You are on page 1of 37

‫األمن المائي والغذائي وتأثيره على االقتصاد‬

‫في خضم التحوالت المتسارعة ال تي ش هدها الع الم من ذ مطل ع األلفي ة الثالث ة‪ ،‬خصوص ا منه ا‬
‫السياسية والعسكرية والمناخية‪ ،‬وجدت الدول والحكومات نفسها في مواجهة تحدي الحفاظ على‬
‫أمنها المائي والغذائي‪ ،‬إذ أن ه الض امن األس اس ألمنه ا الق ومي‪ ،‬خصوص ا في ع الم رأس مالي‬
‫تطغى عليه الفردانية والمصالح الخاصة لكل دولة‪.‬‬
‫وبما أن المغرب جزء ال يتجزأ من هذا العالم‪ ،‬فقد دفعته األزمات المتوالي ة ال تي ش هدها الع الم‬
‫يشهد المغرب وموقعه الجغرافي واألوض اع المناخي ة المتباين ة‪ ،‬وتف اوت التس اقطات المطري ة‬
‫على أراضيه وارتفاع درجات الحرارة‪ ،‬إلى إعادة النظر في مسألة الس يادة الداخلي ة‪ ،‬وفي ظ ل‬
‫كل هذه التحديات بات من الصعب على أي دول ة مهم ا غرته ا فك رة اكتفائه ا ال ذاتي أن ت ؤمن‬
‫أمنه ا الم ائي والغ ذائي بمع زل عن ال دول األخ رى‪ ،‬أي أن ه وجب في ه ذا الص دد البحث عن‬
‫تحالفات إلحداث توازنات على عدة مستويات بما فيها الماء والغذاء‪.‬‬
‫فالماء وحدة طبيعية وعنصر حي وي ومهم في كاف ة القطاع ات اإلنتاجي ة‪ ،‬وعلي ه ف إن الم وارد‬
‫المائية تطرح نفسها بإلحاح‪ ،‬ذاك أن المغرب يمر بمرحلة جف اف ص عبة وهي األك ثر ح دة من‬
‫أكثر من ثالثة عقود‪ .‬ويع ول المغ رب بش كل ج د ق وي على "المخط ط الوط ني للم اء"‪ ،‬ال ذي‬
‫يرمي إلى التخفي ف من ح دة تف اقم مش كل ن درة المي اه‪ ،‬خاص ة وأن ع دة مؤش رات تحي ل إلى‬
‫اس تفحال ه ذه الن درة مس تقبال بش كل ق وي‪ ،‬كم ا يس تهدف ه ذا المخط ط ض مان األمن الم ائي‬
‫للمغرب في أفق ‪.2030‬‬
‫كما يعرف القطاع الزراعي م ؤخرا تض ررا جلي ا بس بب الجف اف‪ ،‬حيث ت راجعت المحاص يل‬
‫الزراعية بشكل بارز كما انخفض االقبال على االشتغال في هذا المجال‪ ،‬وتراجع مستوى النم و‬
‫فيه ليبلغ ‪ ٪0.8‬بحسب آخر إحص ائيات للبن ك المرك زي‪ ،‬مم ا ب ات يش كل تهدي د حقيقي لألمن‬
‫الغ ذائي ب المغرب ال ذي س ينعكس س لبا على الوض ع االقتص ادي ال داخلي‪ .‬وبفض ل السياس ة‬
‫االس تباقية لص احب الجالل ة المل ك محم د الس ادس‪ ،‬تمكن المغ رب من وض ع مجموع ة من‬
‫االستراتيجيات الفالحية جديدة يه دف من وراءه ا إلى ض مان ت وافر الم واد الغذائي ة‪ ،‬وتعزي ز‬
‫التنمية الفالحية والقروية المستدامة‪ ،‬وإعط اء األولوي ة لحماي ة الم وارد الطبيعي ة والتكي ف م ع‬
‫التغيرات المناخية‪ ،‬كاإلستراتيجية "الجيل األخضر ‪2020‬ـ‪"2030‬‬
‫وهك ذا تمث ل قض ية المي اه والغ ذاء أولوي ة بالغ ة األهمي ة لجمي ع األمم والمنظم ات والهيئ ات‬
‫الحكومية والعالمية لضمان األمن القومي والسيادي للدول والبشرية جمعاء‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الوضع المائي والغذائي (التحديات)‬
‫فالمغرب اليوم يعد من بين أكثر البلدان تأثرا في العالم باإلجهاد المائي‪ ،‬إذ انخفضت بين ع امي‬
‫‪ 1960‬و‪ 2020‬الم وارد المائي ة المتج ددة المتاح ة من ‪ 2500‬م ترا مكعب ا إلى ح والي ‪600‬‬
‫مترا مكعبا للفرد سنويا مما أدى بالبالد إلى حالة من "اإلجهاد المائي الهيكلي"‪ .‬مما يعد ض عف‬
‫التساقطات وعدم انتظامها زمنيا ومكانيا أه ّم إكراه يواجهه المغرب‪ ،‬ل ذا فق د ارتك زت السياس ة‬
‫المائية للدولة المغربية بعد االستقالل على دعامتين أساس يتين‪ :‬أوال ت دبير الع رض عن طري ق‬
‫إنش اء الس دود وش بكات التوزي ع لتس هيل الول وج للس اكنة والفالحين والمنش آت الص ناعية‬
‫والس ياحية‪ .‬وثاني ا تط وير ش بكات الص رف الص حي في الوس ط الحض ري‪ .‬إال أن النم و‬
‫الديموغرافي والتغيُّر المناخي أضافا تحديات جديدة ّ‬
‫تمثلت في تراجع الطاقة االستيعابية للس دود‬
‫استغالل‬
‫ٍ‬ ‫بسبب تراكم األوحال‪ ،‬إضافة لتناقص األمطار وازدياد وتيرة الفيضانات‪ ،‬بالتزامن مع‬
‫ش المائية بالنض وب‪ ،‬ال س يما القط اع الفالحي ال ذي يس تهلك‬ ‫مفرط أضحى يهدد عددا من الفُ َر ِ‬
‫حوالي ‪ 70‬بالمائة من المخزون المائي‪.‬‬
‫ناهيك عن تردي جودة المياه الجوفية والسطحية بسبب التلوث‪ ،‬ال ذي لم تتخ ذ في ه الدول ة نهج ا‬
‫واضحا يتم من خالله إشراك جميع القطاعات المسؤولة عن تفاقمه لوقف ه ذا ال نزيف‪ ،‬كم ا أن‬
‫المؤسسات المعنية بتثمين الموارد المائية المعبأة‪ ،‬لم ُتفلح في هذا المض مار خاص ة في المي دان‬
‫الفالحي‪ ،‬فضال عن الضعف الذي عرفه تطوير التطهير والتعامل مع النفايات المنزلي ة‪ ،‬بي د أن‬
‫العديد من دول العالم أحرزت تقدما كبيرا في هذا المجال للحفاظ على ثرواتها المائي ة‪ ،‬في حين‬
‫كامل لوسائل االستعمال المق َّنن لألسمدة والمبيدات الكيماوية ببالدنا‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫أننا نشهد غيابا شبه‬
‫باإلضافة إلى الصعوبات في تعميم الم اء الص الح للش رب والتطه ير على الخص وص للس اكنة‬
‫القروية‪ ،‬وضياع كميات كبيرة من المياه بسبب تسربات في شبكات الماء الش روب‪ ،‬ناهي ك عن‬
‫غياب أجرأة القوانين المتعلقة باألمن المائي‪.‬‬
‫وبالمقابل يعيش عدد من المناطق الفالحي ة في المغ رب ن درة في المي اه بس بب قل ة التس اقطات‬
‫المطرية وتوالي سنوات الجفاف‪ ،‬وارتف اع ع دد الس كان واالس تهالك المف رط للغ ذاء والم وارد‬
‫الطبيعية‪ ،‬الشيء الذي سينعكس بشكل كبير على الفالحة والقطاع النباتي والحي واني على وج ه‬
‫الخصوص خاصة تربية الماشية التي ترعى في الجبال والسهول واألوساط الرعوية‪ ،‬مما ي أثر‬
‫سلبا على االقتصاد الوطني‪.‬‬
‫المطلب الث‪$$‬اني‪ :‬أزم‪$$‬ة الم‪$$‬اء والغ‪$$‬ذاء وت‪$$‬أتيره على االقتص‪$$‬اد الوط‪$$‬ني والره‪$$‬ان األمن الم‪$$‬ائي‬
‫والغذائي‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أزمة الماء والغذاء وتأتيره على االقتصاد الوطني‬
‫ال ش ك في أن تع رّ ض البالد ألزم ة ش ح المي اه ق د أث ر س لبا ً في الن واحي االقتص ادية داخ ل‬
‫المغرب‪ ،‬وكان أول القطاعات التي مُنيت بالخس ائر‪ ،‬ه و القط اع ال زراعي ال ذي يس هم بنس بة‬
‫‪ %14‬من الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬إذ اض طرت الحكوم ة إلى تخفيض ال دعم ال ذي تقدم ه إلى‬
‫بعض أصحاب الحقول التي تقوم بزراعة المحاصيل األكثر اس تهالكا ً للمي اه كم زارعي البطيخ‬
‫األحمر وأشجار األفوكادو والحوامض‪.‬‬
‫وتلعب الزراعة دوراً رئيسيا ً في استيعاب الطاقة العاملة في المغرب‪ ،‬إذ تسهم بنسبة ‪ %38‬من‬
‫إجمالي القوى العاملة في عموم البالد‪ ،‬أما في المناطق الزراعية كالقرى فإنها توفر نح و ثالث ة‬
‫أرباع فرص العمل‪ ،‬وقد تسببت هذه األزمة في فقدان العديد من المواطنين لعملهم‪ ،‬إذ فقد قطاع‬
‫الزراعة والغابات والصيد أك ثر من ‪ 200‬أل ف فرص ة عم ل خالل ربي ع الع ام ‪ 2020‬وذل ك‬
‫بحسب مذكرة المندوبية السامية للتخطيط‪.‬‬
‫وبالرغم من جهود الس لطات المغربي ة لتقلي ل اعتم اد البالد واقتص ادها على الزراع ة‪ ،‬وال دفع‬
‫بعجلة الصناعة‪ ،‬إال أن قطاع الزراع ة ال ي زال ه و المهيمن‪ ،‬وبالت الي ف إن أي ض رر يص يبه‬
‫بسبب نقص المياه يؤثر بعمق في سائر نواحي البالد‪ ،‬وربما الناجي الوحيد من تل ك اآلث ار ه و‬
‫قطاع السياحة‪ ،‬وإن كانت تبعات فيروس كورونا والحرب الروسية األوكرانية قد أص ابته بأش د‬
‫الضرر‪.‬‬
‫وقد تأثر اإلنتاج الزراعي عام ‪ 2022‬بش كل ملح وظ‪ ،‬مم ا ح ازت مش تريات القمح على نح و‬
‫ثلث فاتورة استيراد السلع الغذائية‪ ،‬ما أدى إلى زيادة العجز في الميزان التجاري‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫انخفاض قيمة العملة المحلية‪.‬‬
‫وتسبب التدهور الذي لحق بقطاع الفالحة في أضرار بالغ ة بس ائر القطاع ات ال تي تعتم د على‬
‫المحاصيل الزراعية‪ ،‬فقد تأثرت تربية المواشي والدواجن واألغن ام بش دة‪ ،‬وألقى األم ر بأعب اء‬
‫إضافية على الحكومة لتوفير العملة الصعبة من أجل مزيد من استيراد األعالف الالزمة لتربي ة‬
‫الحيوانات‪ ،‬كما تأثر قطاع الص ناعة بس بب افتق اره للم واد الخ ام ال تي ك انت تت وفر محلي ا ً في‬
‫العادة‪.‬‬
‫وبالتالي أصبح االقتصاد المغربي قابعا ً بين نارين‪ ،‬فمن جهة هو مه دد بس بب تبع ات جف اف ال‬
‫يرحم‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬ال يتوقف التضخم عن االرتفاع بالشكل الذي يؤدي إلى عجز المواطن‬
‫عن شراء ما يحتاجه من السلع الغذائية أو سداد فواتيره الشهرية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬رهان األمن المائي والغذائي‬
‫أوال‪ :‬رهان تحقيق األمن المائي‬
‫إن ضرورات التنمية تفرض بإلحاح حكامة مائية تستجيب‪ ،‬بشكل مس تدام‪ ،‬للحاجي ات المتزاي دة‬
‫للساكنة من جهة ولمتطلبات القطاعات اإلنتاجية من جهة أخرى‪ .‬لذا فإن الحاج َة ملح ٌة للت دخل‬
‫بشكل عاجل وفعّال ومعقلن من أجل ض مان األمن الم ائي في البالد‪ ،‬خاص ة أن ن درة الم وارد‬
‫المائية في المغرب أصبحت أم را واقع ا ال يمكن تفادي ه‪ ،‬ب ل إنه ا س تتفاقم إذا لم ُت ّتخ ذ الت دابير‬
‫الالزمة أو إذا كانت اإلصالحات المعلنة بطيئة التنفيذ‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬يشكل تسريع إنجاز برنامج السدود الك برى والص غرى رهان ا حقيق ا للمغ رب‬
‫لتحقيق األمن المائي والغذائي‪ ،‬حيث يطمح المغرب في إطار البرن امج الوط ني للتزوي د بالم اء‬
‫الشروب ومياه السقي ‪2020‬ـ‪ 2027‬إلى رفع الطاقة التخزينية من المي اه الص الحة للس قي إلى‬
‫‪ 24‬مليار متر مكعب في أفق سنة ‪ ،2030‬طبق ا للتوجيه ات الملكي ة‪ ،‬ورف ع الطاق ة التخزيني ة‬
‫للمياه العادمة المعالجة إلى مليار متر مكعب سنويا عبر توسيع برنامج اس تغالل المي اه العادم ة‬
‫المعالجة في سقي المساحات الخضراء‪ ،‬وكذا تحسين مردودية شبكات التوزي ع وتس ريع وت يرة‬
‫إنجاز محطات تحلية مياه البحر بكل من الدار البيضاء‪ ،‬آسفي‪ ،‬الجديدة‪ ،‬والناظور‪ ،‬لالنتق ال من‬
‫تسعة محطات حاليا إلى ‪ 20‬محطة في أفق ‪ ،2027‬باإلضافة إلى اإلس راع في إنج از الش طر‬
‫االستعجالي لمشروع الربط بين حوضي سبو وأبي رق راق وأم الربي ع باإلض افة إلى اس تمرار‬
‫إنجاز مشاريع جديدة لتأمين التزويد بالماء الصالح للشرب بالعالم القروي‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬تفاعلت الحكومة مع ح االت الط وارئ المائي ة‪ ،‬وس نت مجموع ة من الت دابير‬
‫للترشيد استعمال الماء تجلت في‪:‬‬
‫ـ وضع قيود على استعمال مياه الري وتدفق المياه للمستهلكين‬
‫ـ منع تنظيف الشوارع واألزقة واألماكن العمومية بمياه الشرب‬
‫ـ منع تنظيف وغسل السيارات واآلالت‬
‫ـ من ع ملء المس ابح العمومي ة والخاص ة أك ثر من م رة في الس نة‪ ،‬إلى ج انب تقليص ص رف‬
‫المياه‪.‬‬
‫ـ قطع الماء ليال ببعض المؤسسات واإلدارات‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬رهان تحقيق األمن الغذائي‬
‫تماشيا م ع أجن دة ‪ ،2030‬أطلقت المملك ة اس تراتيجية فالحي ة جدي دة‪ ،‬وهي (الجي ل األخض ر‬
‫‪2020‬ـ‪ )2030‬التي تتماشى مع النموذج التنموي الجديد للمملكة‪ ،‬تشكل أولوي ة لبل دنا لص مود‬
‫ووفرة الغذاء وتعزيز التنمية المستدامة للفالحة‪ ،‬لتحقيق السيادة واألمن الغذائي‪.‬‬
‫تعطي ه ذه االس تراتيجية أهمي ة كب يرة لمج االت البحث واالبتك ار والتح ول ال رقمي للفالح ة‪،‬‬
‫والتنوع البيولوجي‪ ،‬والفالحة التض امنية‪ .‬كم ا ته دف ه ذه االس تراتيجية ال تي وض عتها وزارة‬
‫الفالحة تحسين النجاعة المائية عبر مواصلة ب رامج ال ري والتهيئ ة الفالحي ة‪ ،‬وتعبئ ة الم وارد‬
‫المائية غير التقليدية‪ ،‬وتشجيع استخدام الطاقات المتجددة في القطاع الفالحي‪ ،‬ومواصلة ب رامج‬
‫غ رس األش جار بم ا في ذل ك األص ناف األك ثر مالئم ة للمن اطق القاحل ة وتنمي ة الزراع ة‬
‫البيولوجية‪ ،‬مع تعزيز ونشر التقنيات المحافظة على التربة ومواصلة برنامج التأمين الفالحي‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالخطوات التي يجب اتباعها في الزراعة المستدامة لتحقي ق األمن الغ ذائي؛ تتجلى‬
‫في الحفاظ على األنواع البيئية غير الضارة‪ ،‬وحس ن إدارة مص ادر المي اه واس تهالكها وحس ن‬
‫استغالل األراضي الزراعية‪ ،‬والحفاظ على األرض وجودة التربة‪ ،‬ورفع كمية وج ودة اإلنت اج‬
‫الزراعي‪ ،‬وتكوين الفالحين وتلقينهم معلوم ات وتقني ات جي دة عن أهمي ة الزراع ة المس تدامة‪،‬‬
‫واالنفتاح على التجارب والتقنيات العالمية‪ ،‬وهذه األخيرة ستساعد على ضمان زراعة مس تدامة‬
‫والحف اظ في ال وقت نفس ه على الم وارد المائي ة لألجي ال المقبل ة‪ .‬ودون أن ننس ى التوج ه إلى‬
‫الزراعة البيولوجية أو الصديقة للبيئة‪ ،‬من أهميتها عدم استهالك كميات كبيرة من الماء‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ضرورة تغيير طريقة الري‪ ،‬وذلك باالعتماد على السقي بالتنقيط من أجل تج اوز‬
‫هذه الوضعية الحرجة والمقلقة التي يعيشها المغرب بسبب ندرة المياه‪.‬‬
‫وتجنب الزراعات التي تستهلك كميات كبيرة من الم اء كفاكه ة ال دالح "البطيخ األحم ر" ال ذي‬
‫يشكل خطرا على الفرشة المائية حسب تأكيد المزارعين والتقنيين‪.‬‬
‫وفي ه ذا الص دد‪ ،‬أعلنت وزارة الفالح ة والتنمي ة القروي ة خالل ه ذا الموس م ال زراعي إلى‬
‫االنفتاح على زراعات جديدة ذات قيمة مضافة كبيرة وغير مستنزفة للمي اه‪ ،‬كأش جار الخ روب‬
‫والزيتون واألرغان والصبار واللوز‪ ،‬وأيض ا تط وير واس تعمال أص ناف نباتي ة محس نة جيني ا‬
‫مقاوم ة للجف اف‪ ،‬خصوص ا الخاص ة ب الحبوب واألعالف وحب وب الكين وا‪ .‬من أج ل تحقي ق‬
‫االكتفاء الذاتي واستغالل الموسم الزراعي اقتصاديا والمحافظة على عمل الطبقة الشغيلة‪.‬‬
‫وختاما‪ ،‬فمن أجل تحقيق األمن الم ائي والغ ذائي ب المغرب وجب تب ني نهج التكام ل بين الم اء‬
‫والغذاء والطاقة من خالل سياس ات عمومي ة مندمج ة وأك ثر اس تباقية‪ ،‬تعتم د على تعتم د على‬
‫االبتكارات التكنولوجية والرقمية في مجال ترشيد استعمال الم اء‪ ،‬خاص ة في الزراع ة؛ وخل ق‬
‫فضاء للنقاش العلمي والتخطيط والتفكير الجماعي بين الخبراء المغاربة وال دوليين في مج االت‬
‫الماء والغذاء والطاقة‪.‬‬
‫أسباب الركود االقتصادي العالمي وتداعياتها على المغرب‬
‫فبع د ب دء التع افي من آث ار الرك ود الن اجم عن األزم ة الص حية كوفيد‪ ،19‬تع رض االقتص اد‬
‫المغربي لضغوط متزايدة بسبب تداخل صدمات سالسل اإلم داد‪ :‬موج ة جف اف ش ديدة وح رب‬
‫األكراني ة الروس ية ال تي ُت ر ِج َمت أعباؤه ا إلى ارتف اع في بأس عار الس لع األساس ية كالطاق ة‬
‫والغذاء‪ ،‬فضالً عن زيادة هائلة في أس عار الس لع أدت إلى زي ادة كب يرة في مع دالت التض خم‪،‬‬
‫ولجوء البنك المركزية إلى رفع مستويات الفائدة‪ ،‬م ا انعكس على ارتفاع ا ً في مع دالت ال ديون‬
‫وانهيار أسواق األسهم‪ .‬مما أسفرت عن تباطؤ آفاق نمو االقتصاد الع المي وتبعياته ا باإلقتص اد‬
‫المغربي‪.‬‬
‫فإذا كان الزخم اإلصالحي الذي تم إرساؤه في الماضي ق د مكن إلى ح د م ا‪ ،‬من تحس ين ق درة‬
‫االقتصاد الوطني على الصمود أمام الصدمات الخارجية‪ ،‬فمن المؤكد أن َتعاقب أزم ات متتالي ة‬
‫وقوية‪ ،‬قد أثر بشكل ملحوظ على االقتصاد الوطني‪ ،‬مم ا يف رض ب ذل جه ود إض افية من أج ل‬
‫ترسيخ جيل جديد من اإلصالحات تجمع بين االستشراف والبناء المشترك والمقاربة المندمج ة‪،‬‬
‫بغية إرساء أسس اقتصاد متنوع وتنافسي وقادر على الصمود على نحو مستدام‪.‬‬
‫ماهي التحديات الرئيسية التي تواجه االقتصاد الوطني والرهانات الكبرى؟‬
‫المطلب األول‪ :‬مظاهر األزمة الحالية على االقتصاد الوطني المغربي‬
‫على مستوى الغذائي‪:‬‬
‫أصبحت المخاطر المناخية واضحة بش كل متزاي د في المغ رب‪ ،‬إذ يتس بب الجف اف الح الي في‬
‫انخفاض حاد في محاصيل الحبوب ي تزامن م ع الض غط ال ذي تم ر ب ه أس واق الغ ذاء العالمي ة‬ ‫ٍ‬
‫بسبب الحرب في أوكرانيا‪ ،‬مما يش كل تح ديا ً كب يراً لألمن الغ ذائي وزي ادة في العج ز الم يزان‬
‫التجاري وانخفاض قيمة العملة المحلية‪ .‬باإلضافة إلى ذلك وبسبب الت دهور ال ذي لح ق بقط اع‬
‫الفالحة‪ ،‬فقد تأثرت تربية المواشي والدواجن واألغنام بشدة‪ ،‬وألقى األم ر بأعب اء إض افية على‬
‫الحكومة لتوفير العملة الصعبة من أجل مزيد من استيراد األعالف الالزمة لتربية الحيوانات‪.‬‬
‫على مستوى المائي‪:‬‬
‫يع د ض عف التس اقطات وع دم انتظامه ا زمني ا ومكاني ا أه ّم إك راه يواجه ه المغ رب‪ .‬ف النمو‬
‫تمثلت في تراجع الطاقة االستيعابية للس دود‬‫الديموغرافي والتغيُّر المناخي أضافا تحديات جديدة ّ‬
‫استغالل‬
‫ٍ‬ ‫بسبب تراكم األوحال‪ ،‬إضافة لتناقص األمطار وازدياد وتيرة الفيضانات‪ ،‬بالتزامن مع‬
‫مفرط أضحى يهدد عددا من الفُ َر ِ‬
‫ش المائية بالنض وب‪ ،‬ال س يما القط اع الفالحي ال ذي يس تهلك‬
‫حوالي ‪ 70‬بالمائة من المخزون المائي‪.‬‬
‫ناهيك عن تردي جودة المياه الجوفية والسطحية بسبب التلوث‪ ،‬ال ذي لم تتخ ذ في ه الدول ة نهج ا‬
‫واضحا يتم من خالله إشراك جميع القطاعات المسؤولة عن تفاقمه لوقف ه ذا ال نزيف‪ ،‬كم ا أن‬
‫المؤسسات المعنية بتثمين الموارد المائية المعبأة‪ ،‬لم ُتفلح في هذا المض مار خاص ة في المي دان‬
‫الفالحي‪ ،‬فضال عن الضعف الذي عرفه تطوير التطهير والتعامل مع النفايات المنزلية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى الصعوبات في تعميم الم اء الص الح للش رب والتطه ير على الخص وص للس اكنة‬
‫القروية‪ ،‬وضياع كميات كبيرة من المياه بسبب تسربات في شبكات الماء الش روب‪ ،‬ناهي ك عن‬
‫غياب أجرأة القوانين المتعلقة باألمن المائي‪.‬‬
‫ارتفاع معدل التضخم‪:‬‬
‫هناك س تة س باب وراء ارتف اع مع دل التض خم وهي‪ :‬ارتف اع كتل ة النق د‪ ،‬التض خم المس تورد‪،‬‬
‫ارتفاع كلفة اإلنتاج وأثر العرض والطلب على الخ دمات والس لع المت وفرة في الس وق‪ ،‬إض افة‬
‫إلى األسباب الهيكلية والمنافسة غير المكتملة‪ ،‬واألثر النفسي الذي يقصد به أن األفراد يُفضلون‬
‫في ف ترات األزم ات تخ زين الس لع‪ ،‬كم ا يع ني أيض ا ً تخفيض خط ط االس تثمار من ط رف‬
‫الشركات في ظل غياب الرؤية وعدم اليقين‪.‬‬
‫إال أن هناك تأكيداً بالبنط العريض على كون "األزمة أوكراني ا الروس ية" أح د أك بر المس ببات‬
‫الرتفاع نسبة التضخم‪ ،‬على اعتبار أن المغرب يستورد كل حاجياته الطاقي ة والم واد البترولي ة‬
‫ومشتقات الزيوت‪ ،‬والمواد الغذائية المتمثلة في الحبوب‪.‬‬
‫هذا ووجب اإلشارة إلى موضوع الوسطاء باعتبارهم لهم نص يب في ارتف اع األس عار‪ ،‬خاص ة‬
‫الم واد الفالحي ة‪ .‬والوس طاء هم أش خاص يمارس ون المض اربة في الس وق‪ ،‬باقتن اء المنتج ات‬
‫وإعادة بيعها‪ ،‬ما يجعل أسعارها ترتفع بشكل كبير قبل الوص ول إلى المس تهلك مقارن ة بالس عر‬
‫الذي ُتباع به من طرف الفالح‪.‬‬
‫ويكس ب الوس طاء عائ دات مالي ة كب يرة من عملي ة المض اربة‪ ،‬بينم ا ال تس تفيد الدول ة من أي‬
‫عائدات ض ريبية من عملهم‪ ،‬وفي المقاب ل يُض رّ ون ب الفالحين‪ ،‬وبالمس تهلكين‪ .‬ويتش كل ل وبي‬
‫الوسطاء من التج ار ال ذين يقوم ون بتجمي ع المنتج ات من عن د الفالحين‪ ،‬والسماس رة‪ ،‬وتج ار‬
‫الجملة‪ ،‬وتجار نصف الجملة‪ ،‬وهيئات التخزين البارد‪ ،‬والمؤسسات التعاونية‪ ،‬وتج ار التقس يط‪،‬‬
‫والفضاأت التجارية الكبرى… وينعكس الحضور الق وي له ؤالء بش كل س لبي جليّ على المنتج‬
‫والمس تهلك على ح د س واء‪ ،‬خاص ة بالنس بة للفواك ه والخض روات‪ ،‬حينم ا ال تواكبه ا مراقب ة‬
‫صارمة ومستمرة ومكثفة بالقدر الكافي‪.‬‬
‫وقبل عام ‪ 2021‬كان التضخم في أدنى مستوياته في المغ رب‪ ،‬حيث ك ان ال يتج اوز س قف ‪2‬‬
‫في المائة‪ ،‬لكن عقب األزم ة الص حية المرتبط ة بجائح ة كورون ا والت وترات الجيوسياس ية في‬
‫البحر األحمر ارتفعت األسعار بشكل كبير ح تى وص لت إلى مس تويات غ ير مس بوقة‪ .‬أم ا في‬
‫الع ام الماض ي بل غ مع دل التض خم في المغ رب ‪ 6.6‬في المائ ة‪ ،‬نتيج ة ارتف اع أس عار الم واد‬
‫الغذائية بنسبة ‪ 11‬في المائة‪ ،‬والمحروقات بنسبة ‪ 42.3‬في المائة‪ .‬في حين بلغ نس بة التض خم‬
‫بالمغرب تبلغ ‪ 8.9‬في المائة لهذه السنة‪.‬‬
‫وفي ظل االرتفاعات الكبيرة لنس بة التض خم ت أثرت الق درة الش رائية بش كل ملح وظ وال ت زال‬
‫األسر المعيشية المتواضعة واألكثر احتياجا تعاني أشد المعان اة من آث ار ارتف اع أس عار الم واد‬
‫الغذائية وغيرها من األس عار بس بب التض خم‪ ،‬إلى ج انب انخف اض مس توى النم و االقتص ادي‬
‫الوطني‪.‬‬
‫ارتفاع الدين العمومي‪:‬‬
‫كما يظهر في مجموع ة من األرق ام والمؤش رات على أن المغ رب خالل س نة ‪ 2022‬وص لت‬
‫نسبة المديونية إلى ‪ %32‬من الناتج الوطني االجمالي‪ ،‬ويتنبأ خالل عام ‪ 2023‬و‪ 2024‬أرقام‬
‫مهولة وعالية جدا من الدين العم ومي الراجع ة لألزم ات الحالي ة‪ ،‬بس بب ال دعم ال تي تق وم ب ه‬
‫الدولة لمواجهته ا‪ ،‬من خالل دعم ص ندوق المقاص ة وال برامج االجتماعي ة واالقتص ادية‪ ،‬ال تي‬
‫تتطلب تمويالت ج د مهم ة ومكلف ة‪ ،‬وال تي في الغ الب توفره ا الدول ة عن طري ق اللج وء إلى‬
‫القروض من صندوق النقد الدولي‪ ،‬وهو ما يزيد من ارتفاع ومن نسبة الدين العمومي‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التدابير المتخذة لتخفيف من تداعيات األزمة‬
‫على مستوى االجتماعي واالقتصادي‪:‬‬
‫لتج اوز األزم ة ودعم الق درة الش رائية للمواط نين أم ام االرتف اع الكب ير في األس عار‪ ،‬خاص ة‬
‫المحروقات وما تالها من زيادة أسعار الم واد الغذائي ة‪ ،‬اخ ذت الحكوم ة ع ددا من الت دابير من‬
‫بينها‪:‬‬
‫ـ تخصيص ‪ 15‬مليار درهم إضافية لدعم صندوق المقاصة (صندوق الدعم االجتماعي)‬
‫ـ دعم مهن يي النق ل ال بري لمواجه ة االرتف اع غ ير المس بوق في أس عار المحروق ات (ح والي‬
‫‪ 9000‬درهم شهريا)‪ ،‬وهو الدعم الذي ما زال صرفه مستمرا‪.‬‬
‫ـ منح دعم مالي مباشر للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للش رب لتف ادي ارتف اع فوات ير‬
‫الماء والكهرباء‪.‬‬
‫وللتخفيف من بطالة الشباب‪ ،‬أطلقت الحكومة ب رامج تش غيل‪ ،‬منه ا برن امج "أوراش" بميزاني ة‬
‫تق در بـ ‪ 2.25‬ملي ار درهم‪ ،‬به دف توف ير ‪ 250‬أل ف فرص ة عم ل أغلبه ا مؤقت ة‪ ،‬وبرن امج‬
‫"فرص ة" ويه دف إلى دعم ومواكب ة ‪ 10‬آالف من ح املي المش اريع في جمي ع قطاع ات‬
‫االقتصاد‪ ،‬بميزانية تصل إلى ‪ 1.25‬مليار درهم‪.‬‬
‫كما تم اإلعالن عن رف ع الح د األدنى لألج ور في قطاع ات الص ناعة والتج ارة والمهن الح رة‬
‫بنسبة ‪ ،%5‬وبنسبة ‪ %10‬في القطاع الزراعي‪.‬‬
‫ولمواجهة تداعيات موجة الجفاف القاس ية ال تي عاش تها البالد ه ذا الموس م‪ ،‬وض عت الحكوم ة‬
‫برنامجا استثنائيا للحد من آثار الجف اف بقيم ة ‪ 10‬ملي ارات درهم يتض من إع ادة هيكل ة دي ون‬
‫المزارعين‪ ،‬ودعم األنشطة الزراعية المتضررة‪.‬‬
‫كم ا لج أت الحكوم ة المغربي ة إلى االس تراد رؤوس األبق ار من إس بانيا وسويس را وهولن دا ثم‬
‫البرازيل مع االعفاء من الرسوم الجمركية وتعليق الضريبة على القيمة المضافة لتوف ير اللح وم‬
‫وخفض أس عارها إلع ادة الت وازن لسلس ة اللح وم الحم راء‪ ،‬ولتج اوز االختالل الحاص ل على‬
‫مستوى حجم القطيع الحيواني‪ ،‬وتزويد السوق الداخلية من احتياجياتها من الحوم الحمراء‪.‬‬
‫إلى جانب ذلك‪ ،‬اضطرت الدولة إلى تخفيض الدعم الذي تقدمه إلى بعض أصحاب الحقول التي‬
‫تقوم بزراعة المحاصيل األكثر اس تهالكا ً للمي اه كم زارعي البطيخ األحم ر وأش جار األفوك ادو‬
‫والحوامض‪ .‬وحظر صادرات بعض أنواع الخضروات لتأمين احتياجات السوق الوطنية‪ ،‬منه ا‬
‫"البطاطس والبصل والطماطم" ع بر مع بر "الكرك رات"‪ ،‬أك بر نقط ة حدودي ة بري ة من حيث‬
‫النشاط التجاري تجاه غرب أفريقيا‪.‬‬
‫على مستوى المالي‪:‬‬
‫قرر البنك المركزي المركزي رفع سعر الفائدة مرتين‪ ،‬األولى في سبتمبر والثاني ة في ديس مبر‬
‫سنة ‪ 2022‬ليصل إلى ‪ ،%2.5‬وهو إجراء يأتي في سياق دولي موسوم بارتفاع نسب التضخم‬
‫واستمرار ارتفاع األسعار‪.‬‬
‫واتخاذ البنك المركزي لهذا القرار له وقع ا إيجابي ا ومفي دا‪ ،‬حيث س يمكن المملك ة المغربي ة في‬
‫انضباطها لإليقاع المالي واالقتصادي الدولي‪ ،‬وه ذا يؤهله ا لحص د مجموع ة من االمتي ازات‪،‬‬
‫مثل تل ك ال تي تم اإلعالن عنه ا م ؤخرا بالحص ول على خ ط ائتم اني م رن للمغ رب بقيم ة ‪5‬‬
‫مليارات دوالر‪ ،‬والخروج من الالئحة الرمادية والحصول على المس اعدات وال دعم الم الي في‬
‫حال حصول أزمة اقتصادية بالبالد‪.‬‬
‫أما سلبيات القرار‪ ،‬فجلها تنصب على المستوى الداخلي‪ ،‬إذ ستضرر عدد من القطاعات بس بب‬
‫حدوث انكماش اقتصادي‪ ،‬خاصة قطاعات العقارات والخ دمات ولجوئه ا لالق تراض‪ ،‬وه و م ا‬
‫س يعمق مش اكلها ويزي د من ص عوباتها‪ .‬وس تكون الش ركات المتوس طة والص غرى أك ثر‬
‫المتضررين من هذا القرار‪ ،‬وتشكل هذه الشركات جزأ مهما من النس يج االقتص ادي المغ ربي‪،‬‬
‫إذ تمثل ‪ %93‬من بنية الشركات بالمغرب‪ ،‬حسب دراسة للمندوبي ة الس امية للتخطي ط‪ ،‬وت وفر‬
‫نح و ‪ %74‬من ف رص العم ل‪ .‬مم ا س ترتب ع واقب اجتماعي ة وخيم ة‪ ،‬مث ل ارتف اع البطال ة‬
‫وتسريح العمال وانخفاض القدرة الشرائية‪ ،‬مما سننتقل من أزمة اقتصادية إلى أزمة اجتماعية‪.‬‬
‫وختاما‪ ،‬تبقى هذه اإليراء ات والت دابير المتخ ذة من الحكوم ة مهم ة وض رورية لتخفي ف وطء‬
‫األسعار على عموم المواطنين خصوص ا الطبق ة الض عيفة والهش ة‪ ،‬ودعم المق اوالت لمواجه ة‬
‫اآلثار السلبية‪ ،‬وتبقى على الحكوم ة أن تجته د في ه ذه ال برامج االجتماعي ة وأن تربطه ا بأم د‬
‫محدود‪ .‬التوصيات‪:‬‬
‫ـ زيادة منظومة المراقبة على أسعار السوق‬
‫ـ تحيين دور مجلس المنافسة في مراقبة األسعار واألسواق‬
‫ـ نزول الموزعين والتجار عن جزء من أرباحه في بيع المنتوجات‬
‫ـ مراجعة الدولة مسألة التضريب على القيمة المضافة للمواد البترولية والضريبة الداخلي ة على‬
‫االستهالك‪.‬‬
‫اإلدارة اإللكترونية بالمغرب‬

‫تعتبر اإلدارة العمومية اليوم أحد الركائز األساسية والمحورية في تنمية االقتصاد الوطني‪ ،‬وإح دى أهم اللبن ات في بن اء مغ رب الغ د ومغ رب المس تقبل‪ ،‬ودول ة الح ق والق انون‪ ،‬وفي إنج اح‬
‫النموذج التنموي الجديد الذي يراهن عليه الجميع‪ ،‬من مؤسسة ملكية‪ ،‬حكومة‪ ،‬برلمان‪ ،‬فاعلين مجتمعيين‪ ،‬ومواطنين‪.‬‬

‫إن ورش إصالح اإلدارة العمومية كان دائما أولية في العديد من الخطب الملكية‪ ،‬ومن ض منها الرس الة الملكي ة الموجه ة إلى أش غال المن اظرة الوطني ة ح ول "اإلس تراتيجية الوطني ة إلدم اج‬
‫المغرب في مجتمع المعرفة واإلعالم سنة ‪ 2011‬الذي جاء فيها "سيظل إصالح اإلدارة العمومية وعصرنتها من بين الرهانات الرئيسية التي يطرحها تقدم بالدنا‪ ،‬إذ يتعين أن نوفر ألجهزتن ا‬
‫ما يلزم من أدوات تكنولوجية عصرية بما فيها األنترنيت لتمكينها من اإلنخراط في الشبكة العالمية وتوفير خدمات أكثر جودة لمتطلبات األف راد والمق اوالت" وك ذا في مجموع ة من األوراش‬
‫التي يعتبر أهمها ورش الالتركيز اإلداري‪ ،‬وتعزيز وإصالح اإلدارة العمومية عن طريق إدراج التكنولوجيات الحديثة والرقمنة‪ ،‬من أجل تجويد عملها وتكريسها لمفهوم إدارة القرب واإلدارة‬
‫الخدومة‪.‬‬

‫وقد وضعت بالدنا عددا من االستراتيجيات والبرامج من أجل تسريع وتيرة التحول الرقمي‪ ،‬على غرار "المغرب ال رقمي ‪ "2013‬و"المغ رب ال رقمي ‪ ،"2020‬كم ا تم إح داث هيئ ات ذات‬
‫صلة بتنفيذ هذه االســتراتيجيات‪ ،‬منهــا وكالــة التنميــة الرقمية واللجنة الوطنيـة لمراقبة وحمايــة المعطيــات ذات الطابــع الشخصي كآلية لمواكبة التحول الرقمي‪ .‬وفي سياق ه ذه الدينامي ة‪،‬‬
‫تم إحداث بوابة " ‪ "Idarati‬المخصصة للمساطر االداري ة وأداء الض رائب والرس وم ع بر االن ترنيت (الض ريبة الس نوية على الس يارات‪ ،‬الض ريبة على ال دخل‪ ،‬الض ريبة على الش ريكات‪،‬‬
‫الضريبة على القيمة المضافة وغيرها)‪ ،‬والبوابة الوطنية للش كايات "‪ ،"Chikaya‬ومنص ة "‪ "TELMIDTICE‬المخصص ة للتعليم عن بع د‪ ،‬وفي قطــاع العدالــة‪ ،‬الــذي طــوّ ر حلـوال‬
‫للمحاكمــات عــن بعد بواسطة التناظر المرئي‪ ،‬مما مكن المحاكم من القيام بمهامها الدستورية في ظل التدابير االحترازي ة ذات ص لة بحال ة الط وارئ الص حية‪ ،‬وغيره ا من االج راأت ال تي‬
‫تندرج في إطار الخدمات العمومية الرقمية‪.‬‬

‫هذا في الوقت الذي أبانت جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيدء‪ "19‬عن مجموعة من االختالالت البنيوية داخل إداراتنا العمومية‪ ،‬ودقت ناقوس الخطر من أجل التعجي ل بتحس ين مس توى‬
‫تعامالتها‪ ،‬والتحول السريع نحو كل ما هو رقمي‪ ،‬وتجاوز كل االختالالت التي تعاني منها‪.‬‬

‫وتكمن أهمية االدارة االلكترونية أو الرقمنة في كونها تعتبر لبنة من لبنات دعم وتقوية دولة الحق والقانون‪ ،‬وتعمل على المساهمة في تسريع تدبير وتصريف اإلج راء ات‪ ،‬لم ا ل ذلك من دور‬
‫في بناء ادارة فعالة‪ ،‬منتجة ومواطنة‪ ،‬وتساهم أيضا في دعم الولوج إلى الشفافية في المعلومة‪ ،‬إلى جانب نيل ثقة المرتفق وكذا المقاولة‪ ،‬األم ر ال ذي من ش أنه أن المس اهمة في تحس ين من اخ‬
‫األعمال‪ ،‬وبالتالي تقوية قدرات االقتصاد الوطني وخلق الثروة وتوفير فرص الشغل‪ ،‬وكذا الحفاظ وحماية صحة المواطنين مرتفقين وموظفين اداريين وتقنيين في لحظ ة األزم ات والك وارث‬
‫الطبيعية على غرار ما نمر به اليوم من أزمة صحية عالمية عجلت بفرض حالة طوارئ شاملة تعطلت معها الحركية والدينامية المجتمعية على عدة مستويات اقتصادية اجتماعية إدارية ‪...‬‬

‫وجدير باإلشارة هنا أننا ال نعني باإلدارة اإللكترونية كيانا إداريا جديدا يتم بموجبه االستغناء عن اإلدارة التقليدية‪ ،‬وإنما هو مالزم لها ويشكل طفرة نوعية نحو تطوير آلي ات وأس اليب اإلدارة‬
‫العمومية من أجل تقديم خدمات في متناول المرتفقين وبسرعة وبأقل تكلفة‪ ،‬ولن يتأتى هذا إال باإلعتماد على التكنولوجيات الحديثة الخاصة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬واقع تطبيق اإلدارة اإللكترونية (التحديات)‬

‫إن توظيف التكنولوجيا الحديثة في اإلدارات المغربية الزال يتسم بالضعف على مستوى الشبكة والمعدات وكذا على مستوى العنصر البشري الذي يع د المح رك األساس ي‪ ،‬وال تي تق ف كله ا‬
‫عائقا أمام لعب أدوارها في التنمية المستدامة والشاملة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬على مستوى الشبكة والمعدات‬

‫أوال‪ :‬ضعف الشبكة‬

‫يمكن أن نخلص بعضها في‪:‬‬

‫ـ أغلبية اإلدارات تتوفر على شبكة داخلية على الصعيد المركزي‪.‬‬

‫ـ أقل من ‪%20‬من الحواسب مرتبطة بالشبكة المعلوماتية‪.‬‬

‫ـ ضعف في مجال الربط اإللكتروني الخاص بين الوزارات وجميع اإلدارات والمؤسسات العمومية‪.‬‬

‫ـ غياب إطار قانوني يضمن سالمة المراسالت اإللكترونية ويحدد قواعد التوقيع اإللكتروني‪.‬‬

‫ـ قلة المواقع اإللكترونية للوزارات على األنترنيت‪.‬‬

‫ـ انعدام قانون حول األمن القانوني لالتصال اإللكتروني‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬ضعف المعدات والميزانية المرصودة‬

‫إن عصرنة العمل الداخلي لإلدارة وتبني مفهوم اإلدارة اإللكترونية يتطلب توفير ميزانية هامة في مجال تكنولوجيا المعلوميات واإلتصال‪ ،‬وهذا ما ال يتحق ق في إدارتن ا‪ ،‬حيث تخص ص ه ذه‬
‫األخيرة ميزانية جد ضعيفة لهذا القطاع‪ ،‬تقدر سنويا ب‪ 550‬مليون درهم فقط‪ .‬كما يقدر معدل المصاريف المخصصة لهذا المجال في ال وزارات بأق ل من ‪ %1‬من الميزاني ة اإلجمالي ة‪ .‬كم ا‬
‫أثبتت بعض الدراسات العامة التي أجريت من طرف بعض الجهات على أن‪:‬‬

‫ـ حوالي ‪ %35‬موظف مشتركين في حاسوب واحد‪.‬‬

‫ـ نسبة الموظفين الذين يمتلكون حاسوبا في اإلدارة تناهز ‪. %2،8‬‬


‫نهيك عن التباين الواضح والغير المنظم في التجهيزات بين اإلدارات‪ ،‬حيث أن بعض الوزارات (المالية‪ ،‬األشغال العمومية‪ ،‬الداخلي ة …) ق د تجه زت أك ثر من ال وزارات األخ رى وخاص ة‬
‫(وزارة التربية الوطنية والصحة العمومية‪ ،‬الجماعات المحلية) وبتعبير أخر فإن بعض هذه اإلدارات بقيت ضعيفة التجهيز عكس إدارات أخرى تجهزت بشكل واسع‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬على المستوى البشري‬

‫إن االستخدام األمثل للتكنولوجيا الحديثة المتطورة واإلستفادة القصوى من إمكانياتها‪ ،‬يتوقف بالدرج ة األولى على توف ير الق وة البش رية المؤهل ة والمدرب ة في ه ذا المج ال‪ .‬لكن الواق ع ي بين‬
‫وبجالء افتقار إدارتنا وبشدة لهذا النوع من القوى البشرية المؤهلة إلستخدام هذا المجال‪ ،‬وذلك راجع إلى العديد من اإلكراهات نذكر‪:‬‬

‫ـ قلة األطر المختصة في المجال المعلوماتي من مهندسين والتقنيين ـ تدني مستوى األجور المخصصة لهذه الفئة‬

‫ـ ضعف التكوين المستمر في المجال المعلوماتي‪ ،‬مما يساهم في تعثر تقديم الخدمات‪ ،‬كما تشهد تواجدا لكثرة الم وظفين مقاب ل قل ة الكف اءة مم ا يخل ق تض خما ي ؤثر س لبا على الس ير الع ادي‬
‫لإلدارات‬

‫ـ غياب أليات تتبع وتقييم التكوين المستمر للموظفين‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬آفاق تطبيق اإلدارة اإللكترونية‬

‫تتطلب العمل باإلدارة اإللكترونية إجراء تغيير استراتيجي في مكونات أنشطة اإلدارة‪ ،‬وهذا التغير يبدأ بكسر قواعد العمل التقليدي‪ ،‬وتج اوز المب ادئ القديم ة‪ .‬وفي غض ون ذل ك يجب إدراك‬
‫بالمبادئ الجديدة وقواعد العمل المنبثقة عن نموذج اإلدارة اإللكترونية وفهم متطلبات العمل اإللكتروني وذلك بضرورة انفتاح اإلدارة على محيطها من خالل اس تعمال تكنولوجي ا المعلومي ات‬
‫وكذا تنميتها وترشيدها‪ ،‬وتقليص الفجوة الرقمية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ضرورة انفتاح اإلدارة على محيطها وتأهيل العنصر البشري داخل اإلدارة‬

‫أوال‪ :‬ضرورة انفتاح اإلدارة على محيطها‬

‫إن تحسين عملية االستقبال تشكل إحدى الدعائم األساسية لبروز إدارة منفتحة في وجه مرتفقيها‪ ،‬ولعل تخصيص وسائل اإلتصال الغير المباشرة بين اإلدارة والمرتفق باإلعتم اد على التقني ات‬
‫الحديثة للتواصل واإلعالم‪ ،‬يضمن نجاعة أكثر وسرعة فائقة في أداء الخدمة وتجنيب المرتفق مشقة التنقل إلى عين المكان مع ما س يتبعه من ب ذل جه د وم ال إض افي وذل ك في أف ق تس هيل‬
‫اإلتصال بين اإلدارة والمرتفق‪ .‬األمر الذي يستوجب ضرورة تظافر الجهود للوقوف على أهم اآللي ات والميكنزم ات الض رورية ال تي تمكن من اإلس تخدام األمث ل له ذه التكنولوجي ا الحديث ة‪،‬‬
‫والبلوغ للهدف المنشود أال وهو تقريب اإلدارة من المواطن وتجسيد اإلدارة اإللكترونية‪ .‬األمر الذي يتطلب ضرورة تعبئة قوية للدولة‪ ،‬ووضع برنامج حكومي يأخذ من بين أولويته‪:‬‬

‫ـ معرفة نسبة التجهيزات المعلوماتية في اإلدارات العمومية‪ .‬ـ إلزامية وضع المعطيات األساسية مجانا على الخط‪ .‬ـ إلزامية تخص يص اإلعتم ادات الالزم ة لل وزارات في ميزانيته ا الس نوية‬
‫لالستثمار في هذا المجال‪ .‬ـ ربط أغلبية حواسب الوزارات باالنترنيت‪ .‬ـ دمقرطة استعمال األنترنيت بتحسين الوصول إلى المعلومة في شكلها الرقمي وبتوف ير انتش ار الش كايات على ص عيد‬
‫التراب الوطني‪ .‬ـ تطوير التجهيزات األساسية إليصال جميع الحواسب بالشبكة العالمية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تأهيل العنصر البشري داخل اإلدارة‬

‫رغم األهمية الكبيرة التي تشكلها عملية تزويد المكاتب واألقسام بأجهزة الكمبيوتر وربطها بشبكة األنترنيت‪ ،‬وتوفير كل البرامج والتقنيات الحديثة وفق آخ ر االبتك ارات‪ ،‬ف إن ض رورة ت وفر‬
‫اإلدارة على رأسمال بشري مؤهل في المجال الرقمي للعمل على المسائل التقنية يعد أبرز مطلب من أجل ضمان استدامة جودة الخدمة العمومية المقدمة للم رتفقين‪ .‬له ذا م ا ف تئت التوجه ات‬
‫الحكومية تؤكد على ضرورة العناية الالزمة للتكوين والتأهيل المستمر لألطر والموظفين ومراعاة الحاجيات الحقيقية للمرتفقين من خالل برمجة تكوينات في المعلوميات ب اإلدارات العمومي ة‬
‫والرفع من عدد الموظفين المعلوماتيين من خالل توظيفات جديدة تراعي الخصاص في هذا المجال‪ ،‬وتعمل على تشغيل البنيات اإلداري ة الجدي دة ال تي تم انش ائها بم وازاة ادخ ال التكنولوجي ا‬
‫الحديثة إلى اإلدارة‪.‬‬

‫وتشكل عملية تأهيل العنصر البشري من أجل إدارة الكترونية فعالة داخل اإلدارات‪ ،‬تدبيرا مهما في الوقت الحالي الرتباطه الوطيد مع السياسات الرقمية ال تي تنهجه ا الدول ة من أج ل ادم اج‬
‫االدارات العمومية في ركب التحوالت التكنولوجية والعلمية التي فرضت نفسها م ؤخرا‪ ،‬فتك وين وت دريب العناص ر البش رية ه و من األولوي ات ال تي يتم االش تغال عليه ا في أي مش روع أو‬
‫برنامج وطني لرقمنة أي مرفق عمومي؛ لهذا يجب التفكير جديا في احداث ساسة عمومية في مجال تأهيل الموظ ف معلوماتي ا بجمي ع اإلدارات العمومي ة ب المغرب‪ ،‬سياس ة تح دث تكوين ات‬
‫مستمرة للموظفين وليس لحظية‪ ،‬وتقديم تحفيزات لهم على العمل االلكتروني‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تقليص الفجوة الرقمية‬

‫تشكل الفجوة الرقمية أحد التحفيزات التي تواجه الجهود المبذولة من أجل تعميم الولج إلى خدمات االعالم واالتصال‪ ،‬وعائقا أمام تطور التدبير االلك تروني للخ دمات العمومي ة ال تي أص بحت‬
‫اليوم في حلة جديدة تعتم د على الوس ائل التكونولجي ة والعلمي ة وأض حت مرحل ة حاس مة في االنتق ال من االدارة التقليدي ة إلى الالدارة االلكتروني ة إلدارات وهيئ ات ومؤسس ات الدول ة على‬
‫المستوى المركزي والترابي‪ .‬ولبلوغ هذه الغاية يجب‪:‬‬

‫ـ تمكين مجموع السكان المغارب ة من الول وج إلى االن ترنت ذي الص بيب الع الي ج دا م ع ض مان خدم ة جي دة في ه ذا المج ال‪ ،‬وذل ك بتوف ير بني ة تحتي ة اقتص ادية تس تفيد من التكام ل بين‬
‫التكنولوجيات وتقاسُم البنيات التحتية بين المتعهدين‪ ،‬وكذا توفير بنيات تحتية في ملكية المؤسسات والمقاوالت العمومية‪ ،‬مع العمل على إشراك فاعلين جدد مثل الجماعات الترابية‪.‬‬

‫ـ إطالق مبادرة سنوية لدعم اقتناء لوحات الكترونية للربط باإلنترنت لفائدة التالميذ المنحدرين من أوساط معوزة وهشة‪ ،‬على غرار المبادرة الملكية "مليون محفظة"‪.‬‬

‫ـ تعزيز القراءة الرقمية‪ ،‬وتطوير المهارات الرقمية‪ ،‬وتحفيز االستخدامات الرقمية في صفوف الساكنة عن طريق اعداد برامج تتعلق بتطوير المهارات‪.‬‬

‫ـ تحديث الخدمات االدارية عن طريق رقمنة مختلف المساطر االدارية‪ ،‬وتعزيز التطبيقات أو النظم الرقمية الجديدة ذات التأثير القوي على مسار المرتفقين‪.‬‬

‫ـ وضع إطار تنظيمي متكامل ومناسب في مجال الرقمنة‪ ،‬ال سيما في ما يتعلق بالعمل عن بعد وحماية المعطيات‪.‬‬

‫ـ تحسين األمن السيبراني والسيادة الرقمية من أجل ارساء تحول رقمي مسؤول‪ ،‬وذلك بهدف تحقيق ثقة رقمية قوية‪ ،‬وموثوقة المعلومات‪ ،‬عبر تقوية اللجنة الوطنية لمراقبة حماي ة المعطي ات‬
‫ذات الطابع الشخصي‪ ،‬وتسريع وتيرة المالءمة مع المعايير الدولية‪ ،‬وتعميم التوقيع االلكتروني‪.‬‬

‫ـ تعبئة الفاعلين وتوحيد جهودهم‪ ،‬من خالل توضيح أمثل لدور وكالة التنمية الرقمية وتعزيز صالحياتها‪ ،‬مع تمكينها من الموارد البشرية والمالي ة الالزم ة إلنج از مهمته ا‪ .‬وك ذا العم ل على‬
‫إعداد المسؤولين في الوظائف العليا ومسيري المقاوالت والشركاء االجتماعيين للتحول الرقمي‪ ،‬والمتمثلة في قيم الثقة والشفافية واالنفتاح والتعاون والتضامن‪.‬‬
‫ــ العمل على انخراط الجامعات والقطاعات االقتصادية والصناعية‪ ،‬في مش اريع البحث والتط وير ذات الص لة ب التحول ال رقمي‪ ،‬به دف خل ق منظوم ات مالئم ة لتط وير المق اوالت الناش ئة‬
‫والصناعة الرقمية‪ ،‬سواء في ما يتعلق بالبنيات التحتية والتجهيزات‪ ،‬أو بإيجاد حلول في مجال البرمجيات والتطبيقات‪.‬‬

‫وختاما‪ ،‬فإننا اليوم وأمام هذه الثورة الرقمية التي يش هدها الع الم وم ا له ا من ت أثيرات على اإلدارة العمومي ة‪ ،‬أص بح الوض ع يف رض العم ل على ب رامج ومش اريع مهيكل ة ومح ددة بق وانين‬
‫وبأجندات مضبوطة لتطوير األداء اإلداري‪ .‬وقد باشرت الوزارة الوصية على القطاع اإلدارة مؤخرا وبتنسيق مع القطاعات المعنية عملي ة التح ول الت دريجي لإلدارة العمومي ة نح و الرقمن ة‬
‫لتحسين جودة الخدمات العمومية المقدمة للمرتفقين وتكريس الثقة المتبادلة بين اإلدارة والمرتفق‪ ،‬من خالل تبسيط لمساطر واإلجراء ات اإلدارية‪ ،‬وحث ك ل قط اع وزاري على ض رورة أن‬
‫يضع ضمن توجهاته العامة وبرامجه ادماج البعد الرقمي من أجل إدارة الكترونية تقدم خدمات جيدة‪.‬‬

‫األمن المائي والغذائي وتأثيره على االقتصاد‬

‫في خضم التحوالت المتسارعة التي شهدها العالم منذ مطلع األلفية الثالثة‪ ،‬خصوصا منها السياسية والعسكرية والمناخية‪ ،‬وجدت الدول والحكومات نفسها في مواجهة تحدي الحفاظ على أمنها‬
‫المائي والغذائي‪ ،‬إذ أنه الضامن األساس ألمنها القومي‪ ،‬خصوصا في عالم رأسمالي تطغى عليه الفردانية والمصالح الخاصة لكل دولة‪.‬‬

‫وبما أن المغرب جزء ال يتجزأ من هذا العالم‪ ،‬فقد دفعته األزمات المتوالية التي شهدها العالم يشهد المغرب وموقعه الجغرافي واألوضاع المناخية المتباينة‪ ،‬وتفاوت التس اقطات المطري ة على‬
‫أراضيه وارتفاع درجات الحرارة‪ ،‬إلى إعادة النظر في مسألة السيادة الداخلية‪ ،‬وفي ظل كل هذه التحديات بات من الصعب على أي دول ة مهم ا غرته ا فك رة اكتفائه ا ال ذاتي أن ت ؤمن أمنه ا‬
‫المائي والغذائي بمعزل عن الدول األخرى‪ ،‬أي أنه وجب في هذا الصدد البحث عن تحالفات إلحداث توازنات على عدة مستويات بما فيها الماء والغذاء‪.‬‬

‫فالماء وحدة طبيعية وعنصر حيوي ومهم في كافة القطاعات اإلنتاجية‪ ،‬وعليه فإن الموارد المائية تطرح نفسها بإلحاح‪ ،‬ذاك أن المغرب يمر بمرحلة جفاف صعبة وهي األك ثر ح دة من أك ثر‬
‫من ثالثة عقود‪ .‬ويعول المغرب بشكل جد قوي على "المخطط الوطني للماء"‪ ،‬الذي يرمي إلى التخفيف من حدة تفاقم مشكل ندرة المي اه‪ ،‬خاص ة وأن ع دة مؤش رات تحي ل إلى اس تفحال ه ذه‬
‫الندرة مستقبال بشكل قوي‪ ،‬كما يستهدف هذا المخطط ضمان األمن المائي للمغرب في أفق ‪.2030‬‬

‫كما يعرف القطاع الزراعي مؤخرا تضررا جليا بسبب الجفاف‪ ،‬حيث تراجعت المحاصيل الزراعية بشكل بارز كما انخفض االقبال على االشتغال في هذا المجال‪ ،‬وتراجع مستوى النم و في ه‬
‫ليبلغ ‪ ٪0.8‬بحسب آخر إحصائيات للبنك المركزي‪ ،‬مما بات يشكل تهديد حقيقي لألمن الغذائي بالمغرب الذي س ينعكس س لبا على الوض ع االقتص ادي ال داخلي‪ .‬وبفض ل السياس ة االس تباقية‬
‫لصاحب الجاللة الملك محمد السادس‪ ،‬تمكن المغرب من وضع مجموعة من االستراتيجيات الفالحي ة جدي دة يه دف من وراءه ا إلى ض مان ت وافر الم واد الغذائي ة‪ ،‬وتعزي ز التنمي ة الفالحي ة‬
‫والقروية المستدامة‪ ،‬وإعطاء األولوية لحماية الموارد الطبيعية والتكيف مع التغيرات المناخية‪ ،‬كاإلستراتيجية "الجيل األخضر ‪2020‬ـ‪"2030‬‬

‫وهكذا تمثل قضية المياه والغذاء أولوية بالغة األهمية لجميع األمم والمنظمات والهيئات الحكومية والعالمية لضمان األمن القومي والسيادي للدول والبشرية جمعاء‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الوضع المائي والغذائي (التحديات)‬

‫فالمغرب اليوم يعد من بين أكثر البلدان تأثرا في العالم باإلجهاد المائي‪ ،‬إذ انخفضت بين عامي ‪ 1960‬و‪ 2020‬الم وارد المائي ة المتج ددة المتاح ة من ‪ 2500‬م ترا مكعب ا إلى ح والي ‪600‬‬
‫مترا مكعبا للفرد سنويا مما أدى بالبالد إلى حالة من "اإلجهاد المائي الهيكلي"‪ .‬مما يعد ضعف التساقطات وعدم انتظامها زمنيا ومكانيا أه ّم إكراه يواجهه المغ رب‪ ،‬ل ذا فق د ارتك زت السياس ة‬
‫المائية للدولة بعد االستقالل على دعامتين أساسيتين‪ :‬أوال تدبير العرض عن طريق إنشاء السدود وشبكات التوزيع لتسهيل الول وج للس اكنة والفالحين والمنش آت الص ناعية والس ياحية‪ .‬وثاني ا‬
‫تمثلت في تراج ع الطاق ة االس تيعابية للس دود بس بب ت راكم األوح ال‪،‬‬‫تطوير شبكات الصرف الصحي في الوسط الحضري‪ .‬إال أن النمو الديموغرافي والتغيُّر المناخي أضافا تح ديات جدي دة ّ‬
‫ش المائية بالنضوب‪ ،‬ال سيما القط اع الفالحي ال ذي يس تهلك ح والي ‪ 70‬بالمائ ة من‬ ‫استغالل مفرط أضحى يهدد عددا من الفُرَ ِ‬
‫ٍ‬ ‫إضافة لتناقص األمطار وازدياد وتيرة الفيضانات‪ ،‬بالتزامن مع‬
‫المخزون المائي‪.‬‬

‫ناهيك عن تردي جودة المياه الجوفية والسطحية بسبب التلوث‪ ،‬الذي لم تتخذ فيه الدولة نهجا واضحا يتم من خالله إشراك جميع القطاع ات المس ؤولة عن تفاقم ه لوق ف ه ذا ال نزيف‪ ،‬كم ا أن‬
‫المؤسسات المعنية بتثمين الموارد المائية المعبأة‪ ،‬لم ُت فلح في هذا المضمار خاصة في الميدان الفالحي‪ ،‬فضال عن الضعف الذي عرفه تطوير التطهير والتعامل م ع النفاي ات المنزلي ة‪ ،‬بي د أن‬
‫كامل لوسائل االستعمال المق َّنن لألسمدة والمبيدات الكيماوية ببالدنا‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫العديد من دول العالم أحرزت تقدما كبيرا في هذا المجال للحفاظ على ثرواتها المائية‪ ،‬في حين أننا نشهد غيابا شبه‬

‫باإلضافة إلى الصعوبات في تعميم الماء الصالح للشرب والتطهير على الخصوص للساكنة القروية‪ ،‬وضياع كميات كب يرة من المي اه بس بب تس ربات في ش بكات الم اء الش روب‪ ،‬ناهي ك عن‬
‫غياب أجرأة القوانين المتعلقة باألمن المائي‪.‬‬

‫وبالمقابل يعيش عدد من المناطق الفالحية في المغرب ندرة في المياه بسبب قل ة التس اقطات المطري ة وت والي س نوات الجف اف‪ ،‬وارتف اع ع دد الس كان واالس تهالك المف رط للغ ذاء والم وارد‬
‫الطبيعية‪ ،‬الشيء الذي سينعكس بشكل كبير على الفالحة والقطاع النباتي والحيواني على وجه الخصوص خاصة تربية الماشية التي ترعى في الجبال والسهول واألوساط الرعوي ة‪ ،‬مم ا ي أثر‬
‫سلبا على االقتصاد الوطني‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أزمة الماء والغذاء وتأتيره على االقتصاد الوطني والرهان األمن المائي والغذائي‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أزمة الماء والغذاء وتأتيره على االقتصاد الوطني‬

‫ال شك في أن تع ّرض البالد ألزمة شح المياه قد أثر سلبا ً في النواحي االقتصادية داخل المغرب‪ ،‬وكان أول القطاعات التي مُنيت بالخسائر‪ ،‬هو القطاع الزراعي ال ذي يس هم بنس بة ‪ %14‬من‬
‫الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬إذ اضطرت الحكومة إلى تخفيض الدعم ال ذي تقدم ه إلى بعض أص حاب الحق ول ال تي تق وم بزراع ة المحاص يل األك ثر اس تهالكا ً للمي اه كم زارعي البطيخ األحم ر‬
‫وأشجار األفوكادو والحوامض‪.‬‬

‫وتلعب الزراعة دوراً رئيسيا ً في استيعاب الطاقة العاملة في المغرب‪ ،‬إذ تسهم بنسبة ‪ %38‬من إجمالي القوى العاملة في عموم البالد‪ ،‬أما في المناطق الزراعية كالقرى فإنها توفر نحو ثالث ة‬
‫أرباع فرص العمل‪ ،‬وقد تسببت هذه األزمة في فقدان العديد من المواطنين لعملهم‪ ،‬إذ فقد قطاع الزراعة والغابات والصيد أك ثر من ‪ 200‬أل ف فرص ة عم ل خالل ربي ع الع ام ‪ 2020‬وذل ك‬
‫بحسب مذكرة المندوبية السامية للتخطيط‪.‬‬

‫وبالرغم من جهود السلطات المغربية لتقليل اعتماد البالد واقتصادها على الزراعة‪ ،‬والدفع بعجلة الصناعة‪ ،‬إال أن قطاع الزراعة ال يزال هو المهيمن‪ ،‬وبالتالي ف إن أي ض رر يص يبه بس بب‬
‫نقص المياه يؤثر بعمق في سائر نواحي البالد‪ ،‬وربما الناجي الوحيد من تلك اآلثار هو قطاع السياحة‪ ،‬وإن كانت تبعات فيروس كورونا والحرب الروسية األوكرانية قد أصابته بأشد الضرر‪.‬‬

‫وقد تأثر اإلنتاج الزراعي عام ‪ 2022‬بشكل ملحوظ‪ ،‬مما حازت مشتريات القمح على نحو ثلث فاتورة استيراد السلع الغذائية‪ ،‬ما أدى إلى زي ادة العج ز في الم يزان التج اري‪ ،‬باإلض افة إلى‬
‫انخفاض قيمة العملة المحلية‪.‬‬

‫وتسبب التدهور الذي لحق بقطاع الفالحة في أضرار بالغة بسائر القطاعات التي تعتمد على المحاصيل الزراعية‪ ،‬فقد ت أثرت تربي ة المواش ي وال دواجن واألغن ام بش دة‪ ،‬وألقى األم ر بأعب اء‬
‫إضافية على الحكومة لتوفير العملة الصعبة من أجل مزيد من استيراد األعالف الالزمة لتربية الحيوانات‪ ،‬كما تأثر قطاع الص ناعة بس بب افتق اره للم واد الخ ام ال تي ك انت تت وفر محلي ا ً في‬
‫العادة‪.‬‬
‫وبالتالي أصبح االقتصاد المغربي قابعا ً بين نارين‪ ،‬فمن جهة هو مهدد بسبب تبعات جفاف ال يرحم‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬ال يتوقف التضخم عن االرتفاع بالشكل الذي ي ؤدي إلى عج ز الم واطن‬
‫عن شراء ما يحتاجه من السلع الغذائية أو سداد فواتيره الشهرية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬رهان األمن المائي والغذائي‬

‫أوال‪ :‬رهان تحقيق األمن المائي‬

‫إن ضرورات التنمية تفرض بإلحاح حكامة مائية تستجيب‪ ،‬بشكل مستدام‪ ،‬للحاجيات المتزايدة للساكنة من جهة ولمتطلبات القطاعات اإلنتاجية من جهة أخرى‪ .‬ل ذا ف إن الحاج َة ملح ٌة للت دخل‬
‫بشكل عاجل وف ّع ال ومعقلن من أجل ضمان األمن المائي في البالد‪ ،‬خاصة أن ندرة الموارد المائية في المغرب أصبحت أمرا واقعا ال يمكن تفاديه‪ ،‬بل إنها ستتفاقم إذا لم ُت ّتخذ التدابير الالزمة‬
‫أو إذا كانت اإلصالحات المعلنة بطيئة التنفيذ‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬يشكل تسريع إنجاز برنامج السدود الكبرى والصغرى رهانا حقيقا للمغرب لتحقيق األمن الم ائي والغ ذائي‪ ،‬حيث يطمح المغ رب في إط ار البرن امج الوط ني للتزوي د بالم اء‬
‫الشروب ومياه السقي ‪2020‬ـ‪ 2027‬إلى رفع الطاقة التخزينية من المياه الصالحة للسقي إلى ‪ 24‬مليار متر مكعب في أف ق س نة ‪ ،2030‬طبق ا للتوجيه ات الملكي ة‪ ،‬ورف ع الطاق ة التخزيني ة‬
‫للمياه العادمة المعالجة إلى مليار متر مكعب سنويا عبر توسيع برنامج استغالل المياه العادمة المعالجة في سقي المساحات الخضراء‪ ،‬وكذا تحس ين مردودي ة ش بكات التوزي ع وتس ريع وت يرة‬
‫إنجاز محطات تحلية مياه البحر بكل من الدار البيضاء‪ ،‬آسفي‪ ،‬الجديدة‪ ،‬والناظور‪ ،‬لالنتقال من تسعة محطات حاليا إلى ‪ 20‬محطة في أفق ‪ ،2027‬باإلضافة إلى اإلس راع في إنج از الش طر‬
‫االستعجالي لمشروع الربط بين حوضي سبو وأبي رقراق وأم الربيع باإلضافة إلى استمرار إنجاز مشاريع جديدة لتأمين التزويد بالماء الصالح للشرب بالعالم القروي‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬تفاعلت الحكومة مع حاالت الطوارئ المائية‪ ،‬وسنت مجموعة من التدابير للترشيد استعمال الماء تجلت في‪:‬‬

‫ـ وضع قيود على استعمال مياه الري وتدفق المياه للمستهلكين‬

‫ـ منع تنظيف الشوارع واألزقة واألماكن العمومية بمياه الشرب‬

‫ـ منع تنظيف وغسل السيارات واآلالت‬

‫ـ منع ملء المسابح العمومية والخاصة أكثر من مرة في السنة‪ ،‬إلى جانب تقليص صرف المياه‪.‬‬

‫ـ قطع الماء ليال ببعض المؤسسات واإلدارات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬رهان تحقيق األمن الغذائي‬

‫تماشيا مع أجندة ‪ ،2030‬أطلقت المملكة استراتيجية فالحية جديدة‪ ،‬وهي (الجيل األخضر ‪2020‬ـ‪ )2030‬التي تتماشى مع النموذج التنموي الجديد للمملكة‪ ،‬تشكل أولوية لبلدنا لصمود ووفرة‬
‫الغذاء وتعزيز التنمية المستدامة للفالحة‪ ،‬لتحقيق السيادة واألمن الغذائي‪.‬‬

‫تعطي هذه االستراتيجية أهمية كبيرة لمجاالت البحث واالبتكار والتحول الرقمي للفالحة‪ ،‬والتنوع البيولوجي‪ ،‬والفالحة التضامنية‪ .‬كما تهدف هذه االس تراتيجية ال تي وض عتها وزارة الفالح ة‬
‫تحسين النجاعة المائية عبر مواصلة برامج الري والتهيئة الفالحية‪ ،‬وتعبئة الموارد المائية غير التقليدي ة‪ ،‬وتش جيع اس تخدام الطاق ات المتج ددة في القط اع الفالحي‪ ،‬ومواص لة ب رامج غ رس‬
‫األشجار بما في ذلك األصناف األكثر مالئمة للمناطق القاحلة وتنمية الزراعة البيولوجية‪ ،‬مع تعزيز ونشر التقنيات المحافظة على التربة ومواصلة برنامج التأمين الفالحي‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بالخطوات التي يجب اتباعها في الزراعة المستدامة لتحقيق األمن الغذائي؛ تتجلى في الحفاظ على األنواع البيئية غ ير الض ارة‪ ،‬وحس ن إدارة مص ادر المي اه واس تهالكها وحس ن‬
‫استغالل األراضي الزراعية‪ ،‬والحفاظ على األرض وجودة التربة‪ ،‬ورفع كمية وجودة اإلنتاج ال زراعي‪ ،‬وتك وين الفالحين وتلقينهم معلوم ات وتقني ات جي دة عن أهمي ة الزراع ة المس تدامة‪،‬‬
‫واالنفتاح على التجارب والتقنيات العالمية‪ ،‬وهذه األخيرة ستساعد على ضمان زراعة مس تدامة والحف اظ في ال وقت نفس ه على الم وارد المائي ة لألجي ال المقبل ة‪ .‬ودون أن ننس ى التوج ه إلى‬
‫الزراعة البيولوجية أو الصديقة للبيئة‪ ،‬من أهميتها عدم استهالك كميات كبيرة من الماء‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ضرورة تغيير طريقة الري‪ ،‬وذلك باالعتماد على السقي بالتنقيط من أجل تجاوز هذه الوضعية الحرجة والمقلقة التي يعيشها المغرب بسبب ندرة المياه‪.‬‬

‫وتجنب الزراعات التي تستهلك كميات كبيرة من الماء كفاكهة الدالح "البطيخ األحمر" الذي يشكل خطرا على الفرشة المائية حسب تأكيد المزارعين والتقنيين‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬أعلنت وزارة الفالحة والتنمية القروية خالل ه ذا الموس م ال زراعي إلى االنفت اح على زراع ات جدي دة ذات قيم ة مض افة كب يرة وغ ير مس تنزفة للمي اه‪ ،‬كأش جار الخ روب‬
‫والزيتون واألرغان والصبار واللوز‪ ،‬وأيضا تطوير واستعمال أصناف نباتية محسنة جينيا مقاومة للجفاف‪ ،‬خصوصا الخاصة بالحبوب واألعالف وحب وب الكين وا‪ .‬من أج ل تحقي ق االكتف اء‬
‫الذاتي واستغالل الموسم الزراعي اقتصاديا والمحافظة على عمل الطبقة الشغيلة‪.‬‬

‫وختاما‪ ،‬فمن أجل تحقيق األمن المائي والغذائي ب المغرب وجب تب ني نهج التكام ل بين الم اء والغ ذاء والطاق ة من خالل سياس ات عمومي ة مندمج ة وأك ثر اس تباقية‪ ،‬تعتم د على تعتم د على‬
‫االبتكارات التكنولوجية والرقمية في مجال ترشيد استعمال الماء‪ ،‬خاصة في الزراعة؛ وخلق فضاء للنقاش العلمي والتخطيط والتفكير الجم اعي بين الخ براء المغارب ة وال دوليين في مج االت‬
‫الماء والغذاء والطاقة‪.‬‬
‫أسباب الركود االقتصادي العالمي وتداعياتها على المغرب‬

‫فبعد بدء التعافي من آثار الركود الناجم عن األزمة الصحية كوفيد‪ ، 19‬تعرض االقتصاد المغربي لضغوط متزايدة بسبب تداخل صدمات سالسل اإلمداد‪ :‬موجة جفاف شديدة وحرب األكراني ة‬
‫الروسية التي ُتر ِجمَت أعباؤها إلى ارتفاع في بأسعار السلع األساسية كالطاق ة والغ ذاء‪ ،‬فض الً عن زي ادة هائل ة في أس عار الس لع أدت إلى زي ادة كب يرة في مع دالت التض خم‪ ،‬ولج وء البن ك‬
‫المركزية إلى رفع مستويات الفائدة‪ ،‬ما انعكس على ارتفاعا ً في معدالت الديون وانهيار أسواق األسهم‪ .‬مما أسفرت عن تباطؤ آفاق نمو االقتصاد العالمي وتبعياتها باإلقتصاد المغربي‪.‬‬

‫فإذا كان الزخم اإلصالحي الذي تم إرساؤه في الماضي قد مكن إلى حد ما‪ ،‬من تحسين قدرة االقتصاد الوطني على الصمود أمام الص دمات الخارجي ة‪ ،‬فمن المؤك د أن َتع اقب أزم ات متتالي ة‬
‫وقوية‪ ،‬قد أثر بشكل ملحوظ على االقتصاد الوطني‪ ،‬مما يفرض بذل جهود إضافية من أجل ترسيخ جيل جديد من اإلصالحات تجم ع بين االستش راف والبن اء المش ترك والمقارب ة المندمج ة‪،‬‬
‫بغية إرساء أسس اقتصاد متنوع وتنافسي وقادر على الصمود على نحو مستدام‪.‬‬

‫ماهي التحديات الرئيسية التي تواجه االقتصاد الوطني والرهانات الكبرى؟‬

‫المطلب األول‪ :‬مظاهر األزمة الحالية على االقتصاد الوطني المغربي‬

‫على مستوى الغذائي‪:‬‬

‫انخفاض حاد في محاصيل الحبوب يتزامن مع الضغط الذي تمر به أس واق الغ ذاء العالمي ة بس بب‬
‫ٍ‬ ‫أصبحت المخاطر المناخية واضحة بشكل متزايد في المغرب‪ ،‬إذ يتسبب الجفاف الحالي في‬
‫الحرب في أوكرانيا‪ ،‬مما يشكل تحديا ً كبيراً لألمن الغذائي وزيادة في العجز الميزان التجاري وانخفاض قيمة العملة المحلية‪ .‬باإلضافة إلى ذلك وبسبب التدهور الذي لحق بقطاع الفالحة‪ ،‬فق د‬
‫تأثرت تربية المواشي والدواجن واألغنام بشدة‪ ،‬وألقى األمر بأعباء إضافية على الحكومة لتوفير العملة الصعبة من أجل مزيد من استيراد األعالف الالزمة لتربية الحيوانات‪.‬‬

‫على مستوى المائي‪:‬‬

‫يعد ضعف التساقطات وعدم انتظامها زمنيا ومكانيا أه ّم إكراه يواجهه المغرب‪ .‬فالنمو الديموغرافي والتغيُّر المناخي أضافا تحديات جديدة ّ‬
‫تمثلت في تراجع الطاق ة االس تيعابية للس دود بس بب‬
‫استغالل مفرط أضحى يهدد عددا من الفُرَ ِ‬
‫ش المائية بالنضوب‪ ،‬ال سيما القط اع الفالحي ال ذي يس تهلك ح والي‬ ‫ٍ‬ ‫تراكم األوحال‪ ،‬إضافة لتناقص األمطار وازدياد وتيرة الفيضانات‪ ،‬بالتزامن مع‬
‫‪ 70‬بالمائة من المخزون المائي‪.‬‬

‫ناهيك عن تردي جودة المياه الجوفية والسطحية بسبب التلوث‪ ،‬الذي لم تتخذ فيه الدولة نهجا واضحا يتم من خالله إشراك جميع القطاع ات المس ؤولة عن تفاقم ه لوق ف ه ذا ال نزيف‪ ،‬كم ا أن‬
‫المؤسسات المعنية بتثمين الموارد المائية المعبأة‪ ،‬لم ُت فلح في هذا المضمار خاصة في الميدان الفالحي‪ ،‬فضال عن الضعف الذي عرفه تطوير التطهير والتعامل مع النفايات المنزلية‪.‬‬

‫باإلضافة إلى الصعوبات في تعميم الماء الصالح للشرب والتطهير على الخصوص للساكنة القروية‪ ،‬وضياع كميات كب يرة من المي اه بس بب تس ربات في ش بكات الم اء الش روب‪ ،‬ناهي ك عن‬
‫غياب أجرأة القوانين المتعلقة باألمن المائي‪.‬‬

‫ارتفاع معدل التضخم‪:‬‬

‫هناك ستة سباب وراء ارتفاع معدل التضخم وهي‪ :‬ارتفاع كتلة النقد‪ ،‬التضخم المستورد‪ ،‬ارتفاع كلفة اإلنت اج وأث ر الع رض والطلب على الخ دمات والس لع المت وفرة في الس وق‪ ،‬إض افة إلى‬
‫األسباب الهيكلية والمنافسة غير المكتملة‪ ،‬واألثر النفسي الذي يقصد به أن األفراد يُفضلون في فترات األزمات تخزين السلع‪ ،‬كما يعني أيضا ً تخفيض خطط االستثمار من طرف الشركات في‬
‫ظل غياب الرؤية وعدم اليقين‪.‬‬

‫إال أن هناك تأكيداً بالبنط العريض على كون "األزمة أوكرانيا الروسية" أحد أكبر المسببات الرتفاع نسبة التضخم‪ ،‬على اعتب ار أن المغ رب يس تورد ك ل حاجيات ه الطاقي ة والم واد البترولي ة‬
‫ومشتقات الزيوت‪ ،‬والمواد الغذائية المتمثلة في الحبوب‪.‬‬

‫هذا ووجب اإلشارة إلى موضوع الوسطاء باعتبارهم لهم نصيب في ارتفاع األسعار‪ ،‬خاصة المواد الفالحية‪ .‬والوسطاء هم أشخاص يمارسون المضاربة في السوق‪ ،‬باقتناء المنتج ات وإع ادة‬
‫بيعها‪ ،‬ما يجعل أسعارها ترتفع بشكل كبير قبل الوصول إلى المستهلك مقارنة بالسعر الذي ُتباع به من طرف الفالح‪.‬‬

‫ويكسب الوسطاء عائدات مالية كبيرة من عملية المضاربة‪ ،‬بينما ال تستفيد الدولة من أي عائدات ضريبية من عملهم‪ ،‬وفي المقابل يُضرّ ون بالفالحين‪ ،‬وبالمستهلكين‪ .‬ويتش كل ل وبي الوس طاء‬
‫من التجار الذين يقومون بتجميع المنتجات من عند الفالحين‪ ،‬والسماسرة‪ ،‬وتجار الجملة‪ ،‬وتجار نصف الجملة‪ ،‬وهيئات التخ زين الب ارد‪ ،‬والمؤسس ات التعاوني ة‪ ،‬وتج ار التقس يط‪ ،‬والفض اأت‬
‫التجارية الكبرى… وينعكس الحضور القوي لهؤالء بشكل سلبي جليّ على المنتج والمستهلك على حد سواء‪ ،‬خاصة بالنسبة للفواكه والخضروات‪ ،‬حينما ال تواكبها مراقبة ص ارمة ومس تمرة‬
‫ومكثفة بالقدر الكافي‪.‬‬

‫وقبل عام ‪ 2021‬كان التضخم في أدنى مستوياته في المغرب‪ ،‬حيث كان ال يتجاوز سقف ‪ 2‬في المائة‪ ،‬لكن عقب األزمة الصحية المرتبطة بجائحة كورونا والتوترات الجيوسياسية في البح ر‬
‫األحمر ارتفعت األسعار بشكل كبير حتى وصلت إلى مستويات غير مسبوقة‪ .‬أما في العام الماضي بلغ معدل التضخم في المغرب ‪ 6.6‬في المائة‪ ،‬نتيجة ارتفاع أس عار الم واد الغذائي ة بنس بة‬
‫‪ 11‬في المائة‪ ،‬والمحروقات بنسبة ‪ 42.3‬في المائة‪ .‬في حين بلغ نسبة التضخم بالمغرب تبلغ ‪ 8.9‬في المائة لهذه السنة‪.‬‬

‫وفي ظل االرتفاعات الكبيرة لنسبة التضخم تأثرت القدرة الشرائية بشكل ملحوظ وال تزال األسر المعيشية المتواضعة واألكثر احتياجا تعاني أشد المعاناة من آثار ارتفاع أسعار المواد الغذائية‬
‫وغيرها من األسعار بسبب التضخم‪ ،‬إلى جانب انخفاض مستوى النمو االقتصادي الوطني‪.‬‬

‫ارتفاع الدين العمومي‪:‬‬

‫كما يظهر في مجموعة من األرقام والمؤشرات على أن المغرب خالل سنة ‪ 2022‬وصلت نسبة المديونية إلى ‪ %32‬من الناتج الوط ني االجم الي‪ ،‬ويتنب أ خالل ع ام ‪ 2023‬و‪ 2024‬أرق ام‬
‫مهولة وعالية جدا من الدين العمومي الراجعة لألزمات الحالية‪ ،‬بسبب الدعم التي تقوم به الدولة لمواجهتها‪ ،‬من خالل دعم صندوق المقاصة وال برامج االجتماعي ة واالقتص ادية‪ ،‬ال تي تتطلب‬
‫تمويالت جد مهمة ومكلفة‪ ،‬والتي في الغالب توفرها الدولة عن طريق اللجوء إلى القروض من صندوق النقد الدولي‪ ،‬وهو ما يزيد من ارتفاع ومن نسبة الدين العمومي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التدابير المتخذة لتخفيف من تداعيات األزمة‬


‫على مستوى االجتماعي واالقتصادي‪:‬‬

‫لتجاوز األزمة ودعم القدرة الشرائية للمواطنين أمام االرتفاع الكبير في األسعار‪ ،‬خاصة المحروقات وما تالها من زيادة أسعار المواد الغذائية‪ ،‬اخذت الحكومة عددا من التدابير من بينها‪:‬‬

‫ـ تخصيص ‪ 15‬مليار درهم إضافية لدعم صندوق المقاصة (صندوق الدعم االجتماعي)‬

‫ـ دعم مهنيي النقل البري لمواجهة االرتفاع غير المسبوق في أسعار المحروقات (حوالي ‪ 9000‬درهم شهريا)‪ ،‬وهو الدعم الذي ما زال صرفه مستمرا‪.‬‬

‫ـ منح دعم مالي مباشر للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب لتفادي ارتفاع فواتير الماء والكهرباء‪.‬‬

‫وللتخفيف من بطالة الشباب‪ ،‬أطلقت الحكومة برامج تشغيل‪ ،‬منها برنامج "أوراش" بميزانية تقدر بـ ‪ 2.25‬مليار درهم‪ ،‬بهدف توفير ‪ 250‬ألف فرصة عمل أغلبها مؤقتة‪ ،‬وبرنامج "فرص ة"‬
‫ويهدف إلى دعم ومواكبة ‪ 10‬آالف من حاملي المشاريع في جميع قطاعات االقتصاد‪ ،‬بميزانية تصل إلى ‪ 1.25‬مليار درهم‪.‬‬

‫كما تم اإلعالن عن رفع الحد األدنى لألجور في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة بنسبة ‪ ،%5‬وبنسبة ‪ %10‬في القطاع الزراعي‪.‬‬

‫ولمواجهة تداعيات موجة الجفاف القاسية التي عاشتها البالد هذا الموس م‪ ،‬وض عت الحكوم ة برنامج ا اس تثنائيا للح د من آث ار الجف اف بقيم ة ‪ 10‬ملي ارات درهم يتض من إع ادة هيكل ة دي ون‬
‫المزارعين‪ ،‬ودعم األنشطة الزراعية المتضررة‪.‬‬

‫كما لجأت الحكومة المغربية إلى االستراد رؤوس األبقار من إسبانيا وسويسرا وهولندا ثم البرازيل م ع االعف اء من الرس وم الجمركي ة وتعلي ق الض ريبة على القيم ة المض افة لتوف ير اللح وم‬
‫وخفض أسعارها إلعادة التوازن لسلسة اللحوم الحمراء‪ ،‬ولتجاوز االختالل الحاصل على مستوى حجم القطيع الحيواني‪ ،‬وتزويد السوق الداخلية من احتياجياتها من الحوم الحمراء‪.‬‬

‫إلى جانب ذلك‪ ،‬اضطرت الدولة إلى تخفيض الدعم الذي تقدمه إلى بعض أصحاب الحقول التي تقوم بزراعة المحاصيل األكثر استهالكا ً للمي اه كم زارعي البطيخ األحم ر وأش جار األفوك ادو‬
‫والحوامض‪ .‬وحظر صادرات بعض أنواع الخضروات لتأمين احتياجات السوق الوطنية‪ ،‬منها "البطاطس والبصل والطم اطم" ع بر مع بر "الكرك رات"‪ ،‬أك بر نقط ة حدودي ة بري ة من حيث‬
‫النشاط التجاري تجاه غرب أفريقيا‪.‬‬

‫على مستوى المالي‪:‬‬

‫قرر البنك المركزي المركزي رفع سعر الفائدة مرتين‪ ،‬األولى في سبتمبر والثانية في ديسمبر سنة ‪ 2022‬ليصل إلى ‪ ،%2.5‬وهو إجراء يأتي في سياق دولي موسوم بارتفاع نسب التض خم‬
‫واستمرار ارتفاع األسعار‪.‬‬

‫واتخاذ البنك المركزي لهذا القرار له وقعا إيجابيا ومفيدا‪ ،‬حيث سيمكن المملكة المغربية في انضباطها لإليقاع المالي واالقتصادي الدولي‪ ،‬وهذا يؤهلها لحصد مجموع ة من االمتي ازات‪ ،‬مث ل‬
‫تلك التي تم اإلعالن عنها مؤخرا بالحصول على خط ائتماني م رن للمغ رب بقيم ة ‪ 5‬ملي ارات دوالر‪ ،‬والخ روج من الالئح ة الرمادي ة والحص ول على المس اعدات وال دعم الم الي في ح ال‬
‫حصول أزمة اقتصادية بالبالد‪.‬‬

‫أما سلبيات القرار‪ ،‬فجلها تنصب على المستوى الداخلي‪ ،‬إذ ستضرر عدد من القطاعات بسبب حدوث انكماش اقتصادي‪ ،‬خاصة قطاعات العق ارات والخ دمات ولجوئه ا لالق تراض‪ ،‬وه و م ا‬
‫سيعمق مشاكلها ويزيد من صعوباتها‪ .‬وستكون الشركات المتوسطة والصغرى أكثر المتضررين من هذا القرار‪ ،‬وتشكل هذه الش ركات ج زأ مهم ا من النس يج االقتص ادي المغ ربي‪ ،‬إذ تمث ل‬
‫‪ %93‬من بنية الشركات بالمغرب‪ ،‬حسب دراسة للمندوبية السامية للتخطيط‪ ،‬وتوفر نحو ‪ %74‬من فرص العمل‪ .‬مما سترتب عواقب اجتماعية وخيمة‪ ،‬مثل ارتفاع البطال ة وتس ريح العم ال‬
‫وانخفاض القدرة الشرائية‪ ،‬مما سننتقل من أزمة اقتصادية إلى أزمة اجتماعية‪.‬‬

‫وختاما‪ ،‬تبقى هذه اإليراء ات والتدابير المتخذة من الحكومة مهمة وضرورية لتخفيف وطء األسعار على عموم المواطنين خصوصا الطبقة الضعيفة والهشة‪ ،‬ودعم المقاوالت لمواجهة اآلث ار‬
‫السلبية‪ ،‬وتبقى على الحكومة أن تجتهد في هذه البرامج االجتماعية وأن تربطها بأمد محدود‪ .‬التوصيات‪:‬‬

‫ـ زيادة منظومة المراقبة على أسعار السوق‬

‫ـ تحيين دور مجلس المنافسة في مراقبة األسعار واألسواق‬

‫ـ نزول الموزعين والتجار عن جزء من أرباحه في بيع المنتوجات‬

‫ـ مراجعة الدولة مسألة التضريب على القيمة المضافة للمواد البترولية والضريبة الداخلية على االستهالك‪.‬‬
‫الميثاق الجديد لالستثمار كمرتكز للنهوض بمناخ األعمال‬

‫في سياق الظرفية االقتصادية والمالية الصعبة التي تمر بها بالدنا سواء من جراء اآلثار تداعيات جائحة ف يروس كورون ا‪ ،‬أو موج ة جف اف ش ديدة وح رب األكراني ة الروس ية ال تي ُت ر ِجمَت‬
‫أعباؤها إلى ارتفاع في بأسعار السلع األساسية كالطاقة والغذاء ما أدت إلى زيادة كبيرة في معدالت التضخم‪ ،‬ولجوء البن ك المرك زي إلى رف ع مس تويات الفائ دة‪ ،‬م ا انعكس على ارتفاع ا ً في‬
‫معدالت الديون وانهيار أسواق األسهم‪ .‬مما أسفرت عن تباطؤ آفاق نمو االقتصاد العالمي وتبعياتها باإلقتصاد المغربي‪.‬‬

‫فإذا كانت جميع الدول تتخذ إجراء ات استثنائية لمواجهة أزمة الحالية‪ ،‬فينبغي لها أن ُت ِعد االقتصادات لالنتقال إلى عالم ما بعد هذه الظرفية الصعبة‪.‬‬

‫ويعتبر مناخ األعمال بالمغرب من األولويات األساسية للدولة نظرا ألهمية ومكانة االستثمار كرافعة أساسية للنمو االقتصادي‪ ،‬وهو ما فتئ أن تحقق ب إخراج ع دة ق وانين إص الحية وأوراش‬
‫وبرامج‪ ،‬إلقرار مناخ محفز على اإلستثمار وجلب المستثمرين ورؤساء األموال وتأهيل المنظومة القانونية لمغرب األعمال‪ ،‬من أجل بالدفع بقاطرة مناخ األعمال بالمغرب وجعله قبلة موثوق‬
‫فيها لإلستثمار‪ ،‬ولترسيخ ركائز الدولة االجتماعية وإرساء دعائم اقتصاد وطني أكثر إنصافا وازدهارا‪.‬‬

‫والستعادة التحكم في النمو االقتصادي‪ ،‬اتخذ المغرب خطوات جريئة لتحديث منظومة االستثمار‪ ،‬وتم إطالق "ميثاق جديد لالستثمارالقانون‪-‬اإلطار رقم ‪ "03.22‬الذي ش كل أولوي ة واهتمام ا‬
‫ملكيا وجرعة إلنعاش االقتصاد الوطني‪ ،‬لما من شأنه توجيه االستثمارات نحو األولويات االستراتيجية مع توفير حوافز قوية للمستثمرين‪ .‬ويأتي هذا الميثاق بعد محطتين مهمتين في المغرب‪،‬‬
‫أولهما صدور النموذج التنموي الجديد الذي يهدف إلى رفع وتيرة النمو االقتصادي وآليات الشروع في تنفيذ القانون اإلطار المتعلق باإلصالح الضريبي‪.‬‬

‫وتعتبر أهمية موضوع دعم االستثمار الشغل الشاغل للحكومة المغربية وتضعها في صدارة أولوياتها االقتصادية‪ ،‬باعتباره المح رك األس اس لعجل ة التنمي ة االقتص ادية واالجتماعي ة‪ ،‬وإنت اج‬
‫الثروة‪ ،‬وإحداث فرص الشغل والتي يُسعى من خالل الميثاق تعبئة استثمارات تفوق ‪ 500‬مليار درهم لخلق مناصب شغل تناهز ‪ 500‬ألف فرصة عمل خالل الفترة بين ‪ 2022‬و‪2026‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أهداف الميثاق الجديد لالستثمار وآليات تفعيله‬

‫أوال‪ :‬أهداف الميثاق الجديد لالستثمار‬

‫حدد الميثاق مجموعة من األهداف لعمل الدولة في مجال تنمية االستثمار وتشجيعه‪ ،‬تتجلى‪:‬‬

‫ـ إحداث مناصب شغل قارة‬

‫ـ تقليص الفوارق بين أقاليم وعماالت المملكة في جذب االستثمارات‬

‫ـ توجيه االستثمار نحو القطاعات ذات األولية ومهن المستقبل‬

‫ـ تحسين مناخ األعمال وتسهيل عملية االستثمار‬

‫ـ تعزيز جاذبية المملكة من أجل جعلها قطبا قاريا ودوليا لالستثمارات األجنبية المباشرة‬

‫ـ تشجيع الصادرات وتواجد المقاوالت المغربية على الصعيد الدولي‬

‫ـ تحقيق التنمية المستدامة‬

‫ـ تشجيع االنتاج المحلي‬

‫ـ تغيير التوجه الحالي والذي يمثل فيه االستثمار الخاص حوالي ثلث االستثمار اإلجم الي فيم ا يمث ل االس تثمار العم ومي الثل ثين‪ .‬حيث يس عى إلى رف ع حص ة االس تثمار الخ اص لتبل غ ثل ثي‬
‫االستثمار اإلجمالي في أفق ‪.2035‬‬

‫هذا الخيار له ما يبرره‪ ،‬حيث كشف والي بنك المغرب عن معطيات صادمة‪ ،‬إذ رغم أن المغرب يحتل المرتبة الثالث ة عالمي ا باس تثمارات عمومي ة تمث ل ‪ 32.3‬في المئ ة من الن اتج ال داخلي‬
‫الخام من حيث القيمة‪ ،‬إال أن ذلك لم يساهم في تحقيق األهداف المنتظرة سواء على مستوى التشغيل أو النمو‪ ،‬في الوقت ال ذي تمكنت دول تنف ق أق ل من المغ رب بكث ير من تحقي ق «معج زة‬
‫اقتصادية»‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬آليات تفعيل الميثاق الجديد لالستثمار‬

‫لبلوغ هذه األهداف األساسية السابق ذكرها‪ ،‬تم إلزام الدولة بوضع أنظمة لدعم االستثمار وتغطيـة جميع الفئات مـن المشـاريع والجهـات الفاعلة في االسـتثمار الوطني والدولي‪ .‬تتكون‪:‬‬

‫ـ المنح المشتركة لالستثمار‪ ،‬ومنحة إضافية لالستثمار تسمى "منحة ترابية"‪ ،‬ومنحة إضافية لالستثمار تسمى "منحة قطاعية"‪ ،‬س ُتمنح لفائدة مشاريع االس تثمار المنج زة في قطاع ات الواع دة‬
‫واألنشطة ذات األولوية التي أثبتت قدرتها على رفع نسبة النمو‪ ،‬وبالتالي خلق فرص الشغل‪ ،‬ونخص بالذكر قطاعات صناعية ذات قيمة مضافة كبيرة كالسيارات والطائرات‪ ،‬ومهن الرقمن ة‪،‬‬
‫والدفاع‪ ،‬والنسيج‪ ،‬والصيدلة‪.‬‬

‫ـ دعم مخصص لتطوير المقاوالت المغربية على الصعيد الدولي‪ ،‬يعزز النفوذ االقتصادي المغربي في الخارج‪ ،‬وال سيما في أفريقيا‪ ،‬تماشيا مع الرؤية الملكية للقارة‪.‬‬

‫ـ دعم مخصص الستثمارات المقاوالت الصغيرة جدا والصغيرة والمتوس طة وال تي من ش أنها أن تس مح بظه ور جي ل جدي د من رواد األعم ال المبتك رين والجري ئين‪ ،‬الق ادرين على تحوي ل‬
‫اقتصادنا‪.‬‬

‫ـ منح تعويضا إضافيا من أجل استقطاب المستثمرين إلى المناطق األكثر هشاشة‪ ،‬والتي تشكو من الخصاص على كل المستويات تقريبا‪ ،‬ويتعلق األمر المناطق النائية والقروية بشكل عام‪.‬‬
‫وسيكون على المستثمرين الراغبين في االستفادة من أنظمة الدعم السالفة الذكر إبرام اتفاقية استثمار مع الدولة تحدد على وجه الخصوص التزامات كل طرف وكيفي ة تنفي ذها‪ ،‬كم ا سيس تفيد‪،‬‬
‫وفق الميثاق‪ ،‬كل مشروع استثماري كان موضوع اتفاقية استثمارية مع الدولة من امتيازات ضريبية وجمركية‪.‬‬

‫وستسهر الدولة‪ ،‬وفق نص الميثاق‪ ،‬على تسهيل ولوج المستثمرين إلى عقار يمكن تعبئته بسهولة وبأسعار تنافسية من خالل تهيئة مناطق لألنشطة في مجاالت الصناعة واللوجستيك والتج ارة‬
‫والسياحة والخدمات تستجيب لحاجيات المستثمرين‪ ،‬والسهر على تنميتها واستغاللها‪ ،‬إضافة إلى تثمين القطع األرضية المخصصة لمشاريع االستثمار ذات القيمة المضافة والمحدثة لمناص ب‬
‫شغل قارة‪.‬‬

‫وبالنسبة للضمانات الممنوحة للمستثمرين؛ سيستفيد األشخاص الذاتيون أو االعتباريون األجانب برسم االستثمارات المذكورة من نظام للتحويل يضمن لهم الحري ة الكامل ة في تحوي ل األرب اح‬
‫الصافية دون تحديد للمبلغ أو المدة‪ ،‬ومن تحويل حصيلة تفويت االستثمار أو تصفيته‪ ،‬كال أو بعضا‪ ،‬بما في ذلك فائض القيمة‪.‬‬

‫وعالوة على جميع المتدخلين في مجال حكامة االستثمار‪ ،‬نص الميثاق على إحداث جهاز وزاري سيُعهد إليه على وجه الخصوص بالمصادقة على كل المشاريع المعدة في إط ار نظ ام ال دعم‬
‫األساسي‪ ،‬كما سيبث في الطابع االستراتيجي للمشاريع من عدمه‪ ،‬وسيصادق على مشاريع اتفاقيات االستثمار المعدة في إطار الدعم الخاص‪.‬‬

‫وتمتد مهام الجهاز الوزاري‪ ،‬السالف الذكر‪ ،‬إلى إنجاز تقييم دوري لفعالية أنظمة الدعم المنصوص عليها في هذا القانون اإلطار وتتبع تفعي ل أحكام ه‪ ،‬إض افة إلى اق تراح أي ت دبير من ش أنه‬
‫النهوض باالستثمار وتعزيز جاذبية المملكة إزاء المستثمرين‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التحديات التي تعترض ميثاق الجديد لالستثمار‬

‫أوال‪ :‬تحدي التمويل البنكي‬

‫كما هو معلوم يساهم النظام البنكي والمالي الوطني في تمويل مشاريع الجيل الجديد من المستثمرين والمقاولين‪ ،‬خاصة الشباب والمقاوالت الصغرى والمتوسطة‪ .‬إال أن الوت يرة ال تي تتح رك‬
‫بها منظومتنا البنكية ال تساير وتيرة التوجيهات الملكية في مجال االستثمار‪ ،‬من خالل أنه هن اك س رعتان متباينت ان؛ س رعة ملكي ة س امية تط الب بالوص ول إلى تعبئ ة ‪ 550‬ملي ار درهم من‬
‫االستثمارات‪ ،‬وخلق ‪ 500‬ألف منصب شغل‪ ،‬في الفترة بين ‪ 2022‬و‪ ،2026‬وتفاع ُل منظومة بنكية ال تتالءم مع حجم التحديات والرهانات‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تحدي الريع االقتصادي‬

‫يعتبر الريع من معيقات االستثمار وعرقلة مساطره‪ ،‬وهذا ما عبر عنه جاللة الملك في الخطاب الملكي لعيد العرش ‪ 2022‬بقوله "أخطر ما يواجه تنمي ة البالد والنه وض باالس تثمارات‪ ،‬هي‬
‫العراقيل المقصودة‪ ،‬التي يهدف أصحابها لتحقيق أرباح شخصية وخدمة مصالحهم الخاصة‪ .‬وهو ما يجب محاربته"‪ .‬وهو خطاب موجه للحكومة واألوساط السياسية واالقتص ادية للعم ل على‬
‫تسهيل جلب االستثمارات وإزالة العراقيل أمامها‪.‬‬

‫فالريع والفساد يهدد أي مشروع طموح إلصالح قطاع االستثمار‪ ،‬كما أنه يُفقد المملكة نقطتيْن سنويا من نموها االقتصادي‪ ،‬مما يجب تفعيل الرقابة في مختل ف مراحله ا‪ ،‬م ع إعم ال الش فافية‬
‫في هذه المساطر بغية عدم تضييع فرص النمو المتاحة‪.‬‬

‫فالفساد يأثر على مناخ األعمال ويعرقل التنمية االقتصادية‪ ،‬ويتجلى في غياب تطبيق قوانين المنافسة في األسواق‪ ،‬وغياب حماية حقوق الملكية الخاصة‪ ،‬ونظام قضائي غ ير فع ال ‪ ...‬وي رى‬
‫اقتصاديون أن معدالت الفساد وهشاشة مرتفعة في المؤسسات السياسية واالقتصادية مما يؤدي إلى تقلبات على مستوى المؤشرات الماكرواقتصادية وتعرقل التنمية االقتصادية للبلد‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬وهناك عددا من المستثمرين ال يجدون مجاال للحصول على فضاء ات لمقاوالتهم‪ ،‬وذلك راجع إلى أن األغلبية الساحقة من فضاء ات وأراضي المن اطق الص ناعية يس تحوذ عليه ا ل وبي‬
‫الريع والمضاربات‪ ،‬حيث هناك طبقة من السماسرة الذين تملكوا وحدات صناعية كبيرة‪ ،‬مستغلين فراغات القانون من أجل تفويتها بأسعار رمزي ة‪ ،‬إض افة إلى غي اب الرقمن ة وتعام ل بعض‬
‫اإلدارات العمومية مع المستثمرين بمنطق ما قبل الثورة اإللكترونية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬ضعف الرقمنة‬

‫سجل المغرب بطئا في مسلسل التحول الرقمي‪ ،‬وذلك على مستويات متعددة‪:‬‬

‫ـ على مستوى االدارة‪ :‬ثمة رقمنة جزئية فقط‪ ،‬سيما حين يتعلق األمر بالخدمات التي ينبغي تقديمها للمرتفقين‬

‫ـ على مستوى التربية والتكوين‪ :‬فالعديد من المؤسسات التعليمية غير مجهزة بعد‪ ،‬وأن المؤسسات التي تتوفر على تجهيزات وموارد معلوماتية تعاني من التقادم ومن مشاكل الصيانة‬

‫ـ على مستوى قطاع الصحة‪ :‬ال تسمح األدوات الرقمية المتوفرة لألطباء حتى اآلن بممارسة أنشطتهم بشكل كامل‪ ،‬وذل ك بس بب االكراه ات التكنولوجي ة واالداري ة العدي دة ال تي يواجهونه ا‪.‬‬
‫حيث إن المنظومة الصحية تعاني من انعدام ملفات طبية مرقمنة خاصة بالمرضى‪ ،‬ولو كانت هذه الملفات خاضعة للتتبع والمراقبة بصورة منتظمة‪ ،‬ألدت إلى توفير قدر كبير من المعطي ات‪،‬‬
‫وبالتالي ستؤدي هذه األخيرة إلى إعداد تطبيقات تستند إلى الذكاء االصطناعي‪ ،‬كتحديد ذكي للمواعيد تبعا لجاهزية الطبيب‪ ،‬وتخصيص األسِ رَّ ة للمرضى‪ ،‬وت دبير الم وارد بنجاع ة‪ ،‬والتع اون‬
‫بين المستشفيات‪ .‬وفي ضوء المبادرة الملكية الرامية إلى تعميم التأمين االجباري عن المرض لجميع المغاربة‪ ،‬فإنه ينبغي استثمار ذلك من أجل إنشاء الملف الطبي الرقمي‪.‬‬

‫ـ على المستوى القطاع المالي‪ :‬يبقى األداء نقدا هو الوسيلة السائدة للمعامالت المالية‪ ،‬كما أن البطاقات البنكية تستعمل بنسبة تفوق ‪ 89‬في المائة في عمليات الس حب‪ ،‬األم ر ال ذي ال يح د من‬
‫تداول األوراق النقدية‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬ال تزال حلول األداء عبر الهاتف المحمول في مرحلة جنينية‪.‬‬

‫ـ على مستوى قطاع الفالحة‪ :‬ليس هناك اندماج رقمي قوي عموما‪ ،‬مع وجود عدد قليل من الف اعلين المختص ين في مج ال التكنولوجي ة الفالحي ة‪ .‬وم ع ذل ك‪ ،‬فق د ق امت بعض االس تغالليات‬
‫الكبرى بإدخال التكنولوجيا الرقمية في عملية االنتاج‪ ،‬خاصة على مستوى المراحل الفالحي ة األولى‪ .‬وبالت الي فمن األج در أن تس تفيد الفالح ة من الرف ع من االنتاجي ة والق درة على الص مود‬
‫اللذين يتيحهما التحول الرقمي‪ ،‬من أجل االنتقال جزئيا نحو الفالحة العصرية‪.‬‬

‫ـ على مستوى القطاع الصناعي‪ :‬إن معظم المقاوالت الصغيرة جدا أو الصغيرة أو المتوسطة على الصعيد الوطني‪ ،‬غير مجهزة بما يكفي على مستوى تكنولوجيا المعلومات واالتص ال‪ .‬وه و‬
‫أمر يجعل من الصعب اللجوء إلى العمل عن بعد والحفاظ على أنشطتها الضرورية في حالة وقوع حادث فجائي أو قوة قاهرة كما هو الشأن مع الحجر الصحي خالل جائحة كوفيد ‪.19‬‬

‫ـ على الصعيد السياحي‪ :‬تتم غالبية الحجوزات عبر منصات رقمية متخصصة المعروضة‪ ،‬بينما تتم نسبة قليلة من الحجوزات عبر هذه المنصات‪.‬‬

‫ــ بخصوص التجارة االلكترونية‪ :‬لم يتمكن هذا القطاع من التطور لعدة أسباب منها‪ :‬عدم ثقة المغاربة في هذه التجارة‪ ،‬والت أخر في اعتم اد األداء ع بر االن ترنت والخ دمات اللوجيس تية ذات‬
‫الصلة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬أزمة التضخم‬


‫عاش القطاع الخاص سنة صعبة بسبب تداعيات األزمة الصحية المستمرة لسنتين‪ ،‬ليزيد التضخم وارتفاع أسعار المواد األولية والطاقة من تف اقم الوض ع على نح و كب ير ج داً تجلى في نس بة‬
‫كبيرة من حاالت اإلفالس‪.‬‬

‫فالتضخم والركود العالمي له أثر سلبي على إقبال الشركات على االستثمار‪ ،‬إلى جانب تشديد السياسات النقدية من قِب ل البن وك المركزي ة‪ ،‬واض طرابات سالس ل التوري د‪ ،‬ومن ثم فالش ركات‬
‫المغربية ستكون أكثر حكمة بتفضيلها تحسين هيكلها المالي على االقتراض بهدف التوسع‪.‬‬

‫االصالح الضريبي‬

‫لقد انخرط المغرب منذ عدة سنوات في مسلسل لبناء دولة ديمقراطية حديثة‪ ،‬وهو مسلسل شهد دينامية قوية باعتماد دستور ‪ .2011‬وفي هذا السياق يعد إقرار سياسة ضريبية عادلة ومنص فة‬
‫شرطا ال محيد عنه إلنجاح هذا التوجه‪ .‬وقد عرض الدستور لهذه المسألة بالفعل في الفصلين ‪ 39‬و‪ ،75‬فكرس بصفة واضحة مبدأ المساواة أمام الضريبة‪.‬‬

‫وقد شهد النظام الجبائي المغربي‪ ،‬بما حققه من تقدم وبما يعانيه من إكراهات شأنه في ذلك شأن غيره من األنظمة الضريبية‪ ،‬دينامية مستمرة عرفت عدة محطات مهمة‪ ،‬ال سيما بعد االصالح‬
‫الكبير الذي اعتمد في سنة ‪ . 1984‬وهو إصالح أملته تبعات األزمة االقتصادية التي عاشتها البالد‪ ،‬وتمثل هدفه الرئيسي في االنتقال من نظام صار ضعيف النجاعة ومعق دا‪ ،‬إلى نظ ام جدي د‬
‫يكون متجانسا وناجعا وأكثر شمولية‪ .‬ليتالءم النظ ام الجب ائي المغ ربي م ع األنظم ة المالي ة الحديث ة على المس توى ال دولي‪ ،‬وليتالءم م ع مع ايير الحكام ة الجبائي ة في إط ار تعزي ز الش فافية‬
‫الضريبية‪ .‬وكل ذلك لجعل الضريبة ليس فقط إيراد مالي‪ ،‬بل عامل للتحفيز على االستثمار وتجويد مناخ األعمال‪.‬‬

‫وعالوة على ذلك‪ ،‬تبنى المغرب منذ سنة ‪ 1995‬خيار االقتصاد المفتوح ذات البعد الليبرالي القائمة على اقتصاد السوق وتحفيز المبادرة الخاصة وفتح الحدود الستقطاب المزيد من ال رؤوس‬
‫األموال وجذب االستثمارات الداخلية والخارجية‪ ،‬وتقليص الحواجز الجمركية‪.‬‬

‫إال أنه ونظرا لمجموعة من االختالالت التي أصبح يعاني منها النظام الجب ائي المغ ربي الق ائم‪ ،‬وأم ام تزاي د حجم الن داء ات من ط رف مختل ف المهتمين بالش أن الجب ائي والم الي بض رورة‬
‫التعجيل بإصالح المنظومة الجبائية‪ ،‬ومواجهة آلثار األزمة المالية واالقتصادية العالمية‪ ،‬مما تم االستجابة لذلك وتم إصدار قانون اإلطار رقم ‪ 69.19‬المتعلق باإلصالح الضريبي‪.‬‬

‫والتحدي الذي يبقى مطروحا أم ام المغ رب ومعظم ال دول الس ائرة في طري ق النم و‪ ،‬ه و البحث عن إرس اء نظ ام جب ائي مت وازن يوف ق م ا بين تحقي ق العدال ة االجتماعي ة وض مان الق درة‬
‫االستثمارية للمقاولة‪ ،‬وتوفير المداخيل الجبائية الكفيلة بتمويل خزينة الدولة وتمويل االستثمار العمومي‪.‬‬

‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬فإن النظام الجبائي يكتسي أهمي ة بالغ ة‪ ،‬أوال بالنس بة إلى المالي ة العمومي ة‪ ،‬ال تي تض طلع ب دور مهم في النس يج االقتص ادي واالجتم اعي للبالد‪ ،‬وت تيح للدول ة على وج ه‬
‫الخصوص مواجهة نفقات التسيير واالستثمار الضرورية لتنفيذ الخدمات العمومية وتمويلها‪ .‬ثانيا‪ ،‬للضريبة أهميتها أيضا بالنسبة للمواطن‪ ،‬فهي تشكل حلقة وص ل بين ه وبين الدول ة‪ ،‬حيث إن‬
‫الممولة من الضرائب‪.‬‬‫َّ‬ ‫المواطن يعد ملزما ً بأداء الضرائب ويستفيد بالمقابل من الخدمات العمومية‬

‫المطلب األول‪ :‬الضريبة والتنمية االقتصادية‬

‫يقصد بالتنمية االقتصادية‪ ،‬تلك العملية التي يرتفع بموجبها الدخل الق ومي الحقيقي خالل ف ترة ممت دة من ال زمن‪ .‬وتس اهم الض ريبة في إنع اش ه ذا الن وع من التنمي ة من خالل مجموع ة من‬
‫العناصر نجمل أهمها في ما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الضريبة أداة لتشجيع االستثمار‬

‫يعرف االستثمار بأنه إضافة طاقات إنتاجية جديدة إلى األصول االنتاجية الموجودة في المجتمع‪ ،‬وذلك بإنشاء مشروعات جديدة أو التوس ع في مش روعات قائم ة‪ ،‬أو تجدي د مش روعات انتهى‬
‫عمرها االفتراضي‪ .‬وكذلك شراء األوراق المالية المصدرة إلنشاء مشروعات جديدة‪.‬‬

‫وتكمن أهمية االستثمار في زيادة اإلنتاج واإلنتاجية‪ ،‬مما يؤدي إلى زيادة الدخل القومي‪ ،‬وارتفاع متوسط نصيب الفرد منه‪ ،‬وتوفير خ دمات للمواط نين والمس تثمرين‪ ،‬وتقلي ل البطال ة وزي ادة‬
‫معدالت التكوين الرأسمالي للدولة‪ ،‬وكل ذلك يساهم في إنعاش التنمية‪ .‬ويمكن للدولة أن تشجع االستثمار عن طريق إعفاء عائدات سندات التنمية التي تصدرها الخزينة العام ة‪ ،‬من الض رائب‬
‫لتشجيع شرائها‪ .‬أو عن طريق تخفيض الضريبة على الودائع في صناديق االدخار‪ ،‬أو أي استثمار مالي يدعم االقتصاد الوطني‪ .‬وهو ما يس تدعي وج ود سياس ة اس تثمارية ناجع ة ته دف إلى‬
‫تنشيط التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫غير ان تلك االمتيازات الضريبية‪ ،‬من الضروري أن تستخدم بفعالية حتى تعطي أكلها‪ ،‬ما يتطلب عقلنتها وعدم المبالغة في منحها كي ال تصبح عامال سلبيا يقلص نطاق الوعاء الضريبي‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يمكن للدولة أن تشجع االستثمار عن طريق فرض ضرائب على الثروات والمدخرات‪ ،‬ما يدفع المكلف إلى استثمارها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الضريبة آلية لمعالجة الركود االقتصادي‬

‫الركود االقتصادي مصطلح يعبر عن هبوط النمو اإلقتصادي لسوق معين‪ .‬وينتج هذا الهبوط عادة عن إرتفاع اإلنتاج مقابل إنخفاض اإلستهالك‪ ،‬ما يؤدي إلى كساد السلع وانخفاض األسعار‪،‬‬
‫وهو ما يصعب على المنتجين بي ع المخ زون‪ ،‬فينخفض مع دل اإلنت اج وترتف ع البطال ة‪ .‬ولمواجه ة ه ذا الرك ود اإلقتص ادي‪ ،‬يمكن تخفيض مع دل الض ريبة على ال دخل في أجزائه ا األولى‪،‬‬
‫وتخفيض معدالت الضرائب غير المباشرة خصوصا تلك المتعلقة بالسلع الضرورية‪ ،‬ما يقوى القدرة الشرائية لألفراد ويدفعهم لإلستهالك‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يمكن إستخدام الضريبة كوسيلة إقتصادية في فترة االزدهار‪ ،‬برف ع الض رائب على ال دخول‪ ،‬وتخفيض الض رائب على رأس الم ال‪ ،‬للنه وض بالمش اريع اإلنتاجي ة‪ ،‬قص د‬
‫زيادة اإلنتاج‪ ،‬وبالتالي انخفاض األسعار‪ ،‬وكل ذلك ما يحتاج إلى سياسية اقتصادية متكاملة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬الضريبة منفذ لتشجيع بعض النشاطات اإلنتاجية‬

‫يتم تشجيع بعض النشاطات اإلنتاجية‪ ،‬حسب ما تخطط له الحكومات‪ ،‬عن طريق اإلجراء ات االستثنائية المعروفة (وهي اإلعفاءات أو التخفيض ات أو الت أجيالت الض ريبية)‪ .‬وتلج أ إلى ه ذا‬
‫األسلوب الكثير من الدول النامية لتشجيع االستثمار الصناعي أو السياحي أو لجلب المستثمر األجنبي لالستثمار في قطاع معين‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬دور الرسوم الجمركية في حماية الصناعات الوطنية‪ ،‬والحفاظ على ميزان المدفوعات‬
‫الرسوم الجمركية هي تلك الضرائب المفروضة على السلع المستوردة‪ .‬وتأخذ شكل ضرائب قيمة نسبية مئوية من قيمة الس لعة‪ ،‬أو بش كل مبل غ ث ابت يف رض على الس لع مهم ا ك انت قيمته ا‪،‬‬
‫وتعرف باسم الضرائب النوعية‪ .‬وعليه يمكن إستخدام هذه الضرائب في حماية الصناعات الوطنية التي تعاني من المشاكل المختلفة‪ ،‬برفع التعريفة الجمركية على نفس الصناعات المس توردة‬
‫من الخارج‪.‬‬

‫كما أن الرسوم الجمركية يمكن إستخدامها في الحفاظ على ميزان المدفوعات‪ ،‬الذي هو عبارة عن تقدير مالي لجميع المعامالت التجارية والمالية التي تمت بين الدولة والع الم الخ ارجي خالل‬
‫فترة زمنية محددة غالبا ما تكون سنة‪.‬‬

‫لكن هذا المعطى يصطدم بالعولمة اإلقتصادية التي تستدعي فتح الحدود‪ ،‬بقي أن نشير إلى أن أغلب التوصيات الصادرة عن المؤسسات الدولية المختص ة‪ ،‬والكتاب ات األكاديمي ة‪ ،‬اعت برت أن‬
‫التدخل الجبائي وسيلة فعالة لضمان التنمية االقتصادية‪ ،‬وليس فقط لتغطية النفقات العمومية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أهداف اإلصالح الجنائي‬

‫تتمثل األهداف األساسية التي يحددها هذا القانون ـ اإلطار في مجال اإلصالح الجبائي فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬تحقيق العدالة الجبائية وضمان مساواة الجميع أمام الضريبة‬

‫لهذا الغرض‪ ،‬تم تكريس مبدأ حيادية الضريبة على القيمة المضافة لتقويم االختالالت الحالية المتعلقة بنطاق تطبيقها وتعدد أسعارها والحق في خص مها وإرجاعه ا‪ ،‬خصوص ا بالنس بة لبعض‬
‫القطاعات الحيوية الخاصة أو التابعة للدولة‪.‬‬

‫وبهدف ضمان مساواة الجميع أمام الضريبة‪ ،‬فقد تم تخفيض العبء الجبائي على الخاضعين للضريبة‪ ،‬وذلك باعتماد توجه تدريجي نحو سعر موحد فيما يخص الضريبة على الش ركات طبق ا‬
‫للممارسات الدولية الفضلى‪ ،‬كما سيتم التطبيق التدريجي لمبدأ فرض الضريبة على الدخل اإلجمالي بشكل تصاعدي فيما يخص األشخاص الذاتيين‪ ،‬مع الحرص بالموازاة على توس يع الوع اء‬
‫الضريبي وضمان توازن المالية العمومية‪.‬‬

‫كما تم في هذا السياق‪ ،‬إدماج القطاع غير المهيكل كهدف استراتيجي باإلضافة إلى تعزيز آليات محاربة الغش والتهرب الضريب‪ ،‬وذلك من خالل إرس اء نظ ام جب ائي مبس ط وس هل الول وج‬
‫وتعزيز آليات المراقبة وسن جزاء ات مناسبة للمخالفات المرتكبة ووضع برامج للتحسيس والمواكبة بمشاركة جميع الفاعلين المعنيين‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تعزيز الحقوق والثقة المتبادلة بين الملزمين واإلدارة‬

‫حيث التزم الدولة في هذا المجال بضمان حقوق الملزمين وحقوق اإلدارة وتعزيز عالقات الثقة بينهما من خالل تأطير السلطة التقديرية لإلدارة فيما يتعلق بتفسير النص وص الجبائي ة وتحدي د‬
‫أسس فرض الضريبة وعبء تقديم اإلثباتات الالزمة‪.‬‬

‫وستسهر الدولة كذلك على توضيح وتحسين مقروئية النصوص الجبائية للحد من االختالف في تأويلها وضمان حسن تطبيقها مع االل تزام بالتوج ه نح و التقائي ة األحك ام الجبائي ة م ع القواع د‬
‫العامة للقانون والقواعد المحاسبتية‪ ،‬علما أن الهدف المتوخى ليس هو المطابقة التامة بل اإللتقائية والمالءمة مع قواعد الحكامة الجبائية المعمول بها دوليا‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تعبئة كامــل اإلمكانــات الضريبيــة لتمويل السياسات العمومية‬

‫وذلك من خالل توسيع الوعاء الضريبي وترشيد التحفيزات الجبائية بعد تقييم أثرها االجتماعي واالقتصادي‪ ،‬كما سيتم الحرص على إعادة توجيهها للقطاعات ذات األولوية مع التقي د بتفض يل‬
‫اللجوء للدعم العمومي المباشر كلما أمكن ذلك‪.‬‬

‫وسيتم كذلك تشجيع المقاوالت على االستثمار المنتج للقيمة المض افة والمح دث لف رص الش غل‪ ،‬ال س يما في القطاع ات ذات األولوي ة كالص ناعة والتكنولوجي ات الحديث ة واالبتك ار‪ ،‬م ع دعم‬
‫تنافسيتها على الصعيد الوطني والدولي‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬إصالح منظومة الرسوم الجماعية وشبه الضريبية‬

‫من أجل تحقيق التنمية الترابية وتعزيز العدالة المجالية‪ ،‬يهدف كذلك هذا القانون ـ اإلطار إلى إصالح جبايات الجماعات الترابية والرسوم شبه الضريبية التي تشكل مكونا أساسيا من مكون ات‬
‫النظام الجبائي من أجل تبسيطها وترشيدها ومالءمتها مع جبايات الدولة وضمان موارد قارة لفائدتها مع وضع نمط حكامة مناسب لها‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬تعزيز نظام الحكامة الفعالة والناجعة‬

‫فمن أجل تجويد الخدمات المقدمة للملزمين ستحرص الدولة على مواصلة ورش تحديث ورقمنة اإلدارة ودعم مواردها البشرية وتعزيز عالقات التعاون م ع ش ركاءها وتط وير آلي ات التب ادل‬
‫بين نظم المعلومات‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬اآلليات تنزيل االصالح الضريبي‬

‫أوال‪ :‬توسيع الوعاء الجبائي يتم توسيع الوعاء الضريبي من خالل طريقتين؛ األولى هي خلق أدوات جديدة لتشمل الضرائب أنواعا جديدة كالضرائب على ال دخول أو الس لع االس تهالكية‪ ،‬أو‬
‫الضرائب البيئية التي يكون الغرض األساسي منها حماية البيئة أو فرض الضرائب على نشاطات القطاع غير المنظم‪ .‬أم ا الثاني ة فهي زي ادة كف اءة النظ ام الجب ائي بم ا يس مح بالوص ول إلى‬
‫شرائح لم تكن تغطى في السابق‪.‬‬

‫وحسب القانون المالية لسنة ‪ 2023‬فتم ألول مرة فرض الضريبة على مجموعة من الفئات وفي ذلك توسيع للوعاء العقاري‪ ،‬ون ذكر الض ريبة على ال دخل الواجب ة على المح امين المج برين‬
‫دفعها تلقائيا لدى كتابة الضبط بصندوق المحكمة‪ ،‬لصالح قابض اإلدارة الضريبية‪ ،‬وذلك مرة واحدة لكل ملف في كل مس توى قض ائي‪ ،‬عن د إي داع أو تس جيل طلب‪ ،‬التم اس‪ ،‬أو اس تئناف أو‬
‫خالل تسجيل تفويض أو عون في قضية من القضايا المعروضة على محاكم المملكة‪ .‬وبعد تحديد هذا التس بيق في مبل غ ‪ 300‬درهم‪ ،‬تم تخفيض ه ليص بح ‪ 100‬درهم م ع تمدي د م دة اإلعف اء‬
‫لفائدة المحامين الجدد من ‪ 3‬إلى ‪ 5‬سنوات‪.‬‬

‫إضافة إلى اقتطاعا إبرائيا من المصدر الذي س يطبق على أج ور المعلمين غ ير األج راء بالمؤسس ات التعليمي ة واألطب اء غ ير الخاض عين للض ريبة المهني ة‪ ،‬إلى ج انب خفض االقتط اع من‬
‫المصدر بالنسبة لعقود تأمين التقاعد من ‪ 30‬إلى ‪ 15‬في المئة‪.‬‬

‫وأيضا أصبح يخضع المقاولين الذاتيين الذين يحققون رقم معامالت سنوي يزيد عن ‪ 80.000‬درهم نتيجة تقديم خدمات لفائدة الزبون نفسه‪ ،‬القتطاع من المصدر بمعدل إبرائي نسبته ‪% 30‬‬

‫ثانيا‪ :‬إدماج القطاع غير مهيكل إن أکبر رهان للدولة في الفترة الحالية‪ ،‬وخاصة أثر التداعيات االقتص ادية واالجتماعي ة لجائح ة كورون ا خالل س نوات ‪ ،2020‬وال تي أظه رت بم ا ال ي دعو‬
‫مجال للشك حجم الساكنة النشيطة في القطاع غير مهيكل التي تعيش داخل هذا القطاع‪ .‬فلقد أض حى الره ان ه و إدم اج القط اع الغ ير مهيك ل في ال دورة االقتص ادية للبل د ومحاول ة تش جيعه‬
‫والتحكم فيه خاصة وأن األنشطة الموازية له ذات حجم كبير وتشكل احتياطيا مهما‪ ،‬هو ما يفسر توفر فرصا كبيرة للشغل‪ ،‬ويتيح إمكانية لالستهالك بأسعار منخفضة كما يمث ل ك ذلك مص در‬
‫للمنافسة وجب تشجيعها ودعمها بالمصادر التمويلية لخلق نوع من اإلنصاف ما بين المقاوالت وكذا تغذية خزينة الدولة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬محاربة الغش الضريبي‬

‫لقد نص القانون اإلطار رقم ‪ 19.69‬المتعلق باإلصالح الجبائي‪ ،‬على تجريم التهرب الضريبي عبر سن مجموعة من التدابير بهدف محاربة الغش والتهرب الضريبيين وكذا ح االت التعس ف‬
‫في استعمال حق يخوله القانون ال سيما من خالل تطبيق جزاء ات على المخالفات الجبائية‪ ،‬وذلك مع التقيد بمبدأ تناسبية الجزاء ات مع خطورة المخالفات المرتكبة‪.‬‬

‫وختاما‪ ،‬لقد تزود المغرب بنظام ضريبي حديث‪ ،‬يبقى في حاجة إلى التحسين في ما يخص التطبيق‪ .‬واعتبارا لدور النظام الضريبي في رفع التحديات االقتص ادية الراهن ة‪ ،‬وتحقي ق األه داف‬
‫المنشودة في مجال إنعاش االقتصاد‪ ،‬سيتم تفعيل مقتضيات القانون‪-‬اإلطار المتعلق باإلصالح الضريبي‪ ،‬بما يتيح وضوح الرؤية أمام الفاعلين االقتصاديين‪ ،‬من خالل إصالح ش امل للض ريبة‬
‫على الشركات‪ ،‬وكذا قطاعي األبناك والتأمينات‪ ،‬بموازاة مع تخفيف الضغط الضريبي على األجراء والمتقاعدين من الطبقة المتوسطة‪.‬‬

‫األمن القانوني ودوره في تحقيق التنمية االقتصادية‬

‫إيمانا بتحقيق مناخ سليم يسوده اإلستقرار واألمن القانوني قصد تحفيز المستثمر واستقطابه‪ ،‬أدخل المشرع المغربي جملة من التعديالت على ترس انته القانوني ة ال تي له ا علق ة بمي دان العم ال‬
‫لترسيخ دعائم األمن القانوني بمجال المال واألعمال‪ ،‬وسنقتصر في هذا المبحث الى التقرب الى القوانين األكثر ارتباطا وتخصص ا بمج ال الم ال واألعم ال‪ ،‬وهم على ن وعين؛ ق وانين عام ة‬
‫وقوانين خاصة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬القوانين العامة والقوانين الخاص‬

‫أوال‪ :‬القوانين العامة‬

‫أـ القانون الدستوري‬

‫إن الدستور المغربي قانون سامي يعبر عن إرادة األمة كما نصت الفصل ‪ 6‬من دستور المملكة لسنة ‪ 2011‬يطبق على الجميع سواء كانوا أش خاص ذات يين أو اعتب اريين بمن فيهم الس لطات‬
‫العمومية وملزمون باالمتثال له بالتساوي‪ ،‬حيث أن على السلطات العمومي ة أن يقوم وا بتوف ير الظ روف ال تي تمكن من تعميم الط ابع الفعلي لحري ة المواط نين والمواطن ات والمس اواة بينهم‬
‫ومشاركتهم في الحياة السياسية واالقتصادية واإلثقافية واإلجتماعية‪.‬‬

‫وبهذه السيادة ينبع األمن القانوني في مفهومه العام الذي ال يقصد به فقط كما سبق تحقيق اإلستقرار بالدولة وإنما التوزان بين الشعب والدولة عندما يخضعان للقانون بالتساوي‪.‬‬

‫ب ـ القانون اإلداري‬

‫يهدف القانون اإلداري إلى تنظيم العالقة بين الدولة والمواطنين‪ ،‬وتسيير جميع المساطر التوثيقية بغية تحقيق الت وزان بين الم واطن واإلدارة في جمي ع المج االت خاص ة المج ال االقتص ادي‬
‫الذي ينبني على المنافسة االقتصادية سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي‪ .‬وحيث أن القوة التنافسية تحدد لكل بلد إمكانيته االقتصادية‪ ،‬وذلك بقوانين ه وعدالت ه‪ ،‬لك ون أن الق انون عنص ر‬
‫أساسي في تدعيم هذه القوة‪ ،‬وترخيص مكانة الدولة كمصدر لجلب اإلستثمار‪ ،‬على أن الهدف ليس فقط جلب اإلستثمارات بل الحفاظ عليها وتشجيعها‪ ،‬وذلك في إطار توجه ي رمي الى تحقي ق‬
‫هدفين أساسين كبيرين؛ األول يهم السعي نحو إرساء القواعد التي من شأنها ضمان الشفافية في تعاملت اإلدارة والمساواة بين جميع المتنافسين‪ ،‬وكذا ضمان فعالية الص فقة العمومي ة‪ ،‬والث اني‬
‫يتجلى في حرص المشرع على إيجاد نوع من التوازن بين المص لحة العام ة عن طري ق منح اإلدارة مجموع ة من الس لط واالمتي ازات االس تثنائية غ ير المألوف ة في التعاق دات العادي ة‪ ،‬وبين‬
‫المصلحة الخاصة عن طريق التنصيص عن مجموعة من الضمانات والحقوق المخولة للمقاولة صاحبة الصفقة‪ .‬حتى يتأتى تحقيق الغاية المرجوة من الصفقة العمومية وهي تمكين اإلدارة من‬
‫تحقيق أهدافها المتمثلة في إشباع حاجيات المواطنين في أسرع وقت ممكن وبشكل أفضل وبأقل تكلفة‪.‬‬

‫لذا بدأ التفكير في خلق جهاز إداري توكل له مهمة تدبير ملف اإلستثمار‪ ،‬وقد سعى المغرب كباقي الدول الى توفير مناخ مناسب لتشجيع على اإلستثمارات الجنبي ة والوطني ة على ح د س واء‪،‬‬
‫من خالل العمل على تخفيف الجراء ات والمساطر التي يجب على المستثمر أن يتوجه اليها‪ .‬وذلك بتكوين أجهزة مكلفة باإلس تثمار كإنش اء مراك ز جهوي ة لالس تثمار والجن ة الوطني ة مكلف ة‬
‫بمناخ األعمال وإنشاء صناديق لدعم اإلستثمار‪ ،‬إضافة إلى وضع استراتيجية لترويج اإلستثمارية عن طريق التثبت بالش فافية والوض وح في الظف ر بالص فقات العمومي ة إلطالع المس تثمرين‬
‫على المناخ اإلستثماري والبيئة المحاطة به‪.‬‬

‫ج ـ ميثاق جديد لالستثمار‬

‫إن المغرب في إطار سعيه لجلب اإلستثمارات الجنبية وتحسين مناخ األعمال‪ ،‬قام بمجموعة من التدابير أهمها ميثاق جدي د لإلس تثمار‪ ،‬وال ذي ح اول في ه ت دارك عي وب ال تي ط الت الميث اق‬
‫السابق لالستثمار وكذا التشتت الذي طال النصوص السابقة وطابعها القطاعي‪ .‬مما يدل رغبة المشرع المغربي في تحقيق القانوني بصفة عامة واألمن اإلقتص ادي بص فة خاص ة وذل ك قص د‬
‫توفير مناخ سليم لإلستثمار في المغرب عن طريق اتخاد تدابير يمكن إجمالها في اآلتي‪:‬‬

‫ـ تخفيض العبء الضريبي المتعلق بعمليات شراء المعدات واآلالت والسلع التجهيزية واألراضي الالزمة إلنجاز مشاريع اقتصادية‬

‫ـ تخفيض نسبة الضريبة المفروضة على الدخول والرباح‬

‫ـ سن نظام ضريبي تفضيلي لفائدة التنمية الجهوية‬

‫ـ تعزيز الضمانات الممنوحة للمستثمر بتيسير طرق الطعن فيما يتعلق بالنظام الضريبي الوطني والمحلي‪.‬‬

‫د ـ القانون الجبائي‬

‫شكلت الضريبة على الدوام عنصرا معرقل لإلستثمار األجنبي بالدول النامية‪ ،‬وهو ما دفع بهذه الدول إلى العمل على تحويل هذا العامل من عنص ر س لبي إلى عنص ر محف ز لإلس تثمار‪ ،‬عن‬
‫طريق التخفيف من هذه الضرائب‪ ،‬أو العمل على اإلعفاء منها لمدة معينة والتي قد تكون مطلقة أو مؤقتة‪.‬‬

‫لهذا فإن السياسة الضريبية للدول تمنح تحفيزات جبائية تهدف الى تشجيع قيام المقاولة وتنميتها‪ ،‬وفي هذا الصدد نذكر بعض المحفزات الجبائية التي سعى المشرع من خالله ا الى خل ق من اخ‬
‫مالئم لإلستثمارات ومن أهمها‪:‬‬

‫ـ اعفاء المشاريع اإلستثمارية من مجموعة من الضرائب على الشركات طول فترة خمس سنوات مع تخفيض بنسبة ‪ %50‬من الضريبة المذكورة بعد خمس سنوات التالية لإلنتاج‪.‬‬

‫ـ اعفاء المنشآت الفندقية‬


‫ـ اإلعفاء من واجبات التسجيل المترتبة عن اقتناء أرض أو بنايات مرصدة إلنجاز مشروع استثماري‬

‫ـ كما تنص المادة ‪ 6‬من مدونة الضرائب على أنه "تمنح المنشآت التي تزاول أنشطتها في المناطق الحرة للتصدير باإلعفاء من مجموعة الضريبة طوال الخمس الس نوات المحاس بية المتتالي ة‬
‫تبتدئ من تاريخ الشروع في استقاللها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬القوانين الخاص‬

‫أـ مدونة التجارة‬

‫عمل المشرع المغربي على إصدار قانون جديد رقم ‪ 15.95‬المتعلق بمدونة التجارة عوض الظهائر التي كان يعمل بها في الميدان التجاري‪ ،‬حيث جاءت هذه األخيرة بعدة مقتضيات تجاري ة‬
‫مقننة تنقسم إلى‪ :‬الكتاب األول والذي يتعلق باألعمال التجارية واألهلية التجارية والتزامات التاجر‪ ،‬وأهم ما جاء في هذا الباب هو إعط اء اإلذن للم رأة بممارس ة التج ارة‪ ،‬كم ا تض منت ه ذه‬
‫المدونة مقتضيات تتعلق بتنظيم السجل التجاري الذي يلعب دورا هاما في إعطاء القيمة االقتصادية للتاجر وتوابعه التجارية العتم اده على القي د واإلش هارالذي أس اس التج ارة‪ ،‬وال ننس ى أن‬
‫القيد واإلشهار من أبزر سمات الشفافية والوضوح الذي يتطلبه األمن القانوني‪.‬‬

‫أما الكتاب الثاني فيتعلق باألصل التجاري وعناصره العقود المتعلقة به‪ ،‬والكتاب الثالث يتطرق الى تنظيم األوراق التجارية وماهيتها‪ ،‬ثم الكتاب الرابع الذي خصص بوض ع اإلط ار الق انوني‬
‫لمجموعة من العمليات والمتمثلة في العقود التجارية (عقد النقل‪ ،‬الوكالة بالعمولة‪ ،‬عقد اإليداع‪ ،‬الوكالة التجارية‪.)...‬‬

‫وأخيرا الكتاب الخامس فيعد أهم ما جاءت به مدونة التجارة الجديدة وذلك رغبة من المشرع في تقويم وضعية المقاولة تفاديا لتصفيتها قدر المكان قصد الحد من اآلثار الس لبية ال تي ق د تلح ق‬
‫بالمقاولة والحفاظ على مناصب الشغل‪.‬‬

‫ب ـ قانون الشركات‬

‫تعتبر الشركات التجارية اإلطار القانوني األكثر مالئمة للقيام بالمشاريع في ضل االقتصاديات الحديثة‪ ،‬نظرا للمكانيات المادية والبشرية والتنظيمية التي تتمتع بها‪.‬‬

‫وتتنوع هذه الشركات من شركات أشخاص وشركات أموال وشركات مختلطة حسب غرض الشركة ورأسمالها وشركائها‪.‬‬

‫وفيما يخص القوانين المنظمة لهذه الشركات فإن المشرع المغربي عمل على تنظميها بمقتضى تشريعين مستقلين‪ ،‬أحدهما يتعلق بشركة المساهمة وهو القانون رقم ‪ 17.95‬وال ذي غ ير وتمم‬
‫بقانون رقم ‪ .20.05‬والثاني ينظم شركات التضامن والتوصية البسيطة والتوصية باألسهم والمحاصة والشركات ذات المسؤولية المحدودة وهو القانون رقم ‪ 5.96‬والذي غير وتمم بمقتض ى‬
‫القانون رقم ‪.21.05‬‬

‫ويبقى غرض المشرع المغربي في تشريع هاذين القانونين هو إعطاء تكافئ الفرص‪ ،‬وخلق التوازن بين الفاعلين اإلقتصاديين إلنشاء شركات تجارية متنوعة حسب غرضها ورأسمالها وعدد‬
‫الشركاء‪.‬‬

‫وعلى العموم فإن تعديل هذه التشريعات جاء ليتدارك العيوب والنقص الذي كان يعتري النصوص المعدلة‪ ،‬لتزويد المغرب بتشريع حديث يعكس متطلبات واقع العص ر اإلقتص ادي‪ ،‬وض مان‬
‫تحقيق أهداف قانون الشركات المتمثلة في الشفافية وحماية الشركاء‪ ،‬بتأييد جميع والواجبات المفروضة في ميدان الشركات التجارية بجزاء ات تضمن احترامه ا‪ ،‬وفي جمي ع مراح ل الش ركة‬
‫من التأسيس إلى التسيير ثم إنهاء الشركة‪ .‬وكذا قصد توفير الحماية المالئمة واألمن القانوني للشركاء واألغيار في هذه الشركات التجارية التي تعتبر لبنة أساسية لتنمية مناخ العمال بالمغرب‪.‬‬

‫ج ـ القانون البنكي‬

‫استجابة منه للتحوالت االقتصادية التي شهدها العالم‪ ،‬عمد المشرع المغربي من خالل تنظيمه للسوق المالي بإصدار القانون البنكي الجديد رقم ‪ 103.12‬المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات‬
‫المعتبرة في حكمها‪ ،‬حيث كان الهدف المتوخى هو الرفع من القدرة التنافسية وتمويل االقتصاد الوطني فضال عن انشاء إطار قانوني مش ترك لك ل مؤسس ات االئتم ان‪ ،‬وال تي تتعل ق ب البنوك‬
‫وشركات االئتمان‪ ،‬حيث أن هذه المؤسسات المالية تضطلع بدور اقتصادي بالغ األهمية سواء في تعبئة اإلدخار أو تمويل النشاط اإلقتصادي‪.‬‬

‫وهكذا فالمغرب يتوفر على قطاع بنكي عصري متطور وسريع‪ ،‬يتكون من مجموعة من األبناك التجارية ومؤسسات بنكية مختصة في تموي ل اإلس تثمار في مختل ف القطاع ات اإلقتص ادية‪،‬‬
‫وتستقطب هذه البنوك قسطا هاما من رؤوس األموال الوافدة على المغرب مباشرة أو عبر فروعها وممثليها بالخارج‪ ،‬وتستفيد المشاريع اإلستثمارية من إمكانيات واسعة للتمويل بأس عار ح رة‬
‫لتشجيع اإلستثمارات‪.‬‬

‫د ـ القانون االجتماعي‬

‫نظرا للدور الهام والفعال الذي يضطلع به اإلستثمار في التنمية اإلجتماعية واإلقتصادية‪ ،‬من خالل تش غيل فئ ات واس عة من المواط نين‪ .‬ولن نتمكن من تش غيل الفئ ات الواس عة من ش بابنا إال‬
‫بتحقيق التنمية اإلقتصادية التي تظل رهينة بتحفيز االستثمار‪.‬‬

‫واعتبارا ألهمية الشغل داخل المجتمعات‪ ،‬فإن دور القانون اإلجتماعي في توفير األمن القتصادي يتجلى من خالل مدونة الشغل أو من خالل المخاطر والحوادث التي تنتج بممارسة العمل‪.‬‬

‫‪1‬ـ مدونة الشغل‪ :‬إن ص دور مدون ة الش غل من خالل ق انون رقم ‪ 65.99‬ج اء بتع ديالت هام ة والهادف ة أساس ا إلى تك ريس ق انون اجتم اعي متط ور يس اهم في تحقي ق التنمي ة االجتماعي ة‬
‫واالقتصادية‪ .‬حيث تتضمن مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم حقوق وااللتزامات األجير والمؤاجر بهدف تنشيط سوق الشغل‪ ،‬وضبط العالقات بين األطراف المعنية بغية ضمان حماية‬
‫قانونية لحقوق الشغيلة‪ ،‬والحرص على تحسين ظروف االستثمار وتوفير شروط اإلنتاج داخل المقاولة في جو يسوده الوضوح والشفافية‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ قانون حوادث الشغل واألمراض المهنية‪:‬‬

‫ان حوادث الشغل والمراض المهنية هي مختلف المخاطر التي تصيب الجير بمناسبة ممارسته لعمله‪ ،‬سواء حادثة أصيب بها أثناء العمل‪ ،‬أو مرض ناتج عن قيام ه بالعم ل لم دة معين ة‪ ،‬وك ل‬
‫األمرين يحد من استمرارية األجير من أداء واجبه وبالتالي تراجع المقاولة عن اإلنتاج وهذا ينعكس بشكل سلبي ومباشر على الوضع االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬

‫ولمعالجة ذلك وتحقيق التوازن اإلجتماعي داخل المقاولة‪ ،‬عمل المشرع المغربي على تأمين الحياة اإلجتماعية بمقتضى ظهير ‪ 23‬يوليو ‪.2002‬‬
‫تغير المناخ والمحافظة على الموارد الطبيعية‬

‫أصبح التغير المناخي أحد أهم االهتمامات الرئيسية الكبرى للخبر‪ ،‬وصانعي السياسات في جميع أنحاء المعمورة‪ ،‬إذ يشكل تحديا كبيرا أم ام البش رية‪ ،‬لم ا ل ه من آث ار على الترب ة‪ ،‬واألنظم ة‬
‫المائية والسكان والنظم اإليكولوجية والطبيعية‪.‬‬

‫ويعد هذا التغير المناخي من أبرز التحديات التي تهدد مستقبل التنمية المستدامة خاصة مع احتمال تزيد آثاره السلبية على صحة اإلنسان‪ ،‬واألمن الغذائي والنشاط االقتصادي والموارد المائية‪،‬‬
‫وغيرها من الموارد الطبيعية األخرى‪.‬‬

‫ونتيجة لتزايد األنشطة غير معقلنة منذ ثورة الصناعية إلى اليوم‪ ،‬أصبحنا نجني ثمار هذه التأثيرات خالل السنوات األخيرة‪ ،‬خاص ة م ع ظه ور العدي د من األح داث المناخي ة المتطرف ة ح ول‬
‫العالم منها موجات الحر التي سجلت على أثرها درجات حرارة قياسية‪ ،‬باإلضافة إلى الفيضانات‪ ،‬واض طراب ح االت الطقس ال تي اجت احت العدي د من من اطق الك وكب‪ ،‬وس ببت العدي د من‬
‫المآسي االنسانية من هجرة وجوع‪ ،‬وموت ‪ ...‬كما أثرت هذه األحداث على المحاصل الزراعية وتراجع الفرشة المائية‪ ،‬وبالتالي خلخلت نظام الحياة الطبيعية والبشرية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تشخيص الوضعية المناخية بالمغرب وتأثيرها على الموارد الطبيعية‬

‫من الحقائق الراسخة التي توصلت إليها مجموعة من األبحاث والدراسات العلمية‪ ،‬أن التغيرات المناخية لها تأثيرات كبيرة على الموارد البشرية والطبيعية‪ ،‬وقد تستمر هذه التغيرات لس اعات‬
‫وأيام‪ ،‬كما يمكنها أن تعمر لسنوات ولعقود طويلة‪ ،‬وذلك حسب درجة الضرر الذي يلحق ه االنس ان بالمنظوم ة البيئي ة‪ ،‬وق د ظه ر ه ذا الت أثر بش كل جلي في القطاع ات األولي ة مث ل الم وارد‬
‫الحيوية‪ ،‬والزراعية‪ ،‬والمائية‪ .‬وسيكون األمر أكثر سلبية في السنوات القادمة‪ ،‬مما يؤدي إلى تفاقم المشاكل االقتصادية واالجتماعية والبيئية‪.‬‬

‫إن من أهم تأثيرات المناخية التي أثرت على المغرب خالل السنوات األخيرة نجد‪ ،‬ارتفاع درج ة الح رارة‪ ،‬واختالف في كمي ة وأوق ات س قوط األمط ار‪ ،‬وم ا يتبعه ا من تغي ير على مس توى‬
‫الدورة المائية والزراعية‪.‬‬

‫‪1‬ـ الموارد المائية‪:‬‬

‫إن تغير أنماط تهاطل األمطار وذوبان الجليد بسبب التغيرات المناخية‪ ،‬يؤثر على النظم الهيدروجية ويؤثر على نوعية الموارد المائية وكميتها‪.‬‬

‫إن التغير في درجات الحرارة وعدم انتظامية وتراجع التساقطات المطرية‪ ،‬هي أسباب كفيل ة بتقلص ونض وب الفرش ة المائي ة ب المغرب‪ ،‬وحس ب توقع ات لمجموع ة من األبح اث ف إن تف اقم‬
‫االختالالت المناخية بالمغرب سيزيد من وطأة وحدة تراجع هذه المادة الحيوية‪ ،‬وسيطال هذا التأثير باقي القطاعات المرتبطة بالماء من فالحة وصناعة‪ ،‬وح تى أف راد المجتم ع‪ ،‬نتيج ة تقلص‬
‫نصيب الفرد من حصة معقولة وكافية‪ ،‬خاصة في بعض المناطق النائية‪.‬‬

‫تتعرض الموارد المائية بالمغرب والتي باتت تعاني من الندرة والنضوب‪ ،‬وعدم االنتظام‪ ،‬لضغوط متزايدة مرتبطة بالنمو السكاني والتنمية الزراعية‪ ،‬والحضرية‪ ،‬والصناعية والسياحية‪ .‬كم ا‬
‫تتأثر هذه المادة الحيوية بالتغيرات المناخية التي تزيد من حدة تراجعها نتيجة االستغالل المفرط للمياه الجوفية والتي تقدر الكمية المتاحة لك ل ف رد بح والي ‪ 700‬م تر مكعب في ال وقت ال تي‬
‫كانت تبلغ نسبة أكثر من ألف متر مكعب سنة ‪ ،1990‬وستنخفض هذه النسبة إلى ‪ 651‬متر مكعب بحلول سنة ‪.2025‬‬

‫‪2‬ـ االنتاج الزراعي‪:‬‬

‫يقع المغرب في واحدة من أكثر المناطق في العالم تعرضا للتغيرات المناخية وال سيما تأثيره على القطاع الزراعي الذي يعد بمثابة العم ود الفق ري لالقتص اد المغ ربي‪ .‬فقط اع الزراع ة ك ان‬
‫دائما قطاعا استراتيجيا ويحتل األولوية في خطط التنمية االقتصادية واالجتماعية منذ االستقالل‪ ،‬إذ يوفر فرص شغل بنسبة ‪ %40‬من الس كان النش طين وت تراوح مس اهمته في الن اتج المحلي‬
‫من ‪ 15‬إلى ‪.%20‬‬

‫لكن في اآلونة األخيرة وبفعل التأثيرات المناخية‪ ،‬بدا القطاع يعرف تذبذبا وتراجعا وأثر الجفاف واالنخفاض تساقط األمطار على الغلة الزراعية‪ ،‬كما أثرت على س بل عيش المجتم ع‪ ،‬األم ر‬
‫الذي جعل القضاء على الفقر أكثر صعوبة وسوف تؤدي الغلة األقل واألكثر تباينا إلى الزيادة في االعتماد على المواد الغذائية المس توردة‪ ،‬مم ا يجع ل المغ رب أك ثر عرض ة لتقلب ات أس عار‬
‫المواد الغذائية الدولية بشكل متزايد‪.‬‬

‫وتكمن المشكلة في أن االقتصاد المغربي ال يزال يعتمد إلى حد كب ير على االنت اج ال زراعي‪ ،‬ال ذي ب دوره مه دد بالمخ اطر المناخي ة‪ ،‬إذ يتع رض االنت اج المحلي من الحب وب بدرج ة عالي ة‬
‫لمخاطر المناخ‪ ،‬حيث يتركز بشكل رئيسي في المناطق القاحلة‪ ،‬وشبه القاحلة التي تتميز بتربة محدودة‪ ،‬وموارد مائية ضعيفة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االستراتيجيات والبدائل الممكنة لمواجهة الظاهرة المناخية بالمغرب‬

‫نهج المغرب مجموعة من االستراتيجيات لمواجهة التغيرات المناخية‪ ،‬والحد من تأثيراتها الضارة سنلخصها بشكل وجيز مع رصد مكامن الخلل ومحاولة طرح بدائل اجتماعية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أهم الخطط والتدابير العملية التي تبناها المغرب لمواجهة الظاهرة المناخية‬

‫ــ سياسة وبرامج المغرب األخضر التي تنص على تدابير التكيف ‪ ،‬وال سيما توفير المياه والحفاظ على التربة‪ ،‬وتعزيز زراعة األشجار‪ ،‬ودعم الزراعة التضامنية حول المنتجات المحلية‪.‬‬

‫ــ استراتيجية بناء السدود منذ منتصف القرن الماضي‪ ،‬للعمل على توفير احتياجات الماء للسكان والتنمية االقتصادية‬

‫ــ االهتمام بالطاقة المتجددة من خالل المشاريع الكبيرة المتعقلة بالطاقة الشمسية والريحية‬

‫ــ تعزيز القدرات البشرية والتقنية‪ ،‬لتأهيل نظام االنذار بحدوث الكوارث المناخية من قبيل الفيضانات وموجات الحر والبرد‪ ،‬باإلضافة إلى تعزيز شبكة مراقبة األرض‪.‬‬
‫ــ إصدار قانون رقم ‪ 10.22‬المتعلق بمنع استعمال األكياس واللفيفات البالستيكية الغير قابلة للتحلل البيولوجي أو صنعها‪ ،‬كما يتم منع اس تيرادها أو حيازته ا بغ رض ال بيع والتوزي ع‪ ،‬وذل ك‬
‫للحد من تأثير البالستيك على البيئة‪.‬‬

‫ــ إصدار قانون رقم ‪ 13.03‬يهدف إلى الوقاية والحد من انبعاثات الملوثة الجوية التي يمكن أن تلحق أضرار بصحة االنسان‪ ،‬والحيوان‪ ،‬والتربة‪ ،‬والمناخ‪ ،‬والثروات الثقافية والبيئية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحلول والبدائل المقترحة لتحدي التغيرات المناخية‬

‫أوال‪ :‬دعم برامج التوعية والتحسيس في الوسائط االعالمية‬

‫معظم األفراد المجتمع المغربي ليست لديهم معرفة حول العالقة الترابطية بين سلوكهم الفردي الذي يعتبرونه بسيط (كإنتاج النفاي ات أو اس تهالك اللح وم بك ثرة‪ ،‬أو اس تعمال الس يارة لمس افة‬
‫قريبة ‪ )...‬هذه السلوكيات اليومية تساهم بنسبة تقدر ب ‪ %19‬من االنبعاثات الغازية‪ ،‬وخاصة غاز الميثان الذي تنتجه عصارة النفايات المنزلية‪ .‬إن افتقار األف راد للمعلوم ات ح ول الظ اهرة‬
‫المناخية والبيئية عامة‪ ،‬أحد األسباب التي تمنعهم في الحد من خطورتها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬دعم المجتمع المدني‬

‫إن مسؤولية تغير المناخ ال تقع فقط على الحكومات ومؤسسات الدولة واألفراد‪ ،‬بمع زل عن دور وأهمي ة المجتم ع الم دني‪ ،‬ه ذا العنص ر ال ذي خ اض حرب ا شرس ة ض د الق وى الص ناعية‪،‬‬
‫الرأسمالية الغربية وتدخل بقوة ُتحسب و ُت سجل في تاريخه النضالي لحماية األرض‪ ،‬والدفاع عنها‪ ،‬واألمثلة عديدة عن هذه المنظمات مثل "منظمة السالم األخضر" التي استطاعت منع العدي د‬
‫من األنشطة المسببة للتلوث البيئي والمناخي خاصة‪.‬‬

‫لهذا فالمجتمع المغربي اليوم في حاجة ماسة إلى مجتمع مدني قوي‪ ،‬يحمل الهم والقضية البيئية على عاتقه بمحمل الجد‪ ،‬ويعمل ما بوسعه لتكثيف أنشطته وتنويعها وتوسيعها على أكبر نطاق‪.‬‬
‫مجتمع مدني يخلق شراكات مع المؤسسات التعليمية واألسرية والمالعب والنوادي الرياضية ‪ ...‬وأن يكون حاضرا ومستقطبا ومفسرا ومنوها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬العمل محليا والتفكير عالميا‬

‫يجب التفكير والنظر في االمكانيات والقدرات المحلية‪ ،‬وإعادة ربط الثقة بالمكونات‪ ،‬والقدرات الذاتية المحلية‪ ،‬بعدما أذابت العولمة هذه الخاصية وه ذه العالق ة وأص بح الخ ارجي ه و المم يز‬
‫وهو النموذج األعلى‪ ،‬في مقابل تهميش كل ما هو داخلي محلي سواء كان منتوجا أو خدمة أو فكرة‪..‬‬

‫إن التدريب على الثقافة العيش في ظل االمكانات المحلية‪ ،‬تكون طوق نجاة في بعض الظروف‪ ،‬ولعل الظروف الوبائية لكوفيد ‪ 19‬التي نمر بها اآلن دليل واضح ورسالة عميقة للتدبر‪ ،‬فحين‬
‫أغلقت الحدود خوفا من المرض تسارعت العديد من الطاقات الشبابية بالمغرب في البحث عن بدائل محلي ة‪ ،‬والحظن ا العدي د من المب ادرات انكبت على ص نع األجه زة التنفس ية‪ ،‬والكمام ات‬
‫وغيرها من الوسائل التي فرضتها الجائحة‪ ،‬فهذا مثال يجسد أهمية المحلي‪ ،‬ونحن ال نعلم ما ينتظرنا من تغيرات مناخية صعبة‪ ،‬قد تكون موجات حار أو ب رد قاتل ة‪ ،‬أو فيض انات أو غيره ا‪،‬‬
‫لهذا يجب استشراف المستقبل ووضع كل االحتماالت الواردة‪ ،‬والعمل على تقوية وتشجيع االنتاج الداخلي‪ ،‬والممارسات المحلية المستدامة‪.‬‬

‫هذا ال ينفي إهمال السياق العالمي الذي يميز هذه الظاهرة‪ ،‬حيث أن كل الدول لها اليد في القضية المناخية سواء بالتقليل أو الكثير‪ ،‬لهذا يجب أن ترتبط الحلول مهم ا ك انت باإلجم اع ال دولي‪،‬‬
‫حتى تكون فعالة‪ ،‬ويجب افتراضها وتنفيذها على نطاق عالمي‪.‬‬
‫دور التكنولوجيا في تحقيق التنمية‬

‫في العقدين المنصرمين‪ ،‬حققت األمم المتحدة إنجازين تنمويين شمال جميع بلدان العالم‪ ،‬وهما إعالن األهداف اإلنمائية لأللفية‪ ،‬الذي طرح رؤية جديدة لالرتقاء بنوعية حياة الفئات األكثر فقرا‬
‫وتهميشا في فترة انتهت في عام ‪ ،2015‬وخطة التنمية المستدامة لعام ‪ ،2030‬التي تقدم برنامج عمل من أجل اإلنسان واألرض واالزدهار‪ .‬وعلى مسار آخر‪ ،‬شهد العالم أحداثا مأساوية من‬
‫كوارث طبيعية‪ ،‬وأزمات مالية وصحية‪ ،‬وركود اقتصادي‪ ،‬وصراعات مسلحة نشبت في العديد من البلدان بما فيها البلدان العربية‪ .‬وكان لتلك األحداث أثر سلبي على المسار التنموي الع المي‬
‫واإلقليمي‪.‬‬

‫وفي هذا السياق‪ ،‬اتفقت دول العالم على خطة للتنمية المستدامة لما بعد عام ‪ ، 2015‬دمجت األبعاد االقتصادية واالجتماعية والبيئية على نحو شامل ومتوازن من أجل تحقيق النمو االقتصادي‬
‫واالحتواء االجتماعي‪ ،‬وحماية البيئة‪ .‬في سبتمبر ‪ ،2015‬اعتمد قادة الدول خطة التنمية المستدامة لعام ‪ 2030‬التي بدأ تطبيقها رسميا في أول ين اير ‪ ،2016‬وال تزمت بموجبه ا ال دول ومن‬
‫بينها المغرب ببذل الجهود للقضاء على الفقر بجميع أشكاله‪ ،‬ومكافحة عدم المساواة‪ ،‬ومعالجة تغير المناخ‪ ،‬وعدم إهمال أحد‪.‬‬

‫ونظرا للثورة المعرفية وتسارع وتيرة االبتكار والتقدم التكنولوجي‪ ،‬تحتل العلوم والتكنولوجيا واالبتكار مكان ة خاص ة في التنمي ة االقتص ادية واالجتماعي ة والبيئي ة‪ ،‬وتعت بر أساس ية من أج ل‬
‫تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام ‪ 2030‬وأهدافها السبعة عشر‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬دور البحث العلمي والتكنولوجيا في تحقيق التنمية‬

‫إن الهدف من العلوم والتكنولوجيا هي التأثير على مسار التنمية وتلبية تطلعات الجميع في العيش الكريم والحد من تدهور البيئة‪ .‬وبتسخير العلم والتكنولوجيا ألغراض التنمي ة يمكن أن تس اهم‬
‫في معالجة قضايا التنمية المستدامة كالقضاء على الفقر‪ ،‬وحماية كوكب األرض‪ ،‬وإدارة المخاطر المناخية واألخطار الطبيعية‪ ،‬والنه وض بالمس اواة بين الجنس ين ومن ع نش وب الص راعات‪،‬‬
‫وتحقيق األمن الغذائي ومكافحة الجوع‪.‬‬

‫وقد أثبتت بعض التكنولوجيات‪ ،‬مثل الذكاء االصطناعي والبيانات الض خمة والروبوت ات والطباع ة الثالثي ة األبع اد‪ ،‬ج دواها في العدي د من المش اريع الرائ دة ال تي انطلقت في مج ال التنمي ة‬
‫المستدامة في بعض البلدان النامية واألقل نموا‪ .‬فقد استخدمت البيانات الضخمة في معالجة النفايات اإللكترونية في الصين‪ ،‬وفي الحد من التل وث وتخفي ف االزدح ام الم روري في بنغالديش‪،‬‬
‫وفي حشد مصادر جديدة للتمويل مثل توليد رأس المال األولي لدعم الطاقة الشمسية في بوركينا فاسو‪ .‬وتتيح التكنولوجيا الجديدة والناشئة‪ ،‬وال سيما تلك التي تعتمد على التكنولوجي ا الرقمي ة‪،‬‬
‫تخفيض تكاليف اإلنتاج وتوفير منتجات وخدمات بأسعار أقل تناسب احتياجات الفقراء‪ ،‬ومساعدة القطاع العام في الحد من اإلنفاق وزيادة مردود االستثمار‪.‬‬

‫أما تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت‪ ،‬تعتبر عامال هاما في التنمية االجتماعية واالقتصادية والبيئية‪ ،‬وأداة تمكينية لالبتكار ووسيلة ضرورية لتحقيق التنمية الش املة للجمي ع انطالق ا من مب دأ‬
‫عدم إهمال أحد‪ .‬وقد كشفت دراسات اجريت على عينة من ‪ 15‬بلدا من البلدان المتقدمة والنامية عن الترابط الواضح بين تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت والتقدم المحرز في تحقيق أه داف‬
‫التنمية المستدامة‪ ،‬وال سيما عندما يوجه استخدام هذه التكنولوجيا نحو التنمية المستدامة ولمنصات التكنولوجيا العالمية‪ ،‬مثل اإلنترنت والتجارة اإللكترونية والحوسبة السحابية ووسائل اإلعالم‬
‫االجتماعية‪ ،‬دور هام في تحفيز النهج التشاركية لالبتكار وإزالة الحواجز الناجمة عن التباعد الجغرافي‪ .‬وتعتبر تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت هامة من أجل تحقي ق اله دف ‪ 5‬من أه داف‬
‫التنمية المستدامة‪ ،‬الذي يتعلق بتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات‪ .‬فهذه التكنولوجيا تتيح للم رأة ال تي تمكث في الم نزل‪ ،‬نتيج ة بعض التقالي د والع ادات في المجتم ع‪،‬‬
‫متابعة تعليمها والعمل عن بعد في حاالت األمومة والعوارض الصحية‪ ،‬وتسويق منتجاتها اليدوية أو الفنية أو الزراعية عبر المنصات التكنولوجية‪ ،‬واالس تفادة من ف رص عم ل جدي دة تعتم د‬
‫على استخدام الحاسوب‪.‬‬

‫وإذا كان مجال العلوم والتكنولوجيا واالبتكار محوريا لبلوغ أهداف التنمية المستدامة‪ ،‬فإن الدول العربي ة عام ة والمغ رب خاص ة تواج ه ع دة تح ديات في ه ذا المج ال‪ .‬ففي البل دان المتقدم ة‬
‫يتصدر االبتكار والبحث العلمي الميزانيات وقائمة اإلنفاق‪ ،‬ليس من قبل الحكومات فحسب‪ ،‬بل إن ال دور األك بر يق وم ب ه القط اع الخ اص ال ذي ي ؤمن ب دور البح وث واالبتك ارات في رقي ه‬
‫واستمراره‪ ،‬وفي المقابل لم يجد البحث العلمي ما يستحقه من االهتمام واإلنفاق في دول أخرى‪ ،‬اعتادت على استيراد كل شيء معلبا من الخارج‪ .‬وفي المغرب يالقي االبتك ار والبحث العلمي‬
‫اهتماما‪ ،‬لكنه لم يتعد حدوده الدنيا‪ ،‬والميزانية المخصصة للبحث العلمي بالمغرب ما زالت دون ‪ 0.8‬في المائة في حين أن االرتقاء به يحتاج لرصد على األقل ‪ 3‬في المائة من الناتج الداخلي‬
‫اإلجمالي‪.‬‬
‫األمن الطاقي‪ :  ‬التحديات واالستراتيجيات واآلفاق‬

‫إن االقتصاد العالمي يمر بأزمة طاقية غير مسبوقة‪ ،‬ويرجع ذلك أساسا إلى اآلثار المزدوجة لألزمة األوكرانية وعواقب األزمة الصحية لفيروس كورونا‪ .‬وتم تسجيل العديد من الت وترات في‬
‫سوق الطاقة العالمية‪ ،‬ما أدى إلى زيادة كبيرة في أسعار المنتجات الطاقية‪ .‬وس جلت أس عار الغ از الط بيعي والكهرب اء ب دورها ارتفاع ات ملحوظ ة بلغت مس تويات غ ير مس بوقة‪ .‬وص ارت‬
‫تداعيات هذا السياق على األمن الطاقي إشكالية مستعصية جعلت الرهان الطاقي في صلب أولويات الدول كل حسب مدى درجة اعتمادها على سوق الطاقة الدولية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التحديات الطاقة‬

‫ــ يواجه المغرب تحديات جديدة في األمن الطاقي‪ ،‬في ظل األزمة الطاقية الحالية‪ ،‬ألنه يعاني بصفته مس تورداً لج ل حاجيات ه من المنتج ات البترولي ة المك ررة‪ ،‬وبش كل كب ير‪ ،‬من آث ار ه ذه‬
‫األزمة الطاقية العالمية‪ .‬وتم تسجيل العديد من التوترات في سوق الطاقة العالمية ما أدى إلى زيادة كبيرة في أسعار المنتجات الطاقية‪ .‬واتخذ المغرب ع دة ت دابير لتعزي ز األمن الط اقي للبالد‬
‫وتحسين مناعته وتنافسيته الطاقية‪ ،‬من بينها تسريع تطوير الطاقات المتجددة وتعزيز حصتها في المزيج الطاقي‪ ،‬وهي الحل األمثل للمغرب لمواجهة التحديات المختلف ة في إط ار اس تراتيجية‬
‫االنتقال الطاقي التي سجلت بالفعل‪ ،‬منذ إطالقها سنة ‪ ،2009‬تقدما كبيرا (‪ %37،6‬من القدرة الكهربائية المنجزة سنة ‪.)2021‬‬

‫ــ المغرب يعاني‪ ،‬بصفته مستورداً لجل حاجياته من المنتجات البترولية المكررة‪ ،‬وبشكل كب ير‪ ،‬من آث ار ه ذه األزم ة الطاقي ة العالمي ة‪ ،‬حيث بل غ مع دل التبعي ة الطاقي ة ح والي ‪ %90‬س نة‬
‫‪ . 2019‬وإضافة إلى ذلك‪ ،‬وعلى الرغم من التقدم الكبير المسجل على المستوى الوطني من حيث تعزيز القدرة المنجزة للطاقات المتجددة‪ ،‬فإن حصة المنتجات البترولية في المزيج الطاقي ال‬
‫تزال كبيرة‪ ،‬بنسبة قاربت ‪ % 53‬سنة ‪.2019‬‬

‫ثانيا‪ :‬التوجهات االستراتيجية المتخذة لضمان األمن الطاقي‬

‫بالنظر إلى التداعيات قصيرة ومتوسطة وطويلة األمد لهذه األزمة الطاقية على األمن الطاقي للبلد‪ ،‬فإن المغرب قام بوض ع توجهات ه االس تراتيجية في األمن الط اقي وتس ريع وت يرة تنفي ذها‪،‬‬
‫والتي تهدف بشكل خاص إلى تعزيز األمن الطاقي للبلد وتحسين مناعته وتنافسيته الطاقية‪.‬‬

‫ويتعلق المحور االستراتيجي الرئيسي األول بتسريع مسلسل االنتقال الطاقي من خالل التطوير المكثف للطاقات المتجددة‪ ،‬حيث يعتبر هذا األمر الحل األمثل للمغرب لمواجه ة ه ذه التح ديات‬
‫المختلفة في إطار استراتيجية االنتقال الطاقي التي سجلت بالفعل‪ ،‬منذ إطالقها سنة ‪ ،2009‬تقدما كبيراً (‪ )%37،6‬من القدرة الكهربائية المنجزة س نة ‪ .)2021‬وس يؤدي االس تخدام المكث ف‬
‫للطاقات المتجددة‪ ،‬أيضً ا‪ ،‬إلى مجموعة من المزايا‪ ،‬بما في ذلك انخفاض معدل التبعية الطاقية‪ ،‬وخفض الفاتورة الطاقية الوطنية وخلق فرص شغل مباش رة وغ ير مباش رة‪ ،‬وك ذا أثره ا اله ام‬
‫على الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وتحقيق طموح الحياد «الكربوني» على المدى الطويل‪ .‬وفي هذا الس ياق‪ ،‬أض حى من الض روري تعزي ز اإلنت اج الالمرك زي للكهرب اء من المص ادر‬
‫المتجددة على مستوى المنازل والصناعات والجماعات والضيعات الفالحية‪.‬‬

‫أما المحور االستراتيجي الثاني فيتعلق بتحقيق األهداف والتدابير القطاعية من حيث النجاعة الطاقية وترشيد الطلب‪ ،‬ووفقا ل ذلك‪ ،‬حُ ددت أه داف طموح ة من حيث خفض االس تهالك النه ائي‬
‫للطاقة بنسبة ‪ %20‬بحلول سنة ‪ . 2030‬وتتمحور هذه االستراتيجية الوطنية الطموحة حول أهداف وأسس ومحاور استراتيجية وتدابير قطاعية يتعين اإلسراع بتفعيلها‪ .‬ويتطلب تعزي ز األمن‬
‫الطاقي للبالد‪ ،‬أيضً ا‪ ،‬استخداما أكثر عقالنية للطاقة‪ ،‬وكذا اعتماد حوافز لالستخدام المعقلن للكهرباء‪.‬‬

‫وفي ما يتعلق بالمحور الثالث‪ ،‬فعتبر تطوير الغاز الطبيعي خيارا استراتيجيا للمساهمة في تنويع مصادر الطاق ة والح د من مش اكل االنقطاع ات الناجم ة عن االعتم اد المكث ف على الكهرب اء‬
‫المتجددة‪ ،‬وكذلك لضمان سالمة تزويد محطات الطاقة الكهربائية المعتمدة على الغاز الطبيعي في تشغيلها‪ .‬وفي هذا اإلطار تم في غشت ‪ ،2021‬وضع خارطة طري ق وطني ة لتط وير الغ از‬
‫الطبيعي ‪2021‬ـ‪ .2050‬وتتمحور أهداف هذه الخارطة ح ول إنش اء س وق منظم للغ از الط بيعي من خالل تحف يز التط ور الت دريجي للطلب وتط وير مش روع للبني ة التحتي ة للغ از‪ ،‬وول وج‬
‫المصنعين وباقي المستهلكين إلى طاقة تنافسية‪ ،‬وكذا تحسين تنافسية المصدرين الصناعيين المغاربة وتطوير أنشطة إضافية أخرى حول سلسلة الغاز الطبيعي‪.‬‬

‫ومن أجل تأمين االحتياجات من الغاز الطبيعي‪ ،‬تم اعتماد مجموعة من التدابير الطموحة‪ ،‬بما في ذلك إنشاء وحدة تخزين الغاز الطبيعي المسال وإعادة تحويل ه إلى غ از به دف ت أمين تزوي د‬
‫مستمر ومتنوع من الغاز الطبيعي‪ .‬وعلى المدى الطويل‪ ،‬يتم تنفيذ مشروع ذي أهمية كبيرة يتعلق ببناء خط أنابيب غاز بين المغرب ونيجيريا يقارب طوله ‪ 6.000‬كيلومتر ويمر ع بر عش ر‬
‫دول لربطها بالسوق األوروبية‪.‬‬

‫ويتعلق المحور االستراتيجي الرابع بتطوير الهيدروجين األخضر كمشروع واعد لتوليد الطاق ة النظيف ة‪ ،‬حيث تفتح سالس ل اإلنت اج المتعلق ة بالهي دروجين آفا ًق ا كب يرة‪ .‬وفي ه ذا االط ار‪ ،‬تم‬
‫إطالق خارطة طريق للهيدروجين األخضر في يناير ‪ 2021‬والتي تفتح آفا ًقا كب يرة للتص نيع تهم مختل ف مراح ل سلس لة القيم ة‪ ،‬بم ا فيه ا تحلي ة المي اه والطاق ات المتج ددة (الكهروض وئية‬
‫والريحية)‪ ،‬والتحليل الكهربائي والكيمياء الخضراء‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬رهان األمن الطاقي‬

‫حظى تحقيق األمن الطاقي للمغرب‪ ،‬في عالم متغير باهتمام ملكي‪ ،‬من أجل تعزيز سيادة المملكة الطاقية‪ ،‬وتقليص كلفة الطاقة‪ ،‬والتموقع في االقتصاد الخالي من الكربون في العقود القادمة‪.‬‬

‫ويراهن المغرب على رفع حصة الطاقات المتجددة إلى أزيد من ‪ 52‬في المئة من المزيج الكهربائي الوطني في أفق ‪ ،2030‬ورف ع التح ديات الك برى لألمن الط اقي ع بر تعزي ز التوجه ات‬
‫االستراتيجية لقطاع الطاقة‪ ،‬وتقليص تبعية الطاقية للخارج التي ستنتقل من ‪ 97‬في المئة سنة ‪ 2018‬إلى ‪ 82‬في المئة سنة ‪.2030‬‬

‫ويراهن المغرب كذلك‪ ،‬على تطوير الهيدروجين األخضر كمشروع واعد لتوليد الطاقة النظيفة‪ .‬ووفقا لمجلس الطاقة العالمي بألمانيا‪ ،‬واحدا من خمسة بلدان تتوفر على أك بر إمكان ات إلنت اج‬
‫وتصدير الجزئيات الخضراء (األمونيا والميثانول)‪ ،‬سيستحوذ المغرب بهذا المشروع على ما يناهز ‪ 4‬في المئة من سوق الهيدروجين العالمي‪ ،‬وبعائدات ستقارب ‪ 3‬مليارات دوالر‪ ،‬فمستقبل‬
‫التكنولوجيات مرتبط بها‪ ،‬خاصة في مجال التنقل والصناعة‪.‬‬
‫الميثاق الجديد لالستثمار كمرتكز للنهوض بمناخ األعمال‬
‫في سياق الظرفي ة االقتص ادية والمالي ة الص عبة ال تي تم ر به ا بالدن ا س واء من ج راء اآلث ار‬
‫ت داعيات جائح ة ف يروس كورون ا‪ ،‬أو موج ة جف اف ش ديدة وح رب األكراني ة الروس ية ال تي‬
‫ُتر ِج َمت أعباؤه ا إلى ارتف اع في بأس عار الس لع األساس ية كالطاق ة والغ ذاء م ا أدت إلى زي ادة‬
‫كبيرة في معدالت التضخم‪ ،‬ولجوء البنك المركزي إلى رفع مس تويات الفائ دة‪ ،‬م ا انعكس على‬
‫ارتفاعا ً في معدالت الديون وانهيار أسواق األسهم‪ .‬مما أسفرت عن تب اطؤ آف اق نم و االقتص اد‬
‫العالمي وتبعياتها باإلقتصاد المغربي‪.‬‬
‫فإذا كانت جميع ال دول تتخ ذ إج راء ات اس تثنائية لمواجه ة أزم ة الحالي ة‪ ،‬فينبغي له ا أن ُت ِع د‬
‫االقتصادات لالنتقال إلى عالم ما بعد هذه الظرفية الصعبة‪.‬‬
‫ويعتبر مناخ األعمال بالمغرب من األولويات األساسية للدولة نظ را ألهمي ة ومكان ة االس تثمار‬
‫كرافعة أساسية للنمو االقتصادي‪ ،‬وهو ما فتئ أن تحقق بإخراج عدة قوانين إص الحية وأوراش‬
‫وب رامج‪ ،‬إلق رار من اخ محف ز على اإلس تثمار وجلب المس تثمرين ورؤس اء األم وال وتأهي ل‬
‫المنظومة القانونية لمغرب األعمال‪ ،‬من أجل بالدفع بقاطرة مناخ األعمال بالمغرب وجعله قبل ة‬
‫موثوق فيها لإلستثمار‪ ،‬ولترسيخ ركائز الدولة االجتماعية وإرساء دع ائم اقتص اد وط ني أك ثر‬
‫إنصافا وازدهارا‪.‬‬
‫والس تعادة التحكم في النم و االقتص ادي‪ ،‬اتخ ذ المغ رب خط وات جريئ ة لتح ديث منظوم ة‬
‫االس تثمار‪ ،‬وتم إطالق "ميث اق جدي د لالستثمارالقانون‪-‬اإلط ار رقم ‪ "03.22‬ال ذي ش كل‬
‫أولوية واهتماما ملكيا وجرعة إلنعاش االقتصاد الوطني‪ ،‬لما من شأنه توجيه االستثمارات نح و‬
‫األولويات االستراتيجية مع توفير حوافز قوي ة للمس تثمرين‪ .‬وي أتي ه ذا الميث اق بع د محط تين‬
‫مهمتين في المغرب‪ ،‬أولهما صدور النموذج التنموي الجديد الذي يه دف إلى رف ع وت يرة النم و‬
‫االقتصادي وآليات الشروع في تنفيذ القانون اإلطار المتعلق باإلصالح الضريبي‪.‬‬
‫وتعتبر أهمية موضوع دعم االستثمار الشغل الش اغل للحكوم ة المغربي ة وتض عها في ص دارة‬
‫أولوياتها االقتصادية‪ ،‬باعتباره المحرك األساس لعجلة التنمية االقتصادية واالجتماعي ة‪ ،‬وإنت اج‬
‫الثروة‪ ،‬وإحداث ف رص الش غل وال تي يُس عى من خالل الميث اق تعبئ ة اس تثمارات تف وق ‪500‬‬
‫ملي ار درهم لخل ق مناص ب ش غل تن اهز ‪ 500‬أل ف فرص ة عم ل خالل الف ترة بين ‪ 2022‬و‬
‫‪2026‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أهداف الميثاق الجديد لالستثمار وآليات تفعيله‬
‫أوال‪ :‬أهداف الميثاق الجديد لالستثمار‬
‫حدد الميثاق مجموعة من األهداف لعمل الدولة في مجال تنمية االستثمار وتشجيعه‪ ،‬تتجلى‪:‬‬
‫ـ إحداث مناصب شغل قارة‬
‫ـ تقليص الفوارق بين أقاليم وعماالت المملكة في جذب االستثمارات‬
‫ـ توجيه االستثمار نحو القطاعات ذات األولية ومهن المستقبل‬
‫ـ تحسين مناخ األعمال وتسهيل عملية االستثمار‬
‫ـ تعزيز جاذبية المملكة من أجل جعلها قطبا قاريا ودوليا لالستثمارات األجنبية المباشرة‬
‫ـ تشجيع الصادرات وتواجد المقاوالت المغربية على الصعيد الدولي‬
‫ـ تحقيق التنمية المستدامة‬
‫ـ تشجيع االنتاج المحلي‬
‫ـ تغيير التوجه الحالي والذي يمثل فيه االستثمار الخاص ح والي ثلث االس تثمار اإلجم الي فيم ا‬
‫يمثل االستثمار العم ومي الثل ثين‪ .‬حيث يس عى إلى رف ع حص ة االس تثمار الخ اص لتبل غ ثل ثي‬
‫االستثمار اإلجمالي في أفق ‪.2035‬‬
‫ه ذا الخي ار ل ه م ا ي برره‪ ،‬حيث كش ف والي بن ك المغ رب عن معطي ات ص ادمة‪ ،‬إذ رغم أن‬
‫المغ رب يحت ل المرتب ة الثالث ة عالمي ا باس تثمارات عمومي ة تمث ل ‪ 32.3‬في المئ ة من الن اتج‬
‫الداخلي الخام من حيث القيمة‪ ،‬إال أن ذل ك لم يس اهم في تحقي ق األه داف المنتظ رة س واء على‬
‫مستوى التشغيل أو النمو‪ ،‬في الوقت الذي تمكنت دول تنفق أق ل من المغ رب بكث ير من تحقي ق‬
‫«معجزة اقتصادية»‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬آليات تفعيل الميثاق الجديد لالستثمار‬
‫لبلوغ هذه األه داف األساس ية الس ابق ذكره ا‪ ،‬تم إل زام الدول ة بوض ع أنظم ة ل دعم االس تثمار‬
‫وتغطيـة جميع الفئات مـن المشـاريع والجهـات الفاعلة في االسـتثمار الوطني والدولي‪ .‬تتكون‪:‬‬
‫ـ المنح المشتركة لالستثمار‪ ،‬ومنحة إضافية لالستثمار تس مى "منح ة ترابي ة"‪ ،‬ومنح ة إض افية‬
‫لالستثمار تسمى "منحة قطاعية"‪ ،‬س ُتمنح لفائدة مشاريع االستثمار المنجزة في قطاعات الواعدة‬
‫واألنشطة ذات األولوية التي أثبتت قدرتها على رفع نسبة النمو‪ ،‬وبالت الي خل ق ف رص الش غل‪،‬‬
‫ونخص بال ذكر قطاع ات ص ناعية ذات قيم ة مض افة كب يرة كالس يارات والط ائرات‪ ،‬ومهن‬
‫الرقمنة‪ ،‬والدفاع‪ ،‬والنسيج‪ ،‬والصيدلة‪.‬‬
‫ـ دعم مخصص لتط وير المق اوالت المغربي ة على الص عيد ال دولي‪ ،‬يع زز النف وذ االقتص ادي‬
‫المغربي في الخارج‪ ،‬وال سيما في أفريقيا‪ ،‬تماشيا مع الرؤية الملكية للقارة‪.‬‬
‫ـ دعم مخصص الستثمارات المقاوالت الصغيرة جدا والص غيرة والمتوس طة وال تي من ش أنها‬
‫أن تسمح بظه ور جي ل جدي د من رواد األعم ال المبتك رين والجري ئين‪ ،‬الق ادرين على تحوي ل‬
‫اقتصادنا‪.‬‬
‫ـ منح تعويضا إضافيا من أجل استقطاب المستثمرين إلى المناطق األكثر هشاشة‪ ،‬وال تي تش كو‬
‫من الخصاص على كل المستويات تقريبا‪ ،‬ويتعلق األمر المناطق النائية والقروية بشكل عام‪.‬‬
‫وسيكون على المستثمرين الراغبين في االستفادة من أنظم ة ال دعم الس الفة ال ذكر إب رام اتفاقي ة‬
‫اس تثمار م ع الدول ة تح دد على وج ه الخص وص التزام ات ك ل ط رف وكيفي ة تنفي ذها‪ ،‬كم ا‬
‫سيستفيد‪ ،‬وفق الميثاق‪ ،‬كل مشروع استثماري ك ان موض وع اتفاقي ة اس تثمارية م ع الدول ة من‬
‫امتيازات ضريبية وجمركية‪.‬‬
‫وستس هر الدول ة‪ ،‬وف ق نص الميث اق‪ ،‬على تس هيل ول وج المس تثمرين إلى عق ار يمكن تعبئت ه‬
‫بسهولة وبأسعار تنافسية من خالل تهيئ ة من اطق لألنش طة في مج االت الص ناعة واللوجس تيك‬
‫والتجارة والسياحة والخدمات تستجيب لحاجيات المستثمرين‪ ،‬والسهر على تنميتها واس تغاللها‪،‬‬
‫إضافة إلى تثمين القطع األرضية المخصصة لمشاريع االستثمار ذات القيمة المضافة والمحدث ة‬
‫لمناصب شغل قارة‪.‬‬
‫وبالنس بة للض مانات الممنوح ة للمس تثمرين؛ سيس تفيد األش خاص ال ذاتيون أو االعتب اريون‬
‫األجانب برسم االستثمارات المذكورة من نظام للتحويل يض من لهم الحري ة الكامل ة في تحوي ل‬
‫األرباح الصافية دون تحديد للمبلغ أو المدة‪ ،‬ومن تحويل حصيلة تفويت االس تثمار أو تص فيته‪،‬‬
‫كال أو بعضا‪ ،‬بما في ذلك فائض القيمة‪.‬‬
‫وعالوة على جمي ع المت دخلين في مج ال حكام ة االس تثمار‪ ،‬نص الميث اق على إح داث جه از‬
‫وزاري سيُعهد إليه على وجه الخصوص بالمصادقة على كل المش اريع المع دة في إط ار نظ ام‬
‫ال دعم األساس ي‪ ،‬كم ا س يبث في الط ابع االس تراتيجي للمش اريع من عدم ه‪ ،‬وسيص ادق على‬
‫مشاريع اتفاقيات االستثمار المعدة في إطار الدعم الخاص‪.‬‬
‫وتمت د مه ام الجه از ال وزاري‪ ،‬الس الف ال ذكر‪ ،‬إلى إنج از تق ييم دوري لفعالي ة أنظم ة ال دعم‬
‫المنصوص عليها في هذا القانون اإلطار وتتبع تفعيل أحكامه‪ ،‬إضافة إلى اق تراح أي ت دبير من‬
‫شأنه النهوض باالستثمار وتعزيز جاذبية المملكة إزاء المستثمرين‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التحديات التي تعترض ميثاق الجديد لالستثمار‬
‫أوال‪ :‬تحدي التمويل البنكي‬
‫كم ا ه و معل وم يس اهم النظ ام البنكي والم الي الوط ني في تموي ل مش اريع الجي ل الجدي د من‬
‫المستثمرين والمقاولين‪ ،‬خاصة الشباب والمقاوالت الص غرى والمتوس طة‪ .‬إال أن الوت يرة ال تي‬
‫تتحرك بها منظومتنا البنكية ال تساير وتيرة التوجيهات الملكي ة في مج ال االس تثمار‪ ،‬من خالل‬
‫أنه هناك سرعتان متباينتان؛ سرعة ملكية سامية تطالب بالوصول إلى تعبئ ة ‪ 550‬ملي ار درهم‬
‫من االس تثمارات‪ ،‬وخل ق ‪ 500‬أل ف منص ب ش غل‪ ،‬في الف ترة بين ‪ 2022‬و‪ ،2026‬وتفاع ُل‬
‫منظومة بنكية ال تتالءم مع حجم التحديات والرهانات‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تحدي الريع االقتصادي‬
‫يعتبر الريع من معيقات االستثمار وعرقلة مساطره‪ ،‬وهذا ما عبر عنه جاللة الملك في الخطاب‬
‫الملكي لعيد العرش ‪ 2022‬بقوله "أخطر ما يواج ه تنمي ة البالد والنه وض باالس تثمارات‪ ،‬هي‬
‫العراقيل المقصودة‪ ،‬التي يهدف أصحابها لتحقيق أرب اح شخص ية وخدم ة مص الحهم الخاص ة‪.‬‬
‫وهو ما يجب محاربته"‪ .‬وهو خطاب موجه للحكوم ة واألوس اط السياس ية واالقتص ادية للعم ل‬
‫على تسهيل جلب االستثمارات وإزالة العراقيل أمامها‪.‬‬
‫فالريع والفساد يهدد أي مشروع طموح إلصالح قطاع االستثمار‪ ،‬كما أنه يُفقد المملك ة نقط تيْن‬
‫سنويا من نموها االقتصادي‪ ،‬مما يجب تفعيل الرقابة في مختلف مراحلها‪ ،‬م ع إعم ال الش فافية‬
‫في هذه المساطر بغية عدم تضييع فرص النمو المتاحة‪.‬‬
‫فالفساد يأثر على مناخ األعمال ويعرقل التنمي ة االقتص ادية‪ ،‬ويتجلى في غي اب تط بيق ق وانين‬
‫المنافسة في األسواق‪ ،‬وغي اب حماي ة حق وق الملكي ة الخاص ة‪ ،‬ونظ ام قض ائي غ ير فع ال ‪...‬‬
‫ويرى اقتصاديون أن معدالت الفساد وهشاشة مرتفعة في المؤسسات السياسية واالقتصادية مما‬
‫يؤدي إلى تقلبات على مستوى المؤشرات الماكرواقتصادية وتعرقل التنمية االقتصادية للبلد‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وهناك عددا من المستثمرين ال يجدون مجاال للحصول على فض اء ات لمق اوالتهم‪ ،‬وذل ك‬
‫راجع إلى أن األغلبية الساحقة من فضاء ات وأراضي المناطق الصناعية يستحوذ عليه ا ل وبي‬
‫الري ع والمض اربات‪ ،‬حيث هن اك طبق ة من السماس رة ال ذين تملك وا وح دات ص ناعية كب يرة‪،‬‬
‫مستغلين فراغات القانون من أجل تفويتها بأس عار رمزي ة‪ ،‬إض افة إلى غي اب الرقمن ة وتعام ل‬
‫بعض اإلدارات العمومية مع المستثمرين بمنطق ما قبل الثورة اإللكترونية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ضعف الرقمنة‬
‫سجل المغرب بطئا في مسلسل التحول الرقمي‪ ،‬وذلك على مستويات متعددة‪:‬‬
‫ـ على مستوى االدارة‪ :‬ثمة رقمنة جزئي ة فق ط‪ ،‬س يما حين يتعل ق األم ر بالخ دمات ال تي ينبغي‬
‫تقديمها للمرتفقين‬
‫ـ على مس توى التربي ة والتك وين‪ :‬فالعدي د من المؤسس ات التعليمي ة غ ير مجه زة بع د‪ ،‬وأن‬
‫المؤسسات التي تتوفر على تجهيزات وموارد معلوماتية تعاني من التقادم ومن مشاكل الصيانة‬
‫ـ على مستوى قطاع الصحة‪ :‬ال تسمح األدوات الرقمية المت وفرة لألطب اء ح تى اآلن بممارس ة‬
‫أنشطتهم بشكل كامل‪ ،‬وذلك بسبب االكراهات التكنولوجية واالداري ة العدي دة ال تي يواجهونه ا‪.‬‬
‫حيث إن المنظومة الصحية تعاني من انعدام ملفات طبية مرقمنة خاصة بالمرضى‪ ،‬ول و ك انت‬
‫ه ذه الملف ات خاض عة للتتب ع والمراقب ة بص ورة منتظم ة‪ ،‬ألدت إلى توف ير ق در كب ير من‬
‫المعطيات‪ ،‬وبالتالي ستؤدي ه ذه األخ يرة إلى إع داد تطبيق ات تس تند إلى ال ذكاء االص طناعي‪،‬‬
‫األس رَّ ة للمرض ى‪ ،‬وت دبير الم وارد‬
‫كتحديد ذكي للمواعيد تبع ا لجاهزي ة الط بيب‪ ،‬وتخص يص ِ‬
‫بنجاع ة‪ ،‬والتع اون بين المستش فيات‪ .‬وفي ض وء المب ادرة الملكي ة الرامي ة إلى تعميم الت أمين‬
‫االجباري عن المرض لجميع المغاربة‪ ،‬فإنه ينبغي استثمار ذل ك من أج ل إنش اء المل ف الط بي‬
‫الرقمي‪.‬‬
‫ـ على المستوى القطاع المالي‪ :‬يبقى األداء نقدا هو الوسيلة الس ائدة للمع امالت المالي ة‪ ،‬كم ا أن‬
‫البطاقات البنكية تستعمل بنسبة تفوق ‪ 89‬في المائة في عمليات السحب‪ ،‬األمر الذي ال يح د من‬
‫ت داول األوراق النقدي ة‪ .‬وعالوة على ذل ك‪ ،‬ال ت زال حل ول األداء ع بر اله اتف المحم ول في مرحل ة‬
‫جنينية‪.‬‬
‫ـ على مستوى قطاع الفالحة‪ :‬ليس هناك اندماج رقمي ق وي عموم ا‪ ،‬م ع وج ود ع دد قلي ل من‬
‫الفاعلين المختصين في مجال التكنولوجية الفالحية‪ .‬وم ع ذل ك‪ ،‬فق د ق امت بعض االس تغالليات‬
‫الكبرى بإدخال التكنولوجيا الرقمية في عملية االنت اج‪ ،‬خاص ة على مس توى المراح ل الفالحي ة‬
‫األولى‪ .‬وبالتالي فمن األجدر أن تستفيد الفالحة من الرف ع من االنتاجي ة والق درة على الص مود‬
‫اللذين يتيحهما التحول الرقمي‪ ،‬من أجل االنتقال جزئيا نحو الفالحة العصرية‪.‬‬
‫ـ على مستوى القطاع الصناعي‪ :‬إن معظم المقاوالت الصغيرة ج دا أو الص غيرة أو المتوس طة‬
‫على الصعيد الوطني‪ ،‬غ ير مجه زة بم ا يكفي على مس توى تكنولوجي ا المعلوم ات واالتص ال‪.‬‬
‫وهو أمر يجعل من الصعب اللجوء إلى العم ل عن بع د والحف اظ على أنش طتها الض رورية في‬
‫حالة وقوع حادث فجائي أو قوة قاهرة كما هو الشأن م ع الحج ر الص حي خالل جائح ة كوفي د‬
‫‪.19‬‬
‫ـ على الصعيد السياحي‪ :‬تتم غالبية الحج وزات ع بر منص ات رقمي ة متخصص ة المعروض ة‪،‬‬
‫بينما تتم نسبة قليلة من الحجوزات عبر هذه المنصات‪.‬‬
‫ــ بخصوص التجارة االلكترونية‪ :‬لم يتمكن هذا القطاع من التطور لعدة أس باب منه ا‪ :‬ع دم ثق ة‬
‫المغاربة في هذه التجارة‪ ،‬والتأخر في اعتماد األداء عبر االنترنت والخدمات اللوجيستية ذات الصلة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أزمة التضخم‬
‫عاش القطاع الخ اص س نة ص عبة بس بب ت داعيات األزم ة الص حية المس تمرة لس نتين‪ ،‬ليزي د‬
‫التضخم وارتفاع أسعار المواد األولية والطاقة من تفاقم الوض ع على نح و كب ير ج داً تجلى في‬
‫نسبة كبيرة من حاالت اإلفالس‪.‬‬
‫فالتضخم والركود العالمي له أثر سلبي على إقبال الشركات على االس تثمار‪ ،‬إلى ج انب تش ديد‬
‫السياسات النقدية من قِبل البنوك المركزية‪ ،‬واض طرابات سالس ل التوري د‪ ،‬ومن ثم فالش ركات‬
‫المغربية ستكون أكثر حكمة بتفضيلها تحسين هيكلها المالي على االقتراض بهدف التوسع‪.‬‬
‫االصالح الضريبي‬
‫لقد انخرط المغرب منذ عدة سنوات في مسلسل لبناء دولة ديمقراطية حديثة‪ ،‬وهو مسلسل ش هد‬
‫دينامية قوية باعتماد دستور ‪ .2011‬وفي هذا السياق يعد إقرار سياسة ضريبية عادلة ومنصفة‬
‫شرطا ال محيد عنه إلنجاح هذا التوجه‪ .‬وقد عرض الدستور له ذه المس ألة بالفع ل في الفص لين‬
‫‪ 39‬و‪ ،75‬فكرس بصفة واضحة مبدأ المساواة أمام الضريبة‪.‬‬
‫وقد شهد النظام الجبائي المغربي‪ ،‬بما حققه من تقدم وبما يعانيه من إكراهات شأنه في ذلك شأن‬
‫غيره من األنظمة الضريبية‪ ،‬دينامية مستمرة عرفت عدة محطات مهمة‪ ،‬ال سيما بعد االص الح‬
‫الكبير الذي اعتمد في سنة ‪ .1984‬وهو إصالح أملته تبعات األزم ة االقتص ادية ال تي عاش تها‬
‫البالد‪ ،‬وتمثل هدفه الرئيسي في االنتقال من نظام صار ضعيف النجاعة ومعقدا‪ ،‬إلى نظام جديد‬
‫يك ون متجانس ا وناجع ا وأك ثر ش مولية‪ .‬ليتالءم النظ ام الجب ائي المغ ربي م ع األنظم ة المالي ة‬
‫الحديثة على المستوى الدولي‪ ،‬وليتالءم مع معايير الحكام ة الجبائي ة في إط ار تعزي ز الش فافية‬
‫الضريبية‪ .‬وكل ذلك لجعل الضريبة ليس فقط إيراد مالي‪ ،‬بل عامل للتحفيز على االستثمار وتجوي د‬
‫مناخ األعمال‪.‬‬
‫وعالوة على ذلك‪ ،‬تبنى المغرب منذ سنة ‪ 1995‬خيار االقتص اد المفت وح ذات البع د اللي برالي‬
‫القائم ة على اقتص اد الس وق وتحف يز المب ادرة الخاص ة وفتح الح دود الس تقطاب المزي د من‬
‫الرؤوس األموال وجذب االستثمارات الداخلية والخارجية‪ ،‬وتقليص الحواجز الجمركية‪.‬‬
‫إال أنه ونظرا لمجموعة من االختالالت التي أصبح يعاني منها النظام الجب ائي المغ ربي الق ائم‪،‬‬
‫وأم ام تزاي د حجم الن داء ات من ط رف مختل ف المهتمين بالش أن الجب ائي والم الي بض رورة‬
‫التعجيل بإصالح المنظومة الجبائية‪ ،‬ومواجهة آلثار األزمة المالية واالقتصادية العالمية‪ ،‬مما تم‬
‫االستجابة لذلك وتم إصدار قانون اإلطار رقم ‪ 69.19‬المتعلق باإلصالح الضريبي‪.‬‬
‫والتحدي الذي يبقى مطروحا أمام المغرب ومعظم الدول الس ائرة في طري ق النم و‪ ،‬ه و البحث‬
‫عن إرس اء نظ ام جب ائي مت وازن يوف ق م ا بين تحقي ق العدال ة االجتماعي ة وض مان الق درة‬
‫االستثمارية للمقاولة‪ ،‬وتوفير المداخيل الجبائية الكفيلة بتمويل خزينة الدول ة وتموي ل االس تثمار‬
‫العمومي‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬فإن النظام الجبائي يكتسي أهمي ة بالغ ة‪ ،‬أوال بالنس بة إلى المالي ة العمومي ة‪،‬‬
‫ال تي تض طلع ب دور مهم في النس يج االقتص ادي واالجتم اعي للبالد‪ ،‬وت تيح للدول ة على وج ه‬
‫الخصوص مواجهة نفقات التسيير واالستثمار الض رورية لتنفي ذ الخ دمات العمومي ة وتمويله ا‪.‬‬
‫ثانيا‪ ،‬للضريبة أهميتها أيضا بالنسبة للمواطن‪ ،‬فهي تشكل حلقة وص ل بين ه وبين الدول ة‪ ،‬حيث‬
‫الممول ة من‬
‫َّ‬ ‫إن المواطن يعد ملزما ً ب أداء الض رائب ويس تفيد بالمقاب ل من الخ دمات العمومي ة‬
‫الضرائب‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الضريبة والتنمية االقتصادية‬
‫يقصد بالتنمية االقتصادية‪ ،‬تلك العملية التي يرتفع بموجبه ا ال دخل الق ومي الحقيقي خالل ف ترة‬
‫ممتدة من ال زمن‪ .‬وتس اهم الض ريبة في إنع اش ه ذا الن وع من التنمي ة من خالل مجموع ة من‬
‫العناصر نجمل أهمها في ما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الضريبة أداة لتشجيع االستثمار‬
‫يع رف االس تثمار بأن ه إض افة طاق ات إنتاجي ة جدي دة إلى األص ول االنتاجي ة الموج ودة في‬
‫المجتمع‪ ،‬وذلك بإنشاء مشروعات جديدة أو التوسع في مشروعات قائمة‪ ،‬أو تجدي د مش روعات‬
‫انتهى عمرها االفتراضي‪ .‬وكذلك شراء األوراق المالية المصدرة إلنشاء مشروعات جديدة‪.‬‬
‫وتكمن أهمي ة االس تثمار في زي ادة اإلنت اج واإلنتاجي ة‪ ،‬مم ا ي ؤدي إلى زي ادة ال دخل الق ومي‪،‬‬
‫وارتفاع متوسط نصيب الفرد من ه‪ ،‬وتوف ير خ دمات للمواط نين والمس تثمرين‪ ،‬وتقلي ل البطال ة‬
‫وزيادة معدالت التكوين الرأسمالي للدولة‪ ،‬وكل ذلك يساهم في إنعاش التنمية‪ .‬ويمكن للدول ة أن‬
‫تشجع االستثمار عن طريق إعفاء عائ دات س ندات التنمي ة ال تي تص درها الخزين ة العام ة‪ ،‬من‬
‫الضرائب لتشجيع شرائها‪ .‬أو عن طريق تخفيض الضريبة على الودائع في ص ناديق االدخ ار‪،‬‬
‫أو أي استثمار مالي يدعم االقتصاد الوطني‪ .‬وهو ما يستدعي وج ود سياس ة اس تثمارية ناجع ة ته دف إلى‬
‫تنشيط التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫غير ان تلك االمتيازات الض ريبية‪ ،‬من الض روري أن تس تخدم بفعالي ة ح تى تعطي أكله ا‪ ،‬م ا‬
‫يتطلب عقلنته ا وع دم المبالغ ة في منحه ا كي ال تص بح ع امال س لبيا يقلص نط اق الوع اء‬
‫الضريبي‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يمكن للدولة أن تشجع االستثمار عن طريق فرض ضرائب على ال ثروات‬
‫والمدخرات‪ ،‬ما يدفع المكلف إلى استثمارها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الضريبة آلية لمعالجة الركود االقتصادي‬
‫الركود االقتصادي مصطلح يعبر عن هبوط النمو اإلقتص ادي لس وق معين‪ .‬وينتج ه ذا الهب وط‬
‫ع ادة عن إرتف اع اإلنت اج مقاب ل إنخف اض اإلس تهالك‪ ،‬م ا ي ؤدي إلى كس اد الس لع وانخف اض‬
‫األسعار‪ ،‬وهو ما يصعب على المنتجين بيع المخزون‪ ،‬فينخفض معدل اإلنتاج وترتف ع البطال ة‪.‬‬
‫ولمواجه ة ه ذا الرك ود اإلقتص ادي‪ ،‬يمكن تخفيض مع دل الض ريبة على ال دخل في أجزائه ا‬
‫األولى‪ ،‬وتخفيض معدالت الضرائب غير المباشرة خصوصا تلك المتعلق ة بالس لع الض رورية‪،‬‬
‫ما يقوى القدرة الشرائية لألفراد ويدفعهم لإلستهالك‪.‬‬
‫باإلض افة إلى ذل ك‪ ،‬يمكن إس تخدام الض ريبة كوس يلة إقتص ادية في ف ترة االزده ار‪ ،‬برف ع‬
‫الضرائب على الدخول‪ ،‬وتخفيض الضرائب على رأس الم ال‪ ،‬للنه وض بالمش اريع اإلنتاجي ة‪،‬‬
‫قصد زيادة اإلنت اج‪ ،‬وبالت الي انخف اض األس عار‪ ،‬وك ل ذل ك م ا يحت اج إلى سياس ية اقتص ادية‬
‫متكاملة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الضريبة منفذ لتشجيع بعض النشاطات اإلنتاجية‬
‫يتم تشجيع بعض النشاطات اإلنتاجية‪ ،‬حسب ما تخطط له الحكوم ات‪ ،‬عن طري ق اإلج راء ات‬
‫االستثنائية المعروفة (وهي اإلعفاءات أو التخفيضات أو التأجيالت الض ريبية)‪ .‬وتلج أ إلى ه ذا‬
‫األسلوب الكثير من الدول النامية لتشجيع االس تثمار الص ناعي أو الس ياحي أو لجلب المس تثمر‬
‫األجنبي لالستثمار في قطاع معين‪.‬‬
‫خامس‪$$$‬ا‪ :‬دور الرس‪$$$‬وم الجمركي‪$$$‬ة في حماي‪$$$‬ة الص‪$$$‬ناعات الوطني‪$$$‬ة‪ ،‬والحف‪$$$‬اظ على م‪$$$‬يزان‬
‫المدفوعات‬
‫الرسوم الجمركية هي تلك الضرائب المفروضة على الس لع المس توردة‪ .‬وتأخ ذ ش كل ض رائب‬
‫قيمة نسبية مئوية من قيمة السلعة‪ ،‬أو بشكل مبلغ ثابت يف رض على الس لع مهم ا ك انت قيمته ا‪،‬‬
‫وتعرف باسم الض رائب النوعي ة‪ .‬وعلي ه يمكن إس تخدام ه ذه الض رائب في حماي ة الص ناعات‬
‫الوطني ة ال تي تع اني من المش اكل المختلف ة‪ ،‬برف ع التعريف ة الجمركي ة على نفس الص ناعات‬
‫المستوردة من الخارج‪.‬‬
‫كما أن الرسوم الجمركية يمكن إستخدامها في الحفاظ على ميزان المدفوعات‪ ،‬ال ذي ه و عب ارة‬
‫عن تقدير مالي لجميع المعامالت التجارية والمالية التي تمت بين الدولة والعالم الخارجي خالل‬
‫فترة زمنية محددة غالبا ما تكون سنة‪.‬‬
‫لكن هذا المعطى يصطدم بالعولمة اإلقتصادية التي تس تدعي فتح الح دود‪ ،‬بقي أن نش ير إلى أن‬
‫أغلب التوصيات الصادرة عن المؤسسات الدولية المختصة‪ ،‬والكتابات األكاديمي ة‪ ،‬اعت برت أن‬
‫التدخل الجبائي وسيلة فعالة لضمان التنمية االقتصادية‪ ،‬وليس فقط لتغطية النفقات العمومية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أهداف اإلصالح الجنائي‬
‫تتمثل األهداف األساسية التي يحددها هذا الق انون ـ اإلط ار في مج ال اإلص الح الجب ائي فيم ا‬
‫يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تحقيق العدالة الجبائية وضمان مساواة الجميع أمام الضريبة‬
‫لهذا الغرض‪ ،‬تم تكريس مبدأ حيادية الضريبة على القيم ة المض افة لتق ويم االختالالت الحالي ة‬
‫المتعلقة بنطاق تطبيقها وتعدد أسعارها والحق في خصمها وإرجاعها‪ ،‬خصوصا بالنس بة لبعض‬
‫القطاعات الحيوية الخاصة أو التابعة للدولة‪.‬‬
‫وبهدف ضمان مساواة الجميع أم ام الض ريبة‪ ،‬فق د تم تخفيض العبء الجب ائي على الخاض عين‬
‫للضريبة‪ ،‬وذلك باعتماد توجه تدريجي نح و س عر موح د فيم ا يخص الض ريبة على الش ركات‬
‫طبقا للممارسات الدولية الفضلى‪ ،‬كما سيتم التطبيق التدريجي لمبدأ فرض الضريبة على الدخل‬
‫اإلجمالي بشكل تصاعدي فيما يخص األشخاص ال ذاتيين‪ ،‬م ع الح رص ب الموازاة على توس يع‬
‫الوعاء الضريبي وضمان توازن المالية العمومية‪.‬‬
‫كما تم في هذا السياق‪ ،‬إدم اج القط اع غ ير المهيك ل كه دف اس تراتيجي باإلض افة إلى تعزي ز‬
‫آليات محارب ة الغش والته رب الض ريب‪ ،‬وذل ك من خالل إرس اء نظ ام جب ائي مبس ط وس هل‬
‫الول وج وتعزي ز آلي ات المراقب ة وس ن ج زاء ات مناس بة للمخالف ات المرتكب ة ووض ع ب رامج‬
‫للتحسيس والمواكبة بمشاركة جميع الفاعلين المعنيين‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تعزيز الحقوق والثقة المتبادلة بين الملزمين واإلدارة‬
‫حيث التزم الدولة في هذا المجال بضمان حقوق الملزمين وحقوق اإلدارة وتعزيز عالقات الثقة‬
‫بينهما من خالل تأطير السلطة التقديرية لإلدارة فيما يتعلق بتفس ير النص وص الجبائي ة وتحدي د‬
‫أسس فرض الضريبة وعبء تقديم اإلثباتات الالزمة‪.‬‬
‫وستسهر الدولة كذلك على توضيح وتحسين مقروئية النصوص الجبائية للح د من االختالف في‬
‫تأويلها وضمان حسن تطبيقها مع االل تزام بالتوج ه نح و التقائي ة األحك ام الجبائي ة م ع القواع د‬
‫العام ة للق انون والقواع د المحاس بتية‪ ،‬علم ا أن اله دف المت وخى ليس ه و المطابق ة التام ة ب ل‬
‫اإللتقائية والمالءمة مع قواعد الحكامة الجبائية المعمول بها دوليا‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تعبئة كامــل اإلمكانــات الضريبيــة لتمويل السياسات العمومية‬
‫وذلك من خالل توسيع الوعاء الضريبي وترشيد التحفيزات الجبائية بعد تقييم أثرها االجتم اعي‬
‫واالقتصادي‪ ،‬كما سيتم الحرص على إعادة توجيهها للقطاعات ذات األولوية مع التقيد بتفض يل‬
‫اللجوء للدعم العمومي المباشر كلما أمكن ذلك‪.‬‬
‫وسيتم كذلك تشجيع المقاوالت على االستثمار المنتج للقيمة المضافة والمح دث لف رص الش غل‪،‬‬
‫ال س يما في القطاع ات ذات األولوي ة كالص ناعة والتكنولوجي ات الحديث ة واالبتك ار‪ ،‬م ع دعم‬
‫تنافسيتها على الصعيد الوطني والدولي‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬إصالح منظومة الرسوم الجماعية وشبه الضريبية‬
‫من أجل تحقيق التنمية الترابية وتعزيز العدالة المجالية‪ ،‬يهدف كذلك هذا الق انون ـ اإلط ار إلى‬
‫إص الح جباي ات الجماع ات الترابي ة والرس وم ش به الض ريبية ال تي تش كل مكون ا أساس يا من‬
‫مكونات النظام الجب ائي من أج ل تبس يطها وترش يدها ومالءمته ا م ع جباي ات الدول ة وض مان‬
‫موارد قارة لفائدتها مع وضع نمط حكامة مناسب لها‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬تعزيز نظام الحكامة الفعالة والناجعة‬
‫فمن أج ل تجوي د الخ دمات المقدم ة للمل زمين س تحرص الدول ة على مواص لة ورش تح ديث‬
‫ورقمنة اإلدارة ودعم مواردها البشرية وتعزيز عالقات التع اون م ع ش ركاءها وتط وير آلي ات‬
‫التبادل بين نظم المعلومات‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬اآلليات تنزيل االصالح الضريبي‬
‫أوال‪ :‬توسيع الوعاء الجبائي‬
‫يتم توسيع الوعاء الضريبي من خالل طريقتين؛ األولى هي خلق أدوات جديدة لتشمل الضرائب‬
‫أنواعا جديدة كالضرائب على الدخول أو الس لع االس تهالكية‪ ،‬أو الض رائب البيئي ة ال تي يك ون‬
‫الغرض األساسي منها حماية البيئة أو فرض الضرائب على نشاطات القطاع غ ير المنظم‪ .‬أم ا‬
‫الثاني ة فهي زي ادة كف اءة النظ ام الجب ائي بم ا يس مح بالوص ول إلى ش رائح لم تكن تغطى في‬
‫السابق‪.‬‬
‫وحسب القانون المالية لس نة ‪ 2023‬فتم ألول م رة ف رض الض ريبة على مجموع ة من الفئ ات‬
‫وفي ذلك توسيع للوعاء العقاري‪ ،‬ونذكر الضريبة على الدخل الواجبة على المحامين المج برين‬
‫دفعها تلقائيا لدى كتابة الضبط بصندوق المحكمة‪ ،‬لصالح قابض اإلدارة الض ريبية‪ ،‬وذل ك م رة‬
‫واحدة لكل ملف في كل مستوى قضائي‪ ،‬عن د إي داع أو تس جيل طلب‪ ،‬التم اس‪ ،‬أو اس تئناف أو‬
‫خالل تسجيل تفويض أو ع ون في قض ية من القض ايا المعروض ة على مح اكم المملك ة‪ .‬وبع د‬
‫تحديد هذا التسبيق في مبلغ ‪ 300‬درهم‪ ،‬تم تخفيضه ليصبح ‪ 100‬درهم مع تمديد م دة اإلعف اء‬
‫لفائدة المحامين الجدد من ‪ 3‬إلى ‪ 5‬سنوات‪.‬‬
‫إض افة إلى اقتطاع ا إبرائي ا من المص در ال ذي س يطبق على أج ور المعلمين غ ير األج راء‬
‫بالمؤسسات التعليمية واألطباء غير الخاضعين للضريبة المهنية‪ ،‬إلى جانب خفض االقتطاع من‬
‫المصدر بالنسبة لعقود تأمين التقاعد من ‪ 30‬إلى ‪ 15‬في المئة‪.‬‬
‫وأيضا أصبح يخضع المقاولين الذاتيين الذين يحققون رقم معامالت سنوي يزي د عن ‪80.000‬‬
‫درهم نتيجة تقديم خدمات لفائدة الزبون نفسه‪ ،‬القتطاع من المصدر بمعدل إبرائي نسبته ‪ 30‬في المئة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إدماج القطاع غير مهيكل‬
‫إن أکبر رهان للدولة في الفترة الحالية‪ ،‬وخاصة أثر التداعيات االقتصادية واالجتماعية لجائح ة‬
‫كورونا خالل سنوات ‪ ،2020‬والتي أظهرت بما ال ي دعو مج ال للش ك حجم الس اكنة النش يطة‬
‫في القطاع غير مهيكل التي تعيش داخل هذا القط اع‪ .‬فلق د أض حى الره ان ه و إدم اج القط اع‬
‫الغير مهيكل في الدورة االقتص ادية للبل د ومحاول ة تش جيعه والتحكم في ه خاص ة وأن األنش طة‬
‫الموازية له ذات حجم كبير وتشكل احتياطي ا مهم ا‪ ،‬ه و م ا يفس ر ت وفر فرص ا كب يرة للش غل‪،‬‬
‫ويتيح إمكانية لالس تهالك بأس عار منخفض ة كم ا يمث ل ك ذلك مص در للمنافس ة وجب تش جيعها‬
‫ودعمها بالمص ادر التمويلي ة لخل ق ن وع من اإلنص اف م ا بين المق اوالت وك ذا تغذي ة خزين ة‬
‫الدولة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬محاربة الغش الضريبي‬
‫لقد نص القانون اإلطار رقم ‪ 19.69‬المتعلق باإلصالح الجبائي‪ ،‬على تجريم التهرب الضريبي‬
‫عبر سن مجموعة من التدابير بهدف محاربة الغش والتهرب الضريبيين وك ذا ح االت التعس ف‬
‫في استعمال حق يخوله الق انون ال س يما من خالل تط بيق ج زاء ات على المخالف ات الجبائي ة‪،‬‬
‫وذلك مع التقيد بمبدأ تناسبية الجزاء ات مع خطورة المخالفات المرتكبة‪.‬‬
‫وختاما‪ ،‬لقد تزود المغ رب بنظ ام ض ريبي ح ديث‪ ،‬يبقى في حاج ة إلى التحس ين في م ا يخص‬
‫التط بيق‪ .‬واعتب ارا ل دور النظ ام الض ريبي في رف ع التح ديات االقتص ادية الراهن ة‪ ،‬وتحقي ق‬
‫األهداف المنشودة في مجال إنعاش االقتصاد‪ ،‬س يتم تفعي ل مقتض يات الق انون‪-‬اإلط ار المتعل ق‬
‫باإلصالح الضريبي‪ ،‬بما ي تيح وض وح الرؤي ة أم ام الف اعلين االقتص اديين‪ ،‬من خالل إص الح‬
‫شامل للضريبة على الشركات‪ ،‬وكذا قطاعي األبناك والتأمين ات‪ ،‬بم وازاة م ع تخفي ف الض غط‬
‫الضريبي على األجراء والمتقاعدين من الطبقة المتوسطة‪.‬‬

You might also like