Professional Documents
Culture Documents
أصبحت تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت ضرورة ملحة في عصرنا الحالي بحكم أن التقنية والمعلومة
على حد سواء أصبحتا القوة الدافعة والمورد االستراتيجي واالستثماري في المجتمعات الحالية ،إال أن الكثير
من الباحثين في المجتمعات النامية يتعثرون في تحديد مفهومي تكنولوجيا االتصاالت وتكنولوجيا
المعلومات ،وكذلك المفاهيم ذات الصلة ناهيك عن الضبابية التي تحيط بدالالتها وتطبيقاتها وآليات تنفيذها.
-1التكنولوجيا:
-يشير مصطلح التكنولوجيا بصفة عامة إلى " الوسائل واألجهزة التي يستخدمها اإلنسان في
توجيه شؤون الحياة أو أنها مجمل األدوات والوسائل الفنية التي تشتمل على كل موضوعات
الثقافة المادية
-2االتصال:
-االتصال هو اآللية التي تم ّكن من قيام العالقات االجتماعية وتطويريها ،ويتكون من كافة الرموز الروحية
ووسائل نقلها عبر المكان وحفظها عبر الزمان ،وهذا يشمل تعابير الوجه واإليماءات واألصوات والكلمات
والكتابات والصحف والتلغراف والهاتف ،وغيره من الوسائل والمنجزات التي لها أن تسيطر على الزمان
والمكان.
-اﻻﺗﺼﺎل هو العملية الﺗي يﺗم بمقﺗضﺎهﺎ ﺗبﺎدل األفكﺎر والمعلومﺎت بين طرفين أو أكثر أحدهمﺎ مرسل
واآلخر مسﺗقبل ،وﺗﺗم هذه العملية بطريقة مبﺎشرة أو عبر وسﺎئط معينة ،بهدف اإلقنﺎع أو الﺗأثير مع وجود
رد فعل ممﺎ يضفي سمة الﺗفﺎعلية عليهﺎ.
-3تكنولوجيا االتصال واإلعالم:
-ﺗكنولوجيﺎ اﻻﺗصﺎل هي مجموع الﺗقنيﺎت أو النظم الﺗي يﺗم بموجبهﺎ جمع المعطيﺎت والبيﺎنﺎت،
فمعﺎلجة هذه األخيرة ،ثم ﺗخزينهﺎ واسﺗرجﺎعهﺎ في الوقت المنﺎسب ،ثم نشر هذه المواد أو المضﺎمين
اإلعالمية.
و لتكنولوجيا االتصال واإلعالم جانبان األول فكري معرفي :يتمثل في علم االتصال وما يتصل به من
دراسة وسائل االتصال ومجاالتها ومستوياتها ودراسة عملية االتصال واألنشطة االتصالية ،كاإلعالم
والدعاية والعالقات العامة وكذا وسائل االتصال المختلفة.
الثاني :مادي او تقني :يتمثل اساسا في التطبيق العملي لالكتشافات واالختراعات والتجارب في مجال
المعلومات ونقلها كالتصوير الفوتوغرافي والطباعة وأساليب معالجة النصوص والصور.
.4مفهوم انفجار المعلومات :ورد في قاموس اكسفورد االنكليزي االلكتروني :إلى أن استخدام عبارة
انفجار المعلومات يعود الى عام .1964قبل أن ينتشر استخدامه في وسائل االعالم .ويشير القاموس إلى أن
مفهوم انفجار المعلومات يعني " الزيادة السريعة في كمية المعلومات المنشورة واآلثار المترتبة على
وفرتها ،من تحميل زائد وتشبع وسوء إدارة لها ،مما يجعل الفرد غير قادر على تحصيل المعلومات الكافية
التي يريده ا" حيث انتهى عصر االنسان الموسوعي ولم يعد لشخص واحد القدرة على االلمام بكل جوانب
المعرفة البشرية ،حيث كثرت التخصصات الدقيقة وتسارع الطور المعرفي.
ومن أهم مظاهر انفجار المعلومات :النمو الهائل في حجم اإلنتاج الفكري ،تشتت اإلنتاج الفكري،
تنوع مصادر المعلومات وكذا المتعاملين معها.
-5البيانات ( :)Dataهي عبارة عن مفاهيم لغوية أو رياضية أو رمزية خالية من المعنى الظاهري متفق
عليها لتمثيل األشخاص أو األشياء أو األحداث فمفاهيم مثل كرسي أو سيارة أو صندوق وأحمر ،رقم ،2
هي بيانات ال معنى ظاهري لها وهي بحاجة لمعالجة ( )processingلتتحول إلى معلومات ،وهذه
المعالجة تتم عن طريق الجمع ،التصنيف ،الترتيب ،الترميز ..وغرض المعالجة هو تحويل المفاهيم الخالية
من المعنى الظاهري إلى مفاهيم ذات معنى تساعد في عملية صنع القرار وحل المشاكل وتسمى معلومات.
-6 -المعلومات على أنه ما يمثل الحقائق واآلراء المحسومة في صورة مقروءة أو مسموعة أو نتائج
عمليات التكوين والتنظيم أو تحويل البيانات بطريقة تؤدي إلى زيادة المستوى المعرفي للمستقبل
ا لمعلومات التي تنتج عن معالجة البيانات يمكن تعريفها بأنها بيانات معالجة لها قيمة ومعنى وتستخدم في
صناعة القرارات.
-7مجتمع المعلومات:
ويقصد بمجتمع المعلومات جميع األنشطة ،والتدابير ،والممارسات المرتبطة بالمعلومات ،إنتاجا ،نشرا،
تنظيما ،واستثمارا ،ويشمل إنتاج المعلومات ،أنشطة البحث والجهود اإلبداعية والتأليف الموجه لخدمة
األهداف التعليمية والتثقيفية
.8المجتمع االفتراضي :ويرجع المفهوم إلى هاوارد رينجولد Rhngold 1993الذي كتب الكتاب األول
والذي عرف المجتمع والرائد في هذا السياق بعنوان المجتمع االفتراضي virtual community
االفتراضي على أنه "تجمعات اجتماعية تشكلت من أماكن متفرقة في أنحاء العالم يتقاربون
ويتواصلون فيما بينهم عبر شاشات الكمبيوتر والبريد اإللكتروني يتبادلون المعارف فيما بينهم ويكونون
صداقات يجمع بين هؤالء األفراد اهتمام مشترك ويحدث بينهم ما يحدث في عالم الواقع من تفاعالت ولكن
ليس عن قرب ،وتتم هذه التفاعالت عن طريق آلية اتصالية هي اإلنترنت الذي بدوره ساهم في حركات
التشكل االفتراضية" المجتمع االفتراضي هو "نظام اجتماعي تكنولوجي" وما يدعى أيضا بالمجتمعات
الشبكية والتي انتشرت بانتشار تكنولوجيا الويب.
.9الهوية االفتراضية :حسب موسوعة الويب Webopediaتعرف الهوية االفتراضية identity
Virtualبأنها الشخصية التي يتم إنشاؤها من طرف المستخدم اإلنسان الذي يعمل كصلة وصل بين
الشخص الطبيعي والشخص الظاهري للمستخدمين ،وحسب هذا التعريف فإن الهوية االفتراضية هي
السمات والمواصفات التي يقدمها الفرد الطبيعي لآلخرين عبر االنترنت ،فتكون عملية االتصال تتم بين
ثالثة أطراف وليس طرفين وهي :الشخص العادي والهوية االفتراضية واألشخاص اآلخرين.
.10مفهوم الفجوة الرقمية :من الصعب العثور على تعريف واحد وشامل لمفهوم الفجوة الرقمية رغم
المحاوالت المبكرة الستقصاء المفهوم ،إذ بدأ أول استخدام للمفهوم في تقرير يعود إلى عام 1995بعنوان
(السقوط من الشبكة) صدر عن وزارة التجارة األمريكية يقول :الفجوة الرقمية هي الفجوة الفاصلة بين الدول
المتقدمة والدول النامية في النفاذ إلى مصادر المعلومات والمعرفة ،والقدرة على استخدامها واستغاللها،
ولهذه الفجوة أسباب علمية تكنولوجية وتنظيمية فضال ً عن توفر البنية التحتية
تتميز تكنولوجيا اإلعالم واالتصال الحديثة بتشابهها في عديد من السمات مع الوسائل التقليدية إال أن هناك
سمات مميزة للتكنولوجيا االتصالية الراهنة بأشكالها المختلفة مما يلقي بظالله ويفرض تأثيراته على الوسائل
الجديدة نذكر منها:
-1التفاعلية : Interactivityوهي القدرة على تبادل األدوار بين مرسل الرسالة االتصالية ومستقبلها
إذ يتحول من يتعامل مع وسائل االتصال الحديثة من مجرد متلقي سلبي إلى مشارك متفاعل يرسل ويستقبل
المعلومات في الوقت ذاته.
.2التنوع : Varietyمع تطور المستحدثات التقنية في مجال اإلعالم واالتصال وتعددها وارتفاع القدرة
على التخزين واإلتاحة للمحتوى االتصالي ،أدى ذلك إلى التنوع Varietyفي عناصر العملية االتصالية،
التي وفرت للمتلقي اختيارات أكبر لتوظيف عملية االتصال بما يتفق مع حاجاته ودوافعه لالتصال ،وتمثل
ذلك في اآلتي:
• * تنوع في أشكال االتصال المتاحة من خالل وسيلة رقمية واحدة هي الحاسب الشخصي P.C
• * تنوع المحتوى الذي يختاره على المواقع المختلفة المنتشرة على شبكة االنترنت ،سواء في وظائف هذا
المحتوى ،أو مجاالته.
-3االنتشار والتدويل : Proliferation & Golbalizationفقد أدى التطور التكنولوجي الهائل
في تصنيع وسائل االتصال والمعلومات إلى تقليل تكاليف إنتاجها إلى الحد الذي أتاح لها قدرا كبيرا من
االنتشار واتساع نطاق االستخدام بين األفراد رغم تفاوت مستوياتهم االقتصادية والثقافية ،بحيث لم يعد ينظر
إلى هذه الوسائل باعتبارها ترفا ال داعي له ،وإنما باعتبارها ضرورة ال يمكن االستغناء عنها ،كما أن الربط
بين وسائل االتصال الحديثة قد بات عالميا أو كونيا بهدف تخطي الحدود اإلقليمية ،إذ أصبح في اإلمكان
االتصال بأي مكان في العالم من الهاتف المحمول ،أومن الهاتف العمومي ،كما تعددت قنوات البث
التلفزيوني الفضائي.
-4الالجماهيرية : Demessificationفلم تعد وسائل االتصال تعتمد على مخاطبة الجماهير فحسب
في رسائل عامة ومنمطة ،بل أضحت من إمكانياتها توجيه رسائلها ومضامينها إلى فرد بعينه تستهدفه
برسائلها أو إلى جماع ة أو فئة معينة تبعا الهتماماتها وحاجاتها الخاصة ،فخرجت بذلك من نطاق العمومية
إلى خصوصية الرسالة تبعا لحاجة مستقبلها.
-5الفورية :immediacyألغت تكنولوجيا اإلعالم واالتصال الحواجز الزمانية كما ألغت الحواجز
المكانية ،إذ يتم االتصال بشكل فوري بغض النظر عن مكان المرسل أو المستقبل ،بحيث ال تلحظ عند
اتصالك بحاسب في الصين أنك استغرقت وقتا أطول مما لو كان االتصال بحاسب في مدينتك وكذلك الحال
مع الهاتف النقال .
-6التوجه نحو التصغير :miniaturizationتتجه الوسائل الجماهيرية في ظل هذه الثورة إلى وسائل
صغيرة يمكنها نقلها من مكان إلى آخر ،وبالشكل الذي يتالءم وظروف مستهلك هذا العصر الذي يتميز
بكثرة التنقل والتحرك ،عكس مستهلك العقود الماضية التي اتسمت بالسكون والثبات ومن األمثلة عن هذه
الوسائل الجديدة ،تليفزيون الجيب ،والهاتف النقال والحاسب النقال المزود بطابعة إلكترونية .وتتميز كذلك
بالتناغم بين التصغير وقوة وسرعة معالجة المعلومات الذي يتطور بسرعة ال متناهية.
-7االحتكارية :Monopolisticإن صناعة هذه التكنولوجيا تتسم بالتركيز الشديد حاليا في عدد محدود
من الدول الصناعية الكبرى ،وضمن الشركات العالمية متعددة الجنسيات ،ويؤدي هذا التركيز إلى السيطرة
المطلقة لهذه الشركات االحتكارية ،ليس فقط على عملية نقل وتسويق هذه التكنولوجيا في الدول األقل تقدما
ولكن أيضا في التأثير على طريقة إدارتها واستخدامها بل وصيانتها في أحيان كثيرة في هذه الدول ،مما
يعزز من إحكام قبضة المجتمعات المصنعة لهذه التكنولوجيا على الدول المستوردة لها وترسيخ تبعية ثانية
لألولى في المجال الثقافي
-8الالتزامنية :No synchronisationوتعني إمكانية إرسال الرسائل واستالمها في وقت مناسب
للفرد المستخدم ،وال تتطلب من المشاركين كلهما أن يستخدما النظام في الوقت نفسه مثال :في نظم البريد
االلكتروني ترسل الرسالة مباشرة إلى مستقبلها في أي وقت دون حاجة لوجود المستقبل للرسالة.
-9قابلية التحريك والتحويل والتوصيل :هنﺎك وسﺎئل اﺗصﺎل عديدة يمكن اسﺗخدامهﺎ واﻻسﺗفﺎدة منهﺎ في
أي مكﺎن دون الحﺎجة إلى الﺗواجد في مكﺎن ثﺎبت وﻻ على معدات كثيرة من أجل اﻻﺗصﺎل أو الﺗشغيل مثل
الهﺎﺗف النقﺎل ،الﺗلفزيون المدمج مع سﺎعة اليد ...كمﺎ أصبحت لكثير من وسﺎئل اﻻﺗصﺎل الحديثة ذات
الﺗكنولوجيﺎت العﺎلية وﺗحويلهﺎ من صورة ألخرى كﺗحويل الرسﺎلة المسموعة إلى رسﺎلة مكﺗوبة والعكس،
وكذا نظﺎم الﺗرجمة اآللي .وقد زادت إمكﺎنية بعض وسﺎئل اﻻﺗصﺎل الحديثة وقدرﺗهﺎ على ﺗوصيل األجهزة
اﻻﺗصﺎلية مع بعضهﺎ البعض لﺗشكيل منظومة اﺗصﺎلية مﺗكﺎملة بغض النظر عن اخﺗالف الشركﺎت الصﺎنعة
وﺗبﺎين دول الﺗصنيع.
-1مفاهيم عامة:
لقد اخﺗلط مصطلح المعلومﺎت بمفﺎهيم وكلمﺎت أخرى كﺎلبيﺎنﺎت والمعرفة ،وهذا ﻻ يعني عدم
وجود عالقة بين هذه المصطلحﺎت ،إنمﺎ ﺗوجد عالقة وعالقة وثيقة وطيدة ،ألن هذه المصطلحﺎت
كالً منهﺎ يكمل اآلخر فﺎلبيﺎنﺎت ﺗنﺗج لنﺎ المعلومﺎت ،والمعلومﺎت ﺗنﺗج لنﺎ المعرفة.
-1-3المعرفة:
ﺗﺗكون
ّ هي أسﺎس مجموعة المعﺎني والمعﺗقدات واألحكﺎم والمفﺎهيم والﺗصورات الفكرية الﺗي -
لدى اإلنسﺎن نﺗيجة لمحﺎوﻻت مﺗكررة لفهم الظواهر واألشيﺎء المحيطة به ﺗمثل حصيلة أو رصيد
خبرة ومعلومﺎت ودراسة طويلة يملكهﺎ شخص مﺎ في وقت معيّن.
-المعرفة هي حصيلة مفردات المعلومﺎت الﺗي ﺗجمعت وﺗكﺎملت فيمﺎ بينهﺎ لﺗشكل بنية مﺗمﺎسكة
منظمة ،ومن هذا نسﺗنﺗج أنه بعد جمع البيﺎنﺎت نصل إلى المعلومﺎت ،وبعد جمع المعلومﺎت نرﺗقي
إلى المعرفة.
-1-4الفرق بين المعلومات والمعرفة:
يرى أكسفورد أن المعرفة هي عملية ﺗمثيل للحقﺎئق ،فﺎلمعرفة أمر شخصي بﺎلنسبة لإلنسﺎن فهي
ﺗﺗجسد في شخصيﺗه يسﺗعملهﺎ فهي مسألة شخصية خصوصية ،أمﺎ المعلومﺎت فهي على العكس من
ذلك عﺎمة ويمكن الحصول عليهﺎ.
المعلومة أكثر أسﺎسية من المعرفة لكنهﺎ ليست أكثر منهﺎ أهمية ،أي بال معلومة يسﺗحيل ﺗصور
معرفة ،لكن العكس ،بال معرفة يمكن ﺗصور معلومة.
المعرفة = المعلومة +المحاكمة العقلية.
-1مجتمع المعلومات:
-1-5تعريف مجتمع المعلومات:
مصطلح جديد ظهر في النصف الثﺎني من القرن العشرين وواقع بدأت كثير من الدول ﺗعيشه وأمل
ﺗسعى إليه كثير من الدول لالنﺗفﺎع به ولﺗﺗحول له ،ومفهوم مجﺗمع المعلومﺎت ﻻ يزال غير واضح
المعﺎلم بشكل ﺗﺎم ،لذا فهنﺎك العديد من الﺗعريفﺎت لمجﺗمع المعلومﺎت نذكر منهﺎ:
" هو ذلك المجﺗمع الذي اعﺗمد أسﺎسﺎ على المعلومﺎت وﺗقنيﺎت المعلومﺎت والﺗكنولوجيﺎ الحديثة،
وأصبحت المعلومﺎت فيه ﻻزمة لكل فرد وﺗعﺎظم دورهﺎ في كﺎفة المجﺎﻻت اﻻقﺗصﺎدية والسيﺎسية
والعلمية واﻻجﺗمﺎعية".
وتعرفه ناريمان متولي " :أنه المجﺗمع الذي يعﺗمد في ﺗطوره بصفة رئيسية على المعلومﺎت
والحﺎسبﺎت اآللية وشبكﺎت اﻻﺗصﺎل أي أنه يعﺗمد على الﺗكنولوجيﺎ الفكرية ،ﺗلك الﺗي ﺗضم سلعﺎ
وخدمﺎت جديدة مع الﺗزايد المسﺗمر للقوى العﺎملة للمعلومﺎﺗية الﺗي ﺗقوم بإنجﺎز وﺗجهيز ومعﺎلجة
ونشر وﺗوزيع وﺗسويق هذه السلع والخدمﺎت.
-1-6خصائص مجتمع المعلومات :هنﺎك ثالث خصﺎئص رئيسية أسﺎسية ﺗﺗحكم في مجﺗمع المعلومﺎت:
الخاصية األولى :استعمال المعلومات كمورد اقتصادي :حيث ﺗعمل المؤسسﺎت والشركﺎت على
اسﺗغالل المعلومﺎت واﻻنﺗفﺎع بهﺎ في زيﺎدة كفﺎءﺗهﺎ وهنﺎك اﺗجﺎه مﺗزايد نحو شركﺎت المعلومﺎت
لﺗعمل على ﺗحسين اﻻقﺗصﺎد الكلي للدولة.
اﻻسﺗعمﺎل العقالني للمعلومﺎت يسمح للمؤسسﺎت بﺗحسين السلع والخدمﺎت وهي بذلك ﺗرفع من
مسﺗوى النجﺎعة للحفﺎظ على مكﺎنﺗهﺎ في السوق.
الخاصية الثانية :االستعمال الواسع للمعلومات :المقصود بﺎﻻسﺗعمﺎل الواسع للمعلومﺎت هو اقبﺎل
الجمهور العريض على المعلومﺎت في اسﺗعمﺎﻻﺗه اليومية واﻻسﺗعﺎنة بهﺎ في حل مشﺎكله وﺗأدية
واجبﺎﺗه والمطﺎلبة بحقوقه.
االستخدام المتنامي للمعلومات بين الجمهور العام :يسﺗخدم النﺎس المعلومﺎت بشكل مكثف في
أنشطﺗهم كمسﺗهلكين وهم يسﺗخدمون المعلومﺎت أيضﺎ كمواطنين لممﺎرسة حقوقهم ومسؤوليﺎﺗهم،
فضال عن انشﺎء نظم المعلومﺎت الﺗي ﺗوسع من اﺗﺎحة الﺗعليم والثقﺎفة ألفراد المجﺗمع كﺎفة ،وبهذا فإن
عنصر المعلومﺎت ﻻ غنى غنه في الحيﺎة اليومية ألي فرد.
الخاصية الثالثة :االعتماد على الهياكل القاعدية التكنولوجية :ﺗعﺗبر ﺗكنولوجيﺎ المعلومﺎت العنصر
األسﺎسي في مجﺗمع المعلومﺎت وكﺎن شعﺎر Bill Gatesمدير شركة Microsoftهو " حﺎسوب
فوق كل مكﺗب وفي كل بيت" إلى أن الفوارق المﺎدية بين مخﺗلف شعوب العﺎلم ﺗحول دون انﺗشﺎر
هذه الﺗكنولوجيﺎت في مخﺗلف أنحﺎء العﺎلم ،رغم أنه يبﺎع في العﺎلم سنويﺎ حوالي 100مليون حﺎسب.
يمكن ﺗقسيم مجﺗمع المعلومﺎت إلى ثالثة قطﺎعﺎت رئيسية على النحو الﺗﺎلي:
ﺗﺗم هذه الصنﺎعة عن طريق المؤسسﺎت في القطﺎعين العﺎم والخﺎص الﺗي ﺗنﺗج الملكية الفكرية عن
طريق الكﺗّﺎب والملحنين والفنﺎنين والمصورين بمسﺎعدة المحررين والمخرجين ،وهؤﻻء يبيعون
عملهم للنﺎشرين واإلذاعﺎت والموزعين وشركﺎت اﻻنﺗﺎج الﺗي ﺗأخذ الملكية الفكرية الخﺎم وﺗج ّهزهﺎ
بطرق مخﺗلفة ثم ﺗوزعهﺎ وﺗبيعهﺎ لمسﺗهلكي المعلومﺎت.
وبﺎإلضﺎفة إلى عملية إبداع المعلومﺎت هنﺎك جزءا كبيرا من هذا القسم ﻻ يركز على أبدع المعلومﺎت
وإنمﺎ يهﺗم بجمع المعلومﺎت مثل جمع األعمﺎل المرجعية وقواعد البيﺎنﺎت والسالسل اإلحصﺎئية.
إن القسم الثﺎني من صنﺎعة المعلومﺎت هو المعني بﺎلﺗسليم ،أي انشﺎء وإدارة شركﺎت اﻻﺗصﺎل والبث
الﺗي يﺗم من خاللهﺎ ﺗوصيل المعلومﺎت ،وهي ﺗشمل شركﺎت اﻻﺗصﺎل بعيدة المدى ،والشركﺎت الﺗي
ﺗدير شبكﺎت الﺗلفزيون الكﺎبلي وشركﺎت البث بﺎألقمﺎر الصنﺎعية ومحطﺎت الراديو والﺗلفزيون،
وهنﺎك مجموعة أخرى من المؤسسﺎت الﺗي ﺗﺗولى اسﺗخدام هذه القنوات وغيرهﺎ لﺗوزيع المحﺗوى،
وهذا مثل بﺎئعي الكﺗب والمكﺗبﺎت وشركﺎت اإلذاعة.
القسم الثالث :صناعة ومعالجة المعلومات:
ﺗقوم هذه الصنﺎعة عن منﺗجي األجهزة ومنﺗجي البرمجيﺎت ،ويﺗولى منﺗجو األجهزة ﺗصميم وصنﺎعة
وﺗسويق الحواسيب وﺗجهيزات اﻻﺗصﺎﻻت بعيدة المدى واإللكﺗرونيﺎت وهم يﺗمركزون في الوﻻيﺎت
المﺗحدة وشرق آسيﺎ أمﺎ فئة منﺗجي البرمجيﺎت فهي ﺗقدم لنﺎ نظﺎم الﺗشغيل Unix. Dos. Windows
كمﺎ ﺗقدم لنﺎ نظم حزم الﺗطبيقﺎت مثل معﺎلجة الكلمﺎت وألعﺎب الحﺎسوب.
*المنظور التكنولوجي :لقد ارﺗبط نمو بعض المجﺎﻻت المهمة في قطﺎع المعلومﺎت بفضل أجهزة
الﺗخزين والﺗحليل والﺗوصيل الﺗكنولو جية للمعلومﺎت فظهور الحﺎسبﺎت اإللكﺗرونية الﺗي أدت أعمﺎلهﺎ
بسرعة وأهمهﺎ الحﺎسب الشخصي ثم انﺗشﺎر األنﺗرنت الﺗي أصبحت في مﺗنﺎول الجميع ،فﺎلﺗغيير
الﺗكنولوجي ﻻ يمكن انكﺎره في ﺗطور مجﺗمع المعلومﺎت ،وذلك من خالل حﺎجة هذا األخير إلى
ﺗكنولوجيﺎ حديثة للمعلومﺎت.
يرى الكاتب الياباني مسودا :أن الﺗطور الﺗكنولوجي هو القﺎئد األسﺎسي للﺗغيير اﻻجﺗمﺎعي ،ويرى
أن مجﺗمع المعلومﺎت مرﺗبط أسﺎسﺎ بﺗكنولوجيﺎ المعلومﺎت.
المنظور السوسيولوجي :يرى أن المجﺗمع يﺗغير بصفة أسﺎسية ﺗحت ﺗأثير اسﺗخدام
ﺗكنولوجيﺎ المعلومﺎت واﻻﺗصﺎﻻت حيث أشﺎر عﺎلم اﻻجﺗمﺎع بيل إلى نشأة نظﺎم اجﺗمﺎعي
وقسّمهﺎ إلى:
-القوى العﺎملة في المعلومﺎت في المجﺗمع مﺎ بعد الصنﺎعي.
-ﺗدفق المعلومﺎت.
-الحﺎسبﺎت وثورة المعلومﺎت.
مفهوم مجتمع المعرفة : 1-
ي) على أنّه" :ذلك المجتمع الذي يتَّخذ المعرفة هدفا ً رئيسيّاً ،تخطيطيّاً ،وتطبيقيّا ً،
عرفه (التركمان ّ
كما َّ
في شتّى مجاالت حياته ،ويُحسن استعمال المعرفة في تسيير أموره ،وفي اتّخاذ القرارات السليمة،
والرشيدة ،وهو ذلك المجتمع الذي ينتج المعلومة ،لمعرفة خلفيّات ،وأبعاد األمور بمختلف أنواعها،
ليس في بلده فقط ،بل في أرجاء العالَم كلّه".
توظيفها في تقديم منتجات وخدمات جديدة أو مطورة ،تسهم في مجاالت التنمية ،واالستفادة من ذلك 3.
في توليد الثروة وإيجاد الوظائف ،والمساهمة في تطوير حياة اإلنسان.
وعندما يضاف إلى هذه الدورة بعد التكنولوجيا ،تتزايد الدورة المعرفية لتصبح أربعة مراحل لتشكل « «
p4وهي Productionأي انتاج وتوليد المعرفة بالبحث والتطوير ،Publication ،أي نشر المعرفة،
( Productsأي توظيف وتحويل المعرفة للحصول على Proto typeأي تسجيل براءات االختراع،
منتوجات وخدمات جديدة تسهم في التقدم والتنمية .
وعندما يتحقق للمجتمع القدرة على إنتاج وتوليد المعرفة الجديدة ،ونشرها في أوعية النشر
العالمية والحصول على قدر وافر من براءات االختراع ،ينتقل هذا المجتمع أو ذاك إلى ما يسمى
مجتمع المعرفة وحينما يتعدى ذلك إلى تحقيق المرحلتين الثالثة والرابعة (التوظيف ،والتطبيق في
الحصول على منتوجات جديدة قابلة للتداول واإلسهام في التنمية والتقدم ،ينتقل المجتمع إلى ما يسمى
(مجتمع اقتصاد المعرفة ّ)
بنية تحتية تكنولوجية :مثل تقنيات تقاسم المعلومات والقوائم البريدية اإللكترونية والبوابات •
السيبرانية (القائمة على اإلنترنت) ،وصفحات الويكي وحجرات المحادثة وعقد المؤتمرات المرئية (فيديو
كونفرانس) واالجتماعات التخيلية االفتراضية ،وبيئات التطوير من خالل التعاون ،والتعلم عن بعد.
تتميز مجتمعات المعرفة أن المعرفة تشكل أهم المكونات التي يتضمنها أي عمل أو نشاط ،وخاصة فيما
يتصل باالقتصاد والمجتمع والثقافة ،وكافة األنشطة األخرى وقد تعدّدت سماته ،وخصائصه تبعا ً لتعدُّد آراء
كر لبعض هذه الخصائص :
الباحثين في هذا المجال ،وفيما يأتي ذ ٌ
.1توافر مستوى عال من التعليم ،ونمو متزايد في قوة العمل التي تملك المعرفة وتستطيع التعامل
معها .
.2القدرة على اإلنتاج باستخدام الذكاء الصناعي وتحول مؤسسات المجتمع الخاصة والحكومية
ومنظمات المجتمع المدني إلى هيئات ومنظمات ذكية مع االحتفاظ بأشكال المعرفة المختلفة في بنوك
. المعلومات وإمكان إعادة صياغتها وتشكيلها أو تحويلها إلى خطط تنظيمية
.3وجود مراكز للبحوث القادرة على إنتاج المعرفة واالستفادة من الخبرات المتراكمة والمساعدة في
خلق وتوفير المناخ الثقافي الذي يمكنه فهم مغزى هذه التغييرات والتجديدات ويتقبلها ويتجاوب
معها .
.4يؤكد مجتمع المعرفة علي أن اإلنسان فاعل أساسي ،فهو المعين علي اإلبداع الفكري والمعرفي
والمادي ،وهو الغاية المرجوة من التنمية كعضو فاعل يؤثر ويتأثر ويبدع لنفسه ولغيره « من خالل
شبكات التبادل ) ).والتخاطب والتفاعل(.
.5يعظم من قيمة المعرفة ،ويرفع من شأنها ،ويقدمها على ما سواها ،ويجعلها أولوية دائما على كثير
من األولويات األخرى .
.6تتدفق فيه المعارف والمعلومات بسهولة ويسر وبدون عوائق وصعوبات ،بحيث يمكن الوصول
إليها بطرق سريعة ،وبوسائل متعددة خالل وقت قصير ،وبدون متاعب وتكاليف مجهدة وباهظة،
وتكون متاحة للجميع بدون طبقية أو تمييز؛ وهذا يعني إشاعة المعرفة وتعميمها في كل مرافق
الحياة.
.7تتحدد ابرز المتغيرات العملية والتقنية والمعرفية التي أسهمت في بروز مجتمع المعرفة في التفاعل
والتكامل بين المعطيات العملية التقنية (حاسوب واتصاالت والكترونيات) ،واالنتشار الواسع
للمعلومات ،وتحويلها إلى رقميات ،وظهور مفهوم الرأسمال الفكري ،وإدارة المعرفة ،واتساع
ظاهرة االبتكار ،وبروز اقتصاد المعرفة.
.8توفُّر البُنية التحتيّة ،والتي تكون َمبنيّة على تكنولوجيا االتّصاالت ،والمعلومات.
. .9توفُّر المشاركة من قبَل جماهير واسعة ،وأفراد ينتجون المعرفة ،كالعلماء ،والباحثين ،وال ُمبدعين،
وغيرهم .
ي بدالً من النمطيّة السائدة في التعليم .تجدُّد المعرفة باستمرار .
التغيُّر نحو التعليم اإللكترون ّ .10
االعتماد على أنظمة اإلدارة اإللكترونيّة ،واإلدارة اإلبداعيّة ،وإدارة المعرفة ،حيث تُعتبَر .11
هذه الطُّ ُرق غير نمطي ّة في المؤ َّ
سسات .
دربة ،وال ُمتميّزة ،والتي تتَّصف بالمقدرة على اإلبداع،
زيادة أعداد الموارد البشريّة ال ُم َّ .12
واالبتكار .
.البعد التكنولوجي :حيث يتم تطبيق التكنولوجيا في مجاالت الحياة المختلفة جميعها.
ي لترشيد االقتصاد ،وتوفير فُ َرص العمل ،والقيمة.البعد االقتصادي :حيث تُعَد ّ المعرفة الركن األساس ّ
أن المجتمع الذي يستخدم المعلومة في نشاطاته االقتصاديّة كلّها هو المجتمع الذي صد بهذا ّ
ال ُمضافة ،ويُق َ
يفرض نفسه ،ويكون قادرا ً على ال ُمنافسة .
البُعد االجتماعي :حيث يُعَد ُّ االهتمام بزيادة مستوى الوعي بأهمية المعرفة ،وتكنولوجيا المعلومات •
في حياة الفرد اليوميّة أمرا ً مه ّماً ،وذلك من خالل االهتمام ب ُمعدَّل التجدُّد ،والك ّم،
بالتحول إلى إنتاج المعرفة بشكل حثيث في البيئة االقتصاديّة ،واالجتماعيّة ،وذلك عن
ُّ االهتمام •
طريق التنويع في األسواق ،واالعتماد على المعرفة الذاتيّة ،والقدرات التكنولوجيّة ،وتطوير الموارد القابلة
للتجدُّد.
المحاضرة رقم :3الفضاء العمومي الهابرماسي
عرف هابرماس الفضاء العمومي على أنه " فضاء للنقاش الحر والنقد العقالني ،يسمح بإثارة
ّ
القضايا العامة من طرف األفراد ،وبأن يتحول الرأي الخاص في الشأن العام والنقد الشخصي إلى
فكرة عامة تصل لعموم الناس.
وعرﻑ "هابرماس "المناﺥ أو المجال العام بﺄنه مجتمع افتراضـي أو خيـالي لـيس مـن
الضروري التواجد في مكان معروﻑ أو مميﺯ "في أي فضاﺀ" فهو مكون من مجموعة من األفراد
لهم سمات مشتركة مجتمعين مع بعضهم كجمهور ،ويقومون بوضع وتحديد احتياجات المجتمع مع
الدولة ،فهو يبرز اآلراﺀ واالتجاهات من خالل السلوكيات والحوار ،والتي تسـعى للتأكيـد علـى
الشؤون العامة للدولة وهو شكل مثالي ،ويعتمد المجال العام على حرية الـدخول والتحـول إلـى
الطابع العالمي كلما أمكن ،وكذلك درجات التحرر التي يتمتع بها المواطنون ورفـض الهيراركيـة.
وبالتالي فالفضاﺀ العام هو وسيلة لتجنيد الرأي العام حتى يكون قوة سياسية فاعلة تعمل على ترشيد
السياسة وتحقيق مصلحة المجتمع ،فالفضاﺀ العام هو الفضاﺀ الذي يتفاعل الفرد من خالله مع غيره
من أفراد المجتمع من أجل تحقيق الحقوق التي يضمنها له القـانون ،وهـذا يعنـي أن الفضاﺀ العام هو
الحلبة المثلى للمجتمع المدني النشط والفعال الذي يقوم بدوره في المجتمع كقوة مضادة للسلطة التي
تريد أن تنفرد بالقرارات والتي قد تنحاز لمصالحها الضيقة أو تنحـاز لفئـة في المجتمع على حساب
الفئات األخرى.
وقد طور هابرماس مفهومه للفضاﺀ العام من خالل دراسته المرجعية لعصر التنوير الـذي شهدته
أوروبا في القرنين السابع عشر والثامن عشر من خالل انتشـار الصـالونات العموميـة والمقاهي
والنوادي والصحف ،وفي هذه األماكن كانت تناقش القضايا العامة التي تهـم األفـراد والمجتمع بكل
ديمقراطية وحرية بهدف الوصول إلى الحكم الديمقراطي الرشيد.
وال يوجد بالضرورة معرفة بين المشاركين في المجال العام ببعضهم البعض ،ولكن لـديهم إدراك
وفهم القضية أو االهتمام أو أحداث معينة أو التعبير عن وجهة نظـر تجـاه المجتمـع أو العالم ،ويمكن
ألي شخص أن يشارك بﺂرائه أو مساهماته ،بعد أن ساعدت وسائل اإلعالم الجديدة في الخروج من
النطاق الخاص إلى المجال العام األوسع واألكثر استقطاباﹰ للعديد مـن األفـراد ،ومع هذا االنتقال يتم
التحول من قضايا فردية إلى أخرى ذات طبيعة عامة وكذلك يـتم االنتقـال من ردود األفعال المادية
التي تتم من خالل المظاهرات في الشارع أو االعتصـامات أو حتـى أعمال الشغب إلى فضاﺀ جديد
لديه وسائل جديدة وآليـات متنوعـة يـتم اسـتخدامها للتعبيـر واالحتجاج تجاه المجتمع أو الدولة ،وبذلك
اتسع المجال السياسي ومجال النخبة ليضـم فـاعلين آخرين لديهم القدرة على التأثير في الرأي العام
باستخدام تلك الوسائل الجديدة.
وقد ساهمت الثورة االتصالية الكبرى والتكنولوجيا الجديدة لوسائل اإلعـالم اإللكترونيـة "
وعلى رأسها اإلنترنت في ظهور فضاﺀ عام اجتماعي جديد يخضع لمثالية "هابرمـاس " ويعتمد على
أن يكون الرأي العام حراﹰ في حركة المعلومات وتبادل األفكار بين المـواطنين ،فاإلنترنـت تقدم
إمكانيات جديدة مقارنة بوسائل اإلعالم التقليدية ،فهي تجعل من السهل نشر المعلومات بشـكل كبير
بين األفراد.
وتؤكد نظرية "المجال العام" على أن وسائل اإلعالم اإللكترونية تخلق حالة من الجدل بـين
الجمهور تمنح تأثيراﹰ في القضايا العامة وتؤثر على الجهة الحاكمة.
والمجال العام يمكن رؤيته كمجال حياتنا االجتماعية ،والذي من خاللـه يمكـن تشـكيل الرأي
العام ،ويؤكد "هابرماس" على إمكانية خلق حوار خارج سيطرة الحكومة واالقتصـاد مـن خالل
نظريته ،فضالﹰ عن التأثير السياسي لﻺنترنت بين األفراد.
ولﻺنترنت دور في تحقيق الديمقراطية ،فهي في المجال العـام ينظـر إليهـا كمحـيط سياسي،
-المجال العام حيز من حياتنا االجتماعية يمكن من خالله أن يتم تشكيل ما يقترب من الرأي العام.
-المجال العام ينشأ من ناس خصوصيين يجتمعون معاﹰ كجمهـور ليتنـاولوا احتياجـات المجتمع من
الدولة.
-المجال العام هو مجموعة أشخاص يستفيدون من عقالنيتهم وتفكيرهم في مناقشة المسـائل العامة.
فالمجال العام بشكل عام هو" :تلﻙ المساحات التي فيها يقوم األعضاﺀ بتنـاول مـا – يفضلونه،
ويصلون لقرار في "كيﻑ سيعيشون معاﹰ ويعملون معاﹰ بشكل جماعي خالل المستقبل" ،كما أن
هناك ثالثة مظاهر تميز المجال العام أولها أن المشاركة فيه مفتوحة ،وثانيها أنه يســاوي بين مواقع
وأدوار األطـراف المشـاركة فيـه بصـرف النظـر عـن أوضـاعهم االجتماعيـة واالقتصاديـة ،وثالثها
أن أية قضية فيه تكون قابلة للنقاش.
وبنفس المعايير التي وضعها هابرماس لبناﺀ مجال عام فـي المجتمعـات الديمقراطيـة والرأسمالية
فيمكن سحب هذه المعايير على الوضعية القائمة حالياﹰ في المجتمعات العالميـة والتـي أخذ اإلعالم
الجديد دوره ومكانته فيها بقوة متنامية ،وهذه المعايير هي التي سـرعت فـي حجـم االنتشار والتأثير
لوسائل اإلعالم االجتماعي بشكل خاص ضمن منظومة اإلعالم الجديد.
وهذﻩ المعايير أو القضايا هي التي تساعد على نجاﺡ مفهوم المجال العام في المجتمع ،وهي:
أ .المنﺯلة االجتماعية :في خضم الجدل والتداول النقاشي في المجال العام ،يتم في األغلب التغاضي
عن المنزلة االجتماعية ألي فرد في المجتمع ،ويتم التعامـل دون النظـر إلـى تلـك المنزلة ،ويأتي ذلك
نتيجة الرغبة في عدم تأثير تلك المنزلة أو الوضعية على آراﺀ اآلخرين عند تناول موضوعات
وقضايا اجتماعية ،وهذا ما يحدث في مختلف وسـائل اإلعـالم االجتمـاعي ،حيث يتم النقاش بحرية
دون مراعاة المنزلة والوضعية االجتماعيـة ألي شـخص طـرف فـي موضوع النقاش.
ب .سلﻁة التفسير :في العصور الوسطى كانت سلطة تفسير األحداث والمواقف هـي مـن
ممتلكات الدولة والكنيسة ،وليس من حق أي فرد خارج نطاق هاتين المؤسستين أن يحاول تفسير
الحياة ووقائع األحداث في تلك المجتمعات ،ومع تحول المجتمعات األوروبيـة إلـى مجتمعـات
ديمقراطية فقدت الدولة والكنيسة سلطة التفسير ،وباتت في يد الـرأي العـام مـن المـواطنين العاديين،
وهذه الميزة هي التي ساعدت على تداول القضايا في المجال العام ،وأصبح المـواطن صاحب سلطة
لتفسير ما يراه في أي موضوع ،وقد وفرت وسائل اإلعالم الجديد مـن شـبكات اجتماعية ومنتديات
ومدونات وغيرها سبل دخول المواطن في عمليات تفسير األحداث والوقـائع في المجتمع ،وهذا ما
نشاهده في المنتديات ووسائل اإلعالم االجتماعي حيث تخضع كل وقـائع وأحداث العالم المحلي
واإلقليمي والدولي لتفسيرات فردية بكيفما طريقة شاﺀ الفرد أن يعبر بها.
ج .الشمولية :ال توجد استثناﺀات في االستبعاد من المشـاركة فـي الجـدل السياسـي أو االجتماعي،
وبالتالي أي فرد يمكن أن يشارك في هذه الجدليات ،ومما ساعد على هذه الشـمولية دخول اإلعالم في
صناعة القضايا والموضوعات وهي ذات توجهـات جماهيريـة عامـة ،وال تقتصر على فئة دون
أخرى أو جماعة دون أخرى ،وقد كسـر اإلنترنـت بتطبيقاتـه المختلفـة حواجز اجتماعية كثيرة ،وبنت
مفاهيم نوعية في تداول النقاش والتحاور بين مختلف النـاس دون تفريق بين جنس أو دين أو عرق أو
لون أو طبقة
الشبكة هنا باتت كما لو أنها الفضاﺀ العمومي الرقمي الجديد حقا باعتباره تعبيرا عن تصاعد مد
الديمقراطية الرقمية ،وتجاوزا للفضاﺀ المادي الذي أطر "السـوق السياسـي" طيلـة األزمنة السابقة
على انفجار الشبكات ،صحيح أننا بإزاﺀ توسع هائل للمجال العمومي لم تعـرف البشرية مثيال له ،منذ
اكتشاف المطبعة لكنه باآلن ذاته مجال يتسع أفقه لباقي المجـاالت ،سـيما للفئات التي كانت عرضة
لﻺقصاﺀ أو للتهميش.
وبدأت األدبيات اإلعالمية تعود إلى نظرية المجال العام في محاولة إليجاد غطـاﺀ نظـري تستظل
به وسائل اإلعالم الجديد بما فيها اإلعالم االجتماعي لدراسات الفيسبوك ،تويتر واليوتيوب وغيرها،
فقراﺀة المجال العام ليورﻏن هابرماس سيساعد على معرفة األثر الكبيـر الـذي تحدثـه التقنية
االتصالية لﻺنترنت على المجتمعات ،واستطاع اإلنترنت أن يوجد فضاﺀات جديدة لم تكـن متوفرة
لمواطني المجتمعات النامية على عكس توفرها لمواطني المجتمعات الديمقراطية حتى قبل وجود
اإلنترنت ،وتقليص المساحة بين الفضاﺀ العام "الرسمي" والفضاﺀ الخـاص "فضـاﺀ الفـرد والمواطن،
وتأسيس فضاﺀ جديد هو الفضاﺀ العام من شأنه أن يحدث تغيرات نوعية تشهدها تواليـا المجتمعات في
العالم.
وتستفيد الدراسة الحالية من نظرية المجال العام في التعـرف علـى دور مواقـع التواصـل
االجتماعي كمجال للحوار حول االحتجاجات الشعبية ،في إتاحة الفرصة للجمهـور للتعبيـر عـن
آرائهم بحرية مطلقة ،وتبادل المعلومات واألفكار في هذه القضية ،ومعرفـة دوره فـي حفـزهم
للمشاركة في الحراك الجماهيري المطالب باإلصالح ،كما يمكن االستفادة من هذه النظريـة فـي
تفسير النتائج ،وذلك نظراﹰ للدور الذي يمكن أن تلعبه مواقع التواصل االجتماعي في خلق مجـال عام
بين مجموعات األصدقاﺀ ،تمكنهم من إبداﺀ آرائهم بحرية في موضوعات الحراك الجماهيري سياسياﹰ
واقتصادياﹰ واجتماعياﹰ.
أسس الفضاء العمومي الهابرماسي:
يشترط نجاح الفضاء العمومي وفقا لهابرماس توفر العديد من األسس وهي:
اإلعتماد على العقل :يحيل العقل في نظر هابرماس إلى األنوار ،أي إنارة الشيء وتوضيحه واإلعالم
عنه ،إذ أن الفضاء العمومي ككيان روزي للوساطة يدار على أسس االستخدام العام للحجة والتي
ت فترض المساواة بين األشخاص في النقاش العام والمشاركة فيه تصبح غير مرتبطة بتوفر اإلرادة
السياسية فقط ،بل هي مرهونة أيضا بامتالك الجميع جملة من الكفاءات الذاتية ذات الطبيعة السياسية،
والتي تسمح لهم بخوض غمار النقاش العام الذي يكون مﺂله تشكيل الرأي العام.
أخالقيات النقاش:
ال يذهب هابرماس إلى حد القول بتشكل العقل نهائيا وباإلفالس الكامل للحداثة ،بل يفتح أمام العقل
الحديث آفاقا أخرى أوسع ،تتمثل في تتمثل في إمكانات الحوار والتواصل الكامنة في اللغة المتداولة
بين الناس وبلورة الحقيقة أو الحقائق عبر عمليات التواصل والتفاهم ،وتبادل األدلة والحجج.
تستند عقالنية التواصل على أخالقيات المناقشة والبرهنة ،مؤكدة على االلتزام قبل أي نقاش والموافقة
مسبقا على معايير منطق الخطاب وصفاته ( الصدق ،الصحة ،الصالحية ،الدقة ،المسؤولية،
المعقولية) وكلها شروط التواصل العقالني ،وعليه فإن أخالقيات التواصل التي ينادي بها هابرماس
تقوم على المحاججة واإلقناع ،ويدعو إلى حوار عقالني يمتلك فيه اإلنسان المعاصر الرؤيا والشجاعة
الالزمتين المتحان آراءه مع الناس ،فليس من حق الفرد أن يدّعي أن آراءه وحقائقه أهم وأبلغ من
اآلخرين .والقواعد التي اقترحها هابرماس في أخالقيات النقاش هي كالتالي:
-لكل من هو قادر على الكالم والفعل نصيب كامل في النقاش.
-لكل الحق في إثارة أي إشكال أو اعتراض على أي تأكيد كيفما كان.
-ال يحق منع أي كان من المتحاورين من النقاش ،وال استعمال أسلوب اإلكراه عليه.
-3المشاركة السياسية للمواﻁنين في قضايا الشﺄن العام وتجسيد الديمقراﻁية التشاورية:
يؤكد هابرماس على حق المواطنة وتمتع كل فرد بالمساواة في المشاركة السياسية في مختلف قضايا
الشأن العام بهدف تجسيد الديمقراطية التشاورية ،فممارسة المواطنة تعبر عن القدرة على العمل
وإبراز إرادة تحقيق فعل مواطن ،ل لتجلى بذلك ضرورة وجود فضاءات لمشاركة مفتوحة في وجه
الجميع ،تمكن من ممارسة هذا الحق بشكل علني وعمومي عن طريق التعبير والمشاركة داخل
جماعة ،وعليه تتصل ممارسة المواطنة بالنشاط العمومي بما أنها تقوم بشكل شامل على المشاركة في
الحياة المجتمعية وبشكل خاص على المشاركة السياسية ما دامت السياسة تعني تدبير الشأن
العمومي ،ومنه تعتبر المشاركة السياسية عملية اختيار ،حيث البعض يشارك والبعض ال يشارك ،وقد
تكون بطريقة معيّنة وفي أمور محدّدة ،مثل اإلدالء باألصوات في االنتخابات واالنضمام إلى تنظيم
حزبي.