You are on page 1of 13

‫المقدمة‪: 

‬‬
‫تشكل الثروة المائية ألي بلد أهمية كبرى في اإلنماء االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬فالماء سر الحي اة وأس اس‬
‫التقدم واالزدهار وتاريخ التطور اإلنساني‪ ،‬يؤكد بأن كل الحض ارات البش رية ق امت والزالت أساس ا على‬
‫هذا المصدر الحيوي والحياتي المتمثل في الماء‪ ،‬ولعل أبلغ دليل على ذلك الحضارات العالمية التي نش أت‬
‫على ضفاف األنهار الكبيرة في العالم‪ ،‬خاصة حض ارة وادي الني ل‪ ،‬وحض ارة بالد الراف دين‪ ،‬والحض ارة‬
‫الهندية حيث يعد شح الموارد المائية في الدول الواقعة في المناطق الجافة و شبه الجافة ك الجزائر أح د أهم‬
‫المعوقات التي تقف حجر عثرة امام جهود التنمية االقتصادية لتلك الدول‪ ،‬مما يزي د ض خامة و تف اقم هات ه‬
‫المشكلة من الزيادة المس تمرة في طلب المي اه من جه ة‪،‬والجف اف و قس وة الظ روف المناخي ة والتس ربات‬
‫المائية بسبب قدم قنوات نقل المياه وضعف الصيانة والتلوث والنقص الواضح في السياسات المائية طويل ة‬
‫االمد والخطط المتكاملة اللدارة الموارد المائية من جهة اخ رى وعلي ه يجب وض ع حل ول وادوات تس اهم‬
‫في تنمية الموارد المائية بالجزائر‪.‬‬

‫تعريف التنمية‪: ‬‬
‫‪ -‬ه و نش اط مخط ط يه دف إلى إح داث تغ يرات في الف رد والجماع ة والتنظيم من حيث المعلوم ات‬
‫والخبرات ومن ناحية األداء وطرق العمل‪ ،‬ومن ناحي ة االتجاه ات والس لوك مم ا يجع ل الف رد والجماع ة‬
‫صالحين لشغل وظائفهم بكفاءة وإنتاجية عالية ومن خالل ما سبق ف إن ه ذا تعري ف تش ترك في ع دة نق اط‬
‫أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬تعتبر التنمية عملية شاملة ومستمرة‬

‫‪ -‬هي عملية تغيير ونقل للمجتمع نحواألحسن مع االنتفاع من التغيير حيث تهدف التنمية إلى تنمية الم وارد‬
‫واإلمكانيات الداخلية للمجتمع‪.‬‬

‫‪ -1‬المواررد المائية المتاحة في الجزائر‬

‫‪ – ‬الموارد المائية الطبيعية ‪:‬‬

‫تزخر الجزائر بموارد مائية متنوعة س طحية وجوفي ة تع ود باألس اس إلى التن وع الجغ رافي والط بيعي‬
‫ال ذي يميزه ا عن غيره ا من ال دول واألق اليم العربي ة واإلفريقي ة فك بر المس احة وتن وع التض اريس من‬
‫العوامل المؤثرة على عملية التساقط المطري ومن هاته الموارد هي‪: ‬‬

‫* مياه األمطار‪:‬‬

‫يغطي اإلقليم الجزائري مساحة قدرها ‪ 2.381.741‬كلم‪ ،2‬غير أن نسبة ‪ %90‬منه ا عب ارة عن ص حراء‬
‫يكاد ينعدم فيها تساقط األمطارويقدر الحجم المتوسط السنوي لمياه األمطار في الجزائ ر ب ‪12.4‬ملي ارم‪،3‬‬
‫إال أن هذه التساقطات المطرية تمس أساسا شمال البالد وت تركز بمق دار ‪ %90‬في المنطق ة التلي ة وح دها‪.‬‬
‫بالنظر إلى ذلك‪ ،‬ال تستقبل األحواض المنحدرة في الهضاب العليا سوى ‪ %10‬من مياه األمط ار‪ ،‬في حين‬
‫تعود إلى المناطق الصحراوية سوى كميات ضئيلة جدا‪.‬‬

‫* المياه السطحية ‪:‬‬

‫وتشمل المجاري المائية المجمعة في شكل أنهار وأودي ة ي زداد منس وبها نتيج ة تس اقط األمط ار والثل وج‬
‫والتي تغذيها ينابيع متجددة‪ .‬وتقدر الموارد المائية السطحية ب ‪ 12.7‬ملي ار م‪ /3‬الس نة‪ ،‬موزع ة جغرافي ة‬
‫على الشمال ب ‪11.9‬ملي ار م‪ ،3‬وعلى الجن وب ب ‪0.8‬ملي ار م‪ .3‬وتض م المي اه الس طحية في الجزائ ر ‪17‬‬
‫حوض مائيا تقع ض من ثالث مجموع ات‪ ،‬األولى هي األح واض التابع ة للبح ر األبيض المتوس ط وتتس ع‬
‫لنحو‪10.92‬مليار م‪ ،3‬والثانية أح واض الهض اب العلي ا وتتس ع لنح و ‪ 997‬ملي ون م‪ ،3‬والثالث ة األح واض‬
‫الصحراوية وتتسع لنحو ‪ 800‬مليون م‪.3‬‬

‫ولقد بلغ المعدل الحقيقي الستغالل المياه السطحية في الجزائر المعبأة بواسطة ‪ 57‬سد مستغل تبلغ طاقته ا‬
‫التخزينية اإلجمالية ب‬

‫‪ 5.70‬مليارم‪ 3‬حوالي ‪ 2.360‬مليار م‪ 3‬في أواخر سنة ‪ .2006‬وبذلك نالحظ أن نس بة تعبئ ة وحش د المي اه‬
‫الس طحية مقارن ة بالمت اح منه ا (أي‪ 12.7‬ملي ار م‪ )3‬بقيت ض عيفة ج دا‪ ،‬ال س يما في الجه ات الوس طى‬
‫والشرقية من البالد‪.‬‬

‫‪ – ‬الموارد المائية غير الطبيعية ‪:‬‬

‫أم ام الطلب المتزاي د على ه ذا الم ورد الحي وي واإلس تراتيجي‪ ،‬والنم و الس كاني الس ريع‪ ،‬والتط ور‬
‫الص ناعي‪ ،‬وقل ة تس اقط األمط ار نتيج ة ظ اهرة الجف اف‪ ،‬إلى ج انب الص عوبات الطبيعي ة كص عوبة‬
‫التضاريس في بالدنا والعوائق االقتصادية كارتفاع التكاليف المالية في اس تثمار واس تغالل مص ادر المي اه‬
‫الطبيعية من أمطار أو مي اه س طحية أو جوفي ة‪ .‬بـات من الض روري البحث عن الب دائل والط رق لتنوي ع‬
‫وتنمية مصادر التزويد بالمياه‪ ،‬وخاصة بتحلية مياه البحر ومعالجة المياه المستعملة‪.‬‬

‫* تحلية مياه البحر ‪:‬‬

‫يقصد بتقنية تحلية المياه على أنها إزالة نسبة األمالح الموجودة في مياه البحار والمحيطات وتحويلها إم ا‬
‫إلى مي اه ص الحة للش رب‪ ،‬وإم ا لإلقالل والتخفيض من نس بة الملوح ة الزائ دة واس تخدامها لس قي أو ري‬
‫بعض المحاصيل والمساحات الزراعية‪ ،‬أو في مياه العمليات الصناعية المختلف ة‪ .‬ويس تخدم له ذا الغ رض‬
‫الطاقة الشمسية‪ ،‬أو أي صورة من صور الطاقة المعروضة‪.‬‬

‫وان ما يحد من استخدام هذه التقنية عبر العالم بصفة عامة وفي الجزائر بصفة خاصة‪ ،‬هو كلفتها المالية‬
‫والتقنية الباهظة والمرتفعة‪ .‬إذ أظهرت مختلف الدراسات المنجزة أن تكلفة المتر المكعب الواحد من المي اه‬
‫المحالة تتراوح )بين‪ 0.76‬إلى ‪ 0.81‬دوالرأمريكي( (أي ما يعادل ‪ 65.40‬إلى ‪ 69.00‬دج)‪ ،‬وهذا مقارن ة‬
‫بالتكلفة القاعدية الحالية لتعبئة الموارد المائية الطبيعية التي تتراوح )مابين‪ 3.60‬إلى ‪ 4.50‬دج ‪ /‬م‪( 3‬‬

‫* معالجة المياه المستعملة ‪:‬‬

‫إن األهداف المرجوة من عملية معالجة وتصفية المياه المستعملة‪ ،‬تتركز حول الحفاظ على البيئة وحماية‬
‫المياه الجوفية والسطحية من التلوث‪ ،‬ورفع المستوى الص حي واالجتم اعي للس كان‪ ،‬باإلض افة إلى توف ير‬
‫مصادر مياه جديدة غير تقليدية تستخدم في مجاالت مختلفة وخاصة في مجال الزراعة‪.‬‬

‫إن إمكان ات الجزائ ر من ه ذا الم ورد تبقى ض عيفة ج داً‪ ،‬بحيث يتم ص رف المي اه في البح ر بالنس بة‬
‫للتجمعات السكانية الساحلية‪ ،‬وفي األدوية والسبخات بالنس بة لب اقي التجمع ات‪ .‬ولق د بل غ الحجم اإلجم الي‬
‫‪3‬‬
‫للمياه المستعملة الملفوظة أي المصروفة في الوسط الطبيعي بحوالي ‪ 700‬مليون م‪ 3‬س نوياً‪ 75 ،‬ملي ون م‬
‫منها فقط يتم تصفيتها ومعالجتها سنويا ً أي ما يعادل تقريبا ً نسبة ‪ ،10%‬وهي نسبة شبه منعدمة‪.‬‬

‫‪ -‬ويرصد لنا الجدول التالي الموارد واالحتياجات المائية الحالية والمستقبلية في الجزائر‪: ‬‬

‫المصدر‪:‬‬
‫‪ -‬محمد بركات‪ ،‬مش كالت المي اه العربي ة األزم ات‪ ...‬والص راعات‪...‬والح روب‪ ،‬الق اهرة ‪ :‬أطلس للنش ر‬
‫واإلنتاج اإلعالمي‪ ، 2006 ،‬ص ‪ 23‬و‪.133‬‬

‫‪ -‬ج اد هللا ع زوز الطلحي‪ ،‬ح تى ال نم وت عطش ا‪ ،‬ط‪ ،2‬ليبي ا ‪ :‬اللجن ة الش عبية العام ة للثقاف ة واإلعالم‪،‬‬
‫‪ ،2006‬ص‪ 263‬و ‪.270‬‬

‫‪ -‬رمزي سالمة‪ ،‬مش كلة المي اه في ال وطن الع ربي ‪ :‬احتم االت الص راع والتس وية‪ ،‬اإلس كندرية ‪ :‬منش أة‬
‫المعارف‪ ،2005 ،‬ص‪.360‬‬

‫‪ -‬الهيتي صبري فارس‪ ،‬العالم اإلسالمي والمتغيرات الدولية من وجهة نظر جيوبوليتكية‪ ،‬عمان ‪ :‬مؤسس ة‬
‫الوراق للنشر والتوزيع‪ ،2005 ،‬ص‪.197‬‬

‫يظهر الجدول السابق ال تراجع الخط ير لنص يب الف رد الجزائ ري الس نوي من المي اه‪ ،‬مقارن ة بالتزاي د‬
‫المستمر لعدد السكان‪ .‬ففي الوقت الذي وصلت فيه حصة الفرد في الجزائر سنة ‪ 1990‬إلى ‪ 737‬م‪ 3‬بعد ما‬
‫ك انت تق در ب ‪ 1704‬م‪ 3‬س نة ‪ ،1960‬انخفض ت إلى ‪ 676‬م‪ 3‬س نة ‪ ،2000‬وس تنخفض إلى ‪ 397‬م‪ 3‬ع ام‬
‫‪ ،2025‬و‪ 223‬م‪ 3‬عام ‪ .2050‬فإن حص ة الف رد في المغ رب بلغت س نة ‪ 1990‬ب ‪ 1400‬م‪ ،3‬وانخفض ت‬
‫إلى ‪ 875‬م‪ 3‬س نة ‪ ،2000‬وس تنخفض إلى ‪ 596‬م‪ 3‬ع ام ‪ ،2025‬و‪ 400‬م‪ 3‬ع ام ‪ .2050‬وب ذلك نج د أن‬
‫الجزائر تصنف ضمن قائمة البلدان األكثر فقرة من حيث اإلمكانيات المائية‪ ،‬أي تحت مستوى خط األم ان‬
‫المائي وبعيدة عنه تماما‪.‬‬

‫تأسيسا على ما سبق‪ ،‬يمكن القول بأن الوضع المائي في الجزائر حتى مع تب ني األرق ام األك ثر تف اؤال‬
‫هو أسوء وضع تواجهه منذ االستقالل‪ ،‬حيث تعرف البالد في الظ روف الحالي ة والمس تقبلية عج زا كب يرا‬
‫في هذا المورد الحيوي النادر و يعود ذل ك إلى مجموع ة من العوام ل واألس باب ال تي تلعب دورة أساس ية‬
‫ومؤثرة في بروز أزمة مائية متعددة الجوانب ‪.‬‬

‫‪ -2‬العوامل االساسية المؤدية الى االزمة المائية في الجزائر‪: ‬‬

‫‪ -‬العوامل الطبيعية والمناخية‪: ‬‬

‫* محدودي ة الم وارد المائي ة ‪ :‬تبلغ المس احة اإلجمالي ة لمس طح ك وكب األرض‪ 510‬ملي ون كم‪ 2‬وتمث ل‬
‫اليابسة منها ‪ 146‬ملي ون كم‪ 2‬فق ط‪ ،‬بينم ا يغطي الغالف الم ائي م ا يق رب من ‪ %71‬من س طح األرض ‪،‬‬
‫يمكن القول أن م ا ب األرض يكفي العش رة أض عاف ع دد س كان الك وكب الح اليين فيم ا ل و وزعت المي اه‬
‫بصورة عادلة ومتجانسة على مختلف دول العالم و لكن من الناحية الواقعية فهي غير كافية إطالق ا‪ ،‬نظ را‬
‫للتوزيع غير المتساوي لهذا المورد الحيوي بين مختلف بلدان العالم أو حتى داخل البلد الواح د إذ أن تس عة‬
‫بلدان تستحوذ على ‪ %60‬من الحجم العالمي للماء وهي ‪ :‬البرازيل‪ ،‬روسيا‪ ،‬الوالي ات المتح دة األمريكي ة‪،‬‬
‫كندا‪ ،‬الصين‪ ،‬اندونيسيا‪ ،‬الهند‪ ،‬كولومبيا والبيرو‪ ،‬وبالمقابل وبصورة عكس ية وحس ب آخ ر تقري ر ح ديث‬
‫للتنمية البشرية للعام ‪ ،2006‬فإنه يوجد اليوم ح والي ‪ 700‬ملي ون ش خص في ‪ 43‬بل دة يعيش ون تحت ح د‬
‫اإلجهاد المائي‪ ،‬وبحلول عام ‪ 2025‬س وف يص ل ه ذا ال رقم إلى ‪ 3‬مالي ير ش خص‪ ،‬أين س يتأزم الوض ع‬
‫ويزداد حدة وتعقيدة‪.‬‬

‫* التقلبات والتغ يرات المناخي ة وآثاره ا الس لبية على الم وارد المائي ة ‪ :‬يعد تغ ير المن اخ من العوام ل‬
‫المؤثرة في طبيعة انعدام األمن المائي في العالم‪ ،‬كما أن القلة المفرط ة أو الزي ادة المفرط ة في المي اه تع د‬
‫السبب في معظم الكوارث الطبيعية‪ .‬فلقد أفاد تقرير لألمم المتحدة بتاريخ مارس ‪ ،2003‬أن ه س جل م ا بين‬
‫ع امي ‪ 1991‬و‪ ،2000‬وق وع ‪ 2557‬كارث ة طبيعي ة‪ ،‬ارتبطت ‪ %90‬من تل ك الك وارث بالمي اه وتنقس م‬
‫كاآلتي ‪:‬‬

‫‪ -‬الفيضانات ‪.%50 :‬‬

‫‪ -‬األمراض المتعلقة بالمياه واألمراض المعدية ‪.%28 :‬‬

‫‪ -‬الجفاف ‪.%11 :‬‬

‫‪ -‬اإلنزالقات األرضية وانجرافات التربة ‪.%9 :‬‬

‫‪ -‬المجاعات ‪.%2 :‬‬

‫‪ - ‬العوامل القانونية والتنظيمية ‪:‬‬

‫يع اني قط اع المي اه في الجزائ ر من نق ائص جم ة تتعل ق ب الجوانب المؤسس اتية والنص وص القانوني ة‬
‫وأساليب التسيير اإلداري‪ ،‬وهذا ما أدى إلى تفاقم نطاق المشكلة بحدة وانعكس ح تى على نوعي ة الخ دمات‬
‫المقدمة في مجال التزود بالماء الشروب والسقي الفالحي ومن هاته النقائص نذكر‪: ‬‬

‫* زخم الهياك ل المؤسس اتية والنص وص القانوني ة المتعلق ة بالمي اه وع دم اس تقرارها و ك ذلك األحك ام‬
‫القانونية والتنظيمية المنظمة للمي اه في الجزائ ر فهي عدي دة ومتع ددة‪ ،‬وأحيان ا متض اربة س واء م ا يتعل ق‬
‫بالنصوص المتعلقة بالمياه والصحة والبيئة واإلدارة المحلية‪ ،‬أوسواء م ا يتعل ق ب التنظيم الم الي ففي كث ير‬
‫من الحاالت لم يكن لهذه النصوص التي تم إعدادها بالموازاة مع إنش اء هياك ل ومؤسس ات القط اع الم ائي‬
‫أي تأثير على أرض الواقع‪ ،‬بل تسببت بكثرتها في تعقيد تسيير المصالح المعني ة وتنظيمه ا كم ا تعرض ت‬
‫هذه النصوص إما لإللغاء‪ ،‬وإما للتعديل‪ ،‬لسبب أو آلخر‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن العديد من النصوص القانونية الموجودة حاليا بقيت حبرا على ورق‪ ،‬سواء بس بب‬
‫عدم إعداد النصوص التطبيقية لها‪ ،‬أو سواء بسبب صعوبة تطبيقها وتنفيذها النعدام اإلمكاني ات والوس ائل‬
‫الضرورية‪.‬‬

‫وبشكل عام يتضح من خالل المعطيات السابقة الذكر‪ ،‬أن قطاع المياه في الجزائر يهتم به عدة فاعلين في‬
‫إطار هياكل مؤسساتية متشابكة وغير متسقة تفتقر إلى النظرة الشمولية المتكاملة المستدامة من جهة‪ ،‬وفي‬
‫ظل عدم مالئمة األطر القانونية وتضاربها ومحدودية تطبيقها من جهة أخرى حيث أن ظهور مؤسسات ثم‬
‫اختفاءها ووضع نصوص ثم إلغاءها ناهيك عن التواصل فيما بينه ا ي دل على وج ود ن وع من التس رع في‬
‫التكفل بمسألة الماء‪.‬‬

‫* غياب التسيير العقالني الرشيد المتكامل حيث تعرف الجزائر عدة نقائص واختالالت في مجال تس يير‬
‫وتنظيم قطاع المياه‪ ،‬والتي تظهر فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬في مجال التحكم في العمل ‪:‬‬

‫أدى التحكم السيئ في األعمال والمنجزات من طرف اإلدارة إلى تمديد آجال إنج از المش اريع والتماط ل‬
‫في تنفيذ البرامج‪ ،‬وكذا إلى زيادة التكاليف الباهظة وهذه الوضعية التي أخرت عملية تزويد السكان بالمي اه‬
‫الشروب وأضرت باالقتصاد الوطني‪ ،‬تعود إلى ما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬اإلنقط اع والت أخر في آج ال إنج از المش اريع‪ ،‬فب الرغم من الت أخر المس جل في التخطي ط والدراس ة‬
‫لمشاريع إنجاز السدود‪ ،‬فإن آجال إنجازها وبناءها بطيئة ومعقدة‪ ،‬وه ذا الغي اب تص ور واض ح في مج ال‬
‫إدارة الزمن‪.‬‬

‫‪ -‬اللجوء إلى مؤسسات غير مؤهلة في إنجاز المشاريع‪ ،‬حيث أن تحليل مختلف االنحرافات المس جلة في‬
‫مجال اآلجال والتكاليف تبرز بوضوح عدم كف اءة وض عف أداء المؤسس ات ال تي أوكلت له ا مهم ة إنش اء‬
‫المنشآت القاعدية للمياه‪.‬‬

‫وانطالقا من هذه الحقائق والوقائع الملموسة‪ ،‬فإننا ال نبالغ إذا قلنا ب أن أخط ر تهدي د لمنجزاتن ا المائي ة ه و‬
‫خروج الثروة المائية عن دائرة السيطرة اإلدارية والفنية والتقنية المحكمة‪ ،‬والرقابة الواعية‪.‬‬

‫‪ -2 ‬في مجال االنسجام في نظام البرمجة ‪:‬‬

‫يمكن تشخيص الوضعية الحالية لقطاع المياه في الجزائر في مجال عدم االنسجام والتكام ل بين عملي ات‬
‫الدراسة واإلنجاز واالستغالل على النحو اآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬غياب االنسجام والتكامل في إنجاز المشاريع‪ ،‬إذ أن معظم السدود التي تم إنجازه ا لم يتم اس تغاللها في‬
‫الواقع‪ ،‬بسبب غياب قنوات توصيل المياه مثل سد تلیسديت بالبويرة وسد سكاك بتلمسان حسب م ا ص رح‬
‫به المكلف باإلعالم ومستشار وزير الموارد المائية في شهر مارس من سنة ‪ ، 2005‬أو غياب التجه يزات‬
‫المرافقة كاألسالك الكهربائية‪ ،‬خطوط االتصاالت‪ ،‬شق الطرقات‪.‬‬

‫‪ -‬إدخال تعديالت على مشاريع قيد اإلنجاز‪ ،‬فنظرة العدم كفاية المعطيات والبيانات المسحية والجغراتقنية‬
‫المتعلقة بإنجاز المشاريع‪ ،‬ولغياب نظام مرجعي التحليل وتقييم نوعية الدراس ات المنج زة من قب ل مك اتب‬
‫الدراسات‪ ،‬استدعت الضرورة إلى إدخال تعديالت على ه ذه المش اريع ال تي هي في ط ور اإلنج از‪ .‬فمثال‬
‫نجد سد الشرفة (بوالية معسكر) صمم في األصل على ارتفاع أوعلو قدره ‪ 60‬متر وعرض قاعدته ق درها‬
‫‪ 200‬متر‪ ،‬لكن تم تعديله كليا بسبب الخصائص والمميزات المسحية والجغراتقنية للطبقة األرض ية وب ذلك‬
‫أصبح علوه يتجاوز ‪ 80‬متر وعرض قاعدته تقلصت إلى ‪ 100‬متر‪.‬‬

‫‪ -3‬في مجال حماية الملك العمومي للمياه ‪:‬‬

‫لق د أص بحت الم وارد المائي ة في الجزائ ر معرض ة إلى العدي د من االعت داءات والتج اوزات المالحظ ة‬
‫والمس جلة على المل ك العم ومي للمي اه‪ ،‬دون مراع اة اإلج راءات القانوني ة المح ددة وال اح ترام المق اييس‬
‫التقنية ويتعلق األمر هنا بعجز الس لطة العمومي ة في مهمته ا كش رطة میاه‪ ،‬ال س يما على مس توى تط بيق‬
‫القوانين وفرض الرقابة وإن زال العقوب ات الردعي ة وه ذا األم ر أدى إلى اعت داءات متك ررة على الملكي ة‬
‫العام ة للمي اه‪ ،‬كاالقتطاع ات الفوض وية للمي اه‪ ،‬حف ر اآلب ار ب دون ت راخيص قانوني ة‪ ،‬وعملي ات الرب ط‬
‫والتوصيالت غير الشرعية وغير المراقبة في نفس الوقت هذه التج اوزات ت رتبت عنه ا مش کالت عدي دة‬
‫تمثلت في االستغالل المفرط للطبقات المائية الجوفية‪ ،‬وتلويث الموارد المائية السطحية وتأثيراتها الخطيرة‬
‫على الصحة‪.‬‬

‫* عدم نجاعة الخدمات العمومية للمياه ‪:‬‬

‫لقد أدت كل النقائص واإلختالالت الس الفة ال ذكر جميعه ا إلى تس يير ك ارثي لقط اع الم وارد المائي ة في‬
‫الجزائر‪ ،‬وانعكس ت أثير ك ل ذل ك على الخدم ة العمومي ة للم اء‪ ،‬مث ل التزوي د بالم اء الش روب والتطه ير‬
‫والسقي الفالحي‪.‬‬

‫‪ -1‬فيما يخص التزويد بالماء الشروب ‪:‬‬

‫بالرغم من أن نسبة النفقات العمومية المخصصة القطاع المياه ت تراوح م ا بين ‪ 20‬إلى ‪ ،%30‬ومس توى‬
‫ربط أو توصيل التجمعات السكانية بشبكة التزويد بالمياه الصالحة للشرب بلغ نس بة ‪ %82‬حس ب التقري ر‬
‫األخير الصادر عن البنك العالمي في شهر مارس ‪ ،2007‬إال أن نوعية الخدمات المقدم ة في ه ذا المج ال‬
‫بقيت دون مستوی الم وارد المالي ة المخصص ة‪ .‬حيث أن أغلبي ة التجمع ات الس كانية ال تس تفيد من تزوي د‬
‫مستمر ومنتظم للمياه‪.‬‬
‫‪ -2 ‬فيما يخص التطهير‪:‬‬

‫إذا كان الجانب التقني يعد بمثابة المؤش ر اإليج ابي الوحي د في مج ال تطه ير المي اه‪ ،‬حيث وص ل ط ول‬
‫شبكة التطهير إلى ‪ 32000‬كلم‪ ،‬وبلغت نسبة توص يل الس كنات بالش بكة العمومي ة للتطه ير ‪،)79( %85‬‬
‫فإن المشكالت التي يواجهها القطاع تكمن أساس ا في ض عف تش غيل وص يانة ش بكات التطه ير ومحط ات‬
‫التصفية‪ ،‬إلى جانب عدم توفر الموارد المالية الضرورية لتسييرها واستغاللها‪.‬‬

‫‪ -‬العوامل المالية والمادية ‪:‬‬

‫إن تعبئة الم اء ونقل ه وتوزيع ه والمحافظ ة على نوعيت ه يتطلب قب ل ك ل ش يء تخص يص م وارد مالي ة‬
‫ومادية هامة ولكن القطاع المائي في الجزائر يعاني من نقص في‬

‫* قلة الموارد المالية المخصصة لقطاع المياه ‪:‬‬

‫رغم االستثمارات التي قامت بها الدولة في مجال المياه والتي انتقلت من ‪ 196‬مليار دينار جزائ ري خالل‬
‫سنة ‪ 1999‬إلى قراب ة ‪ 604‬ملي ار دين ار م ا بين ع امي ‪ 2000‬و‪ ،2004‬إال أنه ا بقيت رغم أهميته ا غ ير‬
‫كافية لمواجهة المتطلبات الحالية والتحديات المرتقبة في القطاع من جهة‪ ،‬وغالب ا ً م ا اتس مت ه ذه النفق ات‬
‫العمومية بالالفعالية ونقص في النجاعة حسب التقرير األخير للبنك الدولي من جهة ثانية‪.‬‬

‫* عدم استغالل فرص التمويل الخارجي ‪:‬‬

‫إن وسائل وموارد الدولة وحدها ال تكفي لتطوير هذا المورد الحيوي‪ ،‬ولتلبية االحتياج ات في ه ذا المج ال‬
‫تسعى وتبحث الحكومة الجزائرية عن مصادر خارجية للتموي ل‪ ،‬س واء على ص عيد الف رص ال تي يتيحه ا‬
‫التعاون الثنائي والمتعدد األطراف أو من خالل برامج الشراكة المائية‪.‬‬

‫ويواجه القطاع المائي في الجزائر صعوبات كب يرة في اس تغالل التم ويالت الخارجي ة (ك القروض‪ ،‬المنح‬
‫والمساعدات) ووضعها موضع التطبيق‪.‬‬

‫* عدم تغطية تسعيرة الماء لتكلفته الحقيقية والفعلية ‪:‬‬

‫إن األسعار المحددة لمختلف األغراض (كالشرب‪ ،‬الصناعة والري إلى حد اآلن ‪ -‬رغم الزي ادات األخ يرة‬
‫المطبقة بداية من ‪ 2005/01/09‬مازالت غير كافية وال تحفز على االستعمال العقالني لهذا المورد النفيس‬
‫وبالتالي‪ ،‬فإن سياسة التسعيرة المطبق ة في الجزائ ر ال تعكس التك اليف الحقيقي ة للم اء وعلي ه تبقى الدول ة‬
‫مجبرة على تغطية العجز المالي لهذه المؤسسات من جهة‪ ،‬وعلى تدعيم خدمات المياه من جهة ثانية‪.‬‬
‫‪ - ‬العوامل البشرية والفنية ‪:‬‬

‫عالوة على العوامل والضغوطات الطبيعية والتس ييرية والمالي ة ال تي تطب ع قط اع المي اه في الجزائ ر‪،‬‬
‫هناك عوامل بشرية وفنية تساهم هي األخرى بصورة مباشرة أو غير مباشرة في تفاقم أزمة المياه وتتح دد‬
‫هذه العوامل على النحو اآلتي‪:‬‬

‫* الزيادة في نمو سكان المدن ‪:‬‬

‫إن من أهم اآلليات التي تؤدي إلى تزايد الضغط على الموارد المحدودة للمياه العذب ة نج د الزي ادة الس نوية‬
‫في عدد السكان وتمركزهم الشديد في المدن‪ ،‬حيث بلغ معدل النمو السنوي للس كان في الجزائ ر ب ‪%2.4‬‬
‫ما بين سنة ‪1975/2004‬‬

‫* انخفاض مستوى كفاءة األفراد المسييرين فيمجال المياه ‪:‬‬

‫إن أهم عائق يواجه اإلدارة المائية في الجزائر هو غياب األفراد الم ؤهلين وذوي الكف اءات العلمي ة في‬
‫مجال إدارة المي اه وإهم ال دور المتخصص ين وقص ور البحث العلمي‪ ،‬إلى ج انب ع دم االهتم ام بت دريب‬
‫اإلطارات الوطنية على استيعاب التقني ات الحديث ة لتكييفه ا واس تخدامها محلي ا ً خاص ة وأن وض ع سياس ة‬
‫للتدريب ستسمح بتنمية ق درات األف راد ومه اراتهم الفني ة وتحس ين أس لوب األداء‪ ،‬مم ا يس مح في األخ ير‬
‫بتحقيق التنمية اإلدارية الشاملة‪.‬‬

‫وبصفة عامة‪ ،‬نستطيع القول بأنه رغم أهمية المنشآت المائية المنجزة إال أن ه في الواق ع ال يقابله ا عنص ر‬
‫بشري متخصص يخضع باس تمرار للتك وين والت دريب وتحس ين المس توى‪ .‬ه ذه المعادل ة الص عبة زادت‬
‫مشكلة المياه في الجزائر تفاقمة وتعقيدة‪ ،‬خاص ة في ظ ل غي اب معه د أو مرك ز علمي مختص بالم اء في‬
‫الوقت الذي يوجد فيه معهد التقنيات الفضائية‪.‬‬

‫* انخفاض كفاءة استخدام واستهالك المياه ‪:‬‬

‫على القلق‪ ،‬وفي ظل محدودية الموارد المائية وتعاظم مخاطر نضوبها وتلوثها‪ ،‬ف إن اس تهالك المي اه في‬
‫الجزائر يتسم بالتبذير والهدر وعدم الرشد في استعماله وارتفاع الفاقد وذلك لمختلف األغراض‪ .‬فلق د بلغت‬
‫نسبة التسربات في شبكات نقل وتوزيع المياه إلى ‪ ، %40‬بل وق درت بعض المص ادر أن الفاق د بالتس رب‬
‫والض ياع في أقط ار الش مال اإلف ريقي يص ل إلى ح والي ‪ %60‬و إن ظ اهرة تب ذير المي اه واالس تعمال‬
‫الالعقالني لها من قبل المواطن ناتج عن اإلستهالكات غير المشروعة كسرقة المياه من القن وات الرئيس ية‬
‫ليس للش رب وإنم ا لتم وين مش اريع تجاري ة وص ناعية‪ ،‬واإلس تهالكات الكمالي ة ك رش الح دائق‪ ،‬غس ل‬
‫السيارات وإقامة مس ابح داخ ل ال بيوت والمن ازل باإلض افة إلى أن العدي د من عملي ات التوص يل والرب ط‬
‫بالشبكة العمومية للمياه ليست مجهزة بالعدادات مما أدى إلى زيادة أحجام المياه المسعرة جزافياً‪.‬‬
‫* نقص برامج التوعية ونشاطات التحسيس بأهمية وقيمة المورد المائي‪:‬‬

‫لقد أصبح من المسلم به عالمية على استحالة تحقيق مشكلةاألمن المائي بدون تغي ير ج ذري في األفك ار‬
‫والس لوكات والممارس ات البش رية‪ ،‬ألن مش كلة المي اه هي مجتمعي ة بالدرج ة األولى وللوص ول إلى ه ذا‬
‫الغرض يجب تحسيس وتربية وتوعية مختلف مكونات المجتمع من المواطن إلى أصحاب الق رار‪ ،‬بأهمي ة‬
‫وقيمة المورد المائي کرهان استراتيجي وحضاري‪.‬‬

‫ولكن ولألسف الشديد فإن حمالت التوعية وأشكال التحسيس هذه في الجزائر مازالت ناقص ة وغ ير كافي ة‬
‫وفي حدودها الدنيا‪ ،‬أي أنها لم تتوص ل إلى إقن اع المس تعملين وتحف يزهم ليغ يروا س لوكاتهم وممارس اتهم‬
‫بصفة إرادية إزاء مسألة الماء‬

‫وبالتالي‪ ،‬فإن الجزائر مطالبة على وجه الخصوص باتخ اذ خط وات فاعل ة للب دء في إيج اد مخ رج حقيقي‬
‫ألزمة المياه واستخدام السياسة المائية التي تمكننا من البقاء‪ ،‬وتحقيق التنمية المستدامة المطلوبة‪ ،‬ومراع اة‬
‫مصلحة األجيال المقبلة في حدود ما هو متاح لنا من موارد مائية‪.‬‬

‫‪ -3‬استراتيجيات وسياسات تدبير الموارد المائية في الجزائر‪:‬‬

‫‪ -‬إن االستقرار واستدامة النمو في الجزائر يتطلبان سياسة مائية جديدة رشيدة ش املة ومس تدامة تنب ع من‬
‫تقييم موضوعي ودقيق للوضع المائي‪ ،‬وتنطلق من إستراتيجية واضحة‪ ،‬وتتكاثف ك ل الجه ود وتنس ق من‬
‫أجل تطبيقها ومتابعتها وعلى ضوء المعطيات التي سبق استعراضها‪ ،‬يمكننا اقتراح العناصر اآلتية ‪:‬‬

‫العمل على تكثيف البحوث والدراسات اإلحصائية المائية واستخدام التقنيات الحديثة في رصد‬ ‫‪.1‬‬
‫وجمع وتحليل ونقل البيانات والمعلومات الخاصة بالمياه‪ ،‬بغرض حصر وتقييم الموارد المائية‬
‫السطحية والجوفية المتاحة بدقة‪ ،‬ولتحسين وتطويرالمعرفة عن حالتها كمية ونوعية وتحديثها‬
‫دوريا عن طريق الرصد المستمر والمراقبة الفعالة‪.‬‬
‫التحكم في استخدام التكنولوجيا الحديثة المتخصصة في تبليغ المعلومات والبحث‪ ،‬بما فيها البحث‬ ‫‪.2‬‬
‫الصوري والقياس الصوري واقتناء الصور القمرية ومعالجتها واستغاللها في إعداد الخرائط‬
‫المائية على كامل التراب الوطني‪.‬‬
‫إعداد بنك معلومات ومعطيات وبيانات مائية على المستوى الوطني‪ ،‬مع إقامة وحدة دعم وتوجيه‬ ‫‪.3‬‬
‫القرار المائي‪ ،‬تتمثل مهمتها في توجيه النصح واإلرشاد لمتخذي القرارات المائية في األجهزة‬
‫الرسمية‪ ،‬لضمان وضع تخطيط سليم وتسيير فعال لمورد الماء‪.‬‬
‫الموازنة والمقارنة الدائمة بين االحتياجات المائية في شتى المجاالت المنزلية والفالحية‬ ‫‪.4‬‬
‫والصناعية والموارد المائية المتاحة على المدى القصير والمتوسط والطويل وهذا يندرج في إطار‬
‫التخطيط اإلستراتيجي إلدارة وتدبير العرض والطلب على المياه‪ ،‬ووضع الخطط لالستغالل‬
‫األمثل للموارد المتوفرة في مختلف االستعماالت بهدف تحقيق األمن المائي والغذائي‪.‬‬
‫تحديد أهداف وآجـال اإلنجاز والموارد المالية لكل البرامج والمشاريع االستثمارية‪ ،‬والمراقبة‬ ‫‪.5‬‬
‫والمتابعة المنتظمة والمستمرة لألشغال ميدانياً‪ ،‬واعتبار كل من الجودة في التأهيل واالحتراف في‬
‫التسيير والخبرة بكل أشكالها وإدارة الوقت مقاييس تقاس بها النتائج المحققة‪.‬‬
‫خلق اإلدارة الرشيدة في مجال المياه‪ ،‬من خالل تنظيم جهازي متسق وأسلوب تسيير إداري فعال‬ ‫‪.6‬‬
‫وتطبيق صارم للقوانين‪ ،‬مع مواكبة آخر التطورات في مجال إدارة المياه وتسييرها العصري‪.‬‬
‫إضافة إلى استخالص الدروس من تجارب التسييرالسابقة التي تبقى مفيدة حتى في جوانبها‬
‫السلبية‪ ،‬ألنها تسمح بإصالح اإلختالالت المسجلة‪.‬‬
‫فسح المجال أمام المستثمرين الخواص واألجانب أو المحليين مادام قانون المياه الجديد لسنة‬ ‫‪.7‬‬
‫‪ 2005‬يكرس ذلك وتشجيعهم لممارسة أنشطة خدماتية في مجال المياه‪ ،‬وهذا لدعم مجهودات‬
‫الدولة والتخفيف من األعباء والنفقـات وتركيز االهتمام على تحسين األداء وترقية نوعية الخدمات‬
‫المقدمة إضافة إلى خلق نوع من المنافسة بين مختلف المؤسسات العاملة في قطاع المياه ‪.‬‬
‫االهتمام بنوعية المياه والمحافظة على جودتها ومحاربة كل أسباب ومصادر تلوثها‪ ،‬مع التأكيد‬ ‫‪.8‬‬
‫على االهتمام بدراسة األبعاد البيئية ذات الصلة بالموارد المائية‪ ،‬لتحقيق التنمية الشاملة المتوازنة‬
‫والمستدامة‪.‬‬
‫ترشيد استغالل المياه ورفع كفاءة استخداماتها خاصة في القطاع الفالحي باعتباره المستهلك‬ ‫‪.9‬‬
‫الكبير الموارد المياه المتاحة‪ ،‬وذلك باستخدام طرق الري الحديثة المقتصدة للماء والطاقة واليد‬
‫العاملة‪ ،‬كالري بالرش أو بالتنقيط‪ ،‬والتي يتوقف اختيارها على مدى كفاءتها ومالئمتها للظروف‬
‫البيئية‪.‬‬
‫تفعيل أجهزة الرقابة على الماء الموجودة نظرية والغائبة ميدانية وذلك للمحافظة على الملك‬ ‫‪.10‬‬
‫العمومي للمياه من مختلف التجاوزات والممارسات غير القانونية‪ ،‬والقضاء على كل السلوكات‬
‫المنحرفة المتمثلة في االستهالك المجاني وعدم استخدام العدادات والتوصيالت غير الشرعية‪،‬‬
‫بالتوقيع الصارم للعقوبات المنصوص عليها‪.‬‬
‫تشكيل فرق إستعجالية أو مجموعات تدخل امتخصصة تخضع لنظام المداومة ويتمتع أفرادها‬ ‫‪.11‬‬
‫بخبرة مهنية عالية‪ ،‬مستعدة للتدخل السريع عند الضرورة وفي الوقت المناسب لمعالجة األعطال‬
‫واستبدال القطع التالفة وتسوية المشاكل قبل استفحالها‪.‬‬
‫وضع برنامج محدد في الزمن يتم من خالله استبدال القنوات والشبكات القديمة وبالخصوص في‬ ‫‪.12‬‬
‫المدن الكبرى‪ ،‬و التي هي اليوم مصدر ضياع الماء ومصدر الصدأ والتعفن والناقلة للعديد من‬
‫األوبئة واألمراض المعدية السيما في فصل الحرارة‪.‬‬
‫تشغيل كل محطات التطهير والتصفية وتفعيل وحدات الصيانة والتصليح وتقريبها من المحطات‬ ‫‪.13‬‬
‫المعطلة إلعادة تأهيلها‪ ،‬والعمل على رفع الطاقة اإلنتاجية لباقي المحطات والتي ال تتجاوز‬
‫‪ ،%30‬مع توفير الحماية األمنية الالزمة لتأمين المحافظة على السالمة الفنية للمنشآت المائية‬
‫األساسية‪.‬‬
‫تفعيل الهيئات التنسيقية مثل وكاالت ولجان األحواض الهيدروغرافية ألداء األدوار المنوطة بها‪،‬‬ ‫‪.14‬‬
‫وتمكينها من أن تكون فضاءا حقيقية للتشاور والتنسيق بين مختلف الفاعلين في قطاع الماء‪،‬‬
‫والعمل على ضرورة أن يضطلع المجلس الوطني االستشاري للموارد المائية بدور برلمان فعلي‬
‫للماء‪.‬‬
‫اعتبار الماء سلعة لها قيمتها االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬فالماء لم يعد سلعة حرة تقدم بالسعر‬ ‫‪.15‬‬
‫الرمزي كما هو الحال في الجزائر‪ ،‬بل أصبح يخضع لنفس المقاييس المعمول بها في إنتاج‬
‫وتوزيع السلع المصنعة خاصة عنصري التكلفة والجودة وهذا ما يتطلب ضرورة إتباع سياسة‬
‫سعرية تدريجية وعادلة وتشاورية ومناسبة‪ ،‬وبالمقابل ال يمكن إهمال طابعه االجتماعي‪ ،‬إذ ينبغي‬
‫عدم اإلضرار بفئات المجتمع األكثر حرمانة التي لها الحق في التزود بالماء الشروب‪.‬‬
‫وضع األسس المالئمة إليقاظ حس التوعية المائية بإدراك األخطار واستيعاب جميع التفاصيل‬ ‫‪.16‬‬
‫المتصلة بمسألة الماء‪ ،‬لكي ينتشر الوعي الشعبي العام بسرعة وتتغير السلوكات والممارسات‬
‫والعقليات والذهنيات نحو األفضل‪ ،‬وبالتالي تكوين رأي عام ضاغط ودائم للمحافظة على الثروة‬
‫المائية وترشيد استعماالتها‪.‬‬
‫زيادة فعالية وتكثيف برامج التربية والتعليم البيئي واإلرشاد المائي من خالل إشراك كل الفئات‬ ‫‪.17‬‬
‫والفاعلين و صناع القرار على المستوى المركزي والمحلي‪ ،‬فئة المنتخبين‪ ،‬المؤسسات الدينية‪،‬‬
‫الجمعيات البيئية‪ ،‬المعلمون‪ ،‬األئمة والمربون‪ ،‬النساء‪ ،‬الطلبة‪ ،‬والتالميذ ‪ ،‬إضافة إلى عقد‬
‫المؤتمرات والندوات وإلقاء المحاضرات من أجل خلق مواطنة الماء‪.‬‬
‫وضع سياسة اتصال محكمة التفكير والبصيرة تحتوي على برنامج واسع النطاق خاص بالتربية‬ ‫‪.18‬‬
‫والتحسيس في مجال البيئة بشكل عام والماء بشكل خاص‪ ،‬بغية نشر ثقافة خاصة بالماء‪.‬‬
‫لتحقيق أهداف السياسة المائية يجب العمل على تنمية الموارد البشرية وتحسين مؤهالتها في‬ ‫‪.19‬‬
‫جميع المهن المرتبطة بالماء ولبلوغ هذا الهدف األسمى يجب أن نبدأ بتطوير مناهج وبرامج‬
‫التعليم في المدارس والمعاهد والجامعات لترسيخ مبادئ وأسس حماية وإدارة الموارد المائية‪ ،‬كما‬
‫يجب أن تتم عملية تنشئة أجيال المستقبل على مبادئ حماية الموارد الطبيعية النادرة (المياه)‬
‫بالتوازي مع برامج التدريب والتأهيل وتحسين المستوى المستمرة للمستخدمين الستيعاب التقنيات‬
‫الحديثة والمتطورة في مجال إدارة واستخدام المياه باإلضافة إلى تبادل الخبرات المكتسبة على‬
‫المستوى الدولي واالستفادة منها ألجل مواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية في هذا المجال‪.‬‬
‫إيجاد السبل واآلليات المناسبة لتشجيع روح المشاركة الفعلية بين الجهات الرسمية والعلمية‬ ‫‪.20‬‬
‫والشعبية في إعداد وتنفيذ الخطط والبرامج والمشاريع التنموية في قطاع المياه‪ ،‬مع تدعيم وتعزيز‬
‫العالقات والروابط بين األجهزة الرسمية المعنية والمؤسسات البحثية بما يخدم األهداف العامة‬
‫والمشتركة ولسياسات االستخدام األمثل للموارد المائية‪.‬‬
‫إقامة مركز بحثي راق يضم كل التخصصات والخبرات الالزمة للتعامل مع الشؤون المائية بحيث‬ ‫‪.21‬‬
‫ال يقتصر التعامل على الجانب التقني الفني الهندسي بل يمتد إلى الجوانب السياسية واإلستراتيجية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية والثقافية والقانونية والتكنولوجية‪ ،‬ألن مسألة تسيير الماء ال يمكن أن تتم‬
‫وفق منظور تقنوقراطي بحت‪.‬‬
‫تعزيز التعاون العربي في مجال تخطيط واستغالل وتنمية الموارد المائية‪ ،‬وتنسيق الجهود في‬ ‫‪.22‬‬
‫مجال المحافظة على نوعية المياه ‪ ،‬من خالل برامج إقليمية تنهض بها المنظمات العربية العاملة‬
‫في حقل المياه كالمركز العربي للمياه‪.‬‬
‫تكثيف الجهود لحث المؤسسات والصناديق اإلنمائية والتمويلية العربية واإلقليمية والدولية لتوفير‬ ‫‪.23‬‬
‫المزيد من المخصصات المالية‪ ،‬للمساهمة في تمويل االستثمارات المائية الوطنية‪.‬‬
‫التعرف على عروض المستثمرين األجانب المتخصصين في مجال استغالل وتوزيع المياه‬ ‫‪.24‬‬
‫واالستفادة من تجاربهم الناجحة‪ ،‬وكذا الترشح لالستفادة من اإلعالنات التي تقدمها هيئات دولية‬
‫متخصصة في ترقية االستثمارات‪ ،‬بغية الرفع من قدرات اإلنجاز‪.‬‬

‫إذن هذه بعض الحلول والمقترحات الخاصة بالسياسة المائية الرشيدة في الجزائر‪ ،‬والتي يتطلب تنفي ذها‬
‫منظومة إدارية ومؤسساتية وتشريعية فعال ة‪ ،‬واعي ة بحجم التح دي ال ذي يواجهه ا‪ ،‬ومص ممة بح زم على‬
‫النجاح في ترجمة هذه السياسة واقعا عمليا ملموسا‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬

‫في نهاية هذه الورقة العلمية المتواضعة نخلص إلى التأكيد على أن مش كلة المي اه في الجزائ ر ليس ت في‬
‫كمية المياه المتوافرة في الطبيعة بحد ذاتها فقط‪ ،‬وإنما أيض ا في غي اب مجموع ة كب يرة من العوام ل ال تي‬
‫تح ول دون اس تغاللها واالس تفادة القص وى منه ا لتوظيفه ا في مختل ف المج االت االقتص ادية والتجاري ة‬
‫والغذائية والحياتية وإن هذا الوضع المائي الحرج الذي نعيش ه الي وم وفي ظ ل التح ديات العالمي ة‪ ،‬يتطلب‬
‫معالجات جذرية وفقا اإلستراتيجيات وسياسات وخطط متوسطة وطويل ة األم د‪ ،‬تت وزع مس ؤولية تنفي ذها‬
‫ومتابعته ا على الدول ة ومنظم ات المجتم ع الم دني والهيئ ات المحلي ة ويس تلزم أن ت أتي تل ك المعالج ات‬
‫محصنة بإرادة سياسية وإدارة فعالة شفافة‪ ،‬باعتبارهما شرطين ضروريين لكل إنماء مائي أو اقتصادي أو‬
‫بشري‪.‬‬

You might also like