Professional Documents
Culture Documents
Mémoire MDIPD Abstract نور
Mémoire MDIPD Abstract نور
في موضوع
1
إهداء
هندي هذا البحث املتواضع إىل من قال احلق تعاىل فهيام:
ابمس هللا الرمحن الرحمي
مقدمة
2
إذا كان من المتفق عليه أن الجريمة ظاهرة إنسانية بامتياز فهي أيضا تعد ظاهرة طبيعية
بأنها تتالزم مع مختلف أوجه الحياة أينما وجدت.
والجريمة أثارت على ما به/ا من ش/رور من/د الق/دم اهتم/ام الجمي/ع من علم/اء وروائ/يين
وفالسفة وسياسيين إلخ....
وذلك بسبب آثارها السلبية على حياة البشرية ،إذ عانت البش//رية على م//دار عق//ود س//ابقة
من ويالت الحروب وخصوص/ا الح/رب العالمي/ة الثاني/ة ،حيث ش/هدت ه/ذه الح/رب مناخ/ا
إجراميا ارتكبت فيه أبشع الجرائم الدولية ،ما جعل المجتمع الدولي يبدأ في التفكير ج//ديا في
إيجاد وسيلة تحد من لجوء الدول الستخدام القوة ،وت//دفع به//ا إلى ح//ل النزاع//ات فيم//ا بينه//ا
بالطرق السلمية.
وفعال تم التجس//يد الحقيقي له//ذه الفك//رة على أرض الواق//ع ،ع//بر إنش//اء منظم//ة األمم
المتحدة بمختلف أجهزتها ،ومن بينها مجلس األمن الدولي ،هذه المنظم//ة ال//تي تس//عى لحف//ظ
السلم واألمن الدوليين للحيلولة دون وقوع حرب عالمية ثالثة.
لكن بالرغم من النجاح الذي حققه المجتمع الدولي عبر إنشاءه لمنظم//ة األمم المتح//دة ،إال
أن هذا النج//اح ك//ان نس//بيا ويعت//بر غ//ير ك//افي ،خاص//ة وأن اله//دف ال//ذي تس//عى إلي//ه ه//ذه
المنظم//ة لن يتحق//ق إال إذا تحققت العدال//ة الجنائي//ة الدولي//ة من خالل إنش//اء محكم//ة جنائي//ة
دولية دائمة وعالمية االختصاص ،فهي الضامن الوحيد الستقرار واستمرار السلم الدولي في
العالم.
وهو فعال الحلم الذي ظل يراود البشرية طيلة العقود السابقة ،وذلك من أجل إق//رار مب//دأ
المسؤولية الجنائي//ة عن الج//رائم الدولي//ة ال//تي ت//رتكب ،وأيض//ا لمعالج//ة مختل//ف األوض//اع
اإلنسانية المأسوية ،ومواجهة ظاهرة اإلفالت من العقاب على الصعيد على الصعيد العالمي.
وعليه فقد ظلت األصوات الحية تن//ادي بإدان//ة الج//رائم الدولي//ة الش//ديدة الخط//ورة بكاف//ة
صورها وأشكالها ،وتطالب باالقتصاص للضحايا األبرياء عبر عقاب مقترفيه//ا مهم//ا ك//انت
3
صفاتهم ومناصبهم ،إدراكا منهم بأنه لم ولن يكون هناك سالم حقيقي في العالم ب//دون تحق//ق
العدالة الدولية الشاملة والحقيقية.
فكانت الخطوة األولى في هذا المجال مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية ،حيث تم إنش//اء
محكمتين عسكريين وهما محكمة نومبورغ في ألماني/ا ،ومحكم/ة طوكي/و في الياب/ان ،وذل/ك
بهدف محاكمة مجرمي الحرب هناك.
غير أن ما أخد على ه//ذا الن//وع من المح//اكم ،ه//و افتقاره//ا إلى قواع//د الحي//اد والنزاه//ة
باعتبارها تمثل انتقام المنتص/ر في الح/رب على المنه/زم وتط/بيق قانون/ه أك/ثر من/ه تطبيق/ا
للقانون الدولي الجنائي هذا من جهة ،ومن جهة أخ//رى فق//د حض//ي ه//ذا الن//وع من المح//اكم
بقبول المجتمع الدولي آنذاك ،ال سيما وأنها اعتبرت كنقطة تحول في تاريخ المجتمع ال//دولي
المعاصر ،من أجل تحقيق حلمه في إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة عالمية االختصاص.
األمر الذي دفع المجتمع الدولي لمواصلة سعيه الح/ثيث من أج/ل تحقي/ق هدف/ه ،فتق/دمت
مختلف الجهات الدولية بالعديد من المشاريع مفادها إنشاء محكمة جنائي//ة دولي//ة دائم//ة ،لكن
ظلت رهينة التأييد والمعارضة من قبل األطراف الدولية.
كما ظلت الجمعية العامة لألمم المتحدة تدعو لجن/ة الق/انون ال/دولي لدراس/ة مس/ألة إنش/اء
محكمة جنائية دولية في كل مناسبة ،فنوقش هذا الموضوع بطريقة مكثفة ومفص//لة لس//نوات
عديدة من طرف لجنة القانون الدولي ،والتي كان لها دور كبير في هذا الموضوع.
وخالل سعي المجتمع الدولي إلقام/ة قض/اء جن/ائي دولي دائم ،ق/ام مجلس األمن ال/دولي
هو اآلخر على خلفية األحداث المأسوية الحاصلة في كل من يوغوس//الفيا الس//ابقة وروان//دا،
بالتصدي لمن ارتكبوا أبشع الج/رائم الدولي//ة هن//اك بالمالحق//ة والمعاقب//ة ،عن طري//ق إنش/اء
محاكم جنائية دولية خاصة ،نظرا المتالكه ه/ذه الس/لطة بم/وجب الفص/ل الس/ابع من ميث/اق
األمم المتحدة.
غير أن ما أخد على هذا النوع من المحاكم هو تبعيتها لمجلس األمن الدولي والذي يعتبر
جهازا سياسيا ،وكذلك نشأتها التي كانت مؤقتة واختصاصهما المحدود ،لكن من وجهة نظ//ر
4
أخرى إيجابية يعتبر هذا الوضع قد سلط الضوء أكثر فأكثر على حاجة المجتمع ال//دولي إلى
وجود جهاز قضائي دولي دائم يمكنه ف//رض س//يادة الق//انون على األف//راد وال//دول مع//ا دون
تمييز على أساس الصفة أو المركز.
وبالفع//ل فق//د أثم//رت الجه//ود المبذول//ة ال//تي اس//تمرت لس//نوات طويل//ة في 17يولي//وز
،1998والذي اختتمت به أعمال مؤتمر روم//ا الدبلوماس//ي المع//ني بإنش//اء محكم//ة جنائي//ة
دولية دائمة بالموافقة على تبني نظامها األساسي ،وه//و فعال الح//دث ال//ذي ج//اء محقق//ا لحلم
وآمال الكثير من الدول في إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة وعالمية االختصاص.
وفعال تم ذلك ،إذ منح نظام روما األساسي سلطات واسعة لمجلس األمن عند تعامل//ه م//ع
المنازعات الدولية ،تخول له الت/أثير في اختص/اص المحكم/ة الجنائي/ة الدولي/ة ،حيث يتعل/ق
األمر بسلطة اإلحالة وفرض واجب التعاون على الدول م//ع المحكم//ة ،ال//تي تعت//بر س//لطات
مدعمة ومساعدة لعم//ل المحكم//ة ،ثم س//لطة إرج//اء التحقي//ق أو المقاض//اة واالنف//راد ب//إقرار
جريم/ة الع/دوان ،ال/تي تعت/بر س/لطات تح/ول دون تمكين المحكم/ة الجنائي/ة الدولي/ة بالقي/ام
بوظيفتها ،بل وقد تساهم في إلغاء دورها بشكل كامل ،وبالتالي يمكن ألشد الج//رائم خط//ورة
أن تخرج من نطاق المقاضاة أو العدالة ،وتقحم في القضايا السياس//ية ال//تي يمت//از به//ا عم//ل
مجلس األمن.
5
أهمية البحث
يث//ير موض//وع ت//أثير مجلس األمن على اختص//اص المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة أهمي//ة
علمية ،تتجلى في كونه من موضوعات القانون الدولي الجنائي األك//ثر إث//ارة للج//دل خاص//ة
خالل مفاوضات مؤتمر روما ،بين الدول ذات العضوية الدائمة بمجلس األمن وعلى رأس//هم
الواليات المتح/دة األمريكي//ة؛ وال//دول ال//تي ت//رفض أي ت//دخل لمجلس األمن في اختص//اص
المحكمة ،وأخرى عملية تظهر في كون أن بعض السلطات ال//تي منحه//ا نظ//ام روم//ا لمجلس
األمن بموجب نظام روما -خاصة سلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة – س//اهمت في عرقل//ة
اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ،الشيء الذي ترتب عنه إفالت العديد من المج//رمين من
العقاب وهو ما ظهر واضحا من خالل القرارين 1422و.1487
صعوبات البحث
من بين الصعوبات التي وجهناها أثناء إنجاز ه//ذا البحث ،ه//و أن معظم الدراس//ات ال//تي
تناولت هذا الموضوع لم تعره ح//يزا مهم//ا من الدراس//ة والتحلي//ل ،ألن عالق//ة مجلس األمن
بالمحكمة الجنائية الدولية لم تظهر إال مع نظام روما في سنة ،1998وبالتالي الشيء ال//ذي
جعل الدراسات حول هذا الموضوع تتسم بالقليلة ،هذا من جهة.
ومن جهة أخرى ،صعوبة التمييز بين السلطات اإليجابية والسلطات السلبية لمجلس تجاه
المحكمة الجنائية الدولية داخل نظام روما األساسي.
إشكالية البحث
يتطلب األمر للحفاظ على األمن والسلم الدوليين ،وجود جهاز دولي ل//ه من الص//الحيات
ما يمكنه من القيام بذلك ،ولذلك نجد ميث//اق األمم المتح//دة أن//اط مجلس األمن ال//دولي بمهم//ة
حفظ السلم واألمن الدوليين ،وأعطاه مجموعة من االختصاصات والسلطات ال//تي ق//د تص//ل
6
إلى ح//د الت//دخل عن طري//ق الق//وة العس//كرية ،وذل//ك ألج//ل الس//لم واألمن ال//دوليين ،ولنفس
الش//يء نج//د نظ//ام روم//ا األساس//ي ه//و اآلخ//ر أعطى لمجلس األمن ممارس//ة مجموع//ة من
الصالحيات أمام المحكمة الجنائية الدولية ،وذلك لتحقيق الس/لم واألمن ال/دوليين ولكن بوج/ه
آخر يظهر في تحقيق العدالة الجنائية الدولية ومحاربة ظاهرة اإلفالت من العقاب ،وه//ذا م//ا
عده البعض دور إيجابي لمجلس األمن في تفعيل اختص//اص المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة ،في
حين اعتبره البعض اآلخر بأنه تدخل لجهاز سياسي في اختصاص جهاز قضائي.
وانطالقا من ذلك يمكن ط//رح إش//كالية البحث كالت//الي :ه99ل س99لطات مجلس األمن وفق99ا
لنظام روما األساسي تفعل اختصاص المحكم9ة الجنائي9ة أم أنه9ا تعرق9ل اختصاص9ها وتقي9د
استقالليتها؟
-1كيف يفعل مجلس األمن اختصاص المحكمة الجنائي//ة الدولي//ة من خالل س//لطتي اإلحال//ة
وفرض واجب التعاون على الدول؟
-2كيف يعرقل مجلس األمن اختصاص المحكمة الجنائية من خالل سلطتي إرجاء التحقي//ق
أو المقاضاة ،ثم االنفراد بإقرار جريمة العدوان؟
منهج البحث
يقتضي موضوع البحث أعاله اعتماد المنهج الوصفي ،وذلك ب//التعرض لس/لطات مجلس
األمن الدولي في نظام روما األساسي ،وأيضا تحلي//ل دوره اتج//اه المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة
في واقع القضايا الموجودة على الساحة الدولية.
خطة البحث
.لإلجابة عن إشكالية البحث نعتمد خطة البحث التالية
الفصل األول :الدور اإليجابي لمجلس األمن في تفعيل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية
.الفصل الثاني :عرقلة مجلس األمن الختصاص المحكمة الجنائية الدولية
7
الفصل األول :الدور اإليجابي لمجلس األمن في تفعيل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية
8
يتجلى دور مجلس األمن الدولي في تفعيل اختصاص المحكمة الجنائية الدولي//ة من خالل
سلطة اإلحالة إلى المحكمة الجنائي//ة الدولي//ة ،بحيث يس/تطيع مجلس األمن ال//دولي إحال//ة أي
حالة إلى المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة ،ي//رى أنه//ا تش//كل جريم//ة من الج//رائم ال//تي ت//دخل في
اختصاصها لقيامها بمحاكمة مرتكبيه//ا ،و تم منح مجلس األمن دورا في تفعي//ل اختص//اص
المحكمة الجنائية الدولية ،نظرا للسلطات التي يتمتع بها وفق//ا لميث//اق األمم المتح//دة ،و ال//تي
ح//اول واض//عوا النظ//ام األساس//ي للمحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة االس//تفادة منه//ا ق//در اإلمك//ان،
باعتبارها تشكل آلية فريدة من نوعها ،تحتاجه//ا المحكم//ة لتفعي//ل نش//اطها و تحقي//ق أه//دافها
باإلضافة إلى ذلك فإن نظام روما من خالل منحه هذا الدور لمجلس األمن الدولي ،أكد فكرة
مفادها أن هناك صلة وطيدة بين العدالة الجنائية الدولي//ة و حف//ظ الس//لم ،باعتب//ار أن العدال//ة
الجنائي/ة الدولي/ة من الوس/ائل المس/اهمة في حف/ظ الس/لم واألمن ال/دوليين ،األم/ر ال/ذي أدى
بالبعض إلى وصف دور مجلس األمن في تفعيل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ،و هذا
الجانب من العالقة على وجه الخصوص بأنه الدعام//ة و الش//ق اإليج//ابي للعالق//ة بينهم//ا ،و
رغم أن تبني مثل هذه اآللية في النظام األساسي للمحكم//ة لم يكن أم//را س//هال ،إذ بع//د ج//دل
مستفيض أثناء م//ؤتمر روم//ا لس//نة 1998ح//ول منح مجلس األمن ال//دولي دورا في تفعي//ل
اختصاص المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة ،تم التوص//ل إلى ح/ل وس/ط بين ال//دول المش/اركة في
المؤتمر ،و هو ما تضمنته المادة 13من النظام األساسي للمحكمة ،والعالق/ة اإليجابي/ة بين
مجلس األمن والمحكمة الجنائية لم تقتصر فقط على س//لطة اإلحال//ة من قب//ل مجلس األمن و
إنما تبرز أيضا من خالل تخويل هذا األخير دور الرقاب//ة على طلب//ات التع//اون المقدم//ة من
المحكمة الجنائية الدولية إلى الدول المعنية المطلوب منها التعاون ،وذل//ك دون أن يمس ه//ذا
الدور الوقائع التي يقوم بتحريكها المدعي العام للمحكمة الجنائي//ة الدولي//ة بنفس/ه ،أو اإلحال//ة
التي تقدمها دولة طرف ،أو دول//ة قبلت باختص//اص المحكم//ة بم//وجب إعالن مس//بق ،وه//ذا
الدور الرقابي لمجلس األمن يشمل ال//دول األط//راف وغ//ير األط//راف في الميث//اق على ح//د
سواء عند امتناعها أو رفضها التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية.
وانطالقا مما تق//دم س//وف نتن//اول دراس//ة ه//ذا الفص//ل من البحث من خالل التط//رق إلى
س//لطة مجلس األمن في إحال//ة الج//رائم الدولي//ة على المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة (المبحث
9
األول) ،ثم ك//ذلك دور مجلس األمن في ف//رض التع//اون على ال//دول م//ع المحكم//ة الجنائي//ة
الدولية (المبحث الثاني).
المبحث األول :سلطة مجلس األمن الدولي في إحالة الجرائم الدولية على
المحكمة الجنائية الدولية
حاولت الواليات المتحدة األمريكية من خالل المناقشات في مؤتمر روما العتماد النظ//ام
األساسي للمحكمة الجنائية الدولية إلى ضمان أن يكون مجلس األمن ال//دولي منف//ردا بس//لطة
االدعاء أمام المحكمة ،غير أن مواقف الدول األخرى ،والسيما األعضاء ال//دائمين اآلخ//رين
وبالرغم من اتفاقهم على المبدأ ،لم تتطابق بص//ورة كامل//ة ،حيث رأت ه//ذه ال//دول أن يس//ند
إلى مجلس األمن س//لطة اإلحال//ة إلى المحكم//ة ب//التوازي م//ع األط//راف المعني//ة من جه//ة
والمدعي العام للمحكمة من جهة ثانية.1
إن سلطة إحالة مجلس األمن للجرائم الدولية على المحكمة الجنائية الدولية تتطلب تحدي//د
ماهيته//ا (المطلب االول) ،وك//ذا إعط//اء بش//أنها بعض النم//اذج من ممارس//ات مجلس األمن
(المطلب الثاني)
1
علي يوسف الشكري ،القانون الجنائي الدولي في عالم متغير ،الطبعة األولى ،إيتراك للنشر والتوزيع ،القاهرة ،ص_ - 1 .130
10
المطلب األول :ماهية اإلحالة على المحكمة الجنائية الدولية
تعد من بين مظاهر التعاون بين المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة ومنظم//ة األمم المتح//دة ،منح
مجلس األمن الدولي سلطة إحالة الجرائم الدولية على المحكمة الجنائي//ة الدولي//ة وذل//ك وفق//ا
ألحكام المادة 13من روما األساس/ي إلنش/اء المحكم/ة الجنائي/ة ،وذل/ك لك/ون مجلس األمن
الدولي يعد المسؤول األول داخل منظمة األمم المتحدة عن حفظ السلم واألمن الدوليين.
وس/لطة مجلس األمن ال/دولي في إحال/ة الج/رائم الدولي/ة على المحكم/ة الجنائي/ة الدولي/ة
تقتضي تحديد المقصود بها (الفق//رة األولى) ،ثم الض//وابط المتعلق//ة بممارس//تها وك//ذا األث//ار
المترتبة عليها (الفقرة الثانية).
كلمة اإلحالة مشتقة من فعل أحال أي يقال أحال فالن شيئا إلى جهة االختصاص ،بمعنى
حوله إلى جهة االختصاص.2
أما اصطالحا :اإلحالة تعني تقديم مجلس األمن حالة إلى المدعي العام للمحكمة يب//دو من
خاللها أن جريمة أو أكثر من الج//رائم الداخل//ة في اختص//اص المحكم//ة ق//د ارتكبت ،أي أن
اإلحالة بهذا المعنى تتضمن تحويل األمر إلى الجهة المختصة بذلك.3
وفي هذا اإلطار يري الدكتور محمود شريف بس//يوني أن اإلحال//ة من مجلس األمن على
المحكمة الجنائية هي الوسيلة أو الطريق//ة أو اإلج//راء ال//ذي يتم من خالل//ه تحري//ك ال//دعوى
الجنائية أمام المحكمة الجنائية الدولية ،بمجرد إحالة حالة يبدو فيها أن جريمة أو أك/ثر ق/د تم
ارتكابها ،ويقوم الم/دعي الع/ام للمحكم/ة بفحص/ها من خالل التحقي/ق من ص/حة المعلوم/ات
والمستندات التي تم االس//تناد عليه//ا في عملي//ة اإلحال//ة لمعرف//ة ه//ل ه//ذه األدل//ة تص//لح ألن
مجدي وهبت وكامل المهندس ،معجم مصطلحات اللغة العربية ،مكتبة لبنان بيروت ،الطبعة الثانية ،1984ص - 2 .155
2
3
المختار عمر سعد شتان ،العالقة بين األمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية الدائمة ،جامعة ناصر األممية ليبيا ،2005 ،ص_ 3-
150.
11
تحرك الدعوى أم ال؟ أي أن المدعي العام ال يقوم بمباشرة التحقيقات إال بعد أن يقتنع بوجود
أسباب معقولة للسير في اإلجراءات وفقا للنظام األساسي للمحكمة الجنائية.4
ومن خالل ما سبق من آراء بخصوص تعريف اإلحال//ة يمكن أن نخلص إلى أن اإلحال//ة
هي الوس//يلة ال//تي يلتمس من خالله//ا مجلس األمن ت//دخل المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة دون
االدعاء ضد أشخاص معينين ،بهدف لفت انتب//اه الم//دعي الع//ام إلى وق//ائع وأح//داث تس//تلزم
إج//راء تحقي//ق حس//ب م//ا يتوص//ل إلي//ه الم//دعي الع//ام من حق//ائق يمكن أن تش//كل أساس//ا
للمحاكمة.
وفي هذا الخصوص ينص النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن للمحكمة أن
تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة الخامسة وفقًا ألحكام هذا النظام
األساسي في األحوال التالية:
"ب .إذا أحال مجلس األمن متصرفًا بموجب الفص//ل الس//ابع من ميث//اق األمم المتح//دة حال//ة
إلى المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أك//ثر من ه//ذه الج//رائم ق//د ارتكبت "....من الم//ادة
13من نظام روما.
4
محمود شريف بسيوني ،المحكمة الجنائية الدولية :نشأتها ونظامها األساسي مع دراسة لتاريخ لجان التحقيق الدولية والمحاكم 4-
.الجنائية الدولية السابقة ،مطابع روز اليوسف الجديدة ،مصر ،2002ص_55
5
:تنص المادة رقم 13من نظام روما األساسي إلنشاء المحكمة الجنائية على ما يلي 5-
:للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة الخامسة وفقًا ألحكام هذا النظام األساسي في األحوال التالية
.أ -إذا أحالت دولة طرف إلى المدعي العام وفقًا للمادة 14حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت
ب -إذا أحال مجلس األمن ،متصرفًا بموجب الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة ،حالة إلى المدعي العام يبدو فيها أن
.جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت
ًا
.ج -إذا كان المدعي العام قد بدأ بمباشرة تحقيق فيما يتعلق بجريمة من هذه الجرائم وفق للمادة 15
12
انقس//مت اآلراء ح//ول منح مجلس األمن ال//دولي س//لطة االدع//اء أم//ام المحكم//ة الجنائي//ة
الدولية ،حيث ذهب البعض إلى القول بأن منح المجلس هذه السلطة له//ا م//ا يبرره//ا انطالق//ا
من مسؤولية المجلس األساسية في المحافظة على السلم واألمن الدوليين استنادا لميثاق األمم
المتحدة ،الذي يبدو انه يخول المجلس صالحية إنشاء محاكم مخصص//ة له//ذه الغاي//ة ،وحيث
إن األم//ر ك//ذلك فمن المنط//ق أن يك//ون لمجلس األمن الح//ق في طلب الت//دخل وتحري//ك
اإلجراءات الجنائية أمام المحكمة عندما يتعل//ق األم/ر بإح/دى الج/رائم المح/ددة وفق/ا للمه//ام
والسلطات التي يخولها الميثاق للمجلس.
يضاف إلى ذلك أن هيب//ة المحكم//ة وس//معتها تقتض//ي تخوي//ل المجلس ص//الحية اللج//وء
إليها؛ ألن اضطرار المجلس بالرغم من وجود المحكمة إلى إنشاء محاكم مخصصة لح//االت
معين/ة ،ي/رى فيه/ا ض/رورة انته/اج ه/ذا المس/ار يض/عف دون ش/ك مكان/ة المحكم/ة ويث/ير
التساؤالت بشأن مبرر وجودها.
وفي المقابل انتقدت بعض الدول والمنظمات غ/ير الحكومي/ة إس/ناد ه/ذه الس/لطة لمجلس
األمن على أساس أنه يمكن أن يؤثر في استقالل المحكمة وحيادها وبالت//الي على دوره//ا في
تحقيق العدالة الدولية ،ويمكن أن ينال من إرادة الدول المعنية وسيادتها.
>> مجلس األمن الدولي جهاز أساسي للحف99اظ على حق99وق اإلنس99ان :يلعب مجلس األمن
دورا هاما في مجال الحفاظ على حقوق اإلنسان ،فإلى جانب الجمعية العامة ومجلس حق//وق
اإلنسان والمجلس االقتص//ادي واالجتم//اعي ،يع//د مجلس األمن المس//ئول عن حماي//ة حق//وق
اإلنسان وحفظ السلم واألمن الدوليين وقمع أعمال العدوان.
فمجلس األمن يم//ارس الص//الحيات الممنوح//ة ل//ه وفق//ا للفص//ل الس//ادس أو الس//ابع من
الميث//اق في حال//ة االنته//اك الص//ارخ لحق//وق اإلنس//ان ،وفي ه//ذا الص//دد تمكن المجلس من
إصدار العديد من القرارات الملزم/ة في ه/ذا المج/ال وأهمه/ا ق/رار مجلس األمن رقم 788
13
الصادر في 1991/04/05والخاص بمشكلة أكراد العراق م//ع الس//لطة العراقي//ة 6إض//افة
إلى القرار 688الصادر بتاريخ 1991/04/03بخصوص العراق ،حيث عبر في//ه مجلس
األمن عن انشغاله الشديد بحالة قمع المواطنين العراقيين التي أدت إلى حركة كثيفة لالج//ئين
اتجاه الحدود الدولية؛ باإلضافة إلى قرار مجلس األمن الصادر في 1993/06/16الخاص
بالوضع في هايتي فقد طالب المجلس بضرب حص//ار تج//اري وج//وي على الدول//ة لوص//ف
الوض//ع بأن//ه تمدي//د للس//لم واألمن ال//دوليين في المنطق//ة ،وبع//ده انتهى المجلس إلى وج//وب
استخدام القوة المسلحة.7
أما بالنسبة إلى الصراع في البوس//نة والهرس//ك فق//د أش//ار المجلس إلى انتهاك//ات حق//وق
اإلنس//ان ح//تى في إط//ار االض//طرابات والنزاع//ات الداخلي//ة ،كم//ا طلب من األمين الع//ام
بضرورة التع/اون م/ع جمي/ع المنظم/ات اإلقليمي/ة لتق/ديم المس/اعدات للض/حايا وق/د واص/ل
المجلس تأييده للدور اإلقليمي لهذه المنظمات وهذا بموجب قراره 1078الصادر في نون//بر
1996مؤكدا من خالله ضرورة تقديم المساعدات اإلنسانية لالجئين الروانديين التي تقدمها
منظمة الوحدة اإلفريقية.8
يت//بين من خالل األمثل//ة الس//ابقة أن لمجلس األمن دور في ت//دويل المس//ؤولية الجنائي//ة
الدولية عن انتهاك القانون الدولي لحقوق اإلنسان وتكريس فك//رة ع//دم اإلفالت من العق//اب،
إلى أن بلغ الحد أن تمنح له مسؤولية أمام المجتم//ع ال//دولي في الوقاي//ة من الجريم//ة الدولي//ة
ومنع وقوعها ،خاصة الجرائم ضد اإلنسانية وجريمة اإلبادة ،ألن لهما عالق//ة أك//ثر بحق//وق
اإلنسان ،لهذا منح المجلس سلطة اإلحالة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
>> دور مجلس األمن الدولي في قمع انتهاك99ات الق99انون ال99دولي اإلنس99اني :ألقي على عاتق مجلس
األمن أهم مسألة الحفاظ على قواعد وأحكام الق//انون ال//دولي اإلنس//اني المتمثل//ة في اتفاقي//ات
جنيف األربع لعام 1949والبرتوكولين الملحقين بها لسنة .1977فمن المسؤوليات الملق//اة
على المجلس هي إدانة كل األفعال ال//تي تص//يب الم//دنيين واألس//رى أو تخ//ريب للممتلك//ات
6
عبد هللا سليمان سليمان ،المقدمات األساسية في القانون الدولي الجنائي ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،طبعة 6- ،1992
.ص_ 43
7
مرجع نفسه ،ص_- 7 .462
8
أحمد عبد هللا أبو العال ،تطور دور مجلس األمن في حفظ السلم واألمن الدوليين ،دار الكتب القانونية ،مصر ،2005 ،ص_ 8-
101
14
بمختلف أنواعها أو المخالفات التي ت/رتكب ض/د ق/وانين الح/رب وأعرافه/ا .ويب/دو لن/ا دور
وموق//ف مجلس األمن بوض//وح للعم//ل على متابع//ة المس//ئولين عن تل//ك الج//رائم واألفع//ال
السالفة الذكر وذلك من خالل ما أص//دره من ق//رارات هام//ة تتض//من حظ//را اقتص//اديا على
بعض الدول ومنها العراق ،السودان ،هايتي.9
ومن النماذج عن تدخل مجلس األمن لقمع انتهاكات حقوق اإلنسان ،لج//وؤه إض//افة إلى
ما سبق ذكره إلى إنشاء لج/ان تحقي//ق أو مح/اكم خاص//ة لقم//ع ه//ذه االنتهاك//ات خاص//ة إث//ر
األح//داث الفظيع//ة ال//تي ارتكبت في يوغس//الفيا من//د ،1991حيث إثره//ا ط//الب المجلس
بمتابعة مرتكبي الجرائم الدولية التي أرتكبها الصرب ضد مسلمي البوسنة والهرسك ،وذل//ك
بمحاكمتهم أمام محكمة دولي/ة أنش/أت له/ذا الغ/رض س/نة 1993بع/د إنش/ائه للجن/ة خ/براء
بم///وجب الق///رار 780س///نة 1993من أج///ل التحقي///ق في الج///رائم المرتكب///ة في إقليم
يوغوسالفيا.
عملت لجنة التحقيق المنشأة من طرف مجلس األمن على التحري بشأن انتهاكات القانون
الدولي اإلنساني وتحديد المسؤولين عن ارتكابها واستخراج الجثث ،وفي ختام أعمال اللجن//ة
وبمبادرة من فرنسا أصدر مجلس األمن القرار رقم 808بت//اريخ /1993/02/22إلنش//اء
محكمة خاصة جنائية لمحاكمة األشخاص المتهمين 10وهي محكمة يوغوسالفيا السابقة.
لم يقتصر دور المجلس عند هذا الحد بل كان واضحا إثر األزمة الرواندية عن//دما وقعت
صراعات عرقية دامية على إثر عدم السماح لمش//اركة ك//ل القبائ//ل في نظ//ام الحكم وبص//فة
خاصة قبيلة التوتسي ،وعمل مجلس األمن على إنشاء محكمة أخ//رى هي المحكم//ة الجنائي//ة
لرواندا وهذا تحت رقم 955في .111994/11/08
نظرا للدور الهام الذي لعبه مجلس األمن لحماية حقوق اإلنسان وقم//ع انتهاك//ات الق//انون
الدولي اإلنساني ،خاصة بإنشائه للمحاكم الجنائية الدولية المؤقتة ومحاولة إق//رار المس//ؤولية
الجنائية الفردية ،اقتنع وفود الدول المش//اركة في م//ؤتمر روم//ا ،ب//أن لمجلس األمن دور في
9
.مصطف إبراهيم خليل ،آليات الحماية الدولية لحقوق اإلنسان ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،2005 ،ص_9- 291
10
سعيد عبد اللطيف حسن ،المحكمة الجنائية الدولية ،دار النهضة العربية القاهرة ،2004ص_- 57.10
11
أنظر القرار 955الصادر في 08نونبر ،1994المنشأ للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا11- .
15
تكريس دعائم القضاء الدولي الجنائي لما له من سوابق في مجال حماية حقوق اإلنسان وكذا
قمع االنتهاكات الخطيرة للقانون الدولي اإلنساني ،وبالتالي س/اهم في تحقي/ق العدال/ة الدولي/ة
الجنائي//ة .وه//ذا م//ا ش//جع لمنح مجلس األمن س//لطات واس//عة أم//ام المحكم//ة خاص//ة س//لطة
اإلحال//ة إلى المحكم//ة ال//تي يمكن اس//تبدالها ب//دور المجلس في إنش//اء المح//اكم المؤقت//ة ،م//ع
االحتفاظ باستقاللية المحكمة والفصل بين ما هو سياسي وقضائي.12
>> إنشاء مجلس األمن للمحاكم الخاصة :برز دور مجلس األمن في مجال العدالة الدولية أك//ثر
وض//وحا في بداي//ة التس//عينات ،فبع//د محكم//تي نورمب//ورغ وطوكي//و المنش//ئتين من ط//رف
المنتصرين في الحرب العالمية الثانية .فبالرغم من أنهم//ا كرس//تا عقوب//ات جنائي//ة إال أنهم//ا
أخدا عليهما إصدار أحكام قبل سن القوانين وهذا فيه خ//رق لقاع//دة ش//رعية عقوب//ة لوج//وب
تحديد الجريمة والعقوبة قبل اقتراف الفعل اإلجرامي ،وليس بعد المحاكمة.13
بعد هذه المرحلة تبنى مجلس األمن استنادا إلى الفصل السابع من الميث//اق ،مهم//ة إنش//اء
المحاكم الجنائية الخاص//ة من خالل جمل//ة من الق//رارات منه//ا الق//رار 808الس//الف ال//ذكر
المنش//ئ للمحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة الخاص//ة بمحاكم//ة مرتك//بي الج//رائم الدولي//ة في إقليم
يوغوسالفيا السابقة ،والقرار رقم 955المنشئ للمحكمة الخاصة برواندا.
لم يقتصر دور مجلس األمن عند إنشاء هاتين المحكمتين فقط ،بل عمد إلى إنشاء مح//اكم
أخرى تعرف بالمح/اكم المختلط/ة كالمحكم/ة المختلط/ة في تيم/ور الش/رقية ،المنش/أة بق/رار
مجلس األمن الدولي الرقم 1272بت//اريخ 1999/11/25ال//ذي وض//ع تيم//ور تحت إدارة
انتقالية تابعة لألمم المتحدة ،بهدف محاكمة المسئولين عن الج//رائم ض//د اإلنس//انية المرتكب//ة
منذ العام .1975
عم//دت األمم المتح//دة على إنش//اء قض//اء خ//اص ت//ألف من قض//اة وطن//يين ومن ممثلين
متخصصين لألمم المتحدة تم تعيينهم من قبلها ،والذي ينظم هذا القضاء وفقا لقواع//د الق//انون
12
هبوب فوزية ،فعالية المحكمة الجنائية الدولية في ضوء العالقة القائمة بينها وبين هيئة األمم المتحدة ،أطروحة لنيل شهادة 12-
.الدكتوراه في القانون العام ،جامعة باجي مختار؛ عنابة ،2010 ،ص_117/118
13
سعيد عبد اللطيف حسن ،مرجع سابق ،ص_13-.295
16
ال//دولي ال//تي تحكم المحاكم//ات العادل//ة والنزيه//ة والمنص//وص عليه//ا خصوص//ا في العه//د
الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.14
الس//ابقة األخ//رى لمجلس األمن في إنش//اء المح//اكم المختلط//ة ،هي المحكم//ة المختلط//ة
"السيراليون" فقد أعتمد المجلس القرار 1315إلنشاء محكمة س//يراليون ،وه//ذا ن//زوال عن
رغبة حكومة سيراليون في تلقي المساعدة من األمم المتحدة إلنش//اء محكم//ة ،مدول//ة وب//ذلك
كان للمحكمة صفة مختلطة ألنها أنشأت بم//وجب اتفاقي//ة ثنائي//ة بين األمم المتح//دة وحكوم//ة
سيراليون.15
أيضا من أهم المحاكم المختلطة التي أنشأها مجلس األمن ،هي محكمة كمبوديا والخاصة
بمحاكمة مرتكبي الجرائم المنسوبة إلى الخمير الحمر إبان الح//رب األهلي//ة الكمبودي//ة خالل
س///نوات 1975و ،1979حيث ص///در ق///رار عن األمم المتح///دة بت///اريخ 2003/5/13
يتضمن الموافقة على االتف//اق الموق//ع بينه//ا والحكوم//ة الكمبودي//ة على ش//كل المحكم//ة وم//ا
يتعلق بها من إجراءات ،ونص االتفاق على إنشاء غرفة قضائية أولية غير عادية مؤلف//ة من
ثالث//ة قض//اة كمب//وديين يعين//ون بق//رار من مجلس القض//اء األعلى الكمب//ودي ومن قاض//يين
دوليين ،وكذلك إنشاء محكمة عليا تنظر كمحكمة استئناف وكمرجع أخير وتعت//بر غرف//ة من
غ/رف محكم/ة التمي/يز وتتش/كل من أربع/ة قض/اة كمب/وديين يعين/ون أيض/ا من قب/ل مجلس
القضاء األعلى ومن ثالثة قضاة أجانب .ويعهد إلى هذا القضاء الخاص أمر المحاكمة ومنها
جرائم اإلرهاب وتوكل مهمات المالحقة الجزائية واالتهام أمام هذا القضاء إلى هيئة اتهامي//ة
مختلطة مؤلفة من نائب عام كمب//ودي ومن ن//ائب ع//ام دولي يخت//اره مجلس القض//اء األعلى
14
خليل حسين ،سوابق المحاكم المختلطة ومتطلبات جريمة اغتيال الرئيس الحريري ،سوابق المحاكم المختلطة ومتطلبات 14-
:جريمة اغتيال الرئيس الحريري ،مقال منشور على الموقع االلكتروني
http//drkhali lhusseine, blogspot.com/2008/02/ blog post_615.htm
15
حازم محمد عتلم ،المحكمة الجنائية الدولية والموائمات الدستورية والتشريعية ،اللجنة الدولية للصليب األحمر ،بدون طبعة15- ،
،2003.ص_ 169
17
الكمب//ودي من بين الئح//ة مؤلف//ة من شخص//يتين متخصص//تين يرفعه//ا األمين الع//ام لألمم
المتحدة إلى الحكومة الكمبودية.16
يمكن له//ذه الس//وابق االحت//ذاء به//ا في الحال//ة اللبناني//ة كمحكم//ة مختلط//ة تنعق//د على
األراضي اللبنانية ،فتستلزم العدي/د من اإلج/راءات أوله/ا منه/ا إب/رام اتف/اق به/ذا الش/أن بين
الحكومة اللبنانية واألمم المتحدة والذي ال يصبح نافذا إال بإبرام مجلس النواب له وفق//ا لنص
الم/ادة 52من الدس/تور اللبن/اني .كم/ا يت/وجب على المجلس الني/ابي إص/دار ق/انون خ/اص
مراعاة للمادة 20من الدستور التي تنص على أن " :السلطة القضائية تتوالها المحاكم على
اختالف درجاتها واختصاص//اتها ض//من نظ//ام ينص علي//ه الق//انون ويحف//ظ بموجب//ه للقض//اة
وللمتقاضين الضمانات الالزمة".17
ويمكن اإلشادة بدور مجلس األمن الدولي في هذا الخصوص ،خاصة بعد تكييفه للج//رائم
المرتكبة في لبنان أنها جرائم إرهابية تمس بالسلم واألمن الدوليين وإثرها اعتمد قرار إنشاء
محكمة ذات طبيعة خاصة بلبنان ،لها اختص//اص بمتابع//ة مرتك//بي الج//رائم اإلرهابي//ة ال//تي
راح ضحيته رئيس الحكومة األسبق عمر" "الحريري" والعديد من األشخاص اآلخرين.18
لكن الدور المنوط بمجلس األمن في إنشاء المحاكم الخاصة لم يسلم من االنتق//اد ،خاص//ة
وأن هذه المحاكم لن تك//ون إال أجه//زة أنش//أها مجلس األمن وبإمكان//ه التحكم فيه//ا ومن ثم//ة
تعطيل عملها لذلك كانت فكرة منح المجلس حق اإلخطار أو اإلحالة أفضل من منح/ه س/لطة
إنشاء المحاكم الخاصة.
الفقرة الثانية :ضوابط ممارسة مجلس األمن الدولي لسلطة اإلحالة واآلثار المترتبة عليها
أوال :شروط ممارسة مجلس األمن الدولي لسلطة اإلحالة
16
16- BENSOUDA Jihane : « la justice internationale, Sierra Leone, Cambodge, Les
juridictions hybrides. » sur le site http://www.suite 101.fr/content/ la justice internationale au
liban ;3 à 5949 ? template = article_print.cfm.
-1717خليل حسين مرجع سابقHttp//drkhali lhusseine, blogspot.com/2008/02/ blog post_615.htm :
18
18- BENSOUDA Jihane : « la justice internationale, Sierra Leone, Cambodge, Les juridictions
hybrides. » sur le site : http://www.suite101.fr/content/ la justice internationale au liban ;3 à
5949 ? template = article_print.cfm.
18
لقد بين نظام روما األساسي إلنشاء المحكمة الجنائية في (المادة /13ب) عن الشروط
الواجب إتباعها من قبل مجلس األمن عند اإلحالة إلى المحكمة ،حيث نصت (المادة (
/ 13ب) على ما يلي " :للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في
(:المادة ( )05وفقا ألحكام النظام األساسي في األحوال اآلتية
-أ
ب -إذا أحال مجلس األمن متصرفًا بموجب الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة حال//ة إلى
المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت".19
ويتضح من النص أعاله أن هناك شروط موضوعية وشكلية على مجلس األمن االل//تزام
بها وإتباعها عند اإلحالة إلى المحكمة وهذا ما سنبينه من خالل ما يلي:
-1حصرية حق اإلحالة لمجلس األمن :لق//د ح/ددت الم//ادة (/13ب) من النظ//ام األساس/ي
للمحكمة الجنائية الدولية على وجه الدقة الجهة المختصة بإحالة حالة أو قضية ما تهدد السلم
واألمن الدوليين إلى المحكمة ،وهي مجلس األمن الدولي دون باقي األجه//زة األخ//رى ،رغم
اختالف اآلراء داخل لجنة القانون الدولي حول ه/ذا الموض/وع ،وانف/راد مجلس األمن به/ذه
الصالحية دون باقي األجهزة األخرى لألمم المتح/دة يع//ود إلى دوره الكب//ير في حف//ظ األمن
والسلم الدوليين.20
-2شكل اإلحالة :لم توضح (المادة (13ب) من النظام األساس//ي للمحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة
شكل هذه اإلحالة ،حيث اكتفت باإلشارة فقط إلى أن تكون اإلحالة وفق أحكام الفصل الس//ابع
من ميثاق األمم المتحدة ،ولكن المثير للتساؤل هو أنه لو راجعنا الفص//ل الس//ابع لوج//دنا أن//ه
يبيح للمجلس استصدار قرارات وتوصيات فيما يخص حفظ األمن والسلم الدوليين ،فه//ل أن
أنظر المادة 13من نظام روما األساسي إلنشاء المحكمة الجنائية الدولية19- .
19
20
نجيب حمد ،المحكمة الجنائية الدولية نحو العدالة الدولية ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،لبنان ،ط ،2006ص_- 104.20
19
إحالة مجلس األمن لقض//ية معين//ة إلى المحكم//ة يأخ//ذ ش//كل الق//رار أم التوص//ية ،أم كالهم//ا
جائز؟. 21
بالرغم من عمومية نص ( الم//ادة ( 13ب) فق//د ج//اءت خالي//ة من اإلش//ارة فيم//ا يتعل//ق
بشكل اإلحالة ،لكن من الممكن استخالص بعض المؤشرات على ذلك بالرجوع إلى مشروع
النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية المقدم في مؤتمر روما ،إذ نجده قد تضمن اإلش//ارة
إلى صدور قرار من مجلس األمن بهذا الشأن ،كما أن التوصيات ال تتمت//ع ب//القوة القانوني//ة
الملزمة بخالف القرار المتخذ من المجلس الذي يلزم الدول األعضاء والدول غير األعض//اء
في بعض األحيان ،و عليه فإن ما يتالءم مع متطلبات العمل الجنائي وتفعيل العدالة الجنائي//ة
الدولية يقتضي صدور قرار من مجلس األمن في تلك المسألة ،ومن ثم فان اإلحالة ال تتم إال
بق///رار ص///ادر عن مجلس األمن وف///ق اإلج///راءات المنص///وص عليه///ا في ميث///اق األمم
المتحدة.22
-3إجراءات صدور قرار اإلحالة :لم يتضمن النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية آلية
إصدار قرار اإلحالة إنما اكتفى باإلشارة فقط في ( الم//ادة / 13ب) إلى أن ه//ذه اإلحال//ة تتم
وفق أحكام الفصل السابع ،و عند الرجوع إلى الفصل السابع نج//ده يم//يز م//ا بين ش//كلين في
اآللية الالزمة للتصويت في مجلس األمن الدولي :شكل موض//وعي و ش//كل إج//رائي ،ومن
هذا المنطلق البد من التفريق بين الشكلين ،حيث يلزم لصدور القرار في المسائل اإلجرائية
موافقة تسعة دول على األقل ،بغض النظر إن كانت هذه الدول المصوتة دائم//ة العض//وية أم
ال ،وهذا بخالف الوضع فيما ل//و ك//انت المس//ألة المعروض//ة على المجلس موض//وعية فه//ذا
يتطلب موافق//ة تس//عة دول أعض//اء أيض//ا ،على أن تك//ون من ض//منها ال//دول الخمس دائم//ة
العضوية أو على األقل عدم اعتراض إحداها باس//تخدام ح//ق النقض "الفيت//و" ،وعلى ال//رغم
من عدم وضع معيار للتمييز ما بين الشكلين السابقين فتحديد ذلك منوط بمجلس األمن نفس//ه
فهو المختص بذلك ،أما بالنسبة لتحديد طبيعة اإلحالة وعلى الرغم من عدم اإلشارة إلى ذلك
في صلب النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ،إال أنها تعد من المس/ائل الموض/وعية و
21
مدوس فالح الرشيدي ،آلية تحديد االختصاص وانعقاده في نظر الجرائم الدولية وفقا التفاق روما لعام ،1998مجلة الحقوق 21-
.الكويتية ،العدد الثاني ،جامعة الكويت ،2003 ،ص _25
22
علي يوسف الشكري ،مرجع سابق ،ص ص_- 22 .126/125
20
يستلزم لصدورها موافقة ( )9دول من بينها الدول الخمس دائمة العضوية أو عدم اع//تراض
إحداها على ذلك ،ومخالفة ذلك القيد يبيح للمدعي الع//ام للمحكم//ة مراجع//ة اإلحال//ة والبحث
عن مدى مطابقتها لألحكام الواردة في الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة.23
-1أن تكون اإلحالة عن جريمة تختص بنظره//ا المحكم//ة :على مجلس األمن عن//د اتخ//اذه
قرار باإلحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية األخذ بعين االعتب/ار أن تك/ون ه/ذه الجريم/ة من
ضمن االختص/اص الن/وعي للمحكم/ة ،وه/ذه الج/رائم واردة على س/بيل الحص/ر في الم/ادة
الخامس/ة من النظ//ام األساس/ي للمحكم//ة وهي :ج/رائم اإلب//ادة الجماعي//ة ،ج/رائم الح/رب،
الجرائم ضد اإلنسانية ،جريمة العدوان ،وبالتالي فال مجال إلدخ//ال أي جريم//ة أخ//رى غ//ير
تلك الجرائم المذكورة حتى وإن كانت على درجـة كبيـرة مـن الجس/امة ،وعلي//ه ف/إن ق/رار
اإلحالة بغير هذه الجرائم غير صحيح وغير ملزم للمحكمة. 24
-2أن تكون اإلحالة لوقائع حصلت بعد نفاذ النظام األساسي للمحكمة :ال يكفي لصحة ق//رار
اإلحالة أن يكون قد انصرف إلى إحدى الجرائم المذكورة في المادة الخامسة بل الب//د من أن
تكون اإلحالة لوقائع قد حص//لت بع//د نف//اذ النظ//ام األساس//ي للمحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة ،وإال
أعتبر القرار غير صحيح لمخالفته قواعد االختصاص الزماني الخاص//ة بالمحكم//ة ،حيث تم
النص على ذلك في المادة ( " )1/11ليس للمحكمة اختصاص إال فيما يتعلق ب//الجرائم ال//تي
ترتكب بعد بدء نفاذ هذا النظام األساسي".
-3أن تكون اإلحالة وفق ألحكام الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة :اش//ترطت الم//ادة (
/13ب) لممارسة مجلس األمن حقه باإلحالة أن تتم وف//ق أحك//ام الفص//ل الس//ابع من ميث//اق
األمم المتحدة المتعلق باإلجراءات التي يتخذها في ح/االت تهدي/د الس/لم واألمن ال/دوليين ،أو
23
فيدا نجيب حمد ،مرجع سابق ،ص_- 23 .104
24
مدوس فالح الرشيدي ،مرجع سابق ،ص_-24 .58
21
اإلخالل بهما ،أو وقوع عمل من أعم//ال الع//دوان ،حيث يتمت//ع المجلس بس//لطة تقديري//ة في
تقدير الحاالت أعاله وله صالحيات واسعة لمواجهتها وهذا ما نص//ت علي//ه الم//ادة 2539من
ميثاق األمم المتحدة.
يع//د مب//دأ التكام//ل من المب//ادئ األساس//ية في نظ//ام روم//ا االساس//ي للمحكم//ة الجنائي//ة
الدولية ،والحجر األساسي في//ه؛ فنظ//ام المحكم//ة التكميلي للقض//اء الوط//ني ،ليس أعلى ،وال
بدرجة السيادة ذاتها على الدول األعضاء بها ،كما أن/ه ليس بدرج/ة أعلى أو بمرحل/ة أس/مى
من مراح//ل التقاض//ي في النظم القض//ائية الوطني//ة ،وإنم//ا ه//و قض//اء تكميلي ال ينعق//د ل//ه
االختصاص ما دام القضاء الوطني قادرا في التحقيق ومحاكمة المش//تبه بهم .وي//رى البعض
من الباحثين أنه عند إحالة مجلس األمن حالة ما إلى المحكمة الجنائية الدولية ،يعتقد أن فيه//ا
ارتكابا إلحدى الجرائم المنصوص عليها في نظام روما األساسي ،فإن ذلك يؤدي إلى س//لب
القضاء الوطني اختصاصه ،وهذا ما يؤثر بالطبع وبشكل سلبي على مبدأ التكامل.26
يرسم مبدأ التكامل الحدود الفاصلة بين ما يدخل في اختصاص القضاء الجنائي الوط//ني،
وما يدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وبمع//نى آخ//ر ،إن//ه يح//دد العالق//ة م//ا بين
القضاء الجنائي الوطني والقضاء الجنائي الدولي ويبقى أن مبدأ التكامل واجب التطبيق على
الرغم من لجوء مجلس األمن إلى استعمال سلطته في اإلحالة.27
22
إن للقضاء الجنائي الوطني االولوية على اختصاص المحكمة الجنائي//ة الدولي//ة ،بحيث ال
تس/تطيع المحكم/ة ممارس/ة اختصاص/ها اال عن/د انهي/ار النظ/ام القض/ائي الوط/ني ،أو عن/د
رفضه القيام بااللتزاماته القانونية أو فشله في ذلك.28
يبقى مجلس األمن صاحب القرار النهائي من حيث طلب اإلحالة إلى المحكمة الجنائي//ة،
وذلك لحقه باللجوء إلى إلزام الدول غير األعضاء بالنظام األساسي للمحكمة ،واألعضاء في
منظمة األمم المتحدة ،عند عدم مباشرتها اختصاصها الجن//ائي ،تج/اه بعض القض//ايا لص//الح
المحكمة الجنائية الدولية ،أو أية جه//ة قض//ائية؛ وذل//ك اس//تنادا إلى م//واد الفص//ل الس//ابع من
الميثاق ،الذي يصبح هو المقيد أو الضابط لمبدأ التكاملي//ة؛ ولكن اإلحال//ة في بعض األحي//ان
من شأنها أن تعطل المحاكم الوطنية في ممارسة اختصاصها بشأن الحالة موضوع اإلحالة.
أما من الناحي/ة القانوني/ة والعملي/ة ،فليس من ح/ق المحكم/ة الجنائي/ة الدولي/ة أن ت/رفض
طلب المجلس ،إذا م//ا تأك//د ل//ديها أن الدول//ة ق//امت فعال بك//ل إج//راءات التحقي//ق والبحث
والمحاكمة ؛وليس لها أن تصرح عمليا بعدم قبول الحال/ة ،في حال/ة اعتب/ار مجلس األمن أن
الدولة غير قادرة ،وبالتالي لمجلس األمن إلزام المحكمة بالنظر في الحال//ة ،ح//تى وإن س//بق
للدولة الفصل في القضية محاكمة مرتكبي الفعل المج//رم بحكم اختصاص//ها الوط//ني؛ وذل//ك
ألن ال//دول ،في ه//ذه الح//االت ،ملزم//ة بالخض//وع لق//رارات مجلس األمن ،طبق//ا لنص//وص
الفصل السابع ،وأكثر من ذلك طبقا لنص المادة 25من الميثاق ،لذلك فإن هذا الموضوع ال
يمنع المحكمة من التحقق من وجود عناص//ر تكاملي//ة ،طبق//ا لنظامه//ا األساس//ي إال في حال//ة
اعترافها الصريح بتطبيق الم//ادة 103من الميث//اق ،ومن طرفه//ا على ال//دول األعض//اء في
نظامه//ا األساس//ي ،وخاص//ة على ال//دول االعض//اء في منظم//ة األمم المتح//دة كونه//ا تعطي
قرارات مجلس األمن قوة تنفيذية في هذا المجال ،الفقرة الثانية والتي تنص على أن قرارات
المجلس تنف//ذ من قب//ل ال//دول األعض//اء في األمم المتح//دة مباش//رة ،وبفض//ل عمله//ا في
المؤسسات الدولية المعنية والتي هي عضو فيها.29
28
محمود شريف بسيوني ،المحكمة الجنائية الدولية ،المحكمة الجنائية الدولية ،مدخل لدراسة أحكام آليات اإلنفاذ الوطني للنظام 28-
.األساسي ،دار الشروق ،مصر ،2009 ،ص_144/145
29
أحالم بيضون ،مقارنة بين الفصلين السادس والسابع من ميثاق األمم المتحدة ،بحث منشور على موقع الدكتورة أحالم بيضون 29-
:اإللكتروني
https://:ahlambeydounpress.com
23
لمجلس األمن أن يض//ع التزام//ات مباش//رة على ع//اتق المؤسس//ات الدولي//ة والعالمي//ة
واإلقليمية أو الخاصة ،مثل المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة ،من أج//ل الحف//اظ على الس//لم واألمن
الدوليين؛ وفي المقاب/ل ،إذا م/ا أرادت ال/دول أن تق/ف في وج/ه طلب مجلس األمن ،فله/ا أن
تقوم بمفردها وبإرادتها بإحالة المتهمين على القضاء الدولي أو بمعاقبتهم داخليا ،أو أن تبل//غ
المحكمة الجنائية الدولية عن طريق النائب العام بمثل هذه الجرائم .وفي الوقت نفس//ه وح//تى
تتجنب تدخل مجلس األمن باإلحالة ضد إرادتها ،فما عليها إال أن تنضم إال النظ//ام األساس//ي
للمحكمة بالتوقيع والتصديق علي//ه ،وهك//ذا تباش//ر المحكم//ة اختصاص//ها عن طري//ق الدول//ة
الطرف في النظام األساسي أو التي قبلت اختصاصها.30
تحتفظ الدول األعضاء بحقها في ممارسة صالحيتها واختصاصها القضائي لجهة النظ//ر
في الجرائم التي ترتكب في إقليمها ،وفي حالة كون إحدى الدول األعض/اء تنظ/ر في قض/ية
من هذا النوع أمام محاكمها المحلية ،فإن المحكمة الجنائية الدولية ال تستطيع النظر في تل//ك
القضية إال إذا كانت تلك الدولة ال ت//رغب أو غ//ير ق//ادرة على متابع//ة التحقي//ق أو الحكم في
القضية؛ وبالتالي ،إن دور المحكمة الجنائية الدولية هو بمثاب//ة دور تكميلي للقض//اء الوط//ني
بقمع الجرائم الدولية التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.31
وفي ض//وء م//ا ورد في آراء الفقه//اء والكت//اب فيم//ا يتعل//ق ب//دور مجلس األمن وعالقت//ه
بالمحكمة الجنائية الدولية ،ن//رى أن ت//دخل المجلس في عم//ل المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة عن
طري/ق إحال/ة الج/رائم الدولي/ة عليه/ا يمث/ل الج/انب األك/ثر أهمي/ة في عالق/ة األمم المتح/دة
بالمحكم//ة ،بحيث أن ه//ذا الت//دخل ل//ه ص//لة وثيق//ة بحقيق//ة ك//ون الج//رائم ال//تي ت//دخل في
اختصاص المحكمة الجنائية ،ترتكب في إطار ح//االت هي مح//ل انش//غال مجلس األمن وفق//ا
للفص/ل الس/ابع من الميث/اق ،ويمكن أن تش/كل ه/ذه الج/رائم بح/د ذاته/ا تهدي/دا للس/لم وألمن
الدوليين ،وأن قرارات مجلس األمن الصادرة بم//وجب الفص//ل الس//ابع تعت//بر ملزم//ة لل//دول
وللمحكمة الجنائية الدولية عندما تمارس اختصاصها في الحاالت المحالة إليه//ا من المجلس.
30
بن عامر تونسي ،العالقة بين المحكمة الجنائية الدولية ومجلس األمن ،مجلة القانون العام والعلوم السياسية ،العدد الرابع30- ،
.المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،بيروت ،2006،ص1154/1155
31
محمد عزيز شكري ،القانون الدولي اإلنساني والمحكمة الجنائية الدولية ،بحث منشور في كتاب القانون الدولي اإلنساني ،آفاق 31-
.وتحديات ،الجزء ،3منشورات الحلبي الحقوقية ،2010ص_130
24
وحيث أن//ه ب//الرجوع إلى الم//ادة 103من الميث//اق ال//تي تنص على أن//ه " إذا تعارض//ت
االلتزامات التي يرتبط بها أعضاء األمم المتح//دة وفق//ا ألحك//ام الميث//اق م//ع أي ال//تزام دولي
آخر يرتبطون به ،العبرة بالتزاماتهم المترتبة على هذا الميثاق" ،وبالتالي ف//إن جمي//ع ال//دول
تلتزم بقبول قرارات المجلس تنفيذها استنادا إلى المادة 25من الميثاق التي تقض//ي بوج/وب
تنفيذ قرارات مجلس األمن.
25
الفقرة األولى :قضية دارفور
تدخل مجلس األمن في النزاع الدائر في دارفور 32بإصدار العديد من القرارات للمطالب//ة
باتخاذ الحكومة السودانية خطوات معين/ة ،بم/ا فيه/ا ن/زع ميليش/ياتها ووق/ف الهجم/ات ض/د
المدنيين ،وفي 31مارس 2005أصدر مجلس األمن الق//رار رقم 1593ال//ذي أح//ال في//ه
قضية دارفور بالسودان إلى المحكمة الجنائية الدولي/ة ،وق/د تض/من الق/رار 1593الص/ادر
عن مجلس األمن ما يلي " أن مجلس األمن يحيط علما بتقرير لجن//ة التحقي//ق الدولي//ة بش//أن
انتهاكات القانون الدولي اإلنس//اني ،و يش//ير إلى الم//ادة 16من نظ//ام روم//ا األساس//ي ال//تي
تقضي بأنه ال يجوز للمحكمة الجنائية الدولية البدء أو المضي في التحقيق أو المقاض//اة لم//دة
12شهرا بعد أن يتقدم مجلس األمن بطلب مجلس األمن بطلب هذا المعني ،و يش/ير الق/رار
أيض/ا إلى الم/ادتين 75و 79من نظ/ام روم/ا األساس/ي إذ يش/جع ال/دول على االس/هام في
الصندوق الستئماني المخصص للضحايا بالمحكمة الجنائية الدولية ،وإذ يحي/ط علم/ا بوج/ود
االتفاقات المشار إليها في الم//ادة 98/2من نظ//ام روم//ا األساس//ي ،وإذ يق//رر أن الحال//ة في
السودان ال تزال تشكل للس//الم واألمن ال//دوليين ،وإذ يتص//رف بم//وجب الفص//ل الس//ابع من
ميثاق األمم المتحدة.33
32
إن العوامل األكثر بروزا وتأثيرا في االستقرار واألمن داخل هذا اإلقليم كانت كما يلي :تتمثل في وفرة السالح في المنطقة بين 32-
أيدي القبائل نتيجة ألن دارفور كانت مسرحا لكثير من العمليات المسلحة وعمليات القتال الدائرة في الدول المجاورة ،حيث كان
يجري الليبي التشادي وحيث جرى تغيير نظام الحكم التشادي عبر المعارضة الداخلية المسلحة لثالث مرات إضافة إلى عدم
.االستقرار في إفريقيا الوسطى
أما العامل الثاني والذي كان أكثر فعالية كان يتمثل في موقف الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون غرانغ من نزاع دارفور
وإذ تمرد على الحكومة داوود يحيى بوالن-هو من أبناء الفور الذي كان قائدا بارزا في صفوف الحركة اإلسالمية ،وعندما انتقلت
الحركة اإلسالمية إلى سدة الحكم عزا عدم إسناد دور بارز له إلى التفرقة العنصرية وتزامن ذلك مع استقالة عدد من أبناء دارفور
.من عضوية الجبهة اإلسالمية
وفي سنة 1999انضم بوالد إلى الحركة الشعبية بقيادة جون غرانغ التي وفرت له ولغيره من أبناء الفور التدريب العسكري فتبنوا
طروحات غرانغ التي تطالب المركز في الخرطوم بمنح المهمشة نصيبها من السلطة والثروة والتنمية ،حينئذ بدأ الصراع يأخذ بعده
السياسي العرقي ،حيث قاد بوالد تمردا ضد حكومة الجبهة اإلسالمية التي كان ينتمي إليها وبعثت الحكومة عددا من ضباط أمنها
.إللقاء القبض عليه بمساعدة مسلحين يطلق عليهم اسم الجنجويد وقدم للمحاكمة وتم إعدامه
وفي فبراير 2003بدأت مجموعتين متمردين هما حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة بقتال الحكومة السودانية التي تتهم
باضطهاد سكان دارفور من غير العرب ،وقد كان للحكومة السودانية دورا في التعامل مع تلك األزمة حيث قامت بتشكيل لجنة
لتقصي الحقائق حول هذه الخروقات والجرائم ،كما قام األمين العام لألمم المتحدة كوفي عنان بتشكيل لجنة تحقيق دولية للوقوف على
حقيقة األوضاع في إقليم دارفور ،حيث جاء تشكيل هذه اللجنة على ضوء قرار مجلس األمن رقم 1564الصادر بتاريخ 18شتنبر
، 2004وقد أحالت هذه اللجنة تقريرها النهائي إلى األمين العام لألمم المتحدة والذي أحال بدوره هذا التقرير إلى مجلس األمن بتاريخ
31يناير ، 2005وقد أتبث هذا التقرير أن حكومة السودان ميليشيات جنحويد مسؤوالن عن جرائم تقع تحت طائلة القانون
الدولي ،حيث وجدت اللجنة أن الهجمات على القرى وقتل المدنيين االغتصاب ،والسلب والتسريد القسري كانت مستمرة وهي تجري
تحقيقاتها .أورده وردة طيب ،مقتضيات العدالة أمام المحكمة الجنائية الدولية ،المركز القانوني لإلدارات القانونية ،الطبعة األولى،
.سنة ،2015صص_237/238
33
حمزة طالب المواهرة ،دور مجلس في إحالة الجرائم الدولية إلى المحكمة الجنائية الدولية ،رسالة ماجيستر في القانون العام33- ،
.كلية الحقوق قسم القانون العام ،جامعة الشرق األوسط ،2012،ص_83
26
إن إحالة الوضع في دارفور على المحكمة الجنائية الدولية بغرض الشروع في إجراءات
التحقيق والمتابعة بموجب المادة 13من نظام روما األساسي ،بصرف النظر عما إذا ك//انت
الدولة التي ينتمي إليها مرتكبي الجرائم الماسة بحقوق اإلنس//ان طرف//ا في نظ//ام المحكم//ة أم
غير ذلك ،حتى ال يفلت مجرمي الحرب من العدالة الدولية ،وهذا ما ينطبق تماما على قرار
مجلس األمن رقم 1593الذي صدر بحق متهمين بارتكاب جرائم دولية ،تابعين لدولة غ//ير
طرف في النظام األساسي للمحكمة.
ويتضح بأن تأثير اإلحالة من مجلس األمن على المحكمة الجنائية وقبول الدعوى أمامه//ا
يعطي الحق للمدعي العام والغرفة التمهيدية سلطة تقويم المعلوم//ات ومن ض//منها م//ا يحيل//ه
مجلس األمن الدولي، 34كما أن العالق//ة بين المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة ومجلس األمن ،يجب
أن تقوم على أساس أن مجلس األمن ملزم بلفت انتب//اه المحكم//ة إذا ك//ان هن//اك تهدي//د للس//لم
واألمن الدوليين.
34
:تنص المادة 53من نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية على ما يلي 34-
:الشروع في التحقيق
يشرع المدعي العام في التحقيق ،بعد تقييم المعلومات المتاحة له ،ما لم يقرر عدم وجود أساس معقول لمباشرة إجراء بموجب هذا 1
:النظام األساسي ولدى اتخاذ قرار الشروع في التحقيق ،ينظر المدعي العام في
توفر أساسا معقوال لالعتقاد بأن جريمة تدخل في اختصاص المحكمة قد ارتكبت أو يجري ارتكابها .أ) -ما إذا كانت المعلومات
المتاحة للمدعي
.ب) -ما إذا كانت القضية كانت مقبولة أو يمكن أن تكون مقبولة بموجب المادة 17
ج) -ما إذا كان يرى ،آخذا في اعتباره خطورة الجريمة ومصالح المجني عليهم ،أن هناك مع ذلك أسبابا جوهرية تدعو لالعتقاد بأن
.إجراء التحقيق لن يخدم مصالح العدالة
فإذا قرر المدعي العام عدم وجود أساس معقول لمباشرة إجراء وأن قراره فحسب يستند إلى الفقرة الفرعية " ج" أعاله ،كان عليه أن
.يبلغ الدائرة التمهيدية بذلك
:إذا تبين للمدعي العام بناًء على التحقيق ،أنه ال يوجد أساس كاف للمقاضاة 2
أ) -أنه ال يوجد أساس قانوني أو وقائعي كاف لطلب إصدار أمر قبض أو أمر حضور بموجب المادة 58أو
ب) -القضية غير مقبولة بموجب المادة 17أو
ج) -ألنه رأى بعد مراعاة جميع الظروف ،بما فيها مدى خطورة الجريمة ومصالح المجني عليهم وسن أو اعتالل الشخص المنسوب
.إليه الجريمة أو دوره في الجريمة المدعاة ،أن المقاضاة لن تخدم مصالح العدالة
وجب عليه أن يبلغ الدائرة التمهيدية والدولة المقدمة لإلحالة بموجب المادة 14أو مجلس األمن في إطار الحاالت التي تندرج في
.إطار الفقرة "ب" من المادة ،13بالنتيجة التي انتهى إليها واألسباب التي ترتبت عليها هذه النتيجة
أ) – بناءًا طلب الدولة القائمة باإلحالة بموجب المادة 14او طلب مجلس االمن بموجب الفقرة "ب" من المادة ،13يجوز للدائرة – 3
التمهيدية مراجعة قرار المدعي العام بموجب الفقرة 1و 2بعدم مباشرة إجراء ولها أن تطلب من المدعي العام إعادة النظر في ذلك
.القرار
ب) -يجوز للدائرة التمهيدية باإلضافة الى ذلك وبمبادرة منها ،مراجعة قرار المدعي العام بعدم مباشرة إجراء إذا كان القرار فحسب
.يستند الى الفقرة " 1ج" او " 2ج" ،وفي هذه الحالة ال يصبح قرار المدعي العام نافذا اال إذا اعتمدته الدائرة التمهيدية
يجوز للمدعي العام في أي وقت ،ان ينظر من جديد في اتخاد قرار بما إذا كان يجب الشروع في تحقيق او مقاضاة استنادا الى 4-
.وقائع او معلومات جديدة
27
وبتاريخ 27أبريل ،2007أصدرت الدائرة التمهيدي/ة األولى أم/را ب/القبض على أحم/د
محمد وهران ،وعلي هارون ،وعلى محمد علي عبد الرحمان باإلضافة إلى 51متهما آخ//ر
التهامهم بجرائم الحرب وجرائم ضد اإلنسانية ،كما ق//دم الم//دعي الع//ام بت//اريخ 14يولي//وز
2018طلبا إلى الدائرة التمهيدية كي تصدر مذكرة توقيف بح//ق ال//رئيس الس//وداني "عم//ر
حسين البش//ير" ،وق//د أص//درت ال//دائرة التمهيدي//ة األولى أم//را ب//القبض بت//اريخ 04م//ارس
2009بحق " عمر البشير".
وما أوردته الدائرة التمهيدية في قضيتي أحمد هارون وعلي كش//يب من الس//ودان وحيث
أن//ه ب//النظر إلى المعي//ار اإلقليمي والشخص//ي فالس//ودان ليس//ت بدول//ة ط//رف في النظ//ام
األساسي ،وانه عمال بموجب الفق//رة ب من الم//ادة 13من روم//ا األساس/ي ال تطب//ق الفق//رة
الثانية من المادة 12إال إذا كان مجلس األمن هو الذي أح/ال الحال/ة على المحكم/ة الجنائي/ة
الدولية متصرفا بمقتضى الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة.
وعليه ،يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها في الجرائم التي ارتكبت على إقليم دول//ة
ليست طرفا في النظام األساسي ،وأبسط م//ا يش//ترط في ه//ذه الحال//ة ،ه//و أن تش//كل الوق//ائع
المحالة تهديدا للسلم واألمن ال//دوليين ،ووفق//ا للفص//ل الس//ابع من ميث//اق األمم المتح//دة ال//ذي
بموجبه تعتبر جميع أعض//اء األمم المتح//دة ملزم//ة ب//احترام ق//رارات مجلس األمن وتنفي//ذها
بمقتضى المادة 25من الميثاق.
وقد كان موقف حكومة السودان بعد صدور أوام//ر القبض ،انه//ا لن تس//مح بمحاكم//ة أي
سوداني خارج النظام القضائي الوطني ،وبأنه//ا لن تس//لم ال مس//ؤولين وال منس//وبين للق//وات
المس//لحة وح//تى المتم//ردين للمحاكم//ة خ//ارج ال//وطن ،وأن موق//ف الس//ودان ه//و أال ينعق//د
للمحكمة الجنائية الدولية اختصاص لمحاكم//ة أي س//وداني ،وأن حكوم//ة الس//ودان لن تس//مح
بمحاكمة ومعاقبة أي سوداني خارج النظام القضائي الوطني.
وحث رئيس مجلس األمن حكوم//ة الس//ودان وجمي//ع أط//راف ال//نزاع في دارف//ور على
التعاون التام مع المحكمة ،وذلك من أج/ل وض/ع ح/د للحص/انة من العق/اب عم/ا ارتكب من
جرائم في دارفور ،غير أن المتهمين الصادر ضدهما األمر بالتوقيف ،مازاال في حالة ف//رار
28
ولم يلق القبض عليهما حتى س//نة ،2010ألن الخرط//وم دائم//ا ك//انت ت//رفض تس//ليم أحم//د
هارون وزير الشؤون اإلنسانية وعلى قشيب الذين تطالب بهما المحكمة الجنائية الدولية.
وحتى ت//اريخ 13م//اي ،2013الزال الس//يد أحم//د ه//ارون والس//يد علي كش//يب طليقي
السراح وأيضا عمر حسين أحمد البشير الذي ينتظر القبض عليه من قبل الدول وتسليمه إلى
المحكم/ة الجنائي/ة الدولي/ة في أفض/ل الظ/روف من أج/ل محاكمت/ه ،وبالمقاب/ل من ذل/ك أذن
للعديد من الضحايا بالمشاركة في اإلجراءات التمهيدي//ة للقض//ية س//واء شخص//يا أو بواس//طة
ممثليهم القانونيين.35
إن تعاون الدول مع المحكمة هو الخيار األفضل بسبب ما تتمت//ع ب//ه من نزاه//ة وحي//اد و
استقاللية ،وأن تعاون السودان مع المحكمة ال يمثل اعت//داء على س/يادة الس/ودان واس/تقاللها
ووحدة أراضيها بل يؤدي إلى تفعيل دور المحكمة في تحقيق العدالة الدولية من جهة ويزي//د
الضغط على الواليات المتحدة االمريكية التي ترفض فكرة المحكمة الدائمة وتعارضها بشدة
وتتمنى لها االنهيار لكي تجنب جنودها المنتشرين في أرجاء الكرة األرضية المثول أمامه//ا
وتبقى هي (أمريكا) الحكم الوحيد والفيصل االوحد في القض//ايا الدولي//ة ومعاقب//ة المج//رمين
وغير المجرمين على مذهبها االنتقائي ورأيها االفتراض//ي س//واء من خالل مجلس األمن أو
من خارجه.
ويجد قرار مجلس األمن رقم 1970بشأن إحالة الوضع في ليبيا على المحكمة الجنائي//ة
الدولية ،أساسه في الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة ،وأنه لكون الوضع في ليبيا يش//كل
35
هشام محمد فريجة ،دور القضاء الجنائي الدولي في مكافحة الجريمة الدولية ،دار الخلدونية للنشر والتوزيع ،الجزائر35- 2012 ،
.ص_395
29
تهديدا للسلم واألمن الدوليين ،أصدر مجلس األمن وبإجماع األص//وات داخل//ه الق//رار أعاله،
الذي على إثره منح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية تفويض//ا مفتوح//ا للتحقي//ق في أي//ة
جرائم دولية ارتكبت بعد 15ف//براير 2011 36ه//ذا من جه//ة ،ومن جه//ة أخ//رى نص نفس
القرار على ضرورة التعاون الكامل للسلطات الليبية مع المحكمة.
وقرار مجلس األمن أعاله لم يصدر هكذا ،وإنما ج//اء بن//اءا على مجموع//ة من األح//داث
التي عرفتها ليبيا ،إذ كانت المظاهرات الليبية قد انطلقت في 15فبراير 2011إثر اعتق//ال
محامي ضحايا سجن بوسليم في مدينة بنغازي ،ثم تبعتها مظاهرات في بعض الم//دن الليبي//ة
األخرى ،منها زوارة والزاوية والبيضاء ،فأطلق رجال األمن الرصاص الحي وقتل//وا بعض
المتظاهرين وخرجت مظاهرات مساندة لها في جبل نفوس//ه ثم تح//ولت المظ//اهرات في 17
فبراير ،إلى انتفاضة ش//عبية كب//يرة ش//ملت معظم الم//دن الليبي//ة ط//الب المتظ//اهرون خالله//ا
بإصالحات سياسية واقتصادية واجتماعية فسقط أكثر من 400شخص ما بين قتيل وج//ريح
برصاص ق//وات األمن اللي//بي ،ثم تح//ولت بع//د ذل//ك إلى ث//ورة مس//لحة ه//دفها إس//قاط نظ//ام
الق//ذافي؛ وق//د نجح الث//وار بإس//قاط العاص//مة ونظ//ام الق//ذافي في ي//ومي 21و 22غش//ت
،2011حيث س//قطت العاص//مة ط//رابلس بي//د الث//وار ،وق//اموا الس//يطرة علي آخ//ر معاق//ل
القذافي وقتله في مدينة سرت يوم 20أكتوبر . 201137
أدت األحداث التي عرفته/ا ليبي/ا خالل س/نة 2011وال/تي انتهت بإس/قاط نظ/ام الق/ذافي
ي///ومي 21و 22غش///ت ، 2011الى إص///دار مجلس األمن 38في 26ف///براير 2011
36
:تضمنت المواد 4؛5؛ 6من قرار مجلس األمن رقم 1970ما يلي 36-
.يقرر إحالة الوضع القائم في الجمهورية العربية الليبية منذ 15فبراير ،2011إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية )4
يقرر أن تتعاون السلطات الليبية تعاونا كامال مع المحكمة ومع المدعي العام ،وتقدم لهما ما يلزمهما من مساعدة عمال بمقتضيات )5
هذا القرار؛ وإذ يسلم بأن الدول غير األطراف في نظام روما األساسي ال يقع عليها أي التزام بموجب ذلك النظام ،فإنه يحث جميع
.الدول والمنظمات اإلقليمية وسائر المنظمات الدولية المهتمة باألمر ،على التعاون التام مع المحكمة والمدعي العام
) 6يقرر أن الرعايا ،أو المسؤولين الحاليين أو السابقين ،أو األفراد القادمين من دولة خارج الجمهورية العربية الليبية وليست طرفا
في نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ،يخضعون للوالية القضائية الحصرية لتلك الدولة في جميع ما يزعم وقوعه من
تصرفات أو أعمال تقصير ناجمة عن العمليات التي ينشئها أو يأذن بها مجلس األمن في الجمهورية العربية الليبية ،أو تكون متصلة
بها ،ما لم تتنازل الدولة صراحة عن تلك الوالية القضائية الحصرية( .أنظر قرار مجلس األمن رقم 1970الصادر في 26فبراير
))S/RES/1970(2011 2011
37
أمين السيسي ،ثورة 17فبراير والوجه السري للقذافي ،الطبعة األولى ،القاهرة ،الهيئة العامة المصرية للكتاب37- ،2011 ،
.ص_7
38
:متصرفا بموجب المادة رقم 13من نظام روما األساسي إلنشاء المحكمة الجنائية الدولية التي تنص على ما يلي 38-
:للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة الخامسة وفقًا ألحكام هذا النظام األساسي في األحوال التالية
30
ق///رار 1970يحي///ل بموجب///ه م///ا حص///ل في ليبي///ا من أح///داث على المحكم///ة الجنائي///ة
الدولية ،وأنه على الرغم من كون ليبيا ليس/ت من ال//دول في نظ//ام روم//ا األساس/ي، 39ولكن
في حال//ة اإلحال//ة من قب//ل مجلس األمن ،ف//إن المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة ال تتقي//د بالش//روط
المسبقة لممارسة االختصاص الوارد ذكرها في نظ//ام روم//ا ،بمع//نى أن//ه في ه//ذه الحال//ة ال
يشترط أن تكون الجريمة قد ارتكبت في إقليم دولة طرف أو من شخص يحمل جنس/ية دول/ة
طرف ،فالمحكمة ينعقد لها االختصاص في ه/ذه الحال/ة أينم/ا ك/ان وق/وع الجريم/ة ،وبغض
النظر عن جنسية مرتكبها.40
ولقد س/اهمت ه/ذه اإلحال/ة بقي/ام المحكم/ة الجنائي/ة الدولي/ة بممارس/ة اختصاص/ها وف/ق
الصالحية القضائية المخولة لها للتحقي//ق في الج/رائم المرتكب//ة من قب//ل نظ//ام الق//ذافي بح/ق
الشعب الليبي ،للفترة من فبراير من سنة 2011وما بعدها ،والمشار إليه//ا في ق//رار مجلس
األمن ،2011/1970والمح//ددة أيض ً/ا في الم//ادة الخامس//ة من نظ//ام المحكم//ة األساس//ي؛
وبالتالي لقد أسهمت هذه اإلحالة بإضعاف نظام حكم القذافي ،وحصول العديد من االنشقاقات
الحكومية لدى بعض الشخصيات من وزراء دبلوماسيين وأعضاء من القوات المسلحة.
وعالوة على ذل//ك وبن//اءا على ض//وء ق//رار مجلس األمن رقم 1970الص//ادر في 26
فبراير ،2011فتح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية " لويس مورين//و أك//امبو" تحقيق//ا
في 3م//ارس ،2011ثم أعلن في ،2011/5/16وعمال بالم//ادة 58/1من نظ//ام روم//ا
األساس//ي ،تق//ديم طلب إلى ال//دائرة االبتدائي//ة األولى إلص//دار م//ذكرات اعتق//ال دولي//ة ض//د
الثالثة الذي يتحملون المسؤولية جراء تلك الجرائم (معمر الق//ذافي ،س//يف اإلس//الم الق//ذافي،
عبد هللا السنوسي).
) -.............أ
ب) -إذا أحال مجلس االمن ،متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق االمم المتحدة ،حالة الى المدعي العام يبدو فيها جريمة أو
.أكثر قد ارتكبت
-............ج
39
لم تكن ليبيا طرفا موقعا على نظام روما األساسي ،وبالتالي كان ال بد من إحالة ما وقع في ليبيا من أحداث من قبل مجلس 39-
األمن على المحكمة الجنائية الدولية ليتم النظر فيها ،وأنه تجدر اإلشارة الى أن هذه القضية باإلضافة إلى قضية دارفور في السودان
.هما القضيتان الوحيدتان اللتان أحيلتا على المحكمة الجنائية الدولية باعتماد هذه اآللية
- 4040محمد ماقورا ،عالقة المحكمة الجنائية الدولية بمجلس األمن ،مقال منشور على الرابط التاليWww.aludel.gov.ly :
31
وفي هذا الشأن تبنى مجلس األمن ق//راره الث//اني رقم 1973في ،2011/3/17وال//ذي
سمح للمجلس بتطبيق الفصل السابع واتخاذ اإلجراءات العسكرية ض/د النظ/ام ،وذل/ك لك/ون
الوضع يهدد السلم واألمن الدوليين ، 41ويقتضي فرض عقوب//ات على حكوم//ة الق//ذافي منه//ا
فرض حظر جوي والسماح بشن هجمات مسلحة ضد القوات الجوية الليبية.
وفي حينها أبدت بعض الدول تحفظا على هذا القرار من أهمها روسيا وألمانيا التي أبدى
وزير خارجيتها قلقا إزاءه ،وذل//ك لوج//ود بعض الش//كوك بش//أن األه//داف الحقيقي//ة للق//رار،
بسبب الصالحيات ال/تي يمنحه/ا الق/رار لل/دول الك/برى في ش/ن هجم/ات عس/كرية لض/رب
القوات الليبية لحماية المدنيين.
بدأ التنفيذ الفعلي للقرار من خالل قيام الطائرات الفرنس//ية بقص//ف ق//وات الق//ذافي ح//ول
مدينتي بنغازي ،وأجدابيا تبعها قيام بارجات أمريكية قرب السواحل بإطالق ص//واريخ نح//و
أهداف عائدة للحكومة الليبية وبعد استمرار العملي//ات العنيف//ة على ه//ذا النح//و أعلنت ق//وات
التحالف الدولي أنها استطاعت دحر وتدمير الجزء األكبر من قوات القذافي الجوية ،م//ا أدى
إلى إسقاط النظام.
41
:تضمن قرار مجلس األمن الدولي رقم 1973مجموعة من النقاط المهمة أهمها ما يلي 41-
فرض منطقة حظر جوي شاملة فوق أراضي ليبيا تشمل الطائرات التجارية والعسكرية لمنع تحليق وتحرك قوات القذافي في 1)-
.أجوائها ومنعها من قصف المدنيين؛ أما الطائرات التي تحمل المساعدات اإلنسانية للسكان فال بأس بمرورها
مناشدة جميع أعضاء األمم المتحدة بمنع إقالع أو هبوط أي طائرة عسكرية أو حتى تجارية قادمة من ليبيا أو متجهة إليها من 2)-
.أراضي الدولة
ًا ًال
مطالبة جميع دول األمم المتحدة بإجراء كافة الخطوات الضرورية لحماية المدنيين في ليبيا ،حتى ولو تطلب األمر تدخ عسكري 3)-
.من الدولة ،لكن ،وفي الوقت يؤكد القرار على استبعاد تدخل قوات األمم المتحدة العسكرية على األراضي الليبية الحتاللها
مطالبة القذافي بإيقاف فوري للنزاع ووقف إطالق النار ،وفي حال رفض القذافي ذلك فسيباح لدول األمم المتحدة أن تنظم 4)-
.عمليات قصف غير منطقة حظر الطيران لتدمير قوات القذافي وحماية السكان منها
مطالبة القذافي بالسماح بمرور كافة المساعدات اإلنسانية بسهولة ويسر إلى األراضي الليبية دون مهاجمتها أو منعها .أنظر قرار5)-
مجلس األمن
تطبيق قرار مجلس األمن رقم ( )1970المتعلق بحظر األسلحة لقوات القذافي على نطاق أوسع وبشكل أفضل ،إلى جانب إضافة 6)-
المزيد من أسماء األشخاص والمنظمات إلى قائمة حظر السفر وتجميد األموال وتستند هذه القائمة حسب القرار إلى كافة األموال.
.واألمالك التي يملكها القذافي ،أو إلى أن له يد فيها بطريقة أو بأخرى في أي من دول األمم المتحدة
.المطالبة تجميد كافة أصول المؤسسة الوطنية للنفط والبنك المركزي الليبي نظرا لتبعيتها للقذافي – )7
مطالبة األمين العام لألمم المتحدة بان كي مون ،بتشكيل لجنة مراقبة تتألف من ثمانية أشخاص للتحقق من تنفيذ هذه القرارات 8)-
.جميعًا تنفيذها بكافة بنودها
32
ول//و قارن//ا بين الق//رارين الم//ذكورين ،نج//د أن الق//رار 1970تض//من ف//رض عقوب//ات
مختلفة على نظام القذافي ،وك/ذلك تف/ويض المحكم/ة الجنائي/ة الدولي/ة ب/التحقيق في الج/رائم
التي اقترفتها قواته ضد المدنيين الليبيين ولم يخول أي دولة بالدفاع عن المدنيين الليبيين أو
اللجوء للقوة لحمايتهم ،في حين أن مجلس األمن فوض في قراره رقم 1973باتخاذ جمي//ع
التدابير الالزمة منها العسكرية وغيرها من أجل حماية المدنيين وتنفي//ذا لق//رار مجلس األمن
الم//رقم ب 1970فق//د أص//درت ال//دائرة االبتدائي//ة في 27يوني//و 2011ثالث م//ذكرات
اعتقال بحق معمر القذافي وابنه سيف اإلسالم الق//ذافي ورئيس المخ//ابرات في ليبي//ا عب//د هللا
السنوسي بتهمة ارتكاب جرائم ض//د اإلنس//انية بم//وجب الم//ادة (( -1 – 7أ) ،واالض//طهاد
باعتباره جريمة ضد اإلنسانية بموجب المادة ( – 1 – 7ج) ،والتي ارتكبت في ليبيا ،خالل
الف/ترة من 15ح/تى 28ف/براير 2011من قب/ل أجهزت/ه األمني/ة المتمثل/ة في جه/از أمن
الدولة وقوات األمن الليبية ثم أمرت الدائرة االبتدائية األولى في 22نون//بر 2011ب//إغالق
القضية المرفوعة ضد الزعيم الليبي معمر القذافي ،بعد وفاة المتهم.
33
المبحث الثاني :فرض واجب التعاون على الدول مع المحكمة الجنائية
الدولية
ال شك أن نجاح المحكمة الجنائية الدولية في القي//ام بال//دور الموك//ل إليه//ا يعتم//د إلى ح//د
كبير على تعاون الدول أعضاء الجماعة الدولية في تمكين المحكم//ة من القي//ام ب//دورها عن//د
إج//راء التحقيق//ات كالمس//اعدة في جم//ع وتق//ديم التحري//ات وجم//ع األدل//ة أو تنفي//ذ الق//رارات
الص//ادرة ب//التوقيف أو االعتق//ال ونق//ل المتهمين إلى المحكم//ة .وال يمكن للمحكم//ة الوف//اء
بدورها كمحكمة جنائية دولية دون تعاون الدول معها ،حيث ال تمتلك قوات شرطة أو ق//وات
مسلحة ق//ادرة على تنفي//ذ قراراته//ا ووض//عها موض//ع التنفي//ذ ،وعلي//ه فس//وف تفق//د ق//رارات
المحكمة أية قيمة لها إذا ما صدرت ه//ذه الق//رارات دون وج//ود آلي//ة لتنفي//ذها ،وال س//يما أن
ق//رارات المحكم//ة ال//تي تص//در تتعل//ق ،من حيث األس//اس ،ب//أوامر القبض على المتهمين
ومالحقتهم.
وقد تقوم الدول سواء أكانت أطرافا في نظام روما األساس//ي أم غ//ير أط//راف بالتع//اون
بشكل مباشر مع المحكمة الجنائية الدولي/ة ،والش/ك أن ه/ذا الوض/ع ،ه/و األمث/ل من وجه/ة
نظر المحكمة غير أن األمر ليس بهذه السهولة ،وخاصة من جانب الدول غير األطراف في
نظام روما األساسي ،مم/ا ي/دفعنا إلى التس/اؤل عن اإلج/راء ال/ذى يمكن للمحكم/ة أن تتخ/ذه
تجاه الدول غ//ير المتعاون//ة وه//ل يمكن أن تلج//أ المحكم//ة إلى مجلس األمن لطلب المس//اعدة
لتحري//ك ال//دول للتع//اون معه//ا ،وه//ل يمكن لمجلس األمن أن يلعب دورًا فعلي//ا ل//دفع ال//دول
للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية؟
34
وعلى ض//وء ه//ذا التس//اؤل س//وف نق//وم في ه//ذا المبحث ببحث دور مجلس األمن في
فرض واجب التعاون سواء على الدول األطراف في نظ//ام روم//ا (المطلب االول) ،أو غ//ير
األطراف (المطلب الثاني).
المطلب األول :دور مجلس األمن الدولي في فرض التعاون على الدول األطراف في نظام
روما
يتفق فقهاء القانون الدولي على التزام الدول األطراف بنظام روما األساسي بالتعاون م//ع
المحكمة الجنائية الدولية وتنفيذ كافة الق//رارات الص//ادرة عنه//ا .ويس//تند رأى فقه//اء الق//انون
الدولي في هذا الشأن على ما جاءت ب//ه الم//ادة 87/7ال//تي تنص على أن//ه " في حال//ة ع//دم
امتثال دولة طرف لطلب تعاون مقدم من المحكمة بما يتن//افى وأحك//ام ه//ذا النظ//ام األساس//ي
ويحول دون ممارسة المحكمة وظائفها وسلطاتها بموجب هذا النظام يجوز للمحكمة أن تتخذ
قرارا بهذا المع/نى وأن تحي/ل المس/ألة إلى جمعي/ة ال/دول األط/راف أو الى مجلس األمن إذا
كان مجلس األمن قد أح/ال المس/ألة إلى المحكم/ة " ،و المالح/ظ على ه/ذه الم/ادة أنه/ا تمنح
المحكمة عند إحجام دولة طرف عن التعاون معها في قضية تدخل ضمن اختصاصها سلطة
اتخاذ قرار بإحالتها إما إلى جمعي//ة ال//دول األط//راف في النظ//ام األساس/ي ،وإم//ا إلى مجلس
األمن إذا كان هو من أحال الموقف إلى المحكمة من قبل وبالتالي فإن السؤال المطروح هن//ا
يكمن في مدى فاعلية إلزام الدول بالتعاون مع المحكمة عن طريق جمعية الدول األط//راف،
أي بغير تدخل مجلس األمن (الفقرة األولى ) ،وكذا عن طريق مجلس األمن إذا كان هو من
أحال ذلك الموقف إلى المحكمة (الثانية ).
الفقرة األولى :ضعف آلية إلزام الدول األطراف بغير تدخل مجلس
إن إحالة قض//ية معين//ة من المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة إلى جمعي//ة ال//دول األط//راف عن//د
إحجام دولة طرف عن التعاون مع هذه المحكمة ال يعني ب//أي ح//ال من األح//وال أن جمعي//ة
الدول األطراف تمثل سلطة عليا فوق سلطة المحكمة ،إذ تتمتع هذه األخيرة باس//تقاللية تام//ة
في ممارسة اختصاصها وصدور أحكامها.42
42
منح نظام روما األساسي المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية جمعية الدول األطراف سلطة حل النزاعات بين دولتين أو أكثر 42-
من الدول األطراف بشأن تفسير النظام األساسي أو تطبيقه ،وذلك عن طريق المفاوضات ضمن مدة معينة أو أية وسيلة أخرى سلمية
تراها جمعية الدول األطراف بما في ذلك إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية،،للمزيد حول سلطة جمعية الدول األطراف أنظر:
مدوس فالح الرشيدي ،آلية تحديد االختصاص و انعقاده في نظر الجرائم الدولية وفقا التفاق روما لسنة : 1998مجلس األمن
35
ورغم ذلك فإن األحكام الواردة في الباب التاسع من النظام األساسي ال تحمل ضمانات كافية
لكي ال يكون القانون الوطني عائقا أمام عمل المحكم//ة ،فق//د نص//ت الم//ادة 4/93من//ه على
أنه " :ال يجوز للدولة الطرف أن ت//رفض طلب مس//اعدة كلي//ا أو جزئي//ا ،إال إذا ك//ان الطلب
يتعلق بتقديم أية وثائق أو كشف أدلة تتصل بأمنها الوطني ،وذلك وفقا للمادة ."43 72
والمالحظ أن هذه المادة توفر أسبابا للدول لتأخير تعاونها المحكمة ،ولما كان مصطلح "
األمن الوطني " واسعا فإنه سيترك للدول هامشا واسعا للتق//دير ،ويح//رم ب//ذلك المحكم//ة من
الدولي ،المحكمة الجنائية الدولية و المحاكم الوطنية ،مجلة الحقوق ،السنة السابعة والعشرون ،العدد الثاني ،يونيو ،2003صص_
78/79 .
43
:تنص المادة 72من نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية على ما يلي 43-
تنطبق هذه المادة في أي حالة يؤدي فيها الكشف عن المعلومات أو وثائق تابعة لدولة ما إلى المساس بمصالح األمن الوطني لتلك 1)-
الدولة ،حسب رأيها ،ومن هذه الحاالت ما يندرج ضمن نطاق الفقرتين 2و 3من المادة ،56والفقرة 3من المادة ،61والفقرة 3من
المادة ،64والفقرة 2من المادة ،67والفقرة 6من المادة ،87والمادة ،93وكذلك الحاالت التي تنشأ في أي مرحلة أخرى من
.اإلجراءات ويكون الكشف فيها عن تلك المعلومات محل نظر
تنطبق هذه المادة أيضا في أية حالة يكون قد طلب فيها من شخص تقديم معلومات أو أدلة ،ولكن هذا الشخص رفض أن يفعل 2)-
ذلك أو أحال المسألة إلى دولة ،على أساس أن الكشف عنها من شأنه أن يمس مصالح األمن الوطني للدولة ،وأكدت الدولة المعنية
.أنها ترى أن الكشف سيكون من شأنه المساس بمصالح أمنها الوطني
.ليس في هذه المادة ما يخل باشتراطات السرية الواجبة التطبيق بموجب الفقرة " 3ه" و "و" من المادة ،54أو بتطبيق المادة 3)- 73
إذا علمت دولة ما أنه يجري أو من المحتمل أن يجري الكشف عن معلومات أو وثائق تتعلق بها في أي مرحلة من مراحل 4)-
اإلجراءات ،وإذا رأت أن من شأن هذا الكشف المساس بمصالح أمنها الوطني ،كان من حق تلك الدولة التدخل من أجل تسوية المسألة
.وفقا لهذه المادة
إذا رأت دولة ما أن من شأن الكشف عن المعلومات المساس بمصالح أمنها الوطني ،اتخذت تلك الدولة جميع الخطوات المعقولة5)- ،
بالتعاون مع المدعي العام أو محامي الدفاع أو الدائرة التمهيدية أو الدائرة االبتدائية ،حسب الحالة ،من أجل السعي الى حل المسألة
:بطرق تعاونية ،ويمكن أن تشمل هذه الخطوات ما يلي
أ) -تعديل الطلب أو توضيحه
ب) – قرار من المحكمة بشأن مدى صلة المعلومات أو األدلة المطلوبة ،أو قرار منها بما إذا كانت األدلة ،رغم صلتها ،يمكن أو
.أمكن فعال الحصول عليها من مصدر آخر غير الدولة المطلوب منها تقديمها
ج) -إمكانية الحصول على المعلومات أو األدلة من مصدر آخر أو في شكل آخر ،أو؛
د) -االتفاق على الشروط التي يمكن في ظلها تقديم المساعدة ،بما في ذلك ،ضمن أمور أخرى تقديم ملخصات أو صيغ منقحة ،أو
وضع حدود لمدى ما يمكن الكشف عنه ،أو عقد جلسات مغلقة و /أو عن جانب واحد ،أو اللجوء إلى تدابير أخرى للحماية يسمح بها
.هذا النظام األساسي وتسمح بها القواعد
بعد اتخاذ جميع الخطوات المعقولة لحل المسألة بطرق تعاونية ،وإذا ما رأت الدولة أنه ال توجد وسائل أو ظروف يمكن في ظلها 6)-
تقديم المعلومات أو الوثائق أو الكشف عنها دون المساس بمصالح أمنها الوطني تقوم الدولة بإبالغ المدعي العام أو المحكمة باألسباب
المحددة التي بنت عليها قرارها ،ما لم يكن من شأن الوصف المحدد لألسباب أن يؤدى ،في حد ذاته بالضرورة إلى المساس بمصالح
.األمن الوطني للدولة
:إذا قررت المحكمة بعد ذلك أن األدلة ذات صلة ضرورية إلثبات أن المتهم مذنب أو بريد جاز لها االضطالع باإلجرءات التالية7)-
أ) -حيثما يكون الكشف عن المعلومات أو الوثائق مطلوبا بناء على طلب للتعاون بمقتضى الباب 9أو في إطار الظروف الوارد
:وصفها في الفقرة ،2وتكون الدولة قد استندت إلى أسباب الرفض المشار إليها في الفقرة 4من المادة 93
يجوز للمحكمة قبل التوصل إلى أي استنتاج أشير إليه في الفقرة الفرعية (7أ)" "2أن تطلب إجراء مزيد من المشاورات من أجل 1"-
.النظر في دفوع الدولة ،وقد ذلك ،حسبما يكون مناسبا ،عقد جلسات مغلقة أو عن جانب واحد
إذا استنتجت المحكمة أن الدولة الموجه إليها الطلب ،باستنادها ،في ظروف الحالة ،إلى أسباب الرفض المبينة في الفقرة 4من 2"-
المادة ،93ال تتصرف وفقا اللتزاماتها بموجب النظام األساسي ،جاز للمحكمة أن تحيل األمر وفقا للفقرة 7من المادة ،87مبينة
.بالتحديد األسباب التي بنت عليها استنتاجها
يجوز للمحكمة أن تخلص في محاكمة المتهم إلى ما قد يكون مناسبا في هذه الظروف من استنتاج وجود أو عدم وجود واقعة ما3"- ،
أو
:ب) – في كافة الظروف األخرى
األمر بالكشف ،أو 1"-
36
القيام بمهمة التحقيق على أكمل وجه .44وهكذا فإن مسألة تعاون الدول مع ق//د يتم اس//تعمالها
بصفة تعسفية ،ومن ثم تصبح من الناحية العملية مسألة اختيارية بالنسبة لهذه الدول، 45وه//و
ما يعني بأن مسألة التعاون محكوم عليها باالعتماد على حسن نية ال//دول في التع//اون ،وه//و
ما من شأنه أن يصعب من مأمورية المحكمة في مجال التحقيق.
وترتيبا على ذلك فإن هذه الحجج من شأنها أن تعرق/ل الس/ير الجي//د والمط//رد للمحكم//ة،
خاصة أنه ال يمكن لهذه األخيرة أن تأمر الدولة المعنية بكشف الوثائق ذات الصلة بالجريمة
حسب المادة 7/72من النظام األساسي ،وما على المحكمة عندم عدم امتثال الدولة الط//رف
لطلب التع//اون إال اللج//وء إلى م//ا ج//اء في الم//ادة 7/87من نفس النظ//ام ،وال//تي تع//نى
بالعقوبات التي يمكن أن تتخذ إلجبار الدولة الطرف على التعاون مع المحكم//ة وال//تي لم يتم
النص على طبيعتها ،خاصة تلك المتعلقة بجمعية الدول األطراف.46
كم/ا تمت اإلش/ارة إلى التش/ريعات الوطني/ة أك/ثر من م/رة في الب/اب التاس/ع من النظ/ام
األساسي 47،حيث إن الطلبات المتعلقة بالقبض أو نقل أي ش//خص على إقليمه//ا وجمي//ع ه//ذه
اإلجراءات تتم وفقا لقوانين تلك الدول ،وهو ما نصت عليه المادة ( )88من النظام األساسي
بقولها " :تكفل الدول األطراف إتاحة اإلجراءات الالزمة بم//وجب قوانينه//ا الوطني//ة لتحقي//ق
جميع أشكال التعاون المنصوص عليها في هذا الباب".
وق/د تم التوص/ل إلى ه/ذا الح/ل بع/د إلح/اح كب/ير من ال/دول المتوافق/ة في ال/رأي أثن/اء
مفاوضات مؤتمر روما من أجل صياغته بهذا الشكل.
بقدر عدم أمرها بالكشف ،الخلوص في محاكمة المتهم إلى ما قد يكون مناسبا في هذه الظروف من استنتاج وجود أو عدم وجود 2"-
.واقعة ما
44
44- selphe fredlan, la route ne s’arrête pas à Rome, rapport de la fédération des droits de l’homme,
n°266 novembre, 1998, p13.
45
45- Serge sur, le droit international pénale, entre l’État et la société internationale, colloque sur le
droit pénal international, octobre 2001, www.Ridi.org. P42.
46
46- serge sur, vers une cour pénale internationale la convention de Rome entre les ONG et
le Conseil de sécurité, revue générale de droit internationale public, vol/103,1999, p30.
47
أنظر المواد 88و 89و 93من نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية- 47 .
37
وربطا بما سبق قد يحدث أن تقب/ل الدول/ة في البداي/ة التع/اون م/ع المحكم/ة ،ولكن أثن/اء
سير التحقيق التعمق فيه تصبح الحاجة للتع//اون ض//رورية ج//دا للمحكم//ة وحساس//ة في نفس
الوقت بالنسبة للدول ،ومن ثم يمكن لهذه الدولة أن تعدل عن رأيها.
ونظرا لكون تعاون الدول مع المحكمة يرتكز على الج//انب المي//داني ،48فإن//ه من الممكن
أن توجد المحكمة في مواجهة حاالت الرفض هذه ،وه//و م//ا حص//ل في محكم//ة يوغس//الفيا
الس//ابقة ،وبالت//الي يمكن أن تواجهه//ا المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة بص//ورة أك//ثر ت//واترًا في
المستقبل.49
ورغم غم//وض نص الم//ادة 87/7من نظ//ام روم//ا ف//إن الم//ادة 112/2من//ه والمتعلق//ة
بجمعية الدول األطراف لم تزل أيا من هذا الغموض ،وذلك بنصها على ما يلي ".....
و -النظر عمال بالفقرتين 5و 7من المادة 87في أية مسألة تتعلق بعدم التعاون"
فهذه المادة لم توضح التدابير التي يمكن أن تتخذها جمعية ال//دول األط//راف عن//د إحج//ام
الدول عن التعاون معها.
وأمام هذا الغموض فقد اختلفت تفاس//ير الفق//ه في ه//ذا الش//أن ،فمنهم من ذهب إلى الق//ول
بعدم إمكانية اتخاذ جمعي//ة ال//دول األط//راف ت//دابير ردعي//ة في مواجه//ة ال//دول الرافض//ة أو
المقصرة في واجب التعاون ،وإن تم التسليم بغير ذلك فإن قرارات هذه الجمعية غير ملزم//ة
بالنسبة للدول .50في حين ذهب جانب آخر من الفق//ه إلى أن جمعي//ة ال//دول األط//راف كهيئ//ة
ذات طبيعة خاصة ،حيث يمكن لها على األق//ل اتخ//اذ ق//رار باس//م المحكم//ة تل//وم من خالل//ه
الدول المقصرة في التعاون وتطلب منه//ا تحم//ل مس//ؤولياتها . 51ب//ل إن هن//اك من ذهب إلى
القول بإمكانية اتخاذ تدابير عقابية في حق الدول الممتنع/ة عن التع/اون م/ع المحكم/ة ،وه/ذا
بالسماح للدول األطراف باتخاذ تدابير وإجراءات مضادة. 52
48
48-Zhu wenqi, la coopération entre les États non parties et la Cour pénale internationale,
revue internationale de la choix rouge, vol/88,2006, p100.
49
إلينا بيجيتش ،المساءلة عن الجرائم الدولية من التخمين الى الواقع ،المجلة الدولية للصليب األحمر ،عدد سنة ،2002ص_ 49-
187.
50
50-Serge sur, op. Cit, p31.
51
51-Zhu wenqi, op, cit, p102.
52
52-Flavia Lattanzi, Compétence de la cour pénale internationale et consentement des États, Revue
Générale de Droit International Public, Val/ 103, N 02, 1999, P 427.
38
وأخيرا نخلص إلى أنه ال يوجد م//ا يض//من من الناحي//ة النظري//ة على األق//ل أن تتوص//ل
جمعية الدول األطراف إلى اتخ//اذ أي ق//رار مهم//ا ك//انت طبيعت//ه في مواجه//ة رفض ال//دول
التعاون مع المحكمة نظرا لطريقة سير هذه الجمعية ،وتبقى بالتالي الممارسة العملية وحدها
كفيلة بتوضيح هذه التدابير التي يمكن أن تتخذها جمعي//ة ال//دول األط//راف عن//د ح//دوث ه//ذا
الرفض من قبل دولة طرف في النظام األساسي للمحكمة.
وإذا كان نظام روما األساسي يمنح لل//دول األط//راف أس//بابا تس//مح له//ا بع//دم االس//تجابة
لطلبات التعاون دون أن يظهر ذلك بش//كل مباش//ر ،ف//إن األم//ر ال يب//دو ك//ذلك عن//دما يتعل//ق
األمر باإلحالة من مجلس األمن.
الفقرة الثانية :إلزامية التعاون مع المحكمة عند إحالة حالة من مجلس األمن
اقتصرت المادة 87/7من نظام روما األساسي على ذكر حالة واحدة يمكن اللجوء فيه//ا
إلى مجلس األمن ،في حال إحجام الدول األطراف عن التع/اون م/ع المحكم/ة ،وذل/ك عن/دما
تكون اإلحالة صادرة من مجلس األمن ،حيث للمحكمة في هذه الحال/ة أن تحي/ل المس/ألة إلى
مجلس األمن ،ولهذا األخير بعد ذلك أن يصدر ق/رارا ي/ذكر في/ه الدول/ة الط/رف بالتزاماته/ا
الناشئة عن النظام األساسي ،متضمنا تدابير ملزمة أو غ//ير ملزم//ة وفق//ا للفص//ل الس//ابع من
الميثاق أو حتى الفصل السادس منه ،فإذا اس//تجابت ه//ذه الدول//ة غ//ير المتعاون//ة ،ف//إن م//واد
النظام األساسي ذات الصلة بالتعاون الدولي والمساعدة القضائية يتم تطبيقه//ا كتل//ك المتعلق//ة
بتسليم األشخاص إلى المحكمة.
وفي ه//ذه الحال//ة ال يمكن للمحكم//ة أن تطلب من المجلس ف//رض عقوب//ات معين//ة على
الدولة الممتنع//ة ،وال يق//دح في ذل//ك س//كوت النظ//ام األساس//ي عن ه//ذه العقوب//ات ،ب//ل يبقى
للمجلس وحده السلطة التقديرية الواسعة في اتخاذ التدابير المناسبة إلجب//ار ه//ذه الدول//ة على
التعاون مع المحكمة.
ومهما يكن من أمر فإن المحكمة سوف تتعاون مع الدولة الطرف وفقا لنصوص النظ//ام
األساسي ،إذ لن تكون هذه المحكمة ملزمة بما اتخذه مجلس األمن من تدابير إلجب//ار الدول//ة
39
الط//رف بالتع//اون م//ع المحكم//ة إذا ك//انت ه//ذه الت//دابير ال تتف//ق ونظامه//ا األساس//ي ،ولكن
لمجلس األمن أيضا أن يجبر الدولة الطرف على التعاون م/ع المحكم/ة ،س/واًء ك/ان ه/و من
أحال الموق//ف إلى المحكم//ة أم ال ،53وهن//ا الب//د من التمي//يز بين م//ا إذا ك//انت اإلحال//ة غ//ير
صادرة من مجلس األمن وبالتالي ال يمكن للمحكمة إخطاره بعدم تعاون الدولة الطرف وبين
ما إذا كانت غير صادرة منه أيضا لكن مع إمكانية هذا المجلس في نفس الوقت إجبار الدولة
الطرف على التعاون مع المحكمة ،خاصة إذا كان عدم تع//اون الدول//ة الط//رف من ش//أنه أن
يهدد السلم واألمن الدوليين وذلك من الناحية النظرية ،أما من الناحية العملي//ة فإن//ه من غ//ير
المتوقع أن يقوم مجلس األمن بالتدخل في إجراء لم يقم بتفعيله أصال ،بل ب//العكس من ذل//ك،
فقد يرغب في عرقلته حتى وإن كان يهدد السلم واألمن الدوليين وفق//ا للم//ادة 16من النظ//ام
األساس//ي ،والحال//ة ه//ذه ف//إن س//لطة المجلس في التعلي//ق ق//د تف//رض على ه//ذه ال//دول ع//دم
التصرف بما ال يتماشى مع هذا التعليق أي ال//تزام ال//دول األعض//اء في األمم المتح//دة بع//دم
التعاون مع المحكمة لمدة اثني عشر شهرا قابل//ة للتجدي//د ،ويك//ون مص//در ه//ذا االل/تزام ه//و
المادة 4154من الميثاق ،األمر الذي يؤدي إلى تخليص ه//ذه ال//دول من التزاماته//ا المحتمل//ة
وفقا للنظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وتزداد س//لبية أث//ر س//لطة المجلس في التعلي//ق على تع//اون ال//دول م//ع المحكم//ة وتق//ديم
المساعدة القضائية لها إذا قام مجلس األمن بتجديد تعليق عمل المحكمة لمرات غير مح//ددة،
وهذا بالنظر إلى اإلطالق الذي وردت عليه المادة ( )16من النظام األساسي ما دام المجلس
راغبا في ذلك ،أو حتى إذا تجاهل مجلس األمن ذلك القيد الزمني الذي فرض//ته تل//ك الم//ادة،
53
مدوس فالح الرشيدي ،مرجع سابق ،صص_- 53 .80/81
54
:تنص 41من ميثاق األمم المتحدة على ما يلي 54-
لمجلس األمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي ال تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته ،وله أن يطلب الى أعضاء
األمم المتحدة تطبيق هذه التدابير ويجوز أن يكون من بينها وقف الصالت االقتصادية والمواصالت الحديدية والبحرية الجوية والبرية
.والبريدية والبرقية الالسلكية وغيرها من وسائل المواصالت وقفا جزئيا أو كليا وقطع العالقات الدبلوماسية
40
وبالتالي فإن القاعدة العامة التي نصت عليها الم//ادة 7/8755من النظ//ام األساس//ي هي ال//تي
ستطبق في هذه الفرضية.
وهنا لم تقتصر المادة ( )87من النظ//ام األساس//ي على كفال//ة آلي//ة معين//ة إلل//زام ال//دول
األطراف بالتعاون مع المحكمة ،بل تعدتها إلى الدول غير األطراف أيضا.
المطلب الثاني :دور مجلس األمن في فرض واجب التعاون على الدول غير األطراف مع
المحكمة
األصل العام أن الدول الغير األط/راف في أي/ة معاه/دة دولي/ة ال تل/تزم بأحكامه/ا تطبيق/ا
لمبدأ نسبية المعاهدات ،ال//ذي أكدت//ه الم//ادة 5634من اتفاقي//ة فيين//ا لق//انون المعاه//دات لس//نة
،1969ثم كذلك محكمة العدل الدولية في ع//دد من األحك//ام ال//تي أص//درتها بش//أن القض//ايا
التي عرضت عليها.57
وال يخفى صعوبة تطبيق هذا المبدأ بخصوص القرارات التي تتخ//ذها المحكم//ة الجنائي//ة
الدولية ،شأنها في ذل//ك ش//أن المح//اكم الجنائي//ة المؤقت//ة األخ//رى عن//د مخاطب//ة ال//دول غ//ير
األطراف في نظام روما األساسي باعتب//ارهم غ//ير مل//تزمين بتنفي//ذ ه//ذه الق//رارات ،58حيث
يمكن للدول غير األطراف بنظام روما األساسي أن تتمسك بالمادة 86من النظ//ام ،59وتعلن
عدم التزامها بالتعاون مع المحكمة في تنفيذ القرارات التي تهدف إلى قيامها بتحقيق وظائفها
55
واجهت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسالفيا السابقة صعوبة في التعاون مع بعض الدول مثل حكومة يوغوسالفيا االتحادية 58-
58
السابقة .وقد ارغمت هذه الدول على التعاون مع المحكمة وقامت بتسليم الرئيس األسبق سلوبودان ميلوسوفيتتش الى المحكمة الجنائية
الدولية ....للتوسع أنظر أيمن عبد العزيز سالمة ،السودان وأزمة المحكمة الجنائية الدولية ،األبعاد و المخاطر ،مجلة السياسة الدولية،
.عدد ،174أكتوبر 2008ص_200
59
:تنص المادة 86من نظام روما األساسي على ما يلي 59-
تتعاون الدول األطراف ،وفقا ألحكام هذا النظام األساسي ،تعاونا تاما مع المحكمة فيما تجريه ،في إطار اختصاص المحكمة ،من
.تحقيقات في الجرائم والمقاضاة عليها
41
وأهدافها ،ومع ذلك نجد المادة 12/3من نظام روما األساسي تنص على أنه "إذا كان قب//ول
دولة غير طرف في هذا النظام األساسي الزما جاز لتلك الدول/ة بم/وجب إعالن ي/ودع ل/دى
مس//جل المحكم//ة ،أن تقب//ل ممارس//ة المحكم//ة اختصاص//ها فيم//ا يتعل//ق بالجريم//ة قي//د
البحث ،وتتعاون الدولة القابلة مع المحكمة دون أي تأخير أو استثناء.
وعلى أي حال فإن دراسة هذه اآللية تقتضي منا التعرض إلى الجدل الفقهي الكبير ح//ول
قيمة هذه اآللية (الفقرة األولى) ،وكذلك دراسة هذه اآللية كم//ا وردت في نص الم//ادة 87/5
من النظام األساسي (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :الخالف الفقهي حول إلزام الدول غير األطراف بالتعاون مع المحكمة
اشتد الخالف بين فقهاء القانون الدولي حول مدى إلزام ال//دول غ//ير األط//راف بالتع//اون
مع المحكم/ة وتق/ديم المس/اعدة القض/ائية له/ا بين مؤي/د إلمكاني/ة امت/داد ذل/ك االل/تزام ح/تى
بالنسبة للدول غير األطراف بنظام روما األساسي خاصة عن/دما تك/ون اإلحال/ة ص/ادرة من
مجلس األمن (أوال) ،وبين معارض ل//ذلك باس//تثناء م//ا نص//ت علي//ه م//واد النظ//ام األساس//ي
للمحكمة (ثانيا)
أوال :الرأي المؤيد المتداد واجب التعاون إلى الدول غير األطراف
يتزعم هذا االتجاه مجموعة من الفقهاء على رأس/هم األس/تاذ ، Giuseppe Nesiال//ذي
يرى بأن هناك عاملين ي//دالن على أن//ه تحت ش//روط معين//ة ف//إن ال//دول غ//ير األط//راف في
النظام األساسي ولو لم تبرم أي اتفاق تعاون هي أيضا ملزمة بالتعاون م//ع المحكم//ة ،وذل//ك
استثناء من القاعدة العامة المتعلقة باألثر النسبي للمعاه//دة كم//ا نص//ت عليه//ا الم//ادة 34من
اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة .1969ويستند Giuseppe Nesiفي رأيه على شكل
اإلحالة إلى المحكمة من ناحية ،وعلى طبيعة الجرائم الواقعة في إط/ار اختص/اص المحكم/ة
من ناحية أخرى.
ففيما يتعلق بالنقطة األولى عند إحالة مجلس األمن موقف//ا م//ا إلى المحكم//ة وفق//ا للفص//ل
السابع من ميثاق األمم المتحدة فهذا واض//ح تم//ام الوض//وح ب//أن جمي//ع ال//دول األعض//اء في
األمم المتحدة ملزمة بالتعاون وفي مثل هذه الحالة فإن قرار اإلحالة من المجلس هو مص//در
42
االلتزام لجميع الدول في األمم المتح/دة م/ع م/ا يل/زم من التغي/ير والتب/ديل ،وه/و م/ا حص/ل
عندما تبنى المجلس قرارًا بإنشاء المحكمة الخاصة بيوغسالفيا السابقة ورواندا .وهنا كقاعدة
عامة ال يمكن إجبار الدول غير األط/راف على التع/اون م/ع المحكم/ة على أس/اس نظامه/ا
األساسي ،بل إن التزامها بالتع//اون ينش//أ من ميث//اق األمم المتح//دة ،وبالت//الي ينبغي توق//ع أن
المجلس سوف يمنح اختصاص المحكمة سمّو ًا في مواجه/ة األنظم/ة القض/ائية الوطني/ة ذات
الصلة عندما يقوم باإلحالة كعمل تنفيذي للفصل السابع فسلطة المجلس في ممارس//ة الت//دخل
القضائي مستمدة من الميثاق وال تتأثر بالنظام األساسي للمحكم//ة ،وأن ت//دعيم س//لطة مجلس
األمن للمحكم//ة من خالل إح//االت الفص//ل الس//ابع ينبغي أن تش//تمل على إع//ادة تنفي//ذ نظ//ام
التعاون الدولي ،فالميثاق ذاته وعلى وجه الخصوص المادة 60103منه يس//هل قي//ام العالق//ة
المنتجة بين مجلس األمن والمحكمة الجنائية الدولية.61
كما يذهب البعض إلى أن مجلس األمن باستطاعته أن يل//زم أي دول//ة عض//و في منظم//ة
األمم المتحدة بالتعاون مع المحكمة ،خاصة أن لهذه األخيرة أن تدعو أي دول//ة غ//ير ط//رف
لتقديم مساعدتها وفقا للمادة 85/7من نظام روما األساسي ،وذلك بشكل ض//مني ،حيث ورد
بهذه المادة عبارة " أو على أي أس/اس مناس/ب آخ/ر" ،وه/ذه األخ/يرة ال يمكن أن تك/ون إال
قرارا صادرا عن مجلس األمن وفقا للفصل السابع من الميثاق يلزم هذه الدول بالتع//اون م//ع
المحكمة.62
وهكذا فإن أول توسيع لاللتزام بالتعاون ليش//مل دوال غ//ير أط//راف في النظ//ام األساس//ي
أمكن تشكيله.
أما فيما يتعل//ق بطبيع//ة الج//رائم الواقع//ة في إط//ار اختص//اص المحكم//ة ،ف//يرى األس//تاذ
Giuseppe Nesiأنه باإلشارة إلى جرائم الحرب مثال ،فهي الجرائم التي تعه//دت ال//دول
60
:تنص المادة 103من ميثاق األمم المتحدة على ما يلي 60-
إذا تعارضت االلتزامات التي يرتبط بها أعضاء األمم المتحدة وفقا ألحكام هذا الميثاق مع أي التزام دولي آخر يرتبطون به فالعبرة
.بالتزاماتهم المترتبة على هذا الميثاق
61
محمود سليمان المخزومي اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة مجرمي الحرب ،رسالة دكتوراه ،معهد البحوث 61-
.والدراسات العربية ،القاهرة ،2005 ،ص_475
62
62-Ioannis Prezas, La justice pénale internationale à l'épreuve de maintien de la paix : à propos de la
relation entre la cour pénale internationale et le conseil de sécurité, Revue Belge de Droit
International, Vol /39, 2006- 1, P80.
43
األطراف في معاهدة ج//نيف لس//نة 1949ب//االلتزام ب//أن تح//ترم وأن تكف//ل اح//ترام الق//انون
الدولي اإلنساني ،وبذلك فإن جميع الدول األعضاء في معاهدة جنيف ،وليس من الض/روري
أن يكون//وا أعض//اء في نظ//ام روم//ا ج//اهزون للتع//اون وفق//ا للم//ادة 88/1من ال//بروتوكول
اإلضافي 63األول لسنة 1977لمكافحة هذه الجرائم ،وبالتالي فإن التعاون في قم//ع الج//رائم
يعتبر أحد الوسائل الحترام الق//انون ال//دولي اإلنس//اني من قب//ل ال//دول األعض//اء في معاه//دة
جنيف لسنة .1949
وفي هذا السياق فإن سلوك ال//دول ال//تي ال تس//تجيب لالل//تزام بالتع//اون م//ع المحكم//ة ق//د
يعرضها لعقوبات دولية من قبل الدول األخ//رى ومن مجلس األمن ،ذل//ك أن اح//ترام وكفال//ة
احترام القانون الدولي اإلنساني هو أيضا من مهام األمم المتحدة ،وبالتالي فإن ه//ذه األخ//يرة
يمكن أن تتدخل في حاالت عدم االستجابة لاللتزام بالتعاون في مكافحة الجرائم المنص//وص
عليها في المادة 5من نظام روما األساسي.
وفي هذا االتجاه يقول الدكتور عامر الزمالي :إننا أمام منظومتين ق/انونيتين ،فنحن أم/ام
القانون الدولي اإلنساني من جهة الذي يندرج في إطاره االلتزام ب/احترام ه/ذا الق/انون ،ومن
جهة أخرى أمام القانون الدولي الجنائي ،حيث إننا أمام ثنائية يدعم أحدهما اآلخ//ر ،فالق//انون
الدولي اإلنساني بفضل القانون الدولي الجنائي ستكون له آلية إضافية لدعم//ه وتنفي//ذه ،علم//ا
بأن اتفاقيات جنيف في أغلبها من قبيل القواعد اآلمرة ،عالوة على أنه ال يوج//د اختالف بين
أهذاف المنظوم//تين ،ف//االلتزام بالتع//اون مف//روض س//لفا على جمي//ع األط//راف في اتفاقي//ات
جنيف وهي كل دول العالم اليوم تقريبا 189دولة.64
كما ذهب الدكتور " حازم محمد عتلم " إلى أن بعض االلتزامات الواردة في نظام روما
تلزم سائر الدول بجنيف؛ ألن هناك قانون دولي عرفي وهناك قواعد آمرة ،وهي تلزم س//ائر
الدول ،بل إنه ذهب إلى حد القول بأن اتفاقية فيينا لقانون المعاه/دات لع/ام 1969تؤي/د ه/ذا
المنحى ،حيث إن هناك قواعد تلزم الدولة بغض النظر عم//ا إذا ك//انت طرف//ا من خالل أنه//ا
63
:تنص المادة 88/1من البروتوكول اإلضافي األول لسنة 1977الملحق باتفاقيات جنيف األربع لسنة 1949على ما يلي 63-
تقدم األطراف السامية المتعاقدة كل منها لألخرى أكبر قسط من المعاونة فيما يتعلق باإلجراءات الجنائية التي تتخذ بشأن هذه
.االنتهاكات الجسيمة ألحكام االتفاقيات أو هذا البروتوكول
64
عامر ،مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني ،وحدة الطباعة واإلنتاج الفني بالمعهد العربي لحقوق اإلنسان ،الطبعة الثانية ،تونس 64-
،1997.ص_117
44
قواعد تستند إلى األعراف الدولية ذاتها ،65وفي اإلطار ه//ذا أخ//ذ ال//دكتور " عب//ود س//راج "
نفس االتجاه إال أنه ك//ان مرن//ا في موقف//ه ،حيث ذهب إلى أن اتفاقي//ة روم//ا لس//نة 1998ال
تعني إلغاء بقية االتفاقي//ات الدولي//ة فه//ذه األخ/يرة موج/ودة ويعم//ل به//ا ،وبالت//الي يمكن ألي
عضو باألمم المتحدة أن يتعاون مع المحكمة حتى ولو لم يكن طرف//ا بنظامه//ا األساس//ي ،إال
أنه استدرك بالقول :إن موضوع االلتزام بالنسبة للموقعين أشد على الذين صادقوا وأصبحوا
طرفا في االتفاقية ،وهؤالء يكون التزامهم أكبر ،أما التعام//ل فم//ا ي//زال موج//ودا وقائم//ا بين
جميع دول العالم.66
خالصة يمكن القول إن أنصار هذه االتجاه يرون أن التزام التع//اون بالنس/بة لل//دول غ//ير
األطراف في نظام روما األساسي للمحكم//ة ق//ائم وموج//ود ول//و لم يوقع//وا أي اتف//اق تع//اون
معها ،إذ يمكن االستدالل على ذلك بمجموعة من اآلليات لحف//ظ الس//لم واألمن ال//دولي ،مث//ل
االتفاقي//ات الدولي//ة ال//تي تك//ون ال//دول غ//ير بنظ//ام روم//ا ق//د انض//مت إليه//ا وتك//ون تج//رم
االنتهاكات الخطيرة للقانون الدولي اإلنساني ،وبالتالي يكون مصدر االل//تزام والتع//اون ه//ذه
االتفاقيات مثلما هو عليه األمر بالنسبة التفاقيات جنيف لسنة .1949
وبهذه الطريقة يمكن سد الثغرة في مبادئ النظام األساسي الخاصة بااللتزام بالتعاون.
ثانيا :الرأي المناهض االمتداد واجب التعاون إلى الدول غير األطراف
یرى هذا الجانب من الفقه بأن المحكمة ال تمتلك آلية تنفيذية إلجبار الدول على التعاون
معها خاصة إذا كانت هذه الدولة غير طرف في نظامها األساسي ،فعالقة المجلس بالمحكمة
تنتهي بمجرد اإلحالة إليها ،بمعنى أن دور مجلس األمن يقتصر على لفت انتباه المحكمة إلى
وضع معين وتبقى إجراءات المتابعة والمالحق/ة للمش/تبه بهم أو التوق/ف عن ذل/ك في إط/ار
السلطة التقديرية للمدعي العام للمحكمة.67
65
محمد حازم عتلم ،المحكمة الجنائية الدولية تحدي الحصانة ،اللجنة الدولية للصليب األحمر ،الطبعة الرابعة ،دمشق 65- ،2002،
.ص_172
66
نقاش الجلسة الثالثة ،المحكمة الجنائية الدولية :تحدي الحصانة ،ندوة تحت رعاية الدكتور حسان ريشة واللجنة الدولية للصليب 66-
.األحمر ،مطبعة الداودي 03و 04نونبر ،2001صص_151/152
67
عمر محمود سليمان المخزومي ،القانون الدولي اإلنساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان 67-
،2008،ص_474
45
وفي هذا الصدد يقول الدكتور " أحمد أب//و الوف//ا " بأن//ه من غ//ير المنطقي الق//ول بامت//داد
واجب التعاون بالنسبة للدول غير األطراف في النظام األساسي للمحكمة؛ ذلك أننا في إط//ار
معاهدات متتالية منصبة على ذلك الموضوع ،وهو م/ا تؤك/ده الم/ادة ( )34من اتفاقي/ة فيين/ا
لقانون المعاهدات لعام 1969والمتعلقة باألثر النسبي للمعاهدات ،فإذا اختلف األط/راف في
معاهدتين منصبتين على ذات الموضوع فإن المعاهدة التي يكونان طرفا فيها فق//ط هي ال//تي
تحكم عالقتهما المتبادلة ،ففي ه//ذه الحال//ة ال يمكن أن يس//ري االل//تزام بالتع//اون على ال//دول
غير األطراف ،وإال فما الفرق بين دولة طرف في بروتوكول 1977ونظام روم//ا ،ودول//ة
طرف في واحدة منها فقط ،فواجب التعاون هنا ال يكون ملزما بالنسبة للدول في إطار نظ//ام
روما وإنما من الممكن أن يكون في إطار المحاكمات التي تتم خارج نظام روما ،وهنا يمكن
أن يسري االلتزام الذي نص عليه البروتوكول وفق المادة 34من اتفاقية فيينا لع//ام 19668
.9
ويضيف الدكتور " أحمد أبو الوفا " إلى أنه ال يختلف مع أحد في أن هناك قواعد آم//رة،
إنما اتفاقية فيينا لم تبين إال الص//فة اآلم//رة لالل//تزام ،لكنه//ا لم ت//بين الوس//ائل وإنم//ا وض//عت
االلتزام األساسي الذي يسري على الدول ،كما لم تبين بأن الدولة تلتزم بأن تسلم مجرما وفقا
لمعاهدة ليست طرفا فيها ،فالمبدأ الذي ال يجب أن تخرج عنه اتفاقية فيينا أن الدولة ال تل//تزم
بغير رضاها ،وبذلك تسري االتفاقية بين الملتزمين بها فقط ،69وبالتالي ال التزام على ع//اتق
الدول غير األطراف إال إذا وافقت على ذلك.70
كم///ا ذهب ال///دكتور " كم///ال حم///اد " إلى أن///ه ال يمكن التوس//ع في فهم الم///ادة األولى
المشتركة في اتفاقيات جنيف؛ ألن هناك صالحيات في المحكمة ومفاهيم في بعض األعم//ال
الجرمية مختلفة تماما عن اتفاقيات جنيف أو موسعة أكثر ،هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى
فإن الموافقة على مثل هذا الطرح يعتبر أمرا خطيرا ألنه إذا بدأنا من اآلن نقول بأنه سيكون
68
أحمد أبو الوفا ،المالمح األساسية للمحكمة الجنائية ،من كتاب المحكمة الجنائية الدولية المواءمات الدستورية والتشريعية68- ،
.الطبعة الثالثة ،اللجنة الدولية للصليب األحمر ،القاهرة ،2005،ص_25
69
نقاش الجلسة الثالثة ،المحكمة الجنائية الدولية :تحدي الحصانة ،ندوة تحت رعاية الدكتور حسان ريشة واللجنة الدولية للصليب 69-
.األحمر ،مطبعة الداودي 03و 04نونبر ،2001ص_145
70
أحمد أبو الوفا ،مرجع سابق ،ص_- 70 .48
46
هكذا ،فإن عدد الدول بنظام روما سيتقلص وستتوقف مجموعة من الدول عن اإلنض//مام إلى
نظامها.
وفي ذات االتج//اه تق//ول ال//دكتورة " أم//ل ي//ازجي " بأن//ه من المفه//وم أن ال//دول غ//ير
المصادقة على نظام روما لكنها ط/رف في اتفاقي/ات ج/نيف على األق/ل فيم/ا يتعل/ق بج/رائم
الحرب أمر واض//ح ،لكن البعض يق//ول أن م//ا وقعت أو ص//ادقت علي//ه ال//دول في اتفاقي//ات
جنيف ليس له مؤيد ج/زائي ،أي ليس ل/ه قيم/ة قانوني/ة ،ل/ذلك فق/د اق/ترحت تع/ديل الق/وانين
الداخلية وفقا لما ورد في اتفاقيات جنيف لحل هذه المعضلة. 71
ويظهر لنا أنه مع التسليم بإلزامية قرارات مجلس األمن بف//رض التع//اون ح//تى بالنس//بة
للدول غير األطراف ،ومع التسليم أيضا بضرورة احترام قواع/د الق/انون ال/دولي اإلنس/اني،
إال أنه ال بد من توخي الحذر عند تفسير هذه المعاهدات وعدم التوس//ع في ذل//ك ،خاص//ة م//ا
يتعلق باتفاقية جنيف لسنة 1949البروتوكول اإلضافي الملحق بها ،فهي معاه//دات ملزم//ة
ألطرافها وفقا لنص المادة 34من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة ،1969وبالت//الي من
غير المنطقي التسليم بإلزامية التعاون مع المحكم//ة وتق//ديم المس//اعدة القض//ائية له//ا من قب//ل
ال//دول غ//ير األط//راف على األق//ل على ه//ذا األس//اس ،إال إذا ك//ان واجب التع//اون مص//دره
قرارات مجلس األمن الملزمة ،وخاصة الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة.
ورغم هذا الجدل الفقهي الكبير حول امتداد واجب التعاون إلى الدول غير األطراف في
النظام األساسي للمحكمة ،إال أن هذا األخير حدد آليات معينة إللزام تلك ال/دول للتع/اون م/ع
المحكمة.
71
نقاش الجلسة الثالثة ،المحكمة الجنائية الدولية :تحدي الحصانة ،ندوة تحت رعاية الدكتور حسان ريشة واللجنة الدولية للصليب 71-
.األحمر ،مطبعة الداودي 03و 04نونبر ،2001صص_148/149
47
إن وضع الدول غير األطراف فى النظام األساسي والتي عق//دت ترتيب//ا خاص//ا أو اتفاق//ا
م//ع المحكم//ة وفق//ا للم//ادة 87/5من النظ//ام األساس//ي ال يختل//ف كث//يرا عن وض//ع ال//دول
األط//راف في ذل//ك النظ//ام من حيث آلي//ة إل//زام ه//ذه ال//دول بالتع//اون م//ع المحكم//ة وتق//ديم
المساعدة القضائية لها ،إال أن ذلك ال يعني بأي حال من األحوال أن هذه ال//دول ال//تي وقعت
ترتيبا خاصا أو اتفاقا مع المحكمة قد أص//بحت أو أنه//ا ستص//بح طرف//ا في النظ//ام األساس//ي
للمحكم//ة ،كم//ا ال تعت//بر ه//ذه ال//دول كأنه//ا قبلت ق//د قبلت اختص//اص المحكم//ة على أس//اس
خاص ،بل هي عالقة تتمخض عن إرادة الدول التي وقعت هذا الترتيب الخ//اص أو االتف//اق
بالتعاون مع المحكمة.72
بالرجوع إلى نص المادة 87/5من النظ//ام األساس//ي نج//د أنه//ا تنص على م//ا يلي " في
حالة امتناع دولة غ//ير ط//رف في ه//ذا النظ//ام األساس/ي عق//دت ترتيب//ا خاص//ا أو اتفاق/ا م//ع
المحكمة عن التعاون بخصوص الطلبات المقدمة بمقتضى ت//رتيب أو اتف//اق من ه//ذا القبي//ل،
يجوز للمحكمة أن تخطر بذلك جمعية الدول األطراف أو مجلس األمن إذا كان مجلس األمن
قد أحال المسألة إلى المحكمة ".
وانطالقا من هذه المادة فإن//ه إذا لم تكن اإلحال//ة ص//ادرة من مجلس األمن ،فللمحكم//ة أن
تخط//ر جمعي//ة ال//دول األط//راف دون مجلس األمن ،رغم ذل//ك فإن//ه من غ//ير المس//تبعد أن
تستعمل هذه الدول الم//واد واألحك//ام المنص//وص عليه//ا في النظ//ام األساس//ي ،وال//تي تراه//ا
كضمانة لسيادتها الوطنية ،وخاصة ما ورد في نص المادة 73 93/3من نفس النظ//ام ،وه//و
ما يشكل سببا آخر للدول غير األط/راف وال/تي وقعت ترتيب/ا خاص/ا أو اتفاق/ا م/ع المحكم/ة
بعدم االستجابة لطلبات التعاون مع المحكمة ،وذلك على غ//رار ال//دول األط//راف في النظ//ام
األساسي ،األمر الذي سيصعب من مأمورية المحكمة في القيام بعملية التحقيق.
72
72-Ioannis Prezas, op, cit, p80.
73
تنص المادة 93/3من نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية على ما يلي :حيثما يكون تنفيذ أي تدبير خاص بالمساعدة 73-
منصوص عليه في طلب مقدم بموجب الفقرة ،1محظورا في الدولة الموجه إليها الطلب استنادا إلى مبدأ قانوني أساسي قائم ينطبق
بصورة عامة ،تتشاور الدولة الموجه إليها الطلب على الفور مع المحكمة للعمل على هذه المسألة وينبغي إيالء االعتبار في هذه
المشاورات إلى ما إذا كان يمكن تقديم المساعدة بطريقة أخرى أو رهنا بشروط ،وإذا تعذر حل المسألة بعد المشاورات ،كان على
.المحكمة أن تعدل الطلب حسب االقتضاء
48
أما إذا كانت اإلحالة من مجلس األمن ف//إن ال//دول غ//ير األط//راف وال//تي أب//رمت ترتيب//ا
خاصا أو اتفاقا مع المحكمة سوف تكون ملزمة بالتعاون معه//ا ،وللمحكم//ة أن تلج//أ إلى ه//ذا
مجلس إلجب//ار تل//ك ال//دول على التع//اون معه//ا في حال//ة ال//رفض ،حيث يمل//ك وح/ده اتخ/اذ
التدابير المناسبة إلجبار تلك الدول على التعاون مع المحكمة.
وهنا تجدر اإلشارة الى أن المجلس يستطيع أن يف//رض على ه//ذه ال//دول واجب التع//اون
مع المحكمة وإن لم تخطر المحكمة بذلك وفقا للصالحيات الممنوحة له بموجب ميث//اق األمم
المتحدة.74
غير أن التذرع بهذه القاعدة ال يبدو أنه ذو جدوى عندما يتعلق األمر بمجلس األمن الذي
له س/لطة إجب/ار أو إل/زام أي دول/ة على تق/ديم المس/اعدة القض/ائية للمحكم/ة طالم/ا أن ه/ذه
األخيرة لها القدرة على دعوة أي دولة غير ط//رف له//ذا الغ//رض ( على أي أس//اس مناس//ب
آخ//ر)،وه//ذا األخ//ير ال يمكن أن يك//ون إال ق//رارا ص//ادرا من مجلس األمن يف//رض واجب
التع//اون م//ع المحكم//ة ، 75وفي ه//ذه الحال//ة ف//إن دور مجلس األمن س//يكون حاس//ما في ه//ذا
المجال ،األمر الذي من شأنه أن يمنح المحكمة سلطات أوسع من تلك التي خولها إيها النظام
األساسي ،وذلك بإخطار مجلس األمن بعدم تعاون دولة غير طرف في النظام األساسي رغم
أنها لم تعقد ترتيبا خاصا أو اتفاقا مع المحكمة ،وذل//ك إذا ك//انت اإلحال//ة ص//ادرة من مجلس
األمن ،حيث إنه بقراره الصادر وفق//ا للفص//ل الس//ابع من الميث//اق س//يلزم ك//ل أعض//اء األمم
المتحدة بالتعاون مع المحكمة ،ومن المحتمل جدا أن يتض//من ق//راره ه//ذا عب//ارات واض//حة
74
مدوس فالح الرشيدي ،مرجع سابق _ص- 74 .81
75
75_ Ioannis Prezas, op, cit, p79.
49
وصريحة بهذا المعنى مثلما كان عليه الحال في القرارات المنشئة للمحاكم الجنائية الخاص//ة
بيوغس//الفيا الس//ابقة وروان//دا ،وك//ذلك في الق//رار رقم 1593المتعل//ق بإحال//ة الموق//ف في
دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولي//ة ،حيث لم يكت//ف بف//رض واجب التع//اون م//ع المحكم//ة
على الحكومة السودانية وأطراف النزاع فقط ،بل إن//ه ف//رض ذل//ك التع//اون على ك//ل ال//دول
والمنظمات اإلقليمية والدولية المعنية.76
ومهم//ا يكن من أم//ر ف//إن الس//لطة التقديري//ة الواس//عة لمجلس األمن في اتخ//اذ الت//دابير
المناسبة لفرض واجب التعاون مع المحكمة ،خاصة تلك المتعلقة بالتدابير العسكرية ستسمح
للمحكمة بالقيام بمهامها على أكمل وجه.
غير أن النتائج العملية المحققة في هذا المجال ال تدعو الى التفاؤل ،وهي مح//دودة ج//دا؛
ذلك أنه من الصعب أن يتوص//ل األعض//اء ال//دائمون في مجلس األمن إلى اتف//اق على تب//ني
قرار يسمح باتخاذ تدابير عسكرية في مواجهة أي إحجام عن التعاون من جانب الدول ،وهو
ما حصل عن امتناع يوغوسالفيا السابقة عن السماح للم//دعي الع//ام بال//دخول إلى كوس//وفو،
حيث أعاد مجلس األمن التأكيد على وجوب تعاون السلطات اليوغوسالفية مع المحكمة دون
أن يتبع ذلك بعقوبات جزاء هذا االمتناع .وأخيرا اكتفى المجلس بإصدار بي//ان غ//ير إل//زامي
ي//دعو من خالل//ه إلى ض//رورة تع//اون الس//ودان م//ع المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة بت//اريخ
،18/06/2008بل وحتى بعد إصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني عمر البشير لم
يلجأ مجلس األمن إلى إصدار اي قرار يلزم من خالله ال//دول بالتع//اون م//ع المحكم//ة س//واء
كانت أطراف أو غير أطراف في نظام روم/ا األساس/ي رغم الزي/ارات ال/تي ق/ام به/ا عم/ر
البشير إلى مجموعة من الدول كإثيوبيا والسعودية.
انطالقا مما سبق يمكن القول إنه ال يمكن إجبار الدول غير األطراف كقاعدة عام//ة على
التعاون مع المحكمة على أساس نظامها األساسي ،بل إن التزامها على التعاون مع المحكم//ة
قد ينشأ من خارج ذلك النظام ،وهو هنا ميثاق األمم المتحدة.
76
أنظر قرارات مجلس األمن رقم 808و ،955ثم كذلك الفقرة الثانية من القرار - 76 .1593
50
وفي ختام هذا الفصل خلصنا إلى أن سلطتي اإلحالة وفرض واجب التع//اون على ال//دول
م//ع المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة ،اللت//ان منحت//ا لمجلس األمن بم//وجب نظ//ام روم//ا األساس//ي
للمحكمة الجنائي//ة الدولي//ة ،أثرت//ا بش//كل إيج//ابي في تفعي//ل االختص//اص القض//ائي للمحكم//ة
الجنائية الدولية ،حيث مكنتا هذه األخيرة من متابعة مرتكبي الج//رائم الدولي//ة وتهدي//دا للس//لم
واألمن الدولي.
إذ بموجب سلطة اإلحالة المخول//ة لمجلس األمن حس//ب الفق//رة " ب" من الم//ادة 13من
نظام روما ،استطاعت المحكمة الجنائية الدولية أن تنظ//ر في مجموع//ة من الج//رائم الدولي//ة
التي كانت تهدد السلم واألمن الدوليين ،حيث يتعل//ق األم//ر ب//الجرائم الدولي//ة المرتكب//ة ف//وق
إقليم دارفور بالسودان ،ثم الجرائم الدولية بليبيا ،77وعليه ساهمت هذه اإلح//االت في إعط//اء
قيمة إيجابية الختصاص المحكمة الجنائية الدولية ليشمل حتى الدول غير األطراف بنظامه//ا
األساسي.
وعالوة على ه///ذا ،فس///لطة مجلس األمن في ف///رض واجب التع///اون على ال///دول م///ع
المحكمة الجنائية الدولية ،هي األخ//رى س//اهمت في تفعي//ل االختص//اص القض//ائي للمحكم//ة
الجنائية الدولي/ة ،وه/و م/ا ظه/ر بش/كل واض/ح في ق/رار اإلحال/ة رقم 1593الص/ادر عن
مجلس األمن بشأن الوضع في دارفور.78
لجأ مجلس األمن الدولي إلى سلطة اإلحالة المخولة له بموجب الفقرة ب من المادة 13إلى إحالة كل من الوضع في دارفور 77-
77
بموجب القرار 1593الصادر في ،31/03/2005ثم الوضع في ليبيا بموجب القرار 1970بتاريخ 26/02/2011على
.المحكمة الجنائية الدولية
78
تنص الفقرة الثانية من قرار مجلس األمن رقم 1593على ما يلي :أن تتعاون حكومة السودان وجميع أطراف الصراع 78-
األخرى في دارفور تعاونا كامال مع المحكمة والمدعي العام وأن يقدموا إليها كل ما يلزم من مساعدة ،عمال بهذا القرار ،وأن يدرك
أن الدول غير األطراف في نظام روما األساسي ال يقع عليها أي التزام بموجب النظام األساسي ،يحث جميع الدول والمنظمات
.اإلقليمية والدولية األخرى على أن تتعاون تعاونا كامال
51
52
الفصل الثاني :عرقلة مجلس األمن الختصاص المحكمة الجنائية الدولية
53
الحظنا في الفصل األول السلطة الممنوحة لمجلس األمن بإحال//ة قض//ية م//ا إلى الم//دعي
العام بم//وجب الفص//ل الس//ابع من ميث//اق األمم المتح//دة ،وعرفن//ا أن//ه ال يمكن لمجلس األمن
إجبار المحكمة على قبول الدعوى ولكنه يمكنه القيام بإجراءات معين//ة ض//د الدول//ة المعني//ة
بم//ا يخول//ه الميث//اق ونظ//ام روم//ا من ص//الحيات (ف//رض واجب التع//اون على ال//دول م//ع
المحكمة الجنائية الدولية) وكانت هذه اإلحالة بم//وجب الم//ادة /13ب من نظ//ام روم//ا ،حيث
أن هذا التخويل أو السلطة ذات طبيعة إيجابية متمثلة في تحريك الدعوى على نحو ما أشرنا
،لكن الم//ادة 16من نظ//ام المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة ق//د خ//ولت هي األخ//رى مجلس األمن
سلطة أخرى أكثر خطورة وعلى العكس من الس//لطة األولى وهي س//لطة ذات طبيع//ة س//لبية
متمثل/ة بالت/دخل في إج/راءات التحقي/ق بمقتض/اها يك/ون ل/ه إمكاني/ة وق/ف أو عرقل/ة عم/ل
المحكمة سواء في بداية التحقيق أو خالل مرحل//ة المحاكم//ة والمض//ي فيه//ا لم//دة 12ش//هرا
قابلة للتجديد ،وعمال بالمادة 16من النظام األساسي والعتبارات سياس//ية فعلت ه//ذه الم//ادة
بشكل يعطي انطباع إلى إفراغ عمل المحكمة من هدفها األساسي ،وكان التفعيل سلبيا بحيث
امتد إلى منح حصانات معينة إلى مواطني دولة معين//ة ب//ذاتها ذات ش//أن سياس//ي وعس//كري
واقتصادي كببر وذات عضوية دائمة في مجلس األمن لرعاية مصالحها ومص//الح حلفائه//ا،
حتى يمكن القول بأن االنتهاكات الفعلية الستقاللية المحكمة بدأت تطفو على الس//طح وتف//وح
روائحها إلى العالم كله دون أن يراه//ا مجلس األمن و يس//تيقظ على ص//ريخ الض//حايا ألش//د
الجرائم خطورة وانتهاكا للقانون الدولي والقانون الدولي اإلنساني ،وفضال عن ذل//ك فس//لطة
مجلس األمن في تقرير جريمة العدوان هي األخرى سلطة ذات أثر سلبي بحيث أن ممارسة
المحكمة الجنائية الدولية الختصاصها بشأن جريمة العدوان لم يفع//ل إال بع//د م//ؤتمر كمب//اال
لسنة 2010وحتى بعد هذا المؤتمر تم تقييد ممارسة المحكمة الختصاصها بخصوص ه//ذه
الجريمة إال عند ص/دور ق/رار من مجلس األمن يح/دد في/ه أن عمال من أعم/ال الع/دوان ق/د
حصل وذلك حسب المادة 39من ميثاق األمم المتح/دة ،وبالت/الي فاس/تئثار مجلس وح/ده في
تقري//ر جريم//ة الع//دوان ق//د يعرق//ل عم//ل المحكم//ة في مباش//رة ص//الحياتها وفي محاكم//ة
المعتدي المرتكب لجريمة العدوان وفي تقرير مسؤوليته الجنائية الدولي//ة ،خاص//ة أن ال//دول
54
الدائمة العضوية تمتلك حق الفيتو ،فسيكون بوسعها عرقلة اختصاص المحكمة بش//أن النظ//ر
في هذه الجريمة عن طريق فرض إرادتها باستعمال حق الفيتو.
وانطالقا مما سبق يبدو أن عرقلة مجلس األمن الختصاص المحكمة الجنائي//ة تظه//ر من
خالل سلطتي إرج//اء التحقي//ق أو المقاض//اة (المبحث األول) ،ثم االنف//راد في إق//رار جريم//ة
العدوان (المبحث الثاني).
55
المبحث األول :إرجاء التحقيق أو المقاضاة أمام المحكمة الجنائية
يتمث///ل اإلرج///اء بقي///ام مجلس األمن ب///الطلب من المحكم///ة الجنائي///ة الدولي///ة إرج///اء
اختصاصها لمدة اثني عشر شهرا ،مع إمكانية تجديده من دون حد أقصى ،وفقا لم//ا أش//ارت
إليه المادة 16من نظام روما األساسي على أنه " ال يج//وز الب//دء أو المض//ي في تحقي//ق أو
مقاضاة بموجب هذا النظام األساسي لمدة اثني عشر شهرا بن//اء على طلب من مجلس األمن
إلى المحكمة ،فهذا يتضمنه قرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميث//اق األمم
المتحدة .ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها" ،وبم//وجب ق//رار يتخ//ذه المجلس
اس///تنادا إلى الفص///ل الس///ابع من ميث///اق األمم المتح///دة ،يمكن الق///ول إن س///لطة اإلرج///اء
المنصوص عليها في المادة 16من النظام األساسي للمحكمة تعتبر سلطة خط//يرة ،إذ تمن//ع
المحكمة عن ممارسة دورها وأهدافها ،خاصة إذا ما ك//انت ه//ذه الس//لطة تح//وي في طياته//ا
أغ//راض سياس//ية ،إذ ه//ذا الش//ق يعت//بر الج//انب الس//لبي في عالق//ة مجلس األمن بالمحكم//ة
الجنائية الدولية.
وعليه فس//لطة مجلس األمن تتطلب من//ا في ه//ذا المبحث بي//ان المقص//ود به//ا أي تحدي//د
مفهومه//ا (المطلب االول) ،ثم إعط//اء نم//اذج بش//أنها من ممارس//ات مجلس األمن (المطلب
الثاني).
56
الفقرة األولى :تعريف سلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة وشروط ممارستها
أوال :تعريف سلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة
ويعبر بعض الفقه عن السلطة المخولة لمجلس األمن في ه//ذا الش//أن باس//تخدام مص//طلح
تعليق اإلجراءات، 80و خالفا لذلك يلجأ البعض اآلخ//ر إلى اس//تخدام عب//ارة وق//ف إج//راءات
التحقيق والمحاكمة ،81بحيث عنوان المادة 16من النسخة العربية للنظام األساسي ،فقد ج/اء
مغ//ايرا بعض الش//يء ،بحيث يش//ير إلى إرج//اء التحقي//ق أو المقاض//اة ،بحيث ه//ذا العن//وان
ينسجم مع ذلك الوارد في النسخة الفرنسية ،والذي يشير بدوره إلى إرجاء أو تأجيل التحقي//ق
أو المقاض///اة ،82ف///النص الفرنس///ي يس///تخدم اللف///ظ Sursisولم يس///تعمل المص///طلح
، Suspensionبحيث الترجم//ة الحرفي//ة للف//ظ Sursisهي التأجي//ل أو اإلرج//اء ،وليس
التعليق أو االيقاف ،ومع ذلك فقد استخدم التقرير الصادر عن مجلس الشيوخ الفرنسي بش//أن
المحكمة الجنائية الدولية مصطلح Suspensionولم يستعمل اصطالح . Sursis83
79
خالد حساني ،سلطات مجلس األمن في تطبيق الفصل السابع بين أحكام الميثاق الممارسات الدولية المعاصرة ،الطبعة األولى79 ،
.منشورات الحلبي الحقوقية ،2015ص_380
80
محمد سامح عمرو ،عالقة مجلس األمن بالمحكمة الجنائية الدولية؛ دراسة تأصيلية تحليلية لممارسات العملية ،دار النهضة 80-
.العربية ،القاهرة ،2008ص_76
81
هاني سمير عبد الرزاق ،نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ،دراسة في ضوء األحكام العامة للنظام األساسي 81-
.وتطبيقاتها ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،الطبعة الثانية ،2010،ص_108
82
82_ Sursis à enquêter ou poursuivre.
83
83_ Voir le Sénat, Rapport d’information 313 (98-99) - commission des affaires étrangères
la cour pénale internationale, publié sur le site internet du Sénat, à l’adresse suivante :
Www.Senat.fr
57
ونعتق//د أن التوص//يف ال//دقيق لس//لطة مجلس األمن في ه//ذا الش//أن أنه//ا تش//مل كال من
اإلرج/اء اإليق//اف ،بحيث الف//ارق بين اإلرج/اء االيق//اف ه//و مج/رد ف/ارق زم//ني يتمث//ل في
اللحظة التي يصدر فيها ق//رار مجلس األمن ،وم//ا إذا ك//ان س//ابقا على الب//دء في التحقي//ق أو
المقاضاة أم الحقا عليها ،فإذا كان قرار مجلس األمن سابقا على لحظة الب//دء في التحقي//ق أو
المقاضاة ،فإن األمر يتعلق بإرجاء التحقي/ق أو المقاض/اة ،أم/ا إذا ك/ان ق/رار المجلس الحق/ا
على بدء التحقيق أو المقاضاة فإننا نكون بصدد إيقاف للتحقيق أو المقاضاة.
عالوة على هذا فسلطة إرج//اء التحقي//ق أو المقاض//اة حس//ب الم//ادة 16من نظ//ام روم//ا
تعني ما يلي:
-توقف الدعوى عند المرحلة التي صدر عندها قرار وقف اإلجراءات )1
-عدم جواز اتخاد أية إجراءات أو المضي فيها خالل الفترة المحددة لهذا اإلرجاء )2
-عدم قيام المحكمة الجنائية الدولية بالبدء في إجراءات التحقيق التي تك//ون المحكم//ة )3
بص//دد مباش//رتها بم//وجب الم//ادة 18من النظ//ام األساس//ي، 84والخاص//ة ب//القرارات
األولية المتعلقة الدعوى أمام المحكمة.85
58
ومن خالل قراءة هذه المادة يتبين أن هناك مجموعة من الشروط يتعين اتباعها لممارسة
سلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة ،وهي كالتالي:
لقد أعطت هذه المادة للمجلس س//لطة يس//تطيع بمقتض//اها أن يت//دخل في عم//ل المحكم//ة،
ويقيد تخصصها القضائي بطلب اإلرجاء في التحقيق أو المقاضاة ،والذي يبرر في مسؤولية
المجلس بحف/ظ الس/لم واألمن ،وه/ذا م/ا أث/ار ج/دال كب/يرا م/ا بين الفقه/اء المتخصص/ين في
القانون الدولي الجنائي. 86
تم إدراج المادة 16من النظام األساسي للمحكمة لتأكيد إمكاني//ة المجلس على الطلب من
المحكم//ة تأجي//ل التحقي//ق أو النظ//ر في القض//ية ،وذل//ك في ح//ال ك//ان من ش//أن التحقي//ق أو
المقاضاة عرقلة قيام المجلس بمهامه في مجال حفظ السلم واألمن الدوليين ؛وللمحكمة أيض//ا
أن تتأك//د من اس//تيفاء ق//رار المجلس لكاف//ة إج//راءات التص//ويت وف//ق الفص//ل الس//ابع من
الميث//اق ،ومن أن ه//ذا الق//رار يع//بر بص//ورة ص//ريحة عن طلب ه//ذا التأجي//ل في القض//ية
المعروضة على المحكمة طبقا للمادة 16من النظام األساسي ،وعند توفر الشروط في قرار
المجلس فليس للمحكمة بعدم إيق//اف التحقي//ق ،فالقض//ية وإن ك//انت ت//دخل ض//من اختص//اص
المحكمة ،إال أنها تمثل على األقل تهديدا للسلم واألمن ال/دوليين في نظ/ر مجلس األمن ال/ذي
له الص//الحية المطلق/ة بحف//ظ األمن والس/لم ال//دوليين ،كم//ا ين//درج ك//ل من الميث//اق والنظ//ام
األساسي للمحكمة تحت اختصاص المجلس وليس تحت اختصاص المحكمة.
86
محمد هاشم ماقورا ،حق مجلس األمن في وقف إجراءات التحقيق والمحاكمة بالمحكمة الجنائية ،موقع منظمة ضحايا حقوق 86-
:إلنسان ،منشور على الرابط التالي
www.alrakiba.net/articles-show-id
59
إن عمل مجلس األمن الدولي بم//وجب الص//الحيات الممنوح//ة ل//ه ،بم//وجب ميث//اق األمم
المتحدة وفقا للمادة 87 24من الميثاق ،هو إلزام جميع الدول بقبول قرارات//ه تنفي//ذها اس//تنادا
إلى المادة 88 25من الميثاق ،كن//ائب على جمي//ع ال//دول األعض//اء في األمم المتح//دة لحف//ظ
السلم واألمن الدوليين ،ول//ه الس//لطة التقديري//ة أيض//ا في الح//االت ال//تي تعت//بر تهدي//دا للس//لم
واألمن الدوليين ،وسلطة اتخاذ التدابير الالزمة في ضوء الحالة المرف//وع بموجبه//ا االدع//اء
أمام المحكمة ،وحيث يجد في إرجاء إجراءات المحكمة حفاظا على السلم واألمن الدوليين.
وهنا يجب التوقف عند هذه المسألة لمعرفة م//دى إلزامي//ة ق//رار المجلس بطلب اإلرج//اء
للمحكم//ة ،حيث اختلفت اآلراء القانوني//ة في ه//ذا التفس//ير ،فمنهم من يؤي//د ال//تزام المحكم//ة
بطلب اإلرجاء ،وال يرى لها أية صالحية بفحص مدى مشروعيته وتطابقه مع الشروط التي
حددها نظامها األساسي بموجب المادة 16؛وبعضهم ي//رى أن المحكم//ة تمتل//ك س//لطة البث
في مش//روعية ق//رار المجلس وتق//رر م//دى التزامه//ا ب//ه ،ألن النظ//ام األساس//ي للمحكم//ة لم
يستخدم مفردة يقرر بل استخدم مفردة يطلب ،وبالتالي ليس للمجلس أن يأمر المحكمة ،وهي
هيئة قضائية مستقلة ،بالقيام بإجراء ما ،أو باالمتناع عنه.89
87
:تنص المادة 24من ميثاق األمم المتحدة على ما يلي 87-
رغبة في أن يكون العمل الذي تقوم به أعضاء األمم المتحدة سريعا فعاال ،يعهد أعضاء تلك الهيئة ،إلى مجلس األمن بالتبعات 1)-
الرئيسية في أمر حفظ السلم واألمن الدولي ،ويوافقون على أن هذا المجلس يعمل نائبا عنهم في قيامه بواجباته التي تفرضها عليه هذه
.التبعات
يعمل مجلس األمن في أداء هذه الواجبات وفقا لمقاصد األمم المتحدة ومبادئها والسلطات الخاصة المخولة لمجلس األمن لتمكينه 2)-
.من القيام بهذه الواجبات مبينة في الفصول السادس والسابع والثامن والثاني عشر
.يرفع مجلس األمن تقارير سنوية وأخرى خاصة ،إذا اقتضى الحال إلى الجمعية العامة لتنظر فيها 3)-
88
تنص المادة 25من ميثاق األمم المتحدة على ما يلي " يتعهد أعضاء األمم المتحدة بقبول قرارات مجلس األمن وتنفيذها وفق 88-
".هذا الميثاق
89
89_ Cornelis François Swanepoel, The Emergence a Modder International Criminal justice,
Thesis, South Africa, Faculty of Law, Department, of procedural Law and Law Evidence at
the University of the free state,2006, p_227.
60
لذلك نرى أن المحكمة ،وبموجب الصالحيات والسلطات المخولة لمجلس األمن ال//دولي،
ملزمة بتنفيذ طلب اإلرجاء أو بإيقاف التحقيق مهما ك//ان له//ا من تحفظ//ات أو رأي آخ//ر في
طلب مجلس األمن ،ألن القانون الدولي وميثاق األمم المتحدة قد ألزماها بذلك.
إضافة إلى ذلك يشترط في صيغة اإلرج/اء ،أن يض//من مجلس األمن ال//دولي طلب اإلرج/اء
في قرار يصدره استنادا إلى الفص//ل الس//ابع من ميث//اق األمم المتح//دة ،ض//من اختصاص//ات
المجلس في حفظ السلم واألمن الدوليين.90
إن لمجلس األمن السلطة التي تمكنه من تجديد طلب اإلرجاء دون التقييد بعدد مح//دد من
طلبات اإلرجاء ،ولنفس الحالة المنظورة من قبل المحكم//ة؛ ودون أن يمنح النظ//ام األساس//ي
للمحكمة سلطة الحد من هذا التجديد سواء إلى جمعية الدول األطراف فيها أو غيره//ا؛ ولكن
المادة ذاتها تتطلب أن يكون تجديد اإلرجاء بذات الشروط الواجب توفرها في طلب االرجاء
نفسه ،والمقدم إلى المحكمة في المرة األولى.
وما يؤخ/ذ على المحكم//ة في ه//ذا الخص//وص ،أن منح مجلس األمن س/لطة تجدي//د طلب
اإلرجاء دون تقييده بعدد معين أمر منتقد ،ألن ذلك يجع//ل المحكم//ة تابع//ة بص//ورة واض//حة
إلى المجلس ،ذلك أن طلب/ات التجدي/د المتك/ررة المتع/ددة ت/ؤدي إلى من/ع المحكم/ة بص/ورة
90
أحمد سيف الدين ،مجلس األمن ودوره في حماية السالم الدولي ،الطبعة األولى ،بيروت ،منشورات الحلبي الحقوقية 90- ،2012
.ص_82
91
أمير فرج يوسف ،المحكمة الجنائية الدولية والطابع القانوني لها ونشوء عناصر فوق الوطنية في القضاء الجنائي الدولي91- ،
.اإلسكندرية ،مصر ،منشأة المعارف ،2008،ص_674
61
دائمة من ممارسة اختصاصها ،ويؤدي األمر في نهاية المط//اف إلى تراج//ع مس//يرة العدال//ة
بشكل عام.92
وأمام منح مجلس األمن الدولي سلطة إرجاء إجراءات التحقيق والمقاضاة أم//ام المحكم//ة
ثار جدال فقهي بشأن ذلك ،بين مؤيد بتخويل مجلس األمن هذه السلطة (أوال) وبين معارض
لهذا اإلجراء (ثانيا) ،بينما ظهر اتجاه ثالث يقضي بوجوب إخضاع السلطة المخول//ة لمجلس
األمن بموجب المادة 16لرقابة جمعية الدول األطراف بالمحكمة الجنائية الدولية (ثالثا).
-يعت//بر مجلس األمن مكلف//ا بم//وجب ميث//اق األمم المتح//دة ب//أداء مه//ام كب//يرة وهي )1
الحف//اظ على األمن والس//لم ال//دوليين ،ول//ذلك يتص//رف المجلس نياب//ة عن المجتم//ع
الدولي في سبيل إنجاز ه/ذه المهم/ة؛ ال س/يما وأن/ه يمل/ك في ال/وقت نفس/ه ص/الحية
اتخاذ ما يرتئيه لتحقيق هذا الهدف من خالل التدابير العالجي//ة المناس//بة لحف//ظ الس//لم
واألمن الدوليين ،أو إلعادتهما إلى نصابهما؛ وبالتالي أن كافة الجهود المشتركة لك//ل
من المجلس والمحكمة الجنائية الدولية تصب في مجرى واحد ،إذ تسعى لتحقيق ذات
الهدف وهو الحفاظ على األمن والسلم الدوليين.93
-تضمن المادة 16من نظام روم/ا لمجلس األمن تق/ديم طلب اإلرج/اء إلى المحكم/ة )2
الجنائية الدولية إليقاف التحقي//ق في حال//ة معروض//ة على المحكم//ة ،وه//و م//ا يعت//بر
92
علي عبد القادر القهوجي ،القانون الدولي الجنائي -أهم الجرائم الدولية -المحاكم الدولية الجنائية ،الطبعة األولى ،منشورات 92-
.الحلبي الحقوقية ،بيروت ،2001،ص_345
93
خالد حساني ،مرجع سابق ،ص_93- .15
62
تطبيق//ا عملي//ا لس//لطات مجلس األمن المح//ددة في الفص//ل الس//ابع من ميث//اق األمم
المتحدة ،والذي يعطي لمجلس األمن سلطة سياسية واسعة النطاق فيما يتعلق المسائل
ذات الصلة بحفظ السلم واألمن الدوليين.94
-إن حفظ واستعادة وبقاء السالم ،قد ال تك//ون بالض//رورة عن طري//ق ت//دبير إيج/ابي )3
يتمثل بإحالة حالة إلى المحكمة ،وإنما قد تكون عن طريق تدبير س//لبي يتمث//ل بوق//ف
اإلجراءات أمام المحكمة ،وحيث يترك تقدير ذلك إلى مجلس األمن كونه مكلفا نياب//ة
عن الدول األعضاء باتخاذ ما يرونه مناسبا لهذه المهمة.95
-نصوص ميثاق األمم المتحدة وخاصة الفصل السابع منه ،ت//دعم ت//رجيح كف//ة ه//ذا )4
الرأي الذي يؤيد سلطة مجلس األمن في إرجاء التحقيق أو المحاكمة؛ وه//ذا يع//ني أن
النظام قد منح مجلس األمن هذه الس//لطة ال//تي يجب أن يمارس//ها وفق//ا له//ذا الفص//ل،
والتي تبدأ بالمادة 39من الميثاق والمتعلقة باإلجراءات التي يتخذها المجلس للحف//اظ
على السلم واألمن الدوليين.96
– أن القصد من تخويل مجلس األمن س//لطة إيق//اف اإلج//راءات ،ه//و تمكين المجلس )5
من إج//راء مفاوض//ات س//الم ،ق//د ي//رى أنه//ا ض//رورية لف//ترة من ال//وقت في بعض
الظروف ،بحيث إذا كان من غير الممكن تحقيق الس//الم دون عدال//ة ،فإن//ه في بعض
الحاالت تكون ثمة حاجة فعلي//ة لوق//ف إج//راءات التحقي//ق والمقاض//اة ال//تي تباش//رها
المحكمة الجنائية الدولية ،وذلك بغية التأكد من التوصل إلى تسوية سلمية بخص//وص
نزاع ما ،حيث المادة 16من نظام روم//ا تض//من الت//وازن في المص//الح فيم//ا يتعل//ق
بالحف//اظ على الس//لم واألمن ال//دوليين ،كم//ا تض//من لمجلس األمن المكان//ة المناس//بة
لتحقيق هذا الغرض .إذ ال يمكن تصور أن ينتج عن تأسيس المحكمة الجنائية الدولية
إضعاف الدور الذي رسمه ميثاق األمم المتحدة لمجلس األمن.97
94
نفس المرجع ،ص_94- .16
95
ولذلك نجد الفقرة األولى من المادة 24من ميثاق األمم المتحدة تنص على ما يلي " رغبة في أن يكون العمل الذي تقوم به 95-
األمم المتحدة سريعا فعاال ،يعهد أعضاء تلك الهيئة إلى مجلس األمن بالتبعات الرئيسية في أمر حفظ السلم واألمن الدولي ويوافقون
"على أن هذا المجلس يعمل نائبا عنهم في قيامه بواجباته التي تفرضها عليه هذه التبعات
96
ياسين طاهر الياسري ،مرجع سابق ،ص_96- .383
97
أحمد عبد الظاهر ،دور مجلس في النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ،الطبعة األولى ،دار النهضة العربية ،القاهرة 97- ،
،2012.ص_126
63
-إن نص الم//ادة 16من نظ//ام روم//ا يعطي لمجلس األمن الح//ق بإرج//اء أي//ة حال//ة )6
معروضة على المحكمة الجنائية للتحقيق فيه//ا ،مس//تندا إلى هيمن//ة مجلس األمن على
كافة األوضاع األمنية في العالم ،بموجب تلك الصالحيات الواسعة التي منحت له في
الميثاق ،للقيام بأي تدبير من شأنه الحفاظ على األمن والسلم ال//دوليين ،وهي س//لطات
ال حدود لها في رأي ال//دول الك//برى؛ كم//ا أن طبيع//ة تك//وين مجلس األمن ،وطبيع//ة
اتخاده للقرارات يجعالن الدول الخمسة الكبرى مهيمنة على كل أح//داث الع//الم ،ومن
بينها الحروب والنزاعات الدولية ،الخارجية منها والداخلي/ة ،وليس بالت/دخل المباش/ر
أو غير المباشر لحسمها وإنما بتقديم المتهمين فيها بانتهاك الق//انون ال//دولي اإلنس//اني
إلى المحكمة الجنائية الدولية ،وأيضا بالتدابير التي ال تتطلب القوة العسكرية.98
ويخلص أنصار ه/ذا االتج/اه أن تخوي/ل مجلس األمن س/لطة إيق/اف اإلج/راءات ليس إال
تأكيد الختصاص المجلس بالتبعات الرئيسية لحف//ظ الس//لم واألمن ال//دولي ،وأن ه//ذه الس//لطة
تسمح له فق//ط ب//أن تك//ون ل//ه أولوي//ة التص//رف من خالل تعلي//ق اإلج//راءات أم//ام المحكم//ة
الجنائية الدولية ،إذا ما كانت ال//دعوى ال//تي تنظره//ا تتص//ل بموض//وع يك//ون منظ//ورا أم//ام
مجلس األمن ،وبذلك تشكل المادة 16ضمانة حقيقية لوقف إج//راءات التحقي//ق أو المقاض//اة
التي تكون المحكمة قد بدأت بها ،بما يضمن عدم المساس الجهود الدبلوماسية أو غيرها التي
يبذلها مجلس األمن في شأن ذات المسألة.99
ونس//تنتج من خالل م//ا اس//تدل ب//ه مؤي//دو منح مجلس األمن س//لطة إرج//اء التحقي//ق أو
المقاضاة من حجج ،أن ما أعطي لمجلس األمن من صالحيات أم//ام المحكم//ة الجنائي//ة ،ه//و
تطبيق لسلطته كما هي محددة في ميثاق األمم المتحدة ،وخاصة الفصل الس//ابع من//ه ،وال//ذي
يعطي للمجلس سلطة حول كل األمور التي تنطوي على ما يه//دد الس//لم واألمن ال//دوليين ،و
بحجة الحفاظ عليهما ؛بالتالي ،ومن تل//ك الص//الحيات ،يج//وز لمجلس األمن أن يطلب وق//ف
إجراءات التحقيق أو التقاضي أمام المحكمة الجنائية الدولية ؛وبما أن ميثاق األمم المتحدة قد
98
علي جميل حرب ،نظرية الجزاء الدولي المعاصر ،الطبعة األولى ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،2013،ص_98- .283
99
محمد سامح عمرو ،مرجع سابق ،ص_99- .86
64
أقر ونص أيضا على تلك الص//الحيات لمجلس األمن ،فيح//ق ل//ه بالت//الي إرج//اء التحقي//ق أو
المقاضاة بناء على تلك الصالحيات.
حيث تحت عن//وان تمكين مجلس األمن من إرج//اء أو إيق//اف القض//ايا المرفوع//ة إلى
المحكمة الجنائية الدولية ،يقول بعض الفقه أن الوالي//ات المتح//دة األمريكي//ة لم يش//بعها البت//ة
انصراف اختص//اص المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة على نح/و تبعي ،ب//ل ولم يش/بعها ك//ذلك من
جانب آخر غلها أيدي المدعي العام ،فالواقع أنه حتى يكتمل لهذه الدول//ة الديمقراطي//ة ال//تيقن
البات من إخضاع المحكمة المستحدثة لقرارها السيادي ،لجأت الي حشد دبلوماسيتها للعص//ا
والجزرة بغية فرض اقتراح لها أريد به اإلجه//اض الكام//ل لنظ//ام روم//ا ذات//ه :إذا ك//ان من
م//ؤدى ه//ذا االق//تراح ال//ذي ق//در ل//ه أن ي//درج داخ//ل ذل//ك النظ//ام رغم//ا عن إرادة مجم//ل
الم//ؤتمرين ،أن يخ//ول مجلس األمن متص//رفا بم//وجب الفص//ل الس//ابع من ميث//اق األمم
المتحدة ،صالحية تقرير إرجاء النظر في مجمل االدعاءات المرفوعة أمام المحكمة من قب//ل
الدول المدعي العام على حد سواء وعلى نحو صارت معه هذه الص//الحية غ//ير مقي//دة ب//أي
قيد زماني أو مادي ،والحقيقة أن ذلك االقتراح السادج والقبيح ضمن على حاله داخل الم//ادة
16من نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية.101
وفي ذات االتج///اه يق///ول فقي///ه آخ///ر ،أن روح البحث عن الوص///ول إلى اتف///اق ذهبت
بواضعي النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولي//ة إلى أقص//ى م//دى ممكن من اإلس//اءة إلى
هيبة استقاللية فاعلية هذا الكيان القضائي ال/دولي المتمث/ل في تل/ك المحكم/ة ،عن/دما رض/خ
100
شريف سيد كامل ،اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ،الطبعة األولى ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،2004،ص_100-.162
101
حازم محمد عتلم ،مرجع سابق ،ص_101- .169
65
واضعوا النظام األساس//ي إلى اقتراح//ات الدبلوماس//ية األمريكي//ة ال//تي لم يكفه//ا إثق//ال كاه//ل
اإلجراءات الواجب اتباعها قبل بدء ه//ذه المحكم//ة في اتخ//اذ إج//راءات التحقي//ق والمحاكم//ة
على جريم//ة معين//ة ،بوض//ع جمل//ة من الش//روط الالزم توافره//ا قب//ل ذل//ك وك//ذا الق//رارات
المتعلقة بقبول الدعوى ،كل ذلك وغيره لك يكف الواليات المتحدة األمريكية والدول الدائم//ة
العضوية في مجلس األمن ،فعمدوا إلى ضرورة إيجاد آلي//ة تمكن أي منهم من تعطي//ل الب//دء
أو المضي في أي تحقيق أو محاكمة أمام المحكمة في أي لحظة ،وفي أي مرحل//ة ق//د تك//ون
عليها الدعوى أو التحقي//ق ،ودون أي س//قف زم//ني مح//دد ،ك//ل ذل//ك كلف//ه النظ//ام األساس//ي
لمجلس األمن و بمعنى أكثر صراحة للدول دائمة العضوية فيه بموجب نص الم//ادة 16من
النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية.102
الحرص إذن على تجنب تدخل االعتبارات السياس//ية في قي//ام المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة
بتأدية وظيفتها المتمثلة في تحقيق العدالة الدولية يقتضي في رأي فريق من الفقه إلغاء سلطة
مجلس األمن الدولي في إرجاء أو إيقاف التحقيق أو المحاكم/ة المنص/وص عليه/ا في الم/ادة
16من النظام األساسي 103؛إذ يمكن للمجلس عند استخدامه له//ذه الم//ادة أن ي//ؤثر على دور
المحكمة الجنائية الدولية كجهاز قضائي دولي دائم.
باإلضافة إلى ذلك يالحظ البعض أن المادة 16تخول لمجلس األمن سلطة غير مسبوقة
ال يتمتع بمثيلها في مواجهة محكمة العدل الدولية ،وذلك على الرغم من انتماء هذه المحكم//ة
لذات المنظم//ة ال//تي ينتمي إليه//ا المجلس ،وهي األمم المتح/دة ،فكي//ف يتس/نى إذن أن يتمت//ع
بسلطة إيقاف اإلجراءات إزاء محكمة أريد لها أن تكون مستقلة عن األمم المتح//دة ،ك//ذلك ال
يتمتع مجلس األمن بنفس السلطة المخولة له بموجب المادة 16في مواجهة المحاكم الجنائية
المؤقتة التي أنشأها بالنسبة ليوغوسالفيا السابقة وروان//دا ،رغم أنه//ا مح//اكم منش//أة بواس//طة
مجلس األمن نفسه ،فكيف يسوغ إذن أن يتمتع بسلطة اإليقاف إزاء محكم//ة منش//أة بم//وجب
اتفاقية دولية ،تم التوص//ل إليه//ا من خالل جمعي//ة ال//دول األط//راف ،وبن//اء على ذل//ك يش//ير
البعض إلى أن مس//ؤولية مجلس األمن طبق//ا للفص//ل الس//ابع هي مس//ؤولية رئيس//ية وليس//ت
102
عال عزت عبد المحسن ،اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه ،جامعة القاهرة ،2008 ،ص_ 102-
208.
103
شريف سيد كامل ،مرجع سابق ،ص_103- .163
66
مسؤولية خالصة ،وفي حالة فشل مجلس األمن ،يجوز ألجهزة أخرى الت//دخل والتعام//ل م//ع
هذه الحاالت التي تهدد وتخرق السلم واألمن الدولي ،وهذا ما أوضحته محكمة العدل الدولية
في العدي//د من القض//ايا ال//تي نظرته//ا ،حيث اوض//حت أن مجلس األمن والمحكم//ة الجنائي//ة
الدولية يكمالن بعضهما البعض في أداء وظائفهما س/واء السياس/ية أو القض/ائية ،ومن ثم ق/د
يك//ون من الض//روري في بعض األحي//ان أن يمارس//ا وظائفهم//ا بش//كل م//تزامن إزاء ذات
الموقف ،ويتعين أن ينسحب هذا المبدأ ك//ذلك على عالق//ة المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة بمجلس
األمن.104
ويش//ير البعض أيض//ا إلى أن الواق//ع العملي لمناقش//ات مجلس األمن يش//هد ب//أن بعض
الموضوعات تبقى مدرجة على جدول أعماله لفترات طويل//ة ،دون أن يتخ//ذ ق//رارا بش//أنها،
ومن ثم يمكن أن ي//ؤثر نص الم//ادة 16من نظ//ام روم//ا على اض//طالع المحكم//ة بال//دور
المنوط بها في مالحقة الجرائم الخطيرة التي تث/ير قل/ق المجتم/ع ال/دولي ،وال/تي ورد النص
عليها في المادة الخامسة من نظامها األساسي.105
وي//رى بعض أنص//ار ه//ذا االتج/اه 106أن ح/ق مجلس األمن في إص//دار ق/رارات تطبيق//ا
للمادة 16من نظام روما األساسي ،وما يس//تتبعه ذل//ك من إيق//اف وتعلي//ق لإلج//راءات أم//ام
المحكمة الجنائية يخالف صراحة المادة 40من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لس//نة 1969
التي تنص صراحة على أنه يتم تعديل المعاه//دات الجماعي//ة طبق//ا لم//ا ورد به//ا من أحك//ام،
بحيث هذه القرارات تشكل تعديال لقانون المعاهدات بغ//ير الطري//ق الط//بيعي له//ا في ،عالوة
على ذل//ك لم يتض//من ميث//اق األمم المتح//دة أي نص يخ//ول مجلس األمن الح//ق في تع//ديل
المعاهدات الدولية.
وبرأينا نرى النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ،ال//ذي خ//ول مجلس األمن س//لطة
اإلرجاء للحاالت المعروضة أمام المحكمة ،لكونها تخل باألمن والسلم الدوليين ،أو ما يقدره
المجلس لموضوع الحالة ،قد أقحم المجلس في اختصاص المحكمة ،ذلك أن المقصود بسلطة
104
علي قلعة جي ،العالقة بين المحكمة الجنائية الدولية ومجلس األمن في إطار نظام روما األساسي ،المجلة المصرية للقانون 104-
.الدولي ،العدد ،2008، 64ص_139
105
أحمد عبد الظاهر ،مرجع سابق ،ص_105- .131
106
محمد سامح عمرو ،مرجع سابق ،ص_106- .91
67
المجلس في المقام االول ،و بموجب الفصل السابع من الميثاق ،هي الجوانب السياسية لحفظ
ت//وازن الق//وى بع//د الح//رب العالمي//ة الثاني//ة ،وبن//اء علي//ه ن//رى أن الق//رارات الص//ادرة عن
المجلس تخضع إلى تفاهمات ما بين الدول الدائمة العضوية لتحقيق مصالحها الخاصة ،دون
النظر إلى مصالح بقية الدول أو إلى مص//لحة العدال//ة الدولي//ة ،ولكن بالنتيج//ة ف//إن ق//رارات
المجلس التي تصدر وفق الفصل السابع من الميثاق ملزمة للمحكمة والمدعي العام لتنفيذها.
ثالثا :االتجاه المنادي بوجود رقابة على سلطة مجلس األمن في اإلرجاء
يتوسط بعض الفقه 107بين االتجاهين السابقين ،مؤك//دا ض//رورة تنظيم ن//وع من الرقاب//ة
على سلطة مجلس األمن في إرجاء أو إيقاف اإلجراءات ،وم//رد ذل//ك إلى أن تخوي//ل مجلس
األمن هذه الصالحية بحسب ما جاءت ب//ه ص//ياغة الم//ادة 16من نظ//ام روم//ا من ش//أنه أن
يجعل المجلس في حل من التقييد بأي مع//ايير موض//وعية ،ويك//ون بمن//أى عن الرقاب//ة ال//تي
يمكن أن تطاله من جمعية الدول األطراف ،ومن تم كان من المستحسن لو أن صاغية المادة
المشار إليها ق/د ج/اءت بش/كل آخ/ر ،بحيث يع//رض مجلس األمن طلب//ه على جمعي//ة ال//دول
األطراف التي تكون لها صالحية البث في الموض/وع ،وه/ذا م/ا يؤك/د ذل/ك المب/دأ المس/تقر
عليه في القوانين الوطنية ،القاضي بأن ال سلطة تعلو فوق س//لطة القض//اء ويجع//ل المحكم//ة
أكثر قربا من الشرعية الدولية وليس أكثر قربا من المع//ترك السياس//ي ال//دولي ،فالم//ادة 16
تجعل مجلس األمن الدولي سلطة أعلى من سلطة المحكمة الجنائية الدولية ،األمر الذي يخ/ل
بحيادها ،و يؤثر كث//يرا على عمله//ا و أه//دافها ،بحيث أن مجلس األمن ه//و س//لطة سياس//ية
والسياس//ة هي فن الممكن ،وه//ذا يخض//ع لواق//ع ولظ//روف ك//ل حال//ة ،في حين أن القض//اء
م//يزان العدال//ة ورم//ز تحقيقه//ا بواس//طة األدل//ة واالس//انيد إلحق//اق الع//دل ،األم//ر ال//ذي ق//د
يتعارض مع الحالة السياسية.
وعلى حد تعبير بعض الفقه 108فإن نص الم//ادة 16من نظ//ام روم//ا ،م//ا ه//و إال إف/راز
مشين لغطرسة الدول الدائمة العضوية في مجلس األمن و رغبتها في الهيمنة على مق//درات
المجتمع الدولي بما في ذلك العدالة والشرعية الدولية ،وبالتالي فنص المادة أعاله يعد ت//دخال
عصام عبد الفتاح مطر ،المحكمة الجنائية الدولية ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ،2010،ص_107- .80
107
108
108_Ioannis, prezas, op, cit, p121.
68
صارخا وإهدارا رهيبا الس//تقاللية ه//ذه المحكم//ة وتبدي//دا لطموح//ات العدال//ة ال//تي ينتظره//ا
المجتمع الدولي من محكمة أن تكون مستقلة ومحايدة وغير خاض//عة لأله//واء السياس//ية ألي
جهة خارجية ولو ك//انت مجلس األمن ال//دولي ،ف//إذا لم يتيس//ر إلغ//اء ه//ذا النص فعلى األق//ل
العم//ل على تعديل//ه ،بحيث ال يك//ون من ش//أنه تخوي//ل مجلس األمن إص//دار ق//رار بتأجي//ل
اختصاص المحكمة ،وليكن األمر في شكل طلب خطي يتض//من األس//باب ال//تي يس//تند إليه//ا
مجلس األمن في القول في القول بأن الحال//ة المعروض//ة على المحكم//ة تش/كل تهدي//دا للس/لم
واألمن الدوليين أو إخالال بهما ،ثم الكشف عن ماهي//ة األس/باب ال//تي ق/د ت//دعو المجلس ألن
يرى أن في ت//دخل المحكم//ة باتخ//اذ اإلج//راءات س//واء ب//التحقيق أو المحاكم//ة عن الجريم//ة
سيعتبر ضارا أو مهددا لسالمة التدابير ال//تي يس//عى المجلس التخاذه//ا بص//دد مواجه//ة تل//ك
الجريمة ،مع بيان ماهية التدابير التي يرى المجلس ض//رورة اتخاذه//ا في الحال//ة قي//د البحث
وجدواها ،على أن يعرض ذلك الطلب على جمعية الدول األطراف التي يكون لها ح//ق البت
بقرار نهائي في قبول أمر هذا الطلب أو رفضه بناء على تقديرها لألسباب التي استند إليه//ا،
وفي حالة القبول يكون ذلك لمدة محددة ولتكن ستة أشهر غير قابلة للتجدي//د إال لم//رة واح//دة
فقط وبموجب طلب تجديد يقدم لجمعية الدول األطراف متضمنا األسباب الداعية ل//ه ،وتق//در
جمعية الدول األطراف هذه األسباب على أن يتم بحث كل حالة على حدة.109
الذي بموجبه تم منح حصانة للجنود األمريكيين العاملين ضمن قوات حفظ السالم في إقليم البلقان لمدة سنة تمتد من 110-
110
12/07/2002إلى ،11/06/2003غير أن هذا القرار تم تمديده أيضا بموجب القرار 1487الصادر في 12/06/2003وذلك
بمناسبة تجديد عهدة قوات السالم العاملة في إقليم البوسنة والهرسك
69
ويتبين من خالل القرارات أعاله أن مجلس األمن م/ارس س/لطته المخول/ة ل/ه في الم/ادة
16من نظام روم//ا بتعس/ف ،حيث بم//وجب ه/ذه الق//رارات اس/تطاع أن يعرق/ل اختص//اص
المحكمة الجنائية الدولية ،ويجعلها في تبعية له.
ونظ//را لخط//ورة الق//رارات أعاله فإنن//ا في ه//ذا المطلب س//وف نتن//اول الق//رار رقم
111
(الفقرة األولى) ،وسنعطي بشأنه تفسيرا قانونيا مبينين مدى تعارض//ه م//ع أحك//ام 1422
ميثاق األمم المتحدة ونظام روما األساسي (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :قرار مجلس األمن رقم 1422الممدد بموجب القرار 1487
مباشرة بعد دخول النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية حيز التنفي//ذ ي//وم 1يولي//وز
،2002أسرعت الواليات المتحدة األمريكية إلى اتخاذ إجراءات قانونية لحماي//ة مواطنيه//ا،
من أي متابعة قضائية من طرف المحكمة الجنائية الدولية ،خاصة أف//راد قواته//ا المش//اركين
في قوات حفظ السالم األممية المنتشرة في عدة بقاع من العالم.
حيث تمكنت يوم 12يوليوز 2002من إقناع مجلس األمن بإصدار ق//رار رقم ،1422
الذي كرس حصانة قضائية ألفراد قواتها العاملين ض/من ق/وات حف/ظ الس/الم األممي/ة ،وق/د
جاء في القرار 1422ما يلي:
إذ يحيط علما بدخول النظام األساسي للمحكمة الجنائي//ة الدولي//ة ،الص//ادر في روم//ا في 17
يوليوز ( 1998نظام روما األساسي) حيز النفاذ في 1يوليوز ،2002
وإذ يؤكد ما لعمليات األمم المتحدة من أهمية بالنسبة للسلم واألمن الدوليين،
وإذ يالحظ أن الدول األط/راف في نظ/ام روم/ا األساس/ي ق/ررت أن تقب/ل اختصاص/ه وفق/ا
للنظام األساسي وال سيما مبدأ التكامل،
111
لكونه أول قرار أصدره مجلس األمن بمناسبة ممارسة سلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة111- .
70
وإذ يالح//ظ أن ال//دول ال//تي ليس//ت أطراف//ا في نظ//ام روم//ا األساس//ي ستواص//ل االض//طالع
مسؤوليتها ضمن اختصاصاتها الوطنية فيما يتعلق بالجرائم الدولية،
وإذ يقرر أن الهدف من نشر العمليات التي ينشئها مجلس األمن التابع لألمم المتحدة أو ي//أذن
بها هو صون السلم واألمن الدوليين أو إعادة إرساءهما،
وإذ يقرر كذلك أن تيس/ير ق/درة ال/دول األعض/اء على المس/اهمة في العملي/ات ال/تي ينش/ئها
مجلس األمن التابع لألمم المتحدة أو يأذن بها يخدم السلم واألمن الدوليين،
يطلب اتس//اقا م//ع أحك//ام الم//ادة 16من نظ//ام روم//ا األساس//ي ،أن تمتن//ع المحكم//ة -1
الجنائي/ة الدولي/ة لم/دة اث/ني عش/ر ش/هرا اعتب/ارا من 1يولي/وز 2002عن ب/دء أو
مباشرة أية إجراءات للتحقيق أو المقاضاة ،في حالة إثارة أي قضية تش//مل مس//ؤولين
أو م/وظفين س/ابقين أو ح/اليين ت/ابعين لدول/ة مس/اهمة ليس/ت طرف/ا في نظ/ام روم/ا
األساسي ،فيما يتصل بأي عمل أو إغفال يتعلق بالعمليات التي تنش//ئها األمم المتح//دة
أو تأذن بها ،إال إذا قرر مجلس األمن ما يخالف ذلك،
يعرب عن اعتزامه تمديد الطلب المبين في الفقرة 1أعاله بنفس الشروط وذلك في -2
1يوليوز من كل سنة لفترة 12شهرا جديدة ،طالما استمرت الحاجة إلى ذلك.
يق//رر أن//ه على ال//دول األعض//اء أال تتخ//ذ أي//ة إج//راءات تتن//افى م//ع الفق//رة 1وم//ع -3
التزاماتها الدولية،
يقرر أن يبقي المسألة قيد نظره. -4
فاألس//باب وال//دواعي ال//تي أدت بمجلس األمن إلى اتخ//اذ الق//رار رقم 1422وربط//ه
بالم//ادة 16من النظ//ام األساس//ي للمحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة ،ترج//ع إلى ت//اريخ 27يوني//و
2002عندما تقدمت الوالي/ات المتح/دة األمريكي/ة بمش/روع ق/رار إلى مجلس ،يتعل/ق بمنح
رعاياها حصانة قضائية أمام المحكمة الجنائية؛ فرد مجلس األمن بتاريخ 28يوني//و 2002
طلبه//ا بموافق//ة 12عض//وا من أعض//اء مجلس األمن ال//دولي ،ض//منهم بريطاني//ا وفرنس//ا
71
ومعظم دول االتحاد األوروبي الذين صوتوا ضد منح الجن//ود األمريك//يين حص//انة في حال//ة
محاكمتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية.112
وعلى إث//ر ذل//ك ه//ددت الوالي//ات المتح//دة األمريكي//ة ،مجلس األمن في حال//ة ع//دم منح
جنودها الحصانة المطلوبة ،باستعادة التفكير في مشاركة جمي//ع ق//وات حف//ظ الس//الم التابع//ة
لألمم المتحدة في جميع دول العالم ،حيث بتاريخ 30يونيو 2002عمدت إلى استخدام حق
النقض ضد التجديد لق//وات حف//ظ الس/الم في البوس/نة والهرس/ك ؛ونتيج/ة إص//رار الوالي//ات
المتحدة األمريكية على موقفها تهديدها بسحب بعثاتها العاملة في مجال حف//ظ الس//الم ،م//ا لم
يص/در مجلس األمن ق/رارا يحص/ن جنوده/ا الع/املين في ق/وات حف/ظ الس/الم وغ/يرهم من
المسؤولين األمريكيين في الخارج من المتابعة أم//ام المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة ؛لم يكن أم//ام
مجلس األمن س////وى الموافق////ة على الطلب األم////ريكي ،بإص////دار ق////راره رقم 1422
وباإلجماع ،بتاريخ 12يوليوز 2002على إعفاء العاملين في قوات حفظ السالم لم//دة س//نة
من محاكمتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة.113
يظهر جليا ،من خالل ما جاء في القرار ،1422أنه يتناقض م//ع أحك//ام الفص//ل الس//ابع
من ميث//اق األمم المتح//دة أوال ثم الم//ادة 16من نظ//ام روم//ا األساس//ي للمحكم//ة الجنائي//ة
الدولي//ة، 114إذ أن//ه تض//من ،ع//دم متابع//ة المس//ؤولين وعم//ال البعث//ة األممي//ة أو المس//ؤولين
القدامى التابعين لدولة غير طرف في النظام األساسي ارتكبوا جرائم مرتبطة بعمليات حف//ظ
السالم المرخص بها من قبل منظمة األمم المتحدة.115
وبالتالي هذا القرار ،يهدف إلى استثناء جميع مواطني الدول غ//ير األط//راف في النظ//ام
األساسي للمحكمة الجنائية الدولية المش/اركين في عملي//ات األمم المتح/دة لحف//ظ الس/الم ،من
112
ياسين طاهر الياسري ،مرجع سابق ،ص_112- .17
113_Clémence Bouquemont, la cour pénale internationale et les Etats-Unis, Editions,
113
72
الوالية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية ،ومن بينهم الرعايا األمريكان ،وذل//ك بحكم دولتهم
لم تصادق على النظام األساسي.
وعليه ،يضفي ه//ذا الق//رار إزاء المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة حص//انة على المس/ؤولين أو
الموظفين الحاليين أو السابقين التابعين للواليات المتح//دة األمريكي//ة ول//دول أخ//رى مس//اهمة
في عمليات حفظ السالم والتي ليست أطرافا في نظام روما األساسي فيما يتص//ل ب//أي عم//ل
أو إغفال يتعلق بالعمليات التي تعد لها األمم المتحدة أو تأذن بها.116
إضافة إلى ذل//ك ،تعس//ف في اس//تبعاد اختص//اص المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة عن رعاي//ا
ال//دول الم//ذكورة ،وتج//اوز ح//دود ذل//ك من خالل انتهاك//ه التفاقي//ات ج//نيف األربع//ة لس//نة
،1949والتي تلزم جميع األطراف فيها بمعاقبة األشخاص الذين يرتكبون مخالفات جسيمة
لقواعد القانون الدولي اإلنساني.117
على الرغم من أن هذه الحص/انة ق/د ق/ررت لم/دة س/نة بم/وجب الق/رار ،1422إال أن
مجلس األمن عبر عن نيته في تجديدها وفق//ا للش//روط وللم//دة نفس//ها ،طالم//ا ل//زم األم//ر في
األول من يوليوز من كل سنة لمدة تبلغ 12شهرا كامال.118
اتخذ تنفيذا لما ورد في القرار 1422؛ الق//رار رقم 1487بت//اريخ 12يوني//و ،2003
والذي يقضي بتمديد الحصانة الممنوحة لموظفي األمم المتحدة المشاركين في عملي//ات األمم
المتحدة لحفظ السالم من المتابعة والمحاكمة أمام المحكمة الجنائي/ة ،وذل/ك لم/دة 12ش/هرا،
تبدأ من 1يوليوز ،2003وتم تجديد هذا القرار بتصويت 12دولة لصالحه وامتن//اع ثالث
دول عن التصويت ،هي فرنسا وألمانيا وسوريا.
هذا القرار هو اآلخر تم التصويت عليه بتهديد من الواليات المتحدة األمريكي//ة ،إذ أب//دت
علنيا عن عدم تجديد بعثة األمم في إقليم يوغوسالفيا في حالة ع//دم موافق//ة ال//دول األعض//اء
في مجلس األمن على إرجاء
116_Salvatore Zappala, La cour pénale internationale, Montchrestiens, paris,2007, p :141.
116
73
ه//ذه التحقيق//ات والمحاكم//ات ض//د األش//خاص رعاي//ا ال//دول غ//ير الموافق//ة على النظ//ام
األساسي والذين يرتكبون جرائم دولية تدخل في اختصاص المحكمة.119
جاء القرار رقم 1487متطابق//ا م//ع الق//رار ،1422إذ ج//دد في//ه مجلس األمن إرج//اء
التحقيقات ضد أفراد الدول المش//اركة في عملي//ات الس//الم لم//دة 12ش//هرا ،وبالت//الي يك//ون
مجلس األمن قد اضطر إلى التجاوب مع المطلب األمريكي ،وهو أمر يعبر في ج//وهره عن
نظرة الواليات المتحدة األمريكي/ة االس/تعالئية من جه/ة ،ويجس/د ق/انون الق/وة والهيمن/ة من
جهة أخرى.
من خالل ما سبق ،وفي ظل اختالل توازن القوى في العالقات الدولية وهيمن//ة األحادي//ة
القطبية ،استطاعت الوالي/ات المتح/دة األمريكي/ة التحكم في ه/ذا التنظيم ال/دولي الق/ائم ،وق/د
ظهر ذلك بوضوح من خالل القرارين 1422و، 1487الذي بموجبهما استطاعت أن توفر
حص//انة قض//ائية لجنوده//ا الع//املين ض//من ق//وات حف//ظ الس//الم من المتابع//ة أم//ام المحكم//ة
الجنائي/ة الدولي/ة وذل/ك لم/دة س/نتين على الت/والي ،ب/ل إنه/ا لم تتوق/ف عن/د ه/ذا الح/د ،ب/ل
تجاوزته إلى تقديم مشروع قرار ،وذلك للمرة الثالثة على الت/والي تطلب في/ه تجدي/د الق/رار
رقم ،1487وأن//ه على أعض//اء مجلس األمن التص//ويت علي//ه خالل 24س//اعة ،لكن في
الوقت الذي قدم فيه هذا الطلب أبدت العدي//د من ال//دول والمنظم//ات المدني//ة وبعض أعض//اء
التح//الف من أج//ل المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة رفض//ها ل//ه ،حيث ع//بروا على أن//ه من غ//ير
المناسب أن تتقدم الواليات المتحدة األمريكية بهذا الطلب ،وذل//ك في ظ//ل التق//ارير األخ//يرة
حول اإلساءة التي ارتكبها جنودها في العراق ،إذ أن فضيحة سجن أبو غريب ألقت بظالله//ا
خالل مناقش//ات مجلس األمن لطلبه//ا ،ول//ذلك لم يحص//ل التواف//ق بين أعض//اء مجلس ح//ول
قرارها ،الشيء الذي اضطرها إلى تقديم نص مع//دل لمش//روع طلبه//ا ،لكن على ال//رغم من
ذل//ك أع//ربت مجموع//ة من ال//دول( البرازي//ل؛ ألماني//ا؛ الص//ين؛ روماني//ا؛ إس//بانيا؛ الب//نين؛
التشيلي) أنها ستمتنع عن التصويت ،وبما أن صدور القرار يحتاج إلى موافقة تس//ع أعض//اء
على األقل من أصل خمسة عشر عضوا وعدم استخدام ح//ق النقض من أح//د ال//دول الدائم//ة
119
119_Denis Catherine, le pouvoir normatif des conseils de sécurité des Nations unies : portés et
limites, Bruylant, Bruxelles,2004, p124.
74
العض//وية ،الش//يء ال//ذي جع//ل الوالي//ات المتح//دة األمريكي//ة في 23حزي//ران 2004ب//أن
تسحب قرارها.
أوال :مخالفة كل من القرارين 1422و 1487نص الم//ادة 105من ميث//اق األمم المتح//دة،
وال/تي أعطت للجمعي/ة العام/ة لألمم المتح/دة الص/الحيات في عق/د االتفاق/ات المتعلق/ة بمنح
مندوبي وموظفي هيئة األمم المتحدة للحصانات واالمتيازات.120
استنادا لهذه المادة ،فإن المرجع الصالح لمنح قوات حفظ السالم التابعة لألمم المتحدة هو
الجمعية العامة التي يتوجب عليها إبرام معاهدة في هذا الشأن مع المحكمة الجنائي//ة الدولي//ة،
وأن تص//رف مجلس األمن بمنح الحص//انات واالمتي//ازات لق//وات حف//ظ الس//الم الدولي//ة في//ه
تجاوز على اختصاصات الجمعية العامة.
ثانيا :كما أن هذه القرارات لم تحدد حالة معينة عدها مجلس األمن تهديدا للسلم أو إخالل به
أو عمل من أعمال العدوان ،ح/تى يك/ون تص/رفه بمقتض/ى الفص/ل الس/ابع من ميث/اق األمم
المتحدة تصرفا صحيحا ،ألن//ه كم//ا س//بق ال//ذكر ف//إن النص في الم//ادة 16من نظ//ام روم//ا
األساس/ي ،على أن يك/ون مجلس األمن متص/رفا بمقتض/ى الفص/ل الس/ابع من الميث/اق عن/د
طلب إرجاء التحقيق أو المقاضاة ،يفترض وقوع حال//ة معين//ة كيفه//ا مجلس األمن على أنه//ا
تهديد أو خرق للسلم واألمن الدوليين ،وه//ذا لم يحص//ل في الق//رارين 1422و 1487حيث
خلوا من أي إشارة إلى هذه الحالة ،وهنا يجب التنويه بأن المطل//وب ه//و وج//ود ه//ذه الحال//ة
120
:تنص المادة 105من ميثاق األمم المتحدة على ما يلي 120-
تتمتع الهيئة في أرض كل عضو من أعضائها بالمزايا والحصانات التي يتطلبها تحقيق مقاصدها؛ 1)-
وكذلك يتمتع المندوبون من أعضاء األمم المتحدة وموظفو هذه الهيئة بالمزايا واإلعفاءات التي يتطلبها استقاللهم في القيام بمهام 2)-
وظائفهم المتصلة بالهيئة؛
للجمعية العامة أن تقدم التوصيات بقصد تحديد التفاصيل الخاصة بتطبيق الفقرتين 1و 2من هذه المادة ولها أن تقترح على 3)-
.أعضاء الهيئة عقد اتفاقات لهذا الغرض
75
التي ع//دها مجلس األمن تهدي//دا أو إخالال بالس//لم و األمن ال//دوليين ،أم//ا مس//ألة ص//حة ه//ذا
التكييف من عدمه فهي تخضع الختص//اص مجلس األمن فق//ط باعتب//اره هيئ//ة سياس//ية تق//وم
بتحدي//د ه//ذه المس//ائل السياس//ية ،وه//ذا أيض//ا م//ا قض//ت ب//ه الم//ادة 34من ميث//اق األمم
المتحدة ،ال//تي أعطت مجلس األمن االختص//اص بتك//ييف أي موق/ف أو احتك//اك أو اعتب//اره
تهديدا أو اخالال للسلم واألمن الدوليين واتخاذ ما يلزم حياله.
وكم//ا س//بق الق//ول ،ف//إن ش//رط وج//ود حال//ة معين//ة ،تع//د تهدي//دا أو خرق//ا للس//لم واألمن
ال//دوليين ،ح//تى يك//ون تص//رف مجلس األمن بمقتض//ى الفص//ل الس//ابع من الميث//اق تص//رفا
ص//حيحا ،يمكن اس//تنتاجه أيض//ا من نص الم//ادة 39من ميث//اق األمم المتح//دة ،ال//تي تع//د
المرجع الرئيس الذي يجب أن يستند إليه أي قرار يصدر من مجلس األمن بمقتضى الفص//ل
السابع،121لذلك عد بعض الفقهاء صدور القرار 1422دون اإلشارة فيه إلى م/ا يع/د تهدي/دا
وخرقا للسلم واألمن الدوليين إجراء غير مسبوق خالل 57من عمر مجلس األمن.122
هذا الفهم الذي تعنيه المادة 16من النظ//ام األساس//ي ،من وج//وب اس//تناد طلب التأجي//ل
الصادر من مجلس األمن إلى الفصل السابع ،هو ما دف//ع بعض ال//دول األعض//اء في مجلس
األمن إلى التحفظ على هذه القرارات ،من ه//ذه ال//دول مثال ألماني//ا ،حيث ق/ال من//دوبها ل//دى
مجلس األمن عند مناقشة مسودة القرار رقم 1422م//ا يلي " إن الفص//ل الس//ابع من ميث//اق
األمم يش//ترط وج//ود تهدي//د للس//لم أو خ//رق ل//ه أو عم//ل من أعم//ال الع//دوان ،وأي من ه//ذه
األعمال في رأينا ،غير موجودة في هذا الق//رار ،ل//ذلك ف//إن مجلس األمن يق//وم ،وعلى نح//و
خطر ،بإضعاف سلطته ومصداقية"
وهذا أيضا ما ذهبت إليه أيرلن//دا عن//د مناقش//ة الق//رار ،1487حيث ق//ال من//دوبها" أن//ه
بالنظر إلى النص وإلى األعمال التحضيرية للمادة 16من نظام روما األساسي ،يمكن القول
إن هذه المادة تسمح بالتأجيل فقط على أساس كل حالة على حدى ".
عبد الواحد محمد الفار ،الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،2008،صص_121- .175
121
122
ثقل سعد العجمي ،مجلس األمن وعالقته بالنظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية؛ دراسة تحليلية لقرارات مجلس األمن 122-
.رقم 1422و 1487و ،1497مجلة الحقوق ،كلية الحقوق ،جامعة الكويت ،العدد الرابع ،2005،ص_50
76
كذلك بالنظر إلى إجراءات الفص//ل الس//ابع من ميث//اق األمم المتح//دة ،فإنن//ا نج//د أن ه//ذه
اإلج//راءات ج//اءت متنوع//ة ،حيث ت//راوح بين وق//ف الص//الت االقتص//ادية والمواص//الت
الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية والالس//لكية وغيره//ا من وس//ائل المواص//الت
وقفا جزئيا أو كليا وقطع العالق//ات الدبلوماس//ية وذل//ك حس//ب الم//ادة 40من الميث//اق ،وبين
استعمال الق//وة العس//كرية وذل//ك حس//ب م//ا نص//ت علي//ه الم//ادة ، 42بحيث ه//ذا التن//وع في
اإلجراءات يعني على أن على مجلس األمن أن يحدد ويعين الحالة التي ه/و بص/ددها ،ح/تى
يمكن أن يختار ما يناسبه من هذه اإلجراءات المتعددة .
وباإلضافة إلى ،فإن المادة 16من نظام روما األساسي جاءت بعن//وان إرج//اء التحقي//ق
أو المقاضاة ،وهذا يعني أنها تفترض وقوع حال/ة معين/ة تختص المحكم/ة بنظره/ا ،ثم ي/أتي
قرار من مجلس األمن يطلب فيه من المحكمة عدم البدء بالتحقيق أو المقاضاة في هذه الحالة
أو عدم االستمرار إذا كانت المحكمة قد بدأت بإجراءات التحقيق أو المقاضاة.123
كذلك فإنه ،وبحسب ما تقضي به المادة 15من نظام روما األساسي ،فإن المدعي الع//ام
ال يبدأ بالتحقيق إال بعد أن تأذن له الدائرة التمهيدية ،124وهذا يفترض أن يكون المدعي العام
قد قام بتحليل المعلومات المت//وفرة لدي//ه وتقويمه//ا ،وربم//ا ق//ام بطلب معلوم//ات إض//افية من
مصادر مختلفة ،قبل أن يطلب اإلذن ببدء التحقيق ،وهذا معناه وقوع حالة معينة بالفعل قب//ل
البدء في التحقيق الذي يجوز لمجلس األمن طلب تأجيله.
124
:تنص المادة 15من نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية على ما يلي 124-
للمدعي العام أن يباشر التحقيقات من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة؛ 1)-
يقوم المدعي العام بتحليل جدية المعلومات المتلقاة ويجوز له ،لهذا الغرض ،التماس معلومات إضافية من الدول ،أو أجهرة األمم 2)-
المتحدة ،أو المنظمات الحكومية الدولية أو غير الحكومية ،أو أية مصادر أخرى موثوق بها يراها مالئمة ،ويجوز له تلقي الشهادة
التحريرية أو الشفوية في مقر المحكمة؛
إذا استنتج المدعي العام أن هناك أساسا معقوال للشروع في إجراء التحقيق ،يقدم إلى دائرة ما قبل المحاكمة طلبا لإلذن بإجراء 3)-
تحقيق ،مشفوعا بأية مواد مؤيدة يجمعها ،ويجوز للمجني عليهم إجراء مرافعات لدى ما قبل المحاكمة وفقا للقواعد اإلجرائية وقواعد
اإلثبات؛
إذا رأت دائرة ما قبل المحاكمة ،بعد دراستها للطلب وللمواد المؤيدة ،أن هناك أساسًا معقوًال للشروع في إجراء التحقيق وأن 4)-
الدعوى تقع على ما يبدو في إطار اختصاص المحكمة ،كان عليها أن تأذن بالبدء في إجراء التحقيق ،وذلك دون المساس بما تقرره
المحكمة فيما بعد بشأن االختصاص ومقبولية الدعوى؛
رفض دائرة ما قبل المحاكمة اإلذن بإجراء التحقيق ال يحول دون قيام المدعي العام بتقديم طلب الحق يستند إلى وقائع أو أدلة 5)-
جديدة تتعلق بالحالة ذاتها؛
إذا استنتج المدعي العام ،بعد الدراسة األولية المشار إليها في الفقرتين 1و ،2أن المعلومات المقدمة ال تشكل أساسا معقوال 6)-
إلجراء تحقيق ،كان عليه أن يبلغ مقدمي المعلومات بذلك ،وهذا ال يمنع المدعي العام من النظر في معلومات أخرى تقدم إليه عن
.الحالة ذاتها في ضوء وقائع أو أدلة جديدة
77
ثالثا :وبما أن طلب إرجاء التحقيق أو المقاضاة يجب أن يكون مقيدا بم//دة معين//ة بحس//ب م//ا
جاء في صريح المادة 16من نظام روم//ا األساس//ي ،فإن//ه ال يجب أن ي//ؤدي ب//أي ح//ال من
األحوال إلى إفالت مرتك//بي الج//رائم من العق//اب ،باعتب//ار أن ه//ذا ه//و اله//دف ال//رئيس من
وراء إنشاء هذه المحكمة وبحسب ما جاء في ديباجة النظام األساسي لهذه المحكمة ،وتطبيق//ا
لذلك فإن ما نص عليه القرارين 1422و 1487يكونان ق//د خالف//ا نص الم//ادة ،16عن//دما
نصا على أن مجلس األمن " يعرب عن اعتزامه تمديد الطلب (باإلرجاء) ....بنفس الشروط
وذلك في يوليوز من كل سنة لفترة 12شهرا جديدة ،طالما استمرت الحاجة إلى ذلك".
المخالفة هنا هي أن المادة 16من نظام روما األساس//ي ،ال//تي نص//ت على أن//ه " يج//وز
لمجلس األمن تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها" ،تتحدث عن احتمال فق//ط ،أي أن//ه إذا وج//د
بعد انقضاء 12شهرا األولى أن الحالة التي صدر بشأنها طلب اإلرجاء ما زالت قائمة ،فإن
لمجلس األمن عندئذ طلب اإلرجاء مدة مماثلة وهكذا.
كما أن القول بأن مجلس األمن ينوي من اآلن التجديد له/ذا الطلب في ك/ل س/نة م/دة 12
شهرا ،فإن ذلك قد يؤدي ،وبشكل فعلي ،إلى إيجاد نوع من الحص//انة الدائم//ة لمجموع//ة من
األفراد من الخضوع الختصاص المحكمة الجنائية الدولية، 125وه//ذا م//ا لم يقص//ده واض//عوا
النظام األساسي إذا تم تفس//ير الم//ادة 16بحس//ن ني//ة ،وبحس//ب المع//نى االعتي//ادي والس//ياق
الخاص الذي جاءت به ه/ذه الم/ادة ،وبحس/ب أيض/ا م/ا تقض/ي ب/ه أيض/ا الم/ادة 12631من
اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة .1969
رابعا :إن الفلسفة القانونية التي تقوم عليها المادة 16من نظام روم//ا األساس//ي ،هي أن//ه ق//د
توجد بعض الحاالت التي يكون فيها التوفيق بين مقتض//يات حف//ظ الس//لم واعتب//ارات تحقي//ق
العدالة أمرا غير ممكن ،ولو بشكل مؤقت ،لذلك جعل واضعوا النظام األساسي هذه المس//ألة
في حساباتهم وأعطوا األولوية لمجلس األمن ،ولو بشكل مؤقت ،باتخاذ إجراءات حفظ السلم
الدولي ومنها الطلب من المحكمة إرجاء إجراءات التحقيق أو المقاضاة.
126
تنص المادة 31من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969على أن " -1تفسر المعاهدات بحسن نية ووفقا للمعنى 126-
.....".العادي الذي يعطي أللفاظها ضمن السياق الخاص بموضوعها والغرض منها
78
كما أن الهدف الوحيد من المادة 16من نظ//ام روم//ا األساس//ي ،ه//و تمكين مجلس األمن
من القيام بدوره في حفظ السلم واألمن ال//دوليين ،خصوص//ا عن//دما تك//ون هن//اك مفاوض//ات
حساسة يقودها مجلس األمن من أجل التوصل إلى سالم دولي م//ع أط//راف أخ//رى ،ويك//ون
هذا لمدة محددة وفي ظروف استثنائية جدا ،هو ما خفف شدة المعارض//ة ال//تي لقيته//ا الم//ادة
16من النظ//ام األساس/ي ،وذل//ك لخش/ية كث//ير من ال//دول من أن تص//بح ه//ذه الم//ادة وس/يلة
تتخذها الدول الدائمة العضوية لحماية مواطنيها.
لذلك فالنص في الق/رارات الس/ابقة على من/ع اختص/اص المحكم/ة الجنائي/ة الدولي/ة ،من
نظر الجرائم التي قد يرتكبها األفراد الذين يشتركون في عمليات األمم المتح//دة للس//الم فق//ط
دون االختصاص الوطني يدل على أن إرساء العدالة ال يتعارض مع مقتض//يات حف//ظ الس/لم
الدولي ،أي أنها ال تتفق مع الفلسفة التي تقوم عليها المادة 16من النظام األساسي.127
خامسا يضاف إلى ذلك أن ال//دواعي وراء الض//غط األم//ريكي الستص//دار ه//ذه الق//رارات ال
يمكن فهمها إال باعتبارين إثنين:
أن الواليات المتحدة األمريكية تتوقع أن يقوم جنودها أو األف//راد الت//ابعون له//ا ال//ذين -1
يشاركون في عمليات األمم المتحدة لحفظ السالم ،بارتكاب بعض الج//رائم من الن//وع
التي تختص به المحكمة الجنائية الدولية.
أن الواليات المتحدة األمريكي//ة تن//وي ع//دم محاكم//ة ه//ؤالء الجن//ود أو األف/راد طبق//ا -2
لقضائها الوطني في حال ارتكابهم لمثل هذه الجرائم.
وبما أن المحكمة الجنائية الدولية تقوم على مب/دأ التكام/ل ،أي أفض/لية القض/اء الوط/ني،
ك//ان ممكن للوالي//ات المتح//دة األمريكي//ة ودون الحاج//ة إلى استص//دار أي ق//رار من مجلس
األمن ،أن تقوم في حال قيام أي من جنودها أو األفراد الت//ابعين له//ا بارتك//اب ج//رائم دولي//ة
بمقاضاتهم وطنيا لتجنب اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، 128حيث هذه األخ//يرة س//تكون
غير مختصة في هذه الحالة ما لم تكن الدولة ذات االختصاص الوطني غ//ير ق//ادرة أو غ//ير
127
محمود شريف بسيوني ،المحكمة الجنائية الدولية؛ مدخل لدراسة أحكام وآليات اإلنفاذ الوطني للنظام األساسي ،الطبعة 127-
.األولى ،دار الشروق ،القاهرة ،2004،ص_197
128
ثقل سعد العجمي ،مرجع سابق ،ص_128- .54
79
راغبة في القيام بذلك ،كما أن المحكمة ال تقبل نظر الدعوى إال إذا كان الجرم محل الدعوى
على درجة كبيرة من الخطورة.129
سادسا :إن هذه القرارات تحتوي على تمييز واضح بين ال//دول المس//اهمة في عملي//ات حف//ظ
الس//الم التابع//ة لألمم المتح//دة ،حيث تف//رق بين ال//دول األط//راف في نظ//ام روم//ا األساس//ي
والدول غير األطراف ،حيث تعطي حصانة فقط ألفراد الدول المساهمة أو تل//ك ال//تي تن//وي
المساهمة في عمليات األمم المتحدة ،حيث تشجع على ع//دم االنض//مام إلى النظ//ام األساس//ي
للمحكمة الجنائية الدولية.
وإضافة إلى ذلك ف/إن ه/ذه الق/رارات تنص على فئ/ة معين/ة من األف/راد بس/بب ص/فتهم
الرسمية باعتبارهم موظفين حاليين أو سابقين ممن شاركوا في عمليات األمم المتحدة ،وه//ذا
مخالف تماما لما تقضي به المادة 27من نظام روما األساسي.130
سابعا :كذلك فإن المادة 16من نظام روما األساسي إنما جاءت سبيل االستثناء في ممارس//ة
المحكمة الختصاصها على الدعوى التي تنظرها ،وله//ذا ف//إن ه//ذا االس//تثناء يجب أن يك//ون
محدودا ،وإال سوف يكون مثل تعديل للنظ//ام األساس//ي عن طري//ق ق//رار ص//ادر من مجلس
األمن على نحو مخالف لما تقضي ب//ه الم//ادة 39من اتفاقي//ة فيين//ا لق//انون المعاه//دات لس//نة
.1969
و انطالق//ا مم//ا س//بق ذك//ره يتض//ح لن//ا أن ه//ذه الق//رارات الص//ادرة من مجلس األمن لم
تخالف النظام األساسي للمحكمة الجنائي//ة فحس//ب ،ب//ل تع//دت ذل//ك إلى مخالف//ة ميث//اق األمم
المتح///دة ،ل///ذلك ف///إن المحكم///ة الجنائي///ة الدولي///ة ،باعتباره///ا محكم///ة مس///تقلة عن األمم
المتحدة ،يجب أن تبحث في مدى مشروعية هذه القرارات ،وأن تقرر ع//دم التزامه//ا به//ا إذا
وجدت عدم مشروعيتها،،والحديث هنا عن المادة 103من ميث//اق األمم المتح//دة غ//ير وارد
129
وذلك وفق ما تنص عليه مقتضيات المادة 17من نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية129- .
130
:تنص المادة 27من نظام روما األساسي على ما يلي 130-
يطبق هذا النظام األساسي على جميع األشخاص بصورة متساوية دون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية .وبوجه خاص ،فإن الصفة 1-
الرسمية للشخص ،سواء كان رئيسا لدولة أو حكومة أو عضو في حكومة أو برلمان أو ممثال منتخبا أو موظفا حكوميا ،ال تعفيه بأي
حال من األحوال من المسؤولية الجنائية بموجب هذا النظام األساسي ،كما أنها ال تشكل ،في حد ذاتها ،سببا لتخفيف العقوبة؛
ال تحول الحصانات أو القواعد اإلجرائية الخاصة التي قد ترتبط بالصفة الرسمية للشخص ،سواء كانت في إطار القوانين الوطنية 2-
.أو الدولية ،دون ممارسة المحكمة اختصاصها على هذا الشخص
80
ألن المخاطب بهذا النص الدول األعضاء في األمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية ليس//ت
دولة وليست عضوا في األمم المتحدة.131
المبحث :هيمنة مجلس األمن على المحكمة الجنائية الدولية في إقرار جريمة
العدوان
نظرا لخطورة جريمة العدوان وباعتبارها أم الجرائم في الق//انون ال//دولي ،مم//ا يزي//د من
أهمية التصدي لها وعقاب مرتكبيها بأشد العقاب ،ولذلك منح مجلس األمن سلطة مطلق//ة في
اإلقرار بوقوعها (المطلب األول) طبق/ا ألحك/ام الم/ادة 39من ميث/اق األمم المتح/دة ،وذل/ك
رغم إدراج ه//ذه الجريم//ة ض//من اختص//اص المحكم//ة الجنائي//ة ،بحيث ع//دم التوص//ل إلى
تعريفها جعل نظام روما األساسي يعلق اختصاص المحكمة بنظرها إلى حين اعتماد تعريف
بشأنها ،وأنه حتى بعد التوصل إلى هذا التعري//ف خالل م//ؤتمر كمب//اال االستعراض//ي لس//نة
131
تنص 103من ميثاق األمم المتحدة على ما يلي " إذا تعارضت االلتزامات التي يرتبط بها أعضاء األمم المتحدة وفقا 131-
".ألحكام هذا الميثاق مع أي التزام دولي آخر يرتبطون به فالعبرة بالتزاماتهم المترتبة على هذا الميثاق
81
، 2010م//ا زالت المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة تواج//ه ص//عوبة في مواجه//ة ه//ذا الن//وع من
الجرائم (المطلب الثاني).
المطلب األول :خضوع اإلقرار بوقوع جريمة العدوان للسلطة المطلقة لمجلس األمن
يتمتع مجلس األمن الدولي عند تكييف//ه لح/االت وق/وع الع//دوان ال//دولي بس/لطة تقديري//ة
واسعة ،وهي سلطة أصيلة مقررة له في كل من ميثاق األمم المتحدة ؛وقرار الجمعية العام//ة
لألمم المتح//دة رقم 3314الص//ادر في 14دجن//بر 1321974؛وك//ذلك من خالل أعم//ال
مؤتمر كمباال االستعراض/ي لس/نة 2010بش/أن تع/ديل النظ/ام األساس/ي للمحكم/ة الجنائي/ة
(الفقرة األولى) ،و يمتد نطاقها إلى استنتاج وقوع هذه الجريم//ة و إلى اس//تخالص الظ//روف
المحيطة بارتكابها ،وهي المعلومات التي قد تفيد المدعي العام عند التحقيق في هذه الجريمة
،غير أن السماح لمجلس األمن بهذه السلطة المطلقة في تقرير جريمة العدوان تترتب عليه//ا
مجموعة من اآلثار (الفقرة الثانية) ،تتجلى في اتخاد المجلس التدابير القمعية لمواجهة الدولة
المرتكبة لهذه الجريمة ،و إحالة المسؤولين عن ارتكابها على المحكمة الجنائية الدولية.
الفقرة األولى :األساس القانوني التقديرية لمجلس األمن في اإلقرار بوقوع جريمة
العدوان
يعتبر مجلس األمن الجهة المختصة طبقا ألحكام ميثاق األمم المتحدة بتحديد وقوع عم//ل
من أعمال العدوان ،وتعد قراراته نافذة في مواجهة الدول األعضاء في األمم المتحدة ،وذلك
بموجب نصوص ميثاق األمم المتحدة ،وتماشيا مع ما تق//دم ف//إن مجلس األمن ال//دولي يتمت//ع
عند تقريره ما إذا كان ما وقع يمثل تهديد الس/لم أو اإلخالل ب//ه أو عمال من أعم//ال الع//دوان
بسلطة تقديرية كاملة طبقا للمادة 39من الميثاق.133
يستطيع مجلس األمن كذلك أن يضع ما يشاء من المعايير لتحديد أحوال تدخله ،وإن كان
المجلس قد جرى على عدم وضع ضوابط معين/ة بش/أن م/ا يع/رض علي/ه من وق/ائع ،بحيث
ينظر في كل حالة على حدة لتقرير ما إذا ك/انت تش/كل تهدي/دا للس/لم أو إخالال ب/ه ،أو عمال
132
الذي عرف العدوان بأنه " استعمال القوة المسلحة من قبل دولة ضد سيادة دولة أخرى أو سالمتها اإلقليمية أو استقاللها 132-
السياسي أو بأية صورة أخرى تتنافي مع ميثاق األمم المتحدة وفقا لنص هذا التعريف " حسب المادة األولى من قرار الجمعية العامة
.رقم 3314لسنة 1974
133
تنص المادة 39من ميثاق األمم المتحدة على أنه " يقرر مجلس األمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخالل به أو كان ما 133-
وقع عمال من أعمال العدوان ،ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقا ألحكام المادتين 41و 42لحفظ السلم
".واألمن الدولي أو إعادته إلى نصابه
82
عدوانيا ،وال تملك الدول حق الطعن في قراره ،و تجدر اإلشارة إلى أن مجلس األمن امتن//ع
عن استعمال مصطلح العدوان في حاالت عديدة ،منها غ//زو الع//راق للك//ويت س//نة ،1990
لكن عند قيام العراق في فترة الحقة بغزو الكويت بإلغ//اء البعث//ات الدبلوماس//ية القنص//لية في
الكويت وسحب االمتيازات والحص//انات من تل//ك البعث//ات وموظفيه//ا ،أص//در مجلس األمن
قرارا آخر يصف هذه األعمال باألعمال العدوانية ،مما يؤك//د انتقائي//ة مجلس األمن وتعامل//ه
الكيفي في تحديد وقوع عمل من أعمال العدوان. 134
طبق//ا ألحك//ام ميث//اق األمم المتح//دة وللق//رار 3314الص//ادر عن الجمعي//ة العام//ة لألمم
المتحدة سنة ، 1974يعد مجلس األمن الجهة المختص/ة بتك/ييف الفع/ل ال/ذي وق/ع على أن/ه
يشكل عمال من أعمال العدوان ،هذه السلطة التقديرية التي يتمتع بها مجلس األمن مس//توحاة
من نص المادة 39من ميثاق األمم المتحدة ،وذل//ك لحف//ظ الس//لم واألمن ال//دولي ،أو إعادت//ه
إلى نصابه ،فإذا قرر المجلس أن األعمال التي صدرت عن دولة ما تش//كل عمال من أعم//ال
الع///دوان طبق///ا للم///ادة الس///ابقة ،ف///إن الدول///ة المعتدي///ة تك///ون مس///ؤولة دولي///ا عن ه///ذه
األعم//ال ،وتك//ون عرض//ة لتوقي//ع الج//زاءات الدولي//ة ،فض//ال عن مس//ؤوليتها عن تع//ويض
األض//رار ال//تي أح//دثتها نظ//را العتب//ار الع//دوان جريم//ة دولي//ة ت//دخل في نظ//ام الج//زاءات
135
الجماعية المقررة في ميثاق األمم المتحدة والنظام القانوني للمسؤولية الدولية.
ظلت جريمة العدوان مج/رد مص//طلح سياس/ي تفس/ره ك//ل دول//ة وف/ق رؤيته//ا السياس/ية
ومصالحها الحيوية ،فلم ينل هذا المصطلح التحديد القانوني له إال في القرن العشرين ،وذل//ك
نتيجة التنظيم القانوني الذي توصل إليه المجتمع الدولي ،وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية
في سنة 1945؛ وتأتي بذلك مشكلة تعريفه في صدارة المشاكل التي تثيرها هذه الجريمة.
إن تحديد الجهة التي تقرر وجود حالة العدوان ،هو أهم شرط لممارسة المحكمة الجنائية
الدولية الختصاصها إزاء هذه الجريمة الدولية ،وقد أك//دت ال//دول الدائم//ة العض//وية بمجلس
134
سرمد عامر عباس ،عالقة المحكمة الجنائية الدولية بمجلس األمن وآليات النفاذ الوطني لجريمة العدوان طبقا لتعديالت 134-
كمباال مقال منشور على الموقع اإللكتروني ?: Www.iasj.net/aisjمؤتمر
fumc:fultexkaid99247
135
تباني يعقوب؛ فيثة تهاني ،سلطات مجلس األمن في ظل القضاء الجنائي الدولي ،رسالة لنيل شهادة الماستر ،تخصص قانون 135-
دولي وعالقات دولية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة محمد الصديق بن يحيى تاسوست جيجل ،2016/2017 ،الجزائر،
.ص_66
83
األمن خاصة الواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا على أن اعتبار ه//ذه الجريم//ة ت//دخل في
اختصاص المحكمة الجنائي/ة الدولي/ة ال ي/ؤثر مطلق/ا على ص/الحيات مجلس األمن المق/ررة
بم//وجب الفص//ل الس//ابع من ميث//اق األمم المتح//دة ،وال//تي بموجبه//ا ينف//رد مجلس األمن في
تقرير حالة الع//دوان ،وتحدي//د الط//رف المعت//دي ،مؤك//دين نص الم//ادة 39من ميث//اق األمم
المتحدة في أن يقرر مجلس األمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخالل ب//ه أو وق//ع عم//ل
من أعمال العدوان.136
بصفة عامة ،يتبين أن تحديد وقوع الفعل العدواني ،بموجب الم//ادة 39من ميث//اق األمم
المتحدة ،هي مسألة سياسية ،وليست مسألة قانوني//ة ،باعتب//ار أن مس//ألة تحدي//د م//ا إذا ك//انت
بعض الحاالت تشكل تهديد أو إخالال بالسلم أو تتضمن عمال من أعمال العدوان ال يمكن أن
ينظر فيه//ا على المس//توى القض//ائي باس//تعمال التفك//ير الق//انوني ،ألن//ه ال توج//د أي مع//ايير
قانونية من خاللها يمكن الوصول إلى اتخ/اذ ق/رار في ه/ذا المج/ال ،ب/ل هي مس/ألة تخض/ع
لقرار سياسي لقضايا واقعية ال تتقيد ب/أي ح/ال من األح/وال باالعتب/ارات القانوني/ة ،فتحدي/د
وقوع العمل العدواني يشمل أكثر من مجرد استيفاء لمعايير قانونية ،فالتقييم في ه/ذا اإلط/ار
يستدعي تقدير الوقائع ذات الصلة والوضع السياسي الدولي القائم من أجل تحديد ما إذا ك//ان
من المبرر أن يعطي وصفا محدودا ،وما إذا كان الوصف سوف يعزز مص//الح حف//ظ األمن
و السلم الدوليين ،وهذه العملية هي من عمل جهاز سياسي وليس جهاز قضائيا.
تم التأكيد على أن األعمال التحضيرية لوضع ميثاق األمم المتحدة تدعم تفسير المادة 39
من الميثاق على أس//اس أنه//ا تعطي لمجلس األمن س//لطة حص//رية فيم//ا يتعل//ق ب//التحقق من
وجود عمل عدواني ،بحيث أن إغفال إيراد تعريف للعمل ف ميث//اق األمم المتح//دة ك//ان عن
قصد ،فخالل مؤتمر سان فرانسيسكو إلنشاء منظمة األمم المتحدة سنة ،1945دعت العديد
من وفود ال//دول إلى وض//ع تعري//ف لعب//ارات " تهدي//د الس//لم"؛"اإلخالل بالس//لم"؛ و "العم//ل
العدواني" ،وفي هذا اإلطار تقدمت بوليفي//ا والفل//بين بمقترح//ات حقيقي//ة في ه//ذا الخص//وص
ولكن كانت محل نقاش.
136
فوزية ميهوب ،فعالية المحكمة الجنائية الدولية في ضوء العالقة القائمة بينها وبين هيئة األمم المتحدة ،رسالة لنيل شهادة 136-
.الماستر ،تخصص قانون عام ،جامعة باجي مختار عنابة ،2011،الجزائر ،ص_206
84
يفسر الفقه ممارس//ة مجلس األمن بتفض//يله مص//طلح تهدي//د الس//لم واألمن ال//دوليين عن
مفهوم العدوان ،في أنه يريد دائما أن يبقى محايدا في تعامله مع األزمات الدولية المعروضة
عليه ،ويبتعد عن دائرة تبادل االتهامات ،حتى يتيح الفرصة أن تسوى تلك األزمات بالطرق
السلمية ،وسبب ع//دم اهتم//ام مجلس األمن في الس//نوات الماض//ية بتحدي//د حال//ة الع//دوان في
قرارات//ه المتخ//ذة في إط//ار الفص//ل الس//ابع من ميث//اق األمم المتح//دة راج//ع إلى أن فك//رة
المسؤولية المترتبة عن العدوان في القانون الدولي ،كانت محص//ورة في المس//ؤولية المدني//ة
فقط المتمثلة في التعويض ،ولم يتعدى األمر إلى تقرير المسؤولية الجنائية للفرد.137
بناء على ذلك فحصيلة مجلس األمن بخصوص القرارات التي أص/درها بش/أن الع/دوان
هي قليلة جدا ،ولكن رغم ذلك فواضعي النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية اتفقوا عن//د
اختتام أشغال مؤتمر روم//ا على ع//دم المس//اس بص//الحية مجلس األمن المكرس//ة في الم//ادة
39من الميثاق ،و اعتبروا أن إص//دار ق//رار أولي من مجلس األمن يق//رر في//ه وق//وع فع//ل
عدواني من قبل دول//ة ض//د دول//ة أخ/رى يع//د ش/رط أساس/ي من ش/روط ممارس/ة المحكم//ة
الختصاصها على جريمة العدوان ،فب//دون وج//ود ه//ذا الق//رار األولي من مجلس األمن ف//إن
اختصاص المحكمة بشأن هذه الجريمة ال ينعق/د ،ولإلش/ارة ف/إن ش/رط الق/رار األولي ق/د تم
تكريسه في تعديالت مؤتمر كمباال لسنة .1382010
ي//ترتب عن إعط//اء مجلس األمن س//لطة حص//رية في التحدي//د المس//بق لوق//وع الفع//ل
العدواني وجوب أال تمارس المحكمة الجنائية الدولية اختصاصها بشأن جريمة الع//دوان ،م//ا
لم يحدد مجلس األمن وقوع الفعل العدواني ،كما أنها إذا مارس//ت المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة
اختصاصها فيجب أن يكون دورها مقتص//را على تحدي//د مق//دار المس/ؤولية ال//تي تع//ود على
الفرد في ارتكاب الدولة للعمل العدواني ،وإصدار حكم اإلدانة على هذا الش//خص إذا ق//درت
أنه مذنب ،ووفق//ا له//ذا التص//ور فإن//ه إذا ق//رر مجلس األمن أال يتص//رف مطلق//ا ،فالمحكم//ة
الجنائية الدولية ستقوم بالشيء نفسه ،لكن إذا قرر مجلس األمن التص//رف والبت بخص//وص
العمل العدواني سواء بإسناده إلى الدولة المعنية أو إعفائه//ا من مس//ؤولية ه//ذا العم//ل ،فمث//ل
137
عبد القادر بوبي ،عالقة مجلس األمن بالمحكمة الجنائية الدولية ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام؛ تخصص 137-
.القانون الدولي العام ،كلية الحقوق ،جامعة وهران ،2011الجزائر ،ص_301
138
مرجع نفسه ،ص_138- .302
85
ه//ذا الق//رار يعت//بر نهائي//ا وملزم//ا للمحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة بغض النظ//ر عن مش//روعيته
القانونية.139
نستخلص من خالل ما سبق أن السلطات التي يتمتع بها مجلس األمن في مج//ال اإلق//رار
بوقوع جريم//ة الع//دوان ،أن//ه ال يمكن ل//ه في ك//ل الح//االت أن يق//رر في مك//ان المحكم//ة إن
وقعت هذه الجريمة أم ال ،إذ تستقل عنه في البحث عن مدى توفر أركانه//ا وعن األش//خاص
المسؤولين عن ارتكابها وال يمكن له أن يقي//د اختصاص//ها ب//النظر في ه//ذه الجريم//ة إال عن
طريق اإلقرار بعدم وقوعها أو إرجاء اختصاصها بعد تحريكه من طرفه أو من قبل المدعي
العام أو الدول األطراف.
وأخ//يرا ،يمكن الق//ول إن ممارس//ة مجلس األمن لس//لطته التقديري//ة المطلق//ة في اإلق//رار
بوق//وع الع//دوان تس//تند أساس//ا إلى أحك//ام ميث//اق األمم المتح//دة ،وال يتقي//د ب//ذلك إال بح//دود
محدودة ،وهو ما يفسر عدم استفادة المحكمة من سلطاته في مكافحة جرائم الع//دوان وانع//دام
الفائدة من إدراجها ض//من اختصاص//ها في ظ//ل هيمنت//ه على اإلق//رار بوقوعه//ا ،خاص//ة أن
النظام األساسي للمحكمة ال يضع شروط فعلية للحد من تعسفه في ممارسة هذه السلطات.
الفقرة الثانية :األثار المترتبة على تمتع مجلس بالسلطة التقديرية في اإلقرار بوقوع
جريمة العدوان
تتمث//ل األث//ار القانوني//ة المترتب//ة عن تمت//ع مجلس األمن بالس//لطة التقديري//ة الواس//عة في
اإلقرار بوقوع جريمة العدوان في حريته في اتخ/اد الت//دابير القمعي//ة ل//ردع ال//دول المرتكب//ة
لهذه الجريمة وفي إحالة األشخاص المسؤولين عن ذلك إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وفي هذا اإلطار انقسم الفقه ال//دولي ح/ول ن//وع الت//دابير ال//تي يتخ/ذها مجلس األمن عن//د
وقوع الحاالت الواردة في الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة ،لكن غ//البيتهم ي//رون أن//ه،
في حالة وقوع تهديد للسلم واألمن الدوليين ،يستلزم عليه أن يتخذ إج/راءات لمن/ع ذل/ك ،أم/ا
139
إبراهيم محمد العناني ،المحكمة الجنائية الدولية ،المجلس األعلى للثقافة ،القاهرة ،2006 ،ص139- .122
86
في حالة وقوع إخالل بهما يجب عليه أن يتخذ إجراء مش//ابه ل//ذلك ،في حين يتخ//ذ دائم//ا في
حالة ارتكاب العدوان تدابير قمعية وعقابية.140
لم يدل هذا التمييز في الم//ادة 39من الميث//اق ،على إل//زام مجلس األمن ب//احترام ت//درج
الحاالت الواردة في الفصل السابع منه ،لكنه ملزم بعدم اللج/وء إلى اس/تخدام الق/وة المس/لحة
في حالة عدم وقوع إخالل بالسلم الدولي ،وفي هذه الحالة يمكن التمييز بين احتمالين ،األول
يتعلق بحالة ما إذا انتهى العمل العدواني ولم ي//ؤدي إلى وق//وع ن//زاع جدي//د ،والث//اني يتعل//ق
بحالة ما إذا ترتب عن العدوان وقوع نزاع شامل وغير محدود.141
يقوم المجلس في الحالة األولى باتخاذ كل اإلجراءات الالزمة للحف//اظ على الس//لم واألمن
ال//دوليين ،وال تتض//من ه//ذه اإلج//راءات ت//دابير قمعي//ة ض//د الدول//ة المعتدي//ة ،ألن//ه في ه//ذه
الحاالت ال يعين فيها الطرف المعت//دي ،إذ يكتفي فق//ط بطلب ال//دول أط//راف ال//نزاع بوق//ف
إطالق النار أو سحب قواتهما حتى الحدود الدولية بينهم//ا ،والبحث عن الط//رق الدبلوماس//ية
لحل النزاع.
تعد اإلجراءات المذكورة أعاله بكونه//ا غ//ير كافي//ة لوق//ف الع//دوان المفض//ي إلى وق//وع
نزاع شامل وغير محدود ،إذ يقررها فقط في حالة م//ا إذا لم يس//تمر الع//دوان لف//ترة طويل//ة،
ويتمتع بسلطة تقديرية واسعة لتقييم مدى نجاعتها ومناسبتها لوقف العدوان.
وعلي//ه ،إذا رأى مجلس األمن أن الت//دابير ال//تي اتخ//ذها ال توق//ف الع//دوان ،ولم تض//من
الحفاظ على السلم واألمن الدوليين بسبب اس/تمرار ال/نزاع ووقع/ه على نط/اق ش/امل وغ/ير
محدود ،ففي هذه الحالة يجوز له أن يقرر اإلجراءات األخرى المنصوص عليها في الفص//ل
السابع من الميثاق ،والتي تتضمن أهم التدابير القمعية ال/تي يس/تطيع أن يتخ/ذها ض/د الدول/ة
المعتدية ،كما يسمح للدولة المعتدى عليها بالدفاع الشرعي عن نفسها.142
140_Forteau Mathias, Droit de la sécurité collective et Droit de la responsabilité
140
تتمثل التدابير التي يمكن أن يتخذها في إطار ممارسته لمهام//ه في قم//ع جريم//ة الع//دوان
في نزع السالح عن المعتدي أو فرض الحصار العسكري عليه ،وقطع العالقات الدبلوماسية
معه أو التدخل عسكريا لوقف عدوانه ،وهي تدابير متنوع//ة يتخ//ذها اس//تنادا للم//ادتين 41و
42من ميثاق األمم المتحدة.145
تلتزم الدول المشار إليها أعاله بع//دم االع//تراف ب//التغيرات ال//تي تط//رأ على إقليم الدول//ة
المعتدي//ة أو على ح//دودها ،ألن وس//ائل الض//م واكتس//اب اإلقليم ب//الطرق غ//ير المش//روعة
.يوليوز ، 2013ص_)25
143
143_Forteau Mathias, op, cit, p62.
أنظر المواد من 33إلى 38من ميثاق األمم المتحدة144- .
144
145
تنص المادة 41من ميثاق األمم المتحدة على أنه " لمجلس األمن أن يقرر ما يجب اتخاذ من التدابير التي ال تتطلب استخدام 145-
القوات المسلحة لتنفيذ قراراته ،وله أن يطلب إلى أعضاء األمم المتحدة تطبيق هذه التدابير ،ويجوز أن يكون من بينها وقف الصالت
االقتصادية والمواصالت الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية والالسلكية وغيرها من وسائل المواصالت وقفا جزئيا أو كليا
وقطع " كما تنص المادة 42من نفس الميثاق على أنه" إذا رأى مجلس األمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41ال تفي
بالغرض أو تبث أنها لم تف به ،جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من األعمال ما يلزم لحفظ السلم واألمن
الدولي أو إلعادته إلى نصابه ،ويجوز أن تتناول هذه األعمال المظاهرات والحصر والعمليات األخرى بطريق القوات الجوية أو
".البحرية أو البرية التابعة العضاء األمم المتحدة
146
146_ Kamto Maurice, L’agression en Droit Internationale, pedone, paris,2010, p228.
88
يحضرها القانون الدولي ،وهو ما ساندته محكمة العدل الدولي//ة في رأيه//ا االستش/اري ح/ول
اآلثار القانونية للتواجد لجنوب إفريقيا في ناميبيا.147
إضافة إلى ذلك ،تمتنع الدول غير األطراف عن التعامل مع الدولة المعتدية في ك//ل م//ا
يتعلق باإلقليم المعتدى عليه ،وال يجوز لها حتى الدخول معها في عالقات سياسية أو تجارية
فيما يتصل بهذا اإلقليم ،وتلتزم بعدم تقديم المس//اعدة للدول//ة المعتدي//ة بالتع//اون م//ع المنظم//ة
لوضع حد نهائي له.
من جهتها ،ال يمكن للمحكمة الجنائية الدولية ،أن تعقد اختصاص//ها ب//النظر في جريم//ة
العدوان إال إذا قرر مجلس األمن وقوع هذه الجريمة ،إذ يتقي//د اختصاص//ها ب//النظر في ه//ذه
الجريمة بضرورة صدور قرار مسبق منه يقرر فيه بوقوعها ،ويمكن بموجب هذا القرار أن
يقرر من تلقاء نفسه إحالة األشخاص المسؤولين عن ارتكاب هذه الجريمة إلى المدعي الع//ام
للمحكمة.
المطلب الثاني :تقييد اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بنظر جريمة العدوان
بعد تعديالت مؤتمر كمباال
في حالة تبوث وقوع جريمة العدوان ،جاز للمحكمة الجنائي/ة الدولي/ة أن تث/ير مس/ؤولية
مرتكبيها وتوقيع العقوبات المناسبة عليهم وفقا لنظامها األساسي ،ولكن تلتزم بمراعاة بعض
الشروط ،بعضها وارد في نظامها األساسي؛ أو ما تسمى بالشروط العام//ة (الفق//رة األولى)،
والبعض اآلخر يتمثل في صدور قرار مس//بق من مجلس األمن يق//رر في//ه بوق//وع الع//دوان،
وه/و الش/رط ال/ذي أض/افته التع/ديالت ال/تي أدخلت على نظ/ام روم/ا األساس/ي بخص/وص
جريمة العدوان في مؤتمر كمباال لسنة ( 2010الفقرة الثانية).
وال يمكن للمحكمة الجنائية الدولية االستحواذ على ذل//ك االختص//اص إال إذا وقعت حال//ة
من الحالتين التاليتين ،وهما: 150
إذا كانت تجري التحقيق والمقاض//اة في ال//دعوى دول//ة له//ا والي//ة عليه//ا ،م//ا لم تكن -1
الدولة حقا غير راغبة في االضطالع بالتحقيق والمقاضاة أو غير قادرة على ذلك.
إذا كانت قد أجرت التحقيق في الدعوى دولة لها والي/ة عليه/ا ،وق/ررت الدول/ة ع/دم -2
مقاضاة الشخص المعني ،ما لم يكن القرار ناتجا عن رغبة الدولة أو عدم قدرتها حقا
على المقاضاة.
وبذلك يكون اختص//اص المحكم//ة بنظ//ر إح//دى الج//رائم الداخل//ة في اختصاص//ها طبق//ا
للمادة الخامسة من نظامها األساسي اختصاصا تكميليا ،ينعقد فقط في حالة ما إذا تبين لها أن
الدولة التي تنظر محاكمها الدعوى المتعلقة به//ذه الجريم//ة غ//ير راغب//ة أو غ//ير ق//ادرة على
تنص الفقرة العاشرة من ديباجة نظام روما األساسي على" وإذ تؤكد أن المحكمة الجنائية الدولية المنشأة بموجب هذا النظام 148-
148
90
مباشرة التحقيق والمحاكمة ،بمعنى آخر عند انهيار النظام القضائي الوطني أو عن//د فش//ل أو
رفض هذا القضاء االضطالع بالتزاماته القانونية.151
لكن خالفا للجرائم األخرى ،يأخذ االختصاص التكميلي في جريمة العدوان مجاال ضيقا
،إذ يمكن أن يترتب عن قرار مجلس األمن المتضمن اإلقرار بوقوع الع//دوان ،آث//ار قانوني//ة
تمس هذا المبدأ يعفي المحكمة من التقيد به ،كما يأخذ مجاال مح//دودا ض//من إج//راءات س//ير
الدعوى أمامها والشروط االزمة لذلك، 152ويعود س/بب ض/يق مج/ال تط/بيق ه/ذا المب/دأ في
جريمة العدوان إلى امتناع الدول عن مساءلة مرتكبيه//ا ،وعن التحقي//ق معهم ومع//اقبتهم عن
ذلك ،إذ غالبا ما تعلن صراحة عن عدم رغبتها في مقاضاة األش/خاص ال/ذين يرتكب/ون ه/ذا
النوع من الجرائم أو تكون غير قادرة على محاكمتهم أمام محاكمها الوطنية ألسباب سياسية
ولتمتعهم بحماية أمنية كبيرة ،خاصة أن هذه الجريمة عادة ما ترتكب بواسطة أو بإيع//از من
قبل السلطات الرسمية العليا للدولة.153
كما يسأل الفرد جنائيا أمام المحكمة ويكون عرضة لتوقيع العقاب إذا كان فاعال لجريم//ة
العدوان أو شريكا في ارتكابها بأي ص//ورة من الص//ور المنص//وص عليه//ا في ه//ذا النظ//ام،
وهو ما تضمنته الفقرة الثاني//ة من نظ//ام روم//ا ال//تي تنص على أن" الش//خص ال//ذي ي//رتكب
151
محمود شريف بسيوني ،المحكمة الجنائية الدولية؛ نشأتها ونظامها األساسي مع دراسة لتاريخ لجان التحقيق والمحاكم 151-
.الجنائية الدولية ،مطابع روز اليوسف ،القاهرة ،2005،ص_166
152
أحمد قاسم محمد الحميدي ،المحكمة الجنائية الدولية ،العوامل المحددة لدور المحكمة الجنائية الدولية ،الجزء الثاني ،الطبعة 152-
.األولى ،مركز المعلومات والتأهيل لحقوق اإلنسان ،تعز ،اليمن ،2005،ص_119
153
مرجع نفسه ،ص_ .119لكن هنا ما ينبغي أن يشار إليه ،هو أن مؤتمر كمباال لسنة 2010حول مسألة التكامل ،أقر 153-
.بالمسؤولية األساسية للدول في التحقيق والمالحقة على الجرائم الخطيرة موضع اهتمام المجتمع الدولي
154
الذين يساوي أو يتجاوز سنهم 18وذلك حسب المادة 26من نظام روما154- .
91
جريمة تدخل في اختصاص المحكمة يكون مسؤوال عنها بص//فته الفردي//ة وعرض//ة للعق//اب
وفقا لهذا النظام".
كما يسأل الفرد في حالة الشروع في ارتكاب هذه الجريمة وذلك بتخطي//ط أو إع//داد من//ه
او تنفيذ عمل عدواني يشكل بحكم طابعه وخطورته انتهاكا لميثاق األمم المتحدة.
ووفقا لتعديالت مؤتمر كمباال لسنة ،2010أن المسؤولية الجنائية عن ارتك//اب جريم//ة
العدوان ال ت//ترتب إال على األش//خاص ال//ذين يكون//ون في وض//ع يمكنهم من التحكم فعال في
العمل السياسي أو العسكري للدولة أو من توجيهه وذلك وفق الفقرة الثالثة مك//رر من الم//ادة
25من نظام روما التي أضيفت بموجب تعديالت مؤتمر كمباال لسنة .2010
أما بالنسبة للدول غير األطراف في النظام روما األساسي ،فال يجوز للمحكم//ة ممارس//ة
اختصاص//ها عليه//ا إال إذا أعلنت بقبوله//ا ه//ذا االختص//اص ل//دى قلم المحكم//ة فيم//ا يتعل//ق
بالجريمة قيد البحث 155أو تمت اإلحالة من قبل مجلس األمن.
فيما يخص جريمة العدوان ،فهي تخضع ألحكام خاصة بها ،إذ ينص البن//د الخ//امس من
المادة 15مكرر من النظام األساسي بعد التعديل الوارد عليه على أن//ه " فيم//ا يتعل//ق بدول//ة
ليس//ت طرف//ا في ه//ذا النظ//ام ال يمكن للمحكم//ة أن تم//ارس اختصاص//ها المتعلق//ة بجريم//ة
العدوان عندما يرتكبها مواطنو تلك الدولة أو ترتكب على إقليمها"
يتض//ح من خالل ه//ذه الم//ادة أن//ه ال يمكن للمحكم//ة ممارس//ة اختصاص//ها إزاء جريم//ة
العدوان المرتكبة فوق إقليم الدول غير األطراف أو المرتكبة من قبل رعاياها.
إال أن البند األول من المادة 15مكرر مرتين من نظام روما بعد التعديل ال//وارد علي//ه،
أفرد حكما خاصا يتعلق بإحالة مجلس األمن لقضية ما للمحكمة حيث نص على أنه " يج//وز
155
وذلك حسب الفقرة الثالثة من المادة 12من نظام روما األساسي155- .
92
للمحكمة أن تمارس اختصاصها إزاء جريمة العدوان طبقا للمادة 13الفقرة (ب) من الم//ادة
،13رهنا بأحكام هذه المادة".
تطبيقا لنص المادة أعاله (البند األول من المادة 15مكرر مرتين من النظام األساسي)،
وبناء على الفقرة (ب) من المادة 13من النظ//ام األساس//ي للمحكم//ة ،نج//د أن اإلحال//ة ال//تي
يقوم بها مجلس األمن تعفي المحكمة من التقيد بقاعدة الرضائية ،والتي تشترط قب//ول الدول//ة
الختصاص المحكمة الجنائي//ة الدولي//ة لتحري//ك ال//دعوى أمامه//ا ،وذل//ك بغض النظ//ر س//واء
كانت الدول المعنية أطرافا في نظام روما األساسي أم ال.156
أما فيما يخص جريمة العدوان فقد أف//رد له//ا النظ//ام األساس//ي بع//د تعديل//ه س//نة 2010
أحكاما خاصا بها ،إذ نجد البند الثاني من المادة 15مكرر تنص على أنه " يج//وز للمحكم//ة
ممارسة اختصاصها بجرائم العدوان بعد مرور سنة كاملة على مصادقة أو قبول التع//ديالت
من ثالثين دولة طرف".
ومفاد ذلك أن التعديالت الواردة على جريمة العدوان علقت على إرادة الدول بالتصديق
عليها أو قبولها ،لكي تدخل حيز التنفيذ ،وذلك وفقا للفقرة 5من المادة 121من نظام روم//ا
األساسي، 158وفي نفس اإلطار ينص البند 3من المادة 15مكرر على أنه" تمارس المحكم//ة
156
محسن هذلي؛ بن بلقاسم القروي الشابي ،اختصاص المحكمة الجنائية الدولية إزاء جريمة العدوان ،محاضرة ختم التمرين156- ،
.الهيئة الوطنية للمحامين بتونس ،فرع تونس للمحامين ،السنة القضائية ،2020/ 2019ص_39
157
أي أن المحكمة الجنائية الدولية ال ينعقد اختصاصها بأثر رجعي ،أي لها اختصاص مستقبلي فقط157- .
158
التي تنص على أنه " يصبح أي تعديل على المواد 5و 6و 7و 8من هذا النظام األساسي نافذا بالنسبة إلى الدول األطراف 158-
التي تقبل التعديل ،وذلك بعد سنة واحدة من إيداع صكوك التصديق أو القبول الخاصة بها ،وفي حالة الدولة الطرف التي ال تقبل
التعديل يكون على المحكمة أال تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشمولة بالتعديل عندما يرتكب هذه الجريمة مواطنون من تلك
".الدولة أو ترتكب الجريمة في إقليمها
93
اختصاصها على جريمة العدوان رهن//ا بأحك//ام الم//ادة وبم//وجب ق/رار يتخ/ذ بأغلبي//ة ال//دول
األطراف تساوي األغلبية المطلوبة إلعداد التعديالت على النظام األساسي وذل//ك بع//د األول
من يناير ."2017
وعليه ،يتض/ح لن/ا أن المحكم/ة الجنائي/ة الدولي/ة ال تم/ارس اختصاص/ها بش/أن جريم/ة
العدوان إال بعد دخول هذا التعديل ح/يز التنفي/ذ تج/اه الدول/ة المعني/ة ،وكنتيج/ة منطقي/ة ف/إن
اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ال يشمل ج//رائم الع//دوان ال//تي ارتكبت قب//ل دخ//ول ه//ذا
التعديل حيز التنفي//ذ ،أم//ا حالي//ا فبإمك//ان المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة أن تم//ارس اختصاص//ها
بالنظر في جريمة العدوان بعد تفعيل اختصاصها نهائيا.
الفقرة الثانية :شرط صدور قرار من مجلس األمن يقر فيه بوقوع العدوان
159
،يعود االختصاص األصيل باعتباره المسؤول األول عن حفظ السلم واألمن الدوليين
بإثارة المسؤولية الدولية عن ارتكاب جريم//ة الع//دوان إلى مجلس األمن، 160وذل//ك باعتب//اره
الجه//از الخ//اص ب//إقرار وقوعه//ا، 161في حين يتم تحري//ك المس//ؤولية الجنائي//ة لألف//راد،
المتحكمين والمسيطرين على النش//اط السياس//ي والعس//كري للدول//ة ،أم//ام المحكم//ة الجنائي//ة
نظرا لكونها جريمة تدخل في اختصاصها.
و بعب//ارة أخ//رى ،يتقاس//م مجلس األمن والمحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة اختص//اص توقي//ع
المسؤولية الدولي//ة عن ارتك//اب جريم//ة الع//دوان ،إذ يختص األول ب//النظر فيم//ا يص//در عن
الدول من أعمال تشكل عدوانا في القانون الدولي ،و يتمتع في ه//ذا اإلط//ار بس//لطة تقديري//ة
مطلقة ،بينما تم//ارس الثاني//ة س//لطة توقي//ع العق//اب على مق//ترفي تل//ك الجريم//ة س//واء أك//ان
الشخص المسؤول قد ارتكب الجريمة بمفرده أم باالشتراك مع أشخاص آخ//رين أو أم//ر به//ا
حسب الفقرة األولى من المادة 24من ميثاق األمم المتحدة التي تنص على أنه" رغبة في أن يكون العمل الذي تقوم به األمم 159-
159
المتحدة سريعا فعاال ،يعهد أعضاء تلك الهيئة إلى مجلس األمن بالتبعات الرئيسية في أمر حفظ السلم واألمن الدولي ويوافقون على أن
".هذا المجلس يعمل نائبا عنهم في قيامه بواجباته التي تفرضها عليه هذه التبعات
160
ال يمكن أن تنافس مجلس األمن الدولي اختصاصه األصيل في اإلقرار بوقوع العدوان ،إال الجمعية العامة لألمم المتحدة160- ،
التي تمارس مهام ثانوية في تكييف أعمال العدوان ،وكذلك محكمة العدل الدولية ،والتي يجوز لها بعد تقدير الوقائع قيد النظر أمامها
أن تتخذ أحكاما مخالفة لقراراته ،كما يجوز للمحكمة الجنائية الدولية ممارسة ذلك االختصاص في حالة ما إذا تمكنت من االتصال
.بالدعوى
161
حسب المادة 39من ميثاق األمم المتحدة161- .
94
وحرض على ارتكابها ،وبالتالي يبدو من المستحيل أن تنفرد المحكمة باختصاص النظر في
هذه الجريمة من دون أن يقر المجلس بوقوعها.
ومع ذلك ،وعلى الرغم من سلطته في تحديد وقوع عمل العدوان بموجب الميثاق ،فش//ل
مجلس األمن باالستمرار ،لمجموعة متنوعة من األسباب ،في أداء دوره المنوط به بم//وجب
ميثاق األمم المتحدة ،فمنذ تشكيل المجلس ،ظهرت العديد من الح//االت ال//تي تم فيه//ا انته//اك
مبدأ حظر استخدام القوة في العالقات الدولي//ة ،لكن ن//ادرا م//ا اعتبره//ا المجلس بأنه//ا تش//كل
أفعاال عدوانية ،حيث يتفادى المجلس على األغلب استخدام مص//طلح الع//دوان ولم يس//تخدمه
إال في عدة حاالت ،ولحسن الحظ فإن عدم قيام المجلس بذلك ال يحدد طبيعة ونطاق جريم//ة
العدوان التي تنطبق على األف//راد ،وذل//ك لأن اإلق//رار بوج//ود الع//دوان وفق//ا للم//ادة 39من
الميثاق هو استنتاج سياسي أك//ثر من//ه قض//ائي ،وه//ذا االس//تنتاج السياس//ي ليس اله//دف من//ه
تحديد ما إذا كان فرد قد ارتكب جريمة دولية أم ال ،لكنه مج//رد آلي//ة للج//وء للفص//ل الس//ابع
الذي المجلس استخدام القوة ردا على انتهاك الميثاق من قبل دولة أو مجموعة من الدول.162
وقد ش//كل دور مجلس األمن في تحدي//د م//ا إذا ك//ان فع//ل الع//دوان ق//د وق//ع ،واح//دة من
القضايا الهامة والمثيرة للجدل في مؤتمر كمباال لسنة ، 2010فإلرضاء جميع ال//دول س//واء
المعارضة أو المؤيدة لدور المجلس في هذا الصدد ابتدع واض/عوا التع/ديالت أحكام/ا جعلت
ق//درة المحكم//ة على ممارس//ة االختص//اص على جريم//ة الع//دوان يتوق//ف على م//ا إذا ك//ان
مجلس األمن قد اتخذ ق//رارا ح//ول وق//وع ه//ذه الجريم//ة أم ال ،حيث نص البن//د الس//ادس من
الم//ادة 15مك//رر من نظ//ام روم//ا بع//د التع//ديل " أن//ه عن//دما يخلص مجلس الم//دعي الع//ام
للمحكمة إلى وجود أساس معقول للبدء في إجراء تحقيق فيما يتعلق بجريم//ة الع//دوان ،علي//ه
أن يتأكد أوال مما إذا كان مجلس األمن قد اتخ//ذ ق//رارا بوق//وع فع//ل ع//دوان ارتكبت//ه الدول//ة
المعنية ،ويضيف البند السابع من نفس المادة ال//ذي ينص على أن//ه " ال يمكن للم//دعي الع//ام
بدء هذا التحقيق إال إذا اتخذ المجلس قرارا إيجابيا في هذا الخصوص" ،وي//بين البن//د الث//امن
من نفس المادة أيضا أنه " في حالة عدم حدوث تقرير من هذا القبيل في غضون ستة أش//هر
162
إبراهيم الدراجي ،جريمة العدوان ومدى المسؤولية القانونية الدولية عنها ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت 162- ،2019،
.ص_126
95
بعد اإلبالغ ،يجوز للمدعي العام أن يبدأ التحقيق فيم//ا يتعل//ق بجريم//ة الع//دوان ،ش//ريطة أن
تكون الدائرة التمهيدية في المحكمة قد أدنت ل//ه ب//ذلك وفق//ا لإلج//راءات ال//واردة في 15من
النظام األساسي للمحكمة ،وأال يكون المجلس قد ق/رر خالف ذل/ك ،اس/تنادا للبن/د التاس/ع من
نفس الم//ادة ال//ذي ينص على أن//ه " ال يخ//ل التحدي//د الص//ادر من جه//از خ//ارج المحكم//ة
بخصوص وقوع فعل عدوان بما تخلص إليه المحكم/ة في إط/ار ه/ذا النظ/ام األساس/ي فيم/ا
يتعلق بوقوع فعل العدوان".
ومما ينبغي ذكره أنه في حالة فشل مجلس األمن في اتخاد قرار إيجابي بوقوع العدوان،
يحق للدولة المعتدى عليها الدفاع عن نفسها طبق//ا للم//ادة 51من ميث//اق األمم المتح//دة ،وأن
تستمر بذلك حتى بعد صدور هذا القرار ،بشرط أال يكون المجلس ق//د وض//ع ح//دا لممارس//ة
هذه الدولة لهذا الحق بعد زوال خطر العدوان ،وهو قيد أساسي من القيود التي نصت عليه//ا
المادة 51لممارسة حق الدفاع الشرعي.
وقد رأى البعض أن التعديالت التي جاء بها مؤتمر كمباال لسنة ، 2010قد أشارت إلى
ما يمكن للمحكمـة الجنائي//ة الدولي//ة أن تفعل//ه في حال//ة وج/ود ق/رار إيج/ابي من قب//ل مجلس
األمن بأن عمال من أعمال العدوان قد وقع ،و إلى ما يجب أن تفعله في حالة عدم اتخاذ مثل
هذا القرار ،لكنه لم ينبس ببنت شفة على ما الذي سيحدث عندما يكون مجلس األمن قد اتخ//ذ
ق//رارا س//لبيا، 163أي في الحال//ة ال//تي ي//رى فيه//ا المجلس ب//أن عمال من أعم//ال الع//دوان لم
يقع ،ومع األخذ بعين االعتبار ما نص عليه البن//د التاس//ع من الم//ادة 15مك//رر أعاله ،فإن//ه
يبدو زائد عن الحاجة بعد ذلك التأكيد على ضرورة احترام المدعي الع//ام للمحكم//ة الجنائي//ة
الدولية فترة االنتظار التي يجب أن تحص//ل إذا لم يتخ/ذ مجلس األمن أي ق/رار ،أو إذا اتخ/ذ
المجلس قرارا سلبيا بشأن وقوع جريمة العدوان ،للبدء في التحقيق ،وهو األمر لن يكون ل//ه
أي تأثير على تحقيقات المدعي العام في تلك الجريمة.
إن السلطة الممنوح/ة لمجلس األمن بم/وجب الم/ادة 15مك/رر للتقري/ر في وق/وع فع/ل
العدوان قبل إجراء التحقيق لها وزن كبير ،فعلى الرغم من أن على الم//دعي الع//ام للمحكم//ة
163
مبخوتة أحمد ،التكييف القانوني لجرائم العدوان في ظل التداخل الوظيفي بين المحكمة الجنائية الدولية ومجلس األمن ،مجلة 163-
.الفكر القانوني ،جامعة المدية ،العدد ،2017، 7ص_21
96
أوال تحديد ما إذا كان هناك أساس معقول للمضي ق//دما في ال//ذهاب إلى مجلس األمن ،يب//دو
من المنطقي أنه إذا قرر مجلس األمن بأن عمال من أعمال الع/دوان ق/د ح/دث خ/ارج نط/اق
قائمة األفعال الواردة في المادة 8مكرر ،فعلى المدعي العام أن يقرر نفس األم//ر ،164وبم//ا
أن قائم//ة األعم//ال ال//واردة في ه//ذه الم//ادة غ//ير ش//املة ،فمن الواض//ح أن عمال من أعم//ال
العدوان يجب أن يشكل انتهاك//ا لميث//اق األمم المتح//دة ،وعلى األغلب وفي ظ//ل ع//دم وج//ود
معايير محددة لتوجيه مجلس األمن بشأن ما ينبغي أن يعتبر عمال من أعمال العدوان خ//ارج
نطاق التحديد الوارد في المادة 8مكرر ،فستتم دراسة ك//ل حال//ة على ح//دة بن//اء على أس//س
محددة يمكن أن تكون سياسية ،لكن الخط//ر في ذل//ك يتمث//ل في أن القض//ية يمكن أن ي//ترتب
عنها نتائج تمييزية وتعسفية.
ومن جهة أخرى ،فإن إضافة مجلس األمن أعم//اال أخ/رى للع//دوان غ//ير واردة حس/ب
المادة 8مكرر ،سيخالف أحكام النظام األساسي للمحكمة ألن هذا األخير يمن//ع المحكم//ة من
تفسير أركان الجرائم تفسيرا واسعا، 165وق/د ي//ترتب عن ح/دوث ذل//ك تع//ارض بين ق/رارت
المجلس وأحكام المحكمة ،خاصة إذا قرر عقوبات ضد قادة الدولة المعتدي//ة في حين ق//ررت
المحكمة عدم وقوع الجريمة ،كما أنه سيخالف مب//دأ الش//رعية حيث " ال جريم//ة وال عقوب//ة
إال بنص".
إن مش//اركة مجلس األمن في تقري//ر ح//دوث عم//ل ع//دوان كش//رط مس//بق لممارس//ة
المحكمة الختصاصها للنظر في الجريمة المترتبة عنه ،من شأنها أن تعي//ق بش//كل كب//ير من
قدرة المحكمة الجنائية الدولية لتوجيه اتهامات بارتكاب جرائم عدوان ،فمنذ إنش//اء المحكم//ة
الجنائية الدولية تردد مجلس األمن في إحالة القضايا للمحكمـة، 166وم//ا يث//ير القل//ق هن//ا ه//و
حقيق///ة أن مجلس األمن ن///ادرا م///ا يج///د أن هجوم///ا واس///عا يش///كل عمال من أعم///ال
العدوان ،وهناك سبب محتمل لتردد مجلس األمن في تسمية عم//ل من أعم//ال الع//دوان ،ه//و
أن العدوان سلوك ترتكبه الدول ،وبالتالي فإن الحل السلمي قد يساعد بشكل أفضل على ح//ل
164
إبراهيم الدراجي ،مرجع سابق ،ص_164- .128
165
محسن هذلي؛ بن بلقاسم القروي الشابي ،مرجع سابق ،ص_165- .40
166
فريجة محمد هاشم ،جريمة العدوان من منظور القانون الدولي الجنائي ،مجلة كلية القانون الكويتية العالمية ،العدد 166- ، 18
،2017.ص_47
97
ال/نزاع من خالل ع/دم وض/ع الل/وم على دول/ة واح/دة ،إن مجلس األمن من خالل االعتم/اد
على أسباب سياسية التخاذ القرار ،يضاعف من هذا الموق/ف ،وك/ذلك من خالل الس/ماح ل/ه
باتخاذ القرار ،يمكن أن تصبح الدول الدائمة العضوية في مأمن من ارتكاب عمل من أعمال
العدوان.167
وبن//اء على ذل//ك ،من الواض//ح أن//ه ال توج//د طريق//ة للتغلب على ق//رار مجلس األمن،
فاس//تثناء المجلس من العملي//ة س//وف يتع//ارض م//ع ميث//اق األمم المتح//دة ،وبن//اء علي//ه من
الض//روري دعم الميث//اق من أج//ل الحف//اظ على التع//اون من ج//انب ال//دول األط//راف في
المحكمة الجنائية الدولية ،وهو م/ا س/وف يس/اعد على إزال/ة أي/ة عقب/ة أم/ام انض/مام ال/دول
للمحكمة.
والسؤال الذي يطرح هنا ،ماذا قصدت تعديالت مؤتمر كمب//اال عن//دما ذك//رت عب//ارة تقري//ر
مجلس األمن؟
في ظل عدم وجود تفسير واضح في النظام األساسي للمحكمة لذلك ،فإن القاض//ي ال//ذي
يسعى لتحديد المقصود بعبارة " تقرير" عليه النظر الى التفاعل الذي حصل في الس//ابق بين
المحكمة الجنائية الدولية ومجلس األمن فضال عن نظام روما نفسه.
وبذلك فمن المرجح أن يقوم القاضي بتفسير المقصود ب " تقرير" تفسيرا ضيقا ،ليشمل
فق//ط الق//رارات الرس//مية الص//ادرة عن مجلس األمن حس//ب نص الم//ادة 13الفق//رة ب من
النظام األساسي للمحكمة ،لكن المشكلة تكمن في أن صدور ق//رار رس//مي من المجلس يب//دو
صعبا ،خصوصا أن ثالثا من ال//دول الخمس الدائم//ة العض//وية ال//تي تمتل//ك ح//ق النقض في
المجلس هي من ال//دول غ//ير األط//راف في المحكم//ة، 168وفي الحقيق//ة ف//إن الم//دعي الع//ام
للمحكم//ة يمكن//ه الب//دء في التحقي//ق من تلق//اء نفس//ه بغض النظ//ر عن ص//دور ق//رار مجلس
األمن ،ففي حالة ما إذا رفض المجلس إصدار ق//رار رس//مي بإحال//ة الوض//ع للمحكم//ة ،ليس
على المدعي العام سوى االنتظار مدة ستة أشهر للبدء في التحقيق كما بينا ذلك س//ابقا ،لكن
وعلى العكس من ذل//ك ،وفي الحال//ة ال//تي تتطلب ص//دور ق//رار رس//مي من المجلس إلحال//ة
167
محسن هذلي؛ بن بلقاسم القروي الشابي ،مرجع سابق ،ص_167- .41
168
حيث يتعلق األمر بالواليات المتحدة األمريكية والصين وروسيا168- .
98
القضية للمحكمة ،يجب على المدعي العام أال يتسرع فيما يتعلق بفترة الستة أش//هر عن//دما ال
يتوصل المجلس إلى اتفاق رسمي بخصوص القضية.
من جانب آخر يتمتع المجلس بسلطة منع وتقيي/د المالحق/ة القض/ائية للمحكم/ة الجنائي/ة
الدولية في الجرائم الواقعة في اختصاصه ،حيث تنص الم//ادة 16من نظ//ام روم//ا على أن//ه
"ال يجوز البدء أو المضي في تحقي/ق أو مقاض/اة بم/وجب ه/ذا النظ/ام األساس/ي لم/دة اث/ني
عشر شهرا بناء على طلب من مجلس األمن إلى المحكمة بهذا المعنى يتضمنه قرار يص//در
عن المجلس بموجب الفصل الس/ابع من ميث//اق األمم المتح/دة ،و يج/وز للمجلس تجدي//د ه//ذا
الطلب بالش//روط ذاته//ا" ،وفي حين أن ه//ذا اإلج//راء ه//و م//ؤقت ،فإن//ه ي//وفر لمجلس األمن
فرصة لوقف التحقيق على أمل إعطاء الط//رفين في ال//نزاع الفرص//ة لمواص//لة المفاوض//ات
من تلقاء أنفسهم.169
وبمعنى آخر أن السلطات الواسعة لمجلس األمن في مجال اإلق//رار بوق//وع الع//دوان ،ال
يمكن أن تقيد اختصاص المحكمة إال عن طريق اإلقرار بعدم وقوعها وبتجمي//د اختصاص//ها
بعد تحريكه من طرفه أو من قبل المدعي العام أو الدول األطراف.
نستنتج مما سبق أن التع//ديالت ال//واردة على نظ//ام روم//ا األساس//ي بخص//وص جريم//ة
العدوان كرست ما جاء في ميث//اق األمم المتح//دة وق//رار الجمعي//ة العام//ة لألمم المتح//دة رقم
3314لس//نة ،1974مانح//ة األولوي//ة لمجلس األمن بتقري//ر وق//وع جريم//ة الع//دوان على
حساب المحكمة ،بل اشترطت لممارسة المحكمة الختصاصها بالنظر في تلك الجريمة اتخاذ
المجلس لق//رار مس//بق بوقوعه//ا ،وه//و من ش//أنه في حال//ة ع//دم حدوث//ه أن يقي//د تمام//ا من
اختصاص المحكمة ويشله.
169
إبراهيم الدراجي ،مرجع سابق ،ص_169- .132
99
خاتمة
ظهر من خالل فص//ول البحث أعاله ،أن ت//أثير مجلس األمن على اختص//اص المحكم//ة
الجنائية الدولية ال يمكن فهم//ه إال من خالل نظ//ام روم//ا األساس//ي ،ال//ذي منح مجلس األمن
تج//اه المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة ن//وعين من االختصاص//ات أح//دهما إيج//ابي ،و يتجلى في
سلطتي اإلحالة وفرض واجب التعاون على الدول األطراف مع المحكمة ،هذه األخيرة ع//بر
هذه السلطات يمكن أن يشمل اختصاصها حتى تلك الدول غير األطراف بنظامه//ا ،وبالت//الي
وض///ع ح///د لإلفالت من العق///اب عن الج///رائم المنص///وص عليه///ا في الم///ادة 5من ه///ذا
النظ//ام ،ألنه//ا تس//تفيد من إحال//ة مجلس األمن ال//تي تجعله//ا في ح//ل من التقي//د بش//روط
االختصاص الواردة في المادة 12من نفس النظ/ام ،وه/ذا على عكس م/ا إذا ك/انت اإلحال/ة
ص//ادرة عن الم//دعي الع//ام أو من أح//د ال//دول األط//راف ،ويع//د ه//ذا االس//تثناء س//ابقة غ//ير
معروفة من قبل في القضاء الدولي.
واآلخر سلبي ،يظه//ر أوال من خالل الم//ادة 16من نظ//ام روم//ا ،ال//تي أعطت لمجلس
األمن سلطة غير مسبوقة للتدخل في شؤون هيئة قضائية دولية يفترض أن تتمتع باالستقالل
و الحياد ،وتظهر هذه السلطة في قدرة مجلس األمن على وقف أو عرقلة عمل المحكمة فيما
يتعلق ببدء التحقيق أو المقاضاة أو المضي فيه لم//دة اث//ني عش/ر ش/هرا قابل//ة للتجدي//د وذل//ك
بن//اءا على ق//رار يص//دره مجلس األمن اس//تنادا إلى الس//لطات المخول//ة ل//ه بم//وجب الفص//ل
السابع من ميثاق األمم المتحدة ،وفعال تم ذلك من خالل عدة قرارات كان أبرزه//ا الق//رارين
1422و، 1487ثم ثانيا من خالل اعتراف نظام روما بع//د تع//ديالت م//ؤتمر كمب//اال لس//نة
2010لمجلس األمن بسلطة اإلق//رار المس//بق بوق//وع جريم//ة الع//دوان ،بحيث أن المحكم//ة
الجنائية الدولية ال يمكنها مباشرة ممارسة اختصاص//ها على ه//ذه الجريم//ة إال بع//د أن يتخ//ذ
مجلس األمن قرار إيجابي يقر فيه بوقوع العدوان ،وبالتالي تكون المحكمة في تبعي//ة مطلق//ة
لمجلس األمن بخصوص هذه الجريمة.
100
-1لمجلس األمن الحق في إحالة حالة إلى المحكمة الجنائية الدولية بموجب قرار يس//تند إلى
الفصل الس/ابع من ميث/اق األمم المتح/دة ،بحيث يع/د ه/ذا الق/رار من المس/ائل الموض/وعية،
بحيث يش//ترط إلص//داره موافق//ة تس//عة أعض//اء من مجلس األمن من بينهم خمس//ة أص//وات
لألعضاء الدائمة العضوية وذلك طبقا لما تنص عليه الفقرة الثالثة من الم//ادة 27من ميث//اق
األمم المتحدة.
-2ال تعد سلطة اإلحالة تدخال من مجلس في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية
-3إذا كان مبدأ التكامل يعطي األولوية للقضاء الجن//ائي الوط//ني على اختص//اص المحكم//ة
الجنائية الدولية ،فإنه بإمكان اإلحالة من قبل مجلس األمن تمكين المدعي الع//ام من فتح ب//اب
التحقيق في أقرب وقت ممكن ،دون قيامه بتبليغ الدول األطراف بنظ//ام روم//ا ،أو تأك//ده من
مدى غياب إرادة الدولة صاحبة االختصاص في نظر القضية المحالة على المحكمة الجنائية
الدولية ،إذا رأى ذلك الزما لحماية األشخاص أو لمنع إتالف األدلة أو لمنع فرار األشخاص
وهذا ما نصت عليه الفقرة ب من المادة 13من نظام روما األساسي.
-4إن منح مجلس األمن سلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة لمدة 12شهرا قابلة للتجديد عدة
مرات ،يؤثر سلبا ويعرقل ممارسة المحكمة الختصاص//ها ،ألن وق//ف التحقي//ق أو المقاض//اة
يخالف المب//ادئ المس//لم به//ا في نظ//ام القض//اء ال س//يما الح//ق في محاكم//ة عادل//ة ،وس//رعة
التقاضي...
-5تتع//دد النت//ائج الس//لبية لس//لطة إرج//اء التحقي//ق أو المقاض//اة ،لتمس أص//عدة مختلف//ة في
الدعوى منها على صعيد التحقيق ومنها على صعيد المقاض//اة ،ومن ش//أن ذل//ك ض//ياع أدل//ة
اإلثبات وتالشي الحقائق وضياع فرص إلقاء القبض على المتهمين.
-6يعد قيام مجلس األمن بعد نفاذ نظ//ام روم//ا األساس//ي بتحص//ين األف//راد الع//املين ض//من
قوات حفظ السالم من أي مالحقة قضائية ،من شأنه أن يؤدى إلى إفالت العديد من المتهمين
بجرائم خطيرة من المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية ،كما يعتبر تحص//ين ه//ذه الق//وات
من قبل مجلس انته//اك واض//ح لنص//وص النظ//ام األساس//ي ال//تي أك//دت ص//راحة على ع//دم
اإلعتداء بالحصانات.
101
-7انفراد مجلس األمن بإقرار جريمة العدوان من شأنه تقيي//د اختص//اص المحكم//ة الجنائي//ة
الدولية بنظر جريمة دولية تندرج ضمن اختصاص//ها ،وي//ؤدي إلى فس//ح المج//ال أك//ثر أم//ام
المعتدي الرتكاب المزيد من هذا النوع من الجرائم.
-1إذا كانت العدالة الجنائية الدولية تقتضي منح مجلس األمن ال//دولي س/لطة إحال//ة الج/رائم
الدولية على المحكمة الجنائية الدولية؛ من خالل المادة 13من نظام روما ،فإنه ينبغي كذلك
تخويل هذا الحق لكل من الجمعية العامة لألمم المتحدة ،التي تعتبر بمثاب//ة جه//از ديمق//راطي
تكون أصوات الدول فيه متساوية ،والمنظمات الدولية واإلقليمية؛ وذلك لكي نضمن للمحكمة
الجنائية الدولية فرصة أكثر في المالحقة والمحاكمة على الجرائم الدولية.
-2نق//ترح إنش//اء ق//وات دولي//ة تتكف//ل بتنفي//ذ م//ذكرات التوقي//ف الص//ادرة ض//د األش//خاص
المطلوبين أمام المحكمة الجنائية الدولي//ة ،س//واء عن طري//ق وض//ع ه//ذه المه//ام على ع//اتق
القوات األممي/ة ال/تي ت/دير األق/اليم ال/تي وقعت فيه/ا الج/رائم ض/د الدولي/ة قي/د النظ/ر أم/ام
المحكم////ة الجنائي////ة الدولي////ة ،أو إس////نادها إلى المنظم////ة الدولي////ة للش////رطة الجنائي////ة
( اإلن//تربول) ،بحيث ه//ذه الق//وات ستس//اهم في تفعي//ل دور المحكم//ة في إلق//اء القبض على
مرتكبي الجرائم الدولية وتسهيل التحقيقات فيها ،ألن ذلك سيسمح له//ا بمواص//لة اإلج//راءات
ضدهم ،كما يضمن للضحايا الحق في الحصول على التعويض.
-3تعديل نظام روما األساسي وإلغاء المادة 16منه المتعلقة بسلطة مجلس األمن في إرجاء
التحقيق أو المقاضاة أمام المحكمة الجنائية الدولية ،ألن الممارسة العملية لهذه الم/ادة ت/رتبت
عليها الكثير من اآلثار السلبية على استقاللية المحكمة.
-4بالنسبة لجريمة العدوان ،نقترح إما إلغاء هذه الجريمة من اختص//اص المحكم//ة الجنائي//ة
الدولية ،وبالتالي تبقى لمجلس األمن سلطة حصرية في إقرار المسؤولية الدولي//ة عن أعم//ال
الع//دوان طبق//ا للم//ادة 39من ميث//اق األمم المتح/دة ،أو اإلبق//اء عليه//ا لكن م//ع إلغ//اء س/لطة
مجلس األمن في اإلقرار بوقوعها واستبدالها بقرار يصدر عن الجمعية العامة لألمم المتح//دة
هذا من جهة.
102
ومن جهة أخرى ،نقترح عدم ربط جريمة الع//دوان بال//دول ذات الس//يادة فق//ط؛ ب//ل بك//ل من
يهدد الدول أو سالمتها اإلقليمية أو استقاللها السياسي خاصة الجماعات اإلرهابية.
-5أخير وليس أخيرًا ،نقترح تعديل نظام روما األساسي للمحكم//ة الجنائي//ة وإلغ//اء أي دور
فيه لمجلس األمن.
المالحق
103
104
105
الببليوغرافيا
المراجع باللغة العربية:
أوال :الكتب
إبراهيم الدراجي ،جريمة العدوان ومدى المسؤولية القانونية الدولية عنها ،منشورات )1
الحلبي الحقوقية ،بيروت .2019،
إبراهيم محمد العناني ،المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة ،المجلس األعلى للثقاف//ة ،الق//اهرة، )2
.2006
أحمد أبو الوفا ،المحكمة الجنائية الدولية المواءمات الدس//تورية والتش//ريعية ،الطبع//ة )3
الثالثة ،اللجنة الدولية للصليب األحمر ،القاهرة .2005،
أحمد س//يف ال//دين ،مجلس األمن ودوره في حماي//ة الس//الم ال//دولي ،الطبع//ة األولى، )4
بيروت ،منشورات الحلبي الحقوقية .2012
أحمد عبد هللا أب/و العال ،تط/ور دور مجلس األمن في حف/ظ الس/لم واألمن ال/دوليين، )5
دار الكتب القانونية ،مصر.2005 ،
أحمد قاسم محمد الحميدي ،المحكمة الجنائية الدولية ،العوامل المحددة لدور المحكم//ة )6
الجنائية الدولية ،الجزء الث//اني ،الطبع//ة األولى ،مرك//ز المعلوم//ات والتأهي//ل لحق//وق
اإلنسان ،تعز ،اليمن.2005،
المخت//ار عم//ر س//عد ش//تان ،العالق//ة بين األمم المتح//دة والمحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة )7
الدائمة ،جامعة ناصر األممية ليبيا.2005 ،
أمين السيسي ،ثورة 17فبراير والوجه الس//ري للق//ذافي ،الطبع//ة األولى ،الق//اهرة، )8
الهيئة العامة المصرية للكتاب.2011 ،
أمير فرج يوسف ،المحكمة الجنائية الدولية والطابع القانوني لها ونشوء عناصر فوق )9
الوطنية في القضاء الجنائي الدولي ،اإلسكندرية ،مصر ،منشأة المعارف .2008،
ح//ازم محم//د عتلم ،المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة والموائم//ات الدس//تورية والتش//ريعية، -10
اللجنة الدولية للصليب األحمر ،بدون طبعة.2003 ،
حمد عبد الظاهر ،دور مجلس في النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولي//ة ،الطبع//ة -11
األولى ،دار النهضة العربية ،القاهرة .2012،
خال//د حس//اني ،س//لطات مجلس األمن في تط//بيق الفص//ل الس//ابع بين أحك//ام الميث//اق -12
الممارسات الدولية المعاصرة ،الطبعة األولى ،منشورات الحلبي الحقوقية .2015
سعيد عبد اللطي//ف حس//ن ،المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة ،دار النهض//ة العربي//ة الق//اهرة -13
.2004
106
شريف سيد كامل ،اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ،الطبع//ة األولى ،دار النهض//ة -14
العربية ،القاهرة .2004،
عامر الزمالي ،مدخل إلى القانون ال//دولي اإلنس//اني ،وح//دة الطباع//ة واإلنت//اج الف//ني -15
بالمعهد العربي لحقوق اإلنسان ،الطبعة الثانية ،تونس .1997
عب//د هللا س//ليمان س//ليمان ،المق//دمات األساس//ية في الق//انون ال//دولي الجن//ائي ،دي//وان -16
المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،طبعة .1992
عبد الواحد محمد الفار ،الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها ،دار النهض//ة العربي//ة، -17
القاهرة.2008 ،
عص///ام عب///د الفت///اح مط///ر ،المحكم///ة الجنائي///ة الدولي///ة ،دار الجامع///ة الجدي///دة، -18
اإلسكندرية .2010،
علي جمي//ل ح//رب ،نظري//ة الج//زاء ال//دولي المعاص//ر ،الطبع//ة األولى ،منش//ورات -19
الحلبي الحقوقية ،بيروت .2013،
علي عب//د الق//ادر القه//وجي ،الق//انون ال//دولي الجن//ائي؛أهم الج//رائم الدولي//ة؛المح//اكم -20
الدولية الجنائية ،الطبعة األولى ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت .2001،
علي يوسف الشكري ،القانون الجنائي الدولي في عالم متغير ،الطبعة األولى ،إيتراك -21
للنشر والتوزيع ،القاهرة.2005،
عمر محمود سليمان المخزومي ،القانون الدولي اإلنساني في ضوء المحكمة الجنائية -22
الدولية ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان .2008،
فيدا نجيب حمد ،المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة نح//و تحقي//ق العدال//ة الدولي//ة ،منش//ورات -23
الحلبي الحقوقية ،بيروت .2006،
مجدي وهبت وكامل المهندس ،معجم مصطلحات اللغة العربية ،مكتبة لبنان بيروت، -24
الطبعة الثانية 1984
محمد حازم عتلم ،المحكمة الجنائية الدولية تحدي الحصانة ،اللجن//ة الدولي//ة للص//ليب -25
األحمر ،الطبعة الرابعة ،دمشق .2002،
محمد سامح عمرو ،عالقة مجلس األمن بالمحكمة الجنائية الدولي//ة؛ دراس//ة تأص//يلية -26
تحليلية لممارسات العملية ،دار النهضة العربية ،القاهرة .2008
محم//د عزي//ز ش//كري ،الق//انون ال//دولي اإلنس//اني والمحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة ،آف//اق -27
وتحديات ،الجزء ،3منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت .2010
محمود ش/ريف بس/يوني ،المحكم/ة الجنائي/ة الدولي/ة :نش/أتها ونظامه/ا األساس/ي م/ع -28
دراسة لتاريخ لجان التحقيق الدولية والمحاكم الجنائي//ة الدولي//ة الس//ابقة ،مط//ابع روز
اليوسف الجديدة ،مصر 2002
محمود شريف بسيوني ،المحكمة الجنائية الدولية ،المحكم/ة الجنائي/ة الدولي/ة ،م/دخل -29
لدراسة أحكام آليات اإلنفاذ الوطني للنظام األساسي ،دار الشروق ،مصر.2009 ،
107
محمود شريف بسيوني ،المحكمة الجنائية الدولية؛ مدخل لدراسة أحكام وآليات اإلنفاذ -30
الوطني للنظام األساسي ،الطبعة األولى ،دار الشروق ،القاهرة. 2004 ،
محمود شريف بس//يوني ،المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة؛ نش//أتها ونظامه//ا األساس//ي م//ع -31
دراس//ة لت//اريخ لج//ان التحقي//ق والمح//اكم الجنائي//ة الدولي//ة ،مط//ابع روز اليوس//ف،
القاهرة.2005 ،
مصطفى إبراهيم خليل ،آليات الحماية الدولية لحقوق اإلنسان ،دار النهض//ة العربي//ة، -32
القاهرة.2005 ،
نجيب حم//د ،المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة نح//و العدال//ة الدولي//ة ،منش//ورات الحل//بي -33
الحقوقية ،بيروت ،لبنان ،ط .2006
هاني سمير عب//د ال//رزاق ،نط//اق اختص//اص المحكم//ة الجنائي//ة الدولي//ة ،دراس//ة في -34
ضوء األحك//ام العام//ة للنظ//ام األساس/ي وتطبيقاته//ا ،دار النهض//ة العربي//ة ،الق//اهرة،
الطبعة الثانية .2010،
هشام محمد فريجة ،دور القضاء الجن//ائي ال//دولي في مكافح//ة الجريم//ة الدولي//ة ،دار -35
الخلدونية للنشر والتوزيع ،الجزائر.2012 ،
ثانيا :االطروحات والرسائل الجامعية
االطروحات: -1
شيتر عبد الوه//اب ،ص//الحيات مجلس األمن على ض//وء النظ//ام األساس//ي للمحكم//ة )1
الجنائي//ة الدولي//ة ،أطروح//ة لني//ل ش//هادة ال//دكتوراه في الق//انون الع//ام ،كلي//ة الحق//وق
والعلوم السياسية ،جامعة مولود المعمري تيزي وزو ،الجزائر.2014 ،
عبد القادر بوبي ،عالقة مجلس األمن بالمحكمة الجنائية الدولية ،أطروحة لنيل شهادة )2
الدكتوراه في القانون العام؛ تخص//ص الق//انون ال//دولي الع//ام ،كلي//ة الحق//وق ،جامع//ة
وهران ،الجزائر.2011،
عال عزت عبد المحسن ،اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ،أطروح//ة لني//ل ش//هادة )3
الدكتوراه ،جامعة القاهرة.2008 ،
هبوب فوزية ،فعالية المحكمة الجنائية الدولي//ة في ض//وء العالق//ة القائم//ة بينه//ا وبين )4
هيئة األمم المتحدة ،أطروحة لنيل شهادة ال//دكتوراه في الق//انون الع//ام ،جامع//ة ب//اجي
مختار؛ عنابة.2010 ،
الرسائل الجامعية: -2
108
تباني يعقوب؛ فيثة ته//اني ،س//لطات مجلس األمن في ظ//ل القض//اء الجن//ائي ال//دولي، )1
رسالة لنيل ش//هادة الماس//تر ،تخص//ص ق//انون دولي وعالق//ات دولي//ة ،كلي//ة الحق//وق
والعل//وم السياس//ية ،جامع//ة محم//د الص//ديق بن يح//يى تاسوس//ت جيج//ل ،الجزائ//ر،
.2016/2017
حمزة طالب المواهرة ،دور مجلس في إحالة الج//رائم الدولي//ة إلى المحكم//ة الجنائي//ة )2
الدولية ،رسالة ماجيستر في القانون العام ،كلية الحق//وق قس//م الق//انون الع//ام ،جامع//ة
الشرق األوسط .2012،
فوزية ميهوب ،فعالية المحكمة الجنائية الدولية في ض//وء العالق//ة القائم//ة بينه//ا وبين )3
هيئة األمم المتحدة ،رسالة لنيل شهادة الماستر ،تخصص ق//انون ع//ام ،جامع//ة ب//اجي
مختار عنابة ،الجزائر.2011،
ثالثا :المقاالت
إلينا بيجيتش ،المساءلة عن الج//رائم الدولي//ة من التخمين الى الواق//ع ،المجل//ة الدولي//ة )1
للصليب األحمر ،عدد سنة .2002
بن عامر تونسي ،العالقة بين المحكمة الجنائية الدولية ومجلس األمن ،مجل/ة الق/انون )2
العام والعلوم السياسية ،العدد الرابع ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع،
بيروت .2006،
قلعة جي ،العالقة بين المحكمة الجنائية الدولي//ة ومجلس األمن في إط//ار نظ//ام روم//ا )3
األساسي ،المجلة المصرية للقانون الدولي ،العدد .2008، 64
قلعة جي ،العالقة بين المحكمة الجنائية الدولي//ة ومجلس األمن في إط//ار نظ//ام روم//ا )4
األساسي ،المجلة المصرية للقانون الدولي ،العدد .2008، 64
مبخوت//ة أحم//د ،التك//ييف الق//انوني لج//رائم الع//دوان في ظ//ل الت//داخل ال//وظيفي بين )5
المحكمة الجنائية الدولية ومجلس األمن ،مجلة الفكر القانوني ،جامعة المدية ،العدد 7
.2017،
مدوس فالح الرشيدي ،آلية تحديد االختصاص وانعقاده في نظر الجرائم الدولية وفق//ا )6
التفاق روما لع//ام ،1998مجل//ة الحق//وق الكويتي//ة ،الع//دد الث//اني ،جامع//ة الك//ويت،
.2003
رابعا :الندوات والمحاضرات
محسن هذلي؛ بن بلقاسم القروي الشابي ،اختصاص المحكمة الجنائية الدولية إزاء -1
جريمة العدوان ،محاضرة ختم التمرين ،الهيئة الوطنية للمحامين بتونس ،فرع تونس
للمحامين ،السنة القضائية 2020/ 2019
109
نقاش الجلسة الثالثة ،المحكمة الجنائية الدولي//ة :تح//دي الحص//انة ،ن//دوة تحت رعاي//ة -2
الدكتور حسان ريشة واللجن//ة الدولي//ة للص//ليب األحم//ر ،مطبع//ة ال//داودي 03و04
نونبر .2001
خامسا :القرارات الدولية
قرار مجلس األمن رقم 955الصادر في 8نون//بر ،1994ال//ذي بموجب//ه تم إنش//اء -1
المحكمة الجنائية الخاصة برواندا )S/RES/955(1994
قرار مجلس األمن رقم 1593الصادر في 31م//ارس ،2005ال//ذي بموجب//ه تمت -2
إحالة قضية دارفور على المحكمة الجنائية الدولية )S/RES/1593(2005
قرار مجلس األمن رقم 1970الصادر في 26فبراير ،2011الذي بموجب//ه أحي//ل -3
)S/RES/1970(2011 الوضع في ليبيا على المحكمة الجنائية الدولية
ق//رار مجلس األمن رقم 1422الص//ادر في 12يولي//وز ،2002ال//ذي بموجب//ه تم -4
منح حصانة لمدة إثني عشر شهرا ألفراد الواليات المتحدة األمريكية المش//اركين في
)S/RES/1422(2002 قوات حفظ السالم
قرار مجلس األمن رقم 1487الصادر في 12يوني/و ،2003ال/ذي م/دد الحص/انة -5
الممنوحة ألفراد الوالي//ات المتح//دة األمريكي//ة في الق//رار ،1422وذل//ك لم//دة إث//ني
عشر شهرا جديدة )S/RES/2003(1487
ق//رار الجمعي//ة العام//ة لألمم المتح//دة رقم (3314د )29-الص//ادر في 14دجن//بر -6
،1974الذي أعطى تعريف لجريمة العدوان.
سادسا :االحكام القضائية الدولية
أنظر موجز األحكام والفتاوى واألوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية -1948 -1
.1991
110
المواقع االلكترونية:تاسعا
1- http://www.suite 101.fr/content/ la justice internationale au Liban
;3 à 5949 ? template = article_print.cfm.
2- http://www.suite 101.fr/content/ la justice internationale au
liban ;3 à 5949 ? template = article_print.cfm.
3- https://:ahlambeydounpress.com
4- Www.aludel.gov.ly
5- www.Ridi.org.
6- Www.Senat.fr
7- www.alrakiba.net/articles-show-id
Www.iasj.net/aisj? fumc: fultexkaid992478 -
111
2- Clémence bouquemont,la cour pénale internationale et les Etats-
Unis, Editions, L’harmattan, 2005.
3- Denis Catherine, le pouvoir normatif des conseil de sécurité des
Nations unies : portés et limites,Bruylant, Bruxelles,2004.
4- Forteau Mathias, Droit de la sécurité collective et Droit de la
responsabilité internationale de L’Etas, Édition, A, pedone,
paris,2006.
5-Kamto Maurice, L’agression en Droit Internationale, pedone,
paris,2010.
6- Selphe fredlan, la route ne s’arrête pas à Rome, rapport de la
fédération des droits de l’homme, n°266 novembre, 1998.
7- Salvatore Zappala, La cour pénale internationale,Montchrestiens,
paris,2007.
Thèses :
1- Cornelis François Swanepoel, The Emergence a Moder
International Criminal justice,Thesis, South africa,Faculty of
Law,Department, of procedural Law and Law Evidence at the
University of the free state,2006.
Articles de Revues:
1- Flavia Lattanzi, Compétence de la cour pénale internationale et
consentement des États, Revue Générale de Droit International
Public, Val/ 103, N 02, 1999
2- Ioannis Prezas, La justice pénale internationale à l'épreuve de
maintien de la paix : à propos de la relation entre la cour pénale
internationale et le conseil de sécurité, Revue Belge de Droit
International, Vol /39, 2006.
3- Serge sur ,vers une cour pénale internationale la convention de
Rome entre les ONG et le Conseil de sécurité, revue générale de droit
internationale public, vol/103,1999.
112
4- Zhu wenqi, la coopération entre les États non parties et la Cour
pénale internationale, revue internationale de la choix rouge,
vol/88,2006.-
Jurisprudences de la Cour Internationale de Justice :
1- Aerial Incident of July 27, 1955, ICJ Report, 1959, pp. 127, 138,
North Sea Continental Shelf Cases, ICJ Report 1969, pp. 3, 25-27, 41,
46; Frontier Dispute between Burkina Faso v. Mali, ICJ Report, 1986,
pp. 554-577-578.
الفهرس
3............................................................................................ مقدمة
6................................................................................... أهمية البحث
6........................................................................... دوافع اختيار البحث
6............................................................................... صعوبات البحث
6................................................................................. إشكالية البحث
7................................................................................... منهج البحث
113
الفصل األول :الدور اإليجابي لمجلس األمن في تفعيل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.
8
المبحث األول :سلطة مجلس األمن الدولي في إحالة الجرائم الدولية على المحكمة
الجنائية الدولية 10.............................................................................
المطلب األول :ماهية اإلحالة على المحكمة الجنائية الدولية11..........................
الفقرة األولى :تحديد المقصود بسلطة اإلحالة 11.........................................
الفقرة الثانية :ضوابط ممارسة مجلس األمن الدولي لسلطة اإلحالة واآلثار المترتبة
عليها 19......................................................................................
المطلب الثاني :دراسة تطبيقية لسلطة مجلس األمن في اإلحالة26.....................
الفقرة األولى :قضية دارفور 26............................................................
الفقرة الثانية :القضية الليبية 30............................................................
المبحث الثاني :فرض واجب التعاون على الدول مع المحكمة الجنائية الدولية35........
المطلب األول :دور مجلس األمن الدولي في فرض التعاون على الدول األطراف في
نظام روما 36.................................................................................
الفقرة األولى :ضعف آلية إلزام الدول األطراف بغير تدخل مجلس36...................
الفقرة الثانية :إلزامية التعاون مع المحكمة عند إحالة حالة من مجلس األمن40......
المطلب الثاني :دور مجلس األمن في فرض واجب التعاون على الدول غير األطراف
مع المحكمة 42...............................................................................
الفقرة األولى :الخالف الفقهي حول إلزام الدول غير األطراف بالتعاون مع المحكمة. .
43
الفقرة الثانية :آلية إلزام الدول غير األطراف بالتعاون مع المحكمة49.................
الفصل الثاني :عرقلة مجلس األمن الختصاص المحكمة الجنائية الدولية54................
المبحث األول :إرجاء التحقيق أو المقاضاة أمام المحكمة الجنائية57.....................
المطلب األول :مفهوم سلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة57.............................
الفقرة األولى :تعريف سلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة وشروط ممارستها58.......
الفقرة الثانية :الموقف الفقهي من المادة 16من نظام روما63.........................
المطلب الثاني :الممارسة العملية لسلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة71...............
الفقرة األولى :قرار مجلس األمن رقم 1422الممدد بموجب القرار 71.......1487
114
الفقرة الثانية :التفسير القانوني للقرارين 1422و 1487ومدى تعارضهما مع نظام
روما وميثاق األمم المتحدة 77..............................................................
المبحث الثاني :هيمنة مجلس األمن على المحكمة الجنائية الدولية في إقرار جريمة
العدوان 84......................................................................................
المطلب األول :خضوع اإلقرار بوقوع جريمة العدوان للسلطة المطلقة لمجلس األمن..
84
الفقرة األولى :األساس القانوني التقديرية لمجلس األمن في اإلقرار بوقوع جريمة
العدوان 85....................................................................................
الفقرة الثانية :األثار المترتبة على تمتع مجلس بالسلطة التقديرية في اإلقرار بوقوع
جريمة العدوان 89...........................................................................
المطلب الثاني :تقييد اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بنظر جريمة العدوان بعد
تعديالت مؤتمر كمباال 92....................................................................
الفقرة األولى :الشروط العامة 92...........................................................
الفقرة الثانية :شرط صدور قرار من مجلس األمن يقر فيه بوقوع العدوان97.........
خاتمة 103.........................................................................................
المالحق 107......................................................................................
الببليوغرافيا 109.................................................................................
115