You are on page 1of 23

‫جامعة الجزائر ‪3‬‬

‫كلية علوم اإلعالم واالتصال‬


‫قسم االتصال‬

‫محاضرات مقياس تكنولوجيا االتصال والفضاء العمومي‬


‫سنة أولى ماستر‬
‫تخصص‪ :‬اتصال وعالقات عامة‬

‫األستاذ ‪ :‬د‪.‬مصطفى كشايري‬


‫المحاضرة األولى ‪ :‬مدخل إلى تكنولوجيا االعالم واالتصال‬

‫مفاهيم أساسية حول تكنولوجيا اإلعالم واالتصال‪:‬‬

‫أصبحت تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت ضرورة ملحة في عصرنا الحالي بحكم أن التقنية والمعلومة‬
‫على حد سواء أصبحتا القوة الدافعة والمورد االستراتيجي واالستثماري في المجتمعات الحالية‪ ،‬إال أن الكثير‬
‫من الباحثين في المجتمعات النامية يتعثرون في تحديد مفهومي تكنولوجيا االتصاالت وتكنولوجيا‬
‫المعلومات‪ ،‬وكذلك المفاهيم ذات الصلة ناهيك عن الضبابية التي تحيط بدالالتها وتطبيقاتها وآليات تنفيذها‪.‬‬
‫‪ -1‬التكنولوجيا‪:‬‬
‫‪ -‬يشير مصطلح التكنولوجيا بصفة عامة إلى " الوسائل واألجهزة التي يستخدمها اإلنسان في‬
‫توجيه شؤون الحياة أو أنها مجمل األدوات والوسائل الفنية التي تشتمل على كل موضوعات‬
‫الثقافة المادية‬

‫‪ -2‬االتصال‪:‬‬
‫‪ -‬االتصال هو اآللية التي تم ّكن من قيام العالقات االجتماعية وتطويريها‪ ،‬ويتكون من كافة الرموز الروحية‬
‫ووسائل نقلها عبر المكان وحفظها عبر الزمان‪ ،‬وهذا يشمل تعابير الوجه واإليماءات واألصوات والكلمات‬
‫والكتابات والصحف والتلغراف والهاتف‪ ،‬وغيره من الوسائل والمنجزات التي لها أن تسيطر على الزمان‬
‫والمكان‪.‬‬
‫‪ -‬اﻻﺗﺼﺎل هو العملية الﺗي يﺗم بمقﺗضﺎهﺎ ﺗبﺎدل األفكﺎر والمعلومﺎت بين طرفين أو أكثر أحدهمﺎ مرسل‬
‫واآلخر مسﺗقبل‪ ،‬وﺗﺗم هذه العملية بطريقة مبﺎشرة أو عبر وسﺎئط معينة‪ ،‬بهدف اإلقنﺎع أو الﺗأثير مع وجود‬
‫رد فعل ممﺎ يضفي سمة الﺗفﺎعلية عليهﺎ‪.‬‬
‫‪ -3‬تكنولوجيا االتصال واإلعالم‪:‬‬
‫‪ -‬ﺗكنولوجيﺎ اﻻﺗصﺎل هي مجموع الﺗقنيﺎت أو النظم الﺗي يﺗم بموجبهﺎ جمع المعطيﺎت والبيﺎنﺎت‪،‬‬
‫فمعﺎلجة هذه األخيرة‪ ،‬ثم ﺗخزينهﺎ واسﺗرجﺎعهﺎ في الوقت المنﺎسب‪ ،‬ثم نشر هذه المواد أو المضﺎمين‬
‫اإلعالمية‪.‬‬

‫و لتكنولوجيا االتصال واإلعالم جانبان األول فكري معرفي‪ :‬يتمثل في علم االتصال وما يتصل به من‬
‫دراسة وسائل االتصال ومجاالتها ومستوياتها ودراسة عملية االتصال واألنشطة االتصالية‪ ،‬كاإلعالم‬
‫والدعاية والعالقات العامة وكذا وسائل االتصال المختلفة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬مادي او تقني‪ :‬يتمثل اساسا في التطبيق العملي لالكتشافات واالختراعات والتجارب في مجال‬
‫المعلومات ونقلها كالتصوير الفوتوغرافي والطباعة وأساليب معالجة النصوص والصور‪.‬‬
‫‪ .4‬مفهوم انفجار المعلومات‪ :‬ورد في قاموس اكسفورد االنكليزي االلكتروني‪ :‬إلى أن استخدام عبارة‬
‫انفجار المعلومات يعود الى عام ‪ .1964‬قبل أن ينتشر استخدامه في وسائل االعالم‪ .‬ويشير القاموس إلى أن‬
‫مفهوم انفجار المعلومات يعني " الزيادة السريعة في كمية المعلومات المنشورة واآلثار المترتبة على‬
‫وفرتها‪ ،‬من تحميل زائد وتشبع وسوء إدارة لها‪ ،‬مما يجعل الفرد غير قادر على تحصيل المعلومات الكافية‬
‫التي يريده ا" حيث انتهى عصر االنسان الموسوعي ولم يعد لشخص واحد القدرة على االلمام بكل جوانب‬
‫المعرفة البشرية‪ ،‬حيث كثرت التخصصات الدقيقة وتسارع الطور المعرفي‪.‬‬
‫ومن أهم مظاهر انفجار المعلومات‪ :‬النمو الهائل في حجم اإلنتاج الفكري‪ ،‬تشتت اإلنتاج الفكري‪،‬‬
‫تنوع مصادر المعلومات وكذا المتعاملين معها‪.‬‬
‫‪ -5‬البيانات (‪ :)Data‬هي عبارة عن مفاهيم لغوية أو رياضية أو رمزية خالية من المعنى الظاهري متفق‬
‫عليها لتمثيل األشخاص أو األشياء أو األحداث فمفاهيم مثل كرسي أو سيارة أو صندوق وأحمر‪ ،‬رقم ‪،2‬‬
‫هي بيانات ال معنى ظاهري لها وهي بحاجة لمعالجة (‪ )processing‬لتتحول إلى معلومات‪ ،‬وهذه‬
‫المعالجة تتم عن طريق الجمع‪ ،‬التصنيف‪ ،‬الترتيب‪ ،‬الترميز‪ ..‬وغرض المعالجة هو تحويل المفاهيم الخالية‬
‫من المعنى الظاهري إلى مفاهيم ذات معنى تساعد في عملية صنع القرار وحل المشاكل وتسمى معلومات‪.‬‬
‫‪ -6 -‬المعلومات على أنه ما يمثل الحقائق واآلراء المحسومة في صورة مقروءة أو مسموعة أو نتائج‬
‫عمليات التكوين والتنظيم أو تحويل البيانات بطريقة تؤدي إلى زيادة المستوى المعرفي للمستقبل‬
‫ا لمعلومات التي تنتج عن معالجة البيانات يمكن تعريفها بأنها بيانات معالجة لها قيمة ومعنى وتستخدم في‬
‫صناعة القرارات‪.‬‬
‫‪ -7‬مجتمع المعلومات‪:‬‬
‫ويقصد بمجتمع المعلومات جميع األنشطة‪ ،‬والتدابير‪ ،‬والممارسات المرتبطة بالمعلومات‪ ،‬إنتاجا‪ ،‬نشرا‪،‬‬
‫تنظيما‪ ،‬واستثمارا‪ ،‬ويشمل إنتاج المعلومات‪ ،‬أنشطة البحث والجهود اإلبداعية والتأليف الموجه لخدمة‬
‫األهداف التعليمية والتثقيفية‬
‫‪ .8‬المجتمع االفتراضي‪ :‬ويرجع المفهوم إلى هاوارد رينجولد ‪ Rhngold 1993‬الذي كتب الكتاب األول‬
‫والذي عرف المجتمع‬ ‫والرائد في هذا السياق بعنوان المجتمع االفتراضي ‪virtual community‬‬
‫االفتراضي على أنه "تجمعات اجتماعية تشكلت من أماكن متفرقة في أنحاء العالم يتقاربون‬
‫ويتواصلون فيما بينهم عبر شاشات الكمبيوتر والبريد اإللكتروني يتبادلون المعارف فيما بينهم ويكونون‬
‫صداقات يجمع بين هؤالء األفراد اهتمام مشترك ويحدث بينهم ما يحدث في عالم الواقع من تفاعالت ولكن‬
‫ليس عن قرب‪ ،‬وتتم هذه التفاعالت عن طريق آلية اتصالية هي اإلنترنت الذي بدوره ساهم في حركات‬
‫التشكل االفتراضية" المجتمع االفتراضي هو "نظام اجتماعي تكنولوجي" وما يدعى أيضا بالمجتمعات‬
‫الشبكية والتي انتشرت بانتشار تكنولوجيا الويب‪.‬‬
‫‪ .9‬الهوية االفتراضية‪ :‬حسب موسوعة الويب ‪ Webopedia‬تعرف الهوية االفتراضية ‪identity‬‬
‫‪ Virtual‬بأنها الشخصية التي يتم إنشاؤها من طرف المستخدم اإلنسان الذي يعمل كصلة وصل بين‬
‫الشخص الطبيعي والشخص الظاهري للمستخدمين‪ ،‬وحسب هذا التعريف فإن الهوية االفتراضية هي‬
‫السمات والمواصفات التي يقدمها الفرد الطبيعي لآلخرين عبر االنترنت‪ ،‬فتكون عملية االتصال تتم بين‬
‫ثالثة أطراف وليس طرفين وهي‪ :‬الشخص العادي والهوية االفتراضية واألشخاص اآلخرين‪.‬‬
‫‪ .10‬مفهوم الفجوة الرقمية‪ :‬من الصعب العثور على تعريف واحد وشامل لمفهوم الفجوة الرقمية رغم‬
‫المحاوالت المبكرة الستقصاء المفهوم‪ ،‬إذ بدأ أول استخدام للمفهوم في تقرير يعود إلى عام ‪ 1995‬بعنوان‬
‫(السقوط من الشبكة) صدر عن وزارة التجارة األمريكية يقول‪ :‬الفجوة الرقمية هي الفجوة الفاصلة بين الدول‬
‫المتقدمة والدول النامية في النفاذ إلى مصادر المعلومات والمعرفة‪ ،‬والقدرة على استخدامها واستغاللها‪،‬‬
‫ولهذه الفجوة أسباب علمية تكنولوجية وتنظيمية فضال ً عن توفر البنية التحتية‬

‫‪ .11‬الوسائط المتعددة‪Multimédia :‬‬


‫يشير مصطلح الوسائط المتعددة " إلى مجموعة من التكنولوجيات التي تسمح بإدماج الكثير من المعطيات‬
‫من مصادر مختلفة (صوت‪ ،‬صور‪ ،‬نصوص‪ ،‬الخ) ألن هذه التكنولوجيات ترتبط فيما بينها برابط‬
‫معلوماتي‪.‬‬
‫‪ .12‬مفهوم االتصال التفاعلي‪:‬‬
‫فتحت ثورة تكنولوجيا االتصال افاق جديدة الستخدامات ووظائف جديدة لالتصال‪ ،‬ومحت الفواصل‬
‫التقليدية بين االتصال الجماهيري واالتصال الشخصي‪ ،‬وقادته إلى نمط اتصالي جديد يتسع لكل انماط‬
‫االتصال هو االتصال التفاعلي القائم على التفاعل الحر والمباشر بين المرسل والمستقبل وتبادل ادوار‬
‫االتصال بين الطرفين عالوة على اتساع حرية المتلقي في االختيار‪.‬‬
‫يرتبط االتصال التفاعلي بشكل وثيق بانتشار استخدام االنترنت والوسائط المتعددة‪ ،‬وما تنتجه من خدمات‬
‫يمكن اجمالها في تحقيق االتصال والتفاعل بنحو متزاوج‪.‬‬
‫‪.13‬مفهوم التكنولوجيا الرقمية‪:‬‬
‫هي تكنولوجيا حديثة تعتمد على إرسال النبضات الكهربائية بطريقة " التشغيل" ‪" " on/ off‬‬
‫واإليقاف حيث تتخذ جميع الرموز والحروف واألرقام واألصوات والصور والرسوم كودا رقميا مكونا من‬
‫أرقام " الواحد والصفر‪ .‬وهذه اللغة تسمي الحروف " الثنائية بالفرنسية‪ ، Bit ،‬باإلنجليزية ‪Binary‬‬
‫وبمجرد أن يتم تشفير الحروف والرموز واألرقام ‪ .....‬في شكل ‪ 0‬و ‪ ،1‬فانه يتم ضغط هذه المعطيات بهدف‬
‫ربح الحيز المكاني بما يؤهل من تخزين عدد كبير من المضمون‪ ،‬لكن عندما يتم استقبال الرسائل‪ ،‬يتحكم‬
‫إزالة الضغط وبذلك يتم إزالة التشفير‪.‬‬
‫فالتكنولوجيا الرقمية هي لغة اآللة‪ ،‬فالمعلومة المراد إرسالها يتم تشفيرها في شكل ثنائيات من ( ‪ 0‬و ‪)1‬‬
‫حيث يتم ضغطها و تخزينها ‪،‬و عند استقبالها تقوم اآللة بإزالة التشفير و بذلك يستطيع اإلنسان المستقبل فهم‬
‫مضمون هذه المعلومة سواء كانت حروف أو رموز أو أصوات أو صور ‪....‬‬
‫ومن مزايا التكنولوجيا الرقمية نذكر‪:‬‬
‫• التحسن الكبير في مستوى الخدمات‪ ،‬والتي تسمح بتحقيق قد عال من الجودة والدقة‪.‬‬
‫• تتسم التكنولوجيا الرقمية بقدر عال من الذكاء‪ ،‬في التعامل مع المعلومات والبيانات أيًا كان نوعها‪،‬‬
‫والتحكم في أوضاعها واستخداماتها‪ ،‬كتصحيح األخطاء إلكترونيًا‪.‬‬
‫• تسهل عملية إدماج األنظمة اإلعالمية والحاسوبية واالتصالية‪.‬‬
‫• نقل المعلومات الحساسة التي تتسم بدرجة عالية من السرية بأمانة تامة‪.‬‬
‫خصائص تكنولوجيا االتصال‪:‬‬

‫تتميز تكنولوجيا اإلعالم واالتصال الحديثة بتشابهها في عديد من السمات مع الوسائل التقليدية إال أن هناك‬
‫سمات مميزة للتكنولوجيا االتصالية الراهنة بأشكالها المختلفة مما يلقي بظالله ويفرض تأثيراته على الوسائل‬
‫الجديدة نذكر منها‪:‬‬

‫‪ -1‬التفاعلية ‪ : Interactivity‬وهي القدرة على تبادل األدوار بين مرسل الرسالة االتصالية ومستقبلها‬
‫إذ يتحول من يتعامل مع وسائل االتصال الحديثة من مجرد متلقي سلبي إلى مشارك متفاعل يرسل ويستقبل‬
‫المعلومات في الوقت ذاته‪.‬‬

‫‪ .2‬التنوع ‪ : Variety‬مع تطور المستحدثات التقنية في مجال اإلعالم واالتصال وتعددها وارتفاع القدرة‬
‫على التخزين واإلتاحة للمحتوى االتصالي‪ ،‬أدى ذلك إلى التنوع ‪ Variety‬في عناصر العملية االتصالية‪،‬‬
‫التي وفرت للمتلقي اختيارات أكبر لتوظيف عملية االتصال بما يتفق مع حاجاته ودوافعه لالتصال‪ ،‬وتمثل‬
‫ذلك في اآلتي‪:‬‬

‫• * تنوع في أشكال االتصال المتاحة من خالل وسيلة رقمية واحدة هي الحاسب الشخصي ‪P.C‬‬

‫• * تنوع المحتوى الذي يختاره على المواقع المختلفة المنتشرة على شبكة االنترنت‪ ،‬سواء في وظائف هذا‬
‫المحتوى‪ ،‬أو مجاالته‪.‬‬
‫‪ -3‬االنتشار والتدويل ‪ : Proliferation & Golbalization‬فقد أدى التطور التكنولوجي الهائل‬
‫في تصنيع وسائل االتصال والمعلومات إلى تقليل تكاليف إنتاجها إلى الحد الذي أتاح لها قدرا كبيرا من‬
‫االنتشار واتساع نطاق االستخدام بين األفراد رغم تفاوت مستوياتهم االقتصادية والثقافية‪ ،‬بحيث لم يعد ينظر‬
‫إلى هذه الوسائل باعتبارها ترفا ال داعي له‪ ،‬وإنما باعتبارها ضرورة ال يمكن االستغناء عنها‪ ،‬كما أن الربط‬
‫بين وسائل االتصال الحديثة قد بات عالميا أو كونيا بهدف تخطي الحدود اإلقليمية‪ ،‬إذ أصبح في اإلمكان‬
‫االتصال بأي مكان في العالم من الهاتف المحمول‪ ،‬أومن الهاتف العمومي‪ ،‬كما تعددت قنوات البث‬
‫التلفزيوني الفضائي‪.‬‬

‫‪ -4‬الالجماهيرية ‪ : Demessification‬فلم تعد وسائل االتصال تعتمد على مخاطبة الجماهير فحسب‬
‫في رسائل عامة ومنمطة‪ ،‬بل أضحت من إمكانياتها توجيه رسائلها ومضامينها إلى فرد بعينه تستهدفه‬
‫برسائلها أو إلى جماع ة أو فئة معينة تبعا الهتماماتها وحاجاتها الخاصة‪ ،‬فخرجت بذلك من نطاق العمومية‬
‫إلى خصوصية الرسالة تبعا لحاجة مستقبلها‪.‬‬

‫‪ -5‬الفورية ‪ :immediacy‬ألغت تكنولوجيا اإلعالم واالتصال الحواجز الزمانية كما ألغت الحواجز‬
‫المكانية‪ ،‬إذ يتم االتصال بشكل فوري بغض النظر عن مكان المرسل أو المستقبل‪ ،‬بحيث ال تلحظ عند‬
‫اتصالك بحاسب في الصين أنك استغرقت وقتا أطول مما لو كان االتصال بحاسب في مدينتك وكذلك الحال‬
‫مع الهاتف النقال ‪.‬‬

‫‪ -6‬التوجه نحو التصغير ‪ :miniaturization‬تتجه الوسائل الجماهيرية في ظل هذه الثورة إلى وسائل‬
‫صغيرة يمكنها نقلها من مكان إلى آخر‪ ،‬وبالشكل الذي يتالءم وظروف مستهلك هذا العصر الذي يتميز‬
‫بكثرة التنقل والتحرك‪ ،‬عكس مستهلك العقود الماضية التي اتسمت بالسكون والثبات ومن األمثلة عن هذه‬
‫الوسائل الجديدة‪ ،‬تليفزيون الجيب‪ ،‬والهاتف النقال والحاسب النقال المزود بطابعة إلكترونية‪ .‬وتتميز كذلك‬
‫بالتناغم بين التصغير وقوة وسرعة معالجة المعلومات الذي يتطور بسرعة ال متناهية‪.‬‬
‫‪ -7‬االحتكارية ‪ :Monopolistic‬إن صناعة هذه التكنولوجيا تتسم بالتركيز الشديد حاليا في عدد محدود‬
‫من الدول الصناعية الكبرى‪ ،‬وضمن الشركات العالمية متعددة الجنسيات‪ ،‬ويؤدي هذا التركيز إلى السيطرة‬
‫المطلقة لهذه الشركات االحتكارية‪ ،‬ليس فقط على عملية نقل وتسويق هذه التكنولوجيا في الدول األقل تقدما‬
‫ولكن أيضا في التأثير على طريقة إدارتها واستخدامها بل وصيانتها في أحيان كثيرة في هذه الدول‪ ،‬مما‬
‫يعزز من إحكام قبضة المجتمعات المصنعة لهذه التكنولوجيا على الدول المستوردة لها وترسيخ تبعية ثانية‬
‫لألولى في المجال الثقافي‬
‫‪ -8‬الالتزامنية ‪ :No synchronisation‬وتعني إمكانية إرسال الرسائل واستالمها في وقت مناسب‬
‫للفرد المستخدم‪ ،‬وال تتطلب من المشاركين كلهما أن يستخدما النظام في الوقت نفسه مثال‪ :‬في نظم البريد‬
‫االلكتروني ترسل الرسالة مباشرة إلى مستقبلها في أي وقت دون حاجة لوجود المستقبل للرسالة‪.‬‬
‫‪ -9‬قابلية التحريك والتحويل والتوصيل‪ :‬هنﺎك وسﺎئل اﺗصﺎل عديدة يمكن اسﺗخدامهﺎ واﻻسﺗفﺎدة منهﺎ في‬
‫أي مكﺎن دون الحﺎجة إلى الﺗواجد في مكﺎن ثﺎبت وﻻ على معدات كثيرة من أجل اﻻﺗصﺎل أو الﺗشغيل مثل‬
‫الهﺎﺗف النقﺎل‪ ،‬الﺗلفزيون المدمج مع سﺎعة اليد‪ ...‬كمﺎ أصبحت لكثير من وسﺎئل اﻻﺗصﺎل الحديثة ذات‬
‫الﺗكنولوجيﺎت العﺎلية وﺗحويلهﺎ من صورة ألخرى كﺗحويل الرسﺎلة المسموعة إلى رسﺎلة مكﺗوبة والعكس‪،‬‬
‫وكذا نظﺎم الﺗرجمة اآللي ‪ .‬وقد زادت إمكﺎنية بعض وسﺎئل اﻻﺗصﺎل الحديثة وقدرﺗهﺎ على ﺗوصيل األجهزة‬
‫اﻻﺗصﺎلية مع بعضهﺎ البعض لﺗشكيل منظومة اﺗصﺎلية مﺗكﺎملة بغض النظر عن اخﺗالف الشركﺎت الصﺎنعة‬
‫وﺗبﺎين دول الﺗصنيع‪.‬‬

‫‪ -6‬وظائف تكنولوجيا االتصال الحديثة‪:‬‬


‫إن تطور تكنولوجيات االتصال الحديثة‪ ،‬وانتشارها الواسع والمتقدم جعلها مكسبا كبيرا للجمهور الواسع‪،‬‬
‫ويتجلى ذلك في الوظائف التي تقوم بها هذه التكنولوجيات لتحقيق رغباتهم‪ ،‬فهذه الوظائف تختلف من وسيلة‬
‫ألخرى‪ .‬فنجد مثال وظائف هذه التكنولوجيات في التعليم‬
‫وميادينه تختلف عن وظائفها في الميادين األخرى في ميدان اإلعالم مثال؟ وسنتدرج وظائف تكنولوجيا‬
‫االتصال في اآلتي‪:‬‬
‫‪ .2‬وظيفة توثيقية‪ :‬تخزين المعلومات بشكل منظم يسهل معه استرجاعها‪ ،‬ولعل بنوك المعلومات وشبكاتها‬
‫ومراكز المعلومات الصحفية التي تستعين بأقراص الليزر المدمجة وشبكات المعلومات المحلية والدولية‬
‫أبرز نماذج لدور الحاسبات في هذه العملية التي يطلق عليها التوثيق االلكتروني للمعلومات الصحفية‪.‬‬
‫‪ .3‬وظيفة اعالمية‪:‬‬
‫ويكون عن طريق إنتاج وجمع البيانات والمعلومات الصحفية من مصادرها المختلفة وتوصيلها إلى مقر‬
‫الصحيفة أو اإلذاعة والتلفزيون‪ ،‬وتوصيلها إلى المندوب أو المحرر الصحفي أيا كان‪ ،‬ثم نقلها ونشرها عبر‬
‫الوسيلة اإلعالمية إلى الجماهير‪ ،‬وتلعب الحاسبات االلكترونية باندماجها مع االتصاالت السلكية والالسلكية‬
‫واألقمار الصناعية واأللياف البصرية وأشعة الليزر دورا ً أساسيا ً في تحقيق ذلك‪ ،‬ومثال ذلك الكمبيوتر‬
‫المحمول وشبكات الحاسوب‪.‬‬
‫‪ .4‬وظيفة تحليلية ومعالجة‪:‬‬
‫ويكون عن طريق معالجة المعلومات الصحفية رقميا ً ومن بينها الكمبيوتر والنشر االلكتروني‪Digital ،‬‬
‫‪ ،Darkroom‬وسواء كانت تلك المعلومات مادة مكتوبة أو مصورة أو مرسومة‪ ،‬فإن هناك العديد من‬
‫البرامج التي تتعامل وتعالج مثل هذه المعلومات بالتصميم والتوضيب واإلخراج الصحفي ومعالجة الصور‬
‫والجرافيكس والعرض عبر مختلف الوسائل الرقمية‪.‬‬
‫‪ .5‬وظيفة تعليمية‪ :‬تساهم تكنولوجيا االتصال واإلعالم بدور كبير في رفع مستوى التعليم‪ ،‬واستحداث‬
‫طرق التعليم عن بعد والتعليم مدى الحياة‪ ،‬ونقل خدمات التعليم والتكوين إلى المناطق المعزولة‪ .‬ويتم تقديم‬
‫خدمات التعليم عن بعد ‪ Télé-éducation‬باستخدام أهم عناصر تكنولوجيا المعلومات وهي الوسائل‬
‫السمعية البصرية والوسائط المتعددة‪ .‬وعبر مختلف القنوات الفضائية التعليمية‪.‬‬
‫المساهمة في تحسين التدريس وبرامج التعليم والتكوين المهنيين‪ ،‬من خالل االستعانة بأشرطة الفيديو‬
‫واستخدام المحاكاة لتحسين األداء التطبيقي للمتربصين‪.‬‬
‫باإلضافة الى جعل المتعلم محور العملية التعليمية التي أصبحت عملية تشاركية بينه وبين المعلم‪.‬‬
‫‪ .6‬وظيفة إعالنية تسويقية‪ :‬حيث أصبح لهذه التكنولوجيا الحديثة لالتصاالت صدى كبير لدى المعلنين‬
‫والشركات الكبرى‪ ،‬حيث تم توظيف مختلف المواقع االلكترونية عبر شبكة االنترنت المرتبطة بالعديد من‬
‫الوسائط المتعددة إلى إشهار مختلف المنتوجات والسلع وحتى األفكار‪ ،‬خاصة ان هذه المواقع تحقق أكبر‬
‫نسبة استخدام والدخول عليها‪.‬‬
‫فمثال في قطاع السياحة والفندقة أدى ذلك إلى ظهور ما يسمى بالسياحة اإللكترونية‪ .‬فالسياحة اإللكترونية‬
‫هي تلك الخدمات التي توفرها تكنولوجيا االعالم واالتصال بغرض إنجاز وترويج الخدمات السياحية‬
‫والفندقية عبر مختلف الشبكات المفتوحة والمغلقة باالعتماد على مبادئ وأسس التجارة اإللكترونية‪.‬‬
‫‪ .7‬وظيفة اجتماعية‪ :‬تمكن تكنولوجيات اإلعالم واالتصال‪ ،‬األشخاص المهمشين والمعزولين من أن يدلوا‬
‫بدلوهم في المجتمع العالمي‪ ،‬بغض النظر عن الجنسية التي يحملونها أو انتمائهم العرقي أو القومي أو‬
‫الديني‪ ،‬فهي تساعد على التسوية بين القوة وعالقات صنع القرار على المستويين المحلي والدولي‪ ،‬وبوسعها‬
‫تمكين األفراد‪ ،‬المجتمعات‪ ،‬والبلدان من تحسين مستوى حياتهم على نحو لم يكن ممكنا ً في السابق فلهذا‬
‫لتكنولوجيا االعالم واالتصال دور هام في تعزيز التنمية البشرية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى نشأت ما يسمى بالمجتمعات االفتراضية التي يجتمع أفرادها حول اهداف أخرى قد تكون غائبة‬
‫في المجتمعات الحقيقية لهؤالء األفراد‪.‬‬
‫محاضرة رقم ‪ :2‬مجتمع المعلومات ومجتمع المعرفة‬

‫‪ -1‬مفاهيم عامة‪:‬‬
‫لقد اخﺗلط مصطلح المعلومﺎت بمفﺎهيم وكلمﺎت أخرى كﺎلبيﺎنﺎت والمعرفة‪ ،‬وهذا ﻻ يعني عدم‬
‫وجود عالقة بين هذه المصطلحﺎت‪ ،‬إنمﺎ ﺗوجد عالقة وعالقة وثيقة وطيدة‪ ،‬ألن هذه المصطلحﺎت‬
‫كالً منهﺎ يكمل اآلخر فﺎلبيﺎنﺎت ﺗنﺗج لنﺎ المعلومﺎت‪ ،‬والمعلومﺎت ﺗنﺗج لنﺎ المعرفة‪.‬‬

‫‪ -1-1‬تعريف البيانات ‪:Data‬‬


‫البيﺎنﺎت هي مجموعة األرقﺎم أو الحروف أو الرموز أو الكلمﺎت القﺎبلة للمعﺎلجة بواسطة الحﺎسب‬
‫اآللي‪ ،‬بعبﺎرة أخرى البيﺎنﺎت هي المﺎدة الخﺎم الﺗي ﺗسﺗقى منهﺎ المعلومﺎت‪.‬‬

‫‪ -1-2‬تعريف المعلومات‪information :‬‬


‫جملة البيﺎنﺎت الدﻻﻻت والمعﺎرف والمضﺎمين الﺗي ﺗﺗصل بﺎلشيء أو الموضوع‪ ،‬وﺗسﺎعد المهﺗمين‬
‫بﺎلﺗعرف عليه والعلم به‪ .‬فﺎلمعلومﺎت إذا ﺗوضح مفهوم الشيء وﺗعطيه قدره‪ ،‬وﺗوضح سمﺎﺗه‬
‫وخصﺎئصه وﺗبين اسﺗخدامﺎﺗه ووظﺎئفه‪.‬‬

‫‪ -1-3‬المعرفة‪:‬‬
‫ﺗﺗكون‬
‫ّ‬ ‫هي أسﺎس مجموعة المعﺎني والمعﺗقدات واألحكﺎم والمفﺎهيم والﺗصورات الفكرية الﺗي‬ ‫‪-‬‬
‫لدى اإلنسﺎن نﺗيجة لمحﺎوﻻت مﺗكررة لفهم الظواهر واألشيﺎء المحيطة به ﺗمثل حصيلة أو رصيد‬
‫خبرة ومعلومﺎت ودراسة طويلة يملكهﺎ شخص مﺎ في وقت معيّن‪.‬‬
‫‪ -‬المعرفة هي حصيلة مفردات المعلومﺎت الﺗي ﺗجمعت وﺗكﺎملت فيمﺎ بينهﺎ لﺗشكل بنية مﺗمﺎسكة‬
‫منظمة‪ ،‬ومن هذا نسﺗنﺗج أنه بعد جمع البيﺎنﺎت نصل إلى المعلومﺎت‪ ،‬وبعد جمع المعلومﺎت نرﺗقي‬
‫إلى المعرفة‪.‬‬
‫‪ -1-4‬الفرق بين المعلومات والمعرفة‪:‬‬
‫يرى أكسفورد أن المعرفة هي عملية ﺗمثيل للحقﺎئق‪ ،‬فﺎلمعرفة أمر شخصي بﺎلنسبة لإلنسﺎن فهي‬
‫ﺗﺗجسد في شخصيﺗه يسﺗعملهﺎ فهي مسألة شخصية خصوصية‪ ،‬أمﺎ المعلومﺎت فهي على العكس من‬
‫ذلك عﺎمة ويمكن الحصول عليهﺎ‪.‬‬

‫المعلومة أكثر أسﺎسية من المعرفة لكنهﺎ ليست أكثر منهﺎ أهمية‪ ،‬أي بال معلومة يسﺗحيل ﺗصور‬
‫معرفة‪ ،‬لكن العكس‪ ،‬بال معرفة يمكن ﺗصور معلومة‪.‬‬
‫المعرفة = المعلومة ‪ +‬المحاكمة العقلية‪.‬‬

‫‪ -1‬مجتمع المعلومات‪:‬‬
‫‪ -1-5‬تعريف مجتمع المعلومات‪:‬‬
‫مصطلح جديد ظهر في النصف الثﺎني من القرن العشرين وواقع بدأت كثير من الدول ﺗعيشه وأمل‬
‫ﺗسعى إليه كثير من الدول لالنﺗفﺎع به ولﺗﺗحول له‪ ،‬ومفهوم مجﺗمع المعلومﺎت ﻻ يزال غير واضح‬
‫المعﺎلم بشكل ﺗﺎم‪ ،‬لذا فهنﺎك العديد من الﺗعريفﺎت لمجﺗمع المعلومﺎت نذكر منهﺎ‪:‬‬

‫" هو ذلك المجﺗمع الذي اعﺗمد أسﺎسﺎ على المعلومﺎت وﺗقنيﺎت المعلومﺎت والﺗكنولوجيﺎ الحديثة‪،‬‬
‫وأصبحت المعلومﺎت فيه ﻻزمة لكل فرد وﺗعﺎظم دورهﺎ في كﺎفة المجﺎﻻت اﻻقﺗصﺎدية والسيﺎسية‬
‫والعلمية واﻻجﺗمﺎعية"‪.‬‬
‫وتعرفه ناريمان متولي‪ " :‬أنه المجﺗمع الذي يعﺗمد في ﺗطوره بصفة رئيسية على المعلومﺎت‬
‫والحﺎسبﺎت اآللية وشبكﺎت اﻻﺗصﺎل أي أنه يعﺗمد على الﺗكنولوجيﺎ الفكرية‪ ،‬ﺗلك الﺗي ﺗضم سلعﺎ‬
‫وخدمﺎت جديدة مع الﺗزايد المسﺗمر للقوى العﺎملة للمعلومﺎﺗية الﺗي ﺗقوم بإنجﺎز وﺗجهيز ومعﺎلجة‬
‫ونشر وﺗوزيع وﺗسويق هذه السلع والخدمﺎت‪.‬‬

‫‪ -1-6‬خصائص مجتمع المعلومات‪ :‬هنﺎك ثالث خصﺎئص رئيسية أسﺎسية ﺗﺗحكم في مجﺗمع المعلومﺎت‪:‬‬
‫الخاصية األولى‪ :‬استعمال المعلومات كمورد اقتصادي‪ :‬حيث ﺗعمل المؤسسﺎت والشركﺎت على‬
‫اسﺗغالل المعلومﺎت واﻻنﺗفﺎع بهﺎ في زيﺎدة كفﺎءﺗهﺎ وهنﺎك اﺗجﺎه مﺗزايد نحو شركﺎت المعلومﺎت‬
‫لﺗعمل على ﺗحسين اﻻقﺗصﺎد الكلي للدولة‪.‬‬

‫اﻻسﺗعمﺎل العقالني للمعلومﺎت يسمح للمؤسسﺎت بﺗحسين السلع والخدمﺎت وهي بذلك ﺗرفع من‬
‫مسﺗوى النجﺎعة للحفﺎظ على مكﺎنﺗهﺎ في السوق‪.‬‬

‫الخاصية الثانية‪ :‬االستعمال الواسع للمعلومات‪ :‬المقصود بﺎﻻسﺗعمﺎل الواسع للمعلومﺎت هو اقبﺎل‬
‫الجمهور العريض على المعلومﺎت في اسﺗعمﺎﻻﺗه اليومية واﻻسﺗعﺎنة بهﺎ في حل مشﺎكله وﺗأدية‬
‫واجبﺎﺗه والمطﺎلبة بحقوقه‪.‬‬

‫االستخدام المتنامي للمعلومات بين الجمهور العام‪ :‬يسﺗخدم النﺎس المعلومﺎت بشكل مكثف في‬
‫أنشطﺗهم كمسﺗهلكين وهم يسﺗخدمون المعلومﺎت أيضﺎ كمواطنين لممﺎرسة حقوقهم ومسؤوليﺎﺗهم‪،‬‬
‫فضال عن انشﺎء نظم المعلومﺎت الﺗي ﺗوسع من اﺗﺎحة الﺗعليم والثقﺎفة ألفراد المجﺗمع كﺎفة‪ ،‬وبهذا فإن‬
‫عنصر المعلومﺎت ﻻ غنى غنه في الحيﺎة اليومية ألي فرد‪.‬‬

‫الخاصية الثالثة‪ :‬االعتماد على الهياكل القاعدية التكنولوجية‪ :‬ﺗعﺗبر ﺗكنولوجيﺎ المعلومﺎت العنصر‬
‫األسﺎسي في مجﺗمع المعلومﺎت وكﺎن شعﺎر ‪ Bill Gates‬مدير شركة ‪ Microsoft‬هو " حﺎسوب‬
‫فوق كل مكﺗب وفي كل بيت" إلى أن الفوارق المﺎدية بين مخﺗلف شعوب العﺎلم ﺗحول دون انﺗشﺎر‬
‫هذه الﺗكنولوجيﺎت في مخﺗلف أنحﺎء العﺎلم‪ ،‬رغم أنه يبﺎع في العﺎلم سنويﺎ حوالي ‪ 100‬مليون حﺎسب‪.‬‬

‫قطاعات مجتمع المعلومات‪:‬‬

‫يمكن ﺗقسيم مجﺗمع المعلومﺎت إلى ثالثة قطﺎعﺎت رئيسية على النحو الﺗﺎلي‪:‬‬

‫القسم األول‪ :‬صناعة المحتوى المعلوماتي‪:‬‬

‫ﺗﺗم هذه الصنﺎعة عن طريق المؤسسﺎت في القطﺎعين العﺎم والخﺎص الﺗي ﺗنﺗج الملكية الفكرية عن‬
‫طريق الكﺗّﺎب والملحنين والفنﺎنين والمصورين بمسﺎعدة المحررين والمخرجين‪ ،‬وهؤﻻء يبيعون‬
‫عملهم للنﺎشرين واإلذاعﺎت والموزعين وشركﺎت اﻻنﺗﺎج الﺗي ﺗأخذ الملكية الفكرية الخﺎم وﺗج ّهزهﺎ‬
‫بطرق مخﺗلفة ثم ﺗوزعهﺎ وﺗبيعهﺎ لمسﺗهلكي المعلومﺎت‪.‬‬

‫وبﺎإلضﺎفة إلى عملية إبداع المعلومﺎت هنﺎك جزءا كبيرا من هذا القسم ﻻ يركز على أبدع المعلومﺎت‬
‫وإنمﺎ يهﺗم بجمع المعلومﺎت مثل جمع األعمﺎل المرجعية وقواعد البيﺎنﺎت والسالسل اإلحصﺎئية‪.‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬صناعة وتسليم أو بث المعلومات‪:‬‬

‫إن القسم الثﺎني من صنﺎعة المعلومﺎت هو المعني بﺎلﺗسليم‪ ،‬أي انشﺎء وإدارة شركﺎت اﻻﺗصﺎل والبث‬
‫الﺗي يﺗم من خاللهﺎ ﺗوصيل المعلومﺎت‪ ،‬وهي ﺗشمل شركﺎت اﻻﺗصﺎل بعيدة المدى‪ ،‬والشركﺎت الﺗي‬
‫ﺗدير شبكﺎت الﺗلفزيون الكﺎبلي وشركﺎت البث بﺎألقمﺎر الصنﺎعية ومحطﺎت الراديو والﺗلفزيون‪،‬‬
‫وهنﺎك مجموعة أخرى من المؤسسﺎت الﺗي ﺗﺗولى اسﺗخدام هذه القنوات وغيرهﺎ لﺗوزيع المحﺗوى‪،‬‬
‫وهذا مثل بﺎئعي الكﺗب والمكﺗبﺎت وشركﺎت اإلذاعة‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬صناعة ومعالجة المعلومات‪:‬‬

‫ﺗقوم هذه الصنﺎعة عن منﺗجي األجهزة ومنﺗجي البرمجيﺎت‪ ،‬ويﺗولى منﺗجو األجهزة ﺗصميم وصنﺎعة‬
‫وﺗسويق الحواسيب وﺗجهيزات اﻻﺗصﺎﻻت بعيدة المدى واإللكﺗرونيﺎت وهم يﺗمركزون في الوﻻيﺎت‬
‫المﺗحدة وشرق آسيﺎ أمﺎ فئة منﺗجي البرمجيﺎت فهي ﺗقدم لنﺎ نظﺎم الﺗشغيل ‪Unix. Dos. Windows‬‬
‫كمﺎ ﺗقدم لنﺎ نظم حزم الﺗطبيقﺎت مثل معﺎلجة الكلمﺎت وألعﺎب الحﺎسوب‪.‬‬

‫‪ -2‬منظورات مجتمع المعلومات ومؤشراته‪:‬‬


‫‪ -2-1‬منظورات مجتمع المعلومات‪:‬‬
‫‪ ‬المنظور االقتصادي‪ :‬إن جوهر هذا المنﺗوج هو أن المعلومﺎت ينظر إليهﺎ على أنهﺎ سلعة‪،‬‬
‫فهي مﺎدة للﺗجﺎرة وذلك من خالل الشكل المﺎدي الذي ﺗﺗﺎح في المعلومﺎت مثﺎل‪ :‬الكﺗﺎب أو‬
‫المجلة‪.‬‬
‫رأي خﺎص بﺎلعﺎلم مﺎكلوب ‪ Machlup‬يرى أن قطﺎع المعلومﺎت هو قطﺎع صنﺎعﺎت المعرفة‬
‫والﺗي ﺗضم األقسﺎم الﺗﺎلية‪ :‬الﺗعليم‪ ،‬البحوث‪ ،‬الﺗنمية‪ ،‬اﻻﺗصﺎﻻت‪ ،‬آﻻت العمل وخدمﺎت المعلومﺎت‪.‬‬

‫*المنظور التكنولوجي‪ :‬لقد ارﺗبط نمو بعض المجﺎﻻت المهمة في قطﺎع المعلومﺎت بفضل أجهزة‬
‫الﺗخزين والﺗحليل والﺗوصيل الﺗكنولو جية للمعلومﺎت فظهور الحﺎسبﺎت اإللكﺗرونية الﺗي أدت أعمﺎلهﺎ‬
‫بسرعة وأهمهﺎ الحﺎسب الشخصي ثم انﺗشﺎر األنﺗرنت الﺗي أصبحت في مﺗنﺎول الجميع‪ ،‬فﺎلﺗغيير‬
‫الﺗكنولوجي ﻻ يمكن انكﺎره في ﺗطور مجﺗمع المعلومﺎت‪ ،‬وذلك من خالل حﺎجة هذا األخير إلى‬
‫ﺗكنولوجيﺎ حديثة للمعلومﺎت‪.‬‬

‫يرى الكاتب الياباني مسودا‪ :‬أن الﺗطور الﺗكنولوجي هو القﺎئد األسﺎسي للﺗغيير اﻻجﺗمﺎعي‪ ،‬ويرى‬
‫أن مجﺗمع المعلومﺎت مرﺗبط أسﺎسﺎ بﺗكنولوجيﺎ المعلومﺎت‪.‬‬

‫‪ ‬المنظور السوسيولوجي‪ :‬يرى أن المجﺗمع يﺗغير بصفة أسﺎسية ﺗحت ﺗأثير اسﺗخدام‬
‫ﺗكنولوجيﺎ المعلومﺎت واﻻﺗصﺎﻻت حيث أشﺎر عﺎلم اﻻجﺗمﺎع بيل إلى نشأة نظﺎم اجﺗمﺎعي‬
‫وقسّمهﺎ إلى‪:‬‬
‫‪ -‬القوى العﺎملة في المعلومﺎت في المجﺗمع مﺎ بعد الصنﺎعي‪.‬‬
‫‪ -‬ﺗدفق المعلومﺎت‪.‬‬
‫‪ -‬الحﺎسبﺎت وثورة المعلومﺎت‪.‬‬
‫مفهوم مجتمع المعرفة ‪:‬‬ ‫‪1-‬‬

‫وتصورات تتعلَّق بك ّل ما يحيط‪ ،‬ويتَّصل‬


‫ُّ‬ ‫يتكون لدى اإلنسان من مفاهيم‪ ،‬و ُمعتقَدات‪ ،‬وأحكام‪،‬‬
‫وهو ما َّ‬
‫تكررة لفهم ما يدور حوله من ظواهر‪.‬‬
‫به‪ ،‬بسبب محاوالته ال ُم ّ‬

‫ي) على أنّه‪" :‬ذلك المجتمع الذي يتَّخذ المعرفة هدفا ً رئيسيّاً‪ ،‬تخطيطيّاً‪ ،‬وتطبيقيّا ً‪،‬‬
‫عرفه (التركمان ّ‬
‫كما َّ‬
‫في شتّى مجاالت حياته‪ ،‬ويُحسن استعمال المعرفة في تسيير أموره‪ ،‬وفي اتّخاذ القرارات السليمة‪،‬‬
‫والرشيدة‪ ،‬وهو ذلك المجتمع الذي ينتج المعلومة‪ ،‬لمعرفة خلفيّات‪ ،‬وأبعاد األمور بمختلف أنواعها‪،‬‬
‫ليس في بلده فقط‪ ،‬بل في أرجاء العالَم كلّه"‪.‬‬

‫عرفه (تقرير برنامج األ ُ َمم ال ُمتَّحدة اإلنمائ ّ‬


‫ي لعام ‪2003‬م) على أنّه‪" :‬ذلك المجتمع الذي يقوم أساسا ً‬ ‫َّ‬
‫ي‪ :‬االقتصاد‪،‬‬
‫على نشر المعرفة‪ ،‬وإنتاجها‪ ،‬وتوظيفها بكفاءة في جميع مجاالت النشاط المجتمع ّ‬
‫صة‪ ،‬وصوالً لترقية الحالة اإلنسانيّة ّ‬
‫باطراد‪ ،‬أي إقامة‬ ‫ي‪ ،‬والسياسة‪ ،‬والحياة الخا ّ‬
‫والمجتمع المدن ّ‬
‫التنمية اإلنسانيّة‪".‬‬

‫*ومن خالل التعريفات السابقة‪ ،‬فإنّه يمكن استنتاج ّ‬


‫أن مجتمع المعرفة يعني‪ :‬المجتمع الذي يُتي ُح‬
‫ألفراده ُح ّرية امتالك المعلومات‪ ،‬ونقلها‪ ،‬وبثّها‪ ،‬وتبادلها‪ ،‬عن طريق التقنيات الحاسوبيّة‪،‬‬
‫والمعلوماتيّة‪ ،‬والفضائيّة ال ُمتعدّدة‪ ،‬وتوظيفها؛ لتحسين مستوى حياة اإلنسان‪ ،‬وخدمته‪.‬‬

‫وتمر « دورة المعرفة » بثالثة مراحل رئيسة هي ‪:‬‬

‫توليد المعرفة بالبحث واإلبداع واالبتكار‬ ‫‪1.‬‬

‫نشرها بالتعليم والتدريب‬ ‫‪2.‬‬

‫توظيفها في تقديم منتجات وخدمات جديدة أو مطورة‪ ،‬تسهم في مجاالت التنمية‪ ،‬واالستفادة من ذلك‬ ‫‪3.‬‬
‫في توليد الثروة وإيجاد الوظائف‪ ،‬والمساهمة في تطوير حياة اإلنسان‪.‬‬

‫وعندما يضاف إلى هذه الدورة بعد التكنولوجيا‪ ،‬تتزايد الدورة المعرفية لتصبح أربعة مراحل لتشكل « «‬
‫‪p4‬وهي ‪ Production‬أي انتاج وتوليد المعرفة بالبحث والتطوير‪ ،Publication ،‬أي نشر المعرفة‪،‬‬
‫( ‪Products‬أي توظيف وتحويل المعرفة للحصول على‬ ‫‪Proto type‬أي تسجيل براءات االختراع‪،‬‬
‫منتوجات وخدمات جديدة تسهم في التقدم والتنمية ‪.‬‬

‫وعندما يتحقق للمجتمع القدرة على إنتاج وتوليد المعرفة الجديدة‪ ،‬ونشرها في أوعية النشر‬
‫العالمية والحصول على قدر وافر من براءات االختراع‪ ،‬ينتقل هذا المجتمع أو ذاك إلى ما يسمى‬
‫مجتمع المعرفة وحينما يتعدى ذلك إلى تحقيق المرحلتين الثالثة والرابعة (التوظيف‪ ،‬والتطبيق في‬
‫الحصول على منتوجات جديدة قابلة للتداول واإلسهام في التنمية والتقدم‪ ،‬ينتقل المجتمع إلى ما يسمى‬
‫(مجتمع اقتصاد المعرفة ّ)‬

‫ويتطلب مجتمع المعرفة بنية تحتية تضم ما يلي ‪:‬‬

‫بنية مادية‪ :‬مثل قاعات االجتماعات ولوحات المناقشة‬ ‫•‬

‫بنية تحتية تكنولوجية‪ :‬مثل تقنيات تقاسم المعلومات والقوائم البريدية اإللكترونية والبوابات‬ ‫•‬
‫السيبرانية (القائمة على اإلنترنت)‪ ،‬وصفحات الويكي وحجرات المحادثة وعقد المؤتمرات المرئية (فيديو‬
‫كونفرانس) واالجتماعات التخيلية االفتراضية‪ ،‬وبيئات التطوير من خالل التعاون‪ ،‬والتعلم عن بعد‪.‬‬

‫خصائص مجتمع المعرفة‪:‬‬

‫تتميز مجتمعات المعرفة أن المعرفة تشكل أهم المكونات التي يتضمنها أي عمل أو نشاط‪ ،‬وخاصة فيما‬
‫يتصل باالقتصاد والمجتمع والثقافة‪ ،‬وكافة األنشطة األخرى وقد تعدّدت سماته‪ ،‬وخصائصه تبعا ً لتعدُّد آراء‬
‫كر لبعض هذه الخصائص ‪:‬‬
‫الباحثين في هذا المجال‪ ،‬وفيما يأتي ذ ٌ‬

‫‪ .1‬توافر مستوى عال من التعليم‪ ،‬ونمو متزايد في قوة العمل التي تملك المعرفة وتستطيع التعامل‬
‫معها ‪.‬‬
‫‪ .2‬القدرة على اإلنتاج باستخدام الذكاء الصناعي وتحول مؤسسات المجتمع الخاصة والحكومية‬
‫ومنظمات المجتمع المدني إلى هيئات ومنظمات ذكية مع االحتفاظ بأشكال المعرفة المختلفة في بنوك‬
‫‪.‬‬ ‫المعلومات وإمكان إعادة صياغتها وتشكيلها أو تحويلها إلى خطط تنظيمية‬
‫‪ .3‬وجود مراكز للبحوث القادرة على إنتاج المعرفة واالستفادة من الخبرات المتراكمة والمساعدة في‬
‫خلق وتوفير المناخ الثقافي الذي يمكنه فهم مغزى هذه التغييرات والتجديدات ويتقبلها ويتجاوب‬
‫معها ‪.‬‬
‫‪ .4‬يؤكد مجتمع المعرفة علي أن اإلنسان فاعل أساسي‪ ،‬فهو المعين علي اإلبداع الفكري والمعرفي‬
‫والمادي‪ ،‬وهو الغاية المرجوة من التنمية كعضو فاعل يؤثر ويتأثر ويبدع لنفسه ولغيره « من خالل‬
‫شبكات التبادل ‪ ) ).‬والتخاطب والتفاعل‪(.‬‬
‫‪ .5‬يعظم من قيمة المعرفة‪ ،‬ويرفع من شأنها‪ ،‬ويقدمها على ما سواها‪ ،‬ويجعلها أولوية دائما على كثير‬
‫من األولويات األخرى ‪.‬‬
‫‪ .6‬تتدفق فيه المعارف والمعلومات بسهولة ويسر وبدون عوائق وصعوبات‪ ،‬بحيث يمكن الوصول‬
‫إليها بطرق سريعة‪ ،‬وبوسائل متعددة خالل وقت قصير‪ ،‬وبدون متاعب وتكاليف مجهدة وباهظة‪،‬‬
‫وتكون متاحة للجميع بدون طبقية أو تمييز؛ وهذا يعني إشاعة المعرفة وتعميمها في كل مرافق‬
‫الحياة‪.‬‬
‫‪ .7‬تتحدد ابرز المتغيرات العملية والتقنية والمعرفية التي أسهمت في بروز مجتمع المعرفة في التفاعل‬
‫والتكامل بين المعطيات العملية التقنية (حاسوب واتصاالت والكترونيات)‪ ،‬واالنتشار الواسع‬
‫للمعلومات‪ ،‬وتحويلها إلى رقميات‪ ،‬وظهور مفهوم الرأسمال الفكري‪ ،‬وإدارة المعرفة‪ ،‬واتساع‬
‫ظاهرة االبتكار‪ ،‬وبروز اقتصاد المعرفة‪.‬‬
‫‪ .8‬توفُّر البُنية التحتيّة‪ ،‬والتي تكون َمبنيّة على تكنولوجيا االتّصاالت‪ ،‬والمعلومات‪.‬‬
‫‪. .9‬توفُّر المشاركة من قبَل جماهير واسعة‪ ،‬وأفراد ينتجون المعرفة‪ ،‬كالعلماء‪ ،‬والباحثين‪ ،‬وال ُمبدعين‪،‬‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫ي بدالً من النمطيّة السائدة في التعليم‪ .‬تجدُّد المعرفة باستمرار ‪.‬‬
‫التغيُّر نحو التعليم اإللكترون ّ‬ ‫‪.10‬‬
‫االعتماد على أنظمة اإلدارة اإللكترونيّة‪ ،‬واإلدارة اإلبداعيّة‪ ،‬وإدارة المعرفة‪ ،‬حيث تُعتبَر‬ ‫‪.11‬‬
‫هذه الطُّ ُرق غير نمطي ّة في المؤ َّ‬
‫سسات ‪.‬‬
‫دربة‪ ،‬وال ُمتميّزة‪ ،‬والتي تتَّصف بالمقدرة على اإلبداع‪،‬‬
‫زيادة أعداد الموارد البشريّة ال ُم َّ‬ ‫‪.12‬‬
‫واالبتكار ‪.‬‬

‫أبعاد مجتمع المعرفة‪:‬‬

‫لمجتمع المعرفة عدّة أبعاد يمكن تلخيصها في ما يأتي‪:‬‬

‫‪.‬البعد التكنولوجي‪ :‬حيث يتم تطبيق التكنولوجيا في مجاالت الحياة المختلفة جميعها‪.‬‬
‫ي لترشيد االقتصاد‪ ،‬وتوفير فُ َرص العمل‪ ،‬والقيمة‬‫‪.‬البعد االقتصادي‪ :‬حيث تُعَد ّ المعرفة الركن األساس ّ‬
‫أن المجتمع الذي يستخدم المعلومة في نشاطاته االقتصاديّة كلّها هو المجتمع الذي‬ ‫صد بهذا ّ‬
‫ال ُمضافة‪ ،‬ويُق َ‬
‫يفرض نفسه‪ ،‬ويكون قادرا ً على ال ُمنافسة ‪.‬‬

‫دور في اتّخاذ القرارات بطريقة رشيدة تُبنى على‬


‫ٌ‬ ‫البُعد السياسي‪ :‬حيث يكون لألفراد جميعهم‬ ‫•‬
‫االستعمال الفعّال للمعرفة‪ ،‬وهذا يتأتّى بتوسيع دائرة ال ُح ّرية في تبادل المعلومات‪ ،‬وتحقيق مفاهيم العدالة‪،‬‬
‫والديمقراطيّة‪ ،‬والمساواة‪ ،‬والمشاركة السياسيّة الفاعلة ‪.‬‬

‫البُعد االجتماعي‪ :‬حيث يُعَد ُّ االهتمام بزيادة مستوى الوعي بأهمية المعرفة‪ ،‬وتكنولوجيا المعلومات‬ ‫•‬
‫في حياة الفرد اليوميّة أمرا ً مه ّماً‪ ،‬وذلك من خالل االهتمام ب ُمعدَّل التجدُّد‪ ،‬والك ّم‪،‬‬

‫التطور‪ ،‬وغيرها من األمور ‪.‬‬


‫ُّ‬ ‫والكيف‪ ،‬وسرعة‬ ‫•‬

‫أسس بناء مجتمع المعرفة‪:‬‬

‫أوردَ تقرير التنمية اإلنسانيّة العربيّة مجموعةً من األ ُ ُ‬


‫سس التي ال بُدّ منها‪ ،‬لبناء مجتمع المعرفة‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫ي عا ّم‪ ،‬بحيث يكون ُمنفتحاً‪ ،‬و ُمستنيراً‪ ،‬وأصيالً‪.‬‬


‫إنشاء نموذج معرف ّ‬ ‫•‬

‫ي في األنشطة المجتمعي ّة جميعها‪،‬‬


‫االهتمام ببناء المقدرة الذاتيّة على البحث‪ ،‬والتطوير التكنولوج ّ‬ ‫•‬
‫وتوطين العلم ‪.‬‬

‫االهتمام ب ُح ّريات التعبير‪ ،‬والرأي‪ ،‬وضمانها‪ ،‬حيث ّ‬


‫إن من شأنها أن تؤدّي إلى إنتاج المعرفة‪ ،‬م ّما‬ ‫•‬
‫ي‪ ،‬وما إلى ذلك من أمور ‪.‬‬
‫يعني اإلبداع‪ ،‬والتطوير‪ ،‬واالبتكار التكنولوج ّ‬

‫المستمر مدى الحياة‪ ،‬وتحسين‬


‫ّ‬ ‫االهتمام بنشر التعليم الراقي بشكل كامل‪ ،‬مع الحرص على التعليم‬ ‫•‬
‫جودة التعليم في المراحل جميعها‪ ،‬باإلضافة إلى االهتمام بتطوير التعليم العالي‪ ،‬كما ال بُدّ من تعميم التعليم‬
‫ي بحيث يكون ُمتاحا ً للجميع‪ ،‬مع زيادة الفترة الخا ّ‬
‫صة به إلى عشرة صفوف كحد ّ أدنى ‪.‬‬ ‫األساس ّ‬

‫بالتحول إلى إنتاج المعرفة بشكل حثيث في البيئة االقتصاديّة‪ ،‬واالجتماعيّة‪ ،‬وذلك عن‬
‫ُّ‬ ‫االهتمام‬ ‫•‬
‫طريق التنويع في األسواق‪ ،‬واالعتماد على المعرفة الذاتيّة‪ ،‬والقدرات التكنولوجيّة‪ ،‬وتطوير الموارد القابلة‬
‫للتجدُّد‪.‬‬
‫المحاضرة رقم ‪ :3‬الفضاء العمومي الهابرماسي‬

‫‪ .‬الفضاﺀ العمومي‪ :‬رﺅية هابرماسية‪:‬‬

‫عرف هابرماس الفضاء العمومي على أنه " فضاء للنقاش الحر والنقد العقالني‪ ،‬يسمح بإثارة‬
‫ّ‬
‫القضايا العامة من طرف األفراد‪ ،‬وبأن يتحول الرأي الخاص في الشأن العام والنقد الشخصي إلى‬
‫فكرة عامة تصل لعموم الناس‪.‬‬

‫وعرﻑ "هابرماس "المناﺥ أو المجال العام بﺄنه مجتمع افتراضـي أو خيـالي لـيس مـن‬
‫الضروري التواجد في مكان معروﻑ أو مميﺯ "في أي فضاﺀ" فهو مكون من مجموعة من األفراد‬
‫لهم سمات مشتركة مجتمعين مع بعضهم كجمهور‪ ،‬ويقومون بوضع وتحديد احتياجات المجتمع مع‬
‫الدولة‪ ،‬فهو يبرز اآلراﺀ واالتجاهات من خالل السلوكيات والحوار‪ ،‬والتي تسـعى للتأكيـد علـى‬
‫الشؤون العامة للدولة وهو شكل مثالي‪ ،‬ويعتمد المجال العام على حرية الـدخول والتحـول إلـى‬
‫الطابع العالمي كلما أمكن‪ ،‬وكذلك درجات التحرر التي يتمتع بها المواطنون ورفـض الهيراركيـة‪.‬‬

‫وبالتالي فالفضاﺀ العام هو وسيلة لتجنيد الرأي العام حتى يكون قوة سياسية فاعلة تعمل على ترشيد‬
‫السياسة وتحقيق مصلحة المجتمع‪ ،‬فالفضاﺀ العام هو الفضاﺀ الذي يتفاعل الفرد من خالله مع غيره‬
‫من أفراد المجتمع من أجل تحقيق الحقوق التي يضمنها له القـانون‪ ،‬وهـذا يعنـي أن الفضاﺀ العام هو‬
‫الحلبة المثلى للمجتمع المدني النشط والفعال الذي يقوم بدوره في المجتمع كقوة مضادة للسلطة التي‬
‫تريد أن تنفرد بالقرارات والتي قد تنحاز لمصالحها الضيقة أو تنحـاز لفئـة في المجتمع على حساب‬
‫الفئات األخرى‪.‬‬

‫وقد طور هابرماس مفهومه للفضاﺀ العام من خالل دراسته المرجعية لعصر التنوير الـذي شهدته‬
‫أوروبا في القرنين السابع عشر والثامن عشر من خالل انتشـار الصـالونات العموميـة والمقاهي‬
‫والنوادي والصحف‪ ،‬وفي هذه األماكن كانت تناقش القضايا العامة التي تهـم األفـراد والمجتمع بكل‬
‫ديمقراطية وحرية بهدف الوصول إلى الحكم الديمقراطي الرشيد‪.‬‬

‫وال يوجد بالضرورة معرفة بين المشاركين في المجال العام ببعضهم البعض‪ ،‬ولكن لـديهم إدراك‬
‫وفهم القضية أو االهتمام أو أحداث معينة أو التعبير عن وجهة نظـر تجـاه المجتمـع أو العالم‪ ،‬ويمكن‬
‫ألي شخص أن يشارك بﺂرائه أو مساهماته‪ ،‬بعد أن ساعدت وسائل اإلعالم الجديدة في الخروج من‬
‫النطاق الخاص إلى المجال العام األوسع واألكثر استقطاباﹰ للعديد مـن األفـراد‪ ،‬ومع هذا االنتقال يتم‬
‫التحول من قضايا فردية إلى أخرى ذات طبيعة عامة وكذلك يـتم االنتقـال من ردود األفعال المادية‬
‫التي تتم من خالل المظاهرات في الشارع أو االعتصـامات أو حتـى أعمال الشغب إلى فضاﺀ جديد‬
‫لديه وسائل جديدة وآليـات متنوعـة يـتم اسـتخدامها للتعبيـر واالحتجاج تجاه المجتمع أو الدولة‪ ،‬وبذلك‬
‫اتسع المجال السياسي ومجال النخبة ليضـم فـاعلين آخرين لديهم القدرة على التأثير في الرأي العام‬
‫باستخدام تلك الوسائل الجديدة‪.‬‬
‫وقد ساهمت الثورة االتصالية الكبرى والتكنولوجيا الجديدة لوسائل اإلعـالم اإللكترونيـة "‬
‫وعلى رأسها اإلنترنت في ظهور فضاﺀ عام اجتماعي جديد يخضع لمثالية "هابرمـاس " ويعتمد على‬
‫أن يكون الرأي العام حراﹰ في حركة المعلومات وتبادل األفكار بين المـواطنين‪ ،‬فاإلنترنـت تقدم‬
‫إمكانيات جديدة مقارنة بوسائل اإلعالم التقليدية‪ ،‬فهي تجعل من السهل نشر المعلومات بشـكل كبير‬
‫بين األفراد‪.‬‬

‫وتؤكد نظرية "المجال العام" على أن وسائل اإلعالم اإللكترونية تخلق حالة من الجدل بـين‬
‫الجمهور تمنح تأثيراﹰ في القضايا العامة وتؤثر على الجهة الحاكمة‪.‬‬

‫والمجال العام يمكن رؤيته كمجال حياتنا االجتماعية‪ ،‬والذي من خاللـه يمكـن تشـكيل الرأي‬
‫العام‪ ،‬ويؤكد "هابرماس" على إمكانية خلق حوار خارج سيطرة الحكومة واالقتصـاد مـن خالل‬
‫نظريته‪ ،‬فضالﹰ عن التأثير السياسي لﻺنترنت بين األفراد‪.‬‬

‫ولﻺنترنت دور في تحقيق الديمقراطية‪ ،‬فهي في المجال العـام ينظـر إليهـا كمحـيط سياسي‪،‬‬

‫ومن أهم السمات التي حددها هابرماس للمجال العام ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬المجال العام حيز من حياتنا االجتماعية يمكن من خالله أن يتم تشكيل ما يقترب من الرأي العام‪.‬‬

‫‪ -‬المجال العام ينشأ من ناس خصوصيين يجتمعون معاﹰ كجمهـور ليتنـاولوا احتياجـات المجتمع من‬
‫الدولة‪.‬‬

‫‪ -‬المجال العام هو مجموعة أشخاص يستفيدون من عقالنيتهم وتفكيرهم في مناقشة المسـائل العامة‪.‬‬

‫فالمجال العام بشكل عام هو"‪ :‬تلﻙ المساحات التي فيها يقوم األعضاﺀ بتنـاول مـا – يفضلونه‪،‬‬
‫ويصلون لقرار في "كيﻑ سيعيشون معاﹰ ويعملون معاﹰ بشكل جماعي خالل المستقبل"‪ ،‬كما أن‬
‫هناك ثالثة مظاهر تميز المجال العام أولها أن المشاركة فيه مفتوحة‪ ،‬وثانيها أنه يســاوي بين مواقع‬
‫وأدوار األطـراف المشـاركة فيـه بصـرف النظـر عـن أوضـاعهم االجتماعيـة واالقتصاديـة‪ ،‬وثالثها‬
‫أن أية قضية فيه تكون قابلة للنقاش‪.‬‬

‫وبنفس المعايير التي وضعها هابرماس لبناﺀ مجال عام فـي المجتمعـات الديمقراطيـة والرأسمالية‬
‫فيمكن سحب هذه المعايير على الوضعية القائمة حالياﹰ في المجتمعات العالميـة والتـي أخذ اإلعالم‬
‫الجديد دوره ومكانته فيها بقوة متنامية‪ ،‬وهذه المعايير هي التي سـرعت فـي حجـم االنتشار والتأثير‬
‫لوسائل اإلعالم االجتماعي بشكل خاص ضمن منظومة اإلعالم الجديد‪.‬‬

‫وهذﻩ المعايير أو القضايا هي التي تساعد على نجاﺡ مفهوم المجال العام في المجتمع‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫أ‪ .‬المنﺯلة االجتماعية‪ :‬في خضم الجدل والتداول النقاشي في المجال العام‪ ،‬يتم في األغلب التغاضي‬
‫عن المنزلة االجتماعية ألي فرد في المجتمع‪ ،‬ويتم التعامـل دون النظـر إلـى تلـك المنزلة‪ ،‬ويأتي ذلك‬
‫نتيجة الرغبة في عدم تأثير تلك المنزلة أو الوضعية على آراﺀ اآلخرين عند تناول موضوعات‬
‫وقضايا اجتماعية‪ ،‬وهذا ما يحدث في مختلف وسـائل اإلعـالم االجتمـاعي‪ ،‬حيث يتم النقاش بحرية‬
‫دون مراعاة المنزلة والوضعية االجتماعيـة ألي شـخص طـرف فـي موضوع النقاش‪.‬‬
‫ب‪ .‬سلﻁة التفسير‪ :‬في العصور الوسطى كانت سلطة تفسير األحداث والمواقف هـي مـن‬
‫ممتلكات الدولة والكنيسة‪ ،‬وليس من حق أي فرد خارج نطاق هاتين المؤسستين أن يحاول تفسير‬
‫الحياة ووقائع األحداث في تلك المجتمعات‪ ،‬ومع تحول المجتمعات األوروبيـة إلـى مجتمعـات‬
‫ديمقراطية فقدت الدولة والكنيسة سلطة التفسير‪ ،‬وباتت في يد الـرأي العـام مـن المـواطنين العاديين‪،‬‬
‫وهذه الميزة هي التي ساعدت على تداول القضايا في المجال العام‪ ،‬وأصبح المـواطن صاحب سلطة‬
‫لتفسير ما يراه في أي موضوع‪ ،‬وقد وفرت وسائل اإلعالم الجديد مـن شـبكات اجتماعية ومنتديات‬
‫ومدونات وغيرها سبل دخول المواطن في عمليات تفسير األحداث والوقـائع في المجتمع‪ ،‬وهذا ما‬
‫نشاهده في المنتديات ووسائل اإلعالم االجتماعي حيث تخضع كل وقـائع وأحداث العالم المحلي‬
‫واإلقليمي والدولي لتفسيرات فردية بكيفما طريقة شاﺀ الفرد أن يعبر بها‪.‬‬

‫ج‪ .‬الشمولية‪ :‬ال توجد استثناﺀات في االستبعاد من المشـاركة فـي الجـدل السياسـي أو االجتماعي‪،‬‬
‫وبالتالي أي فرد يمكن أن يشارك في هذه الجدليات‪ ،‬ومما ساعد على هذه الشـمولية دخول اإلعالم في‬
‫صناعة القضايا والموضوعات وهي ذات توجهـات جماهيريـة عامـة‪ ،‬وال تقتصر على فئة دون‬
‫أخرى أو جماعة دون أخرى‪ ،‬وقد كسـر اإلنترنـت بتطبيقاتـه المختلفـة حواجز اجتماعية كثيرة‪ ،‬وبنت‬
‫مفاهيم نوعية في تداول النقاش والتحاور بين مختلف النـاس دون تفريق بين جنس أو دين أو عرق أو‬
‫لون أو طبقة‬

‫الشبكة هنا باتت كما لو أنها الفضاﺀ العمومي الرقمي الجديد حقا باعتباره تعبيرا عن تصاعد مد‬
‫الديمقراطية الرقمية‪ ،‬وتجاوزا للفضاﺀ المادي الذي أطر "السـوق السياسـي" طيلـة األزمنة السابقة‬
‫على انفجار الشبكات‪ ،‬صحيح أننا بإزاﺀ توسع هائل للمجال العمومي لم تعـرف البشرية مثيال له‪ ،‬منذ‬
‫اكتشاف المطبعة لكنه باآلن ذاته مجال يتسع أفقه لباقي المجـاالت‪ ،‬سـيما للفئات التي كانت عرضة‬
‫لﻺقصاﺀ أو للتهميش‪.‬‬

‫وبدأت األدبيات اإلعالمية تعود إلى نظرية المجال العام في محاولة إليجاد غطـاﺀ نظـري تستظل‬
‫به وسائل اإلعالم الجديد بما فيها اإلعالم االجتماعي لدراسات الفيسبوك‪ ،‬تويتر واليوتيوب وغيرها‪،‬‬
‫فقراﺀة المجال العام ليورﻏن هابرماس سيساعد على معرفة األثر الكبيـر الـذي تحدثـه التقنية‬
‫االتصالية لﻺنترنت على المجتمعات‪ ،‬واستطاع اإلنترنت أن يوجد فضاﺀات جديدة لم تكـن متوفرة‬
‫لمواطني المجتمعات النامية على عكس توفرها لمواطني المجتمعات الديمقراطية حتى قبل وجود‬
‫اإلنترنت‪ ،‬وتقليص المساحة بين الفضاﺀ العام "الرسمي" والفضاﺀ الخـاص "فضـاﺀ الفـرد والمواطن‪،‬‬
‫وتأسيس فضاﺀ جديد هو الفضاﺀ العام من شأنه أن يحدث تغيرات نوعية تشهدها تواليـا المجتمعات في‬
‫العالم‪.‬‬

‫وتستفيد الدراسة الحالية من نظرية المجال العام في التعـرف علـى دور مواقـع التواصـل‬
‫االجتماعي كمجال للحوار حول االحتجاجات الشعبية‪ ،‬في إتاحة الفرصة للجمهـور للتعبيـر عـن‬
‫آرائهم بحرية مطلقة‪ ،‬وتبادل المعلومات واألفكار في هذه القضية‪ ،‬ومعرفـة دوره فـي حفـزهم‬
‫للمشاركة في الحراك الجماهيري المطالب باإلصالح‪ ،‬كما يمكن االستفادة من هذه النظريـة فـي‬
‫تفسير النتائج‪ ،‬وذلك نظراﹰ للدور الذي يمكن أن تلعبه مواقع التواصل االجتماعي في خلق مجـال عام‬
‫بين مجموعات األصدقاﺀ‪ ،‬تمكنهم من إبداﺀ آرائهم بحرية في موضوعات الحراك الجماهيري سياسياﹰ‬
‫واقتصادياﹰ واجتماعياﹰ‪.‬‬
‫أسس الفضاء العمومي الهابرماسي‪:‬‬

‫يشترط نجاح الفضاء العمومي وفقا لهابرماس توفر العديد من األسس وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬فضاء للنقاش وخلق الرأي العام‪:‬‬


‫يعتبر هابرماس أن الفضاء العمومي مصدرا لتشكيل الرأي العام من خالل عملية التبادل في النقاشات‬
‫المثارة حول العديد من القضايا‪ ،‬والتي تستدعي العديد من المؤشرات االجتماعية والثقافية وكذا‬
‫السياسية‪ ،‬ولتحقيق هذه الميزة يؤكد هابرماس على مبادئ العلن والكونية من خالل الفصل بين ما هو‬
‫عام وما هو خاص‪.‬‬
‫العلن‪ :‬ش ّخصه هابرماس في التزام الدولة بالتبليغ واإلعالن عن أفعالها وقراراتها ومشاريعها‪،‬‬
‫واطالع مواطنيها عليها بمختلف السبل بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬حتى يستطيع المواطنون‬
‫الخوض في الشأن العام واالنخراط فيما يثيره من مناقشات عامة‪.‬‬
‫الكونية والفصل بين ما هو عام وخاص‪.‬‬
‫تتضمن الكونية عند هابرماس تراضيا بين المعنيين يقوم بواسطة حوار يتم أثناءه دفاع كل طرف عن‬
‫مقفه بكل حرية وماساواة‪ ،‬فوحدة النقاش الذي يتم تداوله بموازين (الصدق‪ ،‬المصداقية‪ ،‬الحقيقة‪)...‬‬
‫يؤدي إلى الموافقة المشتركة على معيار لموضوع المناقشة وذلك بدوافع معقولة وميزان كوني‪.‬‬
‫يؤكد هابرماس على أن تشكل الفضاء العمومي في ظل البرجوازية الصاعدة في أوروبا تم بفضل‬
‫الفصل بين العام والخاص‪ ،‬إذ أن السياسة ال تمارس في أطر خاصة بل في الساحة العامة وأمام المأل‪،‬‬
‫ألنها تتطلب الطواعية وااللتزام الفردي والمشاركة‪ ،‬بينما يظل الفضاء الخاص المكان الذي تتجلى فيه‬
‫ضرورات الوجود وما تقتضيه من سريّة بين رب األسرة وأوالده‪ ،‬بين األبناء والبنات‪ ،‬وما تفرضه‬
‫التزامات اجتماعية‪ .‬يرى نصر الدين العياضي أن هناك صعوبة في الفصل بين العام والخاص في‬
‫الحياة المعاصرة التي تزداد تعقيدا خاصة بعد أن أثبتت تكنولوجيا االتصال الحديثة مقدرتها الكبيرة‬
‫على هدم الحدود الفاصلة بين الحياة الخاصة والعامة‪.‬‬
‫‪ -2‬العقل وأخالقيات النقاش‪:‬‬
‫يؤكد هابرماس على العقالنيةرفي الحوار لضمان تجسيد الفضاء العمومي من خالل‪:‬‬

‫اإلعتماد على العقل‪ :‬يحيل العقل في نظر هابرماس إلى األنوار‪ ،‬أي إنارة الشيء وتوضيحه واإلعالم‬
‫عنه‪ ،‬إذ أن الفضاء العمومي ككيان روزي للوساطة يدار على أسس االستخدام العام للحجة والتي‬
‫ت فترض المساواة بين األشخاص في النقاش العام والمشاركة فيه تصبح غير مرتبطة بتوفر اإلرادة‬
‫السياسية فقط‪ ،‬بل هي مرهونة أيضا بامتالك الجميع جملة من الكفاءات الذاتية ذات الطبيعة السياسية‪،‬‬
‫والتي تسمح لهم بخوض غمار النقاش العام الذي يكون مﺂله تشكيل الرأي العام‪.‬‬

‫أخالقيات النقاش‪:‬‬

‫ال يذهب هابرماس إلى حد القول بتشكل العقل نهائيا وباإلفالس الكامل للحداثة‪ ،‬بل يفتح أمام العقل‬
‫الحديث آفاقا أخرى أوسع‪ ،‬تتمثل في تتمثل في إمكانات الحوار والتواصل الكامنة في اللغة المتداولة‬
‫بين الناس وبلورة الحقيقة أو الحقائق عبر عمليات التواصل والتفاهم‪ ،‬وتبادل األدلة والحجج‪.‬‬
‫تستند عقالنية التواصل على أخالقيات المناقشة والبرهنة‪ ،‬مؤكدة على االلتزام قبل أي نقاش والموافقة‬
‫مسبقا على معايير منطق الخطاب وصفاته ( الصدق‪ ،‬الصحة‪ ،‬الصالحية‪ ،‬الدقة‪ ،‬المسؤولية‪،‬‬
‫المعقولية) وكلها شروط التواصل العقالني‪ ،‬وعليه فإن أخالقيات التواصل التي ينادي بها هابرماس‬
‫تقوم على المحاججة واإلقناع‪ ،‬ويدعو إلى حوار عقالني يمتلك فيه اإلنسان المعاصر الرؤيا والشجاعة‬
‫الالزمتين المتحان آراءه مع الناس‪ ،‬فليس من حق الفرد أن يدّعي أن آراءه وحقائقه أهم وأبلغ من‬
‫اآلخرين‪ .‬والقواعد التي اقترحها هابرماس في أخالقيات النقاش هي كالتالي‪:‬‬
‫‪ -‬لكل من هو قادر على الكالم والفعل نصيب كامل في النقاش‪.‬‬
‫‪ -‬لكل الحق في إثارة أي إشكال أو اعتراض على أي تأكيد كيفما كان‪.‬‬
‫‪ -‬ال يحق منع أي كان من المتحاورين من النقاش‪ ،‬وال استعمال أسلوب اإلكراه عليه‪.‬‬
‫‪ -3‬المشاركة السياسية للمواﻁنين في قضايا الشﺄن العام وتجسيد الديمقراﻁية التشاورية‪:‬‬
‫يؤكد هابرماس على حق المواطنة وتمتع كل فرد بالمساواة في المشاركة السياسية في مختلف قضايا‬
‫الشأن العام بهدف تجسيد الديمقراطية التشاورية‪ ،‬فممارسة المواطنة تعبر عن القدرة على العمل‬
‫وإبراز إرادة تحقيق فعل مواطن‪ ،‬ل لتجلى بذلك ضرورة وجود فضاءات لمشاركة مفتوحة في وجه‬
‫الجميع‪ ،‬تمكن من ممارسة هذا الحق بشكل علني وعمومي عن طريق التعبير والمشاركة داخل‬
‫جماعة‪ ،‬وعليه تتصل ممارسة المواطنة بالنشاط العمومي بما أنها تقوم بشكل شامل على المشاركة في‬
‫الحياة المجتمعية وبشكل خاص على المشاركة السياسية ما دامت السياسة تعني تدبير الشأن‬
‫العمومي‪ ،‬ومنه تعتبر المشاركة السياسية عملية اختيار‪ ،‬حيث البعض يشارك والبعض ال يشارك‪ ،‬وقد‬
‫تكون بطريقة معيّنة وفي أمور محدّدة‪ ،‬مثل اإلدالء باألصوات في االنتخابات واالنضمام إلى تنظيم‬
‫حزبي‪.‬‬

‫وينطلق هابرماس في صياغته ألنموذج الديمقراطية التشاورية من ثالثة مفاهيم أساسية‬


‫‪ -‬العقالنية‪ :‬وهي شرعية بسيطة تعمل على تكوين السلطة‪.‬‬
‫‪ -‬السلطة‪ :‬توجد بداخل اإلدارة وتعبر عن طبيعتها الرتباطها بالتكوين الديمقراطي للرأي وعملها ال‬
‫يتوقف عن المراقبة‪.‬‬
‫‪ -‬الرأي العام‪ :‬بفضل اإلجراءات العمومية يتحول الرأي العام إلى سلطة تواصلية قادرة على توجيه‬
‫استعمال السلطة العمومية‪ ،‬فهي تعني مشاركة في التوجيه وليس الهيمنة‪.‬‬
‫‪ -4‬دور المجتمع المدني في تشكيل الفضاء العمومي‪:‬‬
‫يلعب المجتمع المدني دورا مهما في تحديد الفضاء العمومي‪ ،‬فهو يشمل مختلف صيغ الفعل الجماعي‬
‫المنظم‪ ،‬سواء اتخذ شكل منظمة غير حكومية أو هيئة فدرالية وطنية أو جمعية محلية‪ ،‬كما يتبلور من‬
‫خالل جميع العالقات االجتماعية المنظمة على قاعدة التطوعية في إطار هيئات تتدخل لنسج روابط‬
‫اجتماعية بين األفراد والمؤسسات االجتماعية التي تتدخل فيها الدولة بشكل مباشر‪.‬‬

You might also like