You are on page 1of 8

‫المراكز الثقافية في بالد المغرب األوسط خالل القرن الرابع الهجري ‪/‬العاشر الميالدي‬

‫( ‪4‬هـ‪10/‬م)‪:‬‬
‫أ ‪ /‬ليبدري بلخير‪ -‬جامعة سيدي بلعباس‬

‫مقدمة ‪:‬‬
‫نقصد بمركز اإلشعاع الفكري للمدينة أو الرقعة أو المكاان الا ي شاهد نشااطا فكرياا‬
‫أدبيا ثقافيا كان باعثه و صانعه من ولد فيه أو تكون فياه أو عااف فياه أو نازي لياه مان‬
‫علماء ومفكرين وأدباء وطلبة‪.1‬‬
‫لقد عرفا ها ا الفتارل التاي نصان بصادد دراساتها انتشاار الثقافاة اإلساالمية انتشاارا‬
‫واسعا بفضل الترجمة من اللغا األجنبية خاصة عن الفارسية واليونانية والهندياة لا‬
‫العربية ونضج ملكا المسلمين في البصث‪ ،‬والتأليف‪ ،‬وتشجيع الخلفاء ورجاال العلام‬
‫واألدب‪ ،‬و زدهااار العمااران‪ ،‬واتسااااع أفااإل الفكاار اإلساااالمي وارتصااال المساالمين فاااي‬
‫مشارق األرض ومغاربها‪ .‬وال غرو فقد كان من أثر قيام كثير من الادول لا اساتقل‬
‫عن الخالفة العباسية أن نشط الصركة الفكرياة وراجا الثقافاة بهاا وزخار باالط ها ا‬
‫الدول بالعلماء والشعراء واألدباء وغيرهم ومن ثم نرى صادى ها ا النهضاة فاي باالط‬
‫كل من الفاطمين والزيريين واالندلسين‪.2‬‬
‫كمااا أن وهااور كثياار ماان الفاارق التااي اتخا الثقافااة والعلاام وساايلة لتصقيااإل أهاادافها‬
‫السياسية والدينية كالمعتزلاة ودعاال االساماعيلية مان العلمااء والمتصاوفين وغيارهم أن‬
‫صتاادم النقاااف بااين ها ا الفاارق ماان ناصيااة وبينهااا وبااين العلماااء ماان الساانيين ماان ناصيااة‬
‫أخرى‪.‬فتميز ه ا الفترل بنهضة علمية شمل مختلف العلموم‪.3‬‬
‫و عل العماوم فا ن القارن الراباع الهجاري كاان أكثار القارون أدبااء وعلمااء وكتاباا‬
‫بالبالد اإلسالمية المغربية‪.4‬‬
‫فقد كان بالمغرب األوساط خاالل ها ا الفتارل عادل مراكاز ثقافياة جا ب ليهاا رجاال‬
‫األدب والثقافة والفكر وهي عموما المناطإل أو صواضر المغارب األوساط التاي عرفا‬
‫تقدما صضاريا وفي ه ا يقول أبن خلدون " أن العلوم تكثر صيث يكثر العماران وتعوام‬
‫التج رل‪ 5‬ومن ه ا المراكز ن كر‪:‬‬
‫أ‪.‬المسيلة‪ :6‬المحمدية‪:‬‬
‫ن المساايلة مدينااة تقااع بااالمغرب األوسااط فااي شاامال هااو‪ 䙄‬الصضاانة أسسااها القااا م‬
‫العبيدي بأمر من أبيه الخليفة الم‪䙄‬دي سنة‪3ȱ3‬اـ‪ ،‬فانتقل ل مدينة فاطمية الوالء بعد‬
‫‪䙄‬ن ثغرا أل‪،‬ناد العربية من سنة ‪154‬هـ‪ ،‬عندما استقربها يزيد بن صاتم المهلبي‪7‬وقد‬ ‫أن ك‬
‫جاااء تأسيسااها فااي ه ا ا المنطقااة رغبااة فااي مراقبااة تصركااا القبا اال الزناتيااة المتمااردل‬
‫بزعامة مصمد بن خزر‪ ،‬وصت تكون خطا دفاعياا أولياا ونقطاة انطاالق نصاو المغاربين‬
‫وتتزود منها الجياوف الفاطمياة باإلمادادا الساريعة لمصارباة نفاو‬ ‫ّ‬ ‫األوسط واألقص‬
‫األمويين المتزايد‪.8‬‬
‫فصكمها علي بن صمادون وصاار فاي عهاد كال مان جعفار ويصاي عاصامة منطقاة‬
‫الزاب ومركزا أدبيا وثقافيا هاما وقاد سااعدها علا لاك أيضاا العنصار البشارى الا ي‬
‫سكنها باإلضافة ل البربر من عجيسة وهوارل فقد كان للعرب من سااللة األجنااد مان‬
‫بني تميم ومان القياراوانيين الا ين نزصاوا ليهاا ‪9‬عنصارا وعاامال منشاطا لتشاكيل صياال‬
‫فكرية وأدبية لعراقة ه ا العنصر في الصضارل وتأصل قيم العروبة فيه‪ 10‬ولعل العامل‬
‫األكثاار أهميااة هااو شخصااية األخااوين " جعفاار" و" يصااي" فقااد اجتمع ا فيهمااا الصنكااة‬
‫السياسية والقيادل الصربية والصماية للعلم والثقافة واألدب " وبناي بناو صمادون القصاور‬
‫و المنتزهاااا واساااتفصل بهاااا ملكهااام وقصااادهم بهاااا العلمااااء والشاااعراء صتااا أصااابص‬
‫ن كال األساباب النبعااث صركاة أدبياة‬ ‫المصمدية كأنها عاصمة خالفة إلمارل فتاوفر‬
‫مزدهااارل‪ 11‬وأصااابل الااابالط الصمااادوني ماااأوى أهااال العلااام واألدب يشاااهد علااا لاااك‬
‫بالخصوص توجه الشاعر ابن هانئ ل ه ا البالط واستقرارا في ول األخوين خمساة‬
‫أعوام كاملة من سنة ‪348‬هـ‪353-‬هـ فنوم في مدصها غرر القصا د"‪12‬‬
‫و قااد تصول ا الاازاب فااي ه ا ا الفتاارل عاصاامة للشااعر فااي كاماال المغاارب باال بغااداد‬
‫المغرب‪ ،‬كما تغن بهاا ابان هاانئ و لا جانباه بارز أدياب اخار هاو النهشالي الا ي هاو‬
‫أصيل المسيلة وتلق ثقافته األدبية والعلمية بها ثم قصد افريقية‪ ،‬ومماا سابإل يتضال أن‬
‫المسيلة المدينة الجديدل أصبص ا شأن ‪ 13‬وعاش في رق علمي متزايد وتصولا‬
‫ل صضرل علم ووسطا فكريا راقيا‪ ،‬أ ّمها العلماء واآلدباء فأجاد قرا صهم ثمارا يانعة‬
‫ن كر منهم أبا عبد هللا الملوش من قرياة ملوشان قارب بساكرل وابناه ساصاق‪ ،‬فقاد كاناا‬
‫عالمين يؤخ عنهما العلم وقد سمع عنهما أبو عبد هللا بن مصمد بن ميمون‪14‬‬
‫ب‪.‬أشير‪:‬‬
‫في خضام االضاطرابا والالأمان الا ي سااد تيهار طاوال القارن الراباع الهجاري‬
‫فقد أهميتها كمركز أشعاع ثقافي فوهر مدن جديدل بالمغرب األوسط ومنها المسيلة‬
‫وأشاير التا اسااتقطب العلام والعلماااء وكاان لااك علا صساااب تيهار ‪ 15‬التااي لام تناال‬
‫عناية الدول المتعاقبة عليها في المجال الثقافي والتي كان تنور ليها نوارل اساتخفاف‬
‫ألنها من مؤسسا الخوارج‪.16‬‬
‫و قد بني ه ا المدينة لتكون قاعدل أخرى في المغرب األوسط تقريبا لنفس الغرض‬
‫ال ي تأسسا ما ن أجلاه المسايلة وهاو أن تكاون قاعادل أمامياة للفااطميين يضاربون مان‬
‫خاللها زناتة والصركا المعارضة لهم‪ .‬وببناء أشير أصبل المغرب األوسط يتكون من‬
‫ثالث قواعد استراتيجية يرتكز عليها الفاطميون في بسط نفو هم عل الجبها الغربية‬
‫ومراقبتها ومتابعة العصال بها ومواجهة النفو األموي المتزايد في ه ا الجها ‪ 17‬وقد‬
‫جلب زيري بن مناد لها الصناع والعمال من المسيلة وطبنة فاأصكموا وضاعها وأشاادوا‬
‫بناءهااا فكثاار عمرانهااا وش ايّد بهااا القصااور والمنااازل والصمامااا وقصاادها العلماااء‬
‫والتجار واالدباء من كل مكان‪ .18‬وسكن النااس فيهاا وبناي ساورها وصصانها فاتساع‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫خطتها واستبصر عمرانها ورصل ليها العلمااء وقصادها أهال تلاك الناواصي طلباا ل مان‬
‫والسالم‪.19‬‬
‫والتطور العمراني‪ ،‬فتكاثر المدن ياؤدي‬ ‫ّ‬ ‫و هناك ارتباط وثيإل بين االزدهار الثقافي‬
‫ل تزايد تصول المجتمع البدوى أو الريفي لا مجتماع صضاري وهاو ال مصالاة يشاكل‬
‫اإلطار األمثل لإلشعاع الفكري‪.20‬‬
‫بالعلماء والفقهاء والتجار ومن بين رجال‬ ‫صيث بعد تجهيز المدينة وتعميرها امت‬
‫الصااديث والفقااه ال ا ين ينساابون ل ا أشااير ن ا كر الشاايي أبااا مصمااد األشاايري مااام صلااب‬
‫والشاام عامااة فقااد اسااتدعاا الاوزير عااون الاادين أبااو الموفاار يصاي باان هباارل فقربااه ليااه‬
‫و تسااامع الناااس بأشااير فااي مختلااف أنصاااء العااالم اإلسااالمي وقااد عمااد‬ ‫وأكرمااه‪،21‬‬
‫زيري بن مناد ل ضارب الساكة وبساط العطااء للجناد وجعال لهام األرزاق ‪22‬فكثار‬
‫الدنانير والدراهم في أيدي الناس واطمأن نفوس أهل البادية‪.‬‬
‫و مااان الااادالال علااا مااادى تطاااور و زدهاااار أشاااير وتصولهاااا لاااي مركاااز ثقاااافي‬
‫وصضاري هام أن الفن المعماري الزيري األول كما تمثله أثاار أشاير‪ 23‬قاد بلاد درجاة‬
‫ماان التعقااد والتاارف الزخرفااي بالمقارنااة مااع الفاان األغلبااي صيااث عرفا بااالد المغاارب‬
‫األوسط وافريقية خالل القارن الراباع الهجاري تقادم العماران و زدهاار العلاوم والفناون‬
‫الجميلة لك التقدم ال ي كان يرافإل انتشار الترف في القصر وتألإل أ واق األمراء‪.24‬‬
‫و هك ا توافر مجموعة من الوروف لتجعل من أشير قلعة دفاعية ومركزا لتجمع‬
‫العلماء والفقهاء‪ 25‬ومقرا لنفو قول سياسية جديدل بالمغرب األوسط ترتكز علا تنوايم‬
‫صفوف صنهاجة وعل تأييد الفاطميين لفرض اإلستقرار واألمن في ه ا المنطقة‪.26‬‬
‫ج‪ .‬بونـة ‪27‬‬
‫تعتباار الاارصال ماان السااما البااارزل فااي بااالد المغاارب األوسااط عرفاا هاا ا‬
‫الواااهرل تطااورا مهمااة بدايااة ماان النصااف الثاااني ماان القاارن الثالااث الهجااري بفعاال‬
‫استقرار العديد من العناصر األندلسية والقيروانية وغيرها بالمدن الساصلية من المغرب‬
‫األوسط كبونة‪ 28‬ومرس الدجاج وتنس وقد شكل ها ا الشخصايا الاواردل لا باالد‬
‫المغرب األوسط من مختلف الجها مخزونا ضافيا لها‪ ،‬بال ن الصياال الفكرياة لمديناة‬
‫بونة هي ثمرل مجهودا النخب المستقرل أو المتنقلاة عبار بوناة‪ ،‬ومان لاك الفقياه ابان‬
‫مروان البوني‪440 .29‬هاـ‪1048-‬م‪ ،‬الماالكي لاه كتااب فاي شاري الموطاأ وصاله مان‬
‫كون مجموعة من طالب العلم بها‬ ‫األندلس وانتقل ل فريقية فأقام ببونة فنسب ليها‪ .‬و ّ‬
‫ممن قدموا لطلب علمه‪.30‬‬
‫و يفهم من الوصف الجغرافي له ا المدينة أنها كان مدينة مقتدرل وليسا باالكبيرل‬
‫وال بالصااغيرل تااوفر عل ا شااروط العاايف واالسااتقرار ماان أراضااي ومي ااا وخياارا‬
‫ومساجد وأسواق وصماما وصولها‪ .31‬انتشار القبا ال الكثيارل مان البربار‪ ،‬مصامودل‬

‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫وأوربة‪ ،‬ووصفها اإلدريسي قا ال" وكان لها أساواق صسانة وتجاارل مقصاودل وأربااي‬
‫موجودل‪.32‬‬
‫و ال شك أن ه ا الجو ساعد عل األمن واالستقرار وطلب العلام وانتشاارا فاي ها ا‬
‫المنطقة‪.‬‬
‫د‪.‬و رجالن ‪33‬‬
‫وكان إلزدهار وارجالن كمركز تجاري هام وكمصطاة لصركاة القوافال التاي تنطلاإل‬
‫منها ل كل االتجاها ‪ ،‬و ل جاناب ماا تتمتاع باه مان األمان النسابي الا ي تفرضاه‪34‬‬
‫أهميتها التجارية وانعزال موقعها مع قول أهلهاا وكثارل الوافادين ليهاا واتسااع العماران‬
‫صولهااا‪ ،‬كاال ها ا العواماال ربمااا جعلا منهااا مكانااا هامااا واألصاالل للقيااام باادور البااديل‬
‫المباشر لتاهر و كنا ال نعرف الكثير عن الصيال الثقافية في ورجالن في عهد الدولة‬
‫الرستمية ف لك يعود ل أن انطالق الصركاة العلمياة فاي ها ا المديناة الصاصراوية كاان‬
‫بعد قدوم اإلباضية الفاريين ليها من تيهر ‪ 35‬وك لك باضية فريقية وطرابلس وجبل‬
‫نفوسة الفاريين من المضايقا التي تعرضاوا لهاا‪ .‬أن ورجاالن خاالل القارن الراباع‬
‫للهجرل أصبص مركزا تجاربا وعلميا يربط المغرب األوسط بجنوب الصصراء وصت‬
‫أقص غرب أفريقية‪ . 36‬فكان ن له ا الدور ال ي لعبتاه ورجاالن هاو مصاولاة تجسايم‬
‫والتع بير عان عماإل التاأثير الفكاري والصضاارل للدولاة الرساتمية التاي اساتمر أثارهاا‬
‫العلمية والفكرية قرونا متصلة بعد غيابهاا مان الوجاود السياساي تماماا‪ ،‬وتصولا با لك‬
‫ورجالن ل مصدر اشعاع علمي أمتد ل البلدان والمناطإل المجااورل كابالد الساودان‬
‫وجبل نفوسة وبالد الجريد وغيرها‪.‬‬
‫و الشك أن ستقرار يعقوب بن أفلل في وارجالن وما قام به أهلها بعد لجو اه لايهم‬
‫وعرضااهم اإلمامااة عليااه ومساااندته عل ا تأساايس الدولااة ماان جديااد يصاادد ماان الناصيااة‬
‫الزمنية عل صد تعبير الشماخي بداية انطالق‪ -‬الصركاة العلمياة بهاا كباديل لتيهار ‪.37‬‬
‫والشك أن مساهمة يعقوب بن أفلل في ميدان التعلايم كانا هاماة فقاد كاان مان العلمااء‬
‫علا عااادل البيا الرسااتمي‪ . 38‬فها ا الجااو الا ي كااان سااا دا فااي ورجااالن وفاار أسااباب‬
‫االستقرار والتقدم وساهم في جلب العلماء واألدباء والزعمااء ليهاا لالساتقرار وتنشايط‬
‫الصركة العلمية بها‪.39‬‬
‫فلم تخل ه ا المنطقة في أي مرصلة من مراصل ه ا الفترل التاريخية من شخصايا‬
‫ا أثر ونفو دعما الصركاة العلمياة بها ا المنطقاة‪ 40‬فبعاد يعقاوب بان أفلال وهار‬
‫شخصيا أخرى كان لها دور فعال في أثراء الصركة الثقافية في وارجالن منها‪:‬‬
‫الشيي أبو يوسف يعقوب بن يوسف بن سهلون السدراتي المعروف بالطرفي يصنفه‬
‫الدرجيني‪ 41‬ضمن الطبقة السادسة ( ‪250‬هـ‪ 300-‬هاـ) والا ي يقاول فياه " العاالم الفقياه‬
‫الفطن النبيه اليقوان ال كي الورع و الجهادين األكبر واألصغر واالجتهاادين المصالي‬
‫والدفتر" كان يلقب بشيي الرأي الناصل و كر أنه كان في مدل قضا ه يقض بين الناس‬
‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫وهو يعمل اشغال دارا ال يلهيه شيء عن شايء و لاك ل كا اه وقلّاة كبارا وكاان منتها‬
‫الفتيا بوارجالن‪ 42‬كون ه ا العالم الفقيه صلقة علمياة فاي أصاد مسااجد وارجاالن‪ ،‬فكاان‬
‫ل جانب توليه القضاء يقوم بتعلايم التالميا ويلقاي دروس الاوعو فاي مسااجد المديناة‬
‫وأثمر صلقته بتخرج العديد من العلماء ن كر منهم أبو صالل جناون بان يمرياان الا ي‬
‫تول أمور وارجالن بعد وفال أبي يوسف وأصبل شيخها الكبير‪ ،43‬كما كان لاه صلقاة‬
‫علمية في أصد مساجد وارجالن تعرف باسمه يصضرها كل متعطف للعلم والمعرفة‪.‬‬
‫و ل جانب يوسف بن سهلون يأتي الشيي أبو نوي سعيد بان زنغيال‪44‬و لياه انتها‬
‫ر اسة اإلباضة في العلم فقد قصد وارجاالن فاارا مان أباي تمايم السالطان العبيادي‪ ،‬ماع‬
‫أهله مستخفيا لقيه أهلها بالترصاب وأنزلوا منزال صسنا وأكرموا مثواا غاية األكرام وقد‬
‫رصب به شيي وارجالن أبو صالل جنون‪45‬وأجرى عليه االرزاق الكثيرل وأمادا بكال ماا‬
‫يصتاج من األموال‪ ،‬وكان يعقد الشيي أبو نوي صلقة الدرس في مسجد الشيي أبو صاالل‬
‫وكانا جماعااة أهاال وارجااالن تجتمااع ليااه فااي ها ا المسااجد فماانهم المسااتفيد منااه علمااا‬
‫وماانهم المسااتبرك بمشاااهدته والمقتفااي منااه خلقااا يتصلا بااه‪ ،46‬ويباادو أن شخصااية أبااي‬
‫صالل جنون كان مسؤولة بالدرجة األول عن زدهار الصركة العلمية و نتوام الصياال‬
‫الدي نية في ورجالن لما كان له من نفو واساع وتاأثير مباشار فاي دعام الصركاة العلمياة‬
‫والنفقة عل الشيوخ والطلبة‪ ،47‬وبوفاته تدهور الصركة العلمية وول الصيال الثقافية‬
‫راكدل‪ .‬ونستطيع القول أن أهم نجاز في الصركة العلمياة فاي ها ا المنااطإل خاالل فتارل‬
‫دراساتنا هاي وضااع نواام الصلقاة ‪ 48‬و رساااء أدابهاا وترسايخها فااي وساط المجتمعااا‬
‫اإلباضية مماا أعاان علا دعام الصركاة العلمياة علا أساس ثابتاة ومنوماة جمعا باين‬
‫التعليم والتكوين وبين التدريس والتوجيه‪.‬‬
‫و ب لك تمكن ه ا الشيي أن يوسع افاق صركته في كل الديار اإلباضية في وارجالن‬
‫وغيرها وكان يشجع طلبتاه علا مطالعاة الكتاب وتأليفهاا وتخارج علا يادا الشايي أباو‬
‫الربيع سليمان بن يخلف المزاتي المتوفي سنة ‪471‬هـ‪ . 49‬والشاك أن عاددا كبيارا مان‬
‫الطلبة وفدوا عليه لصضور صلقا التدريس‪.‬‬
‫و يعد أبو عبد هللا مصمد بن عبد هللا بن بكر الفرسطا ي‪ ،50‬أصدا عالم القرن الراباع‬
‫الهجااري فقااد ركااز جهااودا علا بناااء صركااة علميااة تربويااة منومااة قصااد الصفاااو علا‬
‫اسااتمرار عمليااة البناااء االجتماااعي والااديني والعلمااي للمجتمعااا اإلباضااية بااالمغرب‬
‫األوسط و يعود الفصل ل أبي عبد هللا في وضع نواام الصلقاة ملبياا رغباة شايخه أباي‬
‫زكرياء بن أبي مسور‪ ،‬وقد عرف عنه كثرل تنقالته مع تالم ته صت قيل فيهم أي لها ا‬
‫الشيي وتالم ته‪ ":‬نما مثلهم كمثل الصواريين لعيس بن مريم‪ "51‬ومن ال ين كاان لهام‬
‫الفضل في ترتيب الصلقاة كاان أباو الخطااب عباد الساالم بان منصاور بان أباي وزجاون‬
‫المزاتي‪52‬‬

‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫و يصكم طابع ورجالن التجاري والصركة المستمرل عل ه ا المنطقة فقد أثار فاي‬
‫ازدهار الصركة فتطور العلوم من الفلسفة والنجوم ل فكر اسالمي شامل‪.‬‬
‫خاتمة ‪:‬‬
‫لعب ه ا المراكز الثقافية دورا هاما في نشر العلوم والمعارف عبر كامل المغارب‬
‫األوسط وخارجه وكان وراء بروز علمااء وأدبااء وخطبااء جسادوا المقادم والتواصال‬
‫الصضاري للمغرب األوسط خاصة والمغرب اإلسالمي‬
‫و ال شك أن مادن المغارب األوساط األخارى شاهد نفاس التقادم العلماي و ن أغفال‬
‫أصصاب التراجم كر علما ها ومع ه ا فقد عرفنا أبا عبد هللا مصمد بن زياد وأباا جعفار‬
‫الااداودي ماان علماااء المساايلة فااي القاارن الرابااع الهجااري وأبااا القاساام سااوار باان كيسااان‬
‫وسعيد بن وأشكل التهرتي من علماء تنس وعبد هللا بان يوساف بان طلصاة بان عمارون‬
‫الوهراني المتوفي ‪429‬هـ‪1037-‬م‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬

‫المراجع‬
‫‪-1‬رافعي نشيدل‪ ،‬الصياال الفكرياة والثقافياة فاي المغارب فاي العصار الفااطمي ‪226 ،‬هاـ ‪362 -‬هاـ رساالة لنيال‬
‫دكتوراا دولة جامعة الجزا ر كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية ‪ ،‬قسم التاريي – السنة ‪.2003 – 2002‬‬
‫‪ -2‬براعيم صسن ‪:‬تاريي الدولة اإلسالمية‪ :‬السياسي‪ ،‬الاديني‪ ،‬الثقاافي و اإلجتمااعي‪ ،‬ج‪ ،1‬دار الجيال بيارو و‬
‫مكتبة النهضة المصرية القاهرل ‪ ،‬ط ‪ ، 2001 ، 1‬ص ‪.221‬‬
‫‪-3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪-4‬عثمااان الكعاااك‪ :‬مااوجز التاااريي العااام للجزا اار ماان العصاار الصجااري لاا اإلصااتالل العربااي دار الغاارب‬
‫اإلسالمي ‪.‬ط‪ 2003. 1‬ص ‪167‬‬
‫‪ -5‬ابن خلدون عبد الرصمان ‪ :‬المقدمة‪ ،‬دار الكتاب اللبناني بيرو ‪ 1967.‬ص ص ‪.412 – 441‬‬
‫‪ -6‬ومن مقرل ل المسيلة مرصلة‪ ،‬وهي مدينة مصدثة استصدثها عل بن األندلسي أصد خدم ال عبيد هللا وعليها‬
‫سور صصين مان طاوب ولهاا واد يقاال لاه وادي ساهر فياه مااء عوايم منبساط علا وجاه األرض وعليهاا مان‬
‫البرباار بنااو باارزال وبنااو زانااداج وهااوارل ومزاتااة‪:‬ينور اسااماعيل العربااي‪ ،‬الماادن المغربيااة المؤسسااة الوطنيااة‬
‫للكتاب الجزا ر ‪ ،1948‬ص ‪.163‬‬
‫‪-7‬ابن ع اري ‪ :‬أبو العباس أصمد المركشي ‪:‬البيان المغارب فاي أخباار األنادلس والمغارب ‪،‬ج ‪ 4‬تصقياإل ج س‬
‫كوالن وليفي بروفتسال‪ ،‬بيرو ‪ . 1948‬ص ص ‪. 165-164‬‬
‫‪ -8‬عبد العزيار الفياللاي العالقاا السياساية باين الدولاة األموياة فاي األنادلس ودول المغارب‪ ،‬الشاركة الوطنياة‬
‫للنشر والتوزيع الجزا ر ‪ ،1982‬ص ‪.37‬‬
‫‪ -9‬اسماعيل العربي‪ ،‬المرجع السابإل‪ ،‬ص ص ‪ ،165-164‬ينور أيضا ابان عا اري‪ ،‬المصادر الساابإل‪ ،‬ج‪،1‬‬
‫ص‪.78‬‬
‫‪-10‬النيفر‪ ،‬مصمد توفيإل‪ :‬الصيال األدبية بافريقية في العصر الفاطمي تونس ‪ ،1992‬ص ‪.742‬‬
‫‪-11‬اليعالوي‪ ،‬ابن هاني األندلسي شاعر الدولة الفاطمية‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيرو ‪ ،1985 ،‬ص‪.179‬‬
‫‪-12‬رافعي نشيدل‪ :‬المرجع السابإل‪ ،‬ص ‪.366‬‬
‫‪-13‬عثمان الكعاك‪ ،‬المرجع السابإل‪ ،‬ص ‪.160‬‬
‫‪-14‬نفسه‪ ،‬ص ‪.161‬‬
‫‪ -15‬ساامية مصااطف مساعد‪ :‬العالقااا بااين المغارب واألناادلس فاي عصاار الخالفااة األموياة‪ ،‬عااين للدراسااا‬
‫والبصوث اإلنسانية واالجتماعية سنة ‪.2000‬ص‪.193‬‬

‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫‪-16‬مصماد بان معمار العالقاا السياساية والاروابط الثقافياة باين المغاربين األوساط واألقصا مان نهاياة القاارن‬
‫الثاني ل أواسط القرن الساادس الهجاريين ‪ :‬شاهادل دكتاوراا دولاة – مرقوناة – جامعاة وهاران سانة ‪-2001‬‬
‫‪2002‬‬
‫‪-17‬نفسه‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪-18‬مصمد المختاار اساكندر‪ ،‬مجلاة االصاالة ضامن أعماال الملتقا الساادس للفكار االساالمي‪ ،‬ما ‪.2‬منشاورا‬
‫وزارل التعليم األصلي والشؤون الدينية الجزا ر مابين ‪ 24‬يوليو ل ‪ 10‬أو ‪ 1972‬ص ‪.148‬‬
‫‪-19‬عبااد الصلاايم عااويس‪ ،‬ابااو صمااو موسا الزياااني ‪ ،‬الشااركة الوطنيااة للنشاار والتوزيااع ‪،‬ط‪ 1‬الجزا اار ‪1974.‬‬
‫‪.‬ص‪37‬‬
‫‪-20‬عبد الصميد صاجيا ‪ ،‬ابو صماو موسا الزيااني ‪،‬الشاركة الوطنياة للنشار و التوزياع ط‪ ،1‬الجزا ار ‪،1974‬‬
‫ص ‪.37‬‬
‫‪-21‬اسماعيل العربي‪ ،‬دولة بني صماد ملوك القلعة وبجاية‪ ،‬الشاركة الوطنياة للنشار والتوزياع الجزا ار ‪،1980‬‬
‫ص ‪.54‬‬
‫‪-22‬نفسه‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪-23‬و كان الكاتب الفرنساي بيار بروجاه ‪ Berbrugger‬هاو أول مان تعارف علا مديناة أشاير التاريخياة فاي‬
‫خرا ب الكاف األخضر في سنة ‪ ،1852‬وفي سانة ‪ 1922‬قاام جاورج مارساي ‪ G.Marçais‬بزياارل خرا اب‬
‫أشير وبكتاباة دراساة قيماة عنهاا نشارتها المجلاة األفريقياة فاي نفاس السانة‪ ،‬ينور‪،‬اساماعيل العرباي‪ ،‬المرجاع‬
‫السابإل‪ ،‬ص ‪.156‬‬
‫‪ -24‬سماعيل العربي‪ ،‬دولة بني صماد ‪ ...‬المرجع السابإل‪ ،‬ص ‪.128‬‬
‫‪-25‬أ‪.‬ف‪.‬غوتية‪ ،‬ماضي شمال أفريقيا‪ :‬ترجمة هاشم الصسيني طبعة طرابلس ‪ ،‬ليبيا‪ ،1970،‬ص ‪.258‬‬
‫‪-26‬اسماعيل العربي‪ ،‬دولة ‪ ...‬المرجع السابإل ‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪-27‬تقاع بوناة الصديثاة علا مساافة ونصاف مان هيبوناة (‪ )Hipo uegins‬وقاد أساس الفييقباون بوناة وغزتهاا‬
‫قرطجنة ثم أستول عليها ملوك بونة نوميديا ولما هزم يوغورطه صم المدينة وأراضها ل ما يسم بوالية‬
‫أفريقيااة الرومانيااة وأصاابص بونااة مدينااة مزدهاارل كمااا أصاابص ماان أهاام المراكااز الدينيااة بعاادما أنتشاار فااي‬
‫المسيصية‪ .‬ينور‪ ،‬اسماعيل العربي‪ :‬المدن‪ ...‬المرجع السابإل‪ ،‬ص ‪ ،196‬هامف ‪.01‬‬
‫‪ -28‬عاالول عماارل‪ ،‬دراساا فااي التااريي الوسايط للجزا ار والغاارب اإلساالمي‪ :‬دياوان المطبوعاا الجامعيااة‬
‫الجزا ر‪ ،2008 ،‬ص ‪.104‬‬
‫‪-29‬اسماعيل العربي‪ ،‬دولة‪ ...‬المرجع االسبإل‪ ،‬ص ‪.198‬‬
‫‪-30‬عالول عمارل‪ :‬المرجع السابإل‪ ،‬ص ‪.198‬‬
‫‪-31‬اسماعيل العربي‪ ،‬دولة ‪ ...‬المرجع السابإل‪ ،‬ص ص ‪.197-196‬‬
‫‪-32‬اإلدريسي المغرب العربي من كتاب نزهة المشتاق تصقيإل مصمد صاج صادق ديوان المطبوعاا الجامعياة‬
‫الجزا ر‪ ،1983 ،‬ص ‪.154‬‬
‫‪-33‬كان ورجالن في القرن الثاني والثالث والراباع للهجارل مركازا هاماا لإلباضاية فاي المغارب األوساط وال‬
‫يقصد بورجالن اسم المدينة فقط بل ك لك اسم المنطقة المصيطاة بهاا‪ :‬مساعود مزهاودي المرجاع الساابإل ‪،/‬ص‬
‫‪.2‬‬
‫‪-34‬عمرو خليفة النامي‪ :‬مالمل عن الصركة العلمية في ورجالن مصاضرل مرقونة‪ :‬منشورا وزارل الشاؤون‬
‫الدينية فبراير ‪ ،1977‬مجلد ‪ ،1‬ص ‪.98‬‬
‫‪-35‬مسعود مزهودي‪ ،‬االباضية في المغرب األوسط من سقوط الدولة الرستمية ل هجرل بناي هاالل لا الد‬
‫المغرب – رسالة ماجستير (مرقوته) كلية األداب قسم التاريي جامعة القاهرل – مصر ‪ -1988‬ص ‪248‬‬
‫‪-36‬سليمان بوعصبانة ‪ ،‬الصيال العلمية بمنطقة أريد من القرن الرابع ل السادس للهجرل‪ ،‬مجلة الصيال عدد ‪،2‬‬
‫غرداية ‪ ،1984‬ص ‪.141‬‬
‫‪-37‬الشماخي‪ :‬كتاب السير ‪ ،‬قسنطينة الجزا ر – ‪ 1304‬هـ ص ‪365‬‬
‫‪-38‬الدرجيني‪ :‬طبقا المشا ي بالمغرب (جزءان ) تصقيإل ابراهيم طالي ‪ ،‬الجزا ر ‪ ،1974‬ص ‪.105‬‬

‫]‪[Tapez un texte‬‬
‫وزارل الشؤون الدينياة ‪.‬فبرايار ‪1477 ،،‬‬ ‫‪-39‬عمرو خليفة‪ ،‬مالمل عن الصركة في ورجالن ‪ ،‬ج ‪ 1‬منشورا‬
‫الجزا ر ‪.‬‬
‫‪-40‬نفسه ص ‪.118‬‬
‫‪ -41‬الدرجيني‪ :‬المصدر السابإل‪ ،‬ص ‪.331‬‬
‫‪-42‬نفسه‪،‬ص ‪.332‬‬
‫‪ -43‬مسعود مزهودي‪ ،‬المرجع السابإل‪ ،‬ص ‪.249‬‬
‫‪-44‬الدرجيني المصدر السابإل‪ ،‬ص ‪.143‬‬
‫‪-45‬نفسه ص ‪.144‬‬
‫‪-46‬نفسه ص ‪.144‬‬
‫‪-47‬مسعود مزهودي‪ ،‬المرجع السابإل ص ‪.183‬‬
‫‪ -48‬عمرو خليفة‪ ،‬المرجع السابإل‪ ،‬ص ‪.106‬‬
‫ٌ‬
‫السابإل‪ ،‬ص ‪.428‬‬ ‫‪-49‬الدرجيني‪ :‬المصدر‬
‫‪-50‬هو أبو عبد هللا مصمد بن بكر الفرسطا ي النفوسي ولد سنة ‪345‬هـ‪ ،‬وتوف عام ‪440‬هاـ يتباين أسالي (بلادل‬
‫عمر) ودفن بها ‪ ،‬ونشاأ بجبال نفوساة وتعلام علا الشايخين‪ ،‬أبان ناوي بام رنغيال أباي زكرايااء بان أباي مساور‬
‫وكالهما من الطبقة الثامنة (‪350‬هـ‪400-‬هـ) ‪.‬بوعصبانة‪ :‬المرجع السابإل‪ ،‬ص ‪.143‬‬
‫‪-51‬الدرجيني‪ :‬المصدر السابإل‪ ،‬ص ‪.186‬‬
‫‪52-Fekhar Brahim Ben moussa: les communautés Ibadites en Afrique du Nord‬‬
‫‪depuis les fatimides, thèse doctorat 3ème cycle, sorbome paris , 1971, P64‬‬

‫]‪[Tapez un texte‬‬

You might also like