Professional Documents
Culture Documents
السنة الجامعية:
1433-1434هـ2013-2012/م
1
2
المقدمة
3
أول -التعريف بالموضوع:
لم تكن الحروب العدوانية لفترة طويلة من الزمن محل تجريم ،و في القديم كككان مككن الشككائع
غزو الدول لبعضككها بغككرض تحقيككق مكاسككب إقتصككادية و اسككتراتيجية أملتهككا حاجتهككا الملحككة لهككا
لتحقيق ازدهار حضاراتها ورخاء شعوبها ،طالما أن اللجوء إلى الحرب كان حققا من حقككوق الككدول
و مظهرا من مظاهر سيادتها ،1حتى أضكحت الحكروب حسككب وصككف المكؤرخين آنككذاك ضككرورة
حتميكة ل يمكككن إنكارهككا ،و أن إرادة الك وحككدها هككي القكادرة علكى وقفهكا ،و أن تعكاقب السككل م و
الحرب ظاهرة أبدية شأنها شأن تعاقب الليل و النهار ،كما كانت الحككرب هككي المككآل الحتمككي الككذي
تنتهي إليه أغلب نزاعات الدول فيما بينها مهما هانت أسباب النزاع أ م عظمت.
و إن كانت الحروب العدوانية قد حققت مكاسب كبيرة لصالح دول على حسككاب أخككرى ،إل
أن عواقبها كانت كارثية على البشرية ،فقد شهد العالم جراءها إبادة شعوب عن بكككرة أبيهككا ،وبقككاء
آل ف اليتامى مككن دون عائككل و ل كفيككل،إضككافة إلككى ملييككن الجرحككى و المعطككوبين ،ناهيككك عككن
الخسائر المادية الفادحة التي تكبدتها الككدول المتنككاحرة ورجعككت بحضككاراتها عشككرات السككنين إلككى
الوراء ،المر الذي دفع بالمم إلى إعادة التفكير من جديد في مدى ضرورة هذه الحككروب ،و مككدى
إمكانية التقليل من نشوبها .
و قد ظهرت في العالم تدريجيا إرهاصات تصب في اتجاه التقليل من نشوب تلك الحككروب،
كظهور التفرقة بين الحرب العادلة المشروعة ،المرتكبة في إطار الدفاع المشككروع ،والمقيككدة وفقككا
لجراءات مسبقة ،و الحرب العدوانية المحرمة ،و هو ما اعتمدته عصبة المكم فكي بكادىء المكر،
غير أنه لم تكن آنذاك آليات ردع فعالة تجاه مرتكبي تلك الحروب .
وقد تلتها مجهودات منظمة المم المتحدة إثر إنشائها سنة 1945و التي حرمككت الحككرب
بصفة قطعيككة،وقككررت تدابيرعسكككرية وغيككر عسكككرية تجككاه مرتكبيهككا ،و قككد واكككب ذلككك اعتبككار
محكمتي "طوكيو" و "نورنبرغ" العككدوان جريمككة دوليككة ، 2و عككوقب مككدبروها بعقوبككات صككارمة
بلغت إلى حد العدا م .
و بالرغم من رفض لجنة حقوق النسان تحديد تعريف دقيق لجريمة العدوان ،إل أن قرار
الجمعية العامة للمم المتحدة الحامل للرقم3314:المؤرخ في 314/12/1974 :توصل إلى تحديد
- 1راجع:محمد عبد المنعم عبد الغني.الجرائم الدولية .دراسة في القانون الجنائي الدولي .دار الجامعة الجديدة. 2007.ص686 :
- 2راجع :سهيل حسين الفتلوي .القضاء الدولي الجنائي .موسوعة القانون الدولي الجنائي .الجزء الثالث .دار الثقافة للنشر و
التوزيع .2011 .ص74:
- 3راجع:إبراهيم الدراجي .جريمة العدوان و مدى المسؤولية القانونية الدولية عنها .منشورات الحلبي الحقوقية .2005.ص207:
4
تعريف لها ،فكان بذلك من أهم الخطوات اليجابية في طريق تحديد أركانها و الحد من وقوعهككا ،و
تجنيب النسانية ويلتها.
و بإنشاء المحكمككة الجنائيككة الدوليككة و دخولهككا حيككز النفككاذ سككنة 2002تككم تكريككس تجريككم
العدوان ،غير أن عد م تضمن النظا م الساسي للمحكمة نصا يعر ف الجريمة و يبرز أركانها ،خلفا
للجرائككم الدوليككة الخككرى حسككب مككا تضككمنته المككادة 15منككه ،حككال دون ممارسككة المحكمككة
لختصاصها على جريمة العدوان .
و وفقا لمقتضيات المادة 123 :من النظام الساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي تنص على
أنه بعد انقضاء مدة سبع سنوات على بدء نفاذ النظا م الساسي ،يعقد المين العا م للمم المتحدة
مؤتمرا استعراضيا للدول الطرا ف للنظر في أية تعديلت على هذا النظا م الساسي ،إجتمعت
الدول الطرا ف في المحكمة الجنائية الدولية ،خل ل المؤتمر الستعراضي المنعقد بمدينة "كمبال "
بأوغندا من تاريخ 31 :ماي إلى 11جوان 2010لمناقشة أهم التعديلت المقترحة على نظام
المحكمة و منها التعديلت الخاصة بجريمة العدوان .
و يستقي هذا التعديل أهميته من حيث أنه أو ل تعديل يمس القانون الساسي للمحكمة
الجنائية الدولية بعد دخوله حيز النفاذ ،وقد شارك فيه خبراء في القضاء الدولي من 115حكومة،
وموظفون رفيعو المستوى من منظمة المم المتحدة ،إضافة إلى 600ممثل عن 143منظمة
دولية ،2كما تضمن التعديل أحكاما جديدة لم تكن موجودة في القانون الساسي من قبل ،و أحكاما
جاءت لتعزز و تؤكد مبادىء تم التنصيص عليها في القانون الساسي فيما سبق.
و قد ظهرت الحاجة الملحة لهذا التعديل بسبب عدم تحديد نظام المحكمة تعريفا لجريمة
العدوان يمكن من خلله للمحكمة بسط اختصاصها على تلك الجريمة من أجل محاكمة مرتكبيها،و
أن عدم تحديد مفهوم دقيق لجريمة العدوان أججل إختصاص المحكمة الجنائية في هذا الصدد ،و
- 1المككادة):(5لجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة
- 1يقتصر اختصاص المحكمة على أشد الجرائم خطورة موضع اهتما م المجتمع الدولي بأسره ,وللمحكمة بموجب هذا النظا م
الساسي اختصاص النظر في الجرائم التالية -:
أ ( جريمة البادة الجماعية.
ب( الجرائم ضد النسانية.
ج ( جرائم الحرب.
د ( جريمة العدوان.
-2تمارس المحكمة الختصاص على جريمة العدوان متى اعتمد حكم بهذا الشأن وفقا للمادتين 121و 123يعر ف جريمة
العدوان ويضع الشروط التي بموجبها تمارس المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بهذه الجريمة ,ويجب أن يكون هذا الحكم متسقا مع
الحكا م ذات الصلة من ميثاق المم المتحدة.
2
-Rapport de la première conférence de révision du statut de rome-. www.iccnow.org -11/01/2011- 23:15- P3
5
تسبب في إفلت الكثير من مرتكبي جرائم العدوان من العقاب ،أمام إثبات مجلس المن عدم
فعاليته في التصدي لتلك الجرائم ،و بالتالي ظهرت الحاجة الملحة لعادة النظر في أحكام القانون
الساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي دفع إليها واجب الحفاظ على السلم و المن الدوليين.
و قد ناقش ممثلو الدول خلل المؤتمر مواضيع بالغة الهمية ذات الصلة بنظا م المحكمة
نذكر من أهمها ،موضوع تقييم العدالة الجنائية الدولية الذي نوقش بصدده مركز الضحايا أما م
المحكمة الجنائية الدولية بما يستدعيه من رعاية و مساعدة ،و تقييم لمبدأ التكامل الذي تم التفاق
بشأنه على ضرورة تعزيز قدرات الدول لتنفيذ تعهداتها بموجب المادة 17من نظا م روما
الساسي في إطار التحقيق في الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة ،وتقديمها إلى
المحاكمة للسها م في سد فجوة الفلت من العقاب.1
أما بخصوص جريمة العدوان فقد اعتمد مؤتمر "كمبال" تقرير الفريق العامل المعني
بجريمة العدوان في جلسته الثالثة عشرة المنعقدة بتاريخ ، 11/06/2010 :كما اعتمد المؤتمر
في الجلسة نفسها القرار Rc.res6الذي عجد ل بموجبه نظا م روما الساسي ،بإدراجه تعريفا
لجريمة العدوان إضافة إلى الشروط التي يمكن بمقتضاها للمحكمة أن تمارس اختصاصها على
الجريمة ،و تم إرجاء تاريخ الممارسة الفعلية لهذا الختصاص إلى تاريخ لحق يتحدد بصدور
قرار من الدول الطرا ف ،وفقا لجراءات مصادقة سيتم تبيانها في بحثنا لحقا.
ثانيا -أهمية الدراسة:
لهككككككككذا الموضوع أهمية بالغة تحكمها اعتبارات قانونيككككككككة،و اعككككككككتبارات السلم
والمكككككككن العالمككيككيككن:
-العتبارات القانونية تتلخص في أن التعديل تضمن قواعد موضوعية تتلخص في تعريف جريمة
العدوان و تحديد أركانها ،كان منتظرا منذ سنين لضرورته في تفعيل اختصاص المحكمة لمحاكمة
مرتكبيها و ذلك تماشيا و مبدأ الشرعية.
إضافة إلى تضمنه قواعد إجرائية تتعلق بشروط اختصاص المحكمة بنظر الجريمة و هو
أمر ضروري لتحديد الجراءات الواجب إتباعها من أجل مثول مرتكب الجريمة أما م المحكمة و
ضمان عد م إفلته من العقاب .
1
-Rapport de la première conférence de révision du statut de rome-. www.iccnow.org -11/01/2011- 23:15- P5:
6
كما أن هناك احتمال كبير بدخول الحكا م الجديدة الخاصة بجريمة العدوان حيز النفاذ خلل
أجل قريب ،طالما أن تلك الحكا م تم اتخاذها من الدول الطرا ف بموجب قرار صادر بتوافق
الراء ،و أن عملية مصادقة الدول عليها بغرض دخولها حيز النفاذ ،أمر متوقع جدا .
-إعتبارات السلم و المن العالميين تتلخص في أن إختصاص المحكمة بنظر جريمة العدوان من
شأنه وضع حد للجريمة في العالم ،نظرا للخطورة التي تتسم بها عن باقي الجرائم الدولية ،نظرا
لكونها الحيز الذي يجمع بقية الجرائم الدولية الخرى.
و غالبا ما تقتر ف جرائم البادة الجماعية و الجرائم ضد النسانية ،و جرائم الحرب ،من
طر ف ضباط و جنود الدولة المعتدية ،على مواطني الدولة المعتدى عليها إثر غزوها لها ،فتتعدد
النتهاكات و التعديات على الرواح و الحريات ،لتوفر بذلك جريمة العدوان المناخ الخصب و
الملئم لقترا ف الجرائم الدولية الخرى ،و بالتالي فإن اعتبارات السلم و المن الدوليين تقتضي
تسليط الضوء على هذه الجريمة في سبيل معاقبة مرتكبيها ،و تعويض الطر ف المتضرر منها.
ثالثا -أسباب اختيار الموضوع:
الرغبة الذاتية في فهم معمق وأشمل لمختلف جوانب الموضوع ،والتوصل يوما ما إلى
محاكمة الحكا م المرتكبين لجريمة العدوان ،و توقيع أشد العقوبات عليهم بعدما كانوا محصنين لمد
طويل من أي محاكمة بالرغم مما ارتكبوه من فضائع تسببت في عواقب وخيمة على النسانية ،في
حين أن الدول التي ينتمون إليها تتظاهر برعايتها لحقوق النسان و الحريات الفردية في العالم ،
المر الذي أثر أيما تأثير في نفسي ،مما جعلني أعلق بعض المال على هذا التعديل الحديث
لوضع حد لمثل هذه النتهاكات الجسيمة ،رغم يقيني بصعوبة المأمورية في ظل الضغوطات التي
تمارسها تلك الدول التي تحاول النحرا ف بالعدالة الجنائية الدولية بما يلئم مصالحها.
-إتاحة المعلومات المتوافرة للراغبين في البحث والدراسة في هذا الموضوع ،وحث الجهات
الكاديمية ومراكز البحوث المتخصصة على إجراء المزيد من الدراسات والبحوث في المجال
نفسه ،خصوصا وأن هذا الموضوع لم يكتب فيه بالقدر الكافي من قبل الباحثين ،نظرا لحداثة
التعديل ،كما أن المراجع المتخصصة تكاد تنعد م فيه ،مما دفعني متحديا إلى البحث فيه و عرض
تفاصيله ،بما أنني أميل بطبعي إلى المواضيع المستحدثة والتي لم تلقى حظها كفاية من الدراسة .
-المساهمة في تحقيق العدالة الجنائية الدولية ،كون أن كل فرد يعتبر عضوا في المجتمع الدولي
تحقيقا لغاية كل فرد وهي العيش في أمن وسلم دائمين ،فكوني أتطلع إلى غد أفضل ومجتمع دولي
7
آمن ،فإنه من واجبي أن أساهم من مكاني في محاولة بلوغ تلك الهدا ف والغايات ،وذلك بكل
الطرق المتاحة.
-طبيعة الموضوع العملية و المجسدة في وقوع عدة حالت عدوان في العهد الحديث ،اقترفت من
طر ف بعض الدول العظمى ،لم تنل ما تستحقه من تحقيقات و محاكمات ،و بقي مقترفوها بدون
محاسبة ،و هذه الحالت أرى أنها جديرة بالدراسة و التحليل.
رابعا -إشكالية الدراسة:
إن الشكالية الرئيسية للموضوع تتمثل في مدى تأثير التعديلت المقترحة في تفعيل دور
المحكمة الجنائية الدولية لمكافحة جريمة العدوان في العالم؟ ،و هل كانت في مستوى تطلعات
المختصين في مجال حقوق النسان و القانون الجنائي الدولي؟.
كما تندرج تحت تلك الشكالية ،إشكاليات فرعية نوجزها في التي :
-هل أن التعريف المتوصل إليه للعدوان واضح بما يكفي لممارسة المحكمة لختصاصها ؟
-ما مدى تأثير مجلس المن على حسن سير عمل المحكمة الجنائية الدولية في ما يخص جريمة
العدوان ؟
-هل أن التعديلت الجديدة جاءت في مستوى تطلعات الشعوب المحبة للسل م ،و هل هي كافية
لضمان عد م إفلت المجرمين من المحاكمة ؟
خامسا -الهدف من الدراسة :
تهد ف هذه الدراسة أساسا إلى تحقيق ما يلي :
-محاولة إبراز عناصر التعريف الخاص بجريمة العدوان عن طريق تحليله ،و دراسة أركان
الجريمة كل على حدى
-البحث عن الحلول لبعض الشكالت التي ل تزال عالقة بخصوص الجريمة سواء قبل أو بعد
التعديل
-تسليط الضوء على بعض الحالت التطبيقية لنتهاكات بعض الدول من خلل اقترافها للجريمة.
سادسا -منهج الدراسة:
انطلقا من طبيعة الدراسة وأهدافها اعتمدنا في البحث على المنهج الستقرائي التحليلي
لبعض النصوص الساسية المتعلقة بجريمة العدوان السابقة للتعديل ،إضافة إلى مختلف النصوص
الجديدة ،و تحليل آراء الدول بخصوصها مع استنتاج السباب التي دفعتها لعتماد تلك الراء،
8
إضافة إلى المنهج التاريخي الذي جمعت من خلله كل ما سبق تناوله من أحكا م تخص العدوان
عبر مر العصور ،منذ نشوء عصبة المم إلى غاية انعقاد المؤتمر الستعراضي الخاص بالتعديل.
سابعا -صعوبات الدراسة:
لقد اصطدمت بعقبات صعبت علي إخراج البحث أسردها فيما يلي:
-قلة المراجع التي تناولت هذا الموضوع بالدراسة والتحليل ،فرغم كثرة المراجع الخاصة
بالجرائم الدولية ،إل أنها في مجملها اكتفت بتناو ل الجرائم المعرفة في قانون روما دون جريمة
العدوان ،كما أن ندرة المراجع التي تناولت المؤتمر الستعراضي الخاص بتعديل النظام الساسي
لروما نظرا لحداثة تاريخه زادت من صعوبة البحث .
خطة البحث:
استدعت طبيعة البحث تقسيمه إلى ثلث فصول ،و قد أفردت الفصل الول لدراسة مـفهوم
جريمة العـــدوان و أركانها في ضوء مراجعة القانون الساسي لروما و الذي ينقسم بدوره إلى
مبحثين ،يتعلق الو ل بدراسة مفهوم جريمة العدوان في ضوء مراجعة القانون الساسي لروما ،و
الثاني يتناو ل أركان جريمة العدوان في ضوء مراجعة القانون الساسي لروما.
أما الفصل الثاني فقد عنونته بالمسؤولية المترتبة عن جريمة العدوان و اختصاص
المحكمة الجنائية الدولية بنظرها في ضوء مراجعة القانون الساسي لروما ،و الذي يتفرع بدوره
إلى مبحثين يخص الو ل المسؤولية المترتبة عن جريمة العدوان في ضوء مراجعة القانون
الساسي لروما ،و يتناو ل الثاني إختصاص المحكمة الجنائية الدولية بنظر جريمة العدوان في
ضوء مراجعة القانون الساسي لروما .
و قد أنهيت البحث بفصل تطبيقي يحمل عنوان دراسة بعض حالت العدوان في ضوء
مراجعة القانون الساسي لروما ،قسمته هو الخر إلى مبحثين أولهما يخص تصدي مجلس المن
لبعض حالت العدوان،و الثاني يتعلق بإهما ل مجلس المن لبعض حالت العدوان على ضوء تلك
التعديلت .
و كأي بحث أكاديمي أنهيت بحثي بخاتمة ضمنتها خلصة ما تم التوصل إليه من خل ل
البحث إضافة إلى بعض التوصيات رأيتها جديرة بالذكر نظرا لهميتها .
9
:الفصل الول
مفهوم جريمة العدوان و أركانها في ضوء مراجعة القانون
الساسي لروما
10
بعد مخاض طويل تم التوصل إلى اقتراح تعريف لجريمة العدوان لدراجه ضمن النظام الساسي
للمحكمة ،و الذي من خلله يمكن لها بسط اختصاصها لمحاكمة مرتكبي ذلك الجرم ،و قد ظهرت
الحاجة إلى إيجاد تحديد دقيق لركان الجريمة بعد معاناة الشعوب لفترة طويلة منها لكونها من
أخطر الجرائم الدولية على الطل.ق.
وتكمن خطورتها في أنها عادة ما تكون الوعاء الجامع للجرائم الدولية الخرى ،و يتجلى
ذلك واضحا من خل ل معاينة حالت العدوان السابقة التي شهدها العالم ،فـبعد تمكن الدولة المعتدية
من غزو إقليم الدولة المعتـــــــــدى عــليهـــــــا ،فإنها عادة ما تستبيح أموا ل ،و أعراض ،و
أرواح أفراد الشعب فيصبحون وسطا خصبا لممارسة شتى أنواع النتهاكات النسانية و الجرائم،
بما في ذلك من إبادات جماعية و جرائم حرب و جرائم ضد النسانية ،سواءا بدافع النتقام أو
ضمانا لسيطرتها الكاملة على شعب الدولة المعتدى عليها و القضاء على جيوب المقاومة إن
وجدت ،دون أن تجد من يحاسبها على ذلك.
و قد ساهم عامل اللعقاب هذا في الحث على تكثيف الجهود من اجل التوصل إلى التعريف
الذي يضع حدا لهذه الجرائم بمعاقبة مدبريها ،و تمكين الضحايا من حقوقهم في التعويض.
غير أنه و قبل التطرق لذلك فحري بنا أن نلقي نظرة عن الختل ف الذي طبع تاريخ
جريمة العدوان من حيث انقسا م الدول بين مؤيدة و معارضة حول تحديد تعريف دقيق للجريمة مع
إبراز الدوافع الكامنة التي جعلت تلك الدول تتبنى إتجاها دون الخر ،علوة على عرض مختلف
التجاهات المتعلقة بتعريف جريمة العدوان و ذكر إيجابيات و سلبيات كل منها ،و هي العناصر
التي سنتناولها بالتفصيل في المبحث الموالي.
12
الفرع الول :الخلف حول ضرورة تعريف العدوان
لقد ظهر اتجاهان رئيسيان حو ل ضرورة تعريف العدوان ،أحدهما ل يرى لذلك
ضـــــــــــرورة بينما يتمسك الخر به نظرا لهميته البالغة حسب تصور أنصاره ،و لكل منهما
حججه التي سنعرضها فيما يلي:
أول :التجاه المعارض لتعريف العدوان
لقد تزعم هذا التجاه كل من الوليات المتحدة المريكية و انجلترا ،و يرى هذا التجاه عدم
الخوض في تعريف العدوان وترك هذا المر لتقدير مجلس المن و القضاء الدولي عندما يوجد،1
ويستند هذا التجاه إلى مجموعة من الحجج ذات الطابع القانوني والسياسي و العملي
-1الحجج ذات الطابع القانوني:
تتمثل الحجج القانونية في أن هذا التعريف يتفق مع النظام القانوني المعاصر و هو النظام
اللتيني الذي يفرغ القواعد القانونية في نصوص مكتوبة ،و هو ل يقيم وزنا للنظـــــــــــــــــام
النجلوسكسوني الذي يعتمد على العر ف كمصدر أصيل لقواعده كما هو الحا ل بالنسبة للقانون
الدولي و القانون الدولي الجنائي باعتباره متفرعا عنه.2
وبالضافة إلى ذلك فإن ميثا.ق المم المتحدة وما يحويه من نصوص )المواد
(3،4،10،11،14تتعلق بالحفاظ على السلم و المن الدوليين و ما يفرضه من التزامات على
عاتق الدو ل ،و ما يمنحه كذلك من صلحيات لجهزة المم المتحدة ،ما يغني عن إيجاد تعريف
للعدوان.3
كذلك فقد قيل بأن عدم وجود سلطة قضائية تتولى الفصل في المنازعات بين الدو ل أمر
يجعل البحث عن تعريف للعدوان دون جدوى ،لنه ل يكون له سوى قيمة نظرية بحتة ،فإذا احتج
بوجود محكمة العد ل الدولية فيجاب عن ذلك أن ما يصدر عن محكمة العد ل الدولية من أحكام ل
يحوز قوة ملزمة.4
كما أن ما يصدر عن مجلس المن وخاصة في المسائل العامة إنما تعترضه عقبة استعما ل
صدور "الفيتو " من جانب أعضائه الدائمين.5
- 1راجع :علي عبد القادر القهوجي .القانون الدولي الجنائي .منشورات الحلبي.بيروت .2001.ص 23
- 2راجع :حسنين عبيد.الجريمة الدولية-دراسة تحليلية تطبيقية.دار النهضة العربية 1994 .ص 153
- 3راجع :علي عبد القادر القهوجي .القانون الدولي الجنائي.مرجع سابق -ص 24
- 4راجع :محمد محمود خلف .الدفاع الشرعي في القانون الدولي الجنائي.مكتبة النهضة المصرية .1974.ص 256
-5راجع :حسنين عبيد .الجريمة الدولية .دراسة تحليلية تطبيقية.مرجع سابق .ص 154
13
ويلحظ أن الحجج السابقة ليست جازمة ،و يمكن تفنيدها و الرد عليها ،فالقو ل أن تعريف
العدوان إنا يستجيب لمقتضيات النظام اللتيني دون النجلوسكسوني ل يعد عيبا ،لن الصل في
القاعدة الجنائية هو التقنين ،إضافة إلى أن المجتمع الدولي يسعى إلى تضمين قواعده في نصوص
مكتوبة ملزمة.
أما عن النصوص التي يدعي بكفايتها لحفظ السلم و المن الدوليين ،فقد كشف التطبيق
العملي عن قصورها كلية في هذا السبيل.1
كما أن السعي نحو وضع تعريف للعدوان سو ف يكون حافزا للدو ل نحو إنشاء قضاء دولي
جنائي يتحقق من توافره و تعيين شخص المعتدي ،و يكفي للتأكيد على ذلك أن مشروعات تقنين
الجرائم الدولية كانت مرتبطة في كثير من الحيان بمشروعات إنشاء قضاء دولي جنائي.2
ويتضح من ذلك أن تلك الحجج التي قيلت لرفض تعريف العدوان غير جوهرية و ل يمكن
التعويل عليها ،وبدوري فإنني أرى أن الحجج السابق ذكرها تفتقد للتأسيس القانوني الصلب ،و
يغلب عليها الجمود و عدم مجاراتها للتطور المشهود على مستوى القانون الجنائي الدولي الذي
يسير خطوات ثابتة نحو التدوين و الكتابة ،خلفا لما كان عليه الحا ل في الماضي القريب ،إضافة
إلى عدم مراعات تلك الحجج ،لكثرة و تشعب العلقات و المعاملت بين مختلف الدو ل في العالم،
و التي ينجم عنها ل محالة حالت تصادم ،و تبادلت للتهام ،تجعل من تحديد مفهوم لجريمة
العدوان ضرورة ل مناص منها.
-2الحجج ذات الطابع السياسي:
لقد حاو ل القائلون بهذه الحجج السياسية إضفاء الصبغة السياسية البحتة على فكرة العدوان،
المر الذي يؤدي إلى تجريدها من فحواها القانوني الصيل ،وتتمثل هذه الحجج في أن الوضع
الراهن للقانون الدولي ل يسمح بإيراد تعريف للعدوان ،وما يؤيد ذلك أن الدو ل اختلفت عليه ما
يقرب ربع قرن ،هذا فضل عن التعريف الذي سيتفق عليه سيكون ذا ضرر يفو.ق بكثير ما عسى
أن يجلبه من فائدة ،3وذلك لنه سيعقد مهمة مجلس المن الدولي الذي قد يصل متأخرا في إصدار
توصياته أو تقدير تدابيره بعد أن يكون المعتدي قد حقق غرضه ،ويكون المدافع قد بالغ في تصوير
الخطر فرد عليه بتدابير غير متكافئة مع ما لحقه من ضرر.
- 1راجع :محمد عبد المنعم عبد الغني .الجرائم الدولية -دراسة في القانون الدولي الجنائي.دار الجامعة الجديدة. 2007.ص 697
- 2راجع :علي عبد القادر القهوجي .القانون الدولي الجنائي.مرجع سابق -ص 25
-3راجع :حسنين عبيد .الجريمة الدولية .دراسة تحليلية تطبيقية.مرجع سابق .ص 155
14
كذلك فقد قيل بأن هذا التعريف سيكون قاصرا عن استيعاب الكثير من صور العدوان التي
تتزايد بتزايد التقدم العلمي في مجا ل التسلح.
و من بين ما قيل من شأن هذا التعريف أن ينبه المعتدي في المستقبل فيتفنن في إلباس
العدوان ثوبا ل يوافق ذلك الذي ورد بالتعريف ،المر الذي يجعل من إنفا.ق الوقت في تعريفه
وتحديده ضربا من ضروب العبث الذي ل يعود على المجتمع الدولي بفائدة ما .و هو ما دفع
بالستاذ "سبيروبولوس " مقرر لجنة القانون الدولي المكلفة بوضع هذا التعريف إلى العلن
صراحة بوجوب التوقف عن العمل في هذا المجا ل.1
ويلحظ أن هذه الحجج غير مقنعة بدورها ،لن اختل ف الدو ل حو ل تعريف و تحديد مفهوم
العدوان ما يقرب من ربع قرن ،أمر ل يعني بالضرورة ترك هذا التعريف ،بل كل ما يعنيه هو
مجرد الخل ف حو ل مضمونه ،كذلك يلحظ أيضا أنه ل محل للزعم بأن مثل هذا التعريف
سيعرقل عمل مجلس المن في اتخاذ ما يراه لزما من تدابير ،إذ انه لن يكون منطويا على تقييد
لسلطته التقديرية ،بل العكس هو الصحيح ،إذ سيمده بالضوابط الموضوعية التي تعينه في تحديد
جدية العدوان وشخص المعتدي.
و يلحظ أنه ما يؤكد عدم صواب التجاه السابق توصل المجتمع الدولي سنة 1974إلى
وضع تعريف للعدوان ،2و من بعده التعريف المتوصل إليه في المؤتمر الستعراضي لمراجعة
القانون الساسي لروما سنة . 2010
وأشاطر بدوري الرأي القائل بعدم قوة تلك الحجج ،و أرى بأن البعض منها منافي للمنطق،
فالقو ل بأن إيجاد تعريف للجريمة سيكون قاصرا عن استيعاب الكثير من صور العدوان التي
تتزايد بتزايد التقدم العلمي في مجا ل التسلح غير سديد ،لن تزايد صور العدوان بتزايد التقدم
العلمي ،سيواكبه ل محالة تعديل و مراجعة للتعريف المحدد للجريمة ،كلما اقتضت الضرورة ذلك،
من خل ل القتراحات و المراجعات الدورية للقانون الساسي لروما و فقا للمادة 3123منه،ومهما
يكن من أمر فإن وجود تعريف للجريمة يشمل بعض صور العدوان دون الخرى ،يكون أفضل
من عدم وجود تعريف للجريمة نهائيا.
-1راجع :محمد عبد المنعم عبد الغني .مرجع سابق .ص 158
-2راجع:حسنين عبيد .مرجع سابق .ص 158
- 3راجع :علي عبد القادر القهوجي.مرجع سابق .ص27 :
17
الفرع الثاني :الخلف حول كيفية تعريف العدوان
تجدرالشارة بداية إلى أن الفقهاء قد بذلوا جهودا مضنية منذ إنشاء عصبة المم سنة
1920م ،وذلك من أجل وضع تعريف للعدوان ،وقد ازدادت هذه الجهود خصوصا منذ إنشاء
المم المتحدة.1
ويلحظ أن الفقه الدولي قد انقسم على نفسه في أثناء البحث عن تعريف علمي للعدوان ،حيث
ظهر في هذا الصدد ثل ث إتجاهات:
فالفريق الو ل قد اعتنق طريقة التعريف العام لجريمة العدوان ،أما الفريق الثاني فقد ذهب إلى
وضع تعريف حصري و محدد للعدوان ،وذلك بتعداد و تحديد العما ل العدوانية و ذكرها على
سبيل الحصر ،أما الفريق الثالث فقد مزج بين التجاهين السابقين )التعريف المختلط(.
ونتناو ل فيما يلي هذه التجاهات:
1
- graven(jean) cours du droit penal international-le cair-1955 p419
-2راجع :عبد الواحد محمد الفار -الجرائم الدولية و سلطة العقاب عليها-مرجع سابق ص 121
-3راجع . :د.عبد الواحد محمد الفار -الجرائم الدولية و سلطة العقاب عليها-مرجع سابق ص 121
19
جريمة دولية ،سواءا بسبب ما يكتنف التعريف من غموض أو بسبب ما يثيره من منازعات حو ل
التطبيق و التفسير المر الذي قد يؤدي إلى تكييف وقائع هذه الجريمة بصورة تحكمية غير عادلة.1
كما أن التعريف العام للعدوان لن يجد نفعا طالما أنه سو ف لن يحتوي على أي تحديد لعناصر
الجريمة فضل عن أن عباراته الفضفاضة سو ف تدعو كل صاحب مصلحة إلى إثارة جد ل طويل
و خطير حو ل طبيعة الفعل الذي أثاره المعتدي ،حيث أن المعتدي يمكنه المنازعة في تكييف فعله
و يستفيد من بطء الجراءات الذي يترتب على تفسير تعريف ينقصه الوضوح.2
ثانيا :التعريف الحصري للعدوان
لقد تزعم التحاد السوفياتي -سابقا -أنصار هذا التعريف الذي يعد تجسيدا حقيقيا لمبدأ شرعية
الجرائم و العقوبات ،إذ تكون جريمة الحرب العدوانية صريحة وواضحة ،وقد إعتمد هذا
السلوب تحديد الفعا ل المكونة لجريمة العدوان في شكل وصفي أو حصري ،أي تعداد أو وصف
الحالت التي تشكل جريمة العدوان بما يؤدي إلى تلفي الغموض عند تكييف الفعل من جهة و
تسهيل مهمة سلطة توقيع الجزاء على هذا الفعل من جهة أخرى.3
وقد تعددت التعريفات الحصرية للعدوان ،و يعد تعريف الستاذ "بوليتيس " من التعريفات
الرئيسية في هذا المضمار ،وقد ورد هذا التعريف في التقرير الذي قدمه إلى مؤتمر نزع السلح
الذي عقد في لندن في سنة 1933م 4،و اشتركت فيه إحدى و ستون دولة وقد نص التقرير المذكور
على أنه يعتبر من قبيل العما ل العدوانية:
-1إعلن دولة الحرب على أخرى.
-2غزو دولة لقليم دولة أخرى بقواتها المسلحة و لو لم تكن الحرب معلنة بينهما.
-3مهاجمة دولة بقواتها المسلحة -برية كانت أو بحرية أو جوية -إقليم دولة أخرى أو قواتها و لو
لم تعلن الحرب عليها.
-4محاصرة الدولة موانئ أو شواطئ دولة أخرى.
-1راجع:عبد الواحد محمد الفار.الجرائم الدولية و سلطة العقاب عليها.مصدر سابق.ص 162
- 2راجع:إبراهيم الدراجي.جريمة العدوان و مدى المسؤولية القانونية الدولية عنها .منشورات الحلبي الحقوقية. 2005 .ص 188
-3راجع :نفس المرجع.ص 189
-4راجع:علي عبد القادر القهوجي.مرجع سابق .ص 131
20
مد الدولة يد المساعدة إلى هيئات مسلحة تتكون في أرضها لغزو دولة أخرى ،أو امتناعها عن -5
أن تجيب طلب الدولة الخرى باتخاذ الجراءات اللزمة لحرمان هذه القوات من المساعدة أو
الحماية.5
ويلحظ أن هذا التعريف قد اعترفت به لجنة المن التابعة لمؤتمر نزع السلح ،و قد أضافت
إليه اللجنة نصا مضمونه" :ل يجوز تبرير هذه الفعا ل بأي اعتبارات سياسية أو عسكرية أو
اقتصادية أو غيرها ".2
ويلحظ انه يقترب من هذا التعريف ،التعريف الذي قا ل به الستاذ "ليتفينو ف " مندوب التحاد
السوفياتي في ذات المؤتمر إذ ذكر أن الدولة تكون معتدية إذا ارتكبت احد الفعا ل التية:
-1إعلن الحرب ضد دولة أخرى
-2غزو إقليم دولة دون إعلن الحرب
-3إستخدام القنابل من جانب القوات المسلحة ،برية كانت أو بحرية أو جوية لدولة ضد أخرى ،أو
القيام بهجوم مدبر على سفن دولة أخرى أو على أسطولها الجوي
4-إنزا ل دولة أو قيادتها لقواتها البرية أو البحرية أو الجوية داخل حدود دولة أخرى دون تصريح
من حكومتها ،أو مع الخل ل بشروط هذا التصريح ،و خاصة فيما يتعلق بسريان مدة إقامتها ،أو
المساحة التي يقيم عليها
-5الحصار البحري لموانئ أو شواطئ دولة أخرى.
وأضا ف أنه ل تصلح لتبرير هذه العما ل "أية اعتبارات سياسية أو اقتصادية أو استراتيجية،
أو مجرد الرغبة في استغل ل مصادر الثروة الطبيعية في القليم المهاجم ،أو الحصو ل على
منافع أو امتيازات ،أو الستيلء على رؤوس الموا ل المستخدمة فيه أو رفض الدولة المعتدى
عليها العترا ف بالحدود الفاصلة بينها وبين الدولة المعتدية.3
و تجدر الشارة إلى أن هذا التعريف قد ذكر أنه ل يجوز بوجه خاص أن تستند الدولة كتبرير
للعتداء على ما يلي :
أ -الحالة الداخلية لية دولة مثل:
-1التأخر السياسي أو الثقافي أو القتصادي للشعب
-5راجع :محمد محي الدين عوض .دراسات في القانون الدولي الجنائي .دار الفكر العربي.ص 493
-2راجع :عبد الواحد محمد الفار .الجرائم الدولية و سلطة العقاب عليها.مرجع سابق .ص 123
-3راجع:علي عبد القادر القهوجي.مصدر سابق .ص 32
21
-2الدعاء بفساد الدارة
-3وجود خطر يهدد حياة أو أموا ل الجانب فيه
-4وجود حركة ثورية أو مقاومة لثورة أو حرب أهلية أو اضطرابات أو إضرابات.
-5تأسيس أو تأييد نظام سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي.
ب -أي عمل من أعمال الدولة ،تشريعيا كان أو غير ذلك مثل:
-1خر.ق اللتزامات الدولية
-2الخل ل بالحقو.ق أو المصالح المكتسبة في المجا ل التجاري أو أي نشاط اقتصادي آخر من
قبل الدولة أو من قبل رعاياها
-3إلغاء الديون
-4قطع العلقات الدبلوماسية أو القتصادية
-5تدابير المقاطعة القتصادية أو المالية
-6حظر أو تقييد الهجرة أو إدخا ل تعديل في نظام الجانب
-7الخل ل باللتزامات المعتر ف بها للممثلين الدبلوماسيين لدولة أخرى
-8رفض عبور القوات المسلحة المتوجهة نحو إقليم دولة أخرى
-9التدابير المصطبغة بصبغة دينية ،أو تلك المنافية للديان
1
-10حواد ث الحدود
ويذهب الفقه إلى أنه بالرغم من المميزات السابقة للتعريف الحصري للعدوان ،إل أنه يتسم
بالجمود و ل يستجيب للتطورات الحديثة في مجا ل التسلح و الستراتيجيات الحربية و أساليب
الحرب الباردة و حرب العصاب ،و يرى البعض الخر أنه بالرغم من أن هذا التعريف يتميز
بأنه يحترم قاعدة الشرعية في المجا ل الدولي و ذلك بما يهد ف إليه من حصر أو تعداد الفعا ل التي
تمثل عدوانا.
إل انه أسلوب ل يغطي كل حالت العدوان ،خاصة بعد التطور الذي واكب الستراتيجية
الحربية الحديثة ،و وجود مظاهر أخرى للعدوان .كما أن هذا التعداد قد يؤدي إلى تشجيع الدو ل
26
كما سبق الذكر فإن مجموعة الدو ل العضاء اتفقت في المؤتمر الستعراضي بكمبال على
مشروع تعريف لجريمة العدوان و طرحته لموافقة الدو ل ،بعدما غاب هذا التعريف عن القانون
الساسي لروما المعتمد في 1998 /17/07:والذي وقعت عليه الجزائر في 28/09/2000 :دون
أن تصاد.ق عليه لسباب ترجح أن تكون لتناقض بعض أحكامه مع أحكام الدستور الجزائري.1
و يظهر هذا الغياب المؤثر في نص المادة 2 5منه التي علقت ممارسة المحكمة الجنائية
الدولية اختصاصها بنظر جريمة العدوان على إعتماد حكم يعر ف تلك الجريمة ويضع الشروط
التي بموجبها تمارس المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بها ،مع وجوب أن يكون هذا الحكم متسقا
مع الحكا م ذات الصلة من ميثاق المم المتحدة.
و يظهر جليا لدى الطلع على التعريف المعلن عنه بالمؤتمر الستعراضي ،أنه قد تم
اعتماد طريقة التجاه الرشادي أو المختلط في تحديده ،إذ اشتمل على فقرة تضمنت تعريفا عاما
للجريمة ،وفقرة أخرى تناولت تعدادا لبعض الحالت التي تكتسي وصف العدوان محددة على
سبيل المثال ل الحصر ،و هو التعريف الذي يوافق لحد بعيد التعريف الذي توصلت إليه الجمعية
العامة للمم المتحدة في قرارها رقم 3314 :الصادر بتاريخ . 14/12/1974
وقبل عرض تعريف جريمة العدوان و فقا لما تم التوصل إليه في المؤتمر الستعراضي ،من
المهم إلقاء نظرة على تعريف الجمعية العامة للمم المتحدة للجريمة تأصيل للمفاهيم ،نظرا لكون
هذا التعريف هو الصل الذي اقتبس منه التعريف الخاص بالمؤتمر الستعراضي.
-الفرع الول :تعريف جريمة العدوان وفقا لقرار الجمعية العامة للمم المتحدة رقم 3314
المؤرخ في1974 /14/12 :
لقد سعت الجمعية العامة للمم المتحدة لبحث مسألة تعريف العدوان ،فشكلت لجنة
أوكلت لها مهمة تحديد تعريف لجريمة العدوان و عرضه عليها ،و اجتمعت تلك اللجنة لمدة سنة ما
- 1راجع:أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي العام .دار هومة للنشر.الجزائر.الطبعة الخامسة .2007ص 84
- 2تنص المادة" :الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة:
- 1يقتصر اختصاص المحكمة على أشد الجرائم خطورة موضع اهتما م المجتمع الدولي بأسره ,وللمحكمة بموجب هذا النظا م
الساسي اختصاص النظر في الجرائم التالية :أ ( جريمة البادة الجماعية،ب( الجرائم ضد النسانية،ج ( جرائم الحرب،
د ( جريمة العدوان.
-2تمارس المحكمة الختصاص على جريمة العدوان متى اعتمد حكم بهذا الشأن وفقا للمادتين 121و 123يعر ف جريمة
العدوان ويضع الشروط التي بموجبها تمارس المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بهذه الجريمة ,ويجب أن يكون هذا الحكم متسقا مع
الحكا م ذات الصلة من ميثاق المم المتحدة.
27
بين سنتي 1953 :و 1954غير أنها لم تتوصل إلى شيء ،و في سنة 1965أصدرت الجمعية
العامة القرار رقم 2131 :د 2-الذي احتوت الفقرة السابعة من ديباجته على أن التدخل المسلح
يراد ف العدوان ،و يتنافى بذلك مع المبادئ الساسية التي يجب أن يبنى عليها التعاون الدولي
السلمي بين الدو ل.1
و قد توالت إجتماعات اللجنة القانونية المكلفة بوضع تعريف للعدوان إلى أن تم التفا.ق
على تعريف للعدوان خل ل الدورة التاسعة و العشرين للجمعية العامة المنعقدة فـــــــــــــي:
،14/12/1974بموجب توصية اللجنة السادسة المتضمنة قرار تعريف العدوان .2
و يلحظ أن هذا القرار يتضمن ديباجة ثم ثمانية مواد تتضمن التعريف العام للعدوان ،و قرينة
البدء في استخدام القوة ،ثم صور العدوان ،و العلقة بين العدوان و الدفاع عن النفس من جهة ،و
بينه وبين تقرير المصير من جهة أخرى ،ثم سلطات مجلس المن في ظل التعريف.
و تبدأ المادة الولى بإيراد تعريف للعدوان ،مقررة في أنه يتمثل في استخدام القوة المسلحة
بواسطة دولة ضد السيادة ،أو السلمة القليمية ،أو الستقل ل السياسي لدولة أخرى ،أو بأي شكل
آخر يتنافى مع ميثا.ق المم المتحدة وفقا لنص هذا التعريف.
و تشير المادة الثانية بأن المبادأة باستخدام القوة المسلحة من طر ف دولة خلفا لما يقضي به
الميثا.ق يشكل دليل على وقوع العمل العدواني.
أما المادة الثالثة فقد قررت أنه تنطبق صفة العمل العدواني على أي من العما ل التية ،
سواءا بإعلن حرب أو دونه و أوردت صورا للعمل العدواني تتمثل في :
-1الغزو أو الهجوم بواسطة القوات المسلحة لحدى الدو ل ضد إقليم دولة أخرى أو استخدام أية
أسلحة بواسطة إحدى الدو ل ضد إقليم دولة أخرى .أو أي احتل ل عسكري -ولو كان مؤقتا -ينشأ
عن هذا الغزو أو الهجوم ،أو أي ضم لقليم دولة أخرى باستعما ل القوة
-2الضرب بالقنابل بواسطة القوات المسلحة لحدى الدو ل ضد إقليم دولة أخرى
-3حصار موانئ أو شواطئ إحدى الدو ل بواسطة القوات المسلحة لدولة أخرى
-4هجوم القوات المسلحة لحدى الدو ل على القوات البرية أو البحرية أو الجوية أو الساطيل
البحرية أو الجوية لدولة أخرى
- 1راجع :نايف أحمد العليمات.جريمة العدوان في ظل نظام المحكمة الجنائية الدولية .دار الثقافة.الردن. 2010.ص43 -42 :
- 2راجع :إبراهيم الدراجي .مرجع سابق.ص 207
28
-5استخدام القوات المسلحة لحدى الدو ل الموجودة داخل إقليم دولة أخرى بمقتضى التفا.ق مع
الخيرة خلفا للشروط الواردة في هذا التفا.ق ،أو أي امتداد لوجودها في هذا القليم بعد إنقضاء
مدة هذا التفا.ق
-6موافقة إحدى الدو ل على استخدام إقليمها الذي وضعته تحت تصر ف دولة أخرى في ارتكاب
العمل العدواني بواسطة الخير ضد دولة ثالثة
-7إرسا ل العصابات أو الجماعات أو المرتزقة المسلحين بواسطة إحدى الدو ل أو لحسابها ،مع
ارتكاب أعما ل القوة المسلحة ضد دولة أخرى ،متى كانت هذه الفعا ل منطوية على قدر من
الجسامة يعاد ل الفعا ل المشار إليها سابقا.
و تقتضي المادة الرابعة بأن الفعا ل السالفة الذكر ليست واردة على سبيل الحصر ،بمعنى
أنها ليست جامعة لجميع صور العدوان ،و بالتالي فإن مجلس المن يستطيع أن يعتبر سواها
عدوانا طبقا لحكام الميثا.ق.1
أما المادة الخامسة فقد قررت :
-أنه ل يصلح تبريرا للعدوان ،أي اعتبار مهما كان باعثه سياسيا أو اقتصاديا أو عسكريا أو غير
ذلك
-أن حرب العتداء جريمة ضد السلم العالمي ،و ينتج عن العدوان مسؤولية دولية
-ليمكن العترا ف بالصيغة القانونية لية مكاسب إقليمية أو غيرها من المكاسب الناتجة عن
العدوان .
أما نص المادة السابعة فقد قرر أنه ليس في هذا التعريف -وبصفة خاصة ما ورد في المادة
الثالثة -ما ينطوي -بأي حا ل -على الخل ل بحق تقرير المصير و الحرية و الستقل ل
المنصوص عليه بالميثا.ق ،وذلك بالنسبة للشعوب التي جردت من هذا الحق بالقوة على النحو
المتعلق بالعلن الخاص بمبادئ القانون الدولي في شان العلقات الودية و التعاون بين الدو ل
طبقا لميثا.ق المم المتحدة ،و بصفة خاصة تلك الدو ل الخاضعة للنظمة الستعمارية أو
العنصرية ،أو أي شكل آخر من أشكا ل السيطرة الجنبية ،كما ل يوجد في التعريف ما يخل بحق
هذه الشعوب في الكفاح من أجل هذه الغاية و في تلقي المساعدة و التأييد طبقا لمبادئ الميثا.ق و
العلن المشار إليه.
- 1راجع:محمد عبد المنعم عبد الغني .مرجع سابق .ص 713 -712
29
ويتضح بناءا على ما سبق بيانه أن الجمعية العامة للمم المتحدة قد تبنت التعريف
المختلط أو الرشادي للعدوان )المادتان الثالثة و الرابعة على وجه الخصوص( .وتجدر الشارة
أن هذا التعريف يتجرد من القوة الملزمة ،لن قرارات و توصيات المم المتحدة ليست لها هذه
القوة ،إل أنه سيكون هاديا و مرشدا لكافة الدو ل و لجهزة المم المتحدة و في مقدمتها مجلس
المن و القضاء الدولي الجنائي عندما تتصدى للقو ل بقيام العدوان أو عدم قيامه.1
و برأيي أن توصل الجمعية العامة للمم المتحدة إلى تحديد تعريف لجريمة العدوان في تلك
الفترة،يعتبر خطوة هامة في سبيل وضع حد لسياسة اللعقاب التي استفاد منها مرتكبو العدوان
طيلة عقود من الزمن بسبب عدم تحمس الدو ل العظمى آنذاك لفكرة تحديد مفهوم لجريمة العدوان.
و تستمد هذه المبادرة أهميتها من أهمية الجهاز الذي اعتمدها و هو الجهاز الوحيد من أجهزة
المم المتحدة الذي تشترك في عضويته جميع الدو ل العضاء في المم المتحدة ،مما يجعل من
الجمعية العامة الممثل الحقيقي للرأي العام ،و أن عدم اكتساء قراراتها الطابع الملزم ل ينفي عنها
قيمتها الدبية و السياسية ،و خير دليل على قيمة هذا القرار إقتباس إعلن كمبال للتعريف المقترح
لجريمة العدوان من التعريف المتضمن بالقرار و الذي سنتناوله بالشرح في الفرع الموالي.
غير أن بعض النقاد أثاروا نقائص و سلبيات تضمنها ذلك التعريف ،منها أنه لم يشر إطلقا
إلى المسؤولية الجزائية للفرد المتسبب في جريمة العدوان ،كما اقتصر على تجريم العدوان
المسلح دون صور العدوان الخرى ،علوة على عدم معاينة وجود أي تأثير لهذا التعريف على
السلطة التقديرية لمجلس المن . 2
و إني إن أشاطر النقدين الو ل و الثاني ،المتضمنين إهما ل القرار للتنصيص على المسؤولية
الجزائية للفرد المتسبب بسلوكه في قيام جريمة العدوان ،و ما ينجر عن ذلك من تعطيل بسط
المحكمة الجنائية الدولية بصفتها محكمة أفراد لختصاصها على تلك الجريمة ،و إهماله لصور
العدوان الغير مسلح،غير أنني ألحظ أن هذا القرار و إن كان لم يؤثر على السلطة التقديرية
لمجلس المن في تقدير العدوان ،غير أن تأثيره ظهر بعد مرور سنوات في تعديل القانون الساسي
للمحكمة الجنائية الدولية ،و ذلك من خل ل اعتماد التعريف المقرر بمقتضاه في النظام الساسي
لروما ،المر الذي يثبت الهمية القانونية لذلك القرار .
- 1راجع الوثيقة الرسمية الخاصة بالمؤتمر الستعراضي لنظام روما الساسي للمحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق .ص 22
- 2راجع :زنات مريم ،جريمة العدوان بين القانون الدولي العام و القضاء الدولي الجنائي ،بحث لنيل شهادة الماجستير ،جامعة
الخوة منتوري ،قسنطينة .2006-2005 ،ص.93 :
31
حرب أو بدونه ،وذلك وفاقا لقرار الجمعية العامة للمم المتحدة 3314المؤرخ في 14 :ديسمبر
1974
-1قيام القوات المسلحة لدولة ما بغزو إقليم دولة أخرى أو الهجوم عليه ،أو أي احتل ل عسكري،
ولو كان مؤقتا ،ينجم عن مثل هذا الغزو أو الهجوم ،أو أي ضم لقليم دولة أخرى أو لجزء منه
باستعما ل القوة
-2قيام القوات المسلحة لدولة ما بقصف إقليم دولة أخرى بالقنابل ،أو استعما ل دولة ما أية أسلحة
ضد إقليم دولة أخرى
-3ضرب حصار على موانئ دولة ما أو على سواحلها من جانب القوات المسلحة لدولة أخرى
-4قيام القوات المسلحة لدولة ما بمهاجمة القوات المسلحة البرية أو البحرية أو الجوية أو
السطولين البحري والجوي لدولة أخرى
-5قيام دولة ما باستعما ل قواتها المسلحة الموجودة داخل إقليم دولة أخرى بموافقة الدولة المضيفة،
على وجه يتعارض مع الشروط التي ينص عليها التفا.ق ،أو أي تمديد لوجودها في القليم المذكور
إلى ما بعد نهاية التفا.ق
-6سماح دولة ما وضعت إقليمها تحت تصر ف دولة أخرى بأن تستخدمه هذه الدولة الخرى
لرتكاب عمل عدواني ضد دولة ثالثة
-7إرسا ل عصابات أو جماعات مسلحة أو قوات غير نظامية أو مرتزقة من جانب دولة ما أو
باسمها تقوم ضد دولة أخرى بأعما ل من أعما ل القوة المسلحة تكون من الخطورة بحيث تعاد ل
العما ل المعددة أعله ،أو اشتراك الدولة بدور ملموس في ذلك.1
من خل ل عرض ذلك التعريف يتبين أنه قد تم وضعه تحت إطار المادة 8مكرر المستحدثة
بعد إلغاء الفقرة الثانية من المادة 5من القانون الساسي لروما التي تنص على أنه " تمارس
المحكمة الختصاص على جريمة العدوان متى اعتمد حكم بهذا الشأن وفقا للمادتين 121و 123
يعر ف جريمة العدوان ويضع الشروط التي بموجبها تمارس المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بهذه
الجريمة ،ويجب أن يكون هذا الحكم متسقا مع الحكام ذات الصلة من ميثا.ق المم المتحدة " ،كما
تم ترتيب تلك المادة مباشرة بعد المادة 8 :من القانون الساسي .
2
33
قرار الجمعية العامة للمم المتحدة رقم 3314 :المؤرخ في ،14/12/1974 :كما حاولوا
إستحداث أحكا م مكملة للتعريف الوارد بالقرار بإضافة فقرة جديدة للتعريف ،من أجل تفادي
النتقادات التي وجهت إلى تعريف الجمعية العامة ،من بينها التنصيص على المسؤولية الدولية
الناجمة عن جريمة العدوان دون المسؤولية الفردية للشخص المتسبب في الجريمة.
لذا فقد تمت الشارة إلى المسؤولية الجزائية للشخص و لو لم يتم التنصيص عليها صراحة
و ذلك من خلل الفقرة الولى من المادة 8مكرر التي تنص" :لغراض هذا النظا م الساسي،
تعني "جريمة العدوان" قيا م شخص ما ،له وضع يمكنه فعل من التحكم في العمل السياسي أو
العسكري للدولة أو من توجيه هذا العمل ،بتخطيط أو إعداد ".........و ذلك من خلل تحديد صفة
الشخص مرتكب جريمة العدوان ،بما يفيد أن العقاب لن يطال الدولة المعتدية فحسب بل يتعداها
إلى الشخص الذي يتحكم في العمل العسكري أو السياسي في تلك الدولة و الذي تسبب أثناء
إدارته لشؤون الدولة في وقوع جريمة العدوان.
غير أنه يلحظ أن التعريف قد نص على حالت العدوان المسلح مع إهماله لمظاهر
العدوان الخرى كالعدوان القتصادي و اليديولوجي ،و هو النقد الذي وجه لتعريف الجمعية
العامة سابقا ،كما أن ذكر حالت محددة على سبيل المثال ل الحصر للعدوان ،يجعل من هذا
التعريف فضفاضا بما يتيح لمجلس المن بما له من صلحيات مخولة له بموجب ميثاق المم
المتحدة ل سيما المادة 1 39منه ،تكييف أفعال أخرى تخرج عن التي سبق تحديدها على أنها
أفعال عدوان و ما يكتسي ذلك من خطورة على المن و السلم الدوليين ،أخذا بعين العتبار
طبيعة مجلس المن السياسية ،و التي تطغى على مواقفه و قراراته إلى حد كبير مصالح الدول
العظمى المشكلة له و المتمتعة بحق الفيتو.
كما أن الدول المشاركة في إعلن كمبال عرفت قبل الموافقة على نص المادة 8مكرر
تضاربا في الراء حول تضمين التعريف نص القرار 3314بأكمله ،أو الكتفاء بذكر بعض
المواد فقط منه ،لن بعض الدول يرون أن ذلك القرار ل يطبق على المحكمة الجنائية الدولية و
ل يعنيها و بالتالي ل يجوز أن يذكر ضمن تعريف جريمة العدوان ،و أن ذلك القرار ل يعدو أن
يكون سوى مجرد توصية لمجلس المن ل غير.2
-1تنص المادة " :يق درر مجلس المن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخل ل به أو كان ما وقع عم ا
ل من أعما ل العدوان ،ويقددم في
ذلك توصياته أو يقدرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقا لحكام المادتين 41و 42لحفظ السلم والمن الدولي أو إعادته إلى نصابه".
-La cpi et le crime d'agression. CICCFS.Crime.of.Aggression.Factsheet.FINAL.17May07.fr.15/01/2011-20:45 2
34
و حسب رأيي فإن التنويه عن القرار 3314برمته في متن المادة 8مكرر ليس له ما
يبرره ،و قد أضفى نوعا من الغموض على المادة ،فهل يفهم من هذا أنه تم اقتباس الحالت السبع
المحددة في القرار فقط؟ ،أو جميع المواد الخرى؟ ،المر الذي يدفعنا للتساؤل هل أن الحالت
المذكورة ضمن المادة 8مكرر مذكورة على سبيل المثال ،تأسيسا على المادة الرابعة من القرار
3314أو أنها مذكورة على سبيل الحصر.
و أظن أنه كان على الدول توخي الدقة و التفصيل في صياغة التعريف حتى ل يحتمل
التأويل ،و كان يمكنها أن تورد الحالت السبع المنوه عنها بالقرار دون أن تؤسس مرجعيتها على
هذا الخير ،تكريسا لستقللية المحكمة عن مختلف أجهزة المم المتحدة.
.ص 27 - 1راجع:الوثيقة الرسمية الخاصة بالمؤتمر الستعراضي لنظام روما الساسي للمحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق
35
هذا المبدأ في القرن الثامن عشر كردة فعل على تحكم القضاة في ذلك الوقت حيث كانوا يخلطون
بين الجريمة الجنائية و الرذيلة الخلقية و المعصية الدينية.
و قد تم التنصيص على هذا المبدأ في أو ل مرة في إعلن حقو.ق النسان و المواطن لسنة
1789في المادتين 5و 8منه تحديدا ،فبموجب المادة الخامسة " :ل يجوز منع ما لم يحظره
القانون و ل يجوز الكراه على إتيان عمل لم يأمر به القانون " ،و بموجب المادة الثامنة " :ل
يعاقب أحد إل بمقتضى قانون قائم و صادر قبل إرتكاب الجنحة و مطبق تطبيقا شرعيا ".1
و ينطبق المر ذاته على الجرائم الدولية بالرغم من الفار.ق البسيط ،حيث تجد تلك الجرائم
مصدرها)،مصدر تجريمها( في نص إتفاقي أو في العر ف الدولي ،و في ظل القانون الساسي
لروما نجد هذا المبدأ موجودا في المادتين 23 ،22 :من نظام روما الساسي ،حيث نصت المادة
22منه على مايلي" :لجريمة إل بنص :
-1ل يسأل الشخص جنائيا بموجب هذا النظا م الساسي ما لم يشكل السلوك المعني وقت وقوعه،
جريمة تدخل في اختصاص المحكمة.
ل دقيقا ول يجوز توسيع نطاقه عن طريق القياس ،وفي حالة
-2يؤول تعريف الجريمة تأوي ا
الغموض يفسر التعريف لصالح الشخص محل التحقيق أو المقاضاة أو الدانة.
-3ل تؤثر هذه المادة على تكييف أي سلوك على أنه سلوك إجرامي بموجب القانون الدولي
خارج إطار هذا النظا م الساسي".
كما نصت المادة 23من القانون ":ل عقوبة إل بنص ،ل يعاقب أي شخص أدانته المحكمة إل
وفقا لهذا النظا م الساسي ".2
يتبين مما سبق اعتماد القانون الساسي لروما مبدأ الشرعية ،و المتمثل في مبدأ شرعية
الجرائم و العقوبات ،و الذي مؤداه ل جريمة و ل عقوبة إل بنص القانون كما سبق ذكره ،و
الذي يتكون من شقين و هما:
الفرع الول -مبدأ ل جريمة إل بنص:
إن القانون الدولي الجنائي غالبا ما يرتكز على العادة التي يكتسبها من قوة العر ف الملز م
باطراد العمل عليها و اقترانها بعنصري اليقين و اللزا م القانونيين ،فهو بذلك يشبه القانون
-1راجع:أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي العام .دار هومة للنشر.الجزائر.الطبعة الخامسة .2007ص 50
- 2راجع :نايف حامد العليمات.جريمة العدوان في ظل نظام المحكمة الجنائية الدولية .دار الثقافة.الردن. 2010.ص116 :
36
العمومي النجليزي المبني على السوابق القضائية ،إل أن في العر ف الدولي غالبا ما تكون هناك
صعوبة في اكتشا ف الركن المعنوي .
و للعر ف صورة عامة تجعل تفسيره واسعا ،و كانت هناك جهود حثيثة من قبل المم المتحدة
و وكالتها المتخصصة لتدوين قواعد القانون الدولي الجنائي العرفي أو باعتبارها اتفاقيات
دولية ،إل أن هذا لم يفلح في أن يجعل هذه القواعد واضحة و دقيقة ،و ذلك لفتقار القانون الدولي
إلى سلطة تشريعية مركزية .إل أن التحديد جاء وفقا لوجهات نظر متباينة و هذا ما جعل الباب
مفتوحا للقضاء باللجوء إلى التفسير الواسع.1
و نجد ذلك فيما يتمتع به مجلس المن من سلطات تقديرية واسعة في مجال تحديد وجود
تهديد للسل م أو إخلل به أو أي عمل من أعمال العدوان ،و هذا ما نصت عليه المادة 39من
ميثاق المم المتحدة حيث نصت على":يقرر مجلس المن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلل
به أو كان ما وقع عمل من أعمال العدوان و يقد م في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من
التدابير وفقا لحكا م المادتين 41 :و 42لحفظ السلم و المن الدوليين أو إعادتهما إلى نصابه".
و يعتبر تطبيق مبكدأ ل جريمككة إل بنكص و النتائككج المترتبكة عليككه بمكوجب القكانون الجنككائي
الوطني يتناقض مع السمة التطويرية للقانون الدولي الجنائي ،و ذلك لن القككانون الككدولي الجنككائي
يعتبر من القوانين التي هي في طور التكوين ،و هذا ما جاء في الوثائق الدولية التي صدرت في
القرن الماضي مثل التفاقية الوروبية لحقوق النسان ،1954و الميثاق الدولي لحقككوق النسككان
المدنية و السياسية الصادرة بقرار من الجمعية العامة سنة ،1966حيث اعتبرت هذه التفاقية أن
القككانون الككدولي الجنككائي يمككر بمرحلككة التكككوين و عككد م إمكانيككة تطككبيق مبككدأ ل جريمككة إل بنككص
بمفهومه الضيق في القانون الدولي ،حيث نصككت فككي الفقككرة الولككى علككى عككد م جككواز إدانككة أحككد
بجريمككة جنائيككة عككن فعككل أو امتنككاع مككالم يشكككل جريمككة طبقككا للقككانون الككدولي أو الككوطني وقككت
الرتكاب.
إل انه ذكر في الفقرة الثانية أنه ليس فكي هكذه المكادة مكا يحككول دون محاكمكة أو معاقبككة أي
شخص من أي فعل أو امتناع إذا كككان يعتككبر وقككت ارتكككابه تصككرفا جرميككا وفقككا للمبككادي العامككة
للقانون المعتر ف بها وفقا للمم المتحضرة أو جماعة المم.
- 1راجع :عبد الحسين القطيفي .القانون الدولي العام .الجزء الو ل .مطبعة العاني .بغداد .1970 .ص173 :
- 2راجع :نايف حامد العليمات .مرجع سابق .ص120 :
- 3راجع المواد 67،68 ،65فقرة 2من إتفاقية جنيف الرابعة .
38
الواجبة التطبيق ،فترك المر للمحكمة المختصككة بمككوجب المككادة 5مككن المشككروع لتقريككر مقككدار
العقوبة عند محاكمة المتهم بارتكاب أية جريمة من الجرائم المنصككوص عليهككا فككي التقنيككن ،أخككذا
بنظر العتبار خطورة الجريمة ،و هذا إن دل فإنما يدل على أن هككذه القاعككدة لككم تلككق القبككول فككي
القانون الدولي الجنائي.
وقد تناولنا هذا المبدأ قبل إنشاء نظا م روما الساسي و ل بككد مككن تنككاول هككذا المبككدأ فككي ظككل
نظا م روما لنه يعتبر نقطة تحول في مجال القانون الككدولي الجنككائي بشكككل خككاص ،و فككي مجككال
القانون الدولي العا م بشكل عا م.
يعتبر نظكا م رومكا مكن أهكم المنعطفكات التاريخيكة الكتي حكدثت علكى صكعيد القكانون الكدولي
الجنائي ،و ذلك بإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة ،و هو يضم في مككادته الخامسككة أهككم الجرائككم و
أشدها خطورة التي هي موضع اهتما م المجتمع الدولي بأسره ،و عددت بالضافة لجريمة العدوان
،جريمة البادة الجماعية ،جريمة الحرب و الجرائم ضد النسانية.
فإذا ما تفحصنا نظا م روما يتبين أن النظا م لم يأخكذ بالشكرعية العرفيكة و لككن نجكد نصوصكا
صريحة في هذا المجال كمككا هككو موجككود فككي القككانون الجنككائي الككوطني ،وهككو مككا أبككرز الطبيعككة
الجنائية للقانون الدولي الجنائي و ذلك بتضمنه قواعد تجريم تسري على الفراد و قككد نككص علككى
الجرائم و العقوبات في مواد مخصصة لكل من الجرائم و العقوبات.
و كما ذكرنا سابقا أن نظا م روما الساسي أفرد لهذا المبدأ نصككين متتككاليين فككي المككادة 22و
المادة 23من النظا م في الباب الثالث ،و يدل ذلك علككى التأكيككد علككى أن القككانون الككدولي الجنككائي
تحكمه قواعد القانون الجنائي الكثر تطورا و نضجا مما يجعل القانون الدولي الجنائي أقرب إلككى
القانون الجنائي الوطني منه إلى القانون الدولي العا م .1
و المادة 222من نظا م روما المعنونة بك ":ل جريمة إل بنص" ،و الذي تم شرحه فككي الفقككرة
1مككن المككادة السككابقة حيككث نصككت علككى -1 " :ل يسككأل الشككخص جنائيككا بمككوجب هككذا النظككا م
الساسي ما لم يشكل السلوك المعني وقت وقوعه جريمة تدخل في اختصاص المحكمككة "...إل أن
ذلك لم يكن يشكل إطلقا إمكانية تكييف أي سلوك على أنه سلوك إجرامي بموجب القانون الدولي
المطلب الثاني:
الـــــركــــن المـــــــادي
ل يعاقب القانون الجنائي على الفكار رغم قباحتها ،و ل على النوايا السيئة ما لم تظهر إلى
الوجود الخارجي بفعل أو عمل ،و يشكل الفعل أو العمل الخارجي الذي يعبر عن النية الجنائية أو
الخطأ الجزائي ما يسمى بالركن المادي للجريمة .
-1تنص المادة" :ل عقوبة إل بنص -ل يعاقب أي شخص أدانته المحكمة إل وفقا لهذا النظام الساسي ".
40
فإذا كان القانون يوجب دائما فعل ماديا في الجريمة فإنه ل يشترط أن يترك هذا الفعل آثارا مادية
أو أنه يتسبب في نتائج ضارة.1
ووفقا للتعديل المقرر بموجب مؤتمر كمبال يكفي لقيام الركن المادي لجريمة العدوان تخطيط عمل
عدواني أو إعداده أو بدئه أو تنفيذه عن طريق استخدام القوة المسلحة من طر ف كبار المسؤولين
أو القادة في دولة ضد دولة أخرى ،مع بلوغه من الجسامة حدا يشكل خرقا واضحا لميثا.ق المم
المتحدة و بالتالي فإن عناصر الركن المادي تتمثل في:
الفرع الول :الفعـــــــــــــــــــــــــــــل
لقد تضمن المؤتمر الستعراضي لكمبال تحديدا لركان جريمة العدوان ضمن المرفق الثاني من
القرار RC/Res.6المعنون بـ" :تعديلت على أركان الجرائم " وتم تحديد العناصر المكونة للفعل
المادي وفقا لما يلي:
- 1قيا م مرتكب الجريمة بتخطيط عمل عدواني أو بإعداده أو بدئه أو تنفيذه.
-2كون مرتكب الجريمة شخص في وضع يمكنه من التحكم فعل في العمل السياسي أو
العسكري للدولة التي ارتكبت العمل العدواني أو من توجيه هذا العمل..
2
-3العمل العدواني يشكل ،بحكم طابعه وخطورته ونطاقه ،انتهااكا واضاحا لميثاق المم المتحدة.
وهي العناصر التي سيتم دراستها فيما يلي:
3
أول -قيام مرتكب الجريمة بتخطيط عمل عدواني أو بإعداده أو بدئه أو تنفيذه:
ورد بالتعديل الفعال المادية التي تعتبرعدوانا وهي" :تخطيط أو إعداد أو بدء أوتنفيذ عمل
عدواني يشكل ،بحكم طابعه وخطورته ونطاقه ،انتهاكا واضحا لميثاق المم المتحدة".
و يستنتج من تلك الفقرة أنه يأخذ حكم العدوان :
-التخطيط لعمل عدواني
-العداد لعمل عدواني
-البدء في عمل عدواني
-تنفيذ عمل عدواني
- 1التخطيط و العداد لعمل عدواني :
-1راجع:أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي العام .مرجع سابق .ص 85
- 2راجع:الوثيقة الرسمية الخاصة بالمؤتمر الستعراضي لنظام روما الساسي للمحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق .ص 27
-3راجع:نفس المرجع .ص 28
41
تمر الجريمة قبل تمامها بثلث مراحل
-مرحلة التفكير و العز م :ل يعاقب القانون الوطني فيها الفاعل على ما يأتيه من أفعال و لو
اعتر ف بذلك إل في حالت استثنائية يتم التنصيص عليها صراحة
-مرحلة التحضير للجريمة :و القاعدة فيها أيضا هي عد م العقاب إل استثناءا بموجب نص
صريح كمثال المادة 273 :من قانون العقوبات الجزائري 1التي نصت على عقاب من يساعد
شخصا في الفعال التحضيرية للنتحار ،إذا نفذ النتحار
-مرحلة الشروع في الجريمة :وهي المرحلة التي تنصر ف فيها إرادة الجاني إلى تنفيذ الجريمة
فعل ،فيبدأ في تنفيذ الركن المادي و لكنها ل تتم لسباب ل دخل لرادته فيها ،وخلفا للمراحل
السابقة فقد قرر القانون لهذه المرحلة عقابا بالرغم من عد م اكتمال الركن المادي للجريمة .2
وخلفا للقوانين الداخلية ،فإن المشرع الدولي قرر -خل ل مؤتمر كمبال و ضمن ما سبقه من
تشريعات دولية -عقوبة لفعلي التخطيط و العداد لعمل عدواني بالرغم من عدم بلوغ ذلك الفعل
مرتبة الشروع في الجريمة و أعطى الفعلين و صف العمل العدواني .
و هو ما يؤيده الفقيه "بيل " بقوله أن العما ل التحضيرية يجب العقاب عليها وذلك للحيلولة
دون وقوع الجريمة ،فالحرب العدوانية يسبقها دائما أعمال تحضيرية عديدة تد ل على غرض
الدولة المعتدية ،كإنشاء خطوط حديدية استراتيجية في مواضع معينة من القليم ،وضع السلحة
و العتاد و البوارج الحربية أثناء التوتر الدولي بكميات تزيد عن ضرورات الدفاع المحتملة،
ورصد أموا ل طائلة في الميزانية تزيد عن الضرورات المعتادة .
و طبقا للمادة 16من لئحة نورنبرغ و المادة 5من لئحة طوكيو فقد تم تجريم التحضير و
العداد للعدوان و القدام عليه و لو لم يتم الشتباك.
كما نصت المادة2 :فقرة 4من ميثا.ق المم المتحدة 3على منع التهديد باستخدام القوة كما
نصت المادة 9من مشروع إعلن حقو.ق الدو ل واجباتها على "واجب كل دولة في المتناع عن
كل تهديد باستعما ل القوة ضد السلمة القليمية أو الستقل ل السياسي لدولة أخرى ،و ارتكابه بأية
كيفية تتعارض و القانون أو النظام العام الدولي " .4
- 1تنص المادة " 273:كل من ساعد عمدا شخصا في الفعا ل التي تساعده على النتحار أو تسهله له أو زوده بالسلحة أو السم أو
باللت المعدة للنتحار مع علمه بأنها سو ف تستعمل في هذا الغرض يعاقب الحبس من سنة إلى خمس سنوات إذا نفذ النتحار "
- 2راجع:أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي العام .مرجع سابق .ص 94
- 3تنص الفقرة 4من المادة 2من ميثا.ق المم المتحدة " :يمتنع أعضاء الهيئة جميعا في علقاتهم الدولية عن التهديد باستعما ل القوة
أو استخدامها ضد سلمة الراضي أو الستقل ل السياسي لية دولة أو على أي وجه آخر ل يتفق ومقاصد المم المتحدة" .
- 4راجع:محمد عبد المنعم عبد الغني .مرجع سابق .ص 717
42
و بحسب رأيي أن شذوذ المؤتمر الستعراضي عن القاعدة العامة المتأصلة في القوانين
الوطنية و التي مفادها عدم العقاب على التخطيط و العداد للجريمة ،له ما يبرره في الواقع ،لن
خطورة الجريمة الدولية و أثرها السلبي المعتبر على المن و السلم الدوليين أكبر بكثير من خطر
الجريمة الوطنية التي ل يتعدى أثرها الحدود القليمية للدولة التي ارتكبت ضمن نطاقها.
و بالتالي فإن تجريم العداد و التخطيط للعدوان ضروري لما لهذين الفعلين من تأثير سلبي
على العلقات الدولية ،و ما يحتويانه من تهديد للدو ل المجاورة للدولة التي يقوم مسؤوليها بهذين
الفعلين ،كما أنه يشكل حاجزا أمام المعتدي حتى ل يتطور فعله إلى شروع في العدوان أو إلى
عدوان كامل ،و ما ينتج عن ذلك من عواقب يصعب تداركها .
- 2البدء في عمل عدواني:
البدء في التنفيذ هو أحد ركني الشروع في الجريمة ،و يتمثل الركن الخر في انعدام العدو ل
الختياري ،و يعر ف البدء في التنفيذ على انه فعل مادي ،و من هنا يتميز البدء في التنفيذ عن
العزم أو التصميم الجرامي ذو الطابع النفسي الذي ل عقاب عليه ،غير انه يشق التمييز بين البدء
في التنفيذ و العما ل التحضيرية -التي سبق الحديث عنها سابقا -و التي تعد هي الخرى أعمال
مادية ،و يستمد التمييز بين الفعا ل التحضيرية و البدء في التنفيذ أهميته من كون أن الولى غير
معاقب عليها كقاعدة عامة ،في حين يدخل البدء في التنفيذ تحت طائلة العقاب .1
و قد تقرر في تعديل القانون الساسي لروما تجريم الشروع في جريمة العدوان ،و هو أمر
منطقي إقتضته خطورة الجريمة ،و بالتالي فقد تم بذلك مسايرة معظم التشريعات الوطنية التي
تقضي بمعاقبة الشروع في الجرائم الكثر خطورة . 2
-3تنفيذ عمل عدواني:
بما أن التعديل قد جرم التخطيط و العداد و البدء في تنفيذ عمل عدواني ،فإن تجريم العمل
العدواني التام يعتبر تحصيل حاصل لما سبق ذكره ،و بالتالي فإن التجريم يشمل العدوان بنوعيه
السلبي و اليجابي.
و بصفة عامة فالجريمة اليجابية أو ما يصطلح عليها بجريمة الفعل هي الفعا ل التي ينهى
القانون عن إتيانها نظرا لخطورتها على المجتمع و قرر لمرتكبيها عقابا ،و يتمثل الركن المادي
- 1راجع:أحسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي العام .مرجع سابق .ص 95 -94
- 2تنص المادتين 31 ،30 :من قانون العقوبات الجزائري على العقاب على المحاولة لرتكاب الجنايات ،و العقاب على المحاولة
لرتكاب الجنح بشرط وجود نص ،دون العقاب على ارتكاب مخالفة
43
لهذه الجرائم في عمل إيجابي يتمثل في القدام على فعل ينهى القانون عن ارتكابه مثل السرقة ،أو
القتل ، 1و من مظاهر العدوان اليجابي العدوان المسلح من دولة على دولة على أخرى أو ضرب
حصار على موانيء الدولة المعتدى عليها باستعما ل القوات المسلحة و هي أغلب مظاهر جريمة
العدوان .2
أما الجريمة السلبية فهي التي يقرر القانون بخصوصها فعل يعاقب على عدم قيام الفرد
به ،باتخاذه موقفا سلبيا من أمر القانون له بالقدام على ذلك العمل و من أجل هذا توصف هذه
الفعا ل بالسلبية 3ومن بين أمثلة جرائم العدوان السلبية سماح دولة ما وضعت إقليمها تحت
تصر ف دولة أخرى بأن تستخدمه هذه الدولة الخرى لرتكاب عمل عدواني ضد دولة ثالثة ،و
حالت العدوان السلبي أقل شيوعا من العدوان اليجابي .
كما يتبين من خل ل التعديل أنه لم يضفي وصف العدوان على حالت العدوان غير المسلح
مثل العدوان القتصادي المجسد في الضغوط القتصادية ،و كذا نشر الفكار اليديولوجية التي
تهد ف إلى تخريب القتصاد الوطني لدولة ما أو التأثير على نظامها السياسي و الجتماعي كما
سبق و أن أشرت إليه سابقا ،و ذلك بالرغم من أن هذه الصور ل تقل خطورة عن العدوان المسلح
الذي ما فتيء ينحسر و يتضاء ل وجوده في العالم المعاصر و تحل محله حالت العدوان
4
القتصادي و الفكري.
ثانيا -كون مرتكب الجريمة شخص في وضع يمكنه من التحكم فعل في العمل السياسي أو
3
العسكري للدولة التي ارتكبت العمل العدواني أو من توجيه هذا العمل:
يتمثل الركن الثاني من أركان الركن المادي في اشتراط القيا م بالعداد أو التخطيط أو
البدء أو تنفيذ عمل عدواني من قبل ممن يتمتعون بسلطة إدارة دفة السياسة الداخلية أو الخارجية
في الدولة ،فالجندي أو الموظف الصغير طبقا للمادة 06من لئحة نورنبرغ ليسأل مسؤولية
دولية جنائية عن أعمال القتال التي اشترك فيها أثناء الحرب العدوانية ،و لكن هذا ل يمنع عن
-1تنص المادة " :يمتنع أعضاء الهيئة جميعا في علقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها
ضد سلمة الراضي أو الستقل ل السياسي لية دولة أو على أي وجه آخر ل يتفق ومقاصد المم المتحدة "
-2راجع :إبراهيم الدراجي .مرجع سابق .ص 408
- 3راجع:الوثيقة الرسمية الخاصة بالمؤتمر الستعراضي لنظام روما الساسي للمحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق .ص 27
45
مساءلته عن الجرائم التي قد يرتكبها ضد قوانين و عادات الحرب أو ضد النسانية كما لو أجهز
على أسير أو جريح.
وقد أكدت ذلك محكمة نورنبرغ حيث جاء في حكمها ":أن تعبير )مباشرة حرب العتداء(
ل ينطبق إل على الضباط العظا م و كبار الموظفين".
وفي نفس التجاه ورد في تقرير لجنة القانون الدولي المكلفة بتقنين المبادىء المستخلصة
من محاكمات نورنبرغ و الذي قدمته للجمعية العامة للمم المتحدة أن تعبير "مباشرة حرب
العتداء" كان محل جدل داخل اللجنة ،و أن بعض أعضائها كان يظن أن كل شخص يرتدي
الزي العسكري أو يقاتل في حرب عدوانية يمكن ان يتهم بمباشرة تلك الحرب ،و الحقيقة ان هذا
التعبير ل ينطبق إل على الضباط العظا م و كبار موظفي الدولة.1
و يقصد بتعبير الضباط العظا م قادة الجيش بأسلحته المختلفة و رؤساء الركان و ذوي
الرتب العالية فيه ،أما تعبير كبار موظفي الدولة فيقصد به كل موظف يملك سلطة تخطيط و تنفيذ
سياسة الدولة الداخلية أو الخارجية مثل رئيس الدولة و أعضاء الحكومة و زعماء الحزاب و
كبار الموظفين الخرين في وزارات الدولة و إداراتها المختلفة متى صدرت أفعالهم و هم على
علم بالمشروع الجرامي لحرب العتداء.2
ثالثا -العمل العدواني يشكل ،بحكم طابعه وخطورته ونطاقه ،انتهاحكا واضححا لميثاق المم
3
المتحدة:
لقد اشترط المؤتمر الستعراضي ضرورة بلوغ فعل العدوان من الخطورة مبلغا بحيث
يشكل انتهاكا واضحا لميثاق المم المتحدة ،و يكون ذلك إن كان من شأنه المساس بالسيادة أو
السلمة القليمية أو الستقلل السياسي لدولة أخرى ،و المر في النهاية مرجعه إلى تقدير أجهزة
المم المتحدة و في مقدمتها مجلس المن و كذلك المحاكم الدولية الجنائية التي تتمتع بسلطة
تقديرية واسعة على ضوء الظرو ف الموضوعية القائمة .
و يتبين ذلك بالرجوع إلى الفصل السابع من ميثاق المم المتحدة المعنون بك" :فيما يتخذ
4
من العمال في حالت تهديد السلم و الخلل به ووقوع العدوان" الذي تضمن المادة 39
-1راجع :إبراهيم الدراجي .مرجع سابق .ص 408
-2راجع :علي عبد القادر القهوجي .مرجع سابق .ص 54 ،53
-3راجع:الوثيقة الرسمية الخاصة بالمؤتمر الستعراضي لنظام روما الساسي للمحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق .ص 27
ل من أعما ل العدوان ،ويقددم -4تنص المادة " :39يق درر مجلس المن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخل ل به أو كان ما وقع عم ا
في ذلك توصياته أو يقدرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقا لحكام المادتين 41و 42لحفظ السلم والمن الدولي أو إعادته إلى
نصابه ".
46
الناصة على دور مجلس المن في تقرير ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلل به أو كان ما
وقع عمل من أعمال العدوان ، ،أي أن التقدير هنا يكون على أساس موضوعي يعتمد على وقائع
مادية محددة و محسوسة و ليس شخصي يرتبط بوجهة نظر الدولة التي وقع عليها العدوان ،1و
هو ما يستشف من المقدمة الخاصة بالمرفق الثاني من القرار RC/Res.6المعنون بـ" :تعديلت
على أركان الجرائم " 2حيث تم التنويه أن كلمة "واضاحا" هي وصف موضوعي.
وقد حدد المؤتمر الستعراضي معايير لتقييم جسامة الجريمة وفق ما ورد بتعريف العدوان
بالمادة 8مكرر من القانون الساسي للمحكمة الجنائية الدولية و تتمثل تلك المعايير في خطورة
الفعل بحد ذاته و العواقب المترتبة عنه ،أخذا بعين العتبار الظرو ف الخاصة بكل حالة من
حالت العدوان التي سيتم التطرق لها لحقا ،و ذلك احتكاما لميثاق المم المتحدة و ذلك بالنص:
" من المفهو م أن العدوان هو أخطر أشكال الستخدا م غير المشروع للقوة ،وأن تحديد ما إذا كان
قد ارتكب عمل عدواني يتطلب أن تؤخذ في العتبار جميع الظرو ف الخاصة بكل حالة ،بما في
ذلك خطورة العمال المعنية وعواقبها ،وفاقا لميثاق المم المتحدة".3
كما تم التطرق للمعايير المعتمدة لتحديد وصف النتهاك الواضح لميثاق المم المتحدة ،
وفق ما ورد بتعريف العدوان بالمادة 8مكرر من القانون الساسي للمحكمة الجنائية الدولية و ذلك
اعتمادا على طبيعة الفعل ،و خطورته ،و نطاقه و بالتالي يتصف العمل العدواني بانتهاكه الواضح
لميثاق المم المتحدة بالنظر إلى طبيعته اللشرعية و اكتسائه قدرا هاما من الخطورة ،و إتساع
نطاقه .
كما يجب العتماد على الركان الثلثة مجتمعة لتقدير معيار الوضوح و ذلك بالنص على:
" من المفهو م أنه لدى تقرير ما إذا كان العمل العدواني يقمثل انتهااكا واضاحا لميثاق المم المتحدة،
يجب أن تكون الركان الثلثة ،وهي الطبيعة والخطورة والنطاق ،كافية لتبرير تقرير النتهاك
4
"الواضح" ول يجوز اعتبار أي ركن بمفرده كافايا للوفاء بمعيار الوضوح".
و قد تم تعداد سبع نماذج من حالت العدوان بموجب الفقرة الثانية من المادة 8مكرر تم
ذكرها على سبيل المثال ل الحصر،بما يفهم أنه يمكن تصور وقوع أفعال أخرى غير تلك التي
49
لبقائها .و يكفي لتوافر هذه الحالة مجرد الخروج على قواعد التفا.ق المبرم بين الدولتين بالصورة
السابقة ،أي دون أن ينطوي على استخدام القوة أو العنف .
إذ في الخروج على مثل هذا التفا.ق إعتداء صريح على سيادة الدولة المضيفة و يعتبر
مجرد التوسع خارج المنطقة المحددة أو البقاء بعد انقضاء المدة المحددة للقوات المسلحة الجنبية
عمل عدواني لن فيه مساس بسيادة الدولة ،لن مساس بسيادة الدولة التي توجد تلك القوات باتفا.ق
على أرضها.
-6وضع الدولة إقليمها تحت تصرف دولة أخرى لستخدامه في العدوان ضد دولة ثالثة :
في هذه الحالة يتوافر فعل العدوان في حق الدولة على الرغم من أنها لم تستخدم قواتها
المسلحة في العدوان كما في الحالت السابقة ،و لكنها تعتبر معتدية و مرتكبة لفعل العدوان إذا
سمحت لدولة أخرى أن تستخدم إقليمها كمرتكز أو نقطة إنطل.ق للعدوان المسلح على دولة
ثالثة ،أي إذا وضعته تحت تصر ف دولة أخرى .
و ترتكب فعل العدوان سواء قدمت كل إقليمها الوطني أم جزء منه ،و سواء كان ما قدمته
يتعلق بالقليم الرضي أم المائي أم الجوي.
و الفعل الذي ارتكبته الدولة في هذه الحالة يصد.ق عليه وصف المساعدة في صورة تقديم
إقليم الدولة أو جزء منه لكي يسهل لدولة أخرى ارتكاب عدوان على دولة ثالثة ،و كان يقتضي
تطبيق القواعد العامة في المساهمة الجنائية في القانون الداخلي اعتبار الدولة التي تقدم إقليمها أو
جزء منه متدخل)شريك( في جريمة حرب العتداء التي ترتكبها الدولة الخرى على الدولة الثالثة.
و لكن في مجا ل القانون الدولي الجنائي و العلقات الدولية بصفة عامة تعتبر الدولة التي
قدمت مجرد إقليمها أو جزء منه مرتكبة لجريمة حرب العتداء بصفة أصلية على الدولة الثالثة
لن مجرد تقديم القليم على هذا النحو يعد بمثابة عمل عدواني ضد الدولة الثالثة .
-7الستعانة بالعصابات أو الجماعات أو المرتزقة المسلحين :
و تقترب هذه الحالة من سابقتها من حيث أن الدولة ل تستخدم قواتها المسلحة مباشرة ،و
لكنها تكتفي باستخدام العصابات أو الجماعات أو المرتزقة المأجورين المسلحين في ارتكاب أعما ل
القوة المسلحة ضد دولة أخرى ،و يشترط لتحقق هذه الحالة أن تكون الدولة هي التي أرسلت تلك
العصابات أو الجماعات أو المرتزقة ،أي يجب أن يكون قد تم ذلك بسعي و تدبير منها أي يعملون
لحسابها مباشرة ،أو على القل أن تعمل هذه العصابات لحساب تلك الدولة بطريقة غير مباشرة أو
50
برضاها ،فل يكفي لتوافر هذه الحالة أن تنطلق تلك العصابات من إقليم الدولة أو تمر فقط من
إقليمها لن مثل هذه العصابات ل تعمل لحساب الدولة بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
و يجب أن تستخدم العصابات التي ترسلها الدولة أو تعمل لحسابها القوة المسلحة ضد دولة
أخرى ،فل يكفي أن تثير الفتن أو تشجع على الثورة و الضطرابات من قبل مواطني تلك الدولة
دون استخدام للقوة المسلحة ،و لكن إذا استخدمت تلك العصابات القوة المسلحة في التحريض على
الثورة أو في إثارة الفتن و الضطرابات فإن الدولة التي ترسلهم تعتبر معتدية في هذه الحالة.
و يجب كذلك أن يكون استخدام تلك العصابات للقوة المسلحة ينطوي على قدر من
الجسامة ،أي يكون من شأنه المساس بالسيادة أو السيادة القليمية أو الستقل ل السياسي لدولة
أخرى ،فإذا كان مجرد عمل إرهابي فردي قليل الخطورة ،فإنه ل يعتبر عمل عدوانيا تتوافر به
1
جريمة حرب العتداء.
-الفرع الول :مدى إمكانية إرتكاب جريمة العدوان بصورة غير عمدية
- 1راجع :محمد عبد المنعم عبد الغني .مرجع سابق .ص 721
- 2راجع:الوثيقة الرسمية الخاصة بالمؤتمر الستعراضي لنظام روما الساسي للمحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق .ص 27
58
و يعتبر ذلك تحصيل حاصل طالما أن جميع الجرائم الدولية التي تختص بها المحكمة
الجنائية الدولية تشترك في وجوب توافرها على الركن الدولي ،و إل لما وصفت بالجرائم الدولية ،
و لما أنشئت مختلف المحاكم الجنائية الجهوية منها و الدولية لمحاكمة مرتكبيها ،و لعدت الجريمة
وطنية داخلية يحكمها قانون العقوبات الداخلي كجرائم أمن الدولة من جهة الداخل أو الخارج حسب
الحوا ل.1
غير أن إشكالت هامة تتعلق بصفة الدولة يمكن أن تثار خل ل جرائم العدوان التي يمكن أن
تقع بين دولة و تلك يتعين التطر.ق لها لتحديد المعايير التي يتم الرتكاز عليها للقو ل بثبوت صفة
الدولة للقليم المعتدي أو المعتدى عليه ،كما يثار التساؤ ل كذلك حو ل أثر عدم العترا ف بالدولة
على الركن الدولي للجريمة ،و هو المر الذي سنتناوله بالتفصيل في الفرعين التيين:
- 1راجع :محمد نصر مهنا .علم السياسة .دار غريب للطباعة و النشر .القاهرة .ص304 :
- 2راجع :محمد نصر مهنا .علم السياسة .مرجع سابق .ص314 .309 :
60
واحدة ،ففي حالة نشوب اعتداء مسلح غير مشروع بين الدو ل المكونة للدولة الفدرالية ،فلن نكون
بصدد جريمة عدوان لنتفاء الركن الدولي بل نكون بصدد حروب داخلية. 1
-الفرع الثاني :أثر عدم العتراف بالدولة على الركن الدولي
يثير الفقه تساؤلت بخصوص مدى تأثير العترا ف بالدولة على الركن الدولي لجريمة
العدوان ،ذلك أن هذه المسألة شديدة الهمية و يترتب عليها نتائج قانونية و سياسية بالغة الخطورة،
فهل تستطيع الدولة المعتدية أن تتذرع بكونها ل تعتر ف بالدولة المعتدى عليها لتدرأ عن نفسها
المسؤولية الدولية و تنفي ارتكابها لجريمة العدوان؟ طالما أن فعلها استهد ف كيانا ل تعتر ف هي
بكونه دولة.
و هل يمكن للدولة غير المعتر ف بها ان تستغل حالة عدم العترا ف هذه لرتكاب أفعا ل
العدوان و التذرع بعدم اكتما ل أركان هذه الجريمة؟
إن الجابة عن هذه التساؤلت تتطلب تحديد مفهوم العترا ف أول و من ثم دراسة مدى
تأثير عدم العترا ف بالدولة على وجود جريمة العدوان.
ونميز نظريتين مختلفين في موضوع العترا ف بالدولة أولها نظرية العترا ف المنشيء ،و
الثانية نظرية العترا ف المقرر.
-1نظرية العتراف المنشيء:
و طبقا لنظرية العترا ف المنشيء فإن القبو ل بوجود الدولة الجديدة هو الذي يخلق
الشخصية الدولية لها ،ذلك أن الوحدة السياسية ل تتمتع بوصف الدولة و ل تصبح عضوا في
الجماعة الدولية آليا و إنما يتوقف ذلك على قبولها و العترا ف بها من جانب الجماعة الدولية
الموجودة أو جزء منها. 2
و من هنا فإن العترا ف هو شرط و ركن أساسي يمثل أحد المقومات المطلوبة للمركز
القانوني للكيان الدولي ،و بدونه لن يكون للدولة الجديدة أي وجود أو مكان بين أعضاء الجماعة
الدولية ،فل يكفي مجرد توافر الركان الثلثة المطلوبة في الدولة من شعب و إقليم و حكومة ،و
إنما ل بد من ركن رابع هو العترا ف بها كوحدة قانونية دولية .
-2نظرية العتراف المقرر:
- 1راجع :إبراهيم العناني .القانون الدولي العام .مرجع سابق.ص188 .187 :
-2راجع :نفس المرجع .ص120 .119 :
61
أما نظرية العترا ف المقرر و هي النظرية التي تسود حاليا في الميدان الدولي فهي تعتبر
أن نشأة دولة جديدة يعد مجرد واقعة ل تتوقف على إرادة الدو ل حيث أن الشخصية القانونية
الدولية هو وصف يلحق الدولة عند تكوينها و تتمتع به متى توافرت لها أركانها الساسية و ل
يتوقف على إرادة و اعترا ف الدو ل الخرى في المجتمع الدولي.
فالعترا ف هو مجرد تصر ف فردي و كاشف تقتصر وظيفته على التسليم بنشوء عضو
جديد في الجماعة الدولية و ل يتعدى ذلك إلى إضفاء أي صفة قانونية على الدولة الجديدة ،1و
بالتالي فإن العترا ف ل ينطوي على أكثر من القرار بالمر الواقع ،و يترتب على هذا المفهوم
للعترا ف ان يكون له أثر رجعي يمتد إلى وقت نشوء الدولة و اكتما ل أركانها.
و يبدو أن هذه النظرية هي الكثر واقعية باعتبار أنها تتفق مع نتطق الشياء و تحافظ على
حقو.ق الدو ل و الفراد و لذلك فقد أيد معهد القانون الدولي هذه النظرية في قراره الذي اتخذ أثناء
دورته في بروكسل عام ،1936حيث جاء فيه أن " العترا ف ذو أثر مقرر و أن وجود الدولة
الجديدة مع كافة الثار القانونية المرتبطة بنشأتها ل يتأثر برفض العترا ف بها من قبل دولة أو
2
عدة دو ل ".
و بالرجوع إلى تعريف الجمعية العامة للعدوان ،و كذلك تعريف العدوان وفقا للمؤتمر
الستعراضي بكمبال ،يتبين أنه لم يتم ترتيب أية آثار قانونية على عدم العترا ف بالدولة ،و اعتبار
أن أركان جريمة العدوان -ل سيما الركن الدولي -تعد موجودة و متحققة حتى في حالة ارتكاب
فعل العدوان من طر ف أو في مواجهة دولة غير معتر ف بها و بالتالي فقد انتهج التعريف وجهة
نظر أصحاب النظرية الكاشفة أو المقررة.
-خلصة الفصل الول:
من خل ل ما تم عرضه في الفصل الو ل يتبين مدى أهمية المؤتمر الستعراضي لكمبال
بما احتواه من تعديلت جوهرية على نظام روما الساسي معروضة لمصادقة الدو ل الطرا ف ،
كما يستقي أهميته من حيث أنه أو ل تعديل على نظام روما الساسي منذ إنشائه .
و أن أهم ما تضمنه ،إيراد تعريف لجريمة العدوان يمدكن المحكمة من بسط اختصاصها
على مرتكبيها ،كما ثبت أن عدم إدراج تعريف لجريمة العدوان طيلة تلك المدة لم يكن بسبب
- 1راجع :محمد عزيز شكري .مدخل إلى القانون الدولي العام.منشورات جامعة دمشق .سوريا .الطبعة الخامسة 992.ص. 132 :
133
- 2راجع :علي إبراهيم .القانون الدولي العام .الجزء الثاني .الشخصية الدولية.دار النهضة العربية القاهرة .1997 .ص33:
62
صعوبة قانونية أو تشريعية حالت دون التوصل الى تعريف واضح للجريمة ،بقدر ما هو ناجم عن
إنعدام إرادة دولية قوية تسعى لفرض تعريف للجريمة بهد ف محاكمة مرتكبيها و تجنيب العالم
ويلتها.
و مما ساهم في غياب تلك الرادة ،تأثير بعض الدو ل العظمى التي لم تستسغ فكرة معاقبة
مرتكبي جريمة العدوان لن ذلك من شأنه تهديد مصالحها و إعاقة توسعاتها على حساب أقاليم
دو ل أخرى التي تبررها تحت غطاء الحماية العسكرية لتلك الدو ل ،أو تحرير شعوبها من النظمة
المستبدة ،أو أحيانا الحرب ضد الرهاب. 1
كما يتضح أن التعريف المقترح لجريمة العدوان اعتمد التجاه الرشادي أو المختلط،
لضمان بقدر المكان عدم إفلت أي حالة من حالت العدوان من العقاب ،و بذلك فهو بمثابة
خطوة هامة في مجا ل ترقية القانون الجنائي الدولي ،و حماية السلم و المن الدوليين ،بالرغم من
بعض الغموض الذي اكتنفه .
و يبقى تطبيق تلك المواد في الواقع هو المعيار الوحيد الذي يمكن من خلله إختبار مدى
نجاعة ذلك التعريف في قمع الجريمة من عدمه،و تبقى الدو ل الطرا ف في النظام الساسي
للمحكمة الجنائية الدولية هي وحدها التي لها سلطة إنفاذ ذلك التعريف من خل ل مصادقتها عليه .
وفي الفصل الموالي سيتم دراسة المسؤولية المترتبة عن جريمة العدوان و التي تنقسم إلى
مسؤولية شخصية تترتب في حق من له سلطة إدارة الجانب السياسي و العسكري في الدولة و
الذي أمر بفعل العدوان و هو الذي تختص المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمته في حا ل توافر
شروط معينة و هو ما سيتم التركيز عليه في البحث ،و مسؤولية دولية تقوم في حق الدولة التي
تقوم بالعدوان ،كما سيتم التطر.ق لختصاص المحكمة الجنائية الدولية بنظر الجريمة و فق معايير
و إجراءات محددة مسبقا بموجب نظام المحكمة.
" - 1الحرب ضد الرهاب " هو الشعار الذي روجته أمريكا لحشد الرأي العام الدولي إلى جانبها أثناء غزوها لفغانستان ،بحجة أن
هذه الخيرة تدعم تنظيم القاعدة التي تتخذ من أراضيها مقرا لها.
63
الفصل الثاني :
المسؤولية المترتبة عن جريمة العدوان
و اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بنظرها في ضوء
مراجعة القانون الساسي لروما
64
عند ارتكاب الدولة لجريمة العدوان تترتب آثار هامة عن ذلك ،تتمثل أساسا في قيام
المسؤولية الجنائية للدولة المعتدية ،كما تقوم المسؤولية الجنائية الشخصية في حق كل من له وضع
يمكنه فعل من التحكم في العمل السياسي أو العسكري للدولة ،و تسبب بفعله في ارتكاب جريمة
العدوان ،و من ثمة ينعقد الختصاص للمحكمة الجنائية بتوافر شروط محددة ،و بإتباع إجراءات
مضبوطة .
كما يترتب على قيام المسؤوليتين المذكورتين جزاءات توقع على كل من الدولة المعتدية و
الشخص المتسبب في العدوان ،وهو ما سنتناوله بالتفصيل في المبحث الموالي .
المبحث الول:
المسؤولية المترتبة عن جريمة العدوان في ضوء مراجعة القانون الساسي لروما
يلحظ أن جريمة العدوان ل تقع إل بين دولتين أو أكثر ،و من المعلوم أن يكون الفعل
المكون لجريمة العدوان مستندا إلى خطة مرسومة من جانب أشخاص مسؤولين بالدولة أو الدو ل
المعتدية ضد الدولة أو الدو ل المعتدى عليها.
و تجدر الشارة إلى أن مجلس المن هو الجهة المختصة طبقا لميثا.ق المم المتحدة
لتكييف طبيعة الفعل الذي وقع ،و ما إذا كان هذا الفعل يشكل عمل من أعما ل العدوان ،أم انه ل
ينطبق عليه وصف العدوان و ل تتوافر فيه شروط جريمة العدوان ،و هي سلطة تقديرية كاملة
يتمتع بها مجلس المن طبقا للمادة 39من ميثا.ق المم المتحدة 1و التي تنص على أن " :يقرر
مجلس المن ما إذا كان قد وقع فعل يشكل تهديدا للسلم أو إخلل به أو كان ما وقع عمل من
أعما ل العدوان .ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب إتخاذه من تدابير طبقا لحكام المادتين :
،41و 42من الميثا.ق ،و ذلك لحفظ السلم و المن الدوليين أو إعادته إلى نصابه " غير انه ترد
على هذا الصل إستثناءات سيتم التطر.ق إليها لحقا بإسهاب.
يتضح من ذلك انه إذا قرر مجلس المن أن الفعا ل التي صدرت عن الدولة تشكل عمل
من أعما ل العدوان طبقا للمادة السابقة ،فإن الدولة المعتدية تكون مسؤولة دوليا عن هذه العما ل
العدوانية و تكون عرضة لتوقيع الجزاءات الدولية المنصوص عليها في ميثا.ق المم المتحدة،
فضل عن مسؤوليتها عن تعويض الضرار التي أحدثتها بمصالح الدولة التي اعتدت عليها.
- 1راجع :عبد الواحد محمد الفار.الجرائم الدولية و سلطة العقاب عليها .مرجع سابق .ص 724
65
كما أن الشخاص الطبيعيين المسؤولين عن ارتكاب هذه الجريمة باسم الدولة ،يصبحون
مسؤولين مسؤولية جزائية شخصية ،ويكون للمحكمة أن توقع عليهم العقوبات المناسبة طبقا
للنظام الساسي للمحكمة.
وبناءا على ذلك يمكن القو ل أن المسؤولية المترتبة على ارتكاب جريمة العدوان مسؤولية
مزدوجة ،مسؤولية دولية تقع تبعتها على الدولة المعتدية هذا من ناحية ،و من ناحية أخرى
مسؤولية جنائية تقع تبعتها على الشخاص الطبيعيين الذين ارتكبوا أفعا ل العدوان باسم الدولة
المعتدية.
و بالرغم من عدم تنويه القانون الساسي عن مسؤولية الدولة ،فإننا ارتأينا نظرا لهمية
الموضوع تناوله بالشرح ،و إفراد المطلب الو ل من هذا المبحث له ،في حين سنتناو ل في المطلب
الثاني مسؤولية الشخص الطبيعي.
المطلب الول:
المسؤولية الدولية للدولة المعتدية
إن وجوب توافر الركن الدولي في جريمة العدوان باعتبارها جريمة دولية ،يقتضي
وجوب إقترا ف تلك الجريمة من دولة ضد دولة أخرى بغض النظر عن مدى اكتما ل سيادة
الدولتين من نقصانه ،و بالتالي فإن قيام مسؤولية الدولة يستلزم وجوب إخضاعها للحساب و
المعاقبة حفاظا على السلم و المن الدوليين .
غير أنه من غير المتصور قيام الدولة ككيان معنوي بجرم العدوان دون تدخل إرادة
الشخص الطبيعي الذي يسيرها و يعبر عن إرادتها ،و بالتالي تقوم بالموازاة مع المسؤولية
الجنائية للدولة ،مسؤولية جنائية شخصية للشخص الذي تسبب في وقوع جرم العدوان باسم الدولة
و هي المسؤولية التي تناولها القانون الساسي في المادة 27منه.
الفرع الول :أساس المسؤولية الجنائية للدولة المعتدية
يتضح أن النظام الساسي لروما لم يورد ضمن طياته أحكاما خاصة بمسؤولية الدولة
المعتدية كما أسلفنا الذكر ،و لم يتم التطر.ق لذلك حتى في التعديل المعلن عنه بمؤتمر كمبال ،و
ذلك راجع لكون أن المحكمة الجنائية الدولية أسست لمحاكمة الشخاص الطبيعيين المقترفين لشد
66
الجرائم الدولية خطورة ،و ليس لمحاكمة الدو ل التي ينتمي إليها هؤلء الشخاص حسب ما ورد
بالمادة الولى من النظام الساسي لروما. 1
و قد ثار منذ القديم جد ل كبير بين مؤيدي إقرار مسؤولية الشخص المعنوي و معارضيه،و
من بين حجج الفريق الو ل أن المسؤولية الجزائية تبنى على الرادة و الدراك ،أي على عناصر
ذهنية ل تتوفر إل في الشخاص الطبيعيين ،كما أنه ل يتصور إسناد خطأ لشخص معنوي لن
ليس له كيان ،و كذلك المر عند معاقبة الشخص المعنوي المذنب الذي يتعذر توقيع أهم العقوبات
عليه أل وهي عقوبة الحبس لستحالة ذلك ماديا.
في حين يذهب مؤيدو إقرار مسؤولية الشخص المعنوي -و أغلبهم من الفقهاء المعاصرين-
إلى أن التطور الهائل في مجا ل الصناعة أدى إلى تزايد الجماعات التي تقوم بدور فعا ل في
المجالين القتصادي و الجتماعي ،و بل وحتى في المجا ل السياسي ،ولهذه الجماعات حياتها
الخاصة المستقلة عن حياة أعضائها تتميز بإرادة و نشاط يختلفان عن إرادة و نشاط هؤلء
العضاء.
كما أن الشخص المعنوي كائن حقيقي له وسيلة تعبير و إرادة جماعية و قادر على العمل و
بالتالي فهو معرض للخطأ ،كما أن هناك عقوبات تتواءم مع طبيعته يمكن تطبيقها عليه كالغرامة
و المصادرة و الغل.ق و الحل ،و كانت بريطانيا هي السباقة إلى القرار بالمسؤولية الجزائية
للشخص المعنوي منذ سنة ،1889و تلتها كندا ثم الوليات المتحدة المريكية ،ثم إيطاليا و فرنسا
منذ سنة ،1992كما تبنت كثير من التشريعات الوطنية فكرة مسؤولية الشخص المعنوي بما في
ذلك الجزائر.2
أما على صعيد القانون الدولي فإنه يلحظ من صياغة المادة 339 :من ميثا.ق المم المتحدة
أنه إذا ما قرر مجلس المن أن الفعا ل التي صدرت من الدولة المعتدية تشكل جريمة العدوان ،فإن
الدولة المعتدية تتحمل تبعة المسؤولية الدولية عن أعمالها العدوانية و ذلك وفقا لنظام المن
الجماعي و يقوم هذا النظام على السس التية:
- 1راجع :محمد عبد المنعم عبد الغني .الجرائم الدولية.مرجع سابق.ص730 :
- 2راجع :محمد عبد المنعم عبد الغني .مرجع سابق .ص731 :
71
لقد أناطت المادة 42من الميثا.ق السابق الشارة إليه بمجلس المن إتخاذ ما يراه من
التدابير العسكرية الكفيلة بحفظ السلم و المن الدوليين أو إعادته إلى نصابه ،إل أن تنفيذ ذلك
يتطلب وجود قوات عسكرية منظمة و دائمة تابعة للمم المتحدة ،و قد طرحت ثلثة حلو ل
بمؤتمر سان فرانسيسكو عند إعداد ميثا.ق المم المتحدة و هي:
-1إنشاء جيش دولي يحل محل الجيوش الوطنية أو يسمو عليها
-2أو وضع وحدات من الجيوش الوطنية تحت إشرا ف دولي حقيقي للعمل على تحقيق أغراض
المم المتحدة
-3أو تكليف بعض الجيوش الوطنية بالتعاون فيما بينها على تحقيق الغراض التي يشير بها
مجلس المن مع احتفاظ كل هذه الجيوش بقيادته الوطنية .
وتجدر الشارة إلى أن الختيار قد وقع على الحل الثاني حيث استبعد الحل الثالث إذ رؤي
أنه غير كا ف و غير مجد ،كما أن الحل الو ل قد استبعد لمساسه بمسألة السيادة
و لذلك فقد أخذت الفقرة الولى من المادة 43من الميثا.ق بالحل الثاني ،و نصت على أن" :يتعهد
جميع أعضاء المم المتحدة في سبيل المساهمة في حفظ السلم و المن الدولي أن يضعوا تحت
تصر ف مجلس المن -بناءا على طلب و طبقا لتفا.ق أو اتفاقات خاصة -ما يلزم من القوات
المسلحة و المساعدة و التسهيلت الضرورية لحفظ السلم و المن الدولي و من ذلك حق
المرور ".
كما نصت الفقرة الثانية على انه " :يجب أن يحدد ذلك التفا.ق أو تلك التفاقات عدد هذه
القوات ،و أنواعها ،و مدى استعدادها و أماكنها عموما و نوع التسهيلت و المساعدات التي
تقدم ".1
و يلحظ على نص المادة 43من الميثا.ق أن القوات المسلحة التي نصت عليها المادة
المذكورة تتشكل بناءا على طلب مجلس المن و ذلك طبقا لتفا.ق أو اتفاقات خاصة يبرمها مجلس
المن مع الدو ل العضاء أو مجموعات الدو ل العضاء ،فمثل هذه التفاقات تعد الداة الرئيسية
للمم المتحدة في رد الفعل الجتماعي إعمال لنظام المن الجماعي .
ويلحظ أن هذه التفاقات لم تعقد حتى الن بين المجلس و العضاء في هذا الشأن ،المر الذي
ترتب عليه حرمان المم المتحدة من تشكيل قوة ردع عسكرية دائمة ،و قد نجم عن ذلك استعانة
73
بتعويض الدولة المعتدى عليها من جراء الضرار التي لحقت بها ،وذلك وفقا لقواعد و أحكام
المسؤولية الدولية.1
يمكن القو ل مما سبق أن لمجلس المن دور حيوي في الحفاظ على المن و السلم
الدوليين ،و ذلك من خل ل الصلحيات التي منحت له لثني الدولة المعتدية عن عدوانها بداية من
التدابير المؤقتة ،مرورا بالتدابير غير العسكرية و انتهاءا عند التدابير العسكرية ،غير أنني أرى
أن هذه السلطات سلح ذي حدين ،فكما يمكن استعمالها استعمال صحيحا وفق ما وجهت إليه طبقا
لميثا.ق المم المتحدة ،فإنه يمكن إستعمالها بشكل تعسفي يخدم طرفا ضد آخر ،طالما أن مجلس
المن هيئة سياسية غالبا ما تتحكم في قراراته مصالح الدو ل العضاء فيه ،و بالتالي فإن إنزل.ق
المجلس عن مهامه الساسية في هذا الطار أصبح أمرا واردا ل سيما بعد النتقادات الشديدة التي
وجهت له عند معالجته لبعض القضايا الحساسة في العالم المعاصر.
المطلب الثاني:
المسؤولية الجنائية الشخصية لمرتكب جريمة العدوان
إن القيام بارتكاب جريمة ماديا ل يؤدي حتما إلى تطبيق العقوبة المقررة قانونا لمرتكبها،
فل يعاقب هذا الخير إل إذا أثبت القاضي مسؤوليته الجزائية ،و تتمثل المسؤولية الجزائية في
التزام شخص بتحمل نتائج فعله الجرامي و من ثمة فإن المسؤولية الجزائية ليست ركنا من أركان
الجريمة ،و إنما هي أثرها و نتيجتها القانونية ،و تقوم على ركني الخطأ و الهلية.
و مقتضى الركن الو ل هو إتيان فعل مجرم قانونا و معاقب عليه سواء عن قصد أو عن
غير قصد ،في حين يقتضي الركن الثاني قدرة النسان على الدراك و الفهم بمعنى أن تكون له
مقدرة عقلية تجعله يفقه أعماله و تجعله حرا في اختيارها مع معرفة ماهيتها و نتائجها ،فل تقوم
المسؤولية على من ليس له تلك المقدرة كالمجنون أو القاصر غير المميز ،و كذلك الحا ل بالنسبة
للمكره الفاقد لحرية الختيار و القرار.2
-الفرع الول :أساس المسؤولية الجنائية الشخصية لمرتكبي جريمة العدوان
على الصعيد الدولي يلحظ أن كل شخص يرتكب جريمة العدوان يكون محل للمسؤولية
الجنائية الشخصية ،سواءا أكان مسؤول كبيرا في الدولة ،كالقائد العام للقوات المسلحة ،أو رئيس
الركان ،أو رئيس الدولة ،أما الفرد العادي أو الجندي من ذوي الرتب البسيطة ل يسأ ل عن جريمة
- 1راجع :محمد عبد المنعم عبد الغني .الجرائم الدولية .مرجع سابق.ص734 :
- 2راجع :احسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي العام .مرجع سابق.ص180:
74
العدوان ،فمسؤولية هذه الجريمة تقع على عاتق الضباط العظام أو الموظفين الكبار أو رئيس
الدولة المعتدية أو أحد حكامها.1
وتجدر الشارة إلى أنه ورد بتقرير لجنة القانون الدولي المقدم للجمعية العامة للمم
المتحدة عن المبادئ المستخلصة من نورمبرغ أن تعبير "مباشرة حرب العتداء " كان محل للجد ل
داخل اللجنة ،و أن بعض أعضائها كان يعتقد أن كل شخص يرتدي الزي العسكري ويقاتل في
حرب العتداء يمكن أن يتهم بمباشرة تلك الحرب .والحقيقة في نظر اللجنة أن هذا التعبير ل
ينطبق إل على الضباط العظام و كبار الموظفين.
وقد سبق أن أخذت بهذا التجاه محكمة نورمبرغ إذ جاء في حكمها أن "تعبير مباشرة حرب
العتداء ل ينطبق إل على الضباط العظام و الموظفين الكبار " .
ويلحظ أن الجندي طبقا للمادة 6من لئحة نورمبرغ ل تقع عليه أية مسؤولية جنائية
في القانون الدولي بسبب أعما ل القتا ل التي اشترك فيها أثناء الحرب العدوانية.
إذا يمكن القو ل أنه يكون محل للمسؤولية الجنائية كل من يقوم بجريمة العدوان ،وذلك بصفته
فاعل أصليا في هذه الجريمة أو بصفته مساهما فيها بالعتداء أو التحريض أو الشتراك أو
المساعدة.
وجدير بالذكر أن مسؤولية الضباط الكبار و الموظفين الكبار و رئيس الدولة ممن لهم دور
في إدارة السياسة العليا للدولة ،ل يمنع مسؤولية العسكريين العاديين وذلك إذا ثبت أنهم ارتكبوا
أعما ل إعداد أو تحريض أو اشتراك بالمساعدة مما يدخل ضمن العما ل المعاقب عليها ،أي ل
يمنع من محاكمتهم عن تلك الجريمة باعتبارهم شركاء للموظفين الكبار أو الحكام أو الضباط
العظام ،وذلك طبقا للمادة 6الفقرة الخيرة من المادة 2من مشروع تقنين الجرائم ضد سلم و أمن
النسانية.2
يتضح من ذلك أنه إذا كان مقتر ف هذه الجريمة قد ارتكبها بوصفه رئيسا للدولة أو أحد
حكامها ،فل يجوز الدفع بانتفاء مسؤوليته لتمتعه بالحصانة بوصفه حاكما ،وذلك طبقا للمبدأ الثالث
من المبادئ المستقاة من لئحة نورمبرغ ،والذي يجد أصله في المادة 79من لئحة نورمبرغ.
وتقو ل محكمة نورمبرغ في هذا الصدد أن "قواعد القانون الدولي التي تحمي ممثلي الدولة
في ظرو ف معينة ،ل يمكن أن تنطبق على الفعا ل التي تعتبر جنائية في القانون الدولي .ول
- 1راجع :عبد الواحد محمد الفار.مرجع سابق .ص187 :
- 2راجع :محمد عبد المنعم عبد الغني .مرجع سابق .ص735 .
75
يستطيع مرتكبو هذه الفعا ل التمسك بصفتهم الرسمية لتجنب المحاكمة و العقاب .فمن يخالف
الحرب ل يستطيع في سبيل تبريره هذه المخالفة أن يحتج بتفويض من جانب الدولة في الوقت
الذي تمنحه فيه مثل هذا التفويض تكون متجاوزة حدود سلطتها المعتر ف لها من قبل القانون
الدولي ".1
وقد أقرت المادة 227من النظام الساسي للمحكمة الجنائية الدولية مبدأ المسؤولية الجنائية
الشخصية لمرتكبي جريمة العدوان ،وذلك بغض النظر عن الصفة التي يحملها ذلك الشخص أو
المنصب الذي يتوله.
فقد نصت المادة المذكورة على أن "ينطبق هذا النظام الساسي على جميع الشخاص
بصورة متساوية دون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية ،وبوجه خاص فإن الصفة الرسمية للشخص
،سواءا كان رئيسا لدولة أو حكومة أو عضوا في حكومة أو برلمان أو ممثل منتخبا أو موظفا
حكوميا ،ل تعفيه بأي حا ل من الحوا ل من المسؤولية الجنائية بموجب النظام الساسي للمحكمة،
كما أنها ل تشكل في حد ذاتها سببا لتخفيف العقوبة ،كما ل تحو ل الحصانات أو القواعد الجرائية
الخاصة التي قد ترتبط بالصفة الرسمية للشخص سواءا كانت في إطار القانون الوطني أو الدولي،
دون ممارسة المحكمة اختصاصها على هذا الشخص ".
ولم يقتصر المر على ذلك ،فالمادة 3 28من ذات النظام الساسي قد ألقت على عاتق القائد
العسكري أو الشخص القائم بأعما ل القائد العسكري تبعة المسؤولية الجنائية الدولية ،و المرتكبة من
جانب قوات تخضع لسلطاته وسيطرته الفعليتين حسب الحالة ،نتيجة لعدم ممارسة القائد العسكري
أو الشخص القائم بأعماله سيطرته على هذه القوات ممارسة سليمة.
و تجدر الشارة إلى أنه لم يعد هناك محل للتساؤ ل عن السلطة التي تملك توجيه التهام و
محاكمة المسؤولين عن ارتكاب جريمة العدوان ،وذلك بعد أن تضمنت الفقرة الولى من المادة
الخامسة من النظام الساسي المذكور النص على اختصاص المحكمة الجنائية الدولية الدائمة بنظر
جريمة العدوان ،باعتبارها من اشد الجرائم الدولية خطورة.4
76
و لم يرد بتعديل النظام الساسي أي أحكام جديدة تخص المسؤولية الجزائية لمرتكب جريمة
العدوان ،و هو أمر حسب رأيي ل مبرر له طالما سبق التنصيص عليه في النظام الساسي لروما
الصادر سنة ، 1998و تم اللمام بهذا الموضوع بإسهاب في المادتين 28 ،27 :منه ،بما أن هذين
النصين لم يخلقا أي إشكالت تذكر في التطبيق حتى يستوجب المر تعديلهما أو تتميمهما بأحكام
أخرى،علوة على أن أحكامهما جاءت متسقة مع أهدا ف المحكمة الجنائية الدولية و منظمة المم
المتحدة فيما يتعلق بترقية النسانية و الحفاظ على السلم و المن الدوليين .
-الفــرع الثاني :الـعقوبات المقررة لمرتكبي جريمة العدوان
يمكن تعريف العقوبة عموما على أنها جزاء يقرره المشرع و يوقعه القاضي على من تثبت
مسؤوليته في ارتكاب الجريمة ،و تتمثل العقوبة في إيلم الجاني بالنتقاص من بعض حقوقه
الشخصية و أهمها الحق في الحياة و الحق في الحرية.
و من هذا التعريف يمكن استخلص أهم وظائف العقوبة و التي تتمثل في الردع بوجهيه
الخاص و العام ،حيث أن الردع الخاص يتمثل في إيلم الجاني بالقدر اللزم الذي يمنعه من
التفكير في العودة إلى ارتكاب الجريمة ،بينما الردع العام فيقصد به تحذير باقي أفراد المجتمع
الذين تراودهم فكرة ارتكاب الجريمة من أنهم سينالون نفس العقوبة التي توقع على المجرم الذي
ارتكبها فعل .
كما أنه من وظائف العقوبة إرضاء شعور العدالة بمعنى أن ترتضي العقوبة شعور الناس
بالعدالة و ل تكون كذلك إل إذا كانت تطبق على كل من يرتكب الجريمة التي تقررت جزاءا لها ،
و عدالة العقوبة تقتضي إرضاء الشعور العام في المجتمع في أن من يرتكب جريمة تسلط عليه
العقوبة المناسبة حتى يكون في ذلك ردع لغيره من الجناة.
و التأهيل كذلك من وظائف العقوبة و يقصد به أن تنفذ العقوبة بطريقة فيها من وسائل
التهذيب و العلج ما يمكن الجاني بعد مغادرته للمؤسسة العقابية أن يكون أهل للتكيف مع المجتمع
و أن ل يعود للجرام مستقبل ،و هي وظيفة أساسية ترمي إلى إضفاء المسحة النسانية على
العقوبة ،و قد تبنتها حركة الدفاع الجتماعي الحديث.1
و يلحظ انه نظرا لخطورة هذه الجريمة على السلم و المن الدوليين ،فإنه يتعين عقاب
مرتكبيها بأشد العقوبات جسامة.
- 1راجع :احسن بوسقيعة .الوجيز في القانون الجزائي العام .مرجع سابق .ص219 ،218 ،217 :
77
و تجدر الشارة إلى أن العقوبات الدولية التي تضمنتها لئحتي نورنبرغ و طوكيو هي
العدام و السجن و الغرامة و المصادرة .
أما نظام روما الساسي فلم يفرد عقوبات خاصة بجريمة العدوان و إنما حدد عقوبات
1
موحدة مقررة لجميع الجرائم الدولية المنصوص عليها بالمادة 5منه و ذلك بموجب المادة 77
التي تضمنت نوعين من العقوبات الدولية و التي تتمثل في العقوبات الصلية و العقوبات التبعية:
-1العقــــــوبـــات الصــلــيـــــة:
تصدر المحكمة في جميع الحوا ل إما حكما بالبراءة أو عقوبة بحق المتهم ،و العقوبات
الصلية التي تصدرها في حق المتهم:
-السجن المؤبد
-السجن المؤقت الذي ل تزيد مدته عن 30سنة.2
ويلحظ أن نظام روما الساسي قد استبعد عقوبة العدام من بين العقوبات المقررة للجرائم
الدولية ،حتى ولو أدين الجاني لرتكابه عدة جرائم دولية ،ففي هذه الحالة يحاكم على كل جريمة
على حدى و توقع عليه عقوبة ل تقل عن أقصى عقوبة مسلطة عن أحد الجرائم دون أن تتجاوز
عقوبة 30سنة سجنا أو عقوبة السجن المؤبد.3
و إذا كانت عقوبة العدام محل جد ل في القوانين الداخلية ،إل أنها يجب أل تكون كذلك
بالنسبة للجرائم الدولية و بصفة خاصة بالنسبة لجريمة العدوان لما تخلفه من ضحايا و مضار و
خراب ،و من ثم كان يتعين البقاء عليها في القانون الدولي الجنائي لكونها جزاء رادع بالنسبة
للجرائم الدولية ذات الخطورة الكبيرة كجريمة العدوان .4
-1راجع :سهيل حسين الفتلوي .القضاء الدولي الجنائي .موسوعة القانون الدولي الجنائي الجزء .3دار الثقافة .الردن .طبعة
.2011ص.297 ،296 :
- 2راجع :ساسي سالم الحاج.عقوبة العدام بين البقاء و اللغاء .دار الكتاب الجديد المتحدة طبعة .2005ص93 :
79
وهي عقوبة حسب رأيي تتناسب و الخطورة البالغة التي تكتسيها جريمة العدوان ،لنه
بالرجوع إلى بعض القوانين الجنائية الوطنية على غرار قانون العقوبات الجزائري ،فإن عقوبة
العدام ل تزا ل ضمن تشريعها جزاءا للجرائم الكثر خطورة ،وهي كما نعلم ل تبلغ خطورتها
خطورة جريمة العدوان أو غيرها من الجرائم الدولية التي غالبا ما تخلف إزها.ق الل ف من
الرواح البشرية ناهيك عن الخسائر المادية الفادحة ،و فو.ق كل ذلك زعزعة المن و السلم
الدوليين .
و بالتالي فإن الجرائم الدولية أحرى أن توقع عليها عقوبة العدام ،و هو ما ذهبت إليه
الدو ل العربية في قرارها بشأن مشروع القانون العربي النموذجي للجرائم التي تدخل في
اختصاص المحكمة الجنائية الدولية المؤرخ في 2005/11/29 :حيث قررت عقوبة العدام أو
السجن المؤبد لكل شخص يرتكب جريمة العدوان و ذلك في المادة 13التي تنص" :يعاقب بالعدام
أو بالسجن المؤبد كل شخص في وضع يمكنه من ممارسة السيطرة أو يكون قادرا على توجيه
أعما ل سياسية أو عسكرية في دولته ضد الدولة بما يتنافى مع ميثا.ق المم المتحدة عن طريق
اللجوء إلى القوة المسلحة لتهديد أو انتهاك سيادة الدولة أو سلمتها القليمية أو استقللها
السياسي ".1
عند ارتكاب الدولة لجريمة العدوان تنطلق مراحل المتابعة القضائية الدولية في حقها ،غير أنه
ل يكفي مجرد التوصل إلى تعريف لجريمة العدوان وفق ما تم إدراجه في المادة 8مكرر من
القانون الساسي لروما خل ل المؤتمر الستعراضي بكمبال ،حتى تصبح المحكمة الجنائية الدولية
مختصة قانونا بمحاكمة الشخاص الذين يرتكبونها ،بل يجب كقاعدة عامة قبو ل الدولة الطر ف في
المحكمة الجنائية الدولية ،التي ينتمي إليها هؤلء الشخاص باختصاص المحكمة ،و كذلك المر
بالنسبة للدولة المعتدى عليها.
وعلوة على ذلك يشترط أن تكون المحكمة مختصة زمانيا و مكانيا بنظر الجريمة ،دون أن
ننسى ما يقتضيه مبدأ التكامل من حيث أن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية هو اختصاص
مكمل للنظم القضائية الوطنية التي يستوجب عليها إتخاذ كل ما بوسعها من اجل تفادي إفلت
مرتكبي الجريمة من العقاب و أن ل تدخر أي جهد في سبيل ذلك ،كما يترتب على كل ما سبق
آثار هامة سيتم التطر.ق لها في المبحث الموالي.
.ص 24 - 1راجع:الوثيقة الرسمية الخاصة بالمؤتمر الستعراضي لنظام روما الساسي للمحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق
- 2تنص المادة ":ممارسة الختصاص:للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة 5وفقا لحكا م
هذا النظا م الساسي في الحوال التالية ) :أ ( إذا أحالت دولة طر ف إلى المدعي العا م وفقا للمادة 14حالة يبدو فيها أن جريمة أو
أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت) ب( إذا أحال مجلس المن ,متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق المم المتحدة ,حالة إلى
المدعي العا م يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت) ج( إذا كان المدعي العا م قد بدأ بمباشرة تحقيق فيما يتعلق
بجريمة من هذه الجرائم وفقا للمادة "15
81
بالتالي فهناك قيود و ضوابط تحد من اختصاص المحكمة ،كما أن لمجلس المن دورا هاما في
إثارة حالت العدوان المعاينة في العالم و إحالتها على المحكمة ،و هو ما سنعرضه في مطلبين
نتطر.ق في أولهما لتحديد نطا.ق اختصاص المحكمة بنظر جريمة العدوان ،ثم نشير في المطلب
الثاني لتحديد دور مجلس المن الدولي نظرا لهمية دور هذا الخير المتمثلة في معاينة وقوع
حالت العدوان و إخطار المدعي العام بها ،و كيفية التنسيق و التوفيق بين دوره القائم و
المنصوص عليه في ميثا.ق المم المتحدة و الدور المفترض للمحكمة الجنائية الدولية وفقا لميثا.ق
روما.
والمقصود بتحديد نطا.ق المحكمة الجنائية الدولية بنظر جريمة العدوان أي تحديد أي من
جرائم العدوان التي سيكون للمحكمة صلحية النظر فيها و محاكمة مرتكبيها و عقابهم ،ذلك أن
اختصاص المحكمة لن يتسع ليشمل كل جرائم العدوان التي ارتكبت فيما مضى أو التي ترتكب
حاليا أو التي سترتكب في المستقبل ،و حتى بالنسبة للجرائم التي سترتكب بعد مصادقة الدو ل على
التعريف المتوصل إليه لجريمة العدوان و مباشرة المحكمة لختصاصها بنظر هذه الجريمة ،ذلك
أن اختصاص المحكمة مقيد بنطا.ق محدد لن يكون بوسعها تجاوزه ل بالنسبة لجريمة العدوان و ل
حتى بالنسبة لبقية الجرائم الدولية الخرى.
و قد تم تحديد هذا النطا.ق بدقة في النظام الساسي من خل ل التأكيد على أن القاعدة العامة
هي أن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية هو اختصاص مكمل للنظم القضائية الوطنية من جهة،
و من جهة أخرى من خل ل تحديد نطا.ق زمني معين لمباشرة المحكمة اختصاصها .بالضافة إلى
افتراض تحقق الشروط المسبقة لممارسة الختصاص.
وهو ما سيتم عرضه فيما يلي:
الفرع الول :تقييد نطاق اختصاص المحكمة بتبني مبدأ الختصاص التكميلي
تبنى النظام الساسي لنشاء المحكمة الجنائية الدولية مبدأ الختصاص التكميلي وقد تم
التأكيد على هذا المبدأ في المؤتمر الستعراضي بكمبال في جلسته السابعة المنعقدة يو م:
03/06/2010إثر فتح حلقة نقاش عن التكامل ،دعى فيها ستة مشاركين للتحدث في موضوع
1
"تقييم مبدأ التكامل و تم عنونته بك" سد فجوة الفلت من العقاب".
-1راجع:الوثيقة الرسمية الخاصة بالمؤتمر الستعراضي لنظام روما الساسي للمحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق .ص 6
82
والمقصود بهذا المبدأ أن الختصاص بنظر الجرائم الدولية المعاقب عليها إنما ينعقد أول
للقضاء الوطني فإذا لم يباشر هذا القضاء اختصاصه بسبب عدم الرغبة في إجراء هذه المحاكمة أو
عدم القدرة عليها يصبح اختصاص المحكمة الجنائية الدولية منعقدا لمحاكمة المتهمين.
وقد تم التأكيد على هذا المبدأ في الفقرة 10من ديباجة النظام الساسي و التي جاء فيها
) أن الدو ل الطرا ف في النظام ..و إذ تؤكد أن المحكمة الجنائية الدولية المنشاة بموجب هذا النظام
1
الساسي ستكون مكملة للختصاصات القضائية الجنائية الوطنية( و كذلك في نص المادة الولى
من هذا النظام و التي أكدت أنه )...تكون المحكمة مكملة للختصاصات القضائية الجنائية
الوطنية .(...
و الغرض من تبني هذا المبدأ تأكيد مسألة السيادة الوطنية للدو ل على ما يقع في إقليمها أو
يرتكب من رعاياها من جرائم تم تعريفها في قانون المحكمة ،و لهذا فقد حظي هذا المبدأ بتأييد
أغلبية الدو ل المشاركة في مؤتمر روما و بحيث يرى الكثيرون أنه لول تبني هذا المبدأ لما كانت
غالبية الدو ل المشاركة في مؤتمر روما لتوافق على اتفاقية إنشاء المحكمة الجنائية الدولية .
و بالتالي فان الخذ بهذا المبدأ يعني انه عند ارتكاب جريمة العدوان -متى تم المصادقة
على تعريفها و دخولها حيز النفاذ -أو أي من الجرائم الدولية الخرى المنصوص عليها في قانون
روما فإن المحكمة ل تتمتع باختصاص تلقائي للنظر بهذه الجريمة و محاكمة مرتكبيها و إنما
تحتفظ النظم القضائية الوطنية باختصاصها الصيل في هذا الصدد و بالتالي ففي مثل هذه الحالة
يتعين على الدولة التي أجرت أو كانت تجري التحقيق أو المقاضاة ،أن تبلغ المحكمة بما قامت أو
تقوم به مع رعاياها أو مع غيرهم في حدود وليتها القضائية فيما يتعلق بالفعا ل المجرمة و
للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن يطلب من هذه الدولة أن تبلغه بصفة دورية بالتقدم
المحرز في التحقيق الذي تجريه و بأية مقاضاة تالية لذلك و يجب على الدولة أن ترد على ذلك
دون تأخير ل موجب له .
فإذا قامت السلطات الوطنية بواجبها هذا على الوجه الكمل فإن إختصاص المحكمة
الجنائية الدولية ل ينعقد في مثل هذه الحالة ،أما إذا فشلت السلطات الوطنية أو تقاعست عن القيام
بمثل هذا اللتزام فإن اختصاص المحكمة ينعقد عندئذ.2
-1تنص المادة الولى " :تنشأ بهذا محكمة جنائية دولية "المحكمة " ،وتكون المحكمة هيئة دائمة لها السلطة لممارسة اختصاصها
على الشخاص إزاء أشد الجرائم خطورة موضع الهتما م الدولي ،وذلك على النحو المشار إليه في هذا النظا م الساسي ،وتكون
المحكمة مكملة للوليات القضائية الجنائية الوطنية ،ويخضع اختصاص المحكمة وأسلوب عملها لحكا م هذا النظا م الساسي".
- 2راجع :إبراهيم الدراجي .مرجع سابق .ص 1002
83
وهو ما أشارت إليه المادة 317من النظام الساسي و التي بينت أن الختصاص ينعقد
للمحكمة الجنائية الدولية بنظر إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة الخامسة من النظام
الساسي إذا تبين لها أن السلطات الوطنية غير راغبة أو غير قادرة على الضطلع بإجراءات
التحقيق و التهام أو إذا قررت الدولة صاحبة الختصاص عدم مقاضاة الشخص المعني و كان
قرارها هذا ناتجا عن عدم رغبة الدولة أو عدم قدرتها حقا على المقاضاة .
و في مؤتمر روما أثار مصطلحي "غير راغبة "و " غير قادرة " جدل واسعا بين ممثلي
الوفود المشاركة بسبب التخو ف من تضييق اختصاص المحكمة بتبني مصطلحات يغلب عليها
المعيار الشخصي ل الموضوعي وهو ما حاو ل النظام الساسي تجنبه من خل ل الشارة إلى بعض
المعايير السترشادية التي يمكن أن يستخلص منها فيما إذا كانت الدولة غير راغبة أو غير قادرة
فعل على الضطلع بمهام التحقيق و المحاكمة و هو ما عالجته على التوالي الفقرتين :الثانية و
الثالثة من المادة 17من النظام الساسي لنشاء المحكمة ،حيث جاء في الفقرة الثانية انه لتحديد
عدم الرغبة في دعوى معينة تنظر المحكمة في مدى توافر واحد أو أكثر من المور التالية مع
مراعاة أصو ل المحاكمات التي يعتر ف بها القانون الدولي :
-1جرى الضطلع بالتدابير أو يجري الضطلع بها أو جرى اتخاذ القرار الوطني بغرض
حماية الشخص المعني عن جرائم داخلة في اختصاص المحكمة على النحو المشار إليه في المادة:
5
-2حد ث تأخير ل مبرر له في التدابير بما يتعارض في هذه الظرو ف مع نية تقديم الشخص
المعني للعدالة
- 3تنص المادة " :المسائل المتعلقة بالمقبولية -1،مع مراعاة الفقرة 10من الديباجة والمادة 1تقرر المحكمة أن الدعوى غير
مقبولة في حالة :أ ( إذا كانت تجري التحقيق أو المقاضاة في الدعوى دولة لها ولية عليها ,مالم تكن الدولة حقا غير راغبة في
الضطلع بالتحقيق أو المقاضاة أو غير قادرة على ذلك.ب( إذا كانت قد أجرت التحقيق في الدعوى دولة لها ولية عليها وقررت
الدولة عد م مقاضاة الشخص المعني ,ما لم يكن القرار ناتجا عن عد م رغبة الدولة أو عد م قدرتها حقا على المقاضاة.
ج ( إذا كان الشخص المعني قد سبق أن حوكم على السلوك موضوع الشكوى ,ول يكون من الجائز للمحكمة إجراء محاكمة طبقا
للفقرة 3من المادة 0.2د ( إذا لم تكن الدعوى على درجة كافية من الخطورة تبرر اتخاذ المحكمة إجراء آخر.
- 2لتحديد عد م الرغبة في دعوى معينة ,تنظر المحكمة في مدى توافر واحد أو أكثر من المور التالية ,حسب الحالة ,مع مراعاة
أصول المحاكمات التي يعتر ف بها القانون الدولي -:أ ( جرى الضطلع بالجراءات أو يجري الضطلع بها أو جرى اتخاذ
القرار الوطني بغرض حماية الشخص المعني من المسئولية الجنائية عن جرائم داخلة في اختصاص المحكمة على النحو المشار
إليه في المادة .5ب( حدث تأخير ل مبرر له في الجراءات بما يتعارض في هذه الظرو ف مع نية تقديم الشخص المعني
للعدالة.ج ( لم تباشر الجراءات أو ل تجري مباشرتها بشكل مستقل أو نزيه أو بوشرت أو تجري مباشرتها على نحو ل يتفق في
هذه الظرو ف مع نية تقديم الشخص المعني للعدالة -3.لتحديد عد م القدرة في دعوى معينة ،تنظر المحكمة فيما إذا كانت الدولة
غير قادرة ،بسبب انهيار كلي أو جوهري لنظامها القضائي الوطني أو بسبب عد م توافره على إحضار المتهم أو الحصول على
الدلة والشهادة الضرورية أو غير قادرة لسبب آخر على الضطلع بإجراءاتها.
84
-3لم تباشر التدابير و ل تجري مباشرتها بشكل مستقل ،أو نزيه أو بوشرت أو تجري مباشرتها
على نحو ل يتفق في هذه الظرو ف مع نية تقديم الشخص للعدالة .
وتعالج المثلة السابقة أكثر حالت التحايل شيوعا و التي قد تلجأ إليها الدو ل المعنية لسلب
المحكمة اختصاصها التكميلي و الحيلولة دون مباشرته و ذلك عندما تتجه إرادة الدولة المعنية إلى
عدم الرغبة في إجراء المحاكمة و عدم السماح للمحكمة أيضا بمباشرة اختصاصها و ذلك بهد ف
تمكين المتهم من الفلت من العقاب و حمايته من الخضوع لقواعد العدالة .
فتلجا مثل إلى أن تبطيء إجراءات التحقيق و المحاكمة أو عدم إتباع الجراءات السليمة فل
تستدعي الشهود أو تتجاهل أدلة الثبات و تهدر الوقائع و القرائن الثابتة و المستقرة و هو ما يشكل
بمجموعه إهدار لقواعد العدالة و المنطق القانوني السليم ،مما يعطي المحكمة صلحية التدخل و
عدم العتداد بكل ما اتبعته الدولة المعنية من حيل قانونية غير مشروعة و بالتالي تقرير أن الدولة
المعنية غير راغبة حقا في القيام بواجبها في التحقيق و المقاضاة و هو ما يعني أن تباشر المحكمة
بنفسها هذه الجراءات لينعقد الختصاص لها في مثل هذه الحالة .1
و الملحظ أن أغلبية الدول العضاء ل تتخذ ما يكفي من الجراءات اللزمة لتنفيذ
التزاماتها بخصوص التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية المر الذي جعل من إدراج موضوع
التعاون في مؤتمر كمبال أمرا إيجابيا.2
و أما بالنسبة لتقرير وجود حالة عدم القدرة فقد أشارت الفقرة الثالثة من المادة 17 :إلى انه
" لتحديد عدم القدرة في دعوى معينة تنظر المحكمة فيما إذا كانت الدولة غير قادرة بسبب انهيار
كلي أو جوهري لنظامها القضائي الوطني أو بسبب عدم توافره على إحضار المتهم أو الحصو ل
على الدلة و الشهادة الضرورية أو غير قادرة لسبب آخر على الضطلع بإجراءاتــها " .
ومثا ل هذه الحالة أن تكون الدولة المعتدية عاجزة عن محاكمة الشخاص المتهمين بارتكاب
جريمة العدوان بسبب انهيار نظامها القضائي بسبب الفوضى التي نجمت عن خضوعها للجزاءات
الدولية أو إثر ممارسة الدولة المعتدى عليها لحق الدفاع الشرعي الفردي أو الجماعي أو بسبب
انهيار الدولة المعتدية نفسها إثر الهزيمة و غياب السلطة المركزية.
- 1راجع:الوثيقة الرسمية الخاصة بالمؤتمر الستعراضي لنظام روما الساسي للمحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق .ص 6
87
لدى شعوبهم ،لزعمهم أن تلك الحرب العدوانية لم تشن إل لفائدة الدولة و لتحقيق مكاسب سياسية و
اقتصادية تنعكس إيجابا على نماء و رخاء أفراد الشعب.
و بالتالي فمن الصعب تصور إقامة محاكمة جادة لهم من طر ف النظام الذي ينتمون إليه و
شنوا الحرب تحت لوائه ،و لذلك يبرز الدور الحاسم للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في
حث الدولة المعنية على موافاته بالجراءات المتخذة للمحاكمة بكل تفاصيلها ،و مراقبة آجالها و
مدى نجاعتها ،حتى يتسنى له تحديد جدية المتابعة من عدمها ،فإن تبينت له جديتها ،فل بد أن
يواصل رقابته إلى ما بعد الدانة و تنفيذ العقوبة المسلطة على مرتكب الجريمة ،و في حالة عدم
توافر مؤشرات تفيد بوجود نية واضحة لدى الدولة لمعاقبة الفاعل ،فعليه إتخاذ الجراءات اللزمة
للتمسك بالختصاص إعمال لمبدأ التكامل.
الفرع الثاني :النطاق الزماني لختصاص المحكمة
أكد المؤتمر الستعراضي بموجب الفقرتين 2 :و 3من المادتين 15مكرر و 15مكرر
ثالثا المستحدثتين أن المحكمة ل تستطيع أن تمارس إختصاصها على جريمة العدوان قبل أن
يتوافر الشرطان التيان) دون أن يكون للترتيب أي تأثير( :
-1بعد مرور سنة على القل من تاريخ مصادقة 30دولة طر ف على التعديلت و
-2تمارس المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بجريمة العدوان وفاقا لهذه المادة ،ورهانا بقرار يتخذ
بأغلبية دول أطرا ف تساوي الغلبية المطلوبة لعتماد تعديلت على النظا م الساسي ،وذلك بعد
الول من جانفي سنة 2017
و هذا يعني أن المحكمة يمكن لها مباشرة اختصاصها على جريمة العدوان على أقرب تقدير
بتاريخ 02 :جانفي 2017في حالة اتخاذ قرار من طر ف جمعية الدول العضاء ،أو بموجب
مؤتمر مراجعة في ذلك التاريخ ،بشرط مصادقة الدولة الثلثين على التعديل على أبعد تقدير
بتاريخ 01 :جانفي .1 2016
1
-Rapport de la première conférence de révision du statut de rome-. www.iccnow.org -11/01/2011- 23:15 p18
88
وقد تم التنويه على هذا المبدأ سابقا في المادتين1 11 :و 2 24من النظام الساسي لنشاء
المحكمة الجنائية الدولية علما أن المادة 11كانت قد ميزت بالنسبة لبدء اختصاص المحكمة
الزماني بين حالتين:
-1الحالة الولى:
وهي تتعلق بالدو ل الطرا ف في النظام الساسي و التي يسري اختصاص المحكمة في
مواجهتها بمجرد دخو ل النظام الساسي حيز النفاذ و بالتالي فإن هذه الدو ل الطرا ف تعد مسؤولة
أمام المحكمة عن الجرائم التي ترتكبها بعد بدء نفاذ هذا النظام .
علما انه بالنسبة لجريمة العدوان فإن اختصاص المحكمة الزماني في مواجهة الدو ل الطرا ف لن
يسري إل بعد سنة من إيداع وثيقة الموافقة على تعريف العدوان ،أما إذا كانت الدولة الطر ف لم
توافق على تعريف العدوان فإن اختصاص المحكمة بنظر هذه الجريمة لن يسري في مواجهتها
-2الحالة الثانية:
وهي تتعلق بالدو ل التي تنضم بعد بدء سريان المعاهدة و في مثل هذه الحالة فإن اختصاص
المحكمة سو ف يسري في مواجهتها في اليوم الو ل من الشهر الذي يلي 60يوما من إيداع تلك
الدولة لوثيقة التصديق ،مع الشارة هنا إلى أن تلك الدولة إذا كانت قد انضمت بعد اعتماد تعريف
العدوان فإن بدء إختصاص المحكمة في مواجهتها سو ف يسري من ذلك التاريخ أيضا .
و تذهب العديد من الراء إلى أن تبني النظام الساسي لمبدأ الختصاص المستقبلي إنما هو
تطبيق للقاعدة العامة النافذة في جميع النظمة القانونية الرئيسية في العالم و التي تقضي بعدم
جواز تطبيق القوانين الجنائية بأثر رجعي ذلك أن هذه القوانين تسري عادة بأثر فوري و مباشر و
ل ترتد على الماضي لتطبق على الجرائم التي وقعت قبل نفاذها.
و تجنبا للجد ل المتوقع الذي ستثيره في المستقبل الدو ل المعتدية عندما يتم تفعيل و بدء
اختصاص المحكمة بنظر جريمة العدوان و الذي ستعارض فيه أن يشمل اختصاص المحكمة
جرائم العدوان الماضية المترافقة مع حالت ضم أو احتل ل ما تزا ل ترتب آثار مستمرة ،وكان
من النسب إضافة فقرة خاصة بهذه الحالة تضا ف إلى النص المقترح لتعريف العدوان تتضمن
التأكيد على أنه )مع مراعاة أحكام المادتين 11و 24فإن للمحكمة ولية النظر بجرائم العدوان
المستمرة ( .
و استنادا إلى ما سبق فإنه يمكن مقاضاة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية عن جرائم
العدوان التي ارتكبتها بحق الدو ل العربية فيما مضى مادام هذا العدوان قد نجم عنه حالت ضم أو
احتل ل ما تزا ل مستمرة حتى الن.
و أما بالنسبة لجرائم العدوان الخرى -أي التي ل تعد من قبيل جرائم العدوان المستمرة -
و التي ارتكبت قبل مباشرة المحكمة لختصاصها بنظر هذه الجريمة فإن اختصاص المحكمة لن
يشملها في مثل هذه الحالة.
- 1راجع :د .يسر أنور على –شرح قانون العقوبات -النظريات العامة – الكتاب الو ل 1989-1988
91
و لكن هذا ل يعني انعدام المسؤولية الشخصية عن ارتكاب هذه الجريمة أو سقوطها بالتقادم
لن القانون الدولي ل يقبل فكرة التقادم بالنسبة للجرائم و هو ما كانت قد أكدته منذ زمن منظمة
المم المتحدة و ذلك في التفاقية الخاصة بعدم تقادم الجرائم الدولية و التي أقرتها الجمعية العامة
.1 في 26نوفمبر سنة 1968
و برغم ذلك فعلينا أن نعتر ف أن إمكانية الملحقة الفعلية سيكون صعبا في ظل غياب
الرادة الدولية اللزمة و الجهة القضائية المختصة و تجدر الشارة هنا إلى أن مبدأ عدم تقادم
الجرائم الدولية ظل معطل لعدم وجود الهيئة القضائية المختصة بالمحاكمة عن ارتكاب تلك
الجرائم و عندما وجدت هذه الهيئة – بإقرار ميثا.ق روما -فإنها قصرت اختصاصها فقط على ما
يرتكب من جرائم بعد دخو ل ميثاقها حيز النفاذ و تجاهلت الجرائم السابقة و التي يفترض أنها ل
تسقط بالتقادم و هذا ما يعني تعطيل مبدأ عدم التقادم و إفراغه من مضمونه -على القل في
المرحلة السابقة -لنه لم يتم تفعيل هذا المبدأ و إعماله أمام هذه المحكمة الجنائية الدولية الدائمة .
لكن علينا أن نعتر ف بالمقابل أن واضعي ميثا.ق روما قد فضلوا الخيار الواقعي على حساب إعما ل
المبدأ القانوني لنه لم يقيد اختصاص المحكمة من حيث الزمان فمن المؤكد أنه سيكون هناك أي
إمكانية لخروج هذه المحكمة إلى حيز الوجود ،ولو وجدت فمن المؤكد أنها كانت ستغر.ق بمئات بل
و بآل ف الدعاوى و التهامات المتبادلة عن جرائم وقعت و أفعا ل ارتكبت في السنوات الماضية و
بالتالي فإن الخيار الواقعي كان يستلزم تقييد اختصاص المحكمة فقط بالنسبة للجرائم التي سترتكب
بعد دخو ل ميثاقها حيز النفاذ.2
الفرع الثالث :تقييد إختصاص المحكمة بموافقة الدول المعنية بالجريمة
بالضافة إلى كل ما سبق ذكره فإن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها أن تمارس
اختصاصها إل إذا تحققت الشروط المسبقة لممارسة الختصاص وهي الشروط التي كانت قد
أثارت جدل ووجهات نظر مختلفة و متناقضة منذ بداية التفكير بإنشاء هذه المحكمة و ذلك من أجل
حسم ما إذا كانت المحكمة ستتمتع بإختصاص عالمي شامل أم أنها ستواكب مبدأ القليمية في
الختصاص الجنائي.
-1راجع :سالم محمد سليمان الوجلي .أحكام المسؤولية الجنائية عن الجرائم الدولية في التشريعات الوطنية.مرجع سابق ص
215-214
-2راجع :إبراهيم الدراجي .جريمة العدوان .مرجع سابق .ص 1010
92
إضافة إلى ما إذا كانت الدو ل الطرا ف ستخضع تلقائيا لختصاص المحكمة أم أن المر
يحتاج أيضا لقبو ل لحق و إجراءات أخرى ،و ماهي صلحية المحكمة في مواجهة الدو ل غير
الطرا ف ،و هو ما سنتناوله فيما يلي:
أول :شرط موافقة الدولة باختصاص المحكمة الجنائية الدولية
كما سبق الشارة له فإن كل هذه المسائل كانت محل للنقاش و الجد ل منذ بداية الجهود
الدولية لنشاء هذه المحكمة فأثناء مناقشات لجنة القانون الدولي أشار المقرر الخاص للجنة إلى أن
الفريق العامل معه -المعني بإنشاء المحكمة -يعتقد أنه "ل ينبغي أن يكون لي محكمة دولية ولية
قضائية إلزامية بمعنى ولية قضائية عامة تكون أي دولة طرفا في النظام الساسي لها ملزمة
بقبولها تلقائيا ،بحكم كونها طرفا في النظام و بدون موافقة لحقة و ذلك من منطق الحفاظ على
سيادتها و تماشيا مع مبدأ القليمية في الختصاص الجنائي ".1
و أثناء انعقاد مؤتمر روما تجدد النقاش مجددا حو ل هذه المسائل ،فأثناء اجتماعات اللجنة
التاسعة و العشرين للجنة الجامعة و التي عقدت بتاريخ 09/07/1998طلب رئيس اللجنة من
الدو ل المشاركة إبداء ملحظاتها ،2و تعليقاتها حو ل البدائل و الخيارات التي تضمنها مشروع
النظام الساسي بشأن قبو ل الختصاصات و حالت الختصاص التلقائي و اختيار التقيد أو قبو ل
الدولة و موافقتها على جريمة أو أكثر من الجرائم و كذلك تحديد مسألة حسم الدو ل للختصاص
قبل أن تمارس المحكمة اختصاصها .
و قد ذكرت بصدد هذه المسائل وجهات نظر مختلفة .إلى أن استقر المر على نص المادة
12من النظام الساسي و التي حددت القواعد و الشروط المسبقة لممارسة المحكمة اختصاصها
على النحو التالي:
-1الدولة التي تصبح طرفا في هذا النظام الساسي تقبل بذلك اختصاص المحكمة فيما يتعلق
بالجرائم المشار إليها في المادة .5
-2في حالة الفقرة )أ( أو )ج( من المادة ، 13فإنه يجوز للمحكمة أن تمارس إختصاصها إذا كانت
واحدة أو أكثر من الدو ل التالية طرفا في هذا النظام الساسي أو قبلت باختصاص المحكمة
وفقـــــــا للفقرة :3
- 1راجع :عاد ل ماجد.المشكلت المتعلقة بمبدأ الختصاص التكميلي للمحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق .ص 25
- 2راجع :إبراهيم الدراجي .جريمة العدوان .مرجع سابق .ص 1014
95
جريمة العدوان تحت عنوان الحالة الصادرة عن الدو ل من تلقاء ،أنه ورد بالفقرتين الرابعة و
الخامسة من المادة :
-يجوز للمحكمة ،وفاقا للمادة ،12أن تمارس اختصاصها بشأن جريمة العدوان التي تنشأ عن
عمل عدواني ترتكبه دولة طر ف ما لم تكن تلك الدولة الطر ف قد أعلنت ساباقا أنها ل تقبل
الختصاص عن طريق إيداع إعلن لدى المسجل ،ويجوز سحب هذا العلن في أي وقت
ويجب النظر فيه من قبل الدولة الطر ف خلل ثلث سنوات.
-فيما يتعلق بدولة ليست طرافا في هذا النظا م الساسي ،ل يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها
1
المتعلق بجريمة العدوان عندما يرتكبها مواطنو تلك الدولة أو ترتكب على إقليمها.
و الملحظ من قراءة تلك الفقرتين أن التعديل المقترح قد أخذ منحى رأي المندوب
المريكي الذي سلف بيانه ،من خلل اشتراطه لنعقاد الختصاص للمحكمة أن تكون الدولة التي
ارتكبت على إقليمها جريمة العدوان ،أو التي ينتمي إليها الشخص الذي ارتكب الجريمة ،طرفا
في النظا م الساسي ،بمعنى آخر وجوب أن تكون كلتا الدولتين الطرفين في الخصومة طرفين في
نظا م المحكمة .
و علوة على ذلك تم اشتراط قبول الدولة الطر ف باختصاص المحكمة و ذلك بعد م
إيداعها إعلن مسبق لدى مسجل المحكمة مفاده أن الدولة ل تقبل باختصاص المحكمة ،و بالتالي
فإن موافقة الدولة الطر ف على بسط المحكمة لختصاصها على رعيتها الذي ارتكب جريمة
العدوان أصبح شرطا أوليا وجب توافره حتى ينعقد الختصاص للمحكمة .
و أتساءل بعد التطرق إلى ذلك التعديل ،عما إذا كان دافع الدول الطرا ف لعتماده هو
مراعاة المادة 234من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات التي تقضي بأن التفاقية ل تلزم الدو ل الغير
الطرا ف فيها ،و أن المعاهدات ل تولد إلتزامات على الدو ل غير الطرا ف -3و هو أمر إيجابي
من الناحية القانونية الصرفة بالرغم مما له من آثار سلبية على العدالة الجنائية الدولية -أ م أن
ذلك ناجم عن تأثير ممثلي دولة أمريكا و حلفائها من الدول العظمى أثناء مناقشة ذلك النص
الجديد خلل مؤتمر كمبال؟.
الدولية http://www.icc-
-1راجع :الوثيقة الرسمية الخاصة بالمؤتمر الستعراضي لنظام روما الساسي للمحكمة الجنائية
. cpi.int/iccdocs/asp_docs/ASP9/OR/RC-11-Part.II-ARA.pdص 24
- 2تنص المادة :القاعدة العامة بشأن الدو ل الغير" :ل تنشئ المعاهدة التزامات أو حقوقا للدولة الغير بدون رضاها "
98
تدخل مجلس المن لدى عرضه لحالة من حالت العدوان على المدعي العا م للمحكمة الذي يفعل
اختصاص المحكمة بغض النظر عن موافقة الدولة التي ينتمي إليها شخص الجاني ،يبقى هو
المل الوحيد لمحاكمة ذلك الشخص و تسليط العقاب اللز م عليه ،و أن القضاء على ذلك المل
مراعاة لمبدأ الرضائية ،يجعل من احتمال مثول الجاني أما م المحكمة شبه منعد م.
وكما هو معلو م فإن هناك قنوات محددة تتصل بواسطتها المحكمة بالجريمة ،و ذلك
يستلز م قيا م جهات معينة بتحريك الدعوى العمومية حددها النظا م الساسي لروما،وهي المدعي
العا م و الدول الطرا ف و مجلس المن ،كما وردت أحكا م إضافية في هذا الطار خلل مؤتمر
كمبال ،سيتم التطرق إليها بالتفصيل في المطلب الموالي .
المطلب الثاني:
الجهات الرئيسية المختصة بتحريك الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية
نصت المادة 1 13من النظام الساسي لروما على ممارسة الختصاص على الجرائم المنصوص
عليها في المادة 5من النظام و هي البادة الجماعية ،و الجرائم ضد النسانية ،وجرائم الحرب،
بالضافة إلى جريمة العدوان ،و يتسنى للمحكمة ممارسة اختصاصها على هذه الخيرة عبر ثل ث
قنوات تتمثل في:
أ -إذا أحالت دولة طر ف إلى المدعي العا م وفقا للمادة 14حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من
هذه الجرائم قد ارتكبت.
ب -إذا أحال مجلس المن ،متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق المم المتحدة ،حالة إلى
المدعي العا م يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت.
ج -إذا كان المدعي العا م قد بدأ بمباشرة تحقيق فيما يتعلق بجريمة من هذه الجرائم وفقا للمادة 15
و خلل مؤتمر كمبال تم إصدار القرار RC,res6المتعلق بجريمة العدوان و الذي احتوى مادتين
99
إضافيتين 15مكرر و 15مكرر ثالثا بموجب المؤتمر الستعراضي بكمبال اللتان نصتا على
أحكا م إضافية تخص الحالتين )أ( و )ج( من المادة 13و سأتناول هذه المواضيع تباعا في
الفروع التالية.1
الفرع الول :الدول الطراف
لقد جاء بالفقرة )أ( من المادة 13من نظا م روما الساسي أن للمحكمة أن تمارس
اختصاصها فيما يتعلق بالجرائم المشار إليها في المادة 5من النظا م في حالة ما إذا أحالت دولة
طر ف إلى المدعي العا م وفقا للمادة 14من النظا م حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه
الجرائم قد ارتكبت ،كما نصت المادة 14على أنه يجوز لدولة طر ف أن تحيل إلى المدعي العا م
أية حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة قد ارتكبت وأن
تطلب إلى المدعي العا م التحقيق في الحالة بغرض البت فيما إذا كان يتعين توجيه التها م لشخص
معين أو أكثر بارتكاب تلك الجرائم،و تحدد الحالة قدر المستطاع ،الظرو ف ذات الصلة وتكون
مشفوعة بما هو في متناول الدولة المحيلة من مستندات مؤيدة.
كما جاء بالمادة 15مكرر الواردة بالمؤتمر الستعراضي لتعديل القانون الساسي للمحكمة
الجنائية الدولية في الباب المتعلق بممارسة الختصاص بشأن جريمة العدوان تحت عنوان الحالة
الصادرة عن الدو ل من تلقاء نفسها مايلي:
-1يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها بشأن جريمة العدوان وفاقا للمادة ) 13أ( و)ج( ،رهنا
بأحكا م هذه المادة.
-2ل يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة العدوان إل فيما يتعلق بجرائم
العدوان التي ترتكب بعد مضي سنة واحدة على مصادقة أو قبول التعديلت من ثلثين دولة
طر ف.
-3تمارس المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بجريمة العدوان وفاقا لهذه المادة ،ورهانا بقرار يتخذ
بأغلبية دول أطرا ف تساوي الغلبية المطلوبة لعتماد تعديلت على النظا م الساسي ،وذلك بعد
الول من جانفي 2017
-4يجوز للمحكمة ،وفاقا للمادة ،12أن تمارس اختصاصها بشأن جريمة العدوان التي تنشأ عن
عمل عدواني ترتكبه دولة طر ف ما لم تكن تلك الدولة الطر ف قد أعلنت ساباقا أنها ل تقبل
الدولية http://www.icc- - 1راجع الوثيقة الرسمية الخاصة بالمؤتمر الستعراضي لنظام روما الساسي للمحكمة الجنائية
. cpi.int/iccdocs/asp_docs/ASP9/OR/RC-11-Part.II-ARA.pdص 24
100
الختصاص عن طريق إيداع إعلن لدى المسجل ،ويجوز سحب هذا العلن في أي وقت
ويجب النظر فيه من قبل الدولة الطر ف خلل ثلث سنوات.
-5فيما يتعلق بدولة ليست طرافا في هذا النظا م الساسي ،ل يجوز للمحكمة أن تمارس
اختصاصها المتعلق بجريمة العدوان عندما يرتكبها مواطنو تلك الدولة أو ترتكب على إقليمها.
-6عندما يخلص المدعي العا م إلى وجود أساس معقول للبدء في تحقيق يتعلق بجريمة عدوان،
عليه أن يتأكد أول مما إذا كان مجلس المن قد اتخذ قراارا مفاده وقوع عمل عدواني ارتكبته
الدولة المعنية.
وعلى المدعي العا م أن يبلغ المين العا م للمم المتحدة بالوضع القائم أما م المحكمة ،بما في
ذلك أي معلومات أو وثائق ذات صلة.
-7يجوز للمدعي العا م ،في الحالت التي يتخذ فيها مجلس المن مثل هذا القرار ،أن يبدأ التحقيق
فيما يتعلق بجريمة عدوان.
-8في حالة عد م اتخاذ قرار من هذا القبيل في غضون ستة أشهر بعد تاريخ البلغ ،يجوز
للمدعي العا م أن يبدأ التحقيق فيما يتعلق بجريمة عدوان ،شريطة أن تكون الشعبة التمهيدية قد
أذنت ببدء التحقيق فيما يتعلق بجريمة عدوان وفاقا للجراءات الواردة في المادة ، 15وأن ل
يكون مجلس المن .قد قرر خل ف ذلك طباقا للمادة 16
-9ل يخل القرار الصادر من جهاز خارج المحكمة بخصوص وقوع عمل عدواني بما تخلص
إليه المحكمة في إطار هذا النظا م الساسي.
- 10ليس في هذه المادة ما يخل بالحكا م المتعلقة بممارسة الختصاص فيما يتعلق بجرائم
1
أخرى .مشار إليها في المادة 5
و يستنتج مما سبق انه ليس لكل دولة الحق في تحريك الدعوى ،بل للدول العضاء فقط
في نظا م روما الساسي ،أما الدول غير العضاء فل يجوز لها ذلك ،فإذا ما ارتكبت جريمة في
إقليم الدولة الطر ف في نظا م روما الساسي للمحكمة الجنائية الدولية ،من قبل مواطنيها أو من
قبل الغير ،فيجوز للدولة أن تطلب من المدعي العا م للمحكمة تحريك الدعوى ضد الشخاص
الذين ارتكبوا جرائم على إقليمها ،أو كان مرتكبها من مواطنيها ،و بمفهو م المخالفة ل يحق لغير
الدول العضاء في نظا م المحكمة أن تطلب من المحكمة إجراء التعقيبات القانونية و القضائية
الدولية http://www.icc- - 11راجع الوثيقة الرسمية الخاصة بالمؤتمر الستعراضي لنظام روما الساسي للمحكمة الجنائية
. cpi.int/iccdocs/asp_docs/ASP9/OR/RC-11-Part.II-ARA.pdص 24
101
بحق أشخاص ارتكبوا جرائم على إقليمها ،و إن كان من ارتكب مثل هذه الجرائم من مواطني
دولة طر ف في نظا م روما الساسي .1
كما يشترط إضافة إلى ما سبق أن تكون الدولة التي ينتمي إليها الشخص المعتدي طرفا
في نظا م روما الساسي ،و يجب على المحكمة التأكد فيما إذا كان مجلس المن قد أصدر قرارا
متصرفا بموجب المادة 39من ميثاق المم المتحدة ،علوة على ذلك تمتنع الدولة عن إحالة
الحالة إلى المدعي العا م في حال تبين أن الدولة التي ينتمي إليها الطر ف المعتدي قد باشرت
إجراءات التحقيق معه أو تمت محاكمته عن الجريمة ،إعتبارا لمبدأ التكامل و تجنب محاكمة
الفاعل مرتين ،مرة أما م القضاء الوطني و أخرى أما م المحكمة الجنائية الدولية.2
كما تفيد الفقرة الرابعة من المادة 15مكرر المستحدثة ،و المطروحة لمصادقة الدول ،
أنه يجوز للمحكمة وفاقا للمادة ،12أن تمارس اختصاصها بشأن جريمة العدوان التي تنشأ عن
عمل عدواني ترتكبه دولة طر ف ما لم تكن تلك الدولة الطر ف قد أعلنت ساباقا أنها ل تقبل
الختصاص عن طريق إيداع إعلن لدى المسجل ،ويجوز سحب هذا العلن في أي وقت
ويجب النظر فيه من قبل الدولة الطر ف خلل ثلث سنوات.
و قد تضمنت تلك الفقرة حكما جديدا مفاده تمكين الدولة الطر ف التي ارتكبت عمل
عدوانيا من تجنب متابعتها من طر ف المحكمة بخصوص ذلك الجر م ،في حال إعلنها بأنها ل
تقبل الختصاص مسبقا،و يتجسد ذلك إجرائيا بإيداعها إعلنا لدى مسجل المحكمة يجوز لها
سحبه في أي وقت مع وجوب إعادة النظر فيه من طرفها خلل ثلث سنوات.
و حسب اعتقادي أن القواعد المنظمة لختصاص المحكمة الجنائية الدولية المستحدثة ل
تخد م المن و السلم الدوليين ،و ل تحمي البشرية من الجرائم التي يجب ضمان مقاضاة مرتكبيها،
و قد جاءت عكس ما ورد بديباجة النظا م الساسي من مبادىء تتمثل في أن الدول الطرا ف قد
عقدت العز م على وضع حد لفلت مرتكبي هذه الجرائم من العقاب وعلى السها م بالتالي في
منع هذه الجرائم ، 3لنه من غير المنطقي إفلت مرتكب جريمة العدوان -بكل ما لهذه الجريمة
من آثار وخيمة على النسانية و الشعوب -من العقاب بسبب عد م إنظما م دولته أو الدولة التي
اعتدى عليها لنظا م روما الساسي ،و كذلك الحال للطر ف المتضرر الذي يبقى يعاني تبعات
- 1راجع :سهيل حسين الفتلوي .موسوعة القانون الدولي الجنائي.الجزء الثالث " :القضاء الدولي الجنائي " .دار الثقافة للنشر و
التوزيع.الردن .الطبعة الولى . 2011ص219 -218 :
- 2راجع :نايف حامد العليمات .جريمة العدوان في ظل نظام المحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق .ص 240
-3الفقرتين 4:و 5من ديباجة النظام الساسي للمحكمة الجنائية الدولية
102
الجريمة دون أن يجد من ينصفه أو يجبر الضرر الذي أصابه ،طالما أن الدولة التي ينتمي إليها،
أو الدولة التي ينتمي إليها مرتكبوا العدوان ليستا طرفا في المحكمة الجنائية الدولية.
كما أن الحكا م الجديدة المستحدثة ،قد أزمت الوضع أكثر مما كان عليه سابقا من خلل
منح مكنة للدولة المصادقة على نظا م روما و التي ارتكب أحد رعاياها جريمة العدوان تتمثل في
عد م قبول متابعته من طر ف المحكمة بموجب إجراء مسبق بسيط ،المر الذي يقوض من فعالية
المحكمة ،بجعل أمر استبعاد اختصاصها لمحاكمة المعتدي أمرا في متناول هذا الخير يلجأ إليه
قبل إقدامه على الجريمة المخطط لها من أجل الفلت من العقاب ،و ما يزيد الوضع خطورة
عزو ف القضاء الوطني للدولة هو الخر عن محاكمته ،مما يشجع على ارتكاب تلك الجرائم
مستقبل .
الفرع الثاني :مجلس المن
لقد أوكل النظا م الساسي لروما و من قبله ميثاق المم المتحدة سلطات لمجلس المن
تخوله التصال بالمحكمة الجنائية الدولية في إطار ممارسته لمهامه الساسية التي تنحصر في
الحفاظ على المن و السلم الدوليين ،وقد أكد تعديل القانون الساسي للمحكمة الجنائية الدولية
المنعقدة أعماله بكمبال -أوغندا بموجب المادة 15مكرر 3سلطة مجلس المن في تحريك
الدعوى أما م المحكمة إعمال للفصل السابع من ميثاق المم المتحدة ،كما كفل النظا م الساسي
لروما منذ سنه سلطة إرجاء التحقيق أو المحاكمة وفقا للمادة 16منه ،و هو ما سيتم التطرق إليه
بالتفصيل في الفقرتين المواليتين.
أول :دور مجلس المن في تحريك الدعوى أمام المحكمة
بدا واضحا من خل ل المناقشات التي سبقت انعقاد مؤتمر روما و المداولت التي تمت
خلله و الجتماعات التي تلته ،أن العقبة البرز التي يمكن أن تحو ل دون تفعيل اختصاص
المحكمة بنظر جريمة العدوان هو الخل ف حو ل تحديد دور مجلس المن الدولي و علقته
بالمحكمة بصدد هذه الجريمة على وجه التحديد.
فهنا ظهر الصدام الجلي بين الدو ل الكبرى دائمة العضوية في مجلس المن )و مجموعة
الدو ل الخرى و المتحالفة معها و التي تدور في فلكها ( و التي كفل لها ميثا.ق المم المتحدة العديد
من المزايا و السلطات الستثنائية التي تمارسها في المجلس -كحق النقض مثل -حيث رغبت هذه
الدو ل في تكريس تلك المزايا و المتيازات في آلية عمل المحكمة أيضا و بشكل يخضع المحكمة
103
بصورة أو بأخرى لهيمنة المجلس و تكييفه للمور و هو المر الذي رفضته غالبية الدو ل الخرى
التي رغبت في التأكيد على استقللية المحكمة و سعت لكي يكفل النظام الساسي هذه الستقللية
للمحكمة بصيغة تحرر المحكمة من الخضوع لسيطرة المجلس أو قيوده التي يمكن أن يفرضه
عليها ،و بذلك فقد سعت هذه الدو ل إلى الفصل بين دور مجلس المن كجهاز سياسي و دور
المحكمة كجهاز قضائي.
وقد بدا هذا الخل ف واضحا بصدد العديد من القضايا التي أثيرت كدور مجلس المن في
إثبات وقوع العدوان و سلطة المجلس في تحريك الدعوى أو إيقا ف و تعليق نشاط المحكمة.1
ويجوز لمجلس المن وفقا للفقرة )ب( من المادة 13من قانون المحكمة الجنائية الدولية
أن تحيل قضية إلى النائب العام للمحكمة إستينادا على الفصل السابع من ميثا.ق المم المتحدة ،و
هذا يعني أن أية حالة اتخذ فيها مجلس المن قرارا بأنها مما يهدد السلم و المن الدوليين فيجوز في
هذه الحالة أن يطلب من المدعي العام أن يتخذ الجراءات الكفيلة بالتحقيق و الحالة على
المحكمة ،2وذلك وفقا للمادة 339من ميثا.ق المم المتحدة ،و في حا ل قيام مجلس المن بهذا
الجراء فإنه يمنح في هذه الحالة وحدها المحكمة الجنائية الدولية الختصاص الجباري العالمي ،
دون اشتراط كون الدولة التي ينتمي إليها مرتكب الجريمة مصادقة على القانون الساسي للمحكمة
الجنائية الدولية ،المر الذي أثار حفيظة بعض الدو ل كالوليات المتحدة المريكية .4
وفي دور مجلس المن في تحريك الدعوى أمام المحكمة ورد بالمؤتمر الستعراضي
لتعديل نظام روما بكمبال القرار Res .rc 6المادة 15 :مكرر 3التي جاءت لتوضيح كيفية
ممارسة المحكمة لختصاصها وفقا للفقرة )ب( من المادة 13و التي جاء نصها كالتالي :
-ممارسة الختصاص على جريمة العدوان
-إحالة من مجلس المن
-1يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها بشأن جريمة العدوان وفاقا للمادة ) 13ب( رهنا بأحكا م
هذه المادة.
الدولية http://www.icc- - 1راجع الوثيقة الرسمية الخاصة بالمؤتمر الستعراضي لنظام روما الساسي للمحكمة الجنائية
. cpi.int/iccdocs/asp_docs/ASP9/OR/RC-11-Part.II-ARA.pdص 25
-2راجع :نايف حامد العليمات .جريمة العدوان في ظل نظام المحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق .ص244 :
105
غير أني أرى أن إضافة هذه الفقرة أكد أمرا لم يكن محل غموض أو تنازع فيما سبق ،و
أظن أن هذه الفقرة جاءت للتخفيف من مخاو ف الدول المناوئة لدور مجلس المن في تحريك
الدعوى أما م المحكمة ،باعتبار مجلس المن جهاز سياسي ،يحتمل أن تستغل قراراته لصالح
الدول الكبرى العضاء به باستعمالها لحق الفيتو و ما يترتب عن ذلك من حماية مواطني تلك
الدول من المتابعة في حال ارتكابهم جريمة عدوان ،و كذا في حال سعي تلك الدول من أجل
إصدار قرار من مجلس المن ضد دولة ل تربطها بها علقات حسنة ،لتضارب مصالحهما.
و قد انقسمت الدول بين مؤيد و معارض لمنح مجلس المن سلطة تحديد العدوان و هو
المر الذي سيتم التطرق إليه فيما سيأتي:
أ -الخلف بين الدول حول دور مجلس المن:
لقد تباينت التجاهات بين الدو ل حو ل الدور المناط بمجلس المن في تحريك الدعوى أمام
المحكمة ،عند تحديده لوقوع حالة عدوان و إحالتها على المدعي العام ،بين رافض لتأثير مجلس
المن كهيئة سياسية على دور المحكمة و حيادها ،و بين مؤيد له استينادا على ميثا.ق المم المتحدة
و اعتبارا لدوره الهام في الحفاظ على المن و السلم الدوليين و سيتم التطر.ق لسباب تبني كل دولة
مختلف تلك التجاهات .1
-1الدول الرافضة لمنح المجلس سلطة تحديد وقوع العدوان
رفضت هذه الدو ل أن يحتكر مجلس المن الدولي سلطة تحديد وقوع العدوان بما يؤثر
على اختصاص المحكمة بنظر هذه الجريمة وهي دعت لتحرير المحكمة من هذا القيد بغية
الحيلولة دون تسييسها لتكون قادرة على أداء مهامها القانونية و القضائية على أكمل وجه.
وقد شملت هذه الطائفة من الدو ل المعارضة مجموعة الدو ل العربية و دو ل عدم النحياز ،
حيث أشارت مصر إلى أنها" :ترفض أن يسمح لمجلس المن بفرض تقييدات على المحكمة " وبين
الستاذ الدكتور محمد عزيز شكري مندوب سوريا في تلك المناقشات أنه" :إذا تركت المسألة إلى
مجلس المن بما يتصف به بحق النقض البغيض في تحديد المسائل التي يتعين إحالتها إلى المحكمة
الجنائية فإن استقللية هذه المحكمة تتعرض إلى خطر شديد ".
و ذكر في جلسة أخرى أنه بموجب المشروع المقترح ،سو ف تكون المحكمة غير قادرة
على ممارسة الختصاص فيما يتعلق بجريمة العدوان ما لم يقرر مجلس المن أول أن دولة قد
- 1راجع :محمود شريف بسيوني .المحكمة الجنائية الدولية.منشورات نادي القضاة.القاهرة طبعة .2001ص196 :
106
ارتكبت مثل هذا الفعل ،و فيما يربو على 200دعوى تناولها المجلس فإنه تجنب إصدار أي تقرير
يبت فيها ،و قد أصبح هذا المجلس منتدى للدو ل العظمى و ما تتمسك به هذه الدو ل العظمى من
حق النقض في المجلس يمكن أن يحمي آل ف المجرمين الدوليين بعرقلة إجراءات المحكمة و لهذا
فإن سوريا عارضت إسناد أي دور إلى مجلس المن من أجل وجود محكمة تتناو ل جميع هؤلء
الذين يرتكبون جرائم دولية.1
و ذكر المندوب الليبي أن مجلس المن قد فشل في معالجة قضايا كثيرة لعدوان سافر
)كعدوان أمريكا على ليبيا سنة (1986و أن مجلس المن و قراراته تتأثر بمصالح و مواقف
بعض العضاء الدائمين ولذلك فإن قراراته انتقائية و تتبع معيارا مزدوجا و لهذا فقد عارضت
ليبيا أن تصبح المحكمة الجنائية الدولية مشلولة إذا لم يستطع مجلس المن أن يقرر أول وقوع
العدوان.2
و تجدر الشارة هنا إلى موقف الوفد المكسيكي الذي كان من أنشط الوفود في معارضته
للسلطات المقترحة لمجلس المن و كذلك في تقديم المقترحات البديلة ،حيث أشار هذا الوفد إلى أن
المؤتمر ينعقد في وقت تناقش فيه المم المتحدة عددا من القتراحات من أجل إصلح مجلس المن
،و تعتبر تلك المناقشات الدائرة هناك ذات صلة بالمناقشة هنا ،و ينبغي للمؤتمر أن ل يكرر
الغلطة التي ارتكبت في سان فرانسيسكو بربط المحكمة الجديدة بأجهزة المم المتحدة مثل محكمة
العد ل الدولية ،فمجلس المن قد يكون مصدرا للمعلومات المقدمة للمحكمة بخصوص وجود حالت
تنطوي على عدوان و لكن ل يكون هو المصدر الوحيد.
وبين الوفد المكسيكي أن سبب معارضته هو أن منح المجلس هذا النفراد الخاص به سو ف
يفتح الباب أمام إبداء حق النقض لعطاء المعتدين فرصة للفلت من العقاب ،وليس هذا و
حسب بل أن منح المجلس مثل هذه السلطة يعتبر أيضا قرارا ل أساس له في القانون ،ذلك أن
المكسيك يعتبر أن أي معاهدة لنشاء محكمة دولية تتضمن بنودا تخضع النشطة القضائية
للمحكمة لقرارات تتخذها هيئة أخرى تعتبر غير متوافقة مع المادة 53من إتفاقية فيينا لقانون
المعاهدات و التي تنص على أن أي معاهدة تتعارض عند إبرامها مع المعايير القطعية للقانون
الدولي-القواعد المرة -تعتبر باطلة ،و بالتالي فإن مثل هذه البنود -أي إخضاع إختصاص المحكمة
لما يقرره المجلس بصدد و جود حالة عدوان – سو ف تخالف مبدأ إستقل ل السلطة القضائية
-1راجع :إبراهيم الدراجي.جريمة العدوان .مرجع سابق.ص1020 :
-2راجع :سعيد عبد اللطيف حسن.المحكمة الجنائية الدولية.دار النهضة العربية.القاهرة .طبعة .2000ص300:
107
وحق كل شخص في المحاكمة أمام محكمة مستقلة ،و هي المعايير الوقائية المكرسة في المادة:
1 10من العلن العالمي لحقو.ق النسان ،و في المادة 14من العهد الدولي الخاص بالحقو.ق
المدنية و السياسية ،و في الفقرتين 1و 2من المبادئ السياسية لستقل ل السلطة القضائية التي
أقرتها الجمعية العامة في القرار 40/32بتاريخ 29نوفمبر 1985و القرار 40/146بتاريخ 13
ديسمبر 2 1985فمثل هذه البنود سو ف تعطي مجلس المن وظائف و سلطات لم يمنحها الميثا.ق
له.
و بالمقابل أشارت المكسيك إلى أنها قد تقبل الشارة إلى دور مجلس المن طالما توضع
إشارة أيضا إلى الجمعية العامة و اقترحت أيضا إدراج فقرة تعني أن إحالة فعل العدوان من قبل
مجلس المن يتم عمل بالمادة 3 27/2من الميثا.ق و لذلك تعتبر كمسألة ل ينطبق عليها حق النقض.
وواضح مما سبق أن هذه الدو ل إنما تؤكد على ضرورة الحفاظ على استقللية المحكمة
في مواجهة مجلس المن و تحذر من إخضاعه لسلطة المجلس سيما أن الواقع الدولي قد أثبت فشل
المجلس ذاته و في مناسبات عديدة في التعامل مع جريمة العدوان أو تأكيد ارتكابها برغم وقوعها
فعل ,و لذلك فإن إنشاء محكمة جنائية دولية قوية و فعالة ينبغي أن يتم بصورة تجعلها مستقلة و
4
بعيدة عن الخضوع لتأثير مجلس المن و توجيهاته السياسية بصدد جريمة العدوان.
-2الدول المؤيدة لمنح المجلس سلطة تحديد وقوع العدوان:
كان من الطبيعي أن تكون الدو ل دائمة العضوية في مجلس المن الدولي في مقدمة الدو ل
التي طالبت بمنح مجلس المن وحده سلطة تحديد وقوع العدوان و سلب مثل هذه الصلحية من
- 1تنص المادة" :لكل إنسان الحق ،على قدم المساواة التامة مع الخرين ،في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظرا عاد ا
ل
علنيا للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه إليه ".
- 2استقلل السلطة القضائية ( 1 :تكفل الدولة استقلل السلطة القضائية وينص عليه دستور البلد أو قوانينه .ومن واجب جميع
المؤسسات الحكومية وغيرها من المؤسسات احترا م ومراعاة استقلل السلطة القضائية (2 .تفصل السلطة القضائية فى المسائل
المعروضة عليها دون تحيز ،على أساس الوقائع ووفقا للقانون ،ودون أية تقييدات أو تأثيرات غير سليمة أو أية إغراءات أو
ضغوط أو تهديدات أو تدخلت ،مباشرة كانت أو غير مباشرة ،من أي جهة أو لي سبب (3 .تكون للسلطة القضائية الولية
على جميع المسائل ذات الطابع القضائي ،كما تنفرد بسلطة البت فيما إذا كانت أية مسألة معروضة عليها للفصل فيها تدخل فى
نطاق اختصاصها حسب التعريف الوارد فى القانون (4 .ل يجوز أن تحدث أية تدخلت غير لئقة ،أو ل مبرر لها ،فى
الجراءات القضائية ،ول تخضع الحكا م القضائية التى تصدرها المحاكم لعادة النظر ،ول يخل هذا المبدأ بإعادة النظر القضائية
أو بقيا م السلطات المختصة ،وفقا للقانون ،بتخفيف أو تعديل الحكا م التى تصدرها السلطة القضائية (5 .لكل فرد الحق فى أن
يحاكم أما م المحاكم العادية أو الهيئات القضائية التى تطبق الجراءات القانونية المقررة ،ول يجوز إنشاء هيئات قضائية ،ل تطبق
الجراءات القانونية المقررة حسب الصول والخاصة بالتدابير القضائية ،لتنتزع الولية القضائية التى تتمتع بها المحاكم العادية
أو الهيئات القضائية ( 6 .يكفل مبدأ استقلل السلطة القضائية لهذه السلطة ويتطلب منها أن تضمن سير الجراءات القضائية
بعدالة ،واحترا م حقوق الطرا ف (7 .من واجب كل دولة عضو أن توفر الموارد الكافية لتمكين السلطة القضائية من أداء مهامها
بطريقة سليمة .
- 3تنص المادة 27فقرة 2من الميثاق ... " :تصدر قرارات مجلس المن في المسائل الجرائية بموافقة تسعة من أعضائه" ...
- 4راجع :ابراهيم الدراجي .جريمة العدوان .مرجع سابق .ص1021 :
108
المحكمة و التأكيد أن المحكمة لن تباشر اختصاصها بنظر جريمة العدوان إل بعد أن يقرر المجلس
ثبوت ارتكاب هذه الجريمة و هو ما عبرت عنه هذه الدو ل صراحة أثناء مناقشات مؤتمر روما ،
حيث أكدت الوليات المتحدة المريكية " :أن الفصل في العدوان كان مهمة ممنوحة لمجلس المن
بموجب الميثا.ق فمجلس المن -وحده -يستطيع أن يتخذ التدابير القسرية التي تعتبر ضرورية إذا
أريد التصدي للعدوان و تدارك الموقف و هذا يثير مشاكل سياسية و مشاكل أخرى جعلت من
الصعب إيجاد توافق في الراء في الماضي .بيد أن مجلس المن له دور أساسي يؤديه " و
رفضت أمريكا منح الجمعية العامة سلطة تحديد وقوع العدوان إضافة إلى مجلس المن أو في حالة
فشله إذ أعلن المندوب المريكي خل ل تلك المناقشات " أن الجمعية العامة ل تعتبر مكافئة للمجلس
فيما يتعلق بمسؤوليات المجلس بمقتضى الميثا.ق ".
فيما أعلنت بريطانيا أنه " :ينبغي أن يكون مفهوما أن مجلس المن سو ف يتخذ القرار الولي
بخصوص تقرير وقوع العدوان " مشيرة إلى أن العدوان ل ينبغي أن يدرج في النظام الساسي إذا
لم يذكر دور مجلس المن .
و أشارت فرنسا في تلك المناقشات إلى أن المتيازات الممنوحة لمجلس المن بمقتضى
الميثا.ق لتقرير أفعا ل العدوان يتعين احترامها و أن ينبغي أن يكون و اضحا أن المحكمة يمكنها أن
تتناو ل القضية فقط بعد أن يقرر مجلس المن أن فعل عدوانيا قد وقع و سيكون هذا في مصلحة
المحكمة نفسها حيث يتسنى لها التعويل على ما قرره مجلس المن من قبل لتجنب اللجوء إلى
إصدار حكم ليس فقط على الشخاص بل أيضا على الدو ل.
و تمسك أيضا التحاد الروسي بالمتيازات المكفولة للدو ل الكبرى في مجلس المن تحت
مبرر احترام أحكام الميثا.ق إذ أشار إلى أن " :دور مجلس المن في سيا.ق العدوان يعتبر ذا أهمية
بالغة و ينبغي أن تتجسد تماما في التعريف السلطات الممنوحة لمجلس المن بمقتضى الميثا.ق ،و
أن قرارات أي هيئة دولية تعمل وفقا لمعاهدة دولية فيما يختص بالبت في وجود فعل عدواني تعتبر
ملزمة و ل يمكن ببساطة إغفالها ،و هناك جهازان ل ينبغي أن تكون لهما سلطات متداخلة في هذا
المجا ل " ..و أشار ممثل التحاد الروسي في مناقشات أخرى إلى أن "التحاد الروسي ل يعتقد أنه
من الممكن من الناحية المبدئية لحكام الميثا.ق أن تعد ل بأي صك دولي آخر ،فهذه الحكام ينبغي
أن تكون لها الهيمنة على ما عداها ".1
110
يقيد أو يمس بأي شكل من الشكا ل قواعد القانون الدولي القائمة أو المتطورة المتعلقة بأغراض
أخرى غير هذا النظام الساسي ".
وقد نص النظام الساسي لنشاء المحكمة الجنائية الدولية على بعض السلطات التي يتمتع
بها مجلس المن الدولي كسلطته في إحالة -حالة -إلى المحكمة للنظر بها و سلطة إرجاء التحقيق
أو المقاضاة .
و تجدر الشارة إلى أن هذه السلطات ل تقتصر فقط على حالة وجود عدوان و إنما يتمتع
بها المجلس بشكل عام و بالنسبة لجميع الجرائم الدولية التي تدخل في اختصاص المحكمة
أول -أما بالنسبة إلى إحالة –حالة -إلى المحكمة :
فقد أشارت إلى هذه السلطة الفقرة ب من المادة 131من النظام الساسي لنشاء المحكمة
و التي نصت على انه "للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة 5
2وفقا لحكام هذا النظام الساسي...
ب -إذا أحا ل مجلس المن متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثا.ق المم المتحدة حالة إلى
المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت ." ...
و يشير الستاذ الدكتور محمد شريف بسيوني إلى أن المقصود بالحالة هنا النص الفعلي العام الذي
يعتقد بموجبه أن جريمة داخلة في اختصاص المحكمة قد تم ارتكابها و أن لفظ -حالة -ل يمكن
تفسيره ذلك التفسير المحدود أو الضيق الذي يعني قيام نزاع بين مجموعة أو فرد أو وحدة
عسكرية أو أن يفسر ليشير إلى حد ث معين دون الرجوع إلى السيا.ق العام للنص .
و تبدو خطورة هذه السلطة الممنوحة للمجلس أن الحالة الصادرة من هذا المجلس سو ف
تؤدي تلقائيا إلى تعطيل العمل بمبدأ الختصاص التكميلي و بالتالي سلب القضاء الوطني
- 1تنص المادة " :13للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة 5وفقا لحكا م هذا النظا م الساسي
في الحوال التالية(:أ) إذا أحالت دولة طر ف إلى المدعي العا م وفقا للمادة 14حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من
هذه الجرائم قد ارتكبت؛(ب) إذا أحال مجلس المن ،متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق المم المتحدة ،حالة إلى
المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت؛(ج) إذا كان المدعي العام قد بدأ بمباشرة تحقيق فيما يتعلق
بجريمة من هذه الجرائم وفقا للمادة . 15
- 2تنص المادة" :5الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة
يقتصر اختصاص المحكمة على أشد الجرائم خطورة موضع اهتما م المجتمع الدولي بأسره ،وللمحكمة
بموجب هذا النظا م الساسي اختصاص النظر في الجرائم التالية:
(أ) جريمة البادة الجماعية؛
(ب) الجرائم ضد النسانية؛
(ج) جرائم الحرب؛
(د) جريمة العدوان "
111
اختصاصه الصيل لنظر هذه الجريمة هذا من جهة ،و من جهة أخرى فإن الحالة الصادرة عن
مجلس المن تسري على جميع الدو ل الطرا ف و غير الطرا ف في النظام الساسي للمحكمة.
و بالرغم من ذلك فإن سلطة الحالة الممنوحة للمجلس لقيت تأييد من عدد كبير من الدو ل
التي اعتبرت أن منح المجلس مثل هذه السلطة سو ف يحو ل دون إقدام المجلس في المستقبل على
إنشاء محاكم متخصصة جديدة في حين عارضت ليبيا منح المجلس مثل هذه السلطة محذرة من أن
" إعطاء مجلس المن الذي يعتبر هيئة سياسية الحق في تحريك إجراء سو ف يقوض الثقة في حياد
و استقل ل المحكمة و بالتالي ينقص من مصداقيتها و مثل هذا الترتيب سو ف يمكن العضاء
الدائمين في مجلس المن من جعل المحكمة أداة لممارسة الضغط على البلدان الصغيرة و النامية ".
فيما انتقدت الردن إقتصار سلطة الحالة على مجلس المن وحده دون بقية أجهزة المم
المتحدة الخرى و أشار المندوب الردني خل ل تلك المناقشات إلى انه ليس من الواضح لديه لماذا
ينفرد مجلس المن مفضل على أجهزة المم المتحدة الخرى بأن يؤذن له بتقديم إحالت إلى
المحكمة.
غير أن سلطة مجلس المن في الحالة في حالة وجود العدوان تحديدا ل تثير إشكالية
قانونية باعتبار أن المشكلة التي يتعين تداركها ليست هي الحالة إلى المحكمة و هي الجهاز
القضائي الدولي و إنما هو العكس أي سلب المحكمة اختصاصها و عدم إسناد تلك الحالت إليها و
معالجتها في مجلس المن بصورة سياسية و بأسلوب تحكمي انتقائي خلفا لقواعد العدالة و بعيدا
عن المنطق القانوني السليم.
ثانيا :سلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة
هناك سلطة أخرى أقرها القانون الساسي للمحكمة الجنائية الدولية لمجلس المن تتسم
بقدر من الخطورة الناجمة عن تعطيل عمل المحكمة إلى أجل غير مسمى و المقصود بذلك سلطة
مجلس المن في إرجاء التحقيق أو المقاضاة و هي السلطة التي نصت عليها المادة 116:من النظام
الساسي و التي جاء فيها أنه " :ل يجوز البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاة بموجب هذا النظام
الساسي لمدة إثني عشر شهرا بناءا على طلب من مجلس المن إلى المحكمة بهذا المعنى يتضمنه
- 1إرجاء التحقيق أو المقاضاة ":ل يجوز البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاة بموجب هذا النظام الساسي لمدة اثني عشر شهرا
بناء على طلب من مجلس المن إلى المحكمة بهذا المعنى يتضمنه قرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميثا.ق المم
المتحدة؛ ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها ".
- 12راجع نفس المرجع .ص 126
- 3راجع :سعيد عبد اللطيف حسن.المحكمة الجنائية الدولية.دار النهضة العربية.القاهرة .طبعة .2000ص . 302
114
و أشارت إسبانيا إلى انه" :يجوز السماح بتمديد فترة التعليق و لكن بشرط وجود أجل
زمني و ينبغي للمحكمة أن تتخذ جميع التدابير المناسبة للحتفاظ بالدلــــة وبأي تدابيـــر احتياطية
أخرى مــن اجل العدالة " .
و قد قدمت خل ل تلك المناقشات العديد من القتراحات من أجل خفض مدة التأجيل و
جعله 6أشهر بدل عن 12شهرا أو جعله قابل للتجديد لمرتين إذا كان 6أشهر و لمرة واحدة فقط
إذا كان لمدة 12شهرا .
إل أن هذه القتراحات و النتقادات إصطدمت بالدو ل الكبرى دائمة العضوية في المجلس
و التي كانت ترفض وجود أي قيد –حتى لو كان زمني -يحد من صلحياتها و سلطاتها المطلقة
التي تمارسها في مجلس المن و هذا ما تكشف عنه الراء التي عبرت عنها الدو ل دائمة العضوية
أثناء مناقشات مؤتمر روما حيث أشارت الوليات المتحدة المريكية إلى أن " :سلطات و مهام
المجلس ل يجب أن يعاد كتابتها و الحاجة تدعو إلى صياغة ل تفرض إلزاما على المجلس بأن
يصيغ قراره بفترة محددة .1" ..
و لدى الطلع على اقتراح تعديل القانون الساسي لروما المطروح لمصادقة الدو ل،
يتبين بأنه لم يتطر.ق للسف لنص المادة 16و لم يحد ث بشأنها أي تعديلت ،في حين أنها أثارت
جدل واسعا بين الدو ل عند سن النظام الساسي للمحكمة و كان من الجدر إلغاء تلك المادة أو على
القل تعديلها بوضع ضوابط لسلطة مجلس المن في الرجاء و تجديد طلب الرجاء .
و حسب رأيي فإن هذه السلطة الممنوحة لمجلس المن ليس لها أي تأثير إيجابي على
تكريس دور مجلس المن الرئيسي المتمثل في الحفاظ على المن و السلم الدوليين ،بل أن من
شأنها إبطاء و عرقلة عمل المحكمة ،و ما يترتب عن ذلك من عواقب وخيمة على السلم في العالم
جراء نفاذ صبر الدولة المعتدى عليها لطو ل انتظارها ،من أجل إنصافها من طر ف المحكمة و جبر
الضرار اللحقة بها جراء ما تعرضت له من عدوان.
و بالمقابل فإنها تخـــــــــــو ل المعتدي -و الذي أغلب الظن ما يكون من رعايا إحدى
الدو ل العظمى العضوة بمجلس المن -شبه حصانة و لو مؤقتة من العقاب ،ناهيك عن تأثير عامل
الزمن على وضوح الدلة ،و شهادة الشهود إن وجدوا ،و هو ما يشكل بحق تأثيرا جسيما آخر
لمجلس المن كهيئة سياسية على عمل المحكمة كهيئة قضائية.
- 1راجع :سهيل حسين الفتلوي .موسوعة القانون الدولي الجنائي .الجزء الثالث .القضاء الدولي الجنائي .مرجع سابق .ص220:
- 2راجع :نايف حامد العليمات .جريمة العدوان في ظل نظام المحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق .ص247 :
- 3راجع :سهيل حسين الفتلوي .مرجع سابق .ص 220
116
و إن لم يتبين لها ذلك رفضت طلب المدعي العام و لهذا الخير إمكانية تجديد ذلك الطلب
لحقا في حا ل توافرت لديه معلومات و أدلة جديدة تعزز مقبولية طلبه على القضية ذاتها.
و فضل عن ذلك فقد وردت أحكام جديدة أتى بها مؤتمر كمبال لتعديل نظام المحكمة
تضمنها القرار Rc.res 6الذي اعتمد بتوافق الراء في الجلسة العامة الثالثة عشرة المنعقدة في:
11/06/2010و الذي يحتوي المادة 15 :مكرر التي تم إدراجها بعد المادة 15:من نظام المحكمة
وقد تضمنت فقراتها 7 ،6 :و 8ما يلي:
" -عندما يخلص المدعي العا م إلى وجود أساس معقول للبدء في تحقيق يتعلق بجريمة عدوان،
عليه أن يتأكد أول مما إذا كان مجلس المن قد اتخذ قراارا مفاده وقوع عمل عدواني ارتكبته
الدولة المعنية.وعلى المدعي العا م أن يبلغ المين العا م للمم المتحدة بالوضع القائم أما م المحكمة،
بما في ذلك أي معلومات أو وثائق ذات صلة.
-يجوز للمدعي العا م ،في الحالت التي يتخذ فيها مجلس المن مثل هذا القرار ،أن يبدأ التحقيق
فيما يتعلق بجريمة عدوان.
-في حالة عد م اتخاذ قرار من هذا القبيل في غضون ستة أشهر بعد تاريخ البلغ ،يجوز
للمدعي العا م أن يبدأ التحقيق فيما يتعلق بجريمة عدوان ،شريطة أن تكون الشعبة التمهيدية قد
أذنت ببدء التحقيق فيما يتعلق بجريمة عدوان وفاقا للجراءات الواردة في المادة ، 15وأن ل
يكون مجلس المن قد قرر خل ف ذلك طباقا للمادة.1" ......16
نلحظ من الفقرات السابقة أن التعديل أضا ف قيودا جديدة على صلحيات المدعي العام في
تحريك الدعوى أمام المحكمة ،باشتراطها عليه وجوب إخطاره المين العام للمم المتحدة عن أي
معلومات ترد إليه تعزز وقوع حالة عدوان ،و أن ل يباشر التحقيق إل بعد صدور قرار من مجلس
المن بمعاينة وجود حالة عدوان .
أما في حالة عدم صدور أي قرار من مجلس المن في أجل 6أشهر من تاريخ إبلغ
المدعي العام المين العام للمم المتحدة بوقوع حالة عدوان ،فإنه يسوغ في هذه الحالة للمدعي
العام فتح تحقيق في الوقائع بشرط موافقة الشعبة التمهيدية على ذلك ،و عدم اعتراض مجلس
المن على مباشرة التحقيق بإصداره قرارا بإرجاء التحقيق لمدة 12شهرا قابلة للتجديد حسب
أحكام المادة 16من نظام المحكمة .
الدولية http://www.icc- - 1راجع :الوثيقة الرسمية الخاصة بالمؤتمر الستعراضي لنظام روما الساسي للمحكمة الجنائية
. cpi.int/iccdocs/asp_docs/ASP9/OR/RC-11-Part.II-ARA.pdص 22
117
و حسب رأيي فإن القيد المفروض على المدعي العام و المتمثل في ضرورة إخطار المين
العام للمم المتحدة بوجود أساس معقو ل ببدء التحقيق في وقائع تشكل جريمة عدوان ،له ما يبرره
من الناحية العملية ،و ذلك لتاحة الفرصة لمجلس المن من أجل إصدار قرار و فقا للفصل السابع
من ميثا.ق المم المتحدة ،و الذي يمنح من خلله المحكمة الختصاص العالمي و تجعلها مختصة
بنظر النزاع بغض النظر عن كون الدولتين المتنازعتين طرفا في القانون الساسي للمحكمة أم ل .
غير أنني ما أعيبه على تلك الحكام الجديدة هو أنه في حالة عدم صدور أي قرار في هذا
الشأن ،فإن المدعي العام ملزم بالنتظار مدة 6أشهر كاملة مكتو ف اليدي ،دون القيام بأي إجراء
من إجراءات التحقيق ،و هو أجل حسب رأيي طويل ،يمكن خلله ضياع أدلة و أمارات تخص
ملبسات القضية ،و يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الجريمة و تعطيل العدالة الجنائية الدولية ،إضافة
إلى تعطيل عمل المحكمة و هو ما يؤثر سلبا على دورها ،شأنه شأن سلطة مجلس المن المقررة
في إرجاء التحقيق أو المقاضاة .
و ما يعاب كذلك على دور المدعي العام هو افتقاره لجهاز يعتمد عليه لجمع المعلومات و
الحقائق عن الوقائع التي يحتمل أن تدخل في اختصاص المحكمة ،تفعيل لسلطته في تحريك
الدعوى أمام المحكمة .1
و أشاطر بدوري هذا النقد كون أن جسامة مهمة المدعي العام من حيث خطورة الجرائم
التي أنيط به التحقيق فيها من جهة ،و صعوبة الحصو ل على الدلـة و القرائن عن وقوع الجريمة
من جهات و أجهزة خارجية ل يمكن التسليم بحيادها و نزاهتها من جهة أخرى ،تجعل من إنشاء
جهاز تابع له يعتمد عليه في هذا الصدد ضرورة ل مناص منها،على غرار جهاز الضبطية
القضائية الموجود في النظم القضائية الوطنية ،ل سيما أن التحقيق الذي يقوم به المدعي العام من
شأنه توضيح معالم الجريمة للمحكمة ،و ستستأنس به ل محالة عند إصدارها لقرارها فصل في
الدعوى .
-راجع :سهيل حسين الفتلوي .موسوعة القانون الدولي الجنائي .الجزء الثالث .القضاء الدولي الجنائي .مرجع سابق .ص221: 1
118
يمكن القو ل كخلصة لهذا الفصل ،أن هناك آثار تنتج عند وقوع جريمة العدوان من أهمها
قيام مسؤوليتين جنائيتين ،أحدهما شخصية تقوم في حق الشخص المسؤو ل عن عملية العدوان ،و
يترتب عنها محاكمته عن الفعل الذي اقترفه أمام الجهات القضائية بالدولة التي ينتمي إليها ،غير
أنه إذا تعذر ذلك فيؤو ل الختصاص لمحاكمته إلى المحكمة الجنائية الدولية وفقا لمبدأ الختصاص
التكميلي مع مراعاة شروط انعقاد الختصاص للمحكمة ،كما تسلط عليه في حا ل إدانته عقوبات
تتراوح بين السجن و الغرامة ،علوة على جواز مصادرة أملكه.
أما المسؤولية الثانية التي تنشأ ،فهي المسؤولية الدولية للدولة المعتدية ،و التي يختص
مجلس المن باتخاذ إجراءات منصوص عليها بميثا.ق المم المتحدة لرجاع الحا ل إلى ما كان عليه
قبل العدوان حفاظا على السلم و المن الدوليين.
و هناك جهات حددها نظام المحكمة على سبيل الحصر تختص بتحريك الدعوى أمام
المحكمة و هي الدو ل الطرا ف ،المدعي العام و مجلس المن ،و التي يمكن من خللها تقديم
الشخص المسؤو ل عن جريمة العدوان أمامها ،غير أن اشتراط عدم رفض الدولة المعتدية
لختصاص المحكمة و لو كانت طرفا في نظام روما لنعقاد الختصاص ،ضيق من إختصاص
المحكمة ،و عزز حظوظ الجاني للفلت من العقاب
كما أن الصلحيات المقررة لصالح مجلس المن المجسدة في إمكانية طلب إرجاء
التحقيق أو المقاضاة في قضايا مطروحة على المحكمة لمدة 12شهرا قابلة للتجديد ،من شأنها
عرقلة عمل المحكمة و تعطيله ،و كذلك الحا ل عند إلزام المدعي العام بعدم القيام بأي إجراء تحقيق
لمدة 6أشهر من تاريخ إخطاره مجلس المن بوجود حالة عدوان في انتظار صدور قرار عنه .
بعدما تم تسليط الضوء على أهم التعديلت المقترحة على جريمة العدوان فحري بنا إلقاء
نظرة على بعض حالت العدوان التي وقعت في العالم المعاصر و كيفية تعامل مجلس المن معها
بينما كان اختصاص المحكمة بنظرها معطل .
119
الفصل الثالث :
دراسة بعض حالت العدوان في ضوء
مراجعة القانون الساسي لروما
120
كما سبق لنا الذكر ،شهد العالم عبر مرالتاريخ وقوع عدة حروب عدوانية ،يمكن إعتبارها جرائم
عدوان وفقا للتعريف المتوصل إليه خل ل مؤتمر كمبال بموجب المادة 8مكرر ،و قد اخترت
للدراسة بعض حالت العدوان التي وقعت في العالم المعاصر نظرا لحداثتها
وقد دفعت البشرية ثمنا باهضا لتلك الجرائم ،بسبب رغبة بعض الدو ل في التوسع و البحث
عن موارد الطاقة التي تعتبر المحرك الساسي لي حضارة ،و ذلك بالرغم من التطور الذي شهده
العالم في ميدان حماية حقو.ق النسان ،و الجهود الدولية التي بذلت -و لو لم تكن بالقدر الكافي -
من أجل حظر وقوع جريمة العدوان في العالم .
كما أن الهد ف من دراسة حالت العدوان تلك ،هو تسليط الضوء على الخسائر الفادحة التي
خلفتها تلك الجرائم على البشرية ،و التي عادت بمدنية الدو ل المعتدى عليها سنوات إلى الوراء
بعدما أتت على كل مقومات الحضارة لديها ،و ذلك بهد ف إعطاء فكرة عن مدى خطورة جريمة
العدوان.
و أن وصفها بأنها من أخطر الجرائم الدولية المنصوص عليها في نظام روما على الطل.ق
أمر غير مبالغ فيه ،مما يجعل مسألة تعجيل إدراجها ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية
ضرورة حتمية ل يجب التقاعس عن تحقيقها حماية للبشرية.
و أمام عدم تفعيل اختصاص المحكمة على جريمة العدوان ،كان مجلس المن و ل يزا ل
هو الهيئة المخولة لوضع حد لكل ما من شأنه الخل ل بالسلم و المن الدوليين في العالم وفقا
لحكام ميثا.ق المم المتحدة ،و قد تصدى مجلس المن لبعض حالت العدوان سواءا عن طريق
التدخل المسلح ضد الدولة المعتدية وفقا للفصل السابع من ميثا.ق المم المتحدة ،أو باكتفائه بإرسا ل
قوات حفظ السلم أو بعثة دولية إلى المناطق التي تشهد النزاع للحيلولة بين الدولتين المتنازعتين ،
غير أن ذلك لم يكن دائما بهد ف الحفاظ على السلم و المن الدوليين ،و إنما كان أحيانا لعتبارات
معينة سيتم تبيانها خل ل الدراسة.
و مع ذلك فإن هناك حالت عدوان خطيرة شهدها العالم لم يتدخل بشأنها مجلس المن ،
متخذا حيالها موقفا سلبيا ،فمنها من أهملها مكتفيا بإصدار قرارات شكلية بشأنها تتضمن دعوة
الطرا ف المتنازعة للكف عن النزاع و منها ما لم يقم بمناقشتها إطلقا متجاهل الثار الوخيمة
التي انجرت عنها ،بالرغم من أنها ل تقل خطورة عن الحالت الولى ؛ و ذلك لسباب ترتكز
أساسا على طبيعة المجلس السياسية التي تحكمها مصالح الدو ل المتمتعة بحق الفيتو ،المر الذي
121
أدى إلى إنتهاج مجلس المن سياسة الكيل بمكيالين بطريقة سافرة جعلت صورته تهتز أمام
المجتمع الدولي،وأثارت مخاو ف محسوسة لدى الدو ل بشأن مستقبل المن و السلم في العالم.
وكان من نتائج انتهاج مجلس المن الزدواجية في قراراته في تسوية النزاعات الدولية،
إحتدام الحروب بين الدو ل في الفترة الممتدة ما بين :سنتي 1989و 1997على سبيل المثا ل ،فقدر
عدد النزاعات المسلحة بنحو 103نزاعا في 69بلدا ،و في إفريقيا وحدها ،عانى من النزاعات
أكثر من ربع عدد بلدان القارة البالغ 53بلدا. 1
و سنعتمد في دراسة هذه الحالت على تصنيفها بحسب تدخل مجلس المن فيها لوضع حد
للنزاع الناشيء بسببها من عدمه .
المبحث الول:
بعض حالت العدوان التي تصدى لها مجلس المن
عالج مجلس المن العديد من النزاعات الدولية بشكل غير منصف ،فبعض النزاعات تدخل
مجلس المن فيها عسكريا ،وأخرى لم يتدخل بها .مما سبب العديد من الكوار ث و المآسي.
و قد تدخل مجلس المن في عدد محدود من النزاعات الدولية الخرى ،منها ما تدخل فيه
باستعما ل القوة المسلحة ضد الطر ف المعتدي طبقا للفصل السابع من ميثا.ق المم المتحدة ، 2و منها
ما تصدى له بإرسا ل قوات حفظ السلم أو بعثات دولية .
المطلب الول:
بعض حالت العدوان التي تصدى لها مجلس المن باستخدام القوة المسلحة
إن حجم خطورة جريمة العدوان يجعل من تدخل مجلس المن باستعما ل قوات أممية في
منطقة النزاع أمر ضروري في أغلب الحيان ،مع وجوب التدخل في أسرع الجا ل سعيا لتدارك
المر و كف الطرفين عن النزاع المسلح ،لن تفاقم النزاع يؤثر على المنطقة القليمية المحيطة
به ،باحتما ل تدخل دو ل أخرى في النزاع ،فيصعب حينئذ السيطرة على الوضع.
- 1سهيل حسين الفتلوي .جرائم الحرب و جرائم العدوان .موسوعة القانون الدولي الجنائي .الجزء الثاني.دار الثقافة .طبعة
.2011ص256 :
- 2لقد ورد الفصل السابع من ميثا.ق المم المتحدة تحت عنوان" :فيما يتخذ من العما ل في حالت تهديد السلم و الخل ل به و وقوع
العدوان " و قد تضمن الفصل 12 :مادة من المادة 39إلى المادة .51
122
و فيما يلي سأقوم بدراسة بعض الحالت التي تدخل فيها مجلس المن باستعما ل القوة
المسلحة ضد الدولة المعتدية،وفقا للفصل السابع من ميثا.ق المم المتحدة ،مع إبراز أركان جريمة
العدوان في كل حالة.
-الفرع الول :العدوان على الكويت سنة 1990
من حالت العدوان التي شهدها العالم المعاصر و تدخل فيها مجلس المن بالقوة المسلحة
،العدوان العراقي على الكويتي.
فبعد وقف النزاع العسكري المسلح بين العرا.ق و إيران في ، 08/08/1988ثار نزاع بين
العرا.ق و الكويت انتهى بغزو العرا.ق لمعظم إقليم الكويت و اعتباره إقليما تابعا لجمهورية
العرا.ق.1
و قد بدأ العدوان بهجوم شنه الجيش العراقي على الكويت في 1990 /02/08استمرت
عملياته العسكرية يومان وانتهت باستيلء القوات العراقية على كامل الراضي الكويتية في
04/08/1990ثم شكلت حكومة صورية برئاسة العقيد علء حسين ،تحت مسمى جمهورية
الكويت ثم أعلنت الحكومة العراقية يوم 09/08/1990ضم الكويت للعرا.ق وإلغاء جميع السفارات
الدولية في الكويت ،وإعلن الكويت المحافظة رقم 19 :للعرا.ق ،وتغيير أسماء الشوارع والمنشآت
ومنها تغيير اسم العاصمة الكويتية.
و قد تشكلت حكومة كويتية في الطائف بالمملكة العربية السعودية ،حيث كان يتواجد أمير
الكويت "الشيخ جابر الحمد الصباح " ،و ولي العهد "الشيخ سعد العبد ال الصباح " والعديد من
الوزراء وأفراد من قادة القوات المسلحة الكويتية ،و قد استمر الحتل ل العراقي للكويت لمدة 7
أشهر ،انتهى الحتل ل بتحرير الكويت في 02/1991/ 26بعدما ما يسمى بحرب الخليج الثانية .2
أول -أسباب نشوب النزاع :
لقد تظافرت عدة خلفات بين الدولتين طيلة عدة سنين ،لتجعل العلقات بينهما متوترة
وصلت إلى حد الصراع العسكري المسلح في شهر جويلية من عام ،1988و لم يتدخل مجلس
المن للنظر في هذا المر على الرغم من وصوله إلى مرحلة التدخل العسكري المسلح .3و سنسلط
الضوء فيما يلي عن أسباب نشوب النزاع بين الدولتين:
- 1سهيل حسين الفتلوي .جرائم الحرب و جرائم العدوان .مرجع سابق .ص 257
-2راجع :الغزو العراقي للكويت/ar.wikipedia.org/wiki .
-3سهيل حسين الفتلوي .نفس المرجع .ص 258
123
-1الخلف على الحدود:
لقد تم أو ل ترسيم للحدود بين الكويت والدولة العثمانية عام 1913بموجب المعاهدة
النجلو-عثمانية لعام 1913والتي تضمنت اعترا ف العثمانيين باستقل ل الكويت وترسيم الحدود،
وبعد انتهاء الحرب العالمية الولى وهزيمة العثمانيين احتلت بريطانيا الراضي العثمانية في
العرا.ق .وقد طالب أمير "الكويت الشيخ أحمد الجابر الصباح " في أفريل 1923بأن تكون الحدود
هي ذاتها التي كانت زمن العثمانيين ،وقد رد المندوب السامي بالعرا.ق السير "بيرسي كوكس "
على طلب الكويت باعترا ف الحكومة البريطانية بهذه الحدود.
وقد سعت بريطانيا بتعمد تصغير ميناء العرا.ق على الخليج لكي ل تهدد أي حكومة عراقية
مستقبلية النفوذ والسيطرة البريطانية على الخليج.
و قد أعتر ف رئيس وزراء العرا.ق "نوري سعيد " بالحدود بين الكويت والعرا.ق في 21
جويلية ،1932وفي 4أكتوبر 1963إعتر ف العرا.ق رسميا باستقل ل الكويت وبالحدود العراقية
الكويتية كما هي مبينة بالرسائل المتبادلة في 21جويلية و 10أوت 1932بين رئيس وزراء
العرا.ق "نوري سعيد " وحاكم الكويت "الشيخ أحمد الجابر الصباح " من خل ل توقيع محضر
مشترك بين الكويت والعرا.ق من خل ل اجتماع حضره كل من الشيخ صباح السالم الصباح ولي
العهد الكويتي آنذاك وأحمد حسن البكر رئيس الوزراء العراقي في تلك الفترة.1
-2الخلف على إنتاج النفط:
خل ل الحرب العراقية-اليرانية دعمت الكويت والسعودية العرا.ق اقتصاديا ،ووصلت
حجم المساعدات الكويتية للعرا.ق أثناء تلك الحرب ما يقارب 14مليار دولر ،كان العرا.ق يأمل
بدفع هذه الديون عن طريق رفع أسعار النفط بواسطة تقليل نسبة إنتاج منظمة أوبك للنفط.
واتهم العرا.ق كل من الكويت والمارات العربية المتحدة برفع نسبة إنتاجهما من النفط بدل
من خفضه وذلك للتعويض عن الخسائر الناتجة من انخفاض أسعار النفط مما أدى إلى انخفاض
النفط إلى مستوى يتراوح بين 10و 12دولر بد ا
ل من 18دولر للبرميل ،ولكن إحصائيات
منظمة الدو ل المصدرة للنفط )أوبك( تشير إلى أن 10دو ل من ضمنهم العرا.ق لم تكن ملتزمة
2
بحصص النتاج.
واتخذ القرار رقم 660المؤرخ في 02/08/1990 :و جاء في القرار ما يلي:
الثانية /ar.wikipedia.org/wiki
- 1راجع :حرب الخليج
- 2راجع :سهيل حسين الفتلوي .جرائم الحرب و جرائم العدوان .مرجع سابق.ص 258
- 3راجع :الغزو العراقي للكويت.ar.wikipedia.org/wiki .
- 4راجع :سهيل حسين الفتلوي.مرجع سابق 259.
125
"إن مجلس المن إذ يثير جزعه غزو القوات العسكرية العراقية للكويت في ،1990 /02/08و
إذ يقرر أنه يوجد خر.ق للسلم و المن الدوليين فيما يتعلق بالغزو العراقي للكويت ،و إذ يتصر ف
بموجب المادتين1 39:و 240من ميثا.ق المم المتحدة بأنه:
-1يدين الغزو العراقي للكويت.
-2يطالب بأن يسحب العرا.ق جميع قواته فورا و دون قيد أو شرط إلى المواقع التي كانت تتواجد
فيها في شهر أوت .1990
-3يدعو العرا.ق و الكويت إلى البدء فورا في مفاوضات مكثفة لحل خلفاتهما و يؤيد جميع
الجهود المبذولة في هذا الصدد ،وبوجه خاص جهود جامعة الدو ل العربية.
-4يقرر أن يجتمع ثانية حسب القتضاء للنظر في خطوات أخرى لضمان المتثا ل لهذا القرار.
وبغض النظر عن طبيعة النزاع بين العرا.ق و الكويت ،فإن مجلس المن كان بإمكانه أن
يقوم بتسوية النزاع بالطر.ق السلمية طبقا للفصلين السادس و السابع من الميثا.ق ،و لكن كما يظهر
من القرار 660و القرارات التي صدرت بعد ذلك أن مجلس المن أراد إبقاء الحالة دون أن يقدم
الحلو ل السلمية لهذا النزاع للسباب التالية:
-1تسرع مجلس المن:
إذ إن مجلس المن إتخذ قرارا سريعا على غير عادته .فكان في كل المنازعات الدولية يتخذ
القرارات بعد أن تتضح أمامه كل معالم النزاع المسلح.
-2عدم تأليف لجنة تحقيق:
كان على مجلس المن أن يؤلف لجنة أو يطلب من المين العام أن يقدم تقريره لتوقيف النزاع بين
الطرفين ،دون العتماد على وسائل العلم .وهذا ما جرى في جميع القرارات التي أصدرها
مجلس المن و التي تتعلق بحماية السلم و المن الدوليين .و هذا ما لم يفعله المجلس ،فقد اتخذ
قراره بناءا على الخبار المتداولة من طر ف وسائل العلم .
- 1تنص المادة " :يق درر مجلس المن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخل ل به أو كان ما وقع عم ا
ل من أعما ل العدوان ،ويقددم في
ذلك توصياته أو يقدرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقا لحكام المادتين 41و 42لحفظ السلم والمن الدولي أو إعادته إلى نصابه" .
- 2تنص المادة " :منعا لتفاقم الموقف ،لمجلس المن ،قبل أن يقددم توصياته أو يتخذ التدابير المنصوص عليها في المادة ، 39أن
يدعو المتنازعين للخذ بما يراه ضروريا أو مستحسنا من تدابير مؤقتة،ول تخجل هذه التدابير المؤقتة بحقو.ق المتنازعين ومطالبهم
أو بمركزهم ،وعلى مجلس المن أن يحسب لعدم أخذ المتنازعين بهذه التدابير المؤقتة حسابه" .
126
جاء في الفقرة الثالثة دعوة العرا.ق و الكويت للدخو ل في مفاوضات مكثفة لتسوية النزاع ،و
يظهر أن المجلس لم يحدد وسيلة أخرى غير المفاوضات المباشرة ،و أن أعضاء مجلس المن
يعلمون علم اليقين أن المفاوضات المباشرة في المنازعات المسلحة عملية مستحيلة.
وكان المفروض و طبقا للمادة 1 33التي أوجبت الطرا ف المتنازعة إلى تسوية نزاعاتها
بالطر.ق السلمية و هي المفاوضات المباشرة و الوساطة و المساعي الحميدة و لجان التحقيق و
التوفيق و التسوية القضائية .غير أن مجلس المن حدد المفاوضات المباشرة في الوقت الذي ل
يوجد فيه في الكويت حكومة يمكن التفاوض معها ،و كان على مجلس المن أن يقوم بنفسه بتسوية
النزاع العراقي الكويتي طبقا للوسائل السلمية الخرى.2
ومنذ تاريخ 02/08/1990أصدر مجلس المن العديد من القرارات لم يصدرها منذ تاريخ
إنشائه .وكان من أخطر القرارات التي إتخذها مجلس المن منذ عام 1945هو القرار رقم678 :
المؤرخ في 29/11/1990و الذي تضمن استخدام القوة المسلحة ضد العرا.ق.3
واستخدم مجلس المن القوة المسلحة ضد العرا.ق بشكل غير مسبو.ق .و ذلك بموجب عملية
"عاصفة الصحراء " أو "حرب تحرير الكويت " ،وقد شنتها قوات التحالف المكونة من 34دولة
بقيادة الوليات المتحدة المريكية ،بإذن من المم المتحدة.
127
على الكويت والعرا.ق وأجزاء من المناطق الحدودية مع السعودية ،وقامت القوات العراقية بالرد
عن طريق إطل.ق عدد من صواريخ "سكود " على إسرائيل والعاصمة السعودية الرياض.1
ويشير الباحثون إلى أن الحرب التي شنتها الوليات المتحدة المريكية على العرا.ق ليست
حربا آلية لقتل المواطنين البرياء فحسب بل أنها حرب بيئية مدمرة لجيا ل عديدة هدفها الساس
تدمير بيئة العرا.ق و تعريض الشعب لبادة جماعية على مختلف الزمنة و العصور .و استخدمت
الوليات المتحدة المريكية في عدوانها على العرا.ق قوة نارية تعاد ل أضعا ف القوة المستخدمة
طيلة الحرب العالمية الثانية.
واستخدمت أنواعا مختلفة من السلحة و المعدات الحربية ضد المدنيين العراقيين ،وفي
مقدمة هذه السلحة التي استخدمت مادة اليورانيوم المنضب.
و قامت الطائرات المريكية بإطل.ق أكثر من خمسين ألف صاروخ و قذيفة يورانيوم
منضب بواسطة الطائرات .حيث قامت ب 110آل ف غارة و أسقطت 88ألف طن من مختلف
أنواع و أحجام القنابل و هو ما يساوي سبعة أضعا ف و نصف القوة التفجيرية و الحارقة للقنبلة
النووية التي دمرت .و أن القوات المريكية أطلقت أكثر من 900ألف إطلقه يورانيوم منضب
على العرا.ق .وكان من جراء ذلك أن أصيب الل ف من العراقيين بأمراض سرطان الدم و
التشوهات الخلقية و ظهور أمراض غير معروفة.
وقد بلغ وزن المقذوفات التي أطلقت على العرا.ق حدود 141931طنا من المتفجرات و
هي ما تعاد ل سبع قنابل و نصف ذرية من النوع الذي أسقط على هيروشيما .و استخدم اليورانيوم
المنضب مما أدى إلى كوار ث جسيمة ،و أدى إلى إلحا.ق الذى بالمدنيين.2
وقد بلغ وزن المقذوفات التي أطلقت على العرا.ق حدود 141931طنا من المتفجرات و
هي ما تعاد ل سبع قنابل و نصف ذرية من النوع الذي أسقط على هيروشيما ،و استخدم اليورانيوم
المنضب مما أدى إلى كوار ث جسيمة ،و أدى إلى إلحا.ق الذى بالمدنيين.
الثانية ar.wikipedia.org/wiki
- 1راجع :حرب الخليج
- 2راجع :سهيل حسين الفتلوي .جرائم الحرب و جرائم العدوان.مرجع سابق ص261 :
128
إن حجم الضرار البيئية التي تعرض لها العرا.ق كانت تنم عن عمق العمل العسكري ضد
العرا.ق الذي تعرض له و الرامي إلى إبادة الشعب العراقي بأكمله و تعرض الجيا ل المقبلة
لمخاطر تلو ث البيئة.3
و حسب رأيي فإن وجود حالة عدوان العرا.ق على الكويت أمر ل جدا ل فيه ،بالرجوع إلى
التعريف المنوه عنه بالمادة 8 :مكرر فقرتها الولى ،الخاصة بحالة قيام القوات المسلحة لدولة ما
بغزو إقليم دولة أخرى أو الهجوم عليه ،أو أي احتل ل عسكري ،ولو كان مؤقتا ،ينجم عن مثل هذا
الغزو أو الهجوم ،أو أي ضم لقليم دولة أخرى أو لجزء منه باستعما ل القوة ،و هي جريمة مكتملة
الركان.
غير أنني ما أعيبه على مجلس المن أن تدخله لم يكن بالحكمة المرجوة ،لفراطه في
استخدام القوة ،و أن بعض العضاء الدائمين بمجلس المن الذين كانت لهم خلفات مع العرا.ق،
سواء بتخوفهم من القوة المتزايدة للعرا.ق على المستويين التكنولوجي و الحربي ،أو من
تصريحات الرئيس الراحل صدام حسين الجريئة و المتحدية للدو ل العظمى ،و التي كان ينظر لها
كتهديد دائم لها.
كما أن بعض العضـــــــاء كانت لهم مطامع واضحة في العرا.ق بصفتها مصدر هـــام
للمواد الولية ،المر الذي يفسر سرعة صدور قرار مجلس المن وفقا للفصل السابع المتضمن
التدخل العسكري ،و مسارعة الوليات المتحدة المريكية و حليفاتها بعرض خدمات قواتها لتنفيذ
قرارات مجلس المن ،و أن استمرار قوات الحلفاء في البقاء داخل إقليم العرا.ق لمدة تتجاوز ثمانية
سنوات،2لخير دليل على أن بعض الدو ل العضاء في مجلس المن كانت تصبو من خل ل سعيها
لصدار قرار مجلس المن إلى تحقيق مآرب ذاتية أكثر من سعيها لتحرير الكويت ،و الحفاظ
على المن و السلم الدوليين كما كانت تزعم.
و سنتناو ل بالدراسة فيما يلي حالة عدوان تدخل فيها مجلس المن هي الخرى باسعنا ل
القوة المسلحة.
و حسب الرواية الرسمية للحكومة المريكية ،فإن 19شخصا على صلة بتنظيم القاعدة
نفذوا الهجمات باستعما ل طائرات مدنية مختطفة ،و انقسم منفذو العملية إلى أربعة مجاميع ضمت
كل منها شخصا تلقى دروسا في معاهد الملحة الجوية المريكية .وتم تنفيذ الهجوم عن طريق
اختطا ف طائرات نقل مدني تجارية ،ومن ثم توجيهها لتصطدم بأهدا ف محددة.
حسب الرواية المريكية فإنالعدوان تم باستخدام 4طائرات نقل ركاب مدنية ،إثنين منهما
ارتطمتا ببرجي التجارة العالمية ،وواحدة بمقر البنتاغون أو وزارة الدفاع المريكية ،بينما الثالثة
فقد أسقطت قبل بلوغها هدفها الذي قيل بأنه كان مبنى البيت البيض ،و فيما يلي سيتم التطر.ق
لتفاصيل العتداء في كل موقع على حدى.
بلغ ارتفاع البرجين المكونين لمبنى مركز التجارة العالمية في نيويورك 417و 415مترا.
وهما أعلى بنايتين في العالم وقت الشروع في بنائهما عام .1970وهندسة مركز التجارة العالمي
رغم حجم الكارثة أنقذت أرواح الل ف لن البرجين التوأم ظل منتصبين وصمدا لكثر من ساعة
بعد اخترا.ق الطائرتين لهما مما أتاح الفرصة لخروج ونجاة الل ف الذين كانوا في الطوابق
السفلية.
- 1راجع :سهيل حسين الفتلوي .جرائم الحرب و جرائم العدوان.مرجع سابق ص263 :
- 2راجع :أحدا ث 11سبتمبر ar.wikipedia.org/wiki .2001
130
كانت البنية المعمارية لمبنى كل برج مكونة من قاعدة فولذية تربط بعمود قوي )الجذع
المركزي( من الفولذ والسمنت وسط هيكل كل برج وكل عمود توجد فيه المصاعد والسللم
وتتفرع عنه قضبان فولذية كعوارض خفيفة أفقية ترتبط بأعمدة فولذية عمودية الشكل ومتقاربة
ويتكون منها الجدار الخارجي للمبنى في شكل إطار فولذي يشكل محيطه .وتحمل هذه العمدة
الفقية السقف السمنتي لكل طابق وتربط العمدة المحيطية بالجذع المركزي مما يمنع هذه
العمدة من النبعاج للخارج.1
و يرى البعض أن الطائرتان اللتان هاجمتا البرجين بل نوافذ مما يجعل البعض معتقدا
بفرضية أن الطائرتين كانتا طائرتين حربيتين ،وكان في أسفل كل منهما ما يشبه الصاروخ وهذا
الشكل ل يرى في الطائرات المدنية ،كما شوهد في شريط الفيديو للحاد ث أن ثمة وهجا تم قبل
لحظات من ارتطام الطائرتين الرهابي ،وهذا يبين حدو ث انفجار قبل الرتطام .
وكان ارتطام الطائرة الولى ،قد دمر عددا من العمدة المحيطة لطوابق عدة من البناية،
حو ل نقطة الرتطام مما أضعف هيكل المبنى و تسببت الصدمة في انهيار جزء من الجذع
المركزي .فيكفي انهيار طابق واحد لتسقط كل الكتل التي فوقه من الطوابق العليا وتضرب بقية
أجزاء البناء الذي تحتها بقوة صدمات مع كل انهيار لحد الطوابق ،مما أدى إلى انهيار البرج
بكامله طبقة تلو الخرى وبسرعة كبيرة جدا على شكل ضربات وصدمات متتالية .والبرج
الجنوبي الذي أصطدمت به الطائرة الثانية ما ل وإنهار أول ،ليعقبه البرج الشمالي الذي أرتطمت به
الطائرة الولى في النهيار عموديا بعد عشرين دقيقة من الصطدام.2
و تشير أبحا ث و تحقيقات عن الحادثة أن سرعة الطائرة الثانية لحظة ارتطامها بالبرج
الجنوبي كانت 865كم/ساعة ،وسرعة الطائرة الولى كانت 705كم/ساعة .ومن المعرو ف أنه
توجد علقة مباشرة بين كل من سرعة الطائرة لحظة الرتطام وقوة الصدمة ،والزمن الفاصل بين
الرتطام والنهيار.
131
ومستوى الرتطام في البرج الشمالي كان يعلو مستوى الرتطام في البرج الجنوبي ب 15
طابق .ورغم كل الفرضيات والحدسيات ل يعر ف ما إذا كان النهيار قد بدأ بالعمدة المحيطية أم
بالجذع المركزي ،وربما إجتمع أكثر من عامل من هذه العوامل .وقد يكون انهيار سقو ف أحد
الطوابق هو الذي أدى إلى انبعاج العمدة المحيطية به بالخارج .ولكن هذا التدمير وحده ليس كافيا
لتبرير انهيار البرجين بهذه الطريقة.1
بتاريخ الوقائع كانت طائرتان قد أقلعتا من مطار بوسطن في طريقهما إلى لوس
أنجلوس.لكن إحداهما إرتطمت بالبرج الشمالي لمبنى مركز التجارة العالمي ،والثانية بعدها ب
18دقيقة إرتطمت بالبرج الجنوبي للمركز وبعد حوالي ساعة إرتطمت طائرة بالجانب الغربي
لمبنى البنتاجون )وزارة الدفاع المريكية( وسقطت الطائرة الرابعة قرب بيتسبرج ببنسلفانيا ولم
تلتقط صورة واحدة للطائرة التي أدعت أمريكا أنها سقطت.
ونشرت صورة حفرة دائرية مخلفة عن صاروخ مجهو ل ولم يعثر على أي حطام لها
2
وكانت السلطات المريكية قد أعلنت أنها كانت في طريقها لضرب البيت البيض في واشنطن.
وطبقا للسرية التي أحيطت بأحدا ث 11سبتمبر وقلة الشواهد التي تد ل على أن مبنى
البنتاجون إرتطمت به طائرة ركاب نفاثة بالجدار الحجري المقوى بالسمنت المسلح .وكل الصور
التي التقطها المصورون بالمباحث الفيدرالية لموقع الرتطام بالبنتاجون ،أظهرت بوضوح أن ثمة
قطعة من مروحة توربينية صغيرة القطر أمكن التعر ف عليها بسهولة .ويعتقد البعض أن البنتاجون
لم يدمر جانبه بطائرة بوينج 757ويرى المؤمنون بنظرية المؤامرة أن الهجوم ربما كان من
طائرة حربية.
ومن خل ل الصور شوهدت أن تفجيرات البنتاجون كانت من داخل المبنى لحظة ارتطام
الطائرة .من على بعد 77قدما من الحائط الذي ارتطمت به الطائرة ولم يكن هناك في موقع
الصطدام بمبنى البنتاجون أي أثر لرتطام طائرة من طراز بوينج .575وكانت المخابرات
-1مجموعة دراسات قا م بها الدكتور إدواردو كاوسل ،أستاذ الهندسة المدنية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بأمريكا ،من خل ل
تحليله لتسجيلت الفيديو الخاصة بارتطام الطائرتين.
- 2راجع :أحدا ث 11سبتمبر ar.wikipedia.org/wiki .2001
132
المريكية فد سحبت كاميرات التصوير من فو.ق المباني المواجهة لمبنى البنتاجون والكاميرات
حو ل مبنى البنتاجون لم تصور أي طائرة قادمة باتجاهه.1
وقد وجهت أمريكا مباشرة عقب العتداء ،إتهاما لدولة أفغانستان بمسؤوليتها عن هذا
العتداء الذي قامت به منظمة القاعدة التي ترعاها ،و طالبت حكومة طالبان رسميا بتسليم زعيم
القاعدة "أسامة بن لدن " الذي كان متواجدا على ترابها ،غير أن أفغانستان رفضت طلبها بحجة
عدم تقديمها أدلة قاطعة تفيد بتدبير منظمة القاعدة للعتداء.2
لقد أحدثت تلك الوقائع تغييرات كبيرة في السياسة المريكية ،والتي بدأت مع إعلنها بما
يسمى الحرب على الرهاب ،و الذي تعزز بالعديد من القرارات الصادرة عن مجلس المن ،على
أساس أن أفغانستان قد وافقت على ذلك العتداء الذي نفذ من قبل منظمة القاعدة ،المتواجدة على
ترابها ،و من بينها القرار رقم 1383/2001 :طبقا للفصل السادس من الميثا.ق .الذي تضمن
استخدام القوة و العديد من الجراءات منها:
1
https://fr.wikipedia.org/.../Théories du complot à_propos des attentats du 11 septembre2001.
2
- 11-Septembre : le procès pour " négligence" d'American et United Airlines aura bien lieu. www.Le Monde.fr
- 3راجع :سهيل حسين الفتلوي .جرائم الحرب و جرائم العدوان.مرجع سابق ص264 :
133
و قد قامت الوليات المتحد ة المريكية بعد احتللها لفغانستان باعتقا ل العديد من المواطنين
الفغان و غير الفغان في معتقلي باغراند في أفغانستان ،و غوانتانامو .و لم تقم بمحاكمتهم طبقا
للقانون الدولي بكونهم أسرى حرب ول طبقا للقانون المريكي بوصفهم مجرمين.
و أظن أن مجلس المن قد أصدر قرارا باستعما ل القوة ضد أفغانستان بناءا على تقارير
أمريكا الرسمية المتضمنة أن العدوان تم من طر ف القاعدة التي ترعاها أفغانستان ،و أن حشد
أمريكا لتأييد الرأي العالمي لشن حربها المزعومة على الرهاب ،جعل مجلس المن تحت
الضغط ،و قد ترتب عن ذلك إحتل ل أمريكا لفغانستان لعدة سنوات ،لتحقيق أغراض شخصية
تتمثل في إيجاد موطيء قدم لها في منطقة تهمها ،نظرا لن أفغانستان تقع في أكبر تجمع نووي
في العالم ،إذ تحيط بها سبع دو ل نووية مثل الهند و إيران و الصين و تركمانستان و تاجكستان ،و
الدو ل الخرى المنسلخة من التحاد السوفياتي.1
و هناك الكثير من شكك في صحة تلك الحواد ث التي استعملتها أمريكا ذريعة لحتل ل
أفغانستان ،و ذهبوا إلى حد إتهام أمريكا بالعلم بها مسبقا و حتى الوقو ف وراء وقوعها ،و ذلك ما
يعر ف بنظرية المؤامرة ،هو ما سنسلط عليه الضوء فيما يلي.
ثالثا -نظرية المؤامرة:
ظهرت العتقادات بوجود مؤامرة على الشعب المريكي من قبل صانعي القرار ،وظهرت
بعد ذلك عدة تقارير ساهمت في تعزيز نظرية المؤامرة ،و ذلك من أجل إقناع الرأي العام بوجوب
شن حرب شعواء ضد الرهاب تتكاتف فيها قوى جميع الدو ل المحبة للسلم تحت قيادة الوليات
المتحدة المريكية لتطهير العالم ،و في الحقيقة فإن الهد ف من ذلك هو تمكين الدو ل العظمى من
احتل ل بعض الدو ل التي ألصقت بها تهمة الرهاب ،بغرض تحقيق مكاسب اقتصادية و
استراتيجية على حسابها و من بين هذه التقارير التي تفند حقيقة العتداءات :
-إقامة منظومة "نوراد " 2الدفاعية قبل سنتين من العملية الفعلية ،تدريبات وهمية لضرب برجي
التجارة ومبنى البنتاغون ،وكانت هناك مناورات لختبار عمل هذه المنظومة الدفاعية في نفس يوم
وقوع الهجمات
- 1سهيل حسين الفتلوي .جرائم الحرب و جرائم العدوان .موسوعة القانون الدولي الجنائي .مرجع سابق.ص263 :
-2نوراد .NORAD :قيادة دفاع الفضاء الجوي المريكية الشمالية )(North American Aerospace Defense Command :NORAD
هي منظمة تجمع الوليات المتحدة وكندا تختص بتقديم إنذار الفضاء الجوي ،والسيادة الجوية ،والدفاع لكلتا الدولتين .تم تأسيسها في
1958 /12/05بقيادة مشتركة بين كندا والوليات المتحدة ،وسميت قيادة الدفاع الجوي لمريكا الشمالية.
134
-خل ل سبتمبر ، 2000وقبل استلم إدارة "جورج بوش " ظهر تقرير أعدته مجموعة فكرية تعمل
في مشروع القرن المريكي الجديد ،كان أبرز المساهمين بها هم "ديك تشيني "" ،دونالد
رامسفيلد "" ،جيب بوش "" ،باو ل ولفووتز " ،سمي هذا التقرير "إعادة بناء دفاعات أمريكا " ،ذكر
به أن عملية التغيير المطلوبة ستكون بطيئة جدا بغياب أحدا ث كارثية جوهرية
-بتاريخ 2000 /24/10 :بدأ البنتاغون تدريبات ضخمة أطلق عليها اسم "ماسكا ل " .تضمنت
تدريبات ومحاكاة لصطدام طائرة "بوينغ " 757بمبنى البنتاغون.
-بتاريخ 2001 /01/01 :ظهرت تعليمات جديدة وبصورة فجائية من رئاسة الركان العسكرية
تمنع أي إدارة أو قوة جوية بالتدخل في حالت خطف الطائرات ،بدون تقديم طلب إلى وزير الدفاع
والذي يبت بالقرار النهائي بخصوص الجراء الذي يمكن أن يتم اتخاذه
-بتاريخ 06/09/2001 :قفز حجم بيع أسهم شركات الطيران المريكية بحجم بلغ أربعة أضعا ف
حجم البيع بغرض التخلص منها ،وفي 7سبتمبر قفز حجم البيع والتخلص من أسهم بوينغ
المريكية إلى حجم بلغ خمسة أضعا ف حجم البيع .وفي 8سبتمبر قفز حجم بيع أسهم شركة
أميريكان أيرلينز إلى حجم بلغ 11ضعف حجم البيع والتخلص الطبيعي لهذه السهم .وحركة
البيع والشراء اللحقة بعد الحدا ث وفرت أرباح وصلت إلى 1.7مليار دولر أمريكي
-بتاريخ ،2001 /10/09 :قام العديد من المسؤولين في مبنى البنتاغون بإلغاء رحلت طيرانهم
ليوم 11سبتمبر بصورة مفاجئة.
-أشارت تقارير عن رؤية أسامة بن لدن ليلة 11سبتمبر في مستشفى عسكري باكستاني حيث تم
إجلء جميع العاملين من قسم المسالك البولية حيث كان موجودا ،واستبدالهم بعاملين من الجيش
بحسب إحدى الموظفات به.
-مع تكرار النفي المريكي ذكرت تقارير الستخبارات الفرنسية أن أسامة بن لدن كان قد دخل
إلى المستشفى المريكي في دبي في 4يوليو 2001أي قبل شهرين من أحدا ث 11سبتمبر حيث
زاره أحد عملء وكالة الستخبارات المركزية ،والذي تم استدعاؤه بعد ذلك فورا إلى واشنطن. 1
المطلب الثاني:
بعض حالت العدوان التي تصدى لها مجلس المن بإرسال قوات حفظ السلم
2
- "Le vrai et tous les faux complots du 11 Septembre".le nouvel observateur.www.rue89.com.
.ص 24 - 2راجع:الوثيقة الرسمية الخاصة بالمؤتمر الستعراضي لنظام روما الساسي للمحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق
136
لقد وقعت حروب استلزمت تدخل مجلس المــن بإرســا ل قــوات حفــظ الســلم ،و ليــس الهــد ف مــن
إرسا ل تلك القوات توجيه ضربات عسكرية للدولة المعتدية كما هو الحــا ل فــي المطلــب الســابق ،و
إنما من أجل الوقو ف كعاز ل بين قوى الــدولتين المتنــازعتين ،و التمركــز بالمنــاطق المتــوترة الــتي
تفصل الدولتين المتناحرتين ،و ضمان المحافظة على أي إتفا.ق وقف إطل.ق النـار أو هدنـة أبرمــت
بين الطرفين ،و هو ما سنراه في الحالت التية.
1
-le conflit entre l'éthiopie et l'érythrée. .www.wikipedia.org/wiki
137
تقدمت الوفود باقتراحات متعددة ،كان واضحا منها تحيزهم إلى إثيوبيا .وأعيدت القضية
مرة أخرى للمناقشة في اللجنة السياسية ،ثم يطرح المر على المم المتحدة ،التي اتخذت بدورها
عددا من القرارات.
بدأت عصابات الشفتا في إريتريا ،مقاومة السلطات الحاكمة .وقد شجعت إثيوبيا ،حركة
الضطرابات الداخلية في إريتريا ،نتيجة لتصميم المبراطور هيلسيلسي ،على ضم إريتريا
لثيوبيا بأي وسيلة ،وعدم التفريط فيها .ويرجع ذلك أساسا لرغبة المبراطور في توسيع أرجاء
إمبراطوريته ،وإلى ضرورة إيجاد منفذ على البحر الحمر لدولته.1
لذا ،بدأت إثيوبيا في وضع العراقيل ،أمام استقل ل إريتريا ،ليتظهر أن الحل المثل ،هو
التحاد التام مع إثيوبيا ،وقد استغلت إثيوبيا ضعف صياغة قرار المم المتحدة ،لنه لن يحد ث
تكافؤ ،لتحاد يقوم بين طرفين ،أحدهما أقوى وأكبر من الطر ف الخر.
وكان على مفوض المم المتحدة ،إيجاد صورة مناسبة ،لدستور إريتريا ،الذي يقوم على
مبادئ الحكومة الديمقراطية .وهذا المبدأ يتنافى مع الفلسفة السياسية الخاصة بالنظام الثيوبي،
نظرا لن نظام الحكم الثيوبي ل يعتر ف بالحزاب ،في حين أن إريتريا في هذه الفترة ،كانت
تتمتع بوجود أحزاب متعددة لديها .كذلك ،فإن القرار ،لم ينص على شكل دستور دولة التحاد ،ول
على شكل الحكومة فيها.2
و كان سقوط المبراطور هيلسيلسي ،في عام 1974م ،فرصة مواتية للثورة الريترية ،للضغط
على الحكومة الجديدة ،لتحقيق مطالبها .وعلى الرغم من الخلفات الحادة ،التي كانت بين أجنحة
الثورة الريترية ،فإنها غامرت بهجوم مشترك ،في أوائل عام 1975م ،حقق بعض الهدا ف
العلمية والعسكرية ،ولم يحقق باقي أهدافه.
و الصراع الثيوبي الريتري يرتبط في جزء منه كذلك بالوضاع القتصادية ،وفي جانب
آخر بالقيادة السياسية في كلتا الدولتين ،وفي جانب ثالث يرتبط بالعامل النفسي في الصراع -وهذا
هو الهم -حيث ل يزا ل يشكل هاجسا كبيرا في علقة البلدين ،والذي انعكس بدوره على
ممارساتهما بعد استقل ل إريتريا الفعلي عام ،1991والرسمي عام . 1993
فإثيوبيا لم تنس أن إريتريا كانت في يوم من اليام خاضعة لها ،كما أنها كانت تشكل أهمية
بالغة لها نظرا لوجود موانئ إريترية على ساحل البحر الحمر كمينائي مصوع وعصب ،في حين
إثيوبياwww.islamicnews.net. -1را جع :معالم دولة .النزاع بين إيرتيريا و
2
- le conflit entre l'éthiopie et l'érythrée.www.wikipedia.org/wiki
138
أن إثيوبيا أصبحت دولة حبيسة بعد استقل ل إريتريا؛ ومن ثم فإن استقل ل إريتريا جعل إثيوبيا
خاضعة لــــــــها
فيما يتعلق بمبادلتها التجارية مع العالم الخارجي.و من هنا يمكن فهم أسباب معارضة القيادة
السياسية في إثيوبيا لستقل ل إريتريا ،بالرغم من معارضة ذلك لقرارات المم المتحدة ،فهذه
القيادة كانت ترى أنه ينبغي أن تظل إريتريا مرتبطة بها عبر شكل من أشكا ل الكونفدرالية.1
ولم يخف رئيس وزراء إثيوبيا ميليس زيناوي ذلك ،بل عبر عنه في مقابلة صحفية عام
-1991أشار فيها إلى معارضته لستقل ل إريتريا ،وموافقة بلده على إقامة علقة كونفدرالية
معها ،وأوضح أن السبب في ذلك يرجع إلى رغبة بلده في إيجاد منفذ لها على البحر ،وباستقل ل
إريتريا ستحرم بلده من هذا المنفذ ،ولعل هذا يفسر أسباب قيام إثيوبيا في الحرب بالوصو ل إلى
ميناء عصب ،وعدم اقتصارها على المناطق الحدودية.
ولقد اتضحت هذه الجزئية في التفاقات التي تم توقيعها عقب الستقل ل؛ إذ ضغطت
إثيوبيا على إريتريا لستغل ل ميناء مصوع مقابل دفع رسوم رمزية تبلغ %1.5فقط ،ثم طالبت
بإلغائها بعد ذلك.
وفي المقابل نجد أن إريتريا -منذ الستقل ل -حريصة على التخلص من عقدة النقص التي
لديها ومفادها أنها كانت محتلة من قبل إثيوبيا طيلة ما يزيد عن أربعة عقود؛ ومن ثم فهي تسعى
للتخلص من هذه التبعية ،وفي سبيل تحقيق ذلك اتخذت أسمره عدة إجراءات في هذا الشأن مثل
صك عملة جديدة لها عقب الستقل ل هي "النقفة " بعدما كان التعامل يتم من خل ل "البر "
الثيوبي ،وهو ما دفع أديس أبابا إلى الرد بقوة من خل ل فرض التعامل التجاري معها من خل ل
2
الدولر ،وهو أمر صعب على صغار التجار في إريتريا.
كما تلى ذلك اتخاذ إثيوبيا قرارا باستخدام ميناء جيبوتي من ناحية ثانية ،بالرغم من أن
التكلفة القتصادية ستكون أكبر ،وفرضت أديس أبابا عقوبات على التجار الذين يستخدمون ميناء
عصب.
أما فيما يلي فسيتم التطر.ق لطوار جريمة العدوان التي قامت بها ارتيريا عند غزوها
لثيوبيا
ثانيا -تطورات النزاع بين البلدين:
- 1راجع :النزاع بين إيرتيريا و إثيوبياwww.onu.org.
-2را جع :معالم دولة .النزاع بين إيرتيريا و إثيوبياwww.islamicnews.net .
139
بتاريخ 06/05/1998 :قام بعض الجنود اليريتيريين بالدخو ل إلى منطقة "بادم "
الموجودة شما ل إثيوبيا على طو ل الحدود اليريتيرية وتم تباد ل لطل.ق النار.
و بتاريخ 12/05/1998 :قامت قوات الجيش الريتيرية متكونة من مجموعتين من الجنود
النظاميين مدعمة بدبابات و مدفعية بمهاجمة عدة مدن بمنطقة "بادم " ،وواصلوا توغلهم إلى غاية
بلوغهم مدن في شر.ق البلد ،ليتصدى لهم الدفاع الثيوبي المكون من مجرد ميليشيات ،و مصالح
الشرطة الذين سرعان ما تراجعوا لعد قدرتهم على المقاومة .1
و بتاريخ 13/05/1998 :استجمعت إثيوبيا قواتها و شنت هجوما ضد إيريتيريا ،و تم تباد ل
القصف بالمدفعية و الدبابات لمدة أربع أسابيع ،ليتم التحو ل إلى الغارات الجوية المتبادلة التي
انتهت بسقوط ضحايا مدنيين من الطرفين ،و استمر الوضع المضطرب بين الدولتين و توالت
الهجومات من كل طر ف تخللتها فترات هدنة متفرقة .
و زيادة عن الضطرابات التي خلفها ذلك النزاع بالمنطقة ،بتحريك حركات قتالية
إنفصالية بالصوما ل ،أكدت أريتيريا مقتل 19.000من جنودها ،في حين تشير مصادر مطلعة إلى
انتهاء النزاع بسقوط 70.000قتيل من الطرفين ،و نفي 77.000مواطنا إيريتيريا من إثيوبيا
بحجة أنهم يشكلون خطرا على أمن البلد و تمت مصادرة أملك الكثير منهم ،لتزيد حدة أزمة
اللجئين بإيريتيريا ،كما تم سجن 7500إثيوبيا مقيم بإيريتيريا ،و تم ترحيل الل ف منهم ،في
حين تم البقاء على كل من له القدرة على دفع مبلغ 1000بير كضريبة فرضتها عليهم إثيوبيا.
و حسب منظمة حقو.ق النسان ،فإن السرى من الجانبين عانوا التعذيب و الغتصاب
2
و معاملت ل إنسانية ،ناهيك عن الوضعية القتصادية الكارثية التي آ ل إليها إقتصاد البلدين.
ثالثا -موقف مجلس المن:
بتاريخ 17/05/2000:اعتمد مجلس المن القرار رقم 1298 :و الذي فرض بمقتضاه
تدابير تستهد ف منع إمداد السلحة أو المساعدة المتعلقة بالسلح إلى البلديـــن ،وطالب المجلس
بإعـــــادة عقد -في أقرب فرصة ممكنة ،ودون شروط -محادثات سلم تحت إشرا ف منظمة
الوحدة الفريقية،
-1راجع :سهيل حسين الفتلوي .جرائم الحرب و جرائم العدوان .موسوعة القانون الدولي الجنائي .مرجع سابق.ص267 :
2
- le conflit entre l'éthiopie et l'érythrée.www.wikipedia.org/wiki
140
وعلى أساس اتفا.ق الطار ومنهجياته والعمل الذي قامت به منظمة الوحدة الفريقية حتى الن
والذي سيؤدي إلى التوصل إلى تسوية مؤكدة سلمية للصراع .1
و وفق هذا القرار الخير ،فإن على كل الدو ل المتناع عن بيع أو إمداد إريتريا وإثيوبيا
بالسلحة والذخائر والمركبات العسكرية والعتاد وقطع الغيار ،بالضافة إلى عدم توفير أي معونة
فنية للبلدين أو تدريب مرتبط بإنتاج أو استخدام السلحة.
وفي ،31/06/2000أصدر مجلس المن قراره رقم 1312:المتضمن إحدا ث مهمة للمم
المتحدة في إثيوبيا وإريتريا ) (UNMEEبتأطير 100مراقب عسكري وموظفي الدعم المدنيين
الضروريين توقعا لعملية حفظ سلم ،و تتمثل المهمة فـــي:
-ضمان مواصلة التصا ل مع الطرفين
-زيارة المقرين العسكريين لكل من الطرفين ،من قبل المين العام وكذا وحدات العمليات الخاصة
بالبعثة في كل المناطق ،والتي تعتبر ضرورية
-إقامة وإعما ل آلية للتحقق من وقف عمليات القتا ل ،والعداد لقامة لجنة التنسيق العسكرية التي
نص عليها اتفا.ق وقف عمليات القتا ل؛ والمساعدة في التخطيط لعملية حفظ السلم في المستقبل.
وقد حدد المين العام في تقريره إلى مجلس المن في التاسع من شهر أوت ولية بعثة المم
المتحدة في إثيوبيا وإريتيريا الموسعة ،وأوصى بإجمالي 4 200عسكري بما في ذلك 220
مراقب عسكري وثلثة كتائب مشاة ووحدات الدعم الضرورية لمراقبة وقف إطل.ق النار وترسيم
2
الحدود بين إثيوبيا وإريتريا.
و في الوقت نفسه واصلت الطرا ف المفاوضات التي تستهد ف التسوية السلمية الشاملة
والنهائية للصراع .وأسفرت المحادثات التي تولى الوساطة فيها الرئيس الجزائري "عبد العزيز
بوتفليقة " عن توقيع اتفا.ق سلم شامل في 12/12/2000 :في الجزائر بين إثيوبيا وإريتريا ،وفي
حفل توقيع التفا.ق ،رحب المين العام ،الذي تحد ث آنذاك ،بالتفا.ق ووصفه بأنه انتصار لصوت
العقل ولقوة الدبلوماسية ،وللدراك بأن ل البلدان ول القارة ككل يمكن أن تتحمل عقدا آخر أو سنة
أخرى أو يوما آخر من الصراعات.
وصرح المين العام للمم المتحدة " :إن المم المتحدة والمجتمع الدولي عازمان على
العمل بشكل وثيق مع الطرفين لضمان تنفيذ التفا.ق الذي وقع اليوم بحيث يمكن تحقيق السلم
1
راجع نفس المرجع -
إثيوبياwww.onu.org. - 2راجع:النزاع بين إيرتيريا و
141
الدائم وبدء العمل في إعادة العمار " ،وأكد أن بعثة المم المتحدة في إثيوبيا وإريتريا سو ف تنجز
مهامها بسرعة ،مضيفا " :إن لدينا مهمة يجب القيام بها ،سنقوم بها بفعالية وكفاءة ثم بعدئذ
سننسحب " .و وجه المين العام الذي زار إثيوبيا وإريتريا قبل توقيع التفا.ق ،الهتمام إلى الزمة
النسانية التي تواجه البلدان.
وبتوقيع اتفا.ق السلم تعهد الطرفان بإنهاء دائم لعمليات القتا ل العسكرية بينهما ،والمتناع
1
. . عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها
و على الرغم من أن العملية العسكرية التي قامت بها إيريتيريا ضد إثيوبيا بغزوها لعدة
مدن منها تعد عدوانا حقيقيا ،و أن تصدي مجلس المن للحالة كان فعال ،إل أنه هناك من يقو ل
بأن السبب الحقيقي لتدخل مجلس المن ،يعود إلى رغبة بعض الدو ل الغربية بوضع منطقة القرن
الفريقي تحت الهيمنة الغربية بسبب كونه يعد ممرا لناقلت النفط بين الخليج و الدو ل الغربية عبر
البحر الحمر.2
من خل ل ما تم التطر.ق إليه من أمثلة لحالت عدوان تصدى لها مجلس المن ،يمكن
العترا ف بأن مجلس المن تدخل في حالت عدوان استدعت خطورتها تدخله نظرا لمساسها
بالمن و السلم الدوليين ،و أصدر قرارات تهد ف إلى وقف ذلك العدوان و إرجاع المور إلى
نصابها.
غير أنه بالرجوع إلى تبعات التدخل العسكري لمجلس المن التي تتم اعتمادا على
تشكيلت من القوات العسكرية للدو ل العظمى عادة ،يتبين بالنظر إلى إفراطه أحيانا في استعما ل
القوة مثلما فعل مع العرا.ق ،و سقوط عدد هائل من المدنيين ضحايا لعملياته العسكرية ،أن القوات
العظمى المشكلة للقوات الممية تهد ف إلى النتقام من بعض الدو ل التي ترى فيها تهديدا
لمصالحها ،كما حد ث عند غزو العرا.ق و إعدام رئيسها.
و بالرجوع إلى مدة مكوثها المبالغ فيها بأقاليم الدو ل التي قامت بغزوها ،تحت غطاء
قرارات مجلس المن لتسببها في حالت إخل ل بالمن و السلم الدوليين ،فإنه يتضح جليا أن الهد ف
من ذلك هو استنفاذ ثرواتها ،و إيجاد موطيء قدم لها في تلك المناطق ،و تمكين مؤسساتها من
الستثمار فيها و جني الرباح الطائلة ،كما حد ث في العرا.ق و أفغانستان.
- 1راجع:نفس المرجع
- 2راجع :سهيل حسين الفتلوي .جرائم الحرب و جرائم العدوان .موسوعة القانون الدولي الجنائي .مرجع سابق.ص267 :
142
و على سبيل المثا ل فإن مؤسسة "بلك ووتر " 1الخاصة بحراسة الموا ل و الشخصيات قد
حققت أرباحا خيالية من نشاطها بإقليمي العرا.ق و أفغانستان ،المر الذي يعزز العتقاد بأن رغبة
العضاء الدائمين بمجلس المن في تحقيق مكاسب شخصية أدى إلى تسببها بشكل غير مباشر،
في تحويل مجلس المن عن مهمته الساسية المتمثلة في الحفاظ على المن و السلم الدوليين .
-1السباب التاريخية:
بدأ التوتر في المنطقة في التزايد بين الشعور القومي المتصاعد على حد سواء بين
الجورجيين والوسيتيين في عام ،1989وقبل ذلك ،عاشت الطائفتان في سلم مع بعضهما البعض
" - 1بلك ووتر " مؤسسة عسكرية أمريكية خاصة تختص بتأمين الموا ل و الشخصيات من العتداءات وتوفير كل المعدات
المنية ،كالسيارات المصفحة و كاميرات المراقبة ،و الحرس الشخصي ،يعمل لديها جنود مرتزقة يتمتعون بخبرة عالية ،كان
أغلبهم يعمل سابقا في الجيش المريكي أو بعض جيوش الدو ل الوروبية ،تم تغيير تسميتها إلى " " Xeفي 13/02/2009تلجأ
لخدماتها بعض الدوائر الحكومية و أصحاب العما ل في العرا.ق و أفغانستان خاصة ،لتأمينهم و أموالهم من العتداءات في ظل
الظرو ف المنية المتردية التي تطبع تلك المناطق.
2
- Le conflit russo-georgien- www.larousse.fr/encyclopedie/article. p.4
143
باستثناء نزاعات خل ل1920-1918 :و تعايش الشعبان في مستوى عا ل من التفاعل و ارتفعت
معدلت الزيجات المختلطة.
وبتاريخ 10 :نوفمبر ،1989طلب المجلس القليمي لوسيتيا الجنوبية من المجلس العلى
الجورجي رفع تمثيل المنطقة إلى "جمهورية ذاتية الحكم " ،وحدد المجلس العلى الجورجي اللغة
الجورجية لغة رئيسية في كافة أرجاء البلد.
اعتمد المجلس الجورجي العلى سنة 1990قانونا لم تستسغه أوسيتيا ،مما دفع بالوسيتيين إلى
إعلن بلدهم جمهورية أوسيتيا الجنوبية الديمقراطية في 20سبتمبر ،1990كاملة السيادة داخل
اتحاد الجمهوريات الشتراكية السوفياتية و قاطع الوسيتيون النتخابات البرلمانية الجورجية
اللحقة و عقدوا انتخاباتهم الخاصة في ديسمبرمن نفس السنة ،و كرد فعل أعلنت الحكومة
الجورجية برئاسة زفياد جامساخورديا هذه النتخابات غير شرعية و ألغت حالة الحكم الذاتي الذي
1
تمتعت به أوسيتيا الجنوبية تماما في 11ديسمبر .1990
اندلعت إثر ذلك صراعات عنيفة مع نهاية عام 1990و أرسل وزيرا داخلية روسيا وجورجيا
قوات إلى أوسيتيا الجنوبية في ديسمبر ،و اندلعت الحرب في 5يناير ،1991عندما دخلت القوات
الجورجية تسخينفالي.وقد تميز القتا ل عموما بتجاهل القانون النساني الدولي من ميليشيات ل
يمكن السيطرة عليها ،حيث تم مهاجمة و إحرا.ق العديد من قرى جنوب أوسيتيا خل ل الحرب ،و
كذلك المناز ل والمدارس الجورجية في تسخينفالي عاصمة أوسيتيا الجنوبية.
نتيجة لذلك ،توفي ما يقرب من 1000من الوسيتيين و فر نحو 100.000من القليم و
جورجيا عابرين الحدود إلى أوسيتيا الشمالية ،كما نزح نحو 23000من الجورجيين من أوسيتيا
الجنوبية و استقروا في أجزاء أخرى من جورجياو جرى توطين العديدين من أوسيتيا الجنوبية في
مناطق غير مأهولة في أوسيتيا الشمالية و هي المناطق التي طرد منها النغوش في عهد ستالين
في عام ،1944مما أدى إلى صراع بين أوسيتيا و أنغوشيا على حق القامة في الراضي
النغوشية السابقة.2
-2السباب السياسية:
- 1لقد أبدى وفد التحاد الروسي ارتياحه بخصوص التوصل إلى توافق الراء حو ل القرار المتعلق بجريمة العدوان مقدما شكره
لرئيس فريق العمل على مجهوداته المبذولة للتوصل إلى ذلك ،مبديا موافقته على الحكام المتوصل إليها بموجب المادتين15 :
مكرر فقرة 3و 15مكرر ثانيا ،وهو المر الذي لم يتعارض مع الموقف اليجابي للتحاد السوفياتي سابقا من ضرورة التوصل
إلى تعريف لجريمة العدوان لدراجها ضمن اختصاص المحكمة ،و كان بيان ممثل الوفد كالتالي " :أود ،يا سيادة الرئيس ،أن أتقدم
إليكم بالشكر أول على الجهود الجبارة التي بذلتموها لتحقيق هذه النتيجة .أنتم ،أيضا أيها المير زيد ،وفريقكم بأكمله أنجز عمل
ضخما.لقد مكنتم المؤتمر من التوصل إلى توافق في الراء حو ل القرار المتعلق بجريمة العدوان،وفي أي توافق للراء ،ل يمكن
لجميع عناصر قرار يتخذ بتوافق الراء أن تكون مرضية لجميع الفراد ،ول نرى بوجه خاص ،أن القرار المتخذ بتوافق الراء
الذي انعقد في هذا المكان يعكس على النحو الكامل النظام القائم للحفاظ على السلم والمن الذي يرأسه مجلس المن وأول وقبل كل
شيء في مجا ل المتيازات التي يتمتع بها مجلس المن في تحديد وجود عمل عدواني .وعلى أية حا ل فإن القرار قد اتخذ وسنواصل
التعامل معه ،ونحن نعتقد أن القرار الذي اتخذ بتوافق الراء والوارد في الفقرة 3من المادة 15مكررا والمادة 15مكررا ثانيا
سيمارس في ظل التقيد الكامل بميثا.ق المم المتحدة ،وسو ف نعمل في سبيل تحقيق هذا الهد ف ".
2
- Le conflit russo-georgien- www.larousse.fr/encyclopedie/article. p.2
145
أفراد من أوسيتيا الجنوبية و أوسيتيا الشمالية و الروس و الجورجيين بحصص متساوية ،غير
1
محايدة.
ثانيا -أطوار النزاع:
بدأ التمهيد للصراع باشتباكات عنيفة بتاريخ 06/08/2008 :حيث ادعى كلى الجانبين
تعرضهما لطل.ق نار من الجانب الخر ،إذ صرحت السلطات النفصالية في أوسيتيا الجنوبية
أن جورجيا قصفت قرى أوسيتيا الجنوبية مما أسفر عن مقتل ستة أوسيتيين.
بينما ردت وزارة الداخلية الجورجية أن القوات الجورجية ردت على إطل.ق النار فقط بعد
أن قصفت أوسيتيا الجنوبية مواقع قرى جورجية تسيطر عليها ،مما أسفر عن إصابة ستة مدنيين و
شرطي جورجي واحد .كما اتهم وزير الداخلية الجورجي الجانب الوسيتي الجنوبي بـ "محاولة
خلق وهم تصعيد خطير ،وهم حرب " .بالضافة إلى ذلك ،اتهم قائد وحدة حفظ السلم الجورجية،
قوات حفظ السلم الروسية بالمشاركة في قصف القرى الجورجية.و نفت أوسيتيا الجنوبية تسببها
في إثارة النزاع.
و وفقا لتصريحات الجيش الروسي فإنه على مدى عدة أيام في أوائل شهر أوت ،ركز
الجورجيون عددا كبيرا من القوات والعتاد ،بما في ذلك كامل كتائب المشاة الثانية و الثالثة و
الرابعة و لواء المدفعية و عناصر من لواء المشاة الو ل و كتيبة دبابات غوري ،بحيث وصل
المجموع إلى 16000رجل في الجيوب الجورجية في منطقة النزاع في أوسيتيا الجنوبية ،تحت
غطاء تقديم الدعم لتباد ل إطل.ق النار مع التشكيلت الوسيتية ".في حين يعطي المعهد الدولي
للدراسات الستراتيجية و خبراء الستخبارات الغربية تقديرات أقل ،حيث يقولون أن جورجيا
حشدت نحو 12000من الجنود و 75دبابة على الحدود مع أوسيتيا الجنوبية بحلو ل تاريخ:
.2 07/08/2008
وافقت جورجيا في السابع من أوت على وقف لطل.ق النار مع أوسيتيا الجنوبية ،و رغم
ذلك ،أطلقت في الساعات الولى من تاريخ ،08/08/2008 :هجوما واسع النطا.ق .وفقا لتقرير
أعدته الحكومة الجورجية ،تحرك الجيش الجورجي بعد دخو ل عدد كبير من القوات الروسية و
نحو 150عربة مدرعة و شاحنة ،أراضي أوسيتيا الجنوبية من خل ل نفق روكي و زعم التقرير
.ص 24 - 1راجع:الوثيقة الرسمية الخاصة بالمؤتمر الستعراضي لنظام روما الساسي للمحكمة الجنائية الدولية .مرجع سابق
-2أوسيتيا الجنوبيةwww.wikipedia.org/wiki .
-3راجع :سهيل حسين الفتلوي .جرائم الحرب و جرائم العدوان .موسوعة القانون الدولي الجنائي .مرجع سابق.ص265 :
148
الموا ل و تهديدها بحق ،المن و السلم الدوليين ،فهناك ما أصدر بشأنها قرارات دون أثر على
أرض الواقع ،و أخرى لم يتطر.ق لها إطلقا ،و هو ما سنراه في مايلي :
المطلب الول:
إصدار مجلس المن قرارات شكلية دون التدخل الميداني لحل النزاع
و من المثلة على ذلك العدوان على إيران سنة ، 1980إذ أنه بالرغم من مرور زهاء
ثمانية سنوات من نشوب حرب ضروس بين العرا.ق و إيران ،كادت تعصف بالمنطقة كافة ،إل أن
مجلس المن بقي مكتو ف اليدي ،ليصدر عند نهاية الحرب قرارا شكليا يتضمن رجاءا للدولتين
من أجل وقف القتا ل دون أن يدعمه بأي تدخل ميداني.
كما أن العدوان على العرا.ق من طر ف أمريكا كان من أهم الحدا ث التي هزت المجتمع
الدولي في ذلك الوقت ،و بالرغم من الجماع الدولي على أن غزو الحلفاء بقيادة أمريكا للعرا.ق ل
يستند إلى أي شرعية دولية غير أن المين العام للمم المتحدة إكتفى بالتصريح بأن الحرب على
العرا.ق غير قانونية ،دون أي تدخل لقوات المم المتحدة ليقا ف ذلك و هو ما سنراه فيما يلي .
150
إلى "العواقب الكارثية" ،كما وردت في النص ،بالستخدا م غير المشروع للقوة بأسلحة الدمار
الشامل.
أما ملحظتنا الثانية فتتعلق بالرجوع إلى عنصر تفسير ميثاق المم المتحدة .إذ ترى
جمهورية إيران السلمية أن إدراج هذا المرجع ،بناءا على طلب من وفدنا ،ستحد من الستخدا م
المشروع للقوة المقسلحة ليقتصر على الحالتين الوحيدتين المنصوص عليهما في هذا الصك حق
الدولة في الدفاع الفردي عن النفس عندما تكون ضحية عدوان مقسلح ،وعندما يسمح مجلس
المن ،في إطار الفصل السابع من الميثاق ،للدول العضاء في المم المتحدة باللجوء إلى القوة
1
المقسلحة".
و سنتناول فيما يلي السباب التي أدت إلى قيا م العدوان ضد إيران .
-1راجع :الوثيقة الرسمية الخاصة بالمؤتمر الستعراضي لنظام روما الساسي للمحكمة الجنائية الدولية.مرجع سابق .ص 174
2
- irak-iran-guerre. http://www.universalis.fr/encyclopedie
151
في 4سبتمبر 1980اتهمت العرا.ق اليرانيين بقصف البلدات الحدودية العراقية واعتبر
العرا.ق ذلك بداية للحرب ،فقام الرئيس العراقي صدام حسين بإلغاء اتفاقية عام 1975مع إيران في
17سبتمبر 1980واعتبار مياه شط العرب كاملة جزءا من المياه القليمية العراقية.
وفي 22سبتمبر 1980هاجم العرا.ق أهدافا في العمق اليراني ،وردت إيران بقصف
أهدا ف عسكرية واقتصادية عراقية ،و استغلت إسرائيل 1الفرصة لتقوم بغارة جوية خاطفة على
إيران و تقصف مواقع بها ،مبررة ذلك بأن تلك المواقع تحتضن مراكز للسلحة الكيماوية ،تشكل
خطرا على المنطقة .
2
و توالت المعارك العسكرية بين الدولتين التي استعملت فيها حتى السلحة الكيماوية
لتخلف نحو مليون قتيل وخسائر مالية بلغت 400مليار دولر أمريكي ،و دامت الحرب ثمانية
سنوات لتكون بذلك أطو ل نزاع عسكري في القرن العشرين.3
ثانيا -وقف إطلق النار:
وافق البلدان على وقف إطل.ق النار بتاريخ 20/08/1988 :لتبدأ بعدها المفاوضات
المباشرة بين العرا.ق وإيران في جنيف ما بين 25أوت و 7سبتمبر ،1988وكان على
4
المتفاوضين بحث قرار مجلس المن رقم 598والذي يتضمن 5نقاط هي:
-وقف إطل.ق النار
-النسحاب إلى الحدود الدولية
-تباد ل السرى
-عقد مفاوضات السلم
-إعمار البلدين بمساعدة دولية
فشلت الجولة الولى وتوقفت عند المطلب الو ل )وقف إطل.ق النار( بسبب الختل ف على تطبيقه
بحرا حيث أصرت إيران على تفتيش السفن العابرة لمضيق هرمز وهو ما رفضه العرا.ق.
- 1لقد كانت إسرائيل من الدو ل المعارضة لفكرة إدراج جريمة العدوان ضمن اختصاص المحكمة و ذلك خل ل اجتماعات اللجنة
التحضيرية لنشاء المحكمة الجنائية الدولية مبررة موقفها في كل مرة بعدم وجود تعريف دقيق للجريمة يمكن المحكمة من محاكمة
مرتكبيها.و أبدى ممثل إسرائيل انشغاله من بعض النقائص التي اكتنفت تعريف جريمة العدوان خل ل كمبالو قد حصرها في
تصريحه التي" :كما سبق أن أكدت إسرائيل خل ل هذه العملية ،هناك شواغل وأسئلة جادة عديدة تتعلق بتعريف العمل العدواني ما
زالت عالقة بما في ذلك معرفة إلى أي حد يخل ذلك التعريف بالقانون الدولي العرفي ،لسيما فيما يتعلق " بالعمل العدواني " .وهناك
أمور متعددة تثير قلقنا من بينها الغموض الذي يكتنف تفسير بعض المصطلحات وافتقارها إلى الوضوح القانوني الكافي ،ونلحظ
في هذا الصدد استخدام عبارة تفاهمات التي اعتمدها المؤتمر الستعراضي ونراها جزءا ل يتجزأ من التعديل ".
2
- La guerre_Iran-Irak. http://lyc-perrin-soa.ac-versailles.fr/portail/IMG/pdf/.
-راجع :حرب الخليج الولىar.wikipedia.org/wiki . 3
-راجع :الحرب اليرانية العراقية من وجهة نظر عربية .موسوعة المقاتلwww.moqatel.com . 4
152
الجولة الثانية انعقدت في نيويورك ما بين 1و 5أكتوبر 1988على هامش انعقاد الدورة
الثالثة والربعين للجمعية العمومية للمم المتحدة حاو ل خللها المين العام للمم المتحدة التقريب
بين وجهات النظر للطرفين.
في 20أكتوبر قدم العرا.ق طلبا لتباد ل السرى إل أن إيران رفضته فبادر العرا.ق إلى
الفراج عن السرى اليرانيين المرضى لديه ) 465أسيراا( ،مما دفع إيران لتخاذ إجراء مماثل.
وفي 31أكتوبر بدأت جولة جديدة من المفاوضات في جنيف بدعوة من المين العام للمم
المتحدة إل أنه لم تكن بأفضل حال من الجولت التي سبقتها مما أجبر المانة العامة إلى التنقل بين
بغداد وطهران لتقريب وجهات النظر بين البلدين.
في أوت 1990انسحبت القوات العراقية فجأة من الراضي اليرانية ) 2,500كم مربع(
وسلمت جميع السرى اليرانيين المسجلين عندها ،لتغزو القوات العراقية الكويت في 2أوت
.1990
- 1راجع :سهيل حسين الفتلوي .جرائم الحرب و جرائم العدوان .موسوعة القانون الدولي الجنائي مرجع سابق .ص274:
153
-الفرع الثاني :العدوان على العراق سنة 2003
شهد العالم بتاريخ 20مارس 2003جريمة من أكبر جرائم العدوان التي وقعت في العالم
المعاصر ،و التي لقت استنكارا كبيرا من طر ف المجتمع الدولي لما خلفته من كوار ث إنسانية ما
يزا ل العرا.ق يعاني منها إلى غاية الساعة ،و يتعلق المر بغزو العرا.ق ،أو ما يسمى بحرب الخليج
الثالثة التي تمت بغزو العرا.ق من قبل القوات المتعدد الجنسيات التي تقودها الوليات المتحدة
المريكية و بريطانيا بحجة أن العرا.ق يمتلك أسلحة دمار شامل وذلك يهدد أمنها وأمن حلفائها من
قوات التحالف.1
و من المفارقات أن تدعي أمريكا بأنها الحامية لحقو.ق النسان في العالم ،و تؤيد تفعيل
إختصاص المحكمة الجنائية الدولية لنظر جريمة العدوان ،في حين أنها سمحت لنفسها بارتكاب
أكبر جريمة عدوان في القرن .
وعن دور مجلس المن في معاينة حالت العدوان في العالم المن أكدت الوليات المتحدة
على أهميته بخصوص تقرير وجود حالة عدوان من خلل تصريح ممثلها " :تضم الوليات
المتحدة صوتها إلى الموقف المبدئي الدقيق المعرب عنه في الراء التي عرضتها توا حكومتا
فرنسا والمملكة المتحدة بشأن رجحان كفة مجلس المن بموجب المادة 39من ميثاق المم
المتحدة بخصوص تقرير مدى وجود عمل من أعمال العدوان وبشأن المسؤولية الرئيسية للمجلس
فيما يتعلق بمسائل السلم والمن الدوليين".2
و قد صرح ممثل أمريكا تعليقا على القرارات المتوصل إليها بخصوص جريمة العدوان
بضرورة اعتمادها بموجب مؤتمر استعراضي آخر يعقد بعد تاريخ 01/01/2017 :وليس
بموجب إجتماع بسيط لجمعية الدول الطرا ف نظرا لن التعديلت شملت نقاطا أساسية في
القانون و ذلك بالقول" :وإننا نعتقد أن المؤتمر الستعراضي قد اتخذ قرارا حكميا بتأجيل تنفيذ
الحكا م المتعلقة بجريمة العدوان بغية التمكين من بحث الثار العملية للطريقتين المقترحتين
للتطبيق العملي للحكا م المتعلقة بهذه الجريمة.
ونحن نلحظ باهتما م ،النص الجديد منكم ،والذي يذكر أول وجوب اتخاذ قرارات إيجابية
بعد 1جانفي 2017فيما يتعلق بإحالت مجلس المن والحالت التي تجري تلقائيا ومن جانب
- 1راجع :نفس المرجع ص275:
- 2راجع :الوثيقة الرسمية الخاصة بالمؤتمر الستعراضي لنظام روما الساسي للمحكمة الجنائية الدولية.مرجع سابق .ص 176
154
الدول؛ وثانيا ،وجوب صدور هذه القرارات بذات أغلبية الدول الطرا ف المطلوبة لعتماد أي
تعديل لنظا م روما الساسي.
وكما أوضحت بجلء مداولتنا هنا خلل السبوعين الماضيين ،يوجد اختل ف ها م بين
الجراءات التي ينبغي استخدامها فيما يتعلق بالقرارات الدستورية للمحكمة والجراءات المتعلقة
بالقرارات الروتينية التي تصدر عن هذه الهيئة.
فالقرارات المتعلقة بالتعديلت الساسية لنظا م روما الساسي ينبغي اتخاذها في التجمعات
الدستورية الدورية مثل المؤتمر الستعراضي ،حيث تشير السوابق التي أنشأها هذا المؤتمر
إشارة قوية إلى أن القاعدة التي يقو م عليها اتخاذ القرارات هي توافق الراء ،ل أن تصدر كجزء
من أصوات منازع فيها يدلى بها وسط التمثيل الخذ في التحول أو كجزء من العملية المعتادة
لصنع القرار التي تحدث في الجتماعات العادية لجمعية الدول الطرا ف حيث توجد عوامل
كثيرة تصر ف النتباه ،ول يمكن تقييم المسائل المعقدة المتعلقة بالبنية الدستورية تقييما كامل
ودقيقا.
ولهذا السبب ،واستنادا إلى مناقشاتنا العامة مع كثير من الوفود هنا ،فإننا نفهم أنه يوجد
تأييد
عا م لفكرة أن أي قرارات تتخذ بعد 1جانفي 2017بخصوص العتماد المحتمل لشروط ممارسة
الختصاص بشأن جريمة العدوان إنما يتعين اتخاذها في مؤتمر استعراضي حيث يجب اتخاذ
القرارات على القل بذات الغلبية من الدول من هذا القبيل ،بالنظر في أي تعديلت مقترحة
تتصل بالنظا م الساسي بهد ف تعزيز المحكمة .وإننا نقرأ صيغة الفقرة 3من المادتين الجديدتين
10مكررا و 10مكررا ثانيا على أنهما تسمحان هذا النهج المعقول.
خلصة القول ،أن بحث الحاجة إلى إدخال تعديلت وتغييرات أساسية أخرى على نظا م
روما الساسي في المؤتمرات الستعراضية وليس في الجتماعات العادية لجمعية الدول
الطرا ف سيكون هو الستراتيجية الكثر اتصافا بالمحكمة والحصانة فيما يتعلق بتطوير المحكمة
1
الجنائية الدولية في شكل مؤسسة دولية سليمة".
و فيما يلي سنتعر ف على المبررات التي قدمتها الوليات المتحدة لشعبها أول و للرأي
العا م الدولي ثانيا للقيا م بالغزو على العراق.
-1راجع الوثيقة الرسمية الخاصة بالمؤتمر الستعراضي لنظام روما الساسي للمحكمة الجنائية الدولية.مرجع سابق .ص 176
155
أول -مبررات العدوان على العراق:
كان تبرير امتلك العرا.ق لسلحة الدمار الشامل 1من أهم التبريرات التي حاولت الدارة
المريكية وعلى لسان وزير خارجيتها "كولن باو ل " ترويجها في المم المتحدة ومجلس المن.
قبل وقوع الحرب صرح كبير مفتشي السلحة في العرا.ق "هانز بليكس " أن فريقه لم يعثر
على أسلحة نووية وكيمياوية وبيولوجية ولكنه عثر على صواريخ تفو.ق مداها المدى المقرر في
قرار المم المتحدة المرقم 687في عام 1991وهو 150كم ،وكان العرا.ق يطلق على هذه
الصواريخ اسم "صواريخ الصمود " ،وقد وافق صدام حسين ومحاولة منه لتفادي الصراع على
تدميرها من قبل فريق "هانز بليكس ".2
كما اتهم بعض المسؤولين المريكيين الرئيس العراقي الراحل "صدام حسين " بدعم وإيواء تنظيم
القاعدة ،ولكن لم يتم العثور على دليل بوجود أي علقة تعاون بينهما على الطل.ق ،وهناك عدة
إتهامات وأسباب لغزو العرا.ق ذكرها عدة مسؤولين أمريكيين منها:
-1الدعم المالي للمقاتلين الفلسطينيين.
-2انتهاكات حقو.ق النسان من قبل الحكومة العراقية.
-3زعم محاولة قوات التحالف نشر الديمقراطية في العرا.ق.
.4وقا ل بعض المسؤولون أن احتياطي النفط في العرا.ق كان سببا في قرار الغزو ،ولكن مسؤولين
3
آخرين نفوا ذلك السبب.
وكانت عملية غزو العرا.ق سريعة جدا بسبب هزيمة الجيش العراقي ،واعتقا ل صدام حسين،
و تم احتل ل العرا.ق من قبل قوات التحالف ،بعدها بدأت أعما ل العنف بين قوات التحالف
والجماعات المختلفة في العرا.ق ،وبدأ التمرد في العرا.ق والحرب الغير متكافئة والصراع بين
السنة والشيعة.
1
Charles-Philippe DAVID . L'invasion de l'Irak : les dessous de la prise de décision de la présidence Bush.
. Dalloz/I.R.I.S. . Revue internationale et stratégique.2005/1 .ISSN 1287-1672 . ISBN 2247060986 . page 10
- 2راجع :التسلسل الزمني لغزو العرا.قar.wikipedia.org/wiki .
- 3راجع :غزو العرا.قar.wikipedia.org/wiki .
156
أصدر مجلس المن القرار رقم 1441 :الذي دعى فيه إلى عودة لجان التفتيش عن السلحة
إلى العرا.ق ،وفي حالة رفض العرا.ق التعاون مع هذه اللجان فإنه سيتحمل "عواقب وخيمة " ،ولم
يتم ذكر كلمة استعما ل القوة في القرار رقم 1441:وعندما وافق عليه مجلس المن بالجماع لم
يكن في تصور الدو ل المصوتة أن "العواقب الوخيمة " كانت محاولة دبلوماسية من الوليات
المتحدة لتشريع الحملة العسكرية ومن الجدير بالذكر أن المين العام للمم المتحدة كوفي عنان
صرح بعد سقوط بغداد أن الغزو كان منافيا لدستور المم المتحدة.
عند صدور القرار أعلنت كل من روسيا والصين وفرنسا وهم من العضاء الدائمين في
مجلس المن أن القرار 1441ل يعطي الصلحية باستعما ل القوة ضد العرا.ق وكان هذا الموقف
هو نفس الموقف المريكي والبريطاني في بداية المر ،لكن موقف الوليات المتحدة تغير بعد ذلك
ويعتقد بعض المراقبين أن الوليات المتحدة كانت مصممة على استهدا ف العرا.ق عسكريا بغض
النظر عن إجماع
المم المتحدة ،وأن لجوءها للمم المتحدة كان محاولة لكسب شرعية دولية للحرب على غرار
حرب الخليج الثانية.1
كما كانت المملكة المتحدة وحتى أيام قبل بدء الحملة العسكرية تحاو ل الحصو ل على قرار
دولي صريح وبدون غموض يشرع استخدام القوة على عكس الدارة المريكية التي بدت قبل أيام
من بدأ الحملة غير مبالية كثيرا بالحصو ل على إجماع دولي ،ويرجع هذا إلى الختل ف الشاسع في
وجهتي نظر الشارع البريطاني والمريكي تجاه الحرب فعلى عكس الشارع المريكي الذي كان
أغلبه ليمانع
و إني أرى أن مجلس المن لم يقم بأي خطوة إيجابية لوقف عملية الغزو التي شنتها قوات
التحالف على العرا.ق ،و التزم الصمت حيا ل ذلك بالرغم من أن ملمح جريمة العدوان كانت
واضحة ،وبالرغم من أن ميثا.ق المم المتحدة ينص على أنه ل يحق لدولة عضو في المم المتحدة
تهديد أو استعما ل القوة ضد دولة ذات سيادة لغراض غير أغراض الدفاع عن النفس.
و قد اكتفى كوفي عنان كما سبق ذكره بالتصريح بعدم شرعية العدوان على العرا.ق ،دون
اتخاذ أي إجراءات ملموسة في ذلك الخصوص ،المر الذي يعزز صحة الرأي القائل بأن للدو ل
العظمى تأثير كبير على مجلس المن ،و أن عدالة الكيل بمكيالين أصبحت هي المعيار المعتمد
من طر ف مجلس المن لمعالجة القضايا الدولية التي تستدعي تدخله وفقا لميثا.ق المم المتحدة.
المطلب الثاني:
عدم إصدار مجلس المن أي قرار للتصدي للنزاع
سنتناو ل فيما يلي بعض حالت العدوان الواضحة و التي لم يصدر مجلس المن بشأنها أي
قرار ،و لم يصدر أي تعليق من مسؤولي المم المتحدة على تلك الحالت ،و كأن تلك النزاعات ل
تعنيهم بالرغم من اكتسائها تهديدا كبيرا للسلم بالمنطقة ،و نذكر على سبيل المثا ل العدوان على
الجزائر سنة ،1963سببه النزاع على الحدود التي لم تكن مضبوطة بين البلدين و الذي تم حله
- 1لقد ورد بكلمة ممثل الوفد الممثل للمملكة المتحدة تركيز كبير على دور مجلس المن في معاينة حالت العدوان و إحالتها على
المحكمة ،و هو المر الذي سبق لها إثارته خل ل اجتماعات اللجنة التحضيرية لنشاء المحكمة الجنائية الدولية ،كما أنها لم تكن
تعارض فكرة إدراج العدوان ضمن اختصاص المحكمة ،وهو المبدأ الذي جاء متسقا مع بيان ممثلها بقوله " :هناك مسائل أساسية
مبدئية ترى المملكة المتحدة ،شأنها في ذلك كشأن غيرها ،أنها محل رهان بالنسبة إليها فيما يخص مسألة العدوان ولكن تسلم بأن
لغيرها نظرته كذلك .ويرى وفدي أن النص الذي اعتمد منذ هنيهة ل يمكن له أن يقيد رجحان كفة مجلس المن التابع للمم المتحدة
فيما يتصل بالحفاظ على السلم والمن الدوليين .وفي هذا الصدد أود أن استرعي النتباه إلى المادة 39من ميثا.ق المم
المتحدة،والمملكة المتحدة ،باعتبارها عضوا دائما في مجلس المن ودولة طرفا في المحكمة الجنائية الدولية في وقت واحد ،تعتقد
جازم العتقاد أنه ينبغي أن تكون هناك علقة تداعم متبادلة بين المجلس وبين المحكمة .والمملكة المتحدة ملتزمة بالعمل على
تحقيق هذا الهد ف ومن دواعي سرور المملكة المتحدة أنه أمكن ،في ظل قيادتكم يا سيادة الرئيس ،وبفضل العمل عن كثب مع بقية
الوفود ،التوصل إلى نتيجة توافقية تصون موقف كل طر ف وتشكل أساسا صلبا للمناقشات في المستقبل والمملكة المتحدة تتطلع إلى
مواصلة المناقشة حو ل هذه المسائل سواء في عام 2017أو بعد ذلك "
2
- Charles-Philippe DAVID . L'invasion de l'Irak : les dessous de la prise de décision de la présidence Bush.
. Dalloz/I.R.I.S. . Revue internationale et stratégique.2005/1 - N° 57
ISSN 1287-1672 . ISBN 2247060986 . page 13
158
بمبادرة من منظمة الوحدة الفريقية ،و إل كان النزاع سيستمر سنين طويلة و يتطور إلى مراحل
خطيرة.
كما أن هناك حالة تعد أخطر من الولى و تتعلق باحتل ل إثيوبيا للصوما ل سنة ، 2007
تطبيقا لمخطط أمريكي من أجل الطاحة بحركة المحاكم السلمية التي أطاحت بالنظام الحاكم في
الصوما ل،
غير أن مجلس المن لم يصدر أي قرار لكف إثيوبيا عن العدوان بالرغم من الخسائر الهامة التي
نتجت عنه.
و في الحالتين فإن سكوت مجلس المن له خلفيات معينة ،معززا العتقاد بانتهاجه سياسة
الكيل بمكيالين تجاه النزاعات المسلحة في العالم وهو ما سنتطر.ق له فيما يلي:
خل ل عام 1963حد ث صراع عسكري بين المغرب و الجزائر يمكن تصنيفه في خانة
العدوان سمي "بحرب الرما ل " بسبب النزاع على الحدود ،نجم عنه احتل ل المغرب لجزء من
الراضي الجزائرية تتمثل في منطقتي "حاسي بيضة " و "تنجوب " ،لتتوقف المعارك في 5
نوفمبر 1963إثر قيام منظمة الوحدة الفريقية بإرساء اتفاقية لوقف نهائي لطل.ق النار في 20
فيفري 1964دون أي تدخل لمجلس المن .1
لقد تظافرت عدة عوامل تسببت في نشوب النزاع بين الدولتين من بينها انعدام اتفاقية ترسيم
الحدود بين البلدين بدقة ،بسبب قيام المستعمر الفرنسي باقتطاع أراضي مغربية وضمها
لمستعمرته "الجزائر الفرنسية "بعد أن كانت أراضي مغربية تابعة للمغرب الكبير.
قبل أن تقوم فرنسا باحتل ل المنطقة ابتداءا من القرن التاسع عشر لم يكن هناك أي رسم
للحدود مقنن باتفاقية ،ففي معاهدة "لل مغنية " 18مارس ،1845التي تثبت الحدود بين الجزائر
الفرنسية والمغرب ،تنص التفاقية على "منطقة جافة بدون منابع مائية وغير مأهولة وتحديدها
و بعد احتل ل المغرب في ،1912قررت الدارة الفرنسية 2تثبيت الحدود بين البلدين ،لكن
تمت العملية بطريقة غير مضبوطة ،بحجة عدم وجود حدود فعلية كون أن المنطقة أصل غير
مأهولة و ل تمثل أي أهمية تذكر ،غير أن اكتشا ف حقو ل معتبرة من البترو ل ومناجم الحديد
والمنغنيز في المنطقة جعل فرنسا تقرر تدقيق رسم الحدود في 1952وإدخا ل كل من "تندو ف "
"وكولومب بشار " ضمن المقاطعات الفرنسية للجزائر.
باستقل ل المغرب في 1956بدأت مطالبات استرجاع السيادة على هذه المناطق ،بالضافة
للراضي التي كانت تابعة للمغرب التاريخي ،وكي تضع فرنسا حدا لدعم المغرب للمقاومة
الجزائرية جبهة التحرير الوطني الجزائرية ،عرضت فرنسا على المغرب استعادة بسط سيطرته
على المناطق التي يطالب بها شريطة أن تأسس "المنظمة المشتركة للمناطق الصحراوية " المكلفة
باستغل ل الموارد المنجمية المكتشفة حديثا في الصحراء ،بالضافة لمنع الثوار من استعما ل
الراضي المغربية كقاعدة خلفية.3
وقد اعتبر ملك المغرب "محمد الخامس " هذه القتراحات كطعنة خنجر في ظهر الخوة
الجزائريين فرفض العرض الفرنسي القاضي بإرجاع تلك المناطق إلى المغرب " ،وتوصل بصفة
منفصلة في 6جويلية 1961لتفا.ق مع رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة "فرحات عباس "،
بالتفاوض مجددا حو ل "كولومب بشار " و "تندو ف " بعد الستقل ل.
1
- Alf Andrew Heggoy, Colonial Origins of the Algerian-Moroccan Border Conflict of October 1963, in African Studies
Review, Vol. 13, No. 1, (avril 1970), pp. 17-22
- 2لم تلقى التعديلت الخاصة بجريمة العدوان ترحابا كبيرا من طر ف ممثلي دولة فرنسا ،ل سيما فيما يتعلق بنص المادة 15
مكرر المحددة لدور مجلس المن في إحالة حالة أمام المحكمة.و قد كانت فرنسا من الدو ل المؤيدة لدراج جريمة العدوان ضمن
اختصاص المحكمة خل ل اللجان التحضيرية لنشاء المحكمة الجنائية الدولية ،شريطة التوصل إلى تعريف دقيق وواضح لها بما
فيه الكفاية ،و الحفاظ على دور مجلس المن في تحديد وقوع العدوان .غير أن ممثلي دولة فرنسا لم يعترضوا على التعديلت لكن
على مضض ،مبررين ذلك بعدم رغبتهم في الوقو ف كحجر عثرة في وجه توافق آراء الدو ل المشاركة بخصوص القرار RC/res
6و ذلك بتصريح ممثل وفد دولة فرنسا " :أود ،أول وقبل كل شيء ،أن أعبر لكم عن مدى تقديرنا لجهودكم ،خل ل أشغالنا ،وجهود
منسقنا ورغبة الوفود في التوصل إلى نتيجة تتوافق مع أحكام القانون الدولي المتعلقة بمسألة جريمة العدوان .وتماشيا مع هذه
الروح ،قررت فرنسا عدم الوقو ف في وجه توافق الراء رغم أنه ل يسعها التفا.ق مع مشروع هذا النص .إذ أن هذا المشروع
يتجاهل الحكام ذات الصلة من ميثا.ق المم المتحدة التي تكرسها المادة 5من نظام روما الساسي.ففي الفقرة 8من المادة 15
مكرر ،يقيد النص دور مجلس المن التابع للمم المتحدة ويخر.ق ميثا.ق المم المتحدة الذي يقضي بأن يقرر مجلس المن بمفرده
دون غيره وقوع عمل من أعما ل العدوان،في ظل هذه الظرو ف ،فإن فرنسا لن تخل بموقفها المبدئي ".
- 3راجع :حرب الرما لar.wikipedia.org/wiki .
160
لكن بعد استقل ل الجزائر وعز ل "فرحات عباس " وتولي "أحمد بن بلة " المدعوم من
طر ف جيش التحرير الوطني الحكم ،كان من بين أهدا ف حرب التحرير منع فرنسا من تقسيم
الجزائر والحفاظ على الوحدة الوطنية وخصوصا منعها من فصل مناطق الصحراء عن باقي
الجزائر.1
ورفض "أحمد بن بلة " وجيش التحرير الوطني الجزائري فكرة كل تفاوض حو ل التناز ل
عن أي أرض "حررت بدماء الشهداء " للمغرب ،وبعد الستقل ل رفضوا العترا ف بأي مطالب
للمغرب حو ل الحقو.ق التاريخية والسياسية للمغرب .فهم يرون في المطالب المغربية تدخل
وضغوط في وقت خرجت الجزائر مرهقة من سبع سنوات حرب.
كانت الحكومة الجزائرية آنذاك تعالج بعض المشاكل الداخلية ،خصوصا النتفاضة
المعادية لجبهة التحرير الوطنية التي قادها "حسين آيت أحمد " ،والتي تطورت في القبائل.
المطالب الشتراكية لجبهة التحرير الجزائرية لقت تأييدا في المغرب ،وطالب "المهدي بن بركة "
الملك بإصلحات ،ووجه ثورة عمالية ومناهضة للمبريالية ،2هذا الخير اضطر لمغادرة المغرب
من جراء "محاولة انقلب جويلية " ضد الملك نسب المسؤولية لفرقة من حزب المهدي بن بركة.
و من بين أسباب ازدياد التوتر بين البلدين هو تأثرهما بطريقة غير مباشرة بالحرب الباردة
التي كانت قائمة بين القطبين ،الشتراكي بقيادة روسيا آنذاك و الذي كانت تنحاز إليه الجزائر
فعليا ،في حين كان الظاهر أنها من ضمن دو ل عدم النحياز ،و القطب الغربي بقيادة الوليات
المتحدة المريكية الذي كانت المغرب من حلفائه ،كما أن إختل ف طبيعة النظام السياسي الحاكم
بين البلدين ،الملكي في المغرب و الجمهوري بالجزائر زاد من حدة التوتر.3
أثناء صيف 1963بدأ البلدان في تعزيز وجودهما على طو ل الحدود ،ونشرت الصحافة
أخبار عن تجاوزات تتمثل في منع الجزائريين مغاربة "فكيك " من التوجه لواحاتهم في القسم
الجزائري ،بينما في تندو ف وبشار شرع السكان في تسجيل أنفسهم للحصو ل على الجنسية
- 1راجع :مشكلة الصحراء الغربيةwww.Al moqatel.com .
http://www.alarab.co.uk/Previouspages/Alarab%20Daily/2008/03/03-10/P08.pdf 2
- 3راجع :مشكلة الصحراء الغربيةwww.Al moqatel.com .
161
الجزائرية .و تم طرد عما ل مغاربة يعملون في الجزائر ،وكذلك تجار جزائريون ينشطون في
وجدة.
بتاريخ 14أكتوبر 1963قامت القوات الملكية المغربية باحتل ل منطقتي "حاسي بيضة "
و "تنجوب " ودفعت بالقوات الجزائرية نحو طريق بشار -تندو ف ،وقد شكل هذا التدخل للقوات
النظامية البداية الفعلية للنزاع.
ثم استولى الجيش الجزائري على منطقة "أش " ،وهو موقع مغربي في الصحراء في ما
وراء المنطقة المتنازع عليها ،وهي خطة لفتح جبهة جديدة لفك الضغط على القوات الجزائرية
المهددة في الجنوب ،أو بالحرى الحصو ل على منطقة يمكن استغللها في المفاوضات.
بعدها وصل الجزائريون إلى حدود منطقة "فكيك " رغم أن الجيش المغربي ،المسير من
طر ف "ادريس بن أوعمر " كان مسلحا تسليحا جيدا ،في حين أن القوات الجزائرية المسيرة من
طر ف "هواري بومدين " كانت لها الخبرة في حرب العصابات لكنها سيئة التجهيز وتعاني تذبذبا
في التموين .و قد استفادت الجزائر من تسليح كوبي و مصري ،بينما لم يتلقى المغرب أي دعم
مباشر من الوليات المتحدة وإسبانيا وفرنسا.1
وقد توقف إطل.ق النار بصدور قرار من مجلس جامعة الدو ل العربية في 19فيفري
،1963و صدور القرارين المرقمين بـ 1934/40 :و 1935/40اللذان طالبا من الدولتين وقف
استخدام القوة بينهما على الفور و سحب قواتها إلى مراكزها السابقة لبدء الشتباك ،و تسوية
النزاع بالوسائل السلمية.2
و أرى أن قيام القوات الملكية المغربية باحتل ل منطقتي "حاسي بيضة " و "تنجوب " بتاريخ
14أكتوبر 1963يشكل جريمة عدوان مكتملة الركان وفقا للمادة 8 :مكرر من النظام الساسي،
و قد كان على مجلس المن التدخل لوقف ذلك النزاع نظرا لخطورته و مساسه بالسلم و المن
الدوليين.
غير أنه اتخذ موقفا سلبيا حيا ل ذلك ،و أظن أن مرد ذلك راجع إلى عدم وجود أي مطامح
للدو ل العظمى آنذاك في تلك المنطقة ،فلم تكلف الدو ل الدائمة العضوية بمجلس المن نفسها عناء
-1راجع:حرب الرما ل .
ar.wikipedia.org/wiki
- 2راجع:سهيل حسين الفتلوي .جرائم الحرب و جرائم العدوان .موسوعة القانون الدولي الجنائي.مرجع سابق.ص269 :
162
التدخل في ذلك النزاع ،و لول جهود منظمة الدو ل الفريقية آنذاك ،لتطور النزاع إلى درجة كبيرة
من الخطورة .
-راجع :تقرير " الوضع النساني في الصوما ل " www.amnesty.org/fr - 2
163
-1العلقة التاريخية المتردية بين إثيوبيا و الصومال:
لقد اتسمت العلقات بين البلدين بعداء تاريخي مستمر بسبب النزاعات الحدودية
والموروثات التاريخية ،لسيما النزاع على إقليم "الوجادين " ،وتعود جذور هذا الوضع إلى أن
كا
ل من الصوما ل وإثيوبيا عانتا من حرب أهلية ضاربة في عقد الثمانينات من القرن الماضي،
شكلت خللها جماعات المعارضة المسلحة تهديدا جسيما لنظامي الحكم في الدولتين آنذاك.
وقام كل نظام منهما بتقديم الدعم لجماعات المعارضة المناوئة للخر ،إل أن هذا الوضع
انقلب تماما بعدما تمكنت الجبهة الثورية لتحرير شعوب إثيوبيا بقيادة "ميليس زيناوي " من
الطاحة بنظام "منجستو " سنة ،1991ونجحت في تثبيت سيطرتها على الحكم في إثيوبيا ،بينما
أنزلق الصوما ل إلى هوة النهيار والفوضى عقب نجاح جماعات المعارضة في الطاحة بنظام
"سياد بري " سنة ،1991مما خلق حالة من التباين الكلي في مسارات التطور السياسي في البلدين
لصالح إثيوبيا.
وقد تمكنت إثيوبيا من توظيف هذا التباين لصالحها ،مستفيدة في ذلك من كونها دولة جوار
للصوما ل ،ومن كونها دولة كبرى في منطقتي القرن الفريقي وشر.ق أفريقيا.1
-2سعي إثيوبيا إلى لعب دور إستراتيجي في منطقة القرن الفريقي وشرق أفريقيا:
وتمكنت حكومة ميليس زيناوي في هذا الطار من الحصو ل على تفويض متكرر من
منظمة الوحدة الفريقية ،ومن جماعة اليجاد ،لرعاية مفاوضات التسوية في الصوما ل ،كما
ل مباشرا في التفاعلت السياسية الصومالية ،عبر التحكم في ميزان القوى بين
تدخلت إثيوبيا تدخ ا
الطرا ف الداخلية للصراع في الصوما ل ،والسهام في إيصا ل حلفائها وأصدقائها إلى المناصب
الرئيسية في تلك المؤسسات ،فض ا
ل عن حرصها على القضاء على أو تحييد ما تعتبره إثيوبيا
مصادر تهديد لمنها ومصالحها على الساحة الصومالية ،لسيما تهديد جماعات السلم السياسي
الصومالية والوجادينية المناوئة لثيوبيا.
ويمثل التدخل العسكري الثيوبي في الصوما ل خل ل حرب ديسمبر ،2006لدعم الحكومة
النتقالية في مواجهة اتحاد المحاكم السلمية ،تطورا كاشفا لحجم الدور المهيمن الذي تلعبه إثيوبيا
في الصوما ل ،حيث اعتبرت إثيوبيا أن بروز المحاكم السلمية كقوة رئيسية مهيمنة على الساحة
الصومالية يمثل تهديدا للترتيبات السياسية القائمة في الصوما ل ،فض ا
ل عن عدائها التاريخي
com/news..www - 1راجع :موقع .الصوما ل اليوم للعلم" -إثيوبيا و المسألة الصومالية .من التحكم عن بعد إلى الغزوالعسكري "
.somaliatodaynet
164
لجماعات السلم السياسي الصومالية .وقد ساعد التدخل الثيوبي على إبراز هذا الدور ،وانتقاله
من السر إلى العلن ،كما أوضحت هذه التطورات النفوذ الهائل الذي تلعبه إثيوبيا في الساحة
الصومالية.
و الواضح أن التدخل العسكري الثيوبي في الصوما ل لم يكن حدثا استثنائياا ،مرتبطا
بتصاعد تهديدات السلميين ـ المنضوين تحت لواء المحاكم السلمية ـ للحكومة النتقالية أو
لثيوبيا ،وإنما هذا التدخل يمثل تعبيرا عن سياسة هيمنة ممتدة تمارسها إثيوبيا في الصوما ل منذ
انهيار الدولة فيها ،بما يضمن لثيوبيا مصالحها وأطماعها في الصوما ل ،والتي تتركز بالساس
على إبقاء وإدامة حالة الفوضى والنهيار في الصوما ل ،فض ا
ل عن ضمان تبعية أي نظام حكم في
الصوما ل لثيوبيا.
و يتطلب تحليل الدور الثيوبي في الساحة الصومالية التعر ف أوال على المحددات الرئيسية
التي تحكم هذا الدور ،باعتبار ذلك عنصرا مساعدا على فهم دوافع وأهدا ف هذا الدور ،لسيما وأن
هذه المحددات تتسم بقدر كبير من الثبات والستمرارية بالرغم من التحولت السياسية العنيفة التي
مرت بها إثيوبيا منذ سبعينيات القرن العشرين ،وما زالت هذه المحددات تمارس دورا محوريا في
توجيه أهدا ف الحكومة الثيوبية وسياستها تجاه الصوما ل.
ويأتي في مقدمة محددات الدور الثيوبي في الصوما ل محددا بالغ الهمية ،كان حاكما
لمسار تطور العلقات الثيوبية ـ الصومالية بكاملها ،ويتمثل في المورو ث التاريخي المرتبط
بظرو ف نشأة الدولة في كل من إثيوبيا والصوما ل ،والمتعلق بأن إثيوبيا كانت قد شاركت مع القوى
الستعمارية الوروبية في تقطيع أوصا ل إقليم الصوما ل الكبير خل ل الفترة الممتدة ما بين عامي
1880ـ ،1900حيث استغلت إثيوبيا الهجمة الستعمارية البريطانية والفرنسية واليطالية على
ذلك القليم ،وشاركت بدورها في ذلك من خل ل توسيع رقعة المبراطورية الثيوبية على حساب
الدويلت والممالك السلمية الصغيرة فى شما ل شر.ق أفريقيا ،لسيما في الوجادين.
وحصلت إثيوبيا على العترا ف بنفوذها القليمي من الدو ل الوروبية عقب انتصارها
على اليطاليين في معركة عدوة في ،1896ثم جرى التعبير عن هذا التقسيم الستعماري من
خل ل سلسلة من التفاقيات التي أبرمت بين إثيوبيا والدو ل الستعمارية الوروبية خل ل العقد
165
الو ل من القرن العشرين ،ثم لم تفلح الجهود التي بذلت داخل المم المتحدة في الربعينيات
والخمسينيات في تسوية هذه المسألة بصورة تحقق وحدة إقليم الصوما ل الكبير.1
وكان من نتيجة ذلك أن باتت نسبة تتراوح ما بين 13.3و %17.7من أراضي الدولة
الثيوبية هي في الصل مستقطعة من إقليم الصوما ل الكبير ،ويقطنها حوالي %6من سكان
إثيوبيا ،ويطلق عليهم صوماليي الوجادين ،بحكم كونهم ـ من حيث الصل الثني ـ ينتمون إلى
الشعب الصومالي ،وأغلبهم من عشيرة الدارود ،التي تعتبر من أكبر العشائر الصومالية ،وتوجد
النسبة الكبر من أبنائها في مناطق وسط وجنوب الصوما ل ،كما توجد لها امتدادات أخرى في إقليم
شما ل شر.ق كينيا.
وقد لعبت هذه المسألة الدور الحاسم في توجيه العلقات الصومالية ـ الثيوبية عقب استقل ل
الصوما ل في عام ،1960وتسببت في نشوء حالة من العداء المزمن بين الجانبين .فمن المنظور
الوطني الصومالي ،كان استيلء إثيوبيا على إقليم الوجادين مجرد احتل ل استعماري ل يختلف
عن ما قام به المستعمرون الوروبيون ،مع فار.ق أساسي يتمثل في أن إثيوبيا حولت هذا الحتل ل
إلى نوع من الضم غير القانوني للوجادين على نحو جعلها جزءا من بنية الدولة الثيوبية.2
بينما رفضت إثيوبيا هذا الطرح من جانبها ،وأصرت على أنه لم يثبت من الناحية
التاريخية وجود دولة أو أمة صومالية ،وزعمت دوما بأن الصوما ل كلها كانت تاريخيا جزءا من
إثيوبيا ،وليس العكس ،كما وظفت إثيوبيا منظمة الوحدة الفريقية لدعم موقفها ،ووقف المبراطور
هيلسلسي بقوة وراء استصدار قرار من مؤتمر القمة الفريقى الو ل بالقاهرة عام 1964بشأن
3
احترام الحدود الموروثة من الستعمار.
وكان ما سبق سببا في نشوب اشتباكات وحروب متعددة بين الجانبين منذ بداية الستينيات،
كان أخطرها على الطل.ق حرب الوجادين عامي 1977ـ ،1978والتي تمكنت القوات
الصومالية وحركة تحرير الصوما ل الغربي في بدايتها من تحقيق انتصار سريع على القوات
-1راجع:ح.أ إبراهيم وعباس أ .مقا ل" :المبادرات والمقاومة الفريقية فى شما ل شر.ق أفريقيا " .باريس :منظمة المم المتحدة للتربية
والعلم والثقافة وأديفرا ،اللجنة العلمية الدولية لتحرير تاريخ أفريقيا العام ،المجلد السابع ،1990،ص.99 .
- 2راجع :موقع .الصوما ل اليوم للعلم" -إثيوبيا و المسألة الصومالية .من التحكم عن بعد إلى الغزو العسكري "com/news..ww
w.somaliatodaynet
3
-راجع :إبراهيم أحمد نصر الدين" ،مشكلت الطراف العربية في القرن الفريقى" ،مجلة المستقبل العربى .بيروت :مركز
دراسات الوحدة العربية ،العدد ،74أبريل ،1985ص.62-60 :
166
الثيوبية ،ونجحت في السيطرة على معظم إقليم الوجادين ،ثم انقلب الموقف تماما بعد ذلك عقب
تدخل التحاد السوفيتي وألمانيا الشرقية وكوبا عسكريا بكثافة لصالح إثيوبيا ،مما مكنها من تدمير
1
الجيش الصومالي وطرده بالكامل من الوجادين.
وقد أدى اندلع الحرب الهلية في الصوما ل ،وانهيار الدولة بها عقب سقوط نظام سياد
بري في عام ،1991إلى انعدام الهتمام تماما بمسألة الوجادين في حركة التفاعلت السياسية
الصومالية ،بعدما بات الهتمام منصبا على إنهاء الحرب الهلية والحفاظ على كيان الدولة
الصومالية ذاتها ،بعدما أعلنت المناطق الشمالية استقللها من جانب واحد عبر إعلن قيام ما
يعر ف بـ "جمهورية أرض الصوما ل " ،فض ا
ل عن إعلن مناطق أخرى داخل الصوما ل ،مثل بلد
بونت وبلد جوبا ،الحكم الذاتي القليمي في إطار الدولة الصومالية ،مما حو ل مسألة الوجادين
إلى قضية ثانوية أو قضية مؤجلة في قائمة اهتمامات الصوماليين.2
-3مطامع أمريكا في الصومال:
من بين السباب التي ساهمت في إحتل ل إثيوبيا للصوما ل ،وجود مطامع لمريكا في
المواد الولية التي يزخر بها باطن الصوما ل و التي اكتشفتها عندما كانت قواتها متموقعة داخل
إقليمها ،فسعت أمريكا لستعادة السيطرة على الصوما ل ولكن بقوات أثيوبية ،بعدما نجح
الصوماليون بإيقاع الهزيمة بالمريكيين وإجبارهم على اتخاذ قرارالخروج بعد أقل من عام من
احتللهم له.
وكان قرار احتل ل الصوما ل هو آخر القرارات التي اتخذها جورج بوش الب في نهاية
فترة وليته عام 1992مما يعني أن فشل هذا الحتل ل يعتبر إخفاقا له ولسياسته.
ورغم إجبار المريكيين على الخروج من الصوما ل سنة ،1994إل أنهم لم يذهبوا
بعيداعنه ،أو يتخلوا عن أطماعهم فيه وإنما أسسوا قاعدة لهم إلي جوار القاعدة العسكرية الفرنسية
في جيبوتي ،كما أن سفنهم تجوب شواطئ الصوما ل وتترقب ما يحد ث فيه بشكل دائم ،لسيما
بعدما نجحت قوات المحاكم من السيطرة على معظم أرجاء البلد دون قتا ل واستطاعت أن تعيد
المن إلى ربوع الصوما ل بعدما يزيد عن خمسة عشر عاما على فقدانه.3
- 1راجع :بيركيت هابتي سيلسي ،الصراع في القرن الفريقي ،ترجمة.عفيف الرزار .بيروت :مؤسسة البحا ث العربية.1980 ،
ص.132:
- 2راجع :موقع .الصوما ل اليوم للعلم" -إثيوبيا و المسألة الصومالية .من التحكم عن بعد إلى الغزوالعسكري com/news..www.s
omaliatodaynet
للصوما لwww. aljazeeratalk.net . - 3راجع :سر الحتل ل الثيوبي
167
ومع بداية نظام المحاكم القيام بترتيب أوضاع البلد الداخلية والستعداد للدخو ل إلى مدينة
بيدوا حيث المقر الخير للحكومة الصومالية المؤقتة قررت الوليات المتحدة أن تنهي حكم المحاكم
السلمية حتى ل تفلت منها المور وأن ترتب للقوات الثيوبية الغطاء الدبلوماسي والعسكري
والدولي الذي يمكنها من ذلك ،في ظل غياب عربي مخز.
والكثر من ذلك هو أن تعلن بعض الحكومات العربية مثل حكومة مصر أهم ثقل عربي
تفهمها لما قام به الثيوبيون ،وذلك بعد زيارة قام بها وزير الخارجية الثيوبي سيوم ميسفين إلى
مصر ،مما يعني مساندة إثيوبيا على ما قامت به رغم أنه يخالف كافة العرا ف الدولية كما
يخالف موقف جامعة الدو ل العربية ومنظمة الوحدة الفريقية والمم المتحدة .و نظرا لكون أن
كثيرا من دو ل إفريقيا وتحديدا دو ل الساحل الفريقي التي تمتد من الصوما ل شرقا وحتى غينيا
غربا تحتوي علي واحد من أهم مخزونات النفط في العالم فإن أمريكا أولت أهتماما كبيرا
بالصوما ل ودو ل هذه المنطقة ،ل سيما أمام قلة كلفة استخراج ونقل نفط هذه الدو ل.
و أكدت بعض المصادر أن شركات النفط المريكية العملقة " كونكو وإميكو وشيفرون "
قد أنفقت مئات المليين من الدولرات خل ل السنوات الماضية في عمليات التنقيب على النفط في
الصوما ل ،وقد اكتشفت كميات هائلة منه ،وأعدت خرائط تفصيلية لتوزيع البار ،بل وبنت بعضها
وأعدتها للنتاج لكنها أخفت معالمها في انتظار استقرار الوضاع حتى تبدأ عمليات الستخراج.1
وقد أدركت المحاكم السلمية ذلك ،وأعادت دعوة هذه الشركات لستئنا ف عملها ،لكن
الوليات المتحدة التي حرصت منذ العام 1973أل يقع النفط تحت أيدي مناوئين لها ،خشيت من
أن تقوم المحاكم السلمية بدعوة الشركات الصينية للدخو ل إلى الصوما ل فيتكرر سيناريو
السودان التي تصدر %65من نفطها إلى الصين ،لذلك دفعت ملس زيناوي إلى أن يجتاح بقواته
الصوما ل ويقضي على المحاكم السلمية حتى يبقي الصوما ل ونفط الصوما ل تحت اليدي
2
المريكية ،وهذا يكشف سر هذه الحرب ،وهي حرب أخرى تشنها أمريكا بالوكالة من أجل النفط.
العسكري "com/news..ww -راجع :موقع .الصوما ل اليوم للعلم" -إثيوبيا و المسألة الصومالية .من التحكم عن بعد إلى الغزو 1
w.somaliatodaynet
للصوما لwww. aljazeeratalk.net . - 2سرالحتل ل الثيوبي
168
لقد تجاهل مجلس المن مرة أخرى عملية العدوان التي وقعت على الصومال ،و لم تصدر
و لو قرارا واحدا لثني إثيوبيا عن عدوانها ،الذي تسبب في آثار كارثية على الصومال و أحدث
تهديدا للستقرار بمنطقة القرن الفريقي كاملة،و لول مساعي منظمة الوحدة الفريقية لتفاقم
النزاع أكثر مما هو عليه ،و قد سبق لرئيس مفوضية التحاد الفريقي جان بينغ مرارا دعوة
مجلس المن الدولي لنشر قوات تابعة له في الصوما ل .وقا ل بيان أصدرته المفوضية" :إن بينغ
يوجه مرة أخرى نداءا إلى مجلس المن الدولي ليتحمل مسؤولياته ويسمح من دون تأخير بنشر
1
قوة حفظ سلم تابعة للمم المتحدة في الصوما ل تحل محل قوة التحاد الفريقي لحفظ السلم ".
وأوضح البيان أن التحاد قرر إرسا ل مفوض السلم والمن رمضان العمامرة إلى نيويورك
لجراء مشاورات مع أعضاء مجلس المن والمانة العامة للمم المتحدة حو ل الوضع والتدابير
الواجب اتخاذها في الوضع الراهن ،وأعلن أنه أجرى مشاورات مع عدد من الفرقاء ،إثر إعلن
إثيوبيا نيتها سحب كامل قواتها من الصوما ل بحلو ل نهاية العام.2
و أرى أنه بالرغم من الدعوات المتكررة من ممثلي مفوضية التحاد الفريقي لمجلس
المن من أجل نشر قوات حفظ سلم بالمنطقة ،غير أنه لم يتلقوا أي استجابة ،و سبب إلحاحهم على
المطالبة بقوات حفظ السلم راجع لمعاينتهم تدهور الوضع على الميدان في الصوما ل و إمكانية
تفاقمه في المستقبل ،علوة على أن التحاد الفريقي ل يملك من القوة العسكرية ما يمكنه السيطرة
به على الوضع ،إذ أنه كان من المقرر إرسا ل 8آل ف جندي لتدارك الوضع ،غير أن نقص
التمويل و التجهيز أسفر عن إرسا ل 3400جندي فقط.
و وفقا لما سبق أرى بأن السبب الرئيسي لعدم تدخل مجلس المن في النزاع ،يعود ل محالة
إلى تأثير الوليات المتحدة المريكية ،التي في حقيقة المر هي التي قامت بالعدوان لكن بتوكيل
القوات الثيوبية و تدعيمهم ماديا ،و الهد ف من ذلك هو توصلها إلى موطىء قدم ثانية داخل
الصوما ل للستفادة من ثرواته الباطنية التي أنفقت الكثير في سبيل اكتشافها.
170
الخاتمة
171
أول -نتائج الدراسة:
من خل ل الدراسة التي قمت بها في هذا البحث البسيط فإنه يمكن أن أعدد النتائج
التاليــــــــــــــــــة:
-1أن التعريف المتوصل إليه في مؤتمر كمبال لجريمة العدوان تعريف شامل و دقيق ،انتهج
المنهج الرشادي لضمان احتواء أكثر الحتمالت المتوقعة لحالت العدوان ،كما أن تعديه لتجريم
التخطيط و العداد للقيام بعمل عدواني خروجا عن القواعد الجنائية المعمو ل بها في القوانين
الوطنية أمر تبرره خطورة الجريمة ،و له أثر إيجابي في وضع حد لكل من تسو ل له نفسه التفكير
في ارتكاب جريمة العدوان ،غير أن الممارسة هي وحدها الكفيلة لتحديد مدى تكامل هذا التعريف
و خلوه من الثغرات القانونية و النقائص ،و هذا في حالة ما إذا حاز على موافقة الدو ل في الجا ل
المقررة بموجب التعديل.
غير أن ما أعيبه على التعريف هو اعتماده و إحالته بصفة مباشرة على قرار الجمعية العامة
للمم المتحدة رقم 3314المؤرخ في ،14/12/1974و الذهاب إلى حد إدراج نص القرار في متن
التعريف ،المر الذي يوحي بوجود تبعية و لو معنويا بين المحكمة و هيئة المم المتحدة التي تضم
ضمن هيكلها الجمعية العامة مصدرة التعريف ،و هو أمر كان ينبغي تفاديه لدحض أي تأويلت
في هذا الصدد ،ضمانا لستقللية المحكمة و حيادها.
- 2إن إجراءات تحريك الدعوى أمام المحكمة ل تزا ل تعاني من تأثير مجلس المن بصفته هيئة
سياسية ،و الذي تهيمن على قراراته الدو ل العضاء المتمتعة بحق الفيتو ،مما يجعل صدور قرار
بمعاينة حالة عدوان و إحالتها على المدعي العام ،رهين أهواء و مصالح تلك الدو ل ،إضافة إلى
حق مجلس المن في إرجاء التحقيق أو المقاضاة بعد إحالة القضية على المحكمة ،لمدة سنة قابلة
للتجديد لعدد لم يتم تحديد سقفه ،يجعلنا نتساء ل عن مدى جدوى هذه التعديلت التي لم تتصدى لمثل
هذه الثغرات الصارخة التي تؤثر على حسن سير المحكمة ،و تعطل العدالة الدولية و تهدد بحق
السلم و المن الدوليين
-3بالرجوع إلى قواعد اختصاص المحكمة نجدها تخدم مصالح الدو ل المعتدية أكثر مما تخدم
العدالة الجنائية ،و ذلك لشتراط عدم اعتراض الدولة التي ينتمي إليها مرتكب الجريمة على
خضوعها لختصاص المحكمة ،ولو كانت تلك الدولة طرفا في نظام المحكمة الجنائية الدولية
الساسي ،إضافة إلى اشتراط كون الدولة المعتدى عليها طرفا في نظام المحكمة الجنائية الدولية
172
أو أنها أعلنت قبولها بالختصاص في حالة ما إذا لم تكن طرفا ،و هي شروط تعجيزية تجعل من
المستحيل أن يمثل المعتدي أمام المحكمة ،لنه من غير المتصور أن تقبل دولته بذلك وهي
المساهمة و المؤيدة لفعله،و هو غالبا ما يكون من حكامها أو مسؤوليها السامين ،فمتى يمكن
للمحكمة أن تبسط اختصاصها على هؤلء المجرمين؟
-4إن تقييد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بانتظار مدة 6أشهر من تاريخ إخطار مجلس
المن بحالة العدوان دون مباشرة أي إجراء من إجراءات التحقيق من شأنه أن يؤدى إلى زوا ل
الدلة الخاصة بالقضية ،و بالتالي جعل مهمة المحكمة أكثر صعوبة عند فصلها في القضية.
-5و في الخير ستذهب كل تلك الجهود هباءا منثورا في حا ل عدم مصادقة الدو ل على هذه
التعديلت ،حيث أن الممارسة الفعلية لهذا الختصاص مرهونة بقرار يتخذ بعد تاريخ:
01/01/2017بنفس أغلبية الدول الطرا ف مثل ما يقتضى في اعتماد أي تعديل يدخل على
النظا م الساسي ،وبعد مرور سنة واحدة على التصديق أو قبول التعديلت من طر ف 30دولة
طر ف أيهما هو اللحق ،و في حا ل عدم المصادقة عليها فستبقى المحكمة الجنائية عاجزة عن
محاكمة مرتكبي العدوان ،و مع إفلتهم من المحاكمة على مستوى الجهات القضائية الوطنية
سيبقى المجرمون بدون عقاب إلى إشعار آخر .
ثانيا -توصيات الدراسة:
من خل ل نتائج الدراسة المتوصل إليها نقترح التوصيات التالية:
-1نظرا لتأثير مجلس المن السلبي على عمل المحكمة كونه رهين مصالح الدو ل العظمى ،أقترح
إستبدا ل قرار مجلس المن المتضمن معاينة حالة العدوان بقرار يصدر عن الجمعية العامة للمم
المتحدة ،و التي تضم أكبر عدد من الدو ل ،دون أن يكون لبعضها أي إمتيازات على البعض الخر
مما يضفي على قرارها أكثر مصداقية و مقبولية لدى المجتمع الدولي
-2وجوب التخفيف من العقبات الموضوعة بطريق المحكمة لممارسة اختصاصها بعدم إشتراط
قبو ل الدولتين المتنازعتين باختصاص المحكمة،و حذ ف المكنة المخولة للدولة الطر ف بإيداع
إعلن مسبق لدى مسجل المحكمة لرفض الختصاص ،لن ذلك من شأنه التضييق على
اختصاص المحكمة و الزيادة في اتساع فجوة اللعقاب لمرتكبي جريمة العدوان ،و هو المر الذي
يترتب عنه ندرة قضايا العدوان التي ستنظرها المحكمة في المستقبل إن وجدت ،و هو ما ل يخدم
حتما السلم و المن الدوليين
173
-3حذ ف سلطة مجلس المن المجسدة في إرجائه التحقيق و المقاضاة في القضية لمدد غير محددة،
لنه ل يوجد ما يبرر بقاء هذه السلطة التي من شأنها تعطيل عمل المحكمة ،و ما ينتج عن ذلك من
زوا ل الدلة و المارات التي يهتدي بها القضاة للفصل في النزاع ،و بقاء النزاع قائما بين الدو ل
بعدم عقاب المعتدي و عدم تعويض المتضرر ،علوة على أن طبيعة مجلس المن السياسية من
شأنها جعل موضوعية قراره المتضمن إرجاء التحقيق و المقاضاة محل شكوك
-4حذ ف الجراء المتعلق بتقييد المدعي العام لمدة 6أشهر دون القيام بأي إجراء تحقيق في حالة
العدوان التي أخطر بها ،في انتظار قرار مجلس المن ،نظرا لما لهذا الجراء من سلبيات في
إمكانية فقدان الدلة التي تستدعي التعجيل في مباشرة التحقيق،مع ضرورة البقاء على الواجب
الملقى على عاتق المدعي العام بخصوص ضرورة إخطاره مجلس المن بكل ما يصل إلى علمه
عن جرائم عدوان ،لن ذلك يخدم المحكمة في حا ل إصدار مجلس المن لقرار بمعاينة العدوان
وفقا للفصل السابع من ميثا.ق المم المتحدة ،فيتيح بذلك الختصاص العالمي للمحكمة ،بغض
النظر عن موافقة الدو ل المعنية بالجريمة ،أو كونها أطرافا في نظام روما.
-5وجوب تشديد العقوبات المسلطة على مرتكبي جريمة العدوان و عدم الكتفاء بالسجن المؤبد
كعقوبة قصوى ،و اللجوء إلى توقيع عقوبة العدام تفعيل للردع العام ،على غرار ما هو معمو ل
به في التشريعات الوطنية التي ل تبلغ جسامة جرائمها مهما خطرت ،جسامة الجرائم الدولية ،و
لتفادي احتما ل الفراج عن المتهمين المدانين في حالة سعي الدو ل التي ينتمون إليها إلى الفراج
عنهم بحجج مختلفة ،من بينها دواعي حالتهم الصحية ،فينعمون بالحرية من جديد بعدما ارتكبوا
أشد الجرائم الدولية فتكا بالبشرية.
174
ملخص الدراسة
175
مـــلخــــــص الـــــــــدراســــــة
177
Résumé de l'étude
nous pouvons dire d'après cette recherche que le crime d'agression est l'un des crimes
les plus dangereux vu ces conséquences graves sur la stabilité de la sécurité et la paix
mondiale, et la non intégration de sa définition au sein du statut de Rome a empêche
la cour pénal international de statuer sur ces crimes pendant des années contrairement
au autres crimes internationaux, a cause de sa nature politique qui a amenée certain
états –notamment les plus puissants- a s'opposer fortement a l'intégration de la
définition de ce crime au sein du statut de Rome, et en conséquence la cour pénal
international n'est pas compétente pour juger les personnes ayant commis ces crimes
tout en justifiant leur opposition par de faux arguments ; en revanche la cause réel de
leur opposition et que c'est contre leur intérêts récolté au détriment des autres états
s'opposant a la légalité international a travers sa manipulation du conseil de sécurité
qui est censé être la seul institution internationale apte a faire face au crime
d'agression dans le monde .
l'ors du premier congres de la reforme du statut de la cour pénal international qui a ue
lieu a Kampala en Ouganda les états membres se sont entendue pour la résolution no :
06 qui relève des reforme relatives au crime d'agression contenant une définition du
crime incluse dans l'article: 08 qui a été base sur la méthode mixte tout en évoquant
une définition globale du crime et la renforçant par des exemples des cas de crime
probables afin d'assembler tout les cas possibles du crime; et a été rédiger
minutieusement mais seul son application qui peut démontrer ces avantages et ces
lacunes.
On a aussi déterminer les différents critères de compétence de la cour qui a limiter les
possibilités de comparution de l'auteur du crime devant Devant celle-ci, selon
l’article: 15bis qui a exigé l’acceptation de la compétence de la cour que l’état
concerné accepte la compétence de la cour, et a instauré une nouvelle procédure qui
permet aux états –même les états membres- de refuser la compétence, la procédure
qui encourage l’impunité qui fait souffrir le monde au détriment de la justice pénale
.internationale et permet au conseil de sécurité de s’ingérer dans la mission de la cour
178
قائمة المصادر و المراجع
179
أول -النصوص الرسمية:
-1التشريعات الوطنية:
-1المر رقم66/155 :المؤرخ في 18صفر عام 1368هـ الموافق لـ8 :يونيو 1966م ،المتضــمن
قانون الجراءات الجزائية ،المعد ل و المتمم
-2المر رقم66/156 :المؤرخ في 18صفر عام 1368هـ الموافق لـ8 :يونيو 1966م ،المتضــمن
قانون العقوبات ،المعد ل و المتمم
-2التشريعات الدولية:
-1ميثا.ق عصبة المم المتحدة 1919
-2ميثا.ق المم المتحدة 1945
-3النظا م الساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة 1998دخل حيز التنفيذ سنة 2002
-4إتفاقية فيينا لقانون المعاهدات 1966
-5قرار الجمعية العامة للمم المتحدة الحامل للرقم 3314المؤرخ في14/12/1974 :
-6الوثيقككة الرسككمية الخاصككة بككالمؤتمر الستعراضككي لنظككا م رومككا الساسككي للمحكمككة الجنائيككة
الدولية ،المنعقد بكمبال -أوغندا ،من 31ماي إلى 11جوان من سنة 2010
182
www.rue89.com -5
6- www.onu.org
7- www.universalis.fr/encyclopedie
8- http://lyc-perrin-soa.ac-versailles.fr/portail
183
الفهرس
184
الفـــــــــــــهـــــــــــــرس
الصفحات المحتـــــــــــــــــويــــــــــــــــــات
المقـدمـــــــــــــة.......................................................................................
4
.
الفصل الول :مفهوم جريمة العدوان و أركانها في ضوء مراجعة القانون الساسي
13
لروما.....................................................................................................
14 المبحث الو ل :مفهوم جريمة العدوان في ضوء مراجعة القانون الساسي لروما..........
185
54 المطلب الثالث :الركن المعنــــــــــوي..............................................................
-الفرع الو ل :مدى إمكانية إرتكاب جريمة العدوان بصورة غير عمدية.....................
56
63 الفرع الثاني :أثر عدم العترا ف بالدولة على الركن الدولي....................................
الفصل الثاني :المسؤولية المترتبة عن جريمة العدوان و اختصاص المحكمة الجنائية
67
الدولية بنظرها في ضوء مراجعة القانون الساسي لروما....................................
المبحث الو ل:المسؤولية المترتبة عن جريمة العدوان في ضوء مراجعة القانون
68
الساسي لروما.........................................................................................
المطلب الو ل:المسؤولية الدولية للدولة المعتدية..................................................
69
72 الفرع الثاني :التدابير التي يتخذها مجلس المن ضد الدولة المعتدية..........................
96 الفرع الثالث :تقييد نطا.ق إختصاص المحكمة بموافقة الدو ل المعنية بالجريمة...............
186
المطلب الثاني :الجهات الرئيسية المختصة بتحريك الدعوى أمام المحكمة الجنائية
104
الدولية....................................................................................................
106 الفرع الول :الدول الطكككككرا ف..................................................................
124 الفصل الثالث :دراسة بعض حالت العدوان في ضوء مراجعة القانون الساسي لروما.
128 المبحث الو ل :بعض حالت العدوان التي تصدى لها مجلس المن..........................
المطلب الو ل:بعض حالت العدوان التي تصدى لها مجلس المن باستخدام القوة
128
المسلحة..................................................................................................
129 الفرع الو ل :العدوان على الكويت سنة ................................................. 1990
الفرع الثاني :العدوان على أمريكا سنة ...................................................2001
136
المطلب الثاني:بعض حالت العدوان التي تصدى لها مجلس المن بإرسا ل قوات حفظ
143
السلم....................................................................................................
الفرع الو ل :العدوان على أثيوبيا سنة ....................................................1998
143
الفرع الثاني :العدوان على جورجيا سنة ..................................................2008
150
المبحث الثاني :إهما ل مجلس المن التصدي لبعض حالت العدوان..........................
155
المطلب الو ل :إصدار مجلس المن قرارات شكلية دون التدخل الميداني لحل النزاع.....
155
165 المطلب الثاني :عدم إصدار مجلس المن أي قرار للتصدي للنزاع...........................
187
الخـــــاتمــــــــــــــــــــــة............................................................................:
175
179 ملخص الدراســــــــــــــــة...........................................................................
188 الفهــــــــــــــــــــــــــــرس...........................................................................
188