You are on page 1of 96

‫جامعة حممد األول‬

‫بحث لنيل شهادة اإلجازة في القانون الخاص‬

‫من إنجاز الطالبتين‪:‬‬


‫تحت إشراف الدكتورة‪:‬‬
‫رانية الطويل ‪27177710‬‬
‫سارة أزواغ‬
‫سليمة شعشوع ‪27328811‬‬

‫‪2020/2021‬‬
‫كلمة شكر‪:‬‬
‫الحمدهلل والشكر له حمدا يليق بجالله وعظيم سلطانه الذي وفقنا في إنجاز هذا‬

‫العمل المتواضع‪.‬‬

‫وعمال بالقول "من ال يشكر الناس ال يشكر اهلل" كان لزاما علينا وأدبا أن نتقدم‬

‫بأسمى معاني الشكر وأخلص التقدير واالحترام إلى االستاذة الف اضلة "سارة‬

‫ازواغ" المشرفة على هذا البحث‪ ،‬على الجهد الذي بذلته والتوجيهات القيمة‪،‬‬

‫لما كان لها األثر البالغ في إعداد هذا البحث‪.‬‬

‫فجزاها اهلل خير الجزاء‬

‫كما ان الشكر موصول الى كل من آزر هذا العمل بالتشجيع والمعلومة‪.‬‬


‫إهداء‪:‬‬

‫إلى من قال فيهما هللا سبحانه وتعالى‪ ":‬و قضى ر ُّبك أ َّل ت ْع ُبدُوا إِ َّل إِ َياهُ و بِٱ ْلوالِد ْي ِن‬
‫إِ ّحسا ًنا إ َما ي ْبلُغن عِ ْندك ا ْلكِبر أح ُدهُما أ ْو كَِلهُما فَل تقُل لهُما أُف و ّل ت ْنه ْرهُما و قُل لهُما‬
‫ق ْو ًّل ك ِري ًما " سورة اإلسراء اآلية ‪.32‬‬

‫إلى عزتنا وإفتخارنا‪ ...‬هامتنا وشموخنا‪ ...‬إلى من نكن لهم الهبة والوقار‪ ...‬إلى من‬
‫علمنا العطاء دون إنتظار‪ ...‬إلى من رافق خطواتنا ليَل ونهار‪ ...‬إلى أبائنا العزيزان‪.‬‬

‫إلى من وضعتنا على طريق الحياة‪ ...‬إلى نبع الحنان والقلب الكبير والحب الصادق‪...‬‬
‫إلى امهاتنا الغاليات اللواتي ربتنا أحسن تربية‪.‬‬

‫فنسأل هللا ان يبارك لكما وأن يحفظكما ويطيل في عمركما وأن يعيننا على بركما‪.‬‬

‫إلى اشقائنا وشقيقاتنا‪ ...‬الذين تقاسموا معنا عسر الحياة ويسرها فكانو لنا عونا وسندا‪.‬‬

‫إلى كل من قدم لنا يد العون في إنجاز هذا البحث‪.‬‬

‫إلى كل هؤّلء نهدي ثمرة جهدنا المتواضع‪ ،‬والذي هو حصيلة تعب سنوات‪.‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫مقدمة‬
‫إن ظهور التجارة اإللكترونية كشكل جديد من أشكال التجارة‪ ،‬وما رافقها من تطورات‪،‬‬
‫أثرت تأثيرا كبيرا على النظام القانوني للعقود التقليدية‪ ،‬فظهر ما يسمى بالتسوق اإللكتروني‬
‫والذي أ صبح ضرورة يلجأ إليها المستهلك في كل المجتمعات قصد تلبية حاجاته ورغباته‬
‫نظرا للمزايا التي يحققها هذا النوع من التسوق‪.‬‬

‫هذا التطور الذي عرفته التجارة اإللكترونية‪ ،‬أدى إلى إنشاء بيئة إفتراضية تضاهي الواقع‬
‫الملموس في شتى الميادين‪ ،‬وأصبحت قادرة على إستيعاب جل األنشطة التي تمارس عن‬
‫بعد‪ ،‬فإستخدام اإلنترنيت في جميع المجاالت حقق مزايا كثيرة لمختلف المؤسسات التجارية‬
‫سواء بينهما وبين عمالئها‪ ،‬أو بينها وبين األشخاص غير المعروفين لديها‪ ،‬حيث تقدم‬
‫الخدمات في كل وقت وحين‪ ،‬مما كسر اإلرتباط الوقتي بالعمل الرسمي‪ ،‬وأيضا لم يعد‬
‫لعنصر المكان اإلعتبار الذي كان له سابقا‪ .‬أضف إلى ذلك أن التعامل عبر اإلنترنت أدى إلى‬
‫إ ختزال وتخفيض النفقات‪ ،‬بحيث لم تعد هناك حاجة إلى إقامة المشروعات الضخمة التي‬
‫تحتاج ألموال كثيرة من أجل تجهيزها وإستثمارها‪ ،‬إضافة إلى نفقات التشغيل بشكل قد يكون‬
‫على حساب األموال الالزمة لالداء والتطوير المستمرين‪ 1.‬وال شك في أن ما يشهده العالم ‪-‬‬
‫اآلن‪ -‬من ظروف إستثنائية بسبب جائحة كورونا‪ ،‬تقتضي لزاما مضاعفة دور العقود‬
‫اإللكترونية في حركة التجارة اإللكترونية بشكل عام‪ .‬وفي مجال المعامالت اإللكترونية‬
‫بشكل خاص‪.‬‬

‫غير أن كل هذه المزايا واإليجابيات التي تحققها التجارة اإللكترونية ال تعكس الوجه الحقيقي‬
‫والكامل لها‪ ،‬فهي تحمل في طياتها في الوقت ذاته مساوئ معينة لمن يكون طرفا فيه‪ .‬فإذا‬

‫‪1‬نور الدين العلمي‪ ،‬حماية المستهلك في العقود اإللكترونية‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية‬
‫واإلجتماعية ‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،5102-5102:‬ص‪.5:‬‬

‫‪1‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫كان التاجر المحترف قادرا على أن يقرر هذه المساوئ ويتصرف بما يجنبه ضررها‪ ،‬فإن‬
‫المستهلك كونه غير محترف‪ -‬قد ال يستطيع دفع الضرر عنه‪ .‬كمـا إن قلـة خبـرة المسـتهلك‬
‫وضـعف مركزه االقتصادي بالقياس إلى مركز التاجر المحتـرف قـد يؤديـان إلـى عـدم‬
‫تـوازن فـي العقـــد المبـــرم بينهمـــا فتـــرجح كفـــة العقـــد لصـــالح التـــاجر المحتـــرف‬
‫علـــى حســـاب المستهلك‪ .‬وال يعــد مثــل هــذا األمــر مقبــوالً‪ ،‬فالعقــد أيــا ً كــان نوعــه‬
‫ينبغــي أن يكــون متوازنـاً‪ .‬مـن هنـا طرحـت فكـرة إحاطـة المسـتهلك بالحمايـة القانونيـة‬
‫وهـي ليسـت فكـرة حديثـة أو قاصـرة علـى عقـود التجـارة اإللكترونيـة دون سـواها‪.‬‬
‫فالمستهلك أيا كان العقد الذي يبرمه يحتـاج إلـى الحمايـة إذا كــان الطــرف المقابــل لــه فــي‬
‫العقــد تــاجراً محترفــاً‪ .‬ألن هذا األخيــر يتمتــع بــالخبرة والقــدرة اإلقتصـادية ممـا ال‬
‫يحظـى بـه المسـتهلك وهـذا مـا قـد يـؤدي إلـى عـدم تـوازن فـي العقـد المبرم بينهما‪ ،‬ويدعو‬
‫إلى ضرورة حماية الطرف الضعيف فيه وهو المستهلك‪ .‬إال إن هـذه الفكـرة طرحـت مـن‬
‫جديـد حينمـا يكـون العقـد الـذي يبرمـه المسـتهلك مـن عقود التجارة اإللكترونية‪ .‬ألن‬
‫المستهلك في هذه العقود يبرم العقد مـع تـاجر ال يعرفـه وال يعرف مكان وجوده كما إنه ال‬
‫يستطيع رؤيـة محـل العقـد أو التأكـد مـن مواصـفاته‪ .‬وهـذا مـا أضاف إلـى مبـررات حمايـة‬
‫المسـتهلك قانونا مبـررات جديـدة‪.‬‬

‫ويعد مفهوم المستهلك عموما‪ ،‬والمستهلك اإللكتروني خصوصا‪ ،‬من المفاهيم الحديثة التي‬
‫تناولتها الدراسات القانونية‪ ،‬فمصطلح المستهلك كان بعيدا عن أيدي رجال القانون فقد كان‬
‫هذا المصطلح فيما مضى حكرا على الدراسات اإلقتصادية ومقرونا إستخدامه بعالم‬
‫‪2‬‬
‫اإلقتصاد‪ ،‬لدى يمكن القول بأن علماء اإلقتصاد هم المصدر األصيل لهذا المصطلح‪.‬‬

‫يظهر أن مصطلح المستهلك يتراوح بين إتجاهين‪ :‬أحدهما واسع يحصر المستهلك في‬
‫الشخص الذي يتصرف خارج نشاطه التجاري‪ ،‬بغض النظر عن الهدف من هذا التصرف‬
‫بينما يعتد اإلتجاه الضيق لمفهوم المستهلك بالغاية والغرض من التصرف‪.‬‬

‫‪2‬نور الدين العلمي‪ ،‬حماية المستهلك في العقود اإللكترونية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 01:‬‬

‫‪2‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫ساد اإل تجاه الواسع لتحديد مفهوم المستهلك مع بداية ظهور الدعوة إلى حماية المستهلك‪،‬‬
‫وتجسد في نداء الرئيس األمريكي األسبق ‪ KENNEDY‬من‪ ":‬إن المستهلكين هم نحن‬
‫جميعا"‪ .‬ويعتبر مستهلكا وفقا لهذا اإلتجاه‪ ":‬كل من يبرم تصرفا قانونيا من أجل إستخدام‬
‫‪3‬‬
‫المنتج أو الخدمة في أغراضه الشخصية أو المهنية"‪.‬‬

‫أ ما اإلتجاه الضيق يعرف المستهلك على أنه كل شخص يتعاقد بهدف تلبية وإشباع حاجاتـه‬
‫ورغباته الشخصية والعائلية ‪ 4‬كما عرف المستهلك بأنه كل من يقتني أو يستعمل سلعة أو‬
‫‪5‬‬
‫خدمة لغرض غير مهني أو لغرض شخصي أو عائلي‪.‬‬

‫ويالحظ أن معظم القوانين أخذت باإلتجاه الضيق في تحديد مفهوم المستهلك‪ ،‬ومنها قوانين‬
‫المستهلك في كل من فلسطين ومصر وفرنسا والمشرع المغربي بدوره سار في هذا اإلتجاه‬
‫وعرف المستهلك في المادة الثانية من قانون ‪ 80.13‬القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك‬
‫بأنه‪ ":‬كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته غير المهنية منتوجات أو‬
‫سلعا أو خدمات معدة إلستعماله الشخصي أو العائلي"‪.‬‬

‫وما يمكن مالحظته على التعريف الذي أخذ به المشرع المغربي في القانون الجديد المتعلق‬
‫بتحديد تدابير لحماية المستهلك‪ ،‬هو أنه إعتبر المستهلك كل شخص طبيعي أو معنوي‪ .‬حاسما‬
‫بذلك أي خالف يمكن أن يقع فيه الفقه والقضاء المغربي فيما يخص مسألة إدخال األشخاص‬
‫المعنوية في دائرة المستهلكين الذين يتعين حمايتهم‪.‬‬

‫أما بخصوص المستهلك اإللكتروني‪ ،‬فهو نفسه المستهلك في مجال العالقات التعاقدية‬
‫التقليدية‪ ،‬غير أن الفارق هو آلية التعاقد والتواصل بين الطرفين‪ ،‬حيث يتعامل المستهلك‬
‫اإللكتروني في إطار تعامالته التجارية بوسيلة إلكترونية عن طريق شبكة اإلتصال العالمية‬
‫‪6‬‬
‫(اإلنترنت)‪ ،‬وهذا يعني أن للمستهلك اإللكتروني كافة الحقوق المقررة للمستهلك التقليدي‪.‬‬

‫‪ 3‬خالد ممدوح إبراهيم‪ ،‬أمن المستهلك اإللكتروني‪ ،‬دار الفكر الجامعي اإلسكندرية‪ ،5113 ،‬ص‪.55 :‬‬
‫‪4‬عبد هللا ذيب عبد هللا محمود‪ ،‬حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة‪ ،‬أطروحة إستكماال لمتطلبات الحصول على درجة الماجيستر‬
‫في القانون الخاص‪ ،‬كلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬فلسطين‪ ،5112 ،‬ص‪.3 :‬‬

‫‪ 5‬عباسي بوعبيد‪ ،‬مفهوم المستهلك على ضوء العمل التمهيدي لمشروع قانون حماية المستهلك‪ ،‬مجلة اإلشعاع العدد ‪ ،0222- 51‬ص‪.21 :‬‬
‫‪6‬ن ور الدين العلمي‪ ،‬حماية المستهلك في العقود اإللكترونية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.02-02:‬‬

‫‪3‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫وبالنظر إلى طبيعة العقد الذي يبرمه المستهلك اإللكتروني‪ ،‬بإعتبار أن المتعاقدين في هذه‬
‫العقود ال يجمعهما مجلس واحد بالمعنى الحقيقي وبالتالي فالمستهلك اإللكتروني ال يستطيع‬

‫اإلحاطة بكل ما يرتبط بمحل العقد‪ .‬ومن هنا بدأت الحاجة إلى تزويده بالمزيد من الحماية عن‬
‫المستهلك العادي‪.‬‬

‫وعموما فإن حماية المستهلك‪ ،‬تبقى من أهم التحديات التي تواجه التجارة اإللكترونية‪ ،‬فقد‬
‫أثبتت الممارسات التي تتم عبر هذه الشبكة أن المستهلك عرضة لعمليات النصب واإلحتيال‬
‫والتعرض لحرمة حياته الخاصة‪ ،‬ناهيك عن التالعب الذي قد يتعرض له أثناء دخوله في‬
‫‪7‬‬
‫عملية تعاقدية مع المهني‪.‬‬

‫ومن هذا المنطلق بدأت الحاجة لحماية المستهلك في العقود التجارية اإللكترونية فالثقة في‬
‫السوق اإللكترونية هي أبرز ما يحتاج إليه المستهلك في سبيل تلبية حاجاته الشخصية حيث‬
‫أ ن الحماية القانونية للمستهلك سواء في مرحلة ما قبل التعاقد(المفاواضات)‪ ،‬أو في مرحلة‬
‫إبرام العقد اإللكتروني‪ ،‬أو في مرحلة تنفيذ العقد اإللكتروني‪ ،‬تعتبر مهمة جدا خاصة وأن‬
‫‪8‬‬
‫المستهلك وكما سبق لنا ذكره هو الطرف الضعيف في ذلك العقد‪.‬‬

‫أمام المخاطر الكبيرة التي تتعرض لها هذه العملية اإلستهالكية‪ ،‬سعت مختلف التشريعات‬
‫لسن قوانين خاصة لحماية المستهلك في السوق اإللكترونية واعادة الثقة الالزمة التي يحتاج‬
‫إليها في سبيل تلبية إحتياجاته‪ .‬وفي هذا السياق أصدر المشرع المغربي قانون رقم ‪80.13‬‬
‫القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك‪ ،‬فقد تضمن هذا القانون بابا خاصا بالعقود المبرمة‬
‫عن بعد‪ ،‬والتي سبق تنظيمها من حيث األصل من خالل القانون رقم ‪ 28.12‬المتعلق بالتبادل‬
‫اإللكتروني للمعطيات القانونية‪.‬‬

‫‪7‬فؤاد بوسالمة‪ ،‬الحماية المدنية للمستهلك المتعاقد بوسائل إلكترونية–اإلنترنت نموذجا– رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون األعمال‪ ،‬جامعة‬
‫القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،5101-5112‬ص‪.6-2 :‬‬
‫‪ 8‬بن غيدة ايناس‪ ،‬الحماية المدنية للمستهلك في العقود اإللكترونية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص المعمق‪ ،‬جـامعـة أبــو بـكـر‬
‫بـلقـايـد – تلمسان– كليـة الحقــوق و العلـــوم السياسيـة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،5102-5102‬ص‪.00 :‬‬

‫‪4‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫أهمية الموضوع‪:‬‬

‫تظهر أهمية هذا الموضوع (الحماية القانونية للمستهلك المتعاقد إلكترونيا) في كون المستهلك‬
‫اإللكتروني بحاجة إلى الحماية بإعتباره الطرف األقل خبرة ودراية في المعامالت التجارية‬

‫اإللكترونية مما يجعله في موقع ضعف في مقابل المهني الذي يوجد في مركز قوة‪ ،‬كما يمكن‬
‫رصد هذه األهمية أيضا من خالل الوسائل الحديثة للتواصل والتي ال تمكن المستهلك من‬
‫فحص ومعاينة المنتوج أو الخدمة محل التعاقد‪ ،‬كما قد يتغاضى المحترف عن سالمة وأمن‬
‫المستهلك بإيهامه بمزايا غير حقيقية في منتجه‪ ،‬ما يجعله عرضة للتالعب بمصالحه‬
‫ومحاولة غشه واإلحتيال عليه‪ ،‬كل هذا يجعل من حماية المستهلك مسألة حتمية‪.‬‬

‫أسباب إختيار موضوع البحث‪:‬‬

‫تعود أسباب إختيارنا لموضوع "حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي"‬
‫إلى ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬الوقوف على كافة الجوانب القانونية والتطبيقية الخاصة لحماية المستهلك اإللكتروني‬
‫وذلك بتعرف على نطاق الحماية في مرحلة تكوين العقد وكذا مرحلة تنفيذ العقد‪.‬‬
‫‪ -‬خطورة المعاملة في مجال التجارة اإللكترونية وكذا المخاطر التي يتعرض لها‬
‫المستهلك وكيفية حمايته ووقايته منها‪.‬‬

‫أهداف البحث‪:‬‬

‫تهدف هذه الدراسة إلى بيان حاجة المستهلك اإللكتروني لحماية تجعله يدخل أسواق‬
‫إلكترونية بثقة وأمان‪ ،‬باإلضافة إلى التعرف على حقوق المستهلك في مرحلة قبل إبرام العقد‬
‫اإللكتروني وعند إبرامه ثم في مرحلة تنفيذه‪.‬‬

‫إشكالية البحث‪:‬‬

‫يكمن اإلشكال األساسي للموضوع الذي بين أيدينا‪ ،‬في مدى قدرة وفعالية الوسائل واآلليات‬
‫التي أقرها المشرع المغربي في توفير حماية فعالة وكافية للمستهلك المتعاقد بشكل إلكتروني‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫ويتفرع عن هذا اإلشكال الرئيسي مجموعة من التساؤالت الجزئية‪:‬‬

‫‪ -‬هل أوجد المشرع المغربي نطاقا قانونيا متكامال لحماية المستهلك في التعاقد‬
‫اإللكتروني؟‬
‫‪ -‬هل هناك فروقات في مجال حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني ما بين التشريع‬
‫المغربي والقوانين المقارنة؟‬
‫‪ -‬ما هي الضمانات والحقوق التي يستفيد منها المستهلك في جميع مراحل التعاقد‬
‫اإللكتروني‪ ،‬إنطالقا من المرحلة السابقة للتعاقد وصوال الى مرحلة تنفيذ العقد؟‬

‫منهج البحث‪:‬‬

‫لإلجابة على اإل شكاليات البحثية المطروحة سنعتمد منهجا تحليليا وذلك من خالل تحليل‬
‫المواد القانونية المتعلقة بحماية المستهلك‪ ،‬مع تعزيزه بمقارنات تشريعية من خالل التطرق‬
‫لبعض التشريعات التي كانت سابقة في مجال حماية المستهلك‪ ،‬سواء كانت هذه التشريعات‬
‫عربية(التشريع المصري‪ ،‬التشريع الفلسطيني‪ ،)...‬أو كانت تشريعات أجنبية(التشريع‬
‫الفرنسي)‪.‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬

‫إرتأينا تقسيم موضوع هذا البحث على الشكل التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬حماية المستهلك اإللكتروني في مرحلة ما قبل التعاقد‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اإللتزام بإعالم المستهلك اإللكتروني‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حماية المستهلك في مواجهة اإلعالنات اإللكترونية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬حماية المستهلك خالل مرحلتي إبرام وتنفيذ العقد اإللكتروني‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬حماية المستهلك أثناء إبرام العقد اإللكتروني‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حماية المستهلك في مرحلة تنفيذ العقد اإللكتروني‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫المبحث األول‪ :‬حماية المستهلك اإللكتروني في مرحلة ما قبل التعاقد‬


‫تسبق مرحلة التعاقد مرحلة تمهيدية يطلق عليها بمرحلة التفاوض‪ ،‬وتعتبر هذه المرحلة أولى‬
‫فترات المرحلة السابقة على التعاقد‪ ،‬فهي تشكل النقطة أو الخطوة األولى التي يبدأ فيها العقد‬
‫بالتكوين والخروج من مجرد رغبة في التعاقد إلى عقد بالمعنى الكامل‪.‬‬

‫تعتبر هذه المرحلة أهم مراحل حياة العقد ذلك ألنه يتم فيها تحديد حقوق وإلتزامات الطرفين‬
‫التي تنشأ عن العقد‪ ،‬وكذا نطاق مسؤوليتهم في حالة ما أخل أحد األطراف المتفاوضة‬
‫باإللتزامات الواقعة على عاتقه‪ ،‬وعليه فنجاح العقد أو فشله يرجع في األصل إلى مرحلة‬
‫التفاوض‪.‬‬

‫وقد ساهمت التطورات التي شهدها العالم في مجال تكنولوجيا المعلوميات واإلتصاالت‪ ،‬في‬
‫تطور التجارة اإللكترونية التي تتميز عن التجارة التقليدية في كونها تتم عبر شبكات اإلتصال‬
‫اإللكترونية‪ ،‬وهذا ما أدى إلى توسيع أفاق التسويق أمام المستهلك‪ ،‬ورغم أن ذلك يساهم في‬
‫نمو وإنتشار التجارة اإللكترونية‪ ،‬نظرا لكونه يتيح للمستهلك خيارات واسعة للتسوق‪ ،‬فإنه‬
‫يؤدي إلى تزايد الظغوط على المستهلك من أجل حمله على التعاقد عن طريق هذه األلية‬
‫الجديدة دون أن يتوافر على الرضا الكافي‪.‬‬

‫وبإعتبار أن المستهلك هو الحلقة األضعف في المعامالت اإللكترونية سالفة الذك‪ ،‬في مقابل‬
‫المزود الذي يتمتع بالخبرة والدراية االقتصادية‪ ،‬مما يجعله عرضة للعديد من المخاطر‬
‫كالقرصنة والغش بل حتى اإلحتيال‪ ،‬وإعتبارا كذلك لكون المستهلك اإللكتروني يتعاقد مع‬
‫تاجر ال يعرفه وال يعرف مكان وجوده‪ ،‬كما أنه غير قادر على معاينة الشيء المتعاقد عليه‬
‫معاينة حقيقية‪ ،‬مادام هو والمهني ال يجمعهما مجلس واحد‪ ،‬فإن جل التشريعات أوجبت‬
‫حمايته قبل دخوله في العالقة التعاقدية من أجل خلق نوع من التوازن في عالقته بالمهني‪.‬‬

‫ونظرا لقصور القواعد العامة في توفير حماية كافية للمستهلك اإللكتروني‪ ،‬قد دفع المشرع‬
‫إلى تكريس حماية خاصة له إلى جانب الحماية التي يتمتع بها المستهلك المتعاقد تقليديا وذلك‬
‫إبتداء من مرحلة التفاوض‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫وأمام هذه الوضعية حاول المشرع المغربي من خالل قانون ‪ 80.13‬إرساء مجموعة من‬
‫الضمانات القانونية الهادفة إلى تنوير إرادة المستهلك اإللكتروني في إطار عقود التجارة‬
‫اإللكترونية وذلك قبل التعاقد‪ ،‬حيث تتجلى أهم هذه الضمانات في اإللتزام باإلعالم (المطلب‬
‫األول)‪ ،‬باإلضافة إلى حماية المستهلك في مواجهة اإلعالنات اإللكترونية(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اإللتزام بإعالم المستهلك اإللكتروني‬


‫يعتبر اإللتزام المسبق باإلعالم في العقود المبرمة عن بعد أحد أهم الضمانات التي تكفل‬
‫للمستهلك اإللكتروني الحماية الكاملة في ظل إنعدام التوازن العقدي بين المتعامل المحترف‬
‫الذي يتمتع بمركز إقتصادي قوي بإعتباره يملك القوة اإلقتصادية والكفأة التقنية في مجال‬
‫اإلنتاج ومجال تأدية الخدمة‪ ،‬وبين المستهلك العادي الذي له مركز ضعيف بسبب جهل‬
‫وعدم تمتع هذا األ خير بالمعرفة الكاملة والصحيحة حول حقيقة هذه السلع والخدمات‬
‫المعروضة عليه‪.‬‬

‫أمام هذه الوضعية الالمتكافئة بين أطراف العقود اإللكترونية‪ ،‬كان لزاما على المشرع‬
‫المغربي أن يتدخل لتوفير حماية مسبقة للمستهلك اإللكتروني في مواجهة المحترف عن‬
‫طريق إلزام هذا األخير بإعالم المستهلك بكافة المعلومات والبيانات التي من شأنها تنوير‬
‫رضائه ومن ثم إبرامه للعقد بإرادة حقيقية خالية من كل ما من شأنه خداعة أو تضليله وكل‬
‫ذلك تكريسا لمبدأ حسن النية في إبرام وتنفيذ العقود‪.‬‬

‫وهكذا فقد أصبح اإللتزام باإلعالم من بين اإللتزامات القانونية اإللزامية الملقاة على عاتق‬
‫أحد طرفي العقد بفعل صدور قانون ‪ 80.13‬القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك‬

‫وعليه سنتطرق في هذا المطلب إلى مضمون هذا اإللتزام في الفقرة االولى‪ .‬على أن‬
‫نخصص الفقرة الثانية للجزاء المترتب عنه في حالة االخالل به‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مضمون اإللتزام باإلعالم‬


‫نشير في البداية إلى أن اإللتزام باإلعالم يمكن أن يرد بمسميات أخرى منها‪ :‬اإللتزام‬
‫بالتبصير‪ ،‬اإللتزام باإلخبار‪ ،‬اإللتزام باإلدالء‪ ،‬اإللتزام باإلفصاح‪ ،‬اإللتزام باإلفضاء‪...‬إلى‬
‫غير ذلك حيث الحظنا إختالف التسميات بإختالف الدراسات التي تتطرق لهذا الموضوع‪،‬‬
‫ولكنها ال تختلف في مضمونها عن اإللتزام باإلعالم الذي أخذ به المشرع المغربي في‬
‫‪9‬‬
‫القانون رقم ‪80.13‬‬

‫إن التشريعات الحديثة ومن بينها التشريع المغربي لم تعطي تعريفا لإلعالم‪ ،‬وبهذا تكون قد‬
‫فسحت المجال للفقه لمحاولة إيجاد تعريف شامل له‪.‬‬

‫إال أنه تعددت وإختلفت هذه التعريفات الفقهية لإللتزام باإلعالم‪ ،‬حيث عرف كل واحد منهم‬
‫هذه المؤسسة القانونية من وجهة نظره‪.‬‬

‫إذ عرف الدكتور عبد القادر العرعاري اإلعالم بوجه عام بأنه‪":‬إرتبط هذا المصطلح في‬
‫المجال القانوني بنمط التعاقدات التي تحصل بين أطراف غير متوازنة من حيث المراكز‬
‫القانونية أو اإلقتصادية األمر الذي يجعل الطرف القوي يستغل بعض المبادئ التقليدية‬
‫لنظرية العقد كمبدأ سلطان اإلرادة ومبدأ العقد شريعة المتعاقدين إلخضاع الطرف اآلخر‬
‫‪10‬‬
‫إلرادته وذلك كله دون أن يخرق المنظومة التقليدية لعيوب التراضي"‪.‬‬

‫أما اإل عالم ما قبل التعاقد فقد عرفه الدكتور المهدي نزيه محمد الصادق بأنه‪ ":‬إلتزام سابق‬
‫على التعاقد يتعلق بإلتزام أحد المتعاقدين بأن يقدم للمتعاقد األخر عند تكوين العقد البيانات‬
‫االزمة إليجاد رضاء سليم كامل متنور‪ ،‬بحيث يكون المتعاقد األخر على علم بكافة تفصيالت‬
‫‪11‬‬
‫هذا العقد "‪.‬‬

‫كما عرفه جانب أخر من الفقه بأنه‪ ":‬إلتزام قانوني عام سابق على التعاقد يلتزم فيه المدين‬
‫بإعالم الدائن في ظروف معينة إعالما صحيحا وصادقا بكافة المعلومات الجوهرية المتصلة‬

‫‪9‬بدر منشيف‪ ،‬حماية المستهلك في العقد اإللكتروني‪ ،‬مقال منشور بالمجلة العربية للدراسات القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬مؤلف جماعي حول‬
‫حماية المستهلك الطبعة األولى ‪ ،5151‬ص‪.852 :‬‬
‫‪10‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر اإللتزامات‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬الطبعة الخامسة ‪ ،5106‬مكتبة دار األمان الرباط‪ ،‬ص‪.038 :‬‬
‫‪11‬المهدي نزيه محمد الصادق‪ ،‬اإللتزام قبل التعاقدي باإلدالء بالبيانات المتعلقة بالعقد وتطبيقاته على بعض أنواع العقود‪ ،‬الطبعة األولى‪،0235 ،‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.02 :‬‬

‫‪9‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫بالعقد المراد إبرامه‪ ،‬والتي يعجز عن اإلحاطة بها بوسائله الخاصة ليبنى عليه رضاءه‬
‫‪12‬‬
‫بالعقد"‪.‬‬

‫هذا فيما يتعلق بمفهوم اإلعالم قبل التعاقد بشكل عام‪ .‬أما فيما يخص اإللتزام باإلعالم قبل‬
‫التعاقد في العقود اإلكترونية‪ ،‬فيعرف على أنه‪ ":‬إلتزام يقع على عاتق التاجر اإللكتروني أو‬
‫مقدم الخدمة الذي يتعاقد مع المستهلك من خالل الوسائل االلكترونية الحديثة‪ ،‬بمقتضاه يخبر‬
‫المستهلك بشخصيته‪ ،‬وببياناته التجارية‪ ،‬وبكافة البيانات الجوهرية المتعلقة بالعقد‪ ،‬والتي بناء‬
‫‪13‬‬
‫عليها يتخذ المستهلك باإلقدام على التعاقد أو عدم التعاقد بناءا على إرادة حرة مستنيرة"‪.‬‬

‫يتضح من التعريفات السابقة أن اإلعالم هي الوسيلة التي تبصر المستهلك بكل ما يتعلق‬
‫بالعقد المراد إبرامه‪ ،‬فإن كانت صالحة له أبرم العقد‪ ،‬وإن كانت ضارة له صرف عن العقد‪.‬‬

‫فعندما يحصل التعاقد خارج نطاق اإلحتراف بأن يكون أحد المتعاقدين محترفا واآلخر‬
‫مستهلكا عاديا ال عالقة له بأصول الحرفة محل التعاقد فإن الضرورة تفرض إعالم هذا‬
‫األخير وتنوير بصيرته قبل مرحلة التعاقد حتى تتحقق العدالة المنشودة من مؤسسة العقد التي‬
‫قال عنها الفقيه(لوازيل)بأن من قال عقدا قال عدال‪ ،‬ولن تتحقق هذه العدالة إال بإفضاء‬
‫‪14‬‬
‫المحترف بكل ما يملك من إفادات قبل عملية التعاقد‪.‬‬

‫ويعتبر الحق في اإلعالم‪ ،‬جعل المستهلك في أمان ضد مخاطر المنتج الذي يشتريه سواء‬
‫كانت سلعة أو خدمة‪ ،‬وهو ما يفرض على المنتج أو المورد إلتزاما بإحاطة المستهلك علما‬
‫‪15‬‬
‫بظروف العقد ومالبساته‪.‬‬

‫لذا فإن إلتزام المهني بإعالم وتبصير المستهلك ينشأ من أجل حماية المستهلك الطرف‬
‫الضعيف في العالقة التعاقدية‪ ،‬وبموجبه ينبغي على البائع أن يعلم المشتري بكل ما يمكن أن‬

‫‪12‬خالد جمال أحمد حسن‪ ،‬اإللتزام باإلعالم قبل التعاقد‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،0226 ،‬ض‪.35 :‬‬
‫‪13‬كوثر سعيد عدنان خالد‪ ،‬حماية المستهلك اإللكتروني‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،5105 ،‬ص‪.531 :‬نقال عن اكسوم عيالم رشيدة‪ ،‬المركز‬
‫القانوني للمستهلك اإللكتروني‪ ،‬أ طروحة لنيل درجة الدكتوراه الطور الثالث(قانون اإللتزامات) في القانون‪ ،‬جامعة مولود معمري‪-‬تيزي وزو‪ -‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،5103 ،‬ص‪.821-822 :‬‬
‫‪14‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر اإللتوامات‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.038 :‬‬
‫‪15‬بدر منشيف‪ ،‬حماية المستهلك في العقد اإللكتروني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.856 :‬‬

‫‪10‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫يؤثر على قراره في إبرام العقد اإللكتروني من عدمه‪ ،‬وبذلك تكون إرادة المستهلك حرة في‬
‫‪16‬‬
‫التعبير عن القبول‪.‬‬

‫وقد فرض المشرع هذا اإللتزام منذ صدور القانون المتعلق بزجر الغش في البضائع‪ ،‬وذلك‬
‫في الفصول من (‪01‬إلى ‪ ،)06‬حيث أوجب في الفصل ‪ 06‬منه على المهني إظهار البيانات‬
‫المطلوبة والمتعلقة بخصائص السلع والخدمات‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى قانون المنافسة وحرية األسعار نجد أن المشرع ينص في المادة ‪ 24‬من هذا‬
‫القانون على أنه" يجب على كل من يبيع منتوجات أو يقدم خدمات أن يعلم المستهلك عن‬
‫طريق وضع عالمة أو ملصق أو إعالن أو بأي طريقة مناسبة أخرى باألسعار والشروط‬
‫الخاصة للبيع أو إليجار الخدمة تحدد إجراءات إعالم المستهلك بنص تنظيمي"‪.‬‬

‫هذا وقد خصص المشرع في القانون رقم ‪ 28.12‬المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات‬
‫القانونية‪ 17‬فصلين لتنظيم كيفية إعالم المستهلك في حالة إستخدام الوسائل اإللكترونية لوضع‬
‫عروض تعاقدية أو معلومات متعلقة بسلع أو خدمات رهن إشارة العموم من أجل إبرام العقد‪.‬‬

‫وعند إصدار المشرع للقانون ‪ 80.13‬القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك‪ ،‬أورد حق‬
‫اإللتزام باإلعالم ضمن ديباجته وإعتبره أول حق أساسي في مجال حماية المستهلك‪ ،‬وكذلك‬
‫قد خصص القسم الثاني بكامله من هذا القانون لإللتزام العام باإلعالم‪ ،‬أما بالنسبة للعقود‬
‫المبرمة عن بعد فإن هذا اإللتزام يجد أساسه في المادة ‪ 52‬من قانون ‪.80.13‬‬

‫إنطالقا من مضمون هذه المواد يتضح أن هناك عدة معلومات يجب على المزود أن يقوم‬
‫باإلدالء بها للمستهلك وذلك قبل أن يقوم هذا األخير بإبرام العقد اإللكتروني‪ ،‬وذلك من أجل‬
‫تنوير إرادته ‪.‬‬

‫ولعل من أهم المعلومات التي تشترك القوانين في وجوب تقديمها للمستهلك تلك المتعلقة‬
‫بتحديد شخصية المزود أو البائع(أوال)‪ ،‬ثم وصف الخدمة أو المنتج محل التعاقد(ثانيا)‪.‬‬

‫‪16‬عبد العالي فارس‪ ،‬حماية المستهلك في العقد اإللكتلروني‪ ،‬مذكرة تكميلية لنيل شهادة الماستر شعبة الحقوق‪-‬تخصص‪ :‬قانون أعمال‪ ،‬جامعة‬
‫العربي بن مهيدي‪-‬أم البواقي‪-‬كلية الحقوق والعلوم األساسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،5102-5108‬ص‪.06 :‬‬
‫‪17‬صدر بتنفيذ الظهير الشريف رقم ‪ 0.14.052‬بتاريخ ‪ 81‬نوفمبر ‪ 5114‬المنشور في الجريدة الرسمية رقم ‪ 2232‬الصادرة يوم الخميس ‪ 6‬دجنبر‬
‫‪.5114‬‬

‫‪11‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫أوال‪ :‬تحديد شخصية المزود أو البائع‬

‫إن أكثر ما يهم المستهلكين في العقود المبرمة عن بعد هو التأكد من هوية الشخص الذي‬
‫يتعامل معه ألن طبيعة العقود اإللكترونية تستلزم الوضوح والشفافية في مختلف مراحلها‪،‬‬
‫ولعل أهمها التحديد الدقيق لشخص الموجب من منطلق تقوية الثقة والشفافية بالقدر الذي‬
‫‪18‬‬
‫يسمح بتشجيع والزيادة في نسبة عقود التجارة اإللكترونية مع المستهلكين‪.‬‬

‫ومن ثم فإن من أهم المشاكل التي تثير قلق المستهلك وقد تؤدي إلى إحجامه على التعاقد‪ ،‬هي‬
‫عدم معرفة شخصية البائع الذي يتعامل معه ‪.‬‬

‫يؤدي بيان شخصية المزود المستهلك ألن يكون على بينة من أمره‪ ،‬فيتوفر عنصر األمان في‬
‫التعاقد عن بعد‪ ،‬باإلضافة إلى أهمية ذلك في تحديد مركز المستهلك القانوني‪ ،‬ووضوح‬
‫‪19‬‬
‫إلتزاماته ومدى إمكانية تنفيذها‪.‬‬

‫ومن بين التشريعات التي فرضت على المتدخلين مثل هذا اإللتزام نجد المشرع الفرنسي في‬
‫المادة ‪ 050‬ف ‪ 03‬من قانون اإلستهالك و التي بمقتضاها أصبح البائع مجبرا على ذكر إسمه‬
‫و رقم هاتفه و كذا عنوان البريدي‪ ،‬أما إذا تعلق األمر بشخص معنوي فإن هذا االخير ملزم‬
‫‪20‬‬
‫بذكر مقره اإلجتماعي أو عنوان المؤسسة صاحبة العرض إذا كانت مختلفة‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمشرع المغربي فإنه سار على نفس نهج المشرع الفرنسي‪ ،‬بخصوص تحديد‬
‫شخصية المورد‪ .‬فقد جاء في قانون ‪ 80.13‬في الفقرة الثانية من المادة ‪ 52‬أنه يجب على‬
‫المورد أن يبين إسمه وتسميته التجارية‪ ،‬والمعطيات الهاتفية التي تمكن من التواصل الفعلي‬
‫معه‪ ،‬وبريده اإللكتروني‪ ،‬وعنوانه‪ ،‬وإذا تعلق األمر بغير المورد فعنوان المؤسسة المسؤولة‬
‫عن العرض‪.‬‬

‫يتبين مما سبق بأن تحديد شخصية المورد‪ ،‬تعتبر من أهم المعلومات التي يجب تبصير‬
‫المستهلك بها في العقود اإللكترونية‪ ،‬وذلك من أجل أن يطمئن هذا المستهلك إلى سمعة هذا‬

‫‪18‬قارس بوبكر‪ ،‬اإللتزام المسبق باإلعالم كآلية لحماية المستهلك في العقود المبرمة عن بعد‪ ،‬مقال منشور بمجلة الحقوق والعلوم اإلنسانية‪ ،‬المجلد‬
‫العاشر العدد الرابع‪ ،‬ص‪.523 :‬‬
‫‪19‬منصور‪ ،‬محمد حسين‪ :‬أحكام البيع التقليدية واإللكترونية والدولية وحماية المستهلك‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مصر‪ :‬دار الفكر‪ ،5116 ،‬ص‪.023 :‬‬
‫‪20‬قارس بوبكر‪ ،‬اإللتزام‪ ،‬اإللتزام المسبق باإلعالم كآلية لحماية المستهلك في العقود المبرمة عن بعد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.523 :‬‬

‫‪12‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫المورد‪ ،‬كما أن المستهلك يهمه معرفة المزود الذي يتعاقد معه‪ ،‬حتى يستطيع تقديم الدعوى‬
‫ضده في حالة إخالله بإلتزماته‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬وصف الخدمة أو المنتج محل التعاقد‬

‫يعتبر اإلعالم بخصائص وسمات السلع والخدمات المعروضة جوهر فكرة اإللتزام‬
‫باإلعالم‪ ،‬لكون هذه األخيرة غالبا ما تكون السبب الرئيسي الذي يدفع المستهلك إلى التعاقد‪.‬‬

‫وقد عملت مختلف تشريعات الدول على إلزام المزود أن يبين بكل وضوح خصائص السلعة‬
‫والخدمة محل العقد‪ .‬والهدف من تقرير هذا اإللتزام هو تنوير إرادة المستهلك قبل إبرام‬
‫العقد‪ ،‬من أجل الوقوف على مزايا هذا العقد وعرفة مدى قدرته ومدى كفاءته في تحقيق‬
‫الغرض المنشود من إقتنائه‪ ،‬ومدى مالئمته مع متطلباته وإمكانات المستهلك‪.‬‬

‫واإللتزام المفروض على المزود إتجاه المستهلك يجب أن يتعلق بكل المعلومات المتعلقة‬
‫بالصفة الجوهرية الخاصة بالشيء محل التعاقد‪ ،‬خاصة إن كانت هذه الصفة غير متوافرة‬
‫بحسب المعتاد‪ ،‬فمن يشتري ثالجة جديدة من حقه أن يفترض أنها خالية من العيوب تماما‪ ،‬إذ‬
‫أن صفة الجدة تمثل صفة جوهرية‪ ،‬ومن يستأجر شقة مفروشة من حقه أن يفترض أن بها‬
‫أثاث صالح لإلستعمال على نحو يوفر العيش الكريم‪ ،‬فصفة أنها مفروشة تمثل هنا صفة‬
‫‪21‬‬
‫جوهرية‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة أن األوصاف والسمات األساسية للمنتوج التي يلتزم المزود بتقديمها‬
‫للمستهلك‪ ،‬تختلف بإختالف طبيعة كل منتوج‪.‬‬

‫و إلتزام المتعامل بإعالم المستهلك ال ينحصر في إعالمه بالمعلومات التي تعمل على تنوير‬
‫إرادته وتوجيهها نحو اإلختيار الواعي للسلعة‪ ،‬بل يتعدي ذلك إلى إلزامه كذلك بكل‬
‫المعلومات التي تتعلق بإستعمال المبيع والتحذير من مخاطره واإلحتياطات الواجب إتخاذها‬
‫‪22‬‬
‫لتجنب األضرار‪.‬‬

‫‪21‬عبد هللا ذيب عبد هللا محمود‪ ،‬حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني‪ ،‬أطروحة إستكماال لمتطلبان الحصول على درجة الماجيستر في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬كلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬فلسطين‪ ،‬ص‪.22 :‬‬
‫‪22‬نابي مريم‪ ،‬جامعة مولود معمري‪-‬تيزي وزو‪-‬عضو بمختبر حماية المستهلك‪ ،‬دور اإللتزام اإلعالم قبل التعاقدي في حماية المستهلك‪ ،‬مقال‬
‫منشور بمجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‪ ،5103 ،‬ص‪.060 :‬‬

‫‪13‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫كما يتطلب تنفيذ هذا اإللتزام بيان ثمن السلعة أو الخدمة الذي يعتبر المحل الثاني في عقد‬
‫البيع واإللتزام الرئيسي بالنسبة للمستهلك‪ ،‬وتحديد هذا الثمن يمكن من معرفة مدى توفر‬
‫التوازن العقدي من عدمه‪.‬‬

‫ويعتبر اإلعالم عن الثمن أمرا ذو أهمية بالغة في العقود المبرمة عن بعد نظرا لطبيعتها‪،‬‬
‫فجهل كل متعاقد للمتعاقد األخر يزيد من فرضية غبن المهني للمستهلك‪ ،‬كما أن هذا األخير‬
‫يقدم على شراء السلع والخدمات بناء على إمكانياته المادية‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار نصت المادة ‪ 000‬من قانون اإلستهالك الفرنسي لسنة ‪ 0228‬أن على‬
‫المزود الذي يعرض منتجاته عبر اإلنترنت أن يحدد الخصائص العامة الضـرورية للمنـتج‬
‫أو الخدمة‪ ،‬وعلى وجه الخصوص الخصائص الكيفية والكمية والمدة التي ستعرض فيها‪.‬‬

‫وهو نفس األمر الذي كرسه المشرع المغربي في القانون رقم ‪ 80.13‬القاضي بتحديد تدابير‬
‫لحماية المستهلك‪ ،‬حيث نصت المادة الثالثة منه على أنه" يجب على كل مورد أن يمكن‬
‫المستهلك باي وسيلة مالئمة من معرفة المميزات األساسية للمنتوج أو السلعة أو الخدمة وكذا‬
‫مصدر المنتوج أو السلعة وتاريخ الصالحية إن إقتضى الحال وأن يقدم إليه المعلومات التي‬
‫من شأنها مساعدته عن القيام بغختيار معقول بإعتبار حاجياته وإمكانياته‪"...‬‬

‫بقي أن نشير إلى اللغة التي يجب أن يتم بها إعالم المستهلك وتقديم المعلومات إليه‪ ،‬في هذا‬
‫اإلطار إشترطت مختلف التشريعات المقارنة ضرورة أن يتم إعالم المستهلك باللغة التي‬
‫يفهمها وهي اللغة الوطنية وذلك من أجل حمايته بإعتباره الطرف الضعيف في العقد‪.‬‬

‫يعتبر وجوب مراعاة اللغة األم لكل مستهلك هي من أشكال الحماية التي أضافتها المبادئ‬
‫‪23‬‬
‫القانونية المعاصرة للمستهلك‪ ،‬ليتسنى له فهم مضمون العقد الذي يريد أن يقدم عليه‪.‬‬

‫وقد فرض المشرع الفرنسي صياغة اإليجاب باللغة الفرنسية سواء في القانون الصادر في‬
‫‪ 08‬ديسمبر ‪ ،0242‬أو في قانون توبون الصادر في ‪ 2‬غشت ‪ 0222‬المتعلق بإستخدام اللغة‬
‫الفرنسية حيث نصت المادة الثانية منه" يجب إستخدام اللغة الفرنسية في اإليجـاب في كل‬
‫أنواع التجارة‪ ،‬بما في ذلك التجارة اإللكترونية‪ ،‬وبصفة خاصة في التعليمـات الخاصـة‬
‫‪23‬عبد هللا ذيب عبد هللا محمود‪،‬حماية المستهلك في التعاقد االلكتروني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10 :‬‬

‫‪14‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫بالتشغيل‪ ،‬وشروط الضمان‪ ،‬ووصف المنتج أو الخدمة والفواتير واإليصاالت‪ ،‬وينطبق هذا‬
‫على اإلعالنات المرئية والمسموعة أو الناطقة أو المكتوبة"‪.‬‬

‫أما بالنسبة لقانون اإلستهالك المغربي الجديد‪ ،‬فلم يشر إلى مسألة إعالم المستهلك باللغة‬
‫الوطنية بل إكتفى بالنص في المادة ‪ 516‬على ان كل عقد حرر بلغة أجنبية يصطحب وجوبا‬
‫بترجمة إلى العربية‪.‬‬

‫ولكن بالنظر إلى الخصوصية التي تتمتع بها شبكة اإلنترنت‪ ،‬وهي أنها ذات طابع دولي غير‬
‫محصورة بدولة ما فقط‪ ،‬فإن اإليجاب عبر هذه الشبكة غالبا ما يتم باللغة اإلنجليزية‪ ،‬غير أن‬
‫هذا ال يمنع من أن يتم إعالم وتبصير المستهلك بلغته األم أيضا حتى تصبح المعلومة المقدمة‬
‫واضحة ومفهومة وغير غامضة‪.‬‬

‫يستخلص مما سبق‪ ،‬أن اإللتزام بإعالم المستهلك و مده ببيانات حول محل التعاقد هو إلتزام‬
‫إيجابي‪ ،‬يجعل رضاءه حرا و مستنيرا يساعده في إتخاذ قرار إبرام العقد من عدمه عن بينة و‬
‫‪24‬‬
‫إختيار‪ ،‬و هذا يؤدي إلى تحقيق التوازن بين المراكز القانونية لألطراف المتعاقدة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬جزاء إخالل المورد بإلتزامه باإلعالم‬


‫قد يترتب عن اإلخالل باإللتزام بإعالم المستهلك أضرارا له‪ ،‬وبالتالي اإلخالل بالتوازن‬
‫العقدي لذا كان من الطبيعي إقتران هذا اإللتزام كباقي اإللتزامات بجزاءات تدعمه وتؤدي‬
‫إلى إحترامه من طرف المهني‪.‬‬

‫وسنحاول الوقوف على هذه الجزاءات من خالل التطرق إلى الجزاء المدني(أوال) ثم الجزاء‬
‫الجنائي(ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الجزاء المدني‬

‫إن اإللتزام بإعالم المستهلك قبل التعاقد يساعد على تنوير رضاءه‪ ،‬ومن ثم فإن اإلخالل به‬
‫من طرف المهني يؤدي إلى تعيب إرادة المستهلك اإللكتروني‪.‬‬

‫‪ 24‬نزهة الخلدي‪ ،‬اإللتزام باإلعالم ودوره في تنوير إرادة المستهلك‪ ،‬مقال منشور في مؤلف حماية المستهلك‪ ،‬دراسات وأبحاث في ضوء‬
‫مستجدات القانون رقم ‪ ، 80.13‬القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك‪ ،‬من جمع وتنسيق زكرياء العماري‪ ،‬سلسلة دراسات وأبحاث‪ ،‬مجلة القضاء‬
‫المدني‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪-‬الرباط‪ ،‬ص‪.041 :‬‬

‫‪15‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫ونظرا لعدم تنصيص قانون ‪ 80.13‬القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك على جزاء‬
‫اإلخالل باإللتزام باإلعالم‪ ،‬فإنه يجب البحث عن الجزاء المدني المترتب على اإلخالل بهذا‬
‫اإللتزام في األحكام الخاصة بنظرية عيوب اإلرادة السيما الغلط والتدليس(أ) مما يسمح‬
‫للمستهلك المطالبة بإبطال العقد‪ .‬هذا باإلضافة إلى مطالبته بالتعويض نتيجة قيام المسؤولية‬
‫المدنية للمدين(ب)‪.‬‬

‫أ‪ :‬قابلية العقد لإلبطال إستنادا إلى عيب الغلط وعيب التدليس‬

‫عدم اإللتزام بإعالم المستهلك اإللكتروني بالبيانات والمعلومات األساسية التي من شأنها‬
‫تنوير رضائه قد يوقعه في عيب الغلط أوعيب التدليس‪ ،‬مما يسمح له بطلب إبطال العقد‪،‬‬
‫ويشكل اإلبطال الجزاء التقليدي المعمول به في حالة وجود عيب في تكوين العقد‪.‬‬

‫يعرف الغلط بأنه توهم يصور لشخص الواقع على خالف حقيقته ويدفعه إلى التعاقد‪.‬‬
‫فالمتعاقد تحت وطأة الغلط يقوم إذن لديه تصور كاذب للواقع يحمله على إبرام عقد ما كان‬
‫ليبرمه لو وقف على حقيقة االمر‪ .‬وهكذا يصيب الغلط اإلرادة عند إبرام التصرف فيسيرها‬
‫وجهة تخالف الواقع الذي تخيله المتعاقد على غير حقيقته كأن يشتري شخصا لوحة يظنها‬
‫أثرية وإذا بها ليست كذلك‪ ،‬أو يهب ماال لشخص يعتقد أنه قريبه وإذا بالموهوب له شخص‬
‫‪25‬‬
‫غريب ال يمت إليه بصلة القرابة‪.‬‬

‫وعليه يمكن للدائن الذي وقع في غلط في البيانات والمعلومات المقدمة إليه من طرف المدين‬
‫المتصلة بمحل العقد‪ ،‬أن يطلب إبطال هذا العقد‪ ،‬وهذا ما جاء به الفصل ‪ 20‬من قانون‬
‫اإللتزامات والعقود المغربي الذي ينص على أنه‪ ":‬يخول الغلط اإلبطال‪ ،‬إذا وقع في ذات‬
‫الشيء أو في نوعه أو في صفة فيه كانت هي السبب الدافع إلى الرضى‪".‬‬

‫يالحظ من خالل هذا الفصل أنه يشترط إلبطال العقد للغلط أن يكون الغلط جوهريا‪ ،‬أي لواله‬
‫لما أقبل المتعاقد على التعاقد أصال أو لتعاقد بشروط مغايرة‪ .‬ويكون كذلك‪ :‬إذا وقع في مادة‬
‫الشيء ونوعيته أو في صفة جوهرية فيه(كمن يشتري شيئا مصنوعا من الخشب‪ ،‬ثم يتبين‬

‫‪ 25‬مأمون الكزبري‪ ،‬نظرية اإللتزامات في ضوء قانون اإللتزامات والعقود المغربي‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬مصادر اإللتزامات‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،‬بيروت ‪ 02‬فبراير‪ ،0245‬ص‪.42 :‬‬

‫‪16‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫أنه من البالستيك‪ ،‬أو شيئا أثريا‪ ،‬ثم يتبين أنه مجرد نسخة ‪ ،26)...‬أو أن يتصل بالمتعاقد‬
‫األخر‪.‬‬

‫مما سبق يتبين أنه قد أحسن المشرع صنعا إذ أخذ بهذه النظرة الحديثة التي ال تقتصر على‬
‫اإلعتداد بالغلط الواقع على مادة الشيء أو على نوعه‪ ،‬بل تعتد أيضا بالغلط الواقع على‬
‫"صفة الشيء كانت هي السبب الدافع إلى الرضاء" أي بغلط في صفة جوهرية للشيء كما‬
‫في مثال من يشتري آنية ذهبية على أنها أثرية ثم يتضح أنها ليست أثرية‪ ،‬حيث يسوغ إبطال‬
‫الشراء حتى لو كانت اآلنية ذهبية إذا تبين أن المشتري ما كان ليقدم على الشراء لو علم ان‬
‫‪27‬‬
‫اآلنية ليست أثرية‪ ،‬وأن هذه الصفة في اآلنية كانت إذن هي السبب الرئيسي في التعاقد‪.‬‬

‫وما يمكن مالحظته في هذا الصدد‪ ،‬أن المطالبة بإبطال العقد لتعيب إرادة المستهلك ال يقتصر‬
‫فقط على عيب الغلط‪ ،‬بل يمكن أن يستند أيضا على عيب التدليس‪ ،‬الذي يمكن تعريفه بأنه‬
‫عبارة عن مجموعة من الوسائل اإلحتيالية التي يمارسها أحد المتعاقدين قصد تمويه الحقيقة‬
‫‪28‬‬
‫وتضليل الطرف األخر الشيء الذي يحمله على التعاقد‪.‬‬

‫ولكي يتحقق التدليس يتعين أن يقوم المدلس بإستعمال وسائل إحتيالية‪ ،‬وهذا ما يسمى‬
‫بالعنصر الموضوعي في التدليس‪ ،‬وذلك كمثل إستعمال طرق مادية كتزوير المستندات أو‬
‫إصطناعها‪ ،‬وكمن يتالعب بعداد السيارة لتبدو حديثة اإلستعمال‪ 29.‬بقصد تضليل المتعاقد‬
‫معه األخر وهذا هو العنصر النفسي في التدليس‪ ،‬و أن تكون هذه األساليب اإلحتيالية هي‬
‫الدافعة إلى التعاقد‪ ،‬وينبغي أن يتم التدليس من طرف أحد المتعاقدين أو شخص أخر يعمل‬
‫بالتواطؤ معه‪.‬‬

‫وبتوافر العناصر السابقة يتحقق التدليس ومن ثم يحق للمتعاقد المدلس عليه طلب إبطال‬
‫العقد‪ ،‬وهذا ما جاء به الفصل ‪ 25‬من قانون اإللتزامات والعقود المغربي ‪.‬‬

‫ولو طبقنا هذه القواعد العامة على العقود اإللكترونية لوجدنا أن هناك مجاال واسعا إلمكانية‬
‫وقوع المستهلك في العقود اإللكترونية ضحية التدليس خاصة أنه يتعاقد عن بعد والسبيل‬
‫‪26‬جمال الطاهري‪ ،‬محاضرات في النظرية العامة لإللتزامات‪ ،5102 ،‬ص‪.013 :‬‬
‫‪27‬مأمون الكزبري‪ ،‬نظرية اإللتزامات قي ضوء قانون اإللتزامات والعقود المغربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.32 :‬‬
‫‪28‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر اإللتزامات‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.020 :‬‬
‫‪29‬جمال الطاهري‪ ،‬محتضرات في النظرية العامة لإللتزامات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.000 :‬‬

‫‪17‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫الوحيد الذي يمكنه معاينة السلعة هو في كثير من األحيان مجرد صور و فيديوهات يشاهدها‬
‫على شاشة الكمبيوتر ولذلك فيعتبر تدليسا التحسينات التي يلجأ إليها المحترفون لترويج‬
‫سلعهم عن طريق تغيير وتزييف صور سلعهم‪ ،‬وبالتالي في هذه الحالة فالمستهلك يمكنه‬
‫‪30‬‬
‫التمسك بالتدليس من أجل إبطال البيع مثال‪.‬‬

‫باإلضافة إلى كون التدليس قد يتجسد في إتيان المورد طرق إحتيالية إيجابية بغية تكوين نوع‬
‫من التوهم لدى المستهلك حول حقيقة الشيء محل التعاقد‪ ،‬فإنه يمكن أن يقع كذلك التدليس‬
‫بفعل سلبي يتمثل في إخفاءه عن المستهلك المعلومات الجوهرية المتصلة بصفة مباشرة‬
‫بالشيء محل التعاقد قاصدا من وراء ذلك خداعه‪ ،‬فالكتمان يعادل التدليس‪.‬‬

‫غير أن هذا الكتمان ال يكون عمال تدليسيا‪ ،‬إال إذا تعلق بواقعة يلزم قانونا أو بمقتضى العقد‬
‫ذكرها‪ ،‬كالمعلومات المرتبطة بالحالة الصحية للمؤمن له‪ ،‬مثال‪31،‬او كما لو كتم بائع عقار‬
‫‪32‬‬
‫عن المشتري أن العقار المبيع قد شرع في نزع ملكيته للمنفعة العامة‪.‬‬

‫بمعنى التدليس عن طريق الكتمان الذي يجعل العقد قابال لإلبطال هو التدليس المانع‪ ،‬أما‬
‫التدليس العارض فإنه ال يرتب للمتعاقد المدلس عليه سوى الحق في التعويض‪ ،‬وهذا ما نص‬
‫عليه الفصل ‪ 28‬من قانون اإللتزامات والعقود‪ ":‬التدليس الذي يقع على توابع اإللتزام من‬
‫غير أن يدفع إلى التحمل به ال يمنح إال الحق في التعويض‪".‬‬

‫هذا وقد إستند القضاء الفرنسي هو األخر إلى التدليس عن طريق الكتمان كأساس لتقرير‬
‫البطالن كجزاء لمخالفة اإللتزام باإلعالم قبل التعاقدي‪ ،‬وذلك من أجل توفير قدر كافي من‬
‫الحماية للمستهلك المتعاقد عن بعد‪ ،‬فبعد أن تمسك القضاء الفرنسي ولمدة طويلة بعدم إعتبار‬
‫السكوت وسيلة من الوسائل االحتيالية‪ ،‬نراه قد غير موقفه إبتداء من سنة ‪ ،0223‬بالرغم من‬
‫خلو التشريع الفرنسي من النص على الكتمان‪ ،‬قبل أن يعتبرها كذلك بمقتضى األمر الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 01‬فبراير ‪.5106‬‬

‫‪30‬بن غيدة إيناس‪ ،‬الحماية المدنية للمستهلك في العقود اإللكترونية‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.26 :‬‬
‫‪31‬جمال الطاهري‪ ،‬محاضرات في التظرية العامة لإللتزامات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.000 :‬‬
‫‪32‬مامون الكزبري‪ ،‬نظرية اإللتزامات في ضوء قانون اإللتزامات والعقود المغربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.015 :‬‬

‫‪18‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫وكان ذلك بمقتضى قرار محكمة النقض الفرنسية بتاريخ ‪ 02‬ماي ‪ ،0223‬حينما قضت بأن‬
‫‪33‬‬
‫السكوت في صورة الكتمان يمكن أن يكون فعال تدليسا‪.‬‬

‫نستخلص مما سبق أنه‪ ،‬يكون لإللتزام باإلعالم قبل التعاقد أثرا واضحا على تجنب إبطال‬
‫العقد للغلط او التدليس‪ ،‬بحيث يقوم هذا اإللتزام في هذه الحالة بدور وقائي‪ ،‬كما ان إحتمال‬
‫وقوع المتعاقد(أي المستهلك) في عيب يتناسب عكسيا مع أداء المدين لإللتزام باإلعالم قبل‬
‫‪34‬‬
‫التعاقد أداء كامال وموضوعيا‪.‬‬

‫ب‪ :‬قيام المسؤولية المدنية‬

‫باإلضافة إلى جزاء اإلبطال يمكن أن يترتب جزاء أخر‪ ،‬وهو المطالبة بالتعويض نتيجة قيام‬
‫المسؤولية المدنية تجاه المدين في اإللتزام باإلعالم قبل التعاقد في العقد اإللكتروني‪.‬‬

‫وهذه المسؤولية المدنية إما أن تكون عقدية أو تقصيرية‪ ،‬ويقصد بالمسؤولية العقدية ذلك‬
‫الجزاء المترتب عن اإلخالل باإللتزامات التعاقدية‪ ،‬فلما كان العقد شريعة المتعاقدين فإنه كان‬
‫لزاما إحترام مضمون هذه العالقة وأي إخالل بها إال ويستوجب تحميل المسؤولية للطرف‬
‫الذي تسبب في حصول هذا اإلخالل‪ ،35‬أما المسؤولية التقصيرية فإنها تترتب على مجرد‬
‫اإلخالل بالواجبات القانونية سواء كان منصوصا عليها في بنود تشريعية أو كانت نابعة من‬
‫نظام التعايش اإلجتماعي كضرورة إحترام حقوق الجوار وعدم المساس بسالمة االفراد‪،‬‬
‫فالقاعدة الكلية تقضي بعدم اإلضرار بالغير‪ ،‬وكل من تسبب في وقوع هذا الضرر إال ويلزم‬
‫‪36‬‬
‫بأداء التعويض للطرف المضرور‪.‬‬

‫ونظرا إلختالف الفقهاء حول الطبيعة القانونية لإللتزام باإلعالم‪ ،‬بين من يقول بأن هذا‬
‫اإللتزام يستمد وجوده من العقد‪ ،‬ومنهم من ينكر الطبيعة العقدية لهذا اإللتزام‪ ،‬فإنهم إختلفوا‬
‫كذلك حول الطبيعة القانونية للمسؤولية الناشئة عن اإلخالل به‪ ،‬ما إذا كانت مسؤولية عقدية‬
‫أو تقصيرية مما أدى إلى ظهور إتجاهين‪:‬‬

‫‪33‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬القانون المدني دراسة حديثة للتظرية العامة لإللتزام‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مصادر اإللتزام‪ ،‬التصرف القانوني‪ ،‬ص‪.026 :‬‬
‫‪34‬عمر محمد عبد الباقي‪ ،‬الحماية العقدية للمستهلك‪ ،‬دراسة مقارنة بين الشرعية والقانون‪ ،‬مطبعة القدس‪ ،‬منشأة لمعارف باإلسكندرية‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪ ،5113‬ص‪.520 :‬‬
‫‪35‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر اإللتزامات‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬المسؤولية المدنية‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،5102‬ص‪.02 :‬‬
‫‪36‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.51 :‬‬

‫‪19‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫‪ -‬إتجاه يقول بالطبيعة العقدية للمسؤولية‪ ،‬على إعتبار أن هذا اإللتزام باإلعالم هو إلتزام‬
‫عقدي ويشكل اإلخالل به خطأ عقدي يستوجب قيام المسؤولية العقدية على عاتق مرتكبيه‪،‬‬
‫وقد إستند أنصار هذا اإلتجاه في تدعيم رأيهم إلى نظرية الخطأ في تكوين العقد للفقيه‬
‫األلماني اهرنج‪ ،‬وبمقتضى هذه النظرية فإن الخطأ حتى في مرحلة التفاوض هو خطأ عقدي‬
‫يؤدي إلى تطبيق أحكام المسؤولية العقدية‪ ،‬سواء ترتب على هذا الخطأ عدم إنعقاد العقد أو‬
‫بطالنه‪ ،‬وأن هذا الخطأ يرتب للمضرور حق المطالبة بالتعويض عن الخطأ كعقد ال كواقعة‬
‫مادية بإفتراض وجود عقد سابق على العقد األصلي هوعبارة عن عقد ضمان مفترض‬
‫‪37‬‬
‫مصدرا لهذا اإللتزام‪.‬‬

‫ـ إتجاه ثاني قال بالطبيعة التقصيرية لهذه المسؤولية‪ ،‬ذلك ألن إلتزام المورد بإعالم المستهلك‬
‫في العقود المبرمة عن بعد يكون في مرحلة التفاوض أي في المرحلة السابقة للتعاقد‪ ،‬ومن ثم‬
‫فإن المسؤولية المترتبة في حالة اإلخالل بهذا اإللتزام هي مسؤولية تقصيرية تقوم بحكم‬
‫القانون وليس على أساس التصرف الباطل وهذه المسؤولية تستوجب التعويض كأثر ناتج‬
‫عن العقد الباطل ولكن بوصفه واقعة مادية وليس بإعتباره عقدا‪ ،‬ومن ثم يجب إثبات جميع‬
‫أركان المسؤولية التقصيرية‪ ،‬ويبرر أصحاب هذا الرأي موقفهم بكون الرضا الذي هو أحد‬
‫أركان العقد لم يتحقق بعد‪ ،‬حيث أن اإللتزام باإلعالم يتم في مرحلة سابقة على التعاقد‪،‬‬
‫وبالتالي فليس من المنطق أن ينشأ فرع قبل نشوء أصله‪ ،‬أو أن ينشأ إلتزام قبل نشوء‬
‫‪38‬‬
‫مصدره‪ ،‬فالعقد لم يبرم حتى يمكن القول بأن هذا االلتزام هو إلتزام عقدي‪.‬‬

‫مما سبق يتبين أنه ما دام اإللتزام باإلعالم هو إلتزام سابق على تكوين العقد‪ ،‬فال يمكن أن‬
‫نتح دث عن المسؤولية العقدية والعقد لم ينشأ بعد‪ ،‬وبالتالي فإذا أخل المورد بإلتزامه بإعالم‬
‫المستهلك قبل التعاقد بجميع المعلومات المتعلقة بمحل العقد وسبب بذلك ضررا للمستهلك‬
‫يحق لهذا األخير المطالبة بالتعويض بناء على قواعد المسؤولية التقصيرية طبقا للفصل ‪44‬‬
‫من قانون اإللتزامات والعقود المغربي ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الجزاء الجنائي‬


‫‪37‬جلول دواجي بلحول‪ ،‬الحماية القانونية للمستهلك في ميدان التجارة اإللكتلرونية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص المعمق‪ ،‬جامعة‬
‫أبي بكر بلقايد‪-‬تلمسان‪-‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،5102-5102‬ص‪.32 :‬‬
‫‪38‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.32 :‬‬

‫‪20‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫إضافة إلى الجزاءات المدنية التي توفرها القواعد العامة‪ ،‬فقد نص المشرع المغربي في‬
‫قانون ‪ 80.13‬القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك على مجموعة من العقوبات الزجرية‬
‫رغبة منه في ضمان تنفيذ المورد لإللتزام باإلعالم قبل التعاقد تجاه المستهلك‪.‬‬

‫حيث نصت المادة ‪ 048‬من قانون ‪ 80.13‬على أنه‪ ":‬يعاقب بغرامة من ‪ 5.111‬إلى ‪2.111‬‬
‫درهم على مخالفات أحكام القسم الثاني من هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه‪".‬‬
‫كما جاء في المادة ‪ 044‬من نفس القانون ‪ ":‬يعاقب على مخالفات أحكام المواد ‪ 52‬و‪ 81‬و‪85‬‬
‫بغرامة من ‪ 0.511‬إلى ‪ 01.111‬درهم‪.‬‬

‫ترفع الغرامة إلى الضعف في حالة العود‪.‬‬

‫يعتبر في حالة العود‪ ،‬من يرتكب مخالفة داخل أجل الخمس سنوات الموالية لصدور حكم‬
‫حائز على قوة الشيء المقضي به من أجل أفعال مماثلة‪".‬‬

‫وما يالحظ على التشريع المغربي بخصوص الجزاءات الجنائية هو غياب عقوبة الحبس في‬
‫القانون الذي يقضي بتحديد دابير لحماية المستهلك حتى في حالة العود‪ ،‬وهو أمر منتقد لكون‬
‫الغرامات غير كافية لوحدها في ردع المهنيين عن اإلخالل باإللتزام المسبق باإلعالم في‬
‫العقود اإللكترونية‪ ،‬خصوصا أنها غرامات هزيلة مقارنة مع حجم نشاط ومداخيل المهنيين‪.‬‬

‫خالصة القول أن اإللتزام باإلعالم والتبصير الملقى على عاتق المهني لم يعد مجرد واجب‬
‫أخالقي عام‪ ،‬بل أصبح ظل التطورات التشريعية الحالية بمثابة إلتزام قانوني أساسي مشمول‬
‫بجزاءات وعقوبات مالية كفيلة بردع كل الخروقات المتعلقة بعدم إحترام المهني لواجب‬
‫‪39‬‬
‫اإلعالم في مرحلة ما قبل وبعد التعاقد‪.‬‬

‫‪39‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر اإللتزامات‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.022 :‬‬

‫‪21‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حماية المستهلك في مواجهة اإلعالنات اإللكترونية‬


‫تكون األعمال التجارية بصفة عامة واألعمال التجارية اإللكترونية بصفة خاصة‪ ،‬مسبوقة‬
‫بأشكال الدعاية واإلعالن عبر الوسائل اإللكترونية‪ ،‬والشك أن اإلعالن في الوقت الراهن‬
‫يعتبر من أ هم وسائل جذب المستهلكين وحملهم على شراء السلع وطلب الخدمات‪.‬‬

‫فأصبح بذلك اإلعالن اإللكتروني من أهم آليات النشاط التجاري في المنافسة وتحقيق الربح‬
‫عبر الشبكات اإللكترونية‪.‬‬

‫ويعد اإلعالن التجاري األن من أشد الوسائل خطرا على جمهور المستهلكين بصفة خاصة‪،‬‬
‫ويعتبر من أساليب التغرير في بعض األحيان عندما يلجأ إلى الكذب في اإلخبار عن تركيب‬
‫سلعة ما‪ ،‬أو التأكيد على مزايا وهمية تدفع المستهلك إلى إقتناءها ثم يتبين له بعد ذلك انها‬
‫‪40‬‬
‫أوهام بثها اإلعالم‪.‬‬

‫وعموما لتقييم دور اإلعالن التجاري اإللكتروني في حماية المستهلك‪ ،‬فإننا سنتناول مفهوم‬
‫اإلعالن اإللكتروني وطبيعته القانونية في الفقرة األولى‪ .‬على أن نخصص الفقرة الثانية‬
‫للحديث عن وسائل حماية حق المستهلك في مواجهة اإلعالنات اإللكترونية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم اإلعالن اإللكتروني وطبيعته القانونية‬


‫أصبح اإلعتماد على اإلعالن اإللكتروني ضرورة حتمية في ظل متطلبات اإلستهالك‬
‫الحديثة‪ ،‬وذلك راجع باأل ساس للدور الذي يلعبه في الرفع من قيمة السلع والخدمات‪ ،‬ومن‬
‫خالله يستطيع التجارالتعرف على أذواق المستهلكين ومحاولة تلبيتها‪.‬‬

‫وهذا ما يدفعنا للتساؤل عن المقصود بالإلعالن اإللكتروني(أوال) ثم الطبيعة القانونية له‬


‫(ثانيا)‪.‬‬

‫‪40‬الناصري يوسف‪ ،‬الحماية المدنية للمستهلك في مرحلتي إبرام وتنفيذ العقد اإللكتروني‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة عبد‬
‫المالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،5102-5108‬ص‪.83 :‬‬

‫‪22‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫أوال‪ :‬مفهوم اإلعالن اإللكتروني‬

‫يتجلى اإلعالن في عقود اإلستهالك بصفة عامة‪ ،‬وفي عقود اإلستهالك اإللكترونية بصفة‬
‫خاصة‪ ،‬كوسيلة لإلعالم في تقديم معلومات أو أخبار للناس عامة حول السلع والخدمات‬
‫للتعريف بها وإبراز محاسنها والترويج لها وتوسيع دائرة السوق من أجل تحفيز المستهلك‬
‫على اإلقبال عليه‪ ،‬كما أن اإلعالن أصبح من أهم آليات النشاط التجاري في المنافسة وتحقيق‬
‫‪41‬‬
‫الربح‪.‬‬

‫وقد عرفت التشريعات الدولية والوطنية واألراء الفقهية تضاربا حول تعريف اإلعالن‬
‫اإللكتروني‪ ،‬وإن إتفقت غالبيتها على إسقاط الصورة التقليدية لإلعالن على تلك التي تتم عبر‬
‫وسائط إلكترونية‪ ،‬معتبرة أن اإلختالف بين اإلعالن التقليدي واإلعالن اإللكتروني يكمن في‬
‫الوسيلة المستعملة فقط‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار نجد من القوانين التي أعطت تعريفا لإلعالن‪ ،‬القانون البلجيكي و ذلك في‬
‫المادة ‪ 55‬من قانون الممارسات التجارية وحماية المستهلك واإلعالم‪ ،‬بأنه‪ “:‬كل إتصال‬
‫يهدف بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الرفع من مبيعات المنتجات أو الخدمات‪ ،‬بما في ذلك‬
‫‪42‬‬
‫األموال العقارية والحقوق واإللتزامات كيفما كانت الوسائل المستعملة‪ ،‬وفي أي مكان”‪.‬‬

‫والقانون الجزائري الذي عرف اإلشهار في المادة ‪-5‬الفقرة ‪ 3‬من المرسوم التنفيذي رقم‬
‫‪ 90-09‬في ‪ 81‬يناير ‪ 0221‬المتعلق برقابة الجودة وقمع الغش بأنه " اإلشهار‪ :‬جميع‬
‫اإلقتراحات أوالدعايات أو البيانات أو العروض أو اإلعالنات أو المنشورات أو التعليمات‬
‫المعدة لترويج تسويق سلعة أو خدمة بواسطة أسانيد سمعية أو بصرية"‬

‫أما التشريع الفرنسي فقد جاء خاليا من أي تعريف لإلعالن سواء في مدونة اإلستهالك‬
‫الفرنسية‪ ،‬أو في قانون الثقة في اإلقتصاد الرقمي‪.‬‬

‫وبالنسبة للمشرع المغربي فهو األخير سار على نفس نهج المشرع الفرنسي‪ ،‬فلم يعرف‬
‫اإلعالن في مدونة اإلستهالك المغربية الجديدة‪ ،‬وإن كانت الصيغة األولى لمشروع مدونة‬

‫‪41‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.82 :‬‬


‫‪42‬القانون الصادر بتاريخ ‪ 02‬يوليوز ‪.0220‬‬

‫‪23‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫اإلستهالك قد عرفت اإلعالن من خالل المادة ‪ 52‬منها والتي جاء فيها‪ :‬كل خطاب أو إعالن‬
‫بياني‪ ،‬أو مكتوب‪ ،‬أو مسموع‪ ،‬أو سمعي بصري‪ ،‬يبث نظير أجر‪ ،‬أو يؤدي بمقابل أخر‪ ،‬من‬
‫أجل الترويج للسلع‪ ،‬واألموال والخدمات‪ ،‬في إطار نشاط تجاري أو صناعي‪ ،‬أو مهني حر‪،‬‬
‫أو لضمان الرواج التجاري لمقاولة عمومية أو خاصة"‪.‬‬

‫إال أنه تطرق لمفهوم اإلعالن بصفة عامة من خالل المادة ‪5‬من القانون ‪ 18-44‬المتعلق‬
‫باإلتصال السمعي البصري حيث إعتبره شكل من أشكال الخطابات المذاعة أو المتلفزة‬
‫والسيما بواسطة صورة أو رسوم أو أشكال من الخطابات المكتوبة أو الصوتية التي يتم بثها‬
‫بمقدار مالي أو بغيره الموجهة إلخبار الجمهور أو إجتذاب إهتمامه إما بهدف الترويج‬
‫للتزويد بالسلع أو الخدمات‪.‬‬

‫وأمام هذا الفراغ التشريعي تصدى الفقة والقضاء لتعريف اإلعالن‪ ،‬على إعتبار أن‬
‫التعريفات من إختصاص الفقه والقضاء‪.‬‬

‫عرف األستاذ عبد العزيز حضري اإلشهار بأنه‪ ":‬عملية إتصال مع الجمهور تستهدف‬
‫إحداث تأثير نفسي عليه لدفعه لإلستهالك‪ ،‬ويكون هدفه بالنسبة للمنتج أو المهني هو‬
‫الحصول على أكبر قدر من الزبناء‪ ،‬أما بالنسبة للمستهلك فغايته هي تكوين رأي حول‬
‫‪43‬‬
‫صفات وخصائص السلع والخدمات المعروضة "‪.‬‬

‫بينما عرفه جانب أخر من الفقهاء بأنه‪ ":‬وسيلة لإلتصال تستخدمها المقاولة‪ ،‬أو المؤسسة‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬إما للتعريف بمنتجاتها‪ ،‬أو لمجرد الرفع من مكانتها أمام المتنافسين في‬
‫‪44‬‬
‫األسواق‪".‬‬

‫ويعرف أيضا بأنه ‪ ":‬إخبار أو إعالم تجاري أو مهني القصد منه التعريف بمنتج أو خدمة‬
‫معينة عن طريق إبراز المزايا وإمتداح المحاسن بهدف خلق إنطباع جيد يؤدي إلى إقبال‬
‫‪45‬‬
‫الجمهور على المنتج أو هذه الخدمة "‪.‬‬

‫‪43‬عبد العزيز حضري‪ ،‬العقود اإلستهالكية‪ ،‬مطبعة الجسور وجدة‪ ،‬طبعة ‪ ،1101-1100‬ص‪.18 :‬‬
‫‪44‬مهدي منير‪ ،‬المظاهر القانونية لحماية المستهلك‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬وجدة التكوين والبحث في قانون األعمال‪ ،‬جامعة‬
‫محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،5112-5112‬ص‪.584 :‬‬
‫‪45‬عبد الفضل محمد أحمد‪ ،‬اإلعالن عن المنتجات والخدمات من الوجهة القانونية‪ ،‬مكتبة الجالء الجديدة‪ ،‬المنصورة‪ ،0220 ،‬ص‪.02 :‬‬

‫‪24‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫وإعتبره جانب أخر من الفقه بأنه" كل فعل أو تصرف يهدف إلى التأثير النفسي على‬
‫الجمهور‪ ،‬أيا كانت وسيلة هذا التأثير‪ ،‬بهدف إقناعهم بمزايا السلعة أو الخدمة‪ ،‬وما يمكن أن‬
‫‪46‬‬
‫تحققه من فوائد"‪.‬‬

‫وعموما حاول القضاء‪ ،‬سد الفراغ التشريعي بخصوص مسألة تعريف اإلعالن‪ ،‬وقد تناول‬
‫قضاء النقض الفرنسي اإلعالن حيث حدده بأنه وسيلة معلوماتية تدفع العميل إلى تكوين‬
‫عقيدة مقصودة من النتائج التي ستعود عليه من المال الذي سيشتريه أو الخدمة التي ستقدم‬
‫‪47‬‬
‫له‪.‬‬

‫أما اإلعالن اإللكتروني فقد عرفته المحكمة اإلبتدائية بمدينة رين‪ ،‬في حكم لها صادر بتاريخ‬
‫‪ 5111-18-80‬بأنه‪ ":‬اإلعالن عبر اإلنترنت‪ :‬هو عملية تبادل المعلومات على أحد مواقع‬
‫‪48‬‬
‫اإلنترنت‪ ،‬ويكون الهدف منه جذب المستهلك‪ ،‬إلبرام عقود تتعلق بخدمات أو بضائع"‪.‬‬

‫وبناء على ما سبق ذكره‪ ،‬يالحظ أن اإلعالن اإللكتروني‪ ،‬ال يختلف عن اإلعالن التقليدي إال‬
‫في مسألة الوسيلة المستخدمة في كل من اإلعالنيين‪ ،‬فاإلعالن اإللكتروني يستعين بوسائل‬
‫اإلتصال الحديثة‪ ،‬التي تتمثل في أجهزة إلكترونية مزودة بخدمة اإلنترنت‪ ،‬بينما اإلعالن‬
‫التقليدي يكون على دعامة عادية‪:‬‬

‫كالخطابات‪ ،‬الرسوم‪ ،‬النشرات‪ ،‬المطبوعات‪ ،‬الجرائد‪ ،‬الصور‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الطبيعة القانونية لإلعالن اإللكتروني‬

‫يتضمن اإلعالن التجاري اإللكتروني وظائف وخصائص السلع والخدمات بشكل يحث‬
‫الجمهور على اإلقتناء وإبرام العقد‪ ،‬مما يثير الطبيعة القانونية لهذا اإلعالن‪ ،‬إذ تباينت األراء‬

‫‪46‬خالد ممدوح إبراهيم‪ ،‬حماية المستهلك في المعامالت اإللكترونية‪-‬دراسة مقارنة‪-‬الطبعة األولى‪ ،‬مصر‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،5114 ،‬ص‪.086 :‬‬
‫‪47‬‬
‫أورده عبد هللا ذيب عبد هللا محمود‪ ،‬حماية المستهلك في التعاقد االلكتروني دراسة ‪V.cass;crim 12 nivember 1986. Bull.crim.p.261.‬‬
‫مقارنة‪ ،‬ص‪.84 :‬‬
‫‪48‬أورده محمد أحمد سيف بني غازي‪ ،‬التنظيم القانوني لعقود التجارة المبرمة عبر اإلنترنت‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة‬
‫محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬وجدة السنة الجامعية‪ ،5100-5101 :‬ص‪.060 :‬‬

‫‪25‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫الفقهية بشأن طبيعة اإلعالن التجاري‪ ،‬وإنقسمت إلى إتجاهين أحدهما يرى بأنه إيجاب‬
‫‪49‬‬
‫واألخر يرى بأنه دعوة التعاقد‪.‬‬

‫ولمعرفة الطبيعة القانونية لإلعالن التجاري اإللكتروني يجب أوال التفرقة بين اإليجاب‬
‫والدعوة للتعاقد‪.‬‬

‫الدعوة إ لى التعاقد هي مجرد مساومة تسبق العقد ويجوز العدول عنها‪ ،‬دون أن يترتب عن‬
‫هذا العدول أية مسؤولية‪ ،‬أما اإليجاب هو العرض الذي يتقدم به شخص إما إلى شخص معين‬
‫أو إلى مجموعة محددة من األشخاص أو إلى عموم الجمهور للتعاقد بشروط معينة يحددها‬
‫‪50‬‬
‫مع ذكر جميع العناصر األساسية للعقد المراد إبرامه‪.‬‬

‫و اإليجاب اإللكتروني ال يختلف عن اإليجاب التقليدي إال من حيث الوسيلة المستخدمة فيه‪،‬‬
‫وقد عرفه البعض بكونه هو تعبير عن إرادة الراغب في التعاقد عن بعد من خالل إستعمال‬
‫الشبكة الدولية لإلتصاالت بوسيلة سمعية مرئية ويتضمن كافة العناصر إلبرام العقد بحيث‬
‫‪51‬‬
‫يستطيع من يوجه إليه أن يقبل التعاقد مباشرة‪.‬‬

‫ذهب بعض الفقه إلى أن العرض الموجه إلى الجمهور عبر شبكة اإلنترنت‪ ،‬ال يعد إيجابا‬
‫وإنما مجرد دعوة للتفاوض والتعاقد ما دام هذا اإلعالن اإللكتروني‪ ،‬ال يتضمن الشروط‬
‫الجوهرية واألساسية للتعاقد وأهمها بيان أسعار السلع والخدمات عبر اإلنترنت‪.‬‬

‫وأقر البعض األخر بأن اإلعالن اإللكتروني يعتبر إيجابا‪ ،‬وذلك عندما يكون متضمنا بشكل‬
‫واضح ومحددا للشروط الجوهرية واألساسية للتعاقد‪ ،‬أي تضمن عرض السلع والخدمات‬
‫عن طريق اإلنترنت ثمن المبيع‪ ،‬حيث ان بيان اسعار السلع عبر اإلنترنت يعتبر إيجابا‪.‬‬

‫إذن فاإلعالن إذا لم يكن جازما وباتا ال يعد إيجابا‪ ،‬إنما مجرد دعوة للدخول في مفاوضات‪،‬‬
‫وإذا صادف هذا العرض موافقة من الطرف األخر‪ ،‬إعتبر ذلك رضا للدخول في مفاوضات‬
‫وليس قبوال يبرم به العقد‪.‬‬

‫‪49‬اكسوم عيالم رشيدة‪ ،‬المركز القانوني للمستهلك اإللكتروني‪ ،‬أطروحة لنيل درجة الدكتوراه الطور الثالث(قانون اإللتزامات) في القانون‪ ،‬جامعة‬
‫مولود معمري‪ ،‬تيزي‪-‬وزو‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،5103 ،‬ص‪.852 :‬‬
‫‪50‬جمال الطاهري‪ ،‬محاضرات في النظرية العامة لاللتزامات‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.30 :‬‬
‫‪51‬منصور محمد حسين‪ ،‬المسؤولية اإللكترونية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ،5118‬ص‪.63 :‬‬

‫‪26‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫وعلى ذلك فإنه لكي يعتبر العرض الموجه إلى الجمهور إيجابا‪ ،‬يجب أن يكون محددا للسلعة‬
‫تحديدا نافيا للجهالة‪ ،‬وأن يحدد الثمن والعناصر األساسية للتعاقد‪ ،‬وإال فإن األمر ال يعدو أن‬
‫‪52‬‬
‫يكون مجرد دعوة للتعاقد‪.‬‬

‫كما أن عرض البضائع والخدمات عبر اإلنترنت يشبه إلى حد كبير نافذة المتجر الحقيقي‪،‬‬
‫فإذا تضمن عرض السلع والخدمات عن طريق اإلنترنت ثمن المبيع يعد هذا العرض إيجاباً‬
‫شأنه في ذلك شأن عرض البضائع على واجهات المحال التجارية مع بيان أثمانها‪ ،‬ففي‬
‫الحالتين يتحقق للمستهلك رؤية الشيء المبيع سواء أكانت رؤية حقيقية بملء العين أم‬
‫‪53‬‬
‫إفتراضية داخل الموقع التجاري على صفحة اإلنترنت من خالل شاشة الحاسوب‪.‬‬

‫وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض المصرية‪ ،‬بإعتبار اإلعالن عن فتح باب الحجز مجرد‬
‫دعوة للتعاقد وليس إيجابا بالبيع‪ ،‬فقد صدر في قرار لها بأن‪ ":‬اإلعالن الموجه إلى الجمهور‬
‫الصادر عن شركة النصر لصناعة السيارات‪ ،‬عن فتح باب الحجز للسيارات التي ال تنتجها‬
‫ال يعدو أن يكون دعوة للتعاقد‪ ،‬فطلب حجز السيارة المقدم إلى الشركة الموزعة هو‪ .‬الذي‬
‫‪54‬‬
‫يعتبر إيجابا"‪.‬‬

‫وبناءا على ما سبق ذكره‪ ،‬نستنتج أن اإلعالن اإللكتروني الموجه للعامة عبر شبكة اإلنترنت‬
‫قد يكون مجرد دعوة إلى التعاقد‪ ،‬إذا لم يبين الشروط األساسية والجوهرية للتعاقد‪ .‬فعرض‬
‫السلع والخدمات عبر شكبة اإلنترنت دون بيان أثمانها‪ ،‬وكذا الشروط الجوهرية للتعاقد ال‬
‫يعتبر إيجابا‪.‬‬

‫أما إذا تضمن عرض السلع والخدمات عبر اإلنترنت ثمن السلعة أو الخدمة المعروضة‪،‬‬
‫وطريقة إستالمها والشروط الجوهرية للتعاقد‪ ،‬أمكن لنا أنذاك إعتبار هذا اإلعالن إيجابا‬
‫صحيحا ينعقد به العقد متى القى قبوال مطابقا‪ .‬ولعل هذا ما أشار إليه المشرع المغربي في‬
‫المادة ‪ 62-2‬قانون اإللتزامات و العقود بقوله‪ ”:‬كل إقتراح غير متضمن لكافة البيانات‬
‫المشار إليها في هذا الفصل ال يجوز إعتباره عرضا بل يبقى مجرد إشهار‪ ،‬وال يلزم‬
‫صاحبه“‪.‬‬

‫‪52‬خالد ممدوح إبراهيم‪ ،‬حماية المستهلك في العقود اإللكترونية‪ ،‬دار الفكر الجامعي اإلسكندرية‪ ،5113 ،‬ص‪.022-028 :‬‬
‫‪53‬عبد هللا ذيب عبد هللا محمود‪ ،‬حماية المستهلك في التعاقد االلكتروني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.83 :‬‬

‫‪27‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬وسائل حماية المستهلك في مواجهة اإلعالنات اإللكترونية‬


‫يعتبر اإلعالن التجاري اإللكتروني من أهم الوسائل التي يلجأ إليها المورد من أجل التعريف‬
‫بإنتاجاته وخدماته للمستهلك من أجل اإلقبال عليها‪.‬‬

‫رغم المزايا التي يقدمها اإلعالن التجاري اإللكتروني‪ ،‬إال أنه في بعض الحاالت قد يلجأ‬
‫المهني إلى إستخدام أ ساليب دعائية منطوية على الغش والخداع والتضليل بقصد دفع‬
‫المستهلك للتعاقد‪ ،‬وهذا يؤثر على إرادته وحريته في اإلختيار‪.‬‬

‫لذا إرتئ القانون إلى حماية هذا المستهلك من خالل وضع قواعد تنظم هذه اإلعالنات‪ ،‬حتى‬
‫ال تتجاوز حدودها المشروعة لتصبح غير مشروعة‪.‬‬

‫تقوم قواعد حماية المستهلك في مواجهة اإلعالنات اإللكترونية على قاعدتين أساسيتين‪،‬‬
‫األولى تتعلق بإشتراط وضوح اإلعالن اإللكتروني‪ ،‬والثانية منع اإلعالنات اإللكترونية غير‬
‫المشروعة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إشتراط وضوح اإلعالن اإللكتروني‬

‫إن إشتراط وضوح اإلعالن اإللكتروني يعني أن يتضمن اإلعالن البيانات الكافية عن السلعة‬
‫أو الخدمة المقدمة‪ ،‬والتي من شأنها خلق تفكير واع ومتبصر يعمل على تكوين إرادة واعية‬
‫‪55‬‬
‫مستنيرة لدى المستهلك‪ ،‬وهو بصدد اإلقبال على التعاقد‪.‬‬

‫فاإلعالن اإللكتروني يجب أن يكون واضحا وغير غامض‪ ،‬بمعنى أن يكون ال لبس فيه‪،‬‬
‫حيث يتم تزويد المستهلك بمعلومات واضحة عن السلعة أو الخدمة المقدمة‪ ،‬بما يسمح‬
‫للمستهلك إعطاء الموافقة على التعاقد عن وعي وادراك مستنيرين‪.‬‬

‫وهذا ما أكد عليه المشرع المغربي في المادتين ‪ 58‬و ‪ 52‬من القانون رقم ‪ 80.13‬القاضي‬
‫بتحديد تدابير لحماية المستهلك‪.‬‬

‫‪55‬طعن نقض مدني رقم ‪ 023‬جلسة ‪ ،05/18/0246‬أحكام النقض‪ ،‬القسم المدني‪ ،‬مجدوعة المكتب الفني‪ ،‬ص‪_.225 :‬مشار لهذا القرار لدى‬
‫إبراهيم ممدوح‪ :‬حماية المستهلك في المعامالت اإللكترونية_دراسة مقارنة_الطبعة األولى‪.‬مصر‪ :‬الدار الجامعية‪.5114.‬ص‪.36 :‬‬

‫‪28‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫تنص المادة ‪ 58‬على أنه‪ :‬يجب أن يشير كل إشهار كيفما كان شكله‪ ،‬يمكن إستقباله عبر‬
‫خدمة اإلتصاالت موجهة للعموم إلى طبيعته اإلشهارية بطريقة واضحة ال تحتمل أي لبس‪،‬‬
‫السيما العروض الدعائية كالبيوع بالتخفيض أو الهدايا أو المكافآت وكذا المسابقات‬
‫اإل شهارية من أجل الربح عند تلقيها من طرف المستهلك‪ .‬كما يجب أن يحدد بوضوح المورد‬
‫الذي أنجز لصالحه االشهار‪.‬‬

‫والمادة ‪ 14‬تنص على أنه يجب على المورد عند القيام بكل إشهار عن طريق البريد‬
‫اإللكتروني‪ ":‬تقديم معلومات واضحة ومفهومة حول حق التعرض في المستقبل على تلقي‬
‫اإلشهارات ‪"...‬‬

‫وقد أشارت المادة ‪ 62‬من القانون المنظم لإلتصال السمعي البصري إلى قاعدة وضوح‬
‫اإلعالنات التي تنص على أنه” يتعين على البرامج اإلشهارية‪ :‬أن تبث بالعربية أو‬
‫األمازيغية أو باللهجات المغربية إذا كانت موجهة للجمهور المغربي “‪ .‬وفي نفس السياق فقد‬
‫ورد في المادة ‪ 24‬من قانون ‪ 16.22‬المتعلق حرية األسعار و المنافسة أنه “ يجب على من‬
‫يبيع منتوجات أو يقدم خدمات أن يعلم المستهلك عن طريق وضع عالمة أو ملصق أو إعالن‬
‫أو بأي طريقة أخرى باألسعار و الشروط الخاصة أو إلنجاز الخدمة “‪،‬‬

‫أما القانون الفرنسي فقد نظم الحق في اإلعالن وفق قاعدة شفافية ووضوح اإلعالن وذلك في‬
‫المادة ‪ 01/5‬من قانون ‪ 0‬أوت ‪ 0236‬المتعلق بحماية المستهلك‪ ،‬فأشار إلى أنه يجب أن‬
‫تكون العمليات التجارية اإللكترونية‪ ،‬والدعاية المصاحبة لها واضحة وغير غامضة‪ ،‬ويجب‬
‫اإللتزام بإ ستخدام اللغة الوطنية(الفرنسية) وتزويد المستهلك بمعلومات واضحة عن المنتج أو‬
‫‪56‬‬
‫الخدمة المعروضة بما يسمح لهذا األخير إعطاء الموافقة على التعاقد‪.‬‬

‫ونالحظ مما تقدم أن تشريعات الدول مثل التشريع الفرنسي والتشريع المغربي‪ ،‬قد سعت إلى‬
‫حماية المستهلك من خالل التأكيد على ضرورة أن يكون اإلعالن واضحا‪ ،‬خاليا من أي لبس‬
‫أو خداع ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫أورده حاني حميدة‪ ،‬مزماط سامية‪ ،‬حقوق المستهلك في العقد اإللكتروني‪ ،‬مذكرة تخرج لنيل شهادة ‪Nathalie moreau. Op.cit; p 25.‬‬
‫الماستر فرع القانون الخاص التخصص القانون الخاص الشامل‪ ،‬جامعة عبد الرحمن ميرة‪-‬بجاية‪-‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية‪،‬‬
‫‪ ،5102-5108‬ص‪.06 :‬‬

‫‪29‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫ثانيا‪ :‬اإلعالنات اإللكترونية غير المشروعة‬

‫يشكل اإلعالن التجاري اإللكتروني وسيلة مهمة يستهدف بها المهنيون جلب أكبر عدد من‬
‫المستهلكين‪.‬‬
‫إال أن بعض المهنيين يعمدون إلى إستخدام أساليب إشهارية منطوية على الغش والخداع‬
‫والكذب‪ ،‬وذلك بذكر خصائص ومعلومات بخصوص السلع والخدمات المعلن عنها مغايرة‬
‫للحقيقة‪ ،‬والهدف من ذلك إيقاع المستهلك في الغلط ودفعه للتعاقد‪.‬‬

‫ومن هنا ظهرت الحاجة إلى البحث عن الحماية القانونية للمستهلك من اإلعالنات الغير‬
‫المشروعة‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد سنتطرق إلى اإلعالن الكاذب والمضلل(أ) واإلعالن المقارن(ب)‬

‫أ‪ :‬منع اإلعالن الكاذب والمضلل‬

‫يعتبر اإل عالن التجاري مظهرا من مظاهر المنافسة المشروعة وعامال من عوامل التسويق‬
‫‪57‬‬
‫وأداة من أدوات إعالم الجمهور بالمنتوجات والخدمات ‪.‬‬

‫وبما أن اإلشهار له دور مهم في تنمية المشروعات اإلقتصادية وتسويق المنتجات‪ ،‬فيجب أن‬
‫يتميز بخصائص معينة أهمها الصدق والنزاهة‪ ،‬بحيث يجب أن يكون المعلن صادقا وأمينا‬
‫فيما يصف به منتوجاته وخدماته‪ ،‬وعلى هذا األساس منع المشرع المغربي اإلشهار الكاذب‬
‫والمضلل‪ ،‬ونظرا للخطورة التي يشكلها هذا األخير وتأثيره السلبي على رضا المستهلك‬
‫بإعتباره طرفا ضعيفا‪ ،‬حيث يؤدي إلى خداع المستهلك من خالل تضمنه معلومات مغلوطة‬
‫بعناصر وأوصاف جوهرية في المبيع‪ ،‬فإن جل التشريعات تجرمه وتعاقب على كل من يلجأ‬
‫إليه‪.‬‬

‫وقد عرف توجيه المجلس األوروبي الصادر في ‪ 01‬سبتمبر ‪ 0232‬اإلعالن المضلل في‬
‫مادته الثانية بأنه “ كل إعالن يحتوي في طريقة تقديمه بأي طريقة كانت‪ ،‬على أي تضليل‪،‬‬
‫لهؤوالء الذين يوجه إليهم اإلعالن "‪.‬‬

‫‪57‬عبد هللا ذيب عبد هللا محمود‪ ،‬حماية المستهلك في التعاقد االلكتروني دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.25 :‬‬

‫‪30‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫كما عرف المشرع اللبناني اإلعالن المضلل‪ ،‬من خالل تعريفه لإلعالن الخادع في المادة ‪00‬‬
‫من قانون حماية المستهلك بأنه” هو الذي يتم بأية وسيلة كانت‪ ،‬و يتناول سلعة أو خدمة‪ ،‬و‪-‬‬
‫يتضمن عرضا أو بيانا أو إدعاء كاذبا أو أنه مصاغ بعبارات من شأنها أن تؤدي‪ ،‬بطريقة‬
‫مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬إلى تضليل خداع أو تضليل المستهلك”‪.‬‬

‫والمشرع الفرنسي هو األخر منع اإلعالن المضلل والكاذب وخصص له المواد من ‪l121-1‬‬
‫إلى ‪ l121-8‬من مدونة اإلستهالك‪ ،‬دون أن يعطي له تعريفا محددا‪.‬‬

‫أما بخصوص المشرع المغربي فقد ساير المشرع الفرنسي‪ ،‬ولم يعطي أي تعريف لإلعالن‬
‫الكاذب وإكتفى بمنعه في الفصل ‪ 50‬من القانون رقم ‪ 80.13‬التي نصت على أنه‪...":‬يمنع‬
‫بأي شكل من األشكال إدعاء أو بيان أو عرض كاذب "‪.‬‬

‫أما اإلشهار المضلل فقد منعه المشرع المغربي شأنه في ذلك شأن اإلشهار الكاذب وذلك‬
‫بمقتضى الفقرة الثانية من المادة ‪ 50‬التي جاء فيها‪...":‬كما يمنع كل إشهار من شأنه أن يوقع‬
‫في الغلط بأي وجه من الوجوه‪ ،‬إذا كان ذلك يتعلق بواحد أو أكثر من العناصر التالية‪"...‬‬

‫وهو نفس المقتضى الذي نص عليه المشرع في الفصل ‪ 01‬من قانون رقم ‪ 38.08‬المتعلق‬
‫بالزجر عن الغش في البضائع " يمنع كل إعالن مهما كان شكله يشمل على إدعاء أو بيان أو‬
‫عرض كاذب أو من شأنه أن يوقع في الغلط"‪ .‬غير أن هذا الفصل ألغي بمقتضى المادة ‪026‬‬
‫من قانون ‪.80.13‬‬

‫كما أشار القانون ‪ 18.44‬المتعلق باإلتصال السمعي البصري في الفقرة الثالثة من المادة‬
‫الثانية منه على أنه" يعتبر إشهارا ممنوعا‪ ،‬اإلشهار الذي يتضمن مزاعم وبيانات أو تقديمات‬
‫مغلوطة أو من شأنها أن توقع المستهلكين في الخطأ"‪.‬‬

‫وعموما عرف بعض شراح القانون اإلعالن التجاري المضلل بأنه " اإلعالن الذي يكون من‬
‫‪58‬‬
‫شأنه خداع المستهلك أو يمكن أن يؤدي إلى ذلك"‪.‬‬

‫‪58‬عبد الفضيل محمد أحمد‪ ،‬اإلعالن عن المنتجات والخدمات من الوجهة القانونية‪ ،‬مكتبة الجالء الجديدة المنصورة‪ ،‬سنة الطبع غير مذكورة‪ ،‬ص‪:‬‬
‫‪.042‬‬

‫‪31‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫كما عرفه البعض األخر بأنه" هو اإلعالن المتضمن معلومات ورسومات من شأنها أن توقع‬
‫المستهلك في الغلط‪ ،‬بخصوص ماهية سلعة‪ ،‬أو خدمة‪ ،‬أو خصائصها‪ ،‬أو عناصرها‪ ،‬أو‬
‫مصدرها‪ ،‬أو ثمنها‪ ،‬أو كيفية التزود بها‪ ،‬أو بخصوص مؤهالت المزود بها‪ ،‬أو يخفي هذه‬
‫‪59‬‬
‫المعلومات‪ ،‬أو بعضها بقصد إيقاع المستهلك في الغلط"‪.‬‬

‫يتبين من خالل المادة ‪ 50‬من قانون رقم ‪ 80.13‬أنه حتى نكون أمام إشهار كاذب أو مضلل‬
‫‪،‬يجب أن يطال الخداع واحد أو أكثر من العناصر التالية ‪:‬‬

‫• أن ينصب الخداع على حقيقة وجود السلع أو المنتوجات أو الخدمات‬

‫•أن ينصب الخداع على طبيعة ومميزات المنتوج أو الخدمة‬

‫•أن ينصب الخداع على تركيب المنتوج أو محتوى المنتوج أو الخدمة المفيدة‪ :‬يقصد بتركيب‬
‫البضاعة ذلك المزيج من عناصر مختلفة بنسب محددة حيث أن جل البضائع والمنتوجات‬
‫‪60‬‬
‫تحدد مكوناتها بشكل مسبق وبنسب مدققة تفاديا للتالعب‪.‬‬

‫•أن ينصب الخداع على نوع ومنشأ وكمية وتاريخ صنع المنتوج‬

‫•أن ينصب الخداع على صفة المهني‬

‫•أن ينصب الخداع على ثمن المنتوج أو السلعة‬

‫إذن فمناط عدم مشروعية اإل شهارات الكاذبة والمضللة هو خداع المستهلك والتغرير به ‪،‬وما‬
‫يرتبه ذلك من أثار سلبية‪ .‬وعليه فغن الخداع اإلعالني يمثل جريمة‪ ،‬وهذه الجريمة ال تقوم‬
‫إال بتوافر ركنان‪:‬‬

‫‪-‬الركن المادي‪ :‬وهو التضليل الذي من شأنه إيقاع المستهلك في اللبس والخداع‪.‬‬

‫‪-‬الركن المعنوي‪ :‬والمتمثل في قصد المعلن خداع المستهلك من أجل حمله على التعاقد‪.‬‬

‫‪59‬عبد الحميد أخريف‪ ،‬عقود اإلستهالك‪ :‬البيع في الموطن‪-‬التعاقد‪-‬عن بعد‪-‬العقد اإللكتروني‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،5116‬مطبعة‪ ،‬أميمة‪-‬فاس‪ ،‬ص‪-000 :‬‬
‫‪.005‬‬
‫‪ 60‬إيمان التيس" التجارة اإللكتلرونية وضوابط حماية المستهلك في المغرب"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة المولى إسماعيل‬
‫كلية العلوم القانونية واإلقتصادية ةاإلجتماعية مكناس‪ ،‬ص‪.016-012 :‬‬

‫‪32‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫أما فيما يتعلق بمسؤولية المعلن الذي أخل بالقواعد المنظمة لإلعالن التجاري المحددة قانونا‬
‫‪،‬فإنها قد تكون مسؤولية مدنية أومسؤولية جنائية‪.‬‬

‫فيما يخص المسؤولية المدنية للمعلن فيمكن اإلستناد على القواعد العامة لعيوب الرضا‬
‫وتحديدا الغلط و التدليس حتى يستفيد المستهلك اإللكتروني من حقه في التعويض إذا أمكن‬
‫ذلك و قبله المطالبة بإبطال العقد‪ ،‬إلى أن اإلرتكاز على هذه القواعد ال يعد ممكنا إال إذا كان‬
‫هناك عقد يجمع بين المهني والمستهلك‪ ،‬وبالتالي فيجب أن يكون اإلشهار قد أتى أجله وأدى‬
‫‪61‬‬
‫إلى خلق رابطة عقدية بين هذين الطرفين‪.‬‬

‫وإلى جانب المسؤولية المدنية تثار المسؤولية الجنائية‪ ،‬فقد قرر المشرع المغربي مجموعة‬
‫من العقوبات الزجرية المترتبة عن جرائم اإلشهار الواردة في القانون ‪ 80.13‬حيث نصت‬
‫المادة ‪ 042‬منه على أنه يعاقب بغرامة من ‪ 21.111‬إلى ‪ 521.111‬درهم على مخالفة أحكام‬
‫المادة ‪ 50‬التي تقضي بمنع اإلشهار الكاذب والمضلل‪.‬‬

‫أما بالنسبة لإلشهار الذي يكون بواسطة تقنية اإلتصال عن بعد والذي ال يحترم أحكام‬
‫المادتين ‪ 58‬و‪ ،52‬فيعاقب المورد الذي يقوم به بغرامة من ‪ 01.111‬إلى ‪ 21.111‬درهم‪،‬‬
‫‪62‬‬
‫ويمكن الحكم كذلك بعقوبة إضافية تتمثل في نشر أو تعليق الحكم الصادر باإلدانة‪.‬‬

‫ب‪ :‬اإلعالن المقارن‬

‫إن اإلعالن التجاري هو الذي يخلق السوق ومن ثم يعمل على توسيعه‪ ،‬فال سوق بال إشهار‪.‬‬
‫فهو يعد آلية تهدف إلى تفعيل مبدأ المنافسة المشروعة بين المهنيين‪ ،‬حيث أن كل مهني‬
‫يهدف إلى إستقطاب زبناء منافسه من أجل توسيع دائرة زبنائه هو‪ .‬وهذا األمر يعتبر‬
‫مشروعا ألن الزبون ال يعد ملكا الحد‪.‬‬

‫إال أن العملية اإلعالنية لم تعد مجرد تلك الدعوة المباشرة لشراء المنتجات بل إتخذت أشكال‬
‫أخرى بقصد التأثير في رغبات المستهلكين وتغيير عاداتهم‪ ،‬كل هذا أدى إلى ظهور إعالنات‬
‫جديدة مواكبة لتلك التطورات والمستجدات ومنها‪ :‬اإلعالن المقارن الذي يرتكز على فكرة‬

‫‪ 61‬إيمان التيس" التجارة اإللكترونية وضوابط حماية المستهلك في المغرب"‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.008 :‬‬
‫‪62‬أنظر المادة ‪ 046‬من القانون رقم ‪.80.13‬‬

‫‪33‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫المقارنة من خالل إبراز مزايا سلع وخدمات المعلن عند المقارنة بينها وبين سلع وخدمات‬
‫منتج أخر‪.‬‬

‫وعموما يعرف اإلعالن المقارن بأنه‪ ":‬اإلعالن الذي يقوم فيه المعلن (منتج‪ ،‬موزع‪،‬‬
‫مستورد‪ )...‬بالدعاية لمنتجاته عن طريق المقارنة‪ ،‬وذلك بإبراز مزايا السلعة المعلن عنها‪،‬‬
‫‪63‬‬
‫مقارنة بعيوب غيرها من السلع‪".‬‬

‫أما بخصوص التعاريف التشريعية فقد عرفه المشرع الفرنسي في المادة ‪ l 121-8‬بأنه‪":‬‬
‫ذلك اإلعالن الذي يقارن بين السلع والخدمات سواء بإستعمال العالمة التجارية للغير‬
‫اواإلستدالل باإلسم التجاري للشركة المنافسة"‪.‬‬

‫والمشرع المغربي بدوره نظم اإلعالن المقارن‪ ،‬سواء في القانون ‪ 11-48‬المتعلق باإلتصال‬
‫السمعي البصري‪ ،‬أو في القانون رقم ‪ 80.13‬المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك‪.‬‬

‫فعرفته المادة ‪ 5‬من قانون ‪ 48-11‬بأنه‪ ":‬ذلك اإلشهار الذي يتضمن التشهير بمقاولة‪ ،‬أو‬
‫منظمة‪ ،‬أو نشاط صناعي‪ ،‬أو تجاري‪ ،‬أو فالحي‪ ،‬أو خدماتي‪ ،‬أو منتوج‪ ،‬أو خدمة سواء من‬
‫خالل محاولة تعريضة إلحتقار الجمهور‪،‬اة سخريته‪ ،‬أو بأي وسيلة أخرى‪".‬‬

‫أما المادة ‪ 55‬من القانون رقم ‪ 80.13‬فقد عرفته بأنه‪ ":‬يعتبر إشهارا مقارنا‪ ،‬كل إشهار‬
‫يقارن بين خصائص أو أسعار أو تعريفات السلع أو المنتوجات أو الخدمات إما باالشارة إلى‬
‫عالمة الصنع أو التجارة أو الخدمة الخاصة بالغير أو تجسيدها وإما باالشارة إلى العنوان‬
‫التجاري أو تسمية الشركة أو اإلسم التجاري أو الشعار الخاص بالغير أو تجسيد ذلك ‪".‬‬

‫إنطالقا مما سبق نستخلص ان لإلشهار المقارن مجموعة من اإليجابيات‪ ،‬ومن بينها‪ :‬أنه‬
‫يساهم في خلق المنافسة وتنميتها‪ ،‬حيث أن الخوف من القيام بمقارنة علنية يدفع المهني للعمل‬
‫أكثر من أجل أن يتفوق على منافسيه إن على مستوى الجودة أو على مستوى األثمان‪.‬‬

‫‪63‬أحمد سعيد الزقرد‪ ،‬الحماية المدنية من الدعاية التجارية الكاذبة والمضللة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية مصر‪ ،5114 ،‬ص‪.552 :‬‬

‫‪34‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫كما أن اإلشهار المقارن عندما يكون حقيقيا‪ ،‬فإنه يكون قادرا على نقل المعلومات بشكل‬
‫أفضل من اإلشهار العادي‪ ،‬غير أن اإلشهار المقارن ال يخلو من سلبيات قد تضر بالمستهلك‪،‬‬
‫وهو ما إستدعى من المشرع إحاطته بتنظيم خاص‪.‬‬

‫لذا فالمشرع المغربي على غرار المشرع الفرنسي لم يمنع اإلعالن المقارن مطلقا وإنما سمح‬
‫به ولكن بشروط‪ ،‬وهي الشروط الواردة في المادة ‪ 62‬من قانون ‪ 11-48‬والمادة ‪ 55‬من‬
‫قانون ‪ 13-80‬والتي يمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬

‫الشرط األول‪ :‬أن يكون اإلشهار المقارن نزيها وصادقا‪.‬‬

‫الشرط الثاني‪ :‬أال يكون من شأنه إيقاع المستهلك في الغلط‪.‬‬

‫الشرط الثالث‪ :‬أن ينصب اإلشهار المقارن على الخصائص األساسية والهامة والمفيدة لسلع‬
‫وخدمات من نفس الطبيعة ومتوفرة في السوق‪.‬‬

‫الشرط الرابع‪ :‬أن ينصب على أسعار أو تعريفات متعلقة بمنتجات أو سلع أو خدمات من‬
‫نفس الطبيعة‪.‬‬

‫الشرط الخامس‪ :‬أن يشير إلى المدة التي يحتفظ خاللها باألسعار أو التعريفات المحددة من‬
‫طرف المعلن بإعتبارها خاصة به‪.‬‬

‫إذا هذه نظرة عامة حول الضمانات القانونية الممنوحة للمستهلك اإللكتروني قبل إبرام العقد‬
‫فهل تقتصر هذه الحماية القانونية على هذه المرحلة فقط أم تمتد إلى مرحلة إبرام وتنفيذ العقد‬
‫اإللكتروني؟‬

‫‪35‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬حماية المستهلك خالل مرحلتي إبرام وتنفيذ العقد اإللكتروني‬
‫إن الحماية القانونية التي أرساها المشرع المغربي للمتعاقد اإللكتروني قبل إبرام العقد‪ ،‬غير‬
‫كافية لتضمن له رضا سليم خال من أي عيوب‪ ،‬وهذا ما إستلزم ضرورة تمديد هذه الحماية‬
‫إلى مرحلتي إبرام وتنفيذ العقد اإللكتروني‪ ،‬وذلك من خالل توفير مجموعة من الضمانات‬
‫الحمائية للمستهلك كونه الطرف الضعيف في العالقة التعاقدية‪.‬‬

‫حماية المستهلك في مرحلة إبرام العقد تهدف بصفة أساسية إلى حماية رضا المستهلك حتى‬
‫يتمكن من إبرام العقد بعلم ودراية‪ ،‬فاإليجاب والقبول اإللكتروني يمثالن العناصر األساسية‬
‫‪64‬‬
‫في العقد اإللكتروني ويجب أن تتوفر خاللهما حماية قانونية للمستهلك‪.‬‬

‫أما حماية المستهلك في مرحلة تنفيذ العقد‪ ،‬فتتعلق بضمان تنفيذ اإللتزامات العقدية تحقيقا‬
‫للتوازن العقدي‪ ،‬ذلك ألن حاجة المستهلك للحماية تكون قائمة بعد إبرام العقد مثلما هي قائمة‬
‫أثناء أو قبل إبرامه‪ ،‬وتؤسس هذه الحماية على نفس األسس والمبررات التي تقوم عليها‬
‫‪65‬‬
‫الحماية أثناء إبرام العقد والتي تتمثل في خصوصية الوسيلة المستعملة إلبرام العقد‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬حماية المستهلك أثناء إبرام العقد اإللكتروني‬


‫يعتبر العقد اإللكتروني من العقود الحديثة العهد‪ ،‬والذي إقترن ظهوره بظهور شبكة‬
‫اإلتصاالت الدولية‪ ،‬وقد أصبح إستخدامه يتزايد بشكل كبير إلنجاز مختلف المعامالت‬
‫وإبرام الصفقات عن بعد‪ 66،‬وقد باتت هذه العقود اإللكترونية تمثل نسبة هائلة من حجم‬
‫التجارة الدولية والداخلية‪ ،‬ويرجع السبب إلى سهولة وسرعة إبرامها‪.‬‬

‫غير أن تزايد اإلقبال على إبرام العقود اإللكترونية جعل المستهلك الطرف الضعيف في‬
‫العالقات التعاقدية اإللكترونية عرضة للكثير من المخاطر‪ ،‬فالمستهلك في هذا النوع من‬
‫العقود يبرم عقد مع تاجر محترف ال يعرفه وال يعرف مكان وجوده كما وأنه ال يستطيع‬

‫‪ 64‬عبد هللا ذيب عبد هللا محمود‪ ،‬حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.64 :‬‬
‫‪ 65‬جلول دواجي بلحلول‪ ،‬الحماية القانونية للمستهلك في ميدان التجارة اإللكترونية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.012 :‬‬
‫‪ 66‬عبد هللا أحمد السبيطي‪ ،‬ضمانات حماية التعاقد اإللكتروني في القانون القطري‪ ،‬رسالة إلستكمال متطلبات الحصول على درجة الماجيستر في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة قطر‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،5150‬ص‪.08 :‬‬

‫‪36‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫رؤية محل العقد أو التأكد من مواصفاته‪ ،‬بناء على هذه المبررات فإن المستهلك بحاجة‬
‫ماسة إلى ضمانات قانونية تحميه من مخاطر هذا التعاقد‪.‬‬

‫ولعل من أبرز هذه الضمانات التي جاء بها المشرع المغربي من خالل مقتضيات القانون‬
‫رقم ‪ 31.08‬الهادفة إلى حماية المستهلك في مرحلة إبرام العقد هي حمايته من الشروط‬
‫التعسفية (الفقرة األولى)‪ ،‬حيث يكون للمتعاقد اإللكتروني كامل الحق في تعديل الشروط‬
‫التعسفية أو إلغائها‪ ،‬باإلضافة إلى أن المستهلك المتعاقد عبراإلنترنت يدلي بمعلومات تتعلق‬
‫بحياته الخاصة للمهني‪ ،‬لذلك يلزم القانون هذا األخير أن يحمي المعطيات الشخصية‬
‫للمستهلك (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية‬


‫لما كان العقد هو عبارة عن توافق إرادتين‪ ،‬فإن اإلرادة بحسب األصل تلعب الدور الرئيسي‬
‫فيه‪ ،‬إبتداء من إتخاذ القرار بإبرامه وإنتهاء بتحديد شروطه وأثاره‪.‬‬

‫بناء على ذلك‪ ،‬فإن العقد كأصل عام يقوم على مبدأ هام وهو مبدأ سلطان اإلرادة الذي يقصد‬
‫به أن الفرد حر في التعاقد أو عدم التعاقد وإذا قيد نفسه بالموافقة على العقد فهذا يكون عن‬
‫‪67‬‬
‫إقتناع وإختيار تاميين‪.‬‬

‫غير أن العقود اإللكترونية وباألخص التي تتم عبر شبكة اإلنترنت تختلف كل اإلختالف‪ ،‬إذ‬
‫ينفرد الموجب بوضع شروط العقد‪ ،‬وال يقبل المناقشة فيها‪ ،‬حيث أن الهدف األساسي للمهني‬
‫هو كيفية جذب المستهلك‪ ،‬ويسعى في سبيل ذلك إلى إستخدام كافة وسائل الدعاية واإلعالن‬
‫عبر شبكة االنترنت‪ ،‬ويكون الهدف من هذه الدعاية هو ترويج السلع والخدمات‪ ،‬وعندما‬
‫يأتي المستهلك للتعاقد مع المهني يفرض عليه هذا األخير شروط للمتعاقد ال تخضع ألي‬
‫مفاوضات‪ ،‬مستندا في ذلك على تفوقه اإلقتصادي والمعلوماتي‪ ،‬وبالمقابل ما على المستهلك‬

‫‪ 67‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر اإللتزامات‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22 :‬‬

‫‪37‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫إال قبول هذه الشروط إذا ما أراد إتمام إبرام العقد‪ ،‬وفي أغلب العقود تكون هذه الشروط‬
‫‪68‬‬
‫مجحفة بحق الطرف األخر الذي لم تتسنى له مناقشتها لذا هي تعتبر شروطا تعسفية بحقه‪.‬‬

‫ويمكن القول بأن موضوع حماية المستهلك ضد الشروط التعسفية أصبح من الموضوعات‬
‫التي إنصب عليها اإلهتمام فقها وتشريعا وقضاءا خصوصا في مجال العقود اإلستهالكية‬
‫التي أصبحت في تزايد مستمر يتمكن فيها الطرف القوي من ممارسة نفوذه اإلقتصادي على‬
‫الطرف الضعيف فيقبل بشروط العقد على ما هي عليها ولو كانت تتضمن شروطا إجحافية‬
‫‪69‬‬
‫ظالمة لمصالح هذا األخير‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم الشرط التعسفي‬

‫عرف المشرع المغربي الشرط التعسفي في القسم الثالث من قانون ‪ 80.13‬المتعلقة بحماية‬
‫المستهلك من الشروط التعسفية‪ ،‬وذلك من المادة ‪ 02‬منه‪ ":‬يعتبر شرطا تعسفيا في العقود‬
‫المبرمة بين المورد والمستهلك كل شرط يكون الغرض منه أو يترتب عليه إختالل كبير بين‬
‫حقوق وواجبات طرفي العقد على حساب المستهلك"‪.‬‬

‫من خالل هذه المادة يتبين بأن المشرع النغربي أعطي تعريفا دقيقا للشرط التعسفي في إطار‬
‫العالقة التعاقدية الرابطة بين المستهلك والمورد‪ ،‬وعبر عليه بأنه ذلك الشرط الذي يؤدي إلى‬
‫‪70‬‬
‫إختالل كبير وملحوظ بين حقوق وواجبات أطراف العقد على حساب المستهلك‪.‬‬

‫وعرفها كذلك المشرع الفرنسي في المادة ‪ 82‬من قانون(‪ )0243/10/01‬المتعلق بحماية‬


‫المستهلك وإعالمه من أنه في إطار العالقة التي تجمع المحترفين بغير المحترفين أو‬
‫المستهلكين يعتبر بمثابة شروط تعسفية تلك الشروط التي تفرض على غير المحترفين‬
‫‪71‬‬
‫بإستغالل قوة إقتصادية تؤدي إلى تحقق ميزة فاحشة‪.‬‬

‫‪ 68‬أحمد أمين نان‪ ،‬حماية المستهلك اإللكتروني‪ ،‬مذ كرة مقدمة لإلستكمال متطلبات شهادة ماستر أكاديمي الميدان‪ :‬الحقوق والعلوم السياسية الشعبة‪:‬‬
‫الحقوق التخصص‪ :‬قانون الشركات‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‪-‬ورقلة‪-‬كلية الحقوق العلوم السياسية قسم الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،5104-5106‬ص‪:‬‬
‫‪.06‬‬
‫‪69‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر اإللتزامات‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22 :‬‬
‫‪ 70‬سامي مومو‪ ،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية في العقود النموذجية بين التشريع والواقع‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‪ ،‬جامعة محمد األول‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪-‬وجدة‪ ،-‬السنة الجامعية ‪ ،5103-5104‬ص‪.02 :‬‬
‫‪71‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر اإللتزام‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.502 :‬‬

‫‪38‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫وهذا التصور هو الذي أكده المشرع الفرنسي في فترة الحقة في المادة(‪ )0/085‬من مدونة‬
‫اإلستهالك التي ورد فيها بأنه في العقود المبرمة بين المهنيين وغير المهنيين أو المستهلكين‬
‫تعتبر تعسفية الشروط التي يترتب على موضوعها أو آثارها خلق حالة من عدم التوازن بين‬
‫‪72‬‬
‫حقوق وإلتزامات األطراف المتعاقدة‪.‬‬

‫أما التوجيه األوروبي رقم ‪ 08‬الصادر في ‪ 2‬أبريل ‪ 0228‬بشأن الشروط التعسفية في‬
‫العقود المبرمة مع المستهلكين‪ ،‬فقد عرف بالمادة ‪ 0/8‬الشرط التعسفي بأنه" الشرط الذي‬
‫يرد في العقد‪ ،‬وينطوي على تفاوتا جليا خالفا لما يقضي به مبدأ حسن النية‪ ،‬وضده مصلحة‬
‫‪73‬‬
‫المستهلك‪ ،‬بين حقوق وإلتزامات األطراف فبه حساب المستهلك"‪.‬‬

‫ومن الناحية الفقهية فقد أحيط تعريف الشرط التعسفي بإهتمام كبير من قبل الفقهاء‪ ،‬حيث‬
‫عرفه محمد المسلومي بأنه‪ ":‬الشرط الذي يفرض على غير المهني أو على المستهلك من‬
‫قبل المهني نتيجة تعسف في إستعمال هذا األخير لسلطته اإلقتصادية بغرض الحصول على‬
‫‪74‬‬
‫ميزة مجحفة"‪.‬‬

‫ويعرفه الفقه الفرنسي بأنه‪ ":‬الشرط المحرر مسبقا من جانب الطرف األكثر قوة ويمنح هذا‬
‫‪75‬‬
‫األخير ميزة فاحشة عن الطرف األخر"‪.‬‬

‫إستنادا إلى مختلف التشريعات الفقهية والقانونية الواردة بخصوص الشرط التعسفي‪ ،‬يمكن‬
‫أن نورد تعريفا لهذا األخير في إطار التعاقد اإللكتروني على أنه" كل شرط أو عقد حرر‬
‫مسبقا وبشكل منفرد من قبل المهني‪ ،‬مستغال في ذلك لنفوذه اإلقتصادي القانوني والفني‪،‬‬
‫بهدف الحصول على منافع خاصة على حساب المستهلك‪ ،‬مما يترتب عنه آثر اإلخالل‬
‫‪76‬‬
‫بتوازن وعدالة التعاقد اإللكتروني"‪.‬‬

‫‪ 72‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر اإللتزام‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.502 :‬‬
‫‪ 73‬عبد هللا ذيب عبد هللا محمود‪ ،‬حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.48-45 :‬‬
‫‪ 74‬محمد المسلومي‪ ،‬حماية المستهلك من الشروط التعسقية أثناء التعاقد‪ ،‬مقال منشور بمجلة الحكم المغربية‪ ،‬العدد ‪ ،011‬ص‪.012 :‬‬
‫‪ 75‬زوليخة بت طاية‪ ،‬حورية لشهب‪ ،‬الخماية القانونية للمستهلك الرقمي من الشروط التعسفية‪ ،‬مجلة الباحث للدراسات األكاديمية‪ ،‬المجلد ‪،14‬‬
‫العدد‪ ،10‬السنة ‪ ،5151‬ص‪.806 :‬‬
‫‪ 76‬صونية شرقي‪ ،‬حماية المستهلك اإللكتلروني من الشروط التعسفية‪ ،‬مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص‪-:‬قانون أعمال‪ ،-‬جامعة‬
‫العربي بن مهيدي‪ ،‬أم البواقي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،5103-5104‬ص‪.01 :‬‬

‫‪39‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫ثانيا‪ :‬عناصر الشرط التعسفي‬

‫من خالل التعرض لمفهوم الشرط التعسفي يمكن إستخالص معايير تحديد الشروط التعسفية‬
‫إستنادا لعنصرين‪ ،‬أولهما إقتصادي يتمثل في تعسف صاحب النفوذ اإلقتصادي وثانيهما‬
‫قانوني يتجلى في الميزة الفاحشة التي يحصل عليها البائع المهني‪ ،‬هذان المعياران مرتبطان‬
‫ببعضهما إرتباط السبب بالنتيجة‪ ،‬بحيث يؤدي األول حتما إلى الثاني‪ ،‬ألن الشرط ال يكون‬
‫تعسفيا إال عندما تكون الميزة الفاحشة التي يحصل عليها البائع المهني نتيجة تعسف هذا‬
‫‪77‬‬
‫األخير في إستعمال نفوذه اإلقتصادي‪.‬‬

‫أ‪ :‬التعسف في إستعمال القوة أو السلطة اإلقتصادية من طرف المهني‬

‫هذا العنصر ال يمكن إثباته حالة بأخرى وإنما يتم إستخالصه من الصفة الخاصة بأطراف‬
‫‪78‬‬
‫العقد‪ ،‬لذلك يوصف عنصر التعسف في إستعمال القوة اإلقتصادية للمهني بأنه شخصي‪.‬‬

‫يقصد بمعيار تعسف القوة اإلقتصادية‪ ":‬الوضع اإلقتصادي القوي للمهني‪ ،‬الذي يجعله يملك‬
‫نفوذ وتفوق في التقنية‪ ،‬عن المستهلك الذي ال يكون أمامه إال القبول أو الرفض للتعاقد‪ ،‬دون‬
‫إمكانية مناقشة شروط العقد هذا ما يؤدي إلى عدم تعادل جسيم‪ ،‬وذلك تحت ضغط حاجة‬
‫المستهلك للسلعة أو الخدمة‪ ،‬وذلك أن المستهلك إذ يقبل الشروط التعسفية بدون مناقشة أو‬
‫‪79‬‬
‫تفاوض‪ ،‬تحت العوز اإلقتصادي والحاجة الضرورية"‪.‬‬

‫إنطالقا من هذا التعريف وبحسب ما ورود فيه‪ ،‬يمكننا القول بأنه إلضفاء وصف التعسف‬
‫على شرط من الشروط المدرجة في العقد اإللكتروني المبرم بين المهني والمستهلك يستلزم‬
‫توافر المعيار الشخصي‪ ،‬والمتمثل في تعسف المهني فب إستعمال مركزه اإلقتصادي القوي‬
‫وتفوقه التقني وإستغاللها في فرض نفوذه على المستهلك كمتعاقد ضعيف في مواجهته‪،‬‬

‫‪77‬زكرياء خليل‪ ،‬حماي ة المستهلك من الشروط التعسفية‪ ،‬مقال منشور بالمجلة المغربية للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬عدد‪ ،05-00‬الطبعة األولى‬
‫‪ ،5106‬ص‪.50 :‬‬
‫‪ 78‬إدريس الفاخوري‪ ،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية‪ ،‬مقال منشور بالمجلة المغربية لإلقتصاد والقانون‪ ،‬العدد الثالث يونيو ‪ ،5110‬ص‪.41 :‬‬
‫‪ 79‬خلوي(عدنان)نصيرة‪ ،‬الحماية القانونية للمستهلك عبر اإلنترنت‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجيستر في القانون‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬مذكرة منشورة‪ ،‬تاريخ المناقشة‪ ،5108/12/58 ،‬ص‪ .88 :‬نقال عن صونية شرقي‪ ،‬حماية المستهلك‬
‫اإللكتروني من الشروط التعسفية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.05 :‬‬

‫‪40‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫والذي يجد نفسه تحت ضغط حاجته الملحة لتلك السلعة أو الخدمة محل التعاقد مجبرا على‬
‫‪80‬‬
‫قبول مثل الشروط‪.‬‬

‫وهذا العنصر محل نظر ألن القوة تكمن في السيطرة الفنية والتقنية أكثر منها في القوة‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬وأن هذا التفوق التقني هو الذي يمكن المهني من فرض شروط تعسفية‪ ،‬ألن هذا‬
‫األخير متعود على إبرام العقود والصفقات ويعرف جيدا الحقوق واإللتزامات الناشئة عن‬
‫العقد‪ ،‬ويعرف أيضا ما يجري به العمل في مهنته ويمتلك من الوسائل ما يمكنه من تحديد‬
‫اإللتزامات التي يستطيع تنفيذها‪ ،‬ويفرض الشروط التي يراها مناسبة مع المتعاقد معه‪،‬‬
‫‪81‬‬
‫ولذلك فإن إختيار هذا العنصر يبدو وكما يرى البعض غير ذي جدوى من الناحية العملية‪.‬‬

‫كما يستنتج من خالل المادة ‪ 02‬من القانون المذكور أنه للقول بوجود شرط تعسفي أن يكون‬
‫هذ ا األخير قد خلق إختالال كبيرا بين حقوق وواجبات طرفي تاعقد من أجل تقدير اإلختالل‬
‫‪82‬‬
‫الذي قد يخلقه هذا الشرط‪.‬‬

‫إال أن ما يعاب على المشرع بهذا الخصوص أن يكون اإلختالل كما تقول المادة ‪ 02‬كبيرا‪،‬‬
‫وهو ما يعني بمفهوم المخالفة أنه إذا كان اإلختالل بسيطا فهو يكون مقبوال وال يؤخذ به‬
‫‪83‬‬
‫ويعتبر الشرط صحيحا‪.‬‬

‫ب‪ :‬الميزة المجحفة أو المفرطة التي يحصل عليها المهني بمناسبة التعاقد‬

‫وهو عنصر موضوعي يتعلق بتوفير مزايا مبالغ فيها للمهني وهو ما يسميه الفقه ب" الميزة‬
‫الفاحشة" والتي تقوم على المبالغة في تعداد اإللتزامات الملقاة على عاتق المستهلك أو‬
‫التخفيف من إاتزامات المهني‪ ،‬كما تعني إنعدام سبب العقد ولو جزئيا ولو أنه يجب أن يؤخذ‬
‫‪84‬‬
‫بعين اإلعتبار المنفعة التي حصل عليعا المهني نتيجة للشرط الوارد بالعقد‪.‬‬

‫‪ 80‬صونية شرقي‪ ،‬حماية المستهلك اإللكتروني من الشروط التعسفية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.05 :‬‬
‫‪ 81‬إدريس الفاخوري‪ ،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.41 :‬‬
‫‪ 82‬أبو بكر مهم‪ ،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية على ضوء القانون ‪ ،80.13‬مقال منشور بمجلة القضاء والقانون‪ ،‬ص‪.022-022 :‬‬
‫‪ 83‬سامي مومو‪ ،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية في العقود النموذجية بين التشريع والواقع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.81 :‬‬
‫‪ 84‬احمد هللا محمد أحمد هللا‪ ،‬حماية المستهلك في مواجهة الشروط التعسفية في عقد اإلستهالك‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪،0224 ،‬‬
‫ص‪.61 :‬‬

‫‪41‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫كما قلنا سابقا أن القول بوجود شرط تعسفي ال يكفي فقط أن يكون اإلختالل الحاصل في‬
‫توازن العالقة العقدية ناشئا عن تعسف المهني في إستغالل نفوذه اإلقتصادي وإنما يجب أن‬
‫يكون هذا اإلختالل ناشئا عن المزايا المفرطة أو المتجاورة التي يحصل عليها المهني‪ 85،‬فما‬
‫يالح ظ على هذان المعياران أنهما مرتبطان ببعضهما البعض إرتباط السبب بالنتيجة أي أن‬
‫وقوع أحدهما يكون نتيجة إلستخدام األخر‪ ،‬بمعنى أن النزايا والمنافع المفرطة التي يتحصل‬
‫عليها المهني المحترف ليست سوى نتيجة التعسف في إستعمال وإستغالل نفوذه‬
‫‪86‬‬
‫اإلقتصادي‪.‬‬

‫ولتقدير الميزة الفاحشة يجب النظر إلى العقد بمجمله‪ ،‬فمن الممكن إذا أخذنا شرطا بمعزل‬
‫عن غيره من الشروط قد يبدوا تعسفيا لكونه يخول أحد المتعاقدين ميزة فاحشة لكن التحليل‬
‫يجب أن ال يتوقف عند هذا الحد ألنه إذا كان العقد يتضمن شرطا مقابال يخول المتعاقد‬
‫األخر ميزة تجعل إلتزامات الطرفين متعادلة فآن الصفة التعسفية للشرط السابق تنمحي‬
‫‪87‬‬
‫والعقد يبقى متوازنا‪.‬‬

‫وخالصة القول أن المتعاقد الذي يفرض شروطا تعسفية غالبا ما يكون في موقع قوة سواء‬
‫‪88‬‬
‫تعلق األمر بالقوة اإلقتصادية أو القوة الفنية أو القانونية‪.‬‬

‫فالقوة اإلقتصادية قد تجعل من المهني طرفا قويا في العقد بحكم وصفه اإلقتصادي وبالتالي‬
‫يفرض شروطا تعسفية على المستهلك‪ ،‬كالمشغل الذي يشترط على العامل عدم المنافسة أو‬
‫‪89‬‬
‫عدم الزواج‪...‬‬

‫أما القوة القانونية فتتمثل في العلم بالمقتضيات التشريعية والتي يتوفر عليها أحد طرفي العقد‬
‫وبمقتضى هذه المعرفة القانونية يفرض شروطا ال يستطيع المتعاقد األخر(المستهلك) فهم‬
‫‪90‬‬
‫آثارها عند التعاقد كما الشأن بالنسبة للشرط الجزائي‪.‬‬

‫‪ 85‬صونية شرقي‪ ،‬حماية المستهلك اإللكتروني من الشروط التعسفية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.08 :‬‬
‫‪ 86‬صونية شرقي‪ ،‬حماية المستهلك اإللكتروني من الشروط التعسفية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.08 :‬‬
‫‪87‬سامي مومو‪ ،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية في العقود النموذجية بين التشريع والواقع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.80-81 :‬‬
‫‪ 88‬الفاخوري‪ ،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.40 :‬‬
‫‪89‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.40 :‬‬
‫‪90‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.40 :‬‬

‫‪42‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫أما القوة الفنية فتعود إلى الحنكة والتجربة والخبرة الفنية والمهنية التي يتقنها أحد المتعاقدين‬
‫دون األخر‪ ،‬كالمهني الذي يعرف جيذا قواعد وخبايا األمور المرتبطة بمهنته خالف المتعاقد‬
‫األخر الذي يجهل في غالب األحيان مثل هذه األمور الفنية‪ ،‬ولذلك فالتفوق المهني يكون‬
‫‪91‬‬
‫سببا هاما وخطيرا في إدراج الشروط التعسفية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬دور القضاء في مواجهة الشروط التعسفية‬

‫من المبادئ المسلم بها في القانون المدني أن العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬فاألصل أن ما يتفق‬
‫عليه المتعاقدان ويضمنانه في العقد يكون هو القانون الذي يحتكمان إليه عند وقوع النزاع‪،‬‬
‫ولذلك يمنع على القاضي مراجعة مضمون العقد مادامت مقتضياته غير مخالفة للنظام العام‬
‫‪92‬‬
‫أو األداب العامة ومادامت عبارات العقد وشروطه واضحة‪.‬‬

‫غير أن التحوالت اإلقتصادية واإلجتماعية التي عرفتها مختلف دول العالم أثر بشكل فعال‬
‫على العالقات التعاقدية ومن ثم أصبح لزاما على القضاء‪-‬وفي ظل غياب نصوص تشريعية‬
‫من أجل تغيير مضمون العقد وتعديله في خرق‬ ‫‪93‬‬
‫صريحة تضمن التوازن العقدي التدخل‬
‫لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين‪.‬‬

‫أمام عجز مبدأي سلطان اإلرادة والعقد شريعة المتعاقدين عن تحقيق العدالة التعاقدية‪ ،‬عهد‬
‫قانون‪ 80.13‬ال قاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك إلى جهاز القضاء مقاومة الشروط‬
‫التعسفية المضمنة في نماذج العقود المعروضة على المستهلكين‪ ،‬وإعادة التوازن العقدي‬
‫والتخفيف من حدة اإلجحاف واإلستغالل الممارس على األطراف الضعيفة‪.‬‬

‫أ‪ :‬دور القضاء في تفسير العقد‬

‫يساهم القضاء في تو فير حماية هامة للمستهلك عامة والمستهلك اإللكتروني بصفة خاصة‪،‬‬
‫وذلك من خالل السلطة المخولة له في تفسير بنود العقد وتأويلها‪ ،‬وتعديل الشروط التي‬
‫تعتبر تعسفية أو إلغائها نهائيا ألجل رفع التعسف عن كاهل المستهلك‪.‬‬

‫‪91‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.40 :‬‬


‫‪ 92‬إدريس الفاخوري‪ ،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.31 :‬‬
‫‪93‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.31 :‬‬

‫‪43‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫يقصد بتفسير العقد‪ ،‬تحديد معنى النصوص الواردة في العقد وبيان مدلولها‪ ،‬وذلك بهدف‬
‫تحديد ما إنصرفت إليه اإلرادة المشتركة للطرفين المتعاقدين وتحديد مضمون العقد‬
‫والوقوف على اإللتزامات التي يولدها‪ 94.‬وعموما فإن مؤسسة التفسير تعتبر منفذا مهما‬
‫للقاضي إلى العقد قصد تحديد مضمونه‪ ،‬ومحاولة إيجاد توازن بين إلتزامات طرفيه‪ ،‬وقد‬
‫نقل عن ‪ demogue‬بأنه وعن طريق هذه المؤسسة يتجاوز القاضي البحث عن إرادة‬
‫‪95‬‬
‫الطرفين إلى مسألة التطويع‪.‬‬

‫وما ينبغي اإلشارة إليه هو أن سلطة القاضي في تحقيق التوازن العقدي من خالل مؤسسة‬
‫التفسير تكون ضيقة إذا ما كانت عباراته واضحة‪ ،‬بينما تكون واسعة كلما كانت عباراته‬
‫غامضة‪.‬‬

‫تعتبر سلطة القاضي في تفسير شروط العقد الغانضة‪ ،‬من بين الوسائل المهمة التي يتمتع‬
‫بها‪ ،‬لتحقيق قدر من التوازن عن طريق‪-‬تعديل‪-‬شروط العقد المفتقد للتوازن‪ ،‬السيما وأن‬
‫‪96‬‬
‫أغلب هذع العقود يأتي في شكل غامض وغير محدد المعاني‪.‬‬

‫ويقصد بالعبارات أو الشروط الغامضة عدم التوافق بين األلفاظ واإلرادة الحقيقية‬
‫للمتعاقدين‪ ،‬وقد يقع الغموض في األلفاظ أو في اإلرادة أو فيهما معا‪ ،‬كما يقصد باشروط‬
‫الغامضة تلك التي تحمل اكثر من معنى‪ ،‬ويرجع الغموض فيعا لكون الشرط المبهم أو‬
‫الناقص‪ ،‬كما هو الحال مثال بالنسبة لوصل الضمان الذي ال يبين األداءات التي يلتزم بها‬
‫البائع في إطار الضمان التعاقدي هل هو إصالح المبيع أم إستبداله أم رده كما قد يرجع‬
‫الغموض إلى التناقض بين الشروط المختلفة في نفس العقد‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة لوثيقة‬
‫التأمين التي تنص في قسم منها على تغطية التأمين بخطر معين‪ ،‬وتنص في قسم أخر منها‬
‫‪97‬‬
‫على أن نفس الخطر ال يغطيه التأمين‪ ،‬مما يؤدي إلى التساؤل عن أي شرط به منها‪.‬‬

‫‪ 94‬سامي مومو‪ ،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية في العقود النموذجية بين التشريع والواقع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.65 :‬‬
‫‪ 95‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني‪ ،‬شعبة القانون‬
‫الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية أكدال‪-‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪.5115-5110‬‬
‫‪ 96‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.54 :‬‬
‫‪97‬خالد معاشو‪ ،‬دور القضاء في حماية المستهلك من الشروط ا لتعسفية‪ ،‬مذكرة تخرج لنيل شهادة الماجستير تخصص قانون األعمال‪ ،‬جامعة ‪ 3‬ماي‬
‫‪ 22‬قاملة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،5106-5102‬ص‪.22 :‬‬

‫‪44‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫وكلما كانت عبارات العقد غامضة في داللتها على المقصود منها تعين اللجوء إلى التفسير‬
‫إلستجالء غموضها وتحديد حقيقة مدلولها‪ ،‬وتفسير العقد يناط بالقاضي‪ ،‬وهذا األخير حينما‬
‫يفسر العقد يستهدف البحث عن ما قصدته اإلرادة المشتركة لطرفيه‪ 98،‬فالحالت التي‬
‫تستدعي تدخل القضاء لتفسير مقتضيات العقد هي التي يكون الهدف منها هو إظهار النية‬
‫الحقيقية للطرفين عند غموض عبارات العقد ووضوح اإلرادة‪ ،‬وحالة غموض اإلرادة‬
‫ووضوح العبارة‪ ،‬ثم حالة غموض العبارة واإلرادة معا والحالة التي تثير الشك في مدى‬
‫اإللتزام المتولد عنه‪ ،‬وهذا ما نص عليه الفصل ‪ 265‬من ق‪.‬إ‪.‬ع‪ 99‬فهذه الحاالت تشكل‬
‫المجال األوسع إلستخدام القاضي لسلطة التفسير آخذا بعين اإلعتبار النية المشتركة‬
‫للمتعاقدين معتمدا على التأويل للبحث عن هذه اإلرادة المشتركة دون التقيد بالمعنى الحرفي‬
‫لأللفاظ وال بتكوين الجمل‪،‬فتفسير شروط العقد الغامضة يدخل ضمن سلطة القاضي‬
‫‪100‬‬
‫المطلقة‪.‬‬

‫وعليه فإن تفسير العقد الغامض يخضع للسلطة المطلقة لقضاة الموضوع‪ ،‬وال رقابة‬
‫للمجلس األعلى على ذلك‪ ،‬على إعتبار أن المسألة تتعلق بالواقع الذي يكون من إختصاص‬
‫قاضي الموضوع‪ ،‬بحيث يغور في عالم النية والضمير‪ ،‬وهو السبب الذي يحول دون بسط‬
‫‪101‬‬
‫المجلس األعلى رقابته‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار جاء قرار للمجلس األعلى صادر بتاريخ ‪ 14‬أبريل ‪ ،0262‬إعتبر فيه أن‬
‫‪102‬‬
‫الشروط الغامضة أو المعارضة إلتفاقات األطراف‪ ،‬ال تخضع لرقابة المجلس األعلى‪.‬‬

‫لكن هذا ال يعني أن قاضي الموضوع ال يخضع نهائيا لرقابة المجلس األعلى في حالة العقد‬
‫الغامض‪ ،‬بل توجد هناك حاالت يعتبر عدم إمتثال قاضي الموضوع لها خرقا للقانون‪،‬‬

‫‪ 98‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬النظرية العامة لإللتزامات‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،0226 ،‬ص‪.226 :‬‬
‫‪99‬ينص الفصل ‪ 265‬على ما يلي‪ ":‬يكون التأويل في الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫‪_ 0‬إذا كانت األلفاظ المستعملة ال يتاتى التوفيق بينعا وبين الغرض الواضح الذي قصد عنه تحرير العقد‪.‬‬
‫‪_ 5‬إذا كانت األلفاظ المستعملة غير واضحة بنفسها‪ ،‬أو كانت ال تعبر تعبيرا كامال عن قصد صاحبها‪.‬‬
‫‪_8‬إذا كان الغموض ناشئا عن مقارنة بنود العقد المختلفة بحيث تثير المقارنة الشك حول مدلول تلك البنود‪.‬‬
‫وعندما يكون لليأويل موجب‪ ،‬يلزم البحث عن قصد المتعاقدين‪ ،‬دون الوقوف عند المعنى الحرفي لأللفاظ‪ ،‬وال عند تركيب الجمل"‪.‬‬
‫‪ 100‬إدريس الفاخوري‪ ،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.32-32 :‬‬
‫‪ 101‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.81 :‬‬
‫‪102‬‬
‫‪CASS.CIV، 07-04-1964، R.M.D، 1965، P: 186،cité par: francois paul blanc، op.cit، p 376-377.‬‬
‫نقال عن عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.80 :‬‬

‫‪45‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫وتحريفا للعقد‪ ،‬ومنها تجريد العقد من كل أثر قانوني‪ 103،‬وفي ذلك ذهب المجلس األعلى في‬
‫قرار له بتاريخ ‪ 0‬دجنبر ‪ "0235‬أن الشك الذي ينتج عن مقاربة شروط العقد‪ ،‬ال يجرد هذا‬
‫األخير من أي أثر‪ ،‬فمن األولى تنفيذ العقد على تجريده من كل أثر عند تفسيره‪ ،‬وتنفيذ العقد‬
‫يفرض تفسيره من طرف المحكمة‪ ،‬التي تكون ملزمة بالبحث عن إرادة األطراف دون‬
‫الوقوف عند المعنى الحرفي لأللفاظ وال عند تركيب الجمل‪ ،‬وعليه يخالف القانون و‬
‫يتعرض للنقض الحكم الذي يجرد العقد من كل أثر‪ ،‬في حين كان من الممكن موافقة‬
‫‪104‬‬
‫الشروط فيما بينها عبر التفسير"‪.‬‬

‫وعلى العكس من ذلك فإن سلطة القاضي في تفسير العقد الواضح العبارة تتقلص وتضيق‬
‫بشكل كبير‪ ،‬فإذا كا نت عبارات العقد واضحة في داللتها ما كانت في حاجة إلى التفسير‪،‬‬
‫ووجب على القاضي أن يأخذ بالمعنى الظاهر لها دون أن ينحرف عنه ذلك أن تفسير التعبير‬
‫عن اإلرادة في العقد كتفسير النصوص القانونية ال وجه له إن كان التعبير من الوضوح في‬
‫‪105‬‬
‫الداللة عن مقصد صاحبه‪ ،‬بحيث يبدو التفسير أمرا ال لزوم له‬

‫وهو ما نص عليه الفصل ‪ 260‬من قانون اإللتزامات والعقود المغربي حيث جاء فيه‪ ":‬إذا‬
‫كانت ألفاظ العقد صريحة‪ ،‬إمتنع البحث عن قصد صاحبها"‪.‬‬

‫بمعنى أن القاضي يفقد سلطته بشكل شبه مطلق في التفسير‪-‬ومن تم ال يستطيع التدخل في‬
‫مضمون العقد إليجاد التوازن بين إلتزامات أطرافه‪-‬إذا ما كانت عبارات العقد واضحة‪،‬‬
‫وكانت محكمة النقض الفرنسية تعتبر التفسير في هذه الحالة تحريفا للعقد‪ ،‬وتؤسس رقابتها‬
‫‪106‬‬
‫على قضاة الموضوع‪.‬‬

‫وهو نفس التصور الذي إعتمدته المحاكم المغربية أثناء الحماية‪ ،‬لتأثرها المباشر بمحكمة‬
‫النقض الفرن سية‪ ،‬بإعتبارها المؤسسة المخول لها البث في الطعن بالنقض الموجه ضد‬
‫‪107‬‬
‫القرارات الصادرة عن محكمة مغربية‪.‬‬

‫‪103‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.80 :‬‬


‫‪104‬قرار عدد ‪ ،425‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى‪ ،‬عدد ‪ ،80‬مارس ‪ ،0238‬ص‪.85 :‬‬
‫‪ 105‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬النظرية العامة لإللتزام‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،0226 ،‬الصفحة‪.222 :‬‬
‫‪ 106‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.58-55 :‬‬
‫‪107‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.58 :‬‬

‫‪46‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫غير أنه إذا كانت القاعدة العامة المنصوص عليها في الفصل ‪ 260‬من ق‪.‬إ‪.‬ع المشار إليه‬
‫سابقا تمنع القاضي من تحريف معنى ومدى الشروط الواضحة والمحددة ولو كانت تعسفية‬
‫فإن هناك حاالت إستثنائية يمكن الخروج بها على القاعدة السابقة ويتعلق األمر كما يرى‬
‫بعض الفقه بالحاالت التي ينشأ فيها تناقض بين العبارات الواضحة للعقد واإلرادة الحقيقية‬
‫ذلك أن وضوح العبارة غير وضوح اإلرادة‪ ،‬قد تكون العبارة في ذاتها‬ ‫‪108‬‬
‫للمتعاقدين‪،‬‬
‫واضحة‪ ،‬لكن الظروف تدل على أن المتعاقدين أساءا إستعمال التعبير الواضح‪ ،‬فقصدا معنى‬
‫وعبرا عنه بلفظ ال يستقيم في هذا المعنى‪ 109،‬ففي هذه الحالة يسترجع القاضي دوره اإليجابي‬
‫في التفسير الذي يبدو بأن ظاهر الفصل ‪ 260‬من ق‪.‬إ‪.‬ع قد سلبه منه‪ 110،‬وهذا المعنى أكده‬
‫المجلس األعلى في العديد من القرارات‪ ،‬من ذلك القرار الصادر بتاريخ ‪ 51‬أبريل ‪،0266‬‬
‫والذي قضى فيه( بأنه لمحكمة الموضوع في أال تعتبر في العقود إال معتاها‪ ،‬ال مبناها‪ ،‬وأنها‬
‫حينما تقرر أن العقد المبرم بين الطرفين عقد كراء‪ ،‬ال عقد شركة‪ ،‬تصحح الوضع بالنسبة‬
‫‪111‬‬
‫للتعبير الفاسد)‪.‬‬

‫وقد جاء قرار أخر للمجلس األعلى المغربي‪ ،‬يتاريخ ‪ ،0226/0/4‬من أن ألفاظ العقد ال تحول‬
‫‪112‬‬
‫دون تفسيره إذا تعذر التوفيق بينهما‪ ،‬وبين الغرض الواضح المقصود من العقد‪.‬‬

‫نخلص مما سبق أن القاضي يمكنه أن يتدخل بشكل إيجابي وبصفة غير مباشرة في مجال‬
‫تأويل العقد‪ ،‬ولو كانت العبارة المكتوبة واضحة إذا لم نكن تعبر عن اإلرادة المشتركة‬
‫للطرفين‪ ،‬وهو المسلك الذي كرسه اإلجتهاد القضائي المغربي‪ ،‬مما ينتج عنه إمكانية مواجهة‬
‫‪113‬‬
‫القاضي لعدم التوازن العقدي‪.‬‬

‫وعموما فإذا الحظ المستهلك وجود شرط تعسفي في العقد المبرم عن بعد‪ ،‬خول له المشرع‬
‫المغربي إمكانية اللجوء إلى القضاء المختص والمطالبة بإلغائه وذلك طبقا للفقرة األولى من‬
‫المادة ‪ 02‬من قانون ‪ 80.13‬الذي جاء فيها‪ ":‬يعتبر باطال والغيا الشرط التعسفي الوارد في‬

‫‪ 108‬إدريس الفاخوري‪ ،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.38-35 :‬‬
‫‪ 109‬سامي مومو‪ ،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية في العقود النموذجية بين التشريع والواقع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.62-68 :‬‬
‫‪110‬الفاخوري‪ ،‬حماية ال مستهلك من الشروط التعسفية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.38 :‬‬
‫‪111‬قرار عدد ‪ ،813‬عن الغرفة المدنية بتاريخ ‪ ،0266-12-51‬مجلة القضاء والقانون‪ ،‬ع‪ ،32 :‬يناير‪-‬مارس‪ ،0236 ،‬ص‪ .63 :‬نقال عن عبد‬
‫الرحمان الشرقاوي‪ ،‬دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52 :‬‬
‫‪112‬سامي موم ‪ ،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية في العقود النموذجية بين التشريع والواقع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.62 :‬‬
‫‪ 113‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي‪ ،‬مرجع سابق‪.56 ،‬‬

‫‪47‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫العقد المبرم بين المورد والمستهلك‪ ،".‬غير أن بطالن الشرط ال يؤدي إلى بطالن اإللتزام‬
‫ككل إال إذا لم يكن بإمكان العقد أن يبقى قائما بدون الشرط المذكور‪ ،‬وفي ذلك لربما إعمال‬
‫من قبل المشرع المغربي لنظرية إنقاص العقد‪ ،‬حيث إنه وبحسبها فما ال يدرك كله ال يترك‬
‫كله تبعا للقاعدة الفقهية ذات الصلة‪ ،‬ألن مصلحة المستهلك قد تقتضي بطالن الشرط التعسفي‬
‫فقط وبقاء العقد القائما‪ ،‬ألن البطالن الكلي يمنع المستهلك من الحصول على سلعة أو خدمة‬
‫وقد نصت الفقرة الثانية من المادة ‪ 02‬على أنه‪ ":‬تطبق باقي‬ ‫‪114‬‬
‫هو في حاجة إليها‪،‬‬
‫مقتضيات العقد األخرى إذا أمكن أن يبقى العقد قائما بدون الشرط التعسفي المذكور"‪.‬‬

‫فإن إقتصار البطالن على الشرط التعسفي دون العقد الذي يرتبط به تنجسم مع المبادئ‬
‫القانونية العامة التي تقضي بأن إعمال الكالم خير من إهماله وأن الضرر يزال ومادام‬
‫باإلمكان فصل الشرط التعسفي عن العقد الصحيح الذي يرتبط به فإنه ال داعي إلبطال‬
‫‪115‬‬
‫مفعول هذا العقد‪.‬‬

‫وفي مقابل هذا الجزاء الهادف إلى إستبعاد الشرط التعسفي يإلغاءه فإن هناك بعض الحاالت‬
‫األحرى التي يتم فيها اإلقتصار على تعديل مضمون هذا الشرط دون إبطاله كما هو األمر‬
‫‪116‬‬
‫بالنسبة للعقود المرتبطة بشروط جزائية‪.‬‬

‫ب‪ :‬دور القضاء في مواجهة الشرط الجزائي التعسفي في عقود اإلستهالك‬

‫األصل أن تقرير التعويض هو من إختصاص قاضي الموضوع إال أنه إستثناءا يمكن‬
‫للمتعاقدين اإلتفاق على تقرير التعويض مسبقا في حالة عدم قيام أحدهما بتنفيذ إلتزاماته أو‬
‫‪117‬‬
‫التأخذ في تنفيذها وهذا ما يسمى بالشرط الجزائي‪.‬‬

‫وقد عرف الدكتور عبد الرزاق السنخوري الشرط الجزائي بأنه‪ ":‬التعويض الذم يقوم بتقديره‬
‫المتع اقدان مقدما بدال من تركه للقاضي‪ ،‬والذي يستحقه الدائن إذا لم يقم المدين بتنفيذ إلتزامه‬
‫‪118‬‬
‫أو يتفقان على مقدار التعويض في حالة تأخر المدين عن تنفيذ إلتزامه‪.‬‬

‫‪ 114‬ذ‪.‬عمر النجوم‪ ،‬وذ‪.‬عبد الرحمان حموش‪ ،‬حماية المستهلك ضمن عقد اإلستهالك المبرم في شكل إلكتروني‪ ،‬مقال منشور بمجلة القانون‬
‫واألعمال‪ ،‬حماية المستهلك‪ ،‬العدد الحادي عشر‪ ،‬نونبر ‪ ،5106‬ص‪.62-63 :‬‬
‫‪ 115‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر اإللتزامات‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.551 :‬‬
‫‪ 116‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر اإللتزامات‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.551‬‬
‫‪ 117‬إدريس الفاخوري‪ ،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية‪ ،‬مرجع سالق‪ ،‬ص‪.36 :‬‬

‫‪48‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫إذا كان الشرط الجزائب هو تعويض إتفاقي يحدده الطرفان بإرادتهما المشتركة ليسري في‬
‫مواجهتهما معا إذا ما أخل أحدهما بإلتزاماته العقدية عللى النحو الذي يكفل للطرف األخر‬
‫الضرر الحاصل‪ ،‬فإنه في عقود اإلستهالك‪ ،‬قد قد يأخذ منحا أخرا‪ ،‬ذلك أن المهني هو الذي‬
‫يتحكم فيه عند تحريره للعقد بما يخدم مصالحه‪ 119.‬ومن ثم يعتبر الشرط الجزائي صنفا من‬
‫أصناف الشروط التعسفية‪ ،‬نظرا ألن المبالغة في تقدير قيمة التعويض ال يقبلها المستهك إال‬
‫‪120‬‬
‫إذا كان مضطرا أو له علم بصيغ التعامل وما تؤدي إليه من نتائج عملية‪.‬‬

‫وعموما فإن المتتبع ألغلب العقود‪ ،‬يتبين له أن هذا الشرط عرف إنتشارا واسعا في‬
‫الممارسة‪ ،‬للمزايا التي يحققها‪ ،‬فهو يحمل المتعاقد المتعنت على تنفيذ إلتزاماته‪ ،‬كما أنه يعتبر‬
‫‪121‬‬
‫أسلوبا ناجحا في ربح الوقت وإقتصاد النفقات التي تترتب عن اإللتجاء للقضاء‪.‬‬

‫ومن ثم فإن الشرط الجزائي‪ ،‬ال يعتبر شرطا تعسفيا متى إتفق أطراف العقد على تعويض‬
‫‪122‬‬
‫عادل ال يتجاوز بشكل كبير الضرر الذي يصيب أحدهما نتيجة عدم التنفيذ أو التأخير فيه‪،‬‬
‫ولكن إذا إستغل أحد طرفي العقد مركزه وخبرته الفنية أو القانونية لفرض شروطا جزائية‬
‫الهدف منها الحصول على مزايا وتحقيق األرباح على حساب الطرف األخر فإن الوظيفة‬
‫األصلية للشرط الجزائي تتحول من وظيفة تعةيضية إلى وضيفة تهديدية ووسيلة لإلستغالل‬
‫واإلثر اء على حساب التوازن العقدي األمر الذي يؤدي إلى إعتبار مثل هذه الشروط شروطا‬
‫تعسفية يجوز للقاضي التدخل من أجل تعديلها أو إلغائها حسب األحوال إلعادة التوازن إلى‬
‫‪123‬‬
‫اإللتزامات التعاقدية حماية للمدين الطرف الضعيف في العالقة التعاقدية‪.‬‬

‫وتأخذ سلطة القاضي في مواجهة الشروط الجزائية التعسفية حالتين هي‪ :‬سلطة القاضي في‬
‫تخفيض مبلغ التعويض‪ ،‬وسلطة القاضي في ويادة مبلغ التعويض حسب كل حالة على حدة‬
‫وهذا ما تؤكده الفقرة الثانية من الفصل ‪ 562‬من قانون اإللتزامات والعقود المغربي التي جاء‬

‫‪ 118‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬نظرية اإللتزام بوجه عام_اإلثبات_أثار اإللتزام‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‬
‫القاهرة‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.320 :‬‬
‫‪119‬بوشارب إيمان‪ ،‬حماية المست هلك من الشروط التعسفية في عقود اإلستهالك‪ ،‬مذكرة لنيل شعادة الماجيستر‪ ،‬تخصص قانون العقود المدنية‪ ،‬جامعة‬
‫عبد الحميد بن باديس مستغانم‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم القانون الخاص‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،5102-5108 :‬ص‪.82 :‬‬
‫‪120‬عواد خولة‪ ،‬حماية المتعاقد من الشروط الت عسفية‪ ،‬مذكرة نهاية الدراسة لنيل شهادة الماستر في الحقوق‪ ،‬تخصص القانون المعمق‪ ،‬جامعة عبد‬
‫الحميد بت باديس مستنغانم‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم القانون الخاص‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،5102-5108 :‬ص‪.82 :‬‬
‫‪ 121‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.38 :‬‬
‫‪122‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.38 :‬‬
‫‪ 123‬إدريس الفاخوري‪ ،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.34 :‬‬

‫‪49‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫فيها‪ ":‬يمكن للمحكمة تخفيض التعويض المتفق عليه إذا كان مبالغا فيه أو الرفع من قيمته إذا‬
‫كان زهيدا‪ ،‬ولها أيضا أن تخفض من التعويض المتفق عليه بنسبة النفع الذي عاد على الدائن‬
‫من جراء التنفيذ الجزائي"‪.‬‬

‫وكما هو معلوم فإن الشرط الجزائي قد حظي بإهتمام كل من الفقه والقضاء المغربيين األمر‬
‫الذي كان له وقع إيجابي على المشرع الذي إضطر إلى إضافة الفقرة الثانية للفصل ‪562‬‬
‫‪124‬‬
‫ق‪.‬إ‪.‬ع المتعلقة بأحكام هذا الشرط‪.‬‬

‫وبذلك يكون المشرع المغربي قد كرس ما إستقر عليه الوضع في القانون المقارن‪ ،‬فبالرجوع‬
‫للتشريع الفرنسي نجد ق‪ ،224-42 .‬الصادر بتاريخ ‪ 2‬يوليوز ‪ ،0242‬قد أضاف فقرة ثانية‬
‫للمادة ‪ ،0025‬جاء فيها ما يلي‪ ":‬مع ذلك يمكن للقاضي تخفيض أو رفع الجزاء المتفق عليه‪،‬‬
‫‪125‬‬
‫إذا ظهر أنه زهيدا أو مبالغا فيه‪ ،‬وكل إتفاق مخالف يعتبر غير موجود"‪.‬‬

‫فبالنسبة للقضاء المغربي قبل التدخل التشريعي كان منقسما على نفسه بخصوص مصير هذه‬
‫الشروط إلى غاية التسعينات بين إجتهاد محافظ على مصداقية هذه الشروط الجزائية إلنبثاقها‬
‫عن إرادات األطراف المتعاقدة وإجتهاد أخر يلح على ضرورة تدخل قضاة الموضوع لتعديل‬
‫مضمون هذه الشروط بالشكل الذي يضمن تحقق التوازن العقدي‪ ،‬فإن الوضع قد تغير منذ‬
‫‪126‬‬
‫بداية التسغينات إثر صدور القرار المبدئي عن المجلس األعلى بتاريخ(‪ 01‬أبريل ‪)0220‬‬
‫الذي جاء في إحدى حيثياته‪ ":‬لكن لئن كانت محكمة اإلستئناف ال تملك حق تعديل العقد إال‬
‫طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 581‬ق‪.‬إ‪.‬ع‪ ،‬فإنه ليس ثمة ما يمنعها من تعديل تقدير التعويض‬
‫موضوع الشرط الجزائي إذا كان مبالغا فيه‪...‬‬

‫‪...‬وأن عبارة للم حكمة التصرف في التعويض‪ ،‬وإن كان على شكل شرط جزائي شأنه في‬
‫‪127‬‬
‫ذلك شأن الغرامة التهديدية على زائدة يستقيم القرار بدونها‪"..‬‬

‫‪ 124‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر اإللتزامات‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.550 :‬‬
‫‪ 125‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.23 :‬‬
‫‪ 126‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر اإللتزامات‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬مرجع سالق‪ ،‬ص‪.555-550:‬‬
‫‪127‬أحميدو أكري‪ :‬الشرط الجزائي من خالل اإلجتهاد القضائي المغربي والمقارن‪ ،‬مجلة األشعار‪ ،‬ع‪ ،01 :‬يناير‪ ،0222 ،‬ص‪ .21:‬نقال عن عبد‬
‫الرحمان الشرقاوي‪ ،‬دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.24 :‬‬

‫‪50‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫وقد تواترت اإلجتهادات القضائية التي تصب في هذا اإلتجاه األمر الذي كان له تأثير إيجابي‬
‫في حمل المشرع على مراجعة مضمون الفصل ‪ 562‬ق‪.‬إ‪.‬ع بإضافة فقرة ثانية تمكن القاضي‬
‫من ممارسة هذا الدور في تفسير مضموط الشرط الجزائي إذا ثبت التعسف في إستعماله‪،‬‬
‫وبذلك يكون المشرع المغربي قد إلتحق بركب التشريعات الحديثة التي أقرت إمكانية مراجعة‬
‫‪128‬‬
‫الشرط الجزائي بالشكل الذي يحقق حماية الطرف الضعيف في العالقة العقدية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حق المستهلك في حماية معطياته الشخصية‬


‫إن المستهلك وهو بصدد الولوج لمنصة إحدى المواقع الرائجة على األنترنت‪ ،‬يجد نفسه في‬
‫أغلب األحيان ملزما بالقيام بالتصريح بمجموعة من البيانات والمعطيات الشخصية المتعلقة‬
‫به‪ ،‬وذلك في إطار التحقق والتأكيد على عملية البيع‪ ،‬وقد تكون هذه المعلومات عبارة عن‬
‫بيانات إسمية‪ ،‬أو عدة صور في شكل إلكتروني‪ ،‬كما قد تشمل مقر إقامة المستهلك وطبيعة‬
‫أخذت هذه البيانات الشخصية شكال مستحدثا عبر اإلنترنت يتمثل‬ ‫‪129‬‬
‫العمل الذي يقوم به‪،‬‬
‫في بنوك المعلومات المرتبطة بتكنولوجيا الحديثة لإلتصال‪ ،‬األمر الذي يجعلها عرضة‬
‫للعديدة من اإلنتهاكات واإلعتداءات والتالعب بها من أجل تحقيق أغراض إجرامية‬

‫هذه البيانات تشكل جزءا من حياة المتعاقد عبر األنترنت الخاصة فال يجوز اإلفشاء بها للغير‬
‫بقصد أو بدون قصد وال يحق للباعة تداولها فيما بينهم في سبيل الترويج لسلع أو خدمات‬
‫أخرى‪ ،‬كما ال يجوز للبائع نفسه باستخدامها إذا ما انتهت العالقة العقدية بينهما‪ ،‬واليحق له‬
‫‪130‬‬
‫أيضا اإلحتفاظ بها فيما وراء المدة المعلنة أو المحددة لغايات العالقة العقدية األولى‪.‬‬

‫بإعتبار هذه المعطيات الشخصية تمثل ركيزة من الركائز التي تقوم عليها التجارة بشكل عام‬
‫والتبادل التجاري اإللكتروني بشكل خاص‪ ،‬فإنه يجب أن يكون هذا التبادل للمعلومات‬
‫والمعطيات الشخصية مشروعا ومحترما للضوابط القانونية‪ ،‬غير أن الواقع العلمي أعرب‬
‫عن عكس ذلك‪.‬‬

‫‪ 128‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر اإللتزامات‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.555 :‬‬
‫‪ 129‬خالد طيهار‪ ،‬حماية المستهلك اإللكتروني‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر أكاديمي‪ ،‬جامعة محمد بوضياف‪-‬المسيلة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪، 5102-5103‬ص‪.28:‬‬
‫‪ 130‬خالد طيهار‪ ،‬حماية المستهلك اإللكتروني‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.28 :‬‬

‫‪51‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫ومن هذا المنطلق تدخلت مختلف التشريعات لتنظيم الحق في إحترام الحياة الخاصة لألفراد‬
‫وذلك من خالل وضع جملة من الضمانات تتيح تعزيز رقابة المستهلكين على بياناتهم‬
‫الشخصية وبالتالي الحد من خطورة إستعمالها دون موافقتهم‪.‬‬

‫وفي هذا السياق قام المشرع المغربي سنة ‪ 5112‬بسن قانون ‪ 13.12‬المتعلق بحماية‬
‫األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي لحماية المستهلكين‬
‫اإللكترونيين‪ ،‬هذا باإلضافة إلى الحماية التي أقرها دستور ‪ 5100‬بإعتباره أهم وثيقة حامية‬
‫لحقوق اإللنسان‪ ،‬حيث جاء في الفصل ‪ 52‬منه في فقرته ألولى على أن لكل شخص الحق في‬
‫حماية حياته الخاصة‪.‬‬

‫سنحاول أن نتطرق في هذه الفقرة إلى الحقوق واإللتزامات المترتبة عن معالجة المعطيات‬
‫ذات الطابع الشخصي(أوال) آليات حماية هذه المعطيات(ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الحقوق واإللتزامات المترتبة عن معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي‬

‫لقد منح القانون رقم ‪ 13.12‬المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات‬
‫الطابع الشخصي مجموعة من الحقوق للمعني‪ ،‬وفي مقابل ذلك ألزم المسؤول عن المعالجة‬
‫ببعض اإلتزامات‪.‬‬

‫أ‪-‬حقوق المستهلك بمناسبة معالجة معطياته الشخصية‬

‫يراد بمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي كل عملية أو مجموعة عمليات تنجز بمساعدة‬
‫طرق آلية أو بدونها‪ ،‬وتطبق على المعطيات ذات الطابع الشخصي‪ ،‬مثل التجميع أو التسجيل‬
‫أو اإلستعمال أو اإليصال عن طريق اإلرسال أو اإلذاعة أو أي شكل أخر من أشكال إتاحة‬
‫المعلومات‪ ،‬أو التقريب أو الربط البيني‪ .‬بعبارة أدق‪ ،‬فالبيانات لكي يكون لها معنى يجب أن‬
‫تحول إلى صورة أو شكل يوصل المعرفة‪ ،‬وهذا ما يسمى بمعالجة البيانات‪ ،‬حيث يتم‬
‫إخضاع هذه األخيرة للعديد من التحويالت بترتيبها وفرزها في تسلسل منطقي أو حسابي‬
‫معين‪ ،‬كما لو قامت إحدى المقاوالت بتجميع بيانات حول عدد من المستهلكين إلكترونيا‪،‬‬
‫سواء من خالل المعلومات والبيانات التي أ دلى بها هؤالء بمحض إراتهم أو من خالل سبل‬

‫‪52‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫أخرى وترتيبها وتصنيفها في قطاعات أو فئات طبقا لخصائص مشتركة‪ ،‬كتصنيف المبيعات‬
‫‪131‬‬
‫على أساس نوع المنتج الذي يفضلونه أو نوع المستهلك أو منطقة البيع‪.‬‬

‫يتضح من خالل هذا التعريف أن معالجة المعطيات يتم من خالل عملية أو مجموعة من‬
‫العمليات يكون فيها إحترام مجموعة من الحقوق سواء قبل إجراء هذه المعالجة أو بعدها‬
‫وهي كاألتي ‪:‬‬

‫_إجبارية الحصول على موافقة الشخص المعني بالمعطيات‪ :‬أي إخبار المعني بمضمون‬
‫المعالجة وكيفية إنجازها والغايات المتوخاة منها‪ ،‬فالمعطيات المتعلقة بالمستهلك ال يمكن أن‬
‫تكون محال للمعالجة إال بعد الحصول على موافقته الصريحة بشكل ال يحتمل الشك‪132 ،‬وهو‬

‫مانصت عليه الفقرة الألولى من المادة الرابعة من القانون رقم ‪ 133 12.13‬التي جاء فيها‪ ":‬ال‬
‫يمكن القيام بمعالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي إال إذا كان الشخص المعني قد عبر بما‬
‫ال يترك مجال للشك عن رضاه من العملية أو مجموع العمليات المزمع إنجازها‪.‬‬

‫غير أن إجبارية الحصول على الموافقة ليست مطلقة‪ ،‬إنما ترد عليها إستثناءات التي تبررها‬
‫‪134‬‬
‫أسباب قانونية محددة في الفقرة الثالثة من المدة الرابعة من قانون ‪.13-12‬‬

‫‪-‬الحق في اإلخبار‪ :‬كما من حق الشخص أو المستهلك المعني بالمعالجة حسب المادة ‪ 2‬من‬
‫نفس القانون في اإل خبار المسبق‪ ،‬من قبل المسؤول عن المعالجة أو من يمثله قصد تجميع‬
‫معطياته الشخصية إخبارا صريحا وال يحتمل اللبس بالعناصر التالية‪ ،‬ما عدا إذا كان على‬
‫علم مسبق بها‪ ،‬هوية المسؤول عن المعالجة وعند ااإلقتضاء هوية ممثله‪ ،‬غايات المعالجة‬

‫‪ 131‬بدر الدين الداودي‪ ،‬حماية الخصوصية اإلكترونية للمستهلك في التشريع المغربي‪ ،‬مقال منشور بالمجلة اإللكترونية ألبحاث القانونية ‪5102‬‬
‫العدد‪ ،8‬ص‪.24:‬‬
‫‪ 132‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪ 133‬صدر بتنفيذه ظهير شريف رقم ‪ 0.12.02‬صادر في ‪ 55‬من صفر ‪ 03 ( 0281‬فبراير ‪)،5112‬منشور بالجريدة الرسمية تحت عدد ‪2400‬‬
‫بتاريخ( ‪54‬صفر ‪ )0281‬الموافق ل ‪ 58‬فبراير ‪.5112‬‬
‫‪ 134‬جاء في الفقرة الثالثة من المادة الرابعة من قانون ‪ :" 13-12‬غير أن الرضى ال بكون مطلوبا إذا كانت المعالجة ضرورية ‪:‬‬
‫أ)اإلحترام إلتزام قانوني يخضع له الشخص المعني أو المسؤول عن المعالجة؛‬
‫ب) لتنفيذ عقد يكون الشخص المعني طرفا فيه أو لتنفيذ إجراءات سابقة للعقد تتخذ بطلب من الشخص المذكور؛‬
‫ج) للحفاظ على المصالح الحيوية للشخص المعني إذا كان من الناحية البدنية أو القانونية غير قادر على التعبير عن رضاه ؛‬
‫د)لتنفيذ مهمة تدخل ضمن الصالح العام أو ضمن ممارسة السلطة العمومية التي يتوالها المسؤول عن المعالجة أو أحد األغيار الذي يتم إطالعه‬
‫على المعطيات؛‬
‫ه)إلنجازمصلحة مشروعة يتوخاها المسؤول عن المعالجة أو المرسل إليه مع مراعاة عدم تجاهل مصلحة الشحص المعني أو حقوقه وحرياته‬
‫األسلسية‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫المعدة لها المعطيات‪ ،‬وكل المعلومات اإلضافية‪ ،‬مثل المرسل إليهم أو فئات المرسل إليهم‪،‬‬
‫‪135‬‬
‫بإستثناء الحاالت المنصوص عليها في المادة ‪ 6‬من القانون ‪.13.12‬‬

‫‪-‬الحق في الولوج‪ :‬منح المشرع المغربي للمستهلك اإللكتروني المعني بمقتضى المادة ‪ 4‬من‬
‫قانون ‪ 13-12‬حق الولوج إلى المعطيات الخاصة به دون عراقيل وفي فترات معقولة وعلى‬
‫الفور ودون تأخير أو أداء مصاريف ‪،‬أو أن يطلب من اللجنة الوطنية تحديد آجال اإلجابة‬
‫على طلبات الولوج المشروعة ويتم ممارسة حق الولوج إما إلكترونيا أو عبر تقديم طلب في‬
‫عين المكان أو كتابة بعد الألداء بما يؤكد هويته‪.‬‬

‫بمقتضى الحق في الولوج يتمتع الشخص المعني بمعالجة المعطيات الشخصية في مواجهة‬
‫المسؤول عن المعالجة بالحق في العلم بمجموعة من العناصر‪ ،‬فهو ال يقتصر على تأكيد أن‬
‫المعطيات ذات الطابع الشخصي المتعلقة به تعالج أو ال تعالج بل يشتمل أيضا كذلك على‬
‫المعطيات المتعلق ة بها‪ ،‬والمرسل إليهم الذين أوصلت إليهم المعطيات ذات الطابع‬
‫الشخصي‪. 136‬‬

‫‪-‬الحق في التصحيح‪ :‬إذ يمكن أن يعتري المعطيات الشخصية نقصا نا أو خطأ‪ ،‬كما يمكن أن‬
‫يطرأ عليها التغيير والتحوير بعد التحصيل فتصبح غير متطابقة مع الواقع‪ ،‬الشيء الذي من‬
‫شأنه أن يؤثر على حقوق وسمعة الشخص المعني‪ ،‬مما يعطي الحق للطرف المعني مطالبة‬
‫المسؤولين عن المعالجة بأن يباشروا تحيين و تصحيح أو محو المعطيات الخاطئة أو إتمام‬
‫الناقصة منها حسب األحوال‪ ،‬وقد حدد المشرع أجال أقصاه ‪ 01‬أيام لإلستجابة لمثل هذه‬
‫الطلبات‪ ،‬وإال الجوء إلى اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية التي تكلف أحد أعضائها‬
‫للقيام بكل التحقيقات ومباشرة التصحيحات األزمة في قرب األجال‪ ،‬وأثناء هذا الوقت يحاط‬
‫‪137‬‬
‫المعني باألمر علما بمآل طلبه‪.‬‬

‫‪ 135‬عبد الحكيم زروق‪ ،‬التنظيم اإللكتروني للمعطيات القانونية عبر اإللنترنت‪ ،‬سلسلة الشؤون القانونية والمنازعات رقم ‪ ،4‬الطبعة األولى ‪5106‬‬
‫مطبعة دار األمان الرباط‪ ،‬ص‪803 :‬‬
‫‪ 136‬د ‪.‬هشام زريوح‪ ،‬الحماية المدنية للمعطيات ذات الطابع الشخصي‪ ،‬مقال منشور بالمجلة المغاربية للترصد القانوني والقضائي‬
‫‪-‬العدد األول ‪5151‬؛ ص‪020-021 :‬‬
‫‪ 137‬بدر الدين الداودي‪ ،‬حماية الخصوصية اإللكترونية للمستهلك في التشريع المغربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22:‬‬

‫‪54‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫الحق في التعرض‪ :‬نصت على هذا الحق الفقرة األولى من المادة التاسعة من قانون رقم‬
‫‪ 13.12‬حيث جاء فيها‪ ":‬يحق للشخص المعني‪ ،‬بعد تقديم ما يثبت هويته‪ ،‬أن يتعرض‬
‫ألسباب مشروعة على القيام بمعالجة معطيات تخصه‪.‬‬

‫فبمقتضى هذه المادة يحق للشخص المعني ممارسة حق التعرض عن طريق تقديم طلب‬
‫يوجه إلى المسؤول عن المعالجة‪ ،‬في أي وقت منذ مرحلة تجميع المعطيات الشخصية‪ ،‬وكذا‬
‫باقي المراحل األخرى من المعالجة‪ ،‬بل وحتى بعد المعالجة‪ ،‬وسواء كان التعرض كليا يشمل‬
‫‪138‬‬
‫كافة عمليات المعالجة أو جزئيا يقتصر على جانب منها فقط‪.‬‬

‫إذا كان األصل في أن المشرع المغربي إشترط في ممارسة الحق في التعرض أن يكون‬
‫مبنيا على أسباب مشروعة‪ ،‬فإنه وإستثناء من هذه القاعدة لم يشترط ذلك في حالة كانت‬
‫‪139‬‬
‫المعالجة ألغراض األستقراءات التجاري‪.‬‬

‫ب‪-‬إلتزامات المسؤول عن المعالجة‬

‫وضع المشرع المغربي على عاتق المسؤول عن معالجة المعطيات الشخصية مجموعة من‬
‫اإللتزمات‪ ،‬والتي تكمن أهميتها في أنها توفر حماية إلشخاص المعنيين من جهة‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى في أنها تمكن المسؤولين عن المعالجة في إطار قانوني واضح‪ ،‬مؤمن‪ ،‬وصريح لخلق‬
‫وتطوير معالجة المعطيات الشخصية‪ ،‬على أساس إحترام الشرعية القانونية ومقتضيات الثقة‬
‫‪140‬‬
‫التي يجب أن تكون متبادلة مع األشخاص المعنيين‪.‬‬

‫ولعل من أبرز هذه اإللتزامات التي يجب على المسؤولين عن المعالجة(مواقع التجارة‬
‫اإللكترونية)اإللتزام بها نجد‪:‬‬

‫‪-‬اإللتزام بسرية وسالمة المعالجات والسر المهني‪ :‬نظم المشرع المغربي مسألة سرية‬
‫وسالمة المعالجات والسر المهني في الفرع الثالث من خالل المادة ‪ 58‬من قانون‪.12.13‬‬

‫‪ 138‬د ‪.‬هشام زريوح‪ ،‬الحماية المدنية للمعطيات ذات الطابع الشخصي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪041:‬‬
‫‪ 139‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.02:‬‬
‫‪ 140‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪022-028 :‬‬

‫‪55‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫يعني بسرية المعلومات التأكد من عدم اإلطالع الغير المصرح به عليها‪ ،‬فضال عن تحديد‬
‫حدود وصالحيات اإلستخدام‪ ،‬مع تحديد من له صالحية التعديل أواإلدخال أو الحذف‬
‫أواإل ضافة أو القراءة فقط‪ ،‬من بين المصرح لهم بوجه عام ‪ 141.‬أما سالمة المعالجات تعني‬
‫ضمان عدم تغيير المعلومات المخزنة أو المنقولة بشكل غير مالئم‪ ،‬سواء بقصد أو بدون‬
‫قصد‪ ،‬وعليه ففي هذه الحالة ال يكفي أن نحافظ على سرية المعلومات‪ ،‬بل أيضا إتخاذ التدابير‬
‫‪142‬‬
‫الالزمة لحمايتها من التغيير‪.‬‬

‫‪ -‬حفظ المعطيات لمدة معقولة‪ :‬نص المشرع المغربي على هذا اإللتزام في الفقرة ه من البند‬
‫األول من المادة ‪ 8‬من قانون ‪ 13.12‬حيث جاء فيها‪ ":‬يجب أن تكون المعطيات ذات الطابع‬
‫الشخصي محفوظة وفق شكل يمكن من التعرف على األشخاص المعنيين طوال مدة ال‬
‫تتجاوز المدة الضرورية إلنجاز الغايات التي تم جمعها ومعالجتها الحقا من أجلها؛‬

‫ويقصد بهذا اإللتزام بأن المعطيات الشخصية يمكن أن تظل ممسوكة من طرف المسؤول‬
‫عن المعالجة طالما ظلت الحاجة التي من شأنها جمعت قائمة‪ ،‬وبمفهوم المخالفة" فإذا إنتهى‬
‫‪143‬‬
‫وقضى الغرض الذي جمعت من أجله المعطيات فإنه ينبغي تدميرها"‪.‬‬

‫‪-‬واجب اإلخبار‪ :‬يجب على المسؤول عن المعالجة أو من يمثله إخبار كل شخص تم اإلتصال‬
‫به مباشرة قصد تجميع معطياته الشخصية إخبارا مسبقا وصريحا وال يحتمل اللبس بهوية‬
‫المسؤول عن المعالجة‪ ،‬وبغايات المعالجة المعدة لها المعطيات‪ ،‬وبكل المعلومات اإلضافية‪،‬‬
‫مثل‪ :‬المرسل إليهم‪ ،‬وما إذا كان الجواب عن األسئلة إجباريا أو إختياريا‪ ،‬وكذا العواقب‬
‫المحتملة لعدم الجواب‪ ،‬ووجود حق في الولوج إلى المعطيات الشخصية وتصحيحها‪.‬‬

‫‪--‬الحصول على اإلذن المسبق‪ :‬ألزم المشرع في المادة ‪50‬من القانون رقم ‪ 13.12‬ضرورة‬
‫الحصول على إذن مسبق من اللجنة الوطنية للقيام بالمعالجة في مجموعة من الحاالت على‬
‫سبيل الحصر‪ ،‬كالمعطيات ذات الطابع الحساس والمعطيات الجينية باإلضافة إلى تلك‬

‫‪ 141‬منصور بن سعيد القحطاني‪ ،‬مهددات األمن المعلوماتي وسبل مواجهتها‪ ،‬رسالة لنيل ديبلوم الماستر في العلوم اإلدارية‪ ،‬جامعة نايف العربية‬
‫للعلوم األمنية‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪،5112- 5113 ،‬ص‪، 50:‬أشار إليه بدر الدين الداودي‪ ،‬حماية الخصوصية اإللكترونية للمستهلك في التشريع‬
‫المغربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪21 :‬‬
‫‪ 142‬بدر الدين الداودي‪ ،‬حماية الخصوصية اإللكترونية للمستهلك في التشريع المغربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪21 :‬‬
‫‪ 143‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.20:‬‬

‫‪56‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫المتعلقة بالمخالفات أو اإلدانات أو التدابير الوقائية‪ ،‬دون نسيان المتعلقة ببطاقة التعريف‬
‫الوطنية‪ ،‬نفس األمر بالنسبة إل ستعمال معطيات ذات طابع شخصي لغايات أخرى غير تلك‬
‫التي أعدت من أجلها‪ 144‬مع مراعاة اإلستثنائات المنصوص عليها في البند الرابع من المادة‬
‫األولى من القانون ‪.12.13‬‬

‫‪-‬وجوب الحصول على تصريح مسبق‪ :‬حين ال يكون الممسؤول عن المعالجة ملزما قانونا‬
‫بالحصول على اإل ذن المسبق‪ ،‬فإنه يكون ملزما بتقديم تصريح لدى اللجنة الوطنية لمراقبة‬
‫حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي‪ ،‬وذلك بغرض تمكين اللجنة المذكورة من ممارسة‬
‫اإل ختصاصات المخولة لها‪ ،‬وإن كان البعض يقول بأن هذا التصريح واجب في كل معالجة‪،‬‬
‫‪145‬‬
‫حيث يسري حتى على الحاالت التي تقرر فيها إلعفاء من الحصول على اإلذن المسبق‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬آليات حماية المعطيات الشخصية‬

‫من بين األليات التي جاء بها قانون ‪ 12.13‬أحداث لجنة وطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات‬
‫الطابع الشخصي‪ ،‬باإلضافة إلى سن مجموعة من المقتضيات الزجرية في حق المخالفين‬
‫ألحكام هذا القانون‪.‬‬

‫أ‪-‬اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي‬

‫نص القانون رقم ‪ 12.13‬في المادة ‪ 54‬على أنه‪ ":‬تحدث لدى الوزير األول لجنة وطنية‬
‫لمراقبة حماية المعطيات الشخصية(اللجنة الوطنية) تكلف بإعمال أحكام هذا القانون‬
‫والنصوص المتخذة لتطبيقه والسهر على التقيد به"‪.‬‬

‫أحدث المشرع هذه اللجنة من أجل فرض إحترام الحياة الخاصة والحريات الفردية‬
‫والجماعية تماشيا مع أهداف القانون المحدث لها والذي يسعى إلى إقرار الضمانات الكفيلة‬
‫‪146‬‬
‫بحماية كل شخص تكون معطياته الشخصية موضوع معالجة آلية إلكترونية أو يدوية‪.‬‬

‫‪ 144‬حسن الحافظي‪ :‬الحماية القانونية للمعطيات ذات طابع الشخصي بين التشريع الوطني واإلتفاقيات الدولية‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الماستر‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واإلجتماعية واإلقتصادية مكناس ‪،‬السنة الجامعية ‪ ،5103-5104‬ص‪.082:‬‬
‫‪ 145‬بدر الدين الداودي‪ ،‬حماية الخصوصية اإل كترونية للمستهلك في التشريع المغربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.25:‬‬
‫‪ 146‬حسن الحافظي‪ :‬الحماية القانونية للمعطيات ذات طابع الشخصي بين التشريع الوطني واإلتفاقيات الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪03:‬‬

‫‪57‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫وبالنسبة إلختصاصات وصالحيات اللجنة فقد حددتها المواد من ‪ 54‬إلى ‪ 80‬من‬


‫القانون‪.12.13‬‬

‫يمكن أن نشير إلى بعض المهام التي تقوم بها اللجنة في إطار عملها على حماية الخصوصية‬
‫منها‪:‬‬

‫سلطة إتخاذ القرارات‪ :‬تتمتع اللجنة الوطنية بسلطة إتخاد بعض القرارات من قبيل منح‬
‫المسؤول عن المعالجة أجال إضافيا لإلجابة على طلبات اإل يصال المقدمة من قبل الشخص‬
‫المعني‪ ،‬وإعطاء األمر للقيام بالتغييرات الالزمة من أجل حفظ المعطيات المحتواه في الملف‬
‫بذلك من خالل األمر بإغالق معطيات أو مسحها أو إتالفها‪ ،‬وكذا منع معالجة معطيات ذات‬
‫طابع شخصي بصفة مؤقتة أو دائمة بما في ذلك المعطيات المتضمنة في شبكات مفتوحة‬
‫‪147‬‬
‫إلرسال المعطيات إنطالقا من خدمات تقع داخل التراب الوطني‪.‬‬

‫‪ -‬تلقي الشكايات والمراقبة‪ :‬فحسب المادة ‪ 53‬من القانون ‪ 13.12‬تقوم هذه اللجنة بتلقي‬
‫شكايات كل شخص معني‪ ،‬تضرر بنشر معالجة معطيات ذات طابع شخصي والتحقيق‬
‫بشأنها واإلستجابة لها والرد عليها باألمر بنشر تصحيحات أو إحالتها على وكيل الملك قصد‬
‫المتابعة أو هما معا‪.‬‬

‫كما تتوفر اللجنة الوطنية حسب المادة ‪ 81‬من نفس القانون على سلطة البحث والتحري‪ ،‬التي‬
‫تمكن أعوانها المفوضين لهذا الغرض الولوج إلى المعطيات الخاضعة للمعالجة‪ ،‬والمطالبة‬
‫بالولوج المباشر لألماكن التي تتم فيها المعالجة وتجميع المعلومات‪ ،‬والوثائق الضرورية‬
‫للقيام بمهمة المراقبة والمطالبة بها‪ ،‬كما تتمتع بسلطة األمر بتزويدها بالوثائق الضرورية‬
‫‪148‬‬
‫والمطالبة بها أي كانت طبيعتها وكيف ما كانت دعاماتها‪.‬‬

‫ب‪-‬العقوبات الزجرية‬

‫‪ 147‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪036-032 :‬‬


‫‪ 148‬عبد الحكيم زروق ‪ ،‬التنظيم اإللكتروني للمعطيات القانونية عبر اإللنترنت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪802:‬‬

‫‪58‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫نص المشرع المغربي في الباب السابع من القانون ‪ 12.13‬المتعلق بحماية المعطيات‬


‫الشخصية المعنون ب "العقوبات" على جملة من العقوبات وذلك في المواد من ‪ 20‬إلى ‪66‬‬
‫منه‪.‬‬

‫حيث نص في المادة ‪ 20‬من هذا القانون على أنه‪ ":‬دون اإلخالل بالعقوبات الجنائية‪ ،‬يمكن‬
‫للجنة الوطنية حسب الحاالت وبدون أجل سحب توصيل التصريح أو إلذن إذا تبين بعد‬
‫إجراء المعالجة موضوع التصريح أو اإلذن المنصوص عليهما في المادة ‪05‬من هذا القانون‪،‬‬
‫أن هذه المعالجة تمس باألمن أو بالنظام العام أو منافية لألخالق أو األداب العامة‪.‬‬

‫وعاقب في المادة ‪ 25‬من هذا القانون كل من أنجز ملف معطيات ذات طابع شخصي دون‬
‫التصريح بذلك‪ ،‬أو الحصول على اإلذن المنصوص عليه في المادة ‪ 05‬أعاله‪ ،‬أو واصل‬
‫نشاط معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي رغم سحب وصل التصريح أو اإلذن‪ ،‬بغرامة‬
‫من‪01.111‬درهم إلى ‪011.111‬درهم كما عاقب في المادة ‪ 28‬كل مسؤول عن عن معالجة‬
‫المعطيات ذات الطابع الشخصي‪ ،‬يرفض حقوق الولوج أو التصريح أو التعرض المنصوص‬
‫عليها في المواد ‪ 4‬و‪ 3‬و‪ 2‬أعاله؛ بغرامة من ‪511.11‬درهم ‪ .‬ونفس الغرامة مع إضافة‬
‫عقوبة حبسية من شهر إلى سنة أو بأحدهما‪ ،‬يعاقب بها كل من قام بمعالجة المعطيات ذات‬
‫الطابع الشخصي بطريقة تدليسية أوغير نزيهة أوغير مشروعة‪ ،‬أو أنجز معالجة ألغراض‬
‫أخرى غير تلك المصرح بها أو المرخص لها‪ ،‬أو أخضع المعطيات المذكورة لمعالجة الحقة‬
‫متعارضة مع األغراض المصرح بها أو المرخص لها‪.‬‬

‫كما تم إقرار نفس العقوبة بموجب المواد ‪ 61-22-23-26- 22 -22‬من قانون ‪13.12‬‬
‫المتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي‪.‬‬

‫وقد عاقب المشرع بالحبس من ‪ 6‬أشهر إلى سنتين وبغرامة من‪ 21.111‬درهم إلى‬
‫‪ 811.111‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط‪ ،‬كل من قام‪ ،‬دون الموافقة الصريحة‬
‫لألشخاص المعنيين‪ ،‬بمعالجة معطيات ذات طابع شخصي تبين بشكل مباشر أو غير مباشر‬
‫األصول العرقية أو األثنية‪ ،‬أو األراء السياسية أو الفلسفية أو الدينية‪ ،‬أو اإلنتماءات النقابية‬

‫‪59‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫لألشخاص المعنيين أو المتعلقة بصحة هؤالء يعاقب بنفس العقوبات كل من قام بمعالجة‬
‫‪149‬‬
‫معطيات ذات طابع شخصي متعلقة بمخالفات أو إدانات أو تدابير وقائية‪.‬‬

‫كما تشدد العقوبة لتصبح الحبس من ‪ 6‬أشهر إلى سنة وبغرامة من‪ 51.111‬إلى ‪811.111‬‬
‫درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط‪ ،‬كل مسؤول عن معالجة وكل معالج من الباطن وكل‬
‫شخص‪ ،‬بالنظر إلى مهامه مكلف بمعالجة معطيات ذات طابع شخصي‪ ،‬يتسبب أو يسهل‪،‬‬
‫ولو بفعل اإلهمال‪ ،‬اإلستعمال التعسفي أو التدليسي للمعطيات المعالجة أو المستلمة‪ ،‬أو‬
‫يوصلها ألغيارغير مؤهلين‪.‬‬

‫زيادة على ذلك‪ ،‬يمكن للمحكمة أن تقضي بحجز المعدات المستعملة في إرتكاب هذه‬
‫المخالفة‪ ،‬وكذا بمسح كل المعطيات ذات الطابع الشخصي موضوع المعالجة التي أدت إلى‬
‫إرتكاب المخالفة‪ ،‬أو جزء منها‪.‬طبقا لما جاءت به المادة ‪ 60‬من قانون ‪.13.12‬‬

‫كمدا قد يعاقب جراء القيام بعرقلة ممارسة اللجنة الوطنية لمهامها في المراقبة أو رفض‬
‫إستقبال المراقبين و لم يسمح لهم بإنجاز تفويضهم أو رفض إرسال الوثائق أو المعلومات‬
‫المطلوبة أو رفض نقل الوثائق التي ينص عليه القانون بعقوبة حبسية من ‪ 8‬أشهر إلى ‪6‬‬
‫أشهر و غرامة من‪ 01.111‬إلى ‪ 21.111‬درهم أو بإحداهما وفق ما قضت به المادة ‪ 65‬من‬
‫ذات القانون‪ ،‬إضافة إلى ما قضت به المادة ‪ 68‬العقوبة المتمثلة في الحبس من ‪ 8‬شهر إلى‬
‫سنة و غرامة من ‪ 01.111‬إلى ‪ 011.111‬درهم أو بإحداهما فقط في مواجهة كل مسؤول‬
‫رفض تطبيق قرارات اللجنة الوطنية فضال عن ذلك فقد أقر المشرع المغربي في المادة ‪62‬‬
‫مضاعفة عقوبة الغرامة بالنسبة للمخالفات المنصوص عليها في هذا الباب التي يقوم بها‬
‫الشخص المعنوي‪.‬‬

‫زيادة على ذلك‪ ،‬يمكن معاقبة الشخص المعنوي بإحدى العقوبات التالية‪ :‬المصادرة الجزئية‬
‫ألمواله والمصادرة المنصوص عليها في الفصل ‪ 32‬من مجموعة القانون الجنائي و إغالق‬
‫مؤسسة أو مؤسسات الشخص المعنوي التي إرتكبت فيها المخالفة وفي حالة العود تضاعف‬
‫العقوبات المنصوص عليها في الباب السابع طبقا للمادة ‪.62‬‬

‫‪ 149‬المادة ‪ 24‬من قانون‪12.13‬‬

‫‪60‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫من هنا يظهر أن المشرع حاول قدر اإلمكان اإلحاطة بجميع المخالفات التي قد يقو م بها‬
‫المسؤولين أو األشخاص الذاتيين أو المعنويين التي تسبب ضررا للمستهلك وأقرها جزاءات‬
‫مختلفة حسب طبيعة المخالفة المرتكبة‪.‬‬

‫ويمكن أن يالحظ مما سبق أن الحفاظ على بيانات المستهلك فـي التعاقـد اإللكترونـي يورث‬
‫الثقة لدى المستهلك‪ ،‬ويجعل بياناته في مأمن من األختراق والسرقة‪ ،‬فالثقة هي من أهـم‬
‫‪150‬‬
‫األسس في العملية التعاقدية بالنسبة للمستهلك ‪.‬‬

‫‪ 150‬عبد هللا ذيب عبد هللا محمود‪ ،‬حماية المستهلك في التعاقد اإلكتروني دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.33‬‬

‫‪61‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حماية المستهلك في مرحلة تنفيذ العقد اإللكتروني‬


‫الشك أن مرحلة تنفيذ العقد تشتمل على جملة من الحقوق واإللتزامات المقررة لكل طرف‬
‫من طرفي العقد اإللكتروني أو عليه‪ ،‬وهي حقوق وإلتزامات تمثل في جوهرها غاية العقد‬
‫وهدف المتعاقدين من إبرامه‪ .‬وباإلمكان القول‪ ،‬إن مرحلة تنفيذ العقد تكاد تفوق مرحلة‬
‫اإلبرام من حيث األهمية‪ ،‬ألن إحتماالت اإلخالل التعاقدي فيها أكثر من مرحلة اإلبرام‪ ،‬ولذا‬
‫كانت الحاجة ماسة وملحة إلى تقرير الضمانات التي تكفل الحماية لحقوق المتعاقدين‬
‫‪151‬‬
‫وإلتزاماتهما‪.‬‬

‫يتدخل القانون لحماية المستهلك اإللكتروني أثناء تنفيذ العقد إما من خالل القواعد القانونية‬
‫التقليدية أو بموجب تشريعات خاصة‪.‬‬

‫وسنميز في هذا المطلب بين حقوق مكفولة للمستهلك في النظرية العامة للعقد(الفقرة األولى)‪،‬‬
‫وحقوق مستحدثة في مرحلة تنفيذ العقد(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬حقوق المستهلك في النظرية العامة للعقد‬


‫باإلضافة إلى إلتزام المزود بنقل ملكية المبيع إلى المستهلك‪ ،‬فإنه يلتزم أيضا بضمان الشيء‬
‫المبيع حتى يتمكن المستهلك من اإل ستفادة بالشيء المتعاقد عليه وفقا لما أعد له هذا الشيء‬
‫وحسب نص الفصل ‪ 285‬من قانون اإللتزامات والعقود المغربي فإن الضمان الواجب على‬
‫البائع للمشتري يشمل أمرين‪:‬‬

‫"أ‪ -‬أولهما حوز المبيع و التصرف فيه‪ ،‬بال معارض(ضمان اإلستحقاق)؛‬

‫ب‪ -‬وثانيهما عيوب الشيء المبيع(ضمان العيب)‪.‬‬

‫والضمان يلزم البائع بقوة القانون‪ ،‬وإن لم يشترط‪ .‬وحسن نية البائع ال يعفيه من الضمان"‬

‫مما سبق يظهر بأن مهمة البائع ال تنتهي بمجرد إبرام عقد البيع‪ ،‬وإنما تستمر إلى غاية تحقق‬
‫النتائج المرجوة من هذا اإلبرام ولبلوغ هذه الغاية فإنه يتعين على البائع أن يضمن عدم‬
‫التعرض للمشتري أثناء اإل ستفادة من مزايا الشيء المبيع وأن يدفع عنه كل خطر يهدده‬
‫بإستحقاق المبيع من يده وفضال عن هذا وذاك فإن البائع يلزم بتحقيق السالمة للمشتري‬
‫‪151‬عبد هللا احمد السليطي‪ ،‬ضمانات حماية التعاقد اإللكتروني في القانون القطري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.32:‬‬

‫‪62‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫والسالمة على حد قول العالمة الكاساني من مقتضيات العقد والمعاوضات مبناها على‬
‫المساواة عادة و حقيقة وتحقيق المساواة في مقابلة البدل بالمبدل والسالمة بالسالمة وال‬
‫‪152‬‬
‫يتحقق ذلك في نظرنا إال بضمان العيوب الخفية في المبيع‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ضمان التعرض واإلستحقاق‬

‫‪-‬ضمان التعرض‪ :‬يلتزم البائع عبر اإلنترنيت على غرار نظيره في العالم المادي بضمان‬
‫عدم التعرض للمشتري‪ ،‬أي اإلمتناع عن أي عمل من شأنه أن يعيق إنتفاع المشتري بالمبيع‬
‫على النحو الذي أعد له‪ ،‬أو يؤدي إلى سلب المشتري ملكية المبيع ا‬
‫كال أو بعضه أو الحقوق‬
‫‪153‬‬
‫المتفرعة كحق اإلنتفاع‪ ،‬أو يجعل المبيع مستحقا كله أو بعضه‪.‬‬

‫ويعرف ضمان التعرض بأنه" ضمان البائع كل فعل صادر منه نفسه‪ ،‬أو مـن غيـره‪ ،‬ويكون‬
‫‪154‬‬
‫من شأنه المساس بحق المشتري في التمتع بملكية المبيع كله أو بعضه‪".‬‬

‫وقد نص المشرع المغربي في الفصل ‪ 288‬من قانون اإللتزامات والعقود‪ ":‬اإللتزام‬


‫بالضمان يقتضي من البائع الكف عن كل فعل أو مطالبة ترمي إلى التشويش على المشتري‬
‫أو حرمانه من المزايا التي كان له الحق في أن يعول عليها‪ ،‬بحسب ما أعد له المبيع والحالة‬
‫التي كان عليها وقت البيع"‬

‫وعند الحديث عن ضمان التعرض يجب أن نميز بين ضمان التعرض الشخصي وضمان‬
‫التعرض الصادر من الغير‪ ،‬فضمان التعرض الشخصي يلتزم به البائع من خالل اإللتزام‬
‫باإلمتناع على كل ما من شأنه تعكير صفو هذا اإلنتفاع ال فرق في ذلك بين التعرضات التي‬
‫‪155‬‬
‫تأخذ طابعا ماديا أو تلك التي تستند إلى وجود حق سابق على عملية البيع‪.‬‬

‫بالنسبة للتعرض المادي يتمثل في قيام البائع بأعمال مادية ال تستند إلى سبب قانوني يحول‬
‫دون اإلنتفاع بالمبيع إنتفاعا هادئا وكامال‪ 156 ،‬ويعد من قبيل التعرض المادي إقبال البائع‬
‫على بيع نفس المبيع لمشتر آخر غير المشتري األول‪ ،‬فهذا النوع من التعرض حتى ولو كان‬

‫‪152‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬العقود الخاصة‪ ،‬الكتاب األول‪،‬عقد البيع‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪ 5104‬مزيدة ومنقحة دار األمان الرباط‪ ،‬ص‪.034:‬‬
‫‪153‬عيساوي سهيلة ‪ ،‬تنفيذ عقود التجارة اإل لكترونية مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ‪ ،‬تخصص القانون الخاص الشامل ‪ ،‬جامعة عبد الرحمن‬
‫ميرة ‪ ،‬بجاية ‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم القانون الخاص ‪ ،5106 ،‬ص ‪.02‬‬
‫‪154‬عبد هللا ذيب عبد هللا محمود‪ ،‬حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.008‬‬
‫‪155‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬العقود الخاصة‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬عقد البيع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.032:‬‬
‫‪156‬شلغوم مر يم‪ ،‬حماية المستهلك في مرحلة تنفيذ العقد االلكتروني‪ ،‬مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في الحقوق تخصص‪ :‬قانون األعمال ‪ ،‬جامعة‬
‫العربي بن مهيدي أم البواقي ‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 5103/5104‬ص‪.26 :‬‬

‫‪63‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫يستند إلى وجود تصرف قانوني صادر عن البائع إال أنه يشكل بالنسبة للمشتري عمال ماديا‬
‫‪157‬‬
‫يهدده بنزع الملكية منه‪.‬‬

‫أما التعرض القانوني فهو الذي يتمثل في إدعـاء البائع أن له حق في المبيع في مواجهة‬
‫المشتري‪ 158،‬فالبائع بمجرد أن تنازل عن ملكية الشيء المبيع للطرف المشتري إال ويسقط‬
‫حقه في اإلستفادة من اإلمتيازات التي كانت ثابتة له بمقتضى حق التملك وذلك ما لم يحصل‬
‫‪159‬‬
‫اإلتفاق على خالف هذا األصل‪.‬‬

‫ويمكن أن يستخلص مما سبق أن ضمان التعرض الشخصي سواء أكان مبنياً على سبب‪،‬‬
‫بمعنى أن يكون التعرض الشخصي للمبيـع حـدث مادي أو قانوني يجب أن يكون وقع فعالً‬
‫بشكل حقيقي وال يكفي مجرد إحتمال وقوعه‪ ،‬وأن يؤدي هذا التعرض إلى الحيلولة دون‬
‫‪160‬‬
‫إنتفـاع المشتري بالمبيع كلياً أو جزئياً‪.‬‬

‫هذا ويضمن البائع أيضا التعرض الصادر من الغير‪ ،‬غير أن البائع ال يضمن كل التعرضات‬
‫الصادرة عن الغير وإال لحملناه مسؤولية أخطاء لم يساهم في إرتكابها‪ 161،‬ولكي يلزم البائع‬
‫بضمان التعرض الصادر عن الغير فإنه يلزم توفر الشروط التالية‪:‬‬

‫• أن يكون التعرض قد وقع فعال للمشتري‪ :‬يكون التعرض قد وقع فعال بمجرد أن يدعي‬
‫الغير إ دعاء قانوني في مواجهة المشتري كما لو تمسك بدفع قانوني في مواجهة المشتري‪،‬‬
‫‪162‬‬
‫فالبائع يضمن التعرض إذا كان قد أخطر به المشتري وأظهره له‪.‬‬

‫• أن يكون تعرض الغير قانونيا ال ماديا‪ :‬على خالف التعرض الشخصي الذي يضمنه البائع‬
‫سواء كان ماديا أم قانونيا فإن البائع ال يضمن بالنسبة لما قد يصدر عن الغير إال التعرضات‬
‫القانونية التي تستند إلى اإلدعاء بوجود حق أو ثبوته لمصلحة هذا‪ .‬الغير كأن يدعي هذا‬
‫األ خير بأنه المالك الحقيقي للمبيع أو أن له حقا عينيا أو شخصيا عليه‪ ،‬ال فرق بين الحاالت‬
‫التي يكون فيها الشيء المبيع في حوزة المشتري أو تلك التي يكون فيها المبيع في حوزة‬

‫‪157‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬العقود الخاصة‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬عقد البيع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.021:‬‬
‫‪158‬عبد هللا ذيب عبد هللا محمود‪ ،‬حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪002:‬‬
‫‪159‬عبد القادر ال عرعاري‪ ،‬العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.025:‬‬
‫‪160‬عبد هللا ذيب عبد هللا محمود‪ ،‬حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.002:‬‬
‫‪161‬عبد القادر ال عرعاري‪ ،‬العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.028:‬‬
‫‪162‬شلغوم مريم‪ ،‬حماية المستهلك في مرحلة تنفيذ العقد اإللكتروني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22:‬‬

‫‪64‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫شخص آخر بما في ذلك هذا الغير‪ ،‬ألن الضمان يرتبط في إطار التشريع المغربي بإنتقال‬
‫‪163‬‬
‫الملكية للمشتري وليس بإنتقال الحيازة وتسليم المبيع‪.‬‬

‫• أن يستند التعرض إلى حق كان موجودا قبل أو عند البيع‪ :‬لكي يلزم البائع برفع التعرض‬
‫الصادر عن الغير ضد المشتري فإنه يتعين أن يكون السبب الدافع لهذا اإلعتراض مرتبطا‬
‫بمرحلة ما قبل إبرام عقد البيع كحالة بيع ملك الغير وحالة بيع عقار مثقل برهن رسمي‬
‫لمصلحة الدائن ففي مثل هذه األحوال يتحمل البائع نتائج التعرض الصادر عن الغير‪ ،‬بحيث‬
‫‪164‬‬
‫يمكن للمشتري الرجوع عليه مباشرة ومطالبته برفع هذا التعرض الذي أثاره الغير‪.‬‬

‫أما إذا كان تعرض الغير يستند إلى حق إكتسبه على الشيء المبيع بعد إبرام البيع وإنتقال‬
‫الملكية إلى المشتري‪ ،‬فإن البائع ال يضمنه إال إذا كان له يد في إكتساب الغير لهذا الحق‪.‬‬

‫‪-‬ضمان اإلستحقاق‪ :‬بمقتضى الفقرة األولى من الفصل ‪ 282‬من قانون اإللتزامات والعقود‬
‫المغربي يلتزم البائع أيضا بقوة القانون بأن يضمن للمشتري اإلستحقاق الذي يقع ضده‪،‬‬
‫بمقتضى حق كان موجودا عند البيع‪.‬‬

‫والمقصود باإل ستحقاق في معناه الضيق للكلمة هو ضياع حق بمقتضى حكم قضائي‪ ،‬أما في‬
‫اإلصطالح القانوني فهو يفيد إنتزاع المبيع من المشتري أو تهديده بإنتزاعه منه‪ ،‬وغالبا ما‬
‫‪165‬‬
‫يكون اإلستحقاق مسبوقا بالتعرض الذي يتم به التمهيد لبلوغ هذا اإلستحقاق‪.‬‬

‫وقد عدد المشرع الحاالت التي يتحقق فيها اإلستحقاق بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل ‪282‬‬
‫التي جاء فيها‪ ":‬ويكون اإلستحقاق واقعا ضد المشتري في الحاالت اآلتية‪:‬‬

‫‪-1‬إذا حرم المشتري من حوز الشيء كله أو بعضه؛‬

‫‪-2‬إذا كان المبيع في حوز الغير ولم يتمكن المشتري من إسترداده منه؛‬

‫‪-3‬إذا إضطر المشتري لتحمل خسارة من أجل إفتكاك المبيع‪".‬‬

‫غير أن مظاهر اإل ستحقاق ال تقف عند هذا الحد وإنما تشمل كل الحاالت التي يفقد فيها‬
‫المشتري حقه في التملك كال أو بعضا وكذا تلك التي يفاجأ فيها بظهور أوضاع قانونية جديدة‬

‫‪163‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.022-028:‬‬
‫‪164‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.022:‬‬
‫‪165‬نغس المرجع‪ ،‬ص‪.022:‬‬

‫‪65‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫كأن يكون المبيع مثقال بحقوق إرتفاق غير ظاهرة أو بوجود حقوق عينية أو شخصية أخرى‬
‫لم يصرح بها البائع عند العقد‪ 166.‬وهو ما نص عليه الفصل ‪ 282‬من قانون اإللتزامات‬
‫والعقود المغربي الذي جاء فيه‪ ":‬إستحقاق جزء معين من المبيع كإستحقاقه كله‪ ،‬إذا بلغ هذا‬
‫الجزء‪ ،‬بالنسبة إلى الباقي من األهمية بحيث أن المشتري ما كان ليشتري بدون ذلك الجزء‪.‬‬

‫ويسري نفس الحكم إذا كانت العين مثقلة بحقوق إرتفاق غير ظاهرة أو بحقوق أخرى لم‬
‫يصرح بها عند البيع‪".‬‬

‫نشير إلى أنه عندما ينقلب التعرض إلى إستحقاق فعلي للشيء المبيع‪ ،‬فالبائع يلتزم بتنفيذ‬
‫إلتزامه بالضمان عن طريـق التعـويض‪ ،‬فـإذا ثبت إستحقاق المبيع للغيرأخطر المشتري‬
‫البائع بدعوى اإلستحقاق‪ ،‬فتدخل البائع في الدعوى ولم يفلح في دفـع دعـوى المتعرض‪،‬‬
‫يستطيع المشتري الرجوع على البائع بضمان اإلستحقاق‪ 167،‬غير أن التعويض المقرر في‬
‫حق البائع يختلف بحسب ما إذا كان إستحقاق المبيع كليا أو جزئيا‪.‬‬

‫يتحقق اإل ستحقاق الكلي عندما ينتزع المبيع من يد المشتري بعد ثبوت ملكيته للغير بموجب‬
‫قرار قضائي وهنا يحق للمشتري الرجوع على البائع بالتعويض عما لحقه من ضرر نتيجة‬
‫لهذا اإلستحقاق‪ ،‬وينص الفصل ‪ 283‬من قانون اإللتزامات والعقود على أنه‪ ":‬إذا إستحق‬
‫المبيع كله من يد المشتري‪ ،‬من غير أن يقع من جانبه إعتراف بحق المستحق كان له أن‬
‫يطلب إسترداد‪:‬‬

‫‪-0‬الثمن الذي دفعه ومصروفات العقد التي إنفقت على وجه سليم؛‬

‫‪-2‬المصروفات القضائية التي إنفقها على دعوى الضمان؛‬

‫‪- 3‬الخسائر المترتبة مباشرة عن اإلستحقاق؛"‬

‫أما اإل ستحقاق الجزئي هو الذي ال يستغرق الشيء المبيع كله‪ ،‬بحيث يؤدي إلى حرمان‬
‫المشتري من بعض سلطاته أو منافعه‪ .‬وقد ميز المشرع المغربي في الفصل ‪ 225‬من قانون‬
‫اإللتزامات والعقود بين وضعيتين‪ ،‬األولى هي حالة اإلستحقاق الجزئي الذي بلغ حدا من‬
‫األهمية بحيث لو علم به المشتري المتنع عن الشراء أصال فإن المشتري يكون مخيرا بين‬

‫‪ 166‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.022 :‬‬
‫‪167‬عبد هللا ذيب عبد هللا محمود‪ ،‬حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.002:‬‬

‫‪66‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫فسخ البيع وإسترداد كل الثمن وبين اإل حتفاظ بالشيء المبيع في حدود الجزء غير المستحق‬
‫‪168‬‬
‫مع المطالبة بإسترداد جزء من الثمن يوازي حجم هذا اإلستحقاق‪.‬‬

‫أما الوضعية الثانية فهي التي لم يبلغ فيها اإلستحقاق الجزئي من األهمية الحد الكافي لتبرير‬
‫فسخ البيع‪ ،‬فهنا ليس للمشتري إال الحق في إنقاص الثمن بقدر ما إستحق‪.‬‬

‫ويستنتج أن ضمان التعرض واإلستحقاق المنصوص عليه في القواعـد العامـة يمكـن تصوره‬
‫في عقد البيع اإللكتروني‪ ،‬إال أنه وفي سبيل حماية المستهلك ال يجوز إنقاص الضـمان‪ ،‬أو‬
‫‪169‬‬
‫اإلتفاق على إسقاطه‪ ،‬لكن يجوز زيادته‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬ضمان العيوب الخفية‬

‫ضمان العيوب الخفية في المبيع من أهم إلتزامات البائع اإللكتروني‪ ،‬وذلك بسبب ظهور‬
‫بعض السلع الحديثة غير اآلمنة و عرض خدمات ال ترقى إلى المستوى المطلوب‪ .‬فكثيرا ما‬
‫يعرف العيب الخفي في المبيع اإللكتروني أنه‪ :‬المبيع المجرد من اآلمان والسالمة أو مبيع‬
‫‪170‬‬
‫يسبب خطورة وإضرار للمشتري‪.‬‬

‫عالج المشرع المغربي هذا النوع من الضمان في الفصول من ‪ 222‬الى ‪ 242‬من قانون‬
‫اإللتزامات والعقود‪ ،‬كما تناوله في القانون رقم ‪ 80.13‬المتعلق بتحديد تدابير لحماية‬
‫المستهلك‬

‫أ‪-‬المقصود بالعيب الخفي‪ :‬نالحظ أن المشرع المغربي لم يحدد المقصود بالعيب في نص‬
‫الفصل ‪ 222‬من قانون اإللتزامات والعقود‪ ،‬إنما يعدد فقط العيوب التي تستوجب الضمان‪.‬‬
‫حيث جاء في الفصل أعاله أنه‪ ":‬يضمن البائع عيوب الشيء التي تنقص من قيمته نقصا‬
‫محسوسا‪ ،‬أو التي تجعله غير صالح إلستعماله فيما أعد له بحسب طبيعته أو بمقتضى العقد‪.‬‬
‫أما العيوب التي تنقص نقصا يسيرا من القيمة أو اإلنتفاع‪ ،‬وتلك التي جرى العرف على‬
‫التسامح فيها‪ ،‬فال تخول الضمان‪ .‬ويضمن البائع أيضا وجود الصفات التي صرح بها أو التي‬
‫إشترطها المشتري‪".‬‬

‫‪168‬عبد القادر ال عرعاري‪ ،‬العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.512 :‬‬
‫‪169‬عبد هللا ذيب عبد هللا محمود‪ ،‬حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.004:‬‬
‫‪170‬معزوزي دليلة ‪ ،‬الضمان في عقود البيع الكالسيكية واإللكترونية– دراسة مقارنة ‪ ،‬أطروحة لنيل درجة دكتوراه في‬
‫العلوم – تخصص القانون الخاص ‪ ،‬جامعة مولود مصري‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 5102‬ص ‪.033‬‬

‫‪67‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫وقد تصدى القضاء المصري في أواسط القرن العشرين لهذا الفراغ بوضعه تعريفا للعيب‬
‫الخفي حينما قررت محكمة النقض المصرية في أحد األحكام الصادرة عنها بتاريخ(‪ 3‬أبريل‬
‫‪ )0223‬بأن العيب" هو اآلفة الطارئة التي تخلو منها الفطرة السليمة للمبيع"‪ ،‬والظاهر أن‬
‫محكمة النقض المصرية قد تأثرت بتعريف العالمة إبن عابدين للعيب حينما قال بأنه" ما‬
‫‪171‬‬
‫يخلو عنه أصل الفطرة السليمة من اآلفات العارضة لها"‪.‬‬

‫كما عرفت مجلة األحكام العدلية في المادة ‪ 883‬العيب بأنه" هو ما ينقص ثمن المبيع عنـد‬
‫‪172‬‬
‫التجارب وأرباب الخبرة‪".‬‬

‫ويمكن أن يستخلص مما سبق أن العيب الذي يلحق بالمبيع‪ ،‬هو العيـب الـذي يصـيب المنتج‬
‫أو الخدمة سواء في األوصاف‪ ،‬أو في الخصائص بحيث يجعلهما غير صالحين للهـدف‬
‫المعدين من أجله‪ ،‬أو يؤدي إلى إتالف المنتج‪ ،‬أو إنقاص قيمته ومنفعته‪ ،‬أو مخالفة هذا المنتج‬
‫أو الخدمة لألنظمة والقوانين‪ ،‬أو تخلف صفة في المبيع إلتزم المزود للمستهلك وجودها في‬
‫المبيع‪ ،‬بحيث يؤثر ذلك في جودة المبيع‪ ،‬أو المنتج وكميته وكفاءته‪ ،‬أو مخالفة مـا أُتفق عليه‬
‫‪173‬‬
‫مع المستهلك من شروط في المنتج أو الخدمة‪.‬‬

‫ب‪-‬شروط العيب الخفي الموجب للضمان‪ :‬لتحقق العيب الموجب للضمان يشترط فيه أوال أن‬
‫يكون مؤثرا‪ ،‬وأن يكون خفيا ثانيا‪ ،‬كما يشترط فيه ثالثا أن يكون قديما‪.‬‬

‫•أن يكون العيب مؤثرا‪ :‬لكي تكون دعوى الضمان مقبولة من الناحية الموضوعية فإن العيب‬
‫الخفي يجب أن يكون مؤثرا على منفعة الشيء المبيع أو قيمته وهذا ما أشار إليه المشرع في‬
‫الفصل ‪(222‬ق‪.‬ل‪.‬ع) الذي جاء فيه ما يلي‪ ":‬يضمن البائع عيوب الشيء التي تتقص من‬
‫قيمته نقصا محسوسا أو التي تجعله غير صالح إلستعماله فيما أعد له بحسب طبيعته او‬
‫‪174‬‬
‫بمقتضى العقد"‪.‬‬

‫‪171‬عبد القادر ال عرعاري‪ ،‬العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.506:‬‬
‫‪172‬عبد هللا ذيب عبد هللا محمود‪،‬حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.013 :‬‬
‫‪173‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.012 :‬‬
‫‪ 174‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.581 :‬‬

‫‪68‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫ومثال ذلك‪ :‬الشخص الذي قام من خالل عروض البضائع المعلن عنها عبر اإلنترنيت بشراء‬
‫جهاز الكمبيوتر فبعد إستعماله في فترة الضمان‪ ،‬ظهر به عيب مؤثر كفقدان الذاكرة مثال‪،‬‬
‫ففي هذه الحالة يحق للمشتري الرجوع على البائع بالضمان بعد إخطاره عنه‪ .‬وكذلك نذكر‬
‫مثال الناشر الذي باع عبر النت‪ ،‬دورية أو مجلة وبعد بثها إلكترونيا إلى الشخص المستهلك‬
‫‪175‬‬
‫(المشتري)‪ ،‬وإستعمالها يكتشف فيروسا فيها الذي أثر بإنقاص من قيمتها أو منفعتها‪.‬‬

‫• أن يكون العيب خفيا‪ :‬ينص الفصل ‪ 262‬من قانون اإللتزامات والعقود المغربي على أنه‪":‬‬
‫ال يضمن البائع العيوب الظاهرة وال العيوب التي كان المشتري يعرفها أو كان يستطيع‬
‫بسهولة أن يعرفها"‪.‬‬

‫إنطالقا من هذا الفصل فإن البائع ال يضمن العيب الظاهر وإنما الخفي الذي ال يرى بالعين‬
‫المجردة‪ ،‬ومع ذلك فإن البائع يضمن العيب ولو كان ظاهرا غير خفي‪ ،‬أو كان بإستطاعة‬
‫المشتري أن يعرفه بسهولة ويسر إ ذا كان قد صرح بخلو المبيع منه‪ ،‬وذلك وفقا لما ينص‬
‫عليه الفصل ‪ 241‬من قانون اإللتزامات والعقود‪.‬‬

‫ويعتمد في تحديد ما إذا كان العيب خفيا أم ظاهرا على معياران مختلفان‪ :‬األول شخصي‬
‫يهدف إلى غحترام الحقوق المكتسبة للمتعاقدين بحيث ينظر إلى العيب الخفي بمنظار‬
‫شخصي يختلف بإختالف النوازل والحاالت‪ ،‬فالمشتري يجب أن يعامل وفقا إلمكانياته‬
‫الخصوصية في الكشف والتحري عن العيب‪ ،‬فاالفراد ليسوا على مستوى واحد من التكوين‬
‫والتخصص إذ أن للعوامل الطبيعية والتربوية دورا بارزا في تكوين شخصية الفرد فنكون‬
‫‪176‬‬
‫أمام مشتر فطن بطبيعته أو بمقتضى التعود واإلحتراف‪.‬‬

‫أما الثاني فهو موضوعي يهدف إلى الحفاظ على إستقرار المعامالت بين األفراد‪ ،‬بناءا على‬
‫هذا المعيار فإن العيب يكون خفيا أو ظاهرا وفقا إلمكانيات الرجل العادي متوسط الخبرة فإذا‬
‫كان بإمكانه التوصل إلى إكتشافه بالفحص المعتاد فهو عيب ظاهر وإال إعتبر عيبا خفيا‬
‫يستوجب الضمان‪ ،‬وقد إخذت بهذا المعيار معظم التشريعات العربية كالقانون المدني‬
‫‪177‬‬
‫المصري‪.‬‬

‫‪175‬معزوزي دليلة ‪ ،‬الضمان في عقود البيع الكالسيكية واإللكترونية– دراسة مقارنة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.024 :‬‬
‫‪176‬عبد القادر ال عرعاري‪ ،‬العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.556-552:‬‬
‫‪ 177‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬العقود الخاصة الكتاب االول عقد البيع‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.553-554:‬‬

‫‪69‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫وبالرجوع إلى قانون اإللتزامات والعقود المغربي نالحظ أن المشرع تبنى موقفا وسطا بين‬
‫المعيار الشخصي والمعيار الموضوعي‪ ،‬وهذا ما نلمسه من خالل المقارنة بين الفصلين‬
‫‪ 228‬و ‪ 262‬من قانون اإللتزامات والعقود‪.‬‬

‫وهذا التذبذب بين المعيارين الشخصي والموضوعي هو الذي نلمسه في بعض اإلجتهادات‬
‫القضائية كما هو األمر بالنسبة للحكم الصادر عن إبتدائية الدار البيضاء بتاريخ‬
‫(‪ )0281/01/81‬في فترة الحماية الذي جاء فيه بأنه‪ ":‬ال نكون أمام عيب خفي إذا كان‬
‫بإمكان المشتري اإلطالع عليه بفضل ما يملكه من خبرة ودراية مهنية ويحق لمل شخص أن‬
‫‪178‬‬
‫يستعين بذوي الخبرة والكفاءة إذا كانت إمكانياته محدودة‪.‬‬

‫• أن يكون العيب قديما‪ :‬نص المشرع المغربي على هذا الشرط في الفصل ‪ 225‬من قانون‬
‫اإل لتزامات والعقود الذي جاء فيه‪ ":‬ال يضمن البائع إال العيوب التي كانت موجودة عند البيع‪،‬‬
‫إذا كان المبيع شيئا معينا بذاته‪ ،‬أو عند التسليم إذا كان المبيع شيئا مثليا بيع بالوزن أو القياس‬
‫أو على أساس الوصف‪".‬‬

‫من خالل هذا النص يتبين أن المشرع المغربي قد إعتمد ضابط إنتقال الملكية للمشتري‬
‫كمعيار لما إذا كان العيب قديما أو حديثا طارئا على الشيء المبيع فكل ما أصاب المبيع قبل‬
‫هذا التاريخ إال ويدخل في ضمان البائع أما العيوب الطارئة عليه في الفترة الموالية للتسليم‬
‫فيتحملها المشتري ما لم تكن جرثومة العيب ناشئة قبل ذلك كتسوس الخشب عند البائع أو‬
‫‪179‬‬
‫مرض الدابة الذي لم يظهر إال بعد إنتقالها للمشتري‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬اإللتزام بضمان السالمة‬


‫إن أكثر ما يهم المستهلكين هو مشاكل الصحة‪ ،‬فإستخدام بعض المنتجات قد يثير أحيانـاً‬
‫كارثة حقيقة‪ ،‬باإلضافة إلى مخاطر التقدم العلمي حيث يتمثل ذلك في إمكانيـة ظهـور عيـب‬
‫بالسلعة لحظة طرحها للتداول‪ ،‬وبالتالي فإن ضمان سالمة المستهلك أصبح إلتزاماً جوهرياً‬
‫‪180‬‬
‫على المزود أو المورد‪.‬‬

‫‪178‬عبد القادر ال عرعاري‪ ،‬العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.553 :‬‬
‫‪179‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.552 :‬‬
‫‪ 180‬عبد هللا ذيب عبد هللا محمود‪ ،‬حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.001 :‬‬

‫‪70‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫إن اإللتزام بضمان السالمة فكرة وليدة الحاجة‪ ،‬تمثلت هذه األخيرة في ظهور أضرار ال‬
‫تستوعبها النصوص السارية المفعول وقتئذ‪ ،‬فحاول الفقه سد هذا القصور من خالل مجموعة‬
‫الحلول‪ ،‬وتبنى القضاء هذه الفكرة وجسدها في أحكامه وقراراته‪ ،‬وتبناها المشرع‪ ،‬وألن هذا‬
‫اإللتزام ذو طبيعة خاصة كونه حديث النشأة‪ ،‬مما يؤدي إلى إختالطه مع بعض اإللتزامات‬
‫األخرى السيما اإللتزام بضمان العيوب الخفية واإللتزام بالمطابقة وعليه يجب تعريفه حتى‬
‫يوجد معيار للتفريق بينهم دون تعقيد‪ ،‬ويمكن القول أن اإللتزام بضمان السالمة يقصد به‪":‬‬
‫أن كل منتوج يجب أن يتوفر على ضمانات ضد كل المخاطر التي من شأنها أن تمس صحة‬
‫المستهلك وأمنه أو تضر بمصالحه المادية‪ ،‬وعلى المتدخل عند اإلقتضاء اإللتزام بضمان‬
‫الضرر الذي يصيب األشخاص أو األمالك بسبب العيب أو تحمل الجزاء الذي يقره‬
‫‪181‬‬
‫القانون‪".‬‬

‫وقد تناول المشرع المغربي هذا اإللتزام في الفصول من ‪ 222‬الى ‪ 242‬من قانون‬
‫اإللتزامات والعقود‪ ،‬وبصدور قانون ‪ 52.12‬المتعلق بسالمة المنتوجات والخدمات إهتم‬
‫المشرع بتوفير الحماية االزمة للمستهلك‪ ،‬حيث خصص الباب الثاني من هذا القانون لإللتزام‬
‫العام بالسالمة حيث نص في المادة الرابعة من هذا القانون على أنه ‪ ":‬يلتزم منتجو‬
‫ومستوردو المنتوجات وكذا مقدمو الخدمات بأال يعرضوا في السوق إال المنتوجات أو‬
‫الخدمات السليمة كما هي معرفة طبقا ألحكام هذا الباب"‪ .‬وجاء في الفقرة األولى من المادة‬
‫الخامسة ما يلي‪ ":‬يعتبر سليما المنتوج الذي اال يشكل أي خطر وفق شروط اإلستعمال‬
‫العادية أو التي من المعقول توقعها بما في ذلك مدة اإلستعمال وعند اإلقتضاء شروط التشغيل‬
‫والتركيب والحاجة إلى الصيانة‪ ،‬أو يشكل أخطارا محدودة تتالئم مع إستعمال المنتوج‬
‫وتعتبر مقبولة في إطار التقييد بمستوى عال من الحماية لصحة وسالمة األشخاص أو‬
‫الحيوانات األليفة أو الممتلكات أو البيئة"‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن اإل لتزام بضمان السالمة‪ ،‬يتطلب حسب بعض الفقه ثالث شروط يجب‬
‫إجتماعها لقيام هذا اإللتزام في أي عقد من العقود‪ ،‬وهذه الشروط هي‪:‬‬

‫‪181‬شلغوم مريم‪ ،‬حماية المستهلك في مرحلة تنفيذ العقد اإللكتروني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.24‬‬

‫‪71‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫•الشرط األول‪ :‬وجود خطر يهدد سالمة أحد المتعاقدين‬

‫ففي عقد البيع اإللكتروني في ظل التقدم الصناعي و تعقد األجهزة الحديثة–مثل األجهزة‬
‫الطبية أو الرياضية–يفوق غيره من العقود بسبب األخطار المحتملة لجمهور المستهلكين‬
‫وكذلك األشخاص الذين يستعملون هذه المنتجات الصناعية‪ ،‬حيث أن المستهلك اإللكتروني‬
‫يشتري هذه السلعة من موقع على شبكة اإلنترنت‪ ،‬وليس له مصدر معلومات عن تلك السلعة‬
‫‪182‬‬
‫سوى من البائع عندما يقدم له نموذج اإلستعمال المرفق مع السلعة‪.‬‬

‫•الشرط الثاني‪ :‬أن يكون أمر الحفاظ على السالمة موكول للطرف األخر‬

‫فالمستهلك اإل لكتروني بحكم جهله بتكوين السلع والمنتجات الفنية والكيميائية المعقدة‬
‫‪183‬‬
‫التركيب‪ ،‬فإنه أمر ضمان سالمتها إلى المنتج و يكون في حالة خضوع تام لهذا األخير‪.‬‬

‫•الشرط الثالث‪ :‬أن يكون المدين بهذا اإللتزام مهنيا‬

‫يتعامل معه المستهلكون لما له من خبرة ودراية بأصول مهنته أو حرفته‪ ،‬فالمهني ال يقوم‬
‫على إحتراف مهنته‪ ،‬إال إذا كان محيطا باألصول و الخبرات الفنية التي تمكنه من ممارستها‬
‫على أفضل وجه‪.‬‬

‫عموما اإل لتزام بتحقيق السالمة للمستهلكين ليس بالشيء الجديد في المجال القانوني إذ‬
‫إعتبرته النصوص الجنائية منذ زمن بعيد بمثابة شرط أساسي لتوزيع السلع والبضائع على‬
‫الزبناء بإعتبارهم المحطة النهائية لتلقي المنتوج المعد لإلستهالك البشري أو الحيواني وقد‬
‫عاقب المشرع كل خرق لهذا اإللتزام بصرامة وبأثر رجعي أحيانا لردع كل من إستهتر‬
‫‪184‬‬
‫بصحة المواطن وأمنه وسالمته الجسدية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حقوق المستهلك المستحدثة في مرحلة تنفيذ العقد‬


‫تعتبر حقوق المستهلك في مرحلة تنفيذ العقد اإللكتروني من الضمانات األساسية من أجل‬
‫إ نتفاع المستهلك بالمنتج أو الخدمة محل التعاقد‪ ،‬فهناك حقوق تقليدية للمسـتهلك نصـت عليهـا‬
‫القواعد العامة كضمان العيوب الخفية‪ ،‬وضمان التعرض واإلستحقاق‪ ،‬إال أن التشريعات‬

‫‪182‬أحمد أمين نان‪ ،‬حماية المستهلك اإللكتروني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪54:‬‬


‫‪183‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.54 :‬‬
‫‪184‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر اإللتزامات الكتاب االول نظرية العقد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.024:‬‬

‫‪72‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫الحديثة توجهت إلى إضافة حماية جديدة للمستهلك‪ 185 ،‬تتمثل في حق المستهلك المتعلق‬
‫باإللتزام بتسليم المبيع‪ ،‬وحقه في التراجع عن العقد‪ ،‬وأخيرا حقه باإلستعانة بهيئات حمائية‬
‫لحمايته‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حقوق المستهلك المتعلقة باإللتزام بتسليم المبيع‬

‫يعتبر اإللتزام بالتسليم من أهم اإللتزامات الملقاة على عاتق المهني في إطار القواعد العامة‬
‫المنظمة للعقود بصفة عامة‪ ،‬وتزداد هذه األهمية في العقود المبرمة بوسائل إلكترونية بصفة‬
‫خاصة‪.‬‬

‫يتم التسليم حسب الفصل ‪ 222‬من قانون اإللتزامات والعقود المغربي حين يتخلي البائع أو‬
‫نائبه عن الشيء المبيع ويضعه تحت تصرف المشتري بحيث يستطيع هذا حيازته بدون‬
‫عائق‪.‬‬

‫والتسليم إما ان يكون ماديا وهو الذي يستلزم إنتقال الحيازة المادية للشيء المبيع من البائع‬
‫للمشتري ويتحقق ذلك عادة بالمناولة المحسوسة لمحل البيع‪ 186،‬وإما أن يكون معنويا وهو‬
‫الذي تنتقل فيه الحيازة من البائع للمشتري حكميا أو إفتراضيا كما هو األمر بالنسبة للبيع‬
‫الوارد على العقارات والحقوق العينية العقارية وكذا الحقوق المعنوية بصورة عامة حيث أن‬
‫حيازتها تتطلب تسليما من نوع خاص‪ 187.‬أما في عقد البيع اإللكتروني ظهر نوع جديد من‬
‫التسليم إلى جانب التسليم الفعلي والحكمي‪ ،‬وهو التسليم اإللكتروني‪ ،‬أي تسليم المنتوجات‬
‫عبر شكبة اإلنترنت‪ ،‬عن طريق تنزيلها على جهاز الحاسوب الخاص بالمشتري‪ .‬ومن أمثلة‬
‫هذا النوع من التسليم‪ :‬تنزيل فيلم سينمائي أو البوم غنائي أو بعض الخدمات الطبية أو‬
‫الهندسية‪.‬‬

‫أ ما فيما يخص مضمون التسليم فإن القاعدة العامة تقضي حسب صيغة الفصل ‪ 205‬من‬
‫قانون اإل لتزامات والعقود المغربي بأن يسلم البائع الشيء على الحالة التي كان عليها عند‬
‫البيع‪ .‬ويمتنع على البائع إجراء التغيير فيه إبتداء من هذا الوقت‪.‬‬

‫‪185‬عبد هللا ذيب عبد هللا محمود‪ ،‬حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.003 :‬‬
‫‪186‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.040:‬‬
‫‪187‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.045:‬‬

‫‪73‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫وتسليم الشيء المبيع يشمل أيضا توابعه وفقا لما يقضي به إتفاق الطرفين أو يجري به‬
‫‪188‬‬
‫العرف‪.‬‬

‫أما فيما يخص أجال التسليم نجد أن المشرع المغربي نص في الفصل ‪ 212‬من قانون‬
‫اإللتزامات والعقود على أنه يجب أن يحصل التسليم فور إبرام العقد‪ ،‬إال ما تقتضيه طبيعة‬
‫الشيء المبيع أو العرف من زمن‪ .‬وهكذا فإنه ليس هناك ما يميز التشريع المدني المغربي‬
‫بخصوص مسألة زمان التسليم‪ ،‬فالقاعدة العامة تقضي بضرورة حصول التسليم فور إبرام‬
‫‪189‬‬
‫العقد‪.‬‬

‫بالرجوع إلى قانون رقم ‪ 80.13‬القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك نجد أن المشرع قد‬
‫ألزم المورد في المادة ‪ 05‬منه أن يحدد كتابة في العقد أو الفاتورة أو تذكرة الصندوق أو‬
‫المخالصة أو أي وثيقة أخرى تسلم للمستهلك‪،‬األجل الذي يتعهد فيه بتسليمه المنتوجات أو‬
‫السلع أو تقديم الخدمات ‪.‬‬

‫وفي حالة اإلخالل بهذا األ جل لمدة تتجاوز سبعة أيام ولم يكن ذلك ليعز إلى قوة قاهرة‪ ،‬فإنه‬
‫بحسب المادة ‪ 08‬من القانون رقم ‪ ،80-13‬جازللمستهلك ومن دون اللجوء إلى مقاضاة‬
‫المورد أن يفسخ اإل لتزام المتعلق بالسلعة غير المسلمة‪ ،‬أو الخدمة غير المقدمة بأية وسيلة‬
‫تثبت التوصل‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الحق في الرجوع كآلية لحماية المتعاقد اإللكتروني‬

‫يعتبر الحق في الرجوع عن العقد اإللكتروني من الوسائل التي لجأت إليها التشريعات‬
‫الحديثة لحماية رضاء المستهلك اإللكتروني‪ ،‬نظرا لكون هذا األخير ال يتمكن من مالمسة‬
‫المنتجات المعروضة للبيع للتأكد من جودتها ونوعيتها إال بعد تمام العقد وتتفيذه‪.‬‬

‫يعد حق العدول عن العقد اإللكتروني حق إرادي محض يتـرك تقـديره لكامـل إرادة‬
‫المستهلك‪ ،‬وفقاً للضوابط القانونية‪ ،‬وهو حق يمس بالقوة الملزمة للعقـد اإللكترونـي‪ ،‬ويشـكل‬
‫خروجاً عن المبدأ‪ ،‬حيث أعتبره بعض شراح القانون عقداً صحيحاً غير الزم بالنسبة‬
‫للمستهلك‪ ،‬وعقداً صحيحا ً الزم للمزود‪ ،‬فحق العدول هو حق شخصي يخضع لتقدير‬

‫‪188‬الفصل ‪ 206‬من قانون اإللتزامات والعقود المغربي‪.‬‬


‫‪189‬عبد القادر ال عرعاري‪ ،‬العقود الخاصة الكتاب األول عقد البيع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.043-044:‬‬

‫‪74‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫المستهلك‪ ،‬ويمارسـه وفقاً لما يراه محققا ً لمصالحه‪ ،‬فهو ليس ملزماً بإبداء أسباب معينة لهـذا‬
‫‪190‬‬
‫العـدول‪ ،‬بمعنـى أن إستعمال المستهلك لهذا الحق ال يؤدي إلى قيام مسؤوليته‪.‬‬

‫أ‪ :‬مفهوم حق المستهلك في التراجع وكيفية ممارسته‬

‫ما يمكن مالحظته من خالل األحكام المضمنة في القانون ‪ 13.80‬القاضي بتحديد تدابير‬
‫لحماية المستهلك‪ ،‬أن المشرع المغربي لم يعط أي تعريف للحق في التراجع‪ ،‬بل إقتصر على‬
‫بعض الجوانب التنظيمية الخاصة به في المواد من ‪ 86‬إلى ‪ ،83‬تاركا المجال مفتوحا للفقه‬
‫في ذلك‪.‬‬

‫يعرف بعض الفقه الحق في العدول بأنه‪ ":‬حق المستهلك في إرجاع السلعة أو رفض الخدمة‬
‫في خالل مدة معينة يحددها القانون دون إبداء أية مبررات مع إلتزام التاجر أو مقدم الخدمة‬
‫‪191‬‬
‫بحسب األحوال برد قيمتها مع تحمل المستهلك مصروفات الرجوع فقط"‪.‬‬

‫كما عرفه البعض األخر بأنه‪ ":‬سلطة أحد المتعاقدين باإلنفراد بنقض العقد والتحلل منه دون‬
‫‪192‬‬
‫توقف ذلك على إرادة الطرف األخر‪".‬‬

‫يعد حق العدول عن العقد اإللكتروني حق إرادي يمارسه المستهلك من خالل إعطائه مهلة‬
‫للتفكير وإعادة النظر في أمر العقد الذي أبرمه لحمايته من األخطار التي قد تواجهه خاصة‬
‫في ظل المعامالت اإللكترونية الحديثة‪.‬‬

‫وقد تقـرر هـذا الحق بنص المادة ‪ 56/51/050‬من قانون اإلستهالك الفرنسي رقم ‪ 222‬لسنة‬
‫‪ 0228‬بمقتضـى المرسوم ‪ 420‬لسنة ‪ .5110‬ووفقاً لنص المادة ‪ 51/050‬من قانون‬
‫اإلستهالك الفرنسي‪ ،‬فإن اللحظة التي يبدأ فيها سريان مهلة العدول تختلف بحسب محل‬
‫العقد(سلعة أم خدمة)‪ ،‬فإذا كان محل العقد سلعة‪ ،‬فـإن مهلة العدول تبدأ في السريان منذ‬
‫الوقت التي يتم فيه تسليم السلعة للمستهلك خالل سبعة أيام‪ ،‬أما إذا كان محل العقد خدمة‪ ،‬فإن‬

‫‪190‬عبد هللا ذيب عبد هللا محمود‪ ،‬حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.056:‬‬
‫‪191‬محمد أحمد الحميد احمد‪ ،‬الحماية المدنية للمستهلك التقليدي واإللكتروني‪ ،‬دار الجامعة الجديدة اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،5102 ،‬ص‪.862:‬نقال عن‬
‫د‪.‬صالحة لعمري‪ ،‬حق المستهلك في العدول عن التعاقد في عقود التجارة اإللكترونية‪ ،‬مقال منشور بمجلة اإلجتهاد القضائي‪ :‬المجلد ‪-08‬عدد‬
‫خاص(العدد التسلسلي ‪)52‬جانفي ‪،5150‬ص‪.086:‬‬
‫‪192‬إبراهيم الدسوقي أبو الليل ‪ :‬المصادر اإلردية إللتزام‪ ،‬العقد واإلرادة المنفردة والتصرف القانوني‪ ،‬مطبوعات جامعة الكويت‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ ، 0222‬ص ‪.542‬‬

‫‪75‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫مهلة العدول تبدأ في السريان منذ الوقت الذي يتم فيه العقـد‪ ،‬أي منذ لحظة قبول المستهلك‬
‫‪193‬‬
‫لإليجاب الصادر من المزود‪.‬‬

‫إلى جانب المشرع الفرنسي نجد أن المشرع المغربي نص بدوره عن الحق في العدول في‬
‫القانون رقم ‪ 80.13‬القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك الذي عبر عنه بالحق في التراجع‬
‫من خالل المادة ‪ 86‬والتي جاء في مقتضياتها ما يلي‪ ":‬للمستهلك أجل‪ -:‬سبعة أيام كاملة‬
‫لممارسة حقه في التراجع؛‬

‫‪ -‬ثالثين يوما لممارسة حقه في التراجع في حالة ما لم يف المورد بإلتزامه بالتأكيد الكتابي‬
‫للمعلومات المنصوص عليها في المادتين ‪ 52‬و‪"...85‬‬
‫إنطالقا مما سبق نالحظ أن الشرط الوحيد لممارسة الحق في الرجوع هو اإللتزام باألجل‬
‫المحدد قانونا‪ .‬فالمشرع الفرنسي حدد هذا األجل في ‪ 14‬أيام كاملة وهو نفس األجل الذي‬
‫حدده المشرع المغربي في قانون حماية المستهلك وتبتدأ هذه المدة من تاريخ تسلم السلعة أو‬
‫قبول العرض فيما يتعلق بتقديم الخدمات وينتقل هذا األجل إلى ثالثين يوما في الحالة التي ال‬
‫يفي فيها المورد بإلتزامه بالتأكيد الكتابي للمعلومات المنصوص عليها في المادتين ‪ 52‬و ‪85‬‬
‫من نفس القانون‪.‬‬
‫ونظرا لخصوصيات الحق في الرجوع وطبيعته اإلستثنائية فقد خول المشرع المغربي‬
‫للمستهلك مجموعة من الضمانات التي تضمن له ممارسة هذا الحق وهي كالتالي‪ :‬حق‬
‫التراجع يعتبر من النظام العام‪ ،‬وبالتالي ال يمكن للمستهلك أن يتنازل عنه كما ال يمكن للبائع‬
‫أن يشترط عليه التخلي عن هذه المكنة القانونية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى وجوب إعالم المستهلك بهذا الحق‪ ،‬فحسب المادة ‪ 52‬من القانون رقم ‪80.13‬‬
‫ن ص المشرع على أنه يجب على المورد أن يعلم المستهلك بوجود هذا الحق(حق في‬
‫التراجع)‪ ،‬لكن ما يعاب على المشرع المغربي أنه لم يلزم المورد بأن ينبه المستهلك في حالة‬
‫عدم وجود حقه في الرجوع في الحاالت التي إستثناها القانون فيمكن للمستهلك المتعاقد عن‬
‫بعد أن يتعاقد وهو يظن أن له حقه في الرجوع في أحد اإلستثناءات المنصوص عليها في‬

‫‪193‬عبد هللا ذيب عبد هللا محمود‪ ،‬حماية المستهلك في التعاقد اإللكتروني دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.053-054 :‬‬

‫‪76‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫المادة ‪ 83‬من القانون رقم ‪ 13.80‬فإ ذا به يتفاجأ بعدم وجود هذا الحق فالمورد في هذه الحالة‬
‫‪194‬‬
‫غير ملزم بإخباره وإعالمه بذلك ألنه ال يوجد نص قانوني يلزمه‪.‬‬
‫كما أن المشرع المغربي منح للمستهلك إمكانية ممارسة هذا الحق‪ ،‬دون حاجة لتبرير‬
‫إ ستعماله لهذا الحق‪ ،‬ومن دون دفع أي مقابل‪ ،‬ما عدا مصاريف اإلرجاع المنصوص عليها‬
‫في إطار المادة ‪ 86‬من القانون رقم ‪.80.13‬‬
‫إال أنه البد من اإلشارة إلى أن إ ستعمال المستهلك لحقه في الرجوع ال يكون مطلقا‪ ،‬بحيث‬
‫توجد حاالت معينة على سبيل الحصر أوردتها المادة ‪ 83‬من قانون ‪ 80.13‬ال يمكن‬
‫للمستهلك خاللها ممارسة هذا الحق إال إذا إتفق الطرفان على خالف ذلك وهذه الحاالت هي‬
‫الخاصة بالعقود التالية‪:‬‬
‫‪-0‬الخدمات التي شرع في تنفيذها بموافقة المستهلك قبل انتهاء أجل السبعة أيام كاملة‪.‬‬
‫‪-5‬التزويد بالمنتوجات أو السلع أو الخدمات التي يكون ثمنها أو تعريفتها رهينا بتقلبات‬
‫أسعار السوق المالية‪.‬‬
‫‪-8‬التزويد بالسلع المصنوعة حسب مواصفات المستهلك أو المعدة له خصيصا أو التي ال‬
‫يمكن بحكم طبيعتها إعادة إرسالها أو تكون معرضة للفساد أو سريعة التلف‪.‬‬
‫‪-2‬التزويد بتسجيالت سمعية أو بصرية أو برامج معلوماتية عندما يطلع عليها المستهلك‪.‬‬
‫‪-2‬التزويد بالجرائد أو الدوريات أو المجالت‪.‬‬
‫ب‪ -‬أثار ممارسة الحق في التراجع‬
‫إن حق العدول الممنوح للمستهلك يضع المتعاقدين في حالة عدم اإلستقرار‪ ،‬فإذا مضت مهلة‬
‫‪195‬‬
‫العدول دون إبداء رغبة المستهلك في اإلنحالل من العقد‪ ،‬أصبح هذا األخير باتا ونافذا‪.‬‬

‫أ ما إذا إستعمل المستهلك حقه في العدول‪ ،‬يصبح العقد الذي أبرم بينه وبين التاجر المحترف‬
‫كأنه لم يكن وبالتالي يتحلل كل طرف من إلتزاماته التعاقدية اذا لم تنفذ كلها‪.‬‬

‫‪-‬أثار العدول بالنسبة للمحترف‪ :‬إذا إستعمل المستهلك اإللكتروني حقه في العدول خالل‬
‫المدة التي حددها المشرع‪ ،‬فإنه يجب على المورد حسب المادة ‪ 84‬من القانون رقم ‪80.13‬‬

‫‪194‬محمد جحا‪ ،‬حماية المستهلك اإللكتروني على ضوء مقتضيات القانون رقم ‪ ،80.13‬مقال منشور بمجلة الممارس للدراسات القانونية والقضائية‪،‬‬
‫العدد الثالث ابريل‪ ،5102 -‬ص‪.22-23:‬‬
‫‪195‬عبدلي حبيبة‪،‬عبدلي وفاء‪ ،‬حق المستهلك اإل لكتروني في الرجوع عن التعاقد بين قصور النص القانوني وواقغ الممارسة العملية في التشريع‬
‫الجزائري‪ ،‬مقال منشور بمجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‪-‬المجلد ‪-12‬العدد ‪ 15‬السنة الجامعية ‪ ، 5151‬ص‪.554:‬‬

‫‪77‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫أ ن يرد إلى المستهلك المبلغ المدفوع كامال على الفور وعلى أبعد تقدير داخل الخمسة عشر‬
‫يوما الموالية للتاريخ الذي تمت فيه ممارسة الحق المذكور‪ .‬وبعد إنصرام األجل المذكور‪،‬‬
‫تترتب‪ ،‬بقوة القانون‪ ،‬على المبلغ المستحق فوائد بالسعر القانوني المعمول به‪.‬‬

‫وفي حالة رفض المورد رد المبلغ المدفوع للمتعاقد اإللكتروني‪ ،‬فإنه في هذه الحالة يعاقب‬
‫بغرامة مالية من ‪0511‬إلى ‪ 21.111‬درهم‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 043‬من القانون رقم‬
‫‪ 80.13‬الذي جاء فيها مايلي‪ ":‬يعاقب بغرامة ‪ 0511‬الى ‪ 21.111‬درهم المورد الذي‬
‫يرفض إرجاع المبالغ إلى المستهلك وفق الشروط المنصوص عليها في المادتين ‪84‬و ‪.21‬‬

‫في حالة العود ترفع الغرامة إلى الضعف‪.‬‬

‫يعتبر في حالة العود‪ ،‬من يرتكب مخالفة داخل أجل الخمس سنوات الموالية لصدور حكم‬
‫حائز على قوة الشيء المقضي به من أجل أفعال مماثلة‪".‬‬

‫‪-‬أثار العدول بالنسبة للمستهلك اإللكتروني‪ :‬يعتبر حق العدول بالنسبة للمستهلك حق مجاني‪،‬‬
‫فإ ن مارسه خالل المدة المحددة قانونا فال يتحمل أي تبعات وال يترتب على ذلك أي جزاء ما‬
‫‪196‬‬
‫عدى ما تعلق بالمصروفات المحتملة إلرجاع المنتوج أوالسلعة‪.‬‬

‫ومن حيث أثار العدول عن العقد‪ ،‬فإنه يترتب على ذلك نقض العقد أي فسخه‪ ،‬و على‬
‫‪197‬‬
‫المستهلك إرجاع البضاعة كما تسلمها‪ ،‬وإذا كانت خدمة فعليه أن يتنازل عنها‪.‬‬

‫ونشير إلى أنه يمكن للمستهلك اإللكتروني أن يستفيد من حقه في إستبداع المنتوج عوض‬

‫إ سترجاع المبالغ المدفوعة وذلك في حالة واحدة وهي المنصوص عليها في المادة ‪ 20‬من‬
‫القانون رقم ‪ 80.13‬الذي جاء فيها ما يلي‪ ":‬يمكن للمورد أن يوفر منتوجا أو سلعة أو خدمة‬
‫تكون لها نفس الجودة ونفس الثمن إذا كانت هذه اإلمكانية معلن عنها قبل إبرام العقد أو‬
‫منصوص عليها في العقد بصورة واضحة ومفهومة‪ .‬وفي هذه الحالة‪ ،‬يتحمل المورد‬
‫مصاريف اإلرجاع المترتبة عن ممارسة حق التراجع‪ ،‬ويجب أن يخبر المستهلك بذلك‪".‬‬

‫‪196‬أحمد امين نان‪ ،‬حماية المستهلك اإللكتروني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.02:‬‬


‫‪197‬المرجع نفسه‪ :‬ص‪.02:‬‬

‫‪78‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫يستنتج مما سبق أ ن الحق في العدول يمارسه المستهلك وفق شروط محددة وضوابط معينة‬
‫أقرها القانون ويكون ذلك في حدود مهلة ال يمكن لمن أقر هذا الحق لصالحه ان يتجاوزها‪،‬‬
‫وفرض المشرع لهذا الحق الغرض منه دعم وتقوية اإلرادة الضعيفة في العقد اإللكتروني‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬حق المستهلك باإلستعانة بهيئات حمائية لحمايته‬

‫يعتبر من الحقوق األساسية للمستهلك الحق في تمثيله حين إتخاذ القرارات المتعلقة به والحق‬
‫في الدفاع عن مصالحه من خالل جمعيات حماية المستهلك المنشأة بوجه قانوني سليم‪.‬‬

‫وتلعب جمعيات حماية المستهلك دورا رياديا مهما في الدفاع عن مصالح جمهور‬
‫المستهلكين‪ ،‬حيث أصبحت من جماعات الضغط اإلجتماعي سواء على المشرع الذي كثيرا‬
‫ما دفعته إلى تبني سياسة حمائية‪ ،‬كما شكلت أيضا مجموعة ضغط على المهنيين من خالل‬
‫األ ساليب والطرق التي سلكتها لحماية المصلحة الجماعية للمستهلكين‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫الدعاية المضادة ضد المشروعات التي تلحق الضرر بالمستهلكين أو من خالل اإلمتناع عن‬
‫الشراء أو مقاطعة بعض المنتوجات أو الخدمات‪.‬‬

‫ونظرا للدو ر الكبير الذي تلعبه جمعيات حماية المستهلك خصها المشرع المغربي كغيره من‬
‫التشريعات األخرى بالتنظيم في القسم السابع من قانون رقم ‪ 80.13‬القاضي بتحديد تدابير‬
‫لحماية المستهلك‪ ،‬وقد نصت المادة ‪ 025‬منه على انه‪ ":‬تتولى جمعيات حماية المستهلك‪،‬‬
‫المؤسسة والعاملة وفقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل‪ ،‬المتعلقة بحق‬
‫تأسيس الجمعيات‪ ،‬اإلعالم والدفاع والنهوض بمصالح المستهلك وتعمل على إحترام أحكام‬
‫هذا القانون‪ ".‬وتحدد المادة ‪ 028‬من نفس القانون الحاالت التي ال يمكن إعتبار وجود‬
‫جمعيات حماية المستهلك وهي‪:‬‬

‫‪ -‬تضم من بين أعضائها أشخاصا معنويين يزاولون نشاطا يهدف إلى الحصول على ربح‪.‬‬

‫‪ -‬تتلقى مساعدات أو إعانات من مقاوالت أو مجموعة مقاوالت تزود المستهلك بسلع أو‬
‫منتوجات أو تقدم لهم خدمات‪.‬‬
‫‪ -‬تقوم باإل شهار التجاري أو بإشهار ال يكتسي طابعا إعالميا صرفا فيما يخص السلع أو‬
‫المنتوجات أو الخدمات‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫‪ -‬تتولى القيام بأنشطة أخرى غير حماية مصالح المستهلك‪.‬‬


‫‪ -‬تهدف إلى تحقيق غرض يكتسي طابعا سياسيا‪.‬‬
‫بعد إ حترام الجمعيات للمقتضيات المتعلقة بتأسيسها يتم اإلعتراف لها بالوجود القانوني‪،‬‬
‫وأنذاك يمكنها أن تقوم باألدوار المنوطة بها‪.‬‬
‫• الدور الوقائي لجمعيات حماية المستهلك‪ :‬لقد أصبحت حماية المستهلك ضرورة ملحة في‬
‫جل المجتمعات سواء العربية أو الدولية خصوصا في مجال العقود التي أصبحت تبرم في‬
‫وقتنا الحالي وخاصة عقود اإل ذعان التي يكون فيها تفوق المهني على المستهلك في جميع‬
‫المستويات لذلك نجد هذه الجمعيات تقوم بدور وقائي‪ 198،‬وذلك لمواجهة المهنيين الذين ال‬
‫يحترمون المصلحة الجماعية للمستهلكين‪.‬‬

‫لذلك تتبع جمعيات حماية المستهلك في دفاعها عن المصلحة الجماعية المشتركة أساليب‬
‫تتمثل في‪ :‬إعالم المستهلك أي القيام بتوعيته وهي من المهام المنوطة بجمعيات حماية‬
‫المستهلك طبقا للمادة ‪ 025‬من قانون ‪ ،80.13‬ويكون اإلعالم عن طريق طبع و نشر‬
‫مجاالت أو دوريات أو نشرات أسبوعية أو شهرية و توزيعها على المستهلكين‪.‬‬

‫نالحظ أن نشر الوعي بالثقافة اإلستهالكية يعد من المرتكزات األساسية لجمعيات حماية‬
‫المستهلك‪ ،‬حيث تلجأ هذه األخيرة في ذلك إلى وسيلتين إما عبر الجرائم والمجالت‬
‫المتخصصة‪ ،‬وذلك من خالل إصدار مجالت ودالئل وصحف متخصصة‪ ،‬وقد استطاعت‬
‫الجمعية المغربية لإلستهالك توفير دعايات وإعالنات متخصصة للمستهلك المغربي‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل إصدار ما يعرف ب "دليل المستهلك"‪ ،‬وإما تقوم بإعالم المستهلك بالوسائل‬
‫السمعية والبصرية‪ ،‬وذلك عن طريق بت نشرات و إشهارات تلفزيونية ترمي إلى حث‬
‫المستهلك على إقتناء منتوجات و كيفية إستعمالها و الخصائص المميزة لها‪ ،‬كما أن لجمعيات‬
‫حماية المستهلك دور هام في تثقيف المستهلكين‪ ،‬عبر الوسائل السمعية البصرية كالراديو‬
‫ببرمجة حصص التوعية االستهالكية‪.‬‬

‫وقد تلجأ الجمعيات إلى وسيلة جريئة لحمل المهنيين على اإللتزام بأدنى شروط اإلعتدال‬
‫والتوازن في عقودهم وهذا ما يعرف بالتوعية والدعاية المضادة ويقصد بها قيام جمعيات‬

‫‪198‬هاجر هروس‪ ،‬إشكالية المستهلك في القانون ‪ -80.13‬القروض العقارية نمودجا‪ ،-‬بحث لنبل دبلوم الماستر في القانون الخاص وحدة القانون‬
‫المدني واألعمال‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،5105-5100‬ص ‪60:‬‬

‫‪80‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫حماية المستهلك بتنوير الرأي العام وتبصيره بمعطيات الميدان اإلستهالكي‪ ،‬أو تعمل على‬
‫نشر أو توزيع إنتقادات مكتوبة وكذلك إلقاء المحاضرات وتعليق الملصقات‪ ،‬وتعتمد مساهمة‬
‫الجمعيات على جمع المعلومات ومعالجتها ثم نشرها في الوقت المناسب على أوسع نطاق‬
‫‪199‬‬
‫ممكن‪.‬‬

‫باإلضافة إلى اإلعالم والدعاية المضادة هناك الدعوة المقاطعة وهي قيام جمعيات حماية‬
‫المستهلك بدعوة جمهور المستهلكين للتوقف عن شراء سلعة او خدمة معينة‪ ،‬والذي قد يعود‬
‫إما لخصائص السلعة أو الخدمة أو بسبب تنصيص العقود اإلستهالكية على بنود تعسفية‬
‫‪200‬‬
‫مجحفة في حق المستهلك اإللكتروني أو التقليدي‪.‬‬

‫• الدور العالجي لجمعيات حماية المستهلك‪ :‬ويتجلى هذا الدور العالجي في لجوء جمعيات‬
‫حماية المستهلك إ لى القضاء كحل عالجي للمشكالت التي قد تعترض مصالح المستهلكين‬
‫لكن حق اللجوء إلى القضاء رهين بتوفير مجموعة من الشروط منها ما هو منصوص عليه‬
‫في القانون المتعلق بتنظيم حق تأسيس الجمعيات‪ ،‬ومنها ما هو وارد في قانون حماية‬
‫المستهلك‪ .‬وقد جاء في المادة ‪ 024‬من قانون ‪ 80.13‬على أنه‪ ":‬يمكن للجامعة الوطنية‬
‫ولجمعيات حماية المستهلك المعترف لها بصفة المنفعة العامة طبقا ألحكام المادة ‪ 022‬أن‬
‫ترفع دعاوى قضائية‪ ،‬أو أن تتدخل في دعاوى جارية‪ ،‬أو أن تنصب نفسها طرفا مدنيا أمام‬
‫قاضي التحقيق‪ ،‬للدفاع عن مصالح المستهلك‪ ،‬وتمارس كل الحقوق المخولة للطرف المدني‬
‫والمتعلقة باألفعال والتصرفات التي تلحق ضررا بالمصلحة الجماعية للمستهلكين‪".‬‬

‫كما تتمتع الجمعيات المخول لها حق الدفاع عن المستهلكين بموجب المادة ‪ 065‬من قانون‬
‫‪، 80.13‬بحق المطالبة القضائية بحذف الشروط التعسفية في كل عقد أو نموذج عقد مقترح‬
‫أو موجه إلى المستهلك‪.‬حيث تنص هذه المادة على أنه‪ ":‬يمكن للجامعة الوطنية أو جمعية‬
‫حماية المستهلك المشار إليها في المادة ‪ ،024‬أن تطلب من المحكمة التي تنظر في الدعوى‬
‫أو الدعوى التابعة أن تأمر المدعى عليه أو الظنين‪ ،‬بإيقاف التصرفات غير المشروعة أو‬
‫حذف شرط غير مشروع أو تعسفي في العقد أو في نموذج العقد المقترح أو الموجه إلى‬
‫المستهلك‪"...‬‬

‫‪199‬هاجر هروس‪ ،‬إشكالية المستهلك في القانون ‪ -80.13‬القروض العقارية نمودجا‪ ،-‬ص‪.60:‬‬


‫‪200‬ايمان التيس‪ :‬التجارة اإللكترونية وضوابط حماية المستهلك في المغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.060-061 :‬‬

‫‪81‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫خولت هذه المادة لجمعيات حماية المستهلك آلية مهمة ومستجدة للدفاع عن المصالح‬
‫الجماعية للمستهلكين وهي دعوى إلغاء الشروط التعسفية التي تكون في العقد أو في نموذج‬
‫العقد الموجه إلى المستهلك‪.‬‬

‫فمن خالل إستقراء مواد القسم السابع من القانون رقم ‪ 80.13‬يتضح أن حق رفع الدعاوى‬
‫غير مخول لجميع جمعيات حماية المستهلك بل فقط مقتصر على بعضها دون األخر منها‪:‬‬
‫الجامعة الوطنية لحماية المستهلك‪ ،‬والجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة وجمعيات‬
‫‪201‬‬
‫حماية المستهلك الحاصلة على إذن خاص بالتقاضي‪.‬‬

‫‪201‬ايمان التيس‪ ،‬التجارة اإللكترونية وضوابط حماية المستهلك في المغرب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪، :‬ص‪.068-065 :‬‬

‫‪82‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫الخاتمة‬
‫يتعرض المستهلك اإللكتروني إلى عدة مخاطر منها ما يتعلق بالوسيلة التي تم من خاللها‬
‫التعاقد‪ ،‬حيث يتم في فضاء إلكتروني ودون وجود مادي يسمح للمستهلك بمعاينة وتفقد السلعة‬
‫المراد التعاقد بشأنها‪ ،‬ومنها ما يتعلق بالتفاوت في المراكز القانونية بين طرفي العقد بأن يبرم‬
‫بين تاجر محترف عالم بأصول حرفته ومستهلك جاهل بها‪ .‬األمر الذي يتطلب تدخال‬
‫تشريعيا لحماية المستهلك بإعتباره الطرف الضعيف في هذه العالقة القانونية وذلك بموجب‬
‫قواعد خاصة ألن القواعد العامة المنظمة للعقود أصبحت عاجزة عن ذلك‪.‬‬

‫من خالل دراستنا لموضوع حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا يتبين لنا أن مختلف‬
‫التشريعات قد بذلت جهودها لتكريس الحماية التامة له‪.‬‬

‫وفي هذا السياق قام المشرع المغربي بإصدار مجموعة من القوانين لتنظيم التجارة‬
‫اإللكترونية وحماية المستهلك الطرف الضعيف فيها بدءا بقانون ‪ 28.12‬المتعلق بالتبادل‬
‫اإللكتروني للمعطيات القانونية مرورا بقانون ‪ 80.13‬القاضي بتحديد تدابير لحماية‬
‫المستهلك‪.‬‬

‫فمن خالل هذه القوانين حاول المشرع أن يضمن للمستهلك اإللكتروني حماية قانونية في‬
‫جميع مراحل التعاقد‪ ،‬سواء في مرحلة التفاةض بإعالمه وتبصيره والإلبتعاد عن اإلعالنات‬
‫لبخادعة والمضللة التي تجذبه إلى التعاقد‪ ،‬وأيضا حمايته من الشروط التعسفية وحماية‬
‫معطياته الشخصية أثناء إبرام العقد‪.‬‬

‫هذه الحماية التي أرساها المشرع المغربي للمستهلك اإللكتروني ال تقتصر على مرحلتي‬
‫التفاوض واإلبرام فقط إنما تمتد إلى مرحلة تنفيذ العقد اإللكتروني من خالل حقه في الرجوع‬
‫عن تنفيذه إن إقتضى الحال ذلك مع مراعاة القيود الواردة على ممارسة هذا الحق كما تبين‬
‫معنا‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫ومن خال الضمانات القانونية السالفة الذكر إستطاع المشرع المغربي إلى حد ما خلق‬
‫بعض التوازن بين المورد والمستهلك‪ ،‬إال أن هذه اآلليات التي وضعها المشرع المغربي‬
‫لحماية المستهلك تظل محدودة وغير كافية‪ .‬ولتجاوز هذه النواقص سنحاول تقديم بعض‬
‫التوصيات‪:‬‬

‫‪ -‬تكوين قضاة وأطر متخصصة في ميدان العقود المبرمة عن بعد‪.‬‬


‫‪ -‬العمل على نشر ثقافة التسوق عبر شبكة اإلنترنت من خالل تنظيم ندوات وبرامج‬
‫تحسيسية تهدف إلى توعية المتعاقد اإللكتروني بحقوقه التي يتمتع بها‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على إنشاء المزيد من جمعيات حماية المستهلك في المغرب‪ ،‬كما نوصي بتمكين‬
‫جمعيات حماية المستهلك بالوسائل الالزمة إلقامة رابطة التواصل بينها وبين المستهلك‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫الئحة المراجع‬

‫‪85‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫أوال‪ :‬الكتب‬
‫• جمال الطاهري‪،‬محاضرات في النظرية العامة لاللتزامات‪.9102،‬‬
‫•عبد القادر العرعاري‪ ،‬العقود الخاصة‪،‬الكتاب االول‪،‬عقد البيع‪،‬الطبعة الرابعة ‪9102‬‬
‫مزيدة ومنقحة دار االمان الرباط‪.‬‬
‫•عبد القادر العرعاري‪،‬مصادر االلتزامات‪،‬الكتاب الثاني‪،‬المسؤولية المدنية‪،‬الطبعة الثالثة‬
‫‪.9102‬‬
‫• عبد القادر العرعاري ‪،‬مصادر االلتزامات ‪،‬الكتاب االول‪،‬نظرية العقد‪،‬الطبعة الخامسة‬
‫‪،9102‬مكتبة دار االمان الرباط ‪.‬‬
‫• خالد ممدوح ابراهيم‪،‬حماية المستهلك في المعامالت االلكترونية–دراسة مقارنة–الطبعة‬
‫االولى‪،‬مصر‪،‬الدار الجامعية ‪.9112،‬‬
‫• خالد ممدوح ابراهيم‪،‬حماية المستهلك في العقد االلكتروني‪،‬دار الفكر الجامعي االسكندرية‬
‫‪.9112‬‬
‫• خالد ممدوح إبراهيم‪ ،‬أمن المستهلك االلكتروني‪ ،‬دار الفكر الجامعي االسكندرية‪.9112،‬‬
‫• عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪،‬نظرية االلتزام بوجه‬
‫عاماالثباتاثار االلتزام‪،‬دار النهضة العربية‪،‬مصر القاهرة الجزء الثاني‪.‬‬
‫• عبد الرحمان الشرقاوي‪،‬القانون المدني دراسة حديثة للنظرية العامة لاللتزام‪،‬الجزء‬
‫االول‪،‬مصادر االلتزام ‪،‬التصرف القانوني‪.‬‬
‫•عبد العزيز حضري‪،‬العقود االستهالكية‪،‬مطبعة الجسور وجدة‪،‬طبعة ‪. 9109-9100‬‬
‫•مأمون الكزبري‪،‬نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي‪،‬المجلد‬
‫االول‪،‬مصادر االلتزامات‪،‬الجزء االول‪،‬الطبعة الثانية‪،‬بيروت ‪ 02‬فبراير ‪.0229‬‬
‫• المهدي نزيه محمد الصادق‪،‬االلتزام قبل التعاقدي باالدالء بالبيانات المتعلقة بالعقد‬
‫وتطبيقاته على بعض انواع العقود‪،‬الطبعة االولى‪،0229،‬دار النهضة العربية القاهرة‪.‬‬
‫•خالد جمال احمد حسن ‪،‬االلتزام باالعالم قبل التعاقد ‪،‬دار النهضةالعربية‪.0222،‬‬
‫•منصور‪،‬محمد حسين‪:‬احكام البيع التقليدية وااللكترونية والدولية وحماية المستهلك‪،‬الطبعة‬
‫االولى‪،‬مصر‪:‬دار الفكر‪.9112،‬‬
‫•عمر محمد عبدالباقي‪ ،‬الحماية العقدية للمستهلك‪،‬دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون‪،‬‬
‫مطبعة القدس‪ ،‬منشأة لمعارف باإلسكندرية‪،‬الطبعة الثانية ‪.9112‬‬

‫‪86‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫• عبد الفضل محمد احمد‪،‬االعالن عن المنتجات والخدمات من الوجهة القانونية‪،‬مكتبة‬


‫الجالء الجديدة ‪،‬المنصورة‪.0220،‬‬
‫•منصور محمد حسين ‪،‬المسؤولية االلكترونية ‪،‬دار الجامعة الجديدة ‪،‬االسكندرية ‪.9112‬‬
‫•عبد الحميد اخريف ‪،‬عقود االستهالك ‪:‬البيع في الموطن ‪-‬التعاقد‪-‬عن بعد ‪-‬العقد‬
‫االلكتروني‪،‬الطبعة االولى ‪، 9112‬مطبعة ‪،‬اميمة ‪ -‬فاس‪.‬‬
‫• احمد سعيد الزقرد ‪،‬الحماية المدنية من الدعاية التجارية الكاذبة والمضللة‪،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة للنشر ‪،‬االسكندرية مصر ‪.9112،‬‬
‫• محمد أحمد الحميد احمد‪ ،‬الحماية المدنية للمستهلك التقليدي وااللكتروني‪ ،‬دار الجامعة‬
‫الجديدة االسكندرية‪ ،‬مصر‪.9102 ،‬‬
‫• ابراهيم الدسوقي أبو الليل ‪ :‬المصادر االردية اللتزام‪ ،‬العقد واالرادة المنفردة والتصرف‬
‫القانوني‪ ،‬مطبوعات جامعة الكويت‪ ،‬الطبعة االولى ‪.0222‬‬
‫• عبد الحكيم زروق ‪ ،‬التنظيم اإللكتروني للمعطيات القانونية عبر اإلنترنت‪ ،‬سلسلة الشؤون‬
‫القانونية والمنازعات رقم ‪، 2‬الطبعة األولى ‪ 9102‬مطبعة دار األمان الرباط‪.‬‬
‫•ادريس العلوي العبدالوي‪،‬النظرية العامة لالتزام‪،‬نظرية العقد‪،‬الطبعة االولى‪.0222،‬‬
‫• احمد هللا محمد احمد هللا‪،‬حماية المستهلك في مواجهة الشروط التعسفية في عقد‬
‫االستهالك‪،‬دراسة مقارنة‪،‬دار الفكر العربي‪،‬القاهرة‪.0222،‬‬
‫ثانيا‪ :‬االطروحات‬
‫• عبد هللا ذيب عبد هللا محمود‪ ،‬حماية المستهلك في التعاقد االلكتروني دراسة مقارنة‪،‬‬
‫اطروح ة استكماال لمتطلبات الحصول على درجة الماجيستر في القانون الخاص‪،‬كلية‬
‫الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية‪،‬فلسطين‪.9112 ،‬‬
‫• اكسوم عيالم رشيدة‪،‬المركز القانوني للمستهلك االلكتروني ‪،‬اطروحة لنيل درجة‬
‫الدكتوراه الطور الثالث(قانون االلتزامات) في القانون‪،‬جامعة مولود معمري‪-‬تيزي وزو‪-‬‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‪.9102،‬‬
‫• مهدي منير ‪،‬المظاهر القانونية لحماية المستهلك‪،‬اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون‬
‫الخاص‪،‬وجدة التكوين والبحث في قانون االعمال‪،‬جامعة محمد االول‪،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية ‪،‬وجدة‪،‬السنة الجامعية ‪.9112-9112‬‬
‫• محمد احمد سيف بني غازي‪،‬التنظيم القانوني لعقود التجارة المبرمة عبر‬
‫االنترنت‪،‬اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪،‬جامعة محمد االول‪،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬وجدة السنة الجامعية ‪.9100-9101 :‬‬

‫‪87‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫• ايمان التيس "التجارة االلكترونية وضوابط حماية المستهلك في المغرب "‪،‬اطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون الخاص ‪،‬جامعة المولى اسماعيل كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية مكناس‪،‬نونبر ‪.9102‬‬
‫• معزوزي دليلة ‪ ،‬الضمان في عقود البيع الكالسيكية واإللكترونية– دراسة مقارنة ‪،‬‬
‫أطروحة لنيل درجة دكتوراه في العلوم – تخصص القانون الخاص ‪ ،‬جامعة مولود‬
‫مصري‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية ‪ ،‬الجزائر ‪. 9102‬‬
‫ثالثا‪ :‬مذكرات جامعية‬
‫• بن غيدة ايناس‪،‬الحماية المدنية للمستهلك في العقود االلكترونية‪،‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫الماجستير في القانون الخاص المعمق‪،‬جـامعـة أبــو بـكـر بـلقـايـد – تلمسان– كليـة‬
‫الحقــوق و العلـــوم السياسيـة‪،‬السنة الجامعية ‪.9102-9102‬‬
‫• عبد العالي فارس‪،‬حماية المستهلك في العقد االلكتروني‪،‬مذكرة تكميلية لنيل شهادة الماستر‬
‫شعبة الحقوق‪-‬تخصص‪:‬قانون اعمال‪،‬جامعة العربي بن مهيدي‪-‬ام البواقي‪-‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم االساسية ‪،‬السنة الجامعية ‪.9102-9102‬‬
‫• جلول دواجي بلحول‪،‬الحماية القانونية للمستهلك في ميدان التجارة االلكترونية‪،‬مذكرة لنيل‬
‫شهادة الماجستير في القانون الخاص المعمق‪،‬جامعـــــة أبــي بكر بلقايد – تلمســــــــان –‬
‫كلية الحقوق والعلــــوم السياسية‪،‬السنة الجامعية ‪.9102-9102‬‬
‫• حميدة‪،‬مزماط سامية ‪،‬حقوق المستهلك في العقد االلكتروني ‪،‬مذكرة تخرج لنيل شهادة‬
‫الماستر فرع القانون الخاص التخصص القانون الخاص الشامل ‪،‬جامعة عبد الرحمن ميرة‬
‫‪-‬بجاية‪-‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬السنة الجامعية‪.9102 -9102،‬‬
‫•عيساوي سهيلة ‪ ،‬تنفيذ عقود التجا رة االلكترونية مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ‪،‬‬
‫تخصص القانون الخاص الشامل ‪ ،‬جامعة عبد الرحمن ميرة ‪ ،‬بجاية ‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬قسم القانون الخاص ‪.9102 ،‬‬
‫• شلغوم مريم‪ ،‬حماية المستهلك في مرحلة تنفيذ العقد االلكتروني‪ ،‬مذكرة مكملة لنيل شهادة‬
‫الما ستر في الحقوق تخصص‪:‬قانون االعمال ‪ ،‬جامعة العربي بن مهيدي أم البواقي ‪،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية قسم الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪.9102/9102‬‬
‫• احمد امين نان‪،‬حماية المستهلك االلكتروني‪،‬مذكرة مقدمة الستكمال متطلبات شهادة ماستر‬
‫أكاديمي الميدان‪ :‬الحقوق و العلوم السياسية الشعبة‪:‬الحقوق التخصص‪:‬قانون‬
‫الشركات‪،‬جامعـة قاصــدي مرباح‪ -‬ورقلــة‪-‬كلية الحقوق العلوم السياسية قسم الحقوق‪،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.9102-9102‬‬

‫‪88‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫• صونية شرقي‪،‬حماية المستهلك االلكتروني من الشروط التعسفية ‪،‬مذكرة مكملة لنيل شهادة‬
‫الماستر في الحقوق تخصص‪ –:‬قانون اعمال – ‪،‬جامعة العربي بن مهيدي‪،‬ام البواقي‪،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪،‬السنة الجامعية ‪.9102-9102‬‬
‫• خالد معاشو‪،‬دور القاضي في حماية المستهلك من الشروط التعسفية‪،‬مذكرة تخرج لنيل‬
‫شهادة الماجستير تخصص قانون االعمال ‪،‬جــامعة ‪ 2‬مــاي ‪ 22‬قـاملـة ‪،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪،‬السنة الجامعية ‪.9102-9102‬‬
‫• بوشارب إيمان‪ ،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية في عقود االستهالك‪ ،‬مذكرة لنيل‬
‫شهادة الماجيستر ‪،‬تخصص قانون العقود المدنية‪،‬جامعة العربي بن مهيدي –ام البواقي–‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪.9109-9100‬‬
‫•عواد خولة‪ ،‬حماية المتعاقد من الشروط التعسفية‪ ،‬مذكرة نهاية الدراسة لنيل شهادة الماستر‬
‫في الحقوق‪ ،‬تخصص القانون المعمق‪ ،‬جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬قسم القانون الخاص‪ ،‬السنة الجامعية‪.9102-9102 :‬‬
‫•خالد طيهار‪ ،‬حماية المستهلك االلكتروني‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر أكاديمي‪،‬‬
‫جامعة محمد بوضياف ‪ -‬المسيلة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪-9102‬‬
‫‪.9102‬‬
‫• عيساوي سهيلة ‪ ،‬تنفيذ عقود التجارة االلكترونية مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ‪،‬‬
‫تخصص القانون الخاص الشامل ‪ ،‬جامعة عبد الرحمن ميرة ‪ ،‬بجاية ‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬قسم القانون الخاص ‪.،9102 ،‬‬
‫رابعا‪ :‬رسائل جامعية‬
‫• نور الدين العلمي‪ ،‬حماية المستهلك في العقود االلكترونية‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الماستر في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‬
‫طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪. 9102-9102:‬‬
‫• فؤاد بوسالمة‪ ،‬الحماية المدنية للمستهلك المتعاقد بوسائل الكترونية–االنترنت نموذجا–‬
‫رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون االعمال‪ ،‬جامعة القاضي عياض ‪،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية مراكش‪،‬السنة الجامعية ‪. 9101-9112‬‬
‫• الناصري يوسف‪،‬الحماية المدنية للمستهلك في مرحلتي ابرام وتنفيذ العقد االلكتروني‬
‫‪،‬بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪،‬جامعة عبد المالك السعدي‪،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة‪،‬السنة الجامعية ‪.9102 /9102‬‬
‫•هاجر هروس‪ ،‬اشكالية المستهلك في القانون ‪ -20.12‬القروض العقارية نمودجا‪ ،-‬بحث‬
‫لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص وحدة القانون المدني واالعمال‪ ،‬جامعة عبد المالك‬

‫‪89‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫السعدي كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪-9100‬‬
‫‪.9109‬‬
‫•عبد هللا أحمد السبيطي‪،‬ضمانات حماية التعاقد االلكتروني في القانون القطري‪،‬رسالة‬
‫الستكمال متطلبات الحصول على درجة الماجيستر في القانون الخاص‪،‬جامعة قطر‪،‬كلية‬
‫القانون‪،‬السنة الجامعية ‪.9190‬‬
‫• سامي مومو ‪،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية في العقود النموذجية بين التشريع‬
‫والواقع‪،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‪،‬جامعة محمد االول‪،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية ‪-‬وجدة‪،-‬السنة الجامعية ‪.9102-9102‬‬
‫• عبد الرحمان الشرقاوي‪،‬دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي‪،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني‪،‬شعبة القانون الخاص‪،‬جامعة محمد الخامس‬
‫‪،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية اكدال‪-‬الرباط‪،‬السنة الجامعية ‪-9110‬‬
‫‪.9119‬‬
‫• حسن الحافظي‪ :‬الحماية القانونية للمعطيات ذات طابع الشخصي بين التشريع الوطني‬
‫واالتفاقيات الدولية‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الماستر‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالجتماعية واالقتصادية‬
‫مكناس ‪،‬السنة الجامعية ‪. 9102-9102‬‬
‫خامسا‪ :‬المقاالت‬
‫• بدر منشيف‪،‬حماية المستهلك في العقد االلكتروني‪،‬مقال منشور بالمجلة العربية للدراسات‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬مؤلف جماعي حول حماية المستهلك الطبعة االولى‬
‫‪.9191‬‬
‫•قارس بوبكر‪،‬االلتزام المسبق باالعالم كآلية لحماية المستهلك في العقود المبرمة عن‬
‫بعد‪،‬مقال منشور بمجلة الحقوق والعلوم االنسانية‪،‬المجلد العاشر العدد الرابع‪.‬‬
‫•نابي مريم‪/‬جامعة مولود معمري‪-‬تيزي وزو‪-‬عضو بمختبر حماية المستهلك‪،‬دور االلتزام‬
‫االعالم قبل التعاقدي في حماية المستهلك‪،‬مقال منشور بمجلة االستاذ الباحث للدراسات‬
‫القانونية والسياسية‪. 9102،‬‬
‫• نزهة الخلدي‪ ،‬االلتزام باإلعالم ودوره في تنوير إرادة المستهلك‪ ،‬مقال منشورفي مؤلف‬
‫حماية المستهلك‪،‬دراسات وأبحاث في ضوء مستجدات القانون رقم‪، 12.20‬القاضي بتحديد‬
‫تدابير لحماية المستهلك‪،‬من جمع وتنسيق زكرياء العماري‪ ،‬سلسلة دراسات وأبحاث‪ ،‬مجلة‬
‫القضاء المدني‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة –الرباط‪.‬‬
‫• محمد المسلومي‪،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية أثناء التعاقد ‪،‬مقال منشور بمجلة‬
‫الحكم المغربية‪،‬العدد ‪011‬‬

‫‪90‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫• زوليخة بن طاية‪،‬حورية لشهب‪،‬الحماية القانونية للمستهلك الرقمي من الشروط‬


‫التعسفية‪،‬مجلة الباحث للدراسات االكاديمية ‪،‬المجلد ‪ ،12‬العدد‪،10‬السنة ‪.9190‬‬
‫• زكرياء خليل ‪،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية‪،‬مقال منشور بالمجلة المغربية‬
‫للدراسات القانونية والقضائية‪،‬عدد ‪،09- 00‬الطبعة االولى ‪.9102‬‬
‫• ابو بكر مهم‪،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية على ضوء القانون ‪،12.20‬مقال‬
‫منشور بمجلة القضاء والقانون‪.‬‬
‫• ذ‪.‬عمر النجوم ‪،‬وذ‪.‬عبد الرحمان حموش‪،‬حماية المستهلك ضمن عقد االستهالك المبرم في‬
‫شكل إلكتروني‪،‬مقال منشور بمجلة القانون واالعمال‪،‬حماية المستهلك‪،‬العدد الحادي‬
‫عشر‪،‬نونبر‪. 9102‬‬
‫•بدر الدين الداودي‪ ،‬حماية الخصوصية االلكترونية للمستهلك في التشريع المغربي‪ ،‬مقال‬
‫منشور بالمجلة االلكترونية اللبحاث القانونية ‪ ،9102‬العدد‪. 2‬‬
‫• د‪.‬هشام زريوح‪ ،‬الحماية المدنية للمعطيات ذات الطابع الشخصي‪ ،‬مقال منشور بالمجلة‬
‫المغاربية للترصد القانوني والقضائي‪-‬العدد االول‪.9191-‬‬
‫• د‪.‬صالحة لعمري‪ ،‬حق المستهلك في العدول عن التعاقدفي عقود التجارة االلكترونية‪،‬‬
‫مقال منشور بمجلة االجتهاد القضائي‪ :‬المجلد ‪-02‬عدد خاص(العدد التسلسلي) جانفي‬
‫‪.9190‬‬
‫• عباسي بوعبيد‪ ،‬مفهوم المستهلك على ضوء العمل التمهيدي لمشروع قانون حماية‬
‫المستهلك‪،‬مجلة االشعاع العدد ‪.0222- 91‬‬
‫• ادريس الفاخوري‪،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية‪،‬مقال منشور بالمجلة المغربية‬
‫لالقتصاد والقانون ‪،‬العدد الثالث يونيو ‪.9110‬‬
‫• عبدلي حبيبة‪،‬عبدلي وفاء‪،‬حق المستهلك االلكتروني في الرجوع عن التعاقد بين قصور‬
‫النص القانوني وواقغ الممارسة العملية في التشريع الجزائري‪ ،‬مقال منشور بمجلة االستاذ‬
‫الباحث للدراسات القانونية والسياسية‪-‬المجلد ‪-12‬العدد ‪ 19‬السنة الجامعية ‪. 9191‬‬
‫سادسا‪ :‬الظهائر‬
‫•ظهير شريف رقم ‪ 0.00.12‬صادر في ‪ 00‬من ربيع االول ‪ 02( 0221‬فبراير‬
‫‪ ،)9100‬بتنفيذ القانون رقم‪ 20.12‬القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك‪.‬‬
‫• الظهير الشريف رقم ‪ 0.12.092‬بتاريخ ‪ 21‬نوفمبر ‪، 9112‬بتفيذ القانون القانون رقم‬
‫‪ 22.12‬المتعلق بالتبادل االلكتروني للمعطيات القانونية‪،‬منشور في الجريدة الرسمية رقم‬
‫‪ 2222‬الصادرة يوم الخميس ‪ 2‬دجنبر ‪.9112‬‬

‫‪91‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫•ظهير شريف رقم ‪ .0.12.02‬صادر في ‪ 99‬من صفر ‪ 02 ( 0221‬فبراير‬


‫‪)،9112‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 12-12‬المتعلق بحماية االشخاص الذاتيين تجاه معالجة‬
‫المعطيات ذات الطابع الشخصي منشور بالجريدة الرسمية تحت عدد ‪ 2200‬بتاريخ‬
‫( ‪ 0221‬صفر ‪) 92‬الموافق ل ‪ 92‬فبراير ‪.9112‬‬
‫•ظهير شريف رقم ‪ ،0.12.922‬الصادر في ‪ 92‬ذي القعدة ‪ 0292‬الموافق ل ‪ 2‬يناير‬
‫‪ 9112‬بتنفيذ القانون ‪ 22-12‬المتعلق باالتصال السمعي البصري‪ ،‬المنشور في الجريدة‬
‫الرسمية رقم ‪ 2922‬بتاريخ ‪ 92‬دو الحجة ‪ 0292‬الموافق ل ‪ 2‬فبراير ‪.9112‬‬
‫• الظهير الشريف رقم ‪ 0.22.010‬بتاريخ ‪ 2‬اكتوبر ‪ ،0222‬بتنفيذ القانون رقم ‪22-02‬‬
‫المتعلق بالزجر عن الغش في البضائع‪،‬منشور بالجريدة الرسمية تحت عدد ‪ 2222‬بتاريخ‬
‫‪ 91‬مارس ‪.0222‬‬
‫•قانون االلتزامات والعقود ظهير ‪ 2‬رمضان ‪ 09( 0220‬اغسطس ‪.)0202‬‬

‫‪92‬‬
‫حماية المستهلك المتعاقد إلكترونيا في التشريع المغربي‬

‫الفهرس‬
‫مقدمة ‪0 .......................... ................................ ................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬حماية المستهلك اإللكتروني في مرحلة ما قبل التعاقد ‪7 ......................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اإللتزام بإعالم المستهلك اإللكتروني ‪3 ........ ................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مضمون اإللتزام باإلعالم ‪9 ..................... ................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬جزاء إخالل المورد بإلتزامه باإلعالم ‪01 ......................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حماية المستهلك في مواجهة اإلعالنات اإللكترونية ‪11 .....................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم اإلعالن اإللكتروني وطبيعته القانونية ‪11 .............................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬وسائل حماية المستهلك في مواجهة اإلعالنات اإللكترونية ‪13 ..............‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬حماية المستهلك خالل مرحلتي إبرام وتنفيذ العقد اإللكتروني ‪81 ...........‬‬

‫المطلب األول‪ :‬حماية المستهلك أثناء إبرام العقد اإللكتروني ‪81 .............................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية ‪87 ....................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬حق المستهلك في حماية معطياته الشخصية ‪10 ...............................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حماية المستهلك في مرحلة تنفيذ العقد اإللكتروني ‪11 ......................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬حقوق المستهلك في النظرية العامة للعقد ‪11 .................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حقوق المستهلك المستحدثة في مرحلة تنفيذ العقد ‪71 .......................‬‬

‫الخاتمة ‪38 ....................... ................................ ................................‬‬

‫الئحة المراجع ‪31 ............... ................................ ................................‬‬

‫الفهرس ‪98 ...................... ................................ ................................‬‬

‫‪93‬‬

You might also like