You are on page 1of 1

‫المقدمة‬

‫يعود تاريخ األحساء إلى مرحلة بداية انطالقة التكوين البش ري إلنس ان الخليج ال ذي ب دأه الس اميون الرع اة‪،‬‬
‫والهجرات التي أعقبت ذلك من القبائل السامية الكبرى في شمال وشرق الجزيرة العربية‪ ،‬وكان إقليم الخليج ‪-‬‬
‫ال ذي تق ع على س احله مدين ة األحس اء‪ -‬يعت بر محط ة من محط ات تل ك القبائ ل‪ ،‬ومياه ه بمثاب ة مع بًر ا له ا‬
‫إلى الهالل الخصيب‪ ،‬والسبب في ذلك يعود إلى كونها منطقة زراعية نتيجة خصوبة أراضيها ووف رة مياهه ا‪،‬‬
‫إض افة إلى أهميته ا التجاري ة لكونه ا ملتقى ع دة ط رق تجاري ة ترب ط الجزي رة العربي ة بف ارس والهن د من‬
‫خالل ميناء العقير وميناء القطيف‪ .‬كان العنصر الفينيقي من أوضح العناص ر ال تي ش كلت ال دفعات األولى من‬
‫تلك الهجرات القادمة إلى األحس اء‪ ،‬يؤي د ه ذا ال رأي المق ابر العدي دة ال تي وج دت في س واحل األحس اء وفي‬
‫جزر البحرين المقابلة له‪ ،‬إذ أرسل ما ُو ِجَد في تلك المقابر من آث ار إلى المتح ف البريط اني‪ ،‬وهن اك تق رر أن‬
‫هذه القبور من أصل فينيقي‪ ،‬ويرج ع تاريخه ا إلى نح و خمس ة آالف ع ام‪ ،‬والمع روف أن الفينيق يين هم أح د‬
‫ف روع الكنع انيين‪ .‬انتق ل الكنع انيون من س احل الخليج إلى س احل البح ر المتوس ط واس تقروا‬
‫في لبنان وس وريا وفلس طين ن اقلين معهم أس ماء م دنهم كص ور وارواد‪ ،‬وجبي ل وغيره ا‪ .‬وعلى أث ر هج رة‬
‫الكنعانيين من ساحل األحساء استقر مكانهم الجرهائيون وهم فرع من الكلدانيين‪ .‬وقد ج اء وص فهم لم دينتهم‬
‫على لسان الرحالة اليوناني استرابون الذي قال عن األحساء‪:‬‬

‫أسسها مهاجرون كل دانيون من أه ل باب ل في أرض س بخة‪ ،‬وبناؤه ا من حج ارة الملح‪ ،‬تبع د عن‬
‫سيف البحر ثمانين ألف ذراع‬
‫وقد عقب صاحب كتاب تحفة المستفيد بتاريخ األحساء محمد بن عب د هللا آل عب د الق ادر األنص اري على ذل ك‬
‫قائًال‬

‫ه ذه المدين ة ال تي أش ار إليه ا اس طرابون هي مدين ة هج ر ويع ني بحج ارة الملح الجص األبيض‬
‫الناصع‪ ،‬وهو موجود في األحساء بكثرة‪ ،‬وتبنى به البيوت حتى اآلن‬
‫كذلك وصف المؤرخ اليوناني بوليبيوس األحساء بأنها كانت تشكل مركًز ا تجارًي ا هاًم ا‪ ،‬وس وًقا من األس واق‬
‫رة‬ ‫وب الجزي‬ ‫واردة من جن‬ ‫ل ال‬ ‫رق القواف‬ ‫رب وملتقى لط‬ ‫طة في بالد الع‬ ‫النش‬
‫العربية ومن الشام والحجاز والعراق والهند‪ ،‬وأن سكانها من أغنى شعوب الجزيرة وكان عماد ثروتهم الذهب‬
‫والفضة‪ ،‬وهو ما حرك الطمع في نفس الملك السلوقي أنطيوخس الث الث‪ ،‬فق اد أس طوله في ع ام (‪ 205‬ق‪.‬م)‬
‫قاطًع ا به دجلة متوجًه ا إليها ليستولي على كنوزها‪ ،‬ولكن أهله ا خوًف ا منهم على م دينتهم وحًب ا منهم للس الم‬
‫وحفاًظ ا على حريتهم التي كانوا يعتزون بها أرسلوا إليه وفًد ا يحمل هدية كبيرة من الذهب واألحجار الكريم ة‪،‬‬
‫وحملوا معهم إليه رجاءهم بأن اليحرمهم من نعمة السالم والحرية‪ ،‬فقب ل أنطي وخس الهدي ة وقف ل عائ ًد ا إلى‬
‫بالده‪ ،‬وربما كانت الصحراء القاحلة وماتحمله الرحلة من مغامرة السبب ال رئيس ال ذي أقن ع المل ك الس لوقي‬
‫بالعودة عن عزمه‪.‬‬
‫لذا فاألحساء في العصور القديمة مرت بثالث مراح ل تاريخي ة‪ ،‬تقس م إلى الف ترة ال تي ك انت ج زء من مدين ة‬
‫الجرهاء التي أسسها الكلدانيون‪ ،‬ثم منطقة هجر في بداية الق رن الث الث الهج ري (‪317‬هـ – ‪929‬م)‪ ،‬وال تي‬
‫كانت تعتبر جزًء ا من إقليم البحرين‪ ،‬الممت د من الف رات ش مااًل إلى عم ان جنوًب ا‪ ،‬وفي بعض الف ترات لم يكن‬
‫هناك ما يمّي ز في التسمية ما بين البحرين وهجر واألحساء دل على ذلك كتابات بعض الرحالة األوروبيين قب ل‬
‫القرنين الماض يين أمث ال ع الم الخرائ ط كارس تن نيب ور في ع ام ‪ 1772‬وفورس تر س ادلير في ع ام ‪،1823‬‬
‫وتنتهي هذه الفترة حينما تقلص اسم البحرين ت دريجًي ا عن المنطق ة وأص بح يطل ق على مجموع ة من الج زر‬
‫في الخليج العربي كانت تعرف باسم أوال‪ ،‬وأخيرا الفترة التي دعيت األحساء باس مها الح الي حينم ا ب نى أب و‬
‫طاهر الجنابي الق رمطي مدين ة جدي دة في موق ع منطق ة هج ر المطل ة على الخليج الع ربي ليجع ل منه ا مق ًر ا‬
‫لحكمه أطلق عليها اسم األحساء‪ ،‬وبقيت على هذا المسمى حتى اليوم‪.‬‬

You might also like