You are on page 1of 125

‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫األدب العربي في العصرالجاهلي‬

‫العصرالجاهلي‬
‫أطلق املؤرخون اسم الجاهلية على العصر الذي سبق اإلسالم‪ ،‬كان‬
‫العرب في تلك الفترة أهل الجهالة‪ ،‬فشت االعتقادات والتقاليد واألوضاع‬
‫الفاسدة‪ ،‬وعدم فيها الحلم‪ .‬العرب أمة كانت تعيش في الجزيرة العربية منذ‬
‫عصر قديم‪ ،‬ينتسب العرب إلى األسرة السامية التي تنحدرمن سام بن نوح‬
‫عليه السالم‪ ،‬وكان العرب في الجاهلية على قسمين‪ :‬سكان البدو وسكان‬
‫الحضر‪.‬‬
‫كان العرب في الجاهلية يهتمون باألدب كثيرا‪ ،‬حيث كان لكل قبيلة‬
‫شعر وخطيب على األقل‪ ،‬يتغنى ويخطب بأمجادها‪ ،‬وكانو يقيمون املحافل‬
‫األدبية في أسواقهم‪ ،‬وفي مواسم الحج حيث تجتمع القبائل العربية في مكة‬
‫املكرمة‪ ،‬يتغنى الشعراء ويخطب الخطباء ويحكم عليهم الحكماء فيفضلون‬
‫البعض على البعض‪ ،‬ويختارون أفضل القصائد التي أعجبتهم‪ .‬كان للعرب‬
‫أسواق عدة في العصر الجاهلي‪ ،‬ساهمت هذه األسواق على توحيد اللغة‬
‫وتغلب لغة قريش على اللهجات األخرى كما ساهمت في ازدهاراألدب‪.‬‬
‫الشعرالجاهلي‬
‫املراد بالعصر الجاهلي في دراسة آداب اللغة العربية هو قرن ونصف‬
‫قرن قبل بعثة محمد صل هللا عليه وسلم‪ ،‬ألن أقدم ما وصل إلينا من آداب‬
‫الجاهلية ال يصل إلى عصرأبعد منه‪ ،‬وكان األدب في ذلك العصر على نوعين‪،‬‬
‫‪-------------------------------- [2] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫الشعر والنثر‪ ،‬وكانت األمة العربية في العصر الجاهلي أمة أمية‪ ،‬ولذلك ضاع‬
‫معظم ما قاله العرب وما نظمه‪ ،‬ولم يتمكن من تدوين آثارهم إال في العصر‬
‫األموي والعباس ي‪ .‬وكان الشعر أكثر األنواع األدبية انتشارا في العصر‬
‫الجاهلي‪ ،‬وذلك أنهم كانوا يعتمدون على الذاكرة في نقل آثارهم من الكتابة‪،‬‬
‫والشعرأكثرمرونة من النثروأسهل على الذاكرة‪.‬‬

‫يقال إن بداية الشعر عند العرب كان من طبيعة حياتهم‪ ،‬وكانوا أهل‬
‫السفر والترحال في الصحراء‪ ،‬وفي احدى الرحالت سقط مضر بن نزار من‬
‫على ناقته فكسر عظام يده فبدأ يبكي وايداه‪ ...‬وايداه‪ ...‬عندما سمعت‬
‫الناقة هذا الصوت بدأت تسرع في الخطى ففهموا أن استخدام مثل تلك‬
‫الكلمات أثناء السفر تشجع نوقهم وتقل من أعباء السفر‪ ،‬فبدأوا ينشدون‬
‫األبيات ويناشدون املقطعات التي تساعدهم على االخفاف من ثقل األسفار‬
‫الطويلة‪ ،‬عندما ارتقى في العرب ذوق الغناء اجتمع الوزن والقافية فظهر‬
‫الرجز‪ .‬ثم ظهرت املقعطات الشعرية ذات األبيات األكثر حتى ظهرت‬
‫القصائد الطوال التي تحافظ على أروع صورة فنية من الوزن والقافية‬
‫واملوسيقى‪ .‬وكان أقدم القصائد الجاهلية التي وصلت إلينا هي قصيدة‬
‫الشاعرمهلهل وهو يرثي أخاه كليب املقتول في حرب البسوس‪.‬‬
‫مكانة الشعروالشاعر‪:‬‬
‫كان موطن الشعر الجاهلي ومنشأه البادية من نجد والحجاز وما إلى ذلك‬
‫من شمالي الجزيرة العربية‪ .‬كان الشاعر في الجاهلية نبي القبيلة وزعيمها في‬
‫السلم وبطلها في الحرب‪ ،‬وكانت كل قبيلة تحرص على أن يكون لها شاعر‪.‬‬
‫‪-------------------------------- [3] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫وكانت القبائل تقيم األعياد إذا نبغ فيها شاعر ألنه صحافي القبيلة‪ ،‬وكان لكل‬
‫شاعر راوية يالزمه ويرويه كل ما قال من الشعر‪ .‬وعلى مرور األيام بدأوا‬
‫يتبارون ويتنافسون بينهم في أسواقهم أمام أحد الشعراء الفحول‪ .‬هكذا‬
‫اختاروا بعض القصائد في األسواق الجاهلية وكتبوها في الجلود والحرير‬
‫وعلقوها في الكعبة أو في ناديهم‪.‬‬

‫وقد قسم النقاد الشعراء الجاهليين إلى طبقات ثالث باعتبار جودة‬
‫شعرهم وكثرته‪:‬ا) الطبقة األولى‪ :‬امرؤ القيس‪ ،‬زهير بن أبي سلمى‪ ،‬النابغة‬
‫الذبياني ب) الطبقة الثانية‪ :‬األعش ى‪ ،‬لبيد بن ربيعة‪ ،‬طرفة بن عبد‪،‬ت)‬
‫الطبقة الثالثة ‪ :‬عنترة بن شداد‪ ،‬دريد بن الصمة‪ ،‬أمية بن أبي الصلت‬
‫وكان في هذا العصر بعض الشعراء يأخذون شعرهم بمأخذ الجد‬
‫فيقومون بالعناية والتنقيح‪ ،‬ومنهم النابغة الذبياني وزهير والحطيئة‬
‫وغيرهم‪ ،‬وكان هناك نفر آخر مطرودين من البيت والقبيلة لسوء‬
‫تصرفهمفكانوا يتشردون في البالد ويقومون بالنهب والسلب والغصب‬
‫ويقولون الشعر في األغراض املختلفة وال يدينون ألي قانون في الحياة‪،‬‬
‫وهوالء الفرقة تعرف بالصعاليك‪ ،‬منهم الشنفرى‪ ،‬تأبت شرا وغيرهما‪.‬‬
‫أغراض الشعرالجاهلي‬
‫كانت أغراض الشعر الجاهلى وليدة حياة الشاعر‪ ،‬وكانت أهم هذه‬
‫األغراض الوصف واملدح والرثاء والهجاء والفخر والغزل والخمر والزهد‬
‫والحكمة‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [4] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫الوصف‪ :‬وهو أوسع أغراض الشعر الجاهلي منها‪ :‬وصف األطالل‪ :‬وهو‬
‫وصف الشاعر بقايا بيت أو خيمة‪ ،‬وصف الراحلة‪ :‬يصف الشاعر الناقة‬
‫والفرس‪ ،‬وصف الصيد‪ :‬يصف فيه الشاعر مغامراته في الصيد‪،‬وصف‬
‫الطبيعة‪ :‬كان يصف كل ما يحيط به من ليل ونهار ونجوم وصحراء وجبل‬
‫وواد ومطرورياح وغيرها‪.‬‬
‫الفخر والحماسة‪ :‬هو وصف املعارك والفخر بالنفس أو باألسالف‪،‬‬
‫وكان الشاعر يفتخر بقومه أوال وبنفسه ثانيا‪ ،‬الحماسة هي الفخر بالحروب‬
‫واملنازعات والعصبيات القبلية‪.‬‬
‫الهجاء‪ :‬هن أن يعيب الشاعر خصمه بما في من النقصان‪ ،‬من أسباب‬
‫الهجاء الحروب واملنازعات والعصبيات‪ ،‬كانوا يهجون بالعيوب النفسية‬
‫الخلقي ليس بالعيوب الجسمية‪.‬‬
‫الغزل‪ :‬وهو شعر الحب‪ ،‬وكان الشعراء الجاهليون يبدأون القصائد‬
‫بذكر الحبيبة وغرامه بها‪ ،‬وهو أصدق األغراض الشعرية لديهم وأكثرها‬
‫انتشارا بينهم‪ ،‬وكانو يهتمون بمحاسن املرأة الجسدية وشمائلها املعنوية على‬
‫السواء‪.‬‬
‫املدح‪ :‬هو أن يمدح الشاعر شخصا قريبا إليه بما فيه من خصال‬
‫محمودة‪ ،‬وكان من موضوعاته الشجاعة والكرم والصدق والعفاف والقوة‬
‫وغيرها‪ ،‬وكان املدح على نوعين‪ ،‬مديح للشكر واإلعجاب في البادية‪ ،‬ومديح‬
‫للتكسب في الحاضرة‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [5] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫الرثاء‪ :‬هو مدح املوتى‪ ،‬فكانوا يرثون باألبطال الذينيفتخرون بهم‬
‫ويمدحونهم‪ ،‬وكثرالرثاء في الجاهلية لكثرة الحروب‪.‬‬
‫الحكمة‪ :‬تأتي الحكمة في بعض آبيات النص‪ ،‬وتمتزج باإلحساس‬
‫والعاطفة املؤثرة‪ ،‬ويأتي معها التزهيد واملواعيظ‪.‬‬
‫خصائص الشعرالجاهلي‪:‬‬
‫الشعر العربي في أكثره شعر فطرة وبداهة مع بعض الصناعة من‬
‫ضروب البيان والبديع والنغم‪ .‬وموضوعاته ذاتية وهو في أكثره شعر غنائي‪،‬‬
‫ولم يكن لديهم شعر قصص ي أو شعر ملحمي أو شعر تمثيلي‪ ،‬ومن خصائصها‬
‫جزالة األلفاظ وفخامتها في األغراض‪ ،‬أكثر القصائد الجاهلية تبدأ بالبكاء‬
‫على األطالل والديار‪ ،‬يتغزل الشاعر بحبيبته‪ ،‬ثم ينتقل إلى وصف الطريق‬
‫الذي تجاوزه‪ ،‬ثم يصف الحيوانات التي يركبها‪ ،‬ثم يصف ما يشاهده من‬
‫ظواهر الكون‪ ،‬وبعدها أو أثناءها يتجه نحو غرض الشاعر الرئيس ي من فخر‬
‫وحماسة ومدح وهجاء أو ما إلى ذلك‪.‬‬
‫وله قيمة فنية وقيمة تاريخية‪ .‬ومن القيمة الفنية الصور‪ ،‬إذ يأتي بها‬
‫من حياته ومن خياله‪.‬ومنها املعانى الشعرية‪ ،‬وكانت املعانى سطحية حيث ال‬
‫يحاول الخوض في أعماق األمور‪ ،‬فالشعر الجاهلى يكاد يخلو من املنطق‬
‫والترتيب مع ضعف اإليحاء وقليل االبتكار‪ .‬ومنها األسلوب‪ ،‬فكان أسلوب‬
‫القصيدة متفككا في بناءها‪ .‬ومنها األخيلة‪ ،‬وكان خيال الشاعر الجاهلي‬
‫قريب التصور وصوره قريبة املتناول‪ ،‬وكان عاطفة الشاعر الجاهلى بسيطة‬
‫يقل فيه وصف الوجدان‪ .‬وكان مبنى الشعر الجاهلي يقوم على أسلوب‬
‫‪-------------------------------- [6] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫خطابي في أكثره‪ .‬ومن ناحية املوسيقى نرى أن الشعر الجاهلي أكثر على‬
‫أوزان طويلة التفاعيل‪.‬‬
‫وأما قيمته التاريخية فهو وثيقة من أهم وثائق تاريخ تلك األيام‪ .‬ألنه‬
‫يطلعنا على أحوال الجزيرة العربية وجغرافيتها وعادات الجاهليين في الحياة‬
‫وأساليبهم في العيش واملعامالت وثقافاتهم وتقاليدهم كما يرشدنا إلى‬
‫حروبهم وسلمهم وأيامهم املعروفة لديهم ولذلك سمي الشعر‬
‫الجاهليبـ"ديوان العرب"‪.‬‬
‫املعلقات‪:‬‬
‫املعلقات هي قصائد طوال من أجود ما وصل إلينا من الشعر‬
‫الجاهلي‪ .‬أعجب بها العرب فكتبت في الحرير املصري بماء الذهب وعلقت‬
‫على أستار الكعبة‪.‬وهي تسمي تارة املعلقات وتارة املذهبات ألنها كتبت بماء‬
‫الذهب‪ ،‬وتارة السبع الطوال‪ ،‬وتارة السموط‪.‬‬
‫فقد اختلف املؤرخون في عددها‪ ،‬فذهب األكثرون إلى أنها سبع‪.‬‬
‫أصحابها امرؤالقيس‪ ،‬وطرفة بن العبد‪ ،‬وزهير بن أبي سلمى‪ ،‬ولبيد بن‬
‫ربيعة‪ ،‬وعمروبن كلثوم‪ ،‬وعنترة العبس ي‪ ،‬والحارث بن حلزة‪ .‬وذهب البعض‬
‫إلى أنها ثمانية مضيفين إليها معلقة النابغة الذبياني‪،‬وذهب فريق ثالث إلى‬
‫أنها عشر مضيفين إلى السبع معلقة النابغة ومعلقة األعش ى األكبر ومعلقة‬
‫عبيد بن األبرص‪.‬‬
‫وكان في الجاهلية شعراء أكثر من هؤالء العشرة‪ .‬منهم دريد بن الصمة‪،‬‬
‫علقمة بن عبده التميمي‪ ،‬وأمية بن أبى الصلت‪ ،‬وعبد يغوث الحارثي‬
‫‪-------------------------------- [7] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫اليمني‪ ،‬وذواإلصبع العدواني وأخوه األودي‪ ،‬وتأبط شرا‪ ،‬وعمروبن الهذيل‬
‫العبدي‪ ،‬وعدي بن زيد العبادي‪ ،‬وأبوصعثرة البوالني‪ ،‬واملتلمس‪،‬وجرير بن‬
‫عبد العزى‪ ،‬واملهلهل‪ ،‬والشنفرى وغيرهم كثير‪.‬‬
‫مصادرالشعرالجاهلي‪:‬‬
‫لم يدون الشعر الجاهلي كما يوجد اليوم إال في نهاية القرن األول‬
‫للهجرة وما بعده‪ ،‬خالل ذلك الزمن الطويل ضاع الكثير منه بسبب الحروب‬
‫حيث هلك الكثيرمن رواة الشعرفي تلك الحروب‪ ،‬ويقال أن حماد الراوية هو‬
‫الذي قام أوال بجمع القصائد الطوال ودونها في كتاب‪ ،‬ومن أهم الكتب التي‬
‫جمعت فيها أشعار الجاهليين‪ :‬األصمعيات لألصمعي‪ ،‬املفضليات للمفضل‬
‫الضبي‪ ،‬طبقات فحول الشعراء ملحمد بن سالم الجمحي‪ ،‬كتاب األغاني ألبي‬
‫الفرج األصفهاني‪ ،‬والعقد الفريد البن عبد ربه‪.‬‬
‫النثرالجاهلي‬
‫لم يصل إلينا من النثر الجاهلي إال القليل‪،‬وسبب ذلك أنهم كانوا‬
‫يعتمدون في نقل أدبهم على الحفظ ال على الكتابة‪ ،‬وكانت كتاباتهم التمتد‬
‫إلى تدوين الكتب والقصص والرسائل‪ .‬وقد لحق بهذا النثر التحريف في‬
‫املعني واملبنى على مرالعصور‪.‬‬
‫ومن ميزاته العامة أنه وليد الطبع بعيد عن الصنعة والزخرف‪ ،‬يشيع‬
‫فيه السجع‪ .‬فهو قوي اللفظ متين التركيب وفكرته سطحية‪ ،‬ينزع نزعة‬
‫اإليجاز واملوسيقي في الجملة واألسلوب ويرسل مقطعا بال ربك بين أفكاره‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [8] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ومن فنون النثر الجاهلي املثل والخطابة والحكم والوصية والقصص وسجع‬
‫الكهان‪.‬‬
‫املثل ‪ :‬املثل عبارة تضرب في حوادث مشبهة للحوادث األصلية التى‬
‫جاءت فيها‪ .‬وهي جمل قصيرة وجيزة تدل على صحة الرأي وصدق االختبار‪،‬‬
‫ويعود أصل املثل إلى قصة أو حادثة سببت إلنشاءه‪ ،‬وأشهر العرب في‬
‫األمثال لقمان عاد‪ ،‬وأكثم بن صيفى‪ .‬وانصرف بعض العلماء إلى جمعها في‬
‫العصر العباس ي‪ .‬ومن أشهرهم املفضل الضبي في كتابه "املفضليات"‪ ،‬وأبو‬
‫هالل العسكري في كتابه "جمهرة األمثال"‪ .‬وامليداني في كتابه "مجمع‬
‫األمثال"‪.‬‬
‫الخطابة ‪ :‬كثرت الخطابة في الجاهلية لتعدد أسبابها وبواعثها وكانت‪،‬‬
‫وكانوا يلجأون إلى الخطابة للدفاع عن نفس الخطيب وقومه‪،‬واستخدمت‬
‫في إصالح ذات البين والحض على القتال واالنتقام والسفارة بين رؤوس‬
‫القبائل أو بين امللوك وعمالهم‪ ،‬ومن أشهرخطباء الجاهلية ‪ :‬قس بن ساعدة‬
‫األيادي‪ ،‬وعمرو بن معد يكرب الزبيدي‪ ،‬وعمروبن كلثوم التغلبي‪ ،‬وأشهر‬
‫القبائل خطيبة هي تميم‪ .‬وكان للعرب سنن خاصة في الخطابة منها أن‬
‫يخطبوا على رواحلهم في املحافل واألسواق‪ .‬وأن يقفوا نشزا من األرض‪،‬‬
‫اإلشارة بالقني والعص ى وغيرها‪ .‬وامتازت بقصرالعبارة وكثرة الحكم واألمثال‬
‫والسجع‪.‬‬
‫الوصية‪ :‬هي نصيحة يلقيها صاحب الشأن في وقت معين‪ ،‬يوجهها‬
‫إنسان إلى إنسان آخر عند موت أو زواج أو سفر أو مثل ذلك من املواقف‪.‬‬
‫وهي ثمرة تجربة الحياة‪ .‬والوصايا الجاهلية تمتاز بجمالها ورقتها‪ ،‬تعد‬
‫‪-------------------------------- [9] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫الوصايا من باب الخطبة‪ ،‬والفرق بينهما أن الخطبة تقال في حفل املجتمع‬
‫وأما الوصية تقال للفرد الواحد‪.‬‬
‫سجع الكهان‪ :‬هونوع من النثر فهو إسجاع يعتمدون فيها على األغراب‬
‫واإلبهام وعلى القسم‪ .‬واشتهر منهم سطيح الذئبي‪ ،‬وشق بن مصعب‬
‫األنحاري‪ ،‬عزي سلمة‪.‬‬
‫الحكمة‪:‬هي قول رائع موافق للحق سالم من الحشو‪ .‬وهي ثمرة‬
‫الحنكة ونتيجة الخبرة وخالصة التجربة‪ ،‬تصدر عن العقول الراجحة‬
‫واألفكار النيرة‪ ،‬وقائلها حكيم ينظر إلى األمور نظرة شاملة ويحللها تحليال‬
‫دقيقا‪،‬ثم يصدر في شأنها حكما يعلق باألذهان والقلوب‪ ،‬فتجري على األلسن‬
‫عبر العصور‪ ،‬يجد الناس فيها إرشادا وتوجيها إلى الفالح‪.‬في بعض األحيان‬
‫تكون الحكمة شعرا أيضا‪.‬‬
‫القصص‪:‬وكان للقصص باب واسع في األدب العربي القديم وكانت‬
‫قصصهم أسمارا تدور حول أيام العرب التي وقعت فيها قتال بين القبائل‪،‬‬
‫وكان لهم قصص أخرى تتضمن أحاديث الهوى‪ ،‬وقصص منقولة عن األمم‬
‫املجاورة‪.‬‬
‫خصائص النثرالجاهلي‪:‬‬
‫ا) خال من التكلف واملبالغة‪ ،‬ويمتازبالصدق والبساطة‪ ،‬هذا ظاهرفي‬
‫الخطبات والوصيات الجاهلية‪ .‬ب) فارغ من تعقيد املعاني وفلسفة املعاني‪،‬‬
‫بل يصدر عن التجارب‪ .‬ت) قوة األلفاظ ومتانة التركيب وقصرة الجملة‬
‫وإيجازاألسلوب ووضوح املعاني‪ .‬ث) كثرة الحكم واألمثال‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [10] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫أعالم األدب الجاهلي‬

‫امرؤالقيس‬
‫هو جندح بن حجر الكندي امللقب بـ"امللك الضليل" ثم بـ"ذي‬
‫القروح"‪ .‬من سليل امللوك في كندة‪ .‬شب في الترف والنعيم‪ ،‬نشأ نشأة الغواة‬
‫ويقول الشعر‪ ،‬طرده أبوه من البيت‪ ،‬جاب امرؤالقيس مع زمرة من‬
‫املتشردين في الرياض‪ ،‬أثناء ذلك قتل والده‪ .‬فقال امرؤالقيس " ضيعنى أبى‬
‫صغيرا وحملنى دمة كبيرا‪ ،‬الصحو اليوم وال سكر غدا‪ ،‬اليوم خمر وغدا‬
‫أمر"‪.‬استنجد أخواله بكرا وتغلبا بالثأر من بني أسد الذي قتل أباه‪ ،‬ثم‬
‫طالب املدد من املنذر ملك حيرة‪ ،‬وأتى إلى كسري أنوشروان‪،‬وأخيرا إلى قيصر‬
‫الروم‪ .‬فرجع من الروم خامل الغرض حزينا‪ ،‬ونزلت به علة جلدية فتقرح‬
‫جسمه وملا بلغ أنقرة من بالد الروم أصابه الوجع ووافته املنية وذلك سنة‬
‫‪540‬م‪.‬له ديوان صغير يحتوي نحوا من ‪ 25‬قصيدة‪ .‬وبعض املقطوعات‪،‬‬
‫وأشهرقصائده ثالثة ‪ :‬املعلقة‪ ،‬والمية‪،‬وبائية‪ .‬مطلع معلقته‪:‬‬
‫قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزلبسقط اللوى بين الدخول فحومل‬

‫النابغة الذبياني‬
‫أبو أمامة زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني امللقب بالنابغة لغزارة‬
‫شعره‪ ،‬ولنبوغه وتفوقه فيه‪ .‬وكان من قبيلة ذبيان‪ .‬وهو من فحول الشعراء‬
‫من الطبقة األولى في الجاهلية‪.‬كان يحب فتاة اسمها "ماوية" ‪ .‬وقد اتصل‬
‫‪-------------------------------- [11] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫الذبياني ببالط الحيرة عرف ملوكها وخلفاءها وطالت العالقة‪ ،‬وبسبب‬
‫الوشايات حاول النعمان قتل النابغة‪ .‬فهرب إلى قومه ثم اتصل بغسان‪،‬‬
‫ولكنه كان يحب أن يرجع إلى الحيرة وملا وجد فرصة رجع إليها‪ ،‬غضب كسرى‬
‫النعمان فأمر بقتلهفترك النابغة بالط الحيرة هاربا والتحق بقومه وعاش‬
‫بينهم حتى توفي سنة‪ 604‬م‪ .‬قض ى معظم حياته عند امللوك فكان يأكل في‬
‫آنية الذهب‪.‬وله ديوان جمع فيه األصمعي قصائده نقل إلى اللغات األوربية‪.‬‬
‫طبع وقيل له معلقة أيضا ‪.‬‬
‫زهيربن أبى سلمى‬
‫زهير بن أبى سلمى بن ربيعة بن رباح من مزينة من مضر‪ ،‬ولد في نجد‬
‫نشأ في غطفان‪ ،‬تتلمذ لبشامة الشاعر‪ ،‬ثم تتلمذ ألوس بن حجر فاتخذ‬
‫طريقته في الشعر‪ .‬تزوج في غطفان مرتين أوال أم أوفى ثم تركها‪،‬وتزوج كبشة‬
‫التى أنجبت له كعبا وبجيرا‪ ،‬انقطع زهيرلهرم بن سنان فخصه بأحسن شعره‬
‫ومدحه في معلقته ومدح الحارث بن عوف لتوسطهما في حرب داحس‬
‫والغبراء بين عبس وذبيان‪ .‬أصبح سيدا وحليما معروفا بالورع‪ .‬مات زهير‬
‫نحو سنة ‪ .609‬كان رزينا حليما ناصحا مع حب الخير والسالم والحق‪ .‬قال‬
‫بعض املؤرخين أنه كان نصرانيا‪.‬لزهير ديوان‪ ،‬ومن أهم قصائده املعلقة‪،‬‬
‫اشتهر بالحويات التي ينظمها خالل سنة كاملة مع عناية في التنقيح‬
‫والتهذيب‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [12] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫عنترة بن شداد العبس ي‬
‫ولد أبو املغلس عنترة بن شداد العبس ى املضري في نجد سنة ‪ 525‬من‬
‫أب شريف‪ ،‬وأم أمة حبشية‪ ،‬انتفى منه أبوه منذ والدته‪ ،‬فعاش كعبد يرعي‬
‫إبل أبيه‪ .‬أصبح فارسا وشجاعا‪ ،‬والتقط من أحاديث البطولة والفصاحة‪.‬‬
‫وفي تلك األيام أغارت جماعة من طيئ على عبس‪ ،‬فدعا شداد عنترة ملكافحة‬
‫العدو وقال‪" :‬كر يا عنترة" فأبى وأجاب‪ " :‬العبد ال يحسن الكر" فقال‪" :‬كر يا‬
‫عنترة أنت حر"‪ .‬وبعد الحرية أصبح قائد الكتائب‪ .‬فراح يقود العبس على‬
‫أعدائهم في غزوات متتالية‪.‬أحب ابنة عمه عبلة فنفرت منه لسواد الشاعر‬
‫وفلح شفته وغير أصليته في العروبة‪ ،‬فقض ي عنترة حياته يسترض ي ابنة‬
‫عمه‪ .‬توفي عنترة نحو سنة‪ 615‬في تسعين من عمره‪ .‬وبعد موته نسج الناس‬
‫عنه أسطورة واشتهرت قصصه بـ" إلياذة العرب"‪ .‬لعنترة ديوان‪ ،‬وأشهره‬
‫املعلقة على البحرالكامل‪.‬‬
‫لبيد بن ربيعة‬
‫أبو عقيل لبيد بن ربيعة العامري املضري كان من أشراف قومه‬
‫وفرسانهم‪ .‬نشأ كريما شجاعا‪ ،‬يغيث الضعيف ويقري الضيف وينظم‬
‫الشعر‪ .‬ودخل في اإلسالم نحو سنة ‪ 629‬م ثم انتقل إلى الكوفة وقض ى بها‬
‫أواخر أيامه‪ ،‬حتى توفي سنة ‪ 661‬م أيام خالفة معاوية بن أبي سفيان‪ .‬وقد‬
‫عمر أكثر من مائة‪ ،‬قيل إنه قض ى نصف عمره في الجاهلية ونصفها الثاني في‬
‫اإلسالم‪ .‬وبعد اعتناق اإلسالم حفظ القرآن وكف عن قول الشعر‪ ،‬وكان‬

‫‪-------------------------------- [13] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫يؤمن بأن القرآن قد أبطل الشعر فال حاجة إذن إلى قول الشعر‪ ،‬ولم يقل‬
‫بعد إسالمه إال بيتا واحدا من الشعروهو‪:‬‬
‫الحمد هلل إذ لم يأتني أجلي حتى اكتسيت من اإلسالم سرباال‬
‫ولذلك يعد من الشعراء الجاهليين‪.‬له ديوان وفيه املعلقة على البحر‬
‫الكامل‪.‬‬
‫قس بن ساعدة األيادي‬
‫هو أسقف نجران وخطيب العرب وحكيمها وقاضيها‪ ،‬كان يؤمن باهلل‬
‫ويدعو إليه بالحكمة واملوعظة الحسنة‪ .‬كان يوافي سوق عكاظ ويخطب في‬
‫املأل ترغيبا لهم عن الوثنية‪ ،‬وتخويفا من غضب هللا ونقمته‪ ،‬وقد مال عن‬
‫الدنيا وزخرفتها وعاش على الكفاف‪ .‬يقال إنه أول من خطب على شرف‪،‬‬
‫واتكأ على سيف‪ ،‬واستعمل كلمة أما بعد‪ ،‬وكتب فالن بن فالن‪ ،‬لقد سمعه‬
‫النبي (ص) في عكاظ وأثنى عليه‪ .‬وكان يفد على قيصر من حين إلى حين‬
‫فيكرمه‪ .‬توفي نحو سنة ‪ 600‬بعد أن عمر طويال‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [14] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫املناقشة‬
‫في أي نوع أدبي اشتهرقس بن ساعدة؟‬ ‫‪)1‬‬
‫من جمع املعلقات أوال؟‬ ‫‪)2‬‬
‫ما هي أوسع أغراض الشعرالجاهلي؟‬ ‫‪)3‬‬
‫ما هواالسم الكامل المرئ القيس؟‬ ‫‪)4‬‬
‫من هو امللك الضليل؟‬ ‫‪)5‬‬
‫من هو ذو القروح؟‬ ‫‪)6‬‬
‫ما سم حبيبة النابغة؟‬ ‫‪)7‬‬
‫من لقب بالنابغة؟‬ ‫‪)8‬‬
‫من اشتهربالحوليات؟‬ ‫‪)9‬‬
‫ما اسم حبيبة عنترة؟‬ ‫‪)10‬‬
‫من هو الشاعرالذي لم يقل شعرا بعد إسالمه؟‬ ‫‪)11‬‬
‫من بدأ قول الشعرمن العرب؟‬ ‫‪)12‬‬
‫من قام باإلصالح بين عبس وذبيان؟‬ ‫‪)13‬‬
‫من هو أول من تكسب بالشعرمن العرب؟‬ ‫‪)14‬‬
‫من استعمل كلمة أما بعد أوال؟‬ ‫‪)15‬‬
‫في أي بالط عاش النابغة أكثر؟‬ ‫‪)16‬‬
‫إلى أي أسرة لغوية تنسب اللغة العربية؟‬ ‫‪)17‬‬
‫كم عدد املعلقات في رأي أكثرالعلماء؟‬ ‫‪)18‬‬
‫أجب في جملة أوجملتين‬
‫‪ )1‬ما املراد بالعصرالجاهلي؟‬
‫‪ )2‬ما هي اللغات السامية؟‬
‫‪ )3‬ما هي أهم املصادر في الشعرالجاهلي؟‬
‫‪-------------------------------- [15] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫أين كان موطن الشعر في العصرالجاهلي؟‬ ‫‪)4‬‬
‫ما هي أغراض الشعرالجاهلي؟‬ ‫‪)5‬‬
‫ما هي املعلقات؟‬ ‫‪)6‬‬
‫ملاذا سميت املعلقات بهذا االسم؟‬ ‫‪)7‬‬
‫ما هي األسماء األخرى للمعلقات؟‬ ‫‪)8‬‬
‫ملاذا سميت املعلقات باملذهبات؟‬ ‫‪)9‬‬
‫من هم أصحاب املعلقات السبع؟‬ ‫‪)10‬‬
‫من هم أصحاب املعلقات العشر؟‬ ‫‪)11‬‬
‫عرف املثل‬ ‫‪)12‬‬
‫عرف الحكمة‬ ‫‪)13‬‬
‫عرف الوصية‬ ‫‪)14‬‬
‫عرف سجع الكهنة‬ ‫‪)15‬‬
‫مااملراد بأيام العرب؟‬ ‫‪)16‬‬
‫من هم أشهرالخطباء في العصرالجاهلي؟‬ ‫‪)17‬‬
‫في أي أسرة ولد امرؤ القيس؟‬ ‫‪)18‬‬
‫لم سمي امرؤ القيس بامللك الضليل؟‬ ‫‪)19‬‬
‫من هو والد امرئ القيس؟‬ ‫‪)20‬‬
‫ملاذا طرد امرؤ القيس من بيته؟‬ ‫‪)21‬‬
‫ماذا قال امرؤ القيس لم سمع خبرموت أبيه؟‬ ‫‪)22‬‬
‫ما هو أثرالقرآن في توحيد اللغة العربية؟‬ ‫‪)23‬‬
‫في أي لهجة من لهجات العرب نزل القرآن؟‬ ‫‪)24‬‬
‫ملاذا اشتهربعض قصائد زهيربالحوليات؟‬ ‫‪)25‬‬
‫كان لزهيرابنان شاعران من هما؟‬ ‫‪)26‬‬

‫‪-------------------------------- [16] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ممن درس زهيرالشعر؟‬ ‫‪)27‬‬
‫ما عالقة مضربن نزاربالشعرالعربي؟‬ ‫‪)28‬‬
‫من هما الشخصيتان الكريمتان مدحهما زهيرفي معلقته؟‬ ‫‪)29‬‬
‫كيف حصل عنترة على الحرية؟‬ ‫‪)30‬‬
‫ملاذا نفي عنترة من قبل أبيه؟‬ ‫‪)31‬‬
‫من كانت حبيبة عنترة؟‬ ‫‪)32‬‬
‫ماذا تعرف عن إلياذة العرب؟‬ ‫‪)33‬‬
‫لم لم يقل لبيد الشعربعد إسالمه؟‬ ‫‪)34‬‬
‫ما هو البيت الوحيد الذي قاله لبيد بعد إسالمه؟‬ ‫‪)35‬‬
‫متى هرب النابغة من بالط الحيرة؟‬ ‫‪)36‬‬
‫من هم أشهرالوصافين في العصرالجاهلي؟‬ ‫‪)37‬‬
‫ما هي أنواع النثرالجاهلي؟‬ ‫‪)38‬‬
‫من هي أم أوفي في معلقة زهير؟‬ ‫‪)39‬‬
‫ملاذا لقب النابغة بهذا االسم؟‬ ‫‪)40‬‬
‫ما هي مكانة الشاعرفي القبيلة الجاهلية؟‬ ‫‪)41‬‬

‫اكتب فقرة وجيزة عن اآلتية‬


‫نشأة اللغة العربية‬ ‫‪)1‬‬
‫نشأة الشعرعند العرب‬ ‫‪)2‬‬
‫املعلقات السبع‬ ‫‪)3‬‬
‫أغراض الشعرالجاهلي‬ ‫‪)4‬‬
‫أنواع النثرالجاهلي‬ ‫‪)5‬‬
‫أصحاب املعلقات‬ ‫‪)6‬‬

‫‪-------------------------------- [17] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫الخطابة في العصرالجاهلي‬ ‫‪)7‬‬
‫مميزات الشعرالجاهلي‬ ‫‪)8‬‬
‫امرؤ القيس وشعره‬ ‫‪)9‬‬
‫لبيد بن ربيعة وشعره‬ ‫‪)10‬‬
‫زهيربن أبي سلمى‬ ‫‪)11‬‬
‫خصائص النثرالجاهلي‬ ‫‪)12‬‬
‫عنترة بن شداد‬ ‫‪)13‬‬

‫اكتب مقالة عن اآلتية‬


‫اللغة العربية‬ ‫‪)1‬‬
‫العرب وأحوالهم في الجاهلية‬ ‫‪)2‬‬
‫الشعرالعربي الجاهلي‬ ‫‪)3‬‬
‫املعلقات خصائصها وأصحابها‬ ‫‪)4‬‬
‫أنواع النثرفي العصرالجاهلي‬ ‫‪)5‬‬
‫الحياة األدبية في العصرالجاهلي وتأثيراألسواق فيه‬ ‫‪)6‬‬

‫‪-------------------------------- [18] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫عصرصدراإلسالم وبني أمية‬

‫عصرصدراإلسالم‪:‬‬
‫عصر صدر اإلسالم أو العصر اإلسالمي هو الفترة من بعثة محمد ﷺ‬
‫إلى مقتل ّ‬
‫علي بن أبي طالب رض ي هللا عنه آخر خلفاء الراشدين سنة ‪40‬‬
‫هجرية‪ .‬ويمكن تقسيم هذه الفترة إلى عهدين‪ :‬العهد النبوي (‪632-610‬م)‬
‫وعهد الخلفاء الراشدين (‪661-632‬م)‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أثراالسالم في العرب‪:‬‬
‫كان العرب قبل اإلسالم أمة ممزقة ال تنتظمها وحدة‪ ،‬تكاد تفنيها‬
‫الحروب واملنازعات‪ ،‬وكانوا أمة جاهلة تسودها الخرافة وتتقاسمها العقائد‬
‫الفاسدة‪.‬‬
‫جاء اإلسالم فجعل العرب خير أمة‪َّ ،‬‬
‫وحملهم إلى عبادة هللا وحده‪،‬‬
‫ووحدهم تحت لواء واحد‪ ،‬فأسقطوا إمبراطوريتي فارس والروم‪َّ .‬‬
‫وتكونت‬ ‫ّ‬
‫وامتدت عصورا‬‫ّ‬ ‫الخالفة اإلسالمية فأصبحت ذات نفوذ سياس ي شامل‪،‬‬
‫َ‬
‫طويلة‪ ،‬وأصبح العرب سادة‬
‫َّ‬
‫اجتث اإلسالم من العرب كل العادات الخبيثة‪َّ ،‬‬
‫وأقر مكارم األخالق‪.‬‬
‫ففي حين َّ‬
‫أقر الكرم والوفاء والشجاعة والنجدة وإباء الضيم‪ ،‬حارب الخمر‬
‫وامليسر واملنافرة واملفاخرة ّ‬
‫وحرم الربا وأكل أموال الناس بالباطل‪ ،‬وقد بنى‬
‫‪-------------------------------- [19] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫َ‬
‫املجتمع على اإلخاء والتضحية واملساواة والحرية واإليثار‪ ،‬واهتم‬ ‫ُ‬
‫اإلسالم‬
‫بأمور املرأة‪.‬‬
‫ّ‬
‫محا اإلسالم الخرافة واستبدل بها نور العلم‪ ،‬وحكم العقل‪ ،‬ومحا‬
‫َّ‬
‫الوثنية وجميع املعتقدات الباطلة كالكهانة والعرافة والط َيرة والتشاؤم‬
‫َ‬
‫وعلومها‬ ‫والتنجيم‪ ،‬فتح املسلمون األمصار ودرسوا أحوال األمم املغلوبة‬
‫ّ‬
‫واقتبسوا من حضارتها‪ ،‬فامتزجت العقلية العربية تولدت منه الفنون‬
‫األدبية‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ّ‬
‫خلد اإلسالم اللغة العربية حين نزل القرآن بالعربية الفصحى‪ ،‬ورقق‬
‫ألفاظها وأكثرها‪ ،‬وأبعدها عن الجفاء والغلظة‪ّ ،‬‬
‫وحول أساليبها إلى العذوبة‬
‫َّ‬
‫والسالسة‪ ،‬وجعلها لغة عاملية‪ .‬وأثر في األدب من خالل القرآن والحديث‬
‫ّ‬
‫حيث اقتفى األدباء أثرهما‪ ،‬وخلص األدب ونقاه من الشوائب كالشعر الذي‬
‫ُْ‬
‫يدعو إلى العصبية‪ ،‬وكالهجاء املق ِذع‪ ،‬والغزل الفاحش‪ ،‬ووصف‬
‫الخمر‪.‬واتخذ اإلسالم األدب سالحا من أسلحة الدعوة ‪ّ ،‬‬
‫وعده نوعا من‬
‫أنواع الوسائل لنشرالعادات الحسنة ومكارم األخالق‪ ،‬واستخدمه لألغراض‬
‫اإلنسانية النبيلة‪ ،‬واستخلصه من األفكار واملشاعر الخبيثة‪.‬ومن مصادر‬
‫األدب في عصر صدر اإلسالم القرآن الكريم‪ ،‬والحديث الشريف‪ ،‬واألدب‬
‫ْ َْ‬
‫استلهم األدب اإلسالمي أفكاره وأساليبه من هذه املصادر‬ ‫الجاهلي‪ ،‬فقد‬
‫الثالثة‪.‬‬
‫النثرفي صدراإلسالم‬

‫‪-------------------------------- [20] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫القرآن الكريم‪ :‬القرآن أول كتاب دون في اللغة العربية‪ ،‬فدراسته‬
‫ضرورية لتاريخ األدب‪ ،‬ألنه مظهر الحياة العقلية والحياة األدبية عند‬
‫العرب‪ ،‬وهو واضع النثر الفني ومنبع املعاني واألساليب واملعارف التي شاعت‬
‫في أدب ذلك العصر‪ ،‬نزل القرآن منجما في ثالث وعشرين سنة لوقائع‬
‫موجبة وأحوال داعية‪ ،‬وأعلن ختامه في السنة العاشرة من الهجرة‪ ،‬إال أنها‬
‫لم تجمع في مصحف واحد في حياته صل هللا عليه وسلم‪ ،‬عندما فزع عمر‬
‫حفاظه أشار إلى أبي بكر في جمعه‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫وأقره الخليفة‬ ‫أن يذهب القرآن بموت‬
‫وعهد بذلك إلى زيد بن ثابت أحد كتبة الوحي‪ ،‬فجمعه من السطور‬
‫والصدور‪ ،‬وكتبه صحفا أودعت عند أبي بكر ومن بعده عند عمر رض ي هللا‬
‫عنهما‪ .‬ثم كان املصحف في خالفة عثمان رض ي هللا عنه عند حفصة بنت‬
‫عمر زوج النبي ﷺ‪ .‬فلما اتسعت رقعة الدولة وانتشر القراء اختلفوا في‬
‫القراءة‪ ،‬فأمر عثمان بنسخ املصاحف من هذا املصحف وكانت سبعة‪،‬‬
‫فأرسلها إلى مكة والشام واليمن والبحرين والبصرة والكوفة ووضع واحدا‬
‫باملدينة‪ .‬وهو مصحفه املسمى باإلمام‪.‬‬
‫لم يلزم القرآن أسلوبا واحدا من أساليب األداء‪ .‬فآيات القرآن املكية‬
‫يهز األسماع والنفوس‪ .‬وأما املدنية معظمها طويلة‬ ‫قصيرة ذات تأثير خطابي ّ‬
‫مرسلة يختلط فيها األحكام والقصص والعظات والتبشير واإلنذار‪ .‬وليست‬
‫طريقته طريقة الشعر وليست من النثر املطلق‪ ،‬بل إنها طريقة بينهما‪ .‬ولكنها‬
‫كل حال‪ ،‬تحمل تأثيرا أعظم‪ ،‬وجماال‬ ‫تفوق طريقتي الشعر والنثر كلتيهما على ّ‬
‫أسحر‪ ،‬ومعنى أغزر منهما جميعا‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [21] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫وحد اللغة‬‫للقرآن الكريم أثر كبير في مجالي األدب والعلم ‪ ،‬فقد ّ‬
‫العربية وحفظها ّ‬
‫ووسع نطاقها‪ ،‬وعمل على تليينها وتهذيبها‪ ،‬ثم إنه كان‬
‫أساس العلوم اللغوية والبيانية عند العرب‪ .‬ووسع دائرة اللغة باستحداثه‬
‫األلفاظ الدينية‪ .‬ونشأ من القرآن علوم جديدة كالنحو والصرف واملعاني‬
‫والبيان والبديع‪ ،‬وعلمي اللغة واألدب لتفسيره ‪ ،‬والفقه وأصوله الستنباط‬
‫أحكامه‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [22] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫الحديث النبوي‪:‬‬
‫الحديث هو قول رسول هللا ﷺ أو حكاية فعله أو حديث الصحابة‬
‫عنه‪ ،‬فهو في املنزلة الثانية بعد كتاب هللا تعالى فيما يتعلق بالدين وأحكامه‪.‬‬
‫وهو أغزر ينابع التشريع في تشكيل حياة املجتمع اإلسالمي‪ ،‬وأقوم طريق إلى‬
‫ّ‬ ‫فهم القرآن الكريم‪ .‬الحديث لم ّ‬
‫يدون إال حوالي منتصف القرن الثاني‬
‫ّ‬
‫للهجرة‪ ،‬وكان قبل ذلك إنما يروى من الذاكرة‪ ،‬ولكن بعض الصحابة كانوا‬
‫مدون ابن شهاب الزهري‬‫مدون للحديث هو ّ‬ ‫وأول ّ‬‫يدونون بعض املسائل‪ّ .‬‬ ‫ّ‬
‫املتوفي سنة ‪ 124‬للهجرة‪ .‬وجاء بعده كتاب املوطأ لإلمام مالك بن أنس‪ ،‬ثم‬
‫تتابعت بعده كتب الصحاح والسنن‪ .‬ومن أشهر الكتب التي جمع فيها‬
‫االحاديث النبوية‪ :‬صحيح البخاري‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬سنن النسائي‪ ،‬سنن أبى‬
‫دود‪ ،‬سنن الترمذي‪ ،‬سنن ابن ماجة‪ ،‬وهذه الكتب ّ‬
‫تسمى بالصحاح الستة‪.‬‬
‫أسلوب الحديث أقرب إلى أسلوب القرآن‪ ،‬وهو يمتاز بإشراق ديباجته‬
‫َ‬
‫واتساق عبارته وتساوق ألفاظه و ِفقره ألداء معنى واضح معين‪ ،‬ومطابقة‬
‫مدلوله ملقتض ى الحال‪ ،‬وموافقة لغته للغة املخاطب‪ .‬للرسول قدرة عجيبة‬
‫على التشبيه والتمثيل وإرسال الحكمة وإجادة الحوار‪ .‬ساعد الحديث‬
‫الشريف على تهذيب األلسنة‪ ،‬وتثقيف الطباع‪ ،‬والقضاء على التعقيد‬
‫والغرابة في البيان‪ ،‬وقض ى على سجع الكهان ورفع منزلة النثروأدخل في‬
‫العربية من التراكيب البيانية الجديدة‪ ،‬وزاد فيها ألفاظا جديدة ‪ ،‬ووسع‬
‫معاني بعض األلفاظ وساعد على توحيد لهجات العربية‪.‬‬
‫الخطابة‪:‬ازدهرت الخطابة في عهد الرسول وحلت محل الشعر‬
‫لعوامل دينية وسياسية وحربية وفكرية‪ .‬اتسعت الخطابة في املساجد‬
‫‪-------------------------------- [23] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫والوفود وميادين القتال وموسم الحج واملجالس العامة‪ .‬ومن أغراض‬
‫الخطابة في هذا العصر‪ :‬الدعوة إلى الدين‪ ،‬واألمر باملعروف والنهي عن‬
‫املنكر‪ ،‬وقمع الفتن وتحميس الجند‪ .‬وأهم ما يميزها في هذا العصر اقتباسها‬
‫من القرآن والسنة‪ ،‬انتهاجها منهج اإلرشاد‪ ،‬وابتدائها بحمد هللا والصالة على‬
‫الرسول ﷺ‪ .‬كان الرسول ﷺ والخلفاء األربعة من أشهرخطباء هذا العصر‪.‬‬
‫الكتابة‪ :‬حرض اإلسالم تحريضا بالغا على الكتابة والتدوين‪ .‬أول آية‬
‫نزلت من القرآن تؤكد أهمية القلم‪ ،‬ولم يقتصر الكتابة في عهد الرسول على‬
‫كتابة الوحي بل أرسل النبي ﷺ رسائل إلى امللوك يدعوهم إلى االسالم منهم‬
‫النجاش ي واملقوقس وهرقل وكسرى وغيرهم‪ .‬وكذا كثرت كتابة العهود‬
‫واملواثيق في عهد النبي والخلفاء األربعة‪ ،‬ونالت الكتابة رواجا لم يعهد قبل‬
‫مع قدوم الدين اإلسالمي‪.‬‬

‫املناقشة‪:‬‬
‫أجب عن األسئلة اآلتية‪:‬‬
‫ما املراد بعصرصدراإلسالم؟‬ ‫‪)1‬‬
‫مدة ّ‬
‫امتد العصراإلسالمي ؟‬ ‫كم ّ‬ ‫‪)2‬‬
‫ما هي التحوالت التي جعلها اإلسالم في العرب؟‬ ‫‪)3‬‬
‫ما هو أثراإلسالم في اللغة العربية؟‬ ‫‪)4‬‬
‫ما هو أثراإلسالم في األدب العربي؟‬ ‫‪)5‬‬
‫ما هي مصادراألدب في عصرالرسول ﷺ؟‬ ‫‪)6‬‬
‫‪-------------------------------- [24] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫دون في العربية؟‬‫ما هو أول كتاب ّ‬ ‫‪)7‬‬
‫في كم سنة ّتم نزول القرآن الكريم؟‬ ‫‪)8‬‬
‫ّ‬
‫من الذي وكل إليه جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكررض ي هللا عنه؟‬ ‫‪)9‬‬
‫من الذي أشارإلى أبي بكررض بجمع القرآن؟‬ ‫‪)10‬‬
‫ماذا كان عمل عثمان رض ي هللا عنه في نسخ القرآن؟‬ ‫‪)11‬‬
‫ما هي امليزات اآليات املكية واملدنية؟‬ ‫‪)12‬‬
‫ماملراد بحديث الرسول ﷺ؟‬ ‫‪)13‬‬
‫من الذي أمرأوال بتدوين األحاديث؟‬ ‫‪)14‬‬
‫ما هي الكتب الستة تسمى بالصحاح الستة؟‬ ‫‪)15‬‬

‫أكتب فقرة موجزة عن اآلتية‪:‬‬


‫أسلوب القرآن‬ ‫‪)1‬‬
‫تأثيرالقرآن في اللغة واألدب‬ ‫‪)2‬‬
‫أسلوب الحديث‬ ‫‪)3‬‬
‫تأثيرالحديث في اللغة واألدب‬ ‫‪)4‬‬
‫الخطابة في عهد الرسول‬ ‫‪)5‬‬
‫الكتابة في عهد الرسول‬ ‫‪)6‬‬

‫ّ‬
‫أعد مقالة عن اآلتية لتقديمها في الندوة‪:‬‬
‫‪ )1‬التحوالت التي جعلها اإلسالم في حياة العرب السياسية واالجتماعية‬
‫والعقلية واألدبية‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [25] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫الشعرفي عصرالرسول‬

‫كان النبي ﷺ يشجع الشعر الجيد املشتمل على ُمثل عليا‪ ،‬وكان‬
‫يان‬ ‫َّ َ َ‬
‫يستمع إليه ويعجب بما اشتمل عليه من حكمة حتى قال‪ِ :‬إن ِمن الب ِ‬
‫ّ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫ّ‬
‫وإن َ‬ ‫َ‬
‫الشع ِر ل ِحك َمة‪ .‬وملا استأذن حسان بن ثابت األنصاري في‬ ‫من‬ ‫ل ِس ْحرا‪،‬‬
‫الرد على املشركين أذن له الرسول ﷺ ‪ ،‬وأقام في مسجده منبرا له ّ‬
‫للرد على‬
‫املشركين‪ .‬وكذلك كان شعراء الصحابة يقولون الشعر بعد إسالمهم في‬
‫أغراض نبيلة ممدوحة‪.‬‬
‫الشعرالعربي في عصراإلسالم كان امتدادا للشعرالجاهلي‪ ،‬ألن شعراء‬
‫سمون باملخضرمين‪،‬‬ ‫هذا العصر هم شعراء العصر الجاهلي أنفسهم‪ ،‬ولذا ُي َّ‬
‫ّ‬
‫وخف إقبال الناس على الشعر عند ما انتشر اإلسالم فيهم بتأثير مقتضيات‬
‫الحياة الجديدة التي جاءهم بها اإلسالم‪ ،‬ثم إن القرآن والرسول رفضا‬
‫الشعر الذي يدعو إلى اإلباحية واملجون والخالعة وكذا إلى العقائد الباطلة‬
‫واالحقاد الدفينة القبلية الجاهلية‪ ،‬فهذا كله كان مما جعل إقبال الناس‬
‫على الشعر قليال‪ ،‬وقد حدث في هذا العهد ش يء من التغيير في أسلوب الشعر‬
‫ومعانيه‪.‬‬
‫أما أسلوب الشعر في هذا العصر فقد اختلف بشكل يسير عن أسلوب‬
‫الشعر الجاهلي‪ ،‬وذلك من خالل تأثره بأسلوب القرآن وأسلوب الحديث‬
‫ً‬
‫أسلوبا‬ ‫وتأثره بعاطفة املسلم الرقيقة؛ فالورع والتقوى ومخافة هللا أوجدت‬
‫يبتعد عن الجفاء والغلظة والخشونة التي هي أبرز سمات الشعر الجاهلي‪،‬‬
‫‪-------------------------------- [26] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫وأما معاني الشعر فقد اختلفت بشكل كبير عن معاني الشعر الجاهلي‪ ،‬ومن‬
‫ثم أصبح الشاعر في هذا العصر يختار من املعاني ما يخدم اإلسالم ويدعو‬ ‫َّ‬
‫مستقيا معظم هذه املعاني من القرآن الكريم والحديث الشريف‪.‬‬ ‫ً‬ ‫إليه‪،‬‬
‫ورفض الشعر الذي يدعو للعصبية‪ ،‬وكالغزل الفاحش‪ ،‬والهجاء املقذع‪،‬‬
‫واملدح الكاذب‪ ،‬ووصف الخمر‪ .‬وظهر شعر الدعوة ووصف الفتوحات‬
‫اإلسالمية وأماكن الجهاد‪ .‬وقد نهجوا ملدح الرسول ﷺ منهجا يجمع بين‬
‫دقة الغزل وقوة املدح وصدق الوصف وعرف فيما بعد باملدائح النبوية‪.‬‬
‫كما وجدت في هذا العصرالبذرة األولى للشعرالسياس ي‪.‬‬
‫يقسم شعراء هذا العهد إلى قسمين ‪ :‬الشعراء املخضرمون والشعراء‬
‫اإلسالميون‪ ،‬ونعني باملخضرمين الذين عاشوا في العهد الجاهلي وأدركوا‬
‫اإلسالم منهم والشعراء االسالميين الذين ولدوا وعاشوا في العهد اإلسالمي‪،‬‬
‫ومن شعراء هذا العهد حسان بن ثابت األنصاري وكعب بن مالك‪ ،‬وعبد هللا‬
‫بن رواحة لبيد بن ربيعة وكعب بن زهير وعبد هللا بن الزبعري القرش ي ‪،‬‬
‫وحصين بن حمام املري والعباس بن مرداس السلمي ‪ ،‬وعمرو بن معدي‬
‫كرب‪ّ ،‬‬
‫متمم بن نويرة التميمي والخنساء والزبرقان بن بدر‪ ،‬الحطيئة‪ ،‬وقيس‬
‫بن عمر النجاش ي‪ .‬وكان هناك في هذا العهد كثير من شعراء املشركين وقفوا‬
‫ضد الرسول مثل أمية بن أبي الصلت‪.‬‬‫بشعرهم ّ‬

‫‪-------------------------------- [27] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫الشعراء املخضرمون‪:‬‬

‫الخنساء‪:‬‬
‫هي تماضر بنت عمرو بن الشريد السلمية ‪ .‬والخنساء لقبها‪ ،‬وكانت‬
‫شاعرة رثاء في الجاهلية أسلمت في أواخر حياتها‪ .‬حينما علمت ببعثة النبي‬
‫ﷺ قدمت على النبي ﷺ مع قومها بني سليم فأسلمت معهم‪ ،‬وأخلصت‬
‫لدينها الجديد‪ .‬وكانت بارعة الجمال واألدب فخطبها رجال كثير ولكنها آثرت‬
‫التزوج في قومها‪ .‬فلما قتل أخواها صخر ومعاوية جزعت عليهما أشد‬
‫الجزع‪ ،‬وبكتهما ّ‬
‫أحر البكاء‪ ،‬ورثتهما بأبلغ الرثاء‪ ،‬إال أن وجدها على صخر كان‬
‫وراء الصبر وكانت تقول ‪ :‬كنت أبكي له من الثأر‪ ،‬وأنا اليوم أبكي له من النار‪.‬‬
‫هي ّأم الشهداء األربعة‪ ،‬استشهد أبناءها األربعة في حرب القادسية‪ ،‬فقالت‬
‫ّ‬
‫ملا سمعت هذا النعي‪ :‬الحمد هلل الذي شرفني بقتلهم‪ ،‬وأرجو أن يجمعني بهم‬
‫في مستقر رحمته‪ .‬وتوفيت بالبادية في مطلع خالفة عثمان بن عفان رض ي‬
‫هللا عنه ‪.‬ليس من شواعر العرب قبل االسالم وبعده من تفوق الخنساء في‬
‫رصانة شعرها ورقة لفظه وحالوة جرسه‪.‬‬
‫كعب بن زهير‬
‫هو كعب بن زهير بن أبي سلمى من قبيلة مزينة‪ ،‬عاش في عصري‬
‫الجاهلية وصدر اإلسالم‪ .‬وعاش في بيئة شعرية ألن أباه زهير وأخاه بجير وابنه‬
‫العوام كلهم كانوا شعراء‪ .‬وقبل إسالمه هجا الرسول ﷺ وقام‬ ‫عقبة وحفيده ّ‬
‫بتشبيب النساء املسلمات‪ ،‬فلما علم الرسول هذا الخبر وهدده بهدر دمه‪.‬‬
‫‪-------------------------------- [28] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫تجول كعب في القبائل يستجيرهم فلم يجره أحد‪ ،‬فنصحه أخوه بجير أن‬
‫يلتجئ إلى النبي ﷺ تائبا‪ ،‬فلما ضاقت به األرض أتى املدينة ودخل املسجد مع‬
‫أبي بكر متلثما ومتعذرا ‪ .‬ثم أشهر إسالمه وأنشد أمامه ﷺ الميته املشهورة‬
‫التي مطلعها‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ُم َت َّي ٌم إث َر َها ُي ْف َد َمك ُبو ُل‬ ‫َب َان ْت ُس َع ُاد َف َق ْلبي َ‬
‫الي ْو َم َم ْت ُبو ُل‬ ‫ِ‬
‫فعفا عنه وخلع عليه بردته فسميت تلك القصيدة بالبردة‪ .‬وله أيضا‬
‫قصائد كثيرة‪،‬وموضوعات شعره ال تختلف كثيرا عن موضوعات الشعر‬
‫الجاهلي من فخرومدح وهجاء ورثاء وغزل ووصف‪.‬‬
‫الحطيئة‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫جرول بن أوس بن مالك العبس ّي شاعر مخضرم أدرك‬ ‫هو أبو مليكة‬
‫ّ‬
‫الجاهلية وأسلم في زمن أبي بكر رض ي هللا عنه‪ .‬ولقب الحطيئة ومعناه‬
‫ّ‬
‫فشب مطرودا‬ ‫ّ‬
‫الضراء‪،‬‬ ‫القصير الدميم‪ .‬ولد في بني عبس من أمة إسمها‬
‫ً‬
‫حاقدا على املجتمع‪ ،‬حتى لقد هجا ّأمه وأباه وزوجته‬ ‫محروما‪ .‬وكان ّ‬
‫هج ًاء‬
‫ّ َ‬
‫الزْب ِرقان بن بدر سيد بني تميم‪ ،‬فشكاه‬ ‫َ‬
‫حتى أنه هجا نفسه‪ .‬وأكثر من هجاء ِ‬
‫ّ‬
‫إلى عمر رض ي هللا عنه‪ ،‬فسجنه مدة‪ ،‬غير أن الحطيئة نظم قصيدة مؤثرة‬
‫يهج الحطيئة‬‫استعطف بها عمر‪ ،‬فأطلق سراحه ونهاه عن هجاء الناس‪ ،‬ولم ُ‬
‫أي إنسان طوال حكم عمر رض ي هللا عنه‪ .‬ولوال بذاءة الحطيئة وسوء سيرته‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشعرية جبارة ولو كان قد وجهها إلى‬ ‫لكان أشعر املخضرمين ألن طاقته‬
‫َ ّ‬
‫الطرق الشريفة لتمكن من أن يخدم بها اإلسالم أعظم الخدمات‪.‬‬
‫وقال يهجو أمه‪:‬‬

‫‪-------------------------------- [29] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫منك العامل ـ ـ ــينا‬
‫أراح هللا ِ‬ ‫مني بعيدا‬‫تنحي فاقع ِدي ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫وموتك قد ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يس ّرالصالحينا‬ ‫حياتك ما علمت حياة سوء‬
‫ِ‬

‫املناقشة‪:‬‬
‫أجب عن األسئلة اآلتية‪:‬‬
‫ما هي أنواع الشعرالذي رفضها اإلسالم؟‬ ‫‪)1‬‬
‫ما هي األغراض الجديدة للشعرنشأت في عصراإلسالم؟‬ ‫‪)2‬‬
‫ّ‬
‫كمل‪ :‬إن من البيان لسحرا ‪........................‬‬ ‫‪)3‬‬
‫بين أقسام الشعراء في عهد الرسول ﷺ‪.‬‬ ‫‪)4‬‬
‫ما املراد بالشعراء املخضرمين؟‬ ‫‪)5‬‬
‫ما املراد بالشعراء اإلسالميين؟‬ ‫‪)6‬‬
‫من هي الخنساء؟‬ ‫‪)7‬‬
‫من هما األخوان للخنساء رثت عليهما؟‬ ‫‪)8‬‬
‫من هي أم الشهداء األربعة؟‬ ‫‪)9‬‬
‫متى وأين توفيت الخنساء؟‬ ‫‪)10‬‬
‫أسرة كعب بن زهيرأسرة شعرية ‪ ،‬بين‪.‬‬ ‫‪)11‬‬
‫من هو الشاعرالذي هو أخو كعب بن زهير؟‬ ‫‪)12‬‬
‫متى خلع النبي صلعم لكعب بردته ؟‬ ‫‪)13‬‬
‫ما هو االسم الكامل للحطيئة؟‬ ‫‪)14‬‬
‫ما هو معنى كلمة الحطيئة؟‬ ‫‪)15‬‬

‫‪-------------------------------- [30] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫من الشاعرالذي هجا نفسه وأمه؟‬ ‫‪)16‬‬
‫لم سجن عمررض ي هللا عنه الحطيئة؟‬ ‫‪)17‬‬
‫أكتب فقرة موجزة عن اآلتية‪:‬‬
‫موقف اإلسالم من الشعر‬ ‫‪)1‬‬
‫حالة الشعرفي صدراإلسالم‬ ‫‪)2‬‬
‫أكتب موجزا عن الشعراء اآلتية‪:‬‬ ‫‪)3‬‬
‫الحطيئة ‪ /‬كعب بن زهير‪ /‬الخنساء‬

‫‪-------------------------------- [31] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫عصربني أمية‬

‫هو العصر الذي كانت الدولة اإلسالمية فيه في أيدي األمويين بالشام‪،‬‬
‫بدأت الخالفة سنة ‪ 41‬هجرية إلى أن أخذها العباسيون سنة ‪132‬هجرية‪.‬‬
‫وعاصمة هذه الخالفة دمشق‪ ،‬تولى مقاليد الخالفة في هذا العهد ثالثة عشر‬
‫خليفة ‪ ،‬وجاء تحت هذا الحكم الحجاز والعراق والجزيرة وأرمينية والشام‬
‫ومصروأفريقيا‪.‬‬
‫البيئات األدبية في العصر األموي ‪:‬نافست مكة واملدينة في شعر‬
‫الغزل‪ ،‬فكان لها شعراء في الغزل‪ ،‬من أبرزهم عمر بن أبي ربيعة وعبيد هللا‬
‫بن قيس الرقيات‪ ،‬والحارث بن خالد املخزومي وغيرهم‪ .‬رجعت معارك‬
‫العصبيات القبلية إلى الشعر‪ .‬وقل نشاط الشعر في الكوفة والشام ونجد‬
‫ومصر‪ .‬وكان لسوق املربد في البصرة أثر كبير في األدب والشعر واللغة في‬
‫العصر األموي‪ ،‬وظهر في هذا العصر الشعر الديني الذي يتحدث عن الزهد‬
‫والتنسك واالنصراف عن متاع الدنيا ‪ ،‬وكان الشعراء يشتركون في املنافسة‬
‫الفقهية ومجالس املتكلمين فصاروا يأتون هذه املباحث في أشعارهم‪ ،‬كما‬
‫ظهرت أشعارفلسفية تأثرا باملجادالت واملناظرات الفكرية والفلسفية‪.‬‬
‫أنواع الشعر وخصائصه في العصر األموي‪ :‬من أغراض الشعر‬
‫وأنواعه في هذا العصر الغزل والنسيب‪ ،‬املدح والرثاء‪ ،‬والوصف والزهد‪،‬‬
‫والهجاء والنقائض‪ ،‬ومن خصائصه من ناحية األلفاظ واألساليب‪ ،‬تأثير‬

‫‪-------------------------------- [32] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ّ‬
‫تأثر بحضارة العصر األموي وتأث ٌر‬
‫القرآن الكريم واألحاديث النبوية‪ ،‬وكذا ٌ‬
‫باأللفاظ البادية وأسلوبها‪ ،‬ومن ميزاتها من ناحية املعاني واألخيلة‪ ،‬الدقة‬
‫وتنوع التشبيه وسمات‬ ‫والعمق وترتيب األفكار وثروة الحكم واألمثال ّ‬
‫الخيال‪.‬‬
‫أنواع الشعر‪:‬‬
‫الشعر السياس ي‪ :‬هو الشعر الذي قاله الشعراء املناصرون لألحزاب‬
‫السياسية على الخالفة في العصر األموي‪ ،‬فمن الشعراء َمن مدح بني هاشم‬
‫كالفرزدق والكميت‪ ،‬وبني أمية كاألخطل والجرير‪ ،‬ومدح الزبيريين كعبيد هللا‬
‫بن قيس الرقيات واسماعيل بن يسار النسائي‪ ،‬وكذا من ّأيد سياسة‬
‫الخوارج كالطرماح بن حكيم‪.‬‬
‫الغزل‪ :‬أصبح الغزل غرضا مستقال‪ ،‬ينقسم الغزل إلى نوعين‪ :‬الغزل‬
‫العذري والغزل الحضري‪ .‬الغزل العذري‪ :‬ويقال له أيضا الغزل البدوي‪ ،‬أو‬
‫يتحدث الشاعر عن مشاعر الحب الكريمة التي تنشأ بين‬ ‫ّ‬ ‫الغزل العفيف‪،‬‬
‫الرجل واملرأة‪ ،‬وفيه يتعلق العاشق بمحبوبة واحدة‪ ،‬ويرى فيها مثله األعلى‬
‫ّ‬
‫ورضاء النفس واستقرار العاطفة‪ .‬ومن أصحاب‬ ‫الذي يحقق له متعة الروح ِ‬
‫ّ‬
‫وكثير ّ‬
‫عزة‪ ،‬وعروة‬ ‫الغزل العذري‪ :‬جميل بثينة‪ ،‬ومجنون ليلى‪ ،‬وقيس لبنى‪،‬‬
‫وعفراء‪ ،‬ومنهم اشتهر باسمه مجردا من اسم حبيبته‪ ،‬كـ توبة بن الحمير‪،‬‬
‫ورؤبة العجاج‪.‬‬
‫الغزل الحضري‪ :‬ويقال له الغزل اإلباحي أو الغزل الصريح‪ :‬ظهر هذا‬
‫النوع من الغزل في بيئة الحجاز‪ .‬ولم يقتصر الشاعر في غزله على ذكر امرأة‬

‫‪-------------------------------- [33] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫واحدة بل كان ّ‬
‫يشبب ّ‬
‫بكل النساء الجميالت‪ ،‬والشعراء في هذا اللون من‬
‫الغزل مفتونون باملرأة‪ ،‬وأشهر شعراء هذا اللون من الغزل عمر بن أبي‬
‫ربيعة‪ ،‬وعبيد هللا بن قيس الرقيات‪ ،‬وعبد هللا بن عمر في الطائف واألحوص‬
‫بن عبد هللا‪.‬‬
‫الهجاء السياس ي‪ :‬وقد راج الهجاء في العصر األموي الحتياج والة األمر‬
‫إليه بسبب االنقسام الذي قام بين األحزاب املختلفة وهو الهجاء السياس ي‪.‬‬
‫وكان الخلفاء يبذلون األموال للشعراء ليستعينوا بألسنتهم على أعدائهم‪.‬‬
‫الهجاء األدبي‪ :‬هو الهجاء الذي وقع بين الشعراء بقطع النظر عن‬
‫األحزاب السياسية‪ ،‬ويختلف سبب هذه املهاجاة باختالف األحوال‪ ،‬وقد‬
‫يكون الغرض منها املقارعة لبيان املقدرة على الهجاء‪ ،‬ثم ينتقل املتهاجيان‬
‫إلى من يحكم بينهما‪ .‬وأشهر ضروب هذه املهاجاة النقائض التي وقعت بين‬
‫جريروالفرزدق وبين جريرواألخطل‪.‬‬
‫وصف الخمر ‪ :‬وكان الخليفة الوليد بن يزيد‪ّ ،‬أول من وصفها من‬
‫ّ‬
‫املسلمين‪ .‬ولم يكن القول في الخمر متسعا في هذا العصر بالنسبة إلى العصر‬
‫وممن برزوا في وصف الخمر في هذا العهد األخطل‪ ،‬والوليد بن‬ ‫العباس ي‪ّ .‬‬
‫يزيد‪.‬‬
‫أشهرشعراء هذا العصر‬
‫األخطل‪:‬هو غياث بن غوث من قبيلة تغلب واألخطل لقبه‪ ،‬وهو شاعر‬
‫ّ‬
‫نصراني نظم الشعر صغيرا‪ .‬لقب باألخطل لسالطة لسانه‪ ،‬ولد في الحيرة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فتعرض لقسوة زوجة أبيه‪ ،‬وهذا قاده إلى‬ ‫وأمه ليلى توفيت وهو صغير‪،‬‬

‫‪-------------------------------- [34] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫هجاءها‪ .‬في هذه الفترة عرض األخطل لكعب بن جعيل شاعر تغلب وأخمله‪،‬‬
‫َ‬
‫األنصار فتعززت صلته ببني‬ ‫شجع األخطل لهجاء األنصارفهاجم‬ ‫وهو الذي ّ‬
‫فقربه يزيد بن معاوية‪ ،‬وجعله عبد امللك بن مروان شاعر‬‫أمية بعد ذلك‪ّ ،‬‬
‫البالط الرسمي‪ ،‬ولقبه "شاعر بني أمية"‪ ،‬يدافع عن دولة بني أمية‪ .‬قام‬
‫األخطل في النقائض في جانب الفرزدق ّ‬
‫ضد جرير بما أخذ من قوم الفرزدق‬
‫ّ‬
‫وامتد الهجاء‬ ‫هدايا كثيرة‪ .‬فهجاه واشتعلت نار العداوة بين األخطل وجرير‪.‬‬
‫بينه وبين جرير طوال حياته‪.‬لألخطل ديوان شعر‪ ،‬فيه ثالثة أقسام كبرى‪:‬‬
‫ّ‬
‫شعر سياسية أموية‪ ،‬وشعر عصبية قبلية‪ ،‬وشعر خمر ووصف‪ .‬توفي‬
‫األخطل في ّأيام خالفة الوليد بن عبد امللك ‪.‬‬
‫عمر بن أبي ربيعة‪ :‬كان من بني مخزوم إحدى بطون قبيلة قريش‪ ،‬ولد‬
‫ليلة مات عمر بن الخطاب‪ ،‬وكان أبوه عبد هللا ّ‬
‫ثريا‪ ،‬فنشأ في نعمة والده‪،‬‬
‫فقرض الشعر في صغره ّ‬
‫وتمهر فيه‪ ،‬ولكن‬ ‫َ‬ ‫فانطلق مع حياة الثروة والفراغ‪،‬‬
‫ّ‬
‫فقصر الشعر على‬ ‫سلك عمر بن أبي ربيعة في الشعر طريقا غير مألوفة‪،‬‬
‫بهن‪ ،‬حتى ضاقت به ذوات الخدور‪ ،‬عمر بن أخيرا‬ ‫وصف النساء والتشبيب ّ‬
‫نفاهعبد العزيز إلى جزيرة بين بالد اليمن والحبشة وعاد منه إلى بلده بعد أن‬
‫يعد عمر زعيما للتغزل الحضري الصريح في‬ ‫أقسم ّأنه ال يتعرض إلى النساء‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫القرن األول للهجرة‪ .‬كان أرق شعراء عصره‪ ،‬من طبقة جرير والفرزدق‪ ،‬ولم‬
‫ّ‬
‫يكن في قريش أشعر منه‪ .‬جعل عمر من الغزل فنا مستقال‪ .‬وبرع في استعمال‬
‫األسلوب القصص ي والحوار‪ ،‬وتتميز قصائده بالعذوبة والطابع املوسيقي‪.‬‬
‫يمتاز شعر عمر بن أبي ربيعة بقدرته على وصف املرأة وعواطفها ونفسيتها‬

‫‪-------------------------------- [35] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ّ‬
‫السن‪ ،‬أقلع عن‬ ‫وهواجسها وانفعاالتها وميلها إلى الحب وعندما ّ‬
‫تقدم به‬
‫ّ‬
‫اللهو واملجون ِ‬
‫وذكرالنساء إلى أن توفي‪.‬‬ ‫ِ‬

‫‪-------------------------------- [36] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫النثرفي عصربني أمية‬


‫الخطابة‬
‫َ‬ ‫عدة ّ‬ ‫هناك عوامل ّ‬
‫شجعت الخطابة في عصر بني أمية منها‪ :‬كثرة‬
‫ّ‬
‫الدينية وتنافس هذه األحزاب واملذاهب ليثبت‬ ‫األحزاب السياسة واملذاهب‬
‫حق وأن منافسه على باطل‪ .‬ومنها‪ :‬ازدهار الوعظ الديني‬ ‫كل منها أنه على ّ‬
‫متخصصين في هذا الفن‪ ،‬باإلضافة إلى الخطب التي ّ‬
‫سنها‬ ‫ّ‬ ‫وبروز ّ‬
‫وعاظ‬
‫ُ‬
‫كخطب ُ‬
‫الجمع واألعياد ومواسم الحج‪ .‬ومنها‪ :‬كثرة الوفود التي كانت‬ ‫اإلسالم‬
‫تفد على الخلفاء واألمراء من األقاليم لتعرض أحوالها ومشكالتها على‬
‫املسؤولين‪.‬‬
‫كانت الخطابة في العصراألموي على أربعة أنواع‪:‬‬
‫الخطب السياسية‪ :‬وكان أهم خطبائها زياد بن أبيه‪ ،‬والحجاج بن‬
‫يوسف‪.‬الخطب الدينية ‪ :‬وكان رجالها هم الوعاظ والعلماء والفقهاء‬
‫كالحسن البصري‪ ،‬ومالك بن دينار‪ .‬خطب املحافل والوفود ‪ :‬وقد نبغ فيها‬
‫سحبان وائل‪ ،‬واألحنف بن قيس وغيرهما‪ .‬خطب املعارك ‪ :‬واشتهر فيها قواد‬
‫الجيوش كقتيبة بن مسلم الباهلي‪ ،‬وطارق بن زياد‪.‬‬
‫‪-1‬أشهرخطباء بني أمية‪:‬‬
‫زياد بن أبيه‪ :‬ولد زياد بمكة من جارية فارسية اسمها ُس ّ‬
‫مية‪ ،‬ولم يكن‬
‫ً‬
‫فس ِ ّمي زياد بن أبيه‪ .‬وظهر عليه أمارات الذكاء والشجاعة‬ ‫معروفا‪ُ ،‬‬ ‫أبوه‬
‫والفصاحة‪ ،‬وكان كاتبا ألبي موس ى األشعري‪ .‬وكان أبو سفيان ّيدعي أن زيادا‬
‫‪-------------------------------- [37] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫علي رض ي هللا‬
‫ابنه‪ ،‬ولكن خوفه من عمر منعه أن يلحقه بنسبه‪ .‬وفي عهد ٍّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫مناصب رفيعة‪ ،‬وملا تولى معاوية بن أبي سفيان الخالفة‬ ‫عنه تولى زياد‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫استدعى ً‬
‫زيادا وواله البصرة ثم ض َّم إليه الكوفة‪ ،‬فأصبح بذلك والي العراق‬
‫كله‪ ،‬وهناك تمكن من إقراراألمن في السنوات الخمس التي تولى فيها العراق‪.‬‬
‫وتوفي بالطاعون في الكوفة سنة ‪ 53‬للهجرة‪ .‬وزياد من أشهر خطباء العصر‬
‫ذكيا‪ ،‬وأسلوبه في الخطابة جزل‪ .‬ومن أشهر‬ ‫األموي‪ ،‬وكان داهية حليما ًّ‬
‫خطبه خطبته البتراء‪.‬‬
‫سحبان وائل‪ :‬هو سحبان بن زفر بن إياد من بني وائل بن ربيعة‪ .‬ولد في‬
‫الجاهلية ونشأ بين قبيلة وائل من ربيعة‪ ،‬ثم دخل في اإلسالم‪ ،‬واتصل‬
‫بمعاوية‪ ،‬فنال حظوة كبيرة عنده‪ .‬وكان سحبان خطيبا فصيحا بليغا يخطب‬
‫وقتا طويال فال يتردد وال يتلعثم وال يفت‪ ،‬وقد ضرب به املثل في املقدرة على‬
‫وسمي خطيب العرب‪ .‬اشتهر عند معاوية بخطبته الطويلة التي‬ ‫الخطابة ّ‬
‫عرفت بالخطبة الشوهاء‪.‬‬
‫الكتابة‬
‫كانت الكتابة الفنية في العصر اإلسالمي وفي معظم العصر األموي‬
‫ارتجالية غير مرسومة األصول وال َّ‬
‫محددة املعالم‪ ،‬إلى أن وضع أصولها‬ ‫َّ‬
‫وقواعدها عبدالحميد بن يحيى الكاتب‪ ،‬وهو كاتب فارس ي األصل يعتبر ّ‬
‫بحق‬
‫منش ئ الرسائل والكتابة العربية‪ ،‬ومؤسس بنائها‪ ،‬حتى لقد قال النقاد‪:‬‬
‫بدئت الكتابة بعبد الحميد‪ ،‬وانتهت بابن العميد‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [38] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫عبد الحميد يحيى الكاتب‪ :‬ولد حوالي سنة ‪ 60‬للهجرة في مدينة األنبار‬
‫عربي األصل‪ ،‬وقد اشتغل في مستهل حياته معلما‬ ‫على نهر الفرات‪ ،‬لم يكن ّ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫للصبيان ثم اتصل بسالم بن عبدهللا كاتب هشام بن عبد امللك فأعجب به‬
‫َ‬
‫الخلفاء‪ ،‬ثم أصبح‬ ‫وقربه ّ‬
‫وقدمه ّ‬
‫فعرفه‬ ‫سالم وأصهر إليه فتزوج شقيقته ّ‬‫ٌ‬
‫كاتب مروان بن محمد أيام كان ًّ‬
‫وليا للعهد‪ ،‬وملا تولى مروان الخالفة أصبح‬
‫ُ‬
‫عبدالحميد شيخ الكتاب في عصره‪ .‬ثم ملا قامت الدعوة العباسية وزحفت‬
‫فر هو وكاتبه‪،‬‬ ‫وهزم مروان بن محمد في معركة َّ‬
‫الزاب‪َّ ،‬‬ ‫ُ‬
‫جيوش العباسيين ِ‬
‫تعرضوا آلالم ومصائب حتى قتل‬ ‫وبعض املقربين منه إلى مصر‪ ،‬وهناك َّ‬
‫مروان وكاتبه في بوصير‪ُ ،‬‬
‫وس ِدل الستارعلى الدولة األموية سنة ‪ 132‬للهجرة‪.‬‬

‫املناقشة‪:‬‬
‫أجب عن األسئلة اآلتية‪:‬‬
‫‪ )1‬كم مدة امتدت عصربني أمية؟‬
‫‪ )2‬ما هي عاصمة الخالفة األموية؟‬
‫‪ )3‬كم خليفة تقلد مقاليد الحكم خالل الفترة األموية؟‬
‫‪ )4‬ماذا كان موقف بني أمية بالعرب والعربية؟‬
‫‪ )5‬من هم شعراء الغزل في بني أمية؟‬
‫‪ )6‬من هم شعراء السياسة في بني أمية؟‬
‫‪ )7‬ما هي خصائص شعرعمربن أبي ربيعة؟‬
‫‪ )8‬إلى أي فئة من السياسة واملذاهب ينتسب الشعراء اآلتية‪:‬‬
‫( الفرزدق‪ /‬طرماح بن حكيم‪ /‬أخطل ‪ /‬عبيد هللا بن قيس)‬
‫‪ )9‬ما املراد بالغزل؟‬
‫‪-------------------------------- [39] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ )10‬ما هو حالة الغزل في العصراألموي؟‬
‫‪ )11‬بماذا لم يزدهرالغزل في العصراإلسالمي؟‬
‫‪ )12‬ما املراد بالغزل الحضري؟‬
‫‪ )13‬أذكرثالثة من شعراء الغزل العذري‪.‬‬
‫‪ )14‬ما املراد الهجاء األدبي؟‬
‫‪ )15‬من وصف الخمرفي العصراألموي؟‬
‫‪ )16‬من هم الذين اشتهروا في النقائض؟‬
‫أعد مقالة موجزة عن الشعراء اآلتية مستخدما النقاط التالية‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫‪)17‬‬
‫( النقاط‪ :‬والدة ‪ ،‬لقب ‪ ،‬قبيلة ‪ ،‬حالة األسرة‪ ،‬بداية الشعر‪ ،‬أخالق الشاعر‪،‬‬
‫نزوعه السياس ي‪ ،‬عالقته بالخلفاء واألمراء‪ ،‬أسلوبه ومميزاته الشعرية‪ ،‬وفاة)‬
‫الشعراء‪ :‬األخطل ‪/‬عمربن أبي ربيعة‬
‫‪ )18‬اذكرأسباب ازدهارالخطابة في عهد األمويين‪.‬‬
‫‪ )19‬ما هي أنواع الخطابة في عهد األمويين؟‬
‫‪ )20‬اذكراثنين من الخطباء في عهد بني أمية‪.‬‬
‫‪ )21‬إلى أين نفي عمربن أبي ربيعة؟ ومن نفاه؟‬
‫سمي خطبة زياد بالخطبة البتراء‬ ‫‪ )22‬ملاذا ّ‬
‫‪ )23‬من الذي يعرف بخطيب العرب؟‬
‫‪ )24‬من الخطيب املعروف بالخطبة الشوهاء؟‬
‫‪ )25‬من هو منش ئ الرسائل والكتابة العربية؟‬
‫‪ )26‬اسم السوق املعروف في عصربني أمية للشعر‬
‫‪ )27‬من هو الشاعراملعروف بشاعربني أمية؟‬

‫بين السياق‪:‬‬
‫‪-------------------------------- [40] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ )28‬أكتب فقرة موجزة عن األعالم اآلتية‪:‬‬
‫‪ )1‬عبد الحميد الكاتب ‪ )2‬زياد بن أبيه‬

‫ّ‬
‫أعد بيانا موجزا عن املواضيع اآلتية‪:‬‬
‫‪ )1‬الكتابة في عهد بني أمية ‪ )2‬الخطابة في عهد بني أمية‬

‫‪ّ )29‬‬
‫أعد مقالة عن اآلتية لتقديمها في الندوة‪:‬‬
‫‪ )1‬النثرفي عصربني أمية‬
‫‪ )2‬الشعرفي عهد بني أمية‬
‫‪ )3‬أنواع الشعروأغراضه وأهم أعالمه في عصربني أمية‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [41] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫الوحدة الثانية‬

‫الحكم واألمثال‬

‫ُ‬
‫‪َ )1‬م َواعيد ُعرقوب ‪ :‬هو رجل من العماليق أتاه أخ له يسأله‪ .‬فقال له‬
‫ٌ‬
‫َ‬
‫عرقوب‪ :‬إذا أطلعت هذه النخلة فلك طلعها‪ .‬فلما أطلعت أتاه‬
‫لل ِعدة فقال‪ :‬دعها حتى تصيربلحا‪ .‬فلما أبلحت قال‪ :‬دعها حتى تصير‬
‫زهوا‪ .‬فلما زهت قال‪ :‬دعها حتى تصير رطبا‪ .‬فلما أرطبت قال‪ :‬دعها‬
‫حتى تصير تمرا‪ .‬فلما أتمرت عمد إليها عرقوب في الليل ّ‬
‫فجدها ولم‬
‫يعط أخاه شيئا‪ .‬فصارمثال في الخلف‪.‬‬
‫َ‬ ‫الع ّدة – مقدار ما ّ‬
‫يعد ومبلغه ‪ /‬بلح – وهو حمل النخل ما دام‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫أخضر صغارا ‪ ،‬واحدته َبلحة‪ / .‬زهى البلح – ّ‬
‫تلون ‪ /‬رطب البلح –‬
‫ّ ّ‬
‫جد النخل‬ ‫طريا‪ ،‬نضج ‪ /‬عمد إليه – قصده وتوجه إليه ‪/‬‬ ‫صار ُر َطبا ّ‬
‫– قطع ثمره‪.‬‬
‫‪ )2‬الليل طويل وأنت مقمر‪ُ :‬يضرب مثال في التأني والصبرعلى الحاجة‬
‫ُ‬
‫حتى تمكن‪ .‬ومعناه‪ :‬اصبر على حاجتك فإنك تجدها في بقية ليلتك‬
‫فإنها طويلة وأنت مقمرأي ليس فيها ظلمة تمنعك من قصدها‪.‬‬
‫ّ‬
‫تأخروأبطأ ّ‬ ‫ّ‬
‫تأنى فالن–لم ّ‬
‫قدم أفكاره متأنيا‬ ‫يتسرع أو يندفع‪،‬‬
‫‪ )3‬لسان من ُ طب ٌ‬ ‫َ‬
‫خشب‪ :‬يضرب ملن يكون حسن القول‬
‫ٍّ‬ ‫ويد من‬ ‫ر‬
‫ولكن ال منفعة عنده‪.‬‬
‫‪-------------------------------- [42] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ )4‬ر ّب قول أشد من صول‪ :‬يضرب عند الكالم يؤثر فيمن يواجه به‬
‫ّ‬
‫والصول الحملة والوثبة عند الخصومة والحرب‪.‬‬
‫ُ‬
‫أن قوما اجتمعوا يخطبون‬ ‫ّ‬
‫خطيب‪ :‬أصله‬
‫ٍّ‬ ‫‪ )5‬قطعت َج ِهيزة قول كل‬
‫ً‬ ‫في صلح بين َّ‬
‫حيين قتل أحدهما من اآلخر قتيال ويسألون أن يرض ى‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫أهل القتيل ّ‬
‫بالدية‪ .‬فبينما هم في ذلك إذ جاءت أ َمة يقال لها جهيزة‬
‫ّ‬
‫فقالت‪ :‬ان القاتل قد ظفر به بعض أولياء القتيل فقتله‪ .‬فقالوا‬
‫عند ذلك‪ :‬قطعت جهيزة قول كل خطيب‪ ،‬أي لم يبق مجال للكالم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ )6‬غثك خير من سمين غيرك‪:‬أي اقنع بالغث الذي في يدك وال تمدن‬
‫عينيك إلى ما في أيدي الناس وإن كان سمينا‪ .‬الغث معناه النحيف‬
‫أي ضد السمين‪.‬‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫الثعلبي امرأة سليطة‬ ‫‪ِ )7‬عش ر َج ًبا ت َر عجبا‪ :‬كان للحرث بن عباد‬
‫ّ‬ ‫فطلقها‪ .‬وأرادت أن َّ‬
‫تتزوج برجل‪ .‬وإن هذا الرجل لقي الحرث يوما‬
‫فأعلم الحرث بمنزلته عند املرأة‪ .‬فقال له الحرث‪ :‬عش رجبا تر‬
‫تربصها في بيتها بشهر رجب الذي ال يكون فيه‬ ‫مدة ُّ‬‫شبه َّ‬
‫عجبا‪َّ .‬‬
‫حرب‪ ،‬فإذا انقض ى حدثت األهوال‪ .‬يريد ُ‬
‫انه إذا عاشرها رأى من‬
‫سوء عشرتها عجبا‪.‬‬
‫ّ‬
‫واللي الباطل‪ .‬وقيل‬ ‫الحي هو ّ‬
‫الحق‬ ‫اللي‪ :‬قيل ّ‬ ‫الحي من ّ‬ ‫‪ )8‬ال يعرف ّ‬
‫ّ‬
‫الخفي‪ .‬ويضرب مثال للذي ال‬ ‫الحي هو الكالم الظاهر ّ‬
‫واللي الكالم‬ ‫ّ‬
‫يعرف حقائق األمور ‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [43] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫تخصب ّ‬ ‫َ ُ َ َ َ‬
‫تخضرمن غير‬ ‫بأقل مطر‪ .‬وقد‬ ‫روقة‪ :‬هي شجيرة‬ ‫‪ )9‬أشكر من ب‬
‫مطر بل تنبت إذا نشأ السحاب‪ُ .‬يضرب بها املثل ملن يقابل املعروف‬
‫ّ‬
‫عاجال بالشكر والثناء أو ملن يتحرك لسانه باالمتنان ألقل نعمة‬
‫يحصل عليها‪.‬‬
‫‪ )10‬الرجال أربعة‪ :‬قال العرب في شرحه‪ :‬رجل يدري ويدري أنه يدري‬
‫فذلك عالم فاتبعوه‪ ،‬ورجل يدري وال يدري أنه يدري فذلك نائم‬
‫فأيقظوه‪ ،‬ورجل ال يدري ويدري أنه ال يدري فذلك مسترشد‬
‫ّ‬
‫فعلموه‪ ،‬ورجل ال يدري وال يدري أنه اليدري فذلك جاهل فارفضوه‪.‬‬
‫األسئلة للمراجعة‪:‬‬
‫‪ )1‬ما ذا طلب للعرقوب أخوه؟ فما ذا أجاب ّأوال؟‬
‫‪ )2‬كيف صارالعرقوب مثال للخلف؟‬
‫‪ )3‬ما ذا يضرب ملن يكون له حسن القول ولكن ال منفعة عنده؟‬
‫‪ )4‬متى جائت األمة ؟ وما اسمها؟ وما ذا قالت؟‬
‫ّ‬
‫‪ )5‬ما ملراد بالغث في املثل’ غثك خيرمن سمين غيرك’؟‬
‫ّ‬
‫الثعلبيمدة تربصها؟‬ ‫‪ )6‬بم شبه الحرث بن عباد‬
‫ّ‬
‫الثعلبي بإجابته ‘عش رجبا ترعجبا’؟‬ ‫‪ )7‬ما ذا أراد الحرث بن عباد‬
‫‪ )8‬ما معنى ّ‬
‫اللي في املثل؟‬
‫‪ )9‬ما هي البروقة؟‬
‫ّ‬
‫‪ )10‬بم يضرب املثل ملن يقابل املعروف عاجال بالشكروالثناء؟‬
‫‪ )11‬كيف قسم العرب الناس؟ ومن هم؟‬
‫‪ )12‬اكتب عبرة عن كل واحد من األمثال والحكم السابقة‬

‫‪-------------------------------- [44] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ّ‬
‫أعد مقالة عن اآلتية‬
‫‪ )1‬الحكم واألمثال في اللغة العربية‪ )2 .‬تأثيرالحكم واألمثال في حياتنا‬

‫‪-------------------------------- [45] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫خطبة النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم‬


‫في حجة الوداع‬

‫هذه خطبة النبي ﷺ ألقاها يوم عرفة في حجة الوداع‪ ،‬تتضمن هذه‬
‫الخطبة على مبادئ دينية وإنسانية واجتماعية بالنسبة إلى قيمتها األدبية‪.‬‬
‫إن أسلوب هذه الخطبة‪ ،‬وأسلوب غيرها من الكالم النبوي الشريف رائعة‬
‫ومؤثرة في النفوس‪ .‬إن الجمال الفني في بالغة محمد ﷺ أثر على الكالم من‬
‫روحه النبوية الجديدة على الدنيا وتاريخها؛ فكالمه ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫ُّ‬
‫يجري مجرى عمله‪ ،‬كله دين وتقوى وتعليم‪ ،‬وكله روحانية وقوة وحياة‪ ،‬فيه‬
‫روح الشريعة ونظامها وعزيمتها في نسق هادئ هدوء اليقين من روح نبي‬
‫صلح‪ ،‬وال نص أجمل وال أجود من خطبه ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬وخطب‬ ‫ُ‬
‫م ِ‬
‫صحابته األجالء‪ ،‬ومنهم الخلفاء األربعة‪.‬‬
‫النص‪:‬‬
‫َ‬
‫ستغفره ونتوب إليه‪ ،‬ونعوذ باهلل ِمن‬
‫ِ‬ ‫"الحمد هلل‪ ،‬نحمده ونستعينه‪ ،‬ون‬
‫ضلل‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ومن سيئات أعمالنا‪َ ،‬من َي ِهد هللا فال‬
‫مضل له‪ ،‬ومن ي ِ‬ ‫شرور أنفسنا‪ِ ،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫محمدا‬ ‫فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد أن‬
‫ُّ‬
‫عبده ورسوله‪ ،‬أوصيكم عباد هللا بتقوى هللا‪ ،‬وأحثكم على طاعته‪،‬‬

‫‪-------------------------------- [46] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫وأستف ِتح بالذي هو خير‪ ،‬أما بعد‪ ،‬فأيها الناس‪ ،‬اسمعوا مني أ ِّبين لكم؛ فإني‬
‫ال أدري لعلي ال ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا‪.‬‬

‫أيها الناس‪ ،‬إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم‪،‬‬
‫كحرمة يومكم هذا‪ ،‬في شهركم هذا‪ ،‬في بلدكم هذا‪ ،‬أال هل بلغت؟ اللهم‬
‫اشهد‪.‬‬
‫ّ‬
‫فليؤدها إلى الذي ائتمنه عليها‪ ،‬وإن ربا‬ ‫فمن كانت عنده أمانة‬
‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫عمي العباس بن عبداملطلب‪ ،‬وإن‬ ‫الجاهلية موضوع‪ ،‬وإن أول ربا أبدأ به ربا ِ‬
‫دماء الجاهلية موضوعة‪ ،‬وإن أول دم نبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث‬
‫بن عبداملطلب‪ ،‬وإن مآثر الجاهلية موضوعة‪ ،‬غير السدانة والسقاية‪،‬‬
‫قتل بالعصا والحجر‪ ،‬وفيه مائة بعير‪َ ،‬‬
‫فمن زاد‬
‫َ‬
‫وشبه العمد ما‬ ‫َْ َ ٌ‬
‫والعمد قود‪ِ ،‬‬
‫فهو ِمن أهل الجاهلية‪.‬‬
‫أيها الناس‪ :‬إن الشيطان قد يئس أن ُيعبد في أرضكم هذه‪ ،‬ولكنه قد‬
‫رض ي أن ُيطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم‪ ،‬فاحذروه على‬
‫دينكم‪.‬‬
‫ضل به الذين كفروا‪ ،‬يحلونه‬‫أيها الناس‪ :‬إن النس يء زيادة في الكفر‪ُ ،‬ي ُّ‬
‫عاما ُليواطؤوا عدة ما حرم هللا‪ ،‬فيحلوا ما حرم هللا تعالى‪،‬‬
‫عاما ويحرمونه ً‬
‫ً‬
‫إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق هللا ‪-‬تعالى‪ -‬السموات واألرض‪ ،‬وإن‬
‫عدة الشهور عند هللا اثنا عشر ً‬
‫شهرا في كتاب هللا ‪-‬تعالى‪ -‬يوم خلق السموات‬

‫‪-------------------------------- [47] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫واألرض‪ ،‬منها أربعة حرم؛ ثالثة متواليات وواحد فرد‪ ،‬ذو القعدة وذو َّ‬
‫الحجة‬
‫ُ‬
‫واملحرم‪ ،‬ورجب الذي بين ُجمادى وشعبان‪ ،‬أال هل بلغت؟ اللهم اشهد‪.‬‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫َّ ًّ‬ ‫ًّ‬
‫عليهن أال‬ ‫عليهن حقا؛ لكم‬ ‫أيها الناس‪ :‬إن لنسائكم عليكم حقا‪ ،‬ولكم‬
‫َ ً َ‬ ‫ُ َ ُ َ‬
‫أحدا تكرهونه بيوتكم إال بإذنكم‪ ،‬وال َيأتين‬ ‫فرشكم غيركم‪ ،‬وال ُيدخلن‬ ‫وطئن‬
‫ي ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫فاحشة ُمبينة‪ ،‬فإن فعل َن فإن هللا قد أذن لكم أن تعضلوهن وت ُ‬‫ً‬
‫هجروهن في‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬
‫املضاجع وتضربوهن ضربا غير م ِبرح‪ ،‬فإن انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهن‬
‫َّ ً‬
‫ألنفسهن شيئا؛‬ ‫وكسوتهن باملعروف‪ ،‬أال وإنما النساء عندكم عوان ال يملكن‬
‫فروجهن بكلمة هللا‪ ،‬فاتقوا هللا في‬‫َّ‬ ‫َّ‬
‫أخذتموهن بأمانة هللا‪ ،‬واستحللتم‬
‫بهن ً‬
‫خيرا‪ ،‬أال هل بلغت؟ اللهم اشهد‪.‬‬ ‫النساء‪ ،‬واستوصوا َّ‬
‫أيها الناس‪ :‬إنما املؤمنون إخوة‪ ،‬وال يحل المرئ مسلم ُ‬
‫مال أخيه إال عن‬
‫ُ‬
‫طيب نفس منه‪ ،‬أال هل بلغت؟ اللهم اشهد‪.‬‬
‫كفارا َيضرب بعضكم رقاب بعض؛ فإني قد تركت‬ ‫فال ترجعوا بعدي ً‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫فيكم ما إن أخذتم به لم تضلوا بعدي‪ ،‬كتاب هللا وسنتي‪ ،‬اللهم هل بلغت؟‬
‫اللهم اشهد‪.‬‬
‫أيها الناس‪ ،‬إن ربكم واحد‪ ،‬وإن أباكم واحد‪ ،‬كلكم آلدم وآدم ِمن تراب‪،‬‬
‫إن أكرمكم عند هللا أتقاكم‪ ،‬إن هللا عليم خبير‪ ،‬وليس لعربي على أعجمي‬
‫ُ‬
‫فضل إال بالتقوى‪ ،‬أال هل بلغت؟ اللهم اشهد‪.‬‬
‫(قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬قال)‪ :‬فليبلغ الشاهد الغائب‪.‬‬
‫أيها الناس‪ :‬إن هللا ‪ -‬تعالى ‪ -‬قسم لكل وارث نصيبه من امليراث‪ ،‬فال‬
‫تجوز لوارث وصية‪ ،‬وال تجوز وصية في أكثر من الثلث‪ ،‬والولد للفراش‬
‫‪-------------------------------- [48] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫وللعاهر الحجر‪َ ،‬من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة هللا‬
‫قبل منه صرف وال عدل‪ ،‬والسالم عليكم‬ ‫واملالئكة والناس أجمعين‪ ،‬ال ُي َ‬
‫ورحمة هللا وبركاته‪".‬‬

‫نستخرج من الخطبة‪:‬‬
‫‪ )1‬القيم الخلقية اإلنسانية الرفيعة‬
‫‪ )2‬حقوق النساء‬
‫‪ )3‬الرسالة‬
‫‪ )4‬تركيب الخطبة‬
‫‪ )5‬مكانة القرآن والسنة في االسالم‬
‫‪ )6‬النسيئ‬
‫ّ‬
‫األخوة‬ ‫‪)7‬‬
‫‪ )8‬األمانة‬
‫‪ )9‬ترك الربا‬

‫‪-------------------------------- [49] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫خطبة حجاج بن يوسف‬

‫عن الخطيب والخطبة‬


‫الحجاج بن يوسف الثقفي خطيب مصقع وآية في البالغة وفصاحة‬
‫اللسان وقوة الحجة‪ .‬واله عبد امللك بن مروان الحجاز ثم عزله عنها وواله‬
‫العراق سنة فسار إلى الكوفة ودخل مسجدها‪ ،‬وهو متلثم بعمامة ّ‬
‫خز حمراء‬
‫ومعتم غطى بعمامته أكثر وجهه‪ ،‬وبدأ يؤم املنبرفقام الناس نحوه حتى صعد‬
‫املنبر‪ ،‬فمكث ساعة ال يتكلم‪ ،‬فقال الناس بعضهم لبعض‪‘ :‬قبح هللا بني أمية‬
‫حيث تستعمل مثل هذا على العراق’؟ فخطبهم هذه الخطبة التي نزلت‬
‫عليهم كالصاعقة‪ ،‬حتى أسقطت الحص ى من بين أيديهم‪ .‬وبدأ خطبته بهذا‬
‫الشعر‪:‬‬
‫متى أضع العمامة تعرفوني‬ ‫أنا ابن جال وطالع الثنايا‬
‫النص‪:‬‬
‫أم ـ ــا و هللا ف ـ ــإني ألحمـ ـ ــل الش ـ ــربثقلـ ـ ــه و أح ـ ــذوه بنعلـ ـ ــه و أجزي ـ ــه بمثلـ ـ ــه‪ ،‬وهللا‬
‫ً‬
‫يـ ـ ـ ــا أهـ ـ ـ ــل العـ ـ ـ ــراق إنـ ـ ـ ــي ألرى رؤوسـ ـ ـ ــا قـ ـ ـ ــد أينعـ ـ ـ ــت وحـ ـ ـ ــان قطافهـ ـ ـ ــا‪ ،‬وإنـ ـ ـ ــي‬
‫لصاحبها‪ ،‬وهللا لكأني أنظرإلى الدماء بين العمائم واللحى تترقرق‪.‬‬
‫ّ‬
‫إن ـ ــي وهللا ي ـ ــا أه ـ ــل الع ـ ــراق‪ ،‬ي ـ ــا أه ـ ــل الش ـ ــقاق والنف ـ ــاق ومس ـ ــاوئ االخـ ـ ـالق‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫مـ ــا ُيقعق ـ ــع ل ـ ــي بالش ـ ــنان‪ ،‬وال يغم ـ ــزج ـ ــانبي كتغم ـ ــارالت ـ ــين‪ ،‬ولق ـ ــد ف ـ ــررت ع ـ ــن‬
‫ُ‬
‫ذكـ ـ ـ ــاء‪ ،‬وفتشـ ـ ـ ــت عـ ـ ـ ــن تجربـ ـ ـ ــة‪ ،‬وجريـ ـ ـ ــت إلـ ـ ـ ــى الغايـ ـ ـ ــة القصـ ـ ـ ــوى‪ .‬وإن أميـ ـ ـ ــر‬
‫‪-------------------------------- [50] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫امل ـ ـ ــؤمنين ‪ -‬أط ـ ـ ــال هللا بق ـ ـ ــاءه ‪ -‬نث ـ ـ ــركنانت ـ ـ ــه ب ـ ـ ــين يدي ـ ـ ــه‪ ،‬فعج ـ ـ ــم عي ـ ـ ــدانها‪،‬‬
‫أمرهـ ـ ـ ــا عـ ـ ـ ــودا‪ ،‬وأصـ ـ ـ ــلبها مكسـ ـ ـ ــرا‪ ،‬فرمـ ـ ـ ــاكم بـ ـ ـ ــي‪ ،‬ألنكـ ـ ـ ــم طاملـ ـ ـ ــا‬ ‫فوجـ ـ ـ ــدني َّ‬
‫أوض ـ ـ ــعتم ف ـ ـ ــي الف ـ ـ ــتن‪ ،‬واض ـ ـ ــطجعتم ف ـ ـ ــي مراق ـ ـ ــد الض ـ ـ ــالل‪ ،‬وس ـ ـ ــننتم س ـ ـ ــنن‬
‫ّ‬
‫الغـ ـ ـ ـ ـ ّـي‪ ،‬مـ ـ ـ ـ ــا وهللا أللحـ ـ ـ ـ ــونكم لحـ ـ ـ ـ ــو العصـ ـ ـ ـ ــا‪ ،‬وألقـ ـ ـ ـ ــرعنكم قـ ـ ـ ـ ــرع املـ ـ ـ ـ ــروة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وألعصـ ـ ـ ّـبنكم عصـ ـ ــب ّ‬
‫السـ ـ ــلمة‪ ،‬وألضـ ـ ــربنكم ضـ ـ ــرب غرائـ ـ ــب اإلبـ ـ ــل‪ ،‬فـ ـ ــإنكم‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ َ ْ َ ً ْ َّ ً ْ‬
‫لكأه ـ ـ ــل قري ـ ـ ــة كان ـ ـ ــت ِآمن ـ ـ ــة ُّمط َم ِئن ـ ـ ــة َيأ ِت َيه ـ ـ ــا ِرزق َه ـ ـ ــا َرغ ـ ـ ـ ًـدا ِّم ـ ـ ــن ك ـ ـ ـ ِ ّـل َمكـ ـ ـ ـ ٍّان‬
‫َ ُ‬ ‫ْ َ‬
‫ـوع َوالخ ـ ـ ـ ـ ْـو ِف ِب َم ـ ـ ـ ــا ك ـ ـ ـ ــانوا‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـاس ْال ُ‬
‫ج‬ ‫اس َف َأ َذ َاق َه ـ ـ ـ ــا َّ ُ‬
‫اس ِل َب ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫َف َك َف ـ ـ ـ ـ َـر ْت ب ـ ـ ـ ـ َـأ ْن ُعم َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ص ـ ـ ــن ُعون‪ ،‬إن ـ ـ ــي وهللا ال أع ـ ـ ــد إال وفي ـ ـ ــت‪ ،‬وال أه ـ ـ ــم إل ـ ـ ــى أمض ـ ـ ــيت‪ ،‬وال أخل ـ ـ ــق‬ ‫ي‬
‫َّ‬
‫إال فري ـ ـ ـ ــت‪ ،‬فإي ـ ـ ـ ــاي وه ـ ـ ـ ــذه الش ـ ـ ـ ــفعات‪ ،‬والزراف ـ ـ ـ ــات والجماع ـ ـ ـ ــات‪ ،‬وق ـ ـ ـ ــاال‬
‫وقـ ـ ــيال‪ ،‬ومـ ـ ــا تقـ ـ ــول؟ وفـ ـ ــيم أنـ ـ ــتم وذاك؟ أمـ ـ ــا وهللا لتسـ ـ ــتقيمن علـ ـ ــى طريـ ـ ــق‬
‫الح ـ ــق‪ ،‬أو ألدع ـ ــن لكـ ـ ــل رج ـ ــل مـ ـ ــنكم ش ـ ــغال ف ـ ــي جسـ ـ ــده‪ ،‬وإن أمي ـ ــراملـ ـ ــؤمنين‬
‫ـدوكم مـ ـ ــع املهلـ ـ ــب‬ ‫أمرنـ ـ ــي بإعطـ ـ ــائكم أعطيـ ـ ــاتكم‪ ،‬وأن أوجهكـ ـ ــم ملحاربـ ـ ــة عـ ـ ـ ّ‬
‫بـ ــن أبـ ــي صـ ــفرة‪ ،‬وأنـ ــي أقسـ ــم بـ ــاهلل ال أجـ ــد رجـ ــال تختلـ ــف بعـ ــد أخـ ــذ عطائـ ــه‬
‫بثالثة أيام‪ ،‬إال سفكت دمه وأنهبت ماله وهدمت منزله‪.‬‬

‫نستخرج من الخطبة‬
‫التهديد والتخويف‬ ‫‪)1‬‬
‫حرص الحجاج على إذالل أهل العراق وإرغامهم على طاعته‬ ‫‪)2‬‬
‫كثرة أساليب التوكيد‬ ‫‪)3‬‬
‫شخصية الحجاج‬ ‫‪)4‬‬
‫طاعته ألميراملؤمنين‬ ‫‪)5‬‬

‫‪-------------------------------- [51] -----------------------------‬‬


---------------------------------------------------------------------------------------

-------------------------------- [52] -----------------------------


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫من الحديث الشريف‬


‫َ‬
‫ال " ِإن َما َمث ُل‬
‫َّ‬ ‫النب ّي صلى هللا عليه وسلم َق َ‬ ‫َّ‬
‫ن‬ ‫ع‬‫وس ى‪َ ،‬‬ ‫‪َ )1‬ع ْن َأبي ُم َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ْ ِ ِ‬ ‫ْ ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وء كح ِام ِل ِاملس ِك ونا ِف ِخ ال ِك ِير‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫يس الس ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫يس الص ِال ِح والج ِل‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ال َج ِل‬
‫َْ َ َ ْ‬ ‫َْ َ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ف َح ِام ُل ِامل ْس ِك ِإ َّما أن ُي ْح ِذ َيك َو ِإ َّما أن ت ْبتاع ِمن ُه َو ِإ َّما أن ت ِجد ِمن ُه‬
‫َّ َ ْ ُ ْ َ َ َ َ َ َّ َ ْ َ َ ً َ َ ً‬ ‫ً َ ً َ ُ ْ‬
‫يحا خ ِبيثة "‬ ‫يحا ط ِّي َبة َونا ِفخ ال ِك ِير ِإما أن يح ِرق ِثيابك و ِإما أن ت ِجد ِر‬ ‫ِر‬
‫‪.‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ ْ َ َّ َ ْ َ‬ ‫الز ْهر ّ َ َّ َ َ ْ ُ َّ‬
‫اس ْب ُن أ ِبي َبك ٍّر‪ ،‬أنأخ َب َر ُه أ َّن َعا ِئشة ز ْو َج‬ ‫ي‪ ،‬حدث ِني عبد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪َ )2‬عن ُّ‬
‫ِ‬
‫النب ّي صلى هللا عليه وسلم َق َال ْت َج َاء ْتني ْام َرَأ ٌة َو َم َع َها ْاب َن َتان َلهاَ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اها‬ ‫َف َس َأ َل ْتني َف َل ْم َتج ْد ع ْندي َش ْي ًئا َغ ْي َر َت ْم َرة َواح َدة َف َأ ْع َط ْي ُت َها إ َّي َ‬
‫ِ‬ ‫ٍّ ِ ٍّ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ ُ ْ ْ َ َ ْ ً ُ َّ َ َ ْ َ َ َ َ ْ‬
‫فأخذتها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل ِمنها شيئا ثم قامت فخرجت‬
‫َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ ََْ َ َ َ َ‬
‫اها فدخ َل َعل َّى الن ِب ُّي صلى هللا عليه وسلم ف َح َّدثت ُه َح ِديث َها‬ ‫وابنت‬
‫ات ِبش ْى ٍّء‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬
‫ال الن ِب ُّي صلى هللا عليه وسلم " م ِن ابت ِل َي ِمن البن ِ‬
‫َّ‬ ‫َف َق َ‬
‫َّ‬ ‫َ ُ َ ْ‬ ‫ََ‬
‫فأ ْح َس َن ِإل ْي ِه َّن ك َّن ل ُه ِست ًرا ِم َن الن ِار" ‪.‬‬
‫ال َج َاء َ ُج ٌل إ َلى َ ُسول َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ُ َْ َ َ َ‬
‫اس صلى هللا عليه وسلم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫‪ )3‬عن أ ِبي هريرة‪،‬‬
‫ال‬
‫َ‬
‫ال ث َّم َم ْن ق َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ال " أ ُّمك " ‪ .‬ق َ‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ص َح َابتي ق َ‬ ‫ال َم ْن َأ َح ُّق الناس ب ُح ْسن َ‬‫َّ‬ ‫َف َق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُ َّ َ ْ َ َ ُ َ َ‬ ‫َ َ ُ َّ َ ْ َ َ ُ ُ َ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫ال " ث َّم أ ُبوك‬ ‫ال " ث َّم أ ُّمك " ‪ .‬قال ثم من ق‬ ‫" ث َّم أ ُّمك " ‪ .‬قال ثم من ق‬
‫الن َ‬‫ُ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ُّ ُ ْ َ َ َ َ َ ْ َ ْ ُ َّ‬ ‫َ َ‬
‫اس ‪.‬‬ ‫يث قتيبة من أحق ِبحس ِن صحاب ِتي ولم يذك ِر‬ ‫" ‪ .‬و ِفي ح ِد ِ‬

‫‪-------------------------------- [53] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ )4‬عن ابن عمررض ي هللا عنهما أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬إن‬
‫أبرالبرأن يصل الرجل ود أبيه"‬
‫‪ )5‬وعن النواس بن سمعان رض ي هللا عنه قال‪ :‬سألت رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم عن البر واإلثم فقال‪“ :‬البر حسن الخلق‪ ،‬واإلثم‪ :‬ما‬
‫حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس”‪.‬‬
‫اس صلى هللا عليه وسلم " ِإ َّن‬ ‫ال َق َ ُ ُ َّ‬ ‫اس‪َ ،‬ق َ‬ ‫َ ْ َ ْ َّ‬
‫ال َرسول ِ‬ ‫‪ )6‬عن عب ِد ِ‬
‫َ ْ َ َّ َ َّ َّ ُ َ َ َ ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ّ َ‬
‫ص ُدق‬ ‫الص ْدق َي ْه ِدي ِإلى ال ِب ّ ِر َو ِإ َّن ال ِب َّر َي ْه ِدي ِإلى الجن ِة و ِإن الرجل لي‬
‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ ُ ُ َ َّ ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ُ ْ َ َ ّ ً َ َّ ْ َ‬
‫ور و ِإن الفجور يه ِدي‬ ‫حتى يكتب ِص ِديقا و ِإن الك ِذب يه ِدي ِإلى الفج ِ‬
‫ْ َ َ َّ‬ ‫َ َّ َ َّ َّ َ ْ‬
‫الر ُج َل ل َيك ِذ ُب َح َّتى ُيكت َب كذ ًابا " ‪.‬‬ ‫ِإلى الن ِارو ِإن‬
‫‪ )7‬عن أبي ذرقال‪ :‬إن خليلي صلى هللا عليه وسلم أوصاني‪ " :‬إذا طبخت‬
‫مرقة فأكثرماءها وتعاهد جيرانك"‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ )8‬عن أبي هريرة (ر) أن رسول اللهصلى هللا عليه وسلم قال‪ِ " :‬إ َّياك ْم‬
‫َ َ‬
‫يث‪َ .‬وال ت َح َّس ُسوا َوال ت َج َّس ُسوا وال‬
‫َ َ‬ ‫َ َّ َّ َ َّ َّ َّ َ ْ َ ْ َ‬
‫والظن ف ِإن الظن أكذ ُب الح ِد ِ‬
‫َ َ َّ‬ ‫َُ ُ‬ ‫ََ َ َ َ ُ ََ ََ َ ُ ََ َ َ َ‬
‫اس‬‫تنافسوا وال تحاسدوا وال تباغضوا وال تداب ُروا‪ .‬وكونوا ِعباد ِ‬
‫ْ ً‬
‫ِإخ َوانا"‬
‫َّ َّ َ‬
‫اس‬ ‫‪ )9‬عن أبي هريرة (ر) قال‪:‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم "إن‬
‫قال‪ :‬يا‬ ‫ض ُت َف َل ْم َت ُع ْد ِني‪َ ،‬‬‫يامة‪ :‬يا ْاب َن َآد َم َمر ْ‬ ‫َ‬
‫الق ِ‬
‫ُ َ َ‬
‫وجل يقول يوم ِ‬ ‫عز َّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫قال‪ :‬أما َعل ْم َت َّ‬ ‫العامل َين‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ َْ َ‬
‫أن َع ْب ِدي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ودك؟ وأنت َر ُّب‬ ‫َر ِ ّب كيف أع‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫ُ ً َ َ ََ َ‬
‫ض فل ْم ت ُع ْد ُه‪ ،‬أما َع ِل ْمت أنك لو ُع ْدت ُه ل َو َج ْدت ِني ِعند ُه؟ يا‬ ‫فالنا م ِر‬
‫َ ُ ْ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْاب َن َآد َم ْ‬
‫قال‪ :‬يا َر ِ ّب وكيف أط ِعمك؟‬ ‫استطع ْمتك فل ْم تط ِع ْمني‪َ ،‬‬
‫ِ‬

‫‪-------------------------------- [54] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ُ ٌ ََ‬ ‫َ ْ َ َّ ْ َ ْ َ‬ ‫العامل َين‪َ ،‬‬‫َ‬ ‫َْ َ‬
‫الن‪ ،‬فل ْم‬ ‫استط َع َمك َع ْب ِدي ف‬ ‫قال‪ :‬أما ع ِلمت أنه‬ ‫ِ‬ ‫وأنت َر ُّب‬
‫ََُْْ ََ َ ْ َ َ‬ ‫َ ْ َ َّ َ‬ ‫ُ ْ ْ ُ‬
‫ندي‪ ،‬يا ْاب َن َآد َم‬ ‫تط ِعمه؟ أما ع ِلمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك ِع ِ‬
‫َ ْ َ َْ َ‬ ‫اس َت ْس َق ْي ُت َك‪َ ،‬ف َل ْم َت ْس ِقني‪َ ،‬‬
‫ْ‬
‫أس ِقيك؟ وأنت َر ُّب‬ ‫قال‪ :‬يا َر ِ ّب كيف‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َْ ُ ٌ ََ َ‬ ‫َ َ‬
‫الن فل ْم ت ْس ِق ِه‪ ،‬أما إنك لو َسق ْيت ُه‬ ‫العاملين‪ ،‬قال‪ :‬استسقاك عب ِدي ف‬ ‫ِ‬
‫َ ْ َ َ‬
‫ندي"‪.‬‬‫وجدت ذلك ِع ِ‬

‫األسئلة للمراجعة‪:‬‬
‫بم شبه النبي صلى هللا عليه وسلم الجليس الصالح والجليس‬ ‫‪)1‬‬
‫السوء؟‬
‫من هو أحق الناس لحسن الصحبة؟‬ ‫‪)2‬‬
‫ما هو البر؟ وما هو اإلثم؟‬ ‫‪)3‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متى يكتب الرجل عند هللا صديقا؟ ومتى يكذب كذابا؟‬ ‫‪)4‬‬
‫" إذا طبختمرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك"‪ .‬ما مقصود‬ ‫‪)5‬‬
‫الحديث؟‬
‫كيف يكون الظن أكذب الحديث؟‬ ‫‪)6‬‬
‫اكتب فقرة عن اآلتية‬
‫أحاديث النبي صلى هللا عليه وسلم‬ ‫‪)1‬‬
‫البروالصلة واآلداب على ضوء الحديث الشريف‬ ‫‪)2‬‬

‫‪-------------------------------- [55] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫عباد الرحمن‬

‫َ َ ُ َّ ْ ََٰ َّ َ َ ْ ُ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ ً َ َ َ َ َ ُ ُ ْ َ ُ َ َ ُ‬
‫اهلون قالوا‬ ‫ض هونا و ِإذا خاطبهم الج ِ‬ ‫و ِعباد الرحم ِن ال ِذين يمشون على األر ِ‬
‫َ َّ َ َ ُ ُ َن َ َّ َ‬ ‫َ َّ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫ين َي ِبيتون ِل َرِّب ِه ْم ُس َّج ًدا َو ِق َي ًاما (‪ )64‬وال ِذين يقولو ربنا‬ ‫َسال ًما (‪ )63‬وال ِذ‬
‫ََ‬ ‫ْ‬
‫اب َج َهن َم ۖ ِإ َّن َعذ َاب َها كان غ َر ًاما (‪ِ )65‬إ َّن َها َس َاءت ُم ْستق ًّرا‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫اصر ْف َع َّنا َع َذ َ‬ ‫ْ‬
‫َ َ َ ََٰ َ َ‬ ‫َ َّ َ َ َ َ ُ َ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ ُْ‬ ‫َ‬
‫ين ِإذا أنفقوا ل ْم ُي ْس ِرفوا َول ْم َيقت ُروا َوكان َب ْين ذ ِلك ق َو ًاما‬ ‫َو ُمق ًاما (‪ )66‬وال ِذ‬
‫َ َّ َ َ َ ْ ُ َ َ َ َّ ََٰ ً َ َ َ َ َ ْ ُ ُ َ َّ ْ َ َّ َ َّ َ َّ ُ َّ‬
‫اس ِإال‬ ‫اس ِإلها آخر وال يقتلون النفس ال ِتي حرم‬ ‫(‪ )67‬وال ِذين ال يدعون مع ِ‬
‫َ‬
‫اعف ل ُه ال َعذ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َٰ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ْ‬
‫اب َي ْو َم‬ ‫ض َ‬ ‫ِبال َح ِ ّق َوال َي ْزنون ۚ َو َمن َيف َع ْل ذ ِلك َيل َق أث ًاما (‪ )68‬ي‬
‫َ ُ ََٰ َ‬ ‫اب َو َآم َن َو َعم َل َع َم ًال َ‬ ‫ْالق َي َامة َو َي ْخ ُل ْد فيه ُم َه ًانا (‪ )69‬إ َّال َمن َت َ‬
‫ص ِال ًحا فأول ِئك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َُّ‬
‫يما (‪ )70‬ومن تاب وع ِم َل‬ ‫ات ۗ وكان اس غفورا َّر ِح ً‬ ‫يب ِد ُل اس س ِيئ ِات ِهم حسن ٍّ‬
‫َ َّ َ َ َ ْ َ ُ َ ُّ َ َ‬ ‫َ ً َ َّ ُ َ ُ ُ َ َّ َ‬
‫ور َو ِإذا َم ُّروا‬ ‫اس َمت ًابا (‪ )71‬وال ِذين ال يشهدون الز‬ ‫ص ِالحا ف ِإنه يتوب ِإلى ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ين إذا ذك ُروا ب َآيات َرّبه ْم ل ْم َيخ ُّروا َعل ْي َها ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫الل ْغو َم ُّروا ك َر ًاما (‪َ )72‬والذ َ‬ ‫َّ‬
‫ص ًّما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ ن َ َّ َ َ ْ َ ْ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َُْ ً‬
‫اجنا َوذ ّ ِرَّيا ِتنا ق َّرة أ ْع ُي ٍّن‬ ‫وعميانا (‪ )73‬وال ِذين يقولو ُ َٰربنا هب لنا ِمن أزو ِ‬
‫َ‬
‫َ َّ َ‬ ‫اج َع ْل َنا ل ْل ُم َّتق َين إ َم ًاما (‪ )74‬أ َولئ َك ُي ْج َز ْو َن ْال ُغ ْر َف َة ب َما َ‬
‫ص َب ُروا َو ُيلق ْون ِف َيها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َو ْ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ْ‬ ‫َتح َّي ًة َو َس َال ًما (‪َ )75‬خالد َ‬
‫ين ِف َيها ۚ َح ُسنت ُم ْستق ًّرا َو ُمق ًاما (‪ )76‬ق ْل َما َي ْع َبأ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َ ّ َ ْ َ ُ َ ُ ُ ْ َ َ ْ َ َّ ْ ُ ْ َ َ ْ َ َ ُ ُ‬
‫ِبكم رِبي لوال دعاؤكم ۖ فقد كذبتم فسوف يكون ِلزاما (‪)77‬‬
‫علي الصابوني‬ ‫تفسيراآليات من صفوة التفاسيرملحمد ّ‬

‫اللغة‬

‫‪-------------------------------- [56] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫غراما‪ :‬الزما دائما غير مفارق ومنه الغريم ملالزمته \ الغرفة‪ :‬الدرجة الرفيعة‬
‫ّ‬
‫ويهتم قال‬ ‫في الجنة وهي في اللغة العلية‪ ،‬وكل بناء عال فهو غرفة \ يعبأ‪ :‬يبالي‬
‫أبو عبيدة‪ :‬ما أعبأ به أي وجوده وعدمه عندي سواء‪ ،‬والعبء في اللغة‬
‫ّ‬
‫الثقل \ لزاما‪ :‬مالزما لكم‬
‫التفسير‬
‫ض َه ْونا]‪ :‬اإلضافة للتشريف أي‬
‫ً‬ ‫َ َ ُ َّ ْ ََٰ َّ َ َ ْ ُ َ َ َ ْ َ ْ‬
‫[و ِعباد الرحم ِن ال ِذين يمشون على األر ِ‬
‫العباد اللذين يحبهم هللا وهم جديرون باالنتساب إليه هم الذين يمشون‬
‫على األرض في لين وسكينة ووقار‪ ،‬ال يضربون بأقدامهم أشرا وال بطرا‪ ،‬وال‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ََُ ُ ْ َ ُ َ َ ُ‬
‫اهلون قالوا َسال ًما]‪ :‬أي وإذا خاطبهم‬ ‫يتبخترون في مشيتهم‪[ .‬و ِإذا خاطبهم الج ِ‬
‫السفهاء بغلطة وجفاء قالوا قوال يسلمون من اإلثم قال الحسن‪ :‬ال يجهلون‬
‫َ َّ َ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ين َي ِبيتون ِل َرِّب ِه ْم ُس َّج ًدا َو ِق َي ًاما]‪:‬أي‬ ‫على أحد‪ ،‬وإن ُجهل عليهم َحلموا‪[.‬وال ِذ‬
‫ُيحيون الليل بالصالة ساجدين هلل على جباههم‪ ،‬أو قائمين على أقدامهم‬
‫كقوله‪[:‬كانوا قليال من الليل ما يهجعون]قال الرازي‪ :‬ملا ذكر سيرتهم في النهار‬
‫من وجهين‪ :‬ترك اإليذاءن وتحمل األذى ّبين هنا سيرتهم في الليالي وهو‬
‫َ َّ َ َ ُ ُ َن َ َّ َ ْ ْ َ َّ َ َ َ َّ‬
‫اب َج َهن َم]أي‬ ‫اشتغالهم بخدمة الخالق‪[.‬وال ِذين يقولو ربنا اص ِرف عنا عذ‬
‫يدعون ربهم أن ينجيهم من عذاب النار ويبتهلون إليه أن يدفع عنهم‬
‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫عذابها‪ِ [.‬إ َّن َعذ َاب َها كان غ َر ًاما]أي الزما دائما غير مفارق‪ِ [.‬إ َّن َها َس َاءت ُم ْستق ًّرا‬
‫َ‬
‫َو ُمق ًاما]أي بئست جهنم منزال ومكان إقامة قال القرطبي‪ :‬املعنى بئس املستقر‬
‫وبئس املقام‪ ،‬فهم مع طاعتهم مشفقون خائفون من عذاب هللا‪ ،‬وقال‬
‫َ َّ َ َ‬ ‫ًَ‬
‫ين ِإذا‬ ‫فرقا من عذاب جهنم [وال ِذ‬ ‫الحسن‪ :‬خشعوا بالنهار وتعبوا بالليل‬
‫ُ َ ُْ‬ ‫َ َ ُ َ‬
‫أنفقوا ل ْم ُي ْس ِرفوا َول ْم َيقت ُروا]هذا هو الوصف الخامس من أوصاف عباد‬
‫‪-------------------------------- [57] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ّ‬
‫الرحمن واملعنى‪ :‬ليسوا مبذرين في إنفاقهم في املطاعم واملشارب واملالبس‪،‬‬
‫َ َ َ ََٰ َ َ‬
‫ومضيقين بحيث يصبحون بخالء[ َوكان َب ْين ذ ِلك ق َو ًاما] أي‬ ‫ّ‬ ‫وال مقصرين‬
‫وكان إنفاقهم وسطا معتدال بين اإلسراف والتقتير كقوله تعالى‪[ :‬وال تجعل‬
‫يدك مغلولة إلى عنقك وال تبسطها كل البسط] اآلية وقال مجاهد‪’ :‬لو‬
‫أنفقت مثل جبل أبي قبيس ذهبا في طاعة هللا ما كان سرفا ولوأنفقت صاعا‬
‫َ َّ َ َ َ ْ ُ َ َ َ َّ ََٰ َ‬
‫اس ِإل ًها آخ َر]أي ال يعبدون‬ ‫في معصية هللا كان سرفا‘[وال ِذين ال يدعون مع ِ‬
‫َ َ َ ْ ُ ُ َ َّ ْ َ َّ‬ ‫يوحدونه مخلصين له ّ‬ ‫معه تعالى إلها آخر‪ ،‬بل ّ‬
‫الدين‪[.‬وال يقتلون النفس ال ِتي‬
‫يحق أن‬ ‫حرم هللا قتلها اال بما ّ‬ ‫اس إ َّال ب ْال َح ّق]أي ال يقتلون النفس التي ّ‬ ‫َ َّ َ َّ ُ‬
‫حرم ِ ِ ِ‬
‫تقتل به النفوس من كفر بعد إيمان‪ ،‬أو زنى بعد إحصان‪ ،‬أو القتل قصاصا‬
‫َ ُ َ‬
‫َ[وال َي ْزنون]أي ال يرتكبون جريمة الزنى التي هي من أفحش الجرائم[ َو َمن‬
‫ََٰ َ ْ َ َ‬ ‫ْ‬
‫َيف َع ْل ذ ِلك َيل َق أث ًاما] أي ومن يقترف تلك املوبقات العظيمة من الشرك‬
‫ُ َ َ ْ َ‬
‫اعف ل ُه‬ ‫ثم فسرها بقوله[يض‬ ‫والقتل والزنى يجد في اآلخرة النكال والعقوبة ّ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْال َع َذ ُ‬
‫اب َي ْو َم ال ِق َي َام ِة]أي يضاعف عقابه ويغلظ بسبب الشرك وبسبب‬
‫ً‬ ‫ُْ‬
‫املعاص ي[ َو َيخل ْد ِف ِيه ُم َهانا]أي يخلد في ذلك العذاب حقيرا ذليال أبد‬
‫ص ِال ًحا] أي إال من تاب في الدنيا التوبة‬ ‫اب َو َآم َن َو َعم َل َع َم ًال َ‬ ‫اآلبدين[إ َّال َمن َت َ‬
‫َٰ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ َ َ ُ َ ّ ُ َّ ُ َ ّ َ ْ َ َ َ‬
‫ات]أي يكرمهم هللا‬ ‫النصوح وأحسن عمله‪[.‬فأول ِئك يب ِدل اس س ِيئ ِات ِهم حسن ٍّ‬
‫ّ‬
‫في اآلخرة فيجعل مكان السيئات حسنات وفي الحديث( إني ألعلم آخر أهل‬
‫ّ‬
‫الجنة دخوال الجنة‪ ،‬وآخر أهل النار خروجا منها‪ ،‬رجل يؤتى به يوم القيامة‬
‫فيقال‪ :‬اعرضوا عليه صغار ذنوبه وارفعوا عنه كبارها‪ ،‬فتعرض عليه صغار‬
‫َ‬
‫ذنوبه فيقال‪ :‬علمت يوم كذا وكذا كذا وكذا فيقول نعم ال يستطيع أن ينكر‬
‫فإن لك مكان كل سيئة حسنة فيقول‬ ‫ّ‬
‫وهو مضفق من كبار ذنوبه فيقال له‪:‬‬
‫يا رب‪ :‬قد عملت أشياء ال أراها ههنا‪ ،‬قال فضحك رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫‪-------------------------------- [58] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫يما]أي واسع املغفرة كثير‬ ‫اس َغ ُف ً‬
‫ورا َّر ِح ً‬ ‫ََ َ‬
‫ان َّ ُ‬ ‫وسلم حتى بدت نواجده)[وك‬
‫َ َ َ َ َ َ َ َ ً َ َّ ُ َ ُ ُ َ َّ َ ًَ‬
‫اس متابا]أي ومن تاب عن‬ ‫الرحمة[ومن تاب وع ِمل ص ِالحا ف ِإنه يتوب ِإلى ِ‬
‫املعاص ي وأصلح سيرته فإن هللا يتقبل توبته ويكون مرضيا عند هللا‬
‫ور]هذا هو الوصف السابع من أوصاف عباد‬ ‫الز َ‬ ‫ين َال َي ْش َه ُدو َن ُّ‬ ‫تعالى‪َ [.‬و َّالذ َ‬
‫ِ‬
‫الرحمن أي ال يشهدون الشهادة الباطلة ‪ -‬شهادة الزور‪ -‬التي فيها تضييع‬
‫َّ ْ‬ ‫َ‬
‫لحقوق الناس‪َ [.‬و ِإذا َم ُّروا ِباللغ ِو َم ُّروا ِك َر ًاما]أي وإذا مروا بمجالس اللغو –‬
‫وهي األماكن التي يكون فيها العمل القبيح كمجالس اللهو‪ ،‬والسينما‪،‬‬
‫والقمار‪ ،‬والغناء املحرم – مروا معرضين مكرمين أنفسهم عن أمثال تلك‬
‫املجالس قال الطبري‪ :‬واللغو كل كالم أو فعل باطل وكلما ُيستقبح كسب‬
‫اإلنسان‪ ،‬وذكر النكاح باسمه في بعض األماكن‪ ،‬وسماع الغناء مما هو قبيح‪،‬‬
‫َ َّ َ َ‬
‫ين ِإذا‬ ‫كل ذلك يدخل في معنى اللغو الذي يجب أن يجتنبه املؤمن‪[.‬وال ِذ‬
‫َ ْ َ ُّ َ ْ ََ‬ ‫ُذ ّك ُروا ب َآيات َرّبه ْم]أي إذا وعظوا بآيات القرآن ّ‬
‫وخوفوا بها‪[.‬لم ي ِخروا عليها‬ ‫ِ ِ ِ ِِ‬
‫ً‬
‫ص ًّما َو ُع ْم َيانا] أي لم يعرضوا عنها بل سمعوها بآذان واعية وقلوب‬ ‫ُ‬
‫َ َّ َ َ ُ ُ َ َ َّ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ ُ َ ُ َ َ‬
‫اجنا َوذ ّ ِرَّيا ِتنا ق َّرة أ ْع ُي ٍّن]أي اجعل‬
‫وجلة‪[.‬وال ِذين يقولون ربنا هب لنا ِمن أزو ِ‬
‫لنا في األزواج والبنين مسرة وفرحا بالتمسك بطاعتك‪ ،‬والعمل‬
‫َ ْ ْ َ ْ َّ َ‬
‫اج َعلنا ِلل ُمت ِقين ِإ َم ًاما]أي اجعلنا قدوة يقتدي بنا املتقون‪ ،‬دعاة‬ ‫بمرضاتك‪[.‬و‬
‫ُ ََٰ َ‬
‫إلى الخير هداة مهتدين قال ابن عباس‪ :‬أي أئمة يقتدى بنا في الخير[أول ِئك‬
‫ص َب ُروا]أي أولئك املتصفون باألوصاف الجليلة السامية‬ ‫ُي ْج َز ْو َن ْال ُغ ْر َف َة ب َما َ‬
‫ِ‬
‫َ ُ َ َّ ْ َ‬ ‫ينالون ّ‬
‫الدرجات العالية بصبرهم على أمر هللا وطاعتهم له سبحانه‪[.‬ويلقون‬
‫ّ‬ ‫َ ً َ‬
‫ِف َيها ت ِح َّية َو َسال ًما]أي ُويتلقون بالتحية والسالم من املالئكة الكرام كقوله‬
‫ُ‬
‫تعالى‪[:‬وامللئكة يدخلون عليهم من كل باب سالم عليكم] اآلية [خالدين فيها]‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أي مقيمين في ذلك النعيم ال يموتون وال ُيخرجون من الجنة ألنها دار‬
‫‪-------------------------------- [59] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ ْ‬
‫الخلود‪َ [.‬ح ُسنت ُم ْستق ًّرا َو ُمق ًاما]أي ما أحسنها مقرا وأطيبها منزال ملن اتقى‬
‫ُُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫هللا‪[.‬ق ْل َما َي ْع َبأ ِبك ْم َرِّبي ل ْوال ُد َعاؤك ْم]أي قل لهم يا محمد‪ :‬ال يكترث وال‬
‫َ َ َ َّ ُ‬
‫يحفل بكم ربي لوال تضرعكم إليه واستغاثتكم إياه في الشدائد‪[.‬فق ْد كذ ْبت ْم‬
‫ّ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ف َس ْوف َيكون ِل َز ًاما] أي فقد كذبتم أيها الكافرون بالرسول والقرآن فسوف‬
‫يكون العذاب مالزما لكم في اآلخرة‪.‬‬

‫األسئلة للمراجعة‬
‫كيف يصف تعالى ِمشية عباد الرحمن على األرض؟‬ ‫‪)1‬‬
‫كيف يبيتون عباد الرحمن؟‬ ‫‪)2‬‬
‫ما ذا يدعون لربهم لينجيهم من عذاب النار؟‬ ‫‪)3‬‬
‫كيف وصف تعالى عن إنفاقهم األموال؟‬ ‫‪)4‬‬
‫متى يبدل هللا سيئاتهم حسنات؟‬ ‫‪)5‬‬
‫ملن يضاعف العذاب يوم القيامة؟ ولم؟‬ ‫‪)6‬‬
‫كيف يدعو عباد الرحمن ألزواجهم ولذرياتهم؟‬ ‫‪)7‬‬
‫من ينال الغرفة؟ وما سببها؟‬ ‫‪)8‬‬
‫ما معنى ’ما يعبأ بكم‘ ؟‬ ‫‪)9‬‬
‫ّ‬
‫أعد مقالة عن ؛‬
‫‪ )1‬صفات عباد الرحمن‬
‫‪ )2‬تفسير اآليات املتعلقة بعباد الرحمن على ضوء صفوة‬
‫التفاسيرملحمد علي الصابوني‬
‫‪-------------------------------- [60] -----------------------------‬‬
---------------------------------------------------------------------------------------

-------------------------------- [61] -----------------------------


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫الوحدة الثالثة‪:‬‬
‫معلقة األعش ى‬
‫ًَ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ ْ‬
‫َو َه ْـل ت ِـط ـي ُـق َوداعـا أ ُّي َـهـا ال َّـر ُجـ ُـل؟‬ ‫َو ّد ْع ُه َـرْي َرة إن الـ َّـركـ َـب مـ ْـرتـ ِـحـ ُـل‬ ‫‪)1‬‬
‫الوجي‬ ‫اله َو َينا َك َما َيمش ي َ‬ ‫مش ي ُ‬ ‫َ‬ ‫َغ َّـر ُاء َف ْـر َع ُـاء َمـصْـ ُقـو ٌل َع َـو ُ‬
‫ض َـها‬
‫ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫ِار‬ ‫‪)2‬‬
‫َ‬
‫الو ِح ُل‬
‫َ ٌ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ‬
‫َم ُّـرال َّـس َـح َـاب ِـة ‪،‬ال َرْيـث َوال َعـ َـجـ ُـل‬ ‫كـأ َّن ِمـش َـيــت َـها ِم ْـن َب ْـي ِـت َجـ َـارِت ـ َـهـا‬ ‫‪)3‬‬
‫ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َت َ‬
‫انص َرفـت ك َـمـا اسـت َعـان ب ِـري ٍّـح ِعـش ِـرق َز ِج ـ ُـل‬ ‫للح ِـلي وسواسا ِإذا‬ ‫ـسم ُع َ‬ ‫‪)4‬‬
‫َ ْ َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ْ َ َ ْ َُ‬
‫الجـ َـيران طلـ َـع َت َها َوال تـ َـر َاها لـ ِـسـ ِّـرالـ َـجـ ِـارتــخــت ِت ُـل‬ ‫ليــست كمـن يكـره ِ‬ ‫‪)5‬‬
‫َ‬ ‫إ َذا َتـ ُـقـ ُ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫َي َـكـ ُ‬
‫ـوم إلــى َجـ َـارا ِتـ َـهــا الـك َـسـ ُـل‬ ‫ِ‬ ‫ـاد َيـص َـر ُعـ َـهـا ‪ ،‬لـ ْـوال تـش ُّـد ُد َهــا‬ ‫‪)6‬‬
‫َ َ‬ ‫واهت َّـزمـن َـهـا َذ ُن ُ‬ ‫ً ََ ْ‬ ‫ً‬ ‫َ ُ‬
‫ـوب ال َـمـت ِـن َوالـكف ُـل‬ ‫ِ‬ ‫ِإذا تـعــالـ ُـج ِقـ ْـرن ـا َســاعــة فــتـ َـرت‬ ‫‪)7‬‬
‫َ‬
‫ـص ُـر َي ْـنـخ ِـز ُل‬ ‫ـاد الـ َـخـ ْ‬ ‫ـكن ٌة إ َذا َتـ ّـأتـى َي َـكـ ُ‬ ‫ُ ّْ َ َ‬
‫ـاح َوصـفـرالـدر ِع بـه‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫مـلء ال ِـو ِ‬
‫ش‬ ‫‪)8‬‬
‫َ‬ ‫ً ُ َُ‬ ‫َُ ّ َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ ْ‬
‫َجـ ْـهــال بــأ ّم خــلـ ْـي ٍّد َح ْب َل َم ْن ت ِـص ُل؟‬ ‫صـ َّـدت ُهـ َـرْيـ َـرة َعــنــا َمــا تك ـ ِـل ُمنا‬ ‫‪)9‬‬
‫ْ َ‬ ‫َُ‬ ‫ًَ َ َ َ‬ ‫ََ ْ َ ْ‬
‫َري ُـب املـنـو ِن ‪َ ،‬و َد ْه ٌـرمـفـ ِن ٌـد خ ِـبـ ُـل‬ ‫أأن َرأت َر ُجــال أ ْع ــشــى أض َّـر ِبـ ِـه‬ ‫‪)10‬‬
‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ َّ َّ‬ ‫َ َّ ُ َ َ‬
‫ـداة َّ‬
‫ـاف‪َ ،‬وال تـ ِـف ـ ُـل‬ ‫عهـا ِلـلــذ ِة الـ َـم ْـر ِء‪ ،‬ال جـ ٍّ‬ ‫الدج ِـن يصر‬ ‫ِنعم الض ِجـيع غ‬ ‫‪)11‬‬
‫َْ‬ ‫ّ‬
‫ـصـ َـهـا ِبـالــش ْـو ِك ُمــنـتـ ِعـ ُـل‬ ‫َك َـأ َّن َأ ْخ َـم َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ٌ ُُ‬
‫ِهـ ْـركـ ْـولــة فــن ـ ٌـق ُد ْر ٌم َمـ َـرا ِفــق َـهــا‬ ‫‪)12‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ ُ َ ُ ُ ْ ُ ْ ً‬
‫َوال َّـزن َـب ُـق الـ َـو ْر ُد ِم ْـن أ ْر َد ِان َها ش ِـم ـ ُـل‬ ‫أص ِو َرة‬ ‫ِإذا تــقــوم يــضــوع ا ِملسـك‬ ‫‪)13‬‬
‫ٌ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫ض ٌة م ْن ريـاض َ‬ ‫َْ َ‬
‫ـاد َعـلـي َـهـا ُم ْـس ِـب ٌـل َه ِط ُل‬ ‫الح ْـز ِم ُمـعشـبة خـضـراء ج‬ ‫ما رو ِ ِ ِ‬ ‫‪)14‬‬
‫ْ َ‬ ‫َّ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ ٌ‬ ‫ُ َ ُ َّ‬
‫ـمس ِم َنها كـوك ٌـب ش ِـرق ُمــؤز ٌر ِبـ َـعـ ِـمـيـ ِـم الـنبـ ِت ُمــكــتـ ِـهـ ُـل‬ ‫الش َ‬ ‫يـضـاحك‬ ‫‪)15‬‬

‫‪-------------------------------- [62] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫َ َ َ َ َ َ ْ ََ ُ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫ً َ ْ‬
‫صـ ُـل‬ ‫األ ُ‬ ‫وال ِبـأحـسـن ِم ـنـهــا ِإذ دنــا‬ ‫َي ْـومـا ِبـأط َـي َـب ِمـن َـهـا نـش َـر َرا ِئ َـح ٍّـة‪،‬‬ ‫‪)16‬‬
‫الر ُج ُل‬ ‫َغـيـري‪َ ،‬و ُع ِّـل َق ُأخ َـرى َغ َير َها َّ‬ ‫ً‬ ‫َّ ْ‬ ‫ً‬
‫ُعـلـقـت َـهـا َع َـرضـا ‪َ ،‬و ُع ِـلـقـت َر ُجــال‬
‫ُّْ‬
‫‪)17‬‬
‫ِ‬
‫َ َُّ ْ ُ ََ ٌ َ ُ َ ُ‬
‫مــن أه ـل ـهــا َمـ ّـيـ ٌـت يهـذي ِب َها َو ِه ُل‬ ‫ـاول ـ َـهــا‬‫وعـ ِـلــقــتــه فــتــاة مـا يــح ـ ِ‬ ‫‪)18‬‬
‫ُ ُّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّْ ُ َ‬
‫ف ــاجــت َـم َـع ال ُـحـ ّـب ُحـ ّـب كــلـ ُـه تـ ِـب ُل‬ ‫َو ُع ِـلـقـتـ ِنـي أخ ْـيـ َـرى َمـا تــال ِئ ُـم ـ ِنـي‬ ‫‪)19‬‬
‫َ‬
‫ن ـ ٍّـاء َو َد ٍّان ‪َ ،‬و َمـ ْـحـ ُـبــو ٌل َو ُمـ ْـحــتـ ِـب ُل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُّ ُ ْ ٌ َ‬
‫فـكـلـنـا مـغ َـرم يـ ْـهـ ِـذي ِبــصـ ِ‬
‫ـاحـ ِـبـ ِـه‬ ‫‪)20‬‬
‫نك َيا َر ُج ُل‬ ‫َو ْيــلــي َع َـل ـي َـك‪َ ،‬و َويـلي م َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫قــالــت ُهـ َـريـ َـرة ل َّـمـا ِجـئـت َزا ِئ َرها‬
‫َ َ ْ‬
‫‪)21‬‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ً َ‬
‫كـأنـ َـمــا الـ َـبـ ْـرق ِفــي َحــافا ِت ِه شـ َـع ُل‬ ‫َيــا َم ْن َيـ َـرى َع ِارضــا ق ْد ِب ُّـت أ ْرق ُـب ُه‬ ‫‪)22‬‬
‫ّ‬ ‫َ َّ‬ ‫اف‪َ ،‬و َجـ ْـو ٌز ُمـ ْـفـ ٌ‬ ‫َ ُ َ ٌ‬
‫ُمــنــطـ ٌـق ِبـ ِـسـ َـجـ ِـال الـ َـمـ ِـاء ُمتـ ِـص ُل‬ ‫ـأم َع ـ ِـم ـ ٌـل‬ ‫ل ــه ِرد‬ ‫‪)23‬‬
‫َ َ‬ ‫َ َ َّ َ َ ُ ْ َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ‬
‫ـأس َوال الــكـ َـس ُل‬ ‫وال الــلــذاذة ِمــن كـ ٍّ‬ ‫لـ ْـم ُيــلـ ِـه ـ ِنــي اللـ ْـه ُو َعن ُه ِحين أ ْرق ُب ُه‬ ‫‪)24‬‬
‫ُ َ َ َ َ ُ َّ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ ُ ُ َّ‬
‫ـيم الش ِـار ُب‬ ‫ِشيــموا‪ ،‬وكيف ي ِشـ‬ ‫فــق ـلــت ل ـلــش ْر ِب ِفي ُد ْرنا َوق ْد ث ِملوا‬ ‫‪)25‬‬
‫َّ‬
‫الث ِم ُل؟‬
‫ض َهـ ِـط ُل‬‫َوبــالـ َـخــبـ ّـيــة مـ ْـن ُه َع ــار ٌ‬ ‫ـه‬ ‫ـط‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫س‬ ‫ـيء َع َلى َأج َـزاع َم ْ‬ ‫قا ُيضـ ُ‬ ‫َ ْ ً‬
‫بــر‬ ‫‪)26‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـالر َج ُـل‬ ‫َ ُ َ ٌ َ ُ َ َ َ ُ َ َ َ ْ َ َّ ُ َ ْ ُ َ ّ‬
‫قــالــوا ِنـمار‪ ،‬فبطن الخ ِـال جـادهـمـا فــالــعــســج ِديــة ف ــاألبــالء فـ ِ‬ ‫‪)27‬‬
‫َ‬ ‫َّ َ َ ْ‬ ‫َ ْ َ َُ‬ ‫َ َّ ْ‬
‫َحـتـى ت َـداف َـع ِمـن ُـه ال َّـرْب ُـو‪ ،‬فـال ـج َـب ُـل‬ ‫ـالسـف ُـح َيـج ِـري ف ِـخـن ِـزي ٌـرف ُـب ْـرقـت ُه‬ ‫فـ‬ ‫‪)28‬‬
‫َْ ُ َ َ َ ُ َ‬ ‫َْ َ ً‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ‬
‫روض الـقـطـا فـكـثـيـب الـغ ِ‬
‫ـينة‬ ‫َحــتـى ت َـح َّـم َـل ِمــن ُـه ال َـمـ َـاء تـكـ ِـلـفـة‬ ‫‪)29‬‬
‫َّ‬
‫السهلُ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ ًَ َ َ‬ ‫َ ًََ َ ْ َ ْ ْ ً‬
‫زورا تـ َـجــانف َع َنها القـ ْـو ُد َوال َّـر َس ُـل‬ ‫ص َب َـحت ُع ُزبا‬ ‫َيـس ِـقـي ِديـارا لـهـا قـد أ‬ ‫‪)30‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ـلدة مـثـل ظـهـرال ُّـت ْـر ُ‬
‫ََ َ‬
‫للـ ِـجـ ّـن ِبـالـلـ ْـي ِل ِفـي َحافــا ِت َـهـا َز َج ُـل‬ ‫ـوحـش ٍّـة‬
‫سم ِ‬ ‫ِ‬ ‫وبـ ٍّ ِ ِ‬ ‫‪)31‬‬

‫‪-------------------------------- [63] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َّ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ّ َ‬
‫ِإال ال ِـذي َـن لـ ُـهـ ْـم ِف ـي َـمــا أتـ ْـوا َمـ َـهـ ُـل‬ ‫ال َيــتـ َـمــنــى ل َـهـا ِبـالـق ْـي ِـظ َي ْـرك ُـب َـهـا‬ ‫‪)32‬‬
‫َ َ ْ ََ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫ض َتها فت ُل‬ ‫ِفــي ِمـ ْـرفـقـي َـهــا ِإذا اسـتـعر‬ ‫َجـ َـاوزتـ َـهــا ِبـط ِـلـيـ ٍّـح َج ْـس َـر ٍّة ُس ُـر ٍّح‬ ‫‪)33‬‬
‫َ َ ََْ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ َْ َ ُ َ ً َ َ َ َ َ‬
‫ِإنــا كــذ ِلـ َـك َمــا نـ ْـحــفــى َونــنــت ـ ِع ُل‪.‬‬ ‫ـال لــنـا‬ ‫أماتــريــنــا حــفــاة ال ِنــعـ‬ ‫‪)34‬‬

‫‪-------------------------------- [64] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫األعش ى‬

‫هو ميمون بن قيس بن جندل ‪ ،‬يرجع نسبه إلى علي بن بكر بن وائل‪،‬‬
‫ّ‬
‫وينتهي إلى ربيعة بن نزار‪ .‬يعرف بأعش ى قيس‪ ،‬ويكنى بأبي بصير‪ ،‬ويقال له‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أعش ى بكر بن وائل‪ ،‬واألعش ى الكبير‪ .‬عاش عمرا طويال وأدرك اإلسالم ولم‬
‫يسلم‪ ،‬ولقب باألعش ى لضعف بصره‪ ،‬وعمي في أواخر عمره‪ .‬مولده ووفاته‬
‫في قرية في اليمامة (أحد أحياء مدينة الرياض اآلن)‪ ،‬وفيها داره وبها قبره‪.‬‬
‫ُويعد األعش ى من شعراء الطبقة األولى في الجاهلية‪ ،‬كان كثير الوفود على‬
‫امللوك من العرب والفرس‪ ،‬فكثرت األلفاظ الفارسية في شعره‪ .‬كان غزير‬
‫ً‬
‫الشعر‪ ،‬يسلك فيه كل مسلك‪ ،‬وليس أحد ممن عرف قبله أكثر شعرا منه‪.‬‬
‫ّ‬
‫كان يغني بشعره فلقب بصناجة العرب‪.‬‬
‫أكثر ما اشتهر به هذا الشاعر هو الغزل واملديح‪ .‬ويعتبر هذا الشاعر هو‬
‫مؤسس فن الشعر الخمري عند العرب‪ ،‬حيث أن شعره في الخمر كان‬
‫ً‬
‫مخالفا لغيره من الشعر الجاهلي فقد كانت تشيع فيه الحياة‪ ،‬كما أن‬
‫خمرياته اشتهرت بسالستها وسهولتها إضافة إلى تدفق العاطفة فيها‪ .‬وكان‬
‫يرى بأن الحب هو أحد أشكال املغامرة والصراع لذلك فإن غزله باملرأة كان‬
‫حس ي مادي أي أنه يرى املرأة بأنها أحد وسائل اللهو‪ .‬يذكر بأنه أدرك بعثة‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم وقد قام بإعداد قصيدة وتوجه إلى املدينة املنورة‬
‫ليعلن إسالمه أمام النبي عليه الصالة والسالم‪ ،‬إال أن قريش قدمت له مائة‬
‫ناقة كوسيلة منهم إلغرائه وأقنعوه بالرجوع‪.‬‬
‫‪-------------------------------- [65] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫معاني األبيات ولغوياتها‪:‬‬
‫هريرة قينة اسم امرأة كانت زوجة لرجل من آل عمرو بن مرثد‪،‬‬ ‫‪)1‬‬
‫أهداها إلى قيس بن حسان بن ثعلبة بن عمرو بن مرثد فولدت له‬
‫خليدا‪ .‬والركب يستعمل لإلبل‪ ،‬وقوله وهل تطيق وداعا‪ ،‬أي أنك‬
‫تفزع إن ودعتها‪.‬‬
‫الغراء‪ :‬البيضاء الواسعة الجبين‪ ،‬وروي عنه أنه قال الغراء البيضاء‬ ‫‪)2‬‬
‫النقية العرض‪ ،‬والفرعاء الطويلة الفرع‪ :‬أي الشعر‪ ،‬والعوارض‪:‬‬
‫الرباعيات واألنياب‪ ،‬تمش ى الهوينى‪ :‬أي على رسلها‪ ،‬والوجى يشتكي‬
‫حافره‪ ،‬ولم يخف‪ ،‬وهو مع ذلك وحل فهو أشدعليه‪ .‬وغراء مرفوع‬
‫ألنه خبر مبتدأ ويجوز نصبه بمعنى أعني‪ ،‬وعوارضها مرفوعة على أنها‬
‫اسم ما لم يسم فاعله والهوينى في موضع نصب على املصدر وفيها‬
‫زيادة على معنى مصدر‪.‬‬
‫وقوله مر السحابة أي تهاديها كمر السحابة‪ ،‬وهذا مما يوصف به‬ ‫‪)3‬‬
‫النساء‪.‬‬
‫الحلي واحد يؤدي عن جماعة‪ ،‬ويقال في جمعه حلي‪ ،‬والوسواس‬ ‫‪)4‬‬
‫جرس الحلي‪ ،‬إذا انصرفت‪ :‬يريد إذا خفت‪ ،‬فمرت الريح‪ ،‬تحرك‬
‫الحلي‪ ،‬فشبه صوت الحلي بصوت خشخشة العشرق على الحصباء‪.‬‬
‫تختتل وتختل واحد بمعنى تسرق وتخدع فهي ال تفعل هذا‪.‬‬ ‫‪)5‬‬
‫يقول لوال أنها تشدد إذا قامت لسقطت وإذا في موضع نصب‬ ‫‪)6‬‬
‫والعامل فيها يصرعها‪.‬‬
‫‪-------------------------------- [66] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ذنوب املتن‪ :‬العجيزة واملعاجزمقرالوشاح‪.‬‬ ‫‪)7‬‬
‫صفر الوشاح‪ :‬أي خميصة البطن‪ ،‬دقيقة الخصر‪ ،‬فوشاحها يقلق‬ ‫‪)8‬‬
‫عليها لذلك هي تمأل الدرع ألنها ضخمة‪ ،‬والبهكنة الكبيرة الخلق‪،‬‬
‫وتأتى تترفق من قولك هو يتأتى لك ألمر‪ ،‬وقيل تأتى‪ :‬تهيأ للقيام‪،‬‬
‫واألصل تتأتى فحذف إحدى التاءين‪ ،‬تنخزل‪ :‬تنثني‪ ،‬وقيل تتقطع‬
‫ويقال خزل عنه حقه إذا قطعه‪.‬‬
‫ورواه أبو عبيدة صدت خليدة عنا ما تكلمنا قال هي هريرة‪ ،‬وهي أم‬ ‫‪)9‬‬
‫خليد‪ .‬وقوله حبل من تصل؟ استفهام وفيه معنى التعجب‪ .‬أي حبل‬
‫من تصل إذا لم تصلنا ونحن نوردها‪.‬‬
‫‪ )10‬ويروي مفسد وروى النحاس مفسد تبل‪ ،‬األعش ى هو الذي ال يبصر‬
‫بالليل‪ ،‬واألجهر هو الذي ال يبصر بالنهار‪ .‬واملنون‪ :‬املنية‪ ،‬سميت‬
‫املنون ألنها تنقص األشياء وقال األصمعي‪ :‬واحد ال جمع له‬
‫مذكر‪.‬وقال األخفش‪ :‬هو جمع ال واحد له‪.‬واملفند من الفناد وهو‬
‫الفساد‪ ،‬ويقال فنده إذا سفهه ومنه [قوله تعالى] (لوال أن تفندون)‬
‫وخبل من الخبال‪ :‬وهو الفساد‪.‬وقوله‪ :‬أأن في موضع نصب واملعنى‬
‫أمن أن رأت رجال ثم حذف من‪ ،‬ولك أن تحقق الهمزتين ولك أن‬
‫تخفف الثانية‬
‫‪ )11‬الدجن‪ :‬إلباس الغيم السماء‪ .‬وقوله للذة املرء كناية عن الوطء‬
‫ويروى تصرعه‪ .‬ال جاف‪ :‬أي ال غليظ والتفل‪ :‬املنتن الرائحة وقيل هو‬
‫الذي ال يتطيب‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [67] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ )12‬الهركوكة‪ :‬الصخمة الوركين‪ ،‬الحسنة الخلق‪ .‬وقال أبو زيد‪ :‬الحسنة‬
‫املشية‪ ،‬الحسنة الخلق والخلق‪،‬والفنق من النساء واإلبل الفتية‬
‫حسنة الخلق‪ ،‬وواحد الدرم‪ :‬أدرم‪ ،‬واألنثى درماء‪ :‬أي مرافقها درمة‪،‬‬
‫ليس ملرفقها حجم‪ ،‬وجمع مرافق ألن التثنية جمع هنا‪ ،‬واألخمص‬
‫باطن القدم‪ ،‬وقوله كأن أخمصها بالشوك منتعل معناه إنها متقاربة‬
‫الخطو وقيل ألنها ضخمة فكأنها تطأ على شوك لثقل املش ي عليها‪.‬‬
‫‪ )13‬ويروى آونة‪ :‬جمع أوان قال األصمعي‪ :‬أصورة‪ :‬تارات‪ .‬وقال أبو عبيدة‬
‫أجود الزنبق ما كان يضرب إلى حمرة فلذلك ما كان يضرب إلى حمرة‬
‫قال والزنبق الورد طيبها‪ .‬أردان جمع ردن‪ ،‬وهي أطراف األكمام‪.‬‬
‫الح ْز ِن أي املرتفع من األرض‪ ،‬أحسن من رياض الخفض‪.‬‬
‫‪ )14‬رياض َ‬

‫‪ )15‬أي يدور معها حيثما دارت‪ ،‬وكوكب كل ش يء‪ :‬معظمه‪ ،‬واملراد به هنا‬
‫الزهو‪ ،‬مؤزر‪ :‬مفعل من اإلزار‪ ،‬والشرق‪ :‬الربان املمتلئ ماء‪ .‬والعميم‪:‬‬
‫التام الحسن؛ واكتهل الرجل إذا انتهى شبابه نكهة وشذا‪.‬‬
‫‪ )16‬نشرمنصوب على البيان‪ ،‬وإن كان مضافا‪ ،‬ألن املضاف إلى نكرة نكرة‬
‫وال يجوز خفضه ألن نصبه وقع لفرق بين معنيين؛ ألنك إذا قلت هذا‬
‫الرجل أفره عبدا في الناس وتقول هذا العبد أفره عبد في الناس‬
‫فاملعنى أفره العبيد واألصل جمع أصيل واألصيل من العصر إلى‬
‫العشاء‪ ،‬وخص هذا الوقت ألن الثبت يكون فيه أحسن ما يكون‬
‫لتباعد الشمس‪ ،‬والفيء عنه‪.‬‬
‫‪ )17‬تقدرعرضا منصوب على البيان كقولك مات هزال وقتلته عمدا‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [68] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ )18‬ما يحاولها‪ :‬ما يريدها وال يطلبها‪ .‬وقال ما يحاولها هنا ما يقدرعليها وال‬
‫يصل إليها‪ ،‬والوهل الذاهب العقل كلما ذكر غيرها رجع إلى ذكرها‬
‫لفتنته بها‪.‬‬
‫‪ )19‬أي أحبتني امرأة‪ ،‬ولم أحبها ألنها ال توافقني على أمري‪.‬وتبل أي وهل‪،‬‬
‫وحب بدل مرفوع من الحب أو بمعنى كل حب تبل‪ ،‬ويجوز نصبه على‬
‫الحال كأنك تقول جاء زيد رجال صالحا‪.‬ويروى فاجتمع الحب حبي‬
‫كله تبل‪.‬‬
‫‪ )20‬ويروى فكلنا هائم يهذي بصاحبه ورواة األصمعي ومحبول ومحتبل‬
‫بالحاء املهملة‪ ،‬وقال من رواه بالخاء فقد أخطأ‪ ،‬وإنما هو من‬
‫الحبالة وهي الشرك الذي يصاد به‪.‬أي كلنا موثوق عند صاحبه‪،‬‬
‫وقال أبو عبيدة "صدت خليدة محبول ومحتبل" بكسر الباء أي‬
‫مصيد وصائد‪.‬‬
‫‪ )21‬زائرها منصوب على الحال‪ ،‬ويقدر فيه النصب على أنه نكرة إال أن‬
‫الرفع أجود‪.‬‬
‫‪ )22‬ويروى‪ :‬أرقبه ويا من رأى عارضا‪ ،‬والعارض‪ :‬السحابة تكون ناحية‬
‫السماء وقيل السحاب املعترض‪.‬‬
‫‪ )23‬رداف‪ :‬سحاب قد ردفه خلفه‪ ،‬وجوز كل ش يء‪ :‬وسطه‪ ،‬واملفأم‪:‬‬
‫العظيم الواسع‪ ،‬وعمل‪ :‬دائم البرق‪ ،‬ومنطق‪ :‬قد أحاط به فصار‬
‫بمنزلة املنطقة ‪ ،‬وقوله متصل أي ليس فيه خلل‪.‬‬
‫َ‬ ‫والكسل‪.‬وي ْر َوى‪( :‬وال َك َس ُل ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ‬
‫)‪.‬وي ْر َوى‪( :‬وال ِثق ُل)‬ ‫ُ‬ ‫‪ )24‬لـ ْـم ُيــلـ ِـهــني اللـ ْـه ُو‬
‫‪-------------------------------- [69] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ )25‬درنى‪ :‬كانت بابا من أبواب فارس‪ ،‬وهي دون الحيرة بمراحل‪ ،‬وكان فيها‬
‫أبو ثبيب الذي ذكره في معلقته‪ ،‬وقيل درني باليمامة‪ ،‬وشيموا انظروا‬
‫إلى البرق‪ ،‬وقدروا أين صوبه‪ |،‬والثمل‪ :‬السكران‪.‬‬
‫ّ‬
‫الحبية‪ :‬الخبيئة والجمع خبايا‬ ‫‪)26‬‬
‫‪ )27‬ويروى فاألبواء‪ ،‬وهذه كلها مواضع والرجل مسايل املاء واحدتها‬
‫رجلة‪.‬‬
‫‪ )28‬ويروى فالسفح أسفل خنزير‪ ،‬والربو ما نشر من األرض‪ ،‬والحبل جبل‬
‫أو بلد‪.‬‬
‫‪ )29‬ويروى حتى تضمن عنه املاء‪ ،‬ويقول تحمل روض القطا ما ال يطيق‬
‫إال على مشقة لكثرته‪ ،‬الغينة األرض الشجراء وتكلفة في موضع‬
‫الحال‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ )30‬الغرض‪ :‬األمطار‪ ،‬يروى عزبا أي عوازب‪ ،‬وزورا‪ :‬ازورت عن الناس‪.‬‬
‫القود‪ :‬الخيل‪ ،‬والرسل القوط‪ :‬وهو القطيع من الغنم يريد أنهم‬
‫أعزاء ال يغزون قد تجانف عنها الخيل واإلبل‪.‬‬
‫‪ )31‬أي أنه سافر إلى بالد موحشة ال يسكنها الناس وفي تلك املناطق يساير‬
‫قوافل الجن‪.‬‬
‫‪ )32‬ال يتمني لها‪ :‬ال يسموا لركوبها‪ ،‬إال الذين لهم فيما أتوا مهل وعدة‬
‫يصف شدتها‪ ،‬واملهل‪ :‬التقدم في األمروالهداية قبل ركوبها‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [70] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ )33‬الطليح‪ :‬املعيبة‪ ،‬والفعل طلح يطلح طلحا وطلحا‪ ،‬والقياس إسكان‬
‫الالم وفتحها أكثر‪ ،‬والسرح‪ :‬السهلة السير‪ ،‬والفتل تباعد مرفقيها من‬
‫جنبيها‪.‬‬
‫‪ )34‬أي إن ترينا نتبذل مرة ونتنعم أخرى فكذلك سبيلنا‪ .‬وقيل‪ :‬املعنى‪ :‬إن‬
‫ترينا نستغني مرة ونفقر مرة أخرى‪ .‬وقيل املعنى‪ :‬إن ترينا نميل إلى‬
‫النساء مرة‪ ،‬ونتركهن أخرى‪ .‬وحذف الفاء لعلم السامع والتقدير فإنا‬
‫كذلك نحفى فتكون ما زائدة للتوكيد‪.‬‬

‫األسئلة للمراجعة‬
‫ماالفرق بين الغزل عند األعش ى والغزل عند عنترة؟‬ ‫‪)1‬‬
‫ما األغراض التي دارت حول معلقة األعش ى؟‬ ‫‪)2‬‬
‫ما هو الغزل الصريح والغزل العفيف؟‬ ‫‪)3‬‬
‫من هو الشاعرالذي لقب بصناجة العرب؟‬ ‫‪)4‬‬
‫كيف يصف الشاعرهريرة؟‬ ‫‪)5‬‬
‫ما املراد بالهركوكة؟‬ ‫‪)6‬‬
‫أعد فقرة عن اآلتية‬
‫األعش ى‬ ‫‪)1‬‬
‫معلقة األعش ى‬ ‫‪)2‬‬

‫‪-------------------------------- [71] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫املال غاد ورائح‬


‫حاتم الطائي‬
‫النص‬
‫ُ‬
‫العذر‬ ‫أماو ّي! قد طال التجنب والهجر‪ ،‬وقد عذرتني‪ ،‬من طالبكم‪،‬‬ ‫‪)1‬‬
‫ُ‬
‫والذكر‬ ‫أماوي! إن املال ٍّ‬
‫غاد ورائح‪ ،‬ويبقى ‪ ،‬من املال‪ ،‬اآلحاديث‬ ‫‪)2‬‬
‫َ‬
‫مالنا ن ْز ُر‬ ‫َ ْ ً َ‬
‫إذا جاء يوما‪ ،‬ح ّل في ِ‬ ‫لسائل‪،‬‬
‫ٍّ‬ ‫أماوي! إني ال أقول‬ ‫‪)3‬‬
‫ُ‬
‫الزجر‬ ‫ٌ‬
‫عطاء ال ينهنهه‬ ‫وإما‬ ‫أماوي! إما مانع فمبين‪،‬‬ ‫‪)4‬‬
‫إذا حشرجت نفس وضاق بها‬ ‫أماوي! ما يغني ُ‬
‫الثراء عن الفتى‪،‬‬ ‫‪)5‬‬
‫ُ‬
‫الصدر‬
‫َْ ُ َ ُ ْ ٌ َ ُ ُ‬
‫وانبها غ ْب ُر‬ ‫ِمللحودة ٍّ‪ ،‬زلج ج‬ ‫إذا أنا دالني‪ ،‬الذين أحبهم‪،‬‬ ‫‪)6‬‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫الحف ُر‬ ‫يقولون قد دمى ِ‬
‫أناملنا‬ ‫وراحوا عجال ينفصون أكفهم‪،‬‬ ‫‪)7‬‬
‫من األرض‪ ،‬ال ماء هناك وال ُ‬
‫خمر‬ ‫أماوي! إن يصبح صداي بقفرة ٍّ‬ ‫‪)8‬‬
‫َْ‬ ‫ّ ْ ُ‬ ‫ّ َ‬
‫صف ُر‬ ‫بخلت ِبه‬
‫وأن يدي مما ِ‬ ‫ترى ْ أن ما أهلكت لم يك ضرني‪،‬‬ ‫‪)9‬‬
‫أجرت‪ ،‬فال قتل عليه وال ُ‬
‫أسر‬ ‫أماوي! إني‪ ،‬رب واحد أمه‬ ‫‪)10‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫أراد ثراء املال‪ ،‬كان له ُ‬
‫وفر‬ ‫األقوام‪ْ ،‬لو أن حا ِتما‬
‫ُ‬ ‫وقد َع ِل َم‬ ‫‪)11‬‬
‫ُ ْ‬
‫وآخ ُر ُه ذخ ُر‬ ‫ُّ ُ ٌ‬
‫فأوله زاد‪ِ ،‬‬ ‫بكال‪ ،‬ضيعة ‪،‬‬ ‫وإني ال آلو‪ٍّ ،‬‬ ‫‪)12‬‬
‫َ َ ً‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫الخمر‬ ‫وما إن تعريه القداح وال‬ ‫ُيف ّك ِبه العاني‪ُ ،‬ويؤك ُل ط ّيبا‬ ‫‪)13‬‬

‫‪-------------------------------- [72] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫كان َ‬ ‫ّ ْ َ‬ ‫وال أظل ُم َ‬
‫الدهر‬ ‫شهودا‪ ،‬وقد أودى ‪ ،‬بإخوته‪،‬‬ ‫إخوتي‬ ‫ابن العم‪ ،‬إن‬ ‫ِ‬ ‫‪)14‬‬
‫ً ّ َ ُ‬
‫ُ‬
‫واليسر‬ ‫كما الدهر‪ ،‬في أيامه العسر‬ ‫ص ْعل ِك وال ِغنى‬ ‫ُعنينا زمانا بالت‬ ‫‪)15‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫وف ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َك َ‬
‫الدهر‬ ‫وغلظة ً وكال سقاناه بكأسيهما‬ ‫هر ِلينا ِ‬ ‫ِ‬ ‫الد‬ ‫صر‬ ‫ينا‬ ‫س‬ ‫‪)16‬‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫الفقر‬ ‫بأحسابنا‬
‫ِ‬ ‫ِغنانا‪ ،‬وال أزرى‬ ‫فما زادنا بأوا على ذي قرابة ٍّ‪،‬‬ ‫‪)17‬‬
‫َ َ ْ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫ُّ ْ‬ ‫ْ ً َ َ ُ‬
‫العش ُر‬ ‫أنام ِلي‬
‫الت‪ ،‬وسلطت على مصطفى مالي‪ِ ،‬‬ ‫العاذ ِ‬
‫فقدما عصيت ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪)18‬‬
‫َ َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫جاو ُرني‪ ،‬أال يكون ُله ِس ُتر‬ ‫ُ‬
‫القوم‪ ،‬فاعلمي ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫وما ض ّرجارا‪ ،‬يا ابنة َ‬ ‫‪)19‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ََْ‬ ‫َ‬
‫ديث ِه ِم َوق ُر‬
‫مع مني عن ح ِ‬
‫ّ‬
‫وفي الس ِ‬ ‫مي غفلة ٌ‬ ‫جارات قو‬
‫ِ‬ ‫ني عن‬ ‫بع ْي ّ‬ ‫‪)20‬‬

‫حاتم الطائي‪:‬‬
‫هوحاتم بن عبد هللا بن سعد بن الحشرج الطائي القحطاني‪،‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الجاهلية‬ ‫ُويلقب بأبي َعدي وأبي سفانة‪ ،‬من أهل نجد وهو من شعراء‬
‫جده سعد بن الحشرج‬ ‫بالفروسية ومضرب املثل بجوده ‪ ،‬وكفله ّ‬
‫ّ‬ ‫املعروفين‬
‫ّ‬
‫بعد وفاة أبيه‪ ،‬وحرص على تنشئته واالهتمام به حتى وصل مرحلة الشباب‪،‬‬
‫النوار َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وعينه ّ‬
‫ّ‬
‫وماوية هما‬ ‫جده راعيا ومسؤوال عن اإلبل‪ .‬تشير املصادر إلى أن‬
‫ماوية بنت َ‬‫ائي‪ ،‬وكانت زوجته َّ‬ ‫الط ّ‬ ‫ّ‬
‫عفزر ملكة من ملكات الحيرة‪،‬‬ ‫زوجتي حاتم‬
‫تتزوج أوسم الرجال في الحيرة ووقع االختيار على حاتم‪ّ ،‬أما‬ ‫َ‬ ‫وطلبت أن‬
‫ّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َّ‬
‫زوجته النوار البخترية فهي من بني سالمان‪ ،‬وهي من النساء الشريفات‬
‫ّ ّ ّ‬ ‫وتعود أصولها إلى اليمن وعاشت في الحيرة‪ ،‬وال ُي ُ‬
‫ائي إال‬ ‫ذكر لحاتم الط‬
‫النوار َّ‬ ‫َّ‬
‫زوجات غيرهما لحاتم‪.‬‬
‫ٍّ‬ ‫وماوية‪ ،‬مع ورود أخبارعن وجود‬ ‫زوجتيه‬

‫‪-------------------------------- [73] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ّ َ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫َ‬
‫ف شعرا ّ‬
‫جيدا وكتبه في ديوان‬ ‫ائي أنه شاعر أل‬‫ُع ِرف عن حاتم الط‬
‫وتميز شعره بتراكيبه وألفاظه البسيطة‪ ،‬ومعانيه الواضحة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫شعر ّي‪،‬‬
‫ّ‬
‫الط ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫ّ‬
‫ائي شعره في العديد من األغراض‬ ‫واالبتعاد عن التعقيد‪،‬وألف حاتم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشعرية‪ ،‬مثل الحماسة والعفة والكرم واملدح ‪ .‬لم تتفق اآلراء حول الزمن‬
‫ّ‬
‫الط ّ‬
‫ائي‪ .‬روي أن حاتما جلس يوما للشراب ‪ ،‬ودعى إليه‬ ‫الذي توفي فيه حاتم‬
‫من كان في الحلة‪ ،‬فحضروا فبلغوا حوالي مائتي رجل‪ ،‬فلما فرغوا من‬
‫الشراب وأرادوا االنصراف ‪ ،‬أعطى لكل واحد منهم ثالثا من النوق‪.‬‬
‫معاني األبيات ولغوياتها‪:‬‬
‫ّ‬
‫وقصته أن زوجته ماوية بنت عفيركانت توجهه وتقول ‪ :‬لو ترشد إنفاقك ‪-‬‬
‫ملا رأت منه من االسراف في االنفاق على ضيوفه وقاصديه ‪ -‬حتى تبقي لنا ما‬
‫يكفينا الحاجة ّ‬
‫فرد عليها بهذه القصيدة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ )1‬يخاطب الشاعر زوجته ويقول‪ :‬أماوي أي يا زوجتي ماويـة‪.‬يقال ‘تعذرت‬
‫ّ‬
‫إلى الرجل تعذرا ’ أي اعتذرت اعتذارا‪ .‬طالب مصدرمن طالب‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫‪ )2‬يا ماويـة إن املال يذهب ويعود ‪ ،‬وال يبقى لنا من إنفاقه على املحتاجين‬
‫ّ‬
‫إال السيرة العطرة والذكرالحسن‬
‫ً ّ‬
‫أرد صاحب حاجة جاءني يسألني املعونة زاعما أن مالي‬ ‫‪ )3‬يا ماويّـة إنّـي ال ّ‬
‫قليل‪ .‬النزر‪ :‬القلة التافهة‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫‪ )4‬يا ّ‬
‫ماوية ‪ ،‬إمـأ أن أمتنع عن عطاء ذي الحاجة ذاكرا عذري له ‪ ،‬وإمـا أن‬
‫ّ‬ ‫أسخـو له بعطاءال ّ‬
‫تكدره مـنـة أو أذى ‪ .‬الزجر‪ :‬الطرد واملنع والنهي‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [74] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ )5‬يا ماويـة ‪ ،‬إن الغنى واليسار وكثرة األموال ال تحمي صاحبها من املوت‬
‫إذا حـان أجـلـه‪ .‬حشرجت النفس‪ :‬ترددت النفس‪.‬‬
‫‪ " )6‬إذا " في البيت ظرفية تفيد معنى الشرط ‪ ,‬جوابها "يقولون" في‬
‫البيت التالي‪.‬الزلج‪ :‬نوع من الصخور امللساء‪.‬‬
‫‪ )7‬أنامل‪ :‬مفردها األنملة وهي املفصل األعلى من اإلصبع الذي فيه الظفر‬
‫ّ‬
‫‪ )8‬صداي‪ :‬جثتي‪ .‬القفرة‪ :‬األرض الجرداء التي ال ماء فيها وال نبات‪.‬‬
‫‪ )9‬صفر‪ :‬فارغة ال ش يء فيها‬
‫ً‬
‫وحيدا ّ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ّ‬
‫ألمه ودفعت عنه اعـتـداء اآلخرين‬ ‫‪ )10‬يـا ماوية ‪ ،‬ربـما أجرت وحـمـيـت‬
‫فلم ينله قتل أو أسـر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ )11‬إن قبائل العرب تعلم تمام العلم لو أن حاتم الطائي أراد الغنى في املال‬
‫لكان له الكثيرمنه‪.‬‬
‫‪ )12‬الزاد‪ :‬الطعام الذي يتخذ عند السفر‬
‫‪ )13‬القداح‪ :‬جمع قدح وهو الذي يشرب فيه‬
‫ُ‬
‫الدهر‪ :‬أهلكهم‬ ‫‪ )14‬أودى بإخوته‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أحيانا بالفقر ّ‬ ‫‪ )15‬لقد أصابنا ّ‬
‫وشدته ‪ ،‬وجاد علينا أحيانا بوفرة‬ ‫الزمان‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫املال ‪ ،‬وهـكذا ّ‬
‫بالشدة أحيانا وبال ّـرغد أحيانا أخرى‬ ‫الدهر يأتيك‬
‫‪.‬التصعلك ‪ :‬االفتقاروالشدة‬
‫‪ )16‬صروف الدهر‪ :‬شدائده ونوائبه‬

‫‪-------------------------------- [75] -----------------------------‬‬


‫‪ّ ----------------------------------------------------------‬‬
‫ّ‬ ‫‪-----------------------------‬‬
‫‪ )17‬فما جعلني الغنى وكثرة املال أتكبـر على أقاربي وأبناء عشيرتي ‪ ،‬وال حـطـ‬
‫ّ‬
‫الفقرمن قيمتي بين النـاس‪ .‬ال أزري‪ :‬عاب‬
‫‪ )18‬فقديما لم أستمع لكالم الالئمين وأخذت أفضل مالي ألكرم الناس من‬
‫أعزما أملك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ )19‬إنـنـي شريف الحسب ‪ ،‬عفيف النـفس ‪،‬أحافظ على كرامة جيراني وال‬
‫أي منهم ستريحميه‬ ‫أس يء لهم ولو لم يكن لبيت ّ‬

‫أي أذى من نظر أو‬‫ينالهن مـنّـي ّ‬


‫ّ‬ ‫‪ )20‬أحافظ على كرامة وشرف جاراتي ‪ ،‬فال‬
‫سمع‪ .‬الوقر‪ :‬الصمم‪.‬‬

‫األسئلة للمراجعة‪:‬‬
‫ما رأي الشاعرفي انفاق املال؟‬ ‫‪)1‬‬
‫متى رد الشاعربهذه األبيات على زوجته؟‬ ‫‪)2‬‬
‫اقرأ من األبيات‬ ‫‪)3‬‬
‫سطور الفخر‬ ‫أ)‬
‫كلمات التكرار‬ ‫ب)‬
‫ّ‬
‫أعد مقالة عن أفكارهذه القصيدة ’املال غاد ورائح’‬ ‫‪)4‬‬

‫‪-------------------------------- [76] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫َ‬
‫الخيـلَ‬ ‫َ َّ َ ْ‬
‫هال سأل ِت‬
‫عنترة بن الشداد‬

‫ًَ َ َ َ‬ ‫ْ ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ ْ‬


‫جاهلة ِب َـما لم ت ْعل ِمـي‬ ‫إن كن ِت ِ‬ ‫هال سأل ِت الخي َـل يا ابنة ِ‬
‫مال ٍّـك‬ ‫‪)1‬‬
‫ُ ُ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ُ َ‬
‫ن ْه ٍّـد تع َـاو ُر ُه الكمـاة ُمكل ِـم‬ ‫ال َعلى ِر َحال ِـة َس ِاب ٍّـح‬ ‫ِإذ ال أز‬ ‫‪)2‬‬
‫َْ‬ ‫َ ً‬ ‫َ ْ ً ُ َ َّ ُ َّ‬
‫الق ِس ّ ِي َع َر ْم ِـر ِم‬ ‫َ‬
‫يأ ِوي إلى ح ِص ِد ِ‬ ‫عان وت َـارة‬ ‫طـورا يـجرد للط ِ‬ ‫‪)3‬‬
‫َ َ َ ُّ ْ َ ْ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ َ َّ‬ ‫ُ ْ‬
‫الوغى وأ ِعف ِعند املغن ِـم‬ ‫أغش ى‬ ‫قيعة أن ِنـي‬ ‫ـرك من شهد الو‬ ‫يخ ِب ِ‬ ‫‪)4‬‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫الم ْمع ٍّـن َه َـربا وال ُم ْست ْس ِل ِـم‬ ‫ُ‬ ‫ومـد ِ ّج ٍّج ك ِـر َه الكماة ِن َزال ُـه‬ ‫‪)5‬‬
‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ُ َ ّ‬
‫وب ُمق َّـو ِم‬ ‫ـف صد ِق الكع ِ‬ ‫ِب ُمثق ٍّ‬ ‫عاج ِل ط ْعن ٍّـة‬ ‫جـادت له ك ِفي ِب ِ‬ ‫‪)6‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ ْ ُ ُّ ْ َ‬
‫ريم على القنا ِب ُم َح َّـر ِم‬ ‫الك ُ‬ ‫ليـس‬ ‫ص ِ ّم ِثياب ُـه‬ ‫األ َ‬ ‫فشككـت ِبالرم ِح‬ ‫‪)7‬‬
‫َي ْقض ْم َـن ُح ْس َن َبنانه وامل ْع َ‬ ‫َ ْ ُ ُ َ ََ ّ َ َ ْ َ‬
‫ص ِـم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـاع َينشن ُـه‬ ‫السب ِ‬‫فتـركته جزر ِ‬ ‫‪)8‬‬
‫َ َ‬
‫الحقيقة‬ ‫عن َح ِامي‬ ‫السيف ْ‬ ‫ب َّ‬ ‫روجهـا‬ ‫وم َش ّك سابغة َه َت ْك ُت ُف َ‬ ‫‪)9‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ٍّ‬
‫ُم ْع ِل ِـم‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ‬
‫ـات التج ِـار ُمل َّـو ِم‬‫ـاك غاي ِ‬
‫هت ِ‬ ‫بالقـداح ِإذا شتـا‬ ‫َرِب ٍّـذ يـداه ِ‬ ‫‪)10‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫واجـذ ُه ِلغي ِـرت َب ُّس ِـم‬
‫أبـدى ِ‬
‫ن‬ ‫ل َّـما َرآ ِني ق ْـد ن َزلـت أري ُـد ُه‬ ‫‪)11‬‬
‫ُ َ َ َ ُ َ ُ ُ ُ َ َْ‬ ‫َ َّ َّ َ َ َّ‬
‫العظل ِـم‬ ‫خ ِضـب البنان ورأسه ِب‬ ‫النهـ ِاركأنمـا‬ ‫َعه ِـدي ِب ِه مد‬ ‫‪)12‬‬

‫‪-------------------------------- [77] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫َ َ ْ َ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫َ ْ ُ ُ ُّ ُ َ ُ‬
‫الحديد ِة ِمخـذ ِم‬ ‫صافي‬
‫ِبمهن ٍّـد ِ‬ ‫الر ْم ِـح ث َّـم َعل ْوت ُـه‬ ‫فطعنتـه ِب‬ ‫‪)13‬‬
‫ُ ْ َ َ َ ّ ْ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫س ِبت ْـوأ ِم‬ ‫السب ِت لي‬ ‫يحذى ِنعال ِ‬ ‫َبط ٌـل كأ َّن ِثي َـاب ُه في َس ْرج ٍّـة‬ ‫‪)14‬‬
‫َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ َّ ْ‬ ‫َ َ ََ‬
‫َح ُـر َمت َعل َّي َول ْي َتها لم ت ْح ُـر ِم‬ ‫ص ِمل ْن َحلت ل ُـه‬ ‫ياشـاة ما قن ٍّ‬ ‫‪)15‬‬
‫َ ْ َ َ َْ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َُْ ُ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫واعل ِمـي‬ ‫ف َب َعثت َج ِارَيتي فقلت لها اذ َهبـي فت َج َّس ِس ي أخبارها ِلي‬ ‫‪)16‬‬
‫َ‬ ‫ٌَ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫والشاة ُم ْم ِكنة ِمل ْن ُهو ُم ْرتمـي‬ ‫عادي ِغ َّـرة‬ ‫قالت ‪َ :‬رأيت ِمن األ ِ‬ ‫‪)17‬‬
‫َ َ‬ ‫َر َشـاء م َن الغ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َّ َ َ َ َ ْ‬
‫الن ُح ٍّرأ ْرث ِـم‬ ‫ِ‬ ‫ـز‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫ـة‬ ‫ٍّ‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫ج‬ ‫يد‬‫ِ‬ ‫ج‬
‫وكـأنما التفت ِ ِ‬
‫ب‬ ‫ت‬ ‫‪)18‬‬
‫ُْ‬ ‫ُ ْ ُ َ ََْ ٌ َْ‬ ‫ُّ ُ َ ْ ً َْ‬
‫س املن ِع ِـم‬ ‫والكـفرمخبثـة ِلنف ِ‬ ‫شاك ِر ِن ْع َم ِتـي‬ ‫نبئـت عمرا غي َر ِ‬ ‫‪)19‬‬
‫َ‬
‫ص الشفت ِان َع ْن َوض ِح‬
‫َّ َ َ‬ ‫الض َحى إ ْذ َت ْقل ُ‬
‫ص َاة َع ّمي ب ُّ‬ ‫ولق ْد َحف ْظ ُت َو َ‬ ‫َ‬
‫‪)20‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫الف ِم‬
‫َْ َ ُ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫في َح ْو َمة َ‬
‫ال غ ْي َرتغ ْمغ ِـم‬ ‫الح ْر ِب التي ال تشت ِكـي غ َم َـر ِاتها األبط‬ ‫ِ‬ ‫‪)21‬‬
‫ْ َ‬ ‫َْ َ ّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َّ ُ َ‬
‫كني تض َاي َق ُمقدمـي‬ ‫عنـها ول ِ‬ ‫ِإذ َيتقـون ب َـي األ ِسنة لم أ ِخ ْـم‬ ‫‪)22‬‬
‫َ َ ُ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ‬
‫َيتـذ َام ُرون ك َر ْرت غ ْي َر ُمذ َّم ِـم‬ ‫ل َّـما َر ْأيت الق ْو َم أق َب َل َج ْم ُع ُه ْـم‬ ‫‪)23‬‬
‫َ‬ ‫ْ َ ُ ْ َ‬ ‫َ ْ ُ َ َ ََْ ّ ُ َ‬
‫بان األ ْد َه ِـم‬ ‫أشطـان ِبئ ٍّـرفي ل ِ‬ ‫ماح كأ َّنهـا‬ ‫يدعـون عنتر ِ‬
‫والر‬ ‫‪)24‬‬
‫َّ َ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫ْ ُ َ‬
‫ِولبـا ِن ِه َحتـى ت َس ْـرَب َل ِبال َّـد ِم‬ ‫مازلـت أ ْر ِم ُيه ْـم ِبثغ َر ِة ن ْح ِـر ِه‬‫ِ‬ ‫‪)25‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫وشـكا ِإل َّى ِب َع ْب َـر ٍّة َوت َح ْم ُح ِـم‬ ‫ف ْـاز َو َّر ِم ْن َوق ِـع القنا ِب ِلبا ِن ِـه‬ ‫‪)26‬‬
‫ََ َ َ ْ َ َ َّ‬ ‫َ َْ َ ُ َ ُ ْ ََ‬
‫الم ُمك ِل ِمـي‬ ‫حاو َرة اشتكى ولـكان لو ع ِلم الك‬ ‫لو كان يد ِري ما امل‬ ‫‪)27‬‬
‫َ َْ َ ْ‬ ‫ََ َ َ ُ ْ َ َ ْ ُ َ‬ ‫َ ْ َ َ َْ‬
‫س َو ْيك َعنت َرأق ِـد ِم‬ ‫ولقـد شفى نفس ي وأذهب سقمهـا ِقيل الف ِ‬
‫ـوار ِ‬ ‫‪)28‬‬

‫‪-------------------------------- [78] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ ََْ‬
‫ِمن َب ْين ش ْيظ َم ٍّـة َوآخ َرش ْيظ ِـم‬ ‫والخي ُـل تقت ِح ُم الخ َب َار َع َو ِابسـا‬ ‫‪)29‬‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ ٌ َ َْ ُ ْ ُ ُ َ‬
‫ايعي ل ِ ّـبي وأ ْح ِف ُـز ُه ِبأ ْم ٍّـر ُم ْب َـر ِم‬ ‫لل ِرك ِابي حيث ِشئت مش ِ‬ ‫ذ‬ ‫‪)30‬‬
‫َ َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َ َ ُ َْ َ َ َ َ‬
‫للح ْر ِب َدا ِئ َرة على ْابني ض ْمض ِـم‬ ‫َ‬ ‫ولق ْد خش ْيت ِبأن أ ُموت ولم ت ُـد ْر‬ ‫‪)31‬‬
‫ْ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َّ‬
‫الشـا ِت ِم ْي ِع ْر ِض ي ولم أش ِت ْم ُه َمـا والن ِـاذ َرْي ِـن ِإذ لم ألق ُه َما َد ِمـي‬ ‫‪)32‬‬
‫َ ْ‬
‫باع وك ِ ّل ِن ْس ٍّرقش َع ِـم‬
‫ُ‬
‫الس‬‫َج َـز َر ّ‬ ‫ـا‬ ‫كت َأ ُ‬
‫باه َ‬
‫م‬
‫ْ َْ َ َََ ْ َ َ ُ‬
‫ِإن يفعـال فلقد تر‬ ‫‪)33‬‬
‫ِ ِ‬

‫عنترة بن شداد‪:‬‬
‫هو عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية من أهل نجد وينتهي نسبه‬
‫َ ً‬ ‫َ‬
‫إلى مضر‪ .‬لقب بالفلحاء فيقال عنترة الفلحاء‪ .‬وكانت أمه أ َمة حبشية وكان‬
‫أبوه قد نفاه وكان العرب في الجاهلية إذا كان ألحدهم ولد من أمة استعبده‪،‬‬
‫ثم ّادعى أبوه بعد الكبرواعترف به وألحقه بنسبه‪.‬‬
‫وكان سبب ّادعاء أبيه أن بعض أحياء العرب أغاروا على بني عبس‬
‫فأصابوا منه واستاقوا إبال فتبعهم العبسيون فلحقوهم فقاتلوهم ّ‬
‫عما‬
‫معهم‪ ،‬وعنترة يومئذ فيهم‪ ،‬فقال له أبوه‪ِ ‘ :‬ك ّ ِر يا عنترة’ فقال عنترة‪‘ :‬العبد ال‬
‫ّ َ‬ ‫والصر’ فقال‪ّ ‘ :‬‬ ‫ّ‬ ‫يحسن ّ‬
‫حر’ فك َّر ‪ ،‬وقاتل‬ ‫كر وأنت‬ ‫الحالب‬
‫الكر إنما يحسن ِ‬
‫فادعاه أبوه بعد ذلك وألحقه بنسبه‪.‬‬ ‫يومئذ قتاال حسنا ّ‬

‫وكان من الشعراء الفرسان وكان شاعر بني عبس وفارسهم املشهور‬


‫وكان جريئا شديد البطش قد حضر حرب داحس والغبراء وحسن فيها بالؤه‬
‫وحمدت مشاهده‪ .‬وكان مع ذلك ّلين الطباع حليما سهل األخالق‪ .‬وكان عنترة‬
‫‪-------------------------------- [79] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫شاعرا مجيدا وكان رقيق األلفاظ ال يؤخد مأخذ الجاهلية في ضخامة‬
‫األلفاظ وخشونة املعاني‪ .‬وكان يهوي ابنة عمه ‘عبلة بنت مالك بن قراد’‬
‫فهادت شاعريته لذلك‪ .‬كان أبوها يمنعه من زواجه بها‪ ،‬فهام بها حتى‬
‫اشتد وجده وتزوجها بعد جهد وعناء ‪.‬‬
‫ُ َ‬
‫وملا أنشد للنبي صلم قوله‪:‬‬
‫حتى أنال به كريم املأكل‬ ‫ولقد أبيت على الطوى وأظله‬
‫قال صلم ‘ما وصف لي أعرابي قط فأحببت أن أراه إال عنترة’‪.‬‬

‫معاني األبيات ولغوياتها‪:‬‬


‫يقال في سبب نظم معلقته أنه جلس يوما في مجلس بعدما كان قد‬
‫ّ‬
‫فسابه رجل من بني عبس‪،‬‬ ‫أبلى وحسنت وقائعه واعترف به أبوه وأعتقه‬
‫وعاب عليه سواد أمه وإخوته وأنه ال يقول الشعر‪ .‬فسبه عنترة وفخر عليه‪.‬‬
‫وقد استهل معلقته بالغرام وشكوى العبد وغير ذلك من أنواع النسيب‪ .‬ثم‬
‫تخلص إلى الفخروالحماسة وذكروقائعه ومشاهده‪.‬‬
‫‪ )1‬هل سألت الفرسان عن حالي في قتالي إن كنت جاهلة بها‪.‬‬
‫‪ )2‬هال سألت الفرسان عن حالي إذا لم أزل على سرج فرس سابح تناوب‬
‫األبطال في جرحه‪ ،‬أي جرحه كل منهم ونهد من صفة السابح وهو‬
‫الضخم‪.‬التعاور‪ :‬التداول‪ ،‬يقال‪ :‬تعاوروه ضربا جعلوا يضربونه على‬
‫َ‬
‫االعتوار‪.‬الكلم‪َ :‬‬
‫الجرح‬ ‫جهة التناوب‪ ،‬وكذلك‬

‫‪-------------------------------- [80] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ )3‬مرة أجرده من صف األولياء لطعن األعداء وضربهم وأنضم مرة إلى‬
‫قوم محكمي القس ي أي مرة أحمل عليه على األعداء فأحسن بالئي‬
‫وأنكي فيهم أبلغ نكاية‪ ،‬ومرة أنضم إلى قوم أحكمت قسيهم وكثر‬
‫عددهم‪ ،‬أراد أنهم رماة مع كثرة عددهم‪ .‬العرمرم‪ :‬الكثير‪ .‬االحصاد‪:‬‬
‫االحكام‪.‬‬
‫‪ )4‬إن سألت الفرسان عن حالي في الحرب يخبرك من حضر الحرب بأني‬
‫كريم عالي الهمة آتي في الحروب وأعف عن اغتنام األموال‪.‬يخبرك‪:‬‬
‫مجزوم ألنه جواب هال سألت‪.‬الوقعة والوقيعة‪ :‬اسمان من أسماء‬
‫الحروب‪ ،‬والجمع الوقعات والوقائع‪.‬الوغى‪ :‬أصوات أهل الحرب ثم‬
‫استعيرللحرب‪ .‬املغنم والغنم والغنيمة واحد‪.‬‬
‫‪ )5‬ورب رجل تام السالح كانت األبطال تكره نزاله وقتاله لفرط بأسه‬
‫وصدق مراسه‪ ،‬ال يسرع في الهرب إذا اشتد بأس عدوه‪ ،‬وال يستكين له‬
‫ّ‬
‫مراسه‪.‬املدجج‪ :‬التام السالح‪ .‬االمعان‪ :‬االسراع في الش يء‬ ‫إذا صدق‬
‫والغلو فيه‪ .‬االستسالم‪ :‬االنقياد واالستكانة‪.‬‬
‫مقوم صلب الكعوب‪ .‬وهذا البيت‬ ‫‪ )6‬جادت يدي له بطعنة عاجلة برمح ّ‬
‫ومدجج’ ‪ .‬قوله ‘بعاجل طعنة’ ‪ّ :‬‬
‫قدم‬ ‫رب املضمر بعد الواو في ‘ ّ‬ ‫جواب ّ‬
‫الصفة هنا على املوصوف ثم أضافها إليه‪ ،‬تقديره بطعنة‬
‫عاجلة‪.‬الصدق‪ :‬الصلب‪.‬‬
‫‪ )7‬فانتظمت برمحي الصلب ثيابه‪ ،‬أي طعنته طعنة أنفذت الرمح في‬
‫جسمه وثيابه كلها‪ ،‬ثم قال‪ :‬ليس الكريم محرما على الرماح‪ ،‬يريد أن‬

‫‪-------------------------------- [81] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫الرماح مولعة بالكرام لحرصهم على اإلقدام‪ ،‬وقيل‪ :‬بل معناه أن كرمه‬
‫شك ُّ‬
‫يشك‪.‬‬ ‫ال يخلصه من القتل ّ‬
‫املقدر له‪.‬الشك‪ :‬االنتظام‪ ،‬والفعل َّ‬
‫ّ‬
‫األصم‪ :‬الصلب‬
‫‪ )8‬فصيرته طعمة للسباع كما يكون الجزر طعمة للناس وتتناوله السباع‬
‫وتأكل بمقدم أسنانها بنانه الحسن ومعصمه الحسن‪ ،‬ويريد أنه قتله‬
‫فجعله عرضة للسباع حتى تناولته وأكلته‪ .‬الجزر‪ :‬جمع َج َز َرة وهي‬
‫ّ‬
‫الشاة التي أعدت للذبح‪ .‬النوش‪ :‬التناول‪ ،‬والفعل ناش ينوش ‪.‬‬
‫القضم‪ :‬األكل بمقدم األسنان‪.‬‬
‫شك درع‪ ،‬أي رب موضع انتظام درع واسعة‪ ،‬شققت أوساطها‬ ‫ورب م ّ‬‫ّ‬ ‫‪)9‬‬
‫ِ‬
‫بالسيف عن رجل حام له يجب عليه حفظه‪ ،‬شاهر نفسه في حومة‬
‫الحرب أو مشار إليه فيها‪ ،‬يريد أنه هتك مثل هذه الدرع مثل هذا‬
‫ُ‬
‫الشجاع فكيف الظن بغيره‪.‬املشك‪ :‬الدرع التي قد ش َّك بعضها إلى‬
‫بعض‪ ،‬وقيل ‪ :‬مساميرها يشير إللى أنه َّ‬
‫الز َرد‪ ،‬وقيل‪ :‬الرجل التام‬
‫السالح‪.‬الحقيقة‪ :‬ما يحق عليك حفظه أي يجب‪.‬املعلم‪ ،‬بكسر الالم ‪:‬‬
‫الذي أعلم نفسه أي شهرها بعالمة يعرف بها في الحروب حتى ينتدب‬
‫األبطال لبرازه‪ ،‬واملعلم بفتح الالم ‪ :‬الذي يشار إليه ويدل عليه بأنه‬
‫فارس الكتيبة وواحد السرية‪.‬‬
‫‪ )10‬هتكت الدرع عن رجل سريع اليد خفيفها في إجالة القداح في املسير في‬
‫وخص الشتاء‪ ،‬ألنهم يكثرون املسير فيه لتفرغهم‪ ،‬وعن‬ ‫ّ‬ ‫برد الشتاء‬
‫رجل يهتك رايات الخمارين‪ ،‬أي كان يشتري جميع ما عندهم من الخمر‬
‫حتى يقلعوا راياتهم لنفاد خمرهم‪ ،‬ملوم على إمعانه في الجود وإسرافه‬
‫‪-------------------------------- [82] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫َّ‬
‫الحقيقة‪.‬الرِبذ‪ :‬السريع‪ .‬شتا‪ :‬دخل‬ ‫في البذل‪ .‬وهذا كله من صفة حامي‬
‫في الشتاء‪ .‬الغاية‪ :‬راية ينصبها الخمار ليعرف مكانه بها‪.‬أراد بالتجار‬
‫الخمارين‪.‬امللوم‪ :‬الذي ليم مرة بعد أخرى‪ .‬وهذا البيت كله من صفة‬
‫حامي الحقيقة‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ )11‬ملا رآني هذا الرجل نزلت عن فرس ي أريد قتله كشر عن أسنانه غير‬
‫متبسم‪ ،‬أي لفرط كلوحه أي عبوسه من كراهية املوت قلصت شفتاه‬
‫عن أسنانه‪ ،‬وليس ذلك لتكلم وال لتبسم ولكن من الخوف‪ ،‬ويروى لغير‬
‫تكلم‪.‬‬
‫‪ )12‬رأيته طول النهار وامتداده بعد قتلي إياه وجفاف الدم عليه كأن بنانه‬
‫ورأسه مخضوبان بهذا النبت‪.‬مد النهار ‪:‬طوله‪ .‬العظلم‪ :‬نبت يختصب‬
‫به ‪ .‬العهد‪ :‬اللقاء‪ ،‬يقال‪ :‬عهدته أعهده عهدا إذا لقيته‪.‬‬
‫‪ )13‬طعنته برمحي حين ألقيته من ظهر فرسه ثم علوته مع سيف مهند‬
‫صافي الحديد سريع القطع‪.‬املخذم‪ :‬السريع القطع‪.‬‬
‫‪ )14‬وهو بطل مديد القد كأن ثيابه ألبست شجرة عظيمة من طول قامته‬
‫واستواء خلقه‪ ،‬تجعل جلوس البقر املدبوغة بالقرظ نعاال له‪ ،‬أي‬
‫ّ َ‬
‫السبت‪ ،‬ولم تحمل أمه معه غيره‪ ،‬بالغ في وصفه‬ ‫تستوعب رجاله ِ‬
‫بالشدة والقوة بامتداد قامته وعظم أعضائه وتمام غذائه عند‬
‫ًّ‬
‫إرضاعه إذ كان فذا غيرتوأم‪ .‬السرحة‪ :‬الشجرة العظيمة‬
‫‪ )15‬يا هؤالء اشهدوا شاة قنص ملن حلت له فتعجبوا من حسنها وجمالها‪،‬‬
‫َ‬
‫فإنها قد حازت أتم الجمال‪ .‬واملعنى هي حسناء جميلة َمقنع ملن كلف‬

‫‪-------------------------------- [83] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫بها وشغف بحبها‪ ،‬ولكنها حرمت ّ‬
‫علي وليتها لم تحرم علي‪ ،‬أي ليت أبي‬
‫لم يتزوجها حتى كان يحل لي تزوجها‪ ،‬وقيل‪ :‬أراد بذلك أنها حرمت عليه‬
‫باشتباك الحرب بين قبيلتيهما ثم تمنى بقاء الصلح‪.‬ما‪ :‬صلة زائدة‪.‬‬
‫الشاة‪ :‬كناية عن املرأة‬
‫‪ )16‬فبعثت جاريتي لتتعرف أحوالها لي ‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ )17‬فقالت جاريتي ملا انصرفت لي‪ :‬صادفت األعادي غافلين عنها ورمي‬
‫الشاة ممكن ملن أراد أن يرتميها‪ ،‬يريد أن زيارتها ممكن لطالبها لغفلة‬
‫الرقباء والقرناء عنها‪.‬الغرة‪ :‬الغفلة‪ ،‬رجل غرغافل لم يجرب األمور‬
‫‪ )18‬كأن ‘التفاتها إلينا في نظرها’ التفات ولد ظبية هذه صفته في‬
‫نظره‪.‬الجداية َ‬
‫والجداية‪ :‬ولد الظبية ‪ ،‬الجمع الجدايا‪ .‬الرشأ‪ :‬الذي‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫قوي من أوالد الظباء الغزالن جمع غزال‪ .‬الحر من كل ش يء‪ :‬خالصه‬
‫وجيده‪ .‬األرثم‪ :‬الذي في شفته العليا وأنفه بياض‪.‬‬
‫‪ )19‬أعلمت أن عمرا ال يشكر نعمتي ‪ ،‬وكفران النعمة ينفر نفس املنعم عن‬
‫األنعام‪ ،‬فالتاء في نبئت هو املفعول األول قد أقيم مقام الفاعل وأسند‬
‫الفعل إليه‪ ،‬وعمرا هو املفعول الثاني‪ ،‬وغيرهو املفعول الثالث‪.‬‬
‫‪ )20‬ولقد حفظت وصية عمي إياي فاقتحامي القتال ومناجزتي األبطال في‬
‫أشد أحوال الحرب‪،‬وهي حالة تقلص الشفاه عن األسنان من شدة‬
‫كلوح األبطال والكماة فرقا من القتل‪.‬الوصاة والوصية ش يء‬
‫واحد‪.‬وضح الفم‪ :‬األسنان‪ .‬القلوص‪ :‬التشنج والقصر‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [84] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ )21‬ولقد حفظت وصية عمي في حومة الحرب التي ال تشكوها األبطال إال‬
‫بجلبة وصياح‪.‬حومة الحرب‪ :‬معظمها وهي حيث تدوم الحرب أي تدور‪.‬‬
‫غمرات الحرب‪ :‬شدائدها التي تغمر أصحابها‪ ،‬أي تغلب قلوبهم‬
‫وعقولهم ‪ .‬التغمغم‪ :‬صياح ولجب ال يفهم منه ش يء‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ )22‬حين جعلني أصحابي حاجزا بينهم وبين أسنة أعدائهم‪ ،‬أي قدموني‬
‫وجعلوني في نحور أعدائهم‪ ،‬لم أجبن عن أسنتهم ولم أتأخر‪ ،‬ولكن قد‬
‫تضايق موضع إقدامي فتعدر التقدم فتأخرت لذلك‪.‬االتقاء‪:‬‬
‫الحجر بين الشيئين‪ ،‬تقول ‪ :‬أتقيت العدو بترس ي‪ ،‬أي جعلت الترس حاجزا‬
‫َ‬
‫بيني وبين العدوالخيم‪ :‬الجبن‪ .‬املقدم‪ :‬موضع اإلقدام‪ ،‬وقد يكون‬
‫اإلقدام في غيرهذا املوضع‪.‬‬
‫‪ )23‬ملا رأيت جمع األعداء قد أقبلوا نحونا يحض بعضهم بعضا على قتالنا‬
‫عطفت عليهم لقتالهم غير مذمم‪ ،‬أي محمود القتال غير‬
‫مذمومه‪.‬التذامرتفاعل من الذمروهو الحض على القتال‪.‬‬
‫‪ )24‬كانوا يدعونني في حال إصابةرماح األعداء صدر فرس ي ودخولها فيه‪،‬‬
‫ثم شبهها في طولها بالحبال التي يستقى بها من اآلبار‪.‬الشطن‪ :‬الحبل‬
‫الذي يستقى به‪ ،‬والجمع األشطان‪ .‬اللبان‪:‬الصدر‪.‬‬
‫‪ )25‬لم أزل أرمي األعداء بنحر فرس ي حتى جرح وتلطخ بالدم وصار له بمنزلة‬
‫عم جسده عموم السربال جسد البسه‪.‬الثغرة‪ :‬الوقبة‬ ‫السربال‪ ،‬أي َّ‬
‫ُّ َ‬
‫والنقرة في أعلى النحروالجمع الثغر‬

‫‪-------------------------------- [85] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ )26‬فمال فرس ي مما أصابت رماح األعداء صدره ووقوعها به وشكا ّ‬
‫إلي‬
‫َّ‬ ‫بعبرته وحمحمته‪ ،‬أي نظر ّ‬
‫إلي وحمحم ألرق له‪.‬االزورار‪:‬امليل‪ .‬التحمحم‪:‬‬
‫ّ‬
‫من صهيل الفرس ما كان فيه شبه الحنين ليرق صاحبه له‪.‬‬
‫‪ )27‬لو كان يعلم الخطاب الشتكى ّ‬
‫إلي مما يقاسيه ويعانيه‪ ،‬وكلمني لو كان‬
‫إلي مما أصابه من‬‫يعلم الكالم‪ ،‬يريد أنه لو قدر على الكالم لشكى ّ‬
‫الجراح‪.‬‬
‫‪ )28‬ولقد شفى نفس ي وأذهب سقمها قول الفوارس لي‪ :‬ويلك يا عنترة أقدم‬
‫نحو العدو واحمل عليه‪،‬يريد أن تعويل أصحابه عليه والتجاءهم إليه‬
‫شفى نفسه ونفى غمه‪.‬‬
‫‪ )29‬والخيل تسير وتجري في األرض اللينة التي تسوخ فيها قوائمها بشدة‬
‫وصعوبة وقد عبست وجوهها ملا نالها من اإلعياء‪ ،‬وهي ال تخلو من‬
‫فرس طويل أو طويلة‪ ،‬أي كلها طويلة‪.‬الخبار‪ :‬األرض اللينة‪ .‬الشظيم‪:‬‬
‫الطويل من الخيل‪.‬‬
‫‪ّ )30‬‬
‫تذل إبلي لي حيث وجهتها من البالد ويعاونني على أفعالي عقلي‪ ،‬وأمض ي‬
‫َ‬ ‫ُُ‬
‫ما يقتضيه عقلي بأمر محكم‪.‬ذلل‪ :‬جمع ذلول من الذل وهو ضد‬
‫الصعوبة‪ .‬الركاب‪ :‬اإلبل‪ ،‬ال واحد لها من لفظها عند جمهور األئمة‪.‬‬
‫وقال الفراء‪ :‬إنها جمع ركوب مثل قلوص‪.‬املشايعة‪ :‬املعاونة‪ ،‬أخذت‬
‫من الشياع وهو دقائق الحطب ملعاونته النارعلى اإليقاد في الحطب‬
‫الجزل‪.‬الحفز‪ :‬الدفع‪ .‬اإلبرام‪ :‬اإلحكام‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [86] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ )31‬ولقد أخاف أن أموت ولم تدر الحرب على ابني ضمضم بما يكرهانه‬
‫وهما حصين وهرم ابنا ضمضم‪.‬الدائرة‪ :‬اسم للحادثة‪ ،‬سميت بها ألنها‬
‫تدور من خير إلى شر ومن شر إلى خير ثم استعملت في املكروهة دون‬
‫املحبوبة‪.‬‬
‫‪ )32‬اللذان يشتمان عرض ي ولم أشتمهما أنا‪ ،‬واملوجبان على أنفسهما‬
‫سفك دمي إذا لم أرهما‪ ،‬يريد أنهما يتواعدنه حال غيبته فأما في حال‬
‫الحضور فال يتجاسران عليه‪.‬‬
‫‪ )33‬إن يشتماني لم أستغرب منهما ذلك‪ ،‬فإني قتلت أباهما وصيرته َ‬
‫جزر‬
‫نسر ُم ِس ّن‪.‬‬
‫السباع وكل ٍّ‬
‫األسئلة للمراجعة‪:‬‬
‫من هي ابنة مالك؟‬ ‫‪)1‬‬
‫بم يقتض ي الشاعربالسؤال للخيل؟‬ ‫‪)2‬‬
‫ماملفهوم بعاجل طعنة؟‬ ‫‪)3‬‬
‫ماملفهوم بجزر السباع؟ وبم يشبه؟‬ ‫‪)4‬‬
‫كيف يصف الشاعرتقدمه أمام العدو؟‬ ‫‪)5‬‬
‫صف أحوال الفرس عندما جرح؟‬ ‫‪)6‬‬
‫كيف شكى إليه فرسه؟‬ ‫‪)7‬‬
‫ما املقصود باملهند؟‬ ‫‪)8‬‬
‫لم بعث جاريته إلى العدو؟‬ ‫‪)9‬‬
‫ما قالت الجارية بعد ما انصرفت؟‬ ‫‪)10‬‬
‫بم يشبه الشاعرنظرها والتفاتها؟‬ ‫‪)11‬‬

‫‪-------------------------------- [87] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ولقد حفظت وصية عمي‪ .‬ماهي الوصية؟‬ ‫‪)12‬‬
‫ما ذا فعل ملا رأى جمع األعداء يقبل نحوه؟‬ ‫‪)13‬‬
‫في أي حال دعا أنصاره عنترة للمساعدة؟‬ ‫‪)14‬‬
‫َ َْ َ ُ َ ُ ْ ََ‬
‫حاو َرة اشتكى’ ما ذا أراد الشاعربهذا؟‬ ‫‘لو كان يد ِري ما امل‬ ‫‪)15‬‬
‫في أي حال يخش ى الشاعرألن يموت؟‬ ‫‪)16‬‬
‫أعد فقرة عن اآلتية‬ ‫‪)17‬‬
‫عنترة وشعره‬ ‫‪)1‬‬
‫معلقة عنترة‬ ‫‪)2‬‬

‫‪-------------------------------- [88] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫الوحدة الرابعة‪:‬‬

‫في مدح الرسول صلى هللا عليه وسلم وهجاء قريش‬


‫حسان بن ثابت األنصاري‬

‫عندما اشتد هجاء قريش على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم طلب‬
‫الرسول صحابته الكرام أن يساعدوه بقول الشعر ورد القريش بالهجاء‪،‬‬
‫فتقدم بعض الشعراء ألداء هذه املهمة‪ ،‬وعن هذه الحادثة وردت في صحيح‬
‫مسلم هذه الرواية‪:‬‬
‫ُ ً‬
‫ال ‪ْ :‬اه ُجوا ق َرْيشا ‪،‬‬ ‫اس َع َل ْي ِه َو َس َّل َم ‪َ ،‬ق َ‬
‫ص َّلى َّ ُ‬ ‫اس َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َّ ُ َ َّ‬
‫"عن عا ِئشة ‪ ،‬أن َرسول ِ‬
‫ال ‪ْ :‬اه ُج ُه ْم‬ ‫اح َة َف َق َ‬ ‫الن ْبل َف َأ ْر َس َل إ َلى ْابن َر َو َ‬ ‫َّ‬
‫ب‬
‫َ َّ ُ َ َ ُّ َ َ ْ َ ْ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف ِإنه أشد عليها ِمن ر ٍّ ِ‬
‫ق‬ ‫ش‬
‫ُ َّ َ ْ َ َ َ َ َّ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫اه ْم َف َل ْم ُي ْ‬
‫َف َه َج ُ‬
‫ض ‪ ،‬فأ ْر َس َل ِإلى ك ْع ِب ْب ِن َم ِال ٍّك ‪ ،‬ثم أرسل ِإلى حسان ب ِن ث ِاب ٍّت‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫َ َ َ َّ ُ َ ْ َ َ ُ ْ َ ْ ُ ْ ُ َ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫‪ ،‬فل َّما َدخ َل َعل ْي ِه ‪ ،‬قال حسان ‪ :‬قد آن لكم أن تر ِسلوا ِإلى هذا األس ِد‬
‫َ‬
‫َ َ ْ‬ ‫ُ َّ َ ْ َ َ َ َ ُ َ َ َ َ ُ َ ّ ُ ُ َ َ َ َّ‬ ‫ََ‬
‫ال ‪َ :‬وال ِذي َب َعثك ِبال َح ِ ّق‬ ‫الض ِار ِب ِبذن ِب ِه ‪ ،‬ثم أدلع ِلسانه فجعل يح ِركه ‪ ،‬فق‬ ‫َّ‬
‫َّ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ َّ َ َّ َّ ُ َ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫َ َ ْ َ َّ ْ َ‬
‫اس َعل ْي ِه َو َسل َم ‪ :‬ال ت ْع َج ْل‬ ‫اس صلى‬ ‫ألف ِرين ُهم ِب ِلسا ِني ف ْري األ ِد ِيم ‪ ،‬فقال رسول ِ‬
‫ْ َ َ ً َ َّ ُ َ ّ َ َ َ َ‬ ‫َ َّ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ ُ َ ْ َ ْ‬
‫ص لك ن َس ِبي‬ ‫ش ِبأن َس ِاب َها ‪َ ،‬و ِإ َّن ِلي ِف ِيهم نسبا ‪ ،‬حتى يل ِخ‬ ‫‪ ،‬ف ِإن أبا بك ٍّر أعلم قري ٍّ‬
‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ ُ َ َّ ُ ُ َّ َ َ َ َ َ َ َ َ ُ َل َّ ْ َّ َ َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ص ِلي ن َس َبك ‪َ ،‬وال ِذي َب َعثك‬ ‫اس قد لخ‬ ‫فأتاه حسان ‪ ،‬ثم رجع فقال ‪ :‬يا رسو ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ َ َ َّ َّ َ‬
‫ِبال َح ِ ّق أل ُسلنك ِم ْن ُه ْم ك َما ت َس ُّل الش ْع َرة ِم َن ال َع ِج ِين ‪ .‬قالت َعا ِئشة ‪ :‬ف َس ِم ْعت‬

‫‪-------------------------------- [89] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫وح ْال ُق ُدس َال َي َز ُ‬
‫ال‬
‫َ ُ َل َّ َ َّ َّ ُ َ َ ْ َ َ َّ َ َ ُ ُل َ َّ َ‬
‫ان ‪ :‬إ َّن ُر َ‬ ‫اس صلى اس علي ِه وسلم ‪ ،‬يقو ِلحس‬ ‫رسو ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص َّلى َّ ُ‬ ‫اس َ‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ ُ ُ َ َّ‬ ‫ُي َؤ ّي ُد َك ‪َ ،‬ما َن َاف ْح َت َعن َّ َ َ ُ‬
‫اس‬ ‫اس ورس ِول ِه ‪ ،‬وقالت ‪ :‬س ِمعت َرسول ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ْ َ َ َّ َ َ ُ ُل َ َ ُ ْ َ َّ ُ َ َ َ َ ْ َ َ‬
‫علي ِه وسلم يقو ‪ :‬هجاهم حسان فشفى واشتفى"‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َق َ‬
‫ال َح َّسان ‪:‬‬
‫نخب ُ‬ ‫ٌ‬
‫مجوف ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫هواء‬ ‫فأنت‬ ‫‪ )1‬أال أبلغ أبا سفيان عني‪،‬‬
‫ّ‬
‫وعبد الدارسادتها اإلماء‬ ‫‪ )2‬بأن سيوفنا تركتك عبدا‬
‫َ ْ َ َّ َ َ ْ‬ ‫ََ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫اك ال َج َز ُاء‬ ‫اس ِفي ذ‬
‫و ِعند ِ‬ ‫‪َ )3‬ه َج ْوت ُم َح َّم ًدا فأ َج ْبت َعن ُه‬
‫َف َش ُّر ُكما ِل َخ ْير ُك َما الف ُ‬
‫داء‬
‫َْ ُ ُ َ َ َ ُ ْ‬
‫وه‪َ ،‬ول ْست ل ُه بكف ٍّء‪،‬‬ ‫‪ )4‬أتهج‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫الوفاء‬ ‫شيمته‬ ‫هللا‪،‬‬
‫أمين ِ‬ ‫هجوت مباركا‪ّ ،‬برا‪ ،‬حنيفا‪،‬‬ ‫‪)5‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ َ ْ ُ َ ُ َ َّ ْ ُ‬
‫ُ‬
‫سواء‬ ‫وينصره‬ ‫ويمدحه‪،‬‬ ‫اس ِمنك ْم‪،‬‬ ‫فمن يهجو رسول ِ‬ ‫‪)6‬‬
‫ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ض ُم َح َّم ٍّد ِمنك ْم ِوق ُاء‬ ‫ْ‬
‫ِل ِعر ِ‬ ‫ف ِإ َّن أ ِبي َو َو ِالد ُه َو ِع ْر ِض ي‬ ‫‪)7‬‬
‫َ‬ ‫ّ ََْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ُجذ ْي َمة َ‪ ،‬إن قتل ُه ُم ِشف ُاء‬ ‫ي‬
‫فإما تثقفن بنو لؤ ٍّ‬ ‫‪)8‬‬
‫منهم ُ‬
‫دماء‬ ‫ففي أظفارنا ْ‬ ‫معشرنصروا علينا‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫أولئك‬ ‫‪)9‬‬
‫ْ ُ ُ َ ّ‬ ‫ْ ُ‬
‫‪َ )10‬و ِحلف الحا ِر ِث ْبن أبي ِض َر ٍّار‪َ ،‬و ِحلف ق َرْيظة ٍّ ِمنا َب َر ُاء‬
‫َو َب ْحري ال ُت َك ّد ُر ُه ّال ُ‬
‫دالء‬ ‫فيه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ )11‬لساني صارم ال عيب ِ‬

‫‪-------------------------------- [90] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫وللحسان قصيدة أخرىمنها ما يلي في مدح النبي صلم‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫َو ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫أج َم ُل ِمنك ل ْم ت ِل ِد الن َس ُاء‬ ‫حسن منك لم َترقط عيني‬ ‫وأ‬ ‫‪)1‬‬
‫خلقت كما ُ‬ ‫َ‬ ‫كأنك ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ّ‬ ‫َ‬
‫تشاء‬ ‫قد‬ ‫عيب‬
‫خلقت مبرءامن كل ٍّ‬ ‫‪)2‬‬

‫حسان بن ثابت رض ي هللا عنه‪:‬‬


‫ٌ‬
‫شاعر مخضرم أدرك الجاهلية واإلسالم‬ ‫حسان بن ثابت األنصاري‬
‫سنوات في املدينة‬
‫ٍّ‬ ‫ولد قبل والدة رسول هللا صلى هللا عليهوسلم بثماني‬
‫أسرة من الوجهاء واألشراف‪ ،‬فأبوه كان واحدا منسادة‬‫ٍّ‬ ‫املنورة‪ ،‬عاش في‬
‫العرب ينتمي إلى قبيلة الخزرج من أهل املدينة‪ .‬بدأ حسان بن ثابت يمدح‬
‫ً‬
‫الغساسنة في أشعاره‪ ،‬ويأخذ مقابل مدحه األعطيات واملكارم‪ ،‬فعاش حياة‬
‫من الرفاهية والراحة‪ ،‬ثم تواصل مع النعمان بن املنذر ملك الحيرة‪ ،‬وأصبح‬
‫ّ‬
‫شاعره في البالط امللكي‪ ،‬حيث إن هذا االحتكاك أفاده في معرفة أساليب‬
‫بشكل أعمق‪ .‬فعاش في الجاهلية ستين سنة‪ ،‬وفي اإلسالم‬ ‫ٍّ‬ ‫املدح والهجاء‬
‫ستين سنة أخرى‪ .‬لقب باسم شاعر الرسول صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وهو‬
‫صحابي جليل رض ي هللا عنه‪.‬‬
‫شرح األبيات‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ )1‬استعمل املجوف بمعنى الجبان الذي ال قلب له‪ ،‬والنخب بمعنى النزع‬
‫يقال رجل نخب أي ال فؤاد له وقوله هواء أي خال من العقل أو الخير‪.‬‬
‫وإنما التفت إلى ضمير املخاطب ولم يقل فهو مجوف ليكون أبلغ في‬
‫الشتم‪.‬‬
‫‪-------------------------------- [91] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ )2‬تركتك عبدا أي ذليال‪ ،‬وسادتها اإلماء يرجع ضميره إلى الدار‪ ،‬وإنم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا‬
‫سادتها اإلماء لكونها لم يبق فيها األحرار واملراد الوصف بنهاية الذل‬
‫واملهانة فان اإلماء في نفس األمر في مذلة وقد أثبت لها السيادة على‬
‫العبيد فالعبيد إذا في غاية الذلة‪.‬‬
‫‪ )3‬يخاطب به أبا سفيان بن الحرث فإنه كان قبل اسالمه يهجو رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ .‬والجزاء املكافأة على الش يء بالخيرأو الشر‪ .‬وروي‬
‫أن الرسول صلى هللا عليه وسلم حين سمعه قال‪ :‬جزاؤك على هللا‬
‫الجنة يا حسان‪.‬‬
‫‪ )4‬قوله بكفء بمعنى نظير أو مثل واإلستفهام لإلنكار أي ما كان ينبغي لك‬
‫أن تهجوه ولست من أكفائه ونظرائه فلم تنصفه‪ .‬فقوله ‘فشركما‬
‫بخيركما الفداء’ مع علمه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم خيرهما‬
‫بال ريبة جار على أسلوب الكالم املنصف وهو أن ينصف املتكلم من‬
‫نفسه أو ممن يتكلم من جهته فيضطر السامع إلى االذعان له وال يجد‬
‫سبيال النكاره‪.‬‬
‫‪ )5‬الحنيف هو من أسلم في أمرهللا فلم يلتو في ش يء وكان على دين إبراهيم‬
‫فهو حنيف عند العرب‪.‬‬
‫‪ )6‬يقول ال نبالي بكم فإن هجوتم أو مدحتم ونصرتم فذلك عندنا على حد‬
‫سواء إذ ال ّ‬
‫يضيره هجوكم وال يعوزه مدحكم ونصركم‪.‬‬
‫‪ )7‬الوقاء بالفتح والكسر ما وقيت به الش يء‪ ،‬يروى أن حسان ملا انتهى إلى‬
‫هذا البيت قال صلى هللا عليه وسلم‪ :‬وقاك هللا ياحسان حرالنار‪.‬‬
‫‪-------------------------------- [92] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ )8‬قوله إما هي إن الشرطية وما الزائدة أدغمت امليم في النون للتقارب‪،‬‬
‫وتثقفن من قولهم ثقفه يثقفه صادفه أو أخذه أو ظفر به أو أدركه‬‫ّ‬
‫وقوله بنو لؤي يريد به لؤيا أحد أجداد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫وهو لؤي بن غالب بن فهربن مالك بن النضربن كنانة‪ ،‬وكان لؤي يكنى‬
‫أبا كعب وكان التقدم في قريش لبنيه وبني بنيه وأما جذيمة فهو أبو حي‬
‫من خزاعة وهو جذيمة بن سعد بن عمرو بن ربيعة وهذا ربيعة أبو‬
‫غير دين إسماعيل عليه السالم ودعا العرب إلى‬ ‫خزاعة وهو أول من ّ‬
‫الحي ال الرجل ولذلك قال‬ ‫ّ‬ ‫عبادة األصنام واملراد من جزيمة هنا‬
‫الشاعر إن قتلهم شفاء فأتى بضمير الجمع وإضافة القتل إلى الضمير‬
‫من إضافة املصدر إلى مفعوله‪ .‬يريد أن إيقاع القتل بهؤالء القوم‬
‫وتدميرهم شفاء ملا في الصدور‬
‫‪ )9‬قوله أولئك معشر يعني جذيمة ونصروا علينا بالبناء للمعلوم أي‬
‫أعانوا علينا أعداءنا فانتقمنا منهم وبطشنا فيهم وافترسناهم افتراس‬
‫السباع في أظفارنا منهم دماء يريد ما كان من الحرث بن أبي ضرار‬
‫وقومه كما يأتي في شرح البيت اآلتي ‪.‬‬
‫‪ )10‬قوله ‘وحلف’ املحالف والصديق يحلف لصاحبه أن ال يغدر به‬
‫والحارث بن أبي ضرار رأس بني جذيمة وهو حبيب بن الحرث بن عائذ‬
‫ابن مالك بن جذيمة وهو الحرث أبو جويرية بنت الحرث أم املؤمنين‬
‫رض ي هللا عنها زوجة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وعنى بحلف‬
‫الحرث حلفاؤه الذين وافقواه على مناواة رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم وقتاله قبل أن يسلم الحرث فخرج النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪-------------------------------- [93] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫لقتالهم في شعبان في السنة الخامسة من الهجرة فلما بلغ املريسع وهو‬
‫ماء لبني خزاعة التقى الفريقان فانهزم املشركون‪.‬‬
‫‪ )11‬صارم أي قاطع والدالء جمع دلو وهل التي يستقى بها وتؤنث وتذكر‪،‬‬
‫شبه حسان لسانه بالسيف الصارم في أنه ينشأ عنه ما يبقى أثره‬
‫ويشتد ضرره ويسود األعداء‪ .‬بل قد يغلب أثر اللسان على أثر السيف‬
‫والسنان‪ .‬وشبه شعره بالنظر إلى الكثرة والصفاء وعدم التأثر بنقد‬
‫النقاد وطعن األعداء ببحريعيد الغور غزيراملاء ال يتكدربالدالء‪.‬‬

‫القصيدة الثانية‪:‬‬
‫‪ )1‬هذا بيت مديح وثناء‪ ،‬يقول صاحبه ملمدوحه أن عينه لم تر على‬
‫اإلطالق خيرا منك فأنت أفضل من كل من رأيته ‪ ،‬ليس ذلك فحسب‬
‫وإنما لم تنجب النساء أجمل منك صورة‪ ،‬أما املمدوح الذي وصفه‬
‫بهذه الصفات فهو صفوة الخلق واملرسلين‪ ،‬وخير من وطأ الحصا‬
‫محمد بن عبدهللا عليه أفضل الصالة والسالم‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ )2‬وكذاك كان خلق وخلق سيدنا محمد عليه أفضل الصالة‬
‫ُ‬
‫والسالم‪.‬وهللا سبحانه و تعالى قد ّنزهه عن جميع العيوب الخلقية‬
‫والخلقية ‪ ،‬واختاره و اصطفاه ‪ ،‬وفي ذلك آيات و أحاديث كثيرة ‪.‬فلقد‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫جمع هللا سبحانه وتعالى في نبيه محمد صلى هللا عليه وسلم صفات‬
‫ّ‬
‫الجمال والكمال البشري ‪ ،‬وتألقت روحـه الطاهرة بعظيم الشمائـل‬
‫والخصال ‪ ،‬وكريم الصفات واألفعال ‪ ،‬حتى أبهرت سيرته القريب‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫العدو والصديق‪.‬‬ ‫ُ‬
‫والبعيد ‪ ،‬وتملكت هيبته‬
‫‪-------------------------------- [94] -----------------------------‬‬
---------------------------------------------------------------------------------------

-------------------------------- [95] -----------------------------


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫األسئلة للمراجعة‪:‬‬
‫كيف أجاب حسان بن ثابت رض ي هللا عنه للنبي ﷺ في قريش؟‬ ‫‪)1‬‬
‫كم سنة عاش في الجاهلية؟‬ ‫‪)2‬‬
‫ما املراد باملجوف؟‬ ‫‪)3‬‬
‫ما هي صفات النبي ﷺ التي يصفها حسان في قصيدته؟‬ ‫‪)4‬‬
‫ملن يخاطب قصيدته؟‬ ‫‪)5‬‬
‫من الحارث بن أبي ضرار؟‬ ‫‪)6‬‬

‫أعد فقرة عن‪:‬‬


‫ا) مدح النبي صلى هللا عليه وسلم في شعرحسانرض ي هللا عنه‬
‫ب) أسلوب حسان رض ي هللا عنه‬

‫‪-------------------------------- [96] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫قصيدة ّ‬
‫علي رض ي هللا عنه‬

‫هو علي بن أبي طالب رض ي هللا عنه بن عبد املطلب ولد بمكة قبل‬
‫الهجرة بثالث وعشرين سنة وفي رواية سمته أمه بحيدرة لتغرس فيه روح‬
‫الحماسة وتعبث في نفسه شجاعة األسد‪.‬‬
‫عندما تم محاصرة النبي عليه أفضل الصالة والسالم وآله اليهود‬
‫في خيبر وهم متحصنون في حصنهم املنيع قال الرسول عليه أفضل الصالة‬
‫والسالم ” ألعطين الراية غدا رجل كرار غير فرار يحب هللا ورسوله ويحبه هللا‬
‫ورسوله‪ ،‬ال يرجع حتى يفتح هللا على يديه”‪.‬ففي تلك الليلة بات الناس يتمنوا‬
‫ان يكونوا هو املعنى فلما أسفر الصبح عن ليله قال النبي أين أسد هللا على‬
‫أبن ابي طالب؟‪ ،‬فقالوا انه ارمد يا رسول هللا “يعني به مرض في احدى‬
‫عينيه” قال عليه افضل الصالة والسالم احضروه وحين جاؤوا بعلي (ع)‬
‫بصق رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في عينيه فبرأ‪ ،‬وأعطاه الرايةوذهب بها‬
‫وهو ينادي أين االبطال في خيبر فليأتوني صاغرين‪ ،‬ثم خرج له مرحب به وهو‬
‫من أشجع الفرسان في خيبرفارس فأنشد مرحب‪:‬‬
‫شاكي السالح بطل مجرب‬ ‫قد علمت خيبرأني مرحب‬
‫إذ الــليوث أقبــلت تلتــهب‬ ‫أطعن أحيانا وحينا أضرب‬
‫فرد عليه أميراملؤمنين علي كرم هللا وجهه‪:‬‬

‫ضرغام آجام وليث قسوره‬ ‫أنا الذي سمتني أمي حيدره‬


‫‪-------------------------------- [97] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫كليث غابات كريه املنظره‬ ‫عـبــل الـذراعـيــن شــديــد الـقـصــره‬
‫أضربكم ضربا يبين الفقره‬ ‫أكيلكم بالسيف كيل السندره‬
‫أضرب بالسيف رقاب الكفره‬ ‫وأترك القرن بقاع جزره‬
‫من يترك الحق يقوم صغره‬ ‫ضرب غالم ماجد ّ‬
‫حزوره‬
‫فكلكم أهل فسوق فجرة‬ ‫أقتل منكم سبعة أو عشرة‬

‫معاني املفردات‪:‬‬
‫َ‬
‫األ َس ُ‬ ‫الض ْر َغ ُ‬
‫الحيدرة‪ :‬األسد ‪ّ .‬‬
‫الضاري الشديد‪ .‬اختلف العلماء في‬
‫ِ‬ ‫د‬ ‫ام ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫السندرة فقال ابن األعرابي وغيره‪ :‬هو مكيال كبير ضخم مثل القنقل‬
‫والجراف أي أقتلكم قتال واسعا كبيرا ذريعا‪ .‬وقيل‪ :‬السندرة امرأة كانت تبيع‬
‫القمح وتوفي الكيل أي أكيلكم كيال وافيا‪ ،‬وقال آخر السندرة العجلة والنون‬
‫زائدة يقال رجل سندري إذا كان عجال في أموره حادا أي أقاتلكم بالعجلة‪.‬‬
‫آجام ‪ :‬جمع أجمة ‪ ,‬وهي مأوى األسد‪ .‬قسورة ‪ :‬أسد‪َ .‬عبل ‪ :‬ضخم وغليظ‪.‬‬
‫ّ‬
‫الظهرية‪ .‬قصرة ‪ :‬أصل العنق‪.‬‬ ‫السلسلة‬ ‫فقرة أو َف َقارة ‪ ،‬واحدة من عظام ّ‬
‫ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أكيلكم ‪ :‬أقتلكم قتال سريعا‪ .‬السندرة ‪ :‬مكيال ضخم‪ .‬الفقرة ‪ :‬أي يزيل فقرة‬
‫الظهر‪.‬الجزرة ‪ :‬ما أبيح ذبحه‪ .‬الجزورة ‪ :‬الغالم إذا اشتد وقوي‪ .‬الصعر ‪:‬‬
‫ميل في العنق‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [98] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫األسئلة للمراجعة‪:‬‬
‫‪ ” )1‬ألعطين الراية غدا رجل كرار غير فرار يحب هللا ورسوله ويحبه هللا‬
‫ورسوله‪ ،‬ال يرجع حتى يفتح هللا على يديه” من قال النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم هذ؟‬
‫ما املراد بالسندرة ؟‬ ‫‪)2‬‬
‫بم يقول الشاعر‘سمتني أمي حيدرة ؟ وما معناها؟‬ ‫‪)3‬‬
‫متى أنشد علي رض ي هللا عنه هذه األبيات؟‬ ‫‪)4‬‬
‫أعد فقرة عن أبيات أميراملؤمنين علي بن أبي طالب رض ي هللا عنه‪.‬‬ ‫‪)5‬‬

‫‪-------------------------------- [99] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫النقائض بين الفرزدق وجرير‬


‫قصيدة الفرزدق‬

‫ً‬
‫بيتا دعائمه أعزوأطول‬ ‫‪ )1‬إن الذي سمك السماء بنى لنا‬
‫ً‬
‫حكم السماء فإنه ال ينقل‬ ‫‪ )2‬بيتا بناه لنا املليك وما بنى‬
‫ٌ‬ ‫ً‬
‫ومجاشع وأبو الفوارس نهشل‬ ‫محتب بفنائه‬
‫ٍّ‬ ‫‪ )3‬بيتا زرارة‬
‫برزوا كأنهم الجبال املثل‬ ‫مجاشع وإذا احتبوا‬
‫ٍّ‬ ‫‪ )4‬يلجون بيت‬
‫ً‬
‫أبدا إذا عد الفعال األفضل‬ ‫‪ )5‬ال يحتبي بفناء بيتك مثلهم‬
‫ً‬ ‫‪ )6‬من عزهم جحرت ٌ‬
‫زربا كأنهم لديه القمل‬ ‫كليب بيتها‬
‫وقض ى عليك به الكتاب املنزل‬ ‫‪ )7‬ضربت عليك العنكبوت بنسجها‬
‫ً‬
‫أم من إلى سلفي طهية تجعل‬ ‫‪ )8‬أين الذين بهم تسامي دارما‬
‫جرب الجمال بها الكحيل‬ ‫‪ )9‬يمشون في حلق الحديد كما مشت‬
‫املشعل‬
‫حذرالسباء جمالها ال ترحل‬ ‫‪ )10‬واملانعون إذا النساء ترادفت‬
‫ٌ‬
‫ضرب تخرله السواعد أرعل‬ ‫‪ )11‬يحمي إذا اخترط السيوف نساءنا‬
‫ٌ‬
‫خميس حجفل‬ ‫خرق امللوك له‬ ‫ومقصب بالتاج يخفق فوقه‬ ‫‪)12‬‬
‫ٍّ‬

‫‪-------------------------------- [100] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫منه نعل صدورهن وننهل‬ ‫‪ٌ )13‬‬
‫ملك تسوق له الرماح أكفنا‬
‫ٌ‬
‫عضب برونقه امللوك ثقيل‬ ‫‪ )14‬قدمات في أسالتنا أو عضه‬
‫سفيان أو عدس الفعال وجندل‬ ‫‪ )15‬وإذا بذخت فرايتي يمش ي بها‬

‫قصيدة جرير‪:‬‬
‫َب َين الك َناس َو َب َين َطلح َ‬
‫األعز ِل‬ ‫تحلل‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ملن الدياركأنها لم ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪)1‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫الج ُ‬ ‫َو َل ْق ْد َأرى بك‪َ ،‬و َ‬
‫عين املجتلي‬ ‫موت الهوى وشفاء ِ‬ ‫ديد إلى ِبلى‬ ‫ِ‬ ‫‪)2‬‬
‫يليل‬
‫ْ‬ ‫غز ٍّل‬ ‫َ ََ ْ ْ َ ْ َ ْ ُ‬
‫قطعت حبالها بأعلى ِ‬ ‫نظرت ِإليك ِب ِمث ِل عيني م ِ‬ ‫‪)3‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫تبخل‬
‫و إذا عرضت بودها لم ِ‬ ‫و إذا التمست نوالها بخات ِبه‬ ‫‪)4‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫طي َخ َو ٌ‬ ‫َو َل َق ْد َذ َك ْرُت ِك َواملَ ُّ‬
‫َوك ّأن ُه ّن قطا فالة ٍّ َم ْج َه ِل‬ ‫اضع‬ ‫‪)5‬‬
‫ً‬ ‫َ َُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫الحوصل‬
‫ِ‬ ‫حمر‬ ‫َّ‬
‫حواجبهن َ‬ ‫زغبا‬ ‫َي ْس ِقين باأل َد َمى ِف َراخ تنوفة ٍّ‪،‬‬ ‫‪)6‬‬
‫الر َواح َو َق ْب َل َل ْوم ُ‬
‫الع ّز ِل‬ ‫َق ْب َل ّ‬ ‫ْ‬
‫عليكم‬ ‫ُ‬
‫السالم‬ ‫يا َّأم ناجية َ‬ ‫‪)7‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ََ ْ ُ ُ َ ّ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫ََ‬
‫احجات‬
‫ِ‬ ‫سبقت سروح الش‬ ‫‪ )8‬وإذا غد ْو ِت ف َباك َرتك ت ِح ّية ٌ‬
‫الح ّج ِل‬
‫ُ‬
‫َ ْ ُ َ ْ‬ ‫َْ ُ ُ َُ ّ َ َ ُ‬
‫يل ف َعلت ما ل ْم أف َع ِل‬ ‫َْ ُ ّ‬
‫يوم الر ِح ِ‬ ‫هدك ْم‬ ‫آخرع ِ‬ ‫‪ )9‬لو كنت أعلم أن ِ‬
‫ُ‬
‫لسالت ما ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ُ‬
‫لم يسأل‬ ‫بقنعت أو‬ ‫عاجل‬
‫ٍّ‬ ‫بين‬‫‪ )10‬أو كنت أرهب وشك ٍّ‬
‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫بكأس األو ِل‬
‫فسقيت آخرهم ِ‬ ‫‪ )11‬أعددت للشعراء ِ سما ناقعا‬

‫‪-------------------------------- [101] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الف َر ْز َدق م َ‬ ‫ّ َ ُ‬
‫األخطل‬
‫ِ‬ ‫يسمي‪،‬و ضغا البعيث جدعت أنف‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪ )12‬ملا َوض ْعت على‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫األسف ِل‬ ‫‪ )13‬خزى الذي سمك السماء مجاشعا وبنى ِبناءك في الح ِض ِ‬
‫يض‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ ً ََ‬ ‫َ‬
‫اع ُد ُه‪ ،‬خبيث امل ْدخ ِل‬
‫د ِنسا مق ِ‬ ‫بفنائه‬
‫ِ‬
‫ْ‬
‫قينكم‬ ‫ُ‬
‫يحمم‬ ‫‪ )14‬بيتا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫‪ )15‬و ْ‬
‫يذبل‬
‫فهدمت بيتكم بمثلى ِ‬ ‫بيت يبتني‬
‫أخسر ٍّ‬ ‫لقد بنيت‬

‫الفرزدق ‪:‬‬
‫همام بن غالب بن صعصعة ‪ ،‬أما الفرزدق – وهو في اللغة‬ ‫ّ‬
‫اسمه ِ‬
‫الرغيف الغليظ – فلقب لقب به لجهامة وجهه وغلظته‪ .‬ينتهي نسبه إلى‬
‫قبيلة تميم‪ .‬ولد الفرزدق حوالي سنة عشرين هجرية ألبوين كبيرين في ذروة‬
‫من املجد والسؤدد‪ ،‬فقد كان جده صعصعة أحد أشراف تميم في الجاهلية‪،‬‬
‫وبذلك يفتخر على جرير‪ .‬نشأ الفرزدق نشأة بدوية جاهلية بكل ما تنطوي‬
‫عليه من عصبية للقبيلة وجفوة في الطبع وخشونة في السلوك االجتماعي ‪.‬‬
‫ً‬
‫وكان الفرزدق فخورا لحد الغلو بآبائه وأجداده ‪ ،‬كثير التحدث عنهم في‬
‫شعره ‪ ،‬وما من قصيدة له إال وغلب عليها فخره بهم‪ .‬وكان الفرزدق قوي‬
‫الذاكرة فحفظ من شعرالجاهلية وشعر اإلسالم الكثير‪ ،‬كما جمع من اللغة‬
‫وتاريخ العرب في جاهليتها عامة وأيام قومه خاصة ما لم ينافسه فيه شاعر‬
‫من أهل زمانه‪ .‬وكان طويل النفس في الهجاء واملناقضات والفخر و قصير‬
‫النفس في املدح‪ .‬أسلوب الفرزدق قوي ولذلك قيل‪ ” :‬الفرزدق ينحت من‬
‫صخر‪،‬وجرير يغرف من بحر ” لصعوبة شعر الفرزدق ولسهولة شعر جرير‬
‫وعذوبة أسلوبه‪ .‬وشعر الفرزدق صورة صادقة لشخصيته املتمردة‬
‫‪-------------------------------- [102] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ومزاج ــه البدوي الحاد‪،‬وطباعه الخشنة العنيفة وإنما يصدر شعره عن‬
‫ذلك الطبع الغليظ الجافي الوعر املعقد الذي ُعرف به‪ .‬ولكن هذه البداوة‬
‫املتمردة الغالبة على شعره لم تمنع من تسرب عناصر إسالمية كثيرة إلى‬
‫شعره ‪ ،‬سواء في املعاني أو األفكار أو في األلفاظ واألساليب أو في الصور‬
‫الفنية والخيال‪.‬‬
‫جرير ‪:‬‬
‫هو جرير بن عطية الكلبي اليربوعي من تميم أيضا كالفرزدق ‪ ،‬ولكنه‬
‫لم يكن من عشيرة شريفة مثله ‪ ،‬وإنما كان من عشيرة ضعيفة فقيرة من‬
‫عشائر يربوع‪ .‬وهو جرير بن عطية الخطفي ولد ألبوين فقيرين من هذه‬
‫العشيرة في بادية اليمامة التي تقع في الجنوب الشرقي من نجد ‪،‬وكان أبوه‬
‫ً‬
‫نحيال ‪ ،‬أما جده فكان ميسور الحال ولكن ثروته تركزت في الغنم والحمير‪.‬‬
‫منذ وقت مبكر من صباه تفجر ينبوع الشعر على لسانه ‪ ،‬وكما بدأ الفرزدق‬
‫حياته الفنية بالهجاء بدأها جريركذلك‪ .‬ودخل معركة النقائض الكبرى بينه‬
‫ً‬
‫وبين الفرزدق‪،‬وبينه وبين األخطل‪ .‬ومع الهجاء يقف املديح موضوعا آخر من‬
‫موضوعات شعر جرير‪ .‬وظل الشعر يتدفق على لسانه ويشارك به في‬
‫مختلف املجاالت من هجاء ورثاء وغزل وغيرها من املوضوعات حتى وافته‬
‫منيته بعد وفاة الفرزدق‪ .‬ويعد شعر جريرأروع صورة للشعر اإلسالمي الذي‬
‫ً‬
‫استجاب للمؤثرات اإلسالمية في اللغة واألساليب‪ ،‬متخلصا من غرابة اللغة‬
‫القديمة وخشونة األساليب الجاهليـ ـ ــة مع االحتفاظ باملقومات الفنية‬
‫األصيلة والتقاليد الشعرية الثابتة التي استقرت عليها القصيدة العربية‬
‫منذ العصرالقديم‪.‬‬
‫‪-------------------------------- [103] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫النقائض‪:‬‬
‫النقائض جمع نقيضة مأخوذة من نقض البناء وهو الهدم‪ .‬والنقيضة في‬
‫باب الشعر بمعناها الذي استقرت عليه تعني أن يقول شاعر قصيدة يهجو‬
‫فيها شاعرا آخر طاعن افيه وفي قومه ويفتخر فيها بنفسه وبقومه ويجيبه‬
‫ً‬
‫الشاعر اآلخر بقصيدة ينقض ما جاء به األول من معان وصور مضيفا إليها‬
‫من جانبه مزيدا من الفخروالهجاء ‪.‬‬
‫ومن خصائص النقائض‪:‬‬
‫‪ )1‬النقض باملعاني‪ :‬أن ُيعنى الشاعر الثاني بإفساد ما يقرره الشاعر األول‬
‫معان سامية ‪.‬‬
‫من ٍّ‬
‫‪ )2‬وحدة املوضوع‪ :‬على الشاعر الناقض أن يعالج في نقيضته املوضوع‬
‫نفسه الذي عالجه خصمه‪ ،‬بحيث يتفقان‪ ،‬فخرا‪ ،‬أو هجاءا‪ ،‬أو هما‬
‫معا‪.‬‬
‫‪ )3‬وحدة الوزن املوسيقي أو البحرالعروض ي‪.‬‬
‫‪ )4‬وحدة القافية ‪.‬‬
‫‪ )5‬أن يتضمن على الفخروالهجاء‬
‫ترجع نشأتها إلى العصر الجاهلي‪ .‬فقد اقتض ى الخالف بين القبائل في‬
‫الجاهلية أن يتعصب الشعراء لقبائلهم وكثيرا ما نجد شاعرا ينتصر لقومه‪،‬‬
‫فيرد عليه شاعر آخر من القبيلة املعادية وينقض معانيه‪ ,‬يعتمدون في ذلك‬
‫على الفخرأو الهجاء أو عليهما معا‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [104] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫النقائض بين جرير والفرزدق مشهورة نشأت نشأة قبلية خالصة‬
‫ومدفوعة بعصبية كل منهما لقومه يجمع بينهما الفخر بتميم قبيلتيهما‬
‫الكبرى وتفرقهما العصبية الخاصة‪,‬عصبية الفرزدق لبني مجاشع ‪,‬وعصبية‬
‫جريرلبني يربوع ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ونستطيع أن نرى نموذجا مثاليا للنقائض في الميتي الفرزدق وجرير‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪.‬يبدأ الفرزدق قصيدته فاخرا بعزة بيته وسيادة آبائه قائال ‪:‬‬
‫َ‬
‫بيتا دعــا ِئ َم ُه أع ـ ُّـز وأطـ َـو ُل‬ ‫الس َ‬ ‫إن الذي َس َم َك َّ‬ ‫َّ‬
‫ماء بنى لنا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فينقض جرير هذا القول ُمرددا كثيرا من ألفاظ الفرزدق ‪ ،‬متخذا نفس‬
‫ً‬
‫الوزن ونفس القافية‪ ،‬قائال ‪:‬‬
‫َ َ َ‬
‫وبنــى بناءك في‬ ‫جاش ًعا‬ ‫َّ َ ُ‬
‫أخزى الذي سمك السماء م ِ‬
‫ـفل‬ ‫َ‬
‫الحضيض ِاألسـ ِ‬
‫وقال الفرزدق ‪:‬‬
‫َ َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫أحالمنا َتز ُن الجـ َ‬
‫بال رزانة ً و تخالـنا جِـنا إذا ما ن ْجهـ ُل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫فرد جريرعليه هذا القول مرددا كثيرا من ألفاظ الفرزدق‪ ،‬قائال ‪:‬‬
‫بال َر َزانة ً َويفو ُق جاه ُلـنا ِف َ‬
‫عال ُّ‬
‫الجه ِـل‬ ‫أحالمنا َتز ُن الجـ َ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫شرح قصيدة الفرزدق‪:‬‬

‫‪-------------------------------- [105] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫يستهل الفرزدق قصيدته مؤكدا باألداة ‘إن’ كاشفا عن أن هللا تعالى‬ ‫‪)1‬‬
‫الذى أنشأ السماء بنى لقومه بيتا من املجد والعزة وقوائمه تبلغ عنان‬
‫السماء‪ ،‬ولعل التجانس املعنوى بين سمك السماء وبين بنى بيتا دعائمه أعز‬
‫وأطول وأضفى جانبا من معنى العلو والشموخ على قوم الشاعر وبيته‬
‫وأسرته‪.‬‬
‫سمك السماء رفعها سمكها يسمكها سمكا‪ ،‬قال أبو عثمان‪ ،‬وحدثني‬
‫األصمعي عن أبي عمروبنالعالء‪ ،‬قال‪ :‬كنت باليمن فأتيت دار قوم أسأل عن‬
‫رجل‪ ،‬فقال رجل أ ُ‬
‫سمك في الريم‪ ،‬أي أعلى في الدرجة ‪ -‬قال والريم بكالمهم‬
‫الدرجة ‪ -‬واملسماك العمود الذي يقيم البيت‬
‫ثم أخذ يسترسل فى وصف هذاالبيت العظيم املجد الرفيع البنيان‬ ‫‪)2‬‬
‫فهو بيت بناه هللا ـ عزوجل ـ مثلما رفع السماوات ثم الينس ى أن يذكرنا فى‬
‫حكمة بسيطة مباشرة ان هذاالبناءاليمكن أن يزول فاهلل هو الذى بناه‬
‫ومعنى هذاان ملكهم ثابت قائم على أسس دينيه رفيعة يؤيدها رب العزة ـ‬
‫تبارك وتعالى ـ إنما يريد بيت شرف وعز‪ ،‬وهذا مثل‪ ،‬ويروى ملك السماء‪،‬‬
‫ويروى رب السماء‪.‬‬
‫وهذاالبيت يتضمن فى داخله أسرة عريقة ورجال يتسمون‬ ‫‪)3‬‬
‫بالشجاعة والكرم والفضل وعظيم القدر‪،‬وقد أخذ الفرزدق يذكربعضا‬
‫من رجال هذه القبيلة وهم "زرارة ومجاشع ونهشل"وهم أبناء دارم جد‬
‫عشيرة الفرزدق والينس ى الفرزدق أن يصف أحد شجعان قومه ويكنيه‬
‫كنية تكشف عن شجاعته حين يقول "أبو الفوارس نهشل"‪،‬‬

‫‪-------------------------------- [106] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ويصف شجاعتهم بأنهم إذا برزوا للحرب تراهم كأنهم الجبال‬ ‫‪)4‬‬
‫الراسية‪ .‬وهنا تشبيه حيث شبه قوة الرجال من عشيرته بالجبال الراسية‬
‫الثابتة فهم يدافعون عن قومهم ويقفون بينهم وبين أعدائهم وكأنهم جبال‬
‫شامخة وتشبيه الفرسان بالجبال تشبيه مألوف عرفه الشعراء من‬
‫قبل‪.‬يلجون يدخلون‪ ،‬وهو من قول هللا عز وجل {حتى يلج الجمل في سم‬
‫الخياط} ولج يلج ولوجا‪،‬واملثل املنتصبة املقيمة ال تبرح‪ ،‬يريد الجبال‬
‫يشبههم بالجبال الراسيات‪.‬‬
‫ففي األبيات السابقة ألقى على قومه من هاالت الفخر والثناء ما يحق لهم‬
‫وماال يحق وما يكشف عن عصبية قبلية ونعرة جاهلية الجدوى من ورائها‪.‬‬
‫ونرى الفرزدق يقابل بين صورة قومه وهم يقفون كالجبال الراسية‬ ‫‪)5‬‬
‫فى ساحات القتال ونرى فى املقابل صورة قوم جريروهم يقفون فى ذل‬
‫ومهانة فى بيوتهم التى تشبه الساحات التى تحبس فيها الحيوانات ولم يقف‬
‫الفرزدق عند هذا الحد وإنما جعل هذه االماكن التى تحبس فيها الحيوانات‬
‫أشبه بالجحور ممايدل على مدى خستهم وحقارتهم وأنهم اليختلفون عن‬
‫أضعف الحيوانات التى التنتظرسوى املوت أو الذبح أو االفتراس من حيوان‬
‫فأي مهانة تكون؟‬
‫ولم يقف عند هذافحسب وإنما جعل قوم جرير كالقمل ‪،‬وهو‬ ‫‪)6‬‬
‫حشرة كالجرادة أو أقل منها وهذا كله مما يؤكد تصور الفرزدق لجرير‬
‫وقومه‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [107] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ويروى من عزه اجتحرت كليب عنده‪ ،‬ويروى احتجزت وانحجزت من‬
‫االنحجاز‪ ،‬ويروى احتجرت من الحجرة واجتحرت من الجحر‪ ،‬جحرت‬
‫دخلت زربا كأنه جحر‪ ،‬والزرب حفيرة تتخذ تحبس فيهاالعنوق والجداء‪،‬‬
‫والقمل أصغرمن الجراد‪ ،‬وانجحرت أيضا من االنجحارفي الزرب‪.‬‬
‫ثم يمعن الفرزدق فى الهجاء ويجعل بيت جرير كبيت العنكبوت‬ ‫‪)7‬‬
‫ويسخر منه أشد السخرية حين يقيم الدليل على حقارة بيته فيدلل على‬
‫وهن بيته مشبها له ببيت العنكبوت وقدحكم هللا ـ سبحانه وتعالى ـ على بيت‬
‫العنكبوت بأنه أوهن البيوت وال يخفى أنه قد اقتبس هذاالشطر من قوله‬
‫تعالى‪ :‬وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت وال شك أن صورة الوهن‬
‫والضعف تلك تستدعى فى ذهننا صورة القوة والعز التى رسمها لنا الفرزدق‬
‫لبيته حين قال مصورا عزه ومجده بأنه يناطح السماء‪:‬‬
‫بيتا دعائمه أعزوأطول ‪.‬‬ ‫إن الذى سمك السماءبنى لنا‬
‫على حين نرى تصوره املقابل املتضاد لبيت جريرفى قوله ‪:‬‬
‫وقض ى عليك به الكتاب املنزل‪.‬‬ ‫ضربت عليك العنكبوت بنسجها‬
‫ورغم أن الفرزدق أشار إلى عالقة واحدة تنبعث من وصفه لبيت جرير‬
‫بالوهن وذلك فى تصويره له ببيت العنكبوت بأنه أوهن البيوت فإن‬
‫هذاالوهن يستتبع معانى كثيرة منها أن العنكبوت اليسكن إال فى الخراب وال‬
‫يحيا إالفى ظالل الفقر والجدب‪ ،‬وليس وراءه أى نفع يرتجى‪ ،‬وكل هذه‬
‫الصفات تنسحب على بيت جرير مما يجعل الهجاء له موجعا مؤملا ‪.‬قوله‬

‫‪-------------------------------- [108] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ضربت عليك العنكبوت بنسجها‪ ،‬يعني أن جريرا في الوهن والذل كبيت‬
‫العنكبوت‪.‬‬
‫وبعداالبيات السابقة فى الهجاء يعود مرة أخرى إلى املفاخرة‬ ‫‪)8‬‬
‫واملوازنة بين أخالق قومه التى بلغت عنان السماء وبين حقارة قوم جرير‬
‫التى تسفل إلى الحضيض‪،‬فيطلب منه أن يأتى إليه بقوم يسامون دارما قوم‬
‫الفرزدق‪،‬‬
‫طهية بنت عبد شمس بن سعد بن زيد مناة بن تميم‪ ،‬كانت عند مالك بن‬
‫حنظلة بن مالك بن زيد‪،‬‬
‫ففي األبيات السابقة أخذ يعرض بقوم جرير ويكشف عن خسة أخالقهم‬
‫وحقارة قدرهم وضعة نسبهم وهذا كله الفخر والهجاء ـ يصور لنا رؤية‬
‫الشاعر ومشاعره التى امتألت بالبغض والحقد على غريمه جرير‪ ،‬فنراه‬
‫يعرض بقوم جرير قائال فى سخرية واستهزاء‪ :‬أرنى قومك وأخبرنى بسادتهم‬
‫هل فيهم من على شاكلة زرارة ومجاشع وأبى الفوارس نهشل فليس فناء‬
‫قومك وساحتهم تضم كهؤالء السادة العظام‪ ،‬فيوجه هذا السؤال فبمن‬
‫تفاخرني إذا؟‬
‫ثم يتقدم خطوة فى تصوير عزة قومه ومنعتهم ‪،‬فهم يمشون فى حلق‬ ‫‪)9‬‬
‫الحديد وهو يقصد الدروع التى يلبسها الفرسان وهى عبارة عن حلقات من‬
‫الحديد متصلة ببعضها‪،‬فهو يريد أن يعطينا صورة لحياتهم وأنهم يعيشون‬
‫حياتهم فى مالزمة هذه الدروع وهذايعكس مدى شجاعتهم‪،‬وقد استخدم‬
‫الفعل املضارع ـ يمشون ـ للداللة على االستمرارية وديمومة املش ى حتى‬

‫‪-------------------------------- [109] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫اقترنت مآثرهم بالشجاعة والبسالة فى الحرب‪ ،‬ولم يقف عند هذاالحد‬
‫وإنما عمد إلى لون من ألوان التصوير املتمثل فى التشبيه حيث أنهم يشبهون‬
‫الجمال الجرب وقد دهنت بالقطران الكثيروهى صورة قبيحة وكان األولى به‬
‫أن يصف جمالهم وحسنهم مع جسارتهم وقوتهم فى القتال ال أن يصف‬
‫جسارتهم وقوتهم ويقرن ذلك بقبح هيئتهم وأنهم كالجمال الجرب املصبوغة‬
‫بالقطران‪ .‬والعجيب أنه وصفهم بهذاالوصف ‪،‬وقد يقال أن هيأتهم‬
‫القبيحة كالجمال الجرب قد تثيرالرعب فى نفوس أعدائهم ‪.‬‬
‫الكحيل القطران‪ ،‬وحلق الحديد الدروع‪ ،‬شبه الرجال لعظمهم ولون‬
‫الحديد عليهم بالجمال املهنوءةبالقطران‪ ،‬واملشعل الحديدة التي يحرق بها‬
‫الجلد‬
‫‪ )10‬ثم يصور فى معنى تقليدى مألوف حمية قومه وغيرتهم على النساء‬
‫وحمايتهم لألعراض فهم الذين يدافعون عن قبيلتهم إذااشتدت الحرب‬
‫وحمى الوطيس واشتد األذى وأخذت النساء تركب اإلبا دون أن تجهز الرحل‬
‫وذلك خش ي األسر ففى هذه األزمة تجد فرسان وأبطال عشيرة الفرزدق‬
‫يخوضون املعركة دون خوف أو وجل‪ .‬وقد عمد الشاعر إلى بعض األساليب‬
‫واملعانى التى تصور مدى شدة البلوى فالنساء تترادف أي يركب بعضها‬
‫خلف بعض على ناقة واحدة فلم يكن لديهن من الوقت ما يجعلهن ّ‬
‫يهيئن‬
‫رواحلهن وهذه الصورة تضمنت جانبا جميال من التصوير فضال عن‬ ‫ّ‬
‫الطرافة فى معانيها ‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [110] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ويروى تردفت ويروى جمالها والرفع بقوله ال ترحل‪ ،‬وترادفت ركب بعضهن‬
‫خلف بعض‪ ،‬يقول إذا كانت الغارة فزعت النساء فركبت الجمال أعراء ال‬
‫ترحل للعجلة‬
‫‪ )11‬ثم يتابع هذااملعنى فيقول‪:‬حين تسل السيوف على النساء ـوهذا‬
‫مما يؤكد حقارة أعدائهم الذين اليتورعون عن أذى النساء ـ نرى فرساننا‬
‫يضربون أعدائهم ضربا تنقطع له سواعدهم‬
‫قوله تخر له السواعد أي تسقط‪ ،‬أرعل مسترخ مائل‪ ،‬وإنما يريد أنه يميل‬
‫ما قطع فيسترخي‪ ،‬وفيمثل للعرب‪ ،‬زادك هللا رعالة كما زدت مثالة‪.‬‬
‫‪ )12‬ويصور قومه بأنهم إن حاربوا أشد الناس غلبوهم وإن كان‬
‫هذااالنسان ملك معصب بالتاج ‪،‬تخفق فوق رأسه الرايات وتتبعه الكتائب‬
‫والجيوش العظام ـوهذاكله كناية عن عزو سلطان هذاامللك‬
‫خرق امللوك يعني الرايات‪ ،‬والخميس الجيش الضخم‪ ،‬والجحفل الكثير‬
‫الخيل‪.‬ال يقال جحفل إال ملا فيه الخيل‪.‬‬
‫‪ )13‬ورغم هذافإن فرساننا يسوقون إليه الرماح لترتوى بدمائه ‪،‬وقد‬
‫وصف الفرزدق أعدائه بالقوة والشدة والبأس وأنهم ذوى ملك منظم‬
‫وعزيمة ال تخور وذلك حتى الينتاب السامع شك فى شجاعتهم فهم ال‬
‫يقاتلون الضعاف من الناس وإنما يقاتلون األقوياء‪.‬‬
‫‪ )14‬ويتابع الصورة حين نراه يصور هؤالء امللوك وقد ماتوا تحت حد‬
‫السيف القاطع الذى اليرفع إال على االقوياء‪ ،‬وفى هذه األبيات يتحدث عن‬

‫‪-------------------------------- [111] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫موقف محدد حدث لقبيلته فى الجاهلية حين مات قابوس وحسان ابنى‬
‫املنذر‪،‬وهذا يدل على أن الهجاء عصبية قبلية جاهلية ‪.‬‬
‫األسالت الرماح هاهنا‪ ،‬وعضب سيف قاطع‪ ،‬ورونقه فرنده‪ ،‬واألسل نبات‬
‫أيضا‪.‬‬
‫‪ )15‬ثم استخدم الرمز للداللة على عزة قومه وقوتهم يصف قومه بأنهم‬
‫يتسمون بالعز الرفيع والشرف العالى فهم كالنجوم وال ينال مكانتهم أي‬
‫إنسان‪ ،‬واختار الفرقدين ألنهما نجمان متالزمان العرب تضرب بهما املثل فى‬
‫التالزم‪ ،‬وكذلك قوم الشاعر فإنهم على قلب رجل واحد يجمعهم الحب‬
‫والتألف لذا اتسموا بالقوة والسلطان الرفيع‪.‬القراسية‪ :‬الضخم الغليظ‬
‫من اإلبل‪ ،‬والبزل‪ :‬الواحد بازل وهو الذي نبت نابه‬

‫الجرير‪:‬‬
‫استهل جرير قصيدته بمقدمة على عادة الشعراء السابقين‪،‬فيتذكر‬ ‫‪)1‬‬
‫تلك الديار التى صارت خرابا وكأنها لم يسكنها ساكن من قبل ‪،‬وال ينس ى أن‬
‫يحدد لنا األماكن بأسمائها كما كان يفعل الشعراء من قبله‪،‬فهذا زهير بن‬
‫أبى سلمى يقول فى مطلع معلقته‪:‬‬
‫بحومانة الدراج فاملتثلم‪.‬‬ ‫أمن أم أوفى دمنة لم تكلم‬
‫واملالحظ أن الشاعر الينس ى أن يقرن حديثه عن املحبوبة وعن الطلل‬
‫بالحديث عن الوشاة‬

‫‪-------------------------------- [112] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫والينس ى أن يقرن هذه الوقفة على الطلل بحكمة لطيفة حين‬ ‫‪)2‬‬
‫يقول‪(:‬والجديد إلى بلى)‬
‫ثم ينتقل إلى أسلوب االلتفات فبعد أن قال "ولقد أرى" متحدثا عن‬ ‫‪)3‬‬
‫نفسه بضمير املتكلم ينتقل إلى ضمير املخاطب فيقول نظرت إليك‬
‫‪،‬وهذالون من التأثير يقول بفاعليته التأثيرية أهل البالغة‪،‬فهذه الفتاه‬
‫نظراتها كنظرات الغزال وهى صفة جمال دأب النقاد على تصوير املحبوبة‬
‫بها وأن هذه العيون تصيد القلوب وقدنصبت على مكان أسماه يليل وهو‬
‫موضع قرب وادى الصفراء‪.‬‬
‫فقد نصبت العيون على هذااملكان لتصيد القلوب بجمالها وهذه‬ ‫‪)4‬‬
‫املرأة اليستطيع أى إنسان أن ينال منها أى ش ئ فهى عفيفة وكثيرا ماتعد وال‬
‫توفى وتبخل أيضا وهذااملعنى قريب من قول كعب بن زهير ‪ :‬كانت مواعيد‬
‫عرقوب لها مثال وما مواعيدها إال األباطيل‪.‬‬
‫ثم ينتقل إلى تصوير املحب املتيم بهذه املحبوبة وكيف أنها تشغل‬ ‫‪)5‬‬
‫عقله وقلبه فقد صار يذكرها فى كل وقت وحين فقد تذكرها فى الوقت الذى‬
‫كانت املطايا تمر مسرعة على ديارها وكأنها طائر القطا يقطع الصحراء‬
‫بمجاهلها ليصل إلى أبنائه ليطعمهم بعدما سكنوا مكانا ال أنيس به وهم‬
‫مازالوا زغب الحواصل‪.‬‬
‫وهنا نرى جرير يعطينا صورة متكاملة ملشهده وقد مر سريعا على‬ ‫‪)6‬‬
‫الديار ولكن لم تمنعه هذه السرعة من أن يدرك مالمح هذاالطلل وأيام‬
‫حبه فيه وقدأفاض فى ذكر مالمح هذاالطائر املشبه به ـ ليعطينا مشهدا‬

‫‪-------------------------------- [113] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫دقيقا لسرعة هذاالطائر واتقاد العاطفة بداخله التى جعلته مع كل‬
‫هذايقف أمام هذاالطلل‪.‬‬
‫ثم إنه أيضا على عادة الشعراء يلقى على هذه الديار السالم وعلى‬ ‫‪)7‬‬
‫محبوبته وهكذا نرى الشاعر قد جرد من نفسه شخصا اخرا على عادة‬
‫القدماء أيضا وجعل هذاالشخص يلومه على وقوفه على تلك االطالل‬
‫وإلقاء السالم عليها‪ ،‬وقد يكون الكالم على حقيقته وهو أن الشاعر أثناء‬
‫مروره على أطالل ديار محبوبته كان مصطحبا معه رفقاء أخذوا يلومونه‬
‫على وقوفه هذا‪ .‬وقد انتقد بعض النقاد قوله "ياأم ناجية" وقال ربما يكون‬
‫من األولى أن يقول "ياآل ناجية"‪ .‬وقد يؤيد هذا قوله "السالم عليكم"‬
‫بصيغة الجمع ‪،‬ولكن قوله "ياأم ناجية" يدل على التخصيص لها وحدها‬
‫وهو أمر قد يقصده الشاعر كما إن الجمع فى السالم عليكم يأتى غالبا‬
‫للتعظيم إن كان املخاطب به مفردا‪.‬‬
‫وال ينس ى جرير أن يلقى إليها التحية فى غدوه ورواحه ويصور أسفه‬ ‫‪)8‬‬
‫على هذه الديار التى صارت خرابا يسكنها الغربان الحجل وربما كان وصفه‬
‫للغربان بالحجل يؤكد أن هذه االطالل خربت تماما حتى اطمأنت بها أنفس‬
‫الغربان فهي تمش ي مطمئنة تلهو وتلعب ليقينها بعدم وجود أى إنسان بها‬
‫ينفرها‪.‬‬
‫ثم يعمد إلى التفخيم والتهويل املبهم حين يقول‪( :‬لو كنت‬ ‫‪)9‬‬
‫أعلم‪.............‬البيت) فأي ش يء كان ينوى صنيعه عند رحيلهم؟ وقد قال‬
‫أهل البالغة أن فى البيت تعقيد معنوى وهذا أن البيت يدلل على نضوب فى‬
‫العاطفة البكائية للطلل كما تدلل على احتذاء التجربة عنده للقدماء‪.‬‬
‫‪-------------------------------- [114] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ )10‬ثم يزيد فى معنى الغموض فى الداللة على حبه لهذه املحبوبة ‪ .‬فهو‬
‫يصور إحساسه املتخيل عند رحيلهم وأنه كان من املمكن أن يقنع منهم‬
‫بوصال قليل أوسؤالهم عن ش يء لم يسأل وهو أسلوب تعميمي يحتمل كثيرا‬
‫من الغموض فى الداللة على مقصوده ومرماه فأي قرينة توضح ماالذى‬
‫ينوي فعله أو أي ش يء سيسأل عنه؟ الشك أن هذا كله تعميم يدل على‬
‫نضوب العاطفة أكثرمما يدل على أصالة التجربة‪.‬‬
‫وإلى هنا تنتهى املقدمة الطللية فى هذه القصيدة وهى كما نرى تقلد القدماء‬
‫فى مقدماتهم فلم يستطع أن يعطينا صورة عن شعور خاص به‪،‬وإنما قلد‬
‫غيره من الشعراء وسارفى ركاب معانيهم‪ .‬ثم يتوجه جرير بعد هذه املقدمة‬
‫السابقة والتى تتضمن الغزل إلى هجاء صاحبه مباشرة دون أدنى تقدمة‬
‫فرغم أن الشعراء قديما كانوا يمهدون ملوضوعهم األصلى للقصيدة كاملديح‬
‫مثال وذلك بذكر الناقة ونحو ذلك إالأن جريرا آثر أن ينتقل من مقدمته‬
‫الطللية إلى موضوعه األصلى وهو الهجاء مباشرة ودون أي تمهيد‪.‬‬
‫‪ )11‬ويبدو أن األبيات التي قالها الفرزدق فى قصيدته السابقة وما‬
‫تشتمل عليه من اعتزازه بشاعريته يبدو أن هذه املعاني كان لها أثر قوي في‬
‫نفس جرير فاستهل أبيات الهجاء فى هذا املقطع قائال إني قدأعددت سما‬
‫ناقعا من الكلمات ستحرقك وسيتعلم منها الشعراء بعدي فهي الوحي لهم‬
‫الذي يحتذونه ويتعلمون كيف يكون الهجاء والسباب والشتائم‪ ،‬وال ينس ى‬
‫جرير أن يذكرنا بخصومه الذين أذاقهم مر الهجاء وكأن أشعاره نزلت عليهم‬
‫نارا تحرقهم وتذلهم وهذا ماحدث للفرزدق والبعيث وهوأحد شعراء‬
‫النقائض هاج بينه وبين جريرسباب وشتائم أيضا‪.‬‬
‫‪-------------------------------- [115] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ )12‬ثم يفتخر أيضا بأن شعره جدع أنف األخطل وهو أيضا أحد شعراء‬
‫النقائض واليقل شأنا عن جرير والفرزدق وقوله"جدعت أنف‬
‫األخطل"‪،‬كناية عن إذالله وتحقيره لشأنه ‪،‬وكانت العرب تستخدم هذه‬
‫الصورة صورة جدع األنف عالمة للخزى والذل ‪.‬وبهذا فإن جرير يرسم‬
‫لنفسه صورة املصارع الذى يقارع بشعره الفرزدق واألخطل والبعيث‪.‬‬
‫‪ )13‬ثم يحاول شيئا فشيئا أن يرد عن نفسه شتائم الفرزدق التى شتمه‬
‫بها فى القصيدة السابقة وقد اقتبس من كلماته ماينسجبه خيوط أبياته‪.‬‬
‫وكأنه يرد على بيت الفرزدق الذى يقول فيه‪ :‬فنرى جريرا يسب مجاشعا‬
‫وهم عشيرة الفرزدق‪ ،‬أي يقول لئن كنت تزعم أن لك بيتا دعائمه أعز‬
‫وأطول فأنا أرى بيتك فى الحضيض األسفل وكأنه ّ‬
‫يأول كلماته التأويل‬
‫الصحيح لكي ينتقل باألسلوب من املدح إلى الذم‪.‬‬
‫‪ )14‬ثم يدعو عليه أن تسود جدران بيته بالحداد ومعناه تمنى هالكهم‬
‫وموتهم‪ ،‬وليس هذا فحسب وإنما يزيد فى تصوير قبح بيت الفرزدق والذى‬
‫ّ‬ ‫زعم أنه بيت من العز والسؤدد ّ‬
‫يرد عليه جرير فيقول إن بيوتكم مقاعدها‬
‫دنسة ومداخلها خبيثة والبيت فى نظر جرير يدل على شيئين البيت املادي‬
‫امللموس وهى الدار التى يسكنونها وقد وصفه بالسواد والخبث والدنس‬
‫والثانى البيت املعنوي وهوالذي يتمثل فى الرجال والعشيرة وهم الذين‬
‫يرفعون عماد بيوتهم وهم أيضا على جانب من الخبث والدنس وقد نالوا‬
‫شيئا من هجاء جرير فدعا عليهم بالخزي واملوت‪ ،‬وجرير بذلك يربط بين‬
‫البيت وسكانه بعالقة وطيدة من الهجاء‪ .‬واألبيات السابقة تحمل جانبا من‬
‫الفخروجانبا من الهجاء‪.‬‬
‫‪-------------------------------- [116] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ )15‬فبيت الفرزدق فى نظره أخس بيت يمكن أن يبنى‪ ،‬وهدم هذا البيت‬
‫يتمثل في أن نوازن بينه وبين بيت جرير العالي الراسخ القواعد الذى‬
‫اليختلف عن الجبال‪ ،‬واملالحظ أن كال الشاعرين أراد أن يصور رسوخ‬
‫بيتيهما فعمدا إلى صورة الجبل لتكون معادال لثبات شرفهما ورسوخ معنى‬
‫الكرم فى بيتيهما‪ ،‬ورغم أن صورة الجبل تدل على القوة واملتانة والثبات‬
‫إالأنها تعتبر صورة مادية حسية لم تحتمل فى داخلها حركة ‪ .‬أن الجبال‬
‫دائما ما تكون مأوى الطريد أو الرعاة املجدبين فهل بيوتهم مأوى لهم على‬
‫هذه الصورة ـ صورة الجبال ـ وقدكان جرير والفرزدق كالهما بدويا فلم‬
‫يتأثرا بالحياة الجديدة التي عاشاها فى ظالل قصور الخلفاء واألمراء فلم‬
‫تكن هذه الحياة لتؤثر فيهما فيصوغا معنى للثبات غير ماتعارف عليه‬
‫األقدمون عند حديثهم عن ثبات بيوتهم وارتفاع وشموخ أصحابها بالجبال‪.‬‬
‫األسئلة للمراجعة‬
‫ما النقائض؟ ومتى ظهرهذا الفن في الشعرالعربي؟‬ ‫‪)1‬‬
‫ما خصائص النقائض؟‬ ‫‪)2‬‬
‫من هم الشعراء الذين اشتهروا في النقائض في العصراألموي؟‬ ‫‪)3‬‬
‫ما هو الفرق بين أسلوب الفرزدق وجرير؟‬ ‫‪)4‬‬
‫ينتهي نسب الفرزدق وجريرإلى قبيلة ما اسمها؟‬ ‫‪)5‬‬
‫أعد فقرة عن الهجاء والفخرفي شعر‬ ‫‪)6‬‬
‫ا) الفرزدق‬
‫ب) الجرير‬

‫‪-------------------------------- [117] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫املؤنسة‬

‫ناهيا‬
‫َ‬ ‫َو َأ ّي َ‬
‫ام ال َنخش ى َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َّ ُ َ َ‬
‫هو ِ‬ ‫ِ‬ ‫الل‬ ‫لى‬ ‫ع‬ ‫واليا‬ ‫السنين الخ ِ‬ ‫تذكرت ليلى و ِ‬ ‫‪)1‬‬
‫فلهاني وما كنت الهياَ‬‫بليلى َّ‬ ‫َّ ُ َّ‬ ‫ويوم َك ِظ ّل ُّ‬ ‫ٌ‬
‫قصرت ِظله‬ ‫الرمح‬ ‫ِ‬ ‫‪)2‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ذات الغضا تزجي امل ِط َّي‬
‫َ‬ ‫ص َ‬ ‫نار َليلى َو ُ‬ ‫الحت َ‬ ‫مدين َ‬ ‫َ َ‬
‫ِب ِ‬ ‫حبتي‬ ‫ِبث ِ‬ ‫‪)3‬‬
‫َ‬
‫واجيا‬ ‫الن ِ‬
‫َ َ ً‬ ‫َ َ َ ُ َ َ َ ُ َ َ ً‬
‫يل فردا َيما ِنيا‬
‫واد الل ِ‬
‫َ‬
‫بدا في س ِ‬
‫َ‬ ‫وم أملحت كوكبا‬ ‫فقال بصيرالق ِ‬ ‫‪)4‬‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ َ ُ َ ُ َ َ َ ََّ‬
‫ِب َعليا تسامى ضوؤها ف َبدا ِليا‬ ‫فقلت له ‪ :‬بل نارليلى توقدت‬ ‫‪)5‬‬
‫ماش ى الر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ‬ ‫ََ َ‬
‫كاب‬ ‫ِ‬ ‫ى‬ ‫ض‬ ‫الغ‬ ‫يت‬‫ى ول‬ ‫وم لم تقط ِع الغض‬ ‫ِ‬ ‫الق‬ ‫كاب‬ ‫ر‬‫فل ِ‬‫يت‬ ‫‪)6‬‬
‫َ‬
‫ياليا‬ ‫ل ِ‬
‫َ َ‬ ‫ُُ‬ ‫يل َكم من َ‬ ‫َفيا َل َ‬
‫ـاهيا‬
‫درم ِ‬ ‫الليل لم ِ‬
‫أ‬ ‫ِإذا ِجئتكم ِب ِ‬ ‫حاج ٍّة لي ُم ِه َّم ٍّة‬ ‫ِ‬ ‫‪)7‬‬
‫َ ً َ ُ‬ ‫ليل َّي إن ال َتبكـيا ِن َي َأ َلتم ْ‬ ‫َ َ‬
‫خليال ِإذا أ َنزفت َدمعي َبكى ِليا‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫‪)8‬‬
‫َ ُ ُ َ َ َّ‬ ‫َ ّ َ ًَ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫داويا‬
‫نشد األشــعار ِإال ِ‬
‫ت‬ ‫وال أ ِ‬ ‫بابة‬ ‫شرف األيفـاع ِإال ص‬ ‫فما ِ‬ ‫أ‬ ‫‪)9‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫جم ُع َ ُ‬ ‫َو َقد َي َ‬
‫َيظن ِان ك َّل الظ ِ ّن أن ال تال ِقيا‬ ‫اس الشتيت ِين َبعدما‬ ‫‪)10‬‬
‫وال الدهرل ُ‬ ‫َو َجدنا َط َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ً‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫لح ِ ّب شا ِفيا‬ ‫ِِ‬ ‫هللا أقواما َيقولـون ِإننا‬ ‫لحى‬ ‫‪)11‬‬
‫َ‬ ‫َ ُّ َ َ‬ ‫ذات ُم َؤ ّ‬ ‫َ َ َ ُ‬
‫واشيا‬ ‫َ‬
‫ت ُرد علينا ِبالع ـ ِـش ّ ِي امل ِ‬ ‫ص ٍّد‬ ‫ِ‬ ‫َو َعهدي ِبليـلى وهي‬ ‫‪)12‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َوأعالق ليلى في فؤادي كما ِهيا‬ ‫فش َّب َبنو ليلى َوش َّب َبنو ِا ِبنها‬ ‫‪)13‬‬
‫ّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ً َ َ ُّ‬ ‫ََ‬
‫تواشوا ِبنا َحتى أ َم َّل َمكا ِنيا‬ ‫جلسا نست ِلذ ُه‬ ‫َ‬
‫ِإذا ما جلسنا م ِ‬ ‫‪)14‬‬
‫َ ُ ََ َ َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬
‫ِب ِهن النوى حيث ِاحتللن امل ِ‬
‫طاليا‬ ‫باعدت‬ ‫ات ِلليلى ت‬ ‫سقى اس جار ٍّ‬ ‫‪)15‬‬
‫‪-------------------------------- [118] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫واريا‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫َ َ ٌَ َّ‬
‫قار َوال ِغن ًى‬ ‫نسني َليلى ِاف ِت ٌ‬ ‫ََ ُ‬
‫وال توبة حتى ِاحتضنت الس ِ‬ ‫ولم ي ِ‬ ‫‪)16‬‬
‫ل ُتشب َه َليلى ُث َّم َع َّر َ‬
‫ضنها ِليا‬
‫ٌَ َّ َ َ َ َ َ ً‬
‫لعدا‬ ‫َوال ِنسوة ص ِبغن كبداء ج‬ ‫‪)17‬‬
‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ‬
‫قض ى اس في ليلى َوال ما قض ى ِليا‬ ‫اس ال أ ِمل ُك الذي‬ ‫خليلي ال و ِ‬ ‫‪)18‬‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف َهال ِبش ٍّيء غ ِيرليلى ِابتال ِنيا‬ ‫قضاها ِلغيري َو ِابتالني ِب ُح ِ ّبها‬ ‫‪)19‬‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َو َخ َّب ُرتماني َأ َّن َت َ‬
‫الصيف ألقى‬ ‫ِلليلى ِإذا ما‬ ‫يماء َم ِنز ٌل‬ ‫‪)20‬‬
‫َ‬
‫راسيا‬ ‫امل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َ َ َ َ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ‬
‫راميا‬ ‫يف عنا ق ِد ِانقضت فما ِللنوى ترمي ِبليلى امل ِ‬ ‫ف َهذي شهور الص ِ‬ ‫‪)21‬‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َف َلو َأ َّن واش ب َ‬
‫ضر َموت ِاهتدى‬ ‫َوداري ِبأعلى ح‬ ‫دار ُه‬
‫مام ِة ُ‬ ‫الي َ‬
‫ٍّ ِ‬ ‫‪)22‬‬
‫ِليا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ّ َ‬ ‫َُ َ َ َ َُ ُ‬
‫باليا‬
‫صريم ليلى ح ِ‬ ‫ِمن الح ِظ في ت ِ‬ ‫اس حال ُهم‬ ‫َوماذا لهم ال أحسن‬ ‫‪)23‬‬
‫ُ ّ‬ ‫َ َ ُ َ‬ ‫ُ َّ َ َ َ َ َ‬ ‫ََ ُ ُ َ‬
‫برام َحتى َعال ِنيا‬ ‫وقد كنت أعلو حب ليلى فلم يزل ِبي النقض و ِ‬
‫اإل‬ ‫‪)24‬‬
‫ُ َ ً َ‬
‫َيكون كفافا ال َعل َّي َوال ِليا‬ ‫الح َّب َبيني َو َب َينها‬ ‫َفيا َر ّب َس ّوي ُ‬ ‫‪)25‬‬
‫ِ‬
‫كرها ِليا‬ ‫بح إال َه َّيجا ِذ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫َ‬
‫فما طلع النجم الذي يهتدى ِب ِه وال الص ِ‬ ‫‪)26‬‬
‫ّ‬ ‫ُ َ ٌ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ُ ً‬
‫الشام ِإال َبدا ِليا‬ ‫ِ‬ ‫هل‬
‫وال ِسرت ميال ِمن ِدمشق وال بدا سهيل ِأل ِ‬
‫َ‬ ‫‪)27‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫الناس ِإال َب َّل َدمعي ِردا ِئيا‬ ‫ِ‬ ‫ِم َن‬ ‫َوال ُس ِّم َيت ِعندي لها ِمن َس ِم َّي ٍّة‬ ‫‪)28‬‬
‫الليل إ ّال ب ُّ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُ ُ َ‬ ‫َ َ َّ‬
‫لريح حا ِنيا‬ ‫ِ‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ها‬ ‫رض‬ ‫ِ‬ ‫أل‬ ‫وال هب ِت الريح الجنوب ِ‬ ‫‪)29‬‬
‫َ َ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫منعوا َليلى َو َتحموا ب َ‬ ‫َ َ َ‬
‫َعل َّي فلن تحموا َعل َّي القوا ِفيا‬ ‫الدها‬ ‫ِ‬ ‫ف ِإن ت‬ ‫‪)30‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ََ َ ُ َ َ َّ ُ‬
‫ف َهذا لها ِعندي فما ِعندها ِليا‬ ‫اس أني أ ِح ُّبها‬ ‫فأشهد ِعند ِ‬ ‫‪)31‬‬
‫َ‬ ‫ّ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬
‫رام قض ى ليا‬ ‫و ِبالشو ِق ِمني والغ ِ‬ ‫عروف ِمنها ِلغ ِيرنا‬ ‫ِ‬ ‫قض ى اس ِبامل‬ ‫‪)32‬‬
‫‪-------------------------------- [119] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫هام ُف َ‬
‫ؤاديا‬ ‫ست َ‬ ‫شاب ُف َويدي َوا َ‬
‫ِ‬ ‫َأ َ‬ ‫مال ٍّك‬ ‫لت يا ُأ َّ‬
‫م‬
‫َ َّ َّ َ َّ ُ‬
‫و ِإن الذي أم‬ ‫‪)33‬‬
‫ِ‬
‫ُ َ ً َ ُ ُّ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ ًَ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ياليا‬‫وقد ِعشت دهرا ال أعد ِ‬
‫الل‬ ‫أ ُع ُّد الليالي ليلة َبعد ليل ٍّة‬ ‫‪)34‬‬
‫َ َ َ‬ ‫ُأ َح ّد ُث َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ََ‬
‫خاليا‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫يل‬ ‫الل‬ ‫ب‬ ‫فس‬ ‫الن‬ ‫نك‬‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫يوت ل َعلني‬ ‫ِ‬
‫خر ُج من َبين ُ‬
‫الب‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫أ‬‫و‬ ‫‪)35‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫مت َن َ‬ ‫َ َّ ُ َ َّ ُ‬ ‫َ‬
‫ِب َوجهي َو ِإن كان املصلى َورا ِئيا‬ ‫حوها‬ ‫أراني ِإذا صليت يم‬ ‫‪)36‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َو ُع َ‬ ‫ٌ َ‬
‫الط َ‬
‫بيب‬ ‫الجوى أعيا‬ ‫ظم‬ ‫شراك َول ِك َّن ُح َّبها‬ ‫َوما ِب َي ِإ‬ ‫‪)37‬‬
‫ُ‬
‫داويا‬
‫امل ِ‬
‫َ َ ََ ُ َ َ‬
‫كان م ُ‬ ‫واف َق ِا َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫نه ُمدا ِنيا‬ ‫أو ِاشبهه أو ِ‬ ‫سمها‬ ‫سماء ما‬ ‫أ ِح ُّب ِمن األ ِ‬ ‫‪)38‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ليل َّي َليلى َأ َ‬ ‫َ َ‬
‫ف َمن لي ِبليلى أو ف َمن ذا لها ِبيا‬ ‫الحاج َواملنى‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫كب ُ‬ ‫خ‬ ‫‪)39‬‬
‫ُ َ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ََ َ َ‬ ‫َ‬
‫واكيا‬‫يت العيون الب ِ‬ ‫قيق وأبك ِ‬
‫ع ِ‬ ‫مامة ال‬ ‫ل َعمري لقد أبكي ِتني يا ح‬ ‫‪)40‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ َ‬
‫حاجتي تشرى َوال تشترى ِليا‬ ‫أرى‬ ‫يش َبعدما‬ ‫َ َ‬
‫خليلي ما أرجو ِمن الع ِ‬ ‫‪)41‬‬
‫ُ‬ ‫َ ُ ُ َ ُ َّ َ ُ َ َّ‬
‫الناس ما‬
‫ِ‬ ‫َسلوت َوال َيخفى َعلى‬ ‫زع ُم أنني‬ ‫جرم ليلى ثم ت‬ ‫وت ِ‬ ‫‪)42‬‬
‫ِبيا‬
‫َ‬
‫غم األعادي تصا ِفيا‬
‫َ‬ ‫َ َ َّ َ َ‬ ‫ص َ‬ ‫ليلي َ‬ ‫ََ ََ َ َ َ‬
‫أشد على ر ِ‬ ‫باب ٍّة‬ ‫فلم أر ِمثلينا خ‬ ‫‪)43‬‬
‫َ‬
‫وان تال ِقيا‬ ‫َ َ ّ َ ُ‬ ‫قاء َوال نرى‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خليل ِين ِإال يرج ِ‬ ‫الل‬
‫ليالن ال نرجو ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫‪)44‬‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ّ ََ َ‬
‫عرض ي في املنى ِليا‬ ‫صل ِك أو أن ت ِ‬
‫ِبو ِ‬ ‫ض املنى‬ ‫عر ِ‬ ‫يك أن ت ِ‬ ‫حي ِ‬‫و ِإني ألست ِ‬ ‫‪)45‬‬
‫ً ُ ُ َّ‬ ‫َي ُ‬ ‫َ‬ ‫َيقو ُل ُأ ٌ َ َ‬
‫روم ُس ّلوا قلت أنى ِملا ِبيا‬ ‫عام ٍّر‬‫ناس ع َّل مجنون ِ‬ ‫‪)46‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ ّ‬
‫ف ِإ ّياك َعني ال َيكن ِبك ما ِبيا‬ ‫صابني‬ ‫الهيام َأ َ‬ ‫داء ُ‬ ‫أس َأو ُ‬ ‫الي ُ‬ ‫ب َي َ‬ ‫‪)47‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن املَنايا القاض َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ َ ُ ُ‬
‫شانيا‬
‫يات و ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫فش‬ ‫مال ٍّك‬
‫ِإذا ما ِاستطال الدهريا أم ِ‬ ‫‪)48‬‬
‫َ َ َ َّ َ َ ً َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ؤاديا‬
‫مرة عن ف ِ‬ ‫ِبخ ٍّيروجلت غ‬ ‫ِإذا ِاكت َحلت َعيني ِب َعي ِن ِك لم ت َزل‬ ‫‪)49‬‬
‫‪-------------------------------- [120] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫باليا‬ ‫مت‬ ‫يشتي َو َأنت َّالتي إن شئت َأ َ‬
‫نع‬
‫َ‬
‫ع‬ ‫يت‬
‫َ َ‬
‫شق‬ ‫أ‬ ‫ئت‬‫ش‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫تي‬
‫َّ‬
‫ال‬ ‫نت‬
‫ََ‬
‫أ‬‫‪ )50‬ف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬

‫شرح املفردات‪:‬‬
‫ثمدين‪ :‬اسم موضع \ الغض ى‪ :‬نوع من الشجر‪ ،‬يدوم جمره طويال\ وذات‬
‫الغض ى‪ :‬بالد نجد\ النواجيا‪ :‬السراع\ بصير القوم‪ :‬دليلهم في السفر\ نزف‬
‫الدمع‪ :‬انقطع ونفد\ اليفاع‪ :‬ما ارتفع من األرض\ لحى‪ّ :‬‬
‫مج ولعن\ املؤصد‪:‬‬
‫ثوب تلبسه الفتاة الصغيرة\ األعالق‪ :‬الوشائج والصالت\ املطالي‪ :‬جمع‬
‫املطلى‪ :‬مسيل ضيق من األرض\ السواري‪ :‬جمع سارية وهي من السحاب التي‬
‫تجيء ليال‪ .‬أو األسطوانة\ الكبداء‪ :‬املرأة الضخمة\ الجلعد‪ :‬املسنة\ ألقى‬
‫حل أو حان وقته\ التصريم‪ :‬التقطيع\ نقض الحبل‪ :‬حله\ أبرم‬ ‫املراسيا‪ّ :‬‬
‫األمر‪ :‬أحكمه\ الكفاف‪ :‬حاجة اإلنسان من الزرق من دون زيادة أو نقصان\‬
‫تحمون‪ :‬تمنعون أو تحظرون\ الفويد‪ :‬تصغير فود وهو جانب الرأس مما يلي‬
‫وجهت\ تجرم‪ :‬تذنب\‬‫األذن‪ ،‬أو الشعر النابت فوقه‪ ،‬وهما فودان\ ّيممت‪ّ :‬‬

‫أشد العطش‪ ،‬أو الجنون من العشق‪.‬‬‫استحيا فالن فالنا‪ :‬خجل منه\ الهيام‪ّ :‬‬

‫قيس بن امللوح‪:‬‬
‫الشاعر قيس بن ّ‬
‫امللوح املعروف بلقبه مجنون ليلى شاعر من أشهر‬
‫ّ ُ‬ ‫ً‬
‫ولكنه ل ِّقب باملجنون‬ ‫شعراء الغزل في تاريخ األدب العربي‪ ،‬كان قيس عاقال‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ألنه هام ّ‬ ‫َّ‬
‫بحب فتاة اسمها ليلى بنت سعد العامرية؛ حيث شغف الشاعر‬ ‫ِ‬
‫‪-------------------------------- [121] -----------------------------‬‬
‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫عظيما‪َّ ،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ثم طلبها من أهلها‬ ‫قيس بن امللوح بحب هذه الفتاة وعشقها عشقا‬
‫ُ‬
‫فرفض أهلها أن يزوجوه إياها‪ ،‬فهام على وجهه يكتب الشعر في حب ليلى‬
‫ويتنقل بين األمصار بين الشام والحجاز ونجد‪ ،‬وقد بقي ديوان قيس بن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫يلخص‬ ‫حاضرا في ذاكرة األدب حتى هذه األيام‪ ،‬هذا الديوان الذي ِ‬ ‫امللوح‬
‫ّ‬ ‫قصة ّ‬ ‫مشاعر هذا الشاعر ويشرح َّ‬
‫قصص‬
‫ِ‬ ‫حبه لليلى العامرية‪ .‬إن من أشهر‬ ‫ِ‬
‫حب قيس وليلى‪ ،‬قيس الذي كان ابن عم‬ ‫الحب في تاريخ األدب العربي قصة ّ‬‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ليلى العامرية‪ ،‬فقد كانا يرعيان ماشية أبويهما ونشأ قيس وترعرع معها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وأحبا بعضهما ًّ‬
‫حبا ًّ‬ ‫فكبرا ً‬
‫معا َّ‬
‫جما منذ الصغر‪ ،‬وملا كبر تمنى قيس ليته بقي‬
‫ً‬
‫صغيرا يرعى املاشية مع ابنة عمه‪.‬‬

‫املؤنسة‬
‫فاملؤنسة أطول قصائد مجنون ليلى‪ ،‬التي كان يواظب على تالوتها‬
‫ً‬
‫وكان ينشدها عندما يخلو بنفسه لتؤنسه‪ .‬وهي من درر شعره وأرقها لفظا‪،‬‬
‫ً‬
‫وأحسنها سبكا وألطفها شجوا‪ ،‬وأبلغها نسيبا وغزال‪ .‬وألنها كانت تؤنس‬
‫املجنون في خلوته وتقلل وحشته ُس ّميت "املؤنسة"‪ .‬وتعتبر هذه القصيدة‬
‫الرائعة من الشعر العذري الرفيع مع بساطة ألفاظها وخلوها من التكلف‪.‬‬
‫فهي مفعمة باألحاسيس العاطفية‪ ،‬وزاخرة بحرارة العشق واملشاعر‬
‫الصادقة‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [122] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫من أبرز قصائد الشاعر قيس بن امللوح قصيدة املؤنسة التي ُيطلق‬
‫َّ‬
‫عليها اسم معلقة قيس بن امللوح‪ ،‬وهي قصيدة من قصائد العصر األموي‪،‬‬
‫غزلية من الغزل العذري‪ ،‬كتبها على البحرالطويل‪ ،‬يذكرفيها أيام َّ‬
‫الصبا التي‬
‫قضاها مع ليلى يرعى اإلبل‪ ،‬فيتحسر قيس على تلك األيام التي أصبحت من‬
‫ً‬
‫رجال غيره‪ .‬ويذكر الشاعر قيس بن امللوح َ‬
‫نار‬ ‫املاض ي البعيد‪ ،‬فليلى تزوجت‬
‫ُّ‬
‫شوقه التي تثور بين جوانبه‪ ،‬ويشرح حاله وهو جالس يعد الليالي التي تمض ي‬
‫وهو بعيد عن محبوبته بعد أن حكمت عليه عادات العرب بعدم لقيا من‬
‫ْ‬
‫يحب‪ .‬يذكر بتفصيل قصصه مع ليلى وما آلت إليه روحه بعدها‪ ،‬وكيف‬
‫ً‬
‫معتزال الناس أجمعين‪ً ،‬‬
‫هائما بين البالد‪ ،‬يأخذه السرى‬ ‫يعيش بين الوحوش‬
‫بين دمشق والحجاز‪.‬‬
‫الغزل العذري ‪:‬‬
‫يعد الغزل العذري من ّ‬
‫أهم املواضيع التي تناولها الشعر العربي منذ‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫نوع من أنواع الفنون الشعرية يبتعد عن الوصف‬ ‫العصر الجاهلي‪ ،‬وهو ٌ‬
‫الجسدي وتنمو فيه وتتعاظم املشاعر العفيفة والطاهرة املتأججة بالحب‬
‫والغرام والعشق والتي كان الشعراء يستخدمونها ليظهروا ما يعاني أحدهم‬
‫في سبيل الحب والعشق‪ ،‬وآالم الفراق والبعد عن الحبيبة‪ ،‬وكثر عدد شعراء‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الحب‬
‫ِ‬ ‫قصصهم رموزا في‬ ‫مر العصور والذين أصبحت‬ ‫الغزل العذري على ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وأمثلة ُتضرب في ذلك‪ُ ،‬‬
‫وس ِ ّمي بالغزل العذري نسبة إلى قبيلة‬ ‫والتضحية‬
‫عذرة التي اشتهرت به‪ ،‬اشتهر في هذا النوع قيس بن امللوح وجميل بثينة وكثير‬
‫ّ‬
‫عزة وغيرهم‪.‬‬

‫‪-------------------------------- [123] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫فالغزل العذري هو الغزل الذي يبتعد عن الوصف الجسدي‬
‫املباشر للمحبوبة ويرتقي إلى ذكر األحاسيس واملشاعر التي يعاني منها الشاعر‬
‫في سبيل محبوبته‪ ،‬وللشعر العذري خصائص َّ‬
‫يتميزعن غيره من أنواع الغزل‬
‫في الشعرالعربي‪ ،‬ومن أهم خصائص الغزل العذري ما يأتي‪:‬‬
‫‪ )1‬االبتعاد عن الوصف الجسدي للحبيبة‪.‬‬
‫‪ )2‬صدق الشاعر في اللهجة املوجهة إلى الحبيبة والعفة في عموم هذا‬
‫الشعر‪.‬‬
‫َّ‬
‫تتميزالتعابيراملستخدمة بالرقة واأللفاظ بالعذوبة‪.‬‬ ‫‪)3‬‬
‫ُ‬
‫األسلوب املباشر‪ ،‬حيث يبدأ الشاعربالحب دون مقدمات‪.‬‬ ‫‪)4‬‬
‫ُ‬
‫وصف األلم والعذاب الذي كان يعيشه الشعراء‪.‬‬ ‫‪)5‬‬
‫شدة إظهارالحنين والشوق‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫‪)6‬‬
‫‪ )7‬االبتعاد في الشعرعن اإلغراء الجنس ي والجسدي وما إلى هنالك‪.‬‬
‫‪ )8‬االقتصار في الغزل على محبوبة واحدة ال يتجاوزها الشاعر بل يغالي‬
‫ُ‬ ‫في ّ‬
‫حبها ويستغرق فيه‪.‬‬‫ِ‬
‫‪ )9‬الصفاء واإلشراق والبساطة في معاني الحب التي يقدمها الغزل‬
‫العذري‪.‬‬

‫األسئلة للمراجعة‪:‬‬
‫‪ )1‬الغزل نوعان‪ .‬ما هما؟‬

‫‪-------------------------------- [124] -----------------------------‬‬


‫‪---------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪ )2‬ما هو الغزل العذري؟‬
‫‪ )3‬من هم الشعراء الذين اشتهروا في الغزل العذري؟‬
‫‪ )4‬ما الفرق بين الغزل العذري والصريح؟‬
‫‪ )5‬بم اشتهرقيس بمجنون ليلى؟‬
‫‪ )6‬بم سميت القصيدة باملؤنسة؟‬
‫‪ )7‬من كانت ليلى؟‬
‫‪ )8‬ما االسم الكامل لقيس؟‬
‫‪ )9‬أعد فقرة عن؛‬
‫ا) الغزل العذري وخصائصه‬
‫ب) املؤنسة ملجنون ليلى‬

‫‪-------------------------------- [125] -----------------------------‬‬

You might also like