Professional Documents
Culture Documents
6745-أغراض الشعر العباسي 1
6745-أغراض الشعر العباسي 1
يمكن مالحظة أن األغراض الشعرية التي خرج إليها ش عراء العص ر العباس ي تنقس م إلى
ثالثة أقسام :القديمة والجديدة وتغييرات عميق ة في بعض ها :وهي الم دح والهج اء والرث اء
والغزل لكن باإلضافة إلى هذه األغراض الش عرية ظه رت ل دينا أغ راض جدي دة بس بب -
العوامل التي ذكرت سابًق ا -وكان من هذه األغراض الجديدة الشعر الفلسفي والِفكري وك ان
المعّر ي من رواده ،وظهر شعر المجون والزندقة وكان متمثاًل ببش ار بن ب رد ،وظهرش عر
الُّز هد والتأّمل وكان أبو العتاهية ممن كتبوا به ،وظهر الشعر الصوفي متمثاًل بالحاّل ج.
اق ترن ش عر الم ديح ب الموقف السياس ي في العص ر األم وي ،حين ك ان للخليفة
شعراؤه ال ذين يمدحون ه وين الون عطاي اه ،بقي الح ال على ه ذا الغ رار في ظ ل
الحكم العباسي ،فاصطنع خلفاؤه شعراء موالين لهم لزم وهم في حلهم وترح الهم،
وخصوهم بمدائحهم وذادوا عن حقهم في حكم المسلمين.
وقد ظهر في عهد الخلفاء األوائل عدد وفير من هؤالء الشعراء مثل بشار و أبي
العتاهية و السيد الحميري و أبي نواس و الفضل الرقاش ي و س لم الخاس ر و أبي
دالم ة و م روان بن أبي حفص ة و مطي ع بن إي اس و أش جع الس لمي و منص ور
النمري .وقد فاق الخليفة المهدي سلفيه في تقريب الشعراء وإكرامهم ،فأكثروا فيه
القول وغالوا في الثناء.
ومضى الخليفة هارون الرشيد بعد ذلك إلى مدى أبعد في رعاي ة الش عر وتق ريب
الشعراء طوال حكمه القوي الزاهر الذي دام اثنتين وعشرين سنة .ويق ول ال رواة
إنه لم يجتمع بباب أحد ما اجتمع ببابه من الشعراء ،ومن مداحه ابن من اذر و أب و
الشيص و مروان بن أبي حفصة و العم اني و مس لم ابن الولي د وربيع ة ال رقي..
فضًال عن أبي العتاهية وأبي نواس وسلم الخاسر ،وأصبح إلطراء الممدوح ح يز
أكبر لدى شعراء هذا العصر.
وقد غاص عدد من الشعراء حينذاك في حمأة السياسة وخاضوا بش عرهم معرك ة
والية العهد بني األمين و المأمون ،فانتصر بعضهم لهذا وبعضهم لذاك في قصائد
تداخلت فيها المعاني المدحية واآلراء السياسية.
كذلك ظل الشاعر في العصر العباسي حريصًا على رسم الخصال الرفيع ة والقيم
المثلى في شخص ية المم دوح ،إذ م ا زالت س جايا الك رم والش جاعة ،والحلم
والحزم ،والنجدة والم روءة ،والعفة والش هامة ،موض ع إجالل المجتم ع الع ربي
اإلس المي .ومض ى الش عراء يب دون أض رب البراع ة والفن ض من ه ذا اإلط ار
الرحيب من الصفات األصيلة المثلى .وكان ما قام به خلفاء ب ني العب اس وق ادتهم
ووالتهم من جالئ ل األعم ال ،وتص ديهم لخص وم الدول ة المتم ردين عليه ا في
ال داخل ،وألع دائها المتربص ين به ا في الخ ارج ،خ ير م ا أث ار ق رائح الش عراء
وأذكى مدائحهم بعناصر البطولة والبأس .وق د تجلى ذل ك ل دى الش اعر أبي تم ام
(ت231هـ846/م) ال ذي ارتفع ببعض قص ائده إلى مس توى يق ارب المالحم،
وآخى فيها بين شعر المديح وش عر الح رب ،مق دمًا ب ذلك لألدب الع ربي نموذج ًا
جديدًا متطورًا من الشعر الحماسي األصيل.
وعلى هذا الغرار مض ى أب و الطيب المتن بي (ت354هـ965/م) بع د ق رون من
الزمان ،مشيدًا بانتصارات سيف الدولة الحاسمة ومعاركه المظفرة في قتال دول ة
الروم المتاخمة.
غير أن موضوع المديح لم يبرأ من بعض العيوب ال تي ش ابتها في ه ذا العص ر،
وفي مقدمتها المبالغة والتهويل ،فلم يعد ما قاله األوائل مثًال في صدد شعر زه ير
بن أبي سلمى من أنه «لم يكن يمدح الرجل إال بما فيه» منحى مطلقًا ،بل أس رف
الشعراء على أنفس هم في ذل ك ،وغ الوا أحيان ًا في إس باغ الص فات الخارق ة على
ممدوحيهم .ومن هذا القبيل قول أبي نواس في الخليفة األمين:
لتخافــك النطـف التي لــم تخلق وأخفـت أهــل الشــرك حتى إنــه