلية‬
‫‪ -1102‬وعن رجل من األنصار ؛ أن رسول هللا أقر القسامة على ما كانت عليه يف اجلاهلية‪ ،‬وقضى َبا‬
‫رسول هللا (بني انس من األنصار يف قتيل ادعوه على اليهود) رواه مسلم‪.‬‬

‫(‪)63‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫معاين الكلمات‬
‫أقر‪ :‬أثبت‪.‬‬
‫القسامة‪ :‬هي اليمني‪ ،‬مسيت بذلك ألهنا تقسم على أولياء الدم‪.‬‬
‫اجلاهلية‪ :‬ما كان عليه العرب قبل اإلسالم من اجلاهلية و الضاللة‪.‬‬
‫األنصار‪ :‬أهل مدينة الرسول الذين َنصروه حني هاجر إليهم‪ ،‬وهم خالف املهاجرين‪.‬‬
‫اليهود‪ :‬قوم من أصل سامي‪ .‬قيل إهنم مسو كذالك ابسم يهوذا أحد أبناء يعقوب‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫‪ -‬قوله على ما كان عليه اجلاهلية كأنه أشار إىل ما أخرجه البخاري يف قصة اهلامشي يف اجلاهلية‪ ،‬وفيها‪ :‬أن‬
‫أاب طالب قال للقاتل‪ :‬اخرت منا إحدى ثالث‪ :‬إن شئت أن تؤدي مائة من اإلبل؛ فإنك قتلت صاحبنا‬
‫خطأ‪ ،‬وإن شئت حلف مخسون من قومك‪ :‬أنك مل تقتله‪ ،‬وإن أبيت قتلناك به"‪ .‬وفيه دليل على ثبوت‬
‫القتل ابلقسامة‪.‬‬
‫‪ -‬احلديث دليل على أن القسامة كانت موجودة يف اجلاهلية قبل اإلسالم‪.‬‬
‫‪ -‬احلديث دليل عل أن النيب‪-‬صل هللا عليه وسلم‪ -‬أقر القسامة على ما كانت عليه يف اجلاهلية؛ لكوهنا‬
‫سبيال من سبيل صيانة الدماء و عدم ضياع احلقوق‪ ،‬وهذا يدل على أن ما عند الكفار ِما يوافق الشرع‬
‫يؤخذ به‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)64‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ابب قتال أهل البغي‬


‫التحذير من َحل السالح على املسلمني‬
‫‪ -1103‬عن ابن عمر رضي هللا عنهما قال ‪ :‬قال رسول هللا ((من َحل علينا السالح فليس منا)) متفق‬
‫عليه‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫القتال‪ :‬مصدر من قاتل يقاتل مبعىن حارب و َنزل‪.‬‬
‫البغي‪ :‬لغة مصدر بغي يبغي بغيا أي عىت و ظلم وعدل عن أحلق‪ .‬واصطالحا خروج مجاعة من املسلمني هلم‬
‫شوكة ومنعة عن قبضة اإلمام لينازعوه يف سلطانه بتأويل سائغ‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث يدل على أن محل السالح على املسلمني بغري حق وال أتويل من كبائر الذنوب؛ ألن النيب صلى هللا‬
‫عليه وسلم قال عنه‪" :‬فليس منا"‪ ،‬فإن استحل ذلك (أي اعتقد أن ذلك حالل) فقد كفر وخرج عن ملة‬
‫اإلسالم‪ ،‬وهذا مذهب أهل السنة واجلماعة‪.‬‬
‫قسم العلماء اخلارجني إَل اإلمام إَل األقسام‪:‬‬
‫‪ -‬البغاة‪ :‬سبق تعريفها‪.‬‬
‫‪ -‬اخلوارج‪ :‬أول خروجهم يف عهد علي رضي هللا عنه وأصوهلم موجودة فبل ذلك وأهنم أقبح وأشنع من‬
‫البغاة خلروجهم تفربقا بني املسلمني ويستحلون دماء املسلمني غريهم و أمواهلم‪.‬‬
‫‪ -‬قطاع الطريق‪ :‬هم الذين يتعرضون للناس إبشهاد السالح وسلب األموال وغريها‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)65‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫التحذير من اخلروج عن الطاعة ومفارقة اجلماعة‬


‫‪ -1104‬وعن أِب هريرة عن النِب صلى هللا عليه وسلم قال‪(( :‬من خرج عن الطاعة‪ ،‬وفارق اجلماعة‪،‬‬
‫ومات فميتته جاهلية))‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫الطاعة‪ :‬طاعة اخلليفة الذي وقع اإلمجاع عليه‪.‬‬
‫فارق اجلماعة‪ :‬خرج عن اجلماعة الذين اتفقوا على طاعة إمام انتظم به مشلهم‪.‬‬
‫ميتته جاهلية‪ :‬منسوبة إىل أهل اجلهل‪ .‬واملراد من مات على الكفر قبل اإلسالم‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على أنه إذا فارق أحد اجلماعة ومل َيرج عليهم والقاتلهم أَن النقاتله لنرده إىل اجلماعة ويذعن‬
‫لإلمام ابلبطالة‪ ،‬بل خنليه وشأنه‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫اختلف العلماء يف هذه املسألة اىل القولني‪:‬‬
‫يوجب القتل من َيالف اخلليفة وَيرجه عن اإلسالم‪.‬‬ ‫‪)1‬‬
‫ال يوجب القتل من َيالف اخلليفة وال َيرجه عن اإلسالم‪.‬‬ ‫‪)2‬‬
‫ألن مل أيمر صلى هللا عليه وسلم بقتاله بل أخربَن عن حال موته‪ ،‬وأنه كأهل اجلاهلية‪ ،‬وال َيرج بذلك‬
‫عن الإلسالم‪.‬‬
‫والدليل على ذلك‪ ،‬ما ثبتمن قول علي للخوارج‪(( :‬كونوا حيث شئتم وبيننا وبينكم أن ال تسفكوا دما‬
‫حراما‪ ،‬والتقطعوا سبيال‪ ،‬والتظلم أحدا‪ ،‬فإن فعلتم نفذت إليكم ابحلرب))‪.‬‬
‫وقال عبد هللا بن شداد‪ :‬فوهللا ما قتلهم حىت قطعوا السيبل وسفكوا الدام احلرام‪.‬‬
‫القول الراجح هو القول الثاين لقوة الدليل فيه‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)66‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ما جاء يف أن عماراً تقتله الفئة الباغية‬


‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم ‪َ :-‬ه ْل‬ ‫صلهى ه‬ ‫ول هِ‬ ‫ض َي ه‬ ‫‪ -1105‬وعَن ابْ ِن عُمر ‪ -‬ر ِ‬
‫اَّلل ‪َ -‬‬ ‫ال َر ُس ُ‬ ‫ال‪« :‬قَ َ‬ ‫اَّللُ عَ ْنـ ُه َما ‪ -‬قَ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ْ‬
‫ال‪َ :‬ال ُْجي َه ُز‬ ‫ال‪ :‬ه‬
‫اَّللُ َوَر ُسولُهُ أَ ْعلَ ُم‪ .‬قَ َ‬ ‫يم ْن بَـغَى ِم ْن َه ِذهِ ا ْألُهم ِة؟ قَ َ‬ ‫ف حكْم هِ ِ‬
‫اَّلل ف َ‬
‫ِ ٍ‬
‫تَ ْد ِري َاي ابْ َن أُم َع ْبد‪َ ،‬ك ْي َ ُ ُ‬
‫ص هح َحهُ فَـ َو ِه َم؛‬ ‫ِ‬
‫ب َها ِرَُبَا‪َ ،‬وَال يُـ ْق َ‬
‫س ُم فَـ ْيـ ُؤ َها» َرَو ُاه الْبَـ هز ُار َوا ْحلَاك ُم‪َ ،‬و َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َعلَى َج ِرحي َها‪َ ،‬وَال يُـ ْقتَ ُل أَسريَُها‪َ ،‬وَال يُطْلَ ُ‬
‫ص هح َع ْن َعلِ ٍي ِم ْن طُُر ٍق ََْن ُوهُ َم ْوقُوفًا‪ .‬أَ ْخ َر َجهُ ابْ ُن أَِِب َش ْيـبَ َة‬ ‫وك ‪َ -‬و َ‬ ‫ادهِ َك ْوثَـ َر بْ ُن َح ِك ٍيم‪َ ،‬و ُه َو َم ْرتُ ٌ‬
‫ِألَ هن ِيف إسنَ ِ‬
‫ْ‬
‫َوا ْحلَاكِ ُم‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫وجهز‪ :‬بت قتله ‪ ،‬وأسرعه ومتم عليه ‪.‬‬
‫ال جيهز على جرحيها‪ :‬ال يتم قتل من كان جرحيا من البغاة ‪.‬‬
‫ال يقسم فيئها‪ :‬ال يغنم فيقسم ‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫ويف احلديث مسائل‪:‬‬
‫األوَل‪ :‬جواز قتال البغاة‪ ،‬وهو إمجاع؛ لقوله تعاىل‪ « :‬فقتلوا اليت تبغي » [احلجرات ‪ ]۹ :‬واآلية دالة على‬
‫الوجوب‪ ،‬وبه قالت اهلادوية‪ ،‬ولكن شرطوا ظن الغلبة ‪ ،‬وعند مجاعة من العلماء أن قتاهلم أفضل من قتال‬
‫الكفار‪ ،‬قالوا‪ :‬ملا يلحق املسلمني من الضرر منهم‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أنه يتعني أوالً قبل قتاهلم دعاؤهم إىل الرجوع عن البغي‪ ،‬وتكرير الدعاء؛ كما فعل علي ‪ -‬رضي هللا‬
‫عنه ‪ -‬يف اخلوارج فإهنم ملا فارقوه أرسل إليهم ابن عباس فناظرهم؛ فرجع منهم أربعة آالف‪ ،‬وكانوا مثانية آالف‪،‬‬
‫وبقي أربعة‪ ،‬أبوا أن يرجعوا وأصروا على فراقه‪ ،‬فأرسل إليهم‪ :‬كونوا حيث شئتم‪ ،‬وبيننا وبينكم أال تسفكوا دما‬
‫أحدا‪ ،‬فقتلوا عبد هللا بن خباب ‪ -‬صاحب رسول هللا ا ‪ -‬مث يقروا بطن‬ ‫حر ًاما‪ ،‬وال تقطعوا سبيالً‪ ،‬وال تظلموا ً‬
‫اسريته‪ ،‬وهي حبلى‪ ،‬وأخرجوا ما يف بطنها‪ ،‬فبلغ عليا ‪ -‬كرم هللا وجهه ‪ -‬فكتب إليه أفيدوَن بقاتل عبد هللا بن‬
‫خباب‪ ،‬فقالوا‪ :‬كلنا قتله‪ ،‬فأذن حينئذ يف قتاهلم‪ .‬وهي رواايت اثنية ساقها املصنف يف "فتح الباري "‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬احلديث دل أيضا على أنه ال يقتل أسري البغاة‪ ،‬قالوا‪ :‬وهذا خاص ابلبغاة؛ ألن قتاهلم إمنا لدفعهم عن‬
‫احملاربة‪.‬‬

‫(‪)67‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫األقوال يف املسألة‬
‫املسألة األوَل‪ :‬هل يطلب هارَبا ؟ فيها قوالن‪:‬‬
‫منحريا إىل فئة؛ وإىل هذا‬
‫ً‬ ‫القول األول‪ :‬دل احلديث على أنه ال يطلب هارهبا‪ .‬وظاهره‪ :‬ولو كان‬ ‫‪)1‬‬
‫ذهب الشافعي‪ ،‬قال‪ :‬ألن القصد دفعهم يف تلك احلال‪ ،‬وقد وقع‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬ذهبت اهلادوية‪ ،‬واحلنفية إىل أن اهلارب إىل فئة يقتل؛ إذ ال يؤمن عوده‪.‬‬ ‫‪)2‬‬
‫الراجح‪ :‬أن احلديث يرد القول الثاين‪ ،‬وكذا ما تقدم من كالم علي عليه السالم‪.‬‬
‫املسألة الثانية‪ :‬هل أموال البغاة تغنم أم ال ؟ فيها قوالن‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أن أموال البغاة ال تغنم‪ ،‬وإن اجلبوا هبا إىل دار احلرب‪ ،‬وإىل هذا ذهبت الشافعية‪،‬‬ ‫‪)1‬‬
‫واحلنفية‪ ،‬وأيد هذا بقوله ‪ -‬اىل هللا عليه واله وسلم‪« :‬ال حيل مال امرئ مسلم إال بطيبة من نفسه»‪،‬‬
‫وعن جعفر بن ملد‪ ،‬عن أبيه‪« :‬أن عليا ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬كان ال أيخذ سلبًا»‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬وذهبت اهلادوية إىل أنه يغنم ما أجلبوا به من مال‪ ،‬وآلة حرب‪ ،‬وَيمس؛ لقول علي ‪-‬‬ ‫‪)2‬‬
‫عليه السالم ‪ « : -‬لكم املعسكر وما حوى »‪.‬‬
‫الراجح‪ :‬أجيب أبن احلديث مصرح أبهنا ال تغنم وأبن ما ذكرَنه عن علي ( عليه السالم ) ِما يوافق احلديث‬
‫أكثر ‪ ،‬وأقوى طريقا‪.‬‬
‫املسألة الثالثة‪ :‬هل يضمن البغاة ما أتلفوه يف القتال من الدماء واألموال ؟ فيها قوالن‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬يؤخذ من إطالق قوله ‪ « :‬وال جيهز على جرحيها ‪ ،‬أنه ال يضمن البغاة ما أتلفوه يف‬ ‫‪)1‬‬
‫القتال من الدماء واألموال ؛ وإليه ذهب اإلمام حييي واحلنفية ‪ ،‬واستدل أيضا بقوله تعاىل ‪َ « :‬ح ّىت‬
‫يئ إِىل أَم ِر هللا » [ احلجرات ‪ ، ] 9 :‬ومل يذكر ضماَن‪ ،‬ومبا أخرجه البيهقي عن ابن شهاب قال ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫تَف َ‬
‫هاجت الفتنة األوىل فأدركت الفتنة رجاالً ذوي عدد من أصحاب رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وآله‬
‫بدرا ‪ ،‬وبلغنا أهنم كانوا يرون أن يهدر أمر الفتنة ‪ ،‬وال يقام فيها على رجل‬
‫وسلم ‪ِ -‬من شهد معه ً‬
‫قاتل يف أتويل القرآن قصاص فيمن قتل ‪ ،‬وال حد يف سباء امرأة سبيت ‪ ،‬وال يرى عليها حد ‪ ،‬وال‬
‫بينها وبني زوجها مالعنة ‪ ،‬وال يرى أن يقذفها أحد إال جلد احلد ‪ ،‬ويرى أن ترد إىل زوجها األول‬

‫(‪)68‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫بعد أن تعتد ‪ ،‬فتنقضي عدهتا من زوجها اآلخر ‪ ،‬ويرى أن يرثها زوجها األول‪ .‬وهذا وإن مل يكن‬
‫إمجاعا؛ فإنه مقو للرباءة األصلية؛ إذ األصل أن أموال املسلمني‪ ،‬ودماءهم معصومة‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ )2‬القول الثاين‪ :‬ذهب الشافعي‪ ،‬وحكي عن اهلادوية‪ :‬إىل أن يقتص ِمن قتل من البغاة‪ ،‬واستدلوا بعموم‬
‫اَن» [ اإلسراء ‪ ،] ۳۳ :‬وحديث‬ ‫وما فَ َقد َج َعلنَا لوليه ُسلطَ َ‬ ‫ِ‬
‫اآلايت‪ ،‬واألحاديث حنو‪َ « :‬وَمن قُت َل َمظلُ ً‬
‫مسلما بقتل عن بينة فهو قود »‪.‬‬ ‫‪ « :‬من اعتبط ً‬
‫الراجح‪ :‬هو القول األول‪ ،‬وأجيب أبهنا عمومات خصت مبا ذكر من أدلة أهل القول األول‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ما ينهى عنه يف قتال البغاة‬
‫‪ -1106‬وعن ابن عمر رضي هللا عنه قال ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪" :‬هل تدري اي ابن أم‬
‫عبد‪ ،‬كيف حكم هللا فيمن بغى من هذه األمة؟" قال ‪ :‬هللا ورسوله أعلم‪ .‬قال‪" :‬ال ُْجي َه ُز على جرحيها وال‬
‫يقتل أسريها‪ ،‬وال يطلب هارَبا‪ ،‬وال يقسم فيئها‪[ ".‬رواه البزار واحلاكم[ ‪-‬حديث ضعيف‪-‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫ابن أم عبد‪ :‬هو عبد هللا بن مسعود‪ ،‬ألنه املعروف بذلك‪.‬‬
‫ال ُْجي َه ُز على جرحيها‪ :‬ال يتم قتل من كان جرحيا من البغاة‪.‬‬
‫ال يقتل أسريها‪ :‬ال يقتل أسري البغاة‪.‬‬
‫ال يطلب هارهبا‪ :‬من هرب منهم ال يتبع وال يلحق‪.‬‬
‫ال يقسم فيئها‪ :‬اليغنم فيقسم‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫يف احلديث مسائل‪:‬‬
‫۟‬
‫األوَل‪ :‬جواز قتال البغاة‪ ،‬وهو إمجاع لقوله تعاىل (( فَ َقٰتِلُوا ٱلتِی تَ ۡبغِی‪ )) ..‬و عند مجاعة من العلماء أن قتاهلم‬
‫أفضل من قتال الكفار ملا يلحق املسلمني من الضرر منهم‪.‬‬
‫وقال الصنعاين أن اآلية دلت على الوجوب‪ ،‬وبه قالت اهلادوية لكن شرطوا ظن الغلبة‪.‬‬

‫(‪)69‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫وأنه يتعني قبل قتاهلم دعاؤهم إىل الرجوع عن البغي وتكرير الدعاء كما فعل علي عليه السالم يف اخلوارج‪ ،‬فإهنم‬
‫ملا فارقوه أرسل إليهم ابن عباس فناظرهم فرجع منهم ‪ 4000‬وكانوا ‪ 8000‬فالباقون أبوا أن يرجعوا‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬احلديث دليل على ما ينهى عنه يف قتال البغاة‪:‬‬
‫أنه ال ُْجي َه ُز على جرحيها‪ .‬و أخرج البيهقي أن عليا قال ألصحابه يوم اجلمل ‪" :‬إذا ظهرمت على‬ ‫‪)1‬‬
‫القوم فال تطلبوا مدبرا وال جتهزوا على جريح‪.‬‬
‫وأنه ال يقتل أسري البغاة ‪ ،‬قالوا ‪ :‬وهذا خاص ابلبغاة‪ ،‬ألن قتاهلم إمنا هو لدفعهم عن احملاربة‪.‬‬ ‫‪)2‬‬
‫وأنه ال يطلب هارهبا وظاهره ولو كان متحيزا إىل فئة ألن القصد دفعهم يف تلك احلال وقد وقع‪،‬‬ ‫‪)3‬‬
‫و هذا ما قال الشافعي‪ .‬و ذهب اهلادوية و احلنفية إىل أن اهلارب إىل فئة يقتل إذ ال يؤمن عوده‪.‬‬
‫وال يقسم فيئها أي اليغنم فيقسم دال على أن أموال البغاة ال تغنم‪ ،‬وإن أجلبوا هبا إىل دار احلرب‪،‬‬ ‫‪)4‬‬
‫و إىل هذا ذهبت الشافعية واحلنفية‪ ،‬وأيد هذا بقوله عليه السالم " ال حيل مال امرئ مسلم إال‬
‫بطيبة من نفسه"‪ .‬و ذهبت اهلادوية إىل أنه يغنم ما أجلبوا به من مال و آلة حرب و َيمس لقول‬
‫علي ‪ :‬لكم املعسكر وما حوى‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬اإلشارة إىل أنه ال ضما ن البغاة فيما تلف من نفس ومال‪ ،‬وإليه ذهب اإلمام حيىي واحلنفية‪ ،‬واستدل‬
‫أيضا بقوله تعاىل‪(( :‬حىت ت ِف ۤیء إِ َ ۤىل أ َۡم ِر ِۚ‬
‫ٱلَّلِ ))‪.‬‬ ‫َ َٰ َ ٰ‬
‫الرابعة‪ :‬ذهب الشافعي وحكي عن اهلادوية إىل أنه يقتص ِمن قتل من البغاة‪ ،‬واستدلوا بعموم اآلايت‪ ،‬حنو‪:‬‬
‫ۡ‬ ‫ۡ ۡ‬ ‫ۡ‬
‫(( َوَمن قُتِ َل َمظلُوما فَ َقد َج َعلنَا لَِولِيِّ ِهۦ ُسلطَٰنا ))‪.‬‬
‫‪‬‬
‫حكم من فرق أمر هذه األمة وهي مجيع‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم ‪-‬‬
‫صلهى ه‬ ‫ول هِ‬ ‫ال‪َِ :‬مس ْعت َر ُس َ‬ ‫ض َي ه‬ ‫‪ -1107‬و َعن َعرفَجةَ بْ ِن ُشريْ ٍح ‪ -‬ر ِ‬
‫اَّلل ‪َ -‬‬ ‫اَّللُ َع ْنهُ ‪ -‬قَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ْ َ‬
‫اعتَ ُك ْم فَاقْـتُـلُوهُ» أَ ْخ َر َجهُ ُم ْسلِ ٌم‪.‬‬
‫يع يُ ِري ُد أَ ْن يُـ َف ِر َق َمجَ َ‬ ‫ول‪« :‬من أ َََت ُكم وأ َْمرُكم َِ‬
‫مج ٌ‬ ‫َْ ُ ْ‬ ‫يَـ ُق ُ َ ْ‬
‫معاين الكلمات‬
‫أاتكم‪ :‬جاءكم‪.‬‬
‫أمر‪ :‬شأن‪.‬‬

‫(‪)70‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫وأمركم مجيع‪ :‬كلمتكم جمتمعة على إمام واحد‪ ،‬وأنتم على يد واحد‪.‬‬
‫يفرق‪ :‬يفصل‪.‬‬
‫مجاعة‪ :‬فرقة‪ ،‬جمموعة‪ ،‬طائفة‪.‬‬
‫فاقتلوه ‪ :‬أي حدا ودفعا لشره وتفريقه لكلمة املسلمني‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫‪ -‬وجوب السمع والطاعة لول األمر املسلمني‪ ،‬وحترمي اخلروج عليه‪.‬‬
‫‪ -‬من خرج على إمام قد اجتمعت عليه كلمة املسلمني فإنه جيب قتله مهما كان كانت منزلته شرفا ونسبًا‪.‬‬
‫‪ -‬احلث على االجتماع وعدم التفرق واالختالف‪.‬‬
‫‪ -‬حلديث يشمل بظاهره ما إذا كان اخلارج واحدا أو مجاعة فإهنم يقتلون‪ ،‬لكن اجلماعة إن كان هلا شوكة‬
‫ومنعة وخرج أفرادها بتأويل سائغ فهم بغاة‪ ،‬أما إن مل يكن هلم أتويل وأرادوا السيطرة على احلكم‪ ،‬فإن‬
‫حكمهم حكم قطاع الطريق‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫يف هذه املسألة خالف‪ ،‬هل قتله واجب أم جائز‪ ،‬مع أن فعل أمر هنا للوجب‪ ،‬أم الضرب ابلسيف؟‬
‫‪ )1‬قال مجاعة بوجوب قتله‪.‬‬
‫‪ )2‬قال بعضهم أن قتله جائز وليس وجواب‪.‬‬
‫‪ )3‬وقال بعضهم أن نضربه ابلسيف حلديث رواه مسلم (( فمن أراد أن يفرق أمر هذه األمة وهي مجيع‬
‫فاضربوه ابلسيف))‪.‬‬
‫الرتجيح‪ :‬من يريد تفريق كلمة املسلمني بعد اجتماعهم وإذعاهنم حلاكم‪ ،‬وقد أفاد أن املسلمني إذا اجتمعوا‬
‫على خليفة واحد مث جاءهم من يريد أن يع ِزَل َ‬
‫إمامهم الذي اتف ُقوا على إمامته وجب عليهم وضع حد له ولو‬
‫دفعا لشره وحقنًا لدماء املسلمني‪ .‬إذن‪ ،‬إذا اكتفى بوضع حد فال نقوم ابلقتال عليه‪.‬‬
‫بقتله؛ ً‬
‫‪‬‬

‫(‪)71‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ابب قتال اجلاين وقتل املرتد‬


‫القتال‪ :‬مصدر قاتله يقاتله قتاال ومقاتلة‪ ،‬ومعناه‪ :‬حاربه وَنزله‪ ،‬وأما القتل‪ :‬فهو إزهاق الروح ابلضرب أو‬
‫بغريه‪.‬‬
‫واجلاين‪ :‬اسم فاعل من جىن جناية‪ ،‬أي‪ :‬أذنب ذنبا يؤاخذ عليه‪ .‬ويف عرف الفقهاء‪ :‬التعدي على األبدان‬
‫سواء يف النفس أو الطرف‪.‬‬
‫وأما املرتد يف اللغة‪ :‬الراجع‪ ،‬يقال‪ :‬ارتد فالن إذا رجع‪ ،‬واالسم‪ :‬الردة‪.‬‬
‫ويف الشرع‪ :‬الراجع من دين اإلسالم إىل الكفر‪.‬‬
‫ما جاء فيمن قتل دون ماله‬
‫‪ -1108‬عن عبد هللا بن عمر رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪(( :‬من قتل دون‬
‫ماله فهو شهيد)) رواه أبو داود والنسائي والرتمذي وصححه‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫قوله‪( :‬من قتل دون ماله) أي أن املراد ألجل الدفع عن أخذ ماله‪.‬‬
‫(فهو شهيد) إن قتله من جاءه ليأخذ ماله بغري حق فدفعه حىت قتل فله حكم الشهداء يف اآلخرة يف اإلاثبة‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫يف احلديث دليل على مشروعية الدفاع عن املال‪ ،‬وجواز مقاتلة املعتدي ألخذ املال‪ ،‬وأن من دافع عن ماله‬
‫وقتل يف هذه املدافعة فهو شهيد عند هللا تعاىل‪.‬‬
‫وعن أيب هريرة مرفوعا بلفظ‪ « :‬أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مال؟ قال ‪ :‬فال تعط له‪ .‬قال‪ :‬أرأيت إن قاتلين؟‬
‫قال‪ :‬قاتله‪ ،‬قال‪ :‬أرأيت إن قتلين؟ قال‪ :‬فأنت شهيد‪ ،‬قال‪ :‬أرأيت إن قتلته؟ قال‪ :‬فهو يف النار » رواه مسلم‪.‬‬

‫(‪)72‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫األقوال يف املسألة‬
‫‪ .1‬ظاهر العموم أنه ال فرق بني املال القليل والكثري‪ ،‬وهو قول اجلمهور‪.‬‬
‫‪ .2‬وقال بعض أصحاب مالك‪ :‬ال جيوز قتله إذا طلب شيئا يسريا‪ ،‬كالثوب والطعام‪ .‬وقال النواوي‪ :‬وهذا‬
‫ليس بشيء‪( .‬والصواب ما قاله اجلماهري)‪.‬‬
‫وقد ذكر القرطيب أن سبب اخلالف يف ذلك "هل القتال لدفع املنكر فال يفرق املال بني القليل والكثري‪،‬‬
‫أو أنه من ابب دفع الضرر فتختلف احلال يف ذلك"‪.‬‬
‫واختلف العلماء فيمن قتل دون ماله أو نفسه أو أهله‪ ،‬هل أيخذ حكم الشهيد يف أحكام الدنيا؟ على‬
‫قولني‪:‬‬
‫األول‪ :‬أنه ال أيخذ حكم الشهيد بل يغسل ويكفن ويصلي عليه‪ ،‬وتسميته شهيدا إمنا هو ابعتبار‬ ‫‪)1‬‬
‫الثواب دون أحكام الدنيا‪ .‬وهذا القول رواية عن أمحد‪ ،‬وهو قول مالك‪ ،‬والشافعي؛ ألن رتبته دون‬
‫رتبة الشهيد يف املعركة‪ ،‬لكن له ثواب الشهداء‪ ،‬وال يلزم أن يكون مثل شهيد املعركة‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أنه أيخذ حكم الشهيد فال يغسل وال يصلي عليه‪ .‬وهو قول الشافعي واألوزاعي‪ ،‬وإسحاق‬ ‫‪)2‬‬
‫يف الغسل؛ ألنه قتل شهيدا‪ ،‬فأشبه شهيد املعركة‪ ،‬أخذا بعموم احلديث‪ .‬والقول األول أقرب؛ لقوة‬
‫مأخذه‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ما جاء فيمن عض رجالً فوقعت ثنيته‬
‫‪ – 1109‬وعن عمران بن حصني قال‪ :‬قاتل يعلى ابن أمية رجال‪ ،‬فعض أحدمها صاحبه‪ ،‬فانتزع يده من‬
‫فمه‪ ،‬فانتزع ثنيته‪ ،‬فاختصما إَل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فقال‪" :‬أيعض أحدكم أخاه كما يعض‬
‫الفحل؟ ال دية له"(متفق عليه) واللفظ ملسلم‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫فعض ‪ :‬من العض وهو القطع ابألسنان‪.‬‬
‫فانتزع ثنيته ‪ :‬فنزع املعضوضة يده ثنية العاض وأخرجها من مكاهنا‪ ،‬لكن ال عمدا بل لشدة عضه‪.‬‬
‫الثنية ‪ :‬احدى األسنان األربع يف مقدمة الفم‪ ،‬ثنيتان من فوق‪ ،‬وثنيتان من حتت‪.‬‬

‫(‪)73‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫الفحل ‪ :‬هو الذكر من اإلبل وغريها من الدواب‪.‬‬


‫كما يعض الفحل ‪ :‬هذا التشبيه مقصود به التنفري والتقبيه حال املشبه‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على أن هذه اجلناي ة اليت وقعت ألجل الدفاع عن الضرر هتدر‪ ،‬ال قصاص وال دية عليه‪ ،‬وال‬
‫يرتتب على دفاعه عن نفسه ضمان ما يتلف سبب ذالك؛ ألنه دفاع مشروع مأذون فيه‪ ،‬وما يرتتب على‬
‫املأذون فهو غري مضمون‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫قال اجلمهور‪ :‬ال يهدر‪ ،‬ال يلزمه شيء‪.‬‬ ‫‪)1‬‬
‫ألنه يف حكم الصائل‪ ،‬واحتجوا أيضا ابإلمجاع على أن من شهر على آخر سالحا لقتله فدفع عن‬
‫نفسه فقتل الشاهر أنه ال شيء عليه‪ ،‬وقالوا‪ :‬ولو جرحه املعضوض يف جمل آخر من بدنه مل يلزمه‬
‫شيء‪ ،‬وشرط اإلهدار أن يتأمل املعضوض‪ ،‬وأن ال ميكنه ختليص يده بغري ذلك من ضرب شدقه‪،‬‬
‫أو فك حلييه لريسلهما‪ ،‬ومهما أمكن التخلص بدون ذلك فعدل عنه إىل األثقل مل يهدر‪.‬‬
‫قال الشافعيية‪ :‬وجه أنه يهدر على اإلطالق‬ ‫‪)2‬‬
‫ودليل شرط اإلهدار مبا ذكر مأخوذ من القواعد الكلية يف الشرع وإال‪ ،‬فال يفيده احلديث‪ ،‬فإن‬
‫كان العض يف موضع آخر من البدن جرى فيه هذا احلكم قياسا‪.‬‬
‫الراجح هو ما ذهب إليه اجلمهور أنه ال يلزمه شيء‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)74‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫حكم من اطلع يف بيت قوم ففقأوا عينه‬


‫‪ -1110‬عن أِب هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬قال أبو القاسم صلى هللا عليه وسلم‪ :‬لو أن امرأ اطلع عليك‬
‫بغري إذن فخذفته ِبصاة فقفأت عينه مل يكن عليك ُجناح‪(.‬متفق عليه)‪.‬‬
‫ويف لفظ ألَحد والنسائي وصححه ابن حبان‪ :‬فال دية له وال قصاص‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫أبو القاسم‪ :‬هو سيدَن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬قد كين أبكرب ولده‪ .‬فإنه صلى هللا عليه وسلم رزق‬
‫بغالمني القاسم وعبدهللا ورزق أبربع بنات رقية وأم كلثوم وفاطمة‪ .‬ومل يرزق من نسائه كلهن بولد سوى خدجية‬
‫رضي هللا عنها ‪ .‬وملا تسرى مبارية بنت مسعون رضي هللا عنها رزق منها إببراهيم‪ .‬فكان يقال له أبو القاسم‬
‫عليه الصالة والسالم‪ .‬فقد قال عن نفسه إمنا أَن قاسم وهللا معط‪ .‬فهل جيوز التكين هبذه الكنية لفالن أبنه‬
‫أبو القاسم؟ اجلواب ال ألن النيب صلى هللا عليه وسلم قال ‪ :‬تسموا ابمسي وال تكنوا بكنييت‪ ،‬لكن أكثر أهل‬
‫العلم قالوا أن هذا خمصوص حلياة النيب صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫لو أن امرأ ‪ :‬هذه مجلة شرطية‪ .‬امرأ نكرة يف سياقا لشرط فتشمل الرجل واملرأة والشاب والشيخ‪.‬‬
‫اطلع عليك بغريإذن‪ :‬يعين البيوت جعلها هللا مثابة للناس وأمنا وهي نعمة من نعم هللا ليكون اإلنسان يسكن‬
‫يف بيته بعمل على نفسه وأهله وأعماله يف صورة املنن‪ .‬وقد بني هللا تعاىل هذه النعم فقوله تعاىل‪َ :‬والَّلُ َج َع َل‬
‫لَ ُكم ِّمن بُيُوتِ ُك ْم َس َكنًا أي تسكن فيه نفوسكم‪ .‬فاإلنسان يف بيته يضع ثيابه يتخفف يف هيئته اليت أمام الناس‬
‫تفضي أد إىل أهلهم يداعبهم ويالعبهم وجيد يف بيته حريته‪ .‬فلذلك الشريعة متنع دخول بيت الغري إال إبذنه‪،‬‬
‫فقد قال النيب عليه الصالة والسالم ‪ :‬إمنا جعل استئذان من أجل النظر فال جيوز لك أن تطلع يف بيت غريك‬
‫على س بيل املخاتلة واملخادعة‪ .‬ولذلك كان النيب صلى هللا عليه وسلم إذا استأذن للبيت ال يستقبل من تلقاء‬
‫وجهه وإمنا يتنحى ميينا أو مشاال ألن ال تقع عينه على ما ال حيب أهل البيادات أن ينظر إليه الناظر‪.‬‬
‫فخذفته ِبصاة‪ :‬اخلذف‪ :‬الرمي ابحلصاة والنواة وحنوُها أبن جتعلها ينطر يف سبابتك وإهبامك‬
‫ففقأت عينه‪ :‬يقال‪ :‬فقأ عينه أي‪ :‬أطفأ نوره‪ .‬ومنهم من يقول الفقأ أي‪ :‬الشق‪ .‬فبعضهم فسرها ابلفعل وهو‬
‫الشق وبعضهم فسرها ابألثر وهو ذهاب النور‪.‬‬
‫مل يكن عليك جناح ‪:‬اجلناح‪ :‬اإلمث والذنب‪.‬‬

‫(‪)75‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ويف الرواية اليت صححها ابن حبان رمحه هللا‪* :‬فال قصاص والدية* أي الذي فقأ عني الناظر ليس عليه القصاص‬
‫يف فعله وال تلزمه دية‪ ،‬ألن ه تصرف مبا أذن به الشرع‪ .‬وهذا احلديث يؤيده حديث أنس بن مالك رضي هللا‬
‫عنه‪ ،‬وكذلك يف الصحيحني أبن رجال اطلع يف بعض حجج النيب صلى هللا عليه وسلم فكأين أنظر إىل رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم وهو َياتله ليطلعه‪ .‬املخاتلة‪ :‬هي الذهاب بدون أن يشعر اآلخر‪ .‬وكذلك حديث‬
‫سهل بن سعد الساعدي رضي هللا عنه ‪:‬أن رجال اطلع من حجر يف بعض أبيات رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم ويف يده مدرى (على وزن مغفلة) وهي ما يرجل به الشعر وما يسمى ابخلالل‪ .‬فهذا الرجل اطلع من‬
‫حجر أي من شق مث بعد ذلك أخرب النيب صلى هللا عليه وسلم أبنه قد رأى تلك املدرى فقال عليه الصالة‬
‫والسالم ‪:‬ولكنين لو رأيتك لطعنتك‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫ويف احلديث دليل على حترمي االطالع على الغري بغري إذنه وعلى من اطلع قاصدا يف النظر حملل غريه ِما الجيوز‬
‫الدخول إليه إال إبذن مالكه‪ .‬فإنه جيوز للمطلع عليه دفعه ملا ذكر‪ .‬فإن فقأ عينه فال ضمان عليه‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫‪ )1‬وذهب الشافعي‪ :‬إذا كان مأذوَن ابلنظر فاجلناح غري مرفوع على من جىن على الناظر وكذلك لوكان‬
‫املنظور إليه أي حمل حيتاج إىل اإلذن ولو نظر منها ما ال حيل له النظر إليه ألن التقصري من املنظور‬
‫إليه‪.‬‬
‫‪ )2‬وذهب املالكية‪ :‬أنه يفرق بني أن يكون هذا ا لناظر واقفا يف الشارع أو يف خالص ملك املنظور إليه‬
‫أو يف سكودة منسدة األسفل وهم اختلفوا فيه‪.‬‬
‫‪ )3‬وقيل‪ :‬اليكفي إذا كان له يف الدار حمرم بل إمنا ميتنع قصد عينه إذا مل يكن يف الدار حمارمه‪ .‬ومنها إذا‬
‫مل يكن يف الدار إال صاحبها فله الرمي إن كان مكشوفا لعورة وال ضمان وإال فوجهان أظهرُها ال جيوز‬
‫رميه‪.‬‬
‫وقال اإلمام الصنعاين‪ :‬وأعلم أمنا كان من هذه التصرفات الفقهية داخال حتت إطالق احلديث فهو‬
‫مأخوذ منها وما ال فبعضه مأخوذ من فهم املعىن املقصود ابحلديث‪ ،‬فبعضه مأخوذ من القياس وهو‬
‫قليل‪ .‬وقال يؤخذ من هذا احلديث صحة قول الفقهاء إهنا هتدم الصوامع احملدثة املعورة وكذلك تعلية‬
‫امللك إذا كانت معورة وهو حمكي عن القاسم الرسي فإنه رأى عمر‪ .‬فإنه أخرج عنه ابن عبظ احلكم يف‬

‫(‪)76‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫فتوح مصر عن يزيد بن أيب حبيب قال‪ :‬أنه أول من بىن غرفة يف مصر خارجة ابن حذافة ف بلغ ذلك‬
‫عمر ابنا خلطاب رضي هللا عنه فكتب إىل عمر بن العاص‪" :‬سالم عليك أما بعد فإنه بلغين أن خارجة‬
‫بن حذافة ب ىن غرفة ولقد أراد أن يطلع على عورات جريانه فإذا أاتك كتايب هذا فاهدمها إن شاء هللا‬
‫تعاىل والسالم"‪.‬‬
‫القول الراجح‪:‬‬
‫الراجح هو قول اجلمهور أن اجلناية اليت وقعت ألجل الدفع عن الضرر هتدر وال دية على اجلاين وال يلزمه شيء‬
‫ألنه يف حكم الصائل‪.‬‬
‫‪‬‬
‫حكم ما أفسدته ماشية ليال‬
‫‪ -1111‬عن الَباء بن عازب رضي هللا عنه قال ‪ :‬قضى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ( أن حفظ‬
‫احلوائط ابلنهار على أهلها‪ ،‬وأن حفظ املاشية ابليل على أهلها‪ ،‬وأن على أهل املاشية ما أصابت ماشيتهم‬
‫ابليل )‪ .‬رواه أَحد واأربعة إال الرتمذي‪ ،‬وصححه ابن حبان‪ ،‬ويف إسناده اختالف‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫ماشية‪ :‬اإلبل والبقر والغنم‪ ،‬ويكثر استعماهلا للغنم‪.‬‬
‫حوائط‪ :‬مجع حائط وهو احلائل‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫يف احلديث دليل على أنه جيب على أهل احلوائط‪ ،‬وهي البساتني واملزارع حفظ بساتينهم يف النهار‪ ،‬ألهنم‬
‫منشرون فيها‪ ،‬حيرثون ويزرعون وجينون‪ ،‬وأما املواشي فهذا أوان رعيها اليت جرت عادهتا أن ترعى فيه‪.‬‬
‫وأما يف الليل فأصحاب البساتني ينامون ويراتحون من الكد والتعب يف النهار‪ ،‬والغالب أن البساتني مشرعة‬
‫ليس عليها حائط‪ ،‬والليل ليس وقت رعي‪ ،‬فيلزم أصحاب املواشي حفظها بلليل‪ ،‬لئال تفسد على الناس‬
‫مزارعهم وهم َنعمونز‬

‫(‪)77‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫فإذا حصل إفساد يف النهار فال ضمان على أهلها‪ ،‬ألن التفريط من أهل البستان‪ ،‬إال إذا رعى ماشيته يف‬
‫النهار قرب مزرعة‪ ،‬واملزرعة ليس عليها سور أو حنوه‪ ،‬فعليه الضمان‪ ،‬ألن البهيمة يف مثل هذا تذهب وأتكل‪،‬‬
‫وقد قال النيب صلى هللا عليه وسلم (كالراعي يرعى حول احلمى يوشك أن يرتع فيه)‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫قال مالك والشافعي ‪ :‬وإن حصل منها إفساد يف اليل فعلى صاحبها ضمان ماأفسدته إذا كان‬ ‫‪)1‬‬
‫مفرطا يف حف ظها واستدل هبذا احلديث‪ ،‬وأما إذا مل يفرط أبن حفظها برابط أو شبك أو سور‪،‬‬
‫مث انطلقت مع متام احلفظ فال ضمان على صاحبها‪ ،‬ألنه مل يفرط‪.‬‬
‫وذهب أبو حنيفة وأصحابه إىل أنه ال ضمان على أرابب البهائم فيما أتلفت ال يف الليل وال يف‬ ‫‪)2‬‬
‫النهار‪ ،‬إال أن يكون صاحبها راكبا‪ ،‬أو قائدا‪ ،‬أو سائقا أو مرسال‪.‬‬
‫واستدلوا حبديث أيب هريرة رضي هللا عنه ( العجراء جرحها جبار ) أي ‪ :‬هدر‪ ،‬واملعىن ‪ :‬أن جناية‬
‫البهيمة هدر غري مضمون ‪.‬‬
‫القول الراجح ‪:‬‬
‫والراجح هو القول ألول‪ ،‬لقوة مأخذه‪ ،‬ويؤيد العمومات املوجبة حلفظ األموال‪ ،‬ومنها (ال ضرر وال ضرار) و‬
‫أما حديث ( العرجاء جرحها جبار ) فهو عام خمصوص حبديث الرباء‪ ،‬واخلاص مقدم على العام ‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ما جاء يف قتل املرتد واستتابته‬
‫‪ -۱۱۱۲‬وعن معاذ بن جبل ‪ -‬يف رجل أسلم ُث ُتود ‪ ( : -‬ال أجلس حىت يقتل‪ ،‬قضاء هللا ورسوله‪،‬‬
‫فأمر به‪ ،‬فقتل)‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫ويف رواية ألِب داود ‪ ( :‬وكان له قد أستتيب قبل ذلك )‬
‫معاين الكلمات‬
‫استتاب ‪ :‬طلب منه أن يتوب‪.‬‬

‫(‪)78‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على أنه جيب قتل املرتد وهو إمجاع ‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫اختلفوا يف ‪ :‬هل جتب استتابته قبل قتله أو ال ؟‬
‫‪ )1‬ذهب اجلمهور إىل وجوب االستتابة ‪.‬‬
‫دليلهم ‪ :‬احلديث السابق‪ ،‬وله رواية أخرى ‪ :‬فدعاه أبو موسى عشرين ليلة أو قريبا منها‪ ،‬وجاء معاذ‬
‫فدعاه‪ ،‬فأىب فضرب عنقه‪ .‬وقد اختلفوا هؤالء إىل أنه هل يكفي مرة أو البد من ثالث يف جملس أو يف‬
‫يوم أو يف ثالثة أايم ؟ ويروى عن علي يستتاب شهرا ‪.‬‬
‫‪ )2‬ذهب احلسن وطاوس وأهل الظاهر وآخرون إىل عدم وجوب االستتابة املرتد‪ ،‬وأنه يقتل يف احلال‪.‬‬
‫دليلهم ‪ :‬قوله ‪ ( :‬من بدل دينه فاقتلوه )‪ ،‬والفاء يفيد التعقيب‪ .‬وألن حكم املرتد حكم احلريب الذي‬
‫بلغته الدعوة‪ ،‬فإنه يقاتل من دون أن يدعى‪ .‬وعن ابن عباس وعطاء ‪ ( :‬إن كان أصله مسلما مل يستتب‬
‫وإال استتيب ) نقله عنهما الطحاوي‪.‬‬
‫القول الراجح ‪ :‬ماقال به اجلمهور‪.‬‬
‫‪ - 1113‬وعن بن عباس رض ي هللا عنهما قال ‪ :‬قال رسول هللا ( من بدل دينه فاقتلوه ) ‪ .‬رواه‬
‫البخاري‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫(من) صيغة العموم تشمل الذكر واألنثى‪.‬‬
‫(بدل دينه) تبديل الدين هو الردة‪ ،‬وملراد ابلدين ‪ :‬الدين اإلسالمي‪.‬‬
‫واملعىن ‪ :‬من بدل دينه اإلسالمي بغريه من األداين‪ ،‬والردة حتصل ابإلعتقاد وابلقول وابلفعل وابلرت ك كأ ن‬
‫يعتقد م ا يقتضي الكفر أو ابلفعل كالسجود للصنم أو ابلقول كاالستهزاء اب لل تعاىل أو ابلرتك كرتك احلكم‬
‫مبا أنزل هللا رغبة عنه ‪.‬‬

‫(‪)79‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫فقه احلديث‬
‫احلدي ث دليل على وجوب قتل املرتد إذا ثبتت جرمية الردة عليه وهو مسلم ابلغ عاقل خمتار عامل ابلتحرمي‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫أمجع العلماء على وجوب قتل الرجل املرتد ‪.‬‬
‫اختلف العلماء يف املرأة املرتدة على القولني‪:‬‬
‫‪ )1‬املرأة املرتد ة تقتل كالرجل‪.‬‬
‫الدليل ‪ :‬عموم قوله صلى هللا عليه وسلم ( من بدل دينه فاقتلوه )‪.‬‬
‫‪ )2‬املرأة املرتد ة ال تقتل ولكنه ا حتبس وجترب على اإلسالم‪.‬‬
‫الدليل‪ :‬حديث اب ن عم ر رض ي هللا عنهم ا أن رسول هللا عليه وسلم رأ ى امرأة مقتولة يف بعض‬
‫مغازيه فأنكر قت ل النساء والصبيا ن ألهنا ال تقتل ابلكفر األصلي فال تقتل ابلطارئ كالصيب‪.‬‬
‫الراجح هو القول األول لقوة دليله وألن املرأ ة شخص مكلف بدل دين احلق ابلباطل فيقتل كالرجل وحديث‬
‫ابن عمر حيمل النهي على قتل الكافر األصلي كما وقع يف سياق قصة النهي فيكون النهي خمصوصا مبا فهم‬
‫من العلة وهو ملا كانت ال تقاتل‪.‬‬
‫‪‬‬
‫وجوب قتل من سب النِب‬
‫‪ -1114‬وعن ابن عباس ‪ :‬أن أعمى كانت له أمُّ ٍ‬
‫ولد تشتم النِب ﷺ وتقع فيه‪ ،‬وينهاها‪ ،‬فال تنتهي‪،‬‬
‫فلما كان ذات ليلة أخذ املعول‪ ،‬فجعله يف بطنها واتكاك عليها فقتلها‪ ،‬فبلغ ذلك النِب ﷺ فقال ‪( :‬‬
‫ثقات‪.‬‬
‫أال اشهدوا أن دمها هدر )‪ .‬رواه أبو داود ورواته ٌ‬
‫معاين الكلمات‬
‫تشتم النيب‪ :‬الشتم هو السب واملراد هنا ‪ :‬وصف النيب ابلعيب والنقص واالعرتاض على شريعته‪.‬‬
‫تقع فيه‪ :‬يقال‪( :‬وقع فيه) إذا عابه ودنه‪.‬‬
‫املعول‪ :‬آلة من احلديد ينفر هبا الصخر‪.‬‬

‫(‪)80‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫هدر‪ :‬ابطل واملراد منه‪ :‬مل يؤخذ بتأثره ومل تؤدى فيه دية‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على أن من سب النيب ﷺ يقتل ويهدر دمه‪ ،‬فإن كان الساب مسلما كان ذلك ردة فيقتل‬
‫إبمجاع أهل العلم على ما تقدم يف حكم املرتد‪ ،‬وإن كان من أهل العهد يقتل وينتقض عهده بذلك‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)81‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫كتاب احلدود‬
‫ابب حد الزاين‬
‫ما جاء يف حد الزاين‬
‫‪ -1115‬عن أِب هريرة وزيد بن خالد اجلهين أن رجال من األعراب أتى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬اي رس ول هللا أنشدك هللا إال قضيت ِل بكتاب هللا تعاَل‪ ،‬فقال اآلخر _وهو أفقه منه_ ‪ :‬نعم‪،‬‬
‫فاقض بيننا بكتاب هللا‪ ،‬وأذن ِل‪ ،‬فقال‪(( :‬قل)) قال ‪ :‬إن ابين كان عسيفا على هذا‪ ،‬فزىن ابمرأته‪ ،‬وإين‬
‫أخَبت أن على ابين الرجم‪ ،‬فافتديت منه مبائة شاة ووليدة‪ ،‬فسألت أهل العلم‪ ،‬فأخَبوين أَّنا على ابين‬
‫جلد مائة وتغريب عام‪ ،‬وأن على امرأة هذا الرجم‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪(( :‬والذي نفسي‬
‫بيده‪ ،‬ألقضني بينكما بكتاب هللا‪ ،‬الوليدة والغنم رد عليك‪ ،‬وأن على ابنك جلد مائة وتغريب عام‪ ،‬واغد‬
‫اي أنيس على امرأة هذا‪ ،‬فإن اعرتفت فارمجها))‪ .‬متفق عليه‪ ،‬وهذا اللفظ ملسلم‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫أنشدك‪ :‬أذكرك أو أسألك‪.‬‬
‫عسيفا‪ :‬بزنة أجري‪.‬‬
‫رد عليك‪ :‬مردود عليك‪ ،‬جيب ردها‪.‬‬
‫أنيس‪ :‬تصغري أنس‪.‬‬
‫سبب الورود‬
‫كان رجل من األعراب أتى رسول هللا صل ى هللا عليه وسلمليسأله عن حد الزَن‪ ،‬ألن ابنه كان زانيا ابمرأته‪،‬‬
‫فذكر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم احلكم يف ذلك‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫دل احلديث على وجوب حد يف الزَن‪ .‬غري حمصن مائة جلدة‪ ،‬وأنه جيب عليه تغريب عام‪.‬‬
‫‪ّ -‬‬
‫دل ايضا على وجوب الرجم على الزاين احملصن‪.‬‬
‫‪ّ -‬‬

‫(‪)82‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫‪ -‬وعلى احملصن يكتفي يف االعرتاف ابلزىن مرة واحدة كغريه من سائر األحكام‪.‬‬
‫‪ -‬يف احلديث أمر ابستتار من أتى بفاحشة‪ ،‬وابلسرت عليه‪.‬‬
‫‪ -‬يف احلديث هني عن التجسس‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫هل يقام احلد ابالعرتاف مرة واحدة ؟‬
‫‪ )1‬ذهب احلسن ومالك والشافعي وداود وآحرون إىل أنه يكتفي يف االعرتاف ابلزىن مرة واحدة كغريه من‬
‫سا ئر األحكام‪.‬‬
‫‪ )2‬وذهبت اهلادوية واحلنفية واحلنابلة وآخرون أنه يعترب يف اإلقرار ابلزىن أربع مرات‪.‬‬
‫‪ )3‬أما أحد قول الشافعي‪ ،‬أبو ثور كما نقله‪ ،‬القاضي عياض ‪ :‬حني أمر النيب صلى هللا عليه وسلم الرجل‬
‫األعريب أنيسا برمجها بعد اعرتافها دليل على جواز حكم احلاكم يف احلدود أو حنوها مبا أقر به اخلصم‬
‫عنده‪.‬‬
‫يتطرق احتمال اإلعتذار وأن قوله ((فارمجها)) بعد‬
‫‪ )4‬وقال اجلمهور ال يصح ذلك قالوا ‪ :‬وقصة أنيس ّ‬
‫إعالمي‪.‬‬
‫الراجح‪ :‬هو قول اجلمهور‪ ،‬أنه ّفوض األمر إليه‪ ،‬واملعىن فإذا اعرتفت حبضرة من يثبت ذلك بقوهلم حكمت‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ما جاء يف اجلمع بني اجللد والرجم‬
‫‪ - 1116‬وعن عبادة بن الصامت قال ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪( :‬خذوا عين‪ ،‬خذوا‬
‫عين‪ ،‬قد جعل هللا َلن سبيال‪ ،‬البكر ابلبكر جلد مائة‪ ،‬ونفي سنة‪ ،‬والثيب ابلثيب جلد مائة‪ ،‬والرجم)‬
‫رواه مسلم‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫خذوا عين ‪ :‬أي ‪ :‬تلفوا عين حكم حد الزَن‪.‬‬
‫خذوا عين‪ :‬توكيد لفلي‪ ،‬وتكرير اللفظ يدل على ظهور أمر كان قد خفي شانه واهتم به‪.‬‬

‫(‪)83‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫البكر ابلبكر‪( :‬البكر) ‪ :‬مبتدا وما بعده متعلق مبحذوف حال؛ أي ‪ :‬كتاب احلدود البكر بزين ابلبكر‪ ،‬و(جلد‬
‫مائة ) مبتدأ‪ ،‬خربه حمذوف؛ أي ‪ :‬علبهما جلد مائة‪ ،‬واجلملة خرب لقوله ‪ ( :‬البكر )‪ ،‬والبكر يف األصل‪:‬‬
‫الشاب الذي مل ابنكح‪ ،‬والشابة اليت مل تُنكح‪ ،‬واملراد هنا ‪ :‬من مل جيامع يف نكاح صحيح‪ ،‬وهو ابلغ عاقل‪.‬‬
‫ابلبكر‪ :‬خرج خمرج الغالب‪ ،‬فليس على سبيل االشرتاط؛ ألنه جيب اجللد على البكر سواء زين بيكر مثله أو‬
‫ثيب‪ ،‬كما تقدم يف قمة العسيف‪.‬‬
‫والثيب ابلثيب‪( :‬الثيب) ‪ :‬من تزوج من الرجال والنساء‪ ،‬قال أهل اللغة ‪ :‬الشيب يقع على الرجل واملرأة‪ ،‬وبه‬
‫جاء هذا احلديث‪ ،‬واملراد هنا ‪ :‬من جامع يف نكاح صحيح وهو ابلغ عاقل‪ ( .‬ابلثيب ) خرج خمرج الغالب‬
‫على ما تقدم‪.‬‬
‫نفي سنة‪( :‬النفي) هو اإلبعاد عن الوطن‪ ،‬واملراد به نفي الزاين عن البلد الذي وقعت فيه اجلناية‪.‬‬
‫سبب الورود‬
‫الظاهر من سياق هذا احلديث أن آية سورة النساء جاءت البيان العقوبة يف أول اإلسالم‪ ،‬وهي احلبس‪ ،‬فإن‬
‫قوله تعاىل ‪( :‬أ َۡو َ ۡجي َع َل ٱلَّلُ َهلُن َسبِيلٗا) يشعر أبن هذا احلكم نزل لوقت حمدد ‪ ،‬وأن هللا تعاىل سيبدله حبكم‬
‫آخر‪ ،‬مث جاء تغيريه مبا دل عليه حديث عبادة ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬به من ثبوت احلد ‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫يف احلديث دليل على أن حد الزاين البكر من ذكر أو أنثى أن جيلد مائة ويغرب عاماً ودليل على أن حد الزاين‬
‫احملصن الرجم مع اجللد‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫املسألة األوَل‪ :‬تغريب الزاين البكر‪ :‬فيها قوالن‪:‬‬
‫‪ )1‬التغريب يف حق احلر الذكر‪ ،‬هو قول اجلمهور‪ .‬كما تقدم ‪ -‬احلديث عبادة هذا؛ فإنه ‪-‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ -‬مجع اجللد مع التغريب وعطف أحدُها على االخر‪ ،‬واجللد عقوبة حدية ابتفاق‪ ،‬فيكون التغريب‬
‫عقوبة حدية؛ ألن العطف يقتضي التشريك‪ ،‬كما استدلوا حبديث العسيف املتقدم‪.‬‬
‫‪ )2‬والقول الثاين‪ :‬أن البكر ال يغرب إال أن يراه اإلمام‪ ،‬وهذا مذهب أيب حنيفة‪ ،‬ورواية عند احلنابلة‪ ،‬واستدلوا‬
‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫بقوله تعاىل ‪( :‬ٱلزانِية وٱلزِاين ف ۡ‬
‫ٱجلِ ُدواْ ُكل َٰو ِحدٗ ِّمن ُه َما ِماْئَةَ َجل َدةٗ) [النور ‪ ]2:‬واآلية مل تذكر التغريب‪،‬‬‫َُ َ َ‬

‫(‪)84‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫فمنأوجبه فقد زاد على كتاب هللا‪ ،‬والزايدة على كتاب هللا نسخ‪ ،‬وال جيوز نسخ القرآن خبرب الواحد هبذا‬
‫احلديث‪ ،‬فتبقى داللة اآلية‪ ،‬ويرد ما عداها‪.‬‬
‫الرتجيح‪ :‬والصواب القول األول‪ ،‬لقوة أدلته ووضوح مأخذه‪ ،‬وما قالته احلنفية غري مسلم‪ ،‬فإن الزايدة على‬
‫النص التكون َنسخة؛ ألن النسخ إبطال ورفع احلكم‪ ،‬وحنن مل نقل إببطال اجللد‪ ،‬بل نقول إبجيابه وزايدة‬
‫التغريب عليه بداللة السنة‪.‬‬
‫املسألة الثانية‪ :‬يف تغريب املرأة الزانية‪ :‬فيها ثالثة أقوال‪:‬‬
‫‪ )1‬استدل هبذا احلديث فقهاء الشافعية واحلنابلة على وجوب تغريب املرأة كالرجل‪ ،‬لقوله ‪ « :‬البكرابلبكر‬
‫»‪.‬‬
‫‪ )2‬وقالت املالكية واألوزاعي‪ :‬إن املرأة ال تغرب‪ ،‬لألحاديث الصحيحة الواردة يف هني املرأة عن السفر إال‬
‫مع حمرم أو زوج‪ ،‬ويكون عموم حديث الباب خمصوصا أبحاديث النهي عن سفر املرأة بدون حمرم‪.‬‬
‫وهذا قول قوي؛ ألن تغريبها بدون حمرم تعريض هلا للفتنة وتضييع هلا‪ ،‬وتغريها مع حمرمها يفضي إىل‬
‫تغريب من ال ذنب له‪ ،‬وإن كلفت دفع أجرة له فقد كلفت بشيء زائد على عقوبتها املنصوصة ابلشرع‪،‬‬
‫لكن إن وجد حمرم متربع ابلسفر معها إىل حمل التغريب فإهنا تغرب عمالً أبدلة التغريب‪ ،‬وإن مل يوجد‬
‫فال تغرب‪ ،‬ملا تقدم‪َ ،‬نل املرفق ‪( :‬وقول مالك فيما يقع ل أصح األقوال وأعدهلا)‪ ،‬وعلى هذا فسقط‬
‫عنها التغريب‪ ،‬وقد ذكر الشنقيطي قاعدة وهي ‪ :‬أن النص الدال على النهي يقدم على الدال على األمر‬
‫على األصح؛ ألن درء املفاسد مقدم على جلب املصاحل‪.‬‬
‫‪ )3‬ويرى بعض أهل العلم أهنا حتبس‪ ،‬واحلبس يقوم مقام التغريب يف إبعادها عن الناس وقطع الصلة هبا‪.‬‬
‫املسألة الثالثة‪ :‬يف مسافة التغرييب‪ :‬فيها قوالن‪:‬‬
‫‪ )1‬قال الفقهاء‪ :‬إن أقلها مسافة قصر‪ ،‬لتحصل الغربة؛ وألن ما دون مسافة القصر يف حكم احلضر‪.‬‬
‫‪ )2‬جواز التغريب إىل ما دون مسافة القصر‪ ،‬كما قال بعض أهل العلم؛ ألن احلديث مطلق‪.‬‬
‫املسألة الرابعة‪ :‬يف اجللد قبل الرجم‪ :‬فيها قوالن‪:‬‬
‫‪ )1‬األول ‪ :‬أنه ال جيلد بل يرجم فقط‪ ،‬وهذا قول األئمة الثال رواية عن أمحد‪ ،‬وهيالصحيح من املذهب‪،‬‬
‫ونسبه ابن كثري يف تفسريه إىل اجلمهور‪ ،‬واستدلوا أبن الرسول –صلى هللا عليه وسلم‪ -‬رجم ماعزا –رضي‬

‫(‪)85‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫هللا عنه‪ -‬ومل جيلده‪ ،‬وكذا رجم الغامدية –رضي هللا عنها‪ -‬واليهوديني ومل جيلد واحدا منهما‪ ،‬كما استدلوا‬
‫بقوله –صلى هللا عليه وسلم‪(( : -‬واغد اي أنيس إىل امرأة هذا‪ ،‬فإن اعرتفت فارمجها))‪ ،‬فقد أقسم النبيأن‬
‫يقضي بينهما بكتاب هللا ومل يذكر إال الرجم فقط‪ ،‬حيث رتبه على االعرتاف ترتيب اجلزاء على الشرط‪.‬‬
‫‪ )2‬والقول الثاين ‪ :‬أن احملصن جيلد قبل أن يرجم‪ ،‬وهو رواية عن أمحد‪ ،‬وقول علي –رضي هللا عنه‪ -‬وبعض‬
‫الصحابة –رضي هللا عنهم‪ ،-‬واستدلوا حبديث عبادة هذا حيث صرح النيب –صلى هللا عليه وسلم‪-‬‬
‫ابجلمع بينهما للزاين احملصن تصرحيا اثبتا ثبوات ال مطعن فيه‪ ،‬كما استدلوا مبا رواه الشعيب عن علي –‬
‫رضي هللا عنه‪ -‬أنه جلد شراحة اهلمدانية يوم اخلميس‪ ،‬ورمجها يوم اجلمعة‪ ،‬وملا قيل له ‪ :‬جلدهتا مث‬
‫رمجتها ؟ قال ‪( :‬جلدهتا بكتاب هللا تعاىل‪ ،‬ورمجتها بسنة رسول هللا –صلى هللا عليه وسلم‪.)-‬‬
‫الرتجيح‪ :‬والقول األول أرجح‪ ،‬لقوة أدلته ؛ ألن الظاهر أن قصة ماعز –رضي هللا عنه‪ ،-‬وما معها متأخرة عن‬
‫حديث عبادة –رضي هللا عنه‪-‬؛ ألنه بيان حلد الزَن الذي كانت عقوبته احلبس‪ ،‬كما دلت عليه آية النساء‪،‬‬
‫فيظهر أحنديث عبادة أول نص يف حد الزَن‪ ،‬فتكون قصة ماعز متأخرة‪ ،‬ويبعد أن يكون الرسول –صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ -‬جلد ماعزا والغامدية واليهوديني ومل يذكر أحد من الرواة ذلك‪ ،‬فيقوى الظن بعدم وقوع اجللد‪،‬‬
‫بل إن نقل اجللد أهم من نقل الرجم‪ ،‬مث إن الرجم يغين عن اجللد؛ ألنه حد فيه قتل فيسقط ما عداه‪.‬‬
‫وأما ما ورد عن علي –رضي هللا عنه‪ -‬فقد تكلم العلماء يف صحته‪ ،‬مث إن رواية البخاري ليس فيها ذكر اجللد‪،‬‬
‫وليس األخذ ابلرواية اليت ذكر فيها اجللد أبوىل من األخذ ابلرواية اليت اقتصر فيها على الرجم‪ ،‬وعلى فرض‬
‫صحته واألخذ به فالظاهر أنه اجتهاد من علي –رضي هللا عنه‪ ،-‬ويؤيد ذلك رواية أمحد ‪( :‬أجلدها بكتاب‬
‫هللا‪ ،‬ابلقرآن‪ ،‬وأرمجها بسنة نيب هللا –صلى هللا عليه وسلم‪ )-‬مث إن قول الصحابة‪ ( :‬مجعت بني حدين ) يؤيد‬
‫ذلك‪ ،‬فإن هذا يشعر أبهنم مل يكونوا يعرفون اجللد قبل الرجم‪ ،‬فاستنكروا هذا‪ ،‬ولو رأى احلاكم اجلمع بني اجللد‬
‫والرجم لكان له مستند من فعل علي –رضي هللا عنه‪ .-‬وهللا تعاىل أعلم ‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ما جاء يف االعرتاف ابلزان وهل يشرتط تكراره ؟‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اد ُاه‪،‬‬
‫املسجد فَـنَ َ‬ ‫ول هللا َو ُه َو يف‬
‫ني َر ُس َ‬ ‫‪َ -1117‬ع ْن أِب ُه َريْـ َرة رضي هللا عنه قال ‪ :‬أتى َر ُجل م َن ال ُْم ْسل ِم َ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ال ‪َ :‬اي َر ُسو َل هللا‪ ،‬إين ز ْني ُ‬ ‫َغرض َع ْنهُ‪ ،‬فَـتَنحى تِلْ َقاء َوجهه‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫ت‪ ،‬فَأ َ‬ ‫ول هللا‪ ،‬إين ز ْني ُ‬
‫ال ‪َ :‬اي َر ُس َ‬
‫فَـ َق َ‬
‫ال‪:‬‬ ‫ول ِ‬
‫هللا فَـ َق َ‬ ‫ات َد َعاهُ َر ُس ُ‬‫اد ِ‬ ‫ات‪ ،‬فَـلَما شهد َعلَى نَ ِ‬
‫فسه ْأربَ َع َش َه َ‬ ‫فَأَغرض َعنْهُ‪ ،‬حىت ثىن ذلِك َعلَْي ِه أَربع مر ِ‬
‫َْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫(‪)86‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ول هللاﷺ ‪ « :‬اذهبوا‬


‫ال ‪َ :‬ر ُس ُ‬
‫ال ‪ :‬نَـ َع ْم‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫« أبك ُجنُو َن ؟ »‪ ،‬قال ‪ :‬ال‪ ،‬قال ‪ « :‬فَهل أحصنت ؟ »‪ ،‬قَ َ‬
‫به فَ ْار ُمجُوهُ »‪ُ ،‬متَـ َفق َعلَْيه ‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫تنحى تلقاء وجهه ‪ :‬أي انتقل نت الناحية اليت كان فيها إىل الناحية اليت يستقبل به وجهه‬
‫أحصنت ‪ :‬أي تزوجت‬
‫أبك جنون؟ ‪ :‬استفهام حقيقي‪ ،‬واملعىن ‪ :‬هل أنت مصاب مبرض عقلي‬
‫فقه احلديث‬
‫‪ -‬دل احلديث على أنه وقع من الزاين اإلقرار ابلزىن أربع مرات‪ .‬وفيه خالف‪.‬‬
‫‪ -‬دل احلديث على أنه جيب على اإلمام االستفصال عن األمور اليت جيب معها احلد‪.‬‬
‫‪ -‬أن قوله ‪(( :‬فاذهبوا به وارمجوه)) يدل أنه مل حيضر الرجم‪ ،‬وأنه ال جيب أن يكون أول من يرجم اإلمام فيمن‬
‫ثبت عليه احلد ابإلقرار‪ ،‬وإىل هذا ذهب الشافعي واهلادي‪ ،‬واألوىل محل ذلك على الندب‪ ،‬وعليه حيمل‬
‫ما أخرجه البيهقي عن علي رضي هللا عنه أنه قال ‪ ((:‬وأميا امرأة بقي عليها ولدها أو كان اعرتاف فاإلمام‬
‫أول من يرجم‪ ،‬فإن ثبت ابلبينة فأول من يرجم الشهود)) ‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫هل يشرتط تكرار اإلقرار ابلزىن أربعاً أو ال ؟‬
‫‪ )1‬ذهب احلسن ومالك والشافعي وداود وآخرون إىل عدم اشرتاط التكرار ‪.‬‬
‫الدليل ‪:‬‬
‫‪ -‬أن األصل عدم اشرتاط التكرار يف سائر األقارير كالقتل والسرقة‪.‬‬
‫‪ -‬أنه صلى هللا عليه وسلم قال ألنيس ‪ (( :‬فإن اعرتفت فارمجها )) ومل يذكر له تكرار االعرتاف‪ ،‬فلو‬
‫كان شرطاً معترباً لذكره صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ألنه يف مقام البيان وال يؤخر عن وقت احلاجة‪.‬‬
‫‪ )2‬ذهب اجلماهري إىل أنه يشرتط يف اإلقرار ابلزىن أربع مرات‪.‬‬
‫الدليل ‪:‬‬
‫‪ -‬حديث الباب هذا‪.‬‬

‫(‪)87‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫‪ -‬القي اس على أنه قد اعترب يف الشهادة على الزين أربعة‪ ،‬فكما أن الشهادة على الزىن تشرتط أن‬
‫تكون أربع شهادات فكذلك اإلقرار على الزىن يشرتط أن يكون أربع مرات ‪.‬‬
‫وأجب عن مجاهري أبن حديث الباب هذا اضطربت يف الرواايت‪ ،‬فجاء فيها أربع مرات‪ ،‬ومثله يف حديث‬
‫جابر بن مسرة عند مسلم‪ ،‬ووقع يف طريق أخرى عند مسلم أيضا مرتني أو ثالاث‪ ،‬ووقع يف حديث عنده أيضا‬
‫يف طريق أخرى‪ ،‬فاعرتف ابلزىن ثالث مرات‪ .‬وبعد فلو سلمنا أنه ال اضطراب‪ ،‬وأنه أقر أربع مرات‪ ،‬فهذا فعل‬
‫منه من غري أمرهﷺ وال طلبه لتكرار إقراره‪ ،‬بل فعله من تلقاء نفسه‪ ،‬وتقريره عليه دليل على جوازه ال على‬
‫شرطيته‪ .‬واستدالهلم ابلقياس استدالل واضح بطالن‪ ،‬ألنه قد اعترب يف الشهادة عدالن واليشرتط أن يكون‬
‫اإلقرار ابملال مرتني بل يكفي اإلقرار به مرة واحدة اتفاقا‪.‬‬
‫والراجح ‪ :‬هو أنه ال يشرتط تكرار اإلقرار ابلزىن أربع مرات‪.‬‬
‫‪‬‬
‫حكم تلقني املقر ما يدفع احلد عنه‬
‫‪ -1118‬وعن ابن عباس رضي هللا عنهما قال‪ :‬ملا أتى ماعز بن مالك إَل النِب ﷺ قال له‪(( :‬لعلك‬
‫قبلت‪ ،‬أو غمزت‪ ،‬أو نظرت؟)) قال‪ :‬ال‪ ،‬اي رسول هللا‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫لعلك قبلت حذف املفعول للعلم به‪ ،‬أي‪ :‬قبلتها‪ ،‬واملراد‪ :‬املرأة اليت زَنى هبا‪.‬‬
‫أو غمزت‪( :‬الغمز)‪ :‬ابلغني املعجم‪ ،‬هو اإلشارة ابلعني واحلاجب‪ ،‬ويطلق على اجلس واللمس ابليد‪ ،‬أو وضع‬
‫اليد على عضو الغري‪.‬‬
‫أو نظرت‪ :‬أي لعلك مل يقع منك زىن حقيقة‪ ،‬وإمنا أطلقت الزىن على القبلة واللمس أو النظر كما جاء يف‬
‫((العني تزين وزَنها النظر))‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫‪ -‬يف احلديث دليل على أن النظر إىل املرأة اليت ال حتل قد يسمى زَن‪ ،‬لكن ال حد فيه‪.‬‬
‫‪ -‬يف احلديث دليل على أنه ينبغي التثبت والتبني يف أمر من جاء معرتفا ابلزَن اتئبا‪ ،‬ألن العادة أن الصاحب‬
‫الفاحشة يسترت وال يظهر أمره‪ ،‬فإذا جاء اتئبا‪ ،‬وجب التثبت‪ ،‬خشية أن يكون يف عقله شيء‪ ،‬ألن النيب‬

‫(‪)88‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ﷺ مل يكتف مبجرد إقراره ابلزَن‪ ،‬وإمنا سأله عن عقله‪ ،‬مث قال‪ :‬أشرب مخرا؟ فقام رجل فاستنكحه فلم جيد‬
‫م نه ريح مخر‪ ،‬كما يف حديث بريدة رضي هللا عنه‪ ،‬مث سأله لعله أطلق لفظ الزَن على التقبيل أو الغمز أو‬
‫النظر‪ ،‬بل استفهمه ﷺ بلفظ ال أصرح منه يف املطلوب وهو لفظ النيك الذي كان النيب ﷺ يتحاشى عن‬
‫التكلم به يف مجيع حاالته ‪ ،‬ومل يسمع منه إال يف هذا موطن‪ ،‬كل هذا مبالغة يف التثبت‪ ،‬ودليل على حرص‬
‫الشريعة على صيانة الدماء‪.‬‬
‫‪ -‬يف احلديث دليل على جواز تلقني املقر الرجوع عن إقراره واعتذاره بشبهة يتعلق هبا‪ ،‬بقوله‪(( :‬لعلك‬
‫قبلت‪ ،)).....‬وأنه يقبل رجوعه عن ذلك‪ ،‬ولو ال أنه يقبل رجوعه ملا كان لتلقينه ذلك فائدة‪ ،‬وهذا رأي‬
‫اجلمهور من أهل العلم‪ ،‬إال أن املالكية ال يرون تلقني من اشتهر ابحملرمات‪ .‬وهللا تعاىل أعلم‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ما يثبت به الزان‬
‫‪ -1119‬وعن عمر بن اخلطاب رضي هللا عنه ‪ :‬أنه خطب فقال‪ :‬إن هللا بعث حممداً ابحلق‪ ،‬وأنزل عليه‬
‫الكتاب‪ ،‬فكان فيما أنزل عليه آية الرجم؛ قرأانها ووعيناها وعقلناها‪ ،‬فرجم رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم ورمجنا بعده؛ فأخشى إن طال ابلناس زمان‪ ،‬أن يقول قائل‪ :‬ما جند الرجم يف كتاب هللا! فيضلوا‬
‫برتك فريضة أنزَلا هللا‪ .‬وإن الرجم حق يف كتاب هللا على من زىن‪ ،‬إذا أحصن من الرجال والنساء‪ ،‬إذا‬
‫قامت البينة‪ ،‬أو كان احلبل‪ ،‬أو االعرتاف‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫احلبل ‪-‬بفتح املهملة واملوحدة‪ :-‬مبعىن احلمل‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫‪ -‬احلديث دليل على أن اآلية الذكورة يف احلديث من ضمن نسخ التالوة مع بقاء احلكم‪.‬‬
‫‪ -‬احلديث دليل على أهنا إذا وجدت املرأة اخلالية من الزوج أو السيد‪ ،‬حبلى‪ ،‬ومل تذكر شبهة‪ ،‬أنه يثبت احلد‬
‫ابحلبل‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫هل يثبت احلد ابحلبل أو البينة واالعرتاف؟ ففي املسألة قوالن عند الفقهاء‪:‬‬

‫(‪)89‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫‪ )1‬مذهب عمر ومال ك وأصحابه‪ :‬يثبت احلد ابحلبل مستدلني بدليل أنه قاله على املنرب‪ ،‬ومل ينكر عليه‬
‫فينزل منزلة االمجاع‪.‬‬
‫‪ )2‬قول اهلادوية والشافعي وأبو حنيفة‪ :‬ال يثبت احلد إال ببينة أو اعرتاف‪ ،‬ألن احلدود تسقط ابلشبهات‪.‬‬
‫والراجح‪ :‬كما قال املؤلف هو القول األول بدليلهم من اإلمجاع‪ ،‬ال ما ينزل منزلته‪.‬‬
‫‪‬‬
‫حكم األمة إذا زنت‬
‫‪ -1120‬وعن أِب هريرة ـ رضي هللا عنه ـ قال‪ :‬مسعت رسول هللا ﷺ يقول‪ « :‬إذا زنت أمة أحدكم فتبني‬
‫زانها فليجلدها احلد‪ ،‬وال يثرب عليها‪ُ ،‬ث إذا زنت فليجلدها احلد‪ ،‬وال يثرب عليها‪ُ ،‬ث إذا زنت الثالثة‬
‫فتبني زانها فليبعها ولو ِببل من شعر »‪ .‬متفق عليه‪ ،‬وهذا لفظ مسلم‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫يوخبها‪ ،‬والتثريب‪:‬‬
‫وال يثرب عليها ‪-‬بضم الياء املثناة‪ ،‬وفتح املثلثة‪ ،‬وتشديد الراء مكسورة‪ :-‬أي ال يعنّفها وال ّ‬
‫التوبيخ واللوم‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫قوله‪ ( :‬وال يثرب عليها ) ورد يف لفظ النسائي‪ ( :‬وال يعنفها ) وهو مبعىن ما هنا‪ ،‬وهو هني عن اجلمع هلا بني‬
‫العقوبة ابلتعنيف واجللد‪.‬‬
‫قال ابن بطال‪ :‬يؤخذ منه أن كل من أقيم عليه احلد ال يعزر ابلتعنيف واللوم‪ ،‬وإمنا يليق ذلك مبن صدر منه‬
‫قبل أن يرفع إىل اإلمام للتحذير والتخويف‪ ،‬فإذا رفع وأقيم عليه احلد كفاه‪ ،‬ويؤيد هذا هنيه ﷺ عن سب الذي‬
‫أقيم عليه احلد للخمر‪ ،‬وقال‪( :‬ال تكونوا عوَن للشيطان على أخيكم)‪.‬‬
‫ويف قوله‪ ( :‬إذا زنت‪ ...‬إىل آخره ) دليل على أن الزاين إذا تكرر منه الزىن بعد إقامة احلد عليه تكرر عليه احلد‬
‫وأما إذا زىن مرارا من دون ختلل إقامة احلد مل جيب عليه إال حد واحد‪ ،‬ويؤخذ من قوله‪ ( :‬فليبعها ) أنه إن ال‬
‫يقيم عليها احلد‪ ،‬قال الصنعاين يف (( فتح الباري ))‪ :‬ا ألرجح أنه جيلدها قبل البيع مث يبيعها‪ ،‬والسكوت عنه‬
‫يف احلديث للعلم أبن احلد ال يرتك وال يقوم البيع مقامه‪.‬‬

‫(‪)90‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫هل جيب على البائع أن يعرف املشرتي بسبب بيعها لئال يدخل حتت قوله‪ « :‬من غشنا فليس منا » فإن الزاين‬
‫عيب ولذا أمر ابحلط من القيمة؟ حيتمل أال جيب ذلك؛ ألن الشارع قد أمره ببيعها‪ ،‬ومل أيمره ببيان عيبها‪ ،‬مث‬
‫هذا العيب ليس معلوما ثبوته يف االستقبال‪ ،‬وبيان عيبها قد يكون من التعنيف‪ ،‬وأما أنه يندب له ذكر سبب‬
‫بيعها فلعله يندب‪ ،‬ويدخل حتت عموم املناصحة‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫املسألة األوَل‪ :‬ما يراد بقول النيب ﷺ ‪ (:‬فتبني زَنها ) فيه قوالن‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أنه إذا السيد بزىن أمته جلدها‪ ،‬وإن مل تقم شهادة‪ ،‬وإليه ذهب بعض العلماء‪.‬‬ ‫‪)1‬‬
‫احلرة‪ ،‬وهو الشهادة أو اإلقرار‪ ،‬واإلقرار‬
‫القول الثاين‪ :‬أنه إذا تبني زَنها مبا تبني به يف حق املرأة ّ‬ ‫‪)2‬‬
‫والشهادة عند احلاكم عند األكثر‪ ،‬وقال بعض الشافعية‪ :‬تقام عند السيد‪.‬‬
‫املسألة الثانية‪ :‬ما يراد بقول النيب ﷺ‪ (:‬فليجلدها ) فيه قوالن‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أن والية جلد األمة إىل سيدها‪ ،‬وإليه ذهب الشافعي‪.‬‬ ‫‪)1‬‬
‫‪ )2‬القول الثاين‪ :‬أن والية جلد األمة إىل سيدها إذا مل يكن يف الزمان إمام‪ ،‬وإال فاحلدود إليه‪.‬‬
‫ف ما علَى ۡٱلم ۡحص ٰنَ ِ‬
‫ت ِم َن‬ ‫الرتجيح‪ :‬واألول أقوى‪ ،‬واملراد ابحلد احلد املعروف يف قوله تعاىل ‪ ﴿ :‬ف عل ۡي ِهن نِ ۡ‬
‫ص‬ ‫َ ََ‬
‫ُ َ َ ُ َ‬
‫اب ‪ [ ﴾25‬النساء‪.] 25 :‬‬ ‫ۡٱلع َذ ِِۚ‬
‫َ‬
‫املسألة الثالثة‪ :‬حكم بيع السيد لألمة وإمساك من تكررت منها الفاحشة‪.‬‬
‫حمرم‪،‬‬
‫القول األول‪ :‬ظاهر األمر وجوب بيع السيد لألمة‪ ،‬وأن إمساك من تكررت منها الفاحشة ّ‬ ‫‪)1‬‬
‫وإليه ذهب داود وأصحابه‪.‬‬
‫القول الثاين‪ :‬وذهب اجلمهور إىل أن بيع السيد لألمة مستحب ال واجب‪.‬‬ ‫‪)2‬‬
‫وقال ابن بطال‪" :‬محل الفقهاء األمر ابلبيع على احلض على مبعدة من تكررت منه الزىن‪ ،‬لئالّ يظن‬
‫ابلسيد الرضا بذلك فيكو ديواث‪ ،‬وقد ثبت الوعيد على من اتصف ابلدايثة"‪ .‬وفيه دليل على أنه‬
‫ال جيب فراق الزانية؛ ألن لفظ‪ (:‬أمة أحدكم ) عام ملن يطؤها مالكها ومن ال يطؤها‪ ،‬ومل جيعل‬
‫الشارع جمرد الزىن موجبا للفراق‪ ،‬بل لتكرره؛ لئالّ يظن ابلسيد الرضا بذلك فيتصف ابلصفة القبيحة‪.‬‬

‫(‪)91‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫املسألة اخلامسة‪ :‬يف إطالق احلديث دليل على إقامة احلد على األمة مطلقا‪.‬‬
‫وذهب إليه اجلمهور؛ لقول علي عليه السالم يف خطبته‪(( :‬اي أيها الناس أقيمو على أرقائكم‬ ‫‪)1‬‬
‫احلد‪ ،‬من أحصن منهم ومن مل حيصن)) رواه ابن عيينة وحيىي بن سعيد عن ابن شهاب كما قال‬
‫مالك‪.‬‬
‫حيد من العبيد إال من أحصن‪ ،‬وهو مذهب ابن عباس رضي‬ ‫وذهب مجاعة من العلماء إىل أنه ال ُّ‬ ‫‪)2‬‬
‫َيتٓ َن بِ َٰف ِح َشةٗ فَ َعلَيٓ ِهن نِصٓ ُ‬
‫ف َما َعلَى‬ ‫هللا عنه ؛لقوله تعاىل‪﴿ :‬فَإِذَآ أُحٓ ِصن فَإِنٓ أ َ‬
‫ت ِمن ٱلٓ َع َذ ِ‬
‫ٱلٓمحٓ ِ‬
‫ابٓ ‪ [ ﴾25‬النساء‪.] 25 :‬‬ ‫ص ٰنَ َ‬‫ُ َ‬
‫‪‬‬
‫ما جاء يف أن السيد يقيم احلد على رقيقه‬
‫ت أ َْميَانُ ُك ْم‪َ .‬رَو ُاه‬
‫ود َعلَى َما َملَ َك ْ‬
‫يموا ا ْحلُ ُد َ‬‫ِ‬ ‫ول هِ‬ ‫‪َ -1121‬و َع ْن َعلِ ٍي رضي هللا عنه قَ َ‬
‫اَّلل ﷺ‪ :‬أَق ُ‬ ‫ال َر ُس ُ‬
‫ال‪ :‬قَ َ‬
‫أَبُو َد ُاو َد‪َ .‬و ُه َو ِيف ُم ْسلِ ٍم َم ْوقُوف‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫ِملْك اليَمني ‪ :‬اإلماء‬
‫فقه احلديث‬
‫هذا احلديث يعم ذكورهم وإَنثهم ودل على إقامة احلد عليهم مطلقا أحصنوا أم ال‪ ،‬وعلى أن إقامته إىل املالك‬
‫ذكرا كان أو أنثى‪.‬‬
‫املسألة األوَل‪ :‬واختلف يف األمة املزوجة على ثالثة أقوال‪:‬‬
‫‪ )1‬اجلمهور ‪ :‬يقولون حدها إىل سيدها‪.‬‬
‫‪ )2‬قال مالك ‪ :‬حدها إىل اإلمام إال أن يكون زوجها عبدا ملالكها‪ ،‬فأمرها إىل سيد‪.‬‬
‫‪ )3‬قال ابن حزم ‪ :‬يقيمه السيد إال أن يكون كافرا‪.‬‬
‫املسألة الثانية‪ :‬واختلف يف إقامة حد السرقة أو الشرب على ثالثة أقوال‪:‬‬
‫جاء ظاهر احلديث أن إىل السيد إقامة حد السرقة أو الشرب أبدلة‪:‬‬ ‫‪)1‬‬

‫(‪)92‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫أ‪ .‬رواه عبد الرزاق يف مصنفه عن معمر عن أيوب عن َنفع‪ ":‬أن ابن عمر قطع يد غالم له سرق‪،‬‬
‫وجلد عبدا له زىن من غري أن يرفعهما إىل الوال" ‪.‬‬
‫ب‪ .‬أخربَن مالك عن عبد هللا بن أيب بكر بن حزم عن عمرة بنت عبد الرمحن أهنا قالت‪":‬‬
‫خرجت عائشة إىل مكة ومعها موالاتن هلا وغالم لبين عبد هللا بن أيب بكر‪ ،‬فسرق العبد‪،‬‬
‫فسئل عن ذلك فاعرتف فأمرت به عائشة زوج النيب صلى هللا عليه وسلم فقطعت يده‬
‫وقالت عائشة رضي هللا عنها القطع يف ربع دينار فصاعدا "‪.‬‬
‫ج‪ .‬عن عبد الرزاق عن سفيان‪ ،‬عن عمرو بن دينار‪ ،‬عن احلسن بن حممد بن علي‪ ":‬أن فاطمة‬
‫بنت رسول هللا حدت جارية هلا زنت "‪ .‬ورواه ابن وهب‪ ،‬عن ابن جريج‪ ،‬عن عمرو بن دينار‪:‬‬
‫" أن فاطمة بنت رسول هللا كانت جتلد وليدهتا مخسني إذا زنت "‪.‬‬
‫وذهبت اهلادوية إىل أنه اليقيم عليه احلد إال اإلمام إال أن اليوجد إمام فأقامه السيد‪.‬‬ ‫‪)2‬‬
‫وذهبت احلنفية إىل أنه اليقيم عليه احلد مطلقا إال اإلمام أو من أذن له‪.‬‬ ‫‪)3‬‬
‫دليلهم ‪ :‬روى محاد بن سلمة عن حيىي البكاء عن مسلم بن يسار عن أيب عبد هللا رجل من أصحاب‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم وكان ابن عمر أيمرَن أن أنخذ عنه وهو عامل فخذوا عنه فسمعته يقول‪" :‬‬
‫الزكاة واحلدود والفيء واجلمعة إىل السلطان "‪ .‬وهللا أعلم‬
‫‪‬‬
‫أتخري رجم احلبلى حىت تضع‬
‫‪ -1122‬وعن عمران بن حصني أن امرأة من جهينة أتت النِب صلى هللا عليه وسلم وهي حبلى من الزان‬
‫فقالت‪ :‬اي نِب هللا‪ ،‬أصبت حدا‪ ،‬فأقمه علي‪ ،‬فدعا نِب هللا صلى هللا عليه وسلم وليها‪ .‬فقال‪(( :‬أحسن‬
‫إليها‪ ،‬فإذا وضعت فائتين َبا)) ففعل فأمر َبا فشكت عليها ثياَبا‪ُ .‬ث أمر َبا فرمجت ُث صلى عليها‪،‬‬
‫فقال عمر‪ :‬تصلي عليها اي رسول هللا وقد زنت؟ فقال‪(( :‬لقد َتبت توبة لو قسمت بني سبعني من أهل‬
‫املدينة لوسعتهم‪ ،‬وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها هلل تعاَل؟))‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫فشكت عليها ثياهبا‪ :‬مجعت عليها ثياهبا ولفت هبا لئال تنكشف يف تقلبها واضطراهبا عند نزول املوت‪.‬‬

‫(‪)93‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫لو سعتهم‪ :‬لكفتهم من رفع آاثمهم إي أهنا اتبت توبة تستوجب مغفرة ورمحة سبعني من أهل املدينة‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫ثبوت حكم الرجم يف حق الزاين احملصن أبن يرجم ابحلجارة حىت املوت ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم امر‬
‫برمجها إذا كانت حمصنة وأما شد ثياهبا عليها فألجل أن ال تكشف عند اضطراهبا من مس احلجارة‪.‬‬
‫شرط استيفاء احلد أن يؤمن احليف فال يتعدى إىل غري من عليه احلد فإذا وجب احلد على احلامل فال يقام‬
‫حىت تضع ‪0‬‬
‫يف احلديث دليل على مشروعية الصالة على املرجوم وجوازها من اإلمام كبقية مويت املسلمني ‪0‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫اتفق العلماء مجيعا يف رجم الزاين احملصن واتفق العلماء أن املرأة ترجم قاعدا والرجل قائما إال عند مالك‪ :‬قاعدا‬
‫وقيل‪ :‬يتخري األمام بينهما‪.‬‬
‫واختلف العلماء يف سقوط احلد ابلتوبة قبل القدرة عليه‬
‫‪ )1‬القول األول‪ :‬ال تسقط احلد ألن الرسول صلى هللا عليه وسلم امر برجم اجلهينة وهي اتئبة إبقامة احلد‬
‫والدليل على ذلك قال هللا تعاىل " الزانية والزاين فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة" واحلديث املتقدم‬
‫وهو قول اجلمهور وأرجح الروايتني عن أمحد وقول الشافعي‪.‬‬
‫‪ )2‬القول الثاين‪ :‬أن التوبة تقبل وتسقط عنه احلد وهي احد الروايتني عن أمحد وهو املعتمد يف مذهب‬
‫الشافعي واستدلوا بقوله تعال " والذان أيتينهما منكم فاذوُها فإن اتاب وأصلحا فأعرضوا عنهما"‬
‫الرتجيح‪ :‬وأصح قول أهل العلم أن األفضل فيمن ارتكب جرمية الزَن أن يتوب سرا وال يظهر جرميته حىت يقام‬
‫حده عليه ومن اتب صادقا فإن هللا تعاىل يقبل التوبة لعموم األدلة على ذلك‪.‬‬
‫واختلف العلماء يف الصالة على املرأة أو األمر ابلصالة‪:‬‬
‫‪ )1‬القول األول‪ :‬ابلكراهية الصالة على املرجوم‬
‫‪ )2‬القول الثاين‪ :‬أنه يصلي عليهم وال دليل مع املانع من الصالة وهو الراجح‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)94‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫رجم احملصن من أهل الكتاب‬


‫‪ -1123‬وعن جابر بن عبد هللا قال ‪ :‬رجم النِب ﷺ رجال من أسلم‪ ،‬ورجال من اليهود‪ ،‬وامرأة‪ .‬رواه‬
‫مسلم‪ .‬وقصة اليهوديني يف الصحيحني من حديث ابن عمر‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫رجم ‪ :‬أي ‪ :‬أمر‪ ،‬وأسند الفعل إليه من ابب اجملاز العقلي؛ ألنه هو اآلمر‪ ،‬وقد تقدم يف حديث ماعز ‪( :‬اذهبوا‬
‫به فارمجوه)‪.‬‬
‫رجل من مسلم ‪ :‬هو ماعز بن مالك األسلمي‪.‬‬
‫وامرأة ‪ :‬اجلهنية‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على‪:‬‬
‫‪ -‬وجوب إقامة احلد على الكافر إذا زىن‪.‬‬
‫‪ -‬أن أنكحة الكفار صحيحة ولوال صحة أنكحتهم ما ثبت إحصاهنم‪.‬‬
‫‪ -‬أن الكفار خماطبون ابألوامر والنواهي على أرجح األقوال يف هذه املسألة‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫وجوب إقامة احلد على الكافر إذا زىن‪ ،‬وأن اإلحصان ليس من شروطه اإلسالم وأن الذمي حيصن‬ ‫‪)1‬‬
‫الذمية‪ ،‬فإذا وطئ الكافر يف نكاح صحيح يف شرعه فهو حمصن‪ ،‬جتري عليهم أحكام املسلمني إذا‬
‫ترافعوا إلينا‪ ،‬وهذا مذهب الشافعية واحلنابلة‪.‬‬
‫والدليل ‪ :‬حديث الباب‪.‬‬
‫أن اإلسالم شرط يف اإلحصان املوجب للرجم‪ ،‬فال يكون الكافر حمصنا‪ ،‬وال حتصن الذمية مسلما‪،‬‬ ‫‪)2‬‬
‫وعليه فال يرجم الكافر‪ ،‬وهذا مذهب املالكية وأكثر احلنفية‪.‬‬
‫ودليل ذلك ‪ :‬أن النيب ﷺ رمجهما حبكم التوراة وليس من حكم اإلسالم يف شيء وإمنا هو من‬
‫ابب تنفيذ احلكم عليهما مبا يف كتاهبما‪ ،‬فإن يف التوراة الرجم على احملصن وعلى غريه‪.‬‬

‫(‪)95‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫الرتجيح ‪:‬‬
‫الراجح القول األول لقوة دليله وضعف دليل املخالف فإن احلديث نص صريح يف أن اإلسالم ليس شرط‬
‫صريح يف اإلحصان‪.‬‬
‫والنيب ﷺ سأهلم عن حكم التوراة يف الرجم ليقي م عليهم احلجة من كتاهبم الذي أنكروا أن يكون الرجم فيه‪،‬‬
‫وليبني هلم أن كتب هللا تعاىل متفقة على هذا احلكم وهو مأمور من ربه أبن حيكم عليهم بشرعه‪ ،‬قال تعاىل ‪:‬‬
‫﴿وأن احكم بينهم مبا أنزل هللا﴾ (املائدة ‪ )49:‬وهذا دليل قطعي أبنه مأمور ابحلكم مبا يف شريعته‪.‬‬
‫‪‬‬
‫ما جاء يف إقامة احلد على املريض‬
‫‪ -1124‬وأخرجه احلاكم من حديث أِب هريرة‪ ،‬فساقه مبعناه‪ ،‬وقال فيه ‪" :‬اذهبوا به فاقطعوه‪ُ ،‬ث‬
‫احسموه"‪ .‬وأخرجه البزار أيضا‪ ،‬وقال ال ِبس ِبسناده‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫وأخرجه‪ :‬أي حديث أيب أميّة‬
‫الكي ابلنّار أي يكوی حمل القطع لينقطع الدم‪.‬‬
‫فاقطعوه مثّ احسموه ابملهملتني‪( :‬احلسم) ‪ّ :‬‬
‫البزار أيضا من حديث أيب هريرة‬
‫وأخرجه ّ‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل علی ‪:‬‬
‫‪ -‬وجوب حسم من قطع‬
‫‪ -‬أنه أيمر ابلقطع واحلسم اإلمام‬
‫‪ -‬وأجرة القاطع واحلاسم من بيت املال‬
‫‪ -‬وقيمة الدواء الذي حيسم به منه ؛ ألن ذلك واجب علی غريه‬

‫(‪)96‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫فائدة‪ :‬من السنة أن تعلّق يد السارق يف عنقه؛ ملا أخرجه البيهقي بسنده من حديث فضالة بن عبيد ‪ :‬أنه‬
‫النيب ﷺ قطع سارقا‪ ،‬مث أمر بيده فعلّقت‬
‫سئل أرأيت تعليق يد السارق يف عنقه من السنّة ؟! قال ‪ :‬نعم‪ ،‬رأيت ّ‬
‫يف عنقه‪.‬‬
‫أقر‬
‫وأخرج بسنده أن عليا – عليه السالم – قطع سارقا فمروا به ويده معلّقة يف عنقه‪ ،‬وأخرج عنه أيضا أنه ّ‬
‫فكأين أنظر إلی يده تضرب صدره‪.‬‬
‫عنده سارق مرتني‪ ،‬فقطع يده وعلقها يف عنقه‪ ،‬وقال الراوي ‪ّ :‬‬
‫‪‬‬
‫حكم من عمل َع َم َل قوم لوط أو وقع على َبيمة‬
‫‪ - 1125‬وعن ابن عباس ‪ -‬رضي هللا عنهما ‪ -‬أن النِب ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال‪« :‬من وجدمتوه‬
‫يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل واملفعول به‪ ،‬ومن وجدمتوه وقع على َبيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة»‬
‫رواه أَحد واألربعة ورجاله موثقون‪ ،‬إال أن فيه اختالفا‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫اللواط كبرية من الكبائر‬
‫دل احلديث على حترمي إتيان البهيمة وأن حد من أيتيها قتله‬
‫ودل على وجوب قتل البهيمة مأكولة كانت أو ال‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫املسألة األوَل ‪ :‬حكم اللواط‪ ،‬فيها أربعة أقوال ‪:‬‬
‫‪ )1‬أنه حيد حد الزاين قياساً عليه جبامع إيالج حمرم يف فرج حمرم وهذا قول اهلادوية ومجاعة من السلف‬
‫واخللف وإليه رجع الشافعي واعتذروا عن احلديث أبن فيه مقاال‪ .‬ومع ذلك ال َيفى أن هذه‬
‫األوصاف اليت مجعوها علة إلحلاق اللواط ابلزىن ال دليل على عليتها‪.‬‬
‫حمصنني‪ ،‬للحديث املذكور‪ ،‬وهو للناصر وقدمي قول‬ ‫حمصنني كاَن أو غري َ‬ ‫‪ )2‬يقتل الفاعل واملفعول به َ‬
‫الشافعي‪ ،‬وكان طريقة الفقهاء أن يقولوا يف القتل فُعِل ومل يُن َكر فكان إمجاعا سيما مع تكريره مع‬
‫أيب بكر وعلي وغريُها ‪.‬‬

‫(‪)97‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫‪ )3‬أنه حيرق ابلنار‪ ،‬فأخرج البيهقي أنه اجتمع رأي أصحاب رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬على‬
‫حتريق الفاعل واملفعول به وفيه قصة ويف إسناده إرسال‪ .‬وقال احلافظ املنذري‪ :‬حرق اللوطية ابلنار‬
‫أربعة من اخللفاء أبو بكر الصديق وعلي بن أيب طالب وعبد هللا بن الزبري وهشام بن عبد امللك‪.‬‬
‫‪ )4‬أنه يرمى ب ه من أعلى بناء يف القرية منكسا مث يتبع احلجارة‪ .‬رواه البيهقي عن علي ‪ -‬رضي هللا‬
‫عنه ‪-‬وأخرج عن ابن عباس أنه قال‪ :‬ينظر أعلى بناء يف القرية فريمى به منكسا مث يتبع احلجارة‪.‬‬
‫املسألة الثانية ‪ :‬حكم من أتى َبيمة‪ ،‬فيها ثالثة أقوال ‪:‬‬
‫‪ )1‬ذهب الشافعي يف أخري قوليه إىل أن حد من أييت البهيمة قتله‪ .‬وروي عن القاسم‪.‬‬
‫‪ )2‬ذهب الشافعي يف قول له أنه جيب حد الزىن قياسا على الزاين‪.‬‬
‫‪ )3‬ذهب أمحد بن حنبل واملؤيد والناصر وغريهم إىل أنه يعزر فقط إذ ليس بزىن‪.‬‬
‫املسألة الثالثة ‪ :‬احلكم يف البهيمة‪ ،‬فيها قوالن‪:‬‬
‫‪ )1‬وجوب قتل البهيمة مأكولة كانت أو ال وإىل ذلك ذهب علي ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬وقول‬
‫الشافعي‪.‬‬
‫‪ )2‬ذهبت اهلادوية واحلنفية إىل أنه يكره أكلها فظاهره أنه ال جيب قتلها‪ .‬قال اخلطايب‪ :‬احلديث‬
‫هذا معارض بنهيه ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬عن قتل احليوان إال ملأكلة؛ قال املهدي‪ :‬فيحتمل‬
‫أنه أراد عقوبته بقتلها إن كانت له وهي مأكولة مجعا بني األدلة‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)98‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ما جاء يف أن التغريب ابق مل ينسخ‬


‫‪ -1126‬عن ابن عمر أن النِب صلى هللا عليه وسلم ضرب وغرب‪ ،‬وأن أاب ضرب وغرب‪ ،‬وأن عمر‬
‫ضرب وغرب‪ .‬رواه الرتمذي ورجاله ثقات‪ ،‬إال أنه اختلف يف رفعه ووقفه‪.‬‬
‫فقه احلديث‬

‫احلديث دليل عل ى أن جلد الزاين البكر وتغريبه عن حمل إقامته مدة سنة أمر مستقر‪ ،‬وأنه مل ينسخ ومل يغري‪،‬‬
‫بدليل فعل أيب بكر وعمر رضي هللا عنهما‪ ،‬ولعل هذا هو الغرض من ذكرهم يف هذا احلديث‪ .‬وأخرج البيهقي‬
‫أ ّن عليا عليه السالم جلد ونفى من البصرة إىل الكوفة أو من الكوفة إىل البصرة‪.‬‬
‫ودعوى النسخ ال سبيل إىل إثباته بعد ثبوت فعل اخللفاء الراشدين ومع أن النسخ ال يثبت ابالحتمال‪ ،‬وهللا‬
‫أعلم‪.‬‬
‫‪‬‬
‫حكم دخول املتشبه ابلنساء على املرأة‬
‫‪ - 1127‬وعن ابن عباس رضي هللا عنهما قال ‪{ :‬لعن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم املخنثني من‬
‫الرجال واملرتجالت من النساء ‪.‬وقال ‪ :‬أخرجوهم من بيوتكم} رواه البخاري ‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫اللعن ‪ :‬الطرد واإلبعاد عن رمحة هللا‪ ،‬ويف احلديث أي ‪ :‬دعا ابللعنة‬
‫املخنثني ‪ :‬مجع خمنث وهو املؤنث من الرجال‪ ،‬وهو الرجال الذي يتشبه ابلنساء يف أخالقه وحركاته وكالمه وزيه‬
‫وغري ذلك ِما هو من خصائص النساء مأخوذ من التخنث‪ ،‬وهو التكسر يف املشي وغريه‪.‬‬
‫املرتجالت ‪ :‬مجع مرتجلة‪ ،‬وهي املرأة اليت تتشبه ابلرجال يف أخالقها وحركاهتا وكالمها وزيها وغرب ذلك ِما هو‬
‫من خصائص الرجال‬

‫(‪)99‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫فقه احلديث‬
‫احلديث د ليل على حترمي تشبه الرجال ابلنساء والعكس فيما نص الشرع على اختصاصه ابلنساء أو الرجال‪.‬‬
‫أو دل عليه العرف فيما ال يتناىف مع الشرع أو صرح مبنعه‪ .‬وأن ذلك من كبائر الذنوب لثبوت لعن من فعل‬
‫ذلك‬
‫أن احلديث حممول على من قصد التشبه ابآلخر ِما ميكن تركه‪ ،‬أما ما ال حيلة للرجل أو املرأة فبه فال إمث فيه‪،‬‬
‫ألنه غري داخل يف االستطاعة‪ ،‬مثل رقة الصوت عند الرجل أو خشونته عند املرأة أو تكسره يف مشيته وثبوهتا‬
‫وانتصاهبا يف ذلك‪.‬‬
‫احلكمة من النهي أن هللا خلق اإلنسان وجعل لكل من الرجل واملرأة خصائص ينفرد هبا عن اآلخر يف تكوين‬
‫بدنه ويف طباعه وصفاته‪ ،‬وجعل لكل منهما وظيفة ورسالة يف هذه احلياة تناسب تكوميه وما لطر عليه‪ ،‬ولن‬
‫تستقيم أمور الناس وتنتظم أحواهلم حىت يقوم كل من الرجل واملرأة وظيفته اليت تالئمه‪.‬ومن مقاصد الشريعة‬
‫إظهار الفرق بني الرجل واملرأة‪ ،‬وسد الذريعة ملا يفضي إليه هذا التشبه من مفاسد عظيمة‪ .‬ولعل هذا غرض‬
‫من ذكر هذا احلديث يف آخر ابب الزىن‬
‫هذا احلديث دليل على مشروعية نفي من أتى من معصية ال حد فيها‪ ،‬وهو يدل على نفي من أتى ما فيه حد‬
‫من ابب أوىل‪ ،‬والنهي عن دخول املخنثني يف البيوت من الطرق والتدابري الواقية من الزَن‪ .‬وقد هنى النيب عن‬
‫دخول املخنث على النساء ملا مسعه يصف املرأة أبوصاف هتيج قلةب الرجال‪.‬‬
‫وقال ابن التني ‪ :‬أما من انتهى يف التشبه ابلنساء من الرجال إىل أن يؤتى يف دبره وابلرجال من النساء إىل أن‬
‫تتعاطى السحق فإن هلذين الصنفني من اللوم والعقوبة أشد ِمن مل يصل إىل ذلك ( قلت ) ‪ :‬أما من يؤتى من‬
‫الرجال يف دبره فهو الذي سلف حكمه قريبا‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫القول األول‪ :‬احلديث دليل على حترمي تشبه الرجال ابلنساء والعكس فيما نص الشرع على اختصاصه ابلنساء‬
‫أو الرجال‪ .‬أو دل عليه العرف فيما ال يتناىف مع الشرع أو صرح مبنعه‪.‬‬
‫قال احلافظ ابن حجر رمحه هللا ‪ :‬أما ذم املتشبه ابلكالم واملشي فمختص مبن تعمد ذلك‪ .‬وأما من كان ذلك‬
‫من أصل خلقته‪ ،‬فإمنا يؤمر بتكلف تركه واإلدمان على ذلك ابلتدريج فإن مل يفعل ومتادى دخله الذم‪ ،‬وال‬
‫سيما إن بدا منه ما يدل علي الرضا به‪.‬‬

‫(‪)100‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫القول الثاين ‪ :‬قيل‪ :‬ال داللة للعن على التحرمي ؛ ألنه صلى هللا عليه وسلم كان أيذن يف املخنثني ابلدخول‬
‫عل ى النساء ‪ ،‬وإمنا نفى من مسع منه وصف املرأة مبا ال فطن له إال من كان له إربة فهو ألجل تتبع أوصاف‬
‫األجنبية‬
‫قال ابن التني ‪ :‬أما من انتهى يف التشبه ابلنساء من الرجال إىل أن يؤتى يف دبره وابلرجال من النساء إىل أن‬
‫تتعاطى السحق فإن هلذين الصنفني من اللوم والعقوبة أشد ِمن مل يصل إىل ذلك‬
‫والقول الراجح هو القول األول ليحتمل أن من أذن له صفة له خلقة ال ختلقا‬
‫‪‬‬
‫ما جاء يف أن احلدود تدرأ ابلشبهات‬
‫دمت ََلَا َمدفَعاً))‪.‬‬
‫ود َما َو َج ُ‬
‫‪ -1128‬وعن أِب هريرة رضي هللا عنه قال ‪ :‬قال رسول هللا ﷺ ((ادفَـعُوا احلُ ُد َ‬
‫أخرجه ابن ماجه وسنده ضعيف‪.‬‬
‫ِ‬
‫ود َع ِن املُسل ِم َ‬
‫ني َما استَطَعتُم )) وهو‬ ‫ادر ُءوا احلُ ُد َ‬
‫وأخرجه الرتمذي واحلاكم من حديث عائشة بلفظ ‪َ (( :‬‬
‫ضعيف أيضاً‪.‬‬
‫لشبـ َه ِ‬
‫ات‪.‬‬ ‫ود ِاب ُّ ُ‬
‫ادرءُوا احلُ ُد َ‬
‫ورواه البيهقي عن علي رضي هللا عنه من قوله بلفظ ‪َ :‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫ادرءوا احلدوود ‪ :‬ادفعوا ايقاع احلدود‪.‬‬
‫ما استطعتم ‪ :‬بقدر إمكانكم فال حترصوا على ثبوهتا مع الشبهة‪.‬‬
‫ادفعوا ‪ :‬ادرءوا‪.‬‬
‫ما وجدمت هلا مدفعاً ‪ :‬مىت وجدمت طريقاً لدفعها بسبب من أسباب عدم ثبوهتا‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫‪ .1‬دليل على أنه يدفع احلد ابلشبهة اليت جيوز وقوعها كدعوى اإلكراه‬
‫‪ .2‬جيب على والة األمور أن يدرءوا احلدود ابلشبهة اليت توجب الشك يف ثبوت احلد‪.‬‬

‫(‪)101‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫‪ .3‬ال يقيم احلد ويكتفي مبا يردع عن اجلرمية من أنواع التعزير إذا مل يثبت عند احلاكم احلد ثبواتً واضحاً ال‬
‫شبهة فيه‪.‬‬
‫‪ .4‬وال يقام احلد الواجب كالرجم يف حق الزاين احملصن وقطع اليد يف حق السرقة إال بعد ثبوت ذلك يبواتً‬
‫ال شبهة فيه ال شك فيه‪.‬‬
‫‪‬‬
‫من أمل مبعصية فعليه أن يسترت‬
‫‪ -1129‬وعن ابن عمر قال ‪ :‬قال رسول هللا ﷺ ‪(( :‬اجتنبوا هذه القاذورات الت َّنى هللا عنها‪ ،‬فمن‬
‫أمل فليسترت بسرت هللا‪ ،‬وليتب إَل هللا‪ ،‬فإنه من مل يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب هللا عز وجل))‬
‫معاين الكلمات‬
‫‪ -‬القاذورات ‪ :‬مجع قاذورة‪ ،‬وهي األمر القبيح والفعل السيء‪ ،‬واملراد ما فيه حد كالزَن والشرب‪ .‬مسيت قاذورة؛‬
‫ألن حقها أن تقذر‪ ،‬فوصفت مبا يوصف به صاحبها‪ ،‬واملعاصي كلها قاذورات‪.‬‬
‫‪-‬فمن أملّ ‪ :‬فمن فعل وارتكب‪.‬‬
‫‪-‬من يبد لنا ‪ :‬يظهر ما فعل‪.‬‬
‫‪-‬صفحته ‪ :‬جانبه أو وجهه‪ ،‬واملراد هنا حقيقة أمره‪ .‬واملعىن ‪ :‬من تظهر لنا جرميته وتصل إىل اإلمام نقم عليه‬
‫احلد وال نرتكه‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على حترمي تعاطي ما حرم هللا من املعاصي وهي كلها قاذورات‪ ،‬ومن أمل مبعصية فعليه أن يسترت‬
‫وال يفضح نفسه ابإلقرار ويبادر إىل التوبة‪ ،‬وإن أبدى لإلمام حقيقة أمره‪ ،‬وجب على اإلمام إقامة احلد‪ .‬وقد‬
‫أخرج أبو داود مرفوعاً ‪(( :‬تعارفوا احلدود فيما بينكم‪ ،‬فما بلغين من حد فقد وجب))‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)102‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ابب حد القذف‬
‫القذف لغة‪ :‬الرمي ابلشيئ‪ ،‬شرعا‪ :‬الرمي بوطء حمرم يوجب احلد على املقذوف‪.‬‬
‫ثبوت حد القذف‬
‫‪ -1130‬عن عائشة رضي هللا عنها قالت‪ :‬ملا نزل عذري قام رسول هللا صلى هللا عليه وسلم على املنَب‪،‬‬
‫وذكر ذلك وتال القرآن‪ ،‬فلما نزل أمر برجلني وامرأة فضربوا احلد‪(.‬أخرجه أَحد واألربعة‪ ،‬وأشار إليه‬
‫البخاري)‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫ملا نزل عذري‪ :‬اآلايت الدالة على براءهتا ِما رميت به‬
‫على املنرب‪ :‬اسم آلة‪ ،‬مشتق من النرب وهو الرفع؛ النه يتخذ لإلرتفاع عليه‪ ،‬وتعلية الصوت‬
‫فذكر ذلك‪ :‬عذري‬
‫ِۚ‬ ‫ۡ‬
‫ٱإل ۡف ِ‬
‫ك عُ ۡصبَةٗ ِّمن ُك ۡم (النور‪ )11:‬إىل أخر مثاين عشرة آية على إحدى‬ ‫وتال القرآن‪ :‬من قوله‪ :‬إِن ٱل ِذين َجآءو بِ ِ‬
‫َ ُ‬
‫الرواايت يف العدد‪.‬‬
‫فلما نزل أمر برجلني‪ُ :‬ها حسان ومسطح‬
‫وامرأة‪ :‬محنة بنت جحش‬
‫فضربوا احل ّد‪ :‬حد القذف‬
‫سبب الورود‬
‫وقد أمجع العلماء على أن قصة اإلفك هي سبب نزول هذه اآلايت‪ ،‬وكان نزوهلا بعد شهر من احلادثة‪ ،‬كما‬
‫ذكر ابن كثري‪ .11‬ومسيت بقصة اإلفق أخذا من لفظ األية‪ ،‬واإلفق أخص من الكذب؛ ألنه – كما قال أبو‬
‫هالل العسكري ‪( :-‬هو الكذب الفاحش القبيح)‪ ،‬إضافة إىل أنه قلب للحقائق وصرف هلا عن وجهها‪ ،‬وهو‬
‫امث كبري‪ ،‬وهذه هي معاين اإلفك يف اللغة‪ ،‬كما يف اللسان وغريه‪.‬‬

‫‪ 11‬تفسير ابن كثير (‪)25/6‬‬

‫(‪)103‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫فقه احلديث‬
‫يف احلديث دليل على ثبوت ح ّد القذف‪ ،‬ووجوب إقامته على القاذف يف اجلملة وقد اتفق العلماء على أن‬
‫ت‬‫القذف الذي جيب فيه احلد هو الرمي اب الزَن أو نفي النسب‪ .‬وهو اثبت لقوله تعاىل‪ :‬وٱل ِذين ي ۡرمو َن ۡٱلم ۡحص ٰنَ ِ‬
‫َ ََُ ُ َ‬ ‫ۡ ۡ‬
‫ِ‬ ‫ۡ‬ ‫ِ‬
‫ُمث َمل َأيتُواْ أبَربَ َعة ُش َه َدآءَ‪(....‬النور ‪ ،)4:‬وظاه ره أنه مل يثبت القذف لعائشة إال من الثالثة املذكورين‪ ،‬وقدد‬
‫ثبت أن الذي توىل كربه عبدهللا بن أيب بن سلول ولكن هل هذا خاص به أو معه غريه؟ فيه كالم للمفسرين‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫وأما حده ففيه اخلالف بني أهل العلم‪:‬‬
‫‪ )1‬فقال القرطيب وابن القيم‪ :‬إنه مل حيد‪ ،‬وذكر ابن القيم أعذارا‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -‬أن احلد كفارة وابن أيب ليس أهال لذلك‪،‬‬
‫‪ -‬وقيل‪ :‬إن احلد ال يثبت إال ببينة أو إقرار وهو مل يثبت عليه شيء من ذلك‪،‬‬
‫‪ -‬وقيل‪:‬ترك حده للمصلحة‪ ،‬وهي أتليف قومه‪ ،‬ألنه كان سيدا مطاعا‪،‬‬
‫‪ -‬وقيل‪ :‬لذلك كله‪.‬‬
‫‪ )2‬وقال املاوردي أنه صلى هللا عليه وسلم مل جيلد أحدا من القذفة لعائشة رضي هللا عنها‪ ،‬وعلل ذلك أبن‬
‫احلد يثبت ببينة أو إقرار‪.‬‬
‫وأجاب قائلون أبهنم حدوا أبنه قد يثبت ما يوجب احلد بنص القرآن‪ ،‬وحد القاذف يثبت بعدم ثبوت ما قذف‬
‫به‪ ،‬وال حيتاج يف إثباته إىل بينة‪ .‬صحيح أن القرآن مل يبني أحدا من القذفة‪ ،‬لكن ورد هذا يف تفسري اآلايت‪،‬‬
‫ۡ‬
‫(وَال َأيتَ ِل أ ُْولُوْا‬
‫ۡوقد جاء يف (الصحيحني) ما يدل على أن مسطح بن أاثثة من القذفة‪ ،‬وأنه هو املراد يف قوله‪َ :‬‬
‫ۡ‬
‫ٱل َفض ِل ِمن ُك ۡم ‪.)...‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)104‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫حكم قذف الرجل زوجته‬


‫هالل بْ ُن َأميةَ‬
‫بن َس ْح َماء قَ َذفَه ُ‬ ‫اإلسالَم أن َش ِر َ‬ ‫‪ -1131‬وعن أنس بن مالك قال‪ :‬أو ُل لِع ٍ‬
‫يك َ‬ ‫ان كان يف ْ‬ ‫َ‬
‫ابمرأته‪ ،‬فقال له النِب صلى هللا عليه وسلم‪ (( :‬البَـيـنَةَ‪ ،‬وإال فَ َح ٌّد يف ظَ ْه ِر َك ))‪ .‬احلديث أخرجه أبو يعلى‪،‬‬
‫ورجاله ثقات‪ .‬وهو يف البخاري َنوه من حديث ابن عباس‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫لعان‪ :‬أن يتهم الرجل زوجته ابلزَن بدون أن أييت أبربعة شهداء على وقوع الزَن‪.‬‬
‫قذف‪ :‬مبعىن رمى‪ ،‬أي‪ :‬الرمي بوطء حمرم يوجب احلد على املقذوف‪.‬‬
‫البينة‪ :‬احلجة والدليل‪.‬‬
‫سبب الورود‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم‪ (( :‬البينة‪ ،‬وإال فحد‬
‫كان هالل بن أمية قذف شريك بن سحماء ابمرأته‪ ،‬فقال له ّ‬
‫يف ظهرك))‪.‬‬
‫وقد اختلفت الرواايت يف سبب نزول آية اللعان‪ ،‬ففي رواية أنس هذه ّأهنا نزلت يف قصة هالل‪ ،‬ويف رواية‬
‫أخرى أهنا نزلت يف قصة عومير العجالين‪ ،‬وال ريب أن أول لعان كان بنزول آية اللعان لبيان احلكم‪ ،‬ومجع‬
‫بينهما أبهنا نزلت يف شأن هالل‪ ،‬وصادف جميء عومير العجالين وقيل‪ :‬غري ذلك‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫‪ -‬احلديث دليل على أن الزوج إذا قذف امرأته‪ ،‬فعليه البينة وإال فعليه احلد‪.‬‬
‫‪ -‬دل احلديث على أن الزوج إذا عجز عن البينة على ما ادعاه على ذلك األمر وجب عليه احلد‪ .‬إال أنه‬
‫نسخ وجوب احلد عليه ابملالعنة‪ ،‬وهذا من نسخ السنة ابلقرآن وإن كانت آية جلد القذف‪ ،‬وهي قوله‬
‫ات} اآلية (النور‪ )4:‬سابقة نزوال على آية اللعان‪،‬فآية اللعان إما َنسخة‬ ‫تعاىل‪ {:‬وال ِذين ي رمو َن الْمحصنَ ِ‬
‫َ َ َْ ُ ُ ْ َ‬
‫على ت قدير تراخي النزول عند من يشرتطه لقذف الزوج‪ ،‬أو خمصصة إن مل يرتاخ النزول‪ ،‬أو يكون آية‬
‫صنَاتِؤن}(النور‪)4 :‬اخلصوص وهو‬ ‫ِ‬
‫ين يَْرُمو َن الْ ُم ْح َ‬
‫اللعان قرينة على أنه أريد ابلعموم يف قوله تعاىل‪َ { :‬والذ َ‬
‫ما عدا القاذف لزوجته‪ ،‬من ابب استعمال العام يف اخلاص خبصوصه‪.‬‬

‫(‪)105‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ات}‪ ،‬وإمنا جعل‬‫‪ -‬والتحقيق أن األزواج القاذفني ألزواجهم ابقون يف عموم اآلية‪ {:‬وال ِذين ي رمو َن الْمحصنَ ِ‬
‫َ َ َْ ُ ُ ْ َ‬
‫هللا تعاىل شهادة الزوج أربع شهادات ابهلل قائمة مقام األربعة الشهداء؛ ولذا مسى هللا تعاىل أميانه شهادة‪،‬‬
‫ات ِابلَّلِ}( النور‪،)6:‬فإذا نكل عن األميان وجب جلده جلد القذف‪.‬‬ ‫فقال‪ {:‬فَ َشهادةُ أَح ِد ِهم أَربع َشهاد ٍ‬
‫َ َ َ ْ َْ ُ َ َ‬
‫ات ِابلَّلِ} (النور‪ )6 :‬داخلون يف حكمه‪.‬‬ ‫فاألزواج ابقون يف عموم {فَ َشهادةُ أَح ِد ِهم أَربع َشهاد ٍ‬
‫َ َ َ ْ َْ ُ َ َ‬
‫‪ -‬وأنزل هللا آية اللعان إلفادة أنه إذا فقد الزوج البينة‪ ،‬وهم األربعة الشهداء‪ ،‬فقد جعل هللا تعاىل عوضهم‬
‫األربع األميان‪ ،‬وزاد اخلامسةللتأكيد والتشديد‪ ،‬وجلد الزوج ابلنكول قول اجلمهور‪ .‬وهللا أعلم ‪.‬‬
‫‪‬‬
‫حد اململوك إذا قذف‬
‫‪ -1132‬عن عبد هللا ابن عامر بن ربيعة قال ‪(( :‬لقد أدركت أاب بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬وعثمان رضي هللا عنهم‪،‬‬
‫ومن بعدهم‪ ،‬فلم أرهم يضربون اململوك يف القذف إال أربعني))‪ .‬رواه مالك‪ ،‬والثوري يف "جامعة"‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫حمرم يوجب احلد على املقذوف‪.‬‬
‫القذف لغة‪ :‬الرمي ابلشيء؛ وهو شرعا الرمي بوطع؛ ّ‬
‫اململوك‪ :‬العبد‪ ،‬الرقيق من البشر‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫حرا أربعني جلدة‪.‬‬
‫احلديث دليل على أن حد اململوك (ذكرا كان أم أنثى) إذا قذف ّ‬
‫احتياط الصحابة يف أخذ األحكام‬
‫أقوال العلماء يف املسألة‬
‫هل حد القذف للمملوك نصف احلر ؟‬
‫القول األول ‪ :‬تنصيف حد القذف لألمة ( أربعني جلدة )‪.‬‬ ‫‪)1‬‬
‫(مجهور علماء األمصار) أهنم قاسوا ححد القذف على حد الزَن الثابت يف حق األمة يف قوله‬
‫فعليهن نصف ما على احملصنات من العذاب﴾ وتكون اآلية عامة يف األرقاء واألحرار‬
‫ّ‬ ‫تعاىل ﴿‬
‫ودخل عليها القياس‪.‬‬

‫(‪)106‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫حرا مثانني جلدة كحد احلر‪.‬‬


‫القول الثاين ‪ :‬حد اململوك إذا قذف ّ‬ ‫‪)2‬‬
‫(قول ابن مسعود وعمر بن عبد العزيز وابن حزم الظاهري ) أهنم أخذوا بعموم اآلية وال ميكن‬
‫إخراجه‪ /‬قياسه إىل مسا~ل أخرى إالّ بدليل‪.‬‬
‫الرتجيح‪:‬‬
‫القول الثاين ( وهللا تعاىل أعلم) أن ما ورد من النص يف تنصيف احلد على األمة يف حد الزَن‪ ،‬وقياس الزَن مع‬
‫القذف قياس مع الفارق‪.‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫حكم من قذف ِملوكه‬
‫‪ -1133‬وعن أِب هريرة ( قال‪:‬قال رسول هللا ({من قذف ِملوكه يقام عليه احلد يوم القيامة‪ ،‬إال أن‬
‫تكون كما قال} ) متفق عليه‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على ال حيد املالك يف الدنيا إذا قذف ِملوكه ألن الرسول أخرب أنه حيد لقذفه يوم القيامة‪ ،‬وهذا‬
‫إمجاع‪.‬‬
‫وأما إذا قذف العبد غري مالكه فإنه أمجع العلماء على أنه الحيد قاذفه إال أم الولد ففيها خالف‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫‪ )1‬القول األول‪ :‬ال حيد قاذف العبد‪ ،‬واستدل هبذا احلديث وهذا من مذهب اهلادوية‪ ،‬والشافعية‪ ،‬وأبو‬
‫حنيفة‪.‬‬
‫‪ )2‬القول الثاين‪ :‬قاذف العبد حيد كما حيد قاذف احلر‪ ،‬لعموم" إن دماءكم‪ ".....‬وال فرق بني ذلك يف احلر‬
‫والعبد‪ .‬هذا قول مالك وابن حزم الظاهري وصح ذلك ابن عمر‪.‬‬
‫الرتجيح‪ :‬القول الثاين‪ ،‬لقوة أدلة العموم‪ ،‬وأن هذا احلديث يدل على اخلصوص‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)107‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ابب حد السرقة‬
‫وجوب قطع السارق‪ ،‬ومقدار النصاب‬
‫سا ِر ِق‬
‫(ال تَـ ْقطَ ُع يَ ُد ال ه‬ ‫ال رسو ُل ِ‬
‫هللا صل هللا عليه وسلم‪َ ( :‬‬ ‫‪َ – 1134‬ع ْن َعائِ َ‬
‫َت‪ :‬قَ َ َ ُ ْ‬ ‫شةَ رضي هللا عنها قَال ْ‬
‫ظ لِ ُم ْسلِ ٍم‪.‬‬ ‫إالَ ِىف رب ِع ِديـنَا ٍر فَص ِ‬
‫اع ًدا))‪ُ .‬متهـ َف ٌق َعلَْي ِه‪َ ،‬والهل ْف ُ‬ ‫َ‬ ‫ُْ ْ‬
‫ََحَ َد‪(( :‬اقْطَعُ ْوا ِىف ُربْ ِع ِديْـنَا ٍر‪َ ،‬وَال تَـ ْقطَعُ ْوا فِْي َما ُه َو أَ ْد َىن ِم ْن ذلِ َ‬
‫ك))‪.‬‬ ‫‪َ – 1135‬وِىف ِرَوايٍَة ِأل ْ‬
‫هِب صلى هللا عليه وسلم قَطَع ِيف ِِمَ ٍن قِيمته ثَالَثَةَ َدر ِ‬
‫اه َم‪ .‬متفق عليه‬ ‫‪َ - 1136‬و َع ْن ابْ ِن عُ َم َر أَ هن النِ ه‬
‫َ‬ ‫ْ َُُ‬ ‫َ‬
‫سا ِر َق‪ ،‬يَ ْس ِر ُق الْبَـ ْي َ‬ ‫ال رسو ُل ِ‬
‫ضةَ‪،‬‬ ‫هللا صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬ل ََع َن هللاُ ال ه‬ ‫ال‪ :‬قَ َ َ ُ ْ‬ ‫‪َ – 1137‬و َع ْن أِ ْ‬
‫َِب ُه َريْـ َرةَ قَ َ‬
‫فَـتُـ ْقطَ ُع يَ ُدهُ‪َ ،‬ويَ ْس ِر ُق ا ْحلَْب َل فَـتُـ ْقطَ ُع يَ ُدهُ))‪ .‬متفق عليه أيضا‬
‫معاين الكلمات‬
‫الْ َقطْ ُع‪ :‬الْ َمْن ُع‬

‫السا ِر ُق‪ :‬اسم فاعل من َسَر َق‪-‬يَ ْس ِر ُق مبعىن أخذه خفية بغري وجه ّ‬
‫حق‪.‬‬
‫الس ِرقَةُ لغة‪ :‬أخذ املال على وجه االستتار‪.‬‬
‫شرعا‪ :‬أخذ مكلّف ماال حمرتما لغريه نصااب أخرجه من حرزه وال شبهة له فيه‪.‬‬
‫صاعِ ًدا‪ :‬فَ َما فَ ْوقَهُ‪.‬‬
‫فَ َ‬
‫اللعان‪ :‬االهانة واخلذالن‬
‫اجملن‪ :‬مفعل من االجتنان وهو االستتار واالختفاء‪.‬‬
‫ّ‬
‫البيضة‪ :‬بيضة احلديد‬
‫احلبل‪ :‬حبل السفن‬
‫فقه احلديث‬
‫جل وعال بني احلد ومل يبني النصاب‪.‬‬
‫ورب ّ‬
‫‪ -‬أن رسول هللا صلّى هللا عليه وسلم ّبني النصاب‪ُّ ،‬‬
‫وتبني معناه‪.‬‬
‫تفسر القرآن ّ‬ ‫‪ -‬السنّة ّ‬

‫(‪)108‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫النيب صلّى هللا عليه وسلّم‪ ،‬صرفهاثنا عشر درهم‪ ،‬وزنتها مثقال‪ ،‬فهذا‬ ‫الدينار عملة من الذهب يف عهد ّ‬ ‫‪-‬‬
‫املثقال تقطع فيه اليد صاعدا فأكثر إذا كان دينارين‪ ،‬ثالثة من ابب أوىل‪.‬‬
‫هذه عقوبة للسارق وبذلك حيفظ هللا أموال الناس‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫جعل هذا احلد محاية ألموال املسلمني يف كل مكان‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫محاية هللا يف أموال املسلمني هبذا احلد كما محاية هللا يف فروج املسلمني حبد الزينة ومحايتهم من اخلمر ابحلد‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫القطع يف السرقة حد عظيم خطري وهي قطع ابلسيف أعظم من اجللد‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫فدل على أهنا من كبائر الذنوب‪.‬‬
‫اللعان يف احلديث مبعىن سقوط ُهّته‪ّ ،‬‬ ‫‪-‬‬
‫فيجره ذلك إىل الشيء الكبري الذي تقطع فيه يده‪.‬‬
‫يسرق الشيء القليل ّ‬ ‫‪-‬‬
‫حبل يساوي ربع الدينار وبيضة تساوي ربع الدينار فقطع‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أن السرقة من الكبائر لذلك لعن رسول هللا صلّى هللا عليه وسلّم صاحبها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫هل يشرتط النصاب أو ال؟‬
‫‪ )1‬ذهب اجلمهور إىل اشرتاطه‪ ،‬بدليل‪:‬‬
‫صاعِ ًدا))‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫((ال تَ ْقطَ ُع يَ ُد السا ِرق ّإالَ ِىف ُربْ ِع ديْنَا ٍر فَ َ‬
‫صل هللا عليه وسلّم‪َ :‬‬
‫ال َر ُس ْو ُل هللا ّ‬
‫‪ -‬قَ َ‬
‫((و َع ْن ابْ ِن عُ َمَر أَن النِيب صلّى هللا عليه وسلّم قَطَ َع ِيف ِجمَ ٍّن قِْي َمتُهُ ثَالَثَةَ َد َر ِاه َم))‪.‬‬
‫‪َ -‬‬
‫‪ )2‬ذهب احلسن والظاهرية واخلوارج إىل أنه ال يشرتط بل يقطع يف القليل والكثري إلطالق اآلية‪ ،‬بدليل‪:‬‬
‫{والسا ِر ُق َوالسا ِرقَةُ فَاقْطَعُ ْوا أَيْ ِديَ ُه َما}‬‫‪َ -‬‬
‫صل هللا عليه وسلّم‪(( :‬لَ َع َن هللاُ السا ِر ُق يَ ْسَر ُق الْبَ ْي َ‬
‫ضةَ َوتَ ْقطَ ُع‬ ‫‪ -‬حديث أبو هريرة أنه قال رسول هللا ّ‬
‫احلَْب َل فَتُ ْقطَ ُع يَ ُدهُ))‪.‬‬ ‫يَ ُدهُ‪َ ،‬ويَ ْس ِر ُق ْ‬
‫الرتجيح‪ :‬الراجح‪ :‬قول اجلمهور إىل اشرتاطه بدليل‪:‬‬
‫‪ -‬أبن اآلية مطلقة يف جنس املسروق وقدره واحلديث بيان هلا‪.‬‬
‫‪ -‬حديث البيضة غري القطع بسرقتها بل االخبار بتحقري شأن السارق وخسارة ما رحبه من السرقة‪.‬‬

‫(‪)109‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫اختلف العلماء يف قدر النصاب‪:‬‬


‫‪ )1‬ذهب فقهاء احلجاز والشافعي وغريهم أن النصاب الذي يقطع به ربع دينار من الذهب وثالثة دراهم‬
‫الفضة‪ .‬بدليل‪:‬‬
‫من ّ‬
‫(و َع ْن ابْ ِن عُ َمَر أَن النِيب صلّى هللا عليه وسلّم قَطَ َع ِيف ِجمَ ٍّن قِْي َمتُهُ ثَالَثَةَ َد َر ِاه َم))‪.‬‬
‫(َ‬ ‫‪-‬‬
‫صاعِ ًدا))‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫((ال تَ ْقطَ ُع يَ ُد السا ِرق ّإالَ ِىف ُربْ ِع ديْنَا ٍر فَ َ‬
‫صل هللا عليه وسلّم‪َ :‬‬
‫ال َر ُس ْو ُل هللا ّ‬
‫قَ َ‬ ‫‪-‬‬
‫جمن قيمته ثالثة دراهم‪.‬‬
‫ثالثة دراهم قيمتها ربع دينار‪ ،‬يف قوله صلّى هللا عليه وسلّم أنه قطع يف ّ‬ ‫‪-‬‬
‫اب ال ِّديْنَا ٍر‬
‫ت بِثَالَثَِة َدر ِاهم ِمن ِحس ِ‬
‫َ َ ْ َ‬ ‫أخرجه ابن املنذر ((أَنهُ أُِيتَ عُثْ َمان بِ َسا ِرٍق َسَر َق اُتْ ُرجةً قُ ِّوَم ْ‬ ‫‪-‬‬
‫ابثْ َين َع َشَر فَ َقطَ َع))‪.‬‬
‫ت قِيمتُه ِدرَُه ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ًفا))‪.‬‬ ‫((أَن َعليًّا قَطَ َع ِيف ُربْ ِع ديْنَا ٍر َكانَ ْ ْ َ ُ ْ َ ْ‬
‫ني َون ْ‬ ‫‪-‬‬
‫الشافعي قال‪ :‬ربع ال ّدينار موافق الثّالثة الدراهم وذلك أن الصرف على عهد رسول هللا اثنا عشر‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫بدينار وكان ذلك بعده‪ ،‬وهلذا قومت الدية اثين عشر ألفا من الورق وألف دينار من الذهب‪.‬‬
‫أقل من‬
‫‪ )2‬ذهب أكثر فقهاء العراق واهلادوية أنه ال يوجب القطع إال سرقة عشرة دراهم وال يوجب يف ّ‬
‫ذلك‪ .‬بدليل‪:‬‬
‫حديث ابن عبّاس ((أَنهُ َكا َن َمثَ ُن الْ ِم َج ِّن َعلَى َع ْه ِد َر ُس ْوِل هللاِ صلّى هللا عليه وسلّم َع َشَرةَ َد َر ِاه َم))‪.‬‬
‫الراجح‪ :‬أن النصاب الذي يقطع به ربع دينار من الذهب والثالثة دراهم من الفضة لقوة دليله وابقي األحاديث‬
‫املخالفة ال تقاوموه سندا‪.‬‬
‫اختلف العلماء يف شرطية النصاب فيما يقدر به غري الذهب والفضة‪:‬‬
‫‪ )1‬قال املالك يقوم ابلدراهم‪.‬‬
‫‪ )2‬قال الشافعي يقوم ابلذهب ألنه أصل اجلواهر يف األرض كلها‪.‬‬
‫عرفت ويف الباب أقوال كما قدمنا مل ينهض هلا دليل فال‬
‫تفرعا عن الدليل كما َ‬
‫هذان القوالن يف قدر النصاب ُّ‬
‫حاجة إىل شغل األوراق واألوقات‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)110‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫حكم جاحد العارية والنهي عن الشفاعة يف احلدود‬

‫‪ -1138‬وعن عائشة رضي هللا عنها أن رسول هللا (قال‪ { :‬أ تشفع يف حد من حدود هللا؟‪ُ ،‬ث قام‬
‫فاختطب‪ ،‬فقال‪" :‬أيها الناس‪ ..‬إَّنا هلك الذين من قبلكم أَّنم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه‪ ،‬وإذا‬
‫سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه احلد‪ } ..‬احلديث‪ .‬متفق عليه‪ ،‬واللفظ ملسلم‪ .‬وله من وجه آخر‪ :‬عن‬
‫عائشة‪ :‬كانت امرأة تستعري املتاع‪ ،‬وجتحده‪ ،‬فأمر النِب بقطع يده)‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫أتشفع‪ :‬اخلطاب ألسامة بن زيد‪ ،‬والشفاعة لغة مصدر شفع يشفع شفاعة فهو شافع وشفيع‪ ،‬وهي السؤال يف‬
‫التجاوز عن الذنوب واجلرائم‪ ،‬وهي يف ابب العقوابت التماس العفو عن العقوبة أو التخفيف منها عن الغري‬
‫من غري بدل‪.‬‬
‫واالستفهام لإلنكار بداللة السياق‪.‬‬
‫إمنا هلك‪ :‬هم بنو إسرائيل‪.‬‬
‫الشريف‪ :‬من مجع علو النسب مع محيد الصفات وعلو القدر ومجعه شرفا‪ ،‬وأشراف‪.‬‬
‫الضعيف‪ :‬هو الذي ال قدر له وال احرتام بني الناس‪.‬‬
‫كانت امرأة‪ :‬هي امرأة خمزومة‪ ،‬وبين خمزوم هو من أفحاد العرب وهم من أشرفهم يقال هلم رحيانة قريش‪ ،‬وهي‬
‫نسبة إىل حمزوم بن يقظة وهو أخو كالب بن مرة الذي نسب إليه بنو عبد مناف‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على شيئني‪:‬‬
‫األول ‪ :‬حترمي الشفاعة يف حدود هللا تعاىل‪ ،‬واإلنكار على الشافع‪ ،‬وقد ذكر ابن القيم رمحه هللا أن الشفاعة يف‬
‫حدود هللا من كبائر الذنوب‪ ،‬وأن التحرمي بعد البلوغ إىل اإلمام‪ ،‬لقول النيب صلى هللا عليه وسلم‪ (( :‬ال تشفع‬
‫يف حد‪ ،‬فإن احلدود إذا انتهت إل فليست مبرتوكة ))‪ ،‬وقوله عليه الصالة والسالم‪ (( :‬تعافوا احلدود فيما بينكم‬
‫فما بلغين من حد فقد وجب ))‪.‬‬

‫(‪)111‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫وعلى هذا فليس لإلمام أن يقبل شفاعة أحد كائنا من كان مىت بلغ احلد‪ ،‬بل عليه أن ينفذ ويقيم شرع هللا‬
‫تعاىل‪.‬‬
‫ما املراد ببلوغ اإلمام؟‬
‫قالت احلنفية والشافعية والظاهرية هو ثبوت احلد عند اإلمام‪ ،‬أما قبل ثبوته فتجوز الشفاعة‪.‬‬
‫وقالت احلنابلة وفريق من أهل العلم هو وصول الفضية إىل اإلمام‪.‬‬
‫واعتربت املالكية نواب اإلمام كاف‪ ،‬مثل الشرطة أو احلرس أو من يقوم مقام ول األمر‪.‬‬
‫أن العدالة الكاملة واألهداف السامية للعقوبة ال تطهر إال إذا كانت عامة وشاملة وتطبق على مجيع الناس‪،‬‬
‫دون متييز طبقي أو عنصري‪ ،‬وأن السارق جيب أن ينال جزاؤه فيما كانت مكانته أو قرابته من احلكام والقضاة‬
‫والسلطات احلاكمة‪ ،‬وإال كانت التمييز واحملاابة والرشوات والواسطات يف تطبيق احلدود سببا يف الظلم واهلالك‬
‫والدمار وهو ما حذر منه النيب صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬وجوب قطع جاحد العارية‪.‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬أن الراوي رتب على قطع يدها على جحد العارية ابلفاء اليت تفيد أن سبب القطع هو اجلحد‬
‫وهو مذهب أمحد وإسحاق والظاهرية‪.‬‬
‫والقول الثاين أن جاحد العارية ال يقطع وهذا قول اجلمهور من املالكية واحلنفية والشافعية وإحدى الروايتني‬
‫عن أمحد‪ ،‬واستدلوا بدليلني‪:‬‬
‫قول هللا تعاىل‪ :‬والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ( املائدة‪)38:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ووجه الداللة‪ :‬أن هللا تعاىل أوجب قطع يد السارق‪ ،‬واجلاحد ال يسمى سارقا‪ ،‬وإمنا هو خائن‪.‬‬
‫حديث جابر رضي هللا عنه اآليت بعد هذا (( ال قطع على خائن‪))..‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ووجه الداللة‪ :‬أن جاحد العارية حائن فال قطع عليه‪.‬‬
‫ورد هذا ابن القيم رمحه هللا وقال إن اجلحد داخل حتت اسم السرقة‪.‬‬
‫أجاب اجلمهور عن استدالل الفريق األول جبوابني‪:‬‬

‫(‪)112‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫أن نعمر بن راشد تفرد من بني سائر الرواة بذكر العارية يف احلديث‪ ،‬ومعمر ال يقاوم هؤالء‪ ،‬ومؤدى‬ ‫‪-1‬‬
‫هذا اجلواب ترجيح رواية سرقت‪.‬‬
‫سلمنا بثبوت لفظ جحد العارية‪ ،‬لكنه ليس سبب القطع‪ ،‬بل سبب القطع هو السرقة‪ ،‬وذكر‬ ‫‪-2‬‬
‫العارية للتعريف ابملرأة وإن االستعارة صارت خلقا هلا فعرفت املرأة به‪ ،‬ومؤدى هذا اجلواب اجلمع‬
‫بني الروايتني هبذا التأويل‪ .‬وتؤيد هذا قول صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬أو أن فاطمة بنت حممد‬
‫سرقت‪ ))..‬مث أمر بيد املرأة فقطعت‪ ،‬فهذا يدل على أن قطع يدها يف السرقة وإال لكان ذكر‬
‫السرقة الغيا ال فائدة فيه‪.‬‬
‫اللرتجيح‪:‬‬
‫والراجح أن جاحد العارية ال يقطع‪ ،‬وأن هذه املرأة ما قطعت بسبب جحد العارية بل بسبب السرقة‪،‬‬
‫وذلك ألمور‪:‬‬
‫اتفاق الشيخني على ذكر السرقة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ذكر النيب صلى هللا عليه وسلم السرقة‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أن رواية اجلحد ميكن أتويلها‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أن جاحد العارية ليس بسارق وال يقطع إال السارق‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫ال قطع على خائن وُمتلس ومنتهب‬
‫‪ -1139‬وعن جابر رضي هللا عنه عن النِب ﷺ قال ‪« :‬ليس على خائن‪ ،‬وال منتهب‪ ،‬وال ُمتلس‬
‫قطع»‪ .‬رواه أَحد واألربعة‪ ،‬وصححه الرتمذي وابن حبان‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫اخلائن ‪ :‬الذي أيخذ املال خفية من مالكه مع إظهاره له النصيحة واحلفظ‪.‬‬
‫املنتهب‪ :‬املغري من النهبة‪ ،‬وهي الغارة والسلب‪ ،‬واملراد ما كان على جهة الغلبة والسلب‪.‬‬
‫املختلس‪ :‬السالب من «اختلسه» إذا سلبه‪.‬‬

‫(‪)113‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫فقه احلديث‬
‫يف احلديث دليل على أن اخلائن ال قطع عليه‪ .‬واخلائن أعم‪ ،‬فإهنا قد تكون اخليانة يف غري املال ومنه خائنة‬
‫األعني وهي مسارقة النظر بطرفه ماال حيل له النظر إليه‪.‬‬
‫جاحد العارية خائن والَيفى أن هذا عام لكل خائن ولكنه خمصوص جباحد العارية ويكون القطع فيمن جحد‬
‫العارية ال غريه من اخلونة‪.‬‬
‫يف احلديث دليل أن هللا تعاىل قد شرع قطع يد السارق‪ ،‬ومل جيعل ذلك يف غري السرقة كاالختالس واالنتهاب‪،‬‬
‫ألن ذلك قليل ابلنسبة للسرقة وألنه ميكن اسرتجاع هذا النوع ابلرفه إىل والة األمر‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة ‪:‬‬
‫اختلف العلماء يف شرطية أن تكون السرقة يف حجر ‪:‬‬
‫القول األول ‪ :‬ذهب أمحد وابن حنبل وإسحاق إىل أنه ال يشرتط لعدم ورود الدليل ابشرتاطه من‬ ‫‪)1‬‬
‫السنة وإلطالق اآلية‪.‬‬
‫القول الثاين ‪ :‬ذهب غريهم إىل اشرتاطه مستدلني هبذا احلديث إذ مفهومه لزوم القطع فيما أخذ‬ ‫‪)2‬‬
‫بغري ما ذكر‪ ،‬وهو ما كان عن خفية‪.‬‬
‫وأجيب أبن هذا مفهوم ال تثبت به قاعدة يقيد هبا القرآن‪ ،‬ويؤيد عدم اعتباره أنه ﷺ قطع يد من‬
‫أخذ رداء صفوان من حتت رأسه من املسجد احلرام‪ ،‬وأبنه ﷺ قطع يد املخزومية وإمنا كانت جتحد‬
‫ما تستعريه‪.‬‬
‫‪‬‬
‫همر وال َكثَر‬ ‫حكم سرقة الث َ‬
‫ْع ِيف َمثَ ٍر َوَال‬ ‫صلهى هللاُ َعلَْي ِه َو َسله َم يَـ ُق ُ‬ ‫ت رس َ ِ‬ ‫يج‪ ،‬قَ َ ِ‬ ‫‪َ -1140‬ع ْن َرافِ ِع بْ ِن َخ ِد ٍ‬
‫ول ‪َ (( :‬ال قَط َ‬ ‫ول هللا َ‬ ‫ال َمس ْع ُ َ ُ‬
‫يذي َوابْ ُن ِحبها َن‪.‬‬
‫الرتِم ِ‬
‫ضا ِ ْ‬‫ص هح َحهُ أَيْ ً‬
‫ورو َن‪َ ،‬‬ ‫َكثَ ٍر )) َرواه املَ ْذ ُك ُ‬
‫معاين الكلمات‬
‫التمر ‪ :‬الرطب ما دام يف رأس النخلة‪ ،‬فإذا قطع فهو الرطب وقيل الثمر ما كان معلقا يف النخل قبل أن جيد‬
‫وحيرز‬

‫(‪)114‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫الكثر‪ :‬مجار النخل وهو شحمه الذي وسط النخلة‬


‫فقه احلديث‬
‫يف احلديث دليل على أنه ال قطع يف سرقة الثمر وال يف سرقة الكثر‪ ،‬والعلماء اختلفوا يف هذه املسألة‪:‬‬
‫قال أبو حنيفة أن ظاهر احلديث العموم فيما كان على رؤوس الشجر أو كان قد ج ّذ ووضع على‬ ‫‪)1‬‬
‫األرض‪.‬‬
‫ودليله سرعة الفساد لرطوبته ‪ ،‬وهلذا يرى أنه ال قطع فيما يتسارع إليه الفساد كالثمار والفواكه الرطبة‬
‫سواء سرقت من شجرها أو بعد قطعها‪ .‬أما إذا كانت الثمار ايبسة وآواها اجلرين – موضع جتفيفها‬
‫– ففيها القطع‪.‬‬
‫وذهب اجلمهور من العلماء ومنهم أبو يوسف صاحب أيب حنيفة ‪ -‬إىل وجوب القطع يف كل‬ ‫‪)2‬‬
‫حمرز‪ -‬أي أن اجلمهور اشرتطوا ااحلرز للقطع ‪ -‬ال فرق يف ذلك بني الطعام والثمار واليابس منه‬
‫والرطب‬
‫ودليلهم عموم آية السرقة واآلحاديت الواردة يف اشرتاط النصاب‪.‬‬
‫وأما الشافعي فحمل هذا احلديثل على ما كانت عليه عادة أهل املدينة‪ ،‬إذا كانت العدة عدم‬ ‫‪)3‬‬
‫إحراز حوائطها فرتك القطع لعدم احلرز وإذا أحرتزت احلوائط كانت كغريها‪.‬‬
‫‪‬‬
‫حكم تلقني السارق والرجوع عن اعرتافه‬
‫‪ -1141‬وعن أِب أمية املخزومي قال ‪ :‬أيت رسول هللا صلى هللا علية وسلم بلص قد اعرتف اعرتافا‪ ،‬ومل‬
‫يوجد معه متاع‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ))ماإخالك سرقت )) قال‪ :‬بلى‪ ،‬فأعاد عليه مرتني‬
‫أو ثالاث‪ ،‬فأمر يه‪ ،‬فقطع‪ .‬وجيء به‪ ،‬فقال ‪ ((:‬استغفر هللا وتب إليه)) فقال ‪ :‬أستغفر هللا وأتوب إليه‪،‬‬
‫فقال‪ ((:‬اللهم تب عليه – ثالاث))‪ .‬أخرجه أبوا داود‪ ،‬واللفظ له‪ ،‬وأَحد والنسائي‪ ،‬ورجاله الثقات‪...‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫(وعن أيب أمية املخزومية )اليعرف له اسم عداده يف أهل احلجاز روى عنه ابو املنذر موىل أيب ذر هذا احلديث‬

‫(‪)115‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫(قال ‪ :‬أيت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بلص قد اعرتف اعرتافا ومل يوجد معه متاع فقال رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم ‪ ( :‬ما إخالك) بكسر اهلمزة فخاء معجمة أي ‪ :‬أظنك‬
‫(سرقت) قال ‪ :‬بلى‪ ،‬فأعاد عليه مرتني أو ثالاث‪ ،‬فأمر به‪ ،‬فقطع‪.‬‬
‫وجيء به فقال‪ ( :‬استغفر هللا وتب إليه) فقال‪ :‬أستغفر هللا وتب إليه فقال ‪( :‬اللهم تب عليه – ثالاث)أخرجه‬
‫أبو داود واللفظ له‪ ،‬وأمحد والنسائي ورجاله الثقات )‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫قال اخلطايب‪ :‬يف اسناده مقال واحلديث اذا رواه جمهول مل يكن حجة‪ ،‬وال جيب احلكم به‪ ،‬قال عبداحلق‪:‬‬
‫ابواملنذر املذكور يف اسناده مل يروه عنه إال اسحاق بن عبدهللا بن ايب طلحة ‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫ويف احلديث دليل على انه ينبغي لإلمام تلقني السارق االنكار‪ ،‬وقد روي انه صلى هللا عليه وسلم قال لسارق‬
‫( اسرقت ؟ قل‪ :‬ال ) قال الرافعي‪ :‬مل يصحح هذا احلديث‪.‬‬
‫قال الغزال‪ :‬قوله‪( :‬قل‪ :‬ال ) مل يصححه األمة‪ ،‬وروى البيهقي موقوفاً على ايب الدرداء (أنه اتيه جبارية سرقت‪،‬‬
‫فقال هلا‪ :‬اسرقيت؟ قول ال‪ ،‬فقالت ال‪ ،‬فخلى سبيلها)‪.‬‬
‫وروى عبدالرزاق عن عمر ( انه ايت برجل سرق فسأله اسرقت؟ قل‪ :‬ال فقال‪ :‬ال‪ ،‬فرتكه)‪ ،‬وساق رواايت عن‬
‫الصحابة دالة عن التلقني واختلف يف اقرار السارق‪ ،‬فذهبت اهلادوية وامحد واسحاق انه البد يف ثبوت السرقة‬
‫ابإلقرار من إقراره مرتني‪ ،‬وكأنه هذا احلديث دليلهم وال داللة فيه‪ ،‬ألنه خرج خمرج االستثبات وتلقني املسقط‪،‬‬
‫وألنه تردد الرواي هل مرتني او ثالث وكان طريق االحتياط هلم ان يشرتطوا االقرار ثالاثً ومل يقولوا به‪.‬‬
‫وذهب الفريقان وغريهم اىل انه يكفي االقرار مرة واحدة كسائر االقارير‪ ،‬وألهنا قد وردت عدة رواايت مل يذكر‬
‫فيها اشرتاط عدد االقرار ‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)116‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ما جاء يف حسم اليد بعد قطعها‬


‫‪ -1142‬وأخرجه احلاكم من حديث أِب هريرة‪ ،‬فساقه مبعناه‪ ،‬وقال فيه ‪" :‬اذهبوا به فاقطعوه‪ُ ،‬ث‬
‫احسموه"‪ .‬وأخرجه البزار أيضا‪ ،‬وقال ال ِبس ِبسناده‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫وأخرجه أي حديث أيب أميّة‬
‫الكي ابلنّار أي يكوی حمل القطع لينقطع الدم‬
‫فاقطعوه مثّ احسموه ابملهملتني‪ ،‬احلسم ‪ّ :‬‬
‫وأخرجه ال ّبزار أيضا من حديث أيب هريرة‬
‫فقه احلديث‪:‬‬
‫احلديث دليل علی ‪:‬‬
‫‪ -‬وجوب حسم من قطع‬
‫‪ -‬أنه أيمر ابلقطع واحلسم اإلمام‬
‫‪ -‬وأجرة القاطع واحلاسم من بيت املال‬
‫‪ -‬وقيمة الدواء الذي حيسم به منه ؛ ألن ذلك واجب علی غريه‬
‫فائدة ‪ :‬من السنة أن تعلّق يد السارق يف عنقه؛ ملا أخرجه البيهقي بسنده من حديث فضالة بن عبيد ‪ :‬أنه‬
‫النيب ﷺ قطع سارقا‪ ،‬مث أمر بيده فعلّقت‬
‫سئل أرأيت تعليق يد السارق يف عنقه من السنّة ؟! قال ‪ :‬نعم‪ ،‬رأيت ّ‬
‫يف عنقه‪ .‬وأخرج بسنده أن عليا – عليه السالم – قطع سارقا فمروا به ويده معلّقة يف عنقه‪ ،‬وأخرج عنه أيضا‬
‫فكأين أنظر إلی يده تضرب صدره‪.‬‬
‫أقر عنده سارق مرتني‪ ،‬فقطع يده وعلقها يف عنقه‪ ،‬وقال الراوي ‪ّ :‬‬ ‫أنه ّ‬
‫‪‬‬

‫(‪)117‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ما جاء يف أن السارق ال يغرم إذا أقيم عليه احلد‬


‫‪ – 1143‬عن عبد الرَحن بن عوف رضي هللا عنه أن رسول هللا ﷺ قال‪« :‬ال يغرم السارق إذا أقيم‬
‫عليه احلد»‪ .‬رواه النسائي وبني أنه منقطع‪ .‬وقال أبو حامت‪ :‬هو منكر‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫يغرم‪ :‬يلزم الضمان‪.‬‬
‫فقه احلديث‪:‬‬
‫أن العني املسروقة إذا تلفت يف يد السارق مل يغرمها بعد أن وجب عليه القطع عليه‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‪:‬‬
‫‪ .1‬ذهب اهلادوية ورواية عن أيب حنيفة وسفيان الثوري ومجاعة من السلف إىل أن العني املسروقة إذا تلفت‬
‫واستهلكت يف يد السارق ال يلزمه ضماهنا بعد أن وجب عليه القطع عليه سواء أتلفها قبل القطع أو‬
‫بعده‪ ،‬واحلنفية استدلوا به ألن املرسل عندهم حجة‪ ،‬وروى أبو يوسف عن أيب حنيفة يف شرح الكنز‬
‫على مذهبه أبن اجتماع حقني يف حق واحد خمالف لألصول فصار القطع بدال من الغرم ولذلك إذا‬
‫[املائدة‪:‬‬
‫﴿والسا ِر ُق َوالسا ِرقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْ ِديَ ُه َما﴾‬
‫ثىن سرقة ما قطع به مل يقطع‪ ،‬واستدلوا أيضاً بقوله ﷻ‪َ :‬‬
‫‪ ،]38‬فإن اآلية دلت على أن القطع هو جزاء السارق ولو قلنا ابلضمان مل يكن القطع هو كل اجلزاء‪،‬‬
‫ويكون زايدة على ما يف القرآن‪.‬‬
‫‪ .2‬ذهب اجلمه ور من أهل العلم ومنهم الشافعي وأمحد وآخرون ورواية أخرى عن أيب حنيفة ومجاعة من‬
‫﴿وَال َأتْ ُكلُوا أ َْم َوالَ ُك ْم بَْي نَ ُك ْم‬
‫السلف إىل أنه يلزم الضمان‪ ،‬سواء أكان موسراً أو معسراً؛ ولقوله تعاىل‪َ :‬‬
‫اط ِل﴾ [البقرة‪ ]188 :‬وقوله ﷺ‪« :‬على اليد ما أخذت حىت تؤديه» وقوله ﷺ‪« :‬ال حيل مال امرئ‬ ‫ِابلْب ِ‬
‫َ‬
‫مسلم إال بطيبة من نفس» وألنه اجتمع يف السرقة حقان‪ :‬حق هلل تعاىل وهو القطع وحق لآلدمي وهو‬
‫الضمان؛ فاقتضى كل حق موجبه وألنه قام اإلمجاع أنه إذا كان موجودا بعينه أخذ منه فإن ردها شرط‬
‫لصحة توبة السارق‪ ،‬فيكون إذا مل يوجد يف ضمانه قياسا على سائر األموال الواجبة‪ ،‬وقوهلم اجتماع‬
‫احلقني خمالف لألصول دعوى غري صحيحة فإن احلقني خمتلفان فإن القطع حبكمة الزجر‪ ،‬والتغرمي‬

‫(‪)118‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫لتفويت حق اآلدمي كما يف الغصب وال َيفى قوة هذا القول‪ .‬وأما استدالهلم آبية السرقة أنه مل يذكر‬
‫فيها تضمني السارق فإنه مل ينفه أيضاً‪ ،‬وإمنا سكت عنه‪ ،‬وحديث الباب مرسل ال حيتج به‪.‬‬
‫واملراد ابلضمان رد العني املسروقة إىل صاحبها إن كانت موجودة‪ ،‬أو رد قيمتها أو مثلها إذا‬
‫اتلفة‪.‬‬
‫‪‬‬
‫اشرتاط احلرز يف القطع‬
‫‪ -1144‬عن عبد هللا بن عمرو بن العاص عن رسول هللا ﷺ أنه سئل عن الثمر املعلق‪ ،‬فقال ‪ « :‬من‬
‫أصاب بفيه من ذي حاجة غري متخذ خبنة فال شيء عليه‪ ،‬ومن خرج بشيء منه فعليه الغرامة والعقوبة‪،‬‬
‫ومن خرج بشيء منه بعد أن يؤويه اجلرين فبلغ مثن اجملن فعليه القطع « أخرجه أبو داود والنسائي‬
‫وصححه احلاكم‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫ُخْب نَة ‪ :‬معطف اإلزار وطرف الثوب‬
‫اجلرين ‪ :‬موضع التمر الذي جيفف فيه‬
‫وجيرن‪ ،‬والثمر اسم جامع للرطب واليابس من التمر والعنب‬
‫الثمر املعلق ‪ :‬ما كان معلقاً يف النخل قبل أن ُجيَذ ُْ‬
‫وغريُها‬
‫فقه احلديث‬
‫‪ .1‬أنه إذا أخذ احملتاج بفيه لس ّد فاقته فإنه مباح له‪.‬‬
‫‪ .2‬أنه ُحيرم عليه اخلروج منه بشيء‪ ،‬فإن خرج بشيء منه فال َيلو ؛ إما أن يكون قبل اجل ّذ وأتوية اجلرين‬
‫أو بعده‪ ،‬إن كان قبل اجل ّذ فعليه الغرامة والعقوبة‪ ،‬وإن كان بعد القطع وإيواء اجلرين فعليه القطع‪.‬‬
‫‪ِ .3‬‬
‫أخذ منه اشرتاط احلرز يف وجوب القطع‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫هل من شرط وجوب القطع احلرز؟ فيه قوالن ‪:‬‬

‫(‪)119‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫‪ .1‬أنه من شرطه‪ ،‬لقوله ﷺ ‪ :‬بعد أن يؤويه اجلرين وهذا مذهب اجلمهور‪.‬‬


‫‪ .2‬ذهبت الظاهرية وآخرون إىل عدم اشرتاطه عمالً إبطالق اآلية الكرمية إال أنه ال َيفى أنه إذا كان احلرز‬
‫مأخوذاً يف مفهوم السرقة فال إطالق يف اآلية‪.‬‬
‫‪‬‬
‫جواز العفو عن السارق قبل بلوغ اإلمام‬

‫‪ -1145‬وعن صفوان بن أمية أن النِب صلى هللا عليه وسلم قال له ملا أمر بقطع الذي سرق رداءه‬
‫فشفع فيه ‪ (( :‬هالً كان ذلك قبل أن أتتيين به ؟))‪.‬أخرجه أَحد واألربعة‪ ،‬وصححه ابن اجلارود واحلاكم‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫يف احلديث دليل على أهنا تقطع يد السارق فيما كان مالكه حافظا له وإن مل يكن مغلقا عليه يف مكان‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫اختلف العلماء يف احلرز على قولني‪:‬‬
‫‪ )1‬قال الشافعي ومالك واإلمام حيىي ‪ :‬إن لكل مال حرزا َيصه‪ ،‬فحرز املاشية ليس حرز الذهب والفضة‬
‫‪.‬‬
‫‪ )2‬وقال اهلادوية واحلنفية ‪ :‬ما أحرز فيه مال فهو حرز لغريه ؛ إذ احلرز ما وضع ملنع الداخل واخلارج أال‬
‫َيرج‪ ،‬وما كان ليس كذلك فليس حبرز ال لغة وال شرعا‪ ،‬وكذلك قالوا ‪ :‬املسجد والكعبة حرزان آلالهتما‬
‫وكسوهتما‪.‬‬
‫واختلفوا يف القرب هل هو حرز للكفن فيقطع آخه أو ليس حبرز ؟ وذلك على قولني‪:‬‬
‫‪ )1‬ذَهب مجاعة من السلف واهلادي والشافعي ومالك إىل أ ّن النباش وقالوا ‪ :‬يُقطع ؛ ألنه أخذ املال حفية‬
‫من حرز له‪ ،‬وقد روي عن علي عليه السالم وعائشة‪.‬‬
‫‪ )2‬وقال الثوري وأبو حنيفة ‪ :‬ال يقطع النباش ؛ ألن القرب ليس حبرز‪.‬‬
‫▪ واختلفوا يف السارق من بيت املال‪ ،‬هل تقطع يد السارق أم ال؟ وذلك على قولني‪:‬‬
‫‪ )1‬ذهبت اهلادوية والشافعي وأبو حنيفة إىل أنه ال يقطع من سرق من بيت املال‪ ،‬وهو مروي عن عمر‪.‬‬

‫(‪)120‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫‪ )2‬وذهب مالك إىل أنه يقطع‪.‬‬


‫واتفقوا على أنه ال يقطع من سرق من الغنيمة واخلمس وإن مل يكن من أهلها قالوا‪ :‬ألنه قد يشارك فيها‬
‫ابلرضخ أو من اخلمس‪.‬‬
‫‪‬‬
‫عقوبة السارق إذا تكررت السرقة‬
‫‪ -1146‬وعن جابر رضي هللا عنه قال ‪ :‬جيء بسارق إَل النِب صلى هللا عليه وسلم فقال ‪(( :‬اقتلوه))‬
‫فقالوا ‪ :‬إَّنا سرق اي رسول هللا‪ ،‬قال‪(( :‬اقطعوه)) فقطع‪ُ ،‬ث جيء به الثانية‪ ،‬فقال‪(( :‬اقتلوه)) فذكر مثله‪،‬‬
‫ُث جيء به الثالثة‪ ،‬فذكر مثله‪ُ ،‬ث جيء به الرابعة كذلك‪ُ ،‬ث جيء به اخلامسة فقال ‪(( :‬اقتلوه))‪ .‬أخرجه‬
‫أبو داود (‪ )4410‬والنسائي (‪ )90/8‬واستنكره‪.‬‬
‫‪ -1147‬وأخرج ‪-‬أي النسائي‪ -‬من حديث احلارث بن حاطب َنوه‪ ،‬وذكر الشافعي أن القتل يف‬
‫اخلامسة منسوخ‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫أخرجه أبو داود والنسائي ‪ :‬متامه عند ُها فقال جابر ‪(( :‬فانطلقنا به فقتلناه مث اجرترَنه فألقيناه يف بئر ورمينا‬
‫عليه احلجارة))‪.‬‬
‫واستنكره ‪ :‬أي النسائي فإنه قال احلديث منكر ومصعب بن اثبت ليس بقوي يف احلديث‪ ،‬قيل ‪ :‬لكن يشهد‬
‫له احلديث اآليت ‪:‬‬
‫وأخرج ‪ :‬أي النسائي‪.‬‬
‫من حديث احلارث بن حاطب حنوه ‪:‬وأخرج حديث احلارث احلاكم‪ .‬وأخرجأبو نعيم يف ((احللية)) عن عبد‬
‫هللا بن زيد اجلهين‪ .‬قال ابن عبد الرب ‪ :‬حديث القتل منكر ال أصل له‪.‬‬
‫وذكر الشافعي أن القتل يف اخلامسة منسوخ ‪ :‬وزاد ابن عبد الرب يف كالم الشافعي ‪ :‬ال خالف فيه بني أهل‬
‫العلم‪.‬‬
‫ويف ((النجم الوهاج)) ‪ :‬أن َنسخه حديث ((ال حيل دم امرئ مسلم إال إبحدى ثالث)) تقدم‪ ،‬قال ابن عبد‬
‫الرب وهذا يدل على أن حكاية أيب مصعب عن عثمان وعمر بن عبد العزيز أنه يقتل ال أصل له‪ ،‬وجاء يف رواية‬

‫(‪)121‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫النسائي ‪(( :‬بعد قطع قوائمه األربع مث سرق اخلامسة يف عهد أيب بكر رضي هللا عنه‪ ،‬فقال أبو بكر ‪(( :‬كان‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه سلم أعلم هبذا حني قال ‪(( :‬اقتلوه)) مث دفعه إىل فتية من قريش فقال ‪ :‬اقتلوه ؛‬
‫فقتلوه)) قال النسائي ‪ :‬ال أعلم يف هذا الباب حديثا صحيحا‪.‬‬
‫فقه احلديثني‬
‫احلديث دليل على قتل السارق يف اخلامسة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تقطع قوائمه األربع يف األربع املرات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫والواجب قطع اليمني يف السرقة األوىل إمجاعا‪ .‬وقراءة ابن مسعود مبينة إلمجال اآلية فإنه قرأ ‪(( :‬فاقطعوا‬ ‫‪-‬‬
‫أمياهنما))‪.‬‬
‫أخرج أمحد وأبو داود عن عطاء عن عائشة أن النيب صلى هللا عليه وسلم قال هلا وقد دعت على سارق‬ ‫‪-‬‬
‫سرقها ملحفة ‪(( :‬ال تسبخي عنه بدعائك عليه)) ومعناه‪ :‬ال ختففي عنه اإلمث الذي يستحقه ابلسرقة‪،‬‬
‫وهذا يدل على أن الظامل َيفف عنه بدعاء املظلوم عليه‪.‬‬
‫وروى أمحد يف ((كتاب الزهد)) عن عمر بن عبد العزيز أنه قال‪(( :‬بلغين أن الرجل ليظلم مظلمة فال‬ ‫‪-‬‬
‫يزال املظلوم يشتم الظامل وينتقصه حىت يستويف حقه ويكون للظامل الفضل عليه))‪ .‬ويف الرتمذي عن‬
‫عائشة أن النيب صلى هللا عليه وسلم قال‪(( :‬من دعا على من ظلمه فقد انتصر))‪ ،‬فإن قيل قد مدح هللا‬
‫املنتصر من البغي ومدح العايف عن اجلرم‪.‬‬
‫قال ابن العريب فاجلواب أن األول حممول على ما إذا كان الباغي وقحا ذا جرأة وفجور‪ ،‬والثاين ‪ :‬على‬ ‫‪-‬‬
‫من وقع منه ذلك َندرا فتقال عثرته ابلعفو عنه‪.‬‬
‫وقال الواحدي ‪ :‬إن كان االنتصار ألجل الدين فهو حممود وإن كان ألجل النفس فهو مباح ال حيمد‬ ‫‪-‬‬
‫عليه‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫ماذا يقطع من السارق يف الثانية؟‬
‫فيه قوالن ‪:‬‬
‫الرجل اليسرى عند األكثر لفعل الصحابة‬ ‫‪-1‬‬
‫وعند طاووس اليد اليسرى لقرهبا من اليمىن‬ ‫‪-2‬‬

‫(‪)122‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ماذا يقطع من السارق بعد الثانية؟‬


‫فيه قوالن ‪:‬‬
‫‪ )1‬يف الثالثة يده اليسرى ويف الرابعة رجله اليمىن‪ ،‬هذا القول عند الشافعي ومالك‬
‫الدليل ‪ :‬أخرجه الدارقطين من حديث أيب هريرة أن النيب صلى هللا عليه وعلى وسلم قال يف السارق ‪:‬‬
‫((إن سرق فاقطعوا يده مث إن سرق فاقطعوا رجله مث إن سرق فاقطعوا يده مث إن سرق فاقطعوا رجله))‪،‬‬
‫ويف إسناده الواقدي‪ .‬وأخرجه الشافعي من وجه آخر عن أيب هريرة مرفوعا‪ ،‬وأخرج الطرباين والدارقطين‬
‫حنوه يف عصمة بن مالك وإسناده ضعيف‪.‬‬
‫‪ )2‬حيبس يف الثالثة‪ ،‬وإىل هذا ذهب اهلادوية واحلنفية‬
‫الدليل ‪:‬مل ا رواه البيهقي من حديث علي رضي هللا عنه أنه قال بعد أن قطع رجله وأيت به يف الثالثة ‪:‬‬
‫((أبي شيء يتمسح وأبي شيء أيكل)) ملا قيل له تقطع يده اليسرى مث قال ‪(( :‬أقطع رجله ؟ على‬
‫أي شيء ميشي ؟ إين ألستحي من هللا مث ضربه وخلد يف السجن))‬
‫وأجاب األولون أبن هذا رأي ال يقاوم املنصوص‪ ،‬وإن كان املنصوص فيه ضعف فقد عاضدته الرواايت‬
‫األخرى‪.‬‬
‫ما هو حمل قطع اليد ؟‬
‫فيه أربعة أقوال ‪:‬‬
‫‪ )1‬يكون من مفصل الكف‬
‫الدليل ‪:‬‬
‫‪ -‬إذ هو أقل ما يسمى يدا‬
‫‪ -‬ولفعله صلى هللا عليه وسلم فيما أخرجه الدارقطين من حديث عمرو بن شعيب ‪(( :‬أيت النيب صلى‬
‫هللا عليه وسلم بسارق فقطع يده من مفصل الكف)) ويف إسناده جمهول‪.‬‬
‫‪ -‬وأخرج ابن أيب شيبة من مرسل رجاء بن حيوة ‪(( :‬أن النيب صلى هللا عليه وسلم قطع من املفصل))‬
‫وأخرج ه أبو الشيخ من وجه آخر عن رجاء عن عدي رفعه وعن جابر رفعه‪ ،‬وأخرجه سعيد بن‬
‫منصور عن عمر‪.‬‬
‫‪ )2‬وقالت اإلمامية ويروى عن علي عليه السالم أنه يقطع من أصول األصابع‬

‫(‪)123‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫لدليل ‪ :‬إذ هو أقل ما يسمى يدا ورد ذلك أبنه ال يقال ملن قطعت أصابعه مقطوع اليد ال لغة وال عرفا‬
‫وإمنا يقال مقطوع األصابع‬
‫‪ )3‬وقد اختلفت الرواية عن علي عليه السالم فروي ‪ :‬أنه كان يقطع من يد السارق اخلنصر والبنصر‬
‫والوسطى‪.‬‬
‫‪ )4‬وقال الزهري واخلوارج ‪ :‬إنه يقطع من اإلبط؛ إذ هو اليد حقيقة‪ ،‬واألقوى األول لدليله املأثور‪.‬‬
‫ما هو حمل قطع الرجل ؟‬
‫‪ )1‬فتقطع من مفصل القدم‪.‬‬
‫‪ )2‬وروي عن علي عليه السالم أنه كان يقطع الرجل من الكعب‬
‫‪ )3‬وروي عنه وهو لإلمامية أنه من معقد الشراك‪.‬‬
‫التحليل من الظالمة‪ ،‬واختلف العلماء فيه على ثالثة أقوال‪:‬‬
‫‪ )1‬كان ابن املسيب ال حيلل أحدا من عرض وال مال‬
‫‪ )2‬وكان سليمان بن يسار وابن سريين حيلالن منهما‬
‫‪ )3‬ورأى مالك التحليل من العرض دون املال‬
‫‪‬‬

‫(‪)124‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ابب حد الشارب‪ ،‬وبيان املسكر‬


‫بيان عقوبة شارب اخلمر‬
‫ب اخلَ ْم َر‪،‬‬ ‫برجل قد َش ِر َ‬ ‫ِب صلى هللا عليه وسلم أُِيتَ ٍ‬ ‫اَّللُ َع ْنهُ ‪« :‬أ هن الن ه‬
‫مالك َرضي ه‬ ‫أنس بن ٍ‬ ‫‪َ -1148‬عن ِ‬
‫ال‪َ :‬وفَـ َعلَه أبو بَ ْك ٍر‪ ،‬فلما كان عُ َم ُر استشار الناس‪ ،‬فَـ َق َ‬
‫ال َع ْب ُد ال هر َْح ِن بْ َن‬ ‫ني‪ ،‬قَ َ‬ ‫ني ََْن َو أ َْربَعِ َ‬
‫فَ َجلَ َده جبَ ِري َدتَ ْ ِ‬
‫ود َمثَانُو َن‪ ،‬فَأ ََم َر بِ ِه عُ َم ُر» ُمتَـ َفق عليه‪.‬‬‫ف ا ْحل ُد ِ‬
‫َع ْوف‪ :‬أَ َخ ُّ ُ‬
‫معاين الكلمات‬
‫اخلمر ‪ :‬مصدر مخر‪ ،‬يسمى به الشراب املعتصر من العنب‪ ،‬إذا غلى وقذف ابلزبد وهو احلقيقة‪ ،‬والعموم هو‬
‫ما أسكر من العصري‪ ،‬أو من النبيذ أو غري ذلك‪.‬‬
‫ومسيت مخراً إما ألهنا ختامر العقل أي‪ :‬ختالطه‪ ،‬أو ألهنا تسرته وتغطيه‪ ،‬أو ألهنا تُ َع ِطّى حىت تغلي‪ ،‬قال ابن عبد‬
‫الرب ‪( :‬والثالثة األوجه كلها موجودة يف اخلمر؛ ألهنا تركت حىت أدركت الغليان وحد اإلسكار‪ ،‬وهي خمالطة‬
‫للعقل‪ ،‬ورمبا غلبت عليه وغطته)‪.‬‬
‫فقه احلديث (حد شارب اخلمر)‬
‫يف احلديث دليل على ثبوت عقوبة شارب اخلمر من فعل النيب‪ ،‬وأنه جلد الشارب حنو أربعني‪ ،‬وكان الشارب‬
‫يضرب ابأليدي والنعال وابلثياب وابجلريد‪.‬‬
‫يف احلديث دليل على أن البالد واألماكن قد ختتلف يف عقوبة اخلمر‪ ،‬فإذا كثر الشرب وتساهل الناس زيد يف‬
‫العقوبة لردعهم‪ ،‬وإن قل الشرب فال مانع من االقتصار على األربعني‪.‬‬
‫فضل االجت هاد يف املسائل ومشاورة أهل العلم‪ ،‬وهذا دأب أهل احلق وطاليب الصواب‪ ،‬واالستشارة فيها من‬
‫الفوائد واملصاحل الدينية والدنيوية ما ال ميكن حصره‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫اخلمر تطلق على ما ذكر حقيقة إمجاعا‪ ،‬وتطلق على ما هو أعم من ذلك‪ ،‬واختالف العلماء هل هذا اإلطالق‬
‫حقيقة أو عموما؟‪:‬‬

‫(‪)125‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫‪ )1‬القول األول‪ :‬قال الصنعاين‪ :‬اخلمر تطلق على عصري العنب املشتد حقيقة إمجاعا وإن مل يقذف ابلزبد‪،‬‬
‫واشرتط أبو حنيفة أن يقذف به؛ وحينئذ ال يكون جممعا عليه‪.‬‬
‫واختلف هذا املذهب يف وقوع اخلمر على األنبذة‪ :‬فقال املزين ومجاعة بذلك؛ ألن االشرتاك يف الصفة‬
‫يقتضي اال شرتاك يف االسم‪ ،‬وهو قياس يف اللغة وهو جائز عند األكثر‪ ،‬وظاهر األحاديث‪ ،‬ونسب‬
‫الرافعي إىل األكثرين أنه ال يقع عليها إال جمازا‪ ،‬قال الصنعاين‪ :‬وبه جزم ابن سيده يف (احملكم)‪ ،‬وجزم به‬
‫صاحب (اهلداية)‪ ،‬من احلنفية؛ حيث قال‪ :‬اخلمر عندَن ما اعتصر من ماء العنب إذا اشتد‪ ،‬وهو املعروف‬
‫عند أهل اللغة‪ ،‬وأهل العلم‪ ،‬ورد ذلك اخلطايب‪ ،‬حيث قال‪ :‬زعم قوم أن العرب ال تعرف اخلمر إال من‬
‫العنب‪ ،‬فيقال هلم‪ :‬إن الصحابة الذين مسوا غري املتخذ من العنب مخرا عرب فصحاء‪ ،‬فلو مل يكن االسم‬
‫صحيحا ملا أطلقوه‪.‬‬
‫‪ )2‬القول الثاين‪ :‬وهو الراجح قول القرطيب‪ :‬هذا احلديث عن أنس يدل على أن اخلمر تطلق ما أسكر من‬
‫العصري أو من النبيذ أو غري ذلك‪ ،‬خالفا ملن قال أبن اخلمر ال تكون إال من العنب‪ ،‬وهو قول خمالف‬
‫للغة العرب وللسنة الصحيحة ولفهم الصحابة ألهنم ملا نزل حترمي اخلمر فهموا من األمر ابجتناب اخلمر‬
‫حترمي كل مسكر على اإلطالق دون التفريق بني ما يتخذ من العنب وبني مايتخذ من غريه‪.‬‬
‫‪‬‬
‫حكم إقامة احلد ابلقرينة الظاهرة‬
‫ِ‬ ‫هِب ﷺ ِيف قِ ه ِ‬ ‫‪َ –1149‬ولِ ُم ْسلِ ٍم َع ِن النِ ِ‬
‫ص ِة ال َْول ْي َد بْ ِن عٌ ْقبَةَ ‪َ :‬جلَ َد َر ُس ْو ُل هللا ﷺ أ َْربَعِ َْ‬
‫ني‪َ ،‬و َجلَ َد أَبُـ ْو بَ ْك ٍر‬ ‫ْ‬
‫ب إِ َ ه‬
‫ِل‪.‬‬ ‫ني‪َ ،‬وُك ُّل ُسنهةٌ‪َ ،‬و َه َذا أَ َح ُّ‬ ‫أ َْربَعِ َْ‬
‫ني‪َ ،‬و َجلَ َد عُ َم َر َمثَانَِْ‬
‫ال ُعثْ َما ُن ‪ :‬إِنههُ َملْ يَـتَـ َقيهأْ َها َح هىت َش ِرََبَا‪.‬‬ ‫ث ‪ :‬أَ هن َر ُج ٌال َش ِه َد َعلَْي ِه أَنههُ َرآهُ يَـتَـ َقيهأُ ْ‬
‫اخلَ ْم َر‪ ،‬فَـ َق َ‬ ‫وِيف ا ْحل ِديْ ِ‬
‫َ ْ َ‬
‫معاين الكلمات‬
‫"كل سنة" ‪ :‬من األربعني والثمانني سنة مشروعية‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫يب ﷺ ِ ْيف قِص ِة الْ َولِْي َد بْ ِن ع ْقبَةَ} حققناها يف "منحة الغفار حاشية ضوء النهار" وفيها ‪ :‬أن‬ ‫َ ِ ٍِ ِ‬
‫{ول ُم ْسلم َعن النِ ِّ‬
‫عثمان أمر عليا جبلد الوليد بن عقبة يف اخلمر‪ ،‬فقال لعبد هللا بت الغفار ‪ :‬اجلده‪ ،‬فجلده‪ ،‬فلما بلغ أربعني‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب‬
‫َح ُّ‬
‫ني‪َ ،‬وُك ُّل ُسنة‪َ ،‬وَه َذا أ َ‬ ‫ني‪َ ،‬و َجلَ َد أَبُ ْو بَ ْك ٍر أ َْربَع ْ َ‬
‫ني‪َ ،‬و َجلَ َد عُ َمَر َمثَان ْ َ‬ ‫{جلَ َد َر ُس ْو ُل هللا ﷺ أ َْربَع ْ َ‬
‫قال ‪ :‬أمسك َ‬

‫(‪)126‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫إِ َل} يعارضه‪ ،‬وهو يريد أنه أحب إليه مع جرأة الشاربني‪ ،‬ال أنوه أحب إليه مطلقا فال يرد أنه كيف جيعل فعل‬
‫عمر أحب إليه من فعل النيب ﷺ‪ ،‬فإن ظاهر اإلشارة إىل فعل عمر وهو الثمانون‪ ،‬ولكنه يقال إن ظاهر قوله‬
‫"أمسك" بعد األربعني دال على أنه مل يفعل إال األحب إليه‪.‬‬
‫وأجيب عنه أبن يف "صحيح البخاري" من رواية عبد هللا بن عدي بن اخليار {أن عليا جلد الوليد مثانني}‬
‫والقصة واحدة‪ ،‬والذي يف البخاري أرجح وكأنه بعد أن قال ‪" :‬وهذا أحب إل" أمر عبد هللا بتمام الثمانني‪،‬‬
‫وهذا أوىل من اجلواب اآلخر‪ ،‬وهو أنه جلده بسوط له رأسان فضربه أربعني فكانت اجلملة مثانني‪ ،‬فإن هذا‬
‫ضعيف لعدم مناسبة سياقه له‪.‬‬
‫والرواايت عنه ﷺ أنه جلد يف اخلمر أربعني كثرية‪ ،‬إال أن يف ألفاظها حنو أربعني ويف بعضها ابلنعال فكأنه فهم‬
‫الصحابة أن ذلك يتقدر بنحو أربعني جلدة‪.‬‬
‫ال عُثْ َما ُن ‪ :‬إِنهُ َملْ يَتَ َقيأْ َها َحىت َش ِرَهبَا} يف‬ ‫ويف هذا احلديث ‪{ :‬أَن َر ُجال َش ِه َد َعلَْي ِه أَنهُ َرآهُ يَتَ َقيأُ ْ‬
‫اخلَ ْمَر‪ ،‬فَ َق َ‬
‫مسلم ‪" :‬أنه شهد عليه رجالن أحدُها محران أنه شرب اخلمر ةشهد آخر أنه رآخ يتقيؤها"‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‪:‬‬
‫‪ )1‬ذهبت اهلادية وأبو حنيفة ومالك وأمحد وأحد قول الشافعي إىل أنه جيب احلد على السكران مثانني‬
‫جلدة قالوا ‪ :‬لقيام اإلمجاع عليه يف عهد عمر فإنه مل ينكر عليه أحد‪.‬‬
‫‪ )2‬ذهب الشافعي يف املشهور عنه وداود أنه أربعون‪ ،‬ألنه الذي روي عنه ﷺ أنه فعله‪ ،‬وألنه الذي استقر‬
‫عليه األمر يف خالفة أيب بكر‪ ،‬ومن تتبع ما يف الرواايت واختالفها علم أن األحوط األربعون ال يزاد‬
‫عليها‪.‬‬
‫القول الراجح ‪ :‬قول اجلمهور على أن حد شرب اخلمر مثانون جلدة‪.‬‬
‫‪‬‬
‫حكم من تكرر منه شرب اخلمر‬
‫اخلَ ْم ِر‪:‬‬
‫ب ْ‬ ‫ال ِيف َشا ِر ِ‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم ‪ -‬أَنههُ قَ َ‬
‫صلهى ه‬ ‫اَّللُ َع ْنهُ ‪َ -‬ع ْن النِ ِ‬
‫هِب ‪َ -‬‬
‫‪ -1150‬و َعن معا ِويةَ ‪ -‬ر ِ‬
‫ض َي ه‬ ‫َ ْ َُ َ َ‬
‫ض ِربُوا‬‫ب ال هرابِ َعةَ فَا ْ‬ ‫«إذَا َش ِرب فَاجلِ ُدوهُ‪ُ ،‬ثُه إذَا َش ِرب فَاجلِ ُدوهُ‪ُ ،‬ثُه إذَا َش ِرب الثهالِثَةَ فَ ِ‬
‫اجل ُدوهُ‪ُ ،‬ثُه إذَا َش ِر َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬
‫عُنُـ َقهُ»‬

‫(‪)127‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ص ِرحيًا‬ ‫ج ذَلِ َ‬
‫ك أَبُو َد ُاود َ‬ ‫خ‪َ ،‬وأَ ْخ َر َ‬ ‫ُّ‬ ‫الرتِم ِذ ُّ‬
‫ي َما يَ ُدل َعلَى أَنههُ َم ْن ُ‬
‫سو ٌ‬ ‫ََحَ ُد‪َ ،‬و َه َذا لَ ْفظُهُ‪َ ،‬و ْاأل َْربَـ َعةُ َوذَ َك َر ِ ْ‬
‫[أَ ْخ َر َجهُ أ ْ‬
‫الز ْه ِر ِي]‬
‫َع ْن ُّ‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫املسألة‪ :‬ثبوت نسخ حكم قتل شارب اخلمر‪.‬‬
‫‪ )1‬ذهب اجلمهور‪ :‬إىل نسخ حكم القتل يف شارب اخلمر‪.‬‬
‫الدليل‪:‬‬
‫«م ْن َش ِر َ‬
‫ب‬ ‫‪ -‬ما رواه أبو داود من طريق الزهري عن قبيصة بن ذؤيب قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫اخلمر فَاجلِ ُدوه‪ ،‬فَإِ ْن عاد فَ ِ‬
‫اد ِيف الثالثَة أَِو الرابِ َعة فَاقْ تُلُوهُ»‪ ،‬فَأُِيتَ بَِر ُج ٍل قَ ْد َش ِر َ‬
‫ب‬ ‫اجل ُدوهُ‪ ،‬فَإِ ْن َع َ‬ ‫ََ ْ‬ ‫َْ ْ َ ْ ُ‬
‫صة ‪.‬‬‫ت ُر ْخ َ‬ ‫فَ َجلَ َدهُ‪ُ ،‬مث أُِيتَ بِِه فَ َجلَ َدهُ‪ُ ،‬مث أُِيتَ بِِه فَ َجلَ َدهُ‪ُ ،‬مث أُِيتَ بِِه فَ َجلَ َدهُ‪َ ،‬وَرفَ َع الْ َقْت َل‪َ ،‬وَكانَ ْ‬
‫‪ -‬حصول اإلمجاع على ترك العمل ابحلديث‪.‬‬
‫‪ )2‬ذهب الظاهرية‪ :‬إىل أن حكم قتل شارب اخلمر حمكم غري منسوخ‪.‬‬
‫الدليل‪:‬‬
‫‪ -‬ألن ادعاء النسخ ليس ابإلمجاع‪.‬‬
‫‪ -‬أما تركعه ﷺ القتل كما يف رواية الزهري قد يقال‪ :‬إن القول – يف هذه املسألة‪ -‬مقدم وأقوى من‬
‫الرتك؛ ألنه ﷺ قد يرتكه لعذر‪.‬‬
‫‪‬‬
‫النهي عن الضرب يف الوجه‬

‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم «إذَا َ‬


‫صلهى ه‬ ‫ال رس ُ ِ‬ ‫‪ -1151‬و َعن أَِِب ُهريْـرةَ ر ِ‬
‫َح ُد ُك ْم‬
‫بأَ‬‫ض َر َ‬ ‫ول ا هَّلل َ‬ ‫ال‪ :‬قَ َ َ ُ‬ ‫ض َي ه‬
‫اَّللُ َع ْنهُ قَ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ْ‬
‫فَـلْيَـت ِهق ال َْو ْجهَ»‪ُ .‬متهـ َف ٌق َعلَْي ِه‬
‫فقه احلديث‬
‫اق َوالْ َم َذاكِ ِري ِألَنهُ َال يُ ْؤَم ُن َعلَْي ِه َم َع‬
‫ود ِيف الْ َمَر ِّ‬
‫ب الْ َم ْح ُد ُ‬
‫ضَر ُ‬
‫ك َال يُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ب الْ َو ْج ِه ِيف َح ّد َوَال غَ ِْريِه َوَك َذل َ‬ ‫َال َِحي ُّل َ‬
‫ض ْر ُ‬
‫ض ْرِهبَا‪.‬‬
‫َ‬

‫(‪)128‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫األقوال يف املسألة‬
‫ض ْربِِه ِيف الرأْ ِس ‪:‬‬ ‫و ِ‬
‫ف ِيف َ‬
‫اختُل َ‬
‫َْ‬
‫ضرب فِ ِيه إ ْذ هو غَري مأْم ٍ‬
‫ون‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪َ )1‬مج ِ‬
‫ُ َ ُْ َ ُ‬ ‫اعة م ْن الْعُلَ َماء ‪َ :‬ال يُ ْ َ ُ‬
‫ََ‬
‫ض ْعف َوانِْقطَاع‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ْربِِه ف ِيه قَالُوا‪ :‬لألثر عن َعل ٍّي وأَِيب بَ ْك ٍر لكن ف ِيه َ‬
‫اد ِويةُ َوغَ ْريُُه ْم ‪َ :‬إىل َج َوا ِز َ‬
‫‪ )2‬ا ْهلَ َ‬
‫ب إال ِيف َرأْ ِس ِه‪.‬‬ ‫‪َ )3‬مالِك ‪ :‬أَنهُ َال يُ ْ‬
‫ضَر ُ‬
‫الفائدة ‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫• ِيف ْ ِ ِ‬
‫ع الْ َق ْوُم يَ ُسبُّونَهُ‬
‫ت فَلَما َوىل‪َ ،‬شَر َ‬
‫ب َويُبَك َ‬ ‫الرتا ُ‬
‫صلى الَّلُ َعلَْيه َو َسل َم أ ََمَر أَ ْن ُْحيثَى َعلَْيه َُّ‬ ‫احلَديث «أَنهُ َ‬
‫صلى الَّلُ َعلَْي ِه َو َسل َم‪َ :‬ال تَ ُقولُوا َه َذا َولَكِ ْن قُولُوا‪ :‬الل ُهم‬
‫ال َ‬‫ول الْ َقائِ ُل‪ :‬الل ُهم الْ َعْنهُ‪ ،‬فَ َق َ‬
‫َويَ ْدعُو َن َعلَْي ِه َويَ ُق ُ‬
‫ا ْغ ِف ْر لَهُ‪ ،‬الل ُهم ْارمحَْهُ»‬
‫صلى الَّلُ َعلَْي ِه َو َسل َم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫• ِص َفةُ سو ِط الضر ِ‬
‫َخَر َج َمالك ِيف الْ ُم َوطإِ َع ْن َزيْد بْ ِن أ ْ‬
‫َسلَ َم ُم ْر َس ًال «أَن النِيب َ‬ ‫ب‪ :‬أ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬
‫ال‪ :‬فَو َق ه َذا‪ ،‬فَأُِيت بِسو ٍط ج ِد ٍ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫يد فَ َقا َل ُدو َن َه َذا» فَيَ ُكو ُن‬ ‫َ َْ َ‬ ‫أ ََر َاد أَ ْن َْجيل َد َر ُج ًال فَأُِيتَ بِ َس ْوط َخل ٍق‪ .‬فَ َق َ ْ َ‬
‫اخلَلْ ِق‪.‬‬ ‫اجل ِد ِ‬
‫يد َو ْ‬ ‫ني َْ‬
‫بَْ َ‬
‫‪‬‬
‫النهي عن إقامة احلدود يف املساجد‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم‪َ :‬‬
‫صلهى ه‬ ‫ول هِ‬ ‫اس ر ِ‬
‫ود‬
‫ام ا ْحلُ ُد ُ‬
‫«ال تُـ َق ُ‬ ‫اَّلل َ‬ ‫ال َر ُس ُ‬
‫ال‪ :‬قَ َ‬ ‫ض َي ه‬
‫اَّللُ َع ْنـ ُه َما قَ َ‬ ‫‪َ -1152‬و َع ْن ابْ ِن َعبه ٍ َ‬
‫ي َوا ْحلَاكِ ُم‬‫الرتِم ِذ ُّ‬ ‫ِيف الْم ِ ِ‬
‫ساجد»‪َ .‬رَواهُ ِ ْ‬ ‫ََ‬
‫وعلِ ٍي ر ِ‬
‫ض َي ه‬
‫اَّللُ َع ْنـ ُهما‬ ‫اخلَطه ِ‬ ‫اض َدةٌ َوقَ ْد َع ِم َل بِ ِه ال ه‬
‫ولَهُ طُر ٌق أُ َخر والْ ُك ُّل متَـع ِ‬
‫اب َ َ‬ ‫ص َحابَةُ‪ ،‬منهم عُ َم ُر بْ ُن ْ‬ ‫َُ‬ ‫َ ُ ُ َ‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫احلَ ِّد ِيف الْ َم ْس ِج ِد ‪:‬‬
‫اختلف يف حكم إقَ َام ِة ْ‬
‫اق َوالْ ُكوفِيُّو َن ‪َ :‬ع َدِم َج َوا ِز‪ ،‬لِ َما ذُكَِر ِم ْن الدلِ ِيل‪.‬‬
‫َمحَ ُد َوإِ ْس َح ُ‬
‫‪ )1‬أ ْ‬
‫يب ‪ :‬جائز‪َ ،‬وَملْ يَ ْذ ُك ْر لَهُ َدلِ ًيال َوَكأَنهُ َمحَ َل الن ْه َي َعلَى الت نْ ِز ِيه‪.‬‬
‫‪ )2‬ابْ ُن أَِيب لَْي لَى َوالش ْعِ ُّ‬
‫ال ابْ ُن بَط ٍال‪َ :‬وقَ ْو ُل َم ْن نَزهَ الْ َم ْس ِج َد أ َْوَىل‪.‬‬
‫قَ َ‬

‫(‪)129‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫‪‬‬
‫اخلَ ْم ُر َما َخ َام َر ال َْع ْق َل‬
‫ْ‬
‫ب هإال ِم ْن‬ ‫اخلَ ْم ِر َوَما ِابل َْم ِدينَ ِة َش َر ٌ‬
‫اب يُ ْش َر ُ‬ ‫اَّللُ تَـ َع َاَل َحتْ ِرميَ ْ‬
‫ال‪ :‬أَنْـ َز َل ه‬ ‫سرِ‬
‫ض َي ه‬
‫اَّللُ َع ْنهُ قَ َ‬ ‫‪َ -1153‬و َع ْن أَنَ ٍ َ‬
‫متَْ ٍر‪ .‬أَ ْخ َر َجهُ ُم ْسلِ ٌم‬
‫س ٍة ِم ْن الْ ِعنَ ِ‬
‫ب َوالت ْهم ِر َوال َْع َس ِل‬ ‫ِ ِ‬
‫اخلَ ْم ِر َوه َي م ْن ََخْ َ‬
‫ال قَ ْد نَـ َز َل َْحت ِرميُ ْ‬ ‫ض َي ه‬
‫اَّللُ َع ْنهُ قَ َ‬ ‫‪ -1154‬و َعن عُمر ر ِ‬
‫َ ْ ََ َ‬
‫اخلَ ْم ُر َما َخ َام َر ال َْع ْق َل‪ُ .‬متهـ َف ٌق َعلَْي ِه‬
‫شعِ ِري‪َ .‬و ْ‬
‫َوا ْحلِْنطَِة َوال ه‬
‫ال‪ُ « :‬ك ُّل ُم ْسكِ ٍر ََخٌْر َوُك ُّل‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم قَ َ‬
‫صلهى ه‬ ‫اَّللُ َع ْنـ ُه َما أَ هن النِ ه‬
‫هِب َ‬
‫‪ -1155‬و َعن ابْ ِن عُمر ر ِ‬
‫ض َي ه‬ ‫ََ َ‬ ‫َ ْ‬
‫ام»‪ .‬أَ ْخ َر َجهُ ُم ْسلِ ٌم‬
‫ُم ْسكِ ٍر َح َر ٌ‬
‫ِ‬ ‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم قَ َ‬ ‫ول هِ‬
‫َس َك َر َكثِريُهُ فَـ َقليلُهُ‬
‫«ما أ ْ‬
‫ال‪َ :‬‬ ‫صلهى ه‬
‫اَّلل َ‬ ‫اَّللُ َعنْهُ َع ْن َر ُس ِ‬
‫ض َي ه‬ ‫‪ -1156‬و َعن جابِ ٍر ر ِ‬
‫َ ْ َ َ‬
‫ص هح َحهُ ابْ ُن ِحبها َن‬
‫ََحَ ُد َو ْاأل َْربَـ َعةُ َو َ‬
‫ام»‪ .‬أَ ْخ َر َجهُ أ ْ‬
‫َح َر ٌ‬
‫التوفيق بني حديث أنس وحديث عمر‬
‫ِ ِ‬ ‫اب ِيف الْم ِدينَِة‪ ،‬وَك َالم عمر لَي ِ ِ‬
‫إخبار َعما َكا َن ِمن الشر ِ‬ ‫َح ِديث أَنَ ٍ‬
‫س فيه تَ ْقيِيد ِابلْ َمدينَة َوإِمنَا ُه َو ْ‬
‫إخبَار َعما‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫س‬
‫اس ُمطْلَ ًقا‪.‬‬
‫يَ ْشَربُهُ الن ُ‬
‫فقه احلديث‬
‫ط الْ َع ْق َل َو َغطاهُ يُ َسمى مخًَْرا لُغَةً َس َواء َكا َن ِِما ذُكَِر أ َْو ِم ْن َغ ِْريهِ‪.‬‬
‫ُك ّل َما َخالَ َ‬
‫ف الْعُلَ َماءُ ِيف الْ ُمَرا ِد ِابلْ ُم ْسكِ ِر ‪:‬‬
‫اختَلَ َ‬
‫ْ‬
‫َس َكَر ِجْن ُسهُ‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َإىل َْحت ِرِمي الْ َقل ِيل َوالْ َكث ِري ِما أ ْ‬
‫‪ )1‬اجلمهور ‪َ :‬ذ َه َ‬
‫‪ )2‬الْ ُكوفِيُّو َن وأَبو حنِي َفةَ وأَصحابه وأَ ْكثَر علَم ِاء الْبصرةِ ‪َ :‬إىل أَنه َِحي ُّل ُدو َن الْمسكِ ِر ِمن غَ ِري ع ِ‬
‫ص ِري‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫ُْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ َ ْ َ ُُ َ ُ ُ َ َ ْ َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫الْعِنَ ِ‬
‫ب َوا ُّلرطَ ِ‬
‫أدلة اجلمهور ‪:‬‬
‫ح ِديث ابن عمر وح ِد ِ‬
‫يث َجابِ ٍر‬ ‫ََ‬ ‫َ‬

‫(‪)130‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ِ ِ ِ‬
‫يث عائِ َشةَ « ُك ُّل مسكِ ٍر حرام وما أَس َكر ِمْنه الْ َفر ُق فَ ِملء الْ َك ِّ ِ‬
‫َوِمبَا أ ْ‬
‫ف مْنهُ‬ ‫ُْ‬ ‫ُ ْ ََ ََ ْ َ ُ ْ‬ ‫َخَر َجهُ أَبُو َد ُاود م ْن َحد َ‬
‫َحَرام»‬
‫صلى الَّلُ َعلَْي ِه َو َسل َم قَ َ‬
‫ال‬ ‫اص أَنهُ َ‬ ‫يث َس ْع ِد بْ ِن أَِيب َوق ٍ‬ ‫ي ِمن ح ِد ِ‬ ‫ِ‬
‫َخَر َجهُ ابْ ُن حبا َن َوالط َحا ِو ُّ ْ َ‬ ‫َوِمبَا أ ْ‬
‫َس َكَر َكثِريُهُ»‬ ‫ِ‬
‫«أ َْهنَا ُك ْم َع ْن قَل ِيل َما أ ْ‬
‫وِيف معنَاه ِرواايت َكثِرية َال َختْلُو عن م َق ٍال ِيف أ ِ‬
‫ال أَبُو ُمظَف ٍر الس ْم َع ِاينُّ‬
‫ض ُد كما قَ َ‬‫َسانِيد َها لَكِن َها تُ ْعتَ َ‬
‫َ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ ُ َ َ‬
‫مذهب أيب حنيفة ‪:‬‬
‫احل َال ُل ِمْن ها أَرب عة‪ :‬نَبِي ُذ التم ِر والزبِيب إ ْن طُبِ َخ أ َْد َىن طَْب ٍخ وإِ ْن ا ْشتَد إ َذا َش ِرب ما َال يسكِر بِ َال َهلٍْو وطَر ٍ‬
‫ب‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ُْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫َو َْ‬
‫ني َوالْ ُُّرب َوالشعِريُ َو ُّ‬
‫الذ َرةُ طُبِ َخ أ َْو َال َوالْ ُمثَل ُ‬ ‫ِ‬ ‫و ِْ ِ‬
‫ث‬ ‫يب َونَبِي ُذ الْ َع َس ِل َوالتّ ُ‬
‫ط َماء الت ْم ِر َوَماء الزبِ ِ‬
‫ُ‬ ‫اخلَليطَان َو ُه َو أَ ْن َُيْلَ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الْعنَِ ُّ‬
‫يب‪.‬‬
‫اخلَ ْم ِر فَ َال تَ ْش َملُ َها أ َِدلةُ َْحت ِرِمي ْ‬
‫اخلَ ْم ِر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫فَ َهذه ْاألَنْ َواعُ ال ِيت َملْ يُْن َق ْل َْحت ِرميَُها اُ ْستُدل َهلَا ِأبَهنَا َال تَ ْد ُخ ُل َْحت َ‬
‫ت ُم َسمى ْ‬
‫أتولوا َح ِد ُ‬
‫يث ابْ ِن عُ َمَر ‪:‬‬

‫ال‪َ :‬ويَ ُد ُّل لَهُ َح ِد ُ‬


‫يث ابْ ِن َعب ٍ‬
‫اس‬ ‫السك ُْر عِنْ َدهُ‪َ ،‬ويُ َؤيِّ ُدهُ أَن الْ َقاتِ َل َال يُ َسمى قَاتًِال َحىت يَ ْقتُ َل‪ ،‬قَ َ‬
‫الْ ُمَر ُاد بِِه َما يَ َق ُع ُّ‬
‫َخَر َجهُ الن َسائِ ّي‪.‬‬
‫اب»‪ .‬أ ْ‬ ‫اخلَمر قَلِيلُها وَكثِريَها والْمسكِر ِمن ُك ِل َشر ٍ‬ ‫«حِّرَم ْ‬
‫ت ْ ُْ َ َ ُ َ ُ ْ ُ ْ ّ َ‬ ‫يَْرفَعُهُ ُ‬
‫الرد‪َ :‬و َعلَى تَ ْق ِدي ِر ِصحتِ ِه ‪:‬‬
‫ِ ِ‬
‫الس ِ‬ ‫الروايةَ فِ ِيه "والْمسكِر" بِ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫"السك ُْر"‬
‫ني َال ُّ‬ ‫ض ِّم الْمي ِم َو ُس ُكون ّ‬ ‫َ ُْ ُ‬ ‫َمحَ ُد َوغَ ْريُهُ‪ :‬إن الراج َح أَن َِّ َ‬‫ال أ ْ‬
‫‪ )3‬فَ َق ْد قَ َ‬
‫ني أ َْو بَِفْت َحتَ ْ ِ‬ ‫بِ َ ِ‬
‫الس ِ‬
‫ني‪.‬‬ ‫ض ِّم ّ‬
‫َح ِاديث ال ِيت ذَ َك ْرََن َها‪.‬‬ ‫‪ )4‬وعلَى تَ ْق ِدي ِر ثُبوتِِه فَهو ح ِد ُ ٍ‬
‫يث فَ ْرد َال يُ َقا ِوُم ْاأل َ‬ ‫ُ َُ َ‬ ‫ََ‬
‫ومهُ لِ ُك ِّل ُم ْسكِ ٍر‪.‬‬ ‫اخلَم ِر ْ ِ ِ‬
‫احلَ ّق فيه لُغَةً عُ ُم ُ‬ ‫ظ ْْ‬
‫‪ُ )5‬مث لَ ْف ُ‬
‫أنواع اخلمر الواردة يف اآلاثر ‪:‬‬

‫ني إمنَا ِاال ْختِ َال ُ‬ ‫ِِ‬ ‫ص ِري الْعِن ِ ِ ِ ِ‬


‫ف ِيف‬ ‫ِ‬ ‫اختِ َال َ‬
‫ف ِيف َْحت ِرميَِها م ْن الْ ُم ْسلم َ‬ ‫ب فَ َهذه ِما َال ْ‬‫اخلَ ْم ُر َوِه َي َما َغلَى ِم ْن َع ِ َ‬ ‫‪ْ )1‬‬
‫ني ‪ -‬وهو نَِقيع التم ِر ال ِذي َمل متََسه النار وفِ ِيه ي روى عن اب ِن مسع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ود‬ ‫ْ ُ ُ َ ُْ َ َ ْ ْ َ ْ ُ‬ ‫َغ ِْريَها َومْن َها الس َك ُر ‪ -‬يَ ْع ِين ب َفْت َحتَ ْ ِ َ ُ َ ُ ْ‬
‫ال‪ :‬الس َك ُر مخَْر‬ ‫أَنهُ قَ َ‬

‫(‪)131‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫‪ )2‬الْبِْت ُع َو ُه َو نَبِي ُذ الْ َع َس ِل‬


‫اجلِ َعةُ َوِه َي نَبِي ُذ الشعِ ِري‬
‫‪ْ )3‬‬
‫‪ )4‬الْ ِم ْزُر َو ُهو ِم ْن ُّ‬
‫الذ َرِة‬ ‫َ‬
‫الذرةِ‬ ‫ِ‬
‫السكَْرَكةُ م ْن ُّ َ‬
‫‪ُّ )5‬‬
‫وخ‬
‫ض ُ‬‫ض َخ ِم ْن الْبُ ْس ِر ِم ْن غَ ِْري أَ ْن متََسهُ ََنر َو َمساهُ ابْ ُن عُ َمَر الْ َف ُ‬
‫ضيخ ما اُفْ تُ ِ‬
‫ِ‬
‫‪ )6‬الْ َف ُ َ‬
‫يش ِة‬ ‫فَائِ َدة ‪ :‬وُحيرم ما أَس َكر ِمن أ ِ ٍ‬
‫احلَ ِش َ‬
‫واب َك ْ‬‫َي َش ْيء َوإِ ْن َملْ يَ ُك ْن َم ْش ُر ً‬ ‫َََُ ْ َ ْ ّ‬
‫والدليل‪:‬‬
‫ب والن ْشوةِ‬ ‫ِ‬
‫اخلَ ْم ُر م ْن الطَر َ َ‬
‫ث ْ ِ‬ ‫ث َما ُْحت ِد ُ‬‫‪ )6‬ألهنا ُْحت ِد ُ‬
‫صلى الَّلُ َعلَْي ِه َو َسل َم َع ْن ُك ِّل ُم ْسكِ ٍر َوُم ْفِ ٍرت» قَ َ‬ ‫«هنَى رس ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‬ ‫ول الَّل َ‬ ‫َخَر َج أَبُو َد ُاود أَنهُ َ َ ُ‬ ‫‪ )7‬وه َي ُم ْفِ َرتة َوقَ ْد أ ْ‬
‫ض ِاء‬ ‫اخلََوَر ِيف ْاأل ْ‬
‫َع َ‬ ‫ور َو ْ‬
‫ث الْ ُفتُ َ‬
‫ايب‪ :‬الْم ْفِرت ُك ُّل َشر ٍ‬
‫اب يُ َوِّر ُ‬‫َ‬ ‫اخلَط ِ ُّ ُ ُ‬ ‫ْ‬
‫استَ َحل َها َك َفَر‬ ‫احل ِش َ ِ‬
‫يشة َوأَن َم ْن ْ‬ ‫اع َعلَى َْحت ِرِمي َْ‬ ‫‪َ )8‬و َح َكى الْعِراقِ ُّي َوابْن تَ ْي ِميةَ ِْ‬
‫اإل ْمجَ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫‪‬‬
‫ُحكْم ْاألَ ْش ِربَة املتخذة ِم ْن غَ ْري العنب‬
‫اَّلل صلهى ه ِ‬ ‫ال‪َ « :‬كا َن رس ُ ِ‬ ‫اس ر ِ‬
‫اَّللُ َعلَْيه َو َسله َم يُـ ْنـبَ ُذ لَهُ ال هزبِ ُ‬
‫يب‬ ‫ول ه َ‬ ‫َُ‬ ‫ض َي ه‬
‫اَّللُ َع ْنـ ُه َما قَ َ‬ ‫‪َ -1157‬و َع ْن ابْ ِن َعبه ٍ َ‬
‫ضل بَِف ْت ِح الض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫هاد َوَك ْس ِرَها‬ ‫ِيف الس َقاء فَـيَ ْش َربُهُ يَـ ْوَمهُ َوالْغَ َد َوبَـ ْع َد الْغَد فَإذَا َكا َن َم َ‬
‫ساءُ الثهالثَة َش ِربَهُ َو َس َقاهُ فَإ ْن فَ َ َ‬
‫َش ْيءٌ أ َْه َراقَهُ»‪ .‬أَ ْخ َر َجهُ ُم ْسلِ ٌم‬
‫فقه احلديث‬
‫جيوز ِاالنْتِبَ ِاذ وَال َك َال َم ِيف َجوا ِزهِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫املناقشة يف جواز شرب النبيذ ‪:‬‬

‫صبِّ ِه" فَإِن َس ِقيةَ‬ ‫يذ إ َذا ا ْشتد بَِقولِِه ِيف ِرواي ٍة أُخرى "س َقاه ْ ِ‬ ‫ب النبِ ِ‬ ‫ول ِجبَوا ِز ُشر ِ‬
‫اخلَاد ُم أ َْو أ ََمَر بِ َ‬ ‫َ َ َْ َ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫احتَج َم ْن يَ ُق ُ َ ْ‬ ‫َوقَ ْد ْ‬
‫صلى الَّلُ َعلَْي ِه َو َسل َم تَنَ ُّزًها َعْنهُ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ْ ِِ ِ‬
‫اخلَادم َدليل َعلَى َج َوا ِز ُش ْربِه‪َ ،‬وإِمنَا تََرَكهُ َ‬
‫اإل ْس َكا ِر‪ ،‬ألمرين ‪:‬‬‫َوأ ُِجيب ‪َ :‬ال َدلِيل َعلَى أَنهُ بَلَ َغ َحد ِْ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫(‪)132‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫اد َرًة ِخلَ ْشيَ ِة الْ َف َس ِاد‬ ‫‪ -‬وإِمنَا ب َدا فِ ِيه ب عض تَغٍَُّري ِيف طَع ِم ِه ِمن ُمحوض ٍة أَو َْحن ِوها‪ ،‬فَس َقاه ْ ِ‬
‫اخلَاد ُم ُمبَ َ‬ ‫ْ ْ ُ َ ْ َ َ ُ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َي إ ْن َكا َن بَ َدا ِيف طَ ْعمه بَ ْع ُ‬
‫ض‬ ‫يق أ ْ‬ ‫اخلَاد ُم أ َْو أ ََمَر بِه فَأ ُْه ِر َ‬
‫ال‪َ :‬س َق ُاه ْ‬ ‫‪َ -‬وُْحيتَ َم ُل أَ ْن تَ ُكو َن أ َْو للت ْن ِوي ِع َكأَنهُ قَ َ‬
‫احل ِد ِ‬ ‫اخلَ ِاد ُم َوإِ ْن ا ْشتَد أ ََمَر إبِِ ْهَراقِ ِه َوِهبَ َذا َجَزَم الن َوِو ُّ‬
‫تَغٍَُّري َوَملْ يَ ْشتَد َس َقاهُ ْ‬
‫يث‪.‬‬ ‫ي ِيف َم ْع َىن َْ‬
‫‪‬‬
‫الته َدا ِوي ِاب ْخلَ ْم ِر‬
‫اَّللَ َملْ َْجي َع ْل ِش َفاءَ ُك ْم‬
‫ال «إ هن ه‬‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم قَ َ‬
‫صلهى ه‬ ‫هِب َ‬ ‫اَّللُ َع ْنـ َها َع ْن النِ ِ‬
‫ض َي ه‬ ‫‪ -1158‬و َعن أُِم سلَم َة ر ِ‬
‫َ ْ َ َ َ‬
‫ص هح َحهُ ابْ ُن ِحبها َن‬ ‫ِ‬
‫يما َح هرَم َعلَْي ُك ْم»‪ .‬أَ ْخ َر َجهُ الْبَـ ْيـ َهق ُّي َو َ‬
‫ِ‬
‫فَ‬
‫اَّللُ َعلَْي ِه َو َسله َم َع ْن ْ‬
‫صلهى ه‬ ‫ٍ‬ ‫‪ -1159‬و َعن وائِ ٍل ا ْحل ْ ِ‬
‫اخلَ ْم ِر يَ ْ‬
‫صنَـ ُع َها‬ ‫َل النِ ه‬
‫هِب َ‬ ‫«سأ َ‬‫ض َرم ِي أَ هن طَا ِر َق بْ َن ُس َويْد َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫هها َداءٌ»‪ .‬أَ ْخ َر َجهُ ُم ْسلِ ٌم َوأَبُو َد ُاود َوغَ ْريُ ُمهَا‬ ‫ٍ‬ ‫لِلدهو ِاء فَـ َق َ ه‬
‫ت بِ َد َواء َولَكِنـ َ‬‫س ْ‬ ‫ال‪ :‬إَّنَا لَْي َ‬ ‫َ‬
‫فقه احلديث‬
‫‪ )1‬الشافِعِ ُّي ‪ُ :‬حي ُرم الت َدا ِوي ِاب ْخلَ ْم ِر‪ِ ،‬ألَنهُ إذَا َملْ يَ ُك ْن فِ ِيه ِش َفاء فَتَ ْح ِرميُ ُش ْرِهبَا َاب ٍق َال يَْرفَعُهُ َجتَُّوُز أَنهُ يَ ْدفَ ُع‬
‫اخلَ ْمَر َج َاز‪َ .‬واد َعى ِيف‬ ‫اد ِويةُ‪ :‬إال إ َذا َغص بِلُ ْق َم ٍة َوَملْ َِجي ْد َما يُ َس ِّوغُ َها بِِه إال ْ‬‫ت ا ْهلَ َ‬ ‫الضَرَر َع ْن الن ْف ِ‬
‫س‪َ .‬وقَالَ ْ‬
‫اع َعلَى َه َذا َوفِ ِيه ِخ َالف‪.‬‬ ‫الْبَ ْح ِر ِْ‬
‫اإل ْمجَ َ‬
‫ات لِلت َدا ِوي‪ ،‬لكن الْ ِقيَاس َاب ِطل‬
‫‪ )2‬أَبو حنِي َفةَ ‪َ :‬جيوز الت َدا ِوي ِهبا َكما َجيوز ُشرب الْب وِل والدِم وسائِِر النجاس ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ ُ ُ ْ ُ َْ َ َ َ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ َ‬
‫ٍ‬
‫وم ِه لِ ُك ِّل ُحمَرم‪.‬‬
‫ص الْم ْذ ُكوِر لِعم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُُ‬ ‫يس َعلَْيه ُحمَرم ابلن ِّ َ‬
‫فَإن الْ َمق َ‬
‫يف حديث وائل ِزَاي َدة ِأبَهنَا َداء َوقَ ْد عُلِ َم ِم ْن َح ٍال َم ْن يَ ْستَ ْع ِملُ َها أَنهُ يَتَ َول ُد َع ْن ُش ْرِهبَا أ َْد َواء َكثِ َرية‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)133‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ابب التعزير وحكم الصائل‬


‫التعزير لغة‪ :‬مصدر عزره يعزره تعزيرا‪ :‬إذا منعه ورده وأدبه‪ ،‬أو أعانه وقواه ونصره‪ ،‬فهو من ألفاظ األضداد‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬التأديب على معصية ال حد فيها وال كفارة‪.‬‬
‫وهو خمالف للحدود من ثالثة أوجه‪:‬‬
‫‪ -‬أنه َيتلف ابختالف الناس‪ ،‬فتعزير ذوي اهليئات أخف ويستون يف احلدود مع الناس‪.‬‬
‫‪ -‬أنه جتوز فيه الشفاعة دون احلدود‪.‬‬
‫‪ -‬أن التالف به مضمون‪.‬‬
‫الصائل‪ :‬اسم فاعل من صال يصول صوال‪ :‬إذا ساط ووثب‪ ،‬والصائل على شيئ‪ :‬القاصد الوثوب عليه‪ ،‬واملراد‬
‫هنا‪ :‬من ساط عاداي على غريه‪ ،‬يريد نفسه أو عرضه أو ماله‪ ،‬سواء كان الصائل آدميا أو هبيمة‪.‬‬
‫مشروعية التعزير ومقداره‬
‫‪ -1160‬عن أِب بردة األنصاري رضي هللا عنه أنه مسع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول‪(( :‬ال جيلد‬
‫فوق عشرة أسواط إال يف حد من حدود هللا)) متفق عليه‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫أسواط‪ :‬السوط هو ما يضرب به من جلد‪ ،‬سواء أكان مظفورا أو مل يكن‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫ظاهر احلديث دليل على أنه ال يزاد يف التعزير على عشرة أسواط‪ ،‬ألن احلديث ورد بصيغة القصر اليت طريقها‬
‫النفي واالستثناء‪ .‬ال خالف بني أهل العلم أن أقل التعزير ليس له حد مقدر‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫واخلالف يف أكثر التعزير على أربعة أقوال‪:‬‬
‫‪ )1‬ذهب مالك‪ ،‬والشافعي‪ ،‬وأبو يوسف من احلنفية‪ ،‬وابن تيمية‪ ،‬وعبد العزيز بن ابز‪ :‬ال حد ألكثر التعزير‬
‫بل هو مفوض إىل رأي ول األمر حبسب ما يراه رادعة وزاجرا‪ .‬واستدلوا أن هذا مؤيد بسنة الرسول‬

‫(‪)134‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫صلى هللا عليه وسلم وعمل اخللفاء من بعده ‪ ،‬مثل‪ :‬حتريق البيوت على التخلفني عن حضور اجلماعة‬
‫وحنوها‪.‬‬
‫‪ )2‬طائفة من أصحاب الشافعي‪ ،‬ورواية عن أمحد‪ ،‬وحكاه ابن هبرية وابن قدامة‪ :‬أنه ال يبلغ ابلتعزير يف‬
‫معصية قدر احلد املقدر هبا‪ ،‬فال يبلغ ابلتعزير على النظرة واخللوة واملباشرة حد الزَن‪ ،‬وال على السرقة‬
‫من غري حرز حد القطع‪ ،‬وال على الشتم بدون القذف حد القذف‪ .‬واستدلوا حبديث النعمان بن بشري‬
‫رضي هللا عنه يف الرجل الذي رفع إليه وقد وقع على جارية امرأته‪ ،‬فقال‪ :‬ألقضني فيك بقضاء رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم إن كانت أحلتها لك جلتها لك جلدتك مائة جلدة‪ ،‬وإن مل تكن أحلتها لك‬
‫رمجتك ابحلجارة‪ ،‬فوجدوه قد أحلتها له‪ ،‬فجلده مائة‪ .‬فهذا تعزير جاء يف حق حمصن‪ ،‬وحده الرجم‪.‬‬
‫‪ )3‬قول كثري من أصحاب الشافع ي وأمحد وأيب حنيفة‪ :‬أنه ال يبلغ التعزير أدىن احلدود إما أربعني أو‬
‫مثانني‪ .‬واستدلوا حبديث النعمان بن بشري رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬من‬
‫بلغ حدا يف غري حد فهو من املعتدين)‪ .‬والقول الثاين والثالث يتفقان يف جواز الزايدة وَيتلفان يف‬
‫النهاية‪.‬‬
‫‪ )4‬املختار لدى مجاعة من الشافعية‪ ،‬ورواية عن أمحد‪ ،‬وحكاه املوفق‪ ،‬وابن القيمور واختاره الصنعاين‬
‫والشوكاين‪ :‬أنه ال يزاد يف التعزير على عشرة أسواط‪ .‬واستدلوا حبديث الباب‪.‬‬
‫الرتجيح‪:‬‬
‫والراجح ‪ -‬وهللا أعلم ‪ -‬القول األول‪ ،‬وهو أن التعزير ال يقدر حبد معني‪ ،‬لكن إن كان فيما فيه مقدر‬
‫مل يبلغ به ذلك املقدر ‪.‬‬
‫‪‬‬
‫التجاوز عن ذوي اَليئات مبا دون احلق‬
‫‪ -1161‬وعن عائشة رضي هللا عنها أن النِب ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬قال ‪ (( :‬أقيلوا ذوي اَليئات‬
‫رواه أبو داود والنسائي‬
‫عثراُتم إال احلدود ))‪َ .‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫اإلقالة ‪ :‬أصلها موافقة البائع على نقض البيع‪ ،‬وكلمة ( أقيلوا ) يف احلديث يراد هبما التجاوز وعدم املؤاخذة‪.‬‬

‫(‪)135‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫العثرات ‪ :‬مجع العثرة‪ ،‬وهي الزلة‪ ،‬ويراد هبا ‪ :‬الصغائر أو ّأول معصية يزل فيها املطيع‪.‬‬
‫واخلطاب لألئمة الذين إليهم إقامة العقوابت على ذوي اجلناايت‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على ‪:‬‬
‫‪ -‬استحباب املساحمة مع ذوي اهليئات أو التخفيف عنهم فيما صدر منهم من ال عثرات‪.‬‬
‫‪ -‬أن املساحمة تكون يف التعزيرات دون احلدود‪ ،‬ألن احلدود الشرعية البد أن تقام على من كان من ذوي‬
‫اهليئات وعلى غريه‪.‬‬
‫‪ -‬أن التعزير ليس بواجب كاحلد‪ ،‬لورود األمر ابملساحمة مع ذوي اهليئات‪.‬‬
‫‪ -‬التعزير من حق اإلمام‪ ،‬وليس التعزير لغري اإلمام إال لثالثة‪:‬‬
‫‪ )1‬الوالد‪ ،‬يف ابب التعليم زالزجر عن سيئ األخالق‪.‬‬
‫‪ )2‬السيد‪ ،‬يف حق نفسه وحق هللا على األصح‪.‬‬
‫‪ )3‬الزوج‪ ،‬يف أمر النشوز‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫من هم ذوو اَليئات؟‬
‫‪ )1‬عند اإلمام الشافعي ‪ :‬هم الذين ال يعرفون ابلشر فيزل أحدهم الزلة‪.‬‬
‫‪ )2‬اإلمام النووي ‪ :‬أطلق ( ذوي اهليئات ) على طائفتني من الناس‪ ،‬وُها ‪ :‬أصحاب الصغائر دون الكبائر‪،‬‬
‫ومن إذا أذنب اتب‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)136‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫حكم من مات ابلتعزير‬


‫‪ -1162‬وعن علي رضي هللا عنه قال ‪ :‬ما كنت ألقيم على أحد حدا فيموت فأجد يف نفسي‪ ،‬إال‬
‫شارب اخلمر‪ ،‬فإنه لو مات وديته‪ .‬أخرجه البخاري‪.‬‬
‫معاين الكلمات‬
‫فأجد يف نفسي ‪ :‬الفعل أجد ماضيه وجد مبعىن حزن‪ ،‬واملعىن ‪ :‬فأأتسف وأحزن‪.‬‬
‫وديته ‪ :‬عزمت ديته من بيت املال‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫احلديث دليل على أن اخلمر مل يكن فيه حد حمدود من رسول هللا ﷺ‪ ،‬فهو من ابب التعزيرات‪ ،‬فإن مات‬
‫ضمنه اإلمام‪ ،‬وكذا كل معزر ميوت ابلتعزير يضمنه اإلمام‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫هل من مات بسبب التعزير يضمنه اإلمام؟ فيها قوالن‪:‬‬
‫‪ )1‬أن من مات بسبب التعزير يضمنه اإلمام‪ ،‬وإىل هذا ذهب اجلمهور‪.‬‬
‫‪ )2‬ذهبت اهلادوية إىل أنه ال شيء فيمن مات حبد أو تعزير ( أي ‪ :‬أنه غري مضمون)‪ ،‬قياسا منهم للتعزير‬
‫على احلد جبامع أن الشارع قد أذن فيها‪.‬‬
‫ودليل ذلك أهنم أتولوا قول علي رضي هللا عنه أنه إمنا لالحتياط ال للوجوب‪.‬‬
‫الرتجيح‪:‬‬
‫والرتجيح ‪ :‬احلديث صريح يف أن ذلك واجب ال من ابب االحتياط فتأويل من ذهب إاى القول الثاين ساقط‪،‬‬
‫وألن يف متام احلديث ‪( :‬ألن رسول هللا ﷺ مل يسنه) وقال النووي يف شرح مسلم ما معناه ‪ :‬وأما من مات يف‬
‫حد من احلدود غري الشرب‪ ،‬فقد أمجع العلماء على أنه إذا جلده اإلمام أو جالده فمات فإنه ال دية وال كفارة‬
‫على اإلمام وال على جالده وال على بيت املال‪ ،‬وأما من مات ابلتعزير فمذهبنا وجوب ضمان للدية والكفارة‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)137‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫ما جاء فيمن قتل دون ماله‬


‫‪ -1163‬وعن سعيد بن زيد ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪« :-‬من‬
‫قتل دون ماله فهو شهيد» رواه األربعة وصححه الرتمذي‪.‬‬
‫فقه احلديث‬
‫يف احلديث دليل على جواز الدفاع عن املال‬
‫إذا قتل الدافع عن املال فهو شهيد كما صرح به هذا احلديث وحديث مسلم عن أيب هريرة أنه «جاء رجل إىل‬
‫النيب ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬فقال‪ :‬اي رسول هللا‪ :‬أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مال؟ قال‪ :‬فال تعطه‪ .‬قال‪:‬‬
‫فإن قاتلين؟ قال فاقتله‪ .‬قال‪ :‬أرأيت إن قتلين؟ قال‪ :‬فأنت شهيد‪ .‬قال أرأيت إن قتلته؟ قال‪ :‬فهو يف النار»‬
‫قالوا فإن قتله فال ضمان عليه لعدم التعدي‪.‬‬
‫احلديث عام لقليل املال وكثريه‪.‬‬
‫وكذلك جيب على النفس الدفع إن قصدها كافر ال إذا قصدها مسلم فال جيب‪ .‬وصح أن عثمان ‪ -‬رضي هللا‬
‫عنه ‪ -‬منع عبيده أن يدفعوا عنه وكانوا أربعمائة وقال‪ :‬من ألقى سالحه فهو حر‪ .‬قالوا‪ :‬وخالف املضطر فإن‬
‫يف القتل شهادة خبالف ترك األكل‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫احلكم فيمن قتل دون ماله‪:‬‬
‫‪ )1‬جواز الدفاع عن املال وهو قول اجلمهور استدلوا هبذا احلديث‪ .‬وجه الداللة أنه ملا جعله ‪ -‬صلى هللا‬
‫عليه وآله وسلم ‪ -‬شهي دا دل على أن له القتل والقتال‪ .‬قال يف النجم الوهاج وحمل ذلك إذا مل جيد‬
‫ملجأ كحصن وحنوه أو مل يستطع اهلرب وإال وجب عليه‪ .‬قال الصنعاين ‪ :‬ال أدري ما وجه وجوب‬
‫اهلرب عليه‪ ،‬قالوا‪ :‬وال جيب الدفع عن املال بل جيوز له أن يتظلم إال أنه قد تقدم أن علماء احلديث‬
‫كاجملمعني على استثناء السلطان لآلاثر الواردة ابألمر ابلصرب على جوره فال جيوز دفعه عن أخذ املال‬
‫وجيب الدفع عن البضع ألنه ال سبيل إىل إابحته‪.‬‬
‫‪ )2‬وجوب الدفاع عن املال‪ .‬وهو شاذ‪.‬‬
‫‪‬‬

‫(‪)138‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫موقف املسلم من الفنت‬


‫كن فيها عَ ْب َد هللا‬ ‫اب قال‪ :‬مسعت رسول هللا ﷺ يقول‪« :‬تَ ُكو ُن فِ ٌَ‬
‫نت‪ ،‬فَ ْ‬ ‫‪ -1164‬وعن عبد هللا ابن َخب ٍ‬
‫ول‪ ،‬وال تَ ُك ْن ال َقاتِ َل»‪.‬‬
‫املَْقتُ َ‬
‫ختريج احلديث‬
‫سبب احلديث أنه قال ذالك الرجل‪ :‬إن اخلوارج دخلوا قرية فخرج عبد هللا بن خباب صاحب رسول هللا ﷺ‬
‫ذعرا جير رداءه فقال‪ :‬وهللا وقد رعبتموين‪ ،‬قال ذلك مرتني‪ ،‬قالوا‪ :‬أنت عبد هللا بن خباب صاحب رسول‬
‫مسعت من أبيك شيئا حتدثنا به؟ قال مسعته حيدث عن رسول هللا ﷺ‪« :‬أنه ذكر‬
‫هللاﷺ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قالوا‪ :‬هل َ‬
‫فتنة القاعد فيها خري من القائم‪ ،‬والقائم فيها خري من املاشي‪ ،‬واملاشي فيها خري من الساعي‪ ،‬فإن أدركك ذلك‬
‫مسعت هذا من أبيك عن رسول هللا ﷺ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فقدموه على ضفة‬ ‫َ‬ ‫فكن عبد هللا املقتول» قالوا‪ :‬أنت‬
‫النهر‪ ،‬وبقروا أم والده عما يف بطنها‪.‬‬
‫علي بن زيد بن جدعان‪ ،‬وفيه‬
‫واحلديث قد أخرجه أمحد والطربين وابن قانع من غري طريق اجملهول إال أن فيه ّ‬
‫استطعت أن تكون عبد‬
‫َ‬ ‫مقال‪ ،‬ولفظه عن خالد بن عرفطة «ستكون فتنة بعدي وأحداث (واختالف) فإن‬
‫القاتل فافعل»‪.‬‬
‫املقتول ال َ‬
‫َ‬ ‫هللا‬
‫فقه احلديث‬
‫يف احلديث دليل عل ترك القتال عند ظهور الفنت والتحذير من الدخول فيها‪ ،‬وعلى هذا مجاعة من الصحابة‬
‫رضي هللا عنهم‪ ،‬ومتسكوا ابألحاديث الصحيحة اليت فيها احلث على اعتزال الفنت‪.‬‬
‫األقوال يف املسألة‬
‫اختلف السلف يف مسألة القتال عند ظهور الفنت‪:‬‬
‫‪ )1‬القول األول ‪ :‬أنه جيب الكف عن املقاتلة‪ ،‬وبه قال سعد بن أيب وقاص وعبد هللا بن عمر وحممد بن‬
‫مسلمة وغريهم‪.‬‬
‫‪ )2‬القول الثاين ‪ :‬إنه جيب عليه أن يلزم بيته‪.‬‬
‫‪ )3‬القول الثالث‪ :‬جيب عليه التحول من بلد الفتنة أصال‪.‬‬
‫‪ )4‬القول الرابع ‪ :‬يرتك املقاتلة‪ ،‬وهو قول اجلمهور‪.‬‬

‫(‪)139‬‬
‫الفصل الدراسي األول من العام اجلامعي ‪1441-1440‬هـ‬ ‫تلخيص مقرر احلديث للمستوى السابع شريعة صباحي‬

‫‪ )5‬القول اخلامس ‪ :‬أجبه القتال حىت لو أراد أحدهم قتلَه مل يدفع عن نفسه‪ ،‬وهذا قول شاذ‪.‬‬
‫‪ )6‬القول السادس ‪ :‬يدافع عن نفسه وعن أهله وعن ماله‪ ،‬وهو معذور سواء قَتَ َل أو قُتِ َل‪.‬‬
‫اختلف السلف يف نصر احلق وقتال الباغني ‪:‬‬
‫‪ )1‬الق ول األول ‪ :‬وجوب نصر احلق وقتال الباغني‪ ،‬محلوا حديث الباب على من ضعف عن القتال‪ ،‬أو‬
‫قصر نظره عن معرفة احلق‪ .‬وبه قال مجهور الصاحبة والتابعني‪.‬‬
‫‪ )2‬القول ال ثاين ‪ :‬مذهب التفصيل وهو أنه إذا كان القتال بني طائفتني ال إمام هلم فالقتال حينئذ ِمنوع‪.‬‬
‫وهو قول األوزاعي‪.‬‬
‫‪ )3‬القول الثالث ‪ :‬إنكار االملنكر واجب على من يقدر عليه فمن أعان احملق أصاب‪ ،‬ومن أعان املبطل‬
‫أخطأ‪ ،‬وإن أشكل األمر فهي احلالة اليت ورد النهي عن القتال فيها‪ .‬وبه قال الطربي‪.‬‬
‫‪ )4‬القول الرابع ‪ :‬إن النهي إمنا هو يف آخر الزمان حيث تكون املقاتلة لغري الدين‪ ،‬وفيه دليل على أنه ال‬
‫جيب الدفاع عن النفس‪ .‬وقوله‪« :‬إن استطعت» يدل على أهنا ال حترم املدافعة‪ ،‬وأن النهي للتنزيه ال‬
‫للتحرمي‬

‫‪‬‬

‫وهللا تعاَل أعلم‬


‫وصلى هللا على نبينا حممد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫شهر ربيع األول ‪1441‬هـ‪.‬‬

‫(‪)140‬‬

You might also like