Professional Documents
Culture Documents
1يصنف الحق في الولوج إلى القانون ضمن فئة الحقوق التي يصطلح عليها العميد ليون دوجي Léon DUGUITالحقوق اإليجابية،
والتي تتطلب تدخل الدولة بتبني اآلليات الالزمة لتسهيل وتأمين استفادة املواطنين منها على سبيل املثال الحق في الصحة والحق في
التعليم...
2ينص الفصل 27من دستور اململكة على أنه «للمواطنات واملوطنين حق الحصول على املعلومات ،املوجودة في حوزة اإلدارة
العمومية ،واملؤسسات املنتخبة ،والهيئات املكلفة بمهام املرفق العام.
ال يمكن تقييد الحق في املعلومة إال بمقتض ى القانون ،بهدف حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني ،وحماية أمن الدولة الداخلي
ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ.املس بالحريات والحقوق األساسية املنصوص عليها في هذا الدستور ،وحماية
ﺍﻟﺤﻘﻮﻕالوقاية من
لألفراد ،وكذا
خاصةﺟﻤﻴﻊ والحياة ال
ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ. والخارجي ،ﺩﺍﺭ
© 2021
ﻣﻊ».ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ،ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ .ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊبدقة
ﺍﻹﺗﻔﺎﻕالقانون
ﻋﻠﻰيحددها ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ
واملجاالت التي مصادرﺍﻟﻤﺎﺩﺓ
املعلومات ﻫﺬﻩ
القانون ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ
بتنفيذﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ رقم 31.13املتعلق بالحق في
3ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ ،ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ
ظهيرشريف رقم 1.18.15الصادرفي 5جمادى اآلخرة 22( 1439فبراير)2018
ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ.
الحصول على املعلومات.
266
مجلة املنارة للدراسات القانونية واالدارية -عدد / 31يونيو – شتنبر 2020 ____________________
يشكل الولوج إلى القانون حقا من الحقوق األساسية املكفولة للمواطنين في ظل نموذج الدولة الليبرالية
الحديثة أو ما يصطلح عليه بدولة الحق والقانون ،وهو الحق الذي يتطلب تدخل مختلف اإلدارات
واملؤسسات العمومية عن طريق تسخير مواردها املادية والبشرية الالزمة لتيسير سبل االستفادة منه،
وتمكين جميع أفراد املجتمع على قدم املساواة من معرفة وفهم مختلف القوانين املشرعة.1
واعتبارا ألهمية هذا الحق بالنسبة ملسار استكمال دولة الحق والقانون ببالدنا ،فقد بادر املشرع
الدستوري إلى ترسيخه ضمن مجموعة الحقوق التي يحق للمواطنين طلبها والحصول عليها من اإلدارة
العمومية ،وذلك من خالل الفصل 27من دستور اململكة ،2وهو األمر الذي من شأنه املساهمة بشكل
فعال في نشر املعرفة القانونية وترسيخ ثقافة احترام القانون داخل املرافق العمومية وبين عموم
املواطنين.
وفي إطار حرصه على تنزيل املستجدات الدستورية املضمنة في دستور ، 2011قام املشرع املغربي بضم
املعلومة القانونية إلى كتلة املعلومات التي يحق الولوج إليها بموجب القانون رقم 31.13املتعلق بالحق
في الحصول على املعلومات ،3حيث حددت مادته العاشرة بشكل دقيق أنواع املعلومات القانونية التي
يتوجب نشرها لفائدة عموم املواطنين.
تبعا ملا سبق ،واعتبارا لكون الولوج إلى القانون قد أصبح حقا من الحقوق األساسية ووسيلة من وسائل
1يصنف الحق في الولوج إلى القانون ضمن فئة الحقوق التي يصطلح عليها العميد ليون دوجي Léon DUGUITالحقوق اإليجابية،
والتي تتطلب تدخل الدولة بتبني اآلليات الالزمة لتسهيل وتأمين استفادة املواطنين منها على سبيل املثال الحق في الصحة والحق في
التعليم...
2ينص الفصل 27من دستور اململكة على أنه «للمواطنات واملوطنين حق الحصول على املعلومات ،املوجودة في حوزة اإلدارة
العمومية ،واملؤسسات املنتخبة ،والهيئات املكلفة بمهام املرفق العام.
ال يمكن تقييد الحق في املعلومة إال بمقتض ى القانون ،بهدف حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني ،وحماية أمن الدولة الداخلي
والخارجي ،والحياة الخاصة لألفراد ،وكذا الوقاية من املس بالحريات والحقوق األساسية املنصوص عليها في هذا الدستور ،وحماية
مصادر املعلومات واملجاالت التي يحددها القانون بدقة».
ظهيرشريف رقم 1.18.15الصادرفي 5جمادى اآلخرة 22( 1439فبراير )2018بتنفيذ القانون رقم 31.13املتعلق بالحق في
3
تكريس مساواة املواطنين أمام القاعدة القانونية ،1فإن دراسته وتسليط الضوء على أبعاده املختلفة ما
فتئت تكتس ي أهمية بالغة سواء بالنسبة للمواطنين أو الباحثين أو املهنيين القانونيين .وهو الش يء الذي
يستدعي مقاربة اإلشكالية التي يطرحها ترسيخ وتفعيل هذا الحق ببالدنا ،وذلك انطالقا من تحديد داللته
املفاهيمية (أوال) وتحليل أبعاده املختلفة (ثانيا).
يمكن تعريف الولوج إلى القانون بالحق الذي يتيح للمواطن ،بشكل سهل وسلس ودون سلوك مساطر
إدارية محددة ،الحصول والعلم باملعلومة القانونية التي تهم حياته اليومية في عالقته بمختلف اإلدارات
واملرافق العمومية ،بشكل مبسط وبالطريقة املناسبة التي تضمن إدراكه ملعناها واملغزى من تطبيقها.
ويتطلب احترام هذا الحق وتفعيله مبادرة اإلدارات العمومية املعنية إلى اتخاذ اإلجراءات املناسبة
والكفيلة بضمان نشر جميع النصوص واملعلومات القانونية التي تؤطر عالقتها باملواطنين ( )1وتقديمها
لهم بشكل مبسط وميسر للفهم (.)2
في ظل دولة الحق والقانون ،تعتبر القوانين ملكا عموميا Un bien public2يحق للجميع الولوج إليه
واإلطالع عليه ،وهو ما يستدعي من السلطات العمومية العمل على نشره والتعريف به ،ومن خالل ذلك
الحيلولة دون تحوله إلى ملكية خاصة un bien de club3تستفيد منها فئة معينة من املواطنين على
حساب باقي الفئات األخرى املعرضة لألمية القانونية والحرمان من االستفادة من الحقوق املواطناتية
املخولة لها قانونا.
1
«L’égalité devant la loi énoncée par l’article 6 de la déclaration des droits de l’homme et du citoyen et la
garantie des droits requise par son article 16 ne seraient pas effectives si les citoyens ne disposaient pas d’un
connaissance suffisante des règles qui leur sont applicables».
Guillaume Du Puy-MONTBRUN et Raphael LEONETTI, Droit accessible et droit acceptable : les enjeux
constitutionnels de la simplification du droit, Revue Jurisdoctoria, N° 1, 2008, p. 77.
يعتبربعض الباحثين القانونيين أن القانون ملك عمومي لجميع املواطنين على حد سواء:
2
«La règle de droit présente les caractères (…) d’un bien public. Il s’oppose au bien privé dont l’accès est réservé à
un titulaire et dont seul ce titulaire peut bénéficier».
Guillaume Du Puy-MONTBRUN et Raphael LEONETTI, Droit accessible et droit acceptable : les enjeux
constitutionnels de la simplification du droit, op.cit, p. 80
3
«Le droit n’est plus bien public si, de facto, des restrictions d’accès sont posées à son utilisation (…), c’est un
ʺbien de clubʺ (…) il ne bénéficierait qu’à une catégorie particulière d’accédants».
Idem, p. 81
267
مجلة املنارة للدراسات القانونية واالدارية -عدد / 31يونيو – شتنبر 2020 ____________________
بهدف ضمان تعميم ونشر النصوص واملعلومات القانونية la diffusion des textes et des
informations juridiquesأوجب القانون رقم 31.13املتعلق بالحق في الحصول على
املعلومات ،على اإلدارات العمومية القيام بعمليات تجميع وتوثيق ونشر جميع التشريعات التي تهم الحياة
اليومية للمواطنين ،وجعلها في متناولهم في جميع األوقات وبشتى الوسائل املمكنة ،خصوصا وأن صياغة
القوانين واملصادقة عليها بدون املبادرة إلى نشرها ،تبقيها مادة جامدة ال أثر لها على املجال التي تستهدف
تقنينه.
إن ولوج املرتفقين إلى القوانين ال يمكن أن يتحقق بالنشر التجزيئي وغير املنهجي للنصوص التشريعية
والتنظيمية (قوانين ،مراسيم ،قرارات ،مذك رات ،)...ولكنه يستلزم عملية علمية ومنهجية مسبقة
تستهدف تجميعها وتوثيقها وفقا للقواعد التالية:
أن تكون القوانين موثقة ومجمعة حسب موضوعات تشريعية واضحة مع تضمينها آخر
التعديالت والتتميمات املدخلة عليها؛
أن يكون كل قانون من تلك القوانين مرفق بمذكرة تفسيرية تشرح مضامينه وأبعاده واآلثار
املرجوة من استعماله؛
أن تكون مجموعات القوانين املوثقة واملجمعة حسب املوضوعات مرفقة بمختلف قواعد
االجتهاد املرتبطة بها ،من اجتهادات دستورية وقضائية الخ...
بعد عمليتي التجميع والتوثيق يتوجب على اإلدارات العمومية نشر النصوص املوثقة على شكل
"مدونات" ،وذلك باستعمال جميع الوسائل املمكنة التي تحقق اطالع املواطنين بصفة عامة واملرتفقين
بصفة خاصة عليها وعلمهم وفهمهم اليقيني ملضامينها .ويجدر التأكيد في هذا الصدد على أن جودة النشر
تقتض ي تجاوز الطرق التقليدية املستعملة في هذا املجال من دوريات ورقية أو مواقع إلكترونية ،ومحاولة
إبداع طرق جديدة تالئم اختالف مستويات الوعي واإلدراك لدى مختلف أفراد املجتمع ،بشكل يضمن
فهما موحدا للوثائق واملقتضيات املنشورة.
1
Guillaume Du Puy-MONTBRUN et Raphael LEONETTI, Droit accessible et droit acceptable : les enjeux
constitutionnels de la simplification du droit, op.cit, p. 82
268
مجلة املنارة للدراسات القانونية واالدارية -عدد / 31يونيو – شتنبر 2020 ____________________
بالثقة العمومية ،La confiance publique1والتي تعتبر أساسا لحكمها وتنظيمها للحياة العامة.
وكنتيجة لذلك فقد ذهب بعض فقهاء القانون إلى حد نعت تقاعس الدولة ومؤسساتها عن مهمة تبسيط
القانون بفعل الالقانون Le non droit2الذي يعطل عمل املؤسسات.
يعد واجب تبسيط النصوص القانونية املرتكز األساس ي الثاني ،بعد النشر القانوني ،لعملية تفعيل الحق
في الولوج إلى النص القانوني ،والذي يتطلب من املصالح اإلدارية املختصة شرح وتبسيط التشريعات
الصادرة عن الدولة إلى أقص ى حد ممكن ،بحيث يمكن لجميع املواطنين واملرتفقين املعنيين بمقتضياتها
فهم القواعد واألحكام املتضمنة بها ،وذلك اعتبارا لكون قابلية القوانين للفهم من قبل فئة أو شريحة
معينة فقط من املجتمع دون اآلخرين ،يعتبر ضربا ملبدأ املساواة في الولوج إلى القانون .وعليه ،يمكن
القول أن تبسيط القوانين يشكل شرطا أساسيا وضروريا لعملية النشر ،وأنه ال يمكن الحديث عن ولوج
القوانين في غياب أية إجراءات لتبسيطها وتفسيرها.
واعتبارا لكون إعداد وصياغة النصوص القانونية تخضع لتقنيات علمية وأكاديمية معقدة ،ينتج عنها
صعوبة في فهمها من طرف مختلف فئات املواطنين ،واحتراما للقاعدة القانونية "اليعذر أحد بجهله
للقانون" Nul n’est censé ignorer la loiفإن تنزيل تلك النصوص يستدعي تدخل كل من
املؤسسات املعنية بصياغتها واملكلفة بتنفيذها بهدف تبسيطها وشرحها بشتى الوسائل املمكنة ،وتمكين
الجميع من فهمها قبل تطبيقها عليهم ومعاقبتهم على خرقها.
وفي هذا الصدد ،تجدر اإلشارة إلى أن املشرع الفرنس ي قد أولى أهمية كبرى لواجب تبسيط القوانين
للجميع حين فرض على جميع اإلدارات العمومية الفرنسية بموجب قانون 12أبريل لسنة 2000ضرورة
إفهام القواعد القانونية للمرتفقين قبل تطبيقها عليهم ،وذلك دون أن يحدد لها طرق وكيفيات تنفيذ
ذلك ،كما نص بواسطة القانون رقم 98-1163الصادر في 18دجنبر 1998املتعلق بالولوج للقانون
والحل الودي للنزاعات على وجوب تأسيس مجالس إقليمية للولوج للقانون Les conseils
départementaux d’accès aux droitsعلى مستوى مجموع التراب الفرنس ي وذلك بهدف
تمكين جميع املواطنين الفرنسيين من أخذ العلم بمختلف القوانين التي تهمهم بدون أي استثناء أو تمييز.
أما بالنسبة للقانون املغربي ،فقد أصاب املشرع حين ترك الباب مفتوحا أمام اجتهادات اإلدارات العمومية
فيما يخص اختيار الطرق األنسب لتفسير وتبسيط القوانين للمواطنين ،مما سيتيح ملصالحها اإلبداع في
1
Idem, p. 83
2
Xavier Souvignet, «l’accès au droit, principe du droit, principe de droit », Revue Jurisdoctoria, N° 1, 2008, p. 33
269
مجلة املنارة للدراسات القانونية واالدارية -عدد / 31يونيو – شتنبر 2020 ____________________
أشكال التواصل وطرق تقريب النصوص من متلقيها .وفي هذا الصدد ،يمكننا اقتراح طريقتين أساسيتين
للتبسيط ،األولى تعتمد على الوسائط املادية والثانية ترتكز على التواصل املباشر مع األفراد.
إن تبسيط النصوص القانونية باستعمال الوسائط املادية (أقراص مدمجة ،مذكرات ورقية )...يفرض
إرفاق كل نص قانوني بمذكرة تفصيلية وتوضيحية تشرح مضامينه وتعيد تقديمها بشكل ميسر قبل
توجيهها للمصالح املعنية بتنفيذها وتطبيقها ،فيما يرتكز التبسيط من خالل التواصل البشري املباشر
على قيام املوظفين املكلفين باستقبال املواط نين بشرح وتفسير املقتضيات التشريعية والتنظيمية قبل
تطبيقها عليهم.
وهكذا ،يمكن القول أن تحقيق مبدأ الولوج إلى القانون عبر نشر وتبسيط الترسانة القانونية املنظمة
للحياة العامة وعمل املؤسسات باعتباره أقل املطالب الواجب تحقيقها في ظل دولة الحق والقانون 1من
شأنه االنعكاس ايجابا على مجموعة من الجوانب املتعلقة أساسا باإلدارة العمومية ومناخ األعمال
وحقوق املرتفق.
يتطلب تكريس حق املواطنين في الولوج إلى املعلومة القانونية نهج سياسة عمومية شمولية تروم تحقيق
نقلة نوعية في عالقة اإلدارة العمومية بمحيطها املجتمعي من أفراد وجمعيات مجتمع مدني وقطاع خاص،
مما سيخلف آثارا إيجابية مهمة تتمثل في ترسيخ دولة الحق والقانون ( )1وتجويد العمل اإلداري ( )2ثم
حماية حقوق املرتفقين وتحسين مناخ األعمال ببالدنا (.)3
يعد تمتيع املواطنين بالحق في الولوج للقانون عامال مهما من عوامل فرض سمو القاعدة القانونية على
جميع مؤسسات الدولة ومختلف مكونات املجتمع دون تمييز أو تحيز ،حيث يصبح احترام وتطبيق
القاعدة املذكورة معيارا أساسيا يتم االحتكام إليه سواء فيما يخص عالقة اإلدارة باألشخاص الذاتيين
واملعنويين الخواص أو الجمعيات املهنية وجمعيات املجتمع املدني .كما أن نشر القوانين من شأنه
املساهمة في توسيع وتحسين الثقافة القانونية سواء داخل اإلدارات أو بين باقي فئات املجتمع ،مما ينتج
عنه ارتفاع منسوب الوعي الحقوقي لدى األفراد ،وبالتالي تحصين حقوقهم في مواجهة القرارات اإلدارية
1
«L’accès au droit (…) apparaît comme une exigence minimum de l’Etat de droit».
)O. Pfersman, «Prolégomènes pour une théorie normativiste de l’Etat de droit», Figures de l’Etat de droit, (Dir
O.Jouanjan, Strasbourg, Presses Universitaires de Strasbourg, 2001, p. 251
270
مجلة املنارة للدراسات القانونية واالدارية -عدد / 31يونيو – شتنبر 2020 ____________________
كما أنه من ايجابيات النشر العلمي واملنهجي للقوانين التقليص من اآلثار السلبية لظاهرة التضخم
التشريعي ، L’inflation législativeوالتي ما فتأت تحد من فعالية ونفاذ النص القانوني ببالدنا،
حيث أن إسراف كل من الجهازين التشريعي والتنفيذي في إنتاج النصوص القانونية أدى إلى كثرتها وعدم
انسجامها ،بل وتناقض مضامينها في بعض األحيان .وعليه ،فإن تعميم عملية النشر سيشكل الحل األمثل
الذي سيتيح لجميع املصالح اإلدارية املعنية بتنفيذ القانون االطالع على جميع املستجدات القانونية
ومقارنتها مع باقي التشريعات الجاري بها العمل ،وذلك قبل التوصل إلى الفهم الصحيح لروح القانون
الواجب تطبيقه.
باإلضافة إلى ما سبق فإن تعميم املعرفة القانونية وتعريف مختلف املتعاملين مع اإلدارة بجميع حقوقهم
وواجباتهم اتجاهها سيساهم بشكل فعا ل في حمايتهم من آفتي الرشوة والفساد ،ويضمن كذلك استفادتهم
الكاملة والالمشروطة من الخدمات املقدمة من قبل املرافق العمومية على مستوى مجمل التراب الوطني.
من الغايات األساسية لعملية النشر والتعريف بالنصوص القانونية نجد تجويد العمل اإلداري وتحسين
نجاعته ،ذلك أن نشر الثقافة القانونية في األوساط اإلدارية يساهم في تحصين القرارات اإلدارية من
مختلف عيوب املشروعية وتجنب تعسف اإلدارة في تطبيقها للقوانين ،هذا باإلضافة إلى تضييق مجال
السلطة التقديرية املمنوحة ملمثلي اإلدارة في تفسير النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل
عن طريق توفير تفسيرات واضحة تغنيهم عن اللجوء إلى االجتهاد.
إن الجهل بالنصوص القانونية يجعل مرتفقي اإلدارة العمومية في وضعية "ضعف حقوقي" وهشاشة
مواطناتية ،وهي الوضعية التي يصعب تجاوزها من دون االستفادة من الحماية الحقوقية التي يوفرها ولوج
املواطنين للقانون ،والتي تتيح لهم إمكانية املطالبة باالستفادة من كل ما يخوله لهم القانون من حقوق،
وذلك عن طريق سلوك نوعين من املساطر ،األولى إدارية والثانية قضائية .فسلوك املساطر اإلدارية
املتمثلة في الطلبات والشكايات والتظلمات تمكن املرتفق من مطالبة اإلدارة بإحقاق كافة حقوقه املخولة
له بمقتض ى القانون ،وفي حالة عدم االستجابة يمكنه اللجوء إلى سلوك املساطر القضائية ومطالبة
القاض ي اإلداري بالتعويض.
271
مجلة املنارة للدراسات القانونية واالدارية -عدد / 31يونيو – شتنبر 2020 ____________________
كما يمكن الولوج إلى النص القانوني من تحسين مناخ األعمال ،والذي يعتبر شرطا أساسيا من شروط
االزدهار االقتصادي وجلب االستثمارات األجنبية .ذلك أن تعريف املقاولة بحقوقها وواجباتها تجاه الدولة
وترسيخ الشفافية واحترام القانون وربط املسؤولية باملحاسبة داخل اإلدارات العمومية ،من شأنه حماية
امللكية الفردية وتشجيع املبادرة الخاصة وتكريس الشفافية واحترام القانون في جميع تعامالت الفاعلين
الخواص ،هذا باإلضافة إلى محاربة االقتصاد الغير املهيكل والتقليل من حاالت الغش والتهرب الضريبيين،
وهو الش يء الذي سيسهم ال محالة في تعزيز الثقة في االقتصاد الوطني وتحسين قدرته على االستقطاب
املتزايد لالستثمارات الداخلية والخارجية.
وختاما ،يمكن القول بأن تكريس الحق في الولوج إلى القانون كركيزة أساسية من ركائز بناء دولة الحق
والقانون وتحقيق املساواة في املواطنة ،ال يمكن أن يظل حكرا على الدولة بجميع مؤسساتها وإداراتها و
هيئاتها العمومية ،بل يجب أن يتعدى ذلك ويصبح رهانا مجتمعيا يهم جميع األطراف املعنية األخرى من
هيئات مهنية وجمعيات مجتمع مدني ومؤسسات بحثية...
272