You are on page 1of 113

‫راسايكولوجية‬

‫اﻷرﻗام واﳊﺮوف الﻌﺮﺑية‬

‫ليف‬
‫أ‪.‬د‪.‬ﳏﻤﺪ زاﻫﺪ ﺧﻠيﻞ اﳌﺸﻬﺪاﱐ‬
‫أﺳﺘﺎذ ﻋﻠﻢ الﻔﻠﻚ وﻣﺎ وراء الﻄﺒيﻌﺔ ـ ريس‬

‫‪2‬‬
‫‪158‬‬
‫م ‪ 594‬اﳌﺸﻬﺪاﱐ ‪ ،‬ﳏﻤﺪ زاﻫﺪ ﺧﻠيﻞ‬
‫اﺳﻢ الكﺘﺎب ‪ :‬راﺳﺎيكولوجيﺔ اﻻرقﺎم واﳊروف الﻌربيﺔ‬
‫اﺳﻢ اﳌؤلف ‪ :‬ﳏﻤﺪ زاﻫﺪ ﺧﻠيﻞ اﳌﺸﻬﺪاﱐ‬
‫رقﻢ اﻻيﺪاع ‪ :‬دار الكﺘب والو ئق بغﺪاد ‪ 2401 :‬لسنﺔ ‪2021‬‬
‫‪ 111‬صﻔحﺔ قيﺎس ‪ 21 × 14‬ﺳﻢ‬
‫الﺒﺎراﺳﺎيكولوجي ‪ ،‬ﻋﻠﻢ النﻔس اﳍﺎﻣﺸي‬
‫ﲨيع اﳊقوق ﳏﻔوظﺔ لﻠﻤؤلف ‪.‬‬
‫م‪.‬و‪2021/ 2401 .‬‬

‫اﳌوصﻞ ‪ -‬ﻣﻄﺒﻌﺔ الوﺳﺎم – الﻄﺒﻌﺔ اﻷوﱃ ‪2021‬‬

‫‪3‬‬
‫اﳌﺪﺧـ ـ ــﻞ‬
‫لقﺪ حﺎول اﻹنس ـ ــﺎن ﻣنذ القﺪم كﺸ ـ ــف ا ﻬول واﳋوض ﰲ ﻣﻌرفﺔ‬
‫أﺳ ـرار الﻄﺒيﻌﺔ بغيﺔ اﳊﺼ ــول إﱃ ﻣﺎ يﻔيﺪﻩ ﻣﻦ الﺘﺄﺛﲑات اﻹﳚﺎبيﺔ واﳊذر ﻣﻦ‬
‫الﻌواقب السـ ـ ــﻠﺒيﺔ الﱵ ﳜﺒﺌﻬﺎ لﻪ القﺪر‪ ،‬فحﺎول بﺸـ ـ ــﱴ الﻄرائق الوصـ ـ ــول إﱃ‬
‫قﺎﻋﺪة أو قﺎنون ﲤكنﻪ ﻣﻦ ﻣﻌرفﺔ اﳌسـﺘقﺒﻞ واﻻﺳـﺘﻔﺎدة ﻣﻦ الﺘﺄﺛﲑات الﻔيز ئيﺔ‬
‫ﳑﺎ جﻌﻠﻪ يسـ ـ ـ ــﺘﺨﺪم ﻋﺸ ـ ـ ـ ـرات الﻄرائق ابﺘﺪاء ﻣﻦ الﺘقرب إﱃ اﻷرواح واﻵﳍﺔ‬
‫ﻣرورا لﺘنجيﻢ والكﻬﺎنﺔ وانﺘﻬﺎء حﺼـ ــﺎئيﺎت الكوﻣﺒيوتر ‪ ،‬وﻋﱪ ﻫذﻩ الرحﻠﺔ‬
‫الﻄويﻠﺔ الﱵ داﻣﺖ آﻻف الس ـ ــنﲔ ﱂ يس ـ ــﺘﻄع اﻹنس ـ ــﺎن الوص ـ ــول إﱃ قﺎﻋﺪة‬
‫ﻋﻠﻤيﺔ بﺘﺔ ﲤكنﻪ ﻣﻦ اﻹجﺎبﺔ ﻋﻠى ﲨيع أﺳ ـ ـ ـ ــﺌﻠﺘﻪ وتس ـ ـ ـ ــﺎﻋﺪﻩ ﻋﻠى قض ـ ـ ـ ــﺎء‬
‫حوائجﻪ دون الرجوع إﱃ الﻔﻌﻞ اﳌﺎدي ‪.‬‬
‫واﺷـ ـ ــﻬر الﻄرائق الﱵ اﺳـ ـ ــﺘﺨﺪﻣﻬﺎ اﻹنسـ ـ ــﺎن ﰲ الﺘنﺒؤ أو اﻻﺳـ ـ ــﺘﻔﺎدة ﻣﻦ‬
‫ﺧواص الﻔﻌـﻞ الﻔيز ئي ا رد ﻣﻦ اﳌـﺎدة ) اﻷرقـﺎم واﳊروف ( أو بﻌﺒـﺎرة أدق‬
‫ﻣﺎدة اﻷرقﺎم واﳊروف ‪ ،‬وذلﻚ لﻼﻋﺘقﺎد السـﺎئﺪ ن اﻷرقﺎم ﻫي لغﺔ الﻄﺒيﻌﺔ‬
‫الﱵ بوﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻃﺘﻬﺎ نﺘﻤكﻦ ﻣﻦ ﻣﻌرفﺔ قوانﲔ الﻄﺒيﻌﺔ ‪ ،‬وأن اﳊروف ﻫي ﻣﺎدتﻪ‬
‫الﻄﺒيﻌيـﺔ الﱵ ﲤكﻦ ﻣسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺨـﺪﻣﻬـﺎ ﻣﻦ اﻻﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﻔـﺎدة ﻣﻦ ﺧواص اﳌوجودات‬
‫الﻄﺒيﻌيﺔ و ﲢﺎد ﻫذيﻦ الﻌنﺼ ـ ـ ـ ـ ـريﻦ ) اﻷرقﺎم واﳊروف ( نﺘﻤكﻦ ﻣﻦ ﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــﱪ‬
‫أﻏوار أﺳـ ـ ـ ـرار الكون واﻻﺳ ـ ـ ـ ــﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﺧواص ـ ـ ـ ــﻪ اﳌؤﺛرة )الﻔيز ئيﺔ ( والﺘنﺒؤيﺔ‬
‫اﳌسﺘقﺒﻠيﺔ ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫لق ــﺪ لﻌﺒ ــﺖ اﻷرق ــﺎم واﳊروف دورا كﺒﲑا ﰲ الﻌ ــﺪي ــﺪ ﻣﻦ اﻷفك ــﺎر‬
‫واﳌنﺎﻫﺞ الﻔﻠس ـ ــﻔيﺔ والﺪينيﺔ قﺪﳝﻬﺎ وحﺪيﺜﻬﺎ واﲣذ كﻞ واحﺪ ﻣنﻬﺎ ﻣنﻬجﺎ قﺪ‬
‫يراﻩ ﻏﲑ اﳌﺘﺨﺼـ ــص ﻣغﺎيرا بﻌض الﺸـ ــيء إﻻ انﻪ ﻣﻦ حيﺔ أﺧرى يﺪل ﻋﻠى‬
‫نﻔس النﺘﺎئﺞ ﰲ تقﺪﳝﻪ ‪ ،‬اﻷﻣر الذي جﻌﻞ الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ الﻔﻼﺳـ ـ ــﻔﺔ واﳊكﻤﺎء‬
‫يؤكﺪون ﻋﻠى وجود الﺼ ـ ـ ــﻠﺔ بﲔ اﻷرقﺎم ﻣﻦ جﻬﺔ واﳊروف ﻣﻦ جﻬﺔ أﺧرى‪،‬‬
‫فﺎﻷرقﺎم الﱵ تقﱰن بﺘواريخ ﻣيﻼد أو اﻷحﺪاث الﱵ نﻌيﺸـ ــﻬﺎ ﺳـ ـواءً أكﺎنﺖ‬
‫ﺳـﻌيﺪة أم حزينﺔ كﺜﲑا ﻣﺎ تﺘزاﻣﻦ ﻣع تﻠﻚ اﻷحﺪاث ﺳـﻌﺪﻫﺎ وﳓسـﻬﺎ ﳑﺎ يﺪل‬
‫ﻋﻠى وجود ترابط بﲔ اﳊﺪث والرقﻢ اﳌﺘﻤﺜﻞ لﺘﺎريخ أو السـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻋﺔ الزﻣنيﺔ أو‬
‫الﻔﱰة الﻔﻠكيﺔ كﻤﺎ يرى اﳌنجﻤون ‪ ،‬ﰲ حﲔ نرى أﲰﺎء اﳌكونﺔ ﻣﻦ اﳊروف‬
‫بـﻞ وأﲰـﺎء ﲨيع ﻣﻔردات الﻄﺒيﻌـﺔ تقﱰن بﺘنـﺎﻏﻤـﺎت ﺧـﺎص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ كﺜﲑا ﻣـﺎ تكون‬
‫ﻣﺘوافقﺔ ﻣع حروف ذلﻚ اﻻﺳ ـ ــﻢ ‪ ،‬وقﺪﳝﺎ قرر ﻋﻠﻤﺎؤ اﳌسـ ـ ــﻠﻤﲔ أن ﰲ كﻞ‬
‫ﺳؤال جوابﻪ والذي ﳝكﻦ ﰲ نسب ـ ـ ـ ـ قواﻋﺪ ـ ـ ـ ـ حروف السؤال وﲟﻌرفﺔ ﻫذﻩ‬
‫النسب ﳝكﻦ الوصول إﱃ اﳉواب ‪.‬‬
‫لقﺪ ﺳ ـ ـ ــﻌﺖ الﺪراﺳ ـ ـ ــﺎت الﺒﺎراﺳ ـ ـ ــﺎيكولوجيﺔ إﱃ الوص ـ ـ ــول ﰲ ﲨيع‬
‫اﻷفكــﺎر واﻷﻋﻤــﺎل والﻈواﻫر الغريﺒــﺔ لﺘﻤييز ﻣــﺎ ﻫو ﻋقﻼﱐ وﻋﻠﻤي وبﲔ ﻣــﺎ‬
‫ﻫو ﺿ ـ ــرب ﻣﻦ ﺿ ـ ــروب الوﻫﻢ واﳋﺪاع ‪ ،‬وﻣﻦ ﰒ ﲢﺎول أن ﺧذ كﻞ ظﺎﻫرة‬
‫فوق حس ـ ـ ــيﺔ وتﺪﺧﻞ ﰲ ﻏورﻫﺎ وﲢﻠﻞ اصـ ـ ـ ــﻠﻬﺎ لﺘﻌﻄي اﻷجوبﺔ اﳌقنﻌﺔ اﳌﺒنيﺔ‬
‫ﻋﻠى أصـول الﻌقﻞ والﻌﻠﻢ ‪ ،‬أو تنﻔي صـﺪق ﻫذﻩ الﻈﺎﻫرة وتكذب حﺼـوﳍﺎ‪،‬‬
‫وﳌﺎ كﺎنﺖ الﻈواﻫر اﳋﺎرقﺔ ﻣﺘنوﻋﺔ وﻣﺘﺸ ــﻌﺒﺔ ﰲ اﺳ ــﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ونﺘﺎئجﻬﺎ وجب‬

‫‪5‬‬
‫ﻋﻠى الﺪارﺳ ـ ــﲔ فرز كﻞ ظﺎﻫرة وكﻞ ﻋﻠﻢ ﻏيﱯ قﺪﱘ وحﺪيﺚ ودراﺳـ ـ ــﺘﻪ ﳎردا‬
‫ﻋﻦ كﻞ ﻣﺎ ﻋﻠق بﻪ ﻣﻦ اﳋرافﺎت والﺸــﻌوذات لﻠوصــول إﱃ حقيقﺔ ﻫذا الﻌﻠﻢ‬
‫وأصــولﻪ وﲟﺎ أن الكﺜﲑ ﻣﻦ الﻈواﻫر الغيﺒيﺔ كﺎن ﻣﺘﻌﻠقﻬﺎ اﻹنســﺎن ذاتﻪ وجب‬
‫ﻋﻠى الﺒﺎراﺳ ــﺎيكولوجي دراﺳ ــﺔ ﺳ ــﻠوك ص ــﺎحب ﻫذﻩ الﻈواﻫر اﳋﺎرقﺔ دراﺳ ــﺔ‬
‫نﻔس ــيﺔ وفيز ئيﺔ وكيﻤﺎئيﺔ لكي ﳝيز ﻣﻦ ﳝﺘﻠﻚ قﺪرة الﺘنﺒؤ ﻣﺜﻼ ﻋﻦ ﻏﲑﻩ ﻣﻦ‬
‫اﻷﺷـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﺨ ــﺎص وكﺜﲑا ﻣ ــﺎ ك ــﺎن ــﺖ اﻷجوب ــﺔ تقف أﻣ ــﺎم الﻌ ــﺪي ــﺪ ﻣﻦ الﻈواﻫر‬
‫الﺒﺎراﺳـ ـ ــﺎيكولوجيﺔ الﱵ ﻻ ﳝكﻦ لﻠﻌقﻞ أو الﻌﻠﻢ ان ﳚﺪ ﳍﺎ تﻔسـ ـ ـﲑا ﻣنﻄقيﺎ ‪،‬‬
‫وﳌـ ـ ــﺎ كـ ـ ــﺎن ـ ــﺖ اﻷرقـ ـ ــﺎم واﳊروف تﺸ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎرك ﰲ النﺘـ ـ ــﺎئﺞ السـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيكولوجيـ ـ ــﺔ‬
‫والﺒــﺎراﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎيكولوجيــﺔ اﳌﺘﻤﺜﻠــﺔ لﻔﻌــﻞ الﻔيز ئي اﳌؤﺛر ﰲ اﻵﺧريﻦ أو الﻔﻌــﻞ‬
‫الﺘنﺒؤي وجب ﻋﻠينﺎ تقﺪﱘ ﻫذﻩ اﻷفكﺎر الﻌﻠﻤيﺔ الﱵ ﻣﺎرﺳــﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎؤ الﻌرب‬
‫واﺛﺒﺘوا ص ـ ـ ـ ــحﺘﻬﺎ لكي نكون قﺪ ﺳ ـ ـ ـ ــﺎﳘنﺎ ولو ﲜزء ﺿـ ـ ـ ـ ــﺌيﻞ ﲟﺎ قﺪم ﻋﻠﻤﺎؤ‬
‫الﻌرب ﻣﻦ ابﺪاﻋﺎت ﻋﻠى الﺼﻌيﺪ الﻌﻠﻤي اﳊضﺎري ‪.‬‬
‫أن أﻫﻢ اﳌسـ ـ ــﺎئﻞ الﱵ ﺷـ ـ ــغﻠﺖ فكر اﻹنسـ ـ ــﺎن ﻣنذ القﺪﱘ وﻣﺎزالﺖ‬
‫تﺸغﻞ لﻪ ﻣسﺄلﺘﺎن ﻣﻬﻤﺘﺎن ﳘﺎ‪:‬‬
‫‪ .1‬الﺘوص ـ ـ ـ ــﻞ إﱃ ﻃريقﺔ تنﺒؤيﺔ تﺒﲔ لﻪ اﳌس ـ ـ ـ ـ ــﺘقﺒﻞ وترﺷ ـ ـ ـ ـ ــﺪﻩ إﱃ ﻣﺎ ﳜﺒﺊ لﻪ‬
‫القﺪر‪.‬‬
‫‪ .2‬الﺘوص ـ ـ ــﻞ إﱃ ﻃريقﺔ ﲤكنﻪ ﻣﻦ الﺘحكﻢ بقوى الﻄﺒيﻌﺔ واﻻﺳ ـ ـ ــﺘﻌﺎنﺔ ﺎ ﰲ‬
‫تﻠﺒيﺔ رﻏﺒﺎتﻪ وقضﺎء حﺎجﺎتﻪ ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫وﻣﻦ ﻣنﻄﻠق النقﻄ ــﺔ اﻷوﱃ نرى أن لﻠﺘنﺒؤ صـ ـ ـ ـ ـ ـ ــورا ﻋ ــﺪي ــﺪة ﻋن ــﺪ‬
‫الﺸـ ــﻌوب واﳊضـ ــﺎرات ﻣنذ القﺪم فقﺪ كﺎن اﻹﻏريق ﻻ يقﺪﻣون ﻋﻠى أﻣر إﻻ‬
‫بﻌﺪ الﺘﻤﺎس النﺼــيحﺔ ﻣﻦ اﻵﳍﺔ واﺳــﺘﺸــﺎرة الكﻬنﺔ الذيﻦ كﺎنوا يﺪﻋون ﻣﻌرفﺔ‬
‫الغيب‪ ،‬أﻣﺎ الكﻠﺪانيون فقﺪ ربﻄوا الﺘنﺒؤ وﻣﺼـﺎئر الﺒﺸـر بﺘحركﺎت النجوم ﰲ‬
‫اﻷبراج وﻣﺎ تﻌنيﻪ لﺒﲏ الﺒﺸـ ـ ـ ـ ــر فﻈﻬر ﻋنﺪﻫﻢ الﺘنجيﻢ واﺳـ ـ ـ ـ ــﺘﺨﺪم الكﻠﺪانيون‬
‫أيضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ ﻋﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرات الﻄرائق اﻷﺧرى وﻣﻦ بينﻬ ـ ــﺎ ﻃريق ـ ــﺔ الﻔيﻠوﻣ ـ ــﺎنيس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ‬
‫) ‪ (phylomancie‬وﻫي الﱵ تقوم ﻋﻠى أﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎس النﻈر إﱃ أﺷ ـ ـ ـ ـ ـ ــكﺎل‬
‫أﻏﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎن اﻷﺷ ـ ـ ـ ـ ـ ـجـﺎر وﲢركﻬـﺎ وحﻔيف اﻷوراق ﻋنـﺪ ﻣرور الريﺢ ﻋﻠيﻬـﺎ كﻤـﺎ‬
‫اﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺘﻌﻤﻞ اليو نيون والروﻣﺎنيون نقﻼ ﻋﻦ الكﻠﺪانيﲔ ﻃريقﺔ اﳍيﺪروﻣﺎنيس ـ ـ ـ ـ ــﺎ‬
‫)‪ ( hydromancie‬والﱵ اﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﻌﻤﻠﻬـ ــﺎ اﳌﺘنﱯ الكﺒﲑ نوﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﱰاداﻣوس‬
‫الﻔرنس ــي وتﻌﺘﻤﺪ ﻫذﻩ الﻄريقﺔ ﻋﻠى تركيز النﻈر ﰲ وﻋﺎء ﻣﻠيء ﳌﺎء الﺘنﺒؤي‬
‫اﳌكون ﻣﻦ ﻣواد ﺧﺎصــﺔ ‪ .‬لﻠوصــول إﱃ وقﺖ ﳜيﻞ لذوي القﺎبﻠيﺔ الﺘنﺒؤيﺔ انﻪ‬
‫ﳝكﻦ ﻣﻌرفﺔ أﺳـ ـرار اﳌسـ ــﺘقﺒﻞ برؤيﺔ بﺼـ ـريﺔ أو بسـ ــﻤﺎع أصـ ـوات ﻻ يسـ ــﻤﻌﻬﺎ‬
‫ﺳـواﻩ ‪ ،‬واﺷـﺘﻬرت ﰲ أور ظواﻫر الﺘنﺒؤ وأﺧذت صـورا ﻣﺘﻌﺪدة تﻌﺘﻤﺪ اﻏﻠﺒﻬﺎ‬
‫إﱃ ﻣﺎ قﺪﻣﻪ الﻔكر القﺪﱘ ﻣﻦ اﻷﺳ ـ ـ ــس والقواﻋﺪ الﺘنﺒؤيﺔ إﻻ أن اﺷ ـ ـ ــﻬر ﻫذﻩ‬
‫الﻄرائق ﻫو ﻋﻠﻢ الﺘنجيﻢ الذي كﺎن ﳚﺪ لﻪ ﺳـ ـ ـ ـ ــوقﺎ رائجﺔ ﻋنﺪ اﳌﻠوك والﻌﺎﻣﺔ‬
‫ﻋﻠى حﺪ ﺳواء وﻣﺎزال ﳛﺘﻔظ ﲟكﺎنﺘﻪ اﳋﺎصﺔ بﲔ النﺎس ‪ ،‬وﰲ ﻋﺼر الذي‬
‫دﺧﻠنﺎ فيﻪ القرن اﳊﺎدي الﻌﺸ ـ ـ ـ ـريﻦ قرن الﻌوﳌﺔ واﻻتﺼ ـ ـ ـ ــﺎﻻت ﳒﺪ أن ظواﻫر‬
‫الﺘنﺒؤ ﲜﻤيع صورﻫﺎ الﻌﻠﻤيﺔ واﳋرافيﺔ ﻣﺎزالﺖ تسيﻄر ﻋﻠى ﻋقول اﳌﻼيﲔ ﻣﻦ‬

‫‪7‬‬
‫النـﺎس ﻏنيﻬﻢ وفقﲑﻫﻢ ﻣﻠكﻬﻢ وﻋﺒـﺪﻫﻢ ﻋـﺎﳌﻬﻢ وجـﺎﻫﻠﻬﻢ وذلـﻚ لرﻏﺒـﺔ النـﺎس‬
‫ﰲ ﻋﺪم اﻻﺳــﺘغنﺎء ﻋﻦ أيﺔ ﻃريقﺔ تﺪﳍﻢ ﻋﻠى ﻣﺼــﲑﻫﻢ وﻣســﺘقﺒﻠﻬﻢ ‪ ،‬بﻞ ﳒﺪ‬
‫ﰲ ﻋﺼر ﻋﺸرات اﳌنﻈﻤﺎت واﳌﻌﺎﻫﺪ واﳉﻤﻌيﺎت الﱵ تﻌﲏ لﻈواﻫر الﺘنﺒؤيﺔ‬
‫والﱵ يســﺘﺸــﲑﻫﺎ آﻻف اﻷﺷــﺨﺎص ﻋﻠى اﺧﺘﻼف ﻣراكزﻫﻢ ﻫذا الﻔﻌﻞ جﻌﻞ‬
‫القـﺎئﻤﲔ ﻋﻠى ﻫـذا اﻷﻣر ﳛـﺎولون اﺧـذ الﻈواﻫر الﺘنﺒؤيـﺔ ﻣـﺄﺧـذا ﻋﻠﻤيـﺎ يﺘوافق‬
‫ﻣع ﻣﺘﻄﻠﺒﺎت الﻌﺼـ ـ ـ ــر لكي يقنع اﳉﻤﻬور اﳌﺘﻌﻄﺶ ﳌﺎ ﺳـ ـ ـ ــيحﻞ بﻪ ﰲ حيﺎتﻪ‬
‫وﻣسـ ـ ـ ـ ـ ــﺘقﺒﻠـﻪ ‪ ،‬وﻣﻦ بﲔ ﲨيع ﻫـذﻩ الﻄرائق الﺘنﺒؤيـﺔ الﱵ تقوم ﻋﻠى أﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎس‬
‫روحي وإﳍـﺎﻣي و ﻣﻠي وديﲏ ﰐ دور ﻋﻠﻢ اﻷرقـﺎم ) ‪(Numerology‬‬
‫وﻋﻠﻢ اﳊروف ليجيﺒنﺎ ﻋﻦ ﲨيع اﻷﺳ ـ ـ ـ ــﺌﻠﺔ الﱵ تﺘﻌﻠق ‪ :‬ﻤﺎ ﻣﻦ حيﺔ الﺘنﺒؤ‬
‫وﲢﻠيﻞ الﺸـﺨﺼـيﺔ وﻣﺎ يﺘﻌﻠق ﻤﺎ ﻣﻦ اﻣور نسـﻤيﻬﺎ رﺳـﺎيكولوجيﺔ إن صـﺢ‬
‫الﺘﻌﺒﲑ ‪.‬‬
‫وانﻄﻼقـﺎ ﻣﻦ النقﻄـﺔ الﺜـﺎنيـﺔ نرى أن اﻹنس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎن ﻣنـذ القـﺪم حـﺎول‬
‫بﺸ ـ ـ ـ ــﱴ الﻄرائق الﺘحﺎيﻞ ﻋﻠى قوى الﻄﺒيﻌﺔ لﻄﻠب الﻌون واﳌس ـ ـ ـ ــﺎﻋﺪة ﻣنﻬﺎ ‪،‬‬
‫ف ــﺎﻷﻣور الغريﺒ ــﺔ الﱵ ك ــﺎن يراﻫ ــﺎ ﰲ السـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻤ ــﺎء ﻣﻦ تﻌ ــﺎق ــب الﻠي ــﻞ والنﻬ ــﺎر‬
‫والكس ـ ـ ـ ــوف واﳋس ـ ـ ـ ــوف وﺳ ـ ـ ـ ــقوط ﳒﻢ وﻣﺎ أﺷ ـ ـ ـ ــﺒﻪ ذلﻚ جﻌﻠﻪ يؤﻣﻦ بقوى‬
‫الﻄﺒيﻌ ــﺔ واﻋﺘق ــﺪ ــﺎ تسـ ـ ـ ـ ـ ــيﻄر ﻋﻠى حي ــﺎت ــﻪ فقرب إليﻬ ــﺎ القرابﲔ وح ــﺎول‬
‫إرﺿ ـ ـ ـ ــﺎءﻫﺎ كي تيس ـ ـ ــر أﻣرﻩ ‪ ،‬وﲟرور السـ ـ ـ ــنﲔ وبﻌﺪ أن اﺧذ فكر اﻹنس ـ ـ ـ ــﺎن‬
‫لﺘﻄور تغﲑت نﻈرتـﻪ ﳍـذﻩ الﻈواﻫر بﻌـﺪ أن ﻋرف أﺷـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـﺎء كﺜﲑة ﰲ الﻄﺒيﻌـﺔ‬
‫أﻋﺎنﺘﻪ ﰲ حيﺎتﻪ وﺳـ ـ ـ ــﻬﻠﺖ ﻋﻠيﻪ ﻋيﺸ ـ ـ ــﻪ ‪،‬إﻻ انﻪ ﱂ يزل يﺒحﺚ ﻋﻦ إكسـ ـ ـ ــﲑ‬

‫‪8‬‬
‫ﺳـ ـ ـ ــحري يس ـ ـ ــﺎﻋﺪﻩ ﻋﻠى ﲣﻄي ﻣﺸ ـ ـ ـ ــﺎكﻞ اﳊيﺎة وﳛﻞ لﻪ ﻋقﺪﻫﺎ فﻈﻬر ﻋﻠﻢ‬
‫الس ــحر وﻏﲑﻩ ﻣﻦ الﻌﻠوم إﻻ أ ﺎ ﱂ تﻌط اﳉواب الﺸ ــﺎﰲ لﻔض ــول اﻹنس ــﺎن ‪،‬‬
‫وﻋﻠى الرﻏﻢ ﳑـ ـ ــﺎ أحرزت ـ ــﻪ تكنولوجي ـ ــﺎ القرن الﻌﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ـريﻦ ﻣﻦ اﻻبﺘك ـ ــﺎرات‬
‫واﳌﺨﱰﻋﺎت الﱵ كﺎنﺖ تﻌﺪ قﺒﻞ بضــﻌﺔ ﻋقود ﻣﻦ الســنﲔ ﺿــر ﻣﻦ ﺿــروب‬
‫السـ ـ ـ ــحر أو اﳌسـ ـ ـ ــﺘحيﻞ ظﻞ اﻹنس ـ ـ ــﺎن يﺒحﺚ ﻋﻦ قوة فيز ئيﺔ ﻣؤﺛرة تﻠﱯ لﻪ‬
‫ﻣﺘﻄﻠﺒﺎتﻪ وتس ـ ـ ــﺎﻋﺪﻩ ﻋﻠى ﲣﻄي ﻣﺸـ ـ ــﺎكﻠﻪ وحﻠﻬﺎ وﻫذا ﻣﺎ يؤديﻪ ﻋﻠﻢ اﻷرقﺎم‬
‫واﳊروف ﻣﻦ ج ــﺎنﺒ ــﻪ الﺜ ــﺎﱐ اﳉ ــﺎن ــب الﻔيز ئي اﳌؤﺛر ﰲ اﳌوجودات إذ يرى‬
‫ﻋﻠﻤﺎء اﳊروف واﻷرقﺎم انﻪ بﺘحويﻞ أيﺔ ﲨﻠﺔ أو ﻃﻠب إﱃ حروف ووﺿــﻌﻬﺎ‬
‫وفق ﻣربع ﺳـ ـ ــحري يﺘحقق اﻷﻣر اﳌﻄﻠوب ﰲ ﲨﻠﺔ الكﻼم اﳌوﺿـ ـ ــوع ﰲ ﻫذا‬
‫اﳌربع ‪ ،‬أن الﺘﺄﺛﲑ الﻔيز ئي الذي ﳛققﻪ ﻋﻠﻢ اﻷرقﺎم واﳊروف بﻌيﺪ كﻞ الﺒﻌﺪ‬
‫ﻋﻦ اﻻﺳـ ـ ـ ـ ــﺘﻌﺎنﺔ لﺸـ ـ ـ ـ ـ ــيﺎﻃﲔ أو الﺘقرب إﱃ قوى اﻷفﻼك وﻏﲑﻫﺎ بﻞ يؤدي‬
‫اﳊرف والرقﻢ دورا كﺒﲑا فيﻬــﺎ ﳌـﺎ ﳝﺘــﺎزان بـﻪ ﻣﻦ الﺘنــﺎﻏﻢ واﻻنسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـجــﺎم وبﻌــﺪ‬
‫دراﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺘنﺎ الﻄويﻠﺔ والﺸـ ـ ـ ـ ــﺎﻣﻠﺔ ﻷص ـ ـ ـ ــول ﻋﻠﻢ اﻷرقﺎم واﳊروف فﺈن ﳝكننﺎ أن‬
‫نﻠﺨص أﻫﻢ النﺘﺎئﺞ الﱵ توصﻠنﺎ إليﻬﺎ لنقﺎط اﻵتيﺔ ‪:‬‬
‫‪ .1‬ﲢﺘوي بﻌض اﻷرقــﺎم ﻋﻠى ﺧواص ﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحريــﺔ أو فيز ئيــﺔ تﻌﻤــﻞ ﰲ‬
‫جذب بﻌض اﳌوجودات والﺘﺄﺛﲑ ﻋﻠيﻬﺎ بﺸـكﻞ ﻋجيب وﻏﺎلﺒﺎ ﻣﺎ يكون‬
‫الﻔﻌﻞ الﻔيز ئي ﳍذﻩ اﻷرقﺎم ﺧﺎصـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ ﶈﺒﺔ واﳌودة وﻫذا ﻣﺎ أكﺪﻩ كﺒﺎر‬
‫الﻔﻼﺳ ـ ــﻔﺔ ﻣﻦ أﻣﺜﺎل أفﻼﻃون وفيﺜﺎﻏورس وإﺧوان الﺼ ـ ــﻔﺎ وابﻦ ﺧﻠﺪون‬
‫وﻏﲑﻫﻢ ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ .2‬أن لكﻞ إنس ـ ـ ـ ـ ــﺎن أرقﺎﻣﺎ ﺧﺎص ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ تكون ﻣﻼزﻣﺔ ﳊيﺎتﻪ وتﻠﻌب ﰲ‬
‫بﻌض اﻷحيﺎن دورا رزا ﰲ ﺳ ـ ـ ــﲑ ﺷ ـ ـ ــﺨﺼـ ـ ــيﺘﻪ كﻤﺎ تس ـ ـ ــﺎﻋﺪ ﻋﻠى فﻬﻢ‬
‫بﻌض اﻷحﺪاث اﳌﺘﻌﻠقﺔ ﲝيﺎتﻪ ويرجع ﺳـ ـ ــﺒب ﻣﺎ ﳛﺼـ ـ ــﻞ لﻺنسـ ـ ــﺎن ﻣﻦ‬
‫تغيﲑ ﰲ ﺳـ ـ ــﻠوكﻪ ﰲ كﺜﲑ ﻣﻦ اﻷحيﺎن إﱃ أرقﺎﻣﻪ اﳋﺎصـ ـ ــﺔ لنسـ ـ ــﺒﺔ لﻪ ‪،‬‬
‫كﻤﺎ أن ﳒﺎح الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ الﻌﻼقﺎت الﺸـ ـ ـ ـ ـ ــﺨﺼـ ـ ـ ـ ـ ــيﺔ يرجع ﰲ الكﺜﲑ ﻣﻦ‬
‫اﻷحيﺎن إﱃ الﺘنﺎﻏﻢ الرقﻤي الذي ﳛﻤﻠﻪ كﻼ الزوجﲔ أو الﺸريكﲔ ‪.‬‬
‫‪ .3‬اﻋﺘﻤــﺪ اﳌــﺪلول الرﻣزي لﻸرقــﺎم ﰲ تﻔس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﲑاتــﻪ ﻋﻠى بﻌض الﻌقــﺎئــﺪ‬
‫الﺪينيﺔ أو اﻷفكﺎر الﻔﻠسـ ـ ـ ــﻔيﺔ والﺘﺄﻣﻠيﺔ أو اﳊسـ ـ ـ ــﺎ ت الﻔﻠكيﺔ ﰲ حﲔ‬
‫يرى اﳌﺘﺼـ ـ ـ ـ ـ ــوفﺔ ﻣﻦ اﳌس ـ ـ ـ ـ ـ ــﻠﻤﲔ إن اﳌﺪلول الرﻣزي لﻸرقﺎم يﻌود إﱃ ﻣﺎ‬
‫تسـﻤى بﻪ وذلﻚ ﲟﻌرفﺔ ﻣﺎ لﻠرقﻢ ﻣﻦ اﺳـﻢ حسـب قﺎﻋﺪة حسـﺎب اﳉﻤﻞ‬
‫اﳌﻌروف ‪.‬‬
‫‪ .4‬إذا أﺧ ـ ــذت القيﻤ ـ ــﺔ الﻌ ـ ــﺪدي ـ ــﺔ الﻄﺒيﻌي ـ ــﺔ اﳌﻌﱪ ﻋنﻬ ـ ــﺎ لكﻠﻤ ـ ــﺎت‬
‫ووﺿــﻌﺖ ﰲ أﺷــكﺎل ﻫنﺪﺳــيﺔ – ﻣربﻌﺎت ﺳــحريﺔ – فﺎن ﺧﺎصــيﺔ ﻫذﻩ‬
‫الكﻠﻤﺎت تﺘحول ﻣﻦ ﺷـ ـ ـ ــيء ﻣﻌنوي إﱃ ﺷـ ـ ـ ــيء ﻣﺎدي ‪ ،‬أو ﲟﻌﲎ آﺧر‬
‫تﺘحقق النﺘيجﺔ اﳌرجوة ﻣﻦ ﻫذﻩ الكﻠﻤﺎت ‪.‬‬
‫‪ .5‬أن ﻣوافقـﺔ أي كﻠﻤـﺔ أو ﲨﻠـﺔ – ﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ـواء كـﺎنـﺖ اﲰـﺎ ﻣﻦ أﲰـﺎء ﷲ‬
‫تﻌﺎﱃ أم آيﺔ قرآنيﺔ كرﳝﺔ أو أيﺔ ﻋﺒﺎرة أﺧرى ﰲ قيﻤﺘﻬﺎ الﻌﺪديﺔ ﻣع ﻋﺪد‬
‫اﺳـﻢ ﺷـﺨص ﻣﺎ‪ ،‬ﳝكنﻪ ﻣﻦ الﺘﺼـرف ﲞواص ﻫذﻩ الكﻠﻤﺔ أو اﳉﻤﻠﺔ إذا‬
‫ﻣﺎ اتﺒع قوانﲔ اﻷرقﺎم واﳊروف وﻫذا ﻣﺎ يراﻩ اﳌﺘﺼوفﺔ ﻣﻦ اﳌسﻠﻤﲔ ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ .6‬إذا كـﺎن السـ ـ ـ ـ ـ ـ ـؤال ﻣكون ﻣﻦ حروف واﳉواب ﻫو اﻵﺧر ﻣكون ﻣﻦ‬
‫حروف فﺒﺘﻄﺒيق قوانﲔ النسـ ـ ــب اﳊرفيﺔ والﻌﺪديﺔ ﻋﻠى حروف الس ـ ـ ـؤال‬
‫ﳝكﻦ ﻣﻌرفـﺔ اﳉواب ‪ ،‬وﻫـذا ﻣـﺎ قررﻩ ﻋﻠﻤـﺎء اﳊروف بقوﳍﻢ ) أن ﰲ كـﻞ‬
‫ﺳؤال جوابﻪ الذي يكﻤﻦ ﰲ حروف ﺳؤالﻪ (‪.‬‬
‫‪ .7‬ﻻﺧﺘيـﺎر الوقـﺖ الﻔﻠكي دور كﺒﲑ ﰲ ﳒـﺎح اﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺨـﺪاﻣـﺎت اﻷرقـﺎم‬
‫واﳊروف لوجود الﺼـ ـ ـ ـ ـ ـﻠـﺔ بﲔ إﺷـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻌـﺎﻋـﺎت الكواكـب ونوع اﳊـﺎجـﺔ أو‬
‫الﻄﻠب أو السؤال اﳌﻌﱪ ﻋنﻬﺎ ﻷرقﺎم واﳊروف‪.‬‬
‫‪ .8‬ﳝكﻦ الﺘوص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻞ إﱃ ﻣﻌرفـﺔ ﺳـ ـ ـ ـ ـ ــر الﻄـﺎقـﺔ الكـﺎﻣنـﺔ ﰲ اﳊروف ﻋﻦ‬
‫ﻃريقﲔ ‪:‬‬
‫أ‪ .‬الر ﺿـ ـ ـ ـ ــﺔ وا ﺎﻫﺪة النﻔس ـ ـ ـ ــيﺔ الﱵ تؤدي إﱃ ﻣﻌرفﺔ ﺳ ـ ـ ـ ـ ــر حروف‬
‫اﻷﲰﺎء أو اﳉﻤﻞ اﳌسـ ـ ــﺘﺨﺪﻣﺔ وﻣﻦ ﰒ الﺘﺼـ ـ ــرف ﺎ وﻫذا ﻣﺎ يراﻩ‬
‫كﺒﺎر اﳌﺘﺼوفﺔ ‪.‬‬
‫ب‪ .‬دراﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ ﻋﻠﻢ اﳊروف وﻣﻌرفـﺔ قوانينـﻪ وﻣوازينـﻪ وكـﻞ ﻣـﺎ يﺘﻌﻠق بـﻪ‬
‫لﻠوصول إﱃ ﻣﻌرفﺔ ﺧواص ﻫذﻩ اﳊروف ﻣﻔردة كﺎنﺖ أم ﻣركﺒﺔ ‪.‬‬
‫‪ .9‬إن أﺧـذ أيـﺔ كﻠﻤـﺔ وحـذف حروفﻬـﺎ الزائـﺪة ووز ـﺎ وفق ﻣيزان ﻃﺒـﺎع‬
‫اﳊروف يﻌﻄينﺎ لنﺘيجﺔ ﻃﺒع اﳌﺎدة اﳌس ــﻤﺎة ﳍذﻩ الكﻠﻤﺔ وﻣﺎ تﺪل ﻋﻠيﻪ‬
‫وﻫذا ﻣﺎ قررﻩ الﻔﻼﺳـ ـ ـ ـ ــﻔﺔ بقوﳍﻢ " أن ﲢﻠيﻞ كﻞ اﺳـ ـ ـ ـ ــﻢ دال ﻋﻠى ﻃﺒيﻌﺔ‬
‫ﻣسﻤﺎﻩ"‪.‬‬
‫‪ .10‬يرى القﺪﻣﺎء أن ﺳر الﺘﺄﺛﲑ اﳊﺎصﻞ ﰲ اﳊروف يرجع إﱃ ﺳﺒﺒﲔ ‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫أ‪ .‬اﳌزاج الذي ﰲ اﳊروف واﳌﺒﲏ ﻋﻠى أﺳﺎس نﻈريﺔ الﻌنﺎصر اﻷربﻌﺔ‪.‬‬
‫ب‪ .‬النسب الﻌﺪديﺔ بﲔ اﳊروف وﻣﺘﻌﻠقﺎ ﺎ ‪.‬‬
‫وإذا ﻣﺎ أرد أن ﳒﻤﻞ ﻫذﻩ النقﺎط الﻌﺸ ــرة فيﻤكننﺎ أن نقول ‪ :‬أن‬
‫اﻷرقـﺎم واﳊروف الﱵ نسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺨـﺪﻣﻬـﺎ ﰲ حيـﺎتنـﺎ لﻠﻌـﺪ واﻹحﺼ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎء أو الﺘﻌﺒﲑ‬
‫والكﻼم ﳎردة ‪ ،‬ﲢﺘوي ﻋﻠى ﺧواص وﻃــﺎقــﺔ فيز ئيــﺔ تﺘﻤﺜــﻞ ﻹﺷ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻌــﺎﻋــﺎت‬
‫اﳋﻔيﺔ ﻋﻠى وجﻪ ﺧﺎص ‪ ،‬كﻤﺎ ﳍﺎ اﺳــﺘﺨﺪاﻣﺎت ﺳــيكولوجيﺔ تســﺎﻋﺪ ﰲ فﻬﻢ‬
‫ﺷـ ـ ــﺨﺼـ ـ ــيﺘنﺎ وﻣﻦ حولنﺎ فضـ ـ ــﻼ ﻋﻦ اﺳـ ـ ــﺘﺨﺪاﻣﺎت تنﺒؤيﺔ ﻣﺒنيﺔ ﻋﻠى نسـ ـ ــب‬
‫اﳊروف واﻷرقﺎم‪ ،‬وتوارﳜنﺎ تكﺸ ـ ــف لنﺎ اﳌس ـ ــﺘقﺒﻞ ا ﻬول ‪ ،‬وﻫذا ﻣﺎ يﺒحﺚ‬
‫ﻋنﻪ ﻋﻠﻢ الﺒﺎراﺳﺎيكولوجي ﰲ دراﺳﺘﻪ لﻠﻈواﻫر الغريﺒﺔ ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫الﻔﺼﻞ اﻷول‬
‫ﺧواص اﻷرﻗام الﻔيز ئية والتنبؤية‬
‫‪ .1‬اﻷرﻗام ﻋﱪ الﻌﺼور‬
‫ﺷـ ـ ـ ـ ـ ــغف النﺎس ﻷرقﺎم ﻋﱪ ﻋﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور الﺘﺎريخ إﻻ أ ﺎ ﰲ كﺜﲑ ﻣﻦ‬
‫اﻷحيﺎن أﺧذت ﻃﺎبﻌﺎ ﻣيﺘﺎفيزيقيﺎ أو صـ ـ ـ ــوفيﺎ ﰲ تﻔس ـ ـ ـ ـﲑا ﺎ فﺎلرقﻢ اﺧذ أول‬
‫ﺷ ـ ـ ــكﻞ لﻪ ﰲ الﻌﺪ ﻋنﺪﻣﺎ اقﱰن اﻹنس ـ ـ ــﺎن بزوجﻪ ﻋﻠى ﻫذﻩ اﻷرض وﺷ ـ ـ ــكﻞ‬
‫ﻣﻌﻬﺎ ﺛنﺎئيﺎ ‪ ،‬ﻫذا الﺜنﺎئي اﺧرج أول ﺧﻠيﺔ بﺸـ ـ ـ ـ ـريﺔ ﻣﺘﻤﺜﻠﺔ ﻷﺳـ ـ ـ ـ ــرة فﺎحﺘﺎج‬
‫اﻹنس ــﺎن إﱃ ان يﻌرف أفراد أﺳ ـرتﻪ ﻫذﻩ ‪ ،‬فﻌرف الﻌﺪ ول ص ــورﻩ ‪ ،‬وتﺸ ــﲑ‬
‫اﳌراجع الﺘﺎرﳜيﺔ إﱃ ان اﻹنسﺎن الﺒﺪائي ﻋرف ان اﺛنﲔ ﻣﻦ كﻞ ﺷيء "زائﺪ"‬
‫اﺛنﲔ ﻣﻦ الﺸـ ـ ــيء ذاتﻪ تسـ ـ ــﺎوي أربﻌﺔ ﻻ ﰲ بﻌض اﳊﺎﻻت فحسـ ـ ــب بﻞ ﰲ‬
‫ﲨيﻌﻬﺎ وبﻌﺪ ان وصــﻞ اﻹنســﺎن إﱃ تﺸــكيﻞ ا ﺘﻤﻌﺎت واﳊضــﺎرات احﺘﺎج‬
‫إﱃ ان يسـ ـ ـ ـ ــﺘﺨﺪم اﻷرقﺎم ﰲ ﳎﺎﻻت أوﺳ ـ ـ ـ ــع اﲣذت ﰲ الﻌﺎدة ﺷـ ـ ـ ـ ــكﻞ لغﺔ‬
‫ﻣﺪونﺔ تﺘض ـ ــﻤﻦ ﻣﺼ ـ ــﻄﻠحﺎت ﻣﺘﺸ ـ ــﺎ ﺔ فقﺪ اﻫﺘﻢ اﳌﺼ ـ ـريون القﺪﻣﺎء ﻷرقﺎم‬
‫وكﺎن ﳍﺎ الﺪور الكﺒﲑ ﰲ تﻄور اﳍنﺪﺳ ـ ـ ــﺔ ﻋنﺪﻫﻢ وﻣﺎ اﻷﻫراﻣﺎت القﺎئﻤﺔ ﳊﺪ‬
‫اﻵن إﻻ ﺷــﺎﻫﺪا ﻋﻠى ذلﻚ‪ ،‬كﻤﺎ اﻫﺘﻢ الســوﻣريون ﻷرقﺎم واﺳــﺘﺨﺪﻣوﻫﺎ ﰲ‬
‫الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ ﺷـ ـ ـ ـ ــؤون حيﺎ ﻢ ‪ ،‬كﻤﺎ أن اﳍنود وﺷـ ـ ـ ـ ــﻌب اﳌﺎ بﺸـ ـ ـ ـ ــكﻞ ﺧﺎص‬
‫اﺳـ ـ ـ ـ ــﺘﻌﻤﻠوا نﻔس اﻷﺳـ ـ ـ ـ ــﻠوب الذي نس ـ ـ ـ ــﺘﻌﻤﻠﻪ اﻵن ﰲ كﺘﺎبﺔ اﻷرقﺎم ﲟراتﺒﻬﺎ‬
‫اﻵحﺎد والﻌﺸ ـ ـرات واﳌﺌﺎت إﻻ أن الﻔض ـ ــﻞ اﻷول ﰲ تﻄور ﻋﻠﻢ اﻷرقﺎم يرجع‬

‫‪13‬‬
‫إﱃ الﺒﺎبﻠيﲔ الذي اﻫﺘﻤوا ﻷرقﺎم وﻃوروا اﺳـ ــﺘﺨﺪاﻣﺎ ﺎ لﺘﺸ ـ ـﻤﻞ الر ﺿـ ــيﺎت‬
‫فﺈليﻬﻢ يرجع الﻔض ــﻞ ﰲ ابﺘكﺎر جﺪول الض ــرب اﳌس ــﺘﺨﺪم اﻵن وﻫﻢ كذلﻚ‬
‫أول ﻣﻦ اﺳ ـ ــﺘﺨﺪم النﻈﺎم الس ـ ــﺘيﲏ ولﺸ ـ ــﺪة اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ ﻷرقﺎم حس ـ ــﺒوا بﻌض‬
‫ﻣواقع اﻷجرام السـﻤﺎويﺔ ودونوا حركﺘﻬﺎ وﻣرقوم الزﻫرة ﺧﲑ ﺷـﺎﻫﺪ ﻋﻠى ذلﻚ‬
‫كﻤـﺎ أ ﻢ كـﺎنوا يﻌﻈﻤون الرقﻢ ) ‪ ( 7‬واﻋﻄوﻩ دﻻلـﺔ رﻣزيـﺔ ﺧـﺎص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ ﻻقﱰانـﻪ‬
‫لكواكب السـ ـ ـ ــﺒﻌﺔ اﳌﻌروفﺔ لﺪيﻬﻢ آنذاك وﻣنﻪ ظﻬرت فكرة اﻷﺳـ ـ ـ ــﺒوع تﻠﻚ‬
‫الوحـﺪة الزﻣنيـﺔ الﱵ ﰐ بﲔ اليوم والﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻬر ‪ ،‬ولﺸ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺪة اﻫﺘﻤـﺎﻣﻬﻢ ﻷرقـﺎم‬
‫والﻔﻠﻚ ظﻬر الﺘنجيﻢ اﳌﺒﲏ ﻋﻠى الﺘوقﻌﺎت اﳌســﺘقﺒﻠيﺔ اﳌســﺘنﺒﻄﺔ ﻣﻦ توافقﺎت‬
‫اﻷرقـﺎم ﰲ درجـﺎت الﻔﻠـﻚ ‪ ،‬ان ﻫـذا الكﻢ اﳍـﺎئـﻞ ﻣﻦ اﳌﻌﻠوﻣـﺎت وﺧـﺎص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ‬
‫الﻔﻠكيﺔ ﻣنﻬﺎ والر ﺿ ـ ــيﺔ ﻣﻬﺪ الﻄريق لﻠﻌﺪيﺪ ﻣﻦ فﻼﺳ ـ ــﻔﺔ اليو ن وحكﻤﺎئﻬﺎ‬
‫لﺘﻄوير الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ النﻈر ت الﱵ أدت اﻷرقﺎم دورا رزاً فيﻬﺎ ‪.‬‬
‫‪ .2‬ﻓيﺜاﻏورس‬
‫إﻻ ان الﻔضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻞ اﻷكﱪ ﰲ تﺒﲏ فكرة أو نﻈري ــﺔ " رﻣزي ــﺔ اﻷرق ــﺎم‬
‫وتنﺒؤا ﺎ " يرجع إﱃ الﻔيﻠس ـ ــوف اليو ﱐ فيﺜﺎﻏورس)‪ (1‬اذ توص ـ ــﻞ وﻣﺪرﺳ ـ ــﺘﻪ‬

‫)‪ (1‬فيﺜﺎﻏورس ولﺪ ﰲ ﺳـ ـ ـ ـ ــﺎﻣوس ﺳـ ـ ـ ـ ــنﺔ ) ‪ 497-572‬ق‪.‬م ( احﺪى اﳉزر اليو نيﺔ اﳌقﺎبﻠﺔ‬
‫ﳌﻠﻄيــﺔ ﰲ حكﻢ بوليقراﻃس ﻃــﺎﻏيــﺔ ﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻣوس ‪ ،‬ﻫجر وﻃنــﻪ إﱃ ﻣﻠﻄيــﺔ ﰒ زار فنيقيــﺎ‬
‫وتﻌرف فيﻬﺎ ﻋﻠى بﻌض الﻌقﺎئﺪ الﺸ ـ ـ ـ ـ ــرقيﺔ ﰒ زار ﻣﺼ ـ ـ ـ ـ ــر وبقي فيﻬﺎ ﻣﺪة ﻃويﻠﺔ يﺪرس‬
‫ﻋقﺎئﺪ قﺪﻣﺎء اﳌﺼريﲔ وفﻠكﻬﺎ وﻫنﺪﺳﺘﻬﺎ وﳌﺎ اﺳﺘوﱃ قﻤﺒيز ﻋﻠى ﻣﺼر ذﻫب ﻣﻌﻪ إﱃ‬
‫بﻞ ودرس ﻫنﺎك اﳊســﺎب واﳌوﺳــيقى وأﺳ ـرار ا وس والزرادﺷــﺘيﺔ ﰒ ﻋﺎد إﱃ ﺳــﺎﻣوس‬
‫‪14‬‬
‫بﻌﺪ دراﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ ﻃويﻠﺔ ﰲ ﳎﺎل اﳍنﺪﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ واﻷﻋﺪاد إﱃ أن الﺘﻔكﲑ ن الﻌﺪد‬
‫وﺧواصـ ـ ـ ــﻪ يﺸ ـ ـ ــكﻞ ﻋﻤق اﻷﺷ ـ ـ ــيﺎء كﻠﻬﺎ‪ ،‬فﺎلﻌﺪد ليس ﲡريﺪا ﳏضـ ـ ـ ــﺎ بﻞ ﻫو‬
‫حقيقﺔ واقﻌيﺔ وان كﺎنﺖ حواﺳــنﺎ ﻻ تقوى ﻋﻠى تﺼــور اﻷﻣر بﺸــكﻞ ﻣﺒﺎﺷــر‬
‫ورأى فيﺜ ــﺎﻏورس "ان لﻸﻋ ــﺪاد ﺧواص ﻣك ــﺎني ــﺔ ﻃﺒيﻌي ــﺔ ب ــﻞ وروحي ــﺔ ﳏ ــﺪدة‬
‫بﺸ ـ ـ ـ ــكﻞ ص ـ ـ ـ ــحيﺢ وبﻔض ـ ـ ـ ــﻞ ترتيﺒﻬﺎ تﻠﺪ اﻷﻋﺪاد الكﺎئنﺎت واﻷﺷ ـ ـ ـ ــيﺎء الﱵ‬
‫نﺸﺎﻫﺪﻫﺎ ")‪. (2‬‬
‫لقﺪ وجﺪ فيﺜﺎﻏورس جوﻫر الﻌﻼقﺎت الرقﻤيﺔ ﰲ اﻷرقﺎم فﺎلرقﻢ كﺎن‬
‫اﻷداة الرئيس ـ ـ ــﺔ ﰲ وصـ ـ ـ ــف الﻄﺒيﻌﺔ ‪ ،‬وكﺎن ﻫو اﳌﺎدة بﻞ والﺸـ ـ ـ ــكﻞ الﻌﺎم ‪،‬‬
‫وﻫذا اﻷﻣر جﻌﻠﻪ يﻌﺘقﺪ ان كﻞ ﺷــيء ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ رقﻢ يقول أرﺳــﻄو ﰲ كﺘﺎب‬
‫" ﻣﺎوراء الﻄﺒيﻌﺔ " )فرأوا ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أي الﻔيﺜﺎﻏورﺳـيﲔ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ان ﻫذا الﻌﺎﱂ أﺷـﺒﻪ بﻌﺎﱂ‬
‫اﻷﻋﺪاد ﻣنﻪ ﳌﺎء أو النﺎر أو الﱰاب وقﺎلوا ان ﻣﺒﺎدئ اﻷﻋﺪاد ﻫي ﻋنﺎصـ ـ ــر‬
‫اﳌوجودات أو ان اﳌوجودات أﻋﺪاد ‪ ،‬وان الﻌﺎﱂ ﻋﺪد ونغﻢ " وقﺎلوا أيض ـ ـ ـ ــﺎ "‬
‫ان اﻷﻋــﺪاد ﳕــﺎذج ﲢــﺎكيﻬــﺎ اﳌوجودات دون ان تكون ﻫــذﻩ النﻤــﺎذج ﻣﻔــﺎرقــﺔ‬
‫لﺼ ـ ـ ـ ـ ــورﻫﺎ")‪ (3‬ويرجع القوﻻن إﱃ الﺘوحيﺪ بﲔ ﻋﺎﱂ اﳌوجودات وﻋﺎﱂ اﻷﻋﺪاد‬
‫وقﺪ ﺳ ــﺎﻋﺪ ﻋﻠى ﻫذا الﺘﺼ ــور ا ﻢ ﱂ يكونوا ﳝﺜﻠون الﻌﺪد ﳎﻤوﻋﺎ حس ــﺎبيﺎ ‪،‬‬

‫وﻣنﻬﺎ إﱃ كريﺖ ﰒ اﺳـ ـ ـ ــﺘقر ﰲ افريﻄون أو كروتون ﰲ جنوب ايﻄﺎليﺎ اذ فﺘﺢ ﻣﺪرﺳـ ـ ـ ــﺘﻪ‬
‫ونﺸر ﻣذﻫﺒﻪ وآراءﻩ الﻔﻠسﻔيﺔ ‪.‬‬
‫)‪ (2‬ﻋﻠوم الﺒﺎبﻠيﲔ ‪ ،‬ﻣرﻏريﺖ روﺛﻦ ‪ ،‬تﻌريب يوﺳف حﱯ ‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫)‪ (3‬ﻋﺎﱂ ا ﻬول ‪ ،‬ترﲨﺔ بﺜينﺔ ﻋﺒﺪ الوﻫﺎب ‪ ،‬ص ‪. 165‬‬
‫‪15‬‬
‫بﻞ ﻣقﺪارا وﺷـ ـ ـ ـ ــكﻼ وﱂ يكونوا يرﻣزون لﻪ ﻷرقﺎم بﻞ وإﳕﺎ يﺼ ـ ـ ـ ـ ــورونﻪ بنقط‬
‫ﻋﻠى قﺪر ﻣﺎ فيﻪ ﻣﻦ آحﺎد ‪ ،‬ويرتﺒون ﻫذﻩ النقط بﺸـكﻞ ﻫنﺪﺳـي ‪ :‬فﻠﻠواحﺪ‬
‫النقﻄ ــﺔ ‪ ،‬واﻻﺛن ــﺎن اﳋط‪ ،‬والﺜﻼﺛ ــﺔ اﳌﺜﻠ ــﺚ ‪ ،‬واﻷربﻌ ــﺔ اﳌربع وﻫك ــذا وك ــﺎنوا‬
‫يﺼﻔون اﻷﻋﺪاد ﻷﺷكﺎل فيقولون اﻷﻋﺪاد اﳌﺜﻠﺜﺔ واﳌربﻌﺔ واﳌسﺘﻄيﻠﺔ ‪ ،‬ورﲟﺎ‬
‫كﺎنﺖ تﻌﲏ أجســﺎﻣﺎ ﻣربﻌﺔ أو ﻣﺜﻠﺜﺔ و ذﻩ اﳌﻔﺎﻫيﻢ ﺧرج الﻔيﺜﺎﻏورﺳــيﲔ راء‬
‫ﺧﺎص ــﺔ حول اﻷرقﺎم واﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ تﺸ ــﻤﻞ اﳌﺎد ت أو اﻷجس ــﺎم الﻔيز ئيﺔ وأ ﺎ‬
‫لنﺘيجﺔ حقﺎئق ﻣﻠﻤوﺳﺔ ‪.‬‬

‫‪ .3‬اﻷرﻗام الﻐاﻣﻀة‬
‫كﻤﺎ اﻫﺘﻢ الﻔيﺜﺎﻏورﺳـ ـ ـ ــيون ﲞواص اﻷرقﺎم وأﺳـ ـ ـ ـرارﻫﺎ الغﺎﻣضـ ـ ـ ــﺔ أو‬
‫الس ـ ــحريﺔ كﻤﺎ ﲰوﻫﺎ اذ ا ﻢ وجﺪوا ان لﺒﻌضـ ـ ــﻬﺎ ﺧواص ﺳـ ـ ــحريﺔ ﻋجيﺒﺔ ﰲ‬
‫الﺘـﺄﺛﲑ ﻋﻠى اﻷﺷـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﺨـﺎص بـﻞ وحﱴ الﺘحكﻢ بﺒﻌض جزئيـﺎت الﻄﺒيﻌـﺔ واليﻬﻢ‬
‫يرجع ابﺘكـ ــﺎر اﳌﺘواليـ ــﺔ الر ﻋيـ ــﺔ الﱵ أوجـ ــﺪﻫـ ــﺎ فيﺜـ ــﺎﻏورس حﱴ ان قَ َس ـ ـ ـ ـ ـ ـﻢ‬
‫الﻔيﺜﺎﻏورﺳـ ـ ـ ــيﲔ كﺎن )اقسـ ـ ـ ــﻢ ﻻﺳـ ـ ـ ــﻢ الر ﻋي اﳌغروس ﰲ روحنﺎ()‪ (4‬ويرجع‬
‫اﻫﺘﻤﺎﻣﻬﻢ ذﻩ اﳌﺘواليﺔ إﱃ اﻻﻋﺘقﺎد ن ﻣﺼـ ـ ـ ـ ــﺪر ﻣنﺸـ ـ ـ ـ ــﺄ الﻄﺒيﻌﺔ ﻣوجود ﰲ‬
‫ﻣﺜﻞ ﻫذﻩ اﻷﺷ ـ ـ ـ ـ ــكﺎل الر ﻋيﺔ فﺎلﻌنﺎصـ ـ ـ ـ ــر اﳍنﺪﺳـ ـ ـ ـ ـ ــيﺔ أربﻌﺔ ) النقﻄﺔ واﳋط‬

‫)‪ (4‬رﻣزيﺔ اﻷرقﺎم ﰲ اﻷحﻼم ‪ ،‬لودفيغ نيﺚ ‪.165 ،‬‬


‫‪16‬‬
‫والسـ ـ ـ ـ ــﻄﺢ واﳉسـ ـ ـ ــﻢ ( والﻌنﺎصـ ـ ـ ــر اﳌﺎديﺔ الﱵ حﺪدﻫﺎ بﻼتو أربﻌﺔ ) اﻷرض‬
‫واﳍواء والنﺎر واﳌﺎء ( والﻔﺼول أربﻌﺔ اﳉﻬﺎت أربﻌﺔ …‪ ..‬اﱁ ‪.‬‬
‫إن اﳌﺘواليﺔ الر ﻋيﺔ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ الرقﻢ ) ‪ ( 10‬ولكﻦ ليس الﻌﺸـ ـ ـ ـ ـ ــرة‬
‫الﻌﺎديﺔ واﳕﺎ الﱵ تكون حﺼـ ـ ـ ــيﻠﺔ ﲨع اﻷرقﺎم اﻷربﻌﺔ اﻷوﱃ ] ‪3 + 2 + 1‬‬
‫‪ [10 = 4 +‬وﻫــذﻩ اﳌﺘواليــﺔ أﻃﻠق ﻋﻠيﻬــﺎ بﻌض الــﺪارﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــون لﻌﻠﻢ اﻷرقــﺎم‬
‫ﳌﺘواليﺔ اﻹﳍيﺔ ﳌﺎ فيﻬﺎ ﻣﻦ قوة الﺘﺄﺛﲑ لنسـ ـ ــﺒﺔ لﻠﻔكر والﻌﺎﻃﻔﺔ واذا ارد ان‬
‫نﻠﺨص الﻔكر الﻔيﺜـ ــﺎﻏورﺳـ ـ ـ ـ ـ ــي ﰲ اﻷرقـ ــﺎم نقول انـ ــﻪ اﻋﺘﻤـ ــﺪ ﻋﻠى نقﻄﺘﲔ‬
‫أﺳﺎﺳيﺘﲔ ﳘﺎ‪:‬‬
‫‪ . 1‬ان الﻄﺒيﻌﺔ بنيﺖ ﻋﻠى أﺳس ر ﺿيﺔ ‪.‬‬
‫‪ . 2‬ان الﻌﻼقﺎت الرقﻤيﺔ تﺒﻄﻦ وتﻈﻬر كﻞ اﻷنﻈﻤﺔ الﻄﺒيﻌيﺔ)‪. (5‬‬

‫‪ .4‬أرسﻄو‬
‫لقﺪ اﺧذ أرﺳ ـ ـ ـ ــﻄو جﺎنﺒﺎ آﺧر لنسـ ـ ـ ـ ــﺒﺔ لﻸرقﺎم ﰲ كﺘﺎبﻪ ) ﻣﺎوراء‬
‫الﻄﺒيﻌﺔ( حيﺚ حﺎول إجراء بﻌض الﺘﻌﺪيﻼت ﻋﻠى الﻔﻠس ـ ـ ــﻔﺔ الﻔيﺜﺎﻏورﺳ ـ ـ ــيﺔ‬
‫فقرر ان ﻣﻦ اﻷرقـﺎم ﻣـﺎ يـﺪل ﻋﻠى الﻌـﺪالـﺔ وﻣنﻬـﺎ ﻣـﺎ يرﻣز إﱃ الروح وﻣنﻬـﺎ ﻣـﺎ‬
‫يرﻣز إﱃ الﻌقﻞ ويرﻣز ﻏﲑﻫﺎ لﻠحظ أو الﻔرصـ ـ ـ ـ ــﺔ ‪ ،‬وﻫذا ﻣﺎ يﺪل ﻋﻠى ﺳ ـ ـ ـ ــﻌﺔ‬
‫آراء أرﺳـ ــﻄو لﻔﻬﻢ اﻷرقﺎم ‪ ،‬إذ نسـ ــب إليﻬﺎ ﻣيزة روحﺎنيﺔ وقسـ ــﻤﻬﺎ ﰲ اﳊيﺎة‬
‫لكي تكون اكﺜر ﴰولي ــﺔ وﻣﻦ ﻫن ــﺎ نراﻩ يقول ﰲ اﻷرق ــﺎم " أ ــﺎ ﻻتﻌﱪ ﻋﻦ‬

‫)‪ (5‬الر ﺿيﺎت والﺒحﺚ ﻋﻦ اﳌﻌرفﺔ ‪ ،‬ﻣوريس كﻼيﻦ ‪ ،‬ص ‪. 48‬‬


‫‪17‬‬
‫ﺷكﻞ الﻌﺎﱂ وحسب ‪ ،‬بﻞ ﻋﻦ ﻣﺎدتﻪ أيضﺎ)‪ " (6‬ونﻔس الﺸيء قررﻩ أفﻼﻃون‬
‫حينﻤــﺎ قــﺎل" ان الﻌــﺪد ﻣوجود قﺒــﻞ اﳌوﺿ ـ ـ ـ ـ ـ ــوﻋــﺎت الﱵ يﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻔﻬــﺎ وان تنوع‬
‫اﳌوﺿوﻋﺎت ﻣﻦ ﺷﺎنﻪ ان يذكر النﻔس بﻔكرة الﻌﺪد ")‪. (7‬‬

‫‪ .5‬اﻷرﻗام ﻋنﺪ اﳌﺴﻠﻤﲔ‬


‫وﰲ ﺎيﺔ اﳋﻼفﺔ اﻷﻣويﺔ وبﺪايﺔ اﳋﻼفﺔ الﻌﺒﺎﺳـ ـ ـ ــيﺔ انﺘقﻠﺖ الﻌﺪيﺪة‬
‫ﻣﻦ اﳌﻌﺎرف والﻌﻠوم إﱃ اﳌسﻠﻤﲔ الذيﻦ ادﺧﻠوا ﻋﻠيﻬﺎ الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ الﺘﻌﺪيﻼت‬
‫واﻹﺿﺎفﺎت ﻣﻦ ﺷرح وتﺼحيﺢ وترﲨﺔ وكﺎنﺖ لﻸفكﺎر الﻔيﺜﺎﻏورﺳيﺔ نﺼيب‬
‫وافر حيـﺚ ﺛر ـﺎ ﲨـﺎﻋـﺔ أﺧوان الﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻔـﺎ)‪ (8‬الـذيﻦ أﺧـذت اﻷرقـﺎم جـﺎنﺒـﺎ‬
‫ﺧﻄﲑا ﻣﻦ فﻠســﻔﺘﻬﻢ فﺎﻋﺘﱪوا الﻌﺪد ﻫو اصــﻞ اﳌوجودات ورتﺒوا اﻷﻋﺪاد ﻋﻠى‬
‫ﻃريق ــﺔ اﳌربﻌ ــﺎت )‪ (9‬ﻷ ﻢ ﺷ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻫ ــﺪوا ان ﻫ ــذﻩ اﻷﻋ ــﺪاد ت ــﺪﺧ ــﻞ ﰲ ﲨيع‬

‫)‪ (6‬ريخ ﻋﻠوم الﻄﺒيﻌﺔ ‪ ،‬د ﳏﻤﺪ ﻋﺒﺪ الﻠﻄيف ص ‪. 29‬‬


‫)‪ (7‬اﳌﺼﺪر السﺎبق‬
‫)‪ (8‬اﺧوان الﺼـ ــﻔﺎ ‪ :‬ﲨﺎﻋﺔ ﺳـ ـريﺔ نﺸـ ــﺄت ﰲ الﺒﺼـ ــرة ﰲ ﻣﻄﻠع القرن الرابع اﳍجري ) الﻌﺎﺷـ ــر‬
‫اﳌيﻼدي ( وﳍﻢ رﺳـ ــﺎئﻞ ﻣﺸـ ــﻬورة ﲨﻌوا فيﻬﺎ اﳌﻌﺎرف اﳌﻌروفﺔ ﰲ زﻣﺎ ﻢ وكﺘﻤوا أﲰﺎئﻬﻢ‬
‫وكﺎنﺖ ﻏﺎيﺘﻬﻢ ﰲ ذلﻚ بنﺎء ﻣﺪرﺳ ــﺔ ص ــوفيﺔ روحﺎنيﺔ ﻣﺒنيﺔ ﻋﻠى الﺼ ــﺪاقﺔ ‪ ،‬وﱂ يﻌﺎدوا‬
‫ﻋﻠﻤﺎً أو ﻣذﻫﺒﺎ بﻞ اﺧذوا ﻣﺎ يوافق ﻣذﻫﺒﻬﻢ وفكرﻫﻢ ‪.‬‬
‫)‪ (9‬ﻃريقﺔ اﳌربﻌﺎت ‪ :‬رؤيﺔ اﺧوان الﺼـ ـ ــﻔﺎ ان كﻞ ﺷـ ـ ــيء ﰲ الﻄﺒيﻌﺔ ﻣكون ﻣﻦ أربﻌﺔ اقسـ ـ ــﺎم ‪،‬‬
‫ﻣﺘﺄﺛريﻦ لﺘقســيﻤﺎت الر ﻋيﺔ لﻔيﺜﺎﻏورس ‪ ،‬راجع قوﳍﻢ ﰲ ج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ‪ 1‬ص ‪ 53-52‬ﻣﻦ‬
‫رﺳﺎئﻠﻬﻢ ‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫اﳌوجودات اﳊس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيــﺔ والروحيــﺔ كﻤــﺎ اﻋﺘقــﺪوا ان لﻸرقــﺎم ﺧواص ﺛﲑيــﺔ ﰲ‬
‫اﳌوجودات وقرروا ان لكـﻞ رقﻢ قوة ﺧـﺎص ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ ﻣؤﺛرة ولكﻦ بﺘﻔـﺎوت وﰲ ذلـﻚ‬
‫يقولون " اﻋﻠﻢ ان ﻣـﺎ ﻣﻦ ﻋـﺪد إﻻ ولـﻪ ﺧـﺎص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـﺔ أو ﻋـﺪة ﺧواص ‪ ،‬وﻣﻌﲎ‬
‫)‪(10‬‬
‫اﳋﺎصـيﺔ أ ﺎ الﺼـﻔﺔ اﳌﺨﺼـوصـﺔ لﻠﻤوصـوف الذي ﻻيﺸـﺎركﻪ فيﻬﺎ ﻏﲑﻩ "‬
‫‪ ،‬وﻣﻦ ﻫذا اﳌنﻄق بﺪؤا تقس ـ ــيﻤﺎ ﻢ الرقﻤيﺔ فﺘكﻠﻤوا ﻋﻦ الرقﻢ اﻷول وﻣراتب‬
‫اﻵحﺎد ﻣﻦ اﻷﻋﺪاد وابﺪوا ﳍﺎ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ كﺒﲑا ﻷ ﺎ اصــﻞ اﻷرقﺎم ‪ ،‬كﻤﺎ قســﻤوا‬
‫اﻷرقﺎم تقسيﻤﺎت ر ﺿيﺔ ﻣﻌروفﺔ ﻻحﺎجﺔ لذكرﻫﺎ كﻤﺎ وقرروا ان الﺪﺧول ﰲ‬
‫ﻣﺪرﺳ ـ ــﺔ اﳊكﻤﺔ والﺸ ـ ــرب ﻣﻦ ﻣنﺎبﻌﻬﺎ ﻻيكون إﻻ لﺘﺪرج ﰲ الﻌﻠوم النﻈريﺔ‬
‫والﺘﻄﺒيقيﺔ والﺪينيﺔ وان اﻷرقﺎم الﱵ ﻻ ﻣﻌﲎ ﳍﺎ إذا ركﺒﺖ ﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻤﻦ ﻣﻌﺎدﻻت‬
‫ﺧﺎصﺔ واوقﺎت بﺘﺔ فﺄ ﺎ تﻔﻌﻞ الﻌجﺎئب‪.‬‬

‫‪ .6‬اﻷرﻗام ﰲ الﻘﺮون الوسﻄﻰ‬


‫ان رحﻠﺔ اﻷرقﺎم ﱂ تقف إﱃ ﻫذا اﳊﺪ فﺎﻷفكﺎر الﻔﻠس ـ ـ ـ ــﻔيﺔ الرقﻤيﺔ‬
‫أﺧـذت اﻫﺘﻤـﺎﻣـﺎ رزا لـﺪى الﻌـﺪيـﺪ ﻣﻦ ﻋﻠﻤـﺎء الغرب أ م القرون الوﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻄى‬
‫حي ــﺚ ظﻬرت الﻌ ــﺪي ــﺪ ﻣﻦ اﻷفك ــﺎر الﻔﻠسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻔي ــﺔ الﱵ تﻌﺘﻤ ــﺪ ﻋﻠى اﻷرق ــﺎم‬
‫واﳊروف ﰲ تﻔســﲑ بﻌض ﻣﻔردات الكون أو الﺘنﺒؤ وﻣﻦ أﺷــﻬر اﳌﺪارس الﱵ‬

‫)‪ (10‬رﺳﺎئﻞ اﺧوان الﺼﻔﺎ‪ :‬الرﺳﺎلﺔ اﻷوﱃ جـ‪ ، 1‬ص ‪. 56‬‬


‫‪19‬‬
‫ﻻقﺖ انﺘﺸ ـ ــﺎرا واﺳ ـ ــﻌﺎ " ﻣﺪرﺳ ـ ــﺔ القﺒﺎلﺔ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أو الكﺎبﻼ ")‪ (11‬يقول ﻫوبر "‬
‫ﺳـ ـ ـ ــﺘﻄﺎﻋﺘنﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺧﺘيﺎر ﻷﲜﺪيﺔ أو كﻠﻤﺔ أو لنﻬﺞ ‪ ،‬ان نﺸـ ـ ـ ــﺘق أي‬
‫ﻣﻌﲎ ﻣراد ﻣﻦ ايﺔ كﻠﻤﺔ أو ﻣقﻄع)‪ " (12‬و ﺧذ الـ ـ ـ ـ "جيﻤﺎتر ")‪(13‬جﺎنﺒﺎ كﺒﲑا‬
‫ﰲ الﺘﺄويﻞ الﻌﺪدي لﻸﲰﺎء ويقول أيضﺎ " كﺎن وﻋي اﻷﻋﺪاد ﻋﻤيق الﺘﺄصﻞ‬
‫ﰲ فكر الﻌﺼ ــر الوﺳ ــيط ﲝيﺚ ﱂ تكﻦ تﻌﺘﱪ ادوات ر ﺿ ــيﺔ ‪ ،‬واﳕﺎ ﻣﺎﻫيﺎت‬
‫أﺳﺎﺳيﺔ ‪ ،‬تزﺧر لذكر ت وﲢﻔﻞ ﳌﻌﺎﱐ ")‪. (14‬‬
‫وقﺪ نقﻞ كولﻦ ويﻠسـ ـ ـ ـ ـ ــون بﻌض تنﺒؤات كﺎجﻠيوﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــﱰ)‪ (15‬الرقﻤيﺔ‬
‫حيﺚ أوﺿـ ـ ـ ــﺢ اﻷﺧﲑ ﰲ حﻠقﺔ بقﺼ ـ ـ ــر اﳌسـ ـ ـ ــﺘﺸـ ـ ـ ــرق الكونﺖ دي جﺎبﻼن‬

‫)‪ (11‬القﺒﺎلﺔ ‪ :‬كﻠﻤﺔ ﻋﱪيﺔ تﻌﲏ الﺘقﺎليﺪ وترجع اصـﻼ إﱃ ﲨﺎﻋﺔ اﳌذﻫب اليﻬودي الذي تنﺎقﻞ‬
‫اﻷﺳـرار ﺷــﻔو جيﻼ ﻋﻦ جيﻞ وأﺳـسـوا ﰲ القرن الﺜﺎلﺚ ﻋﺸــر اﳌيﻼدي ﻣذﻫﺒﺎ فﻠســﻔيﺎ‬
‫ﳛﺎول تﻔسﲑ الﻈواﻫر الﻄﺒيﻌﺔ تﻔسﲑا ﻏيﺒيﺎ ‪.‬‬
‫)‪ (12‬رﻣزيﺔ اﻷﻋﺪاد ﰲ الﻌﺼر الوﺳيط ‪ .‬ﻫوبر ‪.‬‬
‫)‪ (13‬جيﻤﺎتر ‪ :‬قسﻢ ﻣﻦ فكر القﺒﺎلﺔ الذي يﺘنﺎول الﻌﺪد ﰲ تﻔسﲑ ﲨيع الﻈواﻫر الﻄﺒيﻌيﺔ ‪.‬‬
‫)‪ (14‬رﻣزيﺔ اﻷﻋﺪاد ﰲ الﻌﺼر الوﺳيط ‪ .‬ﻫوبر ‪.‬‬
‫)‪ (15‬ولﺪ جويسيﱯ لسﻤو كﺎجﻠيوﺳﱰو ﰲ ليﻤو ﻋﺎم ‪ 1743‬ﻣﻦ ﻋﺎئﻠﺔ فقﲑة ‪ ،‬ﻋﻤﻞ ﰲ‬
‫بﺪايﺔ حيﺎتﻪ ﰲ الرﺳﻢ وكﺎن لﻪ ﻣيﻞ كﺒﲑ ﳓو ﻋﻠوم الغيب كﻤﺎ كﺎن كﺜﲑ الﺘنقﻞ وﻣﻦ ﺧﻼل‬
‫تنقﻼتﻪ ﻫذﻩ اكﺘسب ﻋﻠوم الغيب والﺘنجيﻢ واﻷرقﺎم والﻄب وﰲ ﻋﺎم ‪ 1776‬ﻋﺎد إﱃ لنﺪن‬
‫وأنﻈﻢ إﱃ ﲨﺎﻋﺔ اﳌﺎﺳونيﲔ اﻷحرار وأﺷﺘﻬر بﲔ اﻷوﺳﺎط ﲞﱪتﻪ ﰲ ﻋﻠوم الغيب ‪ ،‬إﻻ أن‬
‫ﻣﻌﺎرﺿﺘﻪ لﻠكنيسﺔ والﺒﺎ جﻌﻠﺘﻪ ﳜﻄيء ﻋنﺪﻣﺎ ذﻫب إﱃ روﻣﺎ ﻋﺎم ‪ 1789‬ﻹرﺳﺎء قﺎﻋﺪة‬
‫لﻠﻤﺎﺳونيﺔ حيﺚ القي القﺒض ﻋﻠيﻪ وحﺒس ﰲ قﻠﻌﺔ ﺳﺎنﺖ اﳒيﺎو ﰒ نقﻞ إﱃ قﻠﻌﺔ ﺳﺎن ليو‬
‫‪20‬‬
‫بﺒﺎريس "ان لكﻞ حرف ﻣﻦ حروف اﻷﲜﺪيﺔ قيﻤﺔ ﻋﺪديﺔ أو ﻣقﺎبﻠﺔ رقﻤيﺔ ‪،‬‬
‫وبﲔ ﳍﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﲢﻠيــﻞ أﲰــﺎء كــﺎتريﻦ دي ﻣيــﺪيﺘﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ‪ ،‬وﻫنري الﺜــﺎلــﺚ‬
‫وﻫنري الرابع ﻣﻠكي فرنس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ وأوﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺢ ﳍﻢ أنـﻪ حينﻤـﺎ ﲡﻤع اﻷرقـﺎم اﳌقـﺎبﻠـﺔ‬
‫لﻠحروف الﱵ تكون أﲰــﺎءﻫﻢ ‪ ،‬فــﺈن النﺘيجــﺔ )حــﺎص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻞ اﳉﻤع( ﳝكﻦ أن‬
‫"يقرأ" كﻤــﺎ تقرأ ﺧريﻄــﺔ اﳌنجﻢ ‪ ،‬ﰒ بــﺪأ يﻄﺒق نﻔس اﳌنﻬﺞ ﻋﻠى أﲰي كــﻞ‬
‫ﻣﻦ لويس الس ـ ــﺎدس ﻋﺸ ـ ــر وﻣﺎري انﻄوانيﺖ ‪ ،‬وقﺎلﺖ نﺒوءتﻪ ان اﳌﻠﻚ ﳚب‬
‫أن ﳛذر اﳌوت ﻋﻠى اﳌﺸ ـ ـ ــنقﺔ قﺒﻞ أن يﺒﻠغ الﺘﺎﺳ ـ ـ ــﻌﺔ والﺜﻼﺛﲔ قﺎل ﻣﺎ نﺼ ـ ـ ــﻪ‬
‫"ﳏكوم ﻋﻠيﻪ ن يﻔقﺪ رأﺳـﻪ حينﻤﺎ يﺜﺒﺖ أنﻪ يﺘحﻤﻞ جريرة اﳊرب" ‪ ،‬وقﺎل‬
‫ﻋﻦ ﻣﺎري انﻄوانيﺖ "ﺳ ــﺘكون ﺳ ــيﺌﺔ اﳊظ ‪ ،‬تﻌيس ــﺔ ﰲ فرنس ــﺎ ‪ ،‬ﻣﻠكﺔ دون‬
‫ﻋرش وﻻ نقود ‪ ،‬تﺘجﻌﺪ بﺸـ ـ ـ ـ ــر ﺎ قﺒﻞ اﻷوان بسـ ـ ـ ـ ــﺒب اﳊزن واﳍﻢ ‪ ،‬وتﻌيﺶ‬
‫)‪(16‬‬
‫ﻋﻠى ﻃﻌﺎم ئس وﺷجﻦ ويقﻄع رأﺳﻬﺎ"‬
‫و لﻔﻌﻞ ﲢققﺖ ﲨيع ﻫذﻩ الﺘنﺒؤات بﻌﺪ ﺳـ ـ ــنﲔ ﻣﻦ ﻫذا الﻠقﺎء ﳑﺎ يﺪل‬
‫ﻋﻠى أن الﺘنﺒؤ ﻷرقﺎم كﺎن ﳛﻈى ﲟنزلﺔ كﺒﲑة ﰲ أور ‪.‬‬

‫وﻣﺎت فيﻬﺎ ﻋﺎم ‪ 1795‬م ﻋﻦ ﻋﻤر ينﺎﻫز الﺜﺎنيﺔ واﳋﻤسﲔ ‪ .‬راجع اﻹنسﺎن وقواﻩ اﳋﻔيﺔ ص‬
‫‪. 302 – 285‬‬
‫)‪ (16‬اﻻنسﺎن وقواﻩ اﳋﻔيﺔ ‪ ،‬ص ‪. 302 – 301‬‬
‫‪21‬‬
‫‪ .7‬ﻋﻠﻢ اﻷرﻗام‬
‫ان فكرة رﻣزيﺔ اﻷرقﺎم والﺘنﺒؤ ﺎ ﻻقﺖ انﺘﺸــﺎرا واﺳــﻌﺎ لﺪى الﻌﺪيﺪ‬
‫ﻣﻦ الﻌﻠﻤﺎء الﻔﻼﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻔﺔ ورجﺎل الﺪيﻦ وظﻠﺖ ﻫذﻩ الﻔكرة ﻣسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيﻄرة ﻋﻠى‬
‫النﺎس بﺼ ـ ـ ـ ـ ــورة ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬إﻻ أ ﺎ أﺧذت ﰲ ﻋﺼ ـ ـ ـ ـ ــر اﳊﺎﱄ ﻃﺎبﻌﺎ آﺧر يﻌﺘﻤﺪ‬
‫ﻋﻠى ﲢﻠيﻞ الﺸــﺨﺼــيﺔ وﻣﻌرفﺔ ﺳــﻠوك اﻹنســﺎن فﻈﻬر ﻋﻠﻢ جﺪيﺪ أﻃﻠق ﻋﻠيﻪ‬
‫ﻋﻠﻢ اﻷرقﺎم ))‪ ((Numerology‬الذي يﺘنﺎول دراﺳﺔ اﻷرقﺎم الﺸﺨﺼيﺔ‬
‫وﻋﻼقﺘﻬﺎ ﻹنسﺎن أو اﻷحﺪاث الﱵ تﺼيﺒﻪ ‪.‬‬
‫وﻣﻦ ﺧﻼل الــﺪراﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎت الﱵ قــﺎم ــﺎ الﻌــﺪيــﺪ ﻣﻦ ﻋﻠﻤــﺎء اﻷرقــﺎم‬
‫وبﻌض اﳌﺨﺘﺼ ــﲔ ﰲ ﻋﻠﻢ الﺒﺎراﺳ ــﺎيكولوجي وجﺪوا ان ﲦﺔ ﻋﻼقﺔ وترابط بﲔ‬
‫اﻷرقﺎم واﻹنسـ ـ ـ ـ ـ ــﺎن وبﻌض اﻷحﺪاث الﱵ يﻌيﺸـ ـ ـ ـ ـ ــﻬﺎ ‪ ،‬كﻤﺎ يؤكﺪ الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ‬
‫الﺒﺎراﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺎيكولوجيﲔ ﻋﻠى وجود ترابط بﲔ فﱰات زﻣنيﺔ رقﻤيﺔ وبﲔ اﳊﺎﻻت‬
‫الﱵ يﻌيﺸــﻬﺎ ﻣرﺿــﺎﻫﻢ النﻔســيﲔ ﳑﺎ يؤكﺪ ﻋﻠى صــﺪق ﻫذﻩ الﻔكرة أو النﻈريﺔ‬
‫كﻤﺎ يﻄﻠق ﻋﻠيﻬﺎ الﺒﻌض ‪ ،‬وﰲ اﳊقﻞ الﻌﻠﻤي الذي ﻻ يقﺒﻞ الﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻚ يؤكﺪ‬
‫الﻌـﺪيـﺪ ﻣﻦ الﻌﻠﻤـﺎء)‪ (17‬انـﻪ بـﺪون اﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺨـﺪام لغـﺔ اﻷرقـﺎم اﳌﺘﻤﺜﻠـﺔ لقوانﲔ‬
‫واﳌﻌﺎدﻻت الر ﺿ ـ ـ ــيﺔ ﻻﳝكﻦ فﻬﻢ الكﺜﲑ ﻣﻦ اﻻفﻌﺎل ﺳ ـ ـ ـواء كﺎنﺖ كونيﺔ ام‬
‫فيز ئيﺔ ام بيولوجيﺔ … حﱴ أﻃﻠق الﺒﻌض ﻋﻠى ﻋﺼ ــر اﺳ ــﻢ ﻋﺼ ــر اﻷرقﺎم‬
‫ﳌﺎ لﻸرقﺎم ﻣﻦ أﳘيﺔ ﰲ ﲨيع ا ﺎﻻت ‪.‬‬

‫)‪ (17‬أكﺪ ذلﻚ كﻞ ﻣﻦ الﻌﺎﱂ النﻔسي اﻷﳌﺎﱐ لودفيغ نيﺚ والنﻤسﺎوي كﺎرل ﻏوﺳﺘﺎف يونغ‬
‫وﻏﲑﳘﺎ ‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫‪ .8‬اﻷرﻗام واﳌوسيﻘﻰ‬
‫وبﻌـﺪ ﻫـذﻩ اﳌقـﺪﻣـﺔ ﻻ بـﺪ لنـﺎ ﻣﻦ أن نـذكر اﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺨـﺪاﻣـﺎت اﻷرقـﺎم‬
‫وصـ ـ ـ ــﻠﺘﻬﺎ لﻄﺒيﻌﺔ ولنﺒﺪأ بﻌﻼقﺔ اﻷرقﺎم ﳌوﺳ ـ ـ ـ ــيقى الﱵ تس ـ ـ ـ ــﻤوا ﺎ نﻔوس‬
‫النﺎس و ﺪأ ﺎ أﻋﺼ ـ ـ ـ ــﺎ ﻢ‪ .‬ويرجع الﻔضـ ـ ـ ـ ــﻞ اﻷول ﰲ صـ ـ ـ ـ ــيﺎﻏﺔ اﳌوﺳـ ـ ـ ـ ــيقى‬
‫بﻌﻼقﺎت رقﻤيﺔ إﱃ فيﺜﺎﻏورس وﻣﺪرﺳﺘﻪ ﻋنﺪﻣﺎ اكﺘﺸﻔوا حقيقﺘﲔ ‪:‬‬
‫أوﳍﻤﺎ ‪ :‬ان الﺼوت النﺎتﺞ ﻋﻦ اﳋيط الوتري يﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠى ﻃول ذلﻚ اﳋيط‪.‬‬
‫نيﻬﻤﺎ ‪ :‬أن النغﻤﺎت الﺼــوتيﺔ تﺘولﺪ بواﺳــﻄﺔ أو ر ذات أﻃوال ﻣﻌينﺔ وتﻌﱪ‬
‫ﻋﻦ نسب ﻣﻦ اﻷﻋﺪاد الﺼحيحﺔ ‪.‬‬
‫وتروي بﻌض اﻷﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻃﲑ ان اﻫﺘﻤــﺎم فيﺜــﺎﻏورس ﻷرقــﺎم نﺒع ﻣﻦ‬
‫اكﺘﺸـ ــﺎفﻪ السـ ــﻠﻢ اﳌوﺳـ ــيقي اﳌكون ﻣﻦ أربع درجﺎت ﻣﺘﺪاﺧﻠﺔ ‪ ،‬وقﺪ توصـ ــﻞ‬
‫إﱃ ذلﻚ ﻋﻦ ﻃريق الﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺪفﺔ حينﻤﺎ كﺎن ﻣﺎرا أﻣﺎم دكﺎن حﺪاد وكﺎن أربﻌﺔ‬
‫ﻣﻦ اﳊــﺪاديﻦ يﻄرقون اﳊــﺪيــﺪ ﻋﻠى ﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ـنــﺎديﻦ ﳐﺘﻠﻔــﺔ اﳊجوم وبﻌــﺪ ان قــﺎم‬
‫ﲝس ـ ـ ــﺎب وزن الس ـ ـ ــنﺎديﻦ وجﺪ ان اوزا ﺎ ﻋﻠى النحو اﻵﰐ ) ‪، 9 ، 8 ، 6‬‬
‫‪ ( 12‬ونﺘيجﺔ لذلﻚ وجﺪ ان لكﻞ ﻣﺎ ﰲ الكون ﻣﻦ ﺧﻠق ارقﺎﻣﺎ ﻣﺘﺸـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ ﺔ‬
‫ﻣﺘــﺪاﺧﻠــﺔ ‪ ،‬أي ان كــﻞ اﳋﻼئق ﻣﺘﺸ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ ــﺔ وﻣﺘــﺪاﺧﻠــﺔ ﰲ ﻣــﺪلوﻻ ــﺎ الرقﻤيــﺔ‬
‫ﻻﻋ ـ ــﺪاد ) ‪ (6 ، 8 ، 9 ، 12‬الﱵ تﺘن ـ ــﺎظر بﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرط ان يكون ﻋ ـ ــﺪد‬
‫اﻻﻫﺘزازات ﻣﺘنﺎﺳ ـ ـ ـ ـ ــقﺎ ﻣع الوزن ‪ ،‬وانﻄﻼقﺎ ﻣﻦ ﻫذﻩ اﳌﻼحﻈﺔ بﺪأ فيﺜﺎﻏورس‬
‫ﳚري ﲡـﺎربـﻪ ﻋﻠى ﳓو ﻣنﻬجي ﻣركز واكﺘﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــف أن القوانﲔ الﱵ تنص ﻋﻠى‬
‫النغﻤيـ ــﺔ والﺘنـ ـﺎﻏﻢ ﻣرﻫونـ ــﺔ بﻄول اﻻو ر ﰲ اﻵﻻت اﳌوﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيقيـ ــﺔ الوتريـ ــﺔ ‪،‬‬

‫‪23‬‬
‫فﺎلنغﻤﺎت الﺼ ـ ـ ـ ـ ــوتيﺔ النﺎﲡﺔ ﻣﻦ ﺧيﻄﲔ ﻃول أحﺪﳘﺎ ﺿ ـ ـ ـ ـ ــﻌف ﻃول اﻵﺧر‬
‫تﻌﻄي ﻣﱰددا ﻣغﺎيرا ﰲ نغﻤﺎ ﺎ الﺼـوتيﺔ‪ ،‬كﻤﺎ ان الﻔﱰة اﳌوﺳـيقيﺔ بﲔ نوﻃﺘﲔ‬
‫تسـ ـ ـ ـ ــﻤى أحيﺎ الﺜﻤﺎنيﺔ ‪ ،‬وﳝكﻦ اﳊﺼـ ـ ـ ـ ــول ﻋﻠى نغﻤﺎت أﺧرى بوﺳـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻃﺔ‬
‫ﺧيﻄﲔ النسـ ـ ــﺒﺔ بﲔ ﻃوليﻬﻤﺎ ﺛﻼﺛﺔ إﱃ اﺛنﲔ ‪ ،‬ﰲ ﻫذﻩ اﳊﺎلﺔ ينﺘﺞ أقﺼ ـ ـ ــرﻫﺎ‬
‫ربع نوﻃﺔ تس ـ ــﻤى ﳋﻤﺎﺳ ـ ــيﺔ وﰲ اﳊقيقﺔ فﺎن اﻷﻃوال النس ـ ــﺒيﺔ ﰲ النغﻤﺎت‬
‫النﺎﲡﺔ ﻣﻦ اﻻو ر الﺼوتيﺔ ﳝكﻦ ﲢﺪيﺪﻫﺎ بنسب اﻷﻋﺪاد الﺼحيحﺔ ‪.‬‬
‫ولﺸﺪة تﻌﻠق الﻔيﺜﺎﻏورﺳيﲔ ﻷرقﺎم فﺎ ﻢ اﺳﺘﺒﺪلوا حركﺔ الكواكب‬
‫بﻌﻼقﺎت رقﻤيﺔ أيضـ ــﺎ فﻠقﺪ اﻋﺘقﺪوا ن اﻷجسـ ــﺎم اﳌﺘحركﺔ ﰲ الﻔضـ ــﺎء تولﺪ‬
‫أص ـوا كﻤﺎ ان اﳉس ــﻢ اﳌﺘحرك بﺼ ــورة ﻣﻔﺎجﺌﺔ يولﺪ نوﻃﺔ تﺼ ــﺎﻋﺪيﺔ ﻋكس‬
‫اﳉسﻢ اﳌﺘحرك بﺒطء ‪ ،‬وحسﺒﻤﺎ جﺎء ﰲ ﻋﻠﻢ الﻔﻠﻚ ﻋنﺪ الﻔيﺜﺎﻏورﺳيﲔ فﺎنﻪ‬
‫كﻠﻤﺎ كﱪت اﳌسـ ـ ـ ـ ــﺎفﺔ بﲔ الكواكب واﻷرض فﺎن حركﺔ الكواكب ﺳـ ـ ـ ـ ــﺘزداد‬
‫بﺼـ ـ ـ ــورة ﻣﻠحوظﺔ وبذلﻚ تﺘنﺎﺳ ـ ـ ــق اﻷص ـ ـ ـوات ‪ ،‬يقول الﻔيﻠسـ ـ ـ ــوف اليو ﱐ‬
‫فيﻠوﻻس ـ ـ ــﺎﳌﺸﻬور ﰲ القرن اﳋﺎﻣس قﺒﻞ اﳌيﻼد ـ ـ ـ " إذا ﱂ تكﻦ ذات ﻃﺒيﻌﺔ‬
‫رقﻤيﺔ ﰲ ﻋﻼقﺎ ﺎ ﻷﺷـ ـ ــيﺎء اﻷﺧرى فﻼ ﺷـ ـ ــيء ﺳـ ـ ــيكون ﻷي ﺷـ ـ ــيء وﳓﻦ‬
‫نسـﺘﻄيع ﻣﻼحﻈﺔ قوة اﻷرقﺎم تﻔرض نﻔسـﻬﺎ ﻻ ﻋﻠى اﻷرواح واﻵﳍﺔ فحسـب‬
‫بـ ــﻞ بكـ ــﻞ أﻋﻤـ ــﺎل وافكـ ــﺎر اﳉنس الﺒﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري وﰲ كـ ــﻞ اﻷﻋﻤـ ــﺎل اليـ ــﺪويـ ــﺔ‬
‫)‪(18‬‬
‫واﳌوﺳيقى"‬

‫)‪ (18‬الر ﺿيﺎت والﺒحﺚ ﻋﻦ اﳌﻌرفﺔ ‪ ،‬ﻣوريس كﻼيﻦ ‪ ،‬ص ‪. 48‬‬


‫‪24‬‬
‫ان ﻫذﻩ اﻷفكﺎر الﱵ ﺳـ ــيﻄرت ﻋﻠى الﻔيﺜﺎﻏورﺳـ ــيﲔ جﻌﻠﺘﻬﻢ يقرروا‬
‫ن "الﻌﺎﱂ ﻋﺪد ونغﻢ"‪.‬‬

‫‪ .9‬اﻷرﻗام واﻷﺣﻼم‬
‫وﱂ يقف اﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺨـﺪام اﻷرقـﺎم ﻋنـﺪ ﻫـذا اﳊـﺪ بـﻞ دﺧـﻞ ﰲ اﳉـﺎنـب‬
‫اﳋﻔي لﻺنس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎن اﳌﺘﻤﺜـﻞ ﻷحﻼم إذ تﻠﻌـب اﻷرقـﺎم دورا رزا ﰲ ﻣﻔردات‬
‫اﻷحﻼم ورﻣوزﻫــﺎ ‪ ،‬فــﺎﻷحﻼم الﱵ ﻻتﺘﺨﻠى ﻋﻦ أحــﺪ ﻣنّـﺎ ﲢﺘوي ﰲ الكﺜﲑ‬
‫ﻣنﻬﺎ ﻋﻠى رﻣوز ودﻻﻻت تكون رة اﳍﺎم ر ﱐ أو انﻄﺒﺎع نﻔسـ ــﺎﱐ أو ﻫوس‬
‫ﺷ ــيﻄﺎﱐ وقﺪ تنوﻋﺖ ﻣﺪارس تﻔس ــﲑ اﻷحﻼم ﰲ ﳏﺎوﻻ ﺎ الﺒحﺚ ﻋﻦ رﻣزيﺔ‬
‫اﻷحﻼم وﻣﺎ تﻌنيﻪ لﻺنسـ ـ ـ ــﺎن اﳊﺎﱂ وﳓﻦ لسـ ـ ـ ــنﺎ بﺼ ـ ـ ـ ــﺪد الﺘوﺳ ـ ـ ـ ــع ﰲ آرائﻬﻢ‬
‫وﻣــذاﻫﺒﻬﻢ ولكﻦ ﻣﻦ بﲔ ﲨيع ﻫــذﻩ اﳌــﺪارس الﱵ أﺧــذت كــﻞ واحــﺪة ﻣنﻬــﺎ‬
‫ﻣنﻬجﺎ ﺧﺎص ــﺎ ﰐ الرؤيﺔ اﻹﺳ ــﻼﻣيﺔ ﰲ تﻔس ــﲑ اﻷحﻼم الﱵ أرﺳ ــى قﺎﻋﺪ ﺎ‬
‫رﺳ ــول ﷲ ‪ ‬حينﻤﺎ قﺎل ‪) :‬الرؤ ﺛﻼﺛﺔ ‪ ،‬فرؤ بﺸ ــرى ﻣﻦ ﷲ ‪ ،‬ورؤ‬
‫ﻣﻦ الﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيﻄـﺎن ‪ ،‬ورؤ ﳛـﺪث ـﺎ اﻹنس ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎن نﻔس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻪ فﲑاﻫـﺎ ()‪ (19‬فـﺎلرؤيـﺔ‬
‫اﻹﺳﻼﻣيﺔ تﻔﺼﻞ بﲔ اﳊﻠﻢ والرؤ إﱃ ﺛﻼﺛﺔ اقسﺎم ‪:‬‬
‫‪ .1‬الرؤ ‪ :‬وﻫي الرؤ الﱵ يراﻩ اﻹنس ـ ـ ـ ــﺎن وﻣﺼ ـ ـ ـ ــﺪرﻫﺎ ﷲ ﺳ ـ ـ ـ ــﺒحﺎنﻪ وتﻌﺎﱃ‬
‫و ﰐ ﻷي إنس ـ ــﺎن ﰲ أي ﻣكﺎن ﻣنﺒﻬﺔ لﻌواقب اﻷﻣور أو ﻣﺸـ ـ ــﲑة إﱃ‬

‫)‪ (19‬رواﻩ الﺒﺨﺎري وﻣسﻠﻢ‬


‫‪25‬‬
‫بﺸـ ـ ـ ــرى أو انذار أو ﲢذير أو توجيﻪ ﰲ ﻣسـ ـ ـ ــﺘقﺒﻠﻪ وتﺼ ـ ـ ــﺢ وتﺘحقق ﰲ‬
‫اﻏﻠﺒﻬﺎ ‪.‬‬
‫‪ .2‬اﳊﻠﻢ ‪ :‬وﻣﺼـﺪرﻩ الﺸـيﻄﺎن ويﺪﺧﻞ ﰲ ب اﳍﻠوﺳـﺔ واﻷﺿـﻌﺎف الﱵ ﻻ‬
‫ﻣﻌﲎ ﳍﺎ كﺄن تكون ﻣﺒﻌﺜرة ﰲ ﻣﻌﺎنيﻬﺎ ودﻻﻻ ﺎ ‪.‬‬
‫‪ .3‬حﺪيﺚ النﻔس ‪ :‬وﻣﺼﺪرﻫﺎ النﻔس الﺒﺸريﺔ ﲟراتﺒﻬﺎ الﺜﻼﺛﺔ ‪:‬‬
‫‪ ‬النﻔس اﳌﻄﻤﺌنﺔ أو الذات الﻌﻠيﺎ ‪.‬‬
‫‪ ‬النﻔس الﻠواﻣﺔ أو الذات ‪.‬‬
‫‪ ‬النﻔس اﻷﻣــﺎرة لس ـ ـ ـ ـ ـ ــوء وﻫي الــذات الــﺪنيــﺎ أو الــذات‬
‫الﺪون ‪.‬‬
‫وﻣ ــﺎدة ﻫ ــذا القسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻢ اﳌﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻫ ــﺪات اليوﻣي ــﺔ وانﻄﺒ ــﺎﻋ ــﺎت النﻬ ــﺎر‬
‫واﻫﺘﻤﺎﻣﺎت اليقﻈﺔ وحوادث اﳌﺎﺿ ـ ــي ‪ ،‬فجﻤيع ﻣﺎ يﻌﱰض اﻹنس ـ ــﺎن ﰲ ﻋﺎﱂ‬
‫اليقﻈﺔ ينﺘقﻞ إﱃ ﻋﺎﱂ اﳌنﺎم ليﺘﻤﺜﻞ بﺸ ـ ـ ـ ــكﻞ أحﻼم تﺸ ـ ـ ـ ـ ــﲑ إﱃ اﳌﺎﺿـ ـ ـ ـ ــي أو‬
‫اﳊﺎﺿــر أو اﳌســﺘقﺒﻞ وﻫذﻩ اﻷحﻼم يﺼــﺢ تﻌﺒﲑﻫﺎ أيضــﺎ ﻷن النﻔس الﺒﺸ ـريﺔ‬
‫ﳍﺎ قﺪرة ﻋﻠى اﺧﱰاق ا ﻬول وﻣﻌرفﺔ بﻌض اﻷﻣور ‪.‬‬
‫وﻣﻦ بﲔ الﻌﺸـ ـرات بﻞ اﳌﺌﺎت ﻣﻦ اﳌﻔردات الﱵ يراﻫﺎ اﻹنسـ ــﺎن ﰲ‬
‫نوﻣﻪ ﰐ اﻷرقﺎم ﻣﺸـ ــﲑة إﱃ بﻌض اﻷحﺪاث أو الرﻣوز ‪ ،‬فﺎﻷرقﺎم ﺷـ ــكﺎﳍﺎ‬
‫اﳌﻌروفـﺔ ) ‪ ( .… 4 ، 3 ، 2 ، 1‬أو دﻻﻻ ـﺎ الﻌـﺪديـﺔ اﳌقﱰنـﺔ ﳌوجودات‬
‫أو اﳌﻌﺪودات ليس ـ ـ ــﺖ صـ ـ ــورا ﳎردة ﻻ ﻣﻌﲎ ﳍﺎ ‪ ،‬بﻞ ﻫي كيﺎ ت ﻣسـ ـ ــﺘقﻠﺔ‬
‫تـﺪل ﻋﻠى ﻣﻌـﺎن ﻋﻤيقـﺔ وﻫـذا ﻣـﺎ أكـﺪﻩ كﺒـﺎر ﻋﻠﻤـﺎء النﻔس ‪ ،‬يقول الـﺪكﺘور‬

‫‪26‬‬
‫لودفيغ نيـﺚ " اﻷﻋـﺪاد ﻣﻦ حيـﺚ ﻫي كيـﺎ ت ﻣس ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘقﻠـﺔ ذلـﻚ ان ظﻬور‬
‫اﻷﻋﺪاد ﰲ اﻷحﻼم ليس ﻣسـﺘغر ﲝﺪ ذاتﻪ ‪ ،‬فﺎﻷﻋﺪاد ﺷـﺎ ﺎ ﰲ ذلﻚ ﺷـﺄن‬
‫ﻏﲑﻫـﺎ ﻣﻦ ﻣنﺘجـﺎت الﻌقـﻞ ")‪ (20‬وﰲ ﻣوﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع آﺧر يؤكـﺪ ﻋﻠى " ان الـﺪﻻلـﺔ‬
‫والقوة الرﻣزيﺘﲔ لﻠﻌﺪد يﻤنﺎن ﰲ ﻣيﺪان الوقﺎئع النﻔس ــيﺔ ‪ ،‬ولقﺪ أﺳ ــقﻄﺘﺎ ﰲ‬
‫ﻏﱪ الﻌــﺎﱂ اﳋــﺎرجي ‪ ،‬اﻣــﺎ اليوم فــﺎ ﻤــﺎ تﻔﻌﻼن ﻣﻔﻌوﳍﻤــﺎ ﰲ ﻋــﺎﱂ اﳊﻠﻢ وﰲ‬
‫ﲨيع اﳊــﺎﻻت القريﺒــﺔ ﻣﻦ اﳊﻠﻢ ")‪ (21‬فغض النﻈر ﻋﻦ رﻣوز وﻣﻌــﺎﱐ اﻷرقــﺎم‬
‫وﻣـﺪلوﻻ ـﺎ ﰲ اﻷحﻼم يسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــقط جزءا كﺒﲑا ﻣﻦ ﻣﻔﻬوﻣﻬـﺎ وﻣﻌنـﺎﻫـﺎ وﻣﻦ ﻫـذا‬
‫اﳌنﻄﻠق حرص الﻌــﺪيــﺪ ﻣﻦ ﻋﻠﻤــﺎء النﻔس ﻋﻠى اﻋﺘﺒــﺎر ان لﻸرقــﺎم ﰲ أحﻼم‬
‫اﳌراجﻌﲔ أو اﳌرﺿ ــى النﻔس ــيﲔ ﻣﻌﺎﱐ ﲢﻤﻞ ﰲ ﻃيﺎ ﺎ ﻣس ــﺎئﻞ ﻣﻬﻤﺔ تس ــﺎﻋﺪ‬
‫ﰲ فﻬﻢ ﺷـﺨﺼـيﺘﻪ اﳌريض وﻣﻌﺎ تﻪ النﻔسـيﺔ ويسـوق الﺪكﺘور لودفيغ ﻋﺸـرات‬
‫اﻷحﻼم الﱵ ﻋرﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺖ ﻋﻠيـ ــﻪ والﱵ تؤدي اﻷرقـ ــﺎم دورا ﰲ فﻬﻢ ﻣﻌـ ــﺎنيﻬـ ــﺎ‬
‫واكﺘﺸـ ـ ــﺎف ﻃﺒيﻌﺔ رأيﻬﺎ وﰲ ذلﻚ يؤكﺪ بﻌﺪ دراﺳـ ـ ــﺔ داﻣﺖ ﺳـ ـ ــنﲔ ﻃويﻠﺔ ﰲ‬
‫ﻫـذا ا ـﺎل ﻋﻠى " ان القيﻤـﺔ الرﻣزيـﺔ الﻌـﺎﻣـﺔ لﻠرقﻢ قـﺎبﻠـﺔ ﻻن تﺘـﺪﺧـﻞ بنس ـ ـ ـ ـ ـ ـﺒـﺔ‬
‫ﻋﺎليﺔ ﻣﻦ اﳌﺼﺪاقيﺔ ‪ ،‬و حﺘﻤﺎل كﺒﲑ لﻠكﺸف ﻋﻦ اﳊقيقﺔ ")‪. (22‬‬

‫)‪ (20‬رﻣزيﺔ اﻷﻋﺪاد ﰲ اﻷحﻼم ‪ ،‬لودفيغ نيﺚ ‪.‬‬


‫)‪ (21‬اﳌﺼﺪر نﻔسﻪ ‪.‬‬
‫)‪ (22‬اﳌﺼﺪر السﺎبق ‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫‪ .10‬اﻷرﻗام اﳌتﺤاﺑة‬
‫اﻣﺎ اﳌﺸﺘغﻠون بسحر اﻷرقﺎم فيقررون أن اﻷرقﺎم ليسﺖ ﳎرد وﺳيﻠﺔ‬
‫لﻠﻌﺪ واﻻحﺼﺎء وﻣﻌرفﺔ القيﻢ النﻈريﺔ أو الﺘﻄﺒيقيﺔ بﻞ ان ﳍﺎ ﺧواصﺎ ﺳحريﺔ‬
‫ﻣؤﺛرة ﰲ اﻵﺧريﻦ فﻤنﻬﺎ ﻣﺎ ﳚﻠب لﻺنسﺎن السﻌﺎدة الﻌﺎﻃﻔيﺔ اﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﳊب‬
‫وﻣنﻬﺎ ﻣﺎ يؤﺛر ﰲ الﻌﻤﻞ وﻣنﻬﺎ ﻣﺎ يﺪﺧﻞ ﰲ بﻌض الﻌﻼجﺎت النﻔسيﺔ‬
‫والﻔسﻠجيﺔ ‪ ،‬ان ﻫذﻩ اﻷفكﺎر قﺪ تكون لﻠوﻫﻠﺔ اﻷوﱃ ﺳﺎذجﺔ أو ﺿرب ﻣﻦ‬
‫ﺿروب اﳋيﺎل ولكﻦ الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ اﳌﺸﺘغﻠﲔ ﲞواص اﻷرقﺎم)‪ (23‬يؤكﺪون صﺪق‬
‫ﻫذﻩ الﻔكرة أو الﻈﺎﻫرة اﻷﻣر الذي جﻌﻞ الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء الﺒﺎراﺳﺎيكولوجي‬
‫يﺪرﺳون ﺳر الﻄﺎقﺔ الكﺎﻣنﺔ اﳌؤﺛرة ﰲ ﻫذﻩ اﻷرقﺎم وحقيقﺘﻬﺎ وﻫذا اﻷﻣر‬
‫جﻌﻠﻬﻢ يﻄرحون الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ اﻷﺳﺌﻠﺔ الﱵ تﺘنﺎول ﻫذا اﳉﺎنب ‪.‬‬
‫ان فكرة وجود أرقﺎم ﻣﻌينﺔ ﲤﺘﻠﻚ ﺧواصـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ ﰲ اﶈﺒﺔ واﻹقﺒﺎل وﻏﲑ‬
‫ذلﻚ فكرة قﺪﳝﺔ فﺎﳌراجع الﻌﻠﻤيﺔ والﺘﺎرﳜيﺔ تﺸ ـ ـ ــﲑ إﱃ ان فيﺜﺎﻏورس توص ـ ـ ــﻞ‬
‫إﱃ وجود رقﻤﲔ كﻞ ﻣنﻬﻤﺎ ﳛﻤﻞ قواﺳ ــﻢ الرقﻢ اﻵﺧر ووجﺪ ان ﳍﻤﺎ ﺧواص ــﺎ‬
‫ﻋﻈيﻤﺔ ﰲ اﳉﻠب واﻷلﻔﺔ واﶈﺒﺔ حﱴ اﻃﻠق ﻋﻠيﻬﺎ اﺳ ـ ـ ـ ــﻢ "اﻷﻋﺪاد اﳌﺘحﺎبﺔ "‬
‫ويروى انﻪ ﺳــﺌﻞ ﻣرة ﻣﺎ ﻫو الﺼــﺪيق ؟ فﺄجﺎب " انﻪ نﻔس نيﺔ " كﻤﺎ تؤكﺪ‬
‫ﻣراجع اﺧرى ﻋﻠى ان حكﻤﺎء اﳍنﺪ والﺼ ـ ــﲔ توص ـ ــﻠوا إﱃ ﻣﻌرفﺔ واﺳ ـ ــﺘﺨﺪام‬
‫ﺳ ـ ـ ـ ــحر ﺳ ـ ـ ـ ــر اﻷرقﺎم ﰲ تيس ـ ـ ـ ـ ــﲑ اﳌﻄﺎلب وجﻠب الرﻏﺎئب فﲑوى ان اﳌﻠﻚ‬

‫)‪ (23‬ﻣﻦ الﻌﻠﻤﺎء القﺪاﻣى الذيﻦ قرروا ذلﻚ اﻹﻣﺎم الﺒوﱐ وأبﻦ ﺳ ـ ـ ــﺒﻌﲔ والﺸ ـ ـ ــيخ اﻷكﱪ ﳏيي‬
‫الﺪيﻦ بﻦ ﻋرﰊ وﻏﲑﻫﻢ ‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫اﳍنﺪي اﳊكيﻢ كنكﻪ اﺳ ـ ـ ـ ــﺘنﺒط اﻷﻋﺪاد اﳌﺘحﺎبﺔ وذكر فيﻬﺎ ﺧواصـ ـ ـ ــﺎ ﻋﺪيﺪة‬
‫ﻣنﻬﺎ انﻪ إذا وﺿـﻌﺖ ﰲ ﻃﻌﺎم او ﺷـراب أو ﻏﲑ ذلﻚ ﳑﺎ يسـﺘﻌﻤﻠﻪ ﺷـﺨﺼـﺎن‬
‫لف بينﻬﻤﺎ ﳏﺒﺔ ﻋﻈيﻤﺔ وان رﲰﻬﺎ انسـ ـ ـ ـ ـ ــﺎن ﻋﻠى ﺛوبﻪ ﱂ يﻔﺎرقﻪ اﳊﺒيب أو‬
‫الﺼ ـ ـ ـ ــﺪيق فقﺪ ذكروا " ان ﻫذيﻦ الرقﻤﲔ ) ‪ ( 284 ، 220‬إذا كﺘﺒنﺎ ﻋﻠى‬
‫قﻄﻌﺘﲔ حﻠو اﳌذاق ‪ ،‬أو ﻋﻠى ورقﺘﲔ ووﺿـ ــﻌﺘﺎ ﰲ قﺪحﲔ ﻣﻦ اﳌﺎء وﺷـ ــرب‬
‫اﳌﻄﻠوب الرقﻢ اﻷص ـ ـ ـ ــغر والﻄﺎلب الرقﻢ اﻷكﱪ حﺼ ـ ـ ـ ـ ــﻞ بينﻬﻤﺎ ﳏﺒﺔ ﻋﻈيﻤﺔ‬
‫واﻃﺎع الﺸ ـ ـ ـ ــﺨص الذي اكﻞ القﻄﻌﺔ الﱵ ﲢﻤﻞ الرقﻢ ) ‪ ( 220‬الﺸ ـ ـ ـ ــﺨص‬
‫الﺜـﺎﱐ ﻃـﺎﻋـﺔ ﻋﻈيﻤـﺔ ‪ ،‬وذكر أفﻼﻃون " انـﻪ إذا كﺘﺒـﺖ ﻫـذﻩ اﻷﻋـﺪاد ﰲ كوز‬
‫ﻣﺎء جﺪيﺪ ﱂ ﳝسـ ـ ــﻪ اﳌﺎء وﺷـ ـ ــرب ﻣنﻪ ﺷـ ـ ــﺨﺼـ ـ ــﲔ يﺘولﺪ بينﻬﻤﺎ ﳏﺒﺔ اكيﺪة ﱂ‬
‫يﻌﻬـﺪاﻫـﺎ ﻣﻦ قﺒـﻞ")‪ (24‬ويؤكـﺪ ﻫـذﻩ الﻈـﺎﻫرة الﻌـﺎﱂ واﳌؤرخ الﻌرﰊ ابﻦ ﺧﻠـﺪون‬
‫حينﻤﺎ قﺎل " ان اﻷﺷ ـ ـ ـ ـ ــﺨﺎص اﳌﺸ ـ ـ ـ ـ ــﺘغﻠﲔ لﻄﻼﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻢ يؤكﺪون ان الﻌﺪديﻦ‬
‫اﳌﺘحﺎبﲔ ) ‪ ( 284 ، 220‬ﳍﻤﺎ ﺛﲑ ﰲ الربط وإﳚﺎد صـ ـ ـ ــﺪاقﺔ ﲪيﻤﺔ بﲔ‬
‫ﺷـ ـ ــﺨﺼ ـ ــﲔ")‪ (25‬فﻬﻞ ﳛﻤﻼن ﻫذيﻦ الرقﻤﲔ إكسـ ـ ـﲑا لﻠﻤحﺒﺔ والﺼـ ـ ــﺪاقﺔ ام‬
‫ا ﻤﺎ ﳎرد وﻫﻢ نﻔسي يﺼيب النﺎس ! وﻫﻞ توجﺪ أرقﺎم ﻣﺘحﺎبﺔ اﺧرى ﲢﻤﻞ‬
‫ﻫذا السـ ـ ـ ـ ــر ام ان ذلﻚ السـ ـ ـ ـ ــر يقﺘﺼ ـ ـ ـ ـ ــر ﻋﻠى ﻫذيﻦ الرقﻤﲔ ! فﺎلﻌﺪيﺪ ﻣﻦ‬
‫اﳌﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘغﻠﲔ ذا اﳊقﻞ يؤكﺪون صـ ـ ـ ـ ـ ــﺪق الﺘﺄﺛﲑ واﻻﳒذاب الذي ترﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻠﻪ‬
‫إﺷـ ـ ـ ــﻌﺎﻋﺎت ﻫذيﻦ الرقﻤﲔ أو ﻷحرى أيﺔ أرقﺎم ﻣﺘحﺎبﺔ وﻻ يﺸ ـ ـ ـ ــكﻚ أحﺪ‬

‫)‪ (24‬اﲜﺪ الﻌﻠوم ‪ ،‬القنوجي ‪ ،‬جـ ‪ ، 2‬ص ‪. 282‬‬


‫)‪ (25‬ﻣقﺪﻣﺔ ابﻦ ﺧﻠﺪون ‪ ،‬ص ‪. 522‬‬
‫‪29‬‬
‫ﻣنﻬﻢ ﰲ صـ ـ ـ ــﺪق ﻫذا السـ ـ ـ ـ ــر اﳋﻔي ‪ ،‬أو الﻄﺎقﺔ الﺘنﺎﻏﻤيﺔ الﱵ ﲢﺘويﻬﺎ ﻫذﻩ‬
‫اﻷرقﺎم ‪ ،‬فيﺎﻫﻞ ترى ﻣﺎﻫي اﻷرقﺎم اﳌﺘحﺎبﺔ ؟ ‪.‬‬
‫"اﻷرقـﺎم اﳌﺘحـﺎبـﺔ ﻫي كـﻞ رقﻤﲔ يكون ﳎﻤوع قواﲰﻬﻤـﺎ ﻣسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎو ً‬
‫لﻶﺧر " فــﺎلرقﻤــﺎن الﻠــذان ابﺘكرﳘــﺎ فيﺜــﺎﻏورس )‪ (284 ، 220‬ﳛﻤــﻞ كــﻞ‬
‫ﻣنﻬﻢ قواﺳﻢ اﻵﺧر ‪.‬‬
‫‪ 220‬قواﲰـ ــﻪ ﻫي ‪، 11 ، 20 ، 10 ، 5 ، 4 ، 2 ، 1 :‬‬
‫‪ 110 ، 55 ، 44 ،22‬وﳎﻤوﻋﻬﺎ يسﺎوي ‪. 284‬‬
‫وكـ ـ ــذلـ ـ ــﻚ الرقﻢ ‪ 284‬قواﲰـ ـ ــﻪ ﻫي ‪142 ،71 ،4 ،2 ،1 :‬‬
‫وﳎﻤوﻋﻬﺎ يسﺎوي ‪. 220‬‬
‫ان اﻻﻫﺘﻤﺎم بس ـ ـ ـ ـ ـ ــحر اﻷرقﺎم اﳌﺘحﺎبﺔ ﱂ يقﺘﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ﻋﻠى فيﺜﺎﻏورس‬
‫الذي أبﺘكر ﻫذيﻦ الرقﻤﲔ بﻞ ﺷ ـ ـ ــغﻞ ل ﻋﻠﻤﺎء آﺧريﻦ فﺎلﻌﺎﱂ الﻌرﰊ بﺖ‬
‫بﻦ قرﻩ اﺳﺘﻄﺎع ان يضع ﻋﺪة ﻃرائق وﻣﻌﺎدﻻت توﺿﺢ كيﻔيﺔ اﺳﺘﺨراج أرقﺎم‬
‫ﻣﺘحﺎبﺔ ‪ ،‬كﻤﺎ اﻫﺘﻢ الر ﺿـ ـ ــي الﻔرنس ـ ـ ــي بﲑ فﲑﻣﺎت ذﻩ اﻷرقﺎم واليﻪ يرجع‬
‫اكﺘﺸ ــﺎف الرقﻤﲔ ) ‪ ( 18416 ، 17296‬وكذلﻚ الﻔيﻠس ــوف الﻔرنس ــي‬
‫رينيﻪ ديكﺎرت الذي اكﺘﺸ ـ ـ ـ ــف الﻌﺪديﻦ )‪( 9437056 ، 9363584‬‬
‫وكذلﻚ الر ﺿ ـ ـ ـ ــي النﻤسـ ـ ـ ـ ــﺎوي ليو رد اويﻠر والﻌﺎﱂ اﻻﻣريكي ليو رد بوجﲔ‬
‫وﻏﲑﻫﻢ ‪ ،‬وﻣ ــﺎ ﻫ ــذا اﻻﻫﺘﻤ ــﺎم ــذﻩ اﻷرق ــﺎم ﻣﻦ كﺒ ــﺎر ﻋﻠﻤ ــﺎء الر ﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ــﺎت‬
‫والﻔﻼﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻔـﺔ إﻻ دليـﻞ ﻋﻠى ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺪق اﻵ ر الﻔيز ئيـﺔ اﳌؤﺛرة ﳍـذﻩ اﻷرقـﺎم ﰲ‬
‫اﳉذب واﶈﺒﺔ ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ .11‬استﺨﺪاﻣات اﻷرﻗام ﻋنﺪ اﳌﺴﻠﻤﲔ‬
‫وقﺪ ﺷ ــﻬﺪت اﻷرقﺎم ﻋنﺪ ﻋﻠﻤﺎء اﳌس ــﻠﻤﲔ والﻔﻼﺳ ــﻔﺔ ﴰوليﺔ اكﺜر‬
‫إذ أ ﻢ ربﻄوا اﳊروف اﻷﲜــﺪيــﺔ ــﺎ وجﻌﻠوا لكــﻞ حرف رقﻤ ـﺎً وأﻃﻠقوا ﻋﻠى‬
‫ﻫذا الﻔﻌﻞ " حسـ ــﺎب اﳉﻤﻞ " وحسـ ــﺎب اﳉﻤﻞ قﺎﻋﺪة رقﻤيﺔ تﻔيﺪ ان لكﻞ‬
‫حرف ﻣﻦ حروف اﻷﲜ ــﺪي ــﺔ رقﻤ ــﺎ ﻣﻦ ﻣﺒﺘ ــﺪأ رقﻢ ) ‪ ( 1‬ﳊرف اﻷلف إﱃ‬
‫اﻻنﺘﻬﺎء لرقﻢ ) ‪ ( 1000‬ﳊرف الغﲔ كﻤﺎ ﻣوﺿ ـ ــﺢ ﳉﺪول ﰲ الﺼ ـ ــﻔحﺔ‬
‫الﺘﺎليﺔ ‪.‬‬
‫جﺪول ﺣﺴاب اﳉﻤﻞ‬

‫ﻋﺪدﻩ‬ ‫اﳊﺮف‬ ‫ﻋﺪدﻩ‬ ‫اﳊﺮف‬ ‫ﻋﺪدﻩ‬ ‫اﳊﺮف‬ ‫ﻋﺪدﻩ‬ ‫اﳊﺮف‬


‫‪400‬‬ ‫ت‬ ‫‪60‬‬ ‫س‬ ‫‪8‬‬ ‫ح‬ ‫‪1‬‬ ‫ا‬
‫‪500‬‬ ‫ث‬ ‫‪70‬‬ ‫ع‬ ‫‪9‬‬ ‫ط‬ ‫‪2‬‬ ‫ب‬
‫‪600‬‬ ‫خ‬ ‫‪80‬‬ ‫ف‬ ‫‪10‬‬ ‫ي‬ ‫‪3‬‬ ‫ج‬
‫‪700‬‬ ‫ذ‬ ‫‪90‬‬ ‫ص‬ ‫‪20‬‬ ‫ك‬ ‫‪4‬‬ ‫د‬
‫‪800‬‬ ‫ض‬ ‫‪100‬‬ ‫ق‬ ‫‪30‬‬ ‫ل‬ ‫‪5‬‬ ‫ﻫـ‬
‫‪900‬‬ ‫ظ‬ ‫‪200‬‬ ‫ر‬ ‫‪40‬‬ ‫م‬ ‫‪6‬‬ ‫و‬
‫‪1000‬‬ ‫غ‬ ‫‪300‬‬ ‫ش‬ ‫‪50‬‬ ‫ن‬ ‫‪7‬‬ ‫ز‬

‫وتقوم الﻔكرة الﻌربيﺔ ﺳـ ـ ـ ــﺘﺨﺪام ﺧواص اﻷﻋﺪاد ﻋﻦ ﻃريق ﲢويﻞ‬


‫أي كﻼم أو اﺳــﻢ إﱃ أرقﺎم ‪ ،‬وكﺜﲑا ﻣﺎ يؤﺧذ اﺳــﻢ ﻣﻦ أﲰﺎء ﷲ تﻌﺎﱃ أو آيﺔ‬
‫‪31‬‬
‫قرآنيـﺔ كرﳝـﺔ تكون ﻣوافقـﺔ ﰲ ﻣضـ ـ ـ ـ ـ ــﻤو ـﺎ لـذات الﻌﻤـﻞ أو اﳊـﺎجـﺔ ‪ ،‬ويؤكـﺪ‬
‫الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﳌس ــﻠﻤﲔ كﺎﻹﻣﺎم الﺒوﱐ وابﻦ ﻋرﰊ وابﻦ اﳊﺎج الﺘﻠﻤس ــﺎﱐ‬
‫وﻏﲑﻫﻢ ﻋﻠى وجود ﻋﻼقـﺔ بﲔ اﻷرقـﺎم واﳊروف واﻷﻋـﺪاد ﻣﻦ جﻬـﺔ والﻄﺒيﻌـﺔ‬
‫وﻣﺎد ﺎ ﻣﻦ جﻬﺔ أﺧرى فﺎذا ﲤكﻦ اﻹنسﺎن ﻣﻦ ﻣﻌرفﺔ القواﻋﺪ ـ ـ ـ ـ أو النسب‬
‫كﻤﺎ يﻄﻠقون ﻋﻠيﻬﺎ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ بﲔ اﻷﻋﺪاد واﳊروف وبﲔ ﻣﺎدة الﻄﺒيﻌﺔ ﲤكﻦ ﻣﻦ‬
‫الﺘﺼــرف ﰲ الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ اﻷﻣور ‪ ،‬وقﺪ تكون ﻫذﻩ الﻔكرة ﺳــﺎذجﺔ إﻻ اننﺎ إذا‬
‫اﺧذ بنﻈر اﻻﻋﺘﺒﺎر الﻔرﺿـ ـ ــيﺎت الرقﻤيﺔ ﰲ ﻋﻠﻢ الر ﺿـ ـ ــيﺎت وﻣﺎ انﺘجﺘﻪ ﻣﻦ‬
‫حقﺎئق فﺎن نﻈرتنﺎ ﻫذﻩ ﻻبﺪ ان ﺧذ ﻣسﺎرا آﺧر وﻫذا ﻣﺎ اﺛﺒﺘوﻩ ﰲ كﺘﺒﻬﻢ‪.‬‬

‫‪ .12‬استﺨﺪاﻣات اﻷرﻗام ﻋنﺪ اﳌتﺼوﻓة‬


‫ولﻠﻤﺘﺼوفﺔ ﻣﻦ اﳌسﻠﻤﲔ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت كﺜﲑة لسر اﻷرقﺎم فﻬﻢ يرون‬
‫ان تﻼوة اﻻﺳ ـ ـ ــﻢ أو اﻵيﺔ أو الورد ﳌﻌﲎ الﺪقيق بﻌﺪد ﻣﻌﲔ لﻪ دور كﺒﲑ ﰲ‬
‫اﻻرتقﺎء الروحي لﻺنســﺎن فكﻤﺎ ان نســب الﺪواء واﺳــﺘﺨﺪاﻣﺎتﻪ تكون وزان‬
‫وأﻋﺪاد ﺧﺎصــﺔ ودقيقﺔ ﲝيﺚ ان ز د ﺎ أو نقﺼــﺎ ﺎ قﺪ تضــر اكﺜر ﻣﻦ النﻔع‬
‫فكذلﻚ نسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب اﻷرقﺎم ﰲ اﻷذكﺎر واﻷوراد ‪ ،‬ويؤكﺪ الﻌﺪيﺪ ﻣنﻬﻢ ان الرقﻢ‬
‫اﳌﺸـﱰك أو اﳌوافق ﰲ قيﻤﺘﻪ بﲔ اﺳـﻢ ﷲ واﺳـﻢ اﻹنسـﺎن يكون لﻪ ﺛﲑ فوري‬
‫ﰲ اكﺘسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎب الﻄـ ــﺎقـ ــﺔ اﻹﳍيـ ــﺔ ﳍـ ــذا اﻻﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻢ ‪ ،‬وﻣﻦ بﲔ الﻄرق الكﺜﲑة‬
‫ﻻﺳـ ـ ــﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻷرقﺎم ﰲ اﻷوراد ﻣﺎذكرﻩ اﻹﻣﺎم الﺒوﱐ حينﻤﺎ قﺎل " اﻋﻠﻢ ان‬
‫الس ـ ـ ـ ـ ـ ــر اﳉﺎﻣع والس ـ ـ ـ ـ ـ ــيف القﺎﻃع ان ﺧذ ﻋﺪد حروف اﻷﲰﺎء بﺪون أداة‬

‫‪32‬‬
‫الﺘﻌريف ‪ ،‬وتنﻈر كﻢ ﳍﺎ ﻣﻦ اﻷﻋﺪاد ـ ـ ـ ـ ﲝسﺎب اﳉﻤﻞ ـ ـ ـ ـ وتضر ﺎ ﰲ ﻋﺪد‬
‫أ م اﻷﺳـ ـ ـ ـ ــﺒوع وتذكرﻫﺎ ﻋﻠى ﻃﻬﺎرة وصـ ـ ـ ـ ــﻼة وﲨع ﳘﺔ وص ـ ـ ـ ــﻔﺎء ﻃﻦ ﰲ‬
‫ﻣوﺿـ ـ ــع ﺧﺎل ﻣﻦ اﻷصـ ـ ـوات فﺘجﺪ ﺳـ ـ ــرﻋﺔ اﻹجﺎبﺔ ")‪ (26‬وﰲ ﻣوﺿـ ـ ــع آﺧر‬
‫يقول " ﺧذ ﻋﺪد حروف اﻷﲰﺎء وﻋﺪدﻫﺎ وﻋﺪد صورﻫﺎ الرقﻤيﺔ ـ أي ﻋﺪد‬
‫)‪(27‬‬
‫اﳊروف اﳌكون ﻣنﻬﺎ اﻻﺳ ــﻢ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ وتذكر بذلﻚ القﺪر ﳛﺼ ــﻞ اﳌﻄﻠوب "‬
‫فﺎﻹﻣﺎم الﺒوﱐ يﺸﲑ إﱃ بﻌض الﺸروط ﰲ اكﺘسﺎب الﻄﺎقﺔ الروحيﺔ اﻹﳍيﺔ أو‬
‫اﳌﺪد والﻌون اﻹﳍي ﰲ تيس ـ ـ ـ ــﲑ اﳌﻄﺎلب ﻋﻦ ﻃريق اﺳ ـ ـ ـ ــﺘﺨﺪام ﺳ ـ ـ ـ ــر الرقﻢ ﰲ‬
‫الﺘﻼوة والﱵ ترتﺒط بﺒﻌض الﺸروط اﻷﺧرى ) الﻄﻬﺎرة ‪ ،‬الﺼﻼة ‪ ،‬ﲨع اﳍﻤﺔ‬
‫‪،‬اﳌكـﺎن اﳋـﺎﱄ ( وكـﻞ ﻫـذﻩ الﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروط تنﻄﺒق ﰲ الﻌـﺪيـﺪ ﻣﻦ اﳌﻤـﺎرﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎت‬
‫الﺒﺎراﺳ ـ ـ ـ ــﺎيكولوجيﺔ بﻞ تؤكﺪ الﱰابط بينﻬﻤﺎ إﻻ ان الﻔكرة اﻷوﱃ تكون ذات‬
‫ﲡﻠيﺎت إﳍيﺔ ‪ ،‬والﺜﺎنيﺔ اﺳﺘجﺎ ت و ﺛﲑات نﻔسيﺔ ‪.‬‬
‫ان فكرة اﺳ ـ ـ ـ ــﺘﺨﺪام ﺧواص اﻷﲰﺎء واﻷرقﺎم ﻋنﺪ اﳌﺘﺼ ـ ـ ـ ـ ــوفﺔ تقوم‬
‫ﻋﻠى أﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺎس ﻣزج روحﺎنيﺔ اﻹنس ـ ـ ـ ـ ــﺎن ﻣع روحﺎنيﺔ اﻻﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻢ بوﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻃﺔ الرقﻢ‬
‫واﳌقﺼـود لروحﺎنيﺔ الﻄﺎقﺔ اﻹﳍيﺔ الﱵ ﳝنحﻬﺎ ﷲ ﻋز وجﻞ لﻺنسـﺎن فيحقق‬
‫ﺎ الﻌجﺎئب أو اﻷﻣر اﳌراد ‪ ،‬فﺎلرقﻢ ﻋنﺪﻫﻢ ﻫو الوﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻃﺔ بﲔ ﺳ ـ ـ ـ ـ ــر الروح‬
‫وﺳ ـ ـ ـ ـ ــر اﳉس ـ ـ ـ ـ ــﺪ الذي يولﺪ لنﺘيجﺔ الرقي الروحي لﻠﻤريﺪ أو لﻺنس ـ ـ ـ ـ ــﺎن ﰲ‬
‫ﻋﺒﺎدتﻪ‪.‬‬

‫)‪ (26‬ﴰس اﳌﻌﺎرف الكﱪى ‪ ،‬اﻹﻣﺎم الﺒوﱐ ‪ ،‬ص ‪. 154‬‬


‫)‪ (27‬اﳌﺼﺪر السﺎبق ‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫‪ .13‬استﺨﺪاﻣات اﻷرﻗام ﰲ اﻻوﻓاق‬
‫و ﻻتقﺘﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر اﻷرقــﺎم ﻋن ــﺪ اﳌسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻠﻤﲔ إﱃ ﻫــذا اﳊــﺪ بــﻞ ﻫن ــﺎك‬
‫اﺳ ـ ــﺘﺨﺪاﻣﺎت أﺧرى يﻄﻠق ﻋﻠيﻬﺎ اﻻﺳ ـ ــﺘﺨﺪاﻣﺎت الوفقيﺔ لﻸرقﺎم وﻫذا الﻌﻠﻢ‬
‫ﺧﺎص بﻌﻠﻢ اﻻوفﺎق أو اﳌربﻌﺎت الس ـ ـ ــحريﺔ الﱵ أﺷ ـ ـ ــر إليﻬﺎ ﺳ ـ ـ ــﺎبقﺎ وﲟﺎ ان‬
‫اﳊﺪيﺚ حول ﻫذا اﳌوﺿوع ﻃويﻞ فﺈننﺎ ﺳنحﺎول ان نسﻠط الضوء ﻋﻠى أﻫﻢ‬
‫اﶈﺎور الﱵ يﺘنﺎوﳍﺎ ﻫذا الﻌﻠﻢ ‪ ،‬فﺎﻻوفﺎق ﻣﺸ ـ ــﺘقﺔ ﻣﻦ الوفق والﺘوفيق واﳌوافقﺔ‬
‫بﲔ اﻷرقﺎم ﰲ أﺷـ ـ ــكﺎل ﻫنﺪﺳـ ـ ــيﺔ تكون ﻣﺘسـ ـ ــﺎويﺔ ﰲ ﻋﺪدﻫﺎ وﻻ يﺘكرر أي‬
‫رقﻤــﺎن فيﻬــﺎ ‪ ،‬يقول الﻌﻼﻣــﺔ ﻃــﺎش كﱪي زادﻩ " الوفق ‪ :‬جــﺪاول ﻣربﻌــﺔ ﳍــﺎ‬
‫بيوت ﻣربﻌﺔ يوﺿـ ـ ـ ـ ـ ــع ﰲ تﻠﻚ الﺒيوت أرقﺎم ﻋﺪديﺔ ‪ ،‬أو حروف بﺪل اﻷرقﺎم‬
‫بﺸـرط ان يكون أﺿـﻼع تﻠﻚ اﳉﺪاول وأقﻄﺎرﻫﺎ ﻣﺘسـﺎويﺔ ﰲ الﻌﺪد ‪ ،‬وان ﻻ‬
‫يوجــﺪ ﻋــﺪد ﻣكرر ﰲ تﻠــﻚ اﻷﻋــﺪاد واﳊروف ‪ ،‬وترتــب ﻋﻠيﻬــﺎ آ ر ﻋجيﺒــﺔ‬
‫وتﺼـرفﺎت ﻏريﺒﺔ بﺸـرط اﺧﺘيﺎر أوقﺎت ﻣنﺎﺳـﺒﺔ وﺳـﺎﻋﺎت ﺷـريﻔﺔ …‪ ..‬وﻫذا‬
‫الﻌﻠﻢ ﻣﻦ فروع ﻋﻠﻢ الﻌــﺪد ﻋﺘﺒــﺎر توقﻔــﻪ ﻋﻦ اﳊس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎب ‪ ،‬وﻣﻦ فروع ﻋﻠﻢ‬
‫اﳋواص ﻋﺘﺒﺎر آ رﻩ ")‪. (28‬‬
‫أﻣ ــﺎ ال ــﺪكﺘور ﻋﻠي ال ــﺪف ــﺎع فيقول " إذا ﲨﻌ ــﺖ اﻷرق ــﺎم ﰲ اﳌربع‬
‫السحري ﻋﻤود أو أفقيﺎ ‪ ،‬أو قﻄر يكون ﳎﻤوﻋﻬﺎ ﻣﺘسﺎو ‪ ،‬واﺷﻬر ﻫذﻩ‬
‫)‪(29‬‬
‫اﳌربﻌﺎت الﺜﻼﺛي اﳌﺒﲔ "‬

‫)‪ (28‬ﻣﻔﺘﺎح السﻌﺎدة وﻣﺼﺒﺎح السيﺎدة ‪ ،‬الﻌﻼﻣﺔ ﻃﺎش كﱪي زادﻩ ‪.‬‬
‫)‪ (29‬الﻌﻠوم الﺒحﺘﺔ ‪ ،‬ﻋﻠي الﺪفﺎع ‪ ،‬ص ‪191‬‬
‫‪34‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪6‬‬

‫وتﺸـ ــﲑ بﻌض اﳌراجع الﺘﺎرﳜيﺔ ان فيﺜﺎﻏورس وﻣﺪرﺳـ ــﺘﻪ ﻫﻢ أول ﻣﻦ‬
‫اﻫﺘﻢ ــذا الﻌﻠﻢ ‪ ،‬وقــﺪ اﻫﺘﻤوا لوفق اﳌﺜﻠــﺚ الﻌــﺪدي واﻋﺘقــﺪوا انــﻪ ﳛﺘوي‬
‫ﻋﻠى ﺧواص واﺳـرار ﻋجيﺒﺔ ‪ ،‬ويﺸـﲑ بﻌض الﺪارﺳـﲔ إﱃ انﻪ فﻦ صـيﲏ ‪ ،‬إﻻ‬
‫أﱐ أرجﺢ أن واﺿـﻌي أﺳـس ﻫذا الﻌﻠﻢ وقواﻋﺪﻩ بﺼـورة ﴰوليﺔ اﳌسـﻠﻤون وان‬
‫كﺎن الوفق اﳌﺜﻠﺚ ﰲ اصـ ـ ــﻠﻪ يو نيﺎً ‪ ،‬فﺎلﻌﺎﱂ الﻌرﰊ بﺖ بﻦ قرﻩ وﺿـ ـ ــع أول‬
‫ﻣﻌﺎدلﺔ ر ﺿـ ـ ـ ــيﺔ توﺿ ـ ـ ــﺢ ﻃريقﺔ وﺿ ـ ـ ــع وتركيب ﻫذا الوفق ‪ ،‬كﻤﺎ ان اﺧوان‬
‫الﺼ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻔﺎ اﻫﺘﻤوا ﻻوفﺎق وأﺷ ـ ـ ـ ـ ــﺎروا إﱃ احﺘوائﻬﺎ ﻋﻠى ﺧواص ﺛﲑيﺔ ‪ ،‬واﱃ‬
‫اﻹﻣﺎم الغزاﱄ يرجع الﻔض ــﻞ ﰲ ﲢويﻞ أرقﺎم الوفق اﳌﺜﻠﺚ إﱃ حروف بﻌﺪ ان‬
‫وجــﺪ ترابط واﺷ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﱰاك بينﻬﻤــﺎ وبﲔ آيﺘﲔ ﻣﻦ القران الكرﱘ ﳘــﺎ قولــﻪ تﻌــﺎﱃ‬
‫)كﻬيﻌص( و) حﻢ ﻋس ـ ـ ــق ( واﺳ ـ ـ ــﺘﻄﺎع ان يﺜﺒﺖ الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ ﺧواص ـ ـ ــﻪ حﱴ‬
‫ﲰي ﲰﻪ ) وفق الغزاﱄ ( أي الوفق اﳌﺜﻠﺚ ‪ ،‬وقﺪ اﻫﺘﻢ اﳌسﻠﻤون ذا الﻌﻠﻢ‬
‫وكﺘﺒوا فيﻪ ﻋﺸ ـ ـ ـرات الكﺘب وأﺿـ ـ ــﺎفوا وابﺘكروا وص ـ ـ ــﻤﻤوا الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ قواﻋﺪﻩ‬
‫وأصـ ـ ـ ـ ـولﻪ واﺳـ ـ ـ ـ ــﺘﺨﺪﻣوا اﻵ ت القرآنيﺔ وأﲰﺎء ﷲ ﰲ قواﻋﺪﻩ وصـ ـ ـ ـ ــحﺖ ﳍﻢ‬
‫نﺘﺎئجﻬﺎ ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ .14‬استﺨﺪام اﻻوﻓاق ﰲ الﻐﺮب‬
‫وﻋﻦ ﻃريق اﳌسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻠﻤﲔ انﺘقــﻞ ﻫـذا الﻌﻠﻢ والﻔﻦ إﱃ الغرب حيــﺚ‬
‫ﺛر بﻌض ﻋﻠﻤـﺎء الر ﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـﺎت بـﻪ كـﺎلﻌـﺎﱂ اليـﺎ ﱐ ﻣورا ﻣـﺎتوكود يوﻣوﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬
‫والر ﺿ ــي آوﺛر كيﻠي )‪ 1895 -1821‬م ( والﻔيز ئي اﻻﻣريكي بنجﺎﻣﲔ‬
‫فرانكﻠﲔ ) ‪1790 – 1709‬م( والر ﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي النﻤس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎوي ليو رد اويﻠر‬
‫) ‪ 1783 – 1707‬م ( وﻏﲑﻫﻢ وأكـ ــﺪوا ﻫؤﻻء ﻋﻠى وجود ترابط قوي‬
‫بﲔ اﻷرقﺎم وﻫذﻩ اﻷﺷ ـ ـ ــكﺎل اﳍنﺪﺳ ـ ـ ــيﺔ ‪ ،‬اﻷﻣر الذي جﻌﻠﻬﻢ يﻄﻠقون ﻋﻠيﻬﺎ‬
‫اﺳــﻢ " اﳌربﻌﺎت الســحريﺔ " ﳌﺎ فيﻬﺎ ﻣﻦ قوة ﺳــحريﺔ ﻣؤﺛرة ﻋجيﺒﺔ ‪ ،‬وﻣﺎ ﻫذا‬
‫اﻻﻫﺘﻤـﺎم قـﺪﳝـﺎ وحـﺪيﺜـﺎ إﻻ دليـﻞ ﻋﻠى ص ـ ـ ـ ـ ـ ــﺪق الﺘـﺄﺛﲑ الﻔيز ئي ﳍـذا الﻌﻠﻢ ‪،‬‬
‫وﻣﻦ اﳉﺪير لذكر ان لﻼوفﺎق أﺷ ـ ــكﺎﻻ ﻋﺪيﺪة وﻃرائق كﺜﲑة فﻬي تﺘنوع ﰲ‬
‫أﺷـ ـ ـ ـ ــكﺎﳍﺎ بﲔ الوفق اﳌﺜﻠﺚ وحﱴ اﳌﺘس ـ ـ ـ ــع الذيﻦ يﻌﺪون اﻷصـ ـ ـ ـ ــﻞ ﰒ إﱃ ﻣﺎ‬
‫ﻻ ﺎيﺔ لﻪ ﻣﻦ اﻻوفﺎق ‪.‬‬

‫‪ .15‬أﻧواع اﻷوﻓاق وأﺻوﳍا‬


‫وإذا ﻣـﺎ أرد ان ﳒﻤـﻞ تقس ـ ـ ـ ـ ـ ــيﻤﻬـﺎ وانواﻋﻬـﺎ نقول ا ـﺎ ﲢﺘوي ﻋﻠى‬
‫ﺛﻼث أقسﺎم رئيسيﺔ ﻫي ‪:‬‬
‫‪ . 1‬اﻻوفﺎق الﻔرديﺔ ‪ ،‬وفرد الﻔرد ‪ ،‬وفرد فرد الﻔرد كﺎلوفق اﳌﺨﻤس واﳌسـ ــﺒع‬
‫واﳌﺘسع … (‬

‫‪36‬‬
‫‪ . 2‬اﻻوفـﺎق الزوجيـﺔ ‪ ،‬وزوج الزوج ‪ ،‬وزوج زوج الزوج كـﺎلوفق اﳌربع واﳌﺜﻤﻦ‬
‫واﻻﺛﲏ ﻋﺸر … اﱁ ‪.‬‬
‫‪ . 3‬اﻻوفﺎق زوج الﻔرد ‪ ،‬وزوج فرد الﻔرد وﻣﺎ يﻠيﻬﺎ كﺎلوفق اﳌسـﺪس واﳌﻌﺸـر‬
‫وﻏﲑﻫﺎ ‪.‬‬
‫وﳑﺎ ﳚﺪر اﻹﺷـ ـ ـ ـ ـ ــﺎرة إليﻪ أن ﻷي وفق أربﻌﺔ ﻣسـ ـ ـ ـ ـ ــﺎئﻞ ﻣﻬﻤﺔ ﳚب‬
‫ﻣراﻋﺎ ﺎ أﺛنﺎء إﻋﺪاد اﻷوفﺎق الرقﻤيﺔ وتركيﺒﻬﺎ وﻫي ‪:‬‬
‫آ‪.‬أس الوفق ‪ :‬وﻫو الرقﻢ ال ــذي يﻄرح ﻣﻦ الرقﻢ الكﻠي ﻷي ح ــﺎج ــﺔ أو آي ــﺔ‬
‫قرآني ــﺔ أو رقﻢ آﺧر ‪ ،‬إذ لك ــﻞ وفق أس ﺧ ــﺎص ب ــﻪ فﻠﻠوفق اﳌﺜﻠ ــﺚ الرقﻢ‬
‫)‪ (12‬ولﻠﻤربع )‪ (30‬وﻫكذا ‪.‬‬
‫ب‪ .‬ﳎﻤوع أي رقﻢ تريﺪ أن تض ـ ـ ــﻌﻪ ﰲ أي وفق يُق ّس ـ ـ ـﻢ ﻋﻠى ﻋﺪد أﺿ ـ ـ ــﻼع‬
‫الوفق بﻌﺪ ﻃرح أﺳﻪ ﻣنﻪ ‪.‬‬
‫ج‪ .‬لكــﻞ وفق بيــﺖ جﱪ أو ﺧــﺎنــﺔ ز دة وﻫي اﳌربع الــذي يضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎف إليــﻪ‬
‫الﻔﺎﺿـﻞ اﳊﺎصـﻞ ﻣﻦ الﺘقسـيﻢ إن كﺎن ﻫنﺎك ٍق ‪ ،‬وﻫي ﰲ الوفق اﳌﺜﻠﺚ‬
‫اﳋﺎنﺔ السﺎبﻌﺔ وﰲ اﳌربع اﳋﺎنﺔ الﺜﺎلﺜﺔ ﻋﺸر وﻫكذا ‪.‬‬
‫د‪ .‬تزيﺪ رقﻢ واحﺪ ﻋنﺪ كﻞ انﺘقﺎلﺔ ﻣﻦ ﺧﺎنﺔ إﱃ أﺧرى وﲝس ـ ــب تس ـ ــﻠس ـ ــﻠﻬﺎ‬
‫تﺼ ـ ــﺎﻋﺪ ﻣﻦ أص ـ ـغر ﻋﺪد ﰲ الوفق وحﱴ أكﱪ ﻋﺪد فيﻪ وﻫو اﳌغﻼق ‪،‬‬
‫ﻣع ﻣراﻋﺎة الز دة الﱵ تكون ﰲ بيﺖ اﳉﱪ‪.‬‬
‫وإذا أرد ان نوﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺢ ﻃريقــﺔ تنزيــﻞ اﻷرقــﺎم ﰲ كــﻞ وفق ﻣﻦ ﻫــذﻩ‬
‫اﻻوفﺎق لزﻣنﺎ كﺘﺎب كﺎﻣﻞ ‪ ،‬لذلﻚ ﺳ ـ ـ ــﺄحﺎول ان أﺳـ ـ ـ ــﻠط الضـ ـ ـ ــوء بﺸ ـ ـ ــكﻞ‬

‫‪37‬‬
‫ﳐﺘﺼـ ـ ـ ــر وبسـ ـ ـ ــيط ﻋﻠى كيﻔيﺔ أﻋﺪاد الوفق اﳌﺜﻠﺚ واﳌربع ﻷ ﻤﺎ يﻌﺪان بنﻈر‬
‫الﺪارﺳﲔ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻻوفﺎق وفيﻤﺎ ﰐ توﺿيﺢ لذلﻚ ‪:‬‬

‫‪ .16‬ﻃﺮيﻘة إﻋﺪاد الوﻓﻖ اﳌﺜﻠﺚ‬


‫ﳝكﻦ تﻠﺨيص ﻃريقﺔ إﻋﺪاد ﻫذا الوفق لنقﺎط الﺘﺎليﺔ ‪:‬‬
‫‪ .1‬إن أس الوفق اﳌﺜﻠﺚ ﻫو الرقﻢ ) ‪. ( 12‬‬
‫‪ .2‬إن بيﺖ اﳉﱪ ) الز دة ( ﻫو اﳋﺎنﺔ السﺎبﻌﺔ ﰲ الوفق ‪.‬‬
‫‪ .3‬يقسﻢ ﳎﻤوع الرقﻢ الكﻠي ﻋﻠى الﻌﺪد ) ‪ ( 3‬بﻌﺪ ﻃرح اﻷس ﻣنﻪ ‪.‬‬
‫‪ .4‬قي القسﻤﺔ ﻣﻦ الرقﻢ ) ‪ ( 3‬يوﺿع ﰲ اﳋﺎنﺔ رقﻢ ) ‪ ( 1‬ﻣﻦ الوفق‬
‫الﻄﺒيﻌي اﳌسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻤﺎة ﳌﻔﺘﺎح ﰒ تزيﺪ رقﻤﺎ واحﺪا ﰲ اﳋﺎنﺔ الﺜﺎنيﺔ وﻫكذا‬
‫حﱴ اﳋﺎنﺔ الﺘﺎﺳﻌﺔ واﻷﺧﲑة اﳌسﻤﺎة ﳌغﻼق ﻣع ﻣراﻋﺎة ﺧﺎنﺔ الز دة ‪،‬‬
‫إن كﺎن ﻫنﺎك فﺎﺿﻞ ﻣﻦ القسﻤﺔ ‪.‬‬
‫‪ .5‬لﻠﺘﺄكﺪ ﻣﻦ صحﺔ الوفق ﳚﻤع أﻋﺪاد كﻞ ﺿﻠع ﻣﻦ أﺿﻼﻋﻪ ﻋﻤود‬
‫وأفقيـﺎ فـﺈذا كـﺎن النـﺎتﺞ ﻣوافقـﺎ لﻠرقﻢ الكﻠي فـﺎلوفق صـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحيﺢ وإﻻ فﻼ ‪،‬‬
‫وفيﻤﺎ ﰐ صـ ـ ـ ـ ــورة الوفق اﳌﺜﻠﺚ الﻄﺒيﻌي الذي تسـ ـ ـ ـ ــﲑ ﲟوجﺒﻪ ﰲ ﻋﻤﻞ‬
‫اﻷوفﺎق اﳌﺜﻠﺜﺔ كﻤﺎ ﻣوﺿﺢ أد ﻩ ‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪38‬‬
‫ﻣﺜال ذلﻚ ‪:‬‬
‫أﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻢ ﷲ ) حﻔيظ ( ﻋﺪدﻩ ) ‪ ( 998‬أرد تنزيﻠﻪ ﰲ وفق ﻣﺜﻠﺚ‬
‫نﺘﺒع ﻣﺎ ﰐ ‪:‬‬
‫‪986 = 12 – 998‬‬
‫‪ 328 = 3 ÷ 986‬والﻔﺎﺿﻞ ) ‪( 2‬‬
‫‪ 987‬نضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع الرقﻢ ) ‪ ( 328‬ﰲ ﻣﻔﺘــﺎح الوفق ونزيــﺪ ﻋﻠيــﻪ رقﻤــﺎ‬
‫واح ــﺪا ﰲ الﺒي ــﺖ الﺜ ــﺎﱐ وﻫك ــذا حﱴ بي ــﺖ اﳉﱪ ) اﳋ ــﺎن ــﺔ‬
‫السـ ــﺎبﻌﺔ ( فنزيﺪ ﻋﻠيﻪ رقﻤﺎ واحﺪا ﻣع فﺎﺿـ ــﻞ القسـ ــﻤﺔ وﻫو‬
‫الرقﻢ ) ‪ ، ( 2‬ﰒ نكﻤﻞ الز دة حﱴ نﺼﻞ إﱃ ﻣغﻼق الوفق‬
‫وﻫو اﳋـﺎنـﺔ الﺘـﺎﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻌـﺔ واﻷﺧﲑة ‪ ،‬ليكﺘﻤـﻞ وفق اﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻢ ﷲ‬
‫اﳊﻔيظ كﻤﺎ ﻣوﺿﺢ لﺸكﻞ اﻵﰐ ‪:‬‬

‫‪998‬‬ ‫‪331‬‬ ‫‪338‬‬ ‫‪329‬‬


‫‪998‬‬ ‫‪330‬‬ ‫‪332‬‬ ‫‪336‬‬
‫‪998‬‬ ‫‪337‬‬ ‫‪328‬‬ ‫‪333‬‬
‫‪333‬‬ ‫‪998‬‬ ‫‪998‬‬ ‫‪998‬‬

‫وﻋنﺪ ﲨﻌنﺎ ﻷي ﺿــﻠع ﻣﻦ أﺿــﻼع ﻫذا الوفق ﳒﺪ ان ﳎﻤوﻋﻪ ﻫو‬


‫الرقﻢ )‪ (998‬وﻫو الﻌﺪد اﻹﲨﺎﱄ ﻻﲰﻪ تﻌﺎﱃ )حﻔيظ( وﻫكذا ﳝكننﺎ وﺿع‬
‫أي رقﻢ ﻣﻬﻤﺎ كﺎن ﰲ ﻫذا الوفق حسب الﻄريقﺔ واﳌﺜﺎل اﳌذكور ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ .17‬ﻃﺮيﻘة إﻋﺪاد الوﻓﻖ اﳌﺮﺑﻊ‬
‫إن لﻠوفق اﳌربع ﻃرائق كﺜﲑة إﻻ ان اﺷﻬرﻫﺎ الﻄريقﺔ اﳌسﻤﺎة ) ازلﻦ(‬
‫اﳌوﺿحﺔ ﰲ ﻫذا الوفق الﻄﺒيﻌي الذي تﻌﺪ القﺎﻋﺪة ﰲ ﺳﲑ اﻷرقﺎم ‪.‬‬

‫‪8‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪13‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪12‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪15‬‬

‫وفيﻤﺎ ﰐ أﻫﻢ اﻷﺳس لﻄريقﺔ تركيب أي رقﻢ ﰲ الوفق اﳌربع‬


‫‪ .1‬أس الوفق اﳌربع الرقﻢ ) ‪. ( 30‬‬
‫‪ .2‬يقسﻢ الرقﻢ الكﻠي ﻋﻠى الﻌﺪد ) ‪ ( 4‬قﺒﻞ تنزيﻠﻪ ﰲ الوفق اﳌربع ‪.‬‬
‫‪ .3‬بيﺖ اﳉﱪ أو الز دة ﻫو اﳋﺎنﺔ الﺜﺎلﺜﺔ ﻋﺸر ‪.‬‬
‫‪ .4‬يوﺿـ ـ ـ ـ ــع الرقﻢ اﳋﺎرج بﻌﺪ القسـ ـ ـ ـ ــﻤﺔ ﰲ ﻣﻔﺘﺎح الوفق الﻄﺒيﻌي اﳌذكور ﰲ‬
‫أﻋﻼﻩ وﻫكذا نزيﺪ رقﻤﺎ واحﺪا حﱴ ﻣغﻼقﻪ ﻣع ﻣراﻋﺎة ان الﻔﺎﺿ ـ ــﻞ ﻣﻦ‬
‫القسﻤﺔ يوﺿع ﰲ ﺧﺎنﺔ اﳉﱪ‪.‬‬
‫‪ .5‬لﻠﺘﺄكﺪ ﻣﻦ صـحﺔ الوفق ﳚﻤع أﺿـﻼﻋﻪ كﻞ ﻋﻠى حﺪى فﺈذا ﺧرج الرقﻢ‬
‫ﻣوافق لﻠرقﻢ الكﻠي فﺎلوفق صحيﺢ وإﻻ فﻼ ‪.‬‬

‫ﻣﺜـﺎل ذلﻚ ‪ :‬لﻔظ اﳉﻼلﺔ ﷲ ﻋﺪدﻩ ) ‪ ( 66‬أرد وﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻌـﻪ ﰲ وفق ﻣربع ‪،‬‬
‫نﺘﺒع ﻣﺎ ﰐ ‪:‬‬

‫‪40‬‬
‫‪36 = 30 – 66‬‬
‫‪9 = 4 ÷ 36‬‬
‫نضع الرقﻢ ‪ 9‬ﰲ ﻣﻔﺘﺎح الوفق وبز دة ﻋﺪد واحﺪ حﱴ ﻣغﻼقﻪ ﻋنﺪ‬
‫اﳋﺎنﺔ السﺎدﺳﺔ كﻤﺎ ﻣوﺿﺢ أد ﻩ ‪.‬‬

‫‪66‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪9‬‬


‫‪66‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪20‬‬
‫‪66‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪14‬‬
‫‪66‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪66‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪66‬‬


‫وﻣﻦ ﺧﻼل ﲨﻌن ــﺎ ﻷرق ــﺎم أي ﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻠع نرى ان ﻋ ــﺪدﻩ يوافق لﻔظ‬
‫اﳉﻼلﺔ ) ﷲ ( ﳑﺎ يﺪل ﻋﻠى ان ﻣﺜﺎلنﺎ صحيﺢ ‪.‬‬
‫ان ﻫﺎتﲔ الﻄريقﺘﲔ ﳘﺎ إحﺪى ﻋﺸرات القواﻋﺪ ﰲ تركيب اﻻوفﺎق‬
‫وﳓﻦ حﺎولنﺎ تﺒسـ ـ ـ ـ ــيط ﻫﺎتﲔ القﺎﻋﺪتﲔ توﺿ ـ ـ ـ ـ ــيحﺎ لﻠقﺎرئ ليس إﻻ ‪ ،‬حﱴ‬
‫يﻌﻠﻢ كيف كﺎن ﻋﻠﻤﺎؤ الﻌرب اﳌس ـ ـ ـ ــﻠﻤون يس ـ ـ ـ ــﺘﺨﺪﻣون ﺧواص اﻷﲰﺎء أو‬
‫اﻵ ت ﰲ ﻫذﻩ اﻷﺷـ ــكﺎل اﳍنﺪﺳـ ــيﺔ ليكﺘسـ ــﺒوا ﺳـ ــر الﺘﺼـ ــرف ﲟﺎ ﲢﺘوي ﻣﻦ‬
‫ﺧواص ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ .18‬سﺤﺮ اﻷوﻓاق الﺮﻗﻤية‬
‫ان ﻋﻠﻤـﺎء اﳊروف واﻷرقـﺎم يﻌﺘقـﺪون ان لكـﻞ ﺷـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيء ﰲ الﻄﺒيﻌـﺔ‬
‫ﺧﺎص ـ ــيﺔ وﺳ ـ ــر ‪ ،‬وﻣﻦ بينﻬﺎ ﻣﻔردات الكﻼم وﻫﻢ يرون انﻪ إذا أﺧذت أرقﺎم‬
‫ﲨﻠﺔ ﻣﻌينﺔ أو أرقﺎم ﻋﺒﺎرة ﺧﺎص ـ ـ ــﺔ أو آيﺔ قرآنيﺔ كرﳝﺔ ووﺿ ـ ـ ـ ــﻌﺖ حﺪ ﻫذﻩ‬
‫اﻻوفﺎق فﺎن ﺧﺎصيﺔ ﻫذﻩ اﳉﻤﻠﺔ الكﻼﻣيﺔ أو اﻵيﺔ القرآنيﺔ تﺘحول ﻣﻦ ﺷيء‬
‫ﻣﻌنوي إﱃ ﺷـ ـ ـ ــيء ﻣﺎدي ‪ ،‬أو ﲟﻌﲎ آﺧر تﺘحقق النﺘيجﺔ اﳌﺒﺘغﺎة ﻣﻦ الكﻼم‬
‫اﳌركب ‪ ،‬فﺒﺘنﺎﺳــق اﻷرقﺎم ﰲ ﻫذﻩ اﻷﺷــكﺎل اﳍنﺪﺳــيﺔ تكﻤﻦ ﺧﺎصــيﺔ الكون‬
‫أو اﳌﺎدة الﺘﺄﺛﲑيﺔ ﰲ اﻷﺷيﺎء ‪.‬‬
‫كﻤـﺎ يرى ﻋﻠﻤـﺎء اﻻوفـﺎق ان وﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع اﻷرقـﺎم ﰲ ﻫـذﻩ اﻷﺷ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـكـﺎل‬
‫اﳍنﺪﺳ ـ ـ ـ ــيﺔ ﻻ يكﻔي ﳊﺼـ ـ ـ ـ ــول الﺘﺄﺛﲑ اﳌﺒﺘغى بﻞ ﳛﺘﺎج ﰲ ﳊﻈﺔ الكﺘﺎبﺔ إﱃ‬
‫رص ـ ـ ـ ــﺪ أوقﺎت فﻠكيﺔ ﻣنﺎﺳ ـ ـ ـ ــﺒﺔ وذلﻚ لﻼﻋﺘقﺎد الس ـ ـ ـ ــﺎئﺪ ان ﻫنﺎك توافق بﲔ‬
‫اﳊﺪث واﻹﺷ ـ ــﻌﺎﻋﺎت الﱵ تﺼ ـ ــﺪرﻫﺎ الكواكب فﻬﻢ يﺼ ـ ــرحون ن كﺘﺎبﺔ أي‬
‫ﺷــكﻞ ﻫنﺪﺳــي ﻣﻌﲔ ﰲ وقﺖ فﻠكي ﺧﺎص يﻌجﻞ ﻣﻦ الﺘوافق بﲔ ﻣﻔردات‬
‫اﳌﺎدة اﳌكﺘوبﺔ أو اﳌوجودة ﰲ ﻫذا الﺸــكﻞ وإﺷــﺎﻋﺎت الكواكب اﳌوافقﺔ ﳍذا‬
‫الوفق الذي بﺪورﻩ يﻌكس إﺷ ـ ـ ــﻌﺎﻋﺎت اﳊﺎجﺔ اﳌرجوة ﻋﻠى الﺸ ـ ـ ــﺨص اﳌﻌﲏ‬
‫فيحﺼــﻞ الﺘﺄﺛﲑ أو تﺘحقق النﺘيجﺔ ‪ ،‬وﻫنﺎك ﻣﻦ يﺸــﱰط لﺼــحﺔ الﺘﺄﺛﲑ النﺎتﺞ‬
‫ﻣﻦ ﻫذﻩ اﻷﺷ ـ ــكﺎل قراءة بﻌض اﻵ ت القرآنيﺔ أو اﺳ ـ ــﺘﺨراج اﻋوان اﻻوفﺎق‬
‫واﻣﻼكﻬﺎ وﻣﺎ إﱃ ذلﻚ ‪ ،‬وإذا كﺎنﺖ اﻷوفﺎق ﳍﺎ ﺛﲑ كﺒﲑ ﰲ اﺳـ ـ ـ ـ ــﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ‬
‫فــﺎن اﳉﻤــﺎليــﺔ الﻔنيــﺔ واﳍنــﺪﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيــﺔ ﳍــذﻩ اﻷرقــﺎم تﻠﻌــب دورا رزا ﰲ الﺘوافق‬

‫‪42‬‬
‫واﻻنسجﺎم بينﻬﺎ وبﲔ اﻹنسﺎن فكﻤﺎ ان الﺘﺼﺎﻣيﻢ اﳍنﺪﺳيﺔ اﳌﻌﻤﺎريﺔ ﳍﺎ دور‬
‫رزا ﰲ الﺘﺄﺛﲑ ﻋﻠى اﻹنسـ ـ ـ ـ ــﺎن فكذلﻚ ﻫذﻩ اﻷﺷـ ـ ـ ـ ــكﺎل اﳍنﺪﺳـ ـ ـ ـ ــيﺔ ﻷن ﳍﺎ‬
‫انﻄﺒﺎع ﲨﺎﱄ وقيﻢ نﻔسيﺔ داﺧﻞ اﻹنسﺎن ‪.‬‬

‫‪ .19‬ﺣﺴاب الﻐالﺐ واﳌﻐﻠوب الﺮﻗﻤﻲ‬


‫واذا كﺎنﺖ لﻸرقﺎم اﺳـ ــﺘﺨﺪاﻣﺎت روحﺎنيﺔ ﻣﺘﻤﺜﻠﺔ بﻌﻠﻢ اﻻوفﺎق فﺎن‬
‫ﳍﺎ اﺳ ـ ـ ـ ــﺘﺨﺪاﻣﺎت اﺧرى ﺧذ ص ـ ـ ـ ــﺒغﺔ تنﺒؤيﺔ أو تنﺎﻏﻤيﺔ تسـ ـ ـ ــﺎﻋﺪ ﰲ ﲢﻠيﻞ‬
‫الﺸ ـ ــﺨﺼ ـ ــيﺔ ودراﺳ ـ ــﺔ ﺳ ـ ــﻠوك اﻹنس ـ ــﺎن ‪ ،‬فقﺪﳝﺎ توص ـ ــﻞ الﻔيﻠس ـ ــوف اليو ﱐ‬
‫ارﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻄو ﻣﻦ وﺿ ـ ـ ـ ـ ـ ــع قﺎﻋﺪة رقﻤيﺔ تﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠى ﻣﻌرفﺔ ﻣﻦ ﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــيغﻠب ﻣﻦ ؟‬
‫وتس ــﺘﺨﺪم ﰲ اﳋﺼ ــوﻣﺎت أو اﳌﻌﺎرك وتس ــﻤى )حس ــﺎب الغﺎلب واﳌغﻠوب (‬
‫ويقﺎل انﻪ وﺿـ ـ ــﻌﻬﺎ لﻼﺳـ ـ ــكنﺪر اﳌقﺪوﱐ لكي يسـ ـ ــﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﰲ قﺘﺎلﻪ وﻣﻌﺎركﻪ‬
‫وقﺪ أﺛﺒﺘﺖ صـ ـ ــحﺘﻬﺎ ﰲ ﲨيع اﳌﻌﺎرك الﱵ ﺧﺎﺿـ ـ ــﻬﺎ اﻻﺳـ ـ ــكنﺪر ‪ ،‬وتﺘﻠﺨص‬
‫ﻫذﻩ القﺎﻋﺪة بﺘحويﻞ اﺳـﻢ اﳋﺼـﻢ واﺳـﻢ أﻣﻪ وكذلﻚ الغرﱘ إﱃ أرقﺎم حسـب‬
‫ﻃريقﺔ ))حســﺎب اﳉﻤﻞ (( وتقســيﻢ كﻼ اﻻﲰﲔ ﻋﻠى الرقﻢ ) ‪ ( 9‬كﻞ ﻋﻠى‬
‫حـﺪى ﰒ اﺧـذ الﺒـﺎقي ﻣﻦ كـﻞ اﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻢ والنﻈر إﱃ جـﺪول رقﻤي يﺒﲔ اﻷرقـﺎم‬
‫الغــﺎلﺒــﺔ واﻷرقــﺎم اﳌغﻠوبــﺔ وبــذلــﻚ يﻌرف الﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺨص الغــﺎلــب ﰲ القﺘــﺎل أو‬
‫اﶈﺎكﻤﺔ ﻣﻦ الﺸﺨص اﳌغﻠوب)‪. (30‬‬

‫)‪ (30‬ﺳر اﻷﺳرار ‪ ،‬اﳌنسوب ﻷرﺳﻄو ‪ ،‬ﲢقيق أﲪﺪ الﱰيكي ‪ ،‬ص ‪. 125‬لﻠﻤزيﺪ ﻣﻦ‬
‫اﳌﻌﻠوﻣﺎت راجع كﺘﺎبنﺎ "رﻣزيﺔ اﻷرقﺎم واﳊروف ﰲ الﻔكر الﻌرﰊ" ‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫‪ .20‬اﻻستﺨﺪاﻣات الﺮﻗﻤية لﻠوﺣﻲ اﳊياة واﳌﻤات‬
‫كﻤﺎ اﺳﺘﺨﺪم الﻌرب اﳌسﻠﻤون ﻃريقﺔ رقﻤيﺔ أﺧرى لﻠﺘنﺒؤ واﻻﺳﺘﺸﺎرة‬
‫ﰲ ﻣﻌرفﺔ ﻃﺒيﻌﺔ الﺸ ـ ـ ـريﻚ أو اﳌس ـ ـ ــﺎفر أو اﳌريض وﻣﺎ ﺳ ـ ـ ــﺘؤول اليﻪ ﻋﺎقﺒﺘﻪ ﰲ‬
‫الﺘوفيق أو الرجوع أو الﺸﻔﺎء وﻣﺎ إﱃ ذلﻚ وﻫذﻩ الﻄريقﺔ تسﻤى اﻻﺳﺘﺸﺎرة‬
‫ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ) لوحي اﳊيــﺎة واﳌﻤــﺎت ( وﻫـذيﻦ الﻠوحﲔ ﳘـﺎ جـﺪوﻻن يوجـﺪ فيﻬــﺎ‬
‫"ﺛﻼﺛﲔ" )‪ (30‬رقﻤﺎ ﻣوزﻋﲔ بﺸ ــكﻞ ﻣﺘس ــﺎ ٍو لكﻞ ﻣنﻬﻤﺎ ﲬس ــﺔ ﻋﺸ ــر رقﻤﺎ‬
‫و ﺧذ أرقﺎم أﺳـﻢ اﳌريض ﻣﺜﻼ ويوم ﻣرﺿـﻪ وإﺿـﺎفﺔ رقﻢ ﻣﻌﲔ وﲨع النﺎتﺞ ﰒ‬
‫تقسـيﻤﻪ ﻋﻠى الرقﻢ ) ‪ ( 30‬والنﻈر إﱃ الﻔﺎﺿـﻞ فﺈن كﺎن رقﻤﺎ ﰲ لوح اﳊيﺎة‬
‫تﻌﺎﰱ وإﻻ زاد ﻣرﺿـﻪ او ﻣﺎت وﷲ أﻋﻠﻢ ‪ ،‬كﻤﺎ اﺳـﺘﺨﺪم الﻌرب ﻃرقﺎ اﺧرى‬
‫رقﻤيﺔ ﰲ الﺘنﺒؤ وﻣﻌرفﺔ ﺳـ ـ ـ ـ ـ ــﻠوك اﻹنسـ ـ ـ ـ ـ ــﺎن وﻃﺒﺎﻋﻪ وكﻠﻬﺎ تﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠى ﲢويﻞ‬
‫حروفﻪ إﱃ أرقﺎم ﰒ تقسـيﻤﻬﺎ ﻋﻠى أرقﺎم ﻣﻌينﺔ واﻻﺳـﺘﺪﻻل ﻣﻦ قي الﺘقسـيﻢ‬
‫حســب جﺪاول ﺧﺎصــﺔ توﺿــﺢ ﻣﻌﺎﱐ اﻷرقﺎم الﻔﺎﺿــﻠﺔ كﻤﺎ ذكر بﻌضــﻬﺎ ﰲ‬
‫ﻣﻠحق الكﺘﺎب ‪.‬‬

‫‪ .21‬اﻻستﺨﺪاﻣات اﳊﺪيﺜة لﻸرﻗام‬


‫وﱂ تقف اﺳـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺨـﺪاﻣـﺎت اﻷرقـﺎم ﻋنـﺪ ﻫـذا اﳊـﺪ بـﻞ تﻌـﺪ ـﺎ لﺘـﺄﺧـذ‬
‫ﻃﺎبﻌﺎ حﺪيﺜﺎ ﰲ ﻋﺼ ـ ـ ــر يﺘﻤﺜﻞ بﺘحﻠيﻞ الﺸ ـ ـ ــﺨﺼ ـ ـ ــيﺔ وﻣﻌرفﺔ ﻣﺎﺳ ـ ـ ــﺘؤول إليﻪ‬
‫الﻌﻼقـﺎت الﻌـﺎﻃﻔيـﺔ واﳌـﺎليـﺔ وﻏﲑ ذلـﻚ بـﻞ أﺧـذت ﻃـﺎبﻌـﺎ ﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎيكولوجيـﺎ يﻬﻢ‬
‫اﳌﺨﺘﺼ ـ ـ ـ ـ ـ ــﲔ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء النﻔس ‪ ،‬فﺒﻌﺪ ان كﺎن اﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺨﺪام رﻣزيﺔ اﻷرقﺎم ﰲ‬

‫‪44‬‬
‫الﻌﺼــر الوﺳــيط ﻣقﺘﺼ ـرا ﻋﻠى الﺘﻔس ـﲑات الﺪينيﺔ والﺘنﺒؤيﺔ أﺧذت ﰲ ﻋﺼــر‬
‫جﺎنﺒﺎ ﻋﻠﻤيﺎ وﺳــﺎيكولوجيﺎ ليكون اكﺜر ﴰوليﺔ ﰲ تﻔس ـﲑاتﻪ اﻷﻣر الذي ﻣﻬﺪ‬
‫الﻄريق لﺒﻌض ﻋﻠﻤﺎء اﻷرقﺎم ن ﳚﻤﻌوا ﺷ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺎت ﻣﺎﻣض ـ ـ ـ ـ ـ ــى ﻣﻦ اﳌﻌﻠوﻣﺎت‬
‫والقواﻋـ ـ ــﺪ الﱵ ﲣص اﻷرقـ ـ ــﺎم وكـ ـ ــﻞ ﻣـ ـ ــﺎ ترﻣز إليـ ـ ــﻪ ﻣﻦ ﻣﻌـ ـ ــﺎﱐ تنﺒؤيـ ـ ــﺔ أو‬
‫ﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎيكولوجيـ ـ ــﺔ ﰲ ﻋﻠﻢ جـ ـ ــﺪيـ ـ ــﺪ أﻃﻠقوا ﻋﻠيـ ـ ــﻪ اﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻢ )) ﻋﻠﻢ اﻷرقـ ـ ــﺎم‬
‫‪ (( Numerology‬وﻣﻦ ﻣنﻄﻠق الﻌﻠﻢ اﳉـﺪيـﺪ فـﺎن ﻋﻠﻤـﺎء اﻷرقـﺎم يقررون‬
‫أن لكﻞ انســﺎن أرقﺎﻣﺎً ﺧﺎصــﺔ تكون ﻣﻼزﻣﺔ ﳊيﺎتﻪ وتﻠﻌب دورا رزا ﰲ ﺳــﲑ‬
‫ﺷ ـ ــﺨﺼ ـ ــيﺘﻪ كﻤﺎ تس ـ ــﺎﻋﺪ ﻋﻠى فﻬﻢ بﻌض اﻷحﺪاث اﳌﺘﻌﻠقﺔ ﲝيﺎتﻪ ‪ ،‬ولذلﻚ‬
‫يرون ان الﺘغﲑ اﳊﺎصـﻞ ﰲ ﺳـﻠوك اﻹنسـﺎن ﻣﻦ ﺳـنﺔ إﱃ أﺧرى أو بﲔ ﻣولود‬
‫ﰲ ﺷ ـ ــﻬر ﻣﻌﲔ و ﱐ ﰲ ﺷ ـ ــﻬر آﺧر يﻌود ﰲ كﺜﲑ ﻣﻦ اﻷحيﺎن إﱃ الرقﻢ وﻣﺎ‬
‫يﻌنيﻪ ﻣﻦ رﻣوز لنس ـ ـ ـ ـ ــﺒﺔ ﳍذا اﻹنس ـ ـ ـ ـ ــﺎن ‪ ،‬كﻤﺎ يقررون ﻣﻦ حيﺔ أﺧرى ان‬
‫النجﺎح اﳊﺎص ـ ــﻞ ﰲ الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ الﻌﻼقﺎت الزوجيﺔ أو الﻌﻤﻠيﺔ أو اﳌﺎليﺔ يرجع‬
‫ﰲ اص ـ ـ ــﻠﻪ إﱃ الﺘنﺎﻏﻢ واﻻنسـ ـ ــجﺎم اﳊﺎصـ ـ ــﻞ بﲔ أرقﺎم ﻫذيﻦ الﺸـ ـ ـ ـريكﲔ أو‬
‫الزوجﲔ و لﻌكس فﺎن الﺘنﺎفر اﳊﺎص ـ ـ ـ ـ ـ ــﻞ يﻌود إﱃ إﺷـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻌﺎﻋﺎت اﻷرقﺎم وﻣﺎ‬
‫تنﺘجــﻪ ﻣﻦ الﻔﻌــﻞ اﳌﻌــﺎكس ‪ ،‬بــﻞ يؤكــﺪ الﻌــﺪيــﺪ ﻣﻦ ﻋﻠﻤــﺎء اﻷرقــﺎم ﻋﻠى أن‬
‫اﳌسﺘنﺪات الﱵ ﳛﻤﻠﻬﺎ كﻞ إنسﺎن واﳌﺘﻤﺜﻠﺔ رقﺎم بﻄﺎقﺘﻪ الﺸﺨﺼيﺔ أو جواز‬
‫ﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻔرﻩ أو أوراقﻪ الرﲰيـﺔ بﻞ حﱴ رقﻢ ﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـﺎرتﻪ أو بيﺘـﻪ وﻣﺎ إﱃ ذلﻚ تكون‬
‫ﻣوافقﺔ ﰲ أكﺜر ﻣﻦ ‪ %90‬ﻣع اﻷرقﺎم الﺸـ ـ ـ ــﺨﺼـ ـ ـ ــيﺔ ﳍذا اﻹنسـ ـ ـ ــﺎن ﳑﺎ يﺪل‬
‫ﻋﻠى وجود الﻌﻼقـﺔ بينـﻪ ﻣﻦ جﻬـﺔ واﻷرقـﺎم ﻣﻦ جﻬـﺔ نيـﺔ ‪ ،‬ﻣﻦ اجـﻞ ذلـﻚ‬

‫‪45‬‬
‫ظﻬر ﻋﻠﻢ اﻷرقــﺎم الــذي يﺘن ــﺎول الﻌﻼقــﺔ السـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيكولوجي ــﺔ والرﻣزيــﺔ بﲔ الرقﻢ‬
‫واﻹنسﺎن ‪ .‬وإذا ﻣﺎ أردت ان أﺷﲑ إﱃ اﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت الﱵ يﺘنﺎوﳍﺎ ﻫذا الﻌﻠﻢ‬
‫فﺎنﻪ ﳝكنﲏ إﳚﺎزﻫﺎ لنقﺎط اﻵتيﺔ ‪:‬‬
‫‪ .1‬ﲢﻠيﻞ الﺸﺨﺼيﺔ ودراﺳﺔ ﺳﻠوك اﻹنسﺎن ‪.‬‬
‫‪ .2‬ﻣﻌرفﺔ الﺘوافق بﲔ الزوجﲔ أو الﺸريكﲔ ‪.‬‬
‫‪ .3‬الﺘجﺎرة واﳌﺎل واﻷﻋﻤﺎل ‪.‬‬
‫‪ .4‬كﺸف اﳉرائﻢ والقﺒض ﻋﻠى ا رﻣﲔ ‪.‬‬
‫‪ .5‬رصﺪ الﺘقﻠﺒﺎت الﻄﺒيﻌيﺔ اﳌﺪﻣرة ‪.‬‬
‫‪ .6‬اﺳﺘﺨراج بﻌض الﺘنﺒؤات اﳌسﺘقﺒﻠيﺔ ‪.‬‬

‫‪ .22‬استﺨﺪاﻣات سايكولوجية واﻗتﺼادية لﻸرﻗام ‪.‬‬


‫يؤكﺪ الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء النﻔس والس ــﺎيكولوجيﲔ ﻋﻠى ان لﻸرقﺎم دورا‬
‫كﺒﲑا ﰲ فﻬﻢ ﺳــﻠوك اﻹنســﺎن وتﺼــرفﺎتﻪ ‪ ،‬وذلﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻌرفﺔ ﻣﺪلوﻻت‬
‫اﻷرقﺎم وﻣﻼحﻈﺔ أرقﺎم ﻣرﺿــﺎﻫﻢ النﻔســيﲔ إذ وجﺪوا ان الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ اﻷزﻣﺎت‬
‫واﳌﺸـ ــﺎكﻞ الﱵ ﻋﺎنوﻫﺎ كﺎنﺖ ﻣﺘوافقﺔ ﻣع بﻌض اﻷرقﺎم السـ ــﻠﺒيﺔ الﱵ ﳛﻤﻠو ﺎ‬
‫كﻤﺎ وجﺪوا ان رﻣزيﺔ اﻷرقﺎم تس ـ ـ ــﺎﻋﺪﻫﻢ ﰲ ﲢﻠيﻠﻬﻢ النﻔس ـ ـ ــي وإﳚﺎد الﻌﻼقﺔ‬
‫بﲔ اﳊـﺪث ووقﺘـﻪ اﻷﻣر الـذي جﻌﻠﻬﻢ يؤكـﺪون ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺪق ﻣـﺪلول اﻷرقـﺎم ﰲ‬
‫الﺘحﻠيﻞ النﻔس ـ ـ ـ ـ ــي ‪ ،‬وﻣﻦ حيﺔ أﺧرى ان الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ رجﺎل اﳌﺎل واﻷﻋﻤﺎل‬
‫والﻔﻦ وحﱴ السـيﺎﺳـﺔ يسـﺘﺸـﲑون بﻌض ﺧﱪاء اﻷرقﺎم لﺘﻌيﲔ الﻔﱰات اﳌنﺎﺳـﺒﺔ‬

‫‪46‬‬
‫لﻠﺒيع أو الﺸراء أو اﻻرتقﺎء ﳑﺎ يﺸﲑ إﱃ تغﻠغﻞ ﻫذا الﻌﻠﻢ ﰲ أصول اﻻقﺘﺼﺎد‬
‫بﻞ ويﺘﻌﺪاﻩ إﱃ جوانب أﺧرى يﻄول ﺷرحﻬﺎ ‪.‬‬

‫‪ .23‬استﺨﺪام اﻷرﻗام ﰲ التنبؤات‬


‫وﻣﻦ بﲔ ﻫذﻩ اﻻﺳــﺘﺨﺪاﻣﺎت الرقﻤيﺔ ﰐ دور الﺘنﺒؤات ليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺄﺧذ‬
‫الﺼ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺪارة ﰲ الـ ـ ــﺪراﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎت الرقﻤيـ ـ ــﺔ الﱵ تﻌـ ـ ــﺪ إحـ ـ ـﺪى أﻫﻢ الﻈواﻫر‬
‫الﺒ ــﺎراﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎيكولوجي ــﺔ‪ ،‬ف ــﺎﻷرق ــﺎم تؤدي دورا كﺒﲑا ﰲ الﻌ ــﺪي ــﺪ ﻣﻦ الﺘنﺒؤات‬
‫اﳌسـ ــﺘقﺒﻠيﺔ فقﺪﳝﺎ اﺳـ ــﺘﺨﺪم الﺒﺎبﻠيون واليو نيون وﻏﲑﻫﻢ اﻷرقﺎم لﻠﺪﻻلﺔ ﻋﻠى‬
‫بﻌض اﳊوادث وﲤكنوا ﻣﻦ ﺿع قواﻋﺪ بسيﻄﺔ لﻠﺪﻻلﺔ ﻋﻠى ذلﻚ وﰲ الﻌﺼر‬
‫اﻹﺳـ ـ ــﻼﻣي اﻷول ﲤكﻦ اﳌس ـ ـ ــﻠﻤون ﻣﻦ وﺿ ـ ـ ــع قواﻋﺪ رقﻤيﺔ وحرفيﺔ ﺧﺎص ـ ـ ــﺔ‬
‫تﺘﻌﻠق لﺘنﺒؤات إﻻ ان أﺳـ ـ ـرارﻫﺎ كﺎنﺖ ﺧﺎصـ ـ ــﺔ ئﻤﺔ آل الﺒيﺖ )رﺿـ ـ ــي ﷲ‬
‫ﻋنﻬﻢ( وﺳـ ـ ـ ـ ــنﺘكﻠﻢ ﻋنﻬﺎ ﰲ الﻔﺼـ ـ ـ ـ ــﻞ الﺜﺎﱐ اﳋﺎص ﳊروف ‪ ،‬وﰲ الﻌﺼـ ـ ـ ـ ــر‬
‫الوﺳـيط ظﻬرت القﺒﺎلﺔ )الكﺎ ﻻ( الﱵ تﺘنﺎول اﺳـﺘﺨﻼص الﺘنﺒؤات اﳌسـﺘقﺒﻠيﺔ‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼل اﻷﲰﺎء والكﻠﻤﺎت ﻋﻦ ﻃريق أرقﺎم اﳊروف ‪.‬‬
‫كﻤﺎ اﻫﺘﻢ بﻌض رجﺎل الﺪيﻦ واﳌﺘﺨﺼ ـ ـ ـ ـ ـﺼـ ـ ـ ـ ــﲔ ﻷرقﺎم ﰲ القرون‬
‫الوﺳـ ـ ــﻄى ﻣﻦ اﺳـ ـ ــﺘﺨراج بﻌض الﺘنﺒؤات ﻣﻦ الكﺘﺎب اﳌقﺪس الﱵ تﺸـ ـ ــﲑ إﱃ‬
‫ظﻬور اﻷوبﺌــﺔ أو الكوارث أو حﱴ ــﺎيــﺔ الﻌــﺎﱂ وكﺜﲑا ﻣــﺎ كــﺎنــﺖ تقﱰن بزﻣﻦ‬
‫فﻠكي ‪ ،‬وﺧﻼل الﻌقود اﳌـﺎﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـﺔ أﺧـذت الﺘنﺒؤات صـ ـ ـ ـ ـ ـ ــورا جـﺪيـﺪة تﺘنـﺎول‬
‫الﺘﻌﻠقﺎت الســيﺎﺳــيﺔ واﻷحﺪاث اﻻقﺘﺼــﺎديﺔ وﰲ ﺎيﺔ الﻔﱰة اﳌﻤﺘﺪة بﲔ ﺎيﺔ‬

‫‪47‬‬
‫الس ـ ـ ـ ـ ــﺒﻌينﺎت وبﺪايﺔ الﺘس ـ ـ ـ ـ ــﻌينﺎت ﻣﻦ ﻫذا القرن ظﻬرت بﻌض الﺪراﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺎت‬
‫الرقﻤيﺔ الﱵ قﺎم ﺎ أﺳـﺎتذة ﻣﺘﺨﺼـﺼـون لر ﺿـيﺎت تﺸـﲑ وتﺪل ان لﺒﻌض‬
‫اﻷرقﺎم ﰲ القرآن الكرﱘ دﻻلﺔ تنﺒؤيﺔ وﻣﻦ بﲔ ﻫذﻩ الﺪراﺳـ ــﺎت الﺪراﺳـ ــﺔ الﱵ‬
‫قﺎم ﺎ الﺪكﺘور رﺷ ـ ـ ــﺎد ﺧﻠيﻔﺔ الﱵ أﻃﻠق ﻋيﻬﺎ اﺳ ـ ـ ــﻢ ) ﻣﻌجزة القرآن( حيﺚ‬
‫قـﺎم جراء بﻌض اﻹحﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎئيـﺎت الرقﻤيـﺔ ﰲ القرآن الكرﱘ وﺧرج ن لﻠرقﻢ‬
‫)‪ (19‬ﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ﻋجيـب ﰲ الﺘكرار القرآﱐ وﻣﻦ ﰒ أﻋﻄى نﺘيجـﺔ تـﺪل ﻋﻠى ان‬
‫ــﺎيــﺔ الﻌــﺎﱂ ﺳـ ـ ـ ـ ـ ــﺘكون ﰲ الﻌــﺎم )‪ (1709‬اﳍجري أي الﻌــﺎم ) ‪( 2280‬‬
‫اﳌيﻼدي واﻋﺘﻤــﺪ ﰲ اﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺨﻼص ﻫــذﻩ النﺘيجــﺔ ﻋﻠى اﺧــذ القيﻤــﺔ الرقﻤيــﺔ‬
‫لﻠحروف اﳌﻔرقﺔ ﰲ فواتﺢ الس ـ ــور القرآنيﺔ وﲨﻌﻬﺎ ‪ ،‬والذي جﻌﻠﻪ يؤكﺪ ذلﻚ‬
‫ان الرقﻢ اﳋﺎرج ﻫو أيض ـ ـ ـ ـ ــﺎ ﻣﻦ ﻣضـ ـ ـ ـ ــﺎﻋﻔﺎت الرقﻢ ) ‪ ، ( 19‬وﻣﻦ الﺘنﺒؤات‬
‫اﻷﺧرى الﱵ انﺘﺸ ـ ـ ــرت ﺧﻼل السـ ـ ــنﲔ اﳌﺎﺿ ـ ـ ــيﺔ الﺘنﺒؤات اﳌﺘﻌﻠقﺔ بزوال دولﺔ‬
‫إﺳ ـرائيﻞ وﻣﻦ أﺷ ــﻬرﻫﺎ الﺪراﺳ ــﺔ القرآنيﺔ الﱵ قﺎم ﺎ أﺳ ــﺘﺎذ الر ﺿ ــيﺎت بس ــﺎم‬
‫ــﺎد جرار حيــﺚ اﻫﺘﻢ ﻫو اﻵﺧر لرقﻢ )‪ (19‬ﰲ القرآن الكرﱘ وﻣــﺎلــﻪ ﻣﻦ‬
‫ﻋﻼقـﺎت وارتﺒـﺎﻃـﺎت وﺧرج بﻌـﺪ إحﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎئيـﺎت رقﻤيـﺔ قرآنيـﺔ وفﻠكيـﺔ ان زوال‬
‫دولﺔ إﺳ ـ ـ ـرائيﻞ ﺳ ـ ـ ــيكون بﻌﺪ ) ‪ ( 76‬ﺳ ـ ـ ــنﺔ ﻣﻦ ﺳ ـ ـ ــيس ـ ـ ــﻬﺎ ‪ ،‬أي ﰲ الﻌﺎم‬
‫)‪ 2023‬أو ‪ 2023‬م( اﳌيﻼدي)‪. (31‬‬

‫)‪ (31‬لقﺪ قﺸﺖ ﻫذيﻦ اﳌنﻬجﲔ وﻏﲑﳘﺎ بﺘﻔﺼيﻞ ﰲ كﺘﺎﰊ ) رﻣزيﺔ اﻷرقﺎم واﳊروف ﰲ‬
‫الﻔكر الﻌرﰊ ( اﳌؤلف‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫و لنﺘيجﺔ فﺎن تنﺒؤات اﻷرقﺎم أﺧذت جﺎنﺒﺎ ﻣﻠحوظﺎ ﺧﻼل الﻌقود‬
‫اﳌﺎﺿ ـ ــيﺔ فﺒﺪأ اﳌﻬﺘﻤون بذلﻚ تﻄﺒيق بﻌض اﻹحﺼ ـ ــﺎئيﺎت الرقﻤيﺔ ﻋﻠى حركﺔ‬
‫اﻷفﻼك أو بﻌض اﻵ ت القرآنيـ ــﺔ واﳋروج بنﺘـ ــﺎئﺞ أو توقﻌـ ــﺎت تـ ــﺪل ﻋﻠى‬
‫حﺼول حﺎدﺛﺔ أو زوال ﻣﻠﻚ أو حﺪوث كﺎرﺛﺔ أو ﻣﺎ إﱃ ذلﻚ ‪.‬‬

‫‪ .24‬رﻣوز اﻷرﻗام‬
‫وﻣﻦ بﲔ ﲨيع ﻫذﻩ اﻻﺳـ ــﺘﺨﺪاﻣﺎت ﺧذ ﳎﺎل ﲢﻠيﻞ الﺸـ ــﺨﺼـ ــيﺔ‬
‫دورا رزا ‪ ،‬فﺒﻤﺎ ان لﻸرقﺎم رﻣوزا وﻣﺪلوﻻت وﲟﺎ ان لﻺنسﺎن أرقﺎﻣﺎً فﺒﻤﻌرفﺔ‬
‫رﻣوز أرقﺎﻣﻪ نﺘﻤكﻦ ﻣﻦ ﲢﻠيﻞ ﺷــﺨﺼــيﺘﻪ وﻫذﻩ ﻫي الﻔكرة الرائجﺔ ﰲ الكﺜﲑ‬
‫ﻣﻦ دول الﻌﺎﱂ ﰲ ﻋﺼـ ـ ــر وﻷﳘيﺔ ﻫذا اﳌوﺿـ ـ ــوع ﺳـ ـ ــﺄورد أﻫﻢ ﻣﺎ تﻌنيﻪ بﻌض‬
‫اﻷرقﺎم ﻣﻦ رﻣوز لكي يسـ ـ ـ ـ ــﺘﻔيﺪ ﻣنﻬﺎ القﺎرئ ﰲ ﻣﻌرفﺔ ﻃﺒﺎﻋﻪ وﺷـ ـ ـ ـ ــﺨﺼـ ـ ـ ـ ــيﺔ‬
‫اﶈيﻄﲔ ب ــﻪ وﻣ ــﺎ إﱃ ذل ــﻚ ‪ ،‬وفيﻤ ــﺎ ﰐ أﻫﻢ ﻣ ــﺎ تﻌني ــﻪ أرق ــﺎم اﻵح ــﺎد ﻣﻦ‬
‫رﻣوز‪:‬‬
‫الﺮﻗﻢ ) ‪( 1‬‬
‫يرﻣز ﻫذا الرقﻢ ﰲ كﺜﲑ ﻣﻦ اﻷحيﺎن إﱃ الﻌنﺼ ـ ـ ـ ـ ــر اﻷول ‪ ،‬أصـ ـ ـ ـ ــﻞ‬
‫اﻷﺷــيﺎء ‪ ،‬الﺒﺪايﺔ ‪ ،‬اﳋﻄوة اﻷوﱃ ﰲ كﻞ ﺷــيء ‪ ،‬كﻤﺎ يرﻣز إﱃ ) ﷲ ( فﺎ‬
‫واحﺪ أحﺪ ‪ ،‬واﱃ اﻷب أو الﻌنﺼـ ـ ــر الذكري أو النﻔس أو الذات أو اﻷ ‪،‬‬
‫وﰲ اﳌﺪلول الﻔسـﻠجي لﻺنسـﺎن يرﻣز إﱃ الرأس أو الﻌضـو اﳉنسـي وقﺪ يرﻣز‬
‫إﱃ اﳌوت ‪ ،‬وﰲ اﳌــﺪلول الﻔﻠكي فــﺎنــﻪ ﳝﺜــﻞ الﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻤس الﱵ ترﻣز إﱃ اﳌركز‬

‫‪49‬‬
‫السﻠﻄوي واﳊكوﻣي واﻹدارات الﻌﺎﻣﺔ كﻤﺎ تﻌﲏ الكراﻣﺔ والكرم والﺪينﺎﻣيكيﺔ‬
‫والقي ــﺎدة واﻻﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘقﻼلي ــﺔ وﰲ ﻣ ــﺪلوﳍ ــﺎ السـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻠﱯ ترﻣز إﱃ الغرور واﻷ ني ــﺔ‬
‫والﺪكﺘﺎتوريﺔ والسيﻄرة ‪.‬‬
‫الﺮﻗﻢ ) ‪( 2‬‬
‫يرﻣز ﻫـذا الرقﻢ ﰲ كﺜﲑ ﻣﻦ اﻷحيـﺎن إﱃ الﺜنـﺎئيـﺔ ) الﻠيـﻞ والنﻬـﺎر ‪،‬‬
‫الذكر واﻷنﺜى ‪ ،‬الﻄويﻞ والقﺼـ ـ ـ ــﲑ ‪ ،‬السـ ـ ـ ــﻤﺎء واﻷرض …‪ ، ( ..‬كﻤﺎ يرﻣز‬
‫إﱃ الزوج الذي يكون فيﻪ اﳉزئﲔ بﻌﲔ احﺪﳘﺎ لﻶﺧر وﻻ يﺸـ ـ ـ ـ ــكﻼن كﻼ‬
‫إﻻ ﳎﺘﻤﻌﲔ ) زوج ﻣﻦ اﻷح ــذي ــﺔ ‪ ،‬القﻔ ــﺎزات ‪ ،‬وكﻔﱵ اﳌيزان … ( كﻤ ــﺎ‬
‫يﺸــﲑ ﰲ ﻣﺪلولﻪ اﻹﳚﺎﰊ إﱃ اﻻتﺼــﺎل واﻻلﺘحﺎم وﰲ الســﻠﱯ إﱃ اﻻنﻔﺼــﺎل‪،‬‬
‫وﻣﻦ النﺎحيﺔ الوجﺪانيﺔ فﺎنﻪ يرﻣز إﱃ الزﻣﺎلﺔ ‪ ،‬اﳊﻤﺎيﺔ ‪ ،‬اﳊب ‪ ،‬الﺼـ ـ ــﺪاقﺔ ‪،‬‬
‫الﺸـ ـ ـراكﺔ …‪ .‬وﰲ تكويﻦ اﻹنسـ ـ ــﺎن الﻔسـ ـ ــﻠجي يرﻣز إﱃ اﻷﻋضـ ـ ــﺎء الﺜنﺎئيﺔ‬
‫الﻌينﲔ ‪ ،‬اﻷذنﲔ ‪ ،‬اليــﺪيﻦ ‪ ،‬القــﺪﻣﲔ ‪ ،‬وقــﺪ يرﻣز إﱃ الﺘنــﺎقض والﻌكس ‪،‬‬
‫أو اﳉﻬـﺎز اﳉنسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي الـذكري واﻷنﺜوي ‪ ،‬وﰲ اﳌـﺪلول الﻔﻠكي فـﺎنـﻪ يرﻣز إﱃ‬
‫الﺼـ ــﺪاقﺔ والﻠﻄﺎفﺔ واﳊسـ ــﺎﺳـ ــيﺔ واﳉﺎذبيﺔ والﺘﻔﻬﻢ وروح اﳌﺸـ ــﺎركﺔ وﰲ اﳌﺪلول‬
‫السﻠﱯ يرﻣز إﱃ اﳌزاجيﺔ وﻋﺪم القﺪرة ﻋﻠى الﺘنﻔيذ وقﻠﺔ الوفﺎء ‪.‬‬
‫الﺮﻗﻢ ) ‪( 3‬‬
‫يسﺘﺨﺪم ﻫذا الرقﻢ ﰲ الﻠغﺔ الﺪارجﺔ لﻺﺷﺎرة إﱃ اﳌﺜﻠﺚ أو الﺸكﻞ‬
‫اﳌﺜﻠﺜي ﻣﻬﻤـﺎ كـﺎن كﻤـﺎ يرﻣز إﱃ اﳉﻤـﺎﻋـﺔ ﻷنـﻪ أول ﻣراتﺒﻬـﺎ واﱃ الﻌـﺎئﻠـﺔ )اﻷب‬
‫اﻷم والﻄﻔـﻞ ( ﻫـذا الرقﻢ ﳝﺘﻠـﻚ قوة ﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحريـﺔ كﺒﲑة فقـﺪ ورد ﰲ الكﺜﲑ ﻣﻦ‬

‫‪50‬‬
‫القﺼ ـ ـ ـ ــﺎئﺪ الﺪينيﺔ القﺪﳝﺔ واﻷﺳـ ـ ـ ــﺎﻃﲑ واﻷد ن حﱴ اص ـ ـ ـ ــﺒﺢ رﻣزا ﻣﻬﻤﺎ فيﻬﺎ‬
‫)ﺛﻼﺛــﺔ أﻣنيــﺎت ‪ ،‬ﺛﻼﺛــﺔ الغــﺎز ‪ ،‬ﺛﻼث ا ــﺎر ‪ ،‬تكرار القول أو الﻌﻤــﻞ ﺛﻼث‬
‫ﻣرات ( كﻤــﺎ يﺸ ـ ـ ـ ـ ـ ــﲑ ﰲ الكﺜﲑ ﻣﻦ اﻷحيــﺎن إﱃ الﻔــﺄل اﳊسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻦ ‪ ،‬وبنﻈر‬
‫الﻔﻠكيﲔ فﺎن ﻫذا الرقﻢ ﻣرتﺒط بكوكب اﳌﺸﱰي الذي يرﻣز إﱃ الﺪيﻦ واﳊظ‬
‫والﻔﻠسـ ـ ـ ـ ـ ـﻔـﺔ والﻌـﺪالـﺔ والﻄﻤوح واﳌرح ‪ ،‬وﰲ ﻣـﺪلولـﻪ السـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻠﱯ يرﻣز إﱃ حـب‬
‫الذات ‪ ،‬الغﲑة ‪ ،‬الكسﻞ ‪ ،‬اﳋﻄﺄ ﰲ الﺘﺄقﻠﻢ‪.‬‬
‫الﺮﻗﻢ ) ‪( 4‬‬
‫تﻌود الكﺜﲑ ﻣﻦ رﻣوز ﻫذا الرقﻢ إﱃ الﻔيﺜﺎﻏورﺳ ـ ـ ــيﲔ الذيﻦ ﺛروا بﻪ‬
‫وبنوا ﻋﻠيـﻪ تﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــورات كﺜﲑة ‪ ،‬فﻬـذا الرقﻢ يرﻣز إﱃ ﻣـﺎﻫو ر ﻋي ﰲ اص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻠـﻪ‬
‫كﺎﳉﻬﺎت اﻷربﻌﺔ والﻔﺼـ ـ ـ ـ ــول اﻷربﻌﺔ والﻌنﺎصـ ـ ـ ـ ــر اﻷربﻌﺔ …‪ .‬كﻤﺎ يرﻣز إﱃ‬
‫الﺒنﺎء والقﺎﻋﺪة واﻷﺳ ـ ــﺎس والﺘكﺎﻣﻞ واﻻﺳـ ـ ــﺘﻤرار وﻣﺒﺎدئ الر ﺿـ ـ ــيﺎت ودورة‬
‫الﻄﺒيﻌﺔ ‪ ،‬كﻤﺎ يرﻣز إﱃ الﺼ ـ ـ ـ ـ ــحﺔ واﳉﻤﺎل واﻻنس ـ ـ ـ ـ ــجﺎم والﻌﺪالﺔ والرفﺎﻫيﺔ ‪،‬‬
‫ويرى الﻔﻠكيون ان ﻫــذا الرقﻢ يﺘﻌﻠق بكوكــب اورانوس الــذي يرﻣز إﱃ حــب‬
‫الﻌﻠﻢ والنﻈ ــﺎم والنزاﻫ ــﺔ واﳊ ــﺪس واﳌﻔ ــﺎجﺌ ــﺎت وح ــب اﳊري ــﺔ واﻻﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘقﻼل‬
‫واﻷص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎلــﺔ وﲨيع اﳋﱪات ﻏﲑ اﳌﺘوقﻌــﺔ وﰲ ﻣــﺪلولــﻪ السـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻠﱯ يﻌﲏ الكــﺂبــﺔ‬
‫والﻔوﺿى وﻋﺪم اﻻﺳﺘقرار والﺘغيﲑ اﳌسﺘﻤر ‪.‬‬
‫الﺮﻗﻢ ) ‪( 5‬‬
‫يرﻣز ﻫ ــذا الرقﻢ ﰲ اكﺜر اﻷحي ــﺎن إﱃ الﻌﻄ ــﺎء أو اﻷﺧ ــذ ﻻن كﻼ‬
‫الﻔﻌﻠﲔ ﻣﺘﻌﻠق ليﺪ اﳌكونﺔ ﻣﻦ اﻷصـ ـ ـ ــﺎبع اﳋﻤس ـ ـ ـ ــﺔ ‪ ،‬كﻤﺎ يرﻣز إﱃ النجﻤﺔ‬

‫‪51‬‬
‫اﳋﻤﺎﺳ ــيﺔ الﱵ تﻌﲏ ﰲ ﻣﺪلوﳍﺎ اﳊب واﳊيﺎة والقوة الس ــحريﺔ ‪ ،‬وﰲ اﻹﺳ ــﻼم‬
‫يرﻣز ﻫذا الرقﻢ إﱃ أركﺎن الﺪيﻦ اﳋﻤسﺔ والﺼﻠوات اﳋﻤسﺔ وقﺪ يﺸﲑ إﱃ رد‬
‫اﻹصــﺎبﺔ لﻌﲔ واﳊســﺪ ) ﲬســﺔ وﲬيســﺔ( وﰲ بﻌض رﻣوزﻩ يﻌﲏ اﳌﻤﺎرﺳــﺎت‬
‫اﳉنسـيﺔ كﻤﺎ يﺪل ﻋﻠى اﳊيويﺔ والزواج واﻹﺷـﻌﺎع واﳊيﺎة اﻻجﺘﻤﺎﻋيﺔ والﻌﻼقﺔ‬
‫الﻄيﺒـﺔ ﻣع اﻵﺧريﻦ ‪ ،‬وبنﻈر اﳌنجﻤﲔ فـﺎن ﻫـذا الرقﻢ ﻣﺘﻌﻠق بكوكـب ﻋﻄـﺎرد‬
‫الذي يﻌﲏ قوة الﺘﻔكﲑ والﻠﺒـﺎقﺔ والﻌﻔويﺔ واﳌﻬﺎرات اليـﺪويﺔ والﻌقﻠيـﺔ واﻹبﺪاع‪،‬‬
‫وﰲ ﻣﺪلولﻪ السﻠﱯ يرﻣز إﱃ الﻌﺼﺒيﺔ والسرﻋﺔ واﻻنﺘقﺎد ‪.‬‬
‫الﺮﻗﻢ ) ‪( 6‬‬
‫ﻫذا الرقﻢ يرﻣز إﱃ الﻔرديﺔ والزوجيﺔ فـ ) ‪ ( 6 = 2 × 3‬اذ يﺸكﻞ‬
‫اﲢﺎد اﻻﺛنﲔ كﻤﺎ يرﻣز إﱃ ربع اليوم واﱃ ﺧﻠق الكون وبنﻈر الﻔيﺜﺎﻏورﺳـ ـ ـ ــيﲔ‬
‫إﱃ الﺼـ ــحﺔ وقﺪ يرﻣز إﱃ الزوج ﻷنﻪ حﺎصـ ــﻞ ﺿـ ــرب الرقﻢ ) ‪ ( 3‬اﳌذكر ﻣع‬
‫الرقﻢ ) ‪ ( 2‬اﳌؤنــﺚ ‪ ،‬وﰲ الﻠغــﺔ اﻹنكﻠيزيــﺔ يرﻣز إﱃ اﳉنس ‪ ،‬وﻣﻦ ﻣﻌــﺎنيــﺔ‬
‫اﻻنسـ ـ ـ ـ ــجﺎم والﺘجﺪد والس ـ ـ ـ ــﻌي وراء الكﻤﺎل والزواج والﺘﻔﺎﻫﻢ واﳌﺘﻌﺔ واﳊظ‬
‫النسﱯ ‪ ،‬وﰲ اﳌﺪلول السﻠﱯ يﻌﲏ الغﲑة والﻌنﺎد والغرور وﻋﺪم اﳌﺒﺎﻻة ‪.‬‬
‫الﺮﻗﻢ ) ‪( 7‬‬
‫اﺧذ ﻫذا الرقﻢ ﻃﺎبﻌﺎ دينيﺎ ﰲ الكﺜﲑ ﻣﻦ اﳊضـ ـ ـ ـ ــﺎرات القﺪﳝﺔ وﻣﻦ‬
‫بﲔ اكﺜر رﻣوزﻩ يﻌﲏ اﻷﺳـﺒوع أو الزﻣﻦ أو الوقﺖ كﻤﺎ يﻌﲏ السـﻤوات السـﺒع‬
‫واﻷرﺿـ ـ ـ ــي السـ ـ ـ ــﺒع أو اﳉنﺎن الس ـ ـ ــﺒع وكﺜﲑا ﻣﺎ يﺘﻌﻠق لﺪيﻦ ويﻌﲏ اﳌيﻞ إﱃ‬
‫الﺘقوى والﺘﻤسـ ـ ـ ـ ـ ــﻚ تﻌﺎﱃ ‪ ،‬انﻪ رقﻢ الﺪيﻦ والﺘﻔﺎؤل والغﻤوض ‪ ،‬ويرى‬

‫‪52‬‬
‫الﻔﻠكيون ان ﻫــذا الرقﻢ ﻣﺘﻌﻠق بكوكــب نﺒﺘون الــذي ‪ ،‬يرﻣز إﱃ قوة اﳊــﺪس‬
‫واﻻرتقﺎء الروحي وحب الﺪيﻦ واﻹﺧﻼص والﺘواﺿ ـ ـ ــع والﺒس ـ ـ ــﺎﻃﺔ وﰲ ﻣﺪلولﻪ‬
‫السﻠﱯ يرﻣز إﱃ السذاجﺔ واﳊسﺎﺳيﺔ والسﻄحيﺔ واﻻنﻌزال وﻋﺪم اﳌﺒﺎﻻة ‪.‬‬
‫الﺮﻗﻢ ) ‪( 8‬‬
‫يرﻣز ﻫذا الرقﻢ إﱃ الﺪﻋﺎئﻢ القويﺔ واﳌﺘينﺔ ‪ ،‬ويﻌﲏ اﻹدراك اﳊسـ ـ ـ ــي‬
‫والﺘﻔــﺎﻫﻢ و ﺧــذ ﰲ بﻌض اﻷحيــﺎن ﲰــﺔ الﻌــﺪالــﺔ كﻤــﺎ يرﻣز إﱃ اﻻنس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـجــﺎم‬
‫الﻌـ ــﺎﻃﻔي ‪ ،‬وﰲ ﻣـ ــﺪلولـ ــﻪ الﻔﻠكي فﻬو ﻣﺘﻌﻠق بكوكـ ــب زحـ ــﻞ الـ ــذي يﻌﲏ‬
‫الﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻼبـﺔ والﺘحﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـﻞ اﳌـﺎﱄ واﳌكـﺎفﺌـﺎت واﳌﺜـﺎبرة واﳉـﺪ والﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﱪ وﲢﻤـﻞ‬
‫اﳌسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــؤوليـﺔ‪ ،‬وﰲ ﻣـﺪلولـﻪ السـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻠﱯ يرﻣز إﱃ الكـﺂبـﺔ واليـﺄس وﻋـﺪم الﻔـﺎﻋﻠيـﺔ‬
‫واﳋﻤول واﳌﺎديﺔ والﻄﻤع ‪.‬‬
‫الﺮﻗﻢ ) ‪( 9‬‬
‫يرﻣز ﻫـذا الرقﻢ إﱃ اﺷـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻬر اﳊﻤـﻞ الﺘسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻌـﺔ كﻤـﺎ يـﺪل ﻋﻠى الﻌﻠو‬
‫والســﻌﺔ الكﻤﺎل وكذلﻚ قوة اﳋﲑ أو قوة الﺸــر ﰲ بﻌض اﻷحيﺎن ﻷنﻪ اقوى‬
‫اﻷرقﺎم وقﺪ يرﻣز إﱃ ﺎيﺔ اﳌﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎريع واﻷﻋﻤﺎل أو اﻷجﻞ ‪ ،‬ويرى الﻔﻠكيون‬
‫ان ﻫذا الرقﻢ ﻣﺘﻌﻠق بكوكب اﳌريخ الذي يرﻣز إﱃ الﺸــجﺎﻋﺔ واﳉرأة واﻷقﺪام‬
‫والوفﺎء والﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣع اﻷحﺪاث ‪ ،‬وﰲ ﻣﺪلولﻪ السـ ـ ـ ـ ـ ــﻠﱯ يﻌﲏ اﳉﺪال والﺘﻬور‬
‫والﺘسرع والقسوة وا ﺎزفﺔ الرﻋنﺎء ﰲ القول والﻌﻤﻞ ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ .25‬ﺗﻔﺴﲑ رﻣزية اﻷرﻗام‬
‫ان اﳌﺪلول الرﻣزي ﳍذﻩ اﻷرقﺎم الﺘس ـ ـ ـ ــﻌﺔ أو ﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ اﳌراتب الﱵ‬
‫ﱂ نذكرﻫﺎ يﻌﺘﻤﺪ ﰲ اكﺜر أص ـ ـ ـولﻪ ﻋﻠى أﺳ ـ ـ ــﺎس ديﲏ أو ﻣﻠي أو فﻠكي وقﺪ‬
‫انﺘقـﻞ ﻋﱪ حضـ ـ ـ ـ ـ ــﺎرات ﻋـﺪة جيﻼ ﻋﻦ جيـﻞ حﱴ كون ﻫـذا الكﻢ اﳍـﺎئـﻞ ﻣﻦ‬
‫اﳌﻌﻠوﻣ ــﺎت الﱵ تﺘﻌﻠق ﻷرق ــﺎم وﻫ ــذا ﻣ ــﺎقررﻩ ﻫوبر حينﻤـ ــﺎ ق ــﺎل " الرﻣزي ــﺔ‬
‫اﳌﻌقـﺪة الﱵ ﲡس ـ ـ ـ ـ ـ ــﺪت ﰲ ﻋﻠﻢ اﻹﳍيـﺎت ﻋنـﺪ الﺒـﺎبﻠيﲔ ﱂ ﲣﺘف ﻣﻦ الوجود‬
‫ﻋﻠى ﻏرار اﻷلواح الﱵ نقﺸــﺖ ﻋﻠيﻬﺎ ‪ ،‬كﻤﺎ تﺜﺒﺖ ذلﻚ ﻋودة اﻷﻋﺪاد ﻋينﻬﺎ‬
‫إﱃ الﻈﻬور ﰲ نس ـ ــب ﺷ ـ ــﺒﻪ ﻣﺘﻤﺎﺛﻠﺔ حينﻤﺎ وجﺪت رﻣزيﺔ اﻷﻋﺪاد تﻄﺒيقﺎ ﳍﺎ‬
‫ﰲ اﻃوار ﻻحقﺔ ")‪ (32‬ان ﻫذا اﳌﺪلول والرﻣزيﺔ ﳍذﻩ اﻷرقﺎم كﺎن نﺘيجﺔ تراكﻢ‬
‫أفكﺎر وحض ـ ـ ـ ـ ــﺎرات واد ن وﻣﻌﺘقﺪات كﺜﲑة ﺧرج ليﺘﺸ ـ ـ ـ ـ ــكﻞ ﰲ ﺞ جﺪيﺪ‬
‫يﺘنﺎول دراﺳ ــﺔ ﺳ ــﻠوك اﻹنس ــﺎن وتﺼ ــرفﺎتﻪ بﻌﺪ ان كﺎن ﻣقﺘﺼـ ـرا ﻋﻠى اﳉﺎنب‬
‫الـﺪيﲏ فيقول ﻫوبر " لقـﺪ ارتـﺪى اﻻﻋﺘقـﺎد الﻌـﺎم بـﺪﻻلـﺔ الﻌـﺪد ﰲ الﻌﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر‬
‫الوﺳـ ــيط ﻣﻈﺎﻫر ﻣﺘﺨﻠﻔﺔ تﺒﺎينﺖ تﺒﻌﺎ لﺪرجﺔ الﺜقﺎفﺔ السـ ــﺎئﺪة ‪ ،‬فﻬذا الﻌﺼـ ــر‬
‫ادرج الﻌﺪد الرﻣزي بﲔ القيﻢ الﻌﺪيﺪة اﳌكرﺳـﺔ دينيﺎ قﺎﻃﻌﺎ ﻋﻠى نﻔسـﻪ لﺘﺎﱄ‬
‫الﻄريق إﱃ تﻔسﲑ ﺳﺎيكولوجي كﺎن ﻏﲑ ﻣرﻏوب فيﻪ ﻋﻠى اﻹﻃﻼق")‪. (33‬‬
‫وإذا كﺎن ﻣﺪلول اﻷرقﺎم دينيـﺎ ﻣسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘقى ﻣنﻬجـﻪ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ اﻹﳍيـﺎت‬
‫والكﺘب اﳌقﺪﺳـ ـ ـ ـ ــﺔ أو ﻣﻼ كﺎن ﻣﺼ ـ ـ ـ ــﺪرﻩ الﻔكر الﻔﻠسـ ـ ـ ـ ــﻔي ‪ ،‬فﺎن اﳉﺎنب‬

‫)‪ (32‬رﻣزيﺔ اﻷﻋﺪاد ﰲ الﻌﺼر الوﺳيط ‪ ،‬ﻫوبر ‪.‬‬


‫)‪ (33‬اﳌﺼﺪر نﻔسﻪ‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫الﻔﻠكي يؤدي دورا رزا ﰲ إظﻬ ـ ــﺎر رﻣزي ـ ــﺔ اﻷرق ـ ــﺎم وﻣﻌ ـ ــﺎنيﻬ ـ ــﺎ ف ـ ــﺎلﻔﻠكيﲔ‬
‫اﳌﺨﺘﺼـ ـ ــﲔ لﺘنجيﻢ يرون ان لكﻞ رقﻢ ﻣﺪلول فﻠكي ﻣﺘﻌﻠق حﺪ الكواكب‬
‫أو اﻷبراج ـ ـ وﻫو ﻣﺎ يﻄﻠقون ﻋﻠيﻪ حﺎليﺎ برقﻢ اﳊظ ـ ـ وﲟﺎ ان الكواكب ﲢﻤﻞ‬
‫ﻣﺪلوﻻت إﳚﺎبيﺔ وﺳـ ـ ـ ـ ــﻠﺒيﺔ وﻣﻦ ﰒ تكون رﻣزا ﻷرقﺎم الكواكب ‪ ،‬وﲟﺎ ان كﻞ‬
‫ﻣولود ﻻيﱪح ان تكون وﻻدتﻪ ﺿ ـ ـ ــﻤﻦ فﱰة زﻣنيﺔ تﺘﻌﻠق ﲟكوث الﺸ ـ ـ ــﻤس ﰲ‬
‫أحـﺪ اﻷبراج فﺒﻤﻌرفـﺔ برج اﻹنس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎن يﻌرف كوكﺒـﻪ وﻣﻦ ﰒ رقﻤـﻪ الـذي يـﺪل‬
‫ﻋﻠى ﻣﺎ يﻌنيﻪ ﻣﻦ رﻣوز لنسﺒﺔ لﻺنسﺎن ‪.‬‬
‫وﻣﻦ بﲔ ﲨيع ﻫذﻩ اﻵراء يرى اﳌﺘﺼـ ـ ـ ـ ــوفﺔ ﻣﻦ اﳌسـ ـ ـ ـ ــﻠﻤﲔ ان الرقﻢ‬
‫يﺪل ﻋﻠى ﻣﺎيسـ ـ ـ ــﻤى بﻪ حيﺚ ا ﻢ يرون ان لكﻞ رقﻢ ﻣﻌﲎ حرﰲ ﻻﺳـ ـ ـ ــﻢ أو‬
‫ﲨﻠﺔ أﲰﺎء أو حﱴ ﻋﺒﺎرة كﻼﻣيﺔ أو آيﺔ قرآنيﺔ ‪ ،‬وبﺘحﻠيﻞ ﻫذا الرقﻢ وﻣقﺎرنﺘﻪ‬
‫ﲝسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎب اﳉﻤـﻞ يﻌرف ﻣـﺪلولـﻪ ‪ ،‬أو ﻣﻦ ﺧﻼل اﳌـﺪلول اﳊرﰲ يﻌرف قيﻤﺘـﻪ‬
‫الرقﻤيــﺔ ‪ ،‬فﻬﻢ يرون ان اﻷرقــﺎم تﻌود ﰲ ﻣــﺪلوﳍــﺎ الرﻣزي إﱃ ﻣــﺎ تسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻤى بــﻪ‬
‫فﻤﺜﻼ الرقﻢ )‪ (20‬يــﺪل ﻋﻠى اﲰــﻪ تﻌــﺎﱃ )ودود( ﻷنــﻪ قيﻤﺘــﻪ ‪ ،‬وﻣﻦ ﰒ يرﻣز‬
‫إﱃ الود واﶈﺒﺔ والوآم وكذلﻚ الرقﻢ ) ‪ ( 998‬يﺪل ﻋﻠى اﲰﻪ تﻌﺎﱃ )حﻔيظ(‬
‫وﻫو يﺪل ﻋﻠى اﳊﻔظ واﻷﻣﻦ وﻫكذا ‪.‬‬
‫وﻣﻦ حيـ ــﺔ أﺧرى فـ ــﺎن الﻌـ ــﺪيـ ــﺪ ﻣﻦ ﻋﻠﻤـ ــﺎء اﻷرقـ ــﺎم يقررون انـ ـﻪ‬
‫ﻻﳝكﻦ يﺔ حﺎل ﻣﻦ اﻷحوال تﻔسـ ـ ـ ــﲑ ﲨيع اﻷرقﺎم وﻣﻌرفﺔ رﻣوزﻫﺎ وﻣﺎ تﺪل‬
‫ﻋﻠيﻪ ﻻن ذلﻚ ص ـ ـ ــﻌب الﺘحقيق وﻣﻦ اﳌس ـ ـ ــﺘحيﻼت ﺧﺎص ـ ـ ــﺔ وان اﻷرقﺎم ﻻ‬
‫ـﺎيـﺔ ﳍـﺎ ‪ ،‬ولـذلـﻚ يرى اكﺜر الـﺪارﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﲔ ان ﻣراتـب اﻵحـﺎد تﻌـﺪ اﻷﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎس‬

‫‪55‬‬
‫الرقﻤي ﰲ تﻔسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﲑ اﳌــﺪلول الرﻣزي ﳉﻤيع اﻷرقــﺎم ﻣﻬــﺎ كــﺎنــﺖ ﻣراتﺒﻬــﺎ وﻫــذا‬
‫الرأي يﻌود ﰲ اص ـ ـ ـ ـ ــﻠﻪ إﱃ الﻔيﻠس ـ ـ ـ ــوف اليو ﱐ فيﻠوﻻوس إذ قﺎل " ان ﺛﲑ‬
‫الﻌﺪد وﻣﺎﻫيﺘﻪ ﳚب ان يقﺎﺳـ ــﺎ لقوة اﳌﺘضـ ــﻤنﺔ ﰲ اﻷﻋﺪاد الﻌﺸـ ــرة اﻷوﱃ "‬
‫)‪ (34‬وقﺪ تﺒﲎ ﻫذا الرأي ﻏﺎلﺒيﺔ الﺪارﺳ ـ ـ ــﲔ لﻌﻠﻢ اﻷرقﺎم ‪ ،‬وﻫنﺎك ﻣﻦ يرى ان‬
‫الﺘﻔس ـ ـ ــﲑ الرﻣزي لﻠرقﻢ ﻫو اﳌﺘﻤﺜﻞ ﳊﺪث الذي يﺘزاﻣﻦ ﻣع ﻫذا الرقﻢ ‪ ،‬كﻤﺎ‬
‫يرى آﺧرون أن ﻣﻌﺎﱐ اﻷرقﺎم اﳌذكورة ﰲ الكﺘب السﻤﺎويﺔ تﺪل ﻋﻠى رﻣوزﻫﺎ‬
‫كﻤ ــﺎ ﻫو اﳊ ــﺎل ﻋن ــﺪ اﳌسـ ـ ـ ـ ـ ــيحيﲔ ال ــذي يرون ﰲ الرقﻢ ) ‪) ( 666‬الرقﻢ‬
‫الﺸـيﻄﺎﱐ( ﻷن رؤيﺔ يوحنﺎ ﰲ اﳌنﺎم أنذرت بﻪ ‪ ،‬وكذلﻚ الرقﻢ ) ‪) ( 13‬رقﻢ‬
‫اﳌوت ( ﻷنﻪ تﻌﻠق لﻌﺸـﺎء اﻷﺧﲑ الذي حضـرﻩ السـيﺪ اﳌسـيﺢ ﻋﻠيﻪ السـﻼم‬
‫)‪(35‬‬
‫ﻣع حوارييﻪ اﻻﺛﲏ ﻋﺸــر وتزاﻣﻦ اﳊﺪث ﻣع صــﻠﺒﻪ كﻤﺎ يﻌﺘقﺪ اﳌســيحيون‬
‫ويقرر آﺧرون ان لﺘﺎريخ ﻣيﻼد اﻹنس ـ ـ ـ ــﺎن اﳌﺪﱐ ﻣﺪلول ﻣﻬﻢ ﰲ ﺳ ـ ـ ـ ــﲑ حيﺎتﻪ‬
‫وﺳـ ــﻠوكﻪ وﺷـ ــﺨﺼـ ــيﺘﻪ لذا يﻬﺘﻤون ﻷرقﺎم )‪ (31-1‬ﻣﻦ الﺸـ ــﻬر ‪ ،‬ﰲ حﲔ‬
‫يرى اﳌﺘﺼـ ــوفﺔ اﳌسـ ــﻠﻤﲔ كﻤﺎ قرر ﺳـ ــﺎبقﺎ ان اﳌﺪلول الرقﻤي يرجع ﰲ اصـ ــﻠﻪ‬
‫إﱃ اﳊروف اﻷﲜﺪيﺔ وحسـ ـ ـ ـ ــﺎ ﺎ الرقﻤي فﻠﻔظ اﳉﻼلﺔ ) ﷲ ( يرﻣز إﱃ الرقﻢ‬
‫)‪ ( 66‬ﻷنـ ــﻪ ﻋـ ــﺪدﻩ و لﻌكس فـ ــﺎن الرقﻢ ) ‪ ( 66‬يرﻣز إﱃ لﻔظ اﳉﻼلـ ــﺔ‬

‫)‪ (34‬رﻣزيﺔ اﻷﻋﺪاد ﰲ اﻷحﻼم ‪ ،‬لوفيغ نيﺚ ‪ ،‬ص ‪. 203‬‬


‫)‪ (35‬لقــﺪ افرد ﲝﺜــﺎ ﴰــﺎﻻ ﻋﻦ الرقﻢ ) ‪ ( 13‬ﰲ كﺘــﺎبنــﺎ ) رﻣزيــﺔ اﻷرقــﺎم واﳊروف ﰲ الﻔكر‬
‫الﻌرﰊ ( اﳌؤلف ‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫)ﷲ(‪ ،‬وﻋﻠى الرﻏﻢ ﻣﻦ ﲨيع ﻫذﻩ اﻵراء إﻻ ان ﻏﺎلﺒيﺔ اﳌﺸـﺘغﻠﲔ بﻌﻠﻢ اﻷرقﺎم‬
‫يﺘﻔقون ﰲ أن اصﻞ اﻷرقﺎم ﲨيﻌﻬﺎ )اﻷرقﺎم الﺘسﻌﺔ اﻷوﱃ( وذلﻚ لسﺒﺒﲔ ‪:‬‬
‫أوﳍﻤــﺎ ‪ :‬أن ﲨيع اﻷرقــﺎم ﻣﻬﻤــﺎ كــﺎنــﺖ ﻣراتﺒﻬــﺎ الﻌــﺪديــﺔ ﻻ تﺘﻌــﺪى ان ﲣرج‬
‫ﻋﻦ أحﺪ ﻫذﻩ اﻷرقﺎم الﺘســﻌﺔ ﻋنﺪ ﲨﻌﻬﺎ ‪ ،‬فﺎلرقﻢ ] ‪ 24‬ﻫو ‪ 6‬ﻷن‬
‫‪ [ 6 = 2 + 4‬والرقﻢ ] ‪ 5 = 725‬ﻷن ‪14 + 7 + 2 + 5‬‬
‫‪ [ 5 = 1 + 4،‬وﻫكذا ‪.‬‬
‫نيﻬـﺎ ‪ :‬ان الرقﻢ )‪ (9‬يﻌـﺪ ﺧـﺎﲤـﺔ ﻣراتـب اﻵحـﺎد ‪ ،‬ولو ﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرب ﻣع أي رقﻢ‬
‫ﻣﻬﻤﺎ كﺎنﺖ ﻣرتﺒﺘﻪ فﺎن حﺎصـ ـ ـ ـ ـ ــﻞ ﲨع النﺎتﺞ يس ـ ـ ـ ـ ــﺎوي الرقﻢ ) ‪( 9‬‬
‫فﻤﺜﻼً‬
‫‪9 = 1 + 8 ، 18 = 9 × 2‬‬
‫‪9 = 2 + 7 ، 27 = 9 × 3‬‬
‫‪9 = 3 + 6 ، 36 = 9 × 4‬‬
‫‪9 = 4 + 5 ، 45 = 9 × 5‬‬
‫‪9 = 1 + 8 ، 18 = 5 + 9 + 4 ، 594 = 9 × 66‬‬
‫وﻫكذا فﺎن أي رقﻢ لو ﺿــرب ﻣع الرقﻢ ) ‪ ( 9‬يكون حﺎصــﻞ ﲨع‬
‫النــﺎتﺞ ﻫو الرقﻢ ) ‪ ( 9‬وﻫــذا الﺸـ ـ ـ ـ ـ ــيء كﻤــﺎ يﻄﻠق ﻋﻠيــﻪ ﻋﻠﻤــﺎء اﻷرقــﺎم ﻣﻦ‬
‫ﻋجﺎئب اﻷرقﺎم ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ .26‬ﻗواﻋﺪ اﻷرﻗام ﰲ ﲢﻠيﻞ الﺸﺨﺼية‬
‫ان ﻋﻠﻤﺎء اﻷرقﺎم وﺿـ ـ ــﻌوا قواﻋﺪ كﺜﲑة تسـ ـ ــﺎﻋﺪ اﻹنسـ ـ ــﺎن ﰲ ﻣﻌرفﺔ‬
‫أرقـﺎﻣـﻪ الﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺨﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـﺔ لكي يﺘﻤكﻦ ﻣﻦ ﻣﻌرفـﺔ الﻌﻼقـﺔ بﲔ اﳊـﺪث وحيـﺎتـﻪ‬
‫الﺸـ ـ ـ ــﺨﺼ ـ ـ ـ ــيﺔ ‪ ،‬وﲟﺎ ان ﻫذﻩ القواﻋﺪ كﺜﲑة ﺳ ـ ـ ـ ــنورد أﳘﻬﺎ لكي يرى القﺎرئ‬
‫صﺪق ﻫذﻩ اﳌنﻬجيﺔ أو ﻋﺪﻣﻬﺎ وفيﻤﺎ يﻠي أﻫﻢ ﻫذﻩ القواﻋﺪ ‪.‬‬
‫‪ . 1‬رﻗﻢ اليوم ‪:‬‬
‫يسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺨرج ﻫـذا الرقﻢ ﻣﻦ ﻣﻌرفـﺔ يوم الوﻻدة فـﺎن كـﺎن رقﻤـﺎ واحـﺪاً‬
‫فﻬو ‪ ،‬وان كــﺎن زوجــﺎ ﳚﻤع ليكون رقﻤــﺎ واحــﺪا ‪ ،‬فــﺎﳌولود ﰲ ) ‪ ( 27‬ﻣﻦ‬
‫الﺸﻬر يكون رقﻢ يوﻣﻪ )‪. (9‬‬
‫‪ .2‬الﺮﻗﻢ الﺮئيﺲ ) اﳌوﺣﺪ ( ‪:‬‬
‫يســﺘﺨرج ﻫذا الرقﻢ ﻣﻦ ﲨع أرقﺎم اليوم والﺸــﻬر والســنﺔ وتقﻠيﺼــﻬﻢ‬
‫ليكونوا رقﻤـﺎً واحـﺪاً ‪ ،‬فﻤﺜﻼ اﳌولود ﰲ ) ‪ ( 1996 / 7 / 15‬يكون رقﻤـﻪ‬
‫الرئيسي ) ‪ ( 2‬ﻷن ] ‪+ 8 ، 38 = 1 + 9 + 9 + 6 + 7 + 1 + 5‬‬
‫‪ [ 2 = 1 + 1 ، 11 = 3‬وﻫذا الرقﻢ يﻠﻌب دورا ﻣﻬﻤﺎ ﰲ حيﺎة اﻹنســﺎن‬
‫واﻷحﺪاث الﱵ يﻌيﺸﻬﺎ ‪.‬‬
‫‪ . 3‬رﻗﻢ اﻻسﻢ ‪:‬‬
‫يسـﺘﺨرج ﻫذا الرقﻢ ﻣﻦ ﲢويﻞ حروف اﻻﺳـﻢ إﱃ أرقﺎم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ حسـب‬
‫جﺪول قيﻢ اﳊروف اﻵﰐ ـ ـ ـ ﰒ ﳚﻤﻌوا ويقﻠﺼوا ليﺸكﻠوا رقﻤﺎ واحﺪا ‪ ،‬فﻤﺜﻼ‬
‫اﺳـ ـ ـ ــﻢ زيﺪ فﺎن رقﻤﻪ ) ‪ ( 3‬ﻻن ] حرف الزاي = ‪ ، 7‬وحرف اليﺎء = ‪، 1‬‬

‫‪58‬‬
‫وحروف الــﺪال = ‪ [ 4‬وﲜﻤع ﻫــذﻩ اﻷرقــﺎم ] ‪1 + 2 ، 12 = 4 + 1 + 7‬‬
‫=‪. [ 3‬‬

‫اﳊﺮوف‬ ‫الﺮﻗﻢ‬
‫غ‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬
‫ر‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫‪2‬‬
‫ش‬ ‫ل‬ ‫جـ‬ ‫‪3‬‬
‫ت‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫‪4‬‬
‫ث‬ ‫ن‬ ‫ﻫـ‬ ‫‪5‬‬
‫خ‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫‪6‬‬
‫ذ‬ ‫ع‬ ‫ز‬ ‫‪7‬‬
‫ض‬ ‫ف‬ ‫حـ‬ ‫‪8‬‬
‫ظ‬ ‫ص‬ ‫ط‬ ‫‪9‬‬

‫‪ . 4‬رﻗﻢ الﱪج أو الكوﻛﺐ ‪:‬‬


‫يﻌرف ﻫذا الرقﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻌرفﺔ برج اﻹنس ــﺎن اﳌﺘﻤﺜﻞ لﻔﱰة الﱵ‬
‫يولﺪ فيﻬﺎ حسب اﳉﺪول اﳌوﺿﺢ أد ﻩ ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الﻔﱰة الﻔﻠكية‬ ‫الﺮﻗﻢ‬ ‫الﱪج‬ ‫ت‬
‫إﱃ‬ ‫ﻣﻦ‬
‫‪ 20‬نيسﺎن‬ ‫‪ 21‬ـ آذار‬ ‫‪9‬‬ ‫اﳊﻤﻞ‬ ‫‪1‬‬
‫‪ 21‬آ ر‬ ‫‪ 21‬نيسﺎن‬ ‫‪6‬‬ ‫الﺜور‬ ‫‪2‬‬
‫‪ 21‬حزيران‬ ‫‪ 22‬آ ر‬ ‫‪5‬‬ ‫اﳉوزاء‬ ‫‪3‬‬
‫‪ 22‬ﲤوز‬ ‫‪ 22‬حزيران‬ ‫‪2‬‬ ‫السرﻃﺎن‬ ‫‪4‬‬
‫‪ 22‬آب‬ ‫‪ 23‬ﲤوز‬ ‫‪1‬‬ ‫اﻷﺳﺪ‬ ‫‪5‬‬
‫‪ 22‬أيﻠول‬ ‫‪ 23‬آب‬ ‫‪5‬‬ ‫الﻌذراء‬ ‫‪6‬‬
‫‪ 22‬تﺸريﻦ أول‬ ‫‪ 23‬أيﻠول‬ ‫‪6‬‬ ‫اﳌيزان‬ ‫‪7‬‬
‫‪ 21‬تﺸريﻦ ﱐ‬ ‫‪ 23‬تﺸريﻦ أول‬ ‫‪9‬‬ ‫الﻌقرب‬ ‫‪8‬‬
‫‪ 21‬كﺎنون ﱐ‬ ‫‪ 22‬تﺸريﻦ ﱐ‬ ‫‪3‬‬ ‫القوس‬ ‫‪9‬‬
‫‪ 20‬كﺎنون ﱐ‬ ‫‪ 22‬كﺎنون أول‬ ‫‪8‬‬ ‫اﳉﺪي‬ ‫‪10‬‬
‫‪ 18‬ﺷﺒﺎط‬ ‫‪ 21‬كﺎنون ﱐ‬ ‫‪4‬‬ ‫الﺪلو‬ ‫‪11‬‬
‫‪ 20‬آذار‬ ‫‪ 19‬ﺷﺒﺎط‬ ‫‪7‬‬ ‫اﳊوت‬ ‫‪12‬‬

‫‪60‬‬
‫الﻔﺼﻞ الﺜاﱐ‬
‫اﳊﺮوف الﻌﺮﺑية ﻣﻦ النﻄﻖ إﱃ التنبؤ والﻌﻼج‬

‫‪ .1‬ﻣﺪﺧﻞ‬
‫ﻋﻠى الرﻏﻢ ﳌﺎ ﰲ اﻷلﻔﺎظ ﻣﻦ ﺛﲑ قوي ﰲ نﻔس اﳌس ـ ـ ـ ــﺘﻤع إﻻ أن‬
‫اﻏﻠب الﺪراﺳـ ــﺎت اﳌﻌﺎصـ ــرة حول حروف لغﺘنﺎ الﻌربيﺔ أﺧذت جوانب لغويﺔ‬
‫أو بﻼﻏيــﺔ أو ﳓويــﺔ وقﻠﻤــﺎ تﻄرقــﺖ دراﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ ﳌــﺎ ﰲ اﳊرف الﻌرﰊ ﻣﻦ ﺛﲑ‬
‫فيز ئي أو تنﺒؤي فكﻠنﺎ يﻌﻠﻢ ﻣﺎ لﻸلﻔﺎظ ﻣﻦ اﺛر فﻌﺎل ﰲ نﻔس اﳌسـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﻤع ‪،‬‬
‫فكﻢ ﻣﻦ ﺧﻄﺒﺔ كﺎن ﳍﺎ الﺪور اﻷكﱪ ﰲ جيﺞ روح اﳊﻤﺎس ﰲ الﺸـ ـ ـ ـ ــﻌوب‬
‫ﻃﺎلﺒﲔ الﺘحرر ﻣﻦ قيود الﻈﻠﻢ والض ـ ـ ــﻼل ‪ ،‬وكﻢ ﻣﻦ قﺼـ ـ ــيﺪة ﺷ ـ ـ ــﻌريﺔ ﻏﲑت‬
‫حكﻤﺎ وقﻠﺒﺖ نﻈﺎﻣﺎ ‪ ،‬وﰲ ﻋﺼ ـ ــر كﺜﲑا ﻣﺎ نﺸ ـ ــﺎﻫﺪ ﻋﻠى ﺷ ـ ــﺎﺷ ـ ــﺎت الﺘﻠﻔﺎز‬
‫فرق الروك والﺒوب واﻏﺎنيﻬﺎ وﻣﺎ تﻔﻌﻠﻪ ﳌس ـ ـ ـ ــﺘﻤﻌﲔ ﻣﻦ الﺼ ـ ـ ـ ــﺨب وفقﺪان‬
‫الوﻋي واﳍســﺘﲑ واﳉنون الﻼإرادي ‪ ،‬ونﻔس الﺸــيء نﺸــﺎﻫﺪﻩ بﺼــورة أﺧرى‬
‫ﰲ اﳌوالـﺪ الـﺪينيـﺔ واﳌنـﺎقـب النﺒويـﺔ إذ نﺸ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻫـﺪ بﻌض النـﺎس ) الـﺪراويﺶ (‬
‫يﻔقﺪون الوﻋي )ينجذبون ( ﻋنﺪ ﲰﺎﻋﻬﻢ بﻌض القﺼــﺎئﺪ واﳌﺪائﺢ الﱵ تﺘغﲎ‬
‫لرﺳ ـ ــول ص ـ ــﻠى ﷲ ﻋﻠيﻪ وﺳ ـ ــﻠﻢ وص ـ ــحﺎبﺘﻪ وأوليﺎء ﷲ الﺼ ـ ــﺎﳊﲔ ‪ .‬فﻬﻞ‬
‫الﺘــﺄﺛﲑ ﰲ ﻫــذﻩ اﳊــﺎﻻت تﺞ ﻋﻦ الﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوت وﻃريقــﺔ اﻹلقــﺎء الﱵ تغﲎ ــﺎ‬
‫الﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻋر أو اﳌغﲏ أو اﳋﻄيــب ؟ أم تﺞ ﻋﻦ ﻣﻌــﺎﱐ اﻷلﻔــﺎظ اﳌكﺘوبــﺔ ﻣﻦ‬

‫‪61‬‬
‫اﳊروف ؟ أم يرجع إﱃ اﻻﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺘﻌﺪاد الروحي والنﻔس ـ ـ ـ ـ ــي ﰲ اﳌس ـ ـ ـ ـ ــﺘﻤع ؟ إن‬
‫اﻹجﺎبﺔ ﻋﻠى ﻫذا الﺘس ــﺎؤل ﳛﺘﺎج إﱃ دراﺳ ــﺔ ﺷ ــﺎﻣﻠﺔ ﳉﻤيع ﻫذﻩ الﻌنﺎص ــر ‪،‬‬
‫فكﻤﺎ لﺼـ ـ ـ ــوت اﳌغﲏ اﳉﻤيﻞ أو الﺼـ ـ ـ ــﺎﺧب ﻣﻦ ﺛﲑ وكﻤﺎ لﻠحﺎلﺔ النﻔسـ ـ ـ ــيﺔ‬
‫واﻻﺳﺘﻌﺪاد النﻔسي ﻣﻦ ﺛﲑ ﻫو اﻵﺧر ‪ ،‬فكذلﻚ لﻠﻤﻌﺎﱐ اﳌغﲎ ﺎ واﳌﻠقﺎة‬
‫إﱃ نﻔس اﳌسﺘﻤع ﺛﲑ ﻣﻬﻢ آﺧر ‪ ،‬وﻣﺎ يﺸﻌر بﻪ اﻹنسﺎن اﳌؤﻣﻦ ﻣﻦ ﺧﺸوع‬
‫أو بكـ ــﺎء ﻋنـ ــﺪ ﲰـ ــﺎﻋـ ــﻪ لﺒﻌض اﻵ ت القرآنيـ ــﺔ ﺧﲑ دليـ ــﻞ ﳌـ ــﺎ ﰲ اﻷلﻔـ ــﺎظ‬
‫وﻣﻌﺎنيﻬﺎ ﻣﻦ ﺛﲑ ‪ ،‬فكﻢ ﻣﻦ كﻠﻤﺔ فﻌﻠﺖ ﰲ اﳌﺘﻠقي فﻌﻞ الس ــيف لقﻄع ‪،‬‬
‫ﻫ ــذا اﻷﻣر ﳚﻌﻠن ــﺎ نقرر ان اﳌﻌ ــﺎﱐ الﱵ نﺘكﻠﻢ ــﺎ ونﻌﱪ ــﺎ ﻋﻦ أفك ــﺎر أو‬
‫ﺷ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻌور …‪ .‬ليسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺖ ﳎردة ! بـﻞ ﳍـﺎ ﻃـﺎقـﺔ كـﺎﻣنـﺔ إذا ﻣـﺎﻋرفنـﺎ قواﻋـﺪﻫـﺎ‬
‫وﻣﻌﺎدﻻ ﺎ ﲤكنﺎ ﻣﻦ اﺳـ ــﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﰲ حيﺎتنﺎ بﺸـ ــكﻞ ﻋجيب ‪ ،‬بﻞ قﺪ ﳓقق‬
‫ﺎ أﻣوراً يﻌﺪﻫﺎ النﺎس ﺿـرب ﻣﻦ ﺿـروب اﳋيﺎل أو اﳌسـﺘحيﻞ ‪ .‬وﻣﻦ ﺧﻼل‬
‫دراﺳـ ـ ـ ـ ـ ــﺘنـﺎ الﻄويﻠـﺔ ﳊقيقـﺔ الﻔﻌـﻞ الﻔيز ئي لﻠحروف وجـﺪ ان ﳍـذﻩ اﳊروف‬
‫تنﺎﺳـ ـ ــﺒﺎت ﻋﺪديﺔ ﰲ ﺛﲑﻫﺎ ﻋﻠى اﻹنسـ ـ ــﺎن بﺼـ ـ ــورة ﺧﺎصـ ـ ــﺔ واﳊيﺎة بﺼـ ـ ــورة‬
‫ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬فﺒﺎﺳـ ـ ــﺘﻄﺎﻋﺘنﺎ ان ﳔﺘﺼـ ـ ــر ﺧﻄﺒﺔ ﻃويﻠﺔ أو ﻣوﺿـ ـ ــوﻋﺎ ﻣﻌينﺎ ﰲ حروف‬
‫قﻠيﻠﺔ تؤدي نﻔس ﻏرض ﻫذﻩ اﳋﻄﺒﺔ أو اﳌوﺿ ـ ـ ـ ـ ــوع بﻞ قﺪ تكون أقوى ﺛﲑاً‬
‫إذا ﻣﺎ حولنﺎ ﻫذﻩ اﳋﻄﺒﺔ إﱃ أرقﺎم وﲨﻌنﺎﻫﺎ واﺧذ حروف ﻫذا الرقﻢ ‪.‬‬
‫وﻣﻦ حيـﺔ أﺧرى فﺎن اﺳـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺨـﺪاﻣﺎت اﳊروف ﻻ تقﺘﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ﻋﻠى‬
‫الﺘﺄﺛﲑ الﻔيز ئي ﳌﺎ ﲤﻠكﻪ ﻣﻦ ﻃﺎقﺔ كﺎﻣنﺔ فيﻬﺎ ‪ ،‬بﻞ ﳍﺎ اﺳـ ـ ـ ــﺘﺨﺪاﻣﺎت أﺧرى‬
‫ﺧـذ صـ ـ ـ ـ ـ ــﺒغـﺔ تنﺒؤيـﺔ ﰲ كﺜﲑ ﻣﻦ اﻷحيـﺎن ‪ ،‬فﻌﻠﻤـﺎء اﳊروف الـذي يﺘنـﺎولون‬

‫‪62‬‬
‫اﳉﺎنب الﺘنﺒؤي يقرون ان لكﻞ ﺳ ـ ـ ـ ـؤال جواب ‪ ،‬واﳉواب يكﻤﻦ ﰲ حروف‬
‫السؤال وﲟﻌرفﺔ نسب اﳊروف وﻣوازينﻬﺎ ﳝكﻦ الﺘوصﻞ إﱃ حروف اﳉواب ‪،‬‬
‫ﻫذا اﳉﺎنب ﻣﻦ الﺪراﺳ ـ ـ ــﺎت اﳊرفيﺔ يﻄﻠق ﻋﻠيﻪ أﺳ ـ ـ ــﻢ ))ﻋﻠﻢ اﳉﻔر (( الذي‬
‫ﺳ ــنﺘحﺪث ﻋﻠيﻪ ﻻحقﺎ ‪ ،‬وﳌﺎ كﺎنﺖ اﻷﺳ ــﺌﻠﺔ اﳌﻄروحﺔ ﻣﺘنوﻋﺔ وﻣﺘﻌﺪدة وﻣﻦ‬
‫أﳘﻬﺎ تﻠﻚ اﻷﺳــﺌﻠﺔ الﱵ تﺘﻌﻠق ﲟســﺘقﺒﻞ اﻹنســﺎن وﻣﺼــﲑﻩ ‪ ،‬أصــﺒحﺖ قواﻋﺪ‬
‫ﻫــذا الﻌﻠﻢ ﳐﻔيــﺔ ويكﺘنﻔﻬــﺎ الغﻤوض اﻷﻣر الــذي جﻌــﻞ بﻌض الــﺪارﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــﲔ‬
‫الﻠغويﲔ ينكرون ص ـ ـ ـ ـ ـ ـح ــﺔ ﻫ ــذا الﻌﻠﻢ ونﻈر تـ ـﻪ ‪ ،‬ولكﻦ ﰲ اﳊق ــﻞ الﻌﻠﻤي‬
‫ﻻﳝكﻦ لنﺎ ان ﳓكﻢ ﻋﻠى ﺷـ ـ ـ ــيء ﲟجرد ﻋﺪم ﻣﻌرفﺘنﺎ ﻻصـ ـ ـ ـ ــولﻪ أو قواﻋﺪﻩ ‪،‬‬
‫ولذلﻚ حﺎولنﺎ ان نسﻠط الضوء حول أﻫﻢ القضﺎ الﱵ يﺘنﺎوﳍﺎ ﻋﻠﻢ اﳊروف‬
‫ﺳـ ـ ـ ـ ـ ـواء كﺎنﺖ فيز ئيﺔ أم تنﺒؤيﺔ ‪ .‬وﳌﺎ كﺎنﺖ أﻫﻢ اﳌسـ ـ ـ ـ ـ ــﺎئﻞ الﱵ يﺘنﺎوﳍﺎ ﻋﻠﻢ‬
‫الﺒﺎراﺳﺎيكولوجيﺎ ﻣسﺄلﺔ الﺘنﺒؤ وﻣسﺄلﺔ الﺘﺄﺛﲑ الﻔيز ئي ا رد ﻋﻦ اﳌﺎدة ‪ ،‬فﺎن‬
‫دراﺳــﺘنﺎ ﻫذﻩ ﺳــﺘكون جﺪيﺪة ﰲ ﻣوﺿــوﻋﻬﺎ وﻃرحﻬﺎ لﻸفكﺎر ‪ ،‬ﺧﺎصــﺔ واننﺎ‬
‫وجﺪ صـ ـ ــﺪق ﻫذﻩ الﻌﻼقﺔ وص ـ ـ ــحﺘﻬﺎ بﲔ اﳊروف واﳊﺪث ﻣﻦ جﻬﺔ وبﲔ‬
‫اﻹنسـ ــﺎن والكون ﻣﻦ جﻬﺔ أﺧرى ‪ ،‬فﺎﳊروف الﱵ نﺘكﻠﻤﻬﺎ ونكﺘﺒﻬﺎ ليسـ ــﺖ‬
‫ﳎردة بﻞ ﳍﺎ قوة وﻃﺎقﺔ فيز ئيﺔ ﻣؤﺛرة وﳍﺎ قواﻋﺪ تنﺒؤيﺔ ﲤكننﺎ ﻣﻦ ﺳ ــﱪ أﻏوار‬
‫الﻌﺎﱂ ا ﻬول بﺸرط ان تسﺘﺨﺪم ﺿﻤﻦ قواﻋﺪ وحسﺎ ت ﺧﺎصﺔ ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ .2‬النظﺮ ت الﻔكﺮية ﰲ ﺗﻔﺴﲑ ﻣﻔﺮدات الﻠﻐة‬
‫وﻫنﺎك ﻣس ـ ـ ـ ــﺄلﺔ ﻣﻬﻤﺔ تﺘﻌﻠق ﳌﻔردات – الكﻠﻤﺎت – الﱵ نﻌرفﻬﺎ‬
‫ونﺘحـﺪث ـﺎ ‪ ،‬ﻫـذﻩ الكﻠﻤـﺎت ﻫـﻞ ﻫي ﻣﻦ وﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻌنـﺎ ! أم ﻫي ﻣوﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوﻋـﺔ‬
‫ﻷصـ ـ ـ ــﻞ ﳍذﻩ اﳌسـ ـ ـ ــﻤيﺎت ! ﳑﺎ ﻻﺷ ـ ـ ــﻚ فيﻪ ان اﳌس ـ ـ ـ ــﻤيﺎت الﱵ ننﻄق ﺎ‬
‫ونﻄﻠقﻬﺎ ﻋﻠى اﻷﺷــيﺎء ليســﺖ ﻫي اﻷﺷــيﺎء بذا ﺎ فكﻠﻤﺔ ) ﺧﺒز ( ﻣﺜﻼً ﻫي‬
‫ليسـ ــﺖ اﳋﺒز الذي كﻠﻪ فﺎلرﻣز الﻠغوي ﺷـ ــيء واﳌرﻣوز بﻪ ﺷـ ــيء آﺧر ‪ ،‬ان‬
‫ﻫذﻩ اﻷفكﺎر والﺘسـ ــﺎؤﻻت حول اﳌﻔردات الكﺜﲑة الﱵ نﺘكﻠﻢ ﺎ ﲨﻌﻬﺎ كﺒﺎر‬
‫الﻔﻼﺳـ ـ ــﻔﺔ ﰲ ﺳـ ـ ـؤال واحﺪ ﻫو )) إﱃ أي حﺪ نسـ ـ ــﺘﻄيع ان نسـ ـ ــﺘﺪل ﻋﻠى‬
‫ﻃﺒيﻌــﺔ الﻌــﺎﱂ اﳋــﺎرجي ﻣﻦ ﻃﺒيﻌــﺔ الﻠغــﺔ الﱵ نﺘحــﺪث ــﺎ ﻋﻦ ذلــﻚ الﻌــﺎﱂ((‬
‫وقﺪ تنوﻋﺖ اﻷجوبﺔ ﳍذا السـ ـ ـ ـؤال إﻻ أننﺎ نس ـ ـ ـ ــﺘﻄيع ان ﳒﻤﻠﻬﺎ بﺜﻼث فرق‬
‫كﻤﺎ قرر الﻔﻼﺳﻔﺔ وﻫي ‪:‬‬
‫الﻔﺮيﻖ اﻷول ‪ :‬يرى ) ان ﺧﺼ ــﺎئص الﻌﺎﱂ ﻣﻦ ﺧﺼ ــﺎئص الﻠغﺔ ‪،‬‬
‫فﺎلكﻠﻤﺔ ﻻﳝكﻦ ﳍﺎ ان تﱰكب إﻻ بﺘوافر جﺎنﺒﲔ ﳘﺎ ‪ :‬اﳌسـنﺪ إليﻪ ﻣﻦ جﻬﺔ‪،‬‬
‫واﳌسنﺪ ﻣﻦ جﻬﺔ أﺧرى وﻫذا رأي افﻼﻃون واﺳﺒينوزا وليﺒنﺘز وﻫيجﻞ وبرادﱄ‬
‫وﻏﲑﻫﻢ ‪.‬‬
‫الﻔﺮيﻖ الﺜـاﱐ ‪ :‬يرى ) ان اﻹنس ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎن ﳏـﺎل ﻋﻠيـﻪ ان يﺘجـﺎوز بﻌﻠﻤـﻪ‬
‫حﺪود كﻠﻤﺎت الﻠغﺔ إﱃ حيﺚ الﻌﺎﱂ اﳋﺎرجي ﰲ ذاتﻪ ( ويس ــﺘﺪلون ﲟﻔردات‬
‫الﺘﻌﺒﲑ الﱵ ﻻﳝكﻦ اﻹحــﺎﻃــﺔ ــﺎ ‪ ،‬فﻤﺜﻼ إذا أردت ان تقول ) ان اﳊﻠيــب‬
‫ابيض ( ﲡﺪ انﻚ تﺸ ــرح كﻠﻤﺔ ﺧرى وﻫذﻩ بﺜﺎلﺜﺔ ورابﻌﺔ وﻫﻠﻢ جرا وﺳ ــﺘﻈﻞ‬

‫‪64‬‬
‫تﻌﱪ ﻋﻦ بيﺎض اﳊﻠيب وﻻ وﺳـ ـ ــيﻠﺔ أﻣﺎﻣﻚ لﻠﺨروج ﻣﻦ نﻄﺎق الكﻠﻤﺎت إﱃ‬
‫حقيقـﺔ )الﺒيـﺎض ( الـذي يوصـ ـ ـ ـ ـ ــف بـﻪ اﳊﻠيـب ‪ ،‬فكيف إذا أردت ان تﻌﱪ‬
‫لﺼ ـ ــﺪيقﻚ ﻋﻦ ﺷ ـ ــﻌور انﺘﺎبﻚ كﺎﳊزن واﳌرض أو اﳋوف أو الﻔرح أو ﻣﺎ إﱃ‬
‫ذلﻚ ‪ ،‬وﺧﻼص ـ ـ ـ ـ ــﺔ قول ﻫذا الﻔريق ) ان ﲨيع أنواع اﳌﻌرفﺔ إﳕﺎ ﻫي كﻠﻤﺎت‬
‫لغويﺔ ﻻ اكﺜر وﻻ اقﻞ ( وﻣﻦ دﻋﺎة ﻫذا الﻔريق وليﻢ اوكﺎم و ركﻠي وﻏﲑﳘﺎ‪.‬‬
‫الﻔﺮيﻖ الﺜالﺚ ‪ :‬يرى ) ان اﻹنس ـ ـ ـ ــﺎن ﰲ وﺳ ـ ـ ـ ــﻌﻪ ان يﺪرك حقيقﺔ‬
‫ﻣــﺎ‪ ،‬ﻏﲑ كﻠﻤــﺎت الﻠغــﺔ الﱵ يﺘكﻠﻢ ــﺎ ( ويﻌﺘقــﺪ ﻫــذا الﻔريق ان ﻣﺜــﻞ ﻫــذﻩ‬
‫اﳊقيقـﺔ يسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘحيـﻞ ﻋﻠى الﻠغـﺔ ان تﻌﱪ ﻋنﻬـﺎ ‪،‬وﻫـذا رأي الﻔﻼﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻔـﺔ الـذيﻦ‬
‫)‪(36‬‬
‫ﺧذون ﻹدراك اﳊسي كﱪجسون وكذلﻚ اﳌﺘﺼوفﺔ ‪.‬‬

‫‪ .3‬التﻌﺮيﻒ ﺑﻌﻠﻢ اﳊﺮوف‬


‫تﻌﺪ ﻫذﻩ اﻵراء الﺜﻼﺛﺔ اﻷﻫﻢ ﰲ تﻔس ـ ـ ـ ـ ـ ــﲑ ﲨيع الﺘس ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎؤﻻت الﱵ‬
‫تﺘﻌﻠق صـ ـ ــﻞ ﻣﻔردات الﻠغﺔ ‪ ،‬وﲟﺎ ان ﻣنﻬجيﺔ دراﺳـ ـ ــﺘنﺎ ﻫذﻩ ليس ﳍﺎ ﻋﻼقﺔ‬
‫لﻠغﺔ الﻌربيﺔ إﻻ ﻣﻦ جﺎنب الﺘﺄﺛﲑ الﺘنﺒؤي فﺈننﺎ ﺳـ ـ ــنكﺘﻔي ﲟﺎ ذكر ﻩ وننﺘقﻞ‬
‫إﱃ ﺧﺎصيﺔ اﳊروف وفﻌﻠﻬﺎ الﻔيز ئي ‪ ،‬وحسب ﻃﺒيﻌﺔ دراﺳﺘنﺎ الﱵ نﺘحﺪث‬
‫فيﻬـﺎ ﻋﻦ اﳊرف الﻌرﰊ ﻻبـﺪ لنـﺎ ﻣﻦ أن نـذكر الﺘﻌريف الﻌﻠﻤي لﻌﻠﻢ اﳊروف‬
‫ونرى اراء ﻋﻠﻤﺎء الﻌرب فيﻪ وﺳ ـ ــنﺒﺪأ لﻌﻼﻣﺔ اﻻنﻄﺎكي الذي قﺎل ﰲ ﻋﻠﻢ‬

‫)‪ (36‬جـﺎبر بﻦ حيـﺎن ‪ ،‬زكي ﳒيـب ﳏﻤود ص ‪ . 109‬جـﺪليـﺔ اﳊرف الﻌرﰊ ‪ ،‬ﳏﻤـﺪ ﻋنﱪ‬
‫ص ‪. 255‬‬
‫‪65‬‬
‫اﳊروف " ﻫو ﻋﻠﻢ حﺚ ﻋﻦ ﺧواص اﳊروف إفرادا وتركيﺒـﺎ ‪ ،‬وﻣوﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوﻋﻪ‬
‫اﳊروف اﳍجﺎئيﺔ ‪،‬وﻣﺎدتﻪ اﻻوفﺎق والﱰاكيب ‪ ،‬وصــورتﻪ تقســيﻤﻬﺎ كﻤﺎ وكيﻔﺎً‬
‫و ليف اﻷقس ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎم والﻌزائﻢ وﻣـﺎ ينﺘﺞ ﻋنﻬــﺎ ‪ ،‬وفـﺎﻋﻠــﻪ اﳌﺘﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرف ‪ ،‬وﻏـﺎيﺘــﻪ‬
‫الﺘﺼ ــرف ﻋﻠى وجﻪ ﳛﺼ ــﻞ بﻪ اﳌﻄﻠوب ايقﺎﻋﺎ وانﺘزاﻋﺎ ‪ ،‬وﻣرتﺒﺘﻪ الروحﺎنيﺎت‬
‫والﻔﻠﻚ والنجﺎﻣﺔ")‪. (37‬‬
‫أﻣﺎ الﻌﻼﻣﺔ ابﻦ ﺧﻠﺪون فﲑى أن ﻋﻠﻢ اﳊروف ﻣﺘﻌﻠق لﻄﻠسـﻤﺎت‬
‫ويقول ﰲ ذلﻚ " ﻋﻠﻢ أﺳ ـ ــرار اﳊروف ﻫو اﳌس ـ ــﻤى ذا الﻌﻬﺪ لس ـ ــيﻤيﺎء ‪،‬‬
‫نقﻞ وﺿ ـ ــﻌﻪ ﻣﻦ الﻄﻠس ـ ــﻤﺎت إليﻪ ﰲ إص ـ ــﻼح أﻫﻞ الﺘﺼ ـ ــرف ﻣﻦ اﳌﺘﺼ ـ ــوفﺔ‬
‫فﺎﺳــﺘﻌﻤﻞ اﺳــﺘﻌﻤﺎل الﻌﺎم ﰲ اﳋﺎص ")‪ (38‬ونقرأ ﰲ دائرة اﳌﻌﺎرف اﻹﺳــﻼﻣيﺔ‬
‫" ﻋﻠﻢ اﳊروف يقوم ﻋﻠى ﺧﺼــﺎئص ﺧﻔيﺔ ﳊروف اﳍجﺎء ولﻸﲰﺎء القﺪﺳــيﺔ‬
‫اﳌﻼئكيﺔ الﱵ تﺘكون ﻣﻦ اﳊروف …‪ ..‬وﻫو فرع ﻣﻦ اﳉﻔر ")‪. (39‬‬
‫أﻣﺎ الﻌﻼﻣﺔ القنوجي فيقول " ﻋﻠﻢ الﺘﺼـ ـ ـ ـ ـ ــرف ﳊروف واﻷﲰﺎء ‪،‬‬
‫ﻫذا ﻋﻠﻢ ﺷـ ـريف يﺘوص ــﻞ ﳌﺪاوﻣﺔ ﻋﻠيﻪ ﻋﻠى ﺷـ ـرائط ﻣﻌينﺔ ور ﺿ ــﺔ ﺧﺎص ــﺔ‬
‫إﱃ ﻣ ــﺎ ين ــﺎﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب تﻠ ــﻚ اﳊروف أو اﻷﲰ ــﺎء ﻣﻦ اﳋواص … وينق ــﻞ ﻋﻦ‬
‫صــﺎحب ﻣﺪينﺔ الﻌﻠوم قولﻪ … ﻫذا ﻋﻠﻢ ﻻيﺘوصــﻞ إليﻪ اﻻ بر ﺿــﺔ وﳎﺎﻫﺪة‬
‫ﻣراﻋيﺎ لقواﻋﺪ الﺸـريﻌﺔ حﱴ يﻔﺘﺢ لﻪ أبواب اﳌﻠكوت فيﺘﺼـرف ﰲ روحﺎنيﺎت‬

‫)‪ (37‬تذكرة داود اﻻنﻄﺎكي ‪ ،‬جـ ‪ ، 3‬ص ‪.80‬‬


‫)‪ (38‬ﻣقﺪﻣﺔ ابﻦ ﺧﻠﺪون ‪.‬‬
‫)‪ (39‬دائرة اﳌﻌﺎرف اﻹﺳﻼﻣيﺔ ‪ :‬جـ ‪ ، 14‬ص ‪. 112‬‬
‫‪66‬‬
‫تﻠﻚ اﳊروف ويﺘوصـ ـ ــﻞ ﺎ إﱃ ﻣقﺎصـ ـ ــﺪﻫﻢ الﺪنيويﺔ واﻷﺧرويﺔ ‪ ،‬وﻣوﺿـ ـ ــوﻋﻪ‬
‫وﻏﺎيﺘﻪ ظﺎﻫرة ‪ ،‬وقيﻞ ﲢﺖ ﻫذا الﻌﻠﻢ ﲦﺎن واربﻌون ﻋﻠﻤﺎً ")‪. (40‬‬
‫وﻣﻦ ﺧﻼل قراءتنـﺎ ﳍـذﻩ الﺘﻌـﺎريف نرى ان ﲨيﻌﻬـﺎ تﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﱰك ﰲ ان‬
‫ﺧﺎص ـ ـ ــيﺔ ﻫذا الﻌﻠﻢ ﻫو دراﺳ ـ ـ ــﺔ ﺧواص حروف اﳍجﺎء وﻣﺎﳍﺎ ﻣﻦ قوة ﺛﲑيﺔ‬
‫ﺳـ ـ ـ ـ ـ ـواء أكﺎنﺖ ﻣﻔردة أم ﻣركﺒﺔ إﻻ ان الﻌﻼﻣﺔ ابﻦ ﺧﻠﺪون ربط ﺧواص ﻋﻠﻢ‬
‫اﳊروف فﻌـ ــﺎل الﻄﻠسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻤـ ــﺎت ‪ ،‬واﳊق ان ﻋﻠﻢ اﳊروف ليس لـ ــﻪ ﻋﻼقـ ــﺔ‬
‫لﻄﻼﺳـﻢ ‪ ،‬فﺎلﻄﻼﺳـﻢ تقوم ﻋﻠى أﺳـﺎس اﺳـﺘنزال روحﺎنيﺔ اﻷفﻼك ﰲ الرﻣوز‬
‫اﳌكﺘوبﺔ ﰲ أوقﺎت ﻣﻌينﺔ ‪ ،‬أﻣﺎ ﻋﻠﻢ اﳊروف فيقوم ﻋﻠى أﺳ ـ ـ ـ ــﺎس اﺳ ـ ـ ـ ــﺘﺨﺪام‬
‫ﺧواص حروف اﳍجﺎء ﳎردة ﻋﻦ اﻻﺳـ ـ ــﺘﻌﺎنﺔ بقوة اﻷفﻼك كﻤﺎ يﻌﺘقﺪ ﻋﻠﻤﺎء‬
‫الﻄﻼﺳـ ـ ـ ـ ـ ــﻢ ‪ ،‬اﻣﺎ القنوجي فربط الﺘﺼ ـ ـ ـ ـ ــرف ﲞواص اﳊروف لر ﺿـ ـ ـ ـ ـ ــيﺎت‬
‫واﳋﻠوات اﳌﺒنيﺔ ﻋﻠى أص ــول الﺸ ـريﻌﺔ وﻫو بذلﻚ ﺧﻠط بﲔ الﺘﺼ ــرف ﲰﺎء‬
‫ﷲ اﳊسـ ـ ـ ــﲎ اﳌﺒنيﺔ ﻋﻠى أﺳـ ـ ـ ـ ــﺎس الﺘوافق اﳊرﰲ والﻌﺪدي بينﻬﺎ وبﲔ اﺳ ـ ـ ـ ــﻢ‬
‫الذاكر ﻣﻦ جﻬﺔ وأﺳـ ـ ـرار الﺘﺼ ـ ــرف ﳊروف بﺼ ـ ــورة ﻋﺎﻣﺔ ‪ ،‬وان كﺎن ﻫنﺎك‬
‫اﺷـﱰاك وﻋﻼقﺔ نسـﺒيﺔ بينﻬﻤﺎ ﻣﻦ حيﺔ اﳊروف الﱵ تﺘكون ﻣنﻬﺎ اﻷﲰﺎء اﻻ‬
‫ان اﺳـ ــﺘﺨﺪاﻣﺎت اﳊروف ﻻ تقﺘﺼـ ــر ﻋﻠى ﻣﻌرفﺔ ﺧواصـ ــﻬﺎ ﻣﻦ اﳌﺪاوﻣﺔ ﻋﻠى‬
‫تﻼو ﺎ ﳎردة أو ﻣركﺒﺔ ﲰﺎء ﰲ ﺧﻠوات ور ﺿـ ـ ـ ــﺎت ﺧﺎصـ ـ ـ ــﺔ ﺎ ‪ ،‬بﻞ تقوم‬
‫ﻋﻠى أﺳــﺎس ر ﺿــي وﻋﻠﻤي ﻣع احﺘيﺎجﻬﺎ ﰲ بﻌض اﻷحيﺎن إﱃ الر ﺿــيﺎت‬
‫النﻔسيﺔ والﺘﺄﻣﻼت الﻌﺪديﺔ ‪.‬‬

‫)‪ (40‬اﲜﺪ الﻌﻠوم ‪ ،‬القنوجي ‪ ،‬جـ ‪ . 2‬ص ‪. 152‬‬


‫‪67‬‬
‫ان ﻫ ــذﻩ الﺘﻌ ــﺎريف ﺧﺘﻼفﻬ ــﺎ تؤك ــﺪ ﻋﻠى وجود ترابط ﺧﻔي بﲔ‬
‫اﳊروف ﺳ ـواء كﺎنﺖ ﳎردة أو ﻣركﺒﺔ وبﲔ ﻣﺎدة الكون ﺳ ـواء كﺎنﺖ اﻹنســﺎن‬
‫أم اﳌوجودات بﺼ ــورة ﻋﺎﻣﺔ ‪ ،‬وﳝكﻦ لﻺنس ــﺎن الﺘﺼ ــرف بس ــر اﳊروف أو ﻣﺎ‬
‫ﳝكﻦ ان نﻄﻠق ﻋﻠيﻪ ﻋﻠﻤيﺎ ﻃﺎقﺘﻬﺎ الﻔيز ئيﺔ ﻋﻦ ﻃريق الر ﺿـ ـ ــﺔ وا ﺎﻫﺪة أو‬
‫ﻣﺎ نس ـ ـ ـ ــﻤيﻪ ﰲ حقﻞ الﺒﺎراﺳـ ـ ـ ـ ــﺎيكولوجي الﺘﺄﻣﻞ والﱰكيز النﻔس ـ ـ ـ ــي والﻔكري‬
‫الـذي يوصـ ـ ـ ـ ـ ــﻞ ﰲ اﻏﻠـب اﻷحيـﺎن إﱃ فﻬﻢ بﻌض اﻷﻣور ا ردة واﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘنﺘـﺎج‬
‫ﺧوص ـ ــﻬﺎ وﻫذا ﻣﺎ يراﻩ اﳌﺘﺼ ـ ــوفﺔ وأص ـ ــحﺎب اﻹدراك اﳊس ـ ــي ﻣﻦ الﻔﻼﺳ ـ ــﻔﺔ‬
‫كﱪجس ـ ــون ‪ ،‬فﺎلﻌﺪيﺪ ﻣﻦ اﳌﺘﺼ ـ ــوفﺔ اﺳ ـ ــﺘﻄﺎﻋوا ان يس ـ ــﺘﺨﺪﻣوا ﺳ ـ ــر اﻷﲰﺎء‬
‫واﳉﻤﻞ ﺳـ ـ ـ ـ ــﺘﺨﺪام حرف واحﺪ فيﻬﺎ ﳌﺎ داوﻣوا ﻋﻠى ر ﺿـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ ﻫذﻩ اﻷﲰﺎء‬
‫واﳉﻤﻞ فﺎكﺘس ـ ـ ــﺒوا ﺧواصـ ـ ـ ــﻬﺎ ‪ ،‬والﻔريق الﺜﺎﱐ ﲤكﻦ ﻣﻦ ﻣﻌرفﺔ ﻃﺎقﺔ اﳊروف‬
‫ﻋﻦ ﻃريق تﻄﺒيق قواﻋﺪ رقﻤيﺔ وحرفيﺔ ﻋﻠى اﳊروف اﻷﲜﺪيﺔ فﺎﺳ ــﺘﺨرج ﻣنﻬﺎ‬
‫ﻣركﺒﺎت ﻣﺘﻌﺪدة وجﺪ ص ـ ـ ــﺪق ﺛﲑﻫﺎ ﲝسـ ـ ـ ــب اﺳـ ـ ـ ــﺘﺨﺪاﻣﺎ ﺎ الﱵ تكون ﰲ‬
‫الﻌﺎدة ﺿ ـ ـ ـ ــﻤﻦ أصـ ـ ـ ــول وحس ـ ـ ــﺎ ت وتوافقﺎت دقيقﺔ بﲔ اﳊروف ﻣﻦ جﻬﺔ‬
‫وﻣﺎدة الكون ﻣﻦ جﻬﺔ أﺧرى‪.‬‬

‫‪ .4‬ﺗﻘﺴيﻤات اﳊﺮوف‬
‫ولﻌﻠﻤﺎء اﳊروف تقسـ ـ ـ ـ ـ ــيﻤﺎت ﻣﺘﻌﺪدة وﻣﺘنوﻋﺔ لﻠحروف اﳍجﺎئيﺔ‬
‫تﺸــﻤﻞ كﻞ حيﺜيﺔ كونيﺔ ‪ ،‬فﻤﻦ اﳊروف ﻣﺎﻫو ﻋﻠوي وﻣﺎ ﻫو ﺳــﻔﻠي ‪ ،‬وﻣنﻬﺎ‬
‫ﻣـﺎ ﻫو ظﻠﻤـﺎﱐ وآﺧر نوراﱐ ‪،‬وﻣنﻬـﺎ ﻣـﺎ ﻫو ﻣـذكر وﻣنﻬـﺎ ﻣـﺎ ﻫو ﻣؤنـﺚ ‪ ،‬كﻤـﺎ‬

‫‪68‬‬
‫ان بﻌضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻬــﺎ حــﺎر وآﺧر رد ‪ ،‬وﻣنﻬــﺎ ﻣــﺎ ﻫو تراﰊ وﻣــﺎئي وﻫوائي و ري‬
‫حسـب اصـول الﻌنﺎصـر اﻻربﻌﺔ …‪ .‬اﱁ حﱴ ذكر بﻌضـﻬﻢ ان لﻌﻠﻢ اﳊروف‬
‫اكﺜر ﻣﻦ ﻣﺎئﺔ وﲦﺎنيﺔ وأربﻌﲔ قس ـ ـ ـ ـ ـ ــﻤﺎ يﺸ ـ ـ ـ ـ ــﻤﻞ ﲨيع ﻣﻔردات اﳊيﺎة ‪ .‬وﻫذا‬
‫الﺘقس ـ ـ ـ ـ ـ ــيﻢ اﳌﺘﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻌب واﳌﺘنوع لﻠحروف يقوم ﰲ اكﺜر أصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــولﻪ ﻋﻠى ركنﲔ‬
‫أﺳﺎﺳيﲔ ﳘﺎ ‪:‬‬
‫اوﻻ ‪ :‬الﻌنﺎصـ ـ ـ ـ ـ ــر اﻻربﻌﺔ الﱵ حﺪدﻫﺎ بﻼتو ‪ ،‬اذ يﻌﺘقﺪ اﻷقﺪﻣون‬
‫ان كﻞ ﺷـ ـ ـ ــيء ﰲ الﻄﺒيﻌﺔ ﻻيكﺎد ان ينﻔﻚ ﻋﻦ احﺪ ﻫذﻩ الﻌنﺎص ـ ـ ـ ــر اﻻربﻌﺔ‬
‫)النﺎر ‪ ،‬اﳍواء ‪ ،‬اﳌﺎء ‪ ،‬الﱰاب ( وﲟﺎ ان اﳊروف ﻫي ﻣﺎدة اﳊيﺎة اﳌسـﺘﺨﺪﻣﺔ‬
‫ﰲ الﻠغﺔ والﱵ تﺸﲑ إﱃ الﺘﻔﺎﻫﻢ بﲔ بﲏ الﺒﺸر ‪ ،‬إذن فﻬي داﺧﻠﺔ ﺿﻤﻦ ﻫذا‬
‫الﺘقسيﻢ ‪.‬‬
‫نيــﺎ ‪ :‬الﺘقس ـ ـ ـ ـ ـ ــيﻤــﺎت الﻔﻠكيــﺔ والقيﻤــﺔ الرقﻤيــﺔ لﻠحروف ‪ ،‬وﻫــذا‬
‫الﺘقسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيﻢ يﻌﺘﻤـﺪ ﻋﻠى ﻣـﺎ لكـﻞ حرف ﻣﻦ كوكـب أو برج أو ﻣنزلـﺔ فﻠكيـﺔ أو‬
‫قيﻤــﺔ رقﻤيــﺔ … اﱁ ‪ ،‬اذ تﻠﻌــب ﻫــذﻩ اﳌﻔردات دورا كﺒﲑا ﰲ إﳚــﺎد الﻌﻼقــﺔ‬
‫الﺘﺄﺛﲑيﺔ أو الﺘنﺒؤيﺔ بﲔ اﳊروف ﻣﻦ جﻬﺔ وﻣﺎدة الﻄﺒيﻌﺔ ﻣﻦ جﻬﺔ أﺧرى ‪.‬‬

‫‪ .5‬الﻌناﺻﺮ اﻻرﺑﻌة‬
‫إﻻ أن أﻫﻢ أﺳــﺎس ﻣســيﻄر ﻋﻠى فكرة الﻌﻼقﺔ الﺘﺄﺛﲑيﺔ بﲔ اﳊروف‬
‫وﻣـﺎدة الﻄﺒيﻌـﺔ ﻫي الﻌنـﺎصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر اﻻربﻌـﺔ ) الﻄﺒـﺎئع اﻻربﻌـﺔ ( ‪ ،‬إذ يرى ﻋﻠﻤـﺎء‬
‫اﳊروف ان ﻣقيﺎس ﻣﻔردات الﻄﺒيﻌﺔ يﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠى اﻷص ـ ـ ـ ـ ـ ــﻞ اﳌس ـ ـ ـ ـ ـ ــﻤﺎت بﻪ ‪،‬‬

‫‪69‬‬
‫فﻠﻤﻌرفـﺔ الﻄﺒع اﳊرﰲ والﻔيزيقي ﳌـﺎدة ﻣـﺎ ينﻈر إﱃ حروفﻬـﺎ اﳌكون ﻣنﻬـﺎ اﲰﻬـﺎ‬
‫وقيﺎﺳـ ـ ـ ـ ـ ــﻬﺎ ﻋﻠى ﻣيزان اﳊروف ‪ ،‬ﻫذﻩ الﻔكرة جﻌﻠﺖ لﻌﻠﻢ اﳊروف قسـ ـ ـ ـ ـ ــﻤﺎ‬
‫فرﻋيﺎ يﻄﻠق ﻋﻠيﻪ اﺳﻢ )ﻋﻠﻢ ﻣﻌﺎﱐ اﳊروف الﻄﺒيﻌي( الذي ﻋرفﻪ الﻌﺎﱂ الﻌرﰊ‬
‫ج ــﺎبر بﻦ حي ــﺎن ن ــﻪ "الﻌﻠﻢ لﻄﺒ ــﺎئع اﳋ ــﺎصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ الﱵ ت ــﺪل ﻋﻠيﻬ ــﺎ حروف‬
‫الكﻠﻤﺎت ‪ ،‬اذ أن كﻞ كﻠﻤﺔ دالﺔ ﻋﻠى ﻃﺒيﻌﺔ ﻣسـ ـ ــﻤﺎﻫﺎ ﻻحرف الﱵ ركﺒﺖ‬
‫ﻣنﻬ ــﺎ")‪ (41‬ولﻌ ــﺎﳌن ــﺎ الﻌرﰊ ج ــﺎبر بﻦ حي ــﺎن تقسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيﻤ ــﺎت ﻣﺘﻌ ــﺪدة لﻠحروف‬
‫وﻃﺒﺎئﻌﻬﺎ إﻻ أن أص ــﻠﻬﺎ يﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠى نﻈريﺔ الﻌنﺎص ــر اﻻربﻌﺔ وﻣﻔردات الكون‬
‫الﱵ ﻣﺎزالﺖ ﲢﺎفظ ﻋﻠى ﻣكﺎنﺘﻬﺎ لﺪى الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ الﻌﻠﻤﺎء والﺪارﺳﲔ ‪.‬‬
‫وترجع اصـ ـ ـ ــول نﻈريﺔ الﻌنﺎصـ ـ ـ ــر اﻻربﻌﺔ إﱃ اﻋﺘقﺎد الﻔيﺜﺎﻏورﺳـ ـ ـ ــيﲔ‬
‫وﺷـﺎركﻬﻢ فيﻬﺎ ايضـﺎ الﻔيﻠسـوف الﺼـقﻠي اﻣﺒذونﻠيس ) ‪ 440-500‬ق‪.‬م (‬
‫ان كﻞ اﻷﺷ ـ ـ ــيﺎء تﺘكون ﻣﻦ أربﻌﺔ ﻋنﺎص ـ ـ ــر ﻣﺘﻤيزة ﻫي ‪ :‬الﱰاب واﳌﺎء واﳍواء‬
‫والنﺎر ‪ ،‬ﲤﺘزج ﻣع بﻌض ـ ـ ـ ــﻬﺎ بنس ـ ـ ــب ﳐﺘﻠﻔﺔ لﺘكون ﳐﺘﻠف اﻷجس ـ ـ ـ ــﺎم ‪ ،‬وان‬
‫الﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيء ال ــذي ﳛ ــﺎفظ ﻋﻠى تركي ــب اﳌواد ﻫو اﳉ ــذب والﺘن ــﺎفر ‪،‬او اﳊ ــب‬
‫والكرﻩ‪ ،‬وذﻫﺒوا إﱃ ان الﻌنﺎص ـ ـ ـ ـ ـ ــر اﻻربﻌﺔ نﻔس ـ ـ ـ ـ ـ ــﻬﺎ تكونﺖ بﺘجﺎذب وتنﺎفر‬
‫زوجﲔ ﻣﻦ الﺼـ ـ ـ ــﻔﺎت اﳌﺘنﺎقضـ ـ ـ ــﺔ ﳘﺎ ‪ :‬اﳊﺎر والﺒﺎرد ‪ ،‬واﳉﺎف والرﻃب كﻤﺎ‬
‫ﻣوﺿﺢ ﰲ اﳌﺨﻄط اﻵﰐ ‪:‬‬

‫)‪ (41‬جﺎبر بﻦ حيﺎن ‪ ،‬زكي ﳒيب ‪ ،‬ص ‪. 94‬‬


‫‪70‬‬
‫جﺎف‬ ‫رﻃب‬
‫رد‬ ‫الﱰاب‬ ‫اﳌﺎء‬
‫حﺎر‬ ‫النﺎر‬ ‫اﳍواء‬

‫ويﻌﱪ الﻌﺎﱂ الﻌرﰊ ابﻦ حﺒﺎن ﻋﻦ ص ـ ـ ـ ـ ـ ــﻠﺔ اﳊروف لﻄﺒﺎئع بقولﻪ "‬
‫انﻈر إﱃ اﳊروف كيف وﺿ ــﻌﺖ ﻋﻠى الﻄﺒﺎئع ‪ ،‬واﱃ الﻄﺒﺎئع كيف وﺿ ــﻌﺖ‬
‫ﻋﻠى اﳊروف ‪ ،‬وكيف تنﺘقـ ــﻞ الﻄﺒـ ــﺎئع إﱃ اﳊروف واﳊروف إﱃ الﻄﺒـ ــﺎئع‬
‫")‪ (42‬فﻬـذا اﻷﻣر ليس بغريـب حس ـ ـ ـ ـ ـ ــب نﻈريـﺔ الﻄﺒـﺎئع فﻤـﺎ داﻣـﺖ اﳊروف‬
‫أداة الﺘﻌﺒﲑ ولغــﺔ الﺘﻔــﺎﻫﻢ فﻼ بــﺪ ﻣﻦ ان تكون ﻣﻦ ﲨﻠــﺔ اﳌوجودات وﲟــﺎ أن‬
‫ﲨيع اﳌوجودات ﻻتنﻔـﻚ ﻋﻦ احـﺪ ﻫـذﻩ الﻌنـﺎصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر اﻻربﻌـﺔ فـﺈذن ﻻبـﺪ ﳍـذﻩ‬
‫اﳊروف ﻣﻦ تقس ـ ـ ــيﻢ ﺧﺎص لنسـ ـ ــﺒﺔ لﻠﻄﺒﺎئع اﻻربﻌﺔ ‪ ،‬وﳓﻦ إذا ﻣﺎ ارد ان‬
‫نقيس اﻷﺷـ ـ ــيﺎء قيﺎﺳـ ـ ــﺎ ﻋﻠى حروفﻬﺎ فﻼ يسـ ـ ــﻌنﺎ ﻣﺌﺎت ا ﻠﺪات ﻣﻦ الكﺘب‬
‫لكﺜرة اﳌوجودات ﰲ اﳊيـﺎة ‪ ،‬ولـذلـﻚ فـﺎلسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺒيـﻞ الوحيـﺪ إﱃ حﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ﻫـذﻩ‬
‫اﳌﻔردات واﳌوجودات ﻻ يكون اﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل قيﺎﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻬﺎ ﻋﻠى ﻣوازيﻦ حروفﻬﺎ‬
‫الﻄﺒﺎئﻌيﺔ وبذلﻚ تﻌرف ﻣﺎ ﲡﺎذب ﻣنﻬﺎ وﻣﺎ تنﺎفر ‪ ،‬يقول ابﻦ حيﺎن أيضـﺎ "‬
‫الكﻼم كﻠـﻪ ﻋﻠى اﳊروف – أي ﻣكون ﻣﻦ اﳊروف – وﻻ كﻼم اﻻ بﺘـﺄليف‬
‫اﳊروف ﱂ يكﻦ ب ــﺪ ﻣﻦ ان يقع ﰲ الﻄﺒ ــﺎئع ﻣﺜ ــﻞ ذل ــﻚ فحقيق ان يكون‬

‫)‪ (42‬كﺘﺎب الﺘﺼريف ﳉﺎبر ابﻦ حيﺎن ‪ ،‬ﳐﺘﺎرات كراوس ص ‪. 393‬‬


‫‪71‬‬
‫تﺼـ ـ ـريف الﻄﺒﺎئع كﺘﺼـ ـ ـريف اﳊروف ")‪ (43‬ويﻌﻠق اﻻﺳـ ـ ــﺘﺎذ زكي ﳒيب ﻋﻠى‬
‫ذلﻚ فيقول " ان اﻷص ــﻞ الذي تكونﺖ ﻣنﻪ اﳌوجودات كﺎفﺔ ﻫي الكيﻔيﺎت‬
‫اﻻربﻌﺔ ‪ :‬اﳊرارة والﱪودة والرﻃوبﺔ واليﺒوﺳ ـ ـ ــﺔ ‪ ،‬لكﻦ ﻫذﻩ الكيﻔيﺎت ﳏﺎل ان‬
‫تقوم الواحــﺪ ﻣنﻬــﺎ ﻋﻠى حــﺪى ﲟﻌزل ﻋﻤــﺎ ﻋــﺪاﻫــﺎ ‪ ،‬ولــذلــﻚ ﻻبــﺪ ﻣﻦ اﲢــﺎد‬
‫اﺛنﲔ ﻋﻠى اﻷقـﻞ ‪ ،‬فـﺎﳊرارة ﻻتكون وحـﺪﻫـﺎ أبـﺪا ‪ ،‬بـﻞ ﻻبـﺪ ان ﲤﺘزج ـﺎ اﻣـﺎ‬
‫اليﺒوﺳـ ــﺔ و ذا تﺘكون النﺎر واﻣﺎ الرﻃوبﺔ و ذا يﺘكون اﳍواء ‪ ،‬وكذلﻚ الﱪودة‬
‫ﻻتكون وحﺪﻫﺎ ابﺪاً‪ ،‬بﻞ ﻻبﺪ ان ﲤﺘزج ﺎ اﻣﺎ اليﺒوﺳ ــﺔ و ذا تﺘكون اﻷرض‬
‫‪ ،‬واﻣـﺎ الرﻃوبـﺔ و ـذا يﺘكون اﳌـﺎء – فﻤـﺎ الـذي يقـﺎبـﻞ ﻫـذا ﰲ الﻠغـﺔ ؟ يقـﺎبﻠـﻪ‬
‫أن اﳊرف الواحـ ــﺪ اﳌﻌزول ﻋﻤـ ــﺎ ﻋـ ــﺪاﻩ ﳏـ ــﺎل ﻋﻠى النﻄق ويكون ﰲ حكﻢ‬
‫اﳌﻌﺪوم ﻣﻦ النﺎحيﺔ الﻠغويﺔ ) فنحﻦ ﻻنس ـ ـ ـ ــﺘﻄيع ان نﺘكﻠﻢ ﲝرف واحﺪ حﱴ‬
‫نضـ ـ ــيﻔﻪ إﱃ حرف آﺧر ‪ ،‬وكذلﻚ ﻻﳝكننﺎ وزن ﻃﺒع واحﺪ إﻻ ﺿـ ـ ــﺎفﺘﻪ إﱃ‬
‫ﻃﺒع آﺧر ليﺘﺒﲔ ( ] كﺘﺎب اﳊﺎصﻞ ‪ ،‬جﺎبر بﻦ حيﺎن ص ‪ -96‬أ [ )فكﻤﺎ‬
‫الﺸـ ـ ـ ـ ــيء الواحﺪ ﻻيكون ﻋﻠى اقﻞ ﻣﻦ ﻋنﺼـ ـ ـ ـ ـريﻦ ) اﳊرارة والﱪودة والرﻃوبﺔ‬
‫واليﺒوﺳ ـ ــﺔ ( أو ﺛﻼﺛﺔ ‪ ،‬وﻻيكون ﻋﻠى واحﺪ … ) فكذلﻚ ( قولنﺎ كﻠﻤﺔ ﻣﺎ‬
‫ﻣﺜــﻞ ﳏﻤــﺪ وجﻌﻔر وﻏﲑ ذلــﻚ ﻣﻦ اﻷﲰــﺎء ﻻيكون إﻻ بﱰاكيــب اﳊروف ‪،‬‬
‫وقـﺪ تﺘكون كﻠﻤـﺔ ﻣﻦ حرفﲔ وﺛﻼﺛـﺔ أو اكﺜر ﻣﻦ ذلـﻚ واقـﻞ إﻻ ان كﻠﻤـﺔ ﻻ‬
‫تكون ﻣﻦ حرف واحﺪ ‪ .… ،‬ﻷنﻪ ﻻ تكون كﻠﻤﺔ اقﻞ ﻣﻦ حرفﲔ ‪ :‬حرف‬
‫النﻄق وحرف اﻻﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﱰاحـﺔ ‪ ،‬وقـﺪ وجـب ان يكون تركيـب اﳊروف كﱰتيـب‬

‫)‪ (43‬اﳌﺼﺪر السﺎبق ‪.‬‬


‫‪72‬‬
‫الﻄﺒﺎئع ﰲ ﺳـﺎئر اﳌوﺿـوﻋﺎت " ] كﺘﺎب الﺘﺼـريف ‪ 95‬ب [ ﰒ يقول ايضـﺎً‬
‫" كﻤــﺎ ان النحويﲔ يﻌــﺎﳉون تﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ـريف الكﻠﻤــﺎت فﲑدو ــﺎ إﱃ احرفﻬــﺎ الﱵ‬
‫نﺸـﺄت فكذلﻚ لﻠﻔﻼﺳـﻔﺔ تﺼـريف ﺧﺎص ﻢ " ] كﺘﺎب الﺘﺼـريف [ اذ ﻫﻢ‬
‫يردون اﻷﺷـ ــيﺎء إﱃ بسـ ــﺎئﻄﻬﺎ ‪ ،‬فﻌﻠﻢ النحو وﻋﻠﻢ الﻄﺒيﻌﺔ يﻌﺪان واحﺪا …‬
‫)‪(44‬‬
‫"‬

‫‪ .6‬استﺨﺪام اﳊﺮف ﻃبيﻌيا‬


‫ولﺸ ـ ــﺪة الﻌﻼقﺔ بﲔ اﳊروف والﻌنﺎص ـ ــر اﻻربﻌﺔ وﺿ ـ ــع الﻌﺎﱂ الﻌرﰊ‬
‫جﺎبر بﻦ حيﺎن كﺘﺎبﻪ الﺸﻬﲑ اﳌسﻤى ب ـ ـ ـ ـ ـ " الﺘﺼريف " والذي اﺷﺎر فيﻪ إﱃ‬
‫تﺼ ـريف اﳌوجودات واﳌواد الكيﻤيﺎئيﺔ حســب ﻃﺒﺎئع حروفﻬﺎ إذ قرر انﻪ كﻤﺎ‬
‫ﻻفرق بﲔ تﺼ ـ ـ ـ ـ ـريف الكﻠﻤﺎت ﰲ الﻠغﺔ كذلﻚ ﻻفرق بﲔ تﺼـ ـ ـ ـ ـريف ﻃﺒﺎئع‬
‫اﻷﺷـ ــيﺎء ﰲ الكون ‪ ،‬ولذلﻚ يﻌﺘقﺪ ﻋﻠﻤﺎء اﳊروف ان ﻋﻼج اﳌرﺿـ ــى يكون‬
‫ﺳـﺘﺨﺪام الﻄﺒيﻌﺔ اﳌضـﺎدة ﳌرﺿـﺎﻫﻢ ‪ ،‬فﺼـﺎحب اﳊﻤى ﻣﺜﻼ يﻌﺎﰿ ﳊروف‬
‫الﺒــﺎردة ﻻ ــﺎ تغﻠــب ﻋﻠى اﳊرارة ‪ ،‬وﰲ ذلــﻚ ينقــﻞ الﻌﻼﻣــﺔ ابﻦ ﻣنﻈور ﻋﻦ‬
‫بﻌض الﻌﻠﻤﺎء وﻣﻦ بينﻬﻢ الﺸـ ـ ــيخ ﻋﻠي اﳊراﱐ قولﻪ ‪ " :‬ان اﳊروف اﳌنزلﺔ ﰲ‬
‫اوائﻞ السور وﻋﺪ ﺎ بﻌﺪ اﺳقﺎط ﻣكررﻫﺎ اربﻌﺔ ﻋﺸر حرفﺎ وﻫي اﻻلف واﳍﺎء‬
‫واﳊﺎء والﻄﺎء واليﺎء والكﺎف والﻼم واﳌيﻢ والراء والس ـ ـ ـ ـ ـ ــﲔ والﻌﲔ والﺼـ ـ ـ ـ ـ ــﺎد‬
‫والقـﺎف والنون ‪ ،‬ا ـﺎ تقﺘﺼ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ﻋﻠى ﻣـﺪاواة السـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻤوم ‪ ،‬وتقـﺎوم السـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻤوم‬

‫)‪ (44‬جﺎبر بﻦ حيﺎن ‪ ،‬زكي ﳒيب ‪ ،‬ص‪. 122-121‬‬


‫‪73‬‬
‫ﺿ ــﺪادﻫﺎ ‪ ،‬فيس ــقى لﻠﺪغ الﻌقرب حﺎرﻫﺎ ‪ ،‬وﻣﻦ ﺸ ــﺔ اﳊيﺔ ردﻫﺎ الرﻃب‬
‫أو يكﺘ ــب ل ــﻪ ‪ ،‬وﳚري اﶈ ــﺎول ــﺔ ﰲ اﻻﻣور ﻋﻠى ﳓو ﻣﻦ الﻄﺒيﻌ ــﺔ فﺘسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــقى‬
‫اﳊروف اﳊﺎرة الرﻃﺒﺔ لﻠﺘﻔريﺞ وإذﻫﺎب الغﻢ ‪ ،‬وكذلﻚ اﳊﺎرة اليﺎبسـ ـ ـ ــﺔ لﺘقويﺔ‬
‫الﻔكر واﳊﻔظ ‪ ،‬والﺒﺎردة اليﺎبس ـ ـ ــﺔ لﻠﺜﺒﺎت والﺼ ـ ـ ــﱪ ‪ ،‬والﺒﺎردة الرﻃﺒﺔ لﺘسـ ـ ــيﲑ‬
‫اﻷﻣور وتسـ ـ ـ ــﻬيﻞ اﳊﺎجﺎت وﻃﻠب الﺼ ـ ـ ــﻔﺢ والﻌﻔو")‪ (45‬وينقﻞ ايض ـ ـ ــﺎ ﻋﻦ‬
‫ﺧواص بﻌض اﳊروف الﻄﺒيﺔ اﻋﺘﻤﺎدا ﻋﻠى تقس ـ ـ ـ ــيﻤﺎ ﺎ الﻄﺒﺎئﻌيﺔ قولﻪ " وﳑﺎ‬
‫قيﻞ فيﻬﺎ ان تﺘﺨذ اﳊروف اليﺎبسـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ وﲡﻤع ﻣﺘواليﺎ ‪ ،‬فﺘكون ﻣﺘقويﺔ ﳌﺎ يراد‬
‫فيﻬﺎ ﻣﻦ تقويﺔ اﳊيﺎة الﱵ يسـﻤيﻬﺎ اﻷﻃﺒﺎء الغريزيﺔ ‪ ،‬أو ﳌﺎ يراد دفﻌﻪ ﻣﻦ ا ر‬
‫اﻷﻣراض الﺒﺎردة الرﻃﺒﺔ فيكﺘﺒﻬﺎ أو يرقى ﺎ أو يسـ ـ ـ ـ ـ ــقيﻬﺎ لﺼـ ـ ـ ـ ـ ــﺎحب اﳊﻤى‬
‫الﺒﻠغﻤيﺔ واﳌﻔﻠوج واﳌﻠووق ‪ ،‬كذلﻚ اﳊروف الﺒﺎردة الرﻃﺒﺔ إذا اﺳﺘﻌﻤﻠﺖ بﻌﺪ‬
‫تﺘﺒﻌﻬﺎ وﻋوﰿ ﺎ رقيﺔ أو كﺘﺎبﺔ أو ﺳــقيﺎ ﻣﻦ بﻪ ﲪى ﳏرقﺔ أو كﺘﺒﺖ ﻋﻠى ورم‬
‫حﺎر وﺧﺼـ ــوصـ ــﺎ حرف اﳊﺎء ﻻ ﺎ ﰲ ﻋﺎﳌﻬﺎ ﻋﺎﱂ صـ ــورة ‪ ،‬واذا اقﺘﺼـ ــر ﻋﻠى‬
‫حرف ﻣنﻬـﺎ كﺘـب بﻌـﺪدﻩ فيكﺘـب اﳊـﺎء ﻣﺜﻼً ﲦـﺎﱐ ﻣرات ‪ ،‬وكـذلـﻚ ﻣـﺎ تكﺘﺒـﻪ‬
‫ﻣﻦ اﳌﻔردات تكﺘﺒــﻪ بﻌــﺪدﻩ ‪ ،‬وقــﺪ ﺷ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻫ ـﺪ ﳓﻦ ذلــﻚ ﰲ ﻋﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر …‬
‫وﺷـ ــﺎﻫﺪ أيضـ ــﺎ ﻣﻦ يقﻠقﻪ الﺼـ ــﺪاع الﺸـ ــﺪيﺪ وﳝنﻌﻪ القران فيكﺘب لﻪ صـ ــورة‬
‫لوح ‪ ،‬وﻋﻠى جوانﺒﻪ ءات أربع فيﱪأ ﻣﻦ الﺼﺪاع … ")‪. (46‬‬

‫)‪ (45‬لسﺎن الﻌرب ‪ ،‬ابﻦ ﻣنﻈور ‪ ،‬اﳌقﺪﻣﺔ ‪.‬‬


‫)‪ (46‬لسﺎن الﻌرب ‪ ،‬ابﻦ ﻣنﻈور ‪ ،‬اﳌقﺪﻣﺔ ‪.‬‬
‫‪74‬‬
‫ان ﻫذﻩ الﺸ ـ ـ ـ ــﻬﺎدة ﻣﻦ لغوي ﻻ ينكر فض ـ ـ ـ ــﻠﻪ لﺪليﻞ يؤكﺪ ص ـ ـ ـ ــحﺔ‬
‫الﺘﺄﺛﲑ اﳊﺎصﻞ ﻣﻦ ﻫذﻩ اﳊروف وان كﺎن ﻋﺪم اﻫﺘﺪاء اﻵﺧريﻦ إليﻪ ﻻ يﻌﲏ‬
‫ﻋﺪم صحﺘﻪ فﻠكﻞ ﻋﻠﻢ ﻋﻠﻤﺎؤﻩ وأﺳﺎتذتﻪ ‪.‬‬

‫‪ .7‬الﺬرية اﳌنﻄﻘية‬
‫ولنرجع ﻣرة أﺧرى إﱃ ﻣـﺎ قررﻩ ﻋـﺎﳌنـﺎ الﻌرﰊ ابﻦ حيـﺎن حول نﻈريـﺔ‬
‫أو فكرة تﺼـ ـ ـ ـ ـ ـريف ﻃﺒﺎئع اﳊروف ‪ ،‬ﻫذﻩ النﻈريﺔ الﱵ تﺒنﺘﻬﺎ احﺪى ﻣﺪارس‬
‫اﳌنﻄق اﳌﻌﺎصـرة وﻫي ﻣﺪرﺳـﺔ برترانﺪ رﺳـﻞ اﳌﻌروفﺔ ﺳـﻢ )) الذريﺔ اﳌنﻄقيﺔ((‬
‫وﺧﻼص ـ ــﺘﻬﺎ ان الﻌﺎﱂ الﻄﺒيﻌي ﻣﻦ حيﺔ يقﺎبﻠﻪ ﻋﺎﱂ الﻠغﺔ ﻣﻦ حيﺔ أﺧرى ‪،‬‬
‫وانــﻪ إذا كــﺎن ﻋﻠﻢ الﻄﺒيﻌــﺔ الــذري قــﺪ فﺘــﺖ اﳌــﺎدة إﱃ ذرات كــﻞ ذرة ﻣكونــﺔ‬
‫ﻣﻦ نيوترو ت وبروتو ت ‪ ،‬فﻌﻠﻢ اﳌنﻄق ال ــذري ﻫو ال ــذي يق ــﺎبﻠ ــﻪ ﰲ ﻋﻠﻢ‬
‫الﻠغ ــﺔ ‪ ،‬وﻫو الــذي يﻔﺘ ــﺖ الﻠغ ــﺔ اﳌكونــﺔ ﻣﻦ الكﻠﻤ ــﺎت إﱃ حروف وقي ــﺎس‬
‫الﺜــﺎنيــﺔ ﻋﻠى اﳌوازيﻦ والﻄﺒــﺎئع لكي يﺼ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻞ إﱃ ﻃــﺎقــﺔ اﳊروف الﻔيز ئيــﺔ أو‬
‫ﺧﻔﺎ اﳊروف الﺘنﺒؤيﺔ ‪ ،‬وقﺪﳝﺎ نقﻞ الﻌﻼﻣﺔ جﺎبر بﻦ حيﺎن ﻋﻦ الﻔﻼﺳ ـ ـ ـ ــﻔﺔ‬
‫قوﳍﻢ " ان الكﺘـﺎبـﺔ دالـﺔ ﻋﻠى ﻣـﺎ ﰲ الﻠﻔظ اﳌنﻄوق ‪ ،‬والﻠﻔظ دال ﻋﻠى ﻣـﺎ ﰲ‬
‫الﻔكر ‪ ،‬وﻣﺎ ﰲ الﻔكر دال ﻋﻠى ﻣﺎﻫيﺔ اﻷﺷيﺎء")‪. (47‬‬

‫)‪ (47‬كﺘﺎب اﳋﻤسﲔ ‪ ،‬ﻻبﻦ حيﺎن ‪.‬‬


‫‪75‬‬
‫‪ .8‬اﳊﺮوف الزائﺪة‬
‫ان ﻫــذﻩ اﻷفكــﺎر والنﺘــﺎئﺞ جﻌﻠــﺖ ﻋﻠﻤــﺎؤ الﻌرب يسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺨــﺪﻣون‬
‫ﻣنﻬﺎجﺎً جﺪيﺪا ﱂ يسـ ـ ـ ــﺒق ﻻحﺪ قﺒﻠﻬﻢ اﺳـ ـ ـ ــﺘﺨﺪاﻣﻪ وﻫو قيﺎس حروف أﲰﺎء‬
‫اﳌســﺘحضـرات الﻄﺒيﺔ واﳌواد الكيﻤﺎويﺔ وﻏﲑﳘﺎ ﻣﻦ اﳌواد ﰲ ﲢضـﲑا ﻢ الﻄﺒيﺔ‬
‫أو الكيﻤﺎويﺔ ‪ ،‬ويرجع الﻔض ـ ـ ـ ـ ـ ــﻞ اﻷول ﰲ تﺜﺒيﺖ اص ـ ـ ـ ـ ـ ــول ﻫذﻩ الﻔكرة إﱃ‬
‫كيﻤي ــﺎئي الﻌرب ج ــﺎبر بﻦ حي ــﺎن ال ــذي قرر ان ــﻪ ﻻﳝكﻦ وزن أي كﻠﻤ ــﺔ اﻻ‬
‫بﺘجريـﺪ حروفﻬـﺎ الزائـﺪة ‪ ،‬واﳊروف الﱵ يﻌﺘﱪﻫـﺎ زائـﺪة ﻫي تﻠـﻚ اﳊروف الﱵ‬
‫تﺪﺧﻞ ﻋﻠى اصــﻞ الكﻠﻤﺔ وﻫي ﻋﺸــرة حروف ﲡﻤع ﰲ قولﻚ )اليوم تنســﺎﻩ(‬
‫ان احﺪ ﻫذﻩ اﳊروف إذا كﺎنﺖ ﺿ ــﻤﻦ كﻠﻤﺔ اﲰﺎ أو فﻌﻼ ﳛﺘﺎج إﱃ حذفﻬﺎ‬
‫لكي ترجع إﱃ اصـ ــﻠﻬﺎ الﻄﺒﺎئﻌي وﻣﻦ ﰒ يكون وزن اﳌﺎدة اﳌسـ ــﺘحضـ ــرة ﻋﻠى‬
‫ﻫذا اﻷﺳـ ــﺎس ‪ ،‬ويضـ ــرب جﺎبر بﻦ حيﺎن أﻣﺜﻠﺔ كﺜﲑة ﻷﲰﺎء ﻣواد يراﻫﺎ ﻫﺎﻣﺔ‬
‫ﰲ تركيب اﻷدويﺔ أو اﳌواد الكيﻤيﺎئيﺔ ليﺒﲔ أيﻬﺎ أصـ ــﻠيﺔ ﻻز دة فيﻪ وأيﻬﺎ فيﻪ‬
‫الز دة فيحــذف ‪ ،‬يقول ﰲ ذلــﻚ " ينﺒغي ان تﻌﻠﻢ ان اﻻﲦــﺪ ﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﱂ ﻣــﺎ ﱂ‬
‫تــﺪﺧــﻞ اﻻلف وﻻم الﺘﻌريف ‪ ،‬وكــذلــﻚ اﻻ ــﻞ ﻣﻦ النﺒــﺎت ‪ ،‬فــﺄﻣــﺎ اﻻقــﺎقيــﺎ‬
‫فﺘسـ ـ ـ ـ ـ ــقط اﻻلف الﺜﺎنيﺔ واﻷﺧﲑة ‪ ،‬فينﺒغي ان يوزن ﻋﻠى انﻪ ) أ ق ق ي (‬
‫وأﻣﺎ النحﺎس واﻻنزروت فﺎ ﻤﺎ ﺳــﺎﳌﺎن اذا ﺳــقط ﻣنﻬﺎ اﻷلف وﻻم الﺘﻌريف‪،‬‬
‫وكذلﻚ الذﻫب والكﱪيﺖ ‪.‬‬
‫وأﻣﺎ الﻔضـ ـ ـ ــﺔ فﺘحذف ﻣنﻬﺎ كذلﻚ ء الﺘﺄنيﺚ … وبﻌﺪ أن ذكر‬
‫قﺎئﻤﺔ ﻃويﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﲰﺎء يقول … ولوﻻ أن يﻄول الكﺘﺎب ويسﺨف ﻷﺛﺒﺘنﺎ‬

‫‪76‬‬
‫فيﻪ كﻤﺎ أﺛﺒﺘنﺎ ﰲ كﺘﺎب النﺒﺎت وكﺘﺎب اﻷحجﺎر وكﺘﺎب اﳊيوان ـ ـ ﻣﻦ تﻌﺪيﺪ‬
‫ﻣ ــﺎ فيﻬ ــﺎ ﻣﻦ أنواﻋﻬ ــﺎ كﻠﻬ ــﺎ ‪ ،‬ولكﻦ ﻣﻠن ـﺎ إﱃ الﺘﺨﻔيف وق ــﺪ ﻋﻠﻤن ــﺎك وج ــﻪ‬
‫القيﺎس فيﻪ")‪. (48‬‬
‫ﻋﻠى أن حروف الكﻠﻤﺔ الكﺎﺷ ـ ـ ــﻔﺔ ﻋﻦ ﻃﺒيﻌﺔ ﻣس ـ ـ ــﻤﺎﻫﺎ ﻻ تﺘكﺎفﺄ‬
‫ﰲ قو ﺎ وﻻ ﰲ ﻣقﺪارﻫﺎ ‪ ،‬فﻤﻦ اﳊروف ﻣﺎ يﺪل ﻋﻠى ظﺎﻫر الﺸـ ـ ـ ـ ـ ــيء وﻣنﻬﺎ‬
‫ﻣـﺎ يـﺪل ﻋﻠى ﻃنـﻪ ؛ وكـذلـﻚ ﻣﻦ اﳊروف ﻣـﺎ يقـﺎبـﻞ الوزن أكﺜر ﻣﻦ ﻏﲑﻩ "‬
‫إن ﰲ اﳊروف الواقﻌﺔ ﻋﻠى اﻻدويﺔ وﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ الﺜﻼﺛﺔ اﻷجنﺎس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ النﺒﺎت‬
‫واﳊيوان واﳊجر ـ ـ ﻣﺎ ينﺒﺊ ﻋﻦ ﻃنﻪ وﻻ ينﺒﺊ ﻋﻤﺎ ﰲ ظﺎﻫرﻩ ‪ ،‬وفيﻬﺎ ﻣﺎ ﻫو‬
‫لﻌكس ﻣﺜـﻞ أن ينﺒﺊ ﻋﻤـﺎ ﰲ الﻈـﺎﻫر وﻻ يـﺪل ﻋﻠى الﺒـﺎﻃﻦ وفيﻬـﺎ ﻣـﺎ يوجـﺪ‬
‫ﲨيﻌﺎ وفيﻬﺎ ﻣﺎ يﺪل ﻋﻠى ﻣﺎ فيﻬﺎ ـ ـ ظﺎﻫرا و ﻃنﺎ ـ ـ وز دة ﲢﺘﺎج إﱃ ان تﻠقى‬
‫ويرﻣى ﺎ ‪ ،‬كﻤﺎ ﳛﺘﺎج النﺎقص إﱃ ان يﺘﻢ ويزيﺪ")‪. (49‬‬
‫ﻫــذا ﻣﻦ حيــﺚ دﻻلــﺔ اﳊروف ﻋﻠى ظــﺎﻫر اﻷﺷـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيــﺎء و ﻃنﻬــﺎ أو‬
‫ﻣﺸـﱰكﺎ أو ﻣضـﺎفﺎ إليﻬﺎ ز دة أو حذف ز دة ﻣنﻬﺎ ‪ ،‬كﻤﺎ أن أﺳـﺎس الﺼـنﻌﺔ‬
‫ﻋنﺪ ابﻦ حيﺎن يقوم ﻋﻠى أﺳ ــﺎس ﺿ ــﺒط ﻣيزان حروف الكﻠﻤﺔ لكي ينض ــﺒط‬
‫ﻣيزان اﳌـﺎدة الﱵ يﺘنـﺎوﳍـﺎ لﺘحويـﻞ والﱰكيـب ﰲ ﲡـﺎربـﻪ وﰲ ذلـﻚ قـﺪ قسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻢ‬
‫اﳊروف اﻷﲜﺪيﺔ إﱃ ﻃﺒﺎئع أربﻌﺔ وجﻌﻞ لكﻞ قس ـ ــﻢ ﻣنﻬﺎ ﻣرتﺒﺔ كﻤﺎ ﻣوﺿ ـ ــﺢ‬
‫ﰲ اﳉﺪول الﺘﺎﱄ ‪:‬‬

‫)‪ (48‬اﻷحجﺎر ﻋﻠى رأي بﻠينﺎس اﳉزء اﻷول – ﳐﺘﺎرات كراوس ‪ ،‬ص ‪. 154 - 146‬‬
‫)‪ (49‬كﺘﺎب اﳋواص الكﺒﲑ ‪ ،‬اﳌقﺎلﺔ اﻷوﱃ ‪ ،‬ﳐﺘﺎرات كراوس ‪ ،‬ص ‪. 239‬‬
‫‪77‬‬
‫ﻣاء‬ ‫ﻫواء‬ ‫ﺗﺮاب‬ ‫ر‬ ‫الﺪرجات‬
‫د‬ ‫جـ‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ﻣرتﺒﺔ‬
‫ح‬ ‫ز‬ ‫و‬ ‫ﻫـ‬ ‫درجﺔ‬
‫ل‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ط‬ ‫دقيقﺔ‬
‫ع‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫نيﺔ‬
‫ر‬ ‫ق‬ ‫ص‬ ‫ف‬ ‫لﺜﺔ‬
‫خ‬ ‫ث‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫رابﻌﺔ‬
‫غ‬ ‫ظ‬ ‫ض‬ ‫ذ‬ ‫ﺧﺎﻣسﺔ‬

‫ﻋﻠﻤﺎ أن كﻞ حرف ﰲ أحﺪى اﳌنﺎزل يسـ ــﺎوي ﻣﺎ ﲢﺘﻪ اربع ﻣرات‪،‬‬


‫فﺎﻻلف تس ـ ـ ـ ــﺎوي اﳍﺎء ﻣكررة أربع ﻣرات واﳍﺎء تس ـ ـ ـ ـ ــﺎوي الﻄﺎء ﻣكررة أربع‬
‫ﻣرات وﻫكذا ؛ وكذلﻚ اليﺎء تسـﺎوي الواو ﻣكررة أربﻌﺔ ﻣرات والواو تسـﺎوي‬
‫الـي ـ ـ ــﺎء ﻣـكـررة اربـع ﻣـرات وﻫـكـ ـ ــذا ‪ ،‬وﻋـﻠـى ﻫـ ـ ــذا اﳌـنـوال قـس ﰲ بـقـيـ ـ ــﺔ‬
‫اﳊروف")‪.(50‬‬
‫ﻫذا وﱂ يقﺘﺼـر جﺎبر بﻦ حيﺎن ﻋنﺪ ﻫذا اﳊﺪ بﻞ جﻌﻞ لكﻞ ﻣرتﺒﺔ‬
‫ﻣﻦ ﻣراتب اﳊروف اﳌقسـﻤﺔ ﻋﻠى الﻄﺒﺎئع وز ﻋينيﺎ يسـﺘﺨﺪﻣﻪ ﰲ وزن اﳌﺎدة‬
‫الﱵ ﳛﺘــﺎجﻬــﺎ ﰲ تركيﺒــﺎتــﻪ الكيﻤــﺎويــﺔ فﻤﺜﻼ كﻠﻤــﺔ )ذﻫــب( الﱵ ﻫي ﻣﻌــﺪن‬

‫)‪ (50‬اﻷحجﺎر ﻋﻠى رأي بﻠينﺎس ‪ ،‬اﳉزء الﺜﺎﱐ – ﳐﺘﺎرات كراوس ‪ ،‬ص ‪. 163 – 162‬‬
‫‪78‬‬
‫ﻣﻌروف فﺈن وز ﺎ اﳊرﰲ يســﺎوي قﲑاط وﺳــﺘﺔ دراﻫﻢ ونﺼــف وﲬســﺔ دوانيق‬
‫ﻷن ]حرف الذال = قﲑاط ‪ ،‬وحرف اﳍﺎء = درﻫﻢ ونﺼ ـ ـ ــف ‪ ،‬وحرف الﺒﺎء‬
‫– ﲬس دراﻫﻢ وﲬس ـ ـ ـ ــﺔ دوانيق[ وقﺪ قس ـ ـ ـ ــﻢ اوزان ﻃﺒﺎئع اﳊروف إﱃ أربﻌﺔ‬
‫ﻣراتب لكي يﻌرف وزن كﻞ ﻣﺎدة ﺳواء كﺎنﺖ حيوا ً أو نﺒﺎ ً أو ترا ً ‪.‬‬
‫ان ﻫذﻩ الﺘقﺎﺳـ ـ ـ ـ ـ ــﻢ اﳊرفيﺔ الﻄﺒﺎئﻌيﺔ الﱵ اﺳـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺨﺪﻣﻬﺎ الﻌﺎﱂ الﻌرﰊ‬
‫جﺎبر بﻦ حيﺎن ـ ـ ـ وﻫو كيﻤﺎئي ﻻ ينكر فضﻠﻪ ـ ـ ـ ﰲ ﲡﺎربﻪ لﺘؤكﺪ ﻋﻠى صحﺔ‬
‫ﻫذا اﻻفﱰاض إن ﱂ نﻄﻠق ﻋﻠيﻪ نﻈريﺔ ‪ ،‬فﺈن وزن اﳌﺎدة اﶈضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرة حس ـ ـ ـ ـ ـ ــب‬
‫لﻔﻈﻬﺎ اﳌكون ﻣنﻬﺎ ﻋﻠى ﻣيزان ﻃﺒﺎئع اﳊروف ليﻌﻄينﺎ ﳎﺎﻻ أوﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع لﻄﺒيﻌﺔ‬
‫الﺼـ ـ ـ ــﻠﺔ بﲔ ﻫذﻩ اﳌﺎدة وﻃﺒيﻌﺔ ﻣﺘﻌﻠقﻬﺎ ‪ ،‬وقﺪﳝﺎ قرر الﻔﻼﺳ ـ ـ ـ ــﻔﺔ ‪ :‬إن ﲢﻠيﻞ‬
‫كﻞ اﺳ ـ ـ ـ ــﻢ دال ﻋﻠى ﻃﺒيﻌﺔ اﳌسـ ـ ـ ــﻤى ‪ ،‬فﺘحﻠيﻞ كﻠﻤﺔ ذﻫب ﻣﺜﻼ يﺪل ﻋﻠى‬
‫ﻃﺒيﻌـﺔ الـذﻫـب الﻌيﲏ الـذي ﲰي بـذلـﻚ اﻻﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻢ" وكـذلـﻚ فـﺈنـﻪ بﺘحﻠيـﻞ أي‬
‫ﻋنﺼ ــر كيﻤﺎوي أو ذري ﳝكﻦ لنﺎ أن نس ــﺘﺪل ﻋﻠى ﻣﺘﻌﻠقﺔ ﺳ ـواء كﺎن ﲡﺎذ‬
‫أو تنﺎفرا" ‪.‬‬
‫وإذا كــﺎن جــﺎبر بﻦ حيــﺎن يرى أن قيــﺎس وزن كﻠﻤــﺔ ﻣــﺎ يكون برد‬
‫حروفﻬﺎ إﱃ أصـﻠﻬﺎ ‪ ،‬فﺈن الﻔيﻠسـوف اليو ﱐ أرﺳـﻄو يقرر أن لﺼـورة الكﻠﻤﺔ‬
‫أو اﳌﺎدة ﺛﲑ يﻌﻄي ﳊقيقﺔ ﻣســﻤﺎﻩ قوة أو ﻃﺎقﺔ فيز ئيﺔ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ وليس اﳌقﺼــود‬
‫لﺼ ــورة ﻋنﺪﻩ الﺸ ــيء اﳌﺎدي أو رﺳ ــﻢ حروف الكﻠﻤﺔ بﻞ الﻄﺎقﺔ الكﺎﻣنﺔ ﰲ‬
‫رﺳ ــﻢ الكﻠﻤﺔ أو ﻫيﺌﺔ اﳌﺎدة يقول ﰲ ذلﻚ "كﻞ ﺷ ــيء ﰲ الﻌﺎﱂ ﳛركﻪ ﻋﺚ‬
‫داﺧﻠي ليﺼــﺒﺢ ﺷــيﺌﺎ أكﱪ ﳑﺎ كﺎن ﻋﻠيﻪ ‪ ،‬وكﻞ ﺷــيء ﻫو الﺼــورة أو اﳊقيقﺔ‬

‫‪79‬‬
‫الﱵ نﺸـ ــﺄت ﻋﻤﺎ كﺎن اﳌﺎدة ﳍﺎ … ولكﻦ ﻫذﻩ اﳌﺎدة بغﲑ صـ ــورة ﺳـ ــوف ﻻ‬
‫تكون ﺷ ـ ــيﺌﺎ ﻷن كﻞ ﺷ ـ ــيء ص ـ ــورة ‪ ،‬إن اﳌﺎدة ﲟﻌنﺎﻫﺎ اﻷوﺳ ـ ــع ﻫي إﻣكﺎنيﺔ‬
‫الﺼورة ‪،‬والﺼورة ﻫي اﳊقيقﺔ الﺘﺎﻣﺔ لﻠﻤﺎدة" ويقول أيضﺎ "إن الﺼورة ليسﺖ‬
‫الﺸــكﻞ فقط ‪ ،‬ولكنﻬﺎ القوة اﳌﺸــكﻠﺔ ‪ ،‬وﻫي ﺿــرورة داﺧﻠيﺔ و ﻋﺚ يﻌجﻦ‬
‫اﳌﺎدة ا ردة إﱃ ﺷـكﻞ وﻏرض ﺧﺎص ‪ .‬إ ﺎ ﲢقيق ﻣقﺪرة اﳌﺎدة القويﺔ ‪ ،‬إ ﺎ‬
‫كﻤيﺔ القوى الكﺎﻣنﺔ ﰲ أي ﺷ ـ ــيء ليﻌي ويكون ويﺼ ـ ــﺒﺢ ‪ .‬إن الﻄﺒيﻌﺔ ﻏزو‬
‫الﺼورة لﻠﻤﺎدة والﺘﺪرج والﺘقﺪم وانﺘﺼﺎر اﳊيﺎة")‪. (51‬‬
‫أﻣﺎ ﻣﺎ يقررﻩ اﳌﺘﺼـ ـ ـ ـ ــوفﺔ ﻣﻦ اﳌسـ ـ ـ ـ ــﻠﻤﲔ وابﻦ ﻋرﰊ بوجﻪ ﺧﺎص إن‬
‫اﳊروف اﳍجـﺎئيـﺔ ليسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺖ رﻣوزا ﳎردة بـﻞ ﻫي أﻣﻢ وأقوام ﻣنﻬـﺎ الﻌﺒيـﺪ وﻣنﻬـﺎ‬
‫اﻷﺳـ ـ ـ ــيﺎد وقﺪ أفرد ﳍﺎ الﺸ ـ ـ ــيخ اﻷكﱪ ابﻦ ﻋرﰊ ﰲ فﺘوحﺎتﻪ فﺼـ ـ ـ ــﻠﲔ كﺎﻣﻠﲔ‬
‫)حواﱄ أربﻌﲔ صـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻔحـﺔ كﺒﲑة( إذ قرر أن الﺘكﻠﻢ حول ﺧواص اﳊروف ﻻ‬
‫ﳝكﻦ الﺘوصﻞ إليﻪ إﻻ ﻋﻦ ﻃريق الكﺸف واﳌﺸﺎﻫﺪة اﻹﳍيﺔ الﱵ تنﺎل لﺘﻌﺒﺪ‬
‫واﻻجﺘﻬﺎد ـ ـ ـ ـ ـ وﻫذا ﻣﺎ تﺒنﺎﻩ القنوجي ﻋنﺪﻣﺎ ﻋرف ﻋﻠﻢ اﳊروف وقﺎل ﻋنﻪ ﻻ‬
‫ﳝكﻦ الﺘوصﻞ إليﻪ إﻻ بﻄريق الكﺸف واﳌﺸﺎﻫﺪة ـ ولذلﻚ جﺎء كﻼم الﺸيخ‬
‫اﻻكﱪ حول اﳊروف فيﻪ ﺷـ ـ ــيء ﻣﻦ اﻹ ﺎم والغﻤوض واﺷ ـ ـ ــﺘﻤﻞ ﻋﻠى ﻣنﻬﺞ‬
‫فﻠسﻔي صوﰲ ﻏﲑ واﺿﺢ اﳌﻌﲎ – كﻌﺎدتﻪ ﰲ الكﺘﺎبﺔ – يقول ﰲ ذلﻚ "وﳌﺎ‬
‫كوﺷـ ــﻔنﺎ ﻋﻦ بسـ ــﺎئط اﳊروف وجﺪ ﻫﺎ ﻋﻠى أربﻌﺔ ﻣراتب )حروف( ﻣرتﺒﺘﻬﺎ‬
‫ﺳـ ـ ـ ــﺒع أفﻼك وﻫي اﻷلف والزاي والﻼم )وحروف( ﻣرتﺒﺘﻬﺎ ﲦﺎنيﺔ أفﻼك وﻫي‬

‫)‪ (51‬قﺼﺔ الﻔﻠسﻔﺔ ‪ ،‬لﺪيورانﺖ ‪ ،‬ص ‪. 112‬‬


‫‪80‬‬
‫الﻌﲔ والغﲔ والسـ ـ ـ ــﲔ والﺸـ ـ ـ ــﲔ )وحروف( ﻣرتﺒﺘﻬﺎ ﻋﺸـ ـ ـ ــرة أفﻼك وﻫي قي‬
‫حروف اﳌﻌجﻢ")‪. (52‬‬
‫ﰒ يقسﻢ ﻫذﻩ اﳌراتب اﻷربﻌﺔ إﱃ ﻣراتب ﻣﺘﻌﺪدة ‪ ،‬فيقول ﻣﺜﻼ ﻋﻦ‬
‫حرف اﻷلف "وأﻣﺎ اﻷلف فﻄﺒﻌﻬﺎ اﳊرارة والرﻃوبﺔ واليﺒوﺳـﺔ والﱪودة ‪ ،‬ترجع‬
‫ﻣع اﳊﺎر حﺎرة وﻣع الرﻃب رﻃﺒﺔ وﻣع الﺒﺎرد ردة وﻣع اليﺎبس بسـ ـ ـ ـ ــﺔ ﻋﻠى‬
‫حسب ﻣﺎ ﲡﺎورﻩ ﻣﻦ ﻋواﱂ")‪. (53‬‬
‫إن ﻫذﻩ الﺘقسـيﻤﺎت الﱵ ذكرﻫﺎ الﺸـيخ اﻻكﱪ ﰲ فﺘوحﺎتﻪ ﱂ يسـﺒق‬
‫ﻷحﺪ قﺒﻠﻪ أن ذكرﻫﺎ وﻫي ﰲ أص ـ ــﻠﻬﺎ تﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠى الكﺸـ ـ ــف الر ﱐ كﻤﺎ قرر‬
‫أ ـﺎ ﰲ كﺜﲑ ﻣﻦ اﻷحيـﺎن ﻻ تقوم ﻋﻠى أﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎس نﻈريـﺔ الﻄﺒـﺎئع واﻷﻣزجـﺔ ‪،‬‬
‫وﻫذا ﻻ يﻌﲏ ﻋﺪم ص ـ ـ ـ ـ ــحﺔ أحﺪ ﻫذيﻦ الﺘقس ـ ـ ـ ـ ــيﻤﲔ ﻷن لكﻞ واحﺪ ﻣنﻬﻤﺎ‬
‫أص ـ ــﻞ يﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠيﻪ ‪ ،‬كﻤﺎ أن الﺘقسـ ـ ــيﻤﺎت اﳊرفيﺔ ﻋنﺪ ابﻦ الﻌرﰊ تﺘﺼـ ـ ــﻞ ﰲ‬
‫بﻌض قواﻋﺪﻫﺎ ﻣع ﻣﺒﺪأ الﻄﺒﺎئع اﳊرفيﺔ ﳑﺎ يؤكﺪ ﻋﻞ ترابط الﺘقسـ ــيﻤﲔ ‪ ،‬إﻻ‬
‫أنﻪ يﺼــرح ويرى أن ﻃريق الوصــول إﱃ ﺳــر الﺘﺼــرف ذﻩ اﳊروف ﻻ يكون‬
‫إﻻ ﻋﻦ ﻃريق ا ﺎﻫﺪة والﻌﺒﺎدة الﱵ توصﻞ إﱃ الكﺸف اﻻﳍي ‪.‬‬
‫ويرى أكﺜر اﳌﺘﺼ ـ ـ ـ ــوفﺔ ﻣﻦ اﳌسـ ـ ـ ــﻠﻤﲔ أن ﻣوافقﺔ حروف ﻣركﺒﺔ وﰲ‬
‫الغـﺎلـب تكون ﻷﲰـﺎء ﷲ اﳊسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﲎ أو آ ت ﻣﻦ القرآن الكرﱘ ﻣع حروف‬
‫اﳌريﺪ ‪ ،‬يوص ــﻞ إﱃ ﻣﻌرفﺔ ﺳ ــر ﻫذﻩ اﳊروف الﱵ تكﻤﻦ ﰲ أﲰﺎءﻫﺎ أو ﲨﻠﻬﺎ‬

‫)‪ (52‬الﻔﺘوحﺎت اﳌكيﺔ ‪ ،‬ابﻦ ﻋرﰊ ‪ ،‬ج ‪ ، 1‬ص ‪. 52‬‬


‫)‪ (53‬اﳌﺼﺪر السﺎبق الﺼﻔحﺔ نﻔسﻬﺎ ‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫وﻻ يكون ذل ــﻚ إﻻ بﺘﻼوة ﻫ ــذﻩ اﻷﲰ ــﺎء ﻋ ــﺪاد وأوق ــﺎت ﻣﻌين ــﺔ ﺧ ــذ ﰲ‬
‫صﺒغﺘﻬﺎ اﳉﺎنب الروحي والﺒﺎراﺳﺎيكولوجي ﰲ اﻏﻠب اﻷحيﺎن ‪.‬‬
‫إن النﺘــﺎئﺞ اﻹﳚــﺎبيــﺔ الﱵ حققﻬــﺎ ﻋﻠﻢ اﳊروف ﰲ ا ــﺎل الﺘــﺄﺛﲑي‬
‫جﻌﻞ الﻌﻠﻤﺎء ﻣنذ القﺪم ﳛﺎولون تﻔسـﲑ ﺧﺎصـيﺔ ﻫذﻩ اﳊروف وﻣﺎ ﲢويﻪ ﻣﻦ‬
‫قوة وﻃــﺎقــﺔ ﲡﻌﻠﻬــﺎ ﻋﻦ ﻃريق الﺘقسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيﻤــﺎت الﻄﺒــﺎئﻌيــﺔ ﲢقق ﳒــﺎحــﺎ كﺒﲑا ﰲ‬
‫حقـﻞ اﳊيـﺎة الﻌـﺎﻣـﺔ ‪ ،‬وﺧرجوا فكـﺎر ونﺘـﺎئﺞ تؤكـﺪ أن ﰲ كـﻞ حرف ﻃـﺎقـﻪ‬
‫وﺳـر ‪ ،‬وﻣﻦ بﲔ أﻫﻢ النﺘﺎئﺞ الﱵ قرروﻫﺎ ان لكﻞ حرف روح وجسـﺪ ونﻄق‪،‬‬
‫فﺎلنﻄق ﻫو ﻣﺎ يﺘكﻠﻢ بﻪ اﻹنس ـ ـ ــﺎن ﻣﻦ الكﻠﻤﺎت اﳌﺘكونﺔ ﻣﻦ اﳊروف وﲣرج‬
‫ﻋﻦ ﻃريق الﺼـ ـ ـ ــوت واﳉس ـ ـ ــﺪ ﻫو ﺷـ ـ ـ ــكﻞ اﳊروف اﳌرﺳـ ـ ـ ــوﻣﺔ واﳌكﺘوبﺔ ﻋﻠى‬
‫اﳌـﺎد ت ‪ ،‬أﻣـﺎ الروح فﻬو النسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﺒـﺔ اﳋﻔيـﺔ ﰲ ذات اﳊرف ‪ ،‬وﻣﻦ ﻫنـﺎ يﻌﻤـﺪ‬
‫ﻋﻠﻤﺎء اﳊروف إﱃ ﲢويﻞ كﻞ ﲨﻠﺔ أو اﺳــﻢ إﱃ حروف ﻣقﺘضــﺒﺔ يكﻤﻦ فيﻬﺎ‬
‫ﺳ ـ ــر ﻣﻌﲎ ﻫذﻩ اﳉﻤﻠﺔ أو ﻫذا اﻻﺳ ـ ــﻢ وﰲ ذلﻚ ينقﻞ ﻋﻦ أرﺳ ـ ــﻄو قولﻪ "إن‬
‫اﳊروف إذا اﲣــذت أرواحﻬــﺎ واﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘنﻄقــﺖ كــﺎن أقوى ﰲ فﻌﻠﻬــﺎ ﻣﻦ تﻠــﻚ‬
‫اﻷجسﺎد ـ أي تﻠﻚ الكﺘﺎبﺔ ا ردة")‪ (54‬وذكر أفﻼﻃون "إن القسﻢ واﻷﻋوان‬
‫– اﳌسـ ــﺘﺨرجﺔ ﻣﻦ اﳊروف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ تؤﺧذ أرواحﺎ ﻻ أجسـ ــﺎدا ﻷن اﻷرواح تقﺒﻞ‬
‫السـ ــر أكﺜر ﻣﻦ اﻷجسـ ــﺎد")‪ (55‬كﻤﺎ ينقﻞ ﻋﻦ ﻫرﻣس اﳊكيﻢ قولﻪ "واﻷصـ ــﻞ‬
‫الواحـﺪ الـذي ﻫو أول اﻷركـﺎن إذا ركﺒـﺖ ﻣنـﻪ بسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎئط وأزيـﻞ ﻣـﺎ ﻋـﺎد ﻣنﻬـﺎ‬

‫)‪ (54‬اﻷصول والضوابط اﶈكﻤﺔ ‪ ،‬اﻷﻣﺎم الﺒوﱐ ‪ ،‬ص ‪. 20‬‬


‫)‪ (55‬اﳌﺼﺪر السﺎبق ‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫وﺿـ ــوﻋﻔﺖ إﱃ ﻣنﺘﻬﺎﻫﺎ ‪ ،‬أﺳـ ــقﻄنﺎ اﳌﺘنﺎﻫي وأﺛﺒﺘنﺎ اصـ ــﻠﻪ وفرﻋنﺎ ﻣنﻬﺎ أﻣﻼكﺎ‬
‫ﻫي ﳐﻠوقﺔ ﻣنﻬﺎ ﻣﻦ اصـﻠﻬﺎ والﺘﻔريع يكون ﻣﻦ أرواحﻬﺎ)‪ (56‬ﻻ ﻣﻦ أجسـﺎدﻫﺎ‬
‫ﻷن أرواحﻬﺎ آلف وأقوى ﻋﻠى اﻷجسـﺎد اﳊسـيﺔ فﺈذا أﺿـيف السـر إليﻪ ﲨع‬
‫بﲔ القوتﲔ وكﺎن فﻌﻠﻬﺎ أقوى ﻣﻦ فﻌﻞ أجس ـ ـ ـ ـ ــﺎدﻫﺎ ‪ ،‬فﺈذا فرﻏﺘﻢ ﻣﻦ اﻷرواح‬
‫فﺎحكﻤوا فﺈن اﻷرواح ﻣضـ ـ ـ ــﻄرة ﻣﻦ اﻷحكﺎم أكﺜر ﻣﻦ اﺿـ ـ ـ ــﻄرار اﻷجسـ ـ ـ ــﺎد‬
‫إليﻪ")‪. (57‬‬
‫وﻣﻦ ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻷقوال يﺘﺒﲔ لنﺎ أن الس ـ ـ ـ ـ ـ ـر الذي ﰲ اﳊروف ﻻ‬
‫يكﻤﻦ ﰲ رﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻢ اﳊرف ا رد ‪ ،‬وﻻ حﱴ ﰲ لﻔﻈــﻪ وإن كــﺎن لﻠكﻼم الﺒﻠيغ‬
‫ﺛﲑا ‪ ،‬بﻞ إن ﺳ ـ ـ ــر اﳊروف يكﻤﻦ ﰲ أرواحﻬﺎ ‪ ،‬ﻷن الروح كﻤﺎ قرروا أقوى‬
‫تﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرفﺎ وانﺘقﺎﻻ ﰲ اﳌﺎد ت الﱵ ﻫي ﻣكو ت الﻄﺒيﻌﺔ ﲟﺎ فيﻬﺎ اﻹنسـ ـ ـ ـ ـ ــﺎن‬
‫)اﳉســﺪ( فروح الﺸــيء ﳍﺎ تغﻠغﻞ كﺒﲑ ﰲ كﻞ ﻣﺎ ﻫو ﻣﺎدي بﻞ وحﱴ ﻣﻌنوي‬
‫فـﺈن لﻸرواح ﰲ ذا ـﺎ قوى ﻣﺘﺒـﺎينـﺔ فيﻤـﺎ بينﻬـﺎ فﻬنـﺎك روح ﻣنﻔﻌﻠـﺔ تس ـ ـ ـ ـ ـ ــيﻄر‬
‫ﻋﻠيﻬـﺎ روح فـﺎﻋﻠـﺔ ‪ ،‬وﲨيع ﻫـذﻩ اﻷرواح ﻫي ﻃـﺎقـﺔ تكﻤﻦ ﰲ حروف اﳍجـﺎء‬
‫الﱵ نســﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﰲ كﻼﻣنﺎ اليوﻣي ولكﻦ ليســﺖ ﲞواصــﻬﺎ وﻃﺎقﺎ ﺎ بﻞ ﲟوادﻫﺎ‬
‫الﺸكﻠيﺔ ا ردة ‪.‬‬

‫)‪ (56‬اﳌقﺼود ﻷرواح ‪ :‬أﻋﺪاد اﳊروف واﻷﻋﺪاد إذ ﲨﻌﺖ ﻻ ﳝكﻦ أن ﲣرج رقﻤﲔ ﰲ‬
‫نﻔس اﳌرتﺒﺔ ‪.‬‬
‫)‪ (57‬اﻷصول والضوابط اﶈكﻤﺔ ‪ ،‬اﻻﻣﺎم الﺒوﱐ ‪ ،‬ص ‪. 22‬‬
‫‪83‬‬
‫إن ﻣﺼ ــﻄﻠﺢ الروح ﻫو تﻌﺒﲑ قﺪﱘ لﻠقوة الﱵ تكﻤﻦ داﺧﻞ اﳊروف‬
‫ونسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﻄيع أن نﻄﻠق ﻋﻠى ﻫـذﻩ اﳋـﺎصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـﺔ اﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻢ )الﻄـﺎقـﺔ الﻔيز ئـﺔ الـذاتيـﺔ‬
‫لﻠحروف( والﱵ ﻫي اﳉزء الك ــﺎﻣﻦ ﰲ ذات اﳊروف ﻻ تنﻔ ــﻚ ﻋنﻬﻢ ولكﻦ‬
‫ﻻ يرى أﺛرﻫﺎ إﻻ ﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ حسب قوانينﻬﺎ اﳊرفيﺔ والﻌﺪديﺔ ‪.‬‬
‫وإذا كﺎن لﻔﻼﺳـﻔﺔ اليو ن تقسـيﻢ ﺛﻼﺛي لﻠحروف فﺎن الﻌﺎﱂ الﻌرﰊ‬
‫داود اﻻنﻄﺎكي يرى ان لكﻞ حرف ﺳـ ـ ــﺒع قوى ﻣؤﺛرة ﳝكﻦ اﺳ ـ ــﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﰲ‬
‫اكﺘسـ ــﺎب ﺳـ ــر اﳊرف اﳌسـ ــﺘﺨﺪم وﰲ ذلﻚ يقول "أﻋﻠﻢ أن لﻠحرف جسـ ــﻤﺎ‬
‫وروحﺎ ونﻔســﺎ وقﻠﺒﺎ وﻋقﻼ وقوة كﻠيﺔ وقوة ﻃﺒيﻌيﺔ ‪ ،‬فﺼــورة اﳊرف جســﻤﻪ ‪،‬‬
‫وﺿـربﻪ ﰲ ﻣﺜﻠﻪ روحﻪ ‪ ،‬وﰲ ﺛﻼﺛﺔ أﻣﺜﺎلﻪ نﻔسـﻪ ‪ ،‬وﰲ أربﻌﺔ أﻣﺜﺎلﻪ قﻠﺒﻪ ‪ ،‬وﲤﺎم‬
‫ظﻬور قﻠﺒــﻪ وﻋقﻠــﻪ ‪ ،‬وﻣربع قوتــﻪ الﻄﺒيﻌيــﺔ ﰲ ﻋﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر قوتــﻪ الكﻠيــﺔ ")‪ (58‬إن‬
‫ﻫذيﻦ الﺘقسـ ـ ــيﻤﲔ يؤكﺪان ﻋﻠى أن اﺳـ ـ ــﺘﺨﺪام ﻃﺎقﺔ اﳊروف اﳌؤﺛرة ﻻ يكون‬
‫إﻻ ﲟﻌرفﺔ نسب تﻠﻚ اﳊروف فﺒﻤﻌرفﺔ قواﻋﺪ وأﺳس ﻫذﻩ النسب اﳊرفيﺔ أو‬
‫الرقﻤيﺔ يسﻬﻞ ﻋﻠى اﻹنسﺎن اﺳﺘﺨﺪام ﻃﺎقﺔ اﳊروف والﺘﺄﺛﲑ ﺎ واﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ‬
‫فيﻤﺎ وﺿ ــﻌﺖ لﻪ ‪ ،‬وﳍذا يرى ﻋﻠﻤﺎء اﳊروف أنﻪ ﳚب ﻋﻠى اﳌﺸ ــﺘغﻞ ﲞواص‬
‫ﻫذﻩ اﳊروف أن يﻌرف كﻞ ﺷـيء ﻋنﻬﺎ ﻣذكرﻫﺎ وﻣؤنﺜﻬﺎ ‪ ،‬قويﻬﺎ وﺿـﻌيﻔﻬﺎ ‪،‬‬
‫نورانيﻬﺎ وظﻠﻤﺎنيﻬﺎ … إﱁ ‪.‬‬
‫وانﻄﻼق ــﺎ ﻣﻦ ﻫ ــذﻩ القواﻋ ــﺪ واﻷفك ــﺎر ف ــﺈنن ــﺎ بﺘحﻠي ــﻞ اﳊروف الﱵ‬
‫تﺘكون ﻣنﻬﺎ ايﺔ كﻠﻤﺔ ﻣﻦ الكﻠﻤﺎت ﳝكننﺎ أن نقرر ﻣﻦ حيﺚ الكﻢ والكيف‬

‫)‪ (58‬تذكرة داود اﻻنﻄﺎكي ‪ ،‬ج ‪ ، 3‬ص ‪. 82 – 81‬‬


‫‪84‬‬
‫الﺸ ـ ــيء الذي تﺼـ ـ ــﻔﻪ أو ﲢويﻪ أو ﲣﺼـ ـ ــﻪ ‪ ،‬ﻫذا اﻷﻣر جﻌﻞ ﻋﻠﻤﺎء اﳊروف‬
‫ﳜﻄون ﻃريقﺘﲔ ﰲ اﺳﺘنﺒﺎط ﻫذﻩ اﳊروف وﳘﺎ ‪.‬‬
‫‪ .1‬الﻄريق اﻷول يقوم ﻋﻠى أﺳـ ـ ـ ــﺎس ﲨع اﳊروف ﲝيﺚ ﲢﺼ ـ ـ ـ ــﻞ ﻋﻠى‬
‫كﻞ يﺘﺼـ ـ ــف ﲞواص ﻣﻌينﺔ ﻣﻦ اﳌﻔروض أ ﺎ تؤدي إﱃ النﺘيجﺔ اﳌﻄﻠوبﺔ‬ ‫ٍ‬
‫)أﻣﺎ اﻷﺛر السحري أو الﺘنﺒؤي( ‪.‬‬
‫‪ .2‬الﻄريق الﺜﺎﱐ يقوم ﻋﻠى أﺳﺎس تﻔريق أﲰﺎء بﻌينﻬﺎ ‪ ،‬ترتﺒط ﺎ صﻔﺔ‬
‫ﻃنيـﺔ ‪ ،‬ويكون ﻫـذا بكﺜﲑ ﻣﻦ اﻷحوال أ ـﺎ أﺧـذت ﻣﻦ كﺘـﺎب ﻣقـﺪس‬
‫وﻫو ﰲ ﻫـذﻩ اﳊـﺎلـﺔ القرآن الكرﱘ ‪ ،‬وذلـﻚ بغيـﺔ ان تﺘنـﺎول ﻋنـﺎصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرﻫـﺎ‬
‫السـ ــﺎكنﺔ بﻄريقﺔ ﻣركﺒﺔ تقوم ﻋﻠى ﻋواﻣﻞ ﻋﺪديﺔ وكيﻔيﺔ وكﻤيﺔ وتنجيﻤيﺔ‬
‫وﺳحريﺔ ‪.‬‬

‫‪ .9‬ﻗﺼة ﻋﺠيبة‬
‫وﳑﺎ ﳛسـ ـ ــﻦ أن نضـ ـ ــيﻔﻪ ﰲ ﻣوﺿ ـ ـ ــوﻋنﺎ ﻫذا ﻣﺎ ذكرﻩ الﻌﻼﻣﺔ ﳏﻤﺪ‬
‫فريﺪ وجﺪي نقﻼ ﻋﻦ جريﺪة )الﻌﻠﻢ( الﺼ ـ ـ ــﺎدرة ﰲ ‪ 22‬أبريﻞ ‪ 1912‬ﲢﺖ‬
‫ﻋنوان ) ﻣﺸ ـ ـ ــﺎﻫﺪة ﻏريﺒﺔ ‪ ،‬الس ـ ـ ــﻼح اﳊﺎد ﻻ يؤﺛر ﰲ اﳉسـ ـ ـ ــﻢ اﻹنسـ ـ ـ ــﺎﱐ (‬
‫وﻣوﺿــوع ﻫذﻩ اﳊكﺎيﺔ الواقﻌيﺔ يوردﻫﺎ اﶈرر بقولﻪ " اتﺼــﻞ بنﺎ أول أﻣس انﻪ‬
‫ﺳــﺘجري ﲡربﺔ ﻋجيﺒﺔ وﻣﺸــﺎﻫﺪة ﻏريﺒﺔ ﻋﻠى جســﻢ اﻹنســﺎن ﰲ ﻋيﺎدة بﻌض‬
‫اﻷﻃﺒــﺎء فــذﻫــب أحــﺪ ﳏرري جريــﺪة ) الﻌﻠﻢ ( إﱃ تﻠــﻚ الﻌيــﺎدة وﻫنــﺎك رأى‬
‫ﲨﻌﺎ ﻏﲑ قﻠيﻞ ﻣﻦ اﳌﺼريﲔ واﻷجﺎنب رجﺎﻻ وﺳيﺪات وﰲ ﻣنﺘﺼف السﺎﻋﺔ‬

‫‪85‬‬
‫اﳋﺎﻣسـ ـ ـ ــﺔ حضـ ـ ـ ــر إﱃ تﻠﻚ الﻌيﺎدة ﻣﻬنﺪس ﻣﺼـ ـ ـ ــري وحضـ ـ ـ ــرة بﺖ أفنﺪي‬
‫ﺳـ ــﻠيﻤﺎن ﻣﻦ ﻣسـ ــﺘﺨﺪﻣي اﳊكوﻣﺔ فقﺪﻣﻪ الﺪكﺘور بﻼتﺸـ ــي ﻫراري صـ ــﺎحب‬
‫الﻌيﺎدة لﻠحﺎﺿـ ـ ـ ـريﻦ ‪ ،‬وقﺎل انﻪ ﺳ ـ ـ ـ ــيجري أﻣﺎﻣكﻢ ﲡربﺔ ليس ﳍﺎ ﻣﺜيﻞ وﻋنﺪ‬
‫ذلﻚ وقف حضـ ـ ـ ـ ـ ــرة اﳌﻬنﺪس ﰲ يﺪﻩ ورقﺔ ﻃوﳍﺎ ‪ 0,20‬ﺳـ ـ ـ ـ ـ ــﻢ وﻋرﺿ ـ ـ ـ ـ ــﻬﺎ‬
‫‪ 0,13‬ﺳ ـ ـ ـ ـ ــﻢ وقﺎل ‪ :‬إن ﻫذﻩ الورقﺔ تﺸ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻤﻞ ﻋﻠى بﻌض اﳊروف اﳌكﺘوبﺔ‬
‫ﳊﱪ وأ ﻣس ـ ـ ـ ــﺘﻌﺪ بكﺘﺎبﺘﻬﺎ ﻋﻠى أي ورقﺔ أﻣﺎﻣكﻢ إذا أردﰎ وﺳـ ـ ـ ـ ــﺄﳏو ﻫذا‬
‫اﳊﱪ ﳌـﺎء ﰲ وﻋـﺎء أﻣـﺎم أﻋينكﻢ ﰒ أﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع ﻋﻠيـﻪ جـﺎنﺒـﺎ ﻣﻦ الرﻣـﺎد وادﻫﻦ بـﻪ‬
‫ﻋضــو ﻣﻦ أﻋضــﺎء أي ﺷــﺨص ﻣنكﻢ وبﻌﺪ جﻔﺎفﻪ ﻻﳝكﻦ لﻠســﻼح أن يؤﺛر‬
‫فيــﻪ بقﻄع أو جرح فﻤﻦ ﺷـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎء ﻣنكﻢ ان يﺘقــﺪم ﻹجراء ﻫــذﻩ الﺘجربــﺔ ﻋﻠى‬
‫جسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻤـﻪ فﻠيﺘقـﺪم ‪ .‬فـﺄحجﻤوا ﲨيﻌـﺎ ﻣﻦ أجـﺎنـب ووﻃنيﲔ ﻋﻠى إجراء ﻫـذﻩ‬
‫الﺘجربﺔ اﳋﻄرة ‪ ،‬ولكﻦ احﺪ الﺸ ـ ـ ـ ــﺒﺎن اﳌﺼـ ـ ـ ـ ـريﲔ تقﺪم أﺧﲑا وقﺎل انﻪ يقﺒﻞ‬
‫جراء ﻫذﻩ الﺘجربﺔ ﻋﻠى ﺳ ـ ـ ــﺎقﻪ ‪ ،‬وبﻌﺪ ان ﻣﻞ اﳊﺎﺿـ ـ ـ ــرون الورقﺔ اﳌكﺘوبﺔ‬
‫احض ـ ـ ــر ﺧﺎدم الﻄﺒيب قﺪحﺎ ﻣﻦ اﳌﺎء القراح ووﻋﺎء فﺎﺧذ حضـ ـ ـ ــرة اﳌﻬنﺪس‬
‫ﲟحو اﳊﱪ ﻣﻦ الورقﺔ ﳌﺎء وبﻌﺪ ان تﻠون اﳌﺎء ﳊﱪ وﱂ يﺒق اﺛر لﻠورقﺔ وﺿع‬
‫ﻋﻠيﻪ الﱰاب ‪ ،‬ﰒ لﻄخ ﺳﺎق ذلﻚ الﺸﺨص وانﺘﻈر حﱴ جف وتﺸربﻪ اﳉﻠﺪ‬
‫‪ ،‬ﰒ أﻣر اﻷﻃﺒـﺎء ان ﳚربوا أﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻠحﺘﻬﻢ فﺘقـﺪﻣوا ﻋﻠيـﻪ واحـﺪا بﻌـﺪ واحـﺪ وكـﻞ‬
‫ﻣنﻬﻢ بيﺪﻩ ﺳ ــﻼح ﻣﺜﻞ الس ــكﲔ واﳌﺸ ــرط واﳌوس وﳌﺎ ﱂ تؤﺛر تﻠﻚ اﻷﺳ ــﻠحﺔ‬
‫الﱵ اﻋﺘﺎدوا اﺳـ ـ ــﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﰲ الﻌﻤﻠيﺎت اﳉراحيﺔ احضـ ـ ــروا أﺳـ ـ ــﻠحﺔ جﺪيﺪة ﱂ‬

‫‪86‬‬
‫تكﻦ تسـ ـ ـ ـ ــﺘﻌﻤﻞ ﻣﻦ قﺒﻞ ﻣﻄﻠقﺎ فكﺎن نﺼ ـ ـ ـ ــيﺒﻬﺎ نﺼـ ـ ـ ـ ــيب اﻷﺳـ ـ ـ ـ ــﻠحﺔ اﻷوﱃ‬
‫فﺎﺳﺘوﱃ الﺪﻫﺸﺔ ﻋﻠى اﳊﺎﺿريﻦ وﻫنﺎ اذﻫﻞ اﳌﻬنﺪس بنجﺎح ﲡربﺘﻪ اﳌﺪﻫﺸﺔ‪.‬‬
‫اﻣﺎ اﻷﻃﺒﺎء الذيﻦ كﺎنوا يﺒﺎﺷـ ـ ـ ـ ـ ــرون ﻋﻤﻠيﺔ الﺘجربﺔ فﻬﻢ حضـ ـ ـ ـ ـ ـرات‬
‫الـﺪكﺘور ﻣـﺎنﻔريـﺪ نور والـﺪكﺘور افـﺎيو والـﺪكﺘور ﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎكس ‪ ،‬اﻣـﺎ الورقـﺔ الﱵ‬
‫كﺘﺒﻬـﺎ اﳌﻬنـﺪس فكـﺎنـﺖ فيﻬـﺎ اﳊروف الﺘـﺎليـﺔ )ل س ع ا و( ﻣكﺘوبـﺔ ﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﺘـﺔ‬
‫ﻣرات ﻋﻠى اوﺿ ـ ــﺎع ﳐﺘﻠﻔﺔ ‪ ،‬وقﺪ قﺎل أ ﺎ وحﺪﻫﺎ ﻻتكﻔي لﻠغرض اﳌقﺼ ـ ــود‬
‫بـﻞ ان الس ـ ـ ـ ـ ـ ــر ﰲ ﺛﻼث حروف أﺧرى ﻻﳝكنﲏ ان ابوح ـﺎ ﻷحـﺪ وﻷجـﻞ‬
‫ذلﻚ اكﺘﺒﻬﺎ ﳌﺎء ﻋﻠى ظﻬر الورقﺔ وفﻌﻼ كﺘﺒﺘﻬﺎ ‪.‬‬
‫ﰒ اﺷﺎر اﳌؤلف ـ اﶈرر ـ فقﺎل ﻋﻦ ﻫذﻩ اﳌسﺄلﺔ ‪:‬‬
‫وقﺪ ﺳـ ـ ـ ـ ــﺄلﻪ اﶈرر إﻋﻄﺎءﻩ تﻔﺼـ ـ ـ ـ ــيﻼت ﻋﻦ ﻃريق اﻫﺘﺪائﻪ إﱃ ﻫذﻩ‬
‫اﳌسﺄلﺔ فﺎجﺎب ﲟﺎ ﰐ‪:‬‬
‫) لقﺪ ﲝﺜﺖ ﻃويﻼ ﻋﻤﺎ ﻫو اﻹنسـ ـ ـ ــﺎن وﻣﺎ وجﻪ تﻔضـ ـ ـ ــيﻠﻪ ﻋﻠى ﲨيع‬
‫اﳌﺨﻠوقـﺎت فرأيـﺖ انـﻪ جس ـ ـ ـ ـ ـ ــﻢ وﻋقـﻞ يﱰكـب ﻣﻦ اﳊروف ‪ ،‬كـﺎنـﺖ اﳊروف‬
‫ﻫي القوة الﻔﻌﺎلﺔ ﰲ تﻔض ـ ـ ـ ــيﻞ اﻹنس ـ ـ ـ ــﺎن ﻻ ﺎ ترﲨﺎن الﻌقﻞ واﳌﻌﱪ ﻋﻦ قوتﻪ‬
‫الــذاتيــﺔ ﰲ ﻫــذا الﻌــﺎﱂ ‪ .‬لــذلــﻚ وجــﺪت ﻣوﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوع الﺘــﺄﺛﲑ والﺘــﺄﺛر ﰲ نﻔس‬
‫اﻹنسـ ــﺎن ﻻن كﻠﻤﺘﲔ رﲟﺎ تنﺘﺞ ﻋنﻬﻤﺎ تغيﲑ دﻣﻪ إﱃ درجﺔ ﻣؤﺛرة ﰲ جسـ ــﻤﻪ‬
‫قـﺪ تؤدي ﲝيـﺎتـﻪ كـﺪرا وكﻤـﺪا ‪ ،‬وكﻠﻤﺘﲔ اﺧرتﲔ ﲤﻸنـﻪ اﻣﻼ وتنﻌﺸ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎنـﻪ ﻣﻦ‬
‫ﲬﻠولــﻪ و ﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻪ فيــﺄﰐ ﻣﻦ اﻷفﻌــﺎل ﻣــﺎ تﻌجز ﻋنــﻪ القوى الكﺒﲑة ‪ .‬وﻫنــﺎك‬
‫كﻠﻤﺘـ ــﺎن اﺧر ن رﲟـ ــﺎ ا رت اﳊروب الﱵ تـ ــذﻫـ ــب ﻵﻻف ﻣﻦ النﻔوس ‪،‬‬

‫‪87‬‬
‫ﺿ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻤﻦ ذلــﻚ ينﺘﺞ ان أجزاء الكﻼم اﳌﻌﱪ ﻋنﻬــﺎ ﳊروف ﻫي روح ذلــﻚ‬
‫الﺘﺄﺛﲑ ‪ ،‬والﺘﺄﺛﲑ الﺼ ـ ـ ـ ــﺎدر ﻋنﻬﻤﺎ ﳚﻤع اﻷفﻌﺎل ﻋﻠى اﺧﺘﻼفﻬﺎ ورﲟﺎ ان ﻫذﻩ‬
‫اﳊروف ﻋنﺪ وص ــوﳍﺎ إﱃ اﳌخ بﻄريق اﻷذن ﲢﺪث ﻫذا ﻣﻦ الﺪاﺧﻞ ‪ ،‬فﻼبﺪ‬
‫ان يكون ﳍﺎ قوة أﺧرى تؤﺛر ﻋﻠى اﻷجس ـ ــﺎم ﻣﻦ اﳋﺎرج كﻤﺎ تﺸ ـ ــﺎﻫﺪ ﺛﲑﻫﺎ‬
‫ﻣﻦ الﺪاﺧﻞ ‪ ،‬وﻣﻦ ﻫنﺎ بﺪأت الﺒحﺚ ﰲ ﻣﻌرفﺔ قوة كﻞ حرف ﻣنﻔردا واﳌﻌﲎ‬
‫اﳌس ــﺘكﻦ فيﻪ وجوﻫر فﻌﻠﻪ ﰲ الﺘﺄﺛﲑ داﺧﻼ وﺧﺎرجﺎ ﻋﻦ اﻹنس ــﺎن ‪ ،‬ﰒ ﻣﻌرفﺔ‬
‫اﳊروف ﻣﺸـ ــﱰكﺔ بﻌضـ ــﻬﺎ ﻣع بﻌض و ﺛﲑﻫﺎ ﻣﻦ الﺪاﺧﻞ واﳋﺎرج ‪ ،‬فكﺎنﺖ‬
‫نﺘيجﺔ الﺒحﺚ ﻫي ﻣﻌرفﺔ حقيقﺔ الﺘﺄﺛﲑ ‪.‬‬
‫وﳌـﺎ كـﺎنـﺖ اﳊروف ﳍـﺎ ﻫـذﻩ القوة الﻔﻌـﺎلـﺔ ﰲ كـﻞ ﺷ ـ ـ ـ ـ ـ ــيء واﶈركـﺔ‬
‫لنﻈﺎم الﻌﺎﱂ والﺪافﻌﺔ لﻺنسـ ـ ـ ـ ــﺎن إﱃ اﻣﺘﺸ ـ ـ ـ ــﺎق اﳊسـ ـ ـ ـ ــﺎم واﻃﻼق الرصـ ـ ـ ـ ــﺎص‬
‫واﳌقذوفﺎت فﻼ بﺪ ان يكون ﳍﺎ قوة ﺳـ ــﻠﺒيﺔ أﺧرى تقﺎبﻞ ﻫذﻩ القوة اﻹﳚﺎبيﺔ‬
‫وتقي اﻷجسـ ـ ـ ـ ــﺎم قوة ﺛﲑ السـ ـ ـ ــﻼح اﳊﺎد وﻏﲑﻩ كﺎلرصـ ـ ـ ـ ــﺎص ‪ ،‬وقﺪ كﺎنﺖ‬
‫النﺘيجـﺔ ﻣﻦ كـﻞ ذلـﻚ اﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺨراج اﳊروف اﳌكﺘوبـﺔ ﰲ الورقـﺔ الﱵ ﳍـﺎ ذلـﻚ‬
‫)‪(59‬‬
‫الﺘﺄﺛﲑ الﻌجيب ﰲ وقﺎيﺔ اﳉسﻢ ﻣﻦ ذلﻚ السﻼح اﳊﺎد "‬
‫ان ﻫــذﻩ اﳊــﺎدﺛــﺔ اﳌوﺛقــﺔ والﺘجربــﺔ الﻌﻤﻠيــﺔ لﺘؤكــﺪ لــﺪليــﻞ الــذي ﻻ‬
‫يقﺒﻞ الﺸـ ـ ـ ــﻚ ﻣﺎ لﻠحروف ﻣﻦ ﺛﲑ ﺳـ ـ ـ ــحري ﻋجيب ﰲ اﳌﺎد ت ‪ ،‬فيﺎ ﻫﻞ‬
‫ترى ﻣﺎذا احﺘوت ﻫذﻩ اﳊروف اﳋﻤس ــﺔ ) ل س ع ا م ( لكي ﲢﻤي ﺳ ــﺎق‬
‫ﻫــذا الرجــﻞ ﻣﻦ القﻄع أو الﻄﻌﻦ أو اﳉرح ‪ ،‬ﻻ بــﺪ ﻣﻦ ان يكون ﳍــﺎ فﻌــﻞ‬

‫)‪ (59‬دائرة ﻣﻌﺎرف القرن الﻌﺸريﻦ ‪ ،‬ﳏﻤﺪ فريﺪ وجﺪي ‪ ،‬جـ ‪ ، 3‬ص ‪. 416‬‬
‫‪88‬‬
‫فيز ئي ﻋجيـب ‪ ،‬فقـﺪ يكون لﻌﻤﻠيـﺔ دﻫﻦ ﻣنﻄقـﺔ ﻣﻌينـﺔ ﻣﻦ اﳉسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻢ ﲟـﺎدة‬
‫ﻫـذﻩ اﳊروف ﺛﲑ ذري أو اﺷـ ـ ـ ـ ـ ـﻌـﺎﻋي ﻋﻠى ﻫـذﻩ اﳌنﻄقـﺔ فﺘﺘحول اﳌكو ت‬
‫الﺒﺸـريﺔ ﰲ جسـﻢ اﻹنسـﺎن إﱃ ﻣﺎدة صـﻠﺒﺔ ﻻتؤﺛر فيﻬﺎ السـكﲔ أو اﳌﺸـرط أو‬
‫حﱴ الﻄﻠقﺎت النﺎريﺔ وﺷ ـ ــﻈﺎ اﳌقذوفﺎت ﻣع اﺷ ـ ـﱰاك ﻫذا الﻌض ـ ــو الﺒﺸ ـ ــري‬
‫لﺼ ـ ـ ــورة اﳊيﺔ الﻄﺒيﻌيﺔ لﻼنس ـ ـ ــﺎن ‪ ،‬إن ﻫذﻩ الﺘجربﺔ والﻌﺸـ ـ ـ ـرات ﻣنﻬﺎ والﱵ‬
‫اجرينــﺎ بﻌض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻬــﺎ لﺘؤكــﺪ ان لﻠحروف ﺛﲑ ﺧﻔي ﰲ ذا ــﺎ ‪ ،‬ان حرف اﳊــﺎء‬
‫اﳌﺎئي إذا كﺘب ﰲ ورقﺔ ﻣﺎ وﻏسـ ـ ـ ـ ــﻞ ﳌﺎء وﺷـ ـ ـ ـ ـربﻪ اﶈﻤوم اﳔﻔضـ ـ ـ ـ ــﺖ درجﺔ‬
‫حرارتﻪ وﻫذا الﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﳎر ت اﳌﻌرفﺔ لﺪى ﻋﻠﻤﺎء اﳊروف ‪ ،‬فﻤﺎ ﻫو السـ ـ ــر‬
‫ﰲ ﻫــذا اﳊرف أﻷنــﻪ ﳝﺜــﻞ اﳊرف اﻷول ﻣﻦ كﻠﻤــﺔ اﳊﻤى ‪ ،‬أم ﻻن لــﻪ ﺛﲑ‬
‫آﺧر ‪.‬‬
‫إن ﻋﻠﻤـ ـ ــﺎء اﳊروف يقررون أن ﻣرض اﳊﻤى يﺘكون ﻣﻦ ﺛﻼﺛـ ـ ــﺔ‬
‫حروف ﻫي ) ح ‪ ،‬م ‪ ،‬ى ( اﺛنﺎن ﻣنﻬﺎ ر ن يسـ ـ ـ ـ ــﺒﺒﺎن ز دة اﳊرارة ) م ‪،‬‬
‫ى ( وواحـﺪ ﻣنﻬﻤـﺎ ﻣـﺎئي ﻫو ) ح ( وبكﺘـﺎبـﺔ ﻫـذا اﳊرف ﲦـﺎن ﻣرات بﻌـﺪدﻩ‬
‫يكون قـ ــﺪ ﻏﻠـ ــب ﻃﺒع اﳊرارة فﺘنﺨﻔض اﳊﻤى ﻋنـ ــﺪ اﳌريض إذن ﻻبـ ــﺪ ان‬
‫يكون لس ـ ــر اﳊروف ﺛﲑ ﻋﻠى جس ـ ــﻢ اﻹنس ـ ــﺎن وﻏﺪدﻩ وﺧﻼ ﻩ الﱵ تﻠﻌب‬
‫ﻫي اﻷﺧرى ﻻﺳﺘجﺎبﺔ لﻠﻔﻌﻞ الذي تؤديﻪ ﻃﺎقﺔ اﳊرف ‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫‪ . 10‬ﺗﻔﺴﲑ ﻧظﺮية ﺧواص اﳊﺮوف‬
‫ان ﻫذﻩ الﻈواﻫر اﳋﺎرقﺔ ) فوق اﳊسـ ـ ــيﺔ ( جﻌﻠﺖ الﻌﻠﻤﺎء ﳛﺎولون‬
‫اﳚــﺎد تﻔس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﲑات ﻣنﻄقيــﺔ بﻌيــﺪة ﻋﻦ كــﻞ ﻣــﺎ ﻫو ﺧراﰲ أو ﻏﲑ واقﻌي وﻣﻦ‬
‫اﺷﻬر تﻔسﲑا ﻢ رأ ن ﳘﺎ ‪:‬‬
‫‪ .1‬ان الﻄﺎقﺔ السحريﺔ الﱵ ﰲ اﳊروف ترجع إﱃ اﳌزاج الذي فيﻬﺎ ‪ ،‬اذ‬
‫ان اﳊروف ﻣقس ـ ــﻤﺔ ﻋﻠى الﻄﺒﺎئع اﻻربﻌﺔ ‪ ،‬وﲣﺘص كﻞ ﻃﺒيﻌﺔ بﺼ ـ ــنف‬
‫ﻣﻦ اﳊروف يقع الﺘﺼـ ـ ـ ـريف ﰲ ﻃﺒيﻌﺘﻬﺎ فﻌﻼ وانﻔﻌﺎﻻ بذلﻚ الﺼ ـ ـ ـ ــنف‬
‫فﺘنوﻋﺖ اﳊروف بقوانﲔ يﻄﻠق ﻋﻠيﻬﺎ الﺒسط والﺘكسﲑ‪.‬‬
‫‪ .2‬ان ﺳــر اﳊروف ﳛﺼــﻞ بســﺒب النســب الﻌﺪديﺔ ‪ ،‬فﺎن حروف اﲜﺪ‬
‫دالﺔ ﻋﻠى أﻋﺪادﻫﺎ اﳌﺘﻌﺎرفﺔ وﺿﻌﺎ وﻃﺒﻌﺎ ‪ ،‬ولﻸﲰﺎء أوفﺎق كﻤﺎ لﻼﻋﺪاد‬
‫‪ ،‬وﳜﺘص كﻞ ص ـ ــنف ﻣﻦ اﳊروف بﺼـ ـ ــنف ﻣﻦ اﻷوفﺎق الذي ينﺎﺳ ـ ــﺒﻪ‬
‫ﻣﻦ حيﺚ ﻋﺪد الﺸ ـ ـ ــكﻞ أو ﻋﺪد اﳊروف واﻣﺘزاج الﺘﺼ ـ ـ ــرف ﰲ الس ـ ـ ــر‬
‫اﳊرﰲ والســر الﻌﺪدي ﻷجﻞ الﺘنﺎﺳــب الذي بينﻬﻤﺎ ‪ ،‬ولﻠﺘنﺎﺳــب اﳊرﰲ‬
‫والﻌﺪدي أﺷـكﺎل كﺜﲑة كﺘنﺎﺳـب )الﺒﺎء ‪ ،‬والكﺎف ‪ ،‬والراء ( فكﻞ ﻣﻦ‬
‫ﻫــذﻩ اﳊروف ﳛﻤــﻞ دﻻلــﺔ الرقﻢ ) ‪ ( 2‬ولكﻦ بﺘﻔــﺎوت ﰲ كــﻞ ﻣرتﺒــﺔ ‪،‬‬
‫فـﺎلﺒـﺎء ﳌرتﺒـﺔ اﻵحـﺎد والكـﺎف ﳌرتﺒـﺔ الﻌﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرات ‪ ،‬والراء ﳌرتﺒـﺔ اﳌﺌـﺎت ‪،‬‬
‫وكذلﻚ اﳊﺎل لﺒقيﺔ اﳊروف اﳌﺒنيﺔ ﻋﻠى ﻫذا الﺘقسـ ــيﻢ اﳌسـ ــﻤى بﺘقسـ ــيﻢ‬
‫اﳌراتب أو ) ايقغ ( ‪ ،‬وكﻤﺎ ﻫو اﳊﺎل بﺘنﺎﺳـ ـ ـ ـ ــب اﳌراتب فﺎن تنﺎﺳ ـ ـ ـ ــب‬
‫الﺘضــﻌيف يﻠﻌب دروا ﻣﻬﻤﺎ ﰲ ﺧﺎصــيﺔ اﳊرف كﺎلﺘنﺎﺳــب اﳊﺎصــﻞ بﲔ‬

‫‪90‬‬
‫اﻻربﻌﺔ واﻻﺛنﲔ وﻫو ﻣﺎ يس ـ ــﻤى بنس ـ ــﺒﺔ الض ـ ــﻌف أو تنﺎﺳ ـ ــب الﺜﻠﺚ أو‬
‫الربع وﻫكذا‪.‬‬
‫‪ .11‬رأي اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﰲ ﺧواص اﳊﺮوف‬
‫ﳛﺎول الﻌﻼﻣﺔ ابﻦ ﺧﻠﺪون أن يﻔسـ ـ ـ ـ ــر ﺳـ ـ ـ ـ ــر الﺘﺼـ ـ ـ ـ ـريف ﳊروف‬
‫فيقول " ﰒ اﺧﺘﻠﻔوا ﰲ ﺳ ـ ــر الﺘﺼ ـ ــرف الذي ﰲ اﳊروف ﻣﺎ ﻫو ‪ ،‬فﻤنﻬﻢ ﻣﻦ‬
‫جﻌﻠﻪ لﻠﻤزاج الذي فيﻪ ‪ ،‬وقس ــﻢ اﳊروف بﺘقس ــيﻢ الﻄﺒﺎئع إﱃ أربﻌﺔ أص ــنﺎف‬
‫كﻤﺎ لﻠﻌنﺎص ــر واﺧﺘﺼ ــﺖ كﻞ ﻃﺒيﻌﺔ بﺼ ــنف ﻣﻦ اﳊروف يقع الﺘﺼـ ـريف ﰲ‬
‫ﻃﺒيﻌﺘﻬﺎ فﻌﻼ وانﻔﻌﺎﻻ بذلﻚ الﺼ ـ ـ ـ ـ ــنف فﺘنوﻋﺖ اﳊروف بقﺎنون ص ـ ـ ـ ـ ـ ــنﺎﻋي‬
‫يسـ ـ ــﻤى الﺘكسـ ـ ــﲑ إﱃ ريﺔ وﻫوائيﺔ وﻣﺎئيﺔ وترابيﺔ ﻋﻠى حسـ ـ ــب الﻌنﺎصـ ـ ــر ‪،‬‬
‫فــﺎﻷلف لﻠنــﺎر والﺒــﺎء لﻠﻬواء واﳉيﻢ لﻠﻤــﺎء والــﺪال لﻠﱰاب ‪ ،‬ﰒ ترجع كــذلــﻚ‬
‫ﻋﻠى الﺘواﱄ ﻣﻦ اﳊروف والﻌنﺎص ـ ــر إﱃ ان تنﻔﺪ فﺘﻌﲔ لﻌنﺎص ـ ــر النﺎر حروف‬
‫ﺳﺒﻌﺔ اﻷلف واﳍﺎء والﻄﺎء واﳌيﻢ والﻔﺎء والسﲔ والذال ‪ ،‬وتﻌﲔ لﻌنﺎصر اﳍواء‬
‫ﺳـ ــﺒﻌﺔ أيضـ ــﺎ الﺒﺎء والواو واليﺎء والنون والضـ ــﺎد والﺘﺎء والﻈﺎء ‪ ،‬وتﻌﲔ لﻌنﺼـ ــر‬
‫اﳌﺎء أيضـﺎ ﺳـﺒﻌﺔ اﳉيﻢ والزاي والكﺎف والﺼـﺎد والقﺎف والﺘﺎء والغﲔ ‪ ،‬وتﻌﲔ‬
‫لﻌنﺎصـ ــر الﱰاب أيضـ ــﺎ ﺳـ ــﺒﻌﺔ حروف الﺪال واﳊﺎء والﻼم والﻌﲔ والراء واﳋﺎء‬
‫والﺸـ ـ ــﲔ ‪ (60).‬واﳊروف النﺎريﺔ لﺪفع اﻷﻣراض الﺒﺎردة وﳌض ـ ـ ــﺎﻋﻔﺔ قوة اﳊرارة‬

‫)‪ (60‬ﻫذا الﺘقس ــيﻢ الذي اﻋﺘﻤﺪﻩ الﻌﻼﻣﺔ ابﻦ ﺧﻠﺪون ﻫو تقس ــيﻢ اﳌغﺎربﺔ فقط الذيﻦ يرون ان‬
‫حرف الﺼـ ـ ــﺎد ﻣكﺎن السـ ـ ــﲔ ‪ ،‬وحرف الضـ ـ ــﺎد ﻣكﺎن الﺼـ ـ ــﺎد ‪ ،‬وحرف السـ ـ ــﲔ ﻣكﺎن‬
‫الﺸ ـ ـ ـ ـ ـ ــﲔ ‪ ،‬وحرف الغﲔ ﻣكـﺎن الﻈـﺎء ‪ ،‬وحرف الﺸ ـ ـ ـ ـ ـ ــﲔ ﻣكـﺎن الغﲔ ‪ ،‬فﱰتيـب أﲜـﺪ‬
‫‪91‬‬
‫حيﺚ تﻄﻠب ﻣضـ ـ ــﺎﻋﻔﺎ ﺎ اﻣﺎ حس ـ ـ ـﺎً أو حكﻤﺎً لﺘضـ ـ ــﻌيف قوة اﳌريخ والقﺘﻞ‬
‫والﻔﺘﻚ ‪ ،‬واﳌﺎئيﺔ أيضـ ــﺎ لﺪفع اﻷﻣراض ﻣﻦ اﳊﻤيﺎت وﻏﲑﻫﺎ وتضـ ــﻌيف القوة‬
‫الﺒﺎردة حيﺚ تﻄﻠب ﻣض ــﺎﻋﻔﺎ ﺎ حس ـﺎً أو حكﻤﺎً لﺘض ــﻌيف قوة القﻤر)‪، (61‬‬
‫وﻣنﻬﻢ ﻣﻦ جﻌﻞ ﺳ ـ ـ ــر الﺘﺼـ ـ ـ ــرف الذي ﰲ اﳊروف ﰲ النسـ ـ ـ ــﺒﺔ الﻌﺪديﺔ فﺎن‬
‫حروف أﲜـﺪ دالـﺔ ﻋﻠى أﻋـﺪادﻫـﺎ اﳌﺘﻌـﺎرفـﺔ وﺿ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻌـﺎ وﻃﺒﻌـﺎ فﺒينﻬﻤـﺎ ﻣﻦ اجـﻞ‬
‫تنﺎﺳـ ـ ـ ــب اﻷﻋﺪاد تنﺎﺳـ ـ ـ ـ ــب فيﻤﺎ بينﻬﺎ أيض ـ ـ ـ ــﺎ كﻤﺎ بﲔ الﺒﺎء والكﺎف والراء‬
‫لـ ــﺪﻻلﺘﻬـ ــﺎ كﻠﻬـ ــﺎ ﻋﻠى اﻻﺛنﲔ كﻼ ﰲ ﻣرتﺒﺘـ ــﻪ ‪ ،‬فـ ـﺎلﺒـ ــﺎء ﻋﻠى اﺛنﲔ ﰲ ﻣرتﺒـ ــﺔ‬
‫اﻵحﺎد‪ ،‬والكﺎف ﻋﻠى اﺛنﲔ ﰲ ﻣرتﺒﺔ الﻌﺸـ ـ ـ ـ ـ ـرات‪ ،‬والراء ﻋﻠى اﺛنﲔ ﰲ ﻣرتﺒﺔ‬
‫اﳌﺌ ــﺎت وك ــﺎل ــذي بينﻬﻤ ــﺎ وبﲔ اﳌيﻢ والق ــﺎف ب ــﺪﻻلﺘﻬ ــﺎ ﻋﻠى اﻻربﻌ ــﺔ ‪ .‬وبﲔ‬

‫الﺘس ـ ــﻠس ـ ــﻠي يكون ﻫكذا ) أﲜﺪ ﻫوز حﻄي كﻠﻤﻦ ﺳ ـ ــﻌﻔص قرﺳ ـ ــﺖ ﺛﺨذ ظغﺶ( ﰲ‬
‫حﲔ يرى اﳉﻤﻬور ان الﱰتيـب اﻻﲜـﺪي يكون ﻋﻠى ﻫـذا النس ـ ـ ـ ـ ـ ــق ) أﲜـﺪ ﻫوز حﻄي‬
‫كﻠﻤﻦ ﺳ ــﻌﻔص قرﺷ ــﺖ ﺛﺨذ ﺿ ــﻈغ ( ﻣﻦ حيﺔ = أﺧرى فﺎن ابﻦ ﺧﻠﺪون اﺳ ــﺘﺨﺪم‬
‫ترتيب اﳋﻔيف والﺜقيﻞ ﰲ اﳊروف وﻫو ﻣﺎ يسﻤى ب ـ ) ﻤﺖ ( أي النﺎر واﳍواء ﰒ اﳌﺎء‬
‫والﱰاب ‪ ،‬ﻻن الن ــﺎر اﺧف ﻣﻦ اﳍواء واﳍواء اﺧف ﻣﻦ اﳌــﺎء وﻫك ـذا ‪ ،‬وﻫــذا الﱰتيــب‬
‫ﻣﻌروف ولكنـﻪ ﳜـﺎلف ترتيـب ) نﺘﻬﻢ ( الـذي اﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺨـﺪﻣـﻪ ﲨﻬور الﻌﻠﻤـﺎء ‪ ،‬ولـذا فـﺎن‬
‫اﻋﺘﻤــﺎد ﰲ ترتيــب ﻃﺒــﺎئع اﳊروف كــﺎن ﻋﻠى رأي اﳉﻤﻬور وليس اﳌغــﺎربــﺔ وﰲ ﻣﻠحق‬
‫الكﺘﺎب ﺳــﱰى ﻋزيزي القﺎرئ الﺘقســيﻤﺎت اﳊرفيﺔ الﻄﺒﺎئﻌيﺔ ﻋنﺪ اﳉﻤﻬور وﻋنﺪ اﳌغﺎربﺔ‬
‫ﻋﻠى حﺪ ﺳواء لﱰى الﻔرق بينﻬﻤﺎ ‪.‬‬
‫)‪ (61‬قس ـ ــﻢ اﻻقﺪﻣون ﻣﻦ الﻔﻼﺳ ـ ــﻔﺔ واﳌنجﻤﲔ الكواكب ﻋﻠى الﻄﺒﺎئع اﻻربﻌﺔ فجﻌﻠوا اﳌريخ‬
‫لﻌنﺼـر النﺎر لذلﻚ أﺷـﺎروا إﱃ ﻋﻼقﺘﻪ ﳊروب والﺪم واﳌﺸـﺎكﻞ ‪ ،‬وجﻌﻠوا القﻤر ﺿـﻤﻦ‬
‫ﻋنﺼر اﳌﺎء فربﻄوﻩ لزراﻋﺔ واﻷﻣراض الﺒﺎردة وﻣﺎ إﱃ ذلﻚ ‪.‬‬
‫‪92‬‬
‫اﻻربﻌﺔ واﻻﺛنﲔ نسـ ــﺒﺔ ﺿـ ــﻌف وﺧرج لﻸﲰﺎء أوفﺎق كﻤﺎ لﻸﻋﺪاد ﳜﺘص كﻞ‬
‫ص ــنف ﻣﻦ اﳊروف بﺼ ــنف ﻣﻦ اﻻوفﺎق ينﺎﺳ ــﺒﻪ ﻣﻦ حيﺚ ﻋﺪد الﺸ ــكﻞ أو‬
‫ﻋﺪد اﳊروف واﻣﺘزاج تﺼ ـ ـ ـ ـ ــرف ﻣﻦ السـ ـ ـ ـ ـ ــر اﳊرﰲ والسـ ـ ـ ـ ـ ــر الﻌﺪدي ﻻجﻞ‬
‫الﺘنﺎﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــب الذي بينﻬﻤﺎ فﺄﻣﺎ ﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــر الﺘنﺎﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــب الذي بﲔ اﳊروف وأﻣزجﺔ‬
‫الﻄﺒﺎئع‪ ،‬أو بﲔ اﳊروف واﻷﻋﺪاد فﺄﻣر ﻋسـ ـ ـ ــر ﻋﻠى الﻔﻬﻢ اذ ليس ﻣﻦ قﺒيﻞ‬
‫الﻌﻠوم والقيﺎﺳﺎت واﳕﺎ ﻣسﺘنﺪﻫﻢ فيﻪ إﱃ الذوق والكﺸف ‪ .‬قﺎل الﺒوﱐ ‪" :‬‬
‫وﻻ تض ــﻦ ان ﺳ ــر اﳊروف ﳑﺎ يﺘوص ــﻞ إليﻪ لقيﺎس الﻌقﻠي‪ ،‬واﳕﺎ ﻫو بﻄريقﺔ‬
‫اﳌﺸ ـ ـ ــﺎﻫﺪة والﺘوفيق اﻹﳍي" وأﻣﺎ الﺘﺼ ـ ـ ـريف ﰲ ﻋﺎﱂ الﻄﺒيﻌﺔ ﰲ ﻫذﻩ اﳊروف‬
‫واﻷﲰـﺎء اﳌركﺒـﺔ فيﻬـﺎ و ﺛر اﻷكوان ﻋﻦ ذلـﻚ فـﺎﻣر ﻻ ينكر لﺜﺒوتـﻪ ﻋﻠى كﺜﲑ‬
‫ﻣنﻬﻢ ‪ .‬وقﺪ يض ــﻦ ان تﺼ ــرف ﻫؤﻻء وتﺼ ــرف أص ــحﺎب الﻄﻠس ــﻤﺎت واحﺪ‬
‫وليس كذلﻚ ‪ ،‬فﺎن حقيقﺔ الﻄﻠس ـ ـ ـ ــﻢ و ﺛﲑﻩ ﻋﻠى ﻣﺎ حققﻪ اﻫﻠﻪ ) انﻪ قوى‬
‫روحﺎنيﺔ ﻣﻦ جوﻫر القﻬر تﻔﻌﻞ فيﻤﺎ لﻪ ركب فﻌﻞ ﻏﻠﺒﻪ وقﻬر ﺳ ـ ـ ـ ـرار فﻠكيﺔ‬
‫ونســب ﻋﺪديﻪ وﲞورات جﻠﺒﺎت لروحﺎنيﺔ ذلﻚ الﻄﻠســﻢ ﻣﺸــﺪودة فيﻪ ﳍﻤﺔ‬
‫‪ ،‬فﺎئﺪ ﺎ ربط الﻄﺒﺎئع الﻌﻠويﺔ لﻄﺒﺎئع السـ ـ ـ ــﻔﻠيﺔ ( ولذلﻚ يقولون ﻣوﺿـ ـ ـ ــوع‬
‫الكيﻤيﺎء جسـ ــﺪ ﰲ جسـ ــﺪ ﻷن اﻹكسـ ــﲑ أجزاءﻩ كﻠﻬﺎ جسـ ــﻤﺎنيﺔ ‪ ،‬ويقولون‬
‫ﻣوﺿـوع الﻄﻠسـﻢ روح ﰲ جسـﺪ ﻷن ربط الﻄﺒﺎئع الﻌﻠويﺔ ﰲ الﻄﺒﺎئع السـﻔﻠيﺔ‬
‫جس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺪ ‪ ،‬والﻄﺒـﺎئع الﻌﻠويـﺔ روحـﺎنيـﺔ ‪ ،‬ولﺘحقيق الﻔرق بﲔ تﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرف أﻫـﻞ‬
‫الﻄﻠس ـ ــﻤﺎت وأﻫﻞ اﻷﲰﺎء بﻌﺪ ان تﻌﻠﻢ تﺼ ـ ــرف ﰲ ﻋﺎﱂ الﻄﺒيﻌﺔ كﻠﻪ اﳕﺎ ﻫو‬
‫لﻠنﻔس اﻹنسﺎنيﺔ واﳍﻤﻢ الﺒﺸريﺔ ‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫ان النﻔس اﻹنس ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎنيﺔ ﳏيﻄﺔ لﻄﺒيﻌﺔ وحﺎكﻢ ﻋﻠيﻬﺎ لذات ‪ ،‬إﻻ‬
‫ان تﺼـ ـ ـ ـ ـ ــرف أﻫﻞ الﻄﻠسـ ـ ـ ـ ـ ــﻤﺎت اﳕﺎ ﻫو اﺳـ ـ ـ ـ ـ ــﺘنزال روحﺎنيﺔ اﻷﻣﻼك وربﻄﻬﺎ‬
‫لﺼ ــور أو لنس ــب الﻌﺪديﺔ حﱴ ﳛﺼ ــﻞ ﻣﻦ ذلﻚ نوع ﻣزاج بﻔﻌﻞ اﻹحﺎلﺔ‬
‫والغﻠب ) كﻤﺎ ﳛﺼـ ــﻞ لﻠﺨﻤﲑة ﻣﻦ تغيﲑ( ‪ ،‬وتﺼـ ــرف أصـ ــحﺎب اﻷﲰﺎء اﳕﺎ‬
‫ﻫو ﲟـﺎ ﳛﺼـ ـ ـ ـ ـ ــﻞ ﳍﻢ ـﺎﻫـﺪة والكﺸـ ـ ـ ـ ـ ــف ﻣﻦ النور اﻹﳍي واﻹﻣـﺪاد الر ﱐ‬
‫فيسـ ــﺨر الﻄﺒيﻌﺔ لذلﻚ ﻃﺎئﻔﺔ ﻏﲑ ﻣسـ ــﺘﻌﺼـ ــيﺔ وﻻ ﲢﺘﺎج إﱃ ﻣﺪد ﻣﻦ القوى‬
‫الﻔﻠكيـﺔ وﻻ ﻏﲑﻫـﺎ ‪ ،‬ﻻن ﻣـﺪدﻫﻢ أﻋﻠى ﻣنﻬـﺎ وﳛﺘـﺎج أﻫـﻞ الﻈﻠﻤـﺎت إﱃ قﻠيـﻞ‬
‫ﻣﻦ الر ﺿـ ــﺔ تﻔيﺪ النﻔس قوة ﻋﻦ اﺳـ ــﺘنزال روحﺎنيﺔ اﻷفﻼك وأﻫون ﺎ وجﻬﺔ‬
‫ر ﺿـ ـ ــيﺔ ﲞﻼف اﻫﻞ اﻷﲰﺎء فﺎن ر ﺿـ ـ ــﺘﻬﻢ ﻫي الر ﺿـ ـ ــﺔ الكﱪى وليسـ ـ ــﺖ‬
‫بقﺼـ ـ ـ ــﺪ الﺘﺼـ ـ ـ ــرف ﰲ اﻻكوان اذ ﻫو حجﺎب واﳕﺎ الﺘﺼـ ـ ـ ــرف حﺎص ـ ـ ــﻞ ﳍﻢ‬
‫بﻌرض كراﻣﺔ ﻣﻦ كراﻣﺎت ﷲ ‪ ،‬فﺎن ﺧﻼ ص ـ ــﺎحب اﻷﲰﺎء ﻣﻦ ﻣﻌرفﺔ اﺳ ـ ـرار‬
‫ﷲ وحقﺎئق اﳌﻠكوت الذي ﻫو نﺘيجﺔ اﳌﺸـ ـ ـ ــﺎﻫﺪة والكﺸـ ـ ـ ــف واقﺘﺼـ ـ ـ ــر ﻋﻠى‬
‫ﻣنﺎﺳ ـ ـ ــﺒﺎت اﻷﲰﺎء وﻃﺒﺎئع اﳊروف والكﻠﻤﺎت تﺼـ ـ ـ ــرف ﺎ ﻣﻦ ﻫذﻩ اﳊيﺜيﺔ‬
‫وﻫؤﻻء ﻫﻢ اﻫﻞ الس ـ ــيﻤيﺎء ﰲ اﳌﺸ ـ ــﻬور ‪ ،‬كﺎن إذا ﻻفرق بينﻪ وبﲔ ص ـ ــﺎحب‬
‫الﻄﻠسـ ــﻤﺎت بﻞ صـ ــﺎحب الﻄﻠسـ ــﻤﺎت اوﺛق ﻣنﻪ ﻻنﻪ يرجع إﱃ ﻃﺒيﻌﺔ ﻋﻠﻤيﺔ‬
‫وقوانﲔ ﻣرئيﺔ ‪ ،‬واﻣﺎ أص ــحﺎب اﺳ ـرار اﻷﲰﺎء إذا فﺎتﻪ الكﺸ ــف الذي يﻄﻠع‬
‫بﻪ ﻋﻠى حقﺎئق الكﻠﻤﺎت وآ ر اﳌنﺎﺳـﺒﺎت بﻔوات اﳋﻠوص ﰲ الوجﻬﺔ وليس‬
‫ﰲ الﻌﻠوم اﻻص ـ ـ ـ ــﻄﻼحيﺔ قﺎنون برﻫﺎﱐ يﻌول ﻋﻠيﻪ يكون حﺎلﻪ اﺿ ـ ـ ـ ــﻌف رتﺒﺔ‬
‫وقﺪ ﳝزج صـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎحب اﻷﲰﺎء قوى الكﻠﻤﺎت واﻷﲰﺎء بقوى الكواكب فيﻌﲔ‬

‫‪94‬‬
‫بذكر اﻷﲰﺎء اﳊسـﲎ أو ﻣﺎ يرﺳـﻢ ﻣﻦ اوقﺎ ﺎ بﻞ ولسـﺎئر اﻷﲰﺎء اوقﺎ تكون‬
‫ﻣﻦ حﻈوظ الكوكب الذي ينﺎﺳـ ـ ـ ــب ذلﻚ اﻻﺳـ ـ ـ ــﻢ كﻤﺎ فﻌﻠﻪ الﺒوﱐ ﰲ كﺘﺎبﻪ‬
‫الذي ﲰﺎﻩ ) اﻻﳕﺎط ( وﻫذﻩ اﳌنﺎﺳــﺒﺔ ﻣﻦ لﺪن اﳊضــرة الﻌﻤﺎئيﺔ وﻫي برزﺧيﺔ‬
‫الكﻤﺎل اﻻﲰﺎئي واﳕﺎ تنزل تﻔيضـ ــﻠﻬﺎ ﰲ اﳊقﺎئق ﻋﻠى ﻣﺎ ﻫي ﻋﻠيﻪ ﳌنﺎﺳـ ــﺒﺔ‬
‫واﺛﺒﺎت ﻫذﻩ اﳌنﺎﺳـ ـ ــﺒﺔ ﻋنﺪﻫﻢ اﳕﺎ ﻫو ﲝكﻢ اﳌﺸـ ـ ــﺎﻫﺪة ‪ ،‬فﺎذا ﺧﻼ ص ـ ــﺎحب‬
‫اﻷﲰﺎء ﻋﻦ تﻠﻚ اﳌﺸﺎﻫﺪة وتﻠقى تﻠﻚ اﳌنﺎﺳﺒﺔ تقﻠيﺪا كﺎن ﻋﻤﻠﻪ ﲟﺜﺎبﺔ ﻋﻤﻞ‬
‫صـ ـ ـ ــﺎحب الﻄﻠسـ ـ ـ ــﻢ بﻞ ﻫو اوﺛق ﻣنﻪ كﻤﺎ قﻠنﺎ ‪ ،‬وكذلﻚ قﺪ ﳝزج أصـ ـ ـ ــحﺎب‬
‫الﻄﻠسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻤـ ــﺎت ﻋﻤﻠـ ــﻪ وقوى كواكﺒـ ــﻪ بقوى الـ ــﺪﻋوات اﳌؤلﻔـ ــﺔ ﻣﻦ كﻠﻤـ ــﺎت‬
‫ﳐﺼ ـ ـ ــوص ـ ـ ــﺔ ﳌنﺎﺳـ ـ ـ ــﺒﺔ بﲔ الكﻠﻤﺎت والكواكب ‪ ،‬إﻻ ان ﻣنﺎﺳـ ـ ـ ــﺒﺔ الكﻠﻤﺎت‬
‫ﻋنﺪﻫﻢ ليسـ ـ ـ ــﺖ كﻤﺎ ﻫي ﻋنﺪ اصـ ـ ـ ــحﺎب اﻷﲰﺎء ﰲ اﻻﻃﻼع ﻋﻠى اصـ ـ ـ ــول‬
‫ﻣﺸـ ـ ــﺎﻫﺪة اﳕﺎ يرجع إﱃ ﻣﺎ اقﺘض ـ ـ ــﺘﻪ اص ـ ـ ــول ﻃريقﺘﻬﻢ الس ـ ـ ــحريﺔ ﰲ اقﺘس ـ ـ ــﺎم‬
‫الكواكـب ﲜﻤيع ﻣـﺎ ﰲ ﻋـﺎﱂ اﳌكو ت ﻣﻦ جواﻫر واﻋراض وذوات وﻣﻌـﺎﱐ ‪،‬‬
‫واﳊروف واﻷﲰﺎء ﻣﻦ ﲨﻠﺔ ﻣﺎ فيﻪ ولكﻦ واحﺪ ﻣﻦ الكوكب ﻏريﺒﺔ ﻣنكرة ﰲ‬
‫تقس ـ ـ ـ ـ ــيﻢ ﺳ ـ ـ ـ ـ ــور القرآن الكرﱘ وآيﻪ ﻋﻠى ﻫذا النحو كﻤﺎ فﻌﻠﻪ ابو ﻣسـ ـ ـ ـ ـ ــﻠﻤﺔ‬
‫ا ريﻄي ﰲ الغﺎيﺔ)‪ ، (62‬والﻈﺎﻫر ﻣﻦ حﺎل الﺒوﱐ ﰲ اﳕﺎﻃﻪ انﻪ اﻋﺘﱪ ﻃريقﺘﻬﻢ‬
‫فــﺈن تﻠــﻚ اﻻﳕــﺎط إذا تﺼـ ـ ـ ـ ـ ــﻔحﺘﻬــﺎ وتﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻔحــﺖ الــﺪﻋوات الﱵ تﻈﻤنﺘﻬــﺎ‬
‫وتقسـيﻤﻬﺎ ﻋﻠى ﺳـﺎﻋﺎت الكواكب السـﺒﻌﺔ ﰒ وقﻔﺖ ﻋﻠى الغﺎيﺔ وتﺼـﻔحﺖ‬
‫قيﺎﺳـ ـ ــﺎت الكواكب إﱃ الﺪﻋوة الﱵ تقﺎم لﻪ ﺎ ﺷـ ـ ــﻬﺪ لﻪ اﻣﺎ نﻪ ﻣﻦ ﻣﺎد ﺎ‬

‫)‪ (62‬ﻏﺎيﺔ اﳊكﻢ ‪ ،‬ا ريﻄي ‪ ،‬ﲢقيق ﻫـ ريﱰ ‪ ،‬ص ‪. 177-169‬‬


‫‪95‬‬
‫أو ن الﺘنﺎﺳـ ـ ـ ـ ــب الذي كﺎن ﰲ اصـ ـ ـ ــﻞ اﻻبﺪاع وبرزخ الﻌﻠﻢ قضـ ـ ـ ـ ــى بذلﻚ‬
‫كﻠﻪ")‪. (63‬‬
‫ان اكﺜر اﻻﺳـ ــﺘﺨﺪاﻣﺎت اﳊرفيﺔ القﺪﳝﺔ كﺎنﺖ ﺧذ ﻃﺎبﻌﺎ روحﺎنيﺎ‬
‫إذ يﻌﺘقﺪ ﻋﻠﻤﺎء اﳊروف أن لكﻞ حرف ﻣﻠﻚ ﻋﻠوي أو ﻋون ﺳـ ـ ـ ـ ـ ــﻔﻠي يقوم‬
‫ﲞﺪﻣﺔ ﻫذا اﳊرف فﺈذا اﺳـ ــﺘﺨﺪم اﻹنسـ ــﺎن ﻫذﻩ اﳊروف ﰲ أوفﺎق حرفيﺔ أو‬
‫ﻋﺪديﺔ أو ﻫيﺌﺎت ﻃﻠسـ ـ ـ ــﻤيﺔ ﲤكﻦ ﻣﻦ اﺳ ـ ـ ــﺘﺨﺪام اﻋوان ﻫذا اﳊرف ﺳ ـ ـ ـ ـواء‬
‫كﺎنوا ﻣﻦ اﳌﻼئكﺔ أو ﻣﻦ اﳉﻦ ‪ ،‬وﻣﻦ ﻫذا اﳌنﻄﻠق اﺳـ ــﺘﺨﺪﻣوا ﻫذﻩ اﳊروف‬
‫ﰲ الﻌــﺪيــﺪ ﻣﻦ اﻷﻋﻤــﺎل الﱵ كــﺎنــﺖ ﺧــذ ﰲ الغــﺎلــب ﻃــﺎبﻌــﺎ روحــﺎني ـﺎً أو‬
‫ﻃقوﺳـ ـ ــيﺎً ‪ .‬وكﺘب ﻋﻠﻢ اﳊروف تزﺧر ﲟﺜﻞ ﻫذﻩ اﻻﺳـ ـ ــﺘﺨﺪاﻣﺎت واﻷﻋﻤﺎل ‪،‬‬
‫وﻣﻦ حيﺔ أﺧرى فﺎن ﻫنﺎك الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻷﺧرى الﱵ أﺧذت‬
‫ﻃﺎبﻌﺎ ﺷ ـ ـ ــرﻋيﺎً كﺎﺳـ ـ ــﺘﺨﺪاﻣﺎت اﳌﺘﺼـ ـ ــوفﺔ ﳋواص اﳊروف اﳌﺘﻌﻠقﺔ ﲰﺎء ﷲ‬
‫اﳊسﲎ ‪ ،‬أو اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت أصحﺎب الﻄﺒﺎئع اﳊرفيﺔ ﰲ أوزان اﳌواد الكيﻤﺎويﺔ‬
‫أو الﻄﺒيﻌ ـ ــﺔ كﻤ ـ ــﺎ فﻌ ـ ــﻞ ج ـ ــﺎبر بﻦ حي ـ ــﺎن ‪ ،‬وﰲ كﺘﺒﻬﻢ الﻌ ـ ــﺪي ـ ــﺪ ﻣﻦ ﻫ ـ ــذﻩ‬
‫اﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت كﻤﺎ ذكر ‪.‬‬

‫)‪ (63‬ﻣقﺪﻣﺔ ابﻦ ﺧﻠﺪون ‪ ،‬ص ‪ 549‬وﻣﺎ بﻌﺪﻫﺎ بﺘﻬذيب واﺧﺘﺼ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎر ‪ ،‬دائرة ﻣﻌﺎرف القرن‬
‫الﻌﺸريﻦ ‪ ،‬ﳏﻤﺪ فريﺪ وجﺪي ‪ ،‬جـ ‪ 3‬ص‪. 416‬‬
‫‪96‬‬
‫‪ .12‬اﺷتﻘاق ﻣﻌاﱐ الكﻠﻤات ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻬا‬
‫وإذا كـﺎنـﺖ لﻠحروف ﻃـﺎقـﺔ فيز ئيـﺔ ذاتيـﺔ ﻣؤﺛرة ﰲ اﻷﺷ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـﺎء ﻣﻌﱪ‬
‫ﻋنﻬﺎ ﻋنﺪ القﺪﻣﺎء لقوة الروحﺎنيﺔ لﻠحرف ‪ ،‬فﺈن ﳍﺎ ﻣﻦ جﺎنب آﺧر قواﻋﺪ‬
‫ر ﺿــيﺔ تﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠى نســب اﳊروف واﻷﻋﺪاد تســﺎﻋﺪ ﻋﻠى اكﺘﺸــﺎف ا ﻬول‬
‫وﻣﻌرفﺔ اﻷحﺪاث اﳌسـ ـ ـ ــﺘقﺒﻠيﺔ قﺒﻞ وقوﻋﻬﺎ ‪ ،‬أو بﻌﺒﺎرة أﺧرى ﳍﺎ قﺪرة تنﺒؤيﺔ‪،‬‬
‫ورﲟﺎ تكون ﻫذﻩ الﻔكرة لﻠوﻫﻠﺔ اﻷوﱃ ﻏريﺒﺔ بﻌض الﺸ ـ ـ ـ ــيء ولكﻦ إذا رجﻌنﺎ‬
‫إﱃ ﻣـﺎدة الﻠغـﺔ الﻌربيـﺔ وقرأ ﻣـﺎ ﰲ ﻣﻌـﺎﲨﻬـﺎ وقواﻣيسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﻬـﺎ نرى أن ذلـﻚ ليس‬
‫ﻏريﺒﺎً ‪ ،‬ولننقﻞ بﻌض ﻋﺒﺎرات الﻠغويﲔ ﰲ ذلﻚ ‪.‬‬
‫يقول ابﻦ فﺎرس ﰲ فقﻪ الﻠغﺔ ـ ـ ـ ـ ب القول ﻋﻠى لغﺔ الﻌرب ‪ ،‬ﻫﻞ‬
‫ﳍﺎ قيﺎس؟ وﻫﻞ يﺸﺘق بﻌض الكﻼم ﻣﻦ بﻌض ؟ "اﲨع أﻫﻞ الﻠغﺔ ـ ـ ـ ـ ـ اﻻ ﻣﺎ‬
‫ﺷ ــذ ﻣنﻬﻢ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ أن لﻠغﺔ الﻌرب قيﺎﺳ ــﺎ ‪ ،‬وان الﻌرب تﺸ ــﺘق بﻌض الكﻼم ﻣﻦ‬
‫بﻌض ‪ ،‬واﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻢ اﳉﻦ ﻣﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘق ﻣﻦ اﻻجﺘنـﺎن ‪ ،‬وان اﳉيﻢ والنون تـﺪل ﻋﻠى‬
‫السـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﱰ‪ ،‬تقول الﻌرب لﻠﺪرع ‪ :‬جنﻪ أو اجنﻪ الﻠيﻞ ‪ ،‬وﻫذا جنﲔ أي ﻫو ﰲ‬
‫بﻄﻦ اﻣﻪ ‪ ،‬وان اﻻنس ﻣﻦ الﻈﻬور ‪ ،‬يقولون ‪ :‬آنســﺖ الﺸــيء أي ابﺼـرتﻪ ‪،‬‬
‫)‪(64‬‬
‫وﻋﻠى ﻫذا ﺳـ ـ ـ ــﺎئر كﻼم الﻌرب ‪ ،‬ﻋﻠﻢ بذلﻚ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ وجﻬﻠﻪ ﻣﻦ جﻬﻞ"‬
‫ويقول الﻌﻼﻣﺔ ابﻦ ﻣنﻈور‪ " :‬واﻣﺎ ﻣﺎ تقﺎرب بﻌضـ ـ ـ ـ ـ ــﻬﺎ ﻣﻦ بﻌض وتﺒﺎﻋﺪﻫﺎ ـ‬
‫أي اﳊروف ـ ـ فﺎن ﳍﺎ ﺳرا يكﺸﻔﻪ ﻣﻦ تﻌنﺎﻩ ‪ ،‬كﻤﺎ انكﺸف لنﺎ ﺳرﻩ ﰲ حﻞ‬
‫اﳌﱰﲨﺎت لﺸـ ـ ـ ـ ـ ــﺪة احﺘيﺎجنﺎ إﱃ ﻣﻌرفﺔ ﻣﺎ يﺘقﺎرب ﻣنﻬﺎ بﻌضـ ـ ـ ـ ـ ــﻪ ﻣﻦ بﻌض ‪،‬‬

‫)‪ (64‬اﳌزﻫر ‪ ،‬السيوﻃي ‪ ،‬جـ ‪. 345 ، 1‬‬


‫‪97‬‬
‫ويﺘﺒﺎﻋﺪ بﻌض ـ ــﻪ ﻋﻦ بﻌض ‪ ،‬وتﱰكب بﻌض ـ ــﻪ ﻣع بﻌض وﻻيﱰكب بﻌض ـ ــﻪ ﻣع‬
‫بﻌض …‪.(65)"..‬‬

‫‪ .13‬التﻌﺮيﻒ ﳉﻔﺮ‬
‫ان ﻋﻠﻤﺎء اﳊروف وﺧﺎص ـ ــﺔ اﳌﺸ ـ ــﺘغﻠﲔ بقس ـ ــﻤﻪ الﺘنﺒؤي يقررون ان‬
‫ﰲ كﻞ ﺳـؤال جوابﻪ الذي يكﻤﻦ ﰲ حروفﻪ اﳌكون ﻣنﻬﺎ ‪ ،‬فكﻤﺎ ان الســؤال‬
‫ﻣكون ﻣﻦ حروف ﻣﻌروفﺔ وﻣﻔﻬوﻣﺔ وكذلﻚ اﳉواب فﺈذا اﺳ ـ ــﺘﻄﺎع اﻹنس ـ ــﺎن‬
‫ﻣﻌرفﺔ نس ـ ـ ـ ـ ــب وقواﻋﺪ حروف الس ـ ـ ـ ـؤال اﺳ ـ ـ ـ ـ ــﺘﻄﺎع ان يﻌرف حروف جوابﻪ‬
‫ﻻﺷﱰاك اﳉواب بنﻔس ﻣﺎدة السؤال وﻫي اﳊروف ‪.‬‬
‫ﻫــذﻩ الﻔكرة جﻌﻠــﺖ الﻌﻠﻤــﺎء الﻌرب اﻷولﲔ ﳜرجون ﻋﻠﻤــﺎ جــﺪيــﺪا‬
‫ﳜص الﺘنﺒؤات اﳌسـ ــﺘقﺒﻠيﺔ ﻣﻌﺘﻤﺪيﻦ ﻋﻠى اﳊروف اﳍجﺎئيﺔ أﻃﻠقوا ﻋﻠيﻪ اﺳـ ــﻢ‬
‫) ﻋﻠﻢ اﳉﻔر ( وﲰي ذا اﻻﺳــﻢ ﻻن أص ـولﻪ اﻷوﱃ كﺘﺒﺖ ﻋﻠى جﻠﺪ ﺷــﺎة ‪،‬‬
‫وجﻠﺪ الﺸـ ـ ــﺎة يﻄﻠق ﻋﻠيﻪ اﺳ ـ ــﻢ اﳉﻔر فﺄﺧذ الﻌﻠﻢ اﺳـ ـ ــﻢ جﻠﺪ الﺸـ ـ ــﺎة ‪ .‬وقﺒﻞ‬
‫اﳋوض ﰲ اﻷفكﺎر اﳊرفيﺔ الﱵ توص ـ ـ ــﻞ إﱃ إﺧراج الﺘنﺒؤات اﳌس ـ ـ ــﺘقﺒﻠيﺔ ﻻبﺪ‬
‫لنﺎ كﻌﺎدتنﺎ ان نﻌرف ﻋﻠﻢ اﳉﻔر ونذكر قﺼﺘﻪ وأصولﻪ ﺧﺘﺼﺎر ‪.‬‬

‫)‪ (65‬لسﺎن الﻌرب ‪ ،‬ابﻦ ﻣنﻈور ‪ ،‬جـ ‪ ، 1‬اﳌقﺪﻣﺔ ‪.‬‬


‫‪98‬‬
‫يقول الﻌﻼﻣـﺔ الـﺪﻣﲑي ‪" :‬اﳉﻔر ﻫو اﳉﻠــﺪ الـذي كﺘــب فيــﻪ اﻹﻣـﺎم‬
‫جﻌﻔر بﻦ ﳏﻤـﺪ الﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎدق ﻵل الﺒيـﺖ كـﻞ ﻣـﺎ ﳛﺘـﺎجون إﱃ ﻋﻠﻤـﻪ وكـﻞ ﻣـﺎ‬
‫يكون إﱃ يوم القيﺎﻣﺔ")‪.(66‬‬
‫وﰲ اﳌﻌجﻢ الوﺳـيط ترد ﻋﺒﺎرة ﻫذا الﻌﻠﻢ كﻤﺎ يﻠي ‪ " :‬اﳉﻔر ‪ :‬ﻋﻠﻢ‬
‫يﺒحﺚ فيﻪ ﻋﻦ اﳊروف ﻣﻦ حيﺚ دﻻلﺘﻬﺎ ﻋﻠى أحﺪاث الﻌﺎﱂ")‪. (67‬‬
‫اﻣـﺎ ﻋﻠﻤـﺎء اﳊروف فيﻌرفونـﻪ نـﻪ )) الﻌﻠﻢ اﻹﲨـﺎﱄ بﻠوح القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎء‬
‫والقﺪر اﶈﺘوي ﻋﻠى كﻞ ﻣﺎ كﺎن وﻣﺎ يكون كﻠيﺎً وجزئيﺎً " )‪. (68‬‬
‫وفيﻤﺎ بﻌﺪ أصﺒحﺖ ﻣﻔردة )اﳉﻔر( ترتﺒط ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ )اﳉﺎﻣع أو اﳉﺎﻣﻌﺔ(‬
‫إذ يﻄﻠق اﳌﺨﺘﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــون ﰲ ﻫـذا الﻌﻠﻢ اﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻢ ) اﳉﻔر واﳉـﺎﻣﻌـﺔ ( أو ) اﳉﻔر‬
‫اﳉﺎﻣع( ويﻄﻠقون ﻋﻠى )اﳉﻔر( الﻌﻠﻢ بﻠوح القض ـ ـ ـ ــﺎء الذي ﻫو ﻋقﻞ الكﻞ ‪،‬‬
‫اﻣـﺎ ) اﳉـﺎﻣﻌـﺔ ( فﻬو لوح القـﺪر الـذي ﻫو نﻔس الكـﻞ ‪ ،‬وﻫـذا ﻣـﺎ قررﻩ كﺒـﺎر‬
‫ﻋﻠﻤـﺎء تﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنيف الﻌﻠوم الﻌربيـﺔ ‪ ،‬ويﻌﻠق القنوجي ﻋﻠى الﻄريقـﺔ الﱵ ﲰيـﺖ‬
‫ﳍـذا الﻌﻠﻢ فيقول ‪ " :‬وقـﺪ ادﻋى ﻃـﺎئﻔـﺔ أن اﻹﻣـﺎم ﻋﻠي ابﻦ أﰊ ﻃـﺎلـب ) كرم‬
‫ﷲ وجﻬﻪ( ‪ ،‬وﺿــع اﳊروف الﺜﻤﺎنيﺔ والﻌﺸ ـريﻦ ﻋﻠى ﻃريق الﺒســط اﻷﻋﻈﻢ ‪،‬‬
‫ﻋﻠى جﻠﺪ جﻔر يسـ ـ ـ ـ ــﺘﺨرج ﻣنﻬﺎ بﻄرق ﳐﺼـ ـ ـ ـ ــوصـ ـ ـ ـ ــﺔ وﺷـ ـ ـ ـ ـرائط ﻣﻌينﺔ ألﻔﺎظ‬
‫ﳐﺼ ـ ـ ـ ــوص ـ ـ ـ ــﺔ تﺪل ﻋﻠى ﻣﺎ ﰲ لوح القضـ ـ ـ ــﺎء والقﺪر" وأ ًكﺎن واﺿ ـ ـ ـ ــع ﻫذﻩ‬

‫)‪ (66‬حيﺎة اﳊيوان الكﱪى ‪ ،‬كﻤﺎل الﺪيﻦ الﺪﻣﲑي ‪ ،‬ص ‪. 197‬‬


‫)‪ (67‬اﳌﻌجﻢ الوﺳيط ‪ ،‬ﳔﺒﺔ ﻣﻦ اﻻﺳﺎتذة ‪.‬‬
‫)‪ (68‬كﺸف الﻈنون ‪ ،‬حﺎجي ﺧﻠيﻔﺔ ‪ ،‬جـ ‪ ، 2‬ص ‪. 603‬‬
‫‪99‬‬
‫اﻻص ـ ــول ﺳـ ـ ـواء كﺎن اﻻﻣﺎم ﻋﻠي ابﻦ أﰊ ﻃﺎلب أو حﻔيﺪﻩ جﻌﻔر الﺼـ ـ ــﺎدق‬
‫فﺈن الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ الروا ت الﺘﺎرﳜيﺔ تؤكﺪ ان اص ـ ـ ـ ــول ﻫذا الﻌﻠﻢ ترجع إﱃ أئﻤﺔ‬
‫آل الﺒيﺖ رﺿي ﷲ ﻋنﻬﻢ وﻻ تﻌﺎرض ﰲ ﻫذﻩ الروا ت فﻠرﲟﺎ ان اﻹﻣﺎم ﻋﻠي‬
‫رﺿــي ﷲ ﻋنﻪ وﺿــع أصــول ﻫذا الﻌﻠﻢ بﺸــكﻞ ﳐﺘﺼــر ووﺿــحﻪ اﻹﻣﺎم جﻌﻔر‬
‫رﺿي ﷲ ﻋنﻬﻤﺎ ‪.‬‬
‫ان ظﺎﻫرة الﺘنﺒؤ ﲜﻤيع ص ـ ـ ــورﻫﺎ النﻔس ـ ـ ــيﺔ والروحيﺔ والﻌﻠﻤيﺔ وﻏﲑﻫﺎ‬
‫ﺷغﻠﺖ ل الﻌﺪيﺪ ﻣﻦ الﻌﻠﻤﺎء فﻤنذ القﺪم حﺎول اﻹنسﺎن الولوج ﰲ ﳎﺎﻫﻞ‬
‫القﺪر وﻣﻌرفﺔ اﳌسـﺘقﺒﻞ وﻣﺎ ﳜﺒﺌﻪ لﻪ ‪ ،‬واﻹنسـﺎن بﻄﺒيﻌﺘﻪ ﻣيﺎل إﱃ ﻣﻌرفﺔ ﻣﺎلﻪ‬
‫ﻋﻼقﺔ ﲝيﺎتﻪ وﻣس ـ ـ ــﺘقﺒﻠﻪ ‪ ،‬ﻫذا اﻷﻣر جﻌﻞ الﻔكر اﻹنس ـ ـ ــﺎﱐ ﳜرج ﻋﺸ ـ ـ ـرات‬
‫الﻄرق الﱵ ﲢﺎول ﺳـ ـ ــﱪ اﻷقﺪار وﻣﻌرفﺔ ا ﻬول الذي ﺳـ ـ ــيﻠحق بﻪ‪ ،‬وﻣﻦ بﲔ‬
‫ﲨيع ﻫـذﻩ الﻄرائق ﰐ دور ﻋﻠﻢ اﳉﻔر اﳌﺒﲏ ﻋﻠى أﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎس قواﻋـﺪ اﳊروف‬
‫واﻷرقﺎم ليﻌﻄي الﺪليﻞ الﻌﻠﻤي ﳌﺎ ﰲ لغﺘنﺎ الﻌربيﺔ ﻣﻦ ﺧواص وأﺳرار روحﺎنيﺔ‬
‫وفيز ئيﺔ وتنﺒؤيﺔ ‪ .‬فﻌﻠﻢ اﳉﻔر يقرر بﻄريق ﻋﻠﻤي بﻌيﺪاً ﻋﻦ الﺪجﻞ والﺸﻌوذة‬
‫أو اﻻﺳـ ـ ـ ــﺘﻌﺎنﺔ بقوى الﻄﺒيﻌﺔ ان لكﻞ ﺳ ـ ـ ـ ـؤال جواب ‪ ،‬وجواب أي ﺳ ـ ـ ـ ـؤال‬
‫يكﻤﻦ ﰲ حروف ﺳـ ـ ـؤالﻪ اﳌكون ﻣنﻪ ولكﻦ ﻻ ﳝكﻦ لﻺنسـ ـ ــﺎن الﺘوصـ ـ ــﻞ إﱃ‬
‫اﳉواب اﻻ ﲟﻌرفﺔ نسـ ـ ـ ــب اﳊروف وﻣﺘﻌﻠقﺎ ﺎ الرقﻤيﺔ والﻄﺒﺎئﻌيﺔ وﻏﲑﻫﺎ وﻫذا‬
‫اﻣر ليس لسـ ـ ـ ـ ــﻬﻞ بﻞ ﳛﺘﺎج إﱃ ﻣﻞ وفكر ر ﺿـ ـ ـ ـ ـ ــي وﻋقﻠي وﻣﻌرفﺔ ﻣﺔ‬
‫ﳊروف وﻣﺘﻌﻠق ــﺎ ــﺎ ‪ ،‬والﻌ ــﺪي ــﺪ ﻣﻦ الﻌﻠﻤ ــﺎء يقررون ان ﻫ ــذا الﻌﻠﻢ ﻫو ﻣﻦ‬
‫‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫ﻋﻠوم النﺒوة ‪ ،‬أو ﻫو ﻣنحﺔ ر نيﺔ ﺧﺼﻬﺎ ﷲ ﻵل بيﺖ رﺳول ﷲ‬

‫‪100‬‬
‫ان الغﻤوض والﺘﻌقيــﺪ الــذي ﳛويــﻪ قواﻋــﺪ ﻫــذا الﻌﻠﻢ جﻌــﻞ الﻌــﺪيــﺪ‬
‫ﻣﻦ الﺒﺎحﺜﲔ يﻌﺪونﻪ ﻣﻦ اﻷﺳ ـ ــﺎﻃﲑ أو اﳌس ـ ــﺘحيﻼت الﱵ ﻻﳝكﻦ إدراكﻬﺎ اذ‬
‫يقررون ان ﻣﻌرفﺔ ﻫذﻩ النسـب أو القواﻋﺪ السـريﺔ ﻻﳝكﻦ الﺘوصـﻞ إليﻬﺎ أبﺪا‪،‬‬
‫اﻷﻣر الذي جﻌﻠﻬﻢ يﻌﺪونﻪ ﻣﻦ ﻫرﻃقﺎت الﻔكر اﻹنسـ ـ ـ ــﺎﱐ ‪ ،‬ولكﻦ لرجوع‬
‫إﱃ ﻣقـﺎﻻت اﺷـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻬر الﻠغويﲔ نرى ا ﻢ يقررون ﻋﻠى ﻋكس الﻔﺌـﺔ اﻷوﱃ ان‬
‫لﻠغﺘنﺎ الﻌربيﺔ ﺳ ـ ـ ــر ظﺎﻫر وﺳ ـ ـ ــر ﻃﻦ ﺳ ـ ـ ـواء كﺎن ﺧﺎص ـ ـ ــيﺔ ﺛﲑيﺔ فيز ئيﺔ ام‬
‫تنﺒؤيﺔ ‪ ،‬وقﺪ ذكر قﺪﳝﺎ اﻹﻣﺎم ﻋﻠي بﻦ اﰊ ﻃﺎلب ـ ـ ـ رﺿي ﷲ ﻋنﻪ ـ ـ ـ ﰲ ﺞ‬
‫الﺒﻼﻏـﺔ "ان لكـﻞ ظـﺎﻫر ﻃنـﺎً ﻋﻠى ﻣﺜـﺎلـﻪ" فـﺈذا اﻋﺘﱪ اﳊروف ﻣـﺎدة ظـﺎﻫرة‬
‫لسؤال ﻣﻌﲔ فﺈذن ﻻبﺪ ﻣﻦ ان يكون لنﻔس اﳊروف ﻣﻌﲎ اﺧر ﻃﻦ لذلﻚ‬
‫السؤال وﻫو ﻣﺎ يﻄﻠق ﻋﻠيﻪ ﳉواب ‪.‬‬
‫ان الﻈﻬور اﻷول لﻼﺳـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺨﺪاﻣﺎت اﳊرفيﺔ الﺘنﺒؤيﺔ ﰲ فكر الﻌرﰊ‬
‫كﺎن ﻋﻠى يﺪ ﳔﺒﺔ ﻣﻦ اﻷصـ ـ ـ ــﻔيﺎء ﺷ ـ ـ ــغﻠﻬﻢ الﺼـ ـ ـ ــﻔﺎء الروحي والنﻔسـ ـ ـ ــي ﻣﻦ‬
‫ﻣﺎد ت اﳊيﺎة اﻷﻣر الذي ﻣﻬﺪ لﻠﻌﺪيﺪ ﻣنﻬﻢ الﺘوصﻞ إﱃ ﻣﻌرفﺔ بﻌض أﺳرار‬
‫الكون وﻣﻦ بينﻬﺎ اﳊروف اﳍجﺎئيﺔ وﻣﻦ ﰒ توص ــﻠوا ان كﻞ ﺳـ ـؤال يكﻤﻦ فيﻪ‬
‫جواب ــﻪ ‪ ،‬ولكﻦ – كﻤ ــﺎ قﻠن ــﺎ – ﻻ ﳝكﻦ الﺘوصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻞ إﱃ اﳉواب اﻻ ﲟﻌرف ــﺔ‬
‫النسـب اﳊرفيﺔ والﻌﺪديﺔ بﲔ حروف السـؤال ﻣﻦ جﻬﺔ وﻣﺎدة اﳉﻔر ﻣﻦ جﻬﺔ‬
‫أﺧرى وبﻄرائق ﻣﻌقﺪة يﻄﻠق ﻋﻠيﻬﺎ اﺳ ـ ــﻢ ) الﻠقط واﻻﺳ ـ ــﺘنﻄﺎق( وﻫذا اﻷﻣر‬
‫ﻻيكون إﻻ بﻔﻬﻢ حقيقﺔ اﳉﻔر وﻣﺎ لﻠحروف ﻣﻦ ﻣوازيﻦ وﻋﻼقﺎت ‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫‪ .14‬ﺣﻘيﻘة اﳉﻔﺮ وﺗﺮﻛيبﻪ‬
‫فــﺄﻣــﺎ حقيقــﺔ اﳉﻔر ‪ ،‬فــﺎ ــﺎ تقوم ﻋﻠى أﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎس اﳊروف اﻷﲜــﺪيــﺔ‬
‫وبس ــﻄﻬﺎ وتوليﺪﻫﺎ بﺸ ــكﻞ ص ــﻔحﺎت ﻣﺘﻌﺪدة ‪ ،‬ويكون ذلﻚ ﺧذ اﳊروف‬
‫اﳍجﺎئيﺔ الﺜﻤﺎنيﺔ والﻌﺸ ـ ـ ـريﻦ وجﻌﻠﻬﺎ ﰲ بﺪايﺔ جﺪول ﻣكون ﻣﻦ ) ‪ 28‬ﻣربع‬
‫افقي × ‪ 28‬ﻣربع ﻋﻤودي( ﰒ تكسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ﻫـذﻩ اﳊروف حﱴ ـﺎيﺘﻬـﺎ ليكﺘﻤـﻞ‬
‫اﳉﺪول ﻣكو الﺼ ـ ـ ـ ـ ــﻔحﺔ اﻷوﱃ ﻣﻦ كﺘﺎب اﳉﻔر ‪ ،‬ﰒ تكس ـ ـ ـ ـ ــر حروف كﻞ‬
‫ﺳــﻄر ﻣﻦ ﻫذﻩ الﺼــﻔحﺔ كﺎلﻄريقﺔ اﻷوﱃ ﻣﺸــكﻠﲔ ﲦﺎﱐ وﻋﺸ ـريﻦ صــﻔحﺔ ‪،‬‬
‫والﺸـ ـ ــيء نﻔسـ ـ ــﻪ يﻄﺒق ﻋﻠى ﻫذﻩ الﺼـ ـ ــﻔحﺎت لﺘﺸـ ـ ــكﻞ ﲟجﻤوﻋﻬﺎ )‪(784‬‬
‫صـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻔحـﺔ ﻫي ﻣـﺎدة اﳉﻔر أو كﻤـﺎ ﲰـﺎﻫـﺎ اﻹﻣـﺎم جﻌﻔر الﺼ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎدق )اﳋـﺎفيـﺔ‬
‫اﳊرفيﺔ(‪ ،‬يقول اﻹﻣﺎم الﺒوﱐ ﻣوﺿ ـ ـ ـ ـ ــحﺎ ﻃريقﺔ وﺿ ـ ـ ـ ـ ــع اﳉﻔر الكﺒﲑ "تضـ ـ ـ ـ ــع‬
‫حروف اﲜﺪ ﻫوز إﱃ آﺧرﻫﺎ ) ‪ ( 28‬حرفﺎ كﻞ حرف ) ‪ ( 28‬صﻔحﺔ وكﻞ‬
‫صـ ـ ــﻔحﺔ ) ‪ ( 22‬ﺳـ ـ ــﻄرا وكﻞ ﺳـ ـ ــﻄر ) ‪ ( 28‬بيﺘﺎ ‪ ،‬وكﻞ بيﺖ )‪ (28‬حرفﺎ‬
‫وﳛﻔظ اﳊرف اﻷول ‪ ،‬والﺜﺎﱐ لﻠﺼـ ــﻔحﺔ الﺜﺎنيﺔ واﳊرف الﺜﺎلﺚ لرتﺒﺔ السـ ــﻄر‬
‫بقيﺎﺳ ـ ـ ـ ــﻪ ‪ ،‬والرابع ﳌرتﺒﺔ الﺒيﺖ ‪ ،‬فيكون ﻣكﺘوب ﰲ الﺒيﺖ ﻣﻦ الكﺘﺎب أربع‬
‫ألﻔﺎت وﰲ اﻷﺧﲑ أربع ﻏينﺎت ﻋﻠى وﺿـ ـ ـ ـ ــع ﳛﺼـ ـ ـ ـ ــﻞ ﻣنﻪ اربع ﻣرات ﰲ كﻞ‬
‫ﺿ ـ ــﻠع ﻣﻦ اﻷﺿ ـ ــﻼع ﻃوﻻ وﻋرﺿ ـ ــﺎ ‪ ،‬وﻋﻠى ﻫذا القيﺎس يكون اﳉﻔر الكﺒﲑ‬
‫ﲦﺎنيﺔ وﻋﺸ ــرون كﺘﺎ وكﻞ كﺘﺎب ﲦﺎنيﺔ وﻋﺸ ــرون ص ــﻔحﺔ وكﻞ ص ــﻔحﺔ ﲦﺎنيﺔ‬

‫‪102‬‬
‫وﻋﺸرون بيﺘﺎً ـ ـ ـ ـ أي ﻣربﻌﺎ ﰲ كﻞ بيﺖ ـ ـ ـ ـ وﰲ كﻞ بيﺖ اربع حروف وﳎﻤوع‬
‫ﻋﺪد صﻔحﺎت اﳉﻔر )‪ ( 784‬صﻔحﺔ وﻋﺪد ﺳﻄورﻩ )‪. (69)"(31952‬‬
‫وﲜﻤﻌنـﺎ لﻌـﺪد ﲨيع اﻻحرف اﳌوجودة ﰲ ﻫـذﻩ الﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻔحـﺎت فـﺎ ـﺎ‬
‫ﺳ ــﺘﺒﻠغ )‪ (2458624‬حرفﺎً ‪ ،‬فﺘﺼ ــور وأنﺖ أﻣﺎم ﻫذﻩ الﺼ ــﻔحﺎت اﳌكونﺔ‬
‫ﻣﻦ آﻻف اﳊروف اﳌﺘنﺎظرة وﲟقﺪورك ان ﲡﺪ نس ـ ــﺒﺔ أي ﺳـ ـ ـؤال ﻣع ﻣﻌرفﺘﻚ‬
‫لقواﻋﺪ لقط اﳉواب واﺳ ــﺘنﻄﺎقﻪ ‪ ،‬افﻼ تﺘﻤكﻦ ﻣﻦ ﻣﻌرفﺔ حروف جواب أي‬
‫ﺳؤال ! ‪.‬‬

‫‪.15‬استﺨﺮاج اﳉواب ﻣﻦ اﳉﻔﺮ‬


‫ان ﻋﻠﻤﺎء اﳉﻔر واﳊروف يؤكﺪون ان ﻫذا الكﻢ اﳍﺎئﻞ ﻣﻦ اﳊروف‬
‫اﳌوﺿوﻋﺔ بﺸكﻞ دقيق ونﻈﺎﻣي ﳝكﻦ بوﺳﺎﻃﺘﻬﺎ ﻣﻌرفﺔ جواب أي ﺳؤال ﻣﻦ‬
‫ﻣسـﺎئﻞ اﳊيﺎة ‪ ،‬اﻻ ا ﻢ ﰲ الوقﺖ نﻔسـﻪ يقررون ان الﻄريق الذي يوصـﻞ إﱃ‬
‫ذلـ ـ ــﻚ ﻻ يكون اﻻ ﻋﻦ ﻃريق الﺘﻠقي ﻋﻤﻦ يﻌرف قواﻋـ ـ ــﺪ ﻫـ ـ ــذا الﻌﻠﻢ أو‬
‫ﳌﺸﺎﻫﺪة والكﺸف اﻹﳍي الذي يكون ﻋﻦ ﻃريق الﺘﺄﻣﻞ والر ﺿﺔ النﻔسيﺔ‪،‬‬
‫يقول ﰲ ذلﻚ اﻹﻣﺎم اﻻﺧﻼﻃي " اﻋﻠﻢ ان ﻃريق اﺳـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺨراج اﻷﺷـ ـ ـ ـ ـ ــيﺎء ﻣﻦ‬
‫ذلﻚ الكﺘﺎب ﳐﺼـ ــوص ﻷنﺒيﺎء واﻻئﻤﺔ وﻣﻦ كﺎن ﻣسـ ــﺘﻔيضـ ــﺎ ﻣﻦ فيضـ ــﻬﻢ‬
‫لقواﻋﺪ اﳌسـ ـ ــﺘنﺒﻄﺔ بﻌﺪ الﺘوفيق اﻹﳍي واﳌنﺎﺳ ـ ـ ــﺒﺔ ﳌﺒﺎديء الﻌﺎليﺔ وقﻠيﻞ ﻣﺎ‬

‫)‪ (69‬ﴰس اﳌﻌﺎرف الكﱪى ‪ ،‬اﻻﻣﺎم الﺒوﱐ ‪ ،‬ص ‪. 343‬‬


‫‪103‬‬
‫ﻫﻢ")‪ (70‬كﻤﺎ يوﺿـ ـ ـ ــﺢ ﻫذا اﻹﻣﺎم اﳌذكور ﻃريقﺔ اﻻﺳـ ـ ـ ــﺘﻔﺎدة ﻣﻦ صـ ـ ـ ــﻔحﺎت‬
‫اﳉﻔر بقولـﻪ " ان اﳉﻔر اﳉـﺎﻣع اﳌوﺳـ ـ ـ ـ ـ ــوم ﳉﻔر اﳌﺒـﺎرك ﳝكﻦ ان يﻔﻬﻢ ﻣنـﻪ‬
‫أفراد اﻹنســﺎن اﳌﺎﺿــي واﳌســﺘقﺒﻞ واﳊﺎل ‪ ،‬وﻫو تنﻈر ﰲ الﺼــﻔحﺔ الﱵ يوجﺪ‬
‫اﺳـ ـ ـ ــﻢ ذلﻚ الﺸ ـ ـ ــﺨص فيﻬﺎ ‪ ،‬ﺧذ حروف اﲰﻪ اﳌﻠﻔوظﺔ واﳌكﺘوبﺔ وكذلﻚ‬
‫اﳊروف اﳌسـرورة ﻣﻦ تﻠﻚ الﺼـﻔحﺔ وتكﺘب كﻼ ﻣنﻬﺎ ﰲ ورقﺔ ﻣﻔردة وينﺒغي‬
‫ان تﻌﻠﻢ ان اﳊروف اﳌﻠﻔوظﺔ ﺛﻼﺛيـﺔ وﻫي ﺛﻼﺛﺔ ﻋﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر حرفﺎ ) ا ج د ذ س‬
‫ش ص ض ع غ ق ك ل ( واﳊروف اﳌكﺘوبـﺔ ﺛﻼث اذ اﳊرف اﻷول ﻋﲔ‬
‫اﳊرف اﻷﺧﲑ ﻣﺜﻞ ﻣيﻢ ‪ ،‬نون ‪ ،‬واو ‪ ،‬واﻣﺎ اﳊروف اﳌسرورة فﻬي اﺛﲏ ﻋﺸر‬
‫حرفﺎ وﻫي ﻣﺜنﺎة ﻣﺜﻞ ) ب ت ث ج خ ر ز ط ظ ف ﻫـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ي ( وﻻﳜﻔى‬
‫ﻋﻠيـﻚ ان اﳊروف اﳌكﺘوبـﺔ ﺛﻼﺛـﺔ فـﺈذا أﺧـذت اﻷول أو اﻷﺧﲑ لﺘكررﻩ يﺒقى‬
‫اﺛنﺎن ﻣﺜﻞ نون واو ﻣيﻢ واﳌسـ ـ ـ ــرورة حرف واحﺪ ﻣضـ ـ ـ ــﺎف إﱃ تﻠﻚ اﳊروف‬
‫اﻷوليــﺔ ﻣﻦ كــﻞ حرف ﻣﻦ ﻫــذﻩ اﳊروف اﳌــذكورة …‪ .‬فــﺈذا اﺳـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺨرجــﺖ‬
‫اﳊروف واقررت كﻞ قس ـ ـ ـ ـ ــﻢ ﻣﻦ اقس ـ ـ ـ ــﺎﻣﻪ وكﺘﺒﺘﻪ ﰲ ورقﺔ ﻣﻔردة ﰒ رتﺒﺘﻪ ذا‬
‫الﱰتيب اﳊرﰲ ) اﻷول ﻣﻦ القسﻢ اﳌﻠﻔوظ واﳊرف الﺜﺎﱐ ﻣﻦ القسﻢ اﳌكﺘوب‬
‫واﳊرف الﺜﺎلﺚ ﻣﻦ القس ــﻢ اﳌس ــرور ( وﲨﻌﺘﻬﻢ ﰲ وﺳ ــط ﺳ ــﻄر وكس ــر ﻢ ﰒ‬
‫ﻋربﺘﻬﻢ وجﺪت ﻣﻦ ابﺘﺪاء الﺼ ــﻔحﺔ إﱃ ﻣوﺿ ــوع اﺳ ــﻢ ذلﻚ الرجﻞ ‪ ،‬أحوالﻪ‬

‫)‪ (70‬اﳉواﻫر الوفيﺔ ﰲ الﺪقﺎئق اﳉﻔريﺔ ‪ ،‬ﳐﻄوط ‪ ،‬ص ‪. 17‬‬


‫‪104‬‬
‫اﳌﺎﺿ ـ ــيﺔ ونﻔس اﻻﺳ ـ ــﻢ اﻷﻣور اﳊﺎليﺔ وﻣﻦ اﻻﺳ ـ ــﻢ إﱃ آﺧر الﺼ ـ ــﻔحﺔ احوال‬
‫اﳌسﺘقﺒﻞ وﷲ اﻋﻠﻢ")‪. (71‬‬
‫ان الﺘوﺿـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيﺢ الـذي ذكرﻩ اﻹﻣـﺎم اﻻﺧﻼﻃي ليؤكـﺪ ﻋـﻞ ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـحـﺔ‬
‫الﺘنﺒؤات الﱵ يﻈﻬرﻫـﺎ ﻫـذا الﻌﻠﻢ والﱵ كـﺎنـﺖ وﻣـﺎ زالـﺖ ﻣقﺘﺼـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرة ﰲ فﻬﻤﻬـﺎ‬
‫ﻋﻠى قﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺷ ـ ـ ــﺨﺎص ‪ ،‬ان ﻋﻠﻢ الﺒﺎراﺳ ـ ـ ــﺎيكولوجي ﻋﺘﺒﺎرﻩ ﻋﻠﻤﺎ يﺪرس‬
‫الﻈواﻫر فوق اﳊس ـ ــيﺔ ﳛﺎول الﺪﺧول ﰲ دﻫﺎليز ﻫذﻩ اﻷفكﺎر ليﺨرج بنﺘيجﺔ‬
‫يقﺒﻠﻬـﺎ الﻌﻠﻢ والﻌقـﻞ حﱴ يؤكـﺪ صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـحـﺔ ﻫـذا الﻌﻠﻢ الغيﱯ أو بﻄﻼنـﻪ ‪ .‬وﻣﻦ‬
‫ﺧﻼل دراﺳــﺘنﺎ الﻄويﻠﺔ والواﺳــﻌﺔ ﻻصــول ﻫذا الﻌﻠﻢ بﻔروﻋﻪ وجﺪ ﲦﺔ ﻋﻼقﺔ‬
‫بﲔ اﳊروف فيﻤــﺎ لــﻪ تﻌﻠق بواقع الﺘنﺒؤات اﳌسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺘقﺒﻠيــﺔ ‪ ،‬ولكنﻬــﺎ ﲢﺘــﺎج إﱃ‬
‫ﻣﻌرفﺔ واﺳﻌﺔ بكﻞ ﻣﺎ يﺘﻌﻠق ﳊروف واﻻﻋﺪاد ﻣﻦ قوانﲔ وﻣﻌﺎدﻻت ‪.‬‬

‫‪ .16‬الزايﺮجة‬
‫وﻻ يقﺘﺼـ ــر الﺘنﺒؤ اﳊرﰲ ﻋﻠى ﻋﻠﻢ اﳉﻔر الذي يﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠى أﺳـ ــﺎس‬
‫إﳚـﺎد الﻌﻼقـﺔ بﲔ حروف السـ ـ ـ ـ ـ ـ ـؤال وﻣـﺎدة اﳉﻔر ‪ ،‬بـﻞ ﻫنـﺎك قواﻋـﺪ وقوانﲔ‬
‫حرفيـﺔ وﻋـﺪديـﺔ تسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻬﻢ ﰲ نﻔس النﺘيجـﺔ الﺘنﺒؤيـﺔ لﻠحرف الﱵ تسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻤى بـ‬
‫)الزايرجﺔ( والزايرجﺔ قواﻋﺪ وقوانﲔ حســﺎبيﺔ ﻣســﺘﺨرجﺔ ﻣﻦ اصــول ﻋﻠﻢ اﳉﻔر‬
‫وﻣﺒﺘكر ﺎ ﻫو الﻌﺎﱂ الﻌرﰊ اﳌغرﰊ أبو ﻋﺒﺪ ﷲ الســﺒﱵ الذي حﻞ أصــول ﻋﻠﻢ‬
‫اﳉﻔر ﰲ قوانﲔ حس ـ ــﺎبيﺔ "والزايرجﺔ ﻫو ﻋﻠﻢ اﺳ ـ ــﺘنﻄﺎق اﳊروف واﺳ ـ ــﺘجوا ﺎ‬

‫)‪ (71‬اﳌﺼﺪر السﺎبق ‪.‬‬


‫‪105‬‬
‫ﻋﻤﺎ تﻌﲏ ﻣﻦ الﻌواﱂ اﻷﺧرى الﱵ يس ـ ـ ـ ـ ــﻤى بﻌض ـ ـ ـ ـ ـ ــﻬﺎ بﻌﺎﱂ الغيب")‪ (72‬فﻌﻠﻢ‬
‫الزايرجﺔ يؤدي نﻔس الﺘنﺒؤ اﳌسـ ـ ـ ــﺘقﺒﻠي ولكﻦ بﻄريقﺔ ﲢويﻞ حروف السـ ـ ـ ـؤال‬
‫إﱃ أرقـﺎم واﺧـذ النسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﺒـﺔ والﺘنـﺎﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ــب اﳊرﰲ والﻌـﺪدي والﻔﻠكي الﱵ تؤدي‬
‫لنﺘيجﺔ إﱃ ﻣﻌرفﺔ جواب السؤال ‪.‬‬
‫ان ﻫذﻩ اﻷفكﺎر ليسـﺖ ﻫرﻃقﺎت بﻞ حقﺎئق ﻋﻠﻤيﺔ حرفيﺔ ولكنﻬﺎ‬
‫ﲢﺘﺎج إﱃ دراﺳــﺔ ﺷــﺎﻣﻠﺔ ‪ ،‬وﻣﺎ قواﻋﺪ ﻋﻠﻢ الر ﺿــيﺎت إﻻ دليﻼ يؤكﺪ صــﺪق‬
‫نﺘﺎئﺞ ﻫذا الﻌﻠﻢ ‪ ،‬وﳓﻦ لسـ ـنﺎ بﺼ ــﺪد تﻔﺼ ــيﻼت ﻫذيﻦ الﻌﻠﻤﲔ ولكﻦ أرد‬
‫أن نوﺿ ـ ــﺢ ﻣﺎ لﻸرقﺎم واﳊروف ﻣﻦ ﻋﻼقﺔ ﰲ بﻌض الﺘوقﻌﺎت اﳌس ـ ــﺘقﺒﻠيﺔ أو‬
‫اﺳﺘﺨراجﻬﺎ ذا الﻌﻠﻢ )‪. (73‬‬
‫‪ .17‬الزﻣﻦ الﻔﻠكﻲ وﻋﻼﻗتﻪ ﲜواب الﺴؤال‬
‫ان اﻻﺳـ ـ ـ ـ ـ ــﺘﺨﺪاﻣﺎت اﳊرفيﺔ الﱵ تﺘنﺎول الﻔﻌﻞ الﻔيز ئي أو الﺘنﺒؤي‬
‫ﲢﺘ ــﺎج ﰲ كﺜﲑ ﻣﻦ اﻷحي ــﺎن إﱃ ﻣرﻋ ــﺎة الزﻣﻦ الﻔﻠكي لوق ــﺖ الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـؤال أو‬
‫ﻻﺳ ـ ــﺘﺨﺪام ﺧﺎصـ ـ ــيﺔ اﳊروف وﻫذا الﺸـ ـ ــيء جﻌﻞ اﳊكﻤﺎء وﻋﻠﻤﺎء اﳊروف‬
‫يﻌﻠقون الكﺜﲑ ﻣﻦ اﻷﻋﻤـﺎل اﳊرفيـﺔ إﱃ اﻷوقـﺎت الﻔﻠكيـﺔ حﱴ ا ﻢ قسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻤوا‬
‫اﳊروف ﻋﻠى الكواكب واﳌنﺎزل والﱪوج ‪ ،‬كﻤﺎ ﺳـ ـ ــنذكر ذلﻚ ﰲ ﻣﻠحق ﻫذا‬
‫الكﺘﺎب وذلﻚ ﳌﻌرفﺔ الﺘوافق بﲔ اﻷفﻼك واﺷﻌﺎﻋﺎ ﺎ وبﲔ ﻣﻔردات اﳊروف‪،‬‬

‫)‪ (72‬ﺳر اﻻﺳرار ﰲ ﻋﻠﻢ اﻻﺧيﺎر ‪ ،‬ﻋﺒﺪ الﻔﺘﺎح الﻄوﺧي ‪ ،‬ص ‪. 7‬‬
‫)‪ (73‬لﺪينﺎ كﺘﺎب ﲢﺖ الﻄﺒع ﳛﻤﻞ ﻋنوان ) رﻣزيﺔ اﻷرقﺎم واﳊروف ﰲ الﻔكر الﻌرﰊ ( يﺘنﺎول‬
‫ﲨيع ﻫذﻩ اﻷفكﺎر بﺼورة ﻣﻔﺼﻠﺔ وﺷﺎﻣﻠﺔ ‪.‬‬
‫‪106‬‬
‫وينق ــﻞ الﻌﻼﻣ ــﺔ ابﻦ ﻣنﻈور ﻋﻦ الﺸـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيخ الﺒوﱐ قول ــﻪ "ﻣن ــﺎزل القﻤر ﲦ ــﺎني ــﺔ‬
‫وﻋﺸـ ـ ـ ــرون ﻣنﻬﺎ اربﻌﺔ ﻋﺸـ ـ ـ ــر فوق اﻷرض واربﻌﺔ ﻋﺸـ ـ ـ ــر ﲢﺖ اﻷرض ‪ ،‬قﺎل‬
‫وكذلﻚ اﳊروف ﻣنﻬﺎ أربﻌﺔ ﻋﺸ ـ ـ ــر ﻣﻬﻤﻠﺔ فوق اﻷرض ‪ ،‬وﻣنﻬﺎ اربﻌﺔ ﻋﺸ ـ ـ ــر‬
‫ﲢﺖ اﻷرض ‪ ،‬فﻤﺎ ﻫو ﻣنﻬﺎ ﻏﲑ ﻣنقوط فﻬو أﺷـﺒﻪ ﲟنﺎزل السـﻌود ‪ ،‬وﻣﺎ ﻫو‬
‫ﻣنﻬــﺎ ﻣنقوط فﻬو النحوس واﳌﻤﺘزجــﺎت وﻣــﺎ كــﺎن ﻣنﻬــﺎ لــﻪ نقﻄــﺔ واحــﺪة فﻬو‬
‫اقرب إﱃ الســﻌود ‪ ،‬وﻣﺎ ﻫو بنقﻄﺘﲔ فﻬو ﻣﺘوﺳــط ﰲ النحوس فﻬو اﳌﻤﺘزج‪،‬‬
‫وﻣﺎﻫو بﺜﻼث نقﺎط فﻬو ﻋﺎم النحوس")‪. (74‬‬
‫ان ﻋﻠﻤﺎئنﺎ الﻌرب وجﺪوا صــﻠﺔ ﺧﻔيﺔ بﲔ الكواكب واﳊروف اﻻ ا ﻢ‬
‫ﱂ يس ـ ـ ــﺘﻄيﻌوا ان يﻌﱪوا ﻋنﻬﺎ ﻻﺷ ـ ـ ــﻌﺎﻋﺎت أو الﱰددات الﱵ ترﺳ ـ ـ ـ ــﻠﻬﺎ ﻫذﻩ‬
‫الكواكـ ــب ويكون ﳍـ ــﺎ توافق وتنـ ــﺎﻏﻢ ﻣع بﻌض ﻣﻔردات الكون وﻣﻦ بينﻬـ ــﺎ‬
‫اﳊروف أو تنﺎفرﻫﺎ ‪ ،‬والﺸيء نﻔسﻪ ينﻄﺒق ﰲ اﺳﺘﺨﺪام اﳊروف ﰲ الﺘنﺒؤات‬
‫اذ يقرر ﻋﻠﻤﺎء ﻫذا الﻔﻦ ان لوقﺖ الس ـؤال اﳌﺘﻤﺜﻞ لﻄﺎلع الﻔﻠكي دور كﺒﲑ‬
‫ﰲ ﲢﺪيﺪ صحﺔ جوابﻪ ‪.‬‬
‫ان ﻫذﻩ اﻷفكﺎر القﺪﳝﺔ ﰲ دراﺳﺔ ﺧﺎصيﺔ اﳊروف الﺘنﺒؤيﺔ ﻣﻬﺪت‬
‫الﻄريق لﺒﻌض الﺪارﺳﲔ اﳌﻌﺎصريﻦ لﻠغﺘنﺎ الﻌربيﺔ واﺷﺘقﺎقﺎ ﺎ وحروفﻬﺎ فﺨرجوا‬
‫بنﺘﺎئﺞ ﻃيﺒﺔ تؤكﺪ ان لﻠحرف الﻌرﰊ ﺧﺎصــيﺔ فيز ئيﺔ وتنﺒؤيﺔ ‪ ،‬وﻫذا ﻣﺎ اكﺪﻩ‬
‫اﻷﺳـ ــﺘﺎذ ﳏﻤﺪ ﻋنﱪ ﰲ دراﺳـ ــﺘﻪ الﺸـ ــﺎﻣﻠﺔ حول )جﺪليﺔ اﳊرف الﻌرﰊ وفيز ء‬
‫الﻔكر واﳌﺎدة( إذ أكﺪ ان ﳊروف لغﺘنﺎ الﻌربيﺔ ﺛﲑ فيز ئي ﰲ اﳌﺎد ت وﻣﻦ‬

‫)‪ (74‬لسﺎن الﻌرب ‪ ،‬ج‪ ، 1‬اﳌقﺪﻣﺔ ‪.‬‬


‫‪107‬‬
‫بينﻬﺎ اﻹنسـﺎن ‪ ،‬كﻤﺎ اكﺪ ان ﰲ كﻞ كﻠﻤﺔ يوجﺪ ﻣﻌنﺎﻫﺎ اﳌضـﺎد ﳍﺎ إذا قﻠﺒﺖ‬
‫حروفﻬﺎ وقﺪ ﺳـ ــﺎق اﻣﺜﻠﺔ كﺜﲑة ﻣﻦ اﳌﻌﺎجﻢ الﻌربيﺔ تؤكﺪ صـ ــحﺔ نﻈريﺘﻪ‪ ،‬يقول‬
‫ﰲ ذلﻚ ‪" :‬ولﻌﻞ اﻷصــول اﻷوﱃ ﻣﻦ الﻠغﺎت ﲟﺜﺎبﺔ الﻌنﺎصــر اﻷوﱃ ﰲ اﳌﺎدة‬
‫فكﻤﺎ انﻪ ﻣﻦ اﳌﻤكﻦ أن تﺘولﺪ ﻣﻦ ﻫذﻩ الﻌنﺎص ـ ــر أص ـ ــنﺎف ﻻحﺼ ـ ــر ﳍﺎ ﻣﻦ‬
‫الﱰاكيب فﺎن ﻣﻦ اﳌﻤكﻦ أيضــﺎ أن تﺘولﺪ ﻣﻦ الﻠﻔظ الواحﺪ ﻣﻌﺎﱐ ﻻ ﺎيﺔ ﳍﺎ‬
‫بﻄريق ا ـﺎز ‪ ،‬وﻣـﺎ اﳌﻌــﺎﱐ الواردة ﰲ اﳌﻌجﻤــﺎت ﲢـﺖ كـﻞ ﻣـﺎدة ﻣﻦ ﻣوادﻫـﺎ‬
‫إﻻ ﳎﺎزات ﳝكﻦ أن تزداد ز دة ﻻحﺪود ﳍﺎ " ويقول أيضـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ ‪ " :‬إذا كﺎنﺖ‬
‫ﺳ ـ ـ ـ ــنﻦ الوجود تﺸ ـ ـ ـ ــﻤﻞ كﻞ ﻣوجود فﺎلﻠغﺔ إحﺪى ﻫذﻩ اﳌوجودات ‪ ،‬وألﻔﺎظ‬
‫الﻠغﺔ ﲣضـ ـ ــع لقﺎﻋﺪة أن لكﻞ لﻔظ يكﻤﻦ ﺿـ ـ ــﺪﻩ فيﻪ كﺨضـ ـ ــوع اﳌﺎدة لنﻈﺎم‬
‫اﳉـﺎذبيـﺔ ﰲ ﳎـﺎﳍـﺎ اﶈـﺪود ‪ ،‬فكﻤـﺎ أن اﳌـﺎدة كﻠﻬـﺎ ﺧـﺎص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ لنﻈـﺎم اﳉـﺎذبيـﺔ‪،‬‬
‫فﺎﻷلﻔﺎظ اﻷص ـ ـ ـ ـ ـ ــﻠيﺔ كﻠﻬﺎ ﺧﺎﺿـ ـ ـ ـ ــﻌﺔ ﳌﺒﺪأ ‪ :‬كﻞ لﻔظ ﳏﺘو ﻋﻠى ﺿ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺪﻩ ﰲ‬
‫ذاتﻪ")‪ ،(75‬فحري بنﺎ أن نﺒحﺚ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫذﻩ الﻌﻼقﺔ لكي ﳔرج ﲟيزة جﺪيﺪة‬
‫ﰲ لغﺘنــﺎ الﻌربيــﺔ ) لغــﺔ القرآن ( تؤكــﺪ أن ﳍــذﻩ الﻠغــﺔ ﺧواص فيز ئيــﺔ وتنﺒؤيــﺔ‬
‫تسـﺎﻋﺪ ﻋﻠى فﻬﻢ الكﺜﲑ ﻣﻦ ﻣﻔردات اﳊيﺎة الﱵ نﻌيﺸـﻬﺎ وتوﺿـﺢ لنﺎ أﺳـرار‬
‫الكون وﻣﺎ ﳛويﻪ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﱐ ﻋﻈيﻤﺔ وﻻيس ــﻌنﺎ ﰲ ذلﻚ إﻻ أن نس ــﺘﺸ ــﻌر قول‬
‫ﷲ ﻋزوجﻞ حينﻤﺎ قﺎل ﰲ كﺘﺎبﻪ الكرﱘ ) ﻗﻞ لو ﻛان البﺤﺮ ﻣﺪادا لكﻠﻤات‬
‫رﰊ لنﻔﺪ البﺤﺮ ﻗبﻞ أن ﺗنﻔﺪ ﻛﻠﻤات رﰊ ولو جﺌنا ﲟﺜﻠﻪ ﻣﺪدا()‪.(76‬‬

‫)‪ (75‬جﺪليﺔ اﳊرف الﻌرﰊ وفيز ء الﻔكر واﳌﺎدة ‪ ،‬ﳏﻤﺪ ﻋنﱪ ‪ ،‬ص ‪. 27‬‬
‫)‪ (76‬الكﻬف ‪ .‬آيﺔ ‪. 18‬‬
‫‪108‬‬
‫اﶈتو ت‬

‫اﶈتو ت‬ ‫ﺻﻔﺤة‬
‫اﳌﺪﺧـ ـ ــﻞ‬ ‫‪3‬‬
‫الﻔﺼﻞ اﻷول‬ ‫‪12‬‬
‫ﺧواص اﻷرقﺎم الﻔيز ئيﺔ والﺘنﺒؤيﺔ‬
‫‪ .1‬اﻷرقﺎم ﻋﱪ الﻌﺼور‬ ‫‪12‬‬
‫‪ .2‬فيﺜﺎﻏورس‬ ‫‪2‬‬
‫‪ .3‬اﻷرقﺎم الغﺎﻣضﺔ‬ ‫‪15‬‬
‫‪ .4‬أرﺳﻄو‬ ‫‪16‬‬
‫‪ .5‬اﻷرقﺎم ﻋنﺪ اﳌسﻠﻤﲔ‬ ‫‪17‬‬
‫‪ .6‬اﻷرقﺎم ﰲ القرون الوﺳﻄى‬ ‫‪18‬‬
‫‪ .7‬ﻋﻠﻢ اﻷرقﺎم‬ ‫‪21‬‬
‫‪ .8‬اﻷرقﺎم واﳌوﺳيقى‬ ‫‪22‬‬
‫‪ .9‬اﻷرقﺎم واﻷحﻼم‬ ‫‪24‬‬
‫‪ .10‬اﻷرقﺎم اﳌﺘحﺎبﺔ‬ ‫‪27‬‬
‫‪ .11‬اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻷرقﺎم ﻋنﺪ اﳌسﻠﻤﲔ‬ ‫‪30‬‬
‫‪ .12‬اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻷرقﺎم ﻋنﺪ اﳌﺘﺼوفﺔ‬ ‫‪31‬‬
‫‪ .13‬اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻷرقﺎم ﰲ اﻻوفﺎق‬ ‫‪33‬‬

‫‪109‬‬
‫‪ .14‬اﺳﺘﺨﺪام اﻻوفﺎق ﰲ الغرب‬ ‫‪35‬‬
‫‪ .15‬أنواع اﻷوفﺎق وأصوﳍﺎ‬ ‫‪35‬‬
‫‪ .16‬ﻃريقﺔ إﻋﺪاد الوفق اﳌﺜﻠﺚ‬ ‫‪37‬‬
‫‪ .17‬ﻃريقﺔ إﻋﺪاد الوفق اﳌربع‬ ‫‪39‬‬
‫‪ .18‬ﺳحر اﻷوفﺎق الرقﻤيﺔ‬ ‫‪41‬‬
‫‪ .19‬حسﺎب الغﺎلب واﳌغﻠوب الرقﻤي‬ ‫‪42‬‬
‫‪ .20‬اﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت الرقﻤيﺔ لﻠوحي اﳊيﺎة‬ ‫‪43‬‬
‫واﳌﻤﺎت‬
‫‪ .21‬اﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﳊﺪيﺜﺔ لﻸرقﺎم‬ ‫‪43‬‬
‫‪ .22‬اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت ﺳﺎيكولوجيﺔ واقﺘﺼﺎديﺔ لﻸرقﺎم‬ ‫‪45‬‬

‫‪ .23‬اﺳﺘﺨﺪام اﻷرقﺎم ﰲ الﺘنﺒؤات‬ ‫‪46‬‬


‫‪ .24‬رﻣوز اﻷرقﺎم‬ ‫‪48‬‬
‫الرقﻢ ) ‪( 1‬‬ ‫‪48‬‬
‫الرقﻢ ) ‪( 2‬‬ ‫‪49‬‬
‫الرقﻢ ‪( 3‬‬ ‫‪49‬‬
‫الرقﻢ ) ‪( 4‬‬ ‫‪50‬‬
‫الرقﻢ ) ‪( 5‬‬ ‫‪50‬‬
‫الرقﻢ ) ‪( 6‬‬ ‫‪51‬‬
‫الرقﻢ ) ‪( 7‬‬ ‫‪51‬‬
‫‪110‬‬
‫الرقﻢ ) ‪( 8‬‬ ‫‪52‬‬
‫الرقﻢ ) ‪( 9‬‬ ‫‪52‬‬
‫‪ .25‬تﻔسﲑ رﻣزيﺔ اﻷرقﺎم‬ ‫‪53‬‬
‫‪ .26‬قواﻋﺪ اﻷرقﺎم ﰲ ﲢﻠيﻞ الﺸﺨﺼيﺔ‬ ‫‪57‬‬
‫الﻔﺼﻞ الﺜاﱐ‬
‫اﳊﺮوف الﻌﺮﺑية ﻣﻦ النﻄﻖ إﱃ التنبؤ والﻌﻼج‬
‫‪ .1‬ﻣﺪﺧﻞ‬ ‫‪60‬‬
‫‪ .2‬النﻈر ت الﻔكريﺔ ﰲ تﻔسﲑ ﻣﻔردات الﻠغﺔ‬ ‫‪63‬‬
‫‪ .3‬الﺘﻌريف بﻌﻠﻢ اﳊروف‬ ‫‪64‬‬
‫‪ .4‬تقسيﻤﺎت اﳊروف‬ ‫‪67‬‬
‫‪ .5‬الﻌنﺎصر اﻻربﻌﺔ‬ ‫‪68‬‬
‫‪ .6‬اﺳﺘﺨﺪام اﳊرف ﻃﺒيﻌيﺎ‬ ‫‪72‬‬
‫‪ .7‬الذريﺔ اﳌنﻄقيﺔ‬ ‫‪74‬‬
‫‪ .8‬اﳊروف الزائﺪة‬ ‫‪75‬‬
‫‪ .9‬قﺼﺔ ﻋجيﺒﺔ‬ ‫‪84‬‬
‫‪ . 10‬تﻔسﲑ نﻈريﺔ ﺧواص اﳊروف‬ ‫‪89‬‬
‫‪ .11‬رأي ابﻦ ﺧﻠﺪون ﰲ ﺧواص اﳊروف‬ ‫‪90‬‬
‫‪ .12‬اﺷﺘقﺎق ﻣﻌﺎﱐ الكﻠﻤﺎت ﻣﻦ نﻔسﻬﺎ‬ ‫‪96‬‬
‫‪ .13‬الﺘﻌريف ﳉﻔر‬ ‫‪97‬‬

‫‪111‬‬
‫‪ .14‬حقيقﺔ اﳉﻔر وتركيﺒﻪ‬ ‫‪101‬‬
‫‪.15‬اﺳﺘﺨراج اﳉواب ﻣﻦ اﳉﻔر‬ ‫‪102‬‬
‫‪ .16‬الزايرجﺔ‬ ‫‪104‬‬
‫‪ .17‬الزﻣﻦ الﻔﻠكي وﻋﻼقﺘﻪ ﲜواب السؤال‬ ‫‪105‬‬
‫اﶈﺘو ت‬ ‫‪108‬‬

‫‪112‬‬
113

You might also like