You are on page 1of 45

‫إشكاليات التنظيم القانوين للمسئولية اجلنائية عن النشر‬

‫الصحفي اإللكتروين يف مصر‬


‫"دراسة تحليلية في ضوء قانون تنظيم الصحافة واإلعالم رقم ‪ 180‬لسنة ‪"2018‬‬
‫(‪)‬‬
‫د‪.‬حسين محمد ربيع‬
‫(‪)‬‬
‫أ‪.‬جمال زين العابدين أمين‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫تطورا سريعًا في مختلف جوانب‬ ‫ً‬ ‫شهدت تكنولوجيا االتصاالت والمعلومات‬
‫الحياة‪ ،‬ومنها اإلعالمية‪ ،‬وبالتالي ظهرت الحاجة لمواكبة تشريعية لهذا التطور الذي‬
‫أفرز ممارسات جديدة في مجال الصحافة واإلعالم لم تكن موجودة في الفترات‬
‫الماضية‪ ،‬ولضبط وتنظيم الممارسات اإلعالمية في واقعها الجديد بفعل الثورة التقنية‬
‫كبير يتطلب منها ضرورة استيعاب ومواكبة هذه‬ ‫باتت المؤسسات التشريعية أمام ٍّ‬
‫تحد ٍّ‬
‫التطورات –وربما مواجهتها‪ -‬من خالل تحديث المنظومة التشريعية المنظمة للعمل‬
‫اإلعالمي بحيث تكفل قدر اإلمكان ممارسات منضبطة في مجالي الصحافة واإلعالم‬
‫وتحمي المجتمع من الممارسات المنفلتة أو تلك التي تسئ استخدام هامش حرية‬
‫اإلعالم والتعبير‪ ،‬إلى جانب التصدي لألنواع المستحدثة من الجرائم المرتبطة بوسائل‬
‫صا في ظل عدم كفاية التشريعات الجنائية اإلجرائية التقليدية‬ ‫النشر الحديثة‪ ،‬وخصو ً‬
‫ونظرا ألن الفراغ التشريعي في هذا اإلطار من شأنه أن‬ ‫ً‬ ‫لضبط المشهد اإلعالمي‪،‬‬
‫يؤدي إلى التخبط في مواجهة القضايا العملية التي تتمخض عن األنشطة الجديدة التي‬
‫أفرزتها التطورات المتسارعة في مجال النشر اإلعالمي والصحفي‪ ،‬فقد تنبه المشرع‬
‫المصري لهذا األمر وتم إصدار القانون رقم ‪ 180‬لسنة ‪ 2018‬بشأن تنظيم الصحافة‬
‫واإلعالم والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد تأتي الدراسة الراهنة في محاولة لرصد وتحليل اإلشكاليات‬
‫التي أثارها تنظيم المشرع المصري للمسئولية الجنائية عن جرائم النشر الصحفي‬
‫اإللكتروني في قانون تنظيم الصحافة واإلعالم رقم ‪ 180‬لسنة ‪.2018‬‬
‫الدراسات السابقة‪:‬‬
‫حاول الباحثان تتبع التراث العلمي السابق المرتبط بموضوع الدراسة‬
‫الراهنة‪ ،‬وقد أسفرت نتيجة البحث عن مجموعة من الدراسات السابقة‪ ،‬وعلى الرغم‬

‫(‪ )‬مدرس بقسم الصحافة بالمعهد الدولي العالي لإلعالم بالشروق‪.‬‬


‫(‪ )‬باحث دكتوراه في القانون‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة عبد الملك‬
‫السعدى‪ ،‬المغرب‪.‬‬
‫‪119‬‬
‫من تعدد الدراسات المشابهة وثرائها‪ ،‬إال أن الباحثيْن حاوال الوقوف عند جانب معين‬
‫من هذه الدراسات‪ ،‬وهى الدراسات وثيقة الصلة بموضوع الدراسة الراهنة‪ ،‬نوجزها‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬دراسة محمد الراجي (‪ :)1()2019‬بعنوان "حرية الصحافة اإللكترونية في‬
‫األردن ومؤشرات البيئة الصديقة والكابحة للحريات" هدفت إلى استقصاء‬
‫وتحليل العوامل والمؤشرات الصديقة للحريات واألدوات الكابحة لها التي تؤثر‬
‫في اتجاهاتها ومساراتها والعالقة بين بيئة العمل اإلعالمي اإللكتروني والبيئات‬
‫المختلفة التي يتفاعل معها‪ ،‬وخلصت إلى أن المراحل الثالثة التي تشكلت فيها‬
‫حالة حرية الصحافة اإللكترونية أبرزت مدى تأثير البيئة اإلعالمية واالتصالية‬
‫الجديدة وخصوصية الوسيلة نفسها في صوغ المفهوم ودالالته وأبعاده الجديدة‬
‫ا لتي ارتبطت بـ"سقف مفتوح" في معالجة قضايا الشأن العام‪ ،‬لكن سرعان ما‬
‫تراجع هذا "السقف المفتوح" في ظل منظومة قانونية شكلت تقييدًا لحرية‬
‫صا عن المكتسبات في ضوء تأثير البيئة التشريعية‬ ‫الصحافة اإللكترونية ونكو ً‬
‫والسياسية واالقتصادية باعتبارها سياقات كابحة لحرية الصحافة اإللكترونية‪.‬‬
‫‪ .2‬دراسة علي كريمي (‪ :)2()2018‬بعنوان "التنظيم القانوني للصحافة‬
‫اإللكترونية العربية وموجبات الشرط السياسي والتكنولوجي" هدفت إلى‬
‫استعراض القوانين المؤطرة لإلعالم اإللكتروني في عينة من الدول العربية في‬
‫مقارنة بين تونس ومصر واألردن والكويت والسعودية‪ ،‬لبيان كيفية تعامل‬
‫القوانين الخاصة باإلعالم في هذه الدول مع تكنولوجيا اإلعالم وما عالقة اإلطار‬
‫القانوني للصحافة اإللكترونية بالصحافة التقليدية‪ ،‬وكشفت عن أن هناك توجه ْين‬
‫في الدول العربية محل الدراسة في تنظيمها للصحافة اإللكترونية‪ ،‬التوجه األول‬
‫–وهو الغالب‪ -‬هو إدراج الصحافة اإللكترونية من حيث التقنين والضبط في‬
‫خانة الصحافة التقليدية‪ ،‬والتوجه الثاني هو إفراد قانون خاص لهذه الصحافة‪،‬‬
‫وخلصت الدراسة إلى ضرورة وضع مدونة إقليمية عربية خاصة باإلعالم‬
‫اإللكتروني تهتدي بها الدول عند وضعها لقوانين إعالمها اإللكتروني الداخلي‪،‬‬
‫ما يفرض فصل اإلعالم اإللكتروني عن اإلعالم والنشر الورقي‪.‬‬
‫‪ .3‬دراسة مواس عمر (‪ :)3()2018‬بعنوان "ضبط مسار الصحافة المطبوعة‬
‫واإللكترونية في الجزائر" هدفت إلى تحليل مختلف المحطات الكبرى التي‬
‫تجلت فيها ممارسة ضبط مسارات وسائل اإلعالم في السياق الجزائري‬
‫بالتركيز على محاوالت ضبط اإلعالم في ظل تحديات اإلعالم اإللكتروني في‬
‫الجزائر‪ ،‬وخلصت إلى أن المواد التي جاء بها قانون سنة ‪ 2012‬لإلعالم ضعيفة‬
‫وغير كافية أمام التهديد الكبير الذي يشكله االستخدام واالنتشار الواسع لوسائل‬
‫اإلعالم اإللكتروني عبر قنواته المكتوبة والسمعية البصرية‪ ،‬وأن الصحافة‬
‫اإللكترونية لم تحظ بمواد مفصلة في قانون اإلعالم الجديد‪ ،‬حيث جاءت‬
‫‪120‬‬
‫كإشارات مقتضبة كما أدرجت ضمنيًا مع الصحافة الورقية بالرغم من االختالف‬
‫بينهما من حيث الطابع والخصائص والسمات‪ ،‬ودعت الدراسة إلى ضرورة‬
‫تحديد مواد خاصة بالصحافة اإللكترونية أو وضع قانون مستقل بها يواكب‬
‫المتغيرات في هذا المجال‪.‬‬
‫‪ .4‬دراسة أحمد الخولي (‪ :)4()2017‬بعنوان "المسئولية المدنية المترتبة عن‬
‫سوء استخدام الصحافة اإللكترونية" هدفت إلى دراسة الضوابط والمعايير‬
‫المهنية للصحافة اإللكترونية وتوضيح المسئولية المدنية التي تقع على الصحفي‬
‫اإللكتروني نتيجة خروجه عن مقتضى عمله‪ ،‬ورصدت الدراسة مجموعة من‬
‫اإلشكاليات المتعلقة بالمسئولية المدنية للصحفي اإللكتروني‪ ،‬أبرزها صعوبة‬
‫نظرا لصعوبة تحديد األشخاص الذين يستخدمون اإلنترنت‪،‬‬ ‫ً‬ ‫تحديد المسئول‬
‫إضافة إلى صعوبة تحديد مسئولية مقدم الخدمة واختالف اآلراء حول مدى‬
‫اعتباره مسئوالً‪ ،‬وخلصت الدراسة إلى ضرورة وضع المشرع المصري‬
‫صا ينظم فيه اإلعالم اإللكتروني بشكل عام‪.‬‬
‫تشري ًعا خا ً‬
‫‪ .5‬دراسة إيناس محي الدين (‪ :)5()2017‬بعنوان "حدود المسئولية المدنية عبر‬
‫وسائل النشر اإللكتروني" هدفت إلى تحديد طبيعة نظام المسئولية المدنية الذي‬
‫يطبق على النشر بواسطة وسائل النشر اإللكتروني والتي تقتضي بيان األحكام‬
‫العامة ولنظام المسئولية الذي يطبق على وسائل النشر المكتوب‪ ،‬ثم بيان مدى‬
‫انطباق هذه األحكام على النشر بواسطة وسائل النشر اإللكتروني‪ ،‬وخلصت إلى‬
‫أن نظام المسئولية المد نية للمواقع اإللكترونية اإلعالمية يجمع بين القواعد‬
‫التقليدية للمسئولية المدنية المبنية على الخطأ وبين اإلعفاءات في القوانين‬
‫الخاصة بمسئولية مزودي الخدمات على شبكة اإلنترنت‪ ،‬وطالبت بوضع قانون‬
‫خاص ينظم النشر اإللكتروني يواكب أحدث التطورات التقنية وأن تكون الجرائم‬
‫التي ينص عليها القانون محددة بشكل واضح وصريح وال تحتمل التأويل‪ ،‬وأن‬
‫تكون العقوبات مدنية وليست جنائية‪.‬‬
‫‪ .6‬دراسة سعيد الحديدي (‪ :)6()2017‬بعنوان "تحديات التنظيم القانوني لحرية‬
‫االتصال باإلنترنت‪ :‬دراسة مقارنة" هدفت إلى رصد التحديات التي توجه‬
‫المنظومة التشريعية نتيجة للعديد من الممارسات عبر اإلنترنت التي أدت إلى‬
‫تعارض العديد من المصالح المشروعة مثل مقتضيات حرية االتصال والتعبير‪،‬‬
‫وحماية المصلحة العامة‪ ،‬واحترام الحق في الخصوصية‪ ،‬على نح ٍّو عجزت معه‬
‫القواعد القانونية التقليدية السائدة في التصدي لهذه اإلشكاليات وتحقيق التوازن‬
‫بين هذه المصالح المتنافسة‪ ،‬وخلصت الدراسة إلى ضرورة إعادة النظر في‬
‫اإلطار الدستوري والقانوني والتنظيمي لإلنترنت واستحداث قواعد قانونية‬
‫جديدة تعمل على التوازن بين مقتضيات حرية االتصال والتعبير عبر اإلنترنت‬

‫‪121‬‬
‫من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى احترام الحق في الخصوصية وحماية المصلحة‬
‫العامة والنظام العام‪.‬‬
‫‪ .7‬دراسة مزاري نصر الدين (‪ :)7()2017‬بعنوان "الوضعية القانونية لإلعالم‬
‫اإللكتروني في الجزائر في ظل التشريع اإلعالمي الجديد" هدفت إلى تحليل‬
‫النصوص القانونية والمواد التنظيمية التي خصصت لإلعالم اإللكتروني القانون‬
‫العضوي الجديد رقم ‪ 05-12‬المتعلق باإلعالم في الجزائر‪ ،‬ومعرفة مدى‬
‫مسايرتها لمختلف التحوالت والمتغيرات التي تشهدها المنظومة اإلعالمية‪،‬‬
‫ومدى تأثير تلك النصوص على طبيعة ممارسة وسائل وأدوات اإلعالم‬
‫اإللكتروني‪ ،‬وخلصت الدراسة إلى أن المشرع الجزائري وألول مرة يقنن هذا‬
‫النوع من الصحافة‪ ،‬حيث أورد في القانون الجديد موادًا تتحدث عن النشاط‬
‫اإلعالمي عبر اإلنترنت إلى جانب وسائل اإلعالم اإللكترونية‪ ،‬إال أن الدراسة‬
‫كشفت عن غموض اإلطار القانوني لإلعالم اإللكتروني‪ ،‬ودعت المشرع‬
‫الجزائري في مجال اإلعالم إلى ضرورة وضع نسق قانوني يتعلق باإلعالم‬
‫اإللكتروني يتماشى مع متطلبات الحرية اإلعالمية‪.‬‬
‫‪ .8‬دراسة موساوي عبد الحليم (‪ :)8()2016‬بعنوان "نطاق مشروعية النشر‬
‫الصحفي عبر اإلنترنت وأثره على حرية التعبير" هدفت إلى التعرف على نطاق‬
‫مشروعية النشر الصحفي عبر اإلنترنت وأثره على حرية التعبير في ضوء‬
‫قانون اإلعالم ‪ 07-90‬الجزائري والقانون الدولي‪ ،‬وخلصت إلى ضرورة إقرار‬
‫منظومة قانونية توفر مناخ عمل مناسب للنشر الصحفي اإللكتروني من خالل‬
‫إجراء تعديالت شاملة في منظومة القوانين والتشريعات العربية السائدة‬
‫لتطهيرها من القيود المشددة المفروضة على حرية الرأي والتعبير والصحافة‪،‬‬
‫صا العقوبات السالبة‬
‫ومن العقوبات المغلظة المفروضة على الصحفيين‪ ،‬وخصو ً‬
‫للحرية وذلك ضمانًا لحرية الرأي وتشجيع حق النقد والمشاركة والمكاشفة‬
‫والشفافية‪.‬‬
‫‪ .9‬دراسة أروى تقوى (‪ :)9()2014‬بعنوان "المسئولية المدنية للمواقع‬
‫اإللكترونية اإلعالمية" هدفت إلى اإلجابة عن تساؤل رئيسي حول مسئولية‬
‫المواقع اإللكترونية اإلعالمية مدنيًا عن محتواها الضار أو غير المشروع‪ ،‬من‬
‫خالل تحديد الشخص الذي يتحمل عبء المسئولية المدنية عن الضرر ويلتزم‬
‫بالتعويض عن هذا الضرر في ظل كثرة عدد األشخاص القائمين على عمل هذه‬
‫المواقع‪ ،‬وبيان الحاالت التي تقوم فيها مسئولية المواقع اإللكترونية اإلعالمية‪،‬‬
‫وانتهت الدراسة إلى أن مسئولية الشخص المعني تتوقف على دوره في إدارة‬
‫الموقع وتشغيله‪ ،‬ونوع الخدمة التي يقدمها‪ ،‬وهل هذه من الخدمات التقنية أم‬
‫المعلوماتية‪ ،‬وخلصت إلى أن نظام المسئولية المدنية للمواقع اإللكترونية‬

‫‪122‬‬
‫اإلعالمية يجمع بين القواعد التقليدية للمسئولية المدنية المبنية على الخطأ وبين‬
‫اإلعفاءات في القوانين الخاصة بمسئولية مزودي الخدمات على الشبكة‪.‬‬
‫‪ .10‬دراسة سهل محمد نايف (‪ :)10()2014‬بعنوان "المسئولية المدنية لإلعالم‬
‫اإللكتروني عن انتهاك الحقوق اللصيقة بالشخصية" هدفت إلى بيان مسئولية‬
‫اإلعالم اإللكتروني المدنية في ضوء قانون المطبوعات والنشر األردني‪،‬‬
‫والتعرف على أبرز صور اعتداء اإلعالم اإللكتروني على الحقوق اللصيقة‬
‫بالشخصية‪ ،‬وخلصت إلى أن إخضاع اإلعالم اإللكتروني لذات القانون الذي‬
‫تخضع له الصحف الورقية أمر يحتاج إلى إعادة نظر‪ ،‬حيث إن هناك من المزايا‬
‫والفروقات بين كلي النوعين ما يصعب معه تنظيمهما تحت تشريع واحد‪.‬‬
‫‪ .11‬دراسة أحمد الحاج (‪ :)11()2013‬بعنوان "المسئولية الجنائية لجرائم النشر‬
‫اإللكتروني في ضوء قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات اإلماراتي" هدفت‬
‫إلى التعر ف على طبيعة المسئولية الجنائية لجرائم النشر اإللكتروني في ضوء‬
‫قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات اإلماراتي‪ ،‬وخلصت إلى أن النشر‬
‫اإللكتروني أصبح متا ًحا للكل في ظل غياب تشريع ينظم إنشاء مواقع الشبكة‪،‬‬
‫ويحدد ضوابط النشر‪ ،‬وبذلك تبدو صعوبة تحديد المسئولية الجنائية خاصة إذا‬
‫كان الموقع الذي نشر المادة اآلثمة غير معروف أو يصعب الوصول إليه أو كان‬
‫النشر تحت اسم مستعار‪ ،‬بخالف النشر التقليدي الذي تنظمه عادة ً قوانين‬
‫الصحافة والمطبوعات‪.‬‬
‫‪ .12‬دراسة إبراهيم الزايد (‪ :)12()2011‬بعنوان "نطاق المسئولية الجزائية عن‬
‫جرائم الذم والقدح والتحقير المرتكبة من خالل المواقع اإللكترونية" هدفت إلى‬
‫التعرف على نطاق المسئولية الجزائية عن جرائم الذم والقدح والتحقير المرتكبة‬
‫من خالل المواقع اإللكترونية‪ ،‬وبيان مدى إمكانية وقوع هذه النوعية من الجرائم‬
‫تحت القانون التقليدي المنصوص عليه في المادة ‪ 188‬من قانون العقوبات‬
‫األردني رقم ‪ 16‬لسنة ‪ ،1960‬وخلصت إلى أن النصوص التشريعية الحالية في‬
‫قانون العقوبات األردني غير قادرة على مواجهة هذه الجرائم‪ ،‬وأوضحت‬
‫صعوبة التوسع في تفسير النص القانوني التقليدي لكي يشمل الجرائم المرتكبة‬
‫عبر المواقع اإللكترونية ال يصح في المواد الجزائية‪ ،‬وطالبت الدراسة بسن‬
‫قوانين جديدة قادرة على مواجهة التطور التقني المتسارع والذي انعكس على‬
‫الجريمة وأساليب ارتكابها‪.‬‬
‫‪ .13‬دراسة نواف حازم وخليل إبراهيم (‪ :)13()2011‬بعنوان "الصحافة اإللكترونية‪:‬‬
‫ماهيتها والمسؤولية التقصيرية الناشئة عن نشاطها" هدفت إلى رصد وتحليل‬
‫االلتزامات التي تقع على عاتق الصحفي اإللكتروني العراقي من خالل ما ينشره‬
‫أو يعرضه على المتلقين لهذه الصحافة‪ ،‬وبيان المسئولية التقصيرية على‬

‫‪123‬‬
‫ضررا للغير‪ ،‬وأوضحت‬ ‫ً‬ ‫الصحفي اإللكتروني إذا سبب خرق هذه االلتزامات‬
‫النتائج أن الصحافة اإللكترونية في العراق تخضع للقواعد العامة في المسئولية‬
‫التقصيرية‪ ،‬وأن هناك صعوبات وإشكاليات في تحديد المسئولية في مجال‬
‫الصحافة اإللكترونية منها صعوبة تحديد المسئول‪ ،‬والصفة العالمية لإلنترنت‪،‬‬
‫وتنازع القوانين‪ ،‬وخلصت الدراسة إلى ضرورة وضع المشرع العراقي قانون‬
‫خاص ينظم فيه الصحافة اإللكترونية واإلعالم اإللكتروني‪.‬‬
‫‪ .14‬دراسة محمد مزاولي (‪ :)14()2009‬بعنوان "المسئولية الجنائية لألشخاص‬
‫المعنوية عن الجرائم اإللكترونية في القانون الجزائري" هدفت إلى التعرف‬
‫على المسئولية الجنائية لألشخاص المعنوية عن الجرائم اإللكترونية في قانون‬
‫العقوبات الجزائري‪ ،‬وخلصت إلى ضرورة إنتاج تشريعات تعكس تعامالً‬
‫موضوعيًا ومعمقًا مع إفرازات عصر التقنية‪ ،‬آخذة بعين االعتبار الصعوبات‬
‫صا فيما يتعلق باإلثبات وتحديد الشخص المسئول جنائيًا‪،‬‬ ‫التي تثيرها وخصو ً‬
‫وكذلك مراعاة الخصوصية الفنية لمثل هذه الجرائم ذلك ألن االكتفاء بالقواعد‬
‫العامة يفلت مجاالت عديدة من المسئولية الجنائية لألشخاص المعنوية في غياب‬
‫المجرم‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫النص‬
‫‪ .15‬دراسة ضياء عبد هللا وعادل كاظم (‪ :)15()2008‬بعنوان "مدى مالءمة نظام‬
‫المسئولية التتابعية على جرائم الصحافة المرتكبة من خالل شبكة اإلنترنت"‬
‫هدفت إلى دراسة مدى مالءمة نظام المسئولية التتابعية على جرائم الصحافة‬
‫المرتكبة من خالل شبكة اإلنترنت في ظل وجود بعض السمات الخاصة بهذه‬
‫الوسيلة من وسائل اإلعالم والصحافة فيما يتعلق بتنوع الشبكات وتعدد‬
‫المتداخلين في تقديم هذه الخدمة‪ ،‬وخلصت إلى أن تعقد األدوار التي يباشرها‬
‫المتدخلون في شبكة اإلنترنت يشكل عقبة أمام وضع تسلسل ترتيبي لألشخاص‬
‫من المسئولين في صحافة اإلنترنت كما هو الشأن في الصحافة المكتوبة او‬
‫الصحافة المرئية والمسموعة‪ ،‬والبد من تطبيق القواعد العامة في المسئولية‬
‫الجنائية بحيث يسأل كل متدخل باعتباره فاعالً أو شري ًكا بحسب الدور الحقيقي‬
‫الذي يقوم به في ارتكاب الجريمة‪.‬‬
‫‪ .16‬دراسة مريم محمد صالح (‪ :)16()2007‬بعنوان "المسئولية القانونية لجرائم‬
‫النشر الصحفي اإللكتروني" هدفت إلى دراسة مدى صالحية النصوص‬
‫التجريمية التقليدية لإلحاطة بكافة صور جرائم النشر اإللكتروني‪ ،‬وتحديد أوجه‬
‫القصور التشريعي الخاص المنظم لعملية النشر اإللكتروني‪ ،‬وخلصت إلى‬
‫ضرورة قيام الدول العربية بمراجعة قوانينها والعمل على سن تشريعات تواكب‬
‫شكل اإلجرام الحديث واستحداث قواعد قانونية تسهم في إحداث توازن بين‬
‫استخدام التقنية والتحكم بها وبين حقوق األفراد والمجتمع ومصالحهما‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫التعقيب على الدراسات السابقة وأوجه االستفادة منها‪:‬‬
‫‪ .1‬تطرقت الدراسات السابقة إلى استعراض القوانين المؤطرة لإلعالم اإللكتروني‬
‫في عدد من الدول العربية لبيان كيفية تعامل القوانين الخاصة باإلعالم في هذه‬
‫الدول مع تكنولوجيا اإلعالم‪ ،‬وكشفت عن تنظيم المشرعين في الدول العربية‬
‫للصحافة اإللكترونية انحصر في توجهين؛ تمثل التوجه األول في إدراج‬
‫الصحافة اإللكترونية من حيث التقنين والضبط في خانة الصحافة التقليدية‬
‫ضمنيًا مع الصحافة الورقية بالرغم من االختالف بينهما من حيث الطابع‬
‫والخصائص والسمات‪ ،‬بينما التوجه الثاني هو إفراد قانون خاص لهذه الصحافة‪.‬‬
‫‪ .2‬تطرقت بعض الدراسات السابقة إلى بحث الضوابط والمعايير المهنية للصحافة‬
‫اإللكترونية وتوضيح المسئولية المدنية والجزائية التي تقع على الصحفي‬
‫اإللكتروني نتيجة خروجه عن مقتضى عمله‪ ،‬ورصدت مجموعة من اإلشكاليات‬
‫المتعلقة بالمسئولية المدنية والجنائية للصحفي اإللكتروني أبرزها أن تعقد‬
‫األدوار التي يباشرها المتدخلون في شبكة اإلنترنت يشكل عقبة أمام وضع‬
‫تسلسل ترتيبي لألشخاص من المسئولين في صحافة اإلنترنت كما هو الشأن في‬
‫الصحافة المكتوبة أو الصحافة المرئية والمسموعة‪.‬‬
‫‪ .3‬كشفت أغلب الدراسات السابقة عن تأثير البيئة السياسية واالقتصادية على‬
‫التشريعات اإلعالمية واالتصالية الجديدة‪ ،‬وأن المواد المخصصة لإلعالم‬
‫اإللكتروني اتسمت بأنها ضعيفة وغير كافية أمام التهديد الكبير الذي يشكله‬
‫االستخدام واالنتشار الواسع لوسائل اإلعالم اإللكتروني عبر قنواته المكتوبة‬
‫والسمعية البصرية‪.‬‬
‫‪ .4‬خلصت الدراسات السابقة في مجملها إلى ضرورة إقرار منظومة قانونية توفر‬
‫مناخ عمل مناسب للنشر الصحفي اإللكتروني من خالل سن تشريعات تعكس‬
‫تعامالً موضوعيًا ومعمقًا مع إفرازات عصر التقنية‪ ،‬آخذة بعين االعتبار‬
‫صا فيما يتعلق باإلثبات وتحديد الشخص المسئول‬
‫الصعوبات التي تثيرها وخصو ً‬
‫جنائيًا‪.‬‬
‫‪ .5‬أفاد إطالع الباحثيْن على الدراسات السابقة في صياغة المشكلة البحثية للدراسة‬
‫الراهنة وبلورتها وتحديد أبعادها بدقة‪ ،‬وفي اختيار المناهج المالئمة بصورة‬
‫منهجية سليمة‪.‬‬
‫مشكلة الدراسة‪:‬‬
‫إن المتابع للنصوص الدستورية والقانونية ذات العالقة بمهنة الصحافة‬
‫واإلعالم يالحظ أنها نصت على كفالة حرية هذه المهنة بما يؤكد فاعليتها في ضمان‬
‫حق المواطن في المعرفة‪ ،‬مع النص في الوقت ذاته على ضوابط وحدود تضبط‬

‫‪125‬‬
‫ممارسة هذه الحرية‪ ،‬انطالقًا من أن التأكيد على الحماية الدستورية والقانونية المقررة‬
‫لحرية الصحافة ووسائل اإلعالم ال يعني بالمرة إطالق تلك الحريات بال ضوابط‪ ،‬أو‬
‫أنها عصية على التنظيم التشريعي‪ ،‬ذلك أن لكل حرية من الحريات حدًّا يحدها‪ ،‬وإال‬
‫صارت ممارسة الحرية –غير المنظمة‪ -‬نو ًعا من العبث والفوضى(‪ ،)17‬خصو ً‬
‫صا‬
‫وأن هناك حقوقًا وحريات أخرى يتمتع بها أفراد المجتمع بما يكفله لهم الدستور‪ ،‬ومن‬
‫ثم تكمن أهمية التنظيم القانوني لممارسة الصحافة لحريتها في إطار قيم المجتمع‬
‫ومقوماته األساسية‪ ،‬والحفاظ على الحقوق والحريات العامة التي يتمتع بها أفراد‬
‫المجتمع وفقًا للدستور‪.‬‬
‫ذلك أن حرية اإلعراب عن الفكر ‪-‬شأنها شأن ممارسة سائر الحريات‪ -‬ال‬
‫يمكن قيامها بالنسبة إلى جميع األفراد‪ ،‬إال في حدود احترام كل منهم لحريات‬
‫غيره(‪ ،)18‬وفي هذا الصدد تؤكد المحكمة الدستورية العليا في شأن حرية الرأي‬
‫والتعبير عمو ًما بأنه(‪" )19‬لما كانت حرية التعبير عن الرأي ال يقتصر أثرها على‬
‫صاحب الرأي وحده؛ بل يتعداه إلى غيره وإلى المجتمع‪ ،‬ومن ثم لم يطلق الدستور‬
‫هذه الحرية‪ ،‬وإنما أباح للمشرع تنظيمها بوضع القواعد والضوابط التي تبين كيفية‬
‫ممارسة الحرية‪ ،‬بما يكفل صونها في إطارها المشروع‪ ،‬دون أن تجاوزه إلى‬
‫اإلضرار بالغير أو المجتمع"‪.‬‬
‫سا جديدة لتقنين اإلعالم‬
‫وقد ظهرت بعد الربيع العربي جهود معتبرة تضع أس ً‬
‫اإللكتروني‪ ،‬وهى جهود ليست كالتي كانت قائمة فيما مضى؛ حيث إن القوانين الجديد‬
‫هى إما مستقلة وخاصة بالصحافة اإللكترونية‪ ،‬أو قوانين جديدة شاملة للصحافة‬
‫والنشر عمو ًما‪ ،‬مع إيراد تفصيالت خاصة باإلعالم اإللكتروني‪ ،‬وظهر هذا التوجه‬
‫في مختلف الدول العربية بعد ‪ 2011‬منها تونس ومصر واألردن والمغرب‬
‫والجزائر‪...‬إلخ‪ ،‬ففي بعض هذه الدول تمت دسترة اإلعالم اإللكتروني بالنص عليه‬
‫في صلب دساتير الموجة الدستورية الجديدة لما بعد الربيع العربي‪ ،‬بينما في بعضها‬
‫اآلخر تم االكتفاء باإلشارة إلى حرية التعبير وحرية اإلعالم والحق في اإلعالم‬
‫والوصول إلى المعلومة(‪.)20‬‬
‫وبالنسبة للتجربة المصرية‪ ،‬فهناك جهود كثيرة قد بذلت قبل ثورة ‪2011‬‬
‫وبعدها من أجل التنصيص الدستوري على تقنين اإلعالم اإللكتروني‪ ،‬ويرجع الفضل‬
‫فيها إلى ما لعبه االتحاد العربي للصحافة اإللكترونية منذ مارس ‪2010‬؛ حيث شدد‬
‫االتحاد على وضع ميثاق شرف مهني للعاملين في مجال اإلعالم اإللكتروني على‬
‫الصعيد العربي‪ ،‬وضمنهم الصحفيون اإللكترونيون المصريون‪ ،‬وقد ساعدت هذه‬
‫الجهود على ضرورة تنظيم النشر اإللكتروني على مستوى النص الدستوري‪ ،‬وتجدر‬
‫اإلشارة إلى كون مسار ما بعد يونيو ‪ 2013‬قد أفسح المجال أمام تطورات جديدة‪،‬‬
‫ومن أهمها‪ :‬إعادة النظر في الدستور‪ ،‬ومن بين البنود التي طالها التغيير المادة ‪48‬‬
‫من اإلعالن الدستوري ‪ ،)21(2011‬وكان الهدف من ذلك وضع أساس دستوري لكي‬
‫‪126‬‬
‫يتم التمييز بين مختلف الدعامات اإلعالمية‪ ،‬من سمعي بصري إلى إعالم ورقي‪،‬‬
‫فإعالم إلكتروني‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فإن المادة (‪ )70‬من الدستور الذي تم إقراره في يناير‬
‫‪ 2014‬عبر استفتاء شعبي تنص على أن‪" :‬حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي‬
‫والمرئي والمسموع واإللكتروني مكفولة‪ ،‬وللمصريين من أشخاص طبيعية أو‬
‫اعتبارية‪ ،‬عامة أو خاصة‪ ،‬حق ملكية وإصدار الصحف وإنشاء وسائل اإلعالم‬
‫المرئية والمسموعة‪ ،‬ووسائط اإلعالم الرقمى‪ .‬وتصدر الصحف بمجرد اإلخطار على‬
‫النحو الذى ينظمه القانون‪ .‬وينظم القانون إجراءات إنشاء وتملك محطات البث‬
‫اإلذاعى والمرئي والصحف اإللكترونية"‪.‬‬
‫ويتضح من خالل نص هذه المادة أنها وضعت المبادئ الكبرى التي تحكم‬
‫تنظيم اإلعالم اإللكتروني‪ ،‬كما تهدف هذه المادة إلى استعراض أنواع الدعامات‬
‫اإلعالمية وتصنيفها‪ ،‬وحصرها وتعدادها من ورقية وسمعية بصرية وإلكترونية‪،‬‬
‫وتؤكد على ضرورة إخراج قانون ينظم إصدار الصحف اإللكترونية وتملكها‪ .‬وبعد‬
‫إصدار القانون رقم ‪ 180‬لسنة ‪ 2018‬بإصدار قانون تنظيم الصحافة واإلعالم‬
‫والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم يتبين أن المشرع المصري لم يهتم بإصدار قانون‬
‫مستقل لتنظيم اإلعالم اإللكتروني‪ ،‬واكتفى بإدراج تنظيم اإلعالم اإللكتروني في قانون‬
‫الصحافة واإلعالم التقليدي‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك إال أنه يحسب للمشرع االهتمام‬
‫بالصحافة اإللكترونية والذي لم ي ِّع ْرها أي اهتمام في القانون رقم ‪ 96‬لسنة ‪1996‬‬
‫الملغى العمل به حديثًا بنص المادة الثالثة من القانون الجديد رقم ‪ 180‬لسنة ‪.2018‬‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬فما يحسب للصحافة اإللكترونية هو تمتعها بفائض من‬
‫الحرية‪ ،‬وبهامش واسع من التعبير‪ ،‬وبسقف عا ٍّل من الجرأة‪ ،‬فهي في حل من الرقابة‬
‫الموضوعية ومن مقص الرقيب‪ ،‬وما تتميز به هذه الصحافة كذلك أنها األوسع‬
‫انتشارا واألكثر متابعةً بقدرتها النفاذ إلى القارئ في أي نقطة من الكرة األرضية‪ ،‬إال‬
‫ً‬
‫أن هذا الفائض من الحرية في التعبير من خالل الصحافة اإللكترونية ال يعني أن‬
‫استخدامها يخلو من أي التزام؛ وإنما هناك العديد من االلتزامات التي تقع على عاتق‬
‫الصحفي اإللكتروني من خالل ما ينشره أو يبثه أو ينقله أو يعرضه على المتلقين لهذه‬
‫الصحافة(‪ .)22‬من هنا تنبع مشكلة الدراسة الراهنة‪ ،‬والتي تتحدد فى‪( :‬رصد وتحليل‬
‫إشكاليات التنظيم القانوني للمسئولية الجنائية عن جرائم النشر الصحفي اإللكتروني‬
‫في ضوء قانون تنظيم الصحافة واإلعالم رقم ‪ 180‬لسنة ‪.)2018‬‬
‫أهداف الدراسة‪:‬‬
‫تهدف هذه الدراسة إلى محاولة الكشف عن مالمح إشكاليات التنظيم القانوني‬
‫للمسئولية الجنائية عن جرائم النشر الصحفي اإللكتروني وف ًقا للقانون رقم ‪ 180‬لسنة‬
‫‪ 2018‬بشأن تنظيم الصحافة واإلعالم والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم‪ ،‬كما تسعى‬
‫إلى التعرف على مالمح جرائم النشر اإللكتروني وما يترتب عليها من المسئولية‬

‫‪127‬‬
‫الجنائية وفقًا لقانون تنظيم الصحافة واإلعالم والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم‬
‫ضا إلى محاولة الدفع –بشكل‬‫والالئحة الجزائية المرتبطة به‪ ،‬كما تهدف الدراسة أي ً‬
‫غير مباشر‪ -‬إلى تطوير اإلطار التشريعي المنظم للعمل الصحفي اإللكتروني بما ال‬
‫يحمل أية شبهة للحد من حرية الصحافة بوجه عام واإللكترونية بوجه خاص في‬
‫معالجة قضايا المجتمع‪ ،‬ويحفظ في الوقت نفسه حقوق األفراد والمجتمع‪.‬‬
‫تساؤالت الدراسة‪:‬‬
‫في ضوء األهداف المحددة‪ ،‬تحاول الدراسة الراهنة في تناولها لقانون تنظيم‬
‫الصحافة واإلعالم رقم ‪ 180‬لسنة ‪ 2018‬اإلجابة عن تساؤل رئيسي يتمثل في‪ :‬ما‬
‫إشكاليات التنظيم القانوني للمسئولية الجنائية عن جرائم النشر الصحفي‬
‫اإللكتروني؟‬
‫المشرع المصري في‬
‫ّ‬ ‫ويتفرع منه تساؤل آخر حول‪ :‬ما مالمح السياسة التي انتهجها‬
‫تنظيم المسئولية الجنائية عن جرائم النشر الصحفي اإللكتروني؟‪ ،‬أو بمعنى آخر‪ ،‬ما‬
‫المشرع المصري للتصدي لجرائم النشر الصحفي‬ ‫ّ‬ ‫اإلطار القانوني الذي خصصه‬
‫اإللكتروني؟‬
‫نوع الدراسة‪:‬‬
‫تعد هذه الدراسة من الدراسات الوصفية التحليلية‪ ،‬حيث إنها تعنى بتوصيف‬
‫البيئة التشريعية المنظمة للعمل الصحفي واإلعالمي بعد دخوله عصر النشر‬
‫اإللكتروني‪ ،‬وذلك بالتطبيق على إشكاليات التنظيم القانوني لجرائم النشر الصحفي‬
‫اإللكتروني في ضوء القانون رقم ‪ 180‬لسنة ‪ 2018‬بشأن تنظيم الصحافة واإلعالم‪،‬‬
‫وما يتضمنه هذا التوصيف من محاولة تقييم النصوص القانونية المتعلقة بالنشر‬
‫الصحفي اإللكتروني في القانون المذكور‪.‬‬
‫عينة الدراسة‪:‬‬
‫تعرف عينة الدراسة بأنها مجموعة جزئية مميزة ومنتقاة من مجتمع‬
‫الدراسة‪ ،‬فهي مميزة من حيث أن لها نفس خصائص المجتمع‪ ،‬ومنتقاة من حيث أنه‬
‫يتم انتقاؤها من مجتمع الدراسة وفق إجراءات وأساليب محددة(‪ ،)23‬وفي ضوء ذلك‪،‬‬
‫تتحدد عينة هذه الدراسة في القانون رقم ‪ 180‬لسنة ‪ 2018‬بشأن تنظيم الصحافة‬
‫واإلعالم والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم‪( .‬المنشور في الجريدة الرسمية‪ ،‬السنة‬
‫‪ ،91‬العدد ‪ 34‬مكرر (هـ)‪ ،‬في ‪ 27‬أغسطس ‪.)2018‬‬
‫مناهج الدراسة‪:‬‬
‫نظرا لطبيعة أهداف الدراسة الراهنة واعتمادها على تحليل قانون تنظيم‬
‫ً‬
‫الصحافة واإلعالم والالئحة الجزائية الخاصة به‪ ،‬إضافة إلى مجموعة من التشريعات‬

‫‪128‬‬
‫والقوانين ذات الصلة من أجل الوقوف على معالم إشكاليات التنظيم القانوني للمسئولية‬
‫الجنائية لجرائم النشر الصحفي اإللكتروني‪ ،‬كان المنهج الغالب في دراستنا هو‬
‫المنهج الوصفي التحليلي الذي يهدف إلى وصف وتحليل النصوص القانونية‬
‫المرتبطة بجرائم النشر اإللكتروني في قانون تنظيم الصحافة واإلعالم رقم ‪ 180‬لسنة‬
‫‪ 2018‬للكشف عن اإلشكاليات التي تثيرها هذه النصوص فيما يتعلق بالتنظيم القانوني‬
‫للمسئولية الجنائية عن جرائم النشر الصحفي اإللكتروني‪.‬‬
‫كما اقتضت طبيعة الدراسة الراهنة االستعانة بالمنهج االستقرائي‬
‫‪ ،Inductive Method‬من خالل تتبع واستقراء النصوص القانونية ذات الصلة‬
‫بموضوع الدراسة والمنظمة للعمل الصحفي اإللكتروني بهدف إبراز مدى مالءمة‬
‫األحكام العامة للمسئولية الجنائية عن جرائم النشر الصحفي اإللكتروني‪ ،‬ومن ثم‬
‫إمكانية رصد اإلشكاليات المتعلقة بالتنظيم القانوني لهذه المسئولية؛ حيث إن استقراء‬
‫وتحليل موقف قانون تنظيم الصحافة واإلعالم من جرائم النشر اإللكتروني من شأنه‬
‫أن يوضح أسلوب المشرع المصري في تنظيم المسئولية الجنائية عن هذه النوعية من‬
‫الجرائم‪.‬‬
‫كما اعتمد الباحثان على أسلوب المقارنة المنهجية بهدف المقارنة بين قانون‬
‫تنظيم الصحافة واإلعالم والالئحة الجزائية الخاصة به‪ ،‬وبين النصوص ذات الصلة‬
‫بموضوع الدراسة سواء في الدستور المصري أو القوانين الوطنية األخرى أو‬
‫األحكام والمبادئ الدستورية الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا أو محكمة النقض‬
‫المصرية‪ ،‬وذلك في إطار مقارن‪.‬‬
‫حدود الدراسة‪:‬‬
‫الدراسة الراهنة هى دراسة تحليلية يتم التعامل فيها مع نصوص قانونية هى في‬
‫األساسا نصوص القانون رقم ‪ 180‬لسنة ‪ 2018‬بشأن تنظيم الصحافة واإلعالم‬
‫والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم‪ ،‬بهدف رصد وتحليل إشكاليات التنظيم القانوني‬
‫للمسئولية الجنائية المترتبة على جرائم النشر اإللكتروني‪ ،‬وقد تطرق الباحثان إلى‬
‫كل من‪:‬‬
‫ٍّ‬
‫‪ .1‬قرار رئيس المجلس األعلى لتنظيم اإلعالم رقم ‪ 16‬لسنة ‪ 2019‬بإصدار الئحة‬
‫الجزاءات والتدابير التي يجوز توقيعها على الجهات الخاضعة ألحكام قانون تنظيم‬
‫الصحافة واإلعالم والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم‪( .‬المنشورة في الوقائع‬
‫المصرية‪ ،‬العدد ‪ 64‬تابع (أ)‪ ،‬في ‪ 18‬مارس ‪.)20199‬‬
‫‪ .2‬قرار رئيس المجلس األعلى لتنظيم اإلعالم رقم ‪ 18‬لسنة ‪ 2019‬بشان ضوابط‬
‫أداء التعويض المالي النتهاك حقوق الملكية الفكرية في مجالي الصحافة واإلعالم‪.‬‬
‫(المنشور في الوقائع المصرية‪ ،‬العدد ‪ 64‬تابع (أ)‪ ،‬في ‪ 18‬مارس ‪.)2019‬‬

‫‪129‬‬
‫‪ .3‬الدستور المصري الصادر في العام ‪( .2014‬المنشور على الموقع اإللكتروني‬
‫للهيئة العامة لالستعالمات)‪.‬‬
‫‪ .4‬القانون رقم ‪ 175‬لسنة ‪ 2018‬في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات (المنشور‬
‫في الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 32‬مكرر (ج)‪ ،‬في ‪ 14‬أغسطس ‪.)2018‬‬
‫‪ .5‬قانون حماية حقوق الملكية الفكرية المصري رقم ‪ 82‬لسنة ‪( 2002‬المنشور في‬
‫الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪( 22‬مكرر)‪ ،‬في ‪ 2‬يونيو ‪.)2002‬‬
‫‪ .6‬قانون العقوبات المصري رقم ‪ 58‬لسنة ‪ 1937‬المعدل بالقانون ‪ 95‬لسنة ‪.2003‬‬
‫‪ .7‬بعض األحكام ‪-‬ذات الصلة‪ -‬الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا ومحكمة‬
‫النقض المصريتين‪.‬‬
‫مفاهيم الدراسة‪:‬‬
‫‪ ‬المسئولية الجنائية‪ :‬ال يخرج معنى المسئولية في أي قانون جنائي وضعي عن‬
‫أمرا‬
‫مختارا‪ ،‬فيخالف فيها ً‬
‫ً‬ ‫مساءة الشخص عن أعماله وتصرفاته التي يقوم بها‬
‫واجب االتباع‪ ،‬أو نهيًا واجب االبتعاد‪ ،‬فيحاسب عليها الشخص المرتكب أو‬
‫المخالف جنائيًا حسب العقوبات المقررة لها في القانون بنا ًء على مبدأ "ال جريمة‬
‫وال عقوبة إال بنص"(‪ ،)24‬والمسئولية الجنائية هى "مسئولية تترتب عن الخطأ‬
‫الجرمي الذي يمكن أن يتوافر عند الشخص المدرك ألعماله‪ ،‬والمختار في‬
‫تصرفته"(‪ ،)25‬أو هى "استحقاق مرتكب الجريمة العقوبة المقررة لها‪ ،‬وتتعلق هذه‬
‫المسئولية بفاعل أخل بما خوطب به من تكليف جنائي فحقت عليه العقوبة المقررة‬
‫لحماية هذا التكليف"(‪.)26‬‬
‫‪ ‬جرائم النشر الصحفي اإللكتروني‪ :‬يالحظ أن معظم التشريعات الجنائية تتجنب‬
‫استعمال مصطلح "جرائم الصحافة"‪ ،‬وتفضل عليها مصطلح "الجرائم التي‬
‫ترتكب بواسطة الصحف وغيرها"(‪ ،)27‬وسار المشرع على ذات النهج في قانون‬
‫تنظيم الصحافة واإلعالم لسنة ‪ 2018‬حيث عن ِّون الفصل الرابع منه بـ"ضمانات‬
‫التحقيق والمحاكمة في الجرائم التي تقع بواسطة الصحف ووسائل اإلعالم‬
‫والمواقع اإللكترونية"‪ ،‬واستخدم في القانون ذاته في المادة رقم (‪ )29‬اصطالح‬
‫"الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العالنية"‪ ،‬كما استخدم اصطال ًحا آخر هو‬
‫"المخالفة" في المادة رقم (‪ )19‬األمر نفسه في المادة رقم (‪ )94‬ومواد أخرى‪،‬‬
‫حيث استخدم اصطالح "مخالفة أحكام هذا القانون"‪ .‬وبصفة عامة تعرف الجريمة‬
‫الصحفية بأنها "ذلك العمل غير المشروع الصادر عن أي شخص من شأنه مخالفة‬
‫التنظيم اإلعالمي وأجهزته أو االعتداء على مصلحة عامة او خاصة بواسطة أية‬
‫ضا بأنها "جرائم فكر ورأي‬ ‫وسيلة من وسائل اإلعالم"(‪ ،)28‬ويمكن تعريفها أي ً‬
‫وتعبير تنطوي على سلوك غير مشروع سواء كان فعالً أو امتنا ًعا عن فعل‬
‫‪130‬‬
‫مرتكب بواسطة وسيلة من وسائل اإلعالم أو ما يماثلها وفيه اعتداء على مصلحة‬
‫خاصة أو عامة محمية قانونًا ومقرر لها جزاء جنائي"(‪.)29‬‬
‫نتائج الدراسة‪:‬‬
‫كشف تحليل النصوص القانونية الواردة في القانون رقم ‪ 180‬لسنة ‪2018‬‬
‫بشأن تنظيم الصحافة واإلعالم والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم عن مجموعة من‬
‫اإلشكاليات المتعلقة بتنظيم المسئولية الجنائية عن جرائم النشر اإللكتروني‪ ،‬نعرضها‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫اإلشكالية األولى‪ :‬غموض بعض النصوص بما يؤدي إلى اختالف تأويلها‪:‬‬
‫أشارت المحكمة الدستورية العليا المصرية في حيثيات حكمها في إحدى‬
‫القضايا(‪ )30‬إلى أن المقصود بغموض النص العقابي أن يجهل المشرع باألفعال التي‬
‫أثمها‪ ،‬فال يكون بيانها جليًّا‪ ،‬وال تحديدها قاط ًعا أو فهمها مستقي ًما‪ ،‬بل مبه ًما خافيًا على‬
‫أوساط الناس‪ ،‬باختالفهم حول فحوى النص العقابي المؤثم لها وداللته ونطاق تطبيقه‬
‫وحقيقة ما يرمى إليه‪ ،‬ليصير إنفاذ هذا النص مرتبطا ً بمعايير شخصية مرجعها إلى‬
‫تقدير القائمين على تطبيقه لحقيقة محتواه‪ ،‬وإحالل فهمهم الخاص لمقاصده محل‬
‫مراميه الحقيقية وصحيح مضمونه‪ ،‬بعد أن أهمل المشرع في ضبطها بما يحدد‬
‫مقاصده منها بصورة ينحسم بها كل جدل حول حقيقتها‪ ،‬مما يفقد هذه النصوص‬
‫إخطارا معقوالً بما‬
‫ً‬ ‫وضوحها ويقينها‪ ،‬وهما متطلبان فيها‪ ،‬فال تقدم للمخاطبين بها‬
‫ينبغي عليهم أن يدعوه أو يأتوه من األفعال التي نهاهم المشرع عنها أو طلبها منهم‪،‬‬
‫وهو ما يعني أن يكون تطبيق تلك النصوص من قبل القائمين على تنفيذها عمالً‬
‫ومبلورا بالتالي خياراتهم التي‬
‫ً‬ ‫انتقائيًا‪ ،‬محددًا على ضوء أهوائهم ونزواتهم الشخصية‬
‫مصيرا‪ ،‬وليس أليهم‬
‫ً‬ ‫يتصيدون بها من يريدون‪ ،‬فال تكون إال ِّشرا ًكا ال يأمن أحدٌ معها‬
‫نذيرا‪.‬‬
‫بها ً‬
‫كما أشارت المحكمة في موضع آخر إلى أن "األصل أن تصاغ النصوص‬
‫العقابية في حدود ضيقة تحديدًا لماهيتها وتعريفًا باألفعال المجرمة يمقتضاها‪ ،‬وأال‬
‫تكون شبا ًكا أو ِّشرا ًكا يلقيها المشرع متصيدًا باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها أو‬
‫يخطئون مواقعها"(‪.)31‬‬
‫يتضح مما سبق أن هناك ضوابط دستورية لصياغة التشريعات العقابية ت ِّلزم المشرع‬
‫في صياغته للقوانين أن تكون نصوصها واضحة بالشكل الكافي الذي يجعل المخاطبين بهذه‬
‫القوانين عالمين على وجه التحديد بحدود ما هو مباح وما هو مجرم(‪ ،)32‬وهو ما يعرف بمبدأ‬
‫"اليقين القانوني" أو "األمن القانوني"‪ ،‬الذي يعني وجود نوع من الثبات النسبي للعالقات‬
‫القانونية ‪ ،‬واستقرار المراكز القانونية لغرض إشاعة األمن والطمأنينة بين أطراف العالقات‬
‫القانونية سواء أكانت أشخاص قانو نية خاصة او عامة‪ ،‬حيث تستطيع هذه األطراف ترتيب‬
‫أوضاعها وفقًا للقواعد القانونية القائمة وقت مباشرتها ألعمالها‪ ،‬دون أن تتعرض لمفاجآت أو‬
‫‪131‬‬
‫أعمال لم تكن في الحسبان صادرة عن إحدى سلطات الدولة الثالث‪ ،‬ويكون من شأنها زعزعة‬
‫ركن االستقرار والثقة واالطمئنان بالدولة وقوانينها(‪ ،)33‬و بقدر ما تكون هذه المراكز القانونية‬
‫واضحة ومحددة ومعترف بها وتحظى باالحترام من جانب السلطة العامة والمجتمع‪ ،‬بقدر ما‬
‫يمكن أن تتم األعمال في سهولة ويسر‪ ،‬وبقدر ما يشوب هذه االمور من غموض او خلط أو‬
‫عدم يقين بقدر ما تضطرب االعمال بل وقد تتوقف تما ًما(‪.)34‬‬
‫وبالرجوع إلى نصوص قانون تنظيم الصحافة واإلعالم نجد أن المشرع قد‬
‫صا غير مفهومة الداللة والغرض‪،‬‬ ‫استخدم كلمات ومفردات أو عبارات تنتج نصو ً‬
‫منها على سبيل المثال‪ :‬مخالفة النظام العام أو اآلداب العامة‪ ،‬تكدير السلم العام (في‬
‫المادة رقم ‪ ،)4‬اإلخالل بمقتضيات األمن القومي والدفاع عن الوطن (في المادة رقم‬
‫‪ ،)10‬سوء النية فيما ينشره الصحفي متضمنًا الطعن في أعمال الموظف العام أو‬
‫نظرا‬‫الشخص ذي الصفة النيابية أو المكلف بخدمة عامة (في المادة رقم ‪ ،)35()32‬و ً‬
‫لعدم وضوح مفهوم هذه العبارات التي قد يتعرض الصحفي بسبب تأويلها على نح ٍّو‬
‫معين للمساءلة‪ ،‬وهو ما يتنافى مع مبدأ حرية الصحافة المكفول دستوريا ً وتشريعيا ً؛‬
‫حيث تظل هذه الحرية فى أغلب األحيان "حرية مشروطة" ومرتبطة بتفسير المشرع‬
‫لها استناداً إلى الصياغة "المطاطية" للنصوص والمواد المتعلقة بهذا الشأن‪ ،‬مما‬
‫يفرض حالة من الخوف والترقب لدى هؤالء الصحفيين بشأن عملهم الصحفي‪.‬‬
‫في هذا الصدد تذهب عواطف عبد الرحمن إلى أن الصياغة القانونية لكافة‬
‫التشريعات اإلعالمية ‪-‬وعلى األخص ما يتعلق بالصحافة‪ -‬تحرص على محاصرة‬
‫وتقييد الحقوق التي تنص عليها من خالل العبارات المطاطية واإلفراط فى السلطات‬
‫التقديرية التى تخولها للقائمين على األمور الذين يملكون الحق فى سحب امتياز أى‬
‫صحيفة أو مصادرتها دون إبداء األسباب‪ ،‬فضالً عما تفرضه قوانين المطبوعات من‬
‫األشكال األخرى للتعطيل اإلدارى والرقابة السافرة والمقنعة على الصحف‬
‫والصحفيين(‪ ،)36‬وهو ما يكشف عن حجم الحصار التشريعى المفروض على األداء‬
‫الصحفى فى مصر‪ ،‬حيث تكفل هذه القوانين والتشريعات للدولة تهديد الصحفيين بما‬
‫تحويه بعض موادها من عبارات مطاطية تخضع للتأويل؛ فعبارات مثل الكراهية‬
‫واالزدراء‪ ،‬والسب والقذف‪ ،‬واإلضرار باألمن القومي‪ ،‬وتكدير السلم العام‪ ،‬هذه‬
‫العبارات التى تتسع ألى محتوى أو مضمون من شأنها أن تغلق وتصادر معظم‬
‫الصحف المصرية وتحويل صحفييها إلى أشبه بـ"المسجلين خطر"(‪.)37‬‬
‫كما أن المتتبع لتاريخ التشريعات الصحفية فى مصر‪ ،‬يالحظ جنوح المشرع‬
‫المصري إلى األخذ بالمنهج الجنائي في التعامل مع جرائم الصحافة والنشر‪ ،‬حيث‬
‫توالت القوانين وتعديالتها ‪-‬فى مختلف العهود‪ -‬بفلسفة عقابية تبقي على رصيد‬
‫القوانين القديمة وتضيف إليها بتغليظ العقوبات‪ ،‬واستحداث جرائم جديدة بعبارات‬
‫غامضة ومطاطة‪ ،‬تستهدف فى األساس إرهاب الصحفيين وردعهم‪ ،‬والحيلولة دون‬
‫قيام الصحافة بواجبها في التصدي للفساد واالستبداد(‪.)38‬‬
‫‪132‬‬
‫سا على ما تقدم‪ ،‬نرى أنه كان على المشرع عندما ينص على أفعال‬ ‫وتأسي ً‬
‫منهي عن إتيانها أن يقوم بضبط المصطلحات المرتبطة بهذه األفعال بصورة ينحسم‬
‫بها الجدل حول حقيقتها‪ ،‬فال يختلف المخاطبون بالقانون على معناها والغرض منها‬
‫ونطاق تطبيقها‪ ،‬بحيث يكون النص العقابي قاطعًا في بيان دائرة التجريم‪ ،‬وواض ًحا‬
‫يحول دون تعدد تأويالت ما يتضمنه من عبارات ومصطلحات قد تتباين اآلراء حول‬
‫مقاصدها ومفهومها‪ ،‬وبالتالي تتداخل فيها الحدود بين ما هو مباح وما هو مجرم‪،‬‬
‫نتيجة انزالق المشرع –بقصد أو بدون قصد‪ -‬إلى التعبيرات المرنة أو الفضفاضة أو‬
‫الغامضة عند صياغة النصوص العقابية بشكل يصعب على الصحفي أو اإلعالمي‬
‫بيان حقيقة األفعال التي يتعيًن عليهم تجنبها وتلك التي تقع في نطاق المباح‪ ،‬وغياب‬
‫تلك الضوابط يعد من األمور الخطيرة التي تؤثر سلبًا على حرية التعبير بوصفها حقًا‬
‫أصيالً للصحفيين‪.‬‬
‫فمن حق الصحفيين –كما هو حق أي مواطن آخر‪ -‬أن تلبي نصوص القانون‬
‫معايير الوضوح بحيث يستطيعون معرفة عواقب أي أفعال أو تصرفات تصدر عنهم‬
‫أثناء أداء عملهم الصحفي‪ ،‬وذلك ألنه من العدل أن تتاح لهم فرصة معقولة لمعرفة ما‬
‫هو ممنوع بحيث يستطيعون التصرف بنا ًءا على ذلك‪ ،‬كما أن القوانين الغامضة يساء‬
‫استخدامها وتعطي للمسئولين عادة ً صالحية انتقائية وتترك الكثير من المساحة التخاذ‬
‫القرارات االعتباطية(‪)39‬؛ حيث من شأن العبارات الغامضة أو غير واضحة الداللة‬
‫والمفهوم أن يتم استخدامها فعليًا لتجريم العديد من أنواع المحتوى الصحفي‬
‫اإللكتروني المنشور عبر اإلنترنت‪.‬‬
‫اإلشكالية الثانية‪ :‬تعدد موانع النشر (محظورات النشر)‪:‬‬
‫من المقرر قانونًا أن المسئولية الجنائية قد تنتفي لعدة أسباب بعضها شخصية‬
‫واألخرى موضوعية‪ ،‬فمن ناحية تنتفي المسئولية الجنائية في حالة توافر أسباب‬
‫شخصية كما يطلق عليها الفقه "موانع مسئولية"‪ ،‬وهى أسباب تجرد إرادة الجاني من‬
‫القيمة القانونية‪ ،‬فال يسأل الجاني عن الجريمة التي ارتكبها‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬المجنون أو‬
‫عاهة في العقل أو صغر السن‪ ،‬ومن ناحية أخرى فقد ال تنعقد المسئولية الجنائية‬
‫لتوافر أسباب موضوعية تس َّمى بأسباب اإلباحة‪ ،‬وهى أسباب تخلع عن الفعل الصفة‬
‫غير المشروعة ليصبح مبا ًحا ومشرو ًعا‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬حق نشر األخبار‪ ،‬حق النقد‬
‫والطعن في أعمال الموظف العام أو من في حكمه‪.‬‬
‫و من المهام الرئيسية لإلعالم بصفة عامة نشر األخبار لما ينطوي عليه من‬
‫دور مهم في إشباع ح ق المواطن في المعرفة‪ ،‬فبهذا النشر ينقل الرأي العام من دائرة‬
‫الغموض إلى دائرة النور‪ ،‬في ضوء المبدأ الذي أقره الدستور المصري في المادة‬
‫(‪ )65‬التي نصت على أن "حرية الفكر والرأي مكفولة‪ .‬ولكل إنسان حق التعبير عن‬
‫رأيه بالقول‪ ،‬أو الكتابة‪ ،‬أو التصوير‪ ،‬أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر"‪ ،‬وقد‬

‫‪133‬‬
‫جاء نص المادة رقم (‪ )9‬من قانون تنظيم الصحافة واإلعالم مدافعًا عن حق الصحفي‬
‫أو اإلعالمي في نشر األخبار‪ ،‬حيث نصت على "للصحفي أو اإلعالمي حق نشر‬
‫المعلومات والبيانات واألخبار التي ال يحظر القانون إفشاءها‪ ،"...‬وعلى الرغم من‬
‫ضا من الشروط التي‬ ‫السماح للصحفي أو اإلعالمي بنشر األخبار‪ ،‬إال أن هناك بع ً‬
‫تحكم عملية نشر األخبار؛ وهى ما يمكن تسميتها بـ"شروط إباحة نشر األخبار"‪ ،‬أو‬
‫(‪)41‬‬
‫"موانع" نشر األخبار‪ ،‬وقد وردت هذه "الموانع" في المواد (‪ ،)40()4‬و(‪)5‬‬
‫و(‪ )42()9‬و(‪ ،)43()10‬و(‪ ،)44()19‬و(‪ ،)45()20‬و(‪ )46()21‬من قانون تنظيم الصحافة‬
‫واإلعالم رقم ‪ 180‬لسنة ‪ ،2018‬حيث حظر القانون نشر أية أخبار أو معلومات‪:‬‬
‫‪ .1‬يتعارض محتواها مع أحكام الدستور‪.‬‬
‫‪ .2‬تدعو إلى مخالفة القانون‪.‬‬
‫‪ .3‬تخالف االلتزامات الواردة في ميثاق الشرف المهني‪.‬‬
‫‪ .4‬تخالف النظام العام أو اآلداب العامة‪.‬‬
‫‪ .5‬تحض على التمييز أو العنف أو العنصرية أو الكراهية‪.‬‬
‫‪ .6‬يحظر القانون إفشاءها‪.‬‬
‫ضا من شأنه تكدير السلم العام‪.‬‬
‫‪ .7‬تتعرض لألديان والمذاهب الدينية تعر ً‬
‫‪ .8‬تخل بمقتضيات األمن القومي والدفاع عن الوطن‪.‬‬
‫أخبارا كاذبة‪.‬‬
‫ً‬ ‫‪ .9‬تمثل‬
‫‪ .10‬تتضمن طعنًا فى أعراض األفراد‪ ،‬أو سبًّا أو قذفًا لهم‪.‬‬
‫‪ .11‬تتعرض للحياة الخاصة للمواطنين أو المشتغلين بالعمل العام‪ ،‬أو ذوي‬
‫الصفة النيابية العامة‪ ،‬أو المكلفين بخدمة عامة(‪.)47‬‬
‫‪ .12‬تتناول ما تتواله سلطات التحقيق أو المحاكمة على نح ٍّو يؤثر على مراكز‬
‫من يتناولهم التحقيق أو المحاكمة‪.‬‬
‫ومما سبق يتضح أن الجرائم التي تقع بواسطة النشر –سواء المطبوع أو‬
‫المسموع أو المرئي أو اإللكتروني‪ -‬نوعان‪:‬‬
‫ضرة بالمصلحة العامة‪ ،‬وهى التي تصيب مصالح متنوعة ولكنها‬ ‫‪ ‬جرائم ُم ّ‬
‫تمس مصلحة المجتمع بصورة مباشرة‪ ،‬ومثال ذلك‪ :‬مخالفة أحكام الدستور‪،‬‬
‫مخالفة النظام العام واآلداب العامة‪ ،‬الحض على التمييز والكراهية‬
‫والعنصرية‪ ،‬التعرض لألديان والمعتقدات الدينية‪ ،‬تكدير السلم العام‪،‬‬
‫اإلخالل بمقتضيات األمن القومي‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫ضرة باألفراد‪ ،‬وهى التي تصيب مباشرة المجني عليه من األفراد‪،‬‬‫‪ ‬وجرائم ُم ّ‬
‫وتكون أقل خطورة من النوع األول‪ ،‬ومثال ذلك‪ ،‬الطعن في أعراض األفراد‬
‫أو السب والقذل لهم‪ ،‬المساس بالحياة الخاصة للمواطنين أو الموظفين‬
‫العموم‪ ،‬نشر التحقيقات االبتدائية على نحو يؤثر على العدالة أو مراكز من‬
‫تتناولهم التحقيقات‪.‬‬
‫لنص المادة (‪ -)21‬نشر أخبار أو معلومات تتناول‬‫ّ‬ ‫كما حظر القانون –وفقًا‬
‫ما تتواله سلطات التحقيق أو المحاكمة على نح ٍّو يؤثر على مراكز من يتناولهم‬
‫التحقيق أو المحاكمة‪ ،‬ويرجع مبدأ حظر نشر التحقيقات االبتدائية إلى حماية إجراءات‬
‫التحقيق من التأثير فيها بالعالنية(‪ ،)48‬كما يهدف إلى حماية المتهم من اإلساءة إليه‬
‫بسبب نشر أخبار تؤثر في سمعته وتمس شرفه‪ ،‬مالم يصدر حكم المحكمة بإدانته‪ ،‬وقد‬
‫عبرت المادة عن ذلك من خالل الفقرة التالية‪" :‬وتلتزم الصحف ووسائل اإلعالم‬
‫والمواقع اإللكترونية بنشر وبث قرارات النيابة‪ ،‬ومنطوق األحكام التي تصدر في‬
‫القضايا التي تناولتها أثناء التحقيق أو المحاكمة‪ ،‬وموجز وافٍ لألسباب التي تقام‬
‫عليها"‪.‬‬
‫وهنا نشير إلى أن المجلس األعلى لتنظيم اإلعالم قد توسع في دائرة حظر‬
‫النشر؛ حيث إن المواد أرقام (‪ )23-17-16-14‬من الئحة الجزاءات والتدابير التي‬
‫يجوز توقيعها على الجهات الخاضعة ألحكام قانون تنظيم الصحافة واإلعالم والتي‬
‫أصدرها المجلس في مارس ‪ )49(2019‬نصت على أنه يحق للمجلس توقيع عقوبة لفت‬
‫النظ ر أو اإللزام بتقديم اعتذار أو أداء مبلغ مالي ال يزيد عن ‪ 250‬ألف جنيه مصري‪،‬‬
‫أو منع بث أو حجب المادة المخالفة‪ ،‬في حال قيام الصحيفة أو الوسيلة اإلعالمية أو‬
‫الموقع اإللكتروني أو المواقع الشخصي الذي يزيد عدد متابعيه عن خمسة آالف متابع‬
‫بنشر أو بث أية مادة تدعو إلى الفسق والفجور (المادة ‪ ،)14‬أو التدليس على‬
‫الجمهور أو اختالق وقائع غير صحيحة أو إلقاء اتهامات دون دليل‪ ،‬أو التشكيك في‬
‫الذمم المالية للمواطنين‪ ،‬أو كانت تنطوي على تهديد أو تؤذي مشاعر الجمهور‬
‫(المادة ‪ ،)16‬أو تهديد وحدة النسيج الوطني‪ ،‬أو إهانة الرأي اآلخر‪ ،‬أو نقل معلومات‬
‫من مواقع التواصل االجتماعي دون التحقق من صحتها (المادة ‪ ،)17‬أو ترصد جهة‬
‫أو شخص ما بسوء نية (المادة ‪ ،)23‬وبهذه اإلضافات تكون الالئحة قد توسعت في‬
‫حدود التجريم وكرست جرائم طالما طالب الصحفيون بإلغائها من خالل عبارات‬
‫مطاطة يمكن تأويلها في غير صالح الصحفيين‪ ،‬هذا إلى جانب التوسع في صالحية‬
‫حجب المواقع أو الصفحات بشكل كلي في حالة احتواء هذه المواقع أو الصفحات على‬
‫"الجرائم" التي يحددها القانون والئحة الجزاءات المرتبطة به في ظل عدم تفرقة‬
‫القانون بشكل محدد بين الحاالت التي يتم فيها حجب الموقع كليًّا‪ ،‬والحاالت التي يتم‬
‫فيها حجب بعض الروابط الموجودة على الموقع أو الصفحة فقط(‪ ،)50‬وبالتالي‬
‫احتمالية التعسف في استخدام النص القانوني‪.‬‬
‫‪135‬‬
‫وقد أثارت هذه الالئحة جدالً واسعًا واستيا ًء لدى الوسط الصحفي المصري‪،‬‬
‫حيث وصفها البعض بأنها كارثية ومقيدة للحريات‪ ،‬ومخالفة لصحيح أحكام الدستور‬
‫التي تمنح الحق لحرية الصحافة واإلعالم‪ ،‬كما أن الالئحة تعدت على حقوق مستقرة‬
‫لنقابة الصحفيين دون غيرها في مساءلة أعضائها عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم‬
‫المهني‪ ،‬إلى جانب مبالغة المجلس في تقدير قيمة الغرامات المالية المفروضة على‬
‫الصحف أو المواق ع حال ارتكاب المخالفات في الوقت الذي تعاني معظم الوسائل‬
‫اإلعالمية أزمات مادية‪ ،‬وبالتالي وصفت الالئحة بأنها تعكس نية لحصار الصحافة‬
‫والكتاب وأن تتحول المهنة والصحفيين إلى كتابة النشرات الرسمية‪ ،‬وبيانات‬
‫وتصريحات المسئولين‪ ،‬إضافة إلى أن الالئحة تأتي إلكمال مشهد فرض الصمت التام‬
‫على كل وسائل اإلعالم من خالل نصوص عقابية جرمت تما ًما ممارسة مهنة اإلعالم‬
‫والصحافة إال في الحدود المسموح بها أمنيًا وحكوميًا؛ حيث لم تقف عند حدود تحويل‬
‫نصوص القانون القمعية إلى جراءات عقابية بل انها توسعت في فرض عقوبات حتى‬
‫خارج إطار القانون وخارج نصوصه(‪.)51‬‬
‫ونظرا للتوسع في توقيع العقوبات والغرامات المالية على المواقع والوسائل‬
‫ً‬
‫اإلعالمية وصفت الالئحة بأنها اغتصبت سلطة القضاء بأن منحت المجلس سلطة‬
‫فرض عقوبات جنائية على الصحف والمؤسسات‪ ،‬كالغرامات (المبالغ فيها) التي‬
‫امتألت بها نصوص الالئحة‪ ،‬والتي تراوحت بين ‪ 250‬ألف وخمسة ماليين جنيه‪،‬‬
‫وعلى اتهامات لم ينص القانون الحالي للمجلس على فرض أي عقوبات عليها‪ ،‬كما‬
‫كثيرا عن‬
‫ً‬ ‫تجاوزت نصوص مواد قانون العقوبات‪ ،‬وما ورد فيه من غرامات تقل‬
‫المنصوص في الالئحة‪ ،‬في تجاوز واضح للقانون في الحالتين‪ ،‬وخرق لمبدأ عدم‬
‫ازدواج العقوبة حيث ينص القانون الحالي للمجلس أن العقوبات الواردة فيه تأتي مع‬
‫عدم اإلخالل بأي عقوبة أشد في قانون العقوبات‪ ،‬كما ساوى المجلس في الالئحة بين‬
‫بث أخبار مجهولة المصدر‪ ،‬ونشر شائعات رغم أن استخدام المصادر المجهلة‬
‫استثناء يحصل عليه الصحفيون فى حاالت محددة مشروعة‪ ،‬وجعلتها سببًا لحجب‬
‫الموقع أو الصفحة وفرض غرامة تصل إلى ‪ 250‬ألف جنيه بال أي سند من‬
‫قانون(‪.)52‬‬
‫اإلشكالية الثالثة‪ :‬التوسع في نطاق المسئولية (تعميم العقوبة)‪:‬‬
‫عمد المشرع المصري إلى توسيع نطاق المسئولية عن جرائم النشر‬
‫الصحفي اإللكتروني –يتساوى معه النشر عبر وسائل اإلعالم األخرى‪ -‬حيث ال يقر‬
‫المشرع بمبدأ شخصية العقوبة‪ ،‬إذ يركز على معاقبة الموقع أو الوسيلة اإلعالمية قبل‬
‫الكاتب؛ أي األخذ بمبدأ التضامن أو المسئولية التضامنية‪ ،‬ويتضح ذلك من جملة‬
‫النصوص الواردة في قانون تنظيم الصحافة واإلعالم‪ ،‬والتي تبدأ بعبارات مثل‪:‬‬
‫(يحظر على المؤسسة الصحفية والوسيلة اإلعالمية والموقع اإللكتروني‪ -‬يحظر على‬
‫الصحيفة أو الوسيلة اإلعالمية أو الموقع اإللكتروني نشر أو بث أخبار كاذبة ‪– ...‬‬
‫‪136‬‬
‫يحظر على أي وسيلة من وسائل النشر أو البث التعرض للحياة الخاصة للمواطنين‪-‬‬
‫)‪ ،‬وحتى ف ي تنظيم المسئولية القانونية الخاصة بإخالل الصحفي بواجباته المنصوص‬
‫عليها في القانون أو في ميثاق الشرف الصحفي‪ ،‬حرص المشرع على عدم االكتفاء‬
‫بمساءلة الصحفي‪ ،‬ونص على أن الصحيفة أو الوسيلة اإلعالمية أو الموقع‬
‫اإللكتروني تدخل في نطاق المساءلة القانونية إلى جانب الصحفي‪ ،‬بينما جاء مبدأ‬
‫شخصية العقوبة في بعض المخالفات مثل الطعن في أعمال موظف عام أو شخص‬
‫ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة إذا كان النشر بسوء نية أو ال أساس له‬
‫من الصحة أو كان عديم الصلة بأعمال األشخاص السابق ذكرهم‪.‬‬
‫وبتوسع نطاق المسئولية واألخذ بمبدأ المسئولية التضامنية –كما تقدم ذكره‪-‬‬
‫يكون المشرع قد افترض علم إدارة الوسيلة أو الموقع بمحتويات المادة المنشورة‪،‬‬
‫وهى المسئولة عن كل ما ينشر في الموقع‪ ،‬وبالتالي توفر القصد الجنائي؛ ونرى أن‬
‫تعميم العقوبة وتطبيقها على الوسيلة اإلعالمية أو الموقع اإللكتروني من شأنه تكريس‬
‫فكرة رقابة اإلدارة أو مسئولي التحرير في الموقع على محتوياته‪ ،‬وفي هذا الصدد‬
‫نتفق مع ما ذهب إليه "الطيب بلواضح"(‪ )53‬حيث يرى أن افتراض مسئولية مدير‬
‫النشر الجنائية عن كل ما ينشر في جريدته فيه خروج عن القواعد العامة للمسئولية‬
‫الجنائية التي تقضي بأن تكون المسئولية شخصية ال تلحق إال بمن ساهم فعالً في‬
‫ارتكاب الجريمة‪ ،‬وقد يكون لهذا الخروج ما يبرره في الحاالت التي ال يعرف فيها‬
‫كاتب المقال‪ ،‬أما افتراض مسئولية مدير النشر كفاعل أصلي مع كاتب المقال فيه‬
‫تجاوز ليس هناك ما يقتضيه‪ ،‬ال سيما وأن مدير النشر ال يمكن أن يطلع بنفسه على‬
‫كل ما ينشر في الصحيفة‪.‬‬
‫اإلشكالية الرابعة‪ :‬عدم االهتمام بتنظيم جرائم انتهاك حقوق الملكية الفكرية فيما‬
‫يتعلق بالمصنّفات الصحفية‪:‬‬
‫من خالل تنوع طرق النشر المختلفة وتطورها‪ ،‬مرت عملية النشر بمراحل‬
‫مختلفة مرورا ً بالنشر على األقراص المدمجة ‪ ،CDs‬إلى النشر على الخط المباشر‪،‬‬
‫وصوالً إلى النشر اإللكتروني ‪ ،Electronic publishing‬فأصبحت الحاجة ماسة‬
‫إلى وضع قوانين وتشريعات تحمي تلك المواد من العبث سواء أكان ذلك عن طريق‬
‫التعديل أو الحذف أو النسخ ‪ ...‬إلخ‪ ،‬وقد تطورت تلك الحقوق حتى وصلت إلى ما‬
‫يعرف اآل ن بحماية الملكية الفكرية على اإلنترنت؛ حيث المقصود بها من الناحية‬
‫التاريخية حماية أجهزة الكمبيوتر واالتصاالت (المادية) بوصفها معدات ووسائل‬
‫تقنية المعلومات‪ ،‬أما في بيئة أو مجال اإلنترنت فتتعلق بأسماء نطاقات‪ ،‬أو مواقع‬
‫صا ‪،‬‬
‫اإلنترنت )‪ ،(Domains‬وبمحتوى المواقع من مواد النشر اإللكتروني نصو ً‬
‫وصورا‪ ،‬ومواد سمعية ومرئية (الوسائط المتعددة)(‪.)54‬‬
‫ً‬

‫‪137‬‬
‫وقد أسهمت التقنيات الحديثة في بيئة اإلنترنت بشكل كبير في سهوله اقتناء‬
‫ونقل واختزال المعلومات واختراقها بالطرق المختلفة‪ ،‬ومن ثم أصبحت مسألة حماية‬
‫حقوق الملكية الفكرية ومدى القدرة على حمايتها من االنتهاك مثار اهتمام ونقاش في‬
‫الوقت الراهن‪.‬‬
‫وقد اهتم المشرع المصري بحماية حقوق الملكية الفكرية بصفة عامة‬
‫دستوريًا وقانونيًا؛ حيث نصت المادة (‪ )69‬من الدستور المصري ‪ -2014-‬على أن‪:‬‬
‫ً‬
‫جهازا‬ ‫"تلتزم الدولة بحماية الملكية الفكرية بشتى أنواعها في كافة المجاالت‪ ،‬وتنشئ‬
‫صا لرعاية تلك الحقوق وحمايتها القانونية‪ ،‬وينظم القانون ذلك"‪ ،‬كما أصدرت‬ ‫مخت ً‬
‫مصر قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم ‪ 82‬لسنة ‪ ،2002‬وما يهمنا هنا هو‬
‫اإلشارة إلى أن المادة (‪ )55()140‬من هذا القانون حددت نطاق حماية القانون والتي‬
‫تشمل الم صنفات األدبية والفنية ومن ضمنها المقاالت والنشرات وغيرها من‬
‫المصنفات المكتوبة‪ ،‬مع اإلشارة إلى أن المادة (‪ )56()141‬من القانون المذكور قد‬
‫استبعدت بعض المصنفات الصحفية من حماية حقوق المؤلف مثل أخبار الحوادث‬
‫والوقائع الجارية التي تكون مجرد أخبار صحفية‪ ،‬إال أن المادة ذاتها أشارت في‬
‫نهايتها إلى أن هذه المصنفات تتمتع بالحماية إذا تميز جمعها باالبتكار في الترتيب‬
‫والعرض أو بأي مجهود جدير بالحماية‪.‬‬
‫وبنا ًء على ذلك‪ ،‬فالمصنفات الصحفية كالمقاالت واألحاديث الصحفية‬
‫والصور والكاريكاتير‪ ،‬يضاف إليها أخبار الحوادث والوقائع الجارية في حال تمتع‬
‫جمعها باالبتكار في الترتيب والعرض كلها مصنفات محمية كقاعدة عامة بأحكام‬
‫وقواعد حقوق الملكية الفكرية لمؤلفيها‪ ،‬مع اإلشارة إلى أنه ال يعد أي نشاط صحفي‬
‫مصنفًا تشمله قواعد حق المؤلف‪ ،‬إال إذا انطوى على ابتكار مصنف صحفي تتجسد‬
‫فيه شخصية الصحفي(‪.)57‬‬
‫وعلى الرغم من تنظيم المشرع للمسئولية الجنائية عن العديد من الجرائم‬
‫التي يعاقب عليها القانون‪ ،‬إال أنه يالحظ عدم تجريم انتهاك حقوق الملكية الفكرية‬
‫بالنشر والذي أصبح من االعتداءات الشائعة في البيئة اإللكترونية‪ ،‬حيث لم يهتم قانون‬
‫تنظيم الصحافة واإلعالم بتأكيد حماية حقوق الملكية الفكرية الواردة في القانون ‪82‬‬
‫لسنة ‪2002‬؛ إذ لم يتضمن القانون أية ضوابط لحقوق الملكية الفكرية بالخاصة‬
‫بالمصنف الصحفي‪ ،‬بالرغم من النص على حماية حقوق الملكية الفكرية في مجالي‬
‫الصحافة واإلعالم في إطار المواد الخاصة بأهداف المجلس األعلى لتنظيم اإلعالم‬
‫واختصاصاته؛ حيث نص القانون على مسئولية المجلس في االلتزام بحماية كافة‬
‫حقوق الملكية الفكرية في البند رقم (‪ )7‬بالمادة (‪ )62‬الخاصة بشروط موافقة المجلس‬
‫على الترخيص بإنشاء أو تشغيل أية وسيلة إعالمية أو موقع إلكتروني‪ ،‬وكذلك في‬
‫البند رقم (‪ )5‬بالمادة (‪ ) 69‬الخاصة بأهداف المجلس الخاص بـ"ضمان احترام‬
‫الوسائل والمؤسسات اإلعالمية والصحفية لحقوق الملكية الفكرية واألدبية"‪ ،‬إضافة‬
‫‪138‬‬
‫إلى البند رقم (‪ )11‬من ذات المادة (‪ )69‬حول "حماية حقوق الملكية الفكرية فى‬
‫مجالى الصحافة واإلعالم"‪ ،‬يضاف إلى ما سبق البند رقم (‪ )3‬بالمادة (‪ )70‬من‬
‫القانون حول أحد اختصاصات المجلس األعلى والخاص بوضع وتطبيق الضوابط‬
‫والمعايير الالزمة لضمان التزام الوسائل والمؤسسات اإلعالمية والصحفية بأصول‬
‫المهنة وأخالقياتها والحفاظ على حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بمحتواها‪.‬‬
‫هنا تنبغي اإلشارة إلى أن المجلس األعلى لتنظيم اإلعالم قد أصدر القرار‬
‫رقم (‪ 18‬لسنة ‪ ،)58(2019‬بشأن ضوابط أداء التعويض المالي النتهاك حقوق الملكية‬
‫الفكرية في مجالي الصحافة واإلعالم‪ ،‬وقد نصت المادة األولى من هذا القرار على‬
‫أن "للمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم إلزام المخالف حال انتهاك حقوق الملكية الفكرية‬
‫بسداد التعويض المالي المناسب للطرف الذي انتهكت حقوق ملكيته الفكرية وفقًا‬
‫للشروط التالية‪ :‬ثبوت ركن الخطأ ويتحقق بارتكاب المخالف أو أحد تابعيه المسئول‬
‫عنهم لعمل من األعمال المتعلقة باالعتداء على الملكية الفكرية أيًّا كان شكل هذا‬
‫العمل‪ ،‬ومنها على سبيل المثال ال الحصر‪ :‬التقليد‪ ،‬القرصنة‪ ،‬االستغالل المادي لعمل‬
‫من األعمال دون إذن صاحبه‪ ،"...‬وثبوت ركن الضرر‪ ،‬ويتحقق حال تحقق خسارة‬
‫مالية مباشرة أو غير مباشرة للطرف المنتهكة حقوق ملكيته الفكرية أو بما فاته من‬
‫وأخيرا ثبوت‬
‫ً‬ ‫كسب أو بما حققه المخالف من أرباح نتيجة فعله غير المشروع‪،‬‬
‫الرابطة السببية بين ركني الخطأ والضرر‪ ،‬وتتحقق بأن يكون الضرر المتحقق ناج ًما‬
‫عن خطأ المخالف أو أحد تابعيه المسئول عنهم‪.‬‬
‫ويالحظ أن المجلس األعلى لتنظيم اإلعالم في قراره الخاص بضوابط أداء‬
‫التعويض المالي عن انتهاك حقوق الملكية الفكرية في المجال الصحفي اكتفى في‬
‫توقيع العقوبة بالتعويض المالي دون النص على إلزام المخالف بإزالة أسباب‬
‫المخالفة‪ ،‬كما أنه لم يذكر نسخ (النقل أو النسخ غير المشروع دون إشارة صريحة‬
‫للمصدر) المحتوى الصحفي الخاص بالغير ونسبه للنفس كأحد أبرز أشكال انتهاك‬
‫حقوق الملكية الفكرية في البيئة اإللكترونية‪ ،‬وما يدعم هذه الرؤية هو ما نصت عليه‬
‫المادة (‪ )26‬من الئحة الجزاءات والتدابير اإلدارية والمالية التي أصدرها المجلس‬
‫األعلى لتنظيم اإلعالم‪ ،‬وهذه المادة خاصة باتخاذ المجلس التدابير الالزمة في‬
‫مواجهة المؤسسات الصحفية واإلعالمية والمواقع اإللكترونية لضمان حماية واحترام‬
‫حقوق الملكية الفكرية في مجالي الصحافة واإلعالم‪ ،‬ونصت على أن للمجلس سلطة‬
‫حجب ومصادرة المادة المخالفة‪ ،‬وإلزام المخلف بأداء مبلغ مالي ال تزيد قيمته عن‬
‫خمسة ماليين جنيه مصري‪ ،‬مع التزام المخالف بسداد التعويض المالي المناسب‬
‫للطرف الذي انتهكت حقوق ملكيته الفكرية‪ ،‬وهنا نجد أن هذه المادة لم يوضح فيها‬
‫المجلس الجهة التي تسدد لها الغرامة (الخمسة ماليين جنيه)‪ ،‬كما أننا يمكن أن نستنتج‬
‫من ذلك ‪-‬ارتفاع قيمة التعويض المالي‪ -‬أن المجلس لم يهتم بجريمة انتهاك حقوق‬
‫الملكية الفكرية الخاصة بالمصنفات الصحفية المشار إليها في المادتين (‪)140‬‬

‫‪139‬‬
‫و(‪ )141‬من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية المصري‪ ،‬وإن من التجاوزات التي‬
‫يمكن أن يتعرض لها العمل الصحفي تتمثل في استخدام هذا العمل بدون ترخيص من‬
‫الصحفي مثل إعادة نشر العمل دون ذكر اسم صاحبه‪ ،‬وال حتى استشارته أو ترخيص‬
‫تعد على حقوق المؤلف(‪ ،)59‬ومع ذلك أغفل قانون تنظيم الصحافة‬‫منه‪ ،‬فهذا يعتبر ٍّ‬
‫ً‬
‫واإلعالم هذا األمر‪ ،‬ووفقا لمبدأ شرعية الجريمة والعقوبة‪ ،‬والذي ينص على أن "ال‬
‫جريمة وال عقوبة إال بنص"(‪ ،)60‬فال نستطيع أن نضفي صفة الجريمة على فع ٍّل ما‪،‬‬
‫إال إذا كان هناك نص سابق يجرم مرتكبه(‪.)61‬‬
‫السب‬
‫ّ‬ ‫اإلشكالية الخامسة‪ :‬عدم التفرقة الواضحة بين الحق في النقد وجرائم‬
‫والقذف‪:‬‬
‫على الرغم من أن جريمة المساس بـ(الحياة الخاصة للمشغلين بالعمل العام‬
‫لنص المادة‬
‫ّ‬ ‫أو ذوي الصفة النيابية العامة‪ ،‬أو المكلفين بخدمة عامة) ال تقع –وفقًا‬
‫(‪ )20‬من القانون‪ -‬إذا تضمنت األخبار أو المعلومات إبداء الرأي في مسلك الموظف‬
‫العام بشأن وقائع تتعلق بأعمال وظيفته‪ ،‬وأن يكون النشر مستهدفًا المصلحة العامة‪،‬‬
‫إال أن طرح حق النقد وجريمتي القذف والسب يؤدي إلى تقاطع في المفهوم‪ ،‬ألن‬
‫ثارا عقابية على من يعتدي على شرف الشخص‬ ‫جرائم القذف والسب ترتب آ ً‬
‫واعتباره‪ ،‬بينما في حق النقد نجد أن هذه األفعال ال تشكل جريمة‪ ،‬لذلك فقد عد‬
‫المشرع المصري القذف الموجه إلى الموظف العام بمثابة الفعل المباح‪ ،‬وبذلك يتفق‬
‫حق النقد مع القذف‪ ،‬ألنهما من أسباب اإلعفاء من المسئولية ويرتبان أثر المسئولية‬
‫المترتبة في حال اإلخالل بحرية التعبير‪ ،‬إال أن أوجه االختالف بين النقد والقذف‬
‫تكمن فيما يلي(‪:)62‬‬
‫‪ .1‬حق النقد يتعلق بوقائق ثابتة ومعلومة للجمهور‪ ،‬أما القذف تجاه الموظف العام‬
‫فيتعلق بأمور قد تكون غير معلومة للجمهور‪ ،‬لكنها متعلقة بالحياة العامة‬
‫للمقذوف‪ ،‬كما يتناول حق النقد وقائع ال يشترط فيها أن تتعلق بشخص عام أو‬
‫شخص عادي‪ ،‬أما جريمة القذف فإنها تشترط أن يكون متعلقا بشخص عام‬
‫وتتعلق بعمل من األعمال المسندة إليه في وظيفته‪.‬‬
‫‪ .2‬ال يشترط في حق النقد إثبات الوقائع المسندة إلى األشخاص‪ ،‬ألنها ثابتة ومسلم‬
‫بها وهى بمثابة التصرفات الصادرة من الشخص بذاته‪ ،‬أما جريمة القذف فإنها‬
‫تحتاج إلى إثبات حتى يتمتع القاذف باإلباحة‪ ،‬وتكون الوقائع المسندة إلى‬
‫الموظف العام أو البرلماني ناشئة من خالل ممارسته ألعماله‪.‬‬
‫‪ .3‬يمثل حق النقد التعليق على الواقعة الثابتة والمعلومة والمسلم بها‪ ،‬بينما ينصب‬
‫السب على اختراع الوقائع المشينة أو مسخ الوقائع الصحيحة بأشياء‬ ‫ّ‬ ‫القذف أو‬
‫تجعلها مشينة(‪.)63‬‬

‫‪140‬‬
‫وقد استثنى المشرع المصري بعض الحاالت التي تقوم بها جريمة القذف‬
‫أصالً من أحكام هذه الجريمة وأعفى القاذف –الصحفي أو اإلعالمي‪ -‬من العقوبة‪،‬‬
‫على الرغم من قيام الجريمة وتوافر شروط المسئولية عنها؛ وذلك في حاالت معينة‬
‫ارتأى فيها المشرع أن المصلحة العامة التي تعود من إباحة هذه الجريمة تفوق‬
‫المصلحة من وراء مالحقة الجاني وعقابه‪ ،‬وحسب األصل يعاقب المشرع أفعال‬
‫القذف التي تقع علنًا باعتبارها عدوانًا على الشرف واالعتبار‪ ،‬ولكنه مع ذلك يبيح هذه‬
‫الجرائم إذا وقعت في إطار العمل الصحفي بمناسبة النقد الصحفي تطبيقًا لمبدأ حرية‬
‫الصحافة‪ ،‬الذي يجد مصدره في مجمل النظام القانوني العام الذي يعترف بحرية‬
‫الرأي والتعبير ويكرس حرية الصحافة لكن مع توافر شروط معينة(‪.)64‬‬
‫وفي هذا الصدد أباح المشرع المصري في المادة رقم (‪ )20‬من قانون تنظيم‬
‫الصحافة واإلعالم القذف الموجه إلى الموظف عام أو المكلف بخدمة عامة أو ذي‬
‫الصفة النيابية العامة بموجب شرطين هما‪ :‬أن يكون التعرض (القذف) وثيق الصلة‬
‫شرط ثالث ورد في نص‬ ‫ٌ‬ ‫بأعمالهم وأن يكون مستهدفًا المصلحة العامة‪ ،‬ويضاف إلهما‬
‫المادة رقم (‪ )65()32‬من القانون ذاته‪ ،‬والتي استثنى فيها المشرع معاقبة الصحفي أو‬
‫اإلعالمي جنائيًا على الطعن في أعمال الموظف العام أو من في حكمه‪ ،‬إذا ثبت أن‬
‫النشر أو البث كان بحسن نية ويتعلق بوقائع ومعلومات صحيحة‪ ،‬وهذا قريبٌ من‬
‫المفهوم الذي جاءت به المادة رقم (‪ )60‬من قانون العقوبات المصري رقم ‪ 58‬لسنة‬
‫‪ 1937‬ألسباب إباحة النقد وموانع وقوع العقوبة على القاذف‪ ،‬حيث نصت هذه المادة‬
‫على أنه "ال تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عمالً بحق‬
‫ضا في المادة (‪ )66()302‬منه‬ ‫مقرر بمقتضى الشريعة"‪ ،‬كما يتضمن قانون العقوبات أي ً‬
‫سندًا قانونيًا للقذف المباح مع توافر شروط معينة التي يمكن اعتبارها سندًا قانونيًا‬
‫لحق الصحفي أو اإلعالمي في النقد المباح‪.‬‬
‫وتستند هذه اإلباحة إلى مبدأ "رجحان الحق" الذي فترض أن الفعل الذي‬
‫يجرمه القانون وهو يهدر ح ًقا قد صان في ذات الوقت حقًا آخر يربو في القيمة‬
‫االجتماعية على الحق الذي أهدره‪ ،‬ومن ثم فهو أولى منه بالرعاية‪ ،‬وتفترض إباحة‬
‫النقد القذفي الصحفي أن الصحفي قد صان بفعله حقًا من الناحية االجتماعية من حث‬
‫ذوي الصفة العمومية في الشرف واالعتبار(‪.)67‬‬
‫ومما سبق يتضح أن شروط إباحة القذف (النقد المباح) في قانون تنظيم‬
‫الصحافة واإلعالم‪ ،‬يتعلق األول منها بصفة المقذوف (أن يكون موظفًا عا ًما أو مكلفًا‬
‫بخدمة عامة أو شخص ذو صفة نيابية عامة)‪ ،‬ويتعلق الثاني بالقضية موضوع القذف‬
‫(أن يكون وثيق الصلة بأعمالهم ومستهدفًا المصلحة العامة)‪ ،‬بينما يتعلق الشرط‬
‫الثالث بالصحفي أو اإلعالمي (القاذف)‪ ،‬وهو افتراض حسن النية في النشر‪ ،‬إلى‬
‫جانب صحة ما أسنده للمقذوف من معلومات ووقائع‪ ،‬وهنا نالحظ أن تحديد المادتين‬
‫(‪ )20‬و(‪ )32‬لصفة من يوجَّه إليه القذف (أن يكون موظفًا عا ًما أو مكلفًا بخدمة عامة‬
‫‪141‬‬
‫ضا من المشرع أن من ال تتوافر فيه إحدى هذه‬ ‫أو ذي صفة نيابية عامة) تمثل افترا ً‬
‫الصفات ال يقوم بعمل ذي أهمية مجتمعية ومن ثم ليس هناك ما يبرر إباحة القذف‬
‫الموجه إليه‪ ،‬وال يكون هناك مجال للحديث عن صحة وقائع القذف أو حسن نية‬
‫الصحفي أو اإلعالمي (القاذف) مادام الشخص الموجه إليه القذف ليس من الموظفين‬
‫العموم أو من في حكمهم‪ ،‬وتطبيقًا لذلك ذهبت محكمة النقض المصرية في أثناء‬
‫نظرها في إحدى القضايا ذات الصلة بأنه ال يجوز إثبات حقيقة الوقائع إذا كان المجني‬
‫عليه وكيالً لبنك التسليف الزراعي‪ ،‬إذ إنه ال يؤدي إال خدمة خاصة‪ ،‬وهما بلغ اتصاله‬
‫بالحكومة فإن ذلك ال يخرجه من طبيعته الخصوصية‪ ،‬وال يمكن اعتباره تبعًا لذلك‬
‫موظفًا عا ًما(‪.)68‬‬
‫وعلى الرغم من أن المشرع حدد شروط النقد المباح –كما تقدم ذكره‪-‬‬
‫وحظر على الصحفي أو اإلعالمي تناول مسلك المشتغلين بالعمل العام‪ ،‬أو الشخص‬
‫ذي الصفة النيابية العامة‪ ،‬أو المكلف بخدمة عامة‪ ،‬إال أنه لم ينص على العقوبة‬
‫المقررة في حالة مخالفة هذا الحظر‪ ،‬وهذا على عكس القانون رقم ‪ 96‬لسنة ‪1996‬‬
‫بشأن تنظيم الصحافة(‪ ،)69‬والذي حرص فيه المشرع على تحديد عقوبة خاصة‬
‫بمخالفة أحكام النقد المباح‪ ،‬حيث نصت المادة (‪ )22‬من هذا القانون على معاقبة‬
‫الصحفي بالحبس مدة ال تزيد على سنة وبغرامة ال تقل عن خمسة آالف جنيه وال‬
‫تزيد على عشرة آالف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين‪.‬‬
‫وفي ضوء عدم نص قانون تنظيم الصحافة واإلعالم على عقوبة بشأن‬
‫جرائم القذف في حق الموظف العام ومن هم في حكمه‪ ،‬ربما يجعل الصحفي أو‬
‫اإلعالمي يساءل بنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 303‬من قانون العقوبات المصري‬
‫التي تنص على أنه‪ .." :‬إذا وقع القذف في حقّ موظف عام أو شخص ذي صفة‬
‫نيابية عامة أو مكلّف بخدمة عامة‪ ،‬وكان ذلك بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو‬
‫الخدمة العامة‪ ،‬كانت العقوبة الحبس مدة ال تجاوز سنتين وغرامة ال تقل عن خمسة‬
‫آالف جنيه وال تزيد على عشرة آالف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين"(‪.)70‬‬
‫جانب آخر من اإلشكالية المتعلقة بالمادة (‪ )20‬وهو الخاص بحظر أي وسيلة‬
‫من وسائل النشر أو البث التعرض للحياة الخاصة للمواطنين‪ ،‬وتكمن المشكلة هنا في‬
‫أنه لكي تتقرر مسئولية الصحفي اإللكتروني عن اإلخالل بهذا االلتزام المنصوص‬
‫عليه في المادة المذكورة‪ ،‬البد من وضع الحد الفاصل بين الحياة الخاصة التي يسأل‬
‫الصحفي عن انتهاك حرمتها وبين الحياة العامة التي تبقى في نطاق حق الصحفي في‬
‫اإلعالم‪ ،‬إذ إن هناك تداخالً ملحو ً‬
‫ظا بين الحياتين؛ بحيث يتعذر أحيانًا وضع الفوارق‬
‫(‪)71‬‬
‫بينهما‪ ،‬فليس من السهل تحديد نهاية الحياة العامة وبداية الحياة الخاصة ‪ .‬وعدم‬
‫تفصيل القانون لمصطلح "الحياة الخاصة" يمثل تهديدًا للصحفي؛ إذ إن غياب الفصل‬
‫في التعريف بين الحياة العامة والحياة الخاصة من شأنه أن يزيد من فكرة الرقابة‬

‫‪142‬‬
‫الذاتية لدى الصحفي‪ ،‬ومن جانب آخر قد تخضع مسألة تكييف الفعل إلى السلطة‬
‫التقديرية للقاضي‪.‬‬
‫اإلشكالية السادسة‪ :‬عدم وضوح ماهية الجرائم المرتبطة بالتحريض‪:‬‬
‫في المواد (‪ )4‬و(‪ )5‬و(‪ ) 19‬من قانون تنظيم الصحافة واإلعالم إشارة إلى‬
‫أن التحريض(‪ )72‬يعد أحد المسائل المحظور نشرها أو بثها‪ ،‬حيث حظرت المادة (‪)4‬‬
‫منه على المؤسسة الصحفية والوسيلة اإلعالمية والموقع اإللكتروني نشر أو بث أى‬
‫مادة أو إعالن يحض على التمييز أو العنف أو العنصرية أو الكراهية‪ ،‬كما حظرت‬
‫المادة (‪ )5‬منه على الجهات المختصة إصدار أي صحيفة أو الترخيص بإنشاء أي‬
‫وسيلة إعالمية أو موقع إلكتروني‪ ،‬أو السماح له باالستمرار في ممارسة نشاطه‪ ،‬متى‬
‫كان يقوم على التحريض على اإلباحية أو الكراهية أو العنف‪ ،‬أو يدعو إلى أي ٍّ من‬
‫ذلك أو يسمح به‪ ،‬وحظرت المادة (‪ )19‬من القانون ذاته على الصحيفة أو الوسيلة‬
‫اإلعالميـة أو الموقع اإللكتروني‪ ،‬نشر أو بث ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون‬
‫أو إلى العنف أو الكراهية‪ ،‬ويالحظ هنا أن القانون لم يبين أنواع التحريض وبالتالي‬
‫التمييز في العقوبة حسب نوع هذا التحريض؛ ففي هذا الصدد نشير إلى أن التحريض‬
‫ينقسم إلى نوعين رئيسيين هما‪ :‬التحريص المتبوع بأثر‪ ،‬والتحريض غير المتبوع‬
‫بأثر‪ ،‬فكان ينبغي على المشرع التمييز بين هذين النوعين‪ ،‬وفي عدم التفريق إشارة‬
‫إلى أن العقوبة واحدة سواء كان هذا التحريض الذي ارتكبه الصحفي أو اإلعالمي –‬
‫المحرضين على الرغم‬
‫َّ‬ ‫ورقيًا أو إلكترونيًا أو مرئيًا‪ -‬متبو ًعا بأثر أو استجابة من قبل‬
‫من اختالف النوعين من التحريض حسب العناصر األساسية (أركان) كل منهما‪،‬‬
‫حيث إن جريمة التحريض لكي تتحقق يجب توافر العناصر األساسية وهى‪:‬‬
‫مباشرا ويقتضي الدعوة إلى ارتكاب الجريمة أو مجموعة‬
‫ً‬ ‫‪ .1‬أن يكون التحريض‬
‫من الجرائم المحددة‪ ،‬ويترتب عن عدم إثبات عالقة السببية بين التحريض‬
‫والجنحة أو الجناية المقترفة عدم متابعة الشخص بالتحريض المباشر‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يكون التحريض متبو ًعا بأثر‪ :‬أي ضرورة وقوع الفعل اإلجرامي الذي كان‬
‫المحرض إلى وقوعه‪ ،‬ويكفي هنا محاولة ارتكاب جريمة‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫يسعى‬
‫صادرا بسوء نية‪ :‬وغالبًا ما تستنتج هذه النية من خالل‬
‫ً‬ ‫‪ .3‬أن يكون التحريض‬
‫المحرض‪ ،‬وعلى المتهم إثبات العكس والبرهنة على‬‫ِّ‬ ‫العبارات التي استعملها‬
‫حسن نيته‪.‬‬
‫‪ .4‬العالنية‪ :‬وتتحقق كلما جاءت عبر الوسائل المنصوص عليها في القانون‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن المشرع المصري في تنظيمه للمسئولية الجنائية عن‬
‫الجرائم الصحفية في قانون تنظيم الصحافة واإلعالم قد نص على عدم جواز توقيع‬
‫عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العالنية‪ ،‬إال أنه استثنى‬

‫‪143‬‬
‫من ذلك جرائم التحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن في أعراض‬
‫األفراد بتوقيع عقوبة سالبة للحرية‪ ،‬حيث نصت المادة رقم (‪ )29‬من القانون على أنه‪:‬‬
‫"ال يجوز توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ت ُرتكب بطريق النشر أو‬
‫العالنية‪ ،‬فيما عدا الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين‬
‫المواطنين أو بالطعن في أعراض األفراد"‪ ،‬ويستند القانون في هذه المادة إلى نص‬
‫المادة رقم (‪ )71‬من الدستور المصري ذات المضمون نفسه تقريبًا(‪ .)73‬وفي هذا‬
‫إشارة ضمنية من المشرع المصري في سواء في القانون أو الدستور بإمكانية توقيع‬
‫عقوبة سالبة للحرية كالحبس أو الحبس االحتياطي على الصحفي المتهم بارتكاب‬
‫جريمة التحريض في ضوء مطاطية العبارات‪ ،‬حيث لم يحدد القانون ما المقصود‬
‫بمصطلحات مثل العنف أو التمييز أو الطعن في حياة األفراد وترك للجهات القضائية‬
‫تفسيرها أو تأويلها‪ ،‬وقد ال يأخذ القاضي فيها بإلزام الصحفي بالتعويض ويطبق عقوبة‬
‫سالبة للحرية وفقًا لنص الدستور والقانون في هذا الشأن‪ ،‬إلى جانب أن جريمة الطعن‬
‫في أعراض األفراد لم تحدد بشكل واضح في القانون‪ ،‬وهو ما قد يترتب عليه حدوث‬
‫تداخل أو خلط بينها وبين الحق في النقد خاصة إذا ما ارتبط هذا الخلط بمناخ سياسي‬
‫ال يدفع نحو تأويل المصطلح لصالح الصحفي أو اإلعالمي والتأكيد على حقه في النقد‬
‫المباح كأحد صور حرية الرأي والتعبير‪ ،‬مع ضرورة األخذ في االعتبار وضعية‬
‫المشهد اإلعالمي في مصر من ناحية التعددية والتنوع واحترام حرية الرأي والتعبير‬
‫من جانب مؤسسات الدولة أو الهيئات الرسمية المنوط بها تنظيم اإلعالم‪ ،‬وتطبيقها‬
‫القانون بشكل موضوعي ومحايد دون تحيز‪.‬‬
‫ويالحظ أن نص المادة (‪ )29‬السابق ذكرها والمطابق لنص المادة (‪ )71‬من‬
‫مقررا قاعدة عامة مؤداها سلب سلطة المشرع في توقيع عقوبات سالبة‬ ‫ً‬ ‫الدستور جاء‬
‫للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العالنية ‪-‬كأصل عام‪ -‬وذلك بصرف‬
‫النظر عن الوسيلة التي وقعت بها عملية النشر‪ ،‬سواء مرئية أو مسموعة أو‬
‫ضا من جرائم النشر على‬ ‫إلكترونية‪ ،‬إال ان النص استثنى من ذلك األصل العام بع ً‬
‫سبيل التحديد‪ ،‬منح المشرع تجاهها سلطة تقديرية في تحديد عقوباتها‪ ،‬حتى ولو‬
‫تضمنت تلك العقوبات عقوبات سالبة للحرية‪ ،‬أال وهى تلك الجرائم االمتعلقة‬
‫بالتحريض عل ى العنف‪ ،‬أو بالتمييز بين المواطنين‪ ،‬أو بالطعن في أعراض األفراد‪،‬‬
‫وهنا يالحظ أن هذا االستثناء اتصف بالعمومية وعدم التحديد الدقيق لماهية تلك‬
‫الجرائم المذكورة‪ ،‬وهو ما يصعب معه ضبط حدودها في مجال التجريم‪ ،‬وكان يجدر‬
‫بالمشرع ضبط هذه العبارة وتحديدها بصورة أكثر إيضا ًحا لمراده‪ ،‬حتى ال يتوسع‬
‫المشرع في استخدامها أو التجريم على أساسها(‪.)74‬‬
‫وما يؤكد على اإلشكالية المطروحة بشأن غموض المصطلحات الخاصة‬
‫بجرائم التحريض هو عدم النص على عقوبات محددة لها‪ ،‬وبذلك قد يعاقب الصحفي‬
‫أو اإلعالمي المتهم بارتكاب جريمة التحريض وفق نصوص المواد (‪،175 ،174‬‬

‫‪144‬‬
‫‪ )75()177 ،176‬من قانون العقوبات المصري‪ ،‬كما أن الخطورة هنا تكمن في أن‬
‫التحريض يتمثل في بث التصميم أو التشجيع أو دفع شخص أو عدة أشخاص بأي‬
‫مباشرا أو غير‬
‫ً‬ ‫وسيلة كانت‪ ,‬بهدف تنفيذ الجريمة‪ ,‬ويستوي هنا أن يكون التحريض‬
‫مباشر‪ ,‬فردي موجه لشخص بعينه‪ ,‬أو تحريض عام موجه إلى جماعة غير محدودة‬
‫من الناس من خالل الموقع اإللكتروني أو غيره من وسائل اإلعالم‪ ,‬وتقع جريمة‬
‫التحريض بتوافر الركن المادي الذي يتمثل في أن يكون مرتكبها –الصحفي أو‬
‫اإلعالمي‪ -‬قد قام بالفعل باالتصال بشخص أو عدة أشخاص آخرين وحاول التأثير‬
‫علي عقولهم لكي يرتكبوا جريمة معينة‪ ,‬ويتحقق هذا الركن سواء اقتنع هؤالء ودفعهم‬
‫ذلك الرتكاب الجريمة‪ ,‬أو غير ذلك‪ ,‬وكذلك الركن المعنوي الذي يقع بتوافر النية‬
‫والقصد والعزم لدى –الصحفي أو اإلعالمي‪ -‬المحرض على استقطاب من حرضهم‬
‫للقيام باألعمال غير المشروعة وارتكاب الجرائم المذكورة سواء في المواد أرقام (‪)4‬‬
‫و(‪ )5‬و(‪ )19‬و(‪ )29‬من قانون تنظيم الصحافة واإلعالم‪ ،‬مع اإلشارة هنا إلى أن‬
‫عنصر النية من أكثر العناصر صعوبة في اإلثبات‪ ،‬مالم يعترف قائل التعبير صراحة‬
‫باتجاه إرادته نحو التحريض على أفراد أو مجموعات معينة‪ ،‬وتخضع هذه المسألة‬
‫للجهة القضائية المنوط بها الحكم في مثل هذه الجرائم ودرجة مرونة رجال‬
‫القضاء(‪ )76‬في تقرير مدى توجه إرادة الصحفي أو اإلعالمي نحو التحريض من‬
‫عدمه‪ .‬وفي هذا الصدد ذهبت محكمة النقض المصرية(‪ )77‬إلى أن النية من مخبآت‬
‫الصدور ودخائل النفس‪ ،‬والتي ال تقع عادة ً تحت الحس وليس لها أمارات ظاهرة‪،‬‬
‫وألنه قد ال توجد شواهد ظاهرة أو سمات تدل على التحريض‪ ،‬فللقاضي أن يستدل‬
‫على ذلك بطريق االستنتاج والقرائن التي تقوم لديه‪.‬‬
‫كما أن المشرع في تنظيمه للمسئولية الجنائية عن أفعال التحريض على‬
‫اإلباحية أو الكراهية أو العنف الواردة في المادة (‪ )5‬من قانون تنظيم الصحافة‬
‫واإلعالم‪ ،‬أوجب على المجلس األعلى لتنظيم اإلعالم عدم الترخيص بإنشاء أي موقع‬
‫إلكتروني أو السماح له باالستمرار في ممارسة نشاطه في حال ارتكاب جريمة‬
‫التحريض عبر الموقع اإللكتروني‪ ،‬وفي السياق ذاته أوجب القانون في المادة (‪)19‬‬
‫على المجلس األعلى اتخاذ اإلجراء المناسب حيال جرائم التحريض على مخالفة‬
‫القانون أو العنف أو الكراهية‪ ،‬وحدد هذا اإلجراء في "وقف الموقع أو حجبه"‪.‬‬
‫ومما سبق يتضح أن المشرع المصري توسع في مفهوم التحريض كما ورد‬
‫في المواد أرقام (‪ )19،5،4‬من قانون تنظيم الصحافة واإلعالم‪ ،‬فضالً عن غياب‬
‫تعريفات دقيقة للمصطلحات ذات الصلة باالستثناءات الواردة على حرية التعبير‬
‫وتوقيع عقوبات سالبة للحريات في المادة (‪ )29‬من القانون ذاته‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى‬
‫فرض قيود شديدة على حرية التعبير في المجال الصحفي بكل أشكاله وعلى رأسها‬
‫اإلل كتروني بالمخالفة للمعايير الدولية الواردة في مواثيق حقوق اإلنسان‪ ،‬في ظل‬
‫تعبيرا تحريضيًا وما يدخل في نطاق‬
‫احتدام الجدل واختالف التأويالت لما يعد ت ً‬
‫‪145‬‬
‫التعبير المشروع والنقد الصحفي المباح‪ ،‬ما يؤدي في النهاية إلى فرض قيود غير‬
‫ضرورية على حرية التعبير تحت دعوى حماية الحقوق األخرى التي قد تتأثر نتيجة‬
‫ممارسة الصحفي أو اإلعالمي لحرية التعبير والنقد في نظر المشرع‪.‬‬
‫اإلشكالية السابعة‪ :‬التعامل مع المدونات ومواقع التواصل االجتماعي باعتبارها‬
‫النص صراحة على ذلك‪:‬‬
‫ّ‬ ‫وسائل إعالمية مع عدم‬
‫إذا كانت المدونات اإللكترونية ومواقع التواصل االجتماعي قد أسهمت في‬
‫التوسع في استخدام الحق في التعبير‪ ،‬إال أن هذه الوسائل –بذريعة حرية التعبير‪-‬‬
‫يساء استخدامها من خالل المساس بحقوق اآلخرين والتشهير بهم‪ ،‬وال يتوقف األمر‬
‫عند هذا الحد‪ ،‬إنما قد امتد األمر إلى استخدام هذه الوسائط لتنفيذ أغراض إجرامية‬
‫تهدف إلى زعزعة اس تقرار الدول وتهديد أمنها الوطني وسيادتها‪ ،‬وما يضاعف من‬
‫حجم المشكلة هو أن هذه الوسائل المستحدثة ال تحتاج إلى جهد في الوصول إليها‬
‫واستخدامها كمنصات إعالمية‪ ،‬بل إن الفرد –أي فرد‪ -‬يستطيع استخدامها ونشر‬
‫كتاباته ومقاطعه الصوتية أو المرئية وهو في أي مكان في العالم‪ ،‬مما سهل أن تكون‬
‫هذه الوسائل مليئة بالتجاوزات‪ ،‬وذلك لعدم وضوح الرؤية لبعض هؤالء المتجاوزين‬
‫حول مدى قيام المسئولية الجنائية بحقهم عند إساءة استخدامهم لهذه الوسائل(‪.)78‬‬
‫والمشرع المصري في صياغته لقانون تنظيم الصحافة واإلعالم ‪ 2018‬لم‬
‫ينص صراحة على المدونات اإللكترونية أو مواقع التواصل االجتماعي كوسيلة‬
‫أخبارا أو مقاالت شخصية لصاحب المدونة أو الحساب‪ ،‬أو‬‫ً‬ ‫إعالمية كونها قد تتضمن‬
‫مقاالت ينشرها عن غيره‪ ،‬ولكنه في المادة (‪ )19‬من القانون أشار ضمنيًا إلى هذه‬
‫المواقع‪ ،‬ومن ثم يبدو من خالل نص الفقرة المذكورة أن المدونات اإللكترونية أو‬
‫الحسابات الشخصية على موقع فيس بوك أو غيره من مواقع التواصل االجتماعي‬
‫مشمولة بأحكام هذا القانون‪ ،‬وتسير عليها اإلجراءات التي تسري على وسائل اإلعالم‬
‫المختلفة سواء كانت صحفًا أو قنوات أو إذاعات أو مواقع إلكترونية‪.‬‬
‫فجدير بالمالحظة أن المشرع في تنظيمه للمسئولية الجنائية عن أفعال‬
‫التحريض على مخالفة القانون أو العنف أو الكراهية(‪ )79‬الواردة في المادة رقم (‪)19‬‬
‫توسع في تحديد وسائل اإلعالم التي ترتكب هذه الجرائم من خاللها‪ ،‬حيث –وألول‬
‫مرة في التشريعات الصحفية‪ -‬ينص في الفقرة الثانية من المادة المذكورة على أنه‬
‫يلتزم بأحكام الحظر كل موقع إلكتروني شخصي أو مدونة إلكترونية شخصية أو‬
‫حساب إلكتروني شخصي يبلغ عدد متابعيه خمسة آالف متابع أو أكثر‪ ،‬وفي ذلك‬
‫إشارة ضمنية إلى مواقع التواصل االجتماعي والمدونات اإللكترونية‪ ،‬ودخلت هذه‬
‫الوسائل مع بقية وسائل النشر األخرى في أحقية المجلس األعلى لتنظيم اإلعالم في‬
‫سا‬
‫وقفها أو حجبها في حال كانت وسيلة الرتكاب جرائم التحريض المذكورة‪ ،‬وتأسي ً‬
‫على ذلك‪ ،‬فإن ما نشر اآلراء واألخبار والمعلومات عبر المدونات اإللكترونية أو‬

‫‪146‬‬
‫مواقع التواصل االجتماعي تخضع –وفق المادة المذكورة‪ -‬إلى ذات القواعد القانونية‬
‫المنظمة للنشر الصحفي التقليدي‪.‬‬
‫وتأتي اإلشكالية هنا في تعارض هذا اإلجراء مع الدستور‪ ،‬ومع المواثيق‬
‫العالمية لحقوق اإلنسان التي تؤكد على حرية الرأي والتعبير‪ ،‬إضافة إلى أن ما أعطاه‬
‫المشرع من سلطة للمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم تخول له وقف أو حجب الموقع أو‬
‫المدونة يتنافى مع فكرة أن الدولة –أي دولة‪ -‬تشرع وفقًا لسلطتها على إقليمها‪ ،‬وال‬
‫يجوز لها أن تمد تشريعها لمواقع ليست ملكها‪ ،‬كما هو الحال فيما يخص المواقع‬
‫اإللكترونية؛ إذ إن هذه المواقع تبعًا التفاقية التجارة العالمية ليست مل ًكا للدولة حتى‬
‫تمنع الناس من إنشاء حساباتهم فيها‪ ،‬لكن في المقابل يمكن للدولة أن تجرم المحتوى‬
‫اإللكتروني مثالً‪ ،‬إن كان يتضمن ما قد يعتبر جريمة جنائية‪ ،‬وعليه‪ ،‬فإن منع إنشاء‬
‫المواقع والحسابات فيه تجاوز لسلطات الدول األخرى على اعتبار أن شبكة اإلنترنت‬
‫ليست مل ًكا لدولة بعينها(‪.)80‬‬
‫وفيما يتعلق بمواقع التواصل االجتماعي تمتد اإلشكالية في ظل وجود خالف‬
‫بين فقهاء القانون حول الطبيعة القانونية لهذه المواقع بين كونها متعهد إيواء(‪ )81‬أو‬
‫ناشرا في ضوء حقيقة الدور الفني الذي تقوم به هذه المواقع؛ إال أن المعالجة‬ ‫ً‬
‫التشريعية واالتجاه ات الفقهية والقضائية الحديثة تقودنا إلى استبعاد صفة الناشر في‬
‫ناشرا‪ ،‬ألنها تتيح‬
‫ً‬ ‫مقدم خدمة التواصل االجتماعي‪ ،‬وأنها تعد بمثابة متعهد إيواء وليس‬
‫لموردي المحتوى نشره على الموقع دون أن تتدخل في توريده أو تعلم مشروعيته من‬
‫عدمها لحظة بث المستخدم لهذا المحتوى‪ ،‬وبنا ًء على هذا يسري عليها ما يسري على‬
‫متعهد اإليواء من مسئولية محدودة‪ ،‬فال تلتزم التزا ًما عا ًما برقابة مشروعية المحتوى‬
‫اإللكتروني‪ ،‬كما ال يقع عليها التزام عام بالبحث عن الوقائع والظروف التي تكشف‬
‫عن نشاط غير مشروع(‪.)82‬‬
‫وإذا كان مزود خدمات االستضافة(‪ )83‬هو المسئول عن توفير خدمة‬
‫االتصاالت عبر اإلنترنت للجمهور‪ ،‬أو يتيح تخزين المعلومات التي ترد إليه من أي‬
‫شخص أسهم في إنشاء محتوى أو صياغته‪ ،‬فالناشر هو ذلك الذي إما يسهل نشر‬
‫البيانات على الموقع باعتباره مدير تحرير لهذا الموقع‪ ،‬وإما أن يقوم بتدوين المحتوى‬
‫وصياغته‪ ،‬فالذي يميز بين المضيف والناشر هو أن األخير تكون له السيطرة على‬
‫المحتوى‪ ،‬والتحكم في بياناته‪ ،‬بخالف المضيف حيث تقتصر مهمته على حد توفير‬
‫خدمات االتصال للجمهور‪ ،‬وحفظ البيانات وتخزينها‪ ،‬ومن ثم ال تكون له عالقة‬
‫بإنشاء صفحات التواصل االجتماعي أو مضمون المحتوى(‪.)84‬‬
‫وعلى الرغم من تحديد المقصود بمصطلح الناشر اإللكتروني‪ ،‬فإنه على‬
‫عكس الوسائل اإلعالمية التقليدية‪ ،‬ال يمكن التعرف بسهولة على (الناشر) أو المالك‬
‫األصلي للمدونات أو الحسابات أو الصفحات التي تطلق عبر مواقع التواصل ألنه في‬

‫‪147‬‬
‫الغالب قد يتخذ اس ًما وهميًا لضمان عدم مساءلته‪ ،‬وذلك نابع من مجانية هذه المواقع‬
‫وإمكانية وصول جميع المستخدمين لها دون شروط‪ ،‬إضافة إلى أن هذه المواقع ال‬
‫تخضع إلدارة مؤسسات حاصلة على صفة من قبل الجهات المختصة تمكنها الرجوع‬
‫إلى صاحبها ألجل مساءلته‪ ،‬بخالف وسائل اإلعالم األخرى الخاضعة قانون تنظيم‬
‫الصحافة واإلعالم‪.‬‬
‫ونظرا الختالف القواعد المتعلقة بجرائم هذه المواقع فكان ينبغي إصدار‬
‫ً‬
‫تشريع ينظم المسئولية القانونية الناشئة عن هذه المواقع بموجب قانون خاص –أو‬
‫على األقل إفراد هذه المواقع بباب أو فصل خاص داخل قانون تنظيم الصحافة‬
‫واإلعالم‪ -‬يتفق مع الطبيعة الخاصة لهذه المواقع‪ ،‬كما أن الشخص قد ال يسأل عن‬
‫فعل النشر اإللكتروني إذا ما قام بتعديل خصوصية النشر كما في موقع فيس بوك بأن‬
‫ال يسمح ألحد سواه برؤية المحتوى‪ ،‬وبالتالي سينتفي عنصر العالنية من فعله‪ ،‬ومن‬
‫ثم لن يقع تحت المسئولية الجنائية‪.‬‬
‫اإلشكالية الثامنة‪ :‬خصوصية الجريمة اإللكترونية وحجية أدلتها في اإلثبات‪:‬‬
‫إن التقدم الهائل في تكنولوجيا اإلعالم وظهور أنماط جديدة من الجرائم‬
‫أصبح كما هو مالحظ في الواقع العملي يشكل عبئًا ثقيالً على عاتق جميع أجهزة‬
‫العدالة الجنائية‪ ،‬سواء رجال الضبط القضائي أو رجال التحقيق أو المحاكم على‬
‫مختلف درجاتها(‪ .)85‬ومن ثم فإن مهمة الكشف عن الجرائم التي ترتكب عبر اإلنترنت‬
‫صعبة‪ ،‬فالوسائل التقليدية لم تعد كافية لمكافحتها‪ ،‬كما أن بطء اإلجراءات الرسمية قد‬
‫كبيرا على‬
‫ً‬ ‫يؤدي إلى فقدان األدلة‪ ،‬ولذلك تشكل متابعة سلسلة األدلة وحفظها تحديًا‬
‫عكس الوسائل التقليدية التي يسهل فيها الحصول على الدليل على ارتكاب الجريمة‪،‬‬
‫كما أن من أحد أوجه صعوبة جرائم النشر اإللكترونية يتمثل في أن المالحقة القضائية‬
‫فيها تقتضي تتبع أثر المضمون –المجرم‪ -‬من خالل مجموعة متنوعة من مقدمي‬
‫خدمات اإلنترنت أو الشركات المقدمة لتلك الخدمات‪ ،‬فضالً عن تتبع المحققين أثر‬
‫قنوات االتصاالت بأجهزة الحاسب اآللي المصدرية‪ ،‬وقد يكون مقدمو الخدمات خارج‬
‫حدود الدولة وبالتالي تأتي الحاجة إلى ضرورة التعاون القضائي(‪.)86‬‬
‫كما أن هناك صعوبات تواجه التنظيم القانوني لجرائم النشر اإللكتروني‪ ،‬أن‬
‫نظرا لطبيعة الوسيلة التي‬
‫ً‬ ‫هذه النوعية من الجرائم تتسم بأنها جرائم عابرة للحدود‬
‫ترتكب هذه الجرائم من خاللها‪ ،‬وبالتالي قد تحتاج إلى التعاون الدولي‪ ،‬وهنا تكمن‬
‫المشكلة في تنوع النظم القانونية واختالفها؛ إذ قد تكون بعض األفعال قانونية‬
‫ومشروعة في دولة ما وغير قانوينة في دولة أخرى‪ ،‬وكذلك عدم وجود قنوات‬
‫اتصال بين الدول ما يعيق الحصول على المعلومات والبيانات المتعلقة بالجريمة‬
‫وبالتالي يعيق التصدي لها‪ ،‬وتنبغي اإلشارة هنا إلى أن المادة رقم (‪ )4‬من قانون رقم‬
‫‪ 175‬لسنة ‪ 2018‬في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات المصري(‪ )87‬تنص على أن‬

‫‪148‬‬
‫"ت عمل السلطات المصرية المختصة على تسيير التعاون مع نظيراتها بالبالد األجنبية‬
‫في إطار االتفاقيات الدولية واإلقليمية والثنائية المصدق عليها‪ ،‬أو تطبيقًا لمبدأ المعاملة‬
‫بالمثل‪ ،‬بتبادل المعلومات بما من شأنه أن يكفل تفادي ارتكاب جرائم تقنية المعلومات‬
‫والمساعدة على التحقيق فيها وتتبع مرتكبيها‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك إال أن هذا اإلجراء‬
‫لن يضمن حل هذه اإلشكالية بشكل جذري؛ حيث إن التعاون القضائي أو ما يسمى‬
‫بالمساعدات القضائية تتم بالطرق الدبلوماسية‪ ،‬وهذا يجعها بطيئة ومعقدة‪ ،‬وهذا‬
‫يتعارض مع طبيعة اإلنترنت وجرائمها وما تتميز به من سرعة(‪،)88‬‬
‫كما ترجع صعوبة إثبات جرائم النشر المرتكبة عبر شبكة اإلنترنت إلى‬
‫خصائص الوسيلة اإللكترونية ذاتها‪ ،‬حيث السرعة في ارتكابها‪ ،‬وكذلك سهولة طمس‬
‫معالمها ومحو آثارها‪ ،‬ومن ثم عدم مالءمة األدلة التقليدية في إثباتها‪ ،‬ومن هنا تبدأ‬
‫صعوبة البحث عن الدليل‪ ،‬وجمع األدلة ومدى قبولها إن وجدت‪ ،‬ومدى مصداقيتها‬
‫في إثبات وقائع الجريمة‪ ،‬فعملية التحري الرقمي تختلف عن التحري في الجرائم‬
‫المعتادة‪ ،‬حيث تتعامل مع وسائط وأجهزة رقمية وأدلة غير ملموسة(‪ .)89‬وهنا نشير‬
‫نظرا ألنه يسهل على مرتكب‬ ‫ً‬ ‫إلى صعوبة إثبات بعض جرائم النشر اإللكتروني‬
‫الجريمة محو األدلة المتعلقة بها وتدميرها في وقت وجيز وكذلك إمكانية تعديل النص‬
‫المنشور على عكس وسائط النشر التقليدية‪.‬‬
‫ففيما يتعلق بمواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬فقد تسببت سرعة ومرونة طرق‬
‫ارتكاب الجرائم عبر هذه المواقع في فرض الكثير من المعوقات أمام جهات الضبط‬
‫التقليدية فيما يتعلق بإجراءات التحقيقات والكشف عن مرتكبيها‪ ،‬والعثور على األدلة‬
‫الرقمية نتيجة لدقة القواعد اإلجرائية الجنائية التي ينبغي التعامل معها لحفظ ملفات‬
‫التسجيل للعمليات في نظم الحواسب واالتصاالت والحصول على المعلومات من‬
‫مقدمي خدمات اإلنت رنت والتواصل االجتماعي‪ ،‬والتأكد من صحة الدليل المتحصل‬
‫عليه(‪ ،)90‬وهذا يثير العديد من المشكالت التي تواجه جهات التحري والمالحقة في‬
‫التعامل مع المحتوى اإللكتروني إلثبات وقوع الجريمة ومالحقة مرتكبها وجمع األدلة‬
‫والسيطرة على أدلة ثبوت الجريمة‪ ،‬كون هذا النوع من األدلة يتمثل في شكل‬
‫معلومات رقمية مسجلة إلكترونيًا والتي ال يترك التعديل فيها أي أثر‪ ،‬وال يمكن‬
‫لإلنسان قراءتها إال من خالل اآللة نفسها والتقنية نفسها(‪.)91‬‬
‫ومن جهة أخرى فإن سهولة إخفاء الدليل الرقمي –محوه أو تدميره‪ -‬من‬
‫الصعوبات التي يمكن أن تعترض عملية اإلثبات‪ ،‬وتحول دون الوصول إلى الدليل‬
‫الرقمي حتى‪ ،‬حيث يقوم الجاني بمحو أو تدمير أدلة اإلدانة بسهولة متناهية(‪،)92‬‬
‫وبالنظر إلى الطبيعة الخاصة التي تتميز بها األدلة المتحصلة من الوسائل اإللكترونية‬
‫وما قد يصاحب الحصول عليها من خطوات معقدة‪ ،‬فإن قبولها في اإلثبات قد يثير‬
‫العديد من المشكالت‪ ،‬فكما نعلم أن مستودع هذه األدلة هو الوسائل اإللكترونية‪ ،‬ومن‬
‫ثم يمكن التالعب فيها وتغيير الحقيقة التي يجب أن تعبر عنها‪ ،‬ولذلك فإن المشكالت‬
‫‪149‬‬
‫التي تثيرها هذه األدلة ليس بسبب أنها قد تصلح لتكون طرق إثبات أم ال‪ ،‬وإنما‬
‫المشكلة التي تتعلق بها تتحدد في كيف نضمن مصداقية هذه األدلة وأن تعبر عن‬
‫الحقيقة التي تهدف إليها الدعوى الجنائية(‪ ،)93‬وتعتمد القيمة الثبوتية لهذه األدلة في‬
‫المقام األول على أصالته؛ ألنه من السهل تزوير الملف التعريفي ألي شخص‪ ،‬كما‬
‫يسهل تعديل المعلومات والبيانات المأخوذة من الحساب الخاص ألحد األشخاص‬
‫الموجود على أحد مواقع التواصل االجتكاعي‪ ،‬والتثبت من أصالة الدليل هو عملية‬
‫تستهدف إقناع المحكمة بأن "الشئ" محل التحقق يتمتع بالمصداقية المطلوبة(‪.)94‬‬
‫وهنا نشير إلى أن المشرع المصري قد تدارك هذا األمر فيما يتعلق بحجية‬
‫األدلة الرقمية؛ حيث إن المادة (‪ )11‬من قانون رقم ‪ 175‬لسنة ‪ 2018‬في شأن مكافحة‬
‫جرائم تقنية المعلومات المصري نصت على أنه‪" :‬يكون لألدلة المستمدة أو المستنبطة‬
‫أو المستخرجة من األجهزة أو المعدات أو الوسائط أو الدعامات اإللكترونية أو من‬
‫النظام المعلوماتي أو من برامج الحاسب‪ ،‬أو من أية وسيلة لتقنية المعلومات ذات قيمة‬
‫وحجية األدلة الجنائية المادية في اإلثبات الجنائي متى توافرت بها الشروط الفنية‬
‫الواردة بالالئحة التنفيذية لهذا القانون"‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬إال أن اإلشكالية‬
‫المتعلقة بإمكانية الحصول على األدلة المتعلقة بوسائل النشر اإللكترونية تظل قائمة‬
‫نظرا لصعوبة الكشف عن الجرائم التي ترتكب عبر شبكة اإلنترنت طالما أن محلها‬ ‫ً‬
‫في أغلب الحاالت هو بيانات ومعطيات رقمية يسهل تغييرها أو تعديلها أو حتى‬
‫محوها من أي مكان‪ ،‬وفي هذا الصدد نصت المادة رقم (‪ )2‬البند األول من قانون رقم‬
‫‪ 175‬لسنة ‪ 2018‬في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات المصري على التزام‬
‫مقدمي الخدمة بحفظ وتخزين النظام المعلوماتي أو أي وسيلة لتقنية المعلومات لمدة‬
‫‪ 180‬يو ًما متصلة‪ ،‬وتتمثل في البيانات التي تمكن من التعرف على مستخدم الخدمة‬
‫والبيانات المتعلقة بمحتوى ومضمون النظام المعلوماتي المتعامل فيه متى كانت تحت‬
‫سيطرة مقدم الخدمة‪ ،‬وعلى الرغم من حرص المشرع المصري على إلزام مقدمي‬
‫الخدمة بحفظ البيانات المتقدم ذكرها إال أنه حددها بمدة ستة أشهر فقط وبعدها لن‬
‫يكون مقدمو الخدمة ملتزمون بحفظ أو تقديم البيانات‪ ،‬وهو ما يمثل عقبة في طريق‬
‫جمع األدلة المتعلقة بإحدى الجرائم المرتكبة عبر وسائل النشر اإللكتروني‪.‬‬
‫خالصة الدراسة ونتائجها في ضوء ما أثارته من تساؤالت‪:‬‬
‫سعت الدراسة الراهنة إلى تحقيق هدف رئيسي يتمثل في رصد إشكاليات‬
‫التنظيم القانوني للمسئولية الجنائية عن جرائم النشر الصحفي اإللكتروني في مصر‬
‫من خالل دراسة تحليلية للقانون رقم ‪ 180‬لسنة ‪ 2018‬بشأن تنظيم الصحافة واإلعالم‬
‫والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم‪ ،‬واستندت هذه الدراسة إلى المنهج الوصفي التحليلي‬
‫والمنهج االستقرائي إضافة إلى أسلوب المقارنة المنهجية‪ ،‬ولعل النتيجة األبرز في‬
‫هذه الدراسة هي أن قانون تنظيم الصحافة واإلعالم –على الرغم من حداثة صدوره‪-‬‬
‫صا في ظل التطورات‬ ‫كما يبدو لنا لم ي ِّع ْر االهتمام الكافي للصحافة اإللكترونية خصو ً‬
‫‪150‬‬
‫الهائلة في عالم التكنولوجيا المعلوماتية‪ ،‬فلم نجد القانون يتناول بالتفصيل الكافي‬
‫والمستقل ما يشير إلى طبيعة الصحافة اإللكترونية بكل أشكالها ووسائل النشر فيها‬
‫وبيان ضوابط ممارستها بما يتناسب مع طبيعتها المختلفة عن الوسائل اإلعالمية‬
‫األخرى‪ ،‬وخالصة القول‪ ،‬فإنه في ضوء اإلشكاليات التي كشفت عنها الدراسة‬
‫الراهنة فيما يتعلق بالتنظيم القانوني للمسئولية الجنائية عن جرائم النشر الصحفي‬
‫اإللكتروني‪ ،‬نجد أنه من الضروري –من وجهة نظر الباحثيْن‪ -‬أن يقوم المشرع‬
‫المصري بسن قانون مستقل لإلعالم اإللكتروني بكافة أشكاله لكي يتماشى مع طبيعة‬
‫الوسيلة ويواكب التطورات الحاصلة في هذا المجال‪ .‬وفيما يلي نعرض ألبرز النتائج‬
‫التي كشفت عنها الدراسة في ضوء ما أثارته من تساؤالت‪.‬‬
‫‪ ‬ما إشكاليات التنظيم القانوني للمسئولية الجنائية عن جرائم النشر الصحفي‬
‫اإللكتروني؟‬
‫أظهر التحليل مجموعة من اإلشكاليات المتعلقة بالتنظيم القانوني للمسئولية‬
‫الجنائية عن جرائم النشر اإللكتروني في ضوء القانون رقم ‪ 180‬لسنة ‪ 2018‬بشأن‬
‫تنظيم الصحافة واإلعالم والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم‪ ،‬نوجزها فيما يلي‪:‬‬
‫جاءت في مقدمة هذه اإلشكاليات غموض بعض النصوص بما يؤدي إلى‬
‫اختالف تأويلها‪ ،‬حيث احتوت بعض مواد القانون على العديد من األلفاظ والعبارات‬
‫الفضفاضة وغير المحددة يقي ًنا وتحتمل التأويل في جوانبها‪ ،‬ومن ثم يترك تأويلها‬
‫وتفسيرها إلى األجهزة القضائية والتنفيذية من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى يؤدي عدوم‬
‫وضوحها وداللتها إلى عدم قدرة الصحفي أو المواطن على تحديد ما يعتبر جريمة‬
‫وما ال يعتبر جريمة‪ ،‬منها عبارات مثل‪ :‬مقتضيات األمن القومي والدفاع عن الوطن‪،‬‬
‫ومخالفة النظام العام أو اآلداب العامة‪ ،‬وتكدير السلم العام وغيرها‪ ،‬وترتبط بهذه‬
‫اإلشكالية إشكالية تالية وهى التوسع في محظورات النشر‪ ،‬وبالتالي التوسع في حدود‬
‫التجريم وتكريس جرائم طالما طالب الصحفيون بإلغائها من خالل عبارات مطاطة‬
‫يمكن تأويلها في غير صالح الصحفيين‪ ،‬إلى درجة تعكس نية لحصار الصحافة وأن‬
‫تتحول المهنة والصحفيين إلى كتابة النشرات الرسمية‪.‬‬
‫إشكالية ثالثة كشفت عنها الدراسة وهى التوسع في نطاق المسئولية (تعميم‬
‫العقوبة)‪ ،‬وتمثلت في تركيز المشرع على قبل الكاتب‪ ،‬حيث حرص المشرع على‬
‫عدم االكتفاء بمساءلة الصحفي‪ ،‬واتجه إلى معاقبة الموقع أو الوسيلة اإلعالمية‬
‫كشريك في المساءلة القانونية إلى جانب الصحفي‪ ،‬وهو ما يطلق عليه "المسئولية‬
‫التضامنية"‪ ،‬بنا ًء على افتراض مسئولية مدير النشر الجنائية عن كل ما ينشر في‬
‫الموقع أو الصحيفة‪ ،‬وما في ذلك من خروج عن القواعد العامة للمسئولية الجنائية‬
‫التي تقضي بأن تكون المسئولية شخصية ال تلحق إال بمن ساهم فعالً في ارتكاب‬
‫الجريمة‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫تمثلت اإلشكالية الرابعة في عدم االهتمام بتنظيم جرائم انتهاك حقوق‬
‫الملكية الفكرية فيما يتعلق بالمصنّفات الصحفية‪ ،‬حيث لم يهتم قانون تنظيم الصحافة‬
‫واإلعالم بتأكيد حماية حقوق الملكية الفكرية الواردة في القانون ‪ 82‬لسنة ‪2002‬؛ إذ‬
‫لم يتضمن القانون أية ضوابط لحقوق الملكية الفكرية بالخاصة بالمصنف الصحفي‪،‬‬
‫وبصفة خاصة انتهاك حقوق الملكية الفكرية من خالل النسخ غير المشروع للمنتج‬
‫الصحفي ونسبه للنفس كأحد أبرز أشكال انتهاك حقوق الملكية الفكرية في البيئة‬
‫اإللكترونية‪.‬‬
‫وجاءت اإلشكالية الخامسة متمثلة في عدم التفرقة الواضحة بين الحق في‬
‫السب والقذف‪ ،‬فعلى الرغم من أن المشرع حدد شروط النقد المباح –‬ ‫ّ‬ ‫النقد وجرائم‬
‫كما تقدم ذكره‪ -‬وحظر على الصحفي أو اإلعالمي تناول مسلك المشتغلين بالعمل‬
‫العام‪ ،‬أو الشخص ذي الصفة النيابية العامة‪ ،‬أو المكلف بخدمة عامة‪ ،‬إال أنه لم ينص‬
‫على العقوبة المقررة في حالة مخالفة هذا الحظر‪ ،‬وهذا من شأنه أن يضع الصحفي‬
‫المخالف تحت طائلة المساءلة بموجب قوانين أخرى عامة مثل قانون العقوبات‬
‫المصري‪.‬‬
‫ضا عن اإلشكالية السادسة وتتعلق بعدم وضوح ماهية‬ ‫كما كشف التحليل أي ً‬
‫الجرائم المرتبطة بالتحريض‪ ،‬فعلى الرغم من أن المشرع المصري في تنظيمه‬
‫للمسئولية الجنائية عن الجرائم الصحفية في قانون تنظيم الصحافة واإلعالم قد نص‬
‫على عدم جواز توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو‬
‫العالنية‪ ،‬إال أنه استثنى من ذلك جرائم التحريض على العنف أو التمييز بين‬
‫المواطنين أو الطعن في أعراض األفراد بتوقيع عقوبة سالبة للحرية‪ ،‬ومع ذلك لم‬
‫يحدد القانون ما المقصود بمصطلحات مثل العنف أو التمييز أو الطعن في حياة‬
‫األفراد وترك للجهات القضائية تفسيرها أو تأويلها‪ ،‬وقد ال يأخذ القاضي فيها بإلزام‬
‫الصحفي بالتعويض ويطبق عقوبة سالبة للحرية وفقًا لنص الدستور والقانون في هذا‬
‫الشأن‪.‬‬
‫أما اإلشكالية السابعة فتمثلت في التعامل مع المدونات ومواقع التواصل‬
‫النص صراحة على ذلك‪ ،‬وقد كشف‬ ‫ّ‬ ‫االجتماعي باعتبارها وسائل إعالمية مع عدم‬
‫التحليل في هذا الصدد أن المشرع المصري في صياغته لقانون تنظيم الصحافة‬
‫واإلعالم ‪ 2018‬لم ينص صراحة على المدونات اإللكترونية أو مواقع التواصل‬
‫االجتماعي كوسيلة إعالمية‪ ،‬ولكنه في المادة (‪ )19‬من القانون أشار ضمنيًا إلى هذه‬
‫المواقع من خالل عبارة (كل موقع إلكتروني شخصي أو مدونة إلكترونية شخصية أو‬
‫حساب إلكتروني شخصي يبلغ عدد متابعيه خمسة آالف متابع أو أكثر)‪ ،‬وتأتي‬
‫اإلشكالية في ظل وجود خالف بين فقهاء القانون حول الطبيعة القانونية لهذه المواقع‬
‫ناشرا في ضوء حقيقة الدور الفني الذي تقوم به‬‫ً‬ ‫والمدونات بين كونها متعهد إيواء أو‬
‫هذه المواقع‪.‬‬
‫‪152‬‬
‫تأتي اإلشكالية الثامنة واألخيرة متمثلة في خصوصية الجريمة اإللكترونية‬
‫وحجية أدلتها في اإلثبات‪ ،‬وما يترتب على ذلك من صعوبات تواجه التنظيم القانوني‬
‫لجرائم النشر اإللكتروني‪ ،‬أبرزها صعوبة إثبات جرائم النشر المرتكبة عبر شبكة‬
‫نظرا لخصائص الوسيلة اإللكترونية ذاتها‪ ،‬حيث السرعة في ارتكابها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫اإلنترنت‬
‫وكذلك سهولة طمس معالمها ومحو آثارها‪ ،‬ومن ثم عدم مالءمة األدلة التقليدية في‬
‫إثباتها‪ ،‬ومن هنا تبدأ صعوبة البحث عن الدليل‪ ،‬وجمع األدلة ومدى قبولها إن وجدت‪،‬‬
‫ومدى مصداقيتها في إثبات وقائع الجريمة‪.‬‬
‫المشرع المصري في تنظيم المسئولية‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬ما مالمح السياسة التي انتهجها‬
‫الجنائية عن جرائم النشر الصحفي اإللكتروني؟‬
‫تعد العقوبة هى الجزاء الذي يقرره المشرع على من تثبت مسئوليته عن‬
‫ارتكاب أفعال يعد ارتكابها انتها ًكا أو خرقًا اللتزامات أو واجبات مقررة قانونًا‪ ،‬على‬
‫أن الجزاء يقرر بالقدر الي يتناسب مع الجريمة سعيًا من المشرع لمنع ارتكاب‬
‫الجريمة مرة أخرى‪ ،‬سواء من المخالف أو من غيره‪.‬‬
‫وتبغي اإلشارة هنا إلى أن الدستور المصري ‪ -2014-‬عندما نص على‬
‫إنشاء المجلس األعلى لتنظيم اإلعالم (المادة ‪ )211‬أو الهيئة الوطنية للصحافة (المادة‬
‫‪ )212‬أو الهيئة الوطنية لإلعالم (المادة ‪ )213‬أكد صراحة على أن الهدف الرئيسي‬
‫من إنشاء هذه الكيانات هو المسئولية عن ضمان وحماية حرية الصحافة واإلعالم‬
‫المقررة بالدستور في إطار المقومات األساسية للمجتمع‪ ،‬إضافة إلى وضع الضوابط‬
‫والمعايير الالزمة لضمان التزام الصحافة ووسائل اإلعالم بأصول المهنة‬
‫وأخالقياتها‪ ،‬بما يشير إلى أنه ال يجوز للمشرع عند إصدار القوانين التي تنظم‬
‫ممارسة المهنة أن يتخطى تلك الغايات واألهداف الدستورية‪.‬‬
‫وفي ضوء ذلك‪ ،‬يجب التأكيد على أن التنظيم التشريعي للممارسة اإلعالمية‬
‫والصحفية يجب أن يكون في نطاق الضوابط الدستورية التي تضمنها الدستور بشأن‬
‫حرية الصحافة ووسائل اإلعالم وضمان استقالليتها‪ ،‬وذلك انطالقًا من أن سلطة‬
‫المشرع في مجال تنظيم الحقوق حدُّها قواعد الدستور التي تبين تخوم الدائرة التي ال‬
‫يجوز اقتحامها بما ينال من الحق محل الحماية‪ ،‬أو يؤثر في محتواه‪ ،‬ذلك أن لكل حق‬
‫دائرة يعمل فيها‪ ،‬وال يتنفس إال من خاللها‪ ،‬فال يجوز تنظيمه إال فيما وراء حدودها‬
‫الخارجية‪ ،‬فإذا اقتحمها المشرع‪ ،‬كان ذلك أدخل إلى مصادرة الحق أو تقييده‪ ،‬بما‬
‫يفضي بالضرورة إلى االنتقاص من الحريات والحقوق المرتبط به(‪.)95‬‬
‫ومن التحليل الذي كشف عن مجموعة اإلشكاليات المتقدم ذكرها يتبين لنا أن‬
‫المشرع المصري انتهج سياسة عقابية تأخذ بالمسئولية التضامنية في االنتهاكات‬
‫والجرائم التي تقع بواسطة الصحف أو المواقع اإللكترونية‪ ،‬حيث تبنى فلسفة عقابية‬
‫تبقي على رصيد القوانين القديمة وتضيف إليها بتغليظ العقوبات‪ ،‬واستحداث جرائم‬
‫‪153‬‬
‫جديدة بعبارات غامضة ومطاطة‪ ،‬كما تتبلور معالم هذه السياسة في إعطاء المجلس‬
‫األعلى لتنظيم اإلعالم الحق (بتوسع) في حجب المواقع اإللكترونية سواء كليًا أو‬
‫جزئيًا‪ ،‬وسواء لفترة مؤقتة أو بصفة دائمة‪.‬‬
‫وختا ًما تؤكد الدراسة على ما طالبت به سابقاتها من ضرورة إصدار تشريع‬
‫خاص باإلعالم اإللكتروني بكل أشكاله آخذًا بعين االعتبار خصوصية وسائله‬
‫وخصوصية الجرائم التي يمكن أن ترتكب من خاللها‪ ،‬وعلى األخص فيما يتعلق‬
‫باإلثبات وتحديد الشخص المسئول جنائيًا‪ ،‬وذلك في إطار قانوني يتعامل بشكل‬
‫موضوعي مع إفرازات عصر التقنية بما يوفر مناخ عمل مناسب للنشر الصحفي‬
‫اإللكتروني‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫هوامش الدراسة‬

‫(‪ )1‬محمددد الراجدددي‪ :‬حريدددة الصدددحافة اإللكترونيدددة فدددي األردن ومؤشدددرات البيئدددة الصدددديقة والكابحدددة‬
‫للحريات‪ ،‬سلسلة دراسات إعالمية‪ ،‬قطر‪ ،‬مركدز الجزيدرة للدراسدات‪ ،‬فبرايدر ‪ ،2019‬الدراسةة‬
‫متاحة على شبكة اإلنترنت عبر الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://studies.aljazeera.net/mritems/Documents/2019/2/11/dd0e51902aea4c3‬‬
‫‪799b66fa337fe1286_100.pdf‬‬
‫(‪ )2‬علدددي كريمدددي‪ :‬التنظددديم القدددانوني للصدددحافة اإللكترونيدددة العربيدددة وموجبدددات الشدددرط السياسدددي‬
‫والتكنولددوجي‪ ،‬سلسةةلة دراسةةات إعالميةةة‪ ،‬قطددر‪ ،‬مركددز الجزيددرة للدراسددات‪ ،‬فبرايدددر ‪،2018‬‬
‫الدراسة متاحة على شبكة اإلنترنت عبر الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://studies.aljazeera.net/mritems/Documents/2019/2/11/3b8acefe638d4aa‬‬
‫‪88c2e03c1bf2ffcc4_100.pdf‬‬
‫(‪ )3‬مواس عمر‪ :‬ضبط مسار الصحافة المطبوعدة واإللكترونيدة فدي الجزائدر‪ ،‬مجلةة متةون‪ ،‬الجزائدر‪،‬‬
‫جامعة الدكتور موالي الطاهر سعيدة‪ ،‬كلية العلدوم االجتماعيدة واإلنسدانية‪ ،‬المجلدد العاشدر‪ ،‬العددد‬
‫الثاني‪ ،‬ديسمبر ‪ ،2018‬ص‪.‬ص‪.77-62 :‬‬
‫(‪ )4‬أحمد محمدد فتحدي الخدولي‪ :‬المسدئولية المدنيدة المترتبدة عدن سدوء اسدتخدام الصدحافة اإللكترونيدة‪،‬‬
‫بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي الرابع "القانون واإلعالم"‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة طنطا‪24-23 ،‬‬
‫أبريل ‪.2017‬‬
‫(‪ )5‬إيناس محيدي الددين عبدد المعطدي‪ :‬حددود المسدئولية المدنيدة عبدر وسدائل النشدر اإللكتروندي‪ ،‬بحةث‬
‫مقةةدم إلةةى المةةؤتمر العلمةةي الرابةةع "القةةانون واإلعةةالم"‪ ،‬كليددة الحقددوق‪ ،‬جامعددة طنطددا‪24-23 ،‬‬
‫أبريل ‪.2017‬‬
‫(‪ )6‬سعيد حموده الحديدي‪ :‬تحديات التنظيم القانوني لحرية االتصدال باإلنترندت‪ :‬دراسدة مقارندة‪ ،‬بحةث‬
‫مقةةدم إلةةى المةةؤتمر العلمةةي الرابةةع "القةةانون واإلعةةالم"‪ ،‬كليددة الحقددوق‪ ،‬جامعددة طنطددا‪24-23 ،‬‬
‫أبريل ‪.2017‬‬
‫(‪ )7‬مزاري نصر الدين‪ :‬الوضعية القانونية لإلعالم اإللكتروني في الجزائر في ظل التشريع اإلعالمي‬
‫الجديد‪ :‬دراسة مسحية تحليلية لمختلف النصوص والقدوانين المتعلقدة بالممارسدة اإلعالميدة خدالل‬
‫الفتددرة مددا بددين ‪ ،2016-2011‬مجلةةة آفةةاق للعلةةوم‪ ،‬الجزائددر‪ ،‬جامعددة الجلفددة‪ ،‬العدددد ‪ ،9‬سددبتمبر‬
‫‪ ،2017‬ص‪.‬ص‪.153-140 :‬‬
‫(‪ )8‬موساوي عبد الحليم‪ :‬نطاق مشدروعية النشدر الصدحفي عبدر اإلنترندت وأثدره علدى حريدة التعبيدر‪:‬‬
‫قددراءة علددى ضددوء قددانون اإلعددالم ‪ 07-90‬الملغددي والقددانون الدددولي‪ ،‬مجلةةة دراسةةات وأبحةةا ‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬جامعة الجلفة‪ ،‬العدد ‪ ،23‬يونيو ‪ ،2016‬ص‪.‬ص‪.13-1 :‬‬
‫(‪ )9‬أروى تقدددوى‪ :‬المسدددئولية المدنيدددة للمواقدددع اإللكترونيدددة اإلعالميدددة‪ ،‬مجلةةةة جامعةةةة دمشةةةق للعلةةةوم‬
‫االقتصادية والقانونية‪ ،‬سوريا‪ ،‬جامعة دمشق‪ ،‬المجلد ‪ ،30‬العدد األول‪ ،2014 ،‬ص‪.‬ص‪-443 :‬‬
‫‪.472‬‬
‫(‪ )10‬سددهل محمددد نددايف ظدداهر‪ :‬المسددئولية المدنيددة لإلعددالم اإللكترونددي عددن انتهدداك الحقددوق اللصدديقة‬
‫بالشخصية‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬األردن‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،‬كلية القانون‪.2014 ،‬‬
‫(‪ )11‬أحمد عبد المجيد الحداج‪ :‬المسدئولية الجنائيدة لجدرائم النشدر اإللكتروندي فدي ضدوء قدانون مكافحدة‬
‫جرائم تقنية المعلومات اإلماراتي‪ ،‬مجلة الفكر الشرطي‪ ،‬الشارقة‪ ،‬مركز بحوث الشرطة‪ ،‬المجلدد‬
‫‪ ،22‬العدد ‪ ،85‬أبريل ‪ ،2013‬ص‪.‬ص‪.210-167 :‬‬

‫‪155‬‬
‫(‪ )12‬إبراهيم طه الزايد‪ :‬نطاق المسئولية الجزائية عن جرائم الذم والقدح والتحقيدر المرتكبدة مدن خدالل‬
‫المواقددع اإللكترونيددة‪ ،‬رس ةالة ماجسةةتير غيةةر منشةةورة‪ ،‬األردن‪ ،‬جامعددة الشددرق األوسددط‪ ،‬كليددة‬
‫الحقوق‪.2011 ،‬‬
‫(‪ )13‬ندواف حدازم خالددد‪ ،‬خليدل إبدراهيم محمددد‪ :‬الصدحافة اإللكترونيدة‪ :‬ماهيتهددا والمسدؤولية التقصدديرية‬
‫الناشئة عن نشاطها‪ ،‬مجلة الشريعة والقانون‪ ،‬جامعة اإلمارات‪ ،‬كليدة القدانون‪ ،‬العددد ‪ ،46‬أبريدل‬
‫‪ ،2011‬ص‪.‬ص‪.302-211 :‬‬
‫(‪ )14‬محمددد مزاولددي‪ :‬المسددئولية الجنائيددة لألشددخاص المعنويددة عددن الجددرائم اإللكترونيددة فددي القددانون‬
‫الجزائددري‪ ،‬مجلةةة دراسةةات وأبحةةا ‪ ،‬الجزائددر‪ ،‬جامعددة الجلفددة‪ ،‬العدددد األول‪ ،2009 ،‬ص‪.‬ص‪:‬‬
‫‪.289-276‬‬
‫(‪ )15‬ضياء عبد هللا‪ ،‬عادل كاظم‪ :‬مدى مالءمة نظام المسئولية التتابعية على جدرائم الصدحافة المرتكبدة‬
‫من خالل شبكة اإلنترنت‪ ،‬مجلة جامعة كربالء العلمية‪ ،‬العراق‪ ،‬جامعة كربالء‪ ،‬المجلد السادس‪،‬‬
‫العدد الثالث‪ ،‬أبريل ‪.2008‬‬
‫(‪ )16‬مريم محمد محمد صالح‪ :‬المسئولية القانونية لجرائم النشدر الصدحفي اإللكتروندي‪ :‬دراسدة تحليليدة‬
‫علددى عينددة مددن الصددحف والمواقددع العربيددة فددي الفتددرة مددن ‪ ،2005-2000‬رسةةالة دكتةةوراه غيةةر‬
‫منشورة‪ ،‬السودان‪ ،‬جامعة أم درمان اإلسالمية‪ ،‬كلية اإلعالم‪.2007 ،‬‬
‫(‪ )17‬يوسف عبد المحسدن عبدد الفتداح‪ :‬الحمايدة الدسدتورية لحريدة مهندة الصدحافة واإلعدالم واسدتقاللها‬
‫والتطددور التشددريعي لتنظدديم مجالسددها‪ ،‬دراسةةة مقدمةةة إلةةى المةةؤتمر العلمةةي الرابةةع "اإلعةةالم‬
‫والقانون"‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة طنطا‪ ،‬في الفترة من ‪ 24-23‬أبريل ‪ ،2017‬ص‪.18 :‬‬
‫(‪ )18‬حكم المحكمة الدستورية في الدعوى رقم ‪ 34‬لسنة ‪ 7‬ق‪ .‬دستورية‪ ،‬جلسة ‪.1988/5/7‬‬
‫(‪ )19‬حكم محكمة النقض في النقض الجنائي رقم ‪ 1394‬لسنة ‪ 20‬ق‪ ،.‬جلسة ‪.1951/4/17‬‬
‫(‪ )20‬علي كريمي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.‬ص‪.12-11 :‬‬
‫(‪ )21‬تددنص المددادة (‪ )48‬علددى أن‪" :‬حريةةة الصةةحافة والطباعةةة والنشةةر ووسةةائل اإلعةةالم مكفولةةة‪،‬‬
‫والرقابة على الصحف محظورة وإنذارها أو وقفها أو إلغائها بالطريق اإلداري محظور‪ ،‬ويجوز‬
‫اسةةتثناء فةةي حالةةة إعةةالن الطةةوارل أو زمةةن الحةةرب أن يفةةرض علةةى الصةةحف والمطبوعةةات‬
‫ووسائل اإلعالم رقابة محددة فى األمور التى تتصل بالسالمة العامة أو أغراض األمن القومي‪،‬‬
‫وذلك كله وفقًا للقانون"‪.‬‬
‫(‪ )22‬ندواف حدازم خالددد‪ ،‬خليدل إبدراهيم محمددد‪ :‬الصدحافة اإللكترونيدة‪ :‬ماهيتهددا والمسدؤولية التقصدديرية‬
‫الناشئة عن نشاطها‪ ،‬مجلة الشريعة والقانون‪ ،‬جامعة اإلمارات‪ ،‬كليدة القدانون‪ ،‬العددد ‪ ،46‬أبريدل‬
‫‪ ،2011‬ص‪.214 :‬‬
‫(‪ )23‬سددعيد التددل‪ ،‬موفددق الحمددداني‪ ،‬وآخددرون‪ :‬مندداهج البحددث العلمددي‪ :‬أسدداليب البحددث العلمددي‪ ،‬الطبعددة‬
‫األولى (األردن‪ :‬جامعة عمان للدراسات العليا‪ )2006 ،‬ص‪.194 :‬‬
‫(‪ )24‬مصطفى إبراهيم الزلمي‪ :‬موانع المسئولية الجزائية في الشريعة اإلسالمية والتشدريعات الجزائيدة‬
‫العربية‪ ،‬ط‪( 2‬القاهرة‪ :‬دار وائل للطباعة والنشر والتوزيع‪ )2005 ،‬ص‪.13 :‬‬
‫(‪ )25‬عبد الواحد كرم‪ :‬معجم المصطلحات القانونيدة‪ ،‬ط‪( 1‬القداهرة‪ :‬دار الكتدب القانونيدة‪ )1995 ،‬ص‪:‬‬
‫‪.445‬‬
‫(‪ )26‬عبددد الفتدداح مصددطفى الصدديفي‪ :‬األحكددام العامددة للنظددام الجنددائي فددي الشددريعة اإلسددالمية والقددانون‬
‫(القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪ )2004 ،‬ص‪.‬ص‪.440-439 :‬‬
‫(‪ )27‬يراجع فدي ذلدك البداب الرابدع عشدر مدن قدانون العقوبدات المصدري رقدم ‪ 58‬لسدنة ‪ 1937‬المعددل‬
‫بالقانون ‪ 95‬لسنة ‪ ،2003‬بعنوان"الجرائم التي تقع بواسطة الصحف وغيرها"‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫(‪ )28‬طددارق كددور‪ :‬جددرائم الصددحافة مدددعم باالجتهدداد القضددائي وقددانون اإلعددالم (الجزائددر‪ :‬دار الهدددى‬
‫للطباعة والنشر‪ )2008 ،‬ص‪.14 :‬‬
‫(‪ )29‬الطيب بلواضح‪ :‬حق الرد والتصحيح في جرائم النشر الصحفي وأثره على المسئولية الجنائية في‬
‫ظل قانون اإلعالم الجزائري رقم ‪ ،07-90‬رسالة دكتوراه غير منشورة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬جامعة محمد‬
‫خيضر‪-‬بسكرة‪ -‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،2013 ،‬ص‪.25 :‬‬
‫(‪ )30‬حكددم المحكمددة الدسددتورية العليددا فددي الدددعوى رقددم ‪ 146‬لسددنة ‪ 20‬قضددائية "دسددتورية"‪ ،‬جلسددة‬
‫‪.2004/2/8‬‬
‫(‪ )31‬حكدددم المحكمدددة الدسدددتورية العليدددا فدددي الددددعوى رقدددم ‪ ،25‬لسدددنة ‪ 16‬قضدددائية "دسدددتورية‪ ،‬جلسدددة‬
‫‪.1995/7/3‬‬
‫(‪ )32‬للمحكمة الدستورية العليدا موقدف صدارم تجداه صدياغة التشدريعات الجزائيدة تحديددًا‪ ،‬ألنهدا تتعلدق‬
‫بحياة الناس وحرياتهم‪ ،‬حيث أكدت المحكمة على أنه "من القواعد المبدئية التدي يتطلبهدا الدسدتور‬
‫في القوانين الجزائية أن تكون درجة اليقين فيهدا التدي تدنظم أحكامهدا فدي أعلدى مسدتوياتها وأظهدر‬
‫فدي هدذه القدوانين منهدا أي تشدريعات أخدرى‪ ،‬وذلدك ألن القدانون الجندائي وإن اتفدق مدع غيدره مدن‬
‫القددوانين فددي سددعيها لتنظدديم عالئددق األفددراد فيمددا بددين بعضددهم الددبعض‪ ،‬وعلددى صددعيد صددالتهم‬
‫بمجتمعهم‪ ،‬إال أن هذا القانون يفارقها فدي اتخداذه الجدزاء الجندائي أداة لحملهدم علدى إتيدان األفعدال‬
‫التي يامرهم بها أو التخلي عن تلك التي يدعوهم إلى اجتنابها‪( .‬المصدر‪ :‬حكم المحكمة الدستورية‬
‫العليا‪ ،‬في الدعوى رقم ‪ 114‬لسنة ‪ 21‬قضائية "دستورية‪ ،‬جلسة ‪.)2001/6/2‬‬
‫(‪ )33‬يسري محمد العطدار‪ :‬الحمايدة الدسدتورية لألمدن القدانوني‪ ،‬مجلةة الدسةتورية‪ ،‬القداهرة‪ ،‬المحكمدة‬
‫الدستورية العليا‪ ،‬السنة األولى‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬يوليو ‪ ،2003‬ص‪.51 :‬‬
‫(‪ )34‬عبددد الحددق لخددذاري‪ :‬مبدددأ األمددن القددانوني ودوره فددي حمايددة حقددوق اإلنسددان‪ ،‬مجلةةة الحقيقةةة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬جامعة أحمد دراية "أدرار"‪ ،‬المجلد ‪ ،15‬العدد ‪ ،37‬يونيو ‪ ،2016‬ص‪.232 :‬‬
‫(‪ )35‬تنص المادة (‪ )32‬من قانون تنظيم الصحافة واإلعالم على أنه‪" :‬ال يُعاقب الصحفى أو اإلعالمةى‬
‫جنائ ًيا على الطعن فى أعمال موظف عةام‪ ،‬أو شةخص ذى صةفة نيابيةة عامةة‪ ،‬أو مكلةف بخدمةة‬
‫عامة بطريق النشر أو البث‪ ،‬إالّ إذا ثبت أن النشر أو البث كان بسةوء نيّةة‪ ،‬أو ال أسةاس لةه مةن‬
‫ا لصحة‪ ،‬أو كان عديم الصلة بأعمال الوظيفة أو الصفة النيابة أو الخدمة العامة"‪.‬‬
‫(‪ )36‬عواطف عبد الرحمن‪ :‬هموم الصحافة والصحفيين فى مصر‪ ،‬الطبعة األولي (القاهرة‪ :‬دار الفكدر‬
‫العربي‪ )1995 ،‬ص‪.138 :‬‬
‫(‪ )37‬حسين محمد ربيع‪ :‬الصحافة االستقصدائية كدنمط مسدتحدث فدي الصدحافة العربيدة‪ :‬دراسدة للواقدع‬
‫واإلشكاليات مع رصد توجهات النخب المهنية واألكاديمية نحدو مسدتقبل هدذا الدنمط فدي الصدحافة‬
‫المصرية‪ ،‬رسالة دكتوراه غير منشورة‪ ،‬جامعة المنيا‪ ،‬كلية اآلداب‪ ،‬قسدم اإلعدالم‪ ،2013 ،‬ص‪:‬‬
‫‪.186‬‬
‫(‪ )38‬محمد سعد إبراهيم‪ :‬تشريعات اإلعالم في إطار تكنولوجيا االتصدال والمعلومدات‪ ،‬الطبعدة األولدي‬
‫(القاهرة‪ :‬دار الكتب العلمية للنشر والتوزيع‪ )2008 ،‬ص‪.‬ص‪.40 -34 :‬‬
‫(‪ )39‬كيف يمكن تقييد حرية التعبير؟ منظمة المادة ‪ ،19‬متاح عبر الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://www.article19.org/pages/ar/limitations.html‬‬
‫(‪ )40‬تنص المادة (‪ )4‬من قانون تنظيم الصحافة واإلعالم على أنده‪" :‬يُحظةر علةى المؤسسةة الصةحفية‬
‫والوسيلة اإلعالمية والموقةع اإللكترونةي نشةر أو بةث أى مةادة أو إعةالن يتعةارض محتةواه مةع‬
‫أحكام الدستور‪ ،‬أو تدعو إلى مخالفة القانون‪ ،‬أو تخالف االلتزامات الةواردة فةى ميثةاق الشةرف‬
‫المهنى‪ ،‬أو تخالف النظام العام أو اآلداب العامة‪ ،‬أو يحض على التمييز أو العنةف أو العنصةرية‬
‫أو الكراهية‪ .‬وللمجلس األعلى‪ ،‬لالعتبارات التي يقتضيها األمن القومي‪ ،‬أن يمنع مطبوعات‪ ،‬أو‬

‫‪157‬‬
‫صحف‪ ،‬أو مواد إعالمية أو إعالنية‪ ،‬صدرت أو جرى بثها من الخارج‪ ،‬مةن الةدخول إلةى مصةر‬
‫أو التداول أو العرض‪ .‬وعلى المجلس أن يمنةع تةداول المطبوعةات أو المةواد اإلباحيةة‪ ،‬أو التةي‬
‫تتعرض لألديةان و المةذاهب الدينيةة تعرضًةا مةن شةأنه تكةدير السةلم العةام‪ ،‬أو التةى تحةض علةى‬
‫التمييز أو العنف أو العنصرية أوالكراهية"‪..‬‬
‫(‪ )41‬تنص المادة (‪ )5‬من قانون تنظيم الصدحافة واإلعدالم علدى أنده‪" :‬ال يجةوز بةأي حةا ٍل مةن األحةوال‬
‫إصدار أي صحيفة أو الترخيص بإنشاء أي وسيلة إعالميةة أو موقةع إلكترونةي‪ ،‬أو السةماح لةه‬
‫باالستمرار في ممارسة نشاطه‪ ،‬متى كان يقةوم علةى أسةاس تمييةز دينةي أو مةذهبي أو التفرقةة‬
‫بسبب الجنس أو األصل‪ ،‬أو على أساس طائفي أو عرقي‪ ،‬أو تعصب جهوي‪ ،‬أو ممارسة نشةاطٍ‬
‫معا ٍد لمبادل الديمقراطية‪ ،‬أو على نشاط ذي طابع أسري‪ ،‬أو تحريض على اإلباحية أو الكراهية‬
‫أي ٍ من ذلك أو يسمح به"‪.‬‬ ‫أو العنف‪ ،‬أو يدعو إلى ّ‬
‫(‪ )42‬تنص المادة (‪ )9‬من قانون تنظيم الصحافة واإلعالم علدى أن‪" :‬للصةحفى أو اإلعالمةي حةق نشةر‬
‫المعلومات والبيانات واألخبار التي ال يحظر القانون إفشاءها"‪.‬‬
‫(‪ )43‬تنص المادة (‪ )10‬من قانون تنظديم الصدحافة واإلعدالم علدى أنده‪" :‬يُحظةر فةرض أي قيةود تعةوق‬
‫تةةةوفير وإتاحةةةة المعلومةةةات‪ ،‬أو تحةةةول دون تكةةةافؤ الفةةةرص بةةةين مختلةةةف الصةةةحف المطبوعةةةة‬
‫واإللكترونيةةة ووسةةائل اإلعةةالم المرئيةةة والمسةةموعة‪ ،‬أو حقهةةا فةةى الحصةةول علةةى المعلومةةات‪،‬‬
‫وذلك كله دون اإلخالل بمقتضيات األمن القومى‪ ،‬والدفاع عن الوطن"‪..‬‬
‫(‪ )44‬تددنص المددادة (‪ )19‬مددن قددانون تنظدديم الصددحافة واإلعددالم علددى أندده‪" :‬يُحظةةر علةةى الصةةحيفة أو‬
‫يحرض على‬ ‫الوسيلة اإلعالميـة أو الموقع اإللكتروني‪ ،‬نشر أو بث أخبار كاذبة‪ ،‬أو ما يدعو أو ّ‬
‫مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية‪ ،‬أو ينطوي علةى تمييةز بةين المةواطنين أو يةدعو إلةى‬
‫العنصرية‪ ،‬أو يتضمن طعنًا فى أعراض األفراد‪ ،‬أو سبًّا أو قذفًا لهم أو امتهانًا لألديان السماوية‬
‫أو للعقائد الدينية"‪.‬‬
‫(‪ )45‬تددنص المددادة (‪ )20‬مددن قددانون تنظدديم الصددحافة واإلعددالم علددى أندده‪" :‬يُحظةةر فةةي أي وسةةيلة مةةن‬
‫وسائل النشر أو البث‪ ،‬التعرض للحياة الخاصة للمواطنين‪ ،‬كما يُحظر في أي وسيلة من وسائل‬
‫النشر أو البث تناول مسلك المشتغلين بالعمل العام‪ ،‬أو الشخص ذي الصةفة النيابيةة العامةة‪ ،‬أو‬
‫المكلف بخدمة عامة‪ ،‬إالّ إذا كان التناول وثيق الصلة بأعمالهم ومستهدفًا المصلحة العامة"‪.‬‬
‫(‪ )46‬تنص المادة (‪ )21‬من قانون تنظيم الصحافة واإلعالم على أنه‪" :‬مع مراعةاة القةرارات الصةادرة‬
‫وفقًةةا للقةةانون بحظةةر النشةةر فةةى القضةةايا‪ ،‬يُحظةةر علةةى الصةةحفي أو اإلعالمةةي‪ ،‬تنةةاول مةةا تتةةواله‬
‫سلطات التحقيق أو المحاكمة على نحة ٍو يةؤثر علةى مراكةز مةن يتنةاولهم التحقيةق أو المحاكمةة‪،‬‬
‫ويُحظر على الصحف ووسائل اإلعالم والمواقع اإللكترونية نشر أو بث أي من ذلك"‪.‬‬
‫(‪ )47‬اسددتثنت المددادة مددن هددذه األخبددار والمعلومددات مددا هددو وثيددق الصددلة بأعمددالهم وأن يكددون التعددرض‬
‫مستهدفًا المصلحة العامة‪.‬‬
‫(‪ )48‬فيصل عيال العندزي‪ :‬جدرائم اإلعدالم المرئدي والمسدموع فدي القدانون األردندي والكدويتي‪ ،‬رسةالة‬
‫ماجسةةتير غيةةر منشةةورة‪ ،‬األردن‪ ،‬جامعددة الشددرق األوسددط‪ ،‬كليددة الحقددوق‪ ،‬قسددم القددانون العددام‪،‬‬
‫‪ ،2010‬ص‪.71 :‬‬
‫(‪ )49‬أصدددر المجلددس األعلددى لتنظدديم اإلعددالم القددرار رقددم ‪ 16‬لسددنة ‪ 2019‬بإصدددار الئحددة الجددزاءات‬
‫والتدددابير التددي يجددوز توقيعهددا علددى الجهددات الخاضددعة ألحكددام قددانون تنظدديم الصددحافة واإلعددالم‬
‫والمجلس األعلى لتنظيم اإلعالم الصادر بالقانون رقم ‪ 180‬لسنة ‪ ،2018‬وهذا القرار منشور فدي‬
‫جريدة الوقائع المصرية‪ ،‬العدد ‪ 64‬تابع (أ)‪ ،‬بتاريخ ‪ 18‬مارس ‪.2019‬‬

‫‪158‬‬
‫(‪ )50‬لمزيد من التفاصيل‪ ،‬انظر‪ :‬محمد ناجي (محدرر)‪ :‬قدوانين جديددة‪ :‬عصدا الدولدة الغليظدة للسديطرة‬
‫على اإلنترنت‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مؤسسة حرية الفكر والتعبيدر‪ ،‬سدبتمبر ‪ ،2018‬ص‪ ،6 :‬الدراسةة متاحةة‬
‫على شبكة اإلنترنت عبر الرابط التالي‪:‬‬
‫‪https://afteegypt.org/media_freedom/2018/09/04/15714-afteegypt.html‬‬
‫(‪ )51‬نص مذكرة محمود كامل عضو مجلس نقابة الصحفيين لدرفض الئحدة جدزاءات المجلدس األعلدى‬
‫لتنظيم اإلعالم‪ ،‬منشور بجريدة الصباح‪ ،‬بتاريخ ‪ 8‬يناير ‪.2019‬‬
‫(‪ )52‬لمزيد من التفاصيل‪ ،‬انظر المصدر السابق‪.‬‬
‫(‪ )53‬الطيب بلواضح‪ :‬حق الرد والتصحيح فدي التشدريعات اإلعالميدة والصدحفية (بيدروت‪ :‬دار الكتدب‬
‫العلمية‪ )2014 ،‬ص‪.74 :‬‬
‫(‪ )54‬أحمد عبد هللا مصطفى‪ :‬حقوق الملكية الفكرية والتدأليف فدي بيئدة اإلنترندت‪ ،‬دراسةة منشةورة فةي‬
‫مجلة ‪ ،Cybrarians Journal‬العدد ‪ ،21‬ديسمبر ‪ ،2009‬متاحة عبر الرابط التالي‪:‬‬
‫‪http://journal.cybrarians.info/index.php?option=com_content&view=article‬‬
‫‪&id=487:2011-08-13-20-29-19&catid=144:2009-05-20-09-53-29‬‬
‫(‪ )55‬تنص المادة (‪ )140‬من قانون حماية حقدوق الملكيدة الفكريدة المصدري رقدم ‪ 82‬لسدنة ‪2002‬علدى‬
‫أنه‪:‬‬
‫تتمتع بحماية هذا القانون حقوق المؤلفين على مصنفاتهم األدبية والفنية وبوجه خاص المصنفات‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫‪ .1‬الكتب والكتيبات والمقاالت والنشرات وغيرها من المصنفات المكتوبة‪.‬‬
‫‪ .2‬برامج الحاسب اآللي‪.‬‬
‫‪ .3‬قواعد البيانات سواء كانت ومقروءة من الحاسب اآللي أو غيره‪.‬‬
‫‪ .4‬المحاضرات والخطب والمواعظ وأية مصنفات شفوية أخرى إذا كانت مسجلة‪.‬‬
‫‪ .5‬المصنفات التمثيلية والتمثليات الموسيقية والتمثيل الصامت (البانتوميم)‪.‬‬
‫‪ .6‬المصنفات الموسيقية المقترنة باإللفاظ أو غير المقترنة بها‪.‬‬
‫‪ .7‬الصنفات السمعية والبصرية‪.‬‬
‫‪ .8‬مصنفات العمارة‪.‬‬
‫‪ .9‬مصنفات الرسم بالخطوط أو باأللوان والنحت والطباعة على الحجر وعلى األقمشة وأية‬
‫مصنفات مماثلة في مجال الفنون الجميلة‪.‬‬
‫‪ .10‬المصنفات الفوتوغرافية وما يماثلها‪.‬‬
‫‪ .11‬مصنفات الفن التطبيقى والتشكيلي‪.‬‬
‫‪ .12‬الصور التوضيحية والخرائط الجغرافية والرسومات التخطيطية (االسكتشات)‬
‫والمصنفات الثالثية األبعاد المتعلقة بالجغرافيا أو التصميمات المعمارية‪.‬‬
‫‪ .13‬المصنفات المشتقة وذلك دون اإلخالل بالحماية المقررة للمصنفات التي اشتقت منها‪.‬‬
‫مبتكرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وتشمل الحماية عنوان المصنف إذا كان‬
‫(‪ )56‬تنص المادة (‪ )141‬من قانون حماية حقدوق الملكيدة الفكريدة المصدري رقدم ‪ 82‬لسدنة ‪2002‬علدى‬
‫أنه‪:‬‬
‫‪ -‬ال تشمل الحماية مجرد األفكار واإلجراءات وأساليب العمل وطرق التشغيل والمفاهيم‬
‫معبرا عنها أو موصوفة أو موضحة أو مدرجة‬ ‫ً‬ ‫والمبادئ واالكتشافات والبيانات ولو كان‬
‫في مصنف‪ .‬كذلك ال تشمل ما يلي‪:‬‬

‫‪159‬‬
‫أوالً‪ :‬الوثائق الرسمية‪ :‬ايًا كانت لغتها األصلية أو اللغة المنقولة إليها مثل نصوص القوانين‬
‫واللوائح والقرارات واالتفاقات الدولية واألحكام القضائية وأحكام المحكمين والقرارات‬
‫الصادرة من اللجان اإلدارية ذات االختصاص القضائي‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أخبار الحوادث والوقائع الجارية التي تكون مجرد أخبار صحفية‪.‬‬
‫ومع ذلك تتمتع مجموعات ما تقددم بالحمايدة إذا تميدز جمعهدا باالبتكدار فدي الترتيدب والعدرض أو بدأي‬
‫مجهود جدير بالحماية‪.‬‬
‫(‪ )57‬لمزيددد مددن التفاصدديل حددول نطدداق حمايددة المصددنفات الصددحفية‪ ،‬يُرا َجةةع‪ :‬كعددبش عبددد الوهدداب‪:‬‬
‫الصددحافة عبددر اإلنترنددت وحقددوق المؤلددف‪ :‬دراسددة مقارنددة‪ ،‬رسةةالة ماجسةةتير غيةةر منشةةورة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬جامعة الجزائر‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،2007 ،‬ص‪.‬ص‪ ،14-11 :‬ويُراجَع أيضًا‪ :‬أشدرف جدابر‬
‫سيد‪ :‬الصحافة عبر اإلنترنت وحقوق المؤلف‪ :‬مشكلة حقوق الصدحفي علدى مصدنفاته إزاء إعدادة‬
‫نشرها عبدر اإلنترندت‪ :‬دراسدة مقارندة‪ ،‬مجلةة حقةوق حلةوان للدراسةات القانونيةة واالقتصةادية‪،‬‬
‫جامعة حلوان‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬العدد ‪ ،8‬يناير‪-‬يونيو ‪ ،2003‬ص‪.‬ص‪.448-408 :‬‬
‫(‪ )58‬نشر هذا القرار بجريدة الوقائع المصرية‪ ،‬العدد ‪ 64‬تابع (أ) بتاريخ ‪ 18‬مارس ‪.2019‬‬
‫(‪ )59‬ديب ربيعة‪ :‬واقع حق التدأليف الصدحفي بدالجزائر فدي قطداع الصدحافة المكتوبدة‪ :‬دراسدة وصدفية‬
‫استطالعية‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬جامعدة الجزائدر بدن يوسدف بدن خددة‪ ،‬كليدة‬
‫العلوم السياسية واإلعالم‪ ،‬قسم علوم اإلعالم واالتصال‪ ،2008 ،‬ص‪.98 :‬‬
‫(‪ )60‬المادة (‪ )95‬من الدستور المصري‪ ،2014 ،‬تدنص علدى أن‪" :‬العقوبةة شخصةية‪ ،‬وال جريمةة وال‬
‫عقوبة إالّ بنا ًء على قانون‪ ،‬وال توقع عقوبة إالّ بحكم قضائي‪ ،‬وال عقاب إالّ على األفعال الالحقة‬
‫لتاريخ نفاذ القانون"‪.‬‬
‫(‪ )61‬محمود عبد الرحيم الديب‪ :‬الحماية القانونية للملكية الفكرية في مجدال الحاسدب اآللدي واإلنترندت‪،‬‬
‫الطبعة األولى (اإلسكندرية‪ :‬دار الفكر الجامعي‪ )2007 ،‬ص‪.72 :‬‬
‫(‪ )62‬فيصل عيال العندزي‪ :‬جدرائم اإلعدالم المرئدي والمسدموع فدي القدانون األردندي والكدويتي‪ ،‬رسةالة‬
‫ماجسةةتير غيةةر منشةةورة‪ ،‬األردن‪ ،‬جامعددة الشددرق األوسددط‪ ،‬كليددة الحقددوق‪ ،‬قسددم القددانون العددام‪،‬‬
‫‪ ،2010‬ص‪.84 :‬‬
‫(‪ )63‬عمددر سددالم‪ :‬الدددفع بالحقيقددة ضددد ذوي الصددفة العموميددة‪ :‬دراسددة مقارنددة (القدداهرة‪ :‬دار النهضددة‬
‫العربية‪ )1995 ،‬ص‪.6 :‬‬
‫(‪ )64‬سددليمان عبددد المددنعم‪ :‬النظريددة العامددة لقددانون العقوبددات (بيددروت‪ :‬منشددورات الحلبددي الحقوقيددة‪،‬‬
‫‪ )2003‬ص‪.379 :‬‬
‫(‪ )65‬تنص المادة (‪ )32‬من قانون تنظيم الصحافة واإلعالم على أنه‪" :‬ال يُعاقَب الصةحفي أو اإلعالمةي‬
‫جنائيًا على الطعن في أعمال موظف عةام‪ ،‬او شةخص ذي صةفة نيابيةة عامةة‪ ،‬أو مكلةف بخدمةة‬
‫البةث كةان بسةوء نيّةة‪ ،‬أو ال أسةاس لةه مةن‬ ‫ّ‬ ‫عامة بطريق النشر أو ّ‬
‫البث إالّ إذا ثبت أن النشر أو‬
‫الصحة‪ ،‬أو كان عديم الصلة بأعمال الوظيفية أو الصفة النيابية أو الخدمة العامة"‪.‬‬
‫(‪ )66‬تنص المادة (‪ )302‬من قانون العقوبات على أنه‪" :‬يع ّد قاذفًا كةل مةن أسةند لغيةره بواسةطة إحةدى‬
‫أمورا لو كانت صةادقة ألوجبةت عقةاب مةن أُسةندت‬ ‫ً‬ ‫الطرق المبينة بالمادة ‪ 171‬من هذا القانون‬
‫إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونًةا أو أوجبةت احتقةاره عنةد أهةل وطنةه‪ .‬ومةع ذلةك فةالطعن فةي‬
‫أعمال موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلةف بخدمةة عامةة ال يةدخل تحةت حكةم‬
‫الفقرة السابقة إذا حصل بسالمة نية وكان ال يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة‪،‬‬
‫وبشرط أن يثبت مرتكب الجريمة حقيقة كل فعل أسند إليه وال يغني عن ذلك اعتقاده صةحة هةذا‬
‫الفعةل‪ .‬وال يقبةل مةن القةاذف إقامةة الةدليل إلثبةات مةا قةذف بةه إالّ فةي الحالةة المبينةة فةي الفقةرة‬
‫السابقة" (ملحوظة‪ :‬عدلت الفقرة الثانيدة مدن هدذه المدادة بالقدانون ‪ 93‬لسدنة ‪ 1995‬بتعدديل بعدض‬

‫‪160‬‬
‫أحكام قانوني العقوبات واإلجراءات الجنائية‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 18‬تدابع‪ ،‬بتداريخ‬
‫‪.)1995/5/28‬‬
‫(‪ )67‬طارق سرور‪ :‬جرائم النشر واإلعالم (القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪ )2004 ،‬ص‪.318 :‬‬
‫(‪ )68‬محمددود نجيددب حسددني‪ :‬شددرح قددانون العقوبددات‪ ،‬القسددم الخدداص (القدداهرة‪ :‬دار النهضددة العربيددة‪،‬‬
‫‪ )1992‬ص‪.757:‬‬
‫ً‬
‫(‪ )69‬هذا القانون ألغي العمل به وفقا لدنص المدادة الثالثدة مدن القدانون الحدالي الخداص بتنظديم الصدحافة‬
‫واإلعددالم‪ ،‬حيددث تددنص المددادة الثالثددة مددن القددانون رقددم ‪ 180‬لسددنة ‪ 2018‬بشددأن تنظدديم الصددحافة‬
‫واإلعالم وتنظيم المجلس األعلى لإلعالم علدى أنده‪" :‬يُلغةى القةانون رقةم ‪ 96‬لسةنة ‪ 1996‬بشةأن‬
‫تنظةةيم الصةةحافة‪ ،‬والقةةانون رقةةم ‪ 92‬لسةةنة ‪ 2016‬بإصةةدار قةةانون التنظةةيم المؤسسةةي للصةةحافة‬
‫واإلعالم‪."...‬‬
‫(‪ )70‬هذه المادة معدلة في القانون ‪ 93‬لسنة ‪ 1995‬بتعديل بعدض أحكدام قدانوني العقوبدات واإلجدراءات‬
‫الجنائية‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 18‬تابع‪ ،‬بتاريخ ‪.1995/5/28‬‬
‫(‪ )71‬عباس علدي محمدد الحسديني‪ :‬المسدئولية المدنيدة للصدحفي‪ :‬دراسدة مقارندة‪ ،‬رسةالة دكتةوراه غيةر‬
‫منشورة‪ ،‬العراق‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬كلية القانون‪ ،2003 ،‬ص‪.109 :‬‬
‫(‪ )72‬المحرض ‪-‬في التشريع المصري‪ -‬ليس فاعالً في الجريمة‪ ،‬وإنما يقع الفعل بندا ًءا علدى مدا كدان قدد‬
‫قام به من أعمال التحريض‪ ،‬ويعد المحرض مسئوالً عن جريمة التحدريض متدى وقعدت‪ ،‬ويصدبح‬
‫مشددار ًكا فدددي ارتكددداب الجريمدددة‪ ،‬ويطلددق علدددى المحدددرض فدددي قددانون العقوبدددات المصدددري اسدددم‬
‫"الشدريك"‪ ،‬وذلدك وفقًددا للمدادة (‪ )40‬التددي تدنص علددى أنده‪ :‬يعدد شددري ًكا فدي الجريمددة (أ)‪ :‬كدل مددن‬
‫حرض على ارتكاب الفعل المكون للجريمة إذا كان هذا الفعل قد وقدع بندا ًءا علدى هدذا التحدريض‪،‬‬
‫(ب)‪ :‬من اتفق مع غيدره علدى ارتكداب الجريمدة فوقعدت بندا ًءا علدى هدذا االتفداق‪ ،‬ومدن ندص هدذه‬
‫المادة فإن االشتراك في الجريمة بطريدق التحدريض ال ينطبدق فقدط علدى جدرائم العندف‪ ،‬بدل يمتدد‬
‫ليشمل كافة الجرائم المنصدوص عليهدا فدي قدانون العقوبدات؛ كجدرائم التعددي علدى األشدخاص أو‬
‫األمددوال أو المصددلحة العامددة أو األديددان أو الشددرف أو االعتبددار والسددمعة أو أي نددوع آخددر مددن‬
‫الجرائم‪( .‬المصدر‪ :‬علي القهوجي‪ :‬شدرح قدانون العقوبدات‪ ..‬مصدر ولبندان وفرنسدا‪ ،‬القداهرة‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،2009 ،‬ص‪)463 :‬‬
‫(‪ )73‬تنص الفقرة الثانية من المادة (‪ )71‬من الدستور المصري‪ 2014 ،‬على أنده‪.." :‬وال توقّةع عقوبةة‬
‫سالبة للحرية في الجرائم التي ت ُرتكب بطريق النشر أو العالنية‪ ،‬أما الجرائم المتعلقة بالتحريض‬
‫علةةةى العنةةةف أو بةةةالتمييز بةةةين المةةةواطنين أو بةةةالطعن فةةةي أعةةةراض األفةةةراد‪ ،‬فيحةةةدّد القةةةانون‬
‫عقوبتها"‪.‬‬
‫(‪ )74‬لمزيددد مددن التفاصدديل حددول الحمايددة الدسددتورية لحريددة الصددحافة واإلعددالم‪ ،‬انظةةر‪ :‬يوسددف عبددد‬
‫المحسددن عبددد الفت داح‪ :‬الحمايددة الدسددتورية لحريددة مهنددة الصددحافة واإلعددالم واسددتقاللها والتطددور‬
‫التشريعي لتنظيم مجالسها‪ ،‬دراسة مقدمة إلى المؤتمر العلمي الرابع "القانون واإلعةالم"‪ ،‬كليدة‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة طنطا‪ ،‬في الفترة من ‪ 24-23‬أبريل ‪ ،2017‬ص‪.‬ص‪.18-17 :‬‬
‫(‪ )75‬نصددوص المددواد ‪ 177-176-175-174‬مددن قددانون العقوبددات المصددري طبقًددا ألحدددث تعديالتدده‬
‫بالقانون ‪ 95‬لسنة ‪:2003‬‬
‫‪ -‬المادة (‪ :)174‬يعاقب بالسجن مدة ال تتجاوز خمس سنين وبغرامة ال تقل عن خمسة آالف‬
‫جنيه وال تزيد على عشرة آالف جنيه كل من ارتكب بإحدى الطرق المتقدم ذكرها فعالً من‬
‫األفعال اآلتية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬التحريض على قلب نظام الحكومة المقرر في القطر المصري‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫ثانيًا‪ :‬ترويج المذاهب التي ترمي إلى تغيير مبادئ الدستور األساسية أو النظم األساسية‬
‫للهيئة االجتماعية بالقوة أو باإلرهاب‪.‬‬
‫ويعاقب بنفس العقوبات كل من شجع بطريق المساعدة المادية أو المالية على ارتكاب‬
‫جريمة من الجرائم المنصوص عنها في الفقرتين السابقتين دون أن يكون قاصدا ً االشتراك‬
‫مباشرة في ارتكابها‪.‬‬
‫‪ -‬المادة (‪ :)175‬يعاقب بنفس العقوبات كل من حرض الجند بإحدى الطرق المتقدم ذكرها‬
‫على الخروج عن الطاعة أو على التحول عن أداء واجباتهم العسكرية‪.‬‬
‫‪ -‬المادة (‪ :)176‬يعاقب بالحبس كل من حرض بإحدى الطرق المتقدم ذكرها على التمييز‬
‫ضد طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو األصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة إذا كان‬
‫من شأن هذا التحريض تكدير السلم العام‪.‬‬
‫‪ -‬المادة (‪ :)177‬يعاقب بنفس العقوبات كل من حرض غيره بإحدى الطرق المتقدم ذكرها‬
‫على عدم االنقياد للقوانين‪.‬‬
‫(‪ )76‬لمزيد من التفاصيل حدول المبدادئ التدي اسدتقر عليهدا قضداء حقدوق اإلنسدان اإلقليمدي إلثبدات نيدة‬
‫التحريض‪ ،‬انظر‪ :‬أحمدد عدزت وآخدرون‪ :‬خطابدات التحدريض وحريدة التعبيدر‪ :‬الحددود الفاصدلة‪،‬‬
‫مؤسسددة حريددة الفكددر والتعبيددر‪ ،‬يوليددو ‪ ،2013‬ص‪ ،19-18 :‬الةةنص الكامةةل للدراسةةة متةةاح عبةةر‬
‫الرابط التالي‪:‬‬
‫‪https://afteegypt.org/wp-content/uploads/2013/08/afte001-30-07-2013.pdf‬‬
‫(‪ )77‬الطعن رقم ‪ 1127‬لسنة ‪ 40‬ق‪ ،‬جلسة ‪.1970/12/27‬‬
‫(‪ )78‬لمزيددد مددن التفاصدديل حددول هددذا المعنددى يراجددع‪ :‬أمددل فددوزي أحمددد عددوض‪ :‬اإلعددالم اإللكترونددي‬
‫واالتجاهات الدولية في المواجهدة التشدريعية‪ ،‬بحةث مقةدم إلةى المةؤتمر العلمةي الرابةع "القةانون‬
‫واإلعالم"‪ ،‬كلية الحقوق جامعة طنطا‪ 24-23 ،‬أبريل ‪ ،2017‬ص‪.26 :‬‬
‫(‪ )79‬ال يوجد تعريف واضح ومحدد لما يسمى بـ"خطاب الكراهية" في القانون الدولي"‪ ،‬وهو ما يؤدي‬
‫فددي أغلددب األحددوال إلددى تطبيددق هددذا المفهددوم بطريقددة تددؤدي إلددى فدرض قيددود عديدددة علددى حريددة‬
‫عددا مددن‬
‫التعبيددر‪ ،‬وتكمددن الصددعوبة فددي تعريددف خطدداب الكراهيددة بشددكل دقيددق فددي أن هندداك أنوا ً‬
‫الخطابددات تدددخل فددي إطددار النقدداش العددام الددذي ال يجددوز تقييددده‪ ،‬مثددل الخطابددات التددي تددؤدي إلددى‬
‫كراهية الحكومة بسبب الحدديث عدن فسداد أعضدائها‪ ،‬أو كراهيدة جهداز الشدرطة بسدبب ممارسدته‬
‫التعذيب ضد المواطنين‪ ،‬وهو ما يحتم ضرورة وضع تعريدف دقيدق وواضدح لمصدطلح الكراهيدة‬
‫وعدم ترك األمر لتاويل القاضي‪.‬‬
‫(‪ )80‬يراجع في هذا المعنى‪ :‬علي كريمي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.‬ص‪.21-20 :‬‬
‫(‪ )81‬يقصددد بمتعهددد اإليددواء "كددل شددخص طبيعددي أو معنددوي يضددع –ولددو بدددون مقابددل‪ -‬تحددت تصددرف‬
‫الجمهدور عبدر اإلنترنددت تخدزين النصددوص والصدور والرسدائل أيًّددا كاندت طبيعتهددا‪ ،‬والتدي تددزود‬
‫بواسطة المستفيد من هذه الخدمات"‪ ،‬وقد أكد القانون الفرنسي الصادر في شأن الثقة في االقتصاد‬
‫الرقمددي علددى عدددم مسددئولية متعهددد اإليددواء مدددنيًا أو جنائيًددا عددن المحتددوى الددذي ينشددره المسددتفيد‪.‬‬
‫(المصدر‪ :‬أشرف جابر سيد‪ :‬مسئولية مقدمي خددمات اإلنترندت عدن المضدمون اإللكتروندي غيدر‬
‫المشروع‪ :‬دراسة خاصة في مسئولية متعهدي اإليواء‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪.)2010 ،‬‬
‫(‪ )82‬علددي السدديد حسددين أبددو ديدداب‪ :‬أضددواء علددى حجيددة الرسددائل فددي اإلثبددات فددي مواقددع التواصددل‬
‫االجتماعي‪ ،‬مجلة كلية الشريعة والقانون بطنطا‪ ،‬جامعة األزهر‪ ،‬كلية الشريعة والقانون بطنطا‪،‬‬
‫العدد ‪ ،32‬الجزء الثالث‪ ،‬يونيو ‪ ،2017‬ص‪.973 :‬‬
‫(‪ )83‬لمزيد من التفاصيل حول مزود خدمات االستضافة ونطاق مسئوليته الجنائية‪ ،‬يُراجَع‪ :‬خالدد حامدد‬
‫مصددطفى‪ :‬المسددئولية الجنائيددة لناشددري الخدددمات التقنيددة ومقدددميها عددن سددوء اسددتخدام شددبكات‬

‫‪162‬‬
‫التواصددل االجتمدداعي‪ ،‬مجلةةة رؤى إسةةتراتيجية‪ ،‬اإلمددارات العربيددة المتحدددة‪ ،‬مركددز اإلمددارات‬
‫للدراسات والبحوث اإلسدتراتيجية‪ ،‬المجلدد األول‪ ،‬العددد الثداني‪ ،‬مدارس ‪ ،2013‬ص‪.‬ص‪،45-8 :‬‬
‫ويُراجَع أيضًا‪ :‬أشرف جابر سديد‪ :‬مسدئولية مقددمي خددمات اإلنترندت عدن المضدمون اإللكتروندي‬
‫غير المشروع‪ :‬دراسة خاصة لمسئولية متعهدي اإليواء‪ ،‬مجلة حقوق حلوان للدراسات القانونية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬جامعة حلوان‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬العدد ‪ ،22‬يناير‪-‬يوليو ‪ ،2010‬ص‪.‬ص‪.212-10 :‬‬
‫(‪ )84‬دينا عبد العزيز فهمي‪ :‬المسئولية الجنائية الناشئة عن إساءة استخدام مواقع التواصل االجتمداعي‪،‬‬
‫بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي الرابع "القانون واإلعالم"‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة طنطا‪24-23 ،‬‬
‫أبريل ‪ ،2017‬ص‪.‬ص‪.29-28 :‬‬
‫(‪)85‬عبد الحليم بوشكيوه‪ :‬آليات مكافحة الجرائم الماسة باألخالق واآلداب العامة على االنترندت‪ ،‬مجلةة‬
‫دراسات وأبحةا ‪ ،‬الجزائدر‪ ،‬جامعدة زيدان عاشدور بالجلفدة‪ ،‬المجلدد ‪ ،1‬العددد ‪ ،1‬سدبتمبر ‪،2009‬‬
‫ص‪.19 :‬‬
‫(‪ )86‬يراجع في هذا المعني‪ :‬حسين بن سعيد الغافري‪ :‬التحقيق وجمع األدلة في الجرائم المتعلقة بشدبكة‬
‫اإلنترنت‪ ،‬دراسة منشورة في موقع المنشاوي للدراسات والبحو ‪www.minshawi.com‬‬
‫(‪ )87‬المصدر‪ :‬قانون رقم ‪ 175‬لسنة ‪ 2018‬في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات‪ ،‬منشور بالجريةدة‬
‫الرسمية‪ ،‬العدد ‪ 32‬مكرر (ج)‪ ،‬بتاريخ ‪ 14‬أغسطس ‪.2018‬‬
‫(‪ )88‬هشددام فريددد محمددد رسددتم‪ :‬الجددرائم المعلوماتيددة‪ :‬أصددول التحقيددق الجنددائي الفنددي‪ ،‬بحةةث مقةةدم إلةةى‬
‫مةةؤتمر "القةةانون والكمبيةةوتر واإلنترنةةت"‪ ،‬جامعددة اإلم دارات العربيددة المتحدددة‪ ،‬كليددة الشددريعة‬
‫والقانون‪ ،‬مايو ‪ ،2000‬المجلد ‪ ،2‬الطبعة الثانية‪ ،2004 ،‬ص‪.‬ص‪.440-439 :‬‬
‫(‪ )89‬محمدددد السدددعيد رشددددي‪ :‬حجيدددة وسدددائل االتصدددال الحديثدددة فدددي اإلثبدددات‪ ،‬المةةةؤتمر العلمةةةي األول‬
‫"الجوانب القانونية واألمنية للعمليات اإللكترونية"‪ ،‬اإلمارات العربيدة المتحددة‪ 28-26 ،‬أبريدل‬
‫‪ ،2003‬ص‪.‬ص‪.362-361 :‬‬
‫(‪ )90‬شيماء عبدالغني محمد عطاهللا‪ :‬مكافحة جرائم المعلوماتية في المملكة العربية السعودية وفقًا‬
‫لنظام مكافحة جرائم المعلوماتية الصادر في ‪1428/3/7‬هـ‪ ،‬الموافق ‪2007/3/26‬م‪ ،‬بحث متاح‬
‫على شبكة اإلنترنت عبر الرابط التالي‪:‬‬
‫‪. http://www.shaimaaatalla.com/vb/showthread.php?t=18215‬‬
‫(‪ )91‬علي السيد حسين أبو دياب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.989 :‬‬
‫(‪ )92‬محمد محمد شتا‪ :‬فكرة الحماية الجنائية لبرامج الحاسب اآللي (اإلسكندرية‪ :‬دار الجامعة الجديددة‪،‬‬
‫‪ )2001‬ص‪.97 :‬‬
‫(‪ )93‬سعيد حسن‪ :‬إثبات جرائم الكمبيوتر والجرائم المرتكبة عبر اإلنترنت‪ :‬الجدرائم الواقعدة فدي مجدال‬
‫تكنولوجيا المعلومات‪ ،‬الطبعة األولى (القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪ )1999 ،‬ص‪.66 :‬‬
‫(‪ )94‬سامي حمدان الرواشددة‪ :‬األدلدة المتحصدلة مدن مواقدع التواصدل االجتمداعي ودورهدا فدي اإلثبدات‬
‫الجنائي‪ :‬دراسة في القانونين اإلنجليزي واألمريكي‪ ،‬المجلة الدولية للقانون‪ ،‬جامعدة قطدر‪ ،‬كليدة‬
‫القانون‪ ،‬العدد ‪ ،3‬يوليو ‪ ،2017‬ص‪.14 :‬‬
‫(‪ )95‬يراجع في هذا المعني ما ورد في حيثيات حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية بعددم دسدتورية‬
‫نددص البندددد (ب) مدددن المددادة (‪ ) 17‬مدددن قدددانون شدددركات المسدداهمة وشدددركات التوصدددية باألسدددهم‬
‫والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم ‪ 159‬لسنة ‪ -1981‬بعدد تعديلده بالقدانون‬
‫رقم ‪ 3‬لسنة ‪ ،1998‬وذلك فيما تضمنه من اشتراط موافقدة مجلدس الدوزراء علدى تأسديس الشدركة‬
‫التددي يكددون غرضددها أو مددن بددين أغراضددها إصدددار الصددحف‪ ،‬قضددية رقددم ‪ 25‬لسددنة ‪ 22‬قضددائية‬
‫المحكمة الدستورية العليا "دستورية"‪ ،‬جلسة ‪.2001/5/5‬‬

‫‪163‬‬

You might also like