Professional Documents
Culture Documents
"عنوان البحث"
( تدوين الشعر الجاهلى ـ تعريف الجاهلية ـ العصر الجاهلى ـ
طبقات الرواة ـ مصادر الشعر الجاهلى )
التمهيد:
لعل ما يجمل بنا قبل األخذ فيما نحن بسبيله من دراسة األدب فى العصر الجاهلى ،عسى أن تكون نشأت هذة
اللفظة فى اللغة العربية واألحوال التى تتدرجت عليها ،حيث سار يطلقها السلف من العلماء عليها أهل العلم فى
هذا العصر.
ثم نعود إلى معني الجاهلية وما يتصل من أثار البحث فى القديم والحديث مما يصح أن يكون بعضه حقا ً وبعضه
اسرافا ً باطالً ،يجعل ذلك وسيلة موصلة إلدخال روح الطمأنينة على كل المتعلمين ،ولنفتح أماهم السبيل لمناهج
البحث الخالص من قيود التقييد ،وإذا رجعنا إلى العصر الجاهلى نبحث عن الكلمة في العصر الجاهلى ولم
نجدها تجرى على ألسنة الشعراء ،ونجدها في لفظة األدب.
2
متن البحث-:
2
العصر الجاهلى :
ويقتصر البحث األدبي على فترة من الزمن كانت قبل ظهور اإلسالم وهذا اتفق عليه العلماء وتسمى بالعصر
الجاهلى ،حيث انتشر اسلوب تعليم اإلسالم في بعض أنماط الجزيرة وأيضا ً نزول القرأن الكريم كله أو معظمه،
حيث اتجه األدب اتجاها ُ اجتماعيا ً وما كان فيه تلك الصبغة الناشئة عن ذلك التشريع
فالقصيدة تتألف من وحدات موسيقية يسمونها األبيات وتتحد جميع األبيات في وزنها وقافيتها وما تنتهي به من
ى ،وتلقانا هذة الصورة التامة الناضجة للقصيدة الجاهلية منذ أقدم نصوصها ،وحقا ً توجد قصائد يضطرب
رو ّ
فيها العروض ولكنها قليلة ومثال على ذلك قصيدة عبيد بن األبرص األسدى
- 1محمد هاشم عطية ـ األدب العربي وتاريخه في العصر الجاهلى صـ 1355 . 6هـ . 1936 -
- 2محمد هاشم عطية ـ األدب العربي وتاريخه في العصر الجاهلى صـ 1355 . 6هـ . 1936 -
- 3د ـ شوقي ضيف -تاريخ األدب العربي ـ دار المعارف للنشر والتوزيع صـ . 188 ، 187 ، 186، 185 ، 184 ، 183
3
فالذنوب
ُ ملحوب فالقُطبياتُ
ُ أقفــر من أهله
فهي من مخلع البسيط ،وقلما يخلو بيت منها من حذف في بعض تفاعيله أو زيادة على نحو ما نرى في الشطر
ى القيس مطلعها:
األول من هذا المطلع ،وعلى غرارها قصيدة تنسب المر ُ
فهى من وزن السريع ،وخرجت شطور بعض أبياتها على هذا الوزن كالشطر الثاني من هذا البيت:
من آل جفنة حاز ٌم ناطقا كلم ما ذنـبـنـا في أن عزا ملك
فإنه من وزن الكامل ،وعلى هذة الشاكلة قصيدة عدى بن زيد العبادي
مثل الكتاب الدارس األحْ و ْل تعرف أمس من لميس الطلل
ومهما يكن فليس بين أيدينا أشعار تصور مرحلة غير ناضجة من نظام الوزن والقافية في الجاهلية ،فإن نفس
هؤالء الشعراء الذين رويت عنهم تلك القصائد المضطربة في وزنها روى عنهم قصائد كثيرة مستقيمة في وزنها
وقوافيها ،مما يدل على أن ذلك كان يأتى بصورة نادرة وشاذة.
فقد زعم بعض القدماء والمحدثين أن الرجز اقدم أوزان الشعر العربي ،وأنه تولد من السجع ،مرتبطا ً بال ُحداد
ووقع أخفاف اإلبل في أثناء سيرها في الصحراء ،ومنه تولدت األوزان األخرى ،وكل ما يمكن أن يقال أن
الرجز كان أكثر أوزان الشعر شيوعا ً في الجاهلية ،إذ كانوا يرتجلونه في كل حركة من جحركاتهم وكل عمل
من أعمالهم في السلم والحرب ،ولكن شيوعه ال يعني قدمه وال سبقه لألوزان األخرى ،إنما يعني أنه كان وزنا ً
شعبيا ً ال أكثر وال أقل ،فليس في أيدنا شي من وزن أو غير وزن يدل على طفولة الشعر الجاهلى وحقبه األولى
،وكيف تم تطوره حتى انتهى إلى هذة الصورة النموذجية التى تلقيانها منذ أوئل العصر الجاهلي وبالتحديد في
أوائل القرن السادس الميالدي.
4
4
أهم الموضوعات:
لعل أقدم من حاولوا تقسيم الشعر العربى جاهليا ً أو غير جاهلى إلى موضوعات ألف فيها ديوانا ً هو أبو تمام
المتوفي حوالى سنة 232للهجرة ،فقد نظمه في عشرة موضوعات ،هى الحماسة ،والمرائى ،والسير ،
والنعاس ،والملح ،واألدب ،والنسيب ،والهجاء ،واألضياف ،والمديح ،والصفات ،ومذمة النساء وهى
موضوعات يتداخل بعضها في بعض فالحديث عن األضياف إما أن يدخل في المديح أو الحماسة والفخر ،
والسير والنعاس يدخالن في الصفات ،كما تدخل مذمة النساء في الهجاء ،أما الملح فغير واضحة الداللة ،
وجاء في باب األدب بما يدل على أنه يقصد به المعنى التهذيبي.
5
تدوين الشعر الجاهلى :
التدوين العام سواء كان تفسيرا ً ام حديثا أم لغة أم أدبا ً ويشمل في طياته على الشعر الجاهلى وضرورة اإللمام
من نشأة التدوين على نوجز القول اجازا ً ونقتضبه اقتضاباً.
ال تستقيم أمامنا طرائق تدوين الشعر الجاهلى إال إذا عدنا سبل الحديث من حوله عن نشاة التدوين والمؤلفات
المدونة وذلك ألنه ال تخصيص إال بعد تعميم .
التدوين والتأليف اليكون له وجود إال إن كانت الصحف التى تتخذ للكتابة من الوفرة واإلنتشار بمنزلة يتيسر
معها لمن أراد ،فيستطيع أن يضم بعضها إلى البعض ويؤلف أجزائها ،ويستطيع أن يجعل من هذة الصحف
ديوانا ً مؤلفا ً ،أما إذا كانت هذة الصحف غير موجودة ومفقودة ال يستطيع الحصول عليها ،فإن استخدام صحف
الكتابة فى هذة الحالة ال يكون إال في نطاق ضيق محدد ،ال يوجد فيه التدوين والتأليف.
كانت الصحف منذ الصدر األول كثيرة شائعة وكانت لها أثواق ومتاجر خاصة تباع فيها ،وكان يتخصصون
رجال ببيع هذة الصحف ،وكانت هذة الصحف أثمانها زهيدة ،يستطيع الناس أن ينالوا منها ما يريدون.
- 4د ـ شوقى ضيف – تاريخ األدب العربي العصر الجاهلى صـ . 196 ،195
- 5د ـ ناصر الدين األسد ـ مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية – صـ – 134دار الجيل ـ بيروت ـ لبنان.
5
6
أهم مصادر الشعر الجاهلى:
رأينا علماء البصرة والكوفة ورواتهما يجمعون مادة الشعر الجاهلى ،وقد توزعها منتخبات عامة وداووين
مفردة للشعراء وأخرى للقبائل غير كتب الطبقات والتراجم وكتب التاريخ واللغة وسنحاول وصف طائفة منها
وبيان مقدار الثقة بها.
ونبدأ بالمتخبات العامة بالمعلقات :وقد مر بنا أنها لم تعلق بالكعبة كما زعم بعض المتأخرين ،وإنما سميت
بذلك لنفاسها أخذا ً من كلمة العلق بمعن النفيس ،ويقال إن أول من رواها مجموعة في ديوان خاصة بها حماد
ى القيس وزهير وطرفة ولبيد وعمرو بم كلثوم والحارث بن حلزة وعنترة
الراوية ،وهى عنده سبع :ألمر ُ
وقد عنى الشراح بهذة المجموعة ،فشرحوها مرارا ً ،وطبع من شروحهم شرح الزوزني المتوفي سنة 486هـ،
وقد كتبه على رواية حماد ،ثم شرح التبريزي المتوفي سنة ، 502وأكبر الظن أن حمادا لم يأخذ حريته كاملة
في قصائد مجموعته ،فقد كانت على ما يظهر معروفة بين العرب ،على أنه ينبغى مقابلتها على دواوين
أصحابها وروايتها الوثيقة.
والمجموهة الثانية في المنتخبات هى المفضليات :وذلك نسبة إلى جامعها المفضل الضبى راوى الكوفة الثقة،
وقد نشرها ليال بشرح ابن األنبارى ،وهى مائة وست وعشرون قصيدة أضيف إليها أربع قصائد وجدت في
بعض النسخ ،وفى مقدمة الشرح سند كامل لها يرفعه ابن األنبارى إلى ابن األعرابي تلميذ المفضل وربيبه.
والمجموعة الثالثة من كتب المنتخبات العامة األصمعيات :نسبة إلى األصمعى راويها ،وقد نشرها آلورد عن
نسخة سقيمة في برلين سنة 1902وأعاد نشرها عبدالسالم هرون وأحمد شاكر عن نسخة للشنقيطي نقلها عن
أصل قديم وهى نشرة عليمة جيدة ،وقد بلغ عدد قصائدها ومقطوعاتها اثنتين وتسعين ،وهى موزعة على 71
شاعرا ً منهم نحو 40جاهليا ً على رأسم امرؤ القيس والحارث ابن عباد وغيرهم ،فقد جاء فى هذة المجموعة
كثير من الكلمات المهجورة التى لم تثبتها المعاجم ،غير أنها لم تلعب الدور الذى لعبته المفضليات فلم يتعلق بها
الشراح ،ولعل ذلك يرجع إلى قلة غريبها بالقياس إلى المفضليات ،وأيضأ فإن األصمعى لم ير ِو كثيرا ً من
القصائد كاملة ،بل اكتفى بمختارات منها.
والمجوعة الرابعة جمهرة أشعار العرب :7ألبي زيد محمد بن أبى الخطاب القرشى ،وال نجد اسمه بين الرواه
المشهورين ،غير أنه يتضح من مقدمته لكتابة وما نقله عن الرواة أن بينه وبين رواة القرن الثاني جيلين أو
- 6د ـ شوقى ضيف – تاريخ األدب العربي العصر الجاهلى صـ . 180 ، 179 ، 178 ، 177 ، 176
- 7د ـ شوقى ضيف – تاريخ األدب العربي العصر الجاهلى صـ . 180 ، 179 ، 178 ، 177 ، 176
6
ثالثة ،فالوسائط بينه وبينهم في السند غير بعيدة ،والجمهرة تضم تسعا ً وأربعين قصيدة طويلة موزعة على
سبعة أقسام ،في كل قسم سبع قصائد ،والقسم األول خاص بالمعلقات ،وقد أخذ فيها برواية أنها سبع ،وأسقط
منها معلقى الحارث وعنترة ووضع مكانهما معلقى األعشبى والنابغة ،ويلى هذا القسم المجمهرات وهى لعبيد
بن األبرص وعدي بن زيد و بشر بن أبي خازم وأمية بن أبي الصلت و خداش بن زهير والنمر بن تولب
وعنتره ويلي هذه المنطقيات أي المختارات المذهبات وجميع هؤالء الشعراء من االنصار جاهلين أو
مخضرمين وهي مجموعه غنيه بالقصائد الطويله ولكنها غير موثقه الروايه فال بد في اإلعتماد عليها من
مقابلتها على روايات صحيحة ،وطبعت الجمهرة مرارا ً في بيروت والقاهرة.
و من الكتب الجيدة التي تشمل على شعر جاهلي كثير منها شرح النقائض البي عبيده وقد انشد فيه كثير من
الشعر الذي يكون في أيام العرب وحذا حذوه من كتب في أيام العرب مثل ابن االثير في كامله وابن عبد ربه
في عقده ،ومن الكتب الجيده ايضا طبقات الشعراء البن سالم كما يضم ايضا كتاب الشعر والشعراء البن
قتيبه،وهناك كتب أدب ألفت في البصره مثل البيان والتبيين والحيوان للجاحظ والكامل للمبرد.
أولى هذة الطبقات بالتقديم هى طبقة شعراء الرواة ،وهم يبدوا طائفتين طائفة الشعراء فيما يرون شعر شاعر
بعينه ،فكان يحفظون الشعر وينظمون شعرهم واعين مقلدين في بدء أمرهم ،ثم يكون هذا التقليد فترة يصدرون
عنه صدورا ً فنيا ً ،لذلك لدى الشعراء خصائص فنية تجمع بينهم ،وقد قسم النقاد الشعراء طبقات أربعة فجعلوا
الطبقة األولى مقدمة على سائر الطبقات الشعراء الفحول ،وقد عرفوا الشعراء الفحول بأنهم الشعراء الرواة.
الطائفة األولى :هما الذي يتسلسلون في نسق ويكونون مدرسة شعرية ،ولسنا في سبيل دراسة الخصائص الفنية
للمدرسة الشعرية ،وهذا العرض التقريري الذي أورده للنقاد األقدمون وأقر به بعض هؤالء الشعراء أنفسهم.
إن حقيقة الصلة بين تالميذ هذة المدرسة هى التأنى في نظم الشعر وإعادة النظر فيه ،واألمر بعد ذلك يحتاج
إلى دراسة فنية ليس هذا مجالها للشعر ،فهؤالء الشعراء يتجلى لنا األصول الشعرية التى قامت عليها كل
مدرسة.
الطائفة الثانية :هما الشعراء اللذين لم يختصوا برواية شعر شاعر بذاته ،ويرون لشعراء كثيرين يتلمذون لهم
جميعا ً ،وهذة الطائفة من الشعراء لها قيمة كبيرة في حثنا هذا ،إذا أنهم جميعا ً من شعراء القرن األول الهجري
- - 8د ـ ناصر الدين األسد ـ مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية – ص – 254 : 222دار الجيل ـ بيروت ـ لبنان.
7
هما جميعا ً قدروا الشعر الجاهلى وحفظوه وتمثلوا به بل نقضوه وحكموا عليه ،وفاصلوا بين شعراء الجاهليين،
اعتمد الرواة من علماء القرن الثاني أحكام هؤالء الشعراء الرواة ورؤيتهم للشعر الجاهلي وأخذوا عنهم.
كانت القبيلة تختفي إذا نبغى فيها الشاعر فتصنع األطعمة وتجتمع النساء يلعبن بالمزاهر كما يصنعن في العرائس
ود لتنا على مبلغ عناية القبلة بالشعر بأن بنى تغلب كانوا يعظمون قصيدة عمرابن كلثوم المعلقة ،ولذلك كانت
القبيلة مصدرا ّ من مصادرشعر شعرائها ومصدرأ من مصادر الشعر الذي يمدحها به شعراء القبائل األخرى.
قد كان بعض الشعراء وخاصة الفحول منهم رواة يصحبونهم ويلزمنهم في ترحالهم وكان ينشدون شعرهم في
المجال ويحفظونه ،وقد جرى أمر الشعراء وروانهم في العصور اإلسالمية على ما جرى عليه في الجاهلية،
فقد كان ال فرزدق رواة أحدهما رجل من بنى ربعية ابن مالك ويبدوا أن هذة الرواية كانت تروى عامة شعر
الفرزدق ،وال يروى من شعر الفرزدق إال ماكان هجاء أو نقدا ً لقصائد جرير وغيرهم من الشعراء.
ليس هؤالء فيما يبدوا لنا طبقة خاصة قائمة بذاتها ولم كان يكن بين هذة الرواة إلصالح الشعر ،وأول ما يلفت
انتباهنا أننا رأينا رواة في القرن األول يصلحون بعض الشعر األموى ،فقد كان هناك شيخا ً من هذيل كان خاليا ً
للفرزدق ودخل على رواة الفرزدق فوجدهم يقلدون ما انحرف من شعرهم .
كان بعض شعراء الرواة العلماء ،وكان بعض رواة الشاعر علماء ،وكان بعض رواة القباءل علماء ،وكان
بعض رواة المصلحين علماء ،وهذة الطبقة خاصة متميزة غير الطبقات التى أشرنا إليها ،وأيضا ً اتخذت من
الشعر موضوعا ً علميا ً تدرسه دراسة وتؤخد عن طريق شيخ أو أستاذ ،وكانت تلك المساجد أو منازل الشيوخ
كان يجتمع فيها التالميذ من العلماء والمتعلين يجتمعون حول شيخ شهد له بالحفظ ومعرفته بكالم العرب
واإلحاطة الكبيرة بشعرهم.
8
المراجع :
.1د .محمد هاشم عطية ـ األدب العربي وتاريخة في العصر الجاهلى ـ مطبعة مصطفى
الباني الحلبي وأوالده بمصر 1355هـ ـ 1936م .700 /
.2د .ناصر الدين األسد ـ مصادر الشعر الجاهلى وقيمتها التاريخية ـ دار الجيل ـ بيروت
لبنان .
.3د .شوقى ضيف ـ تاريخ األدب العربي ـ العصر الجاهلى ـ دار المعارف للطباعة
والنشر.
9