Professional Documents
Culture Documents
حرية التعبير والإعلام الرقمي في القانون الجزائري - بين المنظور الحقوقي والمنظور السيادي
حرية التعبير والإعلام الرقمي في القانون الجزائري - بين المنظور الحقوقي والمنظور السيادي
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور الحقوقي والمنظور
السيادي
Freedom of expression and digital media in Algerian law: between a
human rights perspective and a sovereign perspective
تاريخ االستالم 2021/10/28 :تاريخ القبول للنشر 2021/11/12 :تاريخ النشر2021/12/31 :
ملخص:
تواجه الدول المعاصرة إشكالية الضبط القانوني لممارسة حرية التعبير واإلعالم في الفضاء الرقمي بهدف
حماية سيادتها السيبرانية ومحاربة الجريمة االلكترونية الناتجة عن سوء استخدام هذه الحرية .ويقتضي ذلك على
المشرع وضع القواعد الكفيلة بالتوفيق بين ضمان ممارسة هذه الحرية االساسية وفق المنظور الحقوقي ،وفي
نفس الوقت ضرورة تقييد هذه الحرية وفق المنظور السيادي بما يتطلبه حماية سيادة الدولة السيبرانية وامن
االشخاص.
وإن كان المشرع الجزائري قد كرس حرية التعبير واإلعالم عبر مختلف الدساتير والتشريعات ،فإنه قيد
التعبير الرقمي باألحكام المتعلقة بمحاربة الجريمة اإللكترونية ،بينما نظم اإلعالم الرقمي من خالل قانون
اإلعالم واألحكام التنظيمية المتعلقة بتنظيم الصحافة االلكترونية.
غير أن ممارسة حرية التعبير في الفضاء الرقمي غالبا ما تتحول الى إعالم اجتماعي جماهيري وتفاعلي
يتداخل ويتماهى مع نشاط اإلعالم الرقمي المهني وينفلت بذلك من رقابة القانون .وعليه فإن النظام القانوني
الجزائري ما زال في حاجة إلى تشريعات أكثر دقة وتفصيال لحماية امن الدولة واألشخاص وضمان حرية التعبير
واإلعالم في آن واحد.
الكلمات المفتاحية :حرية التعبير واإلعالم الرقمي ،الجريمة الرقمية ،السيادة السيبرانية ،الصحافة الرقمية.
Abstract :
Contemporary States face the problem of legal control over the exercise of freedom
of expression and media in the digital space. Accordingly, the legislator should
establish rules that reconcile between the exercise of this fundamental freedom, and
the need to restrict this freedom according to the sovereign perspective, as required to
protect the digital Sovereignty and the fight against digital crime resulting from the
misuse of this freedom.
The Algerian legislator has enshrined freedom of expression and information in the
constitution and legislation, but he restricted this freedom by the provisions relating
to the fight against digital crime, while digital media is governed by the information
law and the regulation of digital journalism.
However, there is still a need for legal control of digital freedom of expression,
which often turns into interactive social media that interferes with professional digital
media activity and thus escapes the control of the law.
مقدمة:
ّ
تعد حرية التعبير واإلعالم من الحقوق االساسية التي اقرتها مختلف المواثيق الدولية وكرستها دساتير
الدول منها الدساتير الجزائرية منذ االستقالل ،غير ان ممارسة هذه الحرية في الفضاء الرقمي 1باتت تطرح
إشكالية قانونية جدية للدولة بسبب طبيعة الوسائط االلكترونية واالنترنت والتطور الرقمي الهائل الذي تعرفه
البشرية .وعليه وجدت الدولة نفسها امام معادلة صعبة تتمثل من جهة في واجبها في ضمان حرية التعبير
واإلعالم في الفضاء الرقمي ،ومن جهة اخرى في ضرورة تنظيم ممارسة هذه الحرية وضبطها القانوني بقدر ما
يستلزمه حماية أمن الدولة واألفراد والحفاظ على سيادتها السيبرانية .ذلك ان ترك حرية التعبير واإلعالم الرقمي
دون قيود وضوابط بات مستحيال لما يمثل ذلك من تهديد حقيقي ألمن الدولة واألفراد بسبب السهولة التقنية
الكبيرة في استعمالها وسرعتها الفائقة وأثرها اآلني؛ مع أن الضوابط القانونية التي تفرضها الدولة على هذه
الحرية قد تثير النقد من وجهة النظر الحقوقية التي تعتبرها "تقييدا" للحريات.
وبناء عليه تثور اشكالية جدية حول حدود كل من السلطة والحرية في الفضاء الرقمي ،وهل وفق المشرع
الجزائري في تنظيم الممارسة الحرة للتعبير واإلعالم الرقمي 2للمواطنين المكرسة دستوريا ،وفي نفس الوقت
حماية السيادة السيبرانية وامن الدولة واألفراد من جهة أخرى؟.
نحاول اإلجابة عن هذه االشكالية من خالل البحث التحليلي االستنباطي للنصوص التشريعية والتنظيمية
والمبادئ والقواعد الواردة في مختلف المعاهدات والتشريعات الوطنية التي تكرس حرية التعبير واإلعالم الرقمية
وفقا للمنظور الحقوقي (المبحث االول)؛ وموازنته مع مختلف النصوص التشريعية والتنظيمية التي اصدرها
المشرع الجزائري لتنظيم هذه الحرية وضبطها بمقتضيات الحفاظ على امن الدولة واألفراد والنظام العام وفقا
للمنظور السيادي للدولة (المبحث الثاني)؛ لنصل في النهاية الى تقييم مذهب المشرع الجزائري في التوفيق بين
المنظورين.
نقصد بمصطلح "الرقمي" كال من النشاط اإللكتروني الذي تستعمل فيه الوسائط الرقمية مثل الحاسوب والهاتف النقال حتى وان 1
لم تكن متصلة باالنترنت ،والنشاط السيبراني الذي يستعمل شبكة االنترنت بمختلف تطبيقاتها مثل الفيسبوك واليوتوب
واالنستغرام ومحركات البحث ،الخ ...
يميز البعض بين حرية التعبير وحرية اإلعالم بينما يدمج البعض اآلخر بينهما ،وهو االصح عندنا بسبب التداخل الكبير 2
والتماهي بين المصطلحين ،مادام ان التعبير غالبا ما يتم بواسطة وسائل اإلعالم ،ثم أن اإلعالم–خاصة الرقمي منه-ال يكتفي
بنقل االخبار البحتة بل يبث معها التعليقات واآلراء والتحاليل حول هذه االخبار والتي تدخل في خانة التعبير ،بحيث يتجاوز
محتواها غالبا بأضعاف كمية المادة االخبارية.
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 296 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
المبحث األول
صادقت الجزائر على أهم المواثيق الدولية لحقوق اإلنسان التي أقرت حرية التعبير واإلعالم بمفهومها
التقليدي منذ منتصف القرن الماضي ،كما تم تكريس هذه الحرية من طرف مختلف الدساتير الجزائرية (الفرع
األول)؛ وتماشيا مع التطور الرقمي تم تحيين التشريعات الوطنية ليشمل مفهوم التعبير واإلعالم الفضاء
االلكتروني والرقمي (الفرع الثاني).
(أ) حرية التعبير واإلعالم وفقا للمواثيق الدولية التي صادقت عليها الجزائر
صادقت الجزائر على اإلعالن العالمي لحقوق االنسان لسنة 1948إثر استقاللها بموجب المادة 11من
دستور .21963إذ تنص المادة 19من االعالن 3على ان لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير،
ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق اآلراء دون مضايقة ،وفي التماس االنباء واألفكار وتلقيها ونقلها إلى
اآلخرين ،بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود.
1
محمد الطاهر ،الحريات الرقمية ( المفاهيم األساسية) ،مؤسسة حرية الفكر والتعبير ،القاهرة ،2013 ،ص .5.كتاب رقمي ،متاح
https://www.afteegypt.org على الموقع:
الدستور الجزائري لسنة ،1963الصادر بموجب اإلعالن المؤرخ في 10سبتمبر ،1963الموافق عليه في االستفتاء الشعبي 2
الموقع.https://www.un.org :
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 297 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
إن هذه المادة تقر بالحرية المطلقة لكل شخص في التعبير ونقل االفكار واألنباء واآلراء بواسطة أي
وسيلة كانت من دون أي قيد أو شرط ،وبهذا المعنى قد يشكل ممارسة هذا الحق تهديدا ألمن الدول
وسيادتها؛ وعليه فقد جاء العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966الذي انضمت اليه
الجزائر سنة ،11989في المادة 19الفقرة 3بأحكام جديدة تقيد ممارسة هذه الحرية بمستلزمات حماية أمن
الدولة والنظام العام وحقوق اآلخرين ،بنصها على انه ...يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن
تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:
(أ)الحترام حقوق اآلخرين أو سمعتهم.
(ب) لحماية األمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو اآلداب العامة.
وبذلك نالحظ من خالل هذا العهد تقييد ممارسة حرية التعبير واإلعالم بمقتضيات النظام العام
بعناصره الثالثة وهي :االمن العام ،الصحة العامة واآلداب العامة .وال شك ان هذه االحكام جاءت لتستجيب
لحاجة الدول الى حماية نظامها العام وأمنها وسيادتها التي قد تتعرض للتهديد .وتزداد ضرورة هذه القيود مع
االنتشار الواسع الستخدام االنترنت في القرن الواحد والعشرين لما تتميز به هذه الوسيلة من تأثيرات سريعة
وهائلة على أمن الدولة واألفراد.
ضمن المشرع الدستوري الجزائري منذ االستقالل حرية التعبير واإلعالم ضمن الحريات الدستورية قبل ان
تظهر الوسائط االلكترونية كوسيلة لممارستها؛ لكن المشرع الدستوري الجزائري ميز في التعديل الدستوري الجديد
لسنة 2 2020بين حرية التعبير فخصص لها المادة 52وحرية الصحافة التي تناولها في المادة ،54كما سيأتي
بيانه .وهي نفس المواد 48بالنسبة لحرية التعبير و 50بالنسبة لحرية الصحافة في التعديل الدستوري ل ـ 6
مارس .2016أما المادة 41من دستور 28نوفمبر 31996والمادة 39من دستور 28فيفري 11989فنصتا
على حرية التعبير دون االشارة الى حرية الصحافة.
المرسوم الرئاسي رقم 67-89المؤرخ في 16ماي ،1989يتضمن االنضمام الى العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية 1
واالجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،والبرتوكول االختياري المتعلق بالعهد الدولي الخاص
بالحقوق المدنية والسياسية ،الموافق عليها من طرف الجمعية العامة لألمم يوم 16ديسمبر ،1966ج.ر.عدد ،20صادر
بتاريخ 17ماي 1989ص ص.532-531.
الدستور الجزائري لسنة ،2020الصادر بموجب المرسوم الرئاسي 442-20المؤرخ في 30ديسمبر ،2020المصادق عليه 2
في االستفتاء الشعبي يوم 28نوفمبر ،1996ج.ر.عدد ،76صادر بتاريخ 8ديسمبر ،1996ص ص.32-6.
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 298 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
مع ان المادة 19من دستور الجزائر االول لسنة 21963نصت صراحة على انالدولة تضمن حرية
الصحافة وحرية وسائل االعالم االخرى وحرية تأسيس الجمعيات وحرية التعبير ومخاطبة الجمهور وحرية
االجتماع .ولم يحد دستور 31976عن االعتراف بحرية الرأي في المادة 55لوال انه قيدها بموجب المادة
73بقيود ذات طابع ايديولوجي افرغتها من محتواها .إذ تنص المادة 55على ان حرية التعبير واالجتماع
مضمونة ،وال يمكن التذرع بها لضرب اسس الثورة االشتراكية .تمارس هذه الحرية مع مراعاة احكام المادة 73
من الدستور ،بينما تنص المادة 73المحال إليها على حاالت حرمان المواطن من حقوقه وحرياته االساسية
إذا استعملها للمساس بالثوابت الوطنية السيما االختيار االشتراكي.
الفرع الثاني :توسيع مفهوم حرية الصحافة الى الفضاء الرقمي وتنظيمه
وسع المشرع الدستوري الجزائري ألول مرة في التعديل الدستوري لسنة 2016من مفهوم الحرية الى
المجال الرقمي لكنه حصره على مجال الصحافة ،متخليا بذلك عن مصطلح "اإلعالم" الواسع المعنى باعتبارها
مهنة تخضع ألحكام تشريعية وتنظيمية دون أية اشارة الى حرية التعبير الرقمي .إذ تنص المادة 50منه على
ضمان حرية الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية وعدم خضوعها ل ـ أي شكل من اشكال الرقابة القبلية.
على ان نفس المادة وضعت في الفقرتين الثانية والثالثة ضوابط على حرية الصحافة تتمثل في عدم المساس
بكرامة الغير وحرياتهم ،ووجوب احترام ثوابت االمة وقيمها الدينية واألخالقية والثقافية.
وان كان المشرع الدستوري الجزائري قد اكتفى في تعديل 2016باإلشارة ضمنيا في المادة 50الى
الفضاء السيبراني بعبارة "الشبكات اإلعالمية" ،فإنه نص بوضوح في المادة 54من التعديل الدستوري لسنة
2020على انحرية الصحافة ،المكتوبة والسمعية البصرية ،وااللكترونية ،مضمونة .باإلضافة الى ذلك
فقد خصص عشر ( )10فقرات من هذه المادة لتحديد مفهوم "حرية الصحافة" بشكل أكثر تفصيال من خالل
تفسير مضمون هذا الحق وأشكاله .ومن أوجه حرية االعالم وفقا للفقرة السادسة 6منه هو الحق في إنشاء
قنوات تلفزيونية وإذاعية ومواقع وصحف الكترونية ضمن شروط يحددها القانون.
ومن جهة أخرى أكدت المادة 2من القانون العضوي 05-12المتعلق باإلعالم 4على حرية االعالم في
اطار القانون والتنظيمات بنصها يمارس نشاط االعالم بحرية في إطار أحكام هذا القانون العضوي والتشريع
الدستور الجزائري لسنة ،1989الصادر بموجب المرسوم الرئاسي 18-89المؤرخ في 28فيفري ،1989الموافق عليه في 1
االستفتاء الشعبي يوم 23فيفري ،1989ج.ر.عدد ،09صادر بتاريخ 1مارس ،1989 ،ص ص.256-234.
2
دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية 10 ،سبتمبر ،1963المرجع السابق ـ
الدستور الجزائري لسنة ،1976الصادر بموجب األمر 79-76المؤرخ في 22نوفمبر 1976الموافق عليه في االستفتاء 3
الشعبي يوم 19نوفمبر ،1976ج.ر.عدد ،94صادر بتاريخ 24نوفمبر ،1963المعدل والمتمم ،ص.1326-1292.
القانون العضوي رقم 05-12المؤرخ في 12يناير ،2012يتعلق باإلعالم ،ج.ر.عدد ،02صادر بتاريخ 15جانفي ،2012 4
ص ص.33-21.
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 299 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
قيد ممارسة هذا الحق باحترام الدستور والمؤسسات والثوابت الوطنية التي
والتنظيم المعمول بهما ،....،بحيث ّ
عددها في الفقرات الالحقة في نفس المادة.
وألول مرة كرس هذا القانون بابا خاصا لإلعالم الرقمي (الباب الخامس المواد 67الى ،)72إذ اعتبره
نوعا من انواع الصحافة ،مع التمييز بين النشاط االعالمي عبر "وسائل االعالم االلكترونية" والنشاط اإلعالمي
الورقي ،وكذا تمييز االعالم المهني المنظم بموجب هذا القانون عن ...االخبار التي تشكل أداة للترويج أو
فرعا لنشاط صناعي أو تجاري ،وفقا للمادة 72منه.
غير ان تحديد مفهوم "النشاط اإلعالمي"بموجب المادة 3من هذا القانون جاء واسعا وفضفاضا وغير
دقيق ،بحيث تعرف المادة 3النشاط االعالمي انه ...كل نشر أو بث لوقائع أحداث أو رسائل أو آراء أو
أفكار أو معارف ،عبر اية وسيلة مكتوبة أو مسموعة أو متلفزة أو إلكترونية،وتكون موجهة للجمهور أو لجزء
منه.وبهذا المعنى فإن النشاط االعالمي في مفهوم هذا القانون يتداخل ويتماهى مع التعبير عن اآلراء وبث
األفكار مادام أنه يشمل كل بث لألفكار أو االخبار أو المعارف عبر اية وسيلة وفقا للتعريف الواسع لمصطلح
"اإلعالم".1
وال شك إن هذا المفهوم الواسع للنشاط االعالمي من شأنه أن يفتح المجال واسعا أمام العدالة لتطبيق
االحكام الجزائية الواردة في هذا القانون على نشاطات التعبير الفكرية والفنية التي تدخل في خانة حرية الرأي.
أما مفهوم"الصحافة االلكترونية" فقد عرفته المادة 67منه انها كل خدمة اتصال مكتوب عبر االنترنت
موجهة للجمهور أو فئة منه ،وينشر بصفة مهنية من قبل شخص طبيعي أو معنوي يخضع للقانون الجزائري،
ويتحكم في محتواها االفتتاحي ،بينما تنص المادة 71على اخضاع الصحافة االلكترونية الى أحكام المادة 2
المتعلقة بوجوب احترام الثوابت الوطنية وأسس الدولة.
ولتنظيم ممارسة الصحافة االلكترونية باعتبارها مهنة تضاهي الصحافة الورقية ،جاء المرسوم التنفيذي -20
332ليضع احكاما تنظيمية مفصلة تضبط الشروط واإلجراءات االدارية الواجبة لممارستها كما سيأتي بيانه.
المطلب الثاني :حرية التعبير واإلعالم الرقمي في المجال السياسي ووفقا لإلعالنات الحقوقية الدولية
ما فتئت المنظمات الحقوقية تدعو الدول الى احترام حرية التعبير واإلعالم الرقمي على وجه الخصوص
التعبير السياسي المعارض والتقليل من الرقابة عليها(الفرع االول)،وتجسد ذلك من خالل جملة من االعالنات
الحقوقية الدولية حول االنترنت (الفرع الثاني).
يعرف مصطلح االعالم انه جمع وتخزين ومعالجة ونشر األنباء والبيانات والصور والحقائق والرسائل واآلراء 1
والتعليقات ،.....نور الدين بليبل ،مفاهيم إعالمية ديوان المطبوعات الجامعية ،المطبعة الجهوية ،قسنطينة ،1996 ،ص.3.
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 300 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
يدخل التعبير السياسي عبر الوسائط الرقمية ضمن الحريات االساسية التي تضمنها الدساتير(أ)غير ان
التعبير السياسي المعارض كثي ار ما يتم اعتباره من طرف السلطة السياسية مسا بأمن الدولة والنظام العام
(ب).مما جعله محل جدل بين انصار المنظور الحقوقي والمدافعين عن المنظور السيادي.
ان كانت رقابة الدولة على االنترنت حقا مشروعا لها لحماية سيادتها وأمنها ونظامها العام لما يمثله
االنترنت من وسيلة خطيرة لإلجرام بكل أنواعه ،فإنه يثور الجدل على وجه خاص حول الرقابة على المواقع
والمدونات السياسية التي تشكل فضاءات للتعبير الحر والمعارض .إذ تتخوف المنظمات الحقوقية من االزدياد
الكبير لتدخل الدول لعرقلة تداول ونشر المعلومات وحجب المواقع الرقمية السياسية المعارضة .وتسعى هذه
المنظمات جاهدة الى وضع ضوابط قانونية دولية لهذا التدخل الذي ترى فيه تضييقا لحريات التعبير واإلعالم
واالختالف السياسي.
كما دأبت هذه المنظمات على إعداد تقارير دورية حول مدى احترام الدول للحريات الرقمية ،وإصدار
توصيات لتخفيف وطأة هذه الرقابة وتحرير التعبير االلكتروني تطبيقا للمادة 19من االعالن العالمي لحقوق
االنسان .1ومن ذلك التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية سنة 2009الذي يوصي بتخفيف الرقابة على
االنترنت وتقليص التجريم عن نشاطات االنترنت وتوفير الضمانات القانونية لحماية خصوصية االتصاالت
2
االلكترونية.
غير ان االشكالية القائمة تكمن في تصور العالقة بين حرية التعبير السياسي المعارض ومفهوم امن
الدولة؛ فبينما تعتبر المنظمات الحقوقية النشاط السياسي المعارض في االنترنت ضمن حريات التعبير واإلعالم
المكرسة في الدساتير والمواثيق واإلعالنات الحقوقية الدولية ،فإن السلطة السياسية في الكثير من الدول غالبا ما
ترى في هذا النشاط "تحريضا" يهدد استقرارها وأمنها ونظامها العام .وقد يكون ذلك صحيحا عندما يستخدم حق
التعبير واإلعالم الرقمي للدعوة الى الفوضى والعنف وخرق القوانين ،كما قد يكون مجرد ادعاء بسبب الخلط بين
مفهوم كل من الدولة والسلطة التنفيذية في البلدان التي لم تبلغ الدرجة الكافية من النضج الديمقراطي ،إذ يؤدي
هذا الخلط الى اعتبار كل معارضة للسلطة التنفيذية "مسا بأمن الدولة" ،ويساعد على ذلك قابلية هذا المصطلح
تنظر التقارير الدورية لمنظمة العفو الدولية حول حقوق االنسان والحقوق والحريات الرقمية في العالم في موقعها: 1
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 301 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
للتفسير حسب السلطة التقديرية للقضاء .واعترافا بالطبيعة الخاصة لهذه الجرائم التي تتداخل مع حرية المعارضة
السياسية يستعمل بعض الحقوقيين مصطلح "الجريمة السياسية" للداللة على جرائم امن الدولة.
ظهر اتجاه تجريم االنشطة السياسية المعارضة التي تهدد نظام الحكم واألمن العام وتشديد العقوبات عليها
في فرنسا وانكلت ار منذ اواخر القرن التاسع عشر والنصف االول من القرن العشرين لمحاربة الفوضويين ،كما
اقرت الواليات المتحدة االمريكية هذه الجرائم بعد الحرب العالمية الثانية لمحاربة االحزاب الشيوعية التي اصبحت
تهدد امنها 1.وأطلق اصحاب المذهب الفردي الحر على هذه الجرائم مصطلح "الجريمة السياسية"؛ ولعل اهم
تعريف للجريمة السياسية هو ذلك الذي وضعه المؤتمر الدولي لتوحيد القوانين العقابية المنعقد سنة 1935في
كوبنهاقن ،حيث يعرفها أنها كل جريمة ترتكب اعتداء على نظام الدولة السياسي وحقوق المواطنين
السياسية.2
ويرى اصحاب المذهب الفردي الحر إن للجريمة السياسية او الجرائم على امن الدولة 3طبيعة خاصة وان
المجرم السياسي ليس بالضرورة خصما للمجتمع والدولة ،وإنما هو معارض للسلطة وأجهزة الحكم وهي اشكال
عارضة ومتغيرة ،بل ان المجرم السياسي –حسبهم -داعية اصالح وتغيير،وبالتالي فال بد من تخفيف العقوبة
4
عليه كما ذهب الى ذلك الكاتب الفرنسي قيزو .Gizou
ويضيفون إن خطورة تكييف النشاط السياسي المعارض كجرائم امن الدولة تتمثل في كون هذه االخيرة
غير محددة بدقة مادام أن االمن من االمور النسبية الذي يكون عرضة للتبديل والتغيير ...وذلك الن طبيعة
الجرائم الماسة بأمن الدولة في اصلها وماهيتها غير معينة المعالم واالطراف.5باإلضافة الى ذلك تعد هذه
1
; Denis Szabo, « Le délit idéologique », in Liberté, Volume 8, numéro 1 (43), janvier–février
1966, pp.9-10. Consulté le 4/09/2021, https://id.erudit.org/iderudit/30034ac..
2عبد الحميد الشواربي ،الجرائم السياسية وأوامر االعتقال وقانون الطوارئ ،منشاة المعارف ،اإلسكندرية ،1989 ،ص.37.
يستخدم المشرع الجنائي في بعض الدول العربية مثل سوريا وليبيا مصطلح "الجريمة السياسية" بينما تستخدم دوال اخرى مثل مصر 3
واألردن والجزائر مصطلح "الجرائم ضد أمن الدولة" .أنظر :عبد الحميد الشواربي ،الجرائم السياسية ،ص.10.
كان للكاتب والمؤرخ والوزير الفرنسي قيزو ( )1974-1887دو ار بار از في نشر هذه النظرية من خالل مؤلفاته في بداية القرن 4
قانون جنائي دولي ،إشراف د.رمزي حوحو ،كلية الحقوق والعلوم السياسية،قسم الحقوق ،جامعة محمد خيدر ،بسكرة-2015 ،
،2016ص 47.وما بعدها.
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 302 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
الجرائم من أخطر الجنايات التي تترتب عنها أقسى العقوبات على المتهمين مثل اإلعدام والسجن المؤبد ،كما
1
تتميز باللجوء الى التجريم المبكر بهدف القضاء على الخطر المهدد ألمن الدولة قبل وقوعه.
لكن يرد على هؤالء أنه يمكن التذرع بحرية التعبير السياسي إلثارة القالقل واالضطرابات الخطيرة التي
تمس فعال باألمن والنظام العام وتهدد استقرار الدول ،بل قد تؤدي هذه االضطرابات الى صراع مسلح أو حروب
أهلية مدمرة تقوض اركان الدولة ،كما حدث في العشريتين االخيرتين في العراق وسوريا وليبيا .وبناء عليه يحق
للدولة تقييد التعبير واإلعالم السياسي المعارض والتجريم المبكر ألي نشاط يهدد كيانها وتشديد العقوبة عليه
بصفة وقائية.
ويتبين مما سبق الضرورة القصوى لوضع ضوابط قانونية واضحة ودقيقة لتكييف الجرائم المرتكبة ضد
امن الدولة في الفضاء السيبراني دون افراط او تفريط ،حتى ال تتحول حرية التعبير السياسي المعارض الى
وسيلة إلثارة الفوضى أو تهديد امن الدولة من جهة ،أو ان تكون مبر ار في يد السلطة التنفيذية لالنتقام من
المعارضين السياسيين السلميين من جهة اخرى .وهذا ما تسعى اليه جاهدة مختلف المنظمات الحقوقية الدولية
من خالل جملة من االعالنات الحقوقية الدولية.
الفرع الثاني :االعالنات الحقوقية الدولية لحماية حرية التعبير واإلعالم الرقمي
تبذل المنظمات الحقوقية جهودا حثيثة على المستوى الدولي لبلورة مجموعة قواعد وضوابط متفق عليها
لممارسة الحريات الرقمية وحماية رواد االنترنت بواسطة إخضاع رقابة الدول الى ضوابط قانونية دولية متفق
عليها .إذ أدى النقاش المحتدم حول الحقوق الرقمية الى إصدار عدة اعالنات دولية للدفاع عن الحرية الرقمية
وكبح جماح رقابة الدول عليها.
ومن جملة هذه االعالنات العديدة نذكر على سبيل المثال ال الحصر إعالن المبادئ الصادر عن القمة
العالمية لمجتمع المعلومات في جنيف سنة 2003ثم تونس سنة ،2005الذي أكد في البند الرابع على مبدأ
حرية التعبير واالتصال وضمان حق الجميع في النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت على قدم المساواة
مع تأكيد البند السادس على احترام سيادة الدول .2كما اصدر مجلس حقوق االنسان التابع لألمم المتحدة
باإلجماع سنة 2012توصية تقر بتمتع االنسان بحرية التعبير –مثلها مثل الحريات األخرى-في المجال الرقمي
باعتباره مجاال ح ار ومفتوحا ،طبقا للمادة 19من االعالن العالمي لحقوق االنسان والميثاق الخاص بالحقوق
2
UIT, Sommet mondial sur la société de l’information, Déclaration des principes, Construire la
société de l'information: un défi mondial pour le nouveau millénaire, Genève 2003-Tunis,
2005.Consulté le 25/07/2021,www.itu.int/dms_pub/itu-s/md/03/wsis/doc/S03-WSIS-DOC-
0004!!PDF-E.pdf.
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 303 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
المدنية والسياسية 1.وأصدرت عدة منظمات حقوقية ما سمي بـ "إعالن حقوق رواد االنترنت" بتاريخ 19جوان
2009والذي تاله اعالن سنة 2012يحمل نفس العنوان بالواليات المتحدة االمريكية كان من موقعيه الرئيس
االمريكي آنذاك باراك اوباما .2بينما انتهت اعمال واستشارات خبراء الخصوصية والمنظمات الدولية المختصة
باالنترنت مثل مؤسسة الحدود الرقمية ومؤسسة الحقوق الرقمية االوروبية وغيرها منذ اجتماع بروكسل سنة
3
،2012الى إصدار وثيقة "المبادئ الدولية لتطبيق حقوق االنسان فيما يتعلق بمراقبة االتصاالت" سنة .2014
4
وتتمثل هذه المبادئ التي ينبغي ان تخضع لها رقابة الدول على االنترنت -حسبها-في 13مبدأ ،أهمها:
-مبدأ القانونية والمشروعية بأن تكون الرقابة طبقا للقانون وألهداف مشروعة تتعلق بغرض قانوني
ضروري لوجود مجتمع ديمقراطي،
-ان ال ُيلجأ الى االجراء إال كضرورة قصوى مثل احتمال وقوع جريمة كبرى ،وال يكون إال بعد استنفاذ
اساليب التحري االخرى،
-أن ُيتخد القرار من سلطة قضائية كفئة مستقلة ومتخصصة في تقنيات االتصال،
-إخطار االفراد مسبقا بوجود إذن بمراقبة اتصاالتهم لتمكينهم من الطعن في القرار،
-إصدار تشريعات تجرم المراقبة غير القانونية لالتصاالت التي تمارسها الدولة او الخواص،الخ.
لكن بغض النظر عن الجانب االيجابي لهذه االعالنات الحقوقية التي تعزز وتحمي حرية التعبير
واإلعالم في الفضاء الرقمي على المستوى الدولي من بطش االنظمة السياسية غير الديمقراطية ،فإن ذلك قد
يخفي محاوالت الدول الكبرى في كسر أي مقاومة لهيمنتها على الشبكة العنكبوتية والتدخل في شؤون الدول
الضعيفة وانتهاك سيادتها بسبب تحكمها التكنولوجي في االنترنت.
ذلك ان هيمنة الدول الكبرى مثل الواليات المتحدة االمريكية على االنترنت وتمتعها بالقدرة على التجسس
على الدول والتدخل في شؤونها الداخلية وتوجيه االحداث السياسية فيها ،ينذر بخطورة تحويل هذه الدول الى
"مستعمرات رقمية" حقيقية .5إذ كثي ار ما استخدم شعار الدفاع عن حريات التعبير واإلعالم الرقمي من طرف
1
Nations unies, Assemblée générale, Conseil des droits de l’homme, Vingtième session,
Résolution,A/HRC/20/L.13, adoptée le 29 juin 2012.Consulté le 05/08/2021,
https://www.unaf.fr/IMG/pdf/g1214711.pdf.
https://fr.wikisource.org/wiki/Wikisource:Accueil; Consulté le 24 septembre 2019.2
3الخصوصية وسعي الدولة للرقابة االلكترونية الشاملة ،مركز هاردو لدعم التعبير الرقمي ،القاهرة،2017 ،ص .7.ملف رقمي،
تاريخ اإلطالع14 :أفريل،2021متاح على الموقعhttp://www.hrdoegypt.org/ :
4
نفس المرجع ،ص ص.11 - 7.
تتحكم االيكان( ICANNمنظمة االنترنت لألسماء واألرقام المخصصة Internet Corporation for Assigned Names 5
)and Numbersفي مكونات االنترنت على المستوى العالمي.كما تحتكر الواليات المتحدة االمريكية الجذر الموزع للمواقع
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 304 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
هذه الدول كمطية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول االخرى وضرب استقرارها وإثارة القالقل واالضطرابات كما
حصل في العراق وسوريا وليبيا،الخ.
والشك ان هذه االعتبارات تزيد من إصرار الدول على الدفاع عن سيادتها السيبرانية بواسطة ضبط
ممارسة حرية التعبير واإلعالم في الفضاء السيبراني بما يتماشى مع حماية امن االشخاص وحرمتهم باإلضافة
الى امن الدولة والنظام العام.
المبحث الثاني
الضوابط التشريعية والتنظيمية لحرية التعبير واإلعالم الرقمي وفق المنظور السيادي
بغض النظر عن التحوالت االيجابية العميقة الذي جاءت بها الثورة الرقمية ،فإنها فتحت المجال واسعا
لكل االخطار المترتبة عن الحرية المطلقة في استعمال هذه الوسائل وسرعتها وصعوبة تحكم الدول فيها .وأدى
ذلك الى توسع المفهوم التقليدي لسيادة الدولة ليشمل الفضاء الرقمي الذي يمثل بعدا استراتيجيا هاما ألمن الدولة
وسيادتها واستقاللها .ومن هذا المنطلق فقد ظهر مفهوم "السيادة السيبرانية" الذي يعني الحق الشرعي للدولة في
التنظيم القانوني لفضائها الرقمي والرقابة عليه لمواجهة االخطار على أمنها وأمن األفراد (المطلب االول)؛ وبناء
عليه وضع المشرع الجزائري عدة تشريعات وتنظيمات وآليات لضبط حرية التعبير واإلعالم الرقمي بما يتماشى
مع مقتضيات حماية امن الدولة واألشخاص والنظام العام(المطلب الثاني).
يستمد حق الدولة في الرقابة على الفضاء الرقمي شرعيته من مفهوم السيادة التي تتمتع بها على اقليمها.
ذلك أن الفضاء السيبراني بات جزءا من سيادة الدولة باعتباره فضاء استراتيجيا للصراع بين الدول للسيطرة على
شبكات تداول المعلومات ال يقل اهمية عن االقليم االرضي والجوي ،وهو ما بات يسمى ب"السيادة
السيبرانية"(الفرع االول) .كما تستمد الدولة حقها في ضبط حرية التعبير واإلعالم في الفضاء الرقمي من واجبها
في دفع االخطار الكبيرة التي تهدد أمن الدولة وأمن األشخاص (الفرع الثاني).
يعرف مصطلح "السيادة السيبرانية" الذي لم يحظى بعد بالتنظير الفقهي الالزم ،حسب مدونة ويكيبيديا انه
رغبة الحكومات في ممارسة السيطرة على اإلنترنت داخل الحدود الوطنية التابعة لهذه الحكومات ،ويتضمن
ذلك النشاطات السياسية واالقتصادية والثقافية والتقنية 1.ويرتبط ذلك بشكل كبير بمفهوم "االمن السيبراني-
على الدول والمجاالت التنظيمية.انظر:د.فائز ذنون جاسم" ،تأثير االنترنت على مبدأ السيادة" ،العراقية ،المجالت األكاديمية
العلمية ،2015 ،ص ،337.تاريخ اإلطالع جوان ،2021الرابط..https://www.iasj.net iasj :
1
https://ar.wikipedia.org/wiki/. Consulté le 10/12/2019.
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 305 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
"sécurité cybernétiqueوتحكم الدولة في انظمة الشيفرة وحماية المعطيات ومراقبتها.1كما يقترب من
مصطلح "حوكمة االنترنت" الذي يقصد به تحكم الدولة في هذه الوسيلة التواصلية وفقا لقواعد متفق عليها مع
مختلف الفاعلين.إذ يعرفه فريق العمل لألمم المتحدة سنة 2004على انه تطوير وتطبيق من قبل
الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني ،كل بحسب دوره ،للمبادئ المشتركة ،والمعايير ،والقواعد،
وإجراءات صنع القرار ،والبرامج التي تشكل تطور واستخدام اإلنترنت.2
وفي الواقع تتفق هذه المصطلحات في معنى عام يمكننا على أساسه ان نعرف السيادة السيبرانية انها
تحكم الدولة في الفضاء السيبراني داخل إقليمها وفقا لمبدأ الشرعية بناء على واجبها في حماية أمن األفراد
وأمنها من االخطار التي تهدده ،باعتبار الفضاء السيبراني مجاال حيويا لسيادتها يضاهي المجال الجغرافي.
ومن الالفت للنظر تنامي وعي الدول بشكل كبير بضرورة حماية سيادتها السيبرانية بالنظر الى تزايد
خطورة االجرام الرقمي على امنها الداخلي وسيادتها.إذ حذرت منظمة الشرطة الدولية-االنتربول من الخطورة
الكبيرة لإلجرام الرقمي الذي يستعمل أنظمة معلوماتية متطورة جدا ،كما أجرت عدة عمليات بمختلف المناطق
3
لمحاربة القرصنة االلكترونية.
وتكمن خطورة الجريمة الرقمية على سيادة الدول وإمكانية تسترها بحرية التعبير واإلعالم في كونها جريمة
عابرة للقارات وللحدود التقليدية للدول ،وان "المجرم المعلوماتي" قد يكون شخصا متفوقا في التحكم في تقنية
االنترنت مما يمكنه اإلفالت من العقاب ،وأخي ار بكونها جريمة ناعمة صعبة االثبات بسبب وسائل الخداع والتضليل
4
المستعملة فيها.
نتيجة لهذه االعتبارات تتمسك الدول بحقها في حماية سيادتها السيبرانية من خالل بسط يد الرقابة على
الفضاء السيبراني بغض النظر عما يثيره ذلك من قلق وانتقادات المنظمات الحقوقية .وتتم هذه الرقابة من خالل
الطرق الثالثة السائدة وهي :الحجب blocageوالغربلة filtrageوحذف المحتوى suppression de
1
Jean-Gabriel Ganascia, Eric Germain, Claude Kirchner, La souveraineté à l'ère du
numérique:Rester maîtres de nos choix et de nos valeurs, CERNA,EDITION PROVISOIRE, 27
mai 2018,pp.15,16,22.Consulté le 27/05/221, http://cerna-ethics-
allistene.org/digitalAssets/55/55160_AvisSouverainete-CERNA-2018-05-27.pdf.
2د .منى األشقر جبور ،حوكمة اإلنترنت بين المشاركة والسيطرة ،المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية ،بيروت،2018 ،
ص.6 .
3من هذه العمليات عملية Night furyو عملية ،syber surgeالخ .انظر موقع المنظمة:
https://www.interpol.int/fr/Infractions/Cybercriminalite
4نمديلي رحيمة ،خصوصية الجريمة االلكترونية في القانون الجزائري والقوانين المقارنة،اعمال المؤتمر الدولي الرابع عشر :الجرائم
االلكترونية ،طرابلس ،لبنان 25-24 ،مارس ،2017مركز جيل البحث العلمي ،أعمال المؤتمرات ،ص 121.وما بعدها.تاريخ
اإلطالع ،2021/6/21الرابطhttp://jilrc.com/wp-content/uploads/2017/03/.pdf :
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 306 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
1.contenuبينما تسعى دول مثل فرنسا الى التحرر من الهيمنة الرقمية للواليات المتحدة والصين ،بسبب تحكم
هاتين الدولتين واحتكارهما لتقنيات متقدمة تسمح لهما باستخدامها كوسائل للتجسس والتدخل في الشؤون الداخلية
2
للدول لتجعل منها في النهاية "مستعمرات رقمية".
الفرع الثاني :حق الدولة في الرقابة على االنترنت لمواجهة االخطار على أمنها وأمن االشخاص
يقوم حق الدول في الرقابة على االنترنت على حقها في حماية سيادتها السيبرانية اعتبار االخطار الكبرى
التي يمثلها الفضاء السيبراني .وتتمثل أهم هذه األخطار في قضايا االمن السيبراني ( )Security Cyberالتي
الصينية سنة 2017بمشاركة 5آالف مختص
ّ عالجتها القمة العالمية لالنترنت المنعقدة في مدينة «غانغ»
وعشرات المنظمات المختصة 3.ويمكن تلخيصها فيما يلي:
-استخدام االنترنت من طرف الجماعات االرهابية كوسيلة لتجنيد التابعين لها وتنفيذ جرائمها ،كما بات االنترنت
فضاء إلثارة القالقل واالضطرابات التي تهدد امن الدول واستقرارها،
-استخدام االنترنت لبث الكراهية والتفرقة العنصرية والفتنة من طرف الجماعات اليمينية أو الدينية المتطرفة،
وهو ما يمس باألمن السياسي واالجتماعي والروحي للدول،
-تمثل االنترنت وسيلة الرتكاب مختلف الجرائم الماسة باألشخاص كاإلتجار بالبشر والجرائم الماسة بالشرف
واألخالق العامة ،وجرائم االتجار بالمخدرات،
-االخطار التي يمثلها االنترنت على الخصوصية الشخصية لألفراد ،حيث اشار بيان القمة السالفة الذكر الى
عية تؤثّر في العالقات بين األفراد ،على نحو ال يمكن تعويضه باألموال وحدها ،إذ
انهنالك أخطار اجتما ّ
الشخصية ،مع مالحظة
ّ شن حمالت ضد اآلراء
تتضمن عمليات التشهير باألفراد عبر سرقة صور حميمة ،أو ّّ
1 Free Word Center, Liberté d’expression et TIC, aperçu des normes internationales, Report,
London, 2013,pp.17 et s.pdf,Consulté le 10/8/2021,
https://www.article19.org/fr/resources/freedom-expression-icts-overview-international-
standards/.
2تسعى فرنسا،حسب تصريح و ازرة الدفاع والجمعية الوطنية(الغرفة السفلى للبرلمان) الى التخلي عن محرك بحث قوقل واعتماد
محرك Qwantكوانت الفرنسي-االلماني لتحقيق "سيادتها الرقمية"،حتى ال تصبح"مستعمرة رقمية" للواليات المتحدة والصين.إذ
أكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في تصريح بتاريخ 12نوفمبر 2018عن سعي فرنسا للتخلص من هيمنة الشركات
التكنولوجيا االجنبية االمريكية والصينية لالنترنت.أنظر فرنسا توقف استخدام "غوغل" حفاظاً على "السيادة
الموقع: ،2021 أوت 25 اإلطالع: تاريخ ،2018/11/23 مستقلة، الكترونية الرقمية،"المدن-جريدة
. https://www.almodon.com
قمة اإلنترنت تُبرز أسئلة عن سيادة القانون في الفضاء السيبراني ،جريدة الحياة االلكترونية 13 ،فبراير
خالد عزبّ ،
3
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 307 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
كما حذرت منظمة الشرطة الدولية عدة مرات من االخطار المنبثقة عن التطور الرقمي الهائل والسريع
الذي يجعل من االنترنت مصد ار كبي ار للتهديدات على امن الدول واألفراد 3،السيما ان هذا التطور ينفلت عن
تحكم اغلب الدول بسبب تأخرها في التحكم في التكنولوجية الرقمية بما بات يسمى ب ـ"الهوة الرقمية" .وبناء عليه
فقد أقر فريق من خبراء القانون الدولي في وثيقة ميثاق جوهانسبورغ التي اصدروها في 1اكتوبر 1995بحق
الحكومات في تقييد حق التعبير والتدفق الحر للمعلومات إذا كان ذلك يهدد امنها القومي أو االخالق العامة،4
كما يسعى االتحاد الدولي لالتصاالت منذ 2006الى بلورة مبادرات لتعزيز األمن السيبراني العالمي ،وإرساء
5
الثقة واألمن في مجتمع المعلومات.
المطلب الثاني :التشريعات واآلليات الضابطة لحرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري
استدعت التهديدات التي تمثلها الحرية الرقمية المطلقة كما سلف بيانها ،المشرع الجزائري كغيره في
االنظمة المقارنة الى وضع منظومة قانونية ومؤسساتية للحماية من مختلف الجرائم الرقمية المتعلقة بأمن الدولة
واألفراد .ولبحث مذهب المشرع الجزائري في هذا الصدد يجب التمييز بين الجرائم التقليدية الناتجة عن الممارسة
غير القانونية لحرية التعبير واإلعالم باستخدام الفضاء الرقمي ،وهي التي تخضع لقانون العقوبات باإلضافة الى
1
خالد عزب ،مرجع سابق.
جامع مليكة ،حماية المستهلك المعلوماتي ،رسالة دكتوراه في القانون الخاص ،إشراف أ.د .بودالي محمد ،كلية الحقوق والعلوم 2
السياسية ،قسم الحقوق ،جامعة جياللي اليابس ،سيدي بلعباس ،2018-2017 ،ص.290.
اصدرت منظمة الشرطة الدولية االنتربول سنة 2020عدة منشورات تحذر من االجرام السيبراني ،كما قامت بحملة "الجريمة 3
االلكترونية جريمة فعلية" لتوعية مستخدمي االنترنت من خطورة هذه الجرائم مثل االحتيال و القرصنة االلكترونية والجرائم
الجنسية ،الخ .انظر الموقع:
https://www.interpol.int/ar/1/1/2020/OnlineCrimeIsRealCrim
4منظمة العفو الدولية ،الحرية الزائفة :الرقابة على االنترنت في الشرق األوسط وشمال إفريقيا ،مارس ،2006ص ص -17.
،18تاريخ اإلطالع 10جوليت ،2021الموقع.https://www.hrw.org › mena1105 › introtunis :
مثل برنامج األمن السيبراني العالمي (المراجع في غواداالخا ار سنة ،(2010والمبادرة العالمية لمكافحة اإلرهاب السيبراني 5
قانوني حماية الخصوصية ومحاربة خطاب الكراهية والتمييز،بحيث أنشئت هيئات وآليات رقابية مختلفة للحماية
منها(الفرع األول)؛ وتلك المتعلقة بمخالفة القواعد التنظيمية التي تضبط الصحافة االلكترونية باعتبارها مهنة
منظمة (الفرع الثاني).
الفرع األول :األحكام الجزائية واآلليات الرقابية المتعلقة بجرائم التعبير واإلعالم الرقمي
باإلضافة الى الجريمة االلكترونية البحتة المتعلقة بأنظمة المعلومات ،فإن سوء استخدام حرية التعبير
واإلعالم في الفضاء الرقمي كثي ار ما يؤدي الى اقتراف جرائم تخضع الى قانون العقوبات ،سواء كانت هذه
الجرائم ضد أمن الدولة والنظام العام مثل جرائم التعدي على الدفاع واالقتصاد الوطني والسالمة الترابية وغيرها
(أوال)؛ أو ضد األفراد مثل جرائم انتهاك الخصوصية والقذف والسب وإفشاء األسرار،الخ (ثانيا).
ان حرية التعبير واإلعالم في الفضاء الرقمي قد تستخدم كمطية الرتكاب جرائم خطيرة تمس بأمن الدولة
والنظام العام ،سواء كان ذلك بتوفر القصد الجنائي أو بسبب الممارسة غير الواعية وغير الحذرة والمتهورة لهذه
الحريات .وتشمل الجنايات والجنح الماسة بأمن الدولة في القانون الجزائري مجموع الجرائم التي نصت عليها
المواد من 61الى 101من قانون العقوبات ،وهي جرائم الخيانة والتجسس (المواد 61الى )64وجرائم التعدي
على الدفاع واالقتصاد الوطني(المواد 65الى )76وجرائم االعتداء على سلطة الدولة وسالمة ارض
الوطن(المواد 77إلى ،)83وأخي ار جرائم التقتيل والتخريب والجرائم االرهابية والمساهمة في حركات التمرد
والتجمهر(المواد 84الى .)101بينما تشمل الجرائم المتعلقة بالنظام العام تلك المنصوص عليها في المواد
المتضمن تعديل قانون العقوبات فقد جرم 1
144الى 175من قانون العقوبات .وبموجب القانون 06-20
المشرع الجزائري وفق المادة 196مكرر إحدى الوقائع التي غالبا ما تتم اليوم باستخدام الوسائط الرقمية
السيبرانية ،وهي نشر وترويج االخبار الكاذبة التي تمس باألمن والنظام العموميين.
في هذه الجرائم التي يستعمل فيها الكالم والمعلومة والصورة أو إحداها ،تستغل حريات التعبير واإلعالم
المكفولة دستوريا من طرف بعض االشخاص لالعتداء على اآلخرين واإلضرار بهم معنويا وماديا .وبسبب
استخدام الفضاء الرقمي يكون الضرر بالغا وجسيما جدا لما لهذه الوسائل من فعالية فائقة في النشر والسرعة،
القانون 06-20المؤرخ في 28أفريل ،2020يعدل ويتمم االمر 156-66المؤرخ في 8جوان ،1966المتضمن قانون 1
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 309 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
مما يجعل غالبا من المستحيل على أي طرف جبر الضرر الذي لحق بالضحية بعد انتشار المعلومة وتسجيلها
من طرف آالف الرواد.
ويشمل هذا الصنف كل الجرائم الواقعة على االفراد والتي يستخدم في اقترافها الفضاء الرقمي السيبراني،
مثل جرائم انتهاك الخصوصية(المواد 303مكرر وما بعدها من قانون العقوبات) ،1وجرائم القذف واالعتداء
على شرف واعتبار االشخاص (المواد 296الى 299من نفس القانون) ،وجريمة تحريض القصر على الفسق
والدعارة (المادة 342عقوبات)،2الخ.....
باإلضافة الى االحكام الواردة في قانون العقوبات فقد كرس المشرع الجزائري قوانين خاصة لمكافحة بعض
الجرائم الخطيرة الشائعة في وقتنا الحاضر ،والتي غالبا ما يستخدم في اقترافها الفضاء الرقمي السيبراني،وهي
جريمتي االعتداء على الخصوصية وخطاب الكراهية والتمييز .فبموجب القانون 307-18المتعلق بحماية
المعطيات الشخصية لألشخاص الطبيعيين وضع المشرع الجزائري االطار القانوني لحماية المعطيات الشخصية
لألفراد ،مثل االصل االثني،المعتقدات والحالة الصحية والجينية للشخص،الخ(المادة.)2مع النص على عقوبات
صارمة قد تصل الى الحبس لمدة 5سنوات لكل من ينتهك احكام حماية الخصوصية المقررة في هذا
القانون(المادة 54وما بعدها).
ويكتسي القانون 405-20المتعلق بالوقاية من التمييز ومكافحة خطاب الكراهية أهمية كبيرة لما تضمنه
من احكام تجرم خطاب الكراهية والتمييز الذي قد يقع فيه مستخدمو الوسائط الرقمية بمناسبة ممارستهم لحرية
التعبير واإلعالم الرقمي .وبموجب المادة 2فقرة 3فإن هذه الجريمة تكون مكتملة االركان مهما كانت الوسيلة
المستعملة ،كما ينص نفس القانون على جملة من العقوبات قد تصل الى 10سنوات سجنا لمن يرتكب هذه
الجرائم(المادة 30وما بعدها).
وفي رأينا فإن خطورة استعمال الوسائل الرقمية في هذه الجرائم على أمن االفراد وشرفهم وأسرارهم ،تستلزم
وضع تشريعات صارمة على مقترفيها في حالة استخدام هذه الوسائل،واعتبار ذلك ظرفا من الظروف المشددة
القانون 23-06المؤرخ في 20ديسمبر ،2006يعدل ويتمم االمر رقم 156-66المؤرخ في 8جوان 1966والمتضمن قانون 1
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 310 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
عند تكييف هذه الجرائم ،وذلك لما توفره الوسائط الرقمية من سرعة االنتشار وقوة التأثير وصعوبة جبر الضرر
الذي تحدثه.
بناء على واجب الدولة في الوقاية من الجرائم الرقمية وحماية امنها وسيادتها فقد نظم المشرع الجزائري
بموجب القانون 104-09المتعلق بجرائم االتصال واالنترنت كيفيات ممارسة الدولة لحقها في الرقابة على
االنترنت التي تشمل التعبير واإلعالم الرقمي.
غير ان رقابة الدولة على االتصاالت االلكترونية وتسجيل المحتويات التي تنص عليها المادة 3من هذا
القانون ،يجب ان تمارس وفقا لمبدأ الشرعية وضمان حقوق المواطنين وحرياتهم،إذ تشترط المادة 5-4ان يتم
ذلك بناء على إذن مكتوب من السلطة القضائية المختصة.
ولتفعيل احكام القانون 04-09أنشئ المشرع الجزائري مجموعة من الهيئات واآلليات الرقابية ،أهمها:
" -الهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات االعالم واالتصال ومكافحته" ،التي أعيد
تنظيمها بموجب المرسوم الرئاسي بموجب المرسوم الرئاسي 2439 -21الذي جاء بأحكام تدعم مبدأ
خضوع رقابة الدولة على االتصاالت الرقمية للقضاء،حيث تنص المادة 4منه على ان الهيئة تمارس
مهامها تحت رقابة السلطة القضائية ووفقا لقانون االجراءات الجزائية ،كما تنص المادة 14منه على ان
مديرية المراقبة الوقائية واليقظة االلكترونية تنفذ عمليات المراقبة للكشف عن الجرائم االلكترونية بناء
على اذن من مكتوب من السلطة القضائية.
" -السلطة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي" ،وأنشئت بموجب المادة 22من القانون
لتجسيد مبدأ حماية الخصوصية الذي نصت عليه مختلف اعالنات الحقوق الرقمية السالفة 3
07-18
الذكر .ويتضمن هذا القانون القواعد واألحكام التفصيلية المتعلقة بحماية االشخاص الطبيعيين عند
معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.
القانون 04-09المؤرخ في 5اوت ،2009يتضمن القواعد الخاصة للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال 1
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 311 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
" -المجلس الوطني ألمن االنظمة المعلوماتية" و"وكالة أمن االنظمة المعلوماتية"،وهما هيئتان تشملهما
المنظومة الوطنية ألمن االنظمة المعلوماتية الموضوعة لدى و ازرة الدفاع الوطني بموجب المرسوم
الرئاسي 1 05-20الذي يتضمن أحكام وضع هذه المنظومة وتنظيم وسير هياكلها.
-منح صالحية التحري في الجرائم المعلوماتية التي تمس الجيش الوطني الشعبي للمصلحة المركزية
للشرطة القضائية ألمن الجيش وفقا للمرسوم الرئاسي رقم 284-21؛2مع إنشاء قطب متخصص في
الجرائم السيبرانية وفقا للمادة 211مكرر 22من االمر .311-21
وضع المرسوم التنفيذي 332-20جملة من الشروط وااللتزامات الواجب توفرها في النشاط اإلعالمي
عبر االنترنت ،سواء تعلقت بالشخص المنشئ لجهاز االعالم عبر االنترنت أو بإجراءات التسجيل واالعتماد:
-الشروط المتعلقة بالشخص المنشئ لجهاز االعالم عبر اإلنترنت :تضع المادة 5من المرسوم جملة
من الشروط لعل أهمها هو وجوب حصول المدير المشرف على النشاط على شهادة جامعية متخصصة وتمتعه
بالجنسية الجزائرية واكتسابه خبرة ثالث سنوات في ميدان االعالم،الخ،وان يوظف على االقل صحفيا محترفا
واحدا بصفة دائمة(المادة ،)11كما يجب عليه التصريح بمصدر االموال التي تشكل رأسمال المؤسسة بأال تكون
المرسوم الرئاسي 05-20المؤرخ في 20جانفي ،2020يتعلق بوضع منظومة وطنية ألمن األنظمة المعلوماتية ،ج.ر .عدد 1
يونيو 2019المتضمن إحداث مصلحة مركزية للشرطة القضائية ألمن الجيش ومهامها وتنظيمها ،ج.ر.عدد ،56صادر بتاريخ
18جوليت ،2021ص.6.
االمر 11-21المؤرخ في 25غشت ،2021يتمم األمر 155-66المؤرخ في 7يونيو 1966المتضمن قانون اإلجراءات 3
أو التصحيح عبر الموقع االلكتروني ،ج.ر .عدد ،70صادر بتاريخ 25نوفمبر ،2020ص.19-13.
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 312 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
ذات مصدر اجنبي(المادة ،)7ويمنع ان يملك نفس الشخص الطبيعي او المعنوي اكثر من جهاز واحد لإلعالم
عبر االنترنت(المادة.)8
-الشروط المتعلقة بالتسجيل واالعتماد :تنص المواد 22وما بعدها على إلزامية ايداع تصريح مسبق
لدى السلطة المختصة بنشاط االعالم عبر االنترنت مرفق بملف مقابل وصل إيداع ،على ان يتم اصدار شهادة
التسجيل في مدة اقصاها 60يوما .كما يترتب عن أي توقف للنشاط لمدة 30يوما تجديد التصريح المذكور.
ويترتب عن مخالفة الشروط التنظيمية السالفة الذكر مجموعة من العقوبات االدارية الضبطية تضاف الى
العقوبات المنصوص عليها في القانون العضوي 05-12المتعلق باإلعالم .إذ تنص المواد 23الى 35على
ثالثة اجراءات ادارية ردعية تترتب عن مخالفة االحكام السالفة الذكر ،تتمثل في :اإلعذار ثم التعليق المؤقت ثم
سحب شهادة التسجيل.
تنص المادة 13على وجوب اتخاذ التدابير الالزمة من طرف المدير المسؤول عن جهاز االعالم عبر
االنترنت لمكافحة المحتوى غير القانوني والسيما كل محتوى يتضمن التحريض على الكراهية أو العنف أو
التمييز على أساس االنتماء الجهوي أو العرقي أو الديني أو الرأي السياسي أو االديولوجي أو نوع الجنس ،
مع الزامية إخطار الجهات المعنية .باإلضافة الى ذلك تنص المواد من 15الى 19على وجوب التزام المدير
بأحكام القانون 07-18المتعلق بحماية المعطيات الشخصية لألفراد ،ووجوب التقيد بتوصيات الدولة في مجال
امن المعلومات والتبليغ عن أي محتوى ناجم عن قرصنة ،مع االحتفاظ بكل المحتويات المنشورة وغير المنشورة
لمدة ال تقل عن 6اشهر .اما ما يتعلق باألضرار التي قد تترتب على االشخاص والهيئات بسبب المضامين
المنشورة عبر االنترنت فقد بينت احكام المواد 36الى 40االجراءات االدارية لممارسة حق الرد أو التصحيح
الوارد في المواد 100و 101من القانون العضوي 05-12المتعلق باإلعالم.
وبغض النظر عن اهمية هذا المرسوم في كبح جماح حرية التعبير واإلعالم عبر االنترنت وتقييدها
وضبطها بمقتضيات امن الدولة واألفراد ،فإن احكامه ال تنطبق –بموجب المادة 2منه -إال على الصحافة
الرقمية المهنية،وبالتالي فهي ال تسري على النشاط االعالمي الجماهيري الحر عبر االنترنت ،والذي تسجل في
كنفه اكثر الجرائم الرقمية انتشا ار ،خالفا للمفهوم الوارد في المادة 3من القانون العضوي 05-12المتعلق
باإلعالم والذي يشمل كل أنواع بث المعلومات واألفكار واآلراء كما سبق بيانه.
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 313 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
الخاتمة:
إن الموازنة بين المنظورين الحقوقي والسيادي في ضبط حرية التعبير واإلعالم في الفضاء الرقمي بات
أ ولوية البد من معالجتها في النظام القانوني ألية دولة ،بالنظر الى تزايد االستخدام الشعبي الواسع للوسائط
الرقمية في التعبير واإلعالم ،والنتائج القانونية الخطيرة المترتبة عن سوء استخدام هذه الحرية على امن الدولة
واألفراد على السواء.
ولئن كان المشرع الجزائري حقق تقدما محمودا في التنظيم القانوني للفضاء الرقمي بصفة عامة ،وضبط
حرية التعبير واإلعالم في الفضاء الرقمي بصفة خاصة في إطار مبدأ الشرعية ،من خالل التشريعات واآلليات
القانونية التي وضعها؛ فإننا نسجل مع ذلك التباسا تشريعيا في المصطلحات تترتب عنه انعكاسات هامة على
التكييف الجنائي للوقائع المتعلقة بالتعبير واإلعالم الرقمي:
-فبالنسبة لحرية التعبير الرقمي المضمونة دستوريا فإنها تخضع للرقابة التي تمارسها الدولة على االتصاالت
االلكترونية من حيث المحتوى المنشور ،وفقا لألحكام الجزائية المقررة في قانون العقوبات باإلضافة الى القانون
04-09المتعلق بالوقاية من الجرائم المعلوماتية ،والقانون 07-18المتعلق بحماية المعطيات الشخصية
والقانون 05-20المتعلق بالوقاية من التمييز وخطاب الكراهية.
-وبالنسبة للصحافة االلكترونية المحترفة ،فهي تخضع من حيث اجراءات التسجيل واالعتماد و المحتوى
المنشور ألحكام القانون العضوي 05-12المتعلق باإلعالم والمرسوم التنفيذي 232-20المتعلق بالنشاط
االعالمي االلكتروني.
غير إن االشكالية القائمة التي يبقى على المشرع الجزائري معالجتها تكمن في تداخل مصطلحي التعبير
واإلعالم في الفضاء الرقمي ،وممارسة النشاط االعالمي الرقمي بصفة يومية من طرف المواطنين كشكل من
اشكال التعبير الحر .إذ غالبا ما يتداخل التعبير الرقمي مع االعالم الجماهيري التفاعلي الذي تزداد سيطرته
على الساحة االعالمية واستقطابه للجماهير الواسعة على حساب الصحافة االلكترونية المحترفة والمنظمة
بموجب القانون .فإذا اعتبرنا االعالم الجماهيري الرقمي التفاعلي الذي يمارسه أي شخص عبر وسائل التواصل
االجتماعي ،ممارسة لحرية التعبير المضمونة دستوريا؛ فإن ترك االعالم الجماهيري دون تنظيم او ضبط قد
يجعل منه خط ار على امن الدولة واألفراد عندما يكون واسطة لنشر االشاعات واألخبار المغلوطة التي تمس
بالنظام العام وتلحق ضر ار بالغا بشرف االفراد واعتبارهم .ومن جهة أخرى ،لم تعد الجرائم الرقمية تقتصر على
التعدي على الخصوصية وخطاب الكراهية والتمييز وترويج االخبار الكاذبة الماسة بأمن الدولة .بل ان هذه
االخيرة في تطور كمي وكيفي مستمر حتى ان رقعتها اتسعت لتشمل كما هائال من الجرائم.
وبناء عليه ،فإن النظام القانوني الجزائري في حاجة ماسة الى مزيد من التشريعات لتنظيم ممارسة حرية
التعبير واإلعالم الجماهيري وضبطه بمقتضيات السيادة وحماية أمن الدولة واألفراد ،بواسطة بلورة تشريعات
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 314 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
1
وقوانين أكثر تفصيال وشموال ،تحدد بصفة دقيقة وواضحة أنواع الجرائم الرقمية وفق التصنيفات المعاصرة
والعقوبات التي تترتب عن كل منها ،وذلك دعما لمبدأ الشرعية الجنائية.
كما ينبغي تشديد االحكام العقابية المتعلقة بجرائم التعبير واإلعالم كلما تم استخدام الوسائط الرقمية في
ارتكابها ،واعتبار هذه الوسائط ظرفا مشددا بالنظر الى الضرر الكبير التي تسببه مقارنة بالوسائل التقليدية.
الى جانب ذلك ،ينبغي إخضاع آليات الرقابة التي تمارسها الدولة على الفضاء الرقمي للمبادئ التي
جاءت بها مختلف االعالنات الدولية حول الحقوق الرقمية خاصة مبدئي الشرعية وإشراف السلطة القضائية ،لما
لهذين المبدأين من أهمية بالغة في بناء دولة القانون والحريات.
قائمة المراجع
أوال :الكتب
.1الشواربي عبد الحميد ،الجرائم السياسية وأوامر االعتقال وقانون الطوارئ ،منشاة المعارف ،اإلسكندرية،
.1989
.2الطاهر محمد ،الحريات الرقمية (المفاهيم األساسية) ،مؤسسة حرية الفكر والتعبير ،القاهرة.2013 ،
.3د.منى األشقر جبور ،حوكمة اإلنترنت بين المشاركة والسيطرة ،المركز العربي للبحوث القانونية
والقضائية ،بيروت.2018 ،
.4بليبل نور الدين ،مفاهيم إعالمية ،ديوان المطبوعات الجامعية ،المطبعة الجهوية ،قسنطينة.1996 ،
.1جامع مليكة ،حماية المستهلك المعلوماتي ،رسالة دكتوراه في القانون الخاص ،إشراف أ.د .بودالي محمد،
كلية الحقوق والعلوم السياسية،قسم الحقوق ،جامعة جياللي اليابس ،سيدي بلعباس.2018-2017،
1ال يوجد تصنيف دولي متفق عليه للجرائم الرقمية نظ ار للتطور الهائل للتقنيات االجرامية في الفضاء الرقمي ،لكن توجد محاوالت
في هذا الصدد نذكر منها تصنيف المجلس االوروبي لهذه الجرائم في معاهدة سنة 2001إلى اربعة انواع هي :انتهاك
Conseil الخصوصية والمعطيات ،تزوير المعطيات،المحتوى المحظور،التعدي على الملكية الفكرية .أنظر :
de l’Europe, Convention sur la cybercriminalité, Budapest, 23-IX, 2001.
تاريخ اإلطالع 4 :ماي ،2021متاح على الرابطhttps://www.coe.int/fr/web/conventions/full- :
list?module=treaty-detail&treatynum=185؛ بينما صنف مكتب التحقيقات الفدرالي االمريكي في تقريره لسنة
2020الجرائم الرقمية الى 32نوعا من الجرائم باإلضافة الى "الجرائم االخرى"،إشارة الى الجرائم الرقمية الجديدة أو المعقدة
التي ال تدخل ضمن هذا التصنيف.أنظرF.B.I., Internet Crime Complaint Center, INTERNET CRIME :
.REPORT 2020.تاريخ اإلطالع 7 :افريل ،2021الرابط2020_IC3Report.pdf. :
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 315 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
.2عرشوش سفيان ،الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي(دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون) ،أطروحة دكتوراه
في الحقوق ،تخصص قانون جنائي دولي ،إشراف د.رمزي حوحو ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم
الحقوق ،جامعة محمد خيدر ،بسكرة.2016-2015 ،
ثالثا :المقاالت
.1د.فائز ذنون جاسم" ،تأثير االنترنت على مبدأ السيادة" ،العراقية ،المجالت األكاديمية العلمية ،2015 ،مقال
رقمي.
.2نمديلي رحيمة ،خصوصية الجريمة االلكترونية في القانون الجزائري والقوانين المقارنة ،أعمال المؤتمر الدولي
الرابع عشر :الجرائم االلكترونية ،طرابلس ،لبنان 25-24 ،مارس.2017
3. Denis Szabo, « Le délit idéologique », in Liberté, Volume 8, numéro 1 (43),
janvier–février, 1966.
4. Jean-Gabriel Ganascia, Eric Germain, Claude Kirchner, La souveraineté à l'ère du
numérique : Rester maîtres de nos choix et de nos valeurs, CERNA, édition
provisoire, 27 mai 2018.
اربعا :النصوص القانونية
.1الدستور الجزائري لسنة ،1963الصادر بموجب اإلعالن المؤرخ في 10سبتمبر ،1963الموافق عليه في
االستفتاء الشعبي يوم 08سبتمبر ،1963ج.ر.عدد ،64صادر بتاريخ 10سبتمبر( ،1963ملغى).
.2الدستور الجزائري لسنة ،1976الصادر بموجب األمر 79-76المؤرخ في 22نوفمبر 1976الموافق
عليه في االستفتاء الشعبي يوم 19نوفمبر ،1976ج.ر.عدد ،94صادر بتاريخ 24نوفمبر،1963
المعدل والمتمم.
.3الدستور الجزائري لسنة ،1989الصادر بموجب المرسوم الرئاسي 18-89المؤرخ في 28فيفري ،1989
الموافق عليه في االستفتاء الشعبي يوم 23فيفري ،1989ج.ر.عدد ،09صادر بتاريخ 1مارس.1989 ،
.4الدستور الجزائري لسنة ،1996الصادر بموجب المرسوم الرئاسي رقم 438-96المؤرخ في 7ديسمبر
،1996الموافق عليه في االستفتاء الشعبي يوم 28نوفمبر ،1996ج.ر.عدد ،76صادر بتاريخ 8
ديسمبر .1996
.5الدستور الجزائري لسنة ،2020الصادر بموجب المرسوم الرئاسي 442-20المؤرخ في 30ديسمبر
،2020المصادق عليه في استفتاء أول نوفمبر ،2020ج.ر.عدد ،82صادر بتاريخ 30ديسمبر.2020
.6اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،قرار األمم المتحدة 217ألف (د )3-المؤرخ في 10ديسمبر .1948
.7المرسوم الرئاسي رقم 67-89المؤرخ في 16ماي ،1989يتضمن االنضمام إلى العهد الدولي الخاص
بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،والبرتوكول
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 316 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
االختياري المتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،الموافق عليها من طرف الجمعية
العامة لألمم يوم 16ديسمبر ،1966ج.ر.عدد ،20صادر بتاريخ 17ماي .1989
.8القانون العضوي رقم 05-12المؤرخ في 12يناير ،2012يتعلق باإلعالم ،ج.ر.عدد ،02صادر بتاريخ
15جانفي .2012
.9القانون 04-82المؤرخ في 13فيفري 1982يعدل ويتمم االمر رقم 156-66المؤرخ في 8جوان
1966و المتضمن قانون العقوبات ،ج.ر.عدد ،7صادر بتاريخ 16فيفري .1982
القانون 23-06المؤرخ في 20ديسمبر ،2006يعدل ويتمم االمر رقم 156-66المؤرخ في 8 .10
جوان 1966والمتضمن قانون العقوبات ،ج.ر.عدد ،84صادر بتاريخ 24ديسمبر .2006
القانون 04-09المؤرخ في 5اوت ،2009يتضمن القواعد الخاصة للوقاية من الجرائم المتصلة .11
بتكنولوجيا االعالم واالتصال ومكافحتها ،ج.ر.عدد ،47صادر بتاريخ 16أوت.2009
القانون 07-18المؤرخ في 10جوان ،2018يتعلق بحماية االشخاص الطبيعيين في مجال معالجة .12
المعطيات ذات الطابع الشخصي ،ج.ر .عدد ،34صادر بتاريخ 10جوان .2018
القانون 05-20المؤرخ في 28أفريل ،2020يتعلق بالوقاية من التمييز وخطاب الكراهية،ج.ر .عدد .13
،25صادر بتاريخ 29أفريل .2020
المرسوم الرئاسي رقم 439-21المؤرخ في 7نوفمبر ،2021يتضمن إعادة تنظيم الهيئة الوطنية .18
للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات االعالم واالتصال ومكافحتها ،ج.ر.عدد ،86صادر بتاريخ 11
نوفمبر .2021
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 317 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
المجلد 16العدد 04السنة 2021ص ص319-294:
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
المرسوم التنفيذي رقم 332-20المؤرخ في 22نوفمبر ،2020يحدد كيفيات ممارسة نشاط اإلعالم .19
عبر االنترنت ونشر الرد أو التصحيح عبر الموقع االلكتروني ،ج.ر.عدد ،70صادر بتاريخ 25نوفمبر
.2020
.1منظمة العفو الدولية ،الحرية الزائفة :الرقابة على االنترنت في الشرق األوسط وشمال إفريقيا ،مارس .2006
.2حمدون إ.توريه األمين العام لالتحاد الدولي لالتصاالت وفريق الرصد الدائم ألمن المعلومات ،البحث عن
السالم السيبراني ،االتحاد الدولي لالتصاالت.2011،ITU،
.3الخصوصية وسعي الدولة للرقابة االلكترونية الشاملة،مركز هاردو لدعم التعبير الرقمي ،القاهرة.2017،
.4فرنسا توقف استخدام "غوغل" حفاظاً على "السيادة الرقمية ،المدن-جريدة الكترونية مستقلة ،تاريخ
النشر.2018/11/23
قمة اإلنترنت تُبرز أسئلة عن سيادة القانون في الفضاء السيبراني ،جريدة الحياة
.5خالد عزبّ ،
االلكترونية 13 ،فبراير .2017
6. Free Word Center, Liberté d’expression et TIC, aperçu des normes
internationales, Report, London,2013.
حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري :بين المنظور عبد هللا نوح
- 318 -
الحقوقي والمنظور السيادي
املجلة النقدية للقانون والعلوم السياسية
319-294: ص ص2021 السنة04 العدد16المجلد
كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تيزي وزو
https://www.coe.int/fr/web/conventions/full-list?module=treaty-
detail&treatynum=185
http://www.hrdoegypt.org/
.https://www.hrw.org › mena1105 › introtunis
.https://www.iasj.net iasj
https://www.interpol.int/ar/1/1/2020/OnlineCrimeIsRealCrim
https://www.interpol.int/fr/Infractions/Cybercriminalite
http://www.itu.int › dms_pub › itu-s › opb › gen/S-GEN-WFS.01-1-2911-MSW-
A.docx.
http://www.itu.int/dms_pub/itu-s/md/03/wsis/doc/S03-WSIS-DOC-0004!!PDF-E.pdf
.https://www.un.org
https://www.unaf.fr/IMG/pdf/g1214711.pdf
http://aohr.net/portal/?2015
/https://ar.wikipedia.org/wiki
http://cerna-ethics-allistene.org/digitalAssets/55/55160_AvisSouverainete-CERNA-
2018-05-27.pdf
https://fr.wikisource.org/wiki/Wikisource:Accueil
https://id.erudit.org/iderudit/30034ac
http://jilrc.com/wp-content/uploads/2017/03/.pdf
2020_IC3Report.pdf.
بين المنظور:حرية التعبير واإلعالم الرقمي في القانون الجزائري عبد هللا نوح
- 319 -
الحقوقي والمنظور السيادي