You are on page 1of 24

‫والتــي هــي النــور فتقــع الظلمــة يف القلــب‬

‫كمــا قــال تعالى(والذيــن كفــروا أولياؤهــم‬


‫الطاغــوت يخرجونهــم من النــور إلــى الظلمات)‬
‫وقــد يبــدو بعــض العجــب مــن صــور اإلنــقالب‬ ‫علــل الــردة وأســبابها وهــو قولــه تعالــى(إن‬ ‫لوجــود هــذه الظاهــرة وخطرهــا فقــد‬
‫كتلــك الحالــة التــي يبــدو فيهــا املــرء صاحــب‬ ‫الذيــن ارتــدوا ىلع أدبارهــم مــن بعــد مــا تبيــن‬ ‫ذكــرت معاملهــا يف آيــات متعــددة منها‬
‫عبــادة مــن صــوم وصالة ثــم تــراه قــد ارتــد‬ ‫لهــم الهــدى الشــيطان ســول لهــم وأملــى‬ ‫قولــه تعالــى يف ســورة البقرة‪(:‬ومــن‬
‫‪،‬وعلــة ذلــك قــد تكــون الشــهوة قد غلبــت إرادة‬ ‫لهم‪،‬ذلــك بأنهــم قالــوا للذيــن كرهــوا مــا أنــزل‬ ‫يرتــدد منكــم عــن دينــه فيمــت فهــو‬
‫الطاعــة أو تكــون هنــاك مداخــل شــبه عقليــة‬ ‫اللــه ســنطيعكم يف بعــض األمــر واللــه يعلــم‬ ‫كافــر فأولئــك حبطــت أعمالهــم يف‬
‫لــم يســتطع مقاومتها‪،‬وشــرح ذلــك‪ :‬أن األعمــال‬ ‫إسرارهم)‪،‬فأشــهر وأوســع علــل الــردة وأســبابها‬ ‫الدنيــا واآلخــرة وأولئــك أصحــاب النــار‬
‫التــي يقــوم بها املــرء ال تقــع إال بتصــارع إرادات‬ ‫هــو طاعــة املشــركين مخالفــة لطاعــة اللــه‬ ‫هــم فيهــا خالدون)‪.‬وذلــك يف بيــان‬
‫تقــع يف القلب‪،‬فــإرادة الكســل تغلــب إرادة‬ ‫يف الدين‪.‬وهنــاك آيــات تبيــن حــال املرتديــن‬ ‫مصيــر هــؤالء الذيــن ارتــدوا وانقبلــوا‬
‫الفعــل إن تــرك املــرء العمل‪،‬كمــا قــال تعالــى(ال‬ ‫بغيــر لفــظ الــردة كمــا قــال تعالــى يف ســورة‬ ‫إلــى الكـــر بعــد اإلسالم‬
‫تجعــل مــع اللــه إلهــا آخــر فتقعــد مذمومــا‬ ‫آل عمــران(إن الذيــن كفــروا بعــد إيمانهــم ثــم‬
‫ويف ســورة املائــدة بيــان عــدم تأثــر اإلسالم‬
‫للطاعات‪،‬ذلــك‬ ‫مخذوال)‪،‬فقوله(فتقعد)تــرك‬ ‫ازدادوا كفــرا لــن تقبــل توبتهــم وأولئــك هــم‬
‫باملرتديــن مــن جهــة نشــر الحــق وظهــور‬
‫لغلبــة فســاد القلــب ىلع إرادة الفعــل بســبب‬ ‫الضالون)وغيرهــا مــن اآليــات التــي فيهــا ذكــر‬
‫ديــن اللــه علميــا ىلع كل ديــن كمــا قــال‬
‫فســاد التوحيــد‪ .‬وقــد تغلــب إرادة الطاعــة‬ ‫الكفــر بعــد اإليمان‪.‬والقــرآن الكريــم علــق هــذه‬
‫تعالى(مــن يرتــد منكــم عــن دينــه فســوف‬
‫إرادة املعصية‪،‬وهــذا كثيــر يف القــرآن ‪،‬ومنــه‬ ‫الظاهــرة البشــرية يف تاريــخ اإليمــان بحــب‬
‫يأتــي اللــه بقــوم يحبهــم ويحبونهــم أذلــة‬
‫قصــة يوســف عليــه السالم(قــال رب الســجن‬ ‫الدنيــا كمــا قــال تعالــى يف ســورة النحل(مــن‬
‫ىلع املؤمنيــن أعــزة ىلع الكافريــن)‪ ،‬وفيهــا‬
‫أحــب إلــى ممــا يدعوننــي إليه)‪،‬ومنــه قولــه‬ ‫كفــر باللــه مــن بعــد إيمانــه إال مــن أكــره وقلبــه‬
‫بيــان ســبيل الــردة وأن أغلــب مظاهــره التعالــي‬
‫تعالى(لقــد تــاب اللــه ىلع النبــي واملهاجريــن‬ ‫مطمئــن باإليمــان ولكــن مــن شــرح بالكفــر صدرا‬
‫ىلع املؤمنيــن والذلــة ىلع الكافريــن‪.‬ويف‬
‫واألنصــار الذيــن اتبعــوه يف ســاعة العســرة مــن‬ ‫فعليهــم غضــب مــن اللــه ولهــم عــذاب عظيم‪.‬‬
‫ســورة محمــد (القتال)بيــان علــة مــن أشــهر‬
‫الشيخ أبو قتادة الفلسطيني‬ ‫بعــد مــا مــاد يزيــغ قلــوب فريــق منهم)‪،‬فقولــه‬
‫تعالى(مــن بعــد مــا كاد يزيــغ قلوب)يعنــي‬
‫ذلــك بأنهم اســتحبوا الحيــاة الدنيــا ىلع اآلخرة‬
‫وأن اللــه ال يهــدي القــوم الكافريــن)‪ .‬وجمــاع اآليــات يف هــذا البــاب كلهــا تبيــن هــذا املعنــى بصــوره املختلفــة‬
‫وجوهــا يف الحيــاة الدنيــا كقولــه تعالــى يف ســورة املائــدة قبــل قوله(مــن يرتــد منكــم عــن دينــه ‪...‬اآليات)(يــا‬
‫أن إرادة الخيــر صارعتهــا إرادة الشــر فغلبــت‬
‫ظاهرة االرتداد واإلنقالب‬ ‫إرادة الخيــر‪ .‬وهــذا شــأن العبــد يف كل طاعــة‬
‫أيهــا الذيــن آمنــوا ال تتخــذوا اليهــود والنصــارى أولياء‪،‬بعضهــم أوليــاء بعض‪،‬ومــن يتولهــم منكــم فإنــه منهــم إن‬
‫اللــه ال يهــدي القــوم الظاملين‪،‬فتــرى الذيــن يف قلوبهــم مــرض يســارعون فيهــم يقولــون نخشــى أن تصيبنــا‬

‫ىلع العقبين‪:‬‬
‫ومعصيــة‪،‬إذ ال تنشــأ الطاعــة إال بغلبــة إرادة‬ ‫دائرة‪،‬فعســى اللــه أن يأتــي بالفتــح أو أمــر مــن عنــده فيصبحــوا ىلع مــا أســروا يف أنفســهم نادمين)‪.‬فالخــوف‬
‫الطاعــة ىلع إرادة املعصيــة‪،‬وال تقــع املعصية‬ ‫ىلع الدنيــا والحــرص عليهــا ‪،‬والخــوف مــن بالء اإليمــان وامتحانــه هــو علــة علــل الــردة واإلنــقالب ىلع العقبيــن‪.‬‬

‫إال بغلبــة إرادة املعصيــة ىلع إرادة الطاعــة‬ ‫واملعاصــي بابها‪:‬الشــهوة واللــذة والغفلــة والشــبهة‪،‬ثم تأتــي املعاصــي حتــى تغلــب القلــب فينتكــس ويقــع قوله‬
‫تعالى(وكذلــك زينــا لــكل أمــة عملهم)وهــي أخــوف آيــة يف بــاب العلــم يف القــرآن الكريم‪،‬ذلــك بتحســين كل عمــل‬
‫وقــد يســأل ســائل‪:‬كيف تغلــب اإلرادة مــا‬
‫تحســن بالشــبهة ويرافــق كل هــذا الغفلــة وتــرك الطاعــــــــات‬
‫ـ‬ ‫لصاحبه‪،‬وهــذا يقــع ابتــدا ًء بالشــهوة واللــذة ثــم‬
‫يضادهــا؟ فالجواب‪:‬بمــا يمدهــا مــن ضعــف‬

‫‪05‬‬ ‫المجله المحجه ‪1445‬ـه‬


‫طريقتــه وحزبه‪،‬فيشــتط يف املخالفة‪،‬ويوغل‬ ‫أو قوة‪،‬كمــا قــال تعالــى يف مــد قــوة‬
‫فيهــا إيغــاال عجيبــا قويا‪،‬حتــى ليســبق بغضــه‬ ‫الشــر(وإخوانهم يمدونهــم يف الغــي ثــم ال‬
‫للمخالــف بغضــه للكافر‪،‬وتحــت شــعار معاصــر‬ ‫يقصرون)‪.‬واإليمــان باللــه والــدار اآلخــرة همــا‬
‫محــدث ‪:‬أن املبتــدع شــر مــن الكافر‪،‬فيبتلــى‬ ‫مــدد كل الطاعات‪،‬كمــا قــال تعالى(ولــو كانــوا‬
‫بنــا يبيــن عــن قلبــه باصطفافــه مــع الكافــر‬ ‫يؤمنــون باللــه والنبــي مــا اتخذوهــم أوليــاء)‪.‬‬
‫ضــد املســلم املبتــدع يف مذهبه‪،‬فيقــع‬ ‫وأمــا مــدد الشــبهة يف حصــول الردة‪،‬فهــذا‬
‫يف الكفــر والــردة‪ .‬وأمــا عــدم عصمــة الــصالة‬ ‫منتشــر يف يومنــا لغلبــة الجهــل بالله‪،‬وانتشــار‬
‫والصــوم مــن الوقــوع يف الــردة واالنــقالب ىلع‬ ‫مذاهــب الباطل‪،‬وخاصــة مذهــب اإلرجــاء‬
‫العقبيــن فشــرحه التالــي‪ :‬أوال ‪:‬هــذه أعمــال‬ ‫الخبيــث‪،‬ال أقصــد بــه إرجــاء الفقهاء‪،‬ولكــن‬
‫عظيمــة تعيــن الطائــع ىلع طاعته‪،‬وتقــوي‬ ‫اإلرجــاء الخبيث‪،‬وكذلــك انتشــار أقــوال فاســدة‬
‫لديــه اإليمــان لــدى فاعلهــا‪ .‬ثانيــا‪ :‬كل عمــل‬ ‫تخالــف اإلجمــاع ‪،‬أو اتبــاع األقــوال التــي علــم‬
‫يضــاده نــوع خــاص مالئــم له‪،‬وليــس كل‬ ‫بطالنهــا وخالفهــا النصــوص املعصومــة مــن‬
‫عمــل يضــاده كل عمل‪،‬فالــصالة والصــوم ال‬ ‫زالت العلماء‪،‬فهــذه تتخــذ اليــوم تــكأة لســبل‬
‫تــدرآن شــبهات العلم‪،‬فقــد يقــع كبــار العبــاد‬ ‫الباطل‪،‬فيســلكها املــرء مطمئنــا نفســه أنــه‬
‫يف البدعــة العلميــة‪،‬إذ مــا يضــاد البدعــة‬ ‫اتخــذ العمــل بنــص أو مذهب‪،‬ثــم مــا يــزال‬
‫هــو العلــم وليــس الــصالة والصــوم‪ .‬ثالثا‪:‬مــا‬ ‫يتــردى يف مســلك الباطــل حتــى يخــرج مــن‬
‫يقــوي الفعــل قــد يكــون مــن جنــس الفعــل‬ ‫الديــن كمــا قــال تعالى(بلــى مــن كســب ســيئة‬
‫املضــاد ‪،‬وقــد ال يكــون مــن جنســه‪،‬لكن‬ ‫وأحاطــت به خطيئتــه فأولئك أصحــاب النار هم‬
‫الطاعــة مطلقــا تلحــق بالطاعة‪،‬لكــن الــكالم‬ ‫فيهــا خالدون)‪،‬والقــول األقــوى يف هــذه اآليــة‬
‫عــن الجنــس ال النوع‪،‬فالــذي يقــوي العلــم هــو‬ ‫مــن ســورة البقــرة أن قولــه تعالى(وأحاطــت‬
‫ولكــن عامــة نــوع الــبالء يكــون ىلع جهــة الدعوى‪،‬فالعالــم يف دعــواه العلــم يبتلــى يف‬
‫العلم‪،‬وأمــا الطاعــة مطلقــا فتقويــه تبعــا‪.‬‬ ‫بــه خطيئتــه)أي كفــر وارتد‪،‬وســبيل ذلــك‬
‫العلم‪،‬واملجاهــد مدعــي الشــجاعة يبتلى يف باب الشــجاعة‪،‬واملنفق يبتلى يف بابــه وهكذا‪،‬فإما‬
‫رابعا‪:‬حصــول الطاعــة مطلقــا ال يمنــع املعصية‬ ‫قوله(مــن كســب ســيئة)‪،‬فهذا كثــرت ســيئاته‬
‫أن ينتبــه لنفســه فيمنعهــا مــن الســقوط‪،‬ويصلح مــن حاله‪،‬وإمــا يســقط ويهــوي يف الــردة‪ .‬ثــم‬
‫مطلقا‪،‬فلــكل موقعــة حالها‪،‬فقــد يــرد املــرء‬ ‫حتــى وقــع يف الكفــر‪ .‬والشــيطان يســول لــه‬
‫هنــاك أمــر آخــر وهــو جوهــر املقــال هنــا‪ :‬الظواهــر لنا‪،‬والبواطــن والظواهــر لــرب العباد‪،‬فكــم مــن‬
‫بــاطال يف بــاب وحال‪،‬وقــد يقــع يف الباطــل‬ ‫التمــادي شــيئا فشــيئا حتــى يطبــق عليــه‪.‬‬
‫مــدع ســقط يف دعواه‪،‬وكــم مــن ســالك زل يف مســلكه‪،‬وذلك لعلــم اللــه بالقلوب‪،‬فنحــن نحكــم‬
‫يف حــال وباب‪،‬وهــذا مــن األقــدار التــي يبتلــى‬ ‫ومــن صــور حصــول الــردة بغــض املخالــف يف‬
‫ىلع الظواهر‪،‬فكــم مــن مصــل يشــتهي الســلطة وامللك‪،‬وكــم مــن مصــل يشــتهي املال‪،‬وكــم‬
‫بهــا العبد‪،‬ليحصــل للتائــب املغفرة‪،‬ويحصــل‬ ‫املذهب‪،‬وهــذا صورتــه يف القرآن بغــض النبي‬
‫مــن مصــل يشــتهي النســاء‪،‬فيبتلى‪،‬وهنا تحصــل صــراع اإلرادات‪،‬واللــه املوفــق واملانــع واملبتلــي‪.‬‬
‫للمتمــادي الغوايــة والســقوط‪،‬فالله ابتلــى‬ ‫صلــى اللــه عليــه وســلم كمــا قــال تعالى(لــوال‬
‫فليــس كثــرة الــصالة بمانعــة مــن حــب الرئاســة‪،‬وال حــب املال‪،‬وال حــب الظهور‪،‬وكذلــك الصيام‪،‬فقد‬
‫تبوك‪،‬فاهتــدى‬ ‫غــزوة‬ ‫يف‬ ‫املتخلفيــن‬ ‫نــزل هــذا القــرآن ىلع رجــل مــن القريتيــن‬
‫يقــدر بعضهــم ىلع منــع نفســه مــن الطعام‪،‬لكــن لــو عرضــت عليــه الرئاســة وقوتــل عليهــا لذبــح‬
‫التائبون‪،‬وضــل املتمــادون ‪ .‬خامســا‪:‬كل النــاس‬ ‫عظيم)‪،‬وتجلياتــه يف املعاصريــن كثير‪،‬فقــد‬
‫النــاس مــن أجلهــا‪ .‬وهكــذا تتنــوع النفــوس يف شــهواتها‪،‬وتتنوع أحــوال النــاس يف العلم‪،‬ثــم‬
‫مبتلــى بــبالء ‪،‬واملــرءال يختــار نــوع بالئــه‬ ‫يبغــض مبتدعــا يف مذهبــه‪،‬أو مخالفــا لــه يف‬
‫تبقــى كلمــة ربانيــة جامعة(ومــن يهــن اللــه فمــا لــه مــن مكــرم)‬

‫‪08‬‬ ‫المجله المحجه ‪1445‬ـه‬ ‫‪07‬‬ ‫المجله المحجه ‪1445‬ـه‬


‫ومصادرتهــا يف الوقــت الــذي تنشــر فيــه‬ ‫بــل أحبهــم ووصفهــم بأصحــاب اإلسالم‬
‫كتابــات األراذل مــن أهــل التجهــم واإلرجــاء‬ ‫املعتــدل األمريــكان ويقصــدون املنبطــح‬
‫وعلمــاء الســوء بــل وتطبــع وتــوزع باملجــان‪،‬‬ ‫املنســحق تحــت أقدامهــم) ‪.‬ولقــد علمــت يف‬
‫ويعملــون كمــا شــاهدنا وشــاهد النــاس ىلع‬ ‫حبســي األخيــر هــذا أن أعــداء اللــه وبإشــراف‬
‫إكــراه املشــايخ ورؤوس الدعــاة واملجاهديــن‬ ‫مــن أوليائهــم األمريــكان قــد اســتعانوا ببعــض‬
‫تحــت القيــد واألســر والتعذيــب والضغــط‬ ‫أقطــاب التجهــم واإلرجــاء مــن الجزيــرة وغيرهــا‬
‫والتهديــد والوعيــد ىلع إصــدار بعــض الفتــاوى‬ ‫إلقنــاع الشــباب بفكرهــم املمســوخ وإنتــاج‬
‫أساليب الطغاة يف الكيد للدعاة واملجاهدين‬
‫والتصريحــات املحدلــة واملناقضــة للنهــج‬ ‫طوائــف وجماعــات إسالميــة ممســوخة تعمــل‬
‫الســديد وإن عجــزوا عــن إصداراهــا صريحــة‬ ‫تحت ســمع وبصر األمريــكان واملخابرات العربية‬
‫فلــن يعجــزوا عــن التزويــر والدبلجــة واملســخ‬ ‫تســتقطب الشــباب إلــى صفوفهــا وتربيهــم‬
‫أبو محمد املقدسي‬
‫والترقيــع ويســتعينون أيضــا باإلعالمييــن‬ ‫وتســخرهم املحاربــة الدعــاة واملجاهديــن‬ ‫مصدر‪ :‬كتاب «وقفات مع ثمرات الجهاد» وقفة ‪ ١٨‬مع إختصار يسير‬

‫العــمالء والصحفييــن املرتديــن والعلمانييــن‬ ‫والدفــاع عــن والة األمــور (الطواغيــت مقابــل‬
‫ونحوهــم مــن كتــاب الفتنــة والقعــود والخبــال‬ ‫أمــوال طائلــة وجــوازات أمريكيــة ومســاعدات‬ ‫والفئــة الضالــة ونحوهــا مــن األوصــاف التــي‬ ‫وأعــوان الطواغيــت يف الكيــد للدعــاة‬

‫يســخرون منابــر صحافتهــم وصفحــات‬ ‫واســعة وتأهيــل اســتخباراتي وثقــايف ودينــي‬ ‫هــم وأســيادهم أولــى واللــه بهــا كمــا فصلنــا‬ ‫واملجاهديــن والســعي يف اإلضــرار بهــم‬

‫محالتهــم لزخرفــة باطــل الطواغيــت والطعــن‬ ‫ممســوخ‪ ،‬وينتقــون لذلــك ابتــداء بعــض‬ ‫يف غيــر هــذا املوضــع ‪..‬ويمتطــي هــذا‬ ‫ليســوا فقــط جندهــم وجالديهــم وعســاكرهم‬

‫يف الدعــاة واملجاهديــن ويصورونهــم بأنهــم‬ ‫الشــباب مــن بلــدان مختلفــة مــن املتورطيــن‬ ‫املركــب أيــضًا طائفــة مــن جماعــات التجهــم‬ ‫ومخابراتهــم ومباحثهــم‪ -‬بــل أيضــا مــن‬

‫فئــة وشــرذمة قليلــون منبــوذون وأن األكثريــة‬ ‫ببعــض التهــم فيمنونهــم بالــخالص مــن‬ ‫واإلرجــاء مــن القاعديــن والخوالــف الذيــن‬ ‫أنصارهــم وأعوانهــم علمــاء الســوء الذيــن‬

‫املصفقــة واملطبلــة مــع الطاغــوت ويف صفه‬ ‫املحاكمــات والســجون ويدخلونهــم يف‬ ‫انحــازوا إلــى عــدوة السالطيــن والطغــاة‬ ‫يحســدون الدعــاة واملجاهديــن ىلع مــا آتاهــم‬

‫‪ ..‬كمــا قــال ســلفهم ‪ (( :‬إن هــؤالء الشــرذمة‬ ‫تلــك البرامــج بيــن الترغيــب والترهيــب‪،‬‬ ‫يدعــون النــاس إلــى الدخــول يف طاعتهــم‬ ‫اللــه مــن فضلــه مــن عــزة ورفعــة رفعهــم اللــه‬

‫قليلــون وإنهــم لنا لغائظــون لجميع حــاذرون ))‬ ‫واإلغراءوالتهديدومــن أســاليبهم أيضــا يف‬ ‫ومواالتهــم بــل ومبايعتهــم والبــراءة مــن‬ ‫بهــا ببركــة رفعهــم لرايــة توحيــده‪ ،‬وخفــض‬

‫وكــم رأينــا هــؤالء الكتــاب والصحفييــن ُيصدرون‬ ‫اإلضــرار بالدعاةواملجاهديــن أنهــم ويف مقابــل‬ ‫دعــاة الحــق واملجاهديــن مــن أهــل الطائفــة‬ ‫أولئــك الذيــن أخلــدوا إلــى األرض بتخليهــم‬

‫و ُيبــرزون؛ ليعيبــوا ىلع الدعــاة دعوتهــم‬ ‫إفســاحهم املحــال لعلمــاء الســوء ودعــاة‬ ‫املنصــورة ويســعون يف إضرارهــم والتخذيــل‬ ‫عنهــا وانحيازهــم إلــى عســكر الســلطان‪ ،‬وقــد‬

‫ويرموهــم بالغلــو والتكفيــر والخــوارج ويطعنــوا‬ ‫الفتنــة والتجهــم واإلرجــاء فإنهــم يف مقابــل‬ ‫دونهــم بإرهــاب فكــري وتمويــل عقائــدي إن‬ ‫رأى النــاس كيــف يصــدر أمثــال هــؤالء يف‬

‫يف املجاهديــن وجهادهــم ويســتخفون‬ ‫ذلــك يعملــون ىلع تغييــب مشــايخ أولئــك‬ ‫فتشــية وجدتــه مــن ميــرات املعــد والجهــم‬ ‫شاشــات الفضائيــات وتســخر لهــم صفحــات‬

‫باختياراتهــم وأعمالهــم‪ ،‬ليضغطــوا يف هــذا‬ ‫الدعــاة واملجاهديــن ومرجعياتهــم العلميــة‬ ‫واملريســي وإخواهــم مــن تحمــل الربيــع‬ ‫الجرائــد الســلطانية‪ ،‬وتبــذل لهــم كافــة‬

‫االتجــاه أو ذاك وليحرفــوا املجاهديــن عــن‬ ‫ورؤوســهم الدعويــة ســواء بالقتــل أو الســجن‬ ‫والــضالل ولذلــك فــرع مهــم وأحبهــم الطواغيت‬ ‫اإلمكانيــات واالمتيــازات كــي يشــنوا غاراتهــم‬

‫نهجهــم الــذي ُيرضــي اللــه و ُيســخط ســادة‬ ‫واملطــاردة كمــا هــو مشــاهد اليــوم يف كافــة‬ ‫وامللــوك‪ ،‬وصــدق النضــر بــن شــميل يــوم وصف‬ ‫ىلع الدعــاة واملجاهديــن بشــبه فاســدة‬

‫أولئــك الكتــاب والصحفييــن (ومــا ضــر الســحاب‬ ‫األقطــار‪ ،‬أو بمنعهــم مــن اســتعمال وســائل‬ ‫اإلرجــاء بأنــه ديــن يوافــق امللــوك يصيبــون‬ ‫ســاقطة مســتهلكة قــد اجتلناهــا بفضــل اللــه‬

‫نبــح الــكالب ) ‪ .‬وربمــا تعمــدوا تســليط األضــواء‬ ‫اإلعالم وحجبهــم عنهــا ومنــع كتاباتهــــــم‬ ‫بــه مــن دنياهــم وينقصــون بــه مــن دينهــم ‪..‬‬ ‫يف كتاباتنــا يف ســالف األزمــان‪ ،‬ويرمونهــم‬
‫البدايةوالنهايــة (‪)5( . )١٠/٢٧٦‬‬ ‫بألقــاب شــنيعة يكرههــا أهــل اإلسالم كالخوارج‬

‫‪10‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬ ‫‪09‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬


‫ثأريــة آنيــة غيــر مدروســة‪ ،‬فتنقلــب كثيــر مــن‬ ‫املخالفــون يف املنهــج واالختيــار واالجتهــاد؛‬
‫الوســائل عندهــم إلــى أهــداف يشــغلون األتباع‬ ‫ســواء أكانــوا مــن القاعديــن أم مــن املقاتليــن‬
‫بــل األمــة كلهــا بهــا‪ ،‬أو تصيــر األهــداف مبــررة‬ ‫فالقاعــدون ينقمون ىلع املجاهدين جهادهم‬
‫للوســائل التــي كانــت قبــل ذلــك الحمــاس‬ ‫ويعيبــون عليهــم نهجهــم ويخذلونهــم عنــه‬
‫غيــر مبــررة وال مقبولــة‪ ،‬و ُيغــض الطــرف عــن‬ ‫بيــث الشــبهات التــي تفــت مــن عضدهــم‪،‬‬
‫اختيــارات ويتجــاوز عــن كثيــر مــن املمنوعــات‬ ‫وتوهــن صفهــم‪ ،‬وتفــرق جمعهــم حتــى بلــغ‬
‫‪ - ..‬وهــذه آفــة لــم يتوقــف التضــرر بهــا ىلع‬ ‫األمــر ببعــض املشــايخ‪ ،‬واألســفاه‪ ،‬أن تعاونــوا‬
‫طائفــة الشــباب ذوي األفــق الضيــق واالختبارات‬ ‫مــع األنظمــة يف إقنــاع الشــباب والضغــط‬
‫الحماســية أو الســطحية بــل تأثــر بهــا ولألســف‬ ‫عليهــم واإللحــاح ىلع اســتسالمهم والنــزول‬
‫الشــديد رؤوس ومشــايخ ومرجعيــات انســاقوا‬ ‫ىلع حكــم الطواغيــت الــذي روجــت لــه الدولــة‬ ‫يحــرف كثيــرًا مــن الشــباب عــن دائــرة الصــراع‬
‫خلــف حمــاس الشــباب األجــوف واختياراتهــم‬ ‫الكافــرة تحــت مســمى العفو عــن الفئــة الضالة‬ ‫ويورطهــم يف البحــث عــن مصــادر تمويــل‬ ‫ىلع بعــض هفــوات املجاهديــن وأبرزوهــا‬
‫الســطحية أو الثأريــة غيــر املدروســة ‪..‬وقــد‬ ‫‪ !! ..‬تحــت مســمى العفــو عــن الفئــة الضالــة ‪..‬‬ ‫بديلــة ومشــبوهة ســواء بالركــون إلــى بعــض‬ ‫وضخموهــا ليصــدوا عن ســبيلهم ‪ ..‬وربمــا روجوا‬
‫قيــل لبعــض الحكمــاء‪( :‬أي النــاس أذل؟ فقــال‬ ‫!!ومنهــم املقاتلــون املصــرون ىلع اختيــارات‬ ‫األحــزاب الضالــة والطوائــف املنحرفــة أو‬ ‫لبعــض الجبهــات أو ملعــوا بعــض الســاحات‬
‫عالــم يجــري عليــه حكــم جاهــل) ‪ .‬وهــذه‬ ‫مرجوحــة خصــوصًا أولئــك الفصاميــون الذيــن‬ ‫بمحاولــة الحصــول ىلع املال مــن خالل‬ ‫املرجوحــة والبعيــدة ثمراتهــا عــن أيــدي أهــل‬
‫إحــدى األثــايف أن ينقلــب الشــيخ املوجــه‬ ‫أشــرت إليهــم يف عقــوق الدعــوة) الذيــن مــا‬ ‫أعمــال يغضــون الطــرف عــن عــدم شــرعيتها‬ ‫اإلسالم‪ ،‬أو البعيــدة عــن عــروش طواغيــت‬
‫موجــهًا ويصيــر تابــعًا ال متبــوعًا ومتأثــرًا ال‬ ‫يفتئــون يعيــرون الدعــاة املخلصيــن بلزومهــم‬ ‫يف مخالفاتهاأمــا العاملــون ىلع اإلضــرار‬ ‫أولئــك الصحافييــن ليصرفــوا الشــباب عمــن‬
‫مؤثــرًا ومطيعــا ال مطــاعًا‪ ،‬وتصبــح املرجعيــات‬ ‫برامجهــم الدعويــة التــي هــي جــزء ال يتجــزأ‬ ‫باملجاهديــن مــن املخالفيــن فمنهــم جماعــات‬ ‫يليهــم مــن الكفــار‪ ،‬أو يوجهوهــم بذلــك إلــى‬
‫تميــل وتمــوج وتترنــح تحــت ضغــط وحمــاس‬ ‫مــن مشــروع الجهــاد الجــاد‪ ،‬ويســتعملون‬ ‫الغلــو واإلفــراط‪ ،‬الذيــن يعيبــون ىلع أهل الحق‬ ‫جبهــات ومياديــن تتقاطــع فيهــا املصلحــة‬
‫بــل وأهــواء الشــباب الســاذج ‪ ..‬رأيــت هــذا جلــيًا‬ ‫معهــم إرهــابًا فكريــا خــاصًا مــن خالل رميهــم‬ ‫وســطيتهم‪ ،‬بــل يكفرونهــم ألجلهــا‪ .‬وربمــا‬ ‫مــع مصالــح أســيادهم وأوليــاء نعمتهــم مــن‬
‫يف مواقــف وفتــاوى وتصريحــات بعض مشــايخ‬ ‫بتهــم القعــود والتخلــف ونحوهــا‪ ،‬وال يراعــون‬ ‫اســتحلوا بذلــك دماءهــم وأموالهــم وأعراضهــم‪،‬‬ ‫الطواغيــت أو أســيادهم مــن اليهــود واألمريكان‬
‫هــذا التيــار املبــارك تجــاه بعــض الحــركات‬ ‫ظــروف بالد أولئــك الدعــاة أو إمكاناتهــم أو‬ ‫وجروهــم وأشــغلوهم بمعــارك جانبيــة ال طائــل‬ ‫‪ ..‬ومــن أســاليبهم يف اإلضــرار باملجاهديــن‬
‫القتاليــة الفلســطينية املتخبطــة وعملياتهــا‪،‬‬ ‫مراحــل عملهــم ودعوتهــم‪ ،‬فرنمــا أثــروا ىلع‬ ‫تحتهــا ‪ ..‬والعاقــل ال ينجــر معهــم إلــى ذلــك وال‬ ‫والدعــاة مــا يســمونه اليــوم بتجفيــف منابــع‬
‫وتأييدهــم غيــر املتحفــظ لهــا ‪ ..‬ورأيتــه يف‬ ‫بعضهــم وأضــروا بهــم مــن خالل ذلــك اإلرهــاب‬ ‫يتضــرر بشــغبهم روى ابــن جريــر وغيــره أن ً‬
‫رجال‬ ‫التمويــل والتضييــق ىلع الدعــاة واملجاهديــن‬
‫االندفــاع واالنســياق والتوســع دون تحفــظ‬ ‫والضغــط املتواصــل فحرفوهــم عــن اختيارهــم‬ ‫مــن الخــوارج نــادى علــيًا رضــي اللــه عنــه وهــو‬ ‫يف أرزاقهــم ومعايشــهم ليحبطــوا جهادهــم‬
‫والتأييــد املطلــق دون ضوابــط للعمليــات‬ ‫األحظــى واألصلــح لديــن اللــه واألنفــع مــن‬ ‫يف صالة الفجــر فقــال‪ (( :‬ولقــد أوحــي إليــك‬ ‫ويحرفوهــم عــن خطــه األصيــل‪ ،‬يف الوقــت‬
‫التــي يســميها املخذلــون انتحاريــة ويســميها‬ ‫كثيــر مــن األعمــال القتاليــة املبعثــرة التــي‬ ‫وإلــى الذيــن مــن قبلــك لئــن أشــركت ليحبطــن‬ ‫الــذي يغدقــون فيــه األمــوال الطائلــة ىلع‬
‫املتحمســون استشــهادية ونســميها نحــن‬ ‫يباهــي بهــا أو يدعــوا إليهــا بحمــاس أجــوف‬ ‫عملــك ولتكونــن مــن الخاســرين )) فأجابــه علي‬ ‫أحذيتهــم وأذنابهــم مــن علمــاء الســوء‬
‫بالجهاديــة لكــن بضوابــط وشــروط معلومــة‬ ‫أولئــك الفصاميــون‪ ،‬فيجرونهــم بذلــك الضغــط‬ ‫وهــو يف الــصالة )) فاصبــر إن وعــد اللــه حــق‬ ‫واملتســاقطين يف حبائلهــم مــن املفتونيــن‬
‫‪ -‬ومن جــــــنس ما قـــد يتضرر بـه العاملين؛‬ ‫والحمــاس إلــى أعمــال مرجوحــة أو ردود أفعال‬ ‫وال يســتخفنك الذيــن اليوقنــون )) ‪ .‬ومنهــم‬ ‫مــن الدعــــــــاة وهــذا األســلوب الخبيــث قــد‬

‫‪12‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬ ‫‪11‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬


‫تلــك الرســائل الحماســية التــي يبثهــا بعــض رؤوس املجاهديــن هنا وهنــاك يحرضــون بها ىلع‬
‫اللحــاق بخطهــم القتالــي ذي الطابــع النكائــي الثــاري املجــرد‪ ،‬ويعيبــون فيهــا ىلع الدعــاة‬
‫العامليــن ثباتهــم ىلع برامجهــم الدعويــة وربمــا نعتوهــم بالقعــود بــل والركــون إلــى الدنيــا‪،‬‬
‫وحقيقــة ذلــك تقزيــم للجهــاد وتفريــغ لــه مــن محتــواه وبرامجــه التــي ال انفــكاك لــه عنهــا إن‬
‫كان يؤمــل عليــه تمكيــن للمســلمين يف األرض ‪.‬‬

‫البــاب لدعــاة التغريــب الذيــن يرتــدون‬


‫من ضل‬ ‫مصدر‪ :‬كتاب «املسلمون و الحضارة الغربية» ص ‪٢٠٧٧‬‬

‫مثلمــا الحســر كثيــر مــن املفهومــات‬


‫ثيــاب العلــم والثقافةوالتنويــر كمــا‬
‫يقولــون‪ .‬ومنطلــق أهــل التفريــط وأهــل‬ ‫يف مـهوم‬ ‫اإلسالميــة كمفهــوم التوحيــد ومفهــوم‬
‫العبــادة ومفهــوم الطاغــوت‪ ،‬انحســر‬

‫الجهاد‬
‫اإلفــراط واحــد‪ ،‬وهــو ضيــق املفهــوم‪،‬‬ ‫مفهــوم الجهــاد عنــد أكثــر النــاس‪ ،‬فنشــأ‬
‫وبيــن هذيــن يكــون مســتقبل األمــة يف‬ ‫عنــد بعضهــم ردة فعــل جنحــت إلــى‬
‫مهــب الريــح‪ ،‬ويكــون القاعــدون عــن‬ ‫الغلــو واســتحالل الدمــاء املعصومــة‪،‬‬
‫الجهادوأولياؤهــم هــم املنتصــرون ظاهــرا‪،‬‬ ‫الشيخ سـر الحوالي‬ ‫وكــذا حصــر الجهــاد يف بعــض معانيــه‪،‬‬
‫ال ســيما إن كانــوا أقــوى تأثيــرا يف النــاس‬ ‫والوقــوع يف العلمنــة بوعــي أو بغيــر‬
‫أو املقصــر‪ ،‬وال ينصــر الغالــي أيضــا‪ ،‬وهــو‬ ‫وعــي‪ ،‬وســاعد ىلع هــذه الكارثــة‪ ،‬أن‬
‫تعالــى غنــي عــن كال الطائفتيــن‪ ،‬وإذا‬ ‫بعــض أهـــــل العلــــــــــــم يحضـــــرون‬
‫عصــاه مــن يعرفــه ســلط عليــه مــن ال‬

‫يعرفــه‪ ،‬كمــا ســلط املجــوس ىلع بنــي‬ ‫الدعــوة واألحكام يف األســلوب الفردي املباشــر‬
‫إســرائيل‪ ،‬وســلط علينــا التتــار والصليبيــن‪،‬‬ ‫وحــده‪ ،‬مــع أن الدعــوة أرحــب بحاال ولها وســائل‬
‫يحضـــــرون وســلط علينــا هــذه الحضــارة‬ ‫عصريــة كاملؤسســات والفضائيــات واملراكــز‪،‬‬
‫املتعصبــة وال يظلــم ربــك أحــدا‪ .‬فالجهــاد‬ ‫وبعــض الوســائل تتأخــر ثمرتــه ولكنهــا أحــدى‬
‫وســط يأخــذ منــه جانبــا ويــدع بيــن طرفيــن‪،‬‬ ‫وأعــم‪ ،‬فأهــل العلــم حيــن يحصــرون الدعــوة‬
‫وال يصــح ألحــد أن آخــر‪ ،‬أو يخطــئ يف مفهومه‬ ‫يف بعــض مجاالتهــا‪ ،‬وحيــن يركــون مــن‬
‫وحقيقتــه‪ ،‬وأهــل الســنة دائمــا وســط بيــن‬ ‫ال يســتحق التزكيــة‪ ،‬وحيــن تغلــب عليهــم‬
‫الغالــي والجــايف‪ ،‬وأهــل الســنة يف الفــرق‬ ‫الغفلــة أو املجاملــة‪ ،‬وحيــن يشــددون النكيــر‬
‫كأهــل اإلسالم يف امللــل‪ .‬واالنحــراف يف‬ ‫ىلع مــن يقاتــل الكفــار ويســكتون عــن غيــره‪،‬‬
‫مفهــوم الجهــاد حاصــل وقديــم وأشــد منــه‬ ‫إنمــا يصبــون الزيــت ىلع النــار‪ ،‬ويفتـــــــحون‬

‫‪01‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪1445‬ـه‪1445‬ـه‬


‫المحجةالمحجه‬
‫مجلة المجله‬ ‫‪13‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬
‫أنهــم يقولــون إن املهــدي يخــرج عقــب‬ ‫وأمثــال ذلــك ممــا هــو نــوع مــن أنــواع الجهــاد‬ ‫أحــرارا‪ ،‬ولــن تكــون كذلــك بــل تدعــوه إلــى اللــه‬ ‫إلغــاء الجهــاد بالكليــة‪ ،‬والصحيــح أن الجهــاد‬
‫مــوت خليفــة وال خليفــة اليــوم‪ .‬وأذكــر ممــن‬ ‫لكنــه ليــس الجهــاد كلــه‪ .‬ثانيــا‪ :‬الــغالة يف‬ ‫وإلــى منهــج محمــد ‪ ،‬ونعمــل لتكــون ثرواتنــا‬ ‫منــه عــام وهــو مجاهــدة النفــس ىلع‬
‫ناظــرت منهــم (عبــد اللــه الحربــي)‪ .‬ه أنــا نكــر‬ ‫الجهــاد‪ ،‬وقــد ســبق ذكــر بعــض الغلــو‪،‬‬ ‫ملــكًا لنــا‪ ،‬وإذا ذهبنــا إلــى أمريــكا أو الغــرب‬ ‫الطاعة‪،‬وخــاص وهــو قتــال الكفــار كمــا هــو‬
‫ىلع هــؤالء ال ســيما مــن تقــدم اســمه حيــن‬ ‫والــغالة مــن املســلمين فئتــان‪ . :‬أ‪ -‬الخــوارج‪،‬‬ ‫ال تندمــج اجتماعيــا كمــا يقولــون‪ ،‬بــل نتميــز‬ ‫معلــوم مــن الســنة والســيرة‪ ،‬وتقــدم أن حصــر‬
‫يطلقــون النــار ىلع الدشــوش أو يفجــرون‬ ‫وأصــل بدعتهــم الخــروج بالســيف ىلع أئمــة‬ ‫ونســتعلي بديننــا ولغتنــا‪ ،‬وال نــأكل الختريــر‬ ‫الجهــاد يف بعــض أنواعــه هــو كحصــر النبــوة‬
‫الجمعيــات النســائية باســطوانات الغــاز‪ ،‬وملا‬ ‫الجــور‪ ،‬ودارهــم فقــط دار اإلسالم ب املعتزلــة‪،‬‬ ‫وامليتــة ونشــرب الخمــر ونعــري نســاءنا مثلهم‪،‬‬ ‫يف محمــد وحــده‪ ،‬أو حصرالكتــب املنزلــة يف‬
‫كنــت يف ســجن الحايــر عــرض علــي مديــر‬ ‫وهــم يف الحقيقــة خــوارج لكنهــم فلســفوا‬ ‫بــل نحــن أىلع ذلــك وأقــوم ســبيال بتوحيدنــا‬ ‫القــرآن وحــده‪ .‬أمــا أهــل الســنة والجماعــة‬
‫التحقيــق أن يكــون معــي بعضهــم فرفضــت‪.‬‬ ‫مذهــب الخــوارج وجعلــوه بنــاء عقليــا‪ ،‬فخالفــوا‬ ‫اللــه وطاعتــه يف تحريــم مــا حــرم‪ ﴿ ،‬مو ممــن‬ ‫فهداهــم اللــه الجتنــاب كال الطريقيــن‪ ،‬وإقامــة‬
‫هــذا وعقيــدة أهــل الســنة والجماعــة أن‬ ‫ن‬
‫اإل نس مال ِم ِدي ًنــا مفملــن ُي نق مبـ م‬
‫الخــوارج يف اســم مرتكــب الكبيــرة ووافقوهــم‬ ‫ـو‬
‫ـه مو ُهـ م‬
‫ـل ِمنـ ُ‬ ‫ـغ مغيــر ِ‬ ‫مي نب متـ ِ‬ ‫دولــة التوحيــد التــي ال تقتصــر ىلع أن تكــون‬
‫الجهــاد مــاض إلــى قيــام الســاعة‪ ،‬مــع البــر‬ ‫ين ﴾ [آل عمــران‪،]٨5 :‬‬ ‫ــر م‬ ‫ــن انل مخ ِ‬ ‫يف ن‬
‫اآل ِخــ مر ِة ِم م‬
‫يف الحكــم‪ ،‬ومذهبهــم يقــوم ىلع األصــول‬ ‫اس ِ‬ ‫ِ‬ ‫دولــة رفاهيــة‪ ،‬أو دولــة تنميــة ذات دخــل‬
‫والفاجــر‪ ،‬وتــرك الجهــاد مــن الكبائــر وهــو منــذر‬ ‫الخمســة‪ ،‬ومنهــا األمــر باملعــروف والنهــي عــن‬ ‫أمــا هــم فأضــل مــن األنعــام‪ ،‬ويشــتمون اللــه‬ ‫مرتفــع‪ ،‬واقتصــاد متيــن وطــرق فســيحة‬
‫بالعقوبــة الربانيــة التــي منهــا الــذل وتداعــي‬ ‫املنكــر الــذي يعنــي عندهــم الخــروج بالســيف‬ ‫أعظــم الشــتم بقولهــم إن لــه ولــدا‪ ،‬ويكفــرون‬ ‫ومصانــع وجامعــات كثيــرة‪ ،‬مــع أنهــا ال تهمــل‬
‫األمــم‪ ،‬وغلبــة املفســدين واســتئصال أهــل‬ ‫ىلع كل ظالــم‪ .‬وىلع ذلــك بعــض الهادويــة‬ ‫برســالة النبــي محمــد ﷺ ويزعمــون أنــه‬ ‫ذلــك‪ ،‬ولكــن األصــل فيهــا هــو الدعــوة إلــى‬
‫اإلسالم أو بالدهــم‪ ،‬وأشــد مــن تــرك الجهــاد‬ ‫املعاصريــن (الزيديــة)‪ ،‬وبعــض الرافضــة‪،‬‬ ‫افتــرى القــرآن! وأكبــر الخــوف ىلع اإلسالم هــو‬ ‫الجهــاد واألمــر باملعــروف والنهــي عــن املنكــر‪،‬‬
‫إلغــاؤه بــل إن إلغــاءه كفــر‪ ،‬وليــس مجــرد‬ ‫والفــرق الكفــر واإليمــان‪ .‬بينهــم وبيــن الخــوارج‬ ‫مــن املنافقيــن‪ ،‬إذ هــم أشــد ىلع األمــة مــن‬ ‫وإسالمهــا إسالم ربانــي مســتمد مــن الكتــاب‬
‫معصيــة‪ .‬واملســلمون مجاهــدون بالفطــرة‬ ‫ألهــم يقولــون إن مرتكــب الكبيــرة يف منزلــة‬ ‫الكفــار الصرحــاء‪ ،‬والتغريبيــون الســمر أشــد مــن‬ ‫والســنة‪ ،‬وليــس إسالمــا أمريكيــا مســتمدًا‬
‫فــإن لــم يتــح لهــم الجهــاد كحالنــا اليــوم لجــأ‬ ‫بيــن منزلتــي الكغــر و االيمــان‪ .‬ويف عصرنــا‬ ‫الغربييــن البيــض‪ .‬واليــوم تســمع مــن يســمون‬ ‫مــن رقصــات الصوفيــة أو أفــكار املعتزلــة‬
‫الشــباب إلــى التفحيــط والتطعيــس والســرعة‬ ‫هــذا كثــر النفــاق وتحكــم نســأل اللــه أن‬ ‫أنفســهم «النخبــة املثقفــة»‪ ،‬يقولــون‬ ‫والحداثييــن‪ ،‬والــذي يحــدد إسالمهــم هــم‬
‫الجنونيــة‪ ،‬والرياضــات الخطــرة واملغامــرة‬ ‫يهــدي جميــع املســلمين‪ .‬وممــن أخطــأ يف‬ ‫«شــهيدالواجب»‪ ،‬بــل قالــوا «شــهيد املســرح»‬ ‫العلمــاء املوقعــون عــن رب العامليــن‪ ،‬وليــس‬
‫املهلكــة‪ ،‬وإن حيــل بينهــم وبيــن اإلنفــاق يف‬ ‫مفهــوم الجهــاد يف عصرنــا وغــى فيــه‬ ‫واملســلمون أمــة جهــاد وليســت أمــة شــهوات‪،‬‬ ‫مؤتمــر جروزنــي وال مراكــز الدراســات األمريكيــة‬
‫ســبيل اللــه أنفقــوا لدعــم األنديــة الكرويــة‬ ‫جماعــة (جهيمــان)‪ ،‬وقــد كان منهــم منصــور‬ ‫ودولتهــم دولــة عقيــدة وليســت دولــة رفاهية‪،‬‬ ‫واإلرهابــي عنــد أهــل التوحيــد الحــق هــو‬
‫ويف الســياحة واملســارح والتبذيــر والكماليــات‬ ‫النقيــدان‪ ،‬ومشــاري الذايــدي‪ ،‬وعبــد اللــه بــن‬ ‫ولهــم تجــارة خاصــة بهــم‪ ،‬قــال تعالــى‪ ﴿ :‬يأيها‬ ‫الــذي جــاء مــن أقطــار األرض ليحتــل أولــى‬
‫ىلع تحــرر ُت ِج ُ‬ ‫م‬
‫وكمــا أن الجهــاد مــاض إلــى يــوم القيامــة‬ ‫يحــاد‪ ،‬وتركــي الدخيــل‪ ،‬ناظرتهــم واســتدللت‬ ‫يكــم ِم نن‬ ‫ـم م‬ ‫الذيــن امنــوا هــل أوُل ُكـ ن‬ ‫القبلتيــن وثالــث الحرميــن الشــريفين‪ ،‬وليــس‬
‫ـم ُت نؤ ِم ُن م‬ ‫ـذ م‬
‫فــإن بالد الشــام كلهــا أرض ربــاط إلــى قيــام‬ ‫عليهــم بأمــور أهمهــا‪ -١ :‬أن الدمــاء املعصومــة‬ ‫اه ُد م‬
‫ون‬ ‫ون ِبال لـ ِ‬
‫ـه مومر ُســولِ ِه‪ ،‬مو ُت نج ِ‬ ‫معـ م ٍ‬
‫اب ألِيـ ٍ‬ ‫االرهابــي هــو اإلخــوان وحمــاس) كمــا يقــول‬
‫الســاعة وتــدل ىلع ذلــك جملــة مــن األحاديث‬ ‫ال تســتحل بالــرؤى واألحالم‪ -.‬ألهــم يصححــون‬ ‫ــك نم ذلِ ُك ن‬
‫ــم‬ ‫س ُ‬ ‫ــم موأم ُ‬
‫نف ِ‬
‫م‬
‫ــه ِبأ نم مولم ُك ن‬
‫يل ال ل ِ‬
‫ــب ِ‬
‫س ِ‬‫يف م‬ ‫عــادل الجبيــر وســفراؤه‪ .‬وقــد ألــف األخ الدكتــور‬
‫ِ‬
‫يف الصحيحيــن وغيرهــا‪ ،‬وجســر الشــغور مــثال‬ ‫حديــث يبايــع لرجــل) ولــم يقــل املهــدي‪ .‬أن‬ ‫ــون) [الصــف‪.]١١-١٠ :‬‬ ‫ــم إِن ُكن ُت ن‬
‫ــم مت نعمل ُم م‬ ‫مخ نيــ ٌر لم ُك ن‬ ‫محمــد الســلومي) يف التاريــخ كتــابًا قيــمًا‬
‫اســمها يف األصــل جســر الثغــور‪ ،‬أمــا ربــاط‬ ‫ظهــور املهــدي يقتضــي نــزول عيســى عليــه‬ ‫ولــم يغفــل إخواننــا الفلســطينيون املقاومــة‬ ‫عنوانــه اإلسالم والغــرب تنافــس أم صــراع‪،‬‬
‫عســقالن فقــد ورد بشــأنه حديــث مرفــوع‬ ‫الــسالم وخــروج الدجــال ويأجــوج ومأجــوج‬ ‫الســلبية فخاضــوا معركــة األمعاءالخاويــة‪،‬‬ ‫والواقــع أن التنافــس الحضــاري بيــن األمــم‬
‫صححــه األلبانــي وغيــره‪ ،‬وقــد أخبــر النبــي‬ ‫وأمثــال ذلــك ممــا علمــه عنــد اللــه‪ ،‬وال يصــح‬ ‫وقاطعــوا بضائــع اليهــود‪ ،‬وأضربــت املــحالت‬ ‫هــو ســنة اللــه‪ ،‬لكــن الغــرب يرغمنــا إرغــامًا‬
‫ﷺ أنــه ال تقــوم الســاعة حتــى تنــزل الــروم‬ ‫أنــن تعجلــه نحــن البشــر مــن عنــد أنفســنا‪- .‬‬ ‫التجاريــة وكثــرت االعتصامــات واملســيرات‪،‬‬ ‫ىلع الصــراع‪ ،‬و «ترامــب» يريدنــا عبيــدا وليــس‬

‫‪16‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬ ‫‪15‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬


‫لحراســته طائفــة مــن جيشــها‪ ،‬وكان هدفــا‬ ‫مــا أنشــأوا دويلتهــم يف األرض املباركــة‬ ‫أمريــكا لكانــوا قــد اعترفــوا بإســرائيل مــن زمــان‪.‬‬ ‫باألعمــاق أو بدابــق حســب اخــتالف الروايــات‬

‫للمجاهديــن‪ ،‬وإنمــا بنتــه يف املاضــي لتهــدد‬ ‫جعلــوا مســؤوليها هــم نفــس رؤســاء تلــك‬ ‫ولــو فرضنــا جــدال أن أهــل القطــاع مبتدعــة‪،‬‬ ‫وهمــا قــرب حلــب‪ ،‬وقــال بعــض أهــل املراتــب‬

‫بــه القاهــرة والعواصــم العربيــة األخــرى‪ ،‬وهــم‬ ‫العصابــات‪ ،‬مثل‪»:‬بيجــن»‪ ،‬و»موشــيه ديــان»‪،‬‬ ‫أليســوا مظلوميــن والواجــب هــو الوقــوف مــع‬ ‫العليــا يف دراســة التاريــخ إنهــم نزلــوا بالفعــل‪،‬‬

‫اليــوم مــن إشــعاعاته التــي يقــول الخبــراء‬ ‫و»إســحاق رابيــن»‪ ،‬و»شــمعون بيريــز»‪ .‬ولــم‬ ‫املظلــوم ال مــع الظالــم مــع نصــح املبتــدع‬ ‫فــإن صــح ذلــك فال مانــع مــن تكــرار التــرول‪،‬‬

‫الصهاينــة إنهــا ســوف تدمــر إســرائيل واألردن‬ ‫يقتصــر إرهابهــم ىلع فلســطين بــل وصــل‬ ‫وتحذيــره‪ ،‬وكفــر املظلــوم أو فجــوره عليــه‬ ‫وكل ذلــك غيــب ال علــم لنــا بــه‪ ،‬وال نزلــه‬

‫و بعــض مصــر وبعــض الســعودية كمــا أن‬ ‫إلــى تونــس وبيــروت ومصــر ويف األخيــر قتلــوا‬ ‫لكــن ال يمنــع اســتجابة دعوتــه‪ ،‬وقــد وعــد الله‬ ‫ىلع الواقــع‪ ،‬وإنمــا نحــن مأمــورون بالجهــاد‬

‫مــن الخطــأ سياســيا مــع كــون ذلــك محرمــا‬ ‫طالب املــدارس ومــن كان يف قلبــه ذرة مــن‬ ‫املظلــوم بالنصــر ولــو بعــد حيــن! ولنفــرض‬ ‫وبمعــاداة كفــار الــروم‪ .‬والجهــاد اليــوم إرهــاب‬

‫يف الديــن الدخــول مــع أمريــكا يف تحالــف‬ ‫اإليمــان ال يحــب اليهــود أبــدا‪ ،‬وال يدعــو لهم وال‬ ‫أن الصهاينــة العــرب ال يقفــون مــع إســرائيل‪،‬‬ ‫يف نظــر أمريــكا وأوليائهــا‪ .‬وأمريــكا ال تريــد أن‬

‫ملكافحــة اإلرهــاب كمــا يقولــون‪ ،‬فقــد‬ ‫يخــاف منهــم‪ ،‬كمــا ال نخــاف أبــدا مــن أســلحة‬ ‫أليســوا يقفــون مــع أمريــكا؟ ومــن ذلــك يتبيــن‬ ‫يجاهــد املســلمون بــل أن يظلــوا عالــة عليهــا‬

‫رأينــا بأعيننــا كيــف أن السياســة األمريكيــة‬ ‫النصــارى التــي يمــدون بهــا اليهــود‪ .‬وأقــوى ما‬ ‫لــكل ذي عينيــن وجــوب إعالن معــاداة أمريــكا‬ ‫وال ينتجــون شــيئا أو يصنعــون شــيئا قــط‪ ،‬ال‬

‫املراوغــة تتخلــى عــن حلفائهــا وتســمي‬ ‫عنــد الكـــار هــو األســلحة النوويــة التــي‬ ‫وإســرائيل‪،‬ومن اتبــاع حــال الصحابــة رضــي اللــه‬ ‫ســيما الــسالح إذ أن انتاجــه نــوع مــن اإلعــداد‪،‬‬

‫التنظيــم الفالنــي إرهابيــا ولكنهــا تقاتــل‬ ‫هــي للــردع فقــط‪ ،‬وضررهــا يصيــب أهلهــا‬ ‫عنهــم أال نخــاف قــوة العــدو مهمــا كانــت‪ ،‬وإنما‬ ‫والشــواهد ىلع ذلــك كثيــرة وإليــك هذيــن‬

‫معــه وتمــده بالــسالح بوضــوح أكثــر ممــا فعــل‬ ‫وحلفاءهــا‪ ،‬ولذلــك يدمرهــا صانعوها أنفســهم‪.‬‬ ‫تخــاف مــن معاصينــا وذنوبنــا نحــن‪ .‬ولســنا مــع‬ ‫املثاليــن مــن واقــع الحــال هنــا يف اململكــة‬

‫الرئيــس الفرنســي حيــن كانــت أقوالــه مــع‬ ‫وقــد صنــع الــروس واألمريــكان أســلحة فتاكــة‬ ‫مــن يقــول إن حمــاس إرهابيــة أو يســكت عــن‬ ‫وال ينكرهــا أحــد‪ -١ :‬ملا بــدأ املزارعــون إنتــاج‬

‫حكومــة الوفــاق يف طرابلــس ولكــن أفعالــه‬ ‫أنفقــوا عليهــا املليــارات وظلــت شــبحا‬ ‫الصهاينــة املعتديــن‪ ،‬فهــذا الــكالم مــع أنــه‬ ‫القمــح جــاء وزيــر الزراعــة األمريكــي‪ ،‬وقــال‬

‫مــع املنشــق «حفتــر» يف الشــرق‪ ،‬وقــد قــال‬ ‫يهــدد العالــم تحــدث عنــه «البيــر كامــو»‪،‬‬ ‫مخالــف لكتــاب اللــه وحديــث رســوله ‪ ،‬وملا‬ ‫الوزيــر الزراعــة الســعودي آنــذاك أوقفــوا زراعــة‬

‫«بوتيــن» بصراحــة إن أمريــكا غيــر جــادة يف‬ ‫و»ســارتر»‪ ،‬و «برترانــد رســل»‪ ،‬وارتعــدت أوروبــا‬ ‫تقــرر مــن عقيــدة أهــل الســنة والجماعــة‪ ،‬هــو‬ ‫القمــح وأمريــكا مســتعدة لبيعكــم بنصــف‬

‫حــرب اإلرهــاب‪ ،‬وكيــف يكافــح اإلرهــاب أكبــر‬ ‫الغربيــة خوفــا مــن أن يحــل بلنــدن أو باريــس‬ ‫مخالــف للمــادة (‪ )٥١‬مــن ميثــاق هيئــة األمــم‬ ‫الثمــن الحالــي‪ -٢ .‬ملا بنــت إيــران مفــاعالت‬

‫اإلرهابييــن يف التاريــخ‪ ،‬وكــم مــرة صرحــوا‬ ‫مــا حــل ببــراغ‪ ،‬وأن يكــون مصيــر أي زعيــم‬ ‫املتحــدة التــي تنــص ىلع حــق الشــعوب يف‬ ‫نوويــة وخشــي األمريــكان أن تبنــي الســعودية‬

‫بعداوتهــم للجهادييــن‪ ،‬وســموا الجهــاد إرهابــا‪،‬‬ ‫غربــي كمصيــر «دوبتشــيك»‪ ،‬ثــم دمــر الــروس‬ ‫الدفــاع عــن نفســها ضــد املحتليــن‪ ،‬بــل حتــى‬ ‫مثلهــا قــال وزيــر الخارجيــة األمريكــي «كيــري»‪:‬‬

‫أمــا دعــوى أمريــكا أن أســلحتها ذكيــة ولذلــك‬ ‫واألمريــكان بعــض هــذه األســلحة بموجــب‬ ‫أمريــكا ملا احتلــت العــراق اعترفــت أنهــا قــوة‬ ‫«أمريــكا مســتعدة إلقامــة مظلةأمنيــة تحمــى‬

‫تســتخدمها يف الحــروب فهــو عكــس الواقــع‪،‬‬ ‫اتفاقيــة «ســالت» بينهمــا‪ ،‬وقالتــا إن ذلــك‬ ‫احــتالل وأن اتفاقيــة جنيــف تلزمهــا ‪ .‬وإنمــا‬ ‫دول الخليــج مــن النــووي اإليرانــي «!! واملــرء‬

‫وقــد تجلــى هــذا الــذكاء قبــل شــهور مــن‬ ‫املصلحــة الــسالم الدولــي واإلنســانية جمعــاء‪،‬‬ ‫اإلرهابــي هــو املعتــدي املحتــل الكافــر الــذي‬ ‫حيــث يضــع نفســه‪ ،‬إمــا موضــع النــد أو موضــع‬

‫قيــام معركــة القيــارة‪ ،‬حيــث دمــرت الطائــرات‬ ‫وهكــذا يضطــر الكفــر إلــى تدميــر نفســه‬ ‫جــاء لألراضــي املقدســة مــن أطــراف األرض‪،‬‬ ‫العبــد‪ ،‬وهــذه كوريــا الشــمالية املجوســية‬

‫األمريكيــة الذكيــة جامعــة املوصــل وقتلــت‬ ‫بنفســه‪ ،‬وذلــك إقــرار بــأن النظريــة التــي بنــوا‬ ‫و اإلرهــاب متأصــل يف الفكــر الصهيونــي مــن‬ ‫وضعت نفســها نــدا ألمريــكا فأصبحــت تهددها‬

‫أســاتذتها اإلرهابييــن عنــد األمريــكان وشــهد‬ ‫ذلــك عليهــا‪ ،‬كانــت خطــأ وأنهــا ضــد مصلحــة‬ ‫قديــم‪ ،‬ال ســيما ملا أنشــأ الصهاينــة العصابــات‬ ‫يف عقــر دارهــا‪ ،‬وقطــاع غــزة الصغيــر هــزم‬

‫الالجئــون العراقيــون الفــارون مــن محافظــة‬ ‫اإلنســانية‪ ،‬مــع أنهــم ينافقــون ويقولــون إنهــم‬ ‫اإلرهابيــة مثــل «شــتيرن‪ ،‬واألرغــوي‪ ،‬والهاجانــا‪،‬‬ ‫إســرائيل يف ثالثــة حــروب متواليــة وحمــاس‬

‫نينــوى أن هــذه األســلحة الذكيــة اســتهدفت‬ ‫إنمــــــا دمروهــا ملصلحــــــةالسالم العاملــي‬ ‫وكاخ‪ ،‬وأصحــاب الخناجــر» لتخويــف ســكان‬ ‫تنــذر إســرائيل بمــا تشــاء وتهــدد كمــا تشــاء‪،‬‬

‫النســاء واألطفــال الذيــن ال سالح لهــم إال الدعاء‪،‬‬ ‫وقــد شــنت إســرائيل حروبــا كثيرة لم تســتخدم‬ ‫الــبالد‪ ،‬وارتكبــت هــذه العصابــات محــازر‬ ‫ولذلــك ال غرابــة أن أكثــر الشــعب يؤيدهــا وال‬

‫كمــا أن األســلحة األمريكيــة ضربــت منظمــة‬ ‫مفاعــل «ديمونه» يف أي منها‪ ،‬بل ســــــخرت‬ ‫تقشــعر لهــا األبــدان كمجــزرة ديــر ياســين‪ ،‬وملا‬ ‫يؤيــد الســلطة‪ ،‬ولــو أن أهــل غــزة اتبعــوا رضــا‬

‫‪18‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬ ‫‪17‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬


‫ىلع الذهــاب ألفغانســتان‪ ،‬وتقــول إن الجهــاد‬ ‫وقــد اتضــح للناظــر أن الخــوف مــن اإلسالم هــو‬ ‫أطباء بال حدود وكثيرا من األصدقاء!!‪.‬‬
‫فيهــا فــرض عيــن‪ ،‬وذلــك الهزيمــة االتحــاد‬ ‫الدافــع وراء انســياق اعدائــه وراء مقــوالت ال‬ ‫دع أســلحة «بــوش» التــي اســتخدمها قبــل‬
‫الســوفييتي وانتصــار أمريــكا‪ ،‬ويــدل ىلع صحة‬ ‫يصدقهــا العقــل‪ ،‬مثــل قــول إعالم السيســي‬ ‫ذلــك يف احــتالل العــراق وزعــم أنهــا ذكيــة!‬
‫مــا قيــل إن املجاهديــن اقتربــوا مــن قصــر‬ ‫إن «أوبامــا» مــن اإلخــوان وإن أردوغــان ادعــى‬ ‫وإذا كان األمريــكان قــد طــوروا أســلحتهم‬
‫بشــار يف دمشــق‪ ،‬ولكــن جاءتهــم األوامــر مــن‬ ‫الخالفــة‪ ،‬وإعالن أحــد أقطاب اليميــن املتطرف‬ ‫لتكــون أكثــر ذكاء ولتكــون إليكترونيــة فلمــن‬
‫الــدول املمولــة باالنســحاب؟ وأن الهــم األكبــر‬ ‫يف فرنســا أن املرشــح االشــتراكي الفالنــي‬ ‫يبيعــون بــل يؤجــرون ‪ -‬األســلحة التقليديــة؟‬
‫لـــ «دونالــد ترامــب وأوليائــه ليــس القضــاء ىلع‬ ‫هــو مرشــح اإلخــوان! فــإذا كان الغــرب وأذنابــه‬ ‫وقــد كتــب أحــد الصحفييــن العــرب ‪ -‬مســتهزئا‬
‫نظــام بشــار بــل القضــاءىلع «اإلخوانجيــة»‬ ‫يخافــون مــن اإلخــوان الذيــن يقبلــون الدخــول‬ ‫‪ -‬لقــد رأيــت الطلقــة األمريكيــة الذكيــة‬
‫كمــا يســمونهم؟ وكمــا أنهــم حرفــوا مفهــوم‬ ‫يف اللعبــة الديمقراطيــة كمــا حــدث يف مصر‪،‬‬ ‫تنطلــق مــن قاعــدة كــذا وتذهــب إلــى فنــدق‬
‫مــن يجــب جهــاده حرفــوا مفهــوم الجهــاد‬ ‫وربمــا يتنازلــون عــن الثوابــت كمــا حــدث يف‬ ‫كــذا وتبحــث عــن الجنــرال فالن‪ ،‬ودارت حتــى‬
‫نفســه‪ ،‬وجعلــوا للنصــر والبطولــة والهزيمــة‬ ‫تونــس وغيرهــا فكيــف بمــن يكــون الجهــاد‬ ‫وجدتــه يف شــقة كــذا يف غرفــة كــذا مــع‬
‫مدلــوالت مغايــرة‪ .‬فالبطولــة عندهــم هــي‬ ‫شــعاره عمليــا؟ وقــد قــال إعالم السيســي‬ ‫مجموعــة مــن أفــراد عائلتــه فأصابتــه وتركــت‬
‫أن يحصــل الفريــق ىلع كأس الــدوري يف‬ ‫أيضــا إن القــدس ليســت يف فلســطين‪ ،‬وأن‬ ‫النســاء واألطفــال؟!!‬
‫لعبــة مــن األلعــاب‪ ،‬واالنتصــار هــو تحقيــق‬ ‫صالح الديــن هــو أحقــر شــخصية يف التاريــخ‬ ‫ثــم أليــس املقاومــة اإلرهــاب كمــا يســمى‬
‫ذلــك يف مجــال الرياضــة واللعــب أيضــا‪ ،‬وظــن‬ ‫اإلنســاني‪ ،‬وإن قائــد معركــة حطيــن كان‬ ‫وســيلة غيــر الوســيلة األمريكيــة الذكيــة !! ومــا‬
‫بعــض الساســة أن ذلــك هــو النصــر هــو مثــل‬ ‫رمســيس الثانــي‪ ،‬وإمعانــا يف الجهــل والكــذب‬ ‫الفــرق بيــن أن يكــون املــوت باألســلحة الذكيــة‬
‫تصديــق أشــعب الطمــاع أن يف البيــت الفالني‬ ‫والتدليــس قــال بعــض املثقفيــن مــن نصــارى‬ ‫أو الكيماويــة‪ ،‬وبيــن أن يكــون باألســلحة‬
‫وليمــة وجريــه وراء الصبيــان مــع أنــه هــو الــذي‬ ‫لبنــان يمكننــا االســتعاضة عــن القــدس بــأي‬ ‫التقليديــة؟ وهــل كان صالح الديــن األيوبــي‬
‫أوهمهــم‪ .‬كما حرفــوا مفهوم النجوميــة وكرروه‬ ‫منطقــة أخــرى مثــل «أبــو ديــس»‪ ،‬وأيــن‬ ‫محرومــا مــن الــذكاء األمريكــي حيــن لــم‬
‫حتــى أصبــح عنــد بعــض النــاس هوالتفــوق‬ ‫يضــع هــذا األفــاك املســجد األقصــى؟ وإنــي‬ ‫يدخــل يف تحالــف مــع الحشاشــين أو يحالــف‬
‫يف محــال الغنــاء أو التمثيــل أو الكــرة‪ .‬بــل‬ ‫ألعجــب كيــف يدعــم أهــل التوحيــد أعــداء‬ ‫اإلمبراطــور البيزنطــي عدوالصليبييــن؟ بينمــا‬
‫حتــى اإلباحيــة جعلــوا لهــا نجومهــا ويســمون‬ ‫اللــه؟ وقــد قالــت قــوات ســوريا الديمقراطيــة‬ ‫تحالفــت أمريــكا مــع الناتــو وغيــره الحــتالل‬
‫املمثلــة «نجمــة اإلغــراء»‪ .‬والجهــاد هــو الــذي‬ ‫الكرديــة إنهــا تتلقــى مســاعدات عســكرية‬ ‫مدينــة املوصــل؟ وملاذا يقولــون إن تنظيــم‬
‫يرغــم األعداء ىلع االنســحاب مــن بالد اإلسالم‪،‬‬ ‫مــن التحالــف الدولــي‪ ،‬وذكــر الرئيــس «ترامــب»‬ ‫«داعــش» ســوف يســتخدم أســلحة كيماويــة‪،‬‬
‫فبعــد ان كانــت إســرائيل تقول إن مســتوطنات‬ ‫أنــه يجــب إعطــاء الــسالح لهــم‪ ،‬وطائــرات‬ ‫هــل هــذا تمهيــد الســتخدامها مــن جانبهــم؟‬
‫غــزة عندهــا مثــل تــل أبيــب‪ ،‬انســحبت صاغــرة‬ ‫التحالــف تدعمهــم حاليــا‪ ،‬وقالــت تركيــا إن‬ ‫وإذا كان لديهــم أســلحة بهــذا الــذكاء الخــارق‬
‫مــن قطــاع غــزة‪ ،‬بعــد أن خســرت كثيــرا مــن‬ ‫األســلحة املعطــاة لهــم ثقيلــة‪ ،‬أال يعنــي هــذا‬ ‫فمــا حاجتهــم للتحالــف أصال؟ وملاذا ال‬
‫جنودهــا‪ ،‬واســتخدم معهــا مجاهــدو غــزة‬ ‫أن الســعودية تدعــم األكــراد ضــد تركيــا‪ ،‬وأن‬ ‫يســتخدمونها يف أفغانســتان مــثال؟ وملاذا‬
‫اللغــة الوحيــدة التــي يفهمهــا الصهاينــة‪،‬‬ ‫الحــرب ىلع اإلرهــاب إنمــا هــي وفــق السياســة‬ ‫يســيطر عليهــم الرعــب إذا قاتلــوا املســلمين‬
‫وليــس املفاوضــات العبثيةوالتنســيق األمنــي‬ ‫األمريكيــة‪ ،‬مثلمــا كانــت الحكومــة تشــــــجع‬ ‫مهمــا كان ضعف املســلمين وغباء أســلحتهم؟‬

‫‪20‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬ ‫‪19‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬


‫وحــل الدولتيــن‪ .‬وأكبــر مآخــذ‬
‫الغربييــن واملتصهينيــن العــرب‬
‫ىلع املجاهديــن يف فلســطين‬
‫ألهم يعملون يف شــكل تنظيمات‬
‫تابعــة لحركــة عمــل العــرب ىلع‬
‫إنقــاذ مصــر منهــا كمــا قــال األميــر‬
‫تركــي الفيصــل‪ ،‬وهــذا االنتمــاء إن‬
‫كان ذنبــا فيكفــي الجهــاد كفــارة‬
‫لــه وإن كان مشــروعا فال إثــم‬
‫فيــه‪ .‬والواجــب الشــرعي هــو‬
‫الجهاد مشروع األمة أو مشروع النخبة‬ ‫االحتفــاء بالذيــن يخاطبــون العــدو‬
‫الدكتور‪ :‬أبو عبد الله الشامي‬ ‫بهــذه اللغــة وتعظيــم قدرهــم‬

‫ولــم يؤمــن بالــذي أرســلت بــه إال كان‬ ‫وليــس ســجنهم واتهامهــم‪ .‬ومــن‬
‫يقــول اإلمــام النــووي رحمــه اللــه يف‬
‫مــن أصحــاب النــار» رواه مســلم» انتهــى‪.‬‬ ‫فضــل الجهــاد وشــرفه أن الخليفــة‬
‫كتابــه «تهذيــب األســماء واللغــات»‪:‬‬
‫وعليــه؛ فأهــل العلــم يميــزون بيــن‬ ‫الراشــد عمــر بــن الخطــاب اللــه‬
‫ـان‪ ،‬منهــا‬
‫«لفظــة األمــة تطلــق ىلع معـ ٍ‬
‫قســمين مــن أمــة النبــي صلــى اللــه عليه‬ ‫أقســم ىلع الطفيــل بــن عمــرو‬
‫ــدق النبــي ‪ -‬صلــى اللــه عليــه‬
‫ص ل‬ ‫‪ -١‬مــن م‬
‫وســلم‪ -١:‬أمــة اإلجابــة؛ وهــم املســلمون‬ ‫الدوســي ملا قطــع الــروم يمينــه‬
‫وســلم ‪ -‬وآمــن بمــا جــاء بــه واتبعــه فيــه‪،‬‬
‫‪ -٢‬وأمــة الدعــوة؛ وهــم غير املســلمين من‬ ‫يــوم اليرمــوك‪ ،‬أن يــأكل ثــم أكل‬
‫وهــذا هــو الــذي جــاء مدحــه يف الكتــاب‬
‫اليهــود والنصــارى واملشــركين وغيرهــم‪.‬‬ ‫والســنة كقولــه ‪-‬تعالــى‪ { :-‬مو مك مذلِ م‬ ‫عمــر مــن موضــع يســاره رضــي‬
‫ــك‬
‫اللــه عنهــم أجمعيــن‪ ،‬فهــذه‬
‫وإن كل قســم مــن القســمين الســابقين‬ ‫ــطا} و ُ‬
‫{كن ُت ن‬
‫ــم مخ نيــ مر‬ ‫س ً‬ ‫ــم أُ لم ً‬
‫ــة مو م‬ ‫اك ن‬‫مج مع نل من ُ‬
‫يضــم عــدة أقســام‪ ،‬وكل قســم منهــا‬ ‫ُ‬ ‫منزلــة املجاهديــن الحقيقيــة‬
‫ـة} وكقولــه ‪-‬صلــى اللــه عليــه وســلم‪:-‬‬ ‫أ لمـ ٍ‬
‫لــه أحكامــه‪ :‬فالقســم األول فيــه املتبــع‬ ‫وليــس أن نعتــذر عــن اســتقبالهم‬
‫«شــفاعتي ألمتــي» وقولــه‪« :‬تأتــي أمتــي‬
‫وفيــه املبتــدع‪ ،‬وفيــه أصحــاب الكبائــر‬ ‫بأنهــم إنمــا جــاؤوا للعمــرة! وهــذا‬
‫ُغـ ًرا محجليــن» وغيــر ذلــك‪ -٢ .‬ومنهــا مــن‬
‫والحــدود وغيرهــم‪ .‬والقســم الثانــي فيــه‬ ‫ُب ِع م‬ ‫العــذر قــد يصلــح عنــد اســتقبال‬
‫ــث إليهــم النبــي ‪-‬صلــى اللــه عليــه‬
‫الحربــي واملعاهــد واملســتأمن والذمــي‬ ‫عبــد اللهيــان وعلــي مملــوك‬
‫وســلم‪ -‬مــن مســلم وكافــر‪ ،‬ومنــه قولــه‬
‫وغيرهــم‪ ،‬وكل هــذا ينبغــي أن يســتحضره‬ ‫وأضرابهــم‪ ،‬أمــا عنــد اســتقبال‬
‫‪-‬صلــى اللــه عليــه وســلم‪« :-‬والــذي نفس‬
‫أصحــاب الدعــوات يف مســيرتهم‪ ،‬كمــا ال‬ ‫خالــد مشــعل وإســماعيل هنيــة‬
‫محمــد بيــده ال يســمع بــي أحــد مــن هــذه‬
‫ينبغــي أن يغيــب عنهــم ً‬
‫أيضــا أن موقــف‬ ‫ورمضــان شــلح فال يصلــح ابــدا‬
‫األمــة‪ :‬يهــودي وال نصرانــي‪ ،‬ثــم يمــوت‬

‫‪22‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬ ‫‪21‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬


‫جغــرايف وديمغــرايف يســهل اســتمرار‬ ‫النــاس مــن أي دعــوة يتــراوح بيــن االتبــاع‬
‫الســيطرة والتحكــم عبــر منظومــة حكــم‬ ‫واملناصــرة‪ ،‬والحيــاد‪ ،‬ومناصــرة األعــداء‬
‫ً‬
‫شــائكا ومتشــع ًبا‬ ‫موضوعــا‬
‫ً‬ ‫عميلــة؛ ُيعتبــر‬ ‫والعــداوة‪ ،‬وأن كل قســم مــن هــذه األقســام لــه‬
‫نوعــا مــا؛ حيــث ينــدرج تحتــه كثيــر مــن‬
‫ً‬ ‫علمــا أن‬
‫حكــم وطريقــة تعامــل تختــص بــه‪ً ،‬‬
‫تصحيحــا‪،‬‬
‫ً‬ ‫املفاهيــم الخاطئــة التــي تحتــاج‬ ‫جملــة املعاملــة معهــم تقــوم بشــكل رئيــس‬
‫ومــن أبرزهــا‪« :‬وســيلة التغييــر‪ -‬القطريــة‬ ‫ىلع حشــد األتبــاع وتكثيــر األنصــار وأصحــاب‬
‫والعامليــة‪ -‬وظيفــة النخبــة‪ -‬دور الحاضنــة‪-‬‬ ‫الحيــاد اإليجابــي‪ ،‬وتفكيــك معســكر العــدو‬
‫طريقــة التعامــل مــع مكونــات الحاضنــة»‬ ‫وأنصــاره وتحييــد مــن يمكــن تحييــده منهــم‬
‫وغيــر هــذا‪ * .‬وتجن ًبــا للتطويــل‪ ،‬يمكــن إجمــال‬ ‫ومــن األمــور التــي يجــدر التنبــه إليهــا‬
‫التعاطــي الخاطــئ مــع الحاضنــة الشــعبية‬ ‫ً‬
‫أيضــا؛ حالــة الــصالح ىلع مســتوى النخــب‬
‫وفــق اآلتــي‪ -١ :‬تشــويه القضيــة التيتحملهــا‬ ‫والحاضنــة‪ ،‬حيــث يالحــظ أربــع حــاالت‪ :‬أوالهــا‬
‫النخبــة أو تقزيمهــا بدعــاوى الوطنيــة‬ ‫تتمثــل بــصالح الجهتيــن‪ ،‬والثانيــة بــصالح‬
‫ووســائل التغييــر املناقضــة لإلسالم‪-٢ .‬‬ ‫النخــب وفســاد الحاضنــة‪ ،‬وثالثهــا بــصالح‬
‫الزهــد والتفريــط يف الحاضنــة وعــدم إيالئهــا‬ ‫الحاضنــة وفســاد النخبــة‪ ،‬ورابعهــا وأرداهــا‬
‫االهتمــام املناســب‪ ،‬األمــر الــذي يســهل عملية‬ ‫فســاد النخــب والحاضنــة‪ .‬هــذا‪ ،‬وإن مقاربــة‬
‫الشــيطنة والعــزل مــن قبــل األعــداء‪ -3 .‬الغلــو‬ ‫موضــوع عالقــة جماعــات اإلسالم الحركــي‬
‫يف الحاضنــة ىلع حســاب الثوابــت وجعلهــا‬ ‫مــع الحاضنــة الشــعبية يف واقــع ســيطرة‬
‫ودائرتــه‪ -٦ .‬االنصهــار الســلبي للنخــب مــع الحاضنــة ومــا ينتــج عنه مــن تضييــع للقضية‪*.‬‬
‫شــماعة لالنحــدار يف درك التنــازالت‪-4 .‬‬ ‫املنظومــة الجاهليــة بعــد ســقوط امللــك‬
‫ويف ضــوء مــا ســبق؛ يتضــح اآلتــي‪ -١:‬أهميــة موضــوع الحاضنــة الشــعبية بمفهومهــا الواســع‬
‫جهــل النخــب بمكونــات حاضنتهــا ‪-‬القريبــة‬ ‫العثمانــي والحربيــن العامليــة األولــى والثانية‪،‬‬
‫الــذي يتجــاوز الحــدود الوهميــة التــي قســمت العالــم اإلسالمــي إلى مغتصبــات يســهل واقعها‬
‫والبعيــدة‪ -‬وحاضنــة أعدائهــا القريبــة‬ ‫والتــي نتــج عنهــا تقســيم العالــم اإلسالمــي‬
‫الجغــرايف والديموغــرايف ىلع املنظومــة الدوليــة الجاهليــة عمليــة الســيطرة والتحكــم‪-٢ .‬‬
‫والبعيــدة‪ -5 .‬جهــل النخــب بحقيقــة الصــراع‬ ‫إلــى مغتصبــات بحــدود وهميــة وواقـــــــــع‬
‫أهميــة إعمــال السياســة الشــرعية يف التعاطــي مــع الحاضنــة‪ ،‬مــع اســتحضار فقــه التعامــل‬
‫مــع أمــة اإلجابــة وأمــة الدعــوة وأقســامهما مــن ناحيــة‪ ،‬وفقــه التجنيــد والحشــد والتحييــد‬
‫والتفكيــك مــن ناحيــة أخــرى‪ -3 .‬أهميــة دور النخبــة ‪-‬أو الصفــوة أو الطليعــة أو النــواة‪ -‬يف‬
‫الحفــاظ ىلع الثوابــت وترســيخها وعــدم التفريــط بهــا‪ ،‬مــع تقديــم األنمــوذج يف الثبــات‬
‫والدعــوة والصبــــــــر والتضحيــة‪ -4 .‬التعاطــي الوســطي مــع الحاضنــة دون إفــراط يماشــي‬
‫األهــواء ويضيــع الثوابــت‪ ،‬ودون تفريــط يحــرم الجماعــات مــن عمقهــا وخزانهــا الطبيعــي‬
‫ويســهل عمليــة عزلهــا وشــيطنتها واســتئصالها‬

‫‪24‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬ ‫‪23‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬


‫ــن معا من م ن‬
‫اإل نس مال مم‬ ‫ــاد مم ن‬
‫ــد ِ‬ ‫س‪ِ :‬ج مه ُ‬ ‫ــاد ُ‬
‫الس ِ‬ ‫ــة‪ ..‬مو ل‬‫الدا ِف مع ِ‬
‫ل‬ ‫ألجلهــا الدولــة يف اإلسالم‪ ،‬واملهــام املناطــة‬
‫ـة؛‬ ‫ـل يف ِ‬ ‫ُ م‬ ‫م‬ ‫ـو ِة مح لتــى ُي ن‬
‫الذ لمـ ِ‬ ‫سـِل مم أ نو مي ندخـ ِ‬ ‫الد نعـ م‬
‫ـد ل‬ ‫مب نعـ م‬ ‫بــه فتختلــف عــن الغايــة التــي قامــت مــن أجلها‬
‫ين‬
‫الد ِ‬ ‫ىلع ِ‬ ‫ـه مت معالمى يف ن‬
‫إظ مهــارِ ِه م‬
‫ِ‬ ‫ـق ال لـ ِ‬‫ـام ِب محـ ِ‬
‫لِ ُي مقـ م‬ ‫الدولــة القوميــة‪ ..‬إذ أن الغايــة التــي قامــت‬
‫ُكِل ِ‬
‫ــه‪ ..‬فهــذا هــو شــكل الدولــة يف اإلسالم‪،‬‬ ‫ألجلهــا الدولــة اإلسالميــة هــي إصالح ديــن‬
‫وهــذه هــي الغايــات التــي ألجلهــا قامــت الدولة‪،‬‬ ‫النــاس ابتــدا ًء‪ ،‬ومــن ثــم إصالح دنياهــم تبعــا‬
‫وهــذا مــا يتناقــض كليــا مــع شــكل الدولــة التــي‬ ‫لذلــك‪ ..‬يف كتابــه «غيــاث األمــم يف التيــاث‬
‫قــام عليهــا النظــام الدولــي «الغربــي»‪ ،‬يقــول‬ ‫الظلــم» يقــول أبــو املعالــي الجوينــي ‪-‬رحمــه‬
‫عنهــا هنــري كيســنجر يف كتابــه «النظــام‬ ‫اســ ِت م‬
‫يفا ُء‬ ‫ض ن‬ ‫ــي‪ :‬أم لن انل مغــ مر م‬‫ــو ُل انل ُكِل ّ‬
‫‪»:‬فانل مق ن‬
‫اللــه‪ -‬م‬
‫العاملــي‪ :‬تــأمالت حــول طالئــع األمــم ومســار‬ ‫ـن‪،‬‬‫الديـ ُ‬
‫ـد ِ‬ ‫صـ ُ‬ ‫ط نو ًعــا أم نو مك نر ًهــا‪ ،‬مو نم‬
‫امل نق ِ‬ ‫اإل نس مال ِم م‬
‫اعـ ِ ن‬
‫مق مو ِ‬
‫ـد ِ‬
‫عكســا‬
‫ً‬ ‫التاريخ»‪»:‬كتلــة األفــكار هــذه تمثــل‬ ‫ـت‬‫الدن ميــا‪ ،‬مكا منـ ن‬
‫ـن ّ‬ ‫اس ـ مت مم لد ن‬
‫اس ـ ِت نم مرامر ُه ِمـ م‬ ‫ملا ن‬ ‫ـه لم‬
‫مولم ِك لنـ ُ‬
‫شــبه كلــي وقل ًبــا لنظــام وســتفاليا العاملــي‪ ،‬ال‬ ‫ــة مم نر ِع لي ًة»ويبيــن هــذه الغايــة‬ ‫ــذ ِه انل مق ِ‬
‫ض لي ُ‬ ‫مه ِ‬
‫تســتطيع الــدول‪ ،‬بنظــر أنقــى طبعــات الحركــة‬ ‫رفاعــي ســرور ‪-‬رحمــه اللــه‪ -‬يف كتابــه «التصــور‬ ‫الجهاد والتمرد ىلع النظام العاملي‬
‫اإلسالمويــة‪ ،‬أن تكــون املنطلــق املناســب ألي‬ ‫السياســي للحركــة اإلسالميــة» بقوله‪«:‬فالدولــة‬
‫نظــام دولــي‪ ،‬ألن الــدول علمانيــة» اإلسالم‬ ‫اإلسالميــة أساســها نشــر الدعــوة والعقيــدة‪..‬‬
‫والنظــام الدولــي واإلسالم‪ ،‬كمــا أنــه يتناقــض‬ ‫والدولــة هــي مقتضــى التوحيــد‪ ،‬ألن الدولــة‬
‫د‪.‬حسين أبو عمر‬
‫نشــأ النظــام الدولــي الحالــي‪ ،‬بمــا يتضمنــه مــن قواعــد ومعاييــر وقوانيــن‪ ،‬ومــن هيئــات‬
‫مــع شــكل ووظائــف األجــزاء املكونــة لهــذا‬ ‫والحكــم هــو مقتضــى التوحيــد‪.‬‬
‫الحكــم‪ُ ،‬‬
‫هــي ُ‬
‫ومؤسســات‪ ،‬ليعبــر عــن قيــم وثقافــة ورؤيــة وأيديوجيــات الــدول املكونة‪/‬الضامنة لــه‪« ،‬الغرب»‪،‬‬
‫النظــام الدولــي‪ ،‬أي الــدول‪ ،‬فإنــه كذلــك يتناقض‬ ‫والدولــة هــي التمكيــن للديــن يف األرض‪..‬‬
‫وليعالــج اإلشــكاليات التــي كانــت تواجههــا الــدول الغربيــة يف فتــرة مــا قبــل نشــوئه‪ ،‬وليضــع‬
‫مــع الــكل‪ ،‬أي النظــام الدولــي نفســه‪ ..‬يتناقــض‬ ‫والدولــة هــي األداة األساســية إلقامــة الديــن‪.‬‬ ‫حــدا للحــروب التــي كانــت تعانــي منهــا هــذه الــدول يف أكثــر تاريخهــا‪ ،‬وليضمــن لهــا تحقيــق‬
‫مــع القواعــد والقيــم واأليديولوجيــات التــي قــام‬ ‫الدولــة لرفع االســتضعاف عن املســلمين‪..‬الدولة‬ ‫مصالحهــا ونفوذهــا واســتمرارية الهيمنــة ىلع العالــم‪.‬‬
‫عليهــا هــذا النظــام الدولــي‪ ،‬ومــع التشــريعات‬ ‫لرفــع الفتنــة مــن جانــب غيــر املســلمين‪»..‬وأما‬
‫إذ أن الجــذور األولــى التــي نشــأ عليهــا النظــام‬ ‫وال شــك أن اإلسالم يتعــارض جذريا مع ذلك كله‪..‬‬
‫والقوانيــن التــي شــرعها‪ ،‬ومــع مصدريــة هــذه‬ ‫مهــام مــن يكــون ىلع رأس الدولــة فيشــرحها‬
‫الدولــي وظلــت مســتمرة معــه حتــى اآلن‪ ،‬هــي‬ ‫يتعــارض مــع شــكل ووظيفــة الوحــدات املكونة‬
‫القيــم واأليديولوجيــات والقوانيــن والتشــريعات؛‬ ‫املاوردي ‪-‬رحمــه اللــه‪ -‬يف كتابــه «األحــكام‬
‫الدولــة القوميــة العلمانيــة‪ ،‬بينمــا الدولــة يف‬ ‫لهــذا النظــام الدولــي‪« ،‬الــدول»‪ ،‬ويتعــارض مــع‬
‫حيــث نشــأ هــذا النظــام مــن قيــم وثقافــة‬ ‫ـن‬
‫الديـ ِ‬
‫ـظ ِ‬ ‫الســلطانية» حيــث يقول‪:‬أم مح ُد مهــا‪ِ :‬ح نفـ ُ‬
‫االسالم هــي دولــة األمــة وليســت دولــة العــرق‬ ‫القواعــد والقوانيــن والقيــم املنبثــق منهــا‬
‫م ُ‬
‫وأيديولوجيــات الغــرب‪ :‬مــن علمانيــة‪ ،‬وليبراليــة‪،‬‬ ‫ــه‬ ‫ســ مت ِق لر ِة‪ ،‬مو ممــا أم نج مم م‬
‫ــع معمل ني ِ‬ ‫ــه نُ‬
‫امل ن‬ ‫ىلع أ ُصولِ ِ‬
‫أو القوميــة‪ ،‬والســيادة فيهــا لله وليســت للبشــر‪.‬‬ ‫هــذا النظــام‪ ،‬ويتعــارض مــع شــرعية الهيئــات‬
‫وفردانيــة‪ ،‬ورأســمالية‪ ،‬واشــتراكية‪ ،...‬والتــي‬ ‫ام مب ني م‬
‫ــن‬ ‫يــذ نم‬
‫األ نح م‬ ‫ــة‪ ..‬ل‬
‫الثا ِنــي‪ :‬متن ِف ُ‬ ‫ســمل ُ نُ‬
‫ــك ِ‬ ‫ف األ لم ِ‬ ‫م‬
‫وهــذا التناقــض الحظــه حتــى بعــض املفكريــن‬ ‫املؤسســات التــي أنتجتهــا هــذه الــدول‪ ،‬ويأبــى‬
‫أنتجهــا العقــل الغربــي‪ ،‬أو بعبــارة أدق الهــوى‬ ‫ب‬ ‫ــة مو ل‬
‫الــذ ّ‬ ‫ض ِ‬‫ــة انل مب ني م‬ ‫الثالِ ُ‬
‫ــث‪ِ :‬ح مما مي ُ‬ ‫ين‪ ..‬ل‬
‫ــاجِر م‬ ‫امل مت م‬
‫نُ‬
‫ش ِ‬ ‫الغربييــن‪ ،‬يف كتابــه «صــدام الحضــارات‪..‬‬ ‫كل اإلبــاء أن تكــون الهيمنــة والســيادة والعلــو‬
‫الغربــي؛ إذ ال يمكــن وصــف االنحــراف والشــذوذ‬ ‫ص م‬
‫ــان‬ ‫ود؛ لِ ُت م‬ ‫ــة انل ُح ُ‬
‫ــد ِ‬ ‫ام ُ‬ ‫ــع‪ :‬م‬
‫إق م‬ ‫اب ُ‬ ‫ــن انل محِر ِ‬
‫يــم‪ ..‬موال لر ِ‬ ‫مع ِ‬ ‫إعــادة صنــع النظــام العاملــي» يقــول صموئيــل‬ ‫للكافريــن ولقوانينهــم ىلع الشــريعة وىلع‬
‫وانتكاســة الفطــرة التــي وصــل إليهــا الغــرب‪،‬‬ ‫ــاك‪ ،‬مو ُت نح مف م‬
‫ــظ‬ ‫االن ِت مه ِ‬ ‫مم محــارِ ُم ال ل ِ‬
‫ــه مت معالمــى معــن ِ‬
‫هانتنجتــون‪« :‬فكــرة ســيادة الدولــة القوميــة ال‬ ‫املســلمين‪ ..‬اإلسالم والدولــة الحديثــةاإلسالم‬
‫ويحــاول فرضهــا اليــوم ىلع املجتمعــات األخرى‬ ‫ك‪ .‬موانل مخا ِم ُ‬
‫س‪:‬‬ ‫اس ـ ِت نه مال ٍ‬ ‫ـن إ نت مال ٍ‬
‫ف مو ن‬ ‫ـاد ِه ِمـ ن‬ ‫ُح ُقـ ُ‬
‫ـوق ِع مبـ ِ‬
‫تتطابــق مــع فكــرة الســيادة (أو الحاكميــة) للــه‬ ‫يتعــارض ابتــدا ًء مــع شــكل ووظيفــة الوحــدة‬
‫بالعقــل‪ .‬يقــول صموئيــل هانتنجتــون يف‬ ‫ــة موانل ُق ل‬
‫ــو ِة‬ ‫ــد ِة نم‬
‫املا ِن مع ِ‬ ‫يــن ّ‬
‫الث ُغــورِ ِبانل ُع ل‬ ‫ص ُ‬‫مت نح ِ‬
‫وأوليــة مصالــح األمــة» أمــا الغايــة التــي ُوجــدت‬ ‫األولــى التــي تركــب منهــا هــذا النظــام الدولــي‬

‫‪26‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬ ‫‪25‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬


‫امل نؤ ِم ِن م‬
‫يــن‬ ‫ىلع نُ‬ ‫ــه لِنل مكا ِفِر م‬
‫يــن م‬ ‫﴿ مولمــن مي نج مع م‬
‫ــل الل ُ‬ ‫ي كتابــه «صــدام الحضــارات‪ ..‬إعــادة صنــع‬
‫س ِب ً‬
‫يال﴾[النســاء‪ ]١4١:‬فــاإلسالم يطــرح شــكال‬ ‫م‬ ‫النظــام العاملــي» عــن هــذا التعارض‪»:‬املشــكلة‬
‫ووظائــف للدولــة‪ ،‬ونموذجــا للنظــام الدولــي‪،‬‬ ‫املهمــة بالنســبة للغــرب ليســت األصوليــة‬
‫يختلــف عــن النمــوذج الغربــي القائم‪..‬ولقــد‬ ‫اإلسالميــة بــل اإلسالم‪ :‬فهــو حضــارة مختلفــة‪،‬‬
‫عبــر كيســنجر يف كتابــه «النظــام العالــم‪ »..‬عن‬ ‫شــعبها مقتنــع بتفــوق ثقافتــه‪ »..‬وكذلــك ال‬
‫تفــرد اإلسالم بــكل مــا ســبق بجملــة مختصــرة‪،‬‬ ‫يقــ ُر اإلسالم بشــرعية الهيئــات واملؤسســات‬
‫إذ يقــول‪»:‬كان اإلسالم دينــا أوال‪ ،‬دولــة متعــددة‬ ‫املنبثقــة عــن هــذا النظــام الدولــي‪ ،‬والتــي‬
‫اإلثنيــات ثانيــا‪ ،‬ونظامــا عامليــا‬ ‫لضمــان‬ ‫كأدوات‬ ‫أوجــدت‬
‫جديــدا ثالثــا‪ ،‬يف الوقــت‬ ‫الهيمنة السياســية والعســكرية‬
‫عينــه» وطــاملا أن العالقــة‬ ‫واألمنيــة واالقتصاديــة للــدول‬
‫بيــن اإلسالم والنظــام الدولــي‬ ‫التــي شــكلت هــذا النظــام‪..‬‬
‫القائــم هــي عالقــة تضــاد‪ ،‬فمن‬ ‫وكيــف يقــ ُر بشــرعية مجلــس‬
‫الطبيعــي أن يكــون الجهــاد‪،‬‬ ‫أمــن‪ ،‬تتمتــع فيــه خمــس دول‬

‫املجاهدون والحاضنة؛ خدمات وعداوات‬ ‫والــذي غايتــه الكبــرى علــو‬ ‫فقــط بصفــة العضويــة الدائمــة‬
‫اإلسالم ىلع غيــره مــن األديــان‬ ‫وبحــق النقــض «الفيتــو»‪،‬‬
‫الشيخ‪ :‬أبو حمزة الكردي‬ ‫والفلســفات واأليديولوجيــات‬ ‫وتتحكــم بمصيــر باقــي الــدول!‬
‫اللــه عــز وجــل‪ ،‬ســواء مك ُمـ م‬
‫ـل إخالصــه أو نقــص‪،‬‬ ‫«الحاضنــة الشــعبية» أهــم وأقــوى سالح‬ ‫الوضعيــة‪ ،‬أشــد أشــكال الرفــض‬ ‫هــذه املؤسســات التــي بــات‬

‫ســواء أُديــت العبــادة ىلع الوجــه األكمــل أم‬ ‫فتــاك‪ ،‬أهملتــه وتهاونــت يف تحصيلــه‬ ‫والتمــرد ىلع هــذا النظــام‬ ‫حتــى بعــض كبــار املفكريــن‬

‫تــؤد‪ ،‬كالــصالة والصيــام والــزكاة والحــج‬


‫ل‬ ‫لــم‬ ‫وتجهيــزه أغلــب الحــركات والتنظيمــات العاملية‬ ‫الدولــي وىلع أدواتــه‪ ..‬وهــو‬ ‫الغربييــن يشــكك بشــرعيتها‪،‬‬

‫والصدقــة وصلــة الرحــم وغيرهــا مــن العبــادات‪،‬‬ ‫والجهادية‪«.‬الحاضنــة الشــعبية» ُتعتبــر املاء‬ ‫الوســيلة التــي شــرعها اللــه‬ ‫يقــول ريتشــارد هــاس‪ ،‬رئيــس‬

‫ٌ‬
‫عبــادات وإن كانــت الجماعــة يف أداء بعضهــا‬ ‫والهــواء والــدواء‪ ،‬ألي حركــة جهادية أو سياســية‬ ‫لهــدم األنظمــة الجاهليــة‪،‬‬ ‫مجلــس العالقــات الخارجيــة‪،‬‬

‫أعظــم ثوابــا وأكثــر أجــرا؛ إال أنهــا حيــن يؤديهــا‬ ‫تريــد خــوض غمــار معركــة حقيقيــة‪ ،‬ىلع أرض‬ ‫وإقامــة النظــام اإلسالمــي‬ ‫يف كتابــه «عالــم يف حالــة‬

‫منفــردا ً‬
‫أيضــا تكــون صحيحــة‪ ،‬تتحقــق‬ ‫ً‬ ‫العبــد‬ ‫امليــدان سياســيا أو عســكريا‪ .‬وحيــن ُســئل أحــد‬ ‫الكامــل مكانهــا‬ ‫مــن الفوضــى‪ :‬السياســة الخارجيــة األمريكيــة‬

‫بالجماعــة ودونهــا؛ بالحاضنــة ودونهــا؛ إال عبــادة‬ ‫قــادة طالبــان‪ ،‬عــن أهــم أســباب نجــاح املقاومة‬ ‫وأزمــة النظــام القديم»‪»:‬مجلــس األمــن نفســه‪،‬‬

‫الجهــاد يف ســبيل اللــه‪ .‬لــذا تجــد أن دعــوة‬ ‫ضــد أقــوى وأعتــى تحالــف نظــام كفــري عاملــي‪،‬‬ ‫ال يســتحق شــرعية منــح الشــرعية لعمــل مــا‪،‬‬

‫النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم تحركــت بقــوة‪،‬‬ ‫فأجــاب‪« :‬تماســك الصــف الداخلــي»‪ُ .‬ج ـ‬
‫ــل‬ ‫وذلــك مــن منطلــق أنــه هــو نفســه مشــكوك‬

‫واتضــح أثرهــا وقويــت شــوكتها‪ ،‬حيــن وجــدت‬ ‫العبــادات عنــد أدائهــا تتعلــق بيــن العبــد وربــه‬ ‫يف شــرعيته»‪ .‬واإلسالم يأبــى كل اإلبــاء أن‬

‫الحاضنــة الداعمــة لهــا‪ ،‬مــع أن الصحابــة يف‬ ‫تبــارك وتعالــى‪ ،‬إن اســتوفت شــروطها وجــب‬ ‫تكــون الهيمنــة والتســلط والعلــو للكافريــن‬

‫مكــة كانــوا يوحــدون اللــه ويصلــون ويتدارســون‬ ‫أداؤهــا‪ ،‬وتــؤدى جماعــات وفــرادى‪ ،‬يدفــع العبــد‬ ‫ىلع املســلمين‪ ،‬كمــا هــو الحــال يف النظــام‬

‫دينهــم‪ ،‬لكــن الجهــاد واإلسالم لــم ينطلقــا بقوة‬ ‫ألداء العبــادة ظاه ـ ًرا وباط ًنــا حبــه وخوفــه مــن‬ ‫الدولــي القائــــــــم اليــوم‪ ،‬قــــــــال تعالـــــى‬

‫‪28‬‬ ‫المجله المحجه ‪1445‬ـه‬ ‫‪27‬‬ ‫المجله المحجه ‪1445‬ـه‬


‫الحقيقــي‪ ،‬ومادتهــا املتفجــرة‪ ،‬ودور الخــواص‬ ‫الحتضــان الجهــاد‪ .‬فال يتوقــف أمــر الجهــاد وقوة‬ ‫الحتضــان الجهــاد‪ .‬فال يتوقــف أمــر الجهــاد وقوة‬ ‫إال عندمــا وجــدت الحاضنــة القويــة الصلبــة يف‬
‫هــو دور الصاعــق واملحــرك الــذي يفجــر هــذه‬ ‫يمــوت قبــل أن يولــد‪ ،‬والطفــل الذي يشــيب قبل‬ ‫الجماعــات اإلسالميــة أو الجهاديــة؛ ىلع وجــود‬ ‫يثــرب‪ ،‬وهــذه الحاضنــة هــي القاعــدة الصلبــة‬
‫املادة»‪ ،‬ومــا أثــر الصاعــق عنــد انفجــاره مــا لــم‬ ‫أن يشــب‪ ،‬والشــاب الذي يشــيخ وهــو يف مقتبل‬ ‫الطعــام والشــراب واملال والــسالح والذخيــرة‬ ‫ألي مشــروع إسالمــي جهــادي ناجــح‪ ،‬لــذا كانــت‬
‫يكــن هنــاك مــادة متفجــرة‪ ،‬تجعــل الليــل نهــاًرا‪،‬‬ ‫العمــر وريعــان الشــباب‪ .‬فهــذه أفغانســتان أرض‬ ‫والدعــم املادي واللوجســتي‪ ،‬بــل البــد مــن‬ ‫اللبنــة األولــى يف بنــاء دولــة اإلسالم وتأســيس‬
‫والنهــار نــاًرا‪ .‬وهــذه غــزة أرض العــزة؛ قاومــت‬ ‫القبائــل أهــل البطولــة والنخــوة‪ ،‬التــي انتزعــت‬ ‫وجــود دعــم شــعبي عظيــم «حاضنــة» تكــون‬ ‫قواعــده قائمــة ىلع الحاضنــة يف أرض يثــرب‬
‫االحــتالل الصهيونــي ىلع مــدى عــدة قــرون‪،‬‬ ‫حريتهــا بعــد عقــود طويلــة مــن الغــزو‪ ،‬والدفــاع‬ ‫املمــول األول واألقــوى للجهــاد‪ .‬ولــو نظرنــا يف‬ ‫قامــت ىلع يــد قبيلتــي األوس والخــزرج‪ ،‬وقــد‬
‫فهزمتــه يف عــدة معــارك وحــروب‪ ،‬وأســقطته‬ ‫عــن الديــن واملقدســات واألعــراض واألنفــس‬ ‫جميــع أنحــاء العالــم ومناطــق الجهــاد خصوصــا‪،‬‬ ‫كانــت بينهــم حــروب كثيــرة بســبب التنافــس‬
‫مــع عبارتــه الشــهيرة «الجيــش الــذي ال يقهــر»‪،‬‬ ‫واألمــوال‪ ،‬بفضــل اللــه عــز وجــل ثــم بفضــل‬ ‫وأحصينــا أعــداد املجاهديــن لوجدنــا أنهــا قليلة‬ ‫الســلطي والسياســي واالقتصــادي‪ ،‬اســتمرت‬
‫هــذه العبــارة التــي لطاملا تفاخــر بهــا الصهاينة‪،‬‬ ‫حاضنــة قويــة صلبــة‪ ،‬مــن أبنــاء العشــائر‬ ‫جــدا‪ ،‬والنســبة الكبــرى لهــؤالء املجاهديــن هــم‬ ‫أكثــر مــن مائــة ســنة‪ ..‬هــذا االرتبــاط بيــن‬
‫فجندلوهــم بيــن قتيــل وجريــح وأســير‪ ،‬فبادلــوا‬ ‫والقبائــل وأهــل الجهــاد‪ .‬احتضنــت الجهــاد‬ ‫أصحــاب الفكــر والديــن وااللتــزام‪ ،‬والنســبة األقــل‬ ‫الحاضنــة وعبــادة الجهــاد؛ لــن تجــده موجــودا‬
‫بأســرى الصهاينــة مئــات األســرى مــن املســلمين‬ ‫ملــدة ثالث ســنوات ضــد الــراج البريطانــي حتــى‬ ‫واألضعــف هــم مــن أبنــاء املناطــق أو القبائــل‬ ‫بيــن الحاضنــة وأي عبــادة أخــرى‪ .‬وهــذا مــا فعله‬
‫يقــول األســتاذ خالــد مشــعل مســؤول املكتــب‬ ‫خــرج منهزمــا بفضــل اللــه تعالــى‪ .‬ثــم احتضنــت‬ ‫أو العشــائر أو الوطــن‪ ،‬لــذا كان الجهــاد ضعيفــا‬ ‫النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم‪ ،‬حيــن أخــرج‬
‫السياســي لحركــة حمــاس يف غــزة‪« :‬لــوال‬ ‫الجهــاد ملــدة عشــر ســنوات ضــد االحــتالل‬ ‫ســرعان مــا توقــف‪ ،‬وإن انــطالق ســوق الجهــاد‬ ‫صحابتــه رضــوان اللــه عليهــم مــن أرض مكــة‪،‬‬
‫الحاضنــة الشــعبية الكبيــرة مــا انتصــرت‬ ‫الســوفييتي حتــى خــرج مفــككا منهزمــا بفضــل‬ ‫يف بدايتــه يكــون ىلع أكتــاف أصحــاب الفكــر‬ ‫وأرســلهم إلــى أرض يثــرب‪ ،‬مــع أن مكــة هــي‬
‫املقاومــة يف غــزة»‪ .‬هاتــان أشــهر تجربتيــن‬ ‫اللــه تعالى‪.‬ثــم احتضنــت الجهــاد ملــدة عشــرين‬ ‫والديــن وااللتــزام‪ ،‬إال أنــه لــن يــدوم طـ ً‬
‫ـويال مــا لم‬ ‫ولــو نظرنــا يف جميــع أنحــاء العالــم ومناطــق‬
‫ألشــهر جماعتيــن يف العصــر الحديــث للحــركات‬ ‫ســنة ضــد تحالــف أقــوى نظــام كفــري عاملــي‬ ‫تشــارك فيــه وتتبنــاه وتحتضنــه «املناطقيــة‬ ‫الجهــاد خصوصــا‪ ،‬وأحصينــا أعــداد املجاهديــن‬
‫املقاومــة يف العالــم العربــي واإلسالمــي‪،‬‬ ‫حتــى خـــــــــرج منهزمــا بفضــل اللــه تعالــــى‬ ‫أو القبليــة أو العشــائرية أو الوطنيــة» وتكــون‬ ‫لوجدنــا أنهــا قليلــة جــدا‪ ،‬والنســبة الكبــرى‬
‫تعترفــان بأهميــة الحاضنــة للمجاهديــن‪،‬‬ ‫شــريانه النابــض واملغــذي لــه‪ ،‬كــي ال يضعــف أو‬ ‫لهــؤالء املجاهديــن هــم أصحــاب الفكــر والديــن‬
‫وتؤكــدان ىلع أهميتهــا وجوهرهــا‪ .‬إذا نظــرت‬ ‫يقــف أو يمــوت‪ .‬املجاهــدون = رأس املال‬ ‫وااللتــزام‪ ،‬والنســبة األقــل واألضعــف هــم مــن‬
‫إلــى مواطــن الجهــاد يف العصــر القديــم‬ ‫الجهاد = مشروع استثماري‬ ‫أبنــاء املناطــق أو القبائــل أو العشــائر أو الوطــن‪،‬‬
‫والحديــث‪ ،‬مــن أيــام النبــي صلــى اللــه عليــه‬ ‫االستشهاد = اإلنفاق‬ ‫لــذا كان الجهــاد ضعيفــا ســرعان مــا توقــف‪ ،‬وإن‬
‫وســلم ثــم الصحابــة مــن بعــده إلــى يومنــا‬ ‫الحاضنة الشعبية‬ ‫انــطالق ســوق الجهــاد يف بدايتــه يكــون ىلع‬
‫هــذا‪ ،‬ســترى أن الجهــاد اشــتعل يف الكثيــر‬ ‫= األربــاح وأي مشــروع اســتثماري لديــه رأس‬ ‫أكتــاف أصحــاب الفكــر والديــن وااللتــزام‪ ،‬إال أنــه‬
‫مــن األماكــن وضــد الكثيــر مــن الكفــار والطغــاة‬ ‫مــال وعليــه نفقــات؛ ليــس لــه أربــاح‪ ،‬فهــو‬ ‫لــن يــدوم طـ ً‬
‫ـويال مــا لــم تشــارك فيــه وتتبنــاه‬
‫والغــزاة املحتليــن‪ ،‬لكنــه لــم يســتمر يف مــكان‬ ‫مشــروع خاســر‪ ،‬يســتحيل أن يســتمر ويقــوى‬ ‫وتحتضنــه «املناطقيــة أو القبليــة أو العشــائرية‬
‫واحــد فتــرة طويلــة مــن الزمــن إال يف أماكــن‬ ‫ويتطــور‪ .‬وكذلــك الجهــاد يف ســبيل اللــه مــن‬ ‫أو الوطنيــة» وتكــون شــريانه النابــض واملغــذي‬
‫محــددة‪ ،‬هــذه األماكــن لــم تســتطع أن تطيــل‬ ‫الله‬
‫رحمهالله‬
‫الدنرحمه‬
‫بن الدن‬
‫أسامة بن‬ ‫الشيخ املجاهد‬
‫املجاهد أسامة‬ ‫يقولالشيخ‬
‫يقول‬ ‫دون قاعــدة صلبــة ينشــأ عليهــا «الحاضنــة»‬ ‫لــه‪ ،‬كــي ال يضعــف أو يقــف أو يمــوت‪ .‬خيــر بالد‬
‫أمــد الصــراع وتحافــظ ىلع بقــاء جــذوة الجهــاد‬ ‫لــه‪ ،‬والــذي هــدم صنــم العصــر الحديــث يف‬ ‫فال جــدوى ترجــى منــه‪ ،‬كتحريــر أرض‪ ،‬وفــكاك‬ ‫اللــه‪ ،‬وأحــب بقــاع األرض إلــى النبــي صلــى اللــه‬
‫مشــتعلة متقــدة؛ إال عندمــا وجــدت الحاضنــة‬ ‫العالــم‪« :‬إذا كان للخــواص دورهــم الــذي ال يقــوم‬ ‫أســير‪ ،‬ونشــر ديــن‪ ،‬وإقامــة شــريعة‪ ،‬ورد صائــل‬ ‫عليــه وســلم‪ ،‬لكــن البيئــة الحاضنــة يف مكــة‬
‫الخصبــة الجيــدة لينبــت زرع الجهــاد‪ ،‬فســقته‬ ‫بــه غيرهــم‪ ،‬فــإن العــوام هــم وقــود املعركــة‬ ‫أو حقــوق ومظالــم‪ ،‬حالــه كحــال الجنيــن الــذي‬ ‫غيــر خصبــة أو مهيئــة‪ ،‬وليســت مكانــا مالئمــا‬

‫‪30‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬ ‫‪29‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬


‫ً‬
‫مبــاركا‪ ،‬وشــهادة‬ ‫خالصــا‬
‫ً‬ ‫جهــادا‬
‫ً‬ ‫اللهــم ارزقنــا‬ ‫فــكان هــذا ســببا يف تقبــل دعــوة اإلسالم يف‬ ‫يف ســبيل اللــه عــز وجــل ضمــن حاضنــة معينة‬ ‫بدمــاء أبنائهــا وأعطتــه وقتهــا وأنفقــت‬
‫يف ســبيلك‪ ،‬وحاضنــة تحــب الجهــاد وأهلــه‪،‬‬ ‫يثــرب‪ ،‬وعــدم معاداتهــا‪ ،‬وإحســاس أنهــا خطــر‬ ‫تتبــع لــه قــد يشــوبها مــا يشــوب أي عبــادة مــن‬ ‫عليــه مالهــا‪ ،‬حتــى صــار جلفــا قاســيا يكســر‬
‫تعينهــم وتســاعدهم‪ ،‬وتفديهــم بــاملال‬ ‫يهــدد دينهــم أو مكانتهــم أو ملكهــم‪ .‬كثــرة‬ ‫ريــاء أو ظلــم أو شــرك تنتســب إليــه أو تتعلــق‬ ‫األعــداء ويذيقهــم الــويالت ليــل نهــار‪ .‬لكــن‬
‫والنفــس والولــد‪ ،‬وتنصــر دينــك وحرماتــك‬ ‫البــذل والتضحيــة؛ فقــد اســتغرق القتــال بيــن‬ ‫بــه‪ ،‬كالوطنيــة أو العشــائرية أو القبليــة أو‬ ‫لهــذه الحاضنــة بعــض النزعــات أو العــداوات‬
‫ومقدســاتك‪ ،‬إنــك ولــي ذلــك والقــادر عليــه‪،‬‬ ‫األوس والخــزرج قرابــة مائــة ســنة‪ ،‬فقــدوا فيهــا‬ ‫العرقيــة أو املذهبيــة أو الطائفيــة أو العائليــة‪،‬‬ ‫واملشــكالت‪ ،‬يجــب تالفيهــا وعــدم الوقــوع‬
‫والحمــد للــه رب العامليــن‬ ‫الكثيــر مــن املال واألهــل والولــد واألرزاق‪ ،‬فــكان‬ ‫وكل ذلــك ليــس يف ســبيل اللــه بــل يف ســبيل‬ ‫فيهــا‪ ،‬منهــا‪ :‬القتــال لعصبيــة قبليــة أو مــا‬
‫هــذا ســببا يف تعودهــم ىلع البــذل واإلنفــاق‬ ‫النفــس والهــوى والشــيطان‪ ،‬ال أجــر لفاعلــه‪ ،‬بــل‬ ‫يســمى بالجاهليــة‪ :‬عــن جابــر بــن عبــد اللــه‬
‫والعطــاء‪ ،‬وتحمــل تكاليــف الجهــاد والدخــول‬ ‫ً‬
‫موبقــا يبعــده عــن الجنــة‪،‬‬ ‫ربمــا ارتكــب ذن ًبــا أو‬ ‫رضــي اللــه عنــه‪ ،‬عــن النبــي صلــى اللــه‬
‫يف الحــروب‪ .‬املوقــع الجغــرايف الهــام‪ ،‬وهــو‬ ‫أو يوجــب عليــه النــار‪ ،‬مــا لــم يكــن ينــوي نيــة‬ ‫رج ٌ‬
‫ــل ِمــن‬ ‫«كســع (طــرد) ُ‬
‫عليــه وســلم‪ ،‬قــال‪ :‬م‬
‫توســطها بيــن منطقــة مكــة وأرض الشــام‪،‬‬ ‫الجهــاد يف ســبيل اللــه‪ ،‬أو فعــل خيــر يتعلــق‬ ‫رج ًال ِمــن األنصــارِ‪ ،‬فقــال األنصـ ّ‬
‫ـاري‪ :‬يــا‬ ‫هاجريـ م‬
‫ـن ُ‬ ‫ُ‬
‫امل ِ‬
‫بنية الجهاد كـــنصرة املســتضعفين‪ ،‬ورد الظالم‪،‬‬ ‫لمألنصــارِ‪ ،‬وقــال ُ‬
‫وعــدم بعدهــا كثيــ ًرا عــن أرض مكــة بيــت‬ ‫ـن‪ ،‬قــال‪:‬‬ ‫ـري‪ :‬يــا لم نل ُم ِ‬
‫هاجريـ م‬ ‫املهاجـ ّ‬
‫اللــه الحــرام املقــدس‪ ،‬والــذي يقصــده النــاس‬ ‫وإعــادة الحقــوق إلى أهلهــا‪ ،‬فحين جاء املشــرك‬ ‫اللــه عليــه وســلم ذلــك‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فســمع ال لن ّ‬
‫بــي صلــى‬ ‫ِ‬
‫للعبــادة‪ .‬وحتــى نقــرب إلــى األذهــان أكثــر‬ ‫اليثربــي صاحــب األرض «الحاضنــة» للمســلمين‬
‫ـ‬ ‫ـة) ؟ فقالــوا‪ :‬يــا‬ ‫فقــال‪( :‬مــا بـ ُ‬
‫ـال مد نعــوى الجاهل ليـ ِ‬
‫أهميــة وضــرورة وجــود حاضنــة قويــة وداعمــة‬ ‫يقاتــل معهــم يــوم بــدر‪ ،‬أعــاده النبــي صلــى‬ ‫رج ًال‬
‫كســع ُ‬ ‫هاج م‬
‫ريــن م‬ ‫رج ٌ‬
‫ــل ِمــن ُ‬ ‫م‬
‫امل ِ‬ ‫اللــه ُ‬
‫ِ‬ ‫رســول‬
‫للمجاهديــن يف ســبيل اللــه‪ ،‬نضــرب مـ ً‬
‫ـثال قري ًبــا‬ ‫اللــه عليــه وســلم حيــن علــم أنــه مشــرك‪ ،‬عــن‬ ‫ٌ‬
‫نتنــة)‬ ‫(د ُعوهــا فإ لنهــا ُم‬
‫ِمــن األنصــارِ‪ ،‬فقــال‪ :‬م‬
‫مــن واقــع ألفــه النــاس وتابعــوه وخبــروه‪ ،‬وهــو‬ ‫عائشــة رضــي اللــه عنهــا‪ ،‬عــن النبــي صلــى‬ ‫القتــال لتحصيــل منفعــة دنيويــة‪ :‬ذكــر يف‬
‫األنديــة الكرويــة‪ ،‬فلعلــك تســمع تحلـ ً‬
‫ـيال رياض ًيــا‬ ‫كين لم ِحـ م‬
‫ـق‬ ‫ـر م‬ ‫ـن ُ‬
‫املشـِ‬ ‫رج ًال ِمـ م‬ ‫اللــه عليــه وســلم‪ ،‬ل‬
‫إن ُ‬ ‫بعــض األحاديــث يف بــاب النيــة والجهــاد عــن‬
‫ملبــاراة مهمــة بيــن فريقيــن كروييــن‪ ،‬أحدهمــا‬ ‫ـه عليــه وس ـلم ليقا ِتـ م‬
‫ـل معــه‪،‬‬ ‫بال لنبـ ِ‬
‫ـي صلــى اللـ ُ‬ ‫حكــم القتــال بعمــوم لفظــه ومــا يدخل فيــه؛ كـ‬
‫عــال‪ ،‬لكــن أداءه كان ســي ًئا يف‬ ‫مســتوى‬
‫ً‬ ‫ذو‬ ‫ك)‬
‫ـر ٍ‬
‫بمشـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ـع‪ .‬فقــال‪ :‬إ لنــا ال منسـ‬
‫ـتعين ُ‬ ‫ارجـ ن‬
‫(فقــال‪ِ :‬‬ ‫قتــال الحميــة والشــجاعة والريــاء‪ ،‬وقتــال الديــن‪،‬‬
‫ٍ‬
‫مباراتــه‪ ،‬فيعــزو املحللــون ســبب تراجــع أداء‬ ‫وربمــا اختــار النبــي صلــى اللــه عليه وســلم أرض‬ ‫فلــم يجــب النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم عــن‬
‫وبعيــدا عــن‬
‫ً‬ ‫الفريــق أنــه يلعــب خــارج أرضــه‬ ‫يثــرب بقبائلهــا‪ ،‬لتكــون حاضنــة ألرض اإلسالم‪،‬‬ ‫حكــم أي نــوع مــن أنــواع القتــال‪ ،‬وألغــى جميــع‬
‫جمهــوره ومشــجعيه «الحاضنــة»‪ .‬فرغــم أن كــرة‬ ‫ومنطلقــا للجهــاد والفتوحات اإلسالمية ألســباب‬ ‫أصنــاف ومســميات القتــال‪ ،‬حيــن أجــاب عــن نوع‬
‫القــدم لعبــة سياســية وجــدت إللهــاء الشــعوب‪،‬‬ ‫كثيــرة‪ ،‬مــن أهمهــا‪ :‬رفعــة األخالق؛ قــال صلــى‬ ‫محــدد فقــط دون غيــره‪ ،‬فجعــل أجــر الجهــاد‬
‫أكثــر مــن أن تكــون رياضيــة ترفههــم وتمتعهــم‪،‬‬ ‫اللــه عليــه وســلم‪« :‬إنمــا بعثــت ألتمــم مــكارم‬ ‫والدافــع لــه والقيــام عليــه هــو وحــده‪ ،‬ورد يف‬
‫إال أن عامــل األرض والجماهيــر «الحاضنــة» يؤخــذ‬ ‫األخالق»‪ ،‬وهــذه األخالق املوجــودة عنــد العــرب‬ ‫الحديــث الصحيــح عــن أبــي موســى األشــعري‬
‫يف الحســبان‪ ،‬ألنــه ينعكــس ســلبا أو إيجا ًبــا‬ ‫منــذ القــدم‪ ،‬كـــإنصاف صاحــب الحــق‪ ،‬والعــدل‬ ‫رضــي اللــه عنــه‪ ،‬قــال‪ُ :‬ســئل رســول اللــه صلــى‬
‫ىلع أداء الفريــق وطريقــة لعبــه وتقدمــه‪ ،‬لــذا‬ ‫والصــدق ونصــرة املظلــوم‪ .‬البعــد عــن الوثنيــة‬ ‫اللــه عليــه وســلم‪ ،‬عــن الرجــل يقاتــل شــجاعة‪،‬‬
‫كان االهتمــام بالجهــاد والعمــل ىلع كســب‬ ‫والشــرك ـية الشــديدة؛ وهــذا مــا كان عليــه حــال‬ ‫ويقاتــل حميــة‪ ،‬ويقاتــل ريــا ًء‪ ،‬فــأي ذلــك يف‬
‫الحاضنــة الشــعبية والجماهيريــة لرفــع مســتواه‬ ‫أهــل يثــرب‪ ،‬ىلع عكــس أهــل مكــة حيــث بلــغ‬ ‫ســبيل اللــه؟ قــال‪ :‬مــن قاتــل لتكــون كلمــة اللــه‬
‫أهــم وأولــى أولويــات العمــل لــدى املجاهديــن‬ ‫عــدد األصنــام فيهــا ثالثمائــة وســتين صنمــا‪،‬‬ ‫هــي العليــا فهــو يف ســبيل اللــه‪ .‬إذن الجهــاد‬

‫‪32‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬ ‫‪31‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬


‫والشــهامة والكبريــاء تلــك الصفحــات املشــرقة‬ ‫وقــد حــرص النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم أن‬
‫عنــد بــزوغ اإلسالم فصنعــوا التاريــخ اإلسالمــي‬ ‫يترجــم تلــك املعانــي ويتمســك بهــذه الفضائــل‬
‫املشــرق واملشــرف الــذي افتخــر وال يــزال يفتخــر‬ ‫ـوال وفـ ً‬
‫ـعال‪ ،‬ففــي الحديــث الــذي رواه‬ ‫العظيمــة قـ ً‬
‫بــه العــرب واملســلمون إلــى يومنــا هــذا‪- .‬‬ ‫أبــو هريــرة يف مســند اإلمــام أحمــد عــن النبــي‬ ‫الشيخ أبو مالك التلي‬
‫لقــد كان لكــم فيهــم أســوة حســنة‪- .‬لقــد‬
‫تــرك صحابــة النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم‬
‫صلــى اللــه عليــه وســلم أنــه قــال‪« :‬والــذي‬
‫ـبيل‬
‫دت أن أغــز مو يف سـ ِ‬ ‫ـود ُ‬‫ـد ِه لـ ِ‬
‫ـد بيـ ِ‬
‫محمـ ٍ‬
‫ل‬ ‫ـس‬‫نفـ ُ‬ ‫اجملاهدون ‪ّ ..‬‬
‫صّناع التاريخ‬
‫أثــرًا كبيــرًا يف نفــوس كل مــن جــاء بعدهــم‬ ‫ـم أغــز مو فأق متـ م‬
‫ـل‪».‬‬ ‫ـم أغــز مو فأق متـ م‬ ‫اللــه ُ‬
‫فأق متـ م‬
‫ـل ثـ ل‬ ‫ـل ثـ ل‬ ‫ِ‬
‫ألنهــم كانــوا للنــاس كالغيــث أينمــا حــل نفــع‬ ‫وأخــرج اإلمــام أحمــد يف مســنده أيضــا عن علي‬
‫ِِذك ُُر المجاهدين وفضِلِهم في الوحيين «الكتاب والسنة»‪:‬‬
‫فســار ىلع نهجهــم الكثيــر مــن الســلف الصالــح‪،‬‬ ‫رضــي اللــه عنــه أنــه قــال ‪« :‬لقــد رأيتنــا يــوم بدر‬
‫ومــن ثــم ظهــر بعدهــم يف القــرون األولــى‬ ‫ونحــن نلــوذ برســول الله صلــى الله عليه وســلم‬
‫رجــال كثــر ســطر التاريــخ أســماءهم بمــداد مــن‬ ‫وهــو أقربنــا إلــى العــدو وكان مــن أشــد النــاس‬
‫الذهــب امتــاز جميعهــم بالحــرص ىلع التمســك‬ ‫يومئــذ بأســا « ‪ .‬محمــد بــن عبــد اللــه القائــد‬
‫بشــعيرة الجهــاد واالستشــهاد يف ســبيل اللــه‬ ‫القــدوة إمــام املجاهديــن قــال تعالــى‪« :‬ل مق ن‬
‫ــد‬
‫ســ من ٌة ِم‬ ‫ان لم ُكــم يف مر ُســول الل ُ‬ ‫مك م‬
‫فكانــوا مــن الســابقين إلــى الخيــرات والســابقين‬ ‫ملــن‬ ‫ــو ٌة مح م‬
‫ــه أ نس م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن ِ‬
‫ــاب ُق م‬
‫ون‬ ‫ـه مك ِثيـ ًرا»‬ ‫ـو مم ن‬
‫اآل ِخـ مر مو مذ مكـ مر اللـ م‬ ‫ـه موانل ميـ ن‬ ‫مك م‬
‫الس ِ‬ ‫إلــى رضــوان اللــه قــال تعالــى‪ « :‬مو ل‬ ‫ان مي نر ُجــو اللـ م‬
‫يف مج لن ِ‬
‫ــات‬ ‫ــك نُ‬
‫امل مق لر ُب م‬ ‫ون * أُولم ِئ م‬‫ــاب ُق م‬
‫ــون * ِ‬ ‫الس ِ‬‫ل‬ ‫(األحــزاب ‪ )٢١-‬عندمــا أحــب الصحابــة رضــي‬
‫ـن نم‬ ‫ـن * مو مقِليـ ٌ‬ ‫ـن نم‬ ‫ـم * ُثلـ ٌ‬
‫اآل ِخِريـ م‬
‫ـن‬ ‫ـل ِمـ م‬ ‫األ لولِيـ م‬ ‫ـة ِمـ م‬ ‫ال لن ِعيـ ِ‬ ‫اللــه عنهــم النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم‬
‫*» (الواقعــة ‪ )١4-١٠ -‬كان مــن أبــرز هــؤالء يف‬ ‫إمامهــم وقدوتهــم أكثــر ممــا يحبــون أنفســهم‬
‫العصــر األمــوي‪ :‬العبــاس بــن الوليــد بــن عبــد‬ ‫وأبنائهــم اتبعــوه واقتفــو أثــره وســلكوا نهجــه‬
‫امللــك ‪ -‬بســر بــن أرطــأة ‪ -‬طــارق بــن زيــاد ‪-‬‬ ‫وتعلقــت أنفســهم بحــب الجهــاد واالستشــهاد‬
‫عبــد الرحمــن الغافقــي ‪ -‬قتيبــة بــن مســلم‬ ‫يف ســبيل اللــه فصــاروا مصابيــح للنــور ومنــارات‬ ‫لقــد حــرص القــرآن الكريــم ىلع تبيــان فضــل املجاهديــن يف ســبيل اللــه يف مواطــن كثيــرة‪،‬‬
‫وغيرهــم ويف العصــر العباســي‪ :‬أبــو مســلم‬ ‫للهــدى وفتــح اللــه ىلع أيديهــم الــبالد وقلــوب‬ ‫يف‬ ‫ـد م‬ ‫ـن مغ ني ـ ُر أُولِــي ل‬
‫الض ـ مررِ مو نُ‬ ‫امل نؤ ِم ِنيـ م‬
‫ـن نُ‬
‫ون ِمـ م‬
‫ـد م‬ ‫س ـ مت ِوي انل مق ِ‬ ‫منهــا قولــه تعالــى‪ :‬ل‬
‫ون ِ‬ ‫اهـ ُ‬‫امل مج ِ‬ ‫اعـ ُ‬ ‫«ال مي ن‬
‫الخراســاني ‪ -‬املعتصــم باللــه ‪ -‬صالح الديــن‬ ‫العبــاد‪ .‬املجاهــدون يصنعــون التاريــخ يف‬ ‫ىلع انل مق ِ‬
‫اع ِديـ م‬
‫ـن‬ ‫ـه نم م‬ ‫سـ ِ‬ ‫ـم موأم ُ‬
‫نف ِ‬
‫امل مجاهديـ م م‬
‫ـن ِبأ نم موالِ ِهـ ن‬ ‫ـه نُ ِ ِ‬ ‫ـل ال لـ ُ‬
‫ضـ م‬‫ـه نم ۚ مف ل‬
‫سـ ِ‬ ‫ـم موأم ُ‬
‫نف ِ‬
‫ســبيل ال لـ م‬
‫ـه ِبأ نم موالِ ِهـ ن‬
‫ِ‬ ‫م ِ ِ‬
‫األيوبــي ‪ -‬محمــد بــن حميــد الطويبــي ‪ -‬عمــاد‬ ‫صــدر اإلسالم لقــد اســتطاع الرعيــل األول‬ ‫يمــا» (النســاء‬ ‫ىلع انل مقاعديـ م م‬
‫ـن م‬
‫اه ِديـ م‬ ‫ـه نُ‬
‫ـل ال لـ ُ‬
‫ضـ م‬
‫ى ۚ مو مف ل‬ ‫ـه انل ُح ن‬
‫سـ من ٰ‬ ‫ـة ۚ مو ُك اال مو معـ م‬
‫ـد ال لـ ُ‬ ‫مدمر مجـ ً‬
‫ظ ً‬‫ـن أ نجـ ًرا مع ِ‬ ‫ِِ‬ ‫امل مج ِ‬
‫الديــن الزنكــي ‪ -‬نــور الديــن الزنكــي ‪ -‬وغيرهــم‬ ‫أن يخطــوا بأرواحهــم ودمائهــم وأشالئهــم‬ ‫‪ )95 -‬وكذلــك حــرص النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم ىلع غــرس حــب الجهــاد واالستشــهاد يف‬
‫الكثيــر‪ ،‬وال تــزال األمــة تنجــب إلــى يومنــا هــذا‬ ‫الطريــق إلــى العــزة والكرامــة يف صــدر اإلسالم‬ ‫ســبيل اللــه يف نفــوس صحابتــه رضــي اللــه عنهــم وبيــن لهــم فضــل الجهــاد يف مواطــن‬
‫رجـ ً‬
‫ـاال عظمــاء يصنعــون التاريــخ ويخلــد ذكرهــم‬ ‫فكانــوا خيــر خلــف لخيــر ســلف‪.‬وقد ضربــوا أروع‬ ‫كثيــرة منهــا قولــه صلــى اللــه عليــه وســلم فيمــا رواه البخــاري عــن أبــي هريــرة رضــي اللــه عنــه‪،‬‬
‫إلــى يــوم القيامــة‪ .‬املجاهــدون يصنعــون‬ ‫األمثلــة بالتضحيــة والفــداء جهــادًا يف ســبيل‬ ‫ـبيل ال لــه‬ ‫اهديـ م‬ ‫أعد مهــا ال لــه ُ‬ ‫ـة ما مئـ م‬‫«إن يف الج لنـ ِ‬‫ـال‪ :‬ل‬ ‫ـه ﷺ‪ ،‬قـ م‬ ‫ـول ال لـ ِ‬
‫أن رسـ م‬ ‫ل‬
‫ـن يف سـ ِ‬ ‫للم مج ِ‬ ‫ـة ل‬‫ـة درجـ ٍ‬
‫التاريــخ املعاصــر بشــموخهم وثباتهــم لقــد‬ ‫اللــه ونصــرة لديــن اللــه وهكــذا ســطروا صفحــات‬ ‫م‬ ‫ـن مك ممــا ب نيـ م‬
‫ض‪ ».‬وقولــه صلــى اللــه عليــه وســلم فيمــا رواه مســلم‬ ‫ـما ِء واأل نر ِ‬
‫السـ م‬
‫ـن ل‬ ‫رج متيـ ِ‬
‫الد م‬
‫ممــا ب نيــن ل‬
‫تكفــل اللــه ســــبحانه وتعالى بحفـــظ ديـــــــن‬ ‫التاريــخ اإلسالمــي صفحــات العــز واإلبــاء‬ ‫وف‪».‬‬
‫السـ ُي ِ‬
‫الل ّ‬ ‫الج لنـ ِ‬
‫ـة مت نحـ م‬ ‫عــن أبــي موســى األشــعري رضـــــي اللــه عنــــــه قــال‪ :‬ل‬
‫ظ ِ‬
‫ـت ِ‬ ‫ـواب م‬
‫«إن أ نبـ م‬

‫‪34‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬ ‫‪33‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬


‫وكان الستشــهاده دورًا كبيــرًا يف إشــعال الثــورة‬ ‫فقــد ـ‬
‫مــن اللــه ىلع هــذه األمــة وخاصــة يف‬ ‫اإلسالم فهيــئ لــه عبــر التاريــخ رجــاال يحفظــون‬
‫الفلســطينية الكبــرى رغــم أنــه مــن أصــل ســوري‬ ‫ً‬
‫رجــاال يصنعــون‬ ‫وقتنــا املعاصــر أن أخــرج لهــا‬ ‫حروفــه ويقيمــون حــدوده وينصرونــه ويذبــون‬
‫مــن مدينــة جبلــة الســاحلية ولكنــه صــدق‬ ‫التاريــخ املشــرف واملشــرق مــن جديــد فأعــادوا‬ ‫عــن أعــراض املســلمين‪ ،‬إنهــم املجاهــدون‬
‫اللــه فجعلــه علــمًا للجهــاد وقــدوة للمجاهديــن‬ ‫لألمــة عزتهــا وكرامتهــا بعــد أن تســلط عليهــا‬ ‫الصادقــون يف كل زمــان أصفيــاء الرحمــن هــؤالء‬
‫مــن بعــده‪ .‬ومــن هــؤالء الرجــال العظمــاء الذيــن‬ ‫أعــداء الديــن مــن كل حــدب وصــوب ومــن كل‬ ‫هــم الطائفــة املنصــورة‪ ،‬نصــروا ديــن اللــه‬
‫خلــد اللــه ذكرهــم يف وقتنــا املعاصــر‪ :‬الشــهيد‬ ‫ً‬
‫رجــاال قدمــوا أرواحهــم رخيصــة‬ ‫ملــل الكفــر‪،‬‬ ‫بأقوالهــم وأفعالهــم فخ ـلــد اللــه ذكرهــم يف‬
‫ســيد قطــب رحمــه اللــه والشــيخ أحمــد ياســين‬ ‫نصــرة لديــن اللــه وهــؤالء مــن الذيــن قــال‬ ‫وأعــد لهــم يــوم القيامــة مــن النعيــم‬
‫ل‬ ‫الدنيــا‬
‫والشــيخ عبــد اللــه عــزام والشــيخ أســامة بــن‬ ‫ص مد ُقــوا‬
‫ــال م‬ ‫امل نؤ ِم ِن م‬
‫يــن رِ مج ٌ‬ ‫ــن نُ‬
‫«م م‬‫تعالــى عنهــم‪ِ :‬‬ ‫املقيــم مــا ال عيــن رأت وال أذن ســمعت وال خطــر‬
‫الدن والشــيخ مال عمــر رحمهــم اللــه وغيرهــم‬ ‫ض ٰ‬
‫ــى‬ ‫ــه معمل ني ِ‬
‫ــه ۖ مف ِمن ُهــم لمــن مق م‬ ‫ــدوا الل م‬
‫اه ُ‬‫ممــا مع م‬ ‫ىلع قلــب بشــر‪ .‬روى مســلم يف صحيحــه عــن‬
‫الكثيــر مــن الذيــن صنعــوا التاريــخ اإلسالمــي يف‬ ‫يال‬ ‫ظــ ُر ۖ مو ممــا مب لدُلــوا مت نب ِ‬
‫ــد ً‬ ‫من نح مب ُ‬
‫ــه مو ِمن ُهــم لمــن مين مت ِ‬ ‫جابــر بــن عبــد اللــه رضــــــــــي اللــه عنـــــــه‬
‫زمــن الغربــة والبعــد عــن الديــن وتســلط ملــل‬ ‫(األحــزاب ‪ )٢3 -‬ومــن هــؤالء الرجــال العظمــاء‬ ‫عــن النبــي صلـــــــــى اللــه عليـــــــــه وســلم‬
‫الكفــر ىلع املســلمين شــرقًا وغــربًا ‪ .‬يف هــذه‬ ‫امللــك الناصــر والســلطان القاهــر للصليبييــن‬ ‫ـة مــن أُ لمتــي يقا ِتلـ م‬
‫ـون‬ ‫أنــه قــال‪« :‬ال متـ ُ‬
‫ـزال طائفـ ٌ‬
‫املرحلــة التــي كانــت مظلمــة وشــديدة ىلع‬ ‫الســلطان ســليم األول ويلقــب بســليم شــاه‬ ‫ـة»‬
‫ـوم القيامـ ِ‬
‫ـن إلــــــى يـ ِ‬ ‫ىلع الحـ ِ‬
‫ـق ‪ ،‬ظاهريـ م‬
‫املســلمين بعــد ســقوط الخالفــة العثمانيــة‬ ‫وهــو تاســع خلفــاء الدولــة العثمانيــة وكذلــك‬
‫بــرز هــؤالء القــادة األفــذاذ وقــادوا املجاهديــن‬ ‫ابنــه ســليمان القانونــي الــذي مأل صيطــه أرجــاء‬
‫وأعــادوا صياغــه تاريــخ جديــد للمســلمين‬ ‫الدنيــا يف زمانــه‪ ،‬ففــي عهــده بلغــت الدولــة‬
‫وضربــوا أروع األمثلــة بالتضحيــة والفــداء فأعادوا‬ ‫العثمانيــة أقصــى اتســاع لهــا حتــى أصبحــت‬
‫لألمــة عزتهــا وكرامتهــا فجزاهــم اللــه جميــعًا‬ ‫قلــقًا مســتمرًا للمماليــك األوروبيــة غــربًا كمــا‬
‫عنــا وعــن اإلسالم واملســلمين خيــر الجــزاء‪ .‬قــال‬ ‫شــن حــمالت كثيــرة ىلع الصفوييــن شــرقًا‬
‫ۚ‬
‫ـن أممنــا مو ُر ُسـِلي إِ لن‬
‫ـه مأل نغِل مبـ ل‬ ‫اللــه تعالــى‪ :‬م‬
‫«ك متـ م‬
‫ـب اللـ ُ‬ ‫للمماليــك األوروبيــة غــربًا كمــا شــن حــمالت‬
‫ـو ٌي معِزي ـ ٌز» (املجادلــة ‪)٢١-‬‬ ‫ـه مقـ ِ‬
‫اللـ م‬ ‫كثيــرة ىلع الصفوييــن شــرقًا‪ .‬ومــن هــؤالء‬
‫الرجــال العظمــاء الذيــن أصاغــوا صناعــة التاريــخ‬
‫أبو مالك الشامي‬
‫بعــد ســقوط الخالفــة العثمانية شــيخ الشــهداء‬
‫‪ - ١٨‬ربيع األول ‪ ١445 -‬هـ‬
‫‪ - 3‬تشرين األول ‪ ٢٠٢3 -‬م‬ ‫وشــيخ املجاهديــن وأســد الصحــراء وهــو مــن‬
‫اشــهر املقاوميــن العــرب واملســلمين آنــذاك‬
‫للصليبييــن إنــه القائــد عمــر املختــار رحمــه اللــه‬
‫صاحــب مقولــة‪« :‬نحــن ال نستســلم ننتصــر أو‬
‫نمــوت» ومــن هــؤالء الرجــال العظمــاء الشــيخ‬
‫املجاهــد عــز الديــن القســام وقــد ســمي يف‬
‫وقتــه شــيخ مشــايخ الجهــاد الفلســطيني‬

‫‪36‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬ ‫‪35‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬


‫اإلمامــة إذن ال ينــال بالتمنــي واالدعــاء العريــض‪،‬‬ ‫األول‪ :‬أن الظالــم ال تجــب طاعتــه يف ظلمــه‪،‬‬
‫وال يســتحقه املــرء لنســب أو جــاه‪ ،‬وال يكــون‬ ‫قــال ابــن عبــاس رضــي اللــه عنهمــا‪« :‬ال عهــد‬
‫أهال لــه مــن كان عر ـيــا عــن شــروطه وواجباتــه‪،‬‬ ‫لظالــم عليــك يف ظلمــه‪ ،‬أن تطيعــه فيــه‪».‬‬
‫إنمــا يســتحقه مــن صبــر ىلع القيــام بأمــر اللــه‬ ‫[تفســير الطبــري ‪ ]٢٢/٢‬وهــذا موافــق للنصــوص‬
‫وأخــذ الكتــاب بقــوة ولــم يداهــن أعــداء اللــه‬ ‫الشــريعة املتكاثــرة ىلع وجــوب معصيــة‬
‫وال اتخذهــم أوليــاء وجاهــد يف اللــه الهــوى‬ ‫مــن أمــر بمعصيــة اللــه‪ ،‬فحــق اللــه فــوق كل‬
‫والنفــس والشــيطان وأعــداء الرحمــن‪ ،‬وذلــك‬ ‫حــق‪ ،‬ومــا مــن ذي منصــب يســتحق أن يقــدم‬
‫فضــل اللــه يؤتيــه مــن يشــاء ال راد ألمــره وال‬ ‫أمــره ىلع أمــر اللــه‪ ،‬أو يجعــل أمــره مخصــصًا‬

‫الظالم ال يكون إماماً‬


‫معقــب لحكمــه‬ ‫لعمومــات الشــريعة أو مقيــدًا ملطلقاتهــا أو‬
‫مفســرًا ملجمالتهــا فهــذا شــأن املعصــوم‬
‫الــذي ال ينطــق عــن الهــوى‪ ،‬وليــس شــأن األمــراء‬ ‫الشيخ‪ :‬أبو الوليد الحنفي‬
‫أو الحــكام الذيــن يتبعــون الهــوى‪ ،‬وال عــذر‬ ‫ال معه ِۡدي ٰل‬
‫ٱلظِل ِم م‬
‫ين ‪[ }١٢4‬سورةالبقرة‪]١٢4:‬‬ ‫{ال مي من ُ‬
‫قال الله تعالى‪ :‬م‬

‫للمســلم يف مخالفتــه أمــره اللــه طاعـ ً‬


‫ـة لــذوي‬
‫منهــم زائــغًا منحرفــا عنهــا‪ ،‬مفتــيًا‪ ،‬وال إمــام صالة‪ ،‬وال يقبل‬ ‫الظالــم ال يكــون إمــامًا يف‬
‫املناصــب فإنهــم لــن يغنــوا عنــه مــن اللــه‬
‫متخيــرًا منهــا مــا وافــق هــواه عنــه مــا يرويــه عــن صاحــب‬ ‫الديــن يقتــدى بــه‪ ،‬وال يكــون‬
‫شــيئا بــل ســيتبرأ بعضهــم مــن بعــض يــوم‬
‫ردت دعــواه‪ ،‬وعلــم كذبــه يف الشــريعة‪ ،‬وال تقبــل شــهادته‬ ‫إمامــا للمســلمين يتولــى‬
‫القيامــة‪ .‬الثانــي‪ :‬أنــه ال يجــوز توليــة الظالــم‬
‫زعمــه‪ ،‬فعلــى املــرء املســلم يف األحــكام‪ ،‬غيــر أنــه ال يعزل‬ ‫أمرهــم ويسوســهم‪ ،‬إذ اإلمامــة‬
‫ىلع املســلمين‪ ،‬فــإن ذلــك مضــاد لحكــم اللــه‪،‬‬
‫أال يغتــر إذن بالشــعارات وال بفســقه حتــى يعزلــه أهــل‬ ‫منصــب شــريف ال يســتحقه إال‬
‫ومخالــف ألمــره وهــو خيانــة لألمانــة التــي‬
‫ينخــدع معســول الــكالم وإنمــا الحــل والعقــد‪ ،‬ومــا تقــدم‬ ‫مــن اســتقام ىلع أمــر اللــه‪،‬‬
‫اســترعاها اللــه ملــن تولــى أمــر املســلمين‬
‫الفعــال مــن أحكامــه موافــقًا للصــواب‬
‫ينظــر إلــى حقيقــة ِ‬ ‫وقــام بحــق اللــه املنــاط بــه‪،‬‬
‫يقــول ســيد قطــب‪« :‬والظلــم أنــواع وألــوان‪:‬‬
‫مــاض غيــر منقوض‪[.‬تفســير‬
‫ٍ‬ ‫ويحكــم مــن خاللهــا‪ .‬قــال‬ ‫وأخلــص للــه يف امتثــال‬
‫ظلــم النفــس بالشــرك‪ ،‬وظلــم النــاس بالبغــي‬
‫القرطبــي‪« :‬اســتدل جماعــة القرطبــي ‪ ]١١٠/٢‬وعــدم كــون‬ ‫األوامــر واجتنــاب النواهــي‬
‫‪..‬واإلمامــة املمنوعــة ىلع الظامليــن تشــمل‬
‫مــن العلمــاء بهــذه اآليــة ىلع الظالــم إمامــا إنمــا املقصــود‬ ‫الحــدود‪.‬‬ ‫عنــد‬ ‫والوقــوف‬
‫كل معانــي اإلمامــة‪ :‬إمامــة الرســالة‪ ،‬وإمامــة‬
‫أن اإلمــام يكــون مــن أهــل بــه الكــون الشــرعي ال القــدري‪،‬‬ ‫وهــذه اآليــة ميــزان ملدعــي‬
‫الخالفــة‪ ،‬وإمامــة الــصالة ‪..‬وكل معنــى مــن‬
‫العــدل واإلحســان والفضــل وإال فكثيــر ممــن تولــى اإلمامة‬ ‫اإلمامــة والخالفــة عــن صاحــب‬
‫معانــي اإلمامــة والقيــادة‪ .‬فالعــدل بــكل‬
‫مــع القــوة ىلع القيــام بذلك» السياســية يف األمــة كانــوا‬ ‫الشــريعة‪ ،‬فمــن كان منهــم‬
‫معانيــه هــو أســاس اســتحقاق هــذه اإلمامــة‬
‫[ تفســير القرطبــي‪ ]١٠٨/٢:‬مــن الظامليــن ىلع تفــاوت‬ ‫مســتقيمًا ىلع صــراط اللــه‪،‬‬
‫أي‬
‫يف أيــة صــورة مــن صورهــا‪ .‬ومــن ظلــم ‪ -‬ـ‬
‫وقــال‪ :‬ابــن خويــز منــداد‪ :‬وكل بينهــم يف الظلــم‪ .‬وقــد‬ ‫معظمــا للشــريعة‪ ،‬خاضعــا‬
‫لــون مــن الظلــم ‪ -‬فقــد جــرد نفســه مــن حــق‬
‫مــن كان ظــاملًا لــم يكــن نبــيًا اســتنبط العلمـــــــاء مــن هذه‬ ‫ألحكامهــا لــه أو عليــه فهــو‬
‫اإلمامــة وأســقط حقــه فيهــا بــكل معنــى مــن‬
‫ً‬
‫خليفــة وال حاكــــــــمًا وال اآليــة أمريـــــــــــن عظيميــن‬ ‫وال‬ ‫صــادق يف دعــواه‪ ،‬ومــن كان‬
‫معانيهــا‪[ ».‬يف ظــــــــالل القــــــــرآن ‪]3١٦/١‬‬

‫‪38‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬ ‫‪37‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬


‫مصادر الدعم عند المجاهدين؛ الفُرص واآلثار‬

‫الشيخ‪ :‬أبو أحمد األنصاري‬

‫اليخفــى أن املال عصــب الجهــاد‪ ،‬بــل هــو قــوام‬


‫الحيــاة كلهــا‪ ،‬كمــا قــال اللــه تعالــى (أموالكــم‬
‫التــي جعلهــا قيامــا) وهــو العامــل األهــم يف‬
‫الحــروب‪ ،‬و يف شــرعنا يعتبــر شــطر الجهــاد‬
‫يف ســبيل اللــه لذلــك نجــد آيــات عديــدات‬
‫أمــا يف عصرنــا وواقعنــا الــذي حلــت باألمــة‬
‫وأحاديــث كثيــرة توجــب وتحــض ىلع الجهــاد‬
‫صنــوف مــن الــبالء ومــن أكبرهــا ســقوط‬
‫بــاملال‪ ،‬بــل وتقدمــه ىلع الجهــاد بالنفــس‬
‫تلــك الجبهات‪(.‬دعــوة املقاومــة‪ ،‬ص ‪،١424‬‬ ‫ـلمين‬‫للمسـ‬
‫العاملــي‬ ‫ـن وإمــام‬
‫البرنامــج‬ ‫دولـــة‬
‫ـي ضم‬‫ـدان‬
‫وفقـ‬
‫وهـ‬ ‫الخالفــة‬
‫للمجاهديــن‬
‫مــن هــذا املنطلــق كان تأميــن املصــادر املاليــة‬
‫بتصــرف)‪ .‬و التــي نحــن بصددهــا هــي‬ ‫وضعــف‬ ‫والتــيوهــوان‬
‫تقودهــا أمريــكا‬ ‫اإلرهــابضيــاع‬
‫تســبب يف‬ ‫ممــا‬
‫ملكافحــة‬
‫والحفــاظ عليهــا وتنميتهــا محــط النظــر لــدى‬
‫النقطــة األخيــرة‪ ،‬املصــادر الخارجيــة لدعــم‬ ‫اللــه‬
‫يمكــن‬ ‫شــرع‬ ‫وتعطيــل‬
‫عــام‬ ‫اإلسالم بشــكل‬ ‫دولألهــل‬
‫التحالــف‪ .‬و‬ ‫عظيــم‬
‫مــع‬
‫أمــا يف عصرنــا وواقعنــا الــذي حلــت باألمــة‬ ‫أهــل الجهــاد قديمــا وحديثــا‪ .‬ففــي العصــور‬
‫املجاهديــن وبيــان مــا لــه مــن آثــار والـرص‬ ‫اإلسالم‬ ‫بالد‬
‫الجهاديــة‬ ‫ـروات‬
‫ـركات‬ ‫ـب ثـ‬
‫للحـ‬ ‫التمويـــل‬
‫ـادرــار ونه‬
‫الكـ‬ ‫ـيطرة‬
‫مصـ‬ ‫إجمـــال‬
‫وس‬
‫صنــوف مــن الــبالء ومــن أكبرهــا ســقوط‬ ‫الســابقة ملا كان تمكيــن وشــوكة للمســلمين‬
‫الشــك أن وجــود أي مصــدر مالــي يعــود‬ ‫الشــعواء‬ ‫املجاهديــن والحــرب‬
‫التالية‪:‬مســاهمات األعضــاء‬ ‫وغربــة‬
‫النقــاط‬ ‫يف‬
‫الخالفــة وفقــدان دولــة وإمــام للمســلمين‬ ‫و كان إمــام قائــم بشــؤون األمــة أخــذ هــذا‬
‫ضمــن عــدم ترتــب‬
‫بالنـــع للجهــاد إذا م‬ ‫والتي‬ ‫الجهاديــة‪.‬ــدة‬
‫تبرعــات‬ ‫الطوائــف املجاه‬ ‫واملناصريــنــد أن‬
‫للجماعــات‬ ‫ضدهــم‪ ،‬نج‬
‫ممــا تســبب يف ضيــاع وهــوان وضعــف‬ ‫الجانــب حيــزا كبيــرا مــن االهتمــام‪ ،‬فهنــاك‬
‫مـاســد عاجلــة وآجلــه يعتبــر فرصــة‬ ‫التــي‬ ‫املنصــورة‬
‫الجهادية)‬ ‫للطائـــةالســاحات‬ ‫امتــداد‬
‫املحلييــن(يف‬ ‫هــي‬
‫املحســنين‬
‫عظيــم ألهــل اإلسالم وتعطيــل شــرع اللــه‬ ‫غنائــم مــن أمــوال الكافريــن والتــي تؤخــذ قهــرا‬
‫لألهــل الجهــاد يجــب اســتغاللها وخاصــة‬ ‫وســلم‪،‬‬ ‫اللــهــنعليــه‬
‫(خاصــة عنــد‬ ‫صلــى‬
‫الخارجي‬ ‫النبــيــنين‬
‫وصـهــا املحس‬
‫تبرعــات‬
‫وســيطرة الكـــار ونهــب ثــروات بالد اإلسالم‬ ‫يف غزواتهــم و يفء وتبرعــات ووجــوه أخــرى‬
‫يف الظــروف القاســية والشــديدة التــي‬ ‫ـادر‬
‫ـتداداملصـ‬
‫هجمــة‬ ‫تأميــن‬
‫يف اشـ‬ ‫كثيـــرة‬
‫ـارك أو‬ ‫ـاتاملع‬
‫صعوبـ‬
‫ـذوة‬ ‫تواجــه‬
‫ـتعال جـ‬‫اشـ‬
‫وغربــة املجاهديــن والحــرب الشــعواء‬ ‫يف االنفــاق للجهــاد يف ســبيل اللــه بيــن‬
‫يمــر بهــا املجاهــدون خاصــة‪ .‬فــإذا كانــت‬ ‫ىلع‬ ‫اليخـــى‬
‫ـلمين)‪.‬‬ ‫جهادهــا‪.‬‬
‫ـزوح للمسـ‬ ‫الســتمرار‬
‫موجــات النـ‬ ‫املاليــة‬
‫الكـــر أو‬ ‫أهــل‬
‫ضدهــم‪ ،‬نجــد أن الطوائــف املجاهــدة والتي‬ ‫عمــوم املســلمين‪ ،‬وقــد يضطــر اإلمــام يف‬
‫ثمــة مســاعدة مــن الكـــار الذيــن ليســوا‬ ‫ـاك‬
‫أن هنـ‬
‫الـــيء‬ ‫ـة أو‬
‫يفاإلسالميـ‬
‫املعــارك‬ ‫األمــة‬ ‫الغنائــمألوضــاع‬
‫املأخــوذة‬ ‫املتابــع‬
‫هــي امتــداد للطائـــة املنصــورة التــي‬ ‫حالــة الجهــاد الفــرض العينــي وخلــو بيــت املال‬
‫يف حــرب مــع املســلمين يف ذلــك الوقــت‬ ‫املاليــة‬
‫املصــادرــق الكـــار‬
‫ىلعىلع مناـ‬
‫ممنهــجــيطرة‬
‫حــربــل مــن الس‬
‫الحاص‬
‫وصـهــا النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم‪،‬‬ ‫وشــدة الحاجــة والخطــر لفــرض نســبة مــن املال‬
‫أو مــن حكومــات علمانيــة لهــا عــداوة مــع‬ ‫ـي‬‫العاملـ‬
‫ـتـيدة‬ ‫البرنامــج‬
‫املسـ‬ ‫ضمــن‬
‫املجــاورة‬ ‫ـض وهــي‬
‫األنظمــة‬ ‫للمجاهديــن‬
‫دعــم بعـ‬
‫تواجــه صعوبــات كثيــرة يف تأميــن املصــادر‬ ‫ىلع املوســرين بالشــروط الشــرعية املعلومــة‬
‫أعــداء املجاهديــن‪ ،‬فهــذه مســألة قديمــة‬ ‫أمريــكا‬
‫لحكومــات‬‫تقودهــا‬ ‫تلــكوالتــي‬
‫الجماعــات‬ ‫اإلرهــاب‬ ‫ملكافحــة‬
‫جهــاد‬ ‫مــن‬
‫املاليــة الســتمرار جهادهــا‪ .‬اليخـــى ىلع‬ ‫وبتقــوى اللــه عزوجــل‪ .‬ونجــد يف تاريخنــا‬
‫مشــهورة تعــرض العلمــاء لهــا يف أبــواب‬ ‫التحالــف السياســات اإلقليميــة‪،‬‬
‫دول لهــا يف‬ ‫مــع‬
‫مناوئــة‬
‫املتابــع ألوضــاع األمــة اإلسالميــة أن هنــاك‬ ‫اإلسالمــي صـحــات مشــرقة يف بــاب االنـــاق‬
‫االســتعانة باملشــركين يف كتــب الـقــه‪،‬‬ ‫أو تأييــد بعــض الحكومــات والجبهــات‬
‫حـــــــرب ممنهــج ىلع املصــادر املاليـــــة‬ ‫يف ســبيل اللــه ودعـــــــــم أهــــــل الثغــور‬
‫وخالصــة أبحاثهــم أن االســتعانة بهــم‬ ‫الدوليــة املســتـيدة مــن اتجــاه الجهــاد يف‬

‫‪40‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬ ‫‪39‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬


‫مــن إخواننــا وأشــباهنا يف قماقــم الســجن‬ ‫جهاديــة ثوريــة تمــارس حــرب عصابــات‬ ‫املجاهــدة بعضهــا ببعــض و زرع الـتنــة‬ ‫مــن الناحيــة العســكرية مختلــف فيــه بيــن‬
‫خشــية انطالقتهــم املاردة! ومــن هــذا‬ ‫شــاملة أن تعتمــد يف تمويلهــا وتســليح‬ ‫فيمــا بينهــا أو اســتغالله يف تشــويه صورة‬ ‫املانعيــن منعــا مطلقــا وبيــن املجيزيــن‬
‫املنطلــق والواقــع تعاملــت معنــا‪ ،‬ولقــد‬ ‫أفرادهــا وإعالتهــم إال ىلع نـســها ومــا‬ ‫املجاهديــن واتهامهــم بالعمالــة ونحوهــا‪،‬‬ ‫بشــروط واضحــة صارمــة منهــا أن يكــون‬
‫تلقينــا الضربــة تلــو الضربــة‪ ،‬وحــري بنــا أن‬ ‫تســتخلصه مــن عدوهــا‪ ،‬وعليهــا أن تضــع‬ ‫فمثــل هــذا الدعــم يحــرم تلقيه(باختصــار‬ ‫الكافــر املســتعان بــه حســن الــرأي يف‬
‫نكــون قــد فهمنــا الــدرس‪ ،‬ال يمكــن لعــدو‬ ‫املخطــط لهــذا األمــر بــكل وضــوح وتـصيــل‪.‬‬ ‫مــن كتــاب الوســيط يف فقــه الجهــاد‬ ‫املســلمين وأن اليســتقل برايــة بــل يقاتــل‬
‫األمــس واليــوم أن يكــون حليــف املســتقبل‬ ‫وإال فإنهــا ســتتحول لورقــة لعــب سياســية‬ ‫والقتــال‪،‬ص ‪ )66‬يف الحقيقــة اذا نظرنــا إلى‬ ‫تحــت رايــة املســلمين وأن تؤمــن خيانتهــم‬
‫وصديــق الــدرب ورفيــق املعركــة والناصــر‬ ‫بأيــدي اآلخريــن فــإن أبــت فالقضــاء عليهــا‬ ‫الجهــاد املعاصــر والســاحات الجهاديــة نــرى‬ ‫وأن يكونــوا بحيــث إذا انضمــت فرقتــا الكـــر‬
‫املعيــن‪ ،‬لقــد كان درســا قاســيا ال تــزال‬ ‫رهــن قــرار هــؤالء اآلخريــن)‪ ..‬لقــد كان درســا‬ ‫أن الدعــم الخارجــي مــن الكـــار كان كلــه‬ ‫قاومناهــم وغيــر ذلــك مــن الشــروط‪ .‬أمــا‬
‫إرهاصاتــه تالحقنــا حتــى اآلن‪( .‬مالحظــات‬ ‫قاســيا جــاء فهمــه متأخــرا وليعتبــر معتبــر!‬ ‫بهــدف تحقيــق مكاســب لهــم يف أرض‬ ‫إذا كان الدعــم ماديــا كذلــك فهــو فــرع‬
‫حــول التجربــة الجهاديــة يف ســوريا‪ ،‬ص‪)7‬‬ ‫(مالحظــات حــول التجربــة الجهاديــة يف‬ ‫الصــراع أو ضــرب الحــركات الجهاديــة‪ ،‬يقــول‬ ‫مــن االســتعانة بالكـــار عمومــا فــاذا قيــل‬
‫ســوريا ص‪ )٥‬وهــذا يــدل ىلع واقــع الدعــم‬ ‫الشــيخ أبومصعــب الســوري تحــت عنــوان‬ ‫بالجــواز فهــو أيضــا مشــروط بعــدم ترتــب‬
‫املقــدم مــن الجهــات الخارجيــة‪ .‬وكذلــك‬ ‫(انتظــار املجاهديــن الدعــم مــن جهــات‬ ‫املـاســد حــاال ومــآال (ومثــل هــذا الدعــم‬
‫يقــول عــن تعامل الــدول املجاورة للســاحات‬ ‫خارجيــة باســتمرار وعــدم االعتمــاد ىلع‬ ‫مشــروط بالنظــر يف املصالــح والعواقــب‬
‫الجهاديــة‪ :‬ولقــد قدمــت أنظمة الجــوار كلها‬ ‫النـــس)‪ :‬كان خطــأ قــاتال دمــر الطليعــة يف‬ ‫والتـطــن ملكائــد األعــداء‪ ،‬ومــدى الحاجــة‬
‫الدليــل تلــو الدليــل ىلع أنهــا ال ترقى حتى‬ ‫الداخــل‪ ،‬ثــم دمــر حشــود املجاهديــن يف‬ ‫إليــه بحيــث اليســتغل املجاهــدون كأداة‬
‫ألن تكــون حليـــا مصلحيــا مؤقتــا‪ ،‬فكلهــا‬ ‫الخــارج‪ ،‬ثــم دمــر القيــادة امليدانيــة واإلدارة‬ ‫تمــرر بهمــا سياســات وأجنــدات) (الوســيط‬
‫أنظمــة تخــاف اإلسالم وتســجن أصحابــه‬ ‫العســكرية للضبــاط يف حمــاه ودمشــق‬ ‫يف فقــه الجهــاد والقتــال ص ‪ )6٥‬فــإذا‬
‫(مــا ســمي بمخطــط الحســم)‪ .‬لقــد تــورط‬ ‫كان دعمــا نتــج منــه حصــول الكـــار ىلع‬
‫ويف وثيقــة «ســـر الحقيقة» والتــي توضح‬ ‫كل املعنييــن بــإدارة العمــل الجهــادي‬ ‫مكاســب آنيــة ومســتقبلية متضمنــة‬
‫املشــهد الجهــادي العراقــي وتعقيداتهــا‬ ‫باالعتمــاد ىلع إمــداد الخــارج املهــزوز وغيــر‬ ‫ملحظــور شــرعي أو ضــرر باملجاهديــن‬
‫أشــير إلــى هــذه النقطــة الجوهريــة يف‬ ‫املســتقر‪ ،‬بــل تعــدى ذلــك باالعتمــاد ىلع‬ ‫خصوصــا وبــاإلسالم عمومــا ســواءا كانــت‬
‫حــرف مســار الجهــاد العراقــي (وإن هــذه‬ ‫األنظمــة املعاديــة يف الجــوار (كالعــراق)‪.‬‬ ‫مصرحــة بهــا أو ضمنــا باعتبــار مــا جــرى‬
‫املشــاريع مدعومــة ماليــا ىلع معادلــة‬ ‫وتمــددت الثــورة واتســعت وارتـعــت‬ ‫عليــه العــرف السياســي كحصــول الكـــار‬
‫ابتــزاز مصــادر القــرار‪ ،‬ودفــع ثمــن املقــررات‪،‬‬ ‫تكاليـهــا بشــكل ســرـاني غيــر مــدروس‬ ‫ىلع مكاســب سياســية ىلع خارـــة‬
‫حتــى تصــل الـصائــل إلــى حالــة االعتمــاد‬ ‫متغذيــة ممــا تدفــق مــن الجــوار مــن مــال‬ ‫األراضــي التــي يحررهــا املجاهــدون‪ ،‬ســواء‬
‫الكلــي ىلع التمويــل الخارجــي‪ ،‬وغالبــا‬ ‫وسالح ولــوازم ويف لحظــات بعينهــا‬ ‫كانــت عــن ـريــق اقتطــاع جــزء مــن الدولــة‬
‫مــا تكــون هــذه املشــاريع احتــكارا سياســيا‬ ‫قطعــت تلــك اإلمــدادات أو خيبــت اآلمــال‬ ‫اإلسالميــة أو التأثيــر ىلع القــرار السياســي‬
‫للقــرارات املصيريــة للـصائل املشــاركة‪ ،‬وإن‬ ‫كمــا حصــل للطليعــة ثــم لقيــادة حمــاه‬ ‫املســتقبلي للمجاهديــن‪ ،‬أو فــرض تنــازالت‬
‫كان املطلــب الشــرعي وضــرورة السياســة‬ ‫والضبــاط‪ ،‬فحصلــت املأســاة‪ ،‬لقــد كان‬ ‫عــن املبــادئ الشــرعية والثوابــت اإلسالميــة‬
‫الشــرعية تحتــم اســتقالل التمويــل‪ ،‬ووجوب‬ ‫درســا مــن أعظــم الــدروس (ال يمكــن لحركــة‬ ‫أو اســتغالل هــذا الدعــم يف ضــرب الـصائل‬

‫‪42‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬ ‫‪41‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬


‫مشروع اجلهاد في حالة‬

‫االستضعاف بعد التمكني‬


‫الشيخ رامز الشامي‬
‫قــال تعالــى ‪ :‬وال تهنــوا وال تحزنــوا وأنتــم‬
‫األعلــون إن كنتــم مؤمنيــن وقــال تعالــى ‪:‬‬
‫وتلــك األيــام نداولهــا بيــن النــاس وليعلــم‬
‫اللــه الذيــن آمنــوا ويتخــذ منكــم شــهداء‬
‫واللــه ال يحــب الظامليــن ‪ّ .‬‬
‫إن القــارىء ألحوال‬
‫األمــم والــدول والجماعــات يجدهــا تتقلــب‬
‫بيــن أحــوال كثيــرة ‪ ،‬ومــن تلــك األحــوال (‬
‫القــوة والضعــف والغنــى والـقــر والتمكيــن‬
‫والتراجــع ) وغيرهــا مــن األحــوال التــي‬ ‫االعتمــاد الذاتــي‪ ،‬ولكــن غالبــا مــا تصــل الحالــة بهــذه الـصائــل إلــى اعتمــاد‬
‫تتقلــب فيهــا األمــم مــن نشــأتها وقيامهــا‬ ‫قــرار الغيــر (العمالــة) فكانــت غالــب هــذه الـصائــل قــد فقــدت الثقــة بنـســها‪،‬‬
‫إلــى نهايتهــا وانهيارهــا وهــذا مــن الســنن‬ ‫وفقــد الســواد األعظــم الثقــة بهــا‪ ،‬وســقط االعتبــار عنهــا كأمــل مــن آمــال‬
‫الكونيــة التــي اقتضاهــا ربنــا تبــارك وتعالى‬ ‫األمــة ونجــح العــدو يف هضمهــا يف بوتقــة ملـــات العمالــة)‪( .‬ســـر الحقيقــة‬
‫وأقــام عليها نظــام حياة الــدول والجماعاتوال‬ ‫ص‪ )١2‬وبالـعــل تــم اختــراق قــرار معظــم الـصائــل والــذي أدى لتشــكيل‬
‫شـ ّ‬
‫ـك ّ‬
‫أن للتمكيــن فقهــه وأحكامــه الخاصــة‬ ‫الصحــوات ومحاربــة الجهــاد وقتــل وتشــريد املجاهديــن‪ .‬وباختصــار نجــد أن هــذا‬
‫بــه وللضعــف فقهــه وأحكامــه الخاصــة‬ ‫الشــكل مــن الدعــم يعتبــر خطــرا حقيقــا ىلع الجماعــات املجاهــدة وخاصــة‬
‫بــه ‪ ،‬والتمييــز بينهمــا واجــب ومــن أولــى‬ ‫يف واقعنــا الــذي أخــذ الصــراع منحــى جديــدا خالفــا ملا كان عليــه قديمــا‪ ،‬بــل‬
‫األولويــات ‪ ،‬وقيــاس أحــكام كل منهمــا ىلع‬ ‫للحــرب قواعــد جديــدة وأســاليب ذكيــة وخطــط ـويــل املــدى‪ ،‬وقــد يذبــح‬
‫اآلخــر يــؤدي إلــى نتائــج كارثيــة ال تتوافــق‬ ‫أعــداء املجاهديــن هــذه الحــركات بســكين املال ويغرقونهــم يف لجــة الدعــم‬
‫مــع بنــاء الجماعــات والــدول وقيامهــا بــل‬ ‫ومســتنقعها بحيــث اليمكنهــم الخــروج عنهــا‪ ،‬وهنــاك أحــداث وتجــارب كثيــرة‬
‫تــؤدي إلــى خلــل يف بنيتهــا ونظامهــا‬ ‫يف هــذا البــاب اليمكــن حشــدها يف هــذه العاجلــة‬
‫والتاريــخ خير شــاهد والقــرآن الكريم وســنة‬
‫نبينــا محمــد صلــى الّلــه عليــه وســلم قــررا‬

‫‪43‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬


‫ب �يــن الناس}فتــارة فقــر‪ ،‬وتــارة غنــى‪ ،‬وتــارة‬ ‫وأمــا النــوع الثانــي فتجــد جماعــات قــد‬ ‫فيهــا الباـــل وأمــام مــا تتعــرض لــه‬ ‫هــذا املعنــى بــكل وضــوح ودقــة حتــى ال‬
‫عــز‪ ،‬وتــارة ذل‪ ،‬وتــارة يـــرح املوالــي‪ ،‬وتــارة‬ ‫اســتطالت الطريــق ‪ُ ،‬‬
‫وثقلت عليهــا التكاليف‬ ‫الجماعــات املجاهــدة ويعتريهــا مــن األحوال‬ ‫يلتبــس األمــر ىلع املجاهديــن وغيرهــم‬
‫م‬
‫أصال‬ ‫يشــمت األعــادي‪ .‬فالســعيد مــن الزم‬ ‫‪ ،‬وتعثــرت كثيــرًا يف ـريقهــا لنصــرة دينهــا‬ ‫التــي ذكــرت أعاله باإلضافــة ملا يخطــط لهــا‬ ‫الذيــن يســعون لتحكيــم شــرع اللــه تبــارك‬
‫ـدا ىلع كل حــال‪ ،‬وهــو تقــوى اللــه عــز‬
‫واحـ م‬ ‫‪ ،‬وأصابهــا اليــأس والكلــل وامللــل والتعــب‬ ‫األعــداء ويكــرون بهــا مكــرا كبــارا ‪ ،‬كان لــزامًا‬ ‫وتعالــى يف أرضــه فالخطــاب الشــرعي يف‬
‫وجــل‪ ،‬فإنــه إن اســتغنى‪ ،‬زانتــه‪ ،‬وإن افتقر‪،‬‬ ‫‪ ،‬ودخــل لقلبهــا شــي ٌء مــن لعاعــة الدنيــا ‪،‬‬ ‫عليهــا أن تنتبــه ألحــكام حــال التمكيــن‬ ‫املرحلــة املكيــة حيــث حــال االســتضعاف‬
‫فتحــت لــه أبــواب الصبــر‪ ،‬وإن عــويف‪ ،‬تمــت‬ ‫وركنــت إلــى الظلمــة وأعوانهــم ‪ ،‬وتماهــت‬ ‫وفقهــه وألحــكام حــال االســتضعاف وفقهه‬ ‫غيــر الخطــاب يف املرحلــة املدنيــة حيــث‬
‫النعمــة عليــه‪ ،‬وإن ابتلــي‪ ،‬جملتــه‪ .‬وال يضره‬ ‫مــع املنظومــة الدوليــة فاعتمــدت ىلع‬ ‫أقســام الجماعــات مــع الجهــاد يف حالــة‬ ‫حــال التمكيــن فــاألول فيــه غــرس التوحيــد‬
‫إن نــزل بــه الزمــان أو صعــد‪ ،‬أو أعــراه‪ ،‬أو‬ ‫مكــون مــن مكوناتهــا وقـ ّ‬
‫ـل اعتمادهــا ىلع‬ ‫الضعــف بعــد التمكيــن ّ‬
‫إن الناظــر واملتابــع‬ ‫واإليمــان والصبــر واإلعــداد وتربيــة النــواة‬
‫أشــبعه‪ ،‬أو أجاعــه؛ ألن جميــع تلــك األشــياء‬ ‫الّلــه ‪ ،‬وـمــع قلبهــا وتعلــق يف أن تنــال‬ ‫ألحــوال الجماعــات املجاهــدة يف وقتنــا‬ ‫الصلبــة والثانــي فيــه االنتقــال إلــى فقــه‬
‫تــزول وتتغيــر‪ ،‬والتقــوى أصــل السالمــة‪،‬‬ ‫شــيء ممــا تمنيهــا بــه املنظومــة الدوليــة‬ ‫الحالــي يجــد أمامــه نوعيــن مــن الجماعــات‬ ‫بنــاء الدولــة والجهــاد ونشــر الدعــوة و‬
‫حــارس ال ينــام‪ ،‬يأخــذ باليــد عنــد العثــرة‪،‬‬ ‫وتعدهــا إيــاه ‪ ،‬فتبــدل حالهــا وتغيــر ‪ ،‬وآثرت‬ ‫يف حــال الضعــف بعــد التمكين النــوع األول‬ ‫مخاـبــة االمــم وكذلــك فاملســلمون يف‬
‫ويواقــف ىلع الحــدود‪ .‬ســائلين اللــه عــّز‬ ‫الراحــة والدعــة ىلع تكاليــف الطريــق‬ ‫جماعــة فهمــت املــراد منهــا واملطلــوب‬ ‫غــزوة بــدر أكرمهــم ربنــا بالنصــر ىلع‬
‫ّ‬
‫وجــل أن يثبتنــا ويكرمنــا بنصــره وجميــع‬ ‫ومصاعــب الجهــاد يف ســبيل الّلــه فحرمــت‬ ‫الــذي أنيــط بهــا فـهمــت عــن اللــه مــراده ‪،‬‬ ‫أعدائهــم مــن قريــش ‪ ،‬ثــم كانــت األقــدار أن‬
‫املســلمين إنــه ولــي ذلــك والقــادر عليــه‬ ‫وســلبت النجــاح ‪ .‬والتاريــخ قديمــه‬
‫التوفيــق ُ‬ ‫وفهمــت عــن رســول الّلــه صلــى الّلــه عليــه‬ ‫ينهــزم املســلمون يف أحــد وتلحــق بهــم‬
‫‪ ،‬وصلــى الّلــه وســلم ىلع نبينــا محمــد‬ ‫وحديثــه يشــهد ىلع ذلــك‪ .‬فواجــب ىلع‬ ‫مــراده ‪ ،‬وقــرأت الســنن الشــرعية والكونيــة‬ ‫الهزيمــة ويكــون منهــم شــهداء وجرحــى‬
‫وىلع آلــه وصحبــه أجمعيــن والحمــد لّلــه‬ ‫كل مجاهــد يف ســبيل الّلــه ‪ ،‬وحــّر ٌي بــكل‬ ‫قــراءة صحيحــة وفهمتهــا ىلع فهــم‬ ‫باإلضافــة ملا تعتريــه نـوســهم مــن معانــي‬
‫رب العامليــن‬
‫ّ‬ ‫جماعة تســعى إلقامــة دين اللــه ‪ ،‬أن تتـقه‬ ‫الســلف باإلضافــة لقــراءة مــا ُيحــاك لهــا‬ ‫الهزيمــة وتتألم لذلك قلوبهــم وخطاب الّله‬
‫معانــي الضعــف والتمكيــن وأن تعمــل ضمن‬ ‫ــل املنظومــة الدوليــة الجاهليــة ‪،‬‬
‫مــن مقب م‬ ‫تعالــى وخطــاب رســوله صلــى الّلــه عليــه‬
‫القــدرة والطاقــة واالســتطاعة محافظــة‬ ‫ّ‬
‫الحــق‬ ‫فوقـــت يف وجــه الباـــل تؤيــد‬ ‫وســلم للمســلمين بعــد غــزوة بــدر مختلــف‬
‫ىلع ثوابتهــا ومبادرئهــا ‪ ،‬وتســتـيد مــن‬ ‫وتنصــره وتدافــع عنــه رغــم مــا فيهــا مــن‬ ‫تمامــا للخطــاب الــذي تلقــاه املســلمون بعد‬
‫م‬
‫املرونــة يف شــرعنا دون إفــراط وال تـريــط‬ ‫ضعــف وقلــة ورغــم تكالــب األعــداء عليهــا ‪،‬‬ ‫غــزوة أحــد‪ ....‬فالخطــاب األول تبينــه ســورة‬
‫أو تنــازل لألعــداء ّ‬
‫وإن مــن الــداء الخطيــر‬ ‫رب الســموات واألرض معتمدة‬
‫فالتجــأت إلــى ّ‬ ‫األنـــال ومــا جــاء فيهــا مــن حكــم وآداب‬
‫الــذي يــدل ىلع انحــراف بوصلــة الجهــاد‬ ‫عليــه ‪،‬واثقــة بموعــوده ‪ ،‬فهــي تعلــم ىلع‬ ‫وعبــادات ىلع املســلمين القيــام بهــا‬
‫عنــد بعــض الجماعــات وضيــاع والئهــم‬ ‫أن اللــه ناصـ ٌر دينــه حافـ ٌ‬
‫ـٌظ أوليــاءه‬ ‫اليقيــن ّ‬ ‫للــه اعترافــا منهــم ىلع شــكرهم للمولــى‬
‫وبرائهــم أن يســتخدموا فقــه التمكيــن‬ ‫عامــة وعبــاده املجاهديــن خاصــة ‪ ،‬وتعلــم‬ ‫تبــارك وتعالــى وخضوعهــم وتواضعهــم لــه‬
‫ىلع مــن خالـهــم مــن املســلمين وبنـــس‬ ‫علــم اليقيــن أنــه مــن ُ‬
‫املحــال دوام الحــال ‪،‬‬ ‫وىلع إنعامــه عليهــم ‪ ،‬أمــا الخطــاب الثاني‬
‫الوقــت ُيعملــوا فقــه االســتضعاف أمــام‬ ‫فاملجاهــد يف ســبيل الّلــه يعلــم ّ‬
‫أن األســير‬ ‫بعــد غــزوة أحــد فـيــه معانــي االعتمــاد‬
‫الكافريــن قــال اإلمــام ابــن الجــوزي رحمــه‬ ‫وأن األرض املغتصبــة ســتعود ‪ّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫ســيحرر ‪ّ ،‬‬ ‫ىلع اللــه وـلــب العــون منــه وعــدم اليأس‬
‫الّلــه‪ :‬اعلــم أن الزمــان ال يثبــت ىلع حــال‪،‬‬ ‫وأن األرض لّلــه يورثهــا مــن‬
‫القاتــل سـ ُيقتل ‪ّ ،‬‬ ‫وأال يصيبهــم الوهــن وتنهــار عزائمهــم بعــد‬
‫�ب‬
‫لهــا‬
‫او ب‬ ‫كمــا قــال عــز وجــل‪{ :‬و مت �لــك األيـ ُ‬
‫ـام ُن بد م‬ ‫يشــاء مــن عبــاده ‪ّ ،‬‬
‫وأن العاقبــة للمتقيــن‬ ‫معركــة خســروها وبعــد جولــة واحــدة انتصر‬

‫‪46‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬ ‫‪45‬‬ ‫مجلة المحجة ‪1445‬ـه‬

You might also like