You are on page 1of 12

‫أوال ‪-‬تعريف الدولة ‪:‬‬

‫لقد تعددت اآلراء الفقهية حول تعريف الدولة نذكر منها ‪:‬‬
‫تعرف الدولة على أنها( الدولة مجموعة من األفراد يمارسون نشاطهم على إقليم جغرافي‬
‫محدد و يخضعون لتنظيم معّين‪).‬‬
‫كما تعرف الدولة بأنها‪ ( :‬ظاهرة سياسية و قانونية تعني جماعة من الن اس يقطنون رقعة‬
‫جغرافية معينة بصفة دائمة و مستقرة و يخضعون لتنظيم معّين)‪.‬‬
‫أو هي‪ (:‬الدول ة الش خص المعنوي ال ذي يرم ز إلى ش عب مس تقر على إقليم معّين حكام ا و‬
‫محكومين بحيث يكون لهذا الشخص المعنوي سلطة سياسية ذات سيادة‪).‬‬
‫و إذا ك ان من الممكن رد ظ اهرة الدول ة المعاص رة إلى أواخ ر الق رن ‪ 15‬حيث تك ونت‬
‫الممال ك الحديث ة في أوروب ا بع د زوال عص ر اإلقط اع ال ذي س اد الق رون الوس طى‪ ،‬إّال أن‬
‫هذه لم تكن الصورة الوحيدة لنظام الدولة فقد عرف اإلنسان القديم نظام الدولة في إطار‬
‫نظام المدن السياسية في روما و أثينا و إسبرطا و في الحضارة الفرعونية و بابل و آشور‬
‫و الهند و الصين القديمة‪.‬‬
‫غ ير أن الكث يرين ينك رون على تل ك اإلمبراطوري ات ص فة الدول ة و ه ذا بس بب ارتك از‬
‫النظام فيها على قاعدة النظام الفردي بحيث تتركز السلطة في يد زعيم أو قائد هو مصدر‬
‫اإللزام إذ يستمد سلطته من الوحي اإللهي أو القوة‪ ،‬و يفرض على الناس منطق المصلحة‬
‫العامة للمدينة بما ال يكون أمامهم إّال الطاعة و الخضوع و هذا باستثناء المدن السياسية‬
‫القديمة عند اإلغريق و الرومان و كذلك الدولة التي نشأت في بداية الرسالة المحمدية فقد‬
‫ك انت له ا نفس الخص ائص و الس مات االجتماعي ة و القانوني ة ال تي هي للدول ة الحديث ة‪ ،‬و‬
‫رغم ذلك فقد انهارت فكرة الدولة في أوروبا بسقوط اإلمبراطورية الرومانية الغربية بعد‬
‫غزو القبائل الجرمانية لها‪ ،‬و أدت إلى نشوء نظام اإلقطاع‪ ،‬و لم تعرف العصور الوسطى‬
‫فكرة إسناد السلطة السياسية إلى شخص مج ّر د مستقل عن أشخاص الحاكم بل كان الفرد‬
‫يعد تابعا للسّيد اإلقطاعي تبعية شخصية‪ ،‬و الذي يمّي ز نظام الدولة المعاصرة عن سابقتها‬
‫في العصور القديمة و الوسطى أنها منظمة قانونية أما سوابقها في التاريخ فلم تكن كذلك‬
‫إذ لم يكن اإلنس ان ق د تص ور بع د فك رة الدس تور في مفهومه ا الق انوني المل زم المع روف‬
‫حالي ا و ك ان ذل ك أم را طبيعي ا في ظ ل نظم سياس ية تق وم على فك رة الزعام ة و اختالط‬
‫الدول ة بش خص الح اكم فهي بعض حقوق ه و امتيازات ه الخاص ة تس نده فيه ا الق وة المادي ة و‬
‫عمق تأثير العقائد و التقاليد‪.‬‬
‫فحين ظهرت التفرقة بين صاحب السلطة و من يمارسها و قام الفصل بين الحاكم و س لطة‬
‫الحكم و ه و م ا يس ميه بعض الفقه اء بتأس يس الس لطة أي قي ام الدول ة ص احبة للس لطة‬
‫السياس ية و أن الح اكم أص بح مج رد أداة في ي د الدول ة تم ارس من خالل ه س لطتها‪ ،‬ق امت‬
‫حينئذ الدولة المعاصرة حسب التعاريف المقدمة آنفا‪.‬‬
‫أركان الدولة‪:‬‬
‫من خالل التعاريف المقدمة نستنتج بأن للدولة أركان ثالثة هي ‪:‬‬
‫‪ I-‬الشعب‬
‫ب ديهيا أن الدول ة ال يمكن أن تق وم بغ ير جماع ة بش رية تعيش على وج ه ال دوام في ح دود‬
‫إقليم معّين‪ ،‬و إذا كان وجود الشعب يمثل المحور األساسي لقيام الدولة فإنه ال يشترط أن‬
‫يبلغ عدده رقما معينا و ثابتا فعدده يختلف من دولة ألخرى فقد يقل إلى بضعة آالف و قد‬
‫يصل إلى مئات الماليين‪.‬‬
‫من الناحي ة القانوني ة ك ل ال دول تتمت ع بنفس الخص ائص إّال أن ه من الناحي ة السياس ية و‬
‫االقتصادية تعتبر كثافة السكان عامال هاما في ازدياد قوة الدولة و نفوذها‪.‬‬
‫و يرى الفقه أن وجود الشعب يعد ظاهرة طبيعية و سياسية‪ ،‬فالظاهرة السياسية تتمثل في‬
‫أن أفراد الشعب يقطنون حتما أرضا معينة أما الظاهرة السياسية فتتمثل في خضوع هؤالء‬
‫األفراد لنظام سياسي معين و تجدر اإلشارة إلى أن هذه الجماعة البشرية المكونة للشعب‬
‫ال يشترط فيها أن تكون متجانسة أو غير متجانسة من الناحية االجتماعية ‪ :‬اللغة‪ ،‬الدين ‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫اإلقليم‬
‫لقيام الدولة البد من وجود رقعة من األرض يقيم عليها أفراد الشعب على وجه الدوام و‬
‫االستقرار و من ثمة فإن القبائل الرحل ال يمكن أن تشكل دولة لعدم استقرارها في رقعة‬
‫معين ة‪ .‬و اإلقليم ه و النط اق الجغ رافي ال ذي تباش ر في ه الدول ة س لطتها حيث ال يمكن‬
‫لسلطتين مستقلتين تتمتع كل منهما بالسيادة أن تجتمع معا إقليم واحد‪.‬‬
‫و إقليم الدولة يشمل على ما يلي ‪:‬‬
‫* اإلقليم األرضي ‪ :‬يتحدد بحدود طبيعية مثل الجبال أو البحار أو بحدود اصطناعية مثل‬
‫األمالك الشائكة أو األسوار أو أي عالمات يستدل بها على نهاية اإلقليم و يمكن أن يكتفي‬
‫بخطوط الطول و العرض لتعيين الحد الفاصل بين دولة و أخرى‪.‬‬
‫* اإلقليم البحري ‪ :‬يشمل الجزء الساحلي من مياه البحر العامة المجاورة لشواطئ الدولة‬
‫و ك ذلك المي اه الداخلي ة في ح دودها من البح يرات و األنه ار الداخلي ة و ق د ث ار ج دل فقهي‬
‫حول تحديد نطاق البحر اإلقليمي حسم هذا النق اش في إطار اتفاقية قانون البحار ‪1982‬‬
‫بمسافة ‪ 12‬ميل بحري‪.‬‬
‫* اإلقليم الجوي ‪ :‬يشمل الفضاء الذي يعلو كل من اإلقليم األرضي و البحري و ال بد من‬
‫التفرقة بين طبقتين من الجو‪ ،‬طبقة الغالف الهوائي المحيط باألرض حتى ارتفاع حوالي‬
‫‪ 1000‬كلم فه ذه الطبق ة تخض ع لس يادة الدول ة بالكام ل‪ .‬و له ذا نص ت اتفاقي ة ش يكاغو في‬
‫المادة ‪< : 1944-1‬تقر الدول المتعاقدة بأن لكل منها السيادة على الفضاء الجوي الذي‬
‫يعل و إقليمه ا>‪ ،‬و فيه تتمتع الط ائرات المدني ة (دون حربي ة) يحق الهب وط ألسباب تقنية و‬
‫يمكن للدولة أن تغلق أجوائها في وجه الطائرات األجنبية كما يحق لها تحديد ممرات جوية‬
‫معينة للدخول إلى إقليمها‪.‬‬
‫و طبقة الفض اء الجوي‪ ،‬و تمتد إلى ما ال نهاية و هي غير خاضعة لسيادة دولة ما وفقا‬
‫لقرارات األمم المتحدة الصادرة سنة ‪ 1966-1963‬بشأن اكتشاف الفضاء حيث أصبحت‬
‫ملكية مشتركة للبشرية‪.‬‬

‫السلطة السياسية‬
‫تعت بر الس لطة السياس ية من أهم العناص ر في تك وين الدول ة ح تى أن البعض يع ّر ف الدول ة‬
‫بالسلطة و يقول بأنها تنظيم لسلطة القهر أو اإلجبار‪.‬‬
‫و يمكن تعريف السلطة السياسية بأنها قدرة التصرف الحر التي تباشر بحكم سموها حكم‬
‫الن اس عن طري ق خل ق النظ ام و الق انون بص فة مس تمرة‪ ،‬و تت ولى الس لطة السياس ية أداء‬
‫وظ ائف الدول ة الداخلي ة و الخارجي ة و تك ون مس ؤولة أم ام الجماع ات األخ رى عن كاف ة‬
‫الشؤون التي تتعلق باإلقليم و الشعب‪.‬‬
‫و لعل الطابع الرئيسي الذي يمّي ز الدولة الحديثة عن الوحدات السياسية التي كانت موجودة‬
‫في السابق هو تجميع السلطات في يد حكومة واحدة تملك من الوسائل المادية و القانونية‬
‫ما يمكنها من السيطرة التامة على اإلقليم دون منازعة من أية سلطة أخرى‪.‬‬
‫أصل نشأة السلطة‬
‫الجماعة البشرية نشأت بقصد تحقيق هدف معّين مادي و معنوي و هذا الهدف هو الذي‬
‫يح دد أنم اط الس لوك و نم ط حي اة األف راد داخ ل الجماع ة و إذا ك ان اله دف في الجماع ات‬
‫البدائي ة األولى كاألس ر و القبائ ل ال يتج اوز الرغب ة في حف ظ الن وع و ال دفاع ض د‬
‫االعت داءات األخ رى فإن ه حيث تق ّد م ال زمن بالجماع ات البش رية ب دأت تتول د بينهم عالق ات‬
‫قرابة جديدة ال تنبع من وحدة الساللة أو الدم فحسب و لكنها تنبع من وحدة أسلوب الحياة‬
‫و من وح دة المص الح المرتبط ة بوح دة األرض و من تش ابك اله دف االجتم اعي و امت داده‬
‫ليرب ط بين أف راد المجتم ع في أجيال ه المتعاقب ة و ب ذلك يتك ّو ن ت دريجيا ض مير جم اعي‬
‫يحتوي الضمائر الفردية في المجتمع و يحملها على الرضا بالنظام الجماعي‪.‬‬
‫و ينم و الض مير الجم اعي و به دف ص يانته ض د النزع ات الفردي ة تظه ر الس لطة العام ة‬
‫لتس هر على المص لحة الجماعي ة و تطوره ا و لتل زم الس لوكات الفردي ة بم ا يحق ق األمن و‬
‫السالم الجماعيين‪.‬‬
‫خصائص السلطة السياسية‬
‫‪ -1‬السلطة السياسية عليا وشاملة لجميع نواحي الحياة‪.‬‬
‫‪ -2‬السلطة السياسية ظاهرة تقوم على الرضا‪ ،‬فالسلطة السياسية إذ تجد س ندها االجتم اعي‬
‫في كونه ا تس عى لتحقي ق اله دف الجم اعي و ص يانته و تط ويره و تعم ل على تحقي ق آم ال‬
‫األف راد و أه دافهم و له ذا ف إن الس لطة العام ة و إن أخ ذت في الحي اة الواقعي ة ش كل الق وة‬
‫المادية فإنها قبل كل شيء تعتمد في وجودها و في شرعية تصرفاتها على مدى ارتباطها‬
‫بالض مير الجم اعي و ص دق تعبيره ا عن ه و من ثم فهي تس تقر في األس اس على رض ا‬
‫المحكومين بها و قبولهم لها‪.‬‬
‫و لذلك قيل إن السلطة ال تنشئ الخضوع و لكن الهدف االجتماعي الذي تمثله السلطة هو‬
‫الذي يدعم هذا الخضوع و يؤكده‪ ،‬و تأسيسا على ذلك استقر الفكر السياسي الحديث على‬
‫أن كل زمن تعيشه السلطة في أمن و بدون معارضة قوية من أحد يمثل قرينة نسبية ألن‬
‫الناس قد تقبل السلطة السياسية بالعادة أو بالكسل عن البحث عن سلطة أخرى أو بالخوف‬
‫من مقاومتها خشية التعّر ض لبطشها و انتقامها أيا كان األمر فالبد من المالحظة التالية ‪:‬‬
‫‪ -3‬السلطة كظاهرة قانونية ‪:‬‬
‫المص لحة العام ة ال تي تتجم ع حوله ا الحي اة الجماعي ة و تح دد أه داف األف راد و أم الهم‬
‫المس تقبلية ال تتحق ق تلقائي ا فهي تتطلب من األف راد أن يس لكوا فيم ا بينهم أنماط ا معين ة من‬
‫السلوك ال تهدد هذه المصلحة العامة و ال تمنع دون تطورها و ليست قواعد هذا السلوك‬
‫في النهاي ة غ ير الق انون و من ثم تأك د أن الق انون ظ اهرة اجتماعي ة يرتب ط وج وده بوج ود‬
‫الجماع ة ينش أ معه ا و يتط ور بتطوره ا و ه و في نش أته و تط وره يأخ ذ ص ورة الجماع ة‬
‫ألنها هي التي توجبه و تفرضه صيانة لألمن و السالم الجماعيين‪.‬‬
‫و من هنا يقوم التالزم بين فكرة السلطة و فكرة القانون‪ ،‬فالسلطة طالما بقيت أمينة لفكرة‬
‫القانون التي تعيش في ضمير األفراد فإنها تجد سندها النفسي لدى األفراد دون صعوبة و‬
‫لكنها تبدأ تتعرض الحتماالت عدم الرضا بها حين يتعارض سلوكها مع ما توجبه فكرة‬
‫القانون من أحكام‪.‬‬
‫خصائص الدولة‬
‫خصائص الدولة‬
‫تتمثل خصائص الدولة في السيادة و الشخصية المعنوية أو القانونية ‪:‬‬
‫‪ – I‬السيادة‬
‫تعريف السيادة ‪ :‬يمكن تعريف السيادة بأنها سلطة سياسية آمرة‪ ،‬نابعة من ذات الدولة‪ ،‬و‬
‫ق ادرة على تنظيم نفس ها‪ ،‬و على ف رض توجيهاته ا‪ ،‬دون أن تك ون خاض عة داخلي ا أو‬
‫خارجيا لغيرها‪ ،‬فهي في الداخل أعلى السلطات التي تملك أمر الحكم فيما ينشأ بين األف راد‬
‫و الوحدات الداخلي ة من خالفات‪ ،‬و هي كذلك ال تخض ع ماديا و ال معنوي ا لسلطة أخرى‬
‫مهما كان نوعها‪.‬‬
‫و تقوم سيادة الدولة على عدة خصائص ‪:‬‬
‫‪ -‬س يادة ش املة ‪ :‬يقص د به ا ألنه ا تنطب ق على جمي ع س كان الدول ة باس تثناء المتمتعين‬
‫باالمتيازات أو الحصانة الدبلوماسية‪.‬‬
‫‪ -‬س يادة دائم ة‪ :‬أنه ا تتع دى في أعم ار الق ائمين عليه ا و النظ ام الدس توري ال ذي تعم ل في‬
‫إطاره‪.‬‬
‫‪ -‬سيادة ال تقبل التجزئة‪ :‬و معنى ذلك أنه في الدولة الواحدة سواء كانت دولة موحدة أو‬
‫مركب ة و س واء ك انت تأخ ذ بالنظ ام المرك زي أو الالمرك زي فإنه ا في ك ل الح االت ذات‬
‫سيادة واحدة‪.‬‬
‫‪ -‬سيادة مطلقة‪ :‬أي أن الدولة داخل حدودها تمثل أعلى سلطة عامة ال مكان لسلطة أخرى‬
‫منافسة لها و أنها خارج حدودها ال تخضع لسلطة أعلى منها‪.‬‬
‫مظاهر السيادة ‪:‬‬
‫‪ -‬السيادة اإليجابية و السيادة السلبية ‪:‬‬
‫السيادة السلبية يقصد بها عدم خضوع سلطة الدولة ألي جهة أخرى مهما كان نوعها‪ ،‬أما‬
‫المفه وم اإليج ابي للس يادة فه و ال ذي ي برر س لطة الدول ة بك ل م ا تق وم ب ه من ح ق األم ر و‬
‫النهي و الزج ر في ال داخل و تمثي ل الدول ة و ت رتيب حق وق و التزام ات له ا و عليه ا في‬
‫الخارج‪.‬‬
‫‪ -‬السيادة الداخلية و السيادة الخارجية‪:‬‬
‫يقص د بالس يادة الداخلي ة ح ق األم ر في مواجه ة ك ل س كان الدول ة أم ا الس يادة الخارجي ة‬
‫فيقصد بها عدم خضوع الدولة لسلطة أجنبية فيما عدا ما تلتزم به في مجال عالقاتها مع‬
‫ال دول األخ رى طبق ا لقواع د الق انون ال دولي و يعّب ر عن الس يادة الخارجي ة بمص طلح‬
‫االستقالل‪.‬‬
‫‪ -‬السيادة الشخصية و السيادة اإلقليمية‪:‬‬
‫في الس ابق ك انت الس يادة ح ق شخص ي للمل ك و له ذا ف إن ق وانين الدول ة ك انت تطّب ق على‬
‫مواطنيه ا و ل و ك انوا مقيمين خ ارج إقليمه ا و ه و م ا يعّب ر عن ه بالس يادة الشخص ية و ق د‬
‫هج رت ه ذه النظري ة و حالي ا يأخ ذ بمفه وم الس يادة اإلقليمي ة أي أن س لطة الدول ة يتح دد‬
‫مجالها في نطاق حدود إقليم الدولة‪.‬‬
‫من هو صاحب السيادة ؟‬
‫المقصود بهذا التساؤل هو تحديد صاحب السلطة السياسية ذات السيادة‪ ،‬ال شك أن الدولة‬
‫هي صاحبة السلطة السياسية العليا و هذه السلطة تكون مجردة و مستقلة في وجودها عن‬
‫األشخاص الممارسين لها و هم طبقة الحكام في الدولة فهم مجرد أداة في يد الدولة تمارس‬
‫من خاللهم مظاهر سلطتها‪.‬‬
‫و إذا كانت الدولة شخصا معنويا مجردا فإن السلطة فيها البد أن تنسب إلى صاحب محدد‬
‫يمارسها بصورة فعلية فمن هو الصاحب الفعلي لهذه السلطة السياسية ذات السيادة ؟‬
‫في هذا الصدد قيلت نظريتان هما ‪:‬‬
‫‪ -1‬نظرية سيادة األم**ة ‪ :‬مض مون ه ذه النظري ة أن الس يادة تك ون لألم ة بإعتباره ا وح دة‬
‫مجردة مستقلة عن سائر األفراد المكونين لها‪ ،‬فالسيادة ال تكون لفرد من األفراد أو جماعة‬
‫من الجماع ات و إنم ا تنس ب إلى الش خص الجم اعي ال ذي يش مل مجم وع األف راد و ه ذا‬
‫الشخص هو ما يعبر عنه بكلمة األمة‪.‬‬
‫النتائج المترتبة ‪:‬‬
‫* الس يادة تمث ل وح دة واح دة غ ير قابل ة للتجزئ ة فم ا دام أن األم ة هي ش خص واح د ف إن‬
‫السيادة تكون كذلك واحدة غير مجزئة و يترتب عن ذلك األخذ بمبدأ "الديمقراطية النيابية"‬
‫أو "الديمقراطية غير المباشرة"‪.‬‬
‫* االنتخاب يعتبر وظيفة و ليس حقا من الحقوق السياسية و هذا ما يتوافق مع األخذ بمبدأ‬
‫"اإلقتراع المقيد"‪.‬‬
‫* النائب في البرلمان يعتبر ممثال لألمة بأسرها و ليس ممثال لناخبي دائرته‪.‬‬
‫* القانون يكون تعبيرا عن إرادة األمة‪.‬‬
‫األمة تشمل األجيال الماضية‪ ،‬الحالية و المستقبلية‪.‬‬
‫االنتقادات الموجه لهذه النظرية ‪:‬‬
‫* ك ان له ذه النظري ة فائ دة في الح د من س لطات المل وك لكنه ا حالي ا أص بحت عديم ة‬
‫الجدوى‪.‬‬
‫* ت ؤدي ه ذه النظري ة إلى االع تراف بالشخص ية القانوني ة لألم ة و ه ذا غ ير مقب ول من‬
‫الناحية القانونية‪.‬‬
‫* أنها تؤدي إلى االستبداد م ادام أن القانون هو تعب ير عن إرادة األمة و ليس تعبيرا عن‬
‫إرادة األغلبية‪.‬‬
‫‪ -2‬نظرية سيادة الشعب ‪:‬‬
‫مض مون ه ذه النظري ة أن الس يادة تنس ب إلى الش عب باعتب اره مك ّو ن من مجموع ة من‬
‫األفراد و من ثم تكون السيادة حق لكل فرد من أفراد الشعب أي أنها تكون مجزئة على‬
‫أفراد الشعب بالمفهوم السياسي‪.‬‬
‫النتائج المترتبة عن نظرية سيادة الشعب‪:‬‬
‫يترتب عنها عدة نتائج هي ‪:‬‬
‫* السيادة تكون مجزأة بين األفراد و بالتالي يكون لكل فرد حقا ذاتيا في مباشرة الس لطة و‬
‫هذا ما يتماشى مع نظام الديمقراطية المباشرة و شبه المباشرة‪.‬‬
‫* االنتخاب يعتبر حقا و ليس وظيفة و هذا المبدأ يتماشى مع نظام "االقتراع العام"‪.‬‬
‫* الن ائب في البرلم ان يعت بر ممثال لدائرت ه االنتخابي ة و من ثم يمكن للن اخبين إعط اء‬
‫تعليمات ملزمة للنائب كما أنه يكون مسؤوال أمامهم عن تنفيذ وكالته و يلتزم بأن يقدم لهم‬
‫حسابا عنها كما يحق للناخبين عزل النائب من وكالته في أي وقت‪.‬‬
‫* الق انون يك ون تعب يرا عن إرادة األغلبي ة الممثل ة في هيئ ة الن اخبين و من ثم يتعّين على‬
‫األقلية اإلذعان لرأي األغلبية دون إعتبار ما إذا كانت هذه اإلرادة أكيدة و دائمة أم ال‪.‬‬
‫النقد الموجه لهذه النظرية ‪:‬‬
‫إذا ك ان االتج اه الح ديث في الدس اتير ق د اتج ه إلى األخ ذ بمب دأ س يادة الش عب لكون ه أك ثر‬
‫تحقيقا للديمقراطية إال أنه هناك انتقادات وجهت لهذه النظرية ‪:‬‬
‫* يترتب عن األخذ بمبدأ سيادة الشعب تبعية النواب لجمهور ناخبيهم و هذا ما قد يؤدي‬
‫إلى تحقيق المصلحة الخاصة على حساب المصلحة العامة‪.‬‬
‫* هذه النظرية تقول بتجزئة السيادة على أفراد الشعب و هذا يؤدي إلى وجود سياديتين‬
‫سيادة مجزأة بين األفراد و سيادة الدولة باعتبارها شخص معنوي‪.‬‬
‫و على العموم فإن معظم الدساتير حاولت التوفيق بين النظرتين و ذلك باألخذ بمبادئ من‬
‫كليهم ا كاألخ ذ ب االقتراع الع ام و إلغ اء الوكال ة اإللزامي ة و إعتب ار الن ائب ممثال لألم ة أو‬
‫للشعب‪.‬‬
‫‪ -II‬الشخصية المعنوية‪ :‬القانونية‬
‫* تعريف الشخصية المعنوية‪:‬‬
‫هي جماع ة من األش خاص يض مهم تك وين يس عى إلى تحقي ق ه دف معين أو مجموع ة من‬
‫األموال ترصد لتحقيق غرض معين يمنحها القانون صفة الشخصية فتكون شخصا مستقال‬
‫و متميزا عن األشخاص الذين يساهمون في نشاطها أو يستفيدون منها كالدولة‪ ،‬الوالية‪ ،‬و‬
‫الش ركات ‪ ...‬تمي يزا له ا عن األش خاص اآلدم يين و البعض عّر فه ا بأنه ا تش خيص ق انوني‬
‫لألمة‪.‬‬
‫و االع تراف للدول ة بالشخص ية القانوني ة يع ني أنه ا وح دة قانوني ة مس تقلة و متم يزة عن‬
‫الحكام و المحكومين لها طابع الدوام و االستقرار ال تزول بزوال الحكام و سلطة الدول ة و‬
‫تقوم على أساس تحقيق مصالح الجماعة‪.‬‬
‫* النتائج المترتبة على شخصية الدولة‪:‬‬
‫‪ -1‬األهلية القانونية للدولة ‪ :‬مادام أن الدولة كائن قانوني قائم بذاته و مستقل عن الحكام‬
‫و المحكومين البد أن يسلم لها بقدرات قانونية مستقلة تمكنها ليس من إتيان أعمال مادية‬
‫فق ط ب ل من ممارس ة مختل ف التص رفات القانوني ة و ه و م ا يطل ق علي ه باألهلي ة القانوني ة‬
‫سواء كانت ‪:‬‬
‫أهلية وجوب ‪ :‬و يقصد بها ص الحية الشخص لكسب الحقوق و تحمل االلتزام ات و هي‬
‫تختلط بالشخصية وجودا و عدما‪( .‬الجنين في بطن أمه يملك أهلية وجوب ناقصة)‪.‬‬
‫أهلي ة أداء‪ :‬ص الحية الش خص ألن يباش ر بنفس ه التص رفات القانوني ة ال تي من ش أنها أن‬
‫تكسبه حقا أو تحمله دين‪.‬‬
‫و بما أن الدولة كغيرها من األشخاص المعنوية ال تستطيع أن تمارس بذاتها ما تخوله لها‬
‫أهليته ا القانوني ة من أعم ال و تص رفات و إنم ا يم ارس ه ذه األعم ال نياب ة عنه ا و باسمها‬
‫أشخاص آدميون و هم الحكام طبقا لما ينص عليه الدستور و تتميز أهلية الدولة بخاصيتين‬
‫هما ‪:‬‬
‫‪ -‬تصرفات اإلرادة المنفردة‪.‬‬
‫‪ -‬قدرة القهر المادي أو امتياز التنفيذ المباشر‪.‬‬
‫‪ -2‬الذم **ة المالي **ة‪ :‬معن اه مجم وع م ا يك ون للش خص من حق وق و التزام ات مالي ة‪ ،‬و‬
‫باعتب ار الدول ة ش خص ق انوني له ا ذم ة مالي ة خاص ة به ا و مس تقلة عن الذم ة المالي ة‬
‫لألعض اء المك ونين له ا و لممثليه ا ال ذين يتص رفون باس مها و من ثم ف إن الحق وق و‬
‫االلتزامات التي ترتبها تصرفات حكام الدولة باسمها و لحسابها ال تعود إلى الذمة المالية‬
‫لهؤالء الحكام و لكنها تكّو ن حقوق و التزامات لحساب الدولة ذاتها (يمكن للدول ة أن تك ون‬
‫دائنة أو مدينة)‪.‬‬
‫‪ -3‬وح**دة الدول**ة و ديموماته**ا ‪ :‬المقص ود ب أن الدول ة تمث ل وح دة قانوني ة واح دة ه و أن‬
‫تعدد سلطاتها العامة من تشريعية و تنفيذية و قض ائية و كذلك تعدد ممثلي الدولة و تعدد‬
‫األجهزة و األشخاص التي تعبر عن إرادتها و تعمل باسمها ال يغّي ر من وصفها كشخص‬
‫ق انوني واح د‪ ،‬و المقص ود ب أن الدول ة تمث ل وح دة قانوني ة دائم ة فيع ني أن وج ود الدول ة‬
‫كشخص قانوني و استمرارها ال يتأثر بتغير األشخاص الممثلين لها أو بتغير نظام الحكم‬
‫فيها‪ ،‬و ما يبرر استمرار الدولة و ديمومتها اعتبارها شخصا قانونيا مستقال و متميزا في‬
‫وج وده و حيات ه عن وج ود و حي اة األف راد المك ونين ل ه أو الممثلين ل ه و أنه ا تس تهدف‬
‫أغراضا تتجاوز عمر جيل بذاته من أجيال شعبها‪.‬‬
‫يترتب على صفة ديمومة الدولة اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬الحق وق ال تي تثبت للدول ة في مواجه ة الغ ير و ك ذلك االلتزام ات ال تي تتعه د به ا الدول ة‬
‫لصالح الغير تبقى واجبة النفاذ للدولة أو عليها مهما حدثت التغيرات التي تصيب الشكل‬
‫الدستوري أو تغّير الحكام‪.‬‬
‫‪ -‬المعاه دات و االتفاق ات ال تي تبرمه ا الدول ة م ع غيره ا من ال دول تبقى قائم ة و واجب ة‬
‫النفاذ مادامت الدولة قائمة بغض النظر عن تغّير ممثليها‪.‬‬
‫‪ -‬الق وانين ال تي تص درها الس لطات المختص ة في الدول ة تبقى هي األخ رى قائم ة و واجبة‬
‫النف اذ مهم ا تغّي ر النظ ام الدس توري إلى أن يتم تع ديلها أو إلغائه ا ص راحة أو ض منا وفق ا‬
‫لإلجراءات المحددة لذلك‪.‬‬
‫‪111‬خضوع الدولة للقانون‬
‫خضوع الدولة للقانون‬
‫الدولة القانونية‬
‫دولة القانون‬
‫الدولة القانونية المقصود بها هو أن كل التصرفات الصادرة عن ممثلي الدولة و الناطقين‬
‫باسمها أن تكون خاضعة لقاعدة قانونية أسمى و أعلى‪ .‬و هو حديث النشأة نظرا إلختالط‬
‫شخصية الحاكم بشخصية الدولة في القديم‪.‬‬
‫عناصر الدولة القانونية و وسائل تحقيقها‬
‫‪ -1‬وجود الدستور ‪ :‬بغض النظر عن نوعيته‪ .‬و هو إحدى الضمانات على وجود الدولة‬
‫القانونية ألنه الذي يحدد السلطة داخل الدولة و اختصاصات هذه السلطة بحيث إذا خ رجت‬
‫السلطة عن نص دستوري فإن تصرفها يكون غير شرعي‪.‬‬
‫‪ -2‬مبدأ الفصل بين السلطات‪ :‬انطالقا من أن مهام الدولة تطبيق القانون "تشرع و تنفذها‬
‫إم ا عن طري ق الس لطة القض ائية أو التنفيذي ة"‪ ،‬فللدول ة ثالث وظ ائف قض ائية‪ ،‬تش ريعية و‬
‫تنفيذي ة و الس لطة س تهوي و تجعل ه "مال ك الس لطة" و تدفع ه للتعس ف و االس تبداد و تجنب ا‬
‫ل ذلك نفص ل بين الس لطات الح اكم ال يس تطيع أن يمس بحق وق و حري ات الدول ة ك ل سلطة‬
‫تقابلها سلطة أخرى تراقبها‪ ،‬حتى نضمن عدم اعتداء سلطة على حريات األفراد‪.‬‬
‫‪ -3‬خضوع اإلدارة للقانون‪" :‬س يادة الق انون"‪ ،‬ك ل التص رفات ال تي تق وم به ا اإلدارة س واء‬
‫ك انت تتمث ل في ق رارات إداري ة أو أعم ال مادي ة يجب أن تك ون تنفي ذا لقاع دة قانوني ة‬
‫موض وعة مس بقا‪ ،‬اإلدارة في مرك ز أدنى من الس لطة التش ريعية ألن ه ذه األخ يرة تعتم د‬
‫على الشعب‪.‬‬
‫‪ -4‬ت**درج القواع**د القانوني**ة‪ :‬الق وانين المطبق ة داخ ل الدول ة متنوع ة موض وعة في ش كل‬
‫تسلسل هرمي في القمة نجد الدستور و في المرتب ة الثانية التش ريع أو القوانين العادية ثم‬
‫في المرتبة الثالثة اللوائح التنفيذية أو المراسيم‪ ،‬و في األخير القرارات الفردية‪.‬‬
‫‪ -5‬االع**تراف ب**الحقوق و الحري**ات الفردي**ة العام**ة‪ :‬الدول ة (الس لطات) يجب أن تح ترم‬
‫حقوق و حريات األفراد داخل المجتمع‪ ،‬اإلشكال أن نوعية الحقوق تختلف باختالف النظام‬
‫السياسي‪.‬‬
‫بصفة عامة في المرحلة السابقة كان موقف الدولة سلبي أي أنه ال يحق للدولة التصرف‬
‫مسا بحقوق و حريات األفراد أي أنها ال تتدخل في النشاطات الفردية‪ .‬و مع ظهور النظام‬
‫االش تراكي أص بح دور الدول ة ت دخلي لم يع د ب المفهوم الس لبي‪ ،‬ب ل يف رض على الدول ة‬
‫التدخل لتحقيق الحقوق لألفراد خاصة الحماية االجتماعية‪" :‬التعليم‪ ،‬الصحة ‪ "...‬و الحماية‬
‫االقتصادية "الشغل"‪.‬‬
‫‪ -6‬تنظيم رقابة قضائية و استقاللها ‪ :‬هو الذي يكفل احترام تطبيق القواعد القانونية‪ ،‬له ا‬
‫عدة أشكال‪ :‬الرقابة السياسية ‪،‬القضائية و الرقابة اإلدارية التي تمارسها السلطة المركزية‬
‫على الهيئات اإلدارية األدنى الموضوعة تحت رئاستها و كذلك المرافق اإلدارية‪.‬‬
‫الرقاب ة القض ائية تم ارس من خالل المح اكم س واء ك انت مح اكم القض اء الع ادي أو مح اكم‬
‫القضاء اإلداري‪.‬‬
‫رقابة الرأي العام‪.‬‬

You might also like