You are on page 1of 74

~Ëç÷’;


;C!\;„∂ÑD;g]·Ê’\;Åe¡;fld;Å⁄•
|„=١٢٠٦==Ó‡ä=ÔÀËk∫^
‫مؼدمة‬
‫ِّ‬
‫احلؿد هلل‪ ،‬واـصالة واـسالم طذ رسول اـ َّؾـه‪،‬‬
‫وطذ آـه وصحبه ومن وااله‪ ،‬أ َّما بعد‪:‬‬
‫ضفر يف ٍ‬
‫طرص‬ ‫َ‬
‫(‪)1‬‬
‫اـوهاب‬‫حمؿد ب َن طبد َّ‬ ‫َّ‬
‫ؽنن اـشقخ َ‬
‫اـبدع‬ ‫قه‬ ‫رشك اـؼبور‪ ،‬وت َػ َّشت ؽِ‬‫ُ‬ ‫اكتػ ؽقه‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫واــ ُخراؽات‪ ،‬وخاص ًة يف اجلزيرة اـعربقة‪ ،‬اـتي‬
‫األحجار واألشجار‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫آكذاك بتعظق ِم‬ ‫متوج‬
‫ُ‬ ‫ؿاكت‬
‫ـؾسادة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بح‬ ‫َّ‬
‫واـذ‬ ‫‪،‬‬ ‫واآلثار‬ ‫ن‬ ‫بادؼبوري‬ ‫ِ‬
‫االستغاثة‬ ‫و‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫اـػك‪.‬‬‫وؼر ذـك من أكوا ِع ِّ‬ ‫ِ‬ ‫واــَّذر ـألوـقاء‪،‬‬
‫واجب‬
‫َ‬ ‫اـشقخ ُأماك َة اـبالغ‪ ،‬وأ َّدى‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ؽحؿل‬
‫حث‬ ‫ِ‬
‫اـػؿ َّقات واـبدع‪ ،‬و َّ‬ ‫وتصدى هلذه‬ ‫َّ‬ ‫اـدطوة‪،‬‬
‫َّ‬

‫اـوهاب بن سؾقامن بن طظ اـتؿقؿي‬


‫(‪ )1‬هو اإلمام ادجدِّ د حمؿد بن طبد َّ‬
‫اــَّجدي ادوـود سـة ‪ 1111‬هـ يف بؾدة اـ ُع َقـقـة اـتي تؼع اآلن شامل‬
‫ؽسقح جـَّاته)‪.‬‬
‫َ‬ ‫اـرياض‪ ،‬وادتوىف سـة ‪ 1021‬هـ (رمح ُه اـ َّؾـ ُه وأسؽـه‬
‫ِّ‬
‫(‪)3‬‬
‫ِ‬
‫وإخالص‬ ‫اـعودة إغ توحقد اـ َّؾـه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َّاس طذ‬ ‫اــ َ‬
‫واـتؿس ِك باـؽتاب واـ ُّسـَّة‪...‬‬ ‫ُّ‬ ‫‪،‬‬ ‫سبحاكه‬ ‫ـه‬ ‫ِ‬
‫اـعبادة‬
‫سقػه و ِسـاكِه‪.‬‬
‫وجاهد ب ِ‬ ‫َ‬ ‫بؼؾؿه وـساكِه‪،‬‬‫ؽدطا ِ‬
‫ؾؾوب اـعباد‪ ،‬وؽتح ـه‬ ‫َ‬ ‫رشح اـ َّؾـ ُه ـؾشقخ‬
‫َ‬ ‫ثم‬
‫َّ‬
‫صالب‬‫ُ‬ ‫واـتف حو َـه‬‫َّ‬ ‫كجد وما ؾارهبا من اـبالد‪،‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫اـراسخون من طؾامء زماكه‪،‬‬ ‫اـعؾم وأؾرا ُكه‪ ،‬وأ َّيده َّ‬
‫بعض أمراء اـؼبائل وادـاصق‪.‬‬ ‫وساكده ُ‬
‫ٍ‬
‫مصؾح‬ ‫ؿل‬ ‫ِ‬
‫دطوة ِّ‬ ‫ـؽن؛ وؿام هي سـن اـ َّؾ ِ‬
‫ـه يف‬ ‫ُ‬
‫اـؽثر من اــَّاس‪ ،‬وأ َّـبوا طؾقه‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫اـشقخ‬ ‫وجمدد؛ َ‬
‫كابذ‬ ‫ِّ‬
‫مؼدمتفم طؾامء ٍ‬
‫سوء و ُدطا ُة ضالل‪،‬‬ ‫بل وؾاتؾوه‪ ،‬ويف ِّ‬
‫ُ‬
‫َّ‬
‫اـراؽضة واـصوؽقة وؼرهم‪ ،‬اـذين ما اكػؽوا‬ ‫ِ‬
‫من َّ‬
‫وأتباطه‪ ،‬ؽزطؿوا َّأّنم ُيؽ ِّػ َ‬
‫رون‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اـشقخ‬ ‫َ‬
‫يطعـون ب‬
‫مات من اـصاحلع‪،‬‬ ‫ون ؾدر ًا دن َ‬
‫ادسؾؿع‪ ،‬وال حيػظ َ‬

‫(‪)4‬‬
‫اـشػعاء‪ ،‬وال يممـون بؽرامات‬‫و ُيـؽرون شػاطة ُّ‬
‫األوـقاء‪ ...‬إـخ‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫استؿر همالء اـطغام‪ُ ،‬يـحذرون اــَّاس من‬ ‫و‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫ضون طؾقفا األمرا َء‬ ‫وحير‬
‫ِّ‬ ‫دطوة اـشقخ اإلمام‪،‬‬
‫واحلؽَّام‪ ،‬ويب ُّثون ُّ‬
‫اـش َب َه حوهلا بع اـعوام(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬وما أشب َه اـقو َم باـبارحة! ؽفا هي اـدَّ وـ ُة اإلسالمقة تعقدُ جتديد‬
‫واـسـَّة‪ ،‬وتؼؿع اـػك واإلحلاد واـبدطة‪ ،‬وها هم‬‫اـتوحقد واجلفاد ُّ‬
‫حذو‬ ‫ون‬ ‫ِ‬
‫اـسوء يف هذا اـزمان‪َ ،‬يـح ُذ َ‬ ‫اـسالصع و ُدطا ُة‬
‫َ‬ ‫طؾام ُء َّ‬
‫أسالؽِفم‪ ،‬ؽطعـوا باـدوـة اإلسالمقة وأمرائفا وجـودها‪ ،‬وب ُّثوا‬
‫اـطواؼقت‬
‫َ‬ ‫وحرضوا‬
‫َّ‬ ‫اـشبه واألباصقل حول طؼقدهتا ومـفجفا‪،‬‬
‫أكػسفم زور ًا‬
‫َ‬ ‫ع ـؼتاهلا‪ ...‬ويـسبون‬
‫طؾقفا‪ ،‬واستعاكوا باـصؾقبق َ‬
‫حق اـقؼع َّ‬
‫أن اـدوـة‬ ‫ـإلمام حمؿد بن طبد اـوهاب! وهم يعؾؿون َّ‬
‫ودطوهتا وجفا َدها اـقوم؛ امتدا ٌد وجتسقدٌ ـدطوة اـتوحقد‬
‫َ‬ ‫اإلسالمقة‬
‫واجلفاد اـتي جاء هبا رسول اهلل ☺ وأصحا ُبه‪ ،‬وجدَّ دها اب ُن طبد‬
‫اـوهاب وأحػا ُده‪.‬‬
‫َّ‬
‫(‪)5‬‬
‫اـش ُبـ َفات) اـذي ر َّد ؽقه‬ ‫ف ُّ‬ ‫ؿتاب ( َؿش ُ‬ ‫ُ‬ ‫وهـا جا ُء‬
‫وبع‬
‫َّ َ‬ ‫م‪،‬‬ ‫َ‬
‫أؾواهل‬ ‫َّد‬ ‫ـ‬‫وؽ‬ ‫ع‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫بوري‬ ‫ُ‬
‫ؼ‬ ‫اـ‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫اـشقخ طذ ُش َب‬ ‫ُ‬
‫طؾؿي رصع‪،‬‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫بلسؾوب‬ ‫تدـقسفم؛‬ ‫َ‬ ‫َزي َػفم‪ ،‬و َ‬
‫ؽضح‬
‫وطرض مبس ٍ‬
‫ط متع‪ ،‬يػفؿه اـعامي‪ ،‬ويـبفر به‬ ‫ٍ ُ َّ‬
‫ِ‬
‫ادجادل طن‬ ‫اـر َد طذ‬ ‫َّ‬
‫دوحدين‪َّ ،‬‬ ‫تؾؼع ا ِّ‬ ‫ُ‬ ‫اـذؿي‪ ،‬ؽقه‬
‫ادػؿع‪.‬‬
‫متون اـتوحقد‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أهم‬
‫ف من ِّ‬ ‫حتى ؼدا هذا اــ ُؿ َصـَّ ُ‬
‫واكتػ يف بالد اإلسالم اكتشار ًا ؿبر ًا‪ ،‬و َط َؽف طذ‬
‫ِحػظِه اـطالب‪ ،‬واطتـى بػحه اـعؾامء‪ ،‬واستػاد‬
‫دل‬‫ؾق طظقم‪ ،‬مـذ زماكه وإغ هذا اـزمان‪ ،‬ؽنن َّ‬ ‫مـه َخ ٌ‬
‫ُّ‬
‫ذـك طذ يشء ؽن َّكه يدل طذ صدق دطوة هذا اإلمام‬ ‫ٍ‬
‫ادجدد‪ ،‬ؿام كحسبه وال كزؿقه طذ اـ َّؾـه‪.‬‬
‫ِّ‬
‫ف‬
‫‪" :‬صـَّ َ‬ ‫ؾال اـشقخ سؾقامن بن سحامن ُ‬
‫وذؿر األدـة من‬
‫َ‬ ‫ؿشف اـشبفات‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫اـشقخ ُ‬

‫(‪)6‬‬
‫اـؽتاب واـسـة طذ بطالن ما أورده أطداء اـ َّؾ ِ‬
‫ـه‬ ‫ُ‬
‫وبع‬
‫َّ َ‬ ‫فم‪،‬‬‫ج‬ ‫ج‬ ‫ح‬ ‫ؽلدحض‬ ‫اـشبفات‪،‬‬ ‫من‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ورسوـ‬
‫ُ َ َ‬
‫طظقم اــَّػع طذ ِص َغر حجؿه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫هتاؽ َتفم‪ ،‬وؿان ؿتاب ًا‬
‫اكؼؿع به أطدا ُء اـ َّؾـه‪ ،‬واكتػع به أوـقا ُء‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جؾقل اـؼدر‪،‬‬
‫ادوحدون‪ ،‬وسؾسبق ً‬
‫ال‬ ‫ِّ‬ ‫اـ َّؾـه‪ ،‬ؽصار َط َؾ ًام يؼتدي به‬
‫ومن ؿوثره يػبون‪ ،‬وبه طذ أطداءِ‬ ‫ي ِرده ادفتدون‪ِ ،‬‬
‫َ ُ‬
‫أوضح‬ ‫وما‬ ‫!‬‫ؿتاب‬ ‫من‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫أكػ‬ ‫ما‬ ‫ؽؾ َّؾ ِ‬
‫ه‬ ‫ِ‬ ‫يصوـون‪،‬‬ ‫اـ َّؾ ِ‬
‫ـه‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ُح َج َجه من خطاب!"(‪.)1‬‬
‫ادفؿة‪ ،‬ضؿن‬‫اـرساـة َّ‬
‫وذـك ما دطاكا ــػ هذه ِّ‬
‫سؾسؾة رسائل اـتوحقد اـتي دأبت طذ كػها مؽتب ُة‬
‫اهلؿة‪ ،‬إحقا ًء ـرتاث أئؿة اـدطوة اــَّجدية (طؾقفم‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫رمحة اـ َّؾـه)‪ ،‬بعد أن ؾؿـا باكتؼاء أؽضل اــُّسخ‬

‫(‪ )1‬اـضقاء اـشارق يف رد شبفات ِ‬


‫اداذق ِ‬
‫ادارق‪ ،‬ـسؾقامن بن سحامن‪.‬‬

‫(‪)7‬‬
‫ادتوؽرة من اـرساـة‪ ،‬ومؼابؾتِفا مع ٍ‬
‫طدد من اــُّسخ‬
‫ِ‬
‫وبقان بعض األمور‬ ‫ِ‬
‫وتدؾقؼفا‪،‬‬ ‫األخرى‪ ،‬و ِ‬
‫حتؼقؼفا‬
‫اـتي حيتاجفا اـؼارئ يف هامشفا‪.‬‬
‫َ‬
‫اـؼبول‬ ‫وكسلل اـ َّؾـه سبحاكه أن جيعل هلذه اـطبعة‬
‫ِ‬
‫وكػها احلسـى‬ ‫ِ‬
‫إخراجفا‬ ‫واإلؽادة‪ ،‬ودن َط ِؿل يف‬
‫اـوهاب‪،‬‬
‫حمؿد ب َن طبد َّ‬
‫يرحم اإلما َم َّ‬
‫َ‬ ‫وزيادة‪ ،‬وأن‬
‫األجر واـثواب‪.‬‬
‫َ‬ ‫ـه‬ ‫ل‬ ‫ِ‬
‫ز‬ ‫وجي‬
‫ُ‬

‫(‪)8‬‬
‫َ‪َ:‬‬ ‫قالََالشَيخََحممَدَبنََعبدََالوهَابَؒ‬
‫َ‬

‫اعَلَمَ َ‪-‬رمحكَ َاللـه‪َ -‬أنَ َالتوحيدَ َهو َإفرادََ‬


‫الرسلَ َالذينََ‬
‫اللـهَ َسبحانه َبالعبادة‪َ ،‬وهو َدينَ َ ُّ‬
‫أرسلَهمَاللـهََبهَإىلَعبادَه‪ََ.‬‬
‫فأوُلم َنوحَ َ♠ َأرسلَه َاللـهَ َإىل َقومه َلـّمََ‬
‫غلَوا َيف َالصاحليَ َ(ودَ َوسواعَ َويغوثَ َويعوقََ‬
‫الرسل َحممدَ َ☺‪َ ،‬وهو َالذيَ‬
‫ونسَ)‪َ ،‬وآخرَ َ ُّ‬
‫كسََصورََهؤالءََالصاحلي‪ََ.‬‬
‫وحيجونََ‬
‫أرسـلَه َاللـه َإىل َقــومَ َيتعبَدونَ َ َُّ‬
‫ويتصدَقونَ َويذكرونَ َاللـهَ‪َ ،‬ولكنهم َجيعلونََ‬
‫بعضَ َاملخلوقاتَ َوسائطَ َبينهم َوبيَ َاللـه‪َ،‬‬
‫التقربَ َإىل َاللـه‪َ ،‬ونريدََ‬
‫يقولون‪َ :‬نريدَ َمنهم َ ُّ‬

‫(‪)9‬‬
‫شفاعتهم َعنده؛ َمثل‪َ :‬املالئكةَ َوعيسى َومريمََ‬
‫وأَناسََغيَهمَمنََالصاحلي‪ََ.‬‬
‫جيددَ َُلم َدينََ‬
‫فبعثَ َاللـهَ َإليهم َحممداَ َ☺ َ ِّ‬
‫التقربََ‬
‫أبيهم َإبراهيمَ َ♠‪َ ،‬وخيبَهم َأنَ َهذا َ َُّ‬
‫حق َاللـه‪َ ،‬ال َيَصلَحَ َمنه َيشءََ‬
‫واالعتقادَ َحمضَ َ ِّ َ‬
‫لغي َاللـه‪َ ،‬ال َلَـمَلَكَ َمقرَب‪َ ،‬وال َلنبيَ َمَرسَل‪َ،‬‬
‫فضالََعنَغيمها‪ََ.‬‬
‫وإالَ َفهؤالءَ َاملرشكونَ َمَقَ ُّرون‪َ ،‬يشهدونَ َأنََ‬
‫اللـهَ َهو َاخلالقَ َالرزاقَ‪َ ،‬وحدَهَ َال َرشيكَ َله‪َ،‬‬
‫وأنه َال َيرزقَ َإالَ َهو‪َ ،‬وال َحييي َإالَ َهو‪َ ،‬والَ‬
‫يميتََإالََهو‪َ،‬والَيد َِّبـرََاألمرََإالََهو‪َ،‬وأنََمجيعََ‬
‫السمواتَ َالسبعَ َومَنَ َفيهن‪َ ،‬واألرضيَ َالسبعََ‬
‫ومَنََفيها‪َ،‬ك ُّلهمَعبيدَه‪َ،‬وحتتََ ُّ‬
‫ترصفهََوقهره‪ََ.‬‬

‫(‪)01‬‬
‫فإذا َأرَدتَ َالدليلَ َعىل َأنَ َهؤالءَ َاملرشكيََ‬
‫الذينَ َقاتلَهم َرسولَ َاللـهَ َ☺ َيشهدونَ َللـهََ‬
‫هذهَالشهادة؛َفاقرأَقولَهَتعاىل‪{َ:‬قلََمنََيرزقكمََ‬
‫منَ َالسّمءَ َوَالـأرضَ َأمنَ َيملكَ َالسمعََ‬
‫وَالـأبصارَ َومنَ َخيرجََالـحيَ َمنَ َالـم ِّيتَ َوخيرجََ‬
‫ي َومنَ َيد ِّبرَ َالـأمرَ َفسيقولونََ‬
‫الـم ِّيتَ َمنَ َالـح ِّ َ‬
‫اللـهََفقلََأفالَتتقونَ}َ[يونس‪َ،]13َ:‬وقولَه‪{َ:‬قلََ‬
‫ملنََالـأرضََومنََفيهاَإنََكنتمََتعلمونََسيقولونََ‬
‫ب َالسّمواتََ‬
‫للـهَ َقلَ َأفال َتذكرونَ َ* َقلَ َمنَ َر ُّ َ‬
‫ب َالـعرشَ َالـعظيمَ َسيقولونَ َللـهَ َقلََ‬‫السبعَ َور ُّ َ‬
‫لَيشءََوهوََ‬ ‫أفالَتتقونََ*َقلََمنََبيدهََملكوتََك ِّ َ‬
‫جييَ َوال َجيارَ َعليهَ َإنَ َكنتمَ َتعلمونَ َسيقولونََ‬

‫(‪)00‬‬
‫للـهَ َقلَ َفأنى َتسحرونَ} َ[املؤمنون‪َ]48-48َ :‬‬
‫وغيََذلكَمَنََاآليات‪ََ.‬‬
‫فإذا َحتققتَ َأَّنم َمقَ ُّرونَ َهبذا‪َ ،‬ومل َيَدَخلهم َيفَ‬
‫الرسل‪َ ،‬ودعاهم َإليهَ‬
‫التوحيد َالذي َدَعَتَ َإليه َ ُّ‬
‫رسولَ َاللـهَ َ☺‪َ ،‬وعرفتَ َأنَ َالتوحيدَ َالذيَ‬
‫يسميهَ‬
‫جحدوه َهو َتوحيدَ َالعبادة َالذي َ ِّ‬
‫املرشكونَ َيف َزماننا َ(االعتقاد)‪َ،‬كّم َكانوا َيدعونَ‬
‫اللـهَ َسبحانه َليالَ َوَّنارا‪َ ،‬ثمَ َمنهم َمنَ َيدعوَ‬
‫املالئكةَ َألجلَ َصالحهم َوقَرهبم َإىل َاللـه‪َ،‬‬
‫ليشفعوا َله‪َ ،‬أو َيدعو َرجالَ َصاحلاَ َمثل َالالت‪َ،‬‬
‫أو َنبياَ َمثل َعيسى‪َ ،‬وعرفتَ َأنَ َرسولَ َاللـهَ َ☺َ‬
‫قاتلَهم َعىل َهذا َالرشك‪َ ،‬ودعاهم َإىل َإخالصَ‬
‫العبادةَ َللـهَ َوحده‪َ ،‬كّم َقال َتعاىل‪{َ :‬وأنََ‬

‫(‪)01‬‬
‫الـمساجدََللـهََفالَتدعوَمعََاللـهََأحداَ}َ[اجلـن‪َ:‬‬
‫قَوالذينََيدعونََمنََ‬
‫‪َ،]34‬وقال‪{َ:‬لهََدعوةََالـح ِّ َ‬
‫دونهَ َال َيستجيبونَ َُلمَ َبَشءَ} َ[الرَعد‪َ،]38َ :‬‬
‫وحتققتَ َأنَ َرسولَ َاللـهَ َ☺ َقاتلَهم َليكونََ‬
‫الدعاءَ َك ُّله َللـه‪َ ،‬والنذرَ َك ُّله َللـه‪َ ،‬والذبح َك ُّلهَ‬
‫ُّ‬
‫للـه‪َ ،‬واالستغاثةَ َك ُّلها َللـه‪َ ،‬ومجيعَ َأنواعََ‬
‫العباداتََك ُّلهاَللـه‪َ،‬وعرفتََأنََإقرارَهمَبتوحيدََ‬
‫الربوبية َمل َيدخلهم َيف َاإلسالم‪َ ،‬وأنَ َقصدهمَ‬
‫َُّ‬
‫املالئكةَ َأو َاألنبياءَ َأو َاألولياءَ َيريدون َشفاعتهمَ‬
‫والتق ُّربَ َإىل َاللـهَ َبذلك َهو َالذي َأحلَ َدماءَهمَ‬
‫وأمواُلَم؛َعرفتََحينئذََالتوحيدََالذيَدعتََإليهَ‬
‫الرسل‪َ،‬وأبىَعنَاإلقرارََبهَاملرشكون‪َ.‬‬
‫ُّ‬

‫(‪)01‬‬
‫وهذا َالتوحيدَ َهو َمعنى َقولك‪(َ :‬ال َإله َإالََ‬
‫اللـه)‪َ ،‬فإنَ َاإللهَ َعندهم َهو َالذي َيـقصدَ َألجلََ‬
‫هذه َاألمور‪َ ،‬سواء َكانَ َملكاَ َأو َنبياَ َأو َولياَ َأوَ‬
‫شجرةَ َأو َقباَ َأو َجنِّـياَ؛ َمل َيَريدَوا َأنَ َاإللهَ َهوَ‬
‫فإَّنمَيعلمونََأنََذلكََللـهََ‬
‫اخلالقََالرازقََاملد ِّبر‪ِّ َ،‬‬
‫وحدَه‪َ،‬كّمَقدمتََلك‪َ.‬‬
‫وإ ِّنّم َيعنَونَباإلله َماَيعنيَاملرشكون َيفَزمانناَ‬
‫بلفظَ(السَ َِّيد)‪ََ.‬‬
‫بيَ☺َيدعوهمَإىلَكلمةَالتوحيد‪َ،‬‬
‫فأتاهمَالن ُّ َ‬
‫وهي‪(َ:‬ال َإله َإال َاللـه)‪َ،‬واملرادَ َمَنَ َهذه َالكلمةَ‬
‫معناها‪َ،‬الَجمردََلفظها‪ََ.‬‬
‫بي َ☺َ‬ ‫والكفارَ َاجلـهال َيعلمون‪َ:‬أنَ َمرادَ َالن ِّ َ‬
‫هبذه َالكلمة َهو‪َ :‬إفرادَ َاللـهَ َتعاىل َبالتع ُّلق َبه‪َ،‬‬

‫(‪)01‬‬
‫والكـفرَ َبّم َيعـبدَ َمَـنَ َدونَ َاللـهَ َوالباءةَ َمـنه‪َ،‬‬
‫فإنه َلـّمَ َقال َلـهم َقـولوا‪َ:‬ال َإله َإالَ َاللـه؛ َقالوا‪َ:‬‬
‫{أجعلََالـآُلةََإُلاََواحداََإنََهذاَلَشءََعجابَ}َ‬
‫[ص‪ََ.]5َ:‬‬
‫فإذا َعرفتَ َأنَ َجهالَ َالكفارَ َيعرفونَ َذلك؛َ‬
‫فالعجبَ َممنَ َيدعي َاإلسالم‪َ ،‬وهو َال َيعرفَ َمنََ‬
‫تفسيَهذهَالكلمةَماَعرفهََجهالََالكفار!ََ‬
‫يظن َأنَ َذلك َهو َالتل ُّفظَ َبحروفهاَمنَ َغيَ‬
‫بل َ َُّ‬
‫اعتقادََالقلبَلَشءََمَنََاملعاين!ََ‬
‫ن َأنَ َمعناها‪َ :‬ال َخيلقَ َوالَ‬
‫واحلاذقَ َمنهم َيظ َُّ‬
‫يرزقَإالََاللـه‪َ،‬والَيد ِّبرَاألمرََإالََاللـهََوحده‪َ.‬‬
‫فال َخيَ َيف َرجلَ‪َ ،‬جهالَ َالكفار َأعلمَ َمنهَ‬
‫بمعنىَ(الَإلهَإالَاللـه)‪ََ.‬‬

‫(‪)01‬‬
‫إذا َعرفتَ َما َذكرتَ َلك َمعرفةَ َقلبَ‪َ،‬‬
‫وعرفتَ َالرشكَ َباللـهَ َالذي َقالَ َاللـهَ َفيه‪{َ:‬إنََ‬
‫اللـهََالََيغفرََأنََيرشكََبهََويغفرََماَدونََذلكََملنََ‬
‫يشاءَ} َ[ال َنِّساء‪َ ،]84َ :‬وعرفتَ َدينَ َاللـهَ َالذيَ‬
‫الرسلَ َمنَ َأوُلم َإىل َآخرهم‪َ ،‬الذي َالَ‬
‫أرسلَ َبه َ ُّ‬
‫يقبلَ َاللـهَ َمنَ َأحدَ َسواه‪َ ،‬وعرفتَ َما َأصبحََ‬
‫غالبَ َالناسَ َعليه َمنَ َاجلهل َهبذا؛ َأفادَكََ‬
‫فائدتي‪ََ:‬‬
‫األَوىل‪َ :‬الفرحَ َبفضلَ َاللـهَ َورمحتَه‪َ ،‬كّم َقالَ‬
‫تعاىل‪{َ :‬قلَ َبفضلَ َاللـهَ َوبرمحتهَ َفبذلكََ‬
‫فليفرحواَهوََخيََمماَجيمعونَ}َ[يونس‪ََ.]54َ:‬‬
‫وأفادكَ َأيضاَ‪َ :‬اخلوفَ َالعظيم! َفإنك َإذاَ‬
‫عرفتَ َأنَ َاإلنسانَ َيكفرَ َبكلمةَ َخيرجها َمنََ‬

‫(‪)01‬‬
‫لسانه‪َ ،‬وقد َيقوُلَا َوهو َجاهلَ َفال َيَعذرَ َباجلهل‪َ،‬‬
‫تقربهَ َإىل َاللـهَ َتعاىل‪َ،‬‬
‫ن َأَّنا َ ِّ‬
‫وقد َيقوُلَا َوهو َيظ َُّ‬
‫كّم َكان َيفعلَ َالكفارَ َاملرشكون‪َ ،‬خصوصاَ َإنََ‬
‫أُلمكَ َاللـهَ َما َقصَ َعن َقومَ َموسى َمعَ‬
‫صالحَهمَوعلمَهم‪َ،‬أَّنمَأتوهَقائلي‪{َ:‬اجعلَلناَ‬
‫إلـهاََكّمََُلمََآُلةَ}َ[األعراف‪]314َ:‬؛َفحينئذََيَعَظَمََ‬
‫حرصكَ َوخوفكَ َعىل َما َخي ِّلصَكَ َمنَ َهذاَ‬
‫وأمثاله‪ََ.‬‬
‫واعلمَ َأنه َسبحانه َ‪-‬منَ َحكمته‪َ -‬مل َيبعثََ‬
‫نبياَ َهبذا َالتوحيد؛ َإالَ َجعلَ َله َأعداء‪َ ،‬كّم َقالَ‬
‫تعاىل‪{َ :‬وكذلكَ َجعلنا َلك ِّ َ‬
‫ل َنبيَ َعد ّواَ َشياطيََ‬
‫الـأنسَ َوَالـج ِّنَ َيوحي َبعضهمَ َإىلَ َبعضََ‬
‫زخرفََالـقولََغروراَ}َ[األنعام‪ََ.]331َ:‬‬

‫(‪)01‬‬
‫وقد َيكون َألعداءَ َالتوحيد َعلومَ َكثية‪َ،‬‬
‫وكتب‪َ ،‬وحَجَج‪َ ،‬كّم َقال َتعاىل‪{َ :‬فلّمَ َجاءْتمََ‬
‫رسلهمَ َبَالـب ِّيناتَ َفرحوا َبّمَ َعندهمَ َمنَ َالـعلمَ}َ‬
‫[غافر‪ََ.]41َ:‬‬
‫إذا َعرفتَ َذلك‪َ ،‬وعرفتَ َأنَ َالطريقَ َإىل َاللـهََ‬
‫ال َبدَ َله َمَنَ َأعداءَ َقاعدينَ َعليه‪َ ،‬أهلَ َفصاحةََ‬
‫وعلمَ َوحجج؛ َفالواجبَ َعليك‪َ :‬أنَ َتتعلَم َمنََ‬
‫دينَ َاللـهَ َما َيصيَ َلك َسالحا‪َ ،‬تقاتلَ َبه َهؤالءََ‬
‫الشياطي‪َ ،‬الذين َقالَ َإمامَهم َومقَدمهم َلر َِّبكََ‬
‫عزَ َوجلَ‪{َ :‬قالَ َفبّمَ َأغويتني َألقعدنَ َُلمََ‬
‫ِصاطكََالـمستقيمََ*َثمََآلتينهمََمنََبيََأيدهيمََ‬
‫ومنَ َخلفهمَ َوعنَ َأيّمَّنمَ َوعنَ َشّمئلهمَ َوال ََتدََ‬
‫أكثرهمََشاكرينَ}َ[األعراف‪ََ.]31-31َ:‬‬

‫(‪)01‬‬
‫ولكنَ َإذا َأقبلتَ َعىل َاللـه‪َ ،‬وأصغيتَ َإىلَ‬
‫حججهَ َوب ِّيناته؛ َفال ََتفَ َوال َحتزن‪{َ ،‬إنَ َكيدََ‬
‫الشيطانََكانََضعيفاَ}َ[ال َنِّساء‪ََ.]11َ:‬‬
‫املوحدينَ َيغلَبَ َألفاَ َمَنَ َعلّمءََ‬
‫والعامي َمنَ َ ِّ‬
‫َُّ‬
‫هؤالءَ َاملرشكي‪َ ،‬كّم َقالَ َاللـهَ َتعاىل‪{َ :‬وإنََ‬
‫جندنا َُلمَ َالـغالبونَ} َ[الصَافات‪َ ،]311َ :‬فجندََ‬
‫اللـهَ َهم َالغالبونَ َباحلجةَ َوا ِّللسان‪َ ،‬كّم َأَّنم َهمَ‬
‫والسنان‪ََ.‬‬
‫الغالبونََبالسيفََ ِّ‬
‫املوحدَ َالذي َيسلكَ َالطريقََ‬
‫وإ ِّنّم َاخلوفَ َعىل َ ِّ‬
‫وليسَمعهَسالح!َ‬
‫وقد َمنَ َاللـهَ َتعاىل َعلينا َبكتابهَ َالذي َجعلَه‪َ:‬‬
‫ل َيشءَ َوهدى َورمحةَ َوبرشىَ‬ ‫{تبيانا َلك ِّ َ‬
‫للمسلميَ}َ[النَحل‪َ،]48َ:‬فالَيأيتَصاحبََباطلََ‬

‫(‪)09‬‬
‫بي َبطالَّنا‪َ،‬‬
‫بحجة؛ َإالَ َويف َالقرآن َما َينقضَها َوي ِّ َ‬
‫كّم َقال َتعاىل‪{َ :‬وال َيأتونكَ َبمثلَ َإالَ َجئناكََ‬
‫ق َوأحسنَ َتفسياَ} َ[الفرقان‪َ ،]11َ :‬قالَ‬ ‫بَالـح ِّ َ‬
‫بعضَ َاملفسين‪"َ :‬هذه َاآلية َعامةَ َيف َ ِّ َ‬
‫كل َحَجةََ‬
‫يأيتَهباَأهلََالباطلََإىلَيومَالقيامة"‪ََ.‬‬
‫وأنَا َأذكرَ َلكَ َأشياءَ َمما َذكرَ َاللـهَ َيف َكتابهََ‬
‫جواباَ َلكالمَ َاحتجَ َبه َاملرشكونَ َيف َزمانَنا َعلينا‪َ،‬‬
‫فنقول‪َ:‬‬
‫جوابََأهلََالباطلَمنََطريقي‪ََ:‬‬
‫جمملََومفصل‪َ.‬‬
‫أما َاملجمل‪َ :‬فهو َاألمرَ َالعظيم َوالفائدةََ‬
‫الكبيةَملنَعَقَلَها‪َ،‬وذلكَقولَهَتعاىل‪{َ:‬هوََالذيَ‬
‫أنزلَ َعليكَ َالـكتابَ َمنهَ َآياتَ َحمكّمتَ َهنَ َأ َُّمَ‬

‫(‪)11‬‬
‫الـكتابَ َوأخرَ َمتشاهباتَ َفأما َالذينَ َيفَ َقلوهبمََ‬
‫زيغَ َفيتبعونَ َما َتشابهَ َمنهَ َابتغاءَ َالـفتنةَ َوابتغاءََ‬
‫تأويلهَ َوما َيعلمَ َتأويلهَ َإالَ َاللـهَ َوالراسخونَ َيفََ‬
‫الـعلمَ َيقولونَ َآمنا َبهَ َكلَ َمنَ َعندَ َر ِّبنا َوما َيذكرََ‬
‫إالََأولوَالـالـبابَ}َ[آلَعمران‪ََ.]1َ:‬‬
‫وقدَصحََعنَرسولََاللـهََ☺َأنهَقال‪«َ:‬فإذاَ‬
‫رأيتَ َالذينَ َيتبعونَ َما َتشابهَ َمنهَ َفأولئكَ َالذينََ‬
‫سمىَاللـهََفاحذروهمَ»(‪ََ.)0‬‬
‫مثال َذلك‪َ:‬إذا َقالَ َلك َبعضَ َاملرشكي‪{َ:‬أالََ‬
‫إنََأولياءََاللـهََالََخوفََعليهمََوالََهمََحيزنونَ}َ‬
‫[يونس‪َ،]11َ:‬وأنَ َالشفاعة َحق‪َ ،‬وأنَ َاألنبياءَ َُلمَ‬
‫بي َ☺ َيستدلََ‬
‫جاهَ َعند َاللـه‪َ ،‬أو َذكرَ َكالماَ َللن ِّ َ‬

‫(‪َ)3‬متفقَعليه‪َ.‬‬
‫(‪)10‬‬
‫به َعىل َيشءَ َمنَ َباطله‪َ ،‬وأنت َال َتفهمَ َمعنىَ‬
‫الكالمََالذيَذكره؛َفَجَاوبَهَبقولك‪ََ:‬‬
‫إنَ َاللـهَ َذكرَ َلنا َيفَكتابهَأنَ َالذينَ َيف َقلوهبمَ‬
‫زيغَ َيرتكونَ َالـمحكَمَ َويتبعونَ َاملتشابَه‪َ ،‬وماَ‬
‫قرونََ‬
‫ذكرتَه َلك َمَنَ َأنَ َاللـهَ َذَكَرَ َأنَ َاملرشكيَ َيَ ُّ‬
‫بالربوبية‪َ ،‬وأنَ َكفرَهم َبتع ُّلقَهم َعىل َاملالئكةََ‬ ‫ُّ‬
‫واألنبياءَ َواألولياءَ َمع َقوُلم‪{َ :‬هؤالءَ َشفعاؤناَ‬
‫عندَ َاللـه} َ[يونس‪َ ،]34َ :‬هذا َأمرَ َحمَكمَ َ ِّبي‪َ ،‬الَ‬
‫يقدرََأحدََأنََيغ َِّيـرََمعناه‪ََ.‬‬
‫وما َذكرتَ َيل َ ُّأهيا َاملرشكَ َمنَ َالقرآنَ َأو َكالمََ‬
‫بي َ☺ َال َأعرفَ َمعناه‪َ ،‬ولكنَ َأقطعَ َأنَ َكالمََ‬
‫الن ِّ َ‬
‫بي َ☺ َال َخيالفََ‬
‫اللـهَ َال َيتناقض‪َ ،‬وأنَ َكالمَ َالن ِّ َ‬
‫كالمََاللـهََعزََوجل‪َ.‬‬

‫(‪)11‬‬
‫وهذا َجوابَ َسديد‪َ ،‬ولكنَ َال َيفهمَه َإالَ َمنََ‬
‫وفقَهَ َاللـهَ َتعاىل‪َ ،‬فال َتستهنَ َبه‪َ ،‬فإنه َكّم َقالَ‬
‫تعاىل‪{َ:‬وما َيلقاها َإالَ َالذينَ َصبوا َوما َيلقاهاَ‬
‫فصلت‪َ.]15َ:‬‬
‫إالََذوَحظََعظيمَ}َ[ ِّ َ‬
‫وأما َاجلوابَ َالـمَفصل‪َ ،‬فإنَ َأعداءَ َاللـهَ َُلمَ‬
‫صدونَ َهباَ‬
‫الرسل؛ َي ُّ‬
‫اعرتاضاتَ َكثيةَ َعىل َدينَ َ ُّ‬
‫الناسََعنه‪َ،‬منهاَقوُلَم‪َ:‬نحنَالَنرشكََباللـه‪َ،‬بلَ‬
‫يضََ‬
‫نشهدَ َأنه َال َخيلقَ َوال َيرزقَ َوال َينفعَ َوال َ ُّ َ‬
‫إالَ َاللـهَ َوحدهَ َال َرشيكَ َله‪َ ،‬وأنَ َحممداَ َ☺ َالَ‬
‫يملكَ َلنفسهَ َنفعاَ َوال َضَا‪َ ،‬فضالَ َعن َعبدَ‬

‫(‪)11‬‬
‫القادر(‪َ )0‬أو َغيه؛ َولكنَ َأنَا َمذنب‪َ ،‬والصاحلونََ‬
‫ُلمَجاهََعندََاللـه‪َ،‬وأطلبََمنََاللـهََهبم‪َ.‬‬

‫(‪َ )3‬هو َالشيخ َأبو َحممد َعبد َالقادر َبن َموسى َبن َعبد َاهلل َاحلسنيَ‬
‫احلنبيل َاجليالين َأو َاجلييل‪َ ،‬نسبة َإىل َبلدة َجيالن َأو َگيالن َ(التيَ‬
‫تقعَشّملَإيرانَحاليا)‪َ،‬التيَولدَفيهاَعامَ‪َ 813‬هـ‪َ،‬ثمَوفدَإىلَ‬
‫بغداد َسنة َ‪َ 844‬طالبا َللعلم‪َ ،‬قال َعنه َاإلمام َالذهبي‪"َ :‬الشيخ‪َ،‬‬
‫اإلمام‪َ ،‬العامل‪َ ،‬الزاهد‪َ ،‬العارف‪َ ،‬القدوة‪َ ،‬شيخَ َاإلسالم‪َ ،‬علمََ‬
‫الدين‪[َ"...،‬سيـرَأعالمَالنبالء]‪َ،‬والشيخَاجليالينَ‬
‫األولياء‪َ،‬حمييَ ِّ‬
‫َبريء َمماَيفعلهَمرشكوَزماننا‪َ،‬منَ َاستغاثتهمَبهَوالنذرَلهَ‬ ‫ؒ‬
‫واحللف َبه! َكّم َأنه َبراء َمنَ َالطريقة َالصوفية َالقبورية َالقادريةَ‬
‫املعاِصة َالتي َتنسبَ َنفسَها َإليه َزورا‪َ ،‬قال َاإلمام َحممد َبن َعبدَ‬
‫‪"َ :‬وكذلك َفقراء َالشيطان َالذين َينتسبون َإىلَ‬ ‫الوهاب َؒ‬
‫‪َ ،‬وهو َمنهم َبريءَ َكباءة َعيل َبن َأيبَ‬ ‫الشيخ َعبد َالقادر َؒ‬
‫[الدرَرََالسَنيَة]‪َ.‬‬
‫طالبَمنََالرافضة"َ َُّ‬

‫(‪)11‬‬
‫فجَاوَبَهَ َبّم َتقدَم‪َ ،‬وهو‪َ :‬أنَ َالذين َقاتلَهمَ‬
‫رسولََاللـهََ☺َمَقَ ُّرونََبّمَذكرتَ‪َ،‬ومَقَ ُّرونََبأنََ‬
‫أوثاَّنَم َال َتد ِّب َر َشيئا‪َ ،‬وإنّم َأرادوا َاجلاهََ‬
‫والشفاعة‪َ ،‬واقرأَ َعليه َما َذكرَ َاللـهَ َيف َكتابه‪َ،‬‬
‫ووضحه‪ََ.‬‬
‫ِّ‬
‫فإنَ َقال‪َ :‬هؤالءَ َاآلياتَ َنزلتَ َفيمنَ َيعبدََ‬
‫األصنام‪َ ،‬كيف ََتعلونَ َالصاحليَ َمثلََ‬
‫األصنام؟! َأم َكيف ََتعلونَ َاألنبياءَ َأصناماَ؟!؛َ‬
‫فجاوبهَبّمَتقدَم‪ََ.‬‬
‫بالربوبيةَ َك ِّلهاَ‬
‫فإنه َإذا َأقرَ َأنَ َالكفارَ َيشهدونَ َ ُّ‬
‫للـه‪َ،‬وأَّنمَماَأرادواَمَـمَنََقصدواَإالََالشفاعة‪َ،‬‬
‫يفرقَ َبيَ َفعلهم َوفعلَه َبّم َذكره؛ََ‬
‫ولكنَ َأرادَ َأنَ َ ِّ‬
‫فاذكرَ َله َأنَ َالكفارَ َمنهم َمَنَ َيدعو َالصاحليََ‬

‫(‪)11‬‬
‫واألصنام‪َ ،‬ومنهم َمن َيدعو َاألولياءَ َالذينَ َقالَ‬
‫اللـهَ َفيهم‪{َ :‬أولئكَ َالذينَ َيدعونَ َيبتغونَ َإىلََ‬
‫ر ِّهبمَ َالـوسيلةَ َأ ُّهي َم َأقربَ} َ[اإلرساء‪َ،]51َ :‬‬
‫ويدعونَ َعيسى َابنَ َمريمَ َوأمه‪َ ،‬وقد َقال َتعاىل‪َ:‬‬
‫{ما َالـمسيحَ َابنَ َمريمَ َإالَ َرسولَ َقدَ َخلتَ َمنََ‬
‫الرسلَ َوأ ُّمهَ َص ِّديقةَ َكانا َيأكالنَ َالطعامََ‬
‫قبلهَ َ ُّ‬
‫يَُلمََالـآياتََثمََانظرََأنىَيؤفكونََ‬
‫انظرََكيفََنب ِّ َ‬
‫* َقلَ َأتعبدونَ َمنَ َدونَ َاللـهَ َما َال َيملكَ َلكمََ‬
‫ضَا َوال َنفعاَ َوَاللـهَ َهوَ َالسميعَ َالـعليمَ}َ‬
‫ّ‬
‫[املائدة‪ََ.]11-15َ:‬‬
‫واذكرَ َله َقولَه َتعاىل‪{َ :‬ويومَ َحيرشهمَ َمجيعاََ‬
‫ثمََيقولََللمالئكةََأهؤالءََإياكمََكانواَيعبدونََ*َ‬
‫قالوا َسبحانكَ َأنتَ َول ُّينا َمنَ َدوَّنمَ َبلَ َكانواَ‬

‫(‪)11‬‬
‫يعبدونََالـجنََأكثرهمََهبمََمؤمنونَ}َ[سـبأ‪-84َ:‬‬
‫‪َ ،]83‬وقوله َتعاىل‪{َ:‬وإذَ َقالَ َاللـه َيا َعيسى َابنََ‬
‫مريمَ َأأنتَ َقلتَ َللناسَ َاَتذوينَ َوأ ِّميَ َإُليَ َمنََ‬
‫دونَ َاللـهَ َقالَ َسبحانكَ َما َيكونَ َيلَ َأنَ َأقولَ َماَ‬
‫ليسََيلََبحقَ}َ[املائدة‪َ.]331َ:‬‬
‫فقَلَ َله‪َ :‬أعرفتَ َأنَ َاللـهَ َكَفرَ َمَنَ َقَصَدََ‬
‫األصنام؟! َوكَفرَ َأيضا َمَنَ َقصدَ َالصاحلي؟!َ‬
‫وقاتلَهمَرسولََاللـهََ☺؟!ََ‬
‫فإنَ َقالَ‪َ:‬الكفارَ َيَريدونَ َمنهم‪َ ،‬وأنا َأشهدَ َأنََ‬
‫اللـهَ َهو َالنافعَ َالضارَ َالـمَد ِّبر‪َ ،‬ال َأريدَ َإالَ َمنه‪َ،‬‬
‫والصاحلونَ َليسَ َُلم َمنَ َاألمرَ َيشء‪َ ،‬ولكنََ‬
‫أقصدهم‪َ،‬أرجوَمنََاللـهََشفاعتهم‪ََ.‬‬

‫(‪)11‬‬
‫فاجلوابَ‪َ :‬أنَ َهذا َقولَ َالكفارَ َسواءَ َبسواء‪َ،‬‬
‫فاقرأَ َعليه َقولَه َتعاىل‪{َ:‬والذينَ َاَتذوا َمنَ َدونهََ‬
‫أولياءَ َما َنعبدهمَ َإالَ َليق ِّربونا َإىلَ َاللـهَ َزلفى}َ‬
‫الزمَر‪َ ،]1َ :‬وقولَه َتعاىل‪{َ :‬ويقولونَ َهؤالءََ‬
‫[ َُّ‬
‫شفعاؤناَعندََاللـهَ}َ[يونس‪ََ.]34َ:‬‬
‫واعلمَ‪َ :‬أنَ َهذهَ َ ُّ‬
‫الشبهَ َالثالث‪َ ،‬هي َأكبَ َماَ‬
‫عندهم‪َ ،‬فإذا َعرفتَ َأنَ َاللـهَ َوضحَها َيف َكتابه‪َ،‬‬
‫وفهمتَهاَفَهّمََج ِّيداَ؛َفّمَبعدهاَأيسََمنها‪ََ.‬‬
‫فإنَ َقال‪َ:‬أنا َال َأعبدَ َإال َاللـه‪َ ،‬وهذا َااللتجاءََ‬
‫إىلَالصاحليََودعاؤهمَليسَبعبادة‪ََ.‬‬
‫قر َأنَ َاللـهَ َفرضَ َعليكََ‬
‫فقلَ َله‪َ :‬أنتَ َت َُّ‬
‫إخالصََالعبادةََللـه‪َ،‬وهوَح ُّقهََعليك؟ََ‬
‫فإذاَقال‪َ:‬نعم‪ََ.‬‬

‫(‪)11‬‬
‫فقلَ َله‪َ :‬ب ِّيَ َلَـي َهذا َالذي َفرضه َاللـهََ‬
‫عليك‪َ ،‬وهو َإخالصَ َالعبادةَ َللـهَ َوحده‪َ ،‬وهوَ‬
‫ح ُّقهََعليك؛َفإنهَالَيعرفََالعبادة‪َ،‬والَأنواعها!َ‬
‫فإن َكان َالَيعرف َالعبادة َوالَأنواعها؛َفب ِّينَهاَ‬
‫ضعاََ‬
‫لهَبقولك‪َ:‬قالََاللـهََتعاىل‪{َ:‬ادعواَربكمََت ُّ‬
‫بَالـمعتدينَ}َ[األعراف‪ََ.]55َ:‬‬
‫وخفيةََإنهََالََحي ُّ َ‬
‫فإذا َأعلمتَه َهبذا؛ َفقلَ َله‪َ:‬هل َعلمتَ َأن َهذاَ‬
‫عبادةََللـه؟ََ‬
‫والدعاءَ َ ُّ َ‬
‫مخَ‬ ‫فال َبدَ َأنَ َيقولَ َلك‪َ :‬نعم‪ُّ َ ،‬‬
‫العبادة‪.‬‬
‫فقَلَ َله‪َ :‬إذاَ َأقررتَ َأنه َعبادةَ َللـهَ َودعوتََ‬
‫اللـهَ َليالَ َوَّناراَ َخوفاَ َوطمعا‪َ ،‬ثم َدعوتَ َيفَ‬

‫(‪)19‬‬
‫تلك َاحلاجةَ َنبياَ َأو َغيَه؛ َهل َأرشكتَ َيف َعبادةََ‬
‫اللـهََغيَه؟ََ‬
‫فالَبدََأنََيقول‪َ:‬نعم‪َ.‬‬
‫فقَلََله‪َ:‬فإذاَعملتََبقولََاللـهََتعاىل‪{َ:‬فص ِّ َ‬
‫لَ‬
‫ك َوانحرَ} َ[الكوثر‪َ ،]1َ :‬وأطعتَ َاللـهََ‬
‫لر ِّب َ‬
‫ونحرتََله‪َ،‬هلَهذاَعبادة؟ََ‬
‫فالَبدََأنََيقول‪َ:‬نعم‪َ.‬‬
‫فقَلَ َله‪َ:‬فإذا َنحرتَ َملخلوقَ َنبيَ َأو َجَنِّيَ َأوَ‬
‫غيمها‪َ،‬هلَأرشكتََيفَهذهَالعبادةََغيََاللـه؟ََ‬
‫فالَبدََأنََيَقرََويقولَ‪َ:‬نعم‪َ.‬‬
‫وقَلَ َله َأيضاَ‪َ :‬املرشكونَ َالذين َنَزَلَ َفيهمَ‬
‫القرآن‪َ ،‬هل َكانوا َيعبدون َاملالئكةَ َوالصاحليََ‬
‫والالتََوغيََذلك؟ََ‬

‫(‪)11‬‬
‫فالَبدََأنََيقولَ‪َ:‬نعم‪َ.‬‬
‫فقَلَ َله‪َ :‬وهل َكانت َعبادْتَم َإياهم َإالَ َيفَ‬
‫الدعاءََوالذبحََوااللـتجاءََونحوَذلك؟!ََ‬
‫ُّ‬
‫مقرونَ َأَّنم َعبيدَه‪َ ،‬وحتتَ َقهره‪َ،‬‬
‫وإالَ َفهم َ ُّ‬
‫وأنَ َاللـهَ َهو َالذي َيد َِّبـرَ َاألمر‪َ ،‬ولكنَ َدعوهمَ‬
‫والتجأوا َإليهم َللجاه َوالشفاعة‪َ ،‬وهذا َظاهرََ‬
‫جداَ‪ََ.‬‬
‫فإنََقال‪َ:‬أتَنكَرََشفاعةََرسولََاللـهََ☺َوتبأََ‬
‫منها؟!ََ‬
‫فقَلََله‪َ:‬الَأَنكرهاَوالَأتبأََمنها‪َ،‬بلَهوَ☺َ‬
‫الشافَعَ َوالـمَشَفع‪َ ،‬وأرجو َشفاعتَه‪َ ،‬ولكنََ‬
‫الشفاعةَ َكلها َللـه‪َ ،‬كّم َقال َتعاىل‪{َ :‬قلَ َللـهََ‬
‫الزمر‪َ ،]88َ :‬وال َتكونَ َإالَ َمنَ‬
‫الشفاعةَ َمجيعاَ} َ[ َُّ‬

‫(‪)10‬‬
‫بعد َإذنَ َاللـه‪َ ،‬كّم َقال َعزَ َوجلَ‪{َ:‬منَ َذا َالذيَ‬
‫يشفعَ َعندهَ َإالَ َبإذنهَ} َ[البقرة‪َ ،]155َ :‬وال َيَشَفعََ‬
‫يفَأحدََإالََمنََبعدََأنََيأذنََاللـهََفيه‪َ،‬كّمَقالَعزََ‬
‫وجل‪{َ :‬وال َيشفعونَ َإالَ َملنَ َارتضَ} َ[األنبياء‪َ:‬‬
‫‪َ ،]14‬وهو َال َيرىض َإالَ َالتوحيد‪َ ،‬كّم َقال َتعاىل‪َ:‬‬
‫{ومنََيبتغَ َغيََالـأسالمَ َديناَ َفلنََيقبلََمنهَ} َ[آلَ‬
‫عمران‪َ.]45َ:‬‬
‫فإذا َكانت َالشفاعةَ َك ُّلها َللـه‪َ ،‬وال َتكونَ َإالََ‬
‫بي َ☺ َوال َغيَه َيف َأحدََ‬
‫بعدَ َإذنه‪َ ،‬وال َيشفعَ َالن ُّ َ‬
‫حتىَيأذنََاللـهََفيه‪َ،‬والَيأذنََإالََألهلََالتوحيد؛َ‬
‫تبيََلك‪َ:‬أنََالشفاعةََكلهاَللـه‪َ،‬وأنَاَأطلَبَهاَمنه؛َ‬
‫فأقول‪"َ :‬اللـهمَ َال َحترمني َشفاعتَه‪َ ،‬اللـهمََ‬
‫ش ِّفعهََفَـيَ"‪َ،‬وأمثالََهذا‪ََ.‬‬

‫(‪)11‬‬
‫بي َ☺ َأعطيَ َالشفاعةَ‪َ ،‬وأناَ‬
‫فإنَ َقال‪َ :‬الن ُّ َ‬
‫أطلبََمنهَمماَأعطاهََاللـه؟َ‬
‫فاجلوابَ‪َ:‬أنََاللـهََأعطاهَالشفاعة‪َ،‬وَّناكَعنَ‬
‫هذا‪َ ،‬فقال َتعاىل‪{َ :‬فال َتدعو َمعَ َاللـهَ َأحداَ}َ‬
‫[اجلـن‪َ،]34َ:‬فإذا َكنتَ َتدعو َاللـهَ َأنَ َيش ِّفعَ َنبيهَ‬
‫فيك؛ َفأطعه َيف َقوله‪{َ :‬فال َتدعو َمعَ َاللـهََ‬
‫أحداَ}‪َ.‬‬
‫بي َ☺‪َ،‬‬
‫وأيضاَ َفإنَ َالشفاعةَ َأعطيها َغيَ َالن َِّ‬
‫فصحَ َأنَ َاملالئكةَ َيشفعون‪َ ،‬واألفراطَ(‪َ)0‬‬

‫الصغارَالذينَماتواَقبلَآبائهم‪َ،‬وقدَروىَ‬
‫(‪َ)3‬األفراط‪َ:‬همَاألطفالَ ِّ‬
‫البخاري َيف َصحيحه َأنَ َرسولَ َاهلل َ☺ ؒقال‪«َ:‬ما َمنَ َالناسَ َمنََ‬
‫مسلمَ َيتوّفَ َلهَ َثالثَ َملَ َيبلغوا َاحلنثَ َإالَ َأدخلهَ َاللـهَ َاجلنةَ َبفضلََ‬
‫صحَ‬
‫َباالستشهادَهبم‪َ:‬هلَت ُّ‬ ‫رمحتهَ َإياهمَ»‪َ،‬وقصدَاملؤلفَؒ‬
‫زيارةَقبورََهؤالءَاألطفالََوطلبََالشفاعةََمنهم؟!َ‬
‫(‪)11‬‬
‫يشفعون‪َ ،‬واألولياءَ َيشفعون‪َ ،‬أتقول‪َ :‬إنَ َاللـهََ‬
‫أعطاهمَالشفاعةَ‪َ،‬وأطلبَهاَمنهم؟!ََ‬
‫فإنَ َقلتَ َهذا َرجعتَ َإىل َعبادةَ َالصاحلي‪َ،‬‬
‫الرشكَ َالذي َالَ‬
‫التي َذكرَ َاللـهَ َيف َكتابه َأَّنا َ ِّ‬
‫يغفرَه!ََ‬
‫وإنَ َقلتَ‪َ :‬ال‪َ .‬بَطَـلَ َقولكَ‪"َ :‬أعطاهَ َاللـهََ‬
‫الشفاعةَ‪َ،‬وأناَأطلبََمنهَمـّمََأعطاهََاللـه"‪َ.‬‬
‫فإنَ َقال‪َ :‬أنا َال َأَرشكَ َباللـهَ َشيئاَ‪َ ،‬حاشاَ‬
‫وكالَ!َولكنََااللتجاءََإىلَالصاحليَليسَبرشك‪ََ.‬‬
‫قر َأنَ َاللـهَ َحرمَ َالرشكََ‬
‫فقلَ َله‪َ :‬إذا َكنتَ َت َُّ‬
‫وتقر َأنَ َاللـهَ َال َيغفرَه‪َ،‬‬
‫الزنا‪َُّ َ ،‬‬
‫أعظمَ َمنَ َحتريمَ َ ِّ‬
‫فّمَالذيَحرمهََاللـهََوذكرََأنهَالَيغفرَه؟!ََ‬
‫فإنهَالَيدري!َ‬

‫(‪)11‬‬
‫بئََنفسَكَمنََالرشك‪َ،‬وأنتَ‬
‫فقلََله‪َ:‬كيفَت َِّ‬
‫الَتعرفه؟!ََ‬
‫أم َكيف َحي ِّرم َاللـهَ َعليك َهذا‪َ ،‬ويذكر َأنه َالَ‬
‫يغفره‪َ،‬والَتسألََعنهَوالَتعرفه؟!ََ‬
‫نَأنََاللـهَحي ِّرمهََوالَيب ِّينهََلنا؟!ََ‬
‫أتظ َُّ‬
‫الرشكَ َعبادةَ َاألصنام‪َ ،‬ونحن َالَ‬
‫فإنَ َقال‪ِّ َ :‬‬
‫نعبدََاألصنام‪ََ.‬‬
‫فقلََله‪َ:‬ماَمعنىَعبادةَاألصنام؟ََ‬
‫ن َأَّنم َكانوا َيعتقدون َأنَ َتلك َاألخشابَ‬
‫أتظ َُّ‬
‫واألحجار‪ََ،‬تلقََوترزقََوتد ِّبرََأمرََمنََدعاها؟!َ‬
‫فهذا َ ِّ‬
‫يكذبه َالقرآن‪َ ،‬كّم َيف َقوله َتعاىل‪{َ :‬قلَ َمنََ‬
‫يرزقكمََمنََالسّمءََوَالـأرضَ}َ[يونس‪ََ.]13َ:‬‬

‫(‪)11‬‬
‫وإنَ َقال‪َ :‬هو َمَنَ َقصد َخشبةَ َأو َحجراَ َأوَ‬
‫أبنيةَ َعىل َقبَ َأو َغيها‪َ ،‬يدعون َذلك َالصالحَ‬
‫قربَنا َإىلَ‬
‫عندها‪َ ،‬ويذبحون َله‪َ ،‬ويقولون‪َ :‬إنه َي ِّ‬
‫اللـهََزلفى‪َ،‬ويدفعَعناَببكته‪َ،‬ويعطيناَببكته‪ََ.‬‬
‫فقلَ‪َ :‬صدقتَ‪َ ،‬وهذا َفعلَكم َعند َاألحجارََ‬
‫واألبنيةََالتيَعىلَالقبورََوغيَها‪ََ.‬‬
‫فهذاَقدَأقرََأنََفعلهمَهذاَهوَعبادةََاألصنام؛َ‬
‫فهوَاملطلوب‪َ.‬‬
‫ويقـالَ َله َأيضـاَ‪َ :‬قـولَك‪َ ِّ "َ :‬‬
‫الشـركَ َعبـادةََ‬
‫الرشكََخمصوصََهبذا‪َ،‬‬
‫األصنام"‪َ ،‬هل َمرادَك َأنََ ِّ‬
‫وأنَ َاالعتّمدَ َعىل َالصاحليَ َودعاءَهم َال َيدخلََ‬
‫يف َهذا؟ َفهذا َير ُّدهَ َما َذكرَ َاللـهَ َيف َكتابه َمَنَ َكفرَ‬
‫مَنََتعلقََعىلَاملالئكةَأوَعيسىَأوَالصاحلي‪َ.‬‬

‫(‪)11‬‬
‫فال َبدَ َأنَ َيَقَرَ َلك‪َ :‬أنَ َمنَ َأرشكَ َيف َعبادةََ‬
‫الرشكَ َاملذكورَ َيفَ‬
‫اللـهَ َأحداَ َمنَ َالصاحليَ َفهو َ ِّ‬
‫القرآن‪ََ.‬‬
‫وهذاَهوَاملطلوب‪ََ.‬‬
‫ورس َاملسألة‪َ:‬أنه َإذا َقال‪َ:‬أنا َال َأرشكَ َباللـه؛َ‬
‫ُّ َ‬
‫الرشكََباللـه؟َفَ ِّسهََيل‪ََ.‬‬
‫فقلََله‪َ:‬وماَ ِّ‬
‫فإنَ َقال‪َ :‬هو َعبادة َاألصنام؛ َفقلَ َله‪َ :‬وماَ‬
‫فسهاَيل‪َ.‬‬
‫معنىَعبادةََاألصنام؟َ ِّ‬
‫فإنَ َقال‪َ:‬أنا َال َأعبدَ َإالَ َاللـهَ َوحدَه‪َ ،‬فقلَ‪َ:‬ماَ‬
‫فسهاَيل‪ََ.‬‬
‫معنىَعبادةََاللـهََوحدَه؟َ ِّ َ‬
‫فإنَ َفسها َبّم َبينه َاللـهَ َيف َالقرآنَ َفهوَ‬
‫املطلوب‪َ،‬وإنََملَيعرفه؛َفكيفَيدَعيَشيئا‪َ،‬وهوَ‬
‫الَيعرفه؟!ََ‬

‫(‪)11‬‬
‫وإنَ َفسَ َذلك َبغي َمعناه؛ َبينتَ َله َاآلياتََ‬
‫الواضحاتَ َيف َمعنى َالرشك َباللـه‪َ ،‬وعبادةََ‬
‫األوثان‪َ ،‬وأنه َيفعلونه َيف َهذا َالزمان َبعينه‪َ ،‬وأنََ‬
‫عبادةََاللـهََوحدَهَالَرشيكَله‪َ،‬هيَالتيَيَنكرونَ‬
‫علينا‪َ ،‬ويصيحون َعلينا‪َ ،‬كّم َصاح َإخواَّنَمَ‬
‫حيث َقالوا‪{َ :‬أجعلَ َالـآُلةَ َإُلا َواحدا َإنَ َهذاَ‬
‫لَشءََعجابَ}َ[ص‪ََ.]5َ:‬‬
‫فإنَ َقال‪َ :‬إَّنم َال َيكفرَونَ َبدعاءَ َاملالئكةََ‬
‫واألنبياء؛ َوإنّم َكَفَروا َلـّمَ َقالوا‪(َ:‬املالئكةَ َبناتََ‬
‫اللـه)‪َ ،‬ونحن َمل َنقل‪َ:‬عبد َالقادر َابنَ َاللـه‪َ ،‬والَ‬
‫غيهَابنََاللـه!ََ‬
‫فاجلواب‪َ:‬إنَ َنسبةَ َالولدَ َإىل َاللـهَ َتعاىل‪َ ،‬كفرََ‬
‫مستقل؛ َقال َاللـهَ َتعاىل‪{َ :‬قلَ َهوَ َاللـه َأحدَ َ*َ‬

‫(‪)11‬‬
‫اللـه َالصمدَ} َ[اإلخالص‪َ ،]1-3َ:‬واألحد‪َ:‬الذيَ‬
‫ال َنظي َله‪َ ،‬والصمد‪َ:‬املقصود َيف َاحلوائج‪َ ،‬فمنََ‬
‫السورة‪َ،‬وقالَ‬
‫جحدَهذا؛َفقدَكفر‪َ،‬ولوَملَجيحدََ ُّ‬
‫اللـه َتعاىل‪{َ:‬ما َاَتذَ َاللـه َمنَ َولدَ َوما َكانَ َمعهََ‬
‫منَ َإلهَ} َ[املؤمنون‪َ ،]83َ :‬ففرق َبي َالنوعي‪َ،‬‬
‫وجعلَكالَمنهّمَكفراََمستقالَ‪ََ.‬‬
‫وقال َتعاىل‪{َ :‬وجعلوا َلَلـهَ َرشكاءَ َالـجنََ‬
‫وخلقهمَ َوخرقوا َلهَ َبنيَ َوبناتَ َبغيَ َعلمََ‬
‫سبحانهَ َوتعاىلَ َعّمَ َيصفونَ} َ[األنعام‪َ،]344َ :‬‬
‫ففرقَبيَالكَفرين‪َ.‬‬
‫والدليلَ َعىل َهذا َأيضاَ‪َ :‬أنَ َالذينَ َك ِّفرواَ‬
‫بدعاء َالالت َمع َكونه َرجالَ َصاحلا‪َ ،‬مل َجيعلوهَ‬

‫(‪)19‬‬
‫ابنََاللـه‪َ،‬والذينَك ِّفرواَبعبادةَ ِّ‬
‫اجلن‪َ،‬ملَجيعلوهمَ‬
‫كذلك‪َ.‬‬
‫وكذلك َالعلّمءَ َأيضاَ َ‪-‬يف َمجيع َاملذاهبَ‬
‫األربعة‪َ -‬يذكرونَ َيف َ(باب َحكم َاملرتد)‪"َ :‬أنََ‬
‫املسلمََإذاَزعمََأنََللـهََولداََفهوَمرتد"‪ََ.‬‬
‫فيفرقون َبي َالنوعي‪َ ،‬وهذا َيف َغايةَ‬
‫ِّ‬
‫الوضوح‪ََ.‬‬
‫وإنَ َقال‪{َ :‬أالَ َإنَ َأولياءَ َاللـهَ َالَ َخوفََ‬
‫عليهمََوالََهمََحيزنونَ}َ[يونس‪ََ.]18َ:‬‬
‫احلق‪َ،‬ولكنََالَيعبَدون!َونحنَ‬
‫فقلَ‪َ:‬هذاَهوَ ُّ‬
‫مل َنَنكَرَ َإالَ َعبادْتم َمع َاللـه‪َ ،‬وإرشاكهم َمعه‪َ،‬‬
‫وإالََفالواجبََعليكَح ُّبهم‪َ،‬واتباعهم‪َ،‬واإلقرارََ‬
‫بكرامتهم‪َ ،‬وال َجيحدَ َكراماتَ َاألولياءَ َإالَ َأهلََ‬

‫(‪)11‬‬
‫البدعَ َوالضالالت‪َ ،‬ودينَ َاللـهَ َوَسَطَ َبيَ‬
‫طرفيَ‪َ،‬وهدىََبيَضاللتيَ‪َ،‬وحقََبيَباطليَ‪ََ.‬‬
‫فإذاَعرفتَ‪َ:‬أنََهذاَالذيَيسميهَاملرشكونََيفَ‬
‫الرشكَ َالذي َأنزلَ َاللـهَ َيفَ‬
‫زماننا َ(االعتقاد) َهو َ ِّ‬
‫القرآن‪َ ،‬وقاتلَ َرسولَ َاللـهَ َ☺ َالناسَ َعليه؛َ‬
‫فاعلمَ َأنَ َرشكَ َاألوليَ َأخفَُّ َمنَ َرشكَ َأهلََ‬
‫زمانناَبأمرين‪ََ:‬‬
‫أحدمها‪َ:‬أنَ َاألوليَ َال َيَرشكونَ َوال َيدعَونََ‬
‫واألولياء َواألوثانَ َمع َاللـهَ َإالَ َيفَ‬
‫َ‬ ‫املالئكةَ َ‬
‫الدين‪َ ،‬كّمَ‬ ‫الرخاء‪َ ،‬وأما َيف َ ِّ‬
‫الشدةَ َفيَخلصونَ َهلل َ ِّ‬
‫الض َيفَ َالـبحرَ َضلََ‬
‫قال َتعاىل‪{َ :‬وإذا َمسكمَ َ ُّ ُّ َ‬
‫بَ‬
‫منَ َتدعونَ َإالَ َإياهَ َفلَـّمَ َنجاكمَ َإىلَ َالـ َِّ‬
‫أعرضتمَ َوكانَ َالـإنسانَ َكفورا} َ[اإلرساء‪َ،]11َ :‬‬

‫(‪)10‬‬
‫وقوله‪{َ :‬قلَ َأرأيتكمَ َإنَ َأتاكمَ َعذابَ َاللـهَ َأوََ‬
‫أتتكمََالساعةََأغيََاللـهََتدعونََإنََكنتمََصادقيََ‬
‫*َبلََإياهََتدعونََفيكشفََماَتدعونََإليهََإنََشاءََ‬
‫وتنسونَ َما َترشكونَ} َ[األنعام‪َ ،]83-84َ :‬وقوله‪َ:‬‬
‫{وإذا َمسَ َالـإنسانَ َضَ َدعا َربهَ َمنيبا َإليهَ}‪َ ،‬إىلَ‬
‫قوله‪{َ :‬قلَ ََتتعَ َبكفركَ َقليالَ َإنكَ َمنَ َأصحابََ‬
‫الزمر‪َ ،]4َ :‬وقوله‪{َ :‬وإذا َغشيهمَ َموجََ‬ ‫النارَ} َ[ َُّ‬
‫كال ُّظللَ َدعوا َاللـهَ َخملصيَ َلهَ َ ِّ‬
‫الدينَ َفلّمَ َنجاهمََ‬
‫ب َفمنهمَ َمقتصدَ َوما َجيحدَ َبآياتنا َإالَ َك ُّ َ‬
‫لَ‬ ‫إىلَ َالـ َِّ‬
‫ختارََكفورَ}َ[لقّمن‪َ.]11َ:‬‬
‫فَمَنَ َفَهَمَ َهذه َاملسألةَ َالتي َوضحَها َاللـهَ َيفَ‬
‫كتابه‪َ ،‬وهي‪َ :‬أنَ َاملرشكيَ َالذينَ َقاتلَهم َرسولََ‬
‫اللـهََ☺َيدعونََاللـهََويدعونَغيَهَيفَالرخاء‪َ،‬‬

‫(‪)11‬‬
‫الض َ ِّ‬
‫والشدَةَ َفالَيدعونَ َإالَ َاللـهَ َوحدَهََ‬ ‫وأما َيف َ ُّ ِّ َ‬
‫ال َرشيكَ َله‪َ ،‬وينسَون َساداْتَم؛ َتبيَ َله َالفرقََ‬
‫بيَرشكََأهلََزمانَنا‪َ،‬ورشكََاألولي!ََ‬
‫ولكنَ َأينَ َمَنَ َيفهمَ َقلبه َهذه َاملسألةَ َفَهّمََ‬
‫راسخا؟!َواللـهََاملستعان‪ََ.‬‬
‫واألمر َالثاين‪َ :‬أنَ َاألوليَ َيدعونَ َمع َاللـهََ‬
‫أَناساَ َمقربيَ َعندَ َاللـه‪َ ،‬إما َأنبياء‪َ ،‬وإما َأولياء‪َ،‬‬
‫وإما َمالئكة‪َ ،‬أو َيدعون َأشجاراَ َأو َأحجاراََ‬
‫مطيعةََللـهََوليستَعاصية‪َ،‬وأهلََزمانناَيدعونََ‬
‫معَ َاللـهَ َأَناساَ َمَنَ َأفسقَ َالناس‪َ ،‬والذينََ‬
‫يدعوَّنم َهم َالذين َحيكون َعنهم َالفجور! َمنََ‬
‫الزناَوالسقةَوتركَالصالة‪َ،‬وغيَذلك‪َ.‬‬
‫ِّ‬

‫(‪)11‬‬
‫والذيَيعتـقدََيفَالصَـالحَأوَالذيَالَيعـيصَ‬
‫‪-‬مثل َاخلشب َواحلجر‪َ -‬أهونَ َممنَ َيعتقدَ َفيمنَ‬
‫يشاهدََفَسقَهََوفسادَهََويشهدََبه!َ‬
‫إذا َحتققتَ َأنَ َالذينَ َقاتلَهم َرسولَ َاللـهَ َ☺َ‬
‫أصح َعقوالَ َوأخفَُّ َرشكاَ َمنَ َهؤالء؛ َفاعلمَ َأنََ‬
‫ُّ َ‬
‫ُلؤالءَ َشبهةَ َيَوردوَّنا َعىل َما َذكرنا؛ َوهي َمنََ‬
‫أعظمََشبهَهم؛َفاصغََسمعَكَجلواهبا‪ََ.‬‬
‫وهيَأَّنمَيقولون‪َ:‬إنََالذينََنَزَلََفيهمَالقرآنََ‬
‫كذبونَ‬ ‫ال َيشهدونَ َأنَ َال َإله َإالَ َاللـه‪َ ،‬وي ِّ‬
‫الرسول َ☺‪َ ،‬ويَنكـرون َالبعـث‪َ ،‬ويَكـ ِّذبونَ‬
‫القـرآن‪َ،‬وجيعلونهَسحراَ؛َونحنَنشهدَأنََالَإلهَ‬
‫صدقََ‬
‫إالَ َاللـه‪َ ،‬وأنَ َحممداَ َرسول َاللـه َ☺‪َ ،‬ونَ ِّ‬

‫(‪)11‬‬
‫القرآن‪َ ،‬ونؤمنَ َبالبعث‪َ ،‬ونَ ِّ َ‬
‫صيل َونصوم؛ َفكيفَ‬
‫َتعلونناَمثلَأولئك؟!َ‬
‫فاجلواب‪َ:‬أنه َال َخالفَ َبي َالعلّمءَ َك َِّلهم َأنََ‬
‫الرجلَ َإذا َصدقَ َرسولَ َاللـهَ َ☺ َيف َيشءََ‬
‫وكذبهَيفَيشءَ؛َأنهَكافرََملَيدخلََيفَاإلسالم‪ََ.‬‬
‫وكذلكَإذاَآمنََببعضََالقرآنََوجحدََبعضَه‪َ،‬‬
‫كمن َأقرَ َبالتوحيدَ َوجحدَ َوجوبَ َالصالة‪َ ،‬أوَ‬
‫أقرََبالتوحيدََوالصالةََوجحدََوجوبََالزكاة‪َ،‬أوَ‬
‫أقرَ َهبذا َك ِّله َوجحدَ َالصوم‪َ ،‬أو َأقرَ َهبذا َك ِّلهَ‬
‫بيَ‬
‫وجحدَ َاحلج؛ َولـّمَ َمل َينقدَ َأناسَ َيف َزمنَ َالن ِّ َ‬
‫ج َأنزل َاللـهَ َيف َح ِّقهم‪{َ :‬وَللـه َعىلََ‬ ‫☺ َللح ِّ َ‬
‫ج َالـبيتَ َمنَ َاستطاعَ َإليهَ َسبيالَ َومنََ‬
‫الناسَ َح ُّ َ‬

‫(‪)11‬‬
‫كفرَ َفإنَ َاللـهَ َغنيَ َعنَ َالـعامليَ} َ[آل َعمران‪َ:‬‬
‫‪ََ.]81‬‬
‫ومنَ َأقرَ َهبذا َك ِّله َوجحدَ َالبَعَثَ َكفرََ‬
‫باإلمجاع‪َ ،‬وحلَ َدمه َوماله‪َ ،‬كّم َقال َجلَ َجالله‪َ:‬‬
‫{إنَ َالذينَ َيكفرونَ َبَاللـهَ َورسلهَ َويريدونَ َأنََ‬
‫يف ِّرقوا َبيَ َاللـهَ َورسلهَ َويقولونَ َنؤمنَ َببعضََ‬
‫ونكفرَ َببعضَ َويريدونَ َأنَ َيتخذوا َبيَ َذلكََ‬
‫سبيالَ َ* َأولـئكَ َهمَ َالكافرونَ َح ّقاَ َوأعتدناَ‬
‫للكافرينََعذاباََ ُّمهيناَ}َ[النِّساء‪َ.]353-354َ:‬‬
‫فإذا َكانَ َاللـهَ َقد َِصحَ َيف َكتابه َأنَ َمنَ َآمنََ‬
‫ببعضَ َوكفر َببعض؛ َفهو َالكافرَ َحقَا‪َ ،‬وأنهََ‬
‫يستحقَماَذكر؛َزالتََهذهَ ُّ‬
‫الشبهة‪َ.‬‬

‫(‪)11‬‬
‫وهذهَهيَالتيَذكرهاَبعضََأهلََاألحَسَاءََيفَ‬
‫كتابهَالذيَأرسلَهَإلينا ‪ََ.‬‬
‫(‪)0‬‬

‫قر َأنَ َمَنَ َصدقََ‬


‫ويَقالَ َأيضاَ‪َ :‬إذا َكنتَ َت َُّ‬
‫كل َيشء‪َ ،‬وجحدَ َوجوبََ‬ ‫الرسولَ َ☺ َيف َ ِّ َ‬
‫الصالةَ؛ َأنه َكافرَ َحاللَ َالدمَ َواملالَ َباإلمجاع‪َ،‬‬
‫بكلَيشءََإالََالبعث‪َ،‬وكذلكَلوَ‬ ‫وكذلكَإذاَأقرََ ِّ َ‬
‫جحدَ َوجوبَ َصوم َرمضان‪َ ،‬وصدَقَ َبذلكََ‬
‫ك ِّله؛َالََتتلفََاملذاهبََفيه‪َ،‬وقدَنطقََبهَالقرآن‪َ،‬‬
‫كّمَقدمنا‪َ.‬‬

‫(‪َ )3‬األحساء‪َ:‬مدينةَتقعَرشقَمكةَواملدينة‪َ،‬وقدَكانَفيهاَيفَزمنَ‬
‫َالضالل َاملعاندينَ‬
‫َالكثي َمن ُّ‬ ‫الشيخ َابن َعبد َالوهاب َؒ‬
‫املل ِّبسيَعىلَالناسَدينهم‪َ،‬أمثالَابنَفيوزَوابنَعفالق َوغيمها‪َ،‬‬
‫ؒ‬ ‫وكان َهؤالء َيراسلون َالشيخَ َبشبه َباطلة‪َ ،‬فيفنِّد َالشيخَ َؒ‬
‫شبههم‪َ،‬والكتابَاملذكورَهناَهوَأحدَهذهَاملراسالت‪َ.‬‬
‫(‪)11‬‬
‫فمعلومَ َأنَ َالتوحيدَ َهو َأعظمَ َفريضةَ َجاء َهباَ‬
‫بي َحممدََ☺‪َ ،‬وهو َأعظمَ َمنَالصالةََوالزكاةََ‬
‫الن ُّ َ‬
‫واحلج‪َ ،‬فكيف َإذا َجحدَ َاإلنسانَ َشيئاََ‬‫ِّ َ‬ ‫والصومَ َ‬
‫مَنَ َهذه َاألمورَ َكَفَرَ َولو َعمل َ ِّ َ‬
‫بكل َما َجاءَ َبهَ‬
‫الرسول‪َ ،‬وإذا َجحدَ َالتوحيدَ َالذي َهو َدينََ‬
‫الرسلََك ِّلهمَالَيكفر؟!ََ‬
‫ُّ‬
‫سبحانََاللـهََماَأعجبََهذاَاجلهل!!َ‬
‫ويقالَ َأيضاَ‪َ :‬هؤالء َأصحابَ َرسولَ َاللـهََ‬
‫بيَ‬
‫☺‪َ ،‬قاتلوا َبني َحنيفة‪َ ،‬وقد َأسلموا َمع َالن َِّ‬
‫☺‪َ ،‬وهم َيشهدون َأنَ َال َإله َإالَ َاللـه‪َ ،‬وأنََ‬
‫حممداََرسولَاللـه‪َ،‬ويصلون‪َ،‬ويؤذنون‪ََ.‬‬
‫فإنََقال‪َ:‬إَّنمَيقولون‪َ:‬أنََمسيلمةََنبيَ!ََ‬

‫(‪)11‬‬
‫قلنا‪َ:‬هذاَهوَاملطلوب؛َإذاَكانََمنََرفعََرَجَالََ‬
‫بي َ☺ َكَفَرَ َوحلَ َمالَهَ َودمَه‪َ ،‬وملَ‬
‫إىل َرَتبةَ َالن ِّ َ‬
‫تنفعَهَالشهادتانََوالَالصالة؛َفكيفَبمنَرفعَََ‬
‫شمسان‪َ ،‬أو َيوسف(‪َ ،)0‬أو َصحابيا‪َ ،‬أو َنبيا‪َ،‬‬
‫إىلَمرتبةََجبارَالسمواتَواألرض؟!ََ‬
‫سبحان َاللـهَ َما َأعظمَ َشأنه! َ{كذلكَ َيطبعََ‬
‫الروم‪َ.]58َ:‬‬
‫اللـهَعىلََقلوبََالذينََالََيعلمونَ}َ[ َُّ‬

‫(‪َ )3‬شمسان َويوسف َوتاج‪َ :‬أسّمءَ َأَناسَ َكَفَرَةَ َطواغيت‪َ ،‬فتاج َمنََ‬
‫أهل َاخلَـرَج‪َ ،‬وشمسان َال َيبعد َعن َالعارض‪َ ،‬ويوسف َكان َيفَ‬
‫الكويت َأو َاألحساء‪َ ،‬أما َتاريخ َوجودهم َفهو َقريب َمنَ َعرصَ‬
‫َيفَكثيَمن َرسائله‪َ،‬ألَّنمَمن َأشهرَ‬ ‫املصنف‪َ،‬فقدَذكرهمَؒ‬
‫الطواغيتَالتيَيعتقد َفيهاَأهل َنجدَوماَحوُلا‪َ،‬وكانواَيرصفونَ‬
‫ُلم َشيئا َمَن َالعبادة‪َ ،‬وينذرون َُلم َالنذور‪َ ،‬ويرجون َبذلك َماَ‬
‫يرجوهَعبادَالالتَوالعزىَ[فتاوىَحممدَبنَإبراهيم]‪َ.‬‬
‫(‪)19‬‬
‫ويقالََأيضاَ‪َ:‬الذينََحرقَهمَعيلَبنَأيبَطالبَ‬
‫ُّ‬
‫◙ َبالنار ‪َ ،‬كلهم َيَدعَون َاإلسالم‪َ ،‬وهـمَ‬
‫(‪)0‬‬

‫مَنَ َأصحاب َعيلَ َ◙‪َ ،‬وتعلموا َالعَلمَ َمنََ‬

‫(‪َ)3‬هذاَاألثرَرواهَاإلمامَالبخاريَيفَصحيحه‪َ،‬والذينَأحرقهمَأميَ‬
‫املؤمنيَعيلَ◙ َهمَالشيعةَالروافض‪َ ،‬قالَاإلمام َاآلجري‪َ:‬‬
‫"جاء َناسَ َمَنَ َالشيعة َإىل َعيل َبن َأيب َطالب َ◙‪َ ،‬فقالوا‪َ :‬ياَ‬
‫أمي َاملؤمني َأنت َهو؟ َقال‪َ :‬منَ َهو؟ َقالوا‪َ :‬هو‪َ .‬قال‪َ :‬ويلكم َمنََ‬
‫أنا؟! َقالوا‪َ :‬أنت َر َُّبنا؛ َقال‪َ :‬ارجعوا َوتوبوا‪َ ،‬فأبوا‪َ ،‬فضبَ‬
‫أعناقهم َثم َخدَ َُلم َيف َاألرض َأَخدوداَ‪َ ،‬ثم َقال‪َ :‬يا َقنب َائتنيَ‬
‫بحَزم َاحلطب‪َ ،‬فأتاه َبحزم‪َ ،‬فأحرقهم َبالنار‪َ ،‬ثم َقال‪َ :‬ملا َرأيتََ‬
‫األمرَ َأمراَ َمنكرا َ‪َ ...‬أوقدتَ َناري َودعوتَ َقنبا" [الرشيعة]‪َ،‬‬
‫ونقلَ َاحلافظَ َابن َحجر َكالما َلإلمام َاإلسفراييني َجاء َفيه‪"َ :‬أنََ‬
‫الذينَ َأحرقهمَ َعيلَ َطائفة َمنَ َالروافض‪َ ،‬ادعوا َفيهَ َاإلُلية‪َ ،‬وهمََ‬
‫السبائية‪َ ،‬وكانَ َكبيهمَ َعبدَ َاللـهَ َبن َسبأ َهيود ًّيا َثمَ َأظهرَ َاإلسالمَ‬
‫وابتدعََهذهََاملقالة"َ[فتحَالباريَرشحَصحيحَالبخاري]‪َ.‬‬
‫(‪)11‬‬
‫الصحابة‪َ،‬ولكنََاعتقدواَيفَعيلََمثلََاالعتقادَيفَ‬
‫يوسف َوشمسان َوأمثاُلّم؛ َفكيف َأمجعَ‬
‫الصحابةَعىلَقتلهمَوكفرهم؟!َ‬
‫أتظنون َأنَ َالصحابة َيَكَ ِّفرونَ َاملسلمي؛ َأمَ‬
‫ض‪َ،‬‬‫تظنونَ َأنَ َاالعتقادَ َيف َتاجَ َوأمثاله َال َي ُّ‬
‫واالعتقادََيفَعيلَبنَأيبَطالبَ◙َيَكَ َِّفر؟!َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َ‬

‫(‪)10‬‬
‫ويقالَ َأيضاَ‪َ :‬بنو َعَبَيـدَ َالقَداح(‪َ ،)0‬الذينَ‬
‫ملكوا َاملغرب َومرص َيف َزمان َبني َالعباس‪َ،‬‬
‫ك ُّلهم َيشهدون َبألسنتهم َأنَ َال َإله َإالَ َاللـه‪َ ،‬وأنََ‬
‫حممداَ َرسول َاللـه‪َ ،‬ويدعون َاإلسالم‪َ ،‬ويص ُّلونَ‬

‫(‪َ )3‬بنو َعبيد َالقداح‪َ :‬هم َالعبيديون‪َ ،‬نسبة َإىل َ(عبيد َاللـه َبنَ‬
‫ميمون َالقداح) َمؤسس َدولتهم َوأول َرؤسائهم‪َ ،‬والعبيديون َ–‬
‫سمون َأنفسهم َزورا َبالفاطميي َويزعمون َنسبتهم َإىلَ‬
‫الذين َي ُّ‬
‫فاطمةَ▲‪َ -‬همَباطنيونَيظهرونَالتش ُّيعَوالرفض َويبطنونَ‬
‫اإلحلاد َوالكفر َاملحض‪َ ،‬امتد َحكمَهمَمنذَعامَ‪َ 181‬هـ‪َ ،‬إىل َأنَ‬
‫أزالَ َاللـهَ َملكهمَوطهر َاألرض َمنَ َرجسهم َعىلَأيديَاأل ُّيوب ِّييَ‬
‫َعامَ‪َ 518‬هـ‪َ ،‬وقدَقيلَيفَمدحَفعلَ‬ ‫بقيادةَصالحَالدينَؒ‬
‫ِّ‬
‫بنيَأيوبَبالعبيديي‪َ:‬‬
‫أبدتمَمنََبنَىَدولةََالكَفرَمنَ‪َ...‬بنَـيَعبيدََبمرص‪َ،‬إنََهذاَهوَالفضلََ‬
‫زنادقــةََشيعــيَـةََباطـــنيَـةَ‪َ...‬جمـوسَ‪َ،‬وماَيفَالصـاحليََُلمَأصلََ‬
‫رتواَســابورََعـمَهمََاجلهلََ‬
‫يَســ َِّرونََكَـفرا‪َ،‬يَظهرونََتش َُّيعاَ‪َ...‬لَيســ َ‬
‫(‪)11‬‬
‫اجلمعة‪َ ،‬واجلّمعة؛ َفلّمَ َأظهروا َخمالفة َالرشيعة َيفَ‬
‫أشياءَ َدون َما َنحن َفيه؛ َأمجعَ َمجيعَ َالعلّمءَ َعىلَ‬
‫كفرهم َوقتاُلم‪َ ،‬وأنَ َبالدهم َبالدَ َحرب‪َ،‬‬
‫وغزاهم َاملسلمون‪َ ،‬حتى َاستنقذوا َما َبأيدهيمَ‬
‫منََبلدانَاملسلمي‪ََ.‬‬
‫ويقالَ َأيضاَ‪َ :‬إذا َكان َاألولَونَ َمل َيكفروا َإالََ‬
‫الرشكَ‪َ ،‬وتكذيبَ َالرسولَ َ☺َ‬
‫ألَّنم َمجعوا َبي َ ِّ‬
‫والقرآن‪َ ،‬وإنكارَ َالبعث‪َ ،‬وغي َذلك‪َ ،‬فّم َمعنىَ‬
‫البابَ َالذي َذكرَه َالعلّمءَ َيف َ ِّ َ‬
‫كل َمذهب‪(َ :‬بابََ‬
‫حَكَمَ َالـمَرتد)‪َ ،‬وهو َاملسلمَ َالذي َيكفَر َبعدَ‬
‫إسالمه؟!َ‬
‫ثم َذكروا َأنواعاَ َكثية‪َ ُّ َ ،‬‬
‫كل َنوعَ َمنها َيك ِّفرََ‬
‫ل َدَمَ َالرجلَ َوماله؛ َحتى َأَّنم َذكروا َأشياءَ‬ ‫وحي ُّ َ‬

‫(‪)11‬‬
‫يسيةَ َ‪-‬عند َمنَ َفعلها‪َ -‬مثل‪َ :‬كلمةَ َيذكرَهاَ‬
‫بلسانه َدون َقلبه‪َ ،‬أو َكلمةَ َيذكرَها َعىل َوجهَ‬
‫الـمَزَحََواللَعب‪ََ.‬‬
‫ويقالَ َأيضاَ‪َ:‬الذين َقالَ َاللـهَ َفيهم‪{َ:‬حيلفونََ‬
‫بَاللـهَ َما َقالوا َولقدَ َقالوا َكلمةَ َالـكفرَ َوكفرواَ‬
‫بعدَ َإسالمهمَ} َ[التوبة‪]18َ:‬؛َأمَاَسمعتَ َأنَ َاللـهََ‬
‫كفرهم َبكلمةَ َمع َكوَّنم َيف َزمنَ َرسولَ َاللـهََ‬
‫☺‪َ ،‬وهـم َجيـاهدون َمـعه‪َ ،‬ويصـ ُّلون َمـعه‪َ،‬‬
‫ويوحدون؟!ََ‬ ‫ويز ُّكون‪ُّ َ،‬‬
‫وحيجون‪ِّ َ،‬‬
‫وكذلك َالذين َقالَ َاللـهَ َفيهم‪{َ :‬قلَ َأبَاللـهََ‬
‫وآياتهَ َورسولهَ َكنتمَ َتستهزئونَ َ* َالَ َتعتذروا َقدََ‬
‫كفرتمَ َبعدَ َإيّمنكمَ} َ[التوبة‪َ ،]11-15َ :‬فهؤالءَ‬
‫الذين َِصحَ َاللـهَ َفيهم َأَّنم َكَفروا َبعد َإيّمَّنم‪َ،‬‬

‫(‪)11‬‬
‫وهم َمع َرسولَ َاللـهَ َ☺ َيف َغزوةَ َتبوك‪َ ،‬قالواَ‬
‫كلمةََذكرواَأَّنمَقالوهاَعىلَوجهَالـمَزَح!ََ‬
‫فتأمَلَ َهذه َالشبهة‪َ ،‬وهي َقوُلَم‪(َ :‬تَك َِّفرونَ‬
‫منَ َاملسلميَ َأَناساَ َيشهدونَ َأنَ َال َإله َإالَ َاللـه‪َ،‬‬
‫ويص ُّلون‪َ،‬ويصومون)‪َ،‬ثمََتأملَجواهبَا؛َفإنهََمنََ‬
‫أنفعَماَيفَهذهَاألوراق‪ََ.‬‬
‫ومَنَ َالدليل َعىل َذلك َأيضاَ‪َ :‬ما َحكى َاللـهََ‬
‫عن َبني َإرسائيل َمع َإسالمهم َوعلمهمَ‬
‫وصالحهم‪َ ،‬أَّنم َقالوا َملوسى‪{َ :‬اجعلَ َلنا َإُلاَ‬
‫كّمَ َُلمَ َآُلةَ} َ[األعراف‪َ ،]314َ :‬وقولَ َأَناسَ َمنََ‬
‫بيَ‬
‫الصحابة‪(َ:‬اجعلَلناَذاتَأنواط)‪َ،‬فحلفَالن َُّ‬
‫☺ َأنَ َهذا َنظيَ َقول َبني َإرسائيل َ(اجعل َلناَ‬
‫إُلاَكّمَُلمَآُلة)‪ََ.‬‬

‫(‪)11‬‬
‫ولكنَ َللمرشكيَ َشبهةَ َأخرىَيَدَلَونَ َهبا َعندَ‬
‫هذه َالقصة‪َ ،‬وهي َأَّنم َيقولون‪َ:‬إنَ َبني َإرسائيلَ‬
‫بيَ‬
‫مل َيكفَروا َبذلك‪َ ،‬وكذلك َالذين َقالوا‪َ :‬للن َِّ‬
‫☺‪(َ:‬اجعلَلناَذاتَأنواط)‪َ،‬ملَيكفَروا‪ََ.‬‬
‫اجلواب‪َ:‬أنَ َنقول‪َ:‬إنَ َبني َإرسائيل َمل َيفعلواَ‬
‫ذلك‪َ ،‬وكذلك َالذين َسألوا َالنبيَ َ☺ َمل َيفعلوا‪َ،‬‬
‫وال َخالف َيف َأنَ َبني َإرسائيل َلو َفعلوا َذلك؛َ‬
‫لَكَفَروا‪َ ،‬وكذلك َال َخالف َيف َأنَ َالذين ََّناهمَ‬
‫بيَ☺َلوَملَيَطيعوه‪َ،‬واَتذواَذاتََأنواطََبعدَ‬
‫الن ُّ َ‬
‫َّنيه؛َلكفروا‪َ،‬وهذاَهوَاملطلوب‪ََ.‬‬
‫ولكنَ َهذه َالقصة َتفيدَ‪َ :‬أنَ َاملسلمَ‪-‬بلَ‬
‫الرشك‪َ ،‬وهو َالَ‬
‫العَالَـم‪َ -‬قد َيقعَ َيف َأنواعَ َمَنَ َ ِّ‬
‫يدريَعنها!َ‬

‫(‪)11‬‬
‫والتحرزَ‪َ ،‬ومعرفةَ َأنَ َقولََ‬
‫ُّ‬ ‫فتَفيدَ‪َ :‬التع ُّلمَ َ‬
‫اجلاهل‪(َ :‬التوحيدَ َفهمناه)؛ َأنَ َهذا َمَنَ َأكبََ‬
‫اجلهلََومَكايدََالشيطان‪ََ.‬‬
‫وتفيدَ َأيضاَ‪َ :‬أنَ َاملسلمَ َاملجتهد َإذا َتكلمَ‬
‫بكالمَ َكفرَ َ‪-‬وهو َال َيدري‪َ -‬فَـنَـ ِّبهَ َعىل َذلك‪َ،‬‬
‫فتابَ َمنَ َساعته؛ َأنه َال َيَكفَر‪َ ،‬كّم َفعل َبنوَ‬
‫إرسائيلَوالذينَسألواَالنبيََ☺‪َ.‬‬
‫وتفيدَ َأيضاَ‪َ :‬أنه َلو َمل َيكَفَر؛ َفإنه َيغلظَ َعليهَ‬
‫الكالمَ َتغليظاَ َشديدا‪َ ،‬كّم َفعلَ َرسولَ َاللـهََ‬
‫☺‪ََ.‬‬
‫وللمرشكيَ َشبهةَ َأخرى‪َ ،‬يقولون‪َ :‬إنَ َالنبيََ‬
‫☺ َأنكرَ َعىل َأسامةَ َقتلَ َمنَ َقال‪َ :‬ال َإله َإالََ‬
‫اللـه‪َ ،‬وقال َله‪«َ :‬أقتلتهَ َبعدَ َما َقال َالَ َإلهَ َإالََ‬

‫(‪)11‬‬
‫اللـه؟!»(‪َ ،)0‬وكذلك َقولَه‪«َ :‬أمرت َأنَ َأقاتلََ‬
‫الناسَ َحتى َيقولوا‪َ :‬الَ َإلهَ َإالَ َاللـه» ‪َ،‬‬
‫(‪)1‬‬

‫وأحاديثََأخرىَيفَالكفََِّعمنَقاُلَا‪ََ.‬‬
‫ومرادََهؤالءََاجلهلة‪َ:‬أنََمنََقاُلاَالَيكفرَوالَ‬
‫يَقتل؛َولوَفعلََماَفعل!ََ‬
‫فيَقالَ َُلؤالء َاملرشكي َالـجَهَال‪َ :‬معلومَ َأنََ‬
‫رسولَ َاللـهَ َ☺ َقاتلَ َاليهودَ َوسباهم‪َ ،‬وهمَ‬
‫يقولون‪َ :‬ال َإله َإالَ َاللـه‪َ ،‬وأنَ َأصحابَ َرسولََ‬
‫اللـهََ☺َقاتلواَبنيَحنيفة‪َ،‬وهمَيشهدونَأنََالَ‬
‫إلهَ َإالَ َاللـه‪َ ،‬وأنَ َحممداَ َرسولَ َاللـه‪َ ،‬ويص ُّلون‪َ،‬‬

‫(‪َ)3‬متفقَعليه‪َ.‬‬
‫(‪َ)1‬متفقَعليه‪َ.‬‬
‫(‪)11‬‬
‫ويدعون َاإلسالم‪َ ،‬وكذلك َالذين َحرقهم َعيلَ‬
‫بنَأيبَطالبَبالنار‪ََ.‬‬
‫وهؤالء َاجلهلة َمق ُّرونَ َأنَ َمَنَ َأنكرَ َالبَعَثََ‬
‫كَفَرَ َوقَتَل‪َ ،‬ولو َقال َال َإله َإالَ َاللـه‪َ ،‬وأنَ َمنََ‬
‫جحدَ َشيئاَ َمنَ َأركان َاإلسالم َكفرَ َوقتل‪َ ،‬ولوَ‬
‫قاُلا؛َفكيفَالَتنفعهَإذاَجحدَفرعاََمنََالفروع‪َ،‬‬
‫وتنفعه َإذا َجحد َالتوحيد‪َ ،‬الذي َهو َأساسَ َدينَ‬
‫الرسل‪َ،‬ورأسه؟!َ‬
‫ُّ‬
‫ولكنَ َأعداءََاللـهَ َما َفهموا َمعنىَاألحاديث‪َ،‬‬
‫ولنَيفهموا‪ََ.‬‬
‫فأما َحديث َأسامة‪َ :‬فإنه َقَتلَ َرجالَ َادعىَ‬
‫اإلسالمَ‪َ،‬بسببَأنهَظنََأنهَماَادعىَاإلسالمََإالََ‬
‫خوفاَ َعىل َدمهَ َوماله‪َ ،‬والرجلَ َإذا َأظهرَ َاإلسالمََ‬

‫(‪)19‬‬
‫وجبَ َالكفَُّ َعنه؛ َحتى َيتبيَ َمنه َما َخيالفََ‬
‫ذلك‪َ ،‬وأنزلَ َاللـهَ َتعاىل َيف َذلك‪{َ:‬يا َأ ُّهيا َالذينََ‬
‫آمنوا َإذا َضبتمَ َيفَ َسبيلَ َاللـه َفتبينوا} َ[ال َنِّساء‪َ:‬‬
‫‪َ]88‬أي‪َ:‬فتـثبَتوا‪ََ.‬‬
‫فاآليةَ َ ُّ َ‬
‫تدل َعىل َأنه َجيبَ َالكفَُّ َعنهَ َوالتث ُّبت؛َ‬
‫فإذا َتبيَ َمنه َبعد َذلك َما َخيالفَ َاإلسالمَ َقتل؛َ‬
‫لقوله َتعاىل‪{َ :‬فتبينوا}‪َ ،‬ولو َكان َال َيَقتل َإذاَ‬
‫قاُلا‪َ،‬ملَيكنَللتث ُّبتَمعنى‪َ.‬‬
‫وكذلك َاحلديثَ َاآلخر َوأمثالَه‪َ ،‬معناه َماَ‬
‫ذكرناه‪َ :‬أنَ َمَنَ َأظهرَ َالتوحيدَ َواإلسالمَ َوجبََ‬
‫الكفَُّ َعنه؛ َإالَ َأنَ َيتبيَ َمنه َما َيناقضَ َذلك‪َ،‬‬
‫والدليلَ َعىل َهذا‪َ :‬أنَ َرسولَ َاللـهَ َ☺ َالذيَ‬
‫قال‪«َ:‬أقتلتهَ َبعدَ َما َقالَ َال َإلهَ َإال َاللـه»‪َ ،‬وقال‪َ:‬‬

‫(‪)11‬‬
‫«أمرتَ َأنَ َأقاتلَ َالناسَ َحتى َيقولوا‪َ:‬الَ َإلهَ َإالََ‬
‫اللـه»؛ َهو َالذي َقال َيف َاخلوارج‪«َ :‬أينّمَ‬
‫لَقَيتَمَوهَم َفاقَتَلَوهم» ‪«َ ،‬لئنَ َأنا َأدركتهمََ‬
‫(‪)0‬‬

‫ألقتلنهمَ َقتلَ َعاد»(‪َ ،)1‬مع َكوَّنم َمنَ َأكثرَ َالناسََ‬


‫عبادة َوْتليال َوتسبيحا‪َ ،‬حتى َأن َالصحابةََ‬
‫حيقَرونَ َصالْتَم َعندهم‪َ ،‬وهم َتعلَموا َالعلم َمنََ‬
‫الصحابة‪َ ،‬فلم َتنفعهم َال َإله َإالَ َاللـه‪َ ،‬وال َكَثرةَ‬
‫العبادة‪َ ،‬وال َا ِّدعاء َاإلسالم؛ َلـّمَ َظهرَ َمنهمَ‬
‫خمالفةَالرشيعة‪ََ.‬‬
‫وكذلك َما َذكرناه َمنَ َقتالَ َاليهود‪َ ،‬وقتالََ‬
‫بي َ☺ َأنََ‬
‫الصحابةَ َبني َحنيفة‪َ ،‬وكذلك َأرادَ َالن ُّ َ‬

‫(‪َ)3‬متفقََعليه‪َ.‬‬
‫(‪َ)1‬متفقَعليه‪َ.‬‬
‫(‪)10‬‬
‫يغزوَبنيَالـمَصَطَلَقَلـّمََأخبَهَرجلََأَّنمَمنعواَ‬
‫الزكاة‪َ ،‬حتى َأنزلَ َاللـهَ َتعاىل‪{َ :‬يا َأ ُّهيا َالذينََ‬
‫آمنوا َإنَ َجاءكمَ َفاسقَ َبنبإَ َفتبينوا} َ[احلجرات‪َ:‬‬
‫‪َ،]1‬وكانَالرجلََكاذباََعليهم‪ََ.‬‬
‫بي َ☺ َيفَ‬ ‫وكل َهذا َ ُّ َ‬
‫يدل َعىل َأنَ َمرادَ َالن ِّ َ‬ ‫ُّ َ‬
‫احتجواَهباَماَذكرناه‪ََ.‬‬
‫األحاديثَالتيَ ُّ‬
‫بي َ☺‪َ:‬‬
‫وُلم َشبهةَ َأخرى‪َ ،‬وهي‪َ:‬ما َذكرَ َالن َُّ‬
‫أنَ َالناسَ َيومَ َالقيامةَ َيستغيثونَ َبآدم‪َ ،‬ثمَ َبنوح‪َ،‬‬
‫ثمَ َبإبراهيم‪َ ،‬ثمَ َبموسى‪َ ،‬ثمَ َبعيسى‪َ ،‬فك ُّلهمَ‬
‫يعتذرون‪َ،‬حتىَينتهواَإىلَرسولََاللـهَ☺‪ََ.‬‬
‫قالوا‪َ:‬فهذا َ ُّ َ‬
‫يدل َعىل َأنَ َاالستغاثةَ َبغيَ َاللـهََ‬
‫ليستَرشكاَ!ََ‬

‫(‪)11‬‬
‫واجلواب َأنَ َنقول‪َ :‬سبحانَ َمنَ َطبعَ َعىلَ‬
‫قلوبَأعدائه!ََ‬
‫فإنَ َاالستغاثة َباملخلوق َفيّم َيقدر َعليه‪َ ،‬الَ‬
‫نَنكرها‪َ ،‬كّم َقال َتعاىل َيف َقصة َموسى‪َ:‬‬
‫{فاستغاثهَ َالذي َمنَ َشيعتهَ َعىلَ َالذي َمنََ‬
‫عد ِّوهَ} َ[القصص‪َ ،]35َ :‬وكّم َيستغيثَ َاإلنسانََ‬
‫بأصحابهَ َيف َاحلرب َأو َغيه‪َ ،‬يف َأشياءَ َيقدرََ‬
‫عليهاَاملخلوق‪ََ.‬‬
‫ونحن َأنكرنا َاستغاثةَ َالعبادة‪َ ،‬التي َيفعلوَّناَ‬
‫عند َقبور َاألولياءَ َأو َيف َغيبتهم‪َ ،‬يف َاألشياءَ َالتيَ‬
‫الَيقدرَعليهاَإالََاللـه‪ََ.‬‬
‫إذا َثبتَ َذلك؛ َفاستغاثتَهم َباألنبياءَ َيومَ‬
‫القيامة‪َ ،‬يريدون َمنهم َأنَ َيدعوا َاللـهَ َأنَ َحيَاسبََ‬

‫(‪)11‬‬
‫الناس؛ َحتى َيسرتيحَ َأهلَ َاجلنةَ َمَنَ َكَربََ‬
‫املوقف‪َ،‬وهذاَجائزََيفَالدنياَواآلخرة‪َ،‬وذلكَأنََ‬
‫تأيت َعند َرجلَ َصالحَ َحيَ َجيالسك‪َ ،‬ويسمعََ‬
‫كالمك‪َ،‬تقولََله‪َ:‬ادعََاللـهََيل‪ََ.‬‬
‫وكّم َكان َأصحابَ َرسولَ َاللـهَ َ☺ َيسألونهَ‬
‫ذلكَيفَحياته‪َ،‬وأماَبعدَموته؛َفحاشاَوكالََأَّنمَ‬
‫سألوه َذلك َعند َقبه‪َ ،‬بل َأنكرَ َالسلفَ َعىل َمَنََ‬
‫قصدََدعاءََاللـهََعندَقبه؛َفكيفَبدعائهَنفسَه!ََ‬
‫وُلم َشبهةَ َأخرى‪َ ،‬وهي‪َ :‬قصة َإبراهيمَ‬
‫♠ َلـّمَ َأَلقي َيف َالنار‪َ ،‬اعرتضَ َله َجبيلَ َيفَ‬
‫اُلواء؛ َفقال َله‪َ :‬ألكَ َحاجة؟ َفقال َإبراهيمَ َأماَ‬
‫إليكََفال‪َ.‬‬

‫(‪)11‬‬
‫فقالوا‪َ:‬فلوَكانتَاالستغاثةََرشكا‪َ،‬ملَيعرضهاَ‬
‫عىلَإبراهيم!ََ‬
‫فاجلواب‪َ :‬أنَ َهذا َمَنَ َجنس َالشبهة َاألوىل؛َ‬
‫فإنََجبيلََعرضََعليهَأنََينفعَهَبأمرََيقدرََعليه؛َ‬
‫فإنه َكّم َقال َاللـهَ َفيه‪{َ:‬شديدَ َالـقوى} َ[النَجم‪َ:‬‬
‫‪َ ،]5‬فلو َأذَنَ َاللـهَ َله َأنَ َيأخذَ َنارَ َإبراهيمَ َوماَ‬
‫حوُلاَمنََاألرضَواجلبال‪َ،‬ويقلبهاَيفَاملرشقَأوَ‬
‫املغرب؛ َلَفَعَل‪َ ،‬ولو َأمرَهَ َاللـهَ َأنَ َيضعَ َإبراهيمََ‬
‫يف َاملرشق َأو َاملغرب؛ َلفعل‪َ ،‬ولو َأمرهَ َاللـهَ َأنََ‬
‫يضعَ َإبراهيمَ َيف َمكانَ َبعيد َعنهم؛ َلفعل‪َ ،‬ولوَ‬
‫أمرهَأنََيرفعهَإىلَالسّمء؛َلفعل‪َ.‬‬
‫وهذا َكرجَلَ َغنيَ َله َمالَ َكثي‪َ ،‬يرى َرجالََ‬
‫حمتاجاَ‪َ ،‬فيعرضَ َعليه َأنَ َيقرضه‪َ ،‬أو َأنَ َهيَـبَهَ‬

‫(‪)11‬‬
‫شيئاَ َيقيض َبه َحاجته؛ َفيأبى َذلك َاملحتاجَ َأنََ‬
‫يأخذ‪َ ،‬ويصبَ َإىل َأنَ َيأتيهَ َاللـهَ َبرزقَ َال َمَنَـةَ َفيهَ‬
‫ألحد‪َ،‬فأينََهذاَمنََاستغاثةََالعبادةََوالرشك؛َلوَ‬
‫كانواَيفقهون؟!ََ‬
‫ولَنختمَ َالكالمَ َ–إن َشاء َاهلل َتعاىل‪َ -‬بمسألةََ‬
‫عظيمةَ َمهمة‪َ ،‬تفهم َمما َتقدم؛ َولكنَ َنفرد َُلاَ‬
‫الكالم؛ َلعظم َشأَّنا‪َ ،‬ولكثرة َالغلط َفيها‪َ،‬‬
‫فنقول‪ََ:‬‬
‫الَخالفََأنََالتوحيد‪َ،‬الَبدََأنََيكونََبالقلبََ‬
‫وال ِّلسانَ َوالعمل‪َ ،‬فإنَ َاختلَ َيشءَ َمنَ َهذا؛ َملَ‬
‫يكنََالرجلََمسلّمَ‪َ.‬‬
‫فإنَ َعرفَ َالتوحيدَ َومل َيعمل َبه؛ َفهو َكافرََ‬
‫مرتدََمعاند‪َ،‬كَكَفرَفرعونََوإبليسََوأمثاُلّم‪ََ.‬‬

‫(‪)11‬‬
‫وهذا َيغلطَ َفيه َكثيَ َمنَ َالناس؛ َيقولون‪َ:‬هذاَ‬
‫احلق‪َ ،‬ولكناَ‬
‫حق‪َ ،‬ونحن َنفهمَ َهذا‪َ ،‬ونشهدَ َأنه َ ُّ‬
‫ال َنَـقَدَرَ َأنَ َنفعله‪َ ،‬وال َجيوزَ َعندَ َأهلَ َبلدنا َإالََ‬
‫مَنََوافقهم‪َ،‬أوَغيَذلكَمنََاألعذار‪َ.‬‬
‫ومل َيدرَ َاملسكيَ‪َ :‬أنَ َغالبَ َأئمةَ َالكفرََ‬
‫يعرفونَ َاحلق‪َ ،‬ومل َيرتكوه َإالَ َلَشءَ َمنَ َاألعذار‪َ،‬‬
‫كّم َقال َتعاىل‪{َ :‬اشرتوا َبآياتَ َاللـهَ َثمنا َقليالََ‬
‫فص ُّدوا َعنَ َسبيلهَ َإَّنمَ َساءَ َما َكانوا َيعملونَ}َ‬
‫[التوبة‪َ ،]8َ :‬وغيَ َذلك َمنَ َاآليات‪َ ،‬كقوله‪َ:‬‬
‫{يعرفونهََكّمََيعرفونََأبناءهمَ}َ[البقرة‪ََ.]381َ:‬‬
‫فإنَ َعمل َبالتوحيدَ َعمالَ َظاهراَ‪َ ،‬وهو َالَ‬
‫يفهمهَوالَيعتقدهَبقلبه؛َفهوَمنافق‪َ،‬وهوَرشََمنََ‬
‫الكافر َاخلالص‪{َ ،‬إنَ َالـمنافقيَ َيفَ َالدركََ‬

‫(‪)11‬‬
‫الـأسفلَ َمنَ َالنارَ َولنَ ََتدَ َُلمَ َنصيا} َ[ال َنِّساء‪َ:‬‬
‫‪ََ.]385‬‬
‫وهذه َاملسألةَ َمسألةَ َكبيةَ َطويلة‪َ ،‬تتبيَ َلكَ‬
‫إذاَتأملتَهاَيفَألسنةََالناس!ََ‬
‫ترى َمنَ َيعرفَ َاحلقَ َويرتكَ َالعملَ َبه؛َخلوفََ‬
‫نقصَ َدنيا َأو َجاه‪َ ،‬أو َمداراةَ َألحد‪َ ،‬وترى َمنََ‬
‫يعمل َبه َظاهرا‪َ ،‬ال َباطنا‪َ ،‬فإذا َسألتَه َعّمَ َيعتقدَهَ‬
‫بقلبه؛َإذاَهوَالَيعرفَه!ََ‬
‫ولكنََعليكَبفهمَآيتيََمنََكتابََاللـه‪ََ:‬‬
‫أوالمها‪َ:‬ماَتقدَمَمنََقولَهَتعاىل‪{َ:‬الََتعتذرواَ‬
‫قدَ َكفرتمَ َبعدَ َإيّمنكمَ} َ[التوبة‪َ،]11َ:‬فإذا َحتقَقتََ‬
‫الرومَ َمع َرسولََ‬
‫أنَ َبعضَ َالصحابةَ َالَذين َغَزَوا َ َُّ‬
‫اللـهَ َ☺ َكفروا َبسببَ َكلمةَ َقالوها َعىل َوجهََ‬

‫(‪)11‬‬
‫اللعبَ َوالـمَزَح؛ َتبيَ َلك‪َ :‬أنَ َالذي َيتكلمََ‬
‫بالكفرََأوَيعملََبه‪َ،‬خوفاََمنََنقصََمالََأوَجاه‪َ،‬‬
‫أو َمداراةَ َألحدَ؛ َأعظمَ َممنَ َيتكلمَ َبكلمةَ َيمزحَ‬
‫هبا!ََ‬
‫واآليةَالثانية‪َ:‬قولَهَتعاىل‪{َ:‬منََكفرََبَاللـهََمنََ‬
‫بعدَ َإيّمنهَ َإالَ َمنَ َأكرهَ َوقلبهَ َمطمئنَ َبَالـإيّمنََ‬
‫ولكنَ َمنَ َرشحَ َبَالـكفرَ َصدرا َفعليهمَ َغضبََ‬
‫منََاللـهََوُلمََعذابََعظيمَ}َ[النَحل‪َ،]341َ:‬فلمَ‬
‫يعذرَ َاللـهَ َمنَ َهؤالءَ َإالَ َمنَ َأكَرهَ َمع َكونَ َقلبهَ‬
‫مطمئناَ َباإليّمن‪َ ،‬وأما َغيَ َهذا؛ َفقد َكفر َبعدَ‬
‫إيّمنه؛ َسواءَ َفعلَه َخوفا‪َ ،‬أو َمداراة‪َ ،‬أو َمَشَحةََ‬
‫بوطنهَ َأو َأهلهَ َأو َعشيتهَ َأو َماله‪َ ،‬أو َفعله َعىلَ‬

‫(‪)19‬‬
‫وجهَ َاملزح‪َ ،‬أو َلغي َذلك َمنَ َاألغراض؛ َإالََ‬
‫الـمكرَه‪َ.‬‬
‫فاآليةََ ُّ َ‬
‫تدلَعىلَهذاَمنََوجهي‪ََ:‬‬
‫األول‪َ :‬قوله َتعاىل‪{َ :‬إالَ َمنَ َأكرهَ}‪َ ،‬فلمَ‬
‫يستثنَ َاللـهَ َتعاىل َإال َالـمكرَه‪َ ،‬ومعلومَ‪َ :‬أنََ‬
‫اإلنسانَ َال َيكرَهَ َإال َعىل َالكالمَ َأو َالفعل‪َ ،‬وأماَ‬
‫عقيدةََالقلب‪َ،‬فالَيكرهَعليهاَأحد‪َ.‬‬
‫والثاين‪َ :‬قوله َتعاىل‪{َ :‬ذلكَ َبأَّنمَ َاستح ُّبواَ‬
‫الدنيا َعىلَ َالـآخرةَ َوأنَ َاللـهَ َالَ َهيديَ‬
‫الـحياةَ َ ُّ‬
‫الـقومََالـكافرينَ}َ[النَحل‪َ،]341َ:‬فرصحَأنََهذاَ‬
‫الكفرَ َوالعذابَ َمل َيكنَ َبسببَ َاالعتقادَ‪َ ،‬أوَ‬
‫للدينَ‪َ ،‬أو َحمبَةَ َالكفر؛ َوإنّمَ‬
‫اجلهلَ‪َ ،‬أو َالبغضَ َ َِّ‬

‫(‪)11‬‬
‫سببَه‪َ :‬أنَ َله َيف َذلك َحظَـاَ َمنَ َحظوظ َالدنيا؛َ‬
‫الدين‪ََ.‬‬
‫فآثرهَعىلَ ِّ‬
‫واللـهََسبحانهَوتعاىلَأعلم‪ََ.‬‬
‫وصىلََاللَـهََعىلَنبينِّاَحممد‪َ،‬وعىلَآلهَوصحبهَ‬
‫وسلَم‪َ.‬‬
‫*َ*َ*َ‬
‫انتهىَكالمَالشيخَحممدَبنَعبدَالوهابََ‬
‫(رمحهَاللـهََوجزاهَعنَاملسلميَخيَاجلزاء)َ‬
‫َ‬
‫هذاَوكشف ُّ‬
‫َالشبهاتََألفهَ‪ََ...‬إمامَوقتهَالصَحَيحَاملعَرَفةََ‬
‫َالديـنََبالَارتيـابََ‬
‫حمـمدَبنََعـابدََالوهَـابَ‪ََ...‬جمــ ِّدد َِّ‬
‫فَجَـاَكتاباَحَـجمهَصـغيَ‪َ...‬لكــنهَفـيَعَــلمهَكــبيَ(‪َ)0‬‬

‫َاملوضحات َلكشف َالشبهات‪َ،‬للشيخ َحممدَ‬


‫ِّ َ‬ ‫(‪َ )3‬من َمنظومة َ َالباهي‬
‫‪َ.‬‬ ‫يَ‬
‫الط ِّيبَاألنصاريَالتنبكت ؒ‬

‫(‪)10‬‬

You might also like