Professional Documents
Culture Documents
المحاضرة الرابعة:
تمهيد:
بعد قترة من الركود في الفكر االقتصادي األوروبي في العصور الوسطى أو ما يعرف بعصور
الظالم في أوروبا ،شيد الفكر االقتصادي تطو ار كبي ار نتيجة لمجموعة من الظروف التي أسيمت بشكل
جدي في تطور الفكر االقتصادي وفي قيام عمم اقتصادي قائم بذاتو في ما بعد ،وقد كان لممدارس الفكرية
األثر الكبير في ذلك من بين ىذه المدارس المدرسة التجارية (الماركنتيمية) والمدرسة الطبيعية(
الفيزوقراطية) التي سوف نتناول أىم أفكارىا في ما يمي:
" يطمق مصطمح التجاريون عمى جميع الكتاب الذين ساىموا في وضع السياسة االقتصادية التي سادت
في عصر الرأسمالية التجارية في بمدان أوروبا الغربية من بداية القرن السادس عشر إلى نياية الربع
الثالث من القرن الثامن عشر أي من 0011إلى غاية 0770عمما أن ىذه التواريخ تختمف من بمد إلى
أخر فقد حل عصر الرأسمالية التجارية في أعقاب النظام االقطاعي وظل حتى عصر الرأسمالية
الصناعية ،إن مذىب التجاريين جعل الثروة متمثمة بالمعادن النفيسة (الذىب والفضة) ،وجعل ىدف
السياسة القومية ىو أن تدير الدولة عالقاتيا مع العالم الخارجي بحيث تجذب اكبر نصيب ممكن من
المعادن النفيسة ".ومن أبرز رواد ىذه المدرسة :توماس مان ،جان كولبير ،وليم بيتي
اجتمعت مجموعة من األسباب االقتصادية والسياسة والعممية التي أسيمت في ظيور الفكر التجاري
وبمكن أن نمخصيا في مايمي:
د/جباري فوزية محاضرات مدخل لعلم االقتصاد
شيد القرن السادس عشر العديد من الحركات السياسية التي أدت إلى انييار النظام االقطاعي
وظيور دولة القومية ،وبالتالي تخمص الفكر السياسي واالقتصادي في ذلك الوقت من الحقوق اإلليية
التي كان يدعييا األمراء والمموك.
شيدت فترة القرون الثالثة بداية من القرن السادس عشر وحتى القرن الثامن عشر حركة عممية كبيرة،
حيث اتسمت الحياة في ذلك الوقت بتشكل الحياة الواقعية والفكرية ،ومن أىم األفكار التي ساعدت
عمى ظيور الفكر التجاري ظيور فكرة التصنيع فتطور النقل وزادت أىمية التجارة الخارجية مع
الكشوفات الجغرافية الجديد مثل اكتشاف أمريكا وكذا الطريق البحري إلى اليند.
تركز فمسفة المرسة التجارية عمى مجموعة من المبادئ نذكر أىميا في مايمي:
قوة الدولة االقتصادية وثرائيا يعتمد عمى مقدار ما تممكو من نقود معدنية (معادن نفيسة)
ساد لدى التجاريون اعتقاد أن البحث االقتصادي يجب أن يستيدف إثراء الدولة وذلك عن طريق
زيادة المعادن النفيسة فيي حسبيم مصدر الثروة ومخزن القيمة.
زيادة السكان تؤدي بالضرورة إلى لزيادة قوة الدولة االقتصادية نتيجة لزيادة اليد العاممة وبالتالي
انخفاض تكاليفيا في مجاالت الصناعة والزراعة ،والتي ىي نشاطات مكممة لمتجارة ،وبالتالي
يساعد ىذا في نمو التجارة وزيادة اكتساب الثروة .
د/جباري فوزية محاضرات مدخل لعلم االقتصاد
التجارين خاصة التجارة الخارجية ىي النشاط الرئيسي المساىم في تكوين وتراكم رأس المال وزيادة
الثروة ،كما أن الصناعة أىم من الزراعة ألنيا أكثر فائدة في تكوين رأس المال.
الثروة حسب التجاريين حجميا ثابت وبالتالي ثراء الدولة ما يكون عمى حساب دولة أخرى.
يجب عمى الدولة التدخل في النشاط التجاري من أجل تنظيميو فقط.
من بين أىم ما يميز الفكر التجاري أنيم استطاعوا تخميص االقتصاد من فكر الكنيسة ولو كانت
اسياماتيم ال ترقى إلى تأسيس عمم اقتصاد قائم بذاتو ،إال أنيم ساىموا في نشوء الدولة القومية وتوفير
رأس المال النقدي ،كما كان ليم الفضل في تطوير الصناعة والتجارة إال أنيم قد جانبوا الصواب في كثي ار
من أفكارىم حيث أنيم باىتماميم بالصناعة والتجارة قد أضروا بالزراعة ،رغبتيم أيضا في الحصول عمى
المعادن الثمينة أدت إلى ظيور المستعمرات والحروب وىو ما أثر عمى االنسانية عموما.
ت -من الناحية االقتصادية :فقد ساءت أحوال المزارعين بسبب انخفاض دخميم عمى إثر تطبيق
سياسة التجاريين التي كان مقتضاىا جعل أثمان المنتجات منخفضة لتشجيع الصناعة ،وبذلك
ساد الشعور بضرورة اصالح ذلك ،ومن ناحية أخرى كانت القيود كثيرة التي فرضت عمى النشاط
االقتصادي تحت تأثير التجاريين عائق خطير لنمو االنتاج والتصدير الزراعي.
يعتبر الطبيعيون أن الطبيعة ىي المصدر الوحيد لمثروة االقتصادية وقد ترتب عمى ذلك النشاط
االقتصادي األخر مثل الصناعة والتجارة والخدمات نشاطات غير منتجة ،وىذا يعتبر تحوال ميم عن
الفكر التجاري .كما أن أحوال المزارعين كانت سيئة وذلك بسبب انخفاض دخوليم من جراء تطبيق
سياسات التجاريين والتي كان من مقتضياتيا جعل أثمان المنتجات الزراعية منخفضة من أجل دعم
الصناعة ليذا ساد شعور بضرورة اصالح تممك األوضاع ألن القيود التي فرضيا النشاط االقتصادي
كانت كثيرة وأصبحت عائقا أمام نمو االنتاج .
إذا يؤمن الطبيعيون بوجود قوانين طبيعية تتولى األمور كميا بما فييا الحياة االقتصادية عن طريق
مبدأين:
المنفعة الشخصية وىي حافز لمنشاط االقتصادي والقوة التي توجييم لمباشرة ىذا النشاط .والمنافسة أي أن
كل فرد يسعى لتحقيق منافعو الشخصية ولكن حتى يفعل ذلك يدخل في تنافس مع بقية أفراد المجتمع
وتميزت ىذه القوانين بخصائص أربعة ىي:
كما اىتمت المدرسة الطبيعية بتحديد مفيوم الثروة وتوزيعيا عن طريق الدورة االقتصادية وحصرىا في
االنتاج الزراعي حيث عرف الطبيعيون االنتاج بأنو كل عمل يخمق ناتجا صافيا جديدا حيث استنتجوا
من ذلك أن الزراعة ىي وحدى ا النشاط االقتصادي الذي يعتبر نشاطا منتجا ،ويعتبر فرانسوا كيناي أن
د/جباري فوزية محاضرات مدخل لعلم االقتصاد
تدال المنتجات في الجسد االقتصادي كتناول الدم في الجسد االنساني كما ينادي الطبيعيون بفرض
الضريبة عمى النشاط الزراعي فقط باعتباره النشاط المنتج والوحيد .أما بخصوص تدخل الدولة فيعتقد
الطبيعيون أن ىذا التدخل يجب أن يقتصر عمى اكتشاف القوانين الطبيعية وسن القوانين والتشريعات
وحماية الممكية الفردية
رغم أن الطبيعيين قد قدموا اسيامات واضحة في الفكر االقتصادي مثل فكرة الحرية االقتصادية والدورة
االقتصادية ،كما اعتبروا أن االنتاج ىو الثروة الحقيقة وليس النقود كما كان ليم الفضل في نشوء عمم
االقتصاد السياسي ،ورغم ذلك إال أن الطبيعيون قد جعموا النشاط الزراعي ىو النشاط الوحيد وىو أمر
غير من منطقي فكل من النشاط الصناعي والتجاري يمعب أيضا دو ار ىاما في تحقيق الثروة وتوسيع
االنتاج ،باإلضافة إلى ذلك فإن فكرة القوانين الطبيعية وثابتيا وأزليتو ىي فكرة غير صحيحة تماما.