‫جامعة السلطان موالي سليمان‬

‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بني مالل‬

‫مختبر السرد واألشكال الثقافية‪ :‬األدب واللغة والمجتمع‬

‫ماستر السرد والثقافة بالمغرب‬

‫الفوج الرابع‬
‫الفصل الثالث‬

‫بحث بعنوان‪:‬‬

‫سيميولوجيا ماء عين أسردون عند ساكنة‬

‫أوالد عياد‬

‫تحت إرشاف الأاتسد‪:‬‬ ‫نم إدعاد ااطللب‪:‬‬

‫محمد فخرالدين‬ ‫طارق الملياني‬

‫الموسم الجامعي‪2023-2024 :‬‬

 ‫سيميولوجيا ماء عين أسردون عند ساكنة أوالد عياد‬

‫يعد الماء مادة حيوية مهمة جدا في حياة الفرد والمجتمعات فالماء ضروري‬
‫لبقاء اإلنسان على قيد الحياة شأنه شأن باقي الكائنات الحية‪ ،‬حيث يتم استخدامه في‬
‫العديد من المجاالت المختلفة‪ :‬كالفالحة وإنتاج الغذاء والتنظيف والنقل وتوليد الطاقة‬
‫والترفيه وغيرها‪ .‬باإلضافة إلى أهمية الماء في التنمية المستدامة واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ .‬ولعل أبرز مصادر الماء في المغرب وفي جهة بني مالل خنيفرة‪،‬‬
‫عين أسردون‪ ،‬التي توجد تحت جبل "تصميط" أي الثلج أو البرد‪ ،‬كما تضم هذه‬
‫العين منتجعا سياحيا تم تصنيفه كتراث وطني سنة ‪ ،1947‬ويرتبط هذا المكان‬
‫بعراقة وذاكرة وتاريخ مدينة بني مالل وكذا بحياة ساكنتها‪ ،‬كما يعد المكان فضاءا‬
‫ينجذب له السياح من كل مكان بفضل حدائقه وأشجاره الوافرة وشالالته العذبة‬
‫وخرير المياه المنسابة‪.‬‬
‫وعن عين أسردون يقول مؤرخ الجهة مصطفى عربوش‪ ":‬هي فخر العيون‬
‫في بني مالل يقدر ماءها بحوالي ‪ 2000‬لتر من الثانية‪ ،‬وهي أساس الشرب ببني‬
‫مالل‪ ،‬والفائض للسقي األراضي المجاورة‪ :‬أراضي أوالد ضريض وامغيلة ووالد‬
‫سعيد وأوالد عياد‪ ،‬فيها شالالت بارتفاع مترين ونصف ذات أشجار عالية خضراء‬
‫جميلة‪ ،‬أرضها حديقة أزهار تحت الضالل‪"....‬‬
‫داللة التسمية‪ :‬عين أسردون‪:‬‬
‫يتكون اسم "عين أسردون" من كلمتين‪ :‬عين باللغة العربية وتعني منبع مائي‬
‫و"أسردون" مصطلح باألمازيغية ويعني البغل‪ .‬وبالتالي فإن معنى هذه التسمية هي‬
‫عين البغل‪ ،‬وقد جاءت هذه التسمية حسب أقوال السكان األصلين للمنطقة تيمنا‬
‫بحكاية واقعية عن الرجل الذي قطع الماء من المصدر بواسطة الصوف لكي يستفز‬
‫القبائل المستغلة لماء "عين أسردون"‪.‬‬
 ‫رمزية ماء عين أسردون ند سكان والد عياد‬
‫‪ -1‬االستعمال في المجال الفالحي‪:‬‬
‫يستعمل سكان المنطقة ماء المنبع لري وسقي األراضي الفالحية الشاسعة‪ ،‬في‬
‫مختلف أشكال الفالحة‪ ،‬كزراعة الحبوب والقطاني بجميع أشكالها‪ ،‬وبعض الخضر‬
‫وأيضا لسقي أشجار الزيتون التي لها أهمية كبيرة لدى السكان‪ ،‬فأغلبيتهم يمتلكون‬
‫أراضي تضم أعدادا من أشجار الزيتون‪ .‬فماء "عين أسردون" له قيمة بارزة فبدونه‬
‫ال يمكن ألشجار الزيتون أن تعطي "غلة"‪ .‬من هنا يمكن القول إن ماء عين أسردون‬
‫له رمزية الخصب المرتبطة بالحياة والمعيش اليومي وكذلك بالرزق‪.‬‬
‫‪ -2‬االستعمال اليومي في الطهارة والوضوء‬
‫تكمن أهمية ماء "عين أسردون" أيضا بكونه أساسي في طقوس الوضوء‪ ،‬أي‬
‫أن الماء في مختلف الثقافات العريقة يشكل ركيزة أساسية في ممارسة الطقوس‬
‫الدينية‪ ،‬فبدونه ال يمكن أن تتم العبادات بجميع أشكالها من صالة وصيام ولهذا فإن‬
‫سكان أوالد عياد يعتمدون على هذا المصدر الحيوي كثير في هذا المجال‪.‬‬
‫‪ -3‬ماء عين أسردون وطقس زمزم في عشوراء‬
‫ترتبط احتفاالت عاشوراء لدى سكان أوالد عياد برش ماء ساقية " فوغال" القادم‬
‫من عين أسرون‪ ،‬فعند حلول هذا اليوم يقوم األطفال والشباب وحتى اليافعين‬
‫باالستيقاظ باكرا لالستحمام بالماء البارد حتى تكون سنتهم مليئة بالخير والحيوية‬
‫والنشاط‪ ،‬وحتى في حالة عدم استيقاظ أحدهم في المنزل يقوم شخص ما وخاصة‬
‫األمهات برش الماء على الشخص النائم حتى ال يفوته هذا الطقس‪ ،‬لكن هذه الظاهرة‬
‫أو العادة بدأت في التالشي تدريجيا لتخرج إلى األزقة والشوارع حيث يتبادل‬
‫األطفال والمارة رش الماء فيما بينهم أو ما يسمى " بزمزم"‪.‬‬
 ‫‪ -4‬طقس العبور من العزوبيةإلى الحياة الزوجية‪:‬‬

‫ارتبطت "عين أسردون" بالخصوبة والرزق والوفير‪ ،‬حيث أن "المالليين"‬

‫بصفة عامة وسكان أوالد عياد يعتبرون هذه العين رمزا للعطاء ففي حفالت‬
‫األعراس للماء مكانة خاصة فال يخلو مكان إال وتواجد فيه‪ .‬وعند نهاية العرس يقوم‬
‫أفراد أسرة العريس بأخذ العروس إلى منبع عين أسرون لكي تشرب من مائه وهذا‬
‫دليل على االنتقال من العزوبية إلى الحياة الزوجية‪ ،‬وحسب ما يتداوله النساء في‬
‫أوالد عياد فإن هذا الطقس تصاحبه أهازيج وأغاني عن الخصب والعطاء‪ .‬ويرمز‬
‫هذا الطقس أيضا إلى كون العروس التي تشرب من ماء العين سترزق بسرعة‬
‫باألطفال‪.‬‬
 ‫خاتمة‬
‫لماء عين أسردون أهمية بالغة عند سكان مدينة بني مالل وخاصة ساكنة أوالد عياد‪،‬‬
‫ارتبط تواجد هذه المادة الحيوية بالمعيش اليومي وببعض الطقوس الدينية كما ارتبط‬
‫بالمجال الفالحي للماء ارتباطا وثيقا‪ .‬بدون الماء ال تكمن حياة ساكنة أوالد عياد‪ .‬من‬
‫هنا يمكن القول للماء مكانة ورمزية وجودية‪.‬‬