Professional Documents
Culture Documents
JOA - Volume 18 - Issue 4 - Pages 119-163
JOA - Volume 18 - Issue 4 - Pages 119-163
121
من جهة ،ومن جهة أخرى احترام الحق في الخصوصية وحماية المصلحة
العامة والنظام العام.
.7دراسة مزاري نصر الدين ( :)7()2017بعنوان "الوضعية القانونية لإلعالم
اإللكتروني في الجزائر في ظل التشريع اإلعالمي الجديد" هدفت إلى تحليل
النصوص القانونية والمواد التنظيمية التي خصصت لإلعالم اإللكتروني القانون
العضوي الجديد رقم 05-12المتعلق باإلعالم في الجزائر ،ومعرفة مدى
مسايرتها لمختلف التحوالت والمتغيرات التي تشهدها المنظومة اإلعالمية،
ومدى تأثير تلك النصوص على طبيعة ممارسة وسائل وأدوات اإلعالم
اإللكتروني ،وخلصت الدراسة إلى أن المشرع الجزائري وألول مرة يقنن هذا
النوع من الصحافة ،حيث أورد في القانون الجديد موادًا تتحدث عن النشاط
اإلعالمي عبر اإلنترنت إلى جانب وسائل اإلعالم اإللكترونية ،إال أن الدراسة
كشفت عن غموض اإلطار القانوني لإلعالم اإللكتروني ،ودعت المشرع
الجزائري في مجال اإلعالم إلى ضرورة وضع نسق قانوني يتعلق باإلعالم
اإللكتروني يتماشى مع متطلبات الحرية اإلعالمية.
.8دراسة موساوي عبد الحليم ( :)8()2016بعنوان "نطاق مشروعية النشر
الصحفي عبر اإلنترنت وأثره على حرية التعبير" هدفت إلى التعرف على نطاق
مشروعية النشر الصحفي عبر اإلنترنت وأثره على حرية التعبير في ضوء
قانون اإلعالم 07-90الجزائري والقانون الدولي ،وخلصت إلى ضرورة إقرار
منظومة قانونية توفر مناخ عمل مناسب للنشر الصحفي اإللكتروني من خالل
إجراء تعديالت شاملة في منظومة القوانين والتشريعات العربية السائدة
لتطهيرها من القيود المشددة المفروضة على حرية الرأي والتعبير والصحافة،
صا العقوبات السالبة
ومن العقوبات المغلظة المفروضة على الصحفيين ،وخصو ً
للحرية وذلك ضمانًا لحرية الرأي وتشجيع حق النقد والمشاركة والمكاشفة
والشفافية.
.9دراسة أروى تقوى ( :)9()2014بعنوان "المسئولية المدنية للمواقع
اإللكترونية اإلعالمية" هدفت إلى اإلجابة عن تساؤل رئيسي حول مسئولية
المواقع اإللكترونية اإلعالمية مدنيًا عن محتواها الضار أو غير المشروع ،من
خالل تحديد الشخص الذي يتحمل عبء المسئولية المدنية عن الضرر ويلتزم
بالتعويض عن هذا الضرر في ظل كثرة عدد األشخاص القائمين على عمل هذه
المواقع ،وبيان الحاالت التي تقوم فيها مسئولية المواقع اإللكترونية اإلعالمية،
وانتهت الدراسة إلى أن مسئولية الشخص المعني تتوقف على دوره في إدارة
الموقع وتشغيله ،ونوع الخدمة التي يقدمها ،وهل هذه من الخدمات التقنية أم
المعلوماتية ،وخلصت إلى أن نظام المسئولية المدنية للمواقع اإللكترونية
122
اإلعالمية يجمع بين القواعد التقليدية للمسئولية المدنية المبنية على الخطأ وبين
اإلعفاءات في القوانين الخاصة بمسئولية مزودي الخدمات على الشبكة.
.10دراسة سهل محمد نايف ( :)10()2014بعنوان "المسئولية المدنية لإلعالم
اإللكتروني عن انتهاك الحقوق اللصيقة بالشخصية" هدفت إلى بيان مسئولية
اإلعالم اإللكتروني المدنية في ضوء قانون المطبوعات والنشر األردني،
والتعرف على أبرز صور اعتداء اإلعالم اإللكتروني على الحقوق اللصيقة
بالشخصية ،وخلصت إلى أن إخضاع اإلعالم اإللكتروني لذات القانون الذي
تخضع له الصحف الورقية أمر يحتاج إلى إعادة نظر ،حيث إن هناك من المزايا
والفروقات بين كلي النوعين ما يصعب معه تنظيمهما تحت تشريع واحد.
.11دراسة أحمد الحاج ( :)11()2013بعنوان "المسئولية الجنائية لجرائم النشر
اإللكتروني في ضوء قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات اإلماراتي" هدفت
إلى التعر ف على طبيعة المسئولية الجنائية لجرائم النشر اإللكتروني في ضوء
قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات اإلماراتي ،وخلصت إلى أن النشر
اإللكتروني أصبح متا ًحا للكل في ظل غياب تشريع ينظم إنشاء مواقع الشبكة،
ويحدد ضوابط النشر ،وبذلك تبدو صعوبة تحديد المسئولية الجنائية خاصة إذا
كان الموقع الذي نشر المادة اآلثمة غير معروف أو يصعب الوصول إليه أو كان
النشر تحت اسم مستعار ،بخالف النشر التقليدي الذي تنظمه عادة ً قوانين
الصحافة والمطبوعات.
.12دراسة إبراهيم الزايد ( :)12()2011بعنوان "نطاق المسئولية الجزائية عن
جرائم الذم والقدح والتحقير المرتكبة من خالل المواقع اإللكترونية" هدفت إلى
التعرف على نطاق المسئولية الجزائية عن جرائم الذم والقدح والتحقير المرتكبة
من خالل المواقع اإللكترونية ،وبيان مدى إمكانية وقوع هذه النوعية من الجرائم
تحت القانون التقليدي المنصوص عليه في المادة 188من قانون العقوبات
األردني رقم 16لسنة ،1960وخلصت إلى أن النصوص التشريعية الحالية في
قانون العقوبات األردني غير قادرة على مواجهة هذه الجرائم ،وأوضحت
صعوبة التوسع في تفسير النص القانوني التقليدي لكي يشمل الجرائم المرتكبة
عبر المواقع اإللكترونية ال يصح في المواد الجزائية ،وطالبت الدراسة بسن
قوانين جديدة قادرة على مواجهة التطور التقني المتسارع والذي انعكس على
الجريمة وأساليب ارتكابها.
.13دراسة نواف حازم وخليل إبراهيم ( :)13()2011بعنوان "الصحافة اإللكترونية:
ماهيتها والمسؤولية التقصيرية الناشئة عن نشاطها" هدفت إلى رصد وتحليل
االلتزامات التي تقع على عاتق الصحفي اإللكتروني العراقي من خالل ما ينشره
أو يعرضه على المتلقين لهذه الصحافة ،وبيان المسئولية التقصيرية على
123
ضررا للغير ،وأوضحت ً الصحفي اإللكتروني إذا سبب خرق هذه االلتزامات
النتائج أن الصحافة اإللكترونية في العراق تخضع للقواعد العامة في المسئولية
التقصيرية ،وأن هناك صعوبات وإشكاليات في تحديد المسئولية في مجال
الصحافة اإللكترونية منها صعوبة تحديد المسئول ،والصفة العالمية لإلنترنت،
وتنازع القوانين ،وخلصت الدراسة إلى ضرورة وضع المشرع العراقي قانون
خاص ينظم فيه الصحافة اإللكترونية واإلعالم اإللكتروني.
.14دراسة محمد مزاولي ( :)14()2009بعنوان "المسئولية الجنائية لألشخاص
المعنوية عن الجرائم اإللكترونية في القانون الجزائري" هدفت إلى التعرف
على المسئولية الجنائية لألشخاص المعنوية عن الجرائم اإللكترونية في قانون
العقوبات الجزائري ،وخلصت إلى ضرورة إنتاج تشريعات تعكس تعامالً
موضوعيًا ومعمقًا مع إفرازات عصر التقنية ،آخذة بعين االعتبار الصعوبات
صا فيما يتعلق باإلثبات وتحديد الشخص المسئول جنائيًا، التي تثيرها وخصو ً
وكذلك مراعاة الخصوصية الفنية لمثل هذه الجرائم ذلك ألن االكتفاء بالقواعد
العامة يفلت مجاالت عديدة من المسئولية الجنائية لألشخاص المعنوية في غياب
المجرم.
ِّ النص
.15دراسة ضياء عبد هللا وعادل كاظم ( :)15()2008بعنوان "مدى مالءمة نظام
المسئولية التتابعية على جرائم الصحافة المرتكبة من خالل شبكة اإلنترنت"
هدفت إلى دراسة مدى مالءمة نظام المسئولية التتابعية على جرائم الصحافة
المرتكبة من خالل شبكة اإلنترنت في ظل وجود بعض السمات الخاصة بهذه
الوسيلة من وسائل اإلعالم والصحافة فيما يتعلق بتنوع الشبكات وتعدد
المتداخلين في تقديم هذه الخدمة ،وخلصت إلى أن تعقد األدوار التي يباشرها
المتدخلون في شبكة اإلنترنت يشكل عقبة أمام وضع تسلسل ترتيبي لألشخاص
من المسئولين في صحافة اإلنترنت كما هو الشأن في الصحافة المكتوبة او
الصحافة المرئية والمسموعة ،والبد من تطبيق القواعد العامة في المسئولية
الجنائية بحيث يسأل كل متدخل باعتباره فاعالً أو شري ًكا بحسب الدور الحقيقي
الذي يقوم به في ارتكاب الجريمة.
.16دراسة مريم محمد صالح ( :)16()2007بعنوان "المسئولية القانونية لجرائم
النشر الصحفي اإللكتروني" هدفت إلى دراسة مدى صالحية النصوص
التجريمية التقليدية لإلحاطة بكافة صور جرائم النشر اإللكتروني ،وتحديد أوجه
القصور التشريعي الخاص المنظم لعملية النشر اإللكتروني ،وخلصت إلى
ضرورة قيام الدول العربية بمراجعة قوانينها والعمل على سن تشريعات تواكب
شكل اإلجرام الحديث واستحداث قواعد قانونية تسهم في إحداث توازن بين
استخدام التقنية والتحكم بها وبين حقوق األفراد والمجتمع ومصالحهما.
124
التعقيب على الدراسات السابقة وأوجه االستفادة منها:
.1تطرقت الدراسات السابقة إلى استعراض القوانين المؤطرة لإلعالم اإللكتروني
في عدد من الدول العربية لبيان كيفية تعامل القوانين الخاصة باإلعالم في هذه
الدول مع تكنولوجيا اإلعالم ،وكشفت عن تنظيم المشرعين في الدول العربية
للصحافة اإللكترونية انحصر في توجهين؛ تمثل التوجه األول في إدراج
الصحافة اإللكترونية من حيث التقنين والضبط في خانة الصحافة التقليدية
ضمنيًا مع الصحافة الورقية بالرغم من االختالف بينهما من حيث الطابع
والخصائص والسمات ،بينما التوجه الثاني هو إفراد قانون خاص لهذه الصحافة.
.2تطرقت بعض الدراسات السابقة إلى بحث الضوابط والمعايير المهنية للصحافة
اإللكترونية وتوضيح المسئولية المدنية والجزائية التي تقع على الصحفي
اإللكتروني نتيجة خروجه عن مقتضى عمله ،ورصدت مجموعة من اإلشكاليات
المتعلقة بالمسئولية المدنية والجنائية للصحفي اإللكتروني أبرزها أن تعقد
األدوار التي يباشرها المتدخلون في شبكة اإلنترنت يشكل عقبة أمام وضع
تسلسل ترتيبي لألشخاص من المسئولين في صحافة اإلنترنت كما هو الشأن في
الصحافة المكتوبة أو الصحافة المرئية والمسموعة.
.3كشفت أغلب الدراسات السابقة عن تأثير البيئة السياسية واالقتصادية على
التشريعات اإلعالمية واالتصالية الجديدة ،وأن المواد المخصصة لإلعالم
اإللكتروني اتسمت بأنها ضعيفة وغير كافية أمام التهديد الكبير الذي يشكله
االستخدام واالنتشار الواسع لوسائل اإلعالم اإللكتروني عبر قنواته المكتوبة
والسمعية البصرية.
.4خلصت الدراسات السابقة في مجملها إلى ضرورة إقرار منظومة قانونية توفر
مناخ عمل مناسب للنشر الصحفي اإللكتروني من خالل سن تشريعات تعكس
تعامالً موضوعيًا ومعمقًا مع إفرازات عصر التقنية ،آخذة بعين االعتبار
صا فيما يتعلق باإلثبات وتحديد الشخص المسئول
الصعوبات التي تثيرها وخصو ً
جنائيًا.
.5أفاد إطالع الباحثيْن على الدراسات السابقة في صياغة المشكلة البحثية للدراسة
الراهنة وبلورتها وتحديد أبعادها بدقة ،وفي اختيار المناهج المالئمة بصورة
منهجية سليمة.
مشكلة الدراسة:
إن المتابع للنصوص الدستورية والقانونية ذات العالقة بمهنة الصحافة
واإلعالم يالحظ أنها نصت على كفالة حرية هذه المهنة بما يؤكد فاعليتها في ضمان
حق المواطن في المعرفة ،مع النص في الوقت ذاته على ضوابط وحدود تضبط
125
ممارسة هذه الحرية ،انطالقًا من أن التأكيد على الحماية الدستورية والقانونية المقررة
لحرية الصحافة ووسائل اإلعالم ال يعني بالمرة إطالق تلك الحريات بال ضوابط ،أو
أنها عصية على التنظيم التشريعي ،ذلك أن لكل حرية من الحريات حدًّا يحدها ،وإال
صارت ممارسة الحرية –غير المنظمة -نو ًعا من العبث والفوضى( ،)17خصو ً
صا
وأن هناك حقوقًا وحريات أخرى يتمتع بها أفراد المجتمع بما يكفله لهم الدستور ،ومن
ثم تكمن أهمية التنظيم القانوني لممارسة الصحافة لحريتها في إطار قيم المجتمع
ومقوماته األساسية ،والحفاظ على الحقوق والحريات العامة التي يتمتع بها أفراد
المجتمع وفقًا للدستور.
ذلك أن حرية اإلعراب عن الفكر -شأنها شأن ممارسة سائر الحريات -ال
يمكن قيامها بالنسبة إلى جميع األفراد ،إال في حدود احترام كل منهم لحريات
غيره( ،)18وفي هذا الصدد تؤكد المحكمة الدستورية العليا في شأن حرية الرأي
والتعبير عمو ًما بأنه(" )19لما كانت حرية التعبير عن الرأي ال يقتصر أثرها على
صاحب الرأي وحده؛ بل يتعداه إلى غيره وإلى المجتمع ،ومن ثم لم يطلق الدستور
هذه الحرية ،وإنما أباح للمشرع تنظيمها بوضع القواعد والضوابط التي تبين كيفية
ممارسة الحرية ،بما يكفل صونها في إطارها المشروع ،دون أن تجاوزه إلى
اإلضرار بالغير أو المجتمع".
سا جديدة لتقنين اإلعالم
وقد ظهرت بعد الربيع العربي جهود معتبرة تضع أس ً
اإللكتروني ،وهى جهود ليست كالتي كانت قائمة فيما مضى؛ حيث إن القوانين الجديد
هى إما مستقلة وخاصة بالصحافة اإللكترونية ،أو قوانين جديدة شاملة للصحافة
والنشر عمو ًما ،مع إيراد تفصيالت خاصة باإلعالم اإللكتروني ،وظهر هذا التوجه
في مختلف الدول العربية بعد 2011منها تونس ومصر واألردن والمغرب
والجزائر...إلخ ،ففي بعض هذه الدول تمت دسترة اإلعالم اإللكتروني بالنص عليه
في صلب دساتير الموجة الدستورية الجديدة لما بعد الربيع العربي ،بينما في بعضها
اآلخر تم االكتفاء باإلشارة إلى حرية التعبير وحرية اإلعالم والحق في اإلعالم
والوصول إلى المعلومة(.)20
وبالنسبة للتجربة المصرية ،فهناك جهود كثيرة قد بذلت قبل ثورة 2011
وبعدها من أجل التنصيص الدستوري على تقنين اإلعالم اإللكتروني ،ويرجع الفضل
فيها إلى ما لعبه االتحاد العربي للصحافة اإللكترونية منذ مارس 2010؛ حيث شدد
االتحاد على وضع ميثاق شرف مهني للعاملين في مجال اإلعالم اإللكتروني على
الصعيد العربي ،وضمنهم الصحفيون اإللكترونيون المصريون ،وقد ساعدت هذه
الجهود على ضرورة تنظيم النشر اإللكتروني على مستوى النص الدستوري ،وتجدر
اإلشارة إلى كون مسار ما بعد يونيو 2013قد أفسح المجال أمام تطورات جديدة،
ومن أهمها :إعادة النظر في الدستور ،ومن بين البنود التي طالها التغيير المادة 48
من اإلعالن الدستوري ،)21(2011وكان الهدف من ذلك وضع أساس دستوري لكي
126
يتم التمييز بين مختلف الدعامات اإلعالمية ،من سمعي بصري إلى إعالم ورقي،
فإعالم إلكتروني ،وهكذا ،فإن المادة ( )70من الدستور الذي تم إقراره في يناير
2014عبر استفتاء شعبي تنص على أن" :حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي
والمرئي والمسموع واإللكتروني مكفولة ،وللمصريين من أشخاص طبيعية أو
اعتبارية ،عامة أو خاصة ،حق ملكية وإصدار الصحف وإنشاء وسائل اإلعالم
المرئية والمسموعة ،ووسائط اإلعالم الرقمى .وتصدر الصحف بمجرد اإلخطار على
النحو الذى ينظمه القانون .وينظم القانون إجراءات إنشاء وتملك محطات البث
اإلذاعى والمرئي والصحف اإللكترونية".
ويتضح من خالل نص هذه المادة أنها وضعت المبادئ الكبرى التي تحكم
تنظيم اإلعالم اإللكتروني ،كما تهدف هذه المادة إلى استعراض أنواع الدعامات
اإلعالمية وتصنيفها ،وحصرها وتعدادها من ورقية وسمعية بصرية وإلكترونية،
وتؤكد على ضرورة إخراج قانون ينظم إصدار الصحف اإللكترونية وتملكها .وبعد
إصدار القانون رقم 180لسنة 2018بإصدار قانون تنظيم الصحافة واإلعالم
والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم يتبين أن المشرع المصري لم يهتم بإصدار قانون
مستقل لتنظيم اإلعالم اإللكتروني ،واكتفى بإدراج تنظيم اإلعالم اإللكتروني في قانون
الصحافة واإلعالم التقليدي ،وعلى الرغم من ذلك إال أنه يحسب للمشرع االهتمام
بالصحافة اإللكترونية والذي لم ي ِّع ْرها أي اهتمام في القانون رقم 96لسنة 1996
الملغى العمل به حديثًا بنص المادة الثالثة من القانون الجديد رقم 180لسنة .2018
من ناحية أخرى ،فما يحسب للصحافة اإللكترونية هو تمتعها بفائض من
الحرية ،وبهامش واسع من التعبير ،وبسقف عا ٍّل من الجرأة ،فهي في حل من الرقابة
الموضوعية ومن مقص الرقيب ،وما تتميز به هذه الصحافة كذلك أنها األوسع
انتشارا واألكثر متابعةً بقدرتها النفاذ إلى القارئ في أي نقطة من الكرة األرضية ،إال
ً
أن هذا الفائض من الحرية في التعبير من خالل الصحافة اإللكترونية ال يعني أن
استخدامها يخلو من أي التزام؛ وإنما هناك العديد من االلتزامات التي تقع على عاتق
الصحفي اإللكتروني من خالل ما ينشره أو يبثه أو ينقله أو يعرضه على المتلقين لهذه
الصحافة( .)22من هنا تنبع مشكلة الدراسة الراهنة ،والتي تتحدد فى( :رصد وتحليل
إشكاليات التنظيم القانوني للمسئولية الجنائية عن جرائم النشر الصحفي اإللكتروني
في ضوء قانون تنظيم الصحافة واإلعالم رقم 180لسنة .)2018
أهداف الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى محاولة الكشف عن مالمح إشكاليات التنظيم القانوني
للمسئولية الجنائية عن جرائم النشر الصحفي اإللكتروني وف ًقا للقانون رقم 180لسنة
2018بشأن تنظيم الصحافة واإلعالم والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم ،كما تسعى
إلى التعرف على مالمح جرائم النشر اإللكتروني وما يترتب عليها من المسئولية
127
الجنائية وفقًا لقانون تنظيم الصحافة واإلعالم والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم
ضا إلى محاولة الدفع –بشكلوالالئحة الجزائية المرتبطة به ،كما تهدف الدراسة أي ً
غير مباشر -إلى تطوير اإلطار التشريعي المنظم للعمل الصحفي اإللكتروني بما ال
يحمل أية شبهة للحد من حرية الصحافة بوجه عام واإللكترونية بوجه خاص في
معالجة قضايا المجتمع ،ويحفظ في الوقت نفسه حقوق األفراد والمجتمع.
تساؤالت الدراسة:
في ضوء األهداف المحددة ،تحاول الدراسة الراهنة في تناولها لقانون تنظيم
الصحافة واإلعالم رقم 180لسنة 2018اإلجابة عن تساؤل رئيسي يتمثل في :ما
إشكاليات التنظيم القانوني للمسئولية الجنائية عن جرائم النشر الصحفي
اإللكتروني؟
المشرع المصري في
ّ ويتفرع منه تساؤل آخر حول :ما مالمح السياسة التي انتهجها
تنظيم المسئولية الجنائية عن جرائم النشر الصحفي اإللكتروني؟ ،أو بمعنى آخر ،ما
المشرع المصري للتصدي لجرائم النشر الصحفي ّ اإلطار القانوني الذي خصصه
اإللكتروني؟
نوع الدراسة:
تعد هذه الدراسة من الدراسات الوصفية التحليلية ،حيث إنها تعنى بتوصيف
البيئة التشريعية المنظمة للعمل الصحفي واإلعالمي بعد دخوله عصر النشر
اإللكتروني ،وذلك بالتطبيق على إشكاليات التنظيم القانوني لجرائم النشر الصحفي
اإللكتروني في ضوء القانون رقم 180لسنة 2018بشأن تنظيم الصحافة واإلعالم،
وما يتضمنه هذا التوصيف من محاولة تقييم النصوص القانونية المتعلقة بالنشر
الصحفي اإللكتروني في القانون المذكور.
عينة الدراسة:
تعرف عينة الدراسة بأنها مجموعة جزئية مميزة ومنتقاة من مجتمع
الدراسة ،فهي مميزة من حيث أن لها نفس خصائص المجتمع ،ومنتقاة من حيث أنه
يتم انتقاؤها من مجتمع الدراسة وفق إجراءات وأساليب محددة( ،)23وفي ضوء ذلك،
تتحدد عينة هذه الدراسة في القانون رقم 180لسنة 2018بشأن تنظيم الصحافة
واإلعالم والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم( .المنشور في الجريدة الرسمية ،السنة
،91العدد 34مكرر (هـ) ،في 27أغسطس .)2018
مناهج الدراسة:
نظرا لطبيعة أهداف الدراسة الراهنة واعتمادها على تحليل قانون تنظيم
ً
الصحافة واإلعالم والالئحة الجزائية الخاصة به ،إضافة إلى مجموعة من التشريعات
128
والقوانين ذات الصلة من أجل الوقوف على معالم إشكاليات التنظيم القانوني للمسئولية
الجنائية لجرائم النشر الصحفي اإللكتروني ،كان المنهج الغالب في دراستنا هو
المنهج الوصفي التحليلي الذي يهدف إلى وصف وتحليل النصوص القانونية
المرتبطة بجرائم النشر اإللكتروني في قانون تنظيم الصحافة واإلعالم رقم 180لسنة
2018للكشف عن اإلشكاليات التي تثيرها هذه النصوص فيما يتعلق بالتنظيم القانوني
للمسئولية الجنائية عن جرائم النشر الصحفي اإللكتروني.
كما اقتضت طبيعة الدراسة الراهنة االستعانة بالمنهج االستقرائي
،Inductive Methodمن خالل تتبع واستقراء النصوص القانونية ذات الصلة
بموضوع الدراسة والمنظمة للعمل الصحفي اإللكتروني بهدف إبراز مدى مالءمة
األحكام العامة للمسئولية الجنائية عن جرائم النشر الصحفي اإللكتروني ،ومن ثم
إمكانية رصد اإلشكاليات المتعلقة بالتنظيم القانوني لهذه المسئولية؛ حيث إن استقراء
وتحليل موقف قانون تنظيم الصحافة واإلعالم من جرائم النشر اإللكتروني من شأنه
أن يوضح أسلوب المشرع المصري في تنظيم المسئولية الجنائية عن هذه النوعية من
الجرائم.
كما اعتمد الباحثان على أسلوب المقارنة المنهجية بهدف المقارنة بين قانون
تنظيم الصحافة واإلعالم والالئحة الجزائية الخاصة به ،وبين النصوص ذات الصلة
بموضوع الدراسة سواء في الدستور المصري أو القوانين الوطنية األخرى أو
األحكام والمبادئ الدستورية الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا أو محكمة النقض
المصرية ،وذلك في إطار مقارن.
حدود الدراسة:
الدراسة الراهنة هى دراسة تحليلية يتم التعامل فيها مع نصوص قانونية هى في
األساسا نصوص القانون رقم 180لسنة 2018بشأن تنظيم الصحافة واإلعالم
والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم ،بهدف رصد وتحليل إشكاليات التنظيم القانوني
للمسئولية الجنائية المترتبة على جرائم النشر اإللكتروني ،وقد تطرق الباحثان إلى
كل من:
ٍّ
.1قرار رئيس المجلس األعلى لتنظيم اإلعالم رقم 16لسنة 2019بإصدار الئحة
الجزاءات والتدابير التي يجوز توقيعها على الجهات الخاضعة ألحكام قانون تنظيم
الصحافة واإلعالم والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم( .المنشورة في الوقائع
المصرية ،العدد 64تابع (أ) ،في 18مارس .)20199
.2قرار رئيس المجلس األعلى لتنظيم اإلعالم رقم 18لسنة 2019بشان ضوابط
أداء التعويض المالي النتهاك حقوق الملكية الفكرية في مجالي الصحافة واإلعالم.
(المنشور في الوقائع المصرية ،العدد 64تابع (أ) ،في 18مارس .)2019
129
.3الدستور المصري الصادر في العام ( .2014المنشور على الموقع اإللكتروني
للهيئة العامة لالستعالمات).
.4القانون رقم 175لسنة 2018في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات (المنشور
في الجريدة الرسمية ،العدد 32مكرر (ج) ،في 14أغسطس .)2018
.5قانون حماية حقوق الملكية الفكرية المصري رقم 82لسنة ( 2002المنشور في
الجريدة الرسمية ،العدد ( 22مكرر) ،في 2يونيو .)2002
.6قانون العقوبات المصري رقم 58لسنة 1937المعدل بالقانون 95لسنة .2003
.7بعض األحكام -ذات الصلة -الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا ومحكمة
النقض المصريتين.
مفاهيم الدراسة:
المسئولية الجنائية :ال يخرج معنى المسئولية في أي قانون جنائي وضعي عن
أمرا
مختارا ،فيخالف فيها ً
ً مساءة الشخص عن أعماله وتصرفاته التي يقوم بها
واجب االتباع ،أو نهيًا واجب االبتعاد ،فيحاسب عليها الشخص المرتكب أو
المخالف جنائيًا حسب العقوبات المقررة لها في القانون بنا ًء على مبدأ "ال جريمة
وال عقوبة إال بنص"( ،)24والمسئولية الجنائية هى "مسئولية تترتب عن الخطأ
الجرمي الذي يمكن أن يتوافر عند الشخص المدرك ألعماله ،والمختار في
تصرفته"( ،)25أو هى "استحقاق مرتكب الجريمة العقوبة المقررة لها ،وتتعلق هذه
المسئولية بفاعل أخل بما خوطب به من تكليف جنائي فحقت عليه العقوبة المقررة
لحماية هذا التكليف"(.)26
جرائم النشر الصحفي اإللكتروني :يالحظ أن معظم التشريعات الجنائية تتجنب
استعمال مصطلح "جرائم الصحافة" ،وتفضل عليها مصطلح "الجرائم التي
ترتكب بواسطة الصحف وغيرها"( ،)27وسار المشرع على ذات النهج في قانون
تنظيم الصحافة واإلعالم لسنة 2018حيث عن ِّون الفصل الرابع منه بـ"ضمانات
التحقيق والمحاكمة في الجرائم التي تقع بواسطة الصحف ووسائل اإلعالم
والمواقع اإللكترونية" ،واستخدم في القانون ذاته في المادة رقم ( )29اصطالح
"الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العالنية" ،كما استخدم اصطال ًحا آخر هو
"المخالفة" في المادة رقم ( )19األمر نفسه في المادة رقم ( )94ومواد أخرى،
حيث استخدم اصطالح "مخالفة أحكام هذا القانون" .وبصفة عامة تعرف الجريمة
الصحفية بأنها "ذلك العمل غير المشروع الصادر عن أي شخص من شأنه مخالفة
التنظيم اإلعالمي وأجهزته أو االعتداء على مصلحة عامة او خاصة بواسطة أية
ضا بأنها "جرائم فكر ورأي وسيلة من وسائل اإلعالم"( ،)28ويمكن تعريفها أي ً
وتعبير تنطوي على سلوك غير مشروع سواء كان فعالً أو امتنا ًعا عن فعل
130
مرتكب بواسطة وسيلة من وسائل اإلعالم أو ما يماثلها وفيه اعتداء على مصلحة
خاصة أو عامة محمية قانونًا ومقرر لها جزاء جنائي"(.)29
نتائج الدراسة:
كشف تحليل النصوص القانونية الواردة في القانون رقم 180لسنة 2018
بشأن تنظيم الصحافة واإلعالم والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم عن مجموعة من
اإلشكاليات المتعلقة بتنظيم المسئولية الجنائية عن جرائم النشر اإللكتروني ،نعرضها
فيما يلي:
اإلشكالية األولى :غموض بعض النصوص بما يؤدي إلى اختالف تأويلها:
أشارت المحكمة الدستورية العليا المصرية في حيثيات حكمها في إحدى
القضايا( )30إلى أن المقصود بغموض النص العقابي أن يجهل المشرع باألفعال التي
أثمها ،فال يكون بيانها جليًّا ،وال تحديدها قاط ًعا أو فهمها مستقي ًما ،بل مبه ًما خافيًا على
أوساط الناس ،باختالفهم حول فحوى النص العقابي المؤثم لها وداللته ونطاق تطبيقه
وحقيقة ما يرمى إليه ،ليصير إنفاذ هذا النص مرتبطا ً بمعايير شخصية مرجعها إلى
تقدير القائمين على تطبيقه لحقيقة محتواه ،وإحالل فهمهم الخاص لمقاصده محل
مراميه الحقيقية وصحيح مضمونه ،بعد أن أهمل المشرع في ضبطها بما يحدد
مقاصده منها بصورة ينحسم بها كل جدل حول حقيقتها ،مما يفقد هذه النصوص
إخطارا معقوالً بما
ً وضوحها ويقينها ،وهما متطلبان فيها ،فال تقدم للمخاطبين بها
ينبغي عليهم أن يدعوه أو يأتوه من األفعال التي نهاهم المشرع عنها أو طلبها منهم،
وهو ما يعني أن يكون تطبيق تلك النصوص من قبل القائمين على تنفيذها عمالً
ومبلورا بالتالي خياراتهم التي
ً انتقائيًا ،محددًا على ضوء أهوائهم ونزواتهم الشخصية
مصيرا ،وليس أليهم
ً يتصيدون بها من يريدون ،فال تكون إال ِّشرا ًكا ال يأمن أحدٌ معها
نذيرا.
بها ً
كما أشارت المحكمة في موضع آخر إلى أن "األصل أن تصاغ النصوص
العقابية في حدود ضيقة تحديدًا لماهيتها وتعريفًا باألفعال المجرمة يمقتضاها ،وأال
تكون شبا ًكا أو ِّشرا ًكا يلقيها المشرع متصيدًا باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها أو
يخطئون مواقعها"(.)31
يتضح مما سبق أن هناك ضوابط دستورية لصياغة التشريعات العقابية ت ِّلزم المشرع
في صياغته للقوانين أن تكون نصوصها واضحة بالشكل الكافي الذي يجعل المخاطبين بهذه
القوانين عالمين على وجه التحديد بحدود ما هو مباح وما هو مجرم( ،)32وهو ما يعرف بمبدأ
"اليقين القانوني" أو "األمن القانوني" ،الذي يعني وجود نوع من الثبات النسبي للعالقات
القانونية ،واستقرار المراكز القانونية لغرض إشاعة األمن والطمأنينة بين أطراف العالقات
القانونية سواء أكانت أشخاص قانو نية خاصة او عامة ،حيث تستطيع هذه األطراف ترتيب
أوضاعها وفقًا للقواعد القانونية القائمة وقت مباشرتها ألعمالها ،دون أن تتعرض لمفاجآت أو
131
أعمال لم تكن في الحسبان صادرة عن إحدى سلطات الدولة الثالث ،ويكون من شأنها زعزعة
ركن االستقرار والثقة واالطمئنان بالدولة وقوانينها( ،)33و بقدر ما تكون هذه المراكز القانونية
واضحة ومحددة ومعترف بها وتحظى باالحترام من جانب السلطة العامة والمجتمع ،بقدر ما
يمكن أن تتم األعمال في سهولة ويسر ،وبقدر ما يشوب هذه االمور من غموض او خلط أو
عدم يقين بقدر ما تضطرب االعمال بل وقد تتوقف تما ًما(.)34
وبالرجوع إلى نصوص قانون تنظيم الصحافة واإلعالم نجد أن المشرع قد
صا غير مفهومة الداللة والغرض، استخدم كلمات ومفردات أو عبارات تنتج نصو ً
منها على سبيل المثال :مخالفة النظام العام أو اآلداب العامة ،تكدير السلم العام (في
المادة رقم ،)4اإلخالل بمقتضيات األمن القومي والدفاع عن الوطن (في المادة رقم
،)10سوء النية فيما ينشره الصحفي متضمنًا الطعن في أعمال الموظف العام أو
نظراالشخص ذي الصفة النيابية أو المكلف بخدمة عامة (في المادة رقم ،)35()32و ً
لعدم وضوح مفهوم هذه العبارات التي قد يتعرض الصحفي بسبب تأويلها على نح ٍّو
معين للمساءلة ،وهو ما يتنافى مع مبدأ حرية الصحافة المكفول دستوريا ً وتشريعيا ً؛
حيث تظل هذه الحرية فى أغلب األحيان "حرية مشروطة" ومرتبطة بتفسير المشرع
لها استناداً إلى الصياغة "المطاطية" للنصوص والمواد المتعلقة بهذا الشأن ،مما
يفرض حالة من الخوف والترقب لدى هؤالء الصحفيين بشأن عملهم الصحفي.
في هذا الصدد تذهب عواطف عبد الرحمن إلى أن الصياغة القانونية لكافة
التشريعات اإلعالمية -وعلى األخص ما يتعلق بالصحافة -تحرص على محاصرة
وتقييد الحقوق التي تنص عليها من خالل العبارات المطاطية واإلفراط فى السلطات
التقديرية التى تخولها للقائمين على األمور الذين يملكون الحق فى سحب امتياز أى
صحيفة أو مصادرتها دون إبداء األسباب ،فضالً عما تفرضه قوانين المطبوعات من
األشكال األخرى للتعطيل اإلدارى والرقابة السافرة والمقنعة على الصحف
والصحفيين( ،)36وهو ما يكشف عن حجم الحصار التشريعى المفروض على األداء
الصحفى فى مصر ،حيث تكفل هذه القوانين والتشريعات للدولة تهديد الصحفيين بما
تحويه بعض موادها من عبارات مطاطية تخضع للتأويل؛ فعبارات مثل الكراهية
واالزدراء ،والسب والقذف ،واإلضرار باألمن القومي ،وتكدير السلم العام ،هذه
العبارات التى تتسع ألى محتوى أو مضمون من شأنها أن تغلق وتصادر معظم
الصحف المصرية وتحويل صحفييها إلى أشبه بـ"المسجلين خطر"(.)37
كما أن المتتبع لتاريخ التشريعات الصحفية فى مصر ،يالحظ جنوح المشرع
المصري إلى األخذ بالمنهج الجنائي في التعامل مع جرائم الصحافة والنشر ،حيث
توالت القوانين وتعديالتها -فى مختلف العهود -بفلسفة عقابية تبقي على رصيد
القوانين القديمة وتضيف إليها بتغليظ العقوبات ،واستحداث جرائم جديدة بعبارات
غامضة ومطاطة ،تستهدف فى األساس إرهاب الصحفيين وردعهم ،والحيلولة دون
قيام الصحافة بواجبها في التصدي للفساد واالستبداد(.)38
132
سا على ما تقدم ،نرى أنه كان على المشرع عندما ينص على أفعال وتأسي ً
منهي عن إتيانها أن يقوم بضبط المصطلحات المرتبطة بهذه األفعال بصورة ينحسم
بها الجدل حول حقيقتها ،فال يختلف المخاطبون بالقانون على معناها والغرض منها
ونطاق تطبيقها ،بحيث يكون النص العقابي قاطعًا في بيان دائرة التجريم ،وواض ًحا
يحول دون تعدد تأويالت ما يتضمنه من عبارات ومصطلحات قد تتباين اآلراء حول
مقاصدها ومفهومها ،وبالتالي تتداخل فيها الحدود بين ما هو مباح وما هو مجرم،
نتيجة انزالق المشرع –بقصد أو بدون قصد -إلى التعبيرات المرنة أو الفضفاضة أو
الغامضة عند صياغة النصوص العقابية بشكل يصعب على الصحفي أو اإلعالمي
بيان حقيقة األفعال التي يتعيًن عليهم تجنبها وتلك التي تقع في نطاق المباح ،وغياب
تلك الضوابط يعد من األمور الخطيرة التي تؤثر سلبًا على حرية التعبير بوصفها حقًا
أصيالً للصحفيين.
فمن حق الصحفيين –كما هو حق أي مواطن آخر -أن تلبي نصوص القانون
معايير الوضوح بحيث يستطيعون معرفة عواقب أي أفعال أو تصرفات تصدر عنهم
أثناء أداء عملهم الصحفي ،وذلك ألنه من العدل أن تتاح لهم فرصة معقولة لمعرفة ما
هو ممنوع بحيث يستطيعون التصرف بنا ًءا على ذلك ،كما أن القوانين الغامضة يساء
استخدامها وتعطي للمسئولين عادة ً صالحية انتقائية وتترك الكثير من المساحة التخاذ
القرارات االعتباطية()39؛ حيث من شأن العبارات الغامضة أو غير واضحة الداللة
والمفهوم أن يتم استخدامها فعليًا لتجريم العديد من أنواع المحتوى الصحفي
اإللكتروني المنشور عبر اإلنترنت.
اإلشكالية الثانية :تعدد موانع النشر (محظورات النشر):
من المقرر قانونًا أن المسئولية الجنائية قد تنتفي لعدة أسباب بعضها شخصية
واألخرى موضوعية ،فمن ناحية تنتفي المسئولية الجنائية في حالة توافر أسباب
شخصية كما يطلق عليها الفقه "موانع مسئولية" ،وهى أسباب تجرد إرادة الجاني من
القيمة القانونية ،فال يسأل الجاني عن الجريمة التي ارتكبها ،مثال ذلك :المجنون أو
عاهة في العقل أو صغر السن ،ومن ناحية أخرى فقد ال تنعقد المسئولية الجنائية
لتوافر أسباب موضوعية تس َّمى بأسباب اإلباحة ،وهى أسباب تخلع عن الفعل الصفة
غير المشروعة ليصبح مبا ًحا ومشرو ًعا ،مثال ذلك :حق نشر األخبار ،حق النقد
والطعن في أعمال الموظف العام أو من في حكمه.
و من المهام الرئيسية لإلعالم بصفة عامة نشر األخبار لما ينطوي عليه من
دور مهم في إشباع ح ق المواطن في المعرفة ،فبهذا النشر ينقل الرأي العام من دائرة
الغموض إلى دائرة النور ،في ضوء المبدأ الذي أقره الدستور المصري في المادة
( )65التي نصت على أن "حرية الفكر والرأي مكفولة .ولكل إنسان حق التعبير عن
رأيه بالقول ،أو الكتابة ،أو التصوير ،أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر" ،وقد
133
جاء نص المادة رقم ( )9من قانون تنظيم الصحافة واإلعالم مدافعًا عن حق الصحفي
أو اإلعالمي في نشر األخبار ،حيث نصت على "للصحفي أو اإلعالمي حق نشر
المعلومات والبيانات واألخبار التي ال يحظر القانون إفشاءها ،"...وعلى الرغم من
ضا من الشروط التي السماح للصحفي أو اإلعالمي بنشر األخبار ،إال أن هناك بع ً
تحكم عملية نشر األخبار؛ وهى ما يمكن تسميتها بـ"شروط إباحة نشر األخبار" ،أو
()41
"موانع" نشر األخبار ،وقد وردت هذه "الموانع" في المواد ( ،)40()4و()5
و( )42()9و( ،)43()10و( ،)44()19و( ،)45()20و( )46()21من قانون تنظيم الصحافة
واإلعالم رقم 180لسنة ،2018حيث حظر القانون نشر أية أخبار أو معلومات:
.1يتعارض محتواها مع أحكام الدستور.
.2تدعو إلى مخالفة القانون.
.3تخالف االلتزامات الواردة في ميثاق الشرف المهني.
.4تخالف النظام العام أو اآلداب العامة.
.5تحض على التمييز أو العنف أو العنصرية أو الكراهية.
.6يحظر القانون إفشاءها.
ضا من شأنه تكدير السلم العام.
.7تتعرض لألديان والمذاهب الدينية تعر ً
.8تخل بمقتضيات األمن القومي والدفاع عن الوطن.
أخبارا كاذبة.
ً .9تمثل
.10تتضمن طعنًا فى أعراض األفراد ،أو سبًّا أو قذفًا لهم.
.11تتعرض للحياة الخاصة للمواطنين أو المشتغلين بالعمل العام ،أو ذوي
الصفة النيابية العامة ،أو المكلفين بخدمة عامة(.)47
.12تتناول ما تتواله سلطات التحقيق أو المحاكمة على نح ٍّو يؤثر على مراكز
من يتناولهم التحقيق أو المحاكمة.
ومما سبق يتضح أن الجرائم التي تقع بواسطة النشر –سواء المطبوع أو
المسموع أو المرئي أو اإللكتروني -نوعان:
ضرة بالمصلحة العامة ،وهى التي تصيب مصالح متنوعة ولكنها جرائم ُم ّ
تمس مصلحة المجتمع بصورة مباشرة ،ومثال ذلك :مخالفة أحكام الدستور،
مخالفة النظام العام واآلداب العامة ،الحض على التمييز والكراهية
والعنصرية ،التعرض لألديان والمعتقدات الدينية ،تكدير السلم العام،
اإلخالل بمقتضيات األمن القومي.
134
ضرة باألفراد ،وهى التي تصيب مباشرة المجني عليه من األفراد، وجرائم ُم ّ
وتكون أقل خطورة من النوع األول ،ومثال ذلك ،الطعن في أعراض األفراد
أو السب والقذل لهم ،المساس بالحياة الخاصة للمواطنين أو الموظفين
العموم ،نشر التحقيقات االبتدائية على نحو يؤثر على العدالة أو مراكز من
تتناولهم التحقيقات.
لنص المادة ( -)21نشر أخبار أو معلومات تتناولّ كما حظر القانون –وفقًا
ما تتواله سلطات التحقيق أو المحاكمة على نح ٍّو يؤثر على مراكز من يتناولهم
التحقيق أو المحاكمة ،ويرجع مبدأ حظر نشر التحقيقات االبتدائية إلى حماية إجراءات
التحقيق من التأثير فيها بالعالنية( ،)48كما يهدف إلى حماية المتهم من اإلساءة إليه
بسبب نشر أخبار تؤثر في سمعته وتمس شرفه ،مالم يصدر حكم المحكمة بإدانته ،وقد
عبرت المادة عن ذلك من خالل الفقرة التالية" :وتلتزم الصحف ووسائل اإلعالم
والمواقع اإللكترونية بنشر وبث قرارات النيابة ،ومنطوق األحكام التي تصدر في
القضايا التي تناولتها أثناء التحقيق أو المحاكمة ،وموجز وافٍ لألسباب التي تقام
عليها".
وهنا نشير إلى أن المجلس األعلى لتنظيم اإلعالم قد توسع في دائرة حظر
النشر؛ حيث إن المواد أرقام ( )23-17-16-14من الئحة الجزاءات والتدابير التي
يجوز توقيعها على الجهات الخاضعة ألحكام قانون تنظيم الصحافة واإلعالم والتي
أصدرها المجلس في مارس )49(2019نصت على أنه يحق للمجلس توقيع عقوبة لفت
النظ ر أو اإللزام بتقديم اعتذار أو أداء مبلغ مالي ال يزيد عن 250ألف جنيه مصري،
أو منع بث أو حجب المادة المخالفة ،في حال قيام الصحيفة أو الوسيلة اإلعالمية أو
الموقع اإللكتروني أو المواقع الشخصي الذي يزيد عدد متابعيه عن خمسة آالف متابع
بنشر أو بث أية مادة تدعو إلى الفسق والفجور (المادة ،)14أو التدليس على
الجمهور أو اختالق وقائع غير صحيحة أو إلقاء اتهامات دون دليل ،أو التشكيك في
الذمم المالية للمواطنين ،أو كانت تنطوي على تهديد أو تؤذي مشاعر الجمهور
(المادة ،)16أو تهديد وحدة النسيج الوطني ،أو إهانة الرأي اآلخر ،أو نقل معلومات
من مواقع التواصل االجتماعي دون التحقق من صحتها (المادة ،)17أو ترصد جهة
أو شخص ما بسوء نية (المادة ،)23وبهذه اإلضافات تكون الالئحة قد توسعت في
حدود التجريم وكرست جرائم طالما طالب الصحفيون بإلغائها من خالل عبارات
مطاطة يمكن تأويلها في غير صالح الصحفيين ،هذا إلى جانب التوسع في صالحية
حجب المواقع أو الصفحات بشكل كلي في حالة احتواء هذه المواقع أو الصفحات على
"الجرائم" التي يحددها القانون والئحة الجزاءات المرتبطة به في ظل عدم تفرقة
القانون بشكل محدد بين الحاالت التي يتم فيها حجب الموقع كليًّا ،والحاالت التي يتم
فيها حجب بعض الروابط الموجودة على الموقع أو الصفحة فقط( ،)50وبالتالي
احتمالية التعسف في استخدام النص القانوني.
135
وقد أثارت هذه الالئحة جدالً واسعًا واستيا ًء لدى الوسط الصحفي المصري،
حيث وصفها البعض بأنها كارثية ومقيدة للحريات ،ومخالفة لصحيح أحكام الدستور
التي تمنح الحق لحرية الصحافة واإلعالم ،كما أن الالئحة تعدت على حقوق مستقرة
لنقابة الصحفيين دون غيرها في مساءلة أعضائها عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم
المهني ،إلى جانب مبالغة المجلس في تقدير قيمة الغرامات المالية المفروضة على
الصحف أو المواق ع حال ارتكاب المخالفات في الوقت الذي تعاني معظم الوسائل
اإلعالمية أزمات مادية ،وبالتالي وصفت الالئحة بأنها تعكس نية لحصار الصحافة
والكتاب وأن تتحول المهنة والصحفيين إلى كتابة النشرات الرسمية ،وبيانات
وتصريحات المسئولين ،إضافة إلى أن الالئحة تأتي إلكمال مشهد فرض الصمت التام
على كل وسائل اإلعالم من خالل نصوص عقابية جرمت تما ًما ممارسة مهنة اإلعالم
والصحافة إال في الحدود المسموح بها أمنيًا وحكوميًا؛ حيث لم تقف عند حدود تحويل
نصوص القانون القمعية إلى جراءات عقابية بل انها توسعت في فرض عقوبات حتى
خارج إطار القانون وخارج نصوصه(.)51
ونظرا للتوسع في توقيع العقوبات والغرامات المالية على المواقع والوسائل
ً
اإلعالمية وصفت الالئحة بأنها اغتصبت سلطة القضاء بأن منحت المجلس سلطة
فرض عقوبات جنائية على الصحف والمؤسسات ،كالغرامات (المبالغ فيها) التي
امتألت بها نصوص الالئحة ،والتي تراوحت بين 250ألف وخمسة ماليين جنيه،
وعلى اتهامات لم ينص القانون الحالي للمجلس على فرض أي عقوبات عليها ،كما
كثيرا عن
ً تجاوزت نصوص مواد قانون العقوبات ،وما ورد فيه من غرامات تقل
المنصوص في الالئحة ،في تجاوز واضح للقانون في الحالتين ،وخرق لمبدأ عدم
ازدواج العقوبة حيث ينص القانون الحالي للمجلس أن العقوبات الواردة فيه تأتي مع
عدم اإلخالل بأي عقوبة أشد في قانون العقوبات ،كما ساوى المجلس في الالئحة بين
بث أخبار مجهولة المصدر ،ونشر شائعات رغم أن استخدام المصادر المجهلة
استثناء يحصل عليه الصحفيون فى حاالت محددة مشروعة ،وجعلتها سببًا لحجب
الموقع أو الصفحة وفرض غرامة تصل إلى 250ألف جنيه بال أي سند من
قانون(.)52
اإلشكالية الثالثة :التوسع في نطاق المسئولية (تعميم العقوبة):
عمد المشرع المصري إلى توسيع نطاق المسئولية عن جرائم النشر
الصحفي اإللكتروني –يتساوى معه النشر عبر وسائل اإلعالم األخرى -حيث ال يقر
المشرع بمبدأ شخصية العقوبة ،إذ يركز على معاقبة الموقع أو الوسيلة اإلعالمية قبل
الكاتب؛ أي األخذ بمبدأ التضامن أو المسئولية التضامنية ،ويتضح ذلك من جملة
النصوص الواردة في قانون تنظيم الصحافة واإلعالم ،والتي تبدأ بعبارات مثل:
(يحظر على المؤسسة الصحفية والوسيلة اإلعالمية والموقع اإللكتروني -يحظر على
الصحيفة أو الوسيلة اإلعالمية أو الموقع اإللكتروني نشر أو بث أخبار كاذبة – ...
136
يحظر على أي وسيلة من وسائل النشر أو البث التعرض للحياة الخاصة للمواطنين-
) ،وحتى ف ي تنظيم المسئولية القانونية الخاصة بإخالل الصحفي بواجباته المنصوص
عليها في القانون أو في ميثاق الشرف الصحفي ،حرص المشرع على عدم االكتفاء
بمساءلة الصحفي ،ونص على أن الصحيفة أو الوسيلة اإلعالمية أو الموقع
اإللكتروني تدخل في نطاق المساءلة القانونية إلى جانب الصحفي ،بينما جاء مبدأ
شخصية العقوبة في بعض المخالفات مثل الطعن في أعمال موظف عام أو شخص
ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة إذا كان النشر بسوء نية أو ال أساس له
من الصحة أو كان عديم الصلة بأعمال األشخاص السابق ذكرهم.
وبتوسع نطاق المسئولية واألخذ بمبدأ المسئولية التضامنية –كما تقدم ذكره-
يكون المشرع قد افترض علم إدارة الوسيلة أو الموقع بمحتويات المادة المنشورة،
وهى المسئولة عن كل ما ينشر في الموقع ،وبالتالي توفر القصد الجنائي؛ ونرى أن
تعميم العقوبة وتطبيقها على الوسيلة اإلعالمية أو الموقع اإللكتروني من شأنه تكريس
فكرة رقابة اإلدارة أو مسئولي التحرير في الموقع على محتوياته ،وفي هذا الصدد
نتفق مع ما ذهب إليه "الطيب بلواضح"( )53حيث يرى أن افتراض مسئولية مدير
النشر الجنائية عن كل ما ينشر في جريدته فيه خروج عن القواعد العامة للمسئولية
الجنائية التي تقضي بأن تكون المسئولية شخصية ال تلحق إال بمن ساهم فعالً في
ارتكاب الجريمة ،وقد يكون لهذا الخروج ما يبرره في الحاالت التي ال يعرف فيها
كاتب المقال ،أما افتراض مسئولية مدير النشر كفاعل أصلي مع كاتب المقال فيه
تجاوز ليس هناك ما يقتضيه ،ال سيما وأن مدير النشر ال يمكن أن يطلع بنفسه على
كل ما ينشر في الصحيفة.
اإلشكالية الرابعة :عدم االهتمام بتنظيم جرائم انتهاك حقوق الملكية الفكرية فيما
يتعلق بالمصنّفات الصحفية:
من خالل تنوع طرق النشر المختلفة وتطورها ،مرت عملية النشر بمراحل
مختلفة مرورا ً بالنشر على األقراص المدمجة ،CDsإلى النشر على الخط المباشر،
وصوالً إلى النشر اإللكتروني ،Electronic publishingفأصبحت الحاجة ماسة
إلى وضع قوانين وتشريعات تحمي تلك المواد من العبث سواء أكان ذلك عن طريق
التعديل أو الحذف أو النسخ ...إلخ ،وقد تطورت تلك الحقوق حتى وصلت إلى ما
يعرف اآل ن بحماية الملكية الفكرية على اإلنترنت؛ حيث المقصود بها من الناحية
التاريخية حماية أجهزة الكمبيوتر واالتصاالت (المادية) بوصفها معدات ووسائل
تقنية المعلومات ،أما في بيئة أو مجال اإلنترنت فتتعلق بأسماء نطاقات ،أو مواقع
صا ،
اإلنترنت ) ،(Domainsوبمحتوى المواقع من مواد النشر اإللكتروني نصو ً
وصورا ،ومواد سمعية ومرئية (الوسائط المتعددة)(.)54
ً
137
وقد أسهمت التقنيات الحديثة في بيئة اإلنترنت بشكل كبير في سهوله اقتناء
ونقل واختزال المعلومات واختراقها بالطرق المختلفة ،ومن ثم أصبحت مسألة حماية
حقوق الملكية الفكرية ومدى القدرة على حمايتها من االنتهاك مثار اهتمام ونقاش في
الوقت الراهن.
وقد اهتم المشرع المصري بحماية حقوق الملكية الفكرية بصفة عامة
دستوريًا وقانونيًا؛ حيث نصت المادة ( )69من الدستور المصري -2014-على أن:
ً
جهازا "تلتزم الدولة بحماية الملكية الفكرية بشتى أنواعها في كافة المجاالت ،وتنشئ
صا لرعاية تلك الحقوق وحمايتها القانونية ،وينظم القانون ذلك" ،كما أصدرت مخت ً
مصر قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82لسنة ،2002وما يهمنا هنا هو
اإلشارة إلى أن المادة ( )55()140من هذا القانون حددت نطاق حماية القانون والتي
تشمل الم صنفات األدبية والفنية ومن ضمنها المقاالت والنشرات وغيرها من
المصنفات المكتوبة ،مع اإلشارة إلى أن المادة ( )56()141من القانون المذكور قد
استبعدت بعض المصنفات الصحفية من حماية حقوق المؤلف مثل أخبار الحوادث
والوقائع الجارية التي تكون مجرد أخبار صحفية ،إال أن المادة ذاتها أشارت في
نهايتها إلى أن هذه المصنفات تتمتع بالحماية إذا تميز جمعها باالبتكار في الترتيب
والعرض أو بأي مجهود جدير بالحماية.
وبنا ًء على ذلك ،فالمصنفات الصحفية كالمقاالت واألحاديث الصحفية
والصور والكاريكاتير ،يضاف إليها أخبار الحوادث والوقائع الجارية في حال تمتع
جمعها باالبتكار في الترتيب والعرض كلها مصنفات محمية كقاعدة عامة بأحكام
وقواعد حقوق الملكية الفكرية لمؤلفيها ،مع اإلشارة إلى أنه ال يعد أي نشاط صحفي
مصنفًا تشمله قواعد حق المؤلف ،إال إذا انطوى على ابتكار مصنف صحفي تتجسد
فيه شخصية الصحفي(.)57
وعلى الرغم من تنظيم المشرع للمسئولية الجنائية عن العديد من الجرائم
التي يعاقب عليها القانون ،إال أنه يالحظ عدم تجريم انتهاك حقوق الملكية الفكرية
بالنشر والذي أصبح من االعتداءات الشائعة في البيئة اإللكترونية ،حيث لم يهتم قانون
تنظيم الصحافة واإلعالم بتأكيد حماية حقوق الملكية الفكرية الواردة في القانون 82
لسنة 2002؛ إذ لم يتضمن القانون أية ضوابط لحقوق الملكية الفكرية بالخاصة
بالمصنف الصحفي ،بالرغم من النص على حماية حقوق الملكية الفكرية في مجالي
الصحافة واإلعالم في إطار المواد الخاصة بأهداف المجلس األعلى لتنظيم اإلعالم
واختصاصاته؛ حيث نص القانون على مسئولية المجلس في االلتزام بحماية كافة
حقوق الملكية الفكرية في البند رقم ( )7بالمادة ( )62الخاصة بشروط موافقة المجلس
على الترخيص بإنشاء أو تشغيل أية وسيلة إعالمية أو موقع إلكتروني ،وكذلك في
البند رقم ( )5بالمادة ( ) 69الخاصة بأهداف المجلس الخاص بـ"ضمان احترام
الوسائل والمؤسسات اإلعالمية والصحفية لحقوق الملكية الفكرية واألدبية" ،إضافة
138
إلى البند رقم ( )11من ذات المادة ( )69حول "حماية حقوق الملكية الفكرية فى
مجالى الصحافة واإلعالم" ،يضاف إلى ما سبق البند رقم ( )3بالمادة ( )70من
القانون حول أحد اختصاصات المجلس األعلى والخاص بوضع وتطبيق الضوابط
والمعايير الالزمة لضمان التزام الوسائل والمؤسسات اإلعالمية والصحفية بأصول
المهنة وأخالقياتها والحفاظ على حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بمحتواها.
هنا تنبغي اإلشارة إلى أن المجلس األعلى لتنظيم اإلعالم قد أصدر القرار
رقم ( 18لسنة ،)58(2019بشأن ضوابط أداء التعويض المالي النتهاك حقوق الملكية
الفكرية في مجالي الصحافة واإلعالم ،وقد نصت المادة األولى من هذا القرار على
أن "للمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم إلزام المخالف حال انتهاك حقوق الملكية الفكرية
بسداد التعويض المالي المناسب للطرف الذي انتهكت حقوق ملكيته الفكرية وفقًا
للشروط التالية :ثبوت ركن الخطأ ويتحقق بارتكاب المخالف أو أحد تابعيه المسئول
عنهم لعمل من األعمال المتعلقة باالعتداء على الملكية الفكرية أيًّا كان شكل هذا
العمل ،ومنها على سبيل المثال ال الحصر :التقليد ،القرصنة ،االستغالل المادي لعمل
من األعمال دون إذن صاحبه ،"...وثبوت ركن الضرر ،ويتحقق حال تحقق خسارة
مالية مباشرة أو غير مباشرة للطرف المنتهكة حقوق ملكيته الفكرية أو بما فاته من
وأخيرا ثبوت
ً كسب أو بما حققه المخالف من أرباح نتيجة فعله غير المشروع،
الرابطة السببية بين ركني الخطأ والضرر ،وتتحقق بأن يكون الضرر المتحقق ناج ًما
عن خطأ المخالف أو أحد تابعيه المسئول عنهم.
ويالحظ أن المجلس األعلى لتنظيم اإلعالم في قراره الخاص بضوابط أداء
التعويض المالي عن انتهاك حقوق الملكية الفكرية في المجال الصحفي اكتفى في
توقيع العقوبة بالتعويض المالي دون النص على إلزام المخالف بإزالة أسباب
المخالفة ،كما أنه لم يذكر نسخ (النقل أو النسخ غير المشروع دون إشارة صريحة
للمصدر) المحتوى الصحفي الخاص بالغير ونسبه للنفس كأحد أبرز أشكال انتهاك
حقوق الملكية الفكرية في البيئة اإللكترونية ،وما يدعم هذه الرؤية هو ما نصت عليه
المادة ( )26من الئحة الجزاءات والتدابير اإلدارية والمالية التي أصدرها المجلس
األعلى لتنظيم اإلعالم ،وهذه المادة خاصة باتخاذ المجلس التدابير الالزمة في
مواجهة المؤسسات الصحفية واإلعالمية والمواقع اإللكترونية لضمان حماية واحترام
حقوق الملكية الفكرية في مجالي الصحافة واإلعالم ،ونصت على أن للمجلس سلطة
حجب ومصادرة المادة المخالفة ،وإلزام المخلف بأداء مبلغ مالي ال تزيد قيمته عن
خمسة ماليين جنيه مصري ،مع التزام المخالف بسداد التعويض المالي المناسب
للطرف الذي انتهكت حقوق ملكيته الفكرية ،وهنا نجد أن هذه المادة لم يوضح فيها
المجلس الجهة التي تسدد لها الغرامة (الخمسة ماليين جنيه) ،كما أننا يمكن أن نستنتج
من ذلك -ارتفاع قيمة التعويض المالي -أن المجلس لم يهتم بجريمة انتهاك حقوق
الملكية الفكرية الخاصة بالمصنفات الصحفية المشار إليها في المادتين ()140
139
و( )141من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية المصري ،وإن من التجاوزات التي
يمكن أن يتعرض لها العمل الصحفي تتمثل في استخدام هذا العمل بدون ترخيص من
الصحفي مثل إعادة نشر العمل دون ذكر اسم صاحبه ،وال حتى استشارته أو ترخيص
تعد على حقوق المؤلف( ،)59ومع ذلك أغفل قانون تنظيم الصحافةمنه ،فهذا يعتبر ٍّ
ً
واإلعالم هذا األمر ،ووفقا لمبدأ شرعية الجريمة والعقوبة ،والذي ينص على أن "ال
جريمة وال عقوبة إال بنص"( ،)60فال نستطيع أن نضفي صفة الجريمة على فع ٍّل ما،
إال إذا كان هناك نص سابق يجرم مرتكبه(.)61
السب
ّ اإلشكالية الخامسة :عدم التفرقة الواضحة بين الحق في النقد وجرائم
والقذف:
على الرغم من أن جريمة المساس بـ(الحياة الخاصة للمشغلين بالعمل العام
لنص المادة
ّ أو ذوي الصفة النيابية العامة ،أو المكلفين بخدمة عامة) ال تقع –وفقًا
( )20من القانون -إذا تضمنت األخبار أو المعلومات إبداء الرأي في مسلك الموظف
العام بشأن وقائع تتعلق بأعمال وظيفته ،وأن يكون النشر مستهدفًا المصلحة العامة،
إال أن طرح حق النقد وجريمتي القذف والسب يؤدي إلى تقاطع في المفهوم ،ألن
ثارا عقابية على من يعتدي على شرف الشخص جرائم القذف والسب ترتب آ ً
واعتباره ،بينما في حق النقد نجد أن هذه األفعال ال تشكل جريمة ،لذلك فقد عد
المشرع المصري القذف الموجه إلى الموظف العام بمثابة الفعل المباح ،وبذلك يتفق
حق النقد مع القذف ،ألنهما من أسباب اإلعفاء من المسئولية ويرتبان أثر المسئولية
المترتبة في حال اإلخالل بحرية التعبير ،إال أن أوجه االختالف بين النقد والقذف
تكمن فيما يلي(:)62
.1حق النقد يتعلق بوقائق ثابتة ومعلومة للجمهور ،أما القذف تجاه الموظف العام
فيتعلق بأمور قد تكون غير معلومة للجمهور ،لكنها متعلقة بالحياة العامة
للمقذوف ،كما يتناول حق النقد وقائع ال يشترط فيها أن تتعلق بشخص عام أو
شخص عادي ،أما جريمة القذف فإنها تشترط أن يكون متعلقا بشخص عام
وتتعلق بعمل من األعمال المسندة إليه في وظيفته.
.2ال يشترط في حق النقد إثبات الوقائع المسندة إلى األشخاص ،ألنها ثابتة ومسلم
بها وهى بمثابة التصرفات الصادرة من الشخص بذاته ،أما جريمة القذف فإنها
تحتاج إلى إثبات حتى يتمتع القاذف باإلباحة ،وتكون الوقائع المسندة إلى
الموظف العام أو البرلماني ناشئة من خالل ممارسته ألعماله.
.3يمثل حق النقد التعليق على الواقعة الثابتة والمعلومة والمسلم بها ،بينما ينصب
السب على اختراع الوقائع المشينة أو مسخ الوقائع الصحيحة بأشياء ّ القذف أو
تجعلها مشينة(.)63
140
وقد استثنى المشرع المصري بعض الحاالت التي تقوم بها جريمة القذف
أصالً من أحكام هذه الجريمة وأعفى القاذف –الصحفي أو اإلعالمي -من العقوبة،
على الرغم من قيام الجريمة وتوافر شروط المسئولية عنها؛ وذلك في حاالت معينة
ارتأى فيها المشرع أن المصلحة العامة التي تعود من إباحة هذه الجريمة تفوق
المصلحة من وراء مالحقة الجاني وعقابه ،وحسب األصل يعاقب المشرع أفعال
القذف التي تقع علنًا باعتبارها عدوانًا على الشرف واالعتبار ،ولكنه مع ذلك يبيح هذه
الجرائم إذا وقعت في إطار العمل الصحفي بمناسبة النقد الصحفي تطبيقًا لمبدأ حرية
الصحافة ،الذي يجد مصدره في مجمل النظام القانوني العام الذي يعترف بحرية
الرأي والتعبير ويكرس حرية الصحافة لكن مع توافر شروط معينة(.)64
وفي هذا الصدد أباح المشرع المصري في المادة رقم ( )20من قانون تنظيم
الصحافة واإلعالم القذف الموجه إلى الموظف عام أو المكلف بخدمة عامة أو ذي
الصفة النيابية العامة بموجب شرطين هما :أن يكون التعرض (القذف) وثيق الصلة
شرط ثالث ورد في نص ٌ بأعمالهم وأن يكون مستهدفًا المصلحة العامة ،ويضاف إلهما
المادة رقم ( )65()32من القانون ذاته ،والتي استثنى فيها المشرع معاقبة الصحفي أو
اإلعالمي جنائيًا على الطعن في أعمال الموظف العام أو من في حكمه ،إذا ثبت أن
النشر أو البث كان بحسن نية ويتعلق بوقائع ومعلومات صحيحة ،وهذا قريبٌ من
المفهوم الذي جاءت به المادة رقم ( )60من قانون العقوبات المصري رقم 58لسنة
1937ألسباب إباحة النقد وموانع وقوع العقوبة على القاذف ،حيث نصت هذه المادة
على أنه "ال تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عمالً بحق
ضا في المادة ( )66()302منه مقرر بمقتضى الشريعة" ،كما يتضمن قانون العقوبات أي ً
سندًا قانونيًا للقذف المباح مع توافر شروط معينة التي يمكن اعتبارها سندًا قانونيًا
لحق الصحفي أو اإلعالمي في النقد المباح.
وتستند هذه اإلباحة إلى مبدأ "رجحان الحق" الذي فترض أن الفعل الذي
يجرمه القانون وهو يهدر ح ًقا قد صان في ذات الوقت حقًا آخر يربو في القيمة
االجتماعية على الحق الذي أهدره ،ومن ثم فهو أولى منه بالرعاية ،وتفترض إباحة
النقد القذفي الصحفي أن الصحفي قد صان بفعله حقًا من الناحية االجتماعية من حث
ذوي الصفة العمومية في الشرف واالعتبار(.)67
ومما سبق يتضح أن شروط إباحة القذف (النقد المباح) في قانون تنظيم
الصحافة واإلعالم ،يتعلق األول منها بصفة المقذوف (أن يكون موظفًا عا ًما أو مكلفًا
بخدمة عامة أو شخص ذو صفة نيابية عامة) ،ويتعلق الثاني بالقضية موضوع القذف
(أن يكون وثيق الصلة بأعمالهم ومستهدفًا المصلحة العامة) ،بينما يتعلق الشرط
الثالث بالصحفي أو اإلعالمي (القاذف) ،وهو افتراض حسن النية في النشر ،إلى
جانب صحة ما أسنده للمقذوف من معلومات ووقائع ،وهنا نالحظ أن تحديد المادتين
( )20و( )32لصفة من يوجَّه إليه القذف (أن يكون موظفًا عا ًما أو مكلفًا بخدمة عامة
141
ضا من المشرع أن من ال تتوافر فيه إحدى هذه أو ذي صفة نيابية عامة) تمثل افترا ً
الصفات ال يقوم بعمل ذي أهمية مجتمعية ومن ثم ليس هناك ما يبرر إباحة القذف
الموجه إليه ،وال يكون هناك مجال للحديث عن صحة وقائع القذف أو حسن نية
الصحفي أو اإلعالمي (القاذف) مادام الشخص الموجه إليه القذف ليس من الموظفين
العموم أو من في حكمهم ،وتطبيقًا لذلك ذهبت محكمة النقض المصرية في أثناء
نظرها في إحدى القضايا ذات الصلة بأنه ال يجوز إثبات حقيقة الوقائع إذا كان المجني
عليه وكيالً لبنك التسليف الزراعي ،إذ إنه ال يؤدي إال خدمة خاصة ،وهما بلغ اتصاله
بالحكومة فإن ذلك ال يخرجه من طبيعته الخصوصية ،وال يمكن اعتباره تبعًا لذلك
موظفًا عا ًما(.)68
وعلى الرغم من أن المشرع حدد شروط النقد المباح –كما تقدم ذكره-
وحظر على الصحفي أو اإلعالمي تناول مسلك المشتغلين بالعمل العام ،أو الشخص
ذي الصفة النيابية العامة ،أو المكلف بخدمة عامة ،إال أنه لم ينص على العقوبة
المقررة في حالة مخالفة هذا الحظر ،وهذا على عكس القانون رقم 96لسنة 1996
بشأن تنظيم الصحافة( ،)69والذي حرص فيه المشرع على تحديد عقوبة خاصة
بمخالفة أحكام النقد المباح ،حيث نصت المادة ( )22من هذا القانون على معاقبة
الصحفي بالحبس مدة ال تزيد على سنة وبغرامة ال تقل عن خمسة آالف جنيه وال
تزيد على عشرة آالف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وفي ضوء عدم نص قانون تنظيم الصحافة واإلعالم على عقوبة بشأن
جرائم القذف في حق الموظف العام ومن هم في حكمه ،ربما يجعل الصحفي أو
اإلعالمي يساءل بنص الفقرة الثانية من المادة 303من قانون العقوبات المصري
التي تنص على أنه .." :إذا وقع القذف في حقّ موظف عام أو شخص ذي صفة
نيابية عامة أو مكلّف بخدمة عامة ،وكان ذلك بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو
الخدمة العامة ،كانت العقوبة الحبس مدة ال تجاوز سنتين وغرامة ال تقل عن خمسة
آالف جنيه وال تزيد على عشرة آالف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين"(.)70
جانب آخر من اإلشكالية المتعلقة بالمادة ( )20وهو الخاص بحظر أي وسيلة
من وسائل النشر أو البث التعرض للحياة الخاصة للمواطنين ،وتكمن المشكلة هنا في
أنه لكي تتقرر مسئولية الصحفي اإللكتروني عن اإلخالل بهذا االلتزام المنصوص
عليه في المادة المذكورة ،البد من وضع الحد الفاصل بين الحياة الخاصة التي يسأل
الصحفي عن انتهاك حرمتها وبين الحياة العامة التي تبقى في نطاق حق الصحفي في
اإلعالم ،إذ إن هناك تداخالً ملحو ً
ظا بين الحياتين؛ بحيث يتعذر أحيانًا وضع الفوارق
()71
بينهما ،فليس من السهل تحديد نهاية الحياة العامة وبداية الحياة الخاصة .وعدم
تفصيل القانون لمصطلح "الحياة الخاصة" يمثل تهديدًا للصحفي؛ إذ إن غياب الفصل
في التعريف بين الحياة العامة والحياة الخاصة من شأنه أن يزيد من فكرة الرقابة
142
الذاتية لدى الصحفي ،ومن جانب آخر قد تخضع مسألة تكييف الفعل إلى السلطة
التقديرية للقاضي.
اإلشكالية السادسة :عدم وضوح ماهية الجرائم المرتبطة بالتحريض:
في المواد ( )4و( )5و( ) 19من قانون تنظيم الصحافة واإلعالم إشارة إلى
أن التحريض( )72يعد أحد المسائل المحظور نشرها أو بثها ،حيث حظرت المادة ()4
منه على المؤسسة الصحفية والوسيلة اإلعالمية والموقع اإللكتروني نشر أو بث أى
مادة أو إعالن يحض على التمييز أو العنف أو العنصرية أو الكراهية ،كما حظرت
المادة ( )5منه على الجهات المختصة إصدار أي صحيفة أو الترخيص بإنشاء أي
وسيلة إعالمية أو موقع إلكتروني ،أو السماح له باالستمرار في ممارسة نشاطه ،متى
كان يقوم على التحريض على اإلباحية أو الكراهية أو العنف ،أو يدعو إلى أي ٍّ من
ذلك أو يسمح به ،وحظرت المادة ( )19من القانون ذاته على الصحيفة أو الوسيلة
اإلعالميـة أو الموقع اإللكتروني ،نشر أو بث ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون
أو إلى العنف أو الكراهية ،ويالحظ هنا أن القانون لم يبين أنواع التحريض وبالتالي
التمييز في العقوبة حسب نوع هذا التحريض؛ ففي هذا الصدد نشير إلى أن التحريض
ينقسم إلى نوعين رئيسيين هما :التحريص المتبوع بأثر ،والتحريض غير المتبوع
بأثر ،فكان ينبغي على المشرع التمييز بين هذين النوعين ،وفي عدم التفريق إشارة
إلى أن العقوبة واحدة سواء كان هذا التحريض الذي ارتكبه الصحفي أو اإلعالمي –
المحرضين على الرغم
َّ ورقيًا أو إلكترونيًا أو مرئيًا -متبو ًعا بأثر أو استجابة من قبل
من اختالف النوعين من التحريض حسب العناصر األساسية (أركان) كل منهما،
حيث إن جريمة التحريض لكي تتحقق يجب توافر العناصر األساسية وهى:
مباشرا ويقتضي الدعوة إلى ارتكاب الجريمة أو مجموعة
ً .1أن يكون التحريض
من الجرائم المحددة ،ويترتب عن عدم إثبات عالقة السببية بين التحريض
والجنحة أو الجناية المقترفة عدم متابعة الشخص بالتحريض المباشر.
.2أن يكون التحريض متبو ًعا بأثر :أي ضرورة وقوع الفعل اإلجرامي الذي كان
المحرض إلى وقوعه ،ويكفي هنا محاولة ارتكاب جريمة.
ِّ يسعى
صادرا بسوء نية :وغالبًا ما تستنتج هذه النية من خالل
ً .3أن يكون التحريض
المحرض ،وعلى المتهم إثبات العكس والبرهنة علىِّ العبارات التي استعملها
حسن نيته.
.4العالنية :وتتحقق كلما جاءت عبر الوسائل المنصوص عليها في القانون.
وعلى الرغم من أن المشرع المصري في تنظيمه للمسئولية الجنائية عن
الجرائم الصحفية في قانون تنظيم الصحافة واإلعالم قد نص على عدم جواز توقيع
عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العالنية ،إال أنه استثنى
143
من ذلك جرائم التحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن في أعراض
األفراد بتوقيع عقوبة سالبة للحرية ،حيث نصت المادة رقم ( )29من القانون على أنه:
"ال يجوز توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ت ُرتكب بطريق النشر أو
العالنية ،فيما عدا الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين
المواطنين أو بالطعن في أعراض األفراد" ،ويستند القانون في هذه المادة إلى نص
المادة رقم ( )71من الدستور المصري ذات المضمون نفسه تقريبًا( .)73وفي هذا
إشارة ضمنية من المشرع المصري في سواء في القانون أو الدستور بإمكانية توقيع
عقوبة سالبة للحرية كالحبس أو الحبس االحتياطي على الصحفي المتهم بارتكاب
جريمة التحريض في ضوء مطاطية العبارات ،حيث لم يحدد القانون ما المقصود
بمصطلحات مثل العنف أو التمييز أو الطعن في حياة األفراد وترك للجهات القضائية
تفسيرها أو تأويلها ،وقد ال يأخذ القاضي فيها بإلزام الصحفي بالتعويض ويطبق عقوبة
سالبة للحرية وفقًا لنص الدستور والقانون في هذا الشأن ،إلى جانب أن جريمة الطعن
في أعراض األفراد لم تحدد بشكل واضح في القانون ،وهو ما قد يترتب عليه حدوث
تداخل أو خلط بينها وبين الحق في النقد خاصة إذا ما ارتبط هذا الخلط بمناخ سياسي
ال يدفع نحو تأويل المصطلح لصالح الصحفي أو اإلعالمي والتأكيد على حقه في النقد
المباح كأحد صور حرية الرأي والتعبير ،مع ضرورة األخذ في االعتبار وضعية
المشهد اإلعالمي في مصر من ناحية التعددية والتنوع واحترام حرية الرأي والتعبير
من جانب مؤسسات الدولة أو الهيئات الرسمية المنوط بها تنظيم اإلعالم ،وتطبيقها
القانون بشكل موضوعي ومحايد دون تحيز.
ويالحظ أن نص المادة ( )29السابق ذكرها والمطابق لنص المادة ( )71من
مقررا قاعدة عامة مؤداها سلب سلطة المشرع في توقيع عقوبات سالبة ً الدستور جاء
للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العالنية -كأصل عام -وذلك بصرف
النظر عن الوسيلة التي وقعت بها عملية النشر ،سواء مرئية أو مسموعة أو
ضا من جرائم النشر على إلكترونية ،إال ان النص استثنى من ذلك األصل العام بع ً
سبيل التحديد ،منح المشرع تجاهها سلطة تقديرية في تحديد عقوباتها ،حتى ولو
تضمنت تلك العقوبات عقوبات سالبة للحرية ،أال وهى تلك الجرائم االمتعلقة
بالتحريض عل ى العنف ،أو بالتمييز بين المواطنين ،أو بالطعن في أعراض األفراد،
وهنا يالحظ أن هذا االستثناء اتصف بالعمومية وعدم التحديد الدقيق لماهية تلك
الجرائم المذكورة ،وهو ما يصعب معه ضبط حدودها في مجال التجريم ،وكان يجدر
بالمشرع ضبط هذه العبارة وتحديدها بصورة أكثر إيضا ًحا لمراده ،حتى ال يتوسع
المشرع في استخدامها أو التجريم على أساسها(.)74
وما يؤكد على اإلشكالية المطروحة بشأن غموض المصطلحات الخاصة
بجرائم التحريض هو عدم النص على عقوبات محددة لها ،وبذلك قد يعاقب الصحفي
أو اإلعالمي المتهم بارتكاب جريمة التحريض وفق نصوص المواد (،175 ،174
144
)75()177 ،176من قانون العقوبات المصري ،كما أن الخطورة هنا تكمن في أن
التحريض يتمثل في بث التصميم أو التشجيع أو دفع شخص أو عدة أشخاص بأي
مباشرا أو غير
ً وسيلة كانت ,بهدف تنفيذ الجريمة ,ويستوي هنا أن يكون التحريض
مباشر ,فردي موجه لشخص بعينه ,أو تحريض عام موجه إلى جماعة غير محدودة
من الناس من خالل الموقع اإللكتروني أو غيره من وسائل اإلعالم ,وتقع جريمة
التحريض بتوافر الركن المادي الذي يتمثل في أن يكون مرتكبها –الصحفي أو
اإلعالمي -قد قام بالفعل باالتصال بشخص أو عدة أشخاص آخرين وحاول التأثير
علي عقولهم لكي يرتكبوا جريمة معينة ,ويتحقق هذا الركن سواء اقتنع هؤالء ودفعهم
ذلك الرتكاب الجريمة ,أو غير ذلك ,وكذلك الركن المعنوي الذي يقع بتوافر النية
والقصد والعزم لدى –الصحفي أو اإلعالمي -المحرض على استقطاب من حرضهم
للقيام باألعمال غير المشروعة وارتكاب الجرائم المذكورة سواء في المواد أرقام ()4
و( )5و( )19و( )29من قانون تنظيم الصحافة واإلعالم ،مع اإلشارة هنا إلى أن
عنصر النية من أكثر العناصر صعوبة في اإلثبات ،مالم يعترف قائل التعبير صراحة
باتجاه إرادته نحو التحريض على أفراد أو مجموعات معينة ،وتخضع هذه المسألة
للجهة القضائية المنوط بها الحكم في مثل هذه الجرائم ودرجة مرونة رجال
القضاء( )76في تقرير مدى توجه إرادة الصحفي أو اإلعالمي نحو التحريض من
عدمه .وفي هذا الصدد ذهبت محكمة النقض المصرية( )77إلى أن النية من مخبآت
الصدور ودخائل النفس ،والتي ال تقع عادة ً تحت الحس وليس لها أمارات ظاهرة،
وألنه قد ال توجد شواهد ظاهرة أو سمات تدل على التحريض ،فللقاضي أن يستدل
على ذلك بطريق االستنتاج والقرائن التي تقوم لديه.
كما أن المشرع في تنظيمه للمسئولية الجنائية عن أفعال التحريض على
اإلباحية أو الكراهية أو العنف الواردة في المادة ( )5من قانون تنظيم الصحافة
واإلعالم ،أوجب على المجلس األعلى لتنظيم اإلعالم عدم الترخيص بإنشاء أي موقع
إلكتروني أو السماح له باالستمرار في ممارسة نشاطه في حال ارتكاب جريمة
التحريض عبر الموقع اإللكتروني ،وفي السياق ذاته أوجب القانون في المادة ()19
على المجلس األعلى اتخاذ اإلجراء المناسب حيال جرائم التحريض على مخالفة
القانون أو العنف أو الكراهية ،وحدد هذا اإلجراء في "وقف الموقع أو حجبه".
ومما سبق يتضح أن المشرع المصري توسع في مفهوم التحريض كما ورد
في المواد أرقام ( )19،5،4من قانون تنظيم الصحافة واإلعالم ،فضالً عن غياب
تعريفات دقيقة للمصطلحات ذات الصلة باالستثناءات الواردة على حرية التعبير
وتوقيع عقوبات سالبة للحريات في المادة ( )29من القانون ذاته ،وهو ما يؤدي إلى
فرض قيود شديدة على حرية التعبير في المجال الصحفي بكل أشكاله وعلى رأسها
اإلل كتروني بالمخالفة للمعايير الدولية الواردة في مواثيق حقوق اإلنسان ،في ظل
تعبيرا تحريضيًا وما يدخل في نطاق
احتدام الجدل واختالف التأويالت لما يعد ت ً
145
التعبير المشروع والنقد الصحفي المباح ،ما يؤدي في النهاية إلى فرض قيود غير
ضرورية على حرية التعبير تحت دعوى حماية الحقوق األخرى التي قد تتأثر نتيجة
ممارسة الصحفي أو اإلعالمي لحرية التعبير والنقد في نظر المشرع.
اإلشكالية السابعة :التعامل مع المدونات ومواقع التواصل االجتماعي باعتبارها
النص صراحة على ذلك:
ّ وسائل إعالمية مع عدم
إذا كانت المدونات اإللكترونية ومواقع التواصل االجتماعي قد أسهمت في
التوسع في استخدام الحق في التعبير ،إال أن هذه الوسائل –بذريعة حرية التعبير-
يساء استخدامها من خالل المساس بحقوق اآلخرين والتشهير بهم ،وال يتوقف األمر
عند هذا الحد ،إنما قد امتد األمر إلى استخدام هذه الوسائط لتنفيذ أغراض إجرامية
تهدف إلى زعزعة اس تقرار الدول وتهديد أمنها الوطني وسيادتها ،وما يضاعف من
حجم المشكلة هو أن هذه الوسائل المستحدثة ال تحتاج إلى جهد في الوصول إليها
واستخدامها كمنصات إعالمية ،بل إن الفرد –أي فرد -يستطيع استخدامها ونشر
كتاباته ومقاطعه الصوتية أو المرئية وهو في أي مكان في العالم ،مما سهل أن تكون
هذه الوسائل مليئة بالتجاوزات ،وذلك لعدم وضوح الرؤية لبعض هؤالء المتجاوزين
حول مدى قيام المسئولية الجنائية بحقهم عند إساءة استخدامهم لهذه الوسائل(.)78
والمشرع المصري في صياغته لقانون تنظيم الصحافة واإلعالم 2018لم
ينص صراحة على المدونات اإللكترونية أو مواقع التواصل االجتماعي كوسيلة
أخبارا أو مقاالت شخصية لصاحب المدونة أو الحساب ،أوً إعالمية كونها قد تتضمن
مقاالت ينشرها عن غيره ،ولكنه في المادة ( )19من القانون أشار ضمنيًا إلى هذه
المواقع ،ومن ثم يبدو من خالل نص الفقرة المذكورة أن المدونات اإللكترونية أو
الحسابات الشخصية على موقع فيس بوك أو غيره من مواقع التواصل االجتماعي
مشمولة بأحكام هذا القانون ،وتسير عليها اإلجراءات التي تسري على وسائل اإلعالم
المختلفة سواء كانت صحفًا أو قنوات أو إذاعات أو مواقع إلكترونية.
فجدير بالمالحظة أن المشرع في تنظيمه للمسئولية الجنائية عن أفعال
التحريض على مخالفة القانون أو العنف أو الكراهية( )79الواردة في المادة رقم ()19
توسع في تحديد وسائل اإلعالم التي ترتكب هذه الجرائم من خاللها ،حيث –وألول
مرة في التشريعات الصحفية -ينص في الفقرة الثانية من المادة المذكورة على أنه
يلتزم بأحكام الحظر كل موقع إلكتروني شخصي أو مدونة إلكترونية شخصية أو
حساب إلكتروني شخصي يبلغ عدد متابعيه خمسة آالف متابع أو أكثر ،وفي ذلك
إشارة ضمنية إلى مواقع التواصل االجتماعي والمدونات اإللكترونية ،ودخلت هذه
الوسائل مع بقية وسائل النشر األخرى في أحقية المجلس األعلى لتنظيم اإلعالم في
سا
وقفها أو حجبها في حال كانت وسيلة الرتكاب جرائم التحريض المذكورة ،وتأسي ً
على ذلك ،فإن ما نشر اآلراء واألخبار والمعلومات عبر المدونات اإللكترونية أو
146
مواقع التواصل االجتماعي تخضع –وفق المادة المذكورة -إلى ذات القواعد القانونية
المنظمة للنشر الصحفي التقليدي.
وتأتي اإلشكالية هنا في تعارض هذا اإلجراء مع الدستور ،ومع المواثيق
العالمية لحقوق اإلنسان التي تؤكد على حرية الرأي والتعبير ،إضافة إلى أن ما أعطاه
المشرع من سلطة للمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم تخول له وقف أو حجب الموقع أو
المدونة يتنافى مع فكرة أن الدولة –أي دولة -تشرع وفقًا لسلطتها على إقليمها ،وال
يجوز لها أن تمد تشريعها لمواقع ليست ملكها ،كما هو الحال فيما يخص المواقع
اإللكترونية؛ إذ إن هذه المواقع تبعًا التفاقية التجارة العالمية ليست مل ًكا للدولة حتى
تمنع الناس من إنشاء حساباتهم فيها ،لكن في المقابل يمكن للدولة أن تجرم المحتوى
اإللكتروني مثالً ،إن كان يتضمن ما قد يعتبر جريمة جنائية ،وعليه ،فإن منع إنشاء
المواقع والحسابات فيه تجاوز لسلطات الدول األخرى على اعتبار أن شبكة اإلنترنت
ليست مل ًكا لدولة بعينها(.)80
وفيما يتعلق بمواقع التواصل االجتماعي تمتد اإلشكالية في ظل وجود خالف
بين فقهاء القانون حول الطبيعة القانونية لهذه المواقع بين كونها متعهد إيواء( )81أو
ناشرا في ضوء حقيقة الدور الفني الذي تقوم به هذه المواقع؛ إال أن المعالجة ً
التشريعية واالتجاه ات الفقهية والقضائية الحديثة تقودنا إلى استبعاد صفة الناشر في
ناشرا ،ألنها تتيح
ً مقدم خدمة التواصل االجتماعي ،وأنها تعد بمثابة متعهد إيواء وليس
لموردي المحتوى نشره على الموقع دون أن تتدخل في توريده أو تعلم مشروعيته من
عدمها لحظة بث المستخدم لهذا المحتوى ،وبنا ًء على هذا يسري عليها ما يسري على
متعهد اإليواء من مسئولية محدودة ،فال تلتزم التزا ًما عا ًما برقابة مشروعية المحتوى
اإللكتروني ،كما ال يقع عليها التزام عام بالبحث عن الوقائع والظروف التي تكشف
عن نشاط غير مشروع(.)82
وإذا كان مزود خدمات االستضافة( )83هو المسئول عن توفير خدمة
االتصاالت عبر اإلنترنت للجمهور ،أو يتيح تخزين المعلومات التي ترد إليه من أي
شخص أسهم في إنشاء محتوى أو صياغته ،فالناشر هو ذلك الذي إما يسهل نشر
البيانات على الموقع باعتباره مدير تحرير لهذا الموقع ،وإما أن يقوم بتدوين المحتوى
وصياغته ،فالذي يميز بين المضيف والناشر هو أن األخير تكون له السيطرة على
المحتوى ،والتحكم في بياناته ،بخالف المضيف حيث تقتصر مهمته على حد توفير
خدمات االتصال للجمهور ،وحفظ البيانات وتخزينها ،ومن ثم ال تكون له عالقة
بإنشاء صفحات التواصل االجتماعي أو مضمون المحتوى(.)84
وعلى الرغم من تحديد المقصود بمصطلح الناشر اإللكتروني ،فإنه على
عكس الوسائل اإلعالمية التقليدية ،ال يمكن التعرف بسهولة على (الناشر) أو المالك
األصلي للمدونات أو الحسابات أو الصفحات التي تطلق عبر مواقع التواصل ألنه في
147
الغالب قد يتخذ اس ًما وهميًا لضمان عدم مساءلته ،وذلك نابع من مجانية هذه المواقع
وإمكانية وصول جميع المستخدمين لها دون شروط ،إضافة إلى أن هذه المواقع ال
تخضع إلدارة مؤسسات حاصلة على صفة من قبل الجهات المختصة تمكنها الرجوع
إلى صاحبها ألجل مساءلته ،بخالف وسائل اإلعالم األخرى الخاضعة قانون تنظيم
الصحافة واإلعالم.
ونظرا الختالف القواعد المتعلقة بجرائم هذه المواقع فكان ينبغي إصدار
ً
تشريع ينظم المسئولية القانونية الناشئة عن هذه المواقع بموجب قانون خاص –أو
على األقل إفراد هذه المواقع بباب أو فصل خاص داخل قانون تنظيم الصحافة
واإلعالم -يتفق مع الطبيعة الخاصة لهذه المواقع ،كما أن الشخص قد ال يسأل عن
فعل النشر اإللكتروني إذا ما قام بتعديل خصوصية النشر كما في موقع فيس بوك بأن
ال يسمح ألحد سواه برؤية المحتوى ،وبالتالي سينتفي عنصر العالنية من فعله ،ومن
ثم لن يقع تحت المسئولية الجنائية.
اإلشكالية الثامنة :خصوصية الجريمة اإللكترونية وحجية أدلتها في اإلثبات:
إن التقدم الهائل في تكنولوجيا اإلعالم وظهور أنماط جديدة من الجرائم
أصبح كما هو مالحظ في الواقع العملي يشكل عبئًا ثقيالً على عاتق جميع أجهزة
العدالة الجنائية ،سواء رجال الضبط القضائي أو رجال التحقيق أو المحاكم على
مختلف درجاتها( .)85ومن ثم فإن مهمة الكشف عن الجرائم التي ترتكب عبر اإلنترنت
صعبة ،فالوسائل التقليدية لم تعد كافية لمكافحتها ،كما أن بطء اإلجراءات الرسمية قد
كبيرا على
ً يؤدي إلى فقدان األدلة ،ولذلك تشكل متابعة سلسلة األدلة وحفظها تحديًا
عكس الوسائل التقليدية التي يسهل فيها الحصول على الدليل على ارتكاب الجريمة،
كما أن من أحد أوجه صعوبة جرائم النشر اإللكترونية يتمثل في أن المالحقة القضائية
فيها تقتضي تتبع أثر المضمون –المجرم -من خالل مجموعة متنوعة من مقدمي
خدمات اإلنترنت أو الشركات المقدمة لتلك الخدمات ،فضالً عن تتبع المحققين أثر
قنوات االتصاالت بأجهزة الحاسب اآللي المصدرية ،وقد يكون مقدمو الخدمات خارج
حدود الدولة وبالتالي تأتي الحاجة إلى ضرورة التعاون القضائي(.)86
كما أن هناك صعوبات تواجه التنظيم القانوني لجرائم النشر اإللكتروني ،أن
نظرا لطبيعة الوسيلة التي
ً هذه النوعية من الجرائم تتسم بأنها جرائم عابرة للحدود
ترتكب هذه الجرائم من خاللها ،وبالتالي قد تحتاج إلى التعاون الدولي ،وهنا تكمن
المشكلة في تنوع النظم القانونية واختالفها؛ إذ قد تكون بعض األفعال قانونية
ومشروعة في دولة ما وغير قانوينة في دولة أخرى ،وكذلك عدم وجود قنوات
اتصال بين الدول ما يعيق الحصول على المعلومات والبيانات المتعلقة بالجريمة
وبالتالي يعيق التصدي لها ،وتنبغي اإلشارة هنا إلى أن المادة رقم ( )4من قانون رقم
175لسنة 2018في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات المصري( )87تنص على أن
148
"ت عمل السلطات المصرية المختصة على تسيير التعاون مع نظيراتها بالبالد األجنبية
في إطار االتفاقيات الدولية واإلقليمية والثنائية المصدق عليها ،أو تطبيقًا لمبدأ المعاملة
بالمثل ،بتبادل المعلومات بما من شأنه أن يكفل تفادي ارتكاب جرائم تقنية المعلومات
والمساعدة على التحقيق فيها وتتبع مرتكبيها ،وعلى الرغم من ذلك إال أن هذا اإلجراء
لن يضمن حل هذه اإلشكالية بشكل جذري؛ حيث إن التعاون القضائي أو ما يسمى
بالمساعدات القضائية تتم بالطرق الدبلوماسية ،وهذا يجعها بطيئة ومعقدة ،وهذا
يتعارض مع طبيعة اإلنترنت وجرائمها وما تتميز به من سرعة(،)88
كما ترجع صعوبة إثبات جرائم النشر المرتكبة عبر شبكة اإلنترنت إلى
خصائص الوسيلة اإللكترونية ذاتها ،حيث السرعة في ارتكابها ،وكذلك سهولة طمس
معالمها ومحو آثارها ،ومن ثم عدم مالءمة األدلة التقليدية في إثباتها ،ومن هنا تبدأ
صعوبة البحث عن الدليل ،وجمع األدلة ومدى قبولها إن وجدت ،ومدى مصداقيتها
في إثبات وقائع الجريمة ،فعملية التحري الرقمي تختلف عن التحري في الجرائم
المعتادة ،حيث تتعامل مع وسائط وأجهزة رقمية وأدلة غير ملموسة( .)89وهنا نشير
نظرا ألنه يسهل على مرتكب ً إلى صعوبة إثبات بعض جرائم النشر اإللكتروني
الجريمة محو األدلة المتعلقة بها وتدميرها في وقت وجيز وكذلك إمكانية تعديل النص
المنشور على عكس وسائط النشر التقليدية.
ففيما يتعلق بمواقع التواصل االجتماعي ،فقد تسببت سرعة ومرونة طرق
ارتكاب الجرائم عبر هذه المواقع في فرض الكثير من المعوقات أمام جهات الضبط
التقليدية فيما يتعلق بإجراءات التحقيقات والكشف عن مرتكبيها ،والعثور على األدلة
الرقمية نتيجة لدقة القواعد اإلجرائية الجنائية التي ينبغي التعامل معها لحفظ ملفات
التسجيل للعمليات في نظم الحواسب واالتصاالت والحصول على المعلومات من
مقدمي خدمات اإلنت رنت والتواصل االجتماعي ،والتأكد من صحة الدليل المتحصل
عليه( ،)90وهذا يثير العديد من المشكالت التي تواجه جهات التحري والمالحقة في
التعامل مع المحتوى اإللكتروني إلثبات وقوع الجريمة ومالحقة مرتكبها وجمع األدلة
والسيطرة على أدلة ثبوت الجريمة ،كون هذا النوع من األدلة يتمثل في شكل
معلومات رقمية مسجلة إلكترونيًا والتي ال يترك التعديل فيها أي أثر ،وال يمكن
لإلنسان قراءتها إال من خالل اآللة نفسها والتقنية نفسها(.)91
ومن جهة أخرى فإن سهولة إخفاء الدليل الرقمي –محوه أو تدميره -من
الصعوبات التي يمكن أن تعترض عملية اإلثبات ،وتحول دون الوصول إلى الدليل
الرقمي حتى ،حيث يقوم الجاني بمحو أو تدمير أدلة اإلدانة بسهولة متناهية(،)92
وبالنظر إلى الطبيعة الخاصة التي تتميز بها األدلة المتحصلة من الوسائل اإللكترونية
وما قد يصاحب الحصول عليها من خطوات معقدة ،فإن قبولها في اإلثبات قد يثير
العديد من المشكالت ،فكما نعلم أن مستودع هذه األدلة هو الوسائل اإللكترونية ،ومن
ثم يمكن التالعب فيها وتغيير الحقيقة التي يجب أن تعبر عنها ،ولذلك فإن المشكالت
149
التي تثيرها هذه األدلة ليس بسبب أنها قد تصلح لتكون طرق إثبات أم ال ،وإنما
المشكلة التي تتعلق بها تتحدد في كيف نضمن مصداقية هذه األدلة وأن تعبر عن
الحقيقة التي تهدف إليها الدعوى الجنائية( ،)93وتعتمد القيمة الثبوتية لهذه األدلة في
المقام األول على أصالته؛ ألنه من السهل تزوير الملف التعريفي ألي شخص ،كما
يسهل تعديل المعلومات والبيانات المأخوذة من الحساب الخاص ألحد األشخاص
الموجود على أحد مواقع التواصل االجتكاعي ،والتثبت من أصالة الدليل هو عملية
تستهدف إقناع المحكمة بأن "الشئ" محل التحقق يتمتع بالمصداقية المطلوبة(.)94
وهنا نشير إلى أن المشرع المصري قد تدارك هذا األمر فيما يتعلق بحجية
األدلة الرقمية؛ حيث إن المادة ( )11من قانون رقم 175لسنة 2018في شأن مكافحة
جرائم تقنية المعلومات المصري نصت على أنه" :يكون لألدلة المستمدة أو المستنبطة
أو المستخرجة من األجهزة أو المعدات أو الوسائط أو الدعامات اإللكترونية أو من
النظام المعلوماتي أو من برامج الحاسب ،أو من أية وسيلة لتقنية المعلومات ذات قيمة
وحجية األدلة الجنائية المادية في اإلثبات الجنائي متى توافرت بها الشروط الفنية
الواردة بالالئحة التنفيذية لهذا القانون" ،وعلى الرغم من ذلك ،إال أن اإلشكالية
المتعلقة بإمكانية الحصول على األدلة المتعلقة بوسائل النشر اإللكترونية تظل قائمة
نظرا لصعوبة الكشف عن الجرائم التي ترتكب عبر شبكة اإلنترنت طالما أن محلها ً
في أغلب الحاالت هو بيانات ومعطيات رقمية يسهل تغييرها أو تعديلها أو حتى
محوها من أي مكان ،وفي هذا الصدد نصت المادة رقم ( )2البند األول من قانون رقم
175لسنة 2018في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات المصري على التزام
مقدمي الخدمة بحفظ وتخزين النظام المعلوماتي أو أي وسيلة لتقنية المعلومات لمدة
180يو ًما متصلة ،وتتمثل في البيانات التي تمكن من التعرف على مستخدم الخدمة
والبيانات المتعلقة بمحتوى ومضمون النظام المعلوماتي المتعامل فيه متى كانت تحت
سيطرة مقدم الخدمة ،وعلى الرغم من حرص المشرع المصري على إلزام مقدمي
الخدمة بحفظ البيانات المتقدم ذكرها إال أنه حددها بمدة ستة أشهر فقط وبعدها لن
يكون مقدمو الخدمة ملتزمون بحفظ أو تقديم البيانات ،وهو ما يمثل عقبة في طريق
جمع األدلة المتعلقة بإحدى الجرائم المرتكبة عبر وسائل النشر اإللكتروني.
خالصة الدراسة ونتائجها في ضوء ما أثارته من تساؤالت:
سعت الدراسة الراهنة إلى تحقيق هدف رئيسي يتمثل في رصد إشكاليات
التنظيم القانوني للمسئولية الجنائية عن جرائم النشر الصحفي اإللكتروني في مصر
من خالل دراسة تحليلية للقانون رقم 180لسنة 2018بشأن تنظيم الصحافة واإلعالم
والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم ،واستندت هذه الدراسة إلى المنهج الوصفي التحليلي
والمنهج االستقرائي إضافة إلى أسلوب المقارنة المنهجية ،ولعل النتيجة األبرز في
هذه الدراسة هي أن قانون تنظيم الصحافة واإلعالم –على الرغم من حداثة صدوره-
صا في ظل التطورات كما يبدو لنا لم ي ِّع ْر االهتمام الكافي للصحافة اإللكترونية خصو ً
150
الهائلة في عالم التكنولوجيا المعلوماتية ،فلم نجد القانون يتناول بالتفصيل الكافي
والمستقل ما يشير إلى طبيعة الصحافة اإللكترونية بكل أشكالها ووسائل النشر فيها
وبيان ضوابط ممارستها بما يتناسب مع طبيعتها المختلفة عن الوسائل اإلعالمية
األخرى ،وخالصة القول ،فإنه في ضوء اإلشكاليات التي كشفت عنها الدراسة
الراهنة فيما يتعلق بالتنظيم القانوني للمسئولية الجنائية عن جرائم النشر الصحفي
اإللكتروني ،نجد أنه من الضروري –من وجهة نظر الباحثيْن -أن يقوم المشرع
المصري بسن قانون مستقل لإلعالم اإللكتروني بكافة أشكاله لكي يتماشى مع طبيعة
الوسيلة ويواكب التطورات الحاصلة في هذا المجال .وفيما يلي نعرض ألبرز النتائج
التي كشفت عنها الدراسة في ضوء ما أثارته من تساؤالت.
ما إشكاليات التنظيم القانوني للمسئولية الجنائية عن جرائم النشر الصحفي
اإللكتروني؟
أظهر التحليل مجموعة من اإلشكاليات المتعلقة بالتنظيم القانوني للمسئولية
الجنائية عن جرائم النشر اإللكتروني في ضوء القانون رقم 180لسنة 2018بشأن
تنظيم الصحافة واإلعالم والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم ،نوجزها فيما يلي:
جاءت في مقدمة هذه اإلشكاليات غموض بعض النصوص بما يؤدي إلى
اختالف تأويلها ،حيث احتوت بعض مواد القانون على العديد من األلفاظ والعبارات
الفضفاضة وغير المحددة يقي ًنا وتحتمل التأويل في جوانبها ،ومن ثم يترك تأويلها
وتفسيرها إلى األجهزة القضائية والتنفيذية من جهة ،ومن جهة أخرى يؤدي عدوم
وضوحها وداللتها إلى عدم قدرة الصحفي أو المواطن على تحديد ما يعتبر جريمة
وما ال يعتبر جريمة ،منها عبارات مثل :مقتضيات األمن القومي والدفاع عن الوطن،
ومخالفة النظام العام أو اآلداب العامة ،وتكدير السلم العام وغيرها ،وترتبط بهذه
اإلشكالية إشكالية تالية وهى التوسع في محظورات النشر ،وبالتالي التوسع في حدود
التجريم وتكريس جرائم طالما طالب الصحفيون بإلغائها من خالل عبارات مطاطة
يمكن تأويلها في غير صالح الصحفيين ،إلى درجة تعكس نية لحصار الصحافة وأن
تتحول المهنة والصحفيين إلى كتابة النشرات الرسمية.
إشكالية ثالثة كشفت عنها الدراسة وهى التوسع في نطاق المسئولية (تعميم
العقوبة) ،وتمثلت في تركيز المشرع على قبل الكاتب ،حيث حرص المشرع على
عدم االكتفاء بمساءلة الصحفي ،واتجه إلى معاقبة الموقع أو الوسيلة اإلعالمية
كشريك في المساءلة القانونية إلى جانب الصحفي ،وهو ما يطلق عليه "المسئولية
التضامنية" ،بنا ًء على افتراض مسئولية مدير النشر الجنائية عن كل ما ينشر في
الموقع أو الصحيفة ،وما في ذلك من خروج عن القواعد العامة للمسئولية الجنائية
التي تقضي بأن تكون المسئولية شخصية ال تلحق إال بمن ساهم فعالً في ارتكاب
الجريمة.
151
تمثلت اإلشكالية الرابعة في عدم االهتمام بتنظيم جرائم انتهاك حقوق
الملكية الفكرية فيما يتعلق بالمصنّفات الصحفية ،حيث لم يهتم قانون تنظيم الصحافة
واإلعالم بتأكيد حماية حقوق الملكية الفكرية الواردة في القانون 82لسنة 2002؛ إذ
لم يتضمن القانون أية ضوابط لحقوق الملكية الفكرية بالخاصة بالمصنف الصحفي،
وبصفة خاصة انتهاك حقوق الملكية الفكرية من خالل النسخ غير المشروع للمنتج
الصحفي ونسبه للنفس كأحد أبرز أشكال انتهاك حقوق الملكية الفكرية في البيئة
اإللكترونية.
وجاءت اإلشكالية الخامسة متمثلة في عدم التفرقة الواضحة بين الحق في
السب والقذف ،فعلى الرغم من أن المشرع حدد شروط النقد المباح – ّ النقد وجرائم
كما تقدم ذكره -وحظر على الصحفي أو اإلعالمي تناول مسلك المشتغلين بالعمل
العام ،أو الشخص ذي الصفة النيابية العامة ،أو المكلف بخدمة عامة ،إال أنه لم ينص
على العقوبة المقررة في حالة مخالفة هذا الحظر ،وهذا من شأنه أن يضع الصحفي
المخالف تحت طائلة المساءلة بموجب قوانين أخرى عامة مثل قانون العقوبات
المصري.
ضا عن اإلشكالية السادسة وتتعلق بعدم وضوح ماهية كما كشف التحليل أي ً
الجرائم المرتبطة بالتحريض ،فعلى الرغم من أن المشرع المصري في تنظيمه
للمسئولية الجنائية عن الجرائم الصحفية في قانون تنظيم الصحافة واإلعالم قد نص
على عدم جواز توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو
العالنية ،إال أنه استثنى من ذلك جرائم التحريض على العنف أو التمييز بين
المواطنين أو الطعن في أعراض األفراد بتوقيع عقوبة سالبة للحرية ،ومع ذلك لم
يحدد القانون ما المقصود بمصطلحات مثل العنف أو التمييز أو الطعن في حياة
األفراد وترك للجهات القضائية تفسيرها أو تأويلها ،وقد ال يأخذ القاضي فيها بإلزام
الصحفي بالتعويض ويطبق عقوبة سالبة للحرية وفقًا لنص الدستور والقانون في هذا
الشأن.
أما اإلشكالية السابعة فتمثلت في التعامل مع المدونات ومواقع التواصل
النص صراحة على ذلك ،وقد كشف ّ االجتماعي باعتبارها وسائل إعالمية مع عدم
التحليل في هذا الصدد أن المشرع المصري في صياغته لقانون تنظيم الصحافة
واإلعالم 2018لم ينص صراحة على المدونات اإللكترونية أو مواقع التواصل
االجتماعي كوسيلة إعالمية ،ولكنه في المادة ( )19من القانون أشار ضمنيًا إلى هذه
المواقع من خالل عبارة (كل موقع إلكتروني شخصي أو مدونة إلكترونية شخصية أو
حساب إلكتروني شخصي يبلغ عدد متابعيه خمسة آالف متابع أو أكثر) ،وتأتي
اإلشكالية في ظل وجود خالف بين فقهاء القانون حول الطبيعة القانونية لهذه المواقع
ناشرا في ضوء حقيقة الدور الفني الذي تقوم بهً والمدونات بين كونها متعهد إيواء أو
هذه المواقع.
152
تأتي اإلشكالية الثامنة واألخيرة متمثلة في خصوصية الجريمة اإللكترونية
وحجية أدلتها في اإلثبات ،وما يترتب على ذلك من صعوبات تواجه التنظيم القانوني
لجرائم النشر اإللكتروني ،أبرزها صعوبة إثبات جرائم النشر المرتكبة عبر شبكة
نظرا لخصائص الوسيلة اإللكترونية ذاتها ،حيث السرعة في ارتكابها، ً اإلنترنت
وكذلك سهولة طمس معالمها ومحو آثارها ،ومن ثم عدم مالءمة األدلة التقليدية في
إثباتها ،ومن هنا تبدأ صعوبة البحث عن الدليل ،وجمع األدلة ومدى قبولها إن وجدت،
ومدى مصداقيتها في إثبات وقائع الجريمة.
المشرع المصري في تنظيم المسئولية
ّ ما مالمح السياسة التي انتهجها
الجنائية عن جرائم النشر الصحفي اإللكتروني؟
تعد العقوبة هى الجزاء الذي يقرره المشرع على من تثبت مسئوليته عن
ارتكاب أفعال يعد ارتكابها انتها ًكا أو خرقًا اللتزامات أو واجبات مقررة قانونًا ،على
أن الجزاء يقرر بالقدر الي يتناسب مع الجريمة سعيًا من المشرع لمنع ارتكاب
الجريمة مرة أخرى ،سواء من المخالف أو من غيره.
وتبغي اإلشارة هنا إلى أن الدستور المصري -2014-عندما نص على
إنشاء المجلس األعلى لتنظيم اإلعالم (المادة )211أو الهيئة الوطنية للصحافة (المادة
)212أو الهيئة الوطنية لإلعالم (المادة )213أكد صراحة على أن الهدف الرئيسي
من إنشاء هذه الكيانات هو المسئولية عن ضمان وحماية حرية الصحافة واإلعالم
المقررة بالدستور في إطار المقومات األساسية للمجتمع ،إضافة إلى وضع الضوابط
والمعايير الالزمة لضمان التزام الصحافة ووسائل اإلعالم بأصول المهنة
وأخالقياتها ،بما يشير إلى أنه ال يجوز للمشرع عند إصدار القوانين التي تنظم
ممارسة المهنة أن يتخطى تلك الغايات واألهداف الدستورية.
وفي ضوء ذلك ،يجب التأكيد على أن التنظيم التشريعي للممارسة اإلعالمية
والصحفية يجب أن يكون في نطاق الضوابط الدستورية التي تضمنها الدستور بشأن
حرية الصحافة ووسائل اإلعالم وضمان استقالليتها ،وذلك انطالقًا من أن سلطة
المشرع في مجال تنظيم الحقوق حدُّها قواعد الدستور التي تبين تخوم الدائرة التي ال
يجوز اقتحامها بما ينال من الحق محل الحماية ،أو يؤثر في محتواه ،ذلك أن لكل حق
دائرة يعمل فيها ،وال يتنفس إال من خاللها ،فال يجوز تنظيمه إال فيما وراء حدودها
الخارجية ،فإذا اقتحمها المشرع ،كان ذلك أدخل إلى مصادرة الحق أو تقييده ،بما
يفضي بالضرورة إلى االنتقاص من الحريات والحقوق المرتبط به(.)95
ومن التحليل الذي كشف عن مجموعة اإلشكاليات المتقدم ذكرها يتبين لنا أن
المشرع المصري انتهج سياسة عقابية تأخذ بالمسئولية التضامنية في االنتهاكات
والجرائم التي تقع بواسطة الصحف أو المواقع اإللكترونية ،حيث تبنى فلسفة عقابية
تبقي على رصيد القوانين القديمة وتضيف إليها بتغليظ العقوبات ،واستحداث جرائم
153
جديدة بعبارات غامضة ومطاطة ،كما تتبلور معالم هذه السياسة في إعطاء المجلس
األعلى لتنظيم اإلعالم الحق (بتوسع) في حجب المواقع اإللكترونية سواء كليًا أو
جزئيًا ،وسواء لفترة مؤقتة أو بصفة دائمة.
وختا ًما تؤكد الدراسة على ما طالبت به سابقاتها من ضرورة إصدار تشريع
خاص باإلعالم اإللكتروني بكل أشكاله آخذًا بعين االعتبار خصوصية وسائله
وخصوصية الجرائم التي يمكن أن ترتكب من خاللها ،وعلى األخص فيما يتعلق
باإلثبات وتحديد الشخص المسئول جنائيًا ،وذلك في إطار قانوني يتعامل بشكل
موضوعي مع إفرازات عصر التقنية بما يوفر مناخ عمل مناسب للنشر الصحفي
اإللكتروني.
154
هوامش الدراسة
( )1محمددد الراجدددي :حريدددة الصدددحافة اإللكترونيدددة فدددي األردن ومؤشدددرات البيئدددة الصدددديقة والكابحدددة
للحريات ،سلسلة دراسات إعالمية ،قطر ،مركدز الجزيدرة للدراسدات ،فبرايدر ،2019الدراسةة
متاحة على شبكة اإلنترنت عبر الرابط التالي:
http://studies.aljazeera.net/mritems/Documents/2019/2/11/dd0e51902aea4c3
799b66fa337fe1286_100.pdf
( )2علدددي كريمدددي :التنظددديم القدددانوني للصدددحافة اإللكترونيدددة العربيدددة وموجبدددات الشدددرط السياسدددي
والتكنولددوجي ،سلسةةلة دراسةةات إعالميةةة ،قطددر ،مركددز الجزيددرة للدراسددات ،فبرايدددر ،2018
الدراسة متاحة على شبكة اإلنترنت عبر الرابط التالي:
http://studies.aljazeera.net/mritems/Documents/2019/2/11/3b8acefe638d4aa
88c2e03c1bf2ffcc4_100.pdf
( )3مواس عمر :ضبط مسار الصحافة المطبوعدة واإللكترونيدة فدي الجزائدر ،مجلةة متةون ،الجزائدر،
جامعة الدكتور موالي الطاهر سعيدة ،كلية العلدوم االجتماعيدة واإلنسدانية ،المجلدد العاشدر ،العددد
الثاني ،ديسمبر ،2018ص.ص.77-62 :
( )4أحمد محمدد فتحدي الخدولي :المسدئولية المدنيدة المترتبدة عدن سدوء اسدتخدام الصدحافة اإللكترونيدة،
بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي الرابع "القانون واإلعالم" ،كلية الحقوق ،جامعة طنطا24-23 ،
أبريل .2017
( )5إيناس محيدي الددين عبدد المعطدي :حددود المسدئولية المدنيدة عبدر وسدائل النشدر اإللكتروندي ،بحةث
مقةةدم إلةةى المةةؤتمر العلمةةي الرابةةع "القةةانون واإلعةةالم" ،كليددة الحقددوق ،جامعددة طنطددا24-23 ،
أبريل .2017
( )6سعيد حموده الحديدي :تحديات التنظيم القانوني لحرية االتصدال باإلنترندت :دراسدة مقارندة ،بحةث
مقةةدم إلةةى المةةؤتمر العلمةةي الرابةةع "القةةانون واإلعةةالم" ،كليددة الحقددوق ،جامعددة طنطددا24-23 ،
أبريل .2017
( )7مزاري نصر الدين :الوضعية القانونية لإلعالم اإللكتروني في الجزائر في ظل التشريع اإلعالمي
الجديد :دراسة مسحية تحليلية لمختلف النصوص والقدوانين المتعلقدة بالممارسدة اإلعالميدة خدالل
الفتددرة مددا بددين ،2016-2011مجلةةة آفةةاق للعلةةوم ،الجزائددر ،جامعددة الجلفددة ،العدددد ،9سددبتمبر
،2017ص.ص.153-140 :
( )8موساوي عبد الحليم :نطاق مشدروعية النشدر الصدحفي عبدر اإلنترندت وأثدره علدى حريدة التعبيدر:
قددراءة علددى ضددوء قددانون اإلعددالم 07-90الملغددي والقددانون الدددولي ،مجلةةة دراسةةات وأبحةةا ،
الجزائر ،جامعة الجلفة ،العدد ،23يونيو ،2016ص.ص.13-1 :
( )9أروى تقدددوى :المسدددئولية المدنيدددة للمواقدددع اإللكترونيدددة اإلعالميدددة ،مجلةةةة جامعةةةة دمشةةةق للعلةةةوم
االقتصادية والقانونية ،سوريا ،جامعة دمشق ،المجلد ،30العدد األول ،2014 ،ص.ص-443 :
.472
( )10سددهل محمددد نددايف ظدداهر :المسددئولية المدنيددة لإلعددالم اإللكترونددي عددن انتهدداك الحقددوق اللصدديقة
بالشخصية ،رسالة ماجستير غير منشورة ،األردن ،جامعة اليرموك ،كلية القانون.2014 ،
( )11أحمد عبد المجيد الحداج :المسدئولية الجنائيدة لجدرائم النشدر اإللكتروندي فدي ضدوء قدانون مكافحدة
جرائم تقنية المعلومات اإلماراتي ،مجلة الفكر الشرطي ،الشارقة ،مركز بحوث الشرطة ،المجلدد
،22العدد ،85أبريل ،2013ص.ص.210-167 :
155
( )12إبراهيم طه الزايد :نطاق المسئولية الجزائية عن جرائم الذم والقدح والتحقيدر المرتكبدة مدن خدالل
المواقددع اإللكترونيددة ،رس ةالة ماجسةةتير غيةةر منشةةورة ،األردن ،جامعددة الشددرق األوسددط ،كليددة
الحقوق.2011 ،
( )13ندواف حدازم خالددد ،خليدل إبدراهيم محمددد :الصدحافة اإللكترونيدة :ماهيتهددا والمسدؤولية التقصدديرية
الناشئة عن نشاطها ،مجلة الشريعة والقانون ،جامعة اإلمارات ،كليدة القدانون ،العددد ،46أبريدل
،2011ص.ص.302-211 :
( )14محمددد مزاولددي :المسددئولية الجنائيددة لألشددخاص المعنويددة عددن الجددرائم اإللكترونيددة فددي القددانون
الجزائددري ،مجلةةة دراسةةات وأبحةةا ،الجزائددر ،جامعددة الجلفددة ،العدددد األول ،2009 ،ص.ص:
.289-276
( )15ضياء عبد هللا ،عادل كاظم :مدى مالءمة نظام المسئولية التتابعية على جدرائم الصدحافة المرتكبدة
من خالل شبكة اإلنترنت ،مجلة جامعة كربالء العلمية ،العراق ،جامعة كربالء ،المجلد السادس،
العدد الثالث ،أبريل .2008
( )16مريم محمد محمد صالح :المسئولية القانونية لجرائم النشدر الصدحفي اإللكتروندي :دراسدة تحليليدة
علددى عينددة مددن الصددحف والمواقددع العربيددة فددي الفتددرة مددن ،2005-2000رسةةالة دكتةةوراه غيةةر
منشورة ،السودان ،جامعة أم درمان اإلسالمية ،كلية اإلعالم.2007 ،
( )17يوسف عبد المحسدن عبدد الفتداح :الحمايدة الدسدتورية لحريدة مهندة الصدحافة واإلعدالم واسدتقاللها
والتطددور التشددريعي لتنظدديم مجالسددها ،دراسةةة مقدمةةة إلةةى المةةؤتمر العلمةةي الرابةةع "اإلعةةالم
والقانون" ،كلية الحقوق ،جامعة طنطا ،في الفترة من 24-23أبريل ،2017ص.18 :
( )18حكم المحكمة الدستورية في الدعوى رقم 34لسنة 7ق .دستورية ،جلسة .1988/5/7
( )19حكم محكمة النقض في النقض الجنائي رقم 1394لسنة 20ق ،.جلسة .1951/4/17
( )20علي كريمي :مرجع سابق ،ص.ص.12-11 :
( )21تددنص المددادة ( )48علددى أن" :حريةةة الصةةحافة والطباعةةة والنشةةر ووسةةائل اإلعةةالم مكفولةةة،
والرقابة على الصحف محظورة وإنذارها أو وقفها أو إلغائها بالطريق اإلداري محظور ،ويجوز
اسةةتثناء فةةي حالةةة إعةةالن الطةةوارل أو زمةةن الحةةرب أن يفةةرض علةةى الصةةحف والمطبوعةةات
ووسائل اإلعالم رقابة محددة فى األمور التى تتصل بالسالمة العامة أو أغراض األمن القومي،
وذلك كله وفقًا للقانون".
( )22ندواف حدازم خالددد ،خليدل إبدراهيم محمددد :الصدحافة اإللكترونيدة :ماهيتهددا والمسدؤولية التقصدديرية
الناشئة عن نشاطها ،مجلة الشريعة والقانون ،جامعة اإلمارات ،كليدة القدانون ،العددد ،46أبريدل
،2011ص.214 :
( )23سددعيد التددل ،موفددق الحمددداني ،وآخددرون :مندداهج البحددث العلمددي :أسدداليب البحددث العلمددي ،الطبعددة
األولى (األردن :جامعة عمان للدراسات العليا )2006 ،ص.194 :
( )24مصطفى إبراهيم الزلمي :موانع المسئولية الجزائية في الشريعة اإلسالمية والتشدريعات الجزائيدة
العربية ،ط( 2القاهرة :دار وائل للطباعة والنشر والتوزيع )2005 ،ص.13 :
( )25عبد الواحد كرم :معجم المصطلحات القانونيدة ،ط( 1القداهرة :دار الكتدب القانونيدة )1995 ،ص:
.445
( )26عبددد الفتدداح مصددطفى الصدديفي :األحكددام العامددة للنظددام الجنددائي فددي الشددريعة اإلسددالمية والقددانون
(القاهرة :دار النهضة العربية )2004 ،ص.ص.440-439 :
( )27يراجع فدي ذلدك البداب الرابدع عشدر مدن قدانون العقوبدات المصدري رقدم 58لسدنة 1937المعددل
بالقانون 95لسنة ،2003بعنوان"الجرائم التي تقع بواسطة الصحف وغيرها".
156
( )28طددارق كددور :جددرائم الصددحافة مدددعم باالجتهدداد القضددائي وقددانون اإلعددالم (الجزائددر :دار الهدددى
للطباعة والنشر )2008 ،ص.14 :
( )29الطيب بلواضح :حق الرد والتصحيح في جرائم النشر الصحفي وأثره على المسئولية الجنائية في
ظل قانون اإلعالم الجزائري رقم ،07-90رسالة دكتوراه غير منشورة ،الجزائر ،جامعة محمد
خيضر-بسكرة -كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم الحقوق ،2013 ،ص.25 :
( )30حكددم المحكمددة الدسددتورية العليددا فددي الدددعوى رقددم 146لسددنة 20قضددائية "دسددتورية" ،جلسددة
.2004/2/8
( )31حكدددم المحكمدددة الدسدددتورية العليدددا فدددي الددددعوى رقدددم ،25لسدددنة 16قضدددائية "دسدددتورية ،جلسدددة
.1995/7/3
( )32للمحكمة الدستورية العليدا موقدف صدارم تجداه صدياغة التشدريعات الجزائيدة تحديددًا ،ألنهدا تتعلدق
بحياة الناس وحرياتهم ،حيث أكدت المحكمة على أنه "من القواعد المبدئية التدي يتطلبهدا الدسدتور
في القوانين الجزائية أن تكون درجة اليقين فيهدا التدي تدنظم أحكامهدا فدي أعلدى مسدتوياتها وأظهدر
فدي هدذه القدوانين منهدا أي تشدريعات أخدرى ،وذلدك ألن القدانون الجندائي وإن اتفدق مدع غيدره مدن
القددوانين فددي سددعيها لتنظدديم عالئددق األفددراد فيمددا بددين بعضددهم الددبعض ،وعلددى صددعيد صددالتهم
بمجتمعهم ،إال أن هذا القانون يفارقها فدي اتخداذه الجدزاء الجندائي أداة لحملهدم علدى إتيدان األفعدال
التي يامرهم بها أو التخلي عن تلك التي يدعوهم إلى اجتنابها( .المصدر :حكم المحكمة الدستورية
العليا ،في الدعوى رقم 114لسنة 21قضائية "دستورية ،جلسة .)2001/6/2
( )33يسري محمد العطدار :الحمايدة الدسدتورية لألمدن القدانوني ،مجلةة الدسةتورية ،القداهرة ،المحكمدة
الدستورية العليا ،السنة األولى ،العدد الثالث ،يوليو ،2003ص.51 :
( )34عبددد الحددق لخددذاري :مبدددأ األمددن القددانوني ودوره فددي حمايددة حقددوق اإلنسددان ،مجلةةة الحقيقةةة،
الجزائر ،جامعة أحمد دراية "أدرار" ،المجلد ،15العدد ،37يونيو ،2016ص.232 :
( )35تنص المادة ( )32من قانون تنظيم الصحافة واإلعالم على أنه" :ال يُعاقب الصحفى أو اإلعالمةى
جنائ ًيا على الطعن فى أعمال موظف عةام ،أو شةخص ذى صةفة نيابيةة عامةة ،أو مكلةف بخدمةة
عامة بطريق النشر أو البث ،إالّ إذا ثبت أن النشر أو البث كان بسةوء نيّةة ،أو ال أسةاس لةه مةن
ا لصحة ،أو كان عديم الصلة بأعمال الوظيفة أو الصفة النيابة أو الخدمة العامة".
( )36عواطف عبد الرحمن :هموم الصحافة والصحفيين فى مصر ،الطبعة األولي (القاهرة :دار الفكدر
العربي )1995 ،ص.138 :
( )37حسين محمد ربيع :الصحافة االستقصدائية كدنمط مسدتحدث فدي الصدحافة العربيدة :دراسدة للواقدع
واإلشكاليات مع رصد توجهات النخب المهنية واألكاديمية نحدو مسدتقبل هدذا الدنمط فدي الصدحافة
المصرية ،رسالة دكتوراه غير منشورة ،جامعة المنيا ،كلية اآلداب ،قسدم اإلعدالم ،2013 ،ص:
.186
( )38محمد سعد إبراهيم :تشريعات اإلعالم في إطار تكنولوجيا االتصدال والمعلومدات ،الطبعدة األولدي
(القاهرة :دار الكتب العلمية للنشر والتوزيع )2008 ،ص.ص.40 -34 :
( )39كيف يمكن تقييد حرية التعبير؟ منظمة المادة ،19متاح عبر الرابط التالي:
http://www.article19.org/pages/ar/limitations.html
( )40تنص المادة ( )4من قانون تنظيم الصحافة واإلعالم على أنده" :يُحظةر علةى المؤسسةة الصةحفية
والوسيلة اإلعالمية والموقةع اإللكترونةي نشةر أو بةث أى مةادة أو إعةالن يتعةارض محتةواه مةع
أحكام الدستور ،أو تدعو إلى مخالفة القانون ،أو تخالف االلتزامات الةواردة فةى ميثةاق الشةرف
المهنى ،أو تخالف النظام العام أو اآلداب العامة ،أو يحض على التمييز أو العنةف أو العنصةرية
أو الكراهية .وللمجلس األعلى ،لالعتبارات التي يقتضيها األمن القومي ،أن يمنع مطبوعات ،أو
157
صحف ،أو مواد إعالمية أو إعالنية ،صدرت أو جرى بثها من الخارج ،مةن الةدخول إلةى مصةر
أو التداول أو العرض .وعلى المجلس أن يمنةع تةداول المطبوعةات أو المةواد اإلباحيةة ،أو التةي
تتعرض لألديةان و المةذاهب الدينيةة تعرضًةا مةن شةأنه تكةدير السةلم العةام ،أو التةى تحةض علةى
التمييز أو العنف أو العنصرية أوالكراهية"..
( )41تنص المادة ( )5من قانون تنظيم الصدحافة واإلعدالم علدى أنده" :ال يجةوز بةأي حةا ٍل مةن األحةوال
إصدار أي صحيفة أو الترخيص بإنشاء أي وسيلة إعالميةة أو موقةع إلكترونةي ،أو السةماح لةه
باالستمرار في ممارسة نشاطه ،متى كان يقةوم علةى أسةاس تمييةز دينةي أو مةذهبي أو التفرقةة
بسبب الجنس أو األصل ،أو على أساس طائفي أو عرقي ،أو تعصب جهوي ،أو ممارسة نشةاطٍ
معا ٍد لمبادل الديمقراطية ،أو على نشاط ذي طابع أسري ،أو تحريض على اإلباحية أو الكراهية
أي ٍ من ذلك أو يسمح به". أو العنف ،أو يدعو إلى ّ
( )42تنص المادة ( )9من قانون تنظيم الصحافة واإلعالم علدى أن" :للصةحفى أو اإلعالمةي حةق نشةر
المعلومات والبيانات واألخبار التي ال يحظر القانون إفشاءها".
( )43تنص المادة ( )10من قانون تنظديم الصدحافة واإلعدالم علدى أنده" :يُحظةر فةرض أي قيةود تعةوق
تةةةوفير وإتاحةةةة المعلومةةةات ،أو تحةةةول دون تكةةةافؤ الفةةةرص بةةةين مختلةةةف الصةةةحف المطبوعةةةة
واإللكترونيةةة ووسةةائل اإلعةةالم المرئيةةة والمسةةموعة ،أو حقهةةا فةةى الحصةةول علةةى المعلومةةات،
وذلك كله دون اإلخالل بمقتضيات األمن القومى ،والدفاع عن الوطن"..
( )44تددنص المددادة ( )19مددن قددانون تنظدديم الصددحافة واإلعددالم علددى أندده" :يُحظةةر علةةى الصةةحيفة أو
يحرض على الوسيلة اإلعالميـة أو الموقع اإللكتروني ،نشر أو بث أخبار كاذبة ،أو ما يدعو أو ّ
مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية ،أو ينطوي علةى تمييةز بةين المةواطنين أو يةدعو إلةى
العنصرية ،أو يتضمن طعنًا فى أعراض األفراد ،أو سبًّا أو قذفًا لهم أو امتهانًا لألديان السماوية
أو للعقائد الدينية".
( )45تددنص المددادة ( )20مددن قددانون تنظدديم الصددحافة واإلعددالم علددى أندده" :يُحظةةر فةةي أي وسةةيلة مةةن
وسائل النشر أو البث ،التعرض للحياة الخاصة للمواطنين ،كما يُحظر في أي وسيلة من وسائل
النشر أو البث تناول مسلك المشتغلين بالعمل العام ،أو الشخص ذي الصةفة النيابيةة العامةة ،أو
المكلف بخدمة عامة ،إالّ إذا كان التناول وثيق الصلة بأعمالهم ومستهدفًا المصلحة العامة".
( )46تنص المادة ( )21من قانون تنظيم الصحافة واإلعالم على أنه" :مع مراعةاة القةرارات الصةادرة
وفقًةةا للقةةانون بحظةةر النشةةر فةةى القضةةايا ،يُحظةةر علةةى الصةةحفي أو اإلعالمةةي ،تنةةاول مةةا تتةةواله
سلطات التحقيق أو المحاكمة على نحة ٍو يةؤثر علةى مراكةز مةن يتنةاولهم التحقيةق أو المحاكمةة،
ويُحظر على الصحف ووسائل اإلعالم والمواقع اإللكترونية نشر أو بث أي من ذلك".
( )47اسددتثنت المددادة مددن هددذه األخبددار والمعلومددات مددا هددو وثيددق الصددلة بأعمددالهم وأن يكددون التعددرض
مستهدفًا المصلحة العامة.
( )48فيصل عيال العندزي :جدرائم اإلعدالم المرئدي والمسدموع فدي القدانون األردندي والكدويتي ،رسةالة
ماجسةةتير غيةةر منشةةورة ،األردن ،جامعددة الشددرق األوسددط ،كليددة الحقددوق ،قسددم القددانون العددام،
،2010ص.71 :
( )49أصدددر المجلددس األعلددى لتنظدديم اإلعددالم القددرار رقددم 16لسددنة 2019بإصدددار الئحددة الجددزاءات
والتدددابير التددي يجددوز توقيعهددا علددى الجهددات الخاضددعة ألحكددام قددانون تنظدديم الصددحافة واإلعددالم
والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم الصادر بالقانون رقم 180لسنة ،2018وهذا القرار منشور فدي
جريدة الوقائع المصرية ،العدد 64تابع (أ) ،بتاريخ 18مارس .2019
158
( )50لمزيد من التفاصيل ،انظر :محمد ناجي (محدرر) :قدوانين جديددة :عصدا الدولدة الغليظدة للسديطرة
على اإلنترنت ،القاهرة ،مؤسسة حرية الفكر والتعبيدر ،سدبتمبر ،2018ص ،6 :الدراسةة متاحةة
على شبكة اإلنترنت عبر الرابط التالي:
https://afteegypt.org/media_freedom/2018/09/04/15714-afteegypt.html
( )51نص مذكرة محمود كامل عضو مجلس نقابة الصحفيين لدرفض الئحدة جدزاءات المجلدس األعلدى
لتنظيم اإلعالم ،منشور بجريدة الصباح ،بتاريخ 8يناير .2019
( )52لمزيد من التفاصيل ،انظر المصدر السابق.
( )53الطيب بلواضح :حق الرد والتصحيح فدي التشدريعات اإلعالميدة والصدحفية (بيدروت :دار الكتدب
العلمية )2014 ،ص.74 :
( )54أحمد عبد هللا مصطفى :حقوق الملكية الفكرية والتدأليف فدي بيئدة اإلنترندت ،دراسةة منشةورة فةي
مجلة ،Cybrarians Journalالعدد ،21ديسمبر ،2009متاحة عبر الرابط التالي:
http://journal.cybrarians.info/index.php?option=com_content&view=article
&id=487:2011-08-13-20-29-19&catid=144:2009-05-20-09-53-29
( )55تنص المادة ( )140من قانون حماية حقدوق الملكيدة الفكريدة المصدري رقدم 82لسدنة 2002علدى
أنه:
تتمتع بحماية هذا القانون حقوق المؤلفين على مصنفاتهم األدبية والفنية وبوجه خاص المصنفات
اآلتية:
.1الكتب والكتيبات والمقاالت والنشرات وغيرها من المصنفات المكتوبة.
.2برامج الحاسب اآللي.
.3قواعد البيانات سواء كانت ومقروءة من الحاسب اآللي أو غيره.
.4المحاضرات والخطب والمواعظ وأية مصنفات شفوية أخرى إذا كانت مسجلة.
.5المصنفات التمثيلية والتمثليات الموسيقية والتمثيل الصامت (البانتوميم).
.6المصنفات الموسيقية المقترنة باإللفاظ أو غير المقترنة بها.
.7الصنفات السمعية والبصرية.
.8مصنفات العمارة.
.9مصنفات الرسم بالخطوط أو باأللوان والنحت والطباعة على الحجر وعلى األقمشة وأية
مصنفات مماثلة في مجال الفنون الجميلة.
.10المصنفات الفوتوغرافية وما يماثلها.
.11مصنفات الفن التطبيقى والتشكيلي.
.12الصور التوضيحية والخرائط الجغرافية والرسومات التخطيطية (االسكتشات)
والمصنفات الثالثية األبعاد المتعلقة بالجغرافيا أو التصميمات المعمارية.
.13المصنفات المشتقة وذلك دون اإلخالل بالحماية المقررة للمصنفات التي اشتقت منها.
مبتكرا.
ً وتشمل الحماية عنوان المصنف إذا كان
( )56تنص المادة ( )141من قانون حماية حقدوق الملكيدة الفكريدة المصدري رقدم 82لسدنة 2002علدى
أنه:
-ال تشمل الحماية مجرد األفكار واإلجراءات وأساليب العمل وطرق التشغيل والمفاهيم
معبرا عنها أو موصوفة أو موضحة أو مدرجة ً والمبادئ واالكتشافات والبيانات ولو كان
في مصنف .كذلك ال تشمل ما يلي:
159
أوالً :الوثائق الرسمية :ايًا كانت لغتها األصلية أو اللغة المنقولة إليها مثل نصوص القوانين
واللوائح والقرارات واالتفاقات الدولية واألحكام القضائية وأحكام المحكمين والقرارات
الصادرة من اللجان اإلدارية ذات االختصاص القضائي.
ثانيًا :أخبار الحوادث والوقائع الجارية التي تكون مجرد أخبار صحفية.
ومع ذلك تتمتع مجموعات ما تقددم بالحمايدة إذا تميدز جمعهدا باالبتكدار فدي الترتيدب والعدرض أو بدأي
مجهود جدير بالحماية.
( )57لمزيددد مددن التفاصدديل حددول نطدداق حمايددة المصددنفات الصددحفية ،يُرا َجةةع :كعددبش عبددد الوهدداب:
الصددحافة عبددر اإلنترنددت وحقددوق المؤلددف :دراسددة مقارنددة ،رسةةالة ماجسةةتير غيةةر منشةةورة،
الجزائر ،جامعة الجزائر ،كلية الحقوق ،2007 ،ص.ص ،14-11 :ويُراجَع أيضًا :أشدرف جدابر
سيد :الصحافة عبر اإلنترنت وحقوق المؤلف :مشكلة حقوق الصدحفي علدى مصدنفاته إزاء إعدادة
نشرها عبدر اإلنترندت :دراسدة مقارندة ،مجلةة حقةوق حلةوان للدراسةات القانونيةة واالقتصةادية،
جامعة حلوان ،كلية الحقوق ،العدد ،8يناير-يونيو ،2003ص.ص.448-408 :
( )58نشر هذا القرار بجريدة الوقائع المصرية ،العدد 64تابع (أ) بتاريخ 18مارس .2019
( )59ديب ربيعة :واقع حق التدأليف الصدحفي بدالجزائر فدي قطداع الصدحافة المكتوبدة :دراسدة وصدفية
استطالعية ،رسالة ماجستير غير منشورة ،الجزائر ،جامعدة الجزائدر بدن يوسدف بدن خددة ،كليدة
العلوم السياسية واإلعالم ،قسم علوم اإلعالم واالتصال ،2008 ،ص.98 :
( )60المادة ( )95من الدستور المصري ،2014 ،تدنص علدى أن" :العقوبةة شخصةية ،وال جريمةة وال
عقوبة إالّ بنا ًء على قانون ،وال توقع عقوبة إالّ بحكم قضائي ،وال عقاب إالّ على األفعال الالحقة
لتاريخ نفاذ القانون".
( )61محمود عبد الرحيم الديب :الحماية القانونية للملكية الفكرية في مجدال الحاسدب اآللدي واإلنترندت،
الطبعة األولى (اإلسكندرية :دار الفكر الجامعي )2007 ،ص.72 :
( )62فيصل عيال العندزي :جدرائم اإلعدالم المرئدي والمسدموع فدي القدانون األردندي والكدويتي ،رسةالة
ماجسةةتير غيةةر منشةةورة ،األردن ،جامعددة الشددرق األوسددط ،كليددة الحقددوق ،قسددم القددانون العددام،
،2010ص.84 :
( )63عمددر سددالم :الدددفع بالحقيقددة ضددد ذوي الصددفة العموميددة :دراسددة مقارنددة (القدداهرة :دار النهضددة
العربية )1995 ،ص.6 :
( )64سددليمان عبددد المددنعم :النظريددة العامددة لقددانون العقوبددات (بيددروت :منشددورات الحلبددي الحقوقيددة،
)2003ص.379 :
( )65تنص المادة ( )32من قانون تنظيم الصحافة واإلعالم على أنه" :ال يُعاقَب الصةحفي أو اإلعالمةي
جنائيًا على الطعن في أعمال موظف عةام ،او شةخص ذي صةفة نيابيةة عامةة ،أو مكلةف بخدمةة
البةث كةان بسةوء نيّةة ،أو ال أسةاس لةه مةن ّ عامة بطريق النشر أو ّ
البث إالّ إذا ثبت أن النشر أو
الصحة ،أو كان عديم الصلة بأعمال الوظيفية أو الصفة النيابية أو الخدمة العامة".
( )66تنص المادة ( )302من قانون العقوبات على أنه" :يع ّد قاذفًا كةل مةن أسةند لغيةره بواسةطة إحةدى
أمورا لو كانت صةادقة ألوجبةت عقةاب مةن أُسةندت ً الطرق المبينة بالمادة 171من هذا القانون
إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونًةا أو أوجبةت احتقةاره عنةد أهةل وطنةه .ومةع ذلةك فةالطعن فةي
أعمال موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلةف بخدمةة عامةة ال يةدخل تحةت حكةم
الفقرة السابقة إذا حصل بسالمة نية وكان ال يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة،
وبشرط أن يثبت مرتكب الجريمة حقيقة كل فعل أسند إليه وال يغني عن ذلك اعتقاده صةحة هةذا
الفعةل .وال يقبةل مةن القةاذف إقامةة الةدليل إلثبةات مةا قةذف بةه إالّ فةي الحالةة المبينةة فةي الفقةرة
السابقة" (ملحوظة :عدلت الفقرة الثانيدة مدن هدذه المدادة بالقدانون 93لسدنة 1995بتعدديل بعدض
160
أحكام قانوني العقوبات واإلجراءات الجنائية ،منشور بالجريدة الرسمية ،العدد 18تدابع ،بتداريخ
.)1995/5/28
( )67طارق سرور :جرائم النشر واإلعالم (القاهرة :دار النهضة العربية )2004 ،ص.318 :
( )68محمددود نجيددب حسددني :شددرح قددانون العقوبددات ،القسددم الخدداص (القدداهرة :دار النهضددة العربيددة،
)1992ص.757:
ً
( )69هذا القانون ألغي العمل به وفقا لدنص المدادة الثالثدة مدن القدانون الحدالي الخداص بتنظديم الصدحافة
واإلعددالم ،حيددث تددنص المددادة الثالثددة مددن القددانون رقددم 180لسددنة 2018بشددأن تنظدديم الصددحافة
واإلعالم وتنظيم المجلس األعلى لإلعالم علدى أنده" :يُلغةى القةانون رقةم 96لسةنة 1996بشةأن
تنظةةيم الصةةحافة ،والقةةانون رقةةم 92لسةةنة 2016بإصةةدار قةةانون التنظةةيم المؤسسةةي للصةةحافة
واإلعالم."...
( )70هذه المادة معدلة في القانون 93لسنة 1995بتعديل بعدض أحكدام قدانوني العقوبدات واإلجدراءات
الجنائية ،منشور بالجريدة الرسمية ،العدد 18تابع ،بتاريخ .1995/5/28
( )71عباس علدي محمدد الحسديني :المسدئولية المدنيدة للصدحفي :دراسدة مقارندة ،رسةالة دكتةوراه غيةر
منشورة ،العراق ،جامعة بغداد ،كلية القانون ،2003 ،ص.109 :
( )72المحرض -في التشريع المصري -ليس فاعالً في الجريمة ،وإنما يقع الفعل بندا ًءا علدى مدا كدان قدد
قام به من أعمال التحريض ،ويعد المحرض مسئوالً عن جريمة التحدريض متدى وقعدت ،ويصدبح
مشددار ًكا فدددي ارتكددداب الجريمدددة ،ويطلددق علدددى المحدددرض فدددي قددانون العقوبدددات المصدددري اسدددم
"الشدريك" ،وذلدك وفقًددا للمدادة ( )40التددي تدنص علددى أنده :يعدد شددري ًكا فدي الجريمددة (أ) :كدل مددن
حرض على ارتكاب الفعل المكون للجريمة إذا كان هذا الفعل قد وقدع بندا ًءا علدى هدذا التحدريض،
(ب) :من اتفق مع غيدره علدى ارتكداب الجريمدة فوقعدت بندا ًءا علدى هدذا االتفداق ،ومدن ندص هدذه
المادة فإن االشتراك في الجريمة بطريدق التحدريض ال ينطبدق فقدط علدى جدرائم العندف ،بدل يمتدد
ليشمل كافة الجرائم المنصدوص عليهدا فدي قدانون العقوبدات؛ كجدرائم التعددي علدى األشدخاص أو
األمددوال أو المصددلحة العامددة أو األديددان أو الشددرف أو االعتبددار والسددمعة أو أي نددوع آخددر مددن
الجرائم( .المصدر :علي القهوجي :شدرح قدانون العقوبدات ..مصدر ولبندان وفرنسدا ،القداهرة ،دار
النهضة العربية ،2009 ،ص)463 :
( )73تنص الفقرة الثانية من المادة ( )71من الدستور المصري 2014 ،على أنده.." :وال توقّةع عقوبةة
سالبة للحرية في الجرائم التي ت ُرتكب بطريق النشر أو العالنية ،أما الجرائم المتعلقة بالتحريض
علةةةى العنةةةف أو بةةةالتمييز بةةةين المةةةواطنين أو بةةةالطعن فةةةي أعةةةراض األفةةةراد ،فيحةةةدّد القةةةانون
عقوبتها".
( )74لمزيددد مددن التفاصدديل حددول الحمايددة الدسددتورية لحريددة الصددحافة واإلعددالم ،انظةةر :يوسددف عبددد
المحسددن عبددد الفت داح :الحمايددة الدسددتورية لحريددة مهنددة الصددحافة واإلعددالم واسددتقاللها والتطددور
التشريعي لتنظيم مجالسها ،دراسة مقدمة إلى المؤتمر العلمي الرابع "القانون واإلعةالم" ،كليدة
الحقوق ،جامعة طنطا ،في الفترة من 24-23أبريل ،2017ص.ص.18-17 :
( )75نصددوص المددواد 177-176-175-174مددن قددانون العقوبددات المصددري طبقًددا ألحدددث تعديالتدده
بالقانون 95لسنة :2003
-المادة ( :)174يعاقب بالسجن مدة ال تتجاوز خمس سنين وبغرامة ال تقل عن خمسة آالف
جنيه وال تزيد على عشرة آالف جنيه كل من ارتكب بإحدى الطرق المتقدم ذكرها فعالً من
األفعال اآلتية:
أوالً :التحريض على قلب نظام الحكومة المقرر في القطر المصري.
161
ثانيًا :ترويج المذاهب التي ترمي إلى تغيير مبادئ الدستور األساسية أو النظم األساسية
للهيئة االجتماعية بالقوة أو باإلرهاب.
ويعاقب بنفس العقوبات كل من شجع بطريق المساعدة المادية أو المالية على ارتكاب
جريمة من الجرائم المنصوص عنها في الفقرتين السابقتين دون أن يكون قاصدا ً االشتراك
مباشرة في ارتكابها.
-المادة ( :)175يعاقب بنفس العقوبات كل من حرض الجند بإحدى الطرق المتقدم ذكرها
على الخروج عن الطاعة أو على التحول عن أداء واجباتهم العسكرية.
-المادة ( :)176يعاقب بالحبس كل من حرض بإحدى الطرق المتقدم ذكرها على التمييز
ضد طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو األصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة إذا كان
من شأن هذا التحريض تكدير السلم العام.
-المادة ( :)177يعاقب بنفس العقوبات كل من حرض غيره بإحدى الطرق المتقدم ذكرها
على عدم االنقياد للقوانين.
( )76لمزيد من التفاصيل حدول المبدادئ التدي اسدتقر عليهدا قضداء حقدوق اإلنسدان اإلقليمدي إلثبدات نيدة
التحريض ،انظر :أحمدد عدزت وآخدرون :خطابدات التحدريض وحريدة التعبيدر :الحددود الفاصدلة،
مؤسسددة حريددة الفكددر والتعبيددر ،يوليددو ،2013ص ،19-18 :الةةنص الكامةةل للدراسةةة متةةاح عبةةر
الرابط التالي:
https://afteegypt.org/wp-content/uploads/2013/08/afte001-30-07-2013.pdf
( )77الطعن رقم 1127لسنة 40ق ،جلسة .1970/12/27
( )78لمزيددد مددن التفاصدديل حددول هددذا المعنددى يراجددع :أمددل فددوزي أحمددد عددوض :اإلعددالم اإللكترونددي
واالتجاهات الدولية في المواجهدة التشدريعية ،بحةث مقةدم إلةى المةؤتمر العلمةي الرابةع "القةانون
واإلعالم" ،كلية الحقوق جامعة طنطا 24-23 ،أبريل ،2017ص.26 :
( )79ال يوجد تعريف واضح ومحدد لما يسمى بـ"خطاب الكراهية" في القانون الدولي" ،وهو ما يؤدي
فددي أغلددب األحددوال إلددى تطبيددق هددذا المفهددوم بطريقددة تددؤدي إلددى فدرض قيددود عديدددة علددى حريددة
عددا مددن
التعبيددر ،وتكمددن الصددعوبة فددي تعريددف خطدداب الكراهيددة بشددكل دقيددق فددي أن هندداك أنوا ً
الخطابددات تدددخل فددي إطددار النقدداش العددام الددذي ال يجددوز تقييددده ،مثددل الخطابددات التددي تددؤدي إلددى
كراهية الحكومة بسبب الحدديث عدن فسداد أعضدائها ،أو كراهيدة جهداز الشدرطة بسدبب ممارسدته
التعذيب ضد المواطنين ،وهو ما يحتم ضرورة وضع تعريدف دقيدق وواضدح لمصدطلح الكراهيدة
وعدم ترك األمر لتاويل القاضي.
( )80يراجع في هذا المعنى :علي كريمي :مرجع سابق ،ص.ص.21-20 :
( )81يقصددد بمتعهددد اإليددواء "كددل شددخص طبيعددي أو معنددوي يضددع –ولددو بدددون مقابددل -تحددت تصددرف
الجمهدور عبدر اإلنترنددت تخدزين النصددوص والصدور والرسدائل أيًّددا كاندت طبيعتهددا ،والتدي تددزود
بواسطة المستفيد من هذه الخدمات" ،وقد أكد القانون الفرنسي الصادر في شأن الثقة في االقتصاد
الرقمددي علددى عدددم مسددئولية متعهددد اإليددواء مدددنيًا أو جنائيًددا عددن المحتددوى الددذي ينشددره المسددتفيد.
(المصدر :أشرف جابر سيد :مسئولية مقدمي خددمات اإلنترندت عدن المضدمون اإللكتروندي غيدر
المشروع :دراسة خاصة في مسئولية متعهدي اإليواء ،القاهرة ،دار النهضة العربية.)2010 ،
( )82علددي السدديد حسددين أبددو ديدداب :أضددواء علددى حجيددة الرسددائل فددي اإلثبددات فددي مواقددع التواصددل
االجتماعي ،مجلة كلية الشريعة والقانون بطنطا ،جامعة األزهر ،كلية الشريعة والقانون بطنطا،
العدد ،32الجزء الثالث ،يونيو ،2017ص.973 :
( )83لمزيد من التفاصيل حول مزود خدمات االستضافة ونطاق مسئوليته الجنائية ،يُراجَع :خالدد حامدد
مصددطفى :المسددئولية الجنائيددة لناشددري الخدددمات التقنيددة ومقدددميها عددن سددوء اسددتخدام شددبكات
162
التواصددل االجتمدداعي ،مجلةةة رؤى إسةةتراتيجية ،اإلمددارات العربيددة المتحدددة ،مركددز اإلمددارات
للدراسات والبحوث اإلسدتراتيجية ،المجلدد األول ،العددد الثداني ،مدارس ،2013ص.ص،45-8 :
ويُراجَع أيضًا :أشرف جابر سديد :مسدئولية مقددمي خددمات اإلنترندت عدن المضدمون اإللكتروندي
غير المشروع :دراسة خاصة لمسئولية متعهدي اإليواء ،مجلة حقوق حلوان للدراسات القانونية
واالقتصادية ،جامعة حلوان ،كلية الحقوق ،العدد ،22يناير-يوليو ،2010ص.ص.212-10 :
( )84دينا عبد العزيز فهمي :المسئولية الجنائية الناشئة عن إساءة استخدام مواقع التواصل االجتمداعي،
بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي الرابع "القانون واإلعالم" ،كلية الحقوق ،جامعة طنطا24-23 ،
أبريل ،2017ص.ص.29-28 :
()85عبد الحليم بوشكيوه :آليات مكافحة الجرائم الماسة باألخالق واآلداب العامة على االنترندت ،مجلةة
دراسات وأبحةا ،الجزائدر ،جامعدة زيدان عاشدور بالجلفدة ،المجلدد ،1العددد ،1سدبتمبر ،2009
ص.19 :
( )86يراجع في هذا المعني :حسين بن سعيد الغافري :التحقيق وجمع األدلة في الجرائم المتعلقة بشدبكة
اإلنترنت ،دراسة منشورة في موقع المنشاوي للدراسات والبحو www.minshawi.com
( )87المصدر :قانون رقم 175لسنة 2018في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات ،منشور بالجريةدة
الرسمية ،العدد 32مكرر (ج) ،بتاريخ 14أغسطس .2018
( )88هشددام فريددد محمددد رسددتم :الجددرائم المعلوماتيددة :أصددول التحقيددق الجنددائي الفنددي ،بحةةث مقةةدم إلةةى
مةةؤتمر "القةةانون والكمبيةةوتر واإلنترنةةت" ،جامعددة اإلم دارات العربيددة المتحدددة ،كليددة الشددريعة
والقانون ،مايو ،2000المجلد ،2الطبعة الثانية ،2004 ،ص.ص.440-439 :
( )89محمدددد السدددعيد رشددددي :حجيدددة وسدددائل االتصدددال الحديثدددة فدددي اإلثبدددات ،المةةةؤتمر العلمةةةي األول
"الجوانب القانونية واألمنية للعمليات اإللكترونية" ،اإلمارات العربيدة المتحددة 28-26 ،أبريدل
،2003ص.ص.362-361 :
( )90شيماء عبدالغني محمد عطاهللا :مكافحة جرائم المعلوماتية في المملكة العربية السعودية وفقًا
لنظام مكافحة جرائم المعلوماتية الصادر في 1428/3/7هـ ،الموافق 2007/3/26م ،بحث متاح
على شبكة اإلنترنت عبر الرابط التالي:
. http://www.shaimaaatalla.com/vb/showthread.php?t=18215
( )91علي السيد حسين أبو دياب :مرجع سابق ،ص.989 :
( )92محمد محمد شتا :فكرة الحماية الجنائية لبرامج الحاسب اآللي (اإلسكندرية :دار الجامعة الجديددة،
)2001ص.97 :
( )93سعيد حسن :إثبات جرائم الكمبيوتر والجرائم المرتكبة عبر اإلنترنت :الجدرائم الواقعدة فدي مجدال
تكنولوجيا المعلومات ،الطبعة األولى (القاهرة :دار النهضة العربية )1999 ،ص.66 :
( )94سامي حمدان الرواشددة :األدلدة المتحصدلة مدن مواقدع التواصدل االجتمداعي ودورهدا فدي اإلثبدات
الجنائي :دراسة في القانونين اإلنجليزي واألمريكي ،المجلة الدولية للقانون ،جامعدة قطدر ،كليدة
القانون ،العدد ،3يوليو ،2017ص.14 :
( )95يراجع في هذا المعني ما ورد في حيثيات حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية بعددم دسدتورية
نددص البندددد (ب) مدددن المددادة ( ) 17مدددن قدددانون شدددركات المسدداهمة وشدددركات التوصدددية باألسدددهم
والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159لسنة -1981بعدد تعديلده بالقدانون
رقم 3لسنة ،1998وذلك فيما تضمنه من اشتراط موافقدة مجلدس الدوزراء علدى تأسديس الشدركة
التددي يكددون غرضددها أو مددن بددين أغراضددها إصدددار الصددحف ،قضددية رقددم 25لسددنة 22قضددائية
المحكمة الدستورية العليا "دستورية" ،جلسة .2001/5/5
163