Professional Documents
Culture Documents
بحث رانية
بحث رانية
2020/2021
كلمة شكر:
الحمدهلل والشكر له حمدا يليق بجالله وعظيم سلطانه الذي وفقنا في إنجاز هذا
العمل المتواضع.
وعمال بالقول "من ال يشكر الناس ال يشكر اهلل" كان لزاما علينا وأدبا أن نتقدم
بأسمى معاني الشكر وأخلص التقدير واالحترام إلى االستاذة الف اضلة "سارة
ازواغ" المشرفة على هذا البحث ،على الجهد الذي بذلته والتوجيهات القيمة،
إلى من قال فيهما هللا سبحانه وتعالى ":و قضى ر ُّبك أ َّل ت ْع ُبدُوا إِ َّل إِ َياهُ و بِٱ ْلوالِد ْي ِن
إِ ّحسا ًنا إ َما ي ْبلُغن عِ ْندك ا ْلكِبر أح ُدهُما أ ْو كَِلهُما فَل تقُل لهُما أُف و ّل ت ْنه ْرهُما و قُل لهُما
ق ْو ًّل ك ِري ًما " سورة اإلسراء اآلية .32
إلى عزتنا وإفتخارنا ...هامتنا وشموخنا ...إلى من نكن لهم الهبة والوقار ...إلى من
علمنا العطاء دون إنتظار ...إلى من رافق خطواتنا ليَل ونهار ...إلى أبائنا العزيزان.
إلى من وضعتنا على طريق الحياة ...إلى نبع الحنان والقلب الكبير والحب الصادق...
إلى امهاتنا الغاليات اللواتي ربتنا أحسن تربية.
فنسأل هللا ان يبارك لكما وأن يحفظكما ويطيل في عمركما وأن يعيننا على بركما.
إلى اشقائنا وشقيقاتنا ...الذين تقاسموا معنا عسر الحياة ويسرها فكانو لنا عونا وسندا.
إلى كل هؤّلء نهدي ثمرة جهدنا المتواضع ،والذي هو حصيلة تعب سنوات.
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
مقدمة
إن ظهور التجارة اإللكترونية كشكل جديد من أشكال التجارة ،وما رافقها من تطورات،
أثرت تأثيرا كبيرا على النظام القانوني للعقود التقليدية ،فظهر ما يسمى بالتسوق اإللكتروني
والذي أ صبح ضرورة يلجأ إليها المستهلك في كل المجتمعات قصد تلبية حاجاته ورغباته
نظرا للمزايا التي يحققها هذا النوع من التسوق.
هذا التطور الذي عرفته التجارة اإللكترونية ،أدى إلى إنشاء بيئة إفتراضية تضاهي الواقع
الملموس في شتى الميادين ،وأصبحت قادرة على إستيعاب جل األنشطة التي تمارس عن
بعد ،فإستخدام اإلنترنيت في جميع المجاالت حقق مزايا كثيرة لمختلف المؤسسات التجارية
سواء بينهما وبين عمالئها ،أو بينها وبين األشخاص غير المعروفين لديها ،حيث تقدم
الخدمات في كل وقت وحين ،مما كسر اإلرتباط الوقتي بالعمل الرسمي ،وأيضا لم يعد
لعنصر المكان اإلعتبار الذي كان له سابقا .أضف إلى ذلك أن التعامل عبر اإلنترنت أدى إلى
إ ختزال وتخفيض النفقات ،بحيث لم تعد هناك حاجة إلى إقامة المشروعات الضخمة التي
تحتاج ألموال كثيرة من أجل تجهيزها وإستثمارها ،إضافة إلى نفقات التشغيل بشكل قد يكون
على حساب األموال الالزمة لالداء والتطوير المستمرين 1.وال شك في أن ما يشهده العالم -
اآلن -من ظروف إستثنائية بسبب جائحة كورونا ،تقتضي لزاما مضاعفة دور العقود
اإللكترونية في حركة التجارة اإللكترونية بشكل عام .وفي مجال المعامالت اإللكترونية
بشكل خاص.
غير أن كل هذه المزايا واإليجابيات التي تحققها التجارة اإللكترونية ال تعكس الوجه الحقيقي
والكامل لها ،فهي تحمل في طياتها في الوقت ذاته مساوئ معينة لمن يكون طرفا فيه .فإذا
1نور الدين العلمي ،حماية المستهلك في العقود اإللكترونية ،بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية
واإلجتماعية ،جامعة عبد المالك السعدي طنجة ،السنة الجامعية ،5102-5102:ص.5:
1
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
كان التاجر المحترف قادرا على أن يقرر هذه المساوئ ويتصرف بما يجنبه ضررها ،فإن
المستهلك كونه غير محترف -قد ال يستطيع دفع الضرر عنه .كمـا إن قلـة خبـرة المسـتهلك
وضـعف مركزه االقتصادي بالقياس إلى مركز التاجر المحتـرف قـد يؤديـان إلـى عـدم
تـوازن فـي العقـــد المبـــرم بينهمـــا فتـــرجح كفـــة العقـــد لصـــالح التـــاجر المحتـــرف
علـــى حســـاب المستهلك .وال يعــد مثــل هــذا األمــر مقبــوالً ،فالعقــد أيــا ً كــان نوعــه
ينبغــي أن يكــون متوازنـاً .مـن هنـا طرحـت فكـرة إحاطـة المسـتهلك بالحمايـة القانونيـة
وهـي ليسـت فكـرة حديثـة أو قاصـرة علـى عقـود التجـارة اإللكترونيـة دون سـواها.
فالمستهلك أيا كان العقد الذي يبرمه يحتـاج إلـى الحمايـة إذا كــان الطــرف المقابــل لــه فــي
العقــد تــاجراً محترفــاً .ألن هذا األخيــر يتمتــع بــالخبرة والقــدرة اإلقتصـادية ممـا ال
يحظـى بـه المسـتهلك وهـذا مـا قـد يـؤدي إلـى عـدم تـوازن فـي العقـد المبرم بينهما ،ويدعو
إلى ضرورة حماية الطرف الضعيف فيه وهو المستهلك .إال إن هـذه الفكـرة طرحـت مـن
جديـد حينمـا يكـون العقـد الـذي يبرمـه المسـتهلك مـن عقود التجارة اإللكترونية .ألن
المستهلك في هذه العقود يبرم العقد مـع تـاجر ال يعرفـه وال يعرف مكان وجوده كما إنه ال
يستطيع رؤيـة محـل العقـد أو التأكـد مـن مواصـفاته .وهـذا مـا أضاف إلـى مبـررات حمايـة
المسـتهلك قانونا مبـررات جديـدة.
ويعد مفهوم المستهلك عموما ،والمستهلك اإللكتروني خصوصا ،من المفاهيم الحديثة التي
تناولتها الدراسات القانونية ،فمصطلح المستهلك كان بعيدا عن أيدي رجال القانون فقد كان
هذا المصطلح فيما مضى حكرا على الدراسات اإلقتصادية ومقرونا إستخدامه بعالم
2
اإلقتصاد ،لدى يمكن القول بأن علماء اإلقتصاد هم المصدر األصيل لهذا المصطلح.
يظهر أن مصطلح المستهلك يتراوح بين إتجاهين :أحدهما واسع يحصر المستهلك في
الشخص الذي يتصرف خارج نشاطه التجاري ،بغض النظر عن الهدف من هذا التصرف
بينما يعتد اإلتجاه الضيق لمفهوم المستهلك بالغاية والغرض من التصرف.
2نور الدين العلمي ،حماية المستهلك في العقود اإللكترونية ،مرجع سابق ،ص. 01:
2
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
ساد اإل تجاه الواسع لتحديد مفهوم المستهلك مع بداية ظهور الدعوة إلى حماية المستهلك،
وتجسد في نداء الرئيس األمريكي األسبق KENNEDYمن ":إن المستهلكين هم نحن
جميعا" .ويعتبر مستهلكا وفقا لهذا اإلتجاه ":كل من يبرم تصرفا قانونيا من أجل إستخدام
3
المنتج أو الخدمة في أغراضه الشخصية أو المهنية".
أ ما اإلتجاه الضيق يعرف المستهلك على أنه كل شخص يتعاقد بهدف تلبية وإشباع حاجاتـه
ورغباته الشخصية والعائلية 4كما عرف المستهلك بأنه كل من يقتني أو يستعمل سلعة أو
5
خدمة لغرض غير مهني أو لغرض شخصي أو عائلي.
ويالحظ أن معظم القوانين أخذت باإلتجاه الضيق في تحديد مفهوم المستهلك ،ومنها قوانين
المستهلك في كل من فلسطين ومصر وفرنسا والمشرع المغربي بدوره سار في هذا اإلتجاه
وعرف المستهلك في المادة الثانية من قانون 80.13القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك
بأنه ":كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته غير المهنية منتوجات أو
سلعا أو خدمات معدة إلستعماله الشخصي أو العائلي".
وما يمكن مالحظته على التعريف الذي أخذ به المشرع المغربي في القانون الجديد المتعلق
بتحديد تدابير لحماية المستهلك ،هو أنه إعتبر المستهلك كل شخص طبيعي أو معنوي .حاسما
بذلك أي خالف يمكن أن يقع فيه الفقه والقضاء المغربي فيما يخص مسألة إدخال األشخاص
المعنوية في دائرة المستهلكين الذين يتعين حمايتهم.
أما بخصوص المستهلك اإللكتروني ،فهو نفسه المستهلك في مجال العالقات التعاقدية
التقليدية ،غير أن الفارق هو آلية التعاقد والتواصل بين الطرفين ،حيث يتعامل المستهلك
اإللكتروني في إطار تعامالته التجارية بوسيلة إلكترونية عن طريق شبكة اإلتصال العالمية
6
(اإلنترنت) ،وهذا يعني أن للمستهلك اإللكتروني كافة الحقوق المقررة للمستهلك التقليدي.
3خالد ممدوح إبراهيم ،أمن المستهلك اإللكتروني ،دار الفكر الجامعي اإلسكندرية ،5113 ،ص.55 :
4عبد هللا ذيب عبد هللا محمود ،حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة ،أطروحة إستكماال لمتطلبات الحصول على درجة الماجيستر
في القانون الخاص ،كلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية ،فلسطين ،5112 ،ص.3 :
5عباسي بوعبيد ،مفهوم المستهلك على ضوء العمل التمهيدي لمشروع قانون حماية المستهلك ،مجلة اإلشعاع العدد ،0222- 51ص.21 :
6ن ور الدين العلمي ،حماية المستهلك في العقود اإللكترونية ،مرجع سابق ،ص.02-02:
3
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
وبالنظر إلى طبيعة العقد الذي يبرمه المستهلك اإللكتروني ،بإعتبار أن المتعاقدين في هذه
العقود ال يجمعهما مجلس واحد بالمعنى الحقيقي وبالتالي فالمستهلك اإللكتروني ال يستطيع
اإلحاطة بكل ما يرتبط بمحل العقد .ومن هنا بدأت الحاجة إلى تزويده بالمزيد من الحماية عن
المستهلك العادي.
وعموما فإن حماية المستهلك ،تبقى من أهم التحديات التي تواجه التجارة اإللكترونية ،فقد
أثبتت الممارسات التي تتم عبر هذه الشبكة أن المستهلك عرضة لعمليات النصب واإلحتيال
والتعرض لحرمة حياته الخاصة ،ناهيك عن التالعب الذي قد يتعرض له أثناء دخوله في
7
عملية تعاقدية مع المهني.
ومن هذا المنطلق بدأت الحاجة لحماية المستهلك في العقود التجارية اإللكترونية فالثقة في
السوق اإللكترونية هي أبرز ما يحتاج إليه المستهلك في سبيل تلبية حاجاته الشخصية حيث
أ ن الحماية القانونية للمستهلك سواء في مرحلة ما قبل التعاقد(المفاواضات) ،أو في مرحلة
إبرام العقد اإللكتروني ،أو في مرحلة تنفيذ العقد اإللكتروني ،تعتبر مهمة جدا خاصة وأن
8
المستهلك وكما سبق لنا ذكره هو الطرف الضعيف في ذلك العقد.
أمام المخاطر الكبيرة التي تتعرض لها هذه العملية اإلستهالكية ،سعت مختلف التشريعات
لسن قوانين خاصة لحماية المستهلك في السوق اإللكترونية واعادة الثقة الالزمة التي يحتاج
إليها في سبيل تلبية إحتياجاته .وفي هذا السياق أصدر المشرع المغربي قانون رقم 80.13
القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك ،فقد تضمن هذا القانون بابا خاصا بالعقود المبرمة
عن بعد ،والتي سبق تنظيمها من حيث األصل من خالل القانون رقم 28.12المتعلق بالتبادل
اإللكتروني للمعطيات القانونية.
7فؤاد بوسالمة ،الحماية المدنية للمستهلك المتعاقد بوسائل إلكترونية–اإلنترنت نموذجا– رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون األعمال ،جامعة
القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية مراكش ،السنة الجامعية ،5101-5112ص.6-2 :
8بن غيدة ايناس ،الحماية المدنية للمستهلك في العقود اإللكترونية ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص المعمق ،جـامعـة أبــو بـكـر
بـلقـايـد – تلمسان– كليـة الحقــوق و العلـــوم السياسيـة ،السنة الجامعية ،5102-5102ص.00 :
4
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
أهمية الموضوع:
تظهر أهمية هذا الموضوع (الحماية القانونية للمستهلك المتعاقد إلكترونيا) في كون المستهلك
اإللكتروني بحاجة إلى الحماية بإعتباره الطرف األقل خبرة ودراية في المعامالت التجارية
اإللكترونية مما يجعله في موقع ضعف في مقابل المهني الذي يوجد في مركز قوة ،كما يمكن
رصد هذه األهمية أيضا من خالل الوسائل الحديثة للتواصل والتي ال تمكن المستهلك من
فحص ومعاينة المنتوج أو الخدمة محل التعاقد ،كما قد يتغاضى المحترف عن سالمة وأمن
المستهلك بإيهامه بمزايا غير حقيقية في منتجه ،ما يجعله عرضة للتالعب بمصالحه
ومحاولة غشه واإلحتيال عليه ،كل هذا يجعل من حماية المستهلك مسألة حتمية.
تعود أسباب إختيارنا لموضوع "حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي"
إلى ما يلي:
-الوقوف على كافة الجوانب القانونية والتطبيقية الخاصة لحماية المستهلك اإللكتروني
وذلك بتعرف على نطاق الحماية في مرحلة تكوين العقد وكذا مرحلة تنفيذ العقد.
-خطورة المعاملة في مجال التجارة اإللكترونية وكذا المخاطر التي يتعرض لها
المستهلك وكيفية حمايته ووقايته منها.
أهداف البحث:
تهدف هذه الدراسة إلى بيان حاجة المستهلك اإللكتروني لحماية تجعله يدخل أسواق
إلكترونية بثقة وأمان ،باإلضافة إلى التعرف على حقوق المستهلك في مرحلة قبل إبرام العقد
اإللكتروني وعند إبرامه ثم في مرحلة تنفيذه.
إشكالية البحث:
يكمن اإلشكال األساسي للموضوع الذي بين أيدينا ،في مدى قدرة وفعالية الوسائل واآلليات
التي أقرها المشرع المغربي في توفير حماية فعالة وكافية للمستهلك المتعاقد بشكل إلكتروني.
5
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
-هل أوجد المشرع المغربي نطاقا قانونيا متكامال لحماية المستهلك في التعاقد
اإللكتروني؟
-هل هناك فروقات في مجال حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني ما بين التشريع
المغربي والقوانين المقارنة؟
-ما هي الضمانات والحقوق التي يستفيد منها المستهلك في جميع مراحل التعاقد
اإللكتروني ،إنطالقا من المرحلة السابقة للتعاقد وصوال الى مرحلة تنفيذ العقد؟
منهج البحث:
لإلجابة على اإل شكاليات البحثية المطروحة سنعتمد منهجا تحليليا وذلك من خالل تحليل
المواد القانونية المتعلقة بحماية المستهلك ،مع تعزيزه بمقارنات تشريعية من خالل التطرق
لبعض التشريعات التي كانت سابقة في مجال حماية المستهلك ،سواء كانت هذه التشريعات
عربية(التشريع المصري ،التشريع الفلسطيني ،)...أو كانت تشريعات أجنبية(التشريع
الفرنسي).
خطة البحث:
المبحث الثاني :حماية المستهلك خالل مرحلتي إبرام وتنفيذ العقد اإللكتروني.
6
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
تعتبر هذه المرحلة أهم مراحل حياة العقد ذلك ألنه يتم فيها تحديد حقوق وإلتزامات الطرفين
التي تنشأ عن العقد ،وكذا نطاق مسؤوليتهم في حالة ما أخل أحد األطراف المتفاوضة
باإللتزامات الواقعة على عاتقه ،وعليه فنجاح العقد أو فشله يرجع في األصل إلى مرحلة
التفاوض.
وقد ساهمت التطورات التي شهدها العالم في مجال تكنولوجيا المعلوميات واإلتصاالت ،في
تطور التجارة اإللكترونية التي تتميز عن التجارة التقليدية في كونها تتم عبر شبكات اإلتصال
اإللكترونية ،وهذا ما أدى إلى توسيع أفاق التسويق أمام المستهلك ،ورغم أن ذلك يساهم في
نمو وإنتشار التجارة اإللكترونية ،نظرا لكونه يتيح للمستهلك خيارات واسعة للتسوق ،فإنه
يؤدي إلى تزايد الظغوط على المستهلك من أجل حمله على التعاقد عن طريق هذه األلية
الجديدة دون أن يتوافر على الرضا الكافي.
وبإعتبار أن المستهلك هو الحلقة األضعف في المعامالت اإللكترونية سالفة الذك ،في مقابل
المزود الذي يتمتع بالخبرة والدراية االقتصادية ،مما يجعله عرضة للعديد من المخاطر
كالقرصنة والغش بل حتى اإلحتيال ،وإعتبارا كذلك لكون المستهلك اإللكتروني يتعاقد مع
تاجر ال يعرفه وال يعرف مكان وجوده ،كما أنه غير قادر على معاينة الشيء المتعاقد عليه
معاينة حقيقية ،مادام هو والمهني ال يجمعهما مجلس واحد ،فإن جل التشريعات أوجبت
حمايته قبل دخوله في العالقة التعاقدية من أجل خلق نوع من التوازن في عالقته بالمهني.
ونظرا لقصور القواعد العامة في توفير حماية كافية للمستهلك اإللكتروني ،قد دفع المشرع
إلى تكريس حماية خاصة له إلى جانب الحماية التي يتمتع بها المستهلك المتعاقد تقليديا وذلك
إبتداء من مرحلة التفاوض.
7
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
وأمام هذه الوضعية حاول المشرع المغربي من خالل قانون 80.13إرساء مجموعة من
الضمانات القانونية الهادفة إلى تنوير إرادة المستهلك اإللكتروني في إطار عقود التجارة
اإللكترونية وذلك قبل التعاقد ،حيث تتجلى أهم هذه الضمانات في اإللتزام باإلعالم (المطلب
األول) ،باإلضافة إلى حماية المستهلك في مواجهة اإلعالنات اإللكترونية(المطلب الثاني).
أمام هذه الوضعية الالمتكافئة بين أطراف العقود اإللكترونية ،كان لزاما على المشرع
المغربي أن يتدخل لتوفير حماية مسبقة للمستهلك اإللكتروني في مواجهة المحترف عن
طريق إلزام هذا األخير بإعالم المستهلك بكافة المعلومات والبيانات التي من شأنها تنوير
رضائه ومن ثم إبرامه للعقد بإرادة حقيقية خالية من كل ما من شأنه خداعة أو تضليله وكل
ذلك تكريسا لمبدأ حسن النية في إبرام وتنفيذ العقود.
وهكذا فقد أصبح اإللتزام باإلعالم من بين اإللتزامات القانونية اإللزامية الملقاة على عاتق
أحد طرفي العقد بفعل صدور قانون 80.13القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك
وعليه سنتطرق في هذا المطلب إلى مضمون هذا اإللتزام في الفقرة االولى .على أن
نخصص الفقرة الثانية للجزاء المترتب عنه في حالة االخالل به.
8
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
إن التشريعات الحديثة ومن بينها التشريع المغربي لم تعطي تعريفا لإلعالم ،وبهذا تكون قد
فسحت المجال للفقه لمحاولة إيجاد تعريف شامل له.
إال أنه تعددت وإختلفت هذه التعريفات الفقهية لإللتزام باإلعالم ،حيث عرف كل واحد منهم
هذه المؤسسة القانونية من وجهة نظره.
إذ عرف الدكتور عبد القادر العرعاري اإلعالم بوجه عام بأنه":إرتبط هذا المصطلح في
المجال القانوني بنمط التعاقدات التي تحصل بين أطراف غير متوازنة من حيث المراكز
القانونية أو اإلقتصادية األمر الذي يجعل الطرف القوي يستغل بعض المبادئ التقليدية
لنظرية العقد كمبدأ سلطان اإلرادة ومبدأ العقد شريعة المتعاقدين إلخضاع الطرف اآلخر
10
إلرادته وذلك كله دون أن يخرق المنظومة التقليدية لعيوب التراضي".
أما اإل عالم ما قبل التعاقد فقد عرفه الدكتور المهدي نزيه محمد الصادق بأنه ":إلتزام سابق
على التعاقد يتعلق بإلتزام أحد المتعاقدين بأن يقدم للمتعاقد األخر عند تكوين العقد البيانات
االزمة إليجاد رضاء سليم كامل متنور ،بحيث يكون المتعاقد األخر على علم بكافة تفصيالت
11
هذا العقد ".
كما عرفه جانب أخر من الفقه بأنه ":إلتزام قانوني عام سابق على التعاقد يلتزم فيه المدين
بإعالم الدائن في ظروف معينة إعالما صحيحا وصادقا بكافة المعلومات الجوهرية المتصلة
9بدر منشيف ،حماية المستهلك في العقد اإللكتروني ،مقال منشور بالمجلة العربية للدراسات القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،مؤلف جماعي حول
حماية المستهلك الطبعة األولى ،5151ص.852 :
10عبد القادر العرعاري ،مصادر اإللتزامات ،الكتاب األول ،نظرية العقد ،الطبعة الخامسة ،5106مكتبة دار األمان الرباط ،ص.038 :
11المهدي نزيه محمد الصادق ،اإللتزام قبل التعاقدي باإلدالء بالبيانات المتعلقة بالعقد وتطبيقاته على بعض أنواع العقود ،الطبعة األولى،0235 ،
دار النهضة العربية ،القاهرة ،ص.02 :
9
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
بالعقد المراد إبرامه ،والتي يعجز عن اإلحاطة بها بوسائله الخاصة ليبنى عليه رضاءه
12
بالعقد".
هذا فيما يتعلق بمفهوم اإلعالم قبل التعاقد بشكل عام .أما فيما يخص اإللتزام باإلعالم قبل
التعاقد في العقود اإلكترونية ،فيعرف على أنه ":إلتزام يقع على عاتق التاجر اإللكتروني أو
مقدم الخدمة الذي يتعاقد مع المستهلك من خالل الوسائل االلكترونية الحديثة ،بمقتضاه يخبر
المستهلك بشخصيته ،وببياناته التجارية ،وبكافة البيانات الجوهرية المتعلقة بالعقد ،والتي بناء
13
عليها يتخذ المستهلك باإلقدام على التعاقد أو عدم التعاقد بناءا على إرادة حرة مستنيرة".
يتضح من التعريفات السابقة أن اإلعالم هي الوسيلة التي تبصر المستهلك بكل ما يتعلق
بالعقد المراد إبرامه ،فإن كانت صالحة له أبرم العقد ،وإن كانت ضارة له صرف عن العقد.
فعندما يحصل التعاقد خارج نطاق اإلحتراف بأن يكون أحد المتعاقدين محترفا واآلخر
مستهلكا عاديا ال عالقة له بأصول الحرفة محل التعاقد فإن الضرورة تفرض إعالم هذا
األخير وتنوير بصيرته قبل مرحلة التعاقد حتى تتحقق العدالة المنشودة من مؤسسة العقد التي
قال عنها الفقيه(لوازيل)بأن من قال عقدا قال عدال ،ولن تتحقق هذه العدالة إال بإفضاء
14
المحترف بكل ما يملك من إفادات قبل عملية التعاقد.
ويعتبر الحق في اإلعالم ،جعل المستهلك في أمان ضد مخاطر المنتج الذي يشتريه سواء
كانت سلعة أو خدمة ،وهو ما يفرض على المنتج أو المورد إلتزاما بإحاطة المستهلك علما
15
بظروف العقد ومالبساته.
لذا فإن إلتزام المهني بإعالم وتبصير المستهلك ينشأ من أجل حماية المستهلك الطرف
الضعيف في العالقة التعاقدية ،وبموجبه ينبغي على البائع أن يعلم المشتري بكل ما يمكن أن
12خالد جمال أحمد حسن ،اإللتزام باإلعالم قبل التعاقد ،دار النهضة العربية ،0226 ،ض.35 :
13كوثر سعيد عدنان خالد ،حماية المستهلك اإللكتروني ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ،5105 ،ص.531 :نقال عن اكسوم عيالم رشيدة ،المركز
القانوني للمستهلك اإللكتروني ،أ طروحة لنيل درجة الدكتوراه الطور الثالث(قانون اإللتزامات) في القانون ،جامعة مولود معمري-تيزي وزو -كلية
الحقوق والعلوم السياسية ،5103 ،ص.821-822 :
14عبد القادر العرعاري ،مصادر اإللتوامات ،الكتاب األول ،نظرية العقد ،مرجع سابق ،ص.038 :
15بدر منشيف ،حماية المستهلك في العقد اإللكتروني ،مرجع سابق ،ص.856 :
10
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
يؤثر على قراره في إبرام العقد اإللكتروني من عدمه ،وبذلك تكون إرادة المستهلك حرة في
16
التعبير عن القبول.
وقد فرض المشرع هذا اإللتزام منذ صدور القانون المتعلق بزجر الغش في البضائع ،وذلك
في الفصول من (01إلى ،)06حيث أوجب في الفصل 06منه على المهني إظهار البيانات
المطلوبة والمتعلقة بخصائص السلع والخدمات.
وبالرجوع إلى قانون المنافسة وحرية األسعار نجد أن المشرع ينص في المادة 24من هذا
القانون على أنه" يجب على كل من يبيع منتوجات أو يقدم خدمات أن يعلم المستهلك عن
طريق وضع عالمة أو ملصق أو إعالن أو بأي طريقة مناسبة أخرى باألسعار والشروط
الخاصة للبيع أو إليجار الخدمة تحدد إجراءات إعالم المستهلك بنص تنظيمي".
هذا وقد خصص المشرع في القانون رقم 28.12المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات
القانونية 17فصلين لتنظيم كيفية إعالم المستهلك في حالة إستخدام الوسائل اإللكترونية لوضع
عروض تعاقدية أو معلومات متعلقة بسلع أو خدمات رهن إشارة العموم من أجل إبرام العقد.
وعند إصدار المشرع للقانون 80.13القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك ،أورد حق
اإللتزام باإلعالم ضمن ديباجته وإعتبره أول حق أساسي في مجال حماية المستهلك ،وكذلك
قد خصص القسم الثاني بكامله من هذا القانون لإللتزام العام باإلعالم ،أما بالنسبة للعقود
المبرمة عن بعد فإن هذا اإللتزام يجد أساسه في المادة 52من قانون .80.13
إنطالقا من مضمون هذه المواد يتضح أن هناك عدة معلومات يجب على المزود أن يقوم
باإلدالء بها للمستهلك وذلك قبل أن يقوم هذا األخير بإبرام العقد اإللكتروني ،وذلك من أجل
تنوير إرادته .
ولعل من أهم المعلومات التي تشترك القوانين في وجوب تقديمها للمستهلك تلك المتعلقة
بتحديد شخصية المزود أو البائع(أوال) ،ثم وصف الخدمة أو المنتج محل التعاقد(ثانيا).
16عبد العالي فارس ،حماية المستهلك في العقد اإللكتلروني ،مذكرة تكميلية لنيل شهادة الماستر شعبة الحقوق-تخصص :قانون أعمال ،جامعة
العربي بن مهيدي-أم البواقي-كلية الحقوق والعلوم األساسية ،السنة الجامعية ،5102-5108ص.06 :
17صدر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 0.14.052بتاريخ 81نوفمبر 5114المنشور في الجريدة الرسمية رقم 2232الصادرة يوم الخميس 6دجنبر
.5114
11
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
إن أكثر ما يهم المستهلكين في العقود المبرمة عن بعد هو التأكد من هوية الشخص الذي
يتعامل معه ألن طبيعة العقود اإللكترونية تستلزم الوضوح والشفافية في مختلف مراحلها،
ولعل أهمها التحديد الدقيق لشخص الموجب من منطلق تقوية الثقة والشفافية بالقدر الذي
18
يسمح بتشجيع والزيادة في نسبة عقود التجارة اإللكترونية مع المستهلكين.
ومن ثم فإن من أهم المشاكل التي تثير قلق المستهلك وقد تؤدي إلى إحجامه على التعاقد ،هي
عدم معرفة شخصية البائع الذي يتعامل معه .
يؤدي بيان شخصية المزود المستهلك ألن يكون على بينة من أمره ،فيتوفر عنصر األمان في
التعاقد عن بعد ،باإلضافة إلى أهمية ذلك في تحديد مركز المستهلك القانوني ،ووضوح
19
إلتزاماته ومدى إمكانية تنفيذها.
ومن بين التشريعات التي فرضت على المتدخلين مثل هذا اإللتزام نجد المشرع الفرنسي في
المادة 050ف 03من قانون اإلستهالك و التي بمقتضاها أصبح البائع مجبرا على ذكر إسمه
و رقم هاتفه و كذا عنوان البريدي ،أما إذا تعلق األمر بشخص معنوي فإن هذا االخير ملزم
20
بذكر مقره اإلجتماعي أو عنوان المؤسسة صاحبة العرض إذا كانت مختلفة.
أما بالنسبة للمشرع المغربي فإنه سار على نفس نهج المشرع الفرنسي ،بخصوص تحديد
شخصية المورد .فقد جاء في قانون 80.13في الفقرة الثانية من المادة 52أنه يجب على
المورد أن يبين إسمه وتسميته التجارية ،والمعطيات الهاتفية التي تمكن من التواصل الفعلي
معه ،وبريده اإللكتروني ،وعنوانه ،وإذا تعلق األمر بغير المورد فعنوان المؤسسة المسؤولة
عن العرض.
يتبين مما سبق بأن تحديد شخصية المورد ،تعتبر من أهم المعلومات التي يجب تبصير
المستهلك بها في العقود اإللكترونية ،وذلك من أجل أن يطمئن هذا المستهلك إلى سمعة هذا
18قارس بوبكر ،اإللتزام المسبق باإلعالم كآلية لحماية المستهلك في العقود المبرمة عن بعد ،مقال منشور بمجلة الحقوق والعلوم اإلنسانية ،المجلد
العاشر العدد الرابع ،ص.523 :
19منصور ،محمد حسين :أحكام البيع التقليدية واإللكترونية والدولية وحماية المستهلك ،الطبعة األولى ،مصر :دار الفكر ،5116 ،ص.023 :
20قارس بوبكر ،اإللتزام ،اإللتزام المسبق باإلعالم كآلية لحماية المستهلك في العقود المبرمة عن بعد ،مرجع سابق ،ص.523 :
12
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
المورد ،كما أن المستهلك يهمه معرفة المزود الذي يتعاقد معه ،حتى يستطيع تقديم الدعوى
ضده في حالة إخالله بإلتزماته.
يعتبر اإلعالم بخصائص وسمات السلع والخدمات المعروضة جوهر فكرة اإللتزام
باإلعالم ،لكون هذه األخيرة غالبا ما تكون السبب الرئيسي الذي يدفع المستهلك إلى التعاقد.
وقد عملت مختلف تشريعات الدول على إلزام المزود أن يبين بكل وضوح خصائص السلعة
والخدمة محل العقد .والهدف من تقرير هذا اإللتزام هو تنوير إرادة المستهلك قبل إبرام
العقد ،من أجل الوقوف على مزايا هذا العقد وعرفة مدى قدرته ومدى كفاءته في تحقيق
الغرض المنشود من إقتنائه ،ومدى مالئمته مع متطلباته وإمكانات المستهلك.
واإللتزام المفروض على المزود إتجاه المستهلك يجب أن يتعلق بكل المعلومات المتعلقة
بالصفة الجوهرية الخاصة بالشيء محل التعاقد ،خاصة إن كانت هذه الصفة غير متوافرة
بحسب المعتاد ،فمن يشتري ثالجة جديدة من حقه أن يفترض أنها خالية من العيوب تماما ،إذ
أن صفة الجدة تمثل صفة جوهرية ،ومن يستأجر شقة مفروشة من حقه أن يفترض أن بها
أثاث صالح لإلستعمال على نحو يوفر العيش الكريم ،فصفة أنها مفروشة تمثل هنا صفة
21
جوهرية.
وتجدر اإلشارة أن األوصاف والسمات األساسية للمنتوج التي يلتزم المزود بتقديمها
للمستهلك ،تختلف بإختالف طبيعة كل منتوج.
و إلتزام المتعامل بإعالم المستهلك ال ينحصر في إعالمه بالمعلومات التي تعمل على تنوير
إرادته وتوجيهها نحو اإلختيار الواعي للسلعة ،بل يتعدي ذلك إلى إلزامه كذلك بكل
المعلومات التي تتعلق بإستعمال المبيع والتحذير من مخاطره واإلحتياطات الواجب إتخاذها
22
لتجنب األضرار.
21عبد هللا ذيب عبد هللا محمود ،حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني ،أطروحة إستكماال لمتطلبان الحصول على درجة الماجيستر في القانون
الخاص ،كلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية ،فلسطين ،ص.22 :
22نابي مريم ،جامعة مولود معمري-تيزي وزو-عضو بمختبر حماية المستهلك ،دور اإللتزام اإلعالم قبل التعاقدي في حماية المستهلك ،مقال
منشور بمجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية ،5103 ،ص.060 :
13
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
كما يتطلب تنفيذ هذا اإللتزام بيان ثمن السلعة أو الخدمة الذي يعتبر المحل الثاني في عقد
البيع واإللتزام الرئيسي بالنسبة للمستهلك ،وتحديد هذا الثمن يمكن من معرفة مدى توفر
التوازن العقدي من عدمه.
ويعتبر اإلعالم عن الثمن أمرا ذو أهمية بالغة في العقود المبرمة عن بعد نظرا لطبيعتها،
فجهل كل متعاقد للمتعاقد األخر يزيد من فرضية غبن المهني للمستهلك ،كما أن هذا األخير
يقدم على شراء السلع والخدمات بناء على إمكانياته المادية.
وفي هذا اإلطار نصت المادة 000من قانون اإلستهالك الفرنسي لسنة 0228أن على
المزود الذي يعرض منتجاته عبر اإلنترنت أن يحدد الخصائص العامة الضـرورية للمنـتج
أو الخدمة ،وعلى وجه الخصوص الخصائص الكيفية والكمية والمدة التي ستعرض فيها.
وهو نفس األمر الذي كرسه المشرع المغربي في القانون رقم 80.13القاضي بتحديد تدابير
لحماية المستهلك ،حيث نصت المادة الثالثة منه على أنه" يجب على كل مورد أن يمكن
المستهلك باي وسيلة مالئمة من معرفة المميزات األساسية للمنتوج أو السلعة أو الخدمة وكذا
مصدر المنتوج أو السلعة وتاريخ الصالحية إن إقتضى الحال وأن يقدم إليه المعلومات التي
من شأنها مساعدته عن القيام بغختيار معقول بإعتبار حاجياته وإمكانياته"...
بقي أن نشير إلى اللغة التي يجب أن يتم بها إعالم المستهلك وتقديم المعلومات إليه ،في هذا
اإلطار إشترطت مختلف التشريعات المقارنة ضرورة أن يتم إعالم المستهلك باللغة التي
يفهمها وهي اللغة الوطنية وذلك من أجل حمايته بإعتباره الطرف الضعيف في العقد.
يعتبر وجوب مراعاة اللغة األم لكل مستهلك هي من أشكال الحماية التي أضافتها المبادئ
23
القانونية المعاصرة للمستهلك ،ليتسنى له فهم مضمون العقد الذي يريد أن يقدم عليه.
وقد فرض المشرع الفرنسي صياغة اإليجاب باللغة الفرنسية سواء في القانون الصادر في
08ديسمبر ،0242أو في قانون توبون الصادر في 2غشت 0222المتعلق بإستخدام اللغة
الفرنسية حيث نصت المادة الثانية منه" يجب إستخدام اللغة الفرنسية في اإليجـاب في كل
أنواع التجارة ،بما في ذلك التجارة اإللكترونية ،وبصفة خاصة في التعليمـات الخاصـة
23عبد هللا ذيب عبد هللا محمود،حماية المستهلك في التعاقد االلكتروني ،مرجع سابق ،ص.10 :
14
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
بالتشغيل ،وشروط الضمان ،ووصف المنتج أو الخدمة والفواتير واإليصاالت ،وينطبق هذا
على اإلعالنات المرئية والمسموعة أو الناطقة أو المكتوبة".
أما بالنسبة لقانون اإلستهالك المغربي الجديد ،فلم يشر إلى مسألة إعالم المستهلك باللغة
الوطنية بل إكتفى بالنص في المادة 516على ان كل عقد حرر بلغة أجنبية يصطحب وجوبا
بترجمة إلى العربية.
ولكن بالنظر إلى الخصوصية التي تتمتع بها شبكة اإلنترنت ،وهي أنها ذات طابع دولي غير
محصورة بدولة ما فقط ،فإن اإليجاب عبر هذه الشبكة غالبا ما يتم باللغة اإلنجليزية ،غير أن
هذا ال يمنع من أن يتم إعالم وتبصير المستهلك بلغته األم أيضا حتى تصبح المعلومة المقدمة
واضحة ومفهومة وغير غامضة.
يستخلص مما سبق ،أن اإللتزام بإعالم المستهلك و مده ببيانات حول محل التعاقد هو إلتزام
إيجابي ،يجعل رضاءه حرا و مستنيرا يساعده في إتخاذ قرار إبرام العقد من عدمه عن بينة و
24
إختيار ،و هذا يؤدي إلى تحقيق التوازن بين المراكز القانونية لألطراف المتعاقدة.
وسنحاول الوقوف على هذه الجزاءات من خالل التطرق إلى الجزاء المدني(أوال) ثم الجزاء
الجنائي(ثانيا).
إن اإللتزام بإعالم المستهلك قبل التعاقد يساعد على تنوير رضاءه ،ومن ثم فإن اإلخالل به
من طرف المهني يؤدي إلى تعيب إرادة المستهلك اإللكتروني.
24نزهة الخلدي ،اإللتزام باإلعالم ودوره في تنوير إرادة المستهلك ،مقال منشور في مؤلف حماية المستهلك ،دراسات وأبحاث في ضوء
مستجدات القانون رقم ، 80.13القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك ،من جمع وتنسيق زكرياء العماري ،سلسلة دراسات وأبحاث ،مجلة القضاء
المدني ،مطبعة المعارف الجديدة-الرباط ،ص.041 :
15
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
ونظرا لعدم تنصيص قانون 80.13القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك على جزاء
اإلخالل باإللتزام باإلعالم ،فإنه يجب البحث عن الجزاء المدني المترتب على اإلخالل بهذا
اإللتزام في األحكام الخاصة بنظرية عيوب اإلرادة السيما الغلط والتدليس(أ) مما يسمح
للمستهلك المطالبة بإبطال العقد .هذا باإلضافة إلى مطالبته بالتعويض نتيجة قيام المسؤولية
المدنية للمدين(ب).
أ :قابلية العقد لإلبطال إستنادا إلى عيب الغلط وعيب التدليس
عدم اإللتزام بإعالم المستهلك اإللكتروني بالبيانات والمعلومات األساسية التي من شأنها
تنوير رضائه قد يوقعه في عيب الغلط أوعيب التدليس ،مما يسمح له بطلب إبطال العقد،
ويشكل اإلبطال الجزاء التقليدي المعمول به في حالة وجود عيب في تكوين العقد.
يعرف الغلط بأنه توهم يصور لشخص الواقع على خالف حقيقته ويدفعه إلى التعاقد.
فالمتعاقد تحت وطأة الغلط يقوم إذن لديه تصور كاذب للواقع يحمله على إبرام عقد ما كان
ليبرمه لو وقف على حقيقة االمر .وهكذا يصيب الغلط اإلرادة عند إبرام التصرف فيسيرها
وجهة تخالف الواقع الذي تخيله المتعاقد على غير حقيقته كأن يشتري شخصا لوحة يظنها
أثرية وإذا بها ليست كذلك ،أو يهب ماال لشخص يعتقد أنه قريبه وإذا بالموهوب له شخص
25
غريب ال يمت إليه بصلة القرابة.
وعليه يمكن للدائن الذي وقع في غلط في البيانات والمعلومات المقدمة إليه من طرف المدين
المتصلة بمحل العقد ،أن يطلب إبطال هذا العقد ،وهذا ما جاء به الفصل 20من قانون
اإللتزامات والعقود المغربي الذي ينص على أنه ":يخول الغلط اإلبطال ،إذا وقع في ذات
الشيء أو في نوعه أو في صفة فيه كانت هي السبب الدافع إلى الرضى".
يالحظ من خالل هذا الفصل أنه يشترط إلبطال العقد للغلط أن يكون الغلط جوهريا ،أي لواله
لما أقبل المتعاقد على التعاقد أصال أو لتعاقد بشروط مغايرة .ويكون كذلك :إذا وقع في مادة
الشيء ونوعيته أو في صفة جوهرية فيه(كمن يشتري شيئا مصنوعا من الخشب ،ثم يتبين
25مأمون الكزبري ،نظرية اإللتزامات في ضوء قانون اإللتزامات والعقود المغربي ،المجلد األول ،مصادر اإللتزامات ،الجزء األول ،الطبعة
الثانية ،بيروت 02فبراير ،0245ص.42 :
16
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
أنه من البالستيك ،أو شيئا أثريا ،ثم يتبين أنه مجرد نسخة ،26)...أو أن يتصل بالمتعاقد
األخر.
مما سبق يتبين أنه قد أحسن المشرع صنعا إذ أخذ بهذه النظرة الحديثة التي ال تقتصر على
اإلعتداد بالغلط الواقع على مادة الشيء أو على نوعه ،بل تعتد أيضا بالغلط الواقع على
"صفة الشيء كانت هي السبب الدافع إلى الرضاء" أي بغلط في صفة جوهرية للشيء كما
في مثال من يشتري آنية ذهبية على أنها أثرية ثم يتضح أنها ليست أثرية ،حيث يسوغ إبطال
الشراء حتى لو كانت اآلنية ذهبية إذا تبين أن المشتري ما كان ليقدم على الشراء لو علم ان
27
اآلنية ليست أثرية ،وأن هذه الصفة في اآلنية كانت إذن هي السبب الرئيسي في التعاقد.
وما يمكن مالحظته في هذا الصدد ،أن المطالبة بإبطال العقد لتعيب إرادة المستهلك ال يقتصر
فقط على عيب الغلط ،بل يمكن أن يستند أيضا على عيب التدليس ،الذي يمكن تعريفه بأنه
عبارة عن مجموعة من الوسائل اإلحتيالية التي يمارسها أحد المتعاقدين قصد تمويه الحقيقة
28
وتضليل الطرف األخر الشيء الذي يحمله على التعاقد.
ولكي يتحقق التدليس يتعين أن يقوم المدلس بإستعمال وسائل إحتيالية ،وهذا ما يسمى
بالعنصر الموضوعي في التدليس ،وذلك كمثل إستعمال طرق مادية كتزوير المستندات أو
إصطناعها ،وكمن يتالعب بعداد السيارة لتبدو حديثة اإلستعمال 29.بقصد تضليل المتعاقد
معه األخر وهذا هو العنصر النفسي في التدليس ،و أن تكون هذه األساليب اإلحتيالية هي
الدافعة إلى التعاقد ،وينبغي أن يتم التدليس من طرف أحد المتعاقدين أو شخص أخر يعمل
بالتواطؤ معه.
وبتوافر العناصر السابقة يتحقق التدليس ومن ثم يحق للمتعاقد المدلس عليه طلب إبطال
العقد ،وهذا ما جاء به الفصل 25من قانون اإللتزامات والعقود المغربي .
ولو طبقنا هذه القواعد العامة على العقود اإللكترونية لوجدنا أن هناك مجاال واسعا إلمكانية
وقوع المستهلك في العقود اإللكترونية ضحية التدليس خاصة أنه يتعاقد عن بعد والسبيل
26جمال الطاهري ،محاضرات في النظرية العامة لإللتزامات ،5102 ،ص.013 :
27مأمون الكزبري ،نظرية اإللتزامات قي ضوء قانون اإللتزامات والعقود المغربي ،مرجع سابق ،ص.32 :
28عبد القادر العرعاري ،مصادر اإللتزامات ،الكتاب األول ،نظرية العقد ،مرجع سابق ،ص.020 :
29جمال الطاهري ،محتضرات في النظرية العامة لإللتزامات ،مرجع سابق ،ص.000 :
17
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
الوحيد الذي يمكنه معاينة السلعة هو في كثير من األحيان مجرد صور و فيديوهات يشاهدها
على شاشة الكمبيوتر ولذلك فيعتبر تدليسا التحسينات التي يلجأ إليها المحترفون لترويج
سلعهم عن طريق تغيير وتزييف صور سلعهم ،وبالتالي في هذه الحالة فالمستهلك يمكنه
30
التمسك بالتدليس من أجل إبطال البيع مثال.
باإلضافة إلى كون التدليس قد يتجسد في إتيان المورد طرق إحتيالية إيجابية بغية تكوين نوع
من التوهم لدى المستهلك حول حقيقة الشيء محل التعاقد ،فإنه يمكن أن يقع كذلك التدليس
بفعل سلبي يتمثل في إخفاءه عن المستهلك المعلومات الجوهرية المتصلة بصفة مباشرة
بالشيء محل التعاقد قاصدا من وراء ذلك خداعه ،فالكتمان يعادل التدليس.
غير أن هذا الكتمان ال يكون عمال تدليسيا ،إال إذا تعلق بواقعة يلزم قانونا أو بمقتضى العقد
ذكرها ،كالمعلومات المرتبطة بالحالة الصحية للمؤمن له ،مثال31،او كما لو كتم بائع عقار
32
عن المشتري أن العقار المبيع قد شرع في نزع ملكيته للمنفعة العامة.
بمعنى التدليس عن طريق الكتمان الذي يجعل العقد قابال لإلبطال هو التدليس المانع ،أما
التدليس العارض فإنه ال يرتب للمتعاقد المدلس عليه سوى الحق في التعويض ،وهذا ما نص
عليه الفصل 28من قانون اإللتزامات والعقود ":التدليس الذي يقع على توابع اإللتزام من
غير أن يدفع إلى التحمل به ال يمنح إال الحق في التعويض".
هذا وقد إستند القضاء الفرنسي هو األخر إلى التدليس عن طريق الكتمان كأساس لتقرير
البطالن كجزاء لمخالفة اإللتزام باإلعالم قبل التعاقدي ،وذلك من أجل توفير قدر كافي من
الحماية للمستهلك المتعاقد عن بعد ،فبعد أن تمسك القضاء الفرنسي ولمدة طويلة بعدم إعتبار
السكوت وسيلة من الوسائل االحتيالية ،نراه قد غير موقفه إبتداء من سنة ،0223بالرغم من
خلو التشريع الفرنسي من النص على الكتمان ،قبل أن يعتبرها كذلك بمقتضى األمر الصادر
بتاريخ 01فبراير .5106
30بن غيدة إيناس ،الحماية المدنية للمستهلك في العقود اإللكترونية ،مرجع سابق،ص.26 :
31جمال الطاهري ،محاضرات في التظرية العامة لإللتزامات ،مرجع سابق ،ص.000 :
32مامون الكزبري ،نظرية اإللتزامات في ضوء قانون اإللتزامات والعقود المغربي ،مرجع سابق ،ص.015 :
18
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
وكان ذلك بمقتضى قرار محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 02ماي ،0223حينما قضت بأن
33
السكوت في صورة الكتمان يمكن أن يكون فعال تدليسا.
نستخلص مما سبق أنه ،يكون لإللتزام باإلعالم قبل التعاقد أثرا واضحا على تجنب إبطال
العقد للغلط او التدليس ،بحيث يقوم هذا اإللتزام في هذه الحالة بدور وقائي ،كما ان إحتمال
وقوع المتعاقد(أي المستهلك) في عيب يتناسب عكسيا مع أداء المدين لإللتزام باإلعالم قبل
34
التعاقد أداء كامال وموضوعيا.
باإلضافة إلى جزاء اإلبطال يمكن أن يترتب جزاء أخر ،وهو المطالبة بالتعويض نتيجة قيام
المسؤولية المدنية تجاه المدين في اإللتزام باإلعالم قبل التعاقد في العقد اإللكتروني.
وهذه المسؤولية المدنية إما أن تكون عقدية أو تقصيرية ،ويقصد بالمسؤولية العقدية ذلك
الجزاء المترتب عن اإلخالل باإللتزامات التعاقدية ،فلما كان العقد شريعة المتعاقدين فإنه كان
لزاما إحترام مضمون هذه العالقة وأي إخالل بها إال ويستوجب تحميل المسؤولية للطرف
الذي تسبب في حصول هذا اإلخالل ،35أما المسؤولية التقصيرية فإنها تترتب على مجرد
اإلخالل بالواجبات القانونية سواء كان منصوصا عليها في بنود تشريعية أو كانت نابعة من
نظام التعايش اإلجتماعي كضرورة إحترام حقوق الجوار وعدم المساس بسالمة االفراد،
فالقاعدة الكلية تقضي بعدم اإلضرار بالغير ،وكل من تسبب في وقوع هذا الضرر إال ويلزم
36
بأداء التعويض للطرف المضرور.
ونظرا إلختالف الفقهاء حول الطبيعة القانونية لإللتزام باإلعالم ،بين من يقول بأن هذا
اإللتزام يستمد وجوده من العقد ،ومنهم من ينكر الطبيعة العقدية لهذا اإللتزام ،فإنهم إختلفوا
كذلك حول الطبيعة القانونية للمسؤولية الناشئة عن اإلخالل به ،ما إذا كانت مسؤولية عقدية
أو تقصيرية مما أدى إلى ظهور إتجاهين:
33عبد الرحمان الشرقاوي ،القانون المدني دراسة حديثة للتظرية العامة لإللتزام ،الجزء األول ،مصادر اإللتزام ،التصرف القانوني ،ص.026 :
34عمر محمد عبد الباقي ،الحماية العقدية للمستهلك ،دراسة مقارنة بين الشرعية والقانون ،مطبعة القدس ،منشأة لمعارف باإلسكندرية ،الطبعة
الثانية ،5113ص.520 :
35عبد القادر العرعاري ،مصادر اإللتزامات ،الكتاب الثاني ،المسؤولية المدنية ،الطبعة الثالثة ،5102ص.02 :
36المرجع نفسه ،ص.51 :
19
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
-إتجاه يقول بالطبيعة العقدية للمسؤولية ،على إعتبار أن هذا اإللتزام باإلعالم هو إلتزام
عقدي ويشكل اإلخالل به خطأ عقدي يستوجب قيام المسؤولية العقدية على عاتق مرتكبيه،
وقد إستند أنصار هذا اإلتجاه في تدعيم رأيهم إلى نظرية الخطأ في تكوين العقد للفقيه
األلماني اهرنج ،وبمقتضى هذه النظرية فإن الخطأ حتى في مرحلة التفاوض هو خطأ عقدي
يؤدي إلى تطبيق أحكام المسؤولية العقدية ،سواء ترتب على هذا الخطأ عدم إنعقاد العقد أو
بطالنه ،وأن هذا الخطأ يرتب للمضرور حق المطالبة بالتعويض عن الخطأ كعقد ال كواقعة
مادية بإفتراض وجود عقد سابق على العقد األصلي هوعبارة عن عقد ضمان مفترض
37
مصدرا لهذا اإللتزام.
ـ إتجاه ثاني قال بالطبيعة التقصيرية لهذه المسؤولية ،ذلك ألن إلتزام المورد بإعالم المستهلك
في العقود المبرمة عن بعد يكون في مرحلة التفاوض أي في المرحلة السابقة للتعاقد ،ومن ثم
فإن المسؤولية المترتبة في حالة اإلخالل بهذا اإللتزام هي مسؤولية تقصيرية تقوم بحكم
القانون وليس على أساس التصرف الباطل وهذه المسؤولية تستوجب التعويض كأثر ناتج
عن العقد الباطل ولكن بوصفه واقعة مادية وليس بإعتباره عقدا ،ومن ثم يجب إثبات جميع
أركان المسؤولية التقصيرية ،ويبرر أصحاب هذا الرأي موقفهم بكون الرضا الذي هو أحد
أركان العقد لم يتحقق بعد ،حيث أن اإللتزام باإلعالم يتم في مرحلة سابقة على التعاقد،
وبالتالي فليس من المنطق أن ينشأ فرع قبل نشوء أصله ،أو أن ينشأ إلتزام قبل نشوء
38
مصدره ،فالعقد لم يبرم حتى يمكن القول بأن هذا االلتزام هو إلتزام عقدي.
مما سبق يتبين أنه ما دام اإللتزام باإلعالم هو إلتزام سابق على تكوين العقد ،فال يمكن أن
نتح دث عن المسؤولية العقدية والعقد لم ينشأ بعد ،وبالتالي فإذا أخل المورد بإلتزامه بإعالم
المستهلك قبل التعاقد بجميع المعلومات المتعلقة بمحل العقد وسبب بذلك ضررا للمستهلك
يحق لهذا األخير المطالبة بالتعويض بناء على قواعد المسؤولية التقصيرية طبقا للفصل 44
من قانون اإللتزامات والعقود المغربي .
20
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
إضافة إلى الجزاءات المدنية التي توفرها القواعد العامة ،فقد نص المشرع المغربي في
قانون 80.13القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك على مجموعة من العقوبات الزجرية
رغبة منه في ضمان تنفيذ المورد لإللتزام باإلعالم قبل التعاقد تجاه المستهلك.
حيث نصت المادة 048من قانون 80.13على أنه ":يعاقب بغرامة من 5.111إلى 2.111
درهم على مخالفات أحكام القسم الثاني من هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه".
كما جاء في المادة 044من نفس القانون ":يعاقب على مخالفات أحكام المواد 52و 81و85
بغرامة من 0.511إلى 01.111درهم.
يعتبر في حالة العود ،من يرتكب مخالفة داخل أجل الخمس سنوات الموالية لصدور حكم
حائز على قوة الشيء المقضي به من أجل أفعال مماثلة".
وما يالحظ على التشريع المغربي بخصوص الجزاءات الجنائية هو غياب عقوبة الحبس في
القانون الذي يقضي بتحديد دابير لحماية المستهلك حتى في حالة العود ،وهو أمر منتقد لكون
الغرامات غير كافية لوحدها في ردع المهنيين عن اإلخالل باإللتزام المسبق باإلعالم في
العقود اإللكترونية ،خصوصا أنها غرامات هزيلة مقارنة مع حجم نشاط ومداخيل المهنيين.
خالصة القول أن اإللتزام باإلعالم والتبصير الملقى على عاتق المهني لم يعد مجرد واجب
أخالقي عام ،بل أصبح ظل التطورات التشريعية الحالية بمثابة إلتزام قانوني أساسي مشمول
بجزاءات وعقوبات مالية كفيلة بردع كل الخروقات المتعلقة بعدم إحترام المهني لواجب
39
اإلعالم في مرحلة ما قبل وبعد التعاقد.
39عبد القادر العرعاري ،مصادر اإللتزامات ،الكتاب األول ،نظرية العقد ،مرجع سابق ،ص.022 :
21
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
فأصبح بذلك اإلعالن اإللكتروني من أهم آليات النشاط التجاري في المنافسة وتحقيق الربح
عبر الشبكات اإللكترونية.
ويعد اإلعالن التجاري األن من أشد الوسائل خطرا على جمهور المستهلكين بصفة خاصة،
ويعتبر من أساليب التغرير في بعض األحيان عندما يلجأ إلى الكذب في اإلخبار عن تركيب
سلعة ما ،أو التأكيد على مزايا وهمية تدفع المستهلك إلى إقتناءها ثم يتبين له بعد ذلك انها
40
أوهام بثها اإلعالم.
وعموما لتقييم دور اإلعالن التجاري اإللكتروني في حماية المستهلك ،فإننا سنتناول مفهوم
اإلعالن اإللكتروني وطبيعته القانونية في الفقرة األولى .على أن نخصص الفقرة الثانية
للحديث عن وسائل حماية حق المستهلك في مواجهة اإلعالنات اإللكترونية.
40الناصري يوسف ،الحماية المدنية للمستهلك في مرحلتي إبرام وتنفيذ العقد اإللكتروني ،بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جامعة عبد
المالك السعدي ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية بطنجة ،السنة الجامعية ،5102-5108ص.83 :
22
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
يتجلى اإلعالن في عقود اإلستهالك بصفة عامة ،وفي عقود اإلستهالك اإللكترونية بصفة
خاصة ،كوسيلة لإلعالم في تقديم معلومات أو أخبار للناس عامة حول السلع والخدمات
للتعريف بها وإبراز محاسنها والترويج لها وتوسيع دائرة السوق من أجل تحفيز المستهلك
على اإلقبال عليه ،كما أن اإلعالن أصبح من أهم آليات النشاط التجاري في المنافسة وتحقيق
41
الربح.
وقد عرفت التشريعات الدولية والوطنية واألراء الفقهية تضاربا حول تعريف اإلعالن
اإللكتروني ،وإن إتفقت غالبيتها على إسقاط الصورة التقليدية لإلعالن على تلك التي تتم عبر
وسائط إلكترونية ،معتبرة أن اإلختالف بين اإلعالن التقليدي واإلعالن اإللكتروني يكمن في
الوسيلة المستعملة فقط.
وفي هذا اإلطار نجد من القوانين التي أعطت تعريفا لإلعالن ،القانون البلجيكي و ذلك في
المادة 55من قانون الممارسات التجارية وحماية المستهلك واإلعالم ،بأنه “:كل إتصال
يهدف بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الرفع من مبيعات المنتجات أو الخدمات ،بما في ذلك
42
األموال العقارية والحقوق واإللتزامات كيفما كانت الوسائل المستعملة ،وفي أي مكان”.
والقانون الجزائري الذي عرف اإلشهار في المادة -5الفقرة 3من المرسوم التنفيذي رقم
90-09في 81يناير 0221المتعلق برقابة الجودة وقمع الغش بأنه " اإلشهار :جميع
اإلقتراحات أوالدعايات أو البيانات أو العروض أو اإلعالنات أو المنشورات أو التعليمات
المعدة لترويج تسويق سلعة أو خدمة بواسطة أسانيد سمعية أو بصرية"
أما التشريع الفرنسي فقد جاء خاليا من أي تعريف لإلعالن سواء في مدونة اإلستهالك
الفرنسية ،أو في قانون الثقة في اإلقتصاد الرقمي.
وبالنسبة للمشرع المغربي فهو األخير سار على نفس نهج المشرع الفرنسي ،فلم يعرف
اإلعالن في مدونة اإلستهالك المغربية الجديدة ،وإن كانت الصيغة األولى لمشروع مدونة
23
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
اإلستهالك قد عرفت اإلعالن من خالل المادة 52منها والتي جاء فيها :كل خطاب أو إعالن
بياني ،أو مكتوب ،أو مسموع ،أو سمعي بصري ،يبث نظير أجر ،أو يؤدي بمقابل أخر ،من
أجل الترويج للسلع ،واألموال والخدمات ،في إطار نشاط تجاري أو صناعي ،أو مهني حر،
أو لضمان الرواج التجاري لمقاولة عمومية أو خاصة".
إال أنه تطرق لمفهوم اإلعالن بصفة عامة من خالل المادة 5من القانون 18-44المتعلق
باإلتصال السمعي البصري حيث إعتبره شكل من أشكال الخطابات المذاعة أو المتلفزة
والسيما بواسطة صورة أو رسوم أو أشكال من الخطابات المكتوبة أو الصوتية التي يتم بثها
بمقدار مالي أو بغيره الموجهة إلخبار الجمهور أو إجتذاب إهتمامه إما بهدف الترويج
للتزويد بالسلع أو الخدمات.
وأمام هذا الفراغ التشريعي تصدى الفقة والقضاء لتعريف اإلعالن ،على إعتبار أن
التعريفات من إختصاص الفقه والقضاء.
عرف األستاذ عبد العزيز حضري اإلشهار بأنه ":عملية إتصال مع الجمهور تستهدف
إحداث تأثير نفسي عليه لدفعه لإلستهالك ،ويكون هدفه بالنسبة للمنتج أو المهني هو
الحصول على أكبر قدر من الزبناء ،أما بالنسبة للمستهلك فغايته هي تكوين رأي حول
43
صفات وخصائص السلع والخدمات المعروضة ".
بينما عرفه جانب أخر من الفقهاء بأنه ":وسيلة لإلتصال تستخدمها المقاولة ،أو المؤسسة
اإلقتصادية ،إما للتعريف بمنتجاتها ،أو لمجرد الرفع من مكانتها أمام المتنافسين في
44
األسواق".
ويعرف أيضا بأنه ":إخبار أو إعالم تجاري أو مهني القصد منه التعريف بمنتج أو خدمة
معينة عن طريق إبراز المزايا وإمتداح المحاسن بهدف خلق إنطباع جيد يؤدي إلى إقبال
45
الجمهور على المنتج أو هذه الخدمة ".
43عبد العزيز حضري ،العقود اإلستهالكية ،مطبعة الجسور وجدة ،طبعة ،1101-1100ص.18 :
44مهدي منير ،المظاهر القانونية لحماية المستهلك ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،وجدة التكوين والبحث في قانون األعمال ،جامعة
محمد األول ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،وجدة ،السنة الجامعية ،5112-5112ص.584 :
45عبد الفضل محمد أحمد ،اإلعالن عن المنتجات والخدمات من الوجهة القانونية ،مكتبة الجالء الجديدة ،المنصورة ،0220 ،ص.02 :
24
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
وإعتبره جانب أخر من الفقه بأنه" كل فعل أو تصرف يهدف إلى التأثير النفسي على
الجمهور ،أيا كانت وسيلة هذا التأثير ،بهدف إقناعهم بمزايا السلعة أو الخدمة ،وما يمكن أن
46
تحققه من فوائد".
وعموما حاول القضاء ،سد الفراغ التشريعي بخصوص مسألة تعريف اإلعالن ،وقد تناول
قضاء النقض الفرنسي اإلعالن حيث حدده بأنه وسيلة معلوماتية تدفع العميل إلى تكوين
عقيدة مقصودة من النتائج التي ستعود عليه من المال الذي سيشتريه أو الخدمة التي ستقدم
47
له.
أما اإلعالن اإللكتروني فقد عرفته المحكمة اإلبتدائية بمدينة رين ،في حكم لها صادر بتاريخ
5111-18-80بأنه ":اإلعالن عبر اإلنترنت :هو عملية تبادل المعلومات على أحد مواقع
48
اإلنترنت ،ويكون الهدف منه جذب المستهلك ،إلبرام عقود تتعلق بخدمات أو بضائع".
وبناء على ما سبق ذكره ،يالحظ أن اإلعالن اإللكتروني ،ال يختلف عن اإلعالن التقليدي إال
في مسألة الوسيلة المستخدمة في كل من اإلعالنيين ،فاإلعالن اإللكتروني يستعين بوسائل
اإلتصال الحديثة ،التي تتمثل في أجهزة إلكترونية مزودة بخدمة اإلنترنت ،بينما اإلعالن
التقليدي يكون على دعامة عادية:
يتضمن اإلعالن التجاري اإللكتروني وظائف وخصائص السلع والخدمات بشكل يحث
الجمهور على اإلقتناء وإبرام العقد ،مما يثير الطبيعة القانونية لهذا اإلعالن ،إذ تباينت األراء
46خالد ممدوح إبراهيم ،حماية المستهلك في المعامالت اإللكترونية-دراسة مقارنة-الطبعة األولى ،مصر ،الدار الجامعية ،5114 ،ص.086 :
47
أورده عبد هللا ذيب عبد هللا محمود ،حماية المستهلك في التعاقد االلكتروني دراسة V.cass;crim 12 nivember 1986. Bull.crim.p.261.
مقارنة ،ص.84 :
48أورده محمد أحمد سيف بني غازي ،التنظيم القانوني لعقود التجارة المبرمة عبر اإلنترنت ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة
محمد األول ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،وجدة السنة الجامعية ،5100-5101 :ص.060 :
25
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
الفقهية بشأن طبيعة اإلعالن التجاري ،وإنقسمت إلى إتجاهين أحدهما يرى بأنه إيجاب
49
واألخر يرى بأنه دعوة التعاقد.
ولمعرفة الطبيعة القانونية لإلعالن التجاري اإللكتروني يجب أوال التفرقة بين اإليجاب
والدعوة للتعاقد.
الدعوة إ لى التعاقد هي مجرد مساومة تسبق العقد ويجوز العدول عنها ،دون أن يترتب عن
هذا العدول أية مسؤولية ،أما اإليجاب هو العرض الذي يتقدم به شخص إما إلى شخص معين
أو إلى مجموعة محددة من األشخاص أو إلى عموم الجمهور للتعاقد بشروط معينة يحددها
50
مع ذكر جميع العناصر األساسية للعقد المراد إبرامه.
و اإليجاب اإللكتروني ال يختلف عن اإليجاب التقليدي إال من حيث الوسيلة المستخدمة فيه،
وقد عرفه البعض بكونه هو تعبير عن إرادة الراغب في التعاقد عن بعد من خالل إستعمال
الشبكة الدولية لإلتصاالت بوسيلة سمعية مرئية ويتضمن كافة العناصر إلبرام العقد بحيث
51
يستطيع من يوجه إليه أن يقبل التعاقد مباشرة.
ذهب بعض الفقه إلى أن العرض الموجه إلى الجمهور عبر شبكة اإلنترنت ،ال يعد إيجابا
وإنما مجرد دعوة للتفاوض والتعاقد ما دام هذا اإلعالن اإللكتروني ،ال يتضمن الشروط
الجوهرية واألساسية للتعاقد وأهمها بيان أسعار السلع والخدمات عبر اإلنترنت.
وأقر البعض األخر بأن اإلعالن اإللكتروني يعتبر إيجابا ،وذلك عندما يكون متضمنا بشكل
واضح ومحددا للشروط الجوهرية واألساسية للتعاقد ،أي تضمن عرض السلع والخدمات
عن طريق اإلنترنت ثمن المبيع ،حيث ان بيان اسعار السلع عبر اإلنترنت يعتبر إيجابا.
إذن فاإلعالن إذا لم يكن جازما وباتا ال يعد إيجابا ،إنما مجرد دعوة للدخول في مفاوضات،
وإذا صادف هذا العرض موافقة من الطرف األخر ،إعتبر ذلك رضا للدخول في مفاوضات
وليس قبوال يبرم به العقد.
49اكسوم عيالم رشيدة ،المركز القانوني للمستهلك اإللكتروني ،أطروحة لنيل درجة الدكتوراه الطور الثالث(قانون اإللتزامات) في القانون ،جامعة
مولود معمري ،تيزي-وزو ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،5103 ،ص.852 :
50جمال الطاهري ،محاضرات في النظرية العامة لاللتزامات،مرجع سابق ،ص.30 :
51منصور محمد حسين ،المسؤولية اإللكترونية ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ،5118ص.63 :
26
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
وعلى ذلك فإنه لكي يعتبر العرض الموجه إلى الجمهور إيجابا ،يجب أن يكون محددا للسلعة
تحديدا نافيا للجهالة ،وأن يحدد الثمن والعناصر األساسية للتعاقد ،وإال فإن األمر ال يعدو أن
52
يكون مجرد دعوة للتعاقد.
كما أن عرض البضائع والخدمات عبر اإلنترنت يشبه إلى حد كبير نافذة المتجر الحقيقي،
فإذا تضمن عرض السلع والخدمات عن طريق اإلنترنت ثمن المبيع يعد هذا العرض إيجاباً
شأنه في ذلك شأن عرض البضائع على واجهات المحال التجارية مع بيان أثمانها ،ففي
الحالتين يتحقق للمستهلك رؤية الشيء المبيع سواء أكانت رؤية حقيقية بملء العين أم
53
إفتراضية داخل الموقع التجاري على صفحة اإلنترنت من خالل شاشة الحاسوب.
وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض المصرية ،بإعتبار اإلعالن عن فتح باب الحجز مجرد
دعوة للتعاقد وليس إيجابا بالبيع ،فقد صدر في قرار لها بأن ":اإلعالن الموجه إلى الجمهور
الصادر عن شركة النصر لصناعة السيارات ،عن فتح باب الحجز للسيارات التي ال تنتجها
ال يعدو أن يكون دعوة للتعاقد ،فطلب حجز السيارة المقدم إلى الشركة الموزعة هو .الذي
54
يعتبر إيجابا".
وبناءا على ما سبق ذكره ،نستنتج أن اإلعالن اإللكتروني الموجه للعامة عبر شبكة اإلنترنت
قد يكون مجرد دعوة إلى التعاقد ،إذا لم يبين الشروط األساسية والجوهرية للتعاقد .فعرض
السلع والخدمات عبر شكبة اإلنترنت دون بيان أثمانها ،وكذا الشروط الجوهرية للتعاقد ال
يعتبر إيجابا.
أما إذا تضمن عرض السلع والخدمات عبر اإلنترنت ثمن السلعة أو الخدمة المعروضة،
وطريقة إستالمها والشروط الجوهرية للتعاقد ،أمكن لنا أنذاك إعتبار هذا اإلعالن إيجابا
صحيحا ينعقد به العقد متى القى قبوال مطابقا .ولعل هذا ما أشار إليه المشرع المغربي في
المادة 62-2قانون اإللتزامات و العقود بقوله ”:كل إقتراح غير متضمن لكافة البيانات
المشار إليها في هذا الفصل ال يجوز إعتباره عرضا بل يبقى مجرد إشهار ،وال يلزم
صاحبه“.
52خالد ممدوح إبراهيم ،حماية المستهلك في العقود اإللكترونية ،دار الفكر الجامعي اإلسكندرية ،5113 ،ص.022-028 :
53عبد هللا ذيب عبد هللا محمود ،حماية المستهلك في التعاقد االلكتروني ،مرجع سابق ،ص.83 :
27
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
رغم المزايا التي يقدمها اإلعالن التجاري اإللكتروني ،إال أنه في بعض الحاالت قد يلجأ
المهني إلى إستخدام أ ساليب دعائية منطوية على الغش والخداع والتضليل بقصد دفع
المستهلك للتعاقد ،وهذا يؤثر على إرادته وحريته في اإلختيار.
لذا إرتئ القانون إلى حماية هذا المستهلك من خالل وضع قواعد تنظم هذه اإلعالنات ،حتى
ال تتجاوز حدودها المشروعة لتصبح غير مشروعة.
تقوم قواعد حماية المستهلك في مواجهة اإلعالنات اإللكترونية على قاعدتين أساسيتين،
األولى تتعلق بإشتراط وضوح اإلعالن اإللكتروني ،والثانية منع اإلعالنات اإللكترونية غير
المشروعة.
إن إشتراط وضوح اإلعالن اإللكتروني يعني أن يتضمن اإلعالن البيانات الكافية عن السلعة
أو الخدمة المقدمة ،والتي من شأنها خلق تفكير واع ومتبصر يعمل على تكوين إرادة واعية
55
مستنيرة لدى المستهلك ،وهو بصدد اإلقبال على التعاقد.
فاإلعالن اإللكتروني يجب أن يكون واضحا وغير غامض ،بمعنى أن يكون ال لبس فيه،
حيث يتم تزويد المستهلك بمعلومات واضحة عن السلعة أو الخدمة المقدمة ،بما يسمح
للمستهلك إعطاء الموافقة على التعاقد عن وعي وادراك مستنيرين.
وهذا ما أكد عليه المشرع المغربي في المادتين 58و 52من القانون رقم 80.13القاضي
بتحديد تدابير لحماية المستهلك.
55طعن نقض مدني رقم 023جلسة ،05/18/0246أحكام النقض ،القسم المدني ،مجدوعة المكتب الفني ،ص_.225 :مشار لهذا القرار لدى
إبراهيم ممدوح :حماية المستهلك في المعامالت اإللكترونية_دراسة مقارنة_الطبعة األولى.مصر :الدار الجامعية.5114.ص.36 :
28
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
تنص المادة 58على أنه :يجب أن يشير كل إشهار كيفما كان شكله ،يمكن إستقباله عبر
خدمة اإلتصاالت موجهة للعموم إلى طبيعته اإلشهارية بطريقة واضحة ال تحتمل أي لبس،
السيما العروض الدعائية كالبيوع بالتخفيض أو الهدايا أو المكافآت وكذا المسابقات
اإل شهارية من أجل الربح عند تلقيها من طرف المستهلك .كما يجب أن يحدد بوضوح المورد
الذي أنجز لصالحه االشهار.
والمادة 14تنص على أنه يجب على المورد عند القيام بكل إشهار عن طريق البريد
اإللكتروني ":تقديم معلومات واضحة ومفهومة حول حق التعرض في المستقبل على تلقي
اإلشهارات "...
وقد أشارت المادة 62من القانون المنظم لإلتصال السمعي البصري إلى قاعدة وضوح
اإلعالنات التي تنص على أنه” يتعين على البرامج اإلشهارية :أن تبث بالعربية أو
األمازيغية أو باللهجات المغربية إذا كانت موجهة للجمهور المغربي “ .وفي نفس السياق فقد
ورد في المادة 24من قانون 16.22المتعلق حرية األسعار و المنافسة أنه “ يجب على من
يبيع منتوجات أو يقدم خدمات أن يعلم المستهلك عن طريق وضع عالمة أو ملصق أو إعالن
أو بأي طريقة أخرى باألسعار و الشروط الخاصة أو إلنجاز الخدمة “،
أما القانون الفرنسي فقد نظم الحق في اإلعالن وفق قاعدة شفافية ووضوح اإلعالن وذلك في
المادة 01/5من قانون 0أوت 0236المتعلق بحماية المستهلك ،فأشار إلى أنه يجب أن
تكون العمليات التجارية اإللكترونية ،والدعاية المصاحبة لها واضحة وغير غامضة ،ويجب
اإللتزام بإ ستخدام اللغة الوطنية(الفرنسية) وتزويد المستهلك بمعلومات واضحة عن المنتج أو
56
الخدمة المعروضة بما يسمح لهذا األخير إعطاء الموافقة على التعاقد.
ونالحظ مما تقدم أن تشريعات الدول مثل التشريع الفرنسي والتشريع المغربي ،قد سعت إلى
حماية المستهلك من خالل التأكيد على ضرورة أن يكون اإلعالن واضحا ،خاليا من أي لبس
أو خداع .
56
أورده حاني حميدة ،مزماط سامية ،حقوق المستهلك في العقد اإللكتروني ،مذكرة تخرج لنيل شهادة Nathalie moreau. Op.cit; p 25.
الماستر فرع القانون الخاص التخصص القانون الخاص الشامل ،جامعة عبد الرحمن ميرة-بجاية-كلية الحقوق والعلوم السياسية ،السنة الجامعية،
،5102-5108ص.06 :
29
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
يشكل اإلعالن التجاري اإللكتروني وسيلة مهمة يستهدف بها المهنيون جلب أكبر عدد من
المستهلكين.
إال أن بعض المهنيين يعمدون إلى إستخدام أساليب إشهارية منطوية على الغش والخداع
والكذب ،وذلك بذكر خصائص ومعلومات بخصوص السلع والخدمات المعلن عنها مغايرة
للحقيقة ،والهدف من ذلك إيقاع المستهلك في الغلط ودفعه للتعاقد.
ومن هنا ظهرت الحاجة إلى البحث عن الحماية القانونية للمستهلك من اإلعالنات الغير
المشروعة.
وفي هذا الصدد سنتطرق إلى اإلعالن الكاذب والمضلل(أ) واإلعالن المقارن(ب)
يعتبر اإل عالن التجاري مظهرا من مظاهر المنافسة المشروعة وعامال من عوامل التسويق
57
وأداة من أدوات إعالم الجمهور بالمنتوجات والخدمات .
وبما أن اإلشهار له دور مهم في تنمية المشروعات اإلقتصادية وتسويق المنتجات ،فيجب أن
يتميز بخصائص معينة أهمها الصدق والنزاهة ،بحيث يجب أن يكون المعلن صادقا وأمينا
فيما يصف به منتوجاته وخدماته ،وعلى هذا األساس منع المشرع المغربي اإلشهار الكاذب
والمضلل ،ونظرا للخطورة التي يشكلها هذا األخير وتأثيره السلبي على رضا المستهلك
بإعتباره طرفا ضعيفا ،حيث يؤدي إلى خداع المستهلك من خالل تضمنه معلومات مغلوطة
بعناصر وأوصاف جوهرية في المبيع ،فإن جل التشريعات تجرمه وتعاقب على كل من يلجأ
إليه.
وقد عرف توجيه المجلس األوروبي الصادر في 01سبتمبر 0232اإلعالن المضلل في
مادته الثانية بأنه “ كل إعالن يحتوي في طريقة تقديمه بأي طريقة كانت ،على أي تضليل،
لهؤوالء الذين يوجه إليهم اإلعالن ".
57عبد هللا ذيب عبد هللا محمود ،حماية المستهلك في التعاقد االلكتروني دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص.25 :
30
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
كما عرف المشرع اللبناني اإلعالن المضلل ،من خالل تعريفه لإلعالن الخادع في المادة 00
من قانون حماية المستهلك بأنه” هو الذي يتم بأية وسيلة كانت ،و يتناول سلعة أو خدمة ،و-
يتضمن عرضا أو بيانا أو إدعاء كاذبا أو أنه مصاغ بعبارات من شأنها أن تؤدي ،بطريقة
مباشرة أو غير مباشرة ،إلى تضليل خداع أو تضليل المستهلك”.
والمشرع الفرنسي هو األخر منع اإلعالن المضلل والكاذب وخصص له المواد من l121-1
إلى l121-8من مدونة اإلستهالك ،دون أن يعطي له تعريفا محددا.
أما بخصوص المشرع المغربي فقد ساير المشرع الفرنسي ،ولم يعطي أي تعريف لإلعالن
الكاذب وإكتفى بمنعه في الفصل 50من القانون رقم 80.13التي نصت على أنه...":يمنع
بأي شكل من األشكال إدعاء أو بيان أو عرض كاذب ".
أما اإلشهار المضلل فقد منعه المشرع المغربي شأنه في ذلك شأن اإلشهار الكاذب وذلك
بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 50التي جاء فيها...":كما يمنع كل إشهار من شأنه أن يوقع
في الغلط بأي وجه من الوجوه ،إذا كان ذلك يتعلق بواحد أو أكثر من العناصر التالية"...
وهو نفس المقتضى الذي نص عليه المشرع في الفصل 01من قانون رقم 38.08المتعلق
بالزجر عن الغش في البضائع " يمنع كل إعالن مهما كان شكله يشمل على إدعاء أو بيان أو
عرض كاذب أو من شأنه أن يوقع في الغلط" .غير أن هذا الفصل ألغي بمقتضى المادة 026
من قانون .80.13
كما أشار القانون 18.44المتعلق باإلتصال السمعي البصري في الفقرة الثالثة من المادة
الثانية منه على أنه" يعتبر إشهارا ممنوعا ،اإلشهار الذي يتضمن مزاعم وبيانات أو تقديمات
مغلوطة أو من شأنها أن توقع المستهلكين في الخطأ".
وعموما عرف بعض شراح القانون اإلعالن التجاري المضلل بأنه " اإلعالن الذي يكون من
58
شأنه خداع المستهلك أو يمكن أن يؤدي إلى ذلك".
58عبد الفضيل محمد أحمد ،اإلعالن عن المنتجات والخدمات من الوجهة القانونية ،مكتبة الجالء الجديدة المنصورة ،سنة الطبع غير مذكورة ،ص:
.042
31
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
كما عرفه البعض األخر بأنه" هو اإلعالن المتضمن معلومات ورسومات من شأنها أن توقع
المستهلك في الغلط ،بخصوص ماهية سلعة ،أو خدمة ،أو خصائصها ،أو عناصرها ،أو
مصدرها ،أو ثمنها ،أو كيفية التزود بها ،أو بخصوص مؤهالت المزود بها ،أو يخفي هذه
59
المعلومات ،أو بعضها بقصد إيقاع المستهلك في الغلط".
يتبين من خالل المادة 50من قانون رقم 80.13أنه حتى نكون أمام إشهار كاذب أو مضلل
،يجب أن يطال الخداع واحد أو أكثر من العناصر التالية :
•أن ينصب الخداع على تركيب المنتوج أو محتوى المنتوج أو الخدمة المفيدة :يقصد بتركيب
البضاعة ذلك المزيج من عناصر مختلفة بنسب محددة حيث أن جل البضائع والمنتوجات
60
تحدد مكوناتها بشكل مسبق وبنسب مدققة تفاديا للتالعب.
•أن ينصب الخداع على نوع ومنشأ وكمية وتاريخ صنع المنتوج
إذن فمناط عدم مشروعية اإل شهارات الكاذبة والمضللة هو خداع المستهلك والتغرير به ،وما
يرتبه ذلك من أثار سلبية .وعليه فغن الخداع اإلعالني يمثل جريمة ،وهذه الجريمة ال تقوم
إال بتوافر ركنان:
-الركن المادي :وهو التضليل الذي من شأنه إيقاع المستهلك في اللبس والخداع.
-الركن المعنوي :والمتمثل في قصد المعلن خداع المستهلك من أجل حمله على التعاقد.
59عبد الحميد أخريف ،عقود اإلستهالك :البيع في الموطن-التعاقد-عن بعد-العقد اإللكتروني ،الطبعة األولى ،5116مطبعة ،أميمة-فاس ،ص-000 :
.005
60إيمان التيس" التجارة اإللكتلرونية وضوابط حماية المستهلك في المغرب" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة المولى إسماعيل
كلية العلوم القانونية واإلقتصادية ةاإلجتماعية مكناس ،ص.016-012 :
32
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
أما فيما يتعلق بمسؤولية المعلن الذي أخل بالقواعد المنظمة لإلعالن التجاري المحددة قانونا
،فإنها قد تكون مسؤولية مدنية أومسؤولية جنائية.
فيما يخص المسؤولية المدنية للمعلن فيمكن اإلستناد على القواعد العامة لعيوب الرضا
وتحديدا الغلط و التدليس حتى يستفيد المستهلك اإللكتروني من حقه في التعويض إذا أمكن
ذلك و قبله المطالبة بإبطال العقد ،إلى أن اإلرتكاز على هذه القواعد ال يعد ممكنا إال إذا كان
هناك عقد يجمع بين المهني والمستهلك ،وبالتالي فيجب أن يكون اإلشهار قد أتى أجله وأدى
61
إلى خلق رابطة عقدية بين هذين الطرفين.
وإلى جانب المسؤولية المدنية تثار المسؤولية الجنائية ،فقد قرر المشرع المغربي مجموعة
من العقوبات الزجرية المترتبة عن جرائم اإلشهار الواردة في القانون 80.13حيث نصت
المادة 042منه على أنه يعاقب بغرامة من 21.111إلى 521.111درهم على مخالفة أحكام
المادة 50التي تقضي بمنع اإلشهار الكاذب والمضلل.
أما بالنسبة لإلشهار الذي يكون بواسطة تقنية اإلتصال عن بعد والذي ال يحترم أحكام
المادتين 58و ،52فيعاقب المورد الذي يقوم به بغرامة من 01.111إلى 21.111درهم،
62
ويمكن الحكم كذلك بعقوبة إضافية تتمثل في نشر أو تعليق الحكم الصادر باإلدانة.
إن اإلعالن التجاري هو الذي يخلق السوق ومن ثم يعمل على توسيعه ،فال سوق بال إشهار.
فهو يعد آلية تهدف إلى تفعيل مبدأ المنافسة المشروعة بين المهنيين ،حيث أن كل مهني
يهدف إلى إستقطاب زبناء منافسه من أجل توسيع دائرة زبنائه هو .وهذا األمر يعتبر
مشروعا ألن الزبون ال يعد ملكا الحد.
إال أن العملية اإلعالنية لم تعد مجرد تلك الدعوة المباشرة لشراء المنتجات بل إتخذت أشكال
أخرى بقصد التأثير في رغبات المستهلكين وتغيير عاداتهم ،كل هذا أدى إلى ظهور إعالنات
جديدة مواكبة لتلك التطورات والمستجدات ومنها :اإلعالن المقارن الذي يرتكز على فكرة
61إيمان التيس" التجارة اإللكترونية وضوابط حماية المستهلك في المغرب"،مرجع سابق ،ص.008 :
62أنظر المادة 046من القانون رقم .80.13
33
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
المقارنة من خالل إبراز مزايا سلع وخدمات المعلن عند المقارنة بينها وبين سلع وخدمات
منتج أخر.
وعموما يعرف اإلعالن المقارن بأنه ":اإلعالن الذي يقوم فيه المعلن (منتج ،موزع،
مستورد )...بالدعاية لمنتجاته عن طريق المقارنة ،وذلك بإبراز مزايا السلعة المعلن عنها،
63
مقارنة بعيوب غيرها من السلع".
أما بخصوص التعاريف التشريعية فقد عرفه المشرع الفرنسي في المادة l 121-8بأنه":
ذلك اإلعالن الذي يقارن بين السلع والخدمات سواء بإستعمال العالمة التجارية للغير
اواإلستدالل باإلسم التجاري للشركة المنافسة".
والمشرع المغربي بدوره نظم اإلعالن المقارن ،سواء في القانون 11-48المتعلق باإلتصال
السمعي البصري ،أو في القانون رقم 80.13المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك.
فعرفته المادة 5من قانون 48-11بأنه ":ذلك اإلشهار الذي يتضمن التشهير بمقاولة ،أو
منظمة ،أو نشاط صناعي ،أو تجاري ،أو فالحي ،أو خدماتي ،أو منتوج ،أو خدمة سواء من
خالل محاولة تعريضة إلحتقار الجمهور،اة سخريته ،أو بأي وسيلة أخرى".
أما المادة 55من القانون رقم 80.13فقد عرفته بأنه ":يعتبر إشهارا مقارنا ،كل إشهار
يقارن بين خصائص أو أسعار أو تعريفات السلع أو المنتوجات أو الخدمات إما باالشارة إلى
عالمة الصنع أو التجارة أو الخدمة الخاصة بالغير أو تجسيدها وإما باالشارة إلى العنوان
التجاري أو تسمية الشركة أو اإلسم التجاري أو الشعار الخاص بالغير أو تجسيد ذلك ".
إنطالقا مما سبق نستخلص ان لإلشهار المقارن مجموعة من اإليجابيات ،ومن بينها :أنه
يساهم في خلق المنافسة وتنميتها ،حيث أن الخوف من القيام بمقارنة علنية يدفع المهني للعمل
أكثر من أجل أن يتفوق على منافسيه إن على مستوى الجودة أو على مستوى األثمان.
63أحمد سعيد الزقرد ،الحماية المدنية من الدعاية التجارية الكاذبة والمضللة ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية مصر ،5114 ،ص.552 :
34
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
كما أن اإلشهار المقارن عندما يكون حقيقيا ،فإنه يكون قادرا على نقل المعلومات بشكل
أفضل من اإلشهار العادي ،غير أن اإلشهار المقارن ال يخلو من سلبيات قد تضر بالمستهلك،
وهو ما إستدعى من المشرع إحاطته بتنظيم خاص.
لذا فالمشرع المغربي على غرار المشرع الفرنسي لم يمنع اإلعالن المقارن مطلقا وإنما سمح
به ولكن بشروط ،وهي الشروط الواردة في المادة 62من قانون 11-48والمادة 55من
قانون 13-80والتي يمكن إجمالها فيما يلي:
الشرط الثالث :أن ينصب اإلشهار المقارن على الخصائص األساسية والهامة والمفيدة لسلع
وخدمات من نفس الطبيعة ومتوفرة في السوق.
الشرط الرابع :أن ينصب على أسعار أو تعريفات متعلقة بمنتجات أو سلع أو خدمات من
نفس الطبيعة.
الشرط الخامس :أن يشير إلى المدة التي يحتفظ خاللها باألسعار أو التعريفات المحددة من
طرف المعلن بإعتبارها خاصة به.
إذا هذه نظرة عامة حول الضمانات القانونية الممنوحة للمستهلك اإللكتروني قبل إبرام العقد
فهل تقتصر هذه الحماية القانونية على هذه المرحلة فقط أم تمتد إلى مرحلة إبرام وتنفيذ العقد
اإللكتروني؟
35
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
المبحث الثاني :حماية المستهلك خالل مرحلتي إبرام وتنفيذ العقد اإللكتروني
إن الحماية القانونية التي أرساها المشرع المغربي للمتعاقد اإللكتروني قبل إبرام العقد ،غير
كافية لتضمن له رضا سليم خال من أي عيوب ،وهذا ما إستلزم ضرورة تمديد هذه الحماية
إلى مرحلتي إبرام وتنفيذ العقد اإللكتروني ،وذلك من خالل توفير مجموعة من الضمانات
الحمائية للمستهلك كونه الطرف الضعيف في العالقة التعاقدية.
حماية المستهلك في مرحلة إبرام العقد تهدف بصفة أساسية إلى حماية رضا المستهلك حتى
يتمكن من إبرام العقد بعلم ودراية ،فاإليجاب والقبول اإللكتروني يمثالن العناصر األساسية
64
في العقد اإللكتروني ويجب أن تتوفر خاللهما حماية قانونية للمستهلك.
أما حماية المستهلك في مرحلة تنفيذ العقد ،فتتعلق بضمان تنفيذ اإللتزامات العقدية تحقيقا
للتوازن العقدي ،ذلك ألن حاجة المستهلك للحماية تكون قائمة بعد إبرام العقد مثلما هي قائمة
أثناء أو قبل إبرامه ،وتؤسس هذه الحماية على نفس األسس والمبررات التي تقوم عليها
65
الحماية أثناء إبرام العقد والتي تتمثل في خصوصية الوسيلة المستعملة إلبرام العقد.
غير أن تزايد اإلقبال على إبرام العقود اإللكترونية جعل المستهلك الطرف الضعيف في
العالقات التعاقدية اإللكترونية عرضة للكثير من المخاطر ،فالمستهلك في هذا النوع من
العقود يبرم عقد مع تاجر محترف ال يعرفه وال يعرف مكان وجوده كما وأنه ال يستطيع
64عبد هللا ذيب عبد هللا محمود ،حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني ،مرجع سابق ،ص.64 :
65جلول دواجي بلحلول ،الحماية القانونية للمستهلك في ميدان التجارة اإللكترونية ،مرجع سابق ،ص.012 :
66عبد هللا أحمد السبيطي ،ضمانات حماية التعاقد اإللكتروني في القانون القطري ،رسالة إلستكمال متطلبات الحصول على درجة الماجيستر في
القانون الخاص ،جامعة قطر ،كلية القانون ،السنة الجامعية ،5150ص.08 :
36
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
رؤية محل العقد أو التأكد من مواصفاته ،بناء على هذه المبررات فإن المستهلك بحاجة
ماسة إلى ضمانات قانونية تحميه من مخاطر هذا التعاقد.
ولعل من أبرز هذه الضمانات التي جاء بها المشرع المغربي من خالل مقتضيات القانون
رقم 31.08الهادفة إلى حماية المستهلك في مرحلة إبرام العقد هي حمايته من الشروط
التعسفية (الفقرة األولى) ،حيث يكون للمتعاقد اإللكتروني كامل الحق في تعديل الشروط
التعسفية أو إلغائها ،باإلضافة إلى أن المستهلك المتعاقد عبراإلنترنت يدلي بمعلومات تتعلق
بحياته الخاصة للمهني ،لذلك يلزم القانون هذا األخير أن يحمي المعطيات الشخصية
للمستهلك (الفقرة الثانية).
بناء على ذلك ،فإن العقد كأصل عام يقوم على مبدأ هام وهو مبدأ سلطان اإلرادة الذي يقصد
به أن الفرد حر في التعاقد أو عدم التعاقد وإذا قيد نفسه بالموافقة على العقد فهذا يكون عن
67
إقتناع وإختيار تاميين.
غير أن العقود اإللكترونية وباألخص التي تتم عبر شبكة اإلنترنت تختلف كل اإلختالف ،إذ
ينفرد الموجب بوضع شروط العقد ،وال يقبل المناقشة فيها ،حيث أن الهدف األساسي للمهني
هو كيفية جذب المستهلك ،ويسعى في سبيل ذلك إلى إستخدام كافة وسائل الدعاية واإلعالن
عبر شبكة االنترنت ،ويكون الهدف من هذه الدعاية هو ترويج السلع والخدمات ،وعندما
يأتي المستهلك للتعاقد مع المهني يفرض عليه هذا األخير شروط للمتعاقد ال تخضع ألي
مفاوضات ،مستندا في ذلك على تفوقه اإلقتصادي والمعلوماتي ،وبالمقابل ما على المستهلك
67عبد القادر العرعاري ،مصادر اإللتزامات ،الكتاب األول ،نظرية العقد ،مرجع سابق ،ص.22 :
37
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
إال قبول هذه الشروط إذا ما أراد إتمام إبرام العقد ،وفي أغلب العقود تكون هذه الشروط
68
مجحفة بحق الطرف األخر الذي لم تتسنى له مناقشتها لذا هي تعتبر شروطا تعسفية بحقه.
ويمكن القول بأن موضوع حماية المستهلك ضد الشروط التعسفية أصبح من الموضوعات
التي إنصب عليها اإلهتمام فقها وتشريعا وقضاءا خصوصا في مجال العقود اإلستهالكية
التي أصبحت في تزايد مستمر يتمكن فيها الطرف القوي من ممارسة نفوذه اإلقتصادي على
الطرف الضعيف فيقبل بشروط العقد على ما هي عليها ولو كانت تتضمن شروطا إجحافية
69
ظالمة لمصالح هذا األخير.
عرف المشرع المغربي الشرط التعسفي في القسم الثالث من قانون 80.13المتعلقة بحماية
المستهلك من الشروط التعسفية ،وذلك من المادة 02منه ":يعتبر شرطا تعسفيا في العقود
المبرمة بين المورد والمستهلك كل شرط يكون الغرض منه أو يترتب عليه إختالل كبير بين
حقوق وواجبات طرفي العقد على حساب المستهلك".
من خالل هذه المادة يتبين بأن المشرع النغربي أعطي تعريفا دقيقا للشرط التعسفي في إطار
العالقة التعاقدية الرابطة بين المستهلك والمورد ،وعبر عليه بأنه ذلك الشرط الذي يؤدي إلى
70
إختالل كبير وملحوظ بين حقوق وواجبات أطراف العقد على حساب المستهلك.
68أحمد أمين نان ،حماية المستهلك اإللكتروني ،مذ كرة مقدمة لإلستكمال متطلبات شهادة ماستر أكاديمي الميدان :الحقوق والعلوم السياسية الشعبة:
الحقوق التخصص :قانون الشركات ،جامعة قاصدي مرباح-ورقلة-كلية الحقوق العلوم السياسية قسم الحقوق ،السنة الجامعية ،5104-5106ص:
.06
69عبد القادر العرعاري ،مصادر اإللتزامات ،نظرية العقد ،مرجع سابق ،ص.22 :
70سامي مومو ،حماية المستهلك من الشروط التعسفية في العقود النموذجية بين التشريع والواقع ،رسالة لنيل دبلوم الماستر ،جامعة محمد األول،
كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية-وجدة ،-السنة الجامعية ،5103-5104ص.02 :
71عبد القادر العرعاري ،مصادر اإللتزام ،الكتاب األول ،نظرية العقد ،مرجع سابق ،ص.502 :
38
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
وهذا التصور هو الذي أكده المشرع الفرنسي في فترة الحقة في المادة( )0/085من مدونة
اإلستهالك التي ورد فيها بأنه في العقود المبرمة بين المهنيين وغير المهنيين أو المستهلكين
تعتبر تعسفية الشروط التي يترتب على موضوعها أو آثارها خلق حالة من عدم التوازن بين
72
حقوق وإلتزامات األطراف المتعاقدة.
أما التوجيه األوروبي رقم 08الصادر في 2أبريل 0228بشأن الشروط التعسفية في
العقود المبرمة مع المستهلكين ،فقد عرف بالمادة 0/8الشرط التعسفي بأنه" الشرط الذي
يرد في العقد ،وينطوي على تفاوتا جليا خالفا لما يقضي به مبدأ حسن النية ،وضده مصلحة
73
المستهلك ،بين حقوق وإلتزامات األطراف فبه حساب المستهلك".
ومن الناحية الفقهية فقد أحيط تعريف الشرط التعسفي بإهتمام كبير من قبل الفقهاء ،حيث
عرفه محمد المسلومي بأنه ":الشرط الذي يفرض على غير المهني أو على المستهلك من
قبل المهني نتيجة تعسف في إستعمال هذا األخير لسلطته اإلقتصادية بغرض الحصول على
74
ميزة مجحفة".
ويعرفه الفقه الفرنسي بأنه ":الشرط المحرر مسبقا من جانب الطرف األكثر قوة ويمنح هذا
75
األخير ميزة فاحشة عن الطرف األخر".
إستنادا إلى مختلف التشريعات الفقهية والقانونية الواردة بخصوص الشرط التعسفي ،يمكن
أن نورد تعريفا لهذا األخير في إطار التعاقد اإللكتروني على أنه" كل شرط أو عقد حرر
مسبقا وبشكل منفرد من قبل المهني ،مستغال في ذلك لنفوذه اإلقتصادي القانوني والفني،
بهدف الحصول على منافع خاصة على حساب المستهلك ،مما يترتب عنه آثر اإلخالل
76
بتوازن وعدالة التعاقد اإللكتروني".
72عبد القادر العرعاري ،مصادر اإللتزام ،الكتاب األول ،نظرية العقد ،مرجع سابق ،ص.502 :
73عبد هللا ذيب عبد هللا محمود ،حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني ،مرجع سابق ،ص.48-45 :
74محمد المسلومي ،حماية المستهلك من الشروط التعسقية أثناء التعاقد ،مقال منشور بمجلة الحكم المغربية ،العدد ،011ص.012 :
75زوليخة بت طاية ،حورية لشهب ،الخماية القانونية للمستهلك الرقمي من الشروط التعسفية ،مجلة الباحث للدراسات األكاديمية ،المجلد ،14
العدد ،10السنة ،5151ص.806 :
76صونية شرقي ،حماية المستهلك اإللكتلروني من الشروط التعسفية ،مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص-:قانون أعمال ،-جامعة
العربي بن مهيدي ،أم البواقي ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،السنة الجامعية ،5103-5104ص.01 :
39
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
من خالل التعرض لمفهوم الشرط التعسفي يمكن إستخالص معايير تحديد الشروط التعسفية
إستنادا لعنصرين ،أولهما إقتصادي يتمثل في تعسف صاحب النفوذ اإلقتصادي وثانيهما
قانوني يتجلى في الميزة الفاحشة التي يحصل عليها البائع المهني ،هذان المعياران مرتبطان
ببعضهما إرتباط السبب بالنتيجة ،بحيث يؤدي األول حتما إلى الثاني ،ألن الشرط ال يكون
تعسفيا إال عندما تكون الميزة الفاحشة التي يحصل عليها البائع المهني نتيجة تعسف هذا
77
األخير في إستعمال نفوذه اإلقتصادي.
هذا العنصر ال يمكن إثباته حالة بأخرى وإنما يتم إستخالصه من الصفة الخاصة بأطراف
78
العقد ،لذلك يوصف عنصر التعسف في إستعمال القوة اإلقتصادية للمهني بأنه شخصي.
يقصد بمعيار تعسف القوة اإلقتصادية ":الوضع اإلقتصادي القوي للمهني ،الذي يجعله يملك
نفوذ وتفوق في التقنية ،عن المستهلك الذي ال يكون أمامه إال القبول أو الرفض للتعاقد ،دون
إمكانية مناقشة شروط العقد هذا ما يؤدي إلى عدم تعادل جسيم ،وذلك تحت ضغط حاجة
المستهلك للسلعة أو الخدمة ،وذلك أن المستهلك إذ يقبل الشروط التعسفية بدون مناقشة أو
79
تفاوض ،تحت العوز اإلقتصادي والحاجة الضرورية".
إنطالقا من هذا التعريف وبحسب ما ورود فيه ،يمكننا القول بأنه إلضفاء وصف التعسف
على شرط من الشروط المدرجة في العقد اإللكتروني المبرم بين المهني والمستهلك يستلزم
توافر المعيار الشخصي ،والمتمثل في تعسف المهني فب إستعمال مركزه اإلقتصادي القوي
وتفوقه التقني وإستغاللها في فرض نفوذه على المستهلك كمتعاقد ضعيف في مواجهته،
77زكرياء خليل ،حماي ة المستهلك من الشروط التعسفية ،مقال منشور بالمجلة المغربية للدراسات القانونية والقضائية ،عدد ،05-00الطبعة األولى
،5106ص.50 :
78إدريس الفاخوري ،حماية المستهلك من الشروط التعسفية ،مقال منشور بالمجلة المغربية لإلقتصاد والقانون ،العدد الثالث يونيو ،5110ص.41 :
79خلوي(عدنان)نصيرة ،الحماية القانونية للمستهلك عبر اإلنترنت ،دراسة مقارنة ،مذكرة لنيل شهادة الماجيستر في القانون ،كلية الحقوق والعلوم
السياسية ،جامعة مولود معمري ،تيزي وزو ،مذكرة منشورة ،تاريخ المناقشة ،5108/12/58 ،ص .88 :نقال عن صونية شرقي ،حماية المستهلك
اإللكتروني من الشروط التعسفية ،مرجع سابق ،ص.05 :
40
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
والذي يجد نفسه تحت ضغط حاجته الملحة لتلك السلعة أو الخدمة محل التعاقد مجبرا على
80
قبول مثل الشروط.
وهذا العنصر محل نظر ألن القوة تكمن في السيطرة الفنية والتقنية أكثر منها في القوة
اإلقتصادية ،وأن هذا التفوق التقني هو الذي يمكن المهني من فرض شروط تعسفية ،ألن هذا
األخير متعود على إبرام العقود والصفقات ويعرف جيدا الحقوق واإللتزامات الناشئة عن
العقد ،ويعرف أيضا ما يجري به العمل في مهنته ويمتلك من الوسائل ما يمكنه من تحديد
اإللتزامات التي يستطيع تنفيذها ،ويفرض الشروط التي يراها مناسبة مع المتعاقد معه،
81
ولذلك فإن إختيار هذا العنصر يبدو وكما يرى البعض غير ذي جدوى من الناحية العملية.
كما يستنتج من خالل المادة 02من القانون المذكور أنه للقول بوجود شرط تعسفي أن يكون
هذ ا األخير قد خلق إختالال كبيرا بين حقوق وواجبات طرفي تاعقد من أجل تقدير اإلختالل
82
الذي قد يخلقه هذا الشرط.
إال أن ما يعاب على المشرع بهذا الخصوص أن يكون اإلختالل كما تقول المادة 02كبيرا،
وهو ما يعني بمفهوم المخالفة أنه إذا كان اإلختالل بسيطا فهو يكون مقبوال وال يؤخذ به
83
ويعتبر الشرط صحيحا.
ب :الميزة المجحفة أو المفرطة التي يحصل عليها المهني بمناسبة التعاقد
وهو عنصر موضوعي يتعلق بتوفير مزايا مبالغ فيها للمهني وهو ما يسميه الفقه ب" الميزة
الفاحشة" والتي تقوم على المبالغة في تعداد اإللتزامات الملقاة على عاتق المستهلك أو
التخفيف من إاتزامات المهني ،كما تعني إنعدام سبب العقد ولو جزئيا ولو أنه يجب أن يؤخذ
84
بعين اإلعتبار المنفعة التي حصل عليعا المهني نتيجة للشرط الوارد بالعقد.
80صونية شرقي ،حماية المستهلك اإللكتروني من الشروط التعسفية ،مرجع سابق ،ص.05 :
81إدريس الفاخوري ،حماية المستهلك من الشروط التعسفية ،مرجع سابق ،ص.41 :
82أبو بكر مهم ،حماية المستهلك من الشروط التعسفية على ضوء القانون ،80.13مقال منشور بمجلة القضاء والقانون ،ص.022-022 :
83سامي مومو ،حماية المستهلك من الشروط التعسفية في العقود النموذجية بين التشريع والواقع ،مرجع سابق ،ص.81 :
84احمد هللا محمد أحمد هللا ،حماية المستهلك في مواجهة الشروط التعسفية في عقد اإلستهالك ،دراسة مقارنة ،دار الفكر العربي ،القاهرة،0224 ،
ص.61 :
41
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
كما قلنا سابقا أن القول بوجود شرط تعسفي ال يكفي فقط أن يكون اإلختالل الحاصل في
توازن العالقة العقدية ناشئا عن تعسف المهني في إستغالل نفوذه اإلقتصادي وإنما يجب أن
يكون هذا اإلختالل ناشئا عن المزايا المفرطة أو المتجاورة التي يحصل عليها المهني 85،فما
يالح ظ على هذان المعياران أنهما مرتبطان ببعضهما البعض إرتباط السبب بالنتيجة أي أن
وقوع أحدهما يكون نتيجة إلستخدام األخر ،بمعنى أن النزايا والمنافع المفرطة التي يتحصل
عليها المهني المحترف ليست سوى نتيجة التعسف في إستعمال وإستغالل نفوذه
86
اإلقتصادي.
ولتقدير الميزة الفاحشة يجب النظر إلى العقد بمجمله ،فمن الممكن إذا أخذنا شرطا بمعزل
عن غيره من الشروط قد يبدوا تعسفيا لكونه يخول أحد المتعاقدين ميزة فاحشة لكن التحليل
يجب أن ال يتوقف عند هذا الحد ألنه إذا كان العقد يتضمن شرطا مقابال يخول المتعاقد
األخر ميزة تجعل إلتزامات الطرفين متعادلة فآن الصفة التعسفية للشرط السابق تنمحي
87
والعقد يبقى متوازنا.
وخالصة القول أن المتعاقد الذي يفرض شروطا تعسفية غالبا ما يكون في موقع قوة سواء
88
تعلق األمر بالقوة اإلقتصادية أو القوة الفنية أو القانونية.
فالقوة اإلقتصادية قد تجعل من المهني طرفا قويا في العقد بحكم وصفه اإلقتصادي وبالتالي
يفرض شروطا تعسفية على المستهلك ،كالمشغل الذي يشترط على العامل عدم المنافسة أو
89
عدم الزواج...
أما القوة القانونية فتتمثل في العلم بالمقتضيات التشريعية والتي يتوفر عليها أحد طرفي العقد
وبمقتضى هذه المعرفة القانونية يفرض شروطا ال يستطيع المتعاقد األخر(المستهلك) فهم
90
آثارها عند التعاقد كما الشأن بالنسبة للشرط الجزائي.
85صونية شرقي ،حماية المستهلك اإللكتروني من الشروط التعسفية ،مرجع سابق ،ص.08 :
86صونية شرقي ،حماية المستهلك اإللكتروني من الشروط التعسفية ،مرجع سابق ،ص.08 :
87سامي مومو ،حماية المستهلك من الشروط التعسفية في العقود النموذجية بين التشريع والواقع ،مرجع سابق ،ص.80-81 :
88الفاخوري ،حماية المستهلك من الشروط التعسفية ،مرجع سابق ،ص.40 :
89المرجع نفسه ،ص.40 :
90المرجع نفسه ،ص.40 :
42
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
أما القوة الفنية فتعود إلى الحنكة والتجربة والخبرة الفنية والمهنية التي يتقنها أحد المتعاقدين
دون األخر ،كالمهني الذي يعرف جيذا قواعد وخبايا األمور المرتبطة بمهنته خالف المتعاقد
األخر الذي يجهل في غالب األحيان مثل هذه األمور الفنية ،ولذلك فالتفوق المهني يكون
91
سببا هاما وخطيرا في إدراج الشروط التعسفية.
من المبادئ المسلم بها في القانون المدني أن العقد شريعة المتعاقدين ،فاألصل أن ما يتفق
عليه المتعاقدان ويضمنانه في العقد يكون هو القانون الذي يحتكمان إليه عند وقوع النزاع،
ولذلك يمنع على القاضي مراجعة مضمون العقد مادامت مقتضياته غير مخالفة للنظام العام
92
أو األداب العامة ومادامت عبارات العقد وشروطه واضحة.
غير أن التحوالت اإلقتصادية واإلجتماعية التي عرفتها مختلف دول العالم أثر بشكل فعال
على العالقات التعاقدية ومن ثم أصبح لزاما على القضاء-وفي ظل غياب نصوص تشريعية
من أجل تغيير مضمون العقد وتعديله في خرق 93
صريحة تضمن التوازن العقدي التدخل
لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين.
أمام عجز مبدأي سلطان اإلرادة والعقد شريعة المتعاقدين عن تحقيق العدالة التعاقدية ،عهد
قانون 80.13ال قاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك إلى جهاز القضاء مقاومة الشروط
التعسفية المضمنة في نماذج العقود المعروضة على المستهلكين ،وإعادة التوازن العقدي
والتخفيف من حدة اإلجحاف واإلستغالل الممارس على األطراف الضعيفة.
يساهم القضاء في تو فير حماية هامة للمستهلك عامة والمستهلك اإللكتروني بصفة خاصة،
وذلك من خالل السلطة المخولة له في تفسير بنود العقد وتأويلها ،وتعديل الشروط التي
تعتبر تعسفية أو إلغائها نهائيا ألجل رفع التعسف عن كاهل المستهلك.
43
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
يقصد بتفسير العقد ،تحديد معنى النصوص الواردة في العقد وبيان مدلولها ،وذلك بهدف
تحديد ما إنصرفت إليه اإلرادة المشتركة للطرفين المتعاقدين وتحديد مضمون العقد
والوقوف على اإللتزامات التي يولدها 94.وعموما فإن مؤسسة التفسير تعتبر منفذا مهما
للقاضي إلى العقد قصد تحديد مضمونه ،ومحاولة إيجاد توازن بين إلتزامات طرفيه ،وقد
نقل عن demogueبأنه وعن طريق هذه المؤسسة يتجاوز القاضي البحث عن إرادة
95
الطرفين إلى مسألة التطويع.
وما ينبغي اإلشارة إليه هو أن سلطة القاضي في تحقيق التوازن العقدي من خالل مؤسسة
التفسير تكون ضيقة إذا ما كانت عباراته واضحة ،بينما تكون واسعة كلما كانت عباراته
غامضة.
تعتبر سلطة القاضي في تفسير شروط العقد الغانضة ،من بين الوسائل المهمة التي يتمتع
بها ،لتحقيق قدر من التوازن عن طريق-تعديل-شروط العقد المفتقد للتوازن ،السيما وأن
96
أغلب هذع العقود يأتي في شكل غامض وغير محدد المعاني.
ويقصد بالعبارات أو الشروط الغامضة عدم التوافق بين األلفاظ واإلرادة الحقيقية
للمتعاقدين ،وقد يقع الغموض في األلفاظ أو في اإلرادة أو فيهما معا ،كما يقصد باشروط
الغامضة تلك التي تحمل اكثر من معنى ،ويرجع الغموض فيعا لكون الشرط المبهم أو
الناقص ،كما هو الحال مثال بالنسبة لوصل الضمان الذي ال يبين األداءات التي يلتزم بها
البائع في إطار الضمان التعاقدي هل هو إصالح المبيع أم إستبداله أم رده كما قد يرجع
الغموض إلى التناقض بين الشروط المختلفة في نفس العقد ،كما هو الحال بالنسبة لوثيقة
التأمين التي تنص في قسم منها على تغطية التأمين بخطر معين ،وتنص في قسم أخر منها
97
على أن نفس الخطر ال يغطيه التأمين ،مما يؤدي إلى التساؤل عن أي شرط به منها.
94سامي مومو ،حماية المستهلك من الشروط التعسفية في العقود النموذجية بين التشريع والواقع ،مرجع سابق ،ص.65 :
95عبد الرحمان الشرقاوي ،دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني ،شعبة القانون
الخاص ،جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية أكدال-الرباط ،السنة الجامعية .5115-5110
96عبد الرحمان الشرقاوي ،دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي ،مرجع سابق ،ص.54 :
97خالد معاشو ،دور القضاء في حماية المستهلك من الشروط ا لتعسفية ،مذكرة تخرج لنيل شهادة الماجستير تخصص قانون األعمال ،جامعة 3ماي
22قاملة ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،السنة الجامعية ،5106-5102ص.22 :
44
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
وكلما كانت عبارات العقد غامضة في داللتها على المقصود منها تعين اللجوء إلى التفسير
إلستجالء غموضها وتحديد حقيقة مدلولها ،وتفسير العقد يناط بالقاضي ،وهذا األخير حينما
يفسر العقد يستهدف البحث عن ما قصدته اإلرادة المشتركة لطرفيه 98،فالحالت التي
تستدعي تدخل القضاء لتفسير مقتضيات العقد هي التي يكون الهدف منها هو إظهار النية
الحقيقية للطرفين عند غموض عبارات العقد ووضوح اإلرادة ،وحالة غموض اإلرادة
ووضوح العبارة ،ثم حالة غموض العبارة واإلرادة معا والحالة التي تثير الشك في مدى
اإللتزام المتولد عنه ،وهذا ما نص عليه الفصل 265من ق.إ.ع 99فهذه الحاالت تشكل
المجال األوسع إلستخدام القاضي لسلطة التفسير آخذا بعين اإلعتبار النية المشتركة
للمتعاقدين معتمدا على التأويل للبحث عن هذه اإلرادة المشتركة دون التقيد بالمعنى الحرفي
لأللفاظ وال بتكوين الجمل،فتفسير شروط العقد الغامضة يدخل ضمن سلطة القاضي
100
المطلقة.
وعليه فإن تفسير العقد الغامض يخضع للسلطة المطلقة لقضاة الموضوع ،وال رقابة
للمجلس األعلى على ذلك ،على إعتبار أن المسألة تتعلق بالواقع الذي يكون من إختصاص
قاضي الموضوع ،بحيث يغور في عالم النية والضمير ،وهو السبب الذي يحول دون بسط
101
المجلس األعلى رقابته.
وفي هذا اإلطار جاء قرار للمجلس األعلى صادر بتاريخ 14أبريل ،0262إعتبر فيه أن
102
الشروط الغامضة أو المعارضة إلتفاقات األطراف ،ال تخضع لرقابة المجلس األعلى.
لكن هذا ال يعني أن قاضي الموضوع ال يخضع نهائيا لرقابة المجلس األعلى في حالة العقد
الغامض ،بل توجد هناك حاالت يعتبر عدم إمتثال قاضي الموضوع لها خرقا للقانون،
98إدريس العلوي العبدالوي ،النظرية العامة لإللتزامات ،نظرية العقد ،الطبعة األولى ،0226 ،ص.226 :
99ينص الفصل 265على ما يلي ":يكون التأويل في الحاالت اآلتية:
_ 0إذا كانت األلفاظ المستعملة ال يتاتى التوفيق بينعا وبين الغرض الواضح الذي قصد عنه تحرير العقد.
_ 5إذا كانت األلفاظ المستعملة غير واضحة بنفسها ،أو كانت ال تعبر تعبيرا كامال عن قصد صاحبها.
_8إذا كان الغموض ناشئا عن مقارنة بنود العقد المختلفة بحيث تثير المقارنة الشك حول مدلول تلك البنود.
وعندما يكون لليأويل موجب ،يلزم البحث عن قصد المتعاقدين ،دون الوقوف عند المعنى الحرفي لأللفاظ ،وال عند تركيب الجمل".
100إدريس الفاخوري ،حماية المستهلك من الشروط التعسفية ،مرجع سابق ،ص.32-32 :
101عبد الرحمان الشرقاوي ،دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي ،مرجع سابق ،ص.81 :
102
CASS.CIV، 07-04-1964، R.M.D، 1965، P: 186،cité par: francois paul blanc، op.cit، p 376-377.
نقال عن عبد الرحمان الشرقاوي ،دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي ،مرجع سابق ،ص.80 :
45
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
وتحريفا للعقد ،ومنها تجريد العقد من كل أثر قانوني 103،وفي ذلك ذهب المجلس األعلى في
قرار له بتاريخ 0دجنبر "0235أن الشك الذي ينتج عن مقاربة شروط العقد ،ال يجرد هذا
األخير من أي أثر ،فمن األولى تنفيذ العقد على تجريده من كل أثر عند تفسيره ،وتنفيذ العقد
يفرض تفسيره من طرف المحكمة ،التي تكون ملزمة بالبحث عن إرادة األطراف دون
الوقوف عند المعنى الحرفي لأللفاظ وال عند تركيب الجمل ،وعليه يخالف القانون و
يتعرض للنقض الحكم الذي يجرد العقد من كل أثر ،في حين كان من الممكن موافقة
104
الشروط فيما بينها عبر التفسير".
وعلى العكس من ذلك فإن سلطة القاضي في تفسير العقد الواضح العبارة تتقلص وتضيق
بشكل كبير ،فإذا كا نت عبارات العقد واضحة في داللتها ما كانت في حاجة إلى التفسير،
ووجب على القاضي أن يأخذ بالمعنى الظاهر لها دون أن ينحرف عنه ذلك أن تفسير التعبير
عن اإلرادة في العقد كتفسير النصوص القانونية ال وجه له إن كان التعبير من الوضوح في
105
الداللة عن مقصد صاحبه ،بحيث يبدو التفسير أمرا ال لزوم له
وهو ما نص عليه الفصل 260من قانون اإللتزامات والعقود المغربي حيث جاء فيه ":إذا
كانت ألفاظ العقد صريحة ،إمتنع البحث عن قصد صاحبها".
بمعنى أن القاضي يفقد سلطته بشكل شبه مطلق في التفسير-ومن تم ال يستطيع التدخل في
مضمون العقد إليجاد التوازن بين إلتزامات أطرافه-إذا ما كانت عبارات العقد واضحة،
وكانت محكمة النقض الفرنسية تعتبر التفسير في هذه الحالة تحريفا للعقد ،وتؤسس رقابتها
106
على قضاة الموضوع.
وهو نفس التصور الذي إعتمدته المحاكم المغربية أثناء الحماية ،لتأثرها المباشر بمحكمة
النقض الفرن سية ،بإعتبارها المؤسسة المخول لها البث في الطعن بالنقض الموجه ضد
107
القرارات الصادرة عن محكمة مغربية.
46
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
غير أنه إذا كانت القاعدة العامة المنصوص عليها في الفصل 260من ق.إ.ع المشار إليه
سابقا تمنع القاضي من تحريف معنى ومدى الشروط الواضحة والمحددة ولو كانت تعسفية
فإن هناك حاالت إستثنائية يمكن الخروج بها على القاعدة السابقة ويتعلق األمر كما يرى
بعض الفقه بالحاالت التي ينشأ فيها تناقض بين العبارات الواضحة للعقد واإلرادة الحقيقية
ذلك أن وضوح العبارة غير وضوح اإلرادة ،قد تكون العبارة في ذاتها 108
للمتعاقدين،
واضحة ،لكن الظروف تدل على أن المتعاقدين أساءا إستعمال التعبير الواضح ،فقصدا معنى
وعبرا عنه بلفظ ال يستقيم في هذا المعنى 109،ففي هذه الحالة يسترجع القاضي دوره اإليجابي
في التفسير الذي يبدو بأن ظاهر الفصل 260من ق.إ.ع قد سلبه منه 110،وهذا المعنى أكده
المجلس األعلى في العديد من القرارات ،من ذلك القرار الصادر بتاريخ 51أبريل ،0266
والذي قضى فيه( بأنه لمحكمة الموضوع في أال تعتبر في العقود إال معتاها ،ال مبناها ،وأنها
حينما تقرر أن العقد المبرم بين الطرفين عقد كراء ،ال عقد شركة ،تصحح الوضع بالنسبة
111
للتعبير الفاسد).
وقد جاء قرار أخر للمجلس األعلى المغربي ،يتاريخ ،0226/0/4من أن ألفاظ العقد ال تحول
112
دون تفسيره إذا تعذر التوفيق بينهما ،وبين الغرض الواضح المقصود من العقد.
نخلص مما سبق أن القاضي يمكنه أن يتدخل بشكل إيجابي وبصفة غير مباشرة في مجال
تأويل العقد ،ولو كانت العبارة المكتوبة واضحة إذا لم نكن تعبر عن اإلرادة المشتركة
للطرفين ،وهو المسلك الذي كرسه اإلجتهاد القضائي المغربي ،مما ينتج عنه إمكانية مواجهة
113
القاضي لعدم التوازن العقدي.
وعموما فإذا الحظ المستهلك وجود شرط تعسفي في العقد المبرم عن بعد ،خول له المشرع
المغربي إمكانية اللجوء إلى القضاء المختص والمطالبة بإلغائه وذلك طبقا للفقرة األولى من
المادة 02من قانون 80.13الذي جاء فيها ":يعتبر باطال والغيا الشرط التعسفي الوارد في
108إدريس الفاخوري ،حماية المستهلك من الشروط التعسفية ،مرجع سابق ،ص.38-35 :
109سامي مومو ،حماية المستهلك من الشروط التعسفية في العقود النموذجية بين التشريع والواقع ،مرجع سابق ،ص.62-68 :
110الفاخوري ،حماية ال مستهلك من الشروط التعسفية ،مرجع سابق ،ص.38 :
111قرار عدد ،813عن الغرفة المدنية بتاريخ ،0266-12-51مجلة القضاء والقانون ،ع ،32 :يناير-مارس ،0236 ،ص .63 :نقال عن عبد
الرحمان الشرقاوي ،دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي ،مرجع سابق ،ص.52 :
112سامي موم ،حماية المستهلك من الشروط التعسفية في العقود النموذجية بين التشريع والواقع ،مرجع سابق ،ص.62 :
113عبد الرحمان الشرقاوي ،دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي ،مرجع سابق.56 ،
47
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
العقد المبرم بين المورد والمستهلك ،".غير أن بطالن الشرط ال يؤدي إلى بطالن اإللتزام
ككل إال إذا لم يكن بإمكان العقد أن يبقى قائما بدون الشرط المذكور ،وفي ذلك لربما إعمال
من قبل المشرع المغربي لنظرية إنقاص العقد ،حيث إنه وبحسبها فما ال يدرك كله ال يترك
كله تبعا للقاعدة الفقهية ذات الصلة ،ألن مصلحة المستهلك قد تقتضي بطالن الشرط التعسفي
فقط وبقاء العقد القائما ،ألن البطالن الكلي يمنع المستهلك من الحصول على سلعة أو خدمة
وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 02على أنه ":تطبق باقي 114
هو في حاجة إليها،
مقتضيات العقد األخرى إذا أمكن أن يبقى العقد قائما بدون الشرط التعسفي المذكور".
فإن إقتصار البطالن على الشرط التعسفي دون العقد الذي يرتبط به تنجسم مع المبادئ
القانونية العامة التي تقضي بأن إعمال الكالم خير من إهماله وأن الضرر يزال ومادام
باإلمكان فصل الشرط التعسفي عن العقد الصحيح الذي يرتبط به فإنه ال داعي إلبطال
115
مفعول هذا العقد.
وفي مقابل هذا الجزاء الهادف إلى إستبعاد الشرط التعسفي يإلغاءه فإن هناك بعض الحاالت
األحرى التي يتم فيها اإلقتصار على تعديل مضمون هذا الشرط دون إبطاله كما هو األمر
116
بالنسبة للعقود المرتبطة بشروط جزائية.
األصل أن تقرير التعويض هو من إختصاص قاضي الموضوع إال أنه إستثناءا يمكن
للمتعاقدين اإلتفاق على تقرير التعويض مسبقا في حالة عدم قيام أحدهما بتنفيذ إلتزاماته أو
117
التأخذ في تنفيذها وهذا ما يسمى بالشرط الجزائي.
وقد عرف الدكتور عبد الرزاق السنخوري الشرط الجزائي بأنه ":التعويض الذم يقوم بتقديره
المتع اقدان مقدما بدال من تركه للقاضي ،والذي يستحقه الدائن إذا لم يقم المدين بتنفيذ إلتزامه
118
أو يتفقان على مقدار التعويض في حالة تأخر المدين عن تنفيذ إلتزامه.
114ذ.عمر النجوم ،وذ.عبد الرحمان حموش ،حماية المستهلك ضمن عقد اإلستهالك المبرم في شكل إلكتروني ،مقال منشور بمجلة القانون
واألعمال ،حماية المستهلك ،العدد الحادي عشر ،نونبر ،5106ص.62-63 :
115عبد القادر العرعاري ،مصادر اإللتزامات ،الكتاب األول ،نظرية العقد ،مرجع سابق ،ص.551 :
116عبد القادر العرعاري ،مصادر اإللتزامات ،الكتاب األول ،نظرية العقد ،مرجع سابق ،ص.551
117إدريس الفاخوري ،حماية المستهلك من الشروط التعسفية ،مرجع سالق ،ص.36 :
48
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
إذا كان الشرط الجزائب هو تعويض إتفاقي يحدده الطرفان بإرادتهما المشتركة ليسري في
مواجهتهما معا إذا ما أخل أحدهما بإلتزاماته العقدية عللى النحو الذي يكفل للطرف األخر
الضرر الحاصل ،فإنه في عقود اإلستهالك ،قد قد يأخذ منحا أخرا ،ذلك أن المهني هو الذي
يتحكم فيه عند تحريره للعقد بما يخدم مصالحه 119.ومن ثم يعتبر الشرط الجزائي صنفا من
أصناف الشروط التعسفية ،نظرا ألن المبالغة في تقدير قيمة التعويض ال يقبلها المستهك إال
120
إذا كان مضطرا أو له علم بصيغ التعامل وما تؤدي إليه من نتائج عملية.
وعموما فإن المتتبع ألغلب العقود ،يتبين له أن هذا الشرط عرف إنتشارا واسعا في
الممارسة ،للمزايا التي يحققها ،فهو يحمل المتعاقد المتعنت على تنفيذ إلتزاماته ،كما أنه يعتبر
121
أسلوبا ناجحا في ربح الوقت وإقتصاد النفقات التي تترتب عن اإللتجاء للقضاء.
ومن ثم فإن الشرط الجزائي ،ال يعتبر شرطا تعسفيا متى إتفق أطراف العقد على تعويض
122
عادل ال يتجاوز بشكل كبير الضرر الذي يصيب أحدهما نتيجة عدم التنفيذ أو التأخير فيه،
ولكن إذا إستغل أحد طرفي العقد مركزه وخبرته الفنية أو القانونية لفرض شروطا جزائية
الهدف منها الحصول على مزايا وتحقيق األرباح على حساب الطرف األخر فإن الوظيفة
األصلية للشرط الجزائي تتحول من وظيفة تعةيضية إلى وضيفة تهديدية ووسيلة لإلستغالل
واإلثر اء على حساب التوازن العقدي األمر الذي يؤدي إلى إعتبار مثل هذه الشروط شروطا
تعسفية يجوز للقاضي التدخل من أجل تعديلها أو إلغائها حسب األحوال إلعادة التوازن إلى
123
اإللتزامات التعاقدية حماية للمدين الطرف الضعيف في العالقة التعاقدية.
وتأخذ سلطة القاضي في مواجهة الشروط الجزائية التعسفية حالتين هي :سلطة القاضي في
تخفيض مبلغ التعويض ،وسلطة القاضي في ويادة مبلغ التعويض حسب كل حالة على حدة
وهذا ما تؤكده الفقرة الثانية من الفصل 562من قانون اإللتزامات والعقود المغربي التي جاء
118عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،نظرية اإللتزام بوجه عام_اإلثبات_أثار اإللتزام ،دار النهضة العربية ،مصر
القاهرة ،ج ،5ص.320 :
119بوشارب إيمان ،حماية المست هلك من الشروط التعسفية في عقود اإلستهالك ،مذكرة لنيل شعادة الماجيستر ،تخصص قانون العقود المدنية ،جامعة
عبد الحميد بن باديس مستغانم ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم القانون الخاص ،السنة الجامعية ،5102-5108 :ص.82 :
120عواد خولة ،حماية المتعاقد من الشروط الت عسفية ،مذكرة نهاية الدراسة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ،تخصص القانون المعمق ،جامعة عبد
الحميد بت باديس مستنغانم ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم القانون الخاص ،السنة الجامعية ،5102-5108 :ص.82 :
121عبد الرحمان الشرقاوي ،دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي ،مرجع سابق ،ص.38 :
122المرجع نفسه ،ص.38 :
123إدريس الفاخوري ،حماية المستهلك من الشروط التعسفية ،مرجع سابق ،ص.34 :
49
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
فيها ":يمكن للمحكمة تخفيض التعويض المتفق عليه إذا كان مبالغا فيه أو الرفع من قيمته إذا
كان زهيدا ،ولها أيضا أن تخفض من التعويض المتفق عليه بنسبة النفع الذي عاد على الدائن
من جراء التنفيذ الجزائي".
وكما هو معلوم فإن الشرط الجزائي قد حظي بإهتمام كل من الفقه والقضاء المغربيين األمر
الذي كان له وقع إيجابي على المشرع الذي إضطر إلى إضافة الفقرة الثانية للفصل 562
124
ق.إ.ع المتعلقة بأحكام هذا الشرط.
وبذلك يكون المشرع المغربي قد كرس ما إستقر عليه الوضع في القانون المقارن ،فبالرجوع
للتشريع الفرنسي نجد ق ،224-42 .الصادر بتاريخ 2يوليوز ،0242قد أضاف فقرة ثانية
للمادة ،0025جاء فيها ما يلي ":مع ذلك يمكن للقاضي تخفيض أو رفع الجزاء المتفق عليه،
125
إذا ظهر أنه زهيدا أو مبالغا فيه ،وكل إتفاق مخالف يعتبر غير موجود".
فبالنسبة للقضاء المغربي قبل التدخل التشريعي كان منقسما على نفسه بخصوص مصير هذه
الشروط إلى غاية التسعينات بين إجتهاد محافظ على مصداقية هذه الشروط الجزائية إلنبثاقها
عن إرادات األطراف المتعاقدة وإجتهاد أخر يلح على ضرورة تدخل قضاة الموضوع لتعديل
مضمون هذه الشروط بالشكل الذي يضمن تحقق التوازن العقدي ،فإن الوضع قد تغير منذ
126
بداية التسغينات إثر صدور القرار المبدئي عن المجلس األعلى بتاريخ( 01أبريل )0220
الذي جاء في إحدى حيثياته ":لكن لئن كانت محكمة اإلستئناف ال تملك حق تعديل العقد إال
طبقا لمقتضيات الفصل 581ق.إ.ع ،فإنه ليس ثمة ما يمنعها من تعديل تقدير التعويض
موضوع الشرط الجزائي إذا كان مبالغا فيه...
...وأن عبارة للم حكمة التصرف في التعويض ،وإن كان على شكل شرط جزائي شأنه في
127
ذلك شأن الغرامة التهديدية على زائدة يستقيم القرار بدونها"..
124عبد القادر العرعاري ،مصادر اإللتزامات ،الكتاب األول ،نظرية العقد ،مرجع سابق ،ص.550 :
125عبد الرحمان الشرقاوي ،دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي ،مرجع سابق ،ص.23 :
126عبد القادر العرعاري ،مصادر اإللتزامات ،الكتاب األول ،نظرية العقد ،مرجع سالق ،ص.555-550:
127أحميدو أكري :الشرط الجزائي من خالل اإلجتهاد القضائي المغربي والمقارن ،مجلة األشعار ،ع ،01 :يناير ،0222 ،ص .21:نقال عن عبد
الرحمان الشرقاوي ،دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي ،مرجع سابق ،ص.24 :
50
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
وقد تواترت اإلجتهادات القضائية التي تصب في هذا اإلتجاه األمر الذي كان له تأثير إيجابي
في حمل المشرع على مراجعة مضمون الفصل 562ق.إ.ع بإضافة فقرة ثانية تمكن القاضي
من ممارسة هذا الدور في تفسير مضموط الشرط الجزائي إذا ثبت التعسف في إستعماله،
وبذلك يكون المشرع المغربي قد إلتحق بركب التشريعات الحديثة التي أقرت إمكانية مراجعة
128
الشرط الجزائي بالشكل الذي يحقق حماية الطرف الضعيف في العالقة العقدية.
هذه البيانات تشكل جزءا من حياة المتعاقد عبر األنترنت الخاصة فال يجوز اإلفشاء بها للغير
بقصد أو بدون قصد وال يحق للباعة تداولها فيما بينهم في سبيل الترويج لسلع أو خدمات
أخرى ،كما ال يجوز للبائع نفسه باستخدامها إذا ما انتهت العالقة العقدية بينهما ،واليحق له
130
أيضا اإلحتفاظ بها فيما وراء المدة المعلنة أو المحددة لغايات العالقة العقدية األولى.
بإعتبار هذه المعطيات الشخصية تمثل ركيزة من الركائز التي تقوم عليها التجارة بشكل عام
والتبادل التجاري اإللكتروني بشكل خاص ،فإنه يجب أن يكون هذا التبادل للمعلومات
والمعطيات الشخصية مشروعا ومحترما للضوابط القانونية ،غير أن الواقع العلمي أعرب
عن عكس ذلك.
128عبد القادر العرعاري ،مصادر اإللتزامات ،الكتاب األول ،نظرية العقد ،مرجع سابق ،ص.555 :
129خالد طيهار ،حماية المستهلك اإللكتروني ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر أكاديمي ،جامعة محمد بوضياف-المسيلة ،كلية الحقوق والعلوم
السياسية ،السنة الجامعية ، 5102-5103ص.28:
130خالد طيهار ،حماية المستهلك اإللكتروني ،مرجع سابق،ص.28 :
51
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
ومن هذا المنطلق تدخلت مختلف التشريعات لتنظيم الحق في إحترام الحياة الخاصة لألفراد
وذلك من خالل وضع جملة من الضمانات تتيح تعزيز رقابة المستهلكين على بياناتهم
الشخصية وبالتالي الحد من خطورة إستعمالها دون موافقتهم.
وفي هذا السياق قام المشرع المغربي سنة 5112بسن قانون 13.12المتعلق بحماية
األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي لحماية المستهلكين
اإللكترونيين ،هذا باإلضافة إلى الحماية التي أقرها دستور 5100بإعتباره أهم وثيقة حامية
لحقوق اإللنسان ،حيث جاء في الفصل 52منه في فقرته ألولى على أن لكل شخص الحق في
حماية حياته الخاصة.
سنحاول أن نتطرق في هذه الفقرة إلى الحقوق واإللتزامات المترتبة عن معالجة المعطيات
ذات الطابع الشخصي(أوال) آليات حماية هذه المعطيات(ثانيا).
لقد منح القانون رقم 13.12المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات
الطابع الشخصي مجموعة من الحقوق للمعني ،وفي مقابل ذلك ألزم المسؤول عن المعالجة
ببعض اإلتزامات.
يراد بمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي كل عملية أو مجموعة عمليات تنجز بمساعدة
طرق آلية أو بدونها ،وتطبق على المعطيات ذات الطابع الشخصي ،مثل التجميع أو التسجيل
أو اإلستعمال أو اإليصال عن طريق اإلرسال أو اإلذاعة أو أي شكل أخر من أشكال إتاحة
المعلومات ،أو التقريب أو الربط البيني .بعبارة أدق ،فالبيانات لكي يكون لها معنى يجب أن
تحول إلى صورة أو شكل يوصل المعرفة ،وهذا ما يسمى بمعالجة البيانات ،حيث يتم
إخضاع هذه األخيرة للعديد من التحويالت بترتيبها وفرزها في تسلسل منطقي أو حسابي
معين ،كما لو قامت إحدى المقاوالت بتجميع بيانات حول عدد من المستهلكين إلكترونيا،
سواء من خالل المعلومات والبيانات التي أ دلى بها هؤالء بمحض إراتهم أو من خالل سبل
52
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
أخرى وترتيبها وتصنيفها في قطاعات أو فئات طبقا لخصائص مشتركة ،كتصنيف المبيعات
131
على أساس نوع المنتج الذي يفضلونه أو نوع المستهلك أو منطقة البيع.
يتضح من خالل هذا التعريف أن معالجة المعطيات يتم من خالل عملية أو مجموعة من
العمليات يكون فيها إحترام مجموعة من الحقوق سواء قبل إجراء هذه المعالجة أو بعدها
وهي كاألتي :
_إجبارية الحصول على موافقة الشخص المعني بالمعطيات :أي إخبار المعني بمضمون
المعالجة وكيفية إنجازها والغايات المتوخاة منها ،فالمعطيات المتعلقة بالمستهلك ال يمكن أن
تكون محال للمعالجة إال بعد الحصول على موافقته الصريحة بشكل ال يحتمل الشك132 ،وهو
مانصت عليه الفقرة الألولى من المادة الرابعة من القانون رقم 133 12.13التي جاء فيها ":ال
يمكن القيام بمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي إال إذا كان الشخص المعني قد عبر بما
ال يترك مجال للشك عن رضاه من العملية أو مجموع العمليات المزمع إنجازها.
غير أن إجبارية الحصول على الموافقة ليست مطلقة ،إنما ترد عليها إستثناءات التي تبررها
134
أسباب قانونية محددة في الفقرة الثالثة من المدة الرابعة من قانون .13-12
-الحق في اإلخبار :كما من حق الشخص أو المستهلك المعني بالمعالجة حسب المادة 2من
نفس القانون في اإل خبار المسبق ،من قبل المسؤول عن المعالجة أو من يمثله قصد تجميع
معطياته الشخصية إخبارا صريحا وال يحتمل اللبس بالعناصر التالية ،ما عدا إذا كان على
علم مسبق بها ،هوية المسؤول عن المعالجة وعند ااإلقتضاء هوية ممثله ،غايات المعالجة
131بدر الدين الداودي ،حماية الخصوصية اإلكترونية للمستهلك في التشريع المغربي ،مقال منشور بالمجلة اإللكترونية ألبحاث القانونية 5102
العدد ،8ص.24:
132نفس المرجع ،ص .23
133صدر بتنفيذه ظهير شريف رقم 0.12.02صادر في 55من صفر 03 ( 0281فبراير )،5112منشور بالجريدة الرسمية تحت عدد 2400
بتاريخ( 54صفر )0281الموافق ل 58فبراير .5112
134جاء في الفقرة الثالثة من المادة الرابعة من قانون :" 13-12غير أن الرضى ال بكون مطلوبا إذا كانت المعالجة ضرورية :
أ)اإلحترام إلتزام قانوني يخضع له الشخص المعني أو المسؤول عن المعالجة؛
ب) لتنفيذ عقد يكون الشخص المعني طرفا فيه أو لتنفيذ إجراءات سابقة للعقد تتخذ بطلب من الشخص المذكور؛
ج) للحفاظ على المصالح الحيوية للشخص المعني إذا كان من الناحية البدنية أو القانونية غير قادر على التعبير عن رضاه ؛
د)لتنفيذ مهمة تدخل ضمن الصالح العام أو ضمن ممارسة السلطة العمومية التي يتوالها المسؤول عن المعالجة أو أحد األغيار الذي يتم إطالعه
على المعطيات؛
ه)إلنجازمصلحة مشروعة يتوخاها المسؤول عن المعالجة أو المرسل إليه مع مراعاة عدم تجاهل مصلحة الشحص المعني أو حقوقه وحرياته
األسلسية.
53
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
المعدة لها المعطيات ،وكل المعلومات اإلضافية ،مثل المرسل إليهم أو فئات المرسل إليهم،
135
بإستثناء الحاالت المنصوص عليها في المادة 6من القانون .13.12
-الحق في الولوج :منح المشرع المغربي للمستهلك اإللكتروني المعني بمقتضى المادة 4من
قانون 13-12حق الولوج إلى المعطيات الخاصة به دون عراقيل وفي فترات معقولة وعلى
الفور ودون تأخير أو أداء مصاريف ،أو أن يطلب من اللجنة الوطنية تحديد آجال اإلجابة
على طلبات الولوج المشروعة ويتم ممارسة حق الولوج إما إلكترونيا أو عبر تقديم طلب في
عين المكان أو كتابة بعد الألداء بما يؤكد هويته.
بمقتضى الحق في الولوج يتمتع الشخص المعني بمعالجة المعطيات الشخصية في مواجهة
المسؤول عن المعالجة بالحق في العلم بمجموعة من العناصر ،فهو ال يقتصر على تأكيد أن
المعطيات ذات الطابع الشخصي المتعلقة به تعالج أو ال تعالج بل يشتمل أيضا كذلك على
المعطيات المتعلق ة بها ،والمرسل إليهم الذين أوصلت إليهم المعطيات ذات الطابع
الشخصي. 136
-الحق في التصحيح :إذ يمكن أن يعتري المعطيات الشخصية نقصا نا أو خطأ ،كما يمكن أن
يطرأ عليها التغيير والتحوير بعد التحصيل فتصبح غير متطابقة مع الواقع ،الشيء الذي من
شأنه أن يؤثر على حقوق وسمعة الشخص المعني ،مما يعطي الحق للطرف المعني مطالبة
المسؤولين عن المعالجة بأن يباشروا تحيين و تصحيح أو محو المعطيات الخاطئة أو إتمام
الناقصة منها حسب األحوال ،وقد حدد المشرع أجال أقصاه 01أيام لإلستجابة لمثل هذه
الطلبات ،وإال الجوء إلى اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية التي تكلف أحد أعضائها
للقيام بكل التحقيقات ومباشرة التصحيحات األزمة في قرب األجال ،وأثناء هذا الوقت يحاط
137
المعني باألمر علما بمآل طلبه.
135عبد الحكيم زروق ،التنظيم اإللكتروني للمعطيات القانونية عبر اإللنترنت ،سلسلة الشؤون القانونية والمنازعات رقم ،4الطبعة األولى 5106
مطبعة دار األمان الرباط ،ص803 :
136د .هشام زريوح ،الحماية المدنية للمعطيات ذات الطابع الشخصي ،مقال منشور بالمجلة المغاربية للترصد القانوني والقضائي
-العدد األول 5151؛ ص020-021 :
137بدر الدين الداودي ،حماية الخصوصية اإللكترونية للمستهلك في التشريع المغربي ،مرجع سابق ،ص.22:
54
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
الحق في التعرض :نصت على هذا الحق الفقرة األولى من المادة التاسعة من قانون رقم
13.12حيث جاء فيها ":يحق للشخص المعني ،بعد تقديم ما يثبت هويته ،أن يتعرض
ألسباب مشروعة على القيام بمعالجة معطيات تخصه.
فبمقتضى هذه المادة يحق للشخص المعني ممارسة حق التعرض عن طريق تقديم طلب
يوجه إلى المسؤول عن المعالجة ،في أي وقت منذ مرحلة تجميع المعطيات الشخصية ،وكذا
باقي المراحل األخرى من المعالجة ،بل وحتى بعد المعالجة ،وسواء كان التعرض كليا يشمل
138
كافة عمليات المعالجة أو جزئيا يقتصر على جانب منها فقط.
إذا كان األصل في أن المشرع المغربي إشترط في ممارسة الحق في التعرض أن يكون
مبنيا على أسباب مشروعة ،فإنه وإستثناء من هذه القاعدة لم يشترط ذلك في حالة كانت
139
المعالجة ألغراض األستقراءات التجاري.
وضع المشرع المغربي على عاتق المسؤول عن معالجة المعطيات الشخصية مجموعة من
اإللتزمات ،والتي تكمن أهميتها في أنها توفر حماية إلشخاص المعنيين من جهة ،ومن جهة
أخرى في أنها تمكن المسؤولين عن المعالجة في إطار قانوني واضح ،مؤمن ،وصريح لخلق
وتطوير معالجة المعطيات الشخصية ،على أساس إحترام الشرعية القانونية ومقتضيات الثقة
140
التي يجب أن تكون متبادلة مع األشخاص المعنيين.
ولعل من أبرز هذه اإللتزامات التي يجب على المسؤولين عن المعالجة(مواقع التجارة
اإللكترونية)اإللتزام بها نجد:
-اإللتزام بسرية وسالمة المعالجات والسر المهني :نظم المشرع المغربي مسألة سرية
وسالمة المعالجات والسر المهني في الفرع الثالث من خالل المادة 58من قانون.12.13
138د .هشام زريوح ،الحماية المدنية للمعطيات ذات الطابع الشخصي ،مرجع سابق،ص041:
139المرجع نفسه ،ص.02:
140المرجع نفسه ،ص022-028 :
55
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
يعني بسرية المعلومات التأكد من عدم اإلطالع الغير المصرح به عليها ،فضال عن تحديد
حدود وصالحيات اإلستخدام ،مع تحديد من له صالحية التعديل أواإلدخال أو الحذف
أواإل ضافة أو القراءة فقط ،من بين المصرح لهم بوجه عام 141.أما سالمة المعالجات تعني
ضمان عدم تغيير المعلومات المخزنة أو المنقولة بشكل غير مالئم ،سواء بقصد أو بدون
قصد ،وعليه ففي هذه الحالة ال يكفي أن نحافظ على سرية المعلومات ،بل أيضا إتخاذ التدابير
142
الالزمة لحمايتها من التغيير.
-حفظ المعطيات لمدة معقولة :نص المشرع المغربي على هذا اإللتزام في الفقرة ه من البند
األول من المادة 8من قانون 13.12حيث جاء فيها ":يجب أن تكون المعطيات ذات الطابع
الشخصي محفوظة وفق شكل يمكن من التعرف على األشخاص المعنيين طوال مدة ال
تتجاوز المدة الضرورية إلنجاز الغايات التي تم جمعها ومعالجتها الحقا من أجلها؛
ويقصد بهذا اإللتزام بأن المعطيات الشخصية يمكن أن تظل ممسوكة من طرف المسؤول
عن المعالجة طالما ظلت الحاجة التي من شأنها جمعت قائمة ،وبمفهوم المخالفة" فإذا إنتهى
143
وقضى الغرض الذي جمعت من أجله المعطيات فإنه ينبغي تدميرها".
-واجب اإلخبار :يجب على المسؤول عن المعالجة أو من يمثله إخبار كل شخص تم اإلتصال
به مباشرة قصد تجميع معطياته الشخصية إخبارا مسبقا وصريحا وال يحتمل اللبس بهوية
المسؤول عن المعالجة ،وبغايات المعالجة المعدة لها المعطيات ،وبكل المعلومات اإلضافية،
مثل :المرسل إليهم ،وما إذا كان الجواب عن األسئلة إجباريا أو إختياريا ،وكذا العواقب
المحتملة لعدم الجواب ،ووجود حق في الولوج إلى المعطيات الشخصية وتصحيحها.
--الحصول على اإلذن المسبق :ألزم المشرع في المادة 50من القانون رقم 13.12ضرورة
الحصول على إذن مسبق من اللجنة الوطنية للقيام بالمعالجة في مجموعة من الحاالت على
سبيل الحصر ،كالمعطيات ذات الطابع الحساس والمعطيات الجينية باإلضافة إلى تلك
141منصور بن سعيد القحطاني ،مهددات األمن المعلوماتي وسبل مواجهتها ،رسالة لنيل ديبلوم الماستر في العلوم اإلدارية ،جامعة نايف العربية
للعلوم األمنية ،كلية الدراسات العليا،5112- 5113 ،ص، 50:أشار إليه بدر الدين الداودي ،حماية الخصوصية اإللكترونية للمستهلك في التشريع
المغربي ،مرجع سابق ،ص21 :
142بدر الدين الداودي ،حماية الخصوصية اإللكترونية للمستهلك في التشريع المغربي ،مرجع سابق ،ص21 :
143المرجع نفسه ،ص.20:
56
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
المتعلقة بالمخالفات أو اإلدانات أو التدابير الوقائية ،دون نسيان المتعلقة ببطاقة التعريف
الوطنية ،نفس األمر بالنسبة إل ستعمال معطيات ذات طابع شخصي لغايات أخرى غير تلك
التي أعدت من أجلها 144مع مراعاة اإلستثنائات المنصوص عليها في البند الرابع من المادة
األولى من القانون .12.13
-وجوب الحصول على تصريح مسبق :حين ال يكون الممسؤول عن المعالجة ملزما قانونا
بالحصول على اإل ذن المسبق ،فإنه يكون ملزما بتقديم تصريح لدى اللجنة الوطنية لمراقبة
حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي ،وذلك بغرض تمكين اللجنة المذكورة من ممارسة
اإل ختصاصات المخولة لها ،وإن كان البعض يقول بأن هذا التصريح واجب في كل معالجة،
145
حيث يسري حتى على الحاالت التي تقرر فيها إلعفاء من الحصول على اإلذن المسبق.
من بين األليات التي جاء بها قانون 12.13أحداث لجنة وطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات
الطابع الشخصي ،باإلضافة إلى سن مجموعة من المقتضيات الزجرية في حق المخالفين
ألحكام هذا القانون.
نص القانون رقم 12.13في المادة 54على أنه ":تحدث لدى الوزير األول لجنة وطنية
لمراقبة حماية المعطيات الشخصية(اللجنة الوطنية) تكلف بإعمال أحكام هذا القانون
والنصوص المتخذة لتطبيقه والسهر على التقيد به".
أحدث المشرع هذه اللجنة من أجل فرض إحترام الحياة الخاصة والحريات الفردية
والجماعية تماشيا مع أهداف القانون المحدث لها والذي يسعى إلى إقرار الضمانات الكفيلة
146
بحماية كل شخص تكون معطياته الشخصية موضوع معالجة آلية إلكترونية أو يدوية.
144حسن الحافظي :الحماية القانونية للمعطيات ذات طابع الشخصي بين التشريع الوطني واإلتفاقيات الدولية ،بحث لنيل دبلوم الماستر ،كلية العلوم
القانونية واإلجتماعية واإلقتصادية مكناس ،السنة الجامعية ،5103-5104ص.082:
145بدر الدين الداودي ،حماية الخصوصية اإل كترونية للمستهلك في التشريع المغربي ،مرجع سابق ،ص.25:
146حسن الحافظي :الحماية القانونية للمعطيات ذات طابع الشخصي بين التشريع الوطني واإلتفاقيات الدولية ،مرجع سابق ،ص03:
57
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
يمكن أن نشير إلى بعض المهام التي تقوم بها اللجنة في إطار عملها على حماية الخصوصية
منها:
سلطة إتخاذ القرارات :تتمتع اللجنة الوطنية بسلطة إتخاد بعض القرارات من قبيل منح
المسؤول عن المعالجة أجال إضافيا لإلجابة على طلبات اإل يصال المقدمة من قبل الشخص
المعني ،وإعطاء األمر للقيام بالتغييرات الالزمة من أجل حفظ المعطيات المحتواه في الملف
بذلك من خالل األمر بإغالق معطيات أو مسحها أو إتالفها ،وكذا منع معالجة معطيات ذات
طابع شخصي بصفة مؤقتة أو دائمة بما في ذلك المعطيات المتضمنة في شبكات مفتوحة
147
إلرسال المعطيات إنطالقا من خدمات تقع داخل التراب الوطني.
-تلقي الشكايات والمراقبة :فحسب المادة 53من القانون 13.12تقوم هذه اللجنة بتلقي
شكايات كل شخص معني ،تضرر بنشر معالجة معطيات ذات طابع شخصي والتحقيق
بشأنها واإلستجابة لها والرد عليها باألمر بنشر تصحيحات أو إحالتها على وكيل الملك قصد
المتابعة أو هما معا.
كما تتوفر اللجنة الوطنية حسب المادة 81من نفس القانون على سلطة البحث والتحري ،التي
تمكن أعوانها المفوضين لهذا الغرض الولوج إلى المعطيات الخاضعة للمعالجة ،والمطالبة
بالولوج المباشر لألماكن التي تتم فيها المعالجة وتجميع المعلومات ،والوثائق الضرورية
للقيام بمهمة المراقبة والمطالبة بها ،كما تتمتع بسلطة األمر بتزويدها بالوثائق الضرورية
148
والمطالبة بها أي كانت طبيعتها وكيف ما كانت دعاماتها.
ب-العقوبات الزجرية
58
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
حيث نص في المادة 20من هذا القانون على أنه ":دون اإلخالل بالعقوبات الجنائية ،يمكن
للجنة الوطنية حسب الحاالت وبدون أجل سحب توصيل التصريح أو إلذن إذا تبين بعد
إجراء المعالجة موضوع التصريح أو اإلذن المنصوص عليهما في المادة 05من هذا القانون،
أن هذه المعالجة تمس باألمن أو بالنظام العام أو منافية لألخالق أو األداب العامة.
وعاقب في المادة 25من هذا القانون كل من أنجز ملف معطيات ذات طابع شخصي دون
التصريح بذلك ،أو الحصول على اإلذن المنصوص عليه في المادة 05أعاله ،أو واصل
نشاط معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي رغم سحب وصل التصريح أو اإلذن ،بغرامة
من01.111درهم إلى 011.111درهم كما عاقب في المادة 28كل مسؤول عن عن معالجة
المعطيات ذات الطابع الشخصي ،يرفض حقوق الولوج أو التصريح أو التعرض المنصوص
عليها في المواد 4و 3و 2أعاله؛ بغرامة من 511.11درهم .ونفس الغرامة مع إضافة
عقوبة حبسية من شهر إلى سنة أو بأحدهما ،يعاقب بها كل من قام بمعالجة المعطيات ذات
الطابع الشخصي بطريقة تدليسية أوغير نزيهة أوغير مشروعة ،أو أنجز معالجة ألغراض
أخرى غير تلك المصرح بها أو المرخص لها ،أو أخضع المعطيات المذكورة لمعالجة الحقة
متعارضة مع األغراض المصرح بها أو المرخص لها.
كما تم إقرار نفس العقوبة بموجب المواد 61-22-23-26- 22 -22من قانون 13.12
المتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.
وقد عاقب المشرع بالحبس من 6أشهر إلى سنتين وبغرامة من 21.111درهم إلى
811.111درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ،كل من قام ،دون الموافقة الصريحة
لألشخاص المعنيين ،بمعالجة معطيات ذات طابع شخصي تبين بشكل مباشر أو غير مباشر
األصول العرقية أو األثنية ،أو األراء السياسية أو الفلسفية أو الدينية ،أو اإلنتماءات النقابية
59
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
لألشخاص المعنيين أو المتعلقة بصحة هؤالء يعاقب بنفس العقوبات كل من قام بمعالجة
149
معطيات ذات طابع شخصي متعلقة بمخالفات أو إدانات أو تدابير وقائية.
كما تشدد العقوبة لتصبح الحبس من 6أشهر إلى سنة وبغرامة من 51.111إلى 811.111
درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ،كل مسؤول عن معالجة وكل معالج من الباطن وكل
شخص ،بالنظر إلى مهامه مكلف بمعالجة معطيات ذات طابع شخصي ،يتسبب أو يسهل،
ولو بفعل اإلهمال ،اإلستعمال التعسفي أو التدليسي للمعطيات المعالجة أو المستلمة ،أو
يوصلها ألغيارغير مؤهلين.
زيادة على ذلك ،يمكن للمحكمة أن تقضي بحجز المعدات المستعملة في إرتكاب هذه
المخالفة ،وكذا بمسح كل المعطيات ذات الطابع الشخصي موضوع المعالجة التي أدت إلى
إرتكاب المخالفة ،أو جزء منها.طبقا لما جاءت به المادة 60من قانون .13.12
كمدا قد يعاقب جراء القيام بعرقلة ممارسة اللجنة الوطنية لمهامها في المراقبة أو رفض
إستقبال المراقبين و لم يسمح لهم بإنجاز تفويضهم أو رفض إرسال الوثائق أو المعلومات
المطلوبة أو رفض نقل الوثائق التي ينص عليه القانون بعقوبة حبسية من 8أشهر إلى 6
أشهر و غرامة من 01.111إلى 21.111درهم أو بإحداهما وفق ما قضت به المادة 65من
ذات القانون ،إضافة إلى ما قضت به المادة 68العقوبة المتمثلة في الحبس من 8شهر إلى
سنة و غرامة من 01.111إلى 011.111درهم أو بإحداهما فقط في مواجهة كل مسؤول
رفض تطبيق قرارات اللجنة الوطنية فضال عن ذلك فقد أقر المشرع المغربي في المادة 62
مضاعفة عقوبة الغرامة بالنسبة للمخالفات المنصوص عليها في هذا الباب التي يقوم بها
الشخص المعنوي.
زيادة على ذلك ،يمكن معاقبة الشخص المعنوي بإحدى العقوبات التالية :المصادرة الجزئية
ألمواله والمصادرة المنصوص عليها في الفصل 32من مجموعة القانون الجنائي و إغالق
مؤسسة أو مؤسسات الشخص المعنوي التي إرتكبت فيها المخالفة وفي حالة العود تضاعف
العقوبات المنصوص عليها في الباب السابع طبقا للمادة .62
60
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
من هنا يظهر أن المشرع حاول قدر اإلمكان اإلحاطة بجميع المخالفات التي قد يقو م بها
المسؤولين أو األشخاص الذاتيين أو المعنويين التي تسبب ضررا للمستهلك وأقرها جزاءات
مختلفة حسب طبيعة المخالفة المرتكبة.
ويمكن أن يالحظ مما سبق أن الحفاظ على بيانات المستهلك فـي التعاقـد اإللكترونـي يورث
الثقة لدى المستهلك ،ويجعل بياناته في مأمن من األختراق والسرقة ،فالثقة هي من أهـم
150
األسس في العملية التعاقدية بالنسبة للمستهلك .
150عبد هللا ذيب عبد هللا محمود ،حماية المستهلك في التعاقد اإلكتروني دراسة مقارنة ،مرجع سابق،ص.33
61
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
يتدخل القانون لحماية المستهلك اإللكتروني أثناء تنفيذ العقد إما من خالل القواعد القانونية
التقليدية أو بموجب تشريعات خاصة.
وسنميز في هذا المطلب بين حقوق مكفولة للمستهلك في النظرية العامة للعقد(الفقرة األولى)،
وحقوق مستحدثة في مرحلة تنفيذ العقد(الفقرة الثانية).
والضمان يلزم البائع بقوة القانون ،وإن لم يشترط .وحسن نية البائع ال يعفيه من الضمان"
مما سبق يظهر بأن مهمة البائع ال تنتهي بمجرد إبرام عقد البيع ،وإنما تستمر إلى غاية تحقق
النتائج المرجوة من هذا اإلبرام ولبلوغ هذه الغاية فإنه يتعين على البائع أن يضمن عدم
التعرض للمشتري أثناء اإل ستفادة من مزايا الشيء المبيع وأن يدفع عنه كل خطر يهدده
بإستحقاق المبيع من يده وفضال عن هذا وذاك فإن البائع يلزم بتحقيق السالمة للمشتري
151عبد هللا احمد السليطي ،ضمانات حماية التعاقد اإللكتروني في القانون القطري ،مرجع سابق ،ص.32:
62
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
والسالمة على حد قول العالمة الكاساني من مقتضيات العقد والمعاوضات مبناها على
المساواة عادة و حقيقة وتحقيق المساواة في مقابلة البدل بالمبدل والسالمة بالسالمة وال
152
يتحقق ذلك في نظرنا إال بضمان العيوب الخفية في المبيع.
-ضمان التعرض :يلتزم البائع عبر اإلنترنيت على غرار نظيره في العالم المادي بضمان
عدم التعرض للمشتري ،أي اإلمتناع عن أي عمل من شأنه أن يعيق إنتفاع المشتري بالمبيع
على النحو الذي أعد له ،أو يؤدي إلى سلب المشتري ملكية المبيع ا
كال أو بعضه أو الحقوق
153
المتفرعة كحق اإلنتفاع ،أو يجعل المبيع مستحقا كله أو بعضه.
ويعرف ضمان التعرض بأنه" ضمان البائع كل فعل صادر منه نفسه ،أو مـن غيـره ،ويكون
154
من شأنه المساس بحق المشتري في التمتع بملكية المبيع كله أو بعضه".
وعند الحديث عن ضمان التعرض يجب أن نميز بين ضمان التعرض الشخصي وضمان
التعرض الصادر من الغير ،فضمان التعرض الشخصي يلتزم به البائع من خالل اإللتزام
باإلمتناع على كل ما من شأنه تعكير صفو هذا اإلنتفاع ال فرق في ذلك بين التعرضات التي
155
تأخذ طابعا ماديا أو تلك التي تستند إلى وجود حق سابق على عملية البيع.
بالنسبة للتعرض المادي يتمثل في قيام البائع بأعمال مادية ال تستند إلى سبب قانوني يحول
دون اإلنتفاع بالمبيع إنتفاعا هادئا وكامال 156 ،ويعد من قبيل التعرض المادي إقبال البائع
على بيع نفس المبيع لمشتر آخر غير المشتري األول ،فهذا النوع من التعرض حتى ولو كان
152عبد القادر العرعاري ،العقود الخاصة ،الكتاب األول،عقد البيع ،الطبعة الرابعة 5104مزيدة ومنقحة دار األمان الرباط ،ص.034:
153عيساوي سهيلة ،تنفيذ عقود التجارة اإل لكترونية مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ،تخصص القانون الخاص الشامل ،جامعة عبد الرحمن
ميرة ،بجاية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،قسم القانون الخاص ،5106 ،ص .02
154عبد هللا ذيب عبد هللا محمود ،حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص .008
155عبد القادر العرعاري ،العقود الخاصة ،الكتاب األول ،عقد البيع ،مرجع سابق ،ص.032:
156شلغوم مر يم ،حماية المستهلك في مرحلة تنفيذ العقد االلكتروني ،مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص :قانون األعمال ،جامعة
العربي بن مهيدي أم البواقي ،كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم الحقوق ،السنة الجامعية ، 5103/5104ص.26 :
63
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
يستند إلى وجود تصرف قانوني صادر عن البائع إال أنه يشكل بالنسبة للمشتري عمال ماديا
157
يهدده بنزع الملكية منه.
أما التعرض القانوني فهو الذي يتمثل في إدعـاء البائع أن له حق في المبيع في مواجهة
المشتري 158،فالبائع بمجرد أن تنازل عن ملكية الشيء المبيع للطرف المشتري إال ويسقط
حقه في اإلستفادة من اإلمتيازات التي كانت ثابتة له بمقتضى حق التملك وذلك ما لم يحصل
159
اإلتفاق على خالف هذا األصل.
ويمكن أن يستخلص مما سبق أن ضمان التعرض الشخصي سواء أكان مبنياً على سبب،
بمعنى أن يكون التعرض الشخصي للمبيـع حـدث مادي أو قانوني يجب أن يكون وقع فعالً
بشكل حقيقي وال يكفي مجرد إحتمال وقوعه ،وأن يؤدي هذا التعرض إلى الحيلولة دون
160
إنتفـاع المشتري بالمبيع كلياً أو جزئياً.
هذا ويضمن البائع أيضا التعرض الصادر من الغير ،غير أن البائع ال يضمن كل التعرضات
الصادرة عن الغير وإال لحملناه مسؤولية أخطاء لم يساهم في إرتكابها 161،ولكي يلزم البائع
بضمان التعرض الصادر عن الغير فإنه يلزم توفر الشروط التالية:
• أن يكون التعرض قد وقع فعال للمشتري :يكون التعرض قد وقع فعال بمجرد أن يدعي
الغير إ دعاء قانوني في مواجهة المشتري كما لو تمسك بدفع قانوني في مواجهة المشتري،
162
فالبائع يضمن التعرض إذا كان قد أخطر به المشتري وأظهره له.
• أن يكون تعرض الغير قانونيا ال ماديا :على خالف التعرض الشخصي الذي يضمنه البائع
سواء كان ماديا أم قانونيا فإن البائع ال يضمن بالنسبة لما قد يصدر عن الغير إال التعرضات
القانونية التي تستند إلى اإلدعاء بوجود حق أو ثبوته لمصلحة هذا .الغير كأن يدعي هذا
األ خير بأنه المالك الحقيقي للمبيع أو أن له حقا عينيا أو شخصيا عليه ،ال فرق بين الحاالت
التي يكون فيها الشيء المبيع في حوزة المشتري أو تلك التي يكون فيها المبيع في حوزة
157عبد القادر العرعاري ،العقود الخاصة ،الكتاب األول ،عقد البيع ،مرجع سابق ،ص.021:
158عبد هللا ذيب عبد هللا محمود ،حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص002:
159عبد القادر ال عرعاري ،العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع ،مرجع سابق ،ص.025:
160عبد هللا ذيب عبد هللا محمود ،حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص.002:
161عبد القادر ال عرعاري ،العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع ،مرجع سابق ،ص.028:
162شلغوم مريم ،حماية المستهلك في مرحلة تنفيذ العقد اإللكتروني ،مرجع سابق ،ص.22:
64
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
شخص آخر بما في ذلك هذا الغير ،ألن الضمان يرتبط في إطار التشريع المغربي بإنتقال
163
الملكية للمشتري وليس بإنتقال الحيازة وتسليم المبيع.
• أن يستند التعرض إلى حق كان موجودا قبل أو عند البيع :لكي يلزم البائع برفع التعرض
الصادر عن الغير ضد المشتري فإنه يتعين أن يكون السبب الدافع لهذا اإلعتراض مرتبطا
بمرحلة ما قبل إبرام عقد البيع كحالة بيع ملك الغير وحالة بيع عقار مثقل برهن رسمي
لمصلحة الدائن ففي مثل هذه األحوال يتحمل البائع نتائج التعرض الصادر عن الغير ،بحيث
164
يمكن للمشتري الرجوع عليه مباشرة ومطالبته برفع هذا التعرض الذي أثاره الغير.
أما إذا كان تعرض الغير يستند إلى حق إكتسبه على الشيء المبيع بعد إبرام البيع وإنتقال
الملكية إلى المشتري ،فإن البائع ال يضمنه إال إذا كان له يد في إكتساب الغير لهذا الحق.
-ضمان اإلستحقاق :بمقتضى الفقرة األولى من الفصل 282من قانون اإللتزامات والعقود
المغربي يلتزم البائع أيضا بقوة القانون بأن يضمن للمشتري اإلستحقاق الذي يقع ضده،
بمقتضى حق كان موجودا عند البيع.
والمقصود باإل ستحقاق في معناه الضيق للكلمة هو ضياع حق بمقتضى حكم قضائي ،أما في
اإلصطالح القانوني فهو يفيد إنتزاع المبيع من المشتري أو تهديده بإنتزاعه منه ،وغالبا ما
165
يكون اإلستحقاق مسبوقا بالتعرض الذي يتم به التمهيد لبلوغ هذا اإلستحقاق.
وقد عدد المشرع الحاالت التي يتحقق فيها اإلستحقاق بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل 282
التي جاء فيها ":ويكون اإلستحقاق واقعا ضد المشتري في الحاالت اآلتية:
-2إذا كان المبيع في حوز الغير ولم يتمكن المشتري من إسترداده منه؛
غير أن مظاهر اإل ستحقاق ال تقف عند هذا الحد وإنما تشمل كل الحاالت التي يفقد فيها
المشتري حقه في التملك كال أو بعضا وكذا تلك التي يفاجأ فيها بظهور أوضاع قانونية جديدة
163عبد القادر العرعاري ،العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع ،مرجع سابق ،ص.022-028:
164المرجع نفسه ،ص.022:
165نغس المرجع ،ص.022:
65
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
كأن يكون المبيع مثقال بحقوق إرتفاق غير ظاهرة أو بوجود حقوق عينية أو شخصية أخرى
لم يصرح بها البائع عند العقد 166.وهو ما نص عليه الفصل 282من قانون اإللتزامات
والعقود المغربي الذي جاء فيه ":إستحقاق جزء معين من المبيع كإستحقاقه كله ،إذا بلغ هذا
الجزء ،بالنسبة إلى الباقي من األهمية بحيث أن المشتري ما كان ليشتري بدون ذلك الجزء.
ويسري نفس الحكم إذا كانت العين مثقلة بحقوق إرتفاق غير ظاهرة أو بحقوق أخرى لم
يصرح بها عند البيع".
نشير إلى أنه عندما ينقلب التعرض إلى إستحقاق فعلي للشيء المبيع ،فالبائع يلتزم بتنفيذ
إلتزامه بالضمان عن طريـق التعـويض ،فـإذا ثبت إستحقاق المبيع للغيرأخطر المشتري
البائع بدعوى اإلستحقاق ،فتدخل البائع في الدعوى ولم يفلح في دفـع دعـوى المتعرض،
يستطيع المشتري الرجوع على البائع بضمان اإلستحقاق 167،غير أن التعويض المقرر في
حق البائع يختلف بحسب ما إذا كان إستحقاق المبيع كليا أو جزئيا.
يتحقق اإل ستحقاق الكلي عندما ينتزع المبيع من يد المشتري بعد ثبوت ملكيته للغير بموجب
قرار قضائي وهنا يحق للمشتري الرجوع على البائع بالتعويض عما لحقه من ضرر نتيجة
لهذا اإلستحقاق ،وينص الفصل 283من قانون اإللتزامات والعقود على أنه ":إذا إستحق
المبيع كله من يد المشتري ،من غير أن يقع من جانبه إعتراف بحق المستحق كان له أن
يطلب إسترداد:
-0الثمن الذي دفعه ومصروفات العقد التي إنفقت على وجه سليم؛
أما اإل ستحقاق الجزئي هو الذي ال يستغرق الشيء المبيع كله ،بحيث يؤدي إلى حرمان
المشتري من بعض سلطاته أو منافعه .وقد ميز المشرع المغربي في الفصل 225من قانون
اإللتزامات والعقود بين وضعيتين ،األولى هي حالة اإلستحقاق الجزئي الذي بلغ حدا من
األهمية بحيث لو علم به المشتري المتنع عن الشراء أصال فإن المشتري يكون مخيرا بين
166عبد القادر العرعاري ،العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع ،مرجع سابق،ص.022 :
167عبد هللا ذيب عبد هللا محمود ،حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص.002:
66
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
فسخ البيع وإسترداد كل الثمن وبين اإل حتفاظ بالشيء المبيع في حدود الجزء غير المستحق
168
مع المطالبة بإسترداد جزء من الثمن يوازي حجم هذا اإلستحقاق.
أما الوضعية الثانية فهي التي لم يبلغ فيها اإلستحقاق الجزئي من األهمية الحد الكافي لتبرير
فسخ البيع ،فهنا ليس للمشتري إال الحق في إنقاص الثمن بقدر ما إستحق.
ويستنتج أن ضمان التعرض واإلستحقاق المنصوص عليه في القواعـد العامـة يمكـن تصوره
في عقد البيع اإللكتروني ،إال أنه وفي سبيل حماية المستهلك ال يجوز إنقاص الضـمان ،أو
169
اإلتفاق على إسقاطه ،لكن يجوز زيادته.
ضمان العيوب الخفية في المبيع من أهم إلتزامات البائع اإللكتروني ،وذلك بسبب ظهور
بعض السلع الحديثة غير اآلمنة و عرض خدمات ال ترقى إلى المستوى المطلوب .فكثيرا ما
يعرف العيب الخفي في المبيع اإللكتروني أنه :المبيع المجرد من اآلمان والسالمة أو مبيع
170
يسبب خطورة وإضرار للمشتري.
عالج المشرع المغربي هذا النوع من الضمان في الفصول من 222الى 242من قانون
اإللتزامات والعقود ،كما تناوله في القانون رقم 80.13المتعلق بتحديد تدابير لحماية
المستهلك
أ-المقصود بالعيب الخفي :نالحظ أن المشرع المغربي لم يحدد المقصود بالعيب في نص
الفصل 222من قانون اإللتزامات والعقود ،إنما يعدد فقط العيوب التي تستوجب الضمان.
حيث جاء في الفصل أعاله أنه ":يضمن البائع عيوب الشيء التي تنقص من قيمته نقصا
محسوسا ،أو التي تجعله غير صالح إلستعماله فيما أعد له بحسب طبيعته أو بمقتضى العقد.
أما العيوب التي تنقص نقصا يسيرا من القيمة أو اإلنتفاع ،وتلك التي جرى العرف على
التسامح فيها ،فال تخول الضمان .ويضمن البائع أيضا وجود الصفات التي صرح بها أو التي
إشترطها المشتري".
168عبد القادر ال عرعاري ،العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع ،مرجع سابق ،ص.512 :
169عبد هللا ذيب عبد هللا محمود ،حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص.004:
170معزوزي دليلة ،الضمان في عقود البيع الكالسيكية واإللكترونية– دراسة مقارنة ،أطروحة لنيل درجة دكتوراه في
العلوم – تخصص القانون الخاص ،جامعة مولود مصري ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،الجزائر ، 5102ص .033
67
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
وقد تصدى القضاء المصري في أواسط القرن العشرين لهذا الفراغ بوضعه تعريفا للعيب
الخفي حينما قررت محكمة النقض المصرية في أحد األحكام الصادرة عنها بتاريخ( 3أبريل
)0223بأن العيب" هو اآلفة الطارئة التي تخلو منها الفطرة السليمة للمبيع" ،والظاهر أن
محكمة النقض المصرية قد تأثرت بتعريف العالمة إبن عابدين للعيب حينما قال بأنه" ما
171
يخلو عنه أصل الفطرة السليمة من اآلفات العارضة لها".
كما عرفت مجلة األحكام العدلية في المادة 883العيب بأنه" هو ما ينقص ثمن المبيع عنـد
172
التجارب وأرباب الخبرة".
ويمكن أن يستخلص مما سبق أن العيب الذي يلحق بالمبيع ،هو العيـب الـذي يصـيب المنتج
أو الخدمة سواء في األوصاف ،أو في الخصائص بحيث يجعلهما غير صالحين للهـدف
المعدين من أجله ،أو يؤدي إلى إتالف المنتج ،أو إنقاص قيمته ومنفعته ،أو مخالفة هذا المنتج
أو الخدمة لألنظمة والقوانين ،أو تخلف صفة في المبيع إلتزم المزود للمستهلك وجودها في
المبيع ،بحيث يؤثر ذلك في جودة المبيع ،أو المنتج وكميته وكفاءته ،أو مخالفة مـا أُتفق عليه
173
مع المستهلك من شروط في المنتج أو الخدمة.
ب-شروط العيب الخفي الموجب للضمان :لتحقق العيب الموجب للضمان يشترط فيه أوال أن
يكون مؤثرا ،وأن يكون خفيا ثانيا ،كما يشترط فيه ثالثا أن يكون قديما.
•أن يكون العيب مؤثرا :لكي تكون دعوى الضمان مقبولة من الناحية الموضوعية فإن العيب
الخفي يجب أن يكون مؤثرا على منفعة الشيء المبيع أو قيمته وهذا ما أشار إليه المشرع في
الفصل (222ق.ل.ع) الذي جاء فيه ما يلي ":يضمن البائع عيوب الشيء التي تتقص من
قيمته نقصا محسوسا أو التي تجعله غير صالح إلستعماله فيما أعد له بحسب طبيعته او
174
بمقتضى العقد".
171عبد القادر ال عرعاري ،العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع ،مرجع سابق ،ص.506:
172عبد هللا ذيب عبد هللا محمود،حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص.013 :
173المرجع نفسه ،ص.012 :
174عبد القادر العرعاري ،العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع ،مرجع سابق ،ص.581 :
68
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
ومثال ذلك :الشخص الذي قام من خالل عروض البضائع المعلن عنها عبر اإلنترنيت بشراء
جهاز الكمبيوتر فبعد إستعماله في فترة الضمان ،ظهر به عيب مؤثر كفقدان الذاكرة مثال،
ففي هذه الحالة يحق للمشتري الرجوع على البائع بالضمان بعد إخطاره عنه .وكذلك نذكر
مثال الناشر الذي باع عبر النت ،دورية أو مجلة وبعد بثها إلكترونيا إلى الشخص المستهلك
175
(المشتري) ،وإستعمالها يكتشف فيروسا فيها الذي أثر بإنقاص من قيمتها أو منفعتها.
• أن يكون العيب خفيا :ينص الفصل 262من قانون اإللتزامات والعقود المغربي على أنه":
ال يضمن البائع العيوب الظاهرة وال العيوب التي كان المشتري يعرفها أو كان يستطيع
بسهولة أن يعرفها".
إنطالقا من هذا الفصل فإن البائع ال يضمن العيب الظاهر وإنما الخفي الذي ال يرى بالعين
المجردة ،ومع ذلك فإن البائع يضمن العيب ولو كان ظاهرا غير خفي ،أو كان بإستطاعة
المشتري أن يعرفه بسهولة ويسر إ ذا كان قد صرح بخلو المبيع منه ،وذلك وفقا لما ينص
عليه الفصل 241من قانون اإللتزامات والعقود.
ويعتمد في تحديد ما إذا كان العيب خفيا أم ظاهرا على معياران مختلفان :األول شخصي
يهدف إلى غحترام الحقوق المكتسبة للمتعاقدين بحيث ينظر إلى العيب الخفي بمنظار
شخصي يختلف بإختالف النوازل والحاالت ،فالمشتري يجب أن يعامل وفقا إلمكانياته
الخصوصية في الكشف والتحري عن العيب ،فاالفراد ليسوا على مستوى واحد من التكوين
والتخصص إذ أن للعوامل الطبيعية والتربوية دورا بارزا في تكوين شخصية الفرد فنكون
176
أمام مشتر فطن بطبيعته أو بمقتضى التعود واإلحتراف.
أما الثاني فهو موضوعي يهدف إلى الحفاظ على إستقرار المعامالت بين األفراد ،بناءا على
هذا المعيار فإن العيب يكون خفيا أو ظاهرا وفقا إلمكانيات الرجل العادي متوسط الخبرة فإذا
كان بإمكانه التوصل إلى إكتشافه بالفحص المعتاد فهو عيب ظاهر وإال إعتبر عيبا خفيا
يستوجب الضمان ،وقد إخذت بهذا المعيار معظم التشريعات العربية كالقانون المدني
177
المصري.
175معزوزي دليلة ،الضمان في عقود البيع الكالسيكية واإللكترونية– دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص.024 :
176عبد القادر ال عرعاري ،العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع ،مرجع سابق ،ص.556-552:
177عبد القادر العرعاري ،العقود الخاصة الكتاب االول عقد البيع،مرجع سابق ،ص.553-554:
69
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
وبالرجوع إلى قانون اإللتزامات والعقود المغربي نالحظ أن المشرع تبنى موقفا وسطا بين
المعيار الشخصي والمعيار الموضوعي ،وهذا ما نلمسه من خالل المقارنة بين الفصلين
228و 262من قانون اإللتزامات والعقود.
وهذا التذبذب بين المعيارين الشخصي والموضوعي هو الذي نلمسه في بعض اإلجتهادات
القضائية كما هو األمر بالنسبة للحكم الصادر عن إبتدائية الدار البيضاء بتاريخ
( )0281/01/81في فترة الحماية الذي جاء فيه بأنه ":ال نكون أمام عيب خفي إذا كان
بإمكان المشتري اإلطالع عليه بفضل ما يملكه من خبرة ودراية مهنية ويحق لمل شخص أن
178
يستعين بذوي الخبرة والكفاءة إذا كانت إمكانياته محدودة.
• أن يكون العيب قديما :نص المشرع المغربي على هذا الشرط في الفصل 225من قانون
اإل لتزامات والعقود الذي جاء فيه ":ال يضمن البائع إال العيوب التي كانت موجودة عند البيع،
إذا كان المبيع شيئا معينا بذاته ،أو عند التسليم إذا كان المبيع شيئا مثليا بيع بالوزن أو القياس
أو على أساس الوصف".
من خالل هذا النص يتبين أن المشرع المغربي قد إعتمد ضابط إنتقال الملكية للمشتري
كمعيار لما إذا كان العيب قديما أو حديثا طارئا على الشيء المبيع فكل ما أصاب المبيع قبل
هذا التاريخ إال ويدخل في ضمان البائع أما العيوب الطارئة عليه في الفترة الموالية للتسليم
فيتحملها المشتري ما لم تكن جرثومة العيب ناشئة قبل ذلك كتسوس الخشب عند البائع أو
179
مرض الدابة الذي لم يظهر إال بعد إنتقالها للمشتري.
178عبد القادر ال عرعاري ،العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع ،مرجع سابق ،ص.553 :
179المرجع نفسه ،ص.552 :
180عبد هللا ذيب عبد هللا محمود ،حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص.001 :
70
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
إن اإللتزام بضمان السالمة فكرة وليدة الحاجة ،تمثلت هذه األخيرة في ظهور أضرار ال
تستوعبها النصوص السارية المفعول وقتئذ ،فحاول الفقه سد هذا القصور من خالل مجموعة
الحلول ،وتبنى القضاء هذه الفكرة وجسدها في أحكامه وقراراته ،وتبناها المشرع ،وألن هذا
اإللتزام ذو طبيعة خاصة كونه حديث النشأة ،مما يؤدي إلى إختالطه مع بعض اإللتزامات
األخرى السيما اإللتزام بضمان العيوب الخفية واإللتزام بالمطابقة وعليه يجب تعريفه حتى
يوجد معيار للتفريق بينهم دون تعقيد ،ويمكن القول أن اإللتزام بضمان السالمة يقصد به":
أن كل منتوج يجب أن يتوفر على ضمانات ضد كل المخاطر التي من شأنها أن تمس صحة
المستهلك وأمنه أو تضر بمصالحه المادية ،وعلى المتدخل عند اإلقتضاء اإللتزام بضمان
الضرر الذي يصيب األشخاص أو األمالك بسبب العيب أو تحمل الجزاء الذي يقره
181
القانون".
وقد تناول المشرع المغربي هذا اإللتزام في الفصول من 222الى 242من قانون
اإللتزامات والعقود ،وبصدور قانون 52.12المتعلق بسالمة المنتوجات والخدمات إهتم
المشرع بتوفير الحماية االزمة للمستهلك ،حيث خصص الباب الثاني من هذا القانون لإللتزام
العام بالسالمة حيث نص في المادة الرابعة من هذا القانون على أنه ":يلتزم منتجو
ومستوردو المنتوجات وكذا مقدمو الخدمات بأال يعرضوا في السوق إال المنتوجات أو
الخدمات السليمة كما هي معرفة طبقا ألحكام هذا الباب" .وجاء في الفقرة األولى من المادة
الخامسة ما يلي ":يعتبر سليما المنتوج الذي اال يشكل أي خطر وفق شروط اإلستعمال
العادية أو التي من المعقول توقعها بما في ذلك مدة اإلستعمال وعند اإلقتضاء شروط التشغيل
والتركيب والحاجة إلى الصيانة ،أو يشكل أخطارا محدودة تتالئم مع إستعمال المنتوج
وتعتبر مقبولة في إطار التقييد بمستوى عال من الحماية لصحة وسالمة األشخاص أو
الحيوانات األليفة أو الممتلكات أو البيئة".
وتجدر اإلشارة إلى أن اإل لتزام بضمان السالمة ،يتطلب حسب بعض الفقه ثالث شروط يجب
إجتماعها لقيام هذا اإللتزام في أي عقد من العقود ،وهذه الشروط هي:
181شلغوم مريم ،حماية المستهلك في مرحلة تنفيذ العقد اإللكتروني ،مرجع سابق ،ص.24
71
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
ففي عقد البيع اإللكتروني في ظل التقدم الصناعي و تعقد األجهزة الحديثة–مثل األجهزة
الطبية أو الرياضية–يفوق غيره من العقود بسبب األخطار المحتملة لجمهور المستهلكين
وكذلك األشخاص الذين يستعملون هذه المنتجات الصناعية ،حيث أن المستهلك اإللكتروني
يشتري هذه السلعة من موقع على شبكة اإلنترنت ،وليس له مصدر معلومات عن تلك السلعة
182
سوى من البائع عندما يقدم له نموذج اإلستعمال المرفق مع السلعة.
•الشرط الثاني :أن يكون أمر الحفاظ على السالمة موكول للطرف األخر
فالمستهلك اإل لكتروني بحكم جهله بتكوين السلع والمنتجات الفنية والكيميائية المعقدة
183
التركيب ،فإنه أمر ضمان سالمتها إلى المنتج و يكون في حالة خضوع تام لهذا األخير.
يتعامل معه المستهلكون لما له من خبرة ودراية بأصول مهنته أو حرفته ،فالمهني ال يقوم
على إحتراف مهنته ،إال إذا كان محيطا باألصول و الخبرات الفنية التي تمكنه من ممارستها
على أفضل وجه.
عموما اإل لتزام بتحقيق السالمة للمستهلكين ليس بالشيء الجديد في المجال القانوني إذ
إعتبرته النصوص الجنائية منذ زمن بعيد بمثابة شرط أساسي لتوزيع السلع والبضائع على
الزبناء بإعتبارهم المحطة النهائية لتلقي المنتوج المعد لإلستهالك البشري أو الحيواني وقد
عاقب المشرع كل خرق لهذا اإللتزام بصرامة وبأثر رجعي أحيانا لردع كل من إستهتر
184
بصحة المواطن وأمنه وسالمته الجسدية.
72
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
الحديثة توجهت إلى إضافة حماية جديدة للمستهلك 185 ،تتمثل في حق المستهلك المتعلق
باإللتزام بتسليم المبيع ،وحقه في التراجع عن العقد ،وأخيرا حقه باإلستعانة بهيئات حمائية
لحمايته.
يعتبر اإللتزام بالتسليم من أهم اإللتزامات الملقاة على عاتق المهني في إطار القواعد العامة
المنظمة للعقود بصفة عامة ،وتزداد هذه األهمية في العقود المبرمة بوسائل إلكترونية بصفة
خاصة.
يتم التسليم حسب الفصل 222من قانون اإللتزامات والعقود المغربي حين يتخلي البائع أو
نائبه عن الشيء المبيع ويضعه تحت تصرف المشتري بحيث يستطيع هذا حيازته بدون
عائق.
والتسليم إما ان يكون ماديا وهو الذي يستلزم إنتقال الحيازة المادية للشيء المبيع من البائع
للمشتري ويتحقق ذلك عادة بالمناولة المحسوسة لمحل البيع 186،وإما أن يكون معنويا وهو
الذي تنتقل فيه الحيازة من البائع للمشتري حكميا أو إفتراضيا كما هو األمر بالنسبة للبيع
الوارد على العقارات والحقوق العينية العقارية وكذا الحقوق المعنوية بصورة عامة حيث أن
حيازتها تتطلب تسليما من نوع خاص 187.أما في عقد البيع اإللكتروني ظهر نوع جديد من
التسليم إلى جانب التسليم الفعلي والحكمي ،وهو التسليم اإللكتروني ،أي تسليم المنتوجات
عبر شكبة اإلنترنت ،عن طريق تنزيلها على جهاز الحاسوب الخاص بالمشتري .ومن أمثلة
هذا النوع من التسليم :تنزيل فيلم سينمائي أو البوم غنائي أو بعض الخدمات الطبية أو
الهندسية.
أ ما فيما يخص مضمون التسليم فإن القاعدة العامة تقضي حسب صيغة الفصل 205من
قانون اإل لتزامات والعقود المغربي بأن يسلم البائع الشيء على الحالة التي كان عليها عند
البيع .ويمتنع على البائع إجراء التغيير فيه إبتداء من هذا الوقت.
185عبد هللا ذيب عبد هللا محمود ،حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص.003 :
186عبد القادر العرعاري ،العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع ،مرجع سابق ،ص .040:
187المرجع نفسه ،ص.045:
73
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
وتسليم الشيء المبيع يشمل أيضا توابعه وفقا لما يقضي به إتفاق الطرفين أو يجري به
188
العرف.
أما فيما يخص أجال التسليم نجد أن المشرع المغربي نص في الفصل 212من قانون
اإللتزامات والعقود على أنه يجب أن يحصل التسليم فور إبرام العقد ،إال ما تقتضيه طبيعة
الشيء المبيع أو العرف من زمن .وهكذا فإنه ليس هناك ما يميز التشريع المدني المغربي
بخصوص مسألة زمان التسليم ،فالقاعدة العامة تقضي بضرورة حصول التسليم فور إبرام
189
العقد.
بالرجوع إلى قانون رقم 80.13القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك نجد أن المشرع قد
ألزم المورد في المادة 05منه أن يحدد كتابة في العقد أو الفاتورة أو تذكرة الصندوق أو
المخالصة أو أي وثيقة أخرى تسلم للمستهلك،األجل الذي يتعهد فيه بتسليمه المنتوجات أو
السلع أو تقديم الخدمات .
وفي حالة اإلخالل بهذا األ جل لمدة تتجاوز سبعة أيام ولم يكن ذلك ليعز إلى قوة قاهرة ،فإنه
بحسب المادة 08من القانون رقم ،80-13جازللمستهلك ومن دون اللجوء إلى مقاضاة
المورد أن يفسخ اإل لتزام المتعلق بالسلعة غير المسلمة ،أو الخدمة غير المقدمة بأية وسيلة
تثبت التوصل.
يعتبر الحق في الرجوع عن العقد اإللكتروني من الوسائل التي لجأت إليها التشريعات
الحديثة لحماية رضاء المستهلك اإللكتروني ،نظرا لكون هذا األخير ال يتمكن من مالمسة
المنتجات المعروضة للبيع للتأكد من جودتها ونوعيتها إال بعد تمام العقد وتتفيذه.
يعد حق العدول عن العقد اإللكتروني حق إرادي محض يتـرك تقـديره لكامـل إرادة
المستهلك ،وفقاً للضوابط القانونية ،وهو حق يمس بالقوة الملزمة للعقـد اإللكترونـي ،ويشـكل
خروجاً عن المبدأ ،حيث أعتبره بعض شراح القانون عقداً صحيحاً غير الزم بالنسبة
للمستهلك ،وعقداً صحيحا ً الزم للمزود ،فحق العدول هو حق شخصي يخضع لتقدير
74
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
المستهلك ،ويمارسـه وفقاً لما يراه محققا ً لمصالحه ،فهو ليس ملزماً بإبداء أسباب معينة لهـذا
190
العـدول ،بمعنـى أن إستعمال المستهلك لهذا الحق ال يؤدي إلى قيام مسؤوليته.
ما يمكن مالحظته من خالل األحكام المضمنة في القانون 13.80القاضي بتحديد تدابير
لحماية المستهلك ،أن المشرع المغربي لم يعط أي تعريف للحق في التراجع ،بل إقتصر على
بعض الجوانب التنظيمية الخاصة به في المواد من 86إلى ،83تاركا المجال مفتوحا للفقه
في ذلك.
يعرف بعض الفقه الحق في العدول بأنه ":حق المستهلك في إرجاع السلعة أو رفض الخدمة
في خالل مدة معينة يحددها القانون دون إبداء أية مبررات مع إلتزام التاجر أو مقدم الخدمة
191
بحسب األحوال برد قيمتها مع تحمل المستهلك مصروفات الرجوع فقط".
كما عرفه البعض األخر بأنه ":سلطة أحد المتعاقدين باإلنفراد بنقض العقد والتحلل منه دون
192
توقف ذلك على إرادة الطرف األخر".
يعد حق العدول عن العقد اإللكتروني حق إرادي يمارسه المستهلك من خالل إعطائه مهلة
للتفكير وإعادة النظر في أمر العقد الذي أبرمه لحمايته من األخطار التي قد تواجهه خاصة
في ظل المعامالت اإللكترونية الحديثة.
وقد تقـرر هـذا الحق بنص المادة 56/51/050من قانون اإلستهالك الفرنسي رقم 222لسنة
0228بمقتضـى المرسوم 420لسنة .5110ووفقاً لنص المادة 51/050من قانون
اإلستهالك الفرنسي ،فإن اللحظة التي يبدأ فيها سريان مهلة العدول تختلف بحسب محل
العقد(سلعة أم خدمة) ،فإذا كان محل العقد سلعة ،فـإن مهلة العدول تبدأ في السريان منذ
الوقت التي يتم فيه تسليم السلعة للمستهلك خالل سبعة أيام ،أما إذا كان محل العقد خدمة ،فإن
190عبد هللا ذيب عبد هللا محمود ،حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص.056:
191محمد أحمد الحميد احمد ،الحماية المدنية للمستهلك التقليدي واإللكتروني ،دار الجامعة الجديدة اإلسكندرية ،مصر ،5102 ،ص.862:نقال عن
د.صالحة لعمري ،حق المستهلك في العدول عن التعاقد في عقود التجارة اإللكترونية ،مقال منشور بمجلة اإلجتهاد القضائي :المجلد -08عدد
خاص(العدد التسلسلي )52جانفي ،5150ص.086:
192إبراهيم الدسوقي أبو الليل :المصادر اإلردية إللتزام ،العقد واإلرادة المنفردة والتصرف القانوني ،مطبوعات جامعة الكويت ،الطبعة األولى
، 0222ص .542
75
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
مهلة العدول تبدأ في السريان منذ الوقت الذي يتم فيه العقـد ،أي منذ لحظة قبول المستهلك
193
لإليجاب الصادر من المزود.
إلى جانب المشرع الفرنسي نجد أن المشرع المغربي نص بدوره عن الحق في العدول في
القانون رقم 80.13القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك الذي عبر عنه بالحق في التراجع
من خالل المادة 86والتي جاء في مقتضياتها ما يلي ":للمستهلك أجل -:سبعة أيام كاملة
لممارسة حقه في التراجع؛
-ثالثين يوما لممارسة حقه في التراجع في حالة ما لم يف المورد بإلتزامه بالتأكيد الكتابي
للمعلومات المنصوص عليها في المادتين 52و"...85
إنطالقا مما سبق نالحظ أن الشرط الوحيد لممارسة الحق في الرجوع هو اإللتزام باألجل
المحدد قانونا .فالمشرع الفرنسي حدد هذا األجل في 14أيام كاملة وهو نفس األجل الذي
حدده المشرع المغربي في قانون حماية المستهلك وتبتدأ هذه المدة من تاريخ تسلم السلعة أو
قبول العرض فيما يتعلق بتقديم الخدمات وينتقل هذا األجل إلى ثالثين يوما في الحالة التي ال
يفي فيها المورد بإلتزامه بالتأكيد الكتابي للمعلومات المنصوص عليها في المادتين 52و 85
من نفس القانون.
ونظرا لخصوصيات الحق في الرجوع وطبيعته اإلستثنائية فقد خول المشرع المغربي
للمستهلك مجموعة من الضمانات التي تضمن له ممارسة هذا الحق وهي كالتالي :حق
التراجع يعتبر من النظام العام ،وبالتالي ال يمكن للمستهلك أن يتنازل عنه كما ال يمكن للبائع
أن يشترط عليه التخلي عن هذه المكنة القانونية.
باإلضافة إلى وجوب إعالم المستهلك بهذا الحق ،فحسب المادة 52من القانون رقم 80.13
ن ص المشرع على أنه يجب على المورد أن يعلم المستهلك بوجود هذا الحق(حق في
التراجع) ،لكن ما يعاب على المشرع المغربي أنه لم يلزم المورد بأن ينبه المستهلك في حالة
عدم وجود حقه في الرجوع في الحاالت التي إستثناها القانون فيمكن للمستهلك المتعاقد عن
بعد أن يتعاقد وهو يظن أن له حقه في الرجوع في أحد اإلستثناءات المنصوص عليها في
193عبد هللا ذيب عبد هللا محمود ،حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص.053-054 :
76
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
المادة 83من القانون رقم 13.80فإ ذا به يتفاجأ بعدم وجود هذا الحق فالمورد في هذه الحالة
194
غير ملزم بإخباره وإعالمه بذلك ألنه ال يوجد نص قانوني يلزمه.
كما أن المشرع المغربي منح للمستهلك إمكانية ممارسة هذا الحق ،دون حاجة لتبرير
إ ستعماله لهذا الحق ،ومن دون دفع أي مقابل ،ما عدا مصاريف اإلرجاع المنصوص عليها
في إطار المادة 86من القانون رقم .80.13
إال أنه البد من اإلشارة إلى أن إ ستعمال المستهلك لحقه في الرجوع ال يكون مطلقا ،بحيث
توجد حاالت معينة على سبيل الحصر أوردتها المادة 83من قانون 80.13ال يمكن
للمستهلك خاللها ممارسة هذا الحق إال إذا إتفق الطرفان على خالف ذلك وهذه الحاالت هي
الخاصة بالعقود التالية:
-0الخدمات التي شرع في تنفيذها بموافقة المستهلك قبل انتهاء أجل السبعة أيام كاملة.
-5التزويد بالمنتوجات أو السلع أو الخدمات التي يكون ثمنها أو تعريفتها رهينا بتقلبات
أسعار السوق المالية.
-8التزويد بالسلع المصنوعة حسب مواصفات المستهلك أو المعدة له خصيصا أو التي ال
يمكن بحكم طبيعتها إعادة إرسالها أو تكون معرضة للفساد أو سريعة التلف.
-2التزويد بتسجيالت سمعية أو بصرية أو برامج معلوماتية عندما يطلع عليها المستهلك.
-2التزويد بالجرائد أو الدوريات أو المجالت.
ب -أثار ممارسة الحق في التراجع
إن حق العدول الممنوح للمستهلك يضع المتعاقدين في حالة عدم اإلستقرار ،فإذا مضت مهلة
195
العدول دون إبداء رغبة المستهلك في اإلنحالل من العقد ،أصبح هذا األخير باتا ونافذا.
أ ما إذا إستعمل المستهلك حقه في العدول ،يصبح العقد الذي أبرم بينه وبين التاجر المحترف
كأنه لم يكن وبالتالي يتحلل كل طرف من إلتزاماته التعاقدية اذا لم تنفذ كلها.
-أثار العدول بالنسبة للمحترف :إذا إستعمل المستهلك اإللكتروني حقه في العدول خالل
المدة التي حددها المشرع ،فإنه يجب على المورد حسب المادة 84من القانون رقم 80.13
194محمد جحا ،حماية المستهلك اإللكتروني على ضوء مقتضيات القانون رقم ،80.13مقال منشور بمجلة الممارس للدراسات القانونية والقضائية،
العدد الثالث ابريل ،5102 -ص.22-23:
195عبدلي حبيبة،عبدلي وفاء ،حق المستهلك اإل لكتروني في الرجوع عن التعاقد بين قصور النص القانوني وواقغ الممارسة العملية في التشريع
الجزائري ،مقال منشور بمجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية-المجلد -12العدد 15السنة الجامعية ، 5151ص.554:
77
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
أ ن يرد إلى المستهلك المبلغ المدفوع كامال على الفور وعلى أبعد تقدير داخل الخمسة عشر
يوما الموالية للتاريخ الذي تمت فيه ممارسة الحق المذكور .وبعد إنصرام األجل المذكور،
تترتب ،بقوة القانون ،على المبلغ المستحق فوائد بالسعر القانوني المعمول به.
وفي حالة رفض المورد رد المبلغ المدفوع للمتعاقد اإللكتروني ،فإنه في هذه الحالة يعاقب
بغرامة مالية من 0511إلى 21.111درهم ،وهذا ما نصت عليه المادة 043من القانون رقم
80.13الذي جاء فيها مايلي ":يعاقب بغرامة 0511الى 21.111درهم المورد الذي
يرفض إرجاع المبالغ إلى المستهلك وفق الشروط المنصوص عليها في المادتين 84و .21
يعتبر في حالة العود ،من يرتكب مخالفة داخل أجل الخمس سنوات الموالية لصدور حكم
حائز على قوة الشيء المقضي به من أجل أفعال مماثلة".
-أثار العدول بالنسبة للمستهلك اإللكتروني :يعتبر حق العدول بالنسبة للمستهلك حق مجاني،
فإ ن مارسه خالل المدة المحددة قانونا فال يتحمل أي تبعات وال يترتب على ذلك أي جزاء ما
196
عدى ما تعلق بالمصروفات المحتملة إلرجاع المنتوج أوالسلعة.
ومن حيث أثار العدول عن العقد ،فإنه يترتب على ذلك نقض العقد أي فسخه ،و على
197
المستهلك إرجاع البضاعة كما تسلمها ،وإذا كانت خدمة فعليه أن يتنازل عنها.
ونشير إلى أنه يمكن للمستهلك اإللكتروني أن يستفيد من حقه في إستبداع المنتوج عوض
إ سترجاع المبالغ المدفوعة وذلك في حالة واحدة وهي المنصوص عليها في المادة 20من
القانون رقم 80.13الذي جاء فيها ما يلي ":يمكن للمورد أن يوفر منتوجا أو سلعة أو خدمة
تكون لها نفس الجودة ونفس الثمن إذا كانت هذه اإلمكانية معلن عنها قبل إبرام العقد أو
منصوص عليها في العقد بصورة واضحة ومفهومة .وفي هذه الحالة ،يتحمل المورد
مصاريف اإلرجاع المترتبة عن ممارسة حق التراجع ،ويجب أن يخبر المستهلك بذلك".
78
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
يستنتج مما سبق أ ن الحق في العدول يمارسه المستهلك وفق شروط محددة وضوابط معينة
أقرها القانون ويكون ذلك في حدود مهلة ال يمكن لمن أقر هذا الحق لصالحه ان يتجاوزها،
وفرض المشرع لهذا الحق الغرض منه دعم وتقوية اإلرادة الضعيفة في العقد اإللكتروني.
يعتبر من الحقوق األساسية للمستهلك الحق في تمثيله حين إتخاذ القرارات المتعلقة به والحق
في الدفاع عن مصالحه من خالل جمعيات حماية المستهلك المنشأة بوجه قانوني سليم.
وتلعب جمعيات حماية المستهلك دورا رياديا مهما في الدفاع عن مصالح جمهور
المستهلكين ،حيث أصبحت من جماعات الضغط اإلجتماعي سواء على المشرع الذي كثيرا
ما دفعته إلى تبني سياسة حمائية ،كما شكلت أيضا مجموعة ضغط على المهنيين من خالل
األ ساليب والطرق التي سلكتها لحماية المصلحة الجماعية للمستهلكين ،وذلك من خالل
الدعاية المضادة ضد المشروعات التي تلحق الضرر بالمستهلكين أو من خالل اإلمتناع عن
الشراء أو مقاطعة بعض المنتوجات أو الخدمات.
ونظرا للدو ر الكبير الذي تلعبه جمعيات حماية المستهلك خصها المشرع المغربي كغيره من
التشريعات األخرى بالتنظيم في القسم السابع من قانون رقم 80.13القاضي بتحديد تدابير
لحماية المستهلك ،وقد نصت المادة 025منه على انه ":تتولى جمعيات حماية المستهلك،
المؤسسة والعاملة وفقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ،المتعلقة بحق
تأسيس الجمعيات ،اإلعالم والدفاع والنهوض بمصالح المستهلك وتعمل على إحترام أحكام
هذا القانون ".وتحدد المادة 028من نفس القانون الحاالت التي ال يمكن إعتبار وجود
جمعيات حماية المستهلك وهي:
-تضم من بين أعضائها أشخاصا معنويين يزاولون نشاطا يهدف إلى الحصول على ربح.
-تتلقى مساعدات أو إعانات من مقاوالت أو مجموعة مقاوالت تزود المستهلك بسلع أو
منتوجات أو تقدم لهم خدمات.
-تقوم باإل شهار التجاري أو بإشهار ال يكتسي طابعا إعالميا صرفا فيما يخص السلع أو
المنتوجات أو الخدمات.
79
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
لذلك تتبع جمعيات حماية المستهلك في دفاعها عن المصلحة الجماعية المشتركة أساليب
تتمثل في :إعالم المستهلك أي القيام بتوعيته وهي من المهام المنوطة بجمعيات حماية
المستهلك طبقا للمادة 025من قانون ،80.13ويكون اإلعالم عن طريق طبع و نشر
مجاالت أو دوريات أو نشرات أسبوعية أو شهرية و توزيعها على المستهلكين.
نالحظ أن نشر الوعي بالثقافة اإلستهالكية يعد من المرتكزات األساسية لجمعيات حماية
المستهلك ،حيث تلجأ هذه األخيرة في ذلك إلى وسيلتين إما عبر الجرائم والمجالت
المتخصصة ،وذلك من خالل إصدار مجالت ودالئل وصحف متخصصة ،وقد استطاعت
الجمعية المغربية لإلستهالك توفير دعايات وإعالنات متخصصة للمستهلك المغربي ،وذلك
من خالل إصدار ما يعرف ب "دليل المستهلك" ،وإما تقوم بإعالم المستهلك بالوسائل
السمعية والبصرية ،وذلك عن طريق بت نشرات و إشهارات تلفزيونية ترمي إلى حث
المستهلك على إقتناء منتوجات و كيفية إستعمالها و الخصائص المميزة لها ،كما أن لجمعيات
حماية المستهلك دور هام في تثقيف المستهلكين ،عبر الوسائل السمعية البصرية كالراديو
ببرمجة حصص التوعية االستهالكية.
وقد تلجأ الجمعيات إلى وسيلة جريئة لحمل المهنيين على اإللتزام بأدنى شروط اإلعتدال
والتوازن في عقودهم وهذا ما يعرف بالتوعية والدعاية المضادة ويقصد بها قيام جمعيات
198هاجر هروس ،إشكالية المستهلك في القانون -80.13القروض العقارية نمودجا ،-بحث لنبل دبلوم الماستر في القانون الخاص وحدة القانون
المدني واألعمال ،جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية طنجة ،السنة الجامعية ،5105-5100ص 60:
80
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
حماية المستهلك بتنوير الرأي العام وتبصيره بمعطيات الميدان اإلستهالكي ،أو تعمل على
نشر أو توزيع إنتقادات مكتوبة وكذلك إلقاء المحاضرات وتعليق الملصقات ،وتعتمد مساهمة
الجمعيات على جمع المعلومات ومعالجتها ثم نشرها في الوقت المناسب على أوسع نطاق
199
ممكن.
باإلضافة إلى اإلعالم والدعاية المضادة هناك الدعوة المقاطعة وهي قيام جمعيات حماية
المستهلك بدعوة جمهور المستهلكين للتوقف عن شراء سلعة او خدمة معينة ،والذي قد يعود
إما لخصائص السلعة أو الخدمة أو بسبب تنصيص العقود اإلستهالكية على بنود تعسفية
200
مجحفة في حق المستهلك اإللكتروني أو التقليدي.
• الدور العالجي لجمعيات حماية المستهلك :ويتجلى هذا الدور العالجي في لجوء جمعيات
حماية المستهلك إ لى القضاء كحل عالجي للمشكالت التي قد تعترض مصالح المستهلكين
لكن حق اللجوء إلى القضاء رهين بتوفير مجموعة من الشروط منها ما هو منصوص عليه
في القانون المتعلق بتنظيم حق تأسيس الجمعيات ،ومنها ما هو وارد في قانون حماية
المستهلك .وقد جاء في المادة 024من قانون 80.13على أنه ":يمكن للجامعة الوطنية
ولجمعيات حماية المستهلك المعترف لها بصفة المنفعة العامة طبقا ألحكام المادة 022أن
ترفع دعاوى قضائية ،أو أن تتدخل في دعاوى جارية ،أو أن تنصب نفسها طرفا مدنيا أمام
قاضي التحقيق ،للدفاع عن مصالح المستهلك ،وتمارس كل الحقوق المخولة للطرف المدني
والمتعلقة باألفعال والتصرفات التي تلحق ضررا بالمصلحة الجماعية للمستهلكين".
كما تتمتع الجمعيات المخول لها حق الدفاع عن المستهلكين بموجب المادة 065من قانون
، 80.13بحق المطالبة القضائية بحذف الشروط التعسفية في كل عقد أو نموذج عقد مقترح
أو موجه إلى المستهلك.حيث تنص هذه المادة على أنه ":يمكن للجامعة الوطنية أو جمعية
حماية المستهلك المشار إليها في المادة ،024أن تطلب من المحكمة التي تنظر في الدعوى
أو الدعوى التابعة أن تأمر المدعى عليه أو الظنين ،بإيقاف التصرفات غير المشروعة أو
حذف شرط غير مشروع أو تعسفي في العقد أو في نموذج العقد المقترح أو الموجه إلى
المستهلك"...
81
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
خولت هذه المادة لجمعيات حماية المستهلك آلية مهمة ومستجدة للدفاع عن المصالح
الجماعية للمستهلكين وهي دعوى إلغاء الشروط التعسفية التي تكون في العقد أو في نموذج
العقد الموجه إلى المستهلك.
فمن خالل إستقراء مواد القسم السابع من القانون رقم 80.13يتضح أن حق رفع الدعاوى
غير مخول لجميع جمعيات حماية المستهلك بل فقط مقتصر على بعضها دون األخر منها:
الجامعة الوطنية لحماية المستهلك ،والجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة وجمعيات
201
حماية المستهلك الحاصلة على إذن خاص بالتقاضي.
201ايمان التيس ،التجارة اإللكترونية وضوابط حماية المستهلك في المغرب ،مرجع سابق ،ص، :ص.068-065 :
82
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
الخاتمة
يتعرض المستهلك اإللكتروني إلى عدة مخاطر منها ما يتعلق بالوسيلة التي تم من خاللها
التعاقد ،حيث يتم في فضاء إلكتروني ودون وجود مادي يسمح للمستهلك بمعاينة وتفقد السلعة
المراد التعاقد بشأنها ،ومنها ما يتعلق بالتفاوت في المراكز القانونية بين طرفي العقد بأن يبرم
بين تاجر محترف عالم بأصول حرفته ومستهلك جاهل بها .األمر الذي يتطلب تدخال
تشريعيا لحماية المستهلك بإعتباره الطرف الضعيف في هذه العالقة القانونية وذلك بموجب
قواعد خاصة ألن القواعد العامة المنظمة للعقود أصبحت عاجزة عن ذلك.
من خالل دراستنا لموضوع حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا يتبين لنا أن مختلف
التشريعات قد بذلت جهودها لتكريس الحماية التامة له.
وفي هذا السياق قام المشرع المغربي بإصدار مجموعة من القوانين لتنظيم التجارة
اإللكترونية وحماية المستهلك الطرف الضعيف فيها بدءا بقانون 28.12المتعلق بالتبادل
اإللكتروني للمعطيات القانونية مرورا بقانون 80.13القاضي بتحديد تدابير لحماية
المستهلك.
فمن خالل هذه القوانين حاول المشرع أن يضمن للمستهلك اإللكتروني حماية قانونية في
جميع مراحل التعاقد ،سواء في مرحلة التفاةض بإعالمه وتبصيره والإلبتعاد عن اإلعالنات
لبخادعة والمضللة التي تجذبه إلى التعاقد ،وأيضا حمايته من الشروط التعسفية وحماية
معطياته الشخصية أثناء إبرام العقد.
هذه الحماية التي أرساها المشرع المغربي للمستهلك اإللكتروني ال تقتصر على مرحلتي
التفاوض واإلبرام فقط إنما تمتد إلى مرحلة تنفيذ العقد اإللكتروني من خالل حقه في الرجوع
عن تنفيذه إن إقتضى الحال ذلك مع مراعاة القيود الواردة على ممارسة هذا الحق كما تبين
معنا.
83
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
ومن خال الضمانات القانونية السالفة الذكر إستطاع المشرع المغربي إلى حد ما خلق
بعض التوازن بين المورد والمستهلك ،إال أن هذه اآلليات التي وضعها المشرع المغربي
لحماية المستهلك تظل محدودة وغير كافية .ولتجاوز هذه النواقص سنحاول تقديم بعض
التوصيات:
84
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
الئحة المراجع
85
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
أوال :الكتب
• جمال الطاهري،محاضرات في النظرية العامة لاللتزامات.9102،
•عبد القادر العرعاري ،العقود الخاصة،الكتاب االول،عقد البيع،الطبعة الرابعة 9102
مزيدة ومنقحة دار االمان الرباط.
•عبد القادر العرعاري،مصادر االلتزامات،الكتاب الثاني،المسؤولية المدنية،الطبعة الثالثة
.9102
• عبد القادر العرعاري ،مصادر االلتزامات ،الكتاب االول،نظرية العقد،الطبعة الخامسة
،9102مكتبة دار االمان الرباط .
• خالد ممدوح ابراهيم،حماية المستهلك في المعامالت االلكترونية–دراسة مقارنة–الطبعة
االولى،مصر،الدار الجامعية .9112،
• خالد ممدوح ابراهيم،حماية المستهلك في العقد االلكتروني،دار الفكر الجامعي االسكندرية
.9112
• خالد ممدوح إبراهيم ،أمن المستهلك االلكتروني ،دار الفكر الجامعي االسكندرية.9112،
• عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد،نظرية االلتزام بوجه
عاماالثباتاثار االلتزام،دار النهضة العربية،مصر القاهرة الجزء الثاني.
• عبد الرحمان الشرقاوي،القانون المدني دراسة حديثة للنظرية العامة لاللتزام،الجزء
االول،مصادر االلتزام ،التصرف القانوني.
•عبد العزيز حضري،العقود االستهالكية،مطبعة الجسور وجدة،طبعة . 9109-9100
•مأمون الكزبري،نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي،المجلد
االول،مصادر االلتزامات،الجزء االول،الطبعة الثانية،بيروت 02فبراير .0229
• المهدي نزيه محمد الصادق،االلتزام قبل التعاقدي باالدالء بالبيانات المتعلقة بالعقد
وتطبيقاته على بعض انواع العقود،الطبعة االولى،0229،دار النهضة العربية القاهرة.
•خالد جمال احمد حسن ،االلتزام باالعالم قبل التعاقد ،دار النهضةالعربية.0222،
•منصور،محمد حسين:احكام البيع التقليدية وااللكترونية والدولية وحماية المستهلك،الطبعة
االولى،مصر:دار الفكر.9112،
•عمر محمد عبدالباقي ،الحماية العقدية للمستهلك،دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون،
مطبعة القدس ،منشأة لمعارف باإلسكندرية،الطبعة الثانية .9112
86
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
87
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
• ايمان التيس "التجارة االلكترونية وضوابط حماية المستهلك في المغرب "،اطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة المولى اسماعيل كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية مكناس،نونبر .9102
• معزوزي دليلة ،الضمان في عقود البيع الكالسيكية واإللكترونية– دراسة مقارنة ،
أطروحة لنيل درجة دكتوراه في العلوم – تخصص القانون الخاص ،جامعة مولود
مصري ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،الجزائر . 9102
ثالثا :مذكرات جامعية
• بن غيدة ايناس،الحماية المدنية للمستهلك في العقود االلكترونية،مذكرة لنيل شهادة
الماجستير في القانون الخاص المعمق،جـامعـة أبــو بـكـر بـلقـايـد – تلمسان– كليـة
الحقــوق و العلـــوم السياسيـة،السنة الجامعية .9102-9102
• عبد العالي فارس،حماية المستهلك في العقد االلكتروني،مذكرة تكميلية لنيل شهادة الماستر
شعبة الحقوق-تخصص:قانون اعمال،جامعة العربي بن مهيدي-ام البواقي-كلية الحقوق
والعلوم االساسية ،السنة الجامعية .9102-9102
• جلول دواجي بلحول،الحماية القانونية للمستهلك في ميدان التجارة االلكترونية،مذكرة لنيل
شهادة الماجستير في القانون الخاص المعمق،جامعـــــة أبــي بكر بلقايد – تلمســــــــان –
كلية الحقوق والعلــــوم السياسية،السنة الجامعية .9102-9102
• حميدة،مزماط سامية ،حقوق المستهلك في العقد االلكتروني ،مذكرة تخرج لنيل شهادة
الماستر فرع القانون الخاص التخصص القانون الخاص الشامل ،جامعة عبد الرحمن ميرة
-بجاية-كلية الحقوق والعلوم السياسية،السنة الجامعية.9102 -9102،
•عيساوي سهيلة ،تنفيذ عقود التجا رة االلكترونية مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ،
تخصص القانون الخاص الشامل ،جامعة عبد الرحمن ميرة ،بجاية ،كلية الحقوق والعلوم
السياسية ،قسم القانون الخاص .9102 ،
• شلغوم مريم ،حماية المستهلك في مرحلة تنفيذ العقد االلكتروني ،مذكرة مكملة لنيل شهادة
الما ستر في الحقوق تخصص:قانون االعمال ،جامعة العربي بن مهيدي أم البواقي ،كلية
الحقوق والعلوم السياسية قسم الحقوق ،السنة الجامعية .9102/9102
• احمد امين نان،حماية المستهلك االلكتروني،مذكرة مقدمة الستكمال متطلبات شهادة ماستر
أكاديمي الميدان :الحقوق و العلوم السياسية الشعبة:الحقوق التخصص:قانون
الشركات،جامعـة قاصــدي مرباح -ورقلــة-كلية الحقوق العلوم السياسية قسم الحقوق،السنة
الجامعية .9102-9102
88
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
• صونية شرقي،حماية المستهلك االلكتروني من الشروط التعسفية ،مذكرة مكملة لنيل شهادة
الماستر في الحقوق تخصص –:قانون اعمال – ،جامعة العربي بن مهيدي،ام البواقي،كلية
الحقوق والعلوم السياسية،السنة الجامعية .9102-9102
• خالد معاشو،دور القاضي في حماية المستهلك من الشروط التعسفية،مذكرة تخرج لنيل
شهادة الماجستير تخصص قانون االعمال ،جــامعة 2مــاي 22قـاملـة ،كلية الحقوق
والعلوم السياسية،السنة الجامعية .9102-9102
• بوشارب إيمان ،حماية المستهلك من الشروط التعسفية في عقود االستهالك ،مذكرة لنيل
شهادة الماجيستر ،تخصص قانون العقود المدنية،جامعة العربي بن مهيدي –ام البواقي–
كلية الحقوق والعلوم السياسية ،السنة الجامعية .9109-9100
•عواد خولة ،حماية المتعاقد من الشروط التعسفية ،مذكرة نهاية الدراسة لنيل شهادة الماستر
في الحقوق ،تخصص القانون المعمق ،جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم ،كلية الحقوق
والعلوم السياسية ،قسم القانون الخاص ،السنة الجامعية.9102-9102 :
•خالد طيهار ،حماية المستهلك االلكتروني ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر أكاديمي،
جامعة محمد بوضياف -المسيلة ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،السنة الجامعية -9102
.9102
• عيساوي سهيلة ،تنفيذ عقود التجارة االلكترونية مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ،
تخصص القانون الخاص الشامل ،جامعة عبد الرحمن ميرة ،بجاية ،كلية الحقوق والعلوم
السياسية ،قسم القانون الخاص .،9102 ،
رابعا :رسائل جامعية
• نور الدين العلمي ،حماية المستهلك في العقود االلكترونية ،بحث لنيل دبلوم الماستر في
القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة عبد المالك السعدي
طنجة ،السنة الجامعية . 9102-9102:
• فؤاد بوسالمة ،الحماية المدنية للمستهلك المتعاقد بوسائل الكترونية–االنترنت نموذجا–
رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون االعمال ،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية مراكش،السنة الجامعية . 9101-9112
• الناصري يوسف،الحماية المدنية للمستهلك في مرحلتي ابرام وتنفيذ العقد االلكتروني
،بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص،جامعة عبد المالك السعدي،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة،السنة الجامعية .9102 /9102
•هاجر هروس ،اشكالية المستهلك في القانون -20.12القروض العقارية نمودجا ،-بحث
لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص وحدة القانون المدني واالعمال ،جامعة عبد المالك
89
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
السعدي كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة ،السنة الجامعية -9100
.9109
•عبد هللا أحمد السبيطي،ضمانات حماية التعاقد االلكتروني في القانون القطري،رسالة
الستكمال متطلبات الحصول على درجة الماجيستر في القانون الخاص،جامعة قطر،كلية
القانون،السنة الجامعية .9190
• سامي مومو ،حماية المستهلك من الشروط التعسفية في العقود النموذجية بين التشريع
والواقع،رسالة لنيل دبلوم الماستر،جامعة محمد االول،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية -وجدة،-السنة الجامعية .9102-9102
• عبد الرحمان الشرقاوي،دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي،رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني،شعبة القانون الخاص،جامعة محمد الخامس
،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية اكدال-الرباط،السنة الجامعية -9110
.9119
• حسن الحافظي :الحماية القانونية للمعطيات ذات طابع الشخصي بين التشريع الوطني
واالتفاقيات الدولية ،بحث لنيل دبلوم الماستر ،كلية العلوم القانونية واالجتماعية واالقتصادية
مكناس ،السنة الجامعية . 9102-9102
خامسا :المقاالت
• بدر منشيف،حماية المستهلك في العقد االلكتروني،مقال منشور بالمجلة العربية للدراسات
القانونية واالقتصادية واالجتماعية،مؤلف جماعي حول حماية المستهلك الطبعة االولى
.9191
•قارس بوبكر،االلتزام المسبق باالعالم كآلية لحماية المستهلك في العقود المبرمة عن
بعد،مقال منشور بمجلة الحقوق والعلوم االنسانية،المجلد العاشر العدد الرابع.
•نابي مريم/جامعة مولود معمري-تيزي وزو-عضو بمختبر حماية المستهلك،دور االلتزام
االعالم قبل التعاقدي في حماية المستهلك،مقال منشور بمجلة االستاذ الباحث للدراسات
القانونية والسياسية. 9102،
• نزهة الخلدي ،االلتزام باإلعالم ودوره في تنوير إرادة المستهلك ،مقال منشورفي مؤلف
حماية المستهلك،دراسات وأبحاث في ضوء مستجدات القانون رقم، 12.20القاضي بتحديد
تدابير لحماية المستهلك،من جمع وتنسيق زكرياء العماري ،سلسلة دراسات وأبحاث ،مجلة
القضاء المدني ،مطبعة المعارف الجديدة –الرباط.
• محمد المسلومي،حماية المستهلك من الشروط التعسفية أثناء التعاقد ،مقال منشور بمجلة
الحكم المغربية،العدد 011
90
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
91
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
92
حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي
الفهرس
مقدمة 0 .......................... ................................ ................................
الفقرة الثانية :وسائل حماية المستهلك في مواجهة اإلعالنات اإللكترونية 13 ..............
المبحث الثاني :حماية المستهلك خالل مرحلتي إبرام وتنفيذ العقد اإللكتروني 81 ...........
المطلب األول :حماية المستهلك أثناء إبرام العقد اإللكتروني 81 .............................
المطلب الثاني :حماية المستهلك في مرحلة تنفيذ العقد اإللكتروني 11 ......................
الفقرة الثانية :حقوق المستهلك المستحدثة في مرحلة تنفيذ العقد 71 .......................
93