You are on page 1of 40

‫‪30‬‬

‫الرِح ْي ِم‬ ‫بِ ْس ِم اهلل َّ‬


‫الر ْحم ِن َّ‬

‫ارةُ‬
‫ات ال ُْم ْختَ َ‬
‫اَألَبْ يَ ُ‬
‫ستب ِدى لَك اْألَيَّاـ ما ُكْنت ج ِ‬
‫َخػيَا ِر َما ََلْ تَُػزَّو ْد‬ ‫ك بِاْأل ْ‬ ‫َويَأْتِْي َ‬ ‫اىالً ‪¤‬‬ ‫َ ُ َ َ َ‬ ‫َ ُْ‬
‫فَِإ َّف الْ َق ِريْ َػن بِالْ ُم َقا ِرِف ُم ْقتَ ِػد‬ ‫ع ِن الْمرِء الَ تَسأ َْؿ وأَب ِ‬
‫ص ْػر قَ ِريْػنَوُ ‪¤‬‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ َْ‬
‫فَ ُك ُّل ِرد ٍاء يػرتَ ِديػ ِػو َِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َج ْػي ُل‬ ‫َ َْ ْ‬ ‫ضوُ ‪¤‬‬‫س م َن اللَّ ْوـ ع ْر ُ‬ ‫إذَا الْ َم ْرءُ ََلْ يَ ْدنَ ْ‬
‫ؼ بِ ْ َ ا﵁ َوالن ِ‬
‫َّاس‬ ‫الَ يَ ْ َى ُ الْعُ ْر ُ‬ ‫َم ْن يػَ ْف َػع ِل ْ‬
‫اخلَْيػَر الَ يػَ ْع َد ُـ َج َو َازهُ ‪¤‬‬
‫الرأْ ِس‬
‫س َعلَى َّ‬ ‫َوَزا ِرعُ الشَّّْر َمْن ُك ْو ُ‬ ‫ص ُد َما يُ َسُّر بِِو ‪¤‬‬ ‫اخلَْيػَر َْػل ُ‬
‫َم ْن يػَ ْزَرِع ْ‬

‫المفردات‪:‬‬
‫تبدى = تظهر اللؤـ = الدناءة‬
‫تزود = تعطى الزاد عرض = شرؼ‬
‫ّ‬
‫ابصر = انظر يرتدى = يلبس‬
‫قرين = صاح جوازى ج جازية = جزاء‬
‫يدنس = يقبح‬
‫الشرح‪:‬‬
‫‪ ﴾ 1‬ال غلوز لك أف تكتفى دبا عندؾ من العلوـ وادلعارؼ والتجارب ظنا أنك أكثر الناس خرية وأف غريؾ‬
‫أقل منك تقدما ىف ميادين شىت‪ ،‬فإ ّف األيّاـ الىت تعيشها ستظهر لك جهلك وتب ما عندؾ من‬
‫النقصاف ىف األمور الكثرية‪ ،‬كما أف مرور الزماف سيدلك على أشياء َل يكن عليها ىف زادؾ وال ىف‬
‫‪31‬‬

‫معرفتك وك لك من َل تعطو زادا دلستقبلو‪ ،‬فإنو استطاع أف يكوف أعلى منك مرتبة وأسرع منك‬
‫تقدما وأكثر منك علما وكفاءة‪ ،‬ول لك يلزمك طوؿ حياتك أف تسعى بكل جهدؾ للحصوؿ على‬
‫ما يكوف مهما دلستقبل حياتك من العلوـ وادلعارؼ والتجارب وغريىا من الزاد والسيما مالو ارتباط‬
‫مت وعالقة قوية دبجاالت حياتك‪.‬‬
‫‪ ﴾ 2‬إذا أردت أف تعرؼ شخصية أحد فال تسألو مباشرة بل يكفيك أف تبصر أحواؿ قرينو وأف تنظر إىل‬
‫حركاتو وشؤونو‪ ،‬أل ّف القرين أو الصاح ػل أف يقلّد ويقتدى بقرينو ىف صفاتو ىف أحوالو وىيئاتو‪،‬‬
‫فيستطيع ب لك أف تعرؼ واضحا أحواؿ ى ا ادلرء وشخصياتو ونفسياتو عن طريق معرفة صديقو‬
‫والطيور على أشكاذلا تقع‪.‬‬
‫يؤدى إىل سقوط عرضو‪ ،‬فكل األعماؿ‬
‫‪ ﴾3‬إذا َل يرتك أحد شيئا من ادلعاصى أو َل يقرتؼ أى ذن ّ‬
‫الىت يقوـ ّٔا تكوف حسنة لو‪ ،‬ول لك غل عليك أف ربفظ نفسك من كل رذيلة وأف تصوف‬
‫يؤدى إىل سقوطو‪ ،‬أل ّف اإلنساف يعترب حسنا ىف َجيع أحوالو وحركاتو ما َل‬
‫عرضك من كل ما ّ‬
‫يرتك أى ذن وَل يقرتؼ أى جرؽلة‪.‬‬
‫أي مكاف كاف‪ ،‬فإ ّف خريه لن يزوؿ‪ ،‬بل ال ب ّد لو من‬
‫‪ ﴾4‬من يعمل اخلريات سواء كانت قليلة أـ كثرية ىف ّ‬
‫أف يناؿ جزاء خريه ىف وقت ما‪ ،‬ألف اخلري لن ي ى ولن يضيع ب ا﵁ والناس‪ ،‬ول لك غل‬
‫عليك أف تالزـ اخلري طوؿ عمرؾ واعتقد أف خريؾ ال ب ّد من أف يكوف رلزيا ولو َل تعرؼ كيف‬
‫شرا يره﴾﴿وا﵁‬
‫ذرة ّ‬
‫ذرة خريا يره‪ ،‬ومن يعمل مثقاؿ ّ‬
‫يكوف اجلزاء ومىت سيكوف‪﴿ ،‬فمن يعمل مثقاؿ ّ‬
‫ال ؼللف ادليعاد﴾‬
‫يؤدى إىل سروره وفرحو على‬
‫‪ ﴾5‬من يعمل اخلري سواء كاف قليال أـ كثريا فال ب ّد لو من أف يناؿ اجلزاء ّ‬
‫الشر أو يقرتؼ من ال نوب أو الكبائر فإنو ال ب ّد من أف ػلصل جزاء‬
‫قدر عملو‪ ،‬وأما من يعمل ّ‬
‫شره من العقوبات ا﵀زنة‪ ،‬فكأنو قاـ منقل الرأس‪ ،‬فإف ا﵁ ال ذبزى خلقو إالّ بقدر عملو فإنو ليس‬
‫ّ‬
‫شر‪ ،‬فتكوف ب لك سادلا من‬
‫بظالّـ لعبيده‪ ،‬فالالزـ عليك أف تعمل عمال صاحلا وأف تبتعد عن كل ّ‬
‫الضرر سعيدا ىف حياتك‪.‬‬
‫‪32‬‬

‫اإلستنباط‪:‬‬
‫البيت األوؿ‪ :‬يأمرنا دبداومة التعلم والسعي إىل التقدـ دلستقبل حياتنا‪ ،‬وأف ال ننخدع دبا عندنا‬
‫أى حاؿ‪.‬‬
‫من العلوـ وادلعارؼ‪ ،‬أل ّف الناس يتقدموف ىف كل وقت وىف ّ‬
‫البيت الثاىن‪ :‬يب أنك إذا أردت أف تعلم شخصية أحد فإنك يكفيك أف تبصر أحواؿ قرينو‬
‫وىيئاتو‪ ،‬إف كاف قرينو خريا فهو مثلو‪ ،‬وك لك إف كاف قرينو شريرا‪.‬‬
‫تؤدى إىل سقوط‬
‫البيت الثالث‪ :‬يب أف ادلرء يعترب خريا ىف َجيع حركاتو ما َل يقرتؼ أية جرؽلة ّ‬
‫عرضو أو نقصاف شرفو‪ ،‬فالواج عليك أف ربفظ نفسك من كل جرؽلة أو معصية ىف كل وقت‬
‫أى مكاف‪.‬‬
‫وىف ّ‬
‫البيت الرابع‪ :‬يب أف كل من عمل اخلري ل يضيع جزاء خريه‪ ،‬فإف ادلعروؼ لن يزوؿ ب ا﵁‬
‫والناس‪ ،‬فعليك إذف أف تالزـ اخلريات وأف ال زباؼ من ضياع جزاء خريؾ‪.‬‬
‫يؤدى إىل سروره كما أف من عمل الشر ال ب ّد‬
‫البيت اخلامس‪ :‬يب أف من عمل اخلري ناؿ جزاء ّ‬
‫يؤدى إىل خزنو‪ ،‬فيج على كل إنساف مالزمة اخلري واإلبتعاد‬
‫شره ال ى ّ‬
‫لو من أف يناؿ جزاء ّ‬
‫الشر م ّدة حياتو فيكوف ب لك سعيدا ىف حياتو‪.‬‬
‫عن ّ‬
‫‪33‬‬

‫العت ِ‬
‫اهية‬‫ألَبِ ْي ِ َ‬
‫وِزيْػنَةُ الْمػرِء تَػماـ اْأل ََد ِ‬
‫ب‬ ‫لِ ُك ّْل َش ْػي ٍء ِزيْػنَػةٌ ِىف الْ َوَرى ‪¤‬‬
‫َْ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫ؼ ِم ْػن َع ْقػل ِو َوأ ََدبِ ِػو‬‫أَ ْش َػر َ‬ ‫المػ ِر ٍئ ِىػبَّػةً ‪¤‬‬ ‫َما َوَى َ ا﵁ ْ‬
‫وإِ ْف َكا َف و ِضػ ْػي َع النَّسػ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ؼ الْ َم ْػرءُ بِأ ََدابِ ِػو فِْيػنَا ‪¤‬‬
‫قَ ْد يَ ْشَر ُ‬
‫ب‬‫فَِإَّظلَا فَ ْخػرنَا بِالْعِػ ْل ِم واْأل ََد ِ‬ ‫َّس ِ ‪¤‬‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َم ْن َكا َف ُم ْفتَخًرا بالْ َماؿ َوالن َ‬
‫ِ‬
‫احلَػيَاة أَلْيَ ُػق بِ ِػو‬
‫فَِإ َّف فَػ ْق َػد ْ‬ ‫ُى َػما َحػيَاةُ الْ َف َػىت فَِإ ْف فُِق َدا ‪¤‬‬
‫ت تَػ ْع ِرفُوُ فَانْظُر إِ َىل اْأل ََد ِ‬
‫ب‬ ‫ْ‬ ‫إِ ْف ُرْم َ‬ ‫َح ٍد ‪¤‬‬ ‫ٍ‬
‫الَ تَػْنظَُػر َّف ألَثْ َػواب َعلَى أ َ‬
‫المفردات‪:‬‬
‫ىبة = عطاء‪ :‬نعمة ف ْقد = ضياع‬
‫وضيع = ذليل ْرمت = أردت‬
‫مفتخرا = مبتهبا‪ :‬متكربا‬

‫الشرح‪:‬‬
‫‪ ﴾1‬ال يوجد شيء ىف ى ه الدنيا إالّ ولو زينة ىف خلقو أو ىف فطرتو‪ ،‬وك لك شأف اإلنساف فإف كل فرد‬
‫من أفراده ال ؼللو عن زينة‪ ،‬وأحسن زينة لإلنساف ىى كماؿ األدب وسباـ األخالؽ أو اخلصاؿ‬
‫ا﵀مودة واألخالؽ الكرؽلة ذل ا يلزمنا أف نتخلق بأخالؽ كرؽلة ونتأدب بأداب شريفة لنكوف رجاال‬
‫زلرتم ب الناس‪.‬‬
‫‪ ﴾ 2‬أعطى ا﵁ لك امرئ أنواعا من اذلبة لكن أشرؼ اذلبة الىت وىبها ا﵁ لو ىى العقل واألدب وال شيء‬
‫أحسن منهما فيلزمنا أف ضلافظ على عقلنا ليكوف سليما فنستطيع أف نفكر بو للموصوؿ إىل غاية‬
‫أمالنا‪ ،‬وأف ضلافظ على أخالقنا وأدابنا احلسنة‪ ،‬ألف قيمة كل امرئ متعلقة بأدابو وأخالقو‪.‬‬
‫‪34‬‬

‫‪ ﴾ 3‬إف اإلنساف ال يناؿ الشرؼ بسب علو مرتبتو بل الشرؼ يناؿ باألداب احلسنة وباألخالؽ الكرؽلة‪،‬‬
‫فال عج إذا وجدنا ادلرء شريفا بسب أدابو ولو كاف من نس حقري‪ .‬ول ا ال غلوز ألحد أف‬
‫يفتخر بنسبو بل الواج عليو أف يتخلق بأخالؽ حسنة ويتزين بأداب طيبة فيكوف ب لك شريفا‬
‫زلرتما ب الناس‪.‬‬
‫‪ ﴾ 4‬وإذا وجدنا رجال متكربا بكثرة أموالو وبشرؼ نسبو فأننا نفتخر بالعلوـ الكثرية ادلتنوعة وباألداب‬
‫احلسنة الىت ظللكها‪ ،‬ألف األمواؿ عرضة للضياع فال تدوـ ىف وجودىا وألف النس ال يكوف سببا‬
‫لشرؼ ادلرء‪ ،‬ألف قيمة ادلرء حبس عملو دوف نسبو‪ ،‬وبكثرة علومو ال بكثرة أموالو وحبسن أدابو ال‬
‫بعلو نسبو‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ ﴾ 5‬العلم واألدب علا السب الوحيد حلياة الفىت ىف ى ه الدنيا‪ ،‬فإذا ضاع العلم واألدب منو فال اعتبار‬
‫حلياتو بل ادلوت أليق بو ول لك إذا أردت أف ربيّا حياة شريفة حقيقة وأف تكوف حياتك نافعة لألمة‬
‫فعليك أف ذبعل العلوـ واألدب روح حياتك‪.‬‬
‫‪ ﴾6‬ال تتعج جبماؿ أثواب أحد فتظنو شريفا بسب أثوابو اجلميلة ودبركبو اجل ّ اب‪ ،‬وإذا أردت أف‬
‫تعرفو أشريف ىو أـ دنئ فانظر إىل أدابو وأخالقو‪ ،‬إف كاف أدابو وأخالقو حسنة فهو شريف‪ ،‬وإف‬
‫كانت قبيحة فهو دنئ‪.‬‬
‫‪35‬‬

‫اإلستنباط‪:‬‬
‫البيت األوؿ‪ :‬يب أف أحسن زينة يتزيّن ّٔا ادلرء ىى األدب‪ ،‬فالواج على كل واحد منا أف‬
‫يكوف لو أداب كاملة وأخالؽ كرؽلة‪.‬‬
‫البيت الثاىن‪ :‬يب أف أفضل اذلبة الىت وىبها ا﵁ للناس ىى العقل واألدب‪ ،‬فعلى كل فرد منا أف‬
‫يشكر على تلك النعمة‪ ،‬وأف ػلفظ عقلو وأف يستعملو ىف اخلريات والصاحلات وأف يتأدب‬
‫أحسن األداب ىف َجيع حركاتو‪.‬‬
‫البيت الثالث‪ :‬يأمرنا بأف ال نتعج دبن يفتخر بأموالو ونسبو وأف ال طلاؼ منو‪ ،‬بل ال ب ّد لنا أف‬
‫نشعر بالفخر والشرؼ مادمنا متسك باألدب والعلم‪.‬‬
‫البيت الرابع‪ :‬يب أف روح حياة الفىت ىى العلم واألدب‪ ،‬وإذا َل يكن للفىت علم وال أدب فال‬
‫اعتبار حلياتو‪ ،‬فالواج علينا أف يكوف لنا العلوـ الكثرة النافعة واألداب احلسنة لتكوف حياتنا‬
‫ذات قيمة‪.‬‬
‫‪36‬‬

‫لمحمود سامي باشا المتوفى ‪ 1322‬ه‬

‫فَػبُػلُ ْوغُ الْعِّْز ِىف نػَْي ِل الْ ُف َػر ِ‬ ‫ِ‬


‫ص‬ ‫‪¤‬‬ ‫احػ َ ْر فَػ ْوتَػ َها‬
‫صةَ َو ْ‬ ‫بَا ِرد الْ ُف ْػر َ‬
‫فَػ ُه َو إِ ْف َز َاد َم َع الشَّْي ِ نػَ َق ْ‬
‫ص‬ ‫‪¤‬‬ ‫َوا ْغتَنِ ْػم عُ ْػمَرَؾ إِبَّا َف ّْ‬
‫الصبَا‬
‫ػج ِر قَػنَ ْ‬
‫ص‬ ‫الصْي َد َم َع الْ َف ْ‬
‫بَ َاد َر َّ‬ ‫‪¤‬‬ ‫َف َم ْن‬ ‫َوابْػتَ ِد ْر َم ْس َع َ‬
‫اؾ َو ْاعلَ ْػم أ َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫احل ِ‬
‫ص‬‫َع ْن حْي َماهُ مثْ ُل طٍَْري ِىف قَػ َف ْ‬ ‫‪¤‬‬ ‫ب‬‫اجة إِ ْف ََلْ يػَ ْغ َِػرت ْ‬ ‫إ َّف ذَا َْ َ‬
‫ِ‬

‫المفردات‪:‬‬
‫خف‬
‫بادر = عاجل اح ر = ْ‬
‫بلوغ = وصوؿ مسعاؾ = سعيك‬
‫إباف الصباء = وقت الصغر يغرتب = يبتعد عن الوطن‬
‫اغتنم العمر = انتهزه‪ :‬أسرع ىف استعمالو‬

‫الشرح‪:‬‬
‫العز والشرؼ‪ ،‬وعليك أف زباؼ من ضياعها من غري‬
‫ّ‬ ‫‪ ﴾1‬انتهز فرصك بأسرع ما تستطيع ألجل طل‬
‫العز وػلصل على مناه إالّ بسب‬
‫قائدة‪ ،‬ألف ذلك خسارة عظيمة عليك فادلرء ال يستطيع أف يبلغ ّ‬
‫ج ّده ومهارتو ىف انتهاز الفرصة الثمينة‪.‬‬
‫‪ ﴾2‬وانتهز عمرؾ السيما وقت شبابك وانتفع بو أحسن اإلنتفاع ألجل مستقبلك‪ ،‬ألف أحسن األوقات ىو وقت الشباب‬
‫وأنت تشعر بنقصاف عمرؾ عند ما ظهر منك شيبك وأنت تبدأ ىف شيوخة‪.‬‬
‫‪ ﴾3‬أشرع ىف سعيك وىف عملك م ّدة شبابك‪ ،‬ألف ال ى استطاع أف يصيد حيوانات كثرية ىو ال ى‬
‫بادر وأسرع ىف اصطيادىا وقت الفجر وك لك إذا بادرت العمل وأسرعت ىف السعي فأنت تستطيع‬
‫أف ربصل على غرضك وتبلغ غايتك ادلرجوة‪" ،‬باكر تسعد"‪.‬‬
‫‪37‬‬

‫‪ ﴾4‬إ ّف من لو حاجة ولو إرادة قوية لنيل مناه لكنو ال يريد أف يرتؾ مكانو أو أف يسافر عمن بلده ألجل‬
‫احلصوؿ على ما قصده كمثل طري زلبوس ىف قفصو فهو ال يستطيع أف يناؿ ما أراده‪ ،‬ول لك غل‬
‫عليك أف تسعى جبدؾ لنيل ما أردتو حىت ولو اظطررت إىل اخلروج من بلدؾ‪.‬‬

‫اإلستنباط‪:‬‬
‫البيت األوؿ‪ :‬يأمرنا بأف نتسرع ىف انتهاز فرصتنا‪ ،‬ألف العز ال يناؿ إالّ بانتهاز الفرصة‪.‬‬
‫البيت الثاىن‪ :‬يأمرنا بأف ننتهز أوقات شبابنا وىى أحسن األوقات للسعي‪ ،‬ألف ذلك كماؿ القوة‬
‫والقدرة والعمر ىف احلقيقة يكوف ناقصا إذا زاد خصوصا بعد أف كاف الرجل يشتعل رأسو شيبا‪.‬‬
‫البيت الثالث‪ :‬يأمرنا بأف نسرع ىف السعي ألف ال ى يستطيع أف يناؿ مقاصده ىو ال ى يسرع‬
‫ىف السعي‪" ،‬فاستبقوا اخلريات"‪.‬‬
‫البيت الرابع‪ :‬يب أف ال ى لو آماؿ كبرية وال يريد أف يسعى للوصوؿ إليها فمثلو كمثل طري ىف‬
‫داخل القفص فهو ال يستطيع أف يناؿ ما قصده‪ ،‬فالواج علينا أف ذبد ىف السعي للحصوؿ‬
‫على غرضنا‪.‬‬
‫‪38‬‬

‫للطغرائى المتوفى ‪ 513‬ه‬


‫اى ٌل‬‫لَو َكا َف نػُور الْعِْل ِم ي ْدرُؾ بِالْمَن ‪ ¤‬ما َكا َف يػبػ َقى ِىف الْ ِربيَِّة ج ِ‬
‫َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َُ‬ ‫ُْ‬ ‫ْ‬
‫اس ُػل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َغافالً ‪ ¤‬فَػنَ َد َامةُ الْعُ ْق ََب ل َم ْن يػَتَ َك َ‬
‫ْس ْل َوالَ تَ ُ‬
‫اج َه ْد َوالَ تَك َ‬
‫ْ‬
‫المفردات‪:‬‬
‫يدرؾ = يناؿ الربية = اخللق‪ :‬ادلخلوؽ‬
‫ادلَن ج منية‪ :‬البغية األمل = ما يتمَن‪ :‬الرجاء‬

‫الشرح‪:‬‬
‫‪ ﴾ 1‬لو أمكن نيل العلوـ باخلياؿ أو دبجرد الرجاء دوف التعلم لكاف َجيع الناس ىف ى ه الدنيا علماء‬
‫ماىرين ىف أنواع العلوـ وادلعارؼ وال واحد منهم جاىل ألف َجيعهم يتمنوف أف يكونوا عادل‬
‫وترجوف أف ال يكونوا جهالء‪ ،‬ولكن الطريقة إلدراؾ العلوـ ليست ك لك‪ ،‬وإظلا ال ب ّد للحصوؿ‬
‫عليها من ج ّد ىف السعي ومن ب ؿ آّهود الالزـ للتعلم إىل جان اإلرادة القوية للوصوؿ إىل ى ه‬
‫الغاية ادلرجوة‪.‬‬
‫‪ ﴾ 2‬ول لك عليك أف ذبد ىف التعلم وأف تسعى جبميع طاقتك وأف تنتهز كل أوقاتك طلبا للعلوـ النافعة‬
‫وادلعارؼ ادلفيدة دلستقبلك وأف تكوف من ادلواظب ىف التعلم وأف ال تكوف من الغافل عن‬
‫يؤدى إىل الندامة واخليبة‪.‬‬
‫الواجبات وادلهمل ادلقصرين ىف األمور‪ ،‬ألف ذلك ّ‬
‫‪39‬‬

‫اإلستنباط‪:‬‬
‫البيت األوؿ‪ :‬يب أف العلم ال ؽلكن أف يناؿ باخلياؿ وادلَن والرجاء من غري تعلم‪ ،‬والواج علينا‬
‫أف نتعلم طلبا للعلوـ‪.‬‬
‫البيت الثاىن‪ :‬يأمرنا باجل ّد ىف التعلم وينهانا عن الكسل والغفلة ىف م اكرة الدروس‪ ،‬ألف الكسل‬
‫ػلملنا إىل اخلسراف والندامة‪.‬‬
‫‪40‬‬

‫لبشار بن برد المتوفى ‪ 167‬ه‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ِىف ُك ّْل اْأل ُُم ْوِر ُم َعػاتِبَا ‪¤‬‬
‫ك ََلْ تَػ ْل َق الَّ ى الَ نػُ َعاتبَوُ‬ ‫صديْػ ُق َ‬ ‫َ‬ ‫إِذَا ُكْن َ‬
‫ِ‬ ‫ػاؾ فَِإنَّوُ ‪¤‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ؼ ذَنْ ٍ َم َّػرةً َوُرلَانبُوُ‬ ‫ُم َقػا ِر ُ‬ ‫َخ َ‬
‫ش َواح ًدا أ َْو ص ْل أ َ‬ ‫فَع ْ‬
‫ص ُف ْو َم َشا ِربُوُ‬ ‫َّاس تَ ْ‬‫َي الن ِ‬ ‫ت َوأ ُّ‬ ‫ِ‬
‫ظَمْئ َ‬ ‫ب ِمَر ًارا َعلَى الْ َق َ ى‪¤‬‬ ‫ت ََلْ نَ ْشَر ْ‬‫إِذَا أَنْ َ‬
‫ِ‬
‫َك َفى الْ َم ْرءُ نػُْبػالً أَ ْف تػُ َع َّد َم َعايِبُوُ‬ ‫ضى َس َجايَاهُ ُكلُّ َها ‪¤‬‬ ‫َوَم ْن ذَا الَّ ى تػُ ْر َ‬
‫المفردات‪:‬‬
‫شراب فيو الوسائخ من تراب وضلوه‬ ‫معاتبا = الئما الق ى =‬
‫ص ْلو = اتصل بو نبل = شرؼ‬
‫مقارؼ = راك ‪ :‬مرتك ظمئت = عطشت‬
‫رلان = مباعد × مقارب معاي = عيوب‪ :‬نقائص‬

‫الشرح‪:‬‬
‫ك الَّ ِى الَ تػُ َعاتِبُوُ"‪.‬‬ ‫‪ ﴾1‬الرتكي األصلى من ى ا البيت "إِذَا ُكنْت معاتِبا ِىف ُكل اْألُموِر ََل تَػلْق ِ‬
‫صدي َق َ‬
‫ّْ ُ ْ ْ َ َ‬ ‫َ َُ ً‬
‫وبياف ى ا البيت‪ :‬إذا عاتبت أو دلت ىف كل شيء وكلما وجدت شيئا أنت تلومو فإنك َل ذبد‬
‫صديقا إالّ وأنت تلومو ك لك‪ ،‬إذ أنو ال يوجد ىف ى ه الدنيا أى إنساف ساَل من األخطاء واذلفوات‬
‫ال يوجد إنساف خالص عن العيوب‪ ،‬وليس ىف مقدور اإلنساف أف غلعل غريه راضيا عن َجيع‬
‫طبائعو‪ ،‬ألف كل فرد لو طبائع يرتضيها ما َل يرتض غريه‪.‬‬
‫فعش منفردا من غري صاح ‪ ،‬وإف َل تقدر فصاح‬
‫‪ ﴾2‬وإذا كاف ى ا شأنك وىك ا شأف أصحابك ْ‬
‫صديقك ال ى يقرتؼ ذنبا مرة ويبتعد عنو أخرى‪.‬‬
‫‪41‬‬

‫‪ ﴾3‬إذا َل ترد أف تشرب إالّ مشربا صافيا خالصا عن الوسائخ طوؿ حياتك فلن ذبده وستكوف ىف ظمإ‪،‬‬
‫أي إنساف رأيتك تكوف مشاربو صافية طوؿ حياتو‪ ،‬وك لك شأنك ىف ادلصاحبة فإنك إذا َل ترد‬
‫وّ‬
‫أف تصاح إالّ من كاف خاليا من العيوب فلن ذبده وستبقى بغري صديق طوؿ حياتك‪ ،‬فمن‬
‫ادلستحيل أف غلد صديقا من غري عي وال خطإ إنو لشيء غري شلكن أبدا‪.‬‬
‫‪ ﴾ 4‬ىل ؽلكن أف ذبد إنسانا ىف ى ه الدنيا سجاياه وطبائعو مرضية عند َجيع الناس خالصة من كل‬
‫عي ؟ كالّ انّو ال يوجد ولن يوجد ىف ى ه الدنيا أى شخص إالّ وكاف لو عيوب ىف طبائعو‪ ،‬ول لك‬
‫يعترب ادلرء شريفا ما دامت عيوبو معدودة وىفواتو زلسوبة‪.‬‬

‫اإلستنباط‪:‬‬
‫البيت األوؿ‪ :‬ينهانا عن ادلعاتبة ىف األمور ويب أننا ال صلد صديقا إالّ ومعو عيوب‪.‬‬
‫البيت الثاىن‪ :‬يؤكد البيت األوؿ ىف عدـ وجود الصديق ال ى ال عي لو‪.‬‬
‫البيت الثالث‪ :‬يب أف ال ى ال يريد أف يصاح إالّ من كاف صافيا من العيوب فلن غلد صديقا‬
‫أبدا‪.‬‬
‫البيت الرابع‪ :‬يب أنو ال يوجد شخص كانت َجيع طبائعو ػلبها غريه ويب أف ال ى كانت‬
‫عيوبو معدودة يعترب شريفا‪.‬‬
‫‪42‬‬

‫للشريف العباسى المتوفى ‪ 504‬ه‬


‫ِ‬ ‫ػاف فَػالَ ب َّد لَو ‪ِ ¤‬من ِ‬ ‫وُك ُّل إِنْس ٍ‬
‫صاح ٍ َْػلم ُل َما أَثْػ َقػلَوُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اع ِػد والْبػنَافِ‬
‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فَإَّظلَا ّْ‬
‫ػاؿ باْ ِإل ْخ َػواف ‪َ ¤‬والْيَ ُػد ب َّ َ َ‬ ‫الر َج ُ‬
‫ْػم ِة‬ ‫اؿ ُك ُّل فِعػلِ ِو بِ ِْ‬
‫احلك َ‬ ‫ْ‬ ‫ُّه َػمةَ ‪َ ¤‬وقَ َ‬
‫ؼ ا﵁ أ ََز َاؿ التػ ْ‬ ‫َم ْن َعَر َ‬
‫المفردات‪:‬‬
‫الظن البناف = األصابع‬
‫التهمة = سوء ّ‬
‫الشرح‪:‬‬
‫‪ ﴾ 1‬ينبغى لكل إنساف أف يكوف لو صاح يساعده فيما يشغلو من األعماؿ وفيما يصع عليو من‬
‫األمور‪ ،‬أل ّف اإلنساف ال يستطيع أف يعيش منفردا‪ ،‬فالزـ على كل إنساف أف يتعاوف مع بَن جنسو‬
‫ويتضامن بعضهم مع بعض ىف حياهتم ألجل سعادهتم ىف دنياىم وأخراىم‪.‬‬
‫‪ ﴾ 2‬فمثل احتياج الرجاؿ ىف حياهتم إىل األخوات واألصحاب كمثل احتياج إىل ساعد ذلا وأصابع فهى‬
‫ال تستطيع أف تعمل شيئا أكثر‪ ،‬وك لك شأف حياة اإلنساف فإنو يعاونو أصحابو ىف َجيع أموره‪،‬‬
‫ل لك غل علينا أف نصاح غرينا بأحسن مصاحبة‪.‬‬
‫‪ ﴾ 3‬من عرؼ أف ا﵁ خالق ى ه الكائنات واعتقد أنو لو صفات الكماؿ وأنو بعيد عن النقصاف فال‬
‫يظنو ظن السوء ولو وقع ىف مشقات عظيمة أو ىف مصائ متوالية‪ ،‬بل يعتقد أنو ال ؼللق شيئا إالّ‬
‫وفيو حكمة سواء كانت ى ه احلكمة معروفة عنده أو غري معروفة‪.‬‬

‫اإلستنباط‪:‬‬
‫البيت األوؿ‪ :‬يب أف كل إنساف ال ب ّد لو من صديق يساعده ىف زبفيف مشكالتو ىف حياتو‬
‫ويعاونو ىف محل أعبائو الثقيلة‪.‬‬
‫‪43‬‬

‫البيت الثاىن‪ :‬مثل حاجة اإلنساف إىل الصديق كمثل حاجة اليد إىل الساعد والبناف‪ ،‬وى ا البيت‬
‫يؤكد البيت األوؿ‪.‬‬
‫البيت الثالث‪ :‬يب أف ال ى عرؼ ا﵁ أو ال ى لو إؽلاف سليم فإنو ال يظن با﵁ ظن السوء‪ ،‬بل‬
‫اعتقد أف ا﵁ ال ؼللق شيئا إالّ وفيو حكمة‪.‬‬
‫‪44‬‬

‫ألبى تمامى المتوفى ‪ 231‬ه‬


‫ِ‬ ‫ت ِىف ُخػلُ ٍق َدنِْيئًا‬
‫ت َوَم ْن ُذبَا ِريْو َس َػواءٌ‬‫فَأَنْ َ‬ ‫‪¤‬‬ ‫إِذَا َج َاريْ َ‬
‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫َوَما مػِ ْن ِشػدَّةٍ إِالَّ َسيَأْتِ ْى‬
‫َذلَام ْن بػَ ْعد شدَّهتَا َر َخػاءُ‬ ‫‪¤‬‬
‫استَ ْحيَا ِخبٍَْري‬ ‫ِ‬
‫َويػَْبػ َقى الْعُ ْو ُد َما بػَ َقى اللّْ َحاءُ‬ ‫‪¤‬‬ ‫ش الْ َم ْرءُ َما ْ‬ ‫يَعْي ُ‬
‫اصنَ ْع َما تَ َشاءُ‬‫َوََلْ تَ ْستَ ِح فَ ْ‬ ‫‪¤‬‬ ‫ش َخْيػٌر‬ ‫فَالَ َوا﵁ِ َما ِىف الْ َعْي ِ‬

‫المفردات‪:‬‬
‫جاريت = وافقت‪ :‬عاشرت رخاء × شدة‪ :‬صعوبة‬
‫اللحاء = قشر الشجرة رخاء = ىناءة‬

‫الشرح‪:‬‬
‫‪ ﴾ 1‬إذا عاشرت رجال دنيئا ىف األخالؽ قبيحا ىف األدات فإنك ستكوف مثلو ىف سوء أخالقو وفساد‬
‫مرؤتو‪ ،‬فال فرؽ بينك وبينو ىف قبح طبائعو‪ ،‬ألف سوء اخللق يع ّدى كيفما كاف‪ ،‬ول لك إذا أردت أف‬
‫تكوف رجال كرؽلا ذا أخالؽ زلمودة‪ ،‬فعليك أف تبتعد عن مصاحبة األشرار والعصاة وذوى األخالؽ‬
‫الفاسدة واخلصاؿ ادل مومة‪ ،‬وعليك دبصاحبة الشرفاء الكراـ ا﵀مودين ىف أخالقهم وطبائعهم‪.‬‬
‫‪ ﴾ 2‬إذا وجدت مشقة ىف حياتك عندما سعيت ىف نيل ادلَن أو ىف اكتساب ادلعاىل فعليك أف تصرب وال‬
‫تيأس وال ربزف وال تكن متشائما‪ ،‬ألف ادلشقة أو الشدة الىت تعيشها ال تأتى إالّ وبعدىا رخاء‬
‫وىناءة ولن ذبد سعادة ىف ى ه الدنيا إالّ بعد ادلشقات أو الشدائد‪ ،‬وىك ا سنة ا﵁ الىت ذبرى ب‬
‫خلقو‪ ،‬وذلك مثل ما ذكر ىف القرآف ﴿إ ّف مع العسر يسرا﴾‪.‬‬
‫‪ ﴾ 3‬احلياء من الصفات ا﵀مودة‪ ،‬وذلك إذا كاف احلياء ىف موضعو ادلناس كاحلياء من ارتكاب اجلرائم‬
‫أو ادلعاصى أو احلياء عن كل عمل م موـ‪ ،‬وما داـ ادلرء متصفا باحلياء‪ ،‬فإنو يعيش خبري‪ ،‬فمثل‬
‫‪45‬‬

‫احلياء حلياة ادلرء كمثل اللحاء لبقاء العود‪ ،‬فإف العود يبقى حيا ما داـ اللحاء موجودا‪ ،‬وك لك ادلرء‬
‫فإنو يبقى ىف خري ما داـ احلياء صفة لو‪.‬‬
‫‪ ﴾ 4‬إف خري العيش متعلق بوجود احلياء فإنك ستعيش خريا واتربت حياتك ىف حسن ما دمت متصفا‬
‫باحلياء‪ ،‬ك لك شأف الدنيا فإهنا تبقى خريا ما داـ احلياء موجودا فيها‪ ،‬فكلما وجد احلياء واتصف‬
‫الناس بو كثريا كانت الدنيا ىف خري وىف أماف‪ ،‬ولكن إذا ذى احلياء من كل فرد من أفراد اإلنساف‬
‫ىف ى ه الدنيا فإف اخلري بعيد عنها‪.‬‬
‫إذا َل زبف من عواق اللياىل أى من عواق ارتكاب اجلرائم وادلعاصى والكبائر وأنت َل تستح أف‬ ‫‪﴾5‬‬
‫ترتك قبائح ى ه األعماؿ ألنك تتبع أىواءؾ األمارة بالسوء‪ ،‬فاصنع ما شئت فإف العواق عليك‬
‫أنت نفسك‪.‬‬

‫اإلستنباط‪:‬‬
‫يؤدى إىل‬
‫البيت األوؿ‪ :‬ينهانا عن معاشرة األشرار ومصاحبة األدنياء ىف األخالؽ‪ ،‬ألف ذلك ّ‬
‫فساد أخالقنا وطبائعنا‪.‬‬
‫البيت الثاىن‪ :‬يب أف يعد كل شدة أو مشقة رخاء وىناءة‪ ،‬فال غلوز لنا ىف السعي للحصوؿ على‬
‫السعادة اخلوؼ من الشدة وادلصائ ‪.‬‬
‫البيت الثالث‪ :‬يأمرنا باإلتصاؼ باحلياء سب من أسباب اخلري‪ ،‬فادلرء خبري ما داـ متصفا باحلياء‪.‬‬
‫البيت الرابع‪ :‬يؤكد البيت الثالث وىو أنو ال خري ىف العيش وال خري ىف الدنيا كلها إذا زاؿ احلياء‪،‬‬
‫فالواج على كل فرد أف يتصف باحلياء مدة حياتو ليكوف ىو والدنيا ىف اخلري دائما‪.‬‬
‫‪46‬‬

‫للمتنبى المتوفى ‪ 354‬ه‬

‫ُّج ْػوِـ‬ ‫ِ‬


‫فَالَ تَػ ْقػنَ ْع دبَا ُد ْو َف الن ُ‬ ‫‪¤‬‬ ‫ؼ َم ُرْوٍـ‬ ‫إِذَا َغامرت ِىف َشػر ٍ‬
‫َ‬ ‫َْ َ‬
‫ت ِىف أ َْم ٍر َع ِظْي ٍم‬ ‫َكطَع ِم الْمو ِ‬ ‫‪¤‬‬ ‫ِ‬
‫ت ِىف أ َْمػ ٍر َحق ٍْري‬ ‫فَطَعم الْمو ِ‬
‫ْ َْ‬ ‫ْ ُ َْ‬
‫ك َخ ِديْ َػعةُ الطَّْب ِع اللَّئػِْي ِم‬‫َوتِْل َ‬ ‫‪¤‬‬ ‫َف الْ َع ْجَز َعػ ْق ٌل‬ ‫اجلُبَػنَاءُ أ َّ‬
‫يػََرى ْ‬
‫احلَ ِكْي ِم‬
‫اع ِة ِىف ْ‬ ‫َّج َ‬
‫ِ‬
‫َوالَ مثْ َل الش َ‬ ‫‪¤‬‬ ‫اع ٍة ِىف الْ َم ْرِء تػُ ْغ َِن‬
‫َوُك ُّل َش َج َ‬
‫الس ِػقْي ِم‬
‫َوآفَػتُوُ ِم َن الْ َف ْػه ِم َّ‬ ‫ص ِحْي ًحا ‪¤‬‬ ‫ِ ِ‬
‫َوَك ْم م ْن َعائ ٍ قَػ ْوالً َ‬
‫المفردات‪:‬‬
‫اجلبناء ج جباف‪ :‬خائف خديعة = حيلة ومكر‬
‫العجز = الضعف × احلزـ كم من = كثري‬
‫السقيم = ادلريض × السليم‬

‫الشرح‪:‬‬
‫‪ ﴾1‬إذا أردت أف تدافع عن شيء شريف كالدفاع عن الوطن والدفاع عن الدين أو أردت أف ذباىد ىف‬
‫سبيل احلق والعدؿ أو عزمت على طل العال‪ ،‬فعليك أف ذباىد جهادا حقيقا ألجل ى ا الشرؼ‬
‫وال تكن مرتابا ىف سعيك وعملك وىف حهادؾ‪ ،‬وغل أف ال زباؼ من ب ؿ األمواؿ واألنفس‬
‫ألجل ى ا األمر العظيم وال ترض باحلصوؿ على ما ىو أقل من ذلك‪ ،‬وال تقنع بالوصوؿ إىل نتيجة‬
‫أقل من غايتك األخرية ولو اضطررت إىل ب ؿ النفس والنفيس‪.‬‬
‫‪ ﴾2‬اعلم أنو ال فرؽ ب طعم ادلوت ألجل أمر حقري وطعم ادلوت ألجل أمر عظيم‪ ،‬ول لك إذا أردت‬
‫أف تسعى ألمر عظيم كاجلهاد ىف سبيل احلق إلعالء كلمات ا﵁‪ ،‬فال زبف من ادلشقات أو‬
‫ادلضرات ادلتوالية‪ ،‬وال زبف من ب ؿ األمواؿ واألنفس ألجل ى ا ادلبدأ الشريف‪ ،‬فإف اجلهاد ىف‬
‫‪47‬‬

‫مت ألجل ى ا األمر‬


‫سبيل احلق فوؽ كل شيء بو تصل إىل آمالك ادلرجوة وغايتك السامية‪ ،‬وإذا ّ‬
‫العظيم فيكوف موتك موتا شريفا زلمودا ال ينساؾ من بعدؾ بل جعلوؾ مثاال ذلم ىف سعيهم‬
‫وعملهم وقدوة ذلم ىف جهادىم‪.‬‬
‫‪ ﴾ 3‬من صفة اجلبناء أو اخلواف ال ين يعجزوف عن الدفاع عن احلق واجلهاد ىف سبيل اخلري أهنم يروف أف‬
‫عجزىم ىف أمورىم أو زبلفهم عن اجلهاد نوع من الرأي الصحيح الناتج من العقل السليم‪ ،‬اعلم أف‬
‫ذلك الرأي لرأي سلطئ ضاؿ وال يكوف إالّ نتبيجة من اخلديعة الىت نشأت من طبائعهم الدنيئة ومن‬
‫صفاهتم ادللومة ىى خوفهم عن ب ؿ آّهود الالزـ ىف سبيل احلق ورضاىم عن ال ؿ واحلقارة ىف‬
‫حياهتم‪ ،‬فالواج عليك اجتناب مثل ى ا الرأي السقيم وى ا ادلبدأ احلقري الدنيئ‪.‬‬
‫‪ ﴾ 4‬كل شجاعة تكوف نافعة للمرء ىف َجيع أموره وكم نرى ىف آّتمع أف قليل العلم استطاع أف يناؿ‬
‫مرتبة عالية وحصل على غايتو ادلرجوة وال يكوف ذلك إالّ بسب شجاعتو‪ ،‬وكم نرى فينا من ذوى‬
‫العلوـ الكثرية وادلعارؼ وقعوا ىف الفشل بسب جبنهم وكثرة خوفهم من السعي للوصوؿ إىل آماذلم‪،‬‬
‫فالواج عليك أف تعلم أف ى ه الشجاعة ستأتى بأبكرب ادلنافع إذا كاف ادلتصف ّٔا رجل حكيم‪،‬‬
‫فالالزـ عليك أف تكوف شجاعا حكيما ىف أمورؾ فتكوف ب لك ناجحا ىف حياتك‪.‬‬
‫كم رأينا من الرجاؿ يلوموف قوال صحيحا ورأيا مصيبا وال يكوف ذلك إالّ نتيجة لفهمو ادلخطئ السقيم‬ ‫‪﴾5‬‬
‫الناتج من عقل غري صحيح وقل غري سليم‪ ،‬فليح ر كل منا خطر قبوؿ قوؿ أحد قبل التفكري‬
‫العميق والفهم الدقيق‪.‬‬

‫اإلستنباط‪:‬‬
‫البيت األوؿ‪ :‬يأمرنا بب ؿ اجلهد الالزـ والتصميم للحصوؿ على الغاية السامية واجلهاد ىف سبيل‬
‫احلق والعدؿ ولو كاف ذلك يستلزـ االستماتة ألف ذلك من لوازـ الوصوؿ إىل الدرجة العالية‪.‬‬
‫البيت الثاىن‪ :‬يؤكد البيت األوؿ يعَن أننا غل علينا التصميم والعزؽلة األكيدة وأف ال ؼلاؼ من‬
‫أية مصيبة تصيبنا وأية مضرة تضرنا للوصوؿ إىل أمالنا الرفيعة وال غلوز لنا اخلوؼ من ادلوت ألف‬
‫طعم ادلوت ىف أمر حقري مثل طعم ادلوت ألمر عظيم‪.‬‬
‫‪48‬‬

‫البيت الثالث‪ :‬يب أف اجلبناء يروف ويفهموف بل يعتقدوف أف التخلف عن اجلهاد وعد اإلقداـ ىف‬
‫سبيل احلق وعجزىم عن السعي نتيجة لصحة الرأي ودليل على ذكاء العقل وال شك أهنم ىف‬
‫ذلك سلدوعوف‪ ،‬ألف ذلك اخلطأ الضاؿ ال يكوف إالّ من الفهم الناتج من التفكري الضاؿ‪.‬‬
‫البيت الرابع‪ :‬يب أف كل جهاد ػلتاج إىل شجاعة فائقة وكل سعي ػلتاج إىل اقداـ وجرأة ألهنا‬
‫ىى الىت تنفع كثريا للوصوؿ إىل النجاح والسيما إف كاف الشجاعة لدى رجل حكيم فإف منافعو‬
‫أكرب وفوائده أعظم‪.‬‬
‫البيت اخلامس‪ :‬يب أف ال ى يعي قوال صحيحا أو رأيا مصيبا ىو ال ى ضل ىف التفكري وساء‬
‫ىف الفهم‪ ،‬فالالزـ علينا اإلجتناب عن ى ا السلوؾ والتصرؼ وذلك يكوف بالتفكري الدقيق قبل‬
‫اصدار احلكم‪.‬‬
‫‪49‬‬

‫البن دريد األزدى المتوفى ‪ 231‬ه‬

‫ف إِ ْف أ َْم ٌػر َع ََن‬ ‫اح ٌد َكاْألَلْ ِ‬ ‫وو ِ‬


‫ََ‬ ‫‪¤‬‬ ‫اح ٍػد‬‫ف ِمْنػهػم َكو ِ‬
‫َّاس أَلْ ٌ ُ ْ َ‬ ‫َوالن ُ‬
‫َعلَى َى َػواهُ َع ْقػلُوُ فَػ َقػ ْد َصلَا‬ ‫‪¤‬‬ ‫َوآفَػةُ الْ َع ْق ِل اذلََػوى فَ َم ْن َعالَ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫الص ِرب ْ ِ‬
‫ػجا‬‫أ َْمنَ ُع َما الَذَ بو أ ُْولُ ْػو احل َ‬ ‫‪¤‬‬ ‫اجلَم ْػي ِل فَِإنَّوُ‬ ‫َع ّْو ْؿ َعلَى َّ ْ‬
‫بل فَاعج ِ ِ‬ ‫َب ِمن ىالَ ٍ‬
‫ف َصلَا‬ ‫َب م ْن َسلْي ٍم َكْي َ‬ ‫َ ْ ْ ََْ‬ ‫‪¤‬‬ ‫ف َى َوى‬ ‫ك َكْي َ‬ ‫الَ تَػ ْع َج َ ْ ْ َ‬
‫فَ ُك ْػن َح ِديْػثًا َح َسنًا لِ َم ْن َو َعى‬ ‫َوإَِّظلَا الْ َم ْػرءُ َح ِديْ ٌ‬
‫ػث بػَ ْع َػدهُ ‪¤‬‬

‫المفردات‪:‬‬
‫عَن = أعلو‪ :‬أخ اىتمامو عوؿ على الصرب = ارجع إليو‬
‫آفة = عاىة‪ ،‬مضرة‪ ،‬ما يفسد أمنع = أسلم‪ ،‬أمحى‪ ،‬أقوى‬
‫عال = غل وعى = حفظ‬
‫الذ بػ = اعتمد على والنجا إىل ىوى = سقط‬
‫صلا = سلم أولو احلجا = العقالء‪ ،‬أولو األلباب‬

‫الشرح‪:‬‬
‫‪ ﴾ 1‬قيمة ألف من الناس كقيمة واحد منهم‪ ،‬وقيمة واحد منهم كقيمة ألف‪ ،‬وذلك إف كاف الواحد‬
‫منهم لزمو أمور ىؤالء األلف واشتغل ألجل أعليتهم‪ ،‬وإذا استطاع الواحد أف يعمل أعماال كثرية‬
‫وتكوف لو مسؤلية عن أمور ألف رجل فإف قدره مثل ألف رجل أو أكثر‪ ،‬وكلما ازدادت مسؤلية‬
‫ازدادت قيمتو ب الناس‪ ،‬فقدر كل امرئ بقدر مسؤليتو‪ ،‬ل لك غل علينا أف نسعى بكل جهدنا‬
‫ألجل أعلية ديننا وشعينا ووطننا سللص ﵁ طلبا لرضاء فنكوف ب لك ىف أعلى الدرجات ب الناس‪.‬‬
‫‪50‬‬

‫‪ ﴾ 2‬العقل أفضل ىبة من ا﵁ وىو ال ى امتاز بو اإلنساف عن سائر احليوانات‪ ،‬فالعقل السليم ىو ال ى‬
‫يرشد اإلنساف إىل سعادتو ويبعده عن اذلالؾ‪ ،‬لكن اإلنساف إىل جان عقلو فإف ا﵁ خلق ىف نفسو‬
‫اذلوى ال ى قد يسوقو الشيطاف وقد يستوىل ى ا اذلوى على العقل فيقع اإلنساف ب لك ىف فساد‬
‫وىف ضالؿ وىف ح قد يكوف العقل يسيطر على اذلوى ويرشد اإلنساف إىل النجاة‪ ،‬ول لك صار‬
‫اإلنساف ناجيا من الضرر وسادلا من الفساد‪ ،‬فالواج علينا ا﵀افظة على عقولنا لتكوف سليمة من‬
‫وساوس اذلوى ال ى يسوقو الشياط فنكوف ب لك سادل ىف حياتنا ناج من اذلالؾ والفساد‪.‬‬
‫‪ ﴾ 3‬عليك أف تعتمد ىف علمك على الصرب اجلميل أو الثبات وادلداومة وعدـ اليأس مع قوة اإلؽلاف با﵁‬
‫والتوكل عليو‪ ،‬واترؾ الغض ال ى ؽليت العقل‪ ،‬فإف الصرب ال ى يكوف مثل ى ا شأنو فهو أحسن‬
‫صفة اتصف ّٔا العقالء ألجل صلاة حياتو وصلاحو ىف سعيو وىو أحسن حصن ؽلنعو من األذى‬
‫والضرر واخليبة واخلسراف‪.‬‬
‫‪ ﴾ 4‬ال تعج إذا رأيت أحدا وقع ىف ىالؾ وخيبة ىف سعيو‪ ،‬ألف ذلك ىو ادلألوؼ وادلعتادة ال ى‬
‫حدث كثريا‪ ،‬إظلا يلزمك أف تكوف معجبا دبن سلم ىف علمو وجح ىف سعيو مع معرفة أسباب النجاح‬
‫لتقتدى بو فتستطيع ب لك احلصوؿ على النجاح والنجاة بدال من اخليبة واخلسراف‪.‬‬
‫ال يكوف ادلرء بعد موتو إال حديثا غلرى ب الناس إف خريا فيتكلموف عن خريه وإف كاف شرا فيتكلموف‬ ‫‪﴾5‬‬
‫عن شره‪ ،‬بل قد غلعلونو عربة لألحياء ال ين بعده‪ ،‬وذل ا عليك أف تعمل عمال حسنا طوؿ حياتك‬
‫وأف تكوف رجال مثاليا اغلابيا ىف سعيك لتكوف أنت حديثا حسنا وقدوة حسنة دلن بعدؾ ىف َجيع‬
‫األمور‪.‬‬
‫‪51‬‬

‫اإلستنباط‪:‬‬
‫البيت األوؿ‪ :‬يب أف قيمة كل امرئ بقدر مسؤليتو من حيث صغرىا أو كربىا أو بقدر ما‬
‫يشتغلو من األعماؿ وما اىتم بو منها‪ ،‬فالالزـ علينا أف نكوف رجاال نافع وبيدنا أعماؿ ذات‬
‫قيمة عالية وفائدة كبرية للدين واألمة والوطن‪.‬‬
‫البيت الثاىن‪ :‬يأمرنا حبفظ عقولنا من وساوس اذلوى والشياط ‪ ،‬ألف سالمة ادلرء متوفقة على‬
‫استيالء عقلو على ىواه وشقاوة اإلنساف إظلا تأتى بسب غلبة ىواه على عقلو‪.‬‬
‫البيت الثالث‪ :‬يأمرنا باإلعتماد على الصرب اجلميل وىو قوة العزؽلة وعدـ اليأس والثبات ىف ادلبدإ‬
‫أي نوع من ادلشقات أو الباليا‪ ،‬فإف الصرب‬
‫دوف اإلستسالـ وادلثابرة ىف السعى دوف خوؼ من ّ‬
‫ال ى يكوف ى ا شأنو ىو ال ى ػلفظنا من َجيع ما يضرنا وىو ال ى ػلملنا إىل النجاة ىف احلياة‬
‫والنجاح ىف السعى‪.‬‬
‫البيت الرابع‪ :‬ينهانا عن التعج من أسباب وقوع ادلرء ىف ىوة الشقاوة‪ ،‬بل الواج علينا أف‬
‫نعرؼ األسباب ادلؤدية إىل السالمة ادلرء ىف حياتو وصلاحو ىف سعيو لتقتدى بو حىت تكوف مثلو‪.‬‬
‫البيت اخلامس‪ :‬يأمرنا بأف نعمل أعماال صاحلة ونسعى جبدنا وجهدنا حىت نكوف أسوة حسنة‬
‫ب الناس ونكوف قدوة ذلم بعد شلاتنا‪ ،‬ألف ادلرء يكوف عربة لغريه بعد موتو‪.‬‬
‫‪52‬‬

‫للشريف العباسى المتوفى ‪ 504‬ه‬

‫اض َػدةُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬


‫ضى الْ َم َػوَّدة الْ ُم َع َ‬ ‫َوُم ْقتَ َ‬ ‫‪¤‬‬
‫اع َدةُ‬ ‫الص َداقَػة الْ ُم َس َ‬ ‫َوُم ْو َج ُ‬
‫ِ‬
‫س أَ ْف تَػ ْهل َ‬
‫ك‬ ‫احتَػ ِر ْ‬
‫ص ْر َو ْ‬
‫فَالَ تػُ َق ّْ‬ ‫‪¤‬‬
‫َّص َػر قَ ْد الَ َح لَ َكا‬ ‫ت الن ْ‬ ‫َوإِ ْف َرأَيْ َ‬
‫صػْيػ ُر إِ ْف ََلْ تَػْنتَ ِه ْػزَىا عُ َّ‬‫تَ ِ‬
‫صة‬ ‫صػةَ‬‫‪¤‬‬ ‫صػةَ إِ َّف الْ ُف ْر َ‬
‫َوانْػتَ ِه ْز الْ ُف ْر َ‬
‫َّـ اْ ِإلبَ ْػر‬ ‫فَػربَّػما أ ِ‬ ‫صغِْيػًرا ُْزلتَػ َق ْر‬ ‫ِ‬
‫َسػالَت الد َ‬ ‫َُ َ‬ ‫‪¤‬‬ ‫الَ َْربتَق ْر َشْيػئًا َ‬
‫س يػَ ْر َعى َع ْه ًدا‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫َوالْغَػ ْد ُر بالْ َع ْهػد قَبْي ٌح جدِّا ‪َ ¤‬شُّر الْ َوَرى َم ْن لَْي َ‬
‫المفردات‪:‬‬
‫ادلعاضدة = ادلساعدة‪ :‬ادلعاونة ملك = عظمة وسلطة‬
‫الغدر = اخليانة انتهز = استعمل‬
‫الورى = الناس البغى = الظلم‪ :‬العصياف‬
‫االبر ج اإلبرة‬
‫غصة = ما ؽلنعك من التنفس من الطعاـ وغريه‪ :‬خنقة‬

‫الشرح‪:‬‬
‫‪ ﴾ 1‬الصداقة احلقيقة ب األصدقاء تلزـ وجود ادلساعدة بينهم ىف حياهتم‪ ،‬ألف ادلساعدة ىى روح‬
‫الصداقة‪ ،‬فال معَن للصداقة بينهم إذا َل يساعد بعضهم بعضا‪ ،‬وك لك ادلودة ب الناس‪ ،‬فادلطلوب‬
‫من ى ه ادلودة ىو وجود ادلعاونة‪ ،‬ألف اإلنساف بطبيعتو أهنم ال يعيش إال ىف اجلماعة وال معَن‬
‫جلماعتهم إالّ بوجود ادلودة بينهم الىت تأتى بادلعاونة‪ ،‬ول لك عليك أف تظهر زلبتك إىل غريؾ‬
‫دبساعدتك إياه ودبعاونتك لو فيما ػلتاج إليو خبلوص نيتك والسيما إذا وجدتو ىف ضيق العيش‪ ،‬وإذا‬
‫كاف ى ا شأنك فأنت ستجد منو مساعدتو أو مساعدة غريه فيما بعده‪.‬‬
‫‪53‬‬

‫‪ ﴾ 2‬عليك أف تنتهز أوقاتك الثمينة وتنظمها‪ ،‬ألهنا إذا تركها من غري سعي فإهنا ستصري غصة ىف حلقك‬
‫سبنعك عن التنفس وىك ا شأف الفرصة الىت تركتها شلر من غري فائدة‪ ،‬فإهنا تصري سببا لندامتك‬
‫طوؿ حياتك من حيث ال تنفعك ى ه الندامة‪ ،‬فالواج عليك إذف انتهاز ى ه الفرصة الثمينة‬
‫بصورة أحسن حىت ال تكوف من النادم ‪.‬‬
‫‪ ﴾ 3‬عليك أف تنتهز أوقاتك الثمينة وتنظمها‪ ،‬ألهنا إذا تركها من غري سعي فإهنا ستصري غصة ىف حلقك‬
‫سبنعك عن التنفس وىك ا شأف الفرصة الىت تركتها شلر من غري فائدة‪ ،‬فإهنا تصري سببا لندامتك‬
‫طوؿ حياتك من حيث ال تنفعك ى ه الندامة‪ ،‬فالواج عليك إذف انتهاز ى ه الفرصة الثمينة‬
‫بصورة أحسن حىت ال تكوف من النادم ‪.‬‬
‫هتتم بو‬
‫‪ ﴾4‬ال غلوز لك أف ربتقر أمرا بسيطا أو هتملو ولو كاف ذلك األمر صغريا بل ال ب ّد من أف ّ‬
‫وتسعى إلزالتو واستصالو ألف الواقع أف الشيء الصغري قد يضر بل قد غلر اإلنساف إىل اذلالؾ‪،‬‬
‫فمثلو كمثل اإلبرة فإهنا شيء صغري لكنها تستطيع أف تريق الدـ‪ ،‬ول لك اح ر كثريا من شيء ضار‬
‫يؤدى إىل اذلالؾ‪.‬‬
‫ولو كاف صغريا فإف الشيء الصغري يستطيع أف يأتى بضرر كبري بل قد ّ‬
‫الظلم والعصياف كل واحد منهما داء مضر وال دواء لو‪ ،‬وى ا الداء يصي كثريا من الرؤساء أو ذوى‬ ‫‪﴾5‬‬
‫أي بلد كانوا من حيث ال يشعروف بأف ى ا الداء يؤدى إىل سقوطهم عن مرتبتهم‪ ،‬وقد‬
‫السلطة ىف ّ‬
‫نبأتنا التواريخ كثريا أف اكثر ما يؤدى إىل سقوط ادللوؾ أو العظماء ال يكوف إالّ بغيهم وظلمهم‬
‫وعصاياهنم وخروجهم عن احلدود‪ ،‬ول لك غل عليك أف ذبتن كثريا ى ه الكبائر‪ ،‬وى ه الصفة‬
‫ادل مومة مدة حياتك وال تغرت جباىك وعظمة سلطانك حىت نسيت سنن ا﵁ اجلارية ب خلقو‪.‬‬
‫‪ ﴾ 6‬غل عليك أف تكوف زلافظا على عهدؾ مؤسبنا فيو تكن سلالفا للوعد خائنا ىف العهد فإف اخليانة‬
‫بالعهد أقبح العيوب وأكرب ال نوب‪ ،‬فال ى ال يرعى عهده وإظلا ؼلالفو كثريا وال يصونو‪ ،‬فإف مثل ى ا‬
‫الرجل يعد من شر الناس‪ ،‬فال يرجى منو خريه وصالحو بل أصبح موضح اللوـ اإلحتقار طوؿ عمره‪.‬‬
‫‪54‬‬

‫اإلستنباط‪:‬‬
‫البيت األوؿ‪ :‬يب أف روح ادلودة أو الصداقة ب الناس ادلساعدة‪ ،‬فالواج علينا التعاوف بيننا ىف‬
‫اخلريات والصالح فتكوف حياتنا ب لك ىف سعادة‪.‬‬
‫البيت الثاىن‪ :‬ينهانا عن التكرب اإلعلاؿ إذا وجدنا النجاح أو النصر إىل جان أنو يأمرنا باحلصر‬
‫على حفظو لئال نكوف من اذلالك ‪.‬‬
‫البيت الثالث‪ :‬يأمرنا بانتهاز الفرصة كثريا وهنانا عن أف نرتكها شلر من غري فائدة‪ ،‬فإف إضاعة‬
‫الفرصة ندامة وخيبة كبرية ال عالج ذلا‪.‬‬
‫البيت الرابع‪ :‬ينهانا عن اإلحتقار لشيء صغري وعدـ اإلىتماـ بو فإف صغري الشيء قد يأتى‬
‫بالعواق الكبرية‪.‬‬
‫البيت اخلامس‪ :‬يب شدة ضرر البغي أو الظلم واخلروج عن احلدود والسيما للرؤساء أو ادللوؾ‬
‫فإذا بغوا فال بقاء ذلم فالالزـ علينا اإلبتعاد عن الكبائر ادلضرة‪.‬‬
‫البيت السادس‪ :‬ينهانا عن خيانة الوعد فإهنا أقبح ال نوب فادلتصف بالغدر بالعهد يعد من شر‬
‫الناس‪.‬‬
‫‪55‬‬

‫لهشام الدين الواعظى المتوفى ‪ 99‬ه‬

‫س الْعُلَ َماءَ‬
‫َما َخ َ ُّ ِ ٍ‬
‫اب قَط لَبْي َجالَ َ‬ ‫س ِىف َرلَالِ ِس ِػو ‪¤‬‬ ‫تَػعلَّ ِم الْعِْلم و ِ‬
‫اجل ْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫َوالَ تَ ُك ْن نَ ِكْي ًدا تَ ْستَػ ْوِج ُ النّْػ َق َما‬ ‫ضَرٍر ‪¤‬‬ ‫والْوال َدي ِن فَا ْكػ ِرـ تَػْن ِ‬
‫ػج م ْن َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ََ ْ‬
‫ِ‬
‫ك لَوُ ُى َػرَما‬ ‫َوأَ ْك ِرِـ ْ‬
‫اجلَ َار الَ تَػ ْهتِ ْ‬ ‫اح َش ٍػة ‪¤‬‬ ‫الصمت الَ تَػْن ِطق بَِف ِ‬
‫ْ‬ ‫َوالَ ِزـ ُّ ْ َ‬
‫ِ‬
‫َكم ِمن ِ‬
‫ص َما‬
‫اختَ َ‬‫صديْػ َق ْ ِ بػَ ْع َد الْ َم ْزِح فَ ْ‬
‫ْ ْ َ‬ ‫َو ْاح َ ْر ِم َن الْ َم ْزِح َك ْم ِىف الْ َم ْزِح ِم ْن َخطَ ٍر ‪¤‬‬

‫المفردات‪:‬‬
‫بادلرة‬
‫ط= ّ‬ ‫خاب = فشل‪َ :‬ل يظفر ق ّ‬
‫نكد = قليل اخلري لبي = عاقل‬
‫النقما = العقاب × النعما تستوج = الظلم‪ :‬العصياف‬
‫هتتك = تفسد الصمت = السكوت‬
‫اختصما = ذبادؿ‬
‫حق أو صحبة‬
‫حرـ ج حرمة = ما ال ػلل إفساده من ذمة أو ّ‬
‫الشرح‪:‬‬
‫‪ ﴾ 1‬عليك أف تتعلم العلوـ الكثرية النافعة لنفسك ولغريؾ وعليك أف ذبلس ىف رلالس العلوـ كثريا وال‬
‫بضيع أوقاتك لغري فائدة‪ ،‬فإ ّف العاقل ال ى جالس العلماء والزمهم كثريا للتعلم منهم لن ؼلسر ولن‬
‫وفرط ىف حياتو وسبتع دبا عنده من نعيم الدنيا‬
‫يندـ طوؿ حياتو‪ ،‬خبالؼ من استوىل عليو اإلعلاؿ ّ‬
‫اتباعا ذلواه وشهوتو حىت فاتو التعلم‪ ،‬فإنو ال ب ّد لو من أف يقع ىف خيبة وفشل فندـ طوؿ حياتو من‬
‫حيث ال تنفعو الندامة‪.‬‬
‫‪56‬‬

‫تؤدى إىل رضاعلا ركل نوع من األخالؽ الفاضلة والصفات‬


‫‪ ﴾2‬غل عليك أف تكرـ والديك بأعماؿ ّ‬
‫ا﵀مودة‪ ،‬وإذا كنت مثل ذلك ستنجو من الضرر وتسلم من األذى‪ ،‬ألف والديك راضياف عنك‬
‫فيدعواف لك اخلري‪ ،‬وعليك أف ربسن أعمالك كثريا وأف ال تكوف قليل اخلري كثري السيئات‪ ،‬ألنك‬
‫إذا كنت مثل ذلك وقعت ىف ادلصائ أو العقوبة ال زلالة نتيجة من عملك‪.‬‬
‫مهما وعليك أف رب ر من‬
‫‪ ﴾3‬وعليك أف تصمت كثريا‪ ،‬فإ ّف الصمت حكمة وأف ال تتكلم إالّ ما رأيتو ِّ‬
‫أف تتحدث بفاحشة كالغيبة والنميمة والشتم وغريىا أل ّف ذلك يوقعك ىف ضرر‪ ،‬اعلم أف سالمة‬
‫اإلنساف ىف حفظ لسانو من الفاحشة وكما غل عليك أف تكرـ جارؾ باإلحساف إليو قوال كاف أو‬
‫فعال أو ىيئة وأف ال تعمل عمال ال يرضاه كما ال غلوز لك أف تسقط عرضو وهنتك حرماتو كأف‬
‫يؤدى إىل سقوط عرضو‪.‬‬
‫تفشى أسراره وتسبّو وأف تسيئ على مسعتو ب الناس وغري ذلك شلا ّ‬
‫‪ ﴾4‬غلوز لك ادلزح إف كاف على ح ّد اإلعتداؿ‪ ،‬ألنو يريح القل ويزيل ادللل‪ ،‬لكنو إذا كاف كثريا خارجا‬
‫عن احلدود‪ ،‬فعليك أف تبتعد عنو‪ ،‬ألف كثرة ادلزح سبيت العقل وربىي اذلوى فتحملنا إىل ضرر كبري‬
‫وخطر عظيم‪ ،‬وكم وجدنا ىف ادلعاشرة ب الناس أ ّف صديق ِ محيم اختصما وذبادال بعد أف وقع‬
‫بينهما ادلزاح الكثري اخلارج عن حدود اإلعتداؿ‪.‬‬

‫اإلستنباط‪:‬‬
‫البيت األوؿ‪ :‬يأمرنا بالتعلم ورلالسة العلماء‪ ،‬ألف ال ى تعلم والزـ العلماء ألجل التعلم لن يقع‬
‫ىف اخليبة واخلسراف‪.‬‬
‫يؤدى إىل النجاة من ضرر‪ ،‬وينهانا عن البخل‬
‫البيت الثاىن‪ :‬يأمرنا باكراـ الوالدين أل ّف إكرامهما ّ‬
‫ىف اخلري واإلكثار من الشر ألف ذلك ػلملنا إىل العقوبة‪.‬‬
‫البيت الثالث‪ :‬يأمرنا باإلكثار من الصمت واجتناب فاحشة الكالـ واكراـ اجلار واجتناب ما‬
‫يؤدى إىل سقوط عرضو ونزوؿ مرتبتو‪.‬‬
‫ّ‬
‫البيت الرابع‪ :‬ينهانا عن كثرة ادلزاح ال ى خرج عن حدود اإلعتداؿ فإف ذلك يأتى بضرر كبري‬
‫ويؤدى إىل اخلصاـ ب الصديق ِ ‪.‬‬
‫ّ‬
57
‫‪58‬‬

‫لصالح بن عبد القدوس المتوفى ‪ 167‬ه‬


‫ِ ِ‬ ‫اح َِرتْز ِم ْن لَ ْف ِظ ِػو‬ ‫ِ‬
‫فَالْ َم ْرءُ يَ ْسلَ ُم باللّْ َساف َويػَ ْعطَ ُ‬ ‫‪¤‬‬ ‫ك َو ْ‬‫اح َف ْظ ل َسانَ َ‬‫َو ْ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ثػَ ْرثَ َارةً ىف ُك ّْل نَاد َزبْػطُ ُ‬ ‫‪¤‬‬ ‫ػت َوالَ تَ ُك ْن‬ ‫َوِز ْف الْ َكالَ َـ إِذَا نَطَْق َ‬
‫َسْيػر لَ َديْ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس ُّػر فَا ْكتُ ْػموُ َوالَ تَػْن ِط ْػق بِِو‬
‫ك إ ْذ الَ يػَْن َش ُ‬ ‫فَػ ُه َو اْأل ُ‬ ‫‪¤‬‬ ‫َو ّْ‬
‫صعُ ُ‬ ‫فَػ ُر ُج ْوعُ َػها بػَ ْع َد التػَّنَافُػ ِر يَ ْ‬ ‫‪¤‬‬ ‫ب ِم َن اْألَ َذى‬
‫ص َعلَى ِح ْف ِظ الْ ُقلُو ِ‬
‫ْ‬ ‫اح ِر ْ‬
‫َو ْ‬
‫الزج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب إِذَا تَػنَػافَ َػر ُوُّد َىا ‪¤‬‬ ‫ِ‬
‫اجة َك ْس ُرَىا الَ يَ ْش َع ُ‬ ‫شْبوُ ُّ َ َ‬ ‫إ َّف الْ ُقلُػ ْػو َ‬
‫المفردات‪:‬‬
‫ثرثارة = كثري الكالـ يعط = يهلك‬
‫احرتز = نوؽ‪ :‬خف األسري = من قبض عليو‪ :‬السج‬
‫ال ينش = ال يلبث = ال يسكت األذى = األَل‬
‫يشع = غلمع تنافر = تباعد‬
‫شبو = مثل ناد = مكاف اإلجتماع‬

‫الشرح‪:‬‬
‫‪ ﴾1‬غل عليك أف ربفظ لسانك من الكالـ الفاحش ادلضر‪ ،‬وال تكلم إالّ بعد التفكري العميق فيما‬
‫تقولو‪ ،‬وأف ال تتكلم إالّ ما رأيتو نافعا وال تكوف مضرا عليك وال على غريؾ ألف سالمة اإلنساف أو‬
‫ىالكو متوقف على كالمو إف كاف كالمو حسنا فيكوف سادلا وإف كاف كالمو قبيحا أو مضرا فيكوف‬
‫ىف ىالكا‪.‬‬
‫‪59‬‬

‫‪ ﴾2‬عليك أف تفكر كثريا قبل اخراج كالمك وال تتكلم إالّ ما رأيتو نافعا ووجدت لو موضعا مناسبا وأف‬
‫تؤدى إىل الضرر واذلالؾ‪ ،‬واعلم أف الصمت‬
‫ال تتكلم كثريا ىف كل مكاف‪ ،‬ألف كثرة الكالـ قد ّ‬
‫حكمة ولو كاف فاعلو قليال‪.‬‬
‫سرؾ وأف ال تتكلم بو مع غريؾ ولو كاف صديقك ال ى ائتمنتو ىف أمورؾ‬
‫‪ ﴾3‬غل عليك أف تكتم ّ‬
‫السر كمثل األسري ال ين ال يقف عن التحرؾ لطل اخلروج‪ ،‬وإذا خرج منك فال ب ّد من أف‬
‫فمثل ّ‬
‫يؤدى إىل موتك‪.‬‬
‫ينتشر ب الناس‪ ،‬ومن ادلستحيل أف تستويل عليو فيأتيك بضرر كبري فردبا ّ‬
‫يؤدى إىل الغض والتنافر وأف ال تعمل‬
‫‪ ﴾4‬وعليك أف تكوف حريصا على حفظ قلوب غريؾ من كل ما ّ‬
‫يؤدى إىل عدـ رضاه‪ ،‬فإ ّف القلوب إذا شعرت باألذى وضاعت منها ا﵀بة‬
‫عمال أو أف تتكلم دبا ّ‬
‫صع إصالحها‪ ،‬فإف العداوة أو البغضاء باقية مدى احلياة‪.‬‬
‫‪ ﴾ 5‬فمثل القلوب الىت ضاعت منها ا﵀بة وامتألت بالبغضاء كمثل الزجاجة فإهنا إذا تكسرت ال ؽلكن‬
‫اصالحها فالقلوب انكسرت أو جرحت وشعرت بالغض وتنافرت منها ادلودة فال ؽلكن اصالحها‬
‫وارجاعها كما كانت‪ ،‬ول لك غل على كل واحد من األصدقاء أف ػلفظ مصاحبتو مع غريه برتؾ‬
‫يؤدى إىل التنافر وفساد الصداقة‪ ،‬فتكوف ا﵀بة متينة وادلصاحبة قوية‪ ،‬فيكوف ادلرء ب لك‬
‫كل ما ّ‬
‫مطمئنا ىف حياتو ناجحا ىف سعيو‪.‬‬

‫اإلستنباط‪:‬‬
‫البيت األوؿ‪ :‬يأمرنا حبفظ لساننا من كل كالـ قبيح مضر‪ ،‬أل ّف سالمة اإلنساف وىالكو بسب‬
‫كالمو‪.‬‬
‫البيت الثاىن‪ :‬يأمرنا بالتفكري قبل الكالـ وينهانا عن كثرة الكالـ‪ ،‬ألف كثرة الكالـ قد تأتى بضرر‬
‫كبري‪.‬‬
‫السر مثل األسري‪ ،‬ال يهدأ عن السعي‬
‫السر وأف ال تتكلم بو‪ ،‬ألف ّ‬
‫البيت الثالث‪ :‬يأمرنا بكتماف ّ‬
‫لطل اخلروج‪ ،‬وإذا زبلص منا فال ؽلكن اإلستيالء عليو‪.‬‬
‫‪60‬‬

‫البيت الرابع‪ :‬يأمرنا بأف ضلفظ القلوب من كل ما يؤ ّذيها‪ ،‬فإهنا إذا تنافرت صع علينا‬
‫يؤدى إىل فساد احل ّ واألخوة بيننا وب‬
‫اصالحها‪ ،‬فالواج علينا ذبن عن كل قوؿ أو فعل ّ‬
‫أصدقائنا‪.‬‬
‫البيت اخلامس‪ :‬يؤكد البيت الرابع على وجوب حفظ دواـ الصداقة واألخوة ب األصحاب وأف‬
‫يسعى كل واحد ىف حياتو من أجل ا﵀افظة على سالمة القلوب من التنافر وفساد ا﵀بة‪.‬‬
‫‪61‬‬

‫قال الشاعر فى الخل‬

‫َّاس ُخالَِّىن‬ ‫إِ ْف قَ َّل م ِاىل فَالَ ِخ َّػل يص ِ‬


‫احبَُِن ‪ ¤‬إِ ْف َز َاد َم ِاىل فَ ُك ُّل الن ِ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صديْ ٍق ل َف ْقد َم ِاىل َع َاد ِاىن‬ ‫ِ‬
‫احبََِن ‪َ ¤‬وَك ْم َ‬ ‫ص َ‬‫َج ِل الْ َماؿ َ‬
‫فَ َك ْم َع ُد ٍّو أل ْ‬
‫الشرح‪:‬‬
‫‪ ﴾1‬إ ّف أكثر الناس يصاحبوف غريىم مصاحبة غري سليمة فإظلا مصاحبتهم ألجل ادلاؿ‪ ،‬فرأيتهم يرتكونَن وال يريدوف أف‬
‫يصاحبوىن عند ما رأوىن فقريا مسكينا ال شيء ىل من ادلاؿ إالّ قليل‪ ،‬ولكن بعد أف كنت غنيا أو كانت ىف يدى أمواؿ‬
‫كثرية‪ ،‬فكل الناس يصاحبونَن ويقولوف إهنم من أصدقائى ويأتونَن بالصداقة وا﵀بة‪ ،‬ىك ا شأف أكثر الناس ول لك‬
‫أي وقت تكوف حىت ال تغرت بكثرة‬
‫أي حاؿ وىف ّ‬
‫يلزمك أف تعرؼ صديقك احلقيقى ال ى يساعدؾ ويصاحبك ىف ّ‬
‫األصحاب ادلتملق وقت الغَن‪.‬‬
‫‪ ﴾ 2‬كثريا ما وجدت من األعداء يصاحبونَن بعد أف كنت غنيا‪ ،‬ألهنم يصاحبونَن ألجل ادلاؿ دوف مصاحبة حقيقة‪،‬‬
‫وك لك صار اصدقائى أعداء ىل بعد أف وقعت ىف فقر‪ ،‬فمثل ى ه ادلصاحبة ال تكوف إالّ مصاحبة مزيفة ال ؽلكن‬
‫اإلعتماد عليها وال يرجى منها خريىا وال نفعها فليح ر كل من تلك ادلصاحبة‪.‬‬

‫اإلستنباط‪:‬‬
‫البيت األوؿ‪ :‬يب أ ّف أكثر الناس يصاحبوف غريىم ألجل ادلاؿ دوف مصاحبة حقيقة فاعرؼ ى ا حىت ال زبدع دبثل‬
‫ى ه ادلصاحبة‪.‬‬
‫البيت الثاىن‪ :‬يؤكد البيت األوؿ ويب أ ّف األعداء صاروا أصحابا بسب األمواؿ واألصدقاء أصبحوا أعداء بسب‬
‫الفقر‪ ،‬فه ا األمر ليس بغري ‪ ،‬فعليك أف تكوف حكيما ىف ادلصاحبة‪.‬‬
‫‪62‬‬

‫أوصى على بن أبى طالب ابنه حسن‬


‫ت َم َع ُه َّن‪ ،‬أَ ْغ ََن الْغِ ََن الْ َع ْق ُل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بين ‪ :‬ا ْح َف ْظ َع َّْن أ َْربػَ ًعا َوأ َْربػَ ًعا‪ ،‬الَ يػَغُُّرَؾ َما َعم ْل َ‬ ‫يا ّ‬
‫احلَ َس ِ ُح ْس ُن‬ ‫ش الْ َو ْح َش ِة الْعُ ْج ُ َوأَ ْكبَػ ُر ْ‬ ‫َوأَ ْكبَػ ُر الْ َف ْق ِر ْ‬
‫احلُ ْم ُق‪َ ،‬وأ َْو َح ُ‬
‫اخلُلُ ِق‪.‬‬
‫ْ‬
‫ضُّرَؾ‬
‫ك فَػيَ َ‬ ‫َمحَ ِق‪ ،‬فَِإنَّوُ يُِريْ ُد أَ ْف يػَْنػ َف َع َ‬
‫ص َادقَةَ اْأل ْ‬‫اؾ َوُم َ‬ ‫بين ‪ :‬إِيَّ َ‬
‫يا ّ‬
‫َح َو َج َما تَ ُك ْو ُف إِلَْي ِو‬‫كأْ‬ ‫ص َادقَةَ الْبَ ِخْي ِل‪ ،‬فَِإنَّوُ يػُْبعِ ُد َعْن َ‬ ‫اؾ َوُم َ‬ ‫إِيَّ َ‬
‫ك بِالتَّاقِ ِو‬ ‫ِ‬
‫ص َادقَةَ الْ َفاج ِر‪ ،‬فَِإنَّوُ يُعِْيبُ َ‬ ‫اؾ َوُم َ‬ ‫َوإِيَّ َ‬
‫ك الْبَعِْي َد‪َ ،‬ويػُْبعِ ُد‬ ‫ب َعلَْي َ‬ ‫اب‪ ،‬فَِإنَّوُ َك َّ ِ‬
‫السَّراب يػُ َقّْر ُ‬
‫اؾ ومص َادقَةَ الْ َك َّ ِ‬
‫َوإِيَّ َ َ ُ َ‬
‫ك الْ َق ِريْ َ ‪.‬‬‫َعلَْي َ‬
‫المفردات‪:‬‬
‫أوصى = أعطى الوصية احلس = الكرـ‪ :‬الشرؼ‬
‫أوحش = أشد انفرادا مصادقة = مصاحبة‬
‫الفاجر = العاصى احلمق = اجلهل‬
‫الوحشة = اإلنفراد‪ :‬اخللوة التافة = قليل القيمة‬
‫العج = اعجاب الرجل بنفسو األحوج = أشد احتياجا‬
‫السراب = ما يرى كأنو ماء عند شدة احلرارة‬
‫إياؾ ومصادقة = ابتعد عن مصادقة‬

‫الشرح‪:‬‬
‫بين غل عليك أف ربفظ عَن وصايا أربعا وأربعا أخرى‪ ،‬وإذا عملت ذلك فال يصيبك ىف ضرر‪ ،‬أما األربع األوىل‬
‫يا ّ‬
‫فهى‪:‬‬
‫‪63‬‬

‫‪ ﴾1‬أغَن الغَن العقل أى أنفع األشياء وأكربىا فائدة لك ىو العقل‪ ،‬وىو ال ى ؽليز ب اإلنساف وغريه‪ ،‬فعليك أف ربفظ‬
‫عقلك لتستطيع أف تفكر ألجل سالمتك وألجل سعادتك ىف احلياة‪.‬‬
‫‪ ﴾2‬وأكرب الفقر احلمق أى أشد األشياء ضررا حلياة اإلنساف ىو اجلهالة‪ ،‬فكاف متصف ّٔا ال يستطيع أف يفرؽ ب النافع‬
‫والضار‪ ،‬وال يدرى ما الواج عليو أف يعملو‪ ،‬وما ال ى يلزمو أف يرتكو‪ ،‬فوقع كثريا ىف ضرر‪ ،‬ل لك غل عليك‬
‫اإلجتناب عن اجلهالة ادلضرة حلياة اإلنساف‪.‬‬
‫‪ ﴾3‬وأوحش الوحشة العج أى أقبح ما يتصف بو اإلنساف اعجابو بنفسو‪ ،‬فإف ال ى يتعج دبهارتو أو عظمتو أو كفائتو‬
‫أو غري ذلك سيقع ىف خيبة وفشل من حيث ال يدرى ما ال ى سيقع عليو من الضرر‪.‬‬
‫يؤدى إىل شرؼ اإلنساف وعلو مرتبتو ىو حسن اخللق دوف‬
‫‪ ﴾4‬وأكرب احلس حسن اخللق أى أ ّف السب الوحيد ال ى ّ‬
‫غريه‪ ،‬ل لك يلزمك أف ربسن أخالقك ب الناس وأف تتصف وتتزين بادلروءة احلسنة وبالعادات ا﵀مودة‪ ،‬ألف قيمة كل‬
‫امرئ حبسن أخالقو وأدابو‪ ،‬فكل ما سبق وبياف الوصايا األربع األوىل من على‪ّ .‬أما وصاياه األربع األخرى فكما يلى‪:‬‬
‫تؤدى إىل ضرر ىف حياتك‪ ،‬أل ّف األمحق حينما يريد أف‬
‫‪ ﴾1‬عليك أف تبتعد عن مصاحبة الغين األمحق‪ ،‬أل ّف ى ه ادلصاحبة ّ‬
‫يأتيك بالنافع ال يأتيك بو بسب جهلو بل يأتيك بادلضرات وادلشقات‪.‬‬
‫‪ ﴾2‬عليك أف ترتؾ مصاحبة البخيل وىو ال ى ال يريد أف يساعدؾ دباؿ أو فكر أو شيء آخر‪ ،‬ألنك إذا صاحبتو فال‬
‫يفيدؾ شيئا بل يبعد عنك كل ما ربتاج إليو فال تستطيع الوصوؿ إىل مقاصدؾ‪.‬‬
‫‪ ﴾ 3‬وغل عليك أف تبتعد عن الفاجر وىو ال ى يتعود على ارتكاب اجلرائم كثريا‪ ،‬ألنك إذا صاحبتو أو عاشرتو فأنت‬
‫ستقع معو ىف سوء عواق أعمالو فتسقط من مرتبتك إىل ىوة الدناءة‪ ،‬فكأنك بضاعة رخيصة‪.‬‬
‫‪ ﴾ 4‬إذا أردت أف تبلغ آمالك فعليك أف ذبتن ىف حياتك مصاحبة الك اب وأف ال تصدؽ كالمو وأف ال تعتمد على‬
‫وعده‪ ،‬فإنو غل أف يعد كثريا فيخالفو ويتكلم كالما ؼلالف الواقع‪ ،‬وإذا صدقتو واعتمدتو عليو وقعت ىف ضرر‪ ،‬ألنو‬
‫يظهر لك أنو يريد أف يساعدؾ للوصوؿ إىل آمالك ولكن الواقع أنو ؽلنعك عن الوصوؿ إىل رجائك القري ‪.‬‬
‫‪64‬‬

‫من رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬

‫ك‪،‬‬‫ك قَػْب َل َس َق ِم َ‬‫ك‪َ ،‬و ِص َّحتَ َ‬ ‫ك قَػْب َل َىَرِم َ‬‫س‪َ :‬شبَابَ َ‬ ‫‪ ﴾1‬إِ ْغتَنِ ْم َْس قَػْبل َْ ٍ‬
‫ً َ‬
‫ِ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ك قَػْب َل َم ْوتِ َ‬
‫ك‪َ ،‬و َحيَاتَ َ‬ ‫ك قَػْب َل ُش ْغل َ‬ ‫اؾ قَػْب َل فَػ ْق ِرَؾ‪َ ،‬وفَػَرا َغ َ‬‫َو ِغنَ َ‬
‫ص َد‪.‬‬ ‫اؿ َم ِن اقْػتَ َ‬
‫‪َ ﴾2‬ما َع َ‬
‫ِ‬
‫استَ َش َار‪.‬‬‫‪َ ﴾3‬ما نَد َـ َم ِن ْ‬
‫ي بِِو‪.‬‬ ‫ت فَِإن َ‬
‫َّك َْرل ِز ّّ‬ ‫ِ‬
‫‪َ ﴾4‬و ْاع َم ْل َما شْئ َ‬
‫ت ُخ ْزنًا طَ ِويْالً‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫اعةً أ َْوَرثَ ْ‬
‫ب َش ْه َوة َس َ‬ ‫‪ُ ﴾5‬ر َّ‬
‫‪ ﴾6‬قُ ِل ْ‬
‫احلَ َّق َولَ ْو َكا َف ُمِّرا‪.‬‬
‫ت‪َ ،‬وإِذَا‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ت َع َدلَ ْ‬ ‫ت‪َ ،‬وإِذَا َح َك َم ْ‬ ‫ص َدقَ ْ‬
‫ت َ‬ ‫‪ ﴾7‬الَتَػَز ُاؿ ى ه اْأل َُّمةُ خبٍَْري َما إِذَا قَالَ ْ‬
‫ت‪.‬‬ ‫استػرِمح ِ‬
‫ت َرمحَ ْ‬ ‫ْ ُْ َ ْ‬
‫َّاس ِخبُلُ ٍق َح َس ٍن‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫احلَ َسنَةَ سبَْ ُح َها َو َخالق الن َ‬ ‫ت‪َ ،‬واتَّبِ ْع ُّ‬
‫السنَّةَ ْ‬ ‫‪ ﴾8‬ات َِّق ا﵁ َحْيثُ َما ُكْن َ‬
‫المفردات‪:‬‬
‫اغتنم سا = انتهز سا‪ :‬اسرع إىل تناوؿ س‬
‫سقم = مرض رلزى = مكافأ‬
‫ىرـ = شيوخة استشار = طل ادلشاورة‬
‫أورث = ترؾ‪ :‬أعق اسرتمحت = طل منها الرمحة‬
‫خالق = صاح عاؿ = افتقر‪ :‬احتاج‬
‫‪65‬‬

‫الشرح‪:‬‬
‫بين غل عليك أف ربفظ عَن وصايا أربعا وأربعا أخرى‪ ،‬وإذا عملت ذلك فال يصيبك ىف ضرر‪،‬‬ ‫يا ّ‬
‫أما األربع األوىل فهى‪:‬‬
‫‪ ﴾ 1‬أغَن الغَن العقل أى أنفع األشياء وأكربىا فائدة لك ىو العقل‪ ،‬وىو ال ى ؽليز ب اإلنساف وغريه‪،‬‬
‫فعليك أف ربفظ عقلك لتستطيع أف تفكر ألجل سالمتك وألجل سعادتك ىف احلياة‪.‬‬
‫‪ ﴾ 2‬وأكرب الفقر احلمق أى أشد األشياء ضررا حلياة اإلنساف ىو اجلهالة‪ ،‬فكاف متصف ّٔا ال يستطيع‬
‫أف يفرؽ ب النافع والضار‪ ،‬وال يدرى ما الواج عليو أف يعملو‪ ،‬وما ال ى يلزمو أف يرتكو‪ ،‬فوقع‬
‫كثريا ىف ضرر‪ ،‬ل لك غل عليك اإلجتناب عن اجلهالة ادلضرة حلياة اإلنساف‪.‬‬
‫‪ ﴾ 3‬وأوحش الوحشة العج أى أقبح ما يتصف بو اإلنساف اعجابو بنفسو‪ ،‬فإف ال ى يتعج دبهارتو‬
‫أو عظمتو أو كفائتو أو غري ذلك سيقع ىف خيبة وفشل من حيث ال يدرى ما ال ى سيقع عليو من‬
‫الضرر‪.‬‬
‫يؤدى إىل شرؼ اإلنساف وعلو مرتبتو ىو‬
‫‪ ﴾4‬وأكرب احلس حسن اخللق أى أ ّف السب الوحيد ال ى ّ‬
‫حسن اخللق دوف غريه‪ ،‬ل لك يلزمك أف ربسن أخالقك ب الناس وأف تتصف وتتزين بادلروءة‬
‫احلسنة وبالعادات ا﵀مودة‪ ،‬ألف قيمة كل امرئ حبسن أخالقو وأدابو‪ ،‬فكل ما سبق وبياف الوصايا‬
‫األربع األوىل من على‪ّ .‬أما وصاياه األربع األخرى فكما يلى‪:‬‬
‫‪ ﴾1‬عليك أف تسرع إىل سة أمور قبل أف يأتيك سة أمور أخرى‪:‬‬
‫أوال‪ ،‬عليك أف تنتهر فرصة شبابك ألجل صاحل األعماؿ وكل ما ينفعك ىف مستقبلك قبل أف‬
‫تكوف شيخا‪ ،‬فإف أحسن األوقات للسعى والعمل وقت الشباب‪ .‬فأنت لن تستطيع أف تعمل أكثر‬
‫إذا بلغت شيوختك‪.‬‬
‫ثانيا‪ ،‬عليك أف تنتهز صحتك جسمية كانت أـ روحية ألجل ما يفيدؾ ىف مستقبلك وال تضيع‬
‫صحتك بغري عمل ينفعك ىف األياـ ادلقبلة‪ ،‬فإف الصحة ال تدوـ على أحد‪ ،‬فإذا أصابك مرض فال‬
‫تستطيع أف تعمل عمال فتقع ىف ندامة وخسراف‪.‬‬
‫‪66‬‬

‫ثالثا‪ ،‬إذا كنت غنيا وأعطاؾ ا﵁ نعما كثرية فعليك أف تستفيد من غناؾ ىف سبيل اخلري والصالح‬
‫دلستقبلك ومستقبل أقربائك أو دلستقبل ادلسلم ‪ ،‬فإف الغَن ال يدوـ على أحد‪ ،‬وإذا وقعت ىف فقر‬
‫وىف ضيق من العيش فال يصبح كل شيء سهال عليك‪.‬‬
‫رابعا‪ ،‬عليك أف سبأل وقت فراغك دبا يفيدؾ دلستقبلك وأف تنتهزه ألعماؿ نافعة‪ ،‬ألنك إذا ضاؽ‬
‫عليك الوقت بكثرة األشغاؿ الىت تعملها فال تستطيع أف تسعى دبا ىو أكثر لضيق وقتك‪.‬‬
‫خامسا‪ ،‬عليك أف تكثر من األعماؿ الصاحلات الىت ستساعدؾ وتكوف زادا لك بعد موتك‪ ،‬ألنك‬
‫مت فال تستطيع أف تعمل عمال‪ ،‬فما الباقى لك إالّ اجلزاء من عملك ال ى عملتو وقت‬ ‫إذا ّ‬
‫ِ‬ ‫حياتك‪ ،‬إف كاف خريا فخري‪ ،‬وإف كاف شرا فشر‪﴿ .‬وأَ ْف لَي ِ‬
‫س ل ِإلنْ َساف إِالَّ َما َس َعى‪َ ،‬وأ ََّف َس ْعيَوُ‬
‫ّ َ ْ َ‬
‫ؼ يػَُرى﴾‪ ،‬فال شيء يعاونك بعد شلاتك ويصاحبك مصابة حسنة وتأتنس بو إالّ عملك الصاحل‬ ‫َس ْو َ‬
‫ال ى عملتو مدة حياتك‪.‬‬
‫‪ ﴾2‬غل على كل أف يكوف مقتصدا ىف انفاؽ أموالو بأف ال ينفقها إالّ ىف وجوه اخلري والصالح كيال‬
‫يكوف نادما بعد ذلك‪ ،‬وال غلوز لو أف يب ر أموالو فيما ال يفيد وك لك غل عليو أف يقتصد ىف‬
‫أوقاتو وأف ال يرتكها بغري عمل نافع‪ ،‬ألنك وإذا كنت مقتصدا فال تكوف فقريا أو زلتاجا إىل غريؾ‬
‫بعد ذلك وال تكوف نادما‪.‬‬
‫‪ ﴾3‬غل عليك أف تستشري غريؾ كثريا ىف َجيع األمور والسيما إف كانت األمور مهمة تشمل مصاحل‬
‫آّتمع‪ ،‬ألف ال ى استشار كثريا ال يندـ غادا‪ ،‬فإذا وقع ىف خطإ بعد استشارة غريه فال يلومو أحد‬
‫ألنو قد سعى ودلعرفة الصحيح‪.‬‬
‫أي عمل كما أردت ولكن ال ب ّد من أف تت كر دائما لكل عمل جزاء مثلو وإف كاف خريا‬
‫‪ ﴾4‬اعمل ّ‬
‫فشر وأنت ىف ى ا سلتار‪.‬‬
‫شرا ّ‬
‫فخري‪ ،‬وإف كاف ّ‬
‫‪ ﴾5‬ال غلوز لك ىف حياتك أف تتبع شهوت وىوى نفسك ولو كاف ىف أمر صغري أو ىف وقت قصري‪،‬‬
‫يؤدى‬
‫يؤدى إىل الوقوع ىف خزف طويل‪ ،‬أى أف السب القليل قد ّ‬
‫ألف اتباع الشهوة ىف وقت قليل قد ّ‬
‫‪67‬‬

‫إىل عواق باقية مدة طويلة ول لك عليك أف رب ر شهوتك وأىواء نفسك لتكوف سادلا مدة‬
‫حياتك‪.‬‬
‫مرا عليك أو على‬
‫احلق ولو كاف ذلك ِّ‬
‫احلق وكن عادال ىف إظهار ّ‬
‫‪ ﴾6‬كن صادقا ىف قولك واظهر ّ‬
‫أقربائك أو على غريؾ فإف احلق حق وىو باؽ والباطل وىو زاىق‪.‬‬
‫‪ ﴾7‬إ ّف ىؤالء ادلسلم من أمة زلمد صلى ا﵁ عليو وسلم ال يزالوف خبري ما داموا صادق ىف أقواذلم‬
‫وأفعاذلم تارك الك ب والزور وىم عدوؿ ىف حكمهم ب من غري أف يفرقوا ىف حكمهم ب‬
‫الشرفاء والضعفاء منهم كما أهنم يرمحوف من يطل منهم الرمحة أو ادلساعدة فريمحونو ويعاونونو‬
‫بكل ما ػلتاج إليو وك لك على كل واحد منا أف يسعى جبهده ىف أف يكوف صادقا ىف قولو عادال‬
‫ىف حكمو رحيما لغريه من ادلسلم والسيما ضعفائهم‪.‬‬
‫أي شأف كنت‪ ،‬ألف خري الزاد لإلنساف ىو التقوى‪ ،‬وإذا‬
‫أي مكاف سكنت وىف ّ‬
‫‪ ﴾8‬عليك بتقوى ا﵁ ىف ّ‬
‫انزلقت بارتكاب السيئة أو ادلعصية غل عليك أف تتبع ى ه السيئة احلسنة أى أنك تعمل احلسنة‬
‫سرتا لسيئتك فإف احلسنة تستطيع أف تزيل السيئة‪ ،‬غل عليك أف تصاح الناس وأف تعاملهم‬
‫معاملة حسنة وأف يكوف اساس معاشرتك إياىم األخالؽ احلسنة واخلصاؿ ا﵀مودة وال غلوز أف‬
‫تؤذيهم بقوؿ أو بعمل أو ىيئة ال يرضوهنا إذا كنت مثل ذلك أصبحت خري الناس زلبوبا لدينهم‪.‬‬
‫‪68‬‬

‫الطمع فى العمل الصالح‬

‫ض َح ُك ْو َف ُس ُرْوًرا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ك يَ ْ‬
‫َّاس َح ْولَ َ‬
‫آد َـ بَاكيًا ‪َ ¤‬والن ُ‬ ‫ك يَا ابْ َن َ‬‫ك أ ُُّم َ‬
‫َولَ َدتْ َ‬
‫كض ِ‬ ‫ِ‬
‫اح ًكا َم ْس ُرْوًرا‬ ‫ص َعلَى َع َم ٍل تَ ُك ْو ُف إِذَا ‪ ¤‬يػَْب ُك ْو َف َح ْولَ َ َ‬ ‫ا ْح ِر ْ‬
‫الشرح‪:‬‬
‫‪ ﴾1‬عند ما ولدت ىف ى ه الدنيا من بطن أمك فأنت تبكى بكاء يدؿ على صحتك وحسن حالك‪،‬‬
‫ول لك كاف الناس حولك يضحكوف سرورا ويفرحوف بوالدتك ويشكروف ا﵁ على ى ه احلاؿ الطيبة‬
‫بعد أف كانوا من قبل ينتظرونك ب اخلوؼ والرجاء ويدعوف ا﵁ ألجل صحتك وصحة أمك‬
‫وسالمتك وسالمة أمك‪ ،‬فاستجاب ا﵁ دعاءىم باخلري والسعادة حىت ولدت ىف ى ه الدنيا بسالـ‪.‬‬
‫‪ ﴾2‬الرتكي األصلى‪" :‬احرص على عمل تكوف ضاحكا مسرورا بو إذا يكوف حولك" أى غل عليك‬
‫أف تكوف حريصا على عمل صاحل مدة حياتك ليكوف زادا حلياتك بعد موتك وأف ال تستعمل‬
‫عمرؾ إالّ لعمل صاحل ولكل ما ينفعك بعد ادلمات حىت تكوف مسرورا عند ما توفيت‪ ،‬ألنك ترى‬
‫اجلزاء احلسن دلا عملت ولو كاف الناس يكوف حولك بسب حزهنم لفراقك وال ىم يشعروف بالندامة‬
‫لفقد من أحسن إليهم مدة حياتك‪.‬‬

‫اإلستنباط‪:‬‬
‫إذا كنت ىف ميالدؾ باكيا والناس مسروروف‪ ،‬فكن ىف وفاتك مسرورا والناس ػلزنوف وذلك ألهنم‬
‫يشعروف باحلزف على غيابك وأنت رجل كثري احلسنات عندىم‪.‬‬

You might also like