Professional Documents
Culture Documents
-1األدب الهندي
ال نظن أننا نغايل عندما نقول أن مصطلح اآلداب الغربية مصطلح حاضر يف أذهان طلبتنا
راسخ يف معارفهم يف حني أن مصطلح اآلداب الشرقية ال يكاد جيد له مكانا عندهم ،و األكيد أن
مناهجنا و الربامج املقرتحة تقف وراء هذا اخللل من خالل الرتكيز الكامل على آداب بالغرب و
كل ما يتعلق هبا من دراسات و ما يأيت منها من مناهج و نظريات على حساب الشرق بالرغم ما
لآلداب الشرقية من مكانة رفيعة يعرتف هبا الغربيون أنفسهم قبل غريهم ،ويكفي دليال على ذلك
انبهار هيجل الكبري بالعامل الشرقي ،إىل احلد الذي جعله يقول يف كتابه " العامل الشرقي" :أن يف
آسيا أشرق ضوء الروح و من مث بدأ التاريخ الكلي
عامل كهذا ،ال شك أنه قادر على إنتاج أدب راق يعكس صورة اإلنسان الشرقي و عاداته و
تقالي ده ،و نظم ه و قوانين ه و أخالق ه ،و ك ل م ا يتعل ق حبيات ه .و ال ذي نعني ه ب األدب الش رقي يف
كالمن ا الي وم ه و أدب ال دول األس يويه العريق ة منه ا خاص ة ك أدب اهلن د و الص ني و الياب ان و
الفرس...
و لك ل أم ة من ه ذه األمم قيمته ا و حض ارهتا املوغل ة يف الت اريخ و جلميعه ا آداب و ثقاف ات
عريق ة هلا خصوص يتها ،و ال ذي ال ش ك في ه ف ان اآلداب الش رقية القدمية مجيعه ا تش رتك يف أهنا
انتقلت شفاهة من جيل إىل جيل قبل أن تصل إلينا كما هي مدونة اليوم كما أهنا -أعين اآلداب
الش رقية – قائم ة يف األس اس على ثالث ة أعم دة رئيس ية متيزه ا هي :الظ اهرة الديني ة ،حض ور
األسطورة ،و اجلنوح إىل اخليال .و على كل فإننا يف هذه العجالة سنقف يف البداية عند األدب
اهلن دي لنفتح معكم -طلبتن ا -باب ا من خالل ه ميكنكم التع رف و ل و باختص ار على ت اريخ ه ذا
األدب و فنونه و بعض أعالمه رغبة يف توسيع املعارف و تنويع الثقافة .
نعين باألدب اهلندي ذلك األدب الذي أبدعته قرائح األدباء اهلنود ليعربوا به عن مكنونات
أنفس هم و ينش روا أفك ارهم و يص وروا حي اهتم و األكي د أن األدب اهلن دي -كغ ريه من آداب
األمم األخرى -مل خيلق من عدم و مل يولد راشدا فقد خضع لسنن الطبيعة و نواميس احلياة ...
فقد مر هو اآلخر كما يرى الدارسون و املهتمون باآلداب القدمية مبجموعة من املراحل
ميكن تلخيصها كما يلي:
كغريه من اآلداب القدمية ارتبط األدب اهلندي القدمي بالشفوية من جهة و الظاهرة
الدينية اليت سيطرت على تفك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري اإلنسان القدمي من جهة أخرى يقول جبور عبد النور يف هذا
الص دد ":أس وة بع دد كب ري من اآلداب القدمية األخ رى أول م ا ظه ر يف األدب اهلن دي نص وص
مرتبطة بشؤون العقيدة الدينية و الشعائر العائدة إليها و كانت يف معظمها شفوية متنقلة مساعا من
جيل إىل جيل مث منتهية بعد التبديل و التعديل إىل الظهور يف صفحات مكتوبة "
المرحلة الثانية:
ميثل هذه املرحلة األدب اهلندي املكتوب باللغة السنسكريتية القدمية اليت تعترب أم اللغات اهلندية
املختلفة و األدب اهلندي يف هذه املرحلة بقي مرتبطا بالظاهرة الدينية إذ ظهرت جمموعة من الكتب ذات
الصبغة الدينية يأيت على رأسها " الربامهانا "
و الربامهانا كتاب يرتبط ارتباطا وثيقا بالفيدا إذ ألف خصيصا لشرح و تفسري ما جاء يف كتاب
الفي دا من التيم ات و املواض يع ال يت يب دو ان ه بط ول ال زمن أص بحت مستعص ية على الفهم و االس تيعاب،
خاصة على العامة من الناس كما تضمن هذا الكتاب العديد من األساطري كأسطورة الطوفان إضافة إىل
كثري من اآلراء الفلسفية و احلكم وقد متيز الربامهانا بطابعه الرمزي الشيء الذي لفت إليه انتباه الدارسني
فانكبوا عليه بدراسات دينية و فلسفية عميقة .
المرحلة الثالثة:
تع ود ه ذه املرحل ة للق رن الس ادس قب ل امليالد متيزت بوض ح أض خم و أش هر ملحم تني يف األدب
اهلندي و حىت العاملي أعين املها هبارتا و الرامايانا و قد تلتهما العديد من املؤلفات و اليت متيزت مجيعها
بس يطرة ال روح الديني ة باعتباره ا ترك ز احلديث عن متجي د اآلهلة و تع رض األس اطري املتعلق ة باألرب اب و
الطق وس املتعلق ة بعبادهتا و يب دو أن مؤلف ات ه ذه املرحل ة عرض ت مادهتا بأس اليب عذب ة و أفك ار ماتع ة
أضفت عليها مجاال و سحرا شد إليها األدباء و الدارسني فاقبلوا عليها و تعلقوا هبا سواء القدماء منهم أو
احملدثون
المرحلة الرابعة:
تبدأ هذه املرحلة يف القرن الثاين قبل امليالد مرحلة تراجعت فيها سيطرة الروح الدينية فقد جنح الكتاب
اهلنود يف هذه املرحلة اىل االهتمام و احلديث عن األمور الدنيوية دون اختفاء تام ألمور العقيدة و الدين و
مرد ذلك يعود إىل طبيعة احلكم الذي كان بيد ملوك "غوبا " الذين شجعوا النشاط الفين و األديب إال أن
اللغة اهلندية السنسكريتية يف هذه املرحلة مالت إىل التصنع و االستعارات املوغلة يف الغموض و كثر فيها
الرم ز اىل احلد ال ذي أص بح من العس ري الوق وف على املع اين و املقاص د عن دما أص بح األدب املكت وب هبا
عب ارة عن رم وز و طالس م حتت اج إىل معني لفكه ا و فهم مض امينها ففق د ب ذلك األدب ص لته بالعام ة و
أصبح خاصا بأهل العلم و االختصاص و رجال الدين ومن أشهر أدباء هذه املرحلة " كاليداسا " الش اعر
امللحمي و املسرحي الذي كتب بالسنسكريتية و متيز برفعة أسلوبه و تنوع إنتاجه من ذلك راغوفامسا و
مغادوتا و رقصة الفصول اليت وصف فيها الفصول الستة يف السنة اهلندية .
يف األدب اهلندي كما يف غريه ال بد من فنون و قوالب يصب فيها األديب إبداعه ،فنون ال
شك أنه يشرتك فيها مع غريه من اآلداب القومية األخرى وان بدا كل أدب فيها مبا مييز شخصيته اخلاصة
به و لعل من أبرز الفنون اليت جيب الوقوف عندها يف األدب اهلندي
فن احلكاية األسطورية و اخليالية ،الفن األصيل الذي الزم األدب اهلندي منذ عهد الشفوية وقد -1
متيز بصبغته الشعبية و يبدو ان تركيز اهلنود على هذا الفن كان كبريا إذ اختذوا منه وسيلة لتثقيف
الناشئة و غرس املبادئ السامية األفكار املستنرية و األخالق الرفيعة فيهم من أمثلة ذلك " بنج
تناترا " الكتاب الذي تقله إىل العربية ابن املقفع حتت عنوان " كليلة و دمنة" و من أمثلة ذلك
أيض ا املص نف املع روف ب " الكتب اخلمس ة " ال ذي يص ور حي اة خمتل ف املن اطق اهلندي ة وق د
عاجلت قصصه قضايا العامة و كتبت بأسلوب ممتع متخذة من احليوانات أبطاال بدالالت و
رموز مقصودة و عادة ما تتخلل سردها أبيات من الشعر ونظرا ملا اتصفت به هذه احلكايات من
جاذبي ة لقرائه ا فق د القت رواج ا كب ريا بني الق راء عن د مجي ع األمم خاص ة عن دما ت رمجت إىل
العديد من لغات العامل.
فن الرواية و نعين هبا احلكايات الطويلة اليت تصور واقع حياة الناس و تعاجل مهومهم اليومية من -2
أش هرها " :حكاي ات الفتي ان العش رة " ال يت تتمث ل أج داثها يف أن ك ل واح د من ه ؤالء الفتي ة
يذكر مغامراته يف أثناء محلة عسكرية و " تاريخ حرصا " اليت ألفها الشاعر " بانا " لالمرباطور "
" حرصا "حيث جمده و وصف احلياة يف بالطه و أبرز بطوالته يف محالته ضد أعدائه و بالنظر إىل
طبيعة األحداث يف الروايتني ال خيفى ما من روح ملحمية فيهما .
فن املسرح مل خيض األدباء اهلنود يف هذين الفنني فحسب بل أبدعوا كذلك يف الفن املسرحي و -3
أتقنوه منذ القدم و عاجلوا به قضاياهم و ما يهم حياهتم أو حياة اخلاصة منهم و أحيانا تعرضوا
من خالل ه إىل بعض املوضوع ـ ـ ـــات اخليالي ة و امللحمي ة من أش هر املس رحيات و أمتعه ا مس رحية
"شكونتاال " للشاعر " كاليداسا ث اليت تصور عاطفة احلب و العالقات اإلنسانية من خالل ما
حدث بني امللك " دوسنتا "و ابنة إحدى احلوريات الفتاة " شكونتاال " ،حيث وقع يف غرامها
و تزوجها سرا و أعطاها بعد فراقه عنها خامتا غري أن أحد النساك اعترب هذه العالقة خطيئة ونقم
عليه فأفقده ذاكرته و أضاعت الفتاة اخلامت و مل تستطع إثبات عالقتها به و مرت السنون على
هذه احلال حىت عثر امللك على اخلامت فاستعاد ذاكرته و ذات يوم صادف شابا يشبهه و اكتشف
انه ابنه من" شكونتاال "و سعيا إلرجاعها..
من الناحية الفنية اعتمد " كاليداسا " الشعر و النثر و الغناء و جعل النبالء يتحدثون باللغة السنسكريتية
بينما عامة الناس و النساء و األطفال يتحدثون خمتلف اللهجات الشعبية اهلندية من هنا بدأت تظهر إىل
الوجود اللغات املنبثقة عن اللغة األم و اليت انتشرت يف خمتلف مناطق شبه القارة اهلندية خاصة تلك اليت
اختذهتا الديانة البوذية يف التبشري بدعوهتا و اليت أصبحت بعد ذلك لغات رمسية و تعد بالعشرات كالبالية
التامولية الكنارية الكردية و البنغالية اليت كتب هبا حديثا الشاعر طاغور بل أن األدب البنغايل سيطر على
مجيع ما سواه من اآلداب اهلندية األخرى بعد أن تأثر بالتيارات الغربية احلديثة .
المحاضرة السادسة
-2األدب الفارسي
ال خيتلف اثنان يف أن األدب الفارسي هو أقرب اآلداب إىل األدب العريب و أكثرها تأثريا و
تأثرا به و الذي نعنيه باألدب الفارسي ما أنتجته أمة الفرس و تركته من آثار إبداعية على مر التاريخ و
اليت ميكن تصنيفها ضمن دائرة األدب ،و األمة الفارسية أمة قدمية عريقة يف القدم ،هلا تارخيها و حضارهتا
و ثقافتها املمتدة يف أعماق التاريخ البشري ،و مع ذلك فإنه ال يعرف اليوم عن األدب الفارسي القدمي إال
النزر اليسري الذي ال يتعدى بعض املنقوشات اليت تعود إىل عهد امللوك األخيميني الذين أنشأوا إمرباطورية
فارس و حكموا يف الفرتة املمتدة بني 550/330قبل امليالد .
تعترب اللغة الزندية أقدم اللغات يف بالد الفرس و مل يصلنا من النصوص املكتوبة هبا إال بعض اآلثار
أمهها " األفاستا "
" األفاستا "هو الكتاب املقدس عند إتباع الديانة الزرداشتية نسبة إىل زرداشت املؤسس األول هلذه
الديان ة و الزرداش تية هي ديان ة إيراني ة قدمية ،متث ل ال دين الرمسي لإلمرباطوري ة األمخيني ة .يض م كت اب
األفاستا جمموعة من األناشيد و التعاليم يعتربه الدارسون لآلداب القدمية موسوعة متثل أقدم وثيقة تربز
حضارة و ثقافة الفرس و علومهم و دياناهتم و تارخيهم و قوانينهم و طبيعة حياهتم من حيث أخالقهم و
عاداهتم و تقاليدهم ...انه حبق أحد املصادر املكتوبة يف تاريخ الفرس إن مل نقل البشرية مجعاء.
األكيد أن هذا الكتاب كغريه من كتب األمم القدمية تناقلته األجيال شفاهة عرب مئات السنني
قبل تدوينه ،ما جيعلنا على يقني أن هذا الكتاب قد تعرض إىل احلذف و الزيادة و التغيري إال أن ذلك مل
يفقده قيمته العظيمة عند الفرس و عند غريهم .و ما يؤكد هذه القيمة هو اهتمام الدارسني و املؤرخني
و علم اء األدي ان ب ه ،س واء الق دماء منهم أو احملدثني من ه ريودوت ( 425/ 484ق م ) إىل أرس طو(
427/347ق م ) و من غويت ( 1749/1832م )إىل نيتشه ( 1844/1900م )
وقد ظهر بعد هذا الكتاب كتاب الزند الذي يعترب تفسريا ملا جاء فيه عسري التعابري و عمق األفكار ،ما
يعين أن مستوى األفاستا كان أعظم من أن يتيسر للجميع فهم و استيعاب ما فيه .و أما األدب املكتوب
باللغ ة الفهلوي ة قب ل الفتح اإلس المي فق د ك ان يف معظم ه ال خيرج عن القض ايا ذات الص لة بالظ اهرة
الدينية .أو التاريـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــخ و سري امللـ ـ ـ ـ ـ ـــوك من ذلك "خ ـ ـ ـــداي نامـ ـ ـــه " أي كتاب امللوك إضافة إىل " هزار
أفسانة " الذي يرى الدارسون انه األصل لكتاب ألف ليلة و ليلة .
بعد الفتح اإلسالمي كان للدين اجلديد و الذين محلوه ليبشروا به ،تأثري عميق يف بالد الفرس يف
مجيع النواحي ،فقد تأثرت اللغة الفارسية باللغة العربية تأثرا كبريا فقد اعتماد احلرف العريب يف كتابتها و
استعارت كما هائال من ألفاظها و حىت بعض تراكيبها ،كما تأثر الناطقون هبا بالدين اإلسالمي و ببعض
عادات و تقاليد الفاحتني.
و اللغ ة الفارس ية احلديث ة لغ ة تطورت عن اللغ ة اهلندي ة و ت أثرت باللغ ات الغربي ة م ا جيعله ا لغ ة
هندية أوروبية البنية مكتوبة باحلرف العريب و لعل هذا ما يؤكد ما ذهب إليه بعض الدارسني أن األدب
الفارسي تالقت فيه جمهودات أمم خمتلفة و شاركت فيه شعوب كثرية من عرقيات و أجناس خمتلفة إال
انه و احلق يقال بقي حمافظا على فارسيته من خالل احلفاظ على خصائصه اليت متيزه عن غريه و اليت ميكن
إمجاهلا فيما يلي :
خيص ه ذا التقس يم ف رتة م ا بع د الفتح اإلس المي حيث س يطرت اللغ ة الفارس ية احلديث ة بع د ح وايل
قرنني من الزمن و يكاد االتفاق يكون تاما بني مؤرخي األدب حول تقسيم تاريخ األدب الفارسي
اىل مخسة عصور .
يغطي ه ذا العص ر الق رنني التاس ع و العاش ر امليالديني في ه متكنت اللغ ة الفارس ية احلديث ة من
فرض نفسها على احلياة األدبية و الرمسية وقد تأثرت هذه اللغة كما قلنا باللغة العربية فاقتبست منها
األلفاظ و التعابري و املصطلحات وقد سعى األدباء و الشعراء الفرس يف هذه املرحلة من تارخيهم إىل
إحياء القومية الفارسية و من أشهر رجاالت هذه املرحلة املسعودي ( 896/957م) الذي وضع
النص األول للش اهنامة معتم دا على كت اب املل وك املكت وب باللغ ة الفهلوي ة كم ا اش تهر يف الش عر
الرودكي ( 940/ 858م ) امللقب عندهم بأيب الشعر الفارسي و هو من نظم كليلة و دمنة شعرا
يضاف إىل الشخصيتني علي البلعمي (ت 975م) الذي ترجم تفسري القرآن للطربي.
عصر السالجقة
ميت د ه ذا العص ر من الق رن احلادي عش ر إىل الق رن الث الث عش ر امليالدي في ه ارتقى األدب
الفارسي إىل مرتبة أعلى شأنا و ظهر فيه بشكل واضح امليل حنو التصوف و اعتماد الشعر التعليمي
ال ذي اختذه الش عراء وس يلة للتوجي ه ال ديين و ق د اش تهر يف ه ذا العص ر العدي د من الشخص يات يف
خمتلف امليادين منهم بابا طاهر املعروف بالعريان ( 947/1032م ) الشاعر الذي ألف رباعيات يف
املتصوف دعا من خالهلا إىل اعتزال اخللق و البعد عن زخرف احلياة و التقشف يف العيش.
كم ا اش تهر الرحال ة ناص ر خس رو ( 1004/1088م ) برحلت ه "س فر نام ه " ال يت قادت ه إىل البل د
العربية و كذاك سطع جنم الفردوسي ( 932/1020م ) الذي أمت الشاهنامة .وال ميكن أن نتجاوز
هذا العصر دون أن نذكر ابن مدينة نيسابور عمر اخليام ( 1122 /1050م ) الشاعر و العامل و
الفيلسوف صاحب الرباعيات.
عصر املغول
حيدد الدارسون و املهتمون بتاريخ األدب الفارسي فرتة هذا العصر بني القرنني الثالث عشر و
اخلامس عشر ميالدي و يعتربونه ازهي مراحل هذا األدب بل يصفونه بالعصر الذهيب نظرا ملا شهده
األدب الفارسي من تطور خاصة الشعر الصويف الذي كان ردة فعل على أوضاع سياسية و اجتماعية
و دينية و من أشهر شخص يات هذا العصر اجلويين ساحب كتاب جهانشكا و كذلك العطار (ت
)1230و سعدي الشريازي ( 1292 /1193م) الشاعر و املتصوف الذي متيز بأسلوبه السلس
الواضح و بقيمه األخالقية اليت جعلت منه أكثر شعراء الفرس شهرة و قربا من النفوس.
عصر االستقالل:
يغطي ه ذه العص ر الف رتة املمت دة من الق رن الس ادس عش ر إىل هناي ة الق رن التاس ع عش ر يف ه ذه
املرحلة بدأ األدب الصويف يتجه حنو الضعف إذ أصابه ما ألصاب األدب العريب و مع ذلك تألقت فيه
بعض األمساء ك اهلاليل ( ت ) 1533ال ذي وض ع جمموع ات ش عرية ص وفية و الرحال ة أمني ال رازي
اجلغرايف الذي ألف العديد من املؤلفات أشهرها " هفت إقليم " أي األقاليم السبعة و هي موسوعة
ضمنها العديد من املعارف اجلغرافية
متيز ه ذا العص ر بانفت اح األدب الفارس ي على األدب الغ ريب فتس ربت ل ه النظري ات
الغربي ة املتنوع ة و أث رت في ه ت أثريا واض حا إىل احلد ال ذي فق د بعض مالحمه األص يلة و املالح ظ أن
الش عر يف ه ذا العص ر تراج ع و فس ح اجملال أم ام الن ثر و مل جند إال القل ة من الش عراء ال ذين ميكن أن
يكونوا جنوما منهم الشاعر نيما يوشيج ( 1897/1959م ) الذي تأثر بالتيارات احلديثة و متكن
من جماراهتا لكنه بقي حمافظا على أصالته و أما يف ميدان النثر فقد اكتسحت الرواية الساحة األدبية
الفارسية خاصة الرواية الرومنسية اليت اشتهر فيها كتاب أبدعوا يف كتابتها منهم صادق هدايت(ت
)1951مؤلف " البومة العمياء " و مجال زاده ( )1997 /1892الروائي املعارض الذي ألف
"ذات يوم " يف العام 1916و "بيت اجملانني " 1942
المحاضرة السابعة
األدب األفريقي
إشكالية المصطلح
يف البداي ة ال ب د من االع رتاف أن ه ليس من الس هل احلديث عن األدب اإلف ريقي و اخلوض يف قض اياه
نظرا لقلة املراجع و الدراسات املنجزة حول هذا األدب يف رفوف املكتبة العربية و إن وجدت فكثري منها مكتوب
بلغات غري اللغة العربية ما جيعل التعامل معها صعبا حيتاج إىل إتقان تلك اللغات.
إن املنطق يفرض علينا أن نبدأ حديثنا عن األدب اإلفريقي انطالقا من املصطلح ذاته نظرا حلداثته و نظرا
ملا يثريه من تساؤالت إذ املعلوم أن هذا املصطلح مل يكن للدارسني سابق معرفة به قدميا باعتبار أن ظهوره كان مع
بروز حركات التحرر احلديثة يف القارة اإلفريقية و نيل بعض بلدان القارة استقالهلا.
األكي د أن ه ذا املص طلح مص طلح خاليف تع ددت حول ه وجه ات نظ ر املهتمني بدراس ة األدب اإلف ريقي و تارخيه
س واء من املس تفرقني أو من أبن اء الق ارة ذاهتا ،م ا يع ين أن مص طلح األدب اإلف ريقي يط رح إش كالية على مس توى
حتديده هلذا األدب أو داللته عليه فهل نعين باألدب اإلفريقي األدب الزجني؟ أم نعين به األدب الذي أنتجته قرائح
أبناء إفريقيا ؟
هن اك من الدارس ني و هم األغلبي ة الس احقة من املس تفرقني خاص ة ي رون أن األدب اإلف ريقي يقص د ب ه
أدب جنوب القارة أو الصحراء الكربى أو أفريقيا السوداء أو أدب الزنوج فهم يزعمون أن إفريقيا قارة تقسمها
الصحراء الكربى إىل قسمني خمتلفني كل االختالف :قسم يقع مشاهلا يسمونه إفريقيا العربية اإلسالمية و آخر يقع
جنوهبا يس مونه الص حراء أو إفريقي ا الس وداء ،يق ول املستش رق االجنل يزي "جريال د م ور " " :أن أفريقي ا الش مالية
منطقة أدبية منفصلة متام االنفصال عن أفريقيا الصحراء أو السوداء " .و يقرتب من هذا الرأي املستفرق األملاين
"يان هاينزيان" الذي يرى أن إفريقيا مصطلح جغرايف ال ثقايف و مثة منطقتان ثقافيتان خمتلفتان لكل منهما تاريخ
خمتلف و تقاليد خمتلفة فمن ناحية يوجد مشال إفريقيا و من جهة أخرى يوجد ما يسمى إفريقيا اجلنوبية أو الزجنية
أو السوداء أو غري اإلسالمية "
املتمعن يف هذا التقسيم يالحظ بوضوح أنه تقسيم سياسي استعماري نابع من نظرة غري بريئة تسيطر عليها
أفكار مسبقة راسخة يف أذهاهنم منذ تفكريهم يف استعمار القارة .وهذا التقسيم يف الواقع ال يستقيم العتبارات
أمهها :
أن االتص ال و التواص ل بني مشال الق ارة و جنوهبا أم ر واق ع ال ينك ره أح د م ا يع ين أن الت أثري و الت أثر و -
على مجي ع املس تويات أم ر واق ع أيض ا فق د ك ان بني ش عوب املنطق تني مجي ع أن واع العالق ات على امت داد
آالف الس نني خاص ة يف اجلانب ال ديين بفض ل انتش ار اإلس الم عن طري ق الط رق الديني ة خاص ة الطريق ة
التيجانية اليت يعد أتباعها باآلالف يف خمتلف الدول كمايل و النيجر و السنغال ..
أن أصحاب البشرة السوداء كثري منهم ينتسبون إىل دول الشمال اإلفريقي و قد امتزجوا برببر و عرب -
ه ذه املنطق ة .و الكث ري من الزن وج يع دون ج زءا من الثقاف ة اإلس المية ب ل أن نس بة كب رية من األفارق ة
يعتنقون اإلسالم و ميكن اإلشارة هنا إىل الشاعر الصومايل حممد عبد اهلل حسن الذي نظم ملحمة حتت
عنوان " امللحمة احملمدية " باللغة السواحلية وتقع يف 25150بيتا تناول فيها سرية حممد صلى اهلل عليه و
سلم
و العجيب أن بعض األفارقة هرولوا وراء هذه النظرة الغربية كما هو احلال مع الكاتب اجلنوب إفريقي ازكيال
hizikialمفاليلي الذي يقول ":أن الشمال العريب املسلم ال عالقة من الناحية الثقافية باإلنسان اإلفريقي" كالم
كهذا مل جيد قبوال عند البعض اآلخر إذ أن هناك من األفارقة من يرى غري ذلك كالنيجريي كريستوفر أوكيدجو
الذي يرى أن األدب اإلفريقي هو ببساطة األدب املوجود يف أفريقيا و إن كان هذا الكالم مقبوال من منطلق عدم
التقسيم إال أنه يطرح سؤاال هاما هو ما مصري األدب املوجود يف إفريقيا و هو ليس من تأليف أبنائها ؟
و يقرتب من هذا الرأي رأي تشينو أتشييب أحد النقاد و رواد الرواية يف نيجرييا الذي قال :أنا ال أرى األدب
اإلفريقي كوحدة واحدة و إمنا أراه جمموعة من الوحدات املرتبطة تعين يف احلقيقة اجملموع الكلي لآلداب القومي ة و
العرقية يف إفريقيا.
بع د ه ذا الع رض لبعض اآلراء يف حتدي د مفه وم األدب اإلف ريقي ميكننا الق ول على اإلمجال أن أحسن م ا ميكن أن
نعرف به هذا األدب ما قاله "مباي لوبشري" عندما عرب عن نظرته بقوله :هو األدب الوليد يف البيئة اإلفريقية و
ال ذي ج ادت ب ه ق رائح أبن اء ه ذه الق ارة أنفس هم مع ربا عن مش اعرهم و انفع االهتم م ؤثرا يف الق ارئ و الس امع
بأسلوب رفيع بغض النظر عن الزمان و املكان.
إن الواجب يف رض علين ا ان نعام ل األدب االف ريقي و ننظ ر إلي ه بنفس املنظار ال ذي ننظ ر ب ه إىل اآلداب األخرى
فنق ر مبص طلح األدب االف ريقي بنفس املدلول الع ام ال ذي يش ري إلي ه األدب األورويب مثال و نق ر يف نفس ال وقت
بوجود آداب افريقية سنغايل نيجريي مايل أوغندي ....متاما كقوانا آداب أوروبية اجنليزي فرنسي ايطايل.....
كانت بداية األدب اإلفريقي بداية شفهية يف أحضان حضارة افريقية متميزة عن غريها من احلضارات
يعتربه ا الدارس ون .أق دم حض ارة على وج ه األرض يع ود تارخيه ا كم ا ي زعم بعض الب احثني يف علم اإلنس ان إىل
سبعة ماليني سنة.
األكيد أن لألفارقة تراثا ثقافيا يصور حياهتم و يعرب عن ثق افتهم و مييز شخص يتهم لكن لألسف مل يصل
إلينا إال جزء بسيط منه و لعل السبب يف ذلك يعود إىل عدم التدوين من جهة و إىل اإلمهال و االنشغال باحلروب
الداخلي ة و اخلارجي ة من جه ة أخ رى يض اف إىل ذل ك أن كث ريا من اللغ ات احمللي ة ال يت ك انت وس يلة لرواي ة ه ذا
الرتاث هي يف الغالب غري مكتوبة .و عليه فقد سيطرت املشافهة على التواصل بني األفارقة حيث تناقلوا األخبار
و األش عار و األس اطري و اخلراف ات و احلكاي ات بينهم من جي ل إىل جي ل و من قبيل ة إىل قبيل ة عن طري ق الرواي ة .
اليت يقوم هبا راو يتميز بفصاحة اللسان و بالغة الكالم و قوة احلفظ .
و احلقيقة اليت يقرها املهتم ون البحث يف األدب اإلفريقي الق دمي أن ما وص ل إلينا مما كان يروي يدور يف
معظمه حول بعض األشعار الشعبية و اخلرافات و األساطري و احلكايات اليت يسيطر عليها اخليال ،و قد كان لكل
قبيلة من القبائل اإلفريقية نظرة و اعتقاد خاص ،فقبيلة الكونغو مثال تعتقد أن القوة احلقيقة يف الوجود هي املوت
قبل اإلله أما قبائل زامبيا فيعتقدون أن اإلله ييأس أمام قوة اإلنسان و أما شعب اإليبو يف دلتا النيجر فيعتقد أن
اآلهلة تسمح لإلنسان اختيار قدره قبل ميالده .إضافة إىل ذلك انتشرت القصص الشعبية اليت تتميز بسطوة اخليال
على أحداثها و سيطرة احليوانات املاكرة على أبطاهلا ،كاألرنب الربي و العنكبوت و السلحفاة و هي احليوانات
احملتال ة ال يت تتم يز ب ذكاء و ده اء و يف الع ادة تواج ه أع داء هم أعظم منه ا ،ف العنكبوت يف قصص هم شخص ية
أس طورية و ع دو ل دود إلل ه الس ماء دائم ا م ا يس رق قصص ه و خيدع ه .يف ه ذه القص ص ع ادة م ا يبعث الراوي ة
عاطفة االنبهار و املتعة و الضحك يف السامعني فعلى سبيل املثال يروى أن السلحفاة سرقت احلكمة من اآلهلة و
عندما ح اولت اهلروب اعرتض تها ش جرة ألهنا ك انت ق د علقت الس لة يف رقبته ا و عن دما ح اولت نزعه ا تناثرت
احلكمة يف العامل...و يف أثناء هذه القصص و احلكايات و األساطري يكثر الراوي من ضرب األمثال فاملثل عندهم
كم ا يقول ون ه و :إدام الكالم و زيت النخي ل و ه ذا ي دل على حكم ة ال راوي واهلدف التعليمي و الت وجيهي و
الرتبوي املراد من ذلك
وض ع كه ذا جيعلن ا نتس اءل كم من أدب ميكن أن جند يف إفريقي ا خاص ة عن دما نعلم أن الدول ة الواح دة
ميكن أن جند فيها عدد اللغات بعدد القبائل اليت تنتمي إليها و من هنا يطرح السؤال األهم أي لغة هي األحق
و األنسب لألدب اإلفريقي ؟ وجاءت اإلجابة من تيارين خمتلفني :
األول :يرى أصحاب هذا التيار ان على األديب أن يوظف اللغة الوافدة للتعبري عن جتربته و يقدمون لذلك
تربيرات أمهها :
أن ليس هناك لغة حملية جتمع كل شرائح اجملتمع حىت يف البلد الواحد و استعمال لغة قبيلة دون أحرى -1
قد خيلق صراعا و عداوة بني أبناء البلد الواحد .
أن اعتم اد لغ ة حملي ة ي ؤدي إىل تقوق ع األدب يف نط اق ض يق مما حيرم ه من اخلروج إىل اإلقليمي ة و -2
العاملية
يزعم ون أن على األديب اإلف ريقي أن يع رف بقض يته و قض ايا قارت ه و يكش ف م ا يعاني ه من قه ر و -3
بالتايل ال بد أن يستعمل لغة ميكنه من خالهلا التواصل مع العامل اخلارجي و لن تكون تلك اللغة إال
لغة أوروبية استعمارية و هبذه النظرة يبدو ان هؤالء استلموا لألمر الواقع عندما يتحدثون عن عدد
املتحدثني باالجنليزية من األفارقة الذي يفوق مئة مليون نسمة و الفرنسية يفوق مخسني مليون نسمة
و الربتغالية يفوق عشرين مليون بسمة.
الثاني :يرى أصاب هذا التيار أن دور األديب هو خدمة قومه و التعبري حاهلم عن آالمهم و آماهلم من خالل
معاجلة قضاياهم و التفاعل معهم و بالتايل عليه أن خياطبهم بلغتهم اليت يفهموهنا و يشعرون بالفخر باالنتماء
إليها فالتشجري يبدأ من عقر الدار كما يقول املثل اإلفريقي و عليه فإن قيمة األديب تكمن يف استخدام لغة
اتصال مع العامة ال مع اخلاصة و يؤكد أصحاب هذا التيار:
أن استعمال لغة املستعمر الوافدة يؤدي يف النهاية إىل اندثار اللغة احمللية و ضياع مقوم من مقومات -1
الشخصية
أن على األديب اإلف ريقي أن يك ون أك ثر انفتاح ا على قارت ه و يس عى إىل توظي ف اللغ ات االهريقي ة -2
األكثر انتشارا كالسواحلية اليت يتحدث هبا عشرات املاليني من األفارقة.
أن اس تعمال اللغ ات احمللي ة خيدمها من حيث أن ه يبعث فيه ا احلي اة و ش يئا فش يئا و جبه ود علمائه ا و -3
املبدعني هبا خترج العاملية و تفرض نفسها.
و من أب رز املؤي دين هلذا ال رأي و املدافعني عن ه ب ل املناض ل من أجل ه الس نغايل األديب ال رئيس "ليوبول د
س يدار" س نغور ( ) 1906/2001ال ذي ق ال :ليس هن اك حض ارة ب دون أدب يع رب عن القيم و ب دون أدب
مكتوب ليس هناك حضارة تذهب أبعد من أبسط معرفة خلصائص الشعوب مكن كيف لنا أن نفهم أدبا حمليا يف
لغة غري لغة البلد ؟ أين ميكن لنا أن جند تعبريا أكثر أصالة عن هذه احلضارة إن مل يكن يف اللغات و اآلداب احمللية
هلذا البلد.
المحاضرة الثامنة
الشعر :
رغم التخل ف و رغم االس تعمار من غ ري املعق ول أن تك ون ق ارة حبجم أفريقي ا عقيم ا ال تنجب شخص يات
بارزة يف مجيع امليادين يشهد هلا العامل و يؤرخ هلا التاريخ و الذي يهمنا هنا األدباء و الشعراء و األكيد أن بداية
حديثنا ستكون من الشعر باعتباره يسبق النثر عند مجيع األمم و الشعر يف إفريقيا ميكن تقسيمه إىل أربعة أنواع :
الشعيب الفولكلوري املكتوب اللغة احمللية و املكتوب باللغة الوافدة وقد كان للشعر مكانة مرموقة عند األفارقة
تق ول املس تفرقة آن تيب ل :ل ة س ألت بني الش كرية أو بني قبائ ل الس ودان األخ رى أو ح ىت خ ارج الس ودان..ه ل
عندكم شاعر ؟ لظهر شاعر يف زمن أقل بكثري مما يستغرقه زمن العثور على شاعر يف بريطانيا.فليس غريبا إذا أن
يكون الشعراء بعدد ال حيصى خاصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــة شعراء الشعـ ـ ـ ـ ـ ـــر الشعيب و سنح ـــاول يف هذه العجالة أن نقف عند بعض
النماذج لشعراء كتبوا باللغة احمللية من ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــؤالء ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــاعر جن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـــوب أفريقي كان يوقع أشعاره املكتوبة بلغة
الزوسا ب"اهلارب من األمة " يقول:
ما اخلالص؟
و األكي د أن أهم م ا نالحظ ه على ه ذين النم وذجني الط ابع احلزين و حض ور ال دين اض افة إىل البس اطة ال يت متيز
الشعر اإلفريقي بصفة عامة .
املسرح:
لالفارق ة مس رحهم و كغ ريهم من األمم ف إن الب دايات األوىل هلذا الفن ارتبطت ب الطقوس الديني ة املتمثل ة يف تل ك
احلرك ات و املس احيق و املالبس ال يت اش تهرت هبا القبائ ل اإلفريقي ة ق دميا و م ا زالت بعض ها إىل الي وم متارس ها و
ق دميا كتب ابن بطوط ة ملمح ا إىل وج ود م ا مبكن اعتب اره إرهاص ات مس رحية مساها األض حوكة و قص د هبا م ا
حض ره يف جملس س لطان م ايل من جلس ات حيض ر فيه ا م داحون و جمموع ة ش باب يقوم ون حبرك ات متثيلي ة أم ام
احلاضرين من جلساء السلطان .
و لقد كان للمسرح االفريقي وظيفة اجتماعية بالدرجة األوىل يلخصها املهتمون بدراسة املسرح االفريقي يف
ثالث وظائف رئيسية :
و املسرح اإلفريقي يف عمومه يستقي مادته من الواقع و ينطلق فيها من األساطري اليت يوظفها توظيفا رمزيا و
م ع ه ذا املس رح التقلي دي ظه ر مس رح من افس أع ين ب ه م ا ميكن أن نس ميه مبس رح اإلرس اليات تل ك املس رحيات
املسيحية الوافدة وع االستعمار عن طريق اإلرساليات التبشريية اليت قادها املبشرون الذين سعوا إىل طمس معامل
املسرح اإلفريقي الشعيب متحججني بأنه مسرح و ثين و احلقيقة أهنم يريدون إبعاد األهايل عما يربطهم بثقافتهم
من أجل التمكني للمسيحية من جهة و نشر اللغات األوروبية زن جهة أخرى .
أم ا بع د اس تقالل ال دول اإلفريقي ة فظه ر مس رح خيدم القض ايا الوطني ة هلذه ال دول من مناذج دلك م ا قدم ه
املسرحي الغ اين " دانغ و "كم مسرحيات أش هرها مس رحية " املرأة املثالية "ال يت امت دحها النق اد و اعتربوه ا من
أنض ج املس رحيات اإلفريقي ة احلديث ة تص ور ه ذه املس رحية الص راع بني إفريقي ا و أوروب ا و تق وم أح داثها على
أسطورة شعب آكان يف غانا خالصتها أن اإلله خلق ثالثة أنواع من النساء كل نوع ينتمي إىل مرحلة تارخيية :
القدمي /االستعمار /االستقالل حيث بدت إفريقيا يف مواجهة أوروبا منتصرا يف النهاية لوطنه.
الرواية القصة:
يتفق النقاد و الدارسون سواء على أن هذين الفنني بشكلهما احلايل و مبقوماهتما كما حيددها النقاد اليوم دخلتا إىل
إفريقيا يف العصر احلديث من خالل االحتكاك املباشر بالثقافة و احلضارة األوروبية الناتج عن احلمالت التبشريية و
االستعمارية و هذا ما يقر به الناقد "دارثوين " الذي يقول :إن الرواية يف إفريقيا هي الشكل الفين األديب الوحيد
الذي دخل عن طريق االستعارة اخلالصة و هذا الكالم -بالرغم من بعض التحفظ عليه من بعض األفارقة الذين
يقولون أن الرواية ال ميكن أن تكون غريبة كل الغرابة على شعوب ميتلكون تراثا ضخما مليئا بالسري و احلكايات
– إال أنه حيمل يف طياته اعرتافا يكاد يكون صرحيا بوجود فنون أدبية إفريقية خبصائص و مميزات افريقية .املهم أن
األدباء األفارقة استطاعوا أن يقتحموا هذا الفن و يبدعوا فيه بلغاهتم احمللية قبل اللغات االستعمارية الوافدة ما يدل
أن اللغات احمللية املكتوبة كالتونغا والزوسا و الشونا هي لغات مرنة ميكنها ان تنتج الفن القصصي و الروائي رغم
ما يتطلبه هذا الفن من تقنيات .
من النم اذج الروائي ة الروائي ة ال يت يتح دث عنه ا النق اد م ا كتب ه ال روائي "توم اس موفول و"( )1876/1948بلغ ة
السوتو من روايات بدا يف أغلبها كثري امليل إىل االجتاه الديين نظرا لنشأته الدينية أحضان أسرة متكونة من أبوين
مس يحيني وتعت رب رواي ة " مس افر من الش رق " ب اكورة أعمال ه من أش هر روايات ه ،ت دور أح داث ه ذه الرواي ة يف
ليسوتو بطلها شاب يعيش يف بيئة بسيطة ضاقت به احلياة فارحتل شرقا و غربا حبثا عن الراحة و الطمأنينة و املعرفة
اليت وجدها عندما اهتدى إىل نور املسيحية بعد كثري من الشقاء ة التأمل.
يف األخري ميكننا القول أن القارة اإلفريقية أجنبت لنا العديد من األدباء الذين تعدت شهرهتم إفريقيا و داع صيتهم
خارجها كما أن بعض الدول اإلفريقية املستقلة حديثا تبذل الكثري من اجلهود لتدوين اللغات احمللية و تعليمها و
اعطاء فرصة الكتابة هبا.لكن رغم ذلك فإن الطريق ما زال طويال أمام األدب اإلفريقي.