You are on page 1of 2

‫أغراض الشعر في العصر العباسي‪:‬‬

‫يمكن مالحظة أن األغراض الشعرية التي خرج إليها ش عراء العص ر العباس ي تنقس م إلى‬
‫ثالثة أقسام‪ :‬القديمة والجديدة وتغييرات عميق ة في بعض ها‪ :‬وهي الم دح والهج اء والرث اء‬
‫والغزل لكن باإلضافة إلى هذه األغراض الش عرية ظه رت ل دينا أغ راض جدي دة بس بب ‪-‬‬
‫العوامل التي ذكرت سابًق ا‪ -‬وكان من هذه األغراض الجديدة الشعر الفلسفي والِفكري وك ان‬
‫المعّر ي من رواده‪ ،‬وظهر شعر المجون والزندقة وكان متمثاًل ببش ار بن ب رد‪ ،‬وظهرش عر‬
‫الُّز هد والتأّمل وكان أبو العتاهية ممن كتبوا به‪ ،‬وظهر الشعر الصوفي متمثاًل بالحاّل ج‪.‬‬

‫اق ترن ش عر الم ديح ب الموقف السياس ي في العص ر األم وي‪ ،‬حين ك ان للخليفة‬
‫شعراؤه ال ذين يمدحون ه وين الون عطاي اه‪ ،‬بقي الح ال على ه ذا الغ رار في ظ ل‬
‫الحكم العباسي‪ ،‬فاصطنع خلفاؤه شعراء موالين لهم لزم وهم في حلهم وترح الهم‪،‬‬
‫وخصوهم بمدائحهم وذادوا عن حقهم في حكم المسلمين‪.‬‬
‫وقد ظهر في عهد الخلفاء األوائل عدد وفير من هؤالء الشعراء مثل بشار و أبي‬
‫العتاهية و السيد الحميري و أبي نواس و الفضل الرقاش ي و س لم الخاس ر و أبي‬
‫دالم ة و م روان بن أبي حفص ة و مطي ع بن إي اس و أش جع الس لمي و منص ور‬
‫النمري‪ .‬وقد فاق الخليفة المهدي سلفيه في تقريب الشعراء وإكرامهم‪ ،‬فأكثروا فيه‬
‫القول وغالوا في الثناء‪.‬‬
‫ومضى الخليفة هارون الرشيد بعد ذلك إلى مدى أبعد في رعاي ة الش عر وتق ريب‬
‫الشعراء طوال حكمه القوي الزاهر الذي دام اثنتين وعشرين سنة‪ .‬ويق ول ال رواة‬
‫إنه لم يجتمع بباب أحد ما اجتمع ببابه من الشعراء‪ ،‬ومن مداحه ابن من اذر و أب و‬
‫الشيص و مروان بن أبي حفصة و العم اني و مس لم ابن الولي د وربيع ة ال رقي‪..‬‬
‫فضًال عن أبي العتاهية وأبي نواس وسلم الخاسر‪ ،‬وأصبح إلطراء الممدوح ح يز‬
‫أكبر لدى شعراء هذا العصر‪.‬‬
‫وقد غاص عدد من الشعراء حينذاك في حمأة السياسة وخاضوا بش عرهم معرك ة‬
‫والية العهد بني األمين و المأمون‪ ،‬فانتصر بعضهم لهذا وبعضهم لذاك في قصائد‬
‫تداخلت فيها المعاني المدحية واآلراء السياسية‪.‬‬
‫كذلك ظل الشاعر في العصر العباسي حريصًا على رسم الخصال الرفيع ة والقيم‬
‫المثلى في شخص ية المم دوح‪ ،‬إذ م ا زالت س جايا الك رم والش جاعة‪ ،‬والحلم‬
‫والحزم‪ ،‬والنجدة والم روءة‪ ،‬والعفة والش هامة‪ ،‬موض ع إجالل المجتم ع الع ربي‬
‫اإلس المي‪ .‬ومض ى الش عراء يب دون أض رب البراع ة والفن ض من ه ذا اإلط ار‬
‫الرحيب من الصفات األصيلة المثلى‪ .‬وكان ما قام به خلفاء ب ني العب اس وق ادتهم‬
‫ووالتهم من جالئ ل األعم ال‪ ،‬وتص ديهم لخص وم الدول ة المتم ردين عليه ا في‬
‫ال داخل‪ ،‬وألع دائها المتربص ين به ا في الخ ارج‪ ،‬خ ير م ا أث ار ق رائح الش عراء‬
‫وأذكى مدائحهم بعناصر البطولة والبأس‪ .‬وق د تجلى ذل ك ل دى الش اعر أبي تم ام‬
‫(ت‪231‬هـ‪846/‬م) ال ذي ارتفع ببعض قص ائده إلى مس توى يق ارب المالحم‪،‬‬
‫وآخى فيها بين شعر المديح وش عر الح رب‪ ،‬مق دمًا ب ذلك لألدب الع ربي نموذج ًا‬
‫جديدًا متطورًا من الشعر الحماسي األصيل‪.‬‬
‫وعلى هذا الغرار مض ى أب و الطيب المتن بي (ت‪354‬هـ‪965/‬م) بع د ق رون من‬
‫الزمان‪ ،‬مشيدًا بانتصارات سيف الدولة الحاسمة ومعاركه المظفرة في قتال دول ة‬
‫الروم المتاخمة‪.‬‬
‫غير أن موضوع المديح لم يبرأ من بعض العيوب ال تي ش ابتها في ه ذا العص ر‪،‬‬
‫وفي مقدمتها المبالغة والتهويل‪ ،‬فلم يعد ما قاله األوائل مثًال في صدد شعر زه ير‬
‫بن أبي سلمى من أنه «لم يكن يمدح الرجل إال بما فيه» منحى مطلقًا‪ ،‬بل أس رف‬
‫الشعراء على أنفس هم في ذل ك‪ ،‬وغ الوا أحيان ًا في إس باغ الص فات الخارق ة على‬
‫ممدوحيهم‪ .‬ومن هذا القبيل قول أبي نواس في الخليفة األمين‪:‬‬
‫لتخافــك النطـف التي لــم تخلق‬ ‫وأخفـت أهــل الشــرك حتى إنــه‬

You might also like