You are on page 1of 116

‫رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام‬

‫ماستر القانون الدولي والترافع الدبلوماسي (الفوج االول)‬

‫في موضوع‬

‫إشراف‬ ‫إعداد الطالب‬


‫الدكتورة سميرة أقرورو‬ ‫نور المهدي‬
‫تأثير مجلس األمن في اختصاص المحكمة الجنائية‬
‫أعضاء لجنة المناقشة‬
‫الدكتورة سميرة أقرورو ‪ .....................................................‬مشرفة‬
‫الدكتور ‪ .........................................................................‬عضوا‬
‫الدكتور‪ .........................................................................‬عضوا‬

‫الموسم الجامعي ‪2023-2022‬‬


‫شكر وتقدير‬
‫الشكر والثناء هلل عزوجل أوال عىل نعمة الصرب والقدرة عىل إجناز البحث‪،‬‬
‫فاهلل امحلد عىل هذه النعم‪.‬‬
‫ونتقدم ابلشكر والتقدير والعرفان إىل أستاذتنا الفاضةل‪ /‬ادلكتورة مسرية‬
‫أقرورو اليت تفضلت ابإلرشاف عىل هذا البحث‪ ،‬وللك ما قدمته لنا من دمع‬
‫وتوجيه وإ رشاد إلمتام هذا العمل عىل ما هو عليه فلها أمسى عبارات الشكر‬
‫وجزيل الامتنان‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫إهداء‬
‫هندي هذا البحث املتواضع إىل من قال احلق تعاىل فهيام‪:‬‬
‫ابمس هللا الرمحن الرحمي‬

‫صدق هللا العظمي‪.‬‬ ‫سورة اإلرساء اآلية ‪. 24‬‬

‫مقدمة‬

‫‪2‬‬
‫إذا كان من المتفق عليه أن الجريمة ظاهرة إنسانية بامتياز فهي أيضا تعد ظاهرة طبيعية‬
‫بأنها تتالزم مع مختلف أوجه الحياة أينما وجدت‪.‬‬

‫والجريمة أثارت على ما به‪/‬ا من ش‪/‬رور من‪/‬د الق‪/‬دم اهتم‪/‬ام الجمي‪/‬ع من علم‪/‬اء وروائ‪/‬يين‬
‫وفالسفة وسياسيين إلخ‪....‬‬

‫وذلك بسبب آثارها السلبية على حياة البشرية‪ ،‬إذ عانت البش‪//‬رية على م‪//‬دار عق‪//‬ود س‪//‬ابقة‬
‫من ويالت الحروب وخصوص‪/‬ا الح‪/‬رب العالمي‪/‬ة الثاني‪/‬ة‪ ،‬حيث ش‪/‬هدت ه‪/‬ذه الح‪/‬رب مناخ‪/‬ا‬
‫إجراميا ارتكبت فيه أبشع الجرائم الدولية‪ ،‬ما جعل المجتمع الدولي يبدأ في التفكير ج‪//‬ديا في‬
‫إيجاد وسيلة تحد من لجوء الدول الستخدام القوة‪ ،‬وت‪//‬دفع به‪//‬ا إلى ح‪//‬ل النزاع‪//‬ات فيم‪//‬ا بينه‪//‬ا‬
‫بالطرق السلمية‪.‬‬

‫وفعال تم التجس‪//‬يد الحقيقي له‪//‬ذه الفك‪//‬رة على أرض الواق‪//‬ع‪ ،‬ع‪//‬بر إنش‪//‬اء منظم‪//‬ة األمم‬
‫المتحدة بمختلف أجهزتها‪ ،‬ومن بينها مجلس األمن الدولي‪ ،‬هذه المنظم‪//‬ة ال‪//‬تي تس‪//‬عى لحف‪//‬ظ‬
‫السلم واألمن الدوليين للحيلولة دون وقوع حرب عالمية ثالثة‪.‬‬

‫لكن بالرغم من النجاح الذي حققه المجتمع الدولي عبر إنشاءه لمنظم‪//‬ة األمم المتح‪//‬دة‪ ،‬إال‬
‫أن هذا النج‪//‬اح ك‪//‬ان نس‪//‬بيا ويعت‪//‬بر غ‪//‬ير ك‪//‬افي‪ ،‬خاص‪//‬ة وأن اله‪//‬دف ال‪//‬ذي تس‪//‬عى إلي‪//‬ه ه‪//‬ذه‬
‫المنظم‪//‬ة لن يتحق‪//‬ق إال إذا تحققت العدال‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة من خالل إنش‪//‬اء محكم‪//‬ة جنائي‪//‬ة‬
‫دولية دائمة وعالمية االختصاص‪ ،‬فهي الضامن الوحيد الستقرار واستمرار السلم الدولي في‬
‫العالم‪.‬‬

‫وهو فعال الحلم الذي ظل يراود البشرية طيلة العقود السابقة‪ ،‬وذلك من أجل إق‪//‬رار مب‪//‬دأ‬
‫المسؤولية الجنائي‪//‬ة عن الج‪//‬رائم الدولي‪//‬ة ال‪//‬تي ت‪//‬رتكب‪ ،‬وأيض‪//‬ا لمعالج‪//‬ة مختل‪//‬ف األوض‪//‬اع‬
‫اإلنسانية المأسوية‪ ،‬ومواجهة ظاهرة اإلفالت من العقاب على الصعيد على الصعيد العالمي‪.‬‬

‫وعليه فقد ظلت األصوات الحية تن‪//‬ادي بإدان‪//‬ة الج‪//‬رائم الدولي‪//‬ة الش‪//‬ديدة الخط‪//‬ورة بكاف‪//‬ة‬
‫صورها وأشكالها‪ ،‬وتطالب باالقتصاص للضحايا األبرياء عبر عقاب مقترفيه‪//‬ا مهم‪//‬ا ك‪//‬انت‬

‫‪3‬‬
‫صفاتهم ومناصبهم‪ ،‬إدراكا منهم بأنه لم ولن يكون هناك سالم حقيقي في العالم ب‪//‬دون تحق‪//‬ق‬
‫العدالة الدولية الشاملة والحقيقية‪.‬‬

‫فكانت الخطوة األولى في هذا المجال مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬حيث تم إنش‪//‬اء‬
‫محكمتين عسكريين وهما محكمة نومبورغ في ألماني‪/‬ا‪ ،‬ومحكم‪/‬ة طوكي‪/‬و في الياب‪/‬ان‪ ،‬وذل‪/‬ك‬
‫بهدف محاكمة مجرمي الحرب هناك‪.‬‬

‫غير أن ما أخد على ه‪//‬ذا الن‪//‬وع من المح‪//‬اكم‪ ،‬ه‪//‬و افتقاره‪//‬ا إلى قواع‪//‬د الحي‪//‬اد والنزاه‪//‬ة‬
‫باعتبارها تمثل انتقام المنتص‪/‬ر في الح‪/‬رب على المنه‪/‬زم وتط‪/‬بيق قانون‪/‬ه أك‪/‬ثر من‪/‬ه تطبيق‪/‬ا‬
‫للقانون الدولي الجنائي هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخ‪//‬رى فق‪//‬د حض‪//‬ي ه‪//‬ذا الن‪//‬وع من المح‪//‬اكم‬
‫بقبول المجتمع الدولي آنذاك‪ ،‬ال سيما وأنها اعتبرت كنقطة تحول في تاريخ المجتمع ال‪//‬دولي‬
‫المعاصر‪ ،‬من أجل تحقيق حلمه في إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة عالمية االختصاص‪.‬‬

‫األمر الذي دفع المجتمع الدولي لمواصلة سعيه الح‪/‬ثيث من أج‪/‬ل تحقي‪/‬ق هدف‪/‬ه‪ ،‬فتق‪/‬دمت‬
‫مختلف الجهات الدولية بالعديد من المشاريع مفادها إنشاء محكمة جنائي‪//‬ة دولي‪//‬ة دائم‪//‬ة‪ ،‬لكن‬
‫ظلت رهينة التأييد والمعارضة من قبل األطراف الدولية‪.‬‬

‫كما ظلت الجمعية العامة لألمم المتحدة تدعو لجن‪/‬ة الق‪/‬انون ال‪/‬دولي لدراس‪/‬ة مس‪/‬ألة إنش‪/‬اء‬
‫محكمة جنائية دولية في كل مناسبة‪ ،‬فنوقش هذا الموضوع بطريقة مكثفة ومفص‪//‬لة لس‪//‬نوات‬
‫عديدة من طرف لجنة القانون الدولي‪ ،‬والتي كان لها دور كبير في هذا الموضوع‪.‬‬

‫وخالل سعي المجتمع الدولي إلقام‪/‬ة قض‪/‬اء جن‪/‬ائي دولي دائم‪ ،‬ق‪/‬ام مجلس األمن ال‪/‬دولي‬
‫هو اآلخر على خلفية األحداث المأسوية الحاصلة في كل من يوغوس‪//‬الفيا الس‪//‬ابقة وروان‪//‬دا‪،‬‬
‫بالتصدي لمن ارتكبوا أبشع الج‪/‬رائم الدولي‪//‬ة هن‪//‬اك بالمالحق‪//‬ة والمعاقب‪//‬ة‪ ،‬عن طري‪//‬ق إنش‪/‬اء‬
‫محاكم جنائية دولية خاصة‪ ،‬نظرا المتالكه ه‪/‬ذه الس‪/‬لطة بم‪/‬وجب الفص‪/‬ل الس‪/‬ابع من ميث‪/‬اق‬
‫األمم المتحدة‪.‬‬

‫غير أن ما أخد على هذا النوع من المحاكم هو تبعيتها لمجلس األمن الدولي والذي يعتبر‬
‫جهازا سياسيا‪ ،‬وكذلك نشأتها التي كانت مؤقتة واختصاصهما المحدود‪ ،‬لكن من وجهة نظ‪//‬ر‬

‫‪4‬‬
‫أخرى إيجابية يعتبر هذا الوضع قد سلط الضوء أكثر فأكثر على حاجة المجتمع ال‪//‬دولي إلى‬
‫وجود جهاز قضائي دولي دائم يمكنه ف‪//‬رض س‪//‬يادة الق‪//‬انون على األف‪//‬راد وال‪//‬دول مع‪//‬ا دون‬
‫تمييز على أساس الصفة أو المركز‪.‬‬

‫وبالفع‪//‬ل فق‪//‬د أثم‪//‬رت الجه‪//‬ود المبذول‪//‬ة ال‪//‬تي اس‪//‬تمرت لس‪//‬نوات طويل‪//‬ة في ‪ 17‬يولي‪//‬وز‬
‫‪ ،1998‬والذي اختتمت به أعمال مؤتمر روم‪//‬ا الدبلوماس‪//‬ي المع‪//‬ني بإنش‪//‬اء محكم‪//‬ة جنائي‪//‬ة‬
‫دولية دائمة بالموافقة على تبني نظامها األساسي‪ ،‬وه‪//‬و فعال الح‪//‬دث ال‪//‬ذي ج‪//‬اء محقق‪//‬ا لحلم‬
‫وآمال الكثير من الدول في إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة وعالمية االختصاص‪.‬‬

‫خصوص‪//‬ا أن المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة الدائم‪//‬ة تختل‪//‬ف عن المح‪//‬اكم الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‬


‫الخاصة ال‪//‬تي س‪//‬بقتها‪ ،‬باعتب‪//‬ار المح‪//‬اكم الخاص‪//‬ة كيغوس‪//‬الفيا الس‪//‬ابقة وروان‪//‬دا اللت‪//‬ان تع‪//‬دا‬
‫ك‪//‬أجهزة فرعي‪//‬ة لمجلس األمن‪ ،‬أم‪//‬ا المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة ‪،‬فتج‪//‬د أساس‪//‬ها الق‪//‬انوني في‬
‫معاهدة دولية أبرمت بين الدول وتتميز عن سابقيها بأهم خاصيتين وهما الدوام والعالمي‪//‬ة‪ ،‬و‬
‫أبصرت المحكمة الجنائي‪/‬ة الدولي‪/‬ة الن‪/‬ور بع‪/‬د أن دخ‪/‬ل نظامه‪/‬ا األساس‪/‬ي ح‪/‬يز النف‪/‬اذ في ‪1‬‬
‫يولي‪//‬وز ‪ 2002‬على ال‪//‬رغم من الج‪//‬دل الواس‪//‬ع ال‪//‬ذي ش‪//‬هدته مفاوض‪//‬ات م‪//‬ؤتمر روم‪//‬ا‬
‫الدبلوماسي ‪،‬على خلفية سعي بعض الدول وعلى رأسهم الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬إلقام‪/‬ة‬
‫عالقة تعاون بين هيئة األمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية ‪،‬ومنح على وجه الخص‪//‬وص‬
‫مجلس األمن الدولي سلطات وصالحيات تخوله التدخل والتأثير في عمل المحكمة‪.‬‬

‫وفعال تم ذلك‪ ،‬إذ منح نظام روما األساسي سلطات واسعة لمجلس األمن عند تعامل‪//‬ه م‪//‬ع‬
‫المنازعات الدولية‪ ،‬تخول له الت‪/‬أثير في اختص‪/‬اص المحكم‪/‬ة الجنائي‪/‬ة الدولي‪/‬ة ‪،‬حيث يتعل‪/‬ق‬
‫األمر بسلطة اإلحالة وفرض واجب التعاون على الدول م‪//‬ع المحكم‪//‬ة ‪،‬ال‪//‬تي تعت‪//‬بر س‪//‬لطات‬
‫مدعمة ومساعدة لعم‪//‬ل المحكم‪//‬ة ‪،‬ثم س‪//‬لطة إرج‪//‬اء التحقي‪//‬ق أو المقاض‪//‬اة واالنف‪//‬راد ب‪//‬إقرار‬
‫جريم‪/‬ة الع‪/‬دوان ‪،‬ال‪/‬تي تعت‪/‬بر س‪/‬لطات تح‪/‬ول دون تمكين المحكم‪/‬ة الجنائي‪/‬ة الدولي‪/‬ة بالقي‪/‬ام‬
‫بوظيفتها ‪،‬بل وقد تساهم في إلغاء دورها بشكل كامل‪ ،‬وبالتالي يمكن ألشد الج‪//‬رائم خط‪//‬ورة‬
‫أن تخرج من نطاق المقاضاة أو العدالة ‪،‬وتقحم في القضايا السياس‪//‬ية ال‪//‬تي يمت‪//‬از به‪//‬ا عم‪//‬ل‬
‫مجلس األمن‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫أهمية البحث‬
‫يث‪//‬ير موض‪//‬وع ت‪//‬أثير مجلس األمن على اختص‪//‬اص المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة أهمي‪//‬ة‬
‫علمية ‪،‬تتجلى في كونه من موضوعات القانون الدولي الجنائي األك‪//‬ثر إث‪//‬ارة للج‪//‬دل خاص‪//‬ة‬
‫خالل مفاوضات مؤتمر روما ‪،‬بين الدول ذات العضوية الدائمة بمجلس األمن وعلى رأس‪//‬هم‬
‫الواليات المتح‪/‬دة األمريكي‪//‬ة؛ وال‪//‬دول ال‪//‬تي ت‪//‬رفض أي ت‪//‬دخل لمجلس األمن في اختص‪//‬اص‬
‫المحكمة ‪،‬وأخرى عملية تظهر في كون أن بعض السلطات ال‪//‬تي منحه‪//‬ا نظ‪//‬ام روم‪//‬ا لمجلس‬
‫األمن بموجب نظام روما ‪ -‬خاصة سلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة – س‪//‬اهمت في عرقل‪//‬ة‬
‫اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ‪،‬الشيء الذي ترتب عنه إفالت العديد من المج‪//‬رمين من‬
‫العقاب وهو ما ظهر واضحا من خالل القرارين ‪ 1422‬و‪.1487‬‬

‫دوافع اختيار البحث‬


‫ما دفعنا إلى اختي‪//‬ار ه‪//‬ذا الموض‪//‬وع ه‪//‬و رغبتن‪//‬ا في اس‪//‬تكمال الدراس‪//‬ة والبحث في م‪//‬ادة‬
‫القانون الدولي بصفة عامة والقانون الدولي الجن‪//‬ائي بص‪//‬فة خاص‪//‬ة‪ ،‬ثم ك‪//‬ذلك قل‪//‬ة الكتاب‪//‬ات‬
‫العلمية التي تناولت هذا الموضوع بالمغرب‪.‬‬

‫صعوبات البحث‬
‫من بين الصعوبات التي وجهناها أثناء إنجاز ه‪//‬ذا البحث‪ ،‬ه‪//‬و أن معظم الدراس‪//‬ات ال‪//‬تي‬
‫تناولت هذا الموضوع لم تعره ح‪//‬يزا مهم‪//‬ا من الدراس‪//‬ة والتحلي‪//‬ل‪ ،‬ألن عالق‪//‬ة مجلس األمن‬
‫بالمحكمة الجنائية الدولية لم تظهر إال مع نظام روما في سنة ‪ ،1998‬وبالتالي الشيء ال‪//‬ذي‬
‫جعل الدراسات حول هذا الموضوع تتسم بالقليلة‪ ،‬هذا من جهة‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬صعوبة التمييز بين السلطات اإليجابية والسلطات السلبية لمجلس تجاه‬
‫المحكمة الجنائية الدولية داخل نظام روما األساسي‪.‬‬

‫إشكالية البحث‬
‫يتطلب األمر للحفاظ على األمن والسلم الدوليين‪ ،‬وجود جهاز دولي ل‪//‬ه من الص‪//‬الحيات‬
‫ما يمكنه من القيام بذلك ‪،‬ولذلك نجد ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة أن‪//‬اط مجلس األمن ال‪//‬دولي بمهم‪//‬ة‬
‫حفظ السلم واألمن الدوليين ‪،‬وأعطاه مجموعة من االختصاصات والسلطات ال‪//‬تي ق‪//‬د تص‪//‬ل‬

‫‪6‬‬
‫إلى ح‪//‬د الت‪//‬دخل عن طري‪//‬ق الق‪//‬وة العس‪//‬كرية ‪،‬وذل‪//‬ك ألج‪//‬ل الس‪//‬لم واألمن ال‪//‬دوليين ‪،‬ولنفس‬
‫الش‪//‬يء نج‪//‬د نظ‪//‬ام روم‪//‬ا األساس‪//‬ي ه‪//‬و اآلخ‪//‬ر أعطى لمجلس األمن ممارس‪//‬ة مجموع‪//‬ة من‬
‫الصالحيات أمام المحكمة الجنائية الدولية ‪،‬وذلك لتحقيق الس‪/‬لم واألمن ال‪/‬دوليين ولكن بوج‪/‬ه‬
‫آخر يظهر في تحقيق العدالة الجنائية الدولية ومحاربة ظاهرة اإلفالت من العقاب ‪،‬وه‪//‬ذا م‪//‬ا‬
‫عده البعض دور إيجابي لمجلس األمن في تفعيل اختص‪//‬اص المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة ‪،‬في‬
‫حين اعتبره البعض اآلخر بأنه تدخل لجهاز سياسي في اختصاص جهاز قضائي‪.‬‬

‫وانطالقا من ذلك يمكن ط‪//‬رح إش‪//‬كالية البحث كالت‪//‬الي‪ :‬ه‪99‬ل س‪99‬لطات مجلس األمن وفق‪99‬ا‬
‫لنظام روما األساسي تفعل اختصاص المحكم‪9‬ة الجنائي‪9‬ة أم أنه‪9‬ا تعرق‪9‬ل اختصاص‪9‬ها وتقي‪9‬د‬
‫استقالليتها؟‬

‫ويتفرع عن هذه اإلشكالية سؤالين فرعيين‪:‬‬

‫‪ -1‬كيف يفعل مجلس األمن اختصاص المحكمة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة من خالل س‪//‬لطتي اإلحال‪//‬ة‬
‫وفرض واجب التعاون على الدول؟‬

‫‪ -2‬كيف يعرقل مجلس األمن اختصاص المحكمة الجنائية من خالل سلطتي إرجاء التحقي‪//‬ق‬
‫أو المقاضاة‪ ،‬ثم االنفراد بإقرار جريمة العدوان؟‬

‫منهج البحث‬
‫يقتضي موضوع البحث أعاله اعتماد المنهج الوصفي‪ ،‬وذلك ب‪//‬التعرض لس‪/‬لطات مجلس‬
‫األمن الدولي في نظام روما األساسي‪ ،‬وأيضا تحلي‪//‬ل دوره اتج‪//‬اه المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‬
‫في واقع القضايا الموجودة على الساحة الدولية‪.‬‬

‫خطة البحث‬
‫‪.‬لإلجابة عن إشكالية البحث نعتمد خطة البحث التالية‬

‫الفصل األول‪ :‬الدور اإليجابي لمجلس األمن في تفعيل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية‬
‫‪.‬الفصل الثاني‪ :‬عرقلة مجلس األمن الختصاص المحكمة الجنائية الدولية‬

‫‪7‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الدور اإليجابي لمجلس األمن في تفعيل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية‬

‫‪8‬‬
‫يتجلى دور مجلس األمن الدولي في تفعيل اختصاص المحكمة الجنائية الدولي‪//‬ة من خالل‬
‫سلطة اإلحالة إلى المحكمة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬بحيث يس‪/‬تطيع مجلس األمن ال‪//‬دولي إحال‪//‬ة أي‬
‫حالة إلى المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬ي‪//‬رى أنه‪//‬ا تش‪//‬كل جريم‪//‬ة من الج‪//‬رائم ال‪//‬تي ت‪//‬دخل في‬
‫اختصاصها لقيامها بمحاكمة مرتكبيه‪//‬ا ‪ ،‬و تم منح مجلس األمن دورا في تفعي‪//‬ل اختص‪//‬اص‬
‫المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬نظرا للسلطات التي يتمتع بها وفق‪//‬ا لميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة‪ ،‬و ال‪//‬تي‬
‫ح‪//‬اول واض‪//‬عوا النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي للمحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة االس‪//‬تفادة منه‪//‬ا ق‪//‬در اإلمك‪//‬ان‪،‬‬
‫باعتبارها تشكل آلية فريدة من نوعها‪ ،‬تحتاجه‪//‬ا المحكم‪//‬ة لتفعي‪//‬ل نش‪//‬اطها و تحقي‪//‬ق أه‪//‬دافها‬
‫باإلضافة إلى ذلك فإن نظام روما من خالل منحه هذا الدور لمجلس األمن الدولي‪ ،‬أكد فكرة‬
‫مفادها أن هناك صلة وطيدة بين العدالة الجنائية الدولي‪//‬ة و حف‪//‬ظ الس‪//‬لم‪ ،‬باعتب‪//‬ار أن العدال‪//‬ة‬
‫الجنائي‪/‬ة الدولي‪/‬ة من الوس‪/‬ائل المس‪/‬اهمة في حف‪/‬ظ الس‪/‬لم واألمن ال‪/‬دوليين‪ ،‬األم‪/‬ر ال‪/‬ذي أدى‬
‫بالبعض إلى وصف دور مجلس األمن في تفعيل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬و هذا‬
‫الجانب من العالقة على وجه الخصوص بأنه الدعام‪//‬ة و الش‪//‬ق اإليج‪//‬ابي للعالق‪//‬ة بينهم‪//‬ا‪ ،‬و‬
‫رغم أن تبني مثل هذه اآللية في النظام األساسي للمحكم‪//‬ة لم يكن أم‪//‬را س‪//‬هال‪ ،‬إذ بع‪//‬د ج‪//‬دل‬
‫مستفيض أثناء م‪//‬ؤتمر روم‪//‬ا لس‪//‬نة ‪ 1998‬ح‪//‬ول منح مجلس األمن ال‪//‬دولي دورا في تفعي‪//‬ل‬
‫اختصاص المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬تم التوص‪//‬ل إلى ح‪/‬ل وس‪/‬ط بين ال‪//‬دول المش‪/‬اركة في‬
‫المؤتمر ‪ ،‬و هو ما تضمنته المادة ‪ 13‬من النظام األساسي للمحكمة ‪،‬والعالق‪/‬ة اإليجابي‪/‬ة بين‬
‫مجلس األمن والمحكمة الجنائية لم تقتصر فقط على س‪//‬لطة اإلحال‪//‬ة من قب‪//‬ل مجلس األمن و‬
‫إنما تبرز أيضا من خالل تخويل هذا األخير دور الرقاب‪//‬ة على طلب‪//‬ات التع‪//‬اون المقدم‪//‬ة من‬
‫المحكمة الجنائية الدولية إلى الدول المعنية المطلوب منها التعاون ‪،‬وذل‪//‬ك دون أن يمس ه‪//‬ذا‬
‫الدور الوقائع التي يقوم بتحريكها المدعي العام للمحكمة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة بنفس‪/‬ه‪ ،‬أو اإلحال‪//‬ة‬
‫التي تقدمها دولة طرف‪ ،‬أو دول‪//‬ة قبلت باختص‪//‬اص المحكم‪//‬ة بم‪//‬وجب إعالن مس‪//‬بق‪ ،‬وه‪//‬ذا‬
‫الدور الرقابي لمجلس األمن يشمل ال‪//‬دول األط‪//‬راف وغ‪//‬ير األط‪//‬راف في الميث‪//‬اق على ح‪//‬د‬
‫سواء عند امتناعها أو رفضها التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬

‫وانطالقا مما تق‪//‬دم س‪//‬وف نتن‪//‬اول دراس‪//‬ة ه‪//‬ذا الفص‪//‬ل من البحث من خالل التط‪//‬رق إلى‬
‫س‪//‬لطة مجلس األمن في إحال‪//‬ة الج‪//‬رائم الدولي‪//‬ة على المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة (المبحث‬

‫‪9‬‬
‫األول)‪ ،‬ثم ك‪//‬ذلك دور مجلس األمن في ف‪//‬رض التع‪//‬اون على ال‪//‬دول م‪//‬ع المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة‬
‫الدولية (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬سلطة مجلس األمن الدولي في إحالة الجرائم الدولية على‬
‫المحكمة الجنائية الدولية‬
‫حاولت الواليات المتحدة األمريكية من خالل المناقشات في مؤتمر روما العتماد النظ‪//‬ام‬
‫األساسي للمحكمة الجنائية الدولية إلى ضمان أن يكون مجلس األمن ال‪//‬دولي منف‪//‬ردا بس‪//‬لطة‬
‫االدعاء أمام المحكمة‪ ،‬غير أن مواقف الدول األخرى‪ ،‬والسيما األعضاء ال‪//‬دائمين اآلخ‪//‬رين‬
‫وبالرغم من اتفاقهم على المبدأ‪ ،‬لم تتطابق بص‪//‬ورة كامل‪//‬ة‪ ،‬حيث رأت ه‪//‬ذه ال‪//‬دول أن يس‪//‬ند‬
‫إلى مجلس األمن س‪//‬لطة اإلحال‪//‬ة إلى المحكم‪//‬ة ب‪//‬التوازي م‪//‬ع األط‪//‬راف المعني‪//‬ة من جه‪//‬ة‬
‫والمدعي العام للمحكمة من جهة ثانية‪.1‬‬

‫إن سلطة إحالة مجلس األمن للجرائم الدولية على المحكمة الجنائية الدولية تتطلب تحدي‪//‬د‬
‫ماهيته‪//‬ا (المطلب االول)‪ ،‬وك‪//‬ذا إعط‪//‬اء بش‪//‬أنها بعض النم‪//‬اذج من ممارس‪//‬ات مجلس األمن‬
‫(المطلب الثاني)‬

‫‪1‬‬
‫علي يوسف الشكري‪ ،‬القانون الجنائي الدولي في عالم متغير‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬إيتراك للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص_ ‪- 1 .130‬‬

‫‪10‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ماهية اإلحالة على المحكمة الجنائية الدولية‬
‫تعد من بين مظاهر التعاون بين المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة ومنظم‪//‬ة األمم المتح‪//‬دة‪ ،‬منح‬
‫مجلس األمن الدولي سلطة إحالة الجرائم الدولية على المحكمة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة وذل‪//‬ك وفق‪//‬ا‬
‫ألحكام المادة ‪ 13‬من روما األساس‪/‬ي إلنش‪/‬اء المحكم‪/‬ة الجنائي‪/‬ة‪ ،‬وذل‪/‬ك لك‪/‬ون مجلس األمن‬
‫الدولي يعد المسؤول األول داخل منظمة األمم المتحدة عن حفظ السلم واألمن الدوليين‪.‬‬

‫وس‪/‬لطة مجلس األمن ال‪/‬دولي في إحال‪/‬ة الج‪/‬رائم الدولي‪/‬ة على المحكم‪/‬ة الجنائي‪/‬ة الدولي‪/‬ة‬
‫تقتضي تحديد المقصود بها (الفق‪//‬رة األولى)‪ ،‬ثم الض‪//‬وابط المتعلق‪//‬ة بممارس‪//‬تها وك‪//‬ذا األث‪//‬ار‬
‫المترتبة عليها (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تحديد المقصود بسلطة اإلحالة‬


‫أوال‪ :‬تحديد تعريف اإلحالة‬

‫كلمة اإلحالة مشتقة من فعل أحال أي يقال أحال فالن شيئا إلى جهة االختصاص‪ ،‬بمعنى‬
‫حوله إلى جهة االختصاص‪.2‬‬

‫أما اصطالحا‪ :‬اإلحالة تعني تقديم مجلس األمن حالة إلى المدعي العام للمحكمة يب‪//‬دو من‬
‫خاللها أن جريمة أو أكثر من الج‪//‬رائم الداخل‪//‬ة في اختص‪//‬اص المحكم‪//‬ة ق‪//‬د ارتكبت‪ ،‬أي أن‬
‫اإلحالة بهذا المعنى تتضمن تحويل األمر إلى الجهة المختصة بذلك‪.3‬‬

‫وفي هذا اإلطار يري الدكتور محمود شريف بس‪//‬يوني أن اإلحال‪//‬ة من مجلس األمن على‬
‫المحكمة الجنائية هي الوسيلة أو الطريق‪//‬ة أو اإلج‪//‬راء ال‪//‬ذي يتم من خالل‪//‬ه تحري‪//‬ك ال‪//‬دعوى‬
‫الجنائية أمام المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬بمجرد إحالة حالة يبدو فيها أن جريمة أو أك‪/‬ثر ق‪/‬د تم‬
‫ارتكابها‪ ،‬ويقوم الم‪/‬دعي الع‪/‬ام للمحكم‪/‬ة بفحص‪/‬ها من خالل التحقي‪/‬ق من ص‪/‬حة المعلوم‪/‬ات‬
‫والمستندات التي تم االس‪//‬تناد عليه‪//‬ا في عملي‪//‬ة اإلحال‪//‬ة لمعرف‪//‬ة ه‪//‬ل ه‪//‬ذه األدل‪//‬ة تص‪//‬لح ألن‬

‫مجدي وهبت وكامل المهندس‪ ،‬معجم مصطلحات اللغة العربية‪ ،‬مكتبة لبنان بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،1984‬ص ‪- 2 .155‬‬
‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫المختار عمر سعد شتان‪ ،‬العالقة بين األمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية الدائمة‪ ،‬جامعة ناصر األممية ليبيا‪ ،2005 ،‬ص_ ‪3-‬‬
‫‪150.‬‬

‫‪11‬‬
‫تحرك الدعوى أم ال؟ أي أن المدعي العام ال يقوم بمباشرة التحقيقات إال بعد أن يقتنع بوجود‬
‫أسباب معقولة للسير في اإلجراءات وفقا للنظام األساسي للمحكمة الجنائية‪.4‬‬

‫ومن خالل ما سبق من آراء بخصوص تعريف اإلحال‪//‬ة يمكن أن نخلص إلى أن اإلحال‪//‬ة‬
‫هي الوس‪//‬يلة ال‪//‬تي يلتمس من خالله‪//‬ا مجلس األمن ت‪//‬دخل المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة دون‬
‫االدعاء ضد أشخاص معينين‪ ،‬بهدف لفت انتب‪//‬اه الم‪//‬دعي الع‪//‬ام إلى وق‪//‬ائع وأح‪//‬داث تس‪//‬تلزم‬
‫إج‪//‬راء تحقي‪//‬ق حس‪//‬ب م‪//‬ا يتوص‪//‬ل إلي‪//‬ه الم‪//‬دعي الع‪//‬ام من حق‪//‬ائق يمكن أن تش‪//‬كل أساس‪//‬ا‬
‫للمحاكمة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أساس سلطة اإلحالة‬


‫يستمد مجلس األمن الدولي أساسا اختصاصه في إحالة قض‪//‬ية م‪//‬ا إلى المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة‬
‫الدولية من نصوص ميثاق منظمة األمم المتحدة كأحد أجهزة هذه المنظم‪//‬ة المختص‪//‬ة بحف‪//‬ظ‬
‫السالم واألمن الدوليين‪ ،‬وكذلك من نصوص النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولي‪//‬ة‪ ،‬ه‪//‬ذا‬
‫النظام األساسي الذي حدد على سبيل الحصر الجرائم الدولي‪/‬ة ال‪/‬تي تن‪/‬درج تحت اختص‪/‬اص‬
‫هذه المحكمة‪ ،‬أي االختصاص النوعي‪ ،‬واالختصاص المكاني‪.5‬‬

‫وفي هذا الخصوص ينص النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن للمحكمة أن‬
‫تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة الخامسة وفقًا ألحكام هذا النظام‬
‫األساسي في األحوال التالية‪:‬‬

‫"ب‪ .‬إذا أحال مجلس األمن متصرفًا بموجب الفص‪//‬ل الس‪//‬ابع من ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة حال‪//‬ة‬
‫إلى المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أك‪//‬ثر من ه‪//‬ذه الج‪//‬رائم ق‪//‬د ارتكبت‪ "....‬من الم‪//‬ادة‬
‫‪ 13‬من نظام روما‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫محمود شريف بسيوني‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية‪ :‬نشأتها ونظامها األساسي مع دراسة لتاريخ لجان التحقيق الدولية والمحاكم ‪4-‬‬
‫‪.‬الجنائية الدولية السابقة‪ ،‬مطابع روز اليوسف الجديدة‪ ،‬مصر ‪ ،2002‬ص_‪55‬‬
‫‪5‬‬
‫‪:‬تنص المادة رقم ‪ 13‬من نظام روما األساسي إلنشاء المحكمة الجنائية على ما يلي ‪5-‬‬
‫‪:‬للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة الخامسة وفقًا ألحكام هذا النظام األساسي في األحوال التالية‬
‫‪.‬أ‪ -‬إذا أحالت دولة طرف إلى المدعي العام وفقًا للمادة ‪ 14‬حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت‬
‫ب ‪ -‬إذا أحال مجلس األمن‪ ،‬متصرفًا بموجب الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬حالة إلى المدعي العام يبدو فيها أن‬
‫‪.‬جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت‬
‫ًا‬
‫‪.‬ج‪ -‬إذا كان المدعي العام قد بدأ بمباشرة تحقيق فيما يتعلق بجريمة من هذه الجرائم وفق للمادة ‪15‬‬
‫‪12‬‬
‫انقس‪//‬مت اآلراء ح‪//‬ول منح مجلس األمن ال‪//‬دولي س‪//‬لطة االدع‪//‬اء أم‪//‬ام المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة‬
‫الدولية‪ ،‬حيث ذهب البعض إلى القول بأن منح المجلس هذه السلطة له‪//‬ا م‪//‬ا يبرره‪//‬ا انطالق‪//‬ا‬
‫من مسؤولية المجلس األساسية في المحافظة على السلم واألمن الدوليين استنادا لميثاق األمم‬
‫المتحدة‪ ،‬الذي يبدو انه يخول المجلس صالحية إنشاء محاكم مخصص‪//‬ة له‪//‬ذه الغاي‪//‬ة‪ ،‬وحيث‬
‫إن األم‪//‬ر ك‪//‬ذلك فمن المنط‪//‬ق أن يك‪//‬ون لمجلس األمن الح‪//‬ق في طلب الت‪//‬دخل وتحري‪//‬ك‬
‫اإلجراءات الجنائية أمام المحكمة عندما يتعل‪//‬ق األم‪/‬ر بإح‪/‬دى الج‪/‬رائم المح‪/‬ددة وفق‪/‬ا للمه‪//‬ام‬
‫والسلطات التي يخولها الميثاق للمجلس‪.‬‬

‫يضاف إلى ذلك أن هيب‪//‬ة المحكم‪//‬ة وس‪//‬معتها تقتض‪//‬ي تخوي‪//‬ل المجلس ص‪//‬الحية اللج‪//‬وء‬
‫إليها؛ ألن اضطرار المجلس بالرغم من وجود المحكمة إلى إنشاء محاكم مخصصة لح‪//‬االت‬
‫معين‪/‬ة‪ ،‬ي‪/‬رى فيه‪/‬ا ض‪/‬رورة انته‪/‬اج ه‪/‬ذا المس‪/‬ار يض‪/‬عف دون ش‪/‬ك مكان‪/‬ة المحكم‪/‬ة ويث‪/‬ير‬
‫التساؤالت بشأن مبرر وجودها‪.‬‬

‫وفي المقابل انتقدت بعض الدول والمنظمات غ‪/‬ير الحكومي‪/‬ة إس‪/‬ناد ه‪/‬ذه الس‪/‬لطة لمجلس‬
‫األمن على أساس أنه يمكن أن يؤثر في استقالل المحكمة وحيادها وبالت‪//‬الي على دوره‪//‬ا في‬
‫تحقيق العدالة الدولية‪ ،‬ويمكن أن ينال من إرادة الدول المعنية وسيادتها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬أسباب منح سلطة اإلحالة لمجلس األمن‬


‫من بين أسباب منح مجلس األمن الدولي سلطة إحالة الجرائم الدولي‪//‬ة المنص‪//‬وص عليه‪//‬ا‬
‫في المادة الخامسة من نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية نجد ما يلي‪:‬‬

‫>> مجلس األمن الدولي جهاز أساسي للحف‪99‬اظ على حق‪99‬وق اإلنس‪99‬ان‪ :‬يلعب مجلس األمن‬
‫دورا هاما في مجال الحفاظ على حقوق اإلنسان‪ ،‬فإلى جانب الجمعية العامة ومجلس حق‪//‬وق‬
‫اإلنسان والمجلس االقتص‪//‬ادي واالجتم‪//‬اعي‪ ،‬يع‪//‬د مجلس األمن المس‪//‬ئول عن حماي‪//‬ة حق‪//‬وق‬
‫اإلنسان وحفظ السلم واألمن الدوليين وقمع أعمال العدوان‪.‬‬

‫فمجلس األمن يم‪//‬ارس الص‪//‬الحيات الممنوح‪//‬ة ل‪//‬ه وفق‪//‬ا للفص‪//‬ل الس‪//‬ادس أو الس‪//‬ابع من‬
‫الميث‪//‬اق في حال‪//‬ة االنته‪//‬اك الص‪//‬ارخ لحق‪//‬وق اإلنس‪//‬ان‪ ،‬وفي ه‪//‬ذا الص‪//‬دد تمكن المجلس من‬
‫إصدار العديد من القرارات الملزم‪/‬ة في ه‪/‬ذا المج‪/‬ال وأهمه‪/‬ا ق‪/‬رار مجلس األمن رقم ‪788‬‬
‫‪13‬‬
‫الصادر في ‪ 1991/04/05‬والخاص بمشكلة أكراد العراق م‪//‬ع الس‪//‬لطة العراقي‪//‬ة‪ 6‬إض‪//‬افة‬
‫إلى القرار ‪ 688‬الصادر بتاريخ ‪ 1991/04/03‬بخصوص العراق‪ ،‬حيث عبر في‪//‬ه مجلس‬
‫األمن عن انشغاله الشديد بحالة قمع المواطنين العراقيين التي أدت إلى حركة كثيفة لالج‪//‬ئين‬
‫اتجاه الحدود الدولية؛ باإلضافة إلى قرار مجلس األمن الصادر في ‪ 1993/06/16‬الخاص‬
‫بالوضع في هايتي فقد طالب المجلس بضرب حص‪//‬ار تج‪//‬اري وج‪//‬وي على الدول‪//‬ة لوص‪//‬ف‬
‫الوض‪//‬ع بأن‪//‬ه تمدي‪//‬د للس‪//‬لم واألمن ال‪//‬دوليين في المنطق‪//‬ة‪ ،‬وبع‪//‬ده انتهى المجلس إلى وج‪//‬وب‬
‫استخدام القوة المسلحة‪.7‬‬

‫أما بالنسبة إلى الصراع في البوس‪//‬نة والهرس‪//‬ك فق‪//‬د أش‪//‬ار المجلس إلى انتهاك‪//‬ات حق‪//‬وق‬
‫اإلنس‪//‬ان ح‪//‬تى في إط‪//‬ار االض‪//‬طرابات والنزاع‪//‬ات الداخلي‪//‬ة‪ ،‬كم‪//‬ا طلب من األمين الع‪//‬ام‬
‫بضرورة التع‪/‬اون م‪/‬ع جمي‪/‬ع المنظم‪/‬ات اإلقليمي‪/‬ة لتق‪/‬ديم المس‪/‬اعدات للض‪/‬حايا وق‪/‬د واص‪/‬ل‬
‫المجلس تأييده للدور اإلقليمي لهذه المنظمات وهذا بموجب قراره ‪ 1078‬الصادر في نون‪//‬بر‬
‫‪ 1996‬مؤكدا من خالله ضرورة تقديم المساعدات اإلنسانية لالجئين الروانديين التي تقدمها‬
‫منظمة الوحدة اإلفريقية‪.8‬‬

‫يت‪//‬بين من خالل األمثل‪//‬ة الس‪//‬ابقة أن لمجلس األمن دور في ت‪//‬دويل المس‪//‬ؤولية الجنائي‪//‬ة‬
‫الدولية عن انتهاك القانون الدولي لحقوق اإلنسان وتكريس فك‪//‬رة ع‪//‬دم اإلفالت من العق‪//‬اب‪،‬‬
‫إلى أن بلغ الحد أن تمنح له مسؤولية أمام المجتم‪//‬ع ال‪//‬دولي في الوقاي‪//‬ة من الجريم‪//‬ة الدولي‪//‬ة‬
‫ومنع وقوعها‪ ،‬خاصة الجرائم ضد اإلنسانية وجريمة اإلبادة‪ ،‬ألن لهما عالق‪//‬ة أك‪//‬ثر بحق‪//‬وق‬
‫اإلنسان‪ ،‬لهذا منح المجلس سلطة اإلحالة أمام المحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬

‫>> دور مجلس األمن الدولي في قمع انتهاك‪99‬ات الق‪99‬انون ال‪99‬دولي اإلنس‪99‬اني‪ :‬ألقي على عاتق مجلس‬
‫األمن أهم مسألة الحفاظ على قواعد وأحكام الق‪//‬انون ال‪//‬دولي اإلنس‪//‬اني المتمثل‪//‬ة في اتفاقي‪//‬ات‬
‫جنيف األربع لعام ‪ 1949‬والبرتوكولين الملحقين بها لسنة ‪ .1977‬فمن المسؤوليات الملق‪//‬اة‬
‫على المجلس هي إدانة كل األفعال ال‪//‬تي تص‪//‬يب الم‪//‬دنيين واألس‪//‬رى أو تخ‪//‬ريب للممتلك‪//‬ات‬
‫‪6‬‬
‫عبد هللا سليمان سليمان‪ ،‬المقدمات األساسية في القانون الدولي الجنائي‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬طبعة ‪6- ،1992‬‬
‫‪.‬ص_ ‪43‬‬
‫‪7‬‬
‫مرجع نفسه‪ ،‬ص_‪- 7 .462‬‬
‫‪8‬‬
‫أحمد عبد هللا أبو العال ‪ ،‬تطور دور مجلس األمن في حفظ السلم واألمن الدوليين‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪ ،2005 ،‬ص_ ‪8-‬‬
‫‪101‬‬
‫‪14‬‬
‫بمختلف أنواعها أو المخالفات التي ت‪/‬رتكب ض‪/‬د ق‪/‬وانين الح‪/‬رب وأعرافه‪/‬ا‪ .‬ويب‪/‬دو لن‪/‬ا دور‬
‫وموق‪//‬ف مجلس األمن بوض‪//‬وح للعم‪//‬ل على متابع‪//‬ة المس‪//‬ئولين عن تل‪//‬ك الج‪//‬رائم واألفع‪//‬ال‬
‫السالفة الذكر وذلك من خالل ما أص‪//‬دره من ق‪//‬رارات هام‪//‬ة تتض‪//‬من حظ‪//‬را اقتص‪//‬اديا على‬
‫بعض الدول ومنها العراق‪ ،‬السودان‪ ،‬هايتي‪.9‬‬

‫ومن النماذج عن تدخل مجلس األمن لقمع انتهاكات حقوق اإلنسان‪ ،‬لج‪//‬وؤه إض‪//‬افة إلى‬
‫ما سبق ذكره إلى إنشاء لج‪/‬ان تحقي‪//‬ق أو مح‪/‬اكم خاص‪//‬ة لقم‪//‬ع ه‪//‬ذه االنتهاك‪//‬ات خاص‪//‬ة إث‪//‬ر‬
‫األح‪//‬داث الفظيع‪//‬ة ال‪//‬تي ارتكبت في يوغس‪//‬الفيا من‪//‬د ‪ ،1991‬حيث إثره‪//‬ا ط‪//‬الب المجلس‬
‫بمتابعة مرتكبي الجرائم الدولية التي أرتكبها الصرب ضد مسلمي البوسنة والهرسك‪ ،‬وذل‪//‬ك‬
‫بمحاكمتهم أمام محكمة دولي‪/‬ة أنش‪/‬أت له‪/‬ذا الغ‪/‬رض س‪/‬نة ‪ 1993‬بع‪/‬د إنش‪/‬ائه للجن‪/‬ة خ‪/‬براء‬
‫بم‪///‬وجب الق‪///‬رار ‪ 780‬س‪///‬نة ‪ 1993‬من أج‪///‬ل التحقي‪///‬ق في الج‪///‬رائم المرتكب‪///‬ة في إقليم‬
‫يوغوسالفيا‪.‬‬

‫عملت لجنة التحقيق المنشأة من طرف مجلس األمن على التحري بشأن انتهاكات القانون‬
‫الدولي اإلنساني وتحديد المسؤولين عن ارتكابها واستخراج الجثث‪ ،‬وفي ختام أعمال اللجن‪//‬ة‬
‫وبمبادرة من فرنسا أصدر مجلس األمن القرار رقم ‪ 808‬بت‪//‬اريخ ‪ /1993/02/22‬إلنش‪//‬اء‬
‫محكمة خاصة جنائية لمحاكمة األشخاص المتهمين‪ 10‬وهي محكمة يوغوسالفيا السابقة‪.‬‬

‫لم يقتصر دور المجلس عند هذا الحد بل كان واضحا إثر األزمة الرواندية عن‪//‬دما وقعت‬
‫صراعات عرقية دامية على إثر عدم السماح لمش‪//‬اركة ك‪//‬ل القبائ‪//‬ل في نظ‪//‬ام الحكم وبص‪//‬فة‬
‫خاصة قبيلة التوتسي‪ ،‬وعمل مجلس األمن على إنشاء محكمة أخ‪//‬رى هي المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة‬
‫لرواندا وهذا تحت رقم ‪ 955‬في ‪.111994/11/08‬‬

‫نظرا للدور الهام الذي لعبه مجلس األمن لحماية حقوق اإلنسان وقم‪//‬ع انتهاك‪//‬ات الق‪//‬انون‬
‫الدولي اإلنساني‪ ،‬خاصة بإنشائه للمحاكم الجنائية الدولية المؤقتة ومحاولة إق‪//‬رار المس‪//‬ؤولية‬
‫الجنائية الفردية‪ ،‬اقتنع وفود الدول المش‪//‬اركة في م‪//‬ؤتمر روم‪//‬ا‪ ،‬ب‪//‬أن لمجلس األمن دور في‬

‫‪9‬‬
‫‪.‬مصطف إبراهيم خليل‪ ،‬آليات الحماية الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2005 ،‬ص_‪9- 291‬‬
‫‪10‬‬
‫سعيد عبد اللطيف حسن‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة ‪ ،2004‬ص_‪- 57.10‬‬
‫‪11‬‬
‫أنظر القرار ‪ 955‬الصادر في ‪ 08‬نونبر ‪ ،1994‬المنشأ للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا‪11- .‬‬
‫‪15‬‬
‫تكريس دعائم القضاء الدولي الجنائي لما له من سوابق في مجال حماية حقوق اإلنسان وكذا‬
‫قمع االنتهاكات الخطيرة للقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬وبالتالي س‪/‬اهم في تحقي‪/‬ق العدال‪/‬ة الدولي‪/‬ة‬
‫الجنائي‪//‬ة‪ .‬وه‪//‬ذا م‪//‬ا ش‪//‬جع لمنح مجلس األمن س‪//‬لطات واس‪//‬عة أم‪//‬ام المحكم‪//‬ة خاص‪//‬ة س‪//‬لطة‬
‫اإلحال‪//‬ة إلى المحكم‪//‬ة ال‪//‬تي يمكن اس‪//‬تبدالها ب‪//‬دور المجلس في إنش‪//‬اء المح‪//‬اكم المؤقت‪//‬ة‪ ،‬م‪//‬ع‬
‫االحتفاظ باستقاللية المحكمة والفصل بين ما هو سياسي وقضائي‪.12‬‬

‫>> إنشاء مجلس األمن للمحاكم الخاصة‪ :‬برز دور مجلس األمن في مجال العدالة الدولية أك‪//‬ثر‬
‫وض‪//‬وحا في بداي‪//‬ة التس‪//‬عينات‪ ،‬فبع‪//‬د محكم‪//‬تي نورمب‪//‬ورغ وطوكي‪//‬و المنش‪//‬ئتين من ط‪//‬رف‬
‫المنتصرين في الحرب العالمية الثانية‪ .‬فبالرغم من أنهم‪//‬ا كرس‪//‬تا عقوب‪//‬ات جنائي‪//‬ة إال أنهم‪//‬ا‬
‫أخدا عليهما إصدار أحكام قبل سن القوانين وهذا فيه خ‪//‬رق لقاع‪//‬دة ش‪//‬رعية عقوب‪//‬ة لوج‪//‬وب‬
‫تحديد الجريمة والعقوبة قبل اقتراف الفعل اإلجرامي‪ ،‬وليس بعد المحاكمة‪.13‬‬

‫بعد هذه المرحلة تبنى مجلس األمن استنادا إلى الفصل السابع من الميث‪//‬اق‪ ،‬مهم‪//‬ة إنش‪//‬اء‬
‫المحاكم الجنائية الخاص‪//‬ة من خالل جمل‪//‬ة من الق‪//‬رارات منه‪//‬ا الق‪//‬رار ‪ 808‬الس‪//‬الف ال‪//‬ذكر‬
‫المنش‪//‬ئ للمحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة الخاص‪//‬ة بمحاكم‪//‬ة مرتك‪//‬بي الج‪//‬رائم الدولي‪//‬ة في إقليم‬
‫يوغوسالفيا السابقة‪ ،‬والقرار رقم ‪ 955‬المنشئ للمحكمة الخاصة برواندا‪.‬‬

‫لم يقتصر دور مجلس األمن عند إنشاء هاتين المحكمتين فقط‪ ،‬بل عمد إلى إنشاء مح‪//‬اكم‬
‫أخرى تعرف بالمح‪/‬اكم المختلط‪/‬ة كالمحكم‪/‬ة المختلط‪/‬ة في تيم‪/‬ور الش‪/‬رقية‪ ،‬المنش‪/‬أة بق‪/‬رار‬
‫مجلس األمن الدولي الرقم ‪ 1272‬بت‪//‬اريخ ‪ 1999/11/25‬ال‪//‬ذي وض‪//‬ع تيم‪//‬ور تحت إدارة‬
‫انتقالية تابعة لألمم المتحدة‪ ،‬بهدف محاكمة المسئولين عن الج‪//‬رائم ض‪//‬د اإلنس‪//‬انية المرتكب‪//‬ة‬
‫منذ العام ‪.1975‬‬

‫عم‪//‬دت األمم المتح‪//‬دة على إنش‪//‬اء قض‪//‬اء خ‪//‬اص ت‪//‬ألف من قض‪//‬اة وطن‪//‬يين ومن ممثلين‬
‫متخصصين لألمم المتحدة تم تعيينهم من قبلها‪ ،‬والذي ينظم هذا القضاء وفقا لقواع‪//‬د الق‪//‬انون‬

‫‪12‬‬
‫هبوب فوزية‪ ،‬فعالية المحكمة الجنائية الدولية في ضوء العالقة القائمة بينها وبين هيئة األمم المتحدة‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة ‪12-‬‬
‫‪.‬الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة باجي مختار؛ عنابة‪ ،2010 ،‬ص_‪117/118‬‬
‫‪13‬‬
‫سعيد عبد اللطيف حسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص_‪13-.295‬‬
‫‪16‬‬
‫ال‪//‬دولي ال‪//‬تي تحكم المحاكم‪//‬ات العادل‪//‬ة والنزيه‪//‬ة والمنص‪//‬وص عليه‪//‬ا خصوص‪//‬ا في العه‪//‬د‬
‫الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية‪.14‬‬

‫الس‪//‬ابقة األخ‪//‬رى لمجلس األمن في إنش‪//‬اء المح‪//‬اكم المختلط‪//‬ة‪ ،‬هي المحكم‪//‬ة المختلط‪//‬ة‬
‫"السيراليون" فقد أعتمد المجلس القرار ‪ 1315‬إلنشاء محكمة س‪//‬يراليون‪ ،‬وه‪//‬ذا ن‪//‬زوال عن‬
‫رغبة حكومة سيراليون في تلقي المساعدة من األمم المتحدة إلنش‪//‬اء محكم‪//‬ة‪ ،‬مدول‪//‬ة وب‪//‬ذلك‬
‫كان للمحكمة صفة مختلطة ألنها أنشأت بم‪//‬وجب اتفاقي‪//‬ة ثنائي‪//‬ة بين األمم المتح‪//‬دة وحكوم‪//‬ة‬
‫سيراليون‪.15‬‬

‫وأنشأت المحكم‪/‬ة ب‪/‬ذلك في س‪/‬نة ‪ 2002‬مؤلف‪/‬ة من قض‪/‬اة س‪/‬يراليونيين ودول‪/‬يين للنظ‪/‬ر‬


‫بالجرائم الخطيرة ال‪/‬تي ح‪/‬دثت في س‪/‬نة ‪ ،1996‬م‪/‬ع مالحظ‪/‬ة بعض التع‪/‬ديالت أيض‪/‬ا على‬
‫القوانين الوطنية بما تتوافق المعايير الدولية إلجراءات المحاكمة واألحكام‪.‬‬

‫أيضا من أهم المحاكم المختلطة التي أنشأها مجلس األمن‪ ،‬هي محكمة كمبوديا والخاصة‬
‫بمحاكمة مرتكبي الجرائم المنسوبة إلى الخمير الحمر إبان الح‪//‬رب األهلي‪//‬ة الكمبودي‪//‬ة خالل‬
‫س‪///‬نوات ‪1975‬و ‪ ،1979‬حيث ص‪///‬در ق‪///‬رار عن األمم المتح‪///‬دة بت‪///‬اريخ ‪2003/5/13‬‬
‫يتضمن الموافقة على االتف‪//‬اق الموق‪//‬ع بينه‪//‬ا والحكوم‪//‬ة الكمبودي‪//‬ة على ش‪//‬كل المحكم‪//‬ة وم‪//‬ا‬
‫يتعلق بها من إجراءات‪ ،‬ونص االتفاق على إنشاء غرفة قضائية أولية غير عادية مؤلف‪//‬ة من‬
‫ثالث‪//‬ة قض‪//‬اة كمب‪//‬وديين يعين‪//‬ون بق‪//‬رار من مجلس القض‪//‬اء األعلى الكمب‪//‬ودي ومن قاض‪//‬يين‬
‫دوليين‪ ،‬وكذلك إنشاء محكمة عليا تنظر كمحكمة استئناف وكمرجع أخير وتعت‪//‬بر غرف‪//‬ة من‬
‫غ‪/‬رف محكم‪/‬ة التمي‪/‬يز وتتش‪/‬كل من أربع‪/‬ة قض‪/‬اة كمب‪/‬وديين يعين‪/‬ون أيض‪/‬ا من قب‪/‬ل مجلس‬
‫القضاء األعلى ومن ثالثة قضاة أجانب‪ .‬ويعهد إلى هذا القضاء الخاص أمر المحاكمة ومنها‬
‫جرائم اإلرهاب وتوكل مهمات المالحقة الجزائية واالتهام أمام هذا القضاء إلى هيئة اتهامي‪//‬ة‬
‫مختلطة مؤلفة من نائب عام كمب‪//‬ودي ومن ن‪//‬ائب ع‪//‬ام دولي يخت‪//‬اره مجلس القض‪//‬اء األعلى‬

‫‪14‬‬
‫خليل حسين‪ ،‬سوابق المحاكم المختلطة ومتطلبات جريمة اغتيال الرئيس الحريري‪ ،‬سوابق المحاكم المختلطة ومتطلبات ‪14-‬‬
‫‪:‬جريمة اغتيال الرئيس الحريري‪ ،‬مقال منشور على الموقع االلكتروني‬
‫‪http//drkhali lhusseine, blogspot.com/2008/02/ blog post_615.htm‬‬
‫‪15‬‬
‫حازم محمد عتلم‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية والموائمات الدستورية والتشريعية‪ ،‬اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ ،‬بدون طبعة‪15- ،‬‬
‫‪ ،2003.‬ص_ ‪169‬‬

‫‪17‬‬
‫الكمب‪//‬ودي من بين الئح‪//‬ة مؤلف‪//‬ة من شخص‪//‬يتين متخصص‪//‬تين يرفعه‪//‬ا األمين الع‪//‬ام لألمم‬
‫المتحدة إلى الحكومة الكمبودية‪.16‬‬

‫يمكن له‪//‬ذه الس‪//‬وابق االحت‪//‬ذاء به‪//‬ا في الحال‪//‬ة اللبناني‪//‬ة كمحكم‪//‬ة مختلط‪//‬ة تنعق‪//‬د على‬
‫األراضي اللبنانية‪ ،‬فتستلزم العدي‪/‬د من اإلج‪/‬راءات أوله‪/‬ا منه‪/‬ا إب‪/‬رام اتف‪/‬اق به‪/‬ذا الش‪/‬أن بين‬
‫الحكومة اللبنانية واألمم المتحدة والذي ال يصبح نافذا إال بإبرام مجلس النواب له وفق‪//‬ا لنص‬
‫الم‪/‬ادة ‪ 52‬من الدس‪/‬تور اللبن‪/‬اني‪ .‬كم‪/‬ا يت‪/‬وجب على المجلس الني‪/‬ابي إص‪/‬دار ق‪/‬انون خ‪/‬اص‬
‫مراعاة للمادة ‪ 20‬من الدستور التي تنص على أن‪ " :‬السلطة القضائية تتوالها المحاكم على‬
‫اختالف درجاتها واختصاص‪//‬اتها ض‪//‬من نظ‪//‬ام ينص علي‪//‬ه الق‪//‬انون ويحف‪//‬ظ بموجب‪//‬ه للقض‪//‬اة‬
‫وللمتقاضين الضمانات الالزمة"‪.17‬‬

‫ويمكن اإلشادة بدور مجلس األمن الدولي في هذا الخصوص‪ ،‬خاصة بعد تكييفه للج‪//‬رائم‬
‫المرتكبة في لبنان أنها جرائم إرهابية تمس بالسلم واألمن الدوليين وإثرها اعتمد قرار إنشاء‬
‫محكمة ذات طبيعة خاصة بلبنان‪ ،‬لها اختص‪//‬اص بمتابع‪//‬ة مرتك‪//‬بي الج‪//‬رائم اإلرهابي‪//‬ة ال‪//‬تي‬
‫راح ضحيته رئيس الحكومة األسبق عمر" "الحريري" والعديد من األشخاص اآلخرين‪.18‬‬

‫لكن الدور المنوط بمجلس األمن في إنشاء المحاكم الخاصة لم يسلم من االنتق‪//‬اد‪ ،‬خاص‪//‬ة‬
‫وأن هذه المحاكم لن تك‪//‬ون إال أجه‪//‬زة أنش‪//‬أها مجلس األمن وبإمكان‪//‬ه التحكم فيه‪//‬ا ومن ثم‪//‬ة‬
‫تعطيل عملها لذلك كانت فكرة منح المجلس حق اإلخطار أو اإلحالة أفضل من منح‪/‬ه س‪/‬لطة‬
‫إنشاء المحاكم الخاصة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬ضوابط ممارسة مجلس األمن الدولي لسلطة اإلحالة واآلثار المترتبة عليها‬
‫أوال‪ :‬شروط ممارسة مجلس األمن الدولي لسلطة اإلحالة‬

‫‪16‬‬
‫‪16- BENSOUDA Jihane : « la justice internationale, Sierra Leone, Cambodge, Les‬‬
‫‪juridictions hybrides. » sur le site http://www.suite 101.fr/content/ la justice internationale au‬‬
‫‪liban ;3 à 5949 ? template = article_print.cfm.‬‬
‫‪ -1717‬خليل حسين مرجع سابق‪Http//drkhali lhusseine, blogspot.com/2008/02/ blog post_615.htm :‬‬
‫‪18‬‬
‫‪18- BENSOUDA Jihane : « la justice internationale, Sierra Leone, Cambodge, Les juridictions‬‬
‫‪hybrides. » sur le site : http://www.suite101.fr/content/ la justice internationale au liban ;3 à‬‬
‫‪5949 ? template = article_print.cfm.‬‬

‫‪18‬‬
‫لقد بين نظام روما األساسي إلنشاء المحكمة الجنائية في (المادة ‪/13‬ب) عن الشروط‬
‫الواجب إتباعها من قبل مجلس األمن عند اإلحالة إلى المحكمة‪ ،‬حيث نصت (المادة (‬
‫‪/ 13‬ب) على ما يلي‪ " :‬للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في‬
‫‪(:‬المادة (‪ )05‬وفقا ألحكام النظام األساسي في األحوال اآلتية‬

‫‪-‬أ‬

‫ب‪ -‬إذا أحال مجلس األمن متصرفًا بموجب الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة حال‪//‬ة إلى‬
‫المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت"‪.19‬‬

‫ويتضح من النص أعاله أن هناك شروط موضوعية وشكلية على مجلس األمن االل‪//‬تزام‬
‫بها وإتباعها عند اإلحالة إلى المحكمة وهذا ما سنبينه من خالل ما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الشروط الشكلية لإلحالة‬


‫ينبغي لتحديد الشروط الشكلية معرفة الجهة المختصة باإلحالة‪ ،‬وشكل هذه اإلحال‪//‬ة‪ ،‬وم‪//‬ا‬
‫هي اإلجراءات الالزمة لصدور اإلحالة إلى المحكمة وذلك على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ -1‬حصرية حق اإلحالة لمجلس األمن‪ :‬لق‪//‬د ح‪/‬ددت الم‪//‬ادة (‪/13‬ب) من النظ‪//‬ام األساس‪/‬ي‬
‫للمحكمة الجنائية الدولية على وجه الدقة الجهة المختصة بإحالة حالة أو قضية ما تهدد السلم‬
‫واألمن الدوليين إلى المحكمة‪ ،‬وهي مجلس األمن الدولي دون باقي األجه‪//‬زة األخ‪//‬رى‪ ،‬رغم‬
‫اختالف اآلراء داخل لجنة القانون الدولي حول ه‪/‬ذا الموض‪/‬وع‪ ،‬وانف‪/‬راد مجلس األمن به‪/‬ذه‬
‫الصالحية دون باقي األجهزة األخرى لألمم المتح‪/‬دة يع‪//‬ود إلى دوره الكب‪//‬ير في حف‪//‬ظ األمن‬
‫والسلم الدوليين‪.20‬‬

‫‪ -2‬شكل اإلحالة‪ :‬لم توضح (المادة (‪13‬ب) من النظام األساس‪//‬ي للمحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‬
‫شكل هذه اإلحالة‪ ،‬حيث اكتفت باإلشارة فقط إلى أن تكون اإلحالة وفق أحكام الفصل الس‪//‬ابع‬
‫من ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬ولكن المثير للتساؤل هو أنه لو راجعنا الفص‪//‬ل الس‪//‬ابع لوج‪//‬دنا أن‪//‬ه‬
‫يبيح للمجلس استصدار قرارات وتوصيات فيما يخص حفظ األمن والسلم الدوليين‪ ،‬فه‪//‬ل أن‬

‫أنظر المادة ‪ 13‬من نظام روما األساسي إلنشاء المحكمة الجنائية الدولية‪19- .‬‬
‫‪19‬‬

‫‪20‬‬
‫نجيب حمد‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية نحو العدالة الدولية‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪ ،2006‬ص_‪- 104.20‬‬
‫‪19‬‬
‫إحالة مجلس األمن لقض‪//‬ية معين‪//‬ة إلى المحكم‪//‬ة يأخ‪//‬ذ ش‪//‬كل الق‪//‬رار أم التوص‪//‬ية‪ ،‬أم كالهم‪//‬ا‬
‫جائز؟‪. 21‬‬

‫بالرغم من عمومية نص ( الم‪//‬ادة (‪ 13‬ب) فق‪//‬د ج‪//‬اءت خالي‪//‬ة من اإلش‪//‬ارة فيم‪//‬ا يتعل‪//‬ق‬
‫بشكل اإلحالة‪ ،‬لكن من الممكن استخالص بعض المؤشرات على ذلك بالرجوع إلى مشروع‬
‫النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية المقدم في مؤتمر روما‪ ،‬إذ نجده قد تضمن اإلش‪//‬ارة‬
‫إلى صدور قرار من مجلس األمن بهذا الشأن ‪ ،‬كما أن التوصيات ال تتمت‪//‬ع ب‪//‬القوة القانوني‪//‬ة‬
‫الملزمة بخالف القرار المتخذ من المجلس الذي يلزم الدول األعضاء والدول غير األعض‪//‬اء‬
‫في بعض األحيان‪ ،‬و عليه فإن ما يتالءم مع متطلبات العمل الجنائي وتفعيل العدالة الجنائي‪//‬ة‬
‫الدولية يقتضي صدور قرار من مجلس األمن في تلك المسألة‪ ،‬ومن ثم فان اإلحالة ال تتم إال‬
‫بق‪///‬رار ص‪///‬ادر عن مجلس األمن وف‪///‬ق اإلج‪///‬راءات المنص‪///‬وص عليه‪///‬ا في ميث‪///‬اق األمم‬
‫المتحدة‪.22‬‬

‫‪ -3‬إجراءات صدور قرار اإلحالة ‪ :‬لم يتضمن النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية آلية‬
‫إصدار قرار اإلحالة إنما اكتفى باإلشارة فقط في ( الم‪//‬ادة ‪/ 13‬ب) إلى أن ه‪//‬ذه اإلحال‪//‬ة تتم‬
‫وفق أحكام الفصل السابع‪ ،‬و عند الرجوع إلى الفصل السابع نج‪//‬ده يم‪//‬يز م‪//‬ا بين ش‪//‬كلين في‬
‫اآللية الالزمة للتصويت في مجلس األمن الدولي ‪ :‬شكل موض‪//‬وعي و ش‪//‬كل إج‪//‬رائي‪ ،‬ومن‬
‫هذا المنطلق البد من التفريق بين الشكلين ‪ ،‬حيث يلزم لصدور القرار في المسائل اإلجرائية‬
‫موافقة تسعة دول على األقل‪ ،‬بغض النظر إن كانت هذه الدول المصوتة دائم‪//‬ة العض‪//‬وية أم‬
‫ال‪ ،‬وهذا بخالف الوضع فيما ل‪//‬و ك‪//‬انت المس‪//‬ألة المعروض‪//‬ة على المجلس موض‪//‬وعية فه‪//‬ذا‬
‫يتطلب موافق‪//‬ة تس‪//‬عة دول أعض‪//‬اء أيض‪//‬ا‪ ،‬على أن تك‪//‬ون من ض‪//‬منها ال‪//‬دول الخمس دائم‪//‬ة‬
‫العضوية أو على األقل عدم اعتراض إحداها باس‪//‬تخدام ح‪//‬ق النقض "الفيت‪//‬و" ‪،‬وعلى ال‪//‬رغم‬
‫من عدم وضع معيار للتمييز ما بين الشكلين السابقين فتحديد ذلك منوط بمجلس األمن نفس‪//‬ه‬
‫فهو المختص بذلك‪ ،‬أما بالنسبة لتحديد طبيعة اإلحالة وعلى الرغم من عدم اإلشارة إلى ذلك‬
‫في صلب النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬إال أنها تعد من المس‪/‬ائل الموض‪/‬وعية و‬
‫‪21‬‬
‫مدوس فالح الرشيدي‪ ،‬آلية تحديد االختصاص وانعقاده في نظر الجرائم الدولية وفقا التفاق روما لعام ‪ ،1998‬مجلة الحقوق ‪21-‬‬
‫‪.‬الكويتية‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،2003 ،‬ص _‪25‬‬
‫‪22‬‬
‫علي يوسف الشكري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص_‪- 22 .126/125‬‬
‫‪20‬‬
‫يستلزم لصدورها موافقة (‪ )9‬دول من بينها الدول الخمس دائمة العضوية أو عدم اع‪//‬تراض‬
‫إحداها على ذلك‪ ،‬ومخالفة ذلك القيد يبيح للمدعي الع‪//‬ام للمحكم‪//‬ة مراجع‪//‬ة اإلحال‪//‬ة والبحث‬
‫عن مدى مطابقتها لألحكام الواردة في الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة‪.23‬‬

‫ثانيا‪ :‬الشروط الموضوعية لإلحالة‬


‫ال يكفي لصدور ق‪//‬رار باإلحال‪//‬ة من مجلس األمن إلى المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة اكتم‪//‬ال‬
‫الشروط الشكلية الالزمة‪ ،‬بل ال بد من ت‪//‬وفر ش‪//‬روط أخ‪//‬رى موض‪//‬وعية أش‪//‬ار إليه‪//‬ا النظ‪//‬ام‬
‫األساسي للمحكمة‪ ،‬وهذا ما سأوضحه على النحو اآلتي‪:‬‬

‫‪ -1‬أن تكون اإلحالة عن جريمة تختص بنظره‪//‬ا المحكم‪//‬ة ‪ :‬على مجلس األمن عن‪//‬د اتخ‪//‬اذه‬
‫قرار باإلحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية األخذ بعين االعتب‪/‬ار أن تك‪/‬ون ه‪/‬ذه الجريم‪/‬ة من‬
‫ضمن االختص‪/‬اص الن‪/‬وعي للمحكم‪/‬ة‪ ،‬وه‪/‬ذه الج‪/‬رائم واردة على س‪/‬بيل الحص‪/‬ر في الم‪/‬ادة‬
‫الخامس‪/‬ة من النظ‪//‬ام األساس‪/‬ي للمحكم‪//‬ة وهي‪ :‬ج‪/‬رائم اإلب‪//‬ادة الجماعي‪//‬ة ‪ ،‬ج‪/‬رائم الح‪/‬رب‪،‬‬
‫الجرائم ضد اإلنسانية‪ ،‬جريمة العدوان ‪،‬وبالتالي فال مجال إلدخ‪//‬ال أي جريم‪//‬ة أخ‪//‬رى غ‪//‬ير‬
‫تلك الجرائم المذكورة حتى وإن كانت على درجـة كبيـرة مـن الجس‪/‬امة ‪،‬وعلي‪//‬ه ف‪/‬إن ق‪/‬رار‬
‫اإلحالة بغير هذه الجرائم غير صحيح وغير ملزم للمحكمة‪. 24‬‬

‫‪ -2‬أن تكون اإلحالة لوقائع حصلت بعد نفاذ النظام األساسي للمحكمة‪ :‬ال يكفي لصحة ق‪//‬رار‬
‫اإلحالة أن يكون قد انصرف إلى إحدى الجرائم المذكورة في المادة الخامسة بل الب‪//‬د من أن‬
‫تكون اإلحالة لوقائع قد حص‪//‬لت بع‪//‬د نف‪//‬اذ النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي للمحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬وإال‬
‫أعتبر القرار غير صحيح لمخالفته قواعد االختصاص الزماني الخاص‪//‬ة بالمحكم‪//‬ة‪ ،‬حيث تم‬
‫النص على ذلك في المادة (‪ " )1/11‬ليس للمحكمة اختصاص إال فيما يتعلق ب‪//‬الجرائم ال‪//‬تي‬
‫ترتكب بعد بدء نفاذ هذا النظام األساسي"‪.‬‬

‫‪ -3‬أن تكون اإلحالة وفق ألحكام الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة‪ :‬اش‪//‬ترطت الم‪//‬ادة (‬
‫‪ /13‬ب) لممارسة مجلس األمن حقه باإلحالة أن تتم وف‪//‬ق أحك‪//‬ام الفص‪//‬ل الس‪//‬ابع من ميث‪//‬اق‬
‫األمم المتحدة المتعلق باإلجراءات التي يتخذها في ح‪/‬االت تهدي‪/‬د الس‪/‬لم واألمن ال‪/‬دوليين‪ ،‬أو‬
‫‪23‬‬
‫فيدا نجيب حمد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص_‪- 23 .104‬‬
‫‪24‬‬
‫مدوس فالح الرشيدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص_‪-24 .58‬‬
‫‪21‬‬
‫اإلخالل بهما‪ ،‬أو وقوع عمل من أعم‪//‬ال الع‪//‬دوان‪ ،‬حيث يتمت‪//‬ع المجلس بس‪//‬لطة تقديري‪//‬ة في‬
‫تقدير الحاالت أعاله وله صالحيات واسعة لمواجهتها وهذا ما نص‪//‬ت علي‪//‬ه الم‪//‬ادة ‪2539‬من‬
‫ميثاق األمم المتحدة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬أثار اإلحالة على االختصاص التكميلي للمحكمة الجنائية الدولية‬

‫يع‪//‬د مب‪//‬دأ التكام‪//‬ل من المب‪//‬ادئ األساس‪//‬ية في نظ‪//‬ام روم‪//‬ا االساس‪//‬ي للمحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة‬
‫الدولية‪ ،‬والحجر األساسي في‪//‬ه؛ فنظ‪//‬ام المحكم‪//‬ة التكميلي للقض‪//‬اء الوط‪//‬ني‪ ،‬ليس أعلى‪ ،‬وال‬
‫بدرجة السيادة ذاتها على الدول األعضاء بها‪ ،‬كما أن‪/‬ه ليس بدرج‪/‬ة أعلى أو بمرحل‪/‬ة أس‪/‬مى‬
‫من مراح‪//‬ل التقاض‪//‬ي في النظم القض‪//‬ائية الوطني‪//‬ة‪ ،‬وإنم‪//‬ا ه‪//‬و قض‪//‬اء تكميلي ال ينعق‪//‬د ل‪//‬ه‬
‫االختصاص ما دام القضاء الوطني قادرا في التحقيق ومحاكمة المش‪//‬تبه بهم‪ .‬وي‪//‬رى البعض‬
‫من الباحثين أنه عند إحالة مجلس األمن حالة ما إلى المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬يعتقد أن فيه‪//‬ا‬
‫ارتكابا إلحدى الجرائم المنصوص عليها في نظام روما األساسي‪ ،‬فإن ذلك يؤدي إلى س‪//‬لب‬
‫القضاء الوطني اختصاصه‪ ،‬وهذا ما يؤثر بالطبع وبشكل سلبي على مبدأ التكامل‪.26‬‬

‫يرسم مبدأ التكامل الحدود الفاصلة بين ما يدخل في اختصاص القضاء الجنائي الوط‪//‬ني‪،‬‬
‫وما يدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وبمع‪//‬نى آخ‪//‬ر‪ ،‬إن‪//‬ه يح‪//‬دد العالق‪//‬ة م‪//‬ا بين‬
‫القضاء الجنائي الوطني والقضاء الجنائي الدولي ويبقى أن مبدأ التكامل واجب التطبيق على‬
‫الرغم من لجوء مجلس األمن إلى استعمال سلطته في اإلحالة‪.27‬‬

‫‪ -2525‬تنص المادة ‪ 39‬من ميثاق األمم المتحدة على ما يلي‪:‬‬


‫يقرر مجلس األمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخالل به أو كان ما وقع عمال من أعمال الع‪//‬دوان‪ ،‬ويق‪/‬دم في ذل‪/‬ك توص‪//‬ياته أو يق‪/‬رر م‪//‬ا‬
‫يجب اتخاذه من التدابير طبقًا ألحكام المادتين ‪ 41‬و‪ 42‬لحفظ السلم واألمن الدولي أو إعادته إلى نصابه‪.‬‬
‫‪ -26 26‬ياسين طاهر الياسيري‪ ،‬الطبيعة القانونية لعالقة مجلس األمن بالمحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬أطروح‪/‬ة لني‪/‬ل ش‪/‬هادة ال‪/‬دكتوراه في‬
‫القانون الدولي‪ ،‬جامعة النهرين‪ ،2015 ،‬ص_‪.185/186‬‬
‫‪27‬‬
‫أكدت المحكمة الجنائية الدولية في ‪ 1/10/2010‬في القضية المرفوعة ضد جان بيير بيمبا‪ ،‬المسؤول السابق في حكومة ‪27-‬‬
‫الكونغو الديمقراطية‪ ،‬التهم المنسوبة إليه‪ ،‬ومنها ارتكاب جرائم حرب في جمهورية إفريقيا الوسطى‪ ،‬بما فيها االغتصاب والقتل‬
‫والسلب؛ ودفع فريق دفاع بيمبا‪ ،‬بعدم اختصاص المحكمة بالنظر في القضية‪ ،‬على أساس اختصاص المحاكم في إفريقيا الوسطى‪،‬‬
‫بالنظر في القضية‪ .‬وأكدت دائرة االستئناف بالمحكمة الجنائية الدولية عدم قبول استئناف جان بيير بيممبا‪ ،‬مستندة إلى ميثاق‬
‫روما ‪،‬والذي يشير إلى أن القضية تصبح غير مقبولة عندما تقوم دولة لها اختصاص بالتحقيق في القضية ‪،‬وتقرر عدم محاكمة‬
‫الشخص المعني ‪،‬ما لم ينجح ذلك القرار عن عدم رغبة أو عدم قدرة الدولة على إجراء المحاكمة ‪،‬وكانت الدائرة التمهيدية بالمحكمة‬
‫الجنائية الدولية قد أكدت أن بيمبا كانت لديه نية إجرامية عندما أمر جماعته المسلحة المعروفة باسم حركة تحرير الكونغو في سنة‬
‫‪ 2002.‬بالدخول إلى جمهورية إفريقيا الوسطى‪ ،‬مشيرة إلى أن المجموعة قد ارتكبت جرائم حرب ‪،‬وجرائم ضد اإلنسانية بقيادة بيمبا‬

‫‪22‬‬
‫إن للقضاء الجنائي الوطني االولوية على اختصاص المحكمة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬بحيث ال‬
‫تس‪/‬تطيع المحكم‪/‬ة ممارس‪/‬ة اختصاص‪/‬ها اال عن‪/‬د انهي‪/‬ار النظ‪/‬ام القض‪/‬ائي الوط‪/‬ني‪ ،‬أو عن‪/‬د‬
‫رفضه القيام بااللتزاماته القانونية أو فشله في ذلك‪.28‬‬

‫يبقى مجلس األمن صاحب القرار النهائي من حيث طلب اإلحالة إلى المحكمة الجنائي‪//‬ة‪،‬‬
‫وذلك لحقه باللجوء إلى إلزام الدول غير األعضاء بالنظام األساسي للمحكمة‪ ،‬واألعضاء في‬
‫منظمة األمم المتحدة‪ ،‬عند عدم مباشرتها اختصاصها الجن‪//‬ائي‪ ،‬تج‪/‬اه بعض القض‪//‬ايا لص‪//‬الح‬
‫المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬أو أية جه‪//‬ة قض‪//‬ائية؛ وذل‪//‬ك اس‪//‬تنادا إلى م‪//‬واد الفص‪//‬ل الس‪//‬ابع من‬
‫الميثاق‪ ،‬الذي يصبح هو المقيد أو الضابط لمبدأ التكاملي‪//‬ة؛ ولكن اإلحال‪//‬ة في بعض األحي‪//‬ان‬
‫من شأنها أن تعطل المحاكم الوطنية في ممارسة اختصاصها بشأن الحالة موضوع اإلحالة‪.‬‬

‫أما من الناحي‪/‬ة القانوني‪/‬ة والعملي‪/‬ة‪ ،‬فليس من ح‪/‬ق المحكم‪/‬ة الجنائي‪/‬ة الدولي‪/‬ة أن ت‪/‬رفض‬
‫طلب المجلس ‪،‬إذا م‪//‬ا تأك‪//‬د ل‪//‬ديها أن الدول‪//‬ة ق‪//‬امت فعال بك‪//‬ل إج‪//‬راءات التحقي‪//‬ق والبحث‬
‫والمحاكمة ؛وليس لها أن تصرح عمليا بعدم قبول الحال‪/‬ة ‪،‬في حال‪/‬ة اعتب‪/‬ار مجلس األمن أن‬
‫الدولة غير قادرة ‪،‬وبالتالي لمجلس األمن إلزام المحكمة بالنظر في الحال‪//‬ة‪ ،‬ح‪//‬تى وإن س‪//‬بق‬
‫للدولة الفصل في القضية محاكمة مرتكبي الفعل المج‪//‬رم بحكم اختصاص‪//‬ها الوط‪//‬ني؛ وذل‪//‬ك‬
‫ألن ال‪//‬دول ‪،‬في ه‪//‬ذه الح‪//‬االت‪ ،‬ملزم‪//‬ة بالخض‪//‬وع لق‪//‬رارات مجلس األمن ‪،‬طبق‪//‬ا لنص‪//‬وص‬
‫الفصل السابع ‪،‬وأكثر من ذلك طبقا لنص المادة ‪ 25‬من الميثاق ‪،‬لذلك فإن هذا الموضوع ال‬
‫يمنع المحكمة من التحقق من وجود عناص‪//‬ر تكاملي‪//‬ة‪ ،‬طبق‪//‬ا لنظامه‪//‬ا األساس‪//‬ي إال في حال‪//‬ة‬
‫اعترافها الصريح بتطبيق الم‪//‬ادة ‪ 103‬من الميث‪//‬اق ‪،‬ومن طرفه‪//‬ا على ال‪//‬دول األعض‪//‬اء في‬
‫نظامه‪//‬ا األساس‪//‬ي ‪،‬وخاص‪//‬ة على ال‪//‬دول االعض‪//‬اء في منظم‪//‬ة األمم المتح‪//‬دة كونه‪//‬ا تعطي‬
‫قرارات مجلس األمن قوة تنفيذية في هذا المجال‪ ،‬الفقرة الثانية والتي تنص على أن قرارات‬
‫المجلس تنف‪//‬ذ من قب‪//‬ل ال‪//‬دول األعض‪//‬اء في األمم المتح‪//‬دة مباش‪//‬رة‪ ،‬وبفض‪//‬ل عمله‪//‬ا في‬
‫المؤسسات الدولية المعنية والتي هي عضو فيها‪.29‬‬
‫‪28‬‬
‫محمود شريف بسيوني‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬مدخل لدراسة أحكام آليات اإلنفاذ الوطني للنظام ‪28-‬‬
‫‪.‬األساسي‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬مصر‪ ،2009 ،‬ص_‪144/145‬‬
‫‪29‬‬
‫أحالم بيضون‪ ،‬مقارنة بين الفصلين السادس والسابع من ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬بحث منشور على موقع الدكتورة أحالم بيضون ‪29-‬‬
‫‪:‬اإللكتروني‬
‫‪https://:ahlambeydounpress.com‬‬
‫‪23‬‬
‫لمجلس األمن أن يض‪//‬ع التزام‪//‬ات مباش‪//‬رة على ع‪//‬اتق المؤسس‪//‬ات الدولي‪//‬ة والعالمي‪//‬ة‬
‫واإلقليمية أو الخاصة‪ ،‬مثل المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬من أج‪//‬ل الحف‪//‬اظ على الس‪//‬لم واألمن‬
‫الدوليين؛ وفي المقاب‪/‬ل‪ ،‬إذا م‪/‬ا أرادت ال‪/‬دول أن تق‪/‬ف في وج‪/‬ه طلب مجلس األمن‪ ،‬فله‪/‬ا أن‬
‫تقوم بمفردها وبإرادتها بإحالة المتهمين على القضاء الدولي أو بمعاقبتهم داخليا‪ ،‬أو أن تبل‪//‬غ‬
‫المحكمة الجنائية الدولية عن طريق النائب العام بمثل هذه الجرائم‪ .‬وفي الوقت نفس‪//‬ه وح‪//‬تى‬
‫تتجنب تدخل مجلس األمن باإلحالة ضد إرادتها‪ ،‬فما عليها إال أن تنضم إال النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي‬
‫للمحكمة بالتوقيع والتصديق علي‪//‬ه‪ ،‬وهك‪//‬ذا تباش‪//‬ر المحكم‪//‬ة اختصاص‪//‬ها عن طري‪//‬ق الدول‪//‬ة‬
‫الطرف في النظام األساسي أو التي قبلت اختصاصها‪.30‬‬

‫تحتفظ الدول األعضاء بحقها في ممارسة صالحيتها واختصاصها القضائي لجهة النظ‪//‬ر‬
‫في الجرائم التي ترتكب في إقليمها‪ ،‬وفي حالة كون إحدى الدول األعض‪/‬اء تنظ‪/‬ر في قض‪/‬ية‬
‫من هذا النوع أمام محاكمها المحلية‪ ،‬فإن المحكمة الجنائية الدولية ال تستطيع النظر في تل‪//‬ك‬
‫القضية إال إذا كانت تلك الدولة ال ت‪//‬رغب أو غ‪//‬ير ق‪//‬ادرة على متابع‪//‬ة التحقي‪//‬ق أو الحكم في‬
‫القضية؛ وبالتالي‪ ،‬إن دور المحكمة الجنائية الدولية هو بمثاب‪//‬ة دور تكميلي للقض‪//‬اء الوط‪//‬ني‬
‫بقمع الجرائم الدولية التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية‪.31‬‬

‫وفي ض‪//‬وء م‪//‬ا ورد في آراء الفقه‪//‬اء والكت‪//‬اب فيم‪//‬ا يتعل‪//‬ق ب‪//‬دور مجلس األمن وعالقت‪//‬ه‬
‫بالمحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬ن‪//‬رى أن ت‪//‬دخل المجلس في عم‪//‬ل المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة عن‬
‫طري‪/‬ق إحال‪/‬ة الج‪/‬رائم الدولي‪/‬ة عليه‪/‬ا يمث‪/‬ل الج‪/‬انب األك‪/‬ثر أهمي‪/‬ة في عالق‪/‬ة األمم المتح‪/‬دة‬
‫بالمحكم‪//‬ة ‪،‬بحيث أن ه‪//‬ذا الت‪//‬دخل ل‪//‬ه ص‪//‬لة وثيق‪//‬ة بحقيق‪//‬ة ك‪//‬ون الج‪//‬رائم ال‪//‬تي ت‪//‬دخل في‬
‫اختصاص المحكمة الجنائية ‪،‬ترتكب في إطار ح‪//‬االت هي مح‪//‬ل انش‪//‬غال مجلس األمن وفق‪//‬ا‬
‫للفص‪/‬ل الس‪/‬ابع من الميث‪/‬اق ‪،‬ويمكن أن تش‪/‬كل ه‪/‬ذه الج‪/‬رائم بح‪/‬د ذاته‪/‬ا تهدي‪/‬دا للس‪/‬لم وألمن‬
‫الدوليين ‪،‬وأن قرارات مجلس األمن الصادرة بم‪//‬وجب الفص‪//‬ل الس‪//‬ابع تعت‪//‬بر ملزم‪//‬ة لل‪//‬دول‬
‫وللمحكمة الجنائية الدولية عندما تمارس اختصاصها في الحاالت المحالة إليه‪//‬ا من المجلس‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫بن عامر تونسي‪ ،‬العالقة بين المحكمة الجنائية الدولية ومجلس األمن‪ ،‬مجلة القانون العام والعلوم السياسية‪ ،‬العدد الرابع‪30- ،‬‬
‫‪.‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت ‪ ،2006،‬ص‪1154/1155‬‬
‫‪31‬‬
‫محمد عزيز شكري‪ ،‬القانون الدولي اإلنساني والمحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬بحث منشور في كتاب القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬آفاق ‪31-‬‬
‫‪.‬وتحديات‪ ،‬الجزء ‪ ،3‬منشورات الحلبي الحقوقية ‪ ،2010‬ص_‪130‬‬

‫‪24‬‬
‫وحيث أن‪//‬ه ب‪//‬الرجوع إلى الم‪//‬ادة ‪ 103‬من الميث‪//‬اق ال‪//‬تي تنص على أن‪//‬ه " إذا تعارض‪//‬ت‬
‫االلتزامات التي يرتبط بها أعضاء األمم المتح‪//‬دة وفق‪//‬ا ألحك‪//‬ام الميث‪//‬اق م‪//‬ع أي ال‪//‬تزام دولي‬
‫آخر يرتبطون به‪ ،‬العبرة بالتزاماتهم المترتبة على هذا الميثاق"‪ ،‬وبالتالي ف‪//‬إن جمي‪//‬ع ال‪//‬دول‬
‫تلتزم بقبول قرارات المجلس تنفيذها استنادا إلى المادة ‪ 25‬من الميثاق التي تقض‪//‬ي بوج‪/‬وب‬
‫تنفيذ قرارات مجلس األمن‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دراسة تطبيقية لسلطة مجلس األمن في اإلحالة‬


‫ساهمت سلطة اإلحالة الممنوحة لمجلس األمن وفق المادة ‪ 13‬من روما في تأثير بش‪//‬كل‬
‫إيجابي في تفعيل الوظيفة القضائية للمحكمة الجنائية‪ ،‬حيث أنه بموجب هذه السلطة اس‪//‬تطاع‬
‫مجلس األمن إحالة مجموعة من القضايا التي يبدوا على أنها تشكل جرائم دولية وتهدد السلم‬
‫واألمن الدوليين‪ ،‬والتي من بينها النزاع في دارفور بدولة السودان (الفقرة األولى)‪ ،‬ثم حال‪//‬ة‬
‫الوضع في ليبيا (الفقرة الثانية) على المحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬قضية دارفور‬
‫تدخل مجلس األمن في النزاع الدائر في دارفور‪ 32‬بإصدار العديد من القرارات للمطالب‪//‬ة‬
‫باتخاذ الحكومة السودانية خطوات معين‪/‬ة‪ ،‬بم‪/‬ا فيه‪/‬ا ن‪/‬زع ميليش‪/‬ياتها ووق‪/‬ف الهجم‪/‬ات ض‪/‬د‬
‫المدنيين‪ ،‬وفي ‪ 31‬مارس ‪ 2005‬أصدر مجلس األمن الق‪//‬رار رقم ‪ 1593‬ال‪//‬ذي أح‪//‬ال في‪//‬ه‬
‫قضية دارفور بالسودان إلى المحكمة الجنائية الدولي‪/‬ة ‪،‬وق‪/‬د تض‪/‬من الق‪/‬رار ‪ 1593‬الص‪/‬ادر‬
‫عن مجلس األمن ما يلي " أن مجلس األمن يحيط علما بتقرير لجن‪//‬ة التحقي‪//‬ق الدولي‪//‬ة بش‪//‬أن‬
‫انتهاكات القانون الدولي اإلنس‪//‬اني ‪،‬و يش‪//‬ير إلى الم‪//‬ادة ‪ 16‬من نظ‪//‬ام روم‪//‬ا األساس‪//‬ي ال‪//‬تي‬
‫تقضي بأنه ال يجوز للمحكمة الجنائية الدولية البدء أو المضي في التحقيق أو المقاض‪//‬اة لم‪//‬دة‬
‫‪ 12‬شهرا بعد أن يتقدم مجلس األمن بطلب مجلس األمن بطلب هذا المعني‪ ،‬و يش‪/‬ير الق‪/‬رار‬
‫أيض‪/‬ا إلى الم‪/‬ادتين ‪ 75‬و ‪ 79‬من نظ‪/‬ام روم‪/‬ا األساس‪/‬ي إذ يش‪/‬جع ال‪/‬دول على االس‪/‬هام في‬
‫الصندوق الستئماني المخصص للضحايا بالمحكمة الجنائية الدولية ‪،‬وإذ يحي‪/‬ط علم‪/‬ا بوج‪/‬ود‬
‫االتفاقات المشار إليها في الم‪//‬ادة ‪ 98/2‬من نظ‪//‬ام روم‪//‬ا األساس‪//‬ي‪ ،‬وإذ يق‪//‬رر أن الحال‪//‬ة في‬
‫السودان ال تزال تشكل للس‪//‬الم واألمن ال‪//‬دوليين ‪،‬وإذ يتص‪//‬رف بم‪//‬وجب الفص‪//‬ل الس‪//‬ابع من‬
‫ميثاق األمم المتحدة‪.33‬‬

‫‪32‬‬
‫إن العوامل األكثر بروزا وتأثيرا في االستقرار واألمن داخل هذا اإلقليم كانت كما يلي‪ :‬تتمثل في وفرة السالح في المنطقة بين ‪32-‬‬
‫أيدي القبائل نتيجة ألن دارفور كانت مسرحا لكثير من العمليات المسلحة وعمليات القتال الدائرة في الدول المجاورة‪ ،‬حيث كان‬
‫يجري الليبي التشادي وحيث جرى تغيير نظام الحكم التشادي عبر المعارضة الداخلية المسلحة لثالث مرات إضافة إلى عدم‬
‫‪.‬االستقرار في إفريقيا الوسطى‬
‫أما العامل الثاني والذي كان أكثر فعالية كان يتمثل في موقف الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون غرانغ من نزاع دارفور‬
‫وإذ تمرد على الحكومة داوود يحيى بوالن‪-‬هو من أبناء الفور الذي كان قائدا بارزا في صفوف الحركة اإلسالمية‪ ،‬وعندما انتقلت‬
‫الحركة اإلسالمية إلى سدة الحكم عزا عدم إسناد دور بارز له إلى التفرقة العنصرية وتزامن ذلك مع استقالة عدد من أبناء دارفور‬
‫‪.‬من عضوية الجبهة اإلسالمية‬
‫وفي سنة ‪ 1999‬انضم بوالد إلى الحركة الشعبية بقيادة جون غرانغ التي وفرت له ولغيره من أبناء الفور التدريب العسكري فتبنوا‬
‫طروحات غرانغ التي تطالب المركز في الخرطوم بمنح المهمشة نصيبها من السلطة والثروة والتنمية‪ ،‬حينئذ بدأ الصراع يأخذ بعده‬
‫السياسي العرقي‪ ،‬حيث قاد بوالد تمردا ضد حكومة الجبهة اإلسالمية التي كان ينتمي إليها وبعثت الحكومة عددا من ضباط أمنها‬
‫‪.‬إللقاء القبض عليه بمساعدة مسلحين يطلق عليهم اسم الجنجويد وقدم للمحاكمة وتم إعدامه‬
‫وفي فبراير ‪ 2003‬بدأت مجموعتين متمردين هما حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة بقتال الحكومة السودانية التي تتهم‬
‫باضطهاد سكان دارفور من غير العرب‪ ،‬وقد كان للحكومة السودانية دورا في التعامل مع تلك األزمة حيث قامت بتشكيل لجنة‬
‫لتقصي الحقائق حول هذه الخروقات والجرائم ‪،‬كما قام األمين العام لألمم المتحدة كوفي عنان بتشكيل لجنة تحقيق دولية للوقوف على‬
‫حقيقة األوضاع في إقليم دارفور‪ ،‬حيث جاء تشكيل هذه اللجنة على ضوء قرار مجلس األمن رقم ‪ 1564‬الصادر بتاريخ ‪ 18‬شتنبر‬
‫‪، 2004‬وقد أحالت هذه اللجنة تقريرها النهائي إلى األمين العام لألمم المتحدة والذي أحال بدوره هذا التقرير إلى مجلس األمن بتاريخ‬
‫‪ 31‬يناير ‪، 2005‬وقد أتبث هذا التقرير أن حكومة السودان ميليشيات جنحويد مسؤوالن عن جرائم تقع تحت طائلة القانون‬
‫الدولي ‪،‬حيث وجدت اللجنة أن الهجمات على القرى وقتل المدنيين االغتصاب‪ ،‬والسلب والتسريد القسري كانت مستمرة وهي تجري‬
‫تحقيقاتها ‪ .‬أورده وردة طيب‪ ،‬مقتضيات العدالة أمام المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬المركز القانوني لإلدارات القانونية‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪.‬سنة ‪ ،2015‬صص_‪237/238‬‬
‫‪33‬‬
‫حمزة طالب المواهرة‪ ،‬دور مجلس في إحالة الجرائم الدولية إلى المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬رسالة ماجيستر في القانون العام‪33- ،‬‬
‫‪.‬كلية الحقوق قسم القانون العام‪ ،‬جامعة الشرق األوسط ‪ ،2012،‬ص_‪83‬‬

‫‪26‬‬
‫إن إحالة الوضع في دارفور على المحكمة الجنائية الدولية بغرض الشروع في إجراءات‬
‫التحقيق والمتابعة بموجب المادة ‪ 13‬من نظام روما األساسي‪ ،‬بصرف النظر عما إذا ك‪//‬انت‬
‫الدولة التي ينتمي إليها مرتكبي الجرائم الماسة بحقوق اإلنس‪//‬ان طرف‪//‬ا في نظ‪//‬ام المحكم‪//‬ة أم‬
‫غير ذلك‪ ،‬حتى ال يفلت مجرمي الحرب من العدالة الدولية‪ ،‬وهذا ما ينطبق تماما على قرار‬
‫مجلس األمن رقم ‪ 1593‬الذي صدر بحق متهمين بارتكاب جرائم دولية‪ ،‬تابعين لدولة غ‪//‬ير‬
‫طرف في النظام األساسي للمحكمة‪.‬‬

‫ويتضح بأن تأثير اإلحالة من مجلس األمن على المحكمة الجنائية وقبول الدعوى أمامه‪//‬ا‬
‫يعطي الحق للمدعي العام والغرفة التمهيدية سلطة تقويم المعلوم‪//‬ات ومن ض‪//‬منها م‪//‬ا يحيل‪//‬ه‬
‫مجلس األمن الدولي‪، 34‬كما أن العالق‪//‬ة بين المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة ومجلس األمن‪ ،‬يجب‬
‫أن تقوم على أساس أن مجلس األمن ملزم بلفت انتب‪//‬اه المحكم‪//‬ة إذا ك‪//‬ان هن‪//‬اك تهدي‪//‬د للس‪//‬لم‬
‫واألمن الدوليين‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫‪:‬تنص المادة ‪ 53‬من نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية على ما يلي ‪34-‬‬
‫‪:‬الشروع في التحقيق‬
‫يشرع المدعي العام في التحقيق‪ ،‬بعد تقييم المعلومات المتاحة له‪ ،‬ما لم يقرر عدم وجود أساس معقول لمباشرة إجراء بموجب هذا ‪1‬‬
‫‪:‬النظام األساسي ولدى اتخاذ قرار الشروع في التحقيق‪ ،‬ينظر المدعي العام في‬
‫توفر أساسا معقوال لالعتقاد بأن جريمة تدخل في اختصاص المحكمة قد ارتكبت أو يجري ارتكابها‪ .‬أ) ‪ -‬ما إذا كانت المعلومات‬
‫المتاحة للمدعي‬
‫‪.‬ب) ‪ -‬ما إذا كانت القضية كانت مقبولة أو يمكن أن تكون مقبولة بموجب المادة ‪17‬‬
‫ج) ‪ -‬ما إذا كان يرى‪ ،‬آخذا في اعتباره خطورة الجريمة ومصالح المجني عليهم‪ ،‬أن هناك مع ذلك أسبابا جوهرية تدعو لالعتقاد بأن‬
‫‪.‬إجراء التحقيق لن يخدم مصالح العدالة‬
‫فإذا قرر المدعي العام عدم وجود أساس معقول لمباشرة إجراء وأن قراره فحسب يستند إلى الفقرة الفرعية " ج" أعاله‪ ،‬كان عليه أن‬
‫‪.‬يبلغ الدائرة التمهيدية بذلك‬
‫‪:‬إذا تبين للمدعي العام بناًء على التحقيق‪ ،‬أنه ال يوجد أساس كاف للمقاضاة ‪2‬‬
‫أ) ‪ -‬أنه ال يوجد أساس قانوني أو وقائعي كاف لطلب إصدار أمر قبض أو أمر حضور بموجب المادة ‪ 58‬أو‬
‫ب) ‪ -‬القضية غير مقبولة بموجب المادة ‪ 17‬أو‬
‫ج) ‪ -‬ألنه رأى بعد مراعاة جميع الظروف‪ ،‬بما فيها مدى خطورة الجريمة ومصالح المجني عليهم وسن أو اعتالل الشخص المنسوب‬
‫‪.‬إليه الجريمة أو دوره في الجريمة المدعاة‪ ،‬أن المقاضاة لن تخدم مصالح العدالة‬
‫وجب عليه أن يبلغ الدائرة التمهيدية والدولة المقدمة لإلحالة بموجب المادة ‪ 14‬أو مجلس األمن في إطار الحاالت التي تندرج في‬
‫‪.‬إطار الفقرة "ب" من المادة ‪ ،13‬بالنتيجة التي انتهى إليها واألسباب التي ترتبت عليها هذه النتيجة‬
‫أ) – بناءًا طلب الدولة القائمة باإلحالة بموجب المادة ‪ 14‬او طلب مجلس االمن بموجب الفقرة "ب" من المادة ‪ ،13‬يجوز للدائرة – ‪3‬‬
‫التمهيدية مراجعة قرار المدعي العام بموجب الفقرة ‪ 1‬و‪ 2‬بعدم مباشرة إجراء ولها أن تطلب من المدعي العام إعادة النظر في ذلك‬
‫‪.‬القرار‬
‫ب) ‪ -‬يجوز للدائرة التمهيدية باإلضافة الى ذلك وبمبادرة منها‪ ،‬مراجعة قرار المدعي العام بعدم مباشرة إجراء إذا كان القرار فحسب‬
‫‪.‬يستند الى الفقرة ‪" 1‬ج" او ‪" 2‬ج"‪ ،‬وفي هذه الحالة ال يصبح قرار المدعي العام نافذا اال إذا اعتمدته الدائرة التمهيدية‬
‫يجوز للمدعي العام في أي وقت‪ ،‬ان ينظر من جديد في اتخاد قرار بما إذا كان يجب الشروع في تحقيق او مقاضاة استنادا الى ‪4-‬‬
‫‪.‬وقائع او معلومات جديدة‬

‫‪27‬‬
‫وبتاريخ ‪ 27‬أبريل ‪ ،2007‬أصدرت الدائرة التمهيدي‪/‬ة األولى أم‪/‬را ب‪/‬القبض على أحم‪/‬د‬
‫محمد وهران‪ ،‬وعلي هارون‪ ،‬وعلى محمد علي عبد الرحمان باإلضافة إلى ‪ 51‬متهما آخ‪//‬ر‬
‫التهامهم بجرائم الحرب وجرائم ضد اإلنسانية‪ ،‬كما ق‪//‬دم الم‪//‬دعي الع‪//‬ام بت‪//‬اريخ ‪ 14‬يولي‪//‬وز‬
‫‪ 2018‬طلبا إلى الدائرة التمهيدية كي تصدر مذكرة توقيف بح‪//‬ق ال‪//‬رئيس الس‪//‬وداني "عم‪//‬ر‬
‫حسين البش‪//‬ير"‪ ،‬وق‪//‬د أص‪//‬درت ال‪//‬دائرة التمهيدي‪//‬ة األولى أم‪//‬را ب‪//‬القبض بت‪//‬اريخ ‪ 04‬م‪//‬ارس‬
‫‪ 2009‬بحق " عمر البشير"‪.‬‬

‫وما أوردته الدائرة التمهيدية في قضيتي أحمد هارون وعلي كش‪//‬يب من الس‪//‬ودان وحيث‬
‫أن‪//‬ه ب‪//‬النظر إلى المعي‪//‬ار اإلقليمي والشخص‪//‬ي فالس‪//‬ودان ليس‪//‬ت بدول‪//‬ة ط‪//‬رف في النظ‪//‬ام‬
‫األساسي‪ ،‬وانه عمال بموجب الفق‪//‬رة ب من الم‪//‬ادة ‪ 13‬من روم‪//‬ا األساس‪/‬ي ال تطب‪//‬ق الفق‪//‬رة‬
‫الثانية من المادة ‪ 12‬إال إذا كان مجلس األمن هو الذي أح‪/‬ال الحال‪/‬ة على المحكم‪/‬ة الجنائي‪/‬ة‬
‫الدولية متصرفا بمقتضى الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها في الجرائم التي ارتكبت على إقليم دول‪//‬ة‬
‫ليست طرفا في النظام األساسي‪ ،‬وأبسط م‪//‬ا يش‪//‬ترط في ه‪//‬ذه الحال‪//‬ة‪ ،‬ه‪//‬و أن تش‪//‬كل الوق‪//‬ائع‬
‫المحالة تهديدا للسلم واألمن ال‪//‬دوليين‪ ،‬ووفق‪//‬ا للفص‪//‬ل الس‪//‬ابع من ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة ال‪//‬ذي‬
‫بموجبه تعتبر جميع أعض‪//‬اء األمم المتح‪//‬دة ملزم‪//‬ة ب‪//‬احترام ق‪//‬رارات مجلس األمن وتنفي‪//‬ذها‬
‫بمقتضى المادة ‪ 25‬من الميثاق‪.‬‬

‫وقد كان موقف حكومة السودان بعد صدور أوام‪//‬ر القبض‪ ،‬انه‪//‬ا لن تس‪//‬مح بمحاكم‪//‬ة أي‬
‫سوداني خارج النظام القضائي الوطني‪ ،‬وبأنه‪//‬ا لن تس‪//‬لم ال مس‪//‬ؤولين وال منس‪//‬وبين للق‪//‬وات‬
‫المس‪//‬لحة وح‪//‬تى المتم‪//‬ردين للمحاكم‪//‬ة خ‪//‬ارج ال‪//‬وطن‪ ،‬وأن موق‪//‬ف الس‪//‬ودان ه‪//‬و أال ينعق‪//‬د‬
‫للمحكمة الجنائية الدولية اختصاص لمحاكم‪//‬ة أي س‪//‬وداني‪ ،‬وأن حكوم‪//‬ة الس‪//‬ودان لن تس‪//‬مح‬
‫بمحاكمة ومعاقبة أي سوداني خارج النظام القضائي الوطني‪.‬‬

‫وحث رئيس مجلس األمن حكوم‪//‬ة الس‪//‬ودان وجمي‪//‬ع أط‪//‬راف ال‪//‬نزاع في دارف‪//‬ور على‬
‫التعاون التام مع المحكمة‪ ،‬وذلك من أج‪/‬ل وض‪/‬ع ح‪/‬د للحص‪/‬انة من العق‪/‬اب عم‪/‬ا ارتكب من‬
‫جرائم في دارفور‪ ،‬غير أن المتهمين الصادر ضدهما األمر بالتوقيف‪ ،‬مازاال في حالة ف‪//‬رار‬

‫‪28‬‬
‫ولم يلق القبض عليهما حتى س‪//‬نة ‪ ،2010‬ألن الخرط‪//‬وم دائم‪//‬ا ك‪//‬انت ت‪//‬رفض تس‪//‬ليم أحم‪//‬د‬
‫هارون وزير الشؤون اإلنسانية وعلى قشيب الذين تطالب بهما المحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬

‫وحتى ت‪//‬اريخ ‪ 13‬م‪//‬اي ‪ ،2013‬الزال الس‪//‬يد أحم‪//‬د ه‪//‬ارون والس‪//‬يد علي كش‪//‬يب طليقي‬
‫السراح وأيضا عمر حسين أحمد البشير الذي ينتظر القبض عليه من قبل الدول وتسليمه إلى‬
‫المحكم‪/‬ة الجنائي‪/‬ة الدولي‪/‬ة في أفض‪/‬ل الظ‪/‬روف من أج‪/‬ل محاكمت‪/‬ه‪ ،‬وبالمقاب‪/‬ل من ذل‪/‬ك أذن‬
‫للعديد من الضحايا بالمشاركة في اإلجراءات التمهيدي‪//‬ة للقض‪//‬ية س‪//‬واء شخص‪//‬يا أو بواس‪//‬طة‬
‫ممثليهم القانونيين‪.35‬‬

‫إن تعاون الدول مع المحكمة هو الخيار األفضل بسبب ما تتمت‪//‬ع ب‪//‬ه من نزاه‪//‬ة وحي‪//‬اد و‬
‫استقاللية ‪،‬وأن تعاون السودان مع المحكمة ال يمثل اعت‪//‬داء على س‪/‬يادة الس‪/‬ودان واس‪/‬تقاللها‬
‫ووحدة أراضيها بل يؤدي إلى تفعيل دور المحكمة في تحقيق العدالة الدولية من جهة ويزي‪//‬د‬
‫الضغط على الواليات المتحدة االمريكية التي ترفض فكرة المحكمة الدائمة وتعارضها بشدة‬
‫وتتمنى لها االنهيار لكي تجنب جنودها المنتشرين في أرجاء الكرة األرضية المثول أمامه‪//‬ا‬
‫وتبقى هي (أمريكا) الحكم الوحيد والفيصل االوحد في القض‪//‬ايا الدولي‪//‬ة ومعاقب‪//‬ة المج‪//‬رمين‬
‫وغير المجرمين على مذهبها االنتقائي ورأيها االفتراض‪//‬ي س‪//‬واء من خالل مجلس األمن أو‬
‫من خارجه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬القضية الليبية‬


‫تبنى مجلس األمن في ‪ 26‬فبراير ‪ ،2011‬وباإلجماع القرار رقم ‪ ،1970‬والمتض‪//‬من‬
‫منح الوالية القضائية للمحكمة الجنائية الدولي‪//‬ة ح‪//‬ول الوض‪//‬ع في ليبي‪//‬ا لغ‪//‬رض التحقي‪//‬ق في‬
‫الجرائم ضد اإلنسانية المرتكبة من قب‪//‬ل نظ‪//‬ام الق‪//‬ذافي ابت‪//‬داء من ‪ 25‬ف‪//‬براير ‪ ،2011‬وفق‪//‬ا‬
‫للصالحيات المخولة لمجلس األمن‪ ،‬ونظام روما المنشئ للمحكمة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬ل‪//‬دورها‬
‫بعملية تحقيق العدالة الدولية‪.‬‬

‫ويجد قرار مجلس األمن رقم ‪ 1970‬بشأن إحالة الوضع في ليبيا على المحكمة الجنائي‪//‬ة‬
‫الدولية‪ ،‬أساسه في الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬وأنه لكون الوضع في ليبيا يش‪//‬كل‬
‫‪35‬‬
‫هشام محمد فريجة‪ ،‬دور القضاء الجنائي الدولي في مكافحة الجريمة الدولية‪ ،‬دار الخلدونية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪35- 2012 ،‬‬
‫‪.‬ص_‪395‬‬
‫‪29‬‬
‫تهديدا للسلم واألمن الدوليين‪ ،‬أصدر مجلس األمن وبإجماع األص‪//‬وات داخل‪//‬ه الق‪//‬رار أعاله‪،‬‬
‫الذي على إثره منح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية تفويض‪//‬ا مفتوح‪//‬ا للتحقي‪//‬ق في أي‪//‬ة‬
‫جرائم دولية ارتكبت بعد ‪ 15‬ف‪//‬براير‪ 2011 36‬ه‪//‬ذا من جه‪//‬ة‪ ،‬ومن جه‪//‬ة أخ‪//‬رى نص نفس‬
‫القرار على ضرورة التعاون الكامل للسلطات الليبية مع المحكمة‪.‬‬

‫وقرار مجلس األمن أعاله لم يصدر هكذا‪ ،‬وإنما ج‪//‬اء بن‪//‬اءا على مجموع‪//‬ة من األح‪//‬داث‬
‫التي عرفتها ليبيا ‪،‬إذ كانت المظاهرات الليبية قد انطلقت في ‪ 15‬فبراير ‪ 2011‬إثر اعتق‪//‬ال‬
‫محامي ضحايا سجن بوسليم في مدينة بنغازي‪ ،‬ثم تبعتها مظاهرات في بعض الم‪//‬دن الليبي‪//‬ة‬
‫األخرى‪ ،‬منها زوارة والزاوية والبيضاء‪ ،‬فأطلق رجال األمن الرصاص الحي وقتل‪//‬وا بعض‬
‫المتظاهرين وخرجت مظاهرات مساندة لها في جبل نفوس‪//‬ه ثم تح‪//‬ولت المظ‪//‬اهرات في ‪17‬‬
‫فبراير‪ ،‬إلى انتفاضة ش‪//‬عبية كب‪//‬يرة ش‪//‬ملت معظم الم‪//‬دن الليبي‪//‬ة ط‪//‬الب المتظ‪//‬اهرون خالله‪//‬ا‬
‫بإصالحات سياسية واقتصادية واجتماعية فسقط أكثر من ‪ 400‬شخص ما بين قتيل وج‪//‬ريح‬
‫برصاص ق‪//‬وات األمن اللي‪//‬بي‪ ،‬ثم تح‪//‬ولت بع‪//‬د ذل‪//‬ك إلى ث‪//‬ورة مس‪//‬لحة ه‪//‬دفها إس‪//‬قاط نظ‪//‬ام‬
‫الق‪//‬ذافي؛ وق‪//‬د نجح الث‪//‬وار بإس‪//‬قاط العاص‪//‬مة ونظ‪//‬ام الق‪//‬ذافي في ي‪//‬ومي ‪ 21‬و ‪ 22‬غش‪//‬ت‬
‫‪ ،2011‬حيث س‪//‬قطت العاص‪//‬مة ط‪//‬رابلس بي‪//‬د الث‪//‬وار ‪،‬وق‪//‬اموا الس‪//‬يطرة علي آخ‪//‬ر معاق‪//‬ل‬
‫القذافي وقتله في مدينة سرت يوم ‪ 20‬أكتوبر ‪. 201137‬‬

‫أدت األحداث التي عرفته‪/‬ا ليبي‪/‬ا خالل س‪/‬نة ‪ 2011‬وال‪/‬تي انتهت بإس‪/‬قاط نظ‪/‬ام الق‪/‬ذافي‬
‫ي‪///‬ومي ‪ 21‬و ‪ 22‬غش‪///‬ت ‪، 2011‬الى إص‪///‬دار مجلس األمن‪ 38‬في ‪ 26‬ف‪///‬براير ‪2011‬‬
‫‪36‬‬
‫‪:‬تضمنت المواد ‪ 4‬؛‪5‬؛ ‪ 6‬من قرار مجلس األمن رقم ‪ 1970‬ما يلي ‪36-‬‬
‫‪.‬يقرر إحالة الوضع القائم في الجمهورية العربية الليبية منذ ‪ 15‬فبراير ‪ ،2011‬إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية )‪4‬‬
‫يقرر أن تتعاون السلطات الليبية تعاونا كامال مع المحكمة ومع المدعي العام‪ ،‬وتقدم لهما ما يلزمهما من مساعدة عمال بمقتضيات )‪5‬‬
‫هذا القرار؛ وإذ يسلم بأن الدول غير األطراف في نظام روما األساسي ال يقع عليها أي التزام بموجب ذلك النظام‪ ،‬فإنه يحث جميع‬
‫‪.‬الدول والمنظمات اإلقليمية وسائر المنظمات الدولية المهتمة باألمر‪ ،‬على التعاون التام مع المحكمة والمدعي العام‬
‫‪ ) 6‬يقرر أن الرعايا‪ ،‬أو المسؤولين الحاليين أو السابقين‪ ،‬أو األفراد القادمين من دولة خارج الجمهورية العربية الليبية وليست طرفا‬
‫في نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬يخضعون للوالية القضائية الحصرية لتلك الدولة في جميع ما يزعم وقوعه من‬
‫تصرفات أو أعمال تقصير ناجمة عن العمليات التي ينشئها أو يأذن بها مجلس األمن في الجمهورية العربية الليبية‪ ،‬أو تكون متصلة‬
‫بها‪ ،‬ما لم تتنازل الدولة صراحة عن تلك الوالية القضائية الحصرية‪( .‬أنظر قرار مجلس األمن رقم ‪ 1970‬الصادر في ‪ 26‬فبراير‬
‫)‪)S/RES/1970(2011‬‬ ‫‪2011‬‬

‫‪37‬‬
‫أمين السيسي‪ ،‬ثورة ‪ 17‬فبراير والوجه السري للقذافي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الهيئة العامة المصرية للكتاب‪37- ،2011 ،‬‬
‫‪.‬ص_‪7‬‬
‫‪38‬‬
‫‪:‬متصرفا بموجب المادة رقم ‪ 13‬من نظام روما األساسي إلنشاء المحكمة الجنائية الدولية التي تنص على ما يلي ‪38-‬‬
‫‪:‬للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة الخامسة وفقًا ألحكام هذا النظام األساسي في األحوال التالية‬

‫‪30‬‬
‫ق‪///‬رار ‪ 1970‬يحي‪///‬ل بموجب‪///‬ه م‪///‬ا حص‪///‬ل في ليبي‪///‬ا من أح‪///‬داث على المحكم‪///‬ة الجنائي‪///‬ة‬
‫الدولية ‪،‬وأنه على الرغم من كون ليبيا ليس‪/‬ت من ال‪//‬دول في نظ‪//‬ام روم‪//‬ا األساس‪/‬ي‪، 39‬ولكن‬
‫في حال‪//‬ة اإلحال‪//‬ة من قب‪//‬ل مجلس األمن ‪،‬ف‪//‬إن المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة ال تتقي‪//‬د بالش‪//‬روط‬
‫المسبقة لممارسة االختصاص الوارد ذكرها في نظ‪//‬ام روم‪//‬ا ‪،‬بمع‪//‬نى أن‪//‬ه في ه‪//‬ذه الحال‪//‬ة ال‬
‫يشترط أن تكون الجريمة قد ارتكبت في إقليم دولة طرف أو من شخص يحمل جنس‪/‬ية دول‪/‬ة‬
‫طرف ‪،‬فالمحكمة ينعقد لها االختصاص في ه‪/‬ذه الحال‪/‬ة أينم‪/‬ا ك‪/‬ان وق‪/‬وع الجريم‪/‬ة‪ ،‬وبغض‬
‫النظر عن جنسية مرتكبها‪.40‬‬

‫ولقد س‪/‬اهمت ه‪/‬ذه اإلحال‪/‬ة بقي‪/‬ام المحكم‪/‬ة الجنائي‪/‬ة الدولي‪/‬ة بممارس‪/‬ة اختصاص‪/‬ها وف‪/‬ق‬
‫الصالحية القضائية المخولة لها للتحقي‪//‬ق في الج‪/‬رائم المرتكب‪//‬ة من قب‪//‬ل نظ‪//‬ام الق‪//‬ذافي بح‪/‬ق‬
‫الشعب الليبي‪ ،‬للفترة من فبراير من سنة ‪ 2011‬وما بعدها‪ ،‬والمشار إليه‪//‬ا في ق‪//‬رار مجلس‬
‫األمن ‪ ،2011/1970‬والمح‪//‬ددة أيض ‪ً/‬ا في الم‪//‬ادة الخامس‪//‬ة من نظ‪//‬ام المحكم‪//‬ة األساس‪//‬ي؛‬
‫وبالتالي لقد أسهمت هذه اإلحالة بإضعاف نظام حكم القذافي‪ ،‬وحصول العديد من االنشقاقات‬
‫الحكومية لدى بعض الشخصيات من وزراء دبلوماسيين وأعضاء من القوات المسلحة‪.‬‬

‫وعالوة على ذل‪//‬ك وبن‪//‬اءا على ض‪//‬وء ق‪//‬رار مجلس األمن رقم ‪ 1970‬الص‪//‬ادر في ‪26‬‬
‫فبراير ‪ ،2011‬فتح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية " لويس مورين‪//‬و أك‪//‬امبو" تحقيق‪//‬ا‬
‫في ‪ 3‬م‪//‬ارس ‪ ،2011‬ثم أعلن في ‪ ،2011/5/16‬وعمال بالم‪//‬ادة ‪ 58/1‬من نظ‪//‬ام روم‪//‬ا‬
‫األساس‪//‬ي‪ ،‬تق‪//‬ديم طلب إلى ال‪//‬دائرة االبتدائي‪//‬ة األولى إلص‪//‬دار م‪//‬ذكرات اعتق‪//‬ال دولي‪//‬ة ض‪//‬د‬
‫الثالثة الذي يتحملون المسؤولية جراء تلك الجرائم (معمر الق‪//‬ذافي‪ ،‬س‪//‬يف اإلس‪//‬الم الق‪//‬ذافي‪،‬‬
‫عبد هللا السنوسي)‪.‬‬

‫‪) -.............‬أ‬
‫ب) ‪ -‬إذا أحال مجلس االمن‪ ،‬متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق االمم المتحدة‪ ،‬حالة الى المدعي العام يبدو فيها جريمة أو‬
‫‪.‬أكثر قد ارتكبت‬
‫‪-............‬ج‬
‫‪39‬‬
‫لم تكن ليبيا طرفا موقعا على نظام روما األساسي‪ ،‬وبالتالي كان ال بد من إحالة ما وقع في ليبيا من أحداث من قبل مجلس ‪39-‬‬
‫األمن على المحكمة الجنائية الدولية ليتم النظر فيها‪ ،‬وأنه تجدر اإلشارة الى أن هذه القضية باإلضافة إلى قضية دارفور في السودان‬
‫‪.‬هما القضيتان الوحيدتان اللتان أحيلتا على المحكمة الجنائية الدولية باعتماد هذه اآللية‬
‫‪ - 4040‬محمد ماقورا‪ ،‬عالقة المحكمة الجنائية الدولية بمجلس األمن‪ ،‬مقال منشور على الرابط التالي‪Www.aludel.gov.ly :‬‬

‫‪31‬‬
‫وفي هذا الشأن تبنى مجلس األمن ق‪//‬راره الث‪//‬اني رقم ‪ 1973‬في ‪ ،2011/3/17‬وال‪//‬ذي‬
‫سمح للمجلس بتطبيق الفصل السابع واتخاذ اإلجراءات العسكرية ض‪/‬د النظ‪/‬ام‪ ،‬وذل‪/‬ك لك‪/‬ون‬
‫الوضع يهدد السلم واألمن الدوليين‪ ، 41‬ويقتضي فرض عقوب‪//‬ات على حكوم‪//‬ة الق‪//‬ذافي منه‪//‬ا‬
‫فرض حظر جوي والسماح بشن هجمات مسلحة ضد القوات الجوية الليبية‪.‬‬

‫وفي حينها أبدت بعض الدول تحفظا على هذا القرار من أهمها روسيا وألمانيا التي أبدى‬
‫وزير خارجيتها قلقا إزاءه‪ ،‬وذل‪//‬ك لوج‪//‬ود بعض الش‪//‬كوك بش‪//‬أن األه‪//‬داف الحقيقي‪//‬ة للق‪//‬رار‪،‬‬
‫بسبب الصالحيات ال‪/‬تي يمنحه‪/‬ا الق‪/‬رار لل‪/‬دول الك‪/‬برى في ش‪/‬ن هجم‪/‬ات عس‪/‬كرية لض‪/‬رب‬
‫القوات الليبية لحماية المدنيين‪.‬‬

‫بدأ التنفيذ الفعلي للقرار من خالل قيام الطائرات الفرنس‪//‬ية بقص‪//‬ف ق‪//‬وات الق‪//‬ذافي ح‪//‬ول‬
‫مدينتي بنغازي‪ ،‬وأجدابيا تبعها قيام بارجات أمريكية قرب السواحل بإطالق ص‪//‬واريخ نح‪//‬و‬
‫أهداف عائدة للحكومة الليبية وبعد استمرار العملي‪//‬ات العنيف‪//‬ة على ه‪//‬ذا النح‪//‬و أعلنت ق‪//‬وات‬
‫التحالف الدولي أنها استطاعت دحر وتدمير الجزء األكبر من قوات القذافي الجوية‪ ،‬م‪//‬ا أدى‬
‫إلى إسقاط النظام‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪:‬تضمن قرار مجلس األمن الدولي رقم ‪ 1973‬مجموعة من النقاط المهمة أهمها ما يلي ‪41-‬‬
‫فرض منطقة حظر جوي شاملة فوق أراضي ليبيا تشمل الطائرات التجارية والعسكرية لمنع تحليق وتحرك قوات القذافي في ‪1)-‬‬
‫‪.‬أجوائها ومنعها من قصف المدنيين؛ أما الطائرات التي تحمل المساعدات اإلنسانية للسكان فال بأس بمرورها‬
‫مناشدة جميع أعضاء األمم المتحدة بمنع إقالع أو هبوط أي طائرة عسكرية أو حتى تجارية قادمة من ليبيا أو متجهة إليها من ‪2)-‬‬
‫‪.‬أراضي الدولة‬
‫ًا‬ ‫ًال‬
‫مطالبة جميع دول األمم المتحدة بإجراء كافة الخطوات الضرورية لحماية المدنيين في ليبيا‪ ،‬حتى ولو تطلب األمر تدخ عسكري ‪3)-‬‬
‫‪.‬من الدولة‪ ،‬لكن‪ ،‬وفي الوقت يؤكد القرار على استبعاد تدخل قوات األمم المتحدة العسكرية على األراضي الليبية الحتاللها‬
‫مطالبة القذافي بإيقاف فوري للنزاع ووقف إطالق النار‪ ،‬وفي حال رفض القذافي ذلك فسيباح لدول األمم المتحدة أن تنظم ‪4)-‬‬
‫‪.‬عمليات قصف غير منطقة حظر الطيران لتدمير قوات القذافي وحماية السكان منها‬
‫مطالبة القذافي بالسماح بمرور كافة المساعدات اإلنسانية بسهولة ويسر إلى األراضي الليبية دون مهاجمتها أو منعها‪ .‬أنظر قرار‪5)-‬‬
‫مجلس األمن‬
‫تطبيق قرار مجلس األمن رقم (‪ )1970‬المتعلق بحظر األسلحة لقوات القذافي على نطاق أوسع وبشكل أفضل‪ ،‬إلى جانب إضافة ‪6)-‬‬
‫المزيد من أسماء األشخاص والمنظمات إلى قائمة حظر السفر وتجميد األموال وتستند هذه القائمة حسب القرار إلى كافة األموال‪.‬‬
‫‪.‬واألمالك التي يملكها القذافي‪ ،‬أو إلى أن له يد فيها بطريقة أو بأخرى في أي من دول األمم المتحدة‬
‫‪.‬المطالبة تجميد كافة أصول المؤسسة الوطنية للنفط والبنك المركزي الليبي نظرا لتبعيتها للقذافي – )‪7‬‬
‫مطالبة األمين العام لألمم المتحدة بان كي مون‪ ،‬بتشكيل لجنة مراقبة تتألف من ثمانية أشخاص للتحقق من تنفيذ هذه القرارات ‪8)-‬‬
‫‪.‬جميعًا تنفيذها بكافة بنودها‬

‫‪32‬‬
‫ول‪//‬و قارن‪//‬ا بين الق‪//‬رارين الم‪//‬ذكورين‪ ،‬نج‪//‬د أن الق‪//‬رار ‪ 1970‬تض‪//‬من ف‪//‬رض عقوب‪//‬ات‬
‫مختلفة على نظام القذافي‪ ،‬وك‪/‬ذلك تف‪/‬ويض المحكم‪/‬ة الجنائي‪/‬ة الدولي‪/‬ة ب‪/‬التحقيق في الج‪/‬رائم‬
‫التي اقترفتها قواته ضد المدنيين الليبيين ولم يخول أي دولة بالدفاع عن المدنيين الليبيين أو‬
‫اللجوء للقوة لحمايتهم‪ ،‬في حين أن مجلس األمن فوض في قراره رقم ‪ 1973‬باتخاذ جمي‪//‬ع‬
‫التدابير الالزمة منها العسكرية وغيرها من أجل حماية المدنيين وتنفي‪//‬ذا لق‪//‬رار مجلس األمن‬
‫الم‪//‬رقم ب ‪ 1970‬فق‪//‬د أص‪//‬درت ال‪//‬دائرة االبتدائي‪//‬ة في ‪ 27‬يوني‪//‬و ‪ 2011‬ثالث م‪//‬ذكرات‬
‫اعتقال بحق معمر القذافي وابنه سيف اإلسالم الق‪//‬ذافي ورئيس المخ‪//‬ابرات في ليبي‪//‬ا عب‪//‬د هللا‬
‫السنوسي بتهمة ارتكاب جرائم ض‪//‬د اإلنس‪//‬انية بم‪//‬وجب الم‪//‬ادة (‪( -1 – 7‬أ)‪ ،‬واالض‪//‬طهاد‬
‫باعتباره جريمة ضد اإلنسانية بموجب المادة (‪ – 1 – 7‬ج)‪ ،‬والتي ارتكبت في ليبيا‪ ،‬خالل‬
‫الف‪/‬ترة من ‪ 15‬ح‪/‬تى ‪ 28‬ف‪/‬براير ‪ 2011‬من قب‪/‬ل أجهزت‪/‬ه األمني‪/‬ة المتمثل‪/‬ة في جه‪/‬از أمن‬
‫الدولة وقوات األمن الليبية ثم أمرت الدائرة االبتدائية األولى في ‪ 22‬نون‪//‬بر ‪ 2011‬ب‪//‬إغالق‬
‫القضية المرفوعة ضد الزعيم الليبي معمر القذافي‪ ،‬بعد وفاة المتهم‪.‬‬

‫وبتاريخ ‪ 14/12/2014‬أعلنت المحكمة الجنائية الدولية المحكمة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة أنه‪//‬ا‬


‫ت‪//‬وجهت إلى مجلس األمن ال‪//‬دولي‪ ،‬للمطالب‪//‬ة بتس‪//‬ليمها س‪//‬يف اإلس‪//‬الم الق‪//‬ذافي ال‪//‬ذي يش‪//‬تبه‬
‫بضلوعه في ارتكاب جرائم ضد إنسانية‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬فرض واجب التعاون على الدول مع المحكمة الجنائية‬
‫الدولية‬
‫ال شك أن نجاح المحكمة الجنائية الدولية في القي‪//‬ام بال‪//‬دور الموك‪//‬ل إليه‪//‬ا يعتم‪//‬د إلى ح‪//‬د‬
‫كبير على تعاون الدول أعضاء الجماعة الدولية في تمكين المحكم‪//‬ة من القي‪//‬ام ب‪//‬دورها عن‪//‬د‬
‫إج‪//‬راء التحقيق‪//‬ات كالمس‪//‬اعدة في جم‪//‬ع وتق‪//‬ديم التحري‪//‬ات وجم‪//‬ع األدل‪//‬ة أو تنفي‪//‬ذ الق‪//‬رارات‬
‫الص‪//‬ادرة ب‪//‬التوقيف أو االعتق‪//‬ال ونق‪//‬ل المتهمين إلى المحكم‪//‬ة‪ .‬وال يمكن للمحكم‪//‬ة الوف‪//‬اء‬
‫بدورها كمحكمة جنائية دولية دون تعاون الدول معها‪ ،‬حيث ال تمتلك قوات شرطة أو ق‪//‬وات‬
‫مسلحة ق‪//‬ادرة على تنفي‪//‬ذ قراراته‪//‬ا ووض‪//‬عها موض‪//‬ع التنفي‪//‬ذ‪ ،‬وعلي‪//‬ه فس‪//‬وف تفق‪//‬د ق‪//‬رارات‬
‫المحكمة أية قيمة لها إذا ما صدرت ه‪//‬ذه الق‪//‬رارات دون وج‪//‬ود آلي‪//‬ة لتنفي‪//‬ذها‪ ،‬وال س‪//‬يما أن‬
‫ق‪//‬رارات المحكم‪//‬ة ال‪//‬تي تص‪//‬در تتعل‪//‬ق‪ ،‬من حيث األس‪//‬اس‪ ،‬ب‪//‬أوامر القبض على المتهمين‬
‫ومالحقتهم‪.‬‬

‫وقد تقوم الدول سواء أكانت أطرافا في نظام روما األساس‪//‬ي أم غ‪//‬ير أط‪//‬راف بالتع‪//‬اون‬
‫بشكل مباشر مع المحكمة الجنائية الدولي‪/‬ة‪ ،‬والش‪/‬ك أن ه‪/‬ذا الوض‪/‬ع‪ ،‬ه‪/‬و األمث‪/‬ل من وجه‪/‬ة‬
‫نظر المحكمة غير أن األمر ليس بهذه السهولة‪ ،‬وخاصة من جانب الدول غير األطراف في‬
‫نظام روما األساسي‪ ،‬مم‪/‬ا ي‪/‬دفعنا إلى التس‪/‬اؤل عن اإلج‪/‬راء ال‪/‬ذى يمكن للمحكم‪/‬ة أن تتخ‪/‬ذه‬
‫تجاه الدول غ‪//‬ير المتعاون‪//‬ة وه‪//‬ل يمكن أن تلج‪//‬أ المحكم‪//‬ة إلى مجلس األمن لطلب المس‪//‬اعدة‬
‫لتحري‪//‬ك ال‪//‬دول للتع‪//‬اون معه‪//‬ا‪ ،‬وه‪//‬ل يمكن لمجلس األمن أن يلعب دورًا فعلي‪//‬ا ل‪//‬دفع ال‪//‬دول‬
‫للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية؟‬
‫‪34‬‬
‫وعلى ض‪//‬وء ه‪//‬ذا التس‪//‬اؤل س‪//‬وف نق‪//‬وم في ه‪//‬ذا المبحث ببحث دور مجلس األمن في‬
‫فرض واجب التعاون سواء على الدول األطراف في نظ‪//‬ام روم‪//‬ا (المطلب االول)‪ ،‬أو غ‪//‬ير‬
‫األطراف (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬دور مجلس األمن الدولي في فرض التعاون على الدول األطراف في نظام‬
‫روما‬
‫يتفق فقهاء القانون الدولي على التزام الدول األطراف بنظام روما األساسي بالتعاون م‪//‬ع‬
‫المحكمة الجنائية الدولية وتنفيذ كافة الق‪//‬رارات الص‪//‬ادرة عنه‪//‬ا‪ .‬ويس‪//‬تند رأى فقه‪//‬اء الق‪//‬انون‬
‫الدولي في هذا الشأن على ما جاءت ب‪//‬ه الم‪//‬ادة ‪ 87/7‬ال‪//‬تي تنص على أن‪//‬ه " في حال‪//‬ة ع‪//‬دم‬
‫امتثال دولة طرف لطلب تعاون مقدم من المحكمة بما يتن‪//‬افى وأحك‪//‬ام ه‪//‬ذا النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي‬
‫ويحول دون ممارسة المحكمة وظائفها وسلطاتها بموجب هذا النظام يجوز للمحكمة أن تتخذ‬
‫قرارا بهذا المع‪/‬نى وأن تحي‪/‬ل المس‪/‬ألة إلى جمعي‪/‬ة ال‪/‬دول األط‪/‬راف أو الى مجلس األمن إذا‬
‫كان مجلس األمن قد أح‪/‬ال المس‪/‬ألة إلى المحكم‪/‬ة " ‪،‬و المالح‪/‬ظ على ه‪/‬ذه الم‪/‬ادة أنه‪/‬ا تمنح‬
‫المحكمة عند إحجام دولة طرف عن التعاون معها في قضية تدخل ضمن اختصاصها سلطة‬
‫اتخاذ قرار بإحالتها إما إلى جمعي‪//‬ة ال‪//‬دول األط‪//‬راف في النظ‪//‬ام األساس‪/‬ي‪ ،‬وإم‪//‬ا إلى مجلس‬
‫األمن إذا كان هو من أحال الموقف إلى المحكمة من قبل وبالتالي فإن السؤال المطروح هن‪//‬ا‬
‫يكمن في مدى فاعلية إلزام الدول بالتعاون مع المحكمة عن طريق جمعية الدول األط‪//‬راف‪،‬‬
‫أي بغير تدخل مجلس األمن (الفقرة األولى )‪ ،‬وكذا عن طريق مجلس األمن إذا كان هو من‬
‫أحال ذلك الموقف إلى المحكمة (الثانية )‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ضعف آلية إلزام الدول األطراف بغير تدخل مجلس‬
‫إن إحالة قض‪//‬ية معين‪//‬ة من المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة إلى جمعي‪//‬ة ال‪//‬دول األط‪//‬راف عن‪//‬د‬
‫إحجام دولة طرف عن التعاون مع هذه المحكمة ال يعني ب‪//‬أي ح‪//‬ال من األح‪//‬وال أن جمعي‪//‬ة‬
‫الدول األطراف تمثل سلطة عليا فوق سلطة المحكمة‪ ،‬إذ تتمتع هذه األخيرة باس‪//‬تقاللية تام‪//‬ة‬
‫في ممارسة اختصاصها وصدور أحكامها‪.42‬‬
‫‪42‬‬
‫منح نظام روما األساسي المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية جمعية الدول األطراف سلطة حل النزاعات بين دولتين أو أكثر ‪42-‬‬
‫من الدول األطراف بشأن تفسير النظام األساسي أو تطبيقه ‪،‬وذلك عن طريق المفاوضات ضمن مدة معينة أو أية وسيلة أخرى سلمية‬
‫تراها جمعية الدول األطراف بما في ذلك إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية‪،،‬للمزيد حول سلطة جمعية الدول األطراف أنظر‪:‬‬
‫مدوس فالح الرشيدي‪ ،‬آلية تحديد االختصاص و انعقاده في نظر الجرائم الدولية وفقا التفاق روما لسنة ‪ : 1998‬مجلس األمن‬
‫‪35‬‬
‫ورغم ذلك فإن األحكام الواردة في الباب التاسع من النظام األساسي ال تحمل ضمانات كافية‬
‫لكي ال يكون القانون الوطني عائقا أمام عمل المحكم‪//‬ة‪ ،‬فق‪//‬د نص‪//‬ت الم‪//‬ادة ‪ 4/93‬من‪//‬ه على‬
‫أنه‪ " :‬ال يجوز للدولة الطرف أن ت‪//‬رفض طلب مس‪//‬اعدة كلي‪//‬ا أو جزئي‪//‬ا‪ ،‬إال إذا ك‪//‬ان الطلب‬
‫يتعلق بتقديم أية وثائق أو كشف أدلة تتصل بأمنها الوطني‪ ،‬وذلك وفقا للمادة ‪."43 72‬‬

‫والمالحظ أن هذه المادة توفر أسبابا للدول لتأخير تعاونها المحكمة‪ ،‬ولما كان مصطلح "‬
‫األمن الوطني " واسعا فإنه سيترك للدول هامشا واسعا للتق‪//‬دير‪ ،‬ويح‪//‬رم ب‪//‬ذلك المحكم‪//‬ة من‬
‫الدولي‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية و المحاكم الوطنية ‪،‬مجلة الحقوق‪ ،‬السنة السابعة والعشرون‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬يونيو ‪ ،2003‬صص_‬
‫‪78/79 .‬‬
‫‪43‬‬
‫‪:‬تنص المادة ‪ 72‬من نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية على ما يلي ‪43-‬‬
‫تنطبق هذه المادة في أي حالة يؤدي فيها الكشف عن المعلومات أو وثائق تابعة لدولة ما إلى المساس بمصالح األمن الوطني لتلك ‪1)-‬‬
‫الدولة‪ ،‬حسب رأيها‪ ،‬ومن هذه الحاالت ما يندرج ضمن نطاق الفقرتين ‪ 2‬و‪ 3‬من المادة ‪ ،56‬والفقرة ‪ 3‬من المادة ‪ ،61‬والفقرة ‪ 3‬من‬
‫المادة ‪ ،64‬والفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ ،67‬والفقرة ‪ 6‬من المادة ‪ ،87‬والمادة ‪ ،93‬وكذلك الحاالت التي تنشأ في أي مرحلة أخرى من‬
‫‪.‬اإلجراءات ويكون الكشف فيها عن تلك المعلومات محل نظر‬
‫تنطبق هذه المادة أيضا في أية حالة يكون قد طلب فيها من شخص تقديم معلومات أو أدلة‪ ،‬ولكن هذا الشخص رفض أن يفعل ‪2)-‬‬
‫ذلك أو أحال المسألة إلى دولة‪ ،‬على أساس أن الكشف عنها من شأنه أن يمس مصالح األمن الوطني للدولة‪ ،‬وأكدت الدولة المعنية‬
‫‪.‬أنها ترى أن الكشف سيكون من شأنه المساس بمصالح أمنها الوطني‬
‫‪.‬ليس في هذه المادة ما يخل باشتراطات السرية الواجبة التطبيق بموجب الفقرة ‪" 3‬ه" و "و" من المادة ‪ ،54‬أو بتطبيق المادة ‪3)- 73‬‬
‫إذا علمت دولة ما أنه يجري أو من المحتمل أن يجري الكشف عن معلومات أو وثائق تتعلق بها في أي مرحلة من مراحل ‪4)-‬‬
‫اإلجراءات‪ ،‬وإذا رأت أن من شأن هذا الكشف المساس بمصالح أمنها الوطني‪ ،‬كان من حق تلك الدولة التدخل من أجل تسوية المسألة‬
‫‪.‬وفقا لهذه المادة‬
‫إذا رأت دولة ما أن من شأن الكشف عن المعلومات المساس بمصالح أمنها الوطني‪ ،‬اتخذت تلك الدولة جميع الخطوات المعقولة‪5)- ،‬‬
‫بالتعاون مع المدعي العام أو محامي الدفاع أو الدائرة التمهيدية أو الدائرة االبتدائية‪ ،‬حسب الحالة‪ ،‬من أجل السعي الى حل المسألة‬
‫‪:‬بطرق تعاونية‪ ،‬ويمكن أن تشمل هذه الخطوات ما يلي‬
‫أ) ‪ -‬تعديل الطلب أو توضيحه‬
‫ب) – قرار من المحكمة بشأن مدى صلة المعلومات أو األدلة المطلوبة‪ ،‬أو قرار منها بما إذا كانت األدلة‪ ،‬رغم صلتها‪ ،‬يمكن أو‬
‫‪.‬أمكن فعال الحصول عليها من مصدر آخر غير الدولة المطلوب منها تقديمها‬
‫ج) ‪ -‬إمكانية الحصول على المعلومات أو األدلة من مصدر آخر أو في شكل آخر‪ ،‬أو؛‬
‫د) ‪ -‬االتفاق على الشروط التي يمكن في ظلها تقديم المساعدة‪ ،‬بما في ذلك‪ ،‬ضمن أمور أخرى تقديم ملخصات أو صيغ منقحة‪ ،‬أو‬
‫وضع حدود لمدى ما يمكن الكشف عنه‪ ،‬أو عقد جلسات مغلقة و‪ /‬أو عن جانب واحد‪ ،‬أو اللجوء إلى تدابير أخرى للحماية يسمح بها‬
‫‪.‬هذا النظام األساسي وتسمح بها القواعد‬
‫بعد اتخاذ جميع الخطوات المعقولة لحل المسألة بطرق تعاونية‪ ،‬وإذا ما رأت الدولة أنه ال توجد وسائل أو ظروف يمكن في ظلها ‪6)-‬‬
‫تقديم المعلومات أو الوثائق أو الكشف عنها دون المساس بمصالح أمنها الوطني تقوم الدولة بإبالغ المدعي العام أو المحكمة باألسباب‬
‫المحددة التي بنت عليها قرارها‪ ،‬ما لم يكن من شأن الوصف المحدد لألسباب أن يؤدى‪ ،‬في حد ذاته بالضرورة إلى المساس بمصالح‬
‫‪.‬األمن الوطني للدولة‬
‫‪:‬إذا قررت المحكمة بعد ذلك أن األدلة ذات صلة ضرورية إلثبات أن المتهم مذنب أو بريد جاز لها االضطالع باإلجرءات التالية‪7)-‬‬
‫أ) ‪ -‬حيثما يكون الكشف عن المعلومات أو الوثائق مطلوبا بناء على طلب للتعاون بمقتضى الباب ‪ 9‬أو في إطار الظروف الوارد‬
‫‪:‬وصفها في الفقرة ‪ ،2‬وتكون الدولة قد استندت إلى أسباب الرفض المشار إليها في الفقرة ‪ 4‬من المادة ‪93‬‬
‫يجوز للمحكمة قبل التوصل إلى أي استنتاج أشير إليه في الفقرة الفرعية ‪(7‬أ)"‪ "2‬أن تطلب إجراء مزيد من المشاورات من أجل ‪1"-‬‬
‫‪.‬النظر في دفوع الدولة‪ ،‬وقد ذلك‪ ،‬حسبما يكون مناسبا‪ ،‬عقد جلسات مغلقة أو عن جانب واحد‬
‫إذا استنتجت المحكمة أن الدولة الموجه إليها الطلب‪ ،‬باستنادها‪ ،‬في ظروف الحالة‪ ،‬إلى أسباب الرفض المبينة في الفقرة ‪ 4‬من ‪2"-‬‬
‫المادة ‪ ،93‬ال تتصرف وفقا اللتزاماتها بموجب النظام األساسي‪ ،‬جاز للمحكمة أن تحيل األمر وفقا للفقرة ‪ 7‬من المادة ‪ ،87‬مبينة‬
‫‪.‬بالتحديد األسباب التي بنت عليها استنتاجها‬
‫يجوز للمحكمة أن تخلص في محاكمة المتهم إلى ما قد يكون مناسبا في هذه الظروف من استنتاج وجود أو عدم وجود واقعة ما‪3"- ،‬‬
‫أو‬
‫‪:‬ب) – في كافة الظروف األخرى‬
‫األمر بالكشف‪ ،‬أو ‪1"-‬‬

‫‪36‬‬
‫القيام بمهمة التحقيق على أكمل وجه‪ .44‬وهكذا فإن مسألة تعاون الدول مع ق‪//‬د يتم اس‪//‬تعمالها‬
‫بصفة تعسفية‪ ،‬ومن ثم تصبح من الناحية العملية مسألة اختيارية بالنسبة لهذه الدول‪، 45‬وه‪//‬و‬
‫ما يعني بأن مسألة التعاون محكوم عليها باالعتماد على حسن نية ال‪//‬دول في التع‪//‬اون‪ ،‬وه‪//‬و‬
‫ما من شأنه أن يصعب من مأمورية المحكمة في مجال التحقيق‪.‬‬

‫وترتيبا على ذلك فإن هذه الحجج من شأنها أن تعرق‪/‬ل الس‪/‬ير الجي‪//‬د والمط‪//‬رد للمحكم‪//‬ة‪،‬‬
‫خاصة أنه ال يمكن لهذه األخيرة أن تأمر الدولة المعنية بكشف الوثائق ذات الصلة بالجريمة‬
‫حسب المادة ‪ 7/72‬من النظام األساسي‪ ،‬وما على المحكمة عندم عدم امتثال الدولة الط‪//‬رف‬
‫لطلب التع‪//‬اون إال اللج‪//‬وء إلى م‪//‬ا ج‪//‬اء في الم‪//‬ادة ‪ 7/87‬من نفس النظ‪//‬ام‪ ،‬وال‪//‬تي تع‪//‬نى‬
‫بالعقوبات التي يمكن أن تتخذ إلجبار الدولة الطرف على التعاون مع المحكم‪//‬ة وال‪//‬تي لم يتم‬
‫النص على طبيعتها‪ ،‬خاصة تلك المتعلقة بجمعية الدول األطراف‪.46‬‬

‫كم‪/‬ا تمت اإلش‪/‬ارة إلى التش‪/‬ريعات الوطني‪/‬ة أك‪/‬ثر من م‪/‬رة في الب‪/‬اب التاس‪/‬ع من النظ‪/‬ام‬
‫األساسي‪ 47،‬حيث إن الطلبات المتعلقة بالقبض أو نقل أي ش‪//‬خص على إقليمه‪//‬ا وجمي‪//‬ع ه‪//‬ذه‬
‫اإلجراءات تتم وفقا لقوانين تلك الدول‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة (‪ )88‬من النظام األساسي‬
‫بقولها‪ " :‬تكفل الدول األطراف إتاحة اإلجراءات الالزمة بم‪//‬وجب قوانينه‪//‬ا الوطني‪//‬ة لتحقي‪//‬ق‬
‫جميع أشكال التعاون المنصوص عليها في هذا الباب"‪.‬‬

‫وق‪/‬د تم التوص‪/‬ل إلى ه‪/‬ذا الح‪/‬ل بع‪/‬د إلح‪/‬اح كب‪/‬ير من ال‪/‬دول المتوافق‪/‬ة في ال‪/‬رأي أثن‪/‬اء‬
‫مفاوضات مؤتمر روما من أجل صياغته بهذا الشكل‪.‬‬

‫بقدر عدم أمرها بالكشف‪ ،‬الخلوص في محاكمة المتهم إلى ما قد يكون مناسبا في هذه الظروف من استنتاج وجود أو عدم وجود ‪2"-‬‬
‫‪.‬واقعة ما‬
‫‪44‬‬
‫‪44- selphe fredlan, la route ne s’arrête pas à Rome, rapport de la fédération des droits de l’homme,‬‬
‫‪n°266 novembre, 1998, p13.‬‬
‫‪45‬‬
‫‪45- Serge sur, le droit international pénale, entre l’État et la société internationale, colloque sur le‬‬
‫‪droit pénal international, octobre 2001, www.Ridi.org. P42.‬‬
‫‪46‬‬
‫‪46- serge sur, vers une cour pénale internationale la convention de Rome entre les ONG et‬‬
‫‪le Conseil de sécurité, revue générale de droit internationale public, vol/103,1999, p30.‬‬
‫‪47‬‬
‫أنظر المواد ‪ 88‬و‪ 89‬و‪ 93‬من نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪- 47 .‬‬
‫‪37‬‬
‫وربطا بما سبق قد يحدث أن تقب‪/‬ل الدول‪/‬ة في البداي‪/‬ة التع‪/‬اون م‪/‬ع المحكم‪/‬ة‪ ،‬ولكن أثن‪/‬اء‬
‫سير التحقيق التعمق فيه تصبح الحاجة للتع‪//‬اون ض‪//‬رورية ج‪//‬دا للمحكم‪//‬ة وحساس‪//‬ة في نفس‬
‫الوقت بالنسبة للدول‪ ،‬ومن ثم يمكن لهذه الدولة أن تعدل عن رأيها‪.‬‬

‫ونظرا لكون تعاون الدول مع المحكمة يرتكز على الج‪//‬انب المي‪//‬داني‪ ،48‬فإن‪//‬ه من الممكن‬
‫أن توجد المحكمة في مواجهة حاالت الرفض هذه‪ ،‬وه‪//‬و م‪//‬ا حص‪//‬ل في محكم‪//‬ة يوغس‪//‬الفيا‬
‫الس‪//‬ابقة‪ ،‬وبالت‪//‬الي يمكن أن تواجهه‪//‬ا المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة بص‪//‬ورة أك‪//‬ثر ت‪//‬واترًا في‬
‫المستقبل‪.49‬‬

‫ورغم غم‪//‬وض نص الم‪//‬ادة ‪ 87/7‬من نظ‪//‬ام روم‪//‬ا ف‪//‬إن الم‪//‬ادة ‪ 112/2‬من‪//‬ه والمتعلق‪//‬ة‬
‫بجمعية الدول األطراف لم تزل أيا من هذا الغموض‪ ،‬وذلك بنصها على ما يلي "‪.....‬‬

‫و‪ -‬النظر عمال بالفقرتين ‪ 5‬و‪ 7‬من المادة ‪ 87‬في أية مسألة تتعلق بعدم التعاون"‬

‫فهذه المادة لم توضح التدابير التي يمكن أن تتخذها جمعية ال‪//‬دول األط‪//‬راف عن‪//‬د إحج‪//‬ام‬
‫الدول عن التعاون معها‪.‬‬

‫وأمام هذا الغموض فقد اختلفت تفاس‪//‬ير الفق‪//‬ه في ه‪//‬ذا الش‪//‬أن‪ ،‬فمنهم من ذهب إلى الق‪//‬ول‬
‫بعدم إمكانية اتخاذ جمعي‪//‬ة ال‪//‬دول األط‪//‬راف ت‪//‬دابير ردعي‪//‬ة في مواجه‪//‬ة ال‪//‬دول الرافض‪//‬ة أو‬
‫المقصرة في واجب التعاون‪ ،‬وإن تم التسليم بغير ذلك فإن قرارات هذه الجمعية غير ملزم‪//‬ة‬
‫بالنسبة للدول‪ .50‬في حين ذهب جانب آخر من الفق‪//‬ه إلى أن جمعي‪//‬ة ال‪//‬دول األط‪//‬راف كهيئ‪//‬ة‬
‫ذات طبيعة خاصة‪ ،‬حيث يمكن لها على األق‪//‬ل اتخ‪//‬اذ ق‪//‬رار باس‪//‬م المحكم‪//‬ة تل‪//‬وم من خالل‪//‬ه‬
‫الدول المقصرة في التعاون وتطلب منه‪//‬ا تحم‪//‬ل مس‪//‬ؤولياتها‪ . 51‬ب‪//‬ل إن هن‪//‬اك من ذهب إلى‬
‫القول بإمكانية اتخاذ تدابير عقابية في حق الدول الممتنع‪/‬ة عن التع‪/‬اون م‪/‬ع المحكم‪/‬ة‪ ،‬وه‪/‬ذا‬
‫بالسماح للدول األطراف باتخاذ تدابير وإجراءات مضادة‪. 52‬‬
‫‪48‬‬
‫‪48-Zhu wenqi, la coopération entre les États non parties et la Cour pénale internationale,‬‬
‫‪revue internationale de la choix rouge, vol/88,2006, p100.‬‬
‫‪49‬‬
‫إلينا بيجيتش‪ ،‬المساءلة عن الجرائم الدولية من التخمين الى الواقع‪ ،‬المجلة الدولية للصليب األحمر‪ ،‬عدد سنة ‪ ،2002‬ص_ ‪49-‬‬
‫‪187.‬‬
‫‪50‬‬
‫‪50-Serge sur, op. Cit, p31.‬‬
‫‪51‬‬
‫‪51-Zhu wenqi, op, cit, p102.‬‬
‫‪52‬‬
‫‪52-Flavia Lattanzi, Compétence de la cour pénale internationale et consentement des États, Revue‬‬
‫‪Générale de Droit International Public, Val/ 103, N 02, 1999, P 427.‬‬

‫‪38‬‬
‫وأخيرا نخلص إلى أنه ال يوجد م‪//‬ا يض‪//‬من من الناحي‪//‬ة النظري‪//‬ة على األق‪//‬ل أن تتوص‪//‬ل‬
‫جمعية الدول األطراف إلى اتخ‪//‬اذ أي ق‪//‬رار مهم‪//‬ا ك‪//‬انت طبيعت‪//‬ه في مواجه‪//‬ة رفض ال‪//‬دول‬
‫التعاون مع المحكمة نظرا لطريقة سير هذه الجمعية‪ ،‬وتبقى بالتالي الممارسة العملية وحدها‬
‫كفيلة بتوضيح هذه التدابير التي يمكن أن تتخذها جمعي‪//‬ة ال‪//‬دول األط‪//‬راف عن‪//‬د ح‪//‬دوث ه‪//‬ذا‬
‫الرفض من قبل دولة طرف في النظام األساسي للمحكمة‪.‬‬

‫وإذا كان نظام روما األساسي يمنح لل‪//‬دول األط‪//‬راف أس‪//‬بابا تس‪//‬مح له‪//‬ا بع‪//‬دم االس‪//‬تجابة‬
‫لطلبات التعاون دون أن يظهر ذلك بش‪//‬كل مباش‪//‬ر‪ ،‬ف‪//‬إن األم‪//‬ر ال يب‪//‬دو ك‪//‬ذلك عن‪//‬دما يتعل‪//‬ق‬
‫األمر باإلحالة من مجلس األمن‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إلزامية التعاون مع المحكمة عند إحالة حالة من مجلس األمن‬
‫اقتصرت المادة ‪ 87/7‬من نظام روما األساسي على ذكر حالة واحدة يمكن اللجوء فيه‪//‬ا‬
‫إلى مجلس األمن‪ ،‬في حال إحجام الدول األطراف عن التع‪/‬اون م‪/‬ع المحكم‪/‬ة‪ ،‬وذل‪/‬ك عن‪/‬دما‬
‫تكون اإلحالة صادرة من مجلس األمن‪ ،‬حيث للمحكمة في هذه الحال‪/‬ة أن تحي‪/‬ل المس‪/‬ألة إلى‬
‫مجلس األمن‪ ،‬ولهذا األخير بعد ذلك أن يصدر ق‪/‬رارا ي‪/‬ذكر في‪/‬ه الدول‪/‬ة الط‪/‬رف بالتزاماته‪/‬ا‬
‫الناشئة عن النظام األساسي‪ ،‬متضمنا تدابير ملزمة أو غ‪//‬ير ملزم‪//‬ة وفق‪//‬ا للفص‪//‬ل الس‪//‬ابع من‬
‫الميثاق أو حتى الفصل السادس منه‪ ،‬فإذا اس‪//‬تجابت ه‪//‬ذه الدول‪//‬ة غ‪//‬ير المتعاون‪//‬ة‪ ،‬ف‪//‬إن م‪//‬واد‬
‫النظام األساسي ذات الصلة بالتعاون الدولي والمساعدة القضائية يتم تطبيقه‪//‬ا كتل‪//‬ك المتعلق‪//‬ة‬
‫بتسليم األشخاص إلى المحكمة‪.‬‬

‫وفي ه‪//‬ذه الحال‪//‬ة ال يمكن للمحكم‪//‬ة أن تطلب من المجلس ف‪//‬رض عقوب‪//‬ات معين‪//‬ة على‬
‫الدولة الممتنع‪//‬ة‪ ،‬وال يق‪//‬دح في ذل‪//‬ك س‪//‬كوت النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي عن ه‪//‬ذه العقوب‪//‬ات‪ ،‬ب‪//‬ل يبقى‬
‫للمجلس وحده السلطة التقديرية الواسعة في اتخاذ التدابير المناسبة إلجب‪//‬ار ه‪//‬ذه الدول‪//‬ة على‬
‫التعاون مع المحكمة‪.‬‬

‫ومهما يكن من أمر فإن المحكمة سوف تتعاون مع الدولة الطرف وفقا لنصوص النظ‪//‬ام‬
‫األساسي‪ ،‬إذ لن تكون هذه المحكمة ملزمة بما اتخذه مجلس األمن من تدابير إلجب‪//‬ار الدول‪//‬ة‬

‫‪39‬‬
‫الط‪//‬رف بالتع‪//‬اون م‪//‬ع المحكم‪//‬ة إذا ك‪//‬انت ه‪//‬ذه الت‪//‬دابير ال تتف‪//‬ق ونظامه‪//‬ا األساس‪//‬ي‪ ،‬ولكن‬
‫لمجلس األمن أيضا أن يجبر الدولة الطرف على التعاون م‪/‬ع المحكم‪/‬ة‪ ،‬س‪/‬واًء ك‪/‬ان ه‪/‬و من‬
‫أحال الموق‪//‬ف إلى المحكم‪//‬ة أم ال‪ ،53‬وهن‪//‬ا الب‪//‬د من التمي‪//‬يز بين م‪//‬ا إذا ك‪//‬انت اإلحال‪//‬ة غ‪//‬ير‬
‫صادرة من مجلس األمن وبالتالي ال يمكن للمحكمة إخطاره بعدم تعاون الدولة الطرف وبين‬
‫ما إذا كانت غير صادرة منه أيضا لكن مع إمكانية هذا المجلس في نفس الوقت إجبار الدولة‬
‫الطرف على التعاون مع المحكمة‪ ،‬خاصة إذا كان عدم تع‪//‬اون الدول‪//‬ة الط‪//‬رف من ش‪//‬أنه أن‬
‫يهدد السلم واألمن الدوليين وذلك من الناحية النظرية‪ ،‬أما من الناحية العملي‪//‬ة فإن‪//‬ه من غ‪//‬ير‬
‫المتوقع أن يقوم مجلس األمن بالتدخل في إجراء لم يقم بتفعيله أصال‪ ،‬بل ب‪//‬العكس من ذل‪//‬ك‪،‬‬
‫فقد يرغب في عرقلته حتى وإن كان يهدد السلم واألمن الدوليين وفق‪//‬ا للم‪//‬ادة ‪ 16‬من النظ‪//‬ام‬
‫األساس‪//‬ي‪ ،‬والحال‪//‬ة ه‪//‬ذه ف‪//‬إن س‪//‬لطة المجلس في التعلي‪//‬ق ق‪//‬د تف‪//‬رض على ه‪//‬ذه ال‪//‬دول ع‪//‬دم‬
‫التصرف بما ال يتماشى مع هذا التعليق أي ال‪//‬تزام ال‪//‬دول األعض‪//‬اء في األمم المتح‪//‬دة بع‪//‬دم‬
‫التعاون مع المحكمة لمدة اثني عشر شهرا قابل‪//‬ة للتجدي‪//‬د‪ ،‬ويك‪//‬ون مص‪//‬در ه‪//‬ذا االل‪/‬تزام ه‪//‬و‬
‫المادة ‪ 4154‬من الميثاق‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى تخليص ه‪//‬ذه ال‪//‬دول من التزاماته‪//‬ا المحتمل‪//‬ة‬
‫وفقا للنظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬

‫وتزداد س‪//‬لبية أث‪//‬ر س‪//‬لطة المجلس في التعلي‪//‬ق على تع‪//‬اون ال‪//‬دول م‪//‬ع المحكم‪//‬ة وتق‪//‬ديم‬
‫المساعدة القضائية لها إذا قام مجلس األمن بتجديد تعليق عمل المحكمة لمرات غير مح‪//‬ددة‪،‬‬
‫وهذا بالنظر إلى اإلطالق الذي وردت عليه المادة (‪ )16‬من النظام األساسي ما دام المجلس‬
‫راغبا في ذلك‪ ،‬أو حتى إذا تجاهل مجلس األمن ذلك القيد الزمني الذي فرض‪//‬ته تل‪//‬ك الم‪//‬ادة‪،‬‬

‫‪53‬‬
‫مدوس فالح الرشيدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صص_‪- 53 .80/81‬‬
‫‪54‬‬
‫‪:‬تنص ‪ 41‬من ميثاق األمم المتحدة على ما يلي ‪54-‬‬
‫لمجلس األمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي ال تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته‪ ،‬وله أن يطلب الى أعضاء‬
‫األمم المتحدة تطبيق هذه التدابير ويجوز أن يكون من بينها وقف الصالت االقتصادية والمواصالت الحديدية والبحرية الجوية والبرية‬
‫‪.‬والبريدية والبرقية الالسلكية وغيرها من وسائل المواصالت وقفا جزئيا أو كليا وقطع العالقات الدبلوماسية‬

‫‪40‬‬
‫وبالتالي فإن القاعدة العامة التي نصت عليها الم‪//‬ادة ‪ 7/8755‬من النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي هي ال‪//‬تي‬
‫ستطبق في هذه الفرضية‪.‬‬

‫وهنا لم تقتصر المادة (‪ )87‬من النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي على كفال‪//‬ة آلي‪//‬ة معين‪//‬ة إلل‪//‬زام ال‪//‬دول‬
‫األطراف بالتعاون مع المحكمة‪ ،‬بل تعدتها إلى الدول غير األطراف أيضا‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دور مجلس األمن في فرض واجب التعاون على الدول غير األطراف مع‬
‫المحكمة‬
‫األصل العام أن الدول الغير األط‪/‬راف في أي‪/‬ة معاه‪/‬دة دولي‪/‬ة ال تل‪/‬تزم بأحكامه‪/‬ا تطبيق‪/‬ا‬
‫لمبدأ نسبية المعاهدات‪ ،‬ال‪//‬ذي أكدت‪//‬ه الم‪//‬ادة ‪ 5634‬من اتفاقي‪//‬ة فيين‪//‬ا لق‪//‬انون المعاه‪//‬دات لس‪//‬نة‬
‫‪ ،1969‬ثم كذلك محكمة العدل الدولية في ع‪//‬دد من األحك‪//‬ام ال‪//‬تي أص‪//‬درتها بش‪//‬أن القض‪//‬ايا‬
‫التي عرضت عليها‪.57‬‬

‫وال يخفى صعوبة تطبيق هذا المبدأ بخصوص القرارات التي تتخ‪//‬ذها المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة‬
‫الدولية ‪،‬شأنها في ذل‪//‬ك ش‪//‬أن المح‪//‬اكم الجنائي‪//‬ة المؤقت‪//‬ة األخ‪//‬رى عن‪//‬د مخاطب‪//‬ة ال‪//‬دول غ‪//‬ير‬
‫األطراف في نظام روما األساسي باعتب‪//‬ارهم غ‪//‬ير مل‪//‬تزمين بتنفي‪//‬ذ ه‪//‬ذه الق‪//‬رارات‪ ،58‬حيث‬
‫يمكن للدول غير األطراف بنظام روما األساسي أن تتمسك بالمادة ‪ 86‬من النظ‪//‬ام‪ ،59‬وتعلن‬
‫عدم التزامها بالتعاون مع المحكمة في تنفيذ القرارات التي تهدف إلى قيامها بتحقيق وظائفها‬

‫‪55‬‬

‫‪: ......‬تنص المادة ‪ 87/7‬على ما يلي ‪55-‬‬


‫في حالة عدم امتثال دولة طرف لطلب تعاون مقدم من المحكمة بما يتنافى وأحكام هذا النظام األساسي ويحول دون ممارسة ‪7)-‬‬
‫المحكمة وظائفها وسلطاتها بموجب هذا النظام األساسي يجوز للمحكمة أن تتخذ قرارا بهذا المعنى وأن تحيل المسألة إلى جمعية‬
‫‪.‬الدول األطراف أو إلى مجلس األمن إذا كان مجلس األمن قد أحال الحالة على المحكمة‬
‫‪56‬‬
‫تنص المادة ‪ 34‬من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة ‪ 1969‬على ما يلي‪ :‬ال تنشئ المعاهدة التزامات أو حقوقا للدولة الغير ‪56-‬‬
‫‪.‬بدون رضاها‬
‫‪57‬‬
‫‪57- Aerial Incident of July 27, 1955, ICJ Report, 1959, pp. 127, 138, North Sea Continental‬‬
‫‪Shelf Cases, ICJ Report 1969, pp. 3, 25-27, 41, 46; Frontier Dispute between Burkina Faso‬‬
‫‪v. Mali, ICJ Report, 1986, pp. 554-577-578.‬‬

‫واجهت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسالفيا السابقة صعوبة في التعاون مع بعض الدول مثل حكومة يوغوسالفيا االتحادية ‪58-‬‬
‫‪58‬‬

‫السابقة‪ .‬وقد ارغمت هذه الدول على التعاون مع المحكمة وقامت بتسليم الرئيس األسبق سلوبودان ميلوسوفيتتش الى المحكمة الجنائية‬
‫الدولية‪ ....‬للتوسع أنظر أيمن عبد العزيز سالمة‪ ،‬السودان وأزمة المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬األبعاد و المخاطر‪ ،‬مجلة السياسة الدولية‪،‬‬
‫‪.‬عدد ‪ ،174‬أكتوبر ‪ 2008‬ص_‪200‬‬
‫‪59‬‬
‫‪:‬تنص المادة ‪ 86‬من نظام روما األساسي على ما يلي ‪59-‬‬
‫تتعاون الدول األطراف‪ ،‬وفقا ألحكام هذا النظام األساسي‪ ،‬تعاونا تاما مع المحكمة فيما تجريه‪ ،‬في إطار اختصاص المحكمة‪ ،‬من‬
‫‪.‬تحقيقات في الجرائم والمقاضاة عليها‬

‫‪41‬‬
‫وأهدافها ‪،‬ومع ذلك نجد المادة ‪ 12/3‬من نظام روما األساسي تنص على أنه "إذا كان قب‪//‬ول‬
‫دولة غير طرف في هذا النظام األساسي الزما جاز لتلك الدول‪/‬ة بم‪/‬وجب إعالن ي‪/‬ودع ل‪/‬دى‬
‫مس‪//‬جل المحكم‪//‬ة‪ ،‬أن تقب‪//‬ل ممارس‪//‬ة المحكم‪//‬ة اختصاص‪//‬ها فيم‪//‬ا يتعل‪//‬ق بالجريم‪//‬ة قي‪//‬د‬
‫البحث ‪،‬وتتعاون الدولة القابلة مع المحكمة دون أي تأخير أو استثناء‪.‬‬

‫وعلى أي حال فإن دراسة هذه اآللية تقتضي منا التعرض إلى الجدل الفقهي الكبير ح‪//‬ول‬
‫قيمة هذه اآللية (الفقرة األولى)‪ ،‬وكذلك دراسة هذه اآللية كم‪//‬ا وردت في نص الم‪//‬ادة ‪87/5‬‬
‫من النظام األساسي (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الخالف الفقهي حول إلزام الدول غير األطراف بالتعاون مع المحكمة‬
‫اشتد الخالف بين فقهاء القانون الدولي حول مدى إلزام ال‪//‬دول غ‪//‬ير األط‪//‬راف بالتع‪//‬اون‬
‫مع المحكم‪/‬ة وتق‪/‬ديم المس‪/‬اعدة القض‪/‬ائية له‪/‬ا بين مؤي‪/‬د إلمكاني‪/‬ة امت‪/‬داد ذل‪/‬ك االل‪/‬تزام ح‪/‬تى‬
‫بالنسبة للدول غير األطراف بنظام روما األساسي خاصة عن‪/‬دما تك‪/‬ون اإلحال‪/‬ة ص‪/‬ادرة من‬
‫مجلس األمن (أوال)‪ ،‬وبين معارض ل‪//‬ذلك باس‪//‬تثناء م‪//‬ا نص‪//‬ت علي‪//‬ه م‪//‬واد النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي‬
‫للمحكمة (ثانيا)‬

‫أوال‪ :‬الرأي المؤيد المتداد واجب التعاون إلى الدول غير األطراف‬

‫يتزعم هذا االتجاه مجموعة من الفقهاء على رأس‪/‬هم األس‪/‬تاذ ‪ ، Giuseppe Nesi‬ال‪//‬ذي‬
‫يرى بأن هناك عاملين ي‪//‬دالن على أن‪//‬ه تحت ش‪//‬روط معين‪//‬ة ف‪//‬إن ال‪//‬دول غ‪//‬ير األط‪//‬راف في‬
‫النظام األساسي ولو لم تبرم أي اتفاق تعاون هي أيضا ملزمة بالتعاون م‪//‬ع المحكم‪//‬ة‪ ،‬وذل‪//‬ك‬
‫استثناء من القاعدة العامة المتعلقة باألثر النسبي للمعاه‪//‬دة كم‪//‬ا نص‪//‬ت عليه‪//‬ا الم‪//‬ادة ‪ 34‬من‬
‫اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة ‪ .1969‬ويستند ‪ Giuseppe Nesi‬في رأيه على شكل‬
‫اإلحالة إلى المحكمة من ناحية‪ ،‬وعلى طبيعة الجرائم الواقعة في إط‪/‬ار اختص‪/‬اص المحكم‪/‬ة‬
‫من ناحية أخرى‪.‬‬

‫ففيما يتعلق بالنقطة األولى عند إحالة مجلس األمن موقف‪//‬ا م‪//‬ا إلى المحكم‪//‬ة وفق‪//‬ا للفص‪//‬ل‬
‫السابع من ميثاق األمم المتحدة فهذا واض‪//‬ح تم‪//‬ام الوض‪//‬وح ب‪//‬أن جمي‪//‬ع ال‪//‬دول األعض‪//‬اء في‬
‫األمم المتحدة ملزمة بالتعاون وفي مثل هذه الحالة فإن قرار اإلحالة من المجلس هو مص‪//‬در‬
‫‪42‬‬
‫االلتزام لجميع الدول في األمم المتح‪/‬دة م‪/‬ع م‪/‬ا يل‪/‬زم من التغي‪/‬ير والتب‪/‬ديل‪ ،‬وه‪/‬و م‪/‬ا حص‪/‬ل‬
‫عندما تبنى المجلس قرارًا بإنشاء المحكمة الخاصة بيوغسالفيا السابقة ورواندا‪ .‬وهنا كقاعدة‬
‫عامة ال يمكن إجبار الدول غير األط‪/‬راف على التع‪/‬اون م‪/‬ع المحكم‪/‬ة على أس‪/‬اس نظامه‪/‬ا‬
‫األساسي‪ ،‬بل إن التزامها بالتع‪//‬اون ينش‪//‬أ من ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة‪ ،‬وبالت‪//‬الي ينبغي توق‪//‬ع أن‬
‫المجلس سوف يمنح اختصاص المحكمة سمّو ًا في مواجه‪/‬ة األنظم‪/‬ة القض‪/‬ائية الوطني‪/‬ة ذات‬
‫الصلة عندما يقوم باإلحالة كعمل تنفيذي للفصل السابع فسلطة المجلس في ممارس‪//‬ة الت‪//‬دخل‬
‫القضائي مستمدة من الميثاق وال تتأثر بالنظام األساسي للمحكم‪//‬ة‪ ،‬وأن ت‪//‬دعيم س‪//‬لطة مجلس‬
‫األمن للمحكم‪//‬ة من خالل إح‪//‬االت الفص‪//‬ل الس‪//‬ابع ينبغي أن تش‪//‬تمل على إع‪//‬ادة تنفي‪//‬ذ نظ‪//‬ام‬
‫التعاون الدولي‪ ،‬فالميثاق ذاته وعلى وجه الخصوص المادة ‪ 60103‬منه يس‪//‬هل قي‪//‬ام العالق‪//‬ة‬
‫المنتجة بين مجلس األمن والمحكمة الجنائية الدولية‪.61‬‬

‫كما يذهب البعض إلى أن مجلس األمن باستطاعته أن يل‪//‬زم أي دول‪//‬ة عض‪//‬و في منظم‪//‬ة‬
‫األمم المتحدة بالتعاون مع المحكمة‪ ،‬خاصة أن لهذه األخيرة أن تدعو أي دول‪//‬ة غ‪//‬ير ط‪//‬رف‬
‫لتقديم مساعدتها وفقا للمادة ‪ 85/7‬من نظام روما األساسي‪ ،‬وذلك بشكل ض‪//‬مني‪ ،‬حيث ورد‬
‫بهذه المادة عبارة " أو على أي أس‪/‬اس مناس‪/‬ب آخ‪/‬ر"‪ ،‬وه‪/‬ذه األخ‪/‬يرة ال يمكن أن تك‪/‬ون إال‬
‫قرارا صادرا عن مجلس األمن وفقا للفصل السابع من الميثاق يلزم هذه الدول بالتع‪//‬اون م‪//‬ع‬
‫المحكمة‪.62‬‬

‫وهكذا فإن أول توسيع لاللتزام بالتعاون ليش‪//‬مل دوال غ‪//‬ير أط‪//‬راف في النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي‬
‫أمكن تشكيله‪.‬‬

‫أما فيما يتعل‪//‬ق بطبيع‪//‬ة الج‪//‬رائم الواقع‪//‬ة في إط‪//‬ار اختص‪//‬اص المحكم‪//‬ة ‪،‬ف‪//‬يرى األس‪//‬تاذ‬
‫‪ Giuseppe Nesi‬أنه باإلشارة إلى جرائم الحرب مثال ‪،‬فهي الجرائم التي تعه‪//‬دت ال‪//‬دول‬

‫‪60‬‬
‫‪:‬تنص المادة ‪ 103‬من ميثاق األمم المتحدة على ما يلي ‪60-‬‬
‫إذا تعارضت االلتزامات التي يرتبط بها أعضاء األمم المتحدة وفقا ألحكام هذا الميثاق مع أي التزام دولي آخر يرتبطون به فالعبرة‬
‫‪.‬بالتزاماتهم المترتبة على هذا الميثاق‬
‫‪61‬‬
‫محمود سليمان المخزومي اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة مجرمي الحرب‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬معهد البحوث ‪61-‬‬
‫‪.‬والدراسات العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2005 ،‬ص_‪475‬‬
‫‪62‬‬
‫‪62-Ioannis Prezas, La justice pénale internationale à l'épreuve de maintien de la paix : à propos de la‬‬
‫‪relation entre la cour pénale internationale et le conseil de sécurité, Revue Belge de Droit‬‬
‫‪International, Vol /39, 2006- 1, P80.‬‬

‫‪43‬‬
‫األطراف في معاهدة ج‪//‬نيف لس‪//‬نة ‪ 1949‬ب‪//‬االلتزام ب‪//‬أن تح‪//‬ترم وأن تكف‪//‬ل اح‪//‬ترام الق‪//‬انون‬
‫الدولي اإلنساني ‪،‬وبذلك فإن جميع الدول األعضاء في معاهدة جنيف‪ ،‬وليس من الض‪/‬روري‬
‫أن يكون‪//‬وا أعض‪//‬اء في نظ‪//‬ام روم‪//‬ا ج‪//‬اهزون للتع‪//‬اون وفق‪//‬ا للم‪//‬ادة ‪ 88/1‬من ال‪//‬بروتوكول‬
‫اإلضافي‪ 63‬األول لسنة ‪ 1977‬لمكافحة هذه الجرائم ‪،‬وبالتالي فإن التعاون في قم‪//‬ع الج‪//‬رائم‬
‫يعتبر أحد الوسائل الحترام الق‪//‬انون ال‪//‬دولي اإلنس‪//‬اني من قب‪//‬ل ال‪//‬دول األعض‪//‬اء في معاه‪//‬دة‬
‫جنيف لسنة ‪.1949‬‬

‫وفي هذا السياق فإن سلوك ال‪//‬دول ال‪//‬تي ال تس‪//‬تجيب لالل‪//‬تزام بالتع‪//‬اون م‪//‬ع المحكم‪//‬ة ق‪//‬د‬
‫يعرضها لعقوبات دولية من قبل الدول األخ‪//‬رى ومن مجلس األمن‪ ،‬ذل‪//‬ك أن اح‪//‬ترام وكفال‪//‬ة‬
‫احترام القانون الدولي اإلنساني هو أيضا من مهام األمم المتحدة‪ ،‬وبالتالي فإن ه‪//‬ذه األخ‪//‬يرة‬
‫يمكن أن تتدخل في حاالت عدم االستجابة لاللتزام بالتعاون في مكافحة الجرائم المنص‪//‬وص‬
‫عليها في المادة ‪ 5‬من نظام روما األساسي‪.‬‬

‫وفي هذا االتجاه يقول الدكتور عامر الزمالي ‪ :‬إننا أمام منظومتين ق‪/‬انونيتين‪ ،‬فنحن أم‪/‬ام‬
‫القانون الدولي اإلنساني من جهة الذي يندرج في إطاره االلتزام ب‪/‬احترام ه‪/‬ذا الق‪/‬انون ‪،‬ومن‬
‫جهة أخرى أمام القانون الدولي الجنائي ‪،‬حيث إننا أمام ثنائية يدعم أحدهما اآلخ‪//‬ر‪ ،‬فالق‪//‬انون‬
‫الدولي اإلنساني بفضل القانون الدولي الجنائي ستكون له آلية إضافية لدعم‪//‬ه وتنفي‪//‬ذه ‪،‬علم‪//‬ا‬
‫بأن اتفاقيات جنيف في أغلبها من قبيل القواعد اآلمرة‪ ،‬عالوة على أنه ال يوج‪//‬د اختالف بين‬
‫أهذاف المنظوم‪//‬تين‪ ،‬ف‪//‬االلتزام بالتع‪//‬اون مف‪//‬روض س‪//‬لفا على جمي‪//‬ع األط‪//‬راف في اتفاقي‪//‬ات‬
‫جنيف وهي كل دول العالم اليوم تقريبا ‪ 189‬دولة‪.64‬‬

‫كما ذهب الدكتور " حازم محمد عتلم " إلى أن بعض االلتزامات الواردة في نظام روما‬
‫تلزم سائر الدول بجنيف؛ ألن هناك قانون دولي عرفي وهناك قواعد آمرة‪ ،‬وهي تلزم س‪//‬ائر‬
‫الدول‪ ،‬بل إنه ذهب إلى حد القول بأن اتفاقية فيينا لقانون المعاه‪/‬دات لع‪/‬ام ‪ 1969‬تؤي‪/‬د ه‪/‬ذا‬
‫المنحى‪ ،‬حيث إن هناك قواعد تلزم الدولة بغض النظر عم‪//‬ا إذا ك‪//‬انت طرف‪//‬ا من خالل أنه‪//‬ا‬
‫‪63‬‬
‫‪:‬تنص المادة ‪ 88/1‬من البروتوكول اإلضافي األول لسنة ‪ 1977‬الملحق باتفاقيات جنيف األربع لسنة ‪ 1949‬على ما يلي ‪63-‬‬
‫تقدم األطراف السامية المتعاقدة كل منها لألخرى أكبر قسط من المعاونة فيما يتعلق باإلجراءات الجنائية التي تتخذ بشأن هذه‬
‫‪.‬االنتهاكات الجسيمة ألحكام االتفاقيات أو هذا البروتوكول‬
‫‪64‬‬
‫عامر‪ ،‬مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬وحدة الطباعة واإلنتاج الفني بالمعهد العربي لحقوق اإلنسان‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬تونس ‪64-‬‬
‫‪ ،1997.‬ص_‪117‬‬

‫‪44‬‬
‫قواعد تستند إلى األعراف الدولية ذاتها‪ ،65‬وفي اإلطار ه‪//‬ذا أخ‪//‬ذ ال‪//‬دكتور " عب‪//‬ود س‪//‬راج "‬
‫نفس االتجاه إال أنه ك‪//‬ان مرن‪//‬ا في موقف‪//‬ه‪ ،‬حيث ذهب إلى أن اتفاقي‪//‬ة روم‪//‬ا لس‪//‬نة ‪ 1998‬ال‬
‫تعني إلغاء بقية االتفاقي‪//‬ات الدولي‪//‬ة فه‪//‬ذه األخ‪/‬يرة موج‪/‬ودة ويعم‪//‬ل به‪//‬ا‪ ،‬وبالت‪//‬الي يمكن ألي‬
‫عضو باألمم المتحدة أن يتعاون مع المحكمة حتى ولو لم يكن طرف‪//‬ا بنظامه‪//‬ا األساس‪//‬ي‪ ،‬إال‬
‫أنه استدرك بالقول‪ :‬إن موضوع االلتزام بالنسبة للموقعين أشد على الذين صادقوا وأصبحوا‬
‫طرفا في االتفاقية‪ ،‬وهؤالء يكون التزامهم أكبر‪ ،‬أما التعام‪//‬ل فم‪//‬ا ي‪//‬زال موج‪//‬ودا وقائم‪//‬ا بين‬
‫جميع دول العالم‪.66‬‬

‫خالصة يمكن القول إن أنصار هذه االتجاه يرون أن التزام التع‪//‬اون بالنس‪/‬بة لل‪//‬دول غ‪//‬ير‬
‫األطراف في نظام روما األساسي للمحكم‪//‬ة ق‪//‬ائم وموج‪//‬ود ول‪//‬و لم يوقع‪//‬وا أي اتف‪//‬اق تع‪//‬اون‬
‫معها‪ ،‬إذ يمكن االستدالل على ذلك بمجموعة من اآلليات لحف‪//‬ظ الس‪//‬لم واألمن ال‪//‬دولي‪ ،‬مث‪//‬ل‬
‫االتفاقي‪//‬ات الدولي‪//‬ة ال‪//‬تي تك‪//‬ون ال‪//‬دول غ‪//‬ير بنظ‪//‬ام روم‪//‬ا ق‪//‬د انض‪//‬مت إليه‪//‬ا وتك‪//‬ون تج‪//‬رم‬
‫االنتهاكات الخطيرة للقانون الدولي اإلنساني‪ ،‬وبالتالي يكون مصدر االل‪//‬تزام والتع‪//‬اون ه‪//‬ذه‬
‫االتفاقيات مثلما هو عليه األمر بالنسبة التفاقيات جنيف لسنة ‪.1949‬‬

‫وبهذه الطريقة يمكن سد الثغرة في مبادئ النظام األساسي الخاصة بااللتزام بالتعاون‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرأي المناهض االمتداد واجب التعاون إلى الدول غير األطراف‬
‫یرى هذا الجانب من الفقه بأن المحكمة ال تمتلك آلية تنفيذية إلجبار الدول على التعاون‬
‫معها خاصة إذا كانت هذه الدولة غير طرف في نظامها األساسي‪ ،‬فعالقة المجلس بالمحكمة‬
‫تنتهي بمجرد اإلحالة إليها‪ ،‬بمعنى أن دور مجلس األمن يقتصر على لفت انتباه المحكمة إلى‬
‫وضع معين وتبقى إجراءات المتابعة والمالحق‪/‬ة للمش‪/‬تبه بهم أو التوق‪/‬ف عن ذل‪/‬ك في إط‪/‬ار‬
‫السلطة التقديرية للمدعي العام للمحكمة‪.67‬‬

‫‪65‬‬
‫محمد حازم عتلم‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية تحدي الحصانة‪ ،‬اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬دمشق ‪65- ،2002،‬‬
‫‪.‬ص_‪172‬‬
‫‪66‬‬
‫نقاش الجلسة الثالثة‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية‪ :‬تحدي الحصانة‪ ،‬ندوة تحت رعاية الدكتور حسان ريشة واللجنة الدولية للصليب ‪66-‬‬
‫‪.‬األحمر‪ ،‬مطبعة الداودي ‪ 03‬و‪ 04‬نونبر ‪ ،2001‬صص_‪151/152‬‬
‫‪67‬‬
‫عمر محمود سليمان المخزومي‪ ،‬القانون الدولي اإلنساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ‪67-‬‬
‫‪ ،2008،‬ص_‪474‬‬

‫‪45‬‬
‫وفي هذا الصدد يقول الدكتور " أحمد أب‪//‬و الوف‪//‬ا " بأن‪//‬ه من غ‪//‬ير المنطقي الق‪//‬ول بامت‪//‬داد‬
‫واجب التعاون بالنسبة للدول غير األطراف في النظام األساسي للمحكمة؛ ذلك أننا في إط‪//‬ار‬
‫معاهدات متتالية منصبة على ذلك الموضوع‪ ،‬وهو م‪/‬ا تؤك‪/‬ده الم‪/‬ادة (‪ )34‬من اتفاقي‪/‬ة فيين‪/‬ا‬
‫لقانون المعاهدات لعام ‪ 1969‬والمتعلقة باألثر النسبي للمعاهدات‪ ،‬فإذا اختلف األط‪/‬راف في‬
‫معاهدتين منصبتين على ذات الموضوع فإن المعاهدة التي يكونان طرفا فيها فق‪//‬ط هي ال‪//‬تي‬
‫تحكم عالقتهما المتبادلة‪ ،‬ففي ه‪//‬ذه الحال‪//‬ة ال يمكن أن يس‪//‬ري االل‪//‬تزام بالتع‪//‬اون على ال‪//‬دول‬
‫غير األطراف‪ ،‬وإال فما الفرق بين دولة طرف في بروتوكول ‪ 1977‬ونظام روم‪//‬ا‪ ،‬ودول‪//‬ة‬
‫طرف في واحدة منها فقط‪ ،‬فواجب التعاون هنا ال يكون ملزما بالنسبة للدول في إطار نظ‪//‬ام‬
‫روما وإنما من الممكن أن يكون في إطار المحاكمات التي تتم خارج نظام روما‪ ،‬وهنا يمكن‬
‫أن يسري االلتزام الذي نص عليه البروتوكول وفق المادة ‪ 34‬من اتفاقية فيينا لع‪//‬ام ‪19668‬‬
‫‪.9‬‬

‫ويضيف الدكتور " أحمد أبو الوفا " إلى أنه ال يختلف مع أحد في أن هناك قواعد آم‪//‬رة‪،‬‬
‫إنما اتفاقية فيينا لم تبين إال الص‪//‬فة اآلم‪//‬رة لالل‪//‬تزام‪ ،‬لكنه‪//‬ا لم ت‪//‬بين الوس‪//‬ائل وإنم‪//‬ا وض‪//‬عت‬
‫االلتزام األساسي الذي يسري على الدول‪ ،‬كما لم تبين بأن الدولة تلتزم بأن تسلم مجرما وفقا‬
‫لمعاهدة ليست طرفا فيها‪ ،‬فالمبدأ الذي ال يجب أن تخرج عنه اتفاقية فيينا أن الدولة ال تل‪//‬تزم‬
‫بغير رضاها‪ ،‬وبذلك تسري االتفاقية بين الملتزمين بها فقط‪ ،69‬وبالتالي ال التزام على ع‪//‬اتق‬
‫الدول غير األطراف إال إذا وافقت على ذلك‪.70‬‬

‫كم‪///‬ا ذهب ال‪///‬دكتور " كم‪///‬ال حم‪///‬اد " إلى أن‪///‬ه ال يمكن التوس‪//‬ع في فهم الم‪///‬ادة األولى‬
‫المشتركة في اتفاقيات جنيف؛ ألن هناك صالحيات في المحكمة ومفاهيم في بعض األعم‪//‬ال‬
‫الجرمية مختلفة تماما عن اتفاقيات جنيف أو موسعة أكثر‪ ،‬هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى‬
‫فإن الموافقة على مثل هذا الطرح يعتبر أمرا خطيرا ألنه إذا بدأنا من اآلن نقول بأنه سيكون‬

‫‪68‬‬
‫أحمد أبو الوفا‪ ،‬المالمح األساسية للمحكمة الجنائية‪ ،‬من كتاب المحكمة الجنائية الدولية المواءمات الدستورية والتشريعية‪68- ،‬‬
‫‪.‬الطبعة الثالثة‪ ،‬اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ ،‬القاهرة ‪ ،2005،‬ص_‪25‬‬
‫‪69‬‬
‫نقاش الجلسة الثالثة‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية‪ :‬تحدي الحصانة‪ ،‬ندوة تحت رعاية الدكتور حسان ريشة واللجنة الدولية للصليب ‪69-‬‬
‫‪.‬األحمر‪ ،‬مطبعة الداودي ‪ 03‬و‪ 04‬نونبر ‪ ،2001‬ص_‪145‬‬
‫‪70‬‬
‫أحمد أبو الوفا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص_‪- 70 .48‬‬

‫‪46‬‬
‫هكذا‪ ،‬فإن عدد الدول بنظام روما سيتقلص وستتوقف مجموعة من الدول عن اإلنض‪//‬مام إلى‬
‫نظامها‪.‬‬

‫وفي ذات االتج‪//‬اه تق‪//‬ول ال‪//‬دكتورة " أم‪//‬ل ي‪//‬ازجي " بأن‪//‬ه من المفه‪//‬وم أن ال‪//‬دول غ‪//‬ير‬
‫المصادقة على نظام روما لكنها ط‪/‬رف في اتفاقي‪/‬ات ج‪/‬نيف على األق‪/‬ل فيم‪/‬ا يتعل‪/‬ق بج‪/‬رائم‬
‫الحرب أمر واض‪//‬ح‪ ،‬لكن البعض يق‪//‬ول أن م‪//‬ا وقعت أو ص‪//‬ادقت علي‪//‬ه ال‪//‬دول في اتفاقي‪//‬ات‬
‫جنيف ليس له مؤيد ج‪/‬زائي‪ ،‬أي ليس ل‪/‬ه قيم‪/‬ة قانوني‪/‬ة‪ ،‬ل‪/‬ذلك فق‪/‬د اق‪/‬ترحت تع‪/‬ديل الق‪/‬وانين‬
‫الداخلية وفقا لما ورد في اتفاقيات جنيف لحل هذه المعضلة‪. 71‬‬

‫ويظهر لنا أنه مع التسليم بإلزامية قرارات مجلس األمن بف‪//‬رض التع‪//‬اون ح‪//‬تى بالنس‪//‬بة‬
‫للدول غير األطراف‪ ،‬ومع التسليم أيضا بضرورة احترام قواع‪/‬د الق‪/‬انون ال‪/‬دولي اإلنس‪/‬اني‪،‬‬
‫إال أنه ال بد من توخي الحذر عند تفسير هذه المعاهدات وعدم التوس‪//‬ع في ذل‪//‬ك‪ ،‬خاص‪//‬ة م‪//‬ا‬
‫يتعلق باتفاقية جنيف لسنة ‪ 1949‬البروتوكول اإلضافي الملحق بها ‪ ،‬فهي معاه‪//‬دات ملزم‪//‬ة‬
‫ألطرافها وفقا لنص المادة ‪ 34‬من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة ‪ ،1969‬وبالت‪//‬الي من‬
‫غير المنطقي التسليم بإلزامية التعاون مع المحكم‪//‬ة وتق‪//‬ديم المس‪//‬اعدة القض‪//‬ائية له‪//‬ا من قب‪//‬ل‬
‫ال‪//‬دول غ‪//‬ير األط‪//‬راف على األق‪//‬ل على ه‪//‬ذا األس‪//‬اس‪ ،‬إال إذا ك‪//‬ان واجب التع‪//‬اون مص‪//‬دره‬
‫قرارات مجلس األمن الملزمة‪ ،‬وخاصة الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة‪.‬‬

‫ورغم هذا الجدل الفقهي الكبير حول امتداد واجب التعاون إلى الدول غير األطراف في‬
‫النظام األساسي للمحكمة‪ ،‬إال أن هذا األخير حدد آليات معينة إللزام تلك ال‪/‬دول للتع‪/‬اون م‪/‬ع‬
‫المحكمة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آلية إلزام الدول غير األطراف بالتعاون مع المحكمة‬


‫تختلف آليات إلزام الدول غير األطراف بالتعاون مع المحكمة‪ ،‬بحسب ما إذا ك‪//‬انت ه‪//‬ذه‬
‫الدول قد عقدت ترتيبا خاصا أو اتفاقا مع المحكمة أم لم تعقد ذلك الترتيب أو االتفاق معها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬بالنسبة للدول التي عقدت ترتيبا خاصا أو اتفاقا مع المحكمة‬

‫‪71‬‬
‫نقاش الجلسة الثالثة‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية‪ :‬تحدي الحصانة‪ ،‬ندوة تحت رعاية الدكتور حسان ريشة واللجنة الدولية للصليب ‪71-‬‬
‫‪.‬األحمر‪ ،‬مطبعة الداودي ‪ 03‬و‪ 04‬نونبر ‪ ،2001‬صص_‪148/149‬‬

‫‪47‬‬
‫إن وضع الدول غير األطراف فى النظام األساسي والتي عق‪//‬دت ترتيب‪//‬ا خاص‪//‬ا أو اتفاق‪//‬ا‬
‫م‪//‬ع المحكم‪//‬ة وفق‪//‬ا للم‪//‬ادة ‪ 87/5‬من النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي ال يختل‪//‬ف كث‪//‬يرا عن وض‪//‬ع ال‪//‬دول‬
‫األط‪//‬راف في ذل‪//‬ك النظ‪//‬ام من حيث آلي‪//‬ة إل‪//‬زام ه‪//‬ذه ال‪//‬دول بالتع‪//‬اون م‪//‬ع المحكم‪//‬ة وتق‪//‬ديم‬
‫المساعدة القضائية لها ‪،‬إال أن ذلك ال يعني بأي حال من األحوال أن هذه ال‪//‬دول ال‪//‬تي وقعت‬
‫ترتيبا خاصا أو اتفاقا مع المحكمة قد أص‪//‬بحت أو أنه‪//‬ا ستص‪//‬بح طرف‪//‬ا في النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي‬
‫للمحكم‪//‬ة ‪،‬كم‪//‬ا ال تعت‪//‬بر ه‪//‬ذه ال‪//‬دول كأنه‪//‬ا قبلت ق‪//‬د قبلت اختص‪//‬اص المحكم‪//‬ة على أس‪//‬اس‬
‫خاص‪ ،‬بل هي عالقة تتمخض عن إرادة الدول التي وقعت هذا الترتيب الخ‪//‬اص أو االتف‪//‬اق‬
‫بالتعاون مع المحكمة‪.72‬‬

‫بالرجوع إلى نص المادة ‪ 87/5‬من النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي نج‪//‬د أنه‪//‬ا تنص على م‪//‬ا يلي " في‬
‫حالة امتناع دولة غ‪//‬ير ط‪//‬رف في ه‪//‬ذا النظ‪//‬ام األساس‪/‬ي عق‪//‬دت ترتيب‪//‬ا خاص‪//‬ا أو اتفاق‪/‬ا م‪//‬ع‬
‫المحكمة عن التعاون بخصوص الطلبات المقدمة بمقتضى ت‪//‬رتيب أو اتف‪//‬اق من ه‪//‬ذا القبي‪//‬ل‪،‬‬
‫يجوز للمحكمة أن تخطر بذلك جمعية الدول األطراف أو مجلس األمن إذا كان مجلس األمن‬
‫قد أحال المسألة إلى المحكمة "‪.‬‬

‫وانطالقا من هذه المادة فإن‪//‬ه إذا لم تكن اإلحال‪//‬ة ص‪//‬ادرة من مجلس األمن‪ ،‬فللمحكم‪//‬ة أن‬
‫تخط‪//‬ر جمعي‪//‬ة ال‪//‬دول األط‪//‬راف دون مجلس األمن‪ ،‬رغم ذل‪//‬ك فإن‪//‬ه من غ‪//‬ير المس‪//‬تبعد أن‬
‫تستعمل هذه الدول الم‪//‬واد واألحك‪//‬ام المنص‪//‬وص عليه‪//‬ا في النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي‪ ،‬وال‪//‬تي تراه‪//‬ا‬
‫كضمانة لسيادتها الوطنية‪ ،‬وخاصة ما ورد في نص المادة ‪73 93/3‬من نفس النظ‪//‬ام‪ ،‬وه‪//‬و‬
‫ما يشكل سببا آخر للدول غير األط‪/‬راف وال‪/‬تي وقعت ترتيب‪/‬ا خاص‪/‬ا أو اتفاق‪/‬ا م‪/‬ع المحكم‪/‬ة‬
‫بعدم االستجابة لطلبات التعاون مع المحكمة‪ ،‬وذلك على غ‪//‬رار ال‪//‬دول األط‪//‬راف في النظ‪//‬ام‬
‫األساسي‪ ،‬األمر الذي سيصعب من مأمورية المحكمة في القيام بعملية التحقيق‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫‪72-Ioannis Prezas, op, cit, p80.‬‬
‫‪73‬‬
‫تنص المادة ‪ 93/3‬من نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية على ما يلي ‪ :‬حيثما يكون تنفيذ أي تدبير خاص بالمساعدة ‪73-‬‬
‫منصوص عليه في طلب مقدم بموجب الفقرة ‪ ،1‬محظورا في الدولة الموجه إليها الطلب استنادا إلى مبدأ قانوني أساسي قائم ينطبق‬
‫بصورة عامة ‪،‬تتشاور الدولة الموجه إليها الطلب على الفور مع المحكمة للعمل على هذه المسألة وينبغي إيالء االعتبار في هذه‬
‫المشاورات إلى ما إذا كان يمكن تقديم المساعدة بطريقة أخرى أو رهنا بشروط ‪،‬وإذا تعذر حل المسألة بعد المشاورات‪ ،‬كان على‬
‫‪.‬المحكمة أن تعدل الطلب حسب االقتضاء‬

‫‪48‬‬
‫أما إذا كانت اإلحالة من مجلس األمن ف‪//‬إن ال‪//‬دول غ‪//‬ير األط‪//‬راف وال‪//‬تي أب‪//‬رمت ترتيب‪//‬ا‬
‫خاصا أو اتفاقا مع المحكمة سوف تكون ملزمة بالتعاون معه‪//‬ا‪ ،‬وللمحكم‪//‬ة أن تلج‪//‬أ إلى ه‪//‬ذا‬
‫مجلس إلجب‪//‬ار تل‪//‬ك ال‪//‬دول على التع‪//‬اون معه‪//‬ا في حال‪//‬ة ال‪//‬رفض‪ ،‬حيث يمل‪//‬ك وح‪/‬ده اتخ‪/‬اذ‬
‫التدابير المناسبة إلجبار تلك الدول على التعاون مع المحكمة‪.‬‬

‫وهنا تجدر اإلشارة الى أن المجلس يستطيع أن يف‪//‬رض على ه‪//‬ذه ال‪//‬دول واجب التع‪//‬اون‬
‫مع المحكمة وإن لم تخطر المحكمة بذلك وفقا للصالحيات الممنوحة له بموجب ميث‪//‬اق األمم‬
‫المتحدة‪.74‬‬

‫ثانيا‪ :‬بالنسبة للدول التي لم تعقد ترتيبا خاصا أو اتفاقا مع المحكمة‬


‫الواقع أن تعاون الدول غير األطراف في النظام األساسي مع المحكمة له طابع اختي‪//‬اري‬
‫وطوعي وليس إجباري‪ ،‬وهو ما يمكن استخالص‪//‬ه من خالل نص الم‪//‬ادة ‪ 87/5‬من النظ‪//‬ام‬
‫األساسي‪ ،‬حيث استعملت هذه األخيرة عبارة " للمحكمة أن تدعو دولة غير طرف"‪ ،‬والقول‬
‫بخالف ذلك يعتبر مخاال للمادة ‪ 34‬من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة ‪ 1969‬والمتعلقة‬
‫باألثر النسبي للمعاهدة‪.‬‬

‫غير أن التذرع بهذه القاعدة ال يبدو أنه ذو جدوى عندما يتعلق األمر بمجلس األمن الذي‬
‫له س‪/‬لطة إجب‪/‬ار أو إل‪/‬زام أي دول‪/‬ة على تق‪/‬ديم المس‪/‬اعدة القض‪/‬ائية للمحكم‪/‬ة طالم‪/‬ا أن ه‪/‬ذه‬
‫األخيرة لها القدرة على دعوة أي دولة غير ط‪//‬رف له‪//‬ذا الغ‪//‬رض ( على أي أس‪//‬اس مناس‪//‬ب‬
‫آخ‪//‬ر)‪،‬وه‪//‬ذا األخ‪//‬ير ال يمكن أن يك‪//‬ون إال ق‪//‬رارا ص‪//‬ادرا من مجلس األمن يف‪//‬رض واجب‬
‫التع‪//‬اون م‪//‬ع المحكم‪//‬ة‪ ، 75‬وفي ه‪//‬ذه الحال‪//‬ة ف‪//‬إن دور مجلس األمن س‪//‬يكون حاس‪//‬ما في ه‪//‬ذا‬
‫المجال ‪،‬األمر الذي من شأنه أن يمنح المحكمة سلطات أوسع من تلك التي خولها إيها النظام‬
‫األساسي ‪،‬وذلك بإخطار مجلس األمن بعدم تعاون دولة غير طرف في النظام األساسي رغم‬
‫أنها لم تعقد ترتيبا خاصا أو اتفاقا مع المحكمة ‪،‬وذل‪//‬ك إذا ك‪//‬انت اإلحال‪//‬ة ص‪//‬ادرة من مجلس‬
‫األمن ‪،‬حيث إنه بقراره الصادر وفق‪//‬ا للفص‪//‬ل الس‪//‬ابع من الميث‪//‬اق س‪//‬يلزم ك‪//‬ل أعض‪//‬اء األمم‬
‫المتحدة بالتعاون مع المحكمة‪ ،‬ومن المحتمل جدا أن يتض‪//‬من ق‪//‬راره ه‪//‬ذا عب‪//‬ارات واض‪//‬حة‬

‫‪74‬‬
‫مدوس فالح الرشيدي‪ ،‬مرجع سابق _ص‪- 74 .81‬‬
‫‪75‬‬
‫‪75_ Ioannis Prezas, op, cit, p79.‬‬
‫‪49‬‬
‫وصريحة بهذا المعنى مثلما كان عليه الحال في القرارات المنشئة للمحاكم الجنائية الخاص‪//‬ة‬
‫بيوغس‪//‬الفيا الس‪//‬ابقة وروان‪//‬دا ‪،‬وك‪//‬ذلك في الق‪//‬رار رقم ‪ 1593‬المتعل‪//‬ق بإحال‪//‬ة الموق‪//‬ف في‬
‫دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولي‪//‬ة ‪،‬حيث لم يكت‪//‬ف بف‪//‬رض واجب التع‪//‬اون م‪//‬ع المحكم‪//‬ة‬
‫على الحكومة السودانية وأطراف النزاع فقط‪ ،‬بل إن‪//‬ه ف‪//‬رض ذل‪//‬ك التع‪//‬اون على ك‪//‬ل ال‪//‬دول‬
‫والمنظمات اإلقليمية والدولية المعنية‪.76‬‬

‫ومهم‪//‬ا يكن من أم‪//‬ر ف‪//‬إن الس‪//‬لطة التقديري‪//‬ة الواس‪//‬عة لمجلس األمن في اتخ‪//‬اذ الت‪//‬دابير‬
‫المناسبة لفرض واجب التعاون مع المحكمة‪ ،‬خاصة تلك المتعلقة بالتدابير العسكرية ستسمح‬
‫للمحكمة بالقيام بمهامها على أكمل وجه‪.‬‬

‫غير أن النتائج العملية المحققة في هذا المجال ال تدعو الى التفاؤل‪ ،‬وهي مح‪//‬دودة ج‪//‬دا؛‬
‫ذلك أنه من الصعب أن يتوص‪//‬ل األعض‪//‬اء ال‪//‬دائمون في مجلس األمن إلى اتف‪//‬اق على تب‪//‬ني‬
‫قرار يسمح باتخاذ تدابير عسكرية في مواجهة أي إحجام عن التعاون من جانب الدول‪ ،‬وهو‬
‫ما حصل عن امتناع يوغوسالفيا السابقة عن السماح للم‪//‬دعي الع‪//‬ام بال‪//‬دخول إلى كوس‪//‬وفو‪،‬‬
‫حيث أعاد مجلس األمن التأكيد على وجوب تعاون السلطات اليوغوسالفية مع المحكمة دون‬
‫أن يتبع ذلك بعقوبات جزاء هذا االمتناع‪ .‬وأخيرا اكتفى المجلس بإصدار بي‪//‬ان غ‪//‬ير إل‪//‬زامي‬
‫ي‪//‬دعو من خالل‪//‬ه إلى ض‪//‬رورة تع‪//‬اون الس‪//‬ودان م‪//‬ع المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة بت‪//‬اريخ‬
‫‪ ،18/06/2008‬بل وحتى بعد إصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني عمر البشير لم‬
‫يلجأ مجلس األمن إلى إصدار اي قرار يلزم من خالله ال‪//‬دول بالتع‪//‬اون م‪//‬ع المحكم‪//‬ة س‪//‬واء‬
‫كانت أطراف أو غير أطراف في نظام روم‪/‬ا األساس‪/‬ي رغم الزي‪/‬ارات ال‪/‬تي ق‪/‬ام به‪/‬ا عم‪/‬ر‬
‫البشير إلى مجموعة من الدول كإثيوبيا والسعودية‪.‬‬

‫انطالقا مما سبق يمكن القول إنه ال يمكن إجبار الدول غير األطراف كقاعدة عام‪//‬ة على‬
‫التعاون مع المحكمة على أساس نظامها األساسي‪ ،‬بل إن التزامها على التعاون مع المحكم‪//‬ة‬
‫قد ينشأ من خارج ذلك النظام‪ ،‬وهو هنا ميثاق األمم المتحدة‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫أنظر قرارات مجلس األمن رقم ‪ 808‬و‪ ،955‬ثم كذلك الفقرة الثانية من القرار ‪- 76 .1593‬‬

‫‪50‬‬
‫وفي ختام هذا الفصل خلصنا إلى أن سلطتي اإلحالة وفرض واجب التع‪//‬اون على ال‪//‬دول‬
‫م‪//‬ع المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬اللت‪//‬ان منحت‪//‬ا لمجلس األمن بم‪//‬وجب نظ‪//‬ام روم‪//‬ا األساس‪//‬ي‬
‫للمحكمة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬أثرت‪//‬ا بش‪//‬كل إيج‪//‬ابي في تفعي‪//‬ل االختص‪//‬اص القض‪//‬ائي للمحكم‪//‬ة‬
‫الجنائية الدولية‪ ،‬حيث مكنتا هذه األخيرة من متابعة مرتكبي الج‪//‬رائم الدولي‪//‬ة وتهدي‪//‬دا للس‪//‬لم‬
‫واألمن الدولي‪.‬‬

‫إذ بموجب سلطة اإلحالة المخول‪//‬ة لمجلس األمن حس‪//‬ب الفق‪//‬رة " ب" من الم‪//‬ادة ‪ 13‬من‬
‫نظام روما‪ ،‬استطاعت المحكمة الجنائية الدولية أن تنظ‪//‬ر في مجموع‪//‬ة من الج‪//‬رائم الدولي‪//‬ة‬
‫التي كانت تهدد السلم واألمن الدوليين‪ ،‬حيث يتعل‪//‬ق األم‪//‬ر ب‪//‬الجرائم الدولي‪//‬ة المرتكب‪//‬ة ف‪//‬وق‬
‫إقليم دارفور بالسودان‪ ،‬ثم الجرائم الدولية بليبيا‪ ،77‬وعليه ساهمت هذه اإلح‪//‬االت في إعط‪//‬اء‬
‫قيمة إيجابية الختصاص المحكمة الجنائية الدولية ليشمل حتى الدول غير األطراف بنظامه‪//‬ا‬
‫األساسي‪.‬‬

‫وعالوة على ه‪///‬ذا‪ ،‬فس‪///‬لطة مجلس األمن في ف‪///‬رض واجب التع‪///‬اون على ال‪///‬دول م‪///‬ع‬
‫المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬هي األخ‪//‬رى س‪//‬اهمت في تفعي‪//‬ل االختص‪//‬اص القض‪//‬ائي للمحكم‪//‬ة‬
‫الجنائية الدولي‪/‬ة‪ ،‬وه‪/‬و م‪/‬ا ظه‪/‬ر بش‪/‬كل واض‪/‬ح في ق‪/‬رار اإلحال‪/‬ة رقم ‪ 1593‬الص‪/‬ادر عن‬
‫مجلس األمن بشأن الوضع في دارفور‪.78‬‬

‫لجأ مجلس األمن الدولي إلى سلطة اإلحالة المخولة له بموجب الفقرة ب من المادة ‪ 13‬إلى إحالة كل من الوضع في دارفور ‪77-‬‬
‫‪77‬‬

‫بموجب القرار ‪ 1593‬الصادر في ‪ ،31/03/2005‬ثم الوضع في ليبيا بموجب القرار ‪ 1970‬بتاريخ ‪ 26/02/2011‬على‬
‫‪.‬المحكمة الجنائية الدولية‬
‫‪78‬‬
‫تنص الفقرة الثانية من قرار مجلس األمن رقم ‪ 1593‬على ما يلي‪ :‬أن تتعاون حكومة السودان وجميع أطراف الصراع ‪78-‬‬
‫األخرى في دارفور تعاونا كامال مع المحكمة والمدعي العام وأن يقدموا إليها كل ما يلزم من مساعدة‪ ،‬عمال بهذا القرار‪ ،‬وأن يدرك‬
‫أن الدول غير األطراف في نظام روما األساسي ال يقع عليها أي التزام بموجب النظام األساسي‪ ،‬يحث جميع الدول والمنظمات‬
‫‪.‬اإلقليمية والدولية األخرى على أن تتعاون تعاونا كامال‬

‫‪51‬‬
52
‫الفصل الثاني‪ :‬عرقلة مجلس األمن الختصاص المحكمة الجنائية الدولية‬

‫‪53‬‬
‫الحظنا في الفصل األول السلطة الممنوحة لمجلس األمن بإحال‪//‬ة قض‪//‬ية م‪//‬ا إلى الم‪//‬دعي‬
‫العام بم‪//‬وجب الفص‪//‬ل الس‪//‬ابع من ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة ‪،‬وعرفن‪//‬ا أن‪//‬ه ال يمكن لمجلس األمن‬
‫إجبار المحكمة على قبول الدعوى ولكنه يمكنه القيام بإجراءات معين‪//‬ة ض‪//‬د الدول‪//‬ة المعني‪//‬ة‬
‫بم‪//‬ا يخول‪//‬ه الميث‪//‬اق ونظ‪//‬ام روم‪//‬ا من ص‪//‬الحيات (ف‪//‬رض واجب التع‪//‬اون على ال‪//‬دول م‪//‬ع‬
‫المحكمة الجنائية الدولية) وكانت هذه اإلحالة بم‪//‬وجب الم‪//‬ادة ‪/13‬ب من نظ‪//‬ام روم‪//‬ا ‪،‬حيث‬
‫أن هذا التخويل أو السلطة ذات طبيعة إيجابية متمثلة في تحريك الدعوى على نحو ما أشرنا‬
‫‪،‬لكن الم‪//‬ادة ‪ 16‬من نظ‪//‬ام المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة ق‪//‬د خ‪//‬ولت هي األخ‪//‬رى مجلس األمن‬
‫سلطة أخرى أكثر خطورة وعلى العكس من الس‪//‬لطة األولى وهي س‪//‬لطة ذات طبيع‪//‬ة س‪//‬لبية‬
‫متمثل‪/‬ة بالت‪/‬دخل في إج‪/‬راءات التحقي‪/‬ق بمقتض‪/‬اها يك‪/‬ون ل‪/‬ه إمكاني‪/‬ة وق‪/‬ف أو عرقل‪/‬ة عم‪/‬ل‬
‫المحكمة سواء في بداية التحقيق أو خالل مرحل‪//‬ة المحاكم‪//‬ة والمض‪//‬ي فيه‪//‬ا لم‪//‬دة ‪ 12‬ش‪//‬هرا‬
‫قابلة للتجديد ‪،‬وعمال بالمادة ‪ 16‬من النظام األساسي والعتبارات سياس‪//‬ية فعلت ه‪//‬ذه الم‪//‬ادة‬
‫بشكل يعطي انطباع إلى إفراغ عمل المحكمة من هدفها األساسي‪ ،‬وكان التفعيل سلبيا بحيث‬
‫امتد إلى منح حصانات معينة إلى مواطني دولة معين‪//‬ة ب‪//‬ذاتها ذات ش‪//‬أن سياس‪//‬ي وعس‪//‬كري‬
‫واقتصادي كببر وذات عضوية دائمة في مجلس األمن لرعاية مصالحها ومص‪//‬الح حلفائه‪//‬ا‪،‬‬
‫حتى يمكن القول بأن االنتهاكات الفعلية الستقاللية المحكمة بدأت تطفو على الس‪//‬طح وتف‪//‬وح‬
‫روائحها إلى العالم كله دون أن يراه‪//‬ا مجلس األمن و يس‪//‬تيقظ على ص‪//‬ريخ الض‪//‬حايا ألش‪//‬د‬
‫الجرائم خطورة وانتهاكا للقانون الدولي والقانون الدولي اإلنساني ‪،‬وفضال عن ذل‪//‬ك فس‪//‬لطة‬
‫مجلس األمن في تقرير جريمة العدوان هي األخرى سلطة ذات أثر سلبي بحيث أن ممارسة‬
‫المحكمة الجنائية الدولية الختصاصها بشأن جريمة العدوان لم يفع‪//‬ل إال بع‪//‬د م‪//‬ؤتمر كمب‪//‬اال‬
‫لسنة ‪ 2010‬وحتى بعد هذا المؤتمر تم تقييد ممارسة المحكمة الختصاصها بخصوص ه‪//‬ذه‬
‫الجريمة إال عند ص‪/‬دور ق‪/‬رار من مجلس األمن يح‪/‬دد في‪/‬ه أن عمال من أعم‪/‬ال الع‪/‬دوان ق‪/‬د‬
‫حصل وذلك حسب المادة ‪ 39‬من ميثاق األمم المتح‪/‬دة ‪،‬وبالت‪/‬الي فاس‪/‬تئثار مجلس وح‪/‬ده في‬
‫تقري‪//‬ر جريم‪//‬ة الع‪//‬دوان ق‪//‬د يعرق‪//‬ل عم‪//‬ل المحكم‪//‬ة في مباش‪//‬رة ص‪//‬الحياتها وفي محاكم‪//‬ة‬
‫المعتدي المرتكب لجريمة العدوان وفي تقرير مسؤوليته الجنائية الدولي‪//‬ة‪ ،‬خاص‪//‬ة أن ال‪//‬دول‬

‫‪54‬‬
‫الدائمة العضوية تمتلك حق الفيتو‪ ،‬فسيكون بوسعها عرقلة اختصاص المحكمة بش‪//‬أن النظ‪//‬ر‬
‫في هذه الجريمة عن طريق فرض إرادتها باستعمال حق الفيتو‪.‬‬

‫وانطالقا مما سبق يبدو أن عرقلة مجلس األمن الختصاص المحكمة الجنائي‪//‬ة تظه‪//‬ر من‬
‫خالل سلطتي إرج‪//‬اء التحقي‪//‬ق أو المقاض‪//‬اة (المبحث األول)‪ ،‬ثم االنف‪//‬راد في إق‪//‬رار جريم‪//‬ة‬
‫العدوان (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫المبحث األول‪ :‬إرجاء التحقيق أو المقاضاة أمام المحكمة الجنائية‬
‫يتمث‪///‬ل اإلرج‪///‬اء بقي‪///‬ام مجلس األمن ب‪///‬الطلب من المحكم‪///‬ة الجنائي‪///‬ة الدولي‪///‬ة إرج‪///‬اء‬
‫اختصاصها لمدة اثني عشر شهرا‪ ،‬مع إمكانية تجديده من دون حد أقصى‪ ،‬وفقا لم‪//‬ا أش‪//‬ارت‬
‫إليه المادة ‪ 16‬من نظام روما األساسي على أنه " ال يج‪//‬وز الب‪//‬دء أو المض‪//‬ي في تحقي‪//‬ق أو‬
‫مقاضاة بموجب هذا النظام األساسي لمدة اثني عشر شهرا بن‪//‬اء على طلب من مجلس األمن‬
‫إلى المحكمة‪ ،‬فهذا يتضمنه قرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميث‪//‬اق األمم‬
‫المتحدة‪ .‬ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها"‪ ،‬وبم‪//‬وجب ق‪//‬رار يتخ‪//‬ذه المجلس‬
‫اس‪///‬تنادا إلى الفص‪///‬ل الس‪///‬ابع من ميث‪///‬اق األمم المتح‪///‬دة‪ ،‬يمكن الق‪///‬ول إن س‪///‬لطة اإلرج‪///‬اء‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 16‬من النظام األساسي للمحكمة تعتبر سلطة خط‪//‬يرة‪ ،‬إذ تمن‪//‬ع‬
‫المحكمة عن ممارسة دورها وأهدافها‪ ،‬خاصة إذا ما ك‪//‬انت ه‪//‬ذه الس‪//‬لطة تح‪//‬وي في طياته‪//‬ا‬
‫أغ‪//‬راض سياس‪//‬ية‪ ،‬إذ ه‪//‬ذا الش‪//‬ق يعت‪//‬بر الج‪//‬انب الس‪//‬لبي في عالق‪//‬ة مجلس األمن بالمحكم‪//‬ة‬
‫الجنائية الدولية‪.‬‬

‫وعليه فس‪//‬لطة مجلس األمن تتطلب من‪//‬ا في ه‪//‬ذا المبحث بي‪//‬ان المقص‪//‬ود به‪//‬ا أي تحدي‪//‬د‬
‫مفهومه‪//‬ا (المطلب االول)‪ ،‬ثم إعط‪//‬اء نم‪//‬اذج بش‪//‬أنها من ممارس‪//‬ات مجلس األمن (المطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم سلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة‬


‫على ال‪//‬رغم من خط‪//‬ورة س‪//‬لطة إرج‪//‬اء التحقي‪//‬ق أو المقاض‪//‬اة وآثاره‪//‬ا الس‪//‬لبية على‬
‫اختصاص المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬فإن نظام روما لم يحدد تعريفا لها لكنه بالمقابل تض‪//‬من‬
‫شروط ممارستها (الفقرة األولى)‪ ،‬وأم‪//‬ام منح مجلس األمن ال‪//‬دولي ه‪//‬ذه الس‪/‬لطة ث‪//‬ار ج‪/‬دال‬
‫فقهي بشأنها بين مؤيد ومعارض (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف سلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة وشروط ممارستها‬
‫أوال‪ :‬تعريف سلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة‬

‫اإلرجاء هو تأجيل اختصاص المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة النظ‪//‬ر في القض‪//‬ايا المعروض‪//‬ة‬


‫عليها لمدة زمنية محددة ‪،‬استنادا العتبارات تقتضيها ظروف الحالة ‪،‬بما يعني من‪//‬ع الم‪//‬دعي‬
‫العام من الشروع في البدء في التحقيق بشأن الجرائم الدولي‪//‬ة ال‪//‬تي ت‪//‬دخل ض‪//‬من اختص‪//‬اص‬
‫المحكمة الجنائية الدولية ‪،‬أو منعه من المضي في التقاضي أو التحقيق‪ ،‬إذا كان قد بدأ بالفعل‬
‫في مباشرة التحقيق‪ ،‬أو وقف إجراءات المحاكمة‪ ،‬التي يكون قد بدأ فيه‪//‬ا بالفع‪//‬ل س‪//‬واء أم‪//‬ام‬
‫ال‪//‬دائرة التمهيدي‪//‬ة أو ال‪//‬دائرة االبتدائي‪//‬ة‪، 79‬ل‪//‬دواعي تحقي‪//‬ق الس‪//‬لم واألمن ال‪//‬دوليين في ح‪//‬ال‬
‫تعارضه مع نشاط المحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬

‫ويعبر بعض الفقه عن السلطة المخولة لمجلس األمن في ه‪//‬ذا الش‪//‬أن باس‪//‬تخدام مص‪//‬طلح‬
‫تعليق اإلجراءات‪، 80‬و خالفا لذلك يلجأ البعض اآلخ‪//‬ر إلى اس‪//‬تخدام عب‪//‬ارة وق‪//‬ف إج‪//‬راءات‬
‫التحقيق والمحاكمة‪ ،81‬بحيث عنوان المادة ‪ 16‬من النسخة العربية للنظام األساسي ‪،‬فقد ج‪/‬اء‬
‫مغ‪//‬ايرا بعض الش‪//‬يء‪ ،‬بحيث يش‪//‬ير إلى إرج‪//‬اء التحقي‪//‬ق أو المقاض‪//‬اة ‪ ،‬بحيث ه‪//‬ذا العن‪//‬وان‬
‫ينسجم مع ذلك الوارد في النسخة الفرنسية ‪،‬والذي يشير بدوره إلى إرجاء أو تأجيل التحقي‪//‬ق‬
‫أو المقاض‪///‬اة‪ ،82‬ف‪///‬النص الفرنس‪///‬ي يس‪///‬تخدم اللف‪///‬ظ ‪ Sursis‬ولم يس‪///‬تعمل المص‪///‬طلح‬
‫‪، Suspension‬بحيث الترجم‪//‬ة الحرفي‪//‬ة للف‪//‬ظ ‪ Sursis‬هي التأجي‪//‬ل أو اإلرج‪//‬اء‪ ،‬وليس‬
‫التعليق أو االيقاف‪ ،‬ومع ذلك فقد استخدم التقرير الصادر عن مجلس الشيوخ الفرنسي بش‪//‬أن‬
‫المحكمة الجنائية الدولية مصطلح‪ Suspension‬ولم يستعمل اصطالح ‪. Sursis83‬‬

‫‪79‬‬
‫خالد حساني‪ ،‬سلطات مجلس األمن في تطبيق الفصل السابع بين أحكام الميثاق الممارسات الدولية المعاصرة‪ ،‬الطبعة األولى‪79 ،‬‬
‫‪.‬منشورات الحلبي الحقوقية ‪ ،2015‬ص_‪380‬‬
‫‪80‬‬
‫محمد سامح عمرو‪ ،‬عالقة مجلس األمن بالمحكمة الجنائية الدولية؛ دراسة تأصيلية تحليلية لممارسات العملية‪ ،‬دار النهضة ‪80-‬‬
‫‪.‬العربية‪ ،‬القاهرة ‪ ،2008‬ص_‪76‬‬
‫‪81‬‬
‫هاني سمير عبد الرزاق‪ ،‬نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬دراسة في ضوء األحكام العامة للنظام األساسي ‪81-‬‬
‫‪.‬وتطبيقاتها‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2010،‬ص_‪108‬‬
‫‪82‬‬
‫‪82_ Sursis à enquêter ou poursuivre.‬‬
‫‪83‬‬
‫‪83_ Voir le Sénat, Rapport d’information 313 (98-99) - commission des affaires étrangères‬‬
‫‪la cour pénale internationale, publié sur le site internet du Sénat, à l’adresse suivante :‬‬
‫‪Www.Senat.fr‬‬
‫‪57‬‬
‫ونعتق‪//‬د أن التوص‪//‬يف ال‪//‬دقيق لس‪//‬لطة مجلس األمن في ه‪//‬ذا الش‪//‬أن أنه‪//‬ا تش‪//‬مل كال من‬
‫اإلرج‪/‬اء اإليق‪//‬اف‪ ،‬بحيث الف‪//‬ارق بين اإلرج‪/‬اء االيق‪//‬اف ه‪//‬و مج‪/‬رد ف‪/‬ارق زم‪//‬ني يتمث‪//‬ل في‬
‫اللحظة التي يصدر فيها ق‪//‬رار مجلس األمن‪ ،‬وم‪//‬ا إذا ك‪//‬ان س‪//‬ابقا على الب‪//‬دء في التحقي‪//‬ق أو‬
‫المقاضاة أم الحقا عليها‪ ،‬فإذا كان قرار مجلس األمن سابقا على لحظة الب‪//‬دء في التحقي‪//‬ق أو‬
‫المقاضاة‪ ،‬فإن األمر يتعلق بإرجاء التحقي‪/‬ق أو المقاض‪/‬اة‪ ،‬أم‪/‬ا إذا ك‪/‬ان ق‪/‬رار المجلس الحق‪/‬ا‬
‫على بدء التحقيق أو المقاضاة فإننا نكون بصدد إيقاف للتحقيق أو المقاضاة‪.‬‬

‫عالوة على هذا فسلطة إرج‪//‬اء التحقي‪//‬ق أو المقاض‪//‬اة حس‪//‬ب الم‪//‬ادة ‪ 16‬من نظ‪//‬ام روم‪//‬ا‬
‫تعني ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬توقف الدعوى عند المرحلة التي صدر عندها قرار وقف اإلجراءات‬ ‫‪)1‬‬
‫‪ -‬عدم جواز اتخاد أية إجراءات أو المضي فيها خالل الفترة المحددة لهذا اإلرجاء‬ ‫‪)2‬‬
‫‪ -‬عدم قيام المحكمة الجنائية الدولية بالبدء في إجراءات التحقيق التي تك‪//‬ون المحكم‪//‬ة‬ ‫‪)3‬‬
‫بص‪//‬دد مباش‪//‬رتها بم‪//‬وجب الم‪//‬ادة ‪ 18‬من النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي‪، 84‬والخاص‪//‬ة ب‪//‬القرارات‬
‫األولية المتعلقة الدعوى أمام المحكمة‪.85‬‬

‫ثانيا‪ :‬شروط سلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة‬


‫تنص المادة ‪ 16‬من النظام األساسي للمحكمة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة على م‪//‬ا يلي‪ " :‬ال يج‪//‬وز‬
‫البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاة بموجب هذا النظام األساسي لمدة اث‪//‬ني عش‪//‬ر ش‪//‬هرا‪،‬‬
‫إال بن‪///‬اء على طلب من مجلس األمن إلى المحكم‪///‬ة‪ ،‬يتض‪///‬منه ق‪///‬رار يص‪///‬در عن المجلس‬
‫بموجب الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالش‪//‬روط‬
‫ذاتها "‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫في حال قيام المدعي العام بالتحقيقات األولية‪ ،‬عليه إشعار جميع الدول األطراف والدولة التي من حقها أن تمارس واليتها ‪84-‬‬
‫القضائية على الجرائم محل النظر وفق الفقرة األولى من المادة ‪ 18‬من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ‪،‬وعلى الدولة‬
‫المعنية بالجرائم ‪،‬وخالل شهر واحد من تلقي اإلشعار‪ ،‬أن تعلم المحكمة بأنها تجري أو أجرت تحقيقا مع رعاياها ومع غيرهم‬
‫بخصوص هذه الجرائم؛ وبناء على طلب الدولة يتنازل المدعي العام لها عن التحقيق مع هؤالء األشخاص ‪،‬ما لم تقرر الدائرة‬
‫التمهيدية اإلذن بالتحقيق بناء على طلب المدعي العام وفق الفقرة الثانية من المادة ‪ 18‬من نفس النظام ‪،‬وللمدعي العام عند تنازله‬
‫عن التحقيق وفقا للفقرة الثانية من المادة ‪، 18‬أن يطلب إلى الدولة المعنية بالتحقيق إبالغه بصفة دورية بالتقدم المحرز بالتحقيق الذي‬
‫تجريه ‪،‬وعلى الدولة المعنية بالتحقيق أن ترد على تلك الطلبات دون تأخير ال موجب له ‪ ،‬وفقا للفقرة الخامسة من ‪ 18‬؛و للمدعي‬
‫العام أن يعيد النظر في تنازله عن التحقيق للدولة بعد ستة أشهر من تاريخ التنازل أو في أي وقت يطرأ فيه تغير ملموس في‬
‫الظروف‪ ،‬إذا ما استدل منها على أن الدولة أصبحت غير راغبة في القيام بالتحقيق أو غير قادرة على ذلك وفقا للفقرة الثالثة من‬
‫‪.‬المادة ‪ 18‬من النظام األساسي‬
‫‪85‬‬
‫محمد سامح عمرو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص_‪85- .78‬‬

‫‪58‬‬
‫ومن خالل قراءة هذه المادة يتبين أن هناك مجموعة من الشروط يتعين اتباعها لممارسة‬
‫سلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬جهة طلب اإلرجاء‬ ‫‪)1‬‬


‫لقد منحت المادة ‪ 16‬من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولي‪//‬ة مجلس األمن إمكاني‪//‬ة‬
‫تق‪//‬ديم طلب اإلرج‪//‬اء‪ ،‬وبن‪//‬اء على طلب مجلس األمن إلى المحكم‪//‬ة دون ب‪//‬اقي هيئ‪//‬ات األمم‬
‫المتحدة األخ‪/‬رى؛ وذل‪/‬ك بم‪/‬وجب الس‪/‬لطات المخول‪/‬ة للمجلس في الفص‪/‬ل الس‪/‬ابع من ميث‪/‬اق‬
‫األمم المتح‪//‬دة‪ ،‬والمتعل‪//‬ق بحف‪//‬ظ الس‪//‬لم واألمن ال‪//‬دوليين؛ وه‪//‬ذا م‪//‬ا يؤك‪//‬د ع‪//‬دم التف‪//‬ويض أو‬
‫التخوي‪//‬ل ألي جه‪//‬ة أخ‪//‬رى من ال‪//‬دول األط‪//‬راف في نظ‪//‬ام المحكم‪//‬ة أو غ‪//‬ير األط‪//‬راف‪ ،‬أو‬
‫المنظمات الدولية‪ ،‬طلب إرجاء التحقيق أو المقاضاة أمام المحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬

‫لقد أعطت هذه المادة للمجلس س‪//‬لطة يس‪//‬تطيع بمقتض‪//‬اها أن يت‪//‬دخل في عم‪//‬ل المحكم‪//‬ة‪،‬‬
‫ويقيد تخصصها القضائي بطلب اإلرجاء في التحقيق أو المقاضاة‪ ،‬والذي يبرر في مسؤولية‬
‫المجلس بحف‪/‬ظ الس‪/‬لم واألمن‪ ،‬وه‪/‬ذا م‪/‬ا أث‪/‬ار ج‪/‬دال كب‪/‬يرا م‪/‬ا بين الفقه‪/‬اء المتخصص‪/‬ين في‬
‫القانون الدولي الجنائي‪. 86‬‬

‫تم إدراج المادة ‪ 16‬من النظام األساسي للمحكمة لتأكيد إمكاني‪//‬ة المجلس على الطلب من‬
‫المحكم‪//‬ة تأجي‪//‬ل التحقي‪//‬ق أو النظ‪//‬ر في القض‪//‬ية ‪،‬وذل‪//‬ك في ح‪//‬ال ك‪//‬ان من ش‪//‬أن التحقي‪//‬ق أو‬
‫المقاضاة عرقلة قيام المجلس بمهامه في مجال حفظ السلم واألمن الدوليين ؛وللمحكمة أيض‪//‬ا‬
‫أن تتأك‪//‬د من اس‪//‬تيفاء ق‪//‬رار المجلس لكاف‪//‬ة إج‪//‬راءات التص‪//‬ويت وف‪//‬ق الفص‪//‬ل الس‪//‬ابع من‬
‫الميث‪//‬اق ‪،‬ومن أن ه‪//‬ذا الق‪//‬رار يع‪//‬بر بص‪//‬ورة ص‪//‬ريحة عن طلب ه‪//‬ذا التأجي‪//‬ل في القض‪//‬ية‬
‫المعروضة على المحكمة طبقا للمادة ‪ 16‬من النظام األساسي ‪،‬وعند توفر الشروط في قرار‬
‫المجلس فليس للمحكمة بعدم إيق‪//‬اف التحقي‪//‬ق‪ ،‬فالقض‪//‬ية وإن ك‪//‬انت ت‪//‬دخل ض‪//‬من اختص‪//‬اص‬
‫المحكمة ‪،‬إال أنها تمثل على األقل تهديدا للسلم واألمن ال‪/‬دوليين في نظ‪/‬ر مجلس األمن ال‪/‬ذي‬
‫له الص‪//‬الحية المطلق‪/‬ة بحف‪//‬ظ األمن والس‪/‬لم ال‪//‬دوليين ‪،‬كم‪//‬ا ين‪//‬درج ك‪//‬ل من الميث‪//‬اق والنظ‪//‬ام‬
‫األساسي للمحكمة تحت اختصاص المجلس وليس تحت اختصاص المحكمة‪.‬‬
‫‪86‬‬
‫محمد هاشم ماقورا‪ ،‬حق مجلس األمن في وقف إجراءات التحقيق والمحاكمة بالمحكمة الجنائية‪ ،‬موقع منظمة ضحايا حقوق ‪86-‬‬
‫‪:‬إلنسان‪ ،‬منشور على الرابط التالي‬
‫‪www.alrakiba.net/articles-show-id‬‬

‫‪59‬‬
‫إن عمل مجلس األمن الدولي بم‪//‬وجب الص‪//‬الحيات الممنوح‪//‬ة ل‪//‬ه‪ ،‬بم‪//‬وجب ميث‪//‬اق األمم‬
‫المتحدة وفقا للمادة ‪87 24‬من الميثاق‪ ،‬هو إلزام جميع الدول بقبول قرارات‪//‬ه تنفي‪//‬ذها اس‪//‬تنادا‬
‫إلى المادة ‪88 25‬من الميثاق‪ ،‬كن‪//‬ائب على جمي‪//‬ع ال‪//‬دول األعض‪//‬اء في األمم المتح‪//‬دة لحف‪//‬ظ‬
‫السلم واألمن الدوليين‪ ،‬ول‪//‬ه الس‪//‬لطة التقديري‪//‬ة أيض‪//‬ا في الح‪//‬االت ال‪//‬تي تعت‪//‬بر تهدي‪//‬دا للس‪//‬لم‬
‫واألمن الدوليين‪ ،‬وسلطة اتخاذ التدابير الالزمة في ضوء الحالة المرف‪//‬وع بموجبه‪//‬ا االدع‪//‬اء‬
‫أمام المحكمة‪ ،‬وحيث يجد في إرجاء إجراءات المحكمة حفاظا على السلم واألمن الدوليين‪.‬‬

‫‪ -‬صيغة اإلرجاء‬ ‫‪)2‬‬


‫اشترطت المادة ‪ 16‬من النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية صيغة اإلرجاء بنص‪//‬ها‬
‫"‪ ...‬بناء على طلب من مجلس األمن إلى المحكمة بهذا المع‪//‬نى‪ ،‬يتض‪//‬منه ق‪//‬رار يص‪//‬در عن‬
‫المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة‪ ،».....‬وانطالقا من هذا النص يتبين‬
‫أن الشرط المتعلق بصيغة اإلرجاء‪ ،‬هو أن يكون اإلرجاء في ص‪//‬ورة طلب يق‪//‬دم من مجلس‬
‫األمن إلى المحكمة‪ ،‬دون استخدام أية صيغة تخاطب أخرى‪.‬‬

‫وهنا يجب التوقف عند هذه المسألة لمعرفة م‪//‬دى إلزامي‪//‬ة ق‪//‬رار المجلس بطلب اإلرج‪//‬اء‬
‫للمحكم‪//‬ة ‪،‬حيث اختلفت اآلراء القانوني‪//‬ة في ه‪//‬ذا التفس‪//‬ير‪ ،‬فمنهم من يؤي‪//‬د ال‪//‬تزام المحكم‪//‬ة‬
‫بطلب اإلرجاء ‪،‬وال يرى لها أية صالحية بفحص مدى مشروعيته وتطابقه مع الشروط التي‬
‫حددها نظامها األساسي بموجب المادة ‪ 16‬؛وبعضهم ي‪//‬رى أن المحكم‪//‬ة تمتل‪//‬ك س‪//‬لطة البث‬
‫في مش‪//‬روعية ق‪//‬رار المجلس وتق‪//‬رر م‪//‬دى التزامه‪//‬ا ب‪//‬ه‪ ،‬ألن النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي للمحكم‪//‬ة لم‬
‫يستخدم مفردة يقرر بل استخدم مفردة يطلب‪ ،‬وبالتالي ليس للمجلس أن يأمر المحكمة‪ ،‬وهي‬
‫هيئة قضائية مستقلة ‪،‬بالقيام بإجراء ما‪ ،‬أو باالمتناع عنه‪.89‬‬
‫‪87‬‬
‫‪:‬تنص المادة ‪ 24‬من ميثاق األمم المتحدة على ما يلي ‪87-‬‬
‫رغبة في أن يكون العمل الذي تقوم به أعضاء األمم المتحدة سريعا فعاال‪ ،‬يعهد أعضاء تلك الهيئة‪ ،‬إلى مجلس األمن بالتبعات ‪1)-‬‬
‫الرئيسية في أمر حفظ السلم واألمن الدولي‪ ،‬ويوافقون على أن هذا المجلس يعمل نائبا عنهم في قيامه بواجباته التي تفرضها عليه هذه‬
‫‪.‬التبعات‬
‫يعمل مجلس األمن في أداء هذه الواجبات وفقا لمقاصد األمم المتحدة ومبادئها والسلطات الخاصة المخولة لمجلس األمن لتمكينه ‪2)-‬‬
‫‪.‬من القيام بهذه الواجبات مبينة في الفصول السادس والسابع والثامن والثاني عشر‬
‫‪.‬يرفع مجلس األمن تقارير سنوية وأخرى خاصة‪ ،‬إذا اقتضى الحال إلى الجمعية العامة لتنظر فيها ‪3)-‬‬
‫‪88‬‬
‫تنص المادة ‪ 25‬من ميثاق األمم المتحدة على ما يلي " يتعهد أعضاء األمم المتحدة بقبول قرارات مجلس األمن وتنفيذها وفق ‪88-‬‬
‫‪".‬هذا الميثاق‬
‫‪89‬‬
‫‪89_ Cornelis François Swanepoel, The Emergence a Modder International Criminal justice,‬‬
‫‪Thesis, South Africa, Faculty of Law, Department, of procedural Law and Law Evidence at‬‬
‫‪the University of the free state,2006, p_227.‬‬
‫‪60‬‬
‫لذلك نرى أن المحكمة‪ ،‬وبموجب الصالحيات والسلطات المخولة لمجلس األمن ال‪//‬دولي‪،‬‬
‫ملزمة بتنفيذ طلب اإلرجاء أو بإيقاف التحقيق مهما ك‪//‬ان له‪//‬ا من تحفظ‪//‬ات أو رأي آخ‪//‬ر في‬
‫طلب مجلس األمن‪ ،‬ألن القانون الدولي وميثاق األمم المتحدة قد ألزماها بذلك‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك يشترط في صيغة اإلرج‪/‬اء‪ ،‬أن يض‪//‬من مجلس األمن ال‪//‬دولي طلب اإلرج‪/‬اء‬
‫في قرار يصدره استنادا إلى الفص‪//‬ل الس‪//‬ابع من ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة‪ ،‬ض‪//‬من اختصاص‪//‬ات‬
‫المجلس في حفظ السلم واألمن الدوليين‪.90‬‬

‫‪ -‬مدة اإلرجاء‬ ‫‪)3‬‬


‫خ‪//‬ولت الم‪//‬ادة ‪ 16‬من النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي للمحكم‪//‬ة‪ ،‬مجلس األمن ال‪//‬دولي الح‪//‬ق بطلب‬
‫اإلرجاء لمدة ‪ 12‬شهرا في كل مرة‪ ،‬فال يمكن للمجلس أن يطلب إرجاء إج‪//‬راءات المحكم‪//‬ة‬
‫لمدة أقل أو أكثر من ‪ 12‬شهرا عند تكرار الطلب في ذات الحالة ال‪//‬تي تم إرج‪//‬اء إجراءاته‪//‬ا‬
‫فيها؛ وكذلك منحته الصالحية بتجديد المدة المذكورة بقوله‪//‬ا "‪ ...‬يج‪//‬وز للمجلس تجدي‪//‬د ه‪//‬ذا‬
‫الطلب بالشروط ذاتها"‪.91‬‬

‫إن لمجلس األمن السلطة التي تمكنه من تجديد طلب اإلرجاء دون التقييد بعدد مح‪//‬دد من‬
‫طلبات اإلرجاء‪ ،‬ولنفس الحالة المنظورة من قبل المحكم‪//‬ة؛ ودون أن يمنح النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي‬
‫للمحكمة سلطة الحد من هذا التجديد سواء إلى جمعية الدول األطراف فيها أو غيره‪//‬ا؛ ولكن‬
‫المادة ذاتها تتطلب أن يكون تجديد اإلرجاء بذات الشروط الواجب توفرها في طلب االرجاء‬
‫نفسه‪ ،‬والمقدم إلى المحكمة في المرة األولى‪.‬‬

‫وما يؤخ‪/‬ذ على المحكم‪//‬ة في ه‪//‬ذا الخص‪//‬وص‪ ،‬أن منح مجلس األمن س‪/‬لطة تجدي‪//‬د طلب‬
‫اإلرجاء دون تقييده بعدد معين أمر منتقد‪ ،‬ألن ذلك يجع‪//‬ل المحكم‪//‬ة تابع‪//‬ة بص‪//‬ورة واض‪//‬حة‬
‫إلى المجلس‪ ،‬ذلك أن طلب‪/‬ات التجدي‪/‬د المتك‪/‬ررة المتع‪/‬ددة ت‪/‬ؤدي إلى من‪/‬ع المحكم‪/‬ة بص‪/‬ورة‬

‫‪90‬‬
‫أحمد سيف الدين‪ ،‬مجلس األمن ودوره في حماية السالم الدولي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬بيروت‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية ‪90- ،2012‬‬
‫‪.‬ص_‪82‬‬
‫‪91‬‬
‫أمير فرج يوسف‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية والطابع القانوني لها ونشوء عناصر فوق الوطنية في القضاء الجنائي الدولي‪91- ،‬‬
‫‪.‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬منشأة المعارف ‪ ،2008،‬ص_‪674‬‬

‫‪61‬‬
‫دائمة من ممارسة اختصاصها‪ ،‬ويؤدي األمر في نهاية المط‪//‬اف إلى تراج‪//‬ع مس‪//‬يرة العدال‪//‬ة‬
‫بشكل عام‪.92‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الموقف الفقهي من المادة ‪ 16‬من نظام روما‬


‫تعتبر المادة ‪ 16‬من النظام األساسي للمحكم‪/‬ة الجنائي‪/‬ة الدولي‪/‬ة‪ ،‬ت‪/‬دخال بعم‪/‬ل المحكم‪/‬ة‬
‫واستقالليتها‪ ،‬حيث تمنح مجلس األمن اختصاصا توقيفيا كثير االتساع‪.‬‬

‫وأمام منح مجلس األمن الدولي سلطة إرجاء إجراءات التحقيق والمقاضاة أم‪//‬ام المحكم‪//‬ة‬
‫ثار جدال فقهي بشأن ذلك‪ ،‬بين مؤيد بتخويل مجلس األمن هذه السلطة (أوال) وبين معارض‬
‫لهذا اإلجراء (ثانيا)‪ ،‬بينما ظهر اتجاه ثالث يقضي بوجوب إخضاع السلطة المخول‪//‬ة لمجلس‬
‫األمن بموجب المادة ‪ 16‬لرقابة جمعية الدول األطراف بالمحكمة الجنائية الدولية (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬المواقف المؤيدة لسلطة اإلرجاء‬


‫لقد ساق مؤيدو منح سلطة اإلرجاء لمجلس األمن‪ ،‬وفق م‪//‬ا ورد في نص الم‪//‬ادة ‪ 16‬من‬
‫النظام األساسي للمحكمة‪ ،‬بعض الحجج واالسانيد التي تع‪//‬زز رأيهم ح‪//‬ول منح مجلس األمن‬
‫هذه السلطة وفق المادة المذكورة‪ ،‬وكما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬يعت‪//‬بر مجلس األمن مكلف‪//‬ا بم‪//‬وجب ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة ب‪//‬أداء مه‪//‬ام كب‪//‬يرة وهي‬ ‫‪)1‬‬
‫الحف‪//‬اظ على األمن والس‪//‬لم ال‪//‬دوليين‪ ،‬ول‪//‬ذلك يتص‪//‬رف المجلس نياب‪//‬ة عن المجتم‪//‬ع‬
‫الدولي في سبيل إنجاز ه‪/‬ذه المهم‪/‬ة؛ ال س‪/‬يما وأن‪/‬ه يمل‪/‬ك في ال‪/‬وقت نفس‪/‬ه ص‪/‬الحية‬
‫اتخاذ ما يرتئيه لتحقيق هذا الهدف من خالل التدابير العالجي‪//‬ة المناس‪//‬بة لحف‪//‬ظ الس‪//‬لم‬
‫واألمن الدوليين‪ ،‬أو إلعادتهما إلى نصابهما؛ وبالتالي أن كافة الجهود المشتركة لك‪//‬ل‬
‫من المجلس والمحكمة الجنائية الدولية تصب في مجرى واحد‪ ،‬إذ تسعى لتحقيق ذات‬
‫الهدف وهو الحفاظ على األمن والسلم الدوليين‪.93‬‬
‫‪ -‬تضمن المادة ‪ 16‬من نظام روم‪/‬ا لمجلس األمن تق‪/‬ديم طلب اإلرج‪/‬اء إلى المحكم‪/‬ة‬ ‫‪)2‬‬
‫الجنائية الدولية إليقاف التحقي‪//‬ق في حال‪//‬ة معروض‪//‬ة على المحكم‪//‬ة‪ ،‬وه‪//‬و م‪//‬ا يعت‪//‬بر‬

‫‪92‬‬
‫علي عبد القادر القهوجي‪ ،‬القانون الدولي الجنائي‪ -‬أهم الجرائم الدولية‪ -‬المحاكم الدولية الجنائية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات ‪92-‬‬
‫‪.‬الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت ‪ ،2001،‬ص_‪345‬‬
‫‪93‬‬
‫خالد حساني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص_‪93- .15‬‬

‫‪62‬‬
‫تطبيق‪//‬ا عملي‪//‬ا لس‪//‬لطات مجلس األمن المح‪//‬ددة في الفص‪//‬ل الس‪//‬ابع من ميث‪//‬اق األمم‬
‫المتحدة‪ ،‬والذي يعطي لمجلس األمن سلطة سياسية واسعة النطاق فيما يتعلق المسائل‬
‫ذات الصلة بحفظ السلم واألمن الدوليين‪.94‬‬
‫‪ -‬إن حفظ واستعادة وبقاء السالم‪ ،‬قد ال تك‪//‬ون بالض‪//‬رورة عن طري‪//‬ق ت‪//‬دبير إيج‪/‬ابي‬ ‫‪)3‬‬
‫يتمثل بإحالة حالة إلى المحكمة‪ ،‬وإنما قد تكون عن طريق تدبير س‪//‬لبي يتمث‪//‬ل بوق‪//‬ف‬
‫اإلجراءات أمام المحكمة‪ ،‬وحيث يترك تقدير ذلك إلى مجلس األمن كونه مكلفا نياب‪//‬ة‬
‫عن الدول األعضاء باتخاذ ما يرونه مناسبا لهذه المهمة‪.95‬‬
‫‪ -‬نصوص ميثاق األمم المتحدة وخاصة الفصل السابع منه‪ ،‬ت‪//‬دعم ت‪//‬رجيح كف‪//‬ة ه‪//‬ذا‬ ‫‪)4‬‬
‫الرأي الذي يؤيد سلطة مجلس األمن في إرجاء التحقيق أو المحاكمة؛ وه‪//‬ذا يع‪//‬ني أن‬
‫النظام قد منح مجلس األمن هذه الس‪//‬لطة ال‪//‬تي يجب أن يمارس‪//‬ها وفق‪//‬ا له‪//‬ذا الفص‪//‬ل‪،‬‬
‫والتي تبدأ بالمادة ‪ 39‬من الميثاق والمتعلقة باإلجراءات التي يتخذها المجلس للحف‪//‬اظ‬
‫على السلم واألمن الدوليين‪.96‬‬
‫– أن القصد من تخويل مجلس األمن س‪//‬لطة إيق‪//‬اف اإلج‪//‬راءات‪ ،‬ه‪//‬و تمكين المجلس‬ ‫‪)5‬‬
‫من إج‪//‬راء مفاوض‪//‬ات س‪//‬الم‪ ،‬ق‪//‬د ي‪//‬رى أنه‪//‬ا ض‪//‬رورية لف‪//‬ترة من ال‪//‬وقت في بعض‬
‫الظروف‪ ،‬بحيث إذا كان من غير الممكن تحقيق الس‪//‬الم دون عدال‪//‬ة‪ ،‬فإن‪//‬ه في بعض‬
‫الحاالت تكون ثمة حاجة فعلي‪//‬ة لوق‪//‬ف إج‪//‬راءات التحقي‪//‬ق والمقاض‪//‬اة ال‪//‬تي تباش‪//‬رها‬
‫المحكمة الجنائية الدولية ‪،‬وذلك بغية التأكد من التوصل إلى تسوية سلمية بخص‪//‬وص‬
‫نزاع ما‪ ،‬حيث المادة ‪ 16‬من نظام روم‪//‬ا تض‪//‬من الت‪//‬وازن في المص‪//‬الح فيم‪//‬ا يتعل‪//‬ق‬
‫بالحف‪//‬اظ على الس‪//‬لم واألمن ال‪//‬دوليين ‪،‬كم‪//‬ا تض‪//‬من لمجلس األمن المكان‪//‬ة المناس‪//‬بة‬
‫لتحقيق هذا الغرض‪ .‬إذ ال يمكن تصور أن ينتج عن تأسيس المحكمة الجنائية الدولية‬
‫إضعاف الدور الذي رسمه ميثاق األمم المتحدة لمجلس األمن‪.97‬‬

‫‪94‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص_‪94- .16‬‬
‫‪95‬‬
‫ولذلك نجد الفقرة األولى من المادة ‪ 24‬من ميثاق األمم المتحدة تنص على ما يلي " رغبة في أن يكون العمل الذي تقوم به ‪95-‬‬
‫األمم المتحدة سريعا فعاال‪ ،‬يعهد أعضاء تلك الهيئة إلى مجلس األمن بالتبعات الرئيسية في أمر حفظ السلم واألمن الدولي ويوافقون‬
‫"على أن هذا المجلس يعمل نائبا عنهم في قيامه بواجباته التي تفرضها عليه هذه التبعات‬
‫‪96‬‬
‫ياسين طاهر الياسري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص_‪96- .383‬‬
‫‪97‬‬
‫أحمد عبد الظاهر‪ ،‬دور مجلس في النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪97- ،‬‬
‫‪ ،2012.‬ص_‪126‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ -‬إن نص الم‪//‬ادة ‪ 16‬من نظ‪//‬ام روم‪//‬ا يعطي لمجلس األمن الح‪//‬ق بإرج‪//‬اء أي‪//‬ة حال‪//‬ة‬ ‫‪)6‬‬
‫معروضة على المحكمة الجنائية للتحقيق فيه‪//‬ا ‪،‬مس‪//‬تندا إلى هيمن‪//‬ة مجلس األمن على‬
‫كافة األوضاع األمنية في العالم ‪،‬بموجب تلك الصالحيات الواسعة التي منحت له في‬
‫الميثاق‪ ،‬للقيام بأي تدبير من شأنه الحفاظ على األمن والسلم ال‪//‬دوليين‪ ،‬وهي س‪//‬لطات‬
‫ال حدود لها في رأي ال‪//‬دول الك‪//‬برى؛ كم‪//‬ا أن طبيع‪//‬ة تك‪//‬وين مجلس األمن‪ ،‬وطبيع‪//‬ة‬
‫اتخاده للقرارات يجعالن الدول الخمسة الكبرى مهيمنة على كل أح‪//‬داث الع‪//‬الم‪ ،‬ومن‬
‫بينها الحروب والنزاعات الدولية ‪،‬الخارجية منها والداخلي‪/‬ة ‪،‬وليس بالت‪/‬دخل المباش‪/‬ر‬
‫أو غير المباشر لحسمها وإنما بتقديم المتهمين فيها بانتهاك الق‪//‬انون ال‪//‬دولي اإلنس‪//‬اني‬
‫إلى المحكمة الجنائية الدولية ‪،‬وأيضا بالتدابير التي ال تتطلب القوة العسكرية‪.98‬‬

‫ويخلص أنصار ه‪/‬ذا االتج‪/‬اه أن تخوي‪/‬ل مجلس األمن س‪/‬لطة إيق‪/‬اف اإلج‪/‬راءات ليس إال‬
‫تأكيد الختصاص المجلس بالتبعات الرئيسية لحف‪//‬ظ الس‪//‬لم واألمن ال‪//‬دولي ‪،‬وأن ه‪//‬ذه الس‪//‬لطة‬
‫تسمح له فق‪//‬ط ب‪//‬أن تك‪//‬ون ل‪//‬ه أولوي‪//‬ة التص‪//‬رف من خالل تعلي‪//‬ق اإلج‪//‬راءات أم‪//‬ام المحكم‪//‬ة‬
‫الجنائية الدولية ‪،‬إذا ما كانت ال‪//‬دعوى ال‪//‬تي تنظره‪//‬ا تتص‪//‬ل بموض‪//‬وع يك‪//‬ون منظ‪//‬ورا أم‪//‬ام‬
‫مجلس األمن ‪،‬وبذلك تشكل المادة ‪ 16‬ضمانة حقيقية لوقف إج‪//‬راءات التحقي‪//‬ق أو المقاض‪//‬اة‬
‫التي تكون المحكمة قد بدأت بها‪ ،‬بما يضمن عدم المساس الجهود الدبلوماسية أو غيرها التي‬
‫يبذلها مجلس األمن في شأن ذات المسألة‪.99‬‬

‫ونس‪//‬تنتج من خالل م‪//‬ا اس‪//‬تدل ب‪//‬ه مؤي‪//‬دو منح مجلس األمن س‪//‬لطة إرج‪//‬اء التحقي‪//‬ق أو‬
‫المقاضاة من حجج‪ ،‬أن ما أعطي لمجلس األمن من صالحيات أم‪//‬ام المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة ‪،‬ه‪//‬و‬
‫تطبيق لسلطته كما هي محددة في ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬وخاصة الفصل الس‪//‬ابع من‪//‬ه ‪،‬وال‪//‬ذي‬
‫يعطي للمجلس سلطة حول كل األمور التي تنطوي على ما يه‪//‬دد الس‪//‬لم واألمن ال‪//‬دوليين ‪،‬و‬
‫بحجة الحفاظ عليهما ؛بالتالي ‪،‬ومن تل‪//‬ك الص‪//‬الحيات ‪،‬يج‪//‬وز لمجلس األمن أن يطلب وق‪//‬ف‬
‫إجراءات التحقيق أو التقاضي أمام المحكمة الجنائية الدولية ؛وبما أن ميثاق األمم المتحدة قد‬

‫‪98‬‬
‫علي جميل حرب‪ ،‬نظرية الجزاء الدولي المعاصر‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت ‪ ،2013،‬ص_‪98- .283‬‬
‫‪99‬‬
‫محمد سامح عمرو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص_‪99- .86‬‬

‫‪64‬‬
‫أقر ونص أيضا على تلك الص‪//‬الحيات لمجلس األمن ‪،‬فيح‪//‬ق ل‪//‬ه بالت‪//‬الي إرج‪//‬اء التحقي‪//‬ق أو‬
‫المقاضاة بناء على تلك الصالحيات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المواقف المعارضة لسلطة اإلرجاء‬


‫على خالف االتجاه األول ينتقد بعض الفقه الحكم القاضي بتخوي‪/‬ل مجلس األمن ال‪/‬دولي‪،‬‬
‫سلطة إرجاء أو إيقاف اإلجراءات أمام المحكمة الجنائية‪ ،‬ق‪/‬ائال إن االعتب‪/‬ارات السياس‪/‬ية ق‪/‬د‬
‫تتداخل في القرار الصادر من مجلس األمن بإرج‪//‬اء أو إيق‪//‬اف التحقي‪//‬ق والمحاكم‪//‬ة‪ ،‬م‪//‬ع أن‬
‫المفروض أن تتم اإلجراءات الجنائية أمام المحكمة لتحقي‪/‬ق ال‪/‬ردع بنوعي‪/‬ه الع‪/‬ام والخ‪/‬اص‪،‬‬
‫إلى جانب تحقيق العدالة الدولية‪.100‬‬

‫حيث تحت عن‪//‬وان تمكين مجلس األمن من إرج‪//‬اء أو إيق‪//‬اف القض‪//‬ايا المرفوع‪//‬ة إلى‬
‫المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬يقول بعض الفقه أن الوالي‪//‬ات المتح‪//‬دة األمريكي‪//‬ة لم يش‪//‬بعها البت‪//‬ة‬
‫انصراف اختص‪//‬اص المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة على نح‪/‬و تبعي‪ ،‬ب‪//‬ل ولم يش‪/‬بعها ك‪//‬ذلك من‬
‫جانب آخر غلها أيدي المدعي العام‪ ،‬فالواقع أنه حتى يكتمل لهذه الدول‪//‬ة الديمقراطي‪//‬ة ال‪//‬تيقن‬
‫البات من إخضاع المحكمة المستحدثة لقرارها السيادي ‪،‬لجأت الي حشد دبلوماسيتها للعص‪//‬ا‬
‫والجزرة بغية فرض اقتراح لها أريد به اإلجه‪//‬اض الكام‪//‬ل لنظ‪//‬ام روم‪//‬ا ذات‪//‬ه ‪ :‬إذا ك‪//‬ان من‬
‫م‪//‬ؤدى ه‪//‬ذا االق‪//‬تراح ال‪//‬ذي ق‪//‬در ل‪//‬ه أن ي‪//‬درج داخ‪//‬ل ذل‪//‬ك النظ‪//‬ام رغم‪//‬ا عن إرادة مجم‪//‬ل‬
‫الم‪//‬ؤتمرين ‪،‬أن يخ‪//‬ول مجلس األمن متص‪//‬رفا بم‪//‬وجب الفص‪//‬ل الس‪//‬ابع من ميث‪//‬اق األمم‬
‫المتحدة ‪،‬صالحية تقرير إرجاء النظر في مجمل االدعاءات المرفوعة أمام المحكمة من قب‪//‬ل‬
‫الدول المدعي العام على حد سواء وعلى نحو صارت معه هذه الص‪//‬الحية غ‪//‬ير مقي‪//‬دة ب‪//‬أي‬
‫قيد زماني أو مادي‪ ،‬والحقيقة أن ذلك االقتراح السادج والقبيح ضمن على حاله داخل الم‪//‬ادة‬
‫‪ 16‬من نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪.101‬‬

‫وفي ذات االتج‪///‬اه يق‪///‬ول فقي‪///‬ه آخ‪///‬ر ‪،‬أن روح البحث عن الوص‪///‬ول إلى اتف‪///‬اق ذهبت‬
‫بواضعي النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولي‪//‬ة إلى أقص‪//‬ى م‪//‬دى ممكن من اإلس‪//‬اءة إلى‬
‫هيبة استقاللية فاعلية هذا الكيان القضائي ال‪/‬دولي المتمث‪/‬ل في تل‪/‬ك المحكم‪/‬ة ‪،‬عن‪/‬دما رض‪/‬خ‬
‫‪100‬‬
‫شريف سيد كامل‪ ،‬اختصاص المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪ ،2004،‬ص_‪100-.162‬‬
‫‪101‬‬
‫حازم محمد عتلم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص_‪101- .169‬‬

‫‪65‬‬
‫واضعوا النظام األساس‪//‬ي إلى اقتراح‪//‬ات الدبلوماس‪//‬ية األمريكي‪//‬ة ال‪//‬تي لم يكفه‪//‬ا إثق‪//‬ال كاه‪//‬ل‬
‫اإلجراءات الواجب اتباعها قبل بدء ه‪//‬ذه المحكم‪//‬ة في اتخ‪//‬اذ إج‪//‬راءات التحقي‪//‬ق والمحاكم‪//‬ة‬
‫على جريم‪//‬ة معين‪//‬ة ‪،‬بوض‪//‬ع جمل‪//‬ة من الش‪//‬روط الالزم توافره‪//‬ا قب‪//‬ل ذل‪//‬ك وك‪//‬ذا الق‪//‬رارات‬
‫المتعلقة بقبول الدعوى ‪،‬كل ذلك وغيره لك يكف الواليات المتحدة األمريكية والدول الدائم‪//‬ة‬
‫العضوية في مجلس األمن‪ ،‬فعمدوا إلى ضرورة إيجاد آلي‪//‬ة تمكن أي منهم من تعطي‪//‬ل الب‪//‬دء‬
‫أو المضي في أي تحقيق أو محاكمة أمام المحكمة في أي لحظة‪ ،‬وفي أي مرحل‪//‬ة ق‪//‬د تك‪//‬ون‬
‫عليها الدعوى أو التحقي‪//‬ق ‪،‬ودون أي س‪//‬قف زم‪//‬ني مح‪//‬دد‪ ،‬ك‪//‬ل ذل‪//‬ك كلف‪//‬ه النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي‬
‫لمجلس األمن و بمعنى أكثر صراحة للدول دائمة العضوية فيه بموجب نص الم‪//‬ادة ‪ 16‬من‬
‫النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪.102‬‬

‫الحرص إذن على تجنب تدخل االعتبارات السياس‪//‬ية في قي‪//‬ام المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‬
‫بتأدية وظيفتها المتمثلة في تحقيق العدالة الدولية يقتضي في رأي فريق من الفقه إلغاء سلطة‬
‫مجلس األمن الدولي في إرجاء أو إيقاف التحقيق أو المحاكم‪/‬ة المنص‪/‬وص عليه‪/‬ا في الم‪/‬ادة‬
‫‪ 16‬من النظام األساسي‪ 103‬؛إذ يمكن للمجلس عند استخدامه له‪//‬ذه الم‪//‬ادة أن ي‪//‬ؤثر على دور‬
‫المحكمة الجنائية الدولية كجهاز قضائي دولي دائم‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك يالحظ البعض أن المادة ‪ 16‬تخول لمجلس األمن سلطة غير مسبوقة‬
‫ال يتمتع بمثيلها في مواجهة محكمة العدل الدولية ‪،‬وذلك على الرغم من انتماء هذه المحكم‪//‬ة‬
‫لذات المنظم‪//‬ة ال‪//‬تي ينتمي إليه‪//‬ا المجلس ‪،‬وهي األمم المتح‪/‬دة ‪،‬فكي‪//‬ف يتس‪/‬نى إذن أن يتمت‪//‬ع‬
‫بسلطة إيقاف اإلجراءات إزاء محكمة أريد لها أن تكون مستقلة عن األمم المتح‪//‬دة ‪،‬ك‪//‬ذلك ال‬
‫يتمتع مجلس األمن بنفس السلطة المخولة له بموجب المادة ‪ 16‬في مواجهة المحاكم الجنائية‬
‫المؤقتة التي أنشأها بالنسبة ليوغوسالفيا السابقة وروان‪//‬دا ‪،‬رغم أنه‪//‬ا مح‪//‬اكم منش‪//‬أة بواس‪//‬طة‬
‫مجلس األمن نفسه ‪،‬فكيف يسوغ إذن أن يتمتع بسلطة اإليقاف إزاء محكم‪//‬ة منش‪//‬أة بم‪//‬وجب‬
‫اتفاقية دولية ‪،‬تم التوص‪//‬ل إليه‪//‬ا من خالل جمعي‪//‬ة ال‪//‬دول األط‪//‬راف ‪،‬وبن‪//‬اء على ذل‪//‬ك يش‪//‬ير‬
‫البعض إلى أن مس‪//‬ؤولية مجلس األمن طبق‪//‬ا للفص‪//‬ل الس‪//‬ابع هي مس‪//‬ؤولية رئيس‪//‬ية وليس‪//‬ت‬
‫‪102‬‬
‫عال عزت عبد المحسن‪ ،‬اختصاص المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،2008 ،‬ص_ ‪102-‬‬
‫‪208.‬‬
‫‪103‬‬
‫شريف سيد كامل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص_‪103- .163‬‬

‫‪66‬‬
‫مسؤولية خالصة‪ ،‬وفي حالة فشل مجلس األمن‪ ،‬يجوز ألجهزة أخرى الت‪//‬دخل والتعام‪//‬ل م‪//‬ع‬
‫هذه الحاالت التي تهدد وتخرق السلم واألمن الدولي‪ ،‬وهذا ما أوضحته محكمة العدل الدولية‬
‫في العدي‪//‬د من القض‪//‬ايا ال‪//‬تي نظرته‪//‬ا‪ ،‬حيث اوض‪//‬حت أن مجلس األمن والمحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة‬
‫الدولية يكمالن بعضهما البعض في أداء وظائفهما س‪/‬واء السياس‪/‬ية أو القض‪/‬ائية‪ ،‬ومن ثم ق‪/‬د‬
‫يك‪//‬ون من الض‪//‬روري في بعض األحي‪//‬ان أن يمارس‪//‬ا وظائفهم‪//‬ا بش‪//‬كل م‪//‬تزامن إزاء ذات‬
‫الموقف‪ ،‬ويتعين أن ينسحب هذا المبدأ ك‪//‬ذلك على عالق‪//‬ة المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة بمجلس‬
‫األمن‪.104‬‬

‫ويش‪//‬ير البعض أيض‪//‬ا إلى أن الواق‪//‬ع العملي لمناقش‪//‬ات مجلس األمن يش‪//‬هد ب‪//‬أن بعض‬
‫الموضوعات تبقى مدرجة على جدول أعماله لفترات طويل‪//‬ة‪ ،‬دون أن يتخ‪//‬ذ ق‪//‬رارا بش‪//‬أنها‪،‬‬
‫ومن ثم يمكن أن ي‪//‬ؤثر نص الم‪//‬ادة ‪ 16‬من نظ‪//‬ام روم‪//‬ا على اض‪//‬طالع المحكم‪//‬ة بال‪//‬دور‬
‫المنوط بها في مالحقة الجرائم الخطيرة التي تث‪/‬ير قل‪/‬ق المجتم‪/‬ع ال‪/‬دولي‪ ،‬وال‪/‬تي ورد النص‬
‫عليها في المادة الخامسة من نظامها األساسي‪.105‬‬

‫وي‪//‬رى بعض أنص‪//‬ار ه‪//‬ذا االتج‪/‬اه‪ 106‬أن ح‪/‬ق مجلس األمن في إص‪//‬دار ق‪/‬رارات تطبيق‪//‬ا‬
‫للمادة ‪ 16‬من نظام روما األساسي‪ ،‬وما يس‪//‬تتبعه ذل‪//‬ك من إيق‪//‬اف وتعلي‪//‬ق لإلج‪//‬راءات أم‪//‬ام‬
‫المحكمة الجنائية يخالف صراحة المادة ‪ 40‬من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لس‪//‬نة ‪1969‬‬
‫التي تنص صراحة على أنه يتم تعديل المعاه‪//‬دات الجماعي‪//‬ة طبق‪//‬ا لم‪//‬ا ورد به‪//‬ا من أحك‪//‬ام‪،‬‬
‫بحيث هذه القرارات تشكل تعديال لقانون المعاهدات بغ‪//‬ير الطري‪//‬ق الط‪//‬بيعي له‪//‬ا في‪ ،‬عالوة‬
‫على ذل‪//‬ك لم يتض‪//‬من ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة أي نص يخ‪//‬ول مجلس األمن الح‪//‬ق في تع‪//‬ديل‬
‫المعاهدات الدولية‪.‬‬

‫وبرأينا نرى النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ‪،‬ال‪//‬ذي خ‪//‬ول مجلس األمن س‪//‬لطة‬
‫اإلرجاء للحاالت المعروضة أمام المحكمة‪ ،‬لكونها تخل باألمن والسلم الدوليين ‪،‬أو ما يقدره‬
‫المجلس لموضوع الحالة‪ ،‬قد أقحم المجلس في اختصاص المحكمة ‪،‬ذلك أن المقصود بسلطة‬

‫‪104‬‬
‫علي قلعة جي‪ ،‬العالقة بين المحكمة الجنائية الدولية ومجلس األمن في إطار نظام روما األساسي‪ ،‬المجلة المصرية للقانون ‪104-‬‬
‫‪.‬الدولي‪ ،‬العدد ‪ ،2008، 64‬ص_‪139‬‬
‫‪105‬‬
‫أحمد عبد الظاهر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص_‪105- .131‬‬
‫‪106‬‬
‫محمد سامح عمرو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص_‪106- .91‬‬

‫‪67‬‬
‫المجلس في المقام االول‪ ،‬و بموجب الفصل السابع من الميثاق ‪،‬هي الجوانب السياسية لحفظ‬
‫ت‪//‬وازن الق‪//‬وى بع‪//‬د الح‪//‬رب العالمي‪//‬ة الثاني‪//‬ة ‪،‬وبن‪//‬اء علي‪//‬ه ن‪//‬رى أن الق‪//‬رارات الص‪//‬ادرة عن‬
‫المجلس تخضع إلى تفاهمات ما بين الدول الدائمة العضوية لتحقيق مصالحها الخاصة ‪،‬دون‬
‫النظر إلى مصالح بقية الدول أو إلى مص‪//‬لحة العدال‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬ولكن بالنتيج‪//‬ة ف‪//‬إن ق‪//‬رارات‬
‫المجلس التي تصدر وفق الفصل السابع من الميثاق ملزمة للمحكمة والمدعي العام لتنفيذها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬االتجاه المنادي بوجود رقابة على سلطة مجلس األمن في اإلرجاء‬
‫يتوسط بعض الفقه‪ 107‬بين االتجاهين السابقين‪ ،‬مؤك‪//‬دا ض‪//‬رورة تنظيم ن‪//‬وع من الرقاب‪//‬ة‬
‫على سلطة مجلس األمن في إرجاء أو إيقاف اإلجراءات‪ ،‬وم‪//‬رد ذل‪//‬ك إلى أن تخوي‪//‬ل مجلس‬
‫األمن هذه الصالحية بحسب ما جاءت ب‪//‬ه ص‪//‬ياغة الم‪//‬ادة ‪ 16‬من نظ‪//‬ام روم‪//‬ا من ش‪//‬أنه أن‬
‫يجعل المجلس في حل من التقييد بأي مع‪//‬ايير موض‪//‬وعية‪ ،‬ويك‪//‬ون بمن‪//‬أى عن الرقاب‪//‬ة ال‪//‬تي‬
‫يمكن أن تطاله من جمعية الدول األطراف‪ ،‬ومن تم كان من المستحسن لو أن صاغية المادة‬
‫المشار إليها ق‪/‬د ج‪/‬اءت بش‪/‬كل آخ‪/‬ر ‪،‬بحيث يع‪//‬رض مجلس األمن طلب‪//‬ه على جمعي‪//‬ة ال‪//‬دول‬
‫األطراف التي تكون لها صالحية البث في الموض‪/‬وع‪ ،‬وه‪/‬ذا م‪/‬ا يؤك‪/‬د ذل‪/‬ك المب‪/‬دأ المس‪/‬تقر‬
‫عليه في القوانين الوطنية‪ ،‬القاضي بأن ال سلطة تعلو فوق س‪//‬لطة القض‪//‬اء ويجع‪//‬ل المحكم‪//‬ة‬
‫أكثر قربا من الشرعية الدولية وليس أكثر قربا من المع‪//‬ترك السياس‪//‬ي ال‪//‬دولي ‪،‬فالم‪//‬ادة ‪16‬‬
‫تجعل مجلس األمن الدولي سلطة أعلى من سلطة المحكمة الجنائية الدولية ‪،‬األمر الذي يخ‪/‬ل‬
‫بحيادها‪ ،‬و يؤثر كث‪//‬يرا على عمله‪//‬ا و أه‪//‬دافها ‪ ،‬بحيث أن مجلس األمن ه‪//‬و س‪//‬لطة سياس‪//‬ية‬
‫والسياس‪//‬ة هي فن الممكن‪ ،‬وه‪//‬ذا يخض‪//‬ع لواق‪//‬ع ولظ‪//‬روف ك‪//‬ل حال‪//‬ة‪ ،‬في حين أن القض‪//‬اء‬
‫م‪//‬يزان العدال‪//‬ة ورم‪//‬ز تحقيقه‪//‬ا بواس‪//‬طة األدل‪//‬ة واالس‪//‬انيد إلحق‪//‬اق الع‪//‬دل ‪،‬األم‪//‬ر ال‪//‬ذي ق‪//‬د‬
‫يتعارض مع الحالة السياسية‪.‬‬

‫وعلى حد تعبير بعض الفقه‪ 108‬فإن نص الم‪//‬ادة ‪ 16‬من نظ‪//‬ام روم‪//‬ا ‪،‬م‪//‬ا ه‪//‬و إال إف‪/‬راز‬
‫مشين لغطرسة الدول الدائمة العضوية في مجلس األمن و رغبتها في الهيمنة على مق‪//‬درات‬
‫المجتمع الدولي بما في ذلك العدالة والشرعية الدولية ‪،‬وبالتالي فنص المادة أعاله يعد ت‪//‬دخال‬

‫عصام عبد الفتاح مطر‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،2010،‬ص_‪107- .80‬‬
‫‪107‬‬

‫‪108‬‬
‫‪108_Ioannis, prezas, op, cit, p121.‬‬
‫‪68‬‬
‫صارخا وإهدارا رهيبا الس‪//‬تقاللية ه‪//‬ذه المحكم‪//‬ة وتبدي‪//‬دا لطموح‪//‬ات العدال‪//‬ة ال‪//‬تي ينتظره‪//‬ا‬
‫المجتمع الدولي من محكمة أن تكون مستقلة ومحايدة وغير خاض‪//‬عة لأله‪//‬واء السياس‪//‬ية ألي‬
‫جهة خارجية ولو ك‪//‬انت مجلس األمن ال‪//‬دولي‪ ،‬ف‪//‬إذا لم يتيس‪//‬ر إلغ‪//‬اء ه‪//‬ذا النص فعلى األق‪//‬ل‬
‫العم‪//‬ل على تعديل‪//‬ه‪ ،‬بحيث ال يك‪//‬ون من ش‪//‬أنه تخوي‪//‬ل مجلس األمن إص‪//‬دار ق‪//‬رار بتأجي‪//‬ل‬
‫اختصاص المحكمة‪ ،‬وليكن األمر في شكل طلب خطي يتض‪//‬من األس‪//‬باب ال‪//‬تي يس‪//‬تند إليه‪//‬ا‬
‫مجلس األمن في القول في القول بأن الحال‪//‬ة المعروض‪//‬ة على المحكم‪//‬ة تش‪/‬كل تهدي‪//‬دا للس‪/‬لم‬
‫واألمن الدوليين أو إخالال بهما ‪،‬ثم الكشف عن ماهي‪//‬ة األس‪/‬باب ال‪//‬تي ق‪/‬د ت‪//‬دعو المجلس ألن‬
‫يرى أن في ت‪//‬دخل المحكم‪//‬ة باتخ‪//‬اذ اإلج‪//‬راءات س‪//‬واء ب‪//‬التحقيق أو المحاكم‪//‬ة عن الجريم‪//‬ة‬
‫سيعتبر ضارا أو مهددا لسالمة التدابير ال‪//‬تي يس‪//‬عى المجلس التخاذه‪//‬ا بص‪//‬دد مواجه‪//‬ة تل‪//‬ك‬
‫الجريمة ‪،‬مع بيان ماهية التدابير التي يرى المجلس ض‪//‬رورة اتخاذه‪//‬ا في الحال‪//‬ة قي‪//‬د البحث‬
‫وجدواها ‪،‬على أن يعرض ذلك الطلب على جمعية الدول األطراف التي يكون لها ح‪//‬ق البت‬
‫بقرار نهائي في قبول أمر هذا الطلب أو رفضه بناء على تقديرها لألسباب التي استند إليه‪//‬ا‪،‬‬
‫وفي حالة القبول يكون ذلك لمدة محددة ولتكن ستة أشهر غير قابلة للتجدي‪//‬د إال لم‪//‬رة واح‪//‬دة‬
‫فقط وبموجب طلب تجديد يقدم لجمعية الدول األطراف متضمنا األسباب الداعية ل‪//‬ه‪ ،‬وتق‪//‬در‬
‫جمعية الدول األطراف هذه األسباب على أن يتم بحث كل حالة على حدة‪.109‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الممارسة العملية لسلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة‬


‫مارس مجلس األمن الدولي سلطته بطلب اإلرجاء أو المقاض‪//‬اة أم‪//‬ام المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة‬
‫الدولية وفق مجموعة من القرارات‪ ،‬حيث يتعلق األمر بالقرار رقم ‪ 1422‬الصادر سنة ‪2110‬‬
‫‪002‬؛ ثم الق‪//‬رار رقم ‪ 1457‬الص‪//‬ادر س‪//‬نة ‪ 2003‬بش‪//‬أن الحال‪//‬ة في ليبيري‪//‬ا‪ ،‬ثم الق‪//‬رار‬
‫‪ 1593‬الصادر سنة ‪ 2005‬بشأن الحالة في السودان؛ وأخيرا القرار ‪ 1970‬الص‪//‬ادر س‪//‬نة‬
‫‪ 2011‬بشأن الحالة في ليبيا‪.‬‬

‫عال عزت عبد المحسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صص_‪109- .333/334‬‬


‫‪109‬‬

‫الذي بموجبه تم منح حصانة للجنود األمريكيين العاملين ضمن قوات حفظ السالم في إقليم البلقان لمدة سنة تمتد من ‪110-‬‬
‫‪110‬‬

‫‪ 12/07/2002‬إلى ‪ ،11/06/2003‬غير أن هذا القرار تم تمديده أيضا بموجب القرار ‪ 1487‬الصادر في ‪ 12/06/2003‬وذلك‬
‫بمناسبة تجديد عهدة قوات السالم العاملة في إقليم البوسنة والهرسك‬
‫‪69‬‬
‫ويتبين من خالل القرارات أعاله أن مجلس األمن م‪/‬ارس س‪/‬لطته المخول‪/‬ة ل‪/‬ه في الم‪/‬ادة‬
‫‪ 16‬من نظام روم‪//‬ا بتعس‪/‬ف‪ ،‬حيث بم‪//‬وجب ه‪/‬ذه الق‪//‬رارات اس‪/‬تطاع أن يعرق‪/‬ل اختص‪//‬اص‬
‫المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬ويجعلها في تبعية له‪.‬‬

‫ونظ‪//‬را لخط‪//‬ورة الق‪//‬رارات أعاله فإنن‪//‬ا في ه‪//‬ذا المطلب س‪//‬وف نتن‪//‬اول الق‪//‬رار رقم‬
‫‪111‬‬
‫(الفقرة األولى)‪ ،‬وسنعطي بشأنه تفسيرا قانونيا مبينين مدى تعارض‪//‬ه م‪//‬ع أحك‪//‬ام‬ ‫‪1422‬‬
‫ميثاق األمم المتحدة ونظام روما األساسي (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬قرار مجلس األمن رقم ‪ 1422‬الممدد بموجب القرار ‪1487‬‬
‫مباشرة بعد دخول النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية حيز التنفي‪//‬ذ ي‪//‬وم ‪ 1‬يولي‪//‬وز‬
‫‪ ،2002‬أسرعت الواليات المتحدة األمريكية إلى اتخاذ إجراءات قانونية لحماي‪//‬ة مواطنيه‪//‬ا‪،‬‬
‫من أي متابعة قضائية من طرف المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬خاصة أف‪//‬راد قواته‪//‬ا المش‪//‬اركين‬
‫في قوات حفظ السالم األممية المنتشرة في عدة بقاع من العالم‪.‬‬

‫حيث تمكنت يوم ‪ 12‬يوليوز ‪ 2002‬من إقناع مجلس األمن بإصدار ق‪//‬رار رقم ‪،1422‬‬
‫الذي كرس حصانة قضائية ألفراد قواتها العاملين ض‪/‬من ق‪/‬وات حف‪/‬ظ الس‪/‬الم األممي‪/‬ة‪ ،‬وق‪/‬د‬
‫جاء في القرار ‪ 1422‬ما يلي‪:‬‬

‫إن مجلس األمن‪،‬‬

‫إذ يحيط علما بدخول النظام األساسي للمحكمة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬الص‪//‬ادر في روم‪//‬ا في ‪17‬‬
‫يوليوز ‪( 1998‬نظام روما األساسي) حيز النفاذ في ‪ 1‬يوليوز ‪،2002‬‬

‫وإذ يؤكد ما لعمليات األمم المتحدة من أهمية بالنسبة للسلم واألمن الدوليين‪،‬‬

‫وإذ يالحظ أن الدول ليست جميعها أطرافا في نظام روما األساسي‪،‬‬

‫وإذ يالحظ أن الدول األط‪/‬راف في نظ‪/‬ام روم‪/‬ا األساس‪/‬ي ق‪/‬ررت أن تقب‪/‬ل اختصاص‪/‬ه وفق‪/‬ا‬
‫للنظام األساسي وال سيما مبدأ التكامل‪،‬‬

‫‪111‬‬
‫لكونه أول قرار أصدره مجلس األمن بمناسبة ممارسة سلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة‪111- .‬‬

‫‪70‬‬
‫وإذ يالح‪//‬ظ أن ال‪//‬دول ال‪//‬تي ليس‪//‬ت أطراف‪//‬ا في نظ‪//‬ام روم‪//‬ا األساس‪//‬ي ستواص‪//‬ل االض‪//‬طالع‬
‫مسؤوليتها ضمن اختصاصاتها الوطنية فيما يتعلق بالجرائم الدولية‪،‬‬

‫وإذ يقرر أن الهدف من نشر العمليات التي ينشئها مجلس األمن التابع لألمم المتحدة أو ي‪//‬أذن‬
‫بها هو صون السلم واألمن الدوليين أو إعادة إرساءهما‪،‬‬

‫وإذ يقرر كذلك أن تيس‪/‬ير ق‪/‬درة ال‪/‬دول األعض‪/‬اء على المس‪/‬اهمة في العملي‪/‬ات ال‪/‬تي ينش‪/‬ئها‬
‫مجلس األمن التابع لألمم المتحدة أو يأذن بها يخدم السلم واألمن الدوليين‪،‬‬

‫وإذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة‪،‬‬

‫يطلب اتس‪//‬اقا م‪//‬ع أحك‪//‬ام الم‪//‬ادة ‪ 16‬من نظ‪//‬ام روم‪//‬ا األساس‪//‬ي‪ ،‬أن تمتن‪//‬ع المحكم‪//‬ة‬ ‫‪-1‬‬
‫الجنائي‪/‬ة الدولي‪/‬ة لم‪/‬دة اث‪/‬ني عش‪/‬ر ش‪/‬هرا اعتب‪/‬ارا من ‪ 1‬يولي‪/‬وز ‪ 2002‬عن ب‪/‬دء أو‬
‫مباشرة أية إجراءات للتحقيق أو المقاضاة‪ ،‬في حالة إثارة أي قضية تش‪//‬مل مس‪//‬ؤولين‬
‫أو م‪/‬وظفين س‪/‬ابقين أو ح‪/‬اليين ت‪/‬ابعين لدول‪/‬ة مس‪/‬اهمة ليس‪/‬ت طرف‪/‬ا في نظ‪/‬ام روم‪/‬ا‬
‫األساسي‪ ،‬فيما يتصل بأي عمل أو إغفال يتعلق بالعمليات التي تنش‪//‬ئها األمم المتح‪//‬دة‬
‫أو تأذن بها‪ ،‬إال إذا قرر مجلس األمن ما يخالف ذلك‪،‬‬
‫يعرب عن اعتزامه تمديد الطلب المبين في الفقرة ‪ 1‬أعاله بنفس الشروط وذلك في‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ 1‬يوليوز من كل سنة لفترة ‪ 12‬شهرا جديدة‪ ،‬طالما استمرت الحاجة إلى ذلك‪.‬‬
‫يق‪//‬رر أن‪//‬ه على ال‪//‬دول األعض‪//‬اء أال تتخ‪//‬ذ أي‪//‬ة إج‪//‬راءات تتن‪//‬افى م‪//‬ع الفق‪//‬رة ‪ 1‬وم‪//‬ع‬ ‫‪-3‬‬
‫التزاماتها الدولية‪،‬‬
‫يقرر أن يبقي المسألة قيد نظره‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫فاألس‪//‬باب وال‪//‬دواعي ال‪//‬تي أدت بمجلس األمن إلى اتخ‪//‬اذ الق‪//‬رار رقم ‪ 1422‬وربط‪//‬ه‬
‫بالم‪//‬ادة ‪ 16‬من النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي للمحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬ترج‪//‬ع إلى ت‪//‬اريخ ‪ 27‬يوني‪//‬و‬
‫‪ 2002‬عندما تقدمت الوالي‪/‬ات المتح‪/‬دة األمريكي‪/‬ة بمش‪/‬روع ق‪/‬رار إلى مجلس‪ ،‬يتعل‪/‬ق بمنح‬
‫رعاياها حصانة قضائية أمام المحكمة الجنائية؛ فرد مجلس األمن بتاريخ ‪ 28‬يوني‪//‬و ‪2002‬‬
‫طلبه‪//‬ا بموافق‪//‬ة ‪ 12‬عض‪//‬وا من أعض‪//‬اء مجلس األمن ال‪//‬دولي‪ ،‬ض‪//‬منهم بريطاني‪//‬ا وفرنس‪//‬ا‬

‫‪71‬‬
‫ومعظم دول االتحاد األوروبي الذين صوتوا ضد منح الجن‪//‬ود األمريك‪//‬يين حص‪//‬انة في حال‪//‬ة‬
‫محاكمتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية‪.112‬‬

‫وعلى إث‪//‬ر ذل‪//‬ك ه‪//‬ددت الوالي‪//‬ات المتح‪//‬دة األمريكي‪//‬ة‪ ،‬مجلس األمن في حال‪//‬ة ع‪//‬دم منح‬
‫جنودها الحصانة المطلوبة ‪،‬باستعادة التفكير في مشاركة جمي‪//‬ع ق‪//‬وات حف‪//‬ظ الس‪//‬الم التابع‪//‬ة‬
‫لألمم المتحدة في جميع دول العالم ‪،‬حيث بتاريخ ‪ 30‬يونيو ‪ 2002‬عمدت إلى استخدام حق‬
‫النقض ضد التجديد لق‪//‬وات حف‪//‬ظ الس‪/‬الم في البوس‪/‬نة والهرس‪/‬ك ؛ونتيج‪/‬ة إص‪//‬رار الوالي‪//‬ات‬
‫المتحدة األمريكية على موقفها تهديدها بسحب بعثاتها العاملة في مجال حف‪//‬ظ الس‪//‬الم ‪،‬م‪//‬ا لم‬
‫يص‪/‬در مجلس األمن ق‪/‬رارا يحص‪/‬ن جنوده‪/‬ا الع‪/‬املين في ق‪/‬وات حف‪/‬ظ الس‪/‬الم وغ‪/‬يرهم من‬
‫المسؤولين األمريكيين في الخارج من المتابعة أم‪//‬ام المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة ؛لم يكن أم‪//‬ام‬
‫مجلس األمن س‪////‬وى الموافق‪////‬ة على الطلب األم‪////‬ريكي‪ ،‬بإص‪////‬دار ق‪////‬راره رقم ‪1422‬‬
‫وباإلجماع ‪،‬بتاريخ ‪ 12‬يوليوز ‪ 2002‬على إعفاء العاملين في قوات حفظ السالم لم‪//‬دة س‪//‬نة‬
‫من محاكمتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة‪.113‬‬

‫يظهر جليا‪ ،‬من خالل ما جاء في القرار ‪ ،1422‬أنه يتناقض م‪//‬ع أحك‪//‬ام الفص‪//‬ل الس‪//‬ابع‬
‫من ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة أوال ثم الم‪//‬ادة ‪ 16‬من نظ‪//‬ام روم‪//‬ا األساس‪//‬ي للمحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة‬
‫الدولي‪//‬ة‪، 114‬إذ أن‪//‬ه تض‪//‬من‪ ،‬ع‪//‬دم متابع‪//‬ة المس‪//‬ؤولين وعم‪//‬ال البعث‪//‬ة األممي‪//‬ة أو المس‪//‬ؤولين‬
‫القدامى التابعين لدولة غير طرف في النظام األساسي ارتكبوا جرائم مرتبطة بعمليات حف‪//‬ظ‬
‫السالم المرخص بها من قبل منظمة األمم المتحدة‪.115‬‬

‫وبالتالي هذا القرار‪ ،‬يهدف إلى استثناء جميع مواطني الدول غ‪//‬ير األط‪//‬راف في النظ‪//‬ام‬
‫األساسي للمحكمة الجنائية الدولية المش‪/‬اركين في عملي‪//‬ات األمم المتح‪/‬دة لحف‪//‬ظ الس‪/‬الم‪ ،‬من‬

‫‪112‬‬
‫ياسين طاهر الياسري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص_‪112- .17‬‬
‫‪113_Clémence Bouquemont, la cour pénale internationale et les Etats-Unis, Editions,‬‬
‫‪113‬‬

‫‪L’harmattan, 2005, p :77.‬‬


‫‪114‬‬
‫فيدا نجيب حمد‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية نحو تحقيق العدالة الدولية‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت ‪ ،2006،‬ص_‪- .110‬‬
‫‪114‬‬
‫‪115‬‬
‫وفي هذا اإلطار تنص الفقرة األولى من القرار رقم ‪ ،1422‬على أن مجلس األمن يطلب اتساقا مع أحكام المادة ‪ 16‬من ‪115-‬‬
‫نظام روما األساسي‪ ،‬أن تمتنع المحكمة الجنائية الدولية لمدة اثني عشر شهرا‪ ،‬اعتبارا من ‪ 1‬يوليوز ‪ 2002‬عن بدء أو مباشرة أية‬
‫إجراءات للتحقيق أو المقاضاة في حالة إثارة أي قضية تشمل مسؤولين أو موظفين حاليين أو سابقين تابعين لدولة مساهمة ليست‬
‫‪،‬طرفا في نظام روما األساسي‬
‫‪.‬فيما يتصل بأي عمل أو إغفال يتعلق بالعمليات التي تنشئها األمم المتحدة أو تأذن بها‪ ،‬إال إذا قرر مجلس األمن ما يخالف ذلك‬

‫‪72‬‬
‫الوالية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬ومن بينهم الرعايا األمريكان‪ ،‬وذل‪//‬ك بحكم دولتهم‬
‫لم تصادق على النظام األساسي‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يضفي ه‪//‬ذا الق‪//‬رار إزاء المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة حص‪//‬انة على المس‪/‬ؤولين أو‬
‫الموظفين الحاليين أو السابقين التابعين للواليات المتح‪//‬دة األمريكي‪//‬ة ول‪//‬دول أخ‪//‬رى مس‪//‬اهمة‬
‫في عمليات حفظ السالم والتي ليست أطرافا في نظام روما األساسي فيما يتص‪//‬ل ب‪//‬أي عم‪//‬ل‬
‫أو إغفال يتعلق بالعمليات التي تعد لها األمم المتحدة أو تأذن بها‪.116‬‬

‫إضافة إلى ذل‪//‬ك‪ ،‬تعس‪//‬ف في اس‪//‬تبعاد اختص‪//‬اص المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة عن رعاي‪//‬ا‬
‫ال‪//‬دول الم‪//‬ذكورة‪ ،‬وتج‪//‬اوز ح‪//‬دود ذل‪//‬ك من خالل انتهاك‪//‬ه التفاقي‪//‬ات ج‪//‬نيف األربع‪//‬ة لس‪//‬نة‬
‫‪ ،1949‬والتي تلزم جميع األطراف فيها بمعاقبة األشخاص الذين يرتكبون مخالفات جسيمة‬
‫لقواعد القانون الدولي اإلنساني‪.117‬‬

‫على الرغم من أن هذه الحص‪/‬انة ق‪/‬د ق‪/‬ررت لم‪/‬دة س‪/‬نة بم‪/‬وجب الق‪/‬رار ‪ ،1422‬إال أن‬
‫مجلس األمن عبر عن نيته في تجديدها وفق‪//‬ا للش‪//‬روط وللم‪//‬دة نفس‪//‬ها‪ ،‬طالم‪//‬ا ل‪//‬زم األم‪//‬ر في‬
‫األول من يوليوز من كل سنة لمدة تبلغ ‪ 12‬شهرا كامال‪.118‬‬

‫اتخذ تنفيذا لما ورد في القرار ‪1422‬؛ الق‪//‬رار رقم ‪ 1487‬بت‪//‬اريخ ‪ 12‬يوني‪//‬و ‪،2003‬‬
‫والذي يقضي بتمديد الحصانة الممنوحة لموظفي األمم المتحدة المشاركين في عملي‪//‬ات األمم‬
‫المتحدة لحفظ السالم من المتابعة والمحاكمة أمام المحكمة الجنائي‪/‬ة‪ ،‬وذل‪/‬ك لم‪/‬دة ‪ 12‬ش‪/‬هرا‪،‬‬
‫تبدأ من ‪ 1‬يوليوز ‪ ،2003‬وتم تجديد هذا القرار بتصويت ‪ 12‬دولة لصالحه وامتن‪//‬اع ثالث‬
‫دول عن التصويت‪ ،‬هي فرنسا وألمانيا وسوريا‪.‬‬

‫هذا القرار هو اآلخر تم التصويت عليه بتهديد من الواليات المتحدة األمريكي‪//‬ة‪ ،‬إذ أب‪//‬دت‬
‫علنيا عن عدم تجديد بعثة األمم في إقليم يوغوسالفيا في حالة ع‪//‬دم موافق‪//‬ة ال‪//‬دول األعض‪//‬اء‬
‫في مجلس األمن على إرجاء‬
‫‪116_Salvatore Zappala, La cour pénale internationale, Montchrestiens, paris,2007, p :141.‬‬
‫‪116‬‬

‫‪117_Cesoni Maria et Scalia Luisa et Damien, juridictions pénales internationales et conseil‬‬


‫‪117‬‬

‫‪de sécurité : une justice politisée, R.Q.I, N°2,2012, p :60.‬‬


‫‪118‬‬
‫تنص الفقرة الثانية من القرار رقم ‪ ،1422‬على أن مجلس األمن يعرب عن اعتزامه تمديد الطلب المبين في الفقرة ‪ 1‬أعاله ‪118-‬‬
‫‪.‬بنفس الشروط‪ ،‬وذلك في األول من شهر يوليوز من كل سنة لفترة ‪ 12‬شهرا جديدا‪ ،‬طالما استمرت الحاجة إلى ذلك‬

‫‪73‬‬
‫ه‪//‬ذه التحقيق‪//‬ات والمحاكم‪//‬ات ض‪//‬د األش‪//‬خاص رعاي‪//‬ا ال‪//‬دول غ‪//‬ير الموافق‪//‬ة على النظ‪//‬ام‬
‫األساسي والذين يرتكبون جرائم دولية تدخل في اختصاص المحكمة‪.119‬‬

‫جاء القرار رقم ‪ 1487‬متطابق‪//‬ا م‪//‬ع الق‪//‬رار ‪ ،1422‬إذ ج‪//‬دد في‪//‬ه مجلس األمن إرج‪//‬اء‬
‫التحقيقات ضد أفراد الدول المش‪//‬اركة في عملي‪//‬ات الس‪//‬الم لم‪//‬دة ‪ 12‬ش‪//‬هرا‪ ،‬وبالت‪//‬الي يك‪//‬ون‬
‫مجلس األمن قد اضطر إلى التجاوب مع المطلب األمريكي‪ ،‬وهو أمر يعبر في ج‪//‬وهره عن‬
‫نظرة الواليات المتحدة األمريكي‪/‬ة االس‪/‬تعالئية من جه‪/‬ة‪ ،‬ويجس‪/‬د ق‪/‬انون الق‪/‬وة والهيمن‪/‬ة من‬
‫جهة أخرى‪.‬‬

‫من خالل ما سبق‪ ،‬وفي ظل اختالل توازن القوى في العالقات الدولية وهيمن‪//‬ة األحادي‪//‬ة‬
‫القطبية ‪،‬استطاعت الوالي‪/‬ات المتح‪/‬دة األمريكي‪/‬ة التحكم في ه‪/‬ذا التنظيم ال‪/‬دولي الق‪/‬ائم ‪،‬وق‪/‬د‬
‫ظهر ذلك بوضوح من خالل القرارين ‪ 1422‬و‪، 1487‬الذي بموجبهما استطاعت أن توفر‬
‫حص‪//‬انة قض‪//‬ائية لجنوده‪//‬ا الع‪//‬املين ض‪//‬من ق‪//‬وات حف‪//‬ظ الس‪//‬الم من المتابع‪//‬ة أم‪//‬ام المحكم‪//‬ة‬
‫الجنائي‪/‬ة الدولي‪/‬ة وذل‪/‬ك لم‪/‬دة س‪/‬نتين على الت‪/‬والي‪ ،‬ب‪/‬ل إنه‪/‬ا لم تتوق‪/‬ف عن‪/‬د ه‪/‬ذا الح‪/‬د ‪،‬ب‪/‬ل‬
‫تجاوزته إلى تقديم مشروع قرار ‪،‬وذلك للمرة الثالثة على الت‪/‬والي تطلب في‪/‬ه تجدي‪/‬د الق‪/‬رار‬
‫رقم ‪ ،1487‬وأن‪//‬ه على أعض‪//‬اء مجلس األمن التص‪//‬ويت علي‪//‬ه خالل ‪ 24‬س‪//‬اعة ‪،‬لكن في‬
‫الوقت الذي قدم فيه هذا الطلب أبدت العدي‪//‬د من ال‪//‬دول والمنظم‪//‬ات المدني‪//‬ة وبعض أعض‪//‬اء‬
‫التح‪//‬الف من أج‪//‬ل المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة رفض‪//‬ها ل‪//‬ه ‪،‬حيث ع‪//‬بروا على أن‪//‬ه من غ‪//‬ير‬
‫المناسب أن تتقدم الواليات المتحدة األمريكية بهذا الطلب ‪،‬وذل‪//‬ك في ظ‪//‬ل التق‪//‬ارير األخ‪//‬يرة‬
‫حول اإلساءة التي ارتكبها جنودها في العراق ‪،‬إذ أن فضيحة سجن أبو غريب ألقت بظالله‪//‬ا‬
‫خالل مناقش‪//‬ات مجلس األمن لطلبه‪//‬ا ‪،‬ول‪//‬ذلك لم يحص‪//‬ل التواف‪//‬ق بين أعض‪//‬اء مجلس ح‪//‬ول‬
‫قرارها ‪،‬الشيء الذي اضطرها إلى تقديم نص مع‪//‬دل لمش‪//‬روع طلبه‪//‬ا ‪،‬لكن على ال‪//‬رغم من‬
‫ذل‪//‬ك أع‪//‬ربت مجموع‪//‬ة من ال‪//‬دول( البرازي‪//‬ل؛ ألماني‪//‬ا؛ الص‪//‬ين؛ روماني‪//‬ا؛ إس‪//‬بانيا؛ الب‪//‬نين؛‬
‫التشيلي) أنها ستمتنع عن التصويت ‪،‬وبما أن صدور القرار يحتاج إلى موافقة تس‪//‬ع أعض‪//‬اء‬
‫على األقل من أصل خمسة عشر عضوا وعدم استخدام ح‪//‬ق النقض من أح‪//‬د ال‪//‬دول الدائم‪//‬ة‬

‫‪119‬‬
‫‪119_Denis Catherine, le pouvoir normatif des conseils de sécurité des Nations unies : portés et‬‬
‫‪limites, Bruylant, Bruxelles,2004, p124.‬‬

‫‪74‬‬
‫العض‪//‬وية‪ ،‬الش‪//‬يء ال‪//‬ذي جع‪//‬ل الوالي‪//‬ات المتح‪//‬دة األمريكي‪//‬ة في ‪ 23‬حزي‪//‬ران ‪ 2004‬ب‪//‬أن‬
‫تسحب قرارها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التفسير القانوني للقرارين ‪ 1422‬و‪ 1487‬ومدى تعارضهما مع نظام‬


‫روما وميثاق األمم المتحدة‬
‫من خالل التحليل القانوني للقرارين أعاله‪ ،‬يمكن القول إنهما يتعارضا م‪//‬ع أحك‪//‬ام نظ‪//‬ام‬
‫روما األساسي وميثاق األمم المتحدة؛ والقواعد اآلم‪//‬رة في الق‪//‬انون ال‪//‬دولي لحق‪//‬وق اإلنس‪//‬ان‬
‫والقانون الدولي اإلنساني وذلك على النحو اآلتي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬مخالفة كل من القرارين ‪ 1422‬و‪ 1487‬نص الم‪//‬ادة ‪ 105‬من ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة‪،‬‬
‫وال‪/‬تي أعطت للجمعي‪/‬ة العام‪/‬ة لألمم المتح‪/‬دة الص‪/‬الحيات في عق‪/‬د االتفاق‪/‬ات المتعلق‪/‬ة بمنح‬
‫مندوبي وموظفي هيئة األمم المتحدة للحصانات واالمتيازات‪.120‬‬

‫استنادا لهذه المادة‪ ،‬فإن المرجع الصالح لمنح قوات حفظ السالم التابعة لألمم المتحدة هو‬
‫الجمعية العامة التي يتوجب عليها إبرام معاهدة في هذا الشأن مع المحكمة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪،‬‬
‫وأن تص‪//‬رف مجلس األمن بمنح الحص‪//‬انات واالمتي‪//‬ازات لق‪//‬وات حف‪//‬ظ الس‪//‬الم الدولي‪//‬ة في‪//‬ه‬
‫تجاوز على اختصاصات الجمعية العامة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬كما أن هذه القرارات لم تحدد حالة معينة عدها مجلس األمن تهديدا للسلم أو إخالل به‬
‫أو عمل من أعمال العدوان‪ ،‬ح‪/‬تى يك‪/‬ون تص‪/‬رفه بمقتض‪/‬ى الفص‪/‬ل الس‪/‬ابع من ميث‪/‬اق األمم‬
‫المتحدة تصرفا صحيحا ‪،‬ألن‪//‬ه كم‪//‬ا س‪//‬بق ال‪//‬ذكر ف‪//‬إن النص في الم‪//‬ادة ‪ 16‬من نظ‪//‬ام روم‪//‬ا‬
‫األساس‪/‬ي ‪،‬على أن يك‪/‬ون مجلس األمن متص‪/‬رفا بمقتض‪/‬ى الفص‪/‬ل الس‪/‬ابع من الميث‪/‬اق عن‪/‬د‬
‫طلب إرجاء التحقيق أو المقاضاة ‪،‬يفترض وقوع حال‪//‬ة معين‪//‬ة كيفه‪//‬ا مجلس األمن على أنه‪//‬ا‬
‫تهديد أو خرق للسلم واألمن الدوليين ‪،‬وه‪//‬ذا لم يحص‪//‬ل في الق‪//‬رارين ‪ 1422‬و‪ 1487‬حيث‬
‫خلوا من أي إشارة إلى هذه الحالة‪ ،‬وهنا يجب التنويه بأن المطل‪//‬وب ه‪//‬و وج‪//‬ود ه‪//‬ذه الحال‪//‬ة‬
‫‪120‬‬
‫‪:‬تنص المادة ‪ 105‬من ميثاق األمم المتحدة على ما يلي ‪120-‬‬
‫تتمتع الهيئة في أرض كل عضو من أعضائها بالمزايا والحصانات التي يتطلبها تحقيق مقاصدها؛ ‪1)-‬‬
‫وكذلك يتمتع المندوبون من أعضاء األمم المتحدة وموظفو هذه الهيئة بالمزايا واإلعفاءات التي يتطلبها استقاللهم في القيام بمهام ‪2)-‬‬
‫وظائفهم المتصلة بالهيئة؛‬
‫للجمعية العامة أن تقدم التوصيات بقصد تحديد التفاصيل الخاصة بتطبيق الفقرتين ‪ 1‬و‪ 2‬من هذه المادة ولها أن تقترح على ‪3)-‬‬
‫‪.‬أعضاء الهيئة عقد اتفاقات لهذا الغرض‬

‫‪75‬‬
‫التي ع‪//‬دها مجلس األمن تهدي‪//‬دا أو إخالال بالس‪//‬لم و األمن ال‪//‬دوليين‪ ،‬أم‪//‬ا مس‪//‬ألة ص‪//‬حة ه‪//‬ذا‬
‫التكييف من عدمه فهي تخضع الختص‪//‬اص مجلس األمن فق‪//‬ط باعتب‪//‬اره هيئ‪//‬ة سياس‪//‬ية تق‪//‬وم‬
‫بتحدي‪//‬د ه‪//‬ذه المس‪//‬ائل السياس‪//‬ية‪ ،‬وه‪//‬ذا أيض‪//‬ا م‪//‬ا قض‪//‬ت ب‪//‬ه الم‪//‬ادة ‪ 34‬من ميث‪//‬اق األمم‬
‫المتحدة ‪،‬ال‪//‬تي أعطت مجلس األمن االختص‪//‬اص بتك‪//‬ييف أي موق‪/‬ف أو احتك‪//‬اك أو اعتب‪//‬اره‬
‫تهديدا أو اخالال للسلم واألمن الدوليين واتخاذ ما يلزم حياله‪.‬‬

‫وكم‪//‬ا س‪//‬بق الق‪//‬ول‪ ،‬ف‪//‬إن ش‪//‬رط وج‪//‬ود حال‪//‬ة معين‪//‬ة‪ ،‬تع‪//‬د تهدي‪//‬دا أو خرق‪//‬ا للس‪//‬لم واألمن‬
‫ال‪//‬دوليين‪ ،‬ح‪//‬تى يك‪//‬ون تص‪//‬رف مجلس األمن بمقتض‪//‬ى الفص‪//‬ل الس‪//‬ابع من الميث‪//‬اق تص‪//‬رفا‬
‫ص‪//‬حيحا‪ ،‬يمكن اس‪//‬تنتاجه أيض‪//‬ا من نص الم‪//‬ادة ‪ 39‬من ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة‪ ،‬ال‪//‬تي تع‪//‬د‬
‫المرجع الرئيس الذي يجب أن يستند إليه أي قرار يصدر من مجلس األمن بمقتضى الفص‪//‬ل‬
‫السابع‪،121‬لذلك عد بعض الفقهاء صدور القرار ‪ 1422‬دون اإلشارة فيه إلى م‪/‬ا يع‪/‬د تهدي‪/‬دا‬
‫وخرقا للسلم واألمن الدوليين إجراء غير مسبوق خالل ‪ 57‬من عمر مجلس األمن‪.122‬‬

‫هذا الفهم الذي تعنيه المادة ‪ 16‬من النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي‪ ،‬من وج‪//‬وب اس‪//‬تناد طلب التأجي‪//‬ل‬
‫الصادر من مجلس األمن إلى الفصل السابع‪ ،‬هو ما دف‪//‬ع بعض ال‪//‬دول األعض‪//‬اء في مجلس‬
‫األمن إلى التحفظ على هذه القرارات‪ ،‬من ه‪//‬ذه ال‪//‬دول مثال ألماني‪//‬ا‪ ،‬حيث ق‪/‬ال من‪//‬دوبها ل‪//‬دى‬
‫مجلس األمن عند مناقشة مسودة القرار رقم ‪ 1422‬م‪//‬ا يلي " إن الفص‪//‬ل الس‪//‬ابع من ميث‪//‬اق‬
‫األمم يش‪//‬ترط وج‪//‬ود تهدي‪//‬د للس‪//‬لم أو خ‪//‬رق ل‪//‬ه أو عم‪//‬ل من أعم‪//‬ال الع‪//‬دوان‪ ،‬وأي من ه‪//‬ذه‬
‫األعمال في رأينا‪ ،‬غير موجودة في هذا الق‪//‬رار‪ ،‬ل‪//‬ذلك ف‪//‬إن مجلس األمن يق‪//‬وم‪ ،‬وعلى نح‪//‬و‬
‫خطر‪ ،‬بإضعاف سلطته ومصداقية"‬

‫وهذا أيضا ما ذهبت إليه أيرلن‪//‬دا عن‪//‬د مناقش‪//‬ة الق‪//‬رار ‪ ،1487‬حيث ق‪//‬ال من‪//‬دوبها" أن‪//‬ه‬
‫بالنظر إلى النص وإلى األعمال التحضيرية للمادة ‪ 16‬من نظام روما األساسي‪ ،‬يمكن القول‬
‫إن هذه المادة تسمح بالتأجيل فقط على أساس كل حالة على حدى "‪.‬‬

‫عبد الواحد محمد الفار‪ ،‬الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪ ،2008،‬صص_‪121- .175‬‬
‫‪121‬‬

‫‪122‬‬
‫ثقل سعد العجمي‪ ،‬مجلس األمن وعالقته بالنظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية؛ دراسة تحليلية لقرارات مجلس األمن ‪122-‬‬
‫‪.‬رقم ‪ 1422‬و‪ 1487‬و‪ ،1497‬مجلة الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬العدد الرابع ‪ ،2005،‬ص_‪50‬‬

‫‪76‬‬
‫كذلك بالنظر إلى إجراءات الفص‪//‬ل الس‪//‬ابع من ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة ‪،‬فإنن‪//‬ا نج‪//‬د أن ه‪//‬ذه‬
‫اإلج‪//‬راءات ج‪//‬اءت متنوع‪//‬ة ‪،‬حيث ت‪//‬راوح بين وق‪//‬ف الص‪//‬الت االقتص‪//‬ادية والمواص‪//‬الت‬
‫الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية والالس‪//‬لكية وغيره‪//‬ا من وس‪//‬ائل المواص‪//‬الت‬
‫وقفا جزئيا أو كليا وقطع العالق‪//‬ات الدبلوماس‪//‬ية وذل‪//‬ك حس‪//‬ب الم‪//‬ادة ‪ 40‬من الميث‪//‬اق ‪،‬وبين‬
‫استعمال الق‪//‬وة العس‪//‬كرية وذل‪//‬ك حس‪//‬ب م‪//‬ا نص‪//‬ت علي‪//‬ه الم‪//‬ادة ‪، 42‬بحيث ه‪//‬ذا التن‪//‬وع في‬
‫اإلجراءات يعني على أن على مجلس األمن أن يحدد ويعين الحالة التي ه‪/‬و بص‪/‬ددها ‪،‬ح‪/‬تى‬
‫يمكن أن يختار ما يناسبه من هذه اإلجراءات المتعددة ‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى‪ ،‬فإن المادة ‪ 16‬من نظام روما األساسي جاءت بعن‪//‬وان إرج‪//‬اء التحقي‪//‬ق‬
‫أو المقاضاة‪ ،‬وهذا يعني أنها تفترض وقوع حال‪/‬ة معين‪/‬ة تختص المحكم‪/‬ة بنظره‪/‬ا‪ ،‬ثم ي‪/‬أتي‬
‫قرار من مجلس األمن يطلب فيه من المحكمة عدم البدء بالتحقيق أو المقاضاة في هذه الحالة‬
‫أو عدم االستمرار إذا كانت المحكمة قد بدأت بإجراءات التحقيق أو المقاضاة‪.123‬‬

‫كذلك فإنه‪ ،‬وبحسب ما تقضي به المادة ‪ 15‬من نظام روما األساسي‪ ،‬فإن المدعي الع‪//‬ام‬
‫ال يبدأ بالتحقيق إال بعد أن تأذن له الدائرة التمهيدية‪ ،124‬وهذا يفترض أن يكون المدعي العام‬
‫قد قام بتحليل المعلومات المت‪//‬وفرة لدي‪//‬ه وتقويمه‪//‬ا‪ ،‬وربم‪//‬ا ق‪//‬ام بطلب معلوم‪//‬ات إض‪//‬افية من‬
‫مصادر مختلفة‪ ،‬قبل أن يطلب اإلذن ببدء التحقيق‪ ،‬وهذا معناه وقوع حالة معينة بالفعل قب‪//‬ل‬
‫البدء في التحقيق الذي يجوز لمجلس األمن طلب تأجيله‪.‬‬

‫ثقل سعد العجمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص_‪123- .51‬‬


‫‪123‬‬

‫‪124‬‬
‫‪:‬تنص المادة ‪ 15‬من نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية على ما يلي ‪124-‬‬
‫للمدعي العام أن يباشر التحقيقات من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة؛ ‪1)-‬‬
‫يقوم المدعي العام بتحليل جدية المعلومات المتلقاة ويجوز له‪ ،‬لهذا الغرض‪ ،‬التماس معلومات إضافية من الدول‪ ،‬أو أجهرة األمم ‪2)-‬‬
‫المتحدة‪ ،‬أو المنظمات الحكومية الدولية أو غير الحكومية‪ ،‬أو أية مصادر أخرى موثوق بها يراها مالئمة‪ ،‬ويجوز له تلقي الشهادة‬
‫التحريرية أو الشفوية في مقر المحكمة؛‬
‫إذا استنتج المدعي العام أن هناك أساسا معقوال للشروع في إجراء التحقيق‪ ،‬يقدم إلى دائرة ما قبل المحاكمة طلبا لإلذن بإجراء ‪3)-‬‬
‫تحقيق‪ ،‬مشفوعا بأية مواد مؤيدة يجمعها‪ ،‬ويجوز للمجني عليهم إجراء مرافعات لدى ما قبل المحاكمة وفقا للقواعد اإلجرائية وقواعد‬
‫اإلثبات؛‬
‫إذا رأت دائرة ما قبل المحاكمة‪ ،‬بعد دراستها للطلب وللمواد المؤيدة‪ ،‬أن هناك أساسًا معقوًال للشروع في إجراء التحقيق وأن ‪4)-‬‬
‫الدعوى تقع على ما يبدو في إطار اختصاص المحكمة‪ ،‬كان عليها أن تأذن بالبدء في إجراء التحقيق‪ ،‬وذلك دون المساس بما تقرره‬
‫المحكمة فيما بعد بشأن االختصاص ومقبولية الدعوى؛‬
‫رفض دائرة ما قبل المحاكمة اإلذن بإجراء التحقيق ال يحول دون قيام المدعي العام بتقديم طلب الحق يستند إلى وقائع أو أدلة ‪5)-‬‬
‫جديدة تتعلق بالحالة ذاتها؛‬
‫إذا استنتج المدعي العام‪ ،‬بعد الدراسة األولية المشار إليها في الفقرتين ‪ 1‬و‪ ،2‬أن المعلومات المقدمة ال تشكل أساسا معقوال ‪6)-‬‬
‫إلجراء تحقيق‪ ،‬كان عليه أن يبلغ مقدمي المعلومات بذلك‪ ،‬وهذا ال يمنع المدعي العام من النظر في معلومات أخرى تقدم إليه عن‬
‫‪.‬الحالة ذاتها في ضوء وقائع أو أدلة جديدة‬

‫‪77‬‬
‫ثالثا‪ :‬وبما أن طلب إرجاء التحقيق أو المقاضاة يجب أن يكون مقيدا بم‪//‬دة معين‪//‬ة بحس‪//‬ب م‪//‬ا‬
‫جاء في صريح المادة ‪ 16‬من نظام روم‪//‬ا األساس‪//‬ي‪ ،‬فإن‪//‬ه ال يجب أن ي‪//‬ؤدي ب‪//‬أي ح‪//‬ال من‬
‫األحوال إلى إفالت مرتك‪//‬بي الج‪//‬رائم من العق‪//‬اب‪ ،‬باعتب‪//‬ار أن ه‪//‬ذا ه‪//‬و اله‪//‬دف ال‪//‬رئيس من‬
‫وراء إنشاء هذه المحكمة وبحسب ما جاء في ديباجة النظام األساسي لهذه المحكمة‪ ،‬وتطبيق‪//‬ا‬
‫لذلك فإن ما نص عليه القرارين ‪ 1422‬و‪ 1487‬يكونان ق‪//‬د خالف‪//‬ا نص الم‪//‬ادة ‪ ،16‬عن‪//‬دما‬
‫نصا على أن مجلس األمن " يعرب عن اعتزامه تمديد الطلب (باإلرجاء)‪ ....‬بنفس الشروط‬
‫وذلك في يوليوز من كل سنة لفترة ‪ 12‬شهرا جديدة‪ ،‬طالما استمرت الحاجة إلى ذلك"‪.‬‬

‫المخالفة هنا هي أن المادة ‪ 16‬من نظام روما األساس‪//‬ي‪ ،‬ال‪//‬تي نص‪//‬ت على أن‪//‬ه " يج‪//‬وز‬
‫لمجلس األمن تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها"‪ ،‬تتحدث عن احتمال فق‪//‬ط‪ ،‬أي أن‪//‬ه إذا وج‪//‬د‬
‫بعد انقضاء ‪ 12‬شهرا األولى أن الحالة التي صدر بشأنها طلب اإلرجاء ما زالت قائمة‪ ،‬فإن‬
‫لمجلس األمن عندئذ طلب اإلرجاء مدة مماثلة وهكذا‪.‬‬

‫كما أن القول بأن مجلس األمن ينوي من اآلن التجديد له‪/‬ذا الطلب في ك‪/‬ل س‪/‬نة م‪/‬دة ‪12‬‬
‫شهرا‪ ،‬فإن ذلك قد يؤدي‪ ،‬وبشكل فعلي‪ ،‬إلى إيجاد نوع من الحص‪//‬انة الدائم‪//‬ة لمجموع‪//‬ة من‬
‫األفراد من الخضوع الختصاص المحكمة الجنائية الدولية‪، 125‬وه‪//‬ذا م‪//‬ا لم يقص‪//‬ده واض‪//‬عوا‬
‫النظام األساسي إذا تم تفس‪//‬ير الم‪//‬ادة ‪ 16‬بحس‪//‬ن ني‪//‬ة‪ ،‬وبحس‪//‬ب المع‪//‬نى االعتي‪//‬ادي والس‪//‬ياق‬
‫الخاص الذي جاءت به ه‪/‬ذه الم‪/‬ادة‪ ،‬وبحس‪/‬ب أيض‪/‬ا م‪/‬ا تقض‪/‬ي ب‪/‬ه أيض‪/‬ا الم‪/‬ادة ‪ 12631‬من‬
‫اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة ‪.1969‬‬

‫رابعا‪ :‬إن الفلسفة القانونية التي تقوم عليها المادة ‪ 16‬من نظام روم‪//‬ا األساس‪//‬ي‪ ،‬هي أن‪//‬ه ق‪//‬د‬
‫توجد بعض الحاالت التي يكون فيها التوفيق بين مقتض‪//‬يات حف‪//‬ظ الس‪//‬لم واعتب‪//‬ارات تحقي‪//‬ق‬
‫العدالة أمرا غير ممكن‪ ،‬ولو بشكل مؤقت‪ ،‬لذلك جعل واضعوا النظام األساسي هذه المس‪//‬ألة‬
‫في حساباتهم وأعطوا األولوية لمجلس األمن‪ ،‬ولو بشكل مؤقت‪ ،‬باتخاذ إجراءات حفظ السلم‬
‫الدولي ومنها الطلب من المحكمة إرجاء إجراءات التحقيق أو المقاضاة‪.‬‬

‫ثقل سعد العجمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص_‪125- .59‬‬


‫‪125‬‬

‫‪126‬‬
‫تنص المادة ‪ 31‬من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة ‪ 1969‬على أن " ‪ -1‬تفسر المعاهدات بحسن نية ووفقا للمعنى ‪126-‬‬
‫‪.....".‬العادي الذي يعطي أللفاظها ضمن السياق الخاص بموضوعها والغرض منها‬

‫‪78‬‬
‫كما أن الهدف الوحيد من المادة ‪ 16‬من نظ‪//‬ام روم‪//‬ا األساس‪//‬ي‪ ،‬ه‪//‬و تمكين مجلس األمن‬
‫من القيام بدوره في حفظ السلم واألمن ال‪//‬دوليين‪ ،‬خصوص‪//‬ا عن‪//‬دما تك‪//‬ون هن‪//‬اك مفاوض‪//‬ات‬
‫حساسة يقودها مجلس األمن من أجل التوصل إلى سالم دولي م‪//‬ع أط‪//‬راف أخ‪//‬رى‪ ،‬ويك‪//‬ون‬
‫هذا لمدة محددة وفي ظروف استثنائية جدا‪ ،‬هو ما خفف شدة المعارض‪//‬ة ال‪//‬تي لقيته‪//‬ا الم‪//‬ادة‬
‫‪ 16‬من النظ‪//‬ام األساس‪/‬ي‪ ،‬وذل‪//‬ك لخش‪/‬ية كث‪//‬ير من ال‪//‬دول من أن تص‪//‬بح ه‪//‬ذه الم‪//‬ادة وس‪/‬يلة‬
‫تتخذها الدول الدائمة العضوية لحماية مواطنيها‪.‬‬

‫لذلك فالنص في الق‪/‬رارات الس‪/‬ابقة على من‪/‬ع اختص‪/‬اص المحكم‪/‬ة الجنائي‪/‬ة الدولي‪/‬ة‪ ،‬من‬
‫نظر الجرائم التي قد يرتكبها األفراد الذين يشتركون في عمليات األمم المتح‪//‬دة للس‪//‬الم فق‪//‬ط‬
‫دون االختصاص الوطني يدل على أن إرساء العدالة ال يتعارض مع مقتض‪//‬يات حف‪//‬ظ الس‪/‬لم‬
‫الدولي‪ ،‬أي أنها ال تتفق مع الفلسفة التي تقوم عليها المادة ‪ 16‬من النظام األساسي‪.127‬‬

‫خامسا يضاف إلى ذلك أن ال‪//‬دواعي وراء الض‪//‬غط األم‪//‬ريكي الستص‪//‬دار ه‪//‬ذه الق‪//‬رارات ال‬
‫يمكن فهمها إال باعتبارين إثنين‪:‬‬

‫أن الواليات المتحدة األمريكية تتوقع أن يقوم جنودها أو األف‪//‬راد الت‪//‬ابعون له‪//‬ا ال‪//‬ذين‬ ‫‪-1‬‬
‫يشاركون في عمليات األمم المتحدة لحفظ السالم‪ ،‬بارتكاب بعض الج‪//‬رائم من الن‪//‬وع‬
‫التي تختص به المحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬
‫أن الواليات المتحدة األمريكي‪//‬ة تن‪//‬وي ع‪//‬دم محاكم‪//‬ة ه‪//‬ؤالء الجن‪//‬ود أو األف‪/‬راد طبق‪//‬ا‬ ‫‪-2‬‬
‫لقضائها الوطني في حال ارتكابهم لمثل هذه الجرائم‪.‬‬

‫وبما أن المحكمة الجنائية الدولية تقوم على مب‪/‬دأ التكام‪/‬ل ‪،‬أي أفض‪/‬لية القض‪/‬اء الوط‪/‬ني‪،‬‬
‫ك‪//‬ان ممكن للوالي‪//‬ات المتح‪//‬دة األمريكي‪//‬ة ودون الحاج‪//‬ة إلى استص‪//‬دار أي ق‪//‬رار من مجلس‬
‫األمن‪ ،‬أن تقوم في حال قيام أي من جنودها أو األفراد الت‪//‬ابعين له‪//‬ا بارتك‪//‬اب ج‪//‬رائم دولي‪//‬ة‬
‫بمقاضاتهم وطنيا لتجنب اختصاص المحكمة الجنائية الدولية‪، 128‬حيث هذه األخ‪//‬يرة س‪//‬تكون‬
‫غير مختصة في هذه الحالة ما لم تكن الدولة ذات االختصاص الوطني غ‪//‬ير ق‪//‬ادرة أو غ‪//‬ير‬

‫‪127‬‬
‫محمود شريف بسيوني‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية؛ مدخل لدراسة أحكام وآليات اإلنفاذ الوطني للنظام األساسي‪ ،‬الطبعة ‪127-‬‬
‫‪.‬األولى‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة ‪ ،2004،‬ص_‪197‬‬
‫‪128‬‬
‫ثقل سعد العجمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص_‪128- .54‬‬

‫‪79‬‬
‫راغبة في القيام بذلك ‪،‬كما أن المحكمة ال تقبل نظر الدعوى إال إذا كان الجرم محل الدعوى‬
‫على درجة كبيرة من الخطورة‪.129‬‬

‫سادسا‪ :‬إن هذه القرارات تحتوي على تمييز واضح بين ال‪//‬دول المس‪//‬اهمة في عملي‪//‬ات حف‪//‬ظ‬
‫الس‪//‬الم التابع‪//‬ة لألمم المتح‪//‬دة‪ ،‬حيث تف‪//‬رق بين ال‪//‬دول األط‪//‬راف في نظ‪//‬ام روم‪//‬ا األساس‪//‬ي‬
‫والدول غير األطراف‪ ،‬حيث تعطي حصانة فقط ألفراد الدول المساهمة أو تل‪//‬ك ال‪//‬تي تن‪//‬وي‬
‫المساهمة في عمليات األمم المتحدة‪ ،‬حيث تشجع على ع‪//‬دم االنض‪//‬مام إلى النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي‬
‫للمحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬

‫وإضافة إلى ذلك ف‪/‬إن ه‪/‬ذه الق‪/‬رارات تنص على فئ‪/‬ة معين‪/‬ة من األف‪/‬راد بس‪/‬بب ص‪/‬فتهم‬
‫الرسمية باعتبارهم موظفين حاليين أو سابقين ممن شاركوا في عمليات األمم المتحدة‪ ،‬وه‪//‬ذا‬
‫مخالف تماما لما تقضي به المادة ‪ 27‬من نظام روما األساسي‪.130‬‬

‫سابعا‪ :‬كذلك فإن المادة ‪ 16‬من نظام روما األساسي إنما جاءت سبيل االستثناء في ممارس‪//‬ة‬
‫المحكمة الختصاصها على الدعوى التي تنظرها‪ ،‬وله‪//‬ذا ف‪//‬إن ه‪//‬ذا االس‪//‬تثناء يجب أن يك‪//‬ون‬
‫محدودا‪ ،‬وإال سوف يكون مثل تعديل للنظ‪//‬ام األساس‪//‬ي عن طري‪//‬ق ق‪//‬رار ص‪//‬ادر من مجلس‬
‫األمن على نحو مخالف لما تقضي ب‪//‬ه الم‪//‬ادة ‪ 39‬من اتفاقي‪//‬ة فيين‪//‬ا لق‪//‬انون المعاه‪//‬دات لس‪//‬نة‬
‫‪.1969‬‬

‫و انطالق‪//‬ا مم‪//‬ا س‪//‬بق ذك‪//‬ره يتض‪//‬ح لن‪//‬ا أن ه‪//‬ذه الق‪//‬رارات الص‪//‬ادرة من مجلس األمن لم‬
‫تخالف النظام األساسي للمحكمة الجنائي‪//‬ة فحس‪//‬ب‪ ،‬ب‪//‬ل تع‪//‬دت ذل‪//‬ك إلى مخالف‪//‬ة ميث‪//‬اق األمم‬
‫المتح‪///‬دة ‪،‬ل‪///‬ذلك ف‪///‬إن المحكم‪///‬ة الجنائي‪///‬ة الدولي‪///‬ة ‪،‬باعتباره‪///‬ا محكم‪///‬ة مس‪///‬تقلة عن األمم‬
‫المتحدة ‪،‬يجب أن تبحث في مدى مشروعية هذه القرارات ‪،‬وأن تقرر ع‪//‬دم التزامه‪//‬ا به‪//‬ا إذا‬
‫وجدت عدم مشروعيتها‪،،‬والحديث هنا عن المادة ‪ 103‬من ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة غ‪//‬ير وارد‬

‫‪129‬‬
‫وذلك وفق ما تنص عليه مقتضيات المادة ‪ 17‬من نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪129- .‬‬
‫‪130‬‬
‫‪:‬تنص المادة ‪ 27‬من نظام روما األساسي على ما يلي ‪130-‬‬
‫يطبق هذا النظام األساسي على جميع األشخاص بصورة متساوية دون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية‪ .‬وبوجه خاص‪ ،‬فإن الصفة ‪1-‬‬
‫الرسمية للشخص‪ ،‬سواء كان رئيسا لدولة أو حكومة أو عضو في حكومة أو برلمان أو ممثال منتخبا أو موظفا حكوميا‪ ،‬ال تعفيه بأي‬
‫حال من األحوال من المسؤولية الجنائية بموجب هذا النظام األساسي‪ ،‬كما أنها ال تشكل‪ ،‬في حد ذاتها‪ ،‬سببا لتخفيف العقوبة؛‬
‫ال تحول الحصانات أو القواعد اإلجرائية الخاصة التي قد ترتبط بالصفة الرسمية للشخص‪ ،‬سواء كانت في إطار القوانين الوطنية ‪2-‬‬
‫‪.‬أو الدولية‪ ،‬دون ممارسة المحكمة اختصاصها على هذا الشخص‬

‫‪80‬‬
‫ألن المخاطب بهذا النص الدول األعضاء في األمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية ليس‪//‬ت‬
‫دولة وليست عضوا في األمم المتحدة‪.131‬‬

‫المبحث‪ :‬هيمنة مجلس األمن على المحكمة الجنائية الدولية في إقرار جريمة‬
‫العدوان‬
‫نظرا لخطورة جريمة العدوان وباعتبارها أم الجرائم في الق‪//‬انون ال‪//‬دولي ‪،‬مم‪//‬ا يزي‪//‬د من‬
‫أهمية التصدي لها وعقاب مرتكبيها بأشد العقاب‪ ،‬ولذلك منح مجلس األمن سلطة مطلق‪//‬ة في‬
‫اإلقرار بوقوعها (المطلب األول) طبق‪/‬ا ألحك‪/‬ام الم‪/‬ادة ‪ 39‬من ميث‪/‬اق األمم المتح‪/‬دة ‪،‬وذل‪/‬ك‬
‫رغم إدراج ه‪//‬ذه الجريم‪//‬ة ض‪//‬من اختص‪//‬اص المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة ‪،‬بحيث ع‪//‬دم التوص‪//‬ل إلى‬
‫تعريفها جعل نظام روما األساسي يعلق اختصاص المحكمة بنظرها إلى حين اعتماد تعريف‬
‫بشأنها ‪،‬وأنه حتى بعد التوصل إلى هذا التعري‪//‬ف خالل م‪//‬ؤتمر كمب‪//‬اال االستعراض‪//‬ي لس‪//‬نة‬
‫‪131‬‬
‫تنص ‪ 103‬من ميثاق األمم المتحدة على ما يلي " إذا تعارضت االلتزامات التي يرتبط بها أعضاء األمم المتحدة وفقا ‪131-‬‬
‫‪".‬ألحكام هذا الميثاق مع أي التزام دولي آخر يرتبطون به فالعبرة بالتزاماتهم المترتبة على هذا الميثاق‬

‫‪81‬‬
‫‪ ، 2010‬م‪//‬ا زالت المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة تواج‪//‬ه ص‪//‬عوبة في مواجه‪//‬ة ه‪//‬ذا الن‪//‬وع من‬
‫الجرائم (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬خضوع اإلقرار بوقوع جريمة العدوان للسلطة المطلقة لمجلس األمن‬
‫يتمتع مجلس األمن الدولي عند تكييف‪//‬ه لح‪/‬االت وق‪/‬وع الع‪//‬دوان ال‪//‬دولي بس‪/‬لطة تقديري‪//‬ة‬
‫واسعة ‪،‬وهي سلطة أصيلة مقررة له في كل من ميثاق األمم المتحدة ؛وقرار الجمعية العام‪//‬ة‬
‫لألمم المتح‪//‬دة رقم ‪ 3314‬الص‪//‬ادر في ‪ 14‬دجن‪//‬بر ‪ 1321974‬؛وك‪//‬ذلك من خالل أعم‪//‬ال‬
‫مؤتمر كمباال االستعراض‪/‬ي لس‪/‬نة ‪ 2010‬بش‪/‬أن تع‪/‬ديل النظ‪/‬ام األساس‪/‬ي للمحكم‪/‬ة الجنائي‪/‬ة‬
‫(الفقرة األولى) ‪،‬و يمتد نطاقها إلى استنتاج وقوع هذه الجريم‪//‬ة و إلى اس‪//‬تخالص الظ‪//‬روف‬
‫المحيطة بارتكابها‪ ،‬وهي المعلومات التي قد تفيد المدعي العام عند التحقيق في هذه الجريمة‬
‫‪،‬غير أن السماح لمجلس األمن بهذه السلطة المطلقة في تقرير جريمة العدوان تترتب عليه‪//‬ا‬
‫مجموعة من اآلثار (الفقرة الثانية) ‪،‬تتجلى في اتخاد المجلس التدابير القمعية لمواجهة الدولة‬
‫المرتكبة لهذه الجريمة ‪،‬و إحالة المسؤولين عن ارتكابها على المحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬األساس القانوني التقديرية لمجلس األمن في اإلقرار بوقوع جريمة‬
‫العدوان‬
‫يعتبر مجلس األمن الجهة المختصة طبقا ألحكام ميثاق األمم المتحدة بتحديد وقوع عم‪//‬ل‬
‫من أعمال العدوان‪ ،‬وتعد قراراته نافذة في مواجهة الدول األعضاء في األمم المتحدة‪ ،‬وذلك‬
‫بموجب نصوص ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬وتماشيا مع ما تق‪//‬دم ف‪//‬إن مجلس األمن ال‪//‬دولي يتمت‪//‬ع‬
‫عند تقريره ما إذا كان ما وقع يمثل تهديد الس‪/‬لم أو اإلخالل ب‪//‬ه أو عمال من أعم‪//‬ال الع‪//‬دوان‬
‫بسلطة تقديرية كاملة طبقا للمادة ‪ 39‬من الميثاق‪.133‬‬

‫يستطيع مجلس األمن كذلك أن يضع ما يشاء من المعايير لتحديد أحوال تدخله‪ ،‬وإن كان‬
‫المجلس قد جرى على عدم وضع ضوابط معين‪/‬ة بش‪/‬أن م‪/‬ا يع‪/‬رض علي‪/‬ه من وق‪/‬ائع‪ ،‬بحيث‬
‫ينظر في كل حالة على حدة لتقرير ما إذا ك‪/‬انت تش‪/‬كل تهدي‪/‬دا للس‪/‬لم أو إخالال ب‪/‬ه ‪،‬أو عمال‬
‫‪132‬‬
‫الذي عرف العدوان بأنه " استعمال القوة المسلحة من قبل دولة ضد سيادة دولة أخرى أو سالمتها اإلقليمية أو استقاللها ‪132-‬‬
‫السياسي أو بأية صورة أخرى تتنافي مع ميثاق األمم المتحدة وفقا لنص هذا التعريف " حسب المادة األولى من قرار الجمعية العامة‬
‫‪.‬رقم ‪ 3314‬لسنة ‪1974‬‬
‫‪133‬‬
‫تنص المادة ‪ 39‬من ميثاق األمم المتحدة على أنه " يقرر مجلس األمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخالل به أو كان ما ‪133-‬‬
‫وقع عمال من أعمال العدوان‪ ،‬ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقا ألحكام المادتين ‪ 41‬و‪ 42‬لحفظ السلم‬
‫‪".‬واألمن الدولي أو إعادته إلى نصابه‬

‫‪82‬‬
‫عدوانيا ‪،‬وال تملك الدول حق الطعن في قراره‪ ،‬و تجدر اإلشارة إلى أن مجلس األمن امتن‪//‬ع‬
‫عن استعمال مصطلح العدوان في حاالت عديدة‪ ،‬منها غ‪//‬زو الع‪//‬راق للك‪//‬ويت س‪//‬نة ‪،1990‬‬
‫لكن عند قيام العراق في فترة الحقة بغزو الكويت بإلغ‪//‬اء البعث‪//‬ات الدبلوماس‪//‬ية القنص‪//‬لية في‬
‫الكويت وسحب االمتيازات والحص‪//‬انات من تل‪//‬ك البعث‪//‬ات وموظفيه‪//‬ا‪ ،‬أص‪//‬در مجلس األمن‬
‫قرارا آخر يصف هذه األعمال باألعمال العدوانية‪ ،‬مما يؤك‪//‬د انتقائي‪//‬ة مجلس األمن وتعامل‪//‬ه‬
‫الكيفي في تحديد وقوع عمل من أعمال العدوان‪. 134‬‬

‫طبق‪//‬ا ألحك‪//‬ام ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة وللق‪//‬رار ‪ 3314‬الص‪//‬ادر عن الجمعي‪//‬ة العام‪//‬ة لألمم‬
‫المتحدة سنة ‪، 1974‬يعد مجلس األمن الجهة المختص‪/‬ة بتك‪/‬ييف الفع‪/‬ل ال‪/‬ذي وق‪/‬ع على أن‪/‬ه‬
‫يشكل عمال من أعمال العدوان‪ ،‬هذه السلطة التقديرية التي يتمتع بها مجلس األمن مس‪//‬توحاة‬
‫من نص المادة ‪ 39‬من ميثاق األمم المتحدة ‪،‬وذل‪//‬ك لحف‪//‬ظ الس‪//‬لم واألمن ال‪//‬دولي ‪،‬أو إعادت‪//‬ه‬
‫إلى نصابه ‪،‬فإذا قرر المجلس أن األعمال التي صدرت عن دولة ما تش‪//‬كل عمال من أعم‪//‬ال‬
‫الع‪///‬دوان طبق‪///‬ا للم‪///‬ادة الس‪///‬ابقة ‪،‬ف‪///‬إن الدول‪///‬ة المعتدي‪///‬ة تك‪///‬ون مس‪///‬ؤولة دولي‪///‬ا عن ه‪///‬ذه‬
‫األعم‪//‬ال ‪،‬وتك‪//‬ون عرض‪//‬ة لتوقي‪//‬ع الج‪//‬زاءات الدولي‪//‬ة ‪،‬فض‪//‬ال عن مس‪//‬ؤوليتها عن تع‪//‬ويض‬
‫األض‪//‬رار ال‪//‬تي أح‪//‬دثتها نظ‪//‬را العتب‪//‬ار الع‪//‬دوان جريم‪//‬ة دولي‪//‬ة ت‪//‬دخل في نظ‪//‬ام الج‪//‬زاءات‬
‫‪135‬‬
‫الجماعية المقررة في ميثاق األمم المتحدة والنظام القانوني للمسؤولية الدولية‪.‬‬

‫ظلت جريمة العدوان مج‪/‬رد مص‪//‬طلح سياس‪/‬ي تفس‪/‬ره ك‪//‬ل دول‪//‬ة وف‪/‬ق رؤيته‪//‬ا السياس‪/‬ية‬
‫ومصالحها الحيوية‪ ،‬فلم ينل هذا المصطلح التحديد القانوني له إال في القرن العشرين‪ ،‬وذل‪//‬ك‬
‫نتيجة التنظيم القانوني الذي توصل إليه المجتمع الدولي‪ ،‬وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية‬
‫في سنة ‪1945‬؛ وتأتي بذلك مشكلة تعريفه في صدارة المشاكل التي تثيرها هذه الجريمة‪.‬‬

‫إن تحديد الجهة التي تقرر وجود حالة العدوان ‪،‬هو أهم شرط لممارسة المحكمة الجنائية‬
‫الدولية الختصاصها إزاء هذه الجريمة الدولية ‪،‬وقد أك‪//‬دت ال‪//‬دول الدائم‪//‬ة العض‪//‬وية بمجلس‬

‫‪134‬‬
‫سرمد عامر عباس‪ ،‬عالقة المحكمة الجنائية الدولية بمجلس األمن وآليات النفاذ الوطني لجريمة العدوان طبقا لتعديالت ‪134-‬‬
‫كمباال مقال منشور على الموقع اإللكتروني‬ ‫?‪: Www.iasj.net/aisj‬مؤتمر‬
‫‪fumc:fultexkaid99247‬‬
‫‪135‬‬
‫تباني يعقوب؛ فيثة تهاني‪ ،‬سلطات مجلس األمن في ظل القضاء الجنائي الدولي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر‪ ،‬تخصص قانون ‪135-‬‬
‫دولي وعالقات دولية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة محمد الصديق بن يحيى تاسوست جيجل‪ ،2016/2017 ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.‬ص_‪66‬‬

‫‪83‬‬
‫األمن خاصة الواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا على أن اعتبار ه‪//‬ذه الجريم‪//‬ة ت‪//‬دخل في‬
‫اختصاص المحكمة الجنائي‪/‬ة الدولي‪/‬ة ال ي‪/‬ؤثر مطلق‪/‬ا على ص‪/‬الحيات مجلس األمن المق‪/‬ررة‬
‫بم‪//‬وجب الفص‪//‬ل الس‪//‬ابع من ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة ‪،‬وال‪//‬تي بموجبه‪//‬ا ينف‪//‬رد مجلس األمن في‬
‫تقرير حالة الع‪//‬دوان ‪،‬وتحدي‪//‬د الط‪//‬رف المعت‪//‬دي ‪،‬مؤك‪//‬دين نص الم‪//‬ادة ‪ 39‬من ميث‪//‬اق األمم‬
‫المتحدة في أن يقرر مجلس األمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخالل ب‪//‬ه أو وق‪//‬ع عم‪//‬ل‬
‫من أعمال العدوان‪.136‬‬

‫بصفة عامة‪ ،‬يتبين أن تحديد وقوع الفعل العدواني‪ ،‬بموجب الم‪//‬ادة ‪ 39‬من ميث‪//‬اق األمم‬
‫المتحدة ‪،‬هي مسألة سياسية‪ ،‬وليست مسألة قانوني‪//‬ة ‪،‬باعتب‪//‬ار أن مس‪//‬ألة تحدي‪//‬د م‪//‬ا إذا ك‪//‬انت‬
‫بعض الحاالت تشكل تهديد أو إخالال بالسلم أو تتضمن عمال من أعمال العدوان ال يمكن أن‬
‫ينظر فيه‪//‬ا على المس‪//‬توى القض‪//‬ائي باس‪//‬تعمال التفك‪//‬ير الق‪//‬انوني‪ ،‬ألن‪//‬ه ال توج‪//‬د أي مع‪//‬ايير‬
‫قانونية من خاللها يمكن الوصول إلى اتخ‪/‬اذ ق‪/‬رار في ه‪/‬ذا المج‪/‬ال‪ ،‬ب‪/‬ل هي مس‪/‬ألة تخض‪/‬ع‬
‫لقرار سياسي لقضايا واقعية ال تتقيد ب‪/‬أي ح‪/‬ال من األح‪/‬وال باالعتب‪/‬ارات القانوني‪/‬ة ‪،‬فتحدي‪/‬د‬
‫وقوع العمل العدواني يشمل أكثر من مجرد استيفاء لمعايير قانونية ‪،‬فالتقييم في ه‪/‬ذا اإلط‪/‬ار‬
‫يستدعي تقدير الوقائع ذات الصلة والوضع السياسي الدولي القائم من أجل تحديد ما إذا ك‪//‬ان‬
‫من المبرر أن يعطي وصفا محدودا‪ ،‬وما إذا كان الوصف سوف يعزز مص‪//‬الح حف‪//‬ظ األمن‬
‫و السلم الدوليين ‪،‬وهذه العملية هي من عمل جهاز سياسي وليس جهاز قضائيا‪.‬‬

‫تم التأكيد على أن األعمال التحضيرية لوضع ميثاق األمم المتحدة تدعم تفسير المادة ‪39‬‬
‫من الميثاق على أس‪//‬اس أنه‪//‬ا تعطي لمجلس األمن س‪//‬لطة حص‪//‬رية فيم‪//‬ا يتعل‪//‬ق ب‪//‬التحقق من‬
‫وجود عمل عدواني‪ ،‬بحيث أن إغفال إيراد تعريف للعمل ف ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة ك‪//‬ان عن‬
‫قصد‪ ،‬فخالل مؤتمر سان فرانسيسكو إلنشاء منظمة األمم المتحدة سنة ‪ ،1945‬دعت العديد‬
‫من وفود ال‪//‬دول إلى وض‪//‬ع تعري‪//‬ف لعب‪//‬ارات " تهدي‪//‬د الس‪//‬لم"؛"اإلخالل بالس‪//‬لم"؛ و "العم‪//‬ل‬
‫العدواني"‪ ،‬وفي هذا اإلطار تقدمت بوليفي‪//‬ا والفل‪//‬بين بمقترح‪//‬ات حقيقي‪//‬ة في ه‪//‬ذا الخص‪//‬وص‬
‫ولكن كانت محل نقاش‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫فوزية ميهوب‪ ،‬فعالية المحكمة الجنائية الدولية في ضوء العالقة القائمة بينها وبين هيئة األمم المتحدة‪ ،‬رسالة لنيل شهادة ‪136-‬‬
‫‪.‬الماستر‪ ،‬تخصص قانون عام‪ ،‬جامعة باجي مختار عنابة ‪ ،2011،‬الجزائر‪ ،‬ص_‪206‬‬

‫‪84‬‬
‫يفسر الفقه ممارس‪//‬ة مجلس األمن بتفض‪//‬يله مص‪//‬طلح تهدي‪//‬د الس‪//‬لم واألمن ال‪//‬دوليين عن‬
‫مفهوم العدوان ‪،‬في أنه يريد دائما أن يبقى محايدا في تعامله مع األزمات الدولية المعروضة‬
‫عليه‪ ،‬ويبتعد عن دائرة تبادل االتهامات‪ ،‬حتى يتيح الفرصة أن تسوى تلك األزمات بالطرق‬
‫السلمية‪ ،‬وسبب ع‪//‬دم اهتم‪//‬ام مجلس األمن في الس‪//‬نوات الماض‪//‬ية بتحدي‪//‬د حال‪//‬ة الع‪//‬دوان في‬
‫قرارات‪//‬ه المتخ‪//‬ذة في إط‪//‬ار الفص‪//‬ل الس‪//‬ابع من ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة راج‪//‬ع إلى أن فك‪//‬رة‬
‫المسؤولية المترتبة عن العدوان في القانون الدولي ‪،‬كانت محص‪//‬ورة في المس‪//‬ؤولية المدني‪//‬ة‬
‫فقط المتمثلة في التعويض ‪،‬ولم يتعدى األمر إلى تقرير المسؤولية الجنائية للفرد‪.137‬‬

‫بناء على ذلك فحصيلة مجلس األمن بخصوص القرارات التي أص‪/‬درها بش‪/‬أن الع‪/‬دوان‬
‫هي قليلة جدا‪ ،‬ولكن رغم ذلك فواضعي النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية اتفقوا عن‪//‬د‬
‫اختتام أشغال مؤتمر روم‪//‬ا على ع‪//‬دم المس‪//‬اس بص‪//‬الحية مجلس األمن المكرس‪//‬ة في الم‪//‬ادة‬
‫‪ 39‬من الميثاق ‪،‬و اعتبروا أن إص‪//‬دار ق‪//‬رار أولي من مجلس األمن يق‪//‬رر في‪//‬ه وق‪//‬وع فع‪//‬ل‬
‫عدواني من قبل دول‪//‬ة ض‪//‬د دول‪//‬ة أخ‪/‬رى يع‪//‬د ش‪/‬رط أساس‪/‬ي من ش‪/‬روط ممارس‪/‬ة المحكم‪//‬ة‬
‫الختصاصها على جريمة العدوان ‪،‬فب‪//‬دون وج‪//‬ود ه‪//‬ذا الق‪//‬رار األولي من مجلس األمن ف‪//‬إن‬
‫اختصاص المحكمة بشأن هذه الجريمة ال ينعق‪/‬د‪ ،‬ولإلش‪/‬ارة ف‪/‬إن ش‪/‬رط الق‪/‬رار األولي ق‪/‬د تم‬
‫تكريسه في تعديالت مؤتمر كمباال لسنة ‪.1382010‬‬

‫ي‪//‬ترتب عن إعط‪//‬اء مجلس األمن س‪//‬لطة حص‪//‬رية في التحدي‪//‬د المس‪//‬بق لوق‪//‬وع الفع‪//‬ل‬
‫العدواني وجوب أال تمارس المحكمة الجنائية الدولية اختصاصها بشأن جريمة الع‪//‬دوان ‪،‬م‪//‬ا‬
‫لم يحدد مجلس األمن وقوع الفعل العدواني‪ ،‬كما أنها إذا مارس‪//‬ت المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‬
‫اختصاصها فيجب أن يكون دورها مقتص‪//‬را على تحدي‪//‬د مق‪//‬دار المس‪/‬ؤولية ال‪//‬تي تع‪//‬ود على‬
‫الفرد في ارتكاب الدولة للعمل العدواني‪ ،‬وإصدار حكم اإلدانة على هذا الش‪//‬خص إذا ق‪//‬درت‬
‫أنه مذنب‪ ،‬ووفق‪//‬ا له‪//‬ذا التص‪//‬ور فإن‪//‬ه إذا ق‪//‬رر مجلس األمن أال يتص‪//‬رف مطلق‪//‬ا ‪،‬فالمحكم‪//‬ة‬
‫الجنائية الدولية ستقوم بالشيء نفسه ‪،‬لكن إذا قرر مجلس األمن التص‪//‬رف والبت بخص‪//‬وص‬
‫العمل العدواني سواء بإسناده إلى الدولة المعنية أو إعفائه‪//‬ا من مس‪//‬ؤولية ه‪//‬ذا العم‪//‬ل ‪،‬فمث‪//‬ل‬
‫‪137‬‬
‫عبد القادر بوبي‪ ،‬عالقة مجلس األمن بالمحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام؛ تخصص ‪137-‬‬
‫‪.‬القانون الدولي العام‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة وهران ‪ ،2011‬الجزائر‪ ،‬ص_‪301‬‬
‫‪138‬‬
‫مرجع نفسه‪ ،‬ص_‪138- .302‬‬
‫‪85‬‬
‫ه‪//‬ذا الق‪//‬رار يعت‪//‬بر نهائي‪//‬ا وملزم‪//‬ا للمحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة بغض النظ‪//‬ر عن مش‪//‬روعيته‬
‫القانونية‪.139‬‬

‫نستخلص من خالل ما سبق أن السلطات التي يتمتع بها مجلس األمن في مج‪//‬ال اإلق‪//‬رار‬
‫بوقوع جريم‪//‬ة الع‪//‬دوان‪ ،‬أن‪//‬ه ال يمكن ل‪//‬ه في ك‪//‬ل الح‪//‬االت أن يق‪//‬رر في مك‪//‬ان المحكم‪//‬ة إن‬
‫وقعت هذه الجريمة أم ال‪ ،‬إذ تستقل عنه في البحث عن مدى توفر أركانه‪//‬ا وعن األش‪//‬خاص‬
‫المسؤولين عن ارتكابها وال يمكن له أن يقي‪//‬د اختصاص‪//‬ها ب‪//‬النظر في ه‪//‬ذه الجريم‪//‬ة إال عن‬
‫طريق اإلقرار بعدم وقوعها أو إرجاء اختصاصها بعد تحريكه من طرفه أو من قبل المدعي‬
‫العام أو الدول األطراف‪.‬‬

‫وأخ‪//‬يرا‪ ،‬يمكن الق‪//‬ول إن ممارس‪//‬ة مجلس األمن لس‪//‬لطته التقديري‪//‬ة المطلق‪//‬ة في اإلق‪//‬رار‬
‫بوق‪//‬وع الع‪//‬دوان تس‪//‬تند أساس‪//‬ا إلى أحك‪//‬ام ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة‪ ،‬وال يتقي‪//‬د ب‪//‬ذلك إال بح‪//‬دود‬
‫محدودة‪ ،‬وهو ما يفسر عدم استفادة المحكمة من سلطاته في مكافحة جرائم الع‪//‬دوان وانع‪//‬دام‬
‫الفائدة من إدراجها ض‪//‬من اختصاص‪//‬ها في ظ‪//‬ل هيمنت‪//‬ه على اإلق‪//‬رار بوقوعه‪//‬ا‪ ،‬خاص‪//‬ة أن‬
‫النظام األساسي للمحكمة ال يضع شروط فعلية للحد من تعسفه في ممارسة هذه السلطات‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األثار المترتبة على تمتع مجلس بالسلطة التقديرية في اإلقرار بوقوع‬
‫جريمة العدوان‬
‫تتمث‪//‬ل األث‪//‬ار القانوني‪//‬ة المترتب‪//‬ة عن تمت‪//‬ع مجلس األمن بالس‪//‬لطة التقديري‪//‬ة الواس‪//‬عة في‬
‫اإلقرار بوقوع جريمة العدوان في حريته في اتخ‪/‬اد الت‪//‬دابير القمعي‪//‬ة ل‪//‬ردع ال‪//‬دول المرتكب‪//‬ة‬
‫لهذه الجريمة وفي إحالة األشخاص المسؤولين عن ذلك إلى المحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار انقسم الفقه ال‪//‬دولي ح‪/‬ول ن‪//‬وع الت‪//‬دابير ال‪//‬تي يتخ‪/‬ذها مجلس األمن عن‪//‬د‬
‫وقوع الحاالت الواردة في الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة‪ ،‬لكن غ‪//‬البيتهم ي‪//‬رون أن‪//‬ه‪،‬‬
‫في حالة وقوع تهديد للسلم واألمن الدوليين‪ ،‬يستلزم عليه أن يتخذ إج‪/‬راءات لمن‪/‬ع ذل‪/‬ك‪ ،‬أم‪/‬ا‬

‫‪139‬‬
‫إبراهيم محمد العناني‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬المجلس األعلى للثقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،2006 ،‬ص‪139- .122‬‬

‫‪86‬‬
‫في حالة وقوع إخالل بهما يجب عليه أن يتخذ إجراء مش‪//‬ابه ل‪//‬ذلك‪ ،‬في حين يتخ‪//‬ذ دائم‪//‬ا في‬
‫حالة ارتكاب العدوان تدابير قمعية وعقابية‪.140‬‬

‫لم يدل هذا التمييز في الم‪//‬ادة ‪ 39‬من الميث‪//‬اق‪ ،‬على إل‪//‬زام مجلس األمن ب‪//‬احترام ت‪//‬درج‬
‫الحاالت الواردة في الفصل السابع منه‪ ،‬لكنه ملزم بعدم اللج‪/‬وء إلى اس‪/‬تخدام الق‪/‬وة المس‪/‬لحة‬
‫في حالة عدم وقوع إخالل بالسلم الدولي‪ ،‬وفي هذه الحالة يمكن التمييز بين احتمالين‪ ،‬األول‬
‫يتعلق بحالة ما إذا انتهى العمل العدواني ولم ي‪//‬ؤدي إلى وق‪//‬وع ن‪//‬زاع جدي‪//‬د‪ ،‬والث‪//‬اني يتعل‪//‬ق‬
‫بحالة ما إذا ترتب عن العدوان وقوع نزاع شامل وغير محدود‪.141‬‬

‫يقوم المجلس في الحالة األولى باتخاذ كل اإلجراءات الالزمة للحف‪//‬اظ على الس‪//‬لم واألمن‬
‫ال‪//‬دوليين‪ ،‬وال تتض‪//‬من ه‪//‬ذه اإلج‪//‬راءات ت‪//‬دابير قمعي‪//‬ة ض‪//‬د الدول‪//‬ة المعتدي‪//‬ة‪ ،‬ألن‪//‬ه في ه‪//‬ذه‬
‫الحاالت ال يعين فيها الطرف المعت‪//‬دي‪ ،‬إذ يكتفي فق‪//‬ط بطلب ال‪//‬دول أط‪//‬راف ال‪//‬نزاع بوق‪//‬ف‬
‫إطالق النار أو سحب قواتهما حتى الحدود الدولية بينهم‪//‬ا‪ ،‬والبحث عن الط‪//‬رق الدبلوماس‪//‬ية‬
‫لحل النزاع‪.‬‬

‫تعد اإلجراءات المذكورة أعاله بكونه‪//‬ا غ‪//‬ير كافي‪//‬ة لوق‪//‬ف الع‪//‬دوان المفض‪//‬ي إلى وق‪//‬وع‬
‫نزاع شامل وغير محدود‪ ،‬إذ يقررها فقط في حالة م‪//‬ا إذا لم يس‪//‬تمر الع‪//‬دوان لف‪//‬ترة طويل‪//‬ة‪،‬‬
‫ويتمتع بسلطة تقديرية واسعة لتقييم مدى نجاعتها ومناسبتها لوقف العدوان‪.‬‬

‫وعلي‪//‬ه‪ ،‬إذا رأى مجلس األمن أن الت‪//‬دابير ال‪//‬تي اتخ‪//‬ذها ال توق‪//‬ف الع‪//‬دوان‪ ،‬ولم تض‪//‬من‬
‫الحفاظ على السلم واألمن الدوليين بسبب اس‪/‬تمرار ال‪/‬نزاع ووقع‪/‬ه على نط‪/‬اق ش‪/‬امل وغ‪/‬ير‬
‫محدود‪ ،‬ففي هذه الحالة يجوز له أن يقرر اإلجراءات األخرى المنصوص عليها في الفص‪//‬ل‬
‫السابع من الميثاق‪ ،‬والتي تتضمن أهم التدابير القمعية ال‪/‬تي يس‪/‬تطيع أن يتخ‪/‬ذها ض‪/‬د الدول‪/‬ة‬
‫المعتدية‪ ،‬كما يسمح للدولة المعتدى عليها بالدفاع الشرعي عن نفسها‪.142‬‬
‫‪140_Forteau Mathias, Droit de la sécurité collective et Droit de la responsabilité‬‬
‫‪140‬‬

‫‪internationale de L’Etas, Édition, A, pedone, paris,2006, p61.‬‬


‫‪141‬‬
‫شيتر عبد الوهاب‪ ،‬صالحيات مجلس األمن على ضوء النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة ‪141-‬‬
‫‪.‬الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود المعمري تيزي وزو‪ ،‬الجزائر‪ ،2014 ،‬ص_‪68‬‬
‫‪142‬‬
‫وفي هذا اإلطار ‪،‬تمارس الدولة حقها الطبيعي في الدفاع الشرعي عن نفسها‪ ،‬استنادا إلى المادة ‪ 51‬من ميثاق األمم ‪142-‬‬
‫المتحدة ‪،‬وهذا حتى في حالة اتخاذ مجلس األمن تدابير قمعية ضد الدولة المعتدية ‪،‬ولكن يتم ذلك في حدود معينة‪ ،‬وهو ما أكدت عليه‬
‫محكمة العدل الدولية في قضية األنشطة العسكرية األوغندية في جمهورية الكونغو الديمقراطية ‪،‬والتي قضت فيها بأن كل العمليات‬
‫العسكرية التي اتخذتها جمهورية الكونغو ضد أوغندا بعد ‪ 2‬غشت ‪( 1998‬تاريخ بداية العدوان األوغندي) مشروعة ومبنية على‬
‫أساس حق الدفاع الشرعي المنصوص عليه في المادة ‪ 51‬من الميثاق ( أنظر تقرير محكمة العدل الدولية ‪ 1‬غشت ‪31/ 2012‬‬
‫‪87‬‬
‫يعمل في هذه الحالة على اس‪/‬تعادة الس‪/‬لم ال‪/‬ذي تم انتهاك‪/‬ه بس‪/‬بب فع‪/‬ل الع‪/‬دوان‪ ،‬ويتخ‪/‬ذ ك‪/‬ل‬
‫التدابير القمعية لوضع حد لها‪ ،‬أما في حالة ما إذا توقف هذا الع‪//‬دوان فيكتفي باتخ‪//‬اذ موق‪//‬ف‬
‫أو تدابير مؤقتة يدين فيها العمل غير المشروع الذي تقترفه الدولة‪ ،‬مثل ما قام بذلك بمناسبة‬
‫الع‪//‬دوان اإلس‪//‬رائيلي على ت‪//‬ونس س‪//‬نة ‪، 1431988‬ولكن غ‪//‬ير مل‪//‬زم باتخ‪//‬اذ ه‪//‬ذا الن‪//‬وع من‬
‫التدابير‪ ،‬إذ يجوز له أن يفضل عدم تعيين الطرف المعتدي لكي يقدم فرصة ألطراف النزاع‬
‫لحل النزاع بالطرق السلمية الواردة في الفصل السادس من الميثاق‪.144‬‬

‫تتمثل التدابير التي يمكن أن يتخذها في إطار ممارسته لمهام‪//‬ه في قم‪//‬ع جريم‪//‬ة الع‪//‬دوان‬
‫في نزع السالح عن المعتدي أو فرض الحصار العسكري عليه‪ ،‬وقطع العالقات الدبلوماسية‬
‫معه أو التدخل عسكريا لوقف عدوانه‪ ،‬وهي تدابير متنوع‪//‬ة يتخ‪//‬ذها اس‪//‬تنادا للم‪//‬ادتين ‪ 41‬و‬
‫‪ 42‬من ميثاق األمم المتحدة‪.145‬‬

‫تترتب عن قراراته المتض‪/‬منة الت‪/‬دابير القمعي‪/‬ة ال‪/‬واردة في الفص‪/‬ل الس‪/‬ابع من الميث‪/‬اق‬


‫التزامات على الدول غير األطراف في النزاع‪ ،‬وتتمثل في التزامها بعدم االع‪//‬تراف بالحال‪//‬ة‬
‫المنشأة بعد العدوان‪ ،‬وذل‪//‬ك حس‪/‬ب الفق‪//‬رة األولى من الم‪//‬ادة ‪ 41‬من مش‪/‬روع لجن‪//‬ة الق‪//‬انون‬
‫الدولي ح‪/‬ول مس‪/‬ؤولية الدول‪/‬ة عن األعم‪/‬ال غ‪/‬ير المش‪/‬روع دولي‪/‬ا لس‪/‬نة ‪ ،2001‬ثم حس‪/‬ب‬
‫أحكام محكمة العدل الدولية وقرارات المجلس بحد ذاته‪.146‬‬

‫تلتزم الدول المشار إليها أعاله بع‪//‬دم االع‪//‬تراف ب‪//‬التغيرات ال‪//‬تي تط‪//‬رأ على إقليم الدول‪//‬ة‬
‫المعتدي‪//‬ة أو على ح‪//‬دودها‪ ،‬ألن وس‪//‬ائل الض‪//‬م واكتس‪//‬اب اإلقليم ب‪//‬الطرق غ‪//‬ير المش‪//‬روعة‬

‫‪.‬يوليوز ‪، 2013‬ص_‪)25‬‬
‫‪143‬‬
‫‪143_Forteau Mathias, op, cit, p62.‬‬
‫أنظر المواد من ‪ 33‬إلى ‪ 38‬من ميثاق األمم المتحدة‪144- .‬‬
‫‪144‬‬

‫‪145‬‬
‫تنص المادة ‪ 41‬من ميثاق األمم المتحدة على أنه " لمجلس األمن أن يقرر ما يجب اتخاذ من التدابير التي ال تتطلب استخدام ‪145-‬‬
‫القوات المسلحة لتنفيذ قراراته‪ ،‬وله أن يطلب إلى أعضاء األمم المتحدة تطبيق هذه التدابير‪ ،‬ويجوز أن يكون من بينها وقف الصالت‬
‫االقتصادية والمواصالت الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية والالسلكية وغيرها من وسائل المواصالت وقفا جزئيا أو كليا‬
‫وقطع " كما تنص المادة ‪ 42‬من نفس الميثاق على أنه" إذا رأى مجلس األمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة ‪ 41‬ال تفي‬
‫بالغرض أو تبث أنها لم تف به‪ ،‬جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من األعمال ما يلزم لحفظ السلم واألمن‬
‫الدولي أو إلعادته إلى نصابه ‪،‬ويجوز أن تتناول هذه األعمال المظاهرات والحصر والعمليات األخرى بطريق القوات الجوية أو‬
‫‪ ".‬البحرية أو البرية التابعة العضاء األمم المتحدة‬
‫‪146‬‬
‫‪146_ Kamto Maurice, L’agression en Droit Internationale, pedone, paris,2010, p228.‬‬
‫‪88‬‬
‫يحضرها القانون الدولي‪ ،‬وهو ما ساندته محكمة العدل الدولي‪//‬ة في رأيه‪//‬ا االستش‪/‬اري ح‪/‬ول‬
‫اآلثار القانونية للتواجد لجنوب إفريقيا في ناميبيا‪.147‬‬

‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬تمتنع الدول غير األطراف عن التعامل مع الدولة المعتدية في ك‪//‬ل م‪//‬ا‬
‫يتعلق باإلقليم المعتدى عليه‪ ،‬وال يجوز لها حتى الدخول معها في عالقات سياسية أو تجارية‬
‫فيما يتصل بهذا اإلقليم‪ ،‬وتلتزم بعدم تقديم المس‪//‬اعدة للدول‪//‬ة المعتدي‪//‬ة بالتع‪//‬اون م‪//‬ع المنظم‪//‬ة‬
‫لوضع حد نهائي له‪.‬‬

‫من جهتها‪ ،‬ال يمكن للمحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬أن تعقد اختصاص‪//‬ها ب‪//‬النظر في جريم‪//‬ة‬
‫العدوان إال إذا قرر مجلس األمن وقوع هذه الجريمة‪ ،‬إذ يتقي‪//‬د اختصاص‪//‬ها ب‪//‬النظر في ه‪//‬ذه‬
‫الجريمة بضرورة صدور قرار مسبق منه يقرر فيه بوقوعها‪ ،‬ويمكن بموجب هذا القرار أن‬
‫يقرر من تلقاء نفسه إحالة األشخاص المسؤولين عن ارتكاب هذه الجريمة إلى المدعي الع‪//‬ام‬
‫للمحكمة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تقييد اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بنظر جريمة العدوان‬
‫بعد تعديالت مؤتمر كمباال‬
‫في حالة تبوث وقوع جريمة العدوان‪ ،‬جاز للمحكمة الجنائي‪/‬ة الدولي‪/‬ة أن تث‪/‬ير مس‪/‬ؤولية‬
‫مرتكبيها وتوقيع العقوبات المناسبة عليهم وفقا لنظامها األساسي‪ ،‬ولكن تلتزم بمراعاة بعض‬
‫الشروط‪ ،‬بعضها وارد في نظامها األساسي؛ أو ما تسمى بالشروط العام‪//‬ة (الفق‪//‬رة األولى)‪،‬‬
‫والبعض اآلخر يتمثل في صدور قرار مس‪//‬بق من مجلس األمن يق‪//‬رر في‪//‬ه بوق‪//‬وع الع‪//‬دوان‪،‬‬
‫وه‪/‬و الش‪/‬رط ال‪/‬ذي أض‪/‬افته التع‪/‬ديالت ال‪/‬تي أدخلت على نظ‪/‬ام روم‪/‬ا األساس‪/‬ي بخص‪/‬وص‬
‫جريمة العدوان في مؤتمر كمباال لسنة ‪( 2010‬الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الشروط العامة‬


‫وردت الشروط العامة لممارسة المحكمة الختصاص‪//‬ها ب‪//‬النظر في جريم‪//‬ة الع‪//‬دوان في‬
‫األحك‪//‬ام المش‪//‬تركة لنظامه‪//‬ا األساس‪//‬ي‪ ،‬وهي تنطب‪//‬ق على ك‪//‬ل الج‪//‬رائم ال‪//‬تي ت‪//‬دخل ض‪//‬من‬
‫اختصاصها‪ ،‬ولكن تعديالت مؤتمر كمباال خصت هذه الجريمة بشروط اضافية متم‪//‬ايزة عن‬
‫‪147‬‬
‫أنظر موجز األحكام والفتاوى واألوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية (‪ ،)1991-1948‬ص_‪147- .103/106‬‬
‫‪89‬‬
‫الشروط العامة التي تحكم الج‪/‬رائم األخ‪/‬رى ال‪//‬تي ت‪//‬دخل في اختص‪//‬اص المحكم‪//‬ة‪ ،‬وه‪//‬و م‪//‬ا‬
‫سنبينه كما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬االلتزام بمبدأ التكامل‬


‫يتضح مبدأ التكامل أو مبدأ االختصاص التكميلي في الفقرة العاش‪//‬رة من ديباج‪//‬ة النظ‪//‬ام‬
‫األساسي للمحكمة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪، 148‬كم‪//‬ا وردت اإلش‪//‬ارة إلي‪//‬ه في الم‪//‬ادة األولى من ه‪//‬ذا‬
‫‪149‬‬
‫‪،‬و اللتان بينتا أن الدول األطراف في هذا النظام األساسي تؤك‪//‬د على أن المحكم‪//‬ة‬ ‫النظام‬
‫المنشأة بموجب هذا النظام ‪،‬ستكون مكملة لالختصاصات القضائية الوطنية‪ ،‬وه‪//‬ذا يع‪//‬ني أن‬
‫الدول األطراف ينعقد لها االختصاص أوال بنظر الجرائم الدولية‪ ،‬وال تحل المحكمة الجنائية‬
‫الدولية بصفة مطلقة محل القضاء الوط‪/‬ني في ه‪/‬ذا الخص‪/‬وص ‪،‬ب‪/‬ل أن الفق‪/‬رة السادس‪/‬ة من‬
‫ديباج‪//‬ة نظ‪//‬ام روم‪//‬ا األساس‪//‬ي تؤك‪//‬د أن من واجب ك‪//‬ل دول‪//‬ة أن تم‪//‬ارس واليته‪//‬ا القض‪//‬ائية‬
‫الجنائية على أولئك المسؤولين عن ارتكاب جرائم دولية‪.‬‬

‫وال يمكن للمحكمة الجنائية الدولية االستحواذ على ذل‪//‬ك االختص‪//‬اص إال إذا وقعت حال‪//‬ة‬
‫من الحالتين التاليتين‪ ،‬وهما‪: 150‬‬

‫إذا كانت تجري التحقيق والمقاض‪//‬اة في ال‪//‬دعوى دول‪//‬ة له‪//‬ا والي‪//‬ة عليه‪//‬ا‪ ،‬م‪//‬ا لم تكن‬ ‫‪-1‬‬
‫الدولة حقا غير راغبة في االضطالع بالتحقيق والمقاضاة أو غير قادرة على ذلك‪.‬‬
‫إذا كانت قد أجرت التحقيق في الدعوى دولة لها والي‪/‬ة عليه‪/‬ا‪ ،‬وق‪/‬ررت الدول‪/‬ة ع‪/‬دم‬ ‫‪-2‬‬
‫مقاضاة الشخص المعني‪ ،‬ما لم يكن القرار ناتجا عن رغبة الدولة أو عدم قدرتها حقا‬
‫على المقاضاة‪.‬‬

‫وبذلك يكون اختص‪//‬اص المحكم‪//‬ة بنظ‪//‬ر إح‪//‬دى الج‪//‬رائم الداخل‪//‬ة في اختصاص‪//‬ها طبق‪//‬ا‬
‫للمادة الخامسة من نظامها األساسي اختصاصا تكميليا‪ ،‬ينعقد فقط في حالة ما إذا تبين لها أن‬
‫الدولة التي تنظر محاكمها الدعوى المتعلقة به‪//‬ذه الجريم‪//‬ة غ‪//‬ير راغب‪//‬ة أو غ‪//‬ير ق‪//‬ادرة على‬

‫تنص الفقرة العاشرة من ديباجة نظام روما األساسي على" وإذ تؤكد أن المحكمة الجنائية الدولية المنشأة بموجب هذا النظام ‪148-‬‬
‫‪148‬‬

‫‪".‬األساسي ستكون مكملة لالختصاصات القضائية الجنائية الوطنية‬


‫‪149‬‬
‫تنص المادة األولى من نظام روما األساسي على "‪ .....‬وتكون المحكمة مكملة لالختصاصات القضائية الجنائية الوطنية‪149- .‬‬
‫‪ ".‬ويخضع اختصاص المحكمة وأسلوب عملها ألحكام هذا النظام األساسي‬
‫‪150‬‬
‫وذلك حسب المادة ‪ 17‬من نظام روما األساسي‪150- .‬‬

‫‪90‬‬
‫مباشرة التحقيق والمحاكمة‪ ،‬بمعنى آخر عند انهيار النظام القضائي الوطني أو عن‪//‬د فش‪//‬ل أو‬
‫رفض هذا القضاء االضطالع بالتزاماته القانونية‪.151‬‬

‫لكن خالفا للجرائم األخرى‪ ،‬يأخذ االختصاص التكميلي في جريمة العدوان مجاال ضيقا‬
‫‪،‬إذ يمكن أن يترتب عن قرار مجلس األمن المتضمن اإلقرار بوقوع الع‪//‬دوان ‪،‬آث‪//‬ار قانوني‪//‬ة‬
‫تمس هذا المبدأ يعفي المحكمة من التقيد به‪ ،‬كما يأخذ مجاال مح‪//‬دودا ض‪//‬من إج‪//‬راءات س‪//‬ير‬
‫الدعوى أمامها والشروط االزمة لذلك‪، 152‬ويعود س‪/‬بب ض‪/‬يق مج‪/‬ال تط‪/‬بيق ه‪/‬ذا المب‪/‬دأ في‬
‫جريمة العدوان إلى امتناع الدول عن مساءلة مرتكبيه‪//‬ا‪ ،‬وعن التحقي‪//‬ق معهم ومع‪//‬اقبتهم عن‬
‫ذلك‪ ،‬إذ غالبا ما تعلن صراحة عن عدم رغبتها في مقاضاة األش‪/‬خاص ال‪/‬ذين يرتكب‪/‬ون ه‪/‬ذا‬
‫النوع من الجرائم أو تكون غير قادرة على محاكمتهم أمام محاكمها الوطنية ألسباب سياسية‬
‫ولتمتعهم بحماية أمنية كبيرة ‪،‬خاصة أن هذه الجريمة عادة ما ترتكب بواسطة أو بإيع‪//‬از من‬
‫قبل السلطات الرسمية العليا للدولة‪.153‬‬

‫ثانيا‪ :‬التقيد باالختصاص الشخصي‬


‫ويقصد ب‪//‬ه اختص‪//‬اص المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة بمحاكم‪//‬ة األش‪//‬خاص الطبيع‪//‬يين فق‪//‬ط‬
‫‪،154‬إذ أن‪//‬ه ال تس‪//‬أل أمامه‪//‬ا األش‪//‬خاص المعنوي‪//‬ة من دول أو منظم‪//‬ات أو هيئ‪//‬ات تتمت‪//‬ع‬
‫بالشخصية االعتبارية‪ ،‬وهو ما أكدته الفقرة األولى من المادة ‪ 25‬من نظ‪//‬ام روم‪//‬ا األساس‪//‬ي‬
‫التي تنص على أنه " يكون للمحكمة اختصاص على األشخاص الطبيعيين عمال بهذا النظ‪//‬ام‬
‫األساسي"‪.‬‬

‫كما يسأل الفرد جنائيا أمام المحكمة ويكون عرضة لتوقيع العقاب إذا كان فاعال لجريم‪//‬ة‬
‫العدوان أو شريكا في ارتكابها بأي ص‪//‬ورة من الص‪//‬ور المنص‪//‬وص عليه‪//‬ا في ه‪//‬ذا النظ‪//‬ام‪،‬‬
‫وهو ما تضمنته الفقرة الثاني‪//‬ة من نظ‪//‬ام روم‪//‬ا ال‪//‬تي تنص على أن" الش‪//‬خص ال‪//‬ذي ي‪//‬رتكب‬

‫‪151‬‬
‫محمود شريف بسيوني‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية؛ نشأتها ونظامها األساسي مع دراسة لتاريخ لجان التحقيق والمحاكم ‪151-‬‬
‫‪.‬الجنائية الدولية‪ ،‬مطابع روز اليوسف‪ ،‬القاهرة ‪ ،2005،‬ص_‪166‬‬
‫‪152‬‬
‫أحمد قاسم محمد الحميدي‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬العوامل المحددة لدور المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة ‪152-‬‬
‫‪.‬األولى‪ ،‬مركز المعلومات والتأهيل لحقوق اإلنسان‪ ،‬تعز‪ ،‬اليمن ‪ ،2005،‬ص_‪119‬‬
‫‪153‬‬
‫مرجع نفسه‪ ،‬ص_‪ .119‬لكن هنا ما ينبغي أن يشار إليه‪ ،‬هو أن مؤتمر كمباال لسنة ‪ 2010‬حول مسألة التكامل‪ ،‬أقر ‪153-‬‬
‫‪.‬بالمسؤولية األساسية للدول في التحقيق والمالحقة على الجرائم الخطيرة موضع اهتمام المجتمع الدولي‬
‫‪154‬‬
‫الذين يساوي أو يتجاوز سنهم ‪ 18‬وذلك حسب المادة ‪ 26‬من نظام روما‪154- .‬‬

‫‪91‬‬
‫جريمة تدخل في اختصاص المحكمة يكون مسؤوال عنها بص‪//‬فته الفردي‪//‬ة وعرض‪//‬ة للعق‪//‬اب‬
‫وفقا لهذا النظام"‪.‬‬

‫كما يسأل الفرد في حالة الشروع في ارتكاب هذه الجريمة وذلك بتخطي‪//‬ط أو إع‪//‬داد من‪//‬ه‬
‫او تنفيذ عمل عدواني يشكل بحكم طابعه وخطورته انتهاكا لميثاق األمم المتحدة‪.‬‬

‫ووفقا لتعديالت مؤتمر كمباال لسنة ‪ ،2010‬أن المسؤولية الجنائية عن ارتك‪//‬اب جريم‪//‬ة‬
‫العدوان ال ت‪//‬ترتب إال على األش‪//‬خاص ال‪//‬ذين يكون‪//‬ون في وض‪//‬ع يمكنهم من التحكم فعال في‬
‫العمل السياسي أو العسكري للدولة أو من توجيهه وذلك وفق الفقرة الثالثة مك‪//‬رر من الم‪//‬ادة‬
‫‪ 25‬من نظام روما التي أضيفت بموجب تعديالت مؤتمر كمباال لسنة ‪.2010‬‬

‫ثالثا‪ :‬التقيد باالختصاص المكاني‬


‫تختص المحكمة الجنائية الدولية فقط بالجرائم التي تقع في إقليم كل دولة طرفا في النظام‬
‫وتكون قد قبلت اختصاص المحكمة بالنظر في الجرائم المنصوص عليها في نظام المحكمة‪.‬‬

‫أما بالنسبة للدول غير األطراف في النظام روما األساسي‪ ،‬فال يجوز للمحكم‪//‬ة ممارس‪//‬ة‬
‫اختصاص‪//‬ها عليه‪//‬ا إال إذا أعلنت بقبوله‪//‬ا ه‪//‬ذا االختص‪//‬اص ل‪//‬دى قلم المحكم‪//‬ة فيم‪//‬ا يتعل‪//‬ق‬
‫بالجريمة قيد البحث‪ 155‬أو تمت اإلحالة من قبل مجلس األمن‪.‬‬

‫فيما يخص جريمة العدوان‪ ،‬فهي تخضع ألحكام خاصة بها‪ ،‬إذ ينص البن‪//‬د الخ‪//‬امس من‬
‫المادة ‪ 15‬مكرر من النظام األساسي بعد التعديل الوارد عليه على أن‪//‬ه " فيم‪//‬ا يتعل‪//‬ق بدول‪//‬ة‬
‫ليس‪//‬ت طرف‪//‬ا في ه‪//‬ذا النظ‪//‬ام ال يمكن للمحكم‪//‬ة أن تم‪//‬ارس اختصاص‪//‬ها المتعلق‪//‬ة بجريم‪//‬ة‬
‫العدوان عندما يرتكبها مواطنو تلك الدولة أو ترتكب على إقليمها"‬

‫يتض‪//‬ح من خالل ه‪//‬ذه الم‪//‬ادة أن‪//‬ه ال يمكن للمحكم‪//‬ة ممارس‪//‬ة اختصاص‪//‬ها إزاء جريم‪//‬ة‬
‫العدوان المرتكبة فوق إقليم الدول غير األطراف أو المرتكبة من قبل رعاياها‪.‬‬

‫إال أن البند األول من المادة ‪ 15‬مكرر مرتين من نظام روما بعد التعديل ال‪//‬وارد علي‪//‬ه‪،‬‬
‫أفرد حكما خاصا يتعلق بإحالة مجلس األمن لقضية ما للمحكمة حيث نص على أنه " يج‪//‬وز‬

‫‪155‬‬
‫وذلك حسب الفقرة الثالثة من المادة ‪ 12‬من نظام روما األساسي‪155- .‬‬

‫‪92‬‬
‫للمحكمة أن تمارس اختصاصها إزاء جريمة العدوان طبقا للمادة ‪ 13‬الفقرة (ب) من الم‪//‬ادة‬
‫‪ ،13‬رهنا بأحكام هذه المادة"‪.‬‬

‫تطبيقا لنص المادة أعاله (البند األول من المادة ‪ 15‬مكرر مرتين من النظام األساسي)‪،‬‬
‫وبناء على الفقرة (ب) من المادة ‪ 13‬من النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي للمحكم‪//‬ة‪ ،‬نج‪//‬د أن اإلحال‪//‬ة ال‪//‬تي‬
‫يقوم بها مجلس األمن تعفي المحكمة من التقيد بقاعدة الرضائية‪ ،‬والتي تشترط قب‪//‬ول الدول‪//‬ة‬
‫الختصاص المحكمة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة لتحري‪//‬ك ال‪//‬دعوى أمامه‪//‬ا‪ ،‬وذل‪//‬ك بغض النظ‪//‬ر س‪//‬واء‬
‫كانت الدول المعنية أطرافا في نظام روما األساسي أم ال‪.156‬‬

‫رابعا‪ :‬التقيد باالختصاص الزماني‬


‫أخذ النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية بمب‪//‬دأ األث‪//‬ر الف‪//‬وري للنص‪//‬وص الجنائي‪//‬ة‪،‬‬
‫ذلك المبدأ الذي تأخذ به أغلب النظم القانونية الجنائية المعاصرة‪ ،‬ومقتضى ذلك أن نصوص‬
‫النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي ال تطب‪//‬ق إال على األفع‪//‬ال ال‪//‬تي وقعت بع‪//‬د دخ‪//‬ول ه‪//‬ذا النظ‪//‬ام ح‪//‬يز‬
‫التنفيذ‪، 157‬وذلك وفق ما تقضي به الم‪//‬ادة ‪ 11‬من نفس النظ‪//‬ام ال‪//‬تي نص‪//‬ت على أن‪//‬ه " ليس‬
‫للمحكمـة اختصاص إال فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب بعد بدء هذا النظام األساسي"‪.‬‬

‫أما فيما يخص جريمة العدوان فقد أف‪//‬رد له‪//‬ا النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي بع‪//‬د تعديل‪//‬ه س‪//‬نة ‪2010‬‬
‫أحكاما خاصا بها‪ ،‬إذ نجد البند الثاني من المادة ‪ 15‬مكرر تنص على أنه " يج‪//‬وز للمحكم‪//‬ة‬
‫ممارسة اختصاصها بجرائم العدوان بعد مرور سنة كاملة على مصادقة أو قبول التع‪//‬ديالت‬
‫من ثالثين دولة طرف"‪.‬‬

‫ومفاد ذلك أن التعديالت الواردة على جريمة العدوان علقت على إرادة الدول بالتصديق‬
‫عليها أو قبولها‪ ،‬لكي تدخل حيز التنفيذ‪ ،‬وذلك وفقا للفقرة ‪ 5‬من المادة ‪ 121‬من نظام روم‪//‬ا‬
‫األساسي‪، 158‬وفي نفس اإلطار ينص البند ‪ 3‬من المادة ‪ 15‬مكرر على أنه" تمارس المحكم‪//‬ة‬

‫‪156‬‬
‫محسن هذلي؛ بن بلقاسم القروي الشابي‪ ،‬اختصاص المحكمة الجنائية الدولية إزاء جريمة العدوان‪ ،‬محاضرة ختم التمرين‪156- ،‬‬
‫‪.‬الهيئة الوطنية للمحامين بتونس‪ ،‬فرع تونس للمحامين‪ ،‬السنة القضائية ‪ ،2020/ 2019‬ص_‪39‬‬
‫‪157‬‬
‫أي أن المحكمة الجنائية الدولية ال ينعقد اختصاصها بأثر رجعي‪ ،‬أي لها اختصاص مستقبلي فقط‪157- .‬‬
‫‪158‬‬
‫التي تنص على أنه " يصبح أي تعديل على المواد ‪ 5‬و‪ 6‬و‪ 7‬و‪ 8‬من هذا النظام األساسي نافذا بالنسبة إلى الدول األطراف ‪158-‬‬
‫التي تقبل التعديل‪ ،‬وذلك بعد سنة واحدة من إيداع صكوك التصديق أو القبول الخاصة بها‪ ،‬وفي حالة الدولة الطرف التي ال تقبل‬
‫التعديل يكون على المحكمة أال تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشمولة بالتعديل عندما يرتكب هذه الجريمة مواطنون من تلك‬
‫‪ ".‬الدولة أو ترتكب الجريمة في إقليمها‬

‫‪93‬‬
‫اختصاصها على جريمة العدوان رهن‪//‬ا بأحك‪//‬ام الم‪//‬ادة وبم‪//‬وجب ق‪/‬رار يتخ‪/‬ذ بأغلبي‪//‬ة ال‪//‬دول‬
‫األطراف تساوي األغلبية المطلوبة إلعداد التعديالت على النظام األساسي وذل‪//‬ك بع‪//‬د األول‬
‫من يناير ‪."2017‬‬

‫وعليه‪ ،‬يتض‪/‬ح لن‪/‬ا أن المحكم‪/‬ة الجنائي‪/‬ة الدولي‪/‬ة ال تم‪/‬ارس اختصاص‪/‬ها بش‪/‬أن جريم‪/‬ة‬
‫العدوان إال بعد دخول هذا التعديل ح‪/‬يز التنفي‪/‬ذ تج‪/‬اه الدول‪/‬ة المعني‪/‬ة‪ ،‬وكنتيج‪/‬ة منطقي‪/‬ة ف‪/‬إن‬
‫اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ال يشمل ج‪//‬رائم الع‪//‬دوان ال‪//‬تي ارتكبت قب‪//‬ل دخ‪//‬ول ه‪//‬ذا‬
‫التعديل حيز التنفي‪//‬ذ‪ ،‬أم‪//‬ا حالي‪//‬ا فبإمك‪//‬ان المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة أن تم‪//‬ارس اختصاص‪//‬ها‬
‫بالنظر في جريمة العدوان بعد تفعيل اختصاصها نهائيا‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬شرط صدور قرار من مجلس األمن يقر فيه بوقوع العدوان‬
‫‪159‬‬
‫‪،‬يعود االختصاص األصيل‬ ‫باعتباره المسؤول األول عن حفظ السلم واألمن الدوليين‬
‫بإثارة المسؤولية الدولية عن ارتكاب جريم‪//‬ة الع‪//‬دوان إلى مجلس األمن‪، 160‬وذل‪//‬ك باعتب‪//‬اره‬
‫الجه‪//‬از الخ‪//‬اص ب‪//‬إقرار وقوعه‪//‬ا‪، 161‬في حين يتم تحري‪//‬ك المس‪//‬ؤولية الجنائي‪//‬ة لألف‪//‬راد‪،‬‬
‫المتحكمين والمسيطرين على النش‪//‬اط السياس‪//‬ي والعس‪//‬كري للدول‪//‬ة‪ ،‬أم‪//‬ام المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة‬
‫نظرا لكونها جريمة تدخل في اختصاصها‪.‬‬

‫و بعب‪//‬ارة أخ‪//‬رى‪ ،‬يتقاس‪//‬م مجلس األمن والمحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة اختص‪//‬اص توقي‪//‬ع‬
‫المسؤولية الدولي‪//‬ة عن ارتك‪//‬اب جريم‪//‬ة الع‪//‬دوان ‪،‬إذ يختص األول ب‪//‬النظر فيم‪//‬ا يص‪//‬در عن‬
‫الدول من أعمال تشكل عدوانا في القانون الدولي ‪،‬و يتمتع في ه‪//‬ذا اإلط‪//‬ار بس‪//‬لطة تقديري‪//‬ة‬
‫مطلقة ‪،‬بينما تم‪//‬ارس الثاني‪//‬ة س‪//‬لطة توقي‪//‬ع العق‪//‬اب على مق‪//‬ترفي تل‪//‬ك الجريم‪//‬ة س‪//‬واء أك‪//‬ان‬
‫الشخص المسؤول قد ارتكب الجريمة بمفرده أم باالشتراك مع أشخاص آخ‪//‬رين أو أم‪//‬ر به‪//‬ا‬

‫حسب الفقرة األولى من المادة ‪ 24‬من ميثاق األمم المتحدة التي تنص على أنه" رغبة في أن يكون العمل الذي تقوم به األمم ‪159-‬‬
‫‪159‬‬

‫المتحدة سريعا فعاال‪ ،‬يعهد أعضاء تلك الهيئة إلى مجلس األمن بالتبعات الرئيسية في أمر حفظ السلم واألمن الدولي ويوافقون على أن‬
‫‪".‬هذا المجلس يعمل نائبا عنهم في قيامه بواجباته التي تفرضها عليه هذه التبعات‬
‫‪160‬‬
‫ال يمكن أن تنافس مجلس األمن الدولي اختصاصه األصيل في اإلقرار بوقوع العدوان‪ ،‬إال الجمعية العامة لألمم المتحدة‪160- ،‬‬
‫التي تمارس مهام ثانوية في تكييف أعمال العدوان‪ ،‬وكذلك محكمة العدل الدولية‪ ،‬والتي يجوز لها بعد تقدير الوقائع قيد النظر أمامها‬
‫أن تتخذ أحكاما مخالفة لقراراته‪ ،‬كما يجوز للمحكمة الجنائية الدولية ممارسة ذلك االختصاص في حالة ما إذا تمكنت من االتصال‬
‫‪.‬بالدعوى‬
‫‪161‬‬
‫حسب المادة ‪ 39‬من ميثاق األمم المتحدة‪161- .‬‬

‫‪94‬‬
‫وحرض على ارتكابها ‪،‬وبالتالي يبدو من المستحيل أن تنفرد المحكمة باختصاص النظر في‬
‫هذه الجريمة من دون أن يقر المجلس بوقوعها‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬وعلى الرغم من سلطته في تحديد وقوع عمل العدوان بموجب الميثاق ‪،‬فش‪//‬ل‬
‫مجلس األمن باالستمرار‪ ،‬لمجموعة متنوعة من األسباب ‪،‬في أداء دوره المنوط به بم‪//‬وجب‬
‫ميثاق األمم المتحدة ‪،‬فمنذ تشكيل المجلس ‪،‬ظهرت العديد من الح‪//‬االت ال‪//‬تي تم فيه‪//‬ا انته‪//‬اك‬
‫مبدأ حظر استخدام القوة في العالقات الدولي‪//‬ة‪ ،‬لكن ن‪//‬ادرا م‪//‬ا اعتبره‪//‬ا المجلس بأنه‪//‬ا تش‪//‬كل‬
‫أفعاال عدوانية ‪،‬حيث يتفادى المجلس على األغلب استخدام مص‪//‬طلح الع‪//‬دوان ولم يس‪//‬تخدمه‬
‫إال في عدة حاالت ‪،‬ولحسن الحظ فإن عدم قيام المجلس بذلك ال يحدد طبيعة ونطاق جريم‪//‬ة‬
‫العدوان التي تنطبق على األف‪//‬راد‪ ،‬وذل‪//‬ك لأن اإلق‪//‬رار بوج‪//‬ود الع‪//‬دوان وفق‪//‬ا للم‪//‬ادة ‪ 39‬من‬
‫الميثاق هو استنتاج سياسي أك‪//‬ثر من‪//‬ه قض‪//‬ائي‪ ،‬وه‪//‬ذا االس‪//‬تنتاج السياس‪//‬ي ليس اله‪//‬دف من‪//‬ه‬
‫تحديد ما إذا كان فرد قد ارتكب جريمة دولية أم ال‪ ،‬لكنه مج‪//‬رد آلي‪//‬ة للج‪//‬وء للفص‪//‬ل الس‪//‬ابع‬
‫الذي المجلس استخدام القوة ردا على انتهاك الميثاق من قبل دولة أو مجموعة من الدول‪.162‬‬

‫وقد ش‪//‬كل دور مجلس األمن في تحدي‪//‬د م‪//‬ا إذا ك‪//‬ان فع‪//‬ل الع‪//‬دوان ق‪//‬د وق‪//‬ع‪ ،‬واح‪//‬دة من‬
‫القضايا الهامة والمثيرة للجدل في مؤتمر كمباال لسنة ‪، 2010‬فإلرضاء جميع ال‪//‬دول س‪//‬واء‬
‫المعارضة أو المؤيدة لدور المجلس في هذا الصدد ابتدع واض‪/‬عوا التع‪/‬ديالت أحكام‪/‬ا جعلت‬
‫ق‪//‬درة المحكم‪//‬ة على ممارس‪//‬ة االختص‪//‬اص على جريم‪//‬ة الع‪//‬دوان يتوق‪//‬ف على م‪//‬ا إذا ك‪//‬ان‬
‫مجلس األمن قد اتخذ ق‪//‬رارا ح‪//‬ول وق‪//‬وع ه‪//‬ذه الجريم‪//‬ة أم ال‪ ،‬حيث نص البن‪//‬د الس‪//‬ادس من‬
‫الم‪//‬ادة ‪ 15‬مك‪//‬رر من نظ‪//‬ام روم‪//‬ا بع‪//‬د التع‪//‬ديل " أن‪//‬ه عن‪//‬دما يخلص مجلس الم‪//‬دعي الع‪//‬ام‬
‫للمحكمة إلى وجود أساس معقول للبدء في إجراء تحقيق فيما يتعلق بجريم‪//‬ة الع‪//‬دوان ‪،‬علي‪//‬ه‬
‫أن يتأكد أوال مما إذا كان مجلس األمن قد اتخ‪//‬ذ ق‪//‬رارا بوق‪//‬وع فع‪//‬ل ع‪//‬دوان ارتكبت‪//‬ه الدول‪//‬ة‬
‫المعنية‪ ،‬ويضيف البند السابع من نفس المادة ال‪//‬ذي ينص على أن‪//‬ه " ال يمكن للم‪//‬دعي الع‪//‬ام‬
‫بدء هذا التحقيق إال إذا اتخذ المجلس قرارا إيجابيا في هذا الخصوص"‪ ،‬وي‪//‬بين البن‪//‬د الث‪//‬امن‬
‫من نفس المادة أيضا أنه " في حالة عدم حدوث تقرير من هذا القبيل في غضون ستة أش‪//‬هر‬

‫‪162‬‬
‫إبراهيم الدراجي‪ ،‬جريمة العدوان ومدى المسؤولية القانونية الدولية عنها‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت ‪162- ،2019،‬‬
‫‪.‬ص_‪126‬‬

‫‪95‬‬
‫بعد اإلبالغ‪ ،‬يجوز للمدعي العام أن يبدأ التحقيق فيم‪//‬ا يتعل‪//‬ق بجريم‪//‬ة الع‪//‬دوان ‪،‬ش‪//‬ريطة أن‬
‫تكون الدائرة التمهيدية في المحكمة قد أدنت ل‪//‬ه ب‪//‬ذلك وفق‪//‬ا لإلج‪//‬راءات ال‪//‬واردة في ‪ 15‬من‬
‫النظام األساسي للمحكمة ‪،‬وأال يكون المجلس قد ق‪/‬رر خالف ذل‪/‬ك ‪،‬اس‪/‬تنادا للبن‪/‬د التاس‪/‬ع من‬
‫نفس الم‪//‬ادة ال‪//‬ذي ينص على أن‪//‬ه " ال يخ‪//‬ل التحدي‪//‬د الص‪//‬ادر من جه‪//‬از خ‪//‬ارج المحكم‪//‬ة‬
‫بخصوص وقوع فعل عدوان بما تخلص إليه المحكم‪/‬ة في إط‪/‬ار ه‪/‬ذا النظ‪/‬ام األساس‪/‬ي فيم‪/‬ا‬
‫يتعلق بوقوع فعل العدوان"‪.‬‬

‫ومما ينبغي ذكره أنه في حالة فشل مجلس األمن في اتخاد قرار إيجابي بوقوع العدوان‪،‬‬
‫يحق للدولة المعتدى عليها الدفاع عن نفسها طبق‪//‬ا للم‪//‬ادة ‪ 51‬من ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة‪ ،‬وأن‬
‫تستمر بذلك حتى بعد صدور هذا القرار‪ ،‬بشرط أال يكون المجلس ق‪//‬د وض‪//‬ع ح‪//‬دا لممارس‪//‬ة‬
‫هذه الدولة لهذا الحق بعد زوال خطر العدوان‪ ،‬وهو قيد أساسي من القيود التي نصت عليه‪//‬ا‬
‫المادة ‪ 51‬لممارسة حق الدفاع الشرعي‪.‬‬

‫وقد رأى البعض أن التعديالت التي جاء بها مؤتمر كمباال لسنة ‪، 2010‬قد أشارت إلى‬
‫ما يمكن للمحكمـة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة أن تفعل‪//‬ه في حال‪//‬ة وج‪/‬ود ق‪/‬رار إيج‪/‬ابي من قب‪//‬ل مجلس‬
‫األمن بأن عمال من أعمال العدوان قد وقع ‪،‬و إلى ما يجب أن تفعله في حالة عدم اتخاذ مثل‬
‫هذا القرار‪ ،‬لكنه لم ينبس ببنت شفة على ما الذي سيحدث عندما يكون مجلس األمن قد اتخ‪//‬ذ‬
‫ق‪//‬رارا س‪//‬لبيا‪، 163‬أي في الحال‪//‬ة ال‪//‬تي ي‪//‬رى فيه‪//‬ا المجلس ب‪//‬أن عمال من أعم‪//‬ال الع‪//‬دوان لم‬
‫يقع ‪،‬ومع األخذ بعين االعتبار ما نص عليه البن‪//‬د التاس‪//‬ع من الم‪//‬ادة ‪ 15‬مك‪//‬رر أعاله ‪،‬فإن‪//‬ه‬
‫يبدو زائد عن الحاجة بعد ذلك التأكيد على ضرورة احترام المدعي الع‪//‬ام للمحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة‬
‫الدولية فترة االنتظار التي يجب أن تحص‪//‬ل إذا لم يتخ‪/‬ذ مجلس األمن أي ق‪/‬رار ‪،‬أو إذا اتخ‪/‬ذ‬
‫المجلس قرارا سلبيا بشأن وقوع جريمة العدوان ‪،‬للبدء في التحقيق ‪،‬وهو األمر لن يكون ل‪//‬ه‬
‫أي تأثير على تحقيقات المدعي العام في تلك الجريمة‪.‬‬

‫إن السلطة الممنوح‪/‬ة لمجلس األمن بم‪/‬وجب الم‪/‬ادة ‪ 15‬مك‪/‬رر للتقري‪/‬ر في وق‪/‬وع فع‪/‬ل‬
‫العدوان قبل إجراء التحقيق لها وزن كبير‪ ،‬فعلى الرغم من أن على الم‪//‬دعي الع‪//‬ام للمحكم‪//‬ة‬

‫‪163‬‬
‫مبخوتة أحمد‪ ،‬التكييف القانوني لجرائم العدوان في ظل التداخل الوظيفي بين المحكمة الجنائية الدولية ومجلس األمن‪ ،‬مجلة ‪163-‬‬
‫‪.‬الفكر القانوني‪ ،‬جامعة المدية‪ ،‬العدد ‪ ،2017، 7‬ص_‪21‬‬

‫‪96‬‬
‫أوال تحديد ما إذا كان هناك أساس معقول للمضي ق‪//‬دما في ال‪//‬ذهاب إلى مجلس األمن‪ ،‬يب‪//‬دو‬
‫من المنطقي أنه إذا قرر مجلس األمن بأن عمال من أعمال الع‪/‬دوان ق‪/‬د ح‪/‬دث خ‪/‬ارج نط‪/‬اق‬
‫قائمة األفعال الواردة في المادة ‪ 8‬مكرر ‪،‬فعلى المدعي العام أن يقرر نفس األم‪//‬ر‪ ،164‬وبم‪//‬ا‬
‫أن قائم‪//‬ة األعم‪//‬ال ال‪//‬واردة في ه‪//‬ذه الم‪//‬ادة غ‪//‬ير ش‪//‬املة ‪،‬فمن الواض‪//‬ح أن عمال من أعم‪//‬ال‬
‫العدوان يجب أن يشكل انتهاك‪//‬ا لميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة‪ ،‬وعلى األغلب وفي ظ‪//‬ل ع‪//‬دم وج‪//‬ود‬
‫معايير محددة لتوجيه مجلس األمن بشأن ما ينبغي أن يعتبر عمال من أعمال العدوان خ‪//‬ارج‬
‫نطاق التحديد الوارد في المادة ‪ 8‬مكرر‪ ،‬فستتم دراسة ك‪//‬ل حال‪//‬ة على ح‪//‬دة بن‪//‬اء على أس‪//‬س‬
‫محددة يمكن أن تكون سياسية‪ ،‬لكن الخط‪//‬ر في ذل‪//‬ك يتمث‪//‬ل في أن القض‪//‬ية يمكن أن ي‪//‬ترتب‬
‫عنها نتائج تمييزية وتعسفية‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن إضافة مجلس األمن أعم‪//‬اال أخ‪/‬رى للع‪//‬دوان غ‪//‬ير واردة حس‪/‬ب‬
‫المادة ‪ 8‬مكرر‪ ،‬سيخالف أحكام النظام األساسي للمحكمة ألن هذا األخير يمن‪//‬ع المحكم‪//‬ة من‬
‫تفسير أركان الجرائم تفسيرا واسعا‪، 165‬وق‪/‬د ي‪//‬ترتب عن ح‪/‬دوث ذل‪//‬ك تع‪//‬ارض بين ق‪/‬رارت‬
‫المجلس وأحكام المحكمة‪ ،‬خاصة إذا قرر عقوبات ضد قادة الدولة المعتدي‪//‬ة في حين ق‪//‬ررت‬
‫المحكمة عدم وقوع الجريمة‪ ،‬كما أنه سيخالف مب‪//‬دأ الش‪//‬رعية حيث " ال جريم‪//‬ة وال عقوب‪//‬ة‬
‫إال بنص"‪.‬‬

‫إن مش‪//‬اركة مجلس األمن في تقري‪//‬ر ح‪//‬دوث عم‪//‬ل ع‪//‬دوان كش‪//‬رط مس‪//‬بق لممارس‪//‬ة‬
‫المحكمة الختصاصها للنظر في الجريمة المترتبة عنه ‪،‬من شأنها أن تعي‪//‬ق بش‪//‬كل كب‪//‬ير من‬
‫قدرة المحكمة الجنائية الدولية لتوجيه اتهامات بارتكاب جرائم عدوان‪ ،‬فمنذ إنش‪//‬اء المحكم‪//‬ة‬
‫الجنائية الدولية تردد مجلس األمن في إحالة القضايا للمحكمـة‪، 166‬وم‪//‬ا يث‪//‬ير القل‪//‬ق هن‪//‬ا ه‪//‬و‬
‫حقيق‪///‬ة أن مجلس األمن ن‪///‬ادرا م‪///‬ا يج‪///‬د أن هجوم‪///‬ا واس‪///‬عا يش‪///‬كل عمال من أعم‪///‬ال‬
‫العدوان ‪،‬وهناك سبب محتمل لتردد مجلس األمن في تسمية عم‪//‬ل من أعم‪//‬ال الع‪//‬دوان ‪،‬ه‪//‬و‬
‫أن العدوان سلوك ترتكبه الدول ‪،‬وبالتالي فإن الحل السلمي قد يساعد بشكل أفضل على ح‪//‬ل‬

‫‪164‬‬
‫إبراهيم الدراجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص_‪164- .128‬‬
‫‪165‬‬
‫محسن هذلي؛ بن بلقاسم القروي الشابي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص_‪165- .40‬‬
‫‪166‬‬
‫فريجة محمد هاشم‪ ،‬جريمة العدوان من منظور القانون الدولي الجنائي‪ ،‬مجلة كلية القانون الكويتية العالمية‪ ،‬العدد ‪166- ، 18‬‬
‫‪ ،2017.‬ص_‪47‬‬

‫‪97‬‬
‫ال‪/‬نزاع من خالل ع‪/‬دم وض‪/‬ع الل‪/‬وم على دول‪/‬ة واح‪/‬دة‪ ،‬إن مجلس األمن من خالل االعتم‪/‬اد‬
‫على أسباب سياسية التخاذ القرار ‪،‬يضاعف من هذا الموق‪/‬ف‪ ،‬وك‪/‬ذلك من خالل الس‪/‬ماح ل‪/‬ه‬
‫باتخاذ القرار ‪،‬يمكن أن تصبح الدول الدائمة العضوية في مأمن من ارتكاب عمل من أعمال‬
‫العدوان‪.167‬‬

‫وبن‪//‬اء على ذل‪//‬ك‪ ،‬من الواض‪//‬ح أن‪//‬ه ال توج‪//‬د طريق‪//‬ة للتغلب على ق‪//‬رار مجلس األمن‪،‬‬
‫فاس‪//‬تثناء المجلس من العملي‪//‬ة س‪//‬وف يتع‪//‬ارض م‪//‬ع ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة‪ ،‬وبن‪//‬اء علي‪//‬ه من‬
‫الض‪//‬روري دعم الميث‪//‬اق من أج‪//‬ل الحف‪//‬اظ على التع‪//‬اون من ج‪//‬انب ال‪//‬دول األط‪//‬راف في‬
‫المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬وهو م‪/‬ا س‪/‬وف يس‪/‬اعد على إزال‪/‬ة أي‪/‬ة عقب‪/‬ة أم‪/‬ام انض‪/‬مام ال‪/‬دول‬
‫للمحكمة‪.‬‬

‫والسؤال الذي يطرح هنا‪ ،‬ماذا قصدت تعديالت مؤتمر كمب‪//‬اال عن‪//‬دما ذك‪//‬رت عب‪//‬ارة تقري‪//‬ر‬
‫مجلس األمن؟‬

‫في ظل عدم وجود تفسير واضح في النظام األساسي للمحكمة لذلك‪ ،‬فإن القاض‪//‬ي ال‪//‬ذي‬
‫يسعى لتحديد المقصود بعبارة " تقرير" عليه النظر الى التفاعل الذي حصل في الس‪//‬ابق بين‬
‫المحكمة الجنائية الدولية ومجلس األمن فضال عن نظام روما نفسه‪.‬‬

‫وبذلك فمن المرجح أن يقوم القاضي بتفسير المقصود ب " تقرير" تفسيرا ضيقا ‪،‬ليشمل‬
‫فق‪//‬ط الق‪//‬رارات الرس‪//‬مية الص‪//‬ادرة عن مجلس األمن حس‪//‬ب نص الم‪//‬ادة ‪ 13‬الفق‪//‬رة ب من‬
‫النظام األساسي للمحكمة ‪،‬لكن المشكلة تكمن في أن صدور ق‪//‬رار رس‪//‬مي من المجلس يب‪//‬دو‬
‫صعبا‪ ،‬خصوصا أن ثالثا من ال‪//‬دول الخمس الدائم‪//‬ة العض‪//‬وية ال‪//‬تي تمتل‪//‬ك ح‪//‬ق النقض في‬
‫المجلس هي من ال‪//‬دول غ‪//‬ير األط‪//‬راف في المحكم‪//‬ة‪، 168‬وفي الحقيق‪//‬ة ف‪//‬إن الم‪//‬دعي الع‪//‬ام‬
‫للمحكم‪//‬ة يمكن‪//‬ه الب‪//‬دء في التحقي‪//‬ق من تلق‪//‬اء نفس‪//‬ه بغض النظ‪//‬ر عن ص‪//‬دور ق‪//‬رار مجلس‬
‫األمن ‪،‬ففي حالة ما إذا رفض المجلس إصدار ق‪//‬رار رس‪//‬مي بإحال‪//‬ة الوض‪//‬ع للمحكم‪//‬ة ‪،‬ليس‬
‫على المدعي العام سوى االنتظار مدة ستة أشهر للبدء في التحقيق كما بينا ذلك س‪//‬ابقا ‪ ،‬لكن‬
‫وعلى العكس من ذل‪//‬ك‪ ،‬وفي الحال‪//‬ة ال‪//‬تي تتطلب ص‪//‬دور ق‪//‬رار رس‪//‬مي من المجلس إلحال‪//‬ة‬
‫‪167‬‬
‫محسن هذلي؛ بن بلقاسم القروي الشابي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص_‪167- .41‬‬
‫‪168‬‬
‫حيث يتعلق األمر بالواليات المتحدة األمريكية والصين وروسيا‪168- .‬‬
‫‪98‬‬
‫القضية للمحكمة ‪،‬يجب على المدعي العام أال يتسرع فيما يتعلق بفترة الستة أش‪//‬هر عن‪//‬دما ال‬
‫يتوصل المجلس إلى اتفاق رسمي بخصوص القضية‪.‬‬

‫من جانب آخر يتمتع المجلس بسلطة منع وتقيي‪/‬د المالحق‪/‬ة القض‪/‬ائية للمحكم‪/‬ة الجنائي‪/‬ة‬
‫الدولية في الجرائم الواقعة في اختصاصه ‪،‬حيث تنص الم‪//‬ادة ‪ 16‬من نظ‪//‬ام روم‪//‬ا على أن‪//‬ه‬
‫"ال يجوز البدء أو المضي في تحقي‪/‬ق أو مقاض‪/‬اة بم‪/‬وجب ه‪/‬ذا النظ‪/‬ام األساس‪/‬ي لم‪/‬دة اث‪/‬ني‬
‫عشر شهرا بناء على طلب من مجلس األمن إلى المحكمة بهذا المعنى يتضمنه قرار يص‪//‬در‬
‫عن المجلس بموجب الفصل الس‪/‬ابع من ميث‪//‬اق األمم المتح‪/‬دة ‪،‬و يج‪/‬وز للمجلس تجدي‪//‬د ه‪//‬ذا‬
‫الطلب بالش‪//‬روط ذاته‪//‬ا" ‪،‬وفي حين أن ه‪//‬ذا اإلج‪//‬راء ه‪//‬و م‪//‬ؤقت‪ ،‬فإن‪//‬ه ي‪//‬وفر لمجلس األمن‬
‫فرصة لوقف التحقيق على أمل إعطاء الط‪//‬رفين في ال‪//‬نزاع الفرص‪//‬ة لمواص‪//‬لة المفاوض‪//‬ات‬
‫من تلقاء أنفسهم‪.169‬‬

‫وبمعنى آخر أن السلطات الواسعة لمجلس األمن في مجال اإلق‪//‬رار بوق‪//‬وع الع‪//‬دوان‪ ،‬ال‬
‫يمكن أن تقيد اختصاص المحكمة إال عن طريق اإلقرار بعدم وقوعها وبتجمي‪//‬د اختصاص‪//‬ها‬
‫بعد تحريكه من طرفه أو من قبل المدعي العام أو الدول األطراف‪.‬‬

‫نستنتج مما سبق أن التع‪//‬ديالت ال‪//‬واردة على نظ‪//‬ام روم‪//‬ا األساس‪//‬ي بخص‪//‬وص جريم‪//‬ة‬
‫العدوان كرست ما جاء في ميث‪//‬اق األمم المتح‪//‬دة وق‪//‬رار الجمعي‪//‬ة العام‪//‬ة لألمم المتح‪//‬دة رقم‬
‫‪ 3314‬لس‪//‬نة ‪ ،1974‬مانح‪//‬ة األولوي‪//‬ة لمجلس األمن بتقري‪//‬ر وق‪//‬وع جريم‪//‬ة الع‪//‬دوان على‬
‫حساب المحكمة‪ ،‬بل اشترطت لممارسة المحكمة الختصاصها بالنظر في تلك الجريمة اتخاذ‬
‫المجلس لق‪//‬رار مس‪//‬بق بوقوعه‪//‬ا‪ ،‬وه‪//‬و من ش‪//‬أنه في حال‪//‬ة ع‪//‬دم حدوث‪//‬ه أن يقي‪//‬د تمام‪//‬ا من‬
‫اختصاص المحكمة ويشله‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫إبراهيم الدراجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص_‪169- .132‬‬
‫‪99‬‬
‫خاتمة‬
‫ظهر من خالل فص‪//‬ول البحث أعاله ‪،‬أن ت‪//‬أثير مجلس األمن على اختص‪//‬اص المحكم‪//‬ة‬
‫الجنائية الدولية ال يمكن فهم‪//‬ه إال من خالل نظ‪//‬ام روم‪//‬ا األساس‪//‬ي ‪،‬ال‪//‬ذي منح مجلس األمن‬
‫تج‪//‬اه المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة ن‪//‬وعين من االختصاص‪//‬ات أح‪//‬دهما إيج‪//‬ابي‪ ،‬و يتجلى في‬
‫سلطتي اإلحالة وفرض واجب التعاون على الدول األطراف مع المحكمة ‪،‬هذه األخيرة ع‪//‬بر‬
‫هذه السلطات يمكن أن يشمل اختصاصها حتى تلك الدول غير األطراف بنظامه‪//‬ا ‪،‬وبالت‪//‬الي‬
‫وض‪///‬ع ح‪///‬د لإلفالت من العق‪///‬اب عن الج‪///‬رائم المنص‪///‬وص عليه‪///‬ا في الم‪///‬ادة ‪ 5‬من ه‪///‬ذا‬
‫النظ‪//‬ام ‪،‬ألنه‪//‬ا تس‪//‬تفيد من إحال‪//‬ة مجلس األمن ال‪//‬تي تجعله‪//‬ا في ح‪//‬ل من التقي‪//‬د بش‪//‬روط‬
‫االختصاص الواردة في المادة ‪ 12‬من نفس النظ‪/‬ام ‪،‬وه‪/‬ذا على عكس م‪/‬ا إذا ك‪/‬انت اإلحال‪/‬ة‬
‫ص‪//‬ادرة عن الم‪//‬دعي الع‪//‬ام أو من أح‪//‬د ال‪//‬دول األط‪//‬راف ‪،‬ويع‪//‬د ه‪//‬ذا االس‪//‬تثناء س‪//‬ابقة غ‪//‬ير‬
‫معروفة من قبل في القضاء الدولي‪.‬‬

‫واآلخر سلبي‪ ،‬يظه‪//‬ر أوال من خالل الم‪//‬ادة ‪ 16‬من نظ‪//‬ام روم‪//‬ا ‪،‬ال‪//‬تي أعطت لمجلس‬
‫األمن سلطة غير مسبوقة للتدخل في شؤون هيئة قضائية دولية يفترض أن تتمتع باالستقالل‬
‫و الحياد‪ ،‬وتظهر هذه السلطة في قدرة مجلس األمن على وقف أو عرقلة عمل المحكمة فيما‬
‫يتعلق ببدء التحقيق أو المقاضاة أو المضي فيه لم‪//‬دة اث‪//‬ني عش‪/‬ر ش‪/‬هرا قابل‪//‬ة للتجدي‪//‬د وذل‪//‬ك‬
‫بن‪//‬اءا على ق‪//‬رار يص‪//‬دره مجلس األمن اس‪//‬تنادا إلى الس‪//‬لطات المخول‪//‬ة ل‪//‬ه بم‪//‬وجب الفص‪//‬ل‬
‫السابع من ميثاق األمم المتحدة ‪،‬وفعال تم ذلك من خالل عدة قرارات كان أبرزه‪//‬ا الق‪//‬رارين‬
‫‪ 1422‬و‪، 1487‬ثم ثانيا من خالل اعتراف نظام روما بع‪//‬د تع‪//‬ديالت م‪//‬ؤتمر كمب‪//‬اال لس‪//‬نة‬
‫‪ 2010‬لمجلس األمن بسلطة اإلق‪//‬رار المس‪//‬بق بوق‪//‬وع جريم‪//‬ة الع‪//‬دوان ‪،‬بحيث أن المحكم‪//‬ة‬
‫الجنائية الدولية ال يمكنها مباشرة ممارسة اختصاص‪//‬ها على ه‪//‬ذه الجريم‪//‬ة إال بع‪//‬د أن يتخ‪//‬ذ‬
‫مجلس األمن قرار إيجابي يقر فيه بوقوع العدوان ‪،‬وبالتالي تكون المحكمة في تبعي‪//‬ة مطلق‪//‬ة‬
‫لمجلس األمن بخصوص هذه الجريمة‪.‬‬

‫‪:‬وبناء على ذلك نستنتج ما يلي‬

‫‪100‬‬
‫‪ -1‬لمجلس األمن الحق في إحالة حالة إلى المحكمة الجنائية الدولية بموجب قرار يس‪//‬تند إلى‬
‫الفصل الس‪/‬ابع من ميث‪/‬اق األمم المتح‪/‬دة‪ ،‬بحيث يع‪/‬د ه‪/‬ذا الق‪/‬رار من المس‪/‬ائل الموض‪/‬وعية‪،‬‬
‫بحيث يش‪//‬ترط إلص‪//‬داره موافق‪//‬ة تس‪//‬عة أعض‪//‬اء من مجلس األمن من بينهم خمس‪//‬ة أص‪//‬وات‬
‫لألعضاء الدائمة العضوية وذلك طبقا لما تنص عليه الفقرة الثالثة من الم‪//‬ادة ‪ 27‬من ميث‪//‬اق‬
‫األمم المتحدة‪.‬‬

‫‪ -2‬ال تعد سلطة اإلحالة تدخال من مجلس في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية‬

‫‪ -3‬إذا كان مبدأ التكامل يعطي األولوية للقضاء الجن‪//‬ائي الوط‪//‬ني على اختص‪//‬اص المحكم‪//‬ة‬
‫الجنائية الدولية‪ ،‬فإنه بإمكان اإلحالة من قبل مجلس األمن تمكين المدعي الع‪//‬ام من فتح ب‪//‬اب‬
‫التحقيق في أقرب وقت ممكن‪ ،‬دون قيامه بتبليغ الدول األطراف بنظ‪//‬ام روم‪//‬ا‪ ،‬أو تأك‪//‬ده من‬
‫مدى غياب إرادة الدولة صاحبة االختصاص في نظر القضية المحالة على المحكمة الجنائية‬
‫الدولية‪ ،‬إذا رأى ذلك الزما لحماية األشخاص أو لمنع إتالف األدلة أو لمنع فرار األشخاص‬
‫وهذا ما نصت عليه الفقرة ب من المادة ‪ 13‬من نظام روما األساسي‪.‬‬

‫‪ -4‬إن منح مجلس األمن سلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة لمدة ‪ 12‬شهرا قابلة للتجديد عدة‬
‫مرات‪ ،‬يؤثر سلبا ويعرقل ممارسة المحكمة الختصاص‪//‬ها‪ ،‬ألن وق‪//‬ف التحقي‪//‬ق أو المقاض‪//‬اة‬
‫يخالف المب‪//‬ادئ المس‪//‬لم به‪//‬ا في نظ‪//‬ام القض‪//‬اء ال س‪//‬يما الح‪//‬ق في محاكم‪//‬ة عادل‪//‬ة‪ ،‬وس‪//‬رعة‬
‫التقاضي‪...‬‬

‫‪ -5‬تتع‪//‬دد النت‪//‬ائج الس‪//‬لبية لس‪//‬لطة إرج‪//‬اء التحقي‪//‬ق أو المقاض‪//‬اة‪ ،‬لتمس أص‪//‬عدة مختلف‪//‬ة في‬
‫الدعوى منها على صعيد التحقيق ومنها على صعيد المقاض‪//‬اة‪ ،‬ومن ش‪//‬أن ذل‪//‬ك ض‪//‬ياع أدل‪//‬ة‬
‫اإلثبات وتالشي الحقائق وضياع فرص إلقاء القبض على المتهمين‪.‬‬

‫‪ -6‬يعد قيام مجلس األمن بعد نفاذ نظ‪//‬ام روم‪//‬ا األساس‪//‬ي بتحص‪//‬ين األف‪//‬راد الع‪//‬املين ض‪//‬من‬
‫قوات حفظ السالم من أي مالحقة قضائية‪ ،‬من شأنه أن يؤدى إلى إفالت العديد من المتهمين‬
‫بجرائم خطيرة من المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬كما يعتبر تحص‪//‬ين ه‪//‬ذه الق‪//‬وات‬
‫من قبل مجلس انته‪//‬اك واض‪//‬ح لنص‪//‬وص النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي ال‪//‬تي أك‪//‬دت ص‪//‬راحة على ع‪//‬دم‬
‫اإلعتداء بالحصانات‪.‬‬
‫‪101‬‬
‫‪ -7‬انفراد مجلس األمن بإقرار جريمة العدوان من شأنه تقيي‪//‬د اختص‪//‬اص المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة‬
‫الدولية بنظر جريمة دولية تندرج ضمن اختصاص‪//‬ها‪ ،‬وي‪//‬ؤدي إلى فس‪//‬ح المج‪//‬ال أك‪//‬ثر أم‪//‬ام‬
‫المعتدي الرتكاب المزيد من هذا النوع من الجرائم‪.‬‬

‫‪:‬وبناءا على هذه النتائج نقترح ما يلي‬

‫‪ -1‬إذا كانت العدالة الجنائية الدولية تقتضي منح مجلس األمن ال‪//‬دولي س‪/‬لطة إحال‪//‬ة الج‪/‬رائم‬
‫الدولية على المحكمة الجنائية الدولية؛ من خالل المادة ‪ 13‬من نظام روما‪ ،‬فإنه ينبغي كذلك‬
‫تخويل هذا الحق لكل من الجمعية العامة لألمم المتحدة‪ ،‬التي تعتبر بمثاب‪//‬ة جه‪//‬از ديمق‪//‬راطي‬
‫تكون أصوات الدول فيه متساوية‪ ،‬والمنظمات الدولية واإلقليمية؛ وذلك لكي نضمن للمحكمة‬
‫الجنائية الدولية فرصة أكثر في المالحقة والمحاكمة على الجرائم الدولية‪.‬‬

‫‪ -2‬نق‪//‬ترح إنش‪//‬اء ق‪//‬وات دولي‪//‬ة تتكف‪//‬ل بتنفي‪//‬ذ م‪//‬ذكرات التوقي‪//‬ف الص‪//‬ادرة ض‪//‬د األش‪//‬خاص‬
‫المطلوبين أمام المحكمة الجنائية الدولي‪//‬ة ‪،‬س‪//‬واء عن طري‪//‬ق وض‪//‬ع ه‪//‬ذه المه‪//‬ام على ع‪//‬اتق‬
‫القوات األممي‪/‬ة ال‪/‬تي ت‪/‬دير األق‪/‬اليم ال‪/‬تي وقعت فيه‪/‬ا الج‪/‬رائم ض‪/‬د الدولي‪/‬ة قي‪/‬د النظ‪/‬ر أم‪/‬ام‬
‫المحكم‪////‬ة الجنائي‪////‬ة الدولي‪////‬ة ‪،‬أو إس‪////‬نادها إلى المنظم‪////‬ة الدولي‪////‬ة للش‪////‬رطة الجنائي‪////‬ة‬
‫( اإلن‪//‬تربول) ‪،‬بحيث ه‪//‬ذه الق‪//‬وات ستس‪//‬اهم في تفعي‪//‬ل دور المحكم‪//‬ة في إلق‪//‬اء القبض على‬
‫مرتكبي الجرائم الدولية وتسهيل التحقيقات فيها‪ ،‬ألن ذلك سيسمح له‪//‬ا بمواص‪//‬لة اإلج‪//‬راءات‬
‫ضدهم ‪،‬كما يضمن للضحايا الحق في الحصول على التعويض‪.‬‬

‫‪ -3‬تعديل نظام روما األساسي وإلغاء المادة ‪ 16‬منه المتعلقة بسلطة مجلس األمن في إرجاء‬
‫التحقيق أو المقاضاة أمام المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬ألن الممارسة العملية لهذه الم‪/‬ادة ت‪/‬رتبت‬
‫عليها الكثير من اآلثار السلبية على استقاللية المحكمة‪.‬‬

‫‪ -4‬بالنسبة لجريمة العدوان‪ ،‬نقترح إما إلغاء هذه الجريمة من اختص‪//‬اص المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة‬
‫الدولية‪ ،‬وبالتالي تبقى لمجلس األمن سلطة حصرية في إقرار المسؤولية الدولي‪//‬ة عن أعم‪//‬ال‬
‫الع‪//‬دوان طبق‪//‬ا للم‪//‬ادة ‪ 39‬من ميث‪//‬اق األمم المتح‪/‬دة‪ ،‬أو اإلبق‪//‬اء عليه‪//‬ا لكن م‪//‬ع إلغ‪//‬اء س‪/‬لطة‬
‫مجلس األمن في اإلقرار بوقوعها واستبدالها بقرار يصدر عن الجمعية العامة لألمم المتح‪//‬دة‬
‫هذا من جهة‪.‬‬
‫‪102‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬نقترح عدم ربط جريمة الع‪//‬دوان بال‪//‬دول ذات الس‪//‬يادة فق‪//‬ط؛ ب‪//‬ل بك‪//‬ل من‬
‫يهدد الدول أو سالمتها اإلقليمية أو استقاللها السياسي خاصة الجماعات اإلرهابية‪.‬‬

‫‪ -5‬أخير وليس أخيرًا‪ ،‬نقترح تعديل نظام روما األساسي للمحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة وإلغ‪//‬اء أي دور‬
‫فيه لمجلس األمن‪.‬‬

‫المالحق‬

‫‪103‬‬
104
105
‫الببليوغرافيا‬
‫المراجع باللغة العربية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الكتب‬

‫إبراهيم الدراجي‪ ،‬جريمة العدوان ومدى المسؤولية القانونية الدولية عنها‪ ،‬منشورات‬ ‫‪)1‬‬
‫الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت ‪.2019،‬‬
‫إبراهيم محمد العناني‪ ،‬المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬المجلس األعلى للثقاف‪//‬ة‪ ،‬الق‪//‬اهرة‪،‬‬ ‫‪)2‬‬
‫‪.2006‬‬
‫أحمد أبو الوفا‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية المواءمات الدس‪//‬تورية والتش‪//‬ريعية‪ ،‬الطبع‪//‬ة‬ ‫‪)3‬‬
‫الثالثة‪ ،‬اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ ،‬القاهرة ‪.2005،‬‬
‫أحمد س‪//‬يف ال‪//‬دين‪ ،‬مجلس األمن ودوره في حماي‪//‬ة الس‪//‬الم ال‪//‬دولي‪ ،‬الطبع‪//‬ة األولى‪،‬‬ ‫‪)4‬‬
‫بيروت‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية ‪.2012‬‬
‫أحمد عبد هللا أب‪/‬و العال ‪ ،‬تط‪/‬ور دور مجلس األمن في حف‪/‬ظ الس‪/‬لم واألمن ال‪/‬دوليين‪،‬‬ ‫‪)5‬‬
‫دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪.2005 ،‬‬
‫أحمد قاسم محمد الحميدي‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬العوامل المحددة لدور المحكم‪//‬ة‬ ‫‪)6‬‬
‫الجنائية الدولية‪ ،‬الجزء الث‪//‬اني‪ ،‬الطبع‪//‬ة األولى‪ ،‬مرك‪//‬ز المعلوم‪//‬ات والتأهي‪//‬ل لحق‪//‬وق‬
‫اإلنسان‪ ،‬تعز‪ ،‬اليمن‪.2005،‬‬
‫المخت‪//‬ار عم‪//‬ر س‪//‬عد ش‪//‬تان‪ ،‬العالق‪//‬ة بين األمم المتح‪//‬دة والمحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‬ ‫‪)7‬‬
‫الدائمة‪ ،‬جامعة ناصر األممية ليبيا‪.2005 ،‬‬
‫أمين السيسي‪ ،‬ثورة ‪ 17‬فبراير والوجه الس‪//‬ري للق‪//‬ذافي‪ ،‬الطبع‪//‬ة األولى‪ ،‬الق‪//‬اهرة‪،‬‬ ‫‪)8‬‬
‫الهيئة العامة المصرية للكتاب‪.2011 ،‬‬
‫أمير فرج يوسف‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية والطابع القانوني لها ونشوء عناصر فوق‬ ‫‪)9‬‬
‫الوطنية في القضاء الجنائي الدولي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬منشأة المعارف ‪.2008،‬‬
‫ح‪//‬ازم محم‪//‬د عتلم‪ ،‬المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة والموائم‪//‬ات الدس‪//‬تورية والتش‪//‬ريعية‪،‬‬ ‫‪-10‬‬
‫اللجنة الدولية للصليب األحمر‪ ،‬بدون طبعة‪.2003 ،‬‬
‫حمد عبد الظاهر‪ ،‬دور مجلس في النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولي‪//‬ة‪ ،‬الطبع‪//‬ة‬ ‫‪-11‬‬
‫األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪.2012،‬‬
‫خال‪//‬د حس‪//‬اني‪ ،‬س‪//‬لطات مجلس األمن في تط‪//‬بيق الفص‪//‬ل الس‪//‬ابع بين أحك‪//‬ام الميث‪//‬اق‬ ‫‪-12‬‬
‫الممارسات الدولية المعاصرة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية ‪.2015‬‬
‫سعيد عبد اللطي‪//‬ف حس‪//‬ن‪ ،‬المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬دار النهض‪//‬ة العربي‪//‬ة الق‪//‬اهرة‬ ‫‪-13‬‬
‫‪.2004‬‬

‫‪106‬‬
‫شريف سيد كامل‪ ،‬اختصاص المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬الطبع‪//‬ة األولى‪ ،‬دار النهض‪//‬ة‬ ‫‪-14‬‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة ‪.2004،‬‬
‫عامر الزمالي‪ ،‬مدخل إلى القانون ال‪//‬دولي اإلنس‪//‬اني‪ ،‬وح‪//‬دة الطباع‪//‬ة واإلنت‪//‬اج الف‪//‬ني‬ ‫‪-15‬‬
‫بالمعهد العربي لحقوق اإلنسان‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬تونس ‪.1997‬‬
‫عب‪//‬د هللا س‪//‬ليمان س‪//‬ليمان‪ ،‬المق‪//‬دمات األساس‪//‬ية في الق‪//‬انون ال‪//‬دولي الجن‪//‬ائي‪ ،‬دي‪//‬وان‬ ‫‪-16‬‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬طبعة ‪.1992‬‬
‫عبد الواحد محمد الفار‪ ،‬الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها‪ ،‬دار النهض‪//‬ة العربي‪//‬ة‪،‬‬ ‫‪-17‬‬
‫القاهرة‪.2008 ،‬‬
‫عص‪///‬ام عب‪///‬د الفت‪///‬اح مط‪///‬ر‪ ،‬المحكم‪///‬ة الجنائي‪///‬ة الدولي‪///‬ة‪ ،‬دار الجامع‪///‬ة الجدي‪///‬دة‪،‬‬ ‫‪-18‬‬
‫اإلسكندرية ‪.2010،‬‬
‫علي جمي‪//‬ل ح‪//‬رب‪ ،‬نظري‪//‬ة الج‪//‬زاء ال‪//‬دولي المعاص‪//‬ر‪ ،‬الطبع‪//‬ة األولى‪ ،‬منش‪//‬ورات‬ ‫‪-19‬‬
‫الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت ‪.2013،‬‬
‫علي عب‪//‬د الق‪//‬ادر القه‪//‬وجي‪ ،‬الق‪//‬انون ال‪//‬دولي الجن‪//‬ائي؛أهم الج‪//‬رائم الدولي‪//‬ة؛المح‪//‬اكم‬ ‫‪-20‬‬
‫الدولية الجنائية ‪،‬الطبعة األولى ‪،‬منشورات الحلبي الحقوقية ‪،‬بيروت ‪.2001،‬‬
‫علي يوسف الشكري‪ ،‬القانون الجنائي الدولي في عالم متغير‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬إيتراك‬ ‫‪-21‬‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.2005،‬‬
‫عمر محمود سليمان المخزومي‪ ،‬القانون الدولي اإلنساني في ضوء المحكمة الجنائية‬ ‫‪-22‬‬
‫الدولية‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ‪.2008،‬‬
‫فيدا نجيب حمد‪ ،‬المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة نح‪//‬و تحقي‪//‬ق العدال‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬منش‪//‬ورات‬ ‫‪-23‬‬
‫الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت ‪.2006،‬‬
‫مجدي وهبت وكامل المهندس‪ ،‬معجم مصطلحات اللغة العربية‪ ،‬مكتبة لبنان بيروت‪،‬‬ ‫‪-24‬‬
‫الطبعة الثانية ‪1984‬‬
‫محمد حازم عتلم‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية تحدي الحصانة‪ ،‬اللجن‪//‬ة الدولي‪//‬ة للص‪//‬ليب‬ ‫‪-25‬‬
‫األحمر‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬دمشق ‪.2002،‬‬
‫محمد سامح عمرو‪ ،‬عالقة مجلس األمن بالمحكمة الجنائية الدولي‪//‬ة؛ دراس‪//‬ة تأص‪//‬يلية‬ ‫‪-26‬‬
‫تحليلية لممارسات العملية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪.2008‬‬
‫محم‪//‬د عزي‪//‬ز ش‪//‬كري‪ ،‬الق‪//‬انون ال‪//‬دولي اإلنس‪//‬اني والمحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬آف‪//‬اق‬ ‫‪-27‬‬
‫وتحديات‪ ،‬الجزء ‪ ،3‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت ‪.2010‬‬
‫محمود ش‪/‬ريف بس‪/‬يوني‪ ،‬المحكم‪/‬ة الجنائي‪/‬ة الدولي‪/‬ة‪ :‬نش‪/‬أتها ونظامه‪/‬ا األساس‪/‬ي م‪/‬ع‬ ‫‪-28‬‬
‫دراسة لتاريخ لجان التحقيق الدولية والمحاكم الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة الس‪//‬ابقة‪ ،‬مط‪//‬ابع روز‬
‫اليوسف الجديدة‪ ،‬مصر ‪2002‬‬
‫محمود شريف بسيوني‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬المحكم‪/‬ة الجنائي‪/‬ة الدولي‪/‬ة‪ ،‬م‪/‬دخل‬ ‫‪-29‬‬
‫لدراسة أحكام آليات اإلنفاذ الوطني للنظام األساسي‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬مصر‪.2009 ،‬‬
‫‪107‬‬
‫محمود شريف بسيوني‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولية؛ مدخل لدراسة أحكام وآليات اإلنفاذ‬ ‫‪-30‬‬
‫الوطني للنظام األساسي‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة‪. 2004 ،‬‬
‫محمود شريف بس‪//‬يوني‪ ،‬المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة؛ نش‪//‬أتها ونظامه‪//‬ا األساس‪//‬ي م‪//‬ع‬ ‫‪-31‬‬
‫دراس‪//‬ة لت‪//‬اريخ لج‪//‬ان التحقي‪//‬ق والمح‪//‬اكم الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬مط‪//‬ابع روز اليوس‪//‬ف‪،‬‬
‫القاهرة‪.2005 ،‬‬
‫مصطفى إبراهيم خليل‪ ،‬آليات الحماية الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬دار النهض‪//‬ة العربي‪//‬ة‪،‬‬ ‫‪-32‬‬
‫القاهرة‪.2005 ،‬‬
‫نجيب حم‪//‬د‪ ،‬المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة نح‪//‬و العدال‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬منش‪//‬ورات الحل‪//‬بي‬ ‫‪-33‬‬
‫الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪.2006‬‬
‫هاني سمير عب‪//‬د ال‪//‬رزاق‪ ،‬نط‪//‬اق اختص‪//‬اص المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬دراس‪//‬ة في‬ ‫‪-34‬‬
‫ضوء األحك‪//‬ام العام‪//‬ة للنظ‪//‬ام األساس‪/‬ي وتطبيقاته‪//‬ا‪ ،‬دار النهض‪//‬ة العربي‪//‬ة‪ ،‬الق‪//‬اهرة‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪.2010،‬‬
‫هشام محمد فريجة‪ ،‬دور القضاء الجن‪//‬ائي ال‪//‬دولي في مكافح‪//‬ة الجريم‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬دار‬ ‫‪-35‬‬
‫الخلدونية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2012 ،‬‬
‫ثانيا‪ :‬االطروحات والرسائل الجامعية‬

‫االطروحات‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫شيتر عبد الوه‪//‬اب‪ ،‬ص‪//‬الحيات مجلس األمن على ض‪//‬وء النظ‪//‬ام األساس‪//‬ي للمحكم‪//‬ة‬ ‫‪)1‬‬
‫الجنائي‪//‬ة الدولي‪//‬ة‪ ،‬أطروح‪//‬ة لني‪//‬ل ش‪//‬هادة ال‪//‬دكتوراه في الق‪//‬انون الع‪//‬ام‪ ،‬كلي‪//‬ة الحق‪//‬وق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود المعمري تيزي وزو‪ ،‬الجزائر‪.2014 ،‬‬
‫عبد القادر بوبي‪ ،‬عالقة مجلس األمن بالمحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة‬ ‫‪)2‬‬
‫الدكتوراه في القانون العام؛ تخص‪//‬ص الق‪//‬انون ال‪//‬دولي الع‪//‬ام‪ ،‬كلي‪//‬ة الحق‪//‬وق‪ ،‬جامع‪//‬ة‬
‫وهران‪ ،‬الجزائر‪.2011،‬‬
‫عال عزت عبد المحسن‪ ،‬اختصاص المحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬أطروح‪//‬ة لني‪//‬ل ش‪//‬هادة‬ ‫‪)3‬‬
‫الدكتوراه‪ ،‬جامعة القاهرة‪.2008 ،‬‬
‫هبوب فوزية‪ ،‬فعالية المحكمة الجنائية الدولي‪//‬ة في ض‪//‬وء العالق‪//‬ة القائم‪//‬ة بينه‪//‬ا وبين‬ ‫‪)4‬‬
‫هيئة األمم المتحدة‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة ال‪//‬دكتوراه في الق‪//‬انون الع‪//‬ام‪ ،‬جامع‪//‬ة ب‪//‬اجي‬
‫مختار؛ عنابة‪.2010 ،‬‬
‫الرسائل الجامعية‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪108‬‬
‫تباني يعقوب؛ فيثة ته‪//‬اني‪ ،‬س‪//‬لطات مجلس األمن في ظ‪//‬ل القض‪//‬اء الجن‪//‬ائي ال‪//‬دولي‪،‬‬ ‫‪)1‬‬
‫رسالة لنيل ش‪//‬هادة الماس‪//‬تر‪ ،‬تخص‪//‬ص ق‪//‬انون دولي وعالق‪//‬ات دولي‪//‬ة‪ ،‬كلي‪//‬ة الحق‪//‬وق‬
‫والعل‪//‬وم السياس‪//‬ية‪ ،‬جامع‪//‬ة محم‪//‬د الص‪//‬ديق بن يح‪//‬يى تاسوس‪//‬ت جيج‪//‬ل‪ ،‬الجزائ‪//‬ر‪،‬‬
‫‪.2016/2017‬‬
‫حمزة طالب المواهرة‪ ،‬دور مجلس في إحالة الج‪//‬رائم الدولي‪//‬ة إلى المحكم‪//‬ة الجنائي‪//‬ة‬ ‫‪)2‬‬
‫الدولية‪ ،‬رسالة ماجيستر في القانون العام‪ ،‬كلية الحق‪//‬وق قس‪//‬م الق‪//‬انون الع‪//‬ام‪ ،‬جامع‪//‬ة‬
‫الشرق األوسط ‪.2012،‬‬
‫فوزية ميهوب‪ ،‬فعالية المحكمة الجنائية الدولية في ض‪//‬وء العالق‪//‬ة القائم‪//‬ة بينه‪//‬ا وبين‬ ‫‪)3‬‬
‫هيئة األمم المتحدة‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر‪ ،‬تخصص ق‪//‬انون ع‪//‬ام‪ ،‬جامع‪//‬ة ب‪//‬اجي‬
‫مختار عنابة‪ ،‬الجزائر‪.2011،‬‬
‫ثالثا‪ :‬المقاالت‬

‫إلينا بيجيتش‪ ،‬المساءلة عن الج‪//‬رائم الدولي‪//‬ة من التخمين الى الواق‪//‬ع‪ ،‬المجل‪//‬ة الدولي‪//‬ة‬ ‫‪)1‬‬
‫للصليب األحمر‪ ،‬عدد سنة ‪.2002‬‬
‫بن عامر تونسي‪ ،‬العالقة بين المحكمة الجنائية الدولية ومجلس األمن‪ ،‬مجل‪/‬ة الق‪/‬انون‬ ‫‪)2‬‬
‫العام والعلوم السياسية‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫بيروت ‪.2006،‬‬
‫قلعة جي‪ ،‬العالقة بين المحكمة الجنائية الدولي‪//‬ة ومجلس األمن في إط‪//‬ار نظ‪//‬ام روم‪//‬ا‬ ‫‪)3‬‬
‫األساسي‪ ،‬المجلة المصرية للقانون الدولي‪ ،‬العدد ‪.2008، 64‬‬
‫قلعة جي‪ ،‬العالقة بين المحكمة الجنائية الدولي‪//‬ة ومجلس األمن في إط‪//‬ار نظ‪//‬ام روم‪//‬ا‬ ‫‪)4‬‬
‫األساسي‪ ،‬المجلة المصرية للقانون الدولي‪ ،‬العدد ‪.2008، 64‬‬
‫مبخوت‪//‬ة أحم‪//‬د‪ ،‬التك‪//‬ييف الق‪//‬انوني لج‪//‬رائم الع‪//‬دوان في ظ‪//‬ل الت‪//‬داخل ال‪//‬وظيفي بين‬ ‫‪)5‬‬
‫المحكمة الجنائية الدولية ومجلس األمن‪ ،‬مجلة الفكر القانوني‪ ،‬جامعة المدية‪ ،‬العدد ‪7‬‬
‫‪.2017،‬‬
‫مدوس فالح الرشيدي‪ ،‬آلية تحديد االختصاص وانعقاده في نظر الجرائم الدولية وفق‪//‬ا‬ ‫‪)6‬‬
‫التفاق روما لع‪//‬ام ‪ ،1998‬مجل‪//‬ة الحق‪//‬وق الكويتي‪//‬ة‪ ،‬الع‪//‬دد الث‪//‬اني‪ ،‬جامع‪//‬ة الك‪//‬ويت‪،‬‬
‫‪.2003‬‬
‫رابعا‪ :‬الندوات والمحاضرات‬
‫محسن هذلي؛ بن بلقاسم القروي الشابي‪ ،‬اختصاص المحكمة الجنائية الدولية إزاء‬ ‫‪-1‬‬
‫جريمة العدوان‪ ،‬محاضرة ختم التمرين‪ ،‬الهيئة الوطنية للمحامين بتونس‪ ،‬فرع تونس‬
‫للمحامين‪ ،‬السنة القضائية ‪2020/ 2019‬‬

‫‪109‬‬
‫نقاش الجلسة الثالثة‪ ،‬المحكمة الجنائية الدولي‪//‬ة‪ :‬تح‪//‬دي الحص‪//‬انة‪ ،‬ن‪//‬دوة تحت رعاي‪//‬ة‬ ‫‪-2‬‬
‫الدكتور حسان ريشة واللجن‪//‬ة الدولي‪//‬ة للص‪//‬ليب األحم‪//‬ر‪ ،‬مطبع‪//‬ة ال‪//‬داودي ‪ 03‬و‪04‬‬
‫نونبر ‪.2001‬‬
‫خامسا‪ :‬القرارات الدولية‬
‫قرار مجلس األمن رقم ‪ 955‬الصادر في ‪ 8‬نون‪//‬بر ‪ ،1994‬ال‪//‬ذي بموجب‪//‬ه تم إنش‪//‬اء‬ ‫‪-1‬‬
‫المحكمة الجنائية الخاصة برواندا )‪S/RES/955(1994‬‬
‫قرار مجلس األمن رقم ‪ 1593‬الصادر في ‪ 31‬م‪//‬ارس ‪ ،2005‬ال‪//‬ذي بموجب‪//‬ه تمت‬ ‫‪-2‬‬
‫إحالة قضية دارفور على المحكمة الجنائية الدولية )‪S/RES/1593(2005‬‬
‫قرار مجلس األمن رقم ‪ 1970‬الصادر في ‪ 26‬فبراير ‪ ،2011‬الذي بموجب‪//‬ه أحي‪//‬ل‬ ‫‪-3‬‬
‫)‪S/RES/1970(2011‬‬ ‫الوضع في ليبيا على المحكمة الجنائية الدولية‬
‫ق‪//‬رار مجلس األمن رقم ‪ 1422‬الص‪//‬ادر في ‪ 12‬يولي‪//‬وز ‪ ،2002‬ال‪//‬ذي بموجب‪//‬ه تم‬ ‫‪-4‬‬
‫منح حصانة لمدة إثني عشر شهرا ألفراد الواليات المتحدة األمريكية المش‪//‬اركين في‬
‫)‪S/RES/1422(2002‬‬ ‫قوات حفظ السالم‬
‫قرار مجلس األمن رقم ‪ 1487‬الصادر في ‪ 12‬يوني‪/‬و ‪ ،2003‬ال‪/‬ذي م‪/‬دد الحص‪/‬انة‬ ‫‪-5‬‬
‫الممنوحة ألفراد الوالي‪//‬ات المتح‪//‬دة األمريكي‪//‬ة في الق‪//‬رار ‪ ،1422‬وذل‪//‬ك لم‪//‬دة إث‪//‬ني‬
‫عشر شهرا جديدة )‪S/RES/2003(1487‬‬
‫ق‪//‬رار الجمعي‪//‬ة العام‪//‬ة لألمم المتح‪//‬دة رقم ‪(3314‬د‪ )29-‬الص‪//‬ادر في ‪ 14‬دجن‪//‬بر‬ ‫‪-6‬‬
‫‪ ،1974‬الذي أعطى تعريف لجريمة العدوان‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬االحكام القضائية الدولية‬
‫أنظر موجز األحكام والفتاوى واألوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية ‪-1948‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪.1991‬‬

‫ثامنا‪ :‬المواثيق واالتفاقيات الدولية‬


‫اتفاقية األمم لقانون المعاهدات لسنة ‪.1969‬‬ ‫‪-1‬‬
‫البروتوكول اإلضافي األول لسنة ‪ 1977‬الملحق باتفاقيات جنيف األربع لسنة‬ ‫‪-2‬‬
‫‪.1949‬‬
‫ميثاق األمم المتحدة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫نظام روما األساسي إلنشاء المحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪110‬‬
‫ المواقع االلكترونية‬:‫تاسعا‬
1- http://www.suite 101.fr/content/ la justice internationale au Liban
;3 à 5949 ? template = article_print.cfm.
2- http://www.suite 101.fr/content/ la justice internationale au
liban ;3 à 5949 ? template = article_print.cfm.
3- https://:ahlambeydounpress.com
4- Www.aludel.gov.ly
5- www.Ridi.org.
6- Www.Senat.fr
7- www.alrakiba.net/articles-show-id
Www.iasj.net/aisj? fumc: fultexkaid992478 -

:‫المراجع باللغة الفرنسية‬


Ouvrages:
1- Cesoni Maria et Scalia Luisa et Damien, juridictions pénales
internationales et conseil de sécurité : une justice politisée, R.Q.I,
N°2,2012

111
2- Clémence bouquemont,la cour pénale internationale et les Etats-
Unis, Editions, L’harmattan, 2005.
3- Denis Catherine, le pouvoir normatif des conseil de sécurité des
Nations unies : portés et limites,Bruylant, Bruxelles,2004.
4- Forteau Mathias, Droit de la sécurité collective et Droit de la
responsabilité internationale de L’Etas, Édition, A, pedone,
paris,2006.
5-Kamto Maurice, L’agression en Droit Internationale, pedone,
paris,2010.
6- Selphe fredlan, la route ne s’arrête pas à Rome, rapport de la
fédération des droits de l’homme, n°266 novembre, 1998.
7- Salvatore Zappala, La cour pénale internationale,Montchrestiens,
paris,2007.
Thèses :
1- Cornelis François Swanepoel, The Emergence a Moder
International Criminal justice,Thesis, South africa,Faculty of
Law,Department, of procedural Law and Law Evidence at the
University of the free state,2006.
Articles de Revues:
1- Flavia Lattanzi, Compétence de la cour pénale internationale et
consentement des États, Revue Générale de Droit International
Public, Val/ 103, N 02, 1999
2- Ioannis Prezas, La justice pénale internationale à l'épreuve de
maintien de la paix : à propos de la relation entre la cour pénale
internationale et le conseil de sécurité, Revue Belge de Droit
International, Vol /39, 2006.
3- Serge sur ,vers une cour pénale internationale la convention de
Rome entre les ONG et le Conseil de sécurité, revue générale de droit
internationale public, vol/103,1999.

112
4- Zhu wenqi, la coopération entre les États non parties et la Cour
pénale internationale, revue internationale de la choix rouge,
vol/88,2006.-
Jurisprudences de la Cour Internationale de Justice :
1- Aerial Incident of July 27, 1955, ICJ Report, 1959, pp. 127, 138,
North Sea Continental Shelf Cases, ICJ Report 1969, pp. 3, 25-27, 41,
46; Frontier Dispute between Burkina Faso v. Mali, ICJ Report, 1986,
pp. 554-577-578.

‫الفهرس‬
3............................................................................................ ‫مقدمة‬
6................................................................................... ‫أهمية البحث‬
6........................................................................... ‫دوافع اختيار البحث‬
6............................................................................... ‫صعوبات البحث‬
6................................................................................. ‫إشكالية البحث‬
7................................................................................... ‫منهج البحث‬
113
‫الفصل األول‪ :‬الدور اإليجابي لمجلس األمن في تفعيل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫المبحث األول‪ :‬سلطة مجلس األمن الدولي في إحالة الجرائم الدولية على المحكمة‬
‫الجنائية الدولية ‪10.............................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ماهية اإلحالة على المحكمة الجنائية الدولية‪11..........................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تحديد المقصود بسلطة اإلحالة ‪11.........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬ضوابط ممارسة مجلس األمن الدولي لسلطة اإلحالة واآلثار المترتبة‬
‫عليها ‪19......................................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دراسة تطبيقية لسلطة مجلس األمن في اإلحالة‪26.....................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬قضية دارفور ‪26............................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬القضية الليبية ‪30............................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬فرض واجب التعاون على الدول مع المحكمة الجنائية الدولية‪35........‬‬
‫المطلب األول‪ :‬دور مجلس األمن الدولي في فرض التعاون على الدول األطراف في‬
‫نظام روما ‪36.................................................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬ضعف آلية إلزام الدول األطراف بغير تدخل مجلس‪36...................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إلزامية التعاون مع المحكمة عند إحالة حالة من مجلس األمن‪40......‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬دور مجلس األمن في فرض واجب التعاون على الدول غير األطراف‬
‫مع المحكمة ‪42...............................................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الخالف الفقهي حول إلزام الدول غير األطراف بالتعاون مع المحكمة‪. .‬‬
‫‪43‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬آلية إلزام الدول غير األطراف بالتعاون مع المحكمة‪49.................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬عرقلة مجلس األمن الختصاص المحكمة الجنائية الدولية‪54................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬إرجاء التحقيق أو المقاضاة أمام المحكمة الجنائية‪57.....................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم سلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة‪57.............................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف سلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة وشروط ممارستها‪58.......‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الموقف الفقهي من المادة ‪ 16‬من نظام روما‪63.........................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الممارسة العملية لسلطة إرجاء التحقيق أو المقاضاة‪71...............‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬قرار مجلس األمن رقم ‪ 1422‬الممدد بموجب القرار ‪71.......1487‬‬

‫‪114‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التفسير القانوني للقرارين ‪ 1422‬و‪ 1487‬ومدى تعارضهما مع نظام‬
‫روما وميثاق األمم المتحدة ‪77..............................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬هيمنة مجلس األمن على المحكمة الجنائية الدولية في إقرار جريمة‬
‫العدوان ‪84......................................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬خضوع اإلقرار بوقوع جريمة العدوان للسلطة المطلقة لمجلس األمن‪..‬‬
‫‪84‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬األساس القانوني التقديرية لمجلس األمن في اإلقرار بوقوع جريمة‬
‫العدوان ‪85....................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬األثار المترتبة على تمتع مجلس بالسلطة التقديرية في اإلقرار بوقوع‬
‫جريمة العدوان ‪89...........................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تقييد اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بنظر جريمة العدوان بعد‬
‫تعديالت مؤتمر كمباال ‪92....................................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الشروط العامة ‪92...........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬شرط صدور قرار من مجلس األمن يقر فيه بوقوع العدوان‪97.........‬‬
‫خاتمة ‪103.........................................................................................‬‬
‫المالحق ‪107......................................................................................‬‬
‫الببليوغرافيا ‪109.................................................................................‬‬

‫‪115‬‬

You might also like