Professional Documents
Culture Documents
المقدمة:
قال تعالى (وجعلنا من الماء كل شيء حي أفال يؤمنون) صدق هللا العظيم .من منطلق هذه األية نجد أن المياه لها دورا
كبيرا في حياة البشر وبها يتحقق األمن المائي الذي هو ضمن دائرة األمن االقتصادي المتعلق بحياة الشعوب والمنطقة،
فمن ملك المياه ملك األمن .ومن المعلوم أن األردن من أكثر الدول التي تعاني من شح المياه لكثرة الطلب عليها.
إن مشكلة المياه في األردن من التحديات االكثر إثارة للجدل واالختالف حيث أن هناك ثمة مخاطر تواجهها بسبب العجز
المائي على اعتبار بأنها تعتمد بشكل أساسي على مياه األمطار باإلضافة إلى ازدياد الكثافة السكانية نتيجة إلزاحة وهجرة
بعض الشعوب إليها نتيجة الحروب وما يصاحبها من مناخ شبه جاف وجاف كما هو الحال في أغلب المناطق العربية
والتي يهاجمها Hالجفاف بين الحين واآلخر وللمزيد من التوضيح سوف أتناول في هذا البحث موضوعين:
الموضوع األول:
إن أحد أهم األسباب الرئيسية في نقص المياه في األردن هي زيادة عدد السكان وزيادة الطلب عليها .فلقد صاحب التطور
االجتماعي ،التنمية االقتصادية وزيادة مستوى المعيشة (دخل األفراد) التي شهدتها Hاألردن إلى الزيادة في استهالك المياه
في الجوانب الزراعية ،الصناعية والمنزلية.
القطاع الزراعي يعتبر المستهلك الرئيسي للمياه في األردن ،أي يغطي نسبة ٪٨٠وما يقارب حوالي ٤مليون موزعة ما
بين األراضي الجنوبية والشمالية في المنطقة.
العجز المائي في المملكة األردنية الهامشية
أما االستخدام المنزلي لمياه الشرب فإنها تقدر حوالي ٢١٥مليون متر مكعب عام ٪١٥(٢٠١١من إجمالي استهالك
المياه) باإلضافة إلى نسبة نقل هذه المياه إلى المدن والمراكز األخرى وتعتبر المياه الجوفية المصدر الرئيسي لمياه
الشرب.
في حين أن القطاع الصناعي يستهلك كميات كبيرة من المياه الستخدامها في مصفاة النفط ،مناجم الثروة المعدنية مثل
الفوسفات ،البوتاس واألسمدة ومحطة الحسين الحرارية.
نضيف إلى ذلك دور الكيان الصهيوني في تهديد األمن المائي العربي بهدف وقف التنمية في الدول العربية والحصول
على أكبر قدر ممكن من االحتياط المائي خارج الحدود الفلسطينية وذلك من خالل االستيالء على روافد نهر األردن .فقد
أدركت اسرائيل أهمية المياه لبناء دولة كبرى ،حيث أن الماء عامال محددا في جميع حروب إسرائيل ضد العرب .فبدأت
بضم نهر الفرات واألردن ،فمن أبرز مشروعات اسرائيل هي تحويل مياه نهر األردن إلى صحراء النقب فقد قامت
باستثمار مياه نهر األردن بهدف حل أزمتها المائية وذلك من خالل تخزين مياه نهر األردن في أحد بحيراتها بحيث تخدم
توزيع المياه في المناطق اإلسرائيلية في حين إنها تغطي نسبة قليلة من اإليراد السنوي لنهر األردن.
وأخيرا هناك مخاطر من دول الجوار الجغرافي كسوريا (األطماع السورية في نهر اليرموك) في تهديد السياسة المائية
فالمنطقة ،من خالل سيطرتها على منابع األنهار الرئيسية ومحاوالتها في استغالل مياه هذه األنهار مثال على ذلك نهر
اليرموك .نهر اليرموك يعتبر المصدر األساسي للمياه السطحية في األردن وبشكل الحدود السياسية بين كل من سوريا
واسرائيل.
ولذلك فإن الفائض من هذا النهر يتم تخزينه في يد قريب من النهر واالستفادة منه في شهر الصيف لتلبية احتياجاتH
الشعب Hالمتزايدة وتجنب الضغوطات من قبل إسرائيل لتخزينها في بحيرة طبريا باعتبارها الخزان الرئيسي لمياه النهر
وذلك لوقوع البحيرة داخل األراضي المحتلة من قبل إسرائيل ،األمر الذي ترفضه األردن لما يتبعه من عواقب على
الصعيد األمني واالقتصادي.
الموضوع الثاني:
ولمواجهة هذه األزمة هناك عدة إجراءات يجب اتباعها على جميع األصعدة لتقليل من العجز المائي ومن أهمها إدارة
الطلب على المياه من خالل:
)١ترشيد استهالك المياه :قامت Hوزارة المياه والري بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي في توعية المواطنين بأهمية المياه
وسبل الحفاظ عليها والطرق المتبعة في إدارة وترشيد استهالك المياه في مختلف المجاالت المنزلية ،الزراعية والصناعية
من خالل وسائل اإلعالم المختلفة ،النشرات وتثقيف طلبة المدارس وخصوصا في المنازل ألن النسبة العظمى من الهدر
المائي يذهب في استهالك المراحيض والحمامات االوتوماتيكية.
حيث أن بعض الشركات كان لها الدور الكبير في ترشيد استهالك المياه من خالل تصنيع أحواض بسعة ١٠لترات وما
زالت في طور التطبيق ،كما أن بعض الدول الصناعية قامت Hبتطوير نوع جديد ذات سعة ٣و ٦لتر.
إضافة إلى ذلك امتدت التوعية لتشمل القطاع الزراعي ،حيث يعتبر القطاع الزراعي المستهلك األول للمياه في األردن
لذلك فإن ترشيد استهالك المياه في هذا القطاع سيوفر كميات كبيرة من المياه حيث بلغت نسبة استهالك المياه في هذا
القطاع .٪٨٠ومن اإلجراءات المتبعة في تقليل المياه في هذا القطاع هي:
العجز المائي في المملكة األردنية الهامشية
• استعمال أنظمة الري بالتنقيط والرش والذي وفر كميات كبيرة من المياه.
• زراعة محاصيل تستهلك كميات قليلة من المياه.
• زراعة محاصيل لها جدوى اقتصادية قيمة ليكون المردود المالي على المتر مكعب عالي وبالتالي يكون هناك جدوى
اقتصادية الزراعة على المياه.
• التركيز على الزراعة في فصل الشتاء وذلك نظرا لسقوط األمطار ،حيث يكون هناك كميات Hكبيرة من المياه التي قد
تذهب هدرا .أما في الجانب الصناعي فقد تم إعادة استعمال المياه المعالجة.
)٢إدارة تزويد المياه :وهي القيام بالمشاريع والبرامج واألنشطة التي من شأنها تستغل وتطور المياه الجوفية والسطحية
ويحسن من نوعية وكمية المياه مثل:
• إنشاء Hشبكة لرصد ومراقبة سطح المياه الجوفية وتحديد نوعية المياه من خالل وضع ابار معينة واخذ عينات شهرية
وبعد تجميع المعلومات يتم تخزينها وتحليلها في بنك المعلومات الخاصة بهذا الغرض.
• معالجة المياه العادمة من خالل انشاء Hمحطات مخصصة لذلك مثل محطات Hمعالجة مياه الصرف الصحي المنزلي
والصناعي والتي تسهم بدور كبير في الحفاظ على نوعية المياه الجوفية والسطحية والتي من خاللها يتم الحصول على
بعض المنافع االجتماعية واالقتصادية .تتشكل المنافع االجتماعية في الحفاظ على البيئة وحماية مياه الشرب من التلوث،
اما المنافع االقتصادية فتتمثل في اعادة استخدام هذه المياه في االغراض الزراعية.
• االستخدام الموحد للمياه الجوفية والسطحية :هي أحد التقنيات المستخدمة في ضبط المياه الجوفية وخصوصا في المناطق
الجافة وشبه الجافة حيث تم استغالل أكبر قدر ممكن من المياه السطحية في فترة الشتاء لغايات الشرب اضافة الي
استغالل المياه الجوفية في هذه الفترة إلعطائها فرصة للشحن خالل تساقط االمطار مما يؤدي الى ارتفاع مناسيبها .ومن
أشهر الوسائل العملية التي تم تطبيقها في هذا المجال هي دمج المياه ذات الملوحة المرتفعة مع المياه ذات الملوحة القليلة
حيث يتم تخفيض نسبة االمالح بهدف استغاللها للشرب وخاصة في االوقات Hالتي تعاني منها المنطقة من شح المياه وهي
في فترة الصيف.
) ٣استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لضخ المياه الجوفية :يعتبر استخدام هذه التقنية ضروري لتطوير وتنمية
المياه الجوفية خصوصا في مناطق البادية الجنوبية والوسطى ألغراض سقاية المواشي بسبب عدم توفر الطاقة والصيانة
االزمة لديموميه الضخ من االبار بالطرق التقليدية.
ولقد تم تطبيق هذه التقنيات في االردن الى ابار تعمل بالطاقة الشمسية وبطاقة الرياح ،حيث بلغت عدد االبار التي تعمل
بالطاقة الشمسية حوالي ١٤بئرا وبطاقة انتاجية تبلغ الربع مليون متر مكعب ،اما االبار التي تعمل بطاقة الرياح فقد بلغت
حوالي ه ابار وبطاقة انتاجية تتراوح بين ٤٠الى ١٥٠متر مكعب Hفي اليوم.
من خالل دراسة هذا البحث والتعرف على التحديات المختلفة والحلول المقترحة نجد ان مشكلة العجز المائي من أخطر
التحديات التي تهدد االمن الوطني االردني ،فبسبب شح المياه في االردن فإنها تواجه ضغوطات مختلفة في منطقة الجوار
فيما يتعلق بتوزيع الحصص المائية ،لذلك يجب ان تتصدر قضية المياه اولويات اهتمام االردن ومعرفة حاجتها الحقيقية
منه في الحاضر والمستقبل.
نضيف الى ذلك وجود فجوة كبيرة بين االحتياجات المائية والمتطلبات في كافة األصعدة الزراعية ،الصناعية
واالقتصادية ،االمر الذي يتطلب توفير مصادر متنوعة للمياه لتلبية االحتياجات Hالمائية لكافة هذه القطاعات من خالل
البحث عن البدائل مثل تحلية مياه البحر ونقل المياه من دولة اخرى ومن خالل الدراسات وجد ان جر مياه الديسي من
انجح هذه المشاريع اال انه ذات تكلفة مالية عالية الثمن.
مشروع مياه الديسي من أفضل مشاريع مياه الشرب في االردن ويسعى الى تزويد العاصمة بحوالي ١٠٠مليون متر
مكعب ،ويشكل التعدي الغير مشروع لهذه الموارد سواء كان بالتعدي على خطوط نقل المياه او شبكات التوزيع من اسباب
تدهور هذه الموارد ويلحق بأضرار على المصادر المائية.
بما ان مشكلة العجز المائي في ازدياد نتيجة لتزايد عدد السكان وزيادة انشطة القطاعات الصناعية فان هذا المشروع
سيسهم في توفير ما مقداره ١٥٠مليون متر مكعب Hمن المياه اي رفع حصة الفرد من المياه.
التوصيات:
*العمل على سن قوانين وتشريعات جديده تتماشى مع الظروف االقتصادية واالجتماعية والعمل على تطبيقها بصرامة،
ومن يخالف هذه القوانين يعاقب Hعليها.
* ادارة الطلب على المياه من خالل البرامج والسياسات Hالمنبثقة منها والتي هي عنصر اساسي في ادارة الموارد المائية.
*تحويل كميات Hكبيرة من المياه المخصصة للقطاع الزراعي ذات االنتاجية المتدنية الى اخرى ذات انتاجية عالية مع
االبتعاد عن المزروعات ذات االستهالك المائي الكبير.
*التعاون الدولي مع الحدود مثل سوريا في اقامة عمل مائي مشترك من خالل انشاء مشروع بناء سد الوحدة على نهر
اليرموك.
*معالجة مياه الصرف الصحي والحد من مصادر التلوث واعادة استخدامها(التدوير) من خالل استخدام وسائل التكنولوجيا
الحديثة في استخدامات المياه.
*اقامة Hمراكز متخصصة بشؤون المياه في المناطق التي تعاني من ندرة المياه والبحث عن البدائل سواء للطاقة او مصادر
المياه المختلفة.
العجز المائي في المملكة األردنية الهامشية
المصادر والمراجع (كتب):
كتاب االمن المائي العربي بين الحاجات Hوالمتطلبات ،عبد القادر رزيق المخادمي ،دار الفكر المعاصر.١/١/٢٠٠٤،
كتاب ازمة المياه واالمن المائي العربي لدكتوره رواء زكي يونس الطويل ،مكتبة اكاديمية للمياه بإشراف الدكتور ريان
العباسي ،مركز الدراسات Hاإلقليمية ،سلسلة شؤون إقليمية رقم (.)٢٢
كتاب االمن الوطني االردني وتحدياته الداخلية والخارجية ،عارف محمد مفلح السرهيد ،مركز الكتاب األكاديمي،
.١/١/١٩٠٠