You are on page 1of 19

613_595 :‫ ص‬،2021-3:‫ اﻟﻌدد‬/35 :‫اﻟﻣﺟﻠد‬ 1 ‫ﺣوﻟﯾﺎت ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر‬

ِ
‫ﺗﻌﻘﯾدات اﻷزﻣ ُﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ‬
‫ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ‬
COMPLICATIONS OF THE SECURITY CRISIS IN MALI AND ITS
IMPLICATIONS ON THE REGIONAL SECURITY OF THE SAHEL AFRICAN
2
‫ ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺷﻛﺎﻛطﺔ‬،1‫ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻏرﺑﻲ‬
1
gherbi.abdelouahab@univ-alger3.dz ،(‫ )اﻟﺟزاﺋر‬3 ‫ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺟ ازﺋر‬
2
a.chekakta@univ-dbkm.dz ،(‫ ﻟوﻧﯾﺳﻲ ﻋﻠﻲ )اﻟﺟزاﺋر‬2 ‫ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺑﻠﯾدة‬

2021/‫ ﺳﺑﺗﻣﺑر‬:‫ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻧﺷر‬ 2021/06/ 09 :‫ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻘﺑول‬ 2020/05/23 :‫ﺗﺎرﯾﺦ اﻹرﺳﺎل‬

‫اﻟﻣﻠﺧص‬
‫ﺗﻬدف ﻫذﻩ اﻟورﻗﺔ اﻟﺑﺣﺛﯾﺔ إﻟﻰ ﻓﻬم وﺗﻔﺳﯾر أﺻل اﻷزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ وﺗﻌﻘﯾداﺗﻬﺎ ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻣﺎﻟﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻓﺗرة ﻣﺎ‬
‫ ﻣﺻدرﻫﺎ‬،‫ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ دوﻟﺔ ﻣرﻛزﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﺗﺷﻬد ﺣﺎﻟﺔ ﻋدم اﺳﺗﻘرار ﻣﺳﺗﻣر‬،2011 ‫ﺑﻌد‬
‫ﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ‬
‫ واﻟﺗﻲ ﺗُﻌﺗﺑر ﻣن أﻫم اﻷزﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﻘﺎرة اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ وأﻛﺛرﻫﺎ ًا‬،"‫اﻷﺳﺎﺳﻲ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻣظﺎﻫر "اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔﺎﺷﻠﺔ‬
.‫اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ واﻻﻗﻠﯾﻣﻲ ﻟدول اﻟﻣﻧطﻘﺔ‬
‫ ﺧﺎﺻﺔ‬،‫ﻛﻣﺎ ﻧﺳﻌﻰ ﻣن ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟورﻗﺔ إﻟﻰ ﺗوﺿﯾﺢ اﻧﻌﻛﺎﺳﺎت ﻫذا "اﻟﻔﺷل اﻟدوﻻﺗﻲ" ﻋﻠﻰ اﻟﺟوار اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ‬
‫ وﺗﺣدﯾد أﺳﺑﺎﺑﻬﺎ اﻟﻣﺑﺎﺷرة‬،‫ ﺣﺗﻰ ﻧﺗﻣﻛن ﻣن اﻋطﺎء ﺗﺻور ﻟﺗطور ﻫذﻩ اﻷزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻣﺎﻟﻲ‬،‫ﻣﻧﻬﺎ اﻟﺟزاﺋر‬
.‫ وﻣﺎ ﯾﻧﺗﺞ ﻋﻧﻬﺎ ﻣن اﻧﻌﻛﺎﺳﺎت ﻣﺗﻌددة اﻷﺑﻌﺎد ﻋﻠﻰ اﻷﻣن اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ‬،‫وﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة‬
.‫ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ‬،‫ اﻷزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ‬،‫ اﻷﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ‬،‫ اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ‬،‫ اﻟﻔﺷل اﻟدوﻻﺗﻲ‬:‫اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﻣﻔﺗﺎﺣﯾﺔ‬

Abstract:
This document aims at understanding and explaining the origin and complications of the
security crisis that has plagued Mali in recent years post 2011 period, as a central country in
the Sahel region, which is increasingly considered as a "failed state". which is considered one
of the most important crises in The African continent has the most impact on the national and
regional security of the countries of the region.
By this document, we shall seek to clarify the root causes of the security crisis in Mali
and its scenarios, especially for big countries like Algeria, Morocco and Egypt, in addition
explores its implications on the regional security of the Sahel African as whole. and determine
its direct and indirect causes, and the resulting multi-dimensional implications for regional
security in the African Sahel region.
Key words: state failure; national security; regional security; security crisis; Sahel region.

595
a.chekakta@univ-dbkm.dz :‫ اﻹﻳﻤﻴﻞ اﻟﻤﻬﻨﻲ‬،‫ ﻋﺒﺪ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺷﻜﺎﻛﻄﺔ‬:‫اﻟﻤﺆﻟﻒ اﻟﻤﺮﺳﻞ‬
‫ﺗﻌﻘﯾدات اﻻزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻻﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻏرﺑﻲ‪ -‬ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺷﻛﺎﻛطﺔ‬

‫اﻟﻣﻘدﻣﺔ‬

‫ﺗﻌﺎﻧﻲ ﺑﻌض دول اﻟﻘﺎرة اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد اﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻷزﻣﺎت اﻷﻣﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺷﻛﻠت ﺗﺣدي‬
‫ﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ‬
‫أﻣﺎم أَﻣﻧﻬﺎ اﻟﻘوﻣﻲ‪ ،‬ﻣﻧﻬﺎ ﺣﺎﻟﺔ "اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔﺎﺷﻠﺔ" اﻟﺗﻲ ﺗُﻌﺗﺑر ﻣن أﻫم اﻷزﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﻘﺎرة وأﻛﺛرﻫﺎ ًا‬
‫وﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﺗﻌود ﻫذﻩ اﻷزﻣﺎت إﻟﻰ اﻟﺿﻌف اﻟذي ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﻪ اﻟدول ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﺗﺣﻘﯾق‬
‫ً‬ ‫اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ واﻻﻗﻠﯾﻣﻲ‪،‬‬
‫وﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ ذات اﻟﺗﻧوع‬
‫اﻻﻧدﻣﺎج اﻟوطﻧﻲ‪ ،‬وذﻟك راﺟﻊ ﻟﻌدة أﺳﺑﺎب ﺗﺗﻌﻠق ﺑطﺑﯾﻌﺔ اﻟدوﻟﺔ ُ‬
‫اﻹﺛﻧﻲ واﻟﻌرﻗﻲ‪.‬‬
‫ﯾﺑرز ﺗراﺟﻊ اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ ﻟﻠدول ﻓﻲ ظﻬور اﻟﻔوﺿﻰ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﺑﺳﺑب ﻓﺷل اﻟدوﻟﺔ أو اﻧﻬﯾﺎرﻫﺎ وﻏﯾﺎﺑﻬﺎ‪،‬‬
‫ﻣﻼﺋﻣﺎ ﻟزﯾﺎدة ﻧﺷﺎطﻬﺎ وﺗوﺳﯾﻌﻪ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺗﺟد‬
‫ً‬ ‫أﯾن ﺗﺟد اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻹرﻫﺎﺑﯾﺔ وﻋﺻﺎﺑﺎت اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ً‬
‫ﻣﻧﺎﺧﺎ‬
‫ﺣرﻛﺎت اﻟﺗﻣرد واﻻﻧﻔﺻﺎل اﻟﻌرﻗﯾﺔ أرﺿﯾﺔ ﺧﺻﺑﺔ ﻟﻬﺎ ﻟﻠدﺧول ﻓﻲ ﻧزاﻋﺎت ﻣﺗواﺻﻠﺔ‪ ،‬ﻟﻬﺎ اﻧﻌﻛﺎﺳﺎت ﺧطﯾرة‬
‫أﻣﻧﯾﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ‪ ،‬وﻣن ﺑﯾن أﻫم ﻫذﻩ اﻟﻧزاﻋﺎت‬
‫ﺗﻬدﯾدا ً‬
‫ً‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ ﻟﻬذﻩ اﻟدول ﻛﻣﺎ ﺗﺷﻛل‬
‫اﻟﻣؤﺛرة ﻓﻲ أﻣن اﻟدول وﺳﯾﺎدﺗﻬﺎ ﻧﺟد اﻟﻧزاع اﻟداﺧﻠﻲ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ‪.‬‬
‫أﺳﺎﺳﺎ ﻣن اﻟﻬﺷﺎﺷﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻫذا اﻟﺗﻌدد‬
‫ً‬ ‫أﻣﺎم ﻋﺟز ﺑﻌض ﻫذﻩ اﻟدول اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ‬
‫ووﺟود أﻧظﻣﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺗﻣﺎء اﻟﻘَﺑﻠﻲ‪ ،‬اﺿطرت اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻌرﺿت ﻟﻠﺣرﻣﺎن‬ ‫اﻟﻬُوﯾﺎﺗﻲ‪ُ ،‬‬
‫واﻹﻗﺻﺎء إﻟﻰ اﺳﺗﺧدام اﻟﻌﻧف اﻟﻣﺳﻠﺢ ﻓﻲ أﻛﺛر ﻣن ﻣرة ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻻﻧﻔﺻﺎل أو اﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ‪ ،‬ﻓﻬﻲ ﺗرﻛز‬
‫ﻧﻣوذﺟﺎ ﺗﺗﺟﻠﻰ ﻓﯾﻬﺎ‬
‫ً‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺗﺣدﯾث اﻟﻧظم وﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت ﺗﺣﺗﻔظ ﺑوﻻءاﺗﻬﺎ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ‪ ،‬وﺗﻌﺗﺑر دوﻟﺔ ﻣﺎﻟﻲ‬
‫ﻣظﺎﻫر ﺗﺄﺛﯾر اﻟﻔﺷل اﻟدوﻻﺗﻲ ﻋﻠﻰ أﻣﻧﻬﺎ اﻟﻘوﻣﻲ واﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ‪.‬‬
‫‪ ‬اﻻﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟﻣطروﺣﺔ‪:‬‬
‫أﻣﺎم ﻫذا اﻟﻔﺷل اﻟدوﻻﺗﻲ اﻟذي ﯾﻬدد اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ ﻟدوﻟﺔ ﻣﺎﻟﻲ واﻷﻣن اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل‬
‫اﻷﻓرﯾﻘﻲ‪ ،‬ﺗﺳﺗدﻋﻲ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣوﺿوع ﺻﯾﺎﻏﺔ إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟﻣﻘﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻵﺗﻲ‪ :‬ﻣﺎ ﻫﻲ ﺗﺟﻠﯾﺎت اﻟﺑﻌد‬
‫اﻷﻣﻧﻲ ﻟﻠﻔﺷل اﻟدوﻻﺗﻲ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ؟ وﻛﯾف ﯾﻧﻌﻛس ﻋﻠﻰ اﻷﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ؟‬

‫‪ ‬ﻣﻧﻬﺞ اﻟﺗﺣﻠﯾل‪:‬‬
‫ﻟﻺﺣﺎطﺔ ﺑﻣﺧﺗﻠف اﻟﺟواﻧب اﻟﻣﺗداﺧﻠﺔ ﻓﻲ اﻧﺗﺎج ﺣﺎﻟﺔ اﻷزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﻣن‬
‫اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ‪ ،‬ﻧﻌﺗﻣد ﻓﻲ دراﺳﺗﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟوﺻﻔﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﻲ اﻟذي ﯾﻬﺗم ﺑوﺻف اﻟظﺎﻫرة وﯾﻌﺑر ﻋﻧﻬﺎ ً‬
‫ﻛﯾﻔﯾﺎ‪،‬‬
‫ﺑﺗوﺿﯾﺢ ﺧﺻﺎﺋﺻﻬﺎ ﻣن ﺧﻼل ﻣﻌطﯾﺎت ﺗوﺿﺢ ﺧطورة اﻷزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ وظﺎﻫرة اﻟﻔﺷل اﻟدوﻻﺗﻲ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻧﻌﺗﻣد‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﻧﻬﺞ دراﺳﺔ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻻﻓ ارزات اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﺗﺟﺎذﺑﺎت اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت وراء إﻋﺎدة ﺑﻧﺎء‬
‫اﻻﻓﺗراﺿﺎت اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﻣﻌﺎدﻟﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻛﺄﺣد اﻷﺷﻛﺎل اﻟﺟدﯾدة ﻣن اﻟﺗﻬدﯾدات اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻟﻸﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ‪.‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﻧﻌﺗﻣد ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾﻼﺗﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﻧظرﯾﺔ "ﻣرﻛب اﻷﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ" ‪Regional Security‬‬
‫‪ ،Complex‬اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻓﻛرة اﻟﻣﺳﺗوى اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻫو ﻣرﻛز اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻷﻣﻧﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن اﻟﻣﺳﺗوى‬

‫‪596‬‬
‫ﺗﻌﻘﯾدات اﻻزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻻﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻏرﺑﻲ‪ -‬ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺷﻛﺎﻛطﺔ‬

‫اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻟﻸﻣن ﯾﻔرض ﻧﻔﺳﻪ ﻋﻠﻰ اﻟوﺣدات اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﺑﺳﺑب ﺗﺄﺛﯾر اﻟدﯾﻧﺎﻣﯾﻛﯾﺎت اﻷﻣﻧﯾﺔ ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎن ﻣﺻدر‬
‫اﻟﺗﻬدﯾد ﻣﻧﺑﺛق ﻣن دوﻟﺔ واﺣدة‪ ،‬وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ اﻷزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ اﻟﺗﻲ اﻣﺗدت آﺛﺎرﻫﺎ اﻷﻣﻧﯾﺔ‬
‫ﻋﺑر اﻟﺟوار اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ ﺑﺣﻛم اﻟﺗُﺧوﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻲ اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﻟﻠدﯾﻧﺎﻣﯾﻛﯾﺎت اﻷﻣﻧﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ ‬اﻟﻔرﺿﯾﺎت اﻟﻣﻌﺗﻣدة‪:‬‬
‫أن ﺗﺄزم‬
‫ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟدراﺳﺔ ﻧرﻛز ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾﻠﻧﺎ ﻟﻠﻣوﺿوع ﻋﻠﻰ ﻓرﺿﯾﺔ أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻣﻔﺎدﻫﺎ ّ‬
‫اﻟوﺿﻌﯾﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔﺷل اﻟدوﻻﺗﻲ ﺑﻣﺎ ﯾﻧﻌﻛس ﻋﻠﻰ اﻷﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ‬
‫اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ‪.‬‬
‫‪ ‬ﺗﻘﺳﯾﻣﺎت اﻟﻣﻘﺎل‪:‬‬
‫وﻗﺻد اﻹﻟﻣﺎم ﺑﺟواﻧب اﻟﻣوﺿوع‪ ،‬ﻗﻣﻧﺎ ﺑﺗﻘﺳﯾم ﻫذا اﻟﻣﻘﺎل إﻟﻰ ﺛﻼث ﻣﺣﺎور أﺳﺎﺳﯾﺔ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ‪:‬‬
‫‪ -1‬اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﻬوﻣﻲ‪.‬‬
‫‪ -2‬ﺟﯾوﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻹﺛﻧﯾﺔ واﻟﻌرﻗﯾﺔ ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻣﺎﻟﻲ واﻣﺗداداﺗﻬﺎ اﻻﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل‬
‫اﻷﻓرﯾﻘﻲ‪.‬‬
‫‪ -3‬ظروف اﻷزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ وﻣﯾﻛﺎﻧﯾزﻣﺎﺗﻬﺎ اﻻﻗﻠﯾﻣﯾﺔ و َ‬
‫اﻟدوﻟﯾﺔ‪.‬‬
‫‪ -4‬ﺳﯾﻧﺎرﯾوﻫﺎت اﻷزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻣن اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل‬
‫اﻷﻓرﯾﻘﻲ‬
‫أوﻻً‪ :‬اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﻬوﻣﻲ‬
‫ﺗﻘﺗﺿﻲ اﻟدراﺳﺔ ﺗوﺿﯾﺢ وﺗﺣدﯾد ﺑﻌض اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻟﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻣوﺿوع ﻟﺗوﺿﯾﺢ أﺛر اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻷزﻣﺔ‬
‫اء ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‬
‫واﻟﻔﺷل اﻟدوﻻﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ واﻷﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﻌددت اﻟﺗﻌﺎرﯾف ﺳو ً‬
‫أو اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ أو اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪.‬‬
‫اﺋﯾﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ "ﻛل ﻣﺎ ﯾﻬدد أو ﯾﻣﻧﻊ أو ﯾﻌطل أو ﯾﻐﯾر ﺷﻛل اﻟوﺻول إﻟﻰ ﻫدف ﻣﺎ‪ ،‬ﺗﺗﻌدد‬
‫اﻷزﻣﺔ‪ :‬ﺗُﻌرف إﺟر ً‬
‫أﺑﻌﺎدﻫﺎ وﺗﺗﺷﺎﺑك ﻛﻠﻣﺎ زادت ﺣدﺗﻬﺎ‪ ،‬وﺗﺗﻣﯾز ﺑﺎﻟﻔﺟﺎﺋﯾﺔ وﺿﯾق اﻟوﻗت واﺗﺳﺎع أًﻓﻘﻬﺎ وﺗﻬدﯾدﻫﺎ ﻟﻠﻣﺻﻠﺣﺔ‬
‫ودوﻟﯾﺎ‪ ،‬وﻫو ﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﺳﺗﺛﻣﺎرﻩ ﻣن اﻷطراف‬
‫ً‬ ‫إﻗﻠﯾﻣﯾﺎ‬
‫ً‬ ‫اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ ﻣﺣل اﻷزﻣﺔ‪ ،‬وﻗد ﺗﻧﺗﺷر ﻣﺧﻠﻔﺎﺗﻬﺎ‬
‫اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل "أﻣﻧﻧﺔ اﻷزﻣﺔ" ﻟﺷرﻋﻧﺔ اﻟﺗدﺧﻼت ﺑﻬﺎ وﺗﺳرﯾﻊ ردود اﻷﻓﻌﺎل ِﺣﯾﺎﻟﻬﺎ"‪.1‬‬
‫ﺗﻌد اﻷزﻣﺔ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻣوﻗف ﻣﻔﺎﺟﺊ َﯾﻧﺗﺞ ﻋﻧﻪ ﺗﻬدﯾد ﻟﻸﻣن واﻻﺳﺗﻘرار‪ ،‬ﺗﺗﺻﺎﻋد ﻓﯾﻬﺎ‬
‫اﻷﺣداث ﺑﺷﻛل ﺳرﯾﻊ ﻓﻲ ظل إﻣﻛﺎﻧﯾﺎت ﻗﻠﯾﻠﺔ وﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻧﺎﻗﺻﺔ وﺣﺎﺟﺔ ﻋﺎﺟﻠﺔ ﻓﻲ اﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار وﺗﻛﺎﺛف‬
‫اﻟﺟﻬود واﻟﺗﻧﺳﯾق ﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺟﻬﺎت اﻷﻣﻧﯾﺔ وﻏﯾر اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻟﻣواﺟﻬﺔ ﻫذا اﻟﻣوﻗف اﻟﺣرج‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﻣﻛن أن‬
‫إﻗﻠﯾﻣﯾﺎ ذو اﻣﺗدادات َدوﻟﯾﺔ وﺗؤﺛر ﻓﻲ دول اﻟﺟوار وﺗُﻬدد اﻷﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻟﺗﺻﺑﺢ‬
‫ً‬ ‫ﺑﻌدا‬
‫ﺗﺗﻌﺎظم آﺛﺎرﻫﺎ ﻟﺗﺄﺧذ ً‬
‫ﺑذﻟك أزﻣﺔ أﻣﻧﯾﺔ َدوﻟﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺗﺄزم اﻷوﺿﺎع اﻷﻣ ـ ـﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ ﺟﻌﻠﻬﺎ ذات أﺑﻌﺎد َدوﻟﯾﺔ ﺗﻧﻌﻛس ﺗداﻋﯾﺎﺗﻬﺎ‬
‫ﺧﺻوﺻﺎ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻹﻓرﯾﻘﻲ‪.‬‬
‫ً‬ ‫اﻷﻣ ـ ـﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ دول اﻟﺟوار اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ‬

‫‪597‬‬
‫ﺗﻌﻘﯾدات اﻻزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻻﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻏرﺑﻲ‪ -‬ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺷﻛﺎﻛطﺔ‬

‫ﻫﻧﺎك ﻋﻧﺻر أﺳﺎﺳﻲ ﯾﺗﺿﻣﻧﻪ ﻣوﻗف اﻷزﻣﺔ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗﻬدﯾد أي اﻹﺣﺳﺎس ﺑﺧطر ﻣرﺗﻔﻊ ﯾﻔوق‬
‫ﻣﻌدﻻت اﻟﻣواﻗف اﻟﻌﺎدﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻷزﻣﺔ‪ ،‬وﯾﺗﺟﻪ ﻫذا اﻟﺗﻬدﯾد ﻧﺣو اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻠدوﻟﺔ وﻗﯾﻣﻬﺎ أي‬
‫ﺑﻣﻌﻧﻰ ﺗﻬدﯾد ﺛم أزﻣﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﻧﻘﺳم أﺑﻌﺎد اﻷزﻣﺔ ﺣﺳب ﻣوﺿوﻋﻬﺎ إﻟﻰ ﺑﻌد ﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬اﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪،‬‬
‫دﺑﻠوﻣﺎﺳﻲ وأﻫﻣﻬﺎ اﻟﺑﻌد اﻷﻣﻧﻲ ﻋﻧد ﺣدوث اﻷزﻣﺔ‪ ،‬إذ ﯾراﻓﻘﻬﺎ اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻔوﺿﻰ واﻧﺗﺷﺎر اﻹﺷﺎﻋﺎت ﻣﻊ‬
‫ﻗﻠﺔ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻣﺗوﻓرة ﻣﻣﺎ ﯾِؤدي إﻟﻰ ﺣدوث ﻧوع ﻣن اﻟﻔراغ اﻷﻣﻧﻲ اﻟذي ﻗد ُﯾﺷﻛل ﺑﯾﺋﺔ ﺣﺎﺿﻧﺔ ﻻﻧﺗﺷﺎر‬
‫وﺻﺎ ﻓﻲ ظل ﺗراﺟﻊ ﻋﻣل وﻣراﻗﺑﺔ ﺑﻌض اﻷﺟﻬزة اﻷﻣﻧﯾﺔ‪ ،‬وﺗﺗﻣﺛل ﻫذﻩ‬ ‫ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺗﻬدﯾدات‪ ،‬ﺧﺻ ً‬
‫اﻟﺗﻬدﯾدات ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:2‬‬
‫‪ -1‬اﻟﻌﻧف اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪ :‬اﻟذي ﺗﺟﺳدﻩ اﻟﺻراﻋﺎت وﺗﺻﻔﯾﺔ اﻟﺣﺳﺎﺑﺎت ﺑﯾن ﺑﻌض اﻟﻘوى‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ أو إﺛﺎرة اﻟﻧﻌرة اﻟطﺎﺋﻔﯾﺔ واﻟﻌرﻗﯾﺔ وﻣﺎ ﯾﻧﺗﺞ ﻋﻧﻬﺎ ﻣن أﻋﻣﺎل وﺗوﺗرات ﻗد ﺗﻬدد اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ وﺣﺗﻰ‬
‫اﻷﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ‪ ،3‬وﻫذا ﻣﺎ ﺣدث ﻓﻲ ﻋدة ﻣرات ﻣﻊ ﻗﺑﺎﺋل ﺗوارق ﺷﻣﺎل ﻣﺎﻟﻲ اﻟﺗﻲ ﻟﻬﺎ إﻣﺗدادات ﺧﺎرج‬
‫اﻟﺣدود اﻟوطﻧﯾﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﻌﯾش ﻫذﻩ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻹﺛﻧﯾﺔ واﻟﻌرﻗﯾﺔ ُﻣﻘﺳﻣﺔ ﺑﯾن ﺧﻣس )‪ (05‬دول ذات ﺳﯾﺎدة‬
‫إﺗﻔﻘت ﻋﻠﻰ ﺗرﺳﯾم اﻟﺣدود اﻟﻣوروﺛﺔ ﻋن اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر ﻣن ﺧﻼل ﻣﯾﺛﺎق ﻣﻧظﻣﺔ اﻟوﺣدة اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻓﻲ ‪،1963‬‬
‫واﻟﺗﻲ ﻣﻧﻬﺎ اﻟﺟزاﺋر‪.‬‬

‫‪ -2‬اﻟﻔﺳﺎد اﻟﻣﺎﻟﻲ واﻹداري‪ :‬ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻌﺟز ُﻣﺗﺧذ اﻟﻘرار ﻋﻠﻰ ﻣواﺟﻬﺔ اﻷزﻣﺔ ﺑﺳﺑب ﺗﻌﻘدﻫﺎ ﻣﻊ ﺿﯾق‬
‫اﻟوﻗت وﻗﻠﺔ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ظل ﺗراﺟﻊ ﻣراﻗﺑﺔ أﺟﻬزة اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬ﻓﺗﻧﺗﺷر اﻟرﺷوة واﻟﻔﺳﺎد اﻹداري واﻟرﺷوة‬
‫اﻻﺧﺗﻼﺳﺎت وﺗﺑﯾﯾض اﻷﻣوال‪.‬‬

‫‪ -3‬اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ‪ :‬ﺣﯾث ﺗﺟد اﻟﻌﺻﺎﺑﺎت اﻹﺟراﻣﯾﺔ ﻓرﺻﺔ ﻓﻲ ﺗوﺳﯾﻊ ﻧﺷﺎطﻬﺎ وﺗﺗﺣول إﻟﻰ ﺟراﺋم‬
‫ﻣﻧظﻣﺔ ﻗد ﺗﺗﺧطﻰ اﻟﺣدود اﻟوطﻧﯾﺔ ﻛﺎﻟﺗﻬرﯾب واﻹﺗﺟﺎر ﺑﺎﻟﻣﺧدرات واﻷﺳﻠﺣﺔ واﻹﺗﺟﺎر ﺑﺎﻟﺑﺷر‪.‬‬

‫‪ -4‬اﻹرﻫﺎب‪ :‬ﺣﯾث ﺗﻧﺗﻌش اﻟﺧﻼﯾﺎ اﻹرﻫﺎﺑﯾﺔ اﻟﻧﺎﺋﻣﺔ وﺗزﯾد اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻻرﻫﺎﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﺣرﻛﯾﺗﻬﺎ ﻣن ﺣﯾث‬
‫اﻟﺗﻧظﯾم واﻟﺗﻌﺑﺋﺔ ﻣﺳﺗﻐﻠﯾن ﺑذﻟك اﻧﺷﻐﺎل أﺟﻬزة اﻟدوﻟﺔ وﻣؤﺳﺳﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎﻷزﻣﺔ‪ ،‬وﻗد ﺗﺗﺣﺎﻟف ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ﻣﻊ‬
‫ﺑﻌض أﺷﻛﺎل اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ أو ﺑﻌض اﻟﺣرﻛﺎت اﻻﻧﻔﺻﺎﻟﯾﺔ ﻟﯾﻛون ﺟزًء ﻣن أﺟزاء اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ ﻓﻲ‬
‫ﻋﺻر اﻟﻌوﻟﻣﺔ‪ ،‬ﺣﯾث اﺳﺗﻔﺎد ﻣن ﻣزاﯾﺎ اﻟﻌوﻟﻣﺔ وأﺻﺑﺢ اﻟﺣدﯾث ﻋن ﻋوﻟﻣﺔ اﻹرﻫﺎب‪.4‬‬

‫ﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺳﺑق ﯾﺗﺑﯾن أن اﻟﺑﻌد اﻷﻣﻧﻲ ﻟﻸزﻣﺔ ﯾرﺗﺑط ﺑﺎﺧﺗﻼل اﻷﻣن وﻫو أﺧطر أﻧواع اﻷزﻣﺎت‪،‬‬
‫ﻷﻧﻪ ﺑﻐﯾﺎب اﻷﻣن ﺗﻧﺗﺞ ﻋﻧﻪ ﺑﻘﯾﺔ اﻷزﻣﺎت اﻷﺧرى وﺗﺗﻌﻘد ﺣﻠﻘﺎﺗﻬﺎ‪ ،‬ﻛﻣﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﻣس ﻛل ﺷراﺋﺢ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‬
‫وﺗؤﺛر ﻓﻲ ﻛل اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗؤدي اﻟﻰ ﻣظﺎﻫر "اﻟﻔﺷل اﻟدوﻻﺗﻲ"‪ ،‬ﻟذا ﯾﺳﺗوﺟب ﺗظﺎﻓر اﻟﺟﻬود ﻓﻲ ﺣﻠﻬﺎ‬
‫وﻫذا ﻣﺎ ﯾؤﻛد ﺿرورة أوﻟوﯾﺔ اﻷﻣن ﻋﻠﻰ ﻛل اﻟﻣطﺎﻟب واﻻﺣﺗﯾﺎﺟﺎت اﻷﺧرى‪.‬‬
‫اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔﺎﺷﻠﺔ‪ُ :‬ﯾﻘﺻد ﺑﻬﺎ اﻟدوﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣن ﻋـ ـ ـ ـ ـﺟز ﻣؤﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ـﺳﺎﺗﻲ وظﯾﻔﻲ ﺑﺷﻛل ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﺣـ ـ ـ ـ ـ ـﻛوﻣﺗﻬﺎ‬

‫‪598‬‬
‫ﺗﻌﻘﯾدات اﻻزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻻﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻏرﺑﻲ‪ -‬ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺷﻛﺎﻛطﺔ‬

‫اﻟﻣرﻛزﯾﺔ أن ﺗﻣﺎرس ﺳﯾطرة ﻓﻌﻠﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻛل ﻣﺳﺎﺣﺗﻬﺎ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ‪ ،‬ﻏﯾر ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻣواطﻧﯾﻬﺎ ﻣن اﻟﻌﻧف‬
‫وﺗﺄﻣﯾن ﺣﺎﺟﯾﺎﺗﻬم اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬ﻟﺗﺻﺑﺢ ﺑذﻟك ﻣﺻدر ﻟﻛل أﻧواع اﻟﺣروب اﻷﻫﻠﯾﺔ وﻟﻣﺧﺗﻠف اﻟﺗﻬدﯾدات اﻷﻣﻧﯾﺔ‬
‫ﺻﻧف "ﺻﻧدوق دﻋم اﻟﺳﻼم" اﻟدول اﻟﻔﺎﺷﻠﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ ﻣؤﺷرات ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‬
‫اﻻﻗﻠﯾﻣﯾﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ّ‬
‫وﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬إﻟﻰ ﺛﻼث ﻓﺋﺎت ﻫﻲ دول ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺧطر‪ ،‬ودول أﻗل ﻓﺷل ذات ﺧطر ﻛﺎﻣن‪،‬‬
‫وأﺧرى ﻣﺗوﺳطﺔ اﻟﻔﺷل ‪.5‬‬

‫ُﯾﻣﺛل "ﻓﺷل اﻟدوﻟﺔ" وﺗراﺟﻊ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ اﻟﻣﺻدر اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟظﻬور اﻟﻔوﺿﻰ اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻟﺗﻛون‬
‫أرﺿﯾﺔ ﺧﺻﺑﺔ ﻟظﻬور اﻟﻧﻌرة اﻟﻌرﻗﯾﺔ واﻧدﻻع اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟداﺧﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺎول ﻓﯾﻬﺎ اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻌرﻗﯾﺔ‬
‫اﻻﺳﺗﻘﻼل ﻋن اﻟﻧظﺎم اﻟذي ﯾﻬدد وﺣدة اﻟدوﻟﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ‪ ،‬وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻧطﺑق ﻋﻠﻰ ﺣﺎل دوﻟﺔ ﻣﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﺟزﺋﻬﺎ‬
‫اﻟﺷﻣﺎﻟﻲ اﻟذي ﺷﻬد ﻋدة ﺗﻣردات ﻣن ﻗﺑل اﻟﺗوارق‪ ،‬ﺣﯾث ﻓﺷﻠت اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻋدة ﻣرات اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ‬
‫ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻌرﻗﯾﺔ اﻟﺗﻲ طﺎﻟﺑت ﺑﺎﻻﻧـ ـ ـ ـ ـ ـﻔﺻﺎل ﻓﻲ ﻣرات ﻋدﯾدة ﺑ ـ ـ ـ ـ ـﺳﺑب اﻟﺧوف ﻣن ﺗﻬدﯾد أﻣﻧ ـ ـ ـ ـ ـﻬﺎ‬
‫وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺑﻘﺎﺋﻬﺎ‪.‬‬

‫اﻟدوﻟﯾﺔ‬
‫ﺑرز ﻣﺻطﻠﺢ "اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔﺎﺷﻠﺔ" ﻓﻲ ﺳﯾﺎق "اﻟﺛورة اﻟﻣﻌﯾﺎرﯾﺔ" اﻟﺗﻲ أُﻋﻠﻧت ﻣن طرف اﻟﻘوى َ‬
‫اﻟﻛﺑرى‪ ،‬ﻟﺗﻣﻧﺢ ﻟﻧﻔﺳﻬﺎ ﺣق اﺳﺗﺧدام اﻟﻘوة اﻟﻣزﻋوم ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺳﻛﺎن دول ﻣﻧﺗﻘﺎة دون أﺧرى‪ ،‬ﻓﺄﺻﺑﺢ ُﯾﻧظر‬
‫ﻌﻧﻰ ﺑﻪ ﻫذا اﻟﺗﺻور وﻓﻘﺎً ﻟﻣﻧظور أﻣﻧﻲ ﺑﺣت ﻣﻔﺎدﻩ أن‬
‫ﻟﻠدول اﻟﻔﺎﺷﻠﺔ ﺑﻣﻌزل ﻋن اﻟﻣﻧظور اﻟﺗﻧﻣوي اﻟذي ُﯾ َ‬
‫"اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔﺎﺷﻠﺔ" ﺗﺷﻛل ﻣﺻدر ﺗﻬدﯾد ﻷﻣﻧﻬﺎ اﻟﻘوﻣﻲ واﻷﻣن اﻟدوﻟﻲ‪ ،‬ﯾﺗﻣﺛل أﺳﺎﺳﺎً ﻓﻲ ﺗﻔرﯾﺦ اﻻرﻫﺎب‬
‫واﻟﺗطرف اﻟﻌﻧﯾف وﯾزداد ﻫذا اﻟﺗﻬدﯾد ﺧطورة ﻛﻠﻣﺎ زاد ﻋدد اﻟدول اﻟﻔﺎﺷﻠﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ إن ﻛﺎن ﻫﻧﺎك ﺗﻘﺎرب‬
‫ﺟﻐراﻓﻲ ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟدول‪ ،‬وﻫو ﻣﺎ ﯾﻔﺗﺢ اﻟﻣﺟﺎل أﻣﺎم اﻟﺗدﺧﻼت اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺑﻛل أﺷﻛﺎﻟﻬﺎ‪.‬‬
‫ﯾرﺗﺑط ﻣﻔﻬوم "اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔﺎﺷﻠﺔ" ﺑﺎﻟﺗدﺧل اﻟﻌﺳﻛري ﻣن ﺧﻼل رﺑط ﻗﺿﯾﺔ اﻧﺗﺷﺎر اﻻرﻫﺎب وﺗﺄﻛد ﻫذا ﻓﻲ‬
‫ﺗﻘرﯾر اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ اﻷﻣرﯾﻛﻲ ﻟﻌﺎم ‪ 2010‬اﻟذي ﯾﺷﯾر إﻟﻰ أن اﻟدول اﻟﺗﻲ ﺗُﻌﺗﺑر ﺳﺎﺋرة ﻓﻲ‬
‫طرﯾق اﻟﻔﺷل ﺗﻐذي اﻟﺻراﻋﺎت وﺗُﻬدد اﻷﻣن اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ‪ ،‬ﻷن ﻣﺎ ﯾﺣدث داﺧﻠﻬﺎ ﯾﻧﻌﻛس ﺑﺎﻟﺿرورة ﻋﻠﻰ ﺑﻘﯾﺔ‬
‫دول اﻟﺟوار اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﺗﺻﺑﺢ ﻣﻘﺎرﺑﺔ "اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔﺎﺷﻠﺔ" اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ اﻷﺻل دوﻟﺔ ﺿﻌﯾﻔﺔ‪ ،‬ﺗﺑرﯾر‬
‫ﻟﻠﺗدﺧل ﻓﻲ ﺷؤوﻧﻬﺎ اﻟداﺧﻠﯾﺔ واﻧﺗﻬﺎك ﻟﺳﯾﺎدﺗﻬﺎ‪ ،‬وﻫو ﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﺳﻘﺎطﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻟﻲ ﻛدوﻟﺔ ﻣرﻛزﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ‬
‫اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ‪.‬‬

‫وﯾﻌﺗﺑر ﻛل ﻣﺎ ﻟﻪ ﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ اﻷوﺿﺎع اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻣﺣﻠﻲ ﻟﻠدوﻟﺔ ﺑﺳﺑب ﻣﺎ‬
‫اﻷﻣن اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ‪ُ :‬‬
‫ﯾﺣدث ﻓﻲ إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ ﺣﺗﻰ ٕوان ﻛﺎﻧت ﺗﻣﻠك إﻣﻛﺎﻧﯾﺎت ﺣﻣﺎﯾﺔ أﻣﻧﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ ﺗﺣﻘﯾق ذﻟك دون اﻟﺗﻌﺎون‬
‫ﻣﻊ دول اﻟﺟوار اﻟﺟﻐراﻓﻲ وﯾﺻﺑﺢ ﻣن ﻏﯾر اﻟﻣﻣﻛن ﻓﺻل أﻣﻧﻬﺎ اﻟﻘوﻣﻲ ﻋن "اﻷﻣن اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ"‪ ،‬وﻟﺗﺣﻠﯾل‬
‫أﻣﻧﯾﺎ‬
‫اﻋﺗﻣﺎدا ً‬
‫ً‬ ‫ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻷﻣن اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ اﻗﺗرح ﺑﺎري ﺑوزان ‪ Barry Buzan‬ﻣﻔﻬوم "ﻣرﻛب اﻷﻣن" ﯾﺗﺿﻣن‬
‫ﻣﺗﺑﺎدﻻ ﺑﯾن ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟدول اﻟﺗﻲ ﺗرﺗﺑط ﺣﺎﺟﯾﺎﺗﻬﺎ واﻫﺗﻣﺎﻣﺎﺗﻬﺎ اﻷﻣﻧﯾﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ارﺗﺑﺎطًﺎ وﺛﯾﻘًﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ‪،‬‬
‫ً‬

‫‪599‬‬
‫ﺗﻌﻘﯾدات اﻻزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻻﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻏرﺑﻲ‪ -‬ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺷﻛﺎﻛطﺔ‬

‫وذﻟك ﻟوﺟود ﻣﺳﺗوى ﻋﺎﻟﻲ ﻣن اﻟﺗﻬدﯾد ﺗدرﻛﻪ ﺑﺷﻛل ﻣﺗﺑﺎدل دوﻟﺗﯾن أﺳﺎﺳﯾﺗﯾن أو أﻛﺛر‪ ،6‬ﺣﯾث ﯾﻌرﻓﻪ )ﺑﺎري‬
‫ﺑوزان( ﺑﺄﻧﻪ‪" :‬ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟوﺣدات اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﺑﯾﻧﻬﺎ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻛﺑرى ﻟﻸﻣﻧﻧﺔ أو اﻟﻼأﻣﻧﻧﺔ أو ﻛﻼﻫﻣﺎ ﺟد‬
‫ﻣﺗراﺑطﺔ‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺣﻠﯾل ﻣﺷﻛﻼت اﻷﻣن ﺑﺷﻛل ﻣﻌﻘول ﺑﻌزل اﻟوﺣدة ﻋن اﻷﺧرى"‪.7‬‬

‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬ﺟﯾوﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻹﺛﻧﯾﺔ واﻟﻌرﻗﯾﺔ ﻓﻲ دوﻟﺔ ﻣﺎﻟﻲ واﻣﺗداداﺗﻬﺎ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻻﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ً‬
‫ﻫﻧﺎك ﻓرق ﺑﯾن اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻬﺗم ﺑﺎﻟﻣﺗﻐﯾرات داﺧل اﻟدوﻟﺔ واﻟﺟﯾوﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﻛز ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟدوﻟﺔ وﻋﻼﻗﺗﻬﺎ ﺑﻣﺣﯾطﻬﺎ اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ واﻟدوﻟﻲ أي ﻛﯾف ﺗُؤﺛر اﻟﻌواﻣل اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻓﻲ ﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟدول‪ ،‬ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر‬
‫أن اﻻﻓﺗراض اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻟﺟﯾوﺳﯾﺎﺳﻲ ﻫو اﻟذي ﯾﺻور اﻟﻣوﻗﻊ اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﻛﻣﺣدد ﻣﻬم ورﺑﻣﺎ‬
‫أﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﺗﺟﺎﻧس اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬وأن ﻗوة اﻟدوﻟﺔ ﺑﻣﻔﻬوﻣﻬﺎ اﻟواﺳﻊ وﻋﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﻣﻊ اﻟوﺣدات اﻟدوﻟﯾﺔ اﻷﺧرى ﻫﻲ‬
‫ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻋواﻣل ﺟﯾوﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻛﺣﺎﻟﺔ دوﻟﺔ ﻣﺎﻟﻲ ﻣﺛﻼً‪.‬‬

‫ﺗُﺻﻧف ﻣﺎﻟﻲ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺟﯾوﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻛدوﻟﺔ ُﻣﻐﻠﻘﺔ )أي ﻛل اﻟﺣدود ﺑرﯾﺔ( ﻟﻬﺎ أطول اﻟﺣدود ﻓﻲ‬
‫ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ واﻟﺗﻲ ﺗﺑﻠﻎ ‪ 7561‬ﻛﻠم ﻣﻊ ﺳﺑﻊ )‪ (07‬دول‪ ،‬ﻣﻧﻬﺎ ﺣواﻟﻲ ‪ 2000‬ﻛﻠم ﻣﻊ ﻣورﯾﺗﺎﻧﯾﺎ‬
‫ﻏﯾر ُﻣﺣددة اﻟﻣﻌﺎﻟم ﺑدﻗﺔ‪ 1376 ،‬ﻛﻠم ﻣﻊ اﻟﺟزاﺋر‪ 1303 ،‬ﻛﻠم ﻣﻊ ﺑورﻛﯾﻧﺎﻓﺎﺳو‪ 906 ،‬ﻛﻠم ﻣﻊ ﻏﯾﻧﯾﺎ‪،‬‬
‫‪ 900‬ﻛﻠم ﻣﻊ اﻟﻧﯾﺟر‪ 532 ،‬ﻛﻠم ﻣﻊ ﻛوت دﯾﻔوار‪ ،‬و‪ 480‬ﻛﻠم ﻣﻊ اﻟﺳﻧﻐﺎل ‪.8‬‬

‫ﻛﻣﺎ أﻧﻬﺎ ﺷدﯾدة اﻟﺗﻧوع اﻹﺛﻧﻲ إذ ﯾﺑﻠﻎ ﻋدد ﺳﻛﺎﻧﻬﺎ ‪ 14،5‬ﻣﻠﯾون ﻧﺳﻣﺔ‪ ،‬ﻣﻧﻬم ‪ %94‬ﯾﻌﺗﻧﻘون اﻟدﯾن‬
‫اﻻﺳﻼﻣﻲ وأﻛﺛر ﻣن ‪ %2‬ﯾﻌﺗﻧﻘون اﻟدﯾﺎﻧﺔ اﻟﻣﺳﯾﺣﯾﺔ )‪3/2‬ﻛﺎﺛوﻟﯾك‪3/1 ،‬ﺑروﺗﺳﺗﺎﻧت(‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﺗﻣرﻛزون‬
‫ﺗﻘرﯾﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ ﺑﺎﻣﺎﻛو‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﺑﻘﯾﺔ اﻟﻣﻘدرة ﺑﺣواﻟﻲ ‪ %4‬ﯾﻌﺗﻧﻘون دﯾﺎﻧﺎت ﻣﺣﻠﯾﺔ‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن اﻟﺗﻌﺎﯾش ﺑﯾن‬
‫ﻧظر ﻟﻠﻔﺷل اﻟﻛﺑﯾر اﻟذي ﻋرﻓﺗﻪ اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ‬
‫دوﻣﺎ‪ ،‬وذﻟك ًا‬
‫ﻣﺗﺎﺣﺎ ً‬
‫ﻣﺧﺗﻠف اﻹﺛﻧﯾﺎت واﻟﻘﺑﺎﺋل ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ ﻟم ﯾﻛن ً‬
‫اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﺗﻌدد اﻹﺛﻧﻲ‪ ،‬واﻟﻠﻐوي‪ ،‬واﻟدﯾﻧﻲ ‪.9‬‬

‫ﺗﺷﻛل ﻗﺑﯾﻠﺔ اﻟﻣﺎﻧدي ﻧﺳﺑﺔ ‪ %80‬ﻣن اﻟﺳﻛﺎن ﻣﺗﻣرﻛزون ﻓﻲ اﻟﺟﻧوب أﯾن ﺗﻘﻊ اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ ﺑﺎﻣﺎﻛو‪ ،‬أﻣﺎ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺷﻣﺎل ﻫﻧﺎك أرﺑﻊ )‪ (04‬ﻣﺟﻣوﻋﺎت إﺛﻧﯾﺔ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﻌرب و"اﻟﺗوارق" )اﻟﺑدو( و"اﻟﻔوﻻﻧﻲ" و"اﻟﺳﻧﻐﺎي"‬
‫)اﻟﻣزارﻋﯾن( اﻟذﯾن ﯾﻣﺛﻠون أﻋﻠﻰ ﻧﺳﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺷﻣﺎل ﺑﻣﻘدار ‪ %7,2‬ﻣن اﺟﻣﺎﻟﻲ ﻋدد اﻟﺳﻛﺎن‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﺗوارق‬
‫ﻓﯾﻣﺛﻠون ﻧﺳﺑﺔ ‪ %1,7‬وﯾﻣﺛل اﻟﻌرب ﻧﺳﺑﺔ ‪ %1,2‬ﻣﺗواﺟدون ﻓﻲ ﻛل ﻣن ﺗوﻣﺑوﻛﺗو ‪ ،‬ﻗﺎو‪ ،‬ﻛﯾدال واﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛل‬
‫اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻐﻧﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣوارد اﻟﻣﻌدﻧﯾﺔ وﻓﻲ ﻧﻔس اﻟوﻗت اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻷﻛﺛر ﺗﺧﻠﻔﺎ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ‪ ،‬أُطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ‬
‫إﺳم "اﻷزواد"‬

‫‪600‬‬
‫ﺗﻌﻘﯾدات اﻻزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻻﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻏرﺑﻲ‪ -‬ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺷﻛﺎﻛطﺔ‬

‫اﻟﺷﻛل ‪ :1‬ﯾﺑﯾن اﻟﺧرﯾطﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟدوﻟﺔ ﻣﺎﻟﻲ‬

‫اﻟﻣﺻدر‪http//www. Studues.aljazzera.net, le 04.06.2014 :‬‬

‫ﺗُﻌد ﻣﺎﻟﻲ ﻣن أﻓﻘر ﻋﺷرﯾن دوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم وﯾﺑﻘﻰ ﻫذا اﻟﻔﻘر ﻋﺎﻣل أﺳﺎﺳﻲ ﻣن ﻋواﻣل اﻟﺗﻔﻛك‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪ ،‬إذ ﺳﺎﻫﻣت ﻓﺗرات اﻟﺟﻔﺎف اﻟﻣﻣﺗدة ﻣن ﺣدة اﻟﺗﺑﺎﯾن اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻹﺛﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ‪ ،‬ﺣﯾث ظﻠت‬
‫اﻟﺧرﯾطﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻟﻣﺎﻟﻲ ﻣﻧذ اﻻﺳﺗﻘﻼل ‪ُ 1960‬ﻣﻧﻘﺳﻣﺔ ﺑﺧط ﻓﺻل اﻓﺗراﺿﻲ إﻟﻰ ﻗﺳﻣﯾن‪ ،‬ﻗﺳم ﯾﻘﻊ‬
‫ﺗﺿرر ﻣن اﻟﺟﻔﺎف وﻗﺳم ﯾﻘﻊ ﺟﻧوب ﻧﻬر اﻟﻧﯾﺟر ﺗﻘﻊ ﻓﯾﻪ اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ ﺑﺎﻣﺎﻛو‬
‫ًا‬ ‫ﺷﻣﺎل ﻧﻬر اﻟﻧﯾﺟر ﻫو اﻷﻛﺛر‬
‫وﺗﺗرﻛز ﻓﯾﻪ اﻷﻧﺷطﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﻼد ‪.10‬‬
‫ﻫﻧﺎك ﺻراع ﻣﺗﻌدد اﻷوﺟﻪ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗﻘﺎﺑل ﺑﯾن اﻷراﺿﻲ اﻟﺻﺣراوﯾﺔ اﻟﻘﺎﺣﻠﺔ واﻷﺷرطﺔ اﻟﻧﻬرﯾﺔ‬
‫اﻟﺧﺻﺑﺔ اﻟﻣﺣدودة وﺑﯾن اﻻﻗﺗﺻﺎد اﻟرﻋوي اﻟﻣﻧﻬﺎر واﻻﻗﺗﺻﺎد اﻟزراﻋﻲ اﻟﻌﺎﺟز وﺑﯾن اﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﺑدوﯾﺔ‬
‫اﻟﻌرﺑﯾﺔ واﻟﻘﺑﺎﺋل اﻟزﻧﺟﯾﺔ‪ ،‬ﺳﻣﺢ ﺑﺑروز ﻓواﻋل ﻋﺎﺑرة ﻟﻸوطﺎن ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ ﺷﻣﺎل ﻣﺎﻟﻲ ﻏﯾرت ﻣن ﻗﯾﻣﺗﻬﺎ‬
‫اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﺗﺣوﻟت إﻟﻰ ﻣﻧطﻘﺔ ﻋﺑور ﻟﻺﺟرام وﻣﻼذ آﻣن ﻟﻺرﻫﺎب اﻟﻌﺎﺑر ﻟﻠﺣدود واﻟﻣﻣزوج‬
‫ﺑﻣﺧﺗﻠف أﺷﻛﺎل اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ‪.11‬‬
‫ﯾوﺟد ‪ 1،5‬ﻣﻠﯾون ﺗﺎرﻗﻲ ﯾﻌﯾﺷون ﻓﻲ ‪ 05‬دول‪ ،‬اﻷﻏﻠﺑﯾﺔ ﻣﻧﻬم ﯾﻘدر ﺑـ ‪ 700‬أﻟف ﺗﻌﯾش ﻓﻲ اﻟﻧﯾﺟر‪،‬‬
‫و‪ 500‬أﻟف ﺗوﺟد ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ‪ ،‬و‪ 50‬أﻟف ﺑﺎﻟﺟزاﺋر‪ ،‬و‪ 30‬أﻟف ﺑﻠﯾﺑﯾﺎ‪ ،‬و‪ 20‬أﻟف ﺑﺑورﻛﯾﻧﺎﻓﺎﺳو‪ ،‬ﻣوزﻋون ﻋﺑر‬
‫اﻗﻠﯾم واﺳﻊ ﯾﻘدر ﺑـ ‪ 2،5‬ﻣﻠﯾون ﻛﻠم‪ 2‬وﻻ ﯾﺷﻛﻠون ﻛﺗﻠﺔ ﻋرﻗﯾﺔ ﻣﺗﺟﺎﻧﺳﺔ‪ ،‬ﻓﻣﻧﻬم اﻟﺗوارق اﻟﻌرب‪ ،‬وﺗوارق‬
‫اﻷﻣﺎزﯾﻎ‪ ،‬واﻟﺗوارق اﻟﺳود‪ ،‬وﻟﻘد ﻛﺎن ﻟﻼﺳﺗﻌﻣﺎر اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﻧطﻘﺔ ﻫدﻓﯾن ﻫﻣﺎ اﻓﺷﺎل اﻟﺑﻧﯾﺔ‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﺗﺎرﻗﻲ ٕوارادة ﺧﻠق ﻧوع ﻣن اﻟﺗﺣرر ﻟﻠﺷﻌوب اﻟﺗﺎرﻗﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ‪ ،‬وذﻟك ﺑﺎﺳم‬
‫ﺳﯾﺎﺳﺔ ﻣزﻋوﻣﺔ ﻟدﻋم اﻷﻗﻠﯾﺎت ﻓﻲ إﻓرﯾﻘﯾﺎ ﻓﻲ إطﺎر اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻬدف اﻟﻰ اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺑؤر اﻟﺗوﺗر ﻓﻲ‬
‫ﺗﻠك اﻟدول اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل‪.12‬‬

‫‪601‬‬
‫ﺗﻌﻘﯾدات اﻻزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻻﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻏرﺑﻲ‪ -‬ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺷﻛﺎﻛطﺔ‬

‫ﻣﺎ ﻫو ﻣﻌروف أن ﻫذا اﻟﺗﻘﺳﯾم ﻣﺎ ﻫو إﻻ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻠﺣدود اﻟﺗﻲ وﺿﻌﺗﻬﺎ ﻓرﻧﺳﺎ ﺿﻣن ﺗﻘﺳﯾم‬
‫ﻣﺳﺗﻌﻣراﺗﻬﺎ ﻓﻲ أﻓرﯾﻘﯾﺎ ﻋﺎم ‪ ،1895‬ﺑﺎﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺛروات اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ وﻣدى ﺳﯾطرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻧﺎطق‬
‫ُﻧﻔوذﻫﺎ وﻟﯾس ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺗﺟﺎﻧس ﺑﯾن ﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﻫذﻩ اﻟدول‪ ،‬ﺣﯾث وﺟدت ﻫذﻩ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻹﺛﻧﯾﺔ واﻟﻌرﻗﯾﺔ‬
‫ﻧﻔﺳﻬﺎ ُﻣﻘﺳﻣﺔ ﺑﯾن دول ذات ﺳﯾﺎدة إﺗﻔﻘت ﻋﻠﻰ ﺗرﺳﯾم اﻟﺣدود اﻟﻣوروﺛﺔ ﻋن اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر ﻣن ﺧﻼل ﻣﯾﺛﺎق‬
‫ﻣﻧظﻣﺔ اﻟوﺣدة اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ ﻓﻲ ‪ ،1963‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ أوﺟدت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﻣﺣﻛوﻣﺔ ﺑﺎﻹرث اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ "اﻟﺗوارق" ﻓﻲ‬
‫ﻓﺿﺎء ذو اﻣﺗدادات ﻗﺑﻠﯾﺔ وارﺗﺑﺎطﺎت ﻋﺷﺎﺋرﯾﺔ وﻋﺎﺋﻠﯾﺔ ﻋﺑر وطﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ ﺻﺣراوﯾﺔ ﺟد واﺳﻌﺔ‪.‬‬

‫اﻟدوﻟﯾﺔ‬
‫ﺛﺎﻟﺛًﺎ‪ :‬ظروف اﻷزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ وﻣﯾﻛﺎﻧﯾزﻣﺎﺗﻬﺎ اﻻﻗﻠﯾﻣﯾﺔ و َ‬
‫ُﯾﻧﺎﻗش ﻫذا اﻟﻣﺣور اﻟظروف واﻟدﯾﻧﺎﻣﯾﻛﯾﺎت اﻷﻣﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ زادت ﻣن ﺗﻌﻘﯾد اﻷزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ‪،‬‬
‫ﺣﯾث ﯾﻣﻛن ﺗﺻﻧﯾف ﺛﻼث ظروف أﺳﺎﺳﯾﺔ ﺳﺎﻫﻣت ﻓﻲ ﻓﺷل اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ وﺗﻬدﯾد أﻣﻧﻬﺎ اﻟﻘوﻣﻲ اﻟﻣﻣﺗد إﻟﻰ‬
‫اﻟﻣﺳﺗوى اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﻧطﻘﺔ وﻫﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬اﻟﻤﻀﻤﻮن اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﻌﺮﻗﻲ ﻟﺴﻜﺎن ﺷﻤﺎل ﻣﺎﻟﻲ‪:‬‬


‫ﯾرى ﺗوارق ﺷﻣﺎل ﻣﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻷزواد ﺑﺄﻧﻬم ﯾﺧﺗﻠﻔون ﻋن اﻟﺷﻌب اﻟﻣﺎﻟﻲ ﻣن ﺣﯾث اﻟﻌرق واﻟﻠﻐﺔ‬
‫وﺣﺗﻰ ﻣن ﺣﯾث اﻟﺗﻧظﯾم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﺳﺑب إﻗﺻﺎﺋﻬم ﻣن اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟﺳوﺳﯾو‪-‬اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬ﺑل وﺣﺗﻰ‬
‫اﻋﺗﺑﺎرﻫم ﻣواطﻧﯾن ﻣن اﻟدرﺟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ‪ ،‬إذ أﺻﺑﺣت إدارة اﻟدوﻟﺔ ُﯾﺳﯾطر ﻋﻠﯾﻬﺎ اﺋﺗﻼف ﺟﻣﺎﻋﺎت ﻗﻠﯾﻠﺔ ﻻ‬
‫ﺗﺳﺗﺟﯾب ﻟﺗطﻠﻌﺎت ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻷﺧرى ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ‪ ،‬إذ ﺟﻌﻠﺗﻬم ﯾﺣﻘﻘون ﺣﺎﺟﺎﺗﻬم اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻷﻣن‬
‫واﻟﻬُوﯾﺔ واﻻﻋﺗراف ﺑﻬم داﺧل اﻟﻘﺑﺎﺋل اﻟﺗﻲ ُﯾﻛﻧون ﻟﻬﺎ اﻟوﻻء ﺑدﻻً ﻣن اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﻐذي اﻻﻧﻘﺳﺎم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‬
‫اﻟذي ﯾﻔﺿﻲ ﻟﻠﻧزاع اﻟﻌﻧﯾف‪ ،‬وﯾﺗﺿﺢ اﻟﻣﺿﻣون اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ واﻟﻌرﻗﻲ ﻟﻬذﻩ اﻟﻔﺋﺔ ﻣن ﺧﻼل ﻧﻔس اﻟﻣطﺎﻟب‬
‫اﻻﺟ ـ ـ ـ ـ ـ ـﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﻣﺗـ ـ ـ ـ ـﻛررة ﻓﻲ ﻛل ﻣرة أﻫﻣﻬﺎ اﻟﺗﺳﺎوي ﻓﻲ اﻟﻔرص ﻣﻊ ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﺣﯾ ـ ـ ـ ـ ـﺎة اﻟﺗرﺣﺎل‬
‫ﺑﻛل ﺣرﯾﺔ ‪.13‬‬
‫ﻣﺎ ﯾزﯾد ﻣن ﺗﻌﻘﯾد ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻧزاﻋﺎت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ذات اﻟﺑﻌد اﻟﻬوﯾﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء دوﻟﺔ ﻣﺎﻟﻲ‬
‫وﺗﺣﻘﯾق أﻣﻧﻬﺎ اﻟﻘوﻣﻲ ﻫو ﺗﻌدد أطراﻓﻬﺎ وﺗﻧﺎﻗﺿﺎﺗﻬم‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﻣﻛن ﺗﺻﻧﯾف اﻟﻧزاع إﻟﻰ طرﻓﯾن أﺳﺎﺳﯾﯾن‬
‫ﺗرﺑطﻬم ﻋﻼﻗﺎت رﯾﺑﺔ ﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ‪ ،‬اﻷول ﻫو اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﺎﻣﺎﻛو واﻟﺛﺎﻧﻲ ﻫو ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت‬
‫اﻟﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺔ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻷزواد وﺑﻬُوﯾﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺗﻌﻛﺳﻬﺎ ﺗﺳﻣﯾﺎﺗﻬﺎ وﻫﻲ ﺗﺗﻣﯾز ﺑﺎﻟﻬﺷﺎﺷﺔ‪ ،‬ﻷﻧﻬﺎ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﻼﺷﻲ‬
‫اﻗﻠﯾﻣﯾﺎ‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﺑرز ﻫذا اﻟﺗﻧﺎﻗض ﻣن ﺧﻼل ﻣن ﯾﺣﺗﻛر اﻟﺗﻣﺛﯾل اﻟﺷرﻋﻲ‬ ‫ﻣﺣﻠﯾﺎ و ً‬
‫ً‬ ‫واﻟﺗﻣدد ﺣﺳب ارﺗﺑﺎطﺎﺗﻬﺎ‬
‫ﻟﻠﻣطﺎﻟب اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ‪ ،14‬وﻫذﻩ اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت اﻟﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺔ ﻫﻲ‪:15‬‬
‫‪" ‬اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ﻟﺗﺣرﯾر اﻷزواد" اﻟﺗﻲ أﺳﺳﻬﺎ "إﯾﺎد أغ ﻏﺎﻟﻲ"‪.‬‬
‫‪" ‬اﻟﺟﺑﻬﺔ اﻻﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﺗﺣرﯾر اﻷزواد" اﻟﺗﻲ اﻋﻠﻧت اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺳﻼح‪.‬‬
‫‪" ‬اﻟﺟﺑﻬﺔ اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ﻟﺗﺣرﯾر اﻷزواد" اﻟﻣﻧﺷﻘﺔ ﻋن "اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ﻟﺗﺣرﯾر اﻷزواد" ﻟرﻓﺿ ـ ـ ـﻬﺎ اﻻﻣﺿﺎء‬

‫‪602‬‬
‫ﺗﻌﻘﯾدات اﻻزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻻﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻏرﺑﻲ‪ -‬ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺷﻛﺎﻛطﺔ‬

‫ﻋﻠﻰ "اﺗﻔﺎق ﺗﻣﻧراﺳت ﻟﻠﺳﻼم ‪"1991‬ﻣن أﺟل ﺗﺣﻘﯾق اﺳﺗﻘﻼل ﺷﻣﺎل ﻣﺎﻟﻲ‪.‬‬
‫‪" ‬اﻟﺟﯾش اﻟﺛوري ﻟﺗﺣرﯾر اﻷزواد" اﻧﺷﻘت ﻋن "اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ﻟﺗﺣرﯾر اﻷزواد" ﻛﺗﻌﺑﯾر ﻋن رﻓض‬
‫"اﺗﻔﺎق ﺗﻣﻧراﺳت ﻟﻠﺳﻼم ‪ ،"1991‬ﺗم ﺣﻠﻬﺎ ﺑﻌد اﺗﻔﺎق اﻟﺳﻼم ﺑﺗﻣﺑوﻛﺗو ‪.2006‬‬
‫‪" ‬اﻟﺣرﻛﺎت واﻟﺟﺑﻬﺎت اﻟﻣوﺣدة ﻟﻸزواد" اﺋﺗﻼف ﺗﺷﻛل ﺑﻌد ﻣﻔﺎوﺿﺎت ﺑﺎﻣﺎﻛو ‪ 1992‬ﻣن "اﻟﺣرﻛﺔ‬
‫اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ﻟﺗﺣرﯾر اﻷزواد"‪ ،‬اﻟﺟﺑﻬﺔ اﻻﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﺗﺣرﯾر اﻷزواد"‪" ،‬اﻟﺟﺑﻬﺔ اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ﻟﺗﺣرﯾر‬
‫اﻷزواد"‪ ،‬و"اﻟﺟﯾش اﻟﺛوري ﻟﺗﺣرﯾر اﻷزواد"‪.‬‬
‫‪" ‬ﺣرﻛﺔ ‪ 23‬ﻣﺎي‪ :‬اﻟﺗﺣﺎﻟف اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ ﻣن أﺟل اﻟﺗﻐﯾﯾر" ﺗﺄﺳﺳت ﻓﻲ ‪ 2006‬ﻣن اﻻطراف اﻟراﻓﺿﺔ‬
‫ﻟﻣﺳﺎر ﻣﻔﺎوﺿﺎت ﻋﻘد "اﺗﻔﺎق اﻟﺟزاﺋر ﻟﻠﺳﻼم ‪."2006‬‬
‫‪" ‬اﻟﻣؤﺗﻣر اﻟوطﻧﻲ ﻟﺗﺣرﯾر اﻷزواد" اﻟﺗﻲ أﺳﺳﻬﺎ "أﺑو ﺑﻛر اﻷﻧﺻﺎري" اﻟﻣﻘرب ﻣن اﻟﻧظﺎم اﻟﻣﻠﻛﻲ‬
‫اﻟﻣﻐرﺑﻲ ﻓﻲ ‪ 2006‬واﻟﻣﻌروف ﺑﻌﻼﻗﺎﺗﻪ ﻣﻊ دواﺋر ﺗﺳﻌﻰ ﻟرﻋﺎﯾﺔ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ واﻹﺳراﺋﯾﻠﯾﺔ‬
‫ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ‪.‬‬
‫‪" ‬اﻟﺣرﻛﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﺗﺣرﯾر أزواد" وﺗﺄﺳﺳت ﻓﻲ ‪ 2011‬ﻟﺗﺿم اﻟﻣﺎﻟﯾﯾن اﻟﻌﺎﺋدﯾن ﻣن ﻟﯾﺑﯾﺎ ﺑﻌد اﻧﻬﯾﺎر‬
‫ﻧظﺎم اﻟﻘذاﻓﻲ واﻟﻣﺟﻧدﯾن اﻟﺳﺎﺑﻘﯾن ﻓﻲ ﺣرﻛﺔ ‪ 23‬ﻣﺎي اﻟذي ﺗرأﺳﻪ "اﺑراﻫﯾم أغ ﺑﺎﻫﺎﻧﻐﺎ"‪.‬‬
‫اﻟﻣﻧﺷﻘﺔ ﻋن "اﻟﺣرﻛﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﺗﺣرﯾر اﻷزواد" ﻗﺑل‬
‫‪" ‬ﺣرﻛﺔ أﻧﺻﺎر اﻟدﯾن" ذات اﻻﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ اﻟدﯾﻧﯾﺔ ُ‬
‫ﺗﻧﺿم إﻟﻰ ﺗﻧظﯾم "ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻧﺻرة اﻻﺳﻼم واﻟﻣﺳﻠﻣﯾن" ﺗﺣت زﻋﺎﻣﺔ "إﯾﺎد أغ ﻏﺎﻟﻲ" ﻓﻲ ﻣﺎرس‬
‫‪.2017‬‬
‫وﺗﺟﻠﻰ ﻫذا اﻟﺗﻧﺎﻗض ﻣن ﺧﻼل اﻧﻘﺳﺎم ﻣطﺎﻟب اﻟﺗوارق ﻓﻲ ﺷﻣﺎل ﻣﺎﻟﻲ ﻟﻌدة ﻣرات إﻟﻰ ﻣوﻗﻔﯾن؛‬
‫ﻣوﻗف ﯾﺳﻌﻰ إﻟﻰ اﻻﻧﻔﺻﺎل ٕواﻗﺎﻣﺔ "دوﻟﺔ اﻷزواد" وﻣوﻗف ﺛﺎﻧﻲ ﯾؤﯾد اﻟﺑﻘﺎء ﺗﺣت ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ ﺑﺷرط اﻟﺗﻣﺗﻊ‬
‫ﺑﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻧﻘل واﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ‪.‬‬
‫‪ -2‬دور اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ اﺳﺘﺘﺒﺎب اﻷﻣﻦ‪:‬‬
‫ﻣرت ﺷﻣﺎل ﻣﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟﻌدﯾد ﻣن ﺣﺎﻻت اﻟﺗﻣرد ﺑﻌد اﺳﺗﻘﻼل اﻟﺑﻼد ﻓﻲ ‪ 1960‬ﻛﺎن أوﻟﻬﺎ ﻋﺎم ‪1963‬‬
‫ﻣﻊ ﻓﺗرة ﺣﻛم )ﻣدﯾﺑو ﻛﺎﯾﺗﺎ( ﺛم ﺗﻣرد ‪ 1990‬ﻓﻲ ﻓﺗرة ﺣﻛم )ﻣوﺳﻰ ﺗراوري(‪ ،‬وﺑﻌدﻫﺎ ﺗﻣرد ‪ 2006‬اﻟذي اﻧﺗﻬﻰ‬
‫ﺑﺎﺗﻔﺎق اﻟﺟزاﺋر ﻣن ﺧﻼل وﺳﺎطﺔ ﺟزاﺋرﯾﺔ‪ ،‬وآﺧرﻫﺎ أﻋﻧف ﺗﻣرد ﻓﻲ ‪ ،2012‬ﺣﯾث ﻧص إﺗﻔﺎق اﻟﺟزاﺋر‬
‫‪ 2006‬ﻋﻠﻰ إﻋﺎدة دﻣﺞ ﻣﺗﻣردي اﻟﺗوارق ﻓﻲ اﻟﺟﯾش اﻟﻣﺎﻟﻲ ﻣﻊ ﺧﻔض اﻟﻘوات ﻓﻲ اﻟﺷﻣﺎل‪ ،‬ﻟﻛن ﻟﻸﺳف ﻟم‬
‫ﯾﺗم ﺗﻧﻔﯾذ ﻫذا اﻻﻗﺗراح‪ ،‬ﻣﻣﺎ أدى إﻟﻰ ﺗﻌﻘﯾد اﻟوﺿﻊ أﻛﺛر وﺗﻐذﯾﺔ ﻣظﺎﻟم اﻟﺗوارق ﻓﻲ اﻟﺷﻣﺎل ﺿد اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻲ‬
‫أﻣﻧﯾﺎ‬
‫ﻋﺑﺋﺎ ً‬
‫ﺑﺎﻣﺎﻛو وﺗﻌﺑﺋﺗﻬم ﻋﻠﻰ ﻣطﺎﻟﺑﻬم اﻻﻧﻔﺻﺎﻟﯾﺔ اﻟﻣﺗﻛررة‪ ،‬ﻓﻌدم اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ دﻣﺟﻬم ﺟﻌﻠﻬم ﯾﺷﻛﻠون ً‬
‫ﻋﻠﻰ أداء اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﺑﺷﻛل ﺧﺎص وﻋﻠﻰ اﻟدوﻟﺔ ﺑﺷﻛل ﻋﺎم‪.‬‬
‫ﺗﺗﻣﯾز اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ ﺑﺎﻻﻧﻘﻼﺑﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻟﻣﺗﻛررة؛ ﺑداﯾﺔ ﺿد ﻧظﺎم )ﻣدﯾﺑو ﻛﺎﯾﺗﺎ( ﻓﻲ ‪،1968‬‬
‫ﺛم ﺿد ﻧظﺎم )ﻣوﺳﻰ ﺗراوري( ﻓﻲ ‪ 1991‬وﺿد ﻧـ ـ ـ ـ ـظﺎم )أﻣﺎدو ﺗوﻣﺎﻧﻲ ﺗوري( ﻓﻲ ‪ ،2012‬ﺑﺎﻹﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﺎﻓﺔ إﻟﻰ‬

‫‪603‬‬
‫ﺗﻌﻘﯾدات اﻻزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻻﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻏرﺑﻲ‪ -‬ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺷﻛﺎﻛطﺔ‬

‫اﻹﻧﻘﻼب ﺿد اﻟوزﯾر اﻷول )ﻣودﯾﺑو دﯾﺎ ار( ﻓﻲ دﯾﺳﻣﺑر ‪ ،2012‬ﻫذا ﻣﺎ ﺟﻌل اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻫﺷﺔ وﺗُﺻﻧف‬
‫ﺿﻣن "اﻟدول اﻟﻔﺎﺷﻠﺔ"‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ وأﻧﻬﺎ طرف أﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﻧزاع‪ ،‬ﺣﯾث اﺳﺗﺧدﻣت أﺳﺎﻟﯾب اﻟﻘﻣﻊ ﻟﻣﺧﺗﻠف‬
‫ﺣﺎﻻت اﻟﺗﻣرد واﻟذي ﻛﺎن ﻟﻪ اﻷﺛر اﻟﺑﻠﯾﻎ ﻓﻲ ﺟﻌل اﻟدوﻟﺔ ﻫﻲ اﻟﻌدو اﻷول ﻟﻬذﻩ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻌرﻗﯾﺔ‪ ،‬وذﻟك‬
‫ﺑﺳﺑب اﻟﺗﻛﯾف اﻟﺳﻠﺑﻲ ﻟﻠﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻣﻊ اﻟﻣطﺎﻟب اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﻬُوﯾﺎﺗﯾﺔ ﻟﺳﻛﺎن اﻟﺷﻣﺎل‪ ،‬وﻟم ﺗﺳﺗطﻊ‬
‫اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ ﻣﻧذ اﻻﺳﺗﻘﻼل ﻣن ﺿﺑط اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻣﺳﻠﺣﺔ اﻟﻣﺗﻛررة ‪.16‬‬
‫اﻟﻣُﻧوطﺔ‬
‫وﻣن ﻫﻧﺎ ﻧﺗﺳﺎءل ﺣول ﺳﺑب ﻓﺷل اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ ﻛﺈﺣدى ﻣؤﺳﺳﺎت اﻟدوﻟﺔ َ‬
‫أﺳﺎﺳﺎ‬
‫ً‬ ‫ﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﺗﺟد ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻣدﻋوﻣﺔ ﺑﻘوات ﺧﺎرﺟﯾﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﻌود ﻫذا اﻟﻔﺷل‬
‫ﺑﺿﺑط اﻟﻧزاﻋﺎت اﻟﻣﺳﻠﺣﺔ اﻟﺗﻲ ً‬
‫ﻧوﻋﺎ ﻣﺎ‪ ،‬ذﻟك ﻷن أﻏﻠب اﻟﻘﺎدة ﺑدوﻟﺔ ﻣﺎﻟﻲ‬
‫إﻟﻰ ﺗﻘﺎﻟﯾد اﻟوﺻول إﻟﻰ اﻟﺳﻠطﺔ واﻟﺗﻣﺳك ﺑﻬﺎ ﻟﻔﺗرات طوﯾﻠﺔ ً‬
‫ﺗﻘﻠدوا اﻟﺣﻛم ﻋﺑر اﻻﻧﻘﻼﺑﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻓﻌﻣﻠوا ﻋﻠﻰ إﺿﻌﺎف اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﺧوﻓًﺎ ﻣن ﺣدوث اﻧﻘﻼﺑﺎت‬
‫أﺧرى ﺿدﻫم‪ ،‬ﻣﻣﺎ أدى إﻟﻰ ﺗﻔﺷﻲ اﻟﻔﺳﺎد ﺑﻛل ﻣظﺎﻫرﻩ داﺧل اﻟﺟﻬﺎز اﻟﻌﺳﻛري )ﻛﺗورط ﺿﺑﺎط اﻟﺟﯾش‬
‫اﻟﻣﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﺑﯾﻊ اﻟﺳﻼح وﺗﺳرﯾب ﻣﻌﻠوﻣﺎت أﻣﻧﯾﺔ(‪.‬‬
‫إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﻫذا‪ ،‬ﻫﻧﺎك اﻟﻧزاﻋﺎت اﻹﺛﻧﯾﺔ واﻟﻌرﻗﯾﺔ اﻟﻣﺗﻛررة اﻟﺗﻲ ﺳﺎﻫﻣت ﺑﺷﻛل ﻛﺑﯾر ﻓﻲ إﻧﻬﺎك اﻟﺟﯾش‬
‫اﻟﻣﺎﻟﻲ واﻟﺗﻲ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن ﺗﺻل ﻫذﻩ اﻟﻧزاﻋﺎت واﻟﺗﺟﺎذﺑﺎت اﻹﺛﻧﯾﺔ ﺣﺗﻰ داﺧل اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ‬
‫ﺑدﻻ‬
‫ﻧﻔﺳﻬﺎ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻣﻧﺎﺻب اﻟﻌﻠﯾﺎ واﻟرﺗب واﻟﺗﺟﻧﯾد‪ ،‬ﻣﻣﺎ أدى إﻟﻰ اﻧﺗﺷﺎر اﻟوﻻء ﻟﻸﺷﺧﺎص ً‬
‫ﻣن اﻟوﻻء ﻟﻠﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ‪ ،‬ﻫذا ﻣﺎ ﺗﺳﺑب ﻓﻲ ﺗراﺟﻊ واﻧﻬﯾﺎر اﻟروح اﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ ﻟﻸﻓراد ﺑﺳﺑب اﻋﺗﻘﺎدﻫم أﻧﻬم‬
‫ﯾﺣﺎرﺑون وﯾداﻓﻌون ﻣن أﺟل ﻣﺻﻠﺣﺔ ﺷﺧص ُﻣﻧﻘﻠب ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم ﻻ ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟوطن‪.‬‬
‫اﻟدوﻟﯾﺔ‬
‫‪ -3‬أﺑﻌﺎد اﻟﻧزاع اﻟداﺧﻠﻲ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ ودﯾﻧﺎﻣﯾﻛﯾﺎﺗﻪ اﻻﻗﻠﯾﻣﯾﺔ و َ‬
‫ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗﺄﺛر ﺑﻣﺎ ﯾﺣدث ﻓﻲ اﻟﺑﯾﺋﺗﯾن اﻻﻗﻠﯾﻣﯾﺔ واﻟدوﻟﯾﺔ؛ ﻛﺎﻧﺗﻘﺎل اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺗوارق ﻓﻲ اﻟﺳﺎﺑق إﻟﻰ‬
‫ﻟﯾﺑﯾﺎ ﻟﺗﻠﺑﯾﺔ ﻧداء اﻟرﺋﯾس اﻟﻠﯾﺑﻲ اﻟﺳﺎﺑق ﻣﻌﻣر اﻟﻘذاﻓﻲ ﻣن أﺟل ﺗﺄﺳﯾس "دوﻟﺔ اﻟﺗوارق اﻟﻛﺑرى" أﯾن اﻛﺗﺳﺑوا‬
‫اﻟﺧﺑرة اﻟﻘﺗﺎﻟﯾﺔ‪ ،‬وﻛﺎن ﻟﻸزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ اﻟﻠﯾﺑﯾﺔ ﻓﻲ ‪ 2011‬أﺛر ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﻋودة ظﻬور اﻟﻧزاع اﻟداﺧﻠﻲ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ‬
‫ﻣن ﺟدﯾد‪ ،‬ﺣﯾث أظﻬرت ﺑﻌﺛﺔ اﻟﺗﻘﯾﯾم اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ ﺑﯾن اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة واﻹﺗﺣﺎد اﻻﻓرﯾﻘﻲ ﺑﺷﺄن ﺗﺄﺛﯾر اﻷزﻣﺔ‬
‫اﻟﻠﯾﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل أن أﻛﺛر ﻣن ‪ 200.000‬ﻋﺎﺋد ُﻣﺳﺟل و‪ 400.000‬ﻣﻬﺎﺟر ﻏﯾر ُﻣﺳﺟل ﻋﺑروا‬
‫اﻟﺣدود اﻟﻠﯾﺑﯾﺔ إﻟﻰ دول ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ‪ ،‬ﻣﻧﻬﺎ اﻟﻧﯾﺟر‪ ،‬وﺗﺷﺎد‪ ،‬وﻣورﯾﺗﺎﻧﯾﺎ‪ ،‬وﻣﺎﻟﻲ‪ ،‬ﻓﻛﺎﻧت ﻋودة‬
‫ﺗوارق ﺷﻣﺎل ﻣﺎﻟﻲ ﺑﺣﻣﺎس وطﻧﻲ ﻟﻺﻧﺿﻣﺎم إﻟﻰ ﺗﻣرد ‪ 2012‬ﻣوﺿﻊ ﺗرﺣﯾب واﺳﻊ‪.17‬‬
‫ﻛﻣﺎ ﻋﺎد ﺣواﻟﻲ ‪ 400‬ﻣﻘﺎﺗل ﺗﺎرﻗﻲ إﻟﻰ ﻣﺎﻟﻲ ﻟﯾﻧظﻣوا إﻟﻰ "اﻟﺣرﻛﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﺗﺣرﯾر اﻷزواد" واﻧﺷﻘت‬
‫ﻋﻧﻬﺎ "ﺣرﻛﺔ أﻧﺻﺎر اﻟدﯾن" ﺑﻘﯾﺎدة )إﯾﺎد أغ ﻏﺎﻟﻲ( اﻟﻣﻌروف ﻛﺷﺧﺻﯾﺔ ﻣﺣورﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠدواﺋر اﻟﻐرﺑﯾﺔ‪،‬‬
‫ﺑﺈﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻣﻔﺎوض ﻣوﺛوق ﺑﻪ ﻓﻲ أزﻣﺎت إﺧﺗطﺎف اﻟرﻫﺎﺋن اﻟﻐرﺑﯾﯾن‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻟم ﯾﻛن ﻓﻲ ﻣﻘدور ﻣﺻﺎﻟﺢ‬
‫ﻣﺧﺎﺑرات اﻟدول اﻟﻐرﺑﯾﺔ )ﺧﺎﺻﺔ ﻓرﻧﺳﺎ( اﻟدﺧول ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺧﻼف‪ ،15‬وﻗد ﻛﺎن )إﯾﺎد ﻏﺎﻟﻲ( ﻗﻧﺻل ﻋﺎم ﻟدوﻟﺔ‬
‫ﻣﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻣ ـ ـ ـﻣﻠﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳـ ـ ـ ـ ـ ـﻌودﯾﺔ ﺧﻼل ﻓﺗرة )‪ (2010-2007‬اﻟذي ﺗم طردﻩ ﻟﺛﺑوت ﻋﻼﻗﺗﻪ ﺑﺗ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻧظﯾم‬

‫‪604‬‬
‫ﺗﻌﻘﯾدات اﻻزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻻﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻏرﺑﻲ‪ -‬ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺷﻛﺎﻛطﺔ‬

‫اﻟﻘﺎﻋدة ‪.16‬‬
‫إﻟﻰ ﺟﺎﻧب ﻫذا‪ ،‬ﻫﻧﺎك ﺗدﻓق ﺗرﺳﺎﻧﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻣن اﻷﺳﻠﺣﺔ واﻟﺗﺣﺎق ﺟﻣﺎﻋﺎت إرﻫﺎﺑﯾﺔ ﺑﺣرﻛﺎت اﻟﺗﻣرد ﻓﻲ‬
‫ﻛﯾﺎ )ﻛﺎﻟﻘﺎﻋدة ﻓﻲ ﺑﻼد اﻟﻣﻐرب اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ ،‬وﺣرﻛﺔ اﻟﺗوﺣﯾد واﻟﺟﻬﺎد ﺑﻐرب إﻓرﯾﻘﯾﺎ(‪،‬‬
‫ﺷﻣﺎل ﻣﺎﻟﻲ ﻟﺗﺗﺣﺎﻟف ﺗﻛﺗﯾ ً‬
‫ﻣﻣﺎ أﻋطﻰ اﻟﻣﺑرر واﻟﻐطﺎء اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻟﻠﺗدﺧل اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟﺳرﯾﻊ ﻣن ﺧﻼل ﻋﻣﻠﯾﺔ )ﺳرﻓﺎل ﻓﻲ ‪ (2013‬ﻹﻧﻘﺎذ‬
‫اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ ﺑﺎﻣﺎﻛو ﻣن اﻟﺳﻘوط ﻓﻲ ﯾد اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻻﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﺳﻠﺣﺔ ﺑﻌد ﻧﺟﺎﺣﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺳﯾطرة اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺑﻠدة "ﻛوﻧﺎ" وﺳط اﻟﺑﻼد ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ آﺧر ﻣﻧطﻘﺔ ﻋﺎزﻟﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﻘﺎﺗﻠﯾن اﻹﺳﻼﻣﯾﯾن وﺑﻠدة "ﻣوﺑﺗﻲ"‬
‫اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ‪ ،17‬إذ ﺑﻠﻎ ﻋدد اﻟﻣﺣﺎرﺑﯾن اﻟرﺋﯾﺳﯾﯾن ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ ﺷﻣﺎل ﻣﺎﻟﻲ ﻣﺎ ﯾﻘﺎرب ‪ 3000‬ﺗﺣﺻﻠوا ﻋﻠﻰ‬
‫اﻷﺳﻠﺣﺔ ﻣن ﻟﯾﺑﯾﺎ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻧﺎﺷطون ﺿﻣن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺳﻠﺣﺔ ﻓﻌددﻫم ﻣن ‪ 4000‬إﻟﻰ ‪ ،6000‬إذ ﻻ ﺗوﺟد‬
‫إﺣﺻﺎﺋﯾﺎت ﻣﺣددة ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ‪.18‬‬

‫اﻟﺷﻛل ‪ :2‬إﻗﻠﯾم أزواد وﻋﻣﻠﯾﺎﺗﻬﺎ اﻟﻘﺗﺎﻟﯾﺔ ﻣﻊ أﻣﺎﻛن اﻟﺛروات اﻟﻣﻌدﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ‬

‫‪Source: Mehdi TAJE(2012), ‘’pourquoi le Sahel est une région si sensible?’’, La Tribune,‬‬
‫‪n°5251, (Mardi 11 septembre 2012), p11..‬‬
‫ﻧﻼﺣظ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺧرﯾطﺔ أن ﻣﻧطﻘﺔ ﺗواﺟد اﻟﺗوارق ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻗﻠب إﻗﻠﯾم ﻧﺷﺎط "ﺗﻧظﯾم اﻟﻘﺎﻋدة ﻓﻲ ﺑﻼد‬
‫اﻟﻣﻐرب اﻹﺳﻼﻣﻲ"‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن أﻫم اﻟﺻراﻋﺎت ﺑﯾن اﻟﺟﯾش اﻟﻧظﺎﻣﻲ واﻟﺣرﻛﺔ اﻷزوادﯾﺔ ﺟرت ﻓﻲ اﻟﺷﻣﺎل‬
‫ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﺔ ﻛﯾدال اﻟﺗﻲ ﯾوﺟد ﺑﻬﺎ ﻛﻣﯾﺎت ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻣن اﻟﯾوراﻧﯾوم‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﻔﺳر ﻋﻼﻗﺔ ﺑﻌض ﻗﺑﺎﺋل اﻟﺗوارق‬
‫ﺑﺎﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﺳواء ﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻧﺎﺷطﺔ ﺑﺎﻟﻣﻧطﻘﺔ )إرﻫﺎب أو إﺟرام( أو ﺑﺎﻟدول اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗرى ﻓﻲ "ﻣﻧطﻘﺔ أزواد" ﻣﺟﺎل ﺣﯾوي ﻟﻬﺎ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻌﻣل اﻹﺳﺗﺧﺑﺎراﺗﻲ )اﻟدور اﻟﻔرﻧﺳﻲ(‪ ،‬واﻧطﻼﻗًﺎ ﻣن ﻫذا‬
‫ﯾﺻﺑﺢ ﻟﻠﻘﺑﻠﯾﺔ دور وأﺛر ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻘرار اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻟدوﻟﺔ ﻣﺎﻟﻲ وأﻣﻧﻬﺎ اﻟﻘوﻣﻲ‪.‬‬
‫ظر ﻟﻘﻠﺔ اﻻﻣﻛﺎﻧﯾﺎت اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﺟﻌﻠﻬﺎ‬
‫ﻻ ﺗزال دوﻟﺔ ﻣﺎﻟﻲ ﻏﯾر ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻣراﻗﺑﺔ ﻛﺎﻣل ﺗراﺑﻬﺎ ﻧ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًا‬

‫‪605‬‬
‫ﺗﻌﻘﯾدات اﻻزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻻﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻏرﺑﻲ‪ -‬ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺷﻛﺎﻛطﺔ‬

‫ﺗﺗﻘﺎﺳم ﺳﻠطﺗﻬﺎ ﻣﻊ ﻓواﻋل ﻏﯾر رﺳﻣﯾﺔ ﻛﺎﻟﻘﺑﺎﺋل‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﻧﺗﻬﻲ ﺳﻠطﺗﻬﺎ ﻋﻧد ﺣدود اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ ﺑﺎﻣﺎﻛو‪ ،‬ﻓﻼ‬
‫وﺟود ﻟﺳﻠطﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ أراﺿﯾﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺷﻣﺎل اﻟذي ﯾﺳﯾطر ﻋﻠﯾﻪ اﻟﻣﺗﻣردﯾن اﻟﺗوارق اﻟﻣﺗﺣﺎﻟﻔﯾن ﻓﻲ‬
‫ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن ﻣﻊ ﺟﻣﺎﻋﺎت اﺟراﻣﯾﺔ أو إرﻫﺎﺑﯾﺔ ‪.19‬‬
‫‪ -4‬ﺳﯾﻧﺎرﯾوﻫﺎت اﻷزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻣن اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ﺳﺎﻫم ﺗﻣدد اﻟﻧزاع اﻟداﺧﻠﻲ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ وﺗﻌﺛر اﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟوﺣدة اﻟوطﻧﯾﺔ )ﻛﺈﺗﻔﺎق اﻟﺳﻠم واﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ اﻟﻣﻧﺑﺛق‬
‫ﻋن ﻣﺳﺎر اﻟﺟزاﺋر ﻓﻲ ‪ (2015‬ﻓﻲ ﻓﺷل اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ وﺳﯾطرة ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻹرﻫﺎﺑﯾﺔ‬
‫)ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻧﺻرة اﻻﺳﻼم واﻟﻣﺳﻠﻣﯾن إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟدوﻟﺔ اﻻﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﺣراء اﻟﻛﺑرى وﻣﺧﺗﻠف اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت‬
‫ﺧﺻوﺻﺎ ﻣﻊ اﻧﺗﺷﺎر اﻷﺳﻠﺣﺔ ﺑﻣﺧﺗﻠف‬
‫ً‬ ‫اﻷﺧرى اﻟﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﻬﻣﺎ( ﻋﻠﻰ أﻗﺎﻟﯾم اﻟدوﻟﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻛﺈﻗﻠﯾم أزواد‪،‬‬
‫أﻧواﻋﻬﺎ ﺑﻌد اﻷزﻣﺔ اﻟﻠﯾﺑﯾﺔ ‪ ،2011‬ﺣﯾث ﺗﺣوﻟت إﻟﻰ ﺳوق راﺋﺟﺔ أﻛﺛر ﻣن ﺳوق ﺳوداء‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﻬدد اﻷﻣن‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻓﻲ ظل ﺗﺄﺛﯾر ﻋواﻣل أﺧرى ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺗدﺧﻼت أطراف‬
‫ﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﺻﺎﻟﺢ ﺟﯾوﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬وأﺧرى ﺗﺗﻌﻠق ﺑﻣﺧﺗﻠف ﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﻌﺎﺑرة ﻟﻠﺣدود‪.‬‬
‫أدى ﻓﺷل اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ إﻟﻰ ظﻬور ﻓواﻋل ﻏﯾر دوﻻﺗﯾﺔ‪ ،‬ﺗﺣﺎول ﺳد اﻟﻔراغ اﻷﻣﻧﻲ واﻻﻗﺗﺻﺎدي‬
‫وﺣﺗﻰ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟذي ﺗرﻛﻪ ﻏﯾﺎب اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﻌد ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻣواﺟﻬﺔ ﺟﻣﺎﻋﺎت إرﻫﺎﺑﯾﺔ‬
‫ﺗﻣﺗﻠك ﻗدرات ﻣﺎﻟﯾﺔ وﻗوة ﻟﺟذب وﺗﺟﻧﯾد اﻷﻓراد ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻧﻬم اﻟﺷﺑﺎب‪ ،‬ﻟﺗﻔرض ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻛﻣﻘدم ﻟﻠﺧدﻣﺎت‬
‫اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﻣﺳﺎﻋدات اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬وﺗﺗﻣﺛل ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬
‫ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻧﺻرة اﻻﺳﻼم واﻟﻣﺳﻠﻣﯾن‬
‫إﯾﺎد أغ ﻏﺎﻟﻲ )أﻧﺻﺎر اﻟدﯾن(‬

‫ﺟﻣﺎﻋﻰ ﺗوﻣﺑﻛﺗو‬ ‫ﻛﺗﯾﺑﺔ ﻣﺎﺳﯾﻧﺎ‬ ‫ﺟﻣﺎﻋﺔ ﺣﺎري ﺑﺎﻧدة‬ ‫ﻛﺗﯾﺑﺔ‬ ‫ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻣﻧﺎﻛﺔ‬
‫اﻟﺻﺣراء‬

‫اﻟدوﻟﺔ اﻻﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺻﺣراء اﻟﻛﺑرى‬


‫ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم‬ ‫ﻋدﻧﺎن أﺑو‬
‫اﻟﺻﺣراوي‬ ‫اﻟوﻟﯾد‬

‫ﻣﻧطﻘﺔ‬ ‫ﻣﻧطﻘﺔ‬ ‫اﻟﻣﻧطﻘﺔ‬ ‫ﻣﻧطﻘﺔ‬


‫اﻟﺷرﯾط اﻟﺣدودي‬ ‫ﻗورﻣﺔ‬ ‫اﻟﻣﻣﺗدة ﺗﺟﺎﻩ‬ ‫ﺗﯾﻠﻣﺳﻲ‬
‫ﺣظﯾرة واد اﻟﻧﯾﺟر‬

‫‪606‬‬
‫ﺗﻌﻘﯾدات اﻻزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻻﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻏرﺑﻲ‪ -‬ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺷﻛﺎﻛطﺔ‬

‫ﯾرﺗﺑط اﻟﺗﻬدﯾد اﻻرﻫﺎﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ ارﺗﺑﺎطًﺎ وﺛﯾﻘًﺎ ﺑﻣﺧﺗﻠف اﻟﺻراﻋﺎت اﻟﻌرﻗﯾﺔ واﻟﻣﺷﻛﻼت اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ‬
‫ﻣﻧﻬﺎ دوﻟﺔ ﻣﺎﻟﻲ ﺑﻛل أﺑﻌﺎدﻫﺎ ﺑﺣﯾث ﯾﺻﻌب ﻓﺻﻠﻬﺎ ﻋن ﺑﻌﺿﻬﺎ اﻟﺑﻌض‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن إﺣﺻﺎء ﻋﻧﺎﺻرﻫﺎ‬
‫ﺑﺳﺑب اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻣﺗﻌددة اﻷﺷﻛﺎل اﻟﻣﻣﺗدة ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻹرﻫﺎﺑﯾﺔ وﺑﯾن ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻌرﻗﯾﺎت‪ ،‬ﻓﻣﺛﻼً ﻧﺟد‬
‫أن أﻏﻠب ﻋﻧﺎﺻر "ﺟﺑﻬﺔ ﺗﺣرﯾر ﻣﺎﺳﯾﻧﺎ" ﻣن "اﻟﻔوﻻن" أﻣﺎ ﺟﻣﺎﻋﺔ أﻧﺻﺎر اﻟدﯾن ﻓﻐﺎﻟﺑﯾﺗﻬم ﻣن اﻟﺗوارق‪ ،‬ﻫذا‬
‫ﻣﺎ ﯾﺷﯾر إﻟﻰ ﺗوظﯾف ﻋﺎﻣل اﻟﻌرﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺟﻧﯾد داﺧل ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻹرﻫﺎﺑﯾﺔ ﺣﺳب ﻣﻧطﻘﺔ ﻧﺷﺎطﻬﺎ‪،‬‬
‫وﻣﻧﻪ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﺄن "ﻓﺷل اﻟدوﻟﺔ ﯾﻌﻧﻲ وﺟود ﺗﻬدﯾد‪ ،‬واﻧﺗﺷﺎر اﻟﺗﻬدﯾد ﯾﻌﻧﻲ اﻧﻬﯾﺎر اﻟدوﻟﺔ"‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻬذا‬
‫اﻟﻔﺷل اﻟدوﻻﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻷﻣﻧﻲ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أدى إﻟﻰ ﺑروز ﺗﻬدﯾدات ﻻ‬
‫ﺗﻣﺎﺛﻠﯾﺔ )ﺗﻬدﯾدات ﻟﻔواﻋل ﻏﯾر دوﻻﺗﯾﺔ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﻬدﯾد أﻣن اﻟدول‪ ،‬ﻟﻛﻧﻬﺎ ﻏﯾر ﻣﺗﻛﺎﻓﺋﺔ ﻣن ﺣﯾث اﻟﻘوة‬
‫واﻟوﺳﺎﺋل واﻟﺗﻧظﯾم ﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة اﻟﻐﻣوض وﻋدم ﺗﺣدﯾد ﻣﺎﻫﯾﺔ اﻟﻌدو‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﺟد ﻟﻬﺎ ﻣﻛﺎن ﻣﺛﺎﻟﻲ ﻓﻲ‬
‫اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔﺎﺷﻠﺔ وﺗﺷﻣل ﻫذﻩ اﻟﺗﻬدﯾدات اﻻرﻫﺎب اﻟﻌﺎﺑر ﻟﻠﺣدود‪ ،‬اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ‪ ،‬اﻟﻬﺟرة ﻏﯾر اﻟﺷرﻋﯾﺔ‪،‬‬
‫‪20‬‬
‫اﻟﺣرﻛﺎت اﻻﻧﻔﺻﺎﻟﯾﺔ(‪ ،‬وﺗﻛﻣن ﺧطورﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺛﻼث ﻧﻘﺎط أﺳﺎﺳﯾﺔ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ‪:‬‬
‫‪ -1‬اﻻﻣﺗداد‪:‬‬
‫وﯾﻛﻣن ﻫذا اﻟﺧطر ﻓﻲ ﺳﻬوﻟﺔ اﻧﺗﻘﺎل اﻟﺗﻬدﯾدات اﻟﻼﺗﻣﺎﺛﻠﯾﺔ اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن ﻓﺷل اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ إﻟﻰ‬
‫دول اﻟﺟوار اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺻﺑﺢ ﺗﻬدﯾد ﻣرﻛب ﯾﺣﻣل طﺎﺑﻊ اﻗﻠﯾﻣﻲ ﯾﻔرض‬
‫ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺗﺑﻧﻲ اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت أﻣﻧﯾﺔ ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﯾﺻﻌب ﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﺑﺳﺑب ﺗراﺟﻊ ﻗدرات دول ﻣرﻛب اﻷﻣن‬
‫اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ‪ ،‬وﻋﻠﯾﻪ ﻓﺈن ﺗداﻋﯾﺎت ﻓﺷل اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ ﻻ ﺗﻧﺣﺻر ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗوى‬
‫أﻣﻧﯾﺎ ﺗﺗﺣﻣﻠﻪ دول اﻟﺟوار اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ وﻋﻠﻰ رأﺳﻬم اﻟﺟزاﺋر‬
‫ﻋﺑﺋﺎ ً‬
‫اﻟداﺧﻠﻲ ٕواﻧﻣﺎ ﺗﻣﺗد ﻟﺗﺷﻣل دول اﻟﺟوار وﺗﺷﻛل ً‬
‫ﺑﺣﻛم اﻟﺗﺧوﻣﯾﺔ اﻟﻣﻣﺗدة ﻋﻠﻰ طول ﺣدود ﺗﺑﻠﻎ ‪ 1376‬ﻛﻠم‪.‬‬
‫‪ -2‬اﻟﺗﺣﺎﻟف ‪:‬‬
‫وﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﻟﺗﻔﺎﻋل اﻟﻌﺿوي ﺑﯾن ﻫذﻩ اﻟﺗﻬدﯾدات اﻟﻼﺗﻣﺎﺛﻠﯾﺔ ﻣن ﻣﻧظﻣﺎت إرﻫﺎﺑﯾﺔ وﺷﺑﻛﺎت اﺟراﻣﯾﺔ‬
‫ﺣﺗﻣﺎ إﻟﻰ ﺗﺣﺎﻟﻔﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﯾدان‪،‬‬
‫وﺣﺗﻰ ﺣرﻛﺎت اﻧﻔﺻﺎﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ اﻟذي ﯾؤدي ً‬
‫ﻛﺎﻟﺗﻣرد اﻟذي ﺣدث ﻓﻲ ‪ 22‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ 2012‬وﺷن ﻫﺟوم ﻋﻠﻰ ﻣوﻗﻊ ﻋﺳﻛري ﻓﻲ ﺷﻣﺎل ﻣﺎﻟﻲ ﻣن طرف‬
‫اﻟﺣرﻛﺎت اﻷزوادﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺎﻟﻔت ﻣﻊ ﺑﻌض اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻹرﻫﺎﺑﯾﺔ وﻋﻧﺎﺻر ﺗﻧﺗﻣﻲ إﻟﻰ "ﺣرﻛﺔ أﻧﺻﺎر اﻟدﯾن"‬
‫ﻗﺑل اﻟﺗﻣدد ﻧﺣو ﻣدﯾﻧﺔ ﻣوﺑﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﺟﻧوب‪.‬‬
‫ﻫذا ﻣﺎ ُﯾﻌﻘد ﻣن ﻣﻬﻣﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺗﻬﺎ واﻟذي ﺳوف ﯾؤدي ﺣﺗﻣﺎ إﻟﻰ اﻧﻬﯾﺎر وﺗﻔﻛك‬
‫ﻣﺎﻟﻲ ﻟﯾﻔﺗﺢ اﻟﻣﺟﺎل أﻣﺎم ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺗدﺧﻼت اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣرﻛﻬﺎ ﻣﺻﺎﻟﺣﻬﺎ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ظل وﺟود ﺗرﻛﯾﺑﺔ‬
‫إﺛﻧﯾﺎ ﻣﻊ ﻏﯾﺎب ﻗﯾم اﻟﻣواطﻧﺔ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﺳﻣﺢ ﺑﺣدوث ﺗﺣﺎﻟف إرﻫﺎﺑﻲ إﺟراﻣﻲ ﻣﻊ ﺑﻌض‬
‫اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﺗﻌددة ً‬
‫اﻟﺣرﻛﺎت اﻻﻧﻔﺻﺎﻟﯾﺔ رﻏم اﻻﺧﺗﻼف اﻟﺟوﻫري ﺑﯾن اﻹرﻫﺎب وﺷﺑﻛﺎت اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ‪ ،‬ﻛون اﻹﺟرام ﻻ‬
‫ﯾﻬدف إﻟﻰ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻓﻲ اﻟرأي اﻟﻌﺎم أﻣﺎ اﻹرﻫﺎب ﻓﻬدﻓﻪ اﻟرﺋﯾﺳﻲ ﺳﯾﺎﺳﻲ‪ ،‬إﻻ أن ﻫذﻩ اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم ﺗﻐﯾرت وأﺻﺑﺢ‬

‫‪607‬‬
‫ﺗﻌﻘﯾدات اﻻزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻻﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻏرﺑﻲ‪ -‬ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺷﻛﺎﻛطﺔ‬

‫اﻟﺣدﯾث ﻋن "اﻹرﻫﺎب اﻟﺟدﯾد" و"اﻟﺟرﯾﻣﺔ اﻟﺟدﯾدة" ﻣن ﺣﯾث اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﺧدﻣﻬﺎ ﻛل ﻣن اﻹرﻫﺎب‬
‫واﻹﺟرام ﺗﺗﺟﻪ ﻧﺣو اﻟﺗﻘﺎطﻊ أﻛﺛر ﻓﺄﻛﺛر ﻓﻲ اﻟﻣﻧطﻘﺔ‪.‬‬

‫‪ -3‬اﻟﺗدﺧل اﻷﺟﻧﺑﻲ‪:‬‬
‫ُﯾﺷﻛل ﻛل ﻣن ﺗﺣﺎﻟف ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺗﻬدﯾدات اﻟﻼﺗﻣﺎﺛﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻟﻣﻣﺗدة إﻟﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ‬
‫ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻋواﻣل ﺗوظﯾف وﻣﺑررات ﻣن ﻗﺑل ﻗوى ﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟﺷرﻋﻧﺔ ﺗدﺧﻼﺗﻬﺎ ﺑﻣﺧﺗﻠف أﺷﻛﺎﻟﻬﺎ‬
‫)اﻟﻣﺑﺎﺷرة وﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة( ﻓﻲ اﻟﻣﻧطﻘﺔ ﻣن ﻣﻧطﻠق ﺟﯾوﺳﯾﺎﺳﻲ ﻗﺎﺋم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣﺗﺿﺎرﺑﺔ ﻓﻲ‬
‫ﻏﺎﻟب اﻷﺣﯾﺎن‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻣﺣل اﺳﺗﻘطﺎب وﺗﻧﺎﻓس دوﻟﻲ ﺷدﯾد‪ ،‬ﻟﯾﺻﺑﺢ ﺑذﻟك‬
‫اﻟﻌﺎﻣل اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻣﻐذي ﻟﻸزﻣﺎت واﻟﺗﻬدﯾدات أﻫﻣﻬﺎ اﻹرﻫﺎب اﻟﻌﺎﺑر ﻟﻠﺣدود‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ وأن أﻫم ﻋﺎﻣل ﻣﺣﻔز‬
‫ﻟﻼﻧﺧراط ﻓﻲ اﻟﻌﻣل اﻻرﻫﺎﺑﻲ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻻﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﻫو ﻣﺣﺎرﺑﺔ اﻟﺗواﺟد اﻷﺟﻧﺑﻲ ﻟﻧﻛون أﻣﺎم ﻣﻌﺿﻠﺔ‬
‫أﻣﻧﯾﺔ ﺗﻛون ﺗداﻋﯾﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻣل ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ‪.‬‬
‫وﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺳﺑق‪ ،‬ﯾﻣﻛن ﺗﺻور ﺛﻼﺛﺔ ﺳﯾﻧﺎرﯾوﻫﺎت ﻣﺣﺗﻣﻠﺔ ﻟﺗطور ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔﺷل اﻟدوﻻﺗﻲ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ‬
‫واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺑﻧﺎء أﻣﻧﻬﺎ اﻟﻘوﻣﻲ واﻷﻣن اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ‪:‬‬
‫‪ -1‬اﻟﺳﯾﻧﺎرﯾو اﻟﻣﻣﺗد‪:‬‬

‫ﯾﻔﺗرض ﺑﻘﺎء اﻷزﻣﺔ ﺑﻧﻔس اﻟوﺗﯾرة اﻟدﯾﻧﺎﻣﯾﻛﯾﺔ واﺳﺗﻣرار اﻟﻧزاع ﺑﯾن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟﺳﻠطﺔ‬
‫اﻟﻣرﻛزﯾﺔ ﻣﻊ ﺗﻧﺎﻗض ﺗﺻورات اﻷطراف ﻓﻲ اﻟﺷﻣﺎل‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾﺻﻌب ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺗﺳوﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ‬
‫ﺗراﺟﻊ اﻟدور اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﻲ اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻷﺧﯾرة )‪ (2020 - 2015‬وﺑﻌد اﻟﺗﺣرك اﻟﻌﺳﻛري اﻟﻔرﻧﺳﻲ‬
‫اﻟﻣﻛﺛف )ﻣن ﺧﻼل ﻋﻣﻠﯾﺔ "ﺳرﻓﺎل" ‪ (Serval) 2013‬ﺛم ﻋﻣﻠﯾﺔ "ﺑرﺧﺎن" )‪ (Barkhan‬ﻓﻲ ‪ ،2014‬وأﺧﯾ ار‬
‫إﻧﺷﺎء "ﻗوة ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻟﺧﻣﺳﺔ" )‪ (G5 Sahel‬ﻓﻲ ‪ 2017‬ﺑﻣﺑﺎدرة ﻓرﻧﺳﯾﺔ ﻣﻊ اﻧﺧراط اﻟﺗﺣﺎﻟف‬
‫اﻟﻌﺳﻛري اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﻘﯾﺎدة اﻟﺳﻌودﯾﺔ ﻟﺗﻘدﯾم اﻟدﻋم اﻟﻠوﺟﯾﺳﺗﯾﻛﻲ ﻟﻬذﻩ اﻟﻘوة ﺑﺗﻘدﯾم ‪ 100‬ﻣﻠﯾون دوﻻر(‪ ،‬ﻷن‬
‫اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻫﻲ اﻷدرى ﺑﻣﺎ ﯾﺣدث ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻣﺟﺎورة ﺑﺣﻛم اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬
‫واﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ ﻣﻊ ﻫذﻩ اﻟﻌرﻗﯾﺎت واﻹﺛﻧﯾﺎت‪ ،‬وﻣﺎ ﯾدل ﻋﻠﻰ ذﻟك اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟوﺳﺎطﺎت اﻟﺗﻲ ﺗم ﺑﻣوﺟﺑﻬﺎ‬
‫ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺎت )ﻛﺎﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﺗﻣﻧراﺳت ‪ ،1990‬اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺟزاﺋر ‪ ،2006‬واﻟدور اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ‬
‫وﻏﺎدوﻏو ‪ ،2001‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺳﺎر اﻟﺟ ـ ـ ـ ـزاﺋر ﻓﻲ ‪ ،(2015‬ﺣﯾث ﯾﻌﺗﺑر ﻫذا اﻟ ـ ـ ـ ـ ـ ـﺳﯾﻧﺎرﯾو اﻷﻛﺛر‬
‫اﺣﺗﻣﺎﻻ وواﻗﻌﯾﺎ‪.‬‬

‫ﻣﺎ ﯾﺑرر ﻫذا اﻟﺗوﻗﻊ ﻫو رﻓض اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻧﺧب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ ﺑﺎﻣﺎﻛو ﻟﻠﻣﺻﺎﻟﺣﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ‬
‫ﻣﻊ أﺑﻧﺎء اﻟﺷﻣﺎل ﺑرؤﯾﺔ اﺳﺗﻌﻼﺋﯾﺔ ﺗﺛﯾر اﻟﻧﻌرة اﻹﺛﻧﯾﺔ واﻟﻌرﻗﯾﺔ‪ ،‬ﻫذا ﻣﺎ ﯾؤدي اﻟﻰ ﺳوء ﺗوزﯾﻊ اﻟﺳﻠطﺔ واﻟﺛروة‬
‫وﻋﻣﻠﯾﺎ ﻓﻲ‬
‫ً‬ ‫اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ‬
‫ً‬ ‫ﺑﯾن اﻟﺟﻧوب اﻟﻣﻬﯾﻣن ﻋﻠﻰ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟﺗﻧﻣوﯾﺔ واﻟﺷﻣﺎل اﻟﻣﻬﻣش ﺳوﺳﯾو‪-‬‬
‫اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪.‬‬

‫‪608‬‬
‫ﺗﻌﻘﯾدات اﻻزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻻﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻏرﺑﻲ‪ -‬ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺷﻛﺎﻛطﺔ‬

‫‪ -2‬اﻟﺳﯾﻧﺎرﯾو اﻹﺻﻼﺣﻲ‪:‬‬

‫ﯾﻔﺗرض اﻗﺗﻧﺎع أطراف اﻟﻧزاع ﺑﺗﺑﻧﻲ اﻟﺧﯾﺎر اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺎﺳم اﻟﺳﻠطﺔ وﻓق ﻣﺑدأ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ‬
‫اﻟوطﻧﯾﺔ‪ ،‬واﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ‪ ،‬وﺗﺣﺳﯾن اﻟﻣﺳﺗوى اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻟﻣﻌﯾﺷﻲ ﻟﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣواطﻧﯾن‪ ،‬واﻟذي ﯾﺳﺗﻧد‬
‫ﻓﯾﻪ ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻧزاﻋﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎرﺑﺔ " ِ‬
‫اﻟﺳﻠم اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ"‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﺗﺻﺑﺢ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻹﺛﻧﯾﺔ واﻟﻌرﻗﯾﺔ‬
‫ﺗﺗﻌﺎﯾش ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﻬﺎ وﻓق ﻣﻧطق ﺗﻛرﯾس ﻗﯾم اﻟﻣواطﻧﺔ ﺑدﻻً ﻣن ﻗﯾم اﻟﻘﺑﯾﻠﺔ‪ ،21‬وﻓﻲ ﻫذا اﻹطﺎر ﺟﺎءت زﯾﺎرة‬
‫رﺋﯾس وزراء ﻣﺎﻟﻲ )ﺳوﻣﯾﻠو ﺑوﺑﯾﻲ ﻣﺎﯾﻐﺎ( ﻓﻲ ‪ 23‬ﻣﺎرس ‪ 2018‬إﻟﻰ ﻣﻧطﻘﺔ ﻛﯾدال ﻣﻌﻘل ﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﺗﻣرد‬
‫ﻧظر ﻟﺗوﻓر ﻣﺗﻐﯾرات ﻣﺣﻠﯾﺔ‪ٕ ،‬واﻗﻠﯾﻣﯾﺔ‪،‬‬
‫ﻟﺗوطﯾد ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺛﻘﺔ وﺑﻧﺎء اﻟوﺣدة اﻟوطﻧﯾﺔ‪ ،‬وﻫو أﺑﻌد اﺣﺗﻣﺎل ﻣﻣﻛن ًا‬
‫ﺟدا ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﻌدد اﻷطراف وﺗﺿﺎرب ﻣﺻﺎﻟﺣﻬﺎ‪.‬‬
‫وأﺧرى َدوﻟﯾﺔ ﺟد ﻣﻌﻘدة ذات دﯾﻧﺎﻣﯾﻛﯾﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ ً‬
‫اﻟدوﻟﻲ‪ ،‬ﻛﻘ اررات ﻣﺟﻠس اﻷﻣن اﻟدوﻟﻲ اﻟرادﻋﺔ ﻟزﻋﻣﺎء‬
‫ﯾﺗطﻠب ﻫذا اﻟﺳﯾﻧﺎرﯾو ﺗﻌﺑﺋﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ َ‬
‫اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺳﻠﺣﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ اﻟراﻓﺿﺔ ﻟﻠﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣﻊ ﻋزل اﻷطراف اﻟﻣﺗﺣﺎﻟﻔﺔ ﻣﻊ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت‬
‫اﻹرﻫﺎﺑﯾﺔ‪ ،‬ﻹﻧﺟﺎح أي ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺗﻧدرج ﺿﻣن ﻣﺳﺎر ﺑﻧﺎء اﻟدوﻟﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ وﺗﺣﻘﯾق أﻣﻧﻬﺎ اﻟﻘوﻣﻲ‪.‬‬

‫‪ -3‬اﻟﺳﯾﻧﺎرﯾو اﻟﻛﺎرﺛﻲ‪:‬‬
‫ُﯾ ِ‬
‫رﺟﺢ ﻫذا اﻟﺳﯾﻧﺎرﯾو اﻟﻣﻘﺎرﺑﺔ اﻹﺛﻧو‪-‬واﻗﻌﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺑرر ﺗﻌظﯾم اﻟﺗﺳﻠﺢ ﻟدى اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻌرﻗﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫ﺷﻣﺎل ﻣﺎﻟﻲ‪ ،‬ﺧوﻓﺎ ﻣن "اﻟﺗطﻬﯾر اﻟﻌرﻗﻲ" ﻓﻲ إطﺎر ﻣﺎ ﯾﻌرف " ﺑﺎﻟﻣﺄزق اﻷﻣﻧﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ" اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ‬
‫أﺳﺎس اﻟﻌرﻗﯾﺎت واﻹﺛﻧﯾﺎت اﻟذي ﺗﺣﺎول ﻓﯾﻪ اﻟدوﻟﺔ ﺗﺣﺳﯾن اﻟوﺿﻊ اﻷﻣﻧﻲ ﻋن طرﯾق ﻗﻣﻊ اﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗﻌﻘﯾدا ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻷﻣﻧـ ـ ـ ـ ـﯾﺔ ﺑﺳﺑـ ـ ـ ـ ـ ـب اﺗﺧﺎذ ﺗداﺑﯾر ﺗزﯾد ﻣن‬
‫ً‬ ‫ﺗﻬدد ﺷرﻋﯾﺗﻬﺎ‪ ،‬وﯾﺻﺑﺢ اﻟوﺿـ ـ ـ ـ ـﻊ أﻛﺛر‬
‫ﻣﻌﺎرﺿﺔ اﻟﻧظﺎم ‪.22‬‬

‫ﺟدا أن ﺗﺗﺣﺎﻟف ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻌرﻗﯾﺔ ﻓﻲ ﺷﻣﺎل ﻣﺎﻟﻲ ﻣﻊ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت‬ ‫ﻓﻣن اﻟﻣﻣﻛن ً‬
‫اﻹرﻫﺎﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﻐل ﺗردي اﻷوﺿﺎع اﻷﻣﻧﯾﺔ‪ ،‬وﻗد ﺗﻧﺟﺢ ﻓﻲ ﺗﺳوﯾق ﻧﻣوذج ﺗﻧظﯾم اﻟدوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫ﺷﻣﺎل ﻣﺎﻟﻲ اﻟذي ﯾوﺣﻲ ﺑﺎﻟﺗﻘﺳﯾم وﻓق ﻣﻧطق اﻟﻬُوﯾﺎت اﻟﻌرﻗﯾﺔ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌد اﻧﺻﻬﺎر ﺧﻣس )‪ (05‬ﺗﻧظﯾﻣﺎت‬
‫ﻣﺳﻠﺣﺔ ﻓﻲ ﺗﻧظﯾم "ﺟﻣﺎﻋﺔ ﻧﺻرة اﻻﺳﻼم واﻟﻣﺳﻠﻣﯾن" ﻓﻲ ‪ 2017‬ﻛرد ﻋﻠﻰ إﻧﺷﺎء "ﻗوة ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﺳﺎﺣل‬
‫اﻟﺧﻣﺳﺔ" ٕواﻋﻼن ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﺳﻠﺣﺔ ﺑﻘﯾﺎدة "أﺑو اﻟوﻟﯾد اﻟﺻﺣراوي" ﻣﺑﺎﯾﻌﺔ ﺗﻧظﯾم "داﻋش"‪.‬‬

‫ﻛﻣﺎ ﻗد ﺗﺣدث اﺣﺗﻣﺎﻟﯾﺔ ﺣدوث ﺗﺣﺎﻟف ﺑﯾن "داﻋش" و "اﻟﻘﺎﻋدة" ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ ﻛﺗﺣﺎﻟف ﺗﻛﺗﯾﻛﻲ ﺗﻣﻠﯾﻪ‬
‫اﻟظروف اﻟﻌﻣﻠﯾﺎﺗﯾﺔ ﻓﻲ ظل ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺿﻌف اﻟذي ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﻧﻪ اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾن )داﻋش واﻟﻘﺎﻋدة( ﻣﻣﺎ ﻗد ﯾؤدي إﻟﻰ‬
‫وﺗﻬدﯾدا ﻣن ﺗﻧظﯾم "داﻋش" اﻷم‪ ،‬ﯾﻧﺷط ﻋﺑر ﻛﺎﻣل ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل‬
‫ً‬ ‫اﻣﺎ‬
‫إﻋﺎدة ﺑﻧﺎء ﺗﻧظﯾم ﯾﻛون أﻛﺛر إﺟر ً‬
‫اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﺎ ﻣﻧطﻘﺔ ُﻣواﺗﯾﺔ ﻟﺗﻣرﻛز ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﻣﺳﻠﺣﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ ظﻬور ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻋودة‬
‫اﻟﻣﻘﺎﺗﻠﯾن اﻷﺟﺎﻧب‪.‬‬

‫‪609‬‬
‫ﺗﻌﻘﯾدات اﻻزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻻﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻏرﺑﻲ‪ -‬ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺷﻛﺎﻛطﺔ‬

‫ﺧﺎﺗﻣﺔ‪:‬‬

‫ﻣﺎ ﯾﻣﻛن ﻗوﻟﻪ ﺣول ﺗﻌﻘﯾدات اﻷزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ وﺗداﻋﯾﺎﺗﻬﺎ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣ ـ ـ ـﺳﺗوى اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ‬
‫ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن ﻣﺻدر ﻓﺷل اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ ﯾﻛﻣل ﻓﻲ ﻋدم اﻟﻣﻘدرة ﻋﻠﻰ ﺑﻧﺎء ُﻫوﯾﺔ وطﻧﯾﺔ ذات أﺑﻌﺎد ﺳوﺳﯾو‪-‬‬
‫اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‪ ،‬وذﻟك ﺑﺳب دﯾﻧﺎﻣﯾﻛﯾﺔ أطراف اﻟﻧزاع ﺳواء ﻣن ﺣﯾث ﻧﺷﺄﺗﻬﺎ أو اﺧﺗﻔﺎﺋﻬﺎ وﻋودﺗﻬﺎ ﻣن‬
‫ﺟدﯾد‪ ،‬ﻣﻊ رﻓﻊ ﻧﻔس اﻟﻣطﺎﻟب اﻟﻣﺗﻛررة ﺣول اﻻﻧﻔﺻﺎل واﻟﺣﻛم اﻟذاﺗﻲ ﺑﺳﺑب ﻓﺷل اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻲ ﺑﺳط‬
‫اﻟﺷرﻋﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﻼد‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺗﺻﺎﻋد اﻟﻣطﺎﻟب اﻟﻬُوﯾﺎﺗﯾﺔ ﻣن ﺟدﯾد وﻓق‬
‫ﻣﻧطق اﻟﻧزاع اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﻣﻣﺗد ﻋﺑر اﻟﺣدود اﻟوطﻧﯾﺔ اﻟذي ﯾﻬدد اﻷﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﻲ ﻟﻠدوﻟﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ‬
‫ﻋﻣوﻣﺎ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ﺧﺻوﺻﺎ وﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ً‬ ‫اﻟﺣدﯾﺛﺔ‬
‫‪ -2‬ﺗﺷﻛل ﻛل ﻣن اﻹﺛﻧﯾﺔ واﻟﻌرﻗﯾﺔ ﺟوﻫر اﻟﻬُوﯾﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫﻣﺎ ﻋﻧﺎﺻر أزﻣﺔ ُﻫوﯾﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻣﺷروع اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟذي ُﯾﺣﻘق أﻣﻧﻬﺎ اﻟﻘوﻣﻲ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﻧﻊ اﻟﻘرار ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ اﺳﺗﯾﻌﺎب ﻛل ﻫذﻩ‬
‫اﻻﺧﺗﻼﻓﺎت اﻟﻘﯾﻣﯾﺔ ﺗﺣت ﻗﺑﺔ دوﻟﺔ وطﻧﯾﺔ ﻣوﺣدة ﺗﻌﺗرف ﺑﺎﻟﻛل وﺗﺿم اﻟﺟﻣﯾﻊ‪.‬‬

‫‪ -3‬طﺎﻟﻣﺎ أن ﺣﻛوﻣﺔ ﻣﺎﻟﻲ ﻻ ﺗﺗﺣﻣل اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ﻟﻣطﺎﻟب ﺗوارق اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺷﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻣﻬﻣﺷﯾن ﻣﻧذ‬
‫ﻓﺗرة اﻻﺳﺗﻘﻼل ﻓﺈن ﻣﺷﻛﻠﺔ أزواد ﺳﺗﺳﺗﻣر‪ ،‬ﻛﻣﺎ أن ﻫذا اﻟﺻراع اﻟﻣﺗﻛرر ﺑﯾن اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ‬
‫واﻟﺗوارق ﻓﻲ اﻟﺷﻣﺎل ﻗد ﯾؤدي إﻟﻰ ﺻراع ﻣﻔﺗوح ﻋﺑر ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻷﻓرﯾﻘﻲ ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﺳﯾطرة‬
‫ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ اﻧﺗﺷﺎر "داﻋش ﻓﻲ اﻟﺟﻧوب اﻟﻠﯾﺑﻲ وﻣﻊ ﺗواﺟد "ﺑوﻛوﺣرام" ﻓﻲ ﻧﯾﺟﯾرﯾﺎ اﻟذي أﻋﻠن‬
‫أﺳﺎﺳﺎ ﻣن‬
‫ً‬ ‫وﻻءﻩ ﻟدوﻟﺔ اﻟﺧﻼﻓﺔ‪ ،‬ﻛﻠﻬﺎ ﻣؤﺷرات ﺗدل ﻋﻠﻰ ﺳﯾﻧﺎرﯾو ﻛﺎرﺛﻲ ﻓﻲ ﻛﺎﻣل اﻟﻣﻧطﻘﺔ ﻣﺻدرﻩ‬
‫اﻗﻠﯾم أزواد ﺑﺷﻣﺎل ﻣﺎﻟﻲ إن ﻟم ﯾﺗم إدراﻛﻪ‪.‬‬

‫‪ -4‬ﻫﻧﺎك ﻋواﻣل ﺟﯾوﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻫﺎﻣﺔ زادت ﻣن ﺗﻌﻘﯾد اﻟوﺿﻊ اﻷﻣﻧﻲ أﻛﺛر ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ‪ ،‬أﻫﻣﻬﺎ اﻟﺗوظﯾف‬
‫ﻌﻣد اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻷﻧﺗرﺑوﻟوﺟﻲ اﻻﺛﻧﻲ‪-‬اﻟﻌرﻗﻲ ﻟﻠﺷﻌب اﻟﻣﺎﻟﻲ‪ ،‬ﻓﻲ إطﺎر ﺳﯾﺎﺳﺔ "ﻓرق‬
‫اﻟﺧﺎرﺟﻲ اﻟذي ﺗَ َ‬
‫ﺗﺳد" ﺣﺗﻰ ﺗﺗﻣﻛن اﻟدول اﻟﻐرﺑﯾﺔ ﻣن ﺗﺣﻘﯾق ﺑﻌض اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺣﯾوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻧطﻘﺔ )ﻛﺎﻟﻣوارد اﻷوﻟﯾﺔ(‪،‬‬
‫ﻣدﻋﻣﺔ ﺗواﺟدﻫﺎ ﺑزرع اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻹرﻫﺎﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ زادت ﻣن ﺗﻌﻣﯾق اﻷزﻣﺔ وﺗﻌﻘﯾدﻫﺎ‪ ،‬ﻣﻣﺎ ﺣﺎل دون‬
‫اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ﺳﯾﺎﺳﯾﺎ و‬
‫ً‬ ‫ﺗﺣﻘﯾق اﻧدﻣﺎج وطﻧﻲ وﺑﻧﺎء دوﻟﺔ وطﻧﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘرة‬

‫‪ -5‬اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ ﯾﺟب أن ﯾﻧطﻠق ﻣن ﺗﺣدﯾد ﻣﺧﺗﻠف ﻣﺻﺎدر اﻟﺗﻬدﯾد ﺑﺑﻌدﯾﻪ اﻟداﺧﻠﻲ‬
‫واﻟﺧﺎرﺟﻲ واﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺗﻔﺎﻋﻠﯾﺔ ﺑﯾن ﻫذﯾن اﻟﻣﺳﺗوﯾﯾن‪ ،‬ﺣﯾث ﯾؤﺛر ﻛل ﻣﻧﻬﻣﺎ ﻓﻲ اﻵﺧر ﺑﺷﻛل ﻣﺑﺎﺷر‬

‫‪610‬‬
‫ﺗﻌﻘﯾدات اﻻزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻻﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻏرﺑﻲ‪ -‬ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺷﻛﺎﻛطﺔ‬

‫أو ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر إﻟﻰ درﺟﺔ ﻗد ﺗﺧﻠق اﻟﻣﺻﺎدر اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﺑﯾﺋﺔ ﯾﻧﺷط ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺗﻬدﯾد اﻟﺧﺎرﺟﻲ‪ ،‬وﻗد ﯾﺟد‬
‫اﻟﺗﻬدﯾد اﻟﺧﺎرﺟﻲ ذراﺋﻊ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺻﺎدر اﻟداﺧﻠﯾﺔ‪ ،‬وﻟﺑﻧﺎء اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ ﯾﺟب اﺳﺗﺋﺻﺎل أﺳﺑﺎب‬
‫اﻟﻧزاع اﻟدوري ﻷزﻣﺔ اﻟﻬوﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺷﻣﺎل واﻟﺟﻧوب ﺑﺎﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ إﻋﺎدة ﺑﻧﺎء ﻣؤﺳﺳﺎت اﻟدوﻟﺔ وﻧظﺎم‬
‫أﻣر ﺿرورًﯾﺎ ﻹﻋﺎدة‬
‫ﺳﯾﺎﺳﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ وﺗﻛرﯾس ﻗﯾم اﻟﻣواطﻧﺔ‪ ،‬ﺣﯾث أﺻﺑﺢ ًا‬
‫اﻟﺛﻘﺔ واﻟﺗﺄﯾﯾد اﻟﺷﻌﺑﻲ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟدوﻟﺔ واﻟﻧظﺎم اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻛﻛل ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ‪.‬‬

‫‪611‬‬
‫ﺗﻌﻘﯾدات اﻻزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻻﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻏرﺑﻲ‪ -‬ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺷﻛﺎﻛطﺔ‬

‫اﻟﻬواﻣش‪:‬‬

‫‪ -1‬ﻋﻣر ﻓرﺣﺎﺗﻲ وﯾﺳرى أوﺷرﯾف‪ ،‬ﺗداﻋﯾﺎت اﻻزﻣﺔ اﻟﻠﯾﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻣن ﻓﻲ اﻟﺟزاﺋر )اﻟﺟزاﺋر‪ :‬اﻟدار اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‬
‫ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬ط‪ ،(2016 ،1.‬ص‪.19‬‬
‫‪ -2‬ﻓرﺣﺎﺗﻲ وأوﺷرﯾف‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ص‪34.36.‬‬
‫‪ -3‬ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم ﺑﺧﺗﻲ‪" ،‬اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ واﻟﻌﻧف اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻓﻲ أﻓرﯾﻘﯾﺎ‪ "،‬ﻓﻲ ﺑوﻣدﯾن طﺎﺷﻣﺔ )ﻣﺣرر(‪ ،‬اﻟﻣﺷﻛﻼت‬
‫اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎرة اﻷﻓرﯾﻘﯾﺔ )اﻻﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ :‬ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟوﻓﺎء اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‪ ،‬ط‪ ،(2016 ،1.‬ص ص‪.435-413.‬‬
‫‪ -4‬ادرﯾس ﻋطﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺗﻬدﯾدات اﻻرﻫﺎﺑﯾﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻓﻲ أﻓرﯾﻘﯾﺎ‪ :‬دراﺳﺔ ﻓﻲ ﺗوظﯾف اﻟظﺎﻫرة وﺗﻣوﺿﻌﻬﺎ اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﯾﻛﻲ‬
‫)اﻷردن‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪ :‬دار اﻻﻋﺻﺎر اﻟﻌﻠﻣﻲ‪ ،(2018 ،‬ص ص‪41-39.‬‬
‫‪ -5‬ﺟﺎرش ﻋﺎدل‪ ،‬ﺗﺄﺛﯾر اﻟﺗﻬدﯾدات اﻷﻣﻧﯾﺔ ﺑدول اﻟﺟوار ﻋﻠﻰ اﻷﻣن اﻟﺟزاﺋري )اﻟﻘﺎﻫرة‪ :‬اﻟﻣﻛﺗب اﻟﻌرﺑﻲ ﻟﻠﻣﻌﺎرف‪،‬‬
‫ط‪ ،(2018 ،1.‬ص ص‪.104.-102.‬‬
‫‪ -6‬ﻋﺑد اﻟﻧور ﺑن ﻋﻧﺗر‪ ،‬اﻟﺑﻌد اﻟﻣﺗوﺳطﻲ ﻟﻸﻣن اﻟﺟزاﺋري‪ :‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،‬أورﺑﺎ واﻟﺣﻠف اﻷطﻠﺳﻲ )اﻟﺟزاﺋر‪ :‬اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ‬
‫اﻟﻌﺻرﯾﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ‪ ،‬اﻟﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ (2005 ،‬ص ص‪.22،21.‬‬
‫‪ -7‬ﻋﺎﻣر ﻣﺻﺑﺎح‪ ،‬اﻟﻣﻧظورات اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻷﻣن )اﻟﻘﺎﻫرة‪ :‬دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺣدﯾث‪ ،(2003 ،‬ص‪.293.‬‬
‫‪ -8‬راﺑﺢ ﻟوﻧﯾﺳﻲ‪" ،‬ﻣﺳﺗﻘﺑل اﻟﺣرﻛﯾﺔ اﻟﺳﻛﺎﻧﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺣدودﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺿﺎء اﻟﻣﻐﺎرﺑﻲ واﻟﺳﺎﺣل"‪ ،‬أﺷﻐﺎل ﻣﻠﺗﻘﻰ‬
‫ﺗﺄﻣﯾن واﻗﺗﺻﺎد اﻟﺣدود ﻓﻲ اﻟﻣﻐرب اﻟﻌرﺑﻲ واﻟﺳﺎﺣل‪ :‬اﻟرﻫﺎﻧﺎت واﻵﻓﺎق‪ ،‬اﻟﻣﻌﻬد اﻟﻌﺳﻛري ﻟﻠوﺛﺎﺋق واﻟﺗﻘوﯾم‬
‫واﻻﺳﺗﻘﺑﺎﻟﯾﺔ‪ 27 ،‬ﻣﺎرس ‪ ،2018‬اﻟﺟزاﺋر‪.‬‬
‫‪ -9‬ﻋﺑﯾر ﺷﻠﯾﻐم‪" ،‬اﻟﻧزاع ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ ﺑﯾن اﻷﺳﺑﺎب اﻟداﺧﻠﯾﺔ واﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ"‪ ،‬ﻓﻲ ﺑﻠﻬول ﻧﺳﯾم )ﻣﺣرر(‪ ،‬ﺣوارات اﻻﻗﻠﯾﻣﯾﺔ‬
‫واﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل واﻟﺻﺣراء )اﻷردن‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪ :‬دار اﻟﺣﺎﻣد ﻟﻠﻧﺷر‪ ،‬واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،(2016 ،‬ص ص‪-381.‬‬
‫‪.406‬‬
‫‪ -10‬اﻟﻣرﻛز اﻟﻌرﺑﻲ ﻟﻸﺑﺣﺎث ودراﺳﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت‪ ،‬أزﻣﺔ ﻣﺎﻟﻲ واﻟﺗدﺧل اﻟﺧﺎرﺟﻲ‪ 19 ،‬ﻓﯾﻔري ‪،2013‬‬
‫‪ ،www.dohainstitute.org‬ﻧﻘﻼ ﻋن‪ :‬أﺣﻣد ﻋﺑد رﺑﻪ‪ :‬اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺻر‪ :‬ﻧﺣو ﺳﯾطرة‬
‫ﻣدﻧﯾﺔ‪ .‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠوم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪ ،‬اﻟرﻗم ‪ ،6‬اﻟﻌدد ‪ ،2‬ﺧرﯾف ‪ ،2013‬ص‪.‬ص ‪.166-145‬‬
‫‪ -11‬ﻣﺣﻣد ﺟﻌﻔر‪" ،‬اﻟرؤﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ ﻟﻠﺗﻌﺎون اﻷﻣﻧﻲ ﻣﻊ دول اﻟﺳﺎﺣل ﻟﻣواﺟﻬﺔ اﻟﺗﺣدﯾﺎت اﻟﻣﺷﺗرﻛﺔ‪ "،‬ﻣﺟﻠﺔ‬
‫اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﺣرﺑﯾﺔ‪ ،‬ع‪) 4.‬ﺟوان ‪ ،(2011‬ص ص‪58.-52.‬‬
‫‪12- Abdelaziz DJERAD, LA GEOPOLITIQUE : Repères et enjeux (Alger : CHIHAB‬‬
‫‪EDITIONS, 2016), p.151, 152.‬‬
‫‪ -13‬ﻣﺳﯾﺢ اﻟدﯾن ﺗﺳﻌدﯾت‪" ،‬اﻟﻧزاع اﻟﻣﻣﺗد ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ ﻣن ﻛﯾدال ‪ 1963‬اﻟﻰ واﻗﺎدوﻗو ‪ "،2013‬اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﺟزاﺋري‬
‫ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬ع‪) ،1.‬ﺟوان ‪ ،(2014‬ص ص‪.45-36.‬‬
‫‪ -14‬ﻣﺻطﻔﻰ ﺻﺎﯾﺞ‪" ،‬اﻟﺟزاﺋر واﻻﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ‪ :‬اﻟﺗﺳوﯾﺔ اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ ﻷزﻣﺔ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑﻠﯾﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻷﻣن اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ‪ "،‬اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬ع‪) ،2.‬دﯾﺳﻣﺑر ‪ ،(2014‬ص ص‪.17-9.‬‬

‫‪612‬‬
‫ﺗﻌﻘﯾدات اﻻزﻣﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﻣن اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻻﻓرﯾﻘﻲ‬
‫ﻋﺑد اﻟوﻫﺎب ﻏرﺑﻲ‪ -‬ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم ﺷﻛﺎﻛطﺔ‬

‫‪ -15‬ﻣﻧﺻور ﻟﺧﺿﺎري‪" ،‬ﺗﻌﻘﯾدات اﻷزﻣﺔ اﻟﻠﯾﺑﯾﺔ‪-‬اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻣن اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﺳﺎﺣل"‪ ،‬أﺷﻐﺎل‬
‫ﻣﻠﺗﻘﻰ ﺗﺄﻣﯾن واﻗﺗﺻﺎد اﻟﺣدود ﻓﻲ اﻟﻣﻐرب اﻟﻌرﺑﻲ واﻟﺳﺎﺣل‪ :‬اﻟرﻫﺎﻧﺎت واﻵﻓﺎق‪ ،‬اﻟﻣﻌﻬد اﻟﻌﺳﻛري ﻟﻠوﺛﺎﺋق واﻟﺗﻘوﯾم‬
‫واﻻﺳﺗﻘﺑﺎﻟﯾﺔ‪ 27 ،‬ﻣﺎرس ‪ ،2018‬اﻟﺟزاﺋر‪.‬‬
‫‪ -16‬ﻣﺳﯾﺢ اﻟدﯾن ﺗﺳﻌدﯾت‪ ،‬ﻧﻔس اﻟﻣرﺟﻊ‪.‬‬
‫‪17- Ani Kelechi Johnmary, “Tuareg insurgency in Mali and Regional Security in the‬‬
‫‪Sahel”, African Journal, African Center for the Study and Research on‬‬
‫‪terrorism/ACSRT, vol.4, n.2 (December 2013), p p. 92-126.‬‬
‫‪ -18‬ﺧﺎﻟد ﻋﺑد اﻟﻌظﯾم‪ ،‬ﺳﯾﺎﺳﺔ ﻓرﻧﺳﺎ ﻓﻲ اﻓرﯾﻘﯾﺎ‪ :‬اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﻠﯾﺎ واﻟﺗﺣرﻛﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ )اﻟﻘﺎﻫرة‪ :‬دار اﻟﻛﺗﺎب‬
‫اﻟﺣدﯾث‪ ،(2016 ،‬ص ص‪72.-62.‬‬
‫‪ -19‬اﻟﺣﺎج وﻟد إﺑراﻫﯾم‪ ،‬أزﻣﺔ ﺷﻣﺎل ﻣﺎﻟﻲ‪ ...‬اﻧﻔﺟﺎر اﻟداﺧل وﺗداﻋﯾﺎت اﻹﻗﻠﯾم )ﻣرﻛز اﻟﺟزﯾرة ﻟﻠدراﺳﺎت‪ ،‬ﺗﻘرﯾر‬
‫ﺻﺎدر ﻓﻲ ‪ 12‬ﻓﯾﻔري ‪.(2012‬‬
‫‪ -20‬ﻣﺧﻠوف ﺳﺎﺣل‪" ،‬دور اﻟﺟزاﺋر ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟﺳﻠم واﻷﻣن ﻓﻲ اﻟﻔﺿﺎء اﻟﺟﯾوﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟﺟﻬوي‪ :‬دراﺳﺔ ﻟﻠوﺳﺎطﺔ‬
‫اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻓﻲ اﻻزﻣﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ"‪ ،‬أﺷﻐﺎل ﻣﻠﺗﻘﻰ ﻣﺎﻟﻲ‪-‬ﻟﯾﺑﯾﺎ‪ :‬ﻣﺑﺎدرات اﻟﺳﻼم واﻟﺧروج ﻣن اﻷزﻣﺎت أي آﻓﺎق ﻣن أﺟل‬
‫اﻻﺳﺗﻘرار اﻟﺟﻬوي‪ ،‬اﻟﻣﻌﻬد اﻟﻌﺳﻛري ﻟﻠوﺛﺎﺋق واﻟﺗﻘوﯾم واﻻﺳﺗﻘﺑﺎﻟﯾﺔ‪ 12 ،‬ﺟﺎﻧﻔﻲ ‪ ،2016‬اﻟﺟزاﺋر‪.‬‬
‫‪ -21‬ﻋﻣر ﻓرﺣﺎﺗﻲ وﻣرﯾم ﺑراﻫﯾﻣﻲ‪ ،‬اﻷزﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺳﺎﺣل اﻹﻓرﯾﻘﻲ‪ :‬اﻟﺧﻠﻔﯾﺎت واﻷﺑﻌﺎد )اﻟﺟزاﺋر‪ :‬اﻟدار اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ‪،‬‬
‫ط‪ ،(2017 ،1.‬ص‪90..‬‬
‫‪ -22‬ﻣﺣﻣد أﻣﯾن ﺑن ﺟﯾﻼﻟﻲ‪" ،‬أزﻣﺔ ﺑﻧﺎء اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺳﺎﺣل اﻹﻓرﯾﻘﻲ‪ "،‬ﻓﻲ ﺑوﻣدﯾن طﺎﺷﻣﺔ‪) ،‬ﻣﺣرر(‪،‬‬
‫اﻟﻣﺷﻛﻼت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎرة اﻹﻓرﯾﻘﯾﺔ‪) ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ :‬ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟوﻓﺎء اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‪ ،‬ط‪ ،(2016 ،1.‬ص ص‪-55.‬‬
‫‪96.‬‬
‫‪ -23‬داﻟﻊ وﻫﯾﺑﺔ‪" ،‬اﻟﺗﻬدﯾدات اﻟﻼﺗﻣﺎﺛﻠﯾﺔ وﺗﺄﺛﯾرﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺑﻧﺎء اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ اﻓرﯾﻘﯾﺎ‪ "،‬ﻓﻲ ﺑودي ﻧﺑﯾﻠﺔ‪ ،‬ﻏﺎزﻟﻲ ﻋﺑد‬
‫اﻟﺣﻠﯾم‪ ،‬داﻟﻊ وﻫﯾﺑﺔ )ﻣﺣررون(‪ ،‬اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ أﻓرﻗﯾﺎ‪ :‬ﺗﻘﯾﯾم ﻟﻣﺳﺎرات اﻟﺑﻧﺎء واﺳﺗﺷراف ﻟﺳﺑل اﻟﺑﻘﺎء‪) ،‬اﻟﺟزاﺋر‪:‬‬
‫ﻣؤﺳﺳﺔ ﻛﻧوز اﻟﺣﻛﻣﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،(2019 ،‬ص ص‪.181-171.‬‬
‫‪ -24‬ﻣﺻطﻔﻰ ﺻﺎﯾﺞ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪.‬‬
‫‪ -25‬ﻣراﺑط راﺑﺢ‪" ،‬اﻟﻣﺄزق اﻷﻣﻧﻲ اﻟﻣﺗﻌدد اﻷﺑﻌﺎد‪ "،‬دراﺳﺎت اﺳﺗرﺗﯾﺟﯾﺔ‪ ،‬ع‪) ،10.‬ﻣﺎرس ‪ ،(2010‬ص‬
‫ص‪.141-131.‬‬

‫‪613‬‬

You might also like