






 

 

‫ﻫـ‬١٤٤٠ – ‫ﺻﻨﻌﺎء‬
 ‫‪‬‬
‫اﻟﻄﺒﻌﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‬
‫‪١٤٤٠‬ﻫـ ‪٢٠١٩ /‬م‬

‫ﺗﺼﻤﻴﻢ ‪ ‬‬
‫اﻟﻐﻼف‬

‫‪ ‬‬
‫ﳏﻤﺪ ﺣﺴﺎن اﻟﺸﺎﻣﻲ‬

‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪Hamoodalahnomi 1 @gmail.com‬‬ ‫اﻟﺒﺮﻳ ـ ــﺪ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧ ـ ــﻲ ‪:‬‬
‫‪www.zaidiah.com‬‬ ‫اﻟﻤﻮﻗ ــﻊ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧ ــﻲ ‪:‬‬
‫‪https://t.me/zmagls‬‬ ‫ﻗﻨ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎة اﻟﺘﻠﻘ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﺮام ‪:‬‬
‫‪www.facebook.com/AlMaglisAlZZaidiAlEslami‬‬ ‫اﻟﻔﻴـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺴﺒﻮك‪:‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪m‬‬
‫‪ ‬‬

‫اﳊﻤ ــﺪﷲ وﺳ ــﻼم ﻋ ــﲆ ﻋﺒ ــﺎده اﻟ ــﺬﻳﻦ اﺻ ــﻄﻔﻰ‪ ،‬وﺻ ـ ﱢـﻞ اﻟﻠﻬ ــﻢ وﺳ ـ ﱢـﻠﻢ ﻋ ــﲆ‬
‫وارض اﻟﻠﻬ ـ ـ ــﻢ ﻋ ـ ـ ــﻦ اﻟﺮاﺷ ـ ـ ــﺪﻳﻦ ﻣ ـ ـ ــﻦ‬
‫ﺳـ ـ ــﻴﺪﻧﺎ ﳏﻤ ـ ـ ــﺪ وﻋ ـ ـ ــﲆ آﻟ ـ ـ ــﻪ اﻟﻄـ ـ ــﺎﻫﺮﻳﻦ‪َ ،‬‬
‫أﺻﺤﺎب ﻧﺒﻴﻚ واﻟﺘﺎﺑﻌﲔ ﻟﻪ ﺑﺈﺣﺴﺎن إﱃ ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬وﺑﻌﺪ‪:‬‬

‫ﺟﻌــﻞ اﷲ أﻫــﻞ ﺑﻴــﺖ رﺳــﻮل اﷲ ﺻــﲆ اﷲ ﻋﻠﻴــﻪ وآﻟــﻪ وﺳــﻠﻢ ﻗﺮﻧــﺎء اﻟﻘ ــﺮآن‪،‬‬
‫وﺧﻠﻔﻬ ــﻢ رﺳ ـ ُ‬
‫ـﻮل اﷲ ﰲ أﻣﺘ ــﻪ أﻣﺎﻧ ــﺎ ﻣ ــﻦ‬ ‫وﻳﻌﻠﻨ ــﻮن ﻫﺪ َﻳ ــﻪ‪ ،‬ﱠ‬
‫ﻳ ــﴩﺣﻮن أﺣﻜﺎﻣ ــﻪ‪ْ ُ ،‬‬
‫ـﺼﺤﻴﺢ ﻣ ـ ــﺴﺎرﻫﺎ‬
‫َ‬ ‫اﻟ ـ ــﻀﻼل‪ ،‬وﻋ ـ ــﺼﻤﺔ ﻣ ـ ــﻦ اﻻﻧﺤ ـ ــﻼل‪ ،‬وإذا أرادت اﻷﻣ ـ ــﺔ ﺗ ـ ـ‬
‫ﻳﻤ َﻤ ـ ــﺖ ِوﺟﻬﺘﻬ ـ ــﺎ ﻧﺤ ـ ــﻮﻫﻢ ﻻﲣ ـ ــﺎذﻫﻢ ﻗ ـ ــﺪوة ﺣ ـ ــﺴﻨﺔ‪ ،‬ﺗ ـ ـ ﱢ‬
‫ـﺼﺤﺢ ﻣ ـ ــﻦ ﺧﻼﳍـ ـ ــﻢ‬ ‫ﱠ‬
‫ِ‬ ‫وﲤﲑ ﻣﻦ ِ‬
‫ﻣﺴﺎرﻫﺎ‪.‬‬ ‫أود‬
‫ﻫﺪﳞﻢ ﻣﺎ ﻳﻘﻴﻢ َ َ‬ ‫أﺧﻄﺎءﻫﺎ‪ُ َ ،‬‬
‫ـﺴﺘﻜﱪ ﻣـ ـ ــﻦ ﳘﺠﻴـ ـ ـ ٍـﺔ رﻋﻨـ ـ ــﺎء ﺿـ ـ ــﺪ اﻟﺒـ ـ ــﴩﻳﺔ‬
‫ِ‬ ‫وﻣـ ـ ــﺎ ﻳﲈرﺳـ ـ ــﻪ ﻋـ ـ ـ َ‬
‫ـﺎﱂ اﻟﻴـ ـ ــﻮم اﳌـ ـ ـ‬
‫ـﻀﻌﻔﺔ‪ ،‬وﻣــﺎ ﻧــﺮاه ﻣــﻦ اﺳــﺘﻄﺎﻟﺔ أﻧﻈﻤــﺔ اﻟــﴩ ﻋــﲆ اﳌــﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﺑــﻞ وﻋــﲆ ﻣــﺎ‬
‫اﳌﺴﺘـ َ‬
‫ﺑﻘ ـ ـ ــﻲ ﻣ ـ ـ ــﻦ ﺧ ـ ـ ــﲑ ﰲ ﺷ ـ ـ ــﻌﻮب اﻹﻧ ـ ـ ــﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﳌ ـ ـ ــﺴﺦ واﻻﻧﺤ ـ ـ ــﺮاف واﻻﺿ ـ ـ ــﻄﻬﺎد‬
‫واﻻﺳــﺘﻐﻼل ﺧــﺎرج ﺳــﻴﺎق اﻟﻔﻄــﺮة ﻓﺈﻧــﻪ ﳛـ ﱢـﺘﻢ ﻋــﲆ ﺷــﻌﻮﺑﻨﺎ أن ﺗﻌــﻮد ﻷﺻ ــﻮﳍﺎ‬
‫اﻷوﱃ‪ ،‬وﻣﺼﺎدرﻫﺎ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ‪ ،‬وﻗﺪواﲥﺎ اﻹﻳﲈﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪.‬‬
‫وﻟﻌــﻞ أﻛــﱪ ﻣﺜـ ٍ‬
‫ـﺎل ﺻـ ٍ‬
‫ـﺎرخ ﺗﺘﺒﺨــﱰ ﻓﻴــﻪ ﻫــﺬه اﳊــﻀﺎرة اﳌﺎدﻳــﺔ ﻗﺒﺤــﺎ وإﺟﺮاﻣــﺎ‬ ‫َ‬
‫‪٣‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﺿ ــﺪ اﻹﻧ ــﺴﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻫ ــﻮ ﻫ ــﺬا اﻟﻌ ــﺪوان اﻟ ــﺴﻌﻮدي اﻷﻣﺮﻳﻜ ــﻲ اﻟ ــﺼﻬﻴﻮﲏ اﳉ ـﺎﻫﲇ‬
‫ﺿـ ــﺪ ﺷـ ــﻌﺒﻨﺎ‪ ،‬واﻟـ ــﺬي ﻣـ ــﻦ ﺿـ ــﻤﻦ ﻣـ ــﺎ ﻳـ ــﺴﺘﻬﺪﻓﻪ ﺑﺪرﺟـ ــﺔ أﺳﺎﺳـ ــﻴﺔ اﳌـ ــﺮأة ‪ ،‬إﻣـ ــﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﺘــﻞ اﳌﺘﻌ ﱠﻤــﺪ‪ ،‬واﻹﺑــﺎدة اﳌﻘــﺼﻮدة‪ ،‬أو ﺑــﺎﳊﺮب اﻟﻨﺎﻋﻤــﺔ اﻟﺘــﻲ ﲢــﺎول ﲡﻔﻴــﻒ‬
‫ـﻼق‬ ‫ـﻴﻢ اﳌ ــﺮأة وﻣﺒﺎدﺋﻬ ــﺎ وأﺧﻼﻗﻬ ــﺎ وﺷ ــﻴﻤﻬﺎ اﳌﺤﺎﻓِﻈ ــﺔ واﺳ ــﺘﺒﺪاﳍﺎ ﺑﻘ ـ ٍ‬
‫ـﻴﻢ وأﺧ ـ ٍ‬ ‫ﻗـ ِ‬
‫ـﺎد اﳌﺠﺘﻤﻌ ـ ـ ــﺎت‬ ‫ـﺎﻳﺮة وﳐﺎﻟﻔـ ـ ـ ٍـﺔ ﻟﻺﺳ ـ ـ ــﻼم‪ ،‬ﻟﻜ ـ ـ ــﻲ ﻳ ـ ـ ـ ُ َ‬
‫ـﺴﻬﻞ ﳍ ـ ـ ــﻢ اﻗﺘﻴ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـﻴﻢ ﻣﻐ ـ ـ ـ ِ ٍ‬
‫وﺷ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ﻣﻘﻮﻣﺎت ﻣﺘﻴﻨﺔ ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وﺗﻐﻴﲑ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ‬ ‫واﺣﺘﻮاؤﻫﺎ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫ـﻼح اﳊــﺮب اﻟﻨﺎﻋﻤــﺔ ﻣــﻦ ﻗﺒــﻞ أن‬
‫ـﺪاء ﺷــﻌﺒﻨﺎ ﺳـ َ‬
‫ـﺪاء اﻷﻣــﺔ وأﻋـ ُ‬
‫اﺳــﺘﺨﺪم أﻋـ ُ‬
‫ﻳـ ـ ــﺸﻨﻮا ﻋـ ـ ــﺪواﳖﻢ اﻟﻮﺣـ ـ ــﴚ اﳉﺒـ ـ ــﺎن ﻋ ـ ــﲆ ﺑﻠـ ـ ــﺪﻧﺎ‪ ،‬ﻟﻐـ ـ ــﺰو اﻟﻌﻘـ ـ ــﻮل واﻷدﻣﻐـ ـ ــﺔ‪،‬‬
‫واﺣﺘﻮاﺋﻬ ـ ـ ــﺎ ﺿ ـ ـ ــﻤﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣ ـ ـ ــﺎت ﻗﻴﻤﻴ ـ ـ ــﺔ وأﺧﻼﻗﻴ ـ ـ ــﺔ ﺗﻘﺘ ـ ـ ــﺎد ﰲ ﳖﺎﻳ ـ ـ ــﺔ اﳌﻄ ـ ـ ــﺎف‬
‫اﻟﻮﺟﻬــﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠــﺔ واﳌﻨﺘِﺠــﺔ‪ ،‬وﲠــﺬا‬ ‫ـﻴﺎع ِ‬
‫ﻮب إﱃ اﻟﺒﻼﻫــﺔ واﻻﺳــﺘﺤﲈر‪ ،‬وﺿـ ِ‬ ‫اﻟـﺸﻌ َ‬
‫ﻳـ ـ ــﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻻﺳـ ـ ــﺘﻤﺮار ﰲ ﻣ ـ ــﺸﺎرﻳﻌﻬﻢ اﻟﺘﻤﺰﻳﻘﻴـ ـ ــﺔ واﻟﺘﺪﻣﲑﻳـ ـ ــﺔ‪ ،‬وﳌـ ـ ــﺎ ﺷـ ـ ــﻨﻮا‬
‫ـﺪوان ﺧﻄــﲑ أﻳــﻀﺎ‪ ،‬ﻳﺮ ﱢﻛــﺰ ﰲ‬ ‫ـﺪوان اﳋـ ِـﺸﻦ ﻛﺎﻧــﺖ اﳊــﺮب اﻟﻨﺎﻋﻤــﺔ ﺟﺒﻬـ َـﺔ ﻋـ ٍ‬‫اﻟﻌ َ‬
‫اﻷﺳـ ـ ــﺎس ﻋـ ـ ــﲆ ﺗـ ـ ــﺼﺪﻳﻊ اﳉﺒﻬ ـ ــﺔ اﻟﺪاﺧﻠﻴـ ـ ــﺔ‪ ،‬وإﺿـ ـ ــﻌﺎف ﲤﺎﺳـ ـ ــﻚ اﳌﺠﺘﻤـ ـ ــﻊ ﰲ‬
‫ﻣﻠﺤﻤﺔ اﻟﺼﻤﻮد اﻷﺳﻄﻮرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻄﺮﻫﺎ ﺷﻌﺒﻨﺎ ﺧﻼل ﻋﺎﻣﲔ ﻛﺎﻣﻠﲔ‪.‬‬

‫ـﺪﺧﻮل إﱃ ﺗﻨﻔﻴ ِـﺬ‬

‫َ‬ ‫ـﺮأة اﳌﻨﻔ َـﺬ اﻟـﺬي ﳛـﺎوﻟﻮن ﻣﻨـﻪ اﻟ‬
‫ﻣﻨﺬ وﻗﺖ ﻣﺒﻜﺮ ﻛﺎﻧـﺖ اﳌ ُ‬
‫ـﺸﺠﻌﲔ ﺣﺎﻟـﺔ اﻟﺘﺠﻬﻴـﻞ اﻟﺘـﻲ ُ ِ‬
‫ﻓﺮ َﺿ ْـﺖ ﻋﻠﻴﻬـﺎ‬ ‫أﻏﺮا ِﺿـﻬﻢ اﻟﺪﻧﻴﺌـﺔ‪ ،‬ﻣ ِ ﱢ‬
‫ـﺴﺘﻐﻠﲔ وﻣ ﱢ‬
‫ﻣﻦ ﺟﻬﺔ‪ ،‬وﺣﺎﻟﺔ اﻻﻧﺒﻬﺎر ﺑﺎﻟﻐﺮب واﻟﺘﻲ أﺻـﻴﺒﺖ ﲠـﺎ ﺑﻌـﺾ اﻟﻨـﺴﺎء ﻣـﻦ ﺟﻬـﺔ‬
‫ـﺄﺛﲑﻫﻦ ﺑﻘ ــﺪر اﻹﻣﻜﺎﻧ ــﺎت اﻟﺘ ــﻲ‬ ‫ٍ‬
‫أﺧــﺮى‪ ،‬واﻟﻼﺋ ــﻲ وإن ﻛ ــﻦ ﺑﻌــﺪد ﻗﻠﻴ ــﻞ ﻟﻜ ــﻦ ﺗـ َ‬
‫‪٤‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﲢ ـ ِـﺮص اﳌ ــﻨﻈﲈت اﳌ ــﺸﺒﻮﻫﺔ ﻋ ــﲆ ﺗﻮﻓﲑﻫ ــﺎ ﻓﺘﻌﻄ ــﻴﻬﻦ ﻣ ــﺴﺎﺣﺔ أوﺳ ــﻊ ﻟﻠﺘﺤ ــﺮك‬
‫اﻟﺴﻠﺒﻲ ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ‪.‬‬

‫ﰲ ﻛﻠﻤﺘـ ـ ــﻪ ﺑﻤﻨﺎﺳ ـ ــﺒﺔ اﻟﻴـ ـ ــﻮم اﻟﻌـ ـ ــﺎﳌﻲ ﻟﻠﻤـ ـ ــﺮأة اﳌﺆﻣﻨـ ـ ــﺔ ‪ ٢٠‬ﲨـ ـ ــﺎدى اﻵﺧـ ـ ــﺮة‬
‫‪١٤٣٥‬ﻫـ ﻗﺎل اﻟﺴﻴﺪ ﻋﺒﺪاﳌﻠﻚ اﳊﻮﺛﻲ‪" :‬اﻟﻴﻮم ﺗﺘﻌﺮض اﳌﺮأة اﳌـﺴﻠﻤﺔ ﻟﻠﺘـﺄﺛﲑ‬
‫ﺑﺎﺳـﺘﻬﺪاﻓﻬﺎ ﻷن ﺗﻜـﻮن ﻣﺘـﺄﺛﺮة ﺑــﺎﳌﺮأة اﻟﻐﺮﺑﻴـﺔ اﻟﺘـﻲ ﲣﺘﻠــﻒ ﻣﻌﻬـﺎ إﱃ ﺣ ﱟـﺪ ﻛﺒــﲑ‬
‫ﰲ اﳌﺒ ــﺎدئ وﰲ اﻟﻘ ــﻴﻢ وﰲ اﻷﺧ ــﻼق‪ ،‬اﳌ ــﺮأة اﻟﻐﺮﺑﻴ ــﺔ اﻟﺘ ــﻲ ﻛﺎﻧ ــﺖ إﱃ ﺣ ـ ﱟـﺪ ﻛﺒ ــﲑ‬
‫ﺿ ــﺤﻴﺔ‪ ،‬ﺿ ــﺤﻴﺔ ﻟﻌﻤ ــﻞ ﻛﺒ ــﲑ اﺳ ــﺘﻬﺪﻓﻬﺎ ﺑ ــﺪءا‪ ،‬ﺛ ــﻢ أرادوا ﲠ ــﺎ وﻣ ــﻦ ﺧﻼﳍ ــﺎ أن‬
‫ـﻮذج ﻻ‬ ‫ِ‬
‫ﺗﻜــﻮن ﻫــﻲ اﻟﻨﻤــﻮذج ﻏــﲑ اﳌﻨــﺴﺠﻢ وﻏــﲑ اﳌﺘﻮاﻓــﻖ ﻟﻠﻤــﺮأة اﳌــﺴﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻧﻤـ ٌ‬
‫ﻳﺘﻮاﻓ ــﻖ ﻻ ﻣ ــﻊ دﻳﻨﻬ ــﺎ وﻻ ﻣ ــﻊ أﺧﻼﻗﻬ ــﺎ وﻻ ﻣ ــﻊ ﻣﺒﺎدﺋﻬ ــﺎ وﻻ ﻗﻴﻤﻬ ــﺎ اﻹﻧ ــﺴﺎﻧﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻧﺤـ ــﻦ ﻧﻘـ ــﻮل‪ :‬إن اﳌـ ــﺮأة اﻟﻐﺮﺑﻴـ ــﺔ ﻛﺎﻧـ ــﺖ ﺿـ ــﺤﻴﺔ‪ ،‬اﺳـ ـ ُ ِ‬
‫ـﺘﻬﺪﻓﺖ ﻣـ ــﻦ ﻗﺒـ ــﻞ أوﻟﺌـ ــﻚ‬
‫ْ‬
‫اﳌﺠ ـ ــﺮﻣﲔ‪ ،‬اﳌﻔ ـ ــﺴﺪﻳﻦ ﰲ اﻷرض اﻟـ ـ ــﺬﻳﻦ ﺳ ـ ــﻌﻮا إﱃ اﻻﻧﺤـ ـ ــﺮاف ﺑ ـ ــﺎﳌﺮأة ﻋـ ـ ــﻦ‬
‫وﻋﻤﻠــﻮا ﻋــﲆ أن ﳚﻌﻠــﻮا ﻣﻨﻬــﺎ أﻟﻌﻮﺑــﺔ‪،‬‬ ‫دورﻫـﺎ وﻣﻜﺎﻧﺘﻬــﺎ وﻣﻘﺎﻣﻬــﺎ وﻛﺮاﻣﺘﻬــﺎ‪ِ ،‬‬

‫وأرﺧ ـ ـ ــﺼﻮﻫﺎ إﱃ ﺣ ـ ـ ـ ﱟـﺪ ﻛﺒ ـ ـ ــﲑ‪ ،‬ﺣﻴ ـ ـ ــﻨﲈ أرادوا أن ﳚﻌﻠ ـ ـ ــﻮا ﻣﻨﻬ ـ ـ ــﺎ ﳎ ـ ـ ــﺮد أﻟﻌﻮﺑ ـ ـ ــﺔ‬
‫ﻟﻺﻏﻮاء واﻹﻓﺴﺎد وﻧﴩ اﻟﺮذﻳﻠﺔ واﻟﻌﻴﺎذ ﺑﺎﷲ"‪.‬‬

‫وأﺿ ـ ــﺎف ﻗ ـ ــﺎﺋﻼ‪" :‬ﻫﻨ ـ ــﺎك اﺳ ـ ــﺘﻬﺪاف ﻟﻠﻤ ـ ــﺮأة ﰲ اﳊﺎﻟ ـ ــﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤ ـ ــﺔ ﰲ ﻋﺎﳌﻨ ـ ــﺎ‬
‫ـﺘﻬﺪاف ﻣﺆ ﱠﻛ ـ ٌـﺪ‬
‫ٌ‬ ‫اﻹﺳ ــﻼﻣﻲ‪ ،‬ﰲ ﻣﻨﻄﻘﺘﻨ ــﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴ ــﺔ‪ ،‬ﰲ ﺷ ــﻌﻮب أﻣﺘﻨ ــﺎ‪ ،‬ﻫﻨ ــﺎك اﺳ ـ‬
‫ﻟﻠﻤــﺮأة وﻟﻠﺮﺟــﻞ ﲨﻴﻌــﺎ‪ ،‬واﻻﺳــﺘﻬﺪاف ﻟﻠﻤــﺮأة ﻛــﺬﻟﻚ ﰲ ﻓﻜﺮﻫــﺎ ﰲ ﺛﻘﺎﻓﺘﻬــﺎ ﰲ‬
‫ﻗﻴﻤﻬ ـ ــﺎ ﰲ أﺧﻼﻗﻬ ـ ــﺎ‪ .. ،‬ﲢـ ــﺖ ﻋﻨ ـ ــﻮان اﻟﺘﺤ ـ ــﴬ واﳊ ـ ــﻀﺎرة واﻟﺮﻗ ـ ــﻲ‪ ،‬وﻫ ـ ــﻲ‬
‫‪٥‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﻋﻨ ــﺎوﻳﻦ زاﺋﻔ ــﺔ؛ ﻷن إﻓ ــﺴﺎد اﳌ ــﺮأة اﳌ ــﺴﻠﻤﺔ ﻻ ﻳﻤ ــﺖ ﺑ ــﺄي ﺻ ــﻠﺔ ﻟﻠﺤ ــﻀﺎرة‪ ،‬ﻻ‬
‫ﻳﻤﺖ ﺑﺄي ﺻﻠﺔ ﻟﻠﺤﻀﺎرة أﺑﺪا"‪.‬‬

‫ﻟﻘـﺪ ﻓــﻀﺢ ﻫــﺬا اﻟﻌــﺪوان ﻛـ ﱠـﻞ اﻻدﻋــﺎءات اﻟﻐﺮﺑﻴــﺔ وﻛــﺸﻒ ﺑــﺸﻜﻞ ﻻ ﻣﺮﻳــﺔ‬
‫ﻓﻴ ـ ــﻪ ﺣﺠ ـ ــﻢ اﻟﻨﻔ ـ ــﺎق اﻟﻐ ـ ــﺮﰊ ﲡ ـ ــﺎه اﳌـ ــﺮأة‪ ،‬اﻟﺘ ـ ــﻲ ﻇﻠ ـ ــﻮا ﳛﻜ ـ ــﻮن ﻋ ـ ــﻦ ﺣﻘﻮﻗﻬ ـ ــﺎ‪،‬‬
‫وﻳﺘﻐﻨــﻮن ﺑﺤﺮﻳﺘﻬــﺎ‪ ،‬وﻟﻜــﻨﻬﻢ اﻟﻴــﻮم وﻋــﲆ ﻣــﺪار ﻋــﺎﻣﲔ ﻳــﺸﻨﻮن ﺣﺮﺑــﺎ ﻋﺪواﻧﻴــﺔ‬
‫ـﺰوده‬
‫ﻋﺎﳌﻴ ـ ـ ــﺔ ﺗ ـ ـ ــﺴﺘﻬﺪﻓﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪرﺟ ـ ـ ــﺔ اﻷوﱃ‪ ،‬إذ ﻫ ـ ـ ــﻢ ﻣ ـ ـ ــﻦ ﻳﻘ ـ ـ ــﻮد اﻟﻌ ـ ـ ــﺪوان وﻳ ـ ـ ـ ﱢ‬
‫ﺑﺎﻟﻄـ ـ ــﺎﺋﺮات اﳊﺪﻳﺜـ ـ ــﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻷﺳ ـ ــﻠﺤﺔ اﳌﺤﺮﻣ ـ ـ ــﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟـ ـ ــﺪﻋﻢ اﻟـ ـ ــﺴﻴﺎﳼ واﻟﻐﻄ ـ ـ ــﺎء‬
‫اﻷﳑــﻲ‪ ،‬وﻫــﻢ ﻳﻌﻠﻤــﻮن أن أول اﻟ ــﻀﺤﺎﻳﺎ ﰲ ﻫــﺬا اﻟﺒﻠــﺪ ﻫ ــﻲ اﳌــﺮأة‪ ،‬وﻣــﻊ ذﻟ ــﻚ‬
‫وﺑﻴـﻨﲈ ﻳﺘﺤــﺪﺛﻮن ﺑــﺼﺨﺐ ﻋــﻦ ﺣﻘﻮﻗﻬــﺎ اﳉﻨــﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻳــﺴﻠﺒﻮﳖﺎ ﺣﻘﻬــﺎ اﻟﻮﺟــﻮدي‪،‬‬
‫اﻟﺬي اﺳﺘﻬﺪﻓﺘﻪ ﻃﺎﺋﺮاﲥﻢ‪.‬‬

‫ﻫـﺬا ﻣــﺎ ﻋـ ﱠـﱪ ﻋﻨــﻪ اﻟــﺴﻴﺪ اﻟﻘﺎﺋـﺪ ﰲ رﺳــﺎﻟﺘﻪ ﻟﻠﻤــﺮأة ﺑﻤﻨﺎﺳــﺒﺔ ﻣﻮﻟــﺪ اﻟﺰﻫــﺮاء‪،‬‬
‫اﻟﻴ ـ ــﻮم اﻟﻌـ ـ ــﺎﳌﻲ ﻟﻠﻤ ـ ــﺮأة اﳌـ ـ ــﺴﻠﻤﺔ ﰲ اﻟﻌ ـ ــﺎم اﳌـ ـ ــﺎﴈ؛ إذ اﻋﺘ ـ ــﱪ ﻫـ ـ ــﺬا اﻟﻌـ ـ ــﺪوان‪:‬‬
‫وﻳﺪﻋﻴ ــﻪ ﻋ ــﻦ ﺣﻘ ــﻮق‬ ‫ـﻀﺎ ﻋ ــﲆ زﻳ ــﻒ و ِﺧ ــﺪاع اﻟﻐ ــﺮب ﻓ ــﻴﲈ ﳛﻜﻴ ــﻪ ّ‬ ‫ـﺎﻫﺪا أﻳ ـ ً‬
‫"ﺷ ـ ً‬
‫ـﺮب ﳛﻜ ــﻲ ﻋ ــﻦ‬ ‫ِ‬
‫اﳌ ــﺮأة وﺣﻘ ــﻮق اﻟﻄﻔ ــﻞ‪ ،‬ﻓﻔ ــﻲ ﻣﻘﺎﺑ ــﻞ اﻟﺒ ــﱰودوﻻر ﱂ ﻳ ُﻌ ــﺪ اﻟﻐ ـ ُ‬
‫ﻣﻈﻠﻮﻣﻴﺔ اﳌﺮأة اﻟﻴﻤﻨﻴﺔ اﻟﺘـﻲ ﻫـﻲ اﻟﻴـﻮم أﻛـﱪ ﻣﻈﻠﻮﻣﻴـﺔ ﻋـﲆ وﺟـﻪ اﻷرض‪ ،‬ﺑـﻞ‬
‫إن أﻣﺮﻳﻜﺎ وﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ وﻓﺮﻧﺴﺎ ودوﻻً أﺧﺮى ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﱢ‬
‫ﺗﻘﺪم ﻟﻠﻨﻈـﺎم اﻟـﺴﻌﻮدي‬
‫ﺳ ــﻼح اﻟﻔﺘـ ــﻚ واﻟﺘ ــﺪﻣﲑ ﺑـ ــﲈ ﰲ ذﻟ ــﻚ اﻷﺳـ ــﻠﺤﺔ اﳌﺤﺮﻣ ــﺔ دوﻟﻴـ ـ ًـﺎ‪ ،‬ﻣﺜ ــﻞ اﻟﻘﻨﺎﺑـ ــﻞ‬
‫ﻧﺴﺎء وأﻃﻔﺎﻻً ورﺟـﺎﻻً ﺑﺄﺑـﺸﻊ ﺻـﻮر‬
‫اﻟﻌﻨﻘﻮدﻳﺔ وﻏﲑﻫﺎ؛ ﻟﻴﻘﺘﻞ ﲠﺎ أﻫﻞ اﻟﻴﻤﻦ ً‬
‫‪٦‬‬
 ‫‪‬‬

‫اﻹﺟﺮام وﺣﺸﻴﺔ‪.‬‬
‫ـﺮن ﺑﺈﳚﺎﺑﻴــﺔ إﱃ ﻧ ـ ِ‬
‫ـﺸﺎط‬ ‫ـﺒﻌﺾ اﻷﺧ ـ ِ‬
‫ـﻮات اﻟﻠــﻮاﰐ ﻳﻨﻈ ـ ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫درس ﻣﻬ ـ ٌـﻢ ﻟـ‬
‫وﰲ ﻫــﺬا ٌ‬
‫ـﺪاث ﺗﻜ ـ ِـﺸﻒ اﳊﻘ ـ َ‬
‫ـﺎﺋﻖ‬ ‫ـﺎﺋﻊ واﻷﺣ ـ َ‬ ‫ﺑﻌ ـ ِ‬
‫ـﺾ اﳌ ـ ﱠ‬
‫ـﻨﻈﲈت أو اﻟ ــﺪول اﻟﻐﺮﺑﻴ ــﺔ؛ إن اﻟﻮﻗ ـ َ‬
‫ﺑـﲈ ﻳﻔـﻮق ﻛ ﱠـﻞ اﳌﺤــﺎوﻻت اﻟﺮاﻣﻴـﺔ ﻟﻠﺘﺰﻳﻴـﻒ واﳋـﺪاع؛ وﺑــﺌﺲ ﻣـﺎ ﻳﻔﻌﻠـﻪ اﻷﻋــﺪاء‬
‫اﻟﻀﺎﻟﻮن"‪.‬‬
‫إزاء ذﻟ ـ ـ ــﻚ وﻟ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـﺪور اﳌ ـ ـ ــﺮأة اﻟﻌﻈ ـ ـ ــﻴﻢ ﰲ ﻣ ـ ـ ــﺴﲑة اﻟﻔﻄ ـ ـ ــﺮة اﻟﺮاﺷ ـ ـ ــﺪة‪ ،‬وﺑﻨ ـ ـ ــﺎء‬
‫واﳌﻠﺘﺰﻣــﺔ‪ ،‬اﻟﺘــﻲ ﺗﻨﻄﻠــﻖ ﻣــﻦ ﻣﻔــﺎﻫﻴﻢ اﻟﻘــﺮآن اﻟﻜــﺮﻳﻢ اﻟــﺬي‬ ‫ِ‬ ‫اﳌﺠﺘﻤﻌـﺎت اﻟﻘﻮﻳــﺔ‬
‫ـﺮض ﻧــﲈذج ﻟﻠﻜــﲈل اﻟﺒــﴩي اﻷﻧﺜــﻮي ﻣــﻦ ﺧــﻼل ﻋــﺪد ﻣــﻦ اﻟﻨــﺴﺎء‪ ،‬ﻓــﺈن ﻣــﻦ‬ ‫ﻋـ َ َ‬
‫اﳌﻬ ــﻢ أن ﺗﺘﻌــﺮف اﳌ ــﺮأة ﰲ ﻛ ــﻞ زﻣ ــﺎن وﻣﻜ ــﺎن ﻋ ــﲆ ﺳ ــﻴﺪة ﻧ ــﺴﺎء اﻟﻌ ــﺎﱂ‪ ،‬واﻟﺘ ــﻲ‬
‫ﻫــﻲ ﺳــﻴﺪة ﻧــﺴﺎء ﻫــﺬه اﻷﻣــﺔ‪ ،‬واﻟﺘــﻲ ﻫــﻲ أﻳــﻀﺎ ﺳــﻴﺪة ﻧــﺴﺎء أﻫــﻞ اﳉﻨــﺔ؛ واﻟﺘــﻲ‬
‫ﺣـ ـ ِـﺮص اﳌﻌﺘـ ــﺪون اﻟﻐﺮﺑﻴـ ــﻮن وأدوا ُﲥـ ــﻢ ﻣـ ــﻦ اﻷﻧﻈﻤـ ــﺔ اﻟﻌﻤﻴﻠـ ــﺔ واﳌﻨـ ــﺴﺎﻗﺔ ﻣ ـ ــﻊ‬
‫ﳛﺮﻣــﻮا اﻟــﺸﻌﻮب ﻣــﻦ اﻟﺘﻄﻠــﻊ إﱃ اﻟﻜــﲈﻻت اﻟﺒــﴩﻳﺔ ﻣــﻦ‬ ‫ﻣــﺸﺎرﻳﻊ اﻟﻐــﺮب أن ِ‬
‫ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻘﺪوات اﻟﻘﺮآﻧﻴﺔ اﻟﺮاﺋﺪة‪.‬‬

‫‪ ‬‬
‫ـﺪد ﻣ ــﻦ اﻟﻌﻮاﻣـ ــﻞ ﳉﻤـ ـ ِـﻊ وإﻋ ــﺪادِ ﻫـ ــﺬا اﻟﺒﺤ ــﺚ ﲠـ ــﺬه اﻟـ ــﺼﻮرة‬
‫ﺣﻔﺰﺗﻨ ــﻲ ﻋـ ـ ٌ‬
‫اﻷوﻟﻴﺔ‪ ،‬وﻣﻨﻬﺎ‪:‬‬
‫‪ -‬اﻟﺘﻠﺒﻴ ـ ــﺔ ﳊﺎﺟ ـ ــﺔ اﳌﺠﺘﻤ ـ ــﻊ اﻟﻴﻤﻨـ ــﻲ‪ ،‬وﻗ ـ ــﺪ ِ‬
‫ﺟﻮﲠﻨ ـ ــﺎ ﰲ ﳉﻨ ـ ــﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓ ـ ــﺔ ﺑ ـ ــﺎﳌﺠﻠﺲ‬
‫اﻟﺰﻳ ــﺪي اﻹﺳ ــﻼﻣﻲ ﻣ ــﺮات ﻛﺜ ــﲑة ﺑ ــﴬورة ﺗ ــﻮﻓﲑ ﻛﺘﻴ ـ ٍ‬
‫ـﺐ ﻳ ــﱰﺟﻢ ﻟﻠﺰﻫ ــﺮاء‬

‫‪٧‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﳌ ــﻦ ﻳﺮﻳ ــﺪ اﻟﺘﻌ ــﺮف ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ ﻣ ــﻦ أﺧﻮاﺗﻨ ــﺎ وﺑﻨﺎﺗﻨ ــﺎ ﻻ ﺳ ــﻴﲈ أوﻟﺌ ــﻚ اﻟﻌـ ــﺎﻣﻼت‬
‫واﻟﻨ ـ ـ ِـﺸﻄﺎت ﰲ اﻟﻌﻤ ـ ــﻞ اﳊﺮﻛـ ــﻲ اﳉﻬ ـ ــﺎدي‪ ،‬ﻓ ـ ــﺼﺎر ﻫ ـ ــﺬا ﺟ ـ ــﺰءا ﻣ ـ ــﻦ ﺧﻄ ـ ــﺔ‬
‫اﳌﺠﻠﺲ وأﻧﺸﻄﺘﻪ‪.‬‬

‫‪ -‬اﻟﺘﻌﺮﻳ ـ ــﻒ ﺑﻔﺎﻃﻤ ـ ــﺔ اﻟﺰﻫ ـ ــﺮاء اﳌﻈﻠﻮﻣـ ــﺔ ﻗ ـ ــﺪﻳﲈ وﺣ ـ ــﺪﻳﺜﺎ واﳌﻐﻴﱠﺒ ـ ــﺔ ﻋ ـ ــﻦ واﻗ ـ ــﻊ‬
‫اﻟﻘـﺪوة واﻷﺳــﻮة‪ ،‬وﺗﻮﺟﻴــﻪ اﳌــﺮأة اﻟﻴــﻮم إﱃ اﻻﲡــﺎه ﻧﺤــﻮ ﺳــﻴﺪة ﻧــﺴﺎء اﻟﻌــﺎﳌﲔ‬
‫ـﺮوج ﳍ ــﺎ اﳊ ــﻀﺎرة اﳌﺎدﻳ ــﺔ‪،‬‬
‫ﻻﲣﺎذﻫ ــﺎ ﻗ ــﺪوة ﺣ ــﺴﻨﺔ ﺑ ــﺪﻻ ﻋ ــﻦ اﻟﺒ ــﺪاﺋﻞ اﻟﺘ ــﻲ ﺗ ـ ﱢ‬
‫ِ‬
‫واﳌﻨﺤﺮﻓـﺔ اﻟﺘـﻲ ر ﱠﺳـﺨﺘﻬﺎ وﺳ ُ‬
‫ـﺎﺋﻞ اﻹﻋـﻼم‬ ‫واﳌﺸﻮﻫﺔ‬
‫ﱠ‬ ‫اﳌﺘﺴﺨﺔ‬
‫ﺗﻠﻚ اﻟﺒﺪاﺋﻞ ﱠ‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻨﺠﻮﻣﻴﺔ اﻟﺰاﺋﻔﺔ ﻟﻠﻤﻐﻨﻴﺎت واﳌﺎﺟﻨﺎت واﻟﺴﺎﻗﻄﺎت‪.‬‬

‫‪ -‬ﻣﻌﺎﳉﺔ ﺑﻌﺾ اﻹﺷﻜﺎﻻت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻷﺧﻼﻗﻴﺔ واﻟﺮوﺣﻴﺔ واﻻﺟﺘﲈﻋﻴﺔ ﻻ ﺳﻴﲈ‬

‫ﺗﺘﻄﻠﺒﻬـ ــﺎ اﳌﺮﺣﻠـ ـ ُـﺔ اﻟﺮاﻫﻨـ ــﺔ ﻣـ ــﻦ ﺧـ ــﻼل اﻹﺷـ ــﺎرة إﱃ أﻫـ ــﻢ اﻟـ ــﺪروس‬
‫ﺗﻠـ ــﻚ اﻟﺘـ ــﻲ ﱠ‬
‫اﺳﺘﻔﺎدﲥﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺎة ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺰﻫﺮاء ﺳﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫واﻟﻌﱪ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ‬

‫ـﻜﺮا ﷲ أن رزﻗﻨـﻲ أول ﺑﻨـﺖ‪ ،‬وﻫـﻲ )أرﻳـﺞ اﻟﺰﻫـﺮاء( ﺑـﺎرك اﷲ ﻓﻴﻬـﺎ‪ ،‬ﺑﻌـﺪ‬
‫‪-‬ﺷ ً‬
‫ٍ‬
‫رﺟﺎء ﷲ واﻧﺘﻈﺎر ﻟﻜﺮﻣﻪ‪.‬‬ ‫ﻃﻮل‬

‫‪ ‬‬
‫‪ -‬ﻟـ ــﻴﺲ ﻫ ـ ــﺬا اﻟﺒﺤ ـ ــﺚ اﻷول وﻻ اﻷﺧ ـ ــﲑ‪ ،‬وﻟﻜﻨ ـ ــﻪ رﻏ ـ ــﻢ ﻃﺒﻌﺘ ـ ــﻪ ﻫ ـ ــﺬه‪ ،‬ﳛ ـ ـ ِ‬
‫ـﺎول‬
‫اﳌﺘﻨﻮﻋــﺔ ﻣ ــﻦ ﺧــﻼل ﻣ ــﺎ ﺗﻴ ـ ّـﴪ‬ ‫ِ‬
‫ﺗﻘــﺪﻳﻢ ﻗ ــﺮاءة أوﻟﻴــﺔ ﻟﻔﺎﻃﻤ ــﺔ اﻟﺰﻫــﺮاء وﺣﻴﺎﲥ ــﺎ ﱢ‬
‫ﻛﺘﺒﻬﻢ اﳌﻌﺘﻤﺪة‪.‬‬ ‫ﻣﻦ ﻣﺮوﻳﺎت أﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ واﳌﺮوﻳﺔ ﰲ ِ‬

‫‪٨‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪ -‬ﳛ ـ ــﺎول اﻟﺒﺤ ـ ــﺚ اﳋ ـ ــﺮوج ﻣ ـ ــﻦ اﻟﻄ ـ ــﺮق اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳ ـ ــﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺑ ـ ــﺔ ﺑ ـ ــﺎﻻﻟﺘﺰام ﺑﻤﻨﻬﺠﻴ ـ ــﺔ‬
‫ِ‬
‫ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻌﻈﺔ واﻟﻌﱪة واﻟﻘﺪوة ﰲ اﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﱃ‪.‬‬ ‫اﻟﺒﺤﺚ اﻟﺘﺎرﳜﻲ‪ ،‬أﻣﻼ ﰲ‬
‫‪ -‬ﳛـﺎول اﻟﱰﻛﻴـ َـﺰ ﻋــﲆ اﳉﻮاﻧــﺐ اﳍﺎﻣـﺔ واﳌﻄﻠﻮﺑــﺔ ﰲ ﺷﺨــﺼﻴﺔ وﺣﻴــﺎة اﻟﺰﻫــﺮاء‬
‫ﺑﲈ ﱠ‬
‫ﺗﺘﻄﻠﺒﻪ اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻟﺮاﻫﻨﺔ اﻟﻴﻮم‪.‬‬
‫اﺗﺒ ـ ــﻊ اﻟﺒﺤ ـ ــﺚ ﻣـ ــﻨﻬﺞ اﻟﺒﺤ ـ ــﺚ اﻟﺘ ـ ــﺎرﳜﻲ‪ ،‬ﰲ ﲨ ـ ــﻊ اﳌﻌﻠﻮﻣ ـ ــﺎت وﺗ ـ ــﺼﻨﻴﻔﻬﺎ‬
‫ـﺎرب اﳊﻘﻴﻘـ ــﺔ واﳌﻨﻄـِ ـ َـﻖ ﻣﻨﻬـ ــﺎ‪ ،‬ﻣﻘـ ـ ﱢـﺪﻣﺎ‬
‫ـﺘﺨﻼص ﻣـ ــﺎ ﻳﻘـ ـ ِ‬
‫ِ‬ ‫وﲢﻠﻴﻠﻬـ ــﺎ وﻧﻘـ ــﺪﻫﺎ واﺳـ ـ‬
‫در واﻟﺮواﻳ ــﺎت اﳌﻌﺘﻤ ــﺪة ﻋﻨ ــﺪ أﻫ ــﻞ اﻟﺒﻴ ــﺖ‪ ،‬ﺛ ــﻢ َﻣ ــﻦ ﺳ ــﻮاﻫﻢ‪ ،‬وﻣ ــﻊ ذﻟ ــﻚ‬
‫اﳌ ــﺼﺎ َ‬
‫ﻓﺈﻧ ــﻪ ﻳﻨﺒﻐ ــﻲ اﻟﺘﻨﺒﻴ ــﻪ إﱃ أن اﻟﻜﺘﻴ ــﺐ ﰲ ﻫ ــﺬه اﻟﻄﺒﻌ ــﺔ ﻟ ــﻴﺲ ﺳ ــﻮى ﻗ ــﺮاءة ِ‬
‫ﻣﻘﺎرﺑ ــﺔ‬
‫ﳉ ــﺰء ﺿ ــﺌﻴﻞ ﻣ ــﻦ ﺣﻴ ــﺎة اﻟﺰﻫ ــﺮاء‪ ،‬ﻋ ــﲆ أﻣ ـ ِـﻞ ﻓﺤ ــﺺ ﻣﻮﺿ ــﻮﻋﺎﺗﻪ ﻣ ــﺮة أﺧ ــﺮى‪،‬‬
‫ـﺘﻜﲈل ﺑﻌ ــﺾ اﳌﻮﺿـ ــﻮﻋﺎت اﻟﺘـ ــﻲ ﱂ ﻳﺘﻄـ ـ ﱠـﺮق ﳍـ ــﺎ اﻟﺒﺤـ ــﺚ‪ ،‬وأﻣـ ــﺎ اﻟﺰﻫـ ــﺮاء‬‫ِ‬ ‫واﺳـ ـ‬
‫ﺷﺄﳖﺎ اﳌﺠﻠﺪات اﻟﻜﺒﲑة‪.‬‬ ‫ﻓﻬﻲ ﺳﲑة ﺣﺎﻓﻠﺔ وﻋﻄﺮة ﻻ ﻳﺴﺘﻮﻋﺐ َ‬
‫ـﲑا أﺷ ـ ــﻜﺮ ﻛ ـ ــﻞ ﻣ ـ ــﻦ ﺳ ـ ــﺎﻫﻢ ﺑﻤﻼﺣﻈ ـ ـ ٍـﺔ أو اﻗ ـ ــﱰاح‪ ،‬وأﺧ ـ ــﺺ ﺑﺎﻟ ـ ــﺸﻜﺮ‬
‫أﺧ ـ ـ ً‬
‫اﳌﺠﻠ ــﺲ اﻟﺰﻳ ــﺪي اﻹﺳـ ــﻼﻣﻲ‪ ،‬واﻟ ــﺴﻴﺪ اﻟﻌﻼﻣـ ــﺔ ﳏﻤ ــﺪ ﻋﺒـ ــﺪاﷲ اﳍ ــﺎدي اﻟـ ــﺬي‬
‫ﲡﺸﻢ ﻋﻨﺎء اﳌﺮاﺟﻌﺔ واﻟﺘﺼﺤﻴﺢ ﻟﻠﻄﺒﻌﺔ اﻷوﱃ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ﻳﻨﻔﻌﻨ ــﺎ وأﻣﻬﺎﺗﻨــﺎ وأﺧﻮاﺗﻨ ــﺎ وﺑﻨﺎﺗﻨــﺎ ﺑ ــﲈ ﻛﺘﺒـ ُـﺖ ﻋ ــﻦ اﻟﺰﻫ ــﺮاء‪،‬‬
‫واﷲَ أﺳــﺄل أن َ‬
‫وأن ﳚﻌ ـ ــﻞ ذﻟ ـ ــﻚ ﻣ ـ ــﻦ )اﳌ ـ ــﻮدة ﰲ اﻟﻘﺮﺑ ـ ــﻰ(‪ ،‬ﺗﻠ ـ ــﻚ اﻟﻔﺮﻳ ـ ــﻀﺔ اﻟﺘ ـ ــﻲ ﻫ ـ ــﻲ أﺟ ـ ــﺮ‬
‫اﻟﺮﺳﻮل ‪ ‬ﻋﲆ ﻧﻌﻤﺔ اﻹﺳﻼم‪.‬‬
‫ﲪﻮد ﻋﺒﺪاﷲ اﻷﻫﻨﻮﻣﻲ‬

‫ﺻﻨﻌﺎء – ‪ ٢٧‬رﺑﻴﻊ اﻟﺜﺎﲏ ‪١٤٤٠‬ﻫـ‬

‫‪٩‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪  ‬‬

‫إذا ﻛــﺎن اﻷﺳــﺘﺎذ اﻟﻌﻘــﺎد ﻳﻘــﻮل ﰲ ﻛﺘﺎﺑــﻪ ﻓﺎﻃﻤــﺔ اﻟﺰﻫــﺮاء واﻟﻔــﺎﻃﻤﻴﻮن‪" :‬ﰲ ﻛـ ﱢـﻞ‬
‫اﳌﻘﺪﺳــﺔ‪ ،‬ﻳﺘﺨـ ﱠـﺸﻊ ﺑﺘﻘﺪﻳــﺴﻬﺎ اﳌﺆﻣﻨـﻮن‪ ،‬ﻛــﺄﻧﲈ ﻫــﻲ آﻳــﺔ‬
‫دﻳـﻦ ﺻــﻮرة ﻟﻸﻧﻮﺛــﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠـﺔ ﱠ‬
‫ـﻮرة ﻣــﺮﻳﻢ اﻟﻌ ــﺬراء‪،‬‬
‫ﺗﻘﺪﺳــﺖ ﰲ اﳌــﺴﻴﺤﻴﺔ ﺻـ ُ‬ ‫اﷲ ﻓــﻴﲈ ﺧﻠــﻖ ﻣــﻦ ذﻛـ ٍـﺮ وأﻧﺜــﻰ‪ ،‬ﻓــﺈذا ﱠ‬
‫ـﱪر‬ ‫ﻓﻔـﻲ اﻹﺳـﻼم ﻻ َﺟ َـﺮم ﺗﺘﻘ ّـﺪس ﺻـﻮرة ﻓﺎﻃﻤــﺔ اﻟﺒﺘـﻮل"‪ ،‬ﻓـﻼ أﺟـﺪ ﻣـﺎ ﻳ ّ‬
‫ـﺴﻮغ أو ﻳـ ﱢ‬
‫ـﺐ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ اﻟﺰﻫ ــﺮاء ﻋ ــﻦ اﳌﻨ ــﺎﻫﺞ‬
‫ﻟﻮاﺿ ــﻌﻲ اﻻﺳ ــﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﱰﺑﻮﻳ ــﺔ ﰲ اﻟ ــﻴﻤﻦ ﺗﻐﻴﻴ ـ َ‬
‫اﻟﱰﺑﻮﻳ ـ ــﺔ ﰲ اﻟﺘﻌﻠ ـ ــﻴﻢ اﻷﺳ ـ ــﺎﳼ واﻟﺜ ـ ــﺎﻧﻮي واﳉ ـ ــﺎﻣﻌﻲ ﻃ ـ ــﻮال ﻋﻘ ـ ــﻮد ﻣﺎﺿ ـ ــﻴﺔ ﻏ ـ ــﲑ‬
‫اﳋ ــﻀﻮع واﻻﻧــﺴﻴﺎق ﳌ ــﺎ ﲤﻠﻴ ــﻪ اﻟﺮﻏﺒ ــﺎت اﳋﺎرﺟﻴ ــﺔ اﻟﺘ ــﻲ ﺗ ــﺮى ﰲ ﻧﻤ ــﻮذج اﻟﻄﻬ ــﺎرة‬
‫إﺧﺮاﺟﻪ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻫﺠﻨﺎ‪.‬‬
‫َ‬ ‫واﻟﻌﻔﺔ ﺧﻄﺮا ﻳﻮﺟﺐ‬
‫درس واﺣـ ـ ـ ــﺪ ﰲ دروس‬
‫ﺑ ـ ـ ــﴫاﺣﺔ ﻻ أﺳ ـ ـ ــﺘﻄﻴﻊ أن أﻓﻬ ـ ـ ـ َـﻢ أﻧ ـ ـ ــﻪ ﻻ ﻳﻮ َﺟ ـ ـ ــﺪ ٌ‬
‫اﻟﺘ ـ ــﺎرﻳﺦ وﻻ اﻟﱰﺑﻴ ـ ــﺔ اﻹﺳ ـ ــﻼﻣﻴﺔ وﻻ اﻟﻌﺮﺑﻴ ـ ــﺔ وﻻ اﻟﻮﻃﻨﻴ ـ ــﺔ واﻻﺟﺘﲈﻋﻴ ـ ــﺎت ﰲ‬
‫ﻣﻨ ـ ـ ــﺎﻫﺞ اﳌ ـ ـ ــﺪارس اﻟﱰﺑﻮﻳ ـ ـ ــﺔ؟! إﻻ ﺑﺄﻧ ـ ـ ــﻪ ﺑ ـ ـ ــﺴﺒﺐ اﺳ ـ ـ ــﺘﻼب اﻟﻘ ـ ـ ــﺮار اﻟﱰﺑ ـ ـ ــﻮي‬
‫وا ـﻟ ـ ــﺴﻴﺎﳼ ﺑـ ـ ــﻞ واﻟـ ـ ــﺴﻴﺎدي ﻟﻠﺒﻠـ ـ ــﺪ ﻣـ ـ ــﻦ ﻗ ـﺒ ـ ــﻞ أﻧﻈﻤـ ـ ـ ٍـﺔ ﺗـ ـ ــﺪﻳﻦ ﺑـ ـ ــﺎﻟﻮﻻء ﻟﻠﻴﻬـ ـ ــﻮد‬
‫واﻟﻨﺼﺎرى اﳌﻌﺘﺪﻳﻦ وأوﻟﻴﺎﺋﻬﻢ اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ‪.‬‬

‫ـﺐ اﳌ ُ َﻤـ ْ َ‬
‫ـﻨﻬﺞ واﳌﺘﻌ ﱠﻤــﺪ ﻟﻨﻤــﻮذج ﻓﺎﻃﻤــﺔ اﻟﺰﻫــﺮاء‪ ،‬وﻛــﺎن ﻫــﺬا أﺣـ َـﺪ‬ ‫ﻟﻘــﺪ ﺗــﻢ اﻟﺘﻐﻴﻴـ ُ‬
‫وﻏﻴﺒﻮﻫـﺎ ﰲ‬
‫ﻏﻴﺒﻮﻫﺎ ﰲ اﳌﻨﺎﻫﺞ‪ّ ،‬‬
‫ﺗﻄﺒﻴﻘﺎت اﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﺘﺠﻬﻴﻞ ﻟﺸﻌﺒﻨﺎ وﻧﺴﺎﺋﻨﺎ‪ ،‬ﱠ‬
‫اﳌﺆﻟﻔــﺎت‪ ،‬وﰲ اﻟــﺼﺤﺎﻓﺔ‪ ،‬وﰲ اﳊﻠﻘــﺎت‪ ،‬وﰲ ﺧﻄــﺐ اﳉﻤﻌــﺔ‪ ،‬واﳌﻨﺎﺳــﺒﺎت‪ ،‬ﻟــﻴﺲ‬

‫‪١٠‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﻫﺬا ﰲ اﻟﻴﻤﻦ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﺑﻞ ﰲ ﳐﺘﻠﻒ اﻟﺸﻌﻮب اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ واﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪.‬‬

‫ﻏﻴﺒﻮﻫ ــﺎ ﻋ ــﻦ ﻧ ــﺼﻒ ﳎﺘﻤﻌﻨ ــﺎ واﻟ ــﺬي ﻳ ــﺘﺤﻜﻢ ﰲ اﻟﻨ ــﺼﻒ‬
‫واﳋﻄــﻮرة أﳖ ــﻢ ﱠ‬
‫ﻏﻴﺒﻮﻫــﺎ وﻫــﻲ ﺳــﻴﺪة ﻧــﺴﺎء اﻟﻌــﺎﳌﲔ‪ ،‬وﺳــﻴﺪة ﻧــﺴﺎء ﻫ ــﺬه‬
‫اﻵﺧــﺮ ﺗﺮﺑﻴــﺔ واﲡﺎﻫــﺎ‪ ،‬ﱠ‬
‫اﻷﻣـ ــﺔ‪ ،‬وﻻ أدري ﻣـ ــﺎذا ﺳـ ــﻴﻜﻮن ﺣـ ــﺎل ﻫـ ــﺆﻻء اﻟﻨـ ــﺴﻮة وﻫـ ــﻦ ﻻ ﻳﻌﻠﻤـ ــﻦ ﻋـ ــﻦ‬
‫ﺳ ــﻴﺪﲥﻦ إﻻ ﻣ ــﺎ ﺑﻘ ــﻲ ﻣ ــﻦ ﻗ ــﺼﺺ وأﻣﺜ ــﺎل وﻋﺒ ــﺎرات و ْ‬
‫رﺛﻨﻬ ــﺎ ﻋ ــﻦ اﻷﻣﻬ ــﺎت‬
‫واﳉﺪات ﳑﺎ ﺷﺬ وﻧﺪر وﺿﻤﻦ دواﺋﺮ اﺟﺘﲈﻋﻴﺔ ﺿﻴﻘﺔ‪.‬‬

‫إﱃ أﻳـ ــﻦ ﺳـ ــﺘﺘﺠﻪ ﻫـ ــﺬه اﳌـ ــﺮأة اﻟﺘـ ــﻲ ﻏﺮﺳـ ــﻮا ﻓﻴﻬـ ــﺎ ﻣﺜـ ــﻞ اﻟﺮﺟـ ــﻞ ﺣـ ــﺐ اﳌـ ــﺎل‬
‫واﳉــﺎه واﻟــﺸﻬﻮات أوﻻ وﻗﺒ ــﻞ ﻛــﻞ ﳾء‪ ،‬وﻗــﺪ ﺻ ــﻮروا ﳍــﺎ اﻟﻨﺠــﺎح ﰲ ﲢ ــﺼﻴﻞ‬
‫اﻷﻣــﻮال وإﺣــﺮاز اﻟﻮﻇــﺎﺋﻒ وﻟــﻮ ﻋــﲆ ﺣــﺴﺎب وﻇﻴﻔﺘﻬــﺎ اﻷﺳﺎﺳــﻴﺔ‪ ،‬وأﻗﻨﻌﻮﻫــﺎ‬
‫أن ﻣـﺸﺎرﻛﺘﻬﺎ ﻟﻠﺮﺟــﻞ ﻫـﻲ أن ﺗﻜــﻮن ذات وﺟـﻪ ﲨﻴــﻞ وﺻـﻮت رﺧــﻴﻢ ﺗــﺰاﺣﻢ‬
‫اﻟﺮﺟ ـ ـ ــﻞ ﰲ اﳌﻜﺎﺗ ـ ـ ــﺐ واﳌﻘ ـ ـ ــﺮات‪ ،‬وﺗـ ـ ــﻀﻔﻲ ﻋ ـ ـ ــﲆ ﺟﻮﻫ ـ ـ ــﺎ ﻃ ـ ـ ــﺎﺑﻊ اﻟﺮوﻣﺎﻧ ـ ـ ــﺴﻴﺔ‬
‫واﻟﻠﻄﺎﻓـﺔ‪ ،‬وﻏــﲑ ذﻟـﻚ ﻣــﻦ اﻷﻋــﲈل ﻏـﲑ اﳌﻨﺘِﺠــﺔ وﻻ اﳌﻔﻴـﺪة‪ ،‬ﺑﻴــﻨﲈ أوﳘﻮﻫــﺎ أن‬
‫اﻟﺘﺨ ﱡﻠ ــﻒ ﻫـ ــﻮ ﻣـ ــﺎ ﻛﺎﻧ ــﺖ ﺗﻘـ ــﻮم ﺑ ــﻪ ﻣـ ــﻦ ﻣـ ــﺸﺎرﻛﺔ زوﺟﻬـ ــﺎ اﳌـ ــﺸﺎرﻛﺔ اﳌﻨﺘﺠـ ــﺔ ﰲ‬
‫ﻓﻼﺣ ــﺔ اﻷرض‪ ،‬وﺗﻨﻤﻴ ــﺔ اﳌ ــﻮاﳾ‪ ،‬وﻏ ــﲑ ذﻟ ــﻚ ﳑ ــﺎ ﻳﻌ ــﻮد ﺑﺎﻟﻔﺎﺋ ــﺪة ﻋ ــﲆ اﻷﴎة‬
‫واﳌﺠﺘﻤ ــﻊ ﻛـ ــﲈ ﲢـ ـ ﱠـﺪث ﻋ ــﻦ ذﻟـ ــﻚ اﻟ ــﺸﻬﻴﺪ اﻟﻘﺎﺋـ ــﺪ ﺣـ ــﺴﲔ ﺑـ ــﺪر اﻟـ ــﺪﻳﻦ اﳊـ ــﻮﺛﻲ‬
‫ﺣﺬو ﺑﻨﻲ إﴎاﺋﻴﻞ(‪.‬‬ ‫رﺿﻮان اﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﻣﻠﺰﻣﺔ ) ُ‬
‫ﻟﺘﺤﺬن َ‬
‫وﺟﻮدﻫـﺎ‬
‫َ‬ ‫ﻏﻴﺒﻮﻫﺎ وﻫﻲ اﻟﺘﻲ أﺣـﴬﻫﺎ اﻟﻘـﺮآن اﻟﻜـﺮﻳﻢ‪ِ ،‬‬
‫وﻛﺮﻫـﻮا‬ ‫ﻟﻸﺳﻒ ﱠ‬
‫ﻏﻴﺒﻮﻫــﺎ ﻧﻤﻮذﺟــﺎ‬ ‫وﻫــﻲ اﻟﺘــﻲ ﻛــﺎن ﻳــﺸﺘﺎق اﻟﻨﺒــﻲ ‪ ‬إﱃ ﳏـ ِ‬
‫ـﴬﻫﺎ وراﺋﺤﺘﻬــﺎ‪ ،‬ﱠ‬
‫‪١١‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﻏﻴﺒﻮﻫــﺎ ﻋﻠــﲈ وﻣﻌﺮﻓــﺔ‬

‫وﻣﺜــﺎﻻ ﻓﺤــﴬت أﻣﺜﻠــﺔ اﻻﻧﺤــﺮاف‪ ،‬وﻧــﲈذج اﻻ ﱠﺗــﺴﺎخ‪ ،‬ﱠ‬
‫وﺷــﺠﺎﻋﺔ وﺟﻬ ــﺎدا ﻟﺘﻜ ــﻮن اﳌ ــﺮأة ﻫ ــﻲ اﳌﻔﺘﻮﻧ ــﺔ ﺑ ــﺈﺑﺮاز ﳏﺎﺳ ــﻨﻬﺎ ﻟ ــﺬﺋﺎب اﻟﺒ ــﴩ‪،‬‬
‫ﻏﻴﺒـﻮا ﻛﲈﻻﲥــﺎ اﻟﻔﻄﺮﻳـﺔ واﻹﻧــﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟﺘﻜـﻮن اﳌــﺮأة اﻟــﺼﺎﳊﺔ‬
‫وﻟـﺼﻮص اﻟــﴩف‪ ،‬ﱠ‬
‫ﻫــﻲ اﻣــﺮأة ﻟﻴﻠــﺔ اﳉﻤﻌــﺔ‪ ،‬ﻋــﲆ ﺣـ ﱢـﺪ وﺻــﻒ اﻟــﺪﻛﺘﻮر ﴍﻳﻌﺘــﻲ‪ ،‬واﻟﺘــﻲ ﻻ ﺗﻌﻨــﻲ‬
‫ﺷـ ــﻴﺌﺎ ﻟﻠﺮﺟـ ــﻞ إﻻ ﰲ ﺗﻠـ ــﻚ اﻟﻠﻴﻠ ــﺔ‪ ،‬ﺑﻴ ـ ــﻨﲈ ﺗﻘـ ــﴤ ﺑﻘﻴـ ــﺔ وﻗﺘﻬـ ــﺎ اﻟﻄﻮﻳـ ــﻞ ﰲ اﻟﻘﻴ ـ ــﻞ‬
‫واﻟﻘﺎل‪ ،‬وزراﻋﺔ اﻟﻨﲈﺋﻢ وﺣﺼﺪ اﻟﺸﻘﺎق واﻟﻄﻼق ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ‪.‬‬

‫ـﻮاع ﳐﺘﻠﻔـﺔ ﻣـﻦ اﻟﻨـﺴﺎء‪،‬‬

‫ﻟﺘﺤﴬ أﻧ ٌ‬
‫ُ‬ ‫ﻏﻴﺒﻮﻫﺎ ﻋﻦ اﻟﻮاﻗﻊ اﳊﻀﺎري اﻷﺻﻴﻞ‬
‫ﱠ‬
‫أﻛﺜﺮﻫـ ــﺎ رواﺟـ ــﺎ ﺗﻠـ ــﻚ اﳌـ ــﺮأة اﳌ ـ ـ ﱠ‬
‫ـﺴﻠﻌﺔ ﺟﻨـ ــﺴﻴﺎ ﺑﻐـ ــﺮض اﻟ ـ ــﺮﺑﺢ اﳌـ ــﺎدي‪ ،‬وﲥﻴ ـ ــﻴﺞ‬
‫اﻟــﺴﻌﺎر اﳊﻴــﻮاﲏ‪ ،‬وإﻓــﺴﺎد اﳊﻴــﺎة اﻻﺟﺘﲈﻋﻴــﺔ ﻟﻠــﺸﻌﻮب اﳌــﺴﻠﻤﺔ‪ ،‬واﻟــﺰج ﲠــﺎ ﰲ‬
‫أﺳﻮاق اﻟﺮذﻳﻠﺔ واﻟﺘﻔﺴﺦ اﻻﺟﺘﲈﻋﻲ‪.‬‬
‫وﺗﺘﺤ ﱠﻤ ــﻞ ﳎﺘﻤﻌﺎﺗﻨ ــﺎ اﻹﺳ ــﻼﻣﻴﺔ ﺑ ــﲈ ﻓﻴﻬ ــﺎ اﻟﻨﺨ ــﺐ اﻟﺪﻳﻨﻴ ــﺔ ﺟ ــﺰءا ﻣ ــﻦ ﻫ ــﺬه‬
‫اﳌـ ـ ــﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻘـ ـ ــﺼﲑﻳﺔ ﺣﻴـ ـ ــﺚ ﺧﻠﻄـ ـ ــﺖ ﻓﻬـ ـ ــﲈ إﺳـ ـ ــﻼﻣﻴﺎ ﺑـ ـ ـ َ َ‬
‫ـﺂﺧﺮ ﻣـ ـ ــﻦ اﻟﻌـ ـ ــﺎدات‬
‫ﻓﺤﺮ َﻣ ــﺖ اﳌ ــﺮأة ﻣ ــﻦ ﺣ ــﻖ‬ ‫واﻟﺘﻘﺎﻟﻴ ــﺪ‪ ،‬وﺟﻌﻠ ــﻮا ﻛ ــﻞ ذﻟ ــﻚ دﻳﻨ ــﺎ ﻳ ــﺪﻳﻨﻮن اﷲ ﺑ ــﻪ‪ِ ُ ،‬‬
‫ـﺎﴏ وﺻ ــﻞ‬ ‫اﻟﺘﻌﻠ ــﻴﻢ‪ ،‬ﺣﺘ ــﻰ إذا أوﺟ ــﺪوا ﻫ ــﻮة واﺳ ــﻌﺔ ﺑ ــﲔ ﺟﻴﻠﻬ ــﺎ اﻟﻘ ــﺪﻳﻢ واﳌﻌ ـ ِ‬

‫اﳌﻨﺤﺮﻓ ـ ـ ــﻮن إﱃ ﺑﻌـ ـ ــﺾ اﻟﻨ ـ ـ ــﺴﻮة ﻻﺳ ـ ـ ــﺘﻐﻼل ردة ﻓﻌﻠﻬ ـ ـ ــﺎ اﳌﻨﺪﻓ ِﻌ ـ ـ ــﺔ‬
‫ِ‬ ‫اﳌﺠﺮﻣـ ـ ــﻮن‬
‫واﻟﺪﻓﻊ ﲠﺎ ﰲ اﻻﲡﺎه اﻟﺴﻠﺒﻲ وﺑﲈ ﳜﺪم أﻋﺪاء اﻹﺳﻼم‪.‬‬
‫دور اﳌ ــﺮأة ﰲ ﴍاﻛﺘﻬ ــﺎ‬‫وﻛﺎﻧ ــﺖ ﻧﺘﻴﺠ ــﺔ ذﻟ ــﻚ اﻹﻓ ــﺮاط واﻟﺘﻔ ــﺮﻳﻂ أن َﺗ َﻘ ـ ﱠـﺰم ُ‬
‫ِ‬
‫واﳌﻠﺘﺰﻣـ ــﺔ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وﻣﻈﺎﻫﺮﻫـ ــﺎ اﻟﻮاﻋﻴـ ــﺔ‬ ‫ـﻨﻊ وﺧﻠـ ـ ِـﻖ اﳊﻴـ ــﺎة اﳉـ ـ ﱠ‬
‫ـﺎدة‪،‬‬ ‫ﻣـ ــﻊ اﻟﺮﺟـ ــﻞ ﰲ ﺻـ ـ ِ‬
‫‪١٢‬‬
 ‫‪‬‬

‫واﻧﺨﻔـ ـ ـ ــﺾ ﺳـ ـ ـ ــﻘﻒ ﻃﻤﻮﺣـ ـ ـ ــﺎت اﻟ ـ ـ ــﺒﻌﺾ ﻣـ ـ ـ ــﻨﻬﻦ إﱃ ﻣـ ـ ـ ــﺴﺘﻮى ﺳـ ـ ـ ــﺤﻴﻖ‪ ،‬أو‬
‫ٍ‬
‫ـﺴﺎرات ﻣﻐ ـ ـ ــﺎﻳﺮة‬‫ﺷ ـ ـ ــﻄﺤﺖ ﻃﻤﻮﺣ ـ ـ ــﺎت اﻟ ـ ـ ــﺒﻌﺾ اﻵﺧ ـ ـ ــﺮ‪ ،‬واﻧﺤﺮﻓ ـ ـ ــﺖ إﱃ ﻣ ـ ـ ـ‬
‫ﻟﻠﻔﻄــﺮة اﻹﻧ ــﺴﺎﻧﻴﺔ وﺗﻌ ــﺎﻟﻴﻢ اﻟــﺪﻳﻦ اﳊ ــﻖ؛ اﻷﻣ ــﺮ اﻟــﺬي اﻧﻌﻜ ــﺲ ﺳ ــﻠﺒﺎ ﻋ ــﲆ أداء‬
‫اﳌﺠﺘﻤﻊ ﻟﻮﻇﺎﺋﻔﻪ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻘﻮم ﲠﺎ‪.‬‬

‫ﳍـ ــﺬا ﻻ ﻣﻨ ــﺎص ﻣـ ــﻦ اﻟﻌـ ــﻮدة إﱃ اﻷﺻـ ــﺎﻟﺔ اﻹﺳـ ــﻼﻣﻴﺔ ﳌﻮاﺟﻬـ ــﺔ اﻟﺘﺤـ ــﺪﻳﺎت‬
‫وﺑﺼﲑة‪ ،‬وإدراك ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﴫاع واﻟﺘﻔﺎﻋﻼت اﳊﻀﺎرﻳﺔ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ﺑﻮﻋﻲ‬ ‫اﻟﺮاﻫﻨﺔ‬

‫‪١٣‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪  ‬‬

‫ً‬
‫ﻣﻜﺎﻧﺎ‪ ،‬وﺑﻨﻲ ﻫﺎﺷﻢ ﻋﺎﺋﻠﺔ‪ ،‬وﻫﻲ اﻟﺒﻠﺪة اﻟﺘﻲ ذﻛﺮﻫـﺎ‬ ‫ﺗﻨﺘﻤﻲ اﻟﺰﻫﺮاء ﳌﻜﺔ‬
‫اﻟﻘـ ــﺮآن اﻟﻜـ ــﺮﻳﻢ‪ ،‬وﺳـ ــﲈﻫﺎ )ﺑﻜـ ــﺔ(‪ ،‬و )أم اﻟﻘـ ــﺮى(‪ ،‬و )اﻟﺒﻠـ ــﺪ اﻷﻣـ ــﲔ(‪ ،‬واﻟﺘـ ــﻲ‬
‫واد ﻏ ــﲑ ذي زرع‪ ،‬ﻟﻜﻨﻬ ــﺎ ﺑﱪﻛ ــﺔ اﻟﺒﻴ ــﺖ اﻟﻌﺘﻴ ــﻖ اﻟ ــﺬي وﺿ ــﻌﻪ‬ ‫ﻛﺎﻧــﺖ ﺷ ــﻌﺎﺑﺎ ﰲ ٍ‬
‫وﻗﺒﻠ ــﺔ اﺳ ــﺘﺠﺎب اﷲ ﻟ ـ ِ‬
‫ـﺪﻋﺎء ﻧﺒ ﱢﻴ ــﻪ إﺑ ــﺮاﻫﻴﻢ ‪ ‬ﻟﺬرﻳﺘ ــﻪ ﺑ ــﺄن‬ ‫اﷲ ﻟﻠﻨ ــﺎس ﳏﺠ ــﺔ ِ‬
‫ورزَﻗﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺜﻤﺮات‪.‬‬ ‫ﺟﻌﻞ أﻓﺌﺪة ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﲥﻮي إﻟﻴﻬﻢ‪َ ،‬‬
‫ﻋ ــﺸﻴﺔ ﻇﻬ ــﻮر اﻹﺳ ــﻼم "ﻛﺎﻧ ــﺖ ﻣﻜ ــﺔ ﻣﺮﻛ ــﺰا ﻣﻬ ــﲈ ﰲ اﳊﺠ ــﺎز‪ ،‬ذا ﻗﺪﺳـ ــﻴﺔ‬
‫ﺧﺎﺻ ـ ــﺔ‪ ،‬وذا ﻣﻜﺎﻧ ـ ــﺔ ﻛﺒ ـ ــﲑة ﰲ ﻋ ـ ــﺎﱂ اﳌ ـ ــﺎل واﻟﺘﺠ ـ ــﺎرة‪ ،‬ﺗ ـ ــﺘﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬ ـ ــﺎ ﻣﻈ ـ ــﺎﻫﺮ‬
‫اﳉﺎﻫﻠﻴــﺔ ﻣــﻦ اﻟﺘﻔ ــﺎﺧﺮ ﺑﺎﻷﻧــﺴﺎب واﻷﺣ ــﺴﺎب واﳌــﺎل واﳉ ــﺎه‪ ،‬وﺗــﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﻧﺰﻋﺔ اﺳﺘﺒﺪاد اﻟﻘﻮي ﺑﺎﻟﻀﻌﻴﻒ‪ ،‬وﺳﻴﻄﺮة اﻟﻐﻨﻲ ﻋﲆ اﻟﻔﻘﲑ" ‪.‬‬
‫ﺟﻐﺮاﻓﻴ ـ ــﺔ ﻣﻜ ـ ــﺔ اﻟﻘﺎﺳـ ــﻴﺔ واﻟﻘﻠﻴﻠ ـ ــﺔ اﳉ ـ ــﺪوى ﰲ اﳌﺠ ـ ــﺎل اﻟﺰراﻋ ـ ــﻲ‪ ،‬أﻟﻘ ـ ــﺖ‬
‫ﺑﻈﻼﳍـﺎ ﻋــﲆ ﻃﺒــﺎع أﻫﻠﻬــﺎ وﻃﺒﻴﻌــﺔ ﲢــﺮﻛﻬﻢ وﻧــﺸﺎﻃﻬﻢ اﻻﻗﺘــﺼﺎدي‪ ،‬ﻓﻬــﻢ ﻗــﺴﺎة‬
‫ـﻮد ﺑﻴــﺖ اﷲ اﳊــﺮام‪ ،‬واﻷﺛــﺮ اﻟﺮوﺣــﻲ‬ ‫ـﺘﻐﻠﻮا وﺟ َ‬ ‫أﺷـﺪاء‪ ،‬اﻣﺘﻬﻨــﻮا اﻟﺘﺠــﺎرة‪ ،‬واﺳـ ﱡ‬
‫ﺑﻤﻮﺟﺒ ـ ــﻪ ﻛ ـ ــﺎﻧﻮا‬
‫َ‬ ‫ﳉ ـ ــﲑﲥﻢ ﻟ ـ ــﻪ؛ ِ‬
‫ﻟﻴﻨﺘﺰﻋ ـ ــﻮا إﻳﻼﻓ ـ ــﺎ )أﻣﺎﻧ ـ ــﺎ( ﻣ ـ ــﻦ ﻗﺒﺎﺋ ـ ـ ِـﻞ اﻟﻌ ـ ــﺮب‪،‬‬
‫ﻳﺘﺤﺮﻛـ ـ ــﻮن آﻣﻨـ ـ ــﲔ ﺑﺘﺠـ ـ ــﺎراﲥﻢ اﻟﻌ ـ ــﺎﺑﺮة ﻟﻸﻗﻄـ ـ ــﺎر‪ ،‬ﻻ ِﻣﺮﻳـ ـ ـ َـﺔ أن ﻓﺘﺤـ ـ ــﺖ ﻫـ ـ ــﺬه‬ ‫ﱠ‬
‫ٍ‬
‫ـﺴﺒﺘﻬﻢ ﻣﻬ ـ ـ ــﺎرات وﺣﻨﻜـ ـ ــﺔ اﺟﺘﲈﻋﻴ ـ ـ ــﺔ‬ ‫ـﻔﺎر آﻓﺎﻗ ـ ـ ــﺎ واﺳـ ـ ــﻌﺔ أﻣـ ـ ــﺎﻣﻬﻢ‪ ،‬وأﻛـ ـ ـ ْ ُ‬
‫اﻷﺳـ ـ ـ ُ‬
‫وإدارﻳﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة‪.‬‬

‫)‪ (١‬ﺟﻮاد ﻋﲇ‪ ،‬ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮب ﰲ اﻹﺳﻼم‪ ،‬ص‪.٩١‬‬

‫‪١٤‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﻧـ ــﺸﺄت ﻃﺒﻘﻴـ ــﺔ اﻗﺘـ ــﺼﺎدﻳﺔ ﻏـ ــﲑ ﺣـ ــﺎدة ﰲ ﳎﺘﻤـ ــﻊ ﻣﻜـ ــﺔ‪ ،‬وﻛـ ــﺎن ِ‬
‫اﻟﻐﻨـ ــﻰ أﻫـ ـ ّـﻢ‬ ‫ﱠ‬
‫ـﻮازن اﺟﺘﲈﻋ ــﻲ ﺑ ــﲔ اﻷﴎ‬ ‫ﻣﻈ ــﺎﻫﺮ اﻟ ــﴩف ﰲ وﻋ ــﻲ أﻫﻠﻬ ــﺎ‪ ،‬ﻏ ــﲑ أﻧ ــﻪ ﺑﻘ ــﻲ ﺗ ـ ُ ٌ‬
‫اﳌﻜﻴـﺔ ﻣﻜﱠـﻦ ﻣــﻦ ﺗﻘﺎﺳـﻢ اﻟـﺴﻠﻄﺎت اﻟﺮوﺣﻴــﺔ واﻻﻗﺘـﺼﺎدﻳﺔ واﻻﻋﺘﺒﺎرﻳـﺔ ﺑﻴﻨﻬــﺎ‪،‬‬
‫ورﻏﻢ ﺷﺒﻪ اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻻﻗﺘﺼﺎدي إﻻ أن ﻗﺮار اﳊﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﺮﻛﺰﻳﺎ ﺑﻞ‬
‫وﻋﱪ ﻧﻔﻮذ اﻷﴍاف ﻣﻦ رؤﺳﺎء ﻗﺒﺎﺋﻞ ﻗﺮﻳﺶ‪.‬‬ ‫ﻛﺎن ﺷﺒﻪ ﺗﻮاﻓﻘﻲ َ ْ‬
‫ﺳـ ــﺎﳘﺖ اﳌ ـ ــﺮأة ﰲ اﳊﻴ ــﺎة اﻻﻗﺘ ـ ــﺼﺎدﻳﺔ ﰲ ﻣﻜـ ــﺔ رﻏ ـ ــﻢ اﺣﺘﻘﺎرﻫـ ــﺎ ﻣ ـ ــﻦ ﻗﺒ ـ ــﻞ‬
‫اﻟ ــﺬﻛﻮر ﻛ ــﲈ ﻫ ــﻮ ﺷ ــﺄن اﻟﻌ ــﺮب اﳉ ــﺎﻫﻠﻴﲔ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻬ ــﺎ اﺳ ــﺘﻄﺎﻋﺖ ﰲ ﻣﻜ ــﺔ أن ِ‬
‫ﲡ ــﺪ‬
‫ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻣﺎ ﰲ اﳊﻴﺎة اﻻﺟﺘﲈﻋﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ‪ ،‬وﺧﲑ ﻣﺜﺎل ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻣﺎ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺧﺪﳚﺔ ﺑﻨﺖ ﺧﻮﻳﻠﺪ وﻧﺸﺎﻃﻬﺎ اﻟﺘﺠﺎري اﻟﺮاﺋﺪ‪ ،‬وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻬﻨـﺎك‬
‫رواﻳ ــﺎت ﺗﻔﻴ ــﺪ أن ﻗﺮﻳ ـ ًـﺸﺎ ﻣ ــﻀﺖ ﻓ ــﻴﲈ ﻣ ــﴣ ﻓﻴ ــﻪ اﳉ ــﺎﻫﻠﻴﻮن ﻣ ــﻦ وأد اﻟﺒﻨ ــﺎت‪،‬‬
‫وﻗﺘﻞ اﻷوﻻد‪ ،‬وﻟﻌﻞ ذﻟﻚ ﻛﺎن ﳛﺪث ﰲ اﻷﴎ واﻟﻌﻮاﺋﻞ اﻟﻔﻘﲑة‪.‬‬
‫إن ﻣﺪﻳﻨ ــﺔ ﻣﺜ ــﻞ ﻣﻜ ــﺔ ﻣﻘﺪﺳ ـ ًـﺔ وﻋﺎﺻ ــﻤﺔ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓ ــﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴ ــﺔ واﳊﻴ ــﺎة اﻟﺮوﺣﻴ ــﺔ‬
‫ـﺸﺎط أﻫﻠﻬـﺎ ﻫـﻮ اﻟﺘﺠـﺎرة اﻟﻌـﺎﺑﺮة ﻟﻸﻗـﺎﻟﻴﻢ اﳌﺨﺘﻠﻔـﺔ ذات اﻟﺜﻘﺎﻓــﺎت‬ ‫ﻟﻠﻌـﺮب‪ ،‬وﻧ ُ‬
‫اﳌﺘﻌــﺪدة‪ ،‬ﻻﺑ ــﺪ أن ذﻟ ــﻚ ﺟﻌ ــﻞ ﻣ ــﻦ أﻫﻠﻬ ــﺎ ذوي ﻣﻌ ــﺎرف وﻗ ــﺪرات وﻣﻬ ــﺎرات‬
‫ﳐﺘﻠﻔﺔ‪.‬‬
‫أﴎة ﻗﺮﺷﻴﺔ ﰲ ﻣﻜـﺔ ﻋﻨـﺪ ﻇﻬـﻮر اﻹﺳـﻼم‪ ،‬ورﻏـﻢ أن‬ ‫ٍ‬ ‫أﻫﻢ‬
‫ﻛﺎن ﺑﻨﻮ ﻫﺎﺷﻢ ﱠ‬
‫ﻋﻮﺿــﺘﻬﻢ ﻋــﲈ ﻓــﺎﲥﻢ ﻣــﻦ ﴍف اﳌــﺎل‪ ،‬إﻻ أن ﻫــﺬا ﻻ ﻳﻨﻔــﻲ‬ ‫ﺳــﻠﻄﺘﻬﻢ اﻟﺮوﺣﻴــﺔ ﱠ‬
‫ـﻮد ﺳ ــﻠﻄﺔ ﻷﴎ أﺧ ــﺮى ﻛﺎﻧ ــﺖ ﺗﻨﺎﻓـ ـ ُﺴﻬﻢ‪ ،‬و ُﲤ ْـ ِـﺴﻚ ﺑﻌ ـ َـﺾ ﺣﺒ ــﺎل اﻟ ــﺴﻠﻄﺔ‬
‫وﺟ ـ َ‬
‫اﻟﺘﻮاﻓﻘﻴ ــﺔ إن ﺻ ــﺢ اﻟﺘﻌﺒ ــﲑ‪ ،‬ﻣﺜ ــﻞ ﺑﻨ ــﻲ ﻋﺒ ــﺪ اﻟ ــﺪار‪ ،‬وﺑﻨ ــﻲ ﳐ ــﺰوم‪ ،‬وﺑﻨ ــﻲ ﻋﺒ ــﺪ‬
‫ﺷﻤﺲ‪ ،‬وﻣﻨﻬﻢ ﺑﻨﻮ أﻣﻴﺔ‪ ،‬وﻏﲑﻫﻢ‪.‬‬

‫‪١٥‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪  ‬‬

‫واﻟﺪ ﻓﺎﻃﻤـﺔ اﻟﺰﻫـﺮاء ﻫـﻮ ﺧـﲑ اﳋﻠـﻖ ُﻃـﺮا‪ ،‬وﺳـﻴﺪ وﻟـﺪ‬

‫اﺧﺘﺎر اﷲ أن ﻳﻜﻮن ُ‬
‫ﴍف ﻳــﺪاﲏ ﴍﻓﻬــﺎ‪ ،‬وﻫــﺬا‬
‫َ‬ ‫آدم ﲨﻴﻌــﺎ‪ ،‬وﻻ أﺑــﻮة ﰲ اﻟــﺪﻧﻴﺎ ﺗــﺴﺎوي أﺑﻮﲥــﺎ‪ ،‬وﻻ‬
‫أﻣﺮ ﻻ ﺗﻔﻲ ﺑﻤﻘﺎﻣﻪ اﻟﻌﺒﺎرات وﻻ اﳌﺠﻠﺪات‪.‬‬

‫أﻣﻬـﺎ ﻓﻬـﻲ ﺧﺪﳚـﺔ ﺑﻨ ُـﺖ ﺧﻮﻳﻠـﺪ ﺑـﻦ أﺳـﺪ ﺑـﻦ ﻋﺒـﺪ اﻟﻌـﺰى ﺑـﻦ ﻗـﴢ ﺟـﺪ‬ ‫أﻣـﺎ ﱡ‬
‫اﻟﻨﺒـ ــﻲ ‪ ،‬ﻣ ــﻦ ﻋﻘـ ــﻴﻼت ﻗـ ــﺮﻳﺶ اﳌـ ــﱪزات‪ ،‬وأﻋﻈﻤﻬـ ــﻦ ﴍﻓـ ــﺎ‪ِ ،‬‬
‫دﻋ َﻴـ ــﺖ ﰲ‬
‫ُ‬ ‫ﱢ‬
‫اﳉﺎﻫﻠﻴـ ــﺔ ﺑﺎﻟﻄـ ــﺎﻫﺮة ﻟـ ــﴩﻓﻬﺎ وﻋﻔﺘﻬـ ــﺎ‪ ،‬واﺳـ ــﺘﻄﺎﻋﺖ ﻣـ ــﻊ ﻗﺮﺷـ ــﻴﺎت أﺧﺮﻳـ ــﺎت‬
‫ـﱰاق ﺣﺎﻟــﺔ اﳉــﺎﻫﻠﻴﲔ اﻟﻔﻜﺮﻳــﺔ اﳌﺤﺘ ِﻘــﺮة ﻟﻠﻤــﺮأة‪ ،‬ﻓــﺼﺎر ﳍــﻦ ﻧــﺸﺎط ﲡــﺎري‬ ‫اﺧـ َ‬
‫ﻋﺎﺑﺮ ﻟﻠﺤﺪود اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ‪.‬‬
‫أﺣﺪ أﻋﻀﺎء ﺣﻠﻒ اﻟﻔﻀﻮل‪ ،‬اﻟﺬي ﺗﻌﺎﻗﺪت‬
‫اﻟﻌﺰى َ‬
‫ﺟﺪﻫﺎ أﺳﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ّ‬
‫ﻛﺎن ﱡ‬
‫وﺷﺨﺼﻴﺎت ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺶ ﻋﲆ أن ﻻ ﳚﺪوا ﺑﻤﻜﺔ ﻣﻈﻠﻮﻣﺎً ﻣﻦ أﻫﻠﻬﺎ‬
‫ٌ‬ ‫ﺑﻤﻮﺟﺒﻪ ُ‬
‫ﻗﺒﺎﺋﻞ‬
‫أو ﻏــﲑﻫﻢ ﳑــﻦ دﺧﻠﻬــﺎ ﻣــﻦ ﺳــﺎﺋﺮ اﻟﻨــﺎس إﻻّ ﻧــﴫوه‪ ،‬وﻛــﺎﻧﻮا ﻋــﲆ َﻣـْﻦ ﻇﻠﻤــﻪ َ ْ‬
‫ﻋﻮ ًﻧ ـﺎ‬
‫ـﺴﺎﲏ اﺳ ــﺘﻴﻘﻆ ﻟﻔﻄ ــﺮة ﺣ ــﺐ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ﺣﺘ ــﻰ ُﺗ ـَﺮﱠد ﻣﻈﻠﻤﺘ ُــﻪ‪ ،‬وﻛ ــﺎن ﺣﻠﻔ ــﺎ ُﻳﻌ ـ ﱢـﱪ ﻋ ــﻦ ﺿ ــﻤﲑ إﻧ ـ ﱟ‬
‫اﻟﻌﺪاﻟ ـ ــﺔ وﻛﺮاﻫ ـ ــﺔ اﻟﻈﻠ ـ ــﻢ‪ ،‬وﻫ ـ ــﻮ اﳊﻠ ـ ــﻒ اﻟ ـ ــﺬي ﻗ ـ ــﺎل ﻓﻴ ـ ــﻪ رﺳ ـ ــﻮل اﷲ ‪" :‬ﻟﻘ ـ ــﺪ‬
‫أﺣﺐ أن ﱄ ﺑﻪ ﲪﺮ اﻟﻨﻌﻢ‪ ،‬وﻟﻮ ُأدﻋﻰ‬ ‫ﺣﻠﻔﺎ ﻣﺎ ﱡ‬ ‫ﺷﻬﺪت ﰲ دار ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ ﺟﺪﻋﺎن ً‬
‫ﺑﻪ ﰲ اﻹﺳﻼم ﻷَ َ ْ ُ‬
‫ﺟﺒﺖ "‪.‬‬

‫‪١٦‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﻋﻤﻬ ــﺎ ورﻗــﺔ ﺑ ــﻦ ﻧﻮﻓــﻞ ﺑــﻦ أﺳ ــﺪ أﺣـ َـﺪ اﻟ ــﺬﻳﻦ ﺗﻨـ ﱠـﺴﻜﻮا واﻋﺘﺰﻟ ــﻮا‬
‫وﻛــﺎن اﺑــﻦ ّ‬
‫ﻓﺘﻔﺮﻗــﻮا ﰲ اﻟﺒﻠـﺪان ﻳﻠﺘﻤـﺴﻮن اﳊﻨﻴﻔﻴـﺔ دﻳــﻦ‬
‫ﻋﺒـﺎدة اﻷوﺛـﺎن‪ ،‬وﻫﺠـﺮوا ﻗـﻮﻣﻬﻢ ّ‬
‫)‪(١‬‬
‫‪.‬‬ ‫إﺑﺮاﻫﻴﻢ ‪‬‬

‫وﻧﺒـ ــﻞ اﻟﻔﺘـ ــﻰ اﳍﺎﺷـ ــﻤﻲ‬ ‫ﺷـ ــﺎء اﷲ أن ﺗﺘﻌـ ــﺮف ﺧﺪﳚـ ـ ُـﺔ ﻋـ ــﲆ أﻣﺎﻧـ ـ ِـﺔ وﺻـ ـ ِ‬
‫ـﺪق ُ‬ ‫ﱠ‬
‫ـﺐ ﰲ اﻟــﺰواج ﻣﻨــﻪ‪ ،‬ووﺟ ـﺪت ﺳــﺒﻴﻼ إﱃ ﳐﺎﻃﺒﺘــﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘــﺔ ﻏــﲑ‬ ‫ﳏﻤــﺪ ‪ ‬ﻟﱰﻏـ َ‬
‫ﻓﺘﺰوﺟﻬـ ــﺎ‪ ،‬وﳌ ــﺎ ُﺑ ِﻌـ ــﺚ ‪ ‬ﻛﺎﻧ ــﺖ ﻫـ ــﻲ َ‬
‫أول اﻣ ــﺮأة آﻣﻨـ ــﺖ ﺑﺪﻋﻮﺗـ ــﻪ‪،‬‬ ‫ﻣﺒ ــﺎﴍة‪ ،‬ﱠ‬
‫وﺻ ـ ـ ﱠـﻠﺖ ﻣﻌ ـ ــﻪ ﻫ ـ ــﻲ وﻋ ـ ــﲇ ‪ ‬ﺳ ـ ــﺒﻊ ﺳ ـ ــﻨﲔ ﻻ ﻳﻮﺟ ـ ــﺪ ﳍ ـ ــﻢ راﺑ ـ ــﻊ‪ ،‬وﺑ ـ ــﺬﻟﺖ‬
‫واﻟﺴَﻨُﺪ ﻟﻪ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫اﻟﻌﻮن ﱠ‬ ‫أﻣﻮاﳍﺎ ﰲ ﻧﴫﺗﻪ‪ ،‬وﻛﺎﻧﺖ ﻧﻌﻢ‬

‫أﻛﺮﻣﻬ ـ ــﺎ اﷲ ﺑ ـ ــﺄن ﺟﻌ ـ ــﻞ ﻣ ـ ــﻦ ﻧ ـ ــﺴﻠﻬﺎ ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ اﻟﺰﻫ ـ ــﺮاء‪ ،‬اﻟﺘ ـ ــﻲ ﺣ ِﻔ ـ ــﻆ اﷲ ﰲ‬
‫ﻧــﺴﻠﻬﺎ ذرﻳ ــﺔ اﻟﺮﺳ ــﻮل اﳌ ــﺼﻄﻔﻰ ‪ ،‬ﻓﻬ ــﻲ ﺟ ــﺪة آل اﻟﺒﻴ ــﺖ اﻟﻜ ــﱪى‪ ،‬وأﻣﻬ ــﻢ‬
‫وأﻋﻈﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﳎﺪ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ﻋﻈﻴﲈ‪ ،‬وﳎﺪا ﻓﺨﻴﲈ‪،‬‬ ‫اﻷوﱃ‪ ،‬وﻧﺎﻟﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﴍﻓﺎ‬
‫ً‬
‫ﺗﻮﻓﻴــﺖ ‘ ﰲ اﻟ ــﺴﻨﺔ اﻟﻌ ــﺎﴍة ﻣ ــﻦ اﻟﺒﻌﺜ ــﺔ ﺑﻌ ــﺪ ﺧ ــﺮوج ﺑﻨ ــﻲ ﻫﺎﺷ ــﻢ ﻣ ــﻦ‬
‫ﺣــﺼﺎر اﻟـ ﱢـﺸﻌﺐ‪ ،‬أي ﻗﺒــﻞ اﳍﺠــﺮة ﺑﻨﺤــﻮ ﺛــﻼث ﺳــﻨﲔ‪ ،‬وذﻟــﻚ ﺑﻌــﺪ أن ﻋﺎﺷــﺖ‬
‫ﻣــﻊ رﺳــﻮل اﷲ ‪ ‬ﺣ ــﻮاﱄ رﺑـ ِـﻊ ﻗـ ٍ‬
‫ـﺮن ﻛﺎﻧ ــﺖ ﻟــﻪ ﻓﻴﻬــﺎ اﻟﺰوﺟ ـ َـﺔ اﳊﺒﻴﺒــﺔ‪ ،‬واﻟ ـ َ‬
‫ـﺴﻨﺪ‬ ‫ُْ‬
‫واﻟﻈﻬﲑ اﻟﺮاﺋﻊ‪.‬‬
‫َ‬ ‫اﻟﻘﻮي‪،‬‬

‫ـﻨﺲ اﻟﺮﺳـ ــﻮل ‪َ ‬‬

‫ذﻛﺮﻫـ ــﺎ ﺑﻌـ ــﺪ أن ﻣﺎﺗـ ــﺖ‪ ،‬وﻟﻜﺜـ ــﺮة ذﻛـ ــﺮه ﳍـ ــﺎ واﻟﺜﻨـ ــﺎء‬ ‫ﱂ ﻳـ ـ ْ َ‬
‫ـﲑة ﻋﺎﺋ ــﺸﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟ ــﺖ ﻟ ــﻪ ﻳﻮﻣ ــﺎ‪ :‬ﻫ ــﻞ ﻛﺎﻧ ــﺖ إﻻّ ﻋﺠ ـ ً‬
‫ـﻮزا ﻗ ــﺪ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ اﺳ ــﺘﺜﲑت ﻏ ـ ُ‬
‫)‪ (١‬اﺑﻦ ﻫﺸﺎم‪ ،‬ﺳﲑة اﺑﻦ ﻫﺸﺎم‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٢٣٧‬‬

‫‪١٧‬‬
 ‫‪‬‬

‫أﺑ ـ ــﺪﻟﻚ اﷲ ﺧ ـ ــﲑاً ﻣﻨﻬ ـ ــﺎ‪ ،‬ﻓﻐ ـ ــﻀﺐ‪ ،‬وﻗ ـ ــﺎل‪" :‬ﻻ واﷲ ﻣ ـ ــﺎ أﺑ ـ ــﺪﻟﻨﻲ ﺧ ـ ـ ً‬
‫ـﲑا ﻣﻨﻬ ـ ــﺎ‪،‬‬
‫آﻣﻨَـْﺖ ﰊ إذ ﻛﻔــﺮ اﻟﻨــﺎس‪ ،‬وﺻـ ّـﺪﻗﺘﻨﻲ إذ ﻛـ ّـﺬﺑﻨﻲ اﻟﻨــﺎس‪ ،‬وواﺳــﺘﻨﻲ ﰲ ﻣﺎﳍــﺎ إذ‬
‫َ‬
‫)‪(١‬‬
‫ً‬
‫أوﻻدا دون ﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء" ‪.‬‬ ‫ﺣﺮﻣﻨﻲ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ورزﻗﻨﻲ اﷲ ﻣﻨﻬﺎ‬
‫َ‬

‫)‪ (١‬اﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.١٨٢٤‬‬

‫‪١٨‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪  ‬‬

‫أوﻻدﻫـﻢ ﺧــﺸﻴﺔ‬
‫َ‬ ‫ورد ﰲ اﻟﻘـﺮآن اﻟﻜـﺮﻳﻢ ﻣــﺎ ﻳـﺸﲑ إﱃ ﻗﺘــﻞ ﺑﻌـﺾ اﳉــﺎﻫﻠﻴﲔ‬
‫اﻹﻣﻼق وﺧﻮف اﻟﻔﻘﺮ‪ ،‬وﻫﻢ اﻟﻔﻘﺮاء ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﻗﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌـﺮب‪ ،‬وﻓـﻴﻬﻢ ﻧﺰﻟـﺖ‬
‫ـﺎﻛﻢ ِ ﱠ‬ ‫ـﺮزﻗﻬﻢ َ ِ‬ ‫ﺧﺸﻴﺔ ِ ٍ‬
‫إن َﻗ ْ َ ُ ْ‬
‫ـﺘﻠﻬﻢ‬ ‫وإ ﱠﻳ ُ ْ‬ ‫ﻧﺤﻦ َﻧ ْ ُ ُ ُ ْ‬ ‫إﻣﻼق َ ْ ُ‬ ‫أوﻻدﻛﻢ َ ْ َ َ ْ‬ ‫ﺗﻘﺘﻠﻮا َ ْ َ ُ ْ‬ ‫اﻵﻳﺎت‪َ ﴿ :‬وﻻ َ ْ ُ ُ‬
‫ﺑﻐﲑ ِ ْ ٍ‬
‫ﻋﻠﻢ‬ ‫ﺳﻔﻬﺎ ِ َ ْ ِ‬ ‫ﻗﺘﻠﻮا َ ْ َ ُ ْ‬
‫أوﻻدﻫﻢ َ َ ً‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ َ َ ُ‬‫ﻗﺪ َ ِ ِ‬
‫ﺧﴪ ﱠ َ‬ ‫َ‬ ‫ﻛﺒﲑا ﴾]اﻹﴎاء‪ْ َ ﴿ ،[٣١:‬‬ ‫ﺧﻄﺌﺎ َ ِ ً‬ ‫ﻛﺎن ِ ْ ً‬ ‫َ َ‬
‫ـﱰاء َﻋ ـ ـ ـ ـ َـﲆ ا ﱠ ِ َﻗ ـ ـ ـ ـ ْـﺪ َﺿ ـ ـ ـ ـ ﱡـﻠﻮا َو َﻣ ـ ـ ـ ــﺎ َﻛ ـ ـ ـ ـ ُـﺎﻧﻮا‬‫ِ‬
‫رزﻗ ُﻬ ـ ـ ـ ـ ُـﻢ ا ﱠ ُ ا ْﻓ ـ ـ ـ ـ َ ً‬
‫وﺣ ﱠﺮ ُﻣ ـ ـ ـ ــﻮا َﻣ ـ ـ ـ ــﺎ َ َ َ‬
‫َ َ‬
‫ـﻦ ِإﻣ ـ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـﻦ َﻧ ـ ْ ُ ُ ُ ْ‬
‫ـﺮزﻗﻜﻢ‬ ‫ـﻼق َﻧ ْﺤ ـ ُ‬ ‫أوﻻد ُﻛ ـ ْـﻢ ﻣ ـ ْ ْ‬ ‫ﺗﻘﺘ ُﻠ ــﻮا َ ْ َ‬ ‫ـﺪﻳﻦ﴾]اﻷ ﻌ ــﺎم‪َ ﴿ ،[١٤٠:‬وﻻ َ ْ ُ‬ ‫ﻣﻬ َﺘ ـ َ‬ ‫ُْ‬
‫ـﺎﻫﻢ﴾]اﻷ ﻌ ـ ــﺎم‪ .[١٥١:‬وﻇـ ــﺎﻫﺮ ﻟﻔ ــﻆ اﻵﻳ ــﺎت اﻟﻨﻬ ــﻲ ﻋ ــﻦ ﲨﻴ ــﻊ أﻧ ــﻮاع ﻗﺘـ ــﻞ‬ ‫َِ‬
‫وإ ﱠﻳ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـﻮرا ﻛـ ـ ــﺎﻧﻮا أو إﻧﺎ ًﺛـ ـ ــﺎ وأن ﺟﺮﻳﻤـ ـ ــﺔ اﻟﻘﺘـ ـ ــﻞ ﻛﺎﻧـ ـ ــﺖ ﲢـ ـ ــﺪث ﻷﺳـ ـ ــﺒﺎب‬
‫اﻷوﻻد ذﻛـ ـ ـ ً‬
‫ـﺪﻫﻢ ِﺑ ـ ُ‬
‫ـﺎﻷ َﺜﻰ َﻇ ـ ﱠـﻞ‬ ‫ـﴩ َأ َﺣ ـ ُ ُ ْ‬ ‫اﻗﺘــﺼﺎدﻳﺔ ﳐﺎﻓــﺔ اﻟﻔﻘــﺮ واﻟﻔﺎﻗــﺔ‪ ،‬إﻻ أن آﻳــﺔ ﴿ َ ِ َ‬
‫وإذا ُﺑ ـ ﱢ َ‬
‫ﺳﻮء ﻣﺎ ﱢ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻛﻈﻴﻢ * َﻳﺘﻮارى ِﻣﻦ ْ َ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ﻤﺴﻜﻪ َ َ‬
‫ﻋﲆ‬ ‫ﺑﴩ ِﺑﻪ أَ ُ ْ ُ ُ‬‫اﻟﻘﻮم ﻣﻦ ُ َ ُ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫وﻫﻮ َ ٌ َ َ َ‬ ‫وﺟﻬﻪ ُ ْ َ ّ ً‬
‫ﻣﺴﻮدا َ ُ َ‬ ‫َ ْ ُ ُ‬
‫ـﻮن﴾]اﻟﻨﺤــﻞ‪ [٥٩ ،٥٨:‬ﺗـﺪل ﻋــﲆ أن‬ ‫ﳛﻜ ُﻤـ َ‬
‫أﻻ َﺳــﺎء َﻣــﺎ َ ْ ُ‬ ‫ﻳﺪ ﱡﺳـ ُـﻪ ِﰲ اﻟـ ﱡ َ ِ‬
‫ـﱰاب َ َ‬ ‫أم َ ُ‬ ‫ٍ‬
‫ُﻫــﻮن َ ْ‬
‫اﳉﺮﻳﻤﺔ ﻛﺎﻧﺖ أﻳﻀﺎ ﺑﺪاﻓﻊ اﺟﺘﲈﻋﻲ‪ ،‬وﺑﺴﺒﺐ ﻛﻮن اﳌﻮﻟﻮد أﻧﺜﻰ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻛﺎن‬
‫واﻟ ــﺪ اﻟﺒﻨ ــﺖ ﻣ ــﺪﻓﻮﻋﺎ ﻻﲣ ــﺎذ ذﻟ ــﻚ اﳌﻮﻗ ــﻒ ﺑ ــﻀﻐﻂ وﻋﻴِ ــﻪ اﳌﻨ َﺤ ـ ِـﺮف وﺑ ــﻀﻐﻂ‬
‫ﻣﻦ ْ َ ْ ِ‬
‫اﻟﻘﻮم﴾‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اﳌﺠﺘﻤﻊ وﺛﻘﺎﻓﺘﻪ اﳉﺎﻫﻠﻴﺔ؛ وﳍﺬا اﻟﻌﺎر اﻟﺬي ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻪ ﴿ َ َ َ َ‬
‫ﻳﺘﻮارى َ‬
‫ـﺴﻜﻪ َﻋ ـ َـﲆ ُﻫ ـ ٍ‬‫ِ‬
‫ـﻮن﴾ ﻳﻄﺎﻟــﻪ ﻣــﻦ اﳌﺠﺘﻤــﻊ‪،‬‬ ‫وﳜـ ﱢـﲑ ﻧﻔــﺴﻪ ﻟــﺬﻟﻚ ﺑــﲔ أﻣــﺮﻳﻦ‪َ ﴿ ،‬أ ُ ْﻤ ـ ُ ُ‬
‫ﻳﺪﺳﻪ ِﰲ ﱡ َ ِ‬
‫اﻟﱰاب﴾‪.‬‬ ‫﴿َ ْ‬
‫أم َ ُ ﱡ ُ‬
‫‪١٩‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﱂ ﺗﻜ ــﻦ ﻣﻜ ــﺔ ﺑﻤﻌ ـ ِـﺰل ﻋ ــﻦ ﻇ ــﺎﻫﺮة اﻟ ــﻮأد‪ ،‬وﻳﻘ ــﺎل‪ :‬إن ﺑﻤﻜ ــﺔ ﺟ ــﺒﻼ ﻳﻘ ــﺎل ﻟ ــﻪ‬
‫)‪(١‬‬
‫"أﺑﻮ دﻻﻣﺔ" ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺮﻳﺶ ﺗﺌﺪ ﻓﻴﻪ اﻟﺒﻨﺎت ‪.‬‬
‫ـﻮة وأﺧ ـ ــﻮات ﺳ ـ ــﺒﻘﻮﻫﺎ‪ ،‬وﺟ ـ ــﺎءت ﻫ ـ ــﻲ‬ ‫وﻟ ِـ ـ َـﺪت ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ اﻟﺰﻫ ـ ــﺮاء ﺑﻌ ـ ــﺪ إﺧ ـ ـ ٍ‬
‫ُ‬
‫ـﺎرا‬
‫ﻳﻨﻈﺮ إﱃ اﻷﻧﺜـﻰ ﻛـﲈ ﺗﻘ ﱠـﺪم ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫـﺎ ﻋ ً‬ ‫ﳎﺘﻤﻊ ﻛﺎن ُ‬ ‫ٍ‬ ‫أﻳﻀﺎ‪ ،‬ﰲ‬ ‫اﻷﺧﲑة أﻧﺜﻰ ً‬
‫ـﻼم اﻟ ــﺬي‬ ‫ﻣﺘﺰاﻣﻨ ـ ًـﺔ ﻣ ــﻊ إﴍاﻗ ـ ِـﺔ ﻓﺠ ـ ِـﺮ اﻹﺳ ـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﻫ ْﻮﻧ ــﺎ‪ ،‬وﻛﺎﻧ ــﺖ إﴍاﻗ ــﺔ اﻟﺰﻫ ــﺮاء‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ـﺼﻮرات اﳋﺎﻃﺌ ــﺔ‪ ،‬وﻛــﺎن ﳞ ـﺪف‬ ‫ﺟــﺎء ﺛــﻮرة ﺗﻐ ـ ﱢـﲑ ﻛﺜــﲑا ﻣــﻦ ﻫ ــﺬه اﳌﻔــﺎﻫﻴﻢ واﻟﺘـ ﱡ‬
‫ﻓ ـ ــﻴﲈ ﳞ ـ ـ ِـﺪف إﻟﻴ ـ ــﻪ إﱃ ﺗﻐﻴ ـ ــﲑ ﻧﻈـ ــﺮة اﳌﺠﺘﻤ ـ ــﻊ ﺑﻄﺮﻳﻘ ـ ـ ٍـﺔ ﻓﻌﻠﻴ ـ ـ ٍـﺔ ﻣﻠﻤﻮﺳ ـ ـ ٍـﺔ‪ُ ،‬ﺗﺜﺒِ ـ ـ ُـﺖ‬
‫ـﺼﲑة‪ ،‬وﻛﺎﻧـ ــﺖ اﻟﺰﻫـ ــﺮاء أداة ﻣﻐـ ـ ﱢـﲑة ﻣـ ــﻦ أدوات اﳊﻜﻤـ ــﺔ‬
‫َ‬ ‫اﳊﻘﻴﻘـ ـ َـﺔ وﺗﻨـ ـ ﱢ ُ‬
‫ـﻮر اﻟﺒـ ـ‬
‫واﻟﺪﻫﺎ اﻟﻨﺒﻲ ‪،‬‬ ‫اﻹﳍﻴﺔ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﻮاﻗﻊ اﳌﺮﻳﺮ‪ ،‬ﻟﻴﺲ ﰲ ﻛﻮﳖﺎ أﻧﺜﻰ ﳛﺘﻔﻲ ﲠﺎ ُ‬
‫ﺑـ ــﻞ أﻳـ ــﻀﺎ ﰲ ﺗـ ــﺴﻴﻴﺪﻫﺎ ﻋـ ــﲆ ﻧـ ــﺴﺎء اﻷﻣـ ــﺔ‪ ،‬وﻧـ ـﺴﺎء اﻟﻌـ ــﺎﳌﲔ‪ ،‬وﻧـ ــﺴﺎء اﳉﻨـ ــﺔ‪ ،‬ﺛـ ــﻢ‬
‫أﻧﺠﺰﺗﻪ ﰲ ﺣﻴﺎة واﻟﺪﻫﺎ وﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻪ‪.‬‬ ‫دورﻫﺎ اﻟﺬي َ ْ‬ ‫ﺑﻌﻈﻴﻢ ِ‬
‫ِ‬

‫ﲣﺘﻠ ــﻒ اﳌ ــﺼﺎدر ﰲ ﲢﺪﻳ ــﺪ ﻋ ــﺎم وﻻدﲥ ــﺎ؛ ﻓﻬﻨ ــﺎك ﻣ ــﻦ ﻳﻘ ــﻮل‪ :‬إﳖ ــﺎ وﻟ ــﺪت ﺑﻌ ــﺪ‬
‫اﻟﺒﻌﺜ ـ ــﺔ ﺑﺨﻤ ـ ــﺲ ﺳ ـ ــﻨﻮات‪ ،‬وﻫﻨ ـ ــﺎك ﻣ ـ ــﻦ ﻳﻘ ـ ــﻮل‪ :‬إﳖ ـ ــﺎ وﻟ ـ ــﺪت ﻗﺒ ـ ــﻞ اﻟﺒﻌﺜ ـ ــﺔ ﺑﺨﻤ ـ ــﺲ‬
‫ـﺸﻜﻞ ﻋ ــﲆ أﺻ ــﺤﺎب‬ ‫ﺳ ــﻨﻮات‪ ،‬وﻫﻨ ــﺎك ﻣ ــﻦ ﻳ ــﺮوي أﳖ ــﺎ وﻟ ــﺪت ﰲ ﻋ ــﺎم اﻟﺒﻌﺜ ــﺔ‪ ،‬وﻳ ـ ِ‬
‫ُ‬
‫ﺗﺰوﺟـ ــﺖ ﰲ اﻟـ ــﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴـ ــﺔ ﻟﻠﻬﺠـ ــﺮة وﺳـ ـ ﱡـﻨﻬﺎ ﺗـ ــﺴﻊ‬ ‫اﻟﻘـ ــﻮل اﻷول أﳖـ ــﻢ ﻳﺜﺒِﺘـ ــﻮن أﳖ ــﺎ ﱠ‬
‫ﺳ ــﻨﻮات‪ ،‬وأﻧﺠﺒ ــﺖ وﻟ ـ َـﺪﻫﺎ اﳊ ــﺴﻦ ‪ ‬وﺳ ـ ﱡـﻨﻬﺎ ﻋ ــﴩ ﺳ ــﻨﻮات‪ ،‬وﻫ ــﺬا ﻳ ــﺴﺘﺒﻌﺪ‬
‫ﺣ ــﺼﻮﻟﻪ‪ ،‬ﻻ ﺳ ــﻴﲈ وﻫﻨ ــﺎك رواﻳ ــﺎت ﻋ ــﻦ أﻫ ــﻞ اﻟﺒﻴ ــﺖ ‪ ‬ﺗﺒ ــﲔ أن ﺳ ـ ﱠـﻨﻬﺎ ﻛ ــﺎن‬
‫ﻋﻨ ــﺪ اﻟـ ــﺰواج ﻣـ ــﺎ ﺑ ــﲔ ‪ ١٥‬ﺳـ ــﻨﺔ‪ ،‬و‪ ١٨‬ﺳـ ــﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻔ ــﻲ رواﻳـ ــﺔ ﻋـ ــﻦ اﻹﻣ ــﺎم اﻟﻘﺎﺳـ ــﻢ ﺑـ ــﻦ‬

‫)‪ (١‬ﺟﻮاد ﻋﲇ‪ ،‬اﳌﻔﺼﻞ ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮب ﻗﺒﻞ اﻹﺳﻼم‪ ،‬ج‪ ،٩‬ص‪.٩٥ ،٩٤‬‬

‫‪٢٠‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(١‬‬
‫ﳛَﻤــﻞ ﻋــﲆ‬
‫إﺑـﺮاﻫﻴﻢ أن ﻋﻤﺮﻫــﺎ ﻋﻨــﺪ اﻟــﺰواج ﻛــﺎن أرﺑـ َـﻊ ﻋــﴩة ﺳــﻨﺔ ‪ ،‬ﻟﻜﻨــﻪ أﻳــﻀﺎ ُ ْ‬
‫ﺳــﻦ ﺧﻄﺒﺘﻬــﺎ‪ ،‬وﻟــﻴﺲ اﻟﺒﻨــﺎء ﲠــﺎ‪ ،‬وأن اﻟﺒﻨــﺎء ﱂ ﻳــﺘﻢ إﻻ وﻫــﻲ ﰲ ﲬــﺲ ﻋــﴩة ﺳــﻨﺔ‪،‬‬
‫ـﺮﺟﺢ ذﻟـ ــﻚ أﻧ ــﻪ ﺗـ ــﻢ ﰲ رواﻳ ـ ٍـﺔ ﲢﺪﻳـ ـ ُـﺪ ﻋﻤ ــﺮ زﻓﺎﻓﻬـ ــﺎ ﲢﺪﻳ ــﺪا دﻗﻴﻘـ ــﺎ‪ ،‬وﻫ ــﻲ ﲬـ ــﺲ‬
‫وﻳ ـ ﱢ‬
‫وﻋﻤﺮﻫــﺎ ﺛ ـ ٌ‬
‫ـﻼث‬ ‫ُ‬ ‫ﻋــﴩة ﺳــﻨﺔ‪ ،‬وﲬــﺴﺔ أﺷ ــﻬﺮ‪ ،‬وﻧــﺼﻒ)‪ ،(٢‬وإذا ﻛﺎﻧــﺖ ﻗ ــﺪ ﱢ‬
‫ﺗﻮﻓ َﻴـ ْـﺖ‬
‫)‪(٣‬‬
‫وأن اﻹﻣ ــﺎم ﻋﻠﻴ ــﺎ ‪ ‬ﺑﻨ ــﻰ ﲠ ــﺎ‬ ‫وﻋ ــﴩون ﺳ ــﻨﺔ ﺑﺤ ــﺴﺐ رواﻳ ــﺔ اﻟﺒ ــﺎﻗﺮ ‪‬‬

‫ﰲ اﻟ ــﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴ ــﺔ ﻣ ــﻦ اﳍﺠ ــﺮة ﻓﻬ ــﺬا ﻳﻌﻨ ــﻲ أن ﻋﻤﺮﻫ ــﺎ ﻋﻨ ــﺪ اﻟ ــﺰواج ﻛ ــﺎن ﲬ ــﺲ‬
‫ِ‬
‫ذﻛﺮ ﰲ ﺗﻠـﻚ اﻟﺮواﻳـﺔ اﳌﻔ ﱠـﺼﻠﺔ‪ ،‬وﻋـﲆ ﻫـﺬا‬ ‫ﻋﴩة ﺳﻨﺔ وﲬﺴﺔ أﺷﻬﺮ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﻛﲈ ُ َ‬
‫وﻟﺪت ﰲ ﻋﺎم اﻟﺒﻌﺜﺔ‪ ،‬أو ﺑﻌﺪه ﺑﻘﻠﻴﻞ ﻋﲆ أﻗﻞ ﺗﻘﺪﻳﺮ‪.‬‬ ‫ﻓﺎﻟﺬي ﻳﱰﺟﺢ أﳖﺎ ِ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وﲠ ــﺬا ﻳﺘﺒـ ــﲔ أن ﻧ ــﻮر ﻓﺎﻃﻤـ ــﺔ ‘ أﴍق ﻋ ــﲆ اﳊﻴـ ــﺎة ﻳ ــﻮم أﴍق اﻹﺳـ ــﻼم؛‬
‫ـﻼم ـﻛ ـ ـ ﱠـﻞ ﻣـ ـ ــﺂﺛﺮ اﳉﺎﻫﻠﻴـ ـ ــﺔ‪ ،‬وﳛﻴـ ـ ــﻲ اﻟﻘـ ـ ــﻴﻢ واﻷﺧـ ـ ــﻼق واﻟﺘﻌـ ـ ــﺎﻣﻼت‬ ‫ِ‬
‫ﻟﻴ ـ ــﺪﻓﻦ اﻹﺳـ ـ ـ ُ‬
‫واﳌﻨﺤﺮف ﻣﻦ اﳌﺮأة‪ ،‬وﻟﻜﺄن اﻹﺳﻼم ﺑﺮﺳﻮﻟﻪ‬ ‫ِ َ‬ ‫اﳌﻮﻗﻒ ِ‬
‫اﻟﺒﺸﻊ‬ ‫َ‬ ‫وﻳﺌﺪ ذﻟﻚ‬ ‫اﻟﻔﺎﺿﻠﺔ‪َ ِ ،‬‬
‫َ‬
‫اﳌﻨﺤﺮﻓﺔ ﺑﺎﳌﻘﺎل وﺑﺎﻟﻔﻌﺎل‪ ،‬وﺑﺎﻟﻮﺟﺪان واﻟﺴﻠﻮك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ﻳﺮﻳﺪ ﺗﻐﻴﲑ ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮة‬
‫رزق اﷲ ﻧﺒﻴﻪ ‪ ‬أوﻻدا ذﻛﻮرا وإﻧﺎﺛـﺎ‪ ،‬وﺷـﺎء اﷲ أن ﻳﻤـﻮت اﻟـﺬﻛﻮر ﺻـﻐﺎرا‪،‬‬
‫ـﻮدﻫﻦ أﺳ ــﻮأُ ﻣ ــﻦ ﻋ ــﺪﻣﻬﻦ‪ ،‬ﻓ ــﺴﲈه‬
‫وﺗﺒﻘ ــﻰ اﻟﺒﻨ ــﺎت اﻟﺘ ــﻲ ﻳ ــﺰﻋﻢ اﳉ ــﺎﻫﻠﻴﻮن أن وﺟ ـ َ‬
‫اﻟﻘﺮﺷ ــﻴﻮن )أﺑ ــﱰ( ﺑ ــﺴﺒﺐ ﻫ ــﺆﻻء اﻟﺒﻨ ــﺎت‪ ،‬ﻟﻜ ــﻦ اﷲ أراد أن ﻳﻘ ــﻮل ﳍ ــﻢ‪ :‬إن ﻫـ ــﺬه‬

‫)‪ (١‬اﳌﺆﻳﺪي‪ ،‬ﻟﻮاﻣﻊ اﻷﻧﻮار‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٢٨‬‬

‫)‪ (٢‬اﳌﺆﻳـ ـ ــﺪي‪ ،‬ﻟﻮاﻣـ ـ ــﻊ اﻷﻧـ ـ ــﻮار‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪٢٨‬؛ واﺑـ ـ ــﻦ ﻋﺒـ ـ ــﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳـ ـ ــﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪١٨٩٣‬؛‬
‫واﻟﻄﱪي‪ ،‬ذﺧﺎﺋﺮ اﻟﻌﻘﺒﻰ‪ ،‬ص‪.٢٠‬‬
‫)‪ (٣‬أﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ‪ ،‬ﺗﻴﺴﲑ اﳌﻄﺎﻟﺐ‪ ،‬ص‪.١٣٩‬‬

‫‪٢١‬‬
 ‫‪‬‬

‫اﻟﺒﻨ ــﺖ اﻟﺘ ــﻲ ﺑ ــﺴﺒﺒﻬﺎ وﻣ ــﻮت إﺧﻮﲥ ــﺎ اﻟ ــﺬﻛﻮر ﺳ ـ ﱠـﻤﻴﺘﻢ اﻷب )أﺑ ــﱰ(‪ ،‬ﻓﺈﻧ ــﻪ ﻻ ﺑ ــﺪ أن‬
‫ﻳﺮزﻗﻪ اﷲ وﻳﻌﻄﻴﻪ )اﻟﻜﻮﺛﺮ(‪.‬‬

‫اﺧﺘــﺼﺖ اﻟﺰﻫــﺮاء ﰲ ﺣــﺎل وﻻدﲥــﺎ ﺑﺨــﺼﻮﺻﻴﺔ إرﺿــﺎع أﻣﻬــﺎ ﺧﺪﳚــﺔ ﳍــﺎ‪،‬‬

‫وﺑﺮﻋﺎﻳــﺔ رﺳ ــﻮل اﷲ ﳍ ــﺎ رﻋﺎﻳ ــﺔ ﺧﺎﺻ ــﺔ وإﻋ ــﺪادﻫﺎ إﻋ ــﺪادا ﺧﺎﺻ ــﺎ‪ ،‬ﺛ ــﻢ إﻧﺎﻃﺘﻬ ــﺎ‬
‫وأدوار اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻛﲈ ﺳﻴﺘﺒﲔ ذﻟﻚ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ﺑ ٍ‬
‫ﺄﻋﲈل‬

‫‪٢٢‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪  ‬‬

‫ـﺪﻣﺖ ﻓﺎﻃﻤــﺔ إﱃ ﻫــﺬه اﻟــﺪﻧﻴﺎ ﻣــﻊ ﻗــﺪوم اﻹﺳــﻼم‪ ،‬وﻛــﺎن اﻟﻌــﺎص ﺑــﻦ واﺋــﻞ‬ ‫ِ‬
‫ﻗـ َ‬
‫ـﻮل اﷲ ‪ ‬ﺑﺄﻧـ ــﻪ أﺑ ــﱰ؛ وﻫـ ــﺎ ﻫـ ــﻮ ﻗ ــﺪ رزﻗـ ــﻪ اﷲ ﻣﻮﻟـ ـ ً‬
‫ـﻮدا‬ ‫اﻟ ــﺴﻬﻤﻲ ﻗـ ــﺪ ﻋ ـ ﱠـﲑ رﺳـ ـ َ‬
‫آﺧــﺮ؛ ﻟﻜﻨ ــﻪ أﻧﺜــﻰ‪ ،‬واﻷﻧﺜ ــﻰ ﳑــﺎ ﺗﻐ ـ ُ‬
‫ـﻴﻆ اﳉــﺎﻫﻠﻴﲔ‪ ،‬ﻓﺒ ـ ّـﴩه اﷲ وأﻋﻄــﺎه اﻟﻜ ــﻮﺛﺮ‪،‬‬
‫ـﺼﺎدﻳﻖ ﻋﺪﻳــﺪة‪ ،‬وﻋــﲆ رأﺳ ــﻬﺎ‬
‫َ‬ ‫ـﻮﺛﺮ﴾‪ ،‬واﻟﻜــﻮﺛﺮ ﻳ ــﺸﻤﻞ ﻣـ‬ ‫﴿ ِإ ﱠﻧـ ـﺎ َ ْ َ ْ‬
‫أﻋﻄﻴﻨَ ـ َ‬
‫ـﺎك ْاﻟ َﻜ ـ ْ َ َ‬
‫ذرﻳﺘﻪ اﳌﺒﺎرﻛﺔ اﻟﻄﻴﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻸت اﻵﻓﺎق‪.‬‬
‫ورد ﻣ ــﻦ ﻣﻌـ ــﺎﲏ اﻟﻜـ ــﻮﺛﺮ ﻛـ ــﲈ ﺳ ــﻴﺄﰐ‪ :‬اﻟﺬرﻳـ ــﺔ اﻟﻜﺜـ ــﲑة؛ وﺑﺎﻟﺘـ ــﺎﱄ ﻓـ ــﺎﻟﺰﻫﺮاء‬
‫أﻋﻄِ َﻴ ــﻪ رﺳ ــﻮل اﷲ ‪ ،‬وﻳﻌﻨ ــﻲ‬ ‫ﻫــﻲ ﻣﺒ ــﺪأ اﻟﻜ ــﻮﺛﺮ‪ ،‬أو رﻣ ــﺰه‪ ،‬أو ﺳــﺒﺒﻪ اﻟ ــﺬي ُ ْ‬
‫اﻟﻜ ـ ــﻮﺛﺮ أﻳ ـ ــﻀﺎ اﳋـ ــﲑ واﻟﱪﻛ ـ ــﺔ‪ ،‬واﻟﻜﺜ ـ ــﺮة واﻻﻣ ـ ــﺘﻼء وﻛﺜ ـ ــﺮة اﻟﺬرﻳ ـ ــﺔ) ‪(١‬؛ وﲠ ـ ـﺬا‬
‫ﺟﻌﻠﻬ ـ ــﺎ اﷲ ﳏ ـ ــﻞ اﻟﱪﻛ ـ ــﺔ‪ ،‬وﻋﻨ ـ ــﻮان اﻟﻌﻄ ـ ــﺎء‪ ،‬وﻣ ـ ــﺼﺪر اﻟﺬرﻳ ـ ــﺔ اﳌﺒﺎرﻛ ـ ــﺔ‪ ،‬وأم‬
‫اﻷﺑﺮار اﳍﺪاة اﻷﻋﻼم‪.‬‬

‫دﻓﻌﺘْـ ــﻪ إﱃ ﻣـ ــﻦ ُ ْﻳﺮ ِﺿـ ـ ُـﻌﻪ‪ ،‬ﻓﻠـ ــﲈ‬

‫ﻛﺎﻧ ــﺖ ﺧﺪﳚـ ــﺔ أم اﳌـ ــﺆﻣﻨﲔ إذا َو َﻟـ ـ َـﺪت وﻟـ ــﺪا َ‬
‫ﻏﲑﻫ ـ ــﺎ) ‪ ،(٢‬وﻟﻌ ـ ــﻞ اﷲ أراد إﻛﺮاﻣﻬ ـ ــﺎ ﺑ ـ ــﺬﻟﻚ‬‫ـﺮأة ُ‬ ‫و َﻟ ـ ـ َـﺪت ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ﱂ ُ ْﺗﺮ ِﺿ ـ ـ ْـﻌﻬﺎ اﻣ ـ ـ ٌ‬
‫أوﻻ‪ ،‬ﺛ ــﻢ أﻳ ــﻀﺎ ﻟﻠﺨ ــﻮف ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ ﻣ ــﻦ ﻏﺎﺋﻠ ــﺔ أﻋ ــﺪاء اﻟﻨﺒ ــﻲ ﳏﻤ ــﺪ ‪ ،‬ﻓﺨﺪﳚ ــﺔ‬
‫ـﺴﺒﺐ ﳍ ـ ــﻢ اﳌﺘﺎﻋـ ــﺐ‪ ،‬وﺗﺜ ـ ــﲑ ﻋﻠ ـ ــﻴﻬﻢ‬
‫ﺗﻌﻠـ ــﻢ أن دﻋ ـ ــﻮة زوﺟﻬ ـ ــﺎ إﱃ اﻹﺳـ ــﻼم ﺳﺘ ـ ـ ﱢ‬

‫)‪ (١‬ﴍﻳﻌﺘﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻫﻲ ﻓﺎﻃﻤﺔ ص‪.١٣٦‬‬

‫)‪ (٢‬اﺑﻦ ﻛﺜﲑ‪ ،‬اﻟﺒﺪاﻳﺔ واﻟﻨﻬﺎﻳﺔ‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.١٨٩٣‬‬

‫‪٢٣‬‬
 ‫‪‬‬

‫ـﺪﲥﺎ اﳉﺪﻳ ـ ــﺪة ﰲ ﻣ ـ ـ ٍ‬

‫ـﺄﻣﻦ ﻣ ـ ــﻦ‬ ‫اﻟﻌ ـ ــﺪاوات؛ وﳍ ـ ــﺬا ﻣ ـ ــﻦ اﻷﻓ ـ ــﻀﻞ أن ﺗﻜ ـ ــﻮن وﻟﻴ ـ ـ ُ‬
‫ﻏﺎﺋﻠﺔ ﺗﻠﻚ اﻻﺣﺘﲈﻻت‪.‬‬
‫ﻧﺸﺄت ﻓﺎﻃﻤﺔ ﰲ ِﺣﺠﺮ أﻣﻬﺎ‪ْ ٌ ،‬ﺗﺮ ِﺿ ُـﻌﻬﺎ ﻣـﻦ أﺧﻼﻓﻬـﺎ‪ ،‬وﺗﻔـﻴﺾ ﻋﻠﻴﻬـﺎ ﻣـﻦ‬
‫ﺣﻨﺎﳖــﺎ‪ ،‬وﰲ رﺿــﺎﻋﺔ اﻷم ﻣــﺎ ﻓﻴﻬــﺎ ﻣــﻦ أﺛـ ٍـﺮ ﲨﻴـ ٍـﻞ‪ ،‬وﻋﺎﺋـ ٍ‬
‫ـﺪة ﺣــﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻋــﲆ ﺻــﺤﺔ‬
‫ﻫﺬه اﻟﻮﻟﻴﺪة اﳌﺒﺎرﻛﺔ‪ ،‬ﻛﲈ ﻫﻮ ﻣﻌﺮوف ﰲ ﻋﻠﻢ اﻟﻄﺐ اﻟﻴﻮم‪.‬‬
‫ﻧﺸﺄت ﺳﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋـﲆ ﻳـﺪ أﻣﻬـﺎ ﺧﺪﳚـﺔ‪ ،‬وأﺑﻴﻬـﺎ ﳏﻤـﺪ ‪ ،‬ﰲ وﻗـﺖ‬
‫ﻛ ـ ــﺎن اﻹﺳ ـ ــﻼم أﻳ ـ ــﻀﺎ ﻳﻨ ـ ــﺸﺄ وﻳﻈﻬ ـ ــﺮ وﻳﻨﻤ ـ ــﻮ ﻋ ـ ــﲆ ﻳ ـ ــﺪ اﻟﺮﺳ ـ ــﻮل اﻟﻜ ـ ــﺮﻳﻢ ‪،‬‬
‫ـﺎل أﻣﻬـ ــﺎ ﺧﺪﳚ ــﺔ وﻋﻮﳖ ــﺎ؛ وﻟﻜـ ــﺄن اﻹﺳ ــﻼم واﻟﺰﻫ ــﺮاء ﺻـ ــﻨﻮان‬ ‫وﺑﻤ ــﺴﺎﻋﺪة ﻣ ـ ِ‬
‫ﺟﺎءا إﱃ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﲆ ﻣﻴﻌﺎد‪.‬‬
‫رواح ﲠـﺎ‬ ‫ﲢﻔﻬﺎ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ ﺟﱪﻳﻞ‪ ،‬وﻫـﻮ ﱠ‬ ‫ﻛﻨﻒ أﺑﻮﻳﻦ ﻃﺎﻫﺮﻳﻦ‪ ،‬ﱡ‬ ‫ﺗﺮﻋﺮﻋﺖ ﰲ َ‬
‫ـﺴﲈت اﻟ ـ ــﻮﺣﻲ‪ ،‬وآﻳ ـ ــﺎُت‬
‫ـﻮاءه ﻧ ـ ـ ُ‬ ‫ٍ‬
‫ـﻸت أﺟ ـ ـ َ‬
‫ﻏ ـ ـ ﱠـﺪاء إﱃ واﻟ ـ ــﺪﻫﺎ‪ ،‬ﰲ ﺑﻴ ـ ــﺖ ﻃﺎﳌـ ــﺎ ﻣ ـ ـ ْ‬
‫وذرﻳﺘﻬــﺎ ﻣــﻦ اﻟــﺸﻴﻄﺎن اﻟــﺮﺟﻴﻢ‪ ،‬وﻛــﺎن ذﻟــﻚ‬ ‫َ‬ ‫ﻳﻌﻮذﻫــﺎ‬
‫اﻟﺘﻨﺰﻳــﻞ‪ ،‬ﻧــﺸﺄت وأﺑﻮﻫــﺎ ﱢ‬
‫دأب اﳌﺮﺳ ـ ــﻠﲔ واﻷوﻟﻴ ـ ــﺎء اﳌﺨﻠ ـ ــﺼﲔ‪ ،‬ﺛ ـ ــﻢ ﻫ ـ ــﻮ اﳌ ـ ــﺼﻄﻔﻰ اﻟ ـ ــﺬي ﻛ ـ ــﺎن ﻳﻌ ـ ـ ﱢـﻮذ‬
‫َ‬
‫وﻟ ـ ــﺪﳞﺎ اﳊ ـ ــﺴﻦ واﳊ ـ ــﺴﲔ‪ ،‬وﻳﻘ ـ ــﻮل‪) :‬أﻋﻴ ـ ــﺬﻛﲈ ﺑﻜﻠ ـ ــﲈت اﷲ اﻟﺘﺎﻣ ـ ــﺔ ﻣ ـ ــﻦ ﻛ ـ ــﻞ‬
‫ﺷﻴﻄﺎن وﻫﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻣﻦ ﻛـﻞ ﻋـﲔ ﻻﻣـﺔ(‪ ،‬وﻳﻘـﻮل‪) :‬إن إﺑـﺮاﻫﻴﻢ ‪ ‬ﻛـﺎن ﻳﻌ ﱢـﻮذ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﲠﲈ إﺳﲈﻋﻴﻞ وإﺳﺤﺎق ‪. (‬‬
‫ﻧ ــﺸﺄت ﰲ ﺑﻴ ـ ٍ‬
‫ـﺖ ﻳﻨﻄﻠ ــﻖ ﰲ أﻣ ـ ٍـﺮ ﺟﻠ ــﻞ‪ ،‬وﻳ ــﺴﻌﻰ ﻹﺣ ــﺪاث ﺗﻐﻴ ــﲑات ﻛ ــﱪى‬

‫)‪ (١‬اﳊ ــﻮﺛﻲ‪ ،‬اﳌﺨﺘ ــﺎر‪ ،‬ص‪ ،٦٧٦‬ﻧﻘ ــﻼ ﻋ ــﻦ ﺗﻔ ــﺴﲑ اﻟﱪﻫ ــﺎن‪ ،‬ﻟﻺﻣ ــﺎم اﻟﻨ ــﺎﴏ أﰊ اﻟﻔ ــﺘﺢ اﻟ ــﺪﻳﻠﻤﻲ؛ وأﺑ ــﻮ‬
‫ﻃﺎﻟﺐ‪ ،‬ﺗﻴﺴﲑ اﳌﻄﺎﻟﺐ‪ ،‬ص‪١٤٨‬؛ واﳌﺮﺷﺪ ﺑﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ص‪.٥١١‬‬

‫‪٢٤‬‬
 ‫‪‬‬

‫ـﺎر وردودِ أﻓﻌـ ـ ٍ‬

‫ـﺎل ﻣﺆﳌـ ــﺔ وﻗﺎﺳـ ــﻴﺔ‪ ،‬ورﻏـ ــﻢ ﺻـ ــﻌﻮﺑﺔ‬ ‫ﰲ ذﻟـ ــﻚ اﻟﻌـ ــﺎﱂ‪ ،‬وﺿ ــﻤﻦ آﺛـ ـ ٍ‬
‫وﻋ َﻈ ــﻢ ﻣ ــﺴﺆوﻟﻴﺘﻬﻢ؛ إﻻ أﳖ ــﺎ ِ‬
‫ﻧﻌﻤ ــﺖ ﺑﺤﻨ ـ ِ‬
‫ـﺎن ﻗﻠ َﺒ ــﻲ‬ ‫ﻣﻮاﻗ ــﻒ أﻫ ــﻞ ﻫ ــﺬا اﻟﺒﻴ ــﺖ ِ‬
‫أﺑــﻮﻳﻦ ﻛﺒ ــﲑﻳﻦ‪ ،‬وﻣ ــﺮﺑﻴﲔ ﻋﻈﻴﻤــﲔ‪ ،‬وﻫ ــﻞ ﻫﻨ ـﺎك أﻋﻈــﻢ ﻣ ــﻦ اﻟﺮﺳ ــﻮل اﻟﻜ ــﺮﻳﻢ‬
‫أب ﻋــﲆ وﻟ ٍـﺪ ﺣﻨﺎ َﻧـﻪ ﻋـﲆ اﻟﺰﻫـﺮاء‪ ،‬اﳌــﺮأة‬‫ـﺎن ٍ‬ ‫ﳏﻤـﺪ ‪ ‬ﻣﺮﺑﻴـﺎ‪ ،‬وﻫـﻞ ﻳـﺸﺎﺑﻪ ﺣﻨ ُ‬
‫اﻻﺳــﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟﺘــﻲ ﻫــﻲ ﻛــﻮﺛﺮه ‪ ،‬وأم أﻋــﻼم اﳍــﺪى ﻣــﻦ ذرﻳﺘــﻪ‪ ،‬ﺣﻨـ ٌ‬
‫ـﺎن ﻳﻌ ﱢﻠــﻢ‬
‫ﻷدوار ﻋﻈﻴﻤ ـ ٍـﺔ ﻻ ﻳﻘ ــﻮى‬
‫ٍ‬ ‫وﻳ ِﻌ ـ ﱡـﺪﻫﺎ‬
‫ـﺎر‪ ،‬وﻳﺒﻨ ــﻲ اﻟﻨﻔ ــﻮس‪ ،‬وﻳﻐ ـ ﱢـﺬي اﻟﻌﻘ ــﻮل‪ُ ،‬‬
‫اﻟﻮﻗ ـ َ‬
‫أﻫﻞ ﻫﺬا اﻟﺒﻴﺖ‪.‬‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ اﻹﺳﻼم إﻻ ُ‬
‫ـﺎر واﻛﺘﻔــﺎء‪ ،‬وﻋﻠﻤــﺖ ﻣــﻊ اﻟــﺴﻨﲔ‬ ‫ـﺸﺄة ِﺟـ ﱟـﺪ واﻋﺘﻜــﺎف‪ ،‬ﻧـ َ‬
‫ـﺸﺄة وﻗـ ٍ‬ ‫"ﻟﻘــﺪ ﻧــﺸﺄت ﻧـ َ‬
‫ـﺎزع ﻓﻴـ ــﻪ ﻣ ــﻦ واﺣـ ــﺪة ﻣ ــﻦ ﺑﻨـ ــﺎت ﺣ ــﻮاء ﻓـ ــﻴﻤﻦ ﺗـ ــﺮاه") ‪،(١‬‬ ‫ٍ‬
‫ﴍف ﻻ ﻣﻨ ـ ِ‬ ‫أﳖ ــﺎ ﺳﻠـ ـ ُ‬
‫ـﺴﻠﺔ‬
‫ذﻛﻴﺔ وﻋﺎﻗﻠﺔ ﺣﺼﻴﻔﺔ‪ ،‬ﳍﺎ ﻋﻼﻗﺎﲥﺎ اﻟﻮاﺳﻌﺔ‪ ،‬وأﻣﻮاﳍﺎ‬ ‫ﺗﺎﺟﺮة ٌ‬
‫ٌ‬ ‫رﺑﺘﻪ‬ ‫ﻧﺸﺄت ﰲ ٍ‬
‫ﺑﻴﺖ ﱠ ُ‬
‫ﳜـ ِـﺮج‬
‫اﻟﻄﺎﺋﻠـﺔ‪ ،‬ورﺋـﻴﺲ ﻫـﺬا اﻟﺒﻴـﺖ ﻗـﺪ ُﻛ ﱢﻠــﻒ ﺑﻤﻬﻤـﺔ ﻋﻈﻴﻤـﺔ ﺟﻠﻴﻠـﺔ وﻣﻘﺪﺳـﺔ‪ ،‬أن ُ ْ‬
‫ـﺪﻳﻘﺎت‬
‫ُ‬ ‫ـﺪﻗﺎء وﺻـ ـ‬
‫ـﱰدد ﻋـ ــﲆ ﻫـ ــﺬا اﻟﺒﻴـ ــﺖ أﺻـ ـ ُ‬
‫اﻟﻨـ ــﺎس ﻣـ ــﻦ اﻟﻈﻠـ ــﲈت إﱃ اﻟﻨـ ــﻮر‪ ،‬وﻳـ ـ ﱠ‬
‫اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ وﻣﻦ ﺗﺮﺑﻄﻬﻢ ﺑﻪ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺘﺠﺎرة واﻟﺪﻋﻮة‪.‬‬
‫َﺗَﻔﱠﺘﺤ ــﺖ ﻋ ــﲔ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﻣ ــﻊ ﺗﻔ ـ ﱡـﺘﺢ ﻋ ــﲔ اﻹﺳ ــﻼم‪ ،‬ﻟﺘﺠ ــﺪ ﻫ ــﺆﻻء ﲢ ــﺖ ﻇ ــﻼل‬
‫ـﺸﲑ ﺑﺎﻟ ــﺪﻳﻦ اﳊ ــﻖ‪ ،‬اﻟ ـ ِ‬
‫ـﺪﻳﻦ اﻟ ــﺬي ﻣ ــﻦ‬ ‫ﻫ ــﺬا اﻟﺒﻴ ــﺖ اﻟﻄ ــﺎﻫﺮ‪ ،‬اﻟ ــﺬي ﺑ ــﺪأ ﻟﺘ ــﻮه اﻟﺘﺒ ـ َ‬
‫وﺟﻞ اﻟﻌﺎﱂ‪.‬‬‫ﺣﻨﻖ اﻟﻈﺎﳌﲔ واﳌﺴﺘﻜﱪﻳﻦ وﻛﱪاء اﻟﻘﻮم ﰲ ﻣﻜﺔ ُ ﱢ‬ ‫ﺷﺄﻧﻪ أن ُﻳﺜﲑ َ‬
‫ﺗﻌﻠﻴﻤﻬــﺎ اﻷوﱄ‪ ،‬ﻛــﺎﻟﻘﺮاءة‬ ‫ﺗﻌﻠﻤـ ِ‬
‫ـﺖ اﻟﺰﻫــﺮاء ﰲ ﻫــﺬا اﻟﺒﻴــﺖ وﰲ ﻫــﺬه اﻟﺒﻴﺌــﺔ‬ ‫ﱠ‬
‫َ‬
‫ـﺘﻌﻠﻢ اﳊــﺴﺎب‪،‬‬‫واﻟﻜﺘﺎﺑـﺔ‪ ،‬واﳊـﺴﺎب‪ ،‬واﳌﻌـﺎرف اﻷوﻟﻴـﺔ‪ ،‬ﻓﻤـﻦ أﻣﻬـﺎ اﻟﺘـﺎﺟﺮة ﺗ ﱠ‬

‫)‪ (١‬اﻟﻌﻘﺎد‪ ،‬ﻓﺎﻃﻤﺔ واﻟﻔﺎﻃﻤﻴﻮن‪ ،‬ص‪.١٧‬‬

‫‪٢٥‬‬
 ‫‪‬‬

‫ـﲇ ‪ - ‬اﻟ ـ ــﺬي ﻛـ ــﺎن ﻧ ـ ــﺰﻳﻼ ﻋـ ــﲆ ﻫ ـ ــﺬا اﻟﺒﻴ ـ ــﺖ‬

‫ورﻳﺎﺿـ ــﺔ اﻷذﻫ ـ ــﺎن‪ ،‬وﻣـ ــﻦ ﻋ ـ ـ ﱟ‬
‫ﺗﻌﻠﻤـ ِ‬
‫ـﺖ‬ ‫ـﺐ ﺳــﻨﻲ ﻋﻤــﺮه اﻷوﱃ ‪ -‬ﺗــﺘﻌﻠﻢ اﻟﻘــﺮاءة واﻟﻜﺘﺎﺑــﺔ‪ ،‬وﻣــﻦ اﻟﺮﺳــﻮل ﱠ‬ ‫أﻏﻠـ َ‬
‫)‪(١‬‬
‫واﳍﺪي واﻟﺪل ‪.‬‬ ‫اﻟﺴﻤﺖ ْ َ‬ ‫ْ َ‬
‫ﺗﻌﻠﻤ ــﺖ اﻟﺰﻫ ــﺮاء ﰲ دار أﺑﻮﳞ ــﺎ ﻣ ــﺎ ﱂ ﱠ‬
‫ﺗﺘﻌﻠ ْﻤ ــﻪ ﻃﻔﻠ ــﺔ ﻏﲑﻫ ــﺎ ﰲ ﻣﻜ ــﺔ‪ ،‬آﻳ ــﺎت‬ ‫ّ‬
‫ﻣـﻦ اﻟﻘـﺮآن‪ ،‬وﻋــﺎدات ﻳﺄﺑﺎﻫـﺎ َﻣـْﻦ ﺣــﻮﳍﻢ‪" ،‬ﺳـﻤﻌﺖ اﻟﻘـﺮآن اﻟﻜــﺮﻳﻢ ﻣـﻦ أﺑﻴﻬــﺎ‬
‫اﻟﻨﺒ ــﻲ ‪ ،‬وﺳ ــﻤﻌﺘﻪ ﻣ ــﻦ ﺑ ــﺎب ﻣﺪﻳﻨ ــﺔ ﻋﻠ ــﻢ اﳌ ــﺼﻄﻔﻰ ﻋ ــﲇ ‪ ،‬وﺻ ـ ﱠـﻠﺖ‬
‫ﺑﻪ‪ ،‬ووﻋﺖ أﺣﻜﺎم ﻓﺮاﺋﻀﻪ"‪.‬‬
‫ﻫــﺎ ﻫــﻲ اﻵن ﺗﻜـ ُـﱪ وﺗــﺮى أﻫــﻞ ﻫــﺬا اﻟﺒﻴــﺖ وﻫــﻢ ﻳﺘﺤــﺪﺛﻮن ﰲ أﻣــﺮ ﺟﻠــﻞ‪،‬‬
‫وﻛﻴﻒ ﻳﻮاﺟﻬﻪ ﻛﱪاء اﻟﻘﺮﺷﻴﲔ اﳌﺴﺘﻬﺰﺋﲔ‪ ،‬وﻫﻲ ﺗﺮاﻫﻢ )أﺑﺎﻫﺎ وأﻣﻬﺎ واﺑﻦ‬
‫ﻋ ــﻢ أﺑﻴﻬ ــﺎ ﻋﻠﻴ ـًﺎ( ﻳ ــﺼﻠﻮن )ﺳ ــﺒﻊ ﺳ ــﻨﲔ( ﻻ ﻳ ــﺮاﻫﻢ أﺣ ــﺪ إﻻ ﻫ ــﻲ‪ ،‬وﻫ ــﻲ اﻟﺘ ــﻲ‬
‫ـﺴﺎﺋﻢ اﳍﺪاﻳ ـ ِـﺔ اﻷوﱃ‪ ،‬وﻧﺎﻟ ــﺖ ﺑﺮﻛ ــﺎت‬
‫ـﺴﺖ ﻧ ـ َ‬‫ﻧ َﻤ ــﺖ ﻋ ــﲆ أﺻ ــﺪاء اﻟ ــﻮﺣﻲ‪ ،‬وﺗﻨ ﱠﻔ ـ َ ْ‬
‫ﺻﺒﺎح ﻣﺴﺎء‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ﺣﻀﻮر ﺟﱪﻳﻞ ‪‬‬
‫وﻻ أﺳـﺘﺒﻌﺪ أن رﺳــﻮل اﷲ ‪ ‬اﻟــﺬي ﻧﺰﻟـﺖ ﻋﻠﻴــﻪ آﻳـ ٌ‬
‫ـﺎت ﺗـﺄﻣﺮ ﺑــﺎﻟﻘﺮاءة وﲢــﺚ‬
‫ﻋــﲆ اﻟﻌﻠ ــﻢ‪ ،‬أﻧــﻪ ﻗ ــﺪ دﻓﻌﻬــﺎ إﱃ ﻣﻌ ﱢﻠ ــﲈت أﺧﺮﻳ ــﺎت‪ ،‬ﻓﻬﻨــﺎك رواﻳ ــﺔ ﺗﻘــﻮل ﺑﺄﻧ ــﻪ ﺟﻌﻠﻬ ــﺎ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﻋﻨ ــﺪ أم ﻫ ــﺎﻧﺊ ﺑﻨ ــﺖ أﰊ ﻃﺎﻟ ــﺐ‪ ،‬ﻟﺮﻋﺎﻳﺘﻬ ــﺎ واﻟﻘﻴ ــﺎم ﺑ ــﺸﺄﳖﺎ ‪ ،‬وﺗﻘ ــﻮل أم ﺳ ــﻠﻤﺔ‪ :‬إن‬
‫رﺳــﻮل اﷲ ‪ ‬ﻓـ ﱠـﻮض أ ْﻣـ َـﺮ اﺑﻨﺘــﻪ اﻟﺰﻫــﺮاء إﻟﻴﻬــﺎ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧــﺖ ﱢ‬
‫ﺗﺆدﲠــﺎ‪ ،‬وﺗــﺪﳍﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟــﺖ‪:‬‬

‫)‪ (١‬ﺳﻴﺄﰐ أﳖﺎ ﻛﺎﻧﺖ أﺷﺒﻪ اﻟﻨﺎس ﺑﺄﺑﻴﻬﺎ ﺻﲆ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ وﺳﻠﻢ ﰲ اﳍﺪي واﻟﺴﻤﺖ واﻟﺪل‪.‬‬
‫)‪ (٢‬اﻟ ــﺴﻴﻮﻃﻲ‪ ،‬ﻣ ــﺴﻨﺪ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ اﻟ ــﺴﻼم‪ ،‬ص‪ ،١١٩‬وﻣ ــﻊ أن اﻟﺮواﻳ ــﺔ ذﻛ ــﺮت أن ذﻟ ــﻚ ﻛ ــﺎن‬
‫ﺑﻌـﺪ وﻓـﺎة ﺧﺪﳚــﺔ ﻟﻜﻨﻨـﺎ ﻧـﺴﺘﺒﻌﺪ اﻟﺘﻮﻗﻴــﺖ؛ ﻛـﻮن ﻓﺎﻃﻤــﺔ ﰲ ذﻟـﻚ اﻟﻮﻗـﺖ ﻗــﺪ أﺻـﺒﺤﺖ ﰲ ﺳــﻦ‬
‫اﻟﻌﺎﴍة ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ‪ ،‬وﻫﻮ ﺳﻦ ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻪ اﻟﻄﻔﻞ أﻗﻮم ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫‪٢٦‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(١‬‬
‫وأﻋﺮف ﻣﻨﻲ ﺑﺎﻷﺷﻴﺎء ﻛﻠﻬﺎ" ‪ .‬وﻛﻠﻤـﺔ اﻷدب ﺗﻌﻨـﻲ‬
‫َ‬ ‫"وﻛﺎﻧﺖ واﷲِ َ َ‬
‫آدب ﻣﻨﻲ‪،‬‬
‫اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻷوﱄ‪ ،‬اﻟﺬي ﺗﺪل ﻋﻠﻴﻪ ﴏاﺣﻪ ﻛﻠﻤﺔ "أﻋﺮف ﻣﻨﻲ"‪.‬‬

‫ﺛــﻢ وﻫ ــﻞ ﻫﻨــﺎك ﻣﻌ ﱢﻠ ــﻢ ﻳﻔــﻮق ﻣﻌﻠ ــﻢ اﻟﺒــﴩﻳﺔ ﲨﻌ ــﺎء ﺗﺮﺑﻴــﺔ وﺗﻌﻠ ــﻴﲈ‪ ،‬ﻓــﲈ ﻇﻨﻨ ــﺎ‬
‫ﺑﻔﺘ ــﺎة ﺗﺮ ﱠﺑ ــﺖ وﺗﺮﻋﺮﻋ ــﺖ ﻋ ــﲆ ﻳ ــﺪ أﻋﻈ ـ ِـﻢ ﻣﻌﻠ ـ ٍـﻢ ﻟﻠﺒ ــﴩﻳﺔ؛ ﻻ ﻏ ـ َ‬
‫ـﺮو أﳖ ــﺎ ﺑﻠﻐ ــﺖ‬
‫ﻣﺒﻠﻐﺎ ﻋﻈﻴﲈ ﰲ ذﻟﻚ‪.‬‬

‫ﺳــﻴﺪة ﻧ ــﺴﺎء اﻟﻌــﺎﳌﲔ‪ ،‬وﺳ ــﻴﺪة ﻧ ــﺴﺎء ﻫــﺬه اﻷﻣ ــﺔ‪ ،‬وﺳ ــﻴﺪة ﻧــﺴﺎء أﻫ ــﻞ اﳉﻨ ــﺔ‪،‬‬
‫وﺑﻨــﺖ ﳏﻤــﺪ ‪ ‬ﻣﺪﻳﻨــﺔ اﻟﻌﻠــﻢ‪ ،‬وزوج ﻋــﲇ ‪ ‬ﺑــﺎب ﻣﺪﻳﻨــﺔ اﻟﻌﻠــﻢ‪ ،‬ﻻ ﳚــﻮز‬
‫أن ﺗﻜــﻮن إﻻ ﱢ‬
‫ﻣﺘﻌﻠﻤــﺔ ﺛــﻢ ﻋﺎﳌــﺔ‪ ،‬ووﺻــﻒ اﻟــﺴﻴﺪة ﻋﺎﺋــﺸﺔ ﳍــﺎ ﺑﺄﳖــﺎ ﻛﺎﻧــﺖ أﻛﺜــﺮ‬
‫ِ‬
‫اﻟﻨ ــﺎس ﺷ ــﺒﻬﺎ ﺑﺮﺳ ــﻮل اﷲ ﰲ ﻫﺪﻳِــﻪ وﺳ ـ ْـﻤﺘﻪ َ‬
‫ود ﱢﻟ ــﻪ ﻛ ــﲈ ﺳ ــﻴﺄﰐ‪ ،‬ﻳ ــﺸﲑ إﱃ اﳌﺮﺗﺒ ــﺔ‬
‫اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ وﺻﻠﺖ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺰﻫﺮاء ﰲ ﺟﺎﻧﺐ اﳌﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﳍﺪي اﻹﳍﻲ‪.‬‬

‫إن ﺻ ــﻔﺎت ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ وأﺧﻼﻗﻬ ــﺎ وﻗﻴﻤﻬ ــﺎ وﻣﺒﺎدﺋﻬ ــﺎ وﻣﻮاﻗﻔﻬ ــﺎ اﻟﻌﻈﻴﻤ ــﺔ اﻟﺘ ــﻲ‬
‫ـﻮع اﳌﻌ ــﺎرف‬ ‫ـﻒ ‪ -‬ﺗ ــﺸﲑ إﱃ ﻧ ـ ِ‬ ‫ـﻮة ﻣﻮﻗ ـ ٍ‬
‫ـﺲ ورﺟﺎﺣ ـ ِـﺔ ﻋﻘ ـ ٍـﻞ وﻗ ـ ِ‬
‫اﲣ ــﺬﲥﺎ ﺑﻌﻈﻤ ـ ِـﺔ ﻧﻔ ـ ٍ‬
‫اﻟﻘﺮآﻧﻴـ ــﺔ‪ ،‬واﻷﺣﻜـ ــﺎم اﻟﻨﺒﻮﻳـ ــﺔ‪ ،‬واﻹﻋـ ــﺪادات اﻟﱰﺑﻮﻳـ ــﺔ واﻟﻨﻔـ ــﺴﻴﺔ اﻟﺘـ ــﻲ ﺗﻠﻘﺘﻬـ ــﺎ‬
‫اﻟﺰﻫﺮاء ﻋﲆ ﻳﺪ أﻋﻈﻢ أﺳﺎﺗﺬة اﻟﻌﺎﱂ ﻋﲆ ﻣﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻗﺎﻃﺒﺔ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﻟﻄـ ــﱪي‪ ،‬دﻻﺋـ ــﻞ اﻹﻣﺎﻣـ ــﺔ‪ ،‬ص‪ ،٨١‬رﻗـ ــﻢ‪ ، ٢١‬ورﻏ ـ ــﻢ أن اﻟﺮواﻳـ ــﺔ ﲢـ ــﺪد اﻟﺘﻮﻗﻴـ ــﺖ ﺑـ ــﺄن ذﻟ ـ ــﻚ‬
‫ﺣ ــﺪث ﰲ اﳌﺪﻳﻨ ــﺔ ﻋﻨ ــﺪ زواج أم ﺳ ــﻠﻤﺔ ﺑﺮﺳ ــﻮل اﷲ‪ ،‬ﻏ ــﲑ أن ﻓﺎﻃﻤـ ـﺔ وﻗ ــﺪ أﺻ ــﺒﺤﺖ ﻳﺎﻓﻌ ــﺔ ﻻ‬
‫ﻳﻨـ ــﺴﺠﻢ ﺣﺎﳍـ ــﺎ وﺗﻌﻠـ ــﻴﻢ اﻵداب واﳌﻌـ ــﺎرف اﻷوﱃ‪ ،‬وﻟﻌـ ــﻞ ذﻟـ ــﻚ ﺣـ ــﺪث ﰲ ﻣﻜـ ــﺔ ﻋﻨـ ــﺪ ﺻـ ــﻐﺮ‬
‫ﻓﺎﻃﻤﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﺒﺲ ﻋﲆ اﻟﺮواة اﻟﺘﻮﻗﻴﺖ ﻓﻘﻂ‪.‬‬

‫‪٢٧‬‬
 ‫‪‬‬

‫وﺷﺠﺎﻋﺘﻬﺎ‪ ،‬وﻗـﻮة ﻧﻔـﺴﻬﺎ‪ ،‬وزﻫـﺪﻫﺎ‪ ،‬وأدﲠـﺎ‪ ،‬وﻣﻌﺮﻓﺘﻬـﺎ ﻟﻸﺷـﻴﺎء‬

‫ُ‬ ‫ِ ُْ‬
‫ﺻﺪﻗﻬﺎ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﻛﻠﻬﺎ‪ ،‬وﺣﺒﻬﺎ ﻟﻠﻌﻤﻞ‪ ،‬إﱃ درﺟـﺔ أﳖـﺎ ﻛﺎﻧـﺖ )ﺗـﺪق اﻟـﺪرﻣﻚ ﺑـﲔ ﻳـﺪﳞﺎ ﺣﺘـﻰ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﳎﻠﺖ ﻳﺪاﻫﺎ( ‪ ،‬ﺑﻞ ﻧﻮع ﺗﺮﺑﻴﺘﻬﺎ وﻃﺮﻳﻘﺔ ﺣﻴﺎﲥﺎ وﻣﻌﻴﺸﺘﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺬي‬
‫ﻛـ ــﺎن ﻋﻠﻴـ ــﻪ اﻟﺮﺳـ ــﻮل اﻟﻜـ ــﺮﻳﻢ ‪ ‬ﻳـ ــﺸﲑ إﱃ اﺳـ ــﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺘﻬﺎ ﻧـ ــﺸﺄة وﺗﻌﻠـ ــﻴﲈ وﻋﻠـ ــﲈ‬
‫وﺳﻠﻮﻛﺎ ووﺟﺪاﻧﺎ وﺟﻬﺎدا‪.‬‬

‫إﳖـ ــﺎ ﻧﻤـ ــﻮذج اﳌـ ــﺮأة ﰲ اﻹﺳـ ــﻼم وﰲ اﻹﻧـ ــﺴﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬وﻛﻴـ ــﻒ ﳚـ ــﺐ أن ﺗﻜ ـ ــﻮن؛‬
‫ـﺎب زوﺟ ــﺔ أﺑﻴﻬ ــﺎ ﻋﺎﺋ ــﺸﺔ‪ ،‬وﻛ ــﺬﻟﻚ ﻣﺜ ــﺎر‬ ‫ـﺎر إﻋﺠ ـ ِ‬ ‫وﳍ ــﺬا ﻛﺎﻧ ــﺖ ﰲ ﻛ ــﻞ ﳾء ﻣﺜ ـ َ‬
‫ـﺖ اﻟﻴ ـ ــﻮم ﻧـ ـ ــﺸﺄة‬
‫ـﻮن ﺑﻨ ـ ـ ُ‬ ‫إﻋﺠ ـ ــﺎب زوﺟ ـ ــﺎت اﻟﻨﺒ ـ ــﻲ‪ ‬اﻷﺧﺮﻳـ ـ ــﺎت‪ِ ،‬‬
‫وﱂ َ ﻻ ﺗﻜ ـ ـ ُ‬
‫وﺗﻌﻠﲈ ووﺟﺪاﻧﺎ ﻛﲈ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻨﺖ اﻟﺼﻐﲑة؟!‪.‬‬

‫)‪ (١‬ﻫﻮ اﻟﺪﻗﻴﻖ‪.‬‬

‫ِ‬
‫)‪ (٢‬اﻟ ـ ـﺒﻼذري‪ ،‬أﻧ ـ ــﺴﺎب اﻷﴍاف‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪ .١٥٥‬وﳎﻠ ـ ــﺖ ﻳ ـ ــﺪاﻫﺎ‪ :‬أي َﻧﻔ َﻄ ـ ـ ْـﺖ وﺗ ـ ــﺄﺛﺮت ﻣ ـ ــﻦ‬
‫اﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬ﻓﻤﺮﻧﺖ َ ُ‬
‫وﺻﻠﺒﺖ‪.‬‬

‫‪٢٨‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪  ‬‬

‫ـﺮوف اﻹﺳ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـﻼم اﻷوﱃ ﰲ ﻣﻜ ـ ـ ــﺔ‪،‬‬ ‫ﰲ ﻏـ ـ ــﻀﻮن ذﻟ ـ ـ ــﻚ ﻋﺎﺷـ ـ ــﺖ اﻟﺰﻫ ـ ـ ــﺮاء ﻇ ـ ـ ـ َ‬
‫ورأت أﺑﺎﻫـ ــﺎ ﻛـ ـ ﱠـﻞ ﻳـ ـ ٍ‬
‫ـﻮم ﳛﻤـ ــﻞ ﻋـ ــﲆ ﻋﺎﺗﻘـ ــﻪ ﻣـ ــﺴﺆوﻟﻴﺔ ﺗﺒﻠﻴـ ــﻎ اﻹﺳـ ــﻼم ﺑـ ــﺈﴏار‬
‫وإﴏاره وأﻧ ـ َـﺴﻪ ﺑ ــﺎﷲ‪ ،‬واﺳﺘ ــﺸﻌﺮت‬
‫َ‬ ‫ﻋﺠﻴ ــﺐ‪ ،‬وﺗﻌﻠﻤ ــﺖ ﻣﻨ ــﻪ ُﻗﱠﻮ َﺗ ــﻪ ﰲ ذﻟ ــﻚ‪،‬‬
‫ﻣﻌﻴــﺔ اﷲ ﻟ ــﻪ‪ ،‬وذاﻗ ــﺖ ﻣﻌــﻪ ﻃﻌ ـ َـﻢ اﻷﱂ ﰲ ﺳ ــﺒﻴﻞ اﷲ‪ ،‬وﻣـ ﱠـﺴﺖ ﺧ ــﺸﻮﻧﺔ اﳊﻴ ــﺎة ﰲ‬
‫ﻣﺮﺿ ـ ــﺎﺗﻪ‪ ،‬ﺑﻘ ـ ــﺪر ﻣ ـ ــﺎ ﺗﻐﻠﻐﻠ ـ ــﺖ ﰲ أﻋﲈﻗﻬ ـ ــﺎ ﻟ ـ ــﺬة اﻟﻄﺎﻋ ـ ــﺔ ﷲ‪ ،‬واﻻﻧ ـ ــﴩاح ﻣ ـ ــﻊ‬
‫اﻟﺴﻌﻲ ﰲ ذات اﷲ‪.‬‬
‫ـﻴﻢ ﻳــﺪﻋﻮﻫﻢ‬ ‫ٍ‬
‫رؤوف رﺣـ ٍ‬ ‫ـﺎﻫﺪﺗﻪ ‪ ‬ﻳﺘﺤــﺪث ﰲ اﻟﻨــﺎس ﻛـ ٍ‬
‫ـﺄب‬ ‫ـﺮة ﺷـ َ ْ‬‫"ﻛــﻢ ﻣـ ٍ‬
‫ﺑﺮﻗ ـ ــﺔ وﻋﻄ ـ ـ ــﻒ‪ ،‬وﻫ ـ ـ ــﻢ ِ‬
‫ﻳﺒﻌﺪوﻧ ـ ـ ــﻪ ﻋ ـ ـ ــﻨﻬﻢ ﺑﻌﻨ ـ ـ ــﻒ وﺧ ـ ـ ــﺸﻮﻧﺔ‪ ،‬وﻻ ﳚﻴﺒﻮﻧ ـ ـ ــﻪ إﻻ‬
‫ُْ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﺑﺎﻟـ ــﺴﺒﺎب واﻟـ ــﺸﺘﻴﻤﺔ‪ ،‬ﻓﻴﻌـ ــﻮد وﺣﻴـ ــﺪا ﻓﺮﻳـ ــﺪا" ‪ ،‬ﱠ‬
‫ﻓﺘﻌﻠﻤـ ــﺖ ﻣﻌﻨـ ــﻰ أن ﺗﻜـ ــﻮن‬
‫ﻳﺆﻧﺴﻬﺎ إﻻ اﳊﻖ اﻟﺬي ﲢﻤﻠﻪ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وﺣﻴﺪة ﻻ ُ‬
‫ﻫــﺆﻻء اﳌــﻸ ﻣــﻦ ﻗــﺮﻳﺶ ﺗﻌﺎﻫــﺪوا ﻳﻮﻣــﺎ أن ﻳﻔﺘﻜــﻮا ﺑﺄﺑﻴﻬــﺎ ‪ ،‬وﻛـ ﱞـﻞ ﻣــﻨﻬﻢ‬
‫ﻓﻬﺮﻋـ ــﺖ إﱃ‬ ‫ﻛـ ــﺎن ﻗـ ــﺪ أﺧـ ــﺬ دورا ﻣﻌﻴﻨـ ــﺎ ﰲ ذﻟـ ــﻚ‪ ،‬وﻛﺎﻧـ ــﺖ اﻟﺒﻨـ ــﺖ ﺗـ ــﺴﻤﻌﻬﻢ‪ِ ُ ،‬‬
‫أﺑﻴﻬ ــﺎ ﺗﺒﻜ ــﻲ‪ ،‬ﻓﻘ ــﺎل ﳍ ــﺎ‪) :‬ﻣ ــﺎ ﻳﺒﻜﻴ ــﻚ ﻳ ــﺎ ﺑﻨﻴ ــﺔ؟(‪ ،‬ﻗﺎﻟ ــﺖ‪ :‬ﻳ ــﺎ أﺑ ــﻪ ﻣ ــﺎﱄ ﻻ أﺑﻜ ــﻲ‪،‬‬
‫وﻫــﺆﻻء اﳌ ــﻸ ﻣ ــﻦ ﻗ ــﺮﻳﺶ ُﻳﻌﺎ ِﻫ ــﺪون ﺑ ــﺎﻟﻼت واﻟﻌ ــﺰى وﻣﻨ ــﺎة اﻟﺜﺎﻟﺜ ــﺔ اﻷﺧ ــﺮى‪،‬‬
‫ـﺼﻴﺒﻪ ﻣـ ــﻦ دﻣـ ــﻚ‪ ،‬ﻓـ ــﺄراد أﺑﻮﻫـ ــﺎ أن ُﻳـ ـ َ‬
‫ـﺬﻳﻘﻬﺎ‬ ‫ﻓـ ــﲈ ﻣـ ــﻨﻬﻢ رﺟـ ــﻞ إﻻ وﻗـ ــﺪ ﻋـ ــﺮف ﻧـ ـ َ‬

‫)‪ (١‬ﴍﻳﻌﺘﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻫﻲ ﻓﺎﻃﻤﺔ‪ ،‬ص‪.١٤٤‬‬

‫‪٢٩‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﺣﻼوة اﳌﻮاﺟﻬﺔ ﻟﻠﻄﻐﺎة ﺑﺸﺠﺎﻋﺔ ﰲ اﳌﻮﻗﻒ اﳊﻖ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﳍﺎ‪) :‬ﻳـﺎ ﺑﻨﻴـﺔ‪ ،‬اﺋﺘﻴﻨـﻲ‬
‫َ‬
‫ﺑﻮﺿﻮء(‪ ،‬ﻓﺘﻮﺿﺄ‪ ،‬ﺛﻢ ﺧﺮج إﱃ اﳌﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻓﻠﲈ رأوه ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬ﻫﺎ ﻫﻮ ذا‪ ،‬ﻓﻄﺄﻃـﺄوا‬
‫رؤوﺳ ـ ـ ــﻬﻢ‪ ،‬ﺑ ـ ـ ــﻞ وﺗﻨ ـ ـ ــﺎول ‪ ‬ﻗﺒ ـ ـ ــﻀﺔ ﻣـ ـ ــﻦ اﻟ ـ ـ ــﱰاب ﻓﺤ ـ ـ ــﺼﺒﻬﻢ ﲠ ـ ـ ــﺎ‪ ،‬وﻗ ـ ـ ــﺎل‪:‬‬
‫)ﺷــﺎﻫﺖ اﻟﻮﺟــﻮه(‪ ،‬ﻓــﲈ أﺻــﺎب رﺟــﻼ ﻣــﻨﻬﻢ ﺣــﺼﺎة ﻣــﻦ ﺣــﺼﺎﺗﻪ إﻻ ﻗﺘِــﻞ ﻳ ــﻮم‬
‫)‪(١‬‬
‫ﺑﺪر ﻛﺎﻓﺮا ‪.‬‬
‫ـﻦ ﻣ ــﺴﻌﻮد‪ ،‬ﻗـ ــﺎل‪:‬‬ ‫ـﻒ ﺳـ ـ ﱠـﺠﻠﻪ ﻋﺒ ـ ُـﺪاﷲ ﺑـ ـ ُ‬
‫وﰲ ﻣ ــﺮة ﻣـ ــﻦ اﳌ ــﺮات ﺣـ ــﺪث ﻣﻮﻗ ـ ٌ‬
‫ـﺤﺎب ﻟ ــﻪ ﺟﻠ ــﻮس‪،‬‬ ‫ـﺼﲇ ﻋﻨــﺪ اﻟﺒﻴ ــﺖ وأﺑــﻮ ﺟﻬ ــﻞ وأﺻـ ٌ‬ ‫"ﺑﻴــﻨﲈ ﻛ ــﺎن رﺳــﻮل اﷲ ﻳ ـ ﱢ‬
‫ـﻮل اﷲ‬ ‫ـﻔﻪ ﻗ ــﺮﻳﺶ‪ ،‬ﻓﺄﻃ ــﺎل رﺳ ـ ُ‬ ‫وﻓ ــﻴﻬﻢ ﻋﻘﺒ ــﺔ ﺑ ــﻦ أﰊ ﻣﻌ ــﻴﻂ اﻷﻣ ــﻮي‪ ،‬وﻛ ــﺎن أﺳ ـ َ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ـﺴﺠﻮد‪ ،‬ﻓﻘـ ــﺎل أﺑـ ــﻮ ﺟﻬ ـ ــﻞ‪ :‬ﱡأﻳﻜـ ــﻢ ﻳـ ــﺄﰐ ﺟـ ــﺰورا ﻟﺒﻨ ـ ــﻲ ﻓـ ــﻼن‪ ،‬ﻗـ ــﺪ ُﻧ ِﺤ ـ ـ َ ْ‬
‫ـﺮت‬ ‫َ‬ ‫اﻟـ ـ‬
‫)‪(٣‬‬
‫ﺑﺄﺳ ــﻔﻞ ﻣﻜ ــﺔ‪ ،‬ﻓﻴﺠ ــﻲء ﺑﻔﺮﺛﻬ ــﺎ ﻓﻴ ــﻀﻌﻪ ﰲ ﻛﺘﻔ ــﻲ ﳏﻤ ــﺪ إذا ﺳ ــﺠﺪ‪ ،‬ﻓﺎﻧﺒﻌ ــﺚ‬
‫أﺷــﻘﺎﻫﻢ ﻋﻘﺒــﺔ‪ ،‬ﻓﻠــﲈ ﺳــﺠﺪ اﻟﺮﺳــﻮل ‪ ‬أﻟﻘــﺎه ﻣــﺎ ﺑــﲔ ﻛﺘﻔﻴــﻪ‪ ،‬ﻓﺎﺳﺘــﻀﺤﻜﻮا‪،‬‬
‫ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻤﻴﻞ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ"‪.‬‬ ‫وﺟﻌﻞ ُ‬
‫ﻗــﺎل اﺑــﻦ ﻣ ــﺴﻌﻮد‪" :‬وأﻧــﺎ ﻗــﺎﺋﻢ أﻧﻈ ــﺮ‪ ،‬ﻟــﻮ ﻛﺎﻧــﺖ ﱄ ﻣﻨﻌ ــﺔ ْ‬
‫ﻃﺮﺣ ُﺘــﻪ ﻋــﻦ ﻇﻬ ــﺮ‬
‫رﺳــﻮل اﷲ ‪ ،‬واﻟﻨﺒــﻲ ﺳــﺎﺟﺪ‪ ،‬ﻣــﺎ ﻳﺮﻓــﻊ رأﺳــﻪ‪ ،‬ﺣﺘــﻰ اﻧﻄﻠــﻖ إﻧــﺴﺎن ﻓــﺄﺧﱪ‬
‫)‪(٤‬‬
‫ﻓﻄﺮﺣ ْﺘــﻪ ﻋﻨـﻪ‪ ،‬ﺛـﻢ أﻗﺒﻠـﺖ ﻋﻠـﻴﻬﻢ ﺗـ ﱢ ُ‬
‫ـﻮﺑﺨﻬﻢ‬ ‫َ‬ ‫ﻓﺎﻃﻤـﺔ‪ ،‬ﻓﺠـﺎءت وﻫـﻲ ﺟﻮﻳﺮﻳـﺔ ‪،‬‬

‫)‪ (١‬أﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ‪ ،‬ﺗﻴﺴﲑ اﳌﻄﺎﻟﺐ‪ ،‬ص‪.٦١‬‬

‫)‪ (٢‬ﻫﻮ اﳉﻤﻞ أو اﻟﻨﺎﻗﺔ ﳎﺰورة‪.‬‬
‫)‪ (٣‬ﳐﻠﻔﺎت ﻛﺮﺷﻬﺎ‪.‬‬
‫ِ‬
‫)‪ (٤‬ﻫــﺬا اﻟﻮﺻــﻒ ﻳــﺸﲑ إﱃ ﺗ ــﺮﺟﻴﺢ أﳖــﺎ ُوﻟ ـَﺪت ﰲ ﻋــﺎم اﻟﺒﻌﺜ ــﺔ‪ ،‬ﻓﺘــﺼﲑ ﺟﻮﻳﺮﻳــﺔ ﰲ ﺣــﺎل اﺷ ــﺘﺪاد‬
‫إﻳـﺬاء ﻗــﺮﻳﺶ ﻷﺑﻴﻬـﺎ؛ إذ ﻟــﻮ ﻛﺎﻧــﺖ وﻟـﺪت ﰲ اﳋﺎﻣــﺴﺔ ﻣــﻦ اﻟﺒﻌﺜـﺔ ﻛــﲈ ﻳﺮوﻳــﻪ ﺑﻌـﺾ اﳌــﺆرﺧﲔ ﳌــﺎ‬
‫وﺻﻔﻬﺎ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ﺑـ)ﺟﻮﻳﺮﻳﺔ(؛ إذ ﻻ ﺗﺰال ﻃﻔﻠﺔ ﺣﻴﻨﺌﺬ‪.‬‬

‫‪٣٠‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(١‬‬ ‫ُِْ‬
‫ـﻼﺗﻪ‪ ،‬رﻓـﻊ ﺻـﻮﺗﻪ‪،‬‬ ‫وﺗﻐﻠﻆ ﻋﻠﻴﻬﻢ ‪ ،‬وﺗﺪﻋﻮ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻠـﲈ ﻗـﴣ اﻟﻨﺒـﻲ‪ ‬ﺻ َ‬
‫ﺛ ـ ــﻢ دﻋ ـ ــﺎ ﻋﻠ ـ ــﻴﻬﻢ‪ ،‬ﻗ ـ ــﺎل اﺑ ـ ــﻦ ﻣ ـ ــﺴﻌﻮد‪ :‬ﻓﻠﻘ ـ ــﺪ رأﻳ ـ ـ ُـﺘﻬﻢ ُﻗﺘ ِﻠ ـ ــﻮا ﻳ ـ ــﻮم ﺑ ـ ــﺪر‪ْ ُ ،‬‬
‫وأﻟ ُﻘ ـ ــﻮا‬
‫")‪(٢‬‬
‫اﻟﻘﻠﻴﺐ ‪.‬‬ ‫ﰲ ُ‬
‫َ‬
‫اﳌﺤﺘﻘﺮ ﻋﻨﺪ‬ ‫ﻫﺬه اﻟﺮواﻳﺔ ُ ْ ِ ُ‬
‫ﺗﺜﺒﺖ أن ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺗﻠﻚ اﻷﻧﺜﻰ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﱃ اﳉﻨﺲ‬
‫ﻳﻘﻮ ﻋﻠﻴﻪ ٌ‬
‫رﺟﻞ‬ ‫أوﻟﺌﻚ اﻷﻋﺮاب اﻟﻘﺮﺷﻴﲔ‪ ،‬ﻫﺬه اﻷﻧﺜﻰ اﳉﻮﻳﺮﻳﺔ ِ َ ْ‬
‫ﻗﻮﻳﺖ ﻋﲆ ﻣﺎ ﱂ َ ْ َ‬
‫وﴏﺧـ ــﺖ ﴏﺧ ـ ــﺔ اﻟـ ــﺪﻳﻦ واﻟﻌ ـ ــﺰة واﻟﻜﺮاﻣـ ــﺔ ﰲ وﺟ ـ ــﻮه أوﻟﺌ ـ ــﻚ‬
‫ﻛـ ــﺎﺑﻦ ﻣ ـ ــﺴﻌﻮد‪َ ،‬‬
‫وأﻃﻬﺮﻫﻢ وأﻛﺮﻣﻬﻢ‪.‬‬‫ِ‬ ‫أﴍف اﳋﻠﻖ‬ ‫ِ‬ ‫ﲡﺮأوا ﻋﲆ إﻳﺬاء‬
‫اﻟﻄﻐﺎة اﻟﺬﻳﻦ ﱠ‬
‫ﺑـ ـ ـ ــﻞ إن اﻟﺮواﻳـ ـ ـ ــﺔ ﺗـ ـ ـ ــﺸﲑ إﱃ أن رﺟـ ـ ـ ــﻼ أﴎع ﺑ ـ ـ ــﺈﺑﻼغ ﻓﺎﻃﻤـ ـ ـ ــﺔ ﺑـ ـ ـ ــﲈ ﻋﻤﻠ ـ ـ ـ ــﻪ‬
‫اﳌـ ـ ــﴩﻛﻮن‪ ،‬ﻓﻤـ ـ ــﻦ ﻫـ ـ ــﻮ ذﻟـ ـ ــﻚ اﻟﺮﺟ ـ ــﻞ؟ وﳌـ ـ ــﺎذا ذﻫـ ـ ــﺐ إﱃ ﻓﺎﻃﻤـ ـ ــﺔ اﻟـ ـ ــﺼﻐﲑة‪،‬‬
‫ـﺼﺪﻫﺎ دون ﺳ ــﻮاﻫﺎ ﻣـ ــﻦ اﻟﺮﺟـ ــﺎل واﻟﻨـ ــﺴﺎء؟ ﻟﺘـ ــﺄﰐ ﻓﺘـ ــﴫخ ﰲ وﺟـ ــﻮﻫﻬﻢ‬ ‫وﻗـ ـ َ َ‬
‫اﻟﺮﺳﻮل ‪‬؟‬ ‫َ‬ ‫وﺗﻨﴫ ِ َ‬
‫واﻟﺪﻫﺎ‬
‫ﻟــﻴﺲ ﺑﻤــﺴﺘﺒﻌﺪ أﻧــﻪ ﺑﻠــﻎ ﻣــﻦ ﺣــﺮص اﻟﺰﻫــﺮاء ﺳــﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬــﺎ‪ ،‬ﻋــﲆ ﻧــﴫة‬
‫ﻳﺒﻠﻐﻬ ــﺎ ﺑﻜ ـ ﱢـﻞ ﻣ ــﺎ ﻳ ــﺴﻮء واﻟ ـ َـﺪﻫﺎ ﻟﺘ ــﺄﰐ ﻫ ــﻲ أﻧﺜ ــﻰ‬
‫ـﻦ ُ َ ﱢ‬
‫أﺑﻴﻬ ــﺎ اﻟﺮﺳ ــﻮل أن ﻛﻠﱠﻔ ــﺖ َﻣ ـ ْ‬
‫ـﺎر أن ﻳﻔﻌﻠ ــﻮه‪ ،‬وﻫ ــﺬا ﻣ ــﺎ‬ ‫ـﺬﻛﻮر اﻟﻜﺒ ـ ُ‬
‫ُ‬ ‫ـﴫ اﻟﺮﺳ ـ َ‬
‫ـﻮل ﺑ ــﲈ ﱂ ﻳ ــﺴﺘﻄﻊ اﻟ ـ‬ ‫ﺻ ــﻐﲑة ﻓﺘﻨ ـ ُ ُ‬
‫ـﻼم ﳏﻤ ــﺪ ‪ ‬ﻛـ ــﲈ‬
‫ـﴫ إﺳـ ـ َ‬
‫ﳚ ــﺐ أن ﺗﻌ َﻴ ــﻪ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ اﻟﻴـ ــﻮم‪ ،‬ﻓﺈﻧ ــﻪ ﺑﺈﻣﻜﺎﳖـ ــﺎ أن ﺗﻨ ـ ُ َ‬
‫ﻧﴫت ﻓﺎﻃﻤﺔ أﺑﺎﻫﺎ‪ ،‬ﻧﴫة ﻟﺪﻳﻦ اﷲ اﻟﺬي ﺟﺎء ﺑﻪ‪.‬‬

‫ﴫف اﻟ ــﺮواة ورواﻳ ــﺘﻬﻢ ﺑ ــﺎﳌﻌﻨﻰ‪ ،‬واﻷﻟﻴ ــﻖ ﲠ ــﺎ‬ ‫)‪ (١‬ﰲ اﻟﺮواﻳ ــﺔ‪ :‬ﺛ ــﻢ أﻗﺒﻠ ــﺖ ﺗ ــﺸﺘﻤﻬﻢ‪ ،‬وﻟﻌﻠ ــﻪ ﻣ ــﻦ َﺗ ـ َ ﱡ‬
‫ﺳﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬﺎ أن ﺗﻜﻮن ﻗﺪ أﻏﻠﻈﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻋﺘﺎﺑﺎ وﺗﻘﺮﻳﻌﺎ ﻻ ﺷﺘﲈ‪.‬‬
‫)‪ (٢‬اﻟﺒﺨ ـ ـ ــﺎري‪ ،‬اﻟـ ـ ـ ــﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪ ،٢٦ ،٢٢٠‬ﻛﺘ ـ ـ ــﺎب ا ﳉﺰﻳـ ـ ـ ــﺔ‪ ،‬وﻣ ـ ـ ــﺴﻠﻢ‪ ،‬اﻟـ ـ ـ ــﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬ج‪،٣‬‬
‫ص‪ ،١٤١٩ ،١٤١٨‬ﻛﺘﺎب اﻟﺴﲑ؛ واﻟﺒﻼذري‪ ،‬أﻧﺴﺎب اﻷﴍاف‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.١٢٥‬‬

‫‪٣١‬‬
 ‫‪‬‬

‫أﻣﺎ ﳌﺎذا ﻓﺎﻃﻤﺔ وﻟﻴﺲ ًأﻳﺎ ﻣﻦ إﺧﻮﲥﺎ وأﺧﻮاﲥﺎ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻓﺎﻃﻤﺔ ‘‪،‬‬
‫ورﻣﺰﻳﺘﻬ ــﺎ ﰲ اﻹﺳ ــﻼم‪ ،‬وﻛﻴـ ــﻒ أن رﺳ ــﻮل اﷲ ر ْﻣ ـ ُـﺰ اﻹﺳـ ــﻼم وﻋﻨﻮاﻧ ــﻪ ﻛﻠـ ــﲈ أراد‬
‫ﺗﺸﻮﻳﻪ دﻳﻨﻪ ﺟﺎءت ﻓﺎﻃﻤﺔ أو أﻋﻼم اﳍﺪى ﻣﻦ ذرﻳﺘﻬﺎ‬
‫َ‬ ‫وإﻳﺬاءه أو‬
‫َ‬ ‫ﺗﺸﻮﳞﻪ‬
‫َ‬ ‫اﻷﻋﺪاء‬
‫وﻳﺼﻠﺤﻮا ذﻟﻚ اﻟﺘﺸﻮﻳﻪ‪.‬‬
‫ﻟﻴﺰﻳﻠﻮا ذﻟﻚ اﻹﻳﺬاء‪ُ ،‬‬
‫وﻣ ــﺎ أﻋـ َ‬
‫ـﺪل ﻣ ــﺎ ﻧ ــﺮاه ﻣ ــﻦ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ اﻟﻴ ــﻮم ﰲ اﻟ ــﻴﻤﻦ ﺻ ــﻐﲑة وﻛﺒ ــﲑة وﻫ ــﻲ ﺗﻘﺘ ــﺪي‬
‫ـﺎدرة وﴏاﺧ ـ ـ ــﺎ ﰲ وﺟ ـ ـ ـ ــﻪ اﻟﺒﺎﻃـ ـ ـ ــﻞ‪ ،‬واﻟﻄ ـ ـ ـ ــﺎﻏﻮت‪،‬‬
‫ـﻮة وﻣﺒـ ـ ـ ـ َ ً‬
‫ﺑﻔﺎﻃﻤـ ـ ـ ــﺔ اﻟﺰﻫـ ـ ـ ــﺮاء ﻗ ـ ـ ـ ـ ً‬
‫واﻻﺳﺘﻜﺒﺎر واﻟﻌﺪوان!‬

‫ﻣــﺎ أﻋﻈــﻢ ذﻟ ــﻚ اﳌﻮﻗــﻒ ﺑﺘﻠ ــﻚ اﻟﻴــﺪﻳﻦ اﳊــﺎﻧﻴﺘﲔ اﻟ ــﺼﻐﲑﺗﲔ‪ ،‬وﳘــﺎ ﻳﻨﻔﻴ ــﺎن‬
‫ﻋــﻦ رﺳــﻮل اﻹﺳــﻼم اﻟﻘ ــﺬارات اﻟﺘــﻲ رﻣﺎﻫــﺎ ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺳــﻔﻬﺎء ﻗــﺮﻳﺶ وﻛﱪاؤﻫ ــﺎ!‬
‫أﻛﺮم وأﻋ ﱠـﺰ ذﻟـﻚ‬
‫وﻣﺎ أﻋﻈﻢ ذﻟﻚ اﻟﻘﻠﺐ اﻟﻜﺒﲑ ﻣﻮﻗﻔﺎ‪ ،‬واﻟﺼﻐﲑ ﺣﺠﲈ! وﻣﺎ َ‬
‫ﻓﺘ ْﺨ ـ ـ َ َ‬
‫ـﺮس‬ ‫اﻟﻠ ـ ـ َ‬
‫ـﺴﺎن وﻫ ـ ــﻮ ﻳـ ــﴫخ ﰲ وﺟ ـ ــﻮه ﻋﺘﺎوﻟ ـ ــﺔ اﻻﺳ ـ ــﺘﻜﺒﺎر واﻻﺳ ـ ــﺘﻬﺰاء‪َ ،‬‬
‫ﺷﺨﻮﺻﻬﻢ اﳌﺘﻌﺎﻇﻤﺔ زورا وزﻳﻔﺎ!‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أﻟﺴﻨﺘﻬﻢ‪ ،‬وﺗﺘﻮارى‬
‫ُ‬

‫إن ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ‘ ﰲ ذﻟ ــﻚ اﳉ ــﻮ اﳉ ــﺎﻫﲇ‪ ،‬ﺑﺜﻘﺎﻓﺘ ــﻪ اﳌ ــﻀﺎدة ﻟﻠﻤ ــﺮأة ﻟﻜﻮﳖ ــﺎ‬
‫أﻧﺜ ـ ــﻰ‪ ،‬ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ رﺳ ـ ــﺎﻟﺔ اﻟ ـ ــﺴﲈء إﱃ أوﻟﺌ ـ ــﻚ اﻷﻗ ـ ــﻮام اﻟ ـ ــﺬﻳﻦ ﻣ ـ ــﺎ ﻓﺘﺌ ـ ــﻮا ﳛﺘﻘ ـ ـﺮون‬
‫اﻷﻧﺜﻰ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ "ﺷﻜﻞ ﲢﺮﻳﺮ اﳌﺮأة ﰲ ﻫﺬا اﻟﺪﻳﻦ ﻣـﻦ اﻟﻈﻠـﻢ اﳉـﺎﻫﲇ‪ ،‬وارﺛـﺔ‬
‫ـﺎدئ أﺳـ ِ‬
‫ـﻼﻓﻬﺎ ﰲ اﳌﺠﺘﻤــﻊ اﻟــﺬي ﱂ ﻳﻜــﻦ ﻳــﺮى‬ ‫ـﺎﺧﺮ أﻫﻠﻬــﺎ‪ ،‬وﺻــﺎﺣﺒﺔ ﻣﺒـ ِ‬
‫ﻛــﻞ ﻣﻔـ ِ‬
‫ﻏﺴﻞ ﻋﺎر اﻟﺒﻨﺖ إﻻ ﺑﻮأدﻫﺎ ﺣﻴﺔ‪ ،‬وأﻓﻀﻞ اﻷﺻﻬﺎر اﻟﺬي ﻳﺘﻤﻨﺎه ﱡ‬
‫ﻛﻞ أب ﻫﻮ‬
‫اﻟﻘ ــﱪ‪ ،‬ﻛ ــﺎن ﳏﻤـ ــﺪ ‪ ‬ﻳﻌﻠ ــﻢ ﻣ ــﺎذا ﺗﻔﻌـ ــﻞ ﺑ ــﻪ ﻳ ــﺪ اﻟﻘـ ــﺪر‪ ،‬وﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﺗﻌ ــﺮف ﻣـ ــﻦ‬
‫‪٣٢‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﺗﻜــﻮن‪ ،‬وﳍــﺬا وﻗــﻒ اﻟﺘــﺎرﻳﺦ ﻣﺪﻫﻮﺷــﺎ أﻣــﺎم ﺗﻌﺎﻣــﻞ ﳏﻤــﺪ ﻣــﻊ اﺑﻨﺘــﻪ اﻟــﺼﻐﲑة‪،‬‬
‫ورﻛ ــﻊ أﻣـ ــﺎم ﻣﺪﳛـ ــﻪ ﻏـ ــﲑ اﻟﻌـ ــﺎدي ﳍـ ــﺎ‪ .‬ﻣﻌﺎﻣﻠـ ــﺔ ﻛﻬـ ــﺬه‪ ،‬ﺗﻌﻨـ ــﻲ ﺷـ ــﻴﺌﺎ أﻛﺜـ ــﺮ ﻣـ ــﻦ‬
‫ـﺐ ٍ‬
‫أب ﻋ ــﲆ اﺑﻨﺘ ــﻪ‪ ،‬أن‬ ‫اﻟﺘ ــﺪﻟﻴﻞ واﳊ ــﺐ اﻷﺑ ــﻮي اﻟ ــﺬي ﻳﻤﻜ ــﻦ أن ﻳﻔ ــﻴﺾ ﺑ ــﻪ ﻗﻠ ـ ُ‬
‫ﻳﺪ اﺑﻨﺘﻪ‪ ،‬واﺑﻨﺘﻪ اﻟﺼﻐﲑة‪ ،‬ﻫﺬا اﻟﺘﴫف ﻳﻌﺘﱪ ﴐﺑﺔ ﺛﻮرﻳﺔ اﳖﺎﻟﺖ ﻋﲆ‬
‫ﻳﻘﺒﻞ َ‬
‫ﱢ‬
‫اﻟﻌﻮاﺋ ــﻞ واﻟﻌﻼﻗ ــﺎت ﻏ ــﲑ اﻹﻧ ــﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﺒﻴﺌ ــﺔ‪ ،‬ﺣﻴ ــﺚ ﻫﻨ ــﺎك ﻧﺒ ــﻲ اﻹﺳ ــﻼم ﻳﻘ ﱢﺒ ــﻞ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﻳﺪ ﻓﺎﻃﻤﺔ" ‪.‬‬
‫ـﴫف ﻳﺒــﲔ ﺑﻮﺿـﻮح ﻷﻋــﲔ ﻛﺒـﺎر اﻟــﺼﺤﺎﺑﺔ وﺳﻴﺎﺳـﻴﻲ اﳌــﺴﻠﻤﲔ‬ ‫ُ‬ ‫"ﻫـﺬا اﻟﺘ‬
‫وﻋ ــﺎﻣﺘﻬﻢ ﻋﻈﻤ ـ َـﺔ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ‪ ،‬وﻳﻌ ﱢﻠ ــﻢ ﻛ ـ ﱠـﻞ اﻟﻨ ــﺎس ﻛﻴ ــﻒ ﻳﺘﺤ ـ ﱠـﺮرون ﻣ ــﻦ اﻟﻌ ــﺎدات‬
‫وﻳﻌ ﱢﻠ ــﻢ اﻟﺮﺟ ــﻞ أن َﻳﻨْ ـ ِـﺰل ﻣ ــﻦ ﻋ ــﺮش ﺟﱪوﺗ ــﻪ‬
‫واﻷوﻫ ــﺎم اﻟﺘﺎرﳜﻴ ــﺔ واﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳ ــﺔ‪َ ُ ،‬‬
‫وﲡـ ـ ﱡـﱪه اﻟﻔـ ـ ّ‬
‫ـﻆ‪ ،‬وﺗﻔﺮﻋﻨـ ــﻪ أﻣ ــﺎم اﳌـ ــﺮأة‪ ،‬ﻣـ ــﺸﲑا إﱃ اﳌـ ــﺮأة أن ﺗﺮﺗﻔـ ــﻊ ﻋـ ــﻦ ذﻟﺘﻬـ ــﺎ‬
‫وﺣﻘﺎرﲥـ ــﺎ اﻟﻘﺪﻳﻤ ـ ــﺔ واﳉﺪﻳ ـ ــﺪة‪ ،‬ﰲ ﻛﻮﳖ ـ ــﺎ أﻟﻌﻮﺑ ـ ــﺔ ﰲ اﳊﻴ ـ ــﺎة‪ ،‬إﱃ ﻗﻤ ـ ــﺔ اﳉ ـ ــﻼل‬
‫)‪(٢‬‬
‫واﻟﻌﻈﻤﺔ واﻟﻌﻔﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ" ‪.‬‬
‫ﻓﻬــﻞ ﻧــﺘﻌﻠﻢ ﻧﺤــﻦ اﻟﺮﺟــﺎل ﻣــﻦ اﻟﺮﺳــﻮل ‪ ‬ﻛﻴــﻒ ﻧﻔـ ﱢـﺮق ﺑــﲔ ﻣــﺎ ﻫــﻮ ﻋــﺎدة‬
‫اﺟﺘﲈﻋﻴ ــﺔ‪ ،‬وﻣ ــﺎ ﻫ ــﻮ ﺣﻜ ــﻢ إﺳ ــﻼﻣﻲ ﰲ ﻣ ــﺎ ﻳﺘﻌﻠ ــﻖ ﺑ ــﺎﳌﺮأة‪ ،‬وﻫ ــﻞ ﺗ ــﺘﻌﻠﻢ اﳌ ــﺮأة‬
‫اﻟﻴـﻮم ﻛﻴــﻒ ﺗﺘﻤــﺮد وﺗﺜــﻮر ﻋــﲆ اﻟــﺼﻮرة اﻟــﺸﺎﺋﻬﺔ واﻟــﻨﻤﻂ اﳌ ﱠﺘـﺴﺦ اﻟــﺬي ﳛــﺎول‬
‫ـﺮد ﺗ ــﺴﻠﻴﺔ ﻟﻠ ــﺬﻛﻮر‪ ،‬وﳎ ــﺮد ﻗﺎﻟ ـ ٍ‬
‫ـﺐ‬ ‫أﻋ ــﺪاء اﻟﻔﻄ ــﺮة ﺗﺮﺳ ـ َ‬
‫ـﻴﺨﻪ ﳍ ــﺎ‪ ،‬ﺑ ــﺄن ﺗﻜ ــﻮن ﳎ ـ َ‬
‫ﺟﻨﴘ ﳏﻤﻮم ﺗﻨﺘﻬﻲ إﻟﻴﻪ ﻓﺤﻮﻟﺘﻬﻢ؟‬

‫)‪ (١‬ﴍﻳﻌﺘﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻫﻲ ﻓﺎﻃﻤﺔ‪ ،‬ص‪.١٤٢‬‬

‫)‪ (٢‬اﳌﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬

‫‪٣٣‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫ﻗـ ـ ـ ــﺎل اﻹﻣـ ـ ـ ــﺎم اﳊـ ـ ـ ــﺴﻦ ﺑـ ـ ـ ــﻦ ﺑـ ـ ـ ــﺪر اﻟـ ـ ـ ــﺪﻳﻦ )ت‪٦٧٠‬ﻫ ـ ـ ـ ـ(‪" :‬وروﻳﻨـ ـ ـ ــﺎ ﻋـ ـ ـ ــﻦ‬
‫اﻟ ـ ــﺼﺎدق ‪ :‬ﻟﻔﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ﺛﲈﻧﻴـ ـ ــﺔ أﺳ ـ ــﲈء‪ :‬اﻟـ ـ ـ ﱢ‬
‫ـﺼﺪﻳﻘﺔ‪ ،‬واﻟﺰﻫ ـ ــﺮاء‪ ،‬واﻟﻄـ ـ ــﺎﻫﺮة‪،‬‬
‫)‪(١‬‬
‫واﻟﺰﻛﻴﺔ‪ ،‬واﻟﺮﺿﻴﺔ‪ ،‬واﳌﺮﺿﻴﺔ‪ ،‬واﻟﺒﺘﻮل‪ ،‬وﻓﺎﻃﻤﺔ" ‪.‬‬

‫أﻣــﺎ اﺳــﻤﻬﺎ ﻓﺎﻃﻤــﺔ ﻓﻬــﻮ ﻣـﺸﺘﻖ ﻣــﻦ اﻟﻔ ْﻄــﻢ ﺑﻤﻌﻨـﻰ اﻟﻘﻄــﻊ‪ ،‬ﻳﻘــﺎل ‪ :‬ﻓﻄﻤــﺖ‬
‫ُّ‬
‫اﻷم ﺻــﺒﻴﻬﺎ‪ ،‬وﻓﻄ ْﻤــﺖ اﻟﺮﺟ ـ َـﻞ ﻋــﻦ ﻋﺎدﺗ ــﻪ‪ ،‬إذا ﻗﻄﻌﺘــﻪ ﻋﻨﻬ ــﺎ‪ .‬واﺳــﻢ )ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ(‬
‫ـﺪاول ﺑﻴ ــﻨﻬﻢ ﺑﻜﺜ ــﺮة‪ ،‬وﻗ ــﺪ ﺑﻠ ـ َـﻎ ﻋ ــﺪد اﻟ ــﺼﺤﺎﺑﻴﺎت‬
‫ﻣ ــﺸﻬﻮر ﻋﻨ ــﺪ اﻟﻌ ــﺮب‪ ،‬وﻣﺘ ـ َ‬
‫)‪(٢‬‬
‫اﳌ ــﺴﻤﻴﺎت ﺑﻔﺎﻃﻤ ــﺔ ‪ ٢٤‬ﺻ ــﺤﺎﺑﻴﺔ ‪ ،‬ﻟﻜ ــﻦ ﻟ ــﴩﻋﻴﺔ اﻻﺳ ــﻢ ﰲ ﺣ ــﻖ اﻟﺰﻫ ــﺮاء‪،‬‬
‫ﻓﻬ ــﺬا ﻳﻌﻨ ــﻲ أن ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ‪ ‬ﻗ ــﺪ ﻣﻨَﻌ ــﺖ ﻧﻔ ــﺴﻬﺎ اﺑﺘ ـ ً‬
‫ـﺪاء ﻣ ــﻦ ﻣﻮاﻗﻌ ــﺔ اﳌﻌ ــﺼﻴﺔ‪،‬‬
‫وﺟﺰاء‪.‬‬
‫ً‬ ‫اﻧﺘﻬﺎء‬
‫ً‬ ‫وﻛﺬﻟﻚ ِﻣﻦ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء اﳌﺒﺎﺣﺔ‪ ،‬ﻓﻤﻨﻌﻬﺎ اﷲ ﻣﻦ اﻟﻨﺎر‬
‫إن ﻫﻨ ـ ــﺎك ﺧ ـ ــﺼﻮﺻﻴﺔ ﺟﺰاﺋﻴ ـ ــﺔ واﺳ ـ ــﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺗﻜﺮﻳﻤﻴ ـ ــﺔ ﻣ ـ ــﻦ اﷲ ﳍ ـ ــﺎ ﺗ ـ ـ ﱢ‬
‫ـﺴﻠﻂ‬
‫اﻟـﻀﻮء ﻋــﲆ ﺳــﺒﺐ اﻟﺘــﺴﻤﻴﺔ أﻳــﻀﺎ؛ إذ أﻧــﻪ ﻓﻄﻤﻬــﺎ وﻓﻄــﻢ أوﻻدﻫــﺎ وﳏﺒﻴﻬــﺎ ﻣــﻦ‬
‫اﻟﻨ ــﺎر‪ ،‬ﳑــﻦ ﻛ ــﺎن ﻣ ــﻨﻬﻢ ﻋ ــﲆ اﻟﺘﻮﺣﻴ ــﺪ واﻹﻳ ــﲈن‪ ،‬واﻟﻌﻤ ــﻞ اﻟ ــﺼﺎﻟﺢ؛ ﻓﻘ ــﺪ روى‬
‫اﻹﻣﺎم اﻟﺮﺿﺎ ﺑﺴﻨﺪه ﻋﻦ آﺑﺎﺋﻪ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪) :‬إﻧﲈ ﺳﻤﻴ ِ‬
‫ﺖ اﺑﻨﺘﻲ‬ ‫ُ ﱢَ‬

‫)‪ (١‬أﻧﻮار اﻟﻴﻘﲔ ﰲ إﻣﺎﻣﺔ أﻣﲑ اﳌﺆﻣﻨﲔ – خ ‪.-‬‬

‫)‪ (٢‬ﺗﺎج اﻟﻌﺮوس‪ ،‬ﻣﺎدة ﻓﺎﻃﻤﺔ‪.‬‬

‫‪٣٤‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(١‬‬
‫وﻓَﻄ ـ ـَﻢ َﻣ ـ ـْﻦ أﺣﺒﻬـ ــﺎ ﻣـ ــﻦ اﻟﻨـ ــﺎر( ‪ .‬وﰲ رواﻳـ ــﺔ‬ ‫ﻓﺎﻃﻤـ ــﺔ؛ ﻷن اﷲ ﺗﻌـ ــﺎﱃ َﻓَﻄَﻤَﻬ ـ ـﺎ َ‬
‫ـﺐ‪، ‬‬ ‫ـﲇ ْﺑ ِـﻦ َأ ِﰊ َﻃﺎﻟـِ ٍ‬ ‫ِ‬
‫أﺧـﺮى ﻣــﻦ ﻃﺮﻳـﻖ أﻫــﻞ اﻟﺒﻴـﺖ ‪ ‬ﻋــﻦ اﻹﻣـﺎم َﻋـ ﱢ‬
‫ﻷن اﷲﱠَ‬ ‫ﻴﺖ َﻓﺎﻃِ َﻤـ ـ ـ ـ ـ َـﺔ َ ﱠ‬ ‫ـﻮل اﷲﱠِ ‪َ ‬ﻳ ُﻘـ ـ ـ ـ ـ ْ ُ‬
‫ـﻮل‪) :‬إ ِﻧﱢـ ـ ـ ـ ـ َـﲈ ُﺳـ ـ ـ ـ ـ ﱢـﻤ َ ْ‬ ‫َﻗـ ـ ـ ـ ـ َـﺎل‪َ :‬ﺳـ ـ ـ ـ ـ ِ ْ ُ‬
‫ـﻤﻌﺖ َر ُﺳـ ـ ـ ـ ـ ْ َ‬
‫واﻹﻳـ ِ‬ ‫ـﺎر ﳌَـِـﻦ َﻟ ِﻘــﻲ اﷲﱠَ َﻋـ ﱠـﺰ وﺟـ ﱠـﻞ ِﻣـ ْـﻨﻬﻢ ِ ﱠ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ـﲈن ﺑـِ َـﲈ‬ ‫ﺑﺎﻟﺘﻮﺣ ْﻴــﺪ َ ِ ْ َ‬ ‫ُْ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ـﻦ اﻟﻨﱠـ ِ ْ َ‬ ‫ﻓﻄﻤ َﻬــﺎ َ ُ ﱢ ﱠ‬
‫وذرﻳ َﺘ َﻬــﺎ ﻣـ َ‬ ‫َ ََ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﺟﺌﺖ ِ ِﺑﻪ( ‪.‬‬ ‫ِْ ُ‬
‫وﻫـﺬا ﻳﺒ ّـﲔ أن اﻟﺘـﺴﻤﻴﺔ ﻟﻔﺎﻃﻤـﺔ ‘ ﻛﺎﻧـﺖ ﺗـﺴﻤﻴﺔ ﺗﻮﻗﻴﻔﻴـﺔ‪ ،‬ﻣـﻦ اﷲ ﻋـﺰ‬
‫وﺟــﻞ‪ ،‬أوﺣــﻰ ﲠــﺎ إﱃ ﻧﺒﻴــﻪ ‪‬؛ اﻷﻣــﺮ اﻟــﺬي ﻳﺒـ ﱢـﲔ أﻳــﻀﺎ أن ﻣﻮﻟــﺪﻫﺎ ﻛــﺎن ﺑﻌــﺪ‬
‫وﻟﺪت ﰲ ﻋﺎم اﻟﺒﻌﺜﺔ‪.‬‬ ‫ﺗﺮﺟﺢ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻣﻦ أﳖﺎ ُ ِ َ‬
‫ﻳﺮﺟﺢ ﻣﺎ ﱠ‬ ‫ﻧﺰول اﻟﻮﺣﻲ‪ ،‬وﻫﻮ ﱢ‬
‫ـﺐ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ـﺼﺪق وإﺧ ـ ٍ‬ ‫وﻻ ﺷ ـ ﱠـﻚ أن ﻣ ــﻦ ُ ِ‬
‫ـﻼص وﻣﻌﺮﻓ ــﺔ ﻓﺈﻧ ــﻪ ﻳﻌﻨ ــﻲ أﻧ ــﻪ ﳏ ـ ﱞ‬ ‫ﳛﺒﱡﻬ ــﺎ ﺑ ـ‬
‫ﻟﻘ ــﻴﻢ اﳊ ــﻖ واﻟ ــﺸﺠﺎﻋﺔ واﻟﻌﻔ ــﺎف واﻟ ــﴩف‪ ،‬وﻣﻜ ــﺎرم اﻷﺧ ــﻼق‪ ،‬اﻟﺘ ــﻲ ﲢ ﱠﻠ ــﺖ‬
‫ﲠـﺎ اﻟﺰﻫــﺮاء ﺳــﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬــﺎ‪ ،‬وﻣــﻦ ﻳﻜــﻮن ﻛــﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧــﻪ "ﻳﻘــﱰن ﺑﺤــﺐ ﺧــﺼﺎل‬
‫ﻗﻠﺒﻬـﺎ اﻟﻄـﺎﻫﺮ‪ ،‬ﻣـﻊ اﻻﻧﻘﻄـﺎع ﻋـﻦ‬
‫اﳋﲑ وﻋﻘﺎﺋﺪ اﳊﻖ اﻟﺘﻲ ﻛـﺎن ﻳﻨﻄـﻮي ﻋﻠﻴﻬـﺎ ُ‬
‫)‪(٣‬‬
‫ﻛ ـ ﱢـﻞ ﻣ ــﺎ ﻳﻤـ ـ ﱡ‬
‫ـﺖ إﱃ اﻟ ــﴩ ﺑـ ــﺼﻠﺔ ﻣـ ــﻦ اﻟﻈﻠـ ــﻢ واﻟﺒﻐ ــﻲ واﻟﻌـ ــﺪوان" ‪ ،‬وﻫـ ــﺬا ﻣـ ــﺎ‬
‫ـﺎﴆ‬
‫ـﺴﺒﺐ ﻟـ ـ ــﻪ أن ﻳﺘﺠﻨﱠ ـ ــﺐ اﳌﻌـ ـ ـ َ‬
‫ﻳﺆﻫﻠ ـ ــﻪ ﻷن ﻳﻜ ـ ــﻮن ﻣﻔﻄﻮﻣـ ـ ــﺎ ﻣ ـ ــﻦ اﻟﻨـ ـ ــﺎر‪ ،‬وﻳ ـ ـ ﱢ‬
‫وﻳﺴﺎرع ﰲ ﻣﺮﺿﺎﺗﻪ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ‬
‫اﳌﺴﺨﻄﺔ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪،‬‬

‫)‪ (١‬ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻹﻣﺎم اﻟﺮﺿﺎ‪ ،‬ص‪.٨٩‬‬

‫)‪ (٢‬اﳌﺮﺷﺪ ﺑﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ص‪٢٢٨‬؛ وﻳﻨﻈﺮ اﻟﻜﻮﰲ‪ ،‬ﻣﻨﺎﻗﺐ أﻣﲑ اﳌﺆﻣﻨﲔ‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.١٨٨‬‬
‫)‪ (٣‬اﻟﻜﻌﺒﻲ‪ ،‬ﺳﻴﺪة اﻟﻨﺴﺎء ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺰﻫﺮاء‪ ،‬ص‪.٢٨ -٢٧‬‬

‫‪٣٥‬‬
 ‫‪‬‬

‫واﻷز َﻫ ُـﺮ ﻣـﻦ اﻟﺮﺟـﺎل‪ :‬اﻷَﺑـﻴﺾ اﻟﻌﺘﻴـ ُـﻖ‬ ‫اﻟﺰﻫـﺮ‪ْ َ ،‬‬ ‫وأﻣـﺎ ﻟﻘـﺐ اﻟﺰﻫـﺮاء‪ :‬ﻓﻬــﻮ ﻣـﻦ ّ‬
‫ـﻮرا ُ ْﻳﺰ ِﻫـ ُـﺮ ﻛــﲈ ُ ْﻳﺰ ِﻫـ ُـﺮ‬
‫ـﺄن ﻟــﻪ َ ِﺑﺮﻳﻘــﺎً و ُﻧـ ً‬
‫ـﺴﻦ‪ ،‬وﻫــﻮ َأﺣــﺴﻦ اﻟﺒﻴــﺎض‪ ،‬ﻛـ َ ﱠ‬
‫ـﲑ اﳊَـ َ ُ‬ ‫اﻟﺒﻴـ ِ‬
‫ـﺎض اﻟﻨﱠـ ﱢ ُ‬
‫)‪(١‬‬
‫اﻟـﻨﺠﻢ ‪ ،‬واﻷﻧﺜــﻰ ﻣــﻦ ذﻟــﻚ‪ :‬زﻫــﺮاء‪ .‬ﻗــﺎل اﺑــﻦ اﻷﺛــﲑ‪" :‬ﰲ ﺻــﻔﺘﻪ ‪) ‬أﻧــﻪ ﻛــﺎن‬
‫واﻟﺰ ْﻫـﺮة ‪ :‬اﻟﺒﻴ ُـﺎض اﻟﻨ ﱢـﲑ وﻫـﻮ‬ ‫واﻟﺰﻫﺮ ﱠ‬ ‫اﻷﺑﻴﺾ ُ َ ِ‬ ‫أزﻫﺮ ﱠ‬
‫اﳌﺴﺘﻨﲑ‪ ،‬ﱠ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫واﻷزﻫﺮ‪:‬‬
‫اﻟﻠﻮن(‪َ ْ ،‬‬ ‫ْ ََ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ـﺴﻦ اﻷﻟ ــﻮان" ‪ ،‬وإذا ﻋﺮﻓﻨ ــﺎ ﻣـ ــﺸﺎﲠﺔ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﻷﺑﻴﻬ ــﺎ اﺗـ ــﻀﺢ ﻟﻨ ــﺎ ﺑ ــﺸﻜﻞ ﺟﻴـ ــﺪ‬
‫أﺣ ـ ُ‬
‫ﻣﺄﺧﺬ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ أو ﺗﻠﻘﻴﺒﻬﺎ ﺑﺎﻟﺰﻫﺮاء‪.‬‬
‫إﴍاق ﻧ ـ ِ‬
‫ـﻮر إﻳﲈﳖ ــﺎ‪ ،‬وإﺿ ــﺎءﺗﻪ ﻋ ــﲆ إﻳ ــﲈن‬ ‫ُ‬ ‫وﻗ ــﺎل اﺑ ــﻦ اﻷﺛ ــﲑ أﻳ ـ ًـﻀﺎ‪" :‬وﻳ ــﺮاد ﺑ ــﻪ‬
‫)‪(٤‬‬ ‫)‪(٣‬‬
‫ـﻤﻴْﺖ ﺑ ــﺎﻟﺰﻫﺮاء؛ ﻷﳖ ــﺎ زﻫ ــﺮة اﳌ ــﺼﻄﻔﻰ‪. "‬‬
‫ﻏﲑﻫ ــﺎ" ‪ .‬وﻗ ــﺎل اﳌﻨ ــﺎوي‪ُ " :‬ﺳ ـ ﱢ َ‬
‫ﺑﻌﺾ أزواج اﻟﻨﺒﻲ ‪ ‬ﰲ زﻓﺎﻓﻬﺎ ‘ ﻗﺎﺋﻠﺔ‪:‬‬ ‫وارﲡﺰت ُ‬
‫ـﴩ وﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻦ ﳍ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ وﺟ ـ ـ ـ ـ ــﻪٌ ﻛﻮﺟ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـﻪ اﻟﻘﻤ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـﺮ‬ ‫ﻓﺎﻃﻤـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـﺔ ﺧ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﲑ ﻧـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـﺴﺎء اﻟﺒ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ُ‬
‫ِ )‪(٥‬‬ ‫ﻓـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ﱠ ّ ِ‬
‫ـﺂي ﱡاﻟﺰ َﻣ ـ ـ ـ ــﺮ‬ ‫ـﻀﻞ ﻣ ـ ـ ـ ــﻦ ُﺧ ـ ـ ـ ـ ﱠـﺺ ﺑ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـﻀﻠﻚ اﷲُ ﻋ ـ ـ ـ ـ ـ ــﲆ ﻛ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ﱢـﻞ اﻟ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻮرى ﺑﻔ ـ ـ ـ ِ‬
‫أن ﻓﺎﻃﻤـ ـ ــﺔ ‘ ُ ِ‬
‫ﻋﺮ َﻓ ـ ـ ـْﺖ‬ ‫و"ﻳـ ـ ــﺴﺘﻔﺎد ﻣ ـ ــﻦ ﲨﻠـ ـ ــﺔ اﻷﺣﺎدﻳـ ـ ــﺚ واﻷﺧﺒـ ـ ــﺎر ّ‬
‫ﻣﺰ ِﻫـ ــﺮة ﻛﺎﻟـ ــﺸﻤﺲ‬
‫ﺑ ــﺎﻟﺰﻫﺮاء ﳉـ ــﲈل ﻫﻴﺌﺘﻬـ ــﺎ واﻟﻨـ ــﻮر اﻟ ــﺴﺎﻃﻊ ﰲ ُﻏ ّﺮﲥـ ــﺎ ‪ ،‬ﻓﻬـ ــﻲ ُ ْ‬
‫)‪(٦‬‬
‫اﻟﻀﺎﺣﻴﺔ‪ ،‬وﻣﴩﻗﺔ ﻛﺎﻟﻘﻤﺮ اﳌﻨﲑ" ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر‪ ،‬ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب‪ ،‬ﻣﺎدة زﻫﺮ‪.‬‬

‫)‪ (٢‬اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﰲ ﻏﺮﻳﺐ اﳊﺪﻳﺚ واﻷﺛﺮ‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٨٠٤‬‬
‫)‪ (٣‬اﺑﻦ اﻷﺛﲑ‪ ،‬ﻣﻨﺎل اﻟﻄﺎﻟﺐ‪ ،‬ص‪.٥٠٨‬‬
‫)‪ (٤‬اﳌﻨﺎوي‪ ،‬إﲢﺎف اﻟﺴﺎﺋﻞ‪ ،‬ص‪.٢٤‬‬
‫)‪ (٥‬اﺑﻦ ﺷﻬﺮ آﺷﻮب‪ ،‬اﳌﻨﺎﻗﺐ‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٣٥٥‬‬
‫)‪ (٦‬اﻟﻜﻌﺒﻲ‪ ،‬ﺳﻴﺪة اﻟﻨﺴﺎء ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺰﻫﺮاء‪ ،‬ص‪.٢٨‬‬

‫‪٣٦‬‬
 ‫‪‬‬

‫وأﻣــﺎ ﻟﻘــﺐ اﻟﺒﺘــﻮل‪ :‬ﻓﺎﻟﺒﺘــﻞ ﰲ اﻟﻠﻐــﺔ ﻫــﻮ اﻟﻘ ْﻄــﻊ‪ ،‬واﻟﺘﺒﺘــﻞ ﻫــﻮ اﻻﻧﻘﻄــﺎع إﱃ‬
‫وﺳﺌﻞ ﺛﻌﻠﺐ وﻫﻮ ﻣـﻦ أﺋﻤـﺔ اﻟﻠﻐـﺔ‪ :‬ﻟـَِﻢ ﻗﻴـﻞ‬ ‫اﷲ‪ ،‬واﻹﺧﻼص إﻟﻴﻪ إﺧﻼﺻﺎ)‪ِ ،(١‬‬
‫ُ‬
‫ﻟﻔﺎﻃﻤـ ــﺔ ﺑﻨـ ــﺖ رﺳـ ــﻮل اﷲ ‪ ‬اﻟﺒﺘـ ــﻮل؟ ﻓﻘـ ــﺎل‪" :‬ﻻﻧﻘﻄﺎﻋﻬـ ــﺎ ﻋـ ــﻦ ﻧـ ــﺴﺎء َأﻫـ ــﻞ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ـﺴﺒﺎ" ‪ .‬وأﺿـ ــﺎف ﺻ ـ ــﺎﺣﺐ‬ ‫زﻣﺎ ـﳖ ــﺎ وﻧـ ــﺴﺎء اﻷ ُﻣ ـ ــﺔ ﻋﻔﺎﻓـ ــﺎً وﻓ ـ ـ ً‬
‫ـﻀﻼ ودﻳﻨـ ـ ًـﺎ وﺣ ـ ـ ً‬
‫)‪(٣‬‬
‫اﻟﻘ ــﺎﻣﻮس‪ :‬وﻻﻧﻘﻄﺎﻋﻬ ــﺎ ﻋ ــﻦ اﻟ ــﺪﻧﻴﺎ ‪ ،‬أﻣ ــﺎ اﳋ ﱠﻄ ــﺎﰊ ﻓﻘ ــﺪ ﻗ ــﺎل‪" :‬ﻓﺄﻣ ــﺎ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ‬
‫)‪(٤‬‬
‫ﻓ ــﺈﻧﲈ ﻗﻴ ـﻞ ﳍ ــﺎ اﻟﺒﺘ ــﻮل؛ ﻷﳖ ــﺎ ﻣﻨﻘﻄﻌ ــﺔ اﻟﻘ ــﺮﻳﻦ ﻧ ــﺒﻼ وﴍﻓ ــﺎ" ‪ .‬وﻫ ــﻮ ﻣﻌﻨ ــﻰ ﻣ ــﺎ‬
‫ﻣﻨﻘﻄﻌــﺔ‬ ‫ﻣﺒﺘﻠــﺔ اﳋَ ْﻠــﻖ َأي ْ‬ ‫ـﺮأة ُ َ ﱠ‬ ‫ذﻛـﺮه ﺛﻌﻠــﺐ‪ ،‬وأﺿــﺎف اﺑــﻦ ﻣﻨﻈــﻮر أﻳــﻀﺎ‪" :‬واﻣـ َ‬
‫اﻷﻋﺸﻰ‪:‬‬ ‫ﻓﻀﻞ؛ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻗﻮل َ‬ ‫اﳋﻠﻖ ﻋﻦ اﻟﻨﺴﺎء‪ ،‬ﳍﺎ ﻋﻠﻴﻬﻦ ٌ‬ ‫َْ‬
‫)‪(٥‬‬
‫زﻣﻬِﺮﻳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺮا"‬ ‫ﻣﺒﺘ ﱠﻠـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔاﳋ َﻠـْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـﻖ ِﻣﺜْـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـﻞ اﳌ َ َﻬـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ ة ِﱂ ْﺗ َـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـﺮ َﺷ ْﻤ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ً‬
‫ـﺴﺎ وﻻ َ ْ َ‬ ‫َُ‬
‫ـﺎن ﺗﺘﻮاﻓــﻖ وﻣــﺎ ﻛﺎﻧــﺖ ﻋﻠﻴــﻪ ﻓﺎﻃﻤــﺔ ﻣــﻦ اﻟﻌﺒــﺎدة ﷲ‪ ،‬واﻹﺧــﻼص‬ ‫وﻫــﻲ ﻣﻌـ ٍ‬
‫ﻟﻪ‪ ،‬واﻻﻧﻘﻄﺎع إﻟﻴﻪ‪ ،‬واﻟﺴﻴﺎدة واﻟﻔﻀﻞ ﻋﲆ ﻧﺴﺎء اﻟﻌﺎﳌﲔ‪.‬‬
‫وﻣ ـ ــﺎ ذﻛ ـ ــﺮه اﻟ ـ ــﺒﻌﺾ ﻣ ـ ــﻦ ﻛﻮﳖ ـ ــﺎ ﻻ ﲢ ـ ــﻴﺾ‪ ،‬ﻓﻬ ـ ــﺬا ﱂ ﻳ ـ ــﺼﺢ ﰲ رواﻳ ـ ــﺎت أﻫ ـ ــﻞ‬
‫)‪(٦‬‬
‫اﻟﺒﻴ ـ ــﺖ‪ ، ‬وﻛـ ــﺬﻟﻚ ﱂ ُﻳﻌﺠﺒ ْﻨ ـ ــﻲ ﻗ ـ ـ ُ‬
‫ـﻮل اﻹﻣ ـ ــﺎم اﻟﺰﳐ ـ ــﴩي رﲪ ـ ــﻪ اﷲ‪ :‬إﻧ ـ ــﲈ‬

‫)‪ (١‬اﳋﻠﻴﻞ‪ ،‬اﻟﻌﲔ‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٣٨‬‬

‫)‪ (٢‬اﻷزﻫــﺮي‪ ،‬ﲥ ــﺬﻳﺐ اﻟﻠﻐ ــﺔ‪ ،‬ج‪ ،٥‬ص‪١١‬؛ واﻟﻔﲑوزآﺑــﺎدي‪ ،‬اﻟﻘ ــﺎﻣﻮس اﳌﺤ ــﻴﻂ‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪٥٣‬؛‬
‫واﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر‪ ،‬ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب‪ ،‬ج‪ ،١١‬ص‪.٤٢‬‬
‫)‪ (٣‬اﻟﻔﲑوزآﺑﺎدي‪ ،‬اﻟﻘﺎﻣﻮس اﳌﺤﻴﻂ‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٥٣‬‬
‫)‪ (٤‬ﻏﺮﻳﺐ اﳊﺪﻳﺚ‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٢٣٠‬‬
‫)‪ (٥‬اﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر‪ ،‬ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب‪ ،‬ج‪ ،١١‬ص‪.٤٢‬‬
‫)‪ (٦‬اﳍـ ــﺎدي ﳛﻴـ ــﻰ ﺑـ ــﻦ اﳊـ ــﺴﲔ‪ ،‬اﻷﺣﻜـ ــﺎم‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪٢٤٦‬؛ وأﲪـ ــﺪ ﺑـ ــﻦ ﻋﻴـ ــﺴﻰ‪ ،‬أﻣـ ــﺎﱄ أﲪـ ــﺪ ﺑـ ــﻦ‬
‫ﻋﻴﺴﻰ‪) ،‬رأب اﻟﺼﺪع‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.(٦٤٦‬‬

‫‪٣٧‬‬
 ‫‪‬‬

‫ِ‬
‫اﳌﻨﻘﻄﻌﺔ ﻋﻦ اﻟﺮﺟﺎل؛ ﻷن ﻣﺪﻟﻮﻻت اﳌﻌﻨﻰ‬ ‫ﻤﻴﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﺸﺒﻴﻬﺎ ﺑﻤﺮﻳﻢ اﻟﺒﺘﻮل‪،‬‬
‫ﺳﱢَ‬
‫اﻟﻠﻐﻮي ﺣﺎﴐة ﺑﻘﻮة ﰲ اﻟﺰﻫﺮاء ﻓﺎﻃﻤﺔ ‘ أﺻﺎﻟﺔ ﻣﻦ دون ﺗﺸﺒﻴﻪ‪.‬‬

‫وأﻣﺎ أﻟﻘﺎب اﻟﺼﺪﻳﻘﺔ‪ ،‬واﻟﻄﺎﻫﺮة‪ ،‬واﻟﺰﻛﻴﺔ‪ ،‬واﻟﺮﺿﻴﺔ‪ ،‬واﳌﺮﺿـﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺈﳖـﺎ‬

‫أﻟﻘ ـ ــﺎب ﺗ ـ ــﺸﲑ إﱃ أوﺻ ـ ــﺎﻓﻬﺎ اﻟﻌﻈﻴﻤ ـ ــﺔ‪ ،‬ﻣ ـ ــﻦ اﻟ ـ ــﺼﺪق‪ ،‬واﻟﻄﻬ ـ ــﺎرة‪ ،‬واﻟﺰﻛ ـ ــﺎء‪،‬‬
‫واﻟﺮﺿﺎ ﻣﻨﻬﺎ وﻋﻠﻴﻬﺎ‪.‬‬

‫‪٣٨‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫ـﺪاد أﺑﻴﻬ ــﺎ‪ ،‬وﲢ ِﻤ ــﻞ ﰲ ﺟﻴﻨﺎﲥ ــﺎ أﻋ ــﻼم‬‫ﺷ ــﺎء اﷲ أن ﺗﻜ ــﻮن ﻫ ــﺬه اﻷﻧﺜ ــﻰ اﻣﺘ ـ َ‬
‫ﳜﻠﻔ ـ ــﻮن اﻟﺮﺳـ ـ َ‬
‫ـﻮل ﰲ أﻣﺘ ـ ــﻪ ﻗ ـ ــﺎﺋﻤﲔ ﺑ ـ ــﺎﳊﻖ؛ وﳍ ـ ــﺬا ﻣﻨﺤﻬ ـ ــﺎ اﷲ‬ ‫اﳍ ـ ــﺪى اﻟ ـ ــﺬﻳﻦ ﱢ‬
‫ـﻮي ﺑﺮﺳــﻮل اﷲ ‪ ‬ﺣﺘــﻰ‬ ‫ً‬
‫ـﺼﻮﺻﻴﺔ اﺳــﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ أﺧــﺮى‪ ،‬أﻻ وﻫــﻲ َﺷـ َ ُ‬
‫ـﺒﻬﻬﺎ اﻟﻘـ ﱡ‬ ‫ﺧ‬
‫ﰲ ِﻣ ــﺸﻴﺘﻬﺎ‪ ،‬وﻳﻤﻜ ــﻦ اﺳ ــﺘﻴﺤﺎء ﺷﺨ ــﺼﻴﺘﻬﺎ اﳉ ــﺴﲈﻧﻴﺔ و ِ‬
‫اﳋﻠﻘﻴ ــﺔ ﻣ ــﻦ ﺻـ ــﻔﺎت‬ ‫ُ‬
‫اﻟﺮﺳﻮل اﻷﻧﻮر‪ ،‬ذي اﳉﺒﲔ اﻷزﻫﺮ‪. ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫واﻟﺪﻫﺎ‬
‫وﻟﻘـ ــﺐ اﻟﺰﻫـ ــﺮاء ﻳﺒـ ــﲔ ﲨـ ـ َـﺎل ﻫﻴﺌﺘﻬـ ــﺎ‪ ،‬وﻳـ ــﴚ ﺑـ ــﺎﻟﻨﻮر اﻟـ ــﺴﺎﻃﻊ ﻣـ ــﻦ ُ ّ‬
‫ﻏﺮﲥـ ــﺎ‪،‬‬
‫ـﺼﻮﻳﺮﻫﺎ‬ ‫أﻓﻮاه أوﻟﺌـﻚ اﳌﺴﺘـﴩﻗﲔ اﻟـﺬﻳﻦ ﺣـﺎوﻟﻮا ﺗ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫وﻫﻲ ﺻﻔﺎت ُﺗﻠﻘﻢ ﺣﺠﺮا َ‬
‫ﺑﺄﳖﺎ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ‪.‬‬

‫ـﺲ ﺑ ـ ـ ِـﻦ ﻣﺎﻟ ـ ــﻚ‪" :‬ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ﻛ ـ ــﺎﻟﻘﻤﺮ ﻟﻴﻠ ـ ــﺔ اﻟﺒ ـ ــﺪر‪ ،‬ﺑﻴ ـ ـ َ‬
‫ـﻀﺎء‬ ‫ﻗﺎﻟ ـ ــﺖ ﱡأم أﻧ ـ ـ ِ‬
‫)‪(١‬‬
‫ـﻌﺮ أﺳ ــﻮد‪ ،‬ﻣ ــﻦ أﺷ ـ ﱢـﺪ اﻟﻨ ــﺎس ﺑﺮﺳ ــﻮل اﷲ ﺷ ــﺒﻬﺎ" ‪ ،‬ﻗ ــﺎل‬ ‫ُﻣ ـ َ ً‬
‫ـﴩﺑﺔ ُﲪْ ــﺮة‪ ،‬ﳍ ــﺎ َﺷ ـ ٌ‬
‫ﻋﺒـ ـ ــﺪاﷲ ﺑـ ـ ــﻦ أﻧـ ـ ــﺲ ﺑـ ـ ــﻦ ﻣﺎﻟـ ـ ــﻚ‪ ،‬أﺣ ـ ــﺪ رواة ﺳﻠـ ـ ــﺴﻠﺔ اﳋـ ـ ــﱪ‪ ،‬ﻛﺎﻧـ ـ ــﺖ واﷲ ﻛـ ـ ــﲈ‬
‫ﻗﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ‪:‬‬
‫)‪(٢‬‬
‫وﺗﻐﻴ ـ ـ ــﺐ ﻋﻨ ـ ـ ــﻪ وﻫ ـ ـ ــﻮ ﺟ ْﺜ ـ ـ ـٌﻞ َأْﺳ ـ ـ ـَﺤُﻢ‬ ‫ﺑﻴ ـ ـ ــﻀﺎء ﺗ ـ ـ ــﺴﺤﺐ ﻣـ ـ ـ ــﻦ ﻗﻴ ـ ـ ـ ٍـﺎم ﺷـ ـ ـ ــﻌﺮﻫﺎ‬
‫)‪(٣‬‬
‫وﻛﺄ ـﻧ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻪ ﻟﻴ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـﻞﻋﻠﻴﻬ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ ُﻣْﻈﻠ ِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـُﻢ‬ ‫ﻓﻜﺄﳖـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﺎ ﻓﻴ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻪ ﳖـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـﺎر ُﻣـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ٌ‬
‫ـﴩق‬

‫)‪ (١‬اﳊﺎﻛﻢ‪ ،‬اﳌﺴﺘﺪرك‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪ ،١٧٦‬رﻗﻢ ‪٤٧٥٩‬؛ وﲪﺰة اﳉﺮﺟﺎﲏ‪ ،‬ﺗﺎرﻳﺦ ﺟﺮﺟﺎن‪ ،‬ص‪.١٧٠‬‬
‫واﺳﻮد‪ ،‬واﻷﺳﺤﻢ‪ :‬اﻷﺳﻮد‪.‬‬
‫ّ‬ ‫)‪ (٢‬ﺟﺜﻞ اﻟﺸﻌﺮ‪ :‬ﻛﺜﺮ واﻟﺘﻒ‬
‫)‪ (٣‬ﲪﺰة اﳉﺮﺟﺎﲏ‪ ،‬ﺗﺎرﻳﺦ ﺟﺮﺟﺎن‪ ،‬ص‪.١٧٠‬‬

‫‪٣٩‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫ﲢ ـ ـ ﱠـﺪث اﻟﻘ ـ ــﺮآن اﻟﻜ ـ ــﺮﻳﻢ ﻋ ـ ــﻦ اﻟﺰﻫـ ــﺮاء ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫ ـ ــﺎ ﻣ ـ ــﻦ أﻫ ـ ــﻞ ﺑﻴ ـ ــﺖ ﻧﺒﻴﻬ ـ ــﺎ‬
‫اﳌﺼﻄﻔﻰ ‪ ‬وذوي ﻗﺮﺑﺎه وﻧﺴﺎﺋﻪ‪ ،‬وﻣﻦ اﻷﺑﺮار اﻟﺰاﻛﲔ‪.‬‬
‫ـﻨﻜﻢ اﻟ ــﺮﺟﺲ َأ ْﻫ ـ َـﻞ ْاﻟﺒﻴ ـ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ـﺖ‬ ‫َْ‬ ‫‪ -١‬ﻳﻘــﻮل اﷲ ﺗﻌــﺎﱃ‪ِ ﴿ :‬إ ﱠﻧ ـ َـﲈ ُ ِﻳﺮﻳ ـ ُـﺪ ا ﱠ ُ ﻟ ُﻴ ـ ْ َ‬
‫ـﺬﻫﺐ َﻋ ـ ُ ُ ﱢ ْ َ‬
‫ﺗﻄ ِﻬــﲑا ً﴾‪ ،‬ﺗﻘـﻮل اﻟﺮواﻳــﺎت اﳌﺘﻜـﺎﺛﺮة‪ :‬إﻧــﻪ ﳌــﺎ أﻧـﺰل اﷲ ﻫــﺬه اﻵﻳــﺔ‬ ‫ـﺮﻛﻢ َ ْ‬ ‫َُ َ‬
‫وﻳﻄ ﱢﻬـ َ ُ ْ‬
‫دﻋ ــﺎ اﻟﻨﺒ ــﻲ ‪ ‬ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ وﻋﻠﻴ ــﺎ واﳊ ــﺴﻦ واﳊ ــﺴﲔ‪َ ،‬ﻓﺠﱠﻠَﻠﻬ ــﻢ ﺑﻜ ـ ٍ‬
‫ـﺴﺎء ﻳ ــﲈﲏ‪،‬‬ ‫َ‬
‫)‪(١‬‬
‫وﻗ ــﺎل‪) :‬اﻟﻠﻬ ــﻢ ﻫ ــﺆﻻء أﻫ ــﻞ ﺑﻴﺘ ــﻲ( ‪ ،‬وﺑﻌ ــﺪ ﻧ ــﺰول ﻫ ــﺬه اﻵﻳ ــﺔ ﻣﻜ ــﺚ ‪‬‬
‫ﻣ ــﺪة ﻃﻮﻳﻠ ــﺔ ﻳ ــﺄﰐ ﻣﻨ ــﺰل ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﻛ ــﻞ ﻏ ــﺪاة ﻓﻴﻘ ــﻮل‪) :‬اﻟ ــﺼﻼة اﻟ ــﺼﻼة‪ ،‬إﻧـ ــﲈ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﻳﺮﻳﺪ اﷲ ﻟﻴﺬﻫﺐ ﻋﻨﻜﻢ اﻟﺮﺟﺲ أﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ وﻳﻄﻬﺮﻛﻢ ﺗﻄﻬﲑا( ‪.‬‬
‫وأﻣـ ــﺎ اﻟـ ــﺮﺟﺲ اﻟـ ــﺬي أذﻫﺒـ ــﻪ اﷲ ﻋـ ــﻨﻬﻢ‪ ،‬وﻃﻬـ ــﺮﻫﻢ ﺗﻄﻬـ ــﲑا‪ ،‬ﻓﻬـ ــﻮ "اﻟﻔﻌـ ــﻞ‬
‫)‪(٣‬‬
‫اﻟــﺮديء اﻟ ــﻨﺠﺲ ﻣــﻦ اﳌﻌ ــﺎﴆ واﻷدﻧــﺎس‪ ،‬واﻷﺳ ــﻔﺎه اﻟﺘــﻲ ﺗﻜ ــﻮن ﰲ ﺑﻌ ــﺾ‬

‫)‪ (١‬أﺧﺮﺟـﻪ ﻣﺎﻟــﻚ‪ ،‬وأﲪــﺪ ﺑــﻦ ﺣﻨﺒــﻞ‪ ،‬وﻣــﺴﻠﻢ‪ ،‬وأﺑــﻮ داود‪ ،‬واﻟﱰﻣــﺬي‪ ،‬واﻟــﺪارﻗﻄﻨﻲ‪ ،‬واﳊــﺎﻛﻢ‪،‬‬
‫وأﺑ ــﻮ اﻟـ ــﺸﻴﺦ‪ ،‬واﻟﻄ ــﱪاﲏ‪ ،‬واﻟﺒﻴﻬﻘ ـ ــﻲ‪ ،‬وﻋﺒ ــﺪ ﺑـ ــﻦ ﲪﻴـ ــﺪ‪ ،‬واﺑ ــﻦ ﺟﺮﻳـ ــﺮ‪ ،‬واﺑ ــﻦ ﺧﺰﻳﻤـ ــﺔ‪ ،‬واﺑـ ــﻦ‬
‫ﻋ ـﺴﺎﻛﺮ‪ ،‬واﺑ ــﻦ ﻣﺮدوﻳ ــﻪ‪ ،‬واﺑ ــﻦ اﳌﻨ ــﺬر‪ ،‬وﻋﺎﻣ ــﺔ اﳌﺤ ــﺪﺛﲔ‪ ،‬ورواه أﻫ ــﻞ اﻟﺒﻴ ــﺖ ﺑﺄﺳ ــﺎﻧﻴﺪﻫﻢ إﱃ‬
‫أﻣـ ــﲑ اﳌـ ــﺆﻣﻨﲔ‪ ،‬واﳊـ ــﺴﻦ اﻟـ ــﺴﺒﻂ‪ ،‬وﻓﺎﻃﻤـ ــﺔ اﻟﺰﻫـ ــﺮاء‪ ،‬واﺑـ ــﻦ ﻋﺒـ ــﺎس‪ ،‬وﻋﺒـ ــﺪاﷲ ﺑـ ــﻦ ﺟﻌﻔـ ــﺮ‪،‬‬
‫وﺟ ــﺎﺑﺮ ﺑ ــﻦ ﻋﺒ ــﺪاﷲ اﻷﻧ ــﺼﺎري‪ ،‬وأﻧ ــﺲ ﺑ ــﻦ ﻣﺎﻟ ــﻚ‪ ،‬وﺳ ــﻌﺪ ﺑ ــﻦ أﰊ وﻗ ــﺎص‪ ،‬وﻏ ــﲑﻫﻢ‪) .‬ﻳﻨﻈ ــﺮ‬
‫اﳌﺆﻳﺪي‪ ،‬ﻟﻮاﻣﻊ اﻷﻧﻮار‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.(٥٥‬‬
‫)‪ (٢‬ﻳﻨﻈﺮ اﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪١٥٤٣‬؛ وﻳﻨﻈﺮ اﳌﺼﺎدر اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪.‬‬
‫)‪ (٣‬ﲨﻊ ﺳﻔﻪ‪.‬‬

‫‪٤٠‬‬
 ‫‪‬‬

‫اﻟﻨ ــﺎس‪ ،‬ﻓ ــﺄﻣﺮ اﷲ ﺳ ــﺒﺤﺎﻧﻪ اﻟﻨﺒ ــﻲ ‪ ‬وأﻣ ــﺮ أﻫ ــﻞ ﺑﻴﺘ ــﻪ ﺑﺘﻘ ـﻮاه وﻃﺎﻋﺘ ــﻪ‪ ،‬وﺗ ـ ِ‬
‫ـﺮك‬
‫ْ‬
‫اﻟ ـ ــﻨﺠﺲ ﻣ ـ ــﻦ ﲨﻴ ـ ــﻊ ﻣﻌ ـ ــﺼﻴﺘﻪ‪ ،‬ﺑ ــﲈ أذﻫ ـ ــﺐ ﻋ ـ ــﻨﻬﻢ ﻣ ـ ــﻦ ﻛ ـ ــﻞ رﺟ ـ ــﺲ أو د َﻧ ـ ــﺲ‪،‬‬
‫)‪(١‬‬
‫وﻧﺠﺲ" ‪.‬‬ ‫وﺑﻌﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻌﺼﻴﺔ َ‬ ‫ﱠ‬
‫إن ﻫ ــﺬه اﻵﻳ ــﺔ ﺗﺆ ﱢﻛ ــﺪ أن اﷲ أراد أن ُﻳ ــﺬﻫﺐ ﻋ ــﻦ اﻟ ــﺴﻴﺪة ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ اﻟﺰﻫ ــﺮاء‬
‫وأﻫ ــﻞ ﺑﻴﺘﻬ ــﺎ ﻛ ـ ﱠـﻞ رﺟ ــﺲ‪ ،‬وﻣ ــﺎ أراده اﷲ ﻛ ــﺎن‪ ،‬وأ ﱠﻛ ــﺪ ذﻟ ــﻚ ﺑﺈرادﺗ ــﻪ ﺗﻄﻬ ــﲑﻫﻢ‬
‫ﺗﻄﻬﲑا؛ وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﻬﻢ ﻣﻌﺼﻮﻣﻮن ﻋﻦ ارﺗﻜﺎب اﻵﺛﺎم‪.‬‬
‫ً‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻮا ْ َ ْ ُ‬
‫ﻧﺪع‬ ‫ﻓﻘﻞ َ َ َ ْ‬ ‫ﻣﻦ ْ ِ ْ ِ‬
‫اﻟﻌﻠﻢ َ ُ ْ‬ ‫َ ِ‬
‫ﺟﺎءك َ‬ ‫ﺑﻌﺪ َﻣﺎ َ‬
‫ﻓﻴﻪ ِﻣﻦ ِ‬
‫َْ‬
‫ﺣﺂﺟﻚ ِ ِ‬
‫‪ -٢‬ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ‪ْ َ َ ﴿ :‬‬
‫ﻓﻤﻦ َ ﱠ َ‬
‫ﺛﻢ َ ْ َ ِ ْ‬ ‫َﺎءﻛﻢ ِ َ ِ‬
‫ﻟﻌﻨ ََﺔ‬
‫َﺠﻌﻞ ﱠ ْ‬
‫ﻧﺒﺘﻬﻞ َﻓﻨ ْ َ‬ ‫ﻔﺴﻨ َﺎ وأَ ُ َ ُ ْ‬
‫ﻔﺴﻜﻢ ُ ﱠ‬ ‫وﻧﺴﺎءﻛﻢ َ َ‬
‫وأ ُ َ‬ ‫وﻧﺴﺎءﻧﺎ َ َ ُ ْ‬ ‫وأ ْﻨ ُ ْ َ َ‬ ‫َﺎءﻧﺎ َ َ‬ ‫َأ ْﻨ َ‬
‫ـﺴﻤﻰ آﻳ ـ َـﺔ اﳌﺒﺎﻫﻠ ــﺔ‪ ،‬ﻋﻨ ــﺪﻣﺎ ﻛ ــﺎﺑﺮ‬ ‫ا ّ ِ َﻋ ـ ـ ـ َﲆ ْاﻟ َﻜ ـ ـ ـ ِ ِ َ‬
‫ـﺎذﺑﲔ﴾]آل ﻋﻤ ـ ــﺮان‪ ،[٦١:‬و ُﺗ ـ َ ﱠ‬
‫ﻧــﺼﺎرى ﻧﺠــﺮان اﳊﺠــﺔ‪ ،‬أﻣــﺮ اﷲ ﺑــﺪﻋﻮﲥﻢ إﱃ اﳌﺒﺎﻫﻠــﺔ‪ ،‬أﺧــﺮج ﻣــﺴﻠﻢ ﻋــﻦ‬
‫ﺳﻌﺪ ﺑﻦ أﰊ وﻗﺎص‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﳌﺎ ﻧﺰﻟﺖ آﻳﺔ اﳌﺒﺎﻫﻠﺔ‪ ،‬دﻋـﺎ رﺳـﻮل اﷲ ‪ ‬ﻋﻠﻴـﺎ‬
‫)‪(٢‬‬
‫وﻓﺎﻃﻤ ــﺔ وﺣ ــﺴﻨﺎ وﺣ ــﺴﻴﻨﺎ‪ ،‬وﻗ ــﺎل‪) :‬ﻫ ــﺆﻻء أﻫ ــﻞ ﺑﻴﺘ ــﻲ( ‪ .‬وﻫﻨ ــﺎ ﻳﺘﺒ ــﲔ أن‬
‫اﻟﻘ ــﺮآن اﻟﻜ ــﺮﻳﻢ ﻋ ـ ﱠـﱪ ﻋ ــﻦ اﻟﺰﻫ ــﺮاء ﺑ ـ ـ)ﻧ ــﺴﺎءﻧﺎ(‪ ،‬ﺣﻴ ــﺚ ﻣﺜﻠ ــﺖ ﻧ ــﺴﺎء اﻷﻣـ ــﺔ‬
‫وأﻛﺮم ﲠﺎ ﻣﻦ ﻓﻀﻴﻠﺔ وﻣﻨﻘﺒـﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻮﳖـﺎ‬ ‫ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺳﻴﺪة ﻧﺴﺎء ﻫﺬه اﻷﻣﺔ‪ِ ،‬‬
‫ﻛﺬﻟﻚ ﺻﺢ إﻃﻼق ﻟﻔﻆ اﳉﻤﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪.‬‬

‫وﻣﻦ َ ْ َ ِ ْ‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ َأﺟﺮا ً ِ ﱠإﻻ ْ َ َ ِ‬

‫ِ‬ ‫‪ -٣‬ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ‪ُ ﴿ :‬ﻗﻞ ﱠﻻ َ ْ َ‬
‫ﻳﻘﱰف‬ ‫اﳌﻮدة ﰲ ْ ُ ْ َ‬
‫اﻟﻘﺮﺑﻰ َ َ‬ ‫َ ﱠ‬ ‫ﻜﻢ َ َ ْ ْ‬
‫أﺳﺄ ُ ُ ْ‬

‫)‪ (١‬ﳎﻤﻮع ﻛﺘﺐ ورﺳﺎﺋﻞ اﻹﻣﺎم اﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﺮﳼ‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪ ،٦٢٠‬ﻣﺴﺎﺋﻞ اﻟﻘﺎﺳﻢ رﻗﻢ ‪.٢٠٢‬‬
‫)‪ (٢‬ﻣﺴﻠﻢ‪ ،‬اﻟﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪ ،١٨٧٠‬رﻗﻢ‪.٢٤٠٤‬‬

‫‪٤١‬‬
 ‫‪‬‬

‫ـﺴﻨﺎ ِ ﱠ‬ ‫ﺣﺴﻨ ًَﺔ ﱠ ِﻧﺰد َ ِ‬

‫ـﻜﻮر﴾]اﻟـﺸﻮرى‪ ،[٢٣:‬روي أﳖـﺎ ﳌـﺎ‬ ‫إن ا ﱠ َ َﻏ ُﻔ ٌ‬
‫ـﻮر َﺷ ُ ٌ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ ُﺣ ْ ً‬
‫ﻟﻪ َ‬‫ْ ُ‬ ‫َ َ‬
‫أﻣﺮﻧ ــﺎ اﷲ ﺑﻤ ــﻮدﲥﻢ؟ ﻗ ــﺎل‪:‬‬
‫ﻧﺰﻟــﺖ ﻗ ــﺎﻟﻮا‪ :‬ﻳ ــﺎ رﺳ ــﻮل اﷲ‪ ،‬ﻣ ــﻦ ﻗﺮاﺑ ُﺘــﻚ اﻟ ــﺬﻳﻦ َ‬
‫)‪(٢‬‬ ‫)‪(١‬‬
‫)ﻋ ــﲇ وﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ووﻟ ــﺪﳘﺎ( ‪ ،‬وذوو اﻟﻘﺮﺑ ــﻰ ﻫ ــﻢ ذرﻳ ــﺔ رﺳ ــﻮل اﷲ ‪، ‬‬
‫وأول ﺗﻠﻚ اﻟﺬرﻳﺔ ورﻣﺰﻫﺎ وﳖﺮ ﻛﻮﺛﺮﻫـﺎ ﻫـﻲ اﻟﺰﻫـﺮاء؛ ﻳﻘـﻮل ﻓﻘﻴـﻪ اﻟﻘـﺮآن‬
‫اﻟﻌ ـ ــﺎﱂ اﳌﺠﺎﻫ ـ ــﺪ ﺑ ـ ــﺪر اﻟ ـ ــﺪﻳﻦ اﳊ ـ ــﻮﺛﻲ‪" :‬واﳊﻜﻤ ـ ــﺔ ﰲ ذﻟ ـ ــﻚ أن اﻟﻨ ـ ــﺎس إذا‬
‫أﺣﺒ ـ ــﻮﻫﻢ ﱠاﺗﺒﻌ ـ ــﻮﻫﻢ‪ ،‬ﱠ‬
‫ﻓﺘﻌﻠﻤ ـ ــﻮا ﻣ ـ ــﻨﻬﻢ‪ ،‬واﻫﺘ ـ ــﺪوا ﲠ ـ ــﺪاﻫﻢ‪ ،‬ﺑﺨ ـ ــﻼف ﻣ ـ ــﺎ إذا‬
‫أﺑﻐ ــﻀﻮﻫﻢ‪ ،‬ﻓ ــﺈﳖﻢ ﻳﺘﺒﺎﻋ ــﺪون ﻋ ــﻨﻬﻢ‪ ،‬وﻳﺘﻨ ﱠﻜـ ـﺮون ﻹرﺷ ــﺎداﲥﻢ‪ ،‬وﻳﱰﻛـ ــﻮن‬
‫)‪(٣‬‬
‫اﻻﻗﺘﺪاء ﲠﻢ" ‪.‬‬

‫آﻳﺎت ﺳﻮرة اﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﻓﻀﻠﻬﻢ‪ ،‬وﻣﺎ أﻋﺪ‬

‫‪ -٤‬ﻫﻲ ﻣﻦ اﻷﺑﺮار اﻟﺬﻳﻦ وردت ُ‬
‫اﷲ ﳍ ــﻢ ﻣــﻦ اﻹﻛ ــﺮام؛ وذﻟ ــﻚ ﳌﱠــﺎ ﻧ ـ َ َ‬
‫ـﺬرت ﻣ ــﻊ أﻫ ــﻞ ﺑﻴﺘﻬ ــﺎ ﺑﺎﻟ ــﺼﻴﺎم‪ ،‬ﻓﻠ ــﲈ ﺣ ــﺎن‬
‫وﻗ ـ ــﺖ إﻓﻄ ـ ــﺎرﻫﻢ ﺟ ـ ــﺎءﻫﻢ ﻣ ـ ــﺴﻜﲔ وﻳﺘ ـ ــﻴﻢ وأﺳ ـ ــﲑ ﻳ ـ ــﺴﺄﻟﻮﳖﻢ‪ ،‬ﻓ ـ ــﺄﻋﻄﻮﻫﻢ‬
‫ﺄس َﻛـ َ‬
‫ـﺎن‬ ‫ﺑﻮن ِﻣــﻦ َﻛـ ْ ٍ‬
‫ـﴩ ُ َ‬‫ـﺮار َﻳ ْ َ‬ ‫إن ْ َ‬
‫اﻷ ْـ َ َ‬ ‫أﻗـﺮاص إﻓﻄـﺎرﻫﻢ‪ ،‬ﻓـﺄﻧﺰل اﷲ ﺗﻌـﺎﱃ‪ ِ ﴿ :‬ﱠ‬
‫ﻳﻮﻓﻮن ِﺑﺎﻟﻨ ْ ِ‬
‫ﺗﻔﺠﲑا ً* ُ ُ َ‬ ‫ﻳﻔﺠﺮوﳖﺎ َ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻳﴩب ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ﱠﺬر‬ ‫ﻋﺒﺎد ا ﱠ ُ َ ﱢ ُ َ َ‬ ‫ﻋﻴﻨﺎً َ ْ َ ُ َ‬
‫ﲠﺎ َ ُ‬ ‫ﻣﺰاﺟﻬﺎ َ ُ ً‬
‫ﻛﺎﻓﻮرا * َ ْ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ﻣﺴﻜﻴﻨﺎً ِ‬
‫وﻳﺘﻴﲈً‬ ‫ﺣﺒﻪ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﺴﺘﻄﲑا ً * َ ُ ْ ِ ُ َ‬
‫ﻛﺎن َﴍه َ ِ‬
‫ََ‬ ‫ﻋﲆ ُ ﱢ ْ‬ ‫وﻳﻄﻌﻤﻮن ﱠ َ َ‬
‫اﻟﻄﻌﺎم َ َ‬ ‫ﻳﻮﻣﺎً َ َ ﱡ ُ ُ ْ‬ ‫َ ََ ُ َ‬
‫وﳜﺎﻓﻮن َ ْ‬

‫)‪ (١‬ﺧـﱪ ﻣــﺸﻬﻮر ﻣــﺮوي ﻋــﻦ ﲨﺎﻋــﺔ ﻣــﻦ اﻟـﺼﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬أﺧﺮﺟــﻪ اﳊــﺴﻜﺎﲏ ﻣــﻦ ﻃــﺮق‪ ،‬وأﺧﺮﺟــﻪ أﺑــﻮ‬
‫ﻋﺒﻴـ ــﺪ ﰲ ﻓ ـ ــﻀﺎﺋﻞ اﻟﻘ ـ ــﺮآن‪ ،‬وإﺳـ ــﺤﺎق‪ ،‬وﻋﺒ ـ ــﺪ ﺑ ـ ــﻦ ﲪﻴ ـ ــﺪ‪ ،‬واﳊـ ــﺴﻦ ﺑ ـ ــﻦ ﺳ ـ ــﻔﻴﺎن‪ ،‬واﻟﺒﻐ ـ ــﻮي‪،‬‬
‫واﻟﺜﻌﻠﺒﻲ‪ ،‬واﳌﺮﺷﺪ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻘﲔ‪ ،‬واﳊﺎﻛﻢ‪ ،‬واﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ‪ ،‬واﺑﻦ اﳌﻐﺎزﱄ‪.‬‬
‫)‪ (٢‬اﳊﻮﺛﻲ‪ ،‬اﻟﺘﻴﺴﲑ ﰲ اﻟﺘﻔﺴﲑ‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪.٣٦٥‬‬
‫)‪ (٣‬اﳊﻮﺛﻲ‪ ،‬اﻟﺘﻴﺴﲑ ﰲ اﻟﺘﻔﺴﲑ‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪.٣٦٥‬‬

‫‪٤٢‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﺷﻜﻮراً* ِ ﱠإﻧﺎ َ َ ُ‬‫وﻻ ُ ُ‬ ‫ﺟﺰاء َ َ‬ ‫ﻟﻮﺟﻪ ا ِ َﻻ ُ ِ ُ ِ‬

‫وأﺳﲑا ً* ِ ﱠإﻧﲈ ُﻧ ْ ِ ُ ِ ِ‬ ‫َِ‬
‫ﻧﺨﺎف‬ ‫ﻧﺮﻳﺪ ُ ْ‬
‫ﻣﻨﻜﻢ َ َ‬ ‫ﻄﻌﻤﻜﻢ َ ْ ﱠ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ﻧﴬة‬ ‫اﻟﻴﻮم َ َ ﱠ ُ ْ‬
‫وﻟﻘﺎﻫﻢ َ ْ َ ً‬ ‫ذﻟﻚ ْ َ ْ ِ‬‫ﴍ َِ َ‬ ‫ﻓﻮﻗﺎﻫﻢ ا ﱠ ُ َ ﱠ‬ ‫ﻋﺒﻮﺳﺎ َ ْ َ ِ‬
‫ﻗﻤﻄﺮﻳﺮا ً* َ َ َ ُ ُ‬ ‫ﻳﻮﻣﺎ َ ُ ً‬
‫رﺑﻨَﺎ َ ْ ً‬
‫ﻣﻦ ﱠ ﱢ‬
‫ِ‬
‫ﻋﲆ ْ َ ِ ِ‬ ‫وﺣﺮﻳﺮا ً* ﻣ ﱠ ِ ِ َ ِ‬‫ﺻﱪوا َﺟﻨ ًﱠﺔ َ َ ِ‬
‫اﻷراﺋﻚ َﻻ‬‫َ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ َ َ‬
‫ﺘﻜﺌﲔ َ‬ ‫ُ‬ ‫وﺟﺰاﻫﻢ ِ َﺑﲈ َ َ ُ‬ ‫َ ُ ُ ً‬
‫وﴎورا* َ َ َ ُ‬
‫ﻗﻄﻮﻓﻬﺎ َ ْ ِ‬ ‫وداﻧﻴﺔ َ َ ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫وﻻ َ ْ َ ِ‬
‫ﺷﻤﺴﺎً َ َ‬ ‫َ ِ‬
‫ﺗﺬﻟﻴﻼً*‬ ‫وذﻟﻠﺖ ُ ُ ُ َ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﻢ َ ُ َ‬
‫ﻇﻼﳍﺎ َ ُ ﱢ َ ْ‬ ‫زﻣﻬﺮﻳﺮا ً* َ َ َ ً ْ ْ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ َ ْ‬
‫ﻳﺮون َ‬‫ََ ْ‬
‫ـﻮارﻳﺮ ِﻣـﻦ ِﻓ ﱠ ٍ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﻢ ِﺑﺂ ِ ٍﻴﺔ ﻣﻦ ِ ﱠ ٍ‬
‫ـﻀﺔ‬ ‫ـﻮارﻳﺮا * َﻗ َ ِ َ‬
‫ـﺖ َﻗ َ ِ َ‬ ‫ﻓﻀﺔ َ َ ْ َ ٍ‬
‫وأﻛﻮاب َﻛﺎ َﻧ ْ‬ ‫َ ﱢ‬ ‫وﻳﻄﺎف َ َ ْ ِ‬
‫َُ َ ُ‬
‫زﻧﺠﺒﻴﻼً* َ ِ‬ ‫ﻣﺰاﺟﻬﺎ َ َ ِ‬ ‫ﻛﺄﺳﺎً َ َ ِ‬ ‫ﻓﻴﻬﺎ َ ْ‬ ‫َ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ﺗﺴﻤﻰ‬
‫ﻓﻴﻬﺎ ُ َ ﱠ‬‫ﻋﻴﻨﺎً َ‬ ‫ْ‬ ‫ﻛﺎن َ ُ َ‬ ‫وﻳﺴﻘﻮن َ‬ ‫ﺪروﻫﺎ َ ْﺗﻘﺪﻳﺮا ً* َ ُ ْ ْ‬
‫َﻗ ﱠ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ـﺪون ِ َ‬ ‫ـﻴﻬﻢ ِو ْﻟـ َ ٌ‬
‫ﻟﺆ ُﻟـ ً‬
‫ـﺆا‬ ‫ـﺴﺒﺘﻬﻢ ُ ْ‬
‫ـﺘﻬﻢ َﺣـ ْ َ ُ ْ‬ ‫إذا َ َ‬
‫رأ ْـ َ ُ ْ‬ ‫ـﺪان ﱡ َﳐ ﱠﻠـ ُ َ‬ ‫ـﻮف َﻋ َﻠـ ْ ِ ْ‬
‫وﻳ ُﻄـ ُ‬
‫ـﺴﺒﻴﻼ * َ َ‬‫َﺳ ْﻠـ َ ِ ً‬
‫ﺛﻴﺎب ُ ُ ٍ‬ ‫ﻛﺒﲑا ً* َ ِ ِ‬ ‫وﻣﻠﻜﺎً َ ِ‬ ‫ﺖَِ‬
‫ﻧﻌﻴﲈً َ ُ ْ‬ ‫ﺛﻢ َرأَ ْ َ‬ ‫ﻣﻨﺜﻮرا * َ ِ َ‬
‫وإذا َرأَ ْ َ‬
‫ﺳﻨﺪس ُ ْ ٌ‬
‫ﺧﴬ‬ ‫ﻋﺎﻟﻴﻬﻢ َ ُ‬
‫َُ ْ‬ ‫ﺖَﱠ‬ ‫ﱠ ُ ً‬
‫أﺳﺎور ِﻣﻦ ِ ﱠ ٍ‬
‫ﻫﺬا َ َ‬
‫ﻛﺎن‬ ‫ﻃﻬﻮراً * ِ ﱠ‬
‫إن َ َ‬ ‫ﴍاﺑﺎً َ ُ‬
‫رﲠﻢ َ َ‬ ‫ﻓﻀﺔ َ َ َ ُ ْ‬
‫وﺳﻘﺎﻫﻢ َ ﱡ ُ ْ‬ ‫وﺣﻠﻮا َ َ ِ َ‬ ‫َ ِ ْ ََْ ٌ‬
‫وإﺳﺘﱪق َ ُ ﱡ‬
‫ﺳﻌﻴﻜﻢ ﱠ ْ ُ ً‬
‫ﻣﺸﻜﻮرا﴾]اﻹﻧﺴﺎن‪ [٢٢-٥:‬ﻣﻦ ﺳﻮرة اﻹﻧﺴﺎن‪.‬‬ ‫ﺟﺰاء َ َ َ‬
‫وﻛﺎن َ ْ ُ ُ‬ ‫َ ُ ْ‬
‫ﻟﻜﻢ َ َ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﻧﺰﻟ ــﺖ ﻫ ــﺬه اﻵﻳـ ــﺎت ﰲ أﻫ ــﻞ اﻟﺒﻴ ــﺖ ﻫـ ــﺆﻻء ‪ ،‬ووﺻ ــﻔﺘﻬﻢ اﻵﻳ ــﺎت ﺑـ ــﺄﳖﻢ‬
‫أﺑ ـ ــﺮار‪ ،‬وﻳﻮﻓ ـ ــﻮن ﺑﺎﻟﻨ ـ ــﺬر‪ ،‬وﳜـ ــﺎﻓﻮن اﻟﻴ ـ ــﻮم اﻵﺧ ـ ــﺮ‪ْ ُ ،‬‬
‫وﻳﻄﻌﻤ ـ ــﻮن اﻟﻄﻌ ـ ــﺎم ﻋ ـ ــﲆ‬
‫ﺣﺎﺟﺘ ــﻪ‪ ،‬وﻟﻮﺟ ــﻪ اﷲ‪ ،‬وﺑﻐ ــﲑ ﺟ ــﺰاء وﻻ ﺷ ــﻜﻮر‪ ،‬وأﳖ ــﻢ ﳜ ــﺎﻓﻮن ﻳﻮﻣ ــﺎ ﻋﺒﻮﺳ ــﺎ‬
‫ﻗﻤﻄﺮﻳﺮا‪ ،‬وﳍﺬا ﺟﺰاﻫﻢ اﷲ ﺑﺎﻟﻔﻀﻞ اﻟﻌﻈﻴﻢ واﳋﲑ اﻟﻌﻤﻴﻢ‪.‬‬

‫إذن اﻟﻔــﻀﻞ ﺟــﺎءﻫﻢ ﻣــﻦ ﻗﺒــﻞ أﻋﲈﳍــﻢ‪ ،‬ﺣﻴــﺚ ﺑــﺎدروا ﺑﺄﻓﻌــﺎل ﻃﻴﺒــﺔ وﺧـ ﱢـﲑة‬
‫ﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اﻋﺘﻘﺎدﻳﺔ‪ ،‬وذات دﻻﻟﺔ ﺿﻤﲑﻳﺔ‪ ،‬ﰲ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ وﺑﲔ اﷲ ﻋﺰ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ﻣﻮاﻛﺒﺔ‬

‫)‪ (١‬رواه اﻹﻣ ـ ــﺎم اﳍ ـ ـ ﺎدي ﰲ اﻷﺣﻜ ـ ــﺎم‪ ،‬واﻟ ـ ــﺴﻴﻮﻃﻲ ﰲ اﻟ ـ ــﺪر اﳌﻨﺜ ـ ــﻮر‪ ،‬وﻏﲑﳘ ـ ــﺎ‪ .‬ﻳﻨﻈ ـ ــﺮ اﳊ ـ ــﻮﺛﻲ‪،‬‬
‫اﻟﺘﻴﺴﲑ ﰲ اﻟﺘﻔﺴﲑ ج‪ ،٧‬ص‪.٣١٦ -٣١٥‬‬

‫‪٤٣‬‬
 ‫‪‬‬

‫وﺟ ــﻞ‪ ،‬ﻣ ــﻦ اﻟ ــﺼﻴﺎم وإﻳﻔ ــﺎء اﻟﻨ ــﺬر‪ ،‬واﳋ ــﻮف ﻣ ــﻦ اﷲ واﻟﻴ ــﻮم اﻵﺧ ــﺮ‪ ،‬وﻋﺬاﺑ ــﻪ‪،‬‬
‫وﺗﱰ َﲨَــﺖ ﻫــﺬه اﻻﻋﺘﻘــﺎدات إﱃ أﻓﻌــﺎل ﺳــﻠﻮﻛﻴﺔ‪ ،‬ﻓــﺄﻃﻌﻤﻮا اﻟﻄﻌــﺎم ﻋــﲆ ﺣﺒــﻪ؛‬
‫ْ‬
‫ﳍﺬا ﻣﺪﺣﻬﻢ اﷲ ذﻟﻚ اﳌﺪح‪ ،‬وﺟﺎزاﻫﻢ ذﻟﻚ اﳉﺰاء‪.‬‬

‫‪ -٥‬اﻣ ــﺘﻦ اﷲ ﻋ ــﲆ ﻧﺒﻴ ــﻪ ‪ ‬أﻧ ــﻪ أﻋﻄ ــﺎه اﻟﻜ ــﻮﺛﺮ‪ ،‬ﻗ ــﺎل ﺗﻌ ــﺎﱃ‪ِ ﴿ :‬إ ﱠﻧ ـ ــﺎ َ ْ َ ْ‬
‫أﻋﻄﻴﻨَ ـ ـ َ‬
‫ـﺎك‬
‫اﻷ ْـ َـﱰ﴾]اﻟﻜـﻮﺛﺮ‪ .[٣-١:‬ﻗــﺎل‬ ‫إن َﺷـ ِ َ َ‬
‫ـﺎﻧﺌﻚ ُﻫ َـﻮ َ‬ ‫واﻧ َﺤــﺮ* ِ ﱠ‬ ‫ـﺼﻞ ِ َﻟﺮ ﱢﺑ َ‬
‫ـﻚ َ ْ‬ ‫ـﻮﺛﺮ* َﻓـ َ ﱢ‬
‫ْاﻟ َﻜ ْ َ‬
‫)‪(١‬‬
‫اﻹﻣـ ــﺎم زﻳ ـ ــﺪ‪" :‬اﻟﻜـ ــﻮﺛﺮ‪ :‬ﻫ ـ ــﻮ اﳋ ـ ــﲑ اﻟﻜﺜـ ــﲑ" ‪ ،‬وﻗ ـ ــﺎل اﻹﻣـ ــﺎم اﻟﻘﺎﺳ ـ ــﻢ ﺑ ـ ــﻦ‬
‫إﺑ ــﺮاﻫﻴﻢ‪" :‬اﻟﻜ ــﻮﺛﺮ ﻫ ــﻮ اﻟﻌﻄ ــﺎء اﻷﻛ ــﱪ"؛ ﻗ ــﺎل اﻟ ــﺴﻴﺪ اﳌﺠﺎﻫ ــﺪ ﺑ ــﺪر اﻟ ــﺪﻳﻦ‬
‫اﳊـ ــﻮﺛﻲ‪" :‬وﻫ ــﻮ ﻋـ ــﺎم ﻟـ ــﻨﻌﻢ اﷲ اﻟﺘـ ــﻲ أﻧﻌـ ــﻢ ﲠـ ــﺎ ﻋـ ــﲆ رﺳـ ــﻮﻟﻪ ‪ ."‬وذﻛـ ــﺮ‬
‫أﻳـ ـ ًـﻀﺎ أﻧـ ــﻪ ﻻ ﻣـ ــﺎﻧﻊ ﻣـ ــﻦ ﺗ ـﻔ ــﺴﲑه ﺑﻜﺜـ ــﺮة اﻟﺬرﻳـ ــﺔ إﱃ ﺟﺎﻧـ ــﺐ ﻛـ ـ ﱢـﻞ ﻣـ ــﺎ ﻳ ـ ــﺸﻤﻠﻪ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﻋﻤ ــﻮم اﻟﻠﻔﻈ ــﺔ ﻣ ــﻦ اﳌ ــﺼﺎدﻳﻖ اﻟﻜﺜ ــﲑة ؛ وﻻ ﺷ ــﻚ أن اﻟﺰﻫ ــﺮاء ﻫ ــﻲ رﻣ ــﺰ‬
‫اﻟﻜﻮﺛﺮ‪ُ َ ُ ،‬‬
‫وﻣﻨﻄﻠﻘﻪ‪.‬‬

‫)‪ (١‬ﺗﻔﺴﲑ ﻏﺮﻳﺐ اﻟﻘﺮآن ﻟﻺﻣﺎم زﻳﺪ‪ ،‬ص‪.٢٠٠‬‬

‫)‪ (٢‬اﻟﺘﻴﺴﲑ ﰲ اﻟﺘﻔﺴﲑ‪ ،‬ج‪ ،٧‬ص‪.٥٩٤ ،٥٩٣‬‬

‫‪٤٤‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫ﻳﻤﻜ ـ ـ ــﻦ إﲨ ـ ـ ــﺎل ﺑﻌ ـ ـ ــﺾ ﻓ ـ ـ ــﻀﺎﺋﻠﻬﺎ اﻟﺘ ـ ـ ــﻲ وردت ﰲ ﻛ ـ ـ ــﻼم اﳌ ـ ـ ــﺼﻄﻔﻰ ‪‬‬
‫وﻣﻮاﻗﻔﻪ ﰲ اﻟﺘﺎﱄ‪:‬‬
‫‪ -١‬أن اﷲ ﻳﻐﻀﺐ ﻟﻐﻀﺒﻬﺎ‪ ،‬وﻳﺮﴇ ﻟﺮﺿﺎﻫﺎ‪ ،‬ﻓﻌﻦ أﻣﲑ اﳌـﺆﻣﻨﲔ ﻋـﲇ‪‬‬

‫ﻗـﺎل‪ :‬ﻗـﺎل رﺳـﻮل اﷲ ‪ ‬ﻟﻔﺎﻃﻤــﺔ‪) :‬إن اﷲ ﺗﻌـﺎﱃ ﻳﻐـﻀﺐ ﻟﻐـﻀﺐ ﻓﺎﻃﻤــﺔ‪،‬‬

‫)‪(١‬‬
‫وﻳﺮﴇ ﻟﺮﺿﺎﻫﺎ( ‪.‬‬
‫وﻳﻐـ ِـﻀﺒﻪ ﻣ ــﺎ أﻏ ــﻀﺒﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻌﻨ ــﻪ ‪:‬‬
‫‪ -٢‬أﳖــﺎ َﺑ ــﻀﻌﺔ ﻣﻨ ــﻪ ‪ ،‬ﻳﺆذﻳــﻪ ﻣ ــﺎ آذاﻫ ــﺎ‪ُ ،‬‬
‫)ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ َﺑ ــﻀﻌﺔ ﻣﻨ ــﻲ‪ ،‬ﻓﻤ ــﻦ أﻏ ــﻀﺒﻬﺎ ﻓﻘ ــﺪ أﻏ ــﻀﺒﻨﻲ(‪ ،‬وﰲ رواﻳ ــﺔ أﺧ ــﺮى‪:‬‬
‫)‪(٢‬‬
‫)ﻓـ ــﺈﻧﲈ ﻫـ ــﻲ َﺑ ـ ــﻀﻌﺔ ﻣ ـﻨ ــﻲ ﻳﺮﻳﺒُﻨ ـ ــﻲ ﻣـ ــﺎ أراﲠـ ــﺎ‪ ،‬وﻳ ـ ــﺆذﻳﻨﻲ ﻣـ ــﺎ آذاﻫ ـ ــﺎ( ‪ ،‬وﰲ‬
‫رواﻳ ـ ـ ــﺔ‪) :‬إﻧ ـ ـ ــﲈ ﻓﺎﻃﻤ ـ ـ ــﺔ ِﺷ ـ ـ ـﺠﻨﺔ ﻣﻨ ـ ــﻲ ﻳﺒ ـ ـ ــﺴﻄﻨﻲ ﻣ ـ ـ ــﺎ ﻳﺒ ـ ـ ــﺴﻄﻬﺎ‪ ،‬وﻳﻘﺒ ـ ـ ــﻀﻨﻲ‬
‫)‪(٣‬‬
‫ﻣﺎ ﻳﻘﺒﻀﻬﺎ( ‪.‬‬

‫)‪ (١‬رواه أﻫـﻞ اﻟﺒﻴــﺖ ﻋﻠـﻴﻬﻢ اﻟــﺴﻼم وﻣـﻨﻬﻢ اﻹﻣــﺎم اﻟﺮﺿـﺎ ﰲ ﺻــﺤﻴﻔﺘﻪ‪ ،‬ص‪ ،٩٠‬واﻹﻣـﺎم اﳌﺮﺷــﺪ‬
‫ﺑﺎﷲ ﰲ اﻷﻣﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ص‪ ،٢٢٤‬واﻹﻣﺎم اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ‪ ،‬ﻛﲈ ﻧﻘﻞ ﻋﻨﻪ اﻹﻣﺎم أﲪﺪ ﺑﻦ‬
‫ﺳـ ــﻠﻴﲈن ﰲ ﺣﻘـ ــﺎﺋﻖ اﳌﻌﺮﻓـ ــﺔ‪ ) ،‬ﻓـ ــﺼﻞ إﻣﺎﻣـ ــﺔ اﻹﻣـ ــﺎم زﻳـ ــﺪ ﺑـ ــﻦ ﻋـ ــﲇ ﻋﻠﻴـ ــﻪ اﻟـ ــﺴﻼم(‪ ،‬وأﺧﺮﺟـ ــﻪ‬
‫اﳌﺤ ــﺪﺛﻮن‪ ،‬وﻣـ ــﻨﻬﻢ اﺑـ ــﻦ أﰊ ﻋﺎﺻـ ــﻢ ﰲ اﻵﺣـ ــﺎد واﳌﺜـ ــﺎﲏ‪ ،‬ج‪ ،٨‬ص‪ ،٣١٣‬رﻗـ ــﻢ‪ ،٢٦٢٤‬وأﺑـ ــﻮ‬
‫ﻧﻌ ـ ــﻴﻢ ﰲ ﻣﻌﺮﻓ ـ ــﺔ اﻟ ـ ــﺼﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬ج‪ ،٢٢‬ص‪ ،٢٠٦‬رﻗ ـ ــﻢ‪ ،٦٧٠٤‬واﳊ ـ ــﺎﻛﻢ ﰲ اﳌ ـ ــﺴﺘﺪرك ج‪،١١‬‬
‫ص‪ ،٣٨‬رﻗ ــﻢ ‪ ،٤٧١٣‬وﻗ ــﺎل‪ :‬ﺻ ــﺤﻴﺢ اﻹﺳ ــﻨﺎد‪ ،‬واﻟﻄ ــﱪاﲏ ﰲ اﻟﻜﺒ ــﲑ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪ ،١٠٨‬رﻗ ــﻢ‬
‫‪ ،١٨٣‬ج‪ ،٢٢‬ص‪ ،٤٠١‬رﻗﻢ‪ ،١٨٨٥٣‬وآﺧﺮون‪.‬‬
‫)‪ (٢‬ﻳﻨﻈﺮ اﻟﺒﺨﺎري‪ ،‬اﻟﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪ ،١٣٦١‬رﻗﻢ‪.٣٥١٠‬‬
‫)‪ (٣‬اﳊ ـ ــﺎﻛﻢ‪ ،‬اﳌ ـ ــﺴﺘﺪرك ﻋ ـ ــﲆ اﻟ ـ ــﺼﺤﻴﺤﲔ‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪ ،١٦٨‬رﻗ ـ ــﻢ‪٣٧٣٤‬؛ واﻟﻄ ـ ــﱪاﲏ‪ ،‬اﳌﻌﺠ ـ ــﻢ‬
‫اﻟﻜﺒﲑ‪ ،‬ج‪ ،٢٢‬ص‪ ،٤٠٥‬رﻗﻢ‪.١٠١٤‬‬

‫‪٤٥‬‬
 ‫‪‬‬

‫اﻟﻘﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻢ‪ ،‬وﻗﺪ ُﺗﻜﴪ‪ ،‬أي أﳖﺎ ﺟﺰء ﻣﻨﻪ ‪ ،‬ﻛﲈ‬ ‫واﻟﺒﻀﻌﺔ ﺑﺎﻟﻔﺘﺢ‪ِ :‬‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫)‪(١‬‬
‫ـﺰء ﻣﻨـ ــﻪ ‪ ،‬واﻟـ ـ ّـﺸﺠﻨﺔ ﺑـ ــﻀﻢ اﻟـ ــﺸﲔ وﻛـ ــﴪﻫﺎ‪ :‬اﻟـ ــﺮﺣﻢ‬
‫أن اﻟﻘﻄﻌـ ــﺔ ﻣـ ــﻦ اﻟﻠﺤـ ــﻢ ﺟـ ـ ٌ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﺼﻦ ﻣﻦ ﻏﺼﻮن اﻟﺸﺠﺮة ‪.‬‬ ‫وأﺻﻠﻬﺎ ُﺷﻌﺒﺔ ﻣﻦ ُﻏ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫اﳌﺸﺘﺒﻜﺔ‪،‬‬

‫وﻫ ـ ـ ــﺬا اﳊ ـ ـ ــﺪﻳﺚ ﺑﺮواﻳﺎﺗ ـ ـ ــﻪ اﳌﺘﻌ ـ ــﺪدة ﻳﺒ ـ ـ ـ ﱢـﲔ ﺧﻄ ـ ـ ــﻮرة إﻏ ـ ـ ــﻀﺎب ﻓﺎﻃﻤ ـ ـ ـﺔ أو‬
‫إﻳ ـ ــﺬاﺋﻬﺎ‪ ،‬أو إﻗﺒﺎﺿ ـ ــﻬﺎ وأن ذﻟ ـ ــﻚ ﺑﻤﺜﺎﺑ ـ ــﺔ إﻏ ـ ــﻀﺎب رﺳ ـ ــﻮل اﷲ أو إﻳﺬاﺋ ـ ــﻪ‪ ،‬أو‬
‫إﻗﺒﺎﺿ ــﻪ ‪ ،‬وﻛ ــﺎن ‪ ‬ﲠ ــﺬا ُﻳﻌﻄ ــﻲ درﺳ ــﺎ ﻋﻈ ــﻴﲈ وﻛﺒ ــﲑا ﰲ أﳘﻴ ــﺔ اﻻﻟﺘ ــﺰام‬
‫ﳛ ـﱢﺬر ﻣــﻦ ﺧﻄــﻮرة اﻻﻧﺤــﺮاف اﻟــﺬي‬
‫ﺑﺎﳌﺒــﺎدئ اﻟﺪﻳﻨﻴــﺔ‪ ،‬واﻷﺣﻜــﺎم اﻟــﴩﻋﻴﺔ‪ ،‬و ُ َ‬
‫دﻟﻴﻞ اﻧﺤﺮاﻓﻪ إﻏﻀﺎب ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺳﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪.‬‬

‫ﻛ ــﲈ ﻳـ ــﺸﲑ إﱃ رﻣﺰﻳـ ــﺔ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ‘؛ ﻟﻜﻮ ِﳖـ ــﺎ ﱠأم ذرﻳﺘـ ــﻪ اﻟ ــﺬﻳﻦ ﲠـ ــﻢ ﺻـ ــﻼح‬
‫اﻷﻣ ــﺔ وﻫ ــﺪاﻳﺘﻬﺎ‪ ،‬وأﻛ ــﺪ اﻟﺮﺳ ــﻮل ‪ ‬أﳖ ــﺎ ﻗﻄﻌ ــﺔ ﻣﻨ ــﻪ‪ ،‬وأن ﺣﻜ ــﻢ ﻫ ــﺬه اﳌ ــﺮأة‬
‫ﻋﺎرا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وﳛﺘﻘﺮﻫﺎ‪ ،‬وﻳﻌﺘﱪﻫﺎ ً‬ ‫ُ‬ ‫اﳌﺮأة‬
‫ﳎﺘﻤﻊ ﻛﺎن ﳞﲔ َ‬ ‫ﺣﻜﻤﻪ ﰲ‬

‫‪ -٣‬وﺻﻔﻬﺎ اﻟﺮﺳﻮل ‪ ‬ﺑﺎﻟﺴﻴﺎدة‪ ،‬ﻓﻤﺮة ﺑﺄﳖـﺎ ﺳـﻴﺪة ﻧـﺴﺎء ﻫـﺬه اﻷﻣـﺔ‪ ،‬وﻣـﺮة‬
‫ﺑﺄﳖ ــﺎ ﺳ ــﻴﺪة ﻧ ــﺴﺎء اﻟﻌ ــﺎﳌﲔ‪ ،‬وﺛﺎﻟﺜ ــﺔ ﺑﺄﳖ ــﺎ ﺳ ــﻴﺪة ﻧ ــﺴﺎء أﻫ ــﻞ اﳉﻨ ــﺔ‪ ،‬ووردت‬
‫)‪(٣‬‬
‫أﺣﺎدﻳ ــﺚ ﻛﺜ ــﲑة ﺑ ــﺬﻟﻚ ﰲ ﻛﺘ ــﺐ اﳌ ــﺴﻠﻤﲔ ﲨﻴﻌ ــﺎ ‪ ،‬وﺻ ــﺎر ﻫ ــﺬا ﻣﻌﺮوﻓـ ــﺎ‬

‫)‪ (١‬اﺑﻦ اﻷﺛﲑ‪ ،‬اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﰲ ﻏﺮﻳﺐ اﳊﺪﻳﺚ واﻷﺛﺮ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٣٤٥‬‬

‫)‪ (٢‬ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب‪ ،‬ج‪ ،١٣‬ص‪ ،٢٣٢‬ﻣﺎدة ﺷﺠﻦ‪.‬‬
‫)‪ (٣‬ﻳﻨﻈـ ـ ــﺮ اﺑـ ـ ــﻦ ﻋﺒـ ـ ــﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳـ ـ ــﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪ ١٨٩٥‬؛ واﻹﻣـ ـ ــﺎم زﻳـ ـ ــﺪ‪ ،‬ﻣـ ـ ــﺴﻨﺪ اﻹﻣـ ـ ــﺎم زﻳـ ـ ــﺪ‪،‬‬
‫ص‪ ،٣٦٢‬ﺑﻠﻔﻆ "ﺧﲑ ﻧﺴﺎء اﻟﻌﺎﳌﲔ"‪.‬‬

‫‪٤٦‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(٢‬‬ ‫)‪(١‬‬
‫ﻋﻨﺪ اﳌﺴﻠﻤﲔ ‪ ،‬وأوﺻﺎﻓﻬﺎ ﺑﺄﳖﺎ )ﺳﻴﺪة ﻧـﺴﺎء اﳌـﺆﻣﻨﲔ( ‪ ،‬وأﳖـﺎ )ﺳـﻴﺪة‬
‫)‪(٤‬‬ ‫)‪(٣‬‬
‫ـﱪ ﻋ ــﻦ ﻋﻠ ـ ﱢـﻮ‬
‫ﻧ ــﺴﺎء ﻫ ــﺬه اﻷﻣ ــﺔ( ‪ ،‬وأﳖ ــﺎ )ﺳ ــﻴﺪة ﻧ ــﺴﺎء أﻫ ــﻞ اﳉﻨ ــﺔ( ‪ ،‬ﺗﻌ ـ ﱢ ُ‬
‫ـﻀﻼ وﺑﺮﻛ ـ ـ ــﺔ‪ ،‬وﺗﻔﺮدﻫ ـ ـ ــﺎ ﻋﻤ ـ ـ ـ ًـﻼ‬
‫ﻣﻘﺎﻣﻬ ـ ـ ــﺎ‪ ،‬وأ ّﳖ ـ ـ ــﺎ ﺗﻔ ـ ـ ـ ّـﺮدت ﲠ ـ ـ ــﺎ ﻟﻔﺮادﲥ ـ ـ ــﺎ ﻓ ـ ـ ـ ً‬
‫وإﻧﺠﺎزا‪.‬‬
‫ً‬
‫إﳖــﺎ ﻧﻤ ــﻮذج اﳌ ــﺮأة اﳌﺆﻣﻨ ــﺔ؛ إذ ﻫ ــﻲ ﺳ ــﻴﺪة ﻧ ــﺴﺎء ﻫ ــﺬه اﻷﻣ ــﺔ‪ ،‬وﻫ ــﻲ ﻧﻤ ــﻮذج‬
‫اﳌ ــﺮأة اﻟﻌﺎﳌﻴ ــﺔ إذ ﻫ ــﻲ ﺳ ــﻴﺪة ﻧ ــﺴﺎء اﻟﻌ ــﺎﳌﲔ‪ ،‬وﻫ ــﻲ ﻧﻤ ــﻮذج اﳌ ــﺮأة اﻟﺘ ــﻲ ﺗﺒﺘﻐ ــﻲ‬
‫ﻃﺮﻳـ ــﻖ اﳉﻨـ ــﺔ؛ إذ ﻫ ـ ــﻲ ﺳـ ــﻴﺪة ﻧـ ــﺴﺎء أﻫ ـ ــﻞ اﳉﻨـ ــﺔ‪ ،‬ﻓﻨـ ــﺴﺎء ﻫ ـ ــﺬه اﻷﻣـ ــﺔ ﳚِ ـ ـْﺪن ﰲ‬
‫ـﻮذﺟﻬﻦ اﻟﻘـ ـ ــﺮآﲏ‪ ،‬اﻟـ ـ ــﺬي ﻳﻨﺒﻐـ ـ ــﻲ اﻟﺘـ ـ ــﺄﳼ ﺑـ ـ ــﻪ ﰲ ﲨﻴـ ـ ــﻊ ﳎـ ـ ــﺎﻻت‬
‫اﻟﺰﻫـ ـ ــﺮاء ﻧﻤـ ـ ـ َ‬
‫ﲢﺮﻛﻬﺎ‪ ،‬وﻫﻨﺎك ﻣﻦ اﳌﻔﺎﻫﻴﻢ واﻟﻘﻀﺎﻳﺎ واﳌﺒﺎدئ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻟﻔﻄﺮﻳﺔ ﻣﺎ ﳚﻌﻞ‬
‫ﺿ ـ ﱠـﺎﻟﺘﻬﺎ اﳌﻨ ـ ــﺸﻮدة ﰲ ﻧﻤـ ــﻮذج اﻟﺰﻫـ ــﺮاء ﺳـ ــﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬ ـ ــﺎ‪،‬‬ ‫اﳌـ ــﺮأة اﻟﻌﺎﳌﻴـ ــﺔ‪ِ ،‬‬
‫ﲡـ ــﺪ ـ‬
‫وﻫﻨـ ــﺎك ﻓﻴﻬـ ــﺎ ﺳـ ــﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬـ ــﺎ ﻣـ ــﻦ اﳌﻮاﺻـ ــﻔﺎت اﻹﻳﲈﻧﻴـ ــﺔ ﻣـ ــﺎ ﲡـ ــﺪ ﻓﻴﻬـ ــﺎ اﳌـ ــﺮأة‬
‫اﳌﺆﻣﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺘﻐﻲ اﳉﻨﺔ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ إﻟﻴﻬﺎ‪.‬‬

‫إﳖ ـ ــﺎ ﻧﻤ ـ ــﻮذج اﳊﺮﻳ ـ ــﺔ واﻟﻜﺮاﻣ ـ ــﺔ واﻟﻌﻠ ـ ــﻢ واﻟﻌ ـ ــﺪل واﻹﻧ ـ ــﺼﺎف واﻟﺘﻮاﺿ ـ ــﻊ‬

‫)‪ (١‬اﻟﺮازي‪ ،‬أﺧﺒﺎر ﻓﺦ وﳛﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﷲ‪ ،‬ص‪.٦٠‬‬

‫)‪ (٢‬اﳌﺮﺷـ ــﺪ ﺑ ـ ــﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣـ ــﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴ ـ ــﺔ‪ ،‬ص‪٢٤١‬؛ واﻟﺒﺨـ ــﺎري‪ ،‬اﻟ ـ ــﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬ج‪ ،٥‬ص‪ ،٢٣١٧‬رﻗ ـ ــﻢ‬
‫‪٥٩٢٨‬؛ وﻣﺴﻠﻢ‪ ،‬اﻟﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪ ،١٩٠٤‬رﻗﻢ‪.٢٤٥٠‬‬
‫)‪ (٣‬اﳌﺮﺷﺪ ﺑﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ص‪٢٤١‬؛ واﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.١٨٩٤‬‬
‫)‪ (٤‬أﺑ ـ ـ ـ ـ ــﻮ ﻃﺎﻟ ـ ـ ـ ـ ــﺐ‪ ،‬ﺗﻴ ـ ـ ـ ـ ــﺴﲑ اﳌﻄﺎﻟ ـ ـ ـ ـ ــﺐ‪ ،‬ص‪ ٣٤٨‬؛ واﻟﺒﺨ ـ ـ ـ ـ ــﺎري‪ ،‬اﻟ ـ ـ ـ ـ ــﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪،١٣٢٦‬‬
‫رﻗﻢ‪٣٤٢٦‬؛ وﻣﺴﻠﻢ‪ ،‬اﻟﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪ ،١٩٠٤‬رﻗﻢ‪.٢٤٥٠‬‬

‫‪٤٧‬‬
 ‫‪‬‬

‫واﻹﻧـ ـ ــﺴﺎﻧﻴﺔ واﻹﻳﺜـ ـ ــﺎر واﻟﺘﻔـ ـ ــﻀﻞ وﻗ ـ ــﻮة اﳌﻮﻗـ ـ ــﻒ‪ ،‬واﻋﺘـ ـ ــﺪاد اﳌـ ـ ــﺮأة ﺑﻜﺮاﻣﺘﻬـ ـ ــﺎ‬
‫ـﻮم ﻋ ــﻦ اﻻﲡ ــﺎه إﱃ ﻧﻤ ـ ٍ‬
‫ـﻮذج‬ ‫ٍ‬
‫أي اﻣ ــﺮأة اﻟﻴ ـ َ‬
‫اﻵدﻣﻴ ــﺔ‪ ،‬وﺣ ــﺴﻦ اﻟﱰﺑﻴ ــﺔ‪ ،‬ﺑ ــﲈ ﻳﻐﻨ ــﻲ ﱠ‬
‫َ‬
‫آﺧﺮ‪ ،‬وﻫﻲ ﺗﺘﻮق إﱃ ﲨﻴﻞ اﳌﺒﺎدئ‪ ،‬وروﻋﺔ اﻟﻌﻔﺎف‪ ،‬وﻗﻮي اﳌﻮاﻗﻒ‪.‬‬
‫ـﺚ ﻛﺜ ــﲑة ﺗ ــﻀﻌﻬﺎ ﺳ ــﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ ِﺿ ــﻤﻦ أرﺑ ـ ِـﻊ ﻧ ـ ٍ‬
‫ـﺴﻮة ﻣ ــﻦ‬ ‫‪ -٤‬وردت أﺣﺎدﻳ ـ ُ‬
‫َ‬
‫اﻟﻌــﺎﱂ ُﻓ ْﻘ ــﻦ ﻧ ــﺴﺎء اﻟﻌ ــﺎﱂ ﺧﲑﻳ ــﺔ وأﻓ ــﻀﻠﻴﺔ ﻣ ــﻦ أول اﻟ ــﺪﻫﺮ إﱃ آﺧ ــﺮه؛ ﻓﻤﻨﻬ ــﺎ‬
‫ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻜﺮﻣﺔ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﻗﺎل رﺳـﻮل اﷲ ‪) :‬أﻓـﻀﻞ ﻧـﺴﺎء‬
‫أﻫ ـ ــﻞ اﳉﻨـ ـ ــﺔ ﺧﺪﳚ ـ ــﺔ ﺑﻨـ ـ ــﺖ ﺧﻮﻳﻠ ـ ــﺪ‪ ،‬وﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ﺑﻨـ ـ ــﺖ ﳏﻤ ـ ــﺪ‪ ،‬وﻣـ ـ ــﺮﻳﻢ ﺑﻨـ ـ ــﺖ‬
‫ﻋﻤــﺮان‪ ،‬وآﺳــﻴﺔ ﺑﻨــﺖ ﻣــﺰاﺣﻢ‪ ،‬اﻣــﺮأة ﻓﺮﻋــﻮن(‪ ،‬وﺣــﺪﻳﺚ أﻧــﺲ ﺑــﻦ ﻣﺎﻟــﻚ‪،‬‬
‫ﻗـﺎل‪ :‬ﻗـﺎل رﺳـﻮل اﷲ ‪) :‬ﺧـﲑ ﻧــﺴﺎء اﻟﻌـﺎﳌﲔ ﻣـﺮﻳﻢ ﺑﻨـﺖ ﻋﻤـﺮان‪ ،‬وآﺳــﻴﺔ‬
‫ﺑﻨــﺖ ﻣــﺰاﺣﻢ‪ ،‬وﺧﺪﳚــﺔ ﺑﻨــﺖ ﺧﻮﻳﻠ ــﺪ‪ ،‬وﻓﺎﻃﻤــﺔ ﺑﻨــﺖ ﳏﻤــﺪ(‪ ،‬وﻣﻨﻬــﺎ رواﻳ ــﺔ‬
‫ﻋـ ــﻦ أﰊ ﻫﺮﻳـ ــﺮة‪ ،‬ﻗـ ــﺎل‪ :‬ﻗـ ــﺎل رﺳـ ــﻮل اﷲ ‪) :‬ﺧـ ــﲑ ﻧـ ـ ِ‬
‫ـﺴﺎء اﻟﻌـ ــﺎﳌﲔ أرﺑـ ـ ٌـﻊ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ﻣــﺮﻳﻢ ﺑﻨــﺖ ﻋﻤ ــﺮان‪ ،‬واﺑﻨــﺔ ﻣ ــﺰاﺣﻢ اﻣــﺮأة ﻓﺮﻋــﻮن‪ ،‬وﺧﺪﳚ ــﺔ ﺑﻨــﺖ ﺧﻮﻳﻠ ــﺪ‪،‬‬
‫)‪(١‬‬
‫وﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ ﳏﻤﺪ ‪. (‬‬
‫وﺑﻤﻘﺎرﻧـﺔ ﻫـﺬه اﻷﺣﺎدﻳــﺚ ﺑـﲈ ﻗﺒﻠﻬـﺎ ﻓﺎﻟــﺬي ﻳﺘـﻀﺢ أن اﻟﺮﺳـﻮل ‪ ‬ﺑﻨـ ﱢـﺼﻪ‬
‫ﻋـ ــﲆ ﻫـ ــﺆﻻء اﻷرﺑـ ــﻊ إﻧ ـ ــﲈ أراد اﻟﺘﻌﺮﻳـ ــﻒ ﺑﺄﻓـ ــﻀﻞ ﻧ ـ ــﺴﺎء اﳉﻨـ ــﺔ واﻟﻌـ ــﺎﱂ ﻛ ـ ــﻨﲈذج‬
‫ـﺺ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﺑﺘﻠ ــﻚ اﻷوﺻ ــﺎف اﻟﻌﻈﻴﻤ ــﺔ‪،‬‬ ‫ﻣﺘﻌ ــﺪدة ﰲ أﻣ ــﻢ ﳐﺘﻠﻔ ــﺔ‪ ،‬ﺑﻴ ــﻨﲈ ﺣ ــﲔ ﺧ ـ ﱠ‬
‫ﻓﺈﻧــﻪ إﻧ ــﲈ أراد أﳖــﺎ ﺳ ــﻴﺪة اﻟﻨ ــﺴﺎء ﰲ ﻫــﺬا اﻟﻌ ــﺎﱂ‪ ،‬وﰲ اﳉﻨ ــﺔ‪ ،‬وﻋــﲆ ﲨﻴ ــﻊ اﻟﻨ ــﺴﺎء‬

‫)‪ (١‬اﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪،١٨٢٣ -١٨٢١‬‬

‫‪٤٨‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﺑ ــﲈ ﻓـ ــﻴﻬﻦ أوﻟﺌ ــﻚ اﻟـ ــﺜﻼث اﻟﻨ ــﺴﺎء اﻟﻔﺎﺿـ ــﻼت‪ ،‬وﻫ ــﻦ ﻣـ ــﺮﻳﻢ وﺧﺪﳚ ــﺔ وآﺳـ ــﻴﺔ‬
‫ﺳﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬﻦ‪.‬‬
‫ـﴬب ﻣﺜــﺎﻻ ﰲ اﻟﻘــﺪوة اﻟــﺼﺎﳊﺔ‪،‬‬ ‫إﳖــﺎ اﻟﻨﻤــﻮذج اﻷﻧﺜــﻮي ﻟﻠﻜــﲈل اﻟﺒــﴩي‪ ،‬اﻟــﺬي ُﻳـ ْ َ‬
‫ﻓﻤﺤﻤــﺪ ‪ ‬ﻧﻤــﻮذج اﻟﺮﺟــﺎل‪ ،‬وﻫــﺬه اﳌــﺮأة اﻟﺘــﻲ ﻫــﻲ ﻗﻄﻌــﺔ ﻣﻨــﻪ‪ ،‬ﻧﻤــﻮذج اﻟﻨــﺴﺎء‪ ،‬إﳖــﺎ‬
‫ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﻫﺬه اﻷﻧﺜﻰ اﳌﺼﻄﻔﺎة واﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺘﻬﺎ‪.‬‬
‫‪ -٥‬ﻛ ــﺎن ‪ُ ‬ﻳﻔ ـ ﱢـﻀﻞ اﻟﺰﻫ ــﺮاء‪ ،‬وﻳﻌﺘﱪﻫ ــﺎ أﺣ ــﺐ اﻟﻨ ــﺴﺎء إﻟﻴ ــﻪ إﻃﻼﻗ ــﺎ‪ ،‬وﻫ ــﻲ ﳏﺒ ــﺔ‬
‫ﻣ ــﻦ ﻧ ــﻮع ﺧـ ــﺎص؛ ﻓﻌ ــﻦ ﺑﺮﻳـ ــﺪة ﻗ ــﺎل‪) :‬ﻛ ــﺎن أﺣـ ــﺐ اﻟﻨ ــﺴﺎء إﱃ رﺳـ ــﻮل اﷲ ‪‬‬
‫)‪(١‬‬
‫ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ‪ ،‬وﻣ ــﻦ اﻟﺮﺟ ــﺎل ﻋ ــﲇ ﺑ ــﻦ أﰊ ﻃﺎﻟ ــﺐ( ‪ .‬ودﺧ ــﻞ ﲨﻴ ــﻊ ﺑ ــﻦ ﻋﻤ ــﲑ ﻋ ــﲆ‬
‫ـﺐ إﱃ رﺳ ــﻮل اﷲ ‪‬؟ ﻗﺎﻟ ــﺖ‪ :‬ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ‪،‬‬
‫ﻋﺎﺋ ــﺸﺔ ﻓ ــﺴﺄﳍﺎ‪ :‬أي اﻟﻨ ــﺴﺎء ﻛﺎﻧ ــﺖ أﺣ ـ ﱠ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﻗﻮ ً‬
‫اﻣﺎ ‪.‬‬ ‫ﺻﻮ ً‬
‫اﻣﺎ ّ‬ ‫ﻗﺎل‪ :‬ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻓﻤﻦ اﻟﺮﺟﺎل؟ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬زوﺟﻬﺎ؛ إذ ﻛﺎن ﻣﺎ ﻋﻠﻤﺘﻪ ّ‬
‫إن ﻫ ــﺬه اﳌﺤﺒ ــﺔ اﻟﺘ ــﻲ ﺣ ــﺎزت اﳌﺮﺗﺒ ــﺔ اﻷوﱃ ﻋﻨ ـﺪ ﻫ ــﺬا اﻟﻨﺒ ــﻲ اﻟﻜ ــﺮﻳﻢ ‪‬‬
‫ﳍ ــﺬه اﻷﻧﺜ ــﻰ اﻟﻜﺮﻳﻤ ــﺔ ﻫ ــﻲ اﻟﺘ ــﻲ دل ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ اﻟﻨﺒ ــﻲ ‪ ‬ﻋﻨ ــﺪﻣﺎ أﻋﻠ ــﻦ ﲤ ــﺴﻜﻪ‬
‫ﺑ ــﺈﺟﺮاء أﺣﻜ ــﺎم اﷲ ﺣﺘ ــﻰ ﺑﺄﺣ ــﺐ اﳋﻠ ــﻖ إﱃ ﻗﻠﺒ ــﻪ وﻫ ــﻲ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ‪ ،‬ﻋﻨ ــﺪﻣﺎ ﻗ ــﺎل‪:‬‬
‫)واﷲ ﻟﻮ ﴎﻗﺖ ﻓﺎﻃﻤـﺔ ﺑﻨـﺖ ﳏﻤـﺪ ﻟﻘﻄﻌـﺖ ﻳـﺪﻫﺎ(‪ ،‬وﻫـﻮ ﲠـﺬا ﻳـﺸﲑ ﺑﻮﺿـﻮح‬
‫إﱃ أن اﳊﻖ أﻗﻮى ﻣﻦ أﺣﺐ اﳋﻠﻖ إﻟﻴﻪ‪ ،‬وﻫﻲ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺻﻠﻮات اﷲ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﺑـ ـ ـ ـ ــﻦ ﻋﺒـ ـ ـ ـ ــﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳـ ـ ـ ـ ــﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪ ١٨٩٦‬؛ واﳊـ ـ ـ ـ ــﺎﻛﻢ‪ ،‬اﳌ ـ ـ ـ ـ ــﺴﺘﺪرك‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪،١٦٨‬‬
‫رﻗﻢ‪ ،٤٧٣٥‬وﺻﺤﺤﻪ اﻟﺬﻫﺒﻲ؛ واﻟﱰﻣﺬي‪ ،‬اﻟﺴﻨﻦ‪ ،‬ج‪ ،١٤‬ص‪ ،٢٣‬رﻗﻢ‪.٤٢٤٢‬‬
‫)‪ (٢‬اﺑـ ـ ـ ـ ــﻦ ﻋﺒـ ـ ـ ـ ــﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳـ ـ ـ ـ ــﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪ ١٨٩٦‬؛ واﳊـ ـ ـ ـ ــﺎﻛﻢ‪ ،‬اﳌ ـ ـ ـ ـ ــﺴﺘﺪرك‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪،١٧١‬‬
‫رﻗﻢ‪٤٧٤٤‬؛ واﻟﱰﻣﺬي‪ ،‬اﻟﺴﻨﻦ رﻗﻢ‪.٤٢٤٢‬‬

‫‪٤٩‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪ -٦‬أﺷــﺒﻬﺖ أﺑﺎﻫــﺎ اﻟﺮﺳــﻮل ‪ ‬ﰲ ﻫﺪﻳِــﻪ وﺳـ ِ‬

‫ـﻤﺘﻪ؛ ﻟــﺬا ﻛــﺎن ﻣــﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌــﻲ أن‬
‫ﺗﻜ ــﻮن أﺣ ــﺐ اﻟﻨ ــﺴﺎء إﱃ ﻗﻠﺒ ــﻪ ‪‬؛ ﻷﳖ ــﺎ ﻛﺎﻧ ــﺖ اﻣﺘ ـ َ‬
‫ـﺪاده اﻟ ــﴩﻳﻒ‪ ،‬وﳖ ـ َـﺮ‬
‫ـﺼﻦ أزﻫـﺮ ﻣـﻦ ﺷـﺠﺮﺗﻪ‬
‫ﻛﻮﺛﺮه اﳉﺎري ﻋـﱪ اﻟـﺰﻣﻦ‪ ،‬وﻷﳖـﺎ ﺑـﻀﻌﺔ ﻣﻨـﻪ‪ ،‬وﻏ ٌ‬
‫ِ‬
‫اﳌﻐﺪﻗﺔ‪ ،‬وأم ذرﻳﺘﻪ اﻟﻄﺎﻫﺮة‪ ،‬وواﻟﺪة أﻋﻼم اﳍﺪى اﳌﻴﺎﻣﲔ ﻣﻦ أﻫﻞ ﺑﻴﺘﻪ‪.‬‬
‫ﻣـﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌـﻲ أن ﺗﻜـﻮن ﻛـﺬﻟﻚ وﻫــﻲ ﺗـﺸﺒﻬﻪ ﰲ ﻛـﻞ ﳾء‪ ،‬ﺗـﺸﺒﻬﻪ ﰲ ﻛﻼﻣﻬــﺎ‪،‬‬
‫وﺣ ـ ــﺪﻳﺜﻬﺎ‪ ،‬وﺻ ـ ــﺪق ﳍﺠﺘﻬـ ــﺎ‪ ،‬وﰲ ﺳ ـ ــﻤﺘﻬﺎ‪ ،‬وﰲ ﻫ ـ ــﺪﳞﺎ‪ ،‬وﻗﻌﻮدﻫ ـ ــﺎ وﺟﻠﻮﺳ ـ ــﻬﺎ‪،‬‬
‫ـﺒﻪ ﻛﻼ ُﻣ ـ ــﻪ وﺣﺪﻳﺜُ ـ ــﻪ ﺑﺮﺳ ـ ــﻮل اﷲ ‪ ‬ﻣ ـ ــﻦ‬
‫ﺗﻘ ـ ــﻮل ﻋﺎﺋ ـ ــﺸﺔ‪" :‬ﻣ ـ ــﺎ رأﻳـ ــﺖ أﺣ ـ ــﺪا أﺷ ـ ـ َ‬
‫ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ"‪ ،‬وﺗﻘ ــﻮل‪) :‬ﻣ ــﺎ رأﻳ ــﺖ أﺣ ــﺪا ﻛ ــﺎن أﺻ ــﺪق ﳍﺠ ــﺔ ﻣ ــﻦ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ إﻻ أن ﻳﻜ ــﻮن‬
‫)‪(٤‬‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫)‪(١‬‬
‫اﻟــﺬي وﻟــﺪﻫﺎ( ‪ ،‬وﰲ رواﻳــﺔ‪) :‬ﻣــﺎ رأﻳــﺖ أﺣــﺪا أﺷــﺒﻪ ﺳــﻤﺘﺎ ‪ ،‬ودﻻ ‪ ،‬وﻫــﺪﻳﺎ‬
‫)‪(٥‬‬
‫ﺑﺮﺳ ـ ــﻮل اﷲ ‪ ‬ﻣـ ـ ــﻦ ﻓﺎﻃ ـﻤ ـ ــﺔ ﺑﻨـ ـ ــﺖ رﺳـ ـ ــﻮل اﷲ ﰲ ﻗﻴﺎﻣﻬـ ـ ــﺎ وﻗﻌﻮدﻫـ ـ ــﺎ( ‪ ،‬وﻗـ ـ ــﺪ‬
‫ﻻﺣ َﻈ ــﺖ ﻋﺎﺋ ــﺸﺔ ﻣ ــﺸﺎﲠﺔ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﻷﺑﻴﻬ ــﺎ ﺣﺘ ــﻰ ﰲ ﺣﺎﻟ ــﺔ اﳌ ــﴚ‪ ،‬ﻗﺎﻟ ــﺖ وﻗ ــﺪ روت‬
‫ﳎ ــﻲء ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ‘ إﱃ أﺑﻴﻬ ــﺎ ﻗﺒﻴ ــﻞ وﻓﺎﺗ ــﻪ‪) :‬ﻻ واﷲ ﻣ ــﺎ ﲣ َﻔ ــﻰ ﻣ ـ ُ‬
‫ـﺸﻴﺘﻬﺎ ﻋ ــﻦ ﻣ ــﺸﻴﺔ‬
‫)‪ (١‬اﳌﺮﺷﺪ ﺑﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ص‪ ،٢٣٣‬واﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.١٨٩٥‬‬
‫)‪ (٢‬اﻟـ ــﺴﻤﺖ‪ :‬ﻋﺒـ ــﺎرة ﻋـ ــﻦ اﳊﺎﻟـ ــﺔ اﻟﺘـ ــﻲ ﻳﻜـ ــﻮن ﻋﻠﻴﻬـ ــﺎ اﻹﻧـ ــﺴﺎن‪ ،‬ﻣـ ــﻦ اﻟـ ــﺴﻜﻴﻨﺔ واﻟﻮﻗـ ــﺎر وﺣـ ــﺴﻦ‬
‫اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ واﺳﺘﻘﺎﻣﺔ اﳌﻨﻈﺮ واﳍﻴﺌﺔ‪.‬‬
‫)‪ (٣‬اﻟ َـﺪﱡل‪ :‬اﳊﺎﻟــﺔ اﻟﺘــﻲ ﻳﻜـﻮن ﻋﻠﻴﻬــﺎ اﻹﻧــﺴﺎن ﻣـﻦ اﻟــﺴﻜﻴﻨﺔ و اﻟﻮﻗــﺎر ﰲ اﳍﻴﺌـﺔ و اﳌﻨﻈــﺮ و اﻟــﺸﲈﺋﻞ‪.‬‬
‫وﻫﻮ ﻣﻘﺎرب ﻟﻠﺴﻤﺖ‪.‬‬
‫)‪ (٤‬اﳍﺪي‪ :‬اﻟﺴﲑة واﳍﻴﺌﺔ واﻟﻄﺮﻳﻘﺔ‪.‬‬
‫)‪ (٥‬اﳊ ـ ــﺎﻛﻢ‪ ،‬اﳌ ـ ــﺴﺘﺪرك‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪ ،٣٠٣‬رﻗ ـ ــﻢ‪ ،٧٧١٥‬وﻗ ـ ــﺎل اﻟ ـ ــﺬﻫﺒﻲ‪ :‬ﺻ ـ ــﺤﻴﺢ؛ واﻟﱰﻣ ـ ــﺬي‪،‬‬
‫اﻟـ ـ ـ ــﺴﻨﻦ‪ ،‬ج‪ ،١٤‬ص‪ ،٢٧‬رﻗـ ـ ـ ــﻢ‪ .٤٢٤٦‬ﺑـ ـ ـ ــﺎب ﻓـ ـ ـ ــﻀﻞ ﻓﺎﻃﻤـ ـ ـ ــﺔ؛ وأﺑـ ـ ـ ــﻮ داود‪ ،‬اﻟـ ـ ـ ــﺴﻨﻦ‪ ،‬ج‪،٤‬‬
‫ص‪ ،٥٢٣‬رﻗﻢ‪ ،٥٢١٩‬ﺑﺎب ﻣﺎ ﺟﺎء ﰲ اﻟﻘﻴﺎم‪.‬‬

‫‪٥٠‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(٢‬‬ ‫)‪(١‬‬
‫رﺳ ـ ــﻮل اﷲ ‪ ، (‬أو )ﲤ ـ ــﴚ ﻛ ـ ــﺄن ﻣ ـ ــﺸﻴﺘﻬﺎ ﻣ ـ ــﺸﻴﺔ رﺳ ـ ــﻮل اﷲ ‪ ، (‬ﻫ ـ ــﺬه‬
‫اﳌ ــﺸﺎﲠﺔ اﻟﻌﻤﻴﻘ ــﺔ ﺗــﻮﺣﻲ وﺗ ــﺸﲑ إﱃ ﻗ ــﻮة اﻟﺘ ــﺄﺛﺮ واﻻﻫﺘ ــﺪاء واﻻﻗﺘ ــﺪاء ﻣ ــﻦ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ‬
‫ﺑﺄﺑﻴﻬﺎ اﻟﺮﺳﻮل ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ـﺎﻣﻼت ﳑﻴــﺰة وﻛﺜـﲑة‪ ،‬أراد ﻣــﻦ ﺧﻼﳍـﺎ ﺗﺮﲨــﺔ‬‫‪ -٧‬ﺧ ﱠـﺼﻬﺎ رﺳــﻮل اﷲ ‪ ‬ﺑﺘﻌ‬
‫ٍ‬
‫وﺗﺒﺠﻴﻞ ﻓﻌﲇ‪ ،‬ﻓﻤﻨﻬﺎ‪:‬‬ ‫ٍ‬
‫اﺣﱰام‬ ‫ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ اﻟﻘﻮﻟﻴﺔ إﱃ‬

‫ﻓﻘﺒﻠﻬ ــﺎ‪ ،‬ور ّﺣ ــﺐ ﲠ ــﺎ ﻛ ــﲈ ﻛﺎﻧ ــﺖ ﻫ ــﻲ‬

‫أ‪-‬أﻧ ــﻪ ﻛ ــﺎن إذا دﺧﻠ ــﺖ ﻋﻠﻴ ــﻪ ﻗ ــﺎم إﻟﻴﻬ ــﺎ‪ّ ،‬‬
‫)‪(٣‬‬
‫ﺗﺼﻨﻊ ﺑﻪ ‪.‬‬

‫ب‪-‬ﻛـ ــﺎن ﻳﻘﺒﻠﻬـ ــﺎ داﺋـ ــﲈ‪ ،‬ﺗﻘـ ــﻮل اﻟـ ــﺴﻴﺪة ﻋﺎﺋـ ــﺸﺔ‪) :‬ﻛﻨـ ــﺖ أرى رﺳـ ــﻮل اﷲ ‪‬‬
‫ﻳﻘ ﱢﺒــﻞ ﻓﺎﻃﻤــﺔ(‪ ،‬وﻛــﺎن ‪ ‬ﻳــﺸﻢ ﻣﻨﻬــﺎ راﺋﺤــﺔ اﳉﻨــﺔ‪ ،‬ﻓــﺈذا اﺷــﺘﺎق إﱃ راﺋﺤــﺔ‬
‫)‪(٤‬‬
‫ـﻮراء إﻧ ـ ــﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻛﻠ ـ ــﲈ‬
‫اﳉﻨ ـ ــﺔ ﺷ ـ ـ ﱠـﻢ رﻳ ـ ــﺢ ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ‪ ،‬وﰲ اﳊ ـ ــﺪﻳﺚ‪) :‬ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ﺣ ـ ـ ُ‬
‫)‪(٥‬‬
‫اﺷﺘﻘﺖ إﱃ اﳉﻨﺔ ﱠ ْ‬
‫ﻗﺒﻠُﺘﻬﺎ( ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ﳚﻌﻠﻬــﺎ آ ِﺧ ـَﺮ اﻟﻨــﺎس ﺑــﻪ ﻋﻬ ـ ًـﺪا‪ ،‬وإذا ﻗــﺪم ﻗـ ِـﺪم إﱃ ﺑﻴﺘﻬ ــﺎ‬
‫ج‪ -‬ﻛــﺎن ‪ ‬إذا ﺳــﺎﻓﺮ ُ‬
‫أوﻻ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧــﺖ أول اﻟﻨــﺎس ﺑــﻪ ﻋﻬــﺪا‪ ،‬ﻛ ــﲈ روى ذﻟــﻚ اﺑــﻦ ﻋﻤــﺮ‪ ،‬ﺧــﻼ أﻧ ــﻪ ﰲ‬

‫)‪ (١‬اﻟﺒﺨﺎري‪ ،‬اﻟﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬ج‪ ،٥‬ص‪ ،٢٣١٧‬رﻗﻢ‪.٥٩٢٨‬‬

‫)‪ (٢‬اﳌﺮﺷﺪ ﺑﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ص‪٢٤١‬؛ وأﲪﺪ‪ ،‬اﳌﺴﻨﺪ‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪ ،٢٨٢‬رﻗﻢ‪.٢٦٤٥٦‬‬
‫)‪ (٣‬اﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.١٨٩٦‬‬
‫)‪ (٤‬اﳌﺮﺷﺪ ﺑﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ص‪.٢٢٦‬‬
‫)‪ (٥‬اﳌﺮﺷـﺪ ﺑـﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣـﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴـﺔ‪ ،‬ص‪٢٢٧‬؛ واﳋﻄﻴـﺐ اﻟﺒﻐـﺪادي‪ ،‬ﺗـﺎرﻳﺦ ﺑﻐـﺪاد‪ ،‬ج‪ ،٥‬ص‪،٨٧‬‬
‫رﻗﻢ‪.٢٤٨١‬‬

‫‪٥١‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﺑﻌ ــﺾ اﻟﺮواﻳ ــﺎت ﻛ ــﺎن إذا ﻗ ــﺪم ﺑ ــﺪأ ﺑﺎﳌ ــﺴﺠﺪ ﻓ ــﺼﲆ ﻓﻴ ــﻪ رﻛﻌﺘ ــﲔ‪ ،‬ﺛ ــﻢ ﻳ ــﺄﰐ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﻓﺎﻃﻤﺔ‘‪ ،‬ﺛﻢ ﻳﺄﰐ أزواﺟﻪ ‪.‬‬
‫)‪(٢‬‬
‫د‪ -‬ﻛ ــﺎن ‪ ‬إذا ﺑﻜ ــﺖ ﻳﻤ ــﺴﺢ اﻟ ــﺪﻣﻮع ﻣ ــﻦ ﻋﻴﻨﻴﻬ ــﺎ ﺑﻄ ــﺮف ﺛﻮﺑ ــﻪ ‪ ،‬واﺳ ــﺘﻤﺮ‬
‫ﻋـ ــﲆ ذﻟـ ــﻚ ﺣﺘـ ــﻰ ﻣ ـ ــﺮض ﻣﻮﺗـ ــﻪ؛ إذ ﳌـ ــﺎ ﺑﻜ ـ ــﺖ وﺳـ ــﻤﻊ ‪ ‬ﺻـ ــﻮﲥﺎ "ﻓﻔ ـ ــﺘﺢ‬
‫)‪(٣‬‬
‫ﻋﻴﻨﻴـﻪ‪ ،‬ﺛـﻢ رﻓــﻊ ﻳـﺪه‪ ،‬ﻓﻤــﺴﺢ ﺧـﺪﻫﺎ ﻣـﻦ اﻟــﺪﻣﻮع" ‪ .‬وﻟﻌﻠـﻪ ﻛــﺎن ﻳ ِﻌ ﱡـﺰ ﻋﻠﻴــﻪ‬
‫أن ﻳﺮاﻫـ ــﺎ ﺑﺎﻛﻴـ ــﺔ؛ ﻷﳖ ـ ــﺎ ﺑـ ــﻀﻌﺔ ﻣﻨ ـ ــﻪ‪ ،‬وأراد أن ﻳﻌ ﱢﻠـ ــﻢ أﻣﺘ ـ ــﻪ أﻧـ ــﻪ ﻻ ﳚ ـ ــﻮز أن‬
‫ﺗـﺼﻨﻊ أو ﺗﻔﻌـﻞ ﻣــﺎ ِﻣـْﻦ ﺷــﺄﻧﻪ أن ُ ْﻳﺒﻜـﻲ ﻓﺎﻃﻤــﺔ‪ ،‬وأن ﺗﻌﻤـﻞ ﻫــﺬه اﻷﻣـﺔ ﻋــﲆ‬
‫دﻣﻮﻋﻬﺎ‪.‬‬
‫َ‬ ‫وﳚﻔﻒ‬ ‫ﻳﺴﻌﺪﻫﺎ ﱢ‬ ‫ﺗﻐﻀﺒﻬﺎ‪ ،‬وأﻧﻪ ﳚﺐ أن ﺗﻜﻮن ﻣﻊ ﻣﺎ ُ ْ ِ ُ‬ ‫ِ‬
‫أن ﻻ ُ ْ َ‬
‫ﻫـ‪ -‬وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻀﻊ ﺧ ّـﺪﻫﺎ ﻋـﲆ ﺧـﺪه‪ ،‬وﻣـﺮة وﺿـﻌﺖ ﺧ ﱠـﺪﻫﺎ ﻋـﲆ ﺧـﺪه‪ ،‬ﻓﺒﻜـﺖ‬
‫)‪(٤‬‬
‫ووﺟﻬﻪ ﺑﺪﻣﻮﻋﻬﺎ ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ﳊﻴﺘﻪ‬
‫اﺧﻀﻠﺖ ُ‬‫ﱠ‬ ‫ﺣﺘﻰ‬
‫وأﴎ إﻟﻴﻬـﺎ دون َﻣـْﻦ ﺳـﻮاﻫﺎ‪ ،‬وﳌـﺎ‬ ‫و‪ -‬وﻛﺎن إذا دﻋﺎﻫﺎ أﺟﻠﺴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻨـﻪ‪ّ ،‬‬
‫دﻧ ـ ــﺎ أﺟﻠـ ـ ــﻪ دﻋﺎﻫـ ـ ــﺎ إﻟﻴـ ـ ــﻪ‪ ،‬ﻓﺠـ ـ ــﺎءت )ﻓﻮﺿـ ـ ــﻊ رأﺳـ ـ ــﻪ ﰲ ﺣﺠﺮﻫـ ـ ــﺎ ﺳـ ـ ــﺎﻋﺔ(‪،‬‬
‫ﻓﺮأﻳﻨَﻬ ـ ــﺎ‬ ‫ٍ‬
‫أﴎه إﻟﻴﻬ ـ ــﺎ ﻓﻘ ـ ــﻂ‪ ،‬وﺧ ـ ـ ﱠـﺼﻬﺎ ﺑ ـ ــﻪ دون ﻧ ـ ــﺴﺎﺋﻪ‪ْ ،‬‬
‫وﺧ ـ ــﺼﻬﺎ ﺑﺤ ـ ــﺪﻳﺚ ﱠ‬
‫ﻳﻌﻠﻤﻦ ﺳـﺒﺐ ذﻟـﻚ إﻻ ﺑﻌـﺪ ﻣﻮﺗـﻪ ‪‬‬ ‫ﺗﺒﻜﻲ ﻣﺮة‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻀﺤﻚ أﺧﺮى‪ ،‬وﱂ ْ‬
‫)‪(٥‬‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.١٨٩٥‬‬

‫)‪ (٢‬اﻟﻌﺠﺮي‪ ،‬إﻋﻼم اﻷﻋﻼم‪ ،‬ص‪.٣٤٤‬‬
‫)‪ (٣‬أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس اﳊﺴﻨﻲ‪ ،‬اﳌﺼﺎﺑﻴﺢ‪ ،‬ص‪.٢٤٩‬‬
‫)‪ (٤‬أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس اﳊﺴﻨﻲ‪ ،‬اﳌﺼﺎﺑﻴﺢ‪ ،‬ص‪.٢٤٥‬‬
‫)‪ (٥‬أﺑ ـ ــﻮ اﻟﻌﺒ ـ ــﺎس اﳊ ـ ــﺴﻨﻲ‪ ،‬اﳌ ـ ــﺼﺎﺑﻴﺢ‪ ،‬ص‪٢٤٥‬؛ واﳌﺮﺷ ـ ــﺪ ﺑ ـ ــﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣ ـ ــﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴ ـ ــﺔ‪ ،‬ص‪،=٢٤١‬‬

‫‪٥٢‬‬
 ‫‪‬‬

‫ز‪ -‬وﰲ ذﻟﻚ اﳊﺪﻳﺚ اﻟﺬي أﴎه إﻟﻴﻬﺎ وﺣﺪﻫﺎ أﺧﱪﻫﺎ أﻧﻪ ِ‬
‫ﻣﺮﲢﻞ ﻋﻦ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﲈ‬
‫ُْ‬ ‫ﱠ‬
‫ﻗﺮﻳ ــﺐ‪ ،‬ﻓﺒﻜ ــﺖ‪ ،‬ﺛـ ــﻢ ﳌ ــﺎ ﺑـ ـ ﱠـﴩﻫﺎ ﺑﺄﳖ ــﺎ أول أﻫ ــﻞ ﺑﻴﺘـ ــﻪ ﳊﻮﻗ ــﺎ ﺑـ ــﻪ‪ ،‬وﻗ ــﺎل ﳍـ ــﺎ‪) :‬أﻻ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﺗﺮﺿﲔ أن ﺗﻜﻮﲏ ﺳﻴﺪة ﻧﺴﺎء اﳌﺆﻣﻨﲔ‪ ،‬أو ﻧﺴﺎء ﻫﺬه اﻷﻣﺔ( ﺿﺤﻜﺖ ‪.‬‬
‫ح‪ -‬وﻛﺜــﲑا ﻣــﺎ ﱠ‬
‫ذﻛﺮﻫــﺎ ﺑﻨﻌﻤــﺔ اﻟــﺴﻴﺎدة‪ ،‬ﻣﺜــﻞ ﻗﻮﻟــﻪ ﳍــﺎ‪) :‬أﻣــﺎ ﺗﺮﺿــﲔ أن ﺗﻜــﻮﲏ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﺳﻴﺪة ‪. (..‬‬
‫ط‪-‬وﻟﻘ ــﺪ ﻛ ــﺎن ﺣﺮﻳ ــﺼﺎ ﰲ ﻛ ــﻞ ﻣ ــﺮة أن ﺗﻌ ــﻴﺶ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﻋ ــﲆ ﻃﺮﻳﻘ ــﺔ أﺑﻴﻬ ــﺎ‪ ،‬ﺑﻌﻴ ــﺪة‬
‫ﻣﺰﻳﻨ ــﺔ وﻣﻨﻘﻮﺷ ــﺔ‬
‫ﻋ ــﻦ ﲠ ــﺮج اﻟ ــﺪﻧﻴﺎ وزﻳﻨﺘﻬ ــﺎ‪ ،‬وﻋﻨ ــﺪﻣﺎ رأى ﻋ ــﲆ ﺑﻴﺘﻬ ــﺎ ﺳ ــﺘﺎرة ﱠ‬
‫ﻋـﺎد وﱂ ﻳــﺪﺧﻞ‪ ،‬ﻓــﴪﻋﺎن ﻣــﺎ ﺑـﺎدرت ﻫــﻲ ‘ ﺑﺈزاﻟﺘﻬــﺎ‪ ،‬وأرﺳــﻠﺘﻬﺎ إﱃ أﺑﻴﻬــﺎ‬
‫ِ‬
‫ﻛﻲ ﻳﺒﻴﻌﻬﺎ‪ ،‬وﻳﺘﺼﺪق ﺑﻘﻴﻤﺘﻬﺎ‪ ،‬ﺑﻴﻨﲈ ﺑﻘﻴـﺖ ﻗﺮاﺋﺒـﻪ اﻷﺧﺮﻳـﺎت ﻳﻌ ْ َ‬
‫ـﺸﻦ ﻓـﻴﲈ ﺷـﺌﻦ‬
‫ﻣﻦ ﻣﺘﺎع اﻟﺪﻧﻴﺎ؛ ﻷﳖﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﻴﺌﺎ وﻛﻦ ﺷﻴﺌﺎ آﺧﺮ‪.‬‬
‫ـﺮدد ‪ ‬ﺑﻌــﺪ ﻧــﺰول آﻳـﺔ اﻟﺘﻄﻬــﲑ ﺷــﻬﻮرا ﻋـﲆ ﺑﻴﺘﻬــﺎ وﺑﻴــﺖ ﻋــﲇ ‪‬‬
‫ي ‪ -‬وﺗ ﱠ‬
‫ﻛﻞ ﻏﺪاة‪ ،‬ﻳﻨﺎدﳞﻢ‪) :‬اﻟﺼﻼة اﻟﺼﻼة‪ ،‬إﻧﲈ ﻳﺮﻳﺪ اﷲ ﻟﻴﺬﻫﺐ ﻋﻨﻜﻢ اﻟـﺮﺟﺲ‬
‫)‪(٣‬‬
‫وﻳﻄﻬﺮﻛﻢ ﺗﻄﻬﲑا( ‪.‬‬
‫ﴩﻋﺔ إﱃ اﳌــﺴﺠﺪ‪ ،‬إﻻ ﺑ ــﺎب ﻋ ــﲇ‬
‫ك‪ -‬وأﻣــﺮ ﺑ ــﺴﺪ أﺑ ــﻮاب ﺑﻴــﻮت اﻟ ــﺼﺤﺎﺑﺔ اﻟـُﻤ ـ ْ َ‬

‫‪٢٤٣ ،٢٤٢‬؛ واﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.١٨٩٤‬‬

‫)‪ (١‬اﳌﺮﺷــﺪ ﺑــﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣــﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴــﺔ‪ ،‬ص‪١٨٢ -١٨١‬؛ واﻟﺒﺨــﺎري‪ ،‬اﻟ ــﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬ج‪ ،٥‬ص‪،٢٣١٧‬‬
‫رﻗﻢ ‪٥٩٢٨‬؛ وﻣﺴﻠﻢ‪ ،‬اﻟﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪ ،١٩٠٤‬رﻗﻢ‪.٢٤٥٠‬‬
‫)‪ (٢‬اﳌﺮﺷــﺪ ﺑــﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣــﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴــﺔ‪ ،‬ص‪٢٤٢ -٢٤١‬؛ واﻟﺒﺨــﺎري‪ ،‬اﻟ ــﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬ج‪ ،٥‬ص‪،٢٣١٧‬‬
‫رﻗﻢ ‪٥٩٢٨‬؛ واﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬واﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.١٨٩٤‬‬
‫)‪ (٣‬اﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪١٥٤٣‬؛ وﻏﲑه‪.‬‬

‫‪٥٣‬‬
 ‫‪‬‬

‫وﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ‪ ،(١) ‬إﻧـ ــﻪ اﻟﺘﻔ ـ ــﻀﻴﻞ واﻻﺻ ـ ــﻄﻔﺎء ﻟﻌﻈ ـ ـ ِ‬
‫ـﻴﻢ اﻟ ـ ــﺪور وﴍﻳ ـ ـ ِ‬
‫ـﻒ‬
‫وﺟﻠﻴﻞ اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﳞﻴﺌﻬﺎ اﷲ ورﺳﻮﻟﻪ ﳍﺬه اﻷﴎة اﻟﻄﻴﺒﺔ‪.‬‬ ‫ِ‬

‫وزوﺟﻬ ــﺎ ‪ ‬وﺻ ـ ﱠـﻴﻪ وﺧﻠﻴﻔﺘ ــﻪ ﻣ ــﻦ ﺑﻌ ــﺪه‪َ ،‬ﻣ ـ ْ‬

‫ـﻦ وﺻ ــﻔﻪ ﺑﻘﻮﻟ ــﻪ‪) :‬ﺳ ــﻴﺪ ﰲ‬ ‫ل‪ّ -‬‬
‫)‪(٢‬‬
‫اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻵﺧﺮة( ‪.‬‬
‫م‪-‬ﻛﻨﺎﻫ ـ ــﺎ رﺳـ ـ ــﻮل اﷲ ‪) ‬أم أﺑﻴﻬ ـ ــﺎ(‪ .‬وﺳـ ـ ــﺘﺄﰐ ﺑﻌـ ـ ــﺾ اﻟﻨﻘ ـ ــﺎط ﺣـ ـ ــﻮل ﻫـ ـ ــﺬه‬
‫اﻟﻜﻨﻴﺔ ودﻻﻻﲥﺎ‪.‬‬
‫ـﺪاده ﺣﺘـ ـ ــﻰ ﻳـ ـ ــﻮم اﳊـ ـ ــﴩ‪،‬‬ ‫ن‪-‬أوﴅ اﻟﺮﺳـ ـ ــﻮل ﲠـ ـ ــﺎ ووﻟـ ـ ــﺪﳞﺎ اﻟﻠ ـ ـ َ ْ ِ‬
‫ـﺬﻳﻦ ﳘـ ـ ــﺎ اﻣﺘـ ـ ـ ُ‬
‫وﺳـﲈﻫﻢ اﻟﻮﺻــﻴﺔ اﻟﻌﻈﻤـﻰ‪ ،‬وﻗــﺎل‪) :‬أوﺻــﻴﻜﻢ ﺑﺎﻟﻮﺻـﻴﺔ اﻟﻌﻈﻤــﻰ‪ ،‬ﺑﻔﺎﻃﻤــﺔ‬
‫)‪(٣‬‬
‫واﳊﺴﻦ واﳊﺴﲔ ﺧﲑا( ‪.‬‬
‫‪ -٨‬وﺗـﻮﱃ اﷲ أﻣــﺮ زواﺟﻬــﺎ‪ ،‬ﻓﻜــﺎن زواﺟﻬــﺎ ﺑــﺄﻣﺮ اﷲ‪ ،‬وﻗــﺪ ﻗــﺎل ‪) :‬إﻧــﲈ أﻧــﺎ‬
‫وأزوﺟﻜ ـ ــﻢ‪ ،‬إﻻ ﻓﺎﻃﻤـ ــﺔ ﻓﺈﳖـ ــﺎ ﻧـ ــﺰل ﺗﺰوﳚﻬ ـ ــﺎ‬
‫ـﺰوج ﻓـ ــﻴﻜﻢ‪ ،‬ﱢ‬
‫ﺑـ ــﴩ ﻣـ ــﺜﻠﻜﻢ‪ ،‬أﺗـ ـ ّ‬
‫)‪(٤‬‬
‫ﻣﻦ اﻟﺴﲈء( ‪.‬‬

‫)‪ (١‬ﰲ ﺳــﺪ اﻷﺑــﻮاب إﻻ ﺑــﺎب ﻋــﲇ ﺣــﺪﻳﺚ اﺑــﻦ ﻋﺒــﺎس‪ ،‬وأﻧــﺲ ﺑــﻦ ﻣﺎﻟــﻚ‪ ،‬واﺑــﻦ ﻋﻤــﺮ‪ ،‬وﺳــﻌﺪ ﺑــﻦ‬
‫أﰊ وﻗــﺎص‪ ،‬وﺟ ــﺎﺑﺮ ﺑ ــﻦ ﺳــﻤﺮة‪ ،‬واﻻﻣ ــﺎم اﳊ ــﺴﲔ‪ ،‬وﺟــﺎﺑﺮ ﺑ ــﻦ ﻋﺒ ــﺪ اﷲ‪ ،‬وأﻣــﲑ اﳌ ــﺆﻣﻨﲔ ﻋﻠﻴ ــﻪ‬
‫اﻟ ـ ــﺴﻼم‪ ،‬ﻳﻨﻈ ـ ــﺮ اﻟﻜ ـ ــﻮﰲ‪ ،‬ﻣﻨﺎﻗ ـ ــﺐ أﻣ ـ ــﲑ اﳌ ـ ــﺆﻣﻨﲔ‪ ،‬ج‪٤٥٧ ،٢‬؛ واﺑ ـ ــﻦ ﺣﻨﺒ ـ ــﻞ‪ ،‬اﳌ ـ ــﺴﻨﺪ‪ ،‬ج‪،٣‬‬
‫ص‪ ،٤٣٩‬رﻗـ ـ ـ ـ ــﻢ‪ ١٤٢٩‬؛ واﻟﻄـ ـ ـ ـ ــﱪاﲏ‪ ،‬اﳌﻌﺠـ ـ ـ ـ ــﻢ اﻷوﺳـ ـ ـ ـ ــﻂ‪ ،‬ج‪ ،٩‬ص‪ ،١٣٠‬رﻗـ ـ ـ ـ ــﻢ‪٤٠٧٧‬؛‬
‫واﻟﻄﺤﺎوي‪ ،‬ﻣﺸﻜﻞ اﻵﺛﺎر‪ ،‬ج‪ ،٨‬ص‪ ،١٠٦‬رﻗﻢ‪٣٠٤٠‬؛ واﻟﱰﻣﺬي‪ ،‬ﺳـﻨﻦ اﻟﱰﻣـﺬي‪ ،‬ج‪،٥‬‬
‫ص‪ ،٦٤١‬رﻗﻢ‪.٣٧٣٢‬‬
‫)‪ (٢‬اﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.١٨٩٥‬‬
‫)‪ (٣‬أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس اﳊﺴﻨﻲ‪ ،‬اﳌﺼﺎﺑﻴﺢ‪ ،‬ص‪.٢٥٣‬‬
‫وروى‬
‫=‬ ‫)‪ (٤‬أﺑــﻮ اﻟﻌﺒــﺎس اﳊــﺴﻨﻲ‪ ،‬اﳌــﺼﺎﺑﻴﺢ‪ ،‬ص‪٢٣٢‬؛ وأﺑــﻮ ﻃﺎﻟــﺐ‪ ،‬ﺗﻴــﺴﲑ اﳌﻄﺎﻟــﺐ‪ ،‬ص‪١٣٧‬؛‬

‫‪٥٤‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪-٩‬وﺟﻌ ــﻞ وﻟ ــﺪﳞﺎ ﺳ ــﻴﺪي ﺷ ــﺒﺎب أﻫ ــﻞ اﳉﻨ ــﺔ‪ ،‬وإﻣ ــﺎﻣﲔ ﻗﺎﻣ ــﺎ أو ﻗﻌ ــﺪا‪ ،‬وﻣ ــﻦ‬
‫ذرﻳﺘﻬﺎ أﻋﻼم اﳍﺪى اﳌﻴﺎﻣﲔ‪.‬‬

‫‪ -١٠‬وﻓﻄﻤﻬ ـ ــﺎ وﻓﻄ ـ ــﻢ أوﻻدﻫ ـ ــﺎ وﳏﺒﻴﻬ ـ ــﺎ ﻣ ـ ــﻦ اﻟﻨ ـ ــﺎر‪ ،‬ﳑ ـ ــﻦ ﻛ ـ ــﺎن ﻣ ـ ــﻨﻬﻢ ﻋ ـ ــﲆ‬
‫اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ واﻹﻳﲈن‪ ،‬ﻛﲈ ﺗﻘﺪم‪.‬‬

‫‪-١١‬واﻧﻘﻄﻊ ﻧﺴﻞ رﺳـﻮل اﷲ ‪ ‬إﻻ ﻣﻨﻬـﺎ‪ ،‬وﻗـﺪ وﺻـﻒ اﻟﻘـﺮآن اﺑﻨﻴﻬـﺎ ﺑـﺄﳖﻢ‬
‫ـﺪع َأ ْﻨَﺎء َﻧ ـ ــﺎ‬ ‫أﺑﻨ ــﺎء اﻟﺮﺳ ــﻮل ‪‬؛ إذ ﻗ ــﺎل ﰲ آﻳ ــﺔ اﳌﺒﺎﻫﻠ ــﺔ‪َ ﴿ :‬ﻓ ُﻘ ـ ـ ْـﻞ َﺗ َﻌ ـ ـ َ ْ‬
‫ـﺎﻟﻮا ْ َﻧ ـ ـ ْ ُ‬
‫َﺎءﻛﻢ﴾‪ ،‬وﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜﲑ ﻣـﻦ اﻷﺣﺎدﻳـﺚ اﻟﺪاﻟـﺔ ﻋـﲆ أﺑﻮﺗـﻪ ‪ ‬ﻟﻠﺤـﺴﻦ‬ ‫ََ‬
‫وأ ْﻨ ُ ْ‬
‫واﳊ ـ ـ ــﺴﲔ‪ ،‬وﻫ ـ ـ ــﻲ أﺑ ـ ـ ــﻮة ﺣﻘﻴﻘﻴـ ـ ــﺔ‪ ،‬وﻳ ـ ـ ــﺪل ﻋ ـ ـ ــﲆ ذﻟ ـ ـ ــﻚ ﻗﻮﻟ ـ ـ ــﻪ ‪) :‬وأﻧ ـ ـ ــﺎ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﻋـﺼﺒﺘﻬﲈ( ‪ ،‬وﰲ أﻟﻔـﺎظ اﳋـﱪ )ﻛـﻞ ﺑﻨــﻲ أﻧﺜـﻰ ﻷﺑـﻴﻬﻢ إﻻ اﺑﻨـﻲ ﻓﺎﻃﻤـﺔ ﻓﺄﻧــﺎ‬
‫)‪(٢‬‬
‫وﻟﻴﻬﻢ وﻋﺼﺒﺘﻬﻢ(‪ ،‬و)إﻻ وﻟﺪ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻓﺈﲏ أﻧﺎ أﺑﻮﻫﻢ وﻋﺼﺒﺘﻬﻢ( ‪.‬‬
‫ﻛﺮم ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﺄن ﺣﻔﻆ اﷲ ذرﻳﺔ أﺑﻴﻬﺎ اﻟﻨﺒﻲ اﻷﻛﺮم ‪‬‬
‫إن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ ﱠ‬
‫ﰲ ذرﻳﺘﻬـﺎ‪ ،‬وﺟﻌــﻞ َ ِ‬
‫ﻋﻘﺒــﻪ ﻣـﻦ ﻋﻘﺒﻬــﺎ‪ ،‬ﻳﻘــﻮل ‪) :‬ﻛــﻞ ﺳـﺒﺐ وﻧــﺴﺐ ﻣﻨﻘﻄــﻊ ﻳــﻮم‬

‫اﻹﻣ ــﺎم اﻟﺮﺿ ــﺎ ﰲ ﺻـ ــﺤﻴﻔﺘﻪ‪ ،‬ص‪ ،١٧٢‬رﻗ ــﻢ‪ ،١٠٨‬ﺑﻠﻔـ ــﻆ‪) :‬ﻳ ــﺎ ﳏﻤ ــﺪ إن اﷲ ﻋـ ــﺰ وﺟ ــﻞ ﻳﻘـ ــﺮأ‬
‫ﻋﻠﻴﻚ اﻟﺴﻼم وﻳﻘﻮل‪" :‬ﻗﺪ زوﺟﺖ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻣﻦ ﻋﲇ ﻓﺰوﺟﻬﺎ ﻣﻨﻪ‪ ،‬وﻗﺪ أﻣﺮت ﺷﺠﺮة ﻃﻮﺑﻰ‬
‫أن ﲢﻤــﻞ اﻟــﺪر واﳌﺮﺟــﺎن واﻟﻴــﺎﻗﻮت وان أﻫــﻞ اﻟــﺴﲈء ﻗــﺪ ﻓﺮﺣــﻮا ﺑــﺬﻟﻚ‪ ،‬وﺳــﻴﻮﻟﺪ ﳍــﲈ وﻟــﺪان‬
‫ﺳ ـ ــﻴﺪا ﺷ ـ ــﺒﺎب أﻫ ـ ــﻞ اﳉﻨ ـ ــﺔ‪ ،‬وﲠ ـ ــﻢ ﻳﺘ ـ ــﺰﻳﻦ أﻫ ـ ــﻞ اﳉﻨ ـ ــﺔ‪ ،‬ﻓﺄﺑ ـ ــﴩ ﻳ ـ ــﺎ ﳏﻤ ـ ــﺪ ﻓﺈﻧ ـ ــﻚ ﺧ ـ ــﲑ اﻷوﻟ ـ ــﲔ‬
‫واﻵﺧﺮﻳﻦ"‪.‬‬
‫)‪ (١‬رواه أﺑ ـ ــﻮ ﻳﻌ ـ ــﲆ اﳌﻮﺻ ـ ــﲇ‪ ،‬وﻟ ـ ــﻪ ﺷ ـ ــﺎﻫﺪ ﻣ ـ ــﻦ ﺣ ـ ــﺪﻳﺚ ﺟ ـ ــﺎﺑﺮ رواه اﳊ ـ ــﺎﻛﻢ وﺻ ـ ــﺤﺤﻪ‪ .‬ﻳﻨﻈـ ـ ــﺮ‬
‫اﻟﺒﻮﺻﲑي‪ ،‬إﲢﺎف اﳋﲑة اﳌﻬﺮة‪ ،‬ج‪ ،٧‬ص‪ ،٩٢‬رﻗﻢ‪.٦٧٧٣‬‬
‫)‪ (٢‬ﻳﻨﻈﺮ‪ :‬اﳌﺆﻳﺪي‪ ،‬ﻟﻮاﻣﻊ اﻷﻧﻮار‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٢٩ -٢٨‬‬

‫‪٥٥‬‬
 ‫‪‬‬

‫اﻟﻘﻴﺎﻣــﺔ ﻣــﺎ ﺧــﻼ ﺳــﺒﺒﻲ وﻧــﺴﺒﻲ‪ ،‬وﻛــﻞ وﻟــﺪ أب ﻓــﺈن ﻋــﺼﺒﺘﻬﻢ ﻷﺑــﻴﻬﻢ ﻣــﺎ ﺧــﻼ وﻟــﺪ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﻓﺎﻃﻤــﺔ ﻓــﺈﲏ أﻧــﺎ أﺑــﻮﻫﻢ وﻋــﺼﺒﺘﻬﻢ( ‪) .‬اﻷﻧــﺴﺎب ﺗﻨﻘﻄــﻊ ﻳــﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣــﺔ ﻏــﲑ ﻧ ــﺴﺒﻲ‬
‫)‪(٢‬‬
‫وﺳﺒﺒﻲ وﺻﻬﺮي( ‪.‬‬

‫‪ -١٢‬ﻫ ــﻲ ﻣ ــﻦ اﻟﺮﺳ ــﻮل وﻗﻄﻌ ــﺔ ﻣﻨ ــﻪ )ﺑ ــﻀﻌﺔ(؛ وﻟ ــﺬا ﻛ ــﺎن ﺣﻜﻤﻬ ــﺎ ﺣﻜﻤ ــﻪ‪،‬‬
‫وﻣـﻦ ﻣــﺼﺎدﻳﻖ ذﻟـﻚ أﻧــﻪ ﳌــﺎ رﺑـﻂ أﺑــﻮ ﻟﺒﺎﺑــﺔ ﻧﻔـﺴﻪ ﰲ اﳌــﺴﺠﺪ‪ ،‬وأﻗــﺴﻢ أن ﻻ‬
‫ﻟﺘﺤ ﱠﻠــﻪ ﻓ ــﺄﺑﻰ‪،‬‬
‫ﳛﻠــﻪ أﺣــﺪ إﻻ رﺳــﻮل اﷲ‪ ،‬وﺟــﺎءت ﻓﺎﻃﻤــﺔ ﺑﻌــﺪ ﻧــﺰول ﺗﻮﺑﺘــﻪ ُ‬
‫)‪(٣‬‬
‫ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ‪) :‬إﻧﲈ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻣﻀﻐﺔ ﻣﻨﻲ(‪ّ ،‬‬
‫ﻓﺤﻠﺘﻪ ‪.‬‬

‫وﳍ ــﺬا ﻛ ﱢﻠ ــﻪ ﻓ ـ ﱠـﻀﻠﻬﺎ ﻋﻠ ــﲈء اﻟ ــﺸﻴﻌﺔ ﺑﻤﺨﺘﻠ ــﻒ ﻣ ــﺬاﻫﺒﻬﻢ ﻋ ـﲆ ﲨﻴ ــﻊ اﻟﻨ ــﺴﺎء‬
‫ﺣﺘ ــﻰ ﻋ ــﲆ ﻣ ــﺮﻳﻢ اﻟﻌ ــﺬراء اﻟﺒﺘ ــﻮل ‘‪ ،‬وﻛ ــﺬﻟﻚ ﻓ ـ ّـﻀﻠﻬﺎ ﻣ ــﻦ ﻋﻠ ــﲈء اﻟ ــﺴﻨﺔ‬
‫ـﲑ ﻣـ ــﻦ اﳌﺤﻘﻘ ــﲔ‪ ،‬وﻣـ ــﻨﻬﻢ اﻟﺘﻘـ ــﻲ اﻟـ ــﺴﺒﻜﻲ‪ ،‬واﳉـ ــﻼل اﻟـ ــﺴﻴﻮﻃﻲ‪ ،‬واﻟﺒـ ــﺪر‬
‫ﻛﺜـ ـ ٌ‬
‫اﻟﺰرﻛـ ــﴚ‪ ،‬واﻟﺘﻘـ ــﻲ اﳌﻘﺮﻳ ـ ــﺰي‪ ،‬واﻟﺒﻠﻘﻴﻨـ ــﻲ‪ ،‬واﻟـ ــﺴﻬﻴﲇ؛ ﻷﳖ ـ ــﺎ ﺑـ ــﻀﻌﺔ رﺳ ـ ــﻮل‬
‫اﷲ ‪ .‬وذﻫـ ـ ــﺐ اﻷﻟ ـ ــﻮﳼ ﰲ ﺗﻔـ ـ ــﺴﲑه إﱃ أﳖـ ـ ــﺎ أﻓـ ـ ــﻀﻞ اﻟﻨـ ـ ــﺴﺎء اﳌﺘﻘـ ـ ــﺪﻣﺎت‬
‫)‪(٤‬‬
‫واﳌﺘﺄﺧﺮات ﻋﲆ اﻹﻃﻼق ‪.‬‬

‫)‪ (١‬أﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ‪ ،‬ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪ ،٢٣١‬رﻗﻢ‪.١٩٩‬‬

‫)‪ (٢‬اﺑ ـ ــﻦ ﺣﻨﺒ ـ ــﻞ‪ ،‬اﳌ ـ ــﺴﻨﺪ‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪ ،٣٢٣‬رﻗـ ـ ــﻢ‪١٨٩٢٧‬؛ واﻟﻄ ـ ــﱪاﲏ‪ ،‬اﳌﻌﺠ ـ ــﻢ اﻟﻜﺒـ ـ ــﲑ‪ ،‬ج‪،٢٠‬‬
‫ص‪ ،٢٥‬رﻗﻢ‪٣٠‬؛ واﳊﺎﻛﻢ‪ ،‬اﳌﺴﺘﺪرك‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪ ،١٧٢‬رﻗﻢ ‪.٤٧٤٧‬‬
‫)‪ (٣‬اﻟﺴﻬﻴﲇ‪ ،‬اﻟﺮوض اﻷﻧﻒ‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٤٤٠ -٤٣٩‬‬
‫)‪ (٤‬دﻛﺘﻮر ﳏﻤﺪ ﺑﻴﻮﻣﻲ‪ ،‬اﻟﺴﻴﺪة ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺰﻫﺮاء‪ ،‬ص‪.١٨‬‬

‫‪٥٦‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪  ‬‬

‫ﻧـ ــﺸﺄت اﻟﺰﻫـ ــﺮاء ﰲ ﺑﻴ ــﺖ أُ ﱢﺳـ ـ َـﺲ ﻋـ ــﲆ اﻟﻌﻠـ ــﻢ‪ ،‬ﱠ‬
‫وﺗﻨﺰﻟـ ــﺖ ﻓﻴـ ــﻪ آﻳـ ــﺎت اﻟﻘـ ــﺮآن‬
‫ـﺎﺟﺮة‪ ،‬وﻟﻠﺘﺠـ ـ ــﺎرة‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اﻟﻜ ـ ــﺮﻳﻢ‪ ،‬وﻓﻴـ ـ ــﻪ اﻵﻳ ـ ــﺔ اﻵﻣـ ـ ــﺮة ﺑ ـ ــﺎﻟﻘﺮاءة‪ ،‬وﻣـ ـ ــﻦ ﱟأم ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ ﺗـ ـ ـ َ‬
‫ﻣﻘﺘــﻀﻴﺎﲥﺎ ﰲ وﺟــﻮب ﺗﻌﻠــﻢ ﺑﻌــﺾ اﳌﻌــﺎرف‪ ،‬وﻣــﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌــﻲ أن ﺗﻨــﺸﺄ ﻓﺎﻃﻤــﺔ‬
‫ـﻮرة ﻋــﲆ ﺣــﺐ اﳌﻌﺮﻓ ـﺔ واﻟﻌﻠــﻢ‪ ،‬ﻓﻬﻨــﺎك اﻟﻜﺜــﲑ ﻣــﻦ اﻟﻌﻮاﻣــﻞ اﻟﺘــﻲ ﺗــﺪﻓﻌﻬﺎ‬
‫ﻣﻔﻄـ ً‬
‫ﰲ ﻫـ ــﺬا اﻻﲡـ ــﺎه؛ إﳖـ ــﺎ ﺳـ ــﻴﺪة ﻧـ ــﺴﺎء اﻟﻌـ ــﺎﳌﲔ‪ ،‬وﻧـ ــﺴﺎء ﻫـ ــﺬه اﻷﻣـ ــﺔ‪ ،‬وﻧـ ــﺴﺎء أﻫـ ــﻞ‬
‫اﳉﻨﺔ‪ ،‬وﻻ ﺳﻴﺎدة إﻻ ﺑﺎﻟﺴﻴﺎدة ﰲ اﻟﻌﻠﻢ أوﻻ‪.‬‬

‫وﻣ ــﺎ روي ﻣ ــﻦ ﻣ ــﺸﺎرﻛﺎﲥﺎ اﻟﻌﻠﻤﻴـ ــﺔ ورواﻳﺎﲥـ ــﺎ وآراﺋﻬ ــﺎ وﻓﻘﻬﻬـ ــﺎ وﺧﻄﺒﻬـ ــﺎ‬
‫واﺣﺘﺠﺎﺟﺎﲥ ــﺎ ﻳ ــﺸﲑ إﱃ ﻋﻠﻤﻬ ــﺎ اﻟﻮاﺳ ــﻊ‪ ،‬وﺣ ــﺼﻴﻠﺘﻬﺎ اﻟﻔﺎﺋﻘ ــﺔ‪ ،‬رﻏ ــﻢ ﻣﻌﺎﺟﻠ ــﺔ‬
‫ـﺪاء ﻣ ــﺎ ﻟ ــﺪﳞﺎ ﻣ ــﻦ رواﻳ ــﺔ وﻣﻌﺮﻓ ــﺔ‬
‫اﳌ ــﻮت ﳍ ــﺎ‪ ،‬ﺑﻌ ــﺪ وﻓ ــﺎة أﺑﻴﻬ ــﺎ‪ ،‬إذ ﱂ ُﻳ ـ َـﺘﺢ ﳍ ــﺎ إﺑ ـ ُ‬
‫وﻋﻠـﻢ ﻛــﲈ أﺗـﻴﺢ ﻟﻨــﺴﺎء أﺧﺮﻳـﺎت‪ .‬ﻏــﲑ أن ﻣـﺸﺎرﻛﺎﲥﺎ وآراءﻫــﺎ ﰲ أﻫـﻢ اﻟﻘــﻀﺎﻳﺎ‬
‫اﻟﻌﻠﻤﻴـﺔ واﻟـﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺟﺘﲈﻋﻴـﺔ ﰲ ﺗﻠـﻚ اﳌــﺪة اﻟﻘـﺼﲑة ﺑﻌﻴـﺪ وﻓـﺎة اﻟﻨﺒــﻲ ‪‬‬
‫وأي زوﺟ ـ ـ ـ ٍـﺔ ﻛـ ـ ــﺎن اﷲ ﻗـ ـ ــﺪ اﺧﺘﺎرﻫ ـ ـ ــﺎ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫أي اﻣـ ـ ــﺮأة ﻋﺎﳌ ـ ـ ــﺔ ﻛﺎﻧـ ـ ــﺖ اﻟﺰﻫ ـ ــﺮاء‪ ،‬ﱠ‬
‫ﺑـ ـ ـ ﱠـﲔ ﱠ‬
‫واﺻﻄﻔﺎﻫﺎ ﻟﺒﺎب ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﻠﻢ‪.‬‬

‫ـﺬﻛﺮﻫﺎ اﻟﺮﺳــﻮل ‪ ‬واﻟـ ُـﺪﻫﺎ ﺑـﲈ أﻧﻌــﻢ اﷲ ﻋﻠﻴﻬــﺎ‪،‬‬

‫ـﻒ ﳐﺘﻠﻔــﺔ ﻛــﺎن ﻳ ﱢ‬
‫ﰲ ﻣﻮاﻗ َ‬
‫ـﺬﻛﺮ ﳍـ ـﺎ ﺑ ــﺄن زوﺟﻬـ ــﺎ "أﻛﺜـ ــﺮ اﻟ ــﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋﻠـ ــﲈ"‪ ،‬أو "أﻋﻠﻤﻬ ــﻢ ﺑـ ــﺎﷲ ﺗﻌـ ــﺎﱃ"‪،‬‬
‫ﻓﻴ ـ ُ ُ‬

‫‪٥٧‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(١‬‬
‫ﺑﺎﻹﺿــﺎﻓﺔ إﱃ ﻛﻮﻧ ــﻪ أو ّﳍ ــﻢ ﺳ ــﻠﲈ‪ ،‬وأﻛﺜ ــﺮﻫﻢ ﺣﻠــﲈ ‪ ،‬وﻫ ــﻮ ﺑ ــﻼ ﺷ ــﻚ ﻳﺮﻳ ــﺪ ‪‬‬
‫ـﺼﻴﺔ ِ‬
‫زوﺟﻬــﺎ اﻟﻌﻈــﻴﻢ ﻣــﻦ ﺧــﻼل أﻫــﻢ اﳌﻘــﺎﻳﻴﺲ اﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ‬ ‫أن َﻳ ْﻌـ ِـﺮض ﳍــﺎ ﺷﺨـ َ‬
‫اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ﻣﻦ ﺧﻼﳍﺎ‪ ،‬وﻣﻦ ﺧﻼل أﻫﻢ اﳌﻘـﺎﻳﻴﺲ اﻟﺘـﻲ‬ ‫ِ‬ ‫اﻹﺳﻼم‬ ‫ﻳﻘﻴﻢ‬
‫ُ‬ ‫اﻟﺘﻲ ﱢ‬
‫ﻟ ـ ــﺪى ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ‘ وﻫ ـ ــﻲ اﳌ ـ ــﺸﻐﻮﻓﺔ ﺑﻤﻘ ـ ــﺎﻳﻴﺲ اﻹﺳ ـ ــﻼم‪ ،‬ﻓﻜ ـ ــﺎن أﻫ ـ ــﻢ ﺗﻠ ـ ــﻚ‬
‫اﳌﻘﺎﻳﻴﺲ ﻫﻮ "أﻛﺜﺮﻫﻢ ﻋﻠﲈ‪ ،‬أو أﻋﻠﻤﻬﻢ ﺑﺎﷲ ﺗﻌﺎﱃ"‪.‬‬

‫آدب‬‫وﻗ ـ ــﺪ ﻣ ـ ـ ﱠـﺮ ﻋ ـ ــﻦ ﱢأم ﺳ ـ ــﻠﻤﺔ ﻗﻮ ُﳍ ـ ــﺎ ﻋ ـ ــﻦ ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ‘‪" :‬وﻛﺎﻧ ـ ــﺖ واﷲ َ َ‬
‫ـﺸﺒﻪ‬ ‫ﻣﺮ ﻗﻮل ﻋﺎﺋﺸﺔ‪ ،‬أﳖﺎ ﻣﺎ رأت ِ ْ َ‬
‫ﻣﺜﻠﻬﺎ ُﻳ ْ ِ ُ‬ ‫وأﻋﺮف ﺑﺎﻷﺷﻴﺎء ﻛﻠﻬﺎ"‪ ،‬ﻛﲈ ﱠ‬ ‫َ‬ ‫ﻣﻨﻲ‪،‬‬
‫ِ )‪(٢‬‬ ‫ـﺪﻳﺜﻬﺎ‪ ،‬وﰲ ﺳـ ِ‬
‫ﻛﻼﻣﻬــﺎ‪ ،‬وﺣـ ِ‬ ‫ـﻮل اﷲ ‪ ‬ﰲ ِ‬
‫ـﺪﳞﺎ ‪ ،‬وﻻ ﺷـ ﱠـﻚ أن‬ ‫ـﻤﺘﻬﺎ‪ ،‬وﻫـ‬ ‫رﺳـ َ‬
‫اﳌـ ــﺸﺎﲠﺔ ﻟﻠﺮﺳـ ــﻮل ﰲ اﳊـ ــﺪﻳﺚ واﻟـ ــﺴﻤﺖ واﳍـ ــﺪي ﻻ ﺑـ ــﺪ أن ﻳﻜـ ــﻮن ﻟـ ــﻪ ﻋﻼﻗـ ــﺔ‬
‫اﻟﺮﺳﻮل ‪ ‬ﰲ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫َ‬ ‫ﻛﺄﻓﻀﻞ اﻣﺮأة ُ ْ ِ ُ‬
‫ﺗﺸﺒﻪ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑﺎﳉﺎﻧﺐ اﳌﻌﺮﰲ‬

‫ﻋﻠﻤﻬ ـ ـ ــﺎ وﺗﻮﻧ ِـ ـ ـ َـﻖ أﺷ ـ ـ ــﺠﺎر‬

‫ﻋﺎﺟﻠ ـ ـ ــﺖ اﳌﻨﻴ ـ ـ ـ ُـﺔ اﻟﺰﻫ ـ ـ ــﺮاء ﻗﺒ ـ ـ ــﻞ أن ُ ْﺗﺰ ِﻫـ ـ ــﺮ ﺛ ـ ـ ــﲈر ِ‬
‫ُ‬
‫ﻣﻌﺎرﻓﻬــﺎ‪ ،‬ﻓﻐــﺎدرت اﳊﻴــﺎة وﻋﻤﺮﻫــﺎ ‪ ٢٣‬ﺳــﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒــﺎ‪ ،‬ﻗــﻀﺘﻬﺎ ﰲ ﻇــﻼل أﺑﻴﻬــﺎ‪،‬‬
‫ِ‬
‫اﻟــﺬي ﻛــﺎن ﻣﺮﺟــﻊ اﻟﻌــﺎﳌﲔ‪ ،‬و َﻣـْﻦ ﲣﻔــﻰ ﺑﺠﺎﻧــﺐ إﴍاﻗــﺔ ﻫﺪﻳِــﻪ ﻧﺠـ ُ‬
‫ـﻮم اﳍﺪاﻳــﺔ؛‬

‫)‪ (١‬أﺑـ ـ ــﻮ ﻃﺎﻟـ ـ ــﺐ‪ ،‬ﺗﻴـ ـ ــﺴﲑ اﳌﻄﺎﻟـ ـ ــﺐ‪ ،‬ص‪ ،١٤٠‬ﺑﻠﻔ ـ ـ ــﻆ‪" :‬أﻗـ ـ ــﺪﻣﻬﻢ إﺳـ ـ ــﻼﻣﺎ‪ ،‬وأﺣـ ـ ــﺴﻨﻬﻢ ﺧﻠﻘ ـ ـ ــﺎ‪،‬‬
‫وأﻋﻠﻤﻬـﻢ ﺑـﺎﷲ ﺗﻌـﺎﱃ"؛ واﺑــﻦ ﻋﺒـﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳـﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪ ،١٠٩٩‬وﻓﻴـﻪ‪" :‬أول أﺻــﺤﺎﰊ‬
‫إﺳﻼﻣﺎ‪ ،‬وأﻛﺜﺮﻫﻢ ﻋﻠﲈ‪ ،‬وأﻋﻈﻤﻬﻢ ﺣﻠﲈ"‪ ،‬و "زوﺟﻚ ﺳﻴﺪ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻵﺧﺮة"‪.‬‬
‫)‪ (٢‬اﳊ ـ ــﺎﻛﻢ‪ ،‬اﳌ ـ ــﺴﺘﺪرك‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪ ،٣٠٣‬رﻗ ـ ــﻢ‪ ،٧٧١٥‬وﻗ ـ ــﺎل اﻟ ـ ــﺬﻫﺒﻲ‪ :‬ﺻ ـ ــﺤﻴﺢ؛ واﻟﱰﻣ ـ ــﺬي‪،‬‬
‫اﻟـ ـ ـ ــﺴﻨﻦ‪ ،‬ج‪ ،١٤‬ص‪ ،٢٧‬رﻗـ ـ ـ ــﻢ‪ .٤٢٤٦‬ﺑـ ـ ـ ــﺎب ﻓـ ـ ـ ــﻀﻞ ﻓﺎﻃﻤـ ـ ـ ــﺔ؛ وأﺑـ ـ ـ ــﻮ داود‪ ،‬اﻟـ ـ ـ ــﺴﻨﻦ‪ ،‬ج‪،٤‬‬
‫ص‪ ،٥٢٣‬رﻗﻢ‪ ،٥٢١٩‬ﺑﺎب ﻣﺎ ﺟﺎء ﰲ اﻟﻘﻴﺎم‪.‬‬

‫‪٥٨‬‬
 ‫‪‬‬

‫إﻻ أن اﻷﺷ ُـﻬﺮ اﻟﻘﻠﻴﻠـﺔ اﻟﺘــﻲ ﻗـﻀﺘﻬﺎ ﺑﻌـﺪ وﻓــﺎة أﺑﻴﻬـﺎ أﻇﻬـﺮت ﻣــﺎ ﻛـﺎن ﻟـﺪﳞﺎ ﻣــﻦ‬
‫ٍ‬
‫ﺑﺸﻜﻞ أﺛﺒﺖ ﻓﺮادﲥﺎ وﺟﺪارﲥﺎ وﺳﻴﺎدﲥﺎ ﻋﲆ اﻟﻌﺎﳌﲔ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وﻋﻠﻮم‬ ‫ﻣﻌﺎرف‬
‫َ‬

‫ـﺘﻴﻼءه ﻋ ــﲆ أﻣﻼﻛﻬـ ــﺎ ﰲ‬

‫ﰲ ﺧﻄﺒﺘﻬ ــﺎ اﻟﺘ ــﻲ أﻧﻜ ــﺮت ﻓﻴﻬ ــﺎ ﻋ ــﲆ أﰊ ﺑﻜ ــﺮ اﺳ ـ َ‬
‫ﻓ ــﺪك‪ ،‬وأﻧﻜ ــﺮت ﻋـ ــﲆ اﳌ ــﺴﻠﻤﲔ ﲣـ ـ َ‬
‫ـﺎذﳍﻢ ﻋ ــﻦ ﻧ ــﴫة اﺑـ ــﻦ ﻋﻤﻬ ــﺎ وزوﺟﻬـ ــﺎ ﰲ‬
‫ﺗـ ــﻀﻴﻴﻊ ﻣﺒـ ــﺪأ وﻻﻳـ ــﺔ اﻹﻣـ ــﺎم ﻋـ ــﲇ ‪ ،‬أﺑﺎﻧـ ــﺖ ﻋـ ــﻦ ﻋﻠـ ـ ٍـﻢ ﻋﻈـ ــﻴﻢ‪ ،‬وﻣﻌـ ـ َ‬
‫ـﺎرف‬
‫ﴎد ﻣﺮ َﲡ ـ ٍـﻞ‪ ،‬وﺣﺒ ـ ٍـﻚ ﻣ ـ َـﺘﻘﻦ‪ ،‬ﻻ ﻳﻤﻜ ــﻦ اﺳ ــﺘﻴﻌﺎﺑﻪ إﻻ أﻧ ــﻪ‬
‫ـﻌﺔ وﻋﻤﻴﻘ ــﺔ‪ ،‬ﰲ ٍ‬
‫ْ‬
‫واﺳ ـ ٍ‬

‫ﻣﻦ ﻓﺎﻃﻤﺔ اﺑﻨﺔ اﻟﻨﺒﻲ اﻟﻜﺮﻳﻢ‪.‬‬

‫ﰲ ﺗﻠ ــﻚ اﳋﻄﺒ ــﺔ أﻇﻬـ ــﺮت ‪ -‬ﻣ ــﻦ دﻗـ ــﺎﺋﻖ ﻣﻌﺮﻓ ــﺔ اﷲ‪ ،‬وﻣـ ــﻦ ﻣﻌ ــﺎﲏ اﻟﻘـ ــﺮآن‬
‫اﻟﻜـ ــﺮﻳﻢ‪ ،‬و ُﺣ ـ ــﺴﻦ اﻟﺘﻌﺎﻣـ ــﻞ ﻣﻌ ـ ــﻪ‪ ،‬وﻣ ـ ــﻦ ﺗﻔـ ــﺴﲑات اﻟﺘ ـ ــﴩﻳﻌﺎت اﻹﺳ ـ ــﻼﻣﻴﺔ‪،‬‬
‫وﻣ ـ ـ ــﻦ ﻃﺒﻴﻌ ـ ـ ــﺔ رﺳ ـ ـ ــﺎﻟﺔ واﻟ ـ ـ ــﺪﻫﺎ اﻟﻜ ـ ـ ــﺮﻳﻢ‪ ،‬ودوره اﻟﺮﺳ ـ ـ ــﺎﱄ ﰲ ﻇ ـ ـ ــﻞ اﻟﻈ ـ ـ ــﺮوف‬
‫اﻻﺟﺘﲈﻋﻴ ــﺔ واﻟﻔﻜﺮﻳ ــﺔ‪ ،‬وأوﺿ ــﺎع اﻟﻌ ــﺮب اﻟﺜﻘﺎﻓﻴ ــﺔ واﻻﺟﺘﲈﻋﻴ ــﺔ واﻟﺘﻄ ــﻮرات‬
‫ﻳﺬﻫﻞ اﻟﻘﺎرئ ﳍﺎ‪.‬‬ ‫اﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﰲ ﻫﺬا اﳉﺎﻧﺐ ‪ -‬ﻣﺎ ِ‬
‫ُ‬
‫ﻟﻘ ـ ــﺪ اﺳ ـ ــﺘﺪﻟﺖ ﺑﻜﺘ ـ ــﺎب اﷲ ﻋ ـ ــﲆ ﺻ ـ ــﺤﺔ ﻣﻮﻗﻔﻬ ـ ــﺎ اﺳ ـ ــﺘﺪﻻﻻ ﻓﻘﻬﻴ ـ ــﺎ ﻣﺘﻘﻨ ـ ــﺎ‪،‬‬
‫ﻣﺘﺪرﺟ ــﺔ‪ ،‬أﻗﺎﻣ ــﺖ ﻣ ــﻦ‬ ‫وﻣﻔ ِ‬
‫ُْ‬
‫ـﺴﻠﺘﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘ ــﺔ ﱢ‬ ‫ـﺎر ﺧﻄﺒﺘﻬ ــﺎ وﺳﻠـ ْ‬ ‫ـﺖ أﻓﻜ ـ َ‬ ‫ورﺗﺒَـ ْ‬
‫ﺤــﲈ‪ ،‬ﱠ‬
‫ـﺖ اﳋ ــﺼﻢ‪ ،‬ﰲ ﺻ ــﻮرة‬ ‫ـﺴﺘﻤﻊ‪ ،‬وأﻓﺤﻤ ـ ِ‬ ‫ﺧ ــﻼل ذﻟ ــﻚ ﻟ ــﻮاء اﳊﺠ ــﺔ‪ ،‬وأﻗﻨﻌ ــﺖ اﳌ ـ ِ‬

‫ﻣ ــﺆﺛﺮة‪ ،‬وﻗ ـ ﱠـﺪﻣﺖ ﻓﻴﻬ ــﺎ ﺗﻘﺮﻳ ــﺮا ﺗﺎرﳜﻴ ــﺎ ﺿ ــﺎﻓﻴﺎ ﻋ ــﲈ ﻛ ــﺎن ﻋﻠﻴ ــﻪ اﻟ ــﺼﺤﺎﺑﺔ ﺛ ــﻢ ﻣ ــﺎ‬
‫ـﺴﻴﺎﳼ واﻻﺟﺘﲈﻋـ ــﻲ واﻟﺘﺤﻠـ ــﻴﲇ‪،‬‬
‫ﱠ‬ ‫ـﺮي واﻟ ـ‬
‫أﺻ ــﺒﺤﻮا ﻓﻴـ ــﻪ‪ ،‬ﻓﺠﻤﻌ ــﺖ ﻓﻴـ ــﻪ اﻟﻔﻜـ ـ ﱠ‬
‫وأوردت ﻣ ـ ــﻦ ﻣﻌ ـ ــﺎﲏ اﻟﻘـ ـ ــﺮآن ﻣ ـ ــﻊ ﺗﻔ ـ ــﺼﻴﻼت اﻟـ ـ ــﺴﻨﺔ‪ ،‬وﺣ ـ ــﺸﺪت اﳌﻌـ ـ ــﺎرف‬
‫‪٥٩‬‬
 ‫‪‬‬

‫ودﻗﻴﻖ ﺗﻮﺻﻴﻒ‪ ،‬وﺣﻨﻜ ِـﺔ ﺟـﺪل‪ُ ،‬ﺗﻔـﴤ‬ ‫ِ‬ ‫اﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﻣﻊ اﻟﻠﻐﻮﻳﺔ‪ ،‬ﺑﻘﻮة ﻣﻼﺣﻈﺔ‪،‬‬
‫ـﺘﻨﻬﺎض‪ ،‬وﺷ ـ ِ‬
‫ـﺪﻳﺪ ﺗ ــﻮﺑﻴﺦ‪ ،‬ﻟﺘﺄﺧ ــﺬ ﺑﺄﻛﻈ ــﺎﻣﻬﻢ‪ ،‬وﻗ ــﺪ أوردﲥ ــﻢ ﻋ ــﲆ‬ ‫ٍ‬ ‫إﱃ ﻗ ــﻮة اﺳ ـ‬
‫ﻣﺸﻬﺪ اﻵﺧﺮة اﳌﻬﻮل‪.‬‬
‫وﰲ ﺗﻠ ـ ــﻚ اﳋﻄﺒ ـ ــﺔ اﻟﺘ ـ ــﻲ أذاﻋﺘﻬ ـ ــﺎ ﰲ ﻧ ـ ــﺴﺎء اﳌﻬ ـ ــﺎﺟﺮﻳﻦ واﻷﻧ ـ ــﺼﺎر َ ْ‬
‫ﻳﻈ َﻬ ـ ـ ُـﺮ‬
‫ﻋﻠﻤﻬ ــﺎ اﻟﻘ ــﻮي ﰲ ﻗ ــﻮة اﺣﺘﺠﺎﺟﻬ ــﺎ ﻋ ــﲆ ﺧ ــﺬﻻﳖﻢ ﻷﺣﻘﻴ ــﺔ أﰊ اﳊ ــﺴﻦ ﰲ أﻣ ــﺮ‬
‫ُ‬
‫اﻷﻣ ــﺔ‪ ،‬وﻋﺮﺿ ــﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠ ــﺔ اﻟﺘ ــﻲ ﻛ ــﺎﻧﻮا ﺳﻴﺤ ــﺼﻠﻮن ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ ﻟ ــﻮ ﺑ ــﺎدروا ﻟ ــﺬﻟﻚ‪،‬‬
‫َ‬
‫ودﻟﻴﻞ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن واﻟﺴﻨﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻘﻴﻴﻤﻬﺎ ﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻗﺮارﻫﻢ اﳋﺎﻃﺊ‪.‬‬
‫ـﻠﻮب زوﺟﻬ ــﺎ اﻹﻣ ــﺎم ﰲ‬
‫إن ﻗ ــﻮة أﺳ ــﻠﻮﲠﺎ اﳋﻄ ــﺎﰊ ﻳ ــﺸﺒﻪ إﱃ ﺣ ــﺪ ﻛﺒ ــﲑ أﺳ ـ َ‬
‫ِ‬
‫ﳖ ــﺞ اﻟﺒﻼﻏ ــﺔ‪ ،‬وﻟﻜ ــﻦ زوﺟﻬ ــﺎ ﻛ ــﺎن ﻗ ــﺪ اﻋﺘ ــﺎد اﻋ ــﺘﻼء اﳌﻨ ــﺎﺑﺮ‪ ،‬وأﻧ ــﺲ ﻣ ــﺴﺎﻟﻚ‬
‫ﻳﻌ َﻬــﺪ ﻣﻨﻬــﺎ ذﻟــﻚ؛ اﻟﻠﻬــﻢ‬
‫اﳋﻄـﺐ‪ ،‬و َﻣـ ُـﺮن ﻋــﲆ ﺗﺮﺗﻴــﺐ أﻓﻜﺎرﻫــﺎ‪ ،‬ﺑﺨﻼﻓﻬــﺎ ﻓﻠــﻢ ُ ْ‬
‫ﲤﺮﺳ ــﺖ ﻋ ــﲆ إﻳ ــﺮاد اﻟ ــﺪروس واﳋﻄ ــﺐ ﻋ ــﲆ‬ ‫إﻻ أن ﻳ ــﺸﲑ إﱃ أﳖ ــﺎ ﻛﺎﻧ ــﺖ ﻗ ــﺪ ﱠ‬
‫ﻧﺴﺎء اﳌﺆﻣﻨﲔ إﱃ اﳊﺪ اﻟﺬي ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻣﺘﻤﻜﱢﻨﺔ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺮاﺋﻊ‪.‬‬
‫وﻣــﻦ ﺧــﻼل ذﻟــﻚ ﻧﻌــﺮف "أن اﻟﺰﻫــﺮاء ‘ ﻛﺎﻧــﺖ ﲢﻤــﻞ ﻋﻠــﲈ ﲨــﺎ‪ ،‬وﻟــﻮ‬
‫اﻣﺘ ــﺪت ﲠ ــﺎ اﳊﻴ ــﺎة ﻟ ــﺮأى اﳌ ــﺴﻠﻤﻮن ﻣﻨﻬ ــﺎ اﻟﻜﺜ ــﲑ واﻟﻜﺜ ــﲑ ﳑ ــﺎ ﺗﻔ ــﻴﺾ ﺑ ــﻪ ﻣ ــﻦ‬
‫ﻋﻠﻮﻣﻬــﺎ اﻟﺘ ــﻲ أﺧــﺬﲥﺎ ﻣ ــﻦ رﺳــﻮل اﷲ ‪‬؛ ﻷﳖ ــﺎ ﻛﺎﻧــﺖ ﰲ ﺣﻴﺎﺗ ــﻪ ﻣــﻊ رﺳ ــﻮل‬
‫اﷲ ﺗﻐ ـ ـ ــﺮف ﻣ ـ ـ ــﻦ ﺑﺤ ـ ـ ــﺮ ﻋﻠﻤ ـ ـ ــﻪ‪ ،‬وﺗﺘﺤـ ـ ــﺮك ﰲ ﺧ ـ ـ ــﻂ أﺧﻼﻗ ـ ـ ــﻪ‪ ،‬وﺗﻌ ـ ـ ــﻴﺶ آﻓ ـ ـ ــﺎق‬
‫روﺣﺎﻧﻴﺘﻪ؛ وﳍﺬا ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻀﻌﺔ ﻣﻨﻪ‪) ،‬ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻀﻌﺔ ﻣﻨﻲ(‪ ،‬ﻓﻌﻘﻠﻬﺎ ﺑﻀﻌﺔ ﻣﻦ‬
‫ﻋﻘﻠ ــﻪ‪ ،‬وﻗﻠﺒﻬـ ــﺎ ﺑ ــﻀﻌﺔ ﻣـ ــﻦ ﻗﻠﺒ ــﻪ‪ ،‬وﻃﺎﻗﺎﲥـ ــﺎ ﺑ ــﻀﻌﺔ ﻣـ ــﻦ ﻃﺎﻗﺎﺗ ــﻪ‪ ،‬وروﺣﺎﻧﻴﺘﻬـ ــﺎ‬

‫‪٦٠‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(١‬‬
‫ﺑﻀﻌﺔ ﻣﻦ روﺣﺎﻧﻴﺘﻪ" ‪.‬‬
‫ـﺘﻴﻌﺎﲠﺎ اﻟﻘ ـ ــﺮآ َن ﺑ ـ ـ ٍ‬
‫ـﺸﻜﻞ‬ ‫ِ‬
‫إن ﻣﻌﺮﻓ ـ ــﺔ اﻟﺰﻫ ـ ــﺮاء ﷲ ﺗﻌ ـ ــﺎﱃ ﻣ ـ ــﻦ ﺧ ـ ــﻼل آﻳﺎﺗ ـ ــﻪ‪ ،‬واﺳ ـ ـ َ‬
‫ِ‬
‫ﻣﺼﺎدر‬ ‫اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ ﻋﲆ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ‬ ‫َ‬ ‫وﻗﺪرﲥﺎ‬
‫َ‬ ‫ووﻋﻴﻬﺎ ﺑﺴﻨﺔ وﺳﲑة أﺑﻴﻬﺎ ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ﻋﻤﻴﻖ‪،‬‬
‫ـﺼﺢ ﻋﺒـ ٍ‬
‫ـﺎرة ﳍــﻮ دﻟﻴـ ٌـﻞ‬ ‫اﻟﺘـﴩﻳﻊ ﻫــﺬه ﳌﻌﺎﳉــﺔ اﻟﻮاﻗــﻊ اﻟــﺬي ﻋﺎ َﺷـ ْـﺘﻪ ﺑــﺄﻗﻮى ﻃﺮﻳﻘـ ٍـﺔ وأﻓـ ِ‬
‫ﻛﺒﲑ ﻋﲆ ﺳﻴﺎدﲥﺎ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻋﲆ ﻧﺴﺎء اﻟﻌﺎﳌﲔ‪.‬‬
‫وﳍــﺬا وﻟﻜ ــﻮن اﻟﺰﻫ ــﺮاء ﺳ ــﻴﺪة اﳌﻌ ــﺎرف واﻟﻌﻠ ــﻮم ‪ ..‬ﻻ َﻏ ـْﺮَو أن وﺟ ــﺪﻧﺎ ذرﻳﺘﻬ ــﺎ‬
‫اﻟﻄ ــﺎﻫﺮﻳﻦ ﻣ ــﻦ أﺋﻤ ــﺔ أﻫ ــﻞ اﻟﺒﻴ ــﺖ اﳌﻴ ــﺎﻣﲔ ﻳ ــﺴﺘﺪﻟﻮن ﺑﺄﻓﻌﺎﳍ ــﺎ ﰲ اﳌ ــﺴﺎﺋﻞ اﻟﻔﻘﻬﻴ ــﺔ‪،‬‬
‫ﻓﻬــﺬا اﻹﻣ ــﺎم اﻟﺒ ــﺎﻗﺮ ﻳﻘ ــﻮل ﻣــﺴﺘﺪﻻ‪) :‬وﻗ ــﺪ ﻛﺎﻧ ــﺖ أﻣﻨ ــﺎ ﻓﺎﻃﻤــﺔ ﺗ ــﺮى ﻣ ــﺎ ﺗ ــﺮى اﻟﻨ ــﺴﺎء‬
‫ﺗﺴﻨﺪ إﱃ رﺳـﻮل اﷲ‬ ‫ﻓﺘﻘﴤ اﻟﺼﻮم‪ ،‬وﻻ ﺗﻘﴤ اﻟﺼﻼة()‪ ،(٢‬ورﻏﻢ أن اﻟﺮواﻳﺎت ُ ِ‬
‫ْ‬
‫ﻋﻖ ﻋﻦ اﳊﺴﻦ واﳊﺴﲔ‬ ‫ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺮة وإﱃ زوﺟﻬﺎ اﻹﻣﺎم ﻣﺮة أﺧﺮى أن ﻛﻼ ﻣﻨﻬﲈ ﱠ‬ ‫ِ‬

‫ـﻌﺮ رؤو ِﺳـ ــﻬﲈ ﻓـ ــﻀﺔ‪ ،‬ﻏ ـ ــﲑ أن‬ ‫ـﺼﺪق ﺑـ ـ ِ‬

‫ـﻮزن ﺷـ ـ ِ‬ ‫ﰲ اﻟﻴـ ــﻮم اﻟـ ــﺴﺎﺑﻊ ﻣـ ــﻦ ﻣﻮ ـﻟ ــﺪﳘﺎ وﺗـ ـ ﱠ‬
‫ـﺴﻨﺪون ﻓﻌ ـ ــﻞ ذﻟ ـ ــﻚ إﱃ‬ ‫اﻟ ـ ــﺴﺠﺎد زﻳ ـ ــﻦ اﻟﻌﺎﺑ ـ ــﺪﻳﻦ ‪ ‬وﻏـ ــﲑه أﻳ ـ ــﻀﺎ ﰲ رواﻳ ـ ــﺔ ﻳ ـ ـ ِ‬
‫ُ‬
‫)‪(٣‬‬
‫اﻟﺰﻫﺮاء ﻣﺴﺘﺪﻟﲔ ﺑﻔﻌﻠﻬﺎ ﻋﲆ ﺳﻨﻴﺔ اﻟﻌﻘﻴﻘﺔ ‪.‬‬
‫ﻻ ﻣﺮﻳــﺔ أن ﻛﺎﻧــﺖ ﻓﻘﻴﻬــﺔ ﻋﺎﳌــﺔ‪ ،‬وﻗ ـﺪ ﺳــﻤﻌﺖ ﻣــﻦ رﺳــﻮل اﷲ ﻗﺒــﻞ زوﺟﻬــﺎ‬
‫ﰲ ﻣ ــﺴﺄﻟﺔ اﳊ ــﺞ‪ ،‬ﻟﻐﻴﺎﺑ ــﻪ ﰲ اﻟ ــﻴﻤﻦ‪ ،‬ﻓﻠ ــﲈ ﻗ ـ ِـﺪم ﺑﺒ ـ ْ ِ‬
‫ـﺪن اﻟﻨﺒ ــﻲ ‪ ،‬ووﺟ ـ َـﺪﻫﺎ ﻗ ــﺪ‬ ‫ُ‬
‫زوﺟﻬـﺎ‬
‫اﻟﻄﻴـﺐ‪ ،‬ﻓـﺄﻧﻜﺮ ُ‬‫واﻛﺘﺤﻠﺖ‪ ،‬وﻧﺎﻟﺖ ﻣﻦ ﱢ‬ ‫َ ْ‬ ‫ﺻﺒﻐﺎ‪،‬‬ ‫وﻟﺒﺴﺖ ﺛﻴﺎﺑﺎ َ ِ‬
‫أﺣﻠﺖ‪ْ َ ِ ،‬‬ ‫ﱠ‬

‫)‪ (١‬أﲪﺪ اﻟﺼﻔﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺰﻫﺮاء دروس وﻋﱪ‪ ،‬ص‪.١٠٦‬‬

‫)‪ (٢‬أﲪﺪ ﺑﻦ ﻋﻴﴘ‪ ،‬رأب اﻟﺼﺪع‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٦٤٦‬‬
‫)‪ (٣‬اﳊﻮﺛﻲ‪ ،‬اﳌﺨﺘﺎر‪ ،‬ص‪ ،٥٥٧‬ﻧﻘﻼ ﻋﻦ ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻹﻣﺎم اﻟﺮﺿﺎ‪ ،‬ص‪.٤٦٩‬‬

‫‪٦١‬‬
 ‫‪‬‬

‫ذﻟ ـ ــﻚ ﻋﻠﻴﻬ ـ ــﺎ؛ إذ ذﻟ ـ ــﻚ ﳜ ــﺎﻟﻒ ﻣ ـ ــﺎ ﻋﻠﻴ ـ ــﻪ اﳌﺤ ـ ـ ِـﺮم ﻟﻠﺤ ـ ــﺞ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟ ـ ــﺖ ﻟ ـ ــﻪ‪َ َ ) :‬‬
‫أﻣﺮﻧ ـ ــﺎ‬
‫ﻓﺄﺣﻠﻠﻨ ــﺎ ﻣ ــﻦ ﺣﺠﻨـ ــﺎ‪ ،‬وﺟﻌﻠﻨﺎﻫ ــﺎ ﻋﻤ ــﺮة(‪ ،‬ﻓ ــﺬﻫﺐ إﱃ رﺳـ ــﻮل اﷲ‬ ‫ـﻮل اﷲ َ ْ‬ ‫رﺳ ـ ُ‬
‫ـﺪﻗﺖ‬‫ـﻮل اﷲ ﻣ ـ ـ ــﺎ ﻗﺎﻟﺘـ ـ ــﻪ‪ ،‬وﻗ ـ ـ ــﺎل‪) :‬ﺻ ـ ـ ـ َ َ ْ‬
‫ـﺼﺪق رﺳ ـ ـ ـ ُ‬
‫ﻣـ ـ ــﺴﺘﻔﺘﻴﺎ‪ ،‬ﻓ ـ ـ ــﻴﲈ ذﻛ ـ ـ ـ َـﺮت‪ ،‬ﻓ ـ ـ ﱠ‬
‫)‪(١‬‬
‫ََ ْ‬
‫ﺻﺪﻗﺖ( ‪.‬‬
‫ـﺘﻴﻼء‬
‫وﻣ ــﻦ أﻣـ ــﺎرات ﻓﻘﻬﻬ ــﺎ اﻟـ ــﴩﻋﻲ‪ ،‬أﳖـ ــﺎ ﳌـ ــﺎ أﻧﻜـ ــﺮت ﻋـ ــﲆ أﰊ ﺑﻜـ ــﺮ اﺳـ ـ َ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﻋﺎﻣﻠ ــﻪ ﻋ ــﲆ ﻓ ــﺪك‪ ،‬ﻗﺎﻟ ــﺖ‪) :‬ﻓ ــﺪك ﺑﻴ ــﺪي( ‪ ،‬أي أﳖ ــﺎ ذﻛ ــﺮت ﻗ ــﻀﻴﺔ ﻫﺎﻣ ــﺔ ﰲ‬
‫ﻳﻠﺰﻣﻬ ــﺎ‬
‫ـﺎزع ﻋﻠﻴــﻪ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘــﺎﱄ ﻓــﻼ ُ‬ ‫اﻟﺘﻘــﺎﴈ‪ ،‬وﻫــﻮ ﺛﺒــﻮت ﻳــﺪﻫﺎ ﻋــﲆ اﳌﻮ ِﺿ ــﻊ ُ َ‬
‫اﳌﺘﻨـ َ‬
‫ـﻮت ﻣﻠﻜﻴﺘ ِﻬ ــﺎ‪ ،‬وﳍ ــﺬا ﻛ ــﺎن ﻣ ــﻦ اﳋﻄ ــﺄ‬ ‫ـﻮرد اﻟ ــﺸﻬﻮد ﻋ ــﲆ ﺛﺒ ـ ِ‬
‫ﺑﺤﻜــﻢ اﻟ ــﴩع أن ﺗ ـ ِ‬
‫ﺛﺎﺑﺖ ﰲ ﻳﺪﻫﺎ‪.‬‬
‫ﻣﻄﺎﻟﺒﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺒﻴﻨﺔ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻫﻮ ٌ‬
‫ُ‬
‫ﳏﺎﺟﺘﻬ ـ ــﺎ ﻷﰊ ﺑﻜ ـ ــﺮ وﻋﻤ ـ ــﺮ ﺣ ـ ــﻮل ﻓ ـ ــﺪك‪ ،‬وﺣ ـ ــﻮل ﻣﲑاﺛﻬ ـ ــﺎ ﻣ ـ ــﻦ‬ ‫إن ﻃﺮﻳﻘ ـ ــﺔ ﱠ‬
‫ـﻮخ ﻗـ ـ ـ ِ‬
‫ـﺪﻣﻬﺎ ﰲ اﻟﻔﻘـ ـ ــﻪ‪ ،‬وﻃـ ـ ـ ِ‬ ‫)‪(٣‬‬
‫ـﻮل ﺑﺎﻋﻬـ ـ ــﺎ ﰲ‬ ‫رﺳـ ـ ــﻮل اﷲ ‪ ، ‬ﺗـ ـ ــﺪل ﻋـ ـ ــﲆ رﺳ ـ ـ ِ‬
‫اﳊﺠﺞ واﻷدﻟﺔ‪.‬‬

‫أﻣ ــﺎ ﻋﻠﻤﻬ ــﺎ ﺑﺎﻷﺳ ــﺎﻟﻴﺐ اﻟﱰﺑﻮﻳـ ــﺔ ﻓﻴﻜﻔ ــﻲ أﳖ ــﺎ ر ﱠﺑـ ــﺖ ﺳ ــﻴﺪي ﺷ ــﺒﺎب أﻫـ ــﻞ‬
‫اﳉﻨ ـ ــﺔ‪ ،‬اﳊ ـ ــﺴﻦ واﳊ ـ ــﺴﲔ‪ ،‬ﻟﻘ ـ ــﺪ أﻧ ـ ــﺸﺄت ﺑﻄﺮﻳﻘﺘﻬ ـ ــﺎ اﻟﱰﺑﻮﻳ ـ ــﺔ أﻋ ـ ــﲆ ﻣﺪرﺳ ـ ــﺔ‬
‫ﻣﺜﺎﻟﻴ ــﺔ‪ ،‬ﲣ ــﺮج ﻣﻨﻬ ــﺎ اﳊ ــﺴﻨﺎن وزﻳﻨ ــﺐ؛ أﱂ ﺗﻜ ــﻦ ُﺗـ ـَﺰﱢﻓﻦ اﳊ ــﺴﻦ أو ﺗﻨ ﱢﻘ ــﺰ ﻟ ــﻪ أو‬

‫)‪ (١‬وﻛــﺎن ﻋــﲇ ﻋﻠﻴــﻪ اﻟــﺴﻼم ﻗــﺪ أﻫــﻞ ﺑــﲈ أﻫــﻞ ﺑــﻪ رﺳــﻮل اﷲ‪ ،‬وﺣــﺞ رﺳــﻮل اﷲ ﻗﺎرﻧــﺎ‪ ،‬ﺑﻴــﻨﲈ ﻇــﺎﻫﺮ‬
‫اﻟﺮواﻳ ــﺔ ﺗﻘ ــﻮل‪ :‬إﳖ ــﺎ ﺣﺠ ــﺖ ﻣﺘﻤﺘﻌ ــﺔ‪ ،‬ﻳﻨﻈ ــﺮ‪ :‬أﻣ ــﺎﱄ أﲪ ــﺪ ﺑ ــﻦ ﻋﻴ ــﺴﻰ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪٣٧٠‬؛ ودرر‬
‫اﻷﺣﺎدﻳﺚ اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ‪ ،‬ص‪.٨٤‬‬
‫)‪ (٢‬اﳊﻮﺛﻲ‪ ،‬اﳌﺨﺘﺎر‪ ،‬ص‪ ،٢٥٢‬ﻧﻘﻼ ﻋﻦ اﳉﺎﻣﻊ اﻟﻜﺎﰲ؛ وأﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس اﳊﺴﻨﻲ‪ ،‬اﳌﺼﺎﺑﻴﺢ‪ ،‬ص‪.٢٦٦‬‬
‫)‪ (٣‬اﻟﺒﻼذري‪ ،‬أﻧﺴﺎب اﻷﴍاف‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٥١٩‬‬

‫‪٦٢‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(١‬‬
‫ﺗﺮ ﱢﻗ ــﺼﻪ ‪ ،‬وﺗﻘ ــﻮل ِ‬
‫ﻣﻠﻬﻤ ــﺔ ﻟ ــﻪ ﻻﻗﺘﻔ ــﺎء ﲨﻴ ـ ِـﻞ اﻟﻨﻤ ــﻮذج‪ ،‬وﻋﻈ ـ ِ‬
‫ـﻴﻢ اﳌﺜ ــﺎل‪،‬‬
‫ﺟﺪه اﳌﺼﻄﻔﻰ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮل ﻟﻪ‪:‬‬ ‫وﻫﻮ ﱡ‬
‫)‪(٢‬‬
‫وا ﺑ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺄﰊ ِﺷ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـﺒﻪ اﻟﻨ ـﺒ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻲ ﻟـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻴﺲ ﺷ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ً‬
‫ـﺒﻴﻬﺎﺑﻌ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﲇ‬

‫وﻫﺬا ﻳﺪل ﻋﲆ ﻣﻬﺎرﲥﺎ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ‪.‬‬

‫أوﻻدﻫـ ـ ـ ــﺎ إﱃ ﳏ ـ ـ ــﺮاب ﻋﺒﺎدﲥـ ـ ـ ــﺎ‪ ،‬ﱢ‬
‫وﺗﻌﻠﻤﻬـ ـ ـ ــﻢ أﻧـ ـ ـ ــﻮاع‬ ‫َ‬ ‫وﻛﺎﻧـ ـ ـ ــﺖ ﺗـ ـ ـ ــﺼﻄﺤﺐ‬
‫اﻟﺘﻬﺠ ـ ـ ــﺪ؛ إذ ﻳ ـ ـ ــﺮوي اﻹﻣ ـ ـ ــﺎم اﳊ ـ ـ ــﺴﻦ ‪ ‬أن واﻟﺪﺗ ـ ـ ــﻪ أﺟﻠ ـ ـ ـ َ ْ‬
‫ـﺴﺘﻪ إﱃ ﺟﺎﻧ ـ ـ ــﺐ‬
‫ﺳ ـ ــﺠﺎدﲥﺎ‪ ،‬وﻫ ـ ــﻲ ﺗﺘـ ــﴬع إﱃ اﷲ ﺗﻌ ـ ــﺎﱃ‪ ،‬وﺗ ـ ــﺪﻋﻮه‪ ،‬وذﻛ ـ ــﺮت اﻟﺮواﻳ ـ ــﺎت أﳖ ـ ــﺎ‬
‫أوﻻدﻫــﺎ ُﺧ َﻄــﺐ رﺳــﻮل اﷲ‪ ،‬وﳘــﺎ ﱂ ﻳﺒﻠﻐــﺎ اﳋﺎﻣــﺴﺔ‪ ،‬وﻛﺎﻧــﺖ‬
‫َ‬ ‫ﻛﺎﻧــﺖ ﺗﻌ ﱢﻠــﻢ‬
‫ﺗﻄﻠ ــﺐ ﻣ ــﻨﻬﲈ إﻋ ــﺎدة ﻣ ــﺎ ﺳ ــﻤﻌﺎه ﻣ ــﻦ ﺧﻄ ــﺎب رﺳ ــﻮل اﷲ ﻋ ــﲆ ﻣ ــﺴﺎﻣﻌﻬﲈ‪ ،‬ﺛ ــﻢ‬
‫ﻳﻌﻴﺪاﻧـﻪ ﺑﺤــﻀﻮر أﺑــﻴﻬﲈ‪ .‬وأﺧــﺬت زﻳﻨـﺐ ﻣﻌﻬــﺎ إﱃ ﻣــﺴﺠﺪ رﺳــﻮل اﷲ ‪ ‬ﳌــﺎ‬
‫)‪(٣‬‬
‫أﻟﻘﺖ ﺧﻄﺒﺘﻬﺎ اﻟﻌﺼﲈء ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ‪.‬‬

‫ـﺐ أن وﻗﻔ ــﺖ زﻳﻨـ ــﺐ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬ ــﺔ ﻃﻐﻴـ ــﺎن ﻳﺰﻳ ــﺪ ﰲ ﻋﺎﺻـ ــﻤﺔ‬
‫وﳍ ــﺬا ﻻ ﻋﺠـ ـ َ‬
‫اﳋـﻮف واﳉﺮﻳﻤـﺔ ﰲ ذﻟـﻚ اﻟﻌـﴫ‪ ،‬ﻟﺘﻘـﻮل ﺑﻜـﻞ ﺷـﺠﺎﻋﺔ وﺛﺒـﺎت‪) :‬اﳊﻤـﺪﷲ ﻣــﺎ‬
‫ﺷﻬﺪت ﻗﺘﻞ أﺧﻴﻬﺎ ِ‬
‫ﺳﻴﺪ ﺷﺒﺎب أﻫﻞ اﳉﻨﺔ‪ ،‬واﺛﻨـﲔ ﻣـﻦ‬ ‫رأﻳﻨﺎ إﻻ ﲨﻴﻼ(‪ ،‬وﻗﺪ ِ َ‬
‫أﺑﻨﺎﺋﻬـ ــﺎ اﻟـ ــﱪرة‪ ،‬وﺛﲈﻧﻴـ ــﺔ ﻋـ ــﴩ ﻗﻤـ ــﺮا ﻣـ ــﻦ أﻗـ ــﲈر ﺑﻨـ ــﻲ ﻫﺎﺷـ ــﻢ ﻋﻠـ ــﺖ أرواﺣﻬـ ــﻢ‬

‫)‪ (١‬ﻛﻠﲈت ﻣﺘﻘﺎرﺑﺔ ﰲ اﳌﻌﻨﻰ‪.‬‬

‫)‪ (٢‬اﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ‪ ،‬اﳌﺴﻨﺪ‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪ ،٢٨٣‬ط‪١‬؛ واﺑﻦ ﻋﺴﺎﻛﺮ‪ ،‬ﺗﺎرﻳﺦ دﻣﺸﻖ‪ ،‬ج‪ ،١٢‬ص‪.٧‬‬
‫)‪ (٣‬اﳌﺪرﳼ‪ ،‬ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺰﻫﺮاء ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺴﻼم ﻗﺪوة اﻟﺼﺪﻳﻘﲔ‪ ،‬ص‪.٢٦‬‬

‫‪٦٣‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﺷـ ــﻬﺪاء إﱃ ﺑـ ــﺎرﺋﻬﻢ‪ ،‬ورأت ذﻟـ ــﻚ ﺑـ ــﺄم ﻋﻴﻨﻬـ ــﺎ ﺻـ ــﺎﺑﺮة ﺻـ ــﺎﻣﺪة ﻛﺎﳉﺒـ ــﻞ اﻷﺷـ ــﻢ‬
‫واﻟﻄﻮد اﻷﻋﻈﻢ ﺛﺒﺎﺗﺎ وﻳﻘﻴﻨﺎ‪.‬‬

‫وﺗـﺪل ﺧﻄﺒـﺔ اﻟﺰﻫــﺮاء اﻟﻌـﺼﲈء واﺳـﺘﻬﻼﳍﺎ ﺑﺘﻌﻈــﻴﻢ اﷲ‪ ،‬وﺗﻘﺪﻳ ِـﺴﻪ‪ ،‬ﻛﻤﺜــﻞ‬
‫ﺗﻠ ــﻚ اﳋﻄﺒ ــﺔ اﻟﺘ ــﻲ ﺑ ـ َ َ ْ‬
‫ـﺪأﲥﺎ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬ ــﺔ أﰊ ﺑﻜ ــﺮ‪) :‬اﳊﻤ ــﺪﷲ ﻋ ــﲆ ﻣ ــﺎ أﻧﻌ ــﻢ‪ ،‬وﻟ ــﻪ‬
‫اﻟـ ــﺸﻜﺮ ﺑـ ــﲈ أﳍـ ــﻢ(‪ ،‬ﺛـ ــﻢ ﻗﺎﻟـ ــﺖ‪) :‬اﳌﻤﺘﻨـ ــﻊ ﻋـ ــﻦ اﻷﺑـ ــﺼﺎر رؤﻳﺘُـ ــﻪ‪ ،‬وﻣـ ــﻦ اﻷﻟـ ــﺴﻦ‬
‫)‪(١‬‬
‫ـﻔﺘﻪ‪ ،‬وﻣ ــﻦ اﻷوﻫ ــﺎم اﻹﺣﺎﻃ ــﺔ ﺑ ــﻪ( – ﻋ ــﲆ ﻣﻘ ــﺪرﲥﺎ اﻟﺒﻼﻏﻴ ــﺔ‪ ،‬وﻣﻬﺎراﲥ ــﺎ‬
‫ﺻـ ُ‬
‫اﻷدﺑﻴﺔ اﻟﺮاﺋﻌﺔ‪.‬‬

‫وﳛﻜ ــﻲ اﻟﺘ ــﺎرﻳﺦ ﻋ ــﻦ اﻟﺰﻫ ــﺮاء ﰲ ﺣ ــﺎﻻت ﺟﻮﻫﺮﻳ ــﺔ ﻇ ِﻔ ــﺮ ﲠ ــﺎ ﻣ ــﻦ ﺣﻴﺎﲥ ــﺎ‬
‫ﻋﻠﻢ ﺑﺒﻌﺾ اﳌﻬـﺎرات اﳍﺎﻣـﺔ‪ ،‬ﻣﺜـﻞ أﳖـﺎ ﻛﺎﻧـﺖ ﺗﻐ ِـﺰل‪،‬‬ ‫اﻟﻘﺼﲑة أﳖﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﲆ ٍ‬
‫)‪(٢‬‬
‫وﻛﺎﻧـﺖ ﺗﻐـﺰل ﻟﻨﻔـﺴﻬﺎ وﻟﻶﺧـﺮﻳﻦ ﺑـﺎﻷﺟﺮة ‪ ،‬وﻫـﻮ أﻣ ٌـﺮ ﻳـﺸﲑ إﱃ أﳘﻴـﺔ ﻛﻴـﻒ‬
‫ﺗﻜﻮن اﳌﺮأة ﻋﻤﻼ وﻣﻬﺎرة وﻧﺸﺎﻃﺎ‪.‬‬
‫ﻟﻘ ـ ــﺪ ﺑﻠ ـ ــﻎ ﻣـ ــﻦ ﺣﻨﻜﺘﻬ ـ ــﺎ وﺣ ـ ــﺼﺎﻓﺘﻬﺎ اﻟ ـ ــﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺟﺘﲈﻋﻴ ـ ــﺔ أن ﺻ ـ ــﺎرت‬
‫ﻣﺴﺘ ــﺸﺎرة اﻹﻣ ــﺎم ﻋ ــﲇ ‪ ‬ﻓﻜ ــﺎن ﻫ ــﻮ واﻟ ــﺰﺑﲑ ﺣ ــﲔ ﺑﻮﻳ ــﻊ أﺑ ــﻮ ﺑﻜ ــﺮ ﻳ ــﺪﺧﻼن‬
‫ِ‬
‫ـﺸﺎوراﳖﺎ‪ ،‬وﻳﱰاﺟﻌ ـ ـ ــﺎن ﰲ أﻣ ـ ـ ــﺮﻫﻢ‪ ،‬واﲣ ـ ـ ــﺬوا ﻣ ـ ـ ــﻦ دارﻫ ـ ـ ــﺎ ﻣﻘ ـ ـ ــﺮا‬‫ﻋﻠﻴﻬ ـ ـ ــﺎ ﻓﻴُ ـ ـ ـ‬
‫)‪(٣‬‬
‫ﳌﻌﺎرﺿ ــﺔ اﻟ ــﺴﻠﻄﺔ اﳉﺪﻳ ــﺪة ؛ اﻷﻣ ــﺮ اﻟ ــﺬي اﺳ ــﺘﺜﺎر اﻟ ــﺴﻠﻄﺔ اﳉﺪﻳ ــﺪة ﻓﻘ ـ ﱠـﺮرت‬

‫)‪ (١‬اﻟﻌﺠﺮي‪ ،‬إﻋﻼم اﻷﻋﻼم‪ ،‬ص‪.٦‬‬

‫)‪ (٢‬اﳌﻨﺼﻮر ﺑﺎﷲ ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ ﲪﺰة‪ ،‬ﳎﻤﻮع رﺳﺎﺋﻞ اﳌﻨﺼﻮر ﺑﺎﷲ ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ ﲪﺰة )اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜـﺎﲏ(‪،‬‬
‫ج‪ ،٢‬ص‪ ،٥٧٨‬وﺻﻴﺔ اﻟﺒﻨﺎت‪.‬‬
‫)‪ (٣‬اﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٩٧٥‬‬

‫‪٦٤‬‬
 ‫‪‬‬

‫اﳍﺠﻮم ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺒﻴﺖ‪.‬‬

‫ـﺎرﻳﺦ ﻋـﲆ ﻧﺤـ ٍـﻮ ﻓﺮﻳــﺪ أن ﻫـﺬه اﻟﺒﻨــﺖ ﰲ ﻋﻤـﺮ اﻟــﺴﺎدﺳﺔ ﻋــﴩة‬ ‫ـﺴﺠﻞ اﻟﺘـ ُ‬ ‫وﻳ ﱢ‬
‫ـﻮل اﷲ ‪ ‬ﰲ أُ ُﺣ ـ ــﺪ‪ ،‬وﻇ ـ ـ ﱠـﻞ ﺟﺮ ُﺣ ـ ــﻪ ﻳﻨ ـ ـ ِـﺰف‪ ،‬ﻟﻜﻨﻬ ـ ــﺎ‬
‫ﺗﻘﺮﻳﺒ ـ ــﺎ أﻧ ـ ــﻪ ﳌ ـ ــﺎ ُﺟ ـ ـ ِـﺮح رﺳ ـ ـ ُ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﺑﻔــﻀﻞ ﺧﱪﲥــﺎ اﳉﺮاﺣﻴــﺔ اﺳــﺘﻄﺎﻋﺖ إﻳﻘــﺎف ذﻟــﻚ اﻟﻨﺰﻳــﻒ ‪ ،‬وﻫــﺬا ﻳــﺸﲑ إﱃ‬
‫ﻣﻦ ﺑﺤﴬﲥﺎ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻘﻀﻴﺔ‪.‬‬
‫ﺗﻔﻮﻗﻬﺎ ﻋﲆ َ ْ‬
‫وﻫ ــﻲ اﻟﺘ ــﻲ أﳍﻤ ــﺖ أﺳ ــﲈء ﺑﻨ ــﺖ ﻋﻤ ــﻴﺲ ﰲ اﺳ ــﺘﺤﺪاث اﻟ ــﻨﻌﺶ ﻟﻠﺠﻨ ــﺎﺋﺰ‪،‬‬
‫وﺿﻊ‬
‫ُ‬ ‫ﻛﺮﻫﺖ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ‬ ‫اﻟﺬي ﻻ زال ﻳﻌﻤﻞ ﺑﻪ اﳌﺴﻠﻤﻮن ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم‪ ،‬ﻓﻘﺪ ِ‬
‫ِ‬
‫ـﺴﺘﺬﻛﺮ ﻣـ ـ ــﺎ رأﺗـ ـ ــﻪ ﰲ اﳊﺒـ ـ ــﺸﺔ‪،‬‬ ‫َﲪ ـ ـ ِـﻞ اﳉﻨـ ـ ــﺎﺋﺰ؛ ﳍـ ـ ــﺬا أﻟﻘـ ـ ــﺖ ﰲ ﻓﻜـ ـ ــﺮة أﺳ ـ ــﲈء ﻟﺘـ ـ ـ‬
‫َ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ُ‬
‫ـﺘﺤﺪاث اﻟ ـ ـ ــﻨﻌﺶ ﻷول ﻣ ـ ـ ــﺮة ﰲ اﻹﺳ ـ ـ ــﻼم ‪ ،‬وﻫ ـ ـ ــﺬا ﻳ ـ ـ ــﺪل ﻋـ ـ ـ ــﲆ‬‫ﻓﻜ ـ ـ ــﺎن اﺳ ـ ـ ـ‬
‫ﻓﻜﺮﻫﺎ اﻹﺑﺪاﻋﻲ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٣٢٤‬‬

‫)‪ (٢‬أﺑــﻮ اﻟﻌﺒــﺎس اﳊــﺴﻨﻲ‪ ،‬اﳌــﺼﺎﺑﻴﺢ‪ ،‬ص‪٢٦٧‬؛ واﻟــﺒﻼذري‪ ،‬أﻧــﺴﺎب اﻷﴍاف‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪٤٠٥‬؛‬
‫واﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.١٨٩٨ -١٨٩٧‬‬

‫‪٦٥‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪ ‬‬

‫روﲥ ـ ــﺎ ﻫ ـ ــﻲ ﻋ ـ ــﻦ‬

‫ﰲ ﻣﻮﺿ ـ ــﻮع اﳊ ـ ــﺪﻳﺚ اﻟﻨﺒ ـ ــﻮي ﻫﻨ ـ ــﺎك رواﻳ ـ ــﺎت ﺣﺪﻳﺜﻴ ـ ــﺔ َ‬
‫ـﴫ اﳌــﺪة اﻟﺘــﻲ ﻗــﻀﺘﻬﺎ ﺑﻌــﺪ‬ ‫أﺑﻴﻬــﺎ ‪ ،‬ورواﻫــﺎ ﻋﻨﻬــﺎ ﺑﻌـ ُـﺾ اﻟــﺼﺤﺎﺑﺔ رﻏــﻢ ِﻗـ َ ِ‬
‫وﻓﺎة رﺳﻮل اﷲ ‪ ‬ورﻏﻢ أﳖﺎ ﻗﻀﺘﻬﺎ ﰲ ﻋﻨﺎء وﺷﻘﺎء‪.‬‬
‫زوﺟﻬ ـ ــﺎ وأﺳ ـ ــﺘﺎذﻫﺎ اﻹﻣ ـ ــﺎم ﻋ ـ ــﲇ ﺑ ـ ــﻦ أﰊ‬
‫وﳑ ـ ــﻦ روى ﻋﻨﻬ ـ ــﺎ ﻣﺘﺘﻠﻤ ـ ــﺬا ﻋﻠﻴﻬـ ــﺎ ُ‬
‫ﻃﺎﻟـﺐ ‪ ،‬ووﻟـ ُـﺪﻫﺎ اﳊــﺴﲔ ‪ ،‬وزوﺟﺘــﺎ أﺑﻴﻬـﺎ ﻋﺎﺋــﺸﺔ‪ ،‬وأم ﺳــﻠﻤﺔ‪ ،‬وأﺳــﲈء‬
‫ﺑﻨﺖ ﻋﻤﻴﺲ‪ ،‬وأﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ‪ ،‬وﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ اﻟﻌﺒﺎس‪ ،‬وﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد‪ ،‬وأﺑﻮ‬
‫وأﺋﻤﺘﻨﺎ‬
‫ُ‬ ‫اﳌﺤﺪﺛﲔ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ﲨﺎﻋﺔ ﱢ‬ ‫َ‬
‫أﺣﺎدﻳﺜﻬﺎ‬ ‫وﺧﺮج‬
‫ﻫﺮﻳﺮة‪ ،‬وﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ اﻷﻛﻮع‪ ،‬وﻏﲑﻫﻢ‪ّ .‬‬
‫)‪(١‬‬
‫اﳋﻤ ـ ــﺴﺔ ‪ ،‬وزﻳ ـ ــﺪ ﺑ ـ ــﻦ ﻋ ـ ــﲇ ‪) ‬ت‪١٢٢‬ﻫ ـ ـ(‪ ،‬واﳍ ـ ــﺎدي إﱃ اﳊ ـ ــﻖ ﳛﻴ ـ ــﻰ ﺑ ـ ــﻦ‬
‫)‪(٢‬‬
‫اﳊﺴﲔ ‪) ‬ت‪٢٩٨‬ﻫـ( ‪.‬‬

‫وﳑــﺎ روﺗ ــﻪ ﻫــﻮ ﻣ ــﺎ رواه ﻋﻨﻬــﺎ وﻟ ــﺪﻫﺎ ﺷــﻬﻴﺪ ﻛ ــﺮﺑﻼء‪ ،‬ﻗﺎﻟــﺖ‪ :‬ﺧ ــﺮج رﺳ ــﻮل‬
‫اﷲ ‪ ‬ﻋ ـﺸﻴﺔ ﻋﺮﻓ ــﺔ‪ ،‬ﻓﻘ ــﺎل‪) :‬إن اﷲ ﺑ ــﺎﻫﻰ ﺑﻜ ــﻢ‪ ،‬وﻏﻔ ــﺮ ﻟﻜ ــﻢ ﻋﺎﻣ ــﺔ‪ ،‬وﻟﻌ ــﲇ‬

‫)‪ (١‬إذا أﻃﻠ ــﻖ ﻫ ــﺬا اﻟﻠﻔ ــﻆ ﰲ ﻛﺘ ــﺐ ﺗ ــﺮاﺟﻢ اﻟﺰﻳﺪﻳ ــﺔ ﻓ ــﲑاد ﺑ ــﻪ اﻹﻣ ــﺎم اﳌﺆﻳ ــﺪ ﺑ ــﺎﷲ أﲪ ــﺪ ﺑ ــﻦ اﳊ ــﺴﲔ‬
‫اﳍــﺎروﲏ )ت‪٤١١‬ﻫ ـ(‪ ،‬وأﺧ ــﻮه اﻹﻣ ــﺎم أﺑ ــﻮ ﻃﺎﻟــﺐ ﳛﻴ ــﻰ ﺑ ــﻦ اﳊ ــﺴﲔ اﳍ ــﺎروﲏ )ت‪٤٢٤‬ﻫ ـ(‪،‬‬
‫واﻹﻣــﺎم اﳌﻮﻓــﻖ ﺑــﺎﷲ اﳊــﺴﲔ ﺑــﻦ إﺳــﲈﻋﻴﻞ اﳉﺮﺟــﺎﲏ )ت‪٤٢٠‬ﻫ ـ(‪ ،‬ووﻟــﺪه اﻹﻣــﺎم اﳌﺮﺷــﺪ ﺑــﺎﷲ‬
‫ﳛﻴـﻰ ﺑــﻦ اﳊــﺴﲔ اﻟــﺸﺠﺮي )ت‪٤٧٩‬ﻫ ـ(‪ ،‬وﺣــﻮاري آل اﻟﺮﺳــﻮل ﳏﻤــﺪ ﺑــﻦ ﻣﻨــﺼﻮر اﳌــﺮادي‬
‫)ت‪٢٩٠‬ﻫـ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ(‪.‬‬
‫)‪ (٢‬اﳌﺆﻳﺪي‪ ،‬ﻟﻮاﻣﻊ اﻷﻧﻮار‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪٣٢‬؛ وأﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ‪ ،‬ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬ج‪ ،١٩٦ ،٢٢‬رﻗﻢ ‪.٦٦٩٤‬‬

‫‪٦٦‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﺧﺎﺻ ــﺔ‪ ،‬وإﲏ رﺳ ــﻮل اﷲ إﻟ ــﻴﻜﻢ ﻏ ــﲑ ﳏ ـ ٍ‬

‫ـﺎب ﻟﻘﺮاﺑﺘ ــﻲ‪ ،‬ﻓﻘ ــﺎل‪ :‬إن اﻟ ــﺴﻌﻴﺪ ﻛ ــﻞ‬
‫)‪(١‬‬
‫أﻣﺮ ﻳﺸﲑ‬ ‫اﻟﺴﻌﻴﺪ ﺣﻖ اﻟﺴﻌﻴﺪ ﻣﻦ أﺣﺐ ﻋﻠﻴﺎ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ وﺑﻌﺪ ﳑﺎﺗﻪ( ‪ ،‬وﻫﻮ ٌ‬
‫إﱃ أﳖـ ـ ــﺎ اﺳﺘﺤـ ـ ــﴬت أﳘﻴـ ـ ــﺔ أن ُﳛـِ ـ ــﺐ اﻟﻨـ ـ ــﺎس اﻹﻣـ ـ ــﺎم ﻋﻠ ًﻴ ـ ـ ـﺎ ‪ ‬ﻟﻴﺘﺨـ ـ ــﺬوا‬
‫اﳌﻮاﻗﻒ اﻹﳚﺎﺑﻴﺔ ﰲ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﻮﻻﻳﺔ‪ ،‬ﻛﲈ ﻳﺸﲑ إﱃ ﻋﻈﻴﻢ وﻓﺎﺋﻬﺎ ﻟﻪ‪.‬‬

‫وروى ﻳﺰﻳـ ــﺪ ﺑ ـ ــﻦ أﺧ ـ ــﺖ ﻋ ـﺒ ــﺪاﳌﻠﻚ اﻟﻨ ـ ــﻮﻓﲇ‪ ،‬ﻋ ـ ــﻦ أﺑﻴـ ــﻪ ﻋ ـ ــﻦ ﺟ ـ ــﺪه‪ ،‬ﻗ ـ ــﺎل‪:‬‬
‫دﺧﻠـ ــﺖ ﻋ ـ ــﲆ ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ﺑﻨ ـ ــﺖ رﺳ ـ ــﻮل اﷲ ‪ ،‬ﻗ ـ ــﺎل‪ :‬ﻓﺒ ـ ــﺪأﺗﻨﻲ ﺑﺎﻟ ـ ــﺴﻼم‪ ،‬ﻗ ـ ــﺎل‪:‬‬
‫ـﲇ وﻋﻠﻴ ـ ِـﻚ ﺛﻼﺛـ ــﺔ أﻳـ ــﺎم ﻓﻠـ ــﻪ‬
‫ﻓﻘﺎﻟ ــﺖ‪ :‬ﻗـ ــﺎل أﰊ‪ :‬وﻫـ ــﻮ ذا ﻫ ــﻮ – أن ﻣـ ــﻦ ﺳـ ــﻠﻢ ﻋـ ـ ﱠ‬
‫اﳉﻨـ ــﺔ‪ ،‬ﻗ ـ ــﺎل‪ :‬ﻓﻘﻠـ ــﺖ ﳍ ـ ــﺎ‪ :‬ﻫ ـ ــﺬا ﰲ ﺣﻴﺎﺗـ ــﻚ وﺣﻴﺎﺗ ـ ــﻪ؟ أم ﺑﻌـ ــﺪ ﻣﻮﺗ ـ ــﻪ وﻣﻮﺗ ـ ــﻚ؟‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ وﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻨﺎ" ‪.‬‬

‫وﳑﺎ روﺗﻪ ﰲ ﺧﻄﺒﺘﻬﺎ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬـﺔ اﻟـﺼﺤﺎﺑﺔ ﻗـﻮل رﺳـﻮل اﷲ ‪ْ ُ ) :‬‬

‫ﳛ َﻔ ُ‬
‫ـﻆ‬
‫اﳌﺮء ﰲ وﻟﺪه(‪.‬‬
‫ُ‬
‫وﻋ ــﻦ ﻋ ــﲇ ‪ ‬ﻗ ــﺎل‪ :‬ﻋ ّﻠ ــﻢ رﺳ ــﻮل اﷲ ‪ ‬ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ أن ﺗﻘ ــﻮل‪) :‬أﺳ ــﺘﻐﻔﺮ‬
‫اﷲ اﻟـﺬي ﻻ إﻟـﻪ إﻻ ﻫــﻮ اﳊـﻲ اﻟﻘﻴـﻮم‪ ،‬وأﺳﺘﻨـﴫه‪ ،‬وأﺳﺘﻌـﺼﻤﻪ‪ ،‬وأﺗـﻮب إﻟﻴــﻪ‪،‬‬
‫وﻫـ ــﻮ اﻟﺘ ـ ــﻮاب اﻟ ـ ــﺮﺣﻴﻢ(‪ ،‬وﻗ ـ ــﺎل ﳍـ ــﺎ‪) :‬ﻳ ـ ــﺎ ﺑﻨﻴ ـ ــﺔ‪ ،‬ﻣ ـ ــﻦ ﻗﺎﳍـ ــﺎ ﻣ ـ ــﺮﺗﲔ ﻏﻔ ـ ــﺮ اﷲ ﻟ ـ ــﻪ‬
‫وﻟﻮاﻟﺪﻳ ــﻪ‪ ،‬وﻣ ــﻦ ﻗﺎﳍ ــﺎ ﺛﻼﺛ ــﺎ ﻏﻔ ــﺮ اﷲ ﻟ ــﻪ وﻟﻮاﻟﺪﻳ ــﻪ وﻟﻘﺮاﺑﺘ ــﻪ‪ ،‬وﻣ ــﻦ ﻗﺎﳍ ــﺎ أرﺑﻌ ــﺎ‬

‫)‪ (١‬اﳌﺮﺷـ ــﺪ ﺑـ ــﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣـ ــﺎﱄ اﳋﻤﻴـ ــﺴﻴﺔ‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪ ،١٣٠‬ﺗـ ــﺮﻗﻴﻢ آﱄ؛ واﺑـ ــﻦ أﰊ اﳊﺪﻳـ ــﺪ‪ ،‬ﴍح ﳖـ ــﺞ‬
‫اﻟﺒﻼﻏـﺔ‪ ،‬ج‪ ،٩‬ص‪١٦٩‬؛ واﻟﻄـﱪاﲏ‪ ،‬اﳌﻌﺠـﻢ اﻟﻜﺒـﲑ‪ ،‬ج‪ ،٢٢‬ص‪ ،٤١٥‬رﻗـﻢ‪١٨٨٧٨‬؛ واﺑــﻦ‬
‫ﺣﻨﺒﻞ‪ ،‬ﻓﻀﺎﺋﻞ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪ ،٦٥٨‬رﻗﻢ‪.١١٢١‬‬
‫)‪ (٢‬اﳌﺮﺷﺪ ﺑﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ص‪.٢٢٥‬‬

‫‪٦٧‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(١‬‬
‫ﻏﻔﺮ ﻟﻪ وﻟﻮاﻟﺪﻳﻪ وﻟﻘﺮاﺑﺘﻪ وﻷﻣﺔ ﳏﻤﺪ ‪. (‬‬
‫وروى ﻋﺒ ـ ــﺪاﷲ ﺑ ـ ــﻦ اﳊ ـ ــﺴﻦ ﻋ ـ ــﻦ ﺟﺪﺗ ـ ــﻪ ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ﺑﻨ ـ ــﺖ رﺳ ـ ــﻮل اﷲ ‪،‬‬
‫ﻗﺎﻟــﺖ‪ :‬ﻛــﺎن رﺳــﻮل اﷲ ‪ ‬إذا دﺧــﻞ اﳌــﺴﺠﺪ‪ ،‬ﻗــﺎل‪) :‬ﺑــﺴﻢ اﷲ واﻟــﺴﻼم ﻋــﲆ‬
‫)‪(٢‬‬
‫رﺳـ ــﻮل اﷲ ‪ ،‬اﻟﻠﻬـ ــﻢ اﻏﻔـ ــﺮ ﱄ ذﻧـ ــﻮﰊ‪ ،‬واﻓـ ــﺘﺢ ﱄ أﺑـ ــﻮاب رﲪﺘـ ــﻚ( ‪ .‬وﰲ‬
‫رواﻳـﺔ ﻗﺎﻟـﺖ‪) :‬وإذا ﺧـﺮج ﻗـﺎل‪ :‬ﺑــﺴﻢ اﷲ‪ ،‬واﻟـﺴﻼم ﻋـﲆ رﺳـﻮل اﷲ ‪ ‬اﻟﻠﻬــﻢ‬
‫)‪(٣‬‬
‫اﻏﻔﺮ ﱄ ذﻧﻮﰊ‪ ،‬واﻓﺘﺢ ﱄ أﺑﻮاب ﻓﻀﻠﻚ( ‪.‬‬

‫وأﺧــﺮج اﺑــﻦ ﻣﺎﺟ ـﺔ ﺑــﺴﻨﺪه ﻋ ــﻦ اﳊــﺴﲔ ﺑــﻦ ﻋ ــﲇ ﻋــﻦ أﻣ ــﻪ ﻓﺎﻃﻤــﺔ‪ ،‬ﻗﺎﻟ ــﺖ‪:‬‬
‫)‪(٥) (٤‬‬
‫ﻏﻤﺮ ( ‪.‬‬ ‫رﻳﺢ َ َ‬
‫ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻳﺒﻴﺖ وﰲ ﻳﺪه ُ‬ ‫ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ‪) :‬ﱠأﻻ ﻳﻠﻮﻣﻦ ٌ‬
‫اﻣﺮؤ إﻻ َ‬
‫وأﺧﺮج اﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﺑـﺴﻨﺪه ﻋـﻦ اﳊـﺴﻦ ﺑـﻦ اﳊـﺴﻦ ﻋـﻦ ﻓﺎﻃﻤـﺔ ‘‪ ،‬ﻗﺎﻟـﺖ‪:‬‬
‫)‪(٦‬‬
‫ـﻼل ﺑ ــﺎﻷذان‪ ،‬ﻓﻘ ــﺎم ﻟﻴ ــﺼﲇ‪،‬‬‫ﻋﺮﻗ ــﺎ ‪ ،‬ﻓﺠ ــﺎء ﺑ ـ ٌ‬‫ـﲇ رﺳ ــﻮل اﷲ ‪ ‬ﻓﺄﻛ ــﻞ َ ْ‬ ‫)دﺧ ــﻞ ﻋ ـ ﱠ‬
‫ﻓﺄﺧــﺬت ﺑﺜﻮﺑــﻪ‪ ،‬ﻓﻘﻠــﺖ‪ :‬ﻳــﺎ أﺑــﻪ‪ ،‬أﻻ ﺗﺘﻮﺿــﺄ؟ ﻓﻘــﺎل‪ :‬ﻣـ ﱠـﻢ أﺗﻮﺿــﺄ ﻳــﺎ ﺑﻨﻴــﺔ؟ ﻓﻘﻠــﺖ‪ :‬ﳑــﺎ‬

‫)‪ (١‬اﳌﺮﺷــﺪ اﷲ‪ ،‬اﻷﻣــﺎﱄ اﳋﻤﻴــﺴﻴﺔ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪) ،٤٢٤‬ﺗــﺮﻗﻴﻢ آﱄ(‪ .‬وﻣﺜــﻞ ﻫــﺬه اﻷﺣﺎدﻳــﺚ ﳏﻤﻮﻟــﺔ‬
‫ﻋﲆ اﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ اﻹﺳﻼم وﻫﺪﻳﻪ‪.‬‬
‫)‪ (٢‬اﳌﺮﺷﺪ ﺑﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ص‪.٢٣٩ ،٢٣٨‬‬
‫)‪ (٣‬اﳌﺮﺷﺪ ﺑﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ص‪٢٣٩‬؛ ورواه اﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ‪ ،‬اﳌﺴﻨﺪ‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪.٢٨٣ ،٢٨٢‬‬
‫)‪ (٤‬رﻳﺢ اﻟﻠﺤﻢ وﻣﺎ ﻳﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻴﺪ ﻣﻦ دﺳﻤﻪ‪.‬‬
‫)‪ (٥‬اﺑـ ــﻦ ﻣﺎﺟ ـ ــﺔ‪ ،‬ﺳ ـ ــﻨﻦ اﺑ ـ ــﻦ ﻣﺎﺟـ ــﺔ‪ ،‬ج‪ ،١٠‬ص‪ ،١٦٢‬رﻗ ـ ــﻢ ‪٣٤٢١‬؛ واﻟﻨ ـ ــﻮري‪ ،‬اﳌ ـ ــﺴﻨﺪ اﳉ ـ ــﺎﻣﻊ‬
‫ج‪ ،٢٠‬ص‪.١٦١‬‬
‫ﻋﺮ ْﻗ ـ ُـﺖ اﻟﻌﻈــﻢ‪ ،‬إذا أﻛﻠــﺖ ﻣ ــﺎ ﻋﻠﻴــﻪ ﻣــﻦ اﻟﻠﺤ ــﻢ‪ ،‬وﻫــﻮ أﻳـ ً‬
‫ـﻀﺎ‪ :‬اﻟﻌﻈ ـ ُـﻢ‬ ‫)‪ (٦‬اﻟﻌـ ْـﺮق‪ :‬ﻣــﺼﺪر ﻗﻮﻟــﻚ َ َ‬
‫اﻟﻠﺤﻢ‪) .‬اﻟﺼﺤﺎح ﰲ اﻟﻠﻐﺔ(‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫اﻟﺬي ُ َ‬
‫أﺧﺬ ﻋﻨﻪ‬

‫‪٦٨‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(١‬‬
‫اﻟﻨﺎر( ‪.‬‬
‫ﻣﺴﺘﻪ ُ‬‫أﻃﻴﺐ ﻃﻌﺎﻣﻜﻢ ﻣﺎ ﱠ ْ‬
‫ُ‬ ‫ﻣﺴﺖ اﻟﻨﺎر؟ ﻓﻘﺎل ﱄ‪ :‬أو ﻟﻴﺲ‬
‫ّ‬
‫إﱄ ﻋﻤــﺮ ﺑــﻦ‬
‫وأﺧـﺮج اﺑــﻦ ﺣﻨﺒــﻞ ﺑــﺴﻨﺪه ﻋـﻦ اﻟﺒــﺎﻗﺮ ﳏﻤــﺪ ﺑــﻦ ﻋـﲇ‪ ،‬ﻗــﺎل‪ :‬ﻛﺘــﺐ ﱠ‬
‫ﻋﺒ ــﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ أن أﻧ ــﺴﺦ إﻟﻴ ــﻪ وﺻ ــﻴﺔ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ‪ ،‬وﻛ ــﺎن ﰲ وﺻ ــﻴﺘﻬﺎ اﻟ ــﺴﱰ اﻟـ ـﺬي ﻳ ــﺰﻋﻢ‬
‫)‪(٢‬‬
‫اﻟﻨﺎس أﳖﺎ أﺣﺪﺛﺘﻪ‪ ،‬وأن رﺳﻮل اﷲ ‪ ‬دﺧﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻠﲈ رآه رﺟﻊ" ‪.‬‬

‫وﳑ ــﺎ روﺗ ــﻪ ﻋﺎﺋ ــﺸﺔ ﻋﻨﻬ ــﺎ ﺣ ــﺪﻳﺚ ﻣﻌﺎرﺿ ــﺔ ﺟﱪﻳ ــﻞ ﻟﺮﺳ ــﻮل اﷲ ﺑـ ــﺎﻟﻘﺮآن‪،‬‬
‫إﱄ رﺳ ـ ـ ــﻮل اﷲ ﻓﻘ ـ ـ ــﺎل‪) :‬إن‬
‫أﴎ ﱠ‬
‫ﻗﺎﻟ ـ ـ ــﺖ ﻋﺎﺋ ـ ـ ــﺸﺔ‪ :‬ﺣ ـ ـ ـ ّـﺪﺛﺘﻨﻲ ﻓﺎﻃﻤ ـ ـ ــﺔ‪ ،‬ﻗﺎﻟ ـ ـ ــﺖ‪ :‬ﱠ‬
‫ﺟﱪﺋﻴــﻞ ﻛــﺎن ﻳﻌﺎرﺿــﻨﻲ ﺑــﺎﻟﻘﺮآن ﻛــﻞ ﺳــﻨﺔ ﻣــﺮة‪ ،‬وأﻧــﻪ ﻋﺎرﺿــﻨﻲ اﻟﻌــﺎم ﻣــﺮﺗﲔ‪،‬‬
‫وﻻ أراه إﻻ وﻗــﺪ ﺣــﴬ أﺟــﲇ‪ ،‬وأﻧــﻚ أول أﻫــﻞ ﺑﻴﺘــﻲ ﳊﺎﻗــﺎ ﰊ‪ ،‬وﻧﻌــﻢ اﻟــﺴﻠﻒ‬
‫)‪(٣‬‬
‫أﻧﺎ ﻟﻚ(‪ ،‬ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻓﺒﻜﻴﺖ ‪ ،‬ﺛـﻢ ﻗـﺎل‪) :‬أﻻ ﺗﺮﺿـﲔ أن ﺗﻜـﻮﲏ ﺳـﻴﺪة ﻧـﺴﺎء ﻫـﺬه‬
‫)‪(٤‬‬
‫اﻷﻣﺔ‪ ،‬أو ﻧﺴﺎء اﻟﻌﺎﳌﲔ‪ ،‬ﻓﻀﻜﺖ( ‪.‬‬
‫أزواج اﻟﻨﺒـﻲ ﺻـﲆ اﷲ ﻋﻠﻴـﻪ وآﻟـﻪ ﺳـﻠﻢ‬ ‫رواﻳﺔ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ‪ ،‬ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻛـﻦ‬ ‫ٍ‬ ‫وﰲ‬
‫ُ‬
‫ﻋﻨ ــﺪه ﱂ ﻳﻐ ــﺎدر ﻣ ــﻨﻬﻦ اﻣ ــﺮأة‪ ،‬ﻓﺄﻗﺒﻠ ــﺖ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ‪ ‬ﲤ ــﴚ ﻣ ــﺎ ﲣﻄ ــﺊ ﻣ ــﺸﻴﺘﻬﺎ‬
‫ﻣﻦ ﻣﺸﻴﺔ رﺳﻮل اﷲ ‪ ‬ﺷﻴﺌﺎ ﻓﻠـﲈ رآﻫـﺎ ر ﱠﺣـﺐ ﲠـﺎ ﺛـﻢ ﻗـﺎل ‪ » :‬ﻣﺮﺣﺒـﺎ ﺑـﺎﺑﻨﺘﻲ‬
‫ـﺎرﻫﺎ ﻓﺒﻜــﺖ ﺑﻜــﺎء ﺷــﺪﻳﺪا‪ ،‬ﻓﻠــﲈ‬
‫«‪ ،‬ﺛـﻢ أﺟﻠــﺴﻬﺎ ﻋــﻦ ﻳﻤﻴﻨــﻪ أو ﻋــﻦ ﺷــﲈﻟﻪ‪ ،‬ﺛـﻢ ﺳـ ﱠ‬

‫)‪ (١‬اﺑـ ــﻦ ﺣﻨﺒـ ــﻞ‪ ،‬اﳌـ ــﺴﻨﺪ‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪٢٨٣‬؛ واﻟﻨ ـ ــﻮري‪ ،‬اﳌـ ــﺴﻨﺪ اﳉـ ــﺎﻣﻊ‪ ،‬ج‪ ،١٦١ ،٢‬رﻗ ـ ــﻢ ‪١١٢٨‬‬
‫)ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ ﳏﻤﺪ(‪.‬‬
‫)‪ (٢‬اﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ‪ ،‬اﳌﺴﻨﺪ‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪٢٨٣‬؛ واﻟﻨﻮري‪ ،‬اﳌﺴﻨﺪ اﳉﺎﻣﻊ‪ ،‬ج‪ ،٢٠‬ص‪.١٦١‬‬
‫)‪ (٣‬ﳛﻤﻞ ﺑﻜﺎؤﻫﺎ ﻫﻨﺎ أﻧﻪ ﳌﻮت واﻟﺪﻫﺎ‪ ،‬ﻛﲈ ورد ﰲ رواﻳﺎت أﺧﺮى ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ‪ ،‬وﻟﻴﺲ ﻟﻠﺤﺎق ﺑﻪ‪.‬‬
‫)‪ (٤‬اﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.١٨٩٤‬‬

‫‪٦٩‬‬
 ‫‪‬‬

‫ـﺎرﻫﺎ اﻟﺜﺎﻧﻴ ــﺔ ﻓ ــﻀﺤﻜﺖ‪ ،‬ﻓﻘﻠﻨ ــﺎ‪ :‬ﺧ ــﺼﻚ رﺳ ــﻮل اﷲ ‪ ‬ﻣ ــﻦ‬ ‫ﺟﺰﻋﻬــﺎ ﺳ ـ ﱠ‬
‫رأى َ َ‬
‫ـﺄﻟﺘﻬﺎ ‪ :‬ﻣ ــﺎ ﻗ ــﺎل ﻟ ــﻚ‬ ‫ِ‬
‫ـﻀﺤﻜﺖ‪ ،‬ﻓﻠ ــﲈ ﻗﺎﻣ ــﺖ ﺳـ ُ‬‫ﻧــﺴﺎﺋﻪ ﺑﺎﻟ ــﴪار‪ ،‬ﺛ ــﻢ أﻧ ــﺖ ﺗﺒﻜــﻲ ﻓ ـ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪‬؟ ﻗﺎﻟﺖ‪ :‬ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻷﻓﴚ ﻋﲆ رﺳـﻮل اﷲ ‪ ‬ﴎه‪ .‬ﻓﻠـﲈ ﺗـﻮﰲ‬
‫ﻗﻠـﺖ‪ :‬ﻋﺰﻣـﺖ ﻋﻠﻴـﻚ ﺑـﲈﱄ ﻋﻠﻴـﻚ ﻣـﻦ اﳊــﻖ ﳌﱠـﺎ ﺣ ِ‬
‫ـﺪﺛﺘﻨﻲ ﺑـﲈ ﻗـﺎل ﻟـﻚ‪ .‬ﻓﻘﺎﻟــﺖ ‪:‬‬
‫ـﺎرﲏ ﰲ اﳌـ ــﺮة اﻷوﱃ ﻓ ــﺄﺧﱪﲏ »أن ﺟﱪﻳـ ــﻞ ‪‬‬
‫أﻣ ــﺎ اﻵن ﻓـ ــﻨﻌﻢ‪ ،‬أﻣ ــﺎ ﺣـ ــﲔ ﺳ ـ ﱠ‬
‫ﻛ ــﺎن ﻳﻌﺎرﺿ ــﻪ ﺑ ــﺎﻟﻘﺮآن ﰲ ﻛ ــﻞ ﺳ ــﻨﺔ ﻣ ــﺮة‪ ،‬وأﻧ ــﻪ ﻋﺎرﺿ ــﻪ اﻟﻌ ــﺎم ﻣ ــﺮﺗﲔ‪ ،‬وأﲏ ﻻ‬
‫أدري اﻷﺟـ ــﻞ ﻗـ ــﺪ اﻗـ ــﱰب ﻓـ ــﺎﺗﻘﻲ اﷲ واﺻـ ــﱪي ﻓـ ــﺈﲏ ﻧﻌـ ــﻢ اﻟـ ــﺴﻠﻒ أﻧـ ــﺎ ﻟـ ــﻚ«‪،‬‬
‫ﺳﺎرﲏ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻘـﺎل‪» :‬ﻳـﺎ ﻓﺎﻃﻤـﺔ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ﻓﺒﻜﻴﺖ ﺑﻜﺎء اﻟﺬي رأﻳﺖ‪ ،‬ﻓﻠﲈ رأى ﺟﺰﻋﻲ ﱠ‬
‫أﻣ ـ ـ ــﺎ ﺗﺮﺿ ـ ـ ــﲔ أن ﺗﻜ ـ ـ ــﻮﲏ ﺳ ـ ـ ــﻴﺪة ﻧ ـ ـ ــﺴﺎء اﳌ ـ ـ ــﺆﻣﻨﲔ أو ﺳ ـ ـ ــﻴﺪة ﻫ ـ ـ ــﺬه اﻷﻣ ـ ـ ــﺔ ؟«‬
‫ِ )‪(١‬‬
‫رأﻳﺖ ‪.‬‬ ‫ﻓﻀﺤﻜﺖ ﺿﺤﻜﻲ اﻟﺬي‬ ‫ُ‬
‫ﻣﻠﻔ ًﺘـﺎ أن ﺗﻜــﻮن أﻛﺜــﺮ اﻟﺮواﻳــﺎت اﳌﺘﻌﻠﻘــﺔ ﲠــﺎ ﺳــﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬــﺎ ﺣــﻮل‬ ‫وﻳﺒــﺪو ْ ِ‬
‫ُ‬
‫اﻟ ـ ــﺪﻋﺎء واﳌﻨﺎﺟ ـ ــﺎة ﷲ ﺳ ـ ــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌـ ــﺎﱃ‪ ،‬ﻓﻬ ـ ــﺬا ﺳ ـ ــﻮﻳﺪ ﺑ ـ ــﻦ ﻏﻔﻠ ـ ــﺔ أﻳ ـ ــﻀﺎ‪ ،‬ﻗ ـ ــﺎل‪:‬‬
‫‪ :‬ﻟﻮ ِ‬
‫أﺗﻴﺖ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ‬ﻓﺴﺄﻟﺘﻴﻪ‪،‬‬ ‫‘‬ ‫"أﺻﺎﺑﺖ ﻋﻠﻴﺎ ﺧﺼﺎﺻﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﻟﻔﺎﻃﻤﺔ‬
‫ـﺪﻗﺖ اﻟﺒ ــﺎب‪ ،‬ﻓﻘ ــﺎل اﻟﻨﺒ ــﻲ ‪ ‬ﻷم‬ ‫ﻓﺄﺗﺘــﻪ‪ ،‬ﻗ ــﺎل‪ :‬وﻛ ــﺎن ﻋﻨ ــﺪه أم أﻳﻤ ــﻦ‪ ،‬ﻓﺄﺗﺘــﻪ ﻓ ـ ّ‬
‫ﺗﺄﺗﻴﻨ ـ ــﺎ ﰲ‬ ‫أﻳﻤـ ــﻦ‪ :‬إن ﻫ ـ ــﺬا ﻟـ ــﺪق ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ‪ ،‬وﻟﻘ ـ ــﺪ أﺗﺘﻨـ ــﺎ ﰲ ﺳ ـ ـ ٍ‬
‫ﻋﻮدﺗﻨ ـ ــﺎ أن َ‬
‫ـﺎﻋﺔ ﻣـ ــﺎ ﱠ َ ْ‬
‫ﻣﺜﻠﻬ ــﺎ‪ ،‬ﻗ ــﻮﻣﻲ ﻓ ــﺎﻓﺘﺤﻲ ﳍ ــﺎ اﻟﺒ ــﺎب‪ ،‬ﻓﻔﺘﺤ ـ ُـﺖ اﻟﺒ ــﺎب‪ ،‬ﻓﻘ ــﺎل‪) :‬ﻳ ــﺎ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ‪ ،‬ﻟﻘ ــﺪ‬
‫ﺗﺄﺗﻴﻨ ــﺎ ﰲ ﻣﺜﻠﻬ ــﺎ؟( ﻓﻘﺎﻟ ــﺖ‪ :‬ﻳ ــﺎ رﺳ ــﻮل اﷲ‪ ،‬ﻫ ــﺬه‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫أﺗﻴﺘﻨ ــﺎ ﰲ ﺳ ــﺎﻋﺔ ﻣ ــﺎ ﻋﻮدﺗﻨ ــﺎ أن َ‬
‫ﻃﻌﺎﻣﻬ ــﺎ اﻟﺘﻬﻠﻴ ــﻞ واﻟﺘ ــﺴﺒﻴﺢ واﳊﻤ ــﺪ ﻓ ــﲈ ﻃﻌﺎﻣﻨ ــﺎ؟ ﻓﻘ ــﺎل اﻟﻨﺒ ــﻲ ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫اﳌﻼﺋﻜ ــﺔ‬

‫)‪ (١‬اﺑــﻦ أﰊ ﻋﺎﺻــﻢ‪ ،‬اﻵﺣــﺎد واﳌﺜــﺎﲏ‪ ،‬ج‪ ،٨‬ص‪ ،٣٢١‬رﻗــﻢ‪٢٦٣٢‬؛ وأﺑــﻮ ﻳﻌــﲆ‪ ،‬ﻣــﺴﻨﺪ أﰊ ﻳﻌــﲆ‪،‬‬
‫ج‪ ،١٣‬ص‪٤٨٧‬؛ رﻗﻢ‪.٦٦٠١‬‬

‫‪٧٠‬‬
 ‫‪‬‬

‫ـﺎر ﻣﻨـﺬ ﺛﻼﺛـﲔ ﻳﻮﻣـﺎ‪ ،‬وﻟﻘــﺪ‬ ‫ٍ‬

‫)واﻟـﺬي ﺑﻌﺜﻨـﻲ ﺑـﺎﳊﻖ ﻧﺒﻴــﺎ‪ ،‬ﻣـﺎ اﻗﺘـﺒﺲ ﰲ آل ﳏﻤـﺪ ﻧـ ٌ‬
‫ـﺌﺖ ﻋﻠﻤ ُﺘــﻚ ﻛﻠـ ٍ‬
‫ـﲈت‪،‬‬ ‫ـﺌﺖ أﻣﺮﻧــﺎ ﻟــﻚ ﺑﺨﻤــﺴﺔ أﻋﻨـﺰ‪ ،‬وإن ﺷـ ِ‬ ‫أﺗﺘﻨـﺎ أﻋﻨــﺰ‪ ،‬ﻓــﺈن ﺷ ِ‬
‫ْ‬
‫ﻋﻠﻤﻨـ ـ ـ ـ ــﻲ ﻛﻠـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـﲈت ﱠ‬
‫ﻋﻠﻤﻜﻬـ ـ ـ ـ ــﻦ‬ ‫ﻋﻠﻤﻨـ ـ ـ ـ ــﻴﻬﻦ ﺟﱪﻳـ ـ ـ ـ ــﻞ ‪ ‬آﻧﻔـ ـ ـ ـ ــﺎ(‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟـ ـ ـ ـ ــﺖ‪ :‬ﱢ‬
‫ّ‬
‫ﺟﱪﻳ ــﻞ‪ ،‬ﻗ ــﺎل‪) :‬ﻗ ــﻮﱄ‪ :‬ﻳ ــﺎ أول اﻷوﻟ ــﲔ‪ ،‬وﻳ ــﺎ آﺧ ــﺮ اﻵﺧ ــﺮﻳﻦ‪ ،‬وﻳ ــﺎ ذا اﻟﻘ ــﻮة‬
‫ـﴫَﻓْﺖ ﺣﺘـ ــﻰ‬ ‫اﳌﺘـ ــﲔ‪ ،‬وﻳـ ــﺎ راﺣـ ــﻢ اﳌـ ــﺴﺎﻛﲔ‪ ،‬وﻳـ ــﺎ أرﺣـ ــﻢ اﻟـ ــﺮاﲪﲔ(‪ ،‬ﻗـ ــﺎل‪ :‬ﻓﺎﻧـ ـ َ‬
‫وراءك؟ ﻗﺎﻟـ ـ ْـﺖ‪ :‬ذﻫ ْﺒـ ـُﺖ ِﻣـ ـْﻦ ﻋﻨـ ــﺪك إﱃ‬
‫ِ‬ ‫َدَﺧَﻠـ ـْﺖ ﻋـ ــﲆ ﻋـ ــﲇ ‪ ،‬ﻓﻘـ ــﺎل‪ :‬ﻣـ ــﺎ‬
‫)‪(١‬‬
‫اﻟﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬وأﺗﻴﺘﻚ ﺑﺎﻵﺧﺮة‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﺧﲑ أﻳﺎﻣﻚ‪ ،‬ﺧﲑ أﻳﺎﻣﻚ" ‪.‬‬
‫وأﻣ ــﺎ ﺣـ ــﺪﻳﺚ اﻟﺘ ـ ـﺴﺒﻴﺢ‪ :‬ﻓﻘ ــﺪ روي ﺑ ــﺼﻴﻎ وأﻟﻔ ــﺎظ ﻣﺘﻌ ــﺪدة‪ ،‬وﻧ ــﻮرد ﻫﻨ ــﺎ‬
‫ـﻮل‬ ‫ـﺎس َﻗ ـ َـﺎل‪َ ِ ُ :‬‬
‫أﰐ َر ُﺳ ـ ْ ُ‬ ‫ﻣﺜ ــﺎﻻ ﻳ ــﺪل ﻋ ــﲆ ﻣ ــﺎ ﺳ ــﻮاه‪ ،‬روى ﻃ ــﺎووس َﻋ ـ ِـﻦ ا ْﺑ ـ ِـﻦ َﻋ ﱠﺒ ـ ٍ‬
‫ـﺐ ‪َ ِ ‬ﻟﻔﺎﻃِ َﻤـ ـ َـﺔ‘‪:‬‬ ‫ـﻦ َ ِأﰊ َﻃﺎﻟـِ ـ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ـﻦ ﱠ ِ ِ‬ ‫ٍ ِ‬
‫ـﲇ ْﺑـ ـ ُ‬ ‫اﻟﺮﻗﻴْـ ــﻖ‪َ ،‬ﻓ َﻘـ ـ َـﺎل َﻋـ ـ ﱡ‬ ‫اﷲﱠِ‪ ‬ﺑـ ِ ـ َـﴚء ﻣـ ـ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ـﻮل اﷲﱠِ ‪ِ ِ َ َ ‬‬ ‫اﻧﻄﻠِ ِﻘ ـ ــﻲ ِ َإﱃ رﺳ ـ ـ ْ ِ‬
‫ـﻦ َﻃ ْﺤ ـ ـ ِـﻦ‬ ‫ـﻦ أَﺛَ ـ ـ ِـﺮ ﱠ‬
‫اﻟﺮ َﺣ ـ ــﻰ ﻣ ـ ـ ْ‬ ‫ﻓﺄر ْﻳ ـ ــﻪ َﻣ ـ ــﺎ ﺑ ِﻴ َ ـ ــﺪك ﻣ ـ ـ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ َ‬
‫ـﻦ ُﻣ َﻌــﺎوﻧﺘﻲ إِ ﱠﻳــﺎك‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ـﺄن ا ﱠﻟـ ِـﺬي ﺑِﻴـ ِـﺪي َﻧﺤــﻮا ِﻣـ ِ‬ ‫وأﺧﱪ ْﻳـ ِـﻪ ﺑ ِـ َ ﱠ‬ ‫اﻟـ ﱠ ِ ْ ِ‬
‫ـﺸﻌﲑ‪ِ ِ ْ َ َ ،‬‬
‫ـﻦ ا ﱠﻟــﺬي ﺑِ َﻴــﺪك ﻣـ ْ‬ ‫ْ ً َ‬ ‫َ‬
‫ـﺪﻳﻦ‪ ،‬وﺳـ ِ ِ‬ ‫ـﺪة ﺣﺎﻟ ِﻨَــﺎ‪ ،‬وﻣــﺎ َ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ـﻦ اﻟـ ﱠ ْ ِ َ َ ْ‬
‫ـﻠﻴﻪ َﻣــﺎ ُﻫﻨَ ــﺎ‬ ‫ﻋﻠﻴﻨَــﺎ ﻣ ـ َ‬‫َ َ ْ‬ ‫واذ ُﻛـ ِـﺮي َﻟـ ُـﻪ ﺷ ـ ﱠ َ َ‬
‫اﻟﺮ َﺣــﻰ‪ْ َ ،‬‬ ‫َﻋـ َـﲆ ﱠ‬
‫ﻋﲆ ِ ْ َ ِ َ‬ ‫ﻧﺴﺘﻌﲔ ِ ِﺑﻪ َ َ‬ ‫َِ‬
‫ﻣﻬﻨﺘﻨﺎ‪.‬‬ ‫اﻟﺮﻗﻴﻖ َ ْ َ ِ ْ ُ‬‫ﻫﺆﻻء ﱠ ِ ْ ِ‬ ‫ﻣﻦ َ ُ‬‫ْ‬
‫ِ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ﻓﺬﻛﺮت َ ِ َ‬

‫ﻓﺎﻃﻤﺔ‘ َ َ َ َ ْ‬ ‫ﻓﺎﻧﻄﻠﻘﺖ َ ِ َ ُ‬
‫أن‬ ‫ـﺪﻫﺎ‪َ َ ْ َ َ ،‬‬
‫ﻓﺄﺧﱪ ْﺗ ُـﻪ َ ﱠ‬ ‫وأر ْﺗ ُـﻪ ا ﱠﻟـﺬي ﺑِ َﻴ َ‬
‫ذﻟﻚ َﻟ ُـﻪ َ َ َ‬ ‫َ ْ َََ ْ‬
‫ـﻮل اﷲﱠِ ‪ُ ) :‬و ﱢﺟ ـ َـﻪ َﻫ ـ ُـﺆﻻَِء‬ ‫ـﺪﻫﺎ‪َ ،‬ﻗ ـ َـﺎل‪َ :‬ر ُﺳ ـ ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـﻦ ا ﱠﻟ ــﺬي ﺑِ َﻴ ـ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ا ﱠﻟ ــﺬي ﺑ ِﻴَ ــﺪ َﻋ ـ ﱟ‬
‫ـﲇ َﻧ ْﺤ ـ ٌـﻮ ﻣ ـ َ‬
‫وﻟﻜِ ــﻦ ﺳ ـ ُ ْ ِ ِ‬ ‫اﻟﺮﻗﻴ ـ ُـﻖ ِﺑﻮﺟ ـ ِـﻪ َﻛ ـ َـﺬا و َﻛ ـ َـﺬا وﻻ َ ﺳ ـ ِ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ـﲑ َﻟ ُﻜ ـ ْـﻢ‬
‫ـﺄﻋﻠﻤﻚ َﻣ ــﺎ ُﻫ ـ َـﻮ َﺧ ـ ْ ٌ‬
‫ُ‬ ‫ـﺒﻴﻞ ِ َإﻟﻴْ ــﻪ‪َ ْ َ َ ،‬‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ ْ َ ْ‬
‫)‪ (١‬أﺑ ـ ــﻮ ﻃﺎﻟ ـ ــﺐ‪ ،‬ﺗﻴ ـ ــﺴﲑ اﳌﻄﺎﻟ ـ ــﺐ‪ ،‬ص‪ ٣٢٩ -٣٢٨‬؛ واﳌﺮﺷ ـ ــﺪ ﺑ ـ ــﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣ ـ ــﺎﱄ اﳋﻤﻴ ـ ــﺴﻴﺔ‪ ،‬ج‪،١‬‬
‫ص‪.٤٣٢ -٤٣١‬‬

‫‪٧١‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﻓﺮا ِﺷـ ِـﻚ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫إذا َآو ْﻳـﺖ ِ َإﱃ َ‬ ‫ـﺎﳋﲑ(‪َ ،‬ﻗﺎ َﻟ ْـﺖ‪َ :‬ﻧ َﻌ ْـﻢ‪َ ،‬ﻓ َﻘ َـﺎل‪َ ِ ) :‬‬ ‫ـﺄﰐ ا ﱠ ُ ﺑِ ْ َ ْ ِ‬ ‫ـﻦ َذﻟ َـﻚ‪َ ،‬ﺣ ﱠﺘـﻰ َﻳ ْ ِ َ‬
‫ِﻣ ِ‬
‫ْ‬
‫أرﺑﻌـ ًـﺎ‬‫ـﱪي َ ْ َ‬ ‫ـﲔ‪َ ،‬و َﻛ ﱢ ِ‬ ‫وﺛﻼﺛـِ ْ َ‬
‫ﺛﻼﺛ ًـﺎ َ َ َ‬ ‫ـﺪي َ َ‬ ‫ﲪ ْ‬
‫ـﲔ‪ ،‬وا ْ َ ِ‬
‫وﺛﻼﺛـ ْ َ َ‬
‫ﺛﻼﺛـ ًﺎ َ َ ِ‬
‫ـﺴﺒﺤﻲ ا ﱠ َ َ َ َ‬
‫اﻟﻠﻴ ِـﻞ َﻓـ ِ‬
‫ـﻦ ﱠ ْ َ ﱢ‬ ‫ﻣ َ‬
‫ِ‬
‫ـﺰل اﻟ ﱠﺘ ِ‬ ‫اﻟﻌﻈِ ْ ِ‬ ‫ورب ْاﻟ َﻌ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـﲔ‪ُ ،‬ﺛ ﱠـﻢ ُﻗ ِـﲇ‪ :‬ﱠ‬ ‫وﺛﻼﺛِ ْ َ‬
‫ـﻮراة‬ ‫ـﻴﻢ‪ُ ،‬ﻣﻨَ ﱢ َ ْ َ‬ ‫ـﺮش ْ َ‬ ‫ـﺴﻤﻮات َ َ ﱠ‬ ‫رب اﻟ ﱠ َ َ‬ ‫اﻟﻠ ُﻬ ﱠـﻢ َ ﱠ‬ ‫ََ َ‬
‫ﴍ ُﻛ ـ ﱢـﻞ َدا ﱠﺑ ـ ٍـﺔ َأ ْﻧ ـ َـﺖ‬ ‫ـﻦ َ ﱢ‬
‫ِ‬
‫ـﻮذ ﺑ ِـ َـﻚ ﻣ ـ ْ‬ ‫ـﺐ َواﻟﻨﱠـ َـﻮى‪َ ،‬أ ُﻋـ ْ ُ‬ ‫ـﺎﻟﻖ ا ْﳊَـ ﱢ‬ ‫ـﺎن‪َ ،‬ﻓ ـ ِ َ‬
‫واﻟﻔﺮ َﻗ ـ ِ‬
‫واﻹﻧﺠ ْﻴـ ِـﻞ َ ْ ُ ْ‬
‫َ ِْ ِ‬

‫ﳾء‪،‬‬ ‫ﻗﺒ َﻠـ ـ َـﻚ َ ٌ‬ ‫ـﻴﺲ َ ْ‬ ‫اﻷول َﻓ َﻠ ـ ْ َ‬ ‫ـﺴﺘﻘﻴﻢ‪َ ،‬أ ْﻧـ ـ َـﺖ َ ﱠ ُ‬ ‫ﴏاط ُﻣ ـ ْ َ ِ ْ ٍ‬ ‫ـﻴﺘﻬﺎ إ ِ ﱠﻧ ـ َـﻚ َﻋـ ـ َـﲆ ِ ٍ‬
‫َ‬
‫آ ِﺧ ـ ٌـﺬ ِ َﺑﻨﺎ ِ ـ ِ‬
‫ﺻـ َ َ‬
‫ﻓﻮ َﻗ ـ َـﻚ َأ َﺣ ـ ٌـﺪ‪َ َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ﳾء‪َ ،‬وأَ ْﻧ ـ َ‬ ‫ـﻴﺲ ﺑَ ْﻌ ـ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ََ‬
‫وأ ْﻧ ـ َـﺖ‬ ‫ـﻴﺲ َ ْ‬ ‫ـﺎﻫﺮ َﻓ َﻠ ـ ْ َ‬
‫ـﺖ ْاﻟ َﻘ ـ ُ‬ ‫ـﺪك َ ٌ‬ ‫وأ ْﻧ ـ َـﺖ اﻵﺧ ـ ُـﺮ ﻓَﻠَ ـ ْ َ‬
‫اﻟﻔ ْﻘ ـ ِـﺮ(‪َ ،‬ﻗ ـ َـﺎل‪:‬‬ ‫ـﻦ ْ َ‬ ‫وأ ِﻋ ـ ْ ِ ِ‬ ‫ـﺪﻳﻦ‪َ َ ،‬‬ ‫ـﻴﺲ ُد ْو َﻧ ـ َـﻚ أَ َﺣ ـ ٌـﺪ‪ ،‬ا ْﻗ ـ ِ‬ ‫ِ‬
‫ـﺬﲏ ﻣ ـ َ‬ ‫ـﺾ َﻋﻨﱢ ــﻲ اﻟ ـ ﱠ ْ َ‬ ‫ـﺎﻃﻦ َﻓ َﻠ ـ ْ َ‬
‫ْاﻟ َﺒ ـ ُ‬
‫ﻋﻴﻨـِ ِـﻪ‬
‫ـﺴﺎﻧﺎ َﻋـ َـﲆ َ ْ‬ ‫ـﻨﻬﻢ إِ ْﻧـ َ َ ً‬
‫ـﺎر ﻣـ ْ ُ ْ‬
‫ﻓﺎﺧ َﺘـ ِ‬ ‫ِ‬
‫ـﻮل اﷲﱠِ ‪َ ‬رﻗ ْﻴـ ٌـﻖ‪َ ْ َ ،‬‬ ‫ﻓﻔﻌ َﻠ ْـﺖ َذﻟـِ َـﻚ‪ُ ،‬ﺛـ ﱠـﻢ َأ َﺗــﻰ َر ُﺳـ ْ َ‬ ‫َََ‬
‫)‪(١‬‬
‫اﻹﺳﻼم‪ ،‬وﺟﺎء ﺑﻪ إﻟﻴﻬﻢ ‪.‬‬ ‫ﻓﻌﻠﻤﻪ ِ ْ َ َ‬ ‫ََﱠَُ‬
‫ﳚﺐ ﻋﲆ ﻓﺎﻃﻤـﺔ اﻟﻴـﻮم أن ﺗﻜـﻮن ﻛﻔﺎﻃﻤـﺔ اﻟﺰﻫـﺮاء ﻋﻠـﲈ وﻣﻌﺮﻓـﺔ‬ ‫ﻛﻠﻪ ُ‬‫ﳍﺬا ﱢ‬
‫دورﻫ ـ ــﺎ ﰲ ﻫ ـ ــﺬه‬
‫ـﺆدي َ‬
‫وﻣﻬ ـ ــﺎرات ﻣﻌﺮﻓﻴ ـ ــﺔ وﺗﺮﺑﻮﻳـ ــﺔ واﺟﺘﲈﻋﻴ ـ ــﺔ وﺳ ـ ــﻠﻮﻛﻴﺔ ﻟﺘ ـ ـ َ‬
‫اﳊﻴ ــﺎة ﻋ ــﲆ اﻟﻨﺤ ــﻮ اﻟ ــﺬي ُﻳ ـ ْـﺮﴈ اﷲ ﺗﻌ ــﺎﱃ‪ ،‬ﻻ ﺳ ــﻴﲈ ﰲ ﺗﺮﺑﻴ ــﺔ اﻷﺟﻴ ــﺎل اﳌﺆﻣﻨ ــﺔ‬
‫واﳌﺠﺎﻫـ ــﺪة‪ ،‬ﻳ ـﻘ ــﻮل ﻋـ ــﲇ ﴍﻳﻌﺘـ ــﻲ ﻧﺎﻗ ـ ــﺪا ﻟﻠﺘﻘـ ــﺼﲑ ﰲ ﻫـ ــﺬا اﳉﺎﻧـ ــﺐ‪َ " :‬ﻟ ـ ـ ْ ُ‬
‫ـﺴﺖ‬
‫ـﺮوم ﻣ ـ ــﻦ ﻧﻌﻤ ـ ــﺔ اﻟﻌﻠ ـ ــﻢ‪ ،‬واﻟﻜﺘ ـ ــﺎب‪،‬‬ ‫ـﺸﺨﺺ ﻧ ـ ـ ٍ‬
‫ـﺎﻗﺺ ﳏ ـ ـ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ﻳﻤﻜ ـ ــﻦ ﻟ ـ ـ‬
‫أدري ﻛﻴ ـ ــﻒ ُ ْ‬
‫واﻟﺪراﺳ ــﺔ‪ ،‬واﻟﱰﺑﻴ ــﺔ‪ ،‬واﻟﻔﻜ ــﺮ‪ ،‬واﻟﺜﻘﺎﻓـ ــﺔ‪ ،‬واﳊ ــﻀﺎرة‪ ،‬واﻟﱰﺑﻴ ــﺔ اﻻﺟﺘﲈﻋﻴـ ــﺔ‪،‬‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺮﺑﻴﺎ ﳉﻴﻞ اﻟﻐﺪ" ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﳌﺮﺷﺪ ﺑﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ص‪.٢٣٢ -٢٣١‬‬

‫)‪ (٢‬ﴍﻳﻌﺘﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻫﻲ ﻓﺎﻃﻤﺔ‪ ،‬ص‪.١١٨ -١١٧‬‬

‫‪٧٢‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪  ‬‬

‫ﺷـ ــﺎء اﷲ أن ﺗـ ــﴩق ﺷـ ــﻤﺲ ﻓﺎﻃﻤـ ــﺔ ﺑﺈﴍاﻗـ ــﺔ اﻹﺳـ ــﻼم‪ ،‬وأن ﺗﻜـ ــﻮن آﺧـ ــﺮة‬
‫إﺧﻮﲥ ــﺎ‪ ،‬وﺳ ــﻴﺪة ﻧ ــﺴﺎء اﻟ ــﺪﻧﻴﺎ واﻷﺧ ــﺮى‪ ،‬ﻟﺘﻜ ــﻮن اﻟﻨﻤ ــﻮذج ﻟﻠﻤ ــﺮأة اﳌﺆﻣﻨ ــﺔ ﰲ‬
‫ﻫﺬا اﻟﻌﴫ اﻷﺧﲑ أﻳﻀﺎ‪.‬‬

‫إن ﻛﻮﳖﺎ ﺻﻐﺮى أوﻻده ‪ ،‬وﱂ ﺗﻮﻟﺪ إﻻ ﻣﻊ وﻻدة اﻹﺳﻼم ﻧﻔﺴﻪ‪َ ،‬‬
‫وﻛﻮﳖﺎ‬
‫ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ ﺟـ ــﺰءا ﻣ ـ ــﻦ أﺑﻴﻬ ـ ــﺎ وﻗﻄﻌ ـ ــﺔ ﻣﻨ ـ ــﻪ‪ ،‬ﺛ ـ ــﻢ أم أﺑﻴﻬ ـ ــﺎ اﳌﺠﺎﻫ ـ ــﺪ‪ ،‬ﺛ ـ ــﻢ زوﺟ ـ ــﺔ ﺳـ ـ ــﻴﺪ‬
‫اﳌﺠﺎﻫ ــﺪﻳﻦ‪ ،‬وأم اﻟ ــﺸﻬﻴﺪﻳﻦ ﺳ ــﻴﺪي ﺷ ــﺒﺎب أﻫ ــﻞ اﳉﻨ ــﺔ‪ ،‬اﳊ ــﺴﻦ واﳊ ــﺴﲔ‪ ،‬ﻓ ــﺈن‬
‫ذﻟﻚ ﻳﻌﻨﻲ أﳖﺎ اﻟﻨﻤﻮذج اﳌﺜﺎﱄ ﻟﻠﻤﺮأة اﳌﺆﻣﻨﺔ‪ ،‬ﺑﻞ وﻟﻠﻤﺮأة اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ‪.‬‬
‫وﰲ ﻣــﺎ ﺳــﺒﻖ اﺗــﻀﺢ أﳖــﺎ ﻛﺎﻧــﺖ ﻋــﲆ ﻋﻼﻗــﺔ ﳑ ﱠﻴــﺰة ﺑﻮاﻟــﺪﻫﺎ اﻟﻨﺒــﻲ اﻟﺮﺳــﻮل‬
‫اﳌﺠﺎﻫــﺪ‪ ،‬وأﳖ ــﺎ اﺿــﻄﻠﻌﺖ ﺑﻤﻬﻤ ــﺔ اﳉﻬــﺎد‪ ،‬وﻫ ــﻲ ﻻ ﺗــﺰال ﺻ ــﻐﲑة‪ ،‬أو ﻟﻴ ــﺴﺖ‬
‫وﴏم اﻷﻳ ـ ــﺎم‪ ،‬اﻟﺘ ـ ــﻲ أﻧﺘﺠﺘﻬ ـ ــﺎ ﺣﺮﻛ ـ ــﺔ‬ ‫ﻫ ـ ــﻲ اﻟﻨﺎﺷ ـ ــﺌﺔ ﻋ ـ ــﲆ ﱡ‬
‫ﺗﻘﻠﺒ ـ ــﺎت اﳊ ـ ــﻮادث َ‬
‫واﻟﺪﻫﺎ اﳉﻬﺎدﻳﺔ؟!‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﲆ ﻋﻼﻗﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻮاﻟﺪﻫﺎ ‪ ،‬وﻫﻲ ﺑﻀﻌﺔ ﻣﻨﻪ‬
‫ﰲ ﻛــﻞ ﳾء‪ ،‬ﺣﺘــﻰ ﰲ ﺟﻬــﺎده ‪ ،‬ود ّﻟــﺖ ﺣــﻮادث ﻋﺪﻳــﺪة وﻣﻨﻬــﺎ ﺣﺎدﺛــﺔ أﰊ‬
‫ﻟﺒﺎﺑــﺔ ﺑﺄﳖــﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌــﻞ ﻛﺎﻧــﺖ ﲤﺜــﻞ اﻟﺮﺳــﻮل ‪ ،‬وﻟــﻴﺲ ُﺻــﺪﻓﺔ أن ﻳﻜــﻮن واﻟــﺪﻫﺎ‬
‫اﻟﻨﺒ ــﻲ اﳌﺠﺎﻫ ــﺪ ﺣﺮﻳ ــﺼﺎ ﻋ ــﲆ أن ﻳﻜ ــﻮن آﺧ ــﺮ ﻋﻬ ــﺪه ﲠ ــﺎ ﺣ ــﲔ ﻳﺘﺤ ــﺮك ﻟﻠ ــﺴﻔﺮ‬
‫وإﱃ اﳉﻬــﺎد‪ ،‬وإذا ﻗـ ِـﺪم ﻛﺎﻧــﺖ ﻫــﻲ أول اﻟﻨــﺎس ﺑــﻪ ﻋﻬــﺪا‪ ،‬وﻟﻜﺄﻧــﻪ ﻛــﺎن ﺣﺮﻳــﺼﺎ‬
‫‪٧٣‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﻋﲆ أن ﺗﻌﻴﺶ ﻣﻌﻪ ﺑﻴﺌﺔ اﳉﻬﺎد وﺗﺸﺎرﻛﻪ ﻓﻴﻪ ذﻫﺎﺑﺎ وإﻳﺎﺑﺎ‪.‬‬

‫ﺳـ ــﺎﳘﺖ ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ‘ ﰲ ﺟﻬـ ــﺎدِ واﻟ ـ ــﺪﻫﺎ ﰲ ﻣﻜ ـ ــﺔ‪ ،‬وﺳـ ـ ﱠـﺠﻞ ﳍ ـ ــﺎ اﻟﺘ ـ ـ ُ‬
‫ـﺎرﻳﺦ‬
‫ـﻒ راﺋﻌ ـ ــﺔ ُﺗ ـ ـ ِ‬
‫ـﺴﻌﺪ ﻓﺘﻴﺎﺗﻨ ـ ــﺎ اﻟﻴ ـ ــﻮم اﻟ ـ ــﻼﰐ ﻫ ـ ــﻦ ﺑﻨ ـ ــﺎت‬ ‫رﻏ ـ ــﻢ ﺻ ـ ـ ِ‬
‫ـﻐﺮ ﺳ ـ ـ ﱢـﻨﻬﺎ ﻣﻮاﻗ ـ ـ َ‬
‫ْ‬
‫ـﻮاﲥﻢ‪ ،‬وزوﺟ ـ ـ ـ ـ ـ ُـﺎﲥﻢ‪ ،‬وأﻣﻬ ـ ـ ـ ـ ــﺎﲥﻢ‪ ،‬وﲤ ـ ـ ـ ـ ــﻸ‬
‫اﳌﺠﺎﻫ ـ ـ ـ ـ ــﺪﻳﻦ‪ ،‬واﻟ ـ ـ ـ ـ ــﺸﻬﺪاء‪ ،‬وأﺧـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ﺟﻮاﻧﺤﻬﻦ ﺑﺼﲑة وأﻣﻼ وﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ‪.‬‬
‫َ‬
‫ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﺑﻨ ــﺖ اﻟﺮﺳ ــﻮل اﳌﺠﺎﻫ ــﺪ ﻫ ــﻲ ﺗﻠ ــﻚ اﻟﺘ ــﻲ و ّﻃ ــﺪ أﺑﻮﻫ ــﺎ ﻣﻌﻬ ــﺎ ﻋﻼﻗ ــﺔ‬
‫ـﺴﻼم ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ وﻋﻠﻴ ــﻪ ﰲ‬
‫ـﻮل اﷲ اﻟ ـ َ‬ ‫اﻹﺳ ــﻼم ﻣ ــﻊ ﺑﻨﺎﺗ ــﻪ اﻟﻌﻈ ــﻴﲈت‪ ،‬أﱂ ﻳﻌﺘ ـ ِ ْ‬
‫ـﱪ رﺳ ـ ُ‬
‫ـﺴﺒﺐ ﰲ اﻛﺘ ـ ــﺴﺎب‬ ‫ـﲑ ﻛﺒ ـ ــﲑ‪ٍ ُ ،‬‬ ‫ﺣﻴ ـ ــﺎﲥﲈ وﺑﻌ ـ ــﺪ ﳑ ـ ــﺎﲥﲈ ذا ﺧ ـ ـ ٍ‬
‫وﻟﻄ ـ ــﻒ ﻋﻈ ـ ــﻴﻢ‪ ،‬ﻳﺘ ـ ـ ﱠ‬
‫)‪(١‬‬ ‫اﻷﻋ ـ ِ‬
‫ـﻀﺒﺎ ﷲ‪،‬‬
‫ـﻀﺒﻬﺎ ﻏ ـ ً‬
‫ـﲈل اﻟ ــﺼﺎﳊﺔ‪ ،‬وﻣ ــﻦ ﺛ ــﻢ دﺧ ــﻮل اﳉﻨ ــﺔ؟ ‪ ،‬وأﱂ ﳚﻌ ــﻞ ﻏ ـ َ‬
‫)‪(٢‬‬
‫إرﺿﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﱃ؟ ‪.‬‬
‫ً‬ ‫وإرﺿﺎءﻫﺎ‬
‫َ‬
‫ﺧﲑﻫﺎ أﺑﻮﻫﺎ وﻫـﻲ أﺷـﺪ ﻣـﺎ ﺗﻜـﻮن ﳏﺘﺎﺟـﺔ ﺑـﲔ ﲬـﺲ أﻋﻨـﺰ‬
‫ﻫﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﱠ‬
‫ﻋﻠﻤـ ــﻪ إﻳـ ــﺎﻫﻦ ﺟﱪﻳ ـ ُـﻞ ُﻗﺒَﻴـ ــﻞ ﳎﻴﺌﻬـ ــﺎ إﻟﻴـ ــﻪ‪ ،‬ﻓﺎﺧﺘـ ــﺎرت‬
‫وردت ﻟﻠﺘ ــﻮ‪ ،‬أو ﻛﻠـ ــﲈت ﱠ‬
‫َ‬
‫ﻛﻠـﲈت ﺟﱪﻳــﻞ ﻋــﲆ أﻋﻨُـ ِـﺰ اﻟــﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬وﻫﻜـﺬا اﳌــﺮأة اﳌﺠﺎﻫــﺪة ﱠﺗﺘﺠــﻪ ﻟﺘﻐﺬﻳــﺔ اﻟــﺮوح‬
‫ﲪَﻠَﻬـ ـ ـﺎ ﺟﱪﻳ ـ ــﻞ‪،‬‬
‫أروع ﺗﻠ ـ ــﻚ اﻟﻜﻠ ـ ــﲈت اﻟﺘ ـ ــﻲ َ َ‬
‫أﻛﺜ ـ ــﺮ ﻣ ـ ــﻦ ﺗﻐﺬﻳ ـ ــﺔ اﳉ ـ ــﺴﺪ‪ ،‬وﻣ ـ ــﺎ َ‬
‫ﱠ‬
‫وﺗﻌﻠَﻤْﺘﻬــﺎ ﻓﺎﻃﻤــﺔ اﻟﺰﻫ ــﺮاء‪ ،‬إﳖــﺎ‪) :‬ﻳ ــﺎ أول اﻷوﻟــﲔ‪ ،‬وﻳــﺎ آﺧ ــﺮ اﻵﺧــﺮﻳﻦ‪ ،‬وﻳ ــﺎ ذا‬
‫اﻟﻘ ـ ــﻮة اﳌﺘ ـ ــﲔ‪ ،‬وﻳ ـ ــﺎ راﺣ ـ ــﻢ اﳌ ـ ــﺴﺎﻛﲔ‪ ،‬وﻳ ـ ــﺎ أرﺣ ـ ــﻢ اﻟ ـ ــﺮاﲪﲔ(‪ ،‬واﻷروع أﳖ ـ ــﺎ ﳌ ـ ــﺎ‬

‫)‪ (١‬ﻛﲈ ﺗﻘﺪم‪.‬‬

‫)‪ (٢‬ﻛﲈ ﺗﻘﺪم‪.‬‬

‫‪٧٤‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﻋ ــﺎدت إﱃ ﻋ ــﲇ ‪ ‬وﺳ ــﺄﳍﺎ ﻋ ــﲈ وراءﻫ ــﺎ؟ ﻗﺎﻟ ــﺖ‪ :‬ﺧﺮ ْﺟ ـ ُـﺖ ﻣ ــﻦ ﻋﻨ ــﺪك إﱃ‬
‫ـﲑد ﻋ ــﲇ ‪ ‬ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ ﻗ ــﺎﺋﻼ‪) :‬ﺧ ــﲑ أﻳﺎﻣ ــﻚ‪ ،‬ﺧ ــﲑ‬
‫اﻟ ــﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬وأﺗﻴ ُﺘ ــﻚ ﺑ ــﺎﻵﺧﺮة‪ ،‬ﻓ ـ ﱡ‬
‫أﻳﺎﻣﻚ(‪ ،‬أوﻟﻴﺲ اﻟﺪﻋﺎء ﷲ وﻣﻨﺎﺟﺎﺗﻪ ﺗﻌﺎﱃ ﻫﻮ ﺧﲑ زاد ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ؟!‪.‬‬
‫وﺣ ــﲔ ﻃﻠﺒ ـﺎ ﻣﻨ ــﻪ ‪ ‬ﺧﺎدﻣ ــﺎ ﻳﻌﻴ ــﻨﻬﲈ ﻋ ــﲆ ﺷ ــﺆون اﻟﺒﻴ ــﺖ‪ ،‬وﻗ ــﺪ ﳎ ُﻠ ــﺖ ﻳ ــﺪاﳘﺎ‬
‫أراد ﳍــﲈ اﻟﺮﺳــﻮل ‪ ‬أن ﻳﻌﻴــﺸﺎ ﺣﻴــﺎة اﻟﻜﻔــﺎح‪ ،‬وروﺣﻴــﺔ اﻟﻨــﻀﺎل‪ ،‬ود ﱠﳍــﲈ ﻋــﲆ ﻣــﺎ‬
‫ﺧﲑ ﳍﲈ ﻣﻦ ﺧﺎدم‪ ،‬ﱠ‬
‫دﳍﲈ ﻋﲆ اﻟﺘﺴﺒﻴﺢ واﻟﺘﺤﻤﻴﺪ واﻟﺘﻜﺒﲑ‪.‬‬ ‫ﻫﻮ ٌ‬
‫ﻓﺎﻃﻤـﺔ ﺑﻨـﺖ اﻟﻨﺒــﻲ اﳌﺠﺎﻫـﺪ ﻫــﻲ اﻟﺘـﻲ ﻧـ ّـﺪت ﲠـﺎ ﺣﺎﻟــﺔ ﰲ إﺣـﺪى اﳌــﺮات إﱃ‬
‫ـﻮم ﻣ ــﻦ اﻷﻳ ــﺎم ﻋ ــﲆ ﻋﻨﻘﻬ ــﺎ ِﻗ ـ ً‬
‫ـﻼدة‬ ‫ـﻌﺖ ﰲ ﻳ ـ ٍ‬
‫ﻣﺘ ــﺎع اﻟ ــﺪﻧﻴﺎ اﻟﺒ ــﺴﻴﻂ واﳌﺒ ــﺎح‪ ،‬ﻓﻮ َﺿ ـ َ ْ‬
‫ﻧﺼﻴﺒﻪ ﻣـﻦ اﻟﻔـﻲء‪ ،‬وﳌـﺎ زارﻫـﺎ‬‫ِ‬ ‫ﻣﻦ ذﻫﺐ‪ ،‬ﻛﺎن ﻗﺪ اﺷﱰاﻫﺎ ﳍﺎ ﻋﲇ ‪ ‬ﻣﻦ‬
‫ـﺎس أن ﻳﻘﻮﻟ ـ ــﻮا‪ :‬ﺑﻨ ـ ــﺖ ﳏﻤ ـ ــﺪ‪،‬‬ ‫اﻟﻨﺒ ـ ــﻲ ‪ ‬ورآﻫ ـ ــﺎ‪ ،‬ﻗ ـ ــﺎل ﳍ ـ ــﺎ‪) :‬ﻻ َ ﱠ‬
‫ﻳﻐﺮﻧ ـ ــﻚ اﻟﻨ ـ ـ ُ‬
‫وﻋﻠﻴﻚ ﻟﺒﺲ اﳉﺒﺎﺑﺮة( ‪ ،‬ﻓﲈذا ﻓﻌﻠﺖ ﻓﺎﻃﻤﺔ اﳌﺠﺎﻫﺪة؟‪.‬‬
‫ﻟﻘ ــﺪ اﺳ ــﺘﻴﻘﻈﺖ ﺑ ــﴪﻋﺔ وﺗ ـ ﱠ‬
‫ـﺬﻛﺮت أﳖ ــﺎ ﺑﻨ ـ ُـﺖ اﻟﻨﺒ ــﻲ ﳏﻤ ــﺪ‪ ،‬وأﳖ ــﺎ ﱡأم أﺑﻴﻬ ــﺎ‪،‬‬
‫وﻟﻴــﺴﺖ ﺑﻨــﺖ اﻟــﺬﻫﺐ واﻟﻔــﻀﺔ‪ ،‬وﻻ ﺑﻨــﺖ اﳌﻮﺿــﺎت‪ ،‬ﻓﻌــﺎدت ﺑــﴪﻋﺔ ﻟﺘﻜــﻮن‬
‫ـﴪ‬ ‫ﺑﻨ ــﺖ ﳏﻤـ ــﺪ ‪َ َ ،‬‬
‫ﻓﻘﻄﻌﺘﻬـ ــﺎ‪ ،‬وﺑﺎﻋﺘﻬ ــﺎ‪ ،‬واﺷـ ــﱰت ﲠـ ــﺎ رﻗﺒ ــﺔ‪ ،‬ﻓﺄﻋﺘﻘﺘﻬـ ــﺎ‪ ،‬ﻓـ ـ ُ ﱠ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﺑﺬﻟﻚ رﺳﻮل اﷲ ‪. ‬‬
‫ﴎ ‪‬؛ ﻷﻧـ ــﻪ ﺗﺄ ﱠﻛـ ــﺪ أن ﻓﺎﻃﻤـ ــﺔ ﻋـ ــﺎدت ﻟﺘﻜـ ــﻮن ﺑﺎﻟﻔﻌـ ــﻞ ﺑﻨـ ــﺖ ﳏﻤـ ــﺪ ‪‬‬
‫اﻟﻨﺒـﻲ اﳌﺠﺎﻫـﺪ‪ ،‬وﺗﺮﻛـﺖ ﻣــﺎ ﳛـﻞ ﳍـﺎ وﻳﺒـﺎح‪ ،‬ﻃﻠﺒــﺎ ﻟﻌﻈـﻴﻢ ﻣـﺎ ﻋﻨـﺪ اﷲ‪ ،‬وﺣﻔﺎﻇــﺎ‬

‫)‪ (١‬اﻟﺮﺿﺎ‪ ،‬ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻹﻣﺎم اﻟﺮﺿﺎ‪ ،‬ص‪.٢٥٦‬‬

‫‪٧٥‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﻋـ ــﲆ روﺣﻴﺘﻬـ ــﺎ اﳌﺤﻤﺪﻳ ــﺔ اﳉﻬﺎدﻳـ ــﺔ اﻟﺜـ ــﺎﺋﺮة اﻟﺰاﻫـ ــﺪة‪ ،‬ﻋـ ــﺎدت ﻟﺘﻜـ ــﻮن ﺑﺎﻟﻔﻌـ ــﻞ‬
‫ﻛﻤﺤﻤ ـ ـ ــﺪ‪ ،‬وﺑﻨ ـ ـ ــﺖ ﳏﻤ ـ ـ ــﺪ ‪ ،‬وﻫﻜـ ـ ــﺬا أﻫ ـ ـ ــﻞ ﺑﻴﺘ ـ ـ ــﻪ اﻷﻃﻬ ـ ـ ــﺎر اﳌﺠﺎﻫ ـ ـ ــﺪون‪،‬‬
‫ـﺴﻨﻤﻮن ﻣـﻮاﻃَﻦ اﻟـﺮوح‬ ‫ﻛﺄﻓﻀﻞ وأﲠﻰ ﺑـﴩ ﻳﻌﺮﺟـﻮن إﱃ ﻣـﺪارج اﻟﻌﻠﻴـﺎء‪ ،‬وﻳﺘ ﱠ‬
‫اﻟﻔﺎﺿ ــﻠﺔ‪ ،‬وﻛﻠ ــﲈ اﺟﺘ ــﺬﺑﺘﻬﻢ اﻟ ــﺪﻧﻴﺎ إﻟﻴﻬ ــﺎ ﻋ ــﺎدوا إﱃ اﻷﺧ ــﺮى ﻣ ــﻦ ﺑﻮاﺑ ـ ِـﺔ إﺳ ـ ِ‬
‫ـﻌﺎد‬
‫وأﻋﻈﻢ ذﻟﻚ ﻋﺘﻖ اﻟﺮﻗﺎب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ﻋﺒﺎد اﷲ‪،‬‬
‫ـﺖ ﳏﻤ ـ ٍـﺪ اﻟﻨﺒ ــﻲ اﳌﺠﺎﻫ ــﺪ‪ ،‬ﻛ ــﲈ ﻛﺎﻧ ــﺖ ﰲ ﻣﻜ ــﺔ‪،‬‬
‫ﻇ ﱠﻠ ــﺖ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﰲ اﳌﺪﻳﻨ ــﺔ ﺑﻨ ـ َ‬
‫ﺗﺰوﺟــﺖ ﺑﻌــﲇ اﳌﺠﺎﻫــﺪ ﻇ ﱠﻠــﺖ ﻛــﲈ ﻛﺎﻧــﺖ ﻗﺒــﻞ اﻟــﺰواج‪ ،‬وﺷــﺎرﻛﺖ ﰲ‬ ‫وﺑﻌــﺪ أن ﱠ‬
‫ﲨﻴــﻊ اﳌﺠ ــﺎﻻت اﳉﻬﺎدﻳ ــﺔ اﳌﺘﺎﺣ ــﺔ ﻟﻠﻤ ــﺮأة ﰲ ﺗﻠــﻚ اﻟﻈ ــﺮوف‪ ،‬ﻓﻘ ــﺪ ُ ِ‬
‫ﻫﺮﻋ ــﺖ ﻣ ــﻊ‬
‫أﺧﺮﻳ ــﺎت ﻣ ــﻦ اﳌﺪﻳﻨ ــﺔ إﱃ أﺣ ــﺪ ﺑﻌ ــﺪ اﳌﻌﺮﻛ ــﺔ ﳌﻌﺎﳉ ــﺔ اﳉﺮﺣ ــﻰ‪ ،‬ﻓﻌﺎﳉ ــﺖ أﺑﺎﻫ ــﺎ‬
‫)‪(١‬‬ ‫اﻟﻨﺒﻲ اﳌﺠﺎﻫﺪ‪ ،‬واﺳﺘﻄﺎﻋﺖ أن ِ‬
‫ﺗﻮﻗﻒ ﻧﺰﻳﻒ دم وﺟﻬﻪ ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ـﴩاب ﻋــﲆ‬ ‫َ‬ ‫ـﻦ اﻟﻄﻌـ َـﺎم واﻟـ‬ ‫ﻟﻘــﺪ ﺟــﺎءت ﻫــﻲ وأرﺑــﻊ ﻋــﴩة اﻣــﺮأة إﱃ أُ ُﺣــﺪ ﳛﻤ ْﻠـ َ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﻇﻬـ ـ ــﻮرﻫﻦ‪ ،‬وﻳـ ـ ــﺴﻘﲔ اﳉﺮﺣ ـ ـ ــﻰ‪ ،‬وﻳـ ـ ــﺪاوﻳﻨﻬﻢ ‪ ،‬وإذا ﻋﺮﻓﻨـ ـ ــﺎ أﳖ ـ ـ ــﻦ ِﺟـ ـ ـ ْ َ‬
‫ـﺌﻦ ﺑﻌ ـ ـ ــﺪ‬
‫ﻣﻌــﺮﻓﺘﻬﻦ ﲠﺰﻳﻤ ــﺔ ﺟــﻴﺶ اﳌ ــﺴﻠﻤﲔ وإﺷــﺎﻋﺎت ﻣﻘﺘ ـ ِـﻞ اﻟﻨﺒــﻲ ‪ ‬واﺣ ــﺘﲈل ﻫﺠ ــﻮم‬
‫ـﺪار ﺷـ ــﺠﺎﻋﺘﻬﻦ وﺛﻘـ ــﺘﻬﻦ ﺑ ـ ــﺎﷲ‬
‫ﺟـ ــﻴﺶ اﳌـ ــﴩﻛﲔ ﻋـ ــﲆ اﳌﺪﻳﻨـ ــﺔ؛ ﻓﺈ ـﻧ ــﻪ ﻳﺘﺒـ ـ ﱠـﲔ ﻟﻨـ ــﺎ ﻣﻘـ ـ ُ‬
‫أرض اﳌﻌﺮﻛـﺔ ﻋــﲆ ﺑﻌــﺪ ﺑـﻀﻌﺔ ﻛﻴﻠﻮﻫــﺎت ﺷــﲈل اﳌﺪﻳﻨــﺔ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ـﺪﻣﻦ إﱃ‬ ‫ﺗﻌـﺎﱃ‪ ،‬وﻫــﻦ ﻳﺘﻘـ ﱠ ْ‬
‫وﻻ َ َ ْ‬
‫ﳜﻔﻦ ﻣﻦ ﻏﺎﺋﻠﺔ اﻧﺤﺮاف ﺟﻴﺶ اﳌﴩﻛﲔ ﻧﺤﻮ اﳌﺪﻳﻨﺔ أو ﻧﺤﻮ ﻃﺮﻳﻘﻬﻦ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﻟﺒﻼذري‪ ،‬أﻧﺴﺎب اﻷﴍاف‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٣٢٤‬‬

‫)‪ (٢‬اﻟﻄ ــﱪي‪ ،‬ﺗ ــﺎرﻳﺦ اﻷﻣ ــﻢ واﳌﻠ ــﻮك‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪٢٧‬؛ واﳊ ــﺎﻛﻢ‪ ،‬اﳌ ــﺴﺘﺪرك‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪٢٤‬؛ وﺳ ــﺒﻂ‬
‫اﺑـ ــﻦ اﳉـ ــﻮزي‪ ،‬ﺗ ـ ــﺬﻛﺮة اﳋـ ــﻮاص‪ ،‬ص‪ ،١٦٤‬واﺑـ ــﻦ أﰊ اﳊﺪﻳ ـ ــﺪ‪ ،‬ﴍح ﳖـ ــﺞ اﻟﺒﻼﻏ ـ ــﺔ‪ ،‬ج‪،١٥‬‬
‫ص‪٣٥‬؛ واﳍﻴﺜﻤﻲ‪ ،‬ﳎﻤﻊ اﻟﺰواﺋﺪ‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪.١٢٢‬‬

‫‪٧٦‬‬
 ‫‪‬‬

‫وﻋﻨ ـ ــﺪ ﻓ ـ ــﺘﺢ ﻣﻜ ـ ــﺔ ﺧﺮﺟ ـ ــﺖ ﻣ ــﻊ أﺑﻴﻬ ـ ــﺎ وزوﺟﻬ ـ ــﺎ‪ ،‬وﲢﻜ ـ ــﻲ اﻟ ـ ــﺴﲑ أﻧ ـ ــﻪ ﻗ ـ ــﺪ‬
‫ﴐب ﻟﻠﻨﺒـﻲ ‪ِ ‬ﺧﺒــﺎء ﺑﺎﻟﺒﻄﺤـﺎء‪ ،‬وﺟﻠــﺲ ﻓﻴـﻪ ﻳﻐﺘــﺴﻞ‪ ،‬وﻛﺎﻧـﺖ ﻓﺎﻃﻤــﺔ ﻣﻌــﻪ‬ ‫ُ ِ‬
‫ﺗﺴﱰه‪ ،‬وأﻣﺮﻫﺎ ﻓﺴﻜﺒﺖ ﻟﻪ ﻏﺴﻼ ﻓﺎﻏﺘﺴﻞ‪.‬‬
‫وﻛﺎﻧـﺖ ﲥـﺘﻢ ﺑـﺄﻣﺮ اﳌﺠﺎﻫــﺪﻳﻦ‪ ،‬وﺗﺘـﺄﱂ ﻛﺜـﲑا ﻟﻔﻘـﺪ ﺑﻌــﻀﻬﻢ‪ ،‬ﻛـﲈ ﺗﺄﳌّـﺖ ﻋﻨــﺪ‬
‫ورود اﺳﺘـﺸﻬﺎد اﺑــﻦ ﻋــﻢ أﺑﻴﻬــﺎ وأﺧــﻲ زوﺟﻬـﺎ ﺟﻌﻔــﺮ ﺑــﻦ أﰊ ﻃﺎﻟــﺐ‪ ،‬ﻣـ ِ‬
‫ـﺸﺎرﻛﺔ‬
‫ﻷﻫﻠـ ـ ــﻪ ﰲ ﻋـ ـ ــﺰاﺋﻬﻢ‪ ،‬وﲣﻔﻴﻔـ ـ ــﺎ ﳌـ ـ ــﺼﺎﲠﻢ‪ .‬وأﻣﺮﻫـ ـ ــﺎ رﺳـ ـ ــﻮل اﷲ ‪ ‬أن ﺗﺘﺨـ ـ ــﺬ‬
‫ﻃﻌﺎﻣﺎ ﺛﻼﺛﺔ أﻳﺎم‪ ،‬وأﻣﺮﻫﺎ أن ﺗﻘﻴﻢ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺛﻼﺛﺔ أﻳﺎم ﻫﻲ‬ ‫ً‬ ‫ﻷﺳﲈء ﺑﻨﺖ ﻋﻤﻴﺲ‬
‫)‪(١‬‬
‫وﻧﺴﺎؤﻫﺎ ﻟﺘﺴﻠﻴﻬﺎ ﻋﻦ اﳌﺼﻴﺒﺔ ‪.‬‬
‫وﻷﳖــﺎ ﺑﻨــﺖ اﻟﻨﺒــﻲ ﳏﻤــﺪ ‪ ،‬وﻫــﻮ اﻟــﺬي ﻣــﺎ ﻓﺘِــﺊ ﻳــﺮﰊ أﻣﺘــﻪ ﻋــﲆ ﻣﻜــﺎرم‬
‫اﻷﺧ ــﻼق‪ ،‬وﻋ ــﲆ اﳌﺒ ــﺎدرة إﱃ اﳉﻬ ــﺎد‪ ،‬ﻓ ــﻼ ﺷ ــﻚ أﳖ ــﺎ ﺑ ــﺬﻟﺖ ﻣ ــﺎ أﻣﻜﻨﻬ ــﺎ‪ ،‬وآﻳ ــﺔ‬
‫ـﻮدﳘﺎ اﷲُ ﻋ ــﲆ‬
‫ـﻬﻴﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺳ ـ ﱠ َ‬
‫ـﻴﺪﻳﻦ ﳎﺎﻫ ـ َـﺪﻳﻦ ﺷ ـ َ‬
‫ذﻟ ــﻚ أﳖ ــﺎ ر ﱠﺑ ــﺖ أﻋﻈ ـ َـﻢ ﻓﺘﻴَ ــﲔ ﺳ ـ َ‬
‫ﺷ ِ‬
‫ـﺒﺎب أﻫ ِـﻞ اﳉﻨــﺔ‪ ،‬وﻣﻨﻬـﺎ اﻧﻄﻠﻘــﺖ أﻋﻈ ُـﻢ ﺳــﻴﺪة ﻫﺎﺷـﻤﻴﺔ ﻣــﻦ ﻓﺘﻴـﺎت اﳉﻬــﺎد‪،‬‬
‫وﻫﻲ زﻳﻨﺐ اﻟﻜﱪى‪.‬‬
‫ﻣﻘﺪﺳ ـ ــﺔ ﰲ وﻋ ـ ــﻲ ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ‪ ،‬ﻛ ـ ــﲈ ﻫ ـ ــﻮ ﺷ ـ ــﺄﻧﻪ ﰲ‬
‫ﻛ ـ ــﺎن اﳉﻬ ـ ــﺎد ﳛﺘ ـ ــﻞ ﻣﻜﺎﻧ ـ ــﺔ ﱠ‬
‫اﻹﺳﻼم‪ ،‬أﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﰲ ﺧﻄﺒﺘﻬﺎ ﰲ وﺟﻪ أﰊ ﺑﻜﺮ‪ ،‬وﻫـﻲ ﺗﻌ ﱢـﺪد ُﺣﻜ َْـﻢ‬
‫)‪(٢‬‬ ‫ِ‬
‫ـﺎد ﻋـ ًـﺰا ﻟﻺﺳــﻼم(‪ ،‬وﻳــﺪل ﻋــﲆ وﻋﻴﻬ ــﺎ‬ ‫ﺗــﴩﻳﻌﺎت اﻹﺳــﻼم‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟــﺖ‪) :‬واﳉﻬـ َ‬
‫اﳉﻬــﺎدي أﳖــﺎ ﻗﺮﻧــﺖ اﳉﻬــﺎد اﻟــﺬي ﻣﻨــﻪ اﻟﻘﺘــﺎل ﰲ ﺳــﺒﻴﻞ اﷲ‪ ،‬ﺑﺎﻟــﺼﱪ‪ ،‬وﺑ ــﺎﻷﻣﺮ‬

‫)‪ (١‬اﻟﻜﻌﺒﻲ‪ ،‬ﺳﻴﺪة اﻟﻨﺴﺎء ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺰﻫﺮاء‪ ،‬ص‪.٨١‬‬

‫ﻋﺰا ﻟﻺﺳﻼم(‪.‬‬
‫)‪ (٢‬ﻣﻌﻄﻮف ﻋﲆ اﳌﻨﺼﻮب ﻗﺒﻠﻪ‪ ،‬أي )وﺟﻌﻞ اﳉﻬﺎد ً‬

‫‪٧٧‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﺑﺎﳌﻌﺮوف‪ ،‬وﺗﻌﻠﻴﻞ ذﻟﻚ ﺑـ)ﻋﺰ اﻹﺳﻼم(‪.‬‬

‫ﻇ ﱠﻠ ــﺖ اﻟﺰﻫـ ــﺮاء وﻓﻴ ــﺔ ﻷﺑﻴﻬـ ــﺎ وﳊﺮﻛﺘـ ــﻪ اﳉﻬﺎدﻳـ ــﺔ‪ ،‬وﻇ ﱠﻠـ ــﺖ ﺑﻨـ ـ َـﺖ ﳏﻤـ ـ ٍـﺪ ﻛـ ــﲈ‬
‫أراد ‪ ،‬ﺑﻞ وﻟﻜﺄن اﻟﻌﻨﺎﻳـﺔ اﻹﳍﻴـﺔ أرادت ﳍـﺎ أن ﺗﻜـﻮن ﻗﺮﻳﺒـﺔ إﻟﻴـﻪ ﰲ اﻟـﺪﻧﻴﺎ‬
‫ـﻮدع‬ ‫ُ ِ‬
‫ـﻦ ﻳ ـ ﱢ‬
‫وﳚﻌﻠﻬ ــﺎ آﺧ ـ َـﺮ َﻣ ـ ْ‬ ‫واﻵﺧ ــﺮة‪ ،‬وﻫ ــﻮ ذﻟ ــﻚ اﻟ ــﺬي ﻛ ــﺎن ﻳ ــﺸﺘﺎق إﻟﻴﻬ ــﺎ داﺋ ــﲈ‪،‬‬
‫ودﻋﻬــﻢ‬ ‫ِ‬ ‫وأول ﻣــﻦ ﻳـ ِ‬ ‫إذا ﺳــﺎﻓﺮ‪َ ،‬‬
‫ـﺴﺘﻘﺒﻞ إذا ﻗــﺪم‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧــﺖ ﺑﺎﻟﻔﻌــﻞ ﻫــﻲ آﺧـ َـﺮ َﻣــﻦ ﱠ‬
‫أول ﻣـ ــﻦ اﺳ ــﺘﻘﺒﻞ ﻣ ــﻨﻬﻢ ﰲ اﻵﺧ ــﺮة؛ إذ ﻛﺎﻧـ ــﺖ‬ ‫ﰲ ﺣﻴﺎﺗ ــﻪ‪ ،‬وﻛﺎﻧ ــﺖ ﻫ ــﻲ أﻳ ــﻀﺎ َ‬
‫أول أﻫﻞ ﺑﻴﺘﻪ ﳊﺎًﻗﺎ‪.‬‬
‫ـﺘﺪ ﺑــﻪ اﳌــﺮض ﻗﺒﻴــﻞ وﻓﺎﺗــﻪ ﻗﺎﻟـﺖ‪ :‬واﻛﺮﺑــﺎه ﻟﻜﺮﺑــﻚ ﻳــﺎ أﺑﺘــﺎه‪ ،‬ﻓﻘــﺎل‪ :‬ﻻ‬
‫وﳌـﺎ اﺷـ ﱠ‬
‫)‪(١‬‬
‫أﴎ إﻟﻴﻬــﺎ أﻧــﻪ ﺳــﻴﻐﺎدر اﳊﻴــﺎة ﺑﻜــﺖ‪ ،‬ﻟﻜﻨــﻪ‬
‫ﻛــﺮب ﻋــﲆ أﺑﻴــﻚ ﺑﻌــﺪ اﻟﻴــﻮم ‪ ،‬وﳌــﺎ ّ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﱠﳌﺎ أﻋﻠﻤﻬﺎ أﳖﺎ أول اﻟﻼﺣﻘﲔ ﺑﻪ وأﳖﺎ ﺳﻴﺪة ﻧﺴﺎء اﳌﺆﻣﻨﲔ ﺿﺤﻜﺖ ‪.‬‬
‫ﻇﻠــﺖ ﻓﺎﻃﻤــﺔ ‪ -‬ﻛــﲈ أرادﻫــﺎ واﻟــﺪﻫﺎ ‪ -‬ﺑِﻨْـَﺖ ﳏﻤــﺪ‪ ،‬؛ وﳍـﺬا ﳌــﺎ َ ْ‬
‫ﻣﻨﻌﺘﻬــﺎ‬
‫ـﱪت‬ ‫َ‬
‫وﻣﲑاﺛﻬـﺎ ﰲ اﳌﺪﻳﻨـﺔ وﺧﻴـﱪ‪ ،‬اﻋﺘ َ‬ ‫ﺳﻠﻄﺔ اﳋﻼﻓﺔ ﻣـﺎ َ َ‬
‫ﻧﺤﻠﻬـﺎ أﺑﻮﻫـﺎ ﰲ ﻓـﺪك‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ذﻟـﻚ ﺗﻔﺮﻳﻘــﺎ ﺑــﲔ ﻓﺎﻃﻤــﺔ وأﺑﻴﻬــﺎ ﳏﻤــﺪ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟــﺖ‪) :‬أﺗــﺮث أﺑــﺎك ﻳــﺎ اﺑــﻦ أﰊ ﻗﺤﺎﻓــﺔ‬
‫)‪(٣‬‬
‫وﻻ أرث أﰊ؟!( ‪.‬‬
‫أﻟﻴـ ــﺴﺖ ﻫـ ــﻲ ﻓﺎﻃﻤـ ـ َـﺔ ﺑِﻨْـ ـَﺖ ﳏﻤـ ــﺪ!! ﻓﻜﻴـ ــﻒ ﻳﺮﻳـ ــﺪون ﳏﻤـ ــﺪا ﺑـ ــﻼ ﻓﺎﻃﻤـ ــﺔ‪،‬‬
‫وﻛﺬﻟﻚ ﻛﻴﻒ ﻳﺮﻳﺪوﳖﺎ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﺪون ﳏﻤﺪ ‪‬؟!‬

‫)‪ (١‬أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس اﳊﺴﻨﻲ‪ ،‬اﳌﺼﺎﺑﻴﺢ‪ ،‬ص‪.٢٤٦‬‬

‫)‪ (٢‬اﳌﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫)‪ (٣‬اﺑﻦ أﰊ اﳊﺪﻳﺪ‪ ،‬ﴍح ﳖﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ‪ ،‬ج‪ ،١٦‬ص‪.٢٥١‬‬

‫‪٧٨‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪  ‬‬

‫ﻛﺎﻧـ ــﺖ ﺳـ ــﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ ﲥـ ــﺘﻢ ﺑـ ــﺄﻣﺮ اﳌﺠﺎﻫـ ــﺪﻳﻦ‪ ،‬وﺑﺎﻟـ ــﺸﻬﺪاء ﻣـ ــﻨﻬﻢ‪ ،‬ﻓﻠـ ــﲈ‬
‫)‪(١‬‬
‫ـﺸﻬﺪ ﻋ ﱡـﻢ أﺑﻴﻬـﺎ ﲪــﺰة ﺑﻜـﺖ‪ ،‬ﻓﺎﳖ ّﻠـﺖ دﻣـﻮع أﺑﻴﻬــﺎ ﻟﺒﻜﺎﺋﻬـﺎ ‪ ،‬وﻣﻌﻨـﻰ ذﻟــﻚ‬ ‫اﺳ ُﺘ ْ ِ‬
‫أﳖــﺎ ﻛﺎﻧــﺖ ﺗــﺸﻌﺮ ﺑﺤﺎﻟــﺔ اﳉﻬــﺎد‪ ،‬وﺗﻌــﺎﲏ ﻣــﻦ ﻓﻘــﺪ رﺟــﺎﻻت اﻹﺳــﻼم اﻟﻌﻈــﲈء؛‬
‫ﻟﻜﻨﻬ ــﺎ ﱂ ﺗﻜﺘـ ــﻒ ﺑﺎﻻﻧﻔﻌ ــﺎﻻت اﻟﻮﺟﺪاﻧﻴـ ــﺔ ﻋ ــﲆ أﺳـ ـ ِـﺪ اﷲ ﻋ ـ ﱢـﻢ أﺑﻴﻬـ ــﺎ ﲪ ــﺰة‪ ،‬ﺑـ ــﻞ‬
‫ﲢﺮﻛ ــﺖ ﰲ أﻧ ــﺸﻄﺔ ﻋﻤﻠﻴ ــﺔ راﺋﻌ ــﺔ ﲣ ﱢﻠ ــﺪ ذﻛ ــﺮى اﻟ ــﺸﻬﺪاء‪ ،‬وﺗﻘ ـ ﱢـﺪس ﻗ ــﻀﺎﻳﺎﻫﻢ‪،‬‬ ‫ﱠ‬
‫ً‬
‫ﻧﻤﻮذﺟﻴﺔ ﻟﻸﺟﻴﺎل اﳌﺴﻠﻤﺔ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وﲡﻌﻠﻬﻢ ﻗﺪوات‬ ‫ُ‬

‫ـﻮر اﻟـﺸﻬﺪاء ﻏــﺪاة ﻛـ ﱢـﻞ ﺳــﺒﺖ‪ ،‬وﻛﺎﻧــﺖ ﺗــﺄﰐ‬

‫ـﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬــﺎ ﺗــﺄﰐ ﻗﺒـ َ‬
‫ﻟﻘـﺪ ﻛﺎﻧــﺖ ﺳـ ُ‬
‫)‪(٣‬‬ ‫)‪(٢‬‬
‫ﻗﱪ ﲪﺰة وﺗﺰوره وﺗﻘﻮم ﻋﻠﻴﻪ ‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ أﻳﻀﺎ‪" :‬ﺗﺮﻣﻪ وﺗﺼﻠﺤﻪ" ‪.‬‬
‫َْ‬
‫وﰲ ذﻟـ ــﻚ ﻣـ ــﺎ ﻓﻴـ ــﻪ ﻣـ ــﻦ إﺣﻴـ ــﺎء ﻗـ ــﻀﻴﺔ اﳉﻬـ ــﺎد‪ ،‬وﺗﺮﺑﻴـ ــﺔ اﻷﺟﻴـ ــﺎل ﻋـ ــﲆ ﺣ ﱢﺒـ ــﻪ‬
‫ـﻀﻮء ﻋ ـ ـ ــﲆ أﳘﻴ ـ ـ ــﺔ اﻻﻫ ـ ـ ــﺘﲈم‬ ‫ـﺐ اﻻﺳﺘ ـ ـ ــﺸﻬﺎد ﰲ ﺳ ـ ـ ــﺒﻴﻞ اﷲ‪ ،‬وﻳ ـ ـ ـ ﱢ‬
‫ـﺴﻠﻂ اﻟ ـ ـ ـ َ‬ ‫وﺣ ـ ـ ـ ﱢ‬
‫ـﺎء ﻟﻘﺪﺳ ـ ــﻴﺔ اﳉﻬ ـ ــﺎد‪ ،‬وﻓ ـ ــﻀﻴﻠﺔ اﻟ ـ ــﺸﻬﺎدة‪ ،‬وﻫﻜ ـ ــﺬا‬
‫ﺑﺮوﺿ ـ ــﺎت اﻟ ـ ــﺸﻬﺪاء‪ ،‬إﺣﻴ ـ ـ ً‬
‫ﻳـ ــﺼﻨﻊ اﳌﺮﺑ ـ ــﻮن ﻟﻸﺟﻴـ ــﺎل؛ إذ ﻳـ ــﺪﻟﻮﳖﻢ ﻋ ـ ــﲆ اﻻﻫـ ــﺘﲈم ﺑ ـ ــﲈ ﻳـ ــﺮﰊ ﻓ ـ ــﻴﻬﻢ ﺧ ـ ــﺼﺎل‬
‫ورﻣﻬ ــﺎ ﳍ ــﺎ ﺑﻘ ــﺪر ﻣ ــﺎ‬
‫اﻟﻜ ــﲈل‪ ،‬وﻓ ــﻀﺎﺋﻞ اﻷﻋ ــﲈل‪ .‬وإﺻ ــﻼﺣﻬﺎ ﻟﻘﺒ ــﻮر اﻟ ــﺸﻬﺪاء ﱡ‬

‫)‪ (١‬اﺑﻦ أﰊ اﳊﺪﻳﺪ‪ ،‬ﴍح ﳖﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ‪ ،‬ج‪ ،١٥‬ص‪.١٧‬‬

‫)‪ (٢‬اﳊﻮﺛﻲ‪ ،‬اﳌﺨﺘﺎر‪ ،‬ص‪ ،٢٠٥‬ﻧﻘﻼ ﻋﻦ اﳉﺎﻣﻊ اﻟﻜﺎﰲ‪.‬‬
‫)‪ (٣‬اﻟﺒﻼذري‪ ،‬أﻧﺴﺎب اﻷﴍاف‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٦٨‬‬

‫‪٧٩‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﻳﺸﲑ إﱃ اﻫﺘﲈﻣﻬﺎ ﲠﻢ وﺑﻘﻀﻴﺘﻬﻢ‪ ،‬ﻳﺸﲑ أﻳﻀﺎ إﱃ ﻣﻬﺎراﲥﺎ اﳌﺘﻨﻮﻋﺔ ﰲ ﺣﻴﺎﲥﺎ‬

‫اﻻﺟﺘﲈﻋﻴﺔ‪.‬‬

‫ـﻒ واﻷﻧـ ـ ــﺸﻄﺔ واﻷﻋـ ـ ــﲈل اﻟﺘـ ـ ــﻲ‬

‫ـﺪم اﳌﺠﺎﻫ ـ ــﺪة اﻟﻴـ ـ ــﻮم اﳌﻮاﻗـ ـ ـ َ‬
‫وﻫﻜ ـ ــﺬا ﻻ ﺗﻌـ ـ ـ َ ُ‬
‫ـﺎء ﻗ ــﻀﻴﺔ اﻟ ــﺸﻬﺪاء وﻣ ــﺎ اﺳ ُﺘ ـ ِ‬
‫ـﺸﻬﺪوا ﻋﻠﻴ ــﻪ؛ ﻟﻜ ــﻲ ﺗﻜ ــﻮن ﻓﺎﻃﻤﻴ ــﺔ‬ ‫ﱠ‬
‫ﻳﺘﻄﻠﺒﻬ ــﺎ إﺣﻴ ـ ُ‬
‫اﻟﻮﺟﺪان‪ ،‬زﻫﺮاﺋﻴﺔ اﻟﺴﻠﻮك‪.‬‬

‫‪٨٠‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫ـﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ وﻓﺮﻳ ــﺪة ﱂ ﻧﻌﻬـ ْـﺪﻫﺎ ﻻﻣ ــﺮأة‬

‫أﺿــﻔﻲ ﻋــﲆ ﻫ ــﺬه اﳌــﺮأة اﻻﺳ ــﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻛﻨﻴــﺔ اﺳـ ّ‬
‫)‪(١‬‬
‫واﻟﺪﻫﺎ ﺑـ)أم أﺑﻴﻬﺎ(‪ ،‬وروي ذﻟﻚ ﻋﻦ اﻟﺒﺎﻗﺮ ‪ ،‬ﻗﺎل‬ ‫أﺧﺮى؛ إذ ﻛﻨﺎﻫﺎ اﻟﺮﺳﻮل ‪ُ ‬‬
‫وذﻛِــﺮ أن اﻟﻨﺒــﻲ ‪ ‬ﻛﻨﺎﻫــﺎ أم أﺑﻴﻬــﺎ‪،‬‬
‫اﻟﻨـﻮوي ﰲ ﻛﺘــﺎب ﲥــﺬﻳﺐ اﻷﺳــﲈء واﻟﻠﻐـﺎت‪ُ :‬‬
‫ﻳﻨﻮه ﺑﻤﻘﺎﻣﻬﺎ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺘﻨﻮﻳﻪ"‪ ،‬إﱃ ﻗﻮﻟﻪ‪" :‬ﻓﺤﻴﺚ ﱠﻧﺰﳍﺎ أﻛ ُ‬
‫ـﺮم اﳋﻼﺋـﻖ‬ ‫وﻗﺎل‪" :‬ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﱢ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻣﻨﺰﻟﺔ أﻛﺮم اﳋﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ" ‪.‬‬
‫ﻏﲑ أن ﺗﻨﺰﻳﻠﻪ ‪ ‬ﳍﺎ ﰲ اﳊﺪﻳﺚ اﳌـﺸﻬﻮر )ﻓﺎﻃﻤـﺔ ﺑـﻀﻌﺔ ﻣﻨـﻲ(‪ ،‬أو )ﻓﺎﻃﻤـﺔ‬
‫ﺷــﺠﻨﺔ ﻣﻨ ــﻲ(‪ ،‬ﻟــﻴﺲ أﻗ ـ ﱠـﻞ ﻣ ــﻦ ﻫــﺬا اﻟﺘﻨﺰﻳ ــﻞ؛ ﺣﻴــﺚ ّﻧﺰﳍ ــﺎ ﻫﻨ ــﺎك ﻛﺠــﺰء ﻣ ــﻦ ﻧﻔ ــﺴﻪ‪،‬‬
‫وﻫﻮ اﻟﻨﺒﻲ اﳌﺮﺳﻞ‪ ،‬اﻟﺬي ﻻ ﻳﻨﻄﻖ ﻋﻦ اﳍﻮى‪ ،‬ﻓﻬﻞ أراد اﻟﺮﺳﻮل ‪ ‬أن ﻳﻜـﻮن‬
‫أﺣﻜﺎم أﺧﺮى؟‬
‫ٌ‬ ‫ﻳﱰﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﻫﺬا وﺻﻔﺎ ﴍﻋﻴﺎ ﱠ‬
‫ﻗﺒــﻞ أن ﻧﺤ ــﺎول اﻹﺟﺎﺑــﺔ ﻋ ــﲆ ذﻟ ــﻚ ﻧﺠﻴــﺐ ﻋ ــﲆ اﻟ ــﺴﺆال اﻟﻘﺎﺋــﻞ‪ :‬ﳌ ــﺎذا ﻗ ــﺎل‬
‫ﻋﻨﻬ ــﺎ‪) :‬أم أﺑﻴﻬ ــﺎ(‪ ،‬وﱂ ﻳﻘ ــﻞ‪) :‬أﻣ ــﻲ(‪ ،‬أو )أم ﳏﻤ ــﺪ(‪ ،‬أو )أم اﻟﺮﺳ ــﻮل( أو )أم‬
‫اﻟﻨﺒ ــﻲ(‪ ،‬وﻳﺒ ــﺪو أﻧ ــﻪ إﻧـ ــﲈ أراد اﻟﻘﻄـ ــﻊ ﻋ ــﲆ ﺳـ ـ ِ‬
‫ـﺆال اﻻﺳ ــﺘﻐﺮاب اﻟﻘﺎﺋـ ــﻞ‪ :‬ﻛﻴـ ــﻒ‬
‫ﺗﻜﻮن أم ﳏﻤﺪ‪ ،‬أو أم اﻟﺮﺳﻮل‪ ،‬وﻫﻮ ﰲ اﻟﻮاﻗﻊ أﺑﻮﻫﺎ؟‬
‫ﻣﺰدوﺟــﺔ؛ ﻓﻔﻴﻬــﺎ ﻣــﻦ اﳊﻴﺜﻴــﺎت‬
‫إن ﻋﻼﻗــﺔ ﻓﺎﻃﻤــﺔ ﺑﻮاﻟــﺪﻫﺎ اﻟﺮﺳــﻮل ﻋﻼﻗــﺔ َ َ‬

‫)‪ (١‬اﻷﺻﻔﻬﺎﲏ‪ ،‬ﻣﻘﺎﺗﻞ اﻟﻄﺎﻟﺒﻴﲔ‪ ،‬ص‪ ،٣٢‬ﺑﺎب اﳊﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﲇ‪.‬‬

‫)‪ (٢‬اﳌﺆﻳﺪي‪ ،‬ﻟﻮاﻣﻊ اﻷﻧﻮار‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٦٣‬‬

‫‪٨١‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﻣ ـ ــﺎ ﺟﻌﻠﻬ ـ ــﺎ اﺑﻨﺘ ـ ـﻪ‪ ،‬وﻫ ـ ــﺬه ﻫـ ــﻲ اﳊﻘﻴﻘ ـ ــﺔ اﻟﻌﺮﻓﻴ ـ ــﺔ واﻟ ـ ــﴩﻋﻴﺔ‪ ،‬وﻗ ـ ــﺪ أرادﻫ ـ ــﺎ ﰲ‬
‫ﳏﻄ ـ ــﺎت ﻛﺜ ـ ــﲑة أن ﺗﻜ ـ ــﻮن اﺑﻨﺘ ـ ــﻪ ﻛـ ــﺬﻟﻚ‪ ،‬وﻟﻜ ـ ــﻦ ﻓﻴﻬ ـ ــﺎ أﻳ ـ ــﻀﺎ ﻣ ـ ــﻦ اﳊﻴﺜﻴ ـ ــﺎت‬
‫ﻣﺜﻞ أﻣﻪ ﺻﻠﻮات اﷲ ﻋﻠﻴﻬﻢ أﲨﻌﲔ‪.‬‬ ‫اﻟﻜﺜﲑة ﻣﺎ ﳚﻌﻠﻬﺎ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ أﻣﻪ‪ ،‬أو َ‬
‫ـﺎن وﻋﻄـ ِ‬
‫ـﻒ‬ ‫ﻛﺜــﲑ ﻣــﻦ ﺗــﴫﻓﺎﲥﺎ ﻣﻌــﻪ ﺗــﺸﲑ إﱃ ﺣﻨﺎﳖــﺎ وﻋﻄﻔﻬــﺎ ﻋﻠﻴــﻪ ﻛﺤﻨـ ِ‬
‫ٌ‬
‫اﻷﻣﻬ ــﺎت ﻋ ــﲆ أوﻻدﻫ ــﻦ‪ ،‬ﻓﻘ ــﺪ ﻛﺎﻧ ــﺖ ﲥ ــﺘﻢ ﺑ ــﻪ اﻫ ــﺘﲈم اﻷم ﺑﻮﻟ ــﺪﻫﺎ‪ ،‬ﻓﻤﻨ ــﺬ أﻳ ــﺎم‬
‫ﻃﻔﻮﻟﺘﻬــﺎ ﻛﺎﻧ ــﺖ ﺗ ــﺪﻓﻊ ﻋﻨــﻪ أذى اﳌ ــﴩﻛﲔ‪ ،‬وﲣ ّﻔ ــﻒ آﻻﻣــﻪ وﺗ ــﻀﻤﺪ ﺟﺮوﺣ ــﻪ‪،‬‬
‫ـﻔﺮ ﺑــﺎدرت إﱃ اﺳ ــﺘﻘﺒﺎﻟﻪ‬ ‫وﲤــﺴﺢ اﻟــﺪم ﻋــﻦ وﺟﻬ ــﻪ ﰲ اﳊــﺮب‪ ،‬وإذا ﻋــﺎد ﻣ ــﻦ ﺳـ ٍ‬
‫)‪(١‬‬
‫وﻗﺒﻠﺖ ﺑﲔ ﻋﻴﻨﻴﻪ‪ ،‬وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺄﺛﺮ ﳊﺎﻟﻪ وﲢﻨﻮ ﻋﻠﻴﻪ ‪.‬‬
‫واﻋﺘﻨﻘﺘﻪ ّ‬
‫ـﺖ اﻟ ــﺼﻐﲑة‪ ،‬وﻫ ــﻲ ﺗﻘ ــﻒ إﱃ ﺟﺎﻧ ــﺐ أﺑﻴﻬ ــﺎ‬ ‫"ﻟﻘ ــﺪ ﺷ ــﺎﻫﺪ اﻟﻨ ـ ُ‬
‫ـﺎس ﻫ ــﺬه اﻟﺒﻨ ـ َ‬
‫أﻣﺰان اﻟﻘﻠﻖ ﻋﲆ ﻣﺼﲑه‪ ،‬وﺗﺘﺤﺮك‬ ‫َ‬ ‫اﻟﺒﻄﻞ‪ ،‬ﺗﺰﻳﻞ ﻋﻨﻪ اﻷذى‪ ،‬وﺗﻨﺜﺮ ﻣﻘﻠﺘﺎﻫﺎ‬
‫ـﻴﺔ ﻟ ــﻪ ﰲ اﳌ ــﺼﺎﻋﺐ ﻛﻠﻬ ــﺎ‪ ،‬ﺑﻜﻠ ــﲈت وﺗ ــﴫﻓﺎت ﺑﺮﻳﺌ ــﺔ وﺣﻨﻮﻧ ــﺔ‪،‬‬ ‫ﺑﻠﻄ ــﻒ ﻣﻮاﺳ ـ ً‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﺑﺮوﻋﺔ وﲨﺎل وﺟﻼل" ‪.‬‬
‫ﰲ ﻏ ــﺰوة أﺣ ــﺪ أﴎﻋ ــﺖ إﻟﻴ ــﻪ ﻓ ــﻀﻤﺪت ﺟﺮوﺣ ــﻪ‪ ،‬وﻣ ــﺴﺤﺖ ﻋ ــﻦ وﺟﻬ ــﻪ‬
‫)‪(٣‬‬
‫اﻟﺪم ‪ ،‬وﳌﺎ ﻧﺪم اﳌﴩﻛﻮن أﳖﻢ ﱂ ﻳﻘﻀﻮا ﳖﺎﺋﻴﺎ ﻋﲆ اﳌﺴﻠﻤﲔ ﺑﻌﺪ ﻫﺰﻳﻤﺘﻬﻢ‪،‬‬
‫وأزﻣﻌ ــﻮا اﻟﻌ ــﻮدة‪ ،‬ﻧ ــﺰل أﻣ ــﺮ اﷲ ﻟﻠﻤ ــﺴﻠﻤﲔ ﺑ ــﺎﻹﴎاع ﰲ ﻣ ــﻮاﺟﻬﺘﻬﻢ ﻋ ــﲆ ﻣ ــﺎ‬

‫)‪ (١‬اﻟﻜﻌﺒﻲ‪ ،‬ﺳﻴﺪة اﻟﻨﺴﺎء ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺰﻫﺮاء‪ ،‬ص‪.٣٧‬‬

‫)‪ (٢‬ﴍﻳﻌﺘﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻫﻲ ﻓﺎﻃﻤﺔ‪ ،‬ص‪.١٤٦‬‬
‫)‪ (٣‬اﺑ ــﻦ أﰊ اﳊﺪﻳـ ــﺪ‪ ،‬ﴍح ﳖ ــﺞ اﻟﺒﻼﻏـ ــﺔ‪ ،‬ج‪ ،١٥‬ص‪٣٥‬؛ وﻣ ــﺴﻠﻢ‪ ،‬اﻟـ ــﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪،١٠١‬‬
‫رﻗ ـ ــﻢ‪١٤١١١‬؛ واﻟ ـ ــﺒﻼذري‪ ،‬أﻧ ـ ــﺴﺎب اﻷﴍاف‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪٣٢٤‬؛ واﻟﻄ ـ ــﱪي‪ ،‬ﺗ ـ ــﺎرﻳﺦ اﻷﻣ ـ ــﻢ‬
‫واﳌﻠـ ــﻮك‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪٢٧‬؛ واﳊـ ــﺎﻛﻢ‪ ،‬اﳌـ ــﺴﺘﺪرك‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪٢٤‬؛ وﺳـ ــﺒﻂ اﺑـ ــﻦ اﳉـ ــﻮزي‪ ،‬ﺗـ ــﺬﻛﺮة‬
‫اﳋﻮاص‪ ،‬ص‪ ،١٦٤‬؛ واﳍﻴﺜﻤﻲ‪ ،‬ﳎﻤﻊ اﻟﺰواﺋﺪ‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪١٢٢‬‬

‫‪٨٢‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﻋ ــﲆ ﻣ ــﺎ ﲠ ــﻢ ﻣ ــﻦ اﳉ ــﺮاح وﻓ ــﺮاق اﻟ ــﺸﻬﺪاء‪ ،‬وﻫﻨ ــﺎ ﺑ ــﺎدرت )أم أﺑﻴﻬ ــﺎ( ﻟﺘﺠﻬﻴ ــﺰ‬
‫وأﻋﺪﺗ ــﻪ ﻟـ ــﻪ‪ ،‬ﻛﻔﻌـ ــﻞ اﳌﺆﻣﻨـ ــﺎت اﻟﻴـ ــﻮم ﻣـ ــﻊ أﺑﻨـ ــﺎﺋﻬﻦ وﻫـ ــﻦ‬
‫ﱠ‬ ‫)وﻟـ ــﺪﻫﺎ( ﺑﺎﻟـ ــﺴﻼح‪،‬‬
‫ﺰﳖﻢ إﱃ اﳉﺒﻬﺎت‪.‬‬ ‫ﳚﻬ ْ َ‬
‫)‪(١‬‬
‫ِ‬
‫ـﺄﻗﺮاص اﳋﺒ ــﺰ إذا ﺟ ــﺎع‪ ،‬ﻛ ــﲈ ﻓﻌﻠ ــﺖ ﻳ ــﻮم اﳋﻨ ــﺪق ‪،‬‬‫وﻛﺎﻧ ــﺖ ُ ْﺗﻘﺒ ِــﻞ ﻋﻠﻴ ــﻪ ﺑ ـ‬
‫ـﺎء ﻟﻼﺳـ ــﺘﺤﲈم واﻻﻏﺘـ ــﺴﺎل‬
‫ـﺖ ﻟ ــﻪ ﺧﻴﻤﺘَـ ــﻪ‪ ،‬وﻫﻴﱠـ ــﺄت ﻟ ــﻪ ﻣـ ـ ً‬
‫ﴐ َﺑ ـ ْ‬
‫وﰲ ﻓ ــﺘﺢ ﻣﻜـ ــﺔ َ َ‬
‫ﻟﻴﺰﻳــﻞ ﻋ ــﻦ ﺟ ــﺴﺪه ﻏﺒ ــﺎر اﻟﻄﺮﻳ ــﻖ‪ ،‬وﻳﺮﺗ ــﺪي ﺛﻴﺎﺑ ــﺎ ﻧﻈﻴﻔ ــﺔ ﳜ ـ ُـﺮج ﲠ ــﺎ إﱃ اﳌ ــﺴﺠﺪ‬
‫)‪(٢‬‬
‫وﻟﺪﻫﺎ‪.‬‬
‫اﻷم َ‬
‫ﲡﻬﺰ ﱡ‬
‫اﳊﺮام ﻛﲈ ﱢ ُ‬
‫وﻛﺎن إذا ﻋﺎد ﻣﻦ ﺳﻔﺮه ﺑـﺎدر إﱃ ﺑﻴﺘﻬـﺎ‪ ،‬ﻓﺘﺘﻠﻘـﺎه ﻋـﲆ ﺑـﺎب اﻟﺒﻴـﺖ‪ ،‬وﺗﺒﻜـﻲ‬
‫ِ‬
‫ﻳﻄﻤﺌﻨُﻬـﺎ‪ ،‬وﻗــﺪ‬ ‫إذا رأﺗـﻪ "ﺷ ِـﻌﺜﺎ ﻧ ِـﺼﺒﺎ‪ ،‬ﻗـﺪ اﺧﻠﻮﻟ َﻘ ْـﺖ ﺛﻴﺎ ُﺑـﻪ"‪ ،‬ﻓﻜـﺎن رﺳ ُ‬
‫ـﻮل اﷲ‬
‫ﻗـ ــﺎل ﳍـ ــﺎ ﻣـ ــﺮة‪" :‬ﻻ ﺗﺒﻜـ ــﻲ‪ ،‬ﻓـ ــﺈن اﷲ ﻗـ ــﺪ ﺑﻌـ ــﺚ أﺑـ ــﺎك ﺑـ ـ ٍ‬
‫ـﺄﻣﺮ ﻻ ﻳﺒﻘـ ــﻰ ﻋـ ــﲆ وﺟ ـ ــﻪ‬
‫ﻌﺮ‪ ،‬إﻻ أدﺧﻠــﻪ اﷲ ﺑــﻪ ﻋــﺰا‬
‫ـﺪر‪ ،‬وﻻ ﺣﺠـ ٌـﺮ‪ ،‬وﻻ وﺑـ ٌـﺮ‪ ،‬وﻻ ﺷـ ٌ‬ ‫اﻷرض ﺑﻴ ٌـﺖ وﻻ ﻣـ ٌ‬
‫)‪(٣‬‬
‫أو ذﻻ‪ ،‬ﺣﺘ ــﻰ ﻳﺒﻠ ــﻎ ﺣﻴ ــﺚ ﺑﻠ ــﻎ اﻟﻠﻴ ــﻞ" ‪ ،‬وﻟﻜﺄﻧ ــﻪ ﻫﻨ ــﺎ ﳜﺎﻃ ــﺐ ﲠ ــﺬه اﻟﻜﻠ ــﲈت‬
‫أﻣﻬﺎت اﳌﺠﺎﻫﺪﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺘﻐﻮن اﻟﻌﺰة ﻣﻦ اﷲ ﻻ ﻣﻦ أﻋﺪاﺋﻪ‪.‬‬
‫وﻣﻨـ ــﺬ ﺗـ ــﻮﰲ ‪ ‬ﻣـ ــﺎ رؤﻳـ ــﺖ ﺿـ ــﺎﺣﻜﺔ وﻻ ﻣﺘﺒـ ـ ﱢـﺴﻤﺔ‪ ،‬إﻻ ﻳـ ـ َ‬
‫ـﻮم ﺻـ ــﻨﻌﺖ ﳍـ ــﺎ‬
‫)‪(٤‬‬
‫ـﺆذن ﺣﺘ ــﻰ إذا‬‫ـﺮب وﻓﺎﲥ ــﺎ ‪ ،‬وﺳ ــﻤﻌﺖ ﺑ ــﻼﻻ ﻳ ـ ﱢ‬ ‫ـﻨﻌﺶ ُﻗ ـ ْ َ‬
‫ـﲈء ﺑﻨ ـ ُـﺖ ﻋﻤ ــﻴﺲ اﻟ ـ ْ َ‬
‫أﺳ ـ ُ‬
‫ﺑﻠـﻎ‪) :‬أﺷــﻬﺪ أن ﳏﻤـﺪا رﺳــﻮل اﷲ( ﺷـﻬﻘﺖ وﺳــﻘﻄﺖ ﻟﻮﺟﻬﻬـﺎ وﻏــﴚ ﻋﻠﻴﻬــﺎ‬

‫)‪ (١‬اﳍﻴﺜﻤﻲ‪ ،‬ﳎﻤﻊ اﻟﺰواﺋﺪ‪ ،‬ج‪ ،١٠‬ص‪.٣١٢‬‬

‫)‪ (٢‬اﻷزرﻗﻲ‪ ،‬أﺧﺒﺎر ﻣﻜﺔ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪١٦١‬؛ واﻟﺬﻫﺒﻲ‪ ،‬اﳌﻐﺎزي‪ ،‬ص‪.٥٥٥‬‬
‫)‪ (٣‬اﻟﻄﱪاﲏ‪ ،‬اﳌﻌﺠﻢ اﻟﻜﺒﲑ‪ ،‬ج‪ ،٢٢‬ص‪.٢٢‬‬
‫)‪ (٤‬اﻟﻄﱪاﲏ‪ ،‬اﳌﻌﺠﻢ اﻟﻜﺒﲑ‪ ،‬ج‪ ،٢٢‬ص‪.٣٩٨‬‬

‫‪٨٣‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(١‬‬
‫ﺣﺘﻰ ﻇﻦ أﳖﺎ ﻓﺎرﻗﺖ اﳊﻴﺎة ‪ ،‬وﻗﻴﻞ‪ :‬إﳖﺎ ﻛﻤﺪت ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﺗﻠﺒﺚ ﺑﻌـﺪه إﻻ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﻗﻠ ـ ــﻴﻼ ‪ .‬وﳛﻤ ـ ــﻞ أﻳ ـ ــﻀﺎ ﻋ ـ ــﲆ أﳖ ـ ــﺎ ﻛﻤ ـ ــﺪت ﻋ ـ ــﲆ ﻣ ـ ــﺎ أﺻ ـ ــﺎب اﻹﺳ ـ ــﻼم ﻣ ـ ــﻦ‬
‫ﳐﺎﻟﻔﺎت ﺧﻄﲑة‪.‬‬
‫وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻪ ﺑـﻬﺬه اﻷﺑﻴﺎت‪:‬‬
‫ﻟ ـ ــﻮ ﻛﻨ ـ ـ ــﺖ ﺷ ـ ـ ــﺎﻫﺪﻫﺎ ﱂ ﺗﻜﺜ ـ ـ ــﺮ اﳋﻄ ـ ـ ـ ُـﺐ‬ ‫ـﻗ ـ ـ ـ ـ ــﺪ ﻛ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎن ﺑﻌـ ـ ـ ـ ـ ــﺪك أﻧﺒ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎء وﻫﻴﻨﻤ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺔ‬
‫ـﻬﺪﻫﻢ ﻓﻘ ـ ــﺪ ُﻧﻜِﺒ ـ ــﻮا‬ ‫واﺧﺘـ ـ ﱠـﻞ ﻗﻮ ُﻣ ـ ــﻚ ﻓﺎﺷـ ـ ْ‬ ‫ِ‬
‫اﻷرض َ‬
‫واﺑﻠﻬـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ‬ ‫إﻧ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ ﻓﻘ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺪﻧﺎك ﻓﻘـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـﺪ‬
‫)‪(٣‬‬
‫ُﺐ‬ ‫ﻣ ـ ـ ـ ــﻦ اﻟﻌﻴ ـ ـ ــﻮن ﺑ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـﺘﻬﲈل ﻟ ـ ـ ـ ــﻪ ُﺳ ـ ـ ـ ـﻜ ُ‬ ‫ﻓـ ــﺴﻮف ﻧﺒﻜﻴ ـ ــﻚ ﻣ ـ ــﺎ ِﻋ ـ ـ ْـﺸﻨﺎ وﻣ ـ ــﺎ ﺑﻘ َﻴـ ـ ـ ْـﺖ‬

‫ﻫﺬه ﻣﻮاﻗﻒ وﻣﺼﺎدر ﺗﻮﺣﻲ ﺑﺄن ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺰﻫﺮاء ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻫﻲ )أم أﺑﻴﻬﺎ(‪.‬‬
‫ﻏﲑ أن أﻣﺮا ﻫﺎﻣﺎ ﳚـﺐ اﻟﱰﻛﻴـﺰ ﻋﻠﻴـﻪ ﰲ ﻣـﺼﺪاق ﻫـﺬا اﻟﻠﻘـﺐ‪ ،‬وﻟﻌﻠـﻪ ﻫـﻮ‬
‫اﳌﻘ ــﺼﻮد ﻣﻨ ــﻪ ‪ ،‬ﺣﻴ ــﺚ ﺗﻌﻴ ــﺪﻧﺎ ﺳ ــﺒﺒﻴﺔ ﻧ ــﺰول )إﻧ ــﺎ أﻋﻄﻴﻨ ــﺎك اﻟﻜ ــﻮﺛﺮ(‪ ،‬ﻣ ــﻦ‬
‫أﳖ ــﺎ ﻧﺰﻟـ ــﺖ ﻋﻠﻴـ ــﻪ ﺣـ ــﲔ ﻋـ ـ ﱠـﲑه اﻟﻌـ ــﺎص ﺑ ــﻦ واﺋـ ــﻞ اﻟـ ــﺴﻬﻤﻲ ﺑﺄﻧـ ــﻪ أﺑـ ــﱰ‪ ،‬ﻟـ ــﻴﺲ ﻟـ ــﻪ‬
‫ذﻛ ــﻮر‪ ،‬ﻓﺮزﻗ ــﻪ اﷲ ﻫ ــﺬه اﻷﻧﺜ ــﻰ اﻟﺘ ــﻲ ﻣﻨﻬ ــﺎ اﻟﺬرﻳ ــﺔ اﻟﻜﺜ ــﲑة واﳌﺒﺎرﻛ ــﺔ‪ ،‬واﻟﺘ ــﻲ‬
‫ﺳ ــﲈﻫﺎ اﻟﻘ ــﺮآن اﻟﻜ ــﻮﺛﺮ‪ ،‬واﻟ ــﺬي ﻳﻌﻨ ــﻲ اﻟﻜﺜ ــﺮة واﻻﻣ ــﺘﻼء واﻟﺒ ــﺴﻂ واﻻﻣﺘ ــﺪاد‬
‫واﳊﻴﺎة اﳌﺴﺘﻤﺮة‪ ،‬وﻫﺬا ﱂ ﳛﺼﻞ إﻻ ﰲ ذرﻳﺘﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪.‬‬
‫ذﻛ ـ ــﺮ اﻟ ـ ــﺴﻴﺪ اﻟﻌﻼﻣ ـ ــﺔ اﳊﺠ ـ ــﺔ ﳎـ ــﺪ اﻟ ـ ــﺪﻳﻦ اﳌﺆﻳ ـ ــﺪي ﺗﻔ ـ ــﺴﲑا ﻟﻄﻴﻔ ـ ــﺎ دﻻﻟ ـ ــﺔ‬
‫ﻟﻜﻨﻴﺘﻬـ ــﺎ )أم أﺑﻴﻬ ـ ــﺎ(؛ إذ ﻗ ـ ــﺎل‪" :‬وإذا ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ ﻓﺎﻃﻤـ ــﺔ ﺑﻤﻨﺰﻟ ـ ـﺔ اﻷم ﻛ ـ ــﺎن اﳌﺨﺘ ـ ــﺎر‬

‫)‪ (١‬اﳋﻮارزﻣﻲ‪ ،‬ﻣﻘﺘﻞ اﳊﺴﲔ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٧٧‬‬

‫)‪ (٢‬أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس اﳊﺴﻨﻲ‪ ،‬اﳌﺼﺎﺑﻴﺢ‪ ،‬ص‪.٢٦٧‬‬
‫)‪ (٣‬اﺑﻦ أﰊ اﳊﺪﻳﺪ‪ ،‬ﴍح ﳖﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ‪ ،‬ج‪ ،١٦‬ص‪.٢١٢‬‬

‫‪٨٤‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﺑﻤﻨﺰﻟ ــﺔ اﻟﻮﻟـ ــﺪ‪ ،‬ﻓﻴﻜـ ــﻮن ﻋﻘﺒُﻬـ ــﺎ ﻛـ ــﲈ ﻟـ ــﻮ ﻛﺎﻧـ ــﺖ ُأﻣـ ـﺎ ﻟـ ــﻪ ﺻـ ــﻠﻮات اﷲ ﻋﻠﻴـ ــﻪ وآﻟـ ــﻪ‬
‫وﺳـ ــﻠﻢ‪ ،‬وأﻋﻘﺒـ ــﺖ ﻣﻨـ ــﻪ‪ ،‬ﻓـ ــﺈن أوﻻده ﺣﻴﻨﺌـ ــﺬ أوﻻدﻫـ ــﺎ ﻻ ﳏﺎﻟـ ــﺔ‪ ،‬وﻫـ ــﺬه دﻗﻴﻘـ ــﺔ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﺟﻠﻴﻠﺔ" ‪.‬‬
‫وﻳﺸﻬﺪ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﻮل رﺳﻮل اﷲ ‪) :‬ﻛﻞ ﺑﻨﻲ أﻧﺜﻰ ﻳﻨﺘﻤﻮن إﱃ أﺑﻴﻬﻢ إﻻ اﺑﻨﻲ‬
‫ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻓﺄﻧﺎ أﺑﻮﳘﺎ وﻋﺼﺒﺘﻬﲈ(‪ ،‬وﰲ رواﻳﺔ )إﻻ ﺑﻨﻲ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻓﺄﻧﺎ وﻟﻴﻬﻢ وﻋﺼﺒﺘﻬﻢ(‪،‬‬
‫وﰲ أﺧﺮى‪) :‬إﻻ وﻟﺪ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻓﺈﲏ أﻧﺎ أﺑﻮﻫﻢ وﻋﺼﺒﺘﻬﻢ(‪ ،‬وﰲ رواﻳﺔ‪) :‬ﻣﺎ ﺧﻼ وﻟﺪ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻓﺈﲏ أﻧﺎ أﺑﻮﻫﻢ وﻋﺼﺒﺘﻬﻢ( ‪.‬‬
‫ﻗـﺎل ﰲ اﻟــﺮوض اﻟﻨـﻀﲑ ﺑﻌــﺪ أن ﺳــﺎق اﻷﺧﺒـﺎر اﻟﺪاﻟــﺔ ﻋـﲆ أﺑــﻮة رﺳــﻮل اﷲ‬
‫ﺻ ــﲆ اﷲ ﻋﻠﻴ ــﻪ وﻋ ــﲆ آﻟ ــﻪ وﺳ ــﻠﻢ ﻟﻮﻟ ــﺪ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ وﻋﻠ ــﻴﻬﻢ اﻟ ــﺴﻼم‪" :‬ﻗ ــﺎل‬
‫ـﻼم أﺋﻤﺘﻨ ــﺎ أﻧ ــﻪ ﺣﻘﻴﻘ ــﺔ‪ ،‬وأن ﺣﻜﻤ ــﻪ ﰲ‬ ‫ـﺎﻫﺮ ﻛ ـ ِ‬
‫ﺑﻌ ــﺾ اﳌﺤﻘﻘ ــﲔ ﻣ ــﻦ اﻟﻌﻠ ــﲈء‪ :‬ﻇ ـ ُ‬
‫ذﻟ ـ ــﻚ ﳜ ـ ــﺎﻟﻒ ُﺣ ْﻜ ـ ـ َـﻢ ﻏ ـ ــﲑه ‪ ...‬وﻳ ـ ــﺪل ﻋ ـ ــﲆ ﻛﻮﳖ ـ ــﺎ ﺣﻘﻴﻘ ـ ــﺔ ﻗﻮ ُﻟ ـ ــﻪ ‪) :‬وأﻧ ـ ــﺎ‬
‫)‪(٣‬‬
‫ﻋﺼﺒﺘﻬﲈ( ‪.‬‬
‫وﻗ ــﺪ ﺟﻌ ــﻞ اﻟﻘ ــﺮآن اﻟﻜ ــﺮﻳﻢ وﻟ ــﺪ اﻟﺒﻨ ــﺖ ﻋﻴ ــﺴﻰ ﺑ ــﻦ ﻣ ــﺮﻳﻢ ‪ ‬ﻣ ــﻦ ذرﻳ ــﺔ‬
‫ـﻒ‬
‫وﻳﻮ ُﺳ ـ ـ َ‬ ‫ـﻠﻴﲈن َ َ‬
‫داوود َو ُﺳ ـ ـ َ ْ َ َ‬ ‫إﺑ ــﺮاﻫﻴﻢ ‪‬؛ إذ ﻗ ــﺎل‪﴿ :‬و ِﻣ ـ ــﻦ ُذ ِ ِ‬
‫ـﻮب َ ُ‬
‫وأ ﱡـ ـ َ‬ ‫رﻳﺘ ـ ــﻪ َ ُ َ‬
‫ﱢﱠ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وﻫﺎرون َ َ َ ِ َ‬
‫وﻛﺬﻟﻚ َ ْ ِ‬
‫اﳌﺤﺴﻨﲔ﴾]اﻷ ﻌﺎم‪.[٨٤:‬‬ ‫َ‬ ‫ﻧﺠﺰي ْ ُ ْ‬ ‫وﻣﻮﺳﻰ َ َ ُ َ‬
‫َ ُ َ‬
‫إن ﻫ ــﺬا ﻫ ــﻮ ﺗﻔ ــﺴﲑ )أم أﺑﻴﻬـ ــﺎ(‪ ،‬ﻓﺘﻠ ــﻚ اﻷﻧﺜ ــﻰ اﻟﺘـ ــﻲ اﺑﺘ ــﺪأت ﺑﺄﳖ ــﺎ )ﺑﻨـ ــﺖ‬

‫)‪ (١‬اﳌﺆﻳﺪي‪ ،‬ﻟﻮاﻣﻊ اﻷﻧﻮار‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٣٠‬‬

‫)‪ (٢‬اﳌﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫)‪ (٣‬اﳌﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ص‪.٢٨‬‬

‫‪٨٥‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﳏﻤ ـ ــﺪ(‪ ،‬اﻧﺘﻬ ـ ــﺖ واﻧﺘﻬ ـ ــﻰ ﲠ ـ ــﺎ اﻹﺳ ـ ــﻼم إﱃ أن ﺗﻜ ـ ــﻮن )أم أﺑﻴﻬ ـ ــﺎ( ﳏﻤ ـ ــﺪ ‪،‬‬
‫وﻟﻴﻜ ــﻮن أﻋ ــﻼم اﳍ ــﺪى وأﺋﻤ ــﺔ اﳉﻬ ــﺎد واﻟﺘﻘ ــﻰ ﻣ ــﻦ أﻫ ــﻞ ﺑﻴﺘ ــﻪ ﻗﺮﻧ ــﺎء اﻟﻘـ ــﺮآن‪،‬‬
‫واﻟﺜﻘﻞ اﻷﺻﻐﺮ ﻣﻦ ذرﻳﺘﻪ؛ إذ ﻫﻢ ﻣﻦ ذرﻳﺘﻬﺎ‪.‬‬

‫وﲠ ـ ــﺬا ﻳﻜ ـ ــﻮن اﷲ ﻗ ـ ــﺪ ﺣﻔ ـ ــﻆ ذرﻳﺘ ـ ــﻪ ‪ ‬ﰲ ذرﻳﺘﻬ ـ ــﺎ‪ ،‬وﺟﻌ ـ ــﻞ ﻋﻘﺒ ـ ــﻪ ﻣ ـ ــﻦ‬
‫ﻋﻘﺒﻬ ــﺎ‪ ،‬وﻗـ ــﺪ ﻗ ــﺎل ‪) :‬اﻷﻧـ ــﺴﺎب ﺗﻨﻘﻄـ ــﻊ ﻳ ــﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣـ ــﺔ ﻏ ــﲑ ﻧـ ــﺴﺒﻲ وﺳـ ــﺒﺒﻲ‬
‫)‪(١‬‬
‫وﺻﻬﺮي( ‪.‬‬

‫وﺑﻌﺪ ﻫﺬا أﻟﻴﺴﺖ اﻟﺰﻫﺮاء )أم أﺑﻴﻬﺎ(؟‬

‫)‪ (١‬اﺑ ـ ــﻦ ﺣﻨﺒ ـ ــﻞ‪ ،‬اﳌ ـ ــﺴﻨﺪ‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪ ،٣٢٣‬رﻗ ـ ــﻢ ‪١٨٩٢٧‬؛ واﻟﻄ ـ ــﱪاﲏ‪ ،‬اﳌﻌﺠ ـ ــﻢ اﻟﻜﺒ ـ ــﲑ‪ ،‬ج‪،٢٠‬‬
‫ص‪ ،٢٥‬رﻗﻢ‪٣٠‬؛ واﳊﺎﻛﻢ‪ ،‬اﳌﺴﺘﺪرك‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪ ،١٧٢‬رﻗﻢ ‪.٤٧٤٧‬‬

‫‪٨٦‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫ـﺰات اﻟﻌﻈﻴﻤ ــﺔ وﻫ ــﻲ‬ ‫ﱂ ﺗﻜــﻦ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﺗﻠ ــﻚ اﳌ ــﺮأة اﻟﺘ ــﻲ ﺻ ـ َ ْ‬
‫ـﺎدﻓﺘﻬﺎ ﺗﻠ ــﻚ اﳌﻤﻴ ـ ُ‬
‫ﺗﻨﺤ ـ ــﴩ ﰲ زاوﻳ ـ ــﺔ ﻣ ـ ــﻦ ﺑﻴ ـ ــﺖ أﺑﻴﻬ ـ ــﺎ ﺗﻌﺒ ـ ــﺪ اﷲ‪ ،‬وﻻ ﺗﺮﻳ ـ ــﺪ أن ﺗﻌ ـ ـ ِـﺎﻟﺞ ﺷ ـ ــﺄﻧﺎ ﻣ ـ ــﻦ‬
‫ﺷ ـ ـ ــﺆون اﳊﻴ ـ ـ ــﺎة‪ ،‬ﻋﺎزﻓ ـ ـ ــﺔ ﻋ ـ ـ ــﻦ اﻟ ـ ـ ــﺰواج‪ ،‬راﻏﺒ ـ ـ ــﺔ ﻋ ـ ـ ــﻦ ﻣ ـ ـ ــﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻟﺰوﺟﻴ ـ ـ ــﺔ‪،‬‬
‫ـﻮع ﻣـﻦ‬
‫واﻷﻣﻮﻣﺔ؛ ﻷن ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﺮﻫﺒﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ دﻳـﻦ أﺑﻴﻬـﺎ‪ ،‬وﻫـﻲ ﻧ ٌ‬
‫أﻧﻮاع اﳍﺮوب ﻣﻦ اﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻟﻌﺒﺎدﻳﺔ واﳉﻬﺎدﻳﺔ ﰲ اﻹﺳﻼم‪.‬‬
‫ﻟﻘ ــﺪ ﻛﺎﻧ ــﺖ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ زوﺟ ــﺔ وأﻣ ــﺎ وﲪ ــﺎة ﻣ ــﺜﻠﲈ ﻛﺎﻧ ــﺖ ﺑﻨﺘ ــﺎ ﻷﺑﻴﻬ ــﺎ وأﻣ ــﺎ ﻟ ــﻪ أﻳ ــﻀﺎ‪،‬‬
‫ﻏﺮو أن اﺳﺘﺤﻘﺖ أن ﺗﺼﻞ إﱃ‬
‫وﻛﺎﻧﺖ ﻋﻀﻮة ﻓﻌﺎﻟﺔ ﰲ ﳎﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼم؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻻ َ‬
‫ﻣﺮﺗﺒﺔ اﻟﺴﻴﺎدة ﻋﲆ ﻧﺴﺎء اﻟﻌﺎﳌﲔ‪ ،‬وﻋﲆ ﻧﺴﺎء اﻷﻣﺔ وﻧﺴﺎء أﻫﻞ اﳉﻨﺔ‪.‬‬
‫ﺑﻠﻐــﺖ اﻟﺰﻫــﺮاء ﰲ اﳌﺪﻳﻨــﺔ ﻣﺒﻠــﻎ اﻟﻨــﺴﺎء اﻟــﺼﺎﳊﺎت ﻟﻠــﺰواج‪ ،‬وﲡــﺎوز ﺳــﻨﻬﺎ‬
‫ﲬ ـ َـﺲ ﻋ ــﴩة ﺳ ــﻨﺔ‪ ،‬وﻫﻨ ــﺎ ﻟ ــﻮ ﺑﺤ ــﺚ اﻟﻨ ــﺎس ﺣﻴﻨﻬ ــﺎ ﻋ ــﻦ اﻟ ــﺰوج اﳌﻨﺎﺳ ــﺐ اﻟ ــﺬي‬
‫ﻳ ــﺼﻠﺢ ﻟﻔﺎﻃﻤ ــﺔ وﺗ ــﺼﻠﺢ ﻟ ــﻪ ﺣ ــﻖ اﻟﺒﺤ ــﺚ ﳌ ــﺎ وﺟ ــﺪوه إﻻ ﻋﻠﻴ ــﺎ ‪ ،‬وﻫ ــﻮ ﻣ ــﺎ‬
‫أﻣ ــﺮ ﺑ ــﻪ اﷲ ﺗﻌ ــﺎﱃ‪ ،‬ﻟﺘ ــﻀﻴﻒ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﺑﻨ ــﺖ ﳏﻤ ــﺪ إﱃ أوﺻ ــﺎﻓﻬﺎ اﳉﻠﻴﻠ ــﺔ‪) :‬زوج‬
‫ﻋﲇ(‪ ،‬ﺛﻢ )أم اﳊﺴﻨﲔ وزﻳﻨﺐ(‪.‬‬
‫إﻧــﻪ ﳉ ــﺪﻳﺮ ﺑﺒﻨــﺖ ﳏﻤ ــﺪ ‪ ‬أن ﺗﻜ ــﻮن زوﺟــﺔ ﻋ ــﲇ ‪ ،‬ﻏــﲑ أﳖ ــﺎ ﰲ ﻛ ــﻞ‬
‫اﻷﺣﻮال ﳚﺐ أن ﺗﺒﻘﻰ )أم أﺑﻴﻬﺎ( ﻟﺘﻜﻮن أم أﺑﻨﺎﺋﻪ اﳌﻴﺎﻣﲔ‪.‬‬

‫‪٨٧‬‬
 ‫‪‬‬

‫اﻟﻜﺜـﲑ ﻣــﻦ اﻟــﺼﺤﺎﺑﺔ ﺗﻮ ﱠﻗــﻊ أن ﻫــﺬه اﻟﻌﻘﻴﻠــﺔ اﳌﺤﻤﺪﻳــﺔ ﻻ ﺗــﺼﻠﺢ إﻻ ﻟــﺬﻟﻚ‬

‫اﻟﻔﺘـ ــﻰ اﻟﻄـ ــﺎﻟﺒﻲ‪ ،‬وﻫـ ــﻮ اﻟﻔﺘـ ــﻰ اﻟـ ــﺬي ﻃﺎﳌـ ــﺎ أﻇﻠـ ــﻪ ﻇـ ــﻼل ﺑﻴـ ــﺖ ﳏﻤـ ــﺪ ‪ ‬ﻣﻨـ ــﺬ‬
‫وﻗ ــﺖ ﻣﺒ ﱢﻜ ــﺮ‪ ،‬وﺗﻐ ـ ﱠـﺬى ﻓﻴ ــﻪ ﺑﻐ ــﺬاء اﻟﻌﻘ ــﻞ واﻟ ــﺮوح ﺑﺠﺎﻧ ــﺐ ﻏ ــﺬاء اﻟﺒ ــﺪن‪ ،‬وﻣ ــﺎ‬
‫ً‬
‫أﻳﻀﺎ‪.‬‬ ‫ﱠ‬
‫ﺗﻮﻗﻌﻪ اﻟﻜﺜﲑ ﻓﻘﺪ ﺑﺎرﻛﻪ اﷲ‬

‫ﰲ ﻟﻴﻠ ــﺔ اﻹﴎاء ﰲ اﻟ ــﺴﻨﺔ ‪ ١١‬ﻣ ــﻦ اﻟﺒﻌﺜ ــﺔ‪ ،‬أﻋﻠ ــﻢ اﷲ ﻧﺒﻴ ــﻪ ﺑ ــﺄن ﺧﻠﻴﻔﺘ ــﻪ ﻫ ــﻮ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﻋ ــﲇ ‪ ،‬وأﻧ ــﻪ أﺑ ــﻮ ﺳ ــﺒﻄﻴﻪ‪ ،‬وزوج ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﺧ ــﲑ ﻧ ــﺴﺎء اﻟﻌ ــﺎﳌﲔ ؛ وﳍ ــﺬا ﻣ ــﺎ‬
‫ـﺎر ﺻ ـ ــﺤﺎﺑﺔ‬
‫إن ﺑﻠﻐ ـ ــﺖ ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ﻣﺒﻠ ـ ــﻎ اﻟﺰوﺟـ ــﺎت ﺣﺘ ـ ــﻰ ﺑ ـ ــﺎدر إﱃ ﺧﻄﺒﺘﻬ ـ ــﺎ ﻛﺒ ـ ـ ُ‬
‫اﻟﺮﺳــﻮل ‪ ،‬وﻣــﻨﻬﻢ أﺑــﻮ ﺑﻜــﺮ‪ ،‬وﻋﺒــﺪاﻟﺮﲪﻦ ﺑــﻦ ﻋــﻮف‪ ،‬وﻋﻤــﺮ‪ ،‬وﻋـ ٌ‬
‫ـﺪد ﻣــﻦ‬
‫)‪(٢‬‬
‫أﴍاف ﻗ ــﺮﻳﺶ ‪ ،‬ﻟﻜ ــﻦ رﺳ ــﻮل اﷲ ‪ ‬أﺧ ــﱪﻫﻢ أن ﻫ ــﺬا اﻟ ــﺰواج ﻣ ــﻦ ﺷ ــﺄن‬
‫)‪(٣‬‬
‫اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ اﻹﳍﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﳍﻢ‪) :‬أﻧﺘﻈﺮ اﻟﻘﻀﺎء( ‪.‬‬
‫وﻳﺒ ــﺪو أن اﳊﻴ ــﺎء‪ ،‬وﻗﻠ ــﺔ ذات اﻟﻴ ــﺪ‪ ،‬وﲥ ﱡﻴ ــﺐ ﻣﻔﺎﲢ ــﺔ اﻟﺮﺳ ــﻮل ‪ ‬ﻫ ــﻮ ﻣ ــﺎ ﻣﻨ ــﻊ‬
‫ُ‬
‫رﺳﻮل‬ ‫رد‬ ‫ﻋﻠﻴﺎ ‪ ‬ﻣﻦ َ ِ‬
‫ﻃﺮق ﺑﺎب اﳌﺼﻄﻔﻰ ﺧﺎﻃﺒﺎ ﳍﺬه اﻟﴩﻳﻔﺔ اﳌﻄﻬﺮة‪ ،‬وﳌﺎ ﱠ‬ ‫ْ‬
‫ﺣﺮض‬ ‫ﺗﺄﻛﺪ أن ﻋﻠﻴﺎ ﻫﻮ اﻻﺧﺘﻴﺎر اﳌﻨﺎﺳﺐ ﻟﻔﺎﻃﻤﺔ ‪‬؛ ﻟﺬا ﱠ‬ ‫أﴍاف ﻗﺮﻳﺶ ﱠ‬ ‫َ‬ ‫اﷲ‬
‫)‪(٤‬‬
‫اﻟﺘﺤﺮك ﳋﻄﺒﺔ ﻓﺎﻃﻤﺔ ‘ ‪.‬‬
‫ﱡ‬ ‫اﻟﺒﻌﺾ ﻋﻠﻴﺎ ‪ ‬ﻋﲆ‬
‫ُ‬

‫)‪ (١‬اﻹﻣﺎم زﻳﺪ‪ ،‬ﻣﺴﻨﺪ اﻹﻣﺎم زﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﲇ‪ ،‬ص‪.٣٦٢‬‬

‫)‪ (٢‬أﺑـ ــﻮ ﻃﺎﻟـ ــﺐ‪ ،‬اﻹﻓـ ــﺎدة‪ ،‬ص‪ ،٢٠‬واﺑـ ـﻦ اﻷﻣـ ــﲑ‪ ،‬اﻟﺮوﺿـ ــﺔ اﻟﻨﺪﻳـ ــﺔ‪ ،‬ص‪ ،٢٤٨‬ﻧﻘـ ــﻼ ﻋـ ــﻦ ذﺧـ ــﺎﺋﺮ‬
‫اﻟﻌﻘﺒﻰ‪.‬‬
‫)‪ (٣‬أﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ‪ ،‬اﻹﻓﺎدة‪ ،‬ص‪.٢٠‬‬
‫)‪ (٤‬أﻣﺎﱄ أﲪﺪ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٧٠‬‬

‫‪٨٨‬‬
 ‫‪‬‬

‫وﻳﺒ ــﺪو أن رﺳ ــﻮل اﷲ ‪ ‬ﻛ ــﺎن ﻗ ــﺪ أرﺳ ــﻞ رﺳ ــﺎﺋﻞ ﴏﳛ ــﺔ ﻣ ّﻬ ــﺪت اﻟﻄﺮﻳ ــﻖ‬
‫ﻟﻌـ ــﲇ ‪ ،‬ﻋﻘـ ــﺐ ﻧـ ــﺰول أﻣ ــﺮ اﷲ ﺑﺘـ ــﺰوﻳﺞ ﻓﺎﻃﻤـ ــﺔ ﻣﻨ ـ ــﻪ‪ ،‬ﻓﻘـ ــﺪ روى ﻋﺒـ ــﺪاﷲ ﺑ ـ ــﻦ‬
‫ﻣـ ـ ــﺴﻌﻮد ﻋـ ـ ــﻦ رﺳـ ـ ــﻮل اﷲ ‪ ‬أﻧـ ـ ــﻪ ﻗـ ـ ــﺎل‪) :‬إن اﷲ أﻣـ ـ ــﺮﲏ أن ﱢ‬
‫أزوج ﻓﺎﻃﻤـ ـ ــﺔ ﻣـ ـ ــﻦ‬
‫ـﺤﻴﺢ أن رﺳ ـ ـ ــﻮل‬ ‫ﻋ ـ ـ ــﲇ ‪ ،(١)(‬وروى اﻹﻣ ـ ـ ــﺎم ﻋ ـ ـ ــﲇ ‪ ‬ﰲ ﺣ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـﺪﻳﺚ ﺻ ـ ـ ـ ٍ‬
‫اﷲ ‪ ‬ﻗـ ــﺎل‪) :‬أﺗـ ــﺎﲏ َﻣَﻠ ـ ـٌﻚ‪ ،‬ﻓﻘـ ــﺎل‪ :‬ﻳـ ــﺎ ﳏﻤـ ــﺪ إن اﷲ ﺗﻌـ ــﺎﱃ ﻳﻘـ ــﺮأ ﻋﻠﻴـ ــﻚ اﻟـ ــﺴﻼم‪،‬‬
‫اﺑﻨﺘﻚ ﻣـﻦ ﻋـﲇ ﺑـﻦ أﰊ ﻃﺎﻟـﺐ ﰲ اﳌـﻸ اﻷﻋـﲆ‪،‬‬ ‫َ‬
‫ﻓﺎﻃﻤﺔ َ‬ ‫زوﺟﺖ‬
‫وﻳﻘﻮل ﻟﻚ‪ :‬إﲏ ﻗﺪ ﱠ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﻓﺰوﺟﻬـ ـ ـ ـ ــﺎ ﻣﻨ ـ ـ ـ ـ ــﻪ ﰲ اﻷرض( ‪ ،‬وأراد اﻟﺮﺳـ ـ ـ ـ ــﻮل ‪ ‬أن ﻳﺒ ـ ـ ـ ـ ـ ﱢـﲔ ﻣﻮﻗﻔ ـ ـ ـ ـ ــﻪ ﰲ ﱢ‬
‫رده‬ ‫ﱢ ْ‬
‫ﻟﻠﺨﻄ ــﺎب‪ ،‬ﳌ ــﺎ ﻗ ــﺎل ‪ ‬ﻓ ــﻴﲈ رواه اﻹﻣ ــﺎم ﻋ ــﲇ ‪ ‬ﻧﻔ ــﺴﻪ‪) :‬إﻧ ــﲈ أﻧ ــﺎ ﺑ ــﴩ ﻣ ــﺜﻠﻜﻢ‬
‫)‪(٣‬‬
‫وأزوﺟﻜﻢ‪ ،‬إﻻ ﻓﺎﻃﻤﺔ‪ ،‬ﻓﺈﳖﺎ ﻧﺰل ﺗﺰوﳚﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﲈء( ‪.‬‬
‫أﺗﺰوج ﻓﻴﻜﻢ ﱢ‬
‫ﱠ‬
‫إذن ﱂ ﺗﻜـ ــﻦ اﳌـ ــﺴﺄﻟﺔ ﺧﺎﺿـ ــﻌﺔ ﻟﻼﺧﺘﻴـ ــﺎر اﻟﺒـ ــﴩي‪ ،‬ﺑـ ــﻞ ﻫﻨـ ــﺎك ﻋﻨﺎﻳـ ــﺔ إﳍﻴـ ــﺔ‬
‫ـﲈل ﻋﻈ ـ ــﺎم‪ ،‬إﳖـ ــﺎ اﺳ ـ ــﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ‬ ‫وﲥﻴﺌﺘـ ــﻪ ﳌﻬ ـ ـ ٍ‬
‫ـﲈت ﺟـ ــﺴﺎم‪ ،‬وأﻋـ ـ ٍ‬ ‫ﺧﺎﺻـ ــﺔ ﲠـ ــﺬا اﻟﺒﻴ ـ ــﺖ ِ‬
‫ﻓﺎﻃﻤــﺔ‪ ،‬وﺑﻴﺘﻬــﺎ اﻟــﺬي أﺟــﺮى اﷲ ﻣﻨــﻪ ﻛــﻮﺛﺮ اﳌــﺼﻄﻔﻰ‪ ،‬وأﺧــﺮج أﻋــﻼم اﳍــﺪى‬
‫ﻟﻴﻘﻴﻤــﻮا ﻣﻨــﺎر اﳊــﻖ‪ ،‬وﻳﻌﻠﻨ ــﻮا أﺣﻜــﺎم اﻟﻘــﺮآن ﻋــﲆ ﻣ ــﺪار اﻷزﻣــﺎن‪ ،‬إﻧــﻪ اﺧﺘﻴ ــﺎر‬
‫اﷲ ﻋ ـ ــﺰ وﺟ ـ ــﻞ وﻗ ـ ــﻀﺎؤه وﺧﲑﺗ ـ ــﻪ‪ ،‬وآﻳ ـ ــﺔ ﻛﻮﻧ ـ ــﻪ زواﺟ ـ ــﺎ إﳍﻴ ـ ــﺎ ﺟﻼﻟ ـ ــﺔ ﺑ ـ ــﺴﺎﻃﺘﻪ‪،‬‬
‫وﻋﻈﻢ أﺧﺮوﻳﺘﻪ‪ ،‬إﻧﻪ زواج اﻟﻨﺒﻴﲔ واﻟﺼﺪﻳﻘﲔ واﳌﺠﺎﻫﺪﻳﻦ‪.‬‬ ‫ِ َ‬

‫)‪ (١‬أﺑـﻮ ﻃﺎﻟــﺐ‪ ،‬ﺗﻴــﺴﲑ اﳌﻄﺎﻟــﺐ‪ ،‬ص‪٨٩‬؛ واﳌﺮﺷــﺪ ﺑــﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣــﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴــﺔ‪ ،‬ص‪٢٢٩‬؛ واﻟﻄــﱪاﲏ‪،‬‬
‫اﳌﻌﺠـ ـ ــﻢ اﻟﻜﺒـ ـ ــﲑ‪ ،‬ج‪ ،١٠‬ص‪ ،١٥٦‬رﻗـ ـ ــﻢ‪ .١٠٣٠٥‬ﻗـ ـ ــﺎل اﳍﻴﺜﻤـ ـ ــﻰ ﰲ ﳎﻤـ ـ ــﻊ اﻟﺰواﺋـ ـ ــﺪ‪ ،‬ج‪،٩‬‬
‫ص‪ :٢٠٤‬رﺟﺎﻟﻪ ﺛﻘﺎت‪.‬‬
‫)‪ (٢‬ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻟﺮﺿﺎ‪ ،‬ص‪.٩٤‬‬
‫)‪ (٣‬أﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ‪ ،‬ﺗﻴﺴﲑ اﳌﻄﺎﻟﺐ‪ ،‬ص‪١٣٧‬؛ وأﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس اﳊﺴﻨﻲ‪ ،‬اﳌﺼﺎﺑﻴﺢ‪ ،‬ص‪.٢٣٢‬‬

‫‪٨٩‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫ﺗﻔﺎوﺗ ـ ــﺖ اﻟﺮواﻳـ ــﺎت واﳌ ـ ــﺼﺎدر ﺣ ـ ــﻮل ﲢﺪﻳ ـ ــﺪ ﺳ ـ ــﻦ زواج ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ‘‪،‬‬
‫زوﺟ ــﺖ ﰲ اﻟ ــﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴ ــﺔ ﻣ ــﻦ اﳍﺠ ــﺮة‪ ،‬ﺑﻴ ــﻨﲈ‬
‫ـﺮﺟﺢ أﳖ ــﺎ ُ ﱢ‬
‫وأﻏﺮ ُﲠ ــﺎ ﺗﻠ ــﻚ اﻟﺘ ــﻲ ﺗ ـ ﱢ‬
‫ـﻦ وﻻدﲥـ ـ ــﺎ ﺑﺎﻟـ ـ ــﺴﻨﺔ اﳋﺎﻣـ ـ ــﺴﺔ ﻟﻠﺒﻌﺜـ ـ ــﺔ‪ ،‬وﻫـ ـ ــﺬا ﻳﻌﻨـ ـ ــﻲ أﳖـ ـ ــﺎ ﺗﺰوﺟـ ـ ــﺖ‬
‫ﲢـ ـ ـ ﱢـﺪد ﺳـ ـ ـ ﱠ‬
‫وﻋﻤﺮﻫـ ــﺎ ﺗ ـ ــﺴﻊ ﺳ ـ ــﻨﻮات ﺗﻘﺮﻳﺒ ـ ــﺎ‪ ،‬وأﻧﺠﺒ ـ ــﺖ اﳊ ـ ــﺴﻦ ‪ ،‬وﻋﻤﺮﻫ ـ ــﺎ ﻋ ـ ــﴩ‬
‫ـﺎت ﲡﻌــﻞ وﻻدﲥــﺎ ﻗﺒــﻞ اﻟﺒﻌﺜــﺔ ﺑﺨﻤــﺲ ﺳــﻨﻮات‪ ،‬وﻋﻠﻴــﻪ‬
‫ﺳــﻨﻮات‪ ،‬وﻫﻨــﺎك رواﻳـ ٌ‬
‫ﻓ ـ ــﺴﻦ زواﺟﻬ ـ ــﺎ ﻳﻜ ـ ــﻮن ﺗ ـ ــﺴﻊ ﻋ ـ ــﴩة ﺳ ـ ــﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒ ـ ــﺎ‪ ،‬ﻏ ـ ــﲑ أن ﻣ ـ ــﺎ ﻳ ـ ــﱰﺟﺢ ﻟ ـ ــﺪى‬
‫اﻟﺒﺎﺣـ ــﺚ ﻫ ـ ــﻮ أن ﻋﻤﺮﻫـ ــﺎ ﻛ ـ ــﺎن ﲬـ ــﺲ ﻋ ـ ــﴩة ﺳـ ــﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒ ـ ـﺎ؛ ﻟﻌـ ـ ٍ‬
‫ـﺪد ﻣ ـ ــﻦ اﻷدﻟ ـ ــﺔ‬ ‫ً‬
‫واﻟﻘﺮاﺋﻦ‪.‬‬
‫ـﺎب إﱃ ِﺧﻄﺒ ــﺔ ﺻ ــﺒﻴﺔ ﺻ ــﻐﲑة‪ ،‬ﻛ ــﲈ ﻟ ــﻦ ﻳﺘ ـ ﱠ‬
‫ـﺄﺧﺮوا‬ ‫ِ‬
‫ـﺎدر اﳋ ّﻄ ـ ُ‬ ‫ً‬
‫أوﻻ‪ :‬ﻷﻧ ـﻪ ﻟ ــﻦ ﻳﺒ ـ َ‬
‫ﻋ ــﲆ ﻋﻘﻴﻠ ــﺔ ﳏﻤﺪﻳ ــﺔ ﻛﻔﺎﻃﻤ ــﺔ ﺳ ــﻨﺔ أو ﺳ ــﻨﺘﲔ ﻣ ــﻦ ﺑﻌ ــﺪ ﺑﻠﻮﻏﻬ ــﺎ ﲬ ــﺲ ﻋ ــﴩة‬
‫ﻛﺒﺎر أﴍاف ﻗﺮﻳﺶ ﺑﺎدروا ﳋﻄﺒﺘﻬﺎ‪ ،‬وﺳﺎرﻋﻮا‬
‫ﺳﻨﺔ‪ ،‬وﻛﻨﺎ ﻗﺪ رأﻳﻨﺎ ﻛﻴﻒ أن َ‬
‫إﱃ اﻟﺘﴩف واﻟﻔﻮز ﺑﺒﻨﺖ اﻟﻨﺒﻲ ﳏﻤﺪ ‪.‬‬

‫ﺳﻨﻬﺎ ﻛﲈ ﺗﺮﺟﺢ ﻟﺪﻳﻨﺎ‪ ،‬وﻫـﻮ ﲬـﺲ ﻋـﴩة‬

‫ﲢﺪد ﺑﻌﺾ اﳌﺼﺎدر اﳌﻮﺛﻮﻗﺔ ﱠ‬
‫ﺛﻢ ﱢ ُ‬
‫ﺳﻨﺔ‪ ،‬ﻓﻔﻲ رواﻳﺔ ﻋﻦ اﻹﻣﺎم اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑـﻦ إﺑـﺮاﻫﻴﻢ أن ﻋﻤﺮﻫـﺎ ﻛـﺎن أرﺑ َـﻊ ﻋـﴩة‬

‫‪٩٠‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(١‬‬
‫ﺳــﻨﺔ ‪ ،‬ﻟﻜﻨــﻪ ﳛ َﻤــﻞ ﻋــﲆ ﺳــﻦ ﺧﻄﺒﺘﻬــﺎ وﻟــﻴﺲ اﻟﺒﻨــﺎء ﲠــﺎ‪ ،‬وأن اﻟﺒﻨــﺎء ﱂ ﻳــﺘﻢ إﻻ‬
‫ـﺮﺟﺢ ذﻟ ــﻚ أﻧـ ــﻪ ﺗـ ــﻢ ﰲ رواﻳ ـ ٍـﺔ ﲢﺪﻳـ ـ ُـﺪ ﻋﻤﺮﻫـ ــﺎ‬
‫وﻫ ــﻲ ﰲ ﲬـ ــﺲ ﻋ ــﴩة ﺳ ــﻨﺔ‪ ،‬وﻳـ ـ ﱢ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﲢﺪﻳـ ــﺪا دﻗﻴﻘـ ــﺎ‪ ،‬وﻫ ـ ــﻲ ﲬـ ــﺲ ﻋ ـ ــﴩة ﺳـ ــﻨﺔ‪ ،‬وﲬ ـ ــﺴﺔ أﺷـ ــﻬﺮ‪ ،‬وﻧ ـ ــﺼﻒ ‪ ،‬وإذا‬
‫وﻋﻤﺮﻫـ ـ ـ ــﺎ ﺛـ ـ ـ ـ ٌ‬
‫ـﻼث وﻋـ ـ ـ ــﴩون ﺳـ ـ ـ ــﻨﺔ‪ ،‬ﺑﺤـ ـ ـ ــﺴﺐ رواﻳـ ـ ـ ــﺔ‬ ‫ُ‬ ‫ﻛﺎﻧـ ـ ـ ــﺖ ﻗـ ـ ـ ــﺪ ﱢ‬
‫ﺗﻮﻓ َﻴـ ـ ـ ـ ْـﺖ‬
‫)‪(٣‬‬
‫اﻟﺒــﺎﻗﺮ ‪ ، ‬وأن اﻹﻣــﺎم ﻋﻠﻴــﺎ ‪ ‬ﺑﻨــﻰ ﲠــﺎ ﰲ اﻟــﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴــﺔ ﻣــﻦ اﳍﺠــﺮة؛‬
‫ِ‬
‫ﻓﻬﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن ﻋﻤﺮﻫﺎ ﲬﺲ ﻋﴩة ﺳﻨﺔ وﲬﺴﺔ أﺷﻬﺮ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ ﻛﲈ ُ َ‬
‫ذﻛﺮ ﰲ ﺗﻠﻚ‬
‫ـﺮاﺋﻦ ﻣـ ـ ﱠـﺮ ذﻛﺮﻫـ ــﺎ ﰲ ﻣﻮاﺿـ ــﻊ‬
‫ـﺮﺟﻴﺢ ذﻟـ ــﻚ ﻗـ ـ ُ‬
‫َ‬ ‫اﻟﺮواﻳـ ــﺔ اﳌﻔـ ـ ﱠـﺼﻠﺔ‪ ،‬وﻛـ ــﲈ أ ﱠﻛـ ـَﺪْت ﺗـ ـ‬
‫ﻣﺘﻌﺪدة‪.‬‬

‫وﻫﻜ ــﺬا ﻳﻜ ــﻮن اﻹﻣ ــﺎم ‪ ‬ﺧﻄﺒﻬ ــﺎ ﰲ ﺻ ــﻔﺮ ﺳ ــﻨﺔ ‪ ٢‬ﻣ ــﻦ اﳍﺠ ــﺮة‪ ،‬ﻟﻜﻨ ــﻪ‬
‫)‪(٤‬‬
‫ﺑﻨﻰ ﲠﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺑﺪر ﺑﺄرﺑﻌﺔ أﺷﻬﺮ ﰲ ذي اﳊﺠﺔ ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﳌﺆﻳﺪي‪ ،‬ﻟﻮاﻣﻊ اﻷﻧﻮار‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٢٨‬‬

‫)‪ (٢‬اﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪١٨٩٣‬؛ واﻟﻄﱪي‪ ،‬ذﺧﺎﺋﺮ اﻟﻌﻘﺒﻰ‪ ،‬ص‪.٢٦‬‬
‫)‪ (٣‬أﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ‪ ،‬ﺗﻴﺴﲑ اﳌﻄﺎﻟﺐ‪ ،‬ص‪.١٣٩‬‬
‫)‪ (٤‬أﺑـﻮ ﻃﺎﻟــﺐ‪ ،‬اﻹﻓـﺎدة‪ ،‬ص‪٢٠‬؛ وﻳﻘــﺎرن أﺑـﻮ اﻟﻌﺒــﺎس اﳊـﺴﻨﻲ‪ ،‬اﳌــﺼﺎﺑﻴﺢ ﻋـﻦ اﻹﻣــﺎم اﻟﻘﺎﺳـﻢ ﺑــﻦ‬
‫إﺑﺮاﻫﻴﻢ‪ ،‬ص‪.٢٣٢‬‬

‫‪٩١‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪  ‬‬

‫ـﻮﻻة ﳍـﻢ ﻗﺎﺋﻠـﺔ ﻟـﻪ‪:‬‬ ‫اﻧﻄﻠﻖ اﻹﻣﺎم ‪ ‬ﻟﻴﺨﻄـﺐ ﻓﺎﻃﻤـﺔ وﻛﺎﻧـﺖ ﻗـﺪ ﱠ‬
‫ﺣﺜﺘـﻪ ﻣ ٌ‬
‫إن ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ﻗ ـ ــﺪ ُﺧﻄِﺒَ ـ ــﺖ إﱃ رﺳ ـ ــﻮل اﷲ ‪ ‬ﻓ ـ ــﲈ ﻳﻤﻨ ُﻌ ـ ــﻚ أن ﲣﻄﺒَﻬ ـ ــﺎ؟ ﻗ ـ ــﺎل‪:‬‬
‫زوﺟ ــﻚ‪ ،‬ﻓ ــﲈ زاﻟ ــﺖ‬
‫أﺗﺰوﺟﻬ ــﺎ ﺑ ــﻪ؟ ﻓﻘﺎﻟ ــﺖ ﱄ‪ :‬إن أﺗﻴ َﺘ ــﻪ ﱠ‬
‫ﻓﻘﻠ ــﺖ‪ :‬وﻋﻨ ــﺪي ﳾء ﱠ ُ‬
‫ـﻮﺑﺨﻨﻲ ﺣﺘ ــﻰ أﺗﻴ ُﺘــﻪ‪ ،‬ﻓ ـ ْ ُ‬
‫ـﺪﺧﻠﺖ ﻋﻠﻴــﻪ‪ ،‬ﻓﻘ ــﺎل ﱄ‪) :‬ﻣــﺎ ﺟ ــﺎء ﺑـ َـﻚ وﻣ ــﺎ ﺣﺎﺟ ُﺘ ــﻚ؟‬ ‫ﺗـ ﱢ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﻗﻠﺖ‪ :‬ﻧﻌﻢ ﻳﺎ رﺳﻮل اﷲ ‪.‬‬
‫ﲣﻄﺐ ﻓﺎﻃﻤﺔ؟( ﻗﺎل‪ُ :‬‬
‫ُ‬ ‫ﺟﺌﺖ‬ ‫ﱠ‬
‫ﻟﻌﻠﻚ ْ َ‬
‫اﻃَﻠْﻌ ـُﺖ ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ أﻳ ــﺎ ﻣ ــﻦ اﻷﻏ ــﺮام أو اﻟﺘﻜ ــﺎﻟﻴﻒ‬
‫وﻻ ﲢﻜ ــﻲ اﻟﺮواﻳ ــﺎت اﻟﺘ ــﻲ ﱠ‬
‫اﻟﺘ ــﻲ أرﻫـ ـ َـﻖ أﻫـ ـ ُـﻞ ﻫـ ــﺬا اﻟﺰﻣـ ـ ِ‬
‫ـﺎن ﻋ ـ ـ ِ‬
‫ـﺎداﲥﻢ اﻻﺟﺘﲈﻋﻴـ ــﺔ ﲠـ ــﺎ ﺑـ ــﲈ ﺻـ ـ ﱠـﻌﺐ اﻟ ـ ــﺰواج‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وﺑﻌﺪه‪ ،‬ﺑﻞ ﲢﻜـﻲ اﻟﺘﻴـﺴﲑ واﻟﺘـﺴﻬﻴﻞ ﻟﺒﻨـﺎء ﺑﻴـﻮت اﻟﻌﻔـﺎف واﻟﻄﻬـﺎرة‪ ،‬وﻫـﻮ ﻣـﺎ‬ ‫ّ‬
‫ﻳﺘﻨﺎﺳـ ـ ــﺐ ﻣ ـ ــﻊ اﻟﺘﻌـ ـ ــﺎﻟﻴﻢ اﻟﺘـ ـ ــﻲ أﻃﻠﻘﻬـ ـ ــﺎ اﻹﺳـ ـ ــﻼم‪ ،‬وﺣـ ـ ــﺚ ﻋﻠﻴﻬـ ـ ــﺎ ﰲ اﻟﺘﻴـ ـ ــﺴﲑ‬
‫واﻟﺘﺴﻬﻴﻞ وﻗﻠﺔ اﳌﺆﻧﺔ‪.‬‬

‫)‪ (١‬أﲪﺪ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ‪ ،‬رأب اﻟﺼﺪع )اﻷﻣﺎﱄ(‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.١٠٢٠‬‬

‫‪٩٢‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪ ‬‬

‫ﻋﻦ ﻋﻄﺎء ﺑـﻦ أﰊ رﺑـﺎح‪ ،‬ﻗـﺎل‪ :‬ﳌـﺎ ﺧﻄـﺐ ﻋـﲇ ﻓﺎﻃﻤـﺔ ‪ ‬أﺗﺎﻫـﺎ رﺳـﻮل‬
‫)‪(١‬‬ ‫ِ‬
‫اﷲ ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪" :‬إن ﻋﻠﻴﺎ ﻗﺪ ذﻛﺮك"‪ ،‬ﻓﺴﻜﺘﺖ‪ ،‬ﻓﺨﺮج ﱠ‬
‫ﻓﺰوﺟﻪ ﲠﺎ ‪.‬‬

‫وﻫـ ــﺬا درس ﻫـ ــﺎم ﳚ ــﺐ أن ﻳﺘﻌﻠﻤـ ــﻪ اﻷﻫﻠـ ــﻮن ﻋﻨـ ــﺪ ﺗـ ــﺰوﻳﺞ ﺑﻨـ ــﺎﲥﻢ‪ ،‬ﻓﻌـ ــﲆ‬
‫اﻷب أن ﻳـﺴﺘﺄﻣﺮ وﻳـﺸﺎور اﺑﻨﺘــﻪ؛ ﻷن ﻫـﺬه ﺣﻴﺎﲥــﺎ‪ ،‬وﳍـﺎ اﳊــﻖ ﰲ ﺗـﺄﻣﲔ ﺣﻴﺎﲥــﺎ‬
‫ﺑ ــﲈ ﻳﺘﻨﺎﺳ ــﺐ واﻟﻘ ــﻴﻢ واﳌﺒ ــﺎدئ اﻹﺳ ــﻼﻣﻴﺔ اﻟﻌﺎدﻟ ــﺔ‪ ،‬ﻛ ــﲈ ﻟﻠ ــﻮﱄ اﳊ ــﻖ ﰲ ﺗﺮﺷ ــﻴﺪ‬
‫ﻋﻤﻠﻴـﺔ اﻻﺧﺘﻴـﺎر ﻋـﲆ ﺿـﻮء ﺗﻠـﻚ اﳌﺒـﺎدئ أﻳـﻀﺎ‪ ،‬وﻫـﺬا رﺳـﻮل اﷲ ‪ ‬ﻳـﺸﺎور‬
‫ﻓﺎﻃﻤـﺔ اﻟﺘـﻲ ﻗـﺪ أﻣــﺮ اﷲ ﻋـﺰ وﺟـﻞ ﺑﺘﺰوﳚﻬـﺎ‪ ،‬ﺗﻌﻠــﻴﲈ ﻷﻣﺘـﻪ أن ﻳـﺴﻠﻜﻮا اﻟﻄﺮﻳــﻖ‬
‫اﳌﺮﴈ واﻵﻣﻦ ﰲ ﻫﺬا اﳉﺎﻧﺐ ﻣﻦ اﳊﻴﺎة‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﻟﻄ ـ ــﱪي‪ ،‬ذﺧ ـ ــﺎﺋﺮ اﻟﻌﻘﺒ ـ ــﻰ‪ ،‬ص‪ ٣٣ ،٢٩‬؛ واﺑ ـ ــﻦ ﺳ ـ ــﻌﺪ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻘ ـ ــﺎت اﻟﻜ ـ ــﱪى‪ ،‬ج‪ ،٨‬ص‪٢٠‬؛‬
‫وﺳﺒﻂ اﺑﻦ اﳉﻮزي‪ ،‬ﺗﺬﻛﺮة اﳋﻮاص‪ ،‬ص‪.٣٠٨‬‬

‫‪٩٣‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪ ‬‬
‫وﻫ ــﺎﻛﱠﻦ ﻣﻘ ــﺪار ﻣﻬ ــﺮ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﺑﻨـ ــﺖ رﺳ ــﻮل اﷲ ‪ ‬ﺳ ــﻴﺪة ﻧ ــﺴﺎء اﻟﻌـ ــﺎﳌﲔ‪،‬‬
‫ـﺪي اﳌ ـ ــﺼﻄﻔﻰ ﰲ ﻣﻬـ ــﺮ ﺑﻨﺘ ـ ــﻪ اﳊ ـ ــﻮراء‬
‫أﻳﺘﻬـ ــﺎ اﻷﺧ ـ ــﻮات واﻟﺒﻨ ـ ــﺎت‪ ،‬ﻟـ ــﺘﻌﻠﻤﻦ ﻫ ـ ـ َ‬
‫ﺳ ــﻴﺪة ﻧ ــﺴﺎء اﻟ ــﺪﻧﻴﺎ واﻷﺧ ــﺮى‪ ،‬وأن اﻟﱪﻛ ــﺔ ﰲ أﻗ ـ ﱢـﻞ اﻟﻨ ــﺴﺎء ﻣﺆﻧ ــﺔ وﻣﻬ ــﺮا‪ ،‬ﻛ ــﲈ‬
‫ورد ﻋﻦ اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺻﲆ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ اﻟﻄﺎﻫﺮﻳﻦ‪.‬‬
‫)‪(١‬‬
‫ﺗﺬﻛﺮ أن ﻣﻬﺮﻫﺎ ﻛـﺎن أرﺑ َـﻊ ﻣﺌـﺔ ﻣﺜﻘـﺎل ﻓـﻀﺔ ‪ ،‬وﻗﻴـﻞ‪ :‬اﺛﻨـﺎ‬ ‫ﻫﻨﺎك رواﻳﺎت ُ‬
‫ﻋ ـ ـ ـ ــﴩ أوﻗﻴ ـ ـ ـ ــﺔ ﻓ ـ ـ ـ ــﻀﺔ‪ ،‬أي ‪ ٤٨٠‬ﻣﺜﻘ ـ ـ ـ ـ ًـﺎﻻ‪ ،‬ﻏ ـ ـ ـ ــﲑ أن اﻟ ـ ـ ـ ــﺼﺤﻴﺢ ﻋﻨ ـ ـ ـ ــﺪ أﻫ ـ ـ ـ ــﻞ‬
‫اﻟﺒﻴ ـ ــﺖ‪ ‬ﻫ ـ ــﻮ أﻧ ـ ــﻪ ﻛ ـ ــﺎن اﺛﻨ ـ ــﻲ ﻋ ـ ــﴩ أوﻗﻴ ـ ــﺔ وﻧ ـ ــﺼﻒ أوﻗﻴ ـ ــﺔ‪ ،‬ﺗﺒﻠ ـ ــﻎ ‪٥٠٠‬‬
‫)‪(٢‬‬
‫درﻫﻢ ‪ ،‬واﻟﺪرﻫﻢ ﻫﻮ ﻣﺜﻘﺎل ﻓﻀﺔ‪.‬‬
‫وﻫــﺬا اﻟ ــﺼﺤﻴﺢ ﰲ ﻣﺮوﻳ ــﺎت أﻫ ــﻞ اﻟﺒﻴ ــﺖ ‪ ‬ﻫ ــﻮ أﻛﺜ ــﺮ ﻣ ــﺎ ذﻛﺮﺗ ــﻪ ﻛﺘ ــﺐ‬
‫اﻟﺘــﺎرﻳﺦ ﻣــﻦ ﺻــﺪاق ﻓﺎﻃﻤــﺔ ‘؛ ﻓﻘــﺪ روي أﻧــﻪ ﳌــﺎ ﺟــﺎء ﻋــﲇ ‪ ‬ﻗــﺎل ﻟــﻪ‪:‬‬
‫)‪(٣‬‬
‫أﻋﻄِﻬ ــﺎ ﺷـ ــﻴﺌﺎ‪ ،‬ﻓﻘـ ــﺎل‪ :‬ﻣـ ــﺎ أ ِﺟـ ـ ُـﺪ ﺷـ ــﻴﺌﺎ‪ ،‬ﻗـ ــﺎل‪ :‬ﻓـ ــﺄﻳﻦ درﻋـ ــﻚ اﳊﻄﻤﻴـ ــﺔ ‪ ،‬اﻟﺘـ ــﻲ‬
‫)‪(٤‬‬
‫ﺳـ ـ ﱠ ْ ُ‬
‫ـﻠﺤﺘﻜﻬﺎ؟ ﻓﻘ ـ ــﺎل‪ :‬ﻫ ـ ــﻲ ﻋﻨ ـ ــﺪي ‪ ،‬ﻓ ـ ــﺄﻣﺮه ﺑﺒﻴﻌﻬ ـ ــﺎ‪ ،‬ﻓﺒﺎﻋﻬ ـ ــﺎ ﺑ ـ ــﺎﺛﻨﺘﻲ ﻋ ـ ــﴩة‬

‫)‪ (١‬أﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ‪ ،‬ﺗﻴﺴﲑ اﳌﻄﺎﻟـﺐ‪ ،‬ص‪٨٩‬؛ وأﺑـﻮ اﻟﻌﺒـﺎس اﳊـﺴﻨﻲ‪ ،‬اﳌـﺼﺎﺑﻴﺢ‪ ،‬ص‪٢٣٩‬؛ وأﲪـﺪ ﺑـﻦ‬
‫ﻋﻴﺴﻰ‪ ،‬رأب اﻟﺼﺪع‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.١٠٢٠‬‬
‫)‪ (٢‬ﻳﻨﻈــﺮ اﻹﻣــﺎم زﻳــﺪ‪ ،‬ﻣــﺴﻨﺪ اﻹﻣــﺎم زﻳ ــﺪ ﺑــﻦ ﻋــﲇ‪ ،‬ص‪٣٠٣‬؛ وأﲪــﺪ ﺑــﻦ ﻋﻴــﺴﻰ‪ ،‬رأب اﻟ ــﺼﺪع‪،‬‬
‫ج‪١٠٢٠ ،٩٨١ ،٢‬؛ واﳌﺆﻳﺪي‪ ،‬ﻟﻮاﻣﻊ اﻷﻧﻮار‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٢٨‬‬
‫)‪ (٣‬دروع ﺗﻨــﺴﺐ إﱃ رﺟ ــﻞ ﻛ ــﺎن ﻳﻌﻤﻠﻬــﺎ‪ ،‬وﻗﻴ ــﻞ‪ :‬ﻫ ــﻲ اﻟﺘ ــﻲ َ ْﲢ ِﻄـ ُـﻢ اﻟ ــﺴﻴﻮف أي ﺗﻜ ــﴪﻫﺎ‪ ،‬وﻗﻴ ــﻞ‬
‫ﻫـﻲ اﻟﻌﺮﻳـﻀﺔ اﻟﺜﻘﻴﻠـﺔ‪ ،‬وﻗﻴــﻞ‪ :‬ﻣﻨـﺴﻮﺑﺔ إﱃ ﺑ ْﻄ ٍـﻦ ﻣــﻦ ﻋﺒـﺪ اﻟﻘـﻴﺲ ﻳﻘـﺎل ﳍــﻢ ُ َ‬
‫ﺣﻄ َﻤ ُـﺔ ﺑ ُـﻦ ﳏـ ٍ‬
‫ـﺎرب‬
‫ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻤﻠﻮن اﻟﺪروع‪ .‬اﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر‪ ،‬ﻟﺴﺎن اﻟﻌﺮب‪ ،‬ﻣﺎدة ﺣﻄﻢ‪.‬‬
‫)‪ (٤‬أﲪﺪ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ‪ ،‬رأب اﻟﺼﺪع‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.١٠٢٠‬‬

‫‪٩٤‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(٢‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫)‪(١‬‬
‫ـﱪة‬ ‫ـﺮد ُﺑ ـ ْـﺮد ﺣ ـ َ َ‬
‫أوﻗﻴــﺔ ‪ ،‬وﰲ اﻟﺮواﻳ ــﺔ اﻟــﺼﺤﻴﺤﺔ أﻳ ــﻀﺎ‪ :‬أن ﺻــﺪاﻗﻬﺎ ﻛ ــﺎن ُﺟـ ْ َ‬
‫)‪(٣‬‬
‫ودرع ‪ ،‬واﻟـ ــﺪرع ﻫ ـ ــﻮ ﺗﻠ ـ ــﻚ اﳊﻄﻤﻴ ـ ــﺔ‪ ،‬وﲠ ـ ــﺬا ﻳﺘﺒ ـ ــﲔ أن اﻟ ـ ـ )‪ (١٢.٥‬أوﻗﻴ ـ ــﺔ‪،‬‬
‫اﻟﱪد واﻟﺪرع‪.‬‬ ‫واﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎوي ﲬﺲ ﻣﺌﺔ درﻫﻢ ﻫﻲ ﳎﻤﻮع ﺛﻤﻦ ﺑﻴﻊ ُ ْ‬
‫ﻗـﺎل اﻹﻣـﺎم ﻋـﲇ ‪) :‬أﻧﻜﺤﻨـﻲ رﺳـﻮل اﷲ ‪ ‬اﺑﻨﺘـﻪ ﻓﺎﻃﻤـﺔ ﻋـﲆ اﺛﻨﺘـﻲ‬
‫)‪(٤‬‬
‫ﻋﴩة أوﻗﻴﺔ وﻧﺼﻒ ﻣﻦ اﻟﻔﻀﺔ( ‪.‬‬
‫إن ﻗﻠ ـ ــﺔ اﳌﻬـ ــﺮ أدب ﻣ ـ ــﻦ آداب اﻹﺳ ـ ــﻼم‪ ،‬وﻫ ـ ــﺎ ﻫ ـ ــﻲ ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ‘ وﻫ ـ ــﻲ‬
‫وﻣﺜﻠﻬ ــﺎ ﲨﻴ ـ ُـﻊ زوﺟ ــﺎت اﻟﻨﺒ ــﻲ ‪ ،‬ﻛ ــﺎن ﻣﻬ ـ ُـﺮﻫﻦ ذﻟ ــﻚ اﳌﻬ ـ َـﺮ‬
‫ﺳ ــﻴﺪة اﻟﻨ ــﺴﺎء‪ُ ،‬‬
‫)‪(٥‬‬
‫ـﺎوز اﻟـ ـ)‪ (٥٠٠‬درﻫ ــﻢ ‪ ،‬أي ﺑ ــﲈ ﻳ ــﺴﺎوي ‪ ٢٠‬أﻟ ــﻒ رﻳ ــﺎل ﻳﻤﻨـ ــﻲ‬
‫اﻟ ــﺬي ﱂ ﻳﺘﺠ ـ ْ‬
‫ﺗﻘﺮﻳﺒـ ـ ــﺎ‪ ،‬ﻗﺒـ ـ ــﻞ ﺣـ ـ ــﻮاﱄ ‪ ١٥‬ﺳ ـ ــﻨﺔ ﻣـ ـ ــﺜﻼ‪ ،‬ﻳـ ـ ــﻮم ﻛـ ـ ــﺎن اﻟﻘـ ـ ــﺮش اﻟﻔﺮاﻧـ ـ ـﴘ ﺑ ـ ـ ـ‪٥٠٠‬‬
‫)‪(٦‬‬
‫رﻳﺎل ﻳﻤﻨﻲ ‪.‬‬

‫)‪ (١‬أﺑ ـ ــﻮ ﻳﻌ ـ ــﲆ‪ ،‬ﻣ ـ ــﺴﻨﺪ أﰊ ﻳﻌ ـ ــﲆ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪ ،٣٦٢‬رﻗ ـ ــﻢ‪٤٧٠‬؛ واﳍﻴﺜﻤ ـ ــﻲ‪ ،‬ﳎﻤ ـ ــﻊ اﻟﺰواﺋ ـ ــﺪ‪ ،‬ج‪،٩‬‬
‫ص‪ ،٣٣٢‬رﻗﻢ‪.١٥٢١١‬‬
‫ـﱪة‪ ،‬ﻳﻄﻠـ ــﻖ ﺑﺎﻟﻮﺻ ـ ــﻒ‬ ‫ِ‬
‫ـﺮد ﺣ ـ ـ َ َ‬
‫)‪ (٢‬ﺑـ ــﺮود ﺣـ ــﱪة‪ :‬ﴐب ﻣ ـ ــﻦ اﻟـ ــﱪود ﻳﲈﻧﻴ ـ ــﺔ‪ ،‬ﻳﻘـ ــﺎل‪ :‬ﺑـ ــﺮد ﺣﺒ ـ ــﲑ‪ ،‬و ُﺑـ ـ ْ ُ‬
‫واﻹﺿﺎﻓﺔ‪ ،‬واﳊﺒﲑ ﻣﻦ اﻟﱪود‪ :‬ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻮﺷﻴﺎ ﳐﻄﻄﺎ‪ ،‬واﳉﺮد ﻣﻦ اﻟﺜﻴﺎب‪ :‬ﻣﺎ اﻧﺴﺤﻖ وﻻن‪.‬‬
‫)‪ (٣‬أﲪﺪ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ‪ ،‬رأب اﻟﺼﺪع ج‪ ،٢‬ص‪ ،١٠٢٤‬واﳊﻮﺛﻲ‪ ،‬اﳌﺨﺘﺎر‪ ،‬ص‪.٣٤٢‬‬
‫)‪ (٤‬اﻹﻣﺎم زﻳﺪ‪ ،‬ﻣﺴﻨﺪ اﻹﻣﺎم زﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﲇ‪ ،‬ص‪٣٠٣‬؛ واﳊﻮﺛﻲ‪ ،‬اﳌﺨﺘﺎر‪ ،‬ص‪.٢٤٠‬‬
‫)‪ (٥‬أﲪﺪ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ‪ ،‬ﻋﻠﻮم آل ﳏﻤﺪ‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٦٤‬‬
‫)‪ (٦‬ﻓﺈذا ﻋﺮﻓﻨﺎ أن ﻧﺼﺎب اﻟﻔﻀﺔ ﻟﻠﺰﻛﺎة ﻛﲈ ﻫﻮ ﻣﻘﺮر ﰲ اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ‪ ٢٠٠‬درﻫﻢ‪ ،‬وأﻧﻪ ﺻﺎر‬
‫رﺑﻌﺎ‪ ،‬وإذا اﻓﱰﺿﻨﺎ أن اﻟﺮﻳﺎل اﻟﻔﺮاﻧﴘ ﺑـ‪ ٥٠٠‬رﻳﺎل ﻛﲈ ﻛﺎن‬ ‫رﻳﺎﻻ ﻓﺮاﻧﴘ إﻻ ً‬ ‫ﻣﻌﺮوﻓﺎ أﻧﻪ ‪ً ١٦‬‬
‫ﻗﺒﻞ ﺣﻮاﱄ ‪ ١٦‬ﺳﻨﺔ‪ ،‬ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟـ)‪ ٥٠٠‬درﻫﻢ( ﻣﻬﺮ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺗﺼﲑ ﺑـﺤﻮاﱄ )‪١٩‬أﻟﻒ‬
‫رﻳﺎل(‪ ،‬وﻣﻊ ﻣﺮاﻋﺎة اﻧﺨﻔﺎض ﺳﻌﺮ اﻟﴫف ﻟﻠﻌﻤﻠﺔ اﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ﻫـﺬه اﻷﻳـﺎم‪ ،‬واﻟﻔـﺎرق ﰲ اﻟﻘـﺪرة‬
‫اﻟﴩاﺋﻴﺔ ﻟﻠﻔﻀﺔ ﺑﲔ زﻣﻦ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺴﻼم وزﻣﻨﻨﺎ ﻫﺬا‪ ،‬ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﻴﺔ‪.‬‬

‫‪٩٥‬‬
 ‫‪‬‬

‫ـﺎل ﻣــﻦ اﻷﺣــﻮال ﺑﺨــﺲ اﳌـ ِ‬

‫ـﺮأة ﳊﻈﻬــﺎ‪ ،‬ﻛــﲈ ﻟــﻴﺲ‬ ‫وﻻ ﻳﻌﻨــﻲ ﻗﻠــﺔ اﳌﻬــﺮ ﺑــﺄي ﺣـ ٍ‬
‫َ‬
‫أي ﺗﻜ ـ ــﺮﻳﻢ ﳍ ـ ــﺎ؛ وﺻ ـ ــﺪق اﻹﻣ ـ ــﺎم اﳌﺆﻳ ـ ــﺪ ﺑ ـ ــﺎﷲ أﲪ ـ ــﺪ ﺑ ـ ــﻦ‬
‫ﰲ اﳌﻐ ـ ــﺎﻻة ﰲ اﳌﻬ ـ ــﻮر ﱡ‬
‫اﳊ ــﺴﲔ اﳍـ ــﺎروﲏ )ت‪٤١١‬ﻫ ـ ـ( إذ ﻳﻘـ ــﻮل‪" :‬وروي أن اﻟﻨﺒـ ــﻲ ‪ّ ‬‬
‫زوج اﺑﻨﺘـ ــﻪ‬
‫ـﺲ ﻣﺌ ـ ـ ِـﺔ درﻫ ـ ــﻢ‪ ،‬وﻫ ـ ــﻲ ﺳ ـ ــﻴﺪة اﻟﻨ ـ ــﺴﺎء‪ ،‬وﻗ ـ ــﺪ ﻋﻠﻤﻨ ـ ــﺎ‬ ‫ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ﻋ ـ ــﲆ ﺻ ـ ـ ِ‬
‫ـﺪاق ﲬ ـ ـ ِ‬
‫)‪(١‬‬
‫أﻧﻪ ‪ ‬ﱂ ﻳﻜﻦ َ‬
‫ﻟﻴﺒﺨﺴﻬﺎ ﺣﻈﻬﺎ" ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﳌﺆﻳﺪ ﺑﺎﷲ‪ ،‬ﴍح اﻟﺘﺠﺮﻳﺪ‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪ ،٩٦‬ﺑﺎب اﻟﻘﻮل ﻓﻴﲈ ﻳﺼﺢ أو ﻳﻔﺴﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﻜﺎح‪.‬‬

‫‪٩٦‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪  ‬‬

‫ﲨ ـ ـ ــﻊ رﺳـ ـ ـ ــﻮل اﷲ ‪ ‬ﲨﻌ ـ ـ ــﺎ ﻣـ ـ ـ ــﻦ أﺻ ـ ـ ــﺤﺎﺑﻪ ﻟﻴـُ ـ ـ ـ ْ ِ‬

‫ـﺸﻬﺮ ﻓ ـ ـ ــﻴﻬﻢ َﻋ ْﻘـ ـ ـ ـ َـﺪ زواج‬
‫ﻋ ـ ــﲇ‪ ‬ﻣ ـ ــﻦ ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ‪ ،‬وﺧﻄ ـ ــﺐ ‪ ،‬ﻓﻘ ـ ــﺎل‪) :‬اﳊﻤ ـ ــﺪﷲ اﳌﺤﻤ ـ ــﻮد ﺑﻨﻌﻤﺘ ـ ــﻪ‪،‬‬
‫اﳌﻌﺒ ــﻮد ﻟﻘﺪرﺗ ــﻪ‪ ،‬اﳌﻄ ــﺎع ﻟ ــﺴﻠﻄﺎﻧﻪ‪ ،‬اﳌﺮﻫ ــﻮب ﻣ ــﻦ ﻋﺬاﺑ ــﻪ‪ ،‬اﳌﺮﻏ ــﻮب إﻟﻴ ــﻪ ﻓ ــﻴﲈ‬
‫أزوج‬
‫ﻋﻨ ــﺪه‪ ،‬اﻟﻨﺎﻓ ــﺬ أﻣـ ـ ُـﺮه ﰲ ﺳ ــﲈﺋﻪ وأرﺿـ ــﻪ‪ ،‬ﺛ ــﻢ إن اﷲ ﻋـ ــﺰ وﺟ ــﻞ أﻣـ ــﺮﲏ أن ﱢ‬
‫)‪(١‬‬
‫زوﺟ ُﺘــﻪ ﻋـﲆ أرﺑـ ِـﻊ ﻣﺌــﺔ ﻣﺜﻘــﺎل ﻓــﻀﺔ ‪ ،‬إن رﴈ ﺑــﺬﻟﻚ‬ ‫ﻓﺎﻃﻤـﺔ ﻣــﻦ ﻋــﲇ‪ ،‬ﻓﻘــﺪ ﱠ‬
‫ﻋـ ــﲇ(‪ ،‬وﻛـ ــﺎن ﻋـ ــﲇ ‪ ‬ﻏﺎﺋﺒـ ــﺎ ﰲ ﺣﺎﺟـ ــﺔ اﻟﺮﺳـ ــﻮل ‪ ،‬ﺛـ ــﻢ دﻋـ ــﺎ ﺑﻄﺒـ ــﻖ ﻓﻴـ ــﻪ‬
‫ﻳﻨﺘﻬﺒ ــﻮن إذ دﺧ ــﻞ ﻋ ــﲇ ‪‬‬ ‫اﻧﺘﻬﺒ ــﻮا(‪ ،‬وﺑﻴ ــﻨﲈ ﻛ ــﺎن اﳊ ــﺎﴐون ِ‬ ‫ُﺑ ــﴪ‪ ،‬ﻓﻘ ــﺎل‪ِ ) :‬‬
‫ِ‬
‫أزو َﺟــﻚ ﻓﺎﻃﻤـﺔ‪ ،‬ﻓﻘــﺪ‬ ‫ﻓﻘـﺎل اﻟﻨﺒــﻲ ‪) :‬ﻳـﺎ ﻋــﲇ أﻣـﺎ ﻋﻠ ْﻤـ َـﺖ أن اﷲَ أﻣـﺮﲏ أن ﱢ‬
‫ـﻴﺖ(‪ ،‬ﻓﻘـ ــﺎل ‪ :‬رﺿـ ـ ُ‬
‫ـﻴﺖ‬ ‫زوﺟﺘﻜﻬ ــﺎ ﻋـ ــﲆ أرﺑ ـ ِـﻊ ﻣﺌـ ـ ِـﺔ ﻣﺜﻘ ــﺎل ﻓـ ــﻀﺔ إن ر ِﺿ ـ ْ َ‬
‫ُ‬
‫ـﻤﻠﻜﲈ‪ ،‬وأﺳ ـ ـ َـﻌﺪ ﺟ ـ ــﺪﻛﲈ‪،‬‬ ‫ﻋ ـ ــﻦ اﷲ ورﺳ ـ ــﻮﻟﻪ‪ ،‬ﻓﻘ ـ ــﺎل اﻟﻨﺒ ـ ــﻲ ‪) :‬ﲨ ـ ــﻊ اﷲ ﺷ ـ ـ َ‬
‫)‪(٢‬‬
‫وأﺧـ ـ ـ ــﺮج ﻣ ـ ـ ـ ــﻨﻜﲈ ﻛﺜ ـ ـ ـ ــﲑا ﻃﻴﺒ ـ ـ ـ ــﺎ( ‪ .‬ﻗ ـ ـ ـ ــﺎل أﻧ ـ ـ ـ ــﺲ‪ :‬واﷲ ﻟﻘ ـ ـ ـ ــﺪ أﺧ ـ ـ ـ ــﺮج ﻣ ـ ـ ـ ــﻨﻬﲈ‬
‫)‪(٣‬‬
‫اﻟﻜﺜﲑ اﻟﻄﻴﺐ ‪.‬‬

‫)‪ (١‬ﻫﺬا ﻻ ﻳﻨﺎﰲ ﻣـﺎ ﺗﻘـﺪم‪ ،‬ﻓـﺮﺑﲈ ﺗـﺬﻛﺮ اﻟـﺮواة اﻟﻌﻘـﺪ ﰲ اﳌﺒﻠـﻎ وﻏﻔﻠـﻮا ﻋـﻦ اﻟﻜـﺴﻮر‪ ،‬ورﺑـﲈ ﺣـﺴﺒﻮا‬
‫ﺛﻤﻦ اﻟﺪرع ﻓﻘﻂ‪ ،‬وﱂ ﳛﺴﺐ ﻗﻴﻤﺔ ﺑﻘﻴﺔ اﻷﺷﻴﺎء ﻣﺜﻞ اﻟﱪد اﳊﱪة‪ ،‬وﻏﲑه‪ ،‬أو ﻫﻜﺬا ﺑـﺪأ اﳌﻬـﺮ‬
‫ﺛﻢ اﻧﺘﻬﻰ ﺑﲈ ﻳﺴﺎوي ‪ ٥٠٠‬درﻫﻢ‪.‬‬
‫)‪ (٢‬أﺑـ ــﻮ ﻃﺎﻟـ ــﺐ‪ ،‬ﺗﻴـ ــﺴﲑ اﳌﻄﺎﻟـ ــﺐ‪ ،‬ص‪٩٠ -٨٩‬؛ وأﺑـ ــﻮ اﻟﻌﺒـ ــﺎس اﳊـ ــﺴﻨﻲ‪ ،‬اﳌـ ــﺼﺎﺑﻴﺢ‪ ،‬ص‪٢٣٣‬؛‬
‫واﺑﻦ اﻷﻣﲑ‪ ،‬اﻟﺮوﺿﺔ اﻟﻨﺪﻳﺔ‪ ،‬ص‪.٢٤٨‬‬
‫)‪ (٣‬اﺑﻦ اﻷﻣﲑ‪ ،‬اﻟﺮوﺿﺔ اﻟﻨﺪﻳﺔ‪٢٤٨ ،‬؛ وﻗﺎل‪ :‬أﺧﺮﺟﻪ اﻟﻘﺰوﻳﻨﻲ اﳊﺎﻛﻤﻲ‪.‬‬

‫‪٩٧‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪  ‬‬

‫ﺟﻬﺰ ﺑﻪ ﺑﻴـﺖ‬ ‫ﻣﻦ اﳌﻬﻢ ﺟﺪا أن ﺗﻌﺮف اﳌﺮأة اﳌﺴﻠﻤﺔ اﻟﻴﻮم ﻣﺎ ﻫﻮ اﳉﻬﺎز اﻟﺬي ُ ﱢ َ‬
‫اﻟـ ــﺼﺪﻳﻘﺔ اﻟﻄ ـ ــﺎﻫﺮة ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ اﻟﺰﻫـ ــﺮاء ﺳ ـ ــﻴﺪة ﻧـ ــﺴﺎء اﻟﻌ ـ ــﺎﳌﲔ‪ ،‬وﺑﻨ ـ ـ ُـﺖ ﺧ ـ ـ ِـﲑ اﻟﻨﺒﻴ ـ ــﲔ‪،‬‬
‫وزوﺟﺔ ﺳﻴﺪ اﻟﻮﺻﻴﲔ‪ ،‬وأم ﺳﻴﺪي ﺷﺒﺎب أﻫﻞ اﳉﻨﺔ اﳊﺴﻦ واﳊﺴﲔ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫)‪ِ (١‬‬
‫وﻗﺮﺑ ــﺔ ﻣ ــﻦ ِﺟﻠ ـ ٍـﺪ ﻟﻠ ـ ﱡـﴩب‪،‬‬
‫ﻟﻘ ــﺪ ُﺟ ﱢﻬ ـ َـﺰ ﺑﻴﺘﻬ ــﺎ ﺳ ــﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ ﺑﺨﻤﻴ ـ ٍـﻞ ‪ْ ،‬‬
‫)‪(٢‬‬
‫ـﻒ إذ َﺧــﺮ ‪ .‬أﻣــﺎ اﻟﻔــﺮاش ﻓﻘــﺪ ﻛــﺎن ﺟﻠـ َـﺪ‬ ‫ـﺸﻮﻫﺎ ﻟﻴـ ُ‬
‫أدم )ﺟﻠــﺪ( ﺣـ ُ‬ ‫ووﺳــﺎدة ﻣــﻦ َ ٍ‬
‫)‪(٣‬‬
‫ـﺪد ﻣـ ــﻦ‬
‫ـﻮﻓﻪ ﻓﻴﻔﱰﺷ ــﺎﻧﻪ ‪ ،‬وﻛـ ــﺎن ﻫ ــﺬا اﻟﻔ ــﺮاش ﻟـ ــﻪ ﻋ ـ ٌ‬ ‫ـﺒﺶ‪ ،‬ﻛﺎﻧ ــﺎ ﻳﻘﻠِﺒـ ــﺎن ﺻ ـ َ‬
‫ﻛـ ٍ‬
‫)‪(٤‬‬
‫وﻳﻌﻠﻘـ ــﺎن ﻋﻠﻴـ ــﻪ اﻟﻨﺎﺿـ ــﺢ ﰲ اﻟﻨﻬـ ــﺎر ‪،‬‬‫اﻟﻮﻇـ ــﺎﺋﻒ ﻓﻜﺎﻧـ ــﺎ ﻳﻨﺎﻣـ ــﺎن ﻋﻠﻴـ ــﻪ اﻟﻠﻴـ ــﻞ‪ ،‬ﱢ‬
‫ورﺑﲈ ﻋﺠﻨﺖ ﻋﲆ ﻃﺮﻓﻪ اﻟﺰﻫﺮاء ﻛﲈ ﺳﻴﺄﰐ‪.‬‬
‫وأﻣـﺎ )ﻣﻮﻛﻴــﺖ( ﺑﻴ ِـﺘﻬﻢ ﻓﻠــﻢ ﻳﻜـﻦ ﺳــﻮى ر ْﻣـﻞ ﻣــﻦ ﺑﻄﺤـﺎء اﻟﺮوﺣــﺎء ﺟــﺎؤوا‬
‫)‪(٥‬‬ ‫ـﻮز وﺟ ــﺮة‪ ،‬ورﺣ ـ ٍ‬
‫ﺑ ــﻪ ﻓﺒ ــﺴﻄﻮه ﰲ اﻟﺒﻴ ــﺖ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿ ــﺎﻓﺔ إﱃ ُﻛ ـ ٍ‬
‫ـﺎء‪ ،‬وﺳ ــﻘﺎء ‪ ،‬وﻛ ــﺎن‬ ‫ﱠ‬

‫)‪ (١‬اﳋﻤﻴﻞ‪ :‬ﻗﻄﻴﻔﺔ ذات أﻫﺪاب‪ ،‬وﻫﻲ ﻛﻞ ﺛﻮب ﻟﻪ ﲬﻞ ﻣﻦ أي ﳾء ﻛﺎن‪.‬‬

‫)‪ (٢‬أﲪ ـ ــﺪ ﺑ ـ ــﻦ ﻋﻴ ـ ــﺴﻰ‪ ،‬ﻋﻠ ـ ــﻮم آل ﳏﻤ ـ ــﺪ‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪٧٣‬؛ وﻳﻨﻈ ـ ــﺮ أﲪ ـ ــﺪ‪ ،‬اﳌ ـ ــﺴﻨﺪ‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪،٢٨٤‬‬
‫رﻗــﻢ‪٧٧٨‬؛ واﻟﻨ ــﺴﺎﺋﻲ‪ ،‬اﻟ ــﺴﻨﻦ اﻟﻜ ــﱪى‪ ،‬ج‪ ،٥‬ص‪ ،١٤٤‬رﻗ ــﻢ‪٨٥١٠‬؛ واﳊ ــﺎﻛﻢ‪ ،‬اﳌ ــﺴﺘﺪرك‪،‬‬
‫ج‪ ،٦‬ص‪ ،٣٦٩‬رﻗﻢ ‪ .٢٧٠٥‬واﻹذﺧﺮ‪ :‬ﻧﺒﺎت ﻃﻴﺐ اﻟﺮاﺋﺤﺔ‪.‬‬
‫)‪ (٣‬ﻳﻨﻈ ـ ــﺮ أﲪ ـ ــﺪ ﺑ ـ ــﻦ ﻋﻴ ـ ــﺴﻰ‪ ،‬ﻋﻠ ـ ــﻮم آل ﳏﻤ ـ ــﺪ‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪ ،٦٤‬رأب اﻟ ـ ــﺼﺪع‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪١٠٢٤‬؛‬
‫واﳊﻮﺛﻲ‪ ،‬اﳌﺨﺘﺎر‪ ،‬ص‪.٥٠٠‬‬
‫)‪ (٤‬اﳌﺮﺷﺪ ﺑﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ص‪٢٢٩‬؛ واﻟﻄﱪي‪ ،‬ذﺧﺎﺋﺮ اﻟﻌﻘﺒﻰ‪ ،‬ص‪.٣٥‬‬
‫)‪ (٥‬اﺑ ــﻦ ﺣﻨﺒ ــﻞ‪ ،‬اﳌ ــﺴﻨﺪ‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪ ،٢٨٤‬رﻗ ــﻢ‪٧٧٨‬؛ واﳍﻴﺜﻤ ــﻲ‪ ،‬ﳎﻤ ــﻊ اﻟﺰواﺋ ــﺪ‪ ،‬ج‪ ،٩‬ص‪،٣٣٦‬‬
‫رﻗﻢ ‪.٥٢١٦‬‬

‫‪٩٨‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(١‬‬
‫أﺑﻮﻫﺎ ‪ ‬ﻗﺪ ﻗﺒﺾ دراﻫﻢ ﻣﻦ ﻣﻬﺮﻫﺎ وأﻣﺮ ﺑﺄن ُ ْ َ َ‬
‫ﻳﺸﱰى ﳍﺎ ﻃﻴﺐ ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ـﺮض ﻋـ ــﻮد ﰲ ﺟﺎﻧـ ـ ِ ِ‬
‫و ُﻋـ ـ ِ َ‬
‫وﻳَﻌﱢﻠ ـ ـَﻖ‬ ‫ـﺐ ﺑﻴـ ــﺖ ﻋ ـ ــﲇ ‪ُ ‬ﻟﻴْﻠﻘ ـ ـَﻲ ﻋﻠﻴـ ــﻪ اﻟﺜـ ـ َ‬
‫ـﻮب‪ُ ،‬‬ ‫ٌ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻘﺎء ‪.‬‬
‫وﻛ ــﺎن ﻫ ــﺬا دأب أﺑﻨﺎﺋﻬ ــﺎ ﻣ ــﻦ أﻋ ــﻼم أﻫ ــﻞ اﻟﺒﻴ ــﺖ ﻋ ــﻴﻬﻢ اﻟ ــﺴﻼم؛ ﻓﻬ ــﺬا اﻹﻣ ــﺎم‬
‫)‪(٣‬‬
‫ﳛﻴ ــﻰ ﺑ ــﻦ ﲪ ــﺰة ‪ ،‬ﻛ ــﺎن ﻳ ْﻔ ـ َ ِـﱰش ﺑ ــﺴﺎﻃﺎ ﺧﻠِﻘ ــﺎ ‪ ،‬ﻓﻘﻴ ــﻞ ﻟ ــﻪ‪ :‬ﻟ ــﻮ أﺧ ــﺬت ﺑ ــﺴﺎﻃﺎ‬
‫ـﺌﺖ أن ﻳﻜ ــﻮن ﺑــﺴﺎﻃﻲ ﻣــﻦ ذﻫ ـ ٍ‬
‫ـﺐ ﻟﻔﻌ ْﻠـ ُـﺖ‪ ،‬وﻟﻜ ــﻦ ﻟﻨــﺎ أﺳ ــﻮة‬ ‫ﺟﺪﻳــﺪا‪ ،‬ﻓﻘــﺎل‪ :‬ﻟ ــﻮ ﺷـ ْ ُ‬
‫اﺑﻨﺘﻪ ﺳﻴﺪة ﻧﺴﺎء اﻟﻌﺎﳌﲔ‪ ،‬اﺑﻨﺔ رﺳﻮل اﷲ ‪ ‬زوﺟﺔ ﺳﻴﺪ‬
‫ﺟﻬﺰ َ‬‫ﺑﺮﺳﻮل اﷲ ‪ ،‬ﱠ َ‬
‫ـﺸﻮﻫﺎ ﻟﻴ ــﻒ‪ ،‬وإﻫــﺎب ﻛــﺒﺶ‪ ،‬ﻛﺎﻧــﺖ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ‘‬
‫أدم‪ ،‬ﺣ ـ ُ‬
‫اﻟﻮﺻ ــﻴﲔ ﺑﻮﺳ ــﺎدة ﻣ ــﻦ َ‬
‫ﺗﻌﺠ ــﻦ ﻋ ــﲆ ﻧﺎﺣﻴ ــﺔ‪ ،‬وﻳﻨ ــﺎﻣﻮن ﻋ ــﲆ ﻧﺎﺣﻴ ــﺔ‪ ،‬وأﻣ ــﺮ ‪ ‬أن ُﻳﻨْ َﺜ ــﺮ ﰲ ﺑﻴ ــﺘﻬﻢ ﻟﻴﻠ ـ َـﺔ ﺑﻨ ــﻰ‬
‫)‪(٤‬‬
‫ﻋﲇ‪ ‬ﲠﺎ ﻣﻦ ﺑﻄﺤﺎء اﻟﺮوﺣﺎء ‪.‬‬

‫ﻫـ ـ ــﺬا ﻫـ ـ ــﻮ ﺑﻴـ ـ ـ ُـﺖ ﻓﺎﻃﻤـ ـ ــﺔ ‘‪ ،‬ﻟﺘ ـ ــﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨـ ـ ــﻪ اﳌـ ـ ــﺮأة اﻟﻴـ ـ ــﻮم دروس اﻟﻌـ ـ ــﺰة‬
‫واﻟﻜﺮاﻣ ـ ــﺔ‪ ،‬وﻛﻴ ـ ــﻒ ُﺗ ـ ـْﺼَﻨُﻊ اﻟ ـ ــﺴﻌﺎدة واﻟﻌﻈﻤ ـ ــﺔ ﻣ ـ ــﻦ اﻟﺒ ـ ــﺴﺎﻃﺔ واﻟﻘﻨﺎﻋ ـ ــﺔ‪ ،‬وﰲ‬
‫ذﻟـﻚ ﺣ ﱞـﻞ ﻛﺒـﲑ ﳌـﺸﺎﻛﻞ اﺟﺘﲈﻋﻴـﺔ ﱠ‬
‫ﲨـﺔ‪ ،‬ﻧﺘﺠـﺖ ﻋـﻦ اﻟـﺼﻌﻮﺑﺎت اﻟﺘـﻲ َوَﺿـَﻌْﺘَﻬﺎ‬
‫ـﺎت اﻟ ـ ــﻮﻋﻲ اﻻﺟﺘﲈﻋـ ــﻲ اﻹﺳ ـ ــﻼﻣﻲ اﻟﻴـ ــﻮم‪ ،‬وﻛﺎﻧ ـ ــﺖ وﻻ زاﻟـ ــﺖ ﲥ ـ ـ ﱢـﺪد‬
‫اﻧﺤﺮاﻓـ ـ ُ‬
‫ﻧﺴﻴﺞ اﻷﻣﺔ وﲤﺎﺳﻜﻬﺎ‪.‬‬
‫َ‬
‫)‪ (١‬اﻟﻄﱪي‪ ،‬ذﺧﺎﺋﺮ اﻟﻌﻘﺒﻰ‪ ،‬ص‪٣٤‬؛ واﺑﻦ ﺣﺒﺎن‪ ،‬اﻟﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬ج‪ ،٢٨‬ص‪ ،٤٢٩‬رﻗﻢ‪.٧٠٧٠‬‬
‫)‪ (٢‬اﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ‪ ،‬اﻟﺴﻨﻦ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪ ،٦١٦‬رﻗﻢ‪.١٩١١‬‬
‫)‪ (٣‬ﺑﺎﻟًﻴﺎ ﻏﲑ ﺟﺪﻳﺪ‪.‬‬
‫)‪ (٤‬ﺻﻠﺔ اﻹﺧﻮان‪- ،‬خ‪ -‬اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎدس‪ ،‬ﻣﻜﺎرم اﻷﺧﻼق‪.‬‬

‫‪٩٩‬‬
 ‫‪‬‬

‫ـﻴﺪ اﻷﻧﺒﻴ ـ ــﺎء‬ ‫ﰲ ﻫ ـ ــﺬا اﻟﺒﻴ ـ ــﺖ اﻟﺒ ـ ــﺴﻴﻂ واﳌﺘﻮا ِﺿ ـ ــﻊ ﲠ ـ ــﺬا اﳉﻬ ـ ــﺎز ﻛ ـ ــﺎن ﻳﺒ ـ ـ ِ‬
‫ـﺘﻬﺞ ﺳ ـ ـ ُ‬
‫ـﻴﺪ اﻷوﺻــﻴﺎء واﳌﺘﻘــﲔ‪ ،‬وﻓﻴــﻪ اﻟﺰﻫــﺮاء‪ ،‬ﺳــﻴﺪة ﻧــﺴﺎء اﻟﻌــﺎﳌﲔ‪ ،‬وﻓﻴــﻪ‬ ‫واﳌﺮﺳــﻠﲔ‪ ،‬وﺳـ ُ‬
‫ُوﻟـ ِ َـﺪ وﺗﺮ ﱠﺑ ــﻰ ﺳــﻴﺪا ﺷ ـ ِ‬
‫ـﺒﺎب أﻫ ـ ِـﻞ اﳉﻨــﺔ‪ ،‬وزﻳﻨ ــﺐ اﻟﻜ ــﱪى‪ ،‬وأم ﻛﻠﺜــﻮم ﺑﻨﺘ ــﺎ اﻟﺰﻫ ــﺮاء‪،‬‬
‫وﻫــﻮ اﻟﺒﻴــﺖ اﻟــﺬي ﻛــﺎن ﻳﻤــﺮ ﻋﻠﻴــﻪ اﻟﺮﺳــﻮل ‪ ‬ﻓ ْﺠـ َـﺮ ﻛـ ﱢـﻞ ﻳـ ٍ‬
‫ـﻮم ﻟﻌــﺪد ﻣــﻦ اﻟــﺸﻬﻮر‪،‬‬
‫ِ ِ‬
‫ﻳﺮﻳﺪ ا ﱠ ُ ُ ْ َ‬
‫ﻟﻴﺬﻫﺐ َ ُ ُ‬
‫ﻋﻨﻜﻢ‬ ‫إذا ﺧﺮج ﻟﺼﻼة اﻟﺼﺒﺢ‪ ،‬ﻓﻴﻨﺎدي‪) :‬اﻟﺼﻼة اﻟﺼﻼة ﴿ ِ ﱠ َ‬
‫إﻧﲈ ُ ِ ُ‬
‫وﻳﻄﻬﺮﻛﻢ َ ْ ِ‬ ‫أﻫﻞ ْ ِ‬
‫ﺗﻄﻬﲑا ً﴾]اﻷﺣﺰاب‪ ،([٣٣:‬وﻫﻮ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺬي ﻟﻜﺮاﻣﺔ‬ ‫اﻟﺮﺟﺲ َ ْ َ َ ْ‬
‫اﻟﺒﻴﺖ َ ُ َ ﱢ َ ُ ْ‬ ‫ﱢ ْ َ‬
‫اﷲ أﻣﺮ ﺑﺴﺪ أﺑﻮاب ﺑﻴﻮت اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ اﳌﴩﻋﺔ إﱃ اﳌﺴﺠﺪ إﻻ ﺑﺎﺑﻪ‪.‬‬

‫ﻓﻬ ــﻞ ﺗ ــﺮون أﳞ ــﺎ اﻷزواج ‪ ..‬وﻫ ــﻞ ﺗ ــﺮﻳﻦ أﻳﺘﻬ ــﺎ اﻟﺰوﺟ ــﺎت ‪ ..‬ﻫ ــﺬا اﳉﻬـ ــﺎز‬
‫اﳌﺘﻮاﺿﻊ َﻗ ُ َ‬
‫ﴫ ﲠﺬا اﻟﺒﻴﺖ ﻋﻦ أن ﻳﺒﻠﻎ ﻗﻤﺔ اﻟﴩف‪ ،‬وﻏﺎﻳﺔ اﻟﺴﻌﺎدة؟!‪.‬‬

‫‪١٠٠‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫أوﱂ ﻋ ــﲇ ‪ ‬ﰲ ﻋ ــﺮس ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﺗﻠ ــﻚ اﻟﻮﻟﻴﻤ ــﺔ‪ ،‬اﻟﺘ ــﻲ ﻻ ﻣ ــﺮاءاة ﻓﻴﻬ ــﺎ وﻻ‬
‫ـﻀﻞ اﻟ ـ ــﻮﻻﺋﻢ ﰲ ﻧﻈ ـ ـ ِـﺮ َﻣ ـ ـ ْ‬
‫ـﻦ ﺣ ـ ــﴬﻫﺎ ﻣ ـ ــﻦ‬ ‫ﻣﻜ ـ ــﺎﺛﺮة‪ ،‬وﻇ ﱠﻠ ـ ــﺖ ﺗﻠ ـ ــﻚ اﻟﻮﻟﻴﻤـ ــﺔ أﻓ ـ ـ َ‬
‫)‪(٢‬‬ ‫)‪(١‬‬
‫اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻛﲈ روي ﻋﻦ ﺑﻨﺖ ﻋﻤﻴﺲ ‪ ،‬وﺟﺎﺑﺮ اﻷﻧﺼﺎري ‪.‬‬
‫)‪(٣‬‬
‫ـﺘﻌﺪ‬
‫ﺷﻄﺮ ﺷـﻌﲑ ‪ ،‬واﺳ ﱠ‬ ‫درﻋﻪ ﻋﻨﺪ ﳞﻮدي ﰲ َ ْ ِ‬ ‫ﻟﲑﻫﻦ ِ ْ َ‬
‫ذﻫﺐ اﻹﻣﺎم ‪َ َ ْ َ ‬‬
‫ـﲇ‬
‫ﺑﻌ ـ ُـﺾ اﻟ ــﺼﺤﺎﺑﺔ ﻣ ــﻦ اﻷﻧ ــﺼﺎر ﻟﻠﺘﻌ ــﺎون ﰲ ﻫ ــﺬه اﻟﻮﻟﻴﻤ ــﺔ‪ ،‬ﻓﻘ ــﺎل ﺳ ــﻌﺪ‪ :‬ﻋ ـ ﱠ‬
‫)‪(٤‬‬
‫ـﻂ ﻣــﻦ‬‫ـﲇ ﻛــﺬا ‪ ،‬وﲨـ َـﻊ ﻟــﻪ رﻫـ ٌ‬‫ـﲇ ﻛــﺬا‪ ،‬وﻗــﺎل ﻓــﻼن‪ :‬ﻋـ ﱠ‬ ‫ﻛـ ٌ‬
‫ـﺒﺶ‪ ،‬وﻗــﺎل ﻓــﻼن‪ :‬ﻋـ ﱠ‬
‫)‪(٦‬‬ ‫)‪(٥‬‬
‫آﺻﻌﺎ ﻣﻦ ذرة ‪.‬‬
‫اﻷﻧﺼﺎر ُ‬
‫)‪(٧‬‬
‫ﻛﺎن ﻋﲈد ﺗﻠﻚ اﻟﻮﻟﻴﻤﺔ ﻛﲈ ﰲ رواﻳﺔ ﻋﻨﺪ أﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ‪ - ‬اﳊﻴﺲ ‪،‬‬
‫ﺨ ـ ـ ُـﺬ ﻣ ـ ــﻦ اﻟﺘﻤـ ــﺮ‪ ،‬واﻹﻗ ـ ــﻂ‪ ،‬واﻟ ـ ــﺴﻤﻦ‪ ،‬وﻗ ـ ــﺪ ﻳ ـ ــﺴﺘﻌﺎض اﻹﻗ ـ ــﻂ‬
‫وﻫ ـ ــﻮ ﻃﻌ ـ ـ ٌـﺎم ُﻳﺘﱠ َ‬

‫)‪ (١‬اﻟﻄﱪي‪ ،‬ذﺧﺎﺋﺮ اﻟﻌﻘﺒﻰ‪ ،‬ص‪ ،٣٣‬ﻋﻦ اﻟﺪوﻻﰊ‬

‫)‪ (٢‬اﻟﻄـ ــﱪي‪ ،‬ذﺧـ ــﺎﺋﺮ اﻟﻌﻘﺒـ ــﻰ‪ ،‬ص‪ ،٣٤‬ﻋـ ــﻦ أﰊ ﺑﻜـ ــﺮ ﺑـ ــﻦ ﻓـ ــﺎرس‪ .‬واﻟﺮواﻳـ ــﺔ ﺗﻘـ ــﻮل‪ :‬إﳖـ ــﺎ أﺳـ ــﲈء‪،‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﻳﱰﺟﺢ أﳖﺎ ﺳﻠﻤﻰ أﺧﺘﻬﺎ ﻛﲈ ﺳﻴﺄﰐ‪.‬‬
‫)‪ (٣‬اﻟﻄ ـ ـ ــﱪاﲏ‪ ،‬اﳌﻌﺠ ـ ـ ــﻢ اﻟﻜﺒ ـ ـ ــﲑ‪ ،‬ج‪ ،٢٤‬ص‪ ،١٤٥‬رﻗ ـ ـ ــﻢ ‪٢٠٤٠٤٠‬؛ واﺑ ـ ـ ــﻦ ﺳ ـ ـ ــﻌﺪ‪ ،‬اﻟﻄﺒﻘ ـ ـ ــﺎت‬
‫اﻟﻜﱪى‪ ،‬ج‪ ،٨‬ص‪.١٤‬‬
‫)‪ (٤‬اﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ‪ ،‬اﳌﺴﻨﺪ‪ ،‬ج‪ ،٥‬ص‪ ،٣٥٩‬رﻗﻢ‪٢٣٠٨٥‬؛ واﻟﻄﱪي‪ ،‬ذﺧﺎﺋﺮ اﻟﻌﻘﺒﻰ‪ ،‬ص‪.٣٣‬‬
‫ـﺐ َأ ْﺻـ ُ ٍ‬ ‫)‪ (٥‬أي ﻋــﺪد ﻣــﻦ اﻟــﺼﻴﻌﺎن‪ ،‬ﺣﻴــﺚ ﳚﻤــﻊ ﺻــﺎع ﻋــﲆ َأﺻــﻮ ٍع و ِﺻـ ٍ‬
‫ـﻴﻌﺎن‪َ َ ،‬‬
‫ـﺆع‬ ‫ﻓﻘ ْﻠـ ُ‬
‫وأ ﱠﻣــﺎ آ ُﺻـ ٌـﻊ َ َ‬ ‫ْ ُ َ َ‬
‫أدؤر‪ .‬وﻳﻘﺪر اﻟﺼﺎع ﺑﺄرﺑﻌﺔ أﻣﺪاد ﺑﻜﻒ اﻟﺮﺟﻞ اﳌﺘﻮﺳﻂ‪.‬‬ ‫ﻛﺂدر ِﰲ َ ْ ُ ٍ‬
‫اﻟﻮاو َ ُ ٍ‬ ‫ﺑﺎﳍﻤﺰة ِ َ ِ‬
‫ﻟﻀﻤﺔ ْ َ ِ‬ ‫ِ ْ َ ِ‬
‫ﱠ‬ ‫َْ‬
‫)‪ (٦‬اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ‪ ،‬اﻟﺴﻨﻦ اﻟﻜﱪى‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪ ،٧٣‬رﻗﻢ‪١٠٠٨٨‬؛ واﻟﻄﱪي‪ ،‬ذﺧﺎﺋﺮ اﻟﻌﻘﺒﻰ‪ ،‬ص‪.٣٣‬‬
‫)‪ (٧‬اﻟﻌﺠﺮي‪ ،‬إﻋﻼم اﻷﻋﻼم‪ ،‬ص‪.٢٣٢‬‬

‫‪١٠١‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﺑﺎﻟ ـ ــﺪﻗﻴﻖ أو اﻟﻔﺘﻴ ـ ـﺖ‪ ،‬وﻫ ـ ــﻮ ﻃﻌ ـ ـ ٌـﺎم ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ اﳌﺪﻳﻨ ـ ــﺔ ﺗﺘﻜ ﱠﻔ ـ ــﻞ ﺑﻤ ـ ـ ﱢ‬
‫ـﻮاده اﻷﺳﺎﺳ ـ ــﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻛﺎﻟﺘﻤﺮ‪ ،‬واﻟﺴﻤﻦ‪ ،‬أو اﻹﻗﻂ‪ ،‬واﻟﻔﺘﻴﺖ‪ ،‬واﻟﺪﻗﻴﻖ‪.‬‬
‫ﻏــﲑ أن ﻫﻨــﺎك رواﻳــﺎت ُ ْﺗﺜﺒـِ ُـﺖ أن ﻫﻨــﺎك أﺻــﻨﺎﻓﺎ أﺧــﺮى ﰲ اﻟﻮﻟﻴﻤــﺔ‪ ،‬وﻣﻨﻬــﺎ‬
‫)‪(٢‬‬ ‫)‪(١‬‬
‫اﻟﺰﺑﻴ ـ ــﺐ ‪ ،‬وورد أن وﻟﻴﻤﺘ ـ ــﻪ ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ آﺻ ـ ــﻌﺎ ﻣ ـ ــﻦ ﺷ ـ ــﻌﲑ‪ ،‬وﲤ ـ ــﺮ‪ ،‬وﺣ ـ ــﻴﺲ ‪،‬‬
‫)‪(٤‬‬ ‫وﻳﻈﻬ ــﺮ أن ﻛ ــﺒﺶ ﺳ ــﻌﺪ)‪ (٣‬ﺑﺎﻹﺿ ــﺎﻓﺔ إﱃ ﺷ ـ ٍ‬
‫ـﺎة أ َﻣ ـ َـﺮ رﺳ ـ ُ‬
‫ـﻮل اﷲ ﺑ ــﻼﻻ ﺑﺠﻠﺒﻬ ــﺎ‬
‫ﻛﺎﻧﺎ ﳊﻢ ﻫﺬه اﻟﻮﻟﻴﻤﺔ‪ ،‬ﰲ أﻛﺜﺮ اﻻﺣﺘﲈﻻت‪.‬‬
‫)‪(٥‬‬
‫وﺣـ ﱠـﺪدت ﺑﻌـ ُـﺾ اﻟﺮواﻳــﺎت ﻛﻤﻴــﺔ اﳌﻄﻌﻮﻣــﺎت ﻓﻴﻬــﺎ ﺑﺂ ُﺻــﻊ ‪ ،‬وأن رﺳــﻮل‬
‫اﷲ ‪ ‬دﻋ ــﺎ اﳌﻬ ــﺎﺟﺮﻳﻦ واﻷﻧـ ــﺼﺎر إﱃ وﻟﻴﻤ ــﺔ اﺑﻨﺘ ــﻪ‪ ،‬وأدﺧﻠﻬـ ــﻢ دﻓﻌ ــﺔ دﻓﻌـ ــﺔ‪،‬‬
‫ـﴬ‬ ‫وﺑﱪﻛﺘــﻪ ‪ ‬وﻣﻌﺠـ ً‬
‫ـﺰة ﻟــﻪ أﻛﻠ ــﻮا وﺷــﺒﻌﻮا ﲨﻴﻌــﺎ‪ ،‬وإن ﻛ ــﺎن ﻛــﲈ ﻳﺒــﺪو ﱂ ﳛ ـ ُ ْ‬
‫)‪(٦‬‬
‫ـﻴﻌﻬﻢ‪ ،‬ﺑــﻞ ﺣــﴬ َﻣـْﻦ ﻛــﺎن ﻗﺮﻳﺒــﺎ ﻣــﻦ ﻣﻜــﺎن اﻟﻮﻟﻴﻤــﺔ ﰲ ﺑﻴــﺖ رﺳــﻮل اﷲ ؛‬ ‫ﲨـ ُ‬
‫ﻷن اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻛﺎﻧﺖ أﺣﻴﺎؤﻫﺎ ﻣﺘﻮزﻋﺔ ﺑﲔ ﻣﻨﻄﻘﺘﻲ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ واﻟﺴﺎﻓﻠﺔ ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬

‫وﻛﺎﻧـﺖ ﻫﻨــﺎك وﻟﻴﻤـﺔ أﻳــﻀﺎ ﺧﺎﺻـﺔ ﺑﺎﻟﻨــﺴﺎء ﺧـﺼﻮﺻﺎ ﻧــﺴﺎء اﻷﻧـﺼﺎر‪ ،‬ﻓﻘــﺪ‬

‫)‪ (١‬اﻟﻄﱪي‪ ،‬ذﺧﺎﺋﺮ اﻟﻌﻘﺒﻰ‪ ،‬ص‪ ،٣٤‬وﻗﺎل‪ :‬أﺧﺮﺟﻪ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻓﺎرس‪.‬‬
‫)‪ (٢‬اﻟﻄﱪي‪ ،‬ذﺧﺎﺋﺮ اﻟﻌﻘﺒﻰ‪ ،‬ص‪ ،٣٣‬ﻋﻦ اﻟﺪوﻻﰊ‪.‬‬
‫)‪ (٣‬اﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ‪ ،‬اﳌﺴﻨﺪ‪ ،‬ج‪ ،٥‬ص‪ ،٣٥٩‬رﻗﻢ‪٢٣٠٨٥‬؛ واﻟﻄﱪي‪ ،‬ذﺧﺎﺋﺮ اﻟﻌﻘﺒﻰ‪ ،‬ص‪.٣٣‬‬
‫)‪ (٤‬اﻟﻄﱪاﲏ‪ ،‬اﳌﻌﺠﻢ اﻟﻜﺒﲑ‪ ،‬ج‪ ،٢٢‬ص‪ ،٤١١‬رﻗﻢ ‪١٠٢٢‬؛ واﳍﻴﺜﻤﻲ‪ ،‬ﳎﻤﻊ اﻟﺰواﺋﺪ‪ ،‬ج‪ ،٩‬ص‪.٢٠٩‬‬
‫)‪ (٥‬اﳌﺼﺪران اﻟﺴﺎﺑﻘﺎن‪.‬‬
‫)‪ (٦‬اﳌﺼﺪران اﻟﺴﺎﺑﻘﺎن‪.‬‬

‫‪١٠٢‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(١‬‬
‫أﻋﻄﻰ رﺳﻮل اﷲ ‪ ‬آﺻﻌﺎ ﻣﻦ ﲤﺮ وﺷﻌﲑ ﻹﻃﻌﺎم ﻧﺴﺎء اﻷﻧﺼﺎر ﻣﻨﻬﺎ ‪.‬‬

‫ﻫ ـ ــﺬه اﻟﻮﻟﻴﻤ ـ ــﺔ ﻋـ ــﲆ ﺑ ـ ــﺴﺎﻃﺘﻬﺎ واﻧﺘﲈﺋﻬ ـ ــﺎ اﻷﺻ ـ ــﻴﻞ إﱃ اﻹﺳ ـ ــﻼم اﳌﺤﻤ ـ ــﺪي‪،‬‬
‫وﻋـ ـ ــﲆ اﻟﻄﺮﻳﻘـ ـ ــﺔ اﻟﻨﺒﻮﻳـ ـ ــﺔ ﱂ َﻳﻨْ ـ ـ َـﺴﻬﺎ اﻟـ ـ ــﺼﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬وﱂ ﻳﻨـ ـ ــﺴﻮا أﺟﻮاءﻫـ ـ ــﺎ اﻟﻄﻴﺒـ ـ ــﺔ‪،‬‬
‫ـﺮس ﻋ ــﲇ وﻓﺎﻃﻤ ــﺔ‪ ،‬ﻓ ــﲈ رأﻳﻨ ــﺎ‬
‫وراﺋﺤﺘﻬ ــﺎ اﻟﺰﻛﻴ ــﺔ؛ ﻓﻘ ــﺪ ﻗ ــﺎل ﺟ ــﺎﺑﺮ‪ :‬ﺣ ــﴬﻧﺎ ُﻋ ـ ْ َ‬
‫)‪(٢‬‬
‫وأﺗﻴﻨﺎ ﺑﺘﻤﺮ وزﺑﻴﺐ ﻓﺄﻛﻠﻨﺎ ‪.‬‬ ‫أﻃﻴﺐ ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﺣﺸﻮﻧﺎ اﻟﺒﻴﺖ ِﻃﻴﺒﺎ‪َ ْ ِ ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ُﻋﺮﺳﺎ ﻛﺎن‬

‫وﲠﺬا ﻳﻈﻬﺮ أﳘﻴﺔ اﻟﺘﻴﺴﲑ ﰲ اﻟﻮﻻﺋﻢ‪ ،‬واﻋﺘﲈد اﻷﻃﻌﻤﺔ اﳌﺘﻮﻓﺮة‪ ،‬ﳑﺎ ﻳﻮﻓﺮ‬
‫ﻣﻮادﻫ ــﺎ ﺑﻠ ـ ُـﺪ اﻟ ُﻌ ـ ْـﺮس ﻧﻔ ــﺴﻪ‪ ،‬ﻛ ــﲈ ﻳﻈﻬ ــﺮ أﳘﻴ ــﺔ اﻟﺘﻌ ــﺎون ﺑ ــﲔ اﳌ ــﺴﻠﻤﲔ وإﻋﺎﻧ ــﺔ‬
‫ﱠ‬
‫ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﳌﻨﺎﺳﺒﺎت اﻻﺟﺘﲈﻋﻴﺔ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﻟﻌﺼﺎﻣﻲ‪ ،‬ﺳﻤﻂ اﻟﻨﺠﻮم اﻟﻌﻮاﱄ‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٢٢٠‬‬

‫)‪ (٢‬اﻟﻄﱪي‪ ،‬ذﺧﺎﺋﺮ اﻟﻌﻘﺒﻰ‪ ،‬ص‪ ،٣٤‬ﻋﻦ أﰊ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻓﺎرس‪.‬‬

‫‪١٠٣‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫أﻣ ـ ـ ــﺮ اﻟﻨﺒ ـ ـ ــﻲ ‪ ‬ﺑﻨ ـ ـ ـ ِ‬

‫ﺎت ﻋﺒـ ـ ــﺪاﳌﻄﻠﺐ وﻧ ـ ـ ــﺴﺎء اﳌﻬ ـ ـ ــﺎﺟﺮﻳﻦ واﻷﻧ ـ ـ ــﺼﺎر أن‬ ‫َ‬
‫ﻳﻤـ ـ ـ ــﻀﲔ ﰲ ﺻ ـ ـ ـ ــﺤﺒﺔ ﻓﺎﻃﻤ ـ ـ ـ ــﺔ وزﻓﺎﻓﻬ ـ ـ ـ ــﺎ إﱃ ﺑﻴ ـ ـ ـ ــﺖ اﻟﺰوﺟﻴ ـ ـ ـ ــﺔ‪ ،‬وأن ﻳﻔ ـ ـ ـ ــﺮﺣﻦ‬
‫ـﺪن‪ ،‬وﻻ ُﻳﻘﻠـﻦ ﻣـﺎ ﻻ ﻳــﺮﴈ اﷲ‪ ،‬ﻓـﺎرﲡﺰت أم ﺳــﻠﻤﺔ‬
‫وﳛ ﱢﻤـ ْ َ‬ ‫وﻳﻜ ﱢ ْ َ‬
‫َـﱪن ُ َ‬ ‫وﻳﺮ ُﺟـْﺰن‪ُ ،‬‬
‫َ‬
‫ـﺮﺟﻌﻦ أول‬
‫وﻋﺎﺋ ــﺸﺔ وﺣﻔ ــﺼﺔ‪ ،‬وﻣﻌ ــﺎذة أم ﺳ ــﻌﺪ ﺑ ــﻦ ﻣﻌ ــﺎذ‪ ،‬وﻛﺎﻧ ــﺖ اﻟﻨ ــﺴﻮة ﻳ ـ ﱢ ْ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﺑﻴﺖ ﻣﻦ ﻛﻞ رﺟﺰ‪ ،‬ﺛﻢ ﻳﻜﱪن‪ ،‬إﱃ أن دﺧﻠﻦ اﻟﺪار ‪.‬‬

‫ـﻦ أﻣﺮﻫــﺎ رﺳــﻮل اﷲ ‪ ‬أن‬

‫وﻛﺎﻧــﺖ أم أﻳﻤــﻦ ﻣــﻮﻻة اﻟﺮﺳــﻮل ‪ ‬ﻫــﻲ َﻣـ ْ‬
‫ﺗﺪﺧﻞ ﻣﻊ ﻓﺎﻃﻤـﺔ‪ ،‬وﺗﺒ ﱢﻠـﻎ ﻋﻠﻴـﺎ ﺑـﺄن ﻻ ﻳﻌﺠـﻞ ﺣﺘـﻰ ﻳﺄﺗﻴـﻪ رﺳـﻮل اﷲ ‪ ،‬ﻓﻠـﲈ‬
‫ُ‬
‫ﺻ ﱠـﲆ رﺳـﻮل اﷲ ‪ ‬اﻟﻌـﺸﺎء أﻗﺒـﻞ ﺑﺮﻛـﻮة ﻛـﺎن ﻓﻴﻬـﺎ ﻣـﺎء‪ ،‬ﻓـﺪﻋﺎ ﻓﻴﻬـﺎ‪ ،‬وﻗـﺎل ﻣـﺎ‬
‫ﺷﺎء اﷲ أن ﻳﻘﻮل‪ ،‬وﺗﻮﺿﺄ ﻣﻨﻪ‪ ،‬ﺛﻢ ﻧﻀﺢ ﲠﺎ ﺑﲔ ﺛﺪﻳﻲ ﻓﺎﻃﻤﺔ‪ ،‬وﻋﲆ رأ ِﺳـﻬﺎ‪،‬‬
‫وﺑـﲔ ﻛﺘﻔﻴﻬــﺎ‪ ،‬ﺛـﻢ ﻗــﺎل‪ :‬اﻟﻠﻬـﻢ إﲏ أﻋﻴــﺬﻫﺎ ﺑـﻚ وذرﻳﺘﻬــﺎ ﻣـﻦ اﻟــﺸﻴﻄﺎن اﻟــﺮﺟﻴﻢ‪،‬‬
‫ﺛ ــﻢ ﻧ ــﻀﺢ ﺑ ــﻪ ﻋﻠﻴ ــﺎ ‪ ‬ﻋ ــﲆ رأﺳ ــﻪ‪ ،‬وﺑ ــﲔ ﻳﺪﻳ ــﻪ‪ ،‬وﻗ ــﺎل‪ :‬اﻟﻠﻬ ــﻢ إﲏ أﻋﻴ ــﺬه ﺑ ــﻚ‬
‫)‪(٢‬‬
‫وذرﻳﺘَـ ــﻪ ﻣـ ــﻦ اﻟـ ــﺸﻴﻄﺎن اﻟـ ــﺮﺟﻴﻢ ‪ ،‬ﺛـ ــﻢ دﻋـ ــﺎ ﳍـ ــﻢ ﻗـ ــﺎﺋﻼ‪) :‬اﻟﻠﻬـ ــﻢ ﺑـ ــﺎرك ﻓـ ــﻴﻬﲈ‪،‬‬
‫ﱢﱠ‬

‫)‪ (١‬اﻟﻜﻌﺒ ـ ـ ــﻲ‪ ،‬ﺳ ـ ـ ــﻴﺪة اﻟﻨ ـ ـ ــﺴﺎء ﻓﺎﻃﻤ ـ ـ ــﺔ اﻟﺰﻫ ـ ـ ــﺮاء‪ ،‬ص‪ ،٦٣‬ﻧﻘ ـ ـ ــﻼ ﻋ ـ ـ ــﻦ اﳌﻨﺎﻗ ـ ـ ــﺐ‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪٣٥٤‬؛‬
‫واﳌﺠﻠﴘ‪ ،‬ﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪ ،‬ج‪ ،٤٣‬ص‪.١١٥‬‬
‫)‪ (٢‬اﻟﻄ ــﱪاﲏ‪ ،‬اﳌﻌﺠ ــﻢ اﻟﻜﺒ ــﲑ‪ ،‬ج‪ ،٢٢‬ص‪ ،٤٠٩‬رﻗ ــﻢ‪١٠٢١‬؛ واﳍﻴﺜﻤ ــﻲ‪ ،‬ﳎﻤ ــﻊ اﻟﺰواﺋ ــﺪ‪ ،‬ج‪،٩‬‬
‫ص‪.٢٠٦‬‬

‫‪١٠٤‬‬
 ‫‪‬‬

‫وﺑ ـ ــﺎرك ﳍ ـ ــﲈ ﰲ ﺷ ـ ــﻤﻠﻬﲈ(‪ ،‬وﻗ ـ ــﺎل ﻟﻌ ـ ــﲇ ‪) :‬ادﺧ ـ ــﻞ ﻋ ـ ــﲆ أﻫﻠ ـ ــﻚ ﺑﺎﺳ ـ ــﻢ اﷲ‬
‫واﻟﱪﻛـﺔ()‪ ،(١‬وﺗـﺬﻛﺮ ﺑﻌـﺾ اﻟﺮواﻳـﺎت أﻧـﻪ ﺣـﲔ ﲨـﻊ ﺑﻴـﻨﻬﲈ دﻋـﺎ ﳍـﲈ‪ ،‬وﱂ ُﻳ ْ ِ‬
‫ـﴩك‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﻏﲑﳘﺎ‪ ،‬ﻓﺪﻋﺎ ﳍﺎ ﺛﻢ ﺟﻌﻞ ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻪ ﻛﲈ دﻋﺎ ﳍﺎ ‪.‬‬
‫ﰲ دﻋﺎﺋﻬﲈ أﺣﺪا َ‬
‫ذﻛﺮﻫـﺎ اﻟﻨﺒـﻲ ‪ ‬ﺑـﺄﻫﻢ ﻣﻘﺎﻳﻴـﺴﻬﺎ‬
‫وﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻴﻠﺔ ﳌﺎ ﺑﻜﺖ ﻟﻔﺮاق واﻟﺪﻫﺎ ﱠ‬
‫ـﺪﻣﻬﻢ إﺳ ــﻼﻣﺎ‪،‬‬
‫زوﺟﺘ ــﻚ أﻗ ـ َ‬
‫ﰲ اﻟﺮﺟ ــﺎل؛ إذ ﻗ ــﺎل ﳍ ــﺎ‪) :‬ﻣ ــﺎ ﻳﺒﻜﻴ ــﻚ ﻳ ــﺎ ﺑﻨﻴ ــﺔ‪ ،‬ﻗ ــﺪ ﱠ‬
‫)‪(٣‬‬
‫ـﻴﺪ ﰲ‬
‫زو ُﺟـ ــﻚ ﺳـ ـ ٌ‬
‫وأﻋﻠﻤﻬـ ــﻢ ﺑـ ــﺎﷲ ﺗﻌـ ــﺎﱃ( ‪ ،‬وﰲ رواﻳـ ــﺔ‪ْ ) :‬‬
‫َ‬ ‫ـﺴﻨﻬﻢ ﺧﻠﻘـ ــﺎ‪،‬‬
‫وأﺣـ ـ َ‬
‫وأﻋﻈﻤﻬ ـ ــﻢ‬
‫ُ‬ ‫اﻟ ـ ــﺪﻧﻴﺎ واﻵﺧ ـ ــﺮة‪ ،‬وإﻧـ ــﻪ ُ‬
‫أول أﺻ ـ ــﺤﺎﰊ إﺳ ـ ــﻼﻣﺎ‪ ،‬وأﻛﺜ ـ ـ ُـﺮﻫﻢ ﻋﻠ ـ ــﲈ‪،‬‬
‫)‪(٤‬‬
‫ـﺆﻫﻼت ﻓﺎﺿ ــﻠﺔ ﺗﻨﺘﻤ ــﻲ ﳊﻴ ــﺎة اﻹﻳ ــﲈن واﻟﺘﻘ ــﻮى‪،‬‬
‫ﺣﻠــﲈ( ‪ ،‬وﻫ ــﻲ ﻣﻘ ــﺎﻳﻴﺲ وﻣ ـ ﱢ‬
‫إﳖ ــﺎ اﻷﻛﺜﺮﻳ ــﺔ ﰲ اﻟﻌﻠ ــﻢ‪ ،‬واﻟـ ــﺴﺒﻖ إﱃ اﻹﺳ ــﻼم‪ ،‬وأﺣـ ــﺴﻨﻴﺔ اﳋﻠ ــﻖ أو أﻋﻈﻤﻴـ ــﺔ‬
‫اﳊﻠـ ــﻢ‪ ،‬وﻫ ـ ــﻮ ﻣ ـ ــﺎ ﳚ ـ ــﺐ أن ﲡﻌﻠ ـ ــﻪ ﻓﺎﻃﻤ ـ ـ ُـﺔ اﻟﻴ ـ ـ ِ‬
‫ـﻮم ﰲ أﻋ ـ ــﲆ ﻗﺎﺋﻤ ـ ــﺔ ﻣﻘﺎﻳﻴ ـ ــﺴﻬﺎ ﰲ‬
‫اﻟﺰوج اﻟﺬي ﺗﺮﻳﺪ أن ﲣﺘﺎره ﴍﻳﻜﺎ ﳊﻴﺎﲥﺎ‪.‬‬
‫وﻗﺪ زارﳘﺎ اﻟﻨﺒﻲ ‪ ‬ﰲ ﺻﺒﻴﺤﺔ اﻟﻌﺮس‪ ،‬وﻗﻴﻞ ﰲ ﺻﺒﻴﺤﺔ اﻟﻴﻮم اﻟﺮاﺑﻊ‬
‫ـﺪت أﻫ َﻠ ــﻚ؟ ﻓﻘ ــﺎل‪ :‬ﻧِﻌ ـ َـﻢ اﻟﻌ ـ ُ‬
‫ـﻮن‬ ‫ﻣ ــﻦ اﻟﻌ ــﺮس‪ ،‬ﻓ ــﺴﺄل ﻋﻠﻴ ــﺎ ‪ :‬ﻛﻴ ــﻒ وﺟ ـ ْ َ‬
‫ﻋــﲆ ﻃﺎﻋــﺔ اﷲ‪ ،‬وﺳــﺄﳍﺎ ﻋــﻦ زوﺟﻬــﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟــﺖ‪ :‬ﺧــﲑ ﺑﻌــﻞ‪ ،‬ﻓﻘــﺎل‪) :‬اﻟﻠﻬــﻢ اﲨ ــﻊ‬
‫ﺷـ ــﻤﻠﻬﲈ‪ ،‬وأ ﱢﻟ ـ ــﻒ ﺑ ـ ــﲔ ﻗﻠ ـ ــﻮﲠﲈ‪ ،‬واﺟﻌﻠﻬ ـ ــﲈ وذرﻳـ ــﺘﻬﲈ ﻣ ـ ــﻦ ورﺛ ـ ــﺔ ﺟﻨ ـ ــﺔ اﻟﻨﻌ ـ ــﻴﻢ‪،‬‬

‫)‪ (١‬اﻟﻄﱪي‪ ،‬ذﺧﺎﺋﺮ اﻟﻌﻘﺒﻰ‪ ،‬ص‪٣٣‬؛ وﻗﺎل ﺧﺮﺟﻪ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ‪ ،‬واﻟﺪوﻻﰊ‪.‬‬

‫)‪ (٢‬اﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.١٠٩٩‬‬
‫)‪ (٣‬أﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ‪ ،‬ﺗﻴﺴﲑ اﳌﻄﺎﻟﺐ‪ ،‬ص‪.١٤٠‬‬
‫)‪ (٤‬اﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.١٠٩٩‬‬

‫‪١٠٥‬‬
 ‫‪‬‬

‫ذر ﱠﻳ ــﺘﻬﲈ اﻟﱪﻛ ــﺔ‪ ،‬واﺟﻌﻠﻬ ــﻢ‬

‫وارزﻗﻬــﲈ ذرﻳ ــﺔ ﻃ ــﺎﻫﺮة ﻃﻴﺒ ــﺔ ﻣﺒﺎرﻛ ــﺔ‪ ،‬واﺟﻌ ــﻞ ﰲ ﱢ‬
‫)‪(١‬‬
‫أﺋﻤﺔ ﳞﺪون ﺑﺄﻣﺮك إﱃ ﻃﺎﻋﺘﻚ‪ ،‬وﻳﺄﻣﺮون ﺑﲈ ﻳﺮﺿﻴﻚ( ‪.‬‬
‫ودﺧ ــﻞ ﻋﻠــﻴﻬﲈ ﻳﻮﻣ ــﺎ وﳘ ــﺎ ﻳ ــﻀﺤﻜﺎن ﻓﻠ ــﲈ رأﻳ ــﺎه ﺳ ــﻜﺘﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ــﺎل ﳍ ــﲈ رﺳ ــﻮل‬
‫ـﻜﺘﲈ؟(‪ ،‬ﻓﺒـﺎدرت ﻓﺎﻃﻤــﺔ‪،‬‬ ‫اﷲ ‪) :‬ﻣـﺎ ﻟﻜـﲈ ﻛﻨـﺘﲈ ﺗـﻀﺤﻜﺎن‪ ،‬ﻓﻠــﲈ رأﻳـﺘﲈﲏ ﺳ ﱡ‬
‫ﻓﻘﺎﻟــﺖ‪ :‬ﺑ ــﺄﰊ أﻧ ــﺖ ﻳ ــﺎ رﺳ ــﻮل اﷲ‪ ،‬ﻗ ــﺎل ﻫ ــﺬا ‪ -‬وأﺷ ــﺎرت إﱃ ﻋ ــﲇ ‪ :- ‬أﻧ ــﺎ‬
‫ـﺐ إﱃ رﺳـﻮل اﷲ ﻣﻨ َـﻚ‪ ،‬ﻓﺘﺒـ ﱠـﺴﻢ‬ ‫ِ‬
‫ـﺐ إﱃ رﺳـﻮل اﷲ ﻣﻨـﻚ‪ ،‬ﻓﻘﻠ ُـﺖ‪ :‬ﺑــﻞ أﻧـﺎ أﺣ ﱡ‬ ‫أﺣ ﱡ‬
‫ـﲇ أﻋ ﱡـﺰ ﻣﻨـ ِـﻚ(‪ ،‬وﰲ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـﻮل اﷲ ‪ ‬وﻗـﺎل‪) :‬أﻧـﺖ اﺑﻨﺘـﻲ‪ ،‬وﻟـﻚ رﻗـﺔ اﻟﻮﻟـﺪ‪ ،‬وﻋ ﱞ‬ ‫رﺳ ُ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﻋﲇ ﻣﻨﻬﺎ( ‪.‬‬ ‫أﻋﺰ ﱠ‬
‫وأﻧﺖ ﱡ‬
‫ﻣﻨﻚ‪َ ،‬‬ ‫إﱄ َ‬ ‫أﺣﺐ ﱠ‬ ‫ُ‬
‫ﻓﺎﻃﻤﺔ ﱡ‬ ‫رواﻳﺔ ﳐﺎﻃﺒﺎ ﻟﻌﲇ ‪) :‬‬

‫)‪ (١‬اﻟﻜﻌﺒــﻲ‪ ،‬ﺳــﻴﺪة ﻧ ــﺴﺎء ﻓﺎﻃﻤــﺔ اﻟﺰﻫ ــﺮاء‪ ،‬ص‪٦٦‬؛ ﻧﻘــﻼ ﻋ ــﻦ )ﻣﻨﺎﻗــﺐ اﺑ ــﻦ ﺷــﻬﺮ آﺷ ــﻮب‪ ،‬ج‪،٣‬‬
‫ص‪ ،١٥٥‬وﺑﺤﺎر اﻷﻧﻮار‪ ،‬ج‪ ،٤٣‬ص‪.(١١٧‬‬
‫)‪ (٢‬اﻟﻌــﺼﺎﻣﻲ‪ ،‬ﺳ ــﻤﻂ اﻟﻨﺠ ــﻮم اﻟﻌ ــﻮاﱄ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪٢٢١‬؛ وﻗــﺎل‪ :‬أﺧ ــﺮج اﻟﺮواﻳ ــﺔ اﻷوﱃ اﻟﻄ ــﱪاﲏ‪،‬‬
‫ﺑﺮﺟﺎل اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس‪ ،‬وأﺧﺮج اﻷﺧﺮى ﻋﻦ أﰊ ﻫﺮﻳﺮة أﻳﻀﺎ‪.‬‬

‫‪١٠٦‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫أن ُﻳ ْﻜ ـ ِـﺮم ﻛ ـ ﱞـﻞ ﻣـ ــﻦ ﻋ ــﲇ واﻟﺰﻫـ ـﺮاء اﻵ َﺧ ــﺮ ﻣـ ــﻨﻬﲈ‪ ،‬وﳘ ــﺎ ﲨﻴﻌـ ــﺎ ﻗ ــﺪ ﺑﻠﻐـ ــﺎ ﰲ‬
‫ـﴩف‬ ‫ـﺆدد ﻳـ ـ ـ ﱢ‬
‫اﻟﻔ ـ ــﻀﻞ واﳌﺠ ـ ــﺪ ﻏﺎﻳﺘﻴ ـ ــﻪ ﻓﻬ ـ ــﺬا ﺗﻜﻠﻴـ ـ ــﻒ ﴍﻳ ـ ــﻒ وﻋﻈ ـ ــﻴﻢ‪ ،‬وﺳ ـ ـ ٌ‬
‫ﺻـ ــﺎﺣﺒﻪ‪ ،‬ﻻ ﻳﻘـ ــﻞ ﻋـ ــﻦ أن ﻳﻜـ ــﺮم زوﺟـ ــﺎن ﻋﺎدﻳـ ــﺎن ﺑﻌـ ـ َـﻀﻬﲈ‪ ،‬ﻓﻜـ ـ ﱞـﻞ ﻓﻴـ ــﻪ ﻛﻠﻔـ ــﺔ‪،‬‬
‫ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻘﺎل‪ :‬إﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ أن ُﻳﻜ ِْﺮم ﻋﲇ ﻓﺎﻃﻤـﺔ واﻟﻌﻜـﺲ‪ ،‬وﳘـﺎ ﻣـﻦ ِﻋﻠﻴـﺔ‬
‫اﻷﻣﺔ‪ ،‬وﺧﲑ اﳋﻠﻖ ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬

‫وﻣـﺎ أﺟـﺪر اﻟــﺰوﺟﲔ اﻟﻴـﻮم ﻻ ﺳــﻴﲈ ذﻳﻨـﻚ اﳌﻨﺘﻤﻴـﲔ إﱃ ﻋــﲇ واﻟﺰﻫـﺮاء ﳏﺒــﺔ‬
‫ـﺪرﳘﺎ أن ﻳﻜﻮﻧ ــﺎ ﻋ ــﲆ ذات اﻟﺘﻜ ــﺮﻳﻢ واﳌ ــﻮدة واﳌﺤﺒ ــﺔ وﺣ ــﺴﻦ‬
‫واﺗﺒﺎﻋ ــﺎ‪ ،‬ﻣ ــﺎ أﺟ ـ َ‬
‫ﺗﺒﻌﻠﻬ ـ ــﺎ‬ ‫اﻟ ـ ــﺼﺤﺒﺔ واﳌﻌ ـ ــﺎﴍة‪ ،‬ﻣ ـ ــﺎ أﺟ ـ ــﺪر أن ﻳﻘﺎﺑ ِـ ــﻞ ﻃﺎﻋ ـ ـ َـﺔ اﻟﺰوﺟ ـ ــﺔ وﺣ ـ ـ َ‬
‫ـﺴﻦ ﱡ‬
‫ـﺮام ﻣـ ــﻦ اﻟـ ــﺰوج؛ وﲠـ ــﺬا ﺗـ ــﺴﺘﻘﻴﻢ اﻷﴎة‪،‬‬
‫ـﺪﻳﺮ وإﻛـ ـ ٌ‬ ‫ﻟﺰوﺟﻬـ ــﺎ رﲪـ ـ ٌـﺔ وﻣـ ـ ٌ‬
‫ـﻮدة وﺗﻘـ ـ ٌ‬
‫ُ‬
‫وﻳﺼﻠﺢ اﳌﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬وﻳﺆدﻳﺎن وﻇﺎﺋﻔﻬﲈ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﰲ ﻃﺎﻋﺔ اﷲ وﻋﺒﺎدﺗﻪ‪.‬‬
‫ـﺮاء ﻧﻔ ـ َـﺴﻬﺎ ﰲ ﺑﻴــﺖ ﻋــﲇ ‪ ‬أﻣــﺎم ﻣ ــﺴﺆوﻟﻴﺎت‬
‫ﺪت ﻓﺎﻃﻤــﺔ اﻟﺰﻫـ ُ‬
‫ﻟﻘــﺪ َوَﺟ ـ َ ْ‬
‫ﻋﻼﻗﺘﻬــﺎ ﻣــﻊ زوﺟﻬــﺎ اﻹﻣــﺎم ﻋــﲇ ‪‬؛ وﻻ‬
‫ُ‬ ‫ﺟﺪﻳــﺪة‪ ،‬وأول ﺗﻠــﻚ اﳌــﺴﺆوﻟﻴﺎت‬
‫رﻳﺐ ﰲ أﻧﻪ ﻗﺪ ﺳﺎدت ﻋﻼﻗـﺔ راﺋﻌـﺔ ﺑـﲔ ﻫـﺬﻳﻦ اﻟـﺰوﺟﲔ اﻟﻜـﺮﻳﻤﲔ ﻓـﲈ َﻋ َـﺮف‬
‫اﻟﺘـ ُ‬
‫ـﺎرﻳﺦ ﻓﺎﻃﻤــﺔ إﻻ وﻫــﻲ ﻣﻄﻴﻌــﺔ ﻟﺰوﺟﻬــﺎ‪ ،‬ﻣﻮاﻓﻘــﺔ ﻟــﻪ‪ ،‬ﻣﻌﻴﻨــﺔ ﻟــﻪ ﰲ ﻃﺎﻋــﺔ اﷲ‪،‬‬
‫وﺗﺆﺛﺮه ﻋﲆ ﻧﻔﺴﻬﺎ‪ ،‬وﻛﺎن ﻛﻠﲈ ﻧﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻌﺜﺖ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ اﻟﺴﻌﺎدة واﳊﺒﻮر‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫أﺧ ــﺮج اﺑ ــﻦ ﻋ ــﺴﺎﻛﺮ ﻋ ــﻦ أﰊ ﺳ ــﻌﻴﺪ اﳋ ــﺪري‪ ،‬ﻗ ــﺎل‪ :‬ﻗ ــﺎل ﻋ ــﲇ ‪ ‬ذات‬
‫‪١٠٧‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﻳــﻮم‪ :‬ﻳــﺎ ﻓﺎﻃﻤــﺔ ﻫــﻞ ﻋﻨــﺪك ﳾء ﺗﻐﺪﻳﻨﻴــﻪ؟ ﻗﺎﻟــﺖ‪ :‬ﻻ واﻟــﺬي أﻛــﺮم أﰊ ﺑــﺎﻟﻨﺒﻮة‪،‬‬
‫ﻣ ــﺎ أﺻ ــﺒﺢ ﻋﻨ ــﺪي ﳾء ﻣﻨ ــﺬ ﻳـ ــﻮﻣﲔ‪ ،‬إﻻ ﳾء أؤﺛ ـ ُـﺮك ﺑ ــﻪ ﻋـ ــﲆ ﺑﻄﻨ ــﻲ‪ ،‬وﻋـ ــﲆ‬
‫اﺑﻨ ـ ﱠـﻲ ﻫ ــﺬﻳﻦ‪ ،‬ﻗ ــﺎل‪ :‬ﻳ ــﺎ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ أﻻ أﻋﻠﻤﺘ ِﻨ ــﻲ ﺣﺘ ــﻰ أﺑﻐ ـ َـﻴﻜﻢ ﺷ ــﻴﺌﺎ؟ ﻗﺎﻟ ــﺖ‪ :‬إﲏ‬
‫أﺳــﺘﺤﻴﻲ ﻣــﻦ اﷲ أن ُأَﻛﱢﻠَﻔـَﻚ ﻣــﺎ ﻻ ﺗﻘــﺪر ﻋﻠﻴــﻪ‪ ،‬ﻓﺨــﺮج ﻣــﻦ ﻋﻨــﺪﻫﺎ واﺛﻘــﺎ ﺑــﺎﷲ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﻟﻴﺘﺪﺑﺮ أﻣﺮه ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﺎﻋﺔ ‪.‬‬
‫اﻟﻈﻦ ﺑﻪ‪ ،‬وذﻫﺐ ﱠ‬
‫ﱢ‬ ‫َﺣَﺴَﻦ‬

‫زوﺟﻬــﺎ ﻋــﲆ ﻧﻔــﺴﻬﺎ ﺑــﻞ وﻋــﲆ اﺑﻨﻴﻬــﺎ‪ ،‬وﺗــﺴﺘﺤﻲ‬ ‫ﻫــﺬه ﻓﺎﻃﻤــﺔ اﻟﺘــﻲ ﺗﻔـ ﱢـﻀﻞ َ‬
‫ﻣــﻦ اﷲ أن ﺗﻜﻠﻔــﻪ ﻣــﺎ ﺗﻈــﻦ أﻧــﻪ ﻻ ﻳﻘـ ِـﺪر ﻋﻠﻴــﻪ ﻣــﻦ أﻣــﻮر اﻟﻨﻔﻘــﺔ اﻟــﴬورﻳﺔ‪ ،‬ﻓــﲈ‬
‫ـﺎﻟﻴﻒ‪ ،‬ﻣ ــﻦ ﺣﻴ ــﺚ ﻳﻘ ــﺪر وﻣ ــﻦ‬
‫ـﺐ وﺗﻜ ـ َ‬ ‫ِ‬
‫زوﺟﻬ ــﺎ ﺑﻤﻄﺎﻟ ـ َ‬
‫ﺑــﺎل ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ اﻟﻴ ــﻮم ُ ْﺗﺮﻫ ــﻖ َ‬
‫ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻘﺪر‪ ،‬ﰲ أﻣﻮر اﳌﻼﺑﺲ واﻻﻛﺴﺴﻮارات واﳌﻮﺿﺎت؟!‪.‬‬
‫زوﺟﻬ ـ ـ ـ ــﺎ ﰲ أﻣـ ـ ـ ـ ــﺮ‪ ،‬وﻗـ ـ ـ ـ ــﺪ ﻗﺎﻟـ ـ ـ ـ ــﺖ‬
‫ﻓﺎﻃﻤـ ـ ـ ـ ــﺔ ﺳـ ـ ـ ـ ــﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬـ ـ ـ ـ ــﺎ ﱂ ﲣـ ـ ـ ـ ــﺎﻟﻒ َ‬
‫ـﺪﺗﻨﻲ ﻛﺎذﺑـﺔ وﻻ ﺧﺎﺋﻨـﺔ‪ ،‬وﻻ‬ ‫ﻟﺰوﺟﻬﺎ‪ ‬ﰲ ﻣﺮض ﻣﻮﲥـﺎ‪) :‬ﻳـﺎ اﺑـﻦ ﻋـﻢ ﻣـﺎ ﻋﻬ ْ ﱠ‬
‫ـﺖ أﻋﻠـ ُـﻢ ﺑــﺎﷲ وأﺑـ ﱡـﺮ وأﺗﻘــﻰ‬ ‫ـﺎذ اﷲ‪ ،‬أﻧـ ِ‬ ‫ـﺎﴍﺗﻨﻲ‪ ،‬ﻓﻘــﺎل ‪ :‬ﻣﻌـ َ‬ ‫ﺧﺎﻟﻔ ُﺘــﻚ ﻣﻨــﺬ ﻋـ ْ َ‬ ‫ْ‬
‫)‪(٢‬‬ ‫وأﺷﺪ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ اﷲ‪ ،‬ﻣﻦ أن َ ِ‬
‫أوﺑﺨﻚ ﺑﻤﺨﺎﻟﻔﺘﻲ( ‪.‬‬ ‫ﱢ‬ ‫ﱡ‬ ‫وأﻛﺮم‬
‫ُ‬
‫أﻛﺮﻫﺘﻬــﺎ‬
‫ـﻀﺒﺘﻬﺎ وﻻ ْ ُ‬ ‫زوﺟﻬــﺎ ﺑﻘﻮﻟــﻪ‪) :‬واﷲ ﻣــﺎ أﻏـ ْ ُ‬
‫وﻫــﻲ ﺗﻠــﻚ اﻟﺘــﻲ وﺻــﻔﻬﺎ ُ‬
‫ـﺼﺖ ﱄ أﻣـ ــﺮا‪،‬‬
‫ـﻀﺒﺘﻨﻲ وﻻ ﻋـ ـ َ ْ‬‫ﻋـ ــﲆ أﻣـ ـ ٍـﺮ ﺣﺘ ــﻰ ﻗﺒـ ِ ـ َـﻀﻬﺎ اﷲ ﻋـ ــﺰ وﺟـ ــﻞ‪ ،‬وﻻ أﻏـ ـ َ ْ‬
‫)‪(٣‬‬
‫اﳍﻤﻮم واﻷﺣﺰان( ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ﻓﺘﻜﺸﻒ ﻋﻨﻲ‬
‫ُ‬ ‫ﻛﻨﺖ أﻧﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ‬
‫وﻟﻘﺪ ُ‬

‫)‪ (١‬اﺑﻦ اﻷﻣﲑ‪ ،‬اﻟﺮوﺿﺔ اﻟﻨﺪﻳﺔ‪ ،‬ص‪.٢٥٢‬‬

‫)‪ (٢‬اﻟﻜﻌﺒﻲ‪ ،‬ﺳﻴﺪة اﻟﻨﺴﺎء ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺰﻫﺮاء‪ ،‬ص‪ ،٦٨‬ﻧﻘﻼ ﻋﻦ ﻣﺼﺎدره‪.‬‬
‫)‪ (٣‬اﻹرﺑﲇ‪ ،‬ﻛﺸﻒ اﻟﻐﻤﺔ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪٣٦٣‬؛ وﻣﻨﺎﻗﺐ اﳋﻮارزﻣﻲ‪.٢٤٧ ،‬‬

‫‪١٠٨‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﻫ ـ ــﻲ ﺗﻠ ـ ــﻚ اﻟﺘـ ـ ــﻲ ﴐﺑ ـ ــﺖ اﻷﻣﺜﻮﻟ ـ ــﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴ ـ ــﺔ ﻟﻠﺰوﺟـ ـ ــﺔ اﳌﺜﺎﻟﻴ ـ ــﺔ ﰲ اﻟﻄﺎﻋـ ـ ــﺔ‬
‫وﺣــﺴﻦ اﻟﻌــﴩة‪ ،‬ورﻏــﻢ أﳖــﺎ ﻛﺎﻧــﺖ ﲡـ ﱡـﺮ اﻟﺮﺣــﻰ ﺣﺘــﻰ ﲤ ُﺠــﻞ ﻳــﺪاﻫﺎ‪ ،‬وﺗــﺴﺘﻘﻲ‬
‫ـﱪ ﺛﻴﺎ ُﲠ ــﺎ‪ ،‬وﺗﻮ ِﻗ ــﺪ ﰲ‬ ‫ﺑﺎﻟﻘﺮﺑ ــﺔ ﺣﺘ ــﻰ ﺗ ـ ﱢ‬
‫ـﺆﺛﺮ ﰲ ﻧﺤﺮﻫ ــﺎ‪ ،‬وﺗﻜ ــﻨﺲ اﻟﺒﻴ ــﺖ ﺣﺘ ــﻰ ﺗﻐ ـ َ ﱠ‬
‫)‪(١‬‬
‫ـﺪﻛﻦ ﺛﻴﺎﲠ ــﺎ ‪ -‬ﻓ ــﲈ ﻛ ــﺎن ﻳﺰﻳ ــﺪﻫﺎ ذﻟ ــﻚ إﻻ َأﻟﻘ ــﺎ وﺻ ــﱪا وﲡ ﱡﻤ ــﻼ‬
‫اﻟﻘ ــﺪر ﺣﺘ ــﻰ ﺗ ـ َ‬
‫وﺳــﻌﺎدة‪ ،‬وﳛــﻖ اﻟﻘ ــﻮل‪ :‬إﻧــﻪ ﻟ ــﻮﻻ ﻋــﲇ ﳌ ــﺎ ﻛﺎﻧــﺖ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ‪ ،‬وﻟــﻮﻻ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﳌــﺎ ﻛ ــﺎن‬
‫ﻋﲇ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺬي ﻇﻬﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ إﻧﺠﺎزا وﳎﺪا وﻛﺮاﻣﺔ‪.‬‬
‫وﺗ ــﺴﺘﻤﺮ اﻟﺰﻫ ــﺮاء ﰲ اﻟﺘﻘ ــﺪﻳﺮ اﻟﻌﻈ ــﻴﻢ ﻟ ــﺸﺨﺺ زوﺟﻬ ــﺎ‪ ،‬وﻻ ﺗﻜﺘﻔ ــﻲ ﺑ ــﺎﺣﱰام‬
‫زوﺟﻬـﺎ‪ ،‬ﺑـﻞ ﺗــﺬﻫﺐ ﰲ ﻫـﺬه اﳊﻴـﺎة ﻟﺘﻨﺜــﺮ ﺑـﺬور اﳌﺤﺒـﺔ ﻟﻺﻣــﺎم ﻋـﲇ ‪ ،‬ﻓﺘﺤـ ﱢـﺪث‬
‫ـﻤﻌﺘﻪ ﻣــﻦ واﻟــﺪﻫﺎ ﰲ إﻛــﺮام ﻋــﲇ ‪ ،‬وﺗــﺮوي اﳊــﺪﻳﺚ‬
‫أﺑﻨﺎءﻫــﺎ وأﻣـ َـﺔ أﺑﻴﻬــﺎ ﺑــﲈ ﺳـ َ ْ ُ‬
‫َ‬
‫)‪(٢‬‬
‫‪.‬‬ ‫ﺳﺎﺑﻘﺎ ﰲ ﻓﻀﻠﻪ ‪‬‬
‫اﻟﺬي ﻣﺮ ذﻛﺮه ً‬
‫زوﺟﻬ ـ ــﺎ؛ أوﻻ ﻷﻧ ـ ــﻪ زوﺟﻬ ـ ــﺎ اﻟﻜ ـ ــﺮﻳﻢ‪ُ ،‬‬
‫وﺑﻌﻠﻬ ـ ــﺎ‬ ‫ﻟﻘ ـ ــﺪ ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ ﲢ ـ ـ ِ‬
‫ـﱰم وﺗﻘـ ـ ﱢـﺪر َ‬
‫اﻟﺒﻄ ــﻞ اﻟ ــﺸﺠﺎع اﻟﻌـ ــﺎﱂ اﳌﺠﺎﻫ ــﺪ‪ ،‬ﺛـ ــﻢ ﻷﻧ ــﻪ ﻋـ ــﲇ ‪ ‬وﴆ رﺳ ــﻮل اﷲ‪ ،‬وأﺑـ ــﻮ‬
‫ذرﻳﺘـﻪ؛ وﳍــﺬا وﻗﻔـﺖ ﻣﻌــﻪ ﰲ ﻣﻮﺿـﻮع وﻻﻳــﺔ اﻷﻣـﺔ ﺣﻴــﻨﲈ اﻏ ُﺘـﺼﺐ أﻣـ ُـﺮه اﻟــﺬي‬
‫ﻋﻴﻨﻪ ﻟﻪ اﻹﺳﻼم‪.‬‬ ‫ﱠ‬
‫ـﻒ اﻹﻣـﺎم ﻋـﲇ ‪‬‬ ‫وﻫﺎ ﻫﻲ ﰲ ﺧﻄﺒﺘﻬـﺎ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬـﺔ أﰊ ﺑﻜـﺮ ﺗ ُ ُ‬
‫ـﺬﻛﺮ ﻣﻮاﻗ َ‬
‫ﻗﺎﺋﻠ ــﺔ ﻋﻨ ــﻪ‪) :‬ﻛ ﱠﻠ ــﲈ أوﻗ ــﺪوا ﻟﻠﺤ ــﺮب ﻧ ـ ً‬
‫ـﺎرا أﻃﻔﺄﻫ ــﺎ اﷲ‪ ،‬أو ﻧﺠ ــﻢ ﻗ ــﺮن اﻟ ــﺸﻴﻄﺎن‪،‬‬
‫)‪ (١‬اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ‪ ،‬ﻣﺴﻨﺪ ﻓﺎﻃﻤﺔ‪ ،‬ﻧﻘﻼ ﻋﻦ أﰊ داود‪ ،‬واﻟﻌﺴﻜﺮي‪ ،‬وأﰊ ﻧﻌﻴﻢ‪ ،‬وﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ أﲪﺪ ﺑﻦ‬
‫ﺣﻨﺒﻞ‪.‬‬
‫)‪ (٢‬وﻳﻨﻈﺮ‪ :‬اﳌﺮﺷﺪ ﺑﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣﺎﱄ اﳋﻤﻴﺴﻴﺔ‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪) ١٣٠‬ﺗﺮﻗﻴﻢ آﱄ(‪.‬‬

‫‪١٠٩‬‬
 ‫‪‬‬

‫أو ﻓﻐــﺮت ﻓــﺎﻏﺮة ﻣــﻦ اﳌــﴩﻛﲔ‪ ،‬ﻗــﺬف أﺧــﺎه ﰲ ﳍﻮاﲥــﺎ‪ ،‬ﻓــﲈ ﻳﻨﻜﻔــﺊ ﺣﺘــﻰ ﻳﻄــﺄ‬
‫ﺟﻨﺎﺣﻬــﺎ ﺑﺄﲬــﺼﻪ‪ ،‬وﳜﻤــﺪ ﳍﺒﻬــﺎ ﺑــﺴﻴﻔﻪ‪ ،‬ﻣﻜــﺪودا ﰲ ذات اﷲ‪ ،‬ﳎﺘﻬــﺪا ﰲ أﻣــﺮ‬
‫ـﺸﻤﺮا ﻧﺎﺻ ًـﺤﺎ‪ِ ُ ،‬ﳎـﺪا ﻛﺎد ًﺣـﺎ‪،‬‬
‫ـﻴﺪا ﰲ أوﻟﻴـﺎء اﷲ‪ ،‬ﻣ ﱢ‬
‫اﷲ‪ ،‬ﻗﺮﻳﺒـﺎ ﻣـﻦ رﺳـﻮل اﷲ‪ ،‬ﺳ ً‬
‫)‪(١‬‬
‫ﻻ ﺗﺄﺧﺬه ﰲ اﷲ ﻟﻮﻣﺔ ﻻﺋﻢ( ‪.‬‬
‫وﺗﻘ ــﻮل ﻋﻨ ــﻪ أﻣ ــﺎم ﻧ ــﺴﺎء اﳌﻬ ــﺎﺟﺮﻳﻦ واﻷﻧ ــﺼﺎر‪ ،‬ﱢ‬
‫ﻣﻌﻠﻠ ــﺔ ﻣ ــﺎ ﻧﻘﻤ ــﻮا ﺑ ــﻪ ﻋﻠﻴ ــﻪ‬
‫ﻓ ــﺄزاﺣﻮه ﻋ ــﻦ ﺣﻘ ــﻪ ﰲ وﻻﻳ ــﺔ أﻣ ــﺮ اﻷﻣ ــﺔ‪) :‬وﻣ ــﺎ ﻧﻘﻤ ــﻮا ﻣ ــﻦ أﰊ ﺣ ــﺴﻦ؟ ﻧﻘﻤ ــﻮا‬
‫)‪(٢‬‬ ‫َ ِ‬
‫وﺗﻨﻤَﺮه ﰲ ذات اﷲ( ‪.‬‬ ‫وﻧﻜﺎل وﻗﻌﻪ‪ ،‬وﺷﺪة وﻃﺄﺗﻪ‪ ،‬ﱡ‬ ‫واﷲ ﻧﻜﲑ ﺳﻴﻔﻪ‪،‬‬

‫ﻫﻜـ ــﺬا ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ اﻟﺰﻫ ـ ــﺮاء ﺗﻨﻈ ـ ــﺮ إﱃ زوﺟﻬ ـ ــﺎ اﻹﻣ ـ ــﺎم‪ ،‬وﲠ ـ ــﺬا ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ ﺗ ـ ــﺼﻔﻪ‪،‬‬
‫وﻛﺎﻧ ـ ــﺖ ﺗﻠﺒ ـ ــﻲ ﻧ ـ ــﺪاءه ﰲ ﻛ ـ ــﻞ وﻗ ـ ــﺖ ﺑ ـ ــﺪون ﺗ ـ ــﺄﻓﻒ أو ﺗ ـ ــﻀﺠﺮ‪ ،‬وﰲ ﻣ ـ ــﺮة ﻣ ـ ــﻦ‬
‫ﻣﺴﻜﲔ‪ ،‬ﻳﻄﻠﺐ ﻃﻌﺎﻣﺎ‪ ،‬ﻓﲈ ﻛﺎن ﻣﻨﻬﺎ إﻻ أن ﻗﺎﻟﺖ‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ﺑﻴﺘﻬﻢ‬
‫اﳌﺮات ﻃﺮق َ‬
‫)‪(٣‬‬
‫ﰊ ﻣـ ـ ـ ـ ـ ــﻦ ﻟ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫ـﺆم وﻻ وﺿ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻋﺔ‬ ‫ﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ َ‬ ‫ـﻤﻊ ﻳ ـ ـ ــﺎ اﺑ ـ ـ ـ ــﻦ ﻋ ـ ـ ـ ـ ّـﻢ وﻃﺎﻋ ـ ـ ـ ــﺔ‬
‫أﻣ ـ ـ ـ ــﺮك ﺳ ـ ـ ـ ـ ٌ‬
‫وﺑﺎﳌﻘﺎﺑ ــﻞ ﻓﻘ ــﺪ ﻛ ــﺎن أﻣ ــﲑ اﳌ ــﺆﻣﻨﲔ ‪ ‬ﻧﻌ ــﻢ اﻟ ــﺰوج‪ ،‬واﻟﺒﻌ ــﻞ‪ ،‬ﻻ ُﻳﻐ ـ ِـﻀﺒﻬﺎ‬
‫ـﺪرﻫﺎ ﻏﺎﻳــﺔ اﻟﺘﻘ ــﺪﻳﺮ‪ ،‬وﻗــﺪ ﻣ ــﴣ ﻛﻼ ُﻣــﻪ ﰲ ذﻟ ــﻚ؛‬
‫ْﺮﻫﻬــﺎ ﻋــﲆ ﳾء‪ ،‬وﻳﻘ ـ ﱢ ُ‬ ‫وﻻ ُﻳﻜ ِ ُ‬
‫أﻛﺮﻫﺘُﻬ ـ ــﺎ ﻋ ـ ــﲆ أﻣ ـ ـ ٍـﺮ ﺣﺘ ـ ــﻰ ﻗﺒ ِ ـ ــﻀﻬﺎ اﷲُ ﻋ ـ ـ ﱠـﺰ‬
‫ـﻀﺒﺘﻬﺎ وﻻ ْ‬ ‫إذ ﻗ ـ ــﺎل‪) :‬واﷲِ ﻣ ـ ــﺎ أﻏ ـ ـ ْ ُ‬
‫)‪(٤‬‬
‫ـﺮة اﻟﻌﻤ ـ ــﻞ ﰲ اﻟﺒﻴ ـ ــﺖ‬ ‫وﺟ ـ ــﻞ( ‪ ،‬وﺣ ـ ــﲔ ﻳﺮاﻫ ـ ــﺎ وﻗ ـ ــﺪ أ ﱠﺛـ ــﺮ ﻋﻠﻴﻬ ـ ــﺎ اﻟﺘﻌ ـ ــﺐ وﻛﺜ ـ ـ ُ‬

‫)‪ (١‬اﻟﴩﰲ‪ ،‬اﻟﻶﱄء اﳌﻀﻴﺌﺔ –خ‪-‬؛ واﺑﻦ أﰊ اﳊﺪﻳﺪ‪ ،‬ﴍح ﳖﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ‪ ،‬ج‪ ،١٦‬ص‪.٢٥٠‬‬
‫)‪ (٢‬أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس اﳊﺴﻨﻲ‪ ،‬اﳌﺼﺎﺑﻴﺢ‪ ،‬ص‪.٢٦٩‬‬
‫)‪ (٣‬اﻟﻜﻮﰲ‪ ،‬ﻣﻨﺎﻗﺐ أﻣﲑ اﳌﺆﻣﻨﲔ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪ ،١٧٩‬رﻗﻢ‪.١٠٣‬‬
‫)‪ (٤‬اﻹرﺑﲇ‪ ،‬ﻛﺸﻒ اﻟﻐﻤﺔ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪٣٦٣‬؛ وﻣﻨﺎﻗﺐ اﳋﻮارزﻣﻲ‪.٢٤٧ ،‬‬

‫‪١١٠‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﻟﻌﻠﻬ ــﺎ ﺗﻈ َﻔ ـ ُـﺮ‬ ‫وﺗﺘ ــﺰاﺣﻢ ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ اﻷﻋ ــﲈل ﻳ ـ ِـﺮق ﳍ ــﺎ‪ ،‬وﻳﻘ ــﱰح أن ﺗ ـ َ‬
‫ـﺬﻫﺐ إﱃ أﺑﻴﻬ ــﺎ ﱠ‬
‫ﻣﻨ ــﻪ ﺑﺨـ ـ ٍ‬
‫ـﺎدم ﻣـ ــﻦ اﻟ ــﺴﺒﻲ ﻳﻌﻴﻨﻬـ ــﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻬـ ــﺎ ﺗﻌـ ــﻮد ﺑﺨ ــﲑ اﻟـ ــﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻣـ ــﻦ اﻟـ ــﺪﻋﺎء ﷲ‬
‫واﳌﻨﺎﺟﺎة‪ ،‬واﻟﺘﺴﺒﻴﺢ‪ ،‬ﻓﻴﻘﻮل ﳍﺎ‪ :‬ﺧﲑ أﻳﺎﻣﻚ‪ ،‬ﺧﲑ أﻳﺎﻣﻚ‪.‬‬
‫ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻤﻌﺎﻧﺎة زوﺟﺘﻪ وﺗﻌﺒﻬﺎ‪ ،‬وﻣﺎ أﲨﻠﻬﺎ ﻣﻦ زوﺟـﺔ‬ ‫وﻣﺎ أﲨﻠﻪ ﻣﻦ ٍ‬
‫زوج ُ‬
‫ﺗـﺮﴇ ﺑـﲈ ﻗـﺴﻢ اﷲ ﳍـﻢ‪ ،‬وﺑﻘـﻀﺎء اﷲ وﺧﲑﺗــﻪ اﻟﺘـﻲ اﺧﺘﺎرﻫـﺎ ﻷﻫـﻞ ﺑﻴـﺖ اﻟﻨﺒــﻲ‬
‫ﳏﻤ ـ ــﺪ ‪ ،‬وﻣ ـ ــﺎ أﻋﺪ َﻟ ـ ــﻪ وﻫ ـ ــﻮ ﻳﻌﺘﱪﻫ ـ ــﺎ ﻣ ـ ــﺼﺪر ﺳ ـ ــﻌﺎدﺗﻪ‪ ،‬واﻧﺠ ـ ــﻼء ﳘﻮﻣ ـ ــﻪ‬
‫وأﺣﺰاﻧ ـ ـ ــﻪ‪ ،‬وﻫـ ـ ــﻮ اﻟﺮﺟ ـ ـ ــﻞ اﻟ ـ ـ ــﺬي ﻣ ـ ـ ــﺎ ﻋ ـ ـ ـ َـﺮف إﻻ اﳌﻌﺎﻧ ـ ـ ــﺎة واﻗﺘﺤ ـ ـ ــﺎم اﳌﻌ ـ ـ ــﺎرك‪،‬‬
‫وﻣﺼﺎوﻟﺔ اﻷﺑﻄﺎل‪.‬‬
‫ـﺖ أﻋﻠــﻢ‬ ‫ـﺎﴍﺗﻨﻲ(‪ ،‬ﻗــﺎل‪) :‬ﻣﻌــﺎذ اﷲ أﻧـ ِ‬ ‫وﳌــﺎ ﻗﺎﻟــﺖ ﻟــﻪ‪) :‬وﻻ ﺧﺎﻟﻔ ُﺘــﻚ ﻣﻨــﺬ ﻋـ ْ َ‬
‫ﺨ ـ ـ ـ ـ ِـﻚ‬
‫أوﺑ َ‬
‫ﺑـ ـ ـ ــﺎﷲ‪ ،‬وأﺑ ـ ـ ــﺮ‪ ،‬وأﺗﻘـ ـ ـ ــﻰ‪ ،‬وأﻛـ ـ ـ ــﺮم‪ ،‬وأﺷـ ـ ـ ــﺪ ﺧﻮﻓ ـ ـ ــﺎ ﻣـ ـ ـ ــﻦ اﷲ ﻣـ ـ ـ ــﻦ أن ﱢ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﺑﻤﺨﺎﻟﻔﺘﻲ( ‪.‬‬
‫ورﺑ ـ ــﲈ اﺧﺘﻠﻔ ـ ــﺖ اﻟ ـ ــﺮؤى واﻟﺘﻘـ ــﺪﻳﺮات ﻟ ـ ــﺒﻌﺾ اﻷﻣ ـ ــﻮر ﻓﻴﺠ ـ ــﺮي ﺑﻴ ـ ــﻨﻬﲈ ﻣ ـ ــﻦ‬
‫ﻓﺘﺸﺪد‬
‫اﻻﺧﺘﻼف اﻟﺮاﺷﺪ‪ ،‬واﳊﻮار اﳍﺎدئ‪ ،‬ﻣﺎ ﻻ ﳜﺮج إﱃ اﻹﻳﺬاء واﻹﻏﻀﺎب‪ ،‬ﱢ‬
‫ِ‬
‫ﳚﻴﺒﻬﺎ ﺑﴚء‪.‬‬ ‫ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻋﲆ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﻤﻠﻚ إﻻ أن ُﻳ ْﻜ ِ َ‬
‫ﺮﻣﻬﺎ وﻳﺴﻜُﺖ أن ُ َ‬
‫وﻛﻼﻣــﻪ ﳍــﺎ ﺑﻌــﺪ ﻣــﻮت أﺑﻴﻬــﺎ ﻋﻨــﺪ اﻏﺘــﺼﺎب ﻓــﺪك ﻳــﺸﲑ إﱃ إﺟﻼﻟــﻪ ﳍــﺎ؛ إذ‬
‫)‪(٣‬‬ ‫)‪(٢‬‬
‫ﻳﻘ ــﻮل‪) :‬ﳖﻨﻬ ــﻲ ﻋ ــﻦ َو ْﺟ ـ ِـﺪك ﻳ ــﺎ اﺑﻨ ــﺔ اﻟ ــﺼﻔﻮة‪ ،‬وﺑﻘﻴ ــﺔ اﻟﻨﺒ ــﻮة( ‪ ،‬وﳌ ــﺎ دﻓﻨﻬ ــﺎ‬

‫)‪ (١‬اﻟﻜﻌﺒﻲ‪ ،‬ﺳﻴﺪة اﻟﻨﺴﺎء ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺰﻫﺮاء‪ ،‬ص‪ ،٦٨‬ﻧﻘﻼ ﻋﻦ ﻣﺼﺎدره‪.‬‬

‫وﺟﺪا‪ :‬إذا ﻏﻀﺐ ﻋﻠﻴﻪ‪ .‬ﻳﻘﻮل ﳍﺎ‪ :‬ﻛﻔﻲ ﻋﻦ ﻏﻀﺒﻚ‪.‬‬ ‫واﻟﻮﺟﺪ ﻳﻘﺎل‪ :‬وﺟﺪ ﻋﻠﻴﻪ ِ‬
‫ﳚﺪ َ ْ‬ ‫)‪ (٢‬أي ﻛﻔﻲ‪َ .‬‬
‫)‪ (٣‬ﻣﺴﺘﺪرك ﳖﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ‪ ،‬ص‪.٧٧‬‬

‫‪١١١‬‬
 ‫‪‬‬

‫ذﻫ ــﺐ إﱃ ﻗ ــﱪ رﺳ ــﻮل اﷲ ﻳﻨﺎﺟﻴ ــﻪ‪ ،‬وﻳﻘ ــﻮل ﻟ ــﻪ‪) :‬اﻟ ــﺴﻼم ﻋﻠﻴ ــﻚ ﻳ ــﺎ رﺳ ــﻮل اﷲ‬
‫ﻋﻨــﻲ وﻋــﻦ اﺑﻨﺘ ــﻚ اﻟﻨﺎزﻟــﺔ ﰲ ﺟــﻮارك‪ ،‬واﻟ ــﴪﻳﻌﺔ اﻟﻠﺤــﺎق ﺑــﻚ‪ ،‬ﻗ ـ ﱠـﻞ ﻳــﺎ رﺳ ـ َ‬
‫ـﻮل‬
‫ـﺄﳼ ﱄ ﺑﻌﻈ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـﻴﻢ‬ ‫ورق ﻋﻨﻬ ـ ـ ــﺎ ﲡ ّﻠ ـ ـ ــﺪي‪ ،‬إﻻ أن اﻟﺘ ـ ـ ـ َ‬ ‫اﷲ ﻋ ـ ـ ــﻦ ﺻ ـ ـ ــﻔﻴﺘﻚ ﺻ ـ ـ ــﱪي‪ ،‬ﱠ‬
‫ـﺼﻴﺒﺘﻚ‪ ،‬ﻣﻮﺿ ـ ـ ــﻊ ﺗﻌ ـ ـ ـ ﱟـﺰ ‪ ..‬ﻓﻠﻘـ ـ ــﺪ اﺳ ـ ـ ـ ُ ِ ِ‬
‫ـﱰﺟﻌﺖ اﻟﻮدﻳﻌ ـ ـ ــﺔ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ﻓﺮﻗﺘ ـ ــﻚ‪ ،‬وﻓ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـﺎدح ﻣـ ـ ـ‬
‫ْ َ‬ ‫ُ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﻓﻤﺴﻬﺪ( ‪.‬‬ ‫ﱠ‬ ‫وأﺧﺬت اﻟﺮﻫﻴﻨﺔ‪ ،‬أﻣﺎ ﺣﺰﲏ ﻓﴪﻣﺪ‪ ،‬وأﻣﺎ ﻟﻴﲇ‬ ‫ُِ َ‬
‫وﻫﻜـﺬا ﻳــﺼﻒ اﻹﻣــﺎم ﻋــﲇ ‪ ‬ﻣﺒﻠــﻎ ﻓﻘـﺪه وﺣﺰﻧــﻪ وﺳــﻬﺮه ﻋــﲆ ﴍﻳﻜــﺔ‬
‫ﺣﻴﺎﺗﻪ‪ ،‬وﻣﻌﻴﻨﺘﻪ ﻋﲆ أداء ﺟﻬﺎده اﻟﻌﻈﻴﻢ‪.‬‬
‫وﳍ ـ ــﺬا ﻻ ﻏﺮاﺑ ـ ــﺔ أن ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ اﻟ ـ ــﺴﻌﺎدة اﻟﻌﻤﻴﻘ ـ ــﺔ واﳊ ـ ــﺐ اﻟﻐ ـ ــﺎﻣﺮ واﳌ ـ ــﺸﺎﻋﺮ‬
‫اﻟﺰوﺟﻴـ ـ ــﺔ اﻟـ ـ ــﺼﺎدﻗﺔ ﻫـ ـ ــﻲ اﻟـ ـ ــﺴﺎﺋﺪة ﰲ ذﻟـ ـ ــﻚ اﻟﺒﻴـ ـ ــﺖ‪ ،‬وأﻋـ ـ ــﻼم اﻟـ ـ ــﺴﻌﺎدة ﻫـ ـ ــﻲ‬
‫اﳌﺮﻓﺮﻓ ــﺔ ﻋ ــﲆ أﻧﺤﺎﺋ ــﻪ‪ ،‬ﻋ ــﲆ ﻋﻈ ــﻴﻢ اﳌ ــﺴﺆوﻟﻴﺎت‪ ،‬وﻛﺒ ــﲑ اﳌ ــﺼﺎﻋﺐ واﳌﻬ ــﲈت‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اﻟﺘـﻲ ﻛـﺎن ﻳﺘﺤﻤﻠﻬــﺎ ذﻟـﻚ اﻟﺒﻴـﺖ رﺟــﺎﻻ وﻧـﺴﺎء‪ ،‬ﺗﻠـﻚ اﻟــﺴﻌﺎدة اﻟﻐـﺎﻣﺮة ﺑﺎﳌﺤﺒــﺔ‬
‫ـﻮل اﷲ ‪َ ‬‬
‫ذات ﻳـ ــﻮم وﻗ ـ ــﺪ‬ ‫ِ‬
‫ﻣﻈﺎﻫﺮﻫ ـ ــﺎ رﺳـ ـ ُ‬ ‫اﻟﻔﺎ ـﺋ ــﻀﺔ ﻫـ ــﻲ اﻟﺘ ـ ــﻲ َو َﺟـ ــﺪ ﺑﻌـ ـ َـﺾ‬
‫ـﺐ‬ ‫ٍ‬
‫ﺑﻴﺖ ﻓﺎﻃﻤﺔ‪ ،‬ﻓﻮﺟﺪﳘﺎ ﻳﻀﺤﻜﺎن‪ ،‬ﳊﺪﻳﺚ ﻛﺎن ﻣﻨﻬﲈ ﺣﻮل ﱡأﳞﲈ أﺣ ﱡ‬ ‫دﺧﻞ َ‬
‫إﱃ رﺳﻮل اﷲ ‪ ،‬ﻛﲈ ﺗﻘﺪم‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﻟﺮﴈ‪ ،‬ﳖﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ‪ ،‬خ‪ ،٢٠٠‬ص‪.٣٩٥‬‬

‫‪١١٢‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫ﻫ ـ ـ ـ ــﺬا اﻟﺒﻴ ـ ـ ـ ــﺖ اﻟ ـ ـ ـ ــﺬي ﺗ ـ ـ ـ ـ ِ‬

‫ـﺰدﺣﻢ ﻓﻴ ـ ـ ــﻪ اﻟﻮاﺟﺒ ـ ـ ـ ــﺎت اﻟﺸﺨ ـ ـ ـ ــﺼﻴﺔ واﻟ ـ ـ ـ ــﴩﻋﻴﺔ‬
‫َ‬
‫واﳌﺠﺘﻤﻌﻴ ــﺔ واﳉﻬﺎدﻳ ــﺔ ﻫ ــﻮ اﻟﺒﻴ ــﺖ اﻟ ــﺬي أﺑ ــﺼﺎر اﻟﻨ ــﺎس ‪ -‬ﺧ ــﺎرج ﺣﻴﻄﺎﻧ ــﻪ ‪-‬‬
‫ﺷﺎﺧـ ــﺼﺔ إﻟﻴ ـ ــﻪ ﺗﻨﺘﻈ ـ ــﺮ اﻟﻘـ ــﺪوة اﳊ ـ ــﺴﻨﺔ واﻷﺳ ـ ــﻮة اﻟﻄﻴﺒـ ــﺔ‪ ،‬وﺗﻨﺘﻈ ـ ــﺮ اﻟﺘﻌﻠ ـ ــﻴﲈت‬
‫ﲣ ــﺮج ﻣﻨــﻪ ﰲ ﳐﺘﻠ ــﻒ اﳌﺠ ــﺎﻻت‪ ،‬ﻟﺘﻘﺘ ــﺪي ﺑ ــﻪ وﺗﺘﺄﺳ ــﻰ؛ وﻗ ــﺪ ﻗ ـ ﱠـﺪم ﻫ ــﺬا اﻟﺒﻴ ــﺖ‬
‫ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻧﻤﻮذﺟﺎ راﺋﻌﺎ ﰲ اﻟﺘﻌﺎون ﺑﲔ اﻟﺰوﺟﲔ‪.‬‬
‫ﻻ ﲤـﴤ اﳊﻴـﺎة ﺳـﻠﻴﻤﺔ ﻣـﻦ اﻷذى إذا ﱂ ﻳﻜـﻦ ﻫﻨـﺎك ﺗﻌـﺎون وﺗﻔـﺎﻫﻢ وﻧﻈ ٌـﺎم‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ﻣﻌﻮﺟﻬــﺎ‪ ،‬وﻳﻘﻴـ ُـﻞ َ‬
‫ﻋﺜﺎرﻫــﺎ‪ ،‬وﻗــﺪ ﻗـ ﱠـﺪم ﻫــﺬان اﻟﺰوﺟــﺎن‬ ‫ـﺼﻠﺢ ُ ْ َ ﱠ‬
‫أﻣﻮرﻫــﺎ و ُﻳـ ْ ُ‬
‫ﻳﺮ ﱢﺗـﺐ َ‬
‫ـﻮر ﺑﻴ ـ ِـﺘﻬﲈ؛ ﻓﻬ ــﺬه اﻟﺰﻫ ــﺮاء‬
‫ﻧﻤﻮذﺟ ــﺎ راﺋﻌ ــﺎ ﻟﻜ ـ ﱢـﻞ زوﺟ ــﲔ ﺳ ــﻮاﳘﺎ‪ ،‬ﰲ ﺗﺮﺗﻴ ــﺐ أﻣ ـ ِ‬
‫ﺳﻴﺪة ﻧﺴﺎء اﻟﻌﺎﳌﲔ‪ ،‬وﺑﻨﺖ ﺧﲑ اﳌﺮﺳﻠﲔ‪ ،‬وزوج ﺳﻴﺪ اﻟﻮﺻﻴﲔ‪ ،‬وأم ﺳﻴﺪي‬
‫ﺷ ـ ــﺒﺎب أﻫ ـ ــﻞ اﳉﻨ ـ ــﺔ اﳊ ـ ــﺴﻦ واﳊ ـ ــﺴﲔ‪ ،‬وواﻟ ـ ــﺪة اﻟﺬرﻳ ـ ــﺔ اﳌﺒﺎرﻛ ـ ــﺔ اﻟﻄﻴﺒ ـ ــﲔ‪ ،‬ﱂ‬
‫ـﻐﺮﻫﺎ‪ ،‬وأ ِ‬
‫ﻋﻈﻤﻬـ ـ ــﺎ‬ ‫ـﱪ اﻷﻣـ ـ ــﻮر وأﺻـ ـ ـ ِ‬ ‫ـﺄﻓﻒ ﻋـ ـ ــﻦ اﻟﻌﻤـ ـ ــﻞ‪ ،‬وﻋـ ـ ــﻦ ﻣﻌﺎﳉـ ـ ــﺔ أﻛـ ـ ـ ِ‬
‫ﺗﺘـ ـ ـ ّ‬
‫وأﻫﻮﳖﺎ داﺧﻞ ﺑﻴﺖ زوﺟﻬﺎ‪.‬‬ ‫ِ‬

‫وﻫﺎﻫﻲ ﺗﻠﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻄﺤﻦ‪ ،‬وﺗﺴﺘﻘﻲ‪ ،‬وﺗﻌﺠـﻦ‪ ،‬وﲣﺒـﺰ‪ ،‬وﺗـﺮﰊ اﻷوﻻد‪،‬‬

‫ـﻴﺎﻓﻬﺎ‪ ،‬وﺗﺘﻔﻘــﺪ أﺑﺎﻫــﺎ‪ ،‬و ُﺗ ـ ِ‬
‫ـﺼﻠﺢ‬ ‫وﺗ ْﻜـ ِـﺮم أﺿـ َ‬ ‫وﺗﻐــﺰل اﳌﻼﺑــﺲ‪ ،‬و ُﺗـ ِ‬
‫ـﺴﻌﺪ زوﺟﻬــﺎ‪ُ ،‬‬
‫ْ‬
‫أﻣﺮه‪ ،‬وﺗﻘﻮم ﺑﺄدوارﻫﺎ اﳉﻬﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﲈﻋﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻋ ــﻦ اﻟ ــﺼﺎدق ‪ ‬أﻧ ــﻪ دﺧ ــﻞ رﺳ ــﻮل اﷲ ‪ ‬ﻋ ــﲆ ﻓﺎﻃﻤ ـﺔ ﻳﻮﻣ ــﺎ وﻋﻠﻴﻬ ــﺎ‬
‫وﺗﺮ ِﺿـﻊ وﻟ َـﺪﻫﺎ‪ ،‬ﻓـﺪﻣﻌﺖ ﻋﻴﻨـﺎه‪،‬‬‫ﻛﺴﺎء ﻣﻦ أوﺑﺎر اﻹﺑﻞ وﻫﻲ ﺗﻄﺤـﻦ ﺑﻴـﺪﻫﺎ‪ْ ُ ،‬‬

‫‪١١٣‬‬
 ‫‪‬‬

‫ـﺮارة اﻟــﺪﻧﻴﺎ ﺑﺤ ـ ِ‬
‫ـﻼوة اﻵﺧــﺮة‪ ،‬ﻓﻘــﺪ أﻧ ــﺰل‬ ‫ﳌــﺎ أﺑــﴫ ﲠــﺎ‪ ،‬ﻓﻘ ــﺎل‪ :‬ﻳــﺎ ﺑﻨﺘــﺎه ﺗﻌ ﱠﺠ ــﲇ ﻣـ َ‬
‫)‪(١‬‬
‫رﺑﻚ ﻓﱰﴇ( ‪.‬‬ ‫ﻋﲇ‪) :‬وﻟﺴﻮف ﻳﻌﻄﻴﻚ ﱡ‬ ‫اﷲ ﱠ‬
‫ﺗﻌﺎﴍﳘ ــﺎ إﻻ أﻧ ــﻪ ﻛ ــﺎن ﻻ ﺑ ــﺪ‬ ‫ـﺴﻦ ُ ِ‬
‫ـﻮل ﻫ ــﺬﻳﻦ اﻟ ــﺰوﺟﲔ‪ ،‬وﺣ ـ ِ‬ ‫ـﱪ ﻋﻘ ـ ِ‬
‫وﻣ ــﻊ ﻛ ـ َ ِ‬
‫ﻣ ـ ــﻦ اﻟﱰﺗﻴ ـ ــﺐ واﻟﺘﻨﻈ ـ ــﻴﻢ‪ ،‬وﲢﺪﻳ ـ ــﺪ اﻟ ـ ــﺼﻼﺣﻴﺎت واﳌﻬ ـ ــﺎم ﺑ ـ ــﲔ أﻋ ـ ــﻀﺎء ﻫ ـ ــﺬا‬
‫اﻟﺒﻴــﺖ؛ ﻛــﺎن ﻻ ﺑــﺪ ﻣــﻦ ذﻟــﻚ ﻟﻴﻜﻮﻧــﺎ ﻧﻤــﻮذج اﻟﺘﻌــﺎون ﻟﺒﻘﻴــﺔ اﻷزواج‪ ،‬وأﻣﺜﻮﻟــﺔ‬
‫اﻟﱰﺗﻴـ ــﺐ واﻟﻨﻈـ ــﺎم ﻟـ ــﺴﺎﺋﺮ اﻷﴎ؛ وﳍـ ــﺬا ﺛﺒـ ــﺖ أن رﺳـ ــﻮل اﷲ ‪ ‬ﻗـ ــﴣ ﻋـ ــﲆ‬
‫ﻓﺎﻃ ـﻤ ــﺔ اﻟﺰﻫ ـ ــﺮاء ﺑﺨﺪﻣـ ــﺔ اﻟﺒﻴ ـ ــﺖ‪ ،‬وﻗ ـ ــﴣ ﻋـ ــﲆ ﻋ ـ ــﲇ ‪ ‬ﺑﺈﺻـ ــﻼح ﻣ ـ ــﺎ ﻛ ـ ــﺎن‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﺟﺎ واﻟﻘﻴﺎم ﺑﻪ ‪.‬‬ ‫ﺧﺎر ً‬

‫ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ اﻟﺰﻫ ـ ــﺮاء ﺗﻘ ـ ــﻮم ﺑـ ــﺄﻋﲈل ﻛﺜ ـ ــﲑة ﺧﺪﻣ ـ ــﺔ ﻟﺒﻴ ـ ــﺖ زوﺟﻬ ـ ــﺎ‪ ،‬وﰲ رواﻳ ـ ــﺔ‬
‫ﻋﻤﻠﻬــﺎ‪ ،‬ﻓﻘــﺎل‪) :‬إﳖــﺎ ﺟـ ﱠـﺮت ﺑــﺎﻟﺮﺣﻰ ﺣﺘــﻰ أ ﱠﺛ ـﺮت ﰲ‬ ‫ـﲇ َ‬ ‫ـﻒ ﻓﻴﻬــﺎ اﻹﻣـ ُـﺎم ﻋـ ّ‬
‫و َﺻـ َ‬
‫ﻧﺤﺮﻫ ـ ــﺎ‪ ،‬وﻛﻨَ ـ ـ ِ‬
‫ـﺴﺖ اﻟﺒﻴ ـ ـ َـﺖ ﺣﺘ ـ ــﻰ‬ ‫ﻳ ـ ــﺪﻫﺎ‪ ،‬واﺳ ـ ــﺘﻘﺖ ِ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﺮﺑ ـ ــﺔ ﺣﺘـ ــﻰ أﺛﱠ ـ ــﺮت ﰲ ِ‬
‫ـﺪر ﺣﺘ ـ ــﻰ دﻛﻨ ـ ــﺖ ﺛﻴﺎﲠ ـ ــﺎ‪ ،‬وأﺻ ـ ــﺎﲠﺎ ﻣ ـ ــﻦ ذﻟ ـ ــﻚ‬ ‫ِ ِ‬
‫ـﱪت ﺛﻴﺎ ُﲠ ـ ــﺎ‪ ،‬وأوﻗ ـ ـ َـﺪت اﻟﻘ ـ ـ ْ َ‬
‫اﻏـ ـ ّ‬
‫)‪(٣‬‬
‫ﴐ( ‪ ،‬واﺷ ــﺘﻬﺮت اﻟﺮواﻳ ــﺔ اﻟﺘ ــﻲ ﺗ ــﺼﻒ ﻳ ــﺪﻫﺎ ﺑﺄﳖ ــﺎ ﳎﻠ ــﺖ ﻣ ــﻦ أﺛ ــﺮ اﻟﺮﺣ ــﻰ‬
‫واﻟﻄﺤﻦ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﻟــﺴﻴﻮﻃﻲ‪ ،‬اﻟــﺪر اﳌﻨﺜــﻮر‪ ،‬ج‪ ،٨‬ص‪٥٤٣‬؛ واﻟــﺴﻴﻮﻃﻲ‪ ،‬ﻣــﺴﻨﺪ ﻓﺎﻃﻤــﺔ ﻋﻠﻴﻬــﺎ اﻟــﺴﻼم‪ ،‬ص‪٥٨‬‬
‫ﻋــﻦ اﺑــﻦ اﻟﻨﺠــﺎر واﺑــﻦ ﻣﺮدوﻳــﻪ واﻟــﺪﻳﻠﻤﻲ؛ واﳋــﻮارزﻣﻲ‪ ،‬ﻣﻘﺘــﻞ اﳊــﺴﲔ ﻋﻠﻴــﻪ اﻟــﺴﻼم‪ ،‬ج‪،١‬‬
‫ص‪٦٤‬؛ واﳍﻨﺪي‪ ،‬ﻛﻨﺰ اﻟﻌﲈل‪ ،‬ج‪ ،١٢‬ص‪ ،٤٢٢‬رﻗﻢ‪.٣٥٤٧٥‬‬
‫)‪ (٢‬اﳍﺎدي‪ ،‬ﳛﻴﻰ ﺑﻦ اﳊﺴﲔ‪ ،‬اﻷﺣﻜﺎم‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪٤١٤‬؛ واﳊﻮﺛﻲ‪ ،‬اﳌﺨﺘﺎر‪ ،‬ص‪.٣٨٧‬‬
‫)‪ (٣‬اﻟ ــﺴﻴﻮﻃﻲ‪ ،‬ﻣ ــﺴﻨﺪ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ‪ ،‬ص‪١١٠‬؛ ﻋ ــﻦ أﰊ داود‪ ،‬واﻟﻌ ــﺴﻜﺮي‪ ،‬وأﰊ ﻧﻌ ــﻴﻢ‪ ،‬وﻋﺒ ــﺪاﷲ ﺑ ــﻦ‬
‫أﲪﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ‪.‬‬

‫‪١١٤‬‬
 ‫‪‬‬

‫وﻛﺎﻧ ــﺖ إﱃ ﺟﺎﻧ ــﺐ اﻟﻌﻤ ــﻞ ﺗ ــﺮﰊ أوﻻدﻫ ــﺎ‪ ،‬ورﺑ ــﲈ ﻛﺎﻧ ــﺖ ﺗﻄﺤ ــﻦ وﺻ ــﺒﻴﻬﺎ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﻳﺒﻜ ــﻲ ‪ ،‬وﳍ ــﺬا اﻗ ــﱰح ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ زوﺟﻬ ــﺎ ﻋ ــﲇ ‪ ‬أن ﺗ ــﺬﻫﺐ إﱃ أﺑﻴﻬ ــﺎ ﻗ ــﺎﺋﻼ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﳍ ــﺎ‪) :‬ﻓ ــﺴﻠﻴﻪ ﻳﻌﻄﻴ ــﻚ ﺧﺎدﻣ ــﺎ‪ ،‬ﻳﻘﻴ ــﻚ اﻟﺮﺣ ــﻰ‪ ،‬وﺣ ـ ﱠـﺮ اﻟﺘﻨ ــﻮر( ؛ ﻷﻧ ــﻪ ﻛ ــﺎن ﻗ ــﺪ‬
‫)‪(٣‬‬
‫ﺟﻬﺪﻫﺎ اﻟﻄﺤﻦ واﻟﻌﻤﻞ ‪.‬‬
‫ـﻨﺠﺢ ﻓﻴــﻪ‬ ‫ِ‬
‫وﰲ إﻃــﺎر إﺻــﻼح ﻋﻼﻗــﺔ اﻷم ﺑﺎﻟﺰوﺟــﺔ‪ ،‬وﻫــﻮ اﳌــﺸﻜﻞ اﻟــﺬي ﱂ ﻳـ ْ‬
‫ـﲇ ‪ ‬ﻣﻌﺎدﻟ ـ ــﺔ ﻣﺘﻮازﻧ ـ ــﺔ ﺗ ـ ـ ﱢ‬
‫ـﻨﻈﻢ‬ ‫ﻛﺜ ـ ــﲑ ﻣ ـ ــﻦ أزواج ﻋ ـ ــﴫﻧﺎ‪ ،‬ر َﺳ ـ ــﻢ اﻹﻣ ـ ـ ُـﺎم ﻋ ـ ـ ﱞ‬
‫ﻋﻼﻗـ ــﺔ اﻟﻌﻤـ ــﻞ ﺑ ـ ــﲔ زوﺟﺘـ ــﻪ وأﻣ ـ ــﻪ؛ إذ ﻗـ ــﺎل ﻷﻣ ـ ــﻪ ﻓﺎﻃﻤـ ــﺔ ﺑﻨ ـ ــﺖ أﺳـ ــﺪ‪) :‬أﻛﻔ ـ ــﻲ‬
‫ﻓﺎﻃﻤـﺔ ﺑﻨـﺖ رﺳــﻮل اﷲ ‪ ‬ﻣـﺎ ﻛــﺎن ﺧﺎرﺟـﺎ ﻣــﻦ اﻟـﺴﻘﻲ وﻏــﲑه‪ ،‬وﺗﻜﻔﻴ ِـﻚ ﻣــﺎ‬
‫)‪(٤‬‬
‫ﻛﺎن داﺧﻼ ﻣﻦ اﻟﻌﺠﻦ واﻟﻄﺤﻦ وﻏﲑ ذﻟﻚ( ‪.‬‬
‫وﻃﻴﺒ ــﺔ ﺑ ــﲔ اﻷم‬
‫وﻫ ــﺬا ﻓﻴ ــﻪ ﻋﻈ ــﺔ ﻟﻨ ــﺎ ﺑ ــﺄن ﻧﺮﺳ ــﻢ ﻋﻼﻗ ــﺔ ﺗﻌﺎوﻧﻴ ــﺔ واﺿ ــﺤﺔ ﱢ‬
‫ـﺰوج ﺑ ِ ـ ﱠـﺮه ﺑﺄ ﱢﻣـ ــﻪ وواﻟﺪﻳ ــﻪ‪ ،‬وﺣـ ـ َ‬
‫ـﺴﻦ‬ ‫واﻟﺰوﺟ ــﺔ‪ ،‬وﻧ ــﻀﻊ ﻣﻌﺎدﻟ ــﺔ ﻋﺎدﻟ ــﺔ ﲢﻔـ ــﻆ ﻟﻠ ـ ِ‬
‫ـﱪ ﺑﺄﻣـﻪ‪ ،‬وﻋــﲆ اﻷم‬‫زوﺟﻬـﺎ ﻋـﲆ اﻟ ِ ﱢ‬ ‫ـﲔ َ‬ ‫ﻣﻌﺎﴍﺗِـﻪ ﻟﺰوﺟﺘـﻪ‪ ،‬وﻋـﲆ اﻟﺰوﺟ ِـﺔ أن ُﺗﻌـ َ‬
‫اﺑﻨﻬﺎ ﻋﲆ ﺣﺴﻦ ﻣﻌﺎﴍة زوﺟﺘﻪ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ﺗﺴﺎﻋﺪ َ‬ ‫أن‬
‫ـﺮوف أﻇﻬـﺮت ﻓﺎﻃﻤـﺔ ﰲ ﻣـﺴﺘﻮى ﻋ ٍ‬
‫ـﺎل ﻣــﻦ‬ ‫وﻣـﻊ ذﻟـﻚ ﻓﻘـﺪ ﻛﺎﻧـﺖ ﻫﻨـﺎك ﻇ ٌ‬
‫ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﻌﻤﻞ واﳌﺒﺎدرة إﻟﻴﻪ‪ ،‬ﻳﻘﻮل اﻹﻣﺎم ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ ﲪﺰة ‪) :‬وﻗﺪ ﻛﺎﻧـﺖ‬
‫ﺗﻐﺰل ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ‪ ،‬وﺑﺎﻷﺟﺮة‪ ،‬وﺗﻄﺤـﻦ اﻟﻨﻔﻘـﺔ‪ ،‬وﲣ ِـﺪم اﻟﺒﻴـﺖ‪،‬‬
‫أﻣﻨﺎ ﻓﺎﻃﻤﺔ ‘ ِ‬ ‫ﱡ‬
‫)‪ (١‬اﺑ ـ ــﻦ ﺣﻨﺒ ـ ــﻞ‪ ،‬اﳌ ـ ــﺴﻨﺪ‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪١٥٠‬؛ واﳍﻴﺜﻤ ـ ــﻲ‪ ،‬ﳎﻤ ـ ــﻊ اﻟﺰواﺋ ـ ــﺪ‪ ،‬ج‪ ،١٠‬ص‪٣١٦‬؛ واﺑ ـ ــﻦ‬
‫ﻋﺴﺎﻛﺮ‪ ،‬ﺗﺎرﻳﺦ دﻣﺸﻖ‪ ،‬ج‪ ،١٠‬ص‪.٣٣٢‬‬
‫)‪ (٢‬ﻣﺴﻨﺪ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻟﻠﺴﻴﻮﻃﻲ‪ ،‬ص‪ ،١٠٣‬ﻋﻦ أﰊ ﻧﻌﻴﻢ‪.‬‬
‫)‪ (٣‬ﻣﺴﻨﺪ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻟﻠﺴﻴﻮﻃﻲ‪ ،‬ص‪ ،١٠٢‬ﻋﻦ اﺑﻦ ﺟﺮﻳﺮ‪.‬‬
‫)‪ (٤‬اﻟﺒﻼذري‪ ،‬أﻧﺴﺎب اﻷﴍاف‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪٣٧‬؛ واﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،٤‬ص‪.١٨٩٤‬‬

‫‪١١٥‬‬
 ‫‪‬‬

‫وﺑـﺬﻟﻚ ﻗــﴣ ﻋﻠﻴﻬــﺎ رﺳــﻮل اﷲ ‪ ،‬وﻻ ﴍف أﻋﻈــﻢ ﻣــﻦ ﴍﻓﻬــﺎ‪ ،‬وﻻ ﻛــﺮم‬
‫)‪(١‬‬
‫ﺻﺎﳊﺎ‬ ‫دﻋﺎ ِ َإﱃ ا ﱠ ِ َ َ ِ َ‬
‫وﻋﻤﻞ َ ِ ً‬ ‫ﻗﻮﻻً ﱢ ﱠﳑﻦ َ َ‬ ‫وﻣﻦ َ ْ َ ُ‬
‫أﺣﺴﻦ َ ْ‬ ‫ﻋﲆ اﷲ ﻳﻮازي ﻛﺮﻣﻬﺎ( ‪ْ َ َ ﴿ ،‬‬
‫ﻓﺼﻠﺖ‪.[٣٣:‬‬ ‫ﻣﻦ ْ ُ ْ ِ ِ َ‬
‫اﳌﺴﻠﻤﲔ﴾] ُ ﱢ َ‬ ‫َ َ ِ ِ‬
‫وﻗﺎل ِ ﱠإﻧﻨﻲ َ‬
‫َ‬
‫وورد ﺗﻔــﺼﻴﻞ ﻣــﺎ أﲨﻠــﻪ اﻹﻣــﺎم اﳌﻨــﺼﻮر ﺑــﺎﷲ وذﻟــﻚ أن ﻋﻠﻴــﺎ ‪ ‬اﻧﻄﻠــﻖ‬
‫إﱃ رﺟ ــﻞ ﻳﻌ ــﺎﻟﺞ اﻟ ــﺼﻮف‪ ،‬ﻓﻘ ــﺎل ﻟ ــﻪ‪ :‬ﻫ ــﻞ ﻟ ــﻚ أن ﺗﻌﻄﻴﻨ ــﻲ ﺟ ــﺰة ﻣ ــﻦ ﺻ ــﻮف‪،‬‬
‫ﺗﻐﺰﳍـ ــﺎ ﻟ ـ ــﻚ ﺑﻨ ـ ـ ُـﺖ ﳏﻤـ ــﺪ ‪ ‬ﺑﺜﻼﺛ ـ ــﺔ آ ُﺻ ـ ـ ٍـﻊ ﻣ ـ ــﻦ ﺷـ ــﻌﲑ؟ ﻗ ـ ــﺎل‪ :‬ﻧﻌ ـ ــﻢ‪ ،‬ﻓﺄﻋﻄ ـ ــﺎه‬
‫ِ‬
‫ـﺸﻌﲑ‪ ،‬ﻓﻘﺒ ِﻠـ ــﺖ ﻓﺎﻃﻤـ ــﺔ وأﻃﺎﻋـ ــﺖ‪ ،‬وﻗﺎﻣـ ــﺖ إﱃ ﺻـ ـ ٍ‬
‫ـﺎع ﻓﻄﺤﻨَ ْﺘـ ــﻪ‪،‬‬ ‫ـﺼﻮف واﻟ ـ َ‬ ‫َ‬ ‫اﻟـ ـ‬
‫)‪(٢‬‬
‫وﺧﺒﺰت ﻣﻨﻪ ﲬﺴﺔ أﻗﺮاص ‪.‬‬
‫وﻫــﺬا ﻳﺒــﲔ أﳖــﺎ ﺳــﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬــﺎ اﻛﺘــﺴﺒﺖ ﻣﻬــﺎرة راﺋﻌــﺔ وﻋﻤــﻼ ﴍﻳﻔــﺎ ﺗﻌﻤﻠــﻪ‬
‫ِ‬
‫ـﺪر ﻋﻠﻴﻬـ ــﺎ وﻋـ ــﲆ أﴎﲥـ ــﺎ َد ْﺧـ ــﻼ ﳛﻔـ ــﻆ ﻛـ ــﺮاﻣﺘﻬﻢ‪ ،‬وﻳﻌـ ــﺎﻟﺞ ﺑﻌـ ــﺾ‬
‫داﺧـ ــﻞ ﺑﻴﺘﻬـ ــﺎ ُﻳـ ـ ﱡ‬
‫ﻣﺸﻜﻼﲥﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ‪ ،‬وﻫﺬا ﻣﺎ ﳚﺐ أن ﺗﺴﺘﻨﻪ ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻴﻮم ﰲ ﺣﻴﺎﲥﺎ‪.‬‬
‫وﻣــﻊ ذﻟــﻚ ﻓــﺈن اﻟﺘــﺎرﻳﺦ ﻻ ﻳﱰﻛﻨــﺎ ﻧــﺸﺎﻫﺪ ﻓﺎﻃﻤــﺔ ﺗﻘــﺎﳼ اﻟﺘﻌــﺐ ﻟﻮﺣــﺪﻫﺎ‪،‬‬
‫رﻏﻢ أﻧﻨﺎ ﻧﻌﻠـﻢ أن زوﺟﻬـﺎ اﻟﺒﻄـﻞ اﳍـﲈم ﻫـﻮ ذﻟـﻚ اﻟـﺬي ﻛﺎﻧـﺖ ُﺗ ْ ِ‬
‫ـﴪع ﺑـﻪ رﺟـﻼه‬
‫ﻧﺤ ـ ــﻮ اﳌﻌ ـ ــﺎرك‪ ،‬وﻣ ـ ــﺼﺎوﻟﺔ اﻷﻗ ـ ــﺮان‪ ،‬وﺗﺜﺒُ ـ ــﺖ ﰲ ﻣﻮاﻗ ـ ــﻒ اﳋ ـ ــﺸﻮع واﻟﻌﺒ ـ ــﺎدة‬
‫وﺣﻠﻘ ــﺎت اﻟﻌﻠ ــﻢ‪ ،‬وﻫ ــﻮ ذﻟ ــﻚ اﻟ ــﺬي ﻛ ــﺎن ﻣ ــﻊ رﺳ ــﻮل اﷲ ﻛﻈﻠ ــﻪ‪ ،‬ﻳﻜﺘ ــﺴﺐ ﻣﻨ ــﻪ‬
‫اﳌﻌﺎرف واﻟﻌﻠﻮم‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﳌﻨﺼﻮر ﺑﺎﷲ ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ ﲪﺰة‪ ،‬ﳎﻤﻮع رﺳﺎﺋﻞ اﳌﻨﺼﻮر ﺑﺎﷲ ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ ﲪﺰة )اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜـﺎﲏ(‪،‬‬
‫ج‪ ،٢‬ص‪ ،٥٧٨‬وﺻﻴﺔ اﻟﺒﻨﺎت‪.‬‬
‫)‪ (٢‬اﻟﻜــﻮﰲ‪ ،‬ﻣﻨﺎﻗــﺐ أﻣــﲑ اﳌــﺆﻣﻨﲔ ﻋﻠﻴــﻪ اﻟــﺴﻼم‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪ ،١٧٨‬رﻗــﻢ‪١٠٣‬؛ واﻟﺜﻌﻠﺒــﻲ‪ ،‬ﺗﻔــﺴﲑ‬
‫اﻟﺜﻌﻠﺒﻲ‪ ،‬ﺳﻮرة )ﻫﻞ أﺗﻰ(‪.‬‬

‫‪١١٦‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﲣﱪﻧــﺎ ﺑﻌــﺾ اﻟﺮواﻳــﺎت أﻧــﻪ ﻣــﻊ ﺗﻠــﻚ اﳌــﺸﺎﻏﻞ وﻣــﻊ ﻣــﺎ أﺧــﺬ ﻋــﲆ ﻧﻔــﺴﻪ‬ ‫ﺑــﻞ ْ ِ ُ‬
‫ـﺐ‬ ‫ﻣـ ــﻦ اﻟﺘﻜﻔـ ــﻞ ﺑـ ــﺸﺆون اﻟﺒ ـﻴ ــﺖ ﻣـ ــﻦ ﺧﺎرﺟـ ــﻪ‪ ،‬إﻻ أﻧـ ــﻪ ﱂ َ ْ ُ ْ‬
‫ﻳﱰﻛﻬـ ــﺎ ﺗﻘـ ــﺎﳼ اﻟﺘﻌـ ـ َ‬
‫ﺑﻤﻔﺮدﻫ ــﺎ داﺧ ــﻞ اﻟﺒﻴ ــﺖ ﰲ اﻷوﻗ ــﺎت اﻟﺘ ــﻲ ﻳﻤﻜﻨ ــﻪ ﻓﻴﻬ ــﺎ إﻋﺎﻧﺘﻬ ــﺎ‪ ،‬ﺑ ــﻞ ﲣﱪﻧ ــﺎ أﻧ ــﻪ‬
‫ﻛــﺎن ﻳﻄﺤــﻦ ﻣﻌﻬــﺎ اﻟــﺸﻌﲑ‪ ،‬وﻛﺎﻧــﺖ ﻳــﺪاه ﺗﺘــﺄﺛﺮ ﺑﻤﺜــﻞ ﻣــﺎ ﺗﺘــﺄﺛﺮ ﺑــﻪ ﻳــﺪاﻫﺎ‪ ،‬وﻫــﻮ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﻳـﺪﻳﺮ ﻣﻌﻬـﺎ اﻟﺮﺣـﻰ ‪ ،‬وﻫــﺬا درس ﻋﻈـﻴﻢ ﻟﻨـﺎ ﻣﻌـﴩ اﻟﺮﺟــﺎل ﻛﻴـﻒ ﻧﻜـﻮن ﻣــﻊ‬
‫زوﺟﺎﺗﻨﺎ ﻋﻤﻼ وﺗﻌﺎوﻧﺎ وﺗﻮاﺿﻌﺎ وﺷﻐﻔﺎ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ داﺧﻞ اﻟﺒﻴﻮت‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﳌﺮﺷﺪ ﺑﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ص‪.٢٣٢ -٢٣١‬‬

‫‪١١٧‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫إن ﻫﺬا اﻟﺒﻴﺖ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻣﻨﻌﻪ رﺳﻮل اﷲ ﻣﻦ ِ ٍ‬

‫ﺧﺎدم ﰲ أول اﻹﺳﻼم؛ إذ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﻻ زاﻟ ــﺖ ﺣﺎﺟ ــﺔ اﳌ ــﺴﻠﻤﲔ ﻣﺎﺳ ــﺔ إﱃ اﳋ ــﺎدم واﳋ ــﺎدﻣﲔ‪ ،‬ﻏ ــﲑ أﻧ ــﻪ ﰲ آﺧ ــﺮ اﻷﻣ ــﺮ ﳌ ــﺎ‬
‫أﺻـ ــﺎب ‪ ‬ﺳ ـ ــﺒﻴﺎ ﰲ إﺣ ـ ــﺪى اﻟﻐ ـ ــﺰوات ﲣـ ـ ّـﲑ ﻣﻨ ـ ــﻪ رﺳ ـ ــﻮل اﷲ ‪ ‬اﻣ ـ ــﺮأة ﻧﻮﺑﻴ ـ ــﺔ‬
‫ـﴬﲠﺎ‪ ،‬وﳌ ــﺎ‬‫ﺗ ــﺴﻤﻰ ﻓــﻀﺔ‪ ،‬ﻓ ــﺬﻫﺐ ﲠ ــﺎ إﱃ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ‪ ،‬وأوﺻ ــﺎﻫﺎ ﲠ ــﺎ ﺧ ــﲑا‪ ،‬وأن ﻻ ﺗ ـ َ‬
‫رأت ﺑ ــﻀﻌﺔ اﻟﺮﺳـ ــﻮل ‪ ‬واﻟ ـ َـﺪﻫﺎ ُﻳ ْﻜﺜـ ِ ــﺮ اﻟﻮﺻ ــﻴﺔ ﲠـ ــﺎ‪ ،‬اﻟﺘﻔﺘ ــﺖ إﻟﻴـ ــﻪ‪ ،‬وﻗﺎﻟ ــﺖ‪ :‬ﻳـ ــﺎ‬
‫ـﲇ ﻳــﻮم‪ ،‬وﻋﻠﻴﻬــﺎ ﻳــﻮم‪ ،‬ﻓﻔﺎﺿــﺖ ﻋﻴﻨــﺎ رﺳــﻮل اﷲ ﺑﺎﻟﺒﻜــﺎء‪ ،‬وﻗــﺎل‪) :‬اﷲ‬
‫رﺳــﻮل اﷲ ﻋـ ﱠ‬
‫)‪(١‬‬
‫أﻋﻠﻢ ﺣﻴﺚ ﳚﻌﻞ رﺳﺎﻟﺘﻪ‪ ،‬ذرﻳﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ واﷲ ﺳﻤﻴﻊ ﻋﻠﻴﻢ( ‪.‬‬
‫ـﺪﻣﻬﻢ‬‫وﻫﻜ ـ ــﺬا أﺧ ـ ــﻼق أﺑﻨـ ــﺎء اﻟﻨﺒﻴ ـ ــﲔ‪ ،‬وﺳ ـ ــﺎدات اﻟﻌ ـ ــﺎﳌﲔ‪ ،‬ﻳ ـ ــﺸﺎﻃﺮون َﺧ ـ ـ َ َ‬
‫ـﺜﻠﻬﻢ‪ ،‬وإذا ﻛ ــﺎن‬ ‫ـﺎس ﻣـ ُ‬‫وﻋﺒﻴـ َـﺪﻫﻢ ﰲ اﳋﺪﻣــﺔ؛ ذﻟــﻚ أﳖــﻢ ﻳﻌﻠﻤ ــﻮن أن ﻫــﺆﻻء أﻧـ ٌ‬
‫ﺣﻘﻬ ــﻢ أن ﻳﻌﻴ ــﺸﻮا ﰲ‬ ‫ـﲑ ﻋﺎدﻳ ــﺔ‪ ،‬ﻓ ــﺈن ﻣ ــﻦ ﱢ‬ ‫اﷲ ﻗ ــﺪ اﺑ ــﺘﻼﻫﻢ ﺑ ــﺎﻟﺮق ﻟﻈ ـ ٍ‬
‫ـﺮوف ﻏ ـ ِ‬
‫ﺑﻴــﻮت اﳌــﺴﻠﻤﲔ ﻛــﲈ ﻳﻌــﻴﺶ اﻟــﺴﺎدة ﻋﻤــﻼ‪ ،‬وﻣﻠﺒــﺴﺎ‪ ،‬وﻣــﺄﻛﻼ‪ ،‬وﻣــﴩﺑﺎ‪ ،‬وﳍــﺬا‬
‫ﻗ ﱠـﺪم أﻫـ ُـﻞ اﻟﺒﻴــﺖ ﻧﻤﻮذﺟــﺎ راﺋﻌــﺎ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣـﻞ اﻹﻧــﺴﺎﲏ اﻟﺮاﻗــﻲ‪ ،‬وﰲ اﻹﺻــﺎﺑﺔ ﻻﺑــﻦ‬
‫ﺣﺠ ــﺮ اﻟﻌ ــﺴﻘﻼﲏ أن رﺳ ــﻮل اﷲ أﺧ ــﺪم ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﺟﺎرﻳ ــﺔ اﺳ ــﻤﻬﺎ ﻓ ــﻀﺔ اﻟﻨﻮﺑﻴ ــﺔ‪،‬‬
‫ﺗﺸﺎﻃﺮﻫﺎ اﳋﺪﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟﺖ ﳍﺎ ﻓﺎﻃﻤﺔ‪ :‬أﺗﻌﺠﻨﲔ‪ ،‬أو ﲣﺒﺰﻳﻦ؟ ﻓﻘﺎﻟـﺖ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ﻓﻜﺎﻧﺖ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﺑﻞ أﻋﺠﻦ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﰐ‪ ،‬وأﺣﺘﻄﺐ ‪. (...‬‬

‫)‪ (١‬اﳋﻮارزﻣﻲ‪ ،‬ﻣﻘﺘﻞ اﳊﺴﲔ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٦٩‬‬

‫)‪ (٢‬اﺑﻦ ﺣﺠﺮ‪ ،‬اﻹﺻﺎﺑﺔ‪ ،‬ج‪ ،٨‬ص‪ ،٧٥‬ﺗﺮﲨﺔ رﻗﻢ‪.١١٦٢٨‬‬

‫‪١١٨‬‬
 ‫‪‬‬

‫ـﻨﻈﲈ وﻧﻈﻴﻔـ ــﺎ ﻳ ـ ــﺆدي أﻫ ُﻠـ ــﻪ وﻇ ـ ـ َ‬

‫ـﺎﺋﻔﻬﻢ‬ ‫وﲠـ ــﺬا ﻳﺘﺒـ ــﲔ أن ﻫ ـ ــﺬا اﻟﺒﻴ ــﺖ ﻛ ـ ــﺎن ﻣـ ـ ﱠ‬
‫وأﻋﲈ َﳍ ـ ــﻢ ﻓﻴ ـ ــﻪ ﺑﺎﻧﺘﻈ ـ ــﺎم‪ ،‬وﻛ ـ ـ ﱞـﻞ ﻳ ـ ــﺴﻌﻰ ﰲ ﺳ ـ ــﺒﻴﻞ ﲢ ـ ــﺼﻴﻞ اﻟ ـ ــﺴﻌﺎدة‪ ،‬واﻟﻘﻴ ـ ــﺎم‬
‫ـﺎت ﻣﻨﺘﻈِﻤــﺔ‪ ،‬ﻓــﺈذا ﺟــﺎء ﻋــﲇ ‪ ‬إﱃ‬ ‫ﺑﺎﻟﻮاﺟــﺐ‪ ،‬ﰲ ﻇـ ﱢـﻞ ﻣﻬــﺎم ﳏـ ﱠـﺪدة‪ ،‬وواﺟﺒـ ٍ‬
‫ﱠ‬
‫اﻟﺒﻴ ـ ــﺖ وﺟ ـ ــﺪه ﻧﻈﻴ ًﻔ ـ ـﺎ أﻧﻴ ًﻘ ـ ـﺎ‪ ،‬ﺣﻴ ـ ــﺚ ﺑﻨ ـ ــﺖ اﳌ ـ ــﺼﻄﻔﻰ ﻓﻴ ـ ــﻪ ﻻ ﺗﻌ ـ ــﺮف اﻟﻜ ـ ــﺴﻞ‪،‬‬
‫ﺟﻮ أﻧﻴﻖ وﻛﺮﻳﻢ‪.‬‬
‫وﲢﺮص ﻋﲆ اﻟﻨﻈﺎم‪ ،‬وﻋﲆ إﺷﺎﻋﺔ ﱟ‬

‫‪١١٩‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫وﺗــﺸﺪﲏ ﻋﺠﺒ ــﺎ ﺗﻠــﻚ اﻟﺮواﻳ ــﺔ اﻟﺘــﻲ ﺗﻔﻴ ــﺪ أﻧــﻪ ‪ ‬وﻫ ــﻮ ﻋﺎﺋـ ٌـﺪ ﻣ ــﻦ اﻟ ــﻴﻤﻦ‪،‬‬
‫وﳌ ــﺎ وﺻ ــﻞ ﻣﻜـ ــﺔ‪ ،‬وﺟ ــﺪ ﻓﺎﻃﻤـ ــﺔ ﻗ ــﺪ أﺣ ﱠﻠ ــﺖ ﻣـ ــﻦ اﳊ ــﺞ‪ ،‬وﻣـ ــﺎ إن دﺧ ــﻞ اﻟﺒﻴـ ــﺖ‬
‫)‪(١‬‬
‫اﳌﺆ ﱠﻗ ــﺖ ﰲ ﻣﻜ ــﺔ‪ ،‬ﺣﺘ ــﻰ وﺟ ــﺪ ﻣﻨﻬ ــﺎ رﳛ ــﺎ ﻃﻴﺒ ــﺔ ‪ ،‬ووﺟ ــﺪ اﻟﺰﻫ ــﺮاء ﻗ ــﺪ ﻟﺒ ــﺴﺖ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﺛﻴﺎﺑـ ــﺎ َﺻـ ـ ِـﺒﻐﺎ‪ ،‬وﻗـ ــﺪ اﻛﺘﺤﻠـ ــﺖ ؛ اﻷﻣ ـ ــﺮ اﻟـ ــﺬي دﻓﻌـ ــﻪ ﻟﻠـ ــﺬﻫﺎب ﻟﻼﺳ ـ ــﺘﻔﺘﺎء إﱃ‬
‫رﺳ ـ ــﻮل اﷲ‪ ،‬واﳌﻬ ـ ــﻢ ﰲ اﻟﺮواﻳ ـ ــﺔ أﳖ ـ ــﺎ ﺗﻔﻴـ ــﺪ ﻣ ـ ــﺎ ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ ﻋﻠﻴ ـ ــﻪ ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ﻣ ـ ــﻦ أﻧﺎﻗ ـ ــﺔ‬
‫وﻧﻈﺎﻓ ــﺔ واﻋﺘﻨ ــﺎء ﺑﻄﻴﺒﻬ ــﺎ وﻣﻠﺒ ــﺴﻬﺎ اﳌﺘﻮاﺿ ــﻊ ﰲ ﺳ ــﻔﺮﻫﺎ‪ ،‬ﻓﻜﻴ ــﻒ ﲠ ــﺎ ﰲ ﺣﻠﻬ ــﺎ‬
‫ﻧﻈﺎﻓﺔ وأﻧﺎﻗﺔ وﲨﺎﻻ؟!‪.‬‬

‫إن ذﻟـ ـ ــﻚ ﻳـ ـ ــﺸﲑ إﱃ ﺣ ـ ـ ــﺮص ﻓﺎﻃﻤـ ـ ــﺔ اﻟﺰ ـﻫ ـ ــﺮاء ﻋـ ـ ــﲆ إﺷ ـ ـ ــﺎﻋﺔ ﺟـ ـ ــﻮ اﻷﻧﺎﻗ ـ ـ ــﺔ‬
‫واﻟﻨﻈﺎﻓ ـ ــﺔ واﻟ ـ ــﺴﻌﺎدة‪ ،‬ﺣﺘ ـ ــﻰ ﰲ أوﻗ ـ ــﺎت اﻟ ـ ــﺴﻔﺮ‪ ،‬ﻓﻠﻬ ـ ــﺬا ﻻ ﻏﺮاﺑ ـ ــﺔ أن ﺣ ﱠﻔ ـ ــﺖ‬
‫ُ‬
‫واﻟﺒﻬﺠﺔ ﲠﺬا اﻟﺒﻴﺖ اﻟﻄﺎﻫﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ اﲡﺎه‪.‬‬ ‫اﻟﺴﻌﺎدة‬
‫ُ‬

‫)‪ (١‬أﲪﺪ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ‪ ،‬ﻋﻠﻮم آل ﳏﻤﺪ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٣٧٠‬‬

‫)‪ (٢‬اﺑﻦ أﰊ اﻟﻨﺠﻢ اﻟﺼﻌﺪي‪ ،‬درر اﻷﺣﺎدﻳﺚ اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ‪ ،‬ص‪.٨٤‬‬

‫‪١٢٠‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪  ‬‬

‫إن ﻣـ ــﺎ ﳚـ ــﺐ أن ﺗﻌﻴـ ــﻪ )ﻓﺎﻃﻤـ ــﺔ اﻟﻴـ ــﻮم( و)ﻋـ ــﲇ اﻟﻴـ ــﻮم( أﻧـ ــﻪ ﺑﺎﺗﺒـ ــﺎع اﻟﺘﻌـ ــﺎﻟﻴﻢ‬
‫اﻹﳍﻴــﺔ‪ ،‬واﻻﻗﺘــﺪاء ﺑﻨﻤــﻮذج أﻫــﻞ اﻟﺒﻴــﺖ ﻓﻜــﺮا وﺗﻌــﺎﻣﻼ وأﺧﻼﻗــﺎ وﻗــﻴﲈ وﺗﺮﺑﻴــﺔ‬
‫ﻳﻤﻜ ــﻨﻬﲈ ﺗﻜ ــﻮﻳﻦ اﻷﴎة اﻟﺘ ــﻲ ﻳﺘﺨ ـ ﱠـﺮج ﻣﻨﻬ ــﺎ اﻷوﻻد اﻟ ــﺼﺎﳊﻮن اﻟ ــﺬﻳﻦ ﻳﻌ ــﻮن‬
‫واﻗﻌﻬـ ــﻢ وواﺟﺒـ ــﺎﲥﻢ‪ ،‬وﻣـ ــﺴﺆوﻟﻴﺎﲥﻢ‪ ،‬وﻳﻘ ـ ـ ﱢـﺪرون اﳉﻬـ ــﺎد واﻷﻣ ـ ــﺮ ﺑ ـ ــﺎﳌﻌﺮوف‪،‬‬
‫ـﺴﻮر اﳌـ ـ ـﻮدة‬ ‫ِ‬
‫واﻟﻨﻬ ـ ــﻲ ﻋ ـ ــﻦ اﳌﻨﻜـ ـ ــﺮ‪ ،‬إﳖ ـ ــﻢ ﺑـ ـ ــﺬﻟﻚ ﻳ ـ ــﺴﺘﻄﻴﻌﻮن أن ﻳﻮﺟـ ـ ــﺪوا ﺟ ـ ـ َ‬
‫ﳞﺪﻣﻬﺎ‪ ،‬ﺑﻞ ﻻ ﻳﻤﻠِـﻚ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫اﻟﺸﻴﻄﺎن أن َ‬ ‫اﻟﻮﻃﻴﺪة‪ ،‬ﺑﺘﺄﻳﻴﺪ اﷲ وﺗﻮﻓﻴﻘﻪ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ‬
‫ﻳﻨﻬﺎر أﻣﺎﻣﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻛﻴﺪه إﻻ أن َ‬
‫ُ‬
‫ـﺴﲑ ﻟ ــﺸﺆون‬
‫ـﺮة وﻗ ــﻴﲈ ووﺟ ــﺪاﻧﺎ وﺳ ــﻠﻮﻛﺎ ﻫ ــﻮ اﳌ ـ ﱢ‬
‫ـﻼم ﻓﻜ ـ ً‬
‫ﺣﻴــﻨﲈ ﻳﻜ ــﻮن اﻹﺳ ـ ُ‬
‫اﻟﺒﻴـ ــﺖ‪ ،‬وﺣﻴـ ــﻨﲈ ﺗﻜـ ــﻮن اﻟﻮاﺟﺒـ ــﺎت واﳌـ ــﺴﺆوﻟﻴﺎت واﺿـ ــﺤﺔ‪ ،‬وﻛـ ـ ﱞـﻞ ﻳـ ــﺴﻌﻰ ﰲ‬
‫ﻣــﺴﺆوﻟﻴﺎﺗﻪ ﰲ ﻋﻼﻗــﺔ ﻣﺘﻮازﻧــﺔ‪ ،‬وﺗــﺴﻮد روح اﻟﺘﻌــﺎون‪ ،‬وﻛـ ﱞـﻞ ﻳﺮﻳــﺪ أن ﻳﺘﻘــﺮب‬
‫إﱃ اﷲ ﺑﺨﺪﻣــﺔ اﻵﺧ ــﺮ‪ ،‬ﻓ ــﺈن اﻟﻨﺘﻴﺠ ــﺔ ﻫ ــﻲ اﻟ ــﺴﻌﺎدة واﻟﺒﻬﺠ ــﺔ واﻟ ــﴪور‪ ،‬وﻟ ــﻦ‬
‫ـﻒ‬
‫ﻳﻜــﻮن أﺑــﺪا ﺑــﲔ ﻣﻔــﺮدات ﺗﻠــﻚ اﻟﻌﺎﺋﻠــﺔ وذﻟــﻚ اﻟﺒﻴــﺖ ﻛﻠﻤــﺔ ﻧــﺎﻓﺮة‪ ،‬وﻻ ﻣﻮﻗـ ٌ‬
‫ـﺎدة‪ ،‬وﻟ ــﻦ ﻳ ــﺼﻞ اﻷﻣ ــﺮ ﲠ ــﻢ اﻟﺒﺘ ــﺔ إﱃ أﺑﻐ ــﺾ اﳊ ــﻼل إﱃ اﷲ‪،‬‬ ‫ـﺎذ‪ ،‬وﻻ ﺣﺎﻟ ـ ٌـﺔ ﻧ ـ ﱠ‬
‫ﺷـ ﱞ‬
‫وﻫﻮ اﻟﻄﻼق‪.‬‬
‫ـﺎد إﻻ إذا ﻫﺮﺑــﺖ ﻣــﻦ واﻗــﻊ‬
‫ﳐﻄﺌــﺔ ﺗﻠــﻚ اﳌــﺮأة اﻟﺘــﻲ ﺗﻈــﻦ أﻧــﻪ ﻻ ﻳــﺴﺘﻘﻴﻢ ﳍــﺎ ﺟﻬـ ٌ‬
‫ـﺼﻠﺖ ﻋ ـ ــﻦ ﴍﻳـ ــﻒ اﳌ ـ ــﺴﺆوﻟﻴﺔ ﰲ ﻫ ـ ــﺬا اﻻﲡ ـ ــﺎه‪ ،‬واﻋﺘ ـ ــﱪت‬
‫ﺣﻴـ ــﺎة اﻟﺰوﺟﻴ ـ ــﺔ‪ ،‬وﺗﻨ ـ ـ ّ‬
‫واﺟﺒﺎﲥﺎ اﻟﺰوﺟﻴﺔ ﻋﺎﺋﻘﺎ ﳍﺎ ﻋﻦ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎﳉﻬﺎد؛ ﻷن ﻧﻤﻮذج ﻓﺎﻃﻤﺔ ‘ اﳉﻬﺎدي‬

‫‪١٢١‬‬
 ‫‪‬‬

‫أﻛﱪ دﻟﻴﻞ ﻋﲆ ﺧﻄﺄ ذﻟﻚ اﳌﺴﻠﻚ‪ ،‬وﺿﺤﺎﻟﺔ ذﻟﻚ اﻟﻔﻬﻢ‪.‬‬ ‫وواﻗﻊ ﺣﻴﺎﲥﺎ اﻟﺰوﺟﻴﺔ ُ‬
‫ﻟﻘــﺪ ﻛﺎﻧــﺖ ﻓﺎﻃﻤــﺔ ﺑﻨــﺖ اﻟﻨﺒــﻲ اﳌﺠﺎﻫــﺪ‪ ،‬وزو َﺟــﺔ اﻟــﻮﴆ اﻟﻘﺎﺋــﺪ اﳌﺠﺎﻫ ـ ِـﺪ‪،‬‬
‫أوﻻد ﺻ ــﺎروا أﺋﻤـ ــﺔ اﳌﺠﺎﻫ ــﺪﻳﻦ وﺳـ ــﺎدة اﻟ ــﺸﻬﺪاء‪ ،‬وﻛﺎﻧـ ــﺖ ﺗﺘﺤ ـ ﱠـﺮك ﻋـ ــﲆ‬ ‫ٍ‬ ‫وأم‬
‫ﱠ‬
‫ذﻟ ـ ــﻚ اﻟﻨﺤ ـ ــﻮ‪ ،‬وﺗﺮﺳ ـ ــﻢ ﺗﻠ ـ ــﻚ اﻟﻌﻼﻗ ـ ــﺔ اﳌﺘﻮازﻧ ـ ــﺔ ﺑ ـ ــﲔ اﳉﻬ ـ ــﺎد واﻟﻌﻤ ـ ــﻞ اﳌﻨ ـ ــﺰﱄ‪،‬‬
‫وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺼﻞ ﺑﺎﷲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﻘـﻴﻢ واﻟـﺴﻠﻮﻛﺎت؛ وﻣﺘـﻰ ﻓ ﱠـﺮق اﳌﺆﻣﻨـﻮن‬
‫ـﲈل اﻟﺒﻴ ــﺖ واﻷﻋ ــﲈل اﳉﻬﺎدﻳ ــﺔ‪ ،‬وﻛﻠﻬ ــﺎ ﳑ ــﺎ ﻳﻘ ـ ﱢـﺮب إﱃ اﷲ‪،‬‬ ‫واﳌﺆﻣﻨ ــﺎت ﺑ ــﲔ أﻋ ـ ِ‬
‫ﻣﻘﺪﺳ ــﺔ‬‫وﻳﺒﺘ َﻐــﻰ ﲠ ــﺎ وﺟ ـ ُـﻪ اﷲ ﻋ ــﺰ وﺟ ــﻞ؛ وﻟــﻴﺲ ﻫﻨ ــﺎك أﴎة ﻣﺆﻣﻨ ــﺔ إﻻ وﻫ ــﻲ ﱢ‬ ‫ُ‬
‫ﻣﴪﻋﺔ إﱃ ﻃﺎﻋﺔ اﷲ‪.‬‬ ‫ﻣﺒﺎرﻛﺔ ﻟﻼﺳﺘﻘﺎﻣﺔ‪ِ ُ ،‬‬ ‫ﻟﻠﻌﻤﻞ‪ِ ،‬‬

‫ﻻ ﻳﻤﻜـ ــﻦ أن ﻳﻜـ ــﻮن ﻋـ ــﲇ ‪ ‬ﺑﺘﻠـ ــﻚ اﳉﻼﻟـ ــﺔ اﻟﺘـ ــﻲ ﻇﻬـ ــﺮ ﻋﻠﻴﻬـ ــﺎ ﳎﺎﻫـ ــﺪا‬
‫ﻋﻈـﻴﲈ‪ ،‬وﻓﺎرﺳـﺎ ﺷــﺠﺎﻋﺎ‪ ،‬واﺛﻘـﺎ ﺑﻘﺪراﺗـﻪ اﻟﻘﺘﺎﻟﻴــﺔ‪ ،‬ووﺟﺪاﻧـﻪ اﳌﻌﻨـﻮي اﻟﺮوﺣــﻲ‬
‫اﻟﻌ ــﺎﱄ واﳌﻨ ــﺪﻓﻊ ﻣـ ــﻊ اﷲ ﺑ ــﻼ ﺣ ــﺪود‪ ،‬إذا ﱂ ﻳﻜـ ــﻦ ﻟ ــﻪ ﻣ ــﻦ اﻟـ ــﺴﻴﺪة ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﺗﻠـ ــﻚ‬
‫اﻟﺮوﺣﻴ ـ ـ ــﺔ اﳌ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـﺴﺎﻧﺪة‪ ،‬واﻹﻋﺎﻧ ـ ـ ــﺔ اﳌـ ـ ــﺴﺘﻤﺮة‪ ،‬واﻟﺘﻬﻴ ِﺌ ـ ـ ــﺔ اﳌﺘﺠ ـ ـ ـ ﱢـﺪدة؛ ﻷن زوﺟ ـ ـ ــﺔ‬
‫اﳌﺨﻠِ ـ ـﺺ ﻻ ﻳﻨﺒﻐ ـ ــﻲ ﳍ ـ ــﺎ أن ﺗﻜ ـ ــﻮن إﻻ ﻣﻨ ـ ـ ِ‬
‫ـﺴﺠﻤﺔ ﻣﻌ ـ ــﻪ‪،‬‬ ‫اﳌﺠﺎﻫ ـ ــﺪ واﳌ ـ ــﻀﺤﻲ ُ ْ‬
‫وﻣﻮاﻛﺒﺔ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻌﺪاد واﻟﺘﻀﺤﻴﺔ واﻟﻔﺪاء واﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻟﺪﻳﻪ‪.‬‬ ‫ِ‬

‫أﻣ ـ ــﺎ ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ﻓﻜ ـ ــﲈ ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ ﻣ ــﻊ أﺑﻴﻬ ـ ــﺎ ﰲ ﺳ ـ ــﻮح اﳉﻬ ـ ــﺎد ﻓﻜ ـ ــﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ ﻣ ـ ــﻊ‬
‫زوﺟﻬـ ــﺎ اﳌﺠﺎﻫـ ــﺪ‪ ،‬وﻻ ﺷـ ــﻚ أن ﺷ ـ ــﺠﺎﻋﺔ زوﺟﻬـ ــﺎ وﺑﻄﻮﻻﺗـ ــﻪ ﰲ ﻣﻌﺮﻛـ ــﺔ ﺑ ـ ــﺪر‬
‫وﻣﻘﻮﻣﺎﺗ ـ ــﻪ اﳉﻬﺎدﻳ ـ ــﺔ‬
‫ﱢ‬ ‫اﻟﺘ ـ ــﻲ ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ أول ﻣﻌﺮﻛ ـ ــﺔ أﻇﻬ ـ ــﺮت ﺑﻄﻮﻻﺗِـ ــﻪ ُاﳌﺪ ِﻫ ـ ــﺸﺔ‪،‬‬
‫اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ‪ ،‬ﻻ ﺷﻚ أن ﺗﻠﻚ اﳌﻌﺮﻛﺔ ﻗﺪ ﺗﺮﻛﺖ أﺛﺮا ﳏﻤﻮدا ﰲ ﻗﻠـﺐ ﻫـﺬه اﻟـﺴﻴﺪة‬
‫ﲡــﺎه ﻋــﲇ اﻟــﺬي أﺻــﺒﺢ ﺑﻌــﺪ ذﻟــﻚ زو ًﺟ ـﺎ ﳍــﺎ‪ ،‬وﻫــﻮ اﻟــﺰوج اﻟــﺬي ﱠ‬
‫ذﻛﺮﻫــﺎ أﺑﻮﻫ ــﺎ‬
‫ـﺄﻫﻢ ﻣﻘﻮﻣﺎﺗــﻪ ﻟﻴﻠــﺔ زﻓﺎﻓﻬــﺎ ﻣــﻦ أﻧــﻪ‪" :‬أﺳــﺒﻘﻬﻢ إﱃ اﻹﺳــﻼم‪ ،‬وأﻛﺜــﺮﻫﻢ ﻣﻌﺮﻓــﺔ‬
‫ﺑـ ﱢ‬
‫‪١٢٢‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﺑﺎﷲ ﺗﻌﺎﱃ‪ ،‬وأﺣﺴﻨﻬﻢ ﺧﻠﻘﺎ أو أﻋﻈﻤﻬﻢ ﺣﻠﲈ"‪ ،‬ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟـﺼﻔﺎت اﻟﻌﻈﻴﻤـﺔ‬
‫أي‬ ‫ـﺼﺪر اﻋﺘ ـ ِ‬
‫ـﺰاز ﱢ‬ ‫ٍ‬
‫ـﺨﺺ واﺣ ــﺪ ﻓﺈﻧ ــﻪ ﺑ ــﻼ ﺷ ــﻚ ﺳ ــﻴﻜﻮن ﻣ ـ َ‬‫ﻋﻨ ــﺪﻣﺎ ﲡﺘﻤ ــﻊ ﰲ ﺷ ـ‬
‫زوﺟﺔ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﲈ ﺑﺎﻟﻜﻢ ﺑﺴﻴﺪة اﻟﻨﺴﺎء؟!‪.‬‬
‫ـﺮاء وﻗـ ــﺪ ﻋـ ــﺎد ﻓﺎر ُﺳـ ــﻬﺎ اﻟـ ــﺸﺠﺎع اﳌﺘﻔـ ــﺎﲏ ﰲ ذات اﷲ‪ ،‬وﻗـ ــﺪ‬ ‫ﻟﻨﺘـ ـ ِ‬
‫ـﺼﻮر اﻟﺰﻫـ ـ َ‬
‫ـﺎر اﻧﺘ ـ ــﺼﺎراﺗﻪ وﺑﻄﻮﻻﺗ ـ ــﻪ إﱃ ﻣ ـ ــﺴﺎﻣﻌﻬﺎ‪ ،‬ﻛﻴ ـ ــﻒ ﺳ ـ ــﺘﺤﻤﺪ اﷲ أن‬ ‫ﺳ ـ ــﺒﻘﺖ أﺧﺒ ـ ـ ُ‬
‫ـﺼﻮرﻫﺎ وﻫ ـ ــﻮ ذاﻫ ـ ــﺐ إﱃ اﳌﻌﺮﻛ ـ ــﺔ وآﺋ ـ ــﺐ‬
‫رزﻗﻬ ـ ــﺎ اﷲ ﻣﺜ ـ ــﻞ ﻫ ـ ــﺬا اﻟـ ــﺰوج‪ ،‬وﻟﻨﺘ ـ ـ ْ‬
‫ﻣﻨﻬـ ــﺎ‪ ،‬وﻫـ ــﻲ ﺗﻌ ـﻠ ــﻢ أﻧـ ــﻪ اﻟﻴـ ــﺪ اﻟﻴﻤﻨـ ــﻰ ﻟﻮاﻟـ ــﺪﻫﺎ اﻟﺮﺳـ ــﻮل اﻟﻘﺎﺋـ ــﺪ ‪ ،‬واﻟﺒﻄـ ــﻞ‬
‫اﻷول ﰲ اﻹﺳ ــﻼم‪ ،‬ﻛ ــﻢ ﻋ ــﺴﺎﻫﺎ ﺳ ــﺘﻨﻄﻠﻖ إﱃ ﲡﻬﻴ ـ ِـﺰ وإﻋ ـ ِ‬
‫ـﺪاد أدواﺗ ــﻪ اﳉﻬﺎدﻳ ــﺔ‬
‫وﻋﺪﺗﻪ وﻋﺘﺎده!!‪.‬‬
‫وﻣ ــﺎ أﲨ ــﻞ ﺗﻘﻴﻴﻤﻬ ــﺎ ﻷداء زوﺟﻬ ــﺎ اﳉﻬـ ــﺎدي ﰲ أﻳ ــﺎم واﻟ ــﺪﻫﺎ‪ ،‬وﻫ ــﻲ ﺗﻌـ ـ ﱢـﺪد‬
‫ـﺘﺤﻖ ﲠ ــﺎ أن ﻳﻜ ــﻮن وﱄ أﻣ ــﺮ اﳌ ــﺴﻠﻤﲔ‪ ،‬ﻣ ــﺎ أﲨ ــﻞ‬ ‫ﻣﺆﻫﻼﺗ ــﻪ اﻟﻌﻈﻴﻤ ــﺔ اﻟﺘ ــﻲ اﺳ ـ ﱠ‬
‫ﱢ‬
‫ِ‬
‫ـﺪور وﻣ ــﺴﺆوﻟﻴﺔ زوﺟﻬ ــﺎ ﰲ اﳉﻬ ــﺎد‪،‬‬ ‫ذﻟ ــﻚ اﻟﺘﻘﻴ ــﻴﻢ وﻫ ــﻮ ﻳﻜﺘﻨ ــﺰ وﻋﻴ ــﺎ ﻋﻤﻴﻘ ــﺎ ﺑ ـ ِ‬
‫ﻗﺎﻟـﺖ ﰲ ﺧﻄﺒﺘﻬـﺎ ﺗﻠـﻚ‪) :‬ﻛﻠـﲈ أوﻗــﺪوا ﻧـﺎرا ﻟﻠﺤـﺮب أﻃﻔﺄﻫـﺎ اﷲ‪ ،‬أو ﻧﺠـﻢ ﻗــﺮن‬
‫اﻟـ ــﺸﻴﻄﺎن‪ ،‬أو ﻓﻐـ ــﺮت ﻓـ ــﺎﻏﺮة ﻣـ ــﻦ اﳌـ ــﴩﻛﲔ ﻗـ ــﺬف أﺧـ ــﺎه ]ﺗﻌﻨـ ــﻲ زوﺟﻬـ ــﺎ[ ﰲ‬
‫ﳍﻮاﲥ ـ ــﺎ‪ ،‬ﻓ ـ ــﲈ ﻳﻨﻜﻔ ـ ــﺊ ﺣﺘ ـ ــﻰ ﻳﻄ ـ ــﺄ ﺟﻨﺎﺣﻬ ـ ــﺎ ﺑﺄﲬ ـ ــﺼﻪ‪ ،‬وﳜﻤ ـ ــﺪ ﳍﻴﺒﻬ ـ ــﺎ ﺑ ـ ــﺴﻴﻔﻪ‪،‬‬
‫ﻣﻜ ـ ــﺪودا ﰲ ذات اﷲ‪ ،‬ﳎﺘﻬ ـ ــﺪا ﰲ أﻣ ـ ــﺮ اﷲ‪ ،‬ﻗﺮﻳﺒ ـ ــﺎ ﻣ ـ ــﻦ رﺳ ـ ــﻮل اﷲ‪ ،‬ﺳ ـ ــﻴﺪا ﰲ‬
‫ـﺸﻤﺮا ﻧﺎ ِﺻ ــﺤﺎ‪ِ ُ ،‬ﳎ ــﺪا ﻛﺎدﺣ ــﺎ‪ ،‬ﻻ ﺗﺄﺧ ـ ُـﺬه ﰲ اﷲ ﻟﻮﻣ ـ ُـﺔ ﻻﺋ ــﻢ‪ ،‬وأﻧ ـﺘﻢ‬
‫أوﻟﻴ ــﺎء اﷲ‪ ،‬ﻣ ـ ﱢ‬
‫ﰲ رﻓﺎﻫﻴـ ـ ـ ٍـﺔ ﻣـ ـ ــﻦ اﻟﻌـ ـ ــﻴﺶ ‪ ..‬ﱠ‬
‫ﺗﺘﻮﻛﻔ ـ ــﻮن اﻷﺧﺒـ ـ ــﺎر‪ ،‬وﺗﻨﻜـ ـ ــﺼﻮن ﻋﻨـ ـ ــﺪ اﻟﻨـ ـ ــﺰال‪،‬‬
‫)‪(١‬‬
‫وﺗﻔﺮون ﻣﻦ اﻟﻘﺘﺎل ‪. (..‬‬

‫)‪ (١‬اﺑﻦ أﰊ اﳊﺪﻳﺪ‪ ،‬ﴍح ﳖﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ‪ ،‬ج‪ ،١٦‬ص‪٢٥٠‬؛ واﻟﴩﰲ‪ ،‬اﻟﻶﱄء اﳌﻀﻴﺌﺔ‪- ،‬خ‪.-‬‬

‫‪١٢٣‬‬
 ‫‪‬‬

‫ـﺎد ِ‬
‫زوﺟﻬــﺎ وﻗﺘﺎ َﻟ ــﻪ ُﺟ ـ ﱠـﻞ اﳉﻬ ــﺎد ُ ْ َ‬
‫وﻣﻌﻈ َﻤ ــﻪ‪ ،‬وﻫ ــﻲ‬ ‫إﳖــﺎ ﲠ ــﺬا اﻟ ــﻨﺺ ﺗﻌﺘَـ ِ ُ‬
‫ـﱪ ﺟﻬ ـ َ‬
‫ـﺎﻷﺛﺮ اﻟﻘﺎﺋ ــﻞ‪) :‬ﻗ ــﺎم اﻹﺳ ــﻼم ﻋ ــﲆ ﺳ ــﻴﻒ ﻋ ــﲇ‪ ،‬وﻣ ــﺎل ﺧﺪﳚ ــﺔ(‪ ،‬وﻋ ــﲇ‬ ‫ـﺬﻛﺮ ﺑ ـ ِ‬ ‫ﺗـ ﱢ‬
‫ﻫﻮ زوﺟﻬﺎ‪ ،‬وﺧﺪﳚﺔ ﻫﻲ أﻣﻬﺎ ﺻﻠﻮات اﷲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﲨﻴﻌﺎ‪.‬‬
‫ـﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬـﺎ اﻟﻄﻠﻘـ َـﺎء وﻗـﺪ ﻛﺜُـﺮ ﻋﺪﻳـ ُـﺪﻫﻢ ﰲ اﳌﺪﻳﻨـﺔ‪ ،‬وﻫـﻢ أوﻟﺌــﻚ‬ ‫ﻟﻘـﺪ رأت ﺳ ُ‬
‫ـﻮم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ﲢﻤﻠـ ــﻮه ﰲ ﻗﻠ ـ ــﻮﲠﻢ‪ ،‬ﻳ ـ ـ َ‬
‫اﻟـ ــﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺰاﻟ ـ ــﻮن ﳛﻤﻠ ـ ــﻮن ﰲ ﺟـ ــﻮاﻧﺤﻬﻢ ﺣﻘ ـ ــﺪا ﻗ ـ ــﺪﻳﲈ‪ ،‬ﱠ‬
‫ﺟﻨﺤــﻮا ﻋــﻦ اﳌﻮاﺟﻬــﺔ اﻟــﴫﳛﺔ ﻟﻺﺳــﻼم إﱃ اﳌﻮاﺟﻬــﺔ اﳋﻔﻴــﺔ ﻣــﻦ اﻟــﺪاﺧﻞ‪ ،‬وﳍــﺬا‬
‫اﻟﻜﺒﲑ ﳋﻼﻓﺎت‬
‫َ‬ ‫اﳌﺮﺟﺢ‬ ‫ِ‬
‫ﳎﺘﻤﻊ اﳌﺪﻳﻨﺔ‪ ،‬ﻗﺪ ﺑﺎت ﻳﺸﻜﱢﻞ ﱢ‬ ‫رأت أن ﻫﺬا اﻟﺘﻴﺎر داﺧﻞ‬
‫اﻟــﺼﺤﺎﺑﺔ‪ ،‬وﳍ ــﺬا ﻗ ـ ﱠـﺪﻣﺖ ﺗﻔ ــﺴﲑا ﺟﻴ ــﺪا ﻹﺑﻌ ــﺎد زوﺟﻬ ــﺎ اﳌﺠﺎﻫ ــﺪ ﻋ ــﲇ ‪ ‬ﻋ ــﻦ‬
‫وﻻﻳ ــﺔ أﻣ ــﺮ اﻷﻣ ــﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟ ــﺖ‪) :‬وﻣ ــﺎ ﻧﻘﻤ ــﻮا ﻣ ــﻦ أﰊ ﺣ ــﺴﻦ؟ ﻧﻘﻤ ــﻮا واﷲ ﻧﻜ ــﲑ ﺳ ــﻴﻔﻪ‪،‬‬
‫)‪(١‬‬
‫وﺗَﻨﱡﻤَﺮه ﰲ ذات اﷲ( ‪.‬‬
‫وﻧﻜﺎل وﻗﻌﻪ‪ ،‬وﺷﺪة وﻃﺄﺗﻪ‪َ ،‬‬
‫ﻟﻘـ ــﺪ ﻋﺎﺷـ ــﺖ اﻟﺰﻫـ ــﺮاء ذﻟـ ــﻚ اﳉﻬـ ــﺎد روﺣـ ــﺎ وﺟ ـ ــﺴﺪا‪ ،‬وﳍـ ــﺬا ﺗـ ــﺪرك ﻗﻴﻤ ـ ــﺔ‬
‫اﻟﺘـ ــﻀﺤﻴﺎت وﺻـ ــﻌﻮﺑﺔ اﳌﻮاﻗـ ــﻒ اﻟـ ــﺴﻠﺒﻴﺔ اﳌﻐـ ـ ِـﺎﻳﺮة ﳍـ ــﺎ‪ ،‬واﳌﺨﺎﻟ ِﻔـ ــﺔ ﳌﻘﺘـ ــﻀﻴﺎﲥﺎ‪،‬‬
‫روى اﻟﺒﺨـ ــﺎري وﻣـ ــﺴﻠﻢ أن رﺳـ ــﻮل اﷲ ‪ ‬ﰲ ﻳـ ــﻮم أﺣـ ــﺪ ُﻛـ ـ ِ َ ْ‬
‫ـﴪت رﺑﺎﻋﻴ ُﺘـ ــﻪ‪،‬‬
‫وﻫ ـ ِـﺸﻤﺖ ﺑﻴـ ــﻀﺘﻪ ﻋ ــﲆ رأﺳـ ــﻪ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧ ــﺖ ﻓﺎﻃﻤـ ــﺔ ﺑﻨ ــﺖ رﺳـ ــﻮل اﷲ ‪ ‬ﺗﻐـ ـ ِـﺴﻞ‬
‫)‪(٢‬‬ ‫ِ ِ‬
‫اﻟﺪم اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ أن ﲡﺪ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻹﻳﻘﺎﻓﻪ ‪.‬‬
‫اﻟﺪم‪ ،‬وﳌﺎ ﱂ ﻳﺴﺘﻤﺴﻚ ُ‬
‫ﱠَ‬
‫وﳌـﺎ وﺻـﻠﺖ ﻓﺎﻃﻤـﺔ إﱃ ُأ ُﺣـﺪ ﻛـﺎن أﺑﻮﻫـﺎ رﺳـﻮل اﷲ ﻗـﺪ ﻧﺎوﳍـﺎ ﺳـﻴﻔﻪ‪ ،‬وﻗـﺎل‬
‫دﻣﻪ ﻳﺎ ﺑﻨﻴﺔ(‪ ،‬وﻧﺎوﳍﺎ ﻋﲇ ‪ ،‬وﻗﺎل‪:‬‬ ‫ﳍﺎ‪) :‬اﻏﺴﲇ ﻋﻦ ﻫﺬا َ‬

‫)‪ (١‬أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس اﳊﺴﻨﻲ‪ ،‬اﳌﺼﺎﺑﻴﺢ‪ ،‬ص‪.٢٦٩‬‬

‫)‪ (٢‬اﻟﺒﺨﺎري‪ ،‬اﻟﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬ج‪ ،٥‬ص‪ ،٢٢٦‬رﻗﻢ ‪ ،١١٣‬ﻛﺘﺎب اﳌﻐﺎزي؛ وﻣﺴﻠﻢ‪ ،‬اﻟﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬ج‪،٣‬‬
‫ص‪ ،١٠١ ،١٤١٦‬ﻛﺘﺎب اﳉﻬﺎد‪.‬‬

‫‪١٢٤‬‬
 ‫‪‬‬

‫ـﺴﺖ ﺑﺮﻋﺪﻳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـﺪ وﻻ ﺑﻠﺌـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـﻴﻢ‬‫ﻓﻠ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـﺴﻴﻒ ﻏـ ـ ـ ـ ـ َـﲑ ذﻣـ ـ ـ ـ ــﻴﻢ‬ ‫ـﺎﻃﻢ ﻫ ـ ـ ـ ــﺎك اﻟـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫أﻓـ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫رب ﺑﺎﻟﻌﺒ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎد رﺣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـﻴﻢ‬ ‫ِ‬ ‫ـﴫ أﲪـ ـ ـ ـ ـ ٍـﺪ‬ ‫ـﺎﻃﻢ ﻗ ـ ـ ـ ــﺪ أﺑﻠﻴـ ـ ـ ـ ـ ُـﺖ ﰲ ﻧ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫وﻣﺮﺿ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎة ﱟ‬ ‫أﻓـ ـ ـ ـ ُ‬
‫)‪(١‬‬ ‫ِ‬
‫ـﺄس ﲪ ـ ـ ـ ـ ِـﻴﻢ‬ ‫ﺳ ـ ـ ــﻘﻰ َآل ﻋﺒﺪاﻟ ـ ـ ـ ــﺪار ﻛ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫أﻣﻴﻄـ ـ ـ ـ ـ ــﻲ دﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َـﺎء اﻟﻘ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـﻮم ﻋﻨ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻪ ﻓﺈﻧ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻪ‬
‫وﳌ ــﺎ اﻧﺘﻘ ــﻞ اﻟﺮﺳ ــﻮل إﱃ اﻟﺮﻓﻴ ــﻖ اﻷﻋ ــﲆ‪ ،‬واﺳ ــﺘﺄﺛﺮ ﺑﻌ ــﺾ اﻟ ــﺼﺤﺎﺑﺔ ﺑﻮﻻﻳ ــﺔ‬
‫أﻣ ـ ــﺮ اﻷﻣ ـ ــﺔ دون أﻫ ـ ــﻞ اﻟﺒﻴ ـ ــﺖ ‪ ،‬أﻃﻠﻘ ـ ــﺖ اﻟﺰﻫ ـ ــﺮاء ﺻ ـ ــﻴﺤﺎت ﺟﻬﺎدﻳ ـ ــﺔ‬
‫ﺳ ــﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﱠ‬
‫ﻋﻠﻤ ــﺖ اﳌ ــﺴﻠﻤﲔ ﻛﻴ ــﻒ ﻳﺜ ــﻮرون ﻋ ــﲆ ﺣﻜ ــﺎم اﻷﻣ ــﺮ اﻟﻮاﻗ ــﻊ‪ ،‬وﻛﻴ ــﻒ‬
‫ﻳﻨﺤ ــﺎزون إﱃ اﳊ ــﻖ‪ ،‬ﺣﺘ ــﻰ أﻣـ ــﺎم ﻛﺒ ــﺎر اﻟﻘ ــﻮم؛ إذ ﻟ ــﻴﺲ ﺑـ ــﲔ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ وﺑ ــﲔ َﻣـ ـْﻦ‬
‫أﻳﺔ ﻫﻮادة‪.‬‬ ‫اﳊﻖ ﻣﻦ اﳋﻠﻖ ُ‬ ‫ﻳﺘﺠﺎوز ﱠ‬
‫ُ‬
‫أﻋﻠﻨ ــﺖ ﻣ ــﻦ ﺧ ــﻼل ﺧﻄﺒﻬ ــﺎ أﻣ ــﺎم اﳌ ــﺴﻠﻤﲔ وأﻣ ــﺎم ﻧ ــﺴﺎء اﳌﻬ ــﺎﺟﺮﻳﻦ ﺛ ــﻮرة‬
‫ﻓﻜﺮﻳـﺔ ﳋﱠـﺼﺖ اﳌـﴩوع اﻹﺳـﻼﻣﻲ اﻟـﺬي ﺟــﺎء ﺑـﻪ أﺑﻮﻫـﺎ‪ ،‬وﻛﺄﳖـﺎ ﺗﺮﻳـﺪ اﻟﺘــﺬﻛﲑ‬
‫ﺑ ــﻪ ﳌﱠ ــﺎ اﲣ ــﺬوا ﻣﻮاﻗ ــﻒ ﻣﻨﺎ ِﻫ ــﻀﺔ ﻟ ــﻪ وﺗﺘﻨ ــﺎﻗﺾ ﻣﻌ ــﻪ ﰲ ﻣﻮﺿ ـ ِ‬
‫ـﻮع وﻻﻳ ــﺔ اﻷﻣ ــﺮ‪،‬‬
‫وﺛـﺎرت ﺛﺎﺋﺮﲥـﺎ ﺿـﺪ اﻧﺤﺮاﻓـﺔ اﻟــﺴﻘﻴﻔﺔ‪ ،‬واﻧﺘﻘـﺪﲥﺎ ﻧﻘـﺪا ﻗﻮﻳـﺎ وﻻذﻋـﺎ وﺻــﺎرﻣﺎ‪،‬‬
‫واﺳﺘﻤﺮت ﰲ ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ اﳌﺘﺸﺪد ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﳉﺪﻳﺪة ﺣﺘﻰ ﺟﺎءﻫﺎ اﳌﻮت‪.‬‬
‫وﻫﻜ ـ ـ ــﺬا ﻓﻠ ـ ـ ــﺘﻜﻦ اﻟﻨ ـ ـ ــﺴﺎء اﳌﺠﺎﻫ ـ ـ ــﺪات ﻣﻮاﻗ ـ ـ ــﻒ وﺳ ـ ـ ــﻠﻮﻛﺎ ووﺟ ـ ـ ــﺪاﻧﺎ ﰲ‬
‫ﳜﻔﻦ ﰲ اﷲ ﻟﻮﻣﺔ ﻻﺋﻢ‪.‬‬ ‫ﻣﻮاﻗﻒ اﳊﻖ‪ ،‬ﻻ َ ْ‬

‫)‪ (١‬اﻟﻮاﻗﺪي‪ ،‬اﳌﻐﺎزي‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪.٢٤٩‬‬

‫‪١٢٥‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫ـﺮاء ﱠأم أﺑﻴﻬ ــﺎ‪ ،‬وزوﺟ ـ َـﺔ ﺑﻄ ــﻞ اﻹﺳ ــﻼم اﻷول‪ ،‬ﻓ ــﲈذا ﻋﻨﻬ ــﺎ‬
‫ﺗﻠ ــﻚ ﻛﺎﻧ ــﺖ اﻟﺰﻫ ـ َ‬
‫وﻣﻨﻄ َﻠــﻖ اﻣﺘ ِ‬
‫ـﺪاد رﺳــﻮل‬ ‫َ‬ ‫وﻫـﻲ أم ﻋﻠﻤــﻲ اﳍـﺪى‪ ،‬وﺳــﻴﺪي ﺷـﺒﺎب أﻫــﻞ اﳉﻨـﺔ‪،‬‬
‫اﷲ ووﻟﺪﻳﻪ؟‬

‫إن ﻟﻠﺤــﺴﻦ واﳊــﺴﲔ ﺧــﺼﻮﺻﻴﺔ ﴍﻋﻴــﺔ ﱂ ﺗﻜــﻦ ﻟﻐﲑﳘــﺎ؛ ﺣﻴــﺚ اﻟﻘــﺮآن‬

‫ﻧﺪع َأ ْﻨَﺎء َﻧـﺎ َ َ‬
‫وأ ْﻨَ ُ ْ‬
‫ـﺎءﻛﻢ‬ ‫ﺗﻌﺎﻟﻮا ْ َ ْ ُ‬ ‫ﻨﺎء ﻟﻠﺮﺳﻮل ‪‬ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌـﺎﱃ‪ْ ُ َ ﴿ :‬‬
‫ﻓﻘﻞ َ َ َ ْ‬ ‫ﺳﲈﳘﺎ أﺑ ً‬
‫ﻔﺴﻜﻢ﴾]آل ﻋﻤﺮان‪ِ ُ ،[٦١:‬‬ ‫ﻔﺴﻨَﺎ َ‬ ‫ِ َ ِ‬
‫وﻧﺴﺎءﻛﻢ َ َ‬
‫وﲡﻤﻊ رواﻳﺎت اﻟﺸﻴﻌﺔ‬ ‫ْ‬ ‫وأ ُ َ ُ ْ‬ ‫وأ ُ َ‬ ‫وﻧﺴﺎءﻧﺎ َ َ ُ ْ‬
‫َ َ‬
‫وأﻣﻬـﲈ‪ ،‬ﻟﻴﺒﺎ ِﻫــﻞ‬
‫ﳜ ِـﺮج إﻻ اﳊــﺴﻦ واﳊـﺴﲔ‪ ،‬وأﺑﺎﳘـﺎ‪ ،‬ﱠ‬
‫واﻟـﺴﻨﺔ أن رﺳـﻮل اﷲ ﱂ ُ ْ‬
‫ﲠﻢ ﻧﺼﺎرى ﻧﺠﺮان‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ـﺎن ُ َﳏ ﱠﻤ ـ ٌـﺪ َأ َ ــﺎ َأ َﺣ ــﺪ ﱢﻣ ــﻦ ﱢر َﺟ ـ ُ ْ‬
‫ـﺎﻟﻜﻢ﴾]اﻷﺣ ــﺰاب‪ ،[٤٠:‬ﻓ ــﻼ‬ ‫وأﻣــﺎ ﻗﻮﻟــﻪ ﴿ﻣ ــﺎ َﻛ ـ َ‬
‫ِ‬
‫ـﺎﻟﻜﻢ﴾‪ ،‬وﱂ ﻳﻘــﻞ‪) :‬ﻣ ــﻦ‬
‫ﺗﺘﻌــﺎرض ﻣــﻊ ﻫــﺬه اﻵﻳــﺔ؛ إذ ﻗــﺎل اﷲ ﺗﻌــﺎﱃ ﴿ ﱢﻣ ــﻦ ﱢر َﺟ ـ ُ ْ‬
‫رﺟﺎﻟﻪ( أو )ﻣﻦ أﻫﻞ ﺑﻴﺘﻪ(‪ ،‬ﺛﻢ إن اﻵﻳﺔ ﻧﺰﻟﺖ ﰲ ﻗﺼﺔ زﻳﺪ ﺑﻦ ﺣﺎرﺛﺔ‪ ،‬وﻛﺎن‬
‫اﳊﺴﻨﺎن ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺻﺒﻴﲔ ﺻﻐﲑﻳﻦ‪ ،‬ﻻ ﺗﻄﻠﻖ ﻛﻠﻤﺔ رﺟﻞ ﻋﲆ أي ﻣﻨﻬﲈ‪.‬‬

‫‪١٢٦‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫)‪(١‬‬
‫ووﻟـِ ـ َـﺪ‬
‫ـﺴﻦ ‪ ‬ﺳـ ــﻨﺔ ﺛـ ــﻼث ﻣـ ــﻦ اﳍﺠـ ــﺮة ﰲ ﺷـ ــﻬﺮ رﻣـ ــﻀﺎن ‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫ُوﻟـ ـ َـﺪ اﳊـ ـ ُ‬
‫)‪(٢‬‬
‫اﳊﺴﲔ ‪ ‬ﰲ ﺷﻌﺒﺎن ﺳﻨﺔ ‪٤‬ﻫـ ‪.‬‬
‫ﺗﺰﻋﻢ رواﻳﺎت أن أﻣﲑ اﳌﺆﻣﻨﲔ ‪ ‬ﺑﺴﺒﺐ اﻫﺘﲈﻣﺎﺗﻪ اﳊﺮﺑﻴﺔ أراد أن ﻳﺴﻤﻲ‬
‫ﻛﻠــﻴﻬﲈ )ﺣﺮﺑــﺎ(‪ ،‬وﺗــﻨﺺ ﺑﻌ ـ ُـﻀﻬﺎ أﻧــﻪ ﱂ ﻳــﺸﺄ أن ﻳ ـ ِ‬
‫ـﺴﺒﻖ رﺳـ َ‬
‫ـﻮل اﷲ ﰲ ﺗــﺴﻤﻴﺘﻬﲈ‪ ،‬ﺑ ــﻞ‬
‫)‪(٣‬‬
‫ﻛ ــﺎن ﳞ ــﻢ ﳎ ــﺮد ﻫ ـ ﱟـﻢ ﻏ ــﲑ أن ﺗﻜ ـ ﱡـﺮر ﻫ ــﺬه اﻹرادة ﻋﻨ ــﺪ وﻻدة اﳊ ــﺴﲔ ﺑ ــﺄن ﻳ ــﺴﻤﻴﻪ‬
‫)‪(٤‬‬
‫ـﺴﻴﻐﻪ ِﻓﻄﻨـ ــﺔ ﻋ ــﲇ‪ ،‬وﻻ ﻳﻨـ ــﺴﺠﻢ وﻗـ ــﻮة‬
‫ﺣﺮﺑ ــﺎ أﻳـ ــﻀﺎ ﻛ ــﲈ ﰲ ﺑﻌـ ــﺾ اﻟﺮواﻳـ ــﺎت ﻻ ﺗ ـ ُ‬
‫اﻧﺴﻴﺎﻗﻪ ﻣﻊ اﻹرادة اﳌﺤﻤﺪﻳﺔ واﻻﺻﻄﻔﺎء اﻹﳍﻲ‪.‬‬
‫ـﺬﻛﺮ ﺑــﺄن أﻣــﲑ اﳌــﺆﻣﻨﲔ ‪ ،‬ﻛ ـﺎن ﻗــﺪ ﺳــﻤﻰ‬‫وﻣــﻊ ذﻟــﻚ ﻓﻬﻨــﺎك رواﻳــﺎت ﺗـ ُ‬
‫)‪(٥‬‬
‫اﳊ ــﺴﻦ ﲪ ــﺰة ﺑﺎﺳ ــﻢ ﻋﻤ ــﻪ اﻟ ــﺸﻬﻴﺪ ﲪ ــﺰة‪ ،‬واﻟ ــﺬي ﱂ ﻳﻤ ــﺾ ﻋ ــﲆ اﺳﺘ ــﺸﻬﺎده‬
‫ﺳــﻮى ﺑــﻀﻌﺔ أﺷــﻬﺮ‪ ،‬ﻛــﲈ ﺗــﺬﻛﺮ رواﻳــﺎت أﻧــﻪ أﻳــﻀﺎ ﺳــﻤﻰ اﳊــﺴﲔ ﻋﻨــﺪ وﻻدﺗــﻪ‬
‫)‪(٦‬‬
‫ﺑﺎﺳﻢ ﺟﻌﻔﺮ ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﳌﺮﺷﺪ ﺑﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ص‪٥٠١‬؛ واﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٣٨٤ -٣٨٣‬‬
‫)‪ (٢‬اﳌﺮﺷـ ـ ـ ــﺪ ﺑـ ـ ـ ــﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣـ ـ ـ ــﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴـ ـ ـ ــﺔ‪ ،‬ص‪ ٥٠٣ ،٥٠١‬؛ واﺑـ ـ ـ ــﻦ ﻋﺒـ ـ ـ ــﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳـ ـ ـ ــﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪،١‬‬
‫ص‪.٣٩٣ -٣٩٢‬‬
‫)‪ (٣‬اﻟﺮﺿﺎ‪ ،‬اﻟﺼﺤﻴﻔﺔ‪ ،‬ص‪٤٦٦‬؛ واﳊﻮﺛﻲ‪ ،‬اﳌﺨﺘﺎر‪ ،‬ص‪.٥٥٥‬‬
‫)‪ (٤‬اﳌﺮﺷﺪ ﺑﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ص‪.٥١١‬‬
‫)‪ (٥‬اﳌﺮﺷﺪ ﺑﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ص‪.٥١٠‬‬
‫)‪ (٦‬اﳌﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬

‫‪١٢٧‬‬
 ‫‪‬‬

‫أراد ﺗــﺴﻤﻴﺔ اﳊــﺴﻦ ﺑﺎﺳــﻢ‬ ‫ـﱰﺟﺢ ِﺻـ ْ ُ‬

‫ـﺪق ﺗﻠــﻚ اﻟﺮواﻳــﺔ اﻟﺘــﻲ ُ ْﺗﺜﺒـِـﺖ أﻧــﻪ ‪َ ‬‬ ‫وﻳـ ّ ُ‬
‫ﻋﻤـ ــﻪ ﲪ ـ ــﺰة‪ ،‬ﺣﻴ ـ ــﺚ أراد اﻟﺘ ـ ــﺬﻛﲑ ﺑﻌ ﱢﻤ ـ ــﻪ ﲪ ـ ــﺰة‪ ،‬واﻟﺘﻨﻮﻳ ـ ــﻪ ﺑﺠﻬ ـ ــﺎده واﺳﺘ ـ ــﺸﻬﺎده‪،‬‬
‫وإﺣﻴﺎء ﳉﻤﻴﻞ اﻷﺳـﻮة‪ ،‬ﻣـﻊ ﺗﺮﺟﻴﺤـﻲ أن ذﻟـﻚ‬ ‫ً‬ ‫ﺧﻠًﻘﺎ ﻟﻠﻘﺪوة اﳊﺴﻨﺔ‪،‬‬
‫وﺗﻀﺤﻴﺘﻪ‪ْ َ ،‬‬
‫ـﺮار‪ ،‬وأﺳـ ِ ُ‬
‫ـﺘﺒﻌﺪ ﺟـﺪا أﻧــﻪ ﻛـﺎن ﻗــﺪ‬ ‫ـﺴﺎن وإرادةٍ ﻓﻘـﻂ‪ ،‬وﻟــﻴﺲ اﲣ َ‬
‫ـﺎذ ﻗ ٍ‬ ‫ﻛـﺎن ﳎـﺮد اﺳﺘﺤـ ٍ‬
‫َ‬
‫ـﺴﻤﻴﺘﻬﲈ ﺣﺮﺑ ــﺎ‪ ،‬أو ﲪـ ــﺰة؛ ﻷن اﻹﻣ ــﺎم ﻋﻠﻴـ ــﺎ ‪ ‬ﻛ ــﺎن أوﻋـ ــﻰ‬ ‫ﻗ ـ ﱠـﺮر ـﻗ ــﺮارا ﳖﺎﺋﻴ ــﺎ ﺗـ ـ َ‬
‫وأﺣﻔـ ـ َـﻆ ﳊـ ـﻖ رﺳـ ــﻮل اﷲ ﰲ وﻟﺪﻳـ ــﻪ وﰲ ﺗـ ـ ِ‬
‫ـﺴﻤﻴﺘﻬﲈ‪ ،‬وﻫـ ــﻮ ﻳﻌﻠـ ـ ُـﻢ أﳖـ ــﲈ اﺑﻨـ ــﺎ رﺳـ ــﻮل‬
‫اﷲ ‪ ،‬وﻣــﺎ أﲨ ــﻞ ﺗﻠ ــﻚ اﻟﺮواﻳ ــﺔ اﻟﺘ ــﻲ أﺟــﺎب ﻓﻴﻬ ــﺎ اﻹﻣ ــﺎم ﻋ ــﲇ ‪ ‬ﺣ ــﲔ ﺳ ــﺄﻟﻪ‬
‫ٍ‬
‫ـﻤﻴﺖ اﺑﻨَــﻚ ﻫــﺬا؟(‪ ،‬ﻓﺄﺟــﺎب‪) :‬ﻣــﺎ ﻛﻨـ ُـﺖ ﻷﺳـ َـﺒﻘﻚ‬ ‫رﺳــﻮل اﷲ ‪) :‬ﺑــﺄي ﳾء ﺳـ ﱠ ْ َ‬
‫ﻣﻨﻄﻖ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ واﻻﺣـﱰام ﻣـﻦ ﻋـﲇ ‪ ‬ﻟﺮﺳـﻮل‬ ‫ﺑﺎﺳﻤﻪ ﻳﺎ رﺳﻮل اﷲ(‪ ،‬ﻓﻬﺬا ﻫﻮ ُ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ ‬ﰲ اﳊﻘﻴﻘﺔ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ﻣﻨﻄﻖ أن ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻮﻟﺪﻳﻦ ﳘﺎ وﻟﺪا‬‫اﷲ ‪ ،‬وﻫﻮ ِ ُ‬
‫ورﺑــﲈ ﺑﺎﻟﻔﻌــﻞ ﻛــﺎن ﻋ ــﲇ ‪ ‬ﻗــﺪ ﻫـ ﱠـﻢ ﺑــﺄن ﻳ ــﺴﻤﻲ اﳊـ َ‬
‫ـﺴﻦ ﺑ ـ)ﲪــﺰة(‪ ،‬ورﺑ ــﲈ‬
‫ـﺼﺤﻔﺖ اﻟﺮواﻳ ـ ُـﺔ ﻻﺣ ًﻘ ـﺎ ﻟﺘ ــﺼﲑ )ﺣﺮ ًﺑ ـﺎ(‪ ،‬وﻟﻜ ــﻦ ﻣ ــﺎ ﻳ ـ ﱠ‬
‫ـﱰﺟﺢ ﱄ أﻳ ــﻀﺎ ﻫ ــﻮ أن‬ ‫ﺗـ ﱠ‬
‫ﺗــﺴﻤﻴﺔ اﳊــﺴﻦ واﳊــﺴﲔ ﻛﺎﻧــﺖ ﺗــﺴﻤﻴﺔ ﻧــﺰل ﲠــﺎ ﺟﱪﻳــﻞ ‪ ‬ﻋــﻦ إرادة اﳌــﻮﱃ‬
‫ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﱃ‪.‬‬
‫ﳞﻢ ﺑﺘﺴﻤﻴﺔ اﳊﺴﻦ ﺑـ)ﲪﺰة(‪ ،‬أو رواﻳﺔ أﻧﻪ ﻛﺎن‬
‫ﺻﺤﺖ رواﻳﺔ أﻧﻪ ﻛﺎن ُ ﱡ‬
‫وﺳﻮاء ﱠ‬
‫ٌ‬
‫ﳞ ـ ــﻢ ﺑﺘ ـ ــﺴﻤﻴﺘﻪ ﺑ ـ ـ)ﺣ ـ ــﺮب(‪ ،‬ﻓ ـ ــﺈن ﻛﻠ ــﻴﻬﲈ ﻳ ـ ــﺸﲑ ﻋ ـ ــﲆ أﻳ ـ ــﺔ ﺣ ـ ــﺎل إﱃ إﺧ ـ ــﻼص أﻣ ـ ــﲑ‬
‫اﳌــﺆﻣﻨﲔ‪ ‬ﻟﺒﻄﻮﻟﺘــﻪ وﺷــﺠﺎﻋﺘﻪ وﺟﻬــﺎده اﻟﻌﻈــﻴﻢ؛ ﻓﻬــﻮ اﻟﻘﺎﺋــﺪ اﻟﻌــﺴﻜﺮي اﻷول‬
‫ﻫﻢ أن ﻳﺴﻤﻲ اﺑﻨﻪ ٍ‬
‫ﺑﺎﺳﻢ ﻳﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎت‬ ‫ﰲ اﻹﺳﻼم ﺑﻌﺪ رﺳﻮل اﷲ؛ وﳍﺬا ّ‬
‫ﺗﻠــﻚ اﳊ ــﺎل‪ ،‬أو ﻷﻧــﻪ ﻛ ــﺎن ﳞــﺘﻢ ﺑﺎﻟ ــﺸﻬﺪاء اﻟــﺬﻳﻦ ﻋﻠ ــﺖ أرواﺣﻬــﻢ ﰲ ﻃﺮﻳ ــﻖ اﳊﺮﻳ ــﺔ‬
‫‪١٢٨‬‬
 ‫‪‬‬

‫وأﻋﻈﻤﻬﻢ ﻋﻤﻪ ﲪﺰة؛ ﻟﺬا أراد أن ﻳﺴﻤﻴﻪ )ﲪﺰة(‪.‬‬

‫وﻫﻨ ــﺎك رواﻳ ــﺎت ﻛﺜ ــﲑة ﺗﺒ ــﲔ أن رﺳ ــﻮل اﷲ ‪ ‬اﻧﺘﻈ ــﺮ أﻣ ــﺮ اﷲ ﰲ ﺗ ــﺴﻤﻴﺔ‬
‫اﳊــﺴﻦ‪ ،‬ﻓ ـ)أﺗــﺎه ﺟﱪﻳــﻞ‪ ،‬ﻓﻘــﺎل‪ :‬ﻳــﺎ ﳏﻤــﺪ‪ ،‬اﳉﺒــﺎر ﻳﻘﺮﺋــﻚ اﻟــﺴﻼم‪ ،‬وﻳﻘــﻮل ﻟــﻚ‪:‬‬
‫ﺳ ـ ﱢـﻤﻪ ﺑﺎﺳ ــﻢ اﺑ ــﻦ ﻫ ــﺎرون‪ ،‬ﻓﻘ ــﺎل ‪ :‬وﻣ ــﺎ اﺳ ـ ُـﻢ وﻟ ـ ِـﺪ ﻫ ــﺎرون؟‪ ،‬ﻓﻘ ــﺎل‪َ :‬ﺷ ـ ﱠـﱪ‪،‬‬
‫ﺳﻤﻪ اﳊﺴﻦ‪ ،‬وﳌﺎ ُوﻟ ِـﺪ اﳊـﺴﲔ ﺗﻜ ّـﺮر اﻷﻣـﺮ‪ ،‬إﱃ‬ ‫ﻗﺎل ‪ :‬ﻟﺴﺎﲏ ﻋﺮﰊ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﱢ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﺳﻤﻪ َﺷﺒﲑ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ :‬ﻟﺴﺎﲏ ﻋﺮﰊ‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬ﺳﻤﻪ اﳊﺴﲔ( ‪.‬‬ ‫أن ﻗﺎل ﻟﻪ‪ :‬ﱢ‬
‫إن ﻫ ــﺬه اﻟﺮواﻳ ــﺔ ﺗﻌ ﱢﻤ ــﻖ ﻋﻼﻗ ــﺔ ﻋ ــﲇ ‪ ‬اﳍﺎروﻧﻴ ــﺔ ﻣ ــﻦ ﻣﻮﺳ ــﻮﻳﺔ اﻟﻨﺒـ ــﻲ‬
‫ﳏﻤ ــﺪ ‪ ‬ﰲ ذرﻳﺘـ ــﻪ اﻟﻄ ــﺎﻫﺮة‪ ،‬إﳖـ ــﺎ ﺗﺆ ﱢﻛ ــﺪ ﻣﻨﺰﻟﺘـ ــﻪ ﻣ ــﻦ رﺳـ ــﻮل اﷲ اﻟﺘ ــﻲ ﻫـ ــﻲ‬
‫ﻣﻨﺰﻟ ـ ــﺔ ﻫ ـ ــﺎرون ﻣ ـ ــﻦ ﻣﻮﺳ ـ ــﻰ إﻻ ﰲ اﻟﻨﺒ ـ ــﻮة‪ ،‬واﻟﺘ ـ ــﻲ وردت ﰲ ﺣ ـ ــﺪﻳﺚ اﳌﻨﺰﻟ ـ ــﺔ‬
‫ﲨﻴﻌﺎ‪) ،‬أﻧﺖ ﻣﻨﻲ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻫﺎرون ﻣﻦ ﻣﻮﺳﻰ إﻻ أﻧﻪ ﻻ ﺑﻨﻲ‬ ‫اﳌﺘﻮاﺗﺮ ﺑﲔ اﻷﻣﺔ ً‬
‫ﺑﻌ ـ ــﺪي(‪ ،‬ﻓﻜـ ـ ــﺄن ﻫﺎروﻧﻴ ـ ــﺔ ﻋـ ـ ــﲇ ‪ ‬ﰲ ﻋﻼﻗﺘ ـ ــﻪ ﺑﺮﺳـ ـ ــﻮل اﷲ ‪ ‬ﱢ‬
‫ﻣﺘﻌﻤﻘـ ـ ــﺔ‬
‫وﳑﺘ ﱠـﺪة ﻣـﻦ ﺧـﻼل ذرﻳﺘـﻪ اﻟـﺬﻳﻦ ﻫــﻢ ذرﻳـﺔ رﺳـﻮل اﷲ ‪ ،‬ﺗﺜﺒﻴﺘـﺎ ﻟﻠﺤﺠـﺔ ﻋــﲆ‬
‫ﻫﺬه اﻷﻣﺔ‪ ،‬وﺗﺄﻛﻴﺪا ﻋﻠﻴﻬﺎ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﻟﺮﺿﺎ‪ ،‬اﻟﺼﺤﻴﻔﺔ‪ ،‬ص‪٤٦٦‬؛ واﳊﻮﺛﻲ‪ ،‬اﳌﺨﺘﺎر‪ ،‬ص‪.٥٥٦ -٥٥٥‬‬

‫‪١٢٩‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪  ‬‬

‫ٍ‬
‫ـﴩﻳﻌﺎت ﻣـﺎ ﻳﻨﺒﻐـﻲ‬ ‫ـﺎﺣﺒﻬﲈ ﻣـﻦ ٍ‬
‫آداب وﺗ‬ ‫ﰲ ﺣﺪﻳﺚ وﻻدة اﳊﺴﻨﲔ وﻣـﺎ ﺻ َ‬
‫اﲣـ ــﺎذه ﻧﻤﻮذﺟـ ــﺎ وﻃﺮﻳﻘ ـ ــﺔ وﺳـ ــﻨﺔ إذا أردﻧـ ــﺎ ﺻ ـ ــﻼح اﻷوﻻد‪ ،‬وﺻـ ــﻼح دﻳ ـ ــﻨﻬﻢ‪،‬‬
‫وﻧﻴﻞ ﺑﺮﻛﺔ اﻻﺗﺒﺎع واﻻﻗﺘﺪاء ﺑﺴﻨﺔ رﺳﻮل اﷲ ‪.‬‬

‫ـﺘﲈم رﺳـ ــﻮل اﷲ ‪ ‬ﺑـ ــﻮﻻدة اﳊـ ــﺴﻨﲔ اﻫﺘﲈﻣـ ــﺎ ﺑﺎﻟﻐـ ــﺎ؛‬
‫ﺗﻈ ِﻬـ ــﺮ اﻟﺮواﻳـ ــﺎت اﻫـ ـ َ‬
‫ُ ْ‬
‫ﻓﻔـ ــﻲ اﻟﺮواﻳـ ــﺎت ﻣـ ــﺎ ﻳﻤﻜـ ــﻦ اﻷﺧـ ــﺬ ﺑﺄﻧـ ــﻪ ‪ ‬ﻛ ّﻠـ ــﻒ ﻋـ ــﺪدا ﻣـ ــﻦ اﻟﻨـ ــﺴﻮة وﻫـ ــﻦ‬
‫)‪(١‬‬
‫ـﺒﻠﻦ ﻓﺎﻃﻤـﺔ ﰲ ﻧﻔﺎﺳـﻬﺎ ﺑﺎﳊــﺴﻦ ‪،‬‬
‫ﺳـﻠﻤﻰ ﺑﻨـﺖ ﻋﻤـﻴﺲ ‪ ،‬وﻋﺎﺋـﺸﺔ أن ﻳﻘ َ ْ َ‬
‫ﻳﻠﻔ ْﻔـ ــﻦ اﻟﻮﻟﻴـ ــﺪ ﰲ ﺧﺮﻗـ ــﺔ ﺑﻴـ ــﻀﺎء‪،‬‬
‫وأﻣ ــﺮ أن ﻻ ﻳـ ــﺴﺒﻘﻨﻪ ﺑـ ــﴚء ﺑﻌـ ــﺪ ذﻟـ ــﻚ‪ ،‬وأن ُ‬
‫وأن ﻳﻘ ــﺮأن ﺑﻌ ــﺪ وﺿ ــﻊ اﳊﻤ ــﻞ ﻓﺎﲢ ــﺔ اﻟﻜﺘ ــﺎب‪ ،‬وآﻳ ــﺔ اﻟﻜ ــﺮﳼ‪ ،‬وآﺧ ــﺮ ﺳ ــﻮرة‬
‫)‪(٢‬‬
‫وﻟﻔﻔﻨــﻪ ﰲ ِﺧﺮﻗــﺔ‬
‫ـﴪرن اﳊــﺴﻦ‪ْ َ ،‬‬ ‫اﳊــﴩ‪ ،‬وﻗــﻞ ﻫــﻮ اﷲ أﺣــﺪ‪ ،‬واﳌﻌــﻮذﺗﲔ ‪ ،‬ﻓـ ﱠ ْ‬

‫)‪ (١‬ﻛﺜﲑة ﺗﻠﻚ اﻟﺮواﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻨﺪ إﱃ أﺳﲈء ﺑﻨﺖ ﻋﻤﻴﺲ أﻋﲈﻻ وﻣﻮاﻗﻒ ﳍـﺎ ﻋﻼﻗـﺔ ﺑـﺎﻟﺰﻫﺮاء‪،‬‬
‫ﺳﻮاء ﰲ ﻋﺮﺳﻬﺎ‪ ،‬أو زﻓﺎﻓﻬﺎ‪ ،‬أو وﻻدة اﳊﺴﻦ‪ ،‬أو اﳊﺴﲔ‪ ،‬وﻷن أﺳﲈء ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة‬
‫ﰲ اﳊﺒﺸﺔ ﻣﻊ زوﺟﻬﺎ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻄﻴﺎر ﺑﻦ أﰊ ﻃﺎﻟـﺐ‪ ،‬ﺣﺘـﻰ اﻟـﺴﻨﺔ اﻟـﺴﺎﺑﻌﺔ ﻣـﻦ اﳍﺠـﺮة؛ ﻓﺎﻟـﺬي‬
‫ﻳﱰﺟﺢ ﻫﻮ أﳖﺎ إﻣﺎ أن ﺗﻜﻮن ﻗﺪ ﻋـﺎدت ﻗﺒـﻞ ﻋـﻮد زوﺟﻬـﺎ‪ ،‬وﻋﺎﻳـﺸﺖ ﺗﻠـﻚ اﻷﺣـﺪاث اﳌﺮوﻳـﺔ‬
‫ﻋﻨﻬــﺎ‪ ،‬أو أن ﻣــﻦ ﻋــﺎﻳﺶ ﺗﻠ ــﻚ اﻷﺣــﺪاث ﰲ اﳊﻘﻴﻘــﺔ ﻫــﻲ أﺧﺘﻬ ــﺎ ﺳــﻠﻤﻰ ﺑﻨــﺖ ﻋﻤــﻴﺲ زوﺟ ــﺔ‬
‫ﲪــﺰة ﺑــﻦ ﻋﺒــﺪاﳌﻄﻠﺐ رﴈ اﷲ ﻋﻨــﻪ‪ ،‬وﻟﻜــﻦ ﳌــﺎ ﻃﻐــﺖ ﺷــﻬﺮة أﺳــﲈء ﺑﻨــﺖ ﻋﻤــﻴﺲ ﻋــﲆ أﺧﺘﻬــﺎ‬
‫اﺧﺘﻠﻂ اﻷﻣﺮ ﻋﲆ اﻟﺮواة اﻷواﺋﻞ‪ ،‬ﻓﺠﺎء ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﻓﻜﺘﺒﻮا ﻣﺎ ﺳﻤﻌﻮه‪.‬‬
‫)‪ (٢‬ﺻـ ــﺤﻴﻔﺔ اﻹﻣـ ــﺎم اﻟﺮﺿـ ــﺎ‪ ،‬ص‪٤٦٦‬؛ واﳌﺮﺷـ ــﺪ ﺑـ ــﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣـ ــﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴـ ــﺔ‪ ،‬ص‪٥٠٩‬؛ واﳊـ ــﻮﺛﻲ‪،‬‬
‫اﳌﺨﺘﺎر‪ ،‬ص‪.٥٥٥‬‬

‫‪١٣٠‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﻒ ﰲ ِﺧﺮﻗـ ٍـﺔ ﺑﻴــﻀﺎء‪،‬‬

‫وﺑﺨﻬــﻦ‪ ،‬وأ َﻣـ َـﺮ أن ُﻳ َﻠـ ﱠ‬
‫ﺻــﻔﺮاء‪ ،‬وﳌــﺎ ﺟــﺎء رﺳــﻮل اﷲ ﻟــﲑاه ﱠ َ‬
‫)‪(١‬‬
‫وﺣﻨﻜﻪ‪ ،‬وﻗﺎل‪ :‬اﻟﻠﻬـﻢ أﻋﻴـﺬه ﺑـﻚ وذرﻳﺘـﻪ ﻣـﻦ اﻟـﺸﻴﻄﺎن اﻟـﺮﺟﻴﻢ ‪ ،‬واﳌـﺸﻬﻮر‬
‫ّ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﺟﺪا أﻧﻪ ﱠ‬
‫أذن ﰲ أذﻧﻪ اﻟﻴﻤﻨﻰ‪ ،‬وأﻗﺎم ﰲ أذﻧﻪ اﻟﻴﴪى ‪ ،‬وﻫﻮ أﻣ ٌـﺮ ﻧ ﱠـﺼﺖ ﻋـﲆ‬
‫ٍ‬
‫ﻛﺄدب ﻣﻦ آداب اﻟﻮﻻدة‪.‬‬ ‫ﻛﺘﺐ اﻟﻔﻘﻪ اﻹﺳﻼﻣﻲ‬
‫اﺳﺘﺤﺒﺎﺑﻪ ُ‬

‫)‪ (١‬اﳌﺼﺎدر اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪.‬‬

‫)‪ (٢‬اﳌﺼﺎدر اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪.‬‬

‫‪١٣١‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫ﰲ اﻟﻴــﻮم اﻟــﺴﺎﺑﻊ ﺳــﲈه رﺳــﻮل اﷲ اﳊــﺴﻦ‪ ،‬وﻛــﺬﻟﻚ ﻓﻌــﻞ ﰲ اﳊــﺴﲔ أﺧﻴــﻪ‪،‬‬

‫ـﺒﺶ‪ ،‬وﺣ َﻠ ـ َـﻖ‬ ‫وﻋ ــﻖ ﻋ ــﻦ ﻛ ــﻞ ﻣ ــﻨﻬﲈ ﺑﻜﺒ ــﺸﲔ أﻣﻠﺤ ــﲔ‪ ،‬ﻓ ــﺄﻋﻄﻰ اﻟﻘﺎﺑﻠ ــﺔ َﻓ ْﺨ ـ َـﺬ ﻛ ـ ٍ‬
‫ـﺎﳋﻠﻮق‬ ‫ـﺼﺪق ﺑ ـ ـ ــﻮزن اﻟ ـ ـ ــﺸﻌﺮ ِ‬
‫ورﻗ ـ ـ ــﺎ )ﻓ ـ ـ ــﻀﺔ(‪ ،‬وﻃ ـ ـ ــﲆ رأﺳ ـ ـ ــﻪ ﺑ ـ ـ ـ َ‬ ‫رأ َﺳ ـ ـ ــﻪ‪ ،‬وﺗ ـ ـ ـ ﱠ‬
‫)‪(١‬‬
‫)اﻟﻄﻴ ــﺐ(‪ ،‬ﺛ ــﻢ ﻗ ــﺎل‪ :‬ﻳ ــﺎ أﺳ ــﲈء‪ ،‬اﻟ ــﺪم ﻓﻌ ــﻞ اﳉﺎﻫﻠﻴ ــﺔ ‪ .‬وﻓﻌ ــﻞ ﻣ ــﻊ اﳊ ــﺴﲔ ﻛ ــﲈ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﻓﻌﻞ ﻣﻊ أﺧﻴﻪ ‪.‬‬

‫ـﺮاء‬
‫ـﺪﻋﻰ إﻟﻴﻬـ ـ ــﺎ اﻷﻗـ ـ ــﺎرب‪ ،‬واﻟﻔﻘ ـ ـ ـ ُ‬
‫إن وﻟﻴﻤـ ـ ــﺔ اﻟﻌﻘﻴﻘـ ـ ــﺔ اﻟﺘـ ـ ــﻲ ﻳﻨﺒﻐ ـ ــﻲ أن ُﻳـ ـ ـ ْ َ‬
‫ـﺴﺎﻛﲔ ﻣ ـ ــﻦ اﻟ ـ ــﺴﻨﻦ اﻟﺘـ ــﻲ ﺗﻜ ـ ــﺎد أن ﺗﻜ ـ ــﻮن ﻣﻬﺠ ـ ــﻮرة‪ ،‬وﻻ ﺳ ـ ــﻴﲈ ﰲ ﺣ ـ ــﻖ‬
‫ُ‬ ‫واﳌ ـ ـ‬
‫اﳌﻮﻟﻮدة اﻷﻧﺜﻰ؛ وﻫﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻻﻟﺘﻔﺎت إﻟﻴﻪ وإﺣﻴﺎؤه‪.‬‬

‫ـﺮاء ﺑﺎﳊ ــﺴﻦ ﺛ ــﻢ ﺑﺎﳊ ــﺴﲔ إﱃ رﺳ ــﻮل اﷲ وﻃﻠ َﺒ ـ ْـﺖ ﻣﻨ ــﻪ أن‬ ‫ِ‬
‫وﳌــﺎ ﺟ ــﺎءت اﻟﺰﻫ ـ ُ‬
‫وﻧﺤ ْﻠـ ـ ـ ُـﺖ ﺣـ ـ ــﺴﻴﻨﺎ‬ ‫ﻧﺤﻠ ُﺘ ـ ــﻪ اﳌﻬﺎﺑـ ـ ـ َـﺔ واﳊﻴـ ـ ـ َ‬
‫ـﺎء‪َ ،‬‬ ‫ُﻳـ ـ ـ ْ ِ َ‬
‫ـﻨﺤﻠﻬﲈ‪ ،‬ﻓﻘـ ـ ــﺎل ﻋـ ـ ــﻦ اﳊـ ـ ــﺴﻦ‪ْ َ َ ) :‬‬
‫اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ واﳉﻮد‪ ،‬وﳘﺎ ﺳﻴﺪا ﺷﺒﺎب أﻫﻞ اﳉﻨﺔ‪ ،‬ﻣﻦ أﺣﺒﻬﲈ ﻓﺒﺤﺒـﻲ أﺣ ﱠـﺒﻬﲈ‪،‬‬
‫)‪(٣‬‬
‫وﻣﻦ أﺑﻐﻀﻬﲈ أو ﺑﻐﻰ ﻋﻠﻴﻬﲈ ﻓﺒﺒﻐﴤ أﺑﻐﻀﻬﲈ( ‪.‬‬

‫)‪ (١‬ﻳﻨﻈـﺮ اﳊــﻮﺛﻲ‪ ،‬اﳌﺨﺘـﺎر‪ ،‬ص‪ ،٥٥٦ -٥٥٥‬ﻧﻘــﻼ ﻋــﻦ ﺻـﺤﻴﻔﺔ اﻹﻣــﺎم اﻟﺮﺿــﺎ‪ ،‬وﻛـﺎن ﻣــﻦ ﻋــﺎدة‬
‫اﳉﺎﻫﻠﻴﲔ أن ﻳﻄﻠﻮا رأس اﳌﻮﻟﻮد ﺑﺎﻟﺪم‪.‬‬
‫)‪ (٢‬اﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٣٨٣ -٣٩٢‬‬
‫)‪ (٣‬اﳌﺮﺷﺪ ﺑﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ص‪.٥٠٩‬‬

‫‪١٣٢‬‬
 ‫‪‬‬

‫إﻧـﻪ ﳌـﻦ اﳌﻬــﻢ ﲥﻴﺌـﺔ اﻷﺟــﻮاء اﻟـﺼﺤﻴﺔ واﻟﺒﻴﺌــﺔ اﻹﻳﲈﻧﻴـﺔ ﻟــﻸوﻻد ﻟﻴﱰﺑـﻮا ﰲ ﻇــﻼل‬
‫ﺣﻴ ـ ــﺎةٍ روﺣﻴ ـ ـ ٍـﺔ ﻣ ـ ـ ِ‬
‫ـﺴﺎﻋﺪة ﻋ ـ ــﲆ اﻟﻘـ ــﺮب ﻣ ـ ــﻦ اﷲ وﻃﺎﻋﺘ ـ ــﻪ‪ ،‬واﻟﺒﻌ ـ ــﺪ ﻋ ـ ــﻦ اﻟ ـ ــﺸﻴﻄﺎن‬
‫ـﺼﻴﺐ؛ وﳍ ــﺬا ﻛ ــﺎن ‪ ‬ﻳﻌ ـ ﱢـﻮذ‬
‫ـﻆ وﻻ ﻧ ـ ٍ‬
‫أي ﺣ ـ ﱟ‬ ‫ـﻮن ﻟ ــﻪ ﻓ ـ ِ‬
‫ـﻴﻬﻢ ﱡ‬ ‫واﺗﺒﺎﻋ ــﻪ‪ ،‬وﺣﺘ ــﻰ ﻻ ﻳﻜ ـ َ‬
‫ﱢ‬
‫اﳊــﺴﻦ واﳊــﺴﲔ ‪ ،‬وﻳﻘــﻮل‪) :‬أﻋﻴــﺬﻛﲈ ﺑﻜﻠــﲈت اﷲ اﻟﺘﺎﻣــﺔ ﻣــﻦ ﻛــﻞ ﺷــﻴﻄﺎن‬
‫َ‬
‫إﺳﲈﻋﻴﻞ‬ ‫إﺑﺮاﻫﻴﻢ ‪ ‬ﻛﺎن ﱢ ُ‬
‫ﻳﻌﻮذ ﲠﲈ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وﻳﻘﻮل‪) :‬إن‬ ‫ﻻﻣﺔ(‪،‬‬
‫وﻫﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﲔ ﱠ‬
‫)‪(١‬‬
‫وإﺳﺤﺎق ‪ ، (‬ﻓﻬﻞ ﱢ‬
‫ﺗﻌﻮذون أوﻻدﻛﻢ أﳞﺎ اﳌﺤﺒﻮن واﳌﺤﺒﺎت ﻟﻔﺎﻃﻤﺔ؟‬ ‫َ‬

‫)‪ (١‬اﳊــﻮﺛﻲ‪ ،‬اﳌﺨﺘــﺎر‪ ،‬ص‪ ،٦٧٦‬ﻧﻘــﻼ ﻋــﻦ ﺗﻔــﺴﲑ اﻟﱪﻫــﺎن‪ ،‬ﻟﻺﻣــﺎم اﻟﻨــﺎﴏ أﰊ اﻟﻔــﺘﺢ اﻟــﺪﻳﻠﻤﻲ؛‬
‫وأﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ‪ ،‬ﺗﻴﺴﲑ اﳌﻄﺎﻟﺐ‪ ،‬ص‪١٤٨‬؛ واﳌﺮﺷﺪ ﺑﺎﷲ‪ ،‬اﻷﻣﺎﱄ اﻹﺛﻨﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ص‪.٥١١‬‬

‫‪١٣٣‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫ﰲ ِ َ‬
‫ﺻﻐﺮ ﻫﺆﻻء اﻷوﻻد ﻳﺸﲑ اﻟﺘﺎرﻳﺦ إﱃ أن ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﲥﺘﻢ ﲠـﻢ‪ ،‬ﻓﻔـﻲ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﺗﻨﻘﺰ اﳊﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﲇ ‪ ،‬وﺗﻘﻮل‪:‬‬
‫ﻣﺴﻨﺪ أﲪﺪ أﳖﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﱢ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﻟـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺴﺖ ﺷـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺒﻴﻬﺎ ﺑﻌ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﲇ‬ ‫ﺑ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺄﰊ ﺷ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺒﻪ اﻟﻨﺒ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻲ‬

‫ـﺰﻓﻦ ﻟﻠﺤــﺴﻦ‪ ،‬أي ﺗﺮ ﱢﻗـﺼﻪ‪ ،‬وأﺻـﻞ اﻟـﺰﻓﻦ اﻟﻠﻌــﺐ‬

‫وﰲ رواﻳـﺔ‪ :‬أﳖـﺎ ﻛﺎﻧـﺖ ﺗ ﱢ‬
‫)‪(٣‬‬
‫واﻟﺪﻓﻊ ‪.‬‬
‫وﻟﻌﻞ ﻫﺬا اﻷﺳﻠﻮب اﺷﺘﻬﺮ وذاع ﺑﲔ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ إﱃ درﺟﺔ أن أﺑﺎﺑﻜﺮ ﺑﻌﺪ وﻓﺎة‬
‫ﺑﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﲇ ‪ ،‬وﻋﻤﺮه‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫رﺳﻮل اﷲ ‪ ‬ﺑﻠﻴﺎل‪ ،‬وﻋﲇ ﻳﻤﴚ إﱃ ﺟﻨﺒﻪ ﱠ‬
‫ﻣﺮ‬
‫ٍ‬
‫ﻏﻠﲈن ﻓﺎﺣﺘﻤﻠﻪ ﻋﲆ رﻗﺒﺘﻪ‪ ،‬وﻫﻮ ﻳﻘﻮل‪:‬‬ ‫ﻳﻠﻌﺐ ﻣﻊ‬
‫ﰲ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ‪ ،‬وﻫﻮ ُ‬
‫)‪(٤‬‬
‫ﻟ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻴﺲ ﺷ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺒﻴﻬﺎ ﺑﻌ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﲇ‬ ‫واﺑ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺄﰊ ﺷ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺒﻪ اﻟﻨ ـﺒ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻲ‬
‫ِ‬
‫ـﺮﻗﻴﺺ‬ ‫ـﺴﺘﺒﻌﺪ ذﻟ ــﻚ ﻣــﻦ أﰊ ﺑﻜ ــﺮ‪ ،‬ﻓﻬــﻮ ﻣ ــﻦ ﺟﻬـ ٍـﺔ ﻳ ــﺸﲑ إﱃ اﺷـ ِ‬
‫ـﺘﻬﺎر ﺗ ـ‬ ‫وﻻ ُﻳـ ْ َ ْ َ‬
‫ﻓﺎﻃﻤــﺔ وأﺣــﺪ أﻧــﺸﻄﺔ أﺳــﻠﻮﲠﺎ اﻟﱰﺑــﻮي اﻟﺮاﺋــﺪ ﰲ اﳌﺪﻳﻨــﺔ‪ ،‬وﻛــﺄن اﳌﺪﻳﻨــﺔ ﻛﺎﻧــﺖ‬

‫)‪ (١‬اﻟﻨﻘﺰ‪ :‬ﻫﻮ اﻟﻮﺛﺐ ﺻﻌﻮدا‪ ،‬واﻟﺘﻨﻘﻴﺰ‪ :‬ﻫﻮ اﻟﺘﻮﺛﻴﺐ ﺻﻌﻮدا‪.‬‬

‫)‪ (٢‬اﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ‪ ،‬اﳌﺴﻨﺪ‪ ،‬ج‪ ،٦‬ص‪.٢٨٣‬‬
‫)‪ (٣‬اﺑـ ــﻦ اﻷﺛـ ــﲑ‪ ،‬اﻟﻨﻬﺎﻳـ ــﺔ ﰲ ﻏﺮﻳـ ــﺐ اﳊ ـ ــﺪﻳﺚ واﻷﺛـ ــﺮ‪ ،‬ج‪ ،٢‬ص‪ ،٢٣٣‬وﻗﺮﻳﺘﻨـ ــﺎ اﺳـ ــﻤﻬﺎ )اﳌ ـ ــﺰﻓﻦ(‬
‫ﻟﻮﺟﻮد ﺳﺎﺣﺔ ﻛﺎن اﻟﻨﺎس ﻳﺆدون ﻓﻴﻬﺎ رﻗﺼﺔ )اﻟﱪع( ﰲ أﻳﺎم اﻟﻌﻴﺪ واﻟﻐﺪﻳﺮ‪.‬‬
‫)‪ (٤‬اﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ‪ ،‬اﳌﺴﻨﺪ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪ ،١٧١‬رﻗﻢ‪.٤٠‬‬

‫‪١٣٤‬‬
 ‫‪‬‬

‫ـﻮال وأﻓﻌ ـ ِ‬
‫ـﺎل ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ وأﺳ ـ ِ‬
‫ـﺎﻟﻴﺒﻬﺎ‪ ،‬وﻣ ــﻦ ﺟﻬ ــﺔ أﺧ ــﺮى‪،‬‬ ‫أذﻧ ــﺎ واﻋﻴ ــﺔ ﻟﺘ ــﺴﺠﻴﻞ أﻗ ـ ِ‬

‫ـﻮﺗﺮ ﺑﻴﻨ ــﻪ وﺑ ــﲔ ﺑﻴ ــﺖ ﻋ ــﲇ ‪ ،‬ﻻ‬

‫ﻓ ــﺈن أﺑ ــﺎ ﺑﻜ ــﺮ ﻛ ــﺎن ﻳﻌﺘ ــﺰم ﺗﻠﻄﻴ ــﻒ اﳉ ـ ﱢـﻮ اﳌﺘ ـ ﱢ‬
‫ﺳ ــﻴﲈ وأﻧ ــﻪ ﻟﻠﺘ ــﻮ ﻣﺘ ــﻮرط ﰲ ﻗ ــﻀﻴﺔ وﻻﻳ ــﺔ اﻹﻣ ــﺎم ﻋ ــﲇ ‪ ،‬ورﺑ ــﲈ أراد أﻳ ــﻀﺎ‬
‫ﻟﺘﺤﺮﻛﻪ اﳌﺆذي ﻟﻔﺎﻃﻤﺔ ﰲ ﻓﺪك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اﻟﺘﻤﻬﻴﺪ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬا ﱡ‬ ‫َ‬
‫وﰲ رواﻳﺔ أﳖﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻗﺺ اﳊﺴﻦ ‪ ،‬وﺗﻘﻮل ﻟﻪ‪:‬‬
‫اﻟﺮﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻦ‬
‫واﺧﻠـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻊ ﻋ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻦ اﳊـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّـﻖ ﱠ‬ ‫أﺷ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺒﻪ أﺑ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎك ﻳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ ﺣـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﺴﻦ‬
‫)‪(١‬‬ ‫وﻻ ﺗُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـﻮال ذا اﻹﺣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻦ‬ ‫واﻋﺒـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺪ إﳍـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًـﺎ ذاﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻨﻦ‬

‫وﻫـﻲ ﻛﻠــﲈت ﺗـﻮﺣﻲ ﺑﺄﳖــﺎ ﺳـﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬــﺎ ﻛﺎﻧـﺖ ﲥــﺪف إﱃ زرع اﻻﻗﺘــﺪاء‬
‫ﰲ ﻗﻠ ــﺐ وﻟ ــﺪﻫﺎ ﺑﺄﺑﻴ ــﻪ اﻟ ــﻮﴆ‪ ،‬وﺗﺒﻨ ــﻲ ﻓﻴ ــﻪ ﻗﻴﻤ ــﺔ اﺗﺒ ــﺎع اﳊ ــﻖ‪ ،‬وﻋﻈﻤ ــﺔ اﳋ ــﺎﻟﻖ‬
‫اﳌﻌﺒﻮد ذا اﳌﻨﻦ‪ ،‬وإﻋﲈل ﻣﺒﺪأ اﻟﱪاءة ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺒﻐﻀﺎء‪.‬‬
‫ﲣﺮج ﻣﻨﻬﺎ اﳊﺴﻨﺎن‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ﻟﻘﺪ أﻧﺸﺄت ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺘﻬﺎ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ أﻋﲆ ﻣﺪرﺳﺔ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﱠ‬
‫ِ‬
‫ـﻄﺤﺎب أوﻻدﻫ ــﺎ إﱃ ﳏــﺮاب ﻋﺒﺎدﲥ ــﺎ‪،‬‬‫وزﻳﻨــﺐ ‪ ، ‬وﻛﺎﻧ ــﺖ ﲢـ ِـﺮص ﻋ ــﲆ اﺻـ‬
‫ـﺴﻦ ‪ ‬أن واﻟﺪﺗــﻪ أﺟﻠ ـ َ ْ‬
‫ـﺴﺘﻪ‬ ‫ـﻮاع اﻟﺘﺒﺘﱡــﻞ واﻟﺘﻬ ﱡﺠــﺪ‪ ،‬ﺣﻴــﺚ ﻳــﺮوي اﳊـ ُ‬ ‫ﱢ‬
‫وﺗﻌﻠﻤﻬــﻢ أﻧـ َ‬
‫إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﺳﺠﺎدﲥﺎ‪ ،‬وﻫﻲ ﺗﺘﴬع إﱃ اﷲ وﺗﺪﻋﻮه‪.‬‬
‫وذﻛــﺮت اﻟﺮواﻳ ــﺎت أن اﻟﺰﻫ ــﺮاء ﻛﺎﻧ ــﺖ ﺗﻌ ﱢﻠ ــﻢ وﻟ ــﺪﳞﺎ ُﺧﻄ ــﺐ رﺳ ــﻮل اﷲ ‪‬‬
‫وﳘﺎ ﳌﺎ ﻳﺒﻠﻐﺎ اﳋﺎﻣﺴﺔ‪ ،‬وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﲈ إﻋﺎدة ﻣﺎ ﺳﻤﻌﺎه ﻣﻦ ﺧﻄـﺎب رﺳـﻮل‬

‫)‪ (١‬اﻟﻌﺎﻣﲇ‪ ،‬أﻋﻴﺎن اﻟﺸﻴﻌﺔ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪. ٥٦٣‬‬

‫‪١٣٥‬‬
 ‫‪‬‬

‫اﷲ ﻋﲆ ﻣﺴﺎﻣﻌﻬﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﻳﻌﻴﺪاﻧﻪ ﺑﺤﻀﻮر أﺑﻴﻬﲈ‪.‬‬

‫وأﺧ ـ ــﺬت زﻳﻨ ـ ــﺐ ‘ إﱃ ﻣ ـ ــﺴﺠﺪ رﺳ ـ ــﻮل اﷲ ﻋﻨ ـ ــﺪﻣﺎ أﻟﻘ ـ ــﺖ ﺧﻄﺒﺘﻬ ـ ــﺎ‬
‫)‪(١‬‬
‫اﻟﻌﺼﲈء ﻫﻨﺎك ‪.‬‬

‫إن اﻫ ـ ــﺘﲈم ﻓﺎﻃﻤـ ـ ــﺔ ﺑﻮﻟـ ـ ــﺪﳞﺎ ﻫ ـ ــﻮ ﺗﺮﲨـ ـ ــﺔ ﻻﻫـ ـ ــﺘﲈم رﺳ ـ ــﻮل اﷲ ﲠـ ـ ــﲈ؛ إذ ﳘـ ـ ــﺎ‬
‫ـﻮﺛﺮه ‪ ،‬اﻟــﺬي ﺳــﻴﻤﺘﺪ إﱃ آﺧــﺮ اﻟــﺪﻧﻴﺎ‪،‬‬ ‫وﺻــﻴﺘﺎه اﻟﻌﻈﻤــﻰ‪ ،‬وﳘــﺎ ﻣﻨﺒــﻊ ﳖـ ِـﺮ ﻛـ ِ‬

‫ﳛ ِﻤ ـ ـ ـ ــﻞ اﳍـ ـ ـ ــﺪى‪ُ ،‬‬

‫وﳚﺎ ِﻫ ـ ـ ـ ــﺪ اﻟﻄﻐ ـ ـ ـ ــﺎة‪ ،‬وﻳﻨ ـ ـ ـ ـ ُـﴫ‬ ‫ـﻦ َ ْ‬
‫ـﺮج ﻣ ـ ـ ـ ــﻦ ذرﻳـ ـ ـ ــﺘﻬﻢ َﻣ ـ ـ ـ ـ ْ‬
‫ﻟﻴﺨ ـ ـ ـ ـ ُ َ‬
‫وروﺣﻴﺘﻪ‪.‬‬
‫ﱠ‬ ‫ﻗﺮآﻧﻴﺘﻪ‪،‬‬
‫َ‬ ‫وﻳﻌﻴﺪ إﱃ اﻹﺳﻼم‬
‫ُ‬ ‫اﳌﺴﺘﻀﻌﻔﲔ‪،‬‬

‫ـﴪع إﱃ ﺧـ ــﻮض‬
‫ﰲ ﺑﻌ ــﺾ أﻳـ ــﺎم ﺻ ــﻔﲔ رأى اﻹﻣـ ــﺎم ﻋ ــﲇ وﻟـ ــﺪه اﳊ ــﺴﻦ ﻳﺘـ ـ ّ‬
‫ﻏـ ــﲈر اﳊ ـ ــﺮب‪ ،‬ﻓﻘ ـ ــﺎل‪) :‬اﻣﻠﻜـ ــﻮا ﻋﻨ ـ ــﻲ ﻫ ـ ــﺬا اﻟﻐ ـ ــﻼم‪ ،‬ﻻ ﳞ ـ ـ ﱡـﺪﲏ‪ ،‬ﻓ ـ ــﺈﻧﻨﻲ أﻧ َﻔ ـ ـ ُـﺲ‬
‫أﺿﻦ َ ُ‬
‫وأﺑﺨﻞ[ ﲠﺬﻳﻦ ]ﻳﻌﻨﻲ اﳊﺴﻦ واﳊﺴﲔ[ ﻋﲆ اﳌﻮت؛ ﻟﺌﻼ ﻳﻨﻘﻄﻊ ﲠﲈ‬ ‫] َ ﱡ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﻧﺴﻞ رﺳﻮل اﷲ ‪. (‬‬

‫وﻛــﺎن اﳌﻮﻟــﻮد اﻟﺜﺎﻟــﺚ زﻳﻨــﺐ اﻟﻌﻘﻴﻠــﺔ ‘ ﺑﻄﻠــﺔ ﻛــﺮﺑﻼء‪ ،‬وﻛــﺎن ﻣﻮﻟــﺪﻫﺎ‬

‫ﰲ اﻟـ ــﺴﻨﺔ اﳋﺎﻣـ ــﺴﺔ ﻣ ــﻦ اﳍﺠـ ــﺮة‪ ،‬وروت ﻋـ ــﻦ أﻣﻬـ ــﺎ‪ ،‬وﺗﺰوﺟـ ــﺖ ﻋﺒـ ــﺪاﷲ ﺑـ ــﻦ‬
‫)‪(٣‬‬
‫ﺟﻌﻔــﺮ ﺑــﻦ أﰊ ﻃﺎﻟــﺐ‪ ،‬وﻋﻘﺒﻬــﺎ ﻣﻨــﻪ ‪ ،‬ﻗــﺎل اﻟــﺴﻴﺪ اﻟﻌﻼﻣــﺔ اﳊﺠــﺔ ﳎــﺪ اﻟــﺪﻳﻦ‬
‫اﳌﺆﻳ ــﺪي‪" :‬وﳍ ــﺎ ﻛ ــﻼم ﻟﻴﺰﻳ ــﺪ‪ ،‬وﻋﺒﻴ ــﺪاﷲ ﺑ ــﻦ زﻳ ــﺎد ‪ ،‬ﻳ ــﺪل ﻋ ــﲆ ﺑﻼﻏ ــﺔ‪ ،‬وﻋﻠ ــﻢ‬

‫)‪ (١‬ﳏﻤﺪ ﺗﻘﻲ اﳌﺪرﳼ‪ ،‬ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻗﺪوة اﻟﺼﺪﻳﻘﲔ‪ ،‬ص‪.٢٦‬‬

‫)‪ (٢‬اﻟﺮﴈ‪ ،‬ﳖﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ‪ ،‬خ‪ ،٢٠٥‬ص‪.٣٩٩‬‬
‫)‪ (٣‬أﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ‪ ،‬اﻹﻓﺎدة‪ ،‬ص‪.٢٤ ،٢٣‬‬

‫‪١٣٦‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(١‬‬
‫وﻋﻘﻞ‪ ،‬ورﺑﺎﻃﺔ ﺟﺄش‪ ،‬وﻗﻮة ﺟﻨﺎن؛ وﻻ ﻏﺮو ﻓﺎﻟﺜﻤﺮة ﻣﻦ اﻟﺸﺠﺮة" ‪.‬‬

‫ﺛـﻢ اﺑﻨﺘﻬـﺎ اﻟﺜﺎﻧﻴـﺔ وﻫـﻲ اﻟـﺴﻴﺪة ُ ّأم ﻛﻠﺜـﻮم ﺳـﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬـﺎ‪ ،‬وﻗـﺪ وﻟـﺪت ﺑﻌــﺪ‬
‫ـﺎر‬
‫ﺗﺰوﺟﻬ ــﺎ ﻋﻤ ــﺮ‪ ،‬وﰲ ﻗ ــﺼﺔ اﻟﻌﻘ ــﺪ أﺧﺒ ـ ٌ‬ ‫أﺧﺘﻬ ــﺎ ﺑﻌ ــﺎم واﺣ ــﺪ وﻗﻴ ــﻞ‪ :‬ﺑﻌ ــﺎﻣﲔ‪ " ،‬ﱠ‬
‫ﻣﺘ ـ ـ ـ ِ‬
‫ـﻀﺎرﺑﺔ؛ أﻣ ـ ـ ــﺎ اﻟﺘـ ـ ــﺰوﻳﺞ ﻓﻘ ـ ـ ــﺪ وﻗ ـ ـ ــﻊ ﺑ ـ ـ ــﻼ رﻳ ـ ـ ـﺐ‪ ،‬وﻗ ـ ـ ــﺪ ﻛ ـ ـ ــﺎن اﻋﺘ ـ ـ ــﺬر أﻣ ـ ـ ــﲑ‬
‫اﳌ ــﺆﻣﻨﲔ‪ ‬ﺑ ــﺼﻐﺮﻫﺎ وﻛ ـ ِ‬
‫ـﱪه‪ ،‬ﺛ ــﻢ رﴈ ﺑﻌ ــﺪ ذﻟ ــﻚ ﻗﻄﻌ ـ ًـﺎ؛ وإن اﻟﻘ ــﻮل ﺑﻌ ــﺪم‬
‫رﺿ ـﺎه ﻓﻴ ــﻪ ﻣ ــﻦ اﻟﻐ ــﻀﺎﺿﺔ واﻧﺘﻬ ــﺎك اﳊﺮﻣ ــﺔ‪ ،‬وﻧﻘ ــﺺ اﻟ ــﺪﻳﻦ واﳌ ــﺮوءة‪ ،‬أﻋﻈ ــﻢ‬
‫)‪(٢‬‬
‫وأﻃـ ّـﻢ ﻣــﻦ ﻋــﺪم اﻟﻜﻔــﺎءة اﳌـ ّـﺪﻋﺎة" ‪ ،‬وﻗــﺪ ﺗﻮﻓﻴــﺖ ﻫــﻲ ووﻟــﺪﻫﺎ زﻳــﺪ ﺑــﻦ ﻋﻤــﺮ‬
‫)‪(٣‬‬
‫ﰲ وﻗﺖ واﺣﺪ ‪.‬‬
‫)‪(٤‬‬
‫ﺻﻐﲑا ‪.‬‬
‫ً‬ ‫اﳌﺤﺴﻦ‪ ،‬ذﻛﺮ اﻹﻣﺎم أﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ أﻧﻪ درج‬
‫وأﻣﺎ اﺑﻨﻬﺎ اﻷﺧﲑ ﻓﻬﻮ ﱢ‬

‫)‪ (١‬اﳌﺆﻳﺪي‪ ،‬ﻟﻮاﻣﻊ اﻷﻧﻮار‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٢٠١‬‬

‫)‪ (٢‬اﳌﺆﻳﺪي‪ ،‬ﻟﻮاﻣﻊ اﻷﻧﻮار‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٢٢٠‬‬
‫)‪ (٣‬اﳌﺆﻳﺪي‪ ،‬ﻟﻮاﻣﻊ اﻷﻧﻮار‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٢٢٠‬‬
‫)‪ (٤‬اﻹﻓﺎدة‪ ،‬ص‪.٢٢‬‬

‫‪١٣٧‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫دور واﺣــﺪ ﻣ ــﻦ أدوار‬ ‫ﻟﻘــﺪ ﺳــﺠﻞ اﻟﻘ ــﺮآن اﻟﻜــﺮﻳﻢ ﺻ ــﻮرة ﻧﺎﺻــﻌﺔ ﻟﻨﻤ ــﻮذج ٍ‬
‫ﻓﺎﻃﻤــﺔ وأﻫ ــﻞ ﺑﻴﺘﻬ ــﺎ اﻻﺟﺘﲈﻋﻴ ــﺔ‪ ،‬وﻫ ــﻮ ﻳ ــﺸﲑ إﱃ ﺟ ـ ٍ‬
‫ـﺰء ﻣ ــﻦ ﻣﻬ ــﺎم ﻫ ــﺬه اﻟﺰوﺟ ــﺔ‬
‫وﺛَﻘـ ـْﺖ ذﻟـ ــﻚ ﺳـ ــﻮرة ﻛﺎﻣﻠـ ــﺔ ﻣـ ــﻦ اﻟﻘـ ــﺮآن اﻟﻜـ ــﺮﻳﻢ‪،‬‬
‫اﻟﻌﻈﻴﻤـ ــﺔ‪ ،‬واﻷم اﻟﻜﺮﻳﻤـ ــﺔ‪ ،‬ﱠ‬
‫وﻫـﻲ ﺳــﻮرة اﻹﻧــﺴﺎن‪ ،‬واﻟﻼﻓــﺖ أن ﲢﻤــﻞ ﻫــﺬه اﻟــﺴﻮرة اﺳـ َـﻢ اﻹﻧــﺴﺎن‪ ،‬اﻟــﺬي‬
‫ﻛـﺎن ﻓــﻀﻼ وﻛﺮﻣــﺎ وإﺣــﺴﺎﻧﺎ ﻣﺘﺸ ﱢﺨـﺼﺎ ﰲ ﻓﺎﻃﻤـﺔ وزوﺟﻬــﺎ وأﺑﻨﺎﺋﻬــﺎ‪ ،‬وﻗــﺪ ﻣــﺮ‬
‫ـﺴﺎن اﻵ َﺧـﺮ‪ ،‬اﻟــﺬي ﻛـﺎن ﻣــﺮة ﻣــﺴﻜﻴﻨﺎ‪ ،‬وﻛـﺎن ﺛﺎﻧﻴــﺔ ﻳﺘــﻴﲈ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ـﺴﺘﻄﻌﲈ اﻹﻧ ُ‬‫ﻋﻠـﻴﻬﻢ ﻣـ‬
‫وﻛ ــﺎن ﺛﺎﻟﺜ ــﺔ أﺳ ــﲑا؛ وﻷن اﳌ ـ ْ ِ‬
‫ـﺴﺘﻄﻌﻢ إﻧ ــﺴﺎن ﻣﻬ ــﲈ ﻛ ــﺎن ﻣﻮﻗﻔ ــﻪ‪ ،‬ﺣﺘ ــﻰ ﻟ ــﻮ ﻛ ــﺎن‬
‫اﳌﻄ ِﻌـ ُـﻢ إﻧـﺴﺎﻧﺎ أﻳــﻀﺎ‪ ،‬وﻫــﺬه اﻟﻘﻴﻤــﺔ اﻹﻧــﺴﺎﻧﻴﺔ‬
‫أﺳـﲑا ﳏﺎرﺑــﺎ‪ ،‬ﻓﻴﺠــﺐ أن ﻳﻜــﻮن ْ‬
‫اﻟﻌﻈﻴﻤـﺔ‪ ،‬ﻫـﻲ اﻟﻘﻴﻤــﺔ اﻟﺘـﻲ ﲢﺘﺎﺟﻬـﺎ اﻷﻣــﺔ اﻟﻴـﻮم ﺑﻌـﺪ أن ﻋﺒـِـﺚ اﻟﻔﻜـﺮ اﻟﻮﻫــﺎﰊ‬
‫ـﺎع ﻫــﺬا اﻟﻔﻜ ــﺮ ﰲ ﻫــﺬا اﻟﺰﻣــﺎن ﺑ ـ ٍ‬
‫ـﺸﻜﻞ‬ ‫اﻟﺪاﻋــﴚ ﺑﻜﺜــﲑ ﻣﻨﻬــﺎ‪ ،‬ﺑ ــﻞ وﻋ َﻜــﺴﻬﺎ أﺗﺒـ ُ‬
‫ـﺸﻮه وﻣﻨ ﱢﻔـ ــﺮ ﻣـ ــﻦ اﻹﺳـ ــﻼم‪ ،‬وﳐـ ــﺎﻟﻒ ﳌـ ــﺎ ﻛـ ــﺎن ﻋﻠﻴـ ــﻪ رﺳـ ــﻮل اﷲ وأﻫـ ــﻞ ﺑﻴﺘـ ــﻪ‬
‫ﻣـ ـ ﱠ‬
‫ﺻﻠﻮات اﷲ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪.‬‬
‫إن ﻫـﺬا اﻟﻌــﺪوان اﻟــﺴﻌﻮدي اﻷﻣﺮﻳﻜــﻲ اﻹﻣــﺎراﰐ ﻋــﲆ اﻟــﻴﻤﻦ ﺑــﺸﻘﻪ اﻟﺘﻨﻔﻴــﺬي‬
‫اﳌﺘﻤ ﱢﺜ ـﻞ ﰲ اﳌ ــﺪﻋﲔ ﻟﻺﺳ ــﻼم ‪ -‬ﻣﻈﻬ ــﺮ ﻣ ــﻦ ﻣﻈ ــﺎﻫﺮ اﻓﺘﻘ ــﺎد ﻫ ــﺆﻻء اﳌﻌﺘ ــﺪﻳﻦ ﻟ ــﴚء‬
‫ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﺮاﺋﻌﺔ‪ ،‬وﻣﺎ ﻳﻌﻤﻠﻮﻧﻪ ﺑﺄﴎى اﳉﻴﺶ واﻟﻠﺠﺎن اﻟـﺸﻌﺒﻴﺔ‬
‫ٌ‬
‫ﻟﺪﻟﻴﻞ ﻗﺎﻃﻊ ﻋﲆ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﻋﻦ ﺗﻌـﺎﻟﻴﻢ اﷲ وﺳـﻨﻦ اﻟـﺼﺎﳊﲔ ﻣـﻦ أﻫـﻞ اﻟﺒﻴـﺖ‪ ،‬وﻋـﲆ‬
‫‪١٣٨‬‬
 ‫‪‬‬

‫رأس اﳉﻤﻴﻊ ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺰﻫﺮاء ﺳﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪.‬‬

‫ﱠﺛﺒﺘـﺖ اﻟﺰﻫـﺮاء ﻋﻨـﺎوﻳﻦ أﺧــﺮى ﰲ أدوارﻫـﺎ اﻻﺟﺘﲈﻋﻴـﺔ‪ ،‬ﻓــﻼ ﺑـﺪ أﳖـﺎ ﻛﺎﻧــﺖ‬
‫ِ‬
‫ﺗﻌ ّﻠـ ــﻢ اﻟﻨ ـ ــﺴﺎء ﻣ ـ ــﺎ ُﻳ ـ ــﺸﻜﻞ ﻋﻠ ـ ـ ّ‬
‫ـﻴﻬﻦ ﻣ ـ ــﻦ اﻷﺣﻜ ـ ــﺎم اﻟ ـ ــﴩﻋﻴﺔ واﳌﻌ ـ ــﺎرف اﻹﳍﻴ ـ ــﺔ‬
‫اﻟـ ــﴬورﻳﺔ‪ ،‬إذ ورد ﰲ ﴍح اﺑـ ــﻦ أﰊ اﳊﺪﻳـ ــﺪ أﻧـ ــﻪ ﻛـ ــﺎن ﻳﻐـ ــﺸﺎﻫﺎ ﻧـ ــﺴﺎء اﳌﺪﻳﻨـ ــﺔ‬
‫وﺟــﲑان ﺑﻴﺘﻬ ــﺎ)‪ ،(١‬وﻳﺒ ــﺪو أن ﺑﻴﺘﻬ ــﺎ ﻛ ــﺎن ﻣﺪرﺳ ــﺔ ﺗﻘﺒِــﻞ ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ اﻟﻨ ــﺴﺎء ﻃﺎﻟﺒ ـ ٍ‬
‫ـﺎت‬
‫ٍ‬
‫رﺣﺐ ﻻ ﻳﻌﺮف اﳌﻼﻟـﺔ‬ ‫ٍ‬
‫ﺑﺼﺪر‬ ‫ﺗﺴﺘﻘﺒﻠﻬﻦ‬
‫ّ‬ ‫ﻟﻠﻌﻠﻢ‪ْ ِ ،‬‬
‫ﻓﻴﺠﺪن ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻌﺎﳌﺔ وﻫﻲ‬
‫)‪(٢‬‬
‫وﻻ اﻟﺴﺄم ‪.‬‬

‫وﱂ ﺗﻘﺘــﴫ ﰲ ﺗﻌﻠﻴﻤﻬ ــﺎ ﻋــﲆ اﻟﻨ ــﺴﺎء‪ ،‬ﺑ ــﻞ ﻛﺎﻧــﺖ ‘ ﺗﻄ ـ ﱢـﺮف اﻟﻘﺎﺻ ــﺪﻳﻦ‬
‫إﻟﻴﻬــﺎ ﺑــﲈ ﻋﻨــﺪﻫﺎ ﻣــﻦ اﻟﻌﻠــﻢ واﳌﻌﺮﻓــﺔ ‪ ،‬ﻓﻌــﻦ اﺑــﻦ ﻣــﺴﻌﻮد‪ ،‬ﻗــﺎل‪ :‬ﺟــﺎء رﺟــﻞ إﱃ‬
‫ﻓﺎﻃﻤـ ــﺔ ﺑﻨ ـ ــﺖ رﺳـ ــﻮل اﷲ ‪ ،‬ﻓﻘ ـ ــﺎل‪ :‬ﻳ ـ ــﺎ اﺑﻨـ ــﺔ رﺳ ـ ــﻮل اﷲ‪ ،‬ﻫـ ــﻞ ﺗ ـ ــﺮك رﺳ ـ ــﻮل‬
‫ﺗﻄﺮﻓﻴﻨﻴ ــﻪ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟ ــﺖ‪" :‬ﻳ ــﺎ ﺟﺎرﻳ ــﺔ‪ ،‬ﻫ ــﺎﰐ ﺗﻠ ــﻚ اﳊﺮﻳ ــﺮة"‪،‬‬ ‫اﷲ ‪ ‬ﻋﻨ ــﺪك ﺷ ـ ً‬
‫ـﻴﺌﺎ ﱢ‬
‫ﻓﻄﻠﺒﺘﻬـ ــﺎ ﻓﻠ ــﻢ ﲡـ ــﺪﻫﺎ‪ ،‬وﺑﻌـ ــﺪ اﻟﺒﺤـ ــﺚ ﻋﻨﻬـ ــﺎ وﺟـ ــﺪﲥﺎ ﻓـ ــﺈذا ﻓﻴﻬـ ــﺎ ‪" :‬ﻗـ ــﺎل ﳏﻤـ ــﺪ‬
‫ـﺎره ﺑﻮاﺋ َﻘ ــﻪ‪ .‬وﻣــﻦ ﻛ ــﺎن ﻳ ــﺆﻣﻦ‬
‫ـﺄﻣﻦ ﺟـ ُ‬ ‫اﻟﻨﺒــﻲ ‪» :‬ﻟ ـ َ‬
‫ـﻴﺲ ﻣــﻦ اﳌ ــﺆﻣﻨﲔ ﻣــﻦ ﱂ ﻳ ـ ْ‬
‫ﺑــﺎﷲ واﻟﻴــﻮم اﻵﺧــﺮ ﻓــﻼ ﻳــﺆذ ﺟــﺎره‪ .‬وﻣــﻦ ﻛــﺎن ﻳــﺆﻣﻦ ﺑــﺎﷲ واﻟﻴــﻮم اﻵﺧــﺮ ﻓﻠﻴﻘــﻞ‬
‫ـﲑ اﳊﻠ ـ ــﻴﻢ اﳌﺘﻌ ّﻔ ـ ــﻒ‪ ،‬وﻳ ـ ــﺒﻐﺾ اﻟﻔ ـ ــﺎﺣﺶ‬
‫ـﺐ اﳋ ـ ـ ّ َ‬
‫إن اﷲ ﳛـ ـ ّ‬‫ـﲑا أو ﻳ ـ ــﺴﻜﺖ‪ّ .‬‬ ‫ﺧــ ً‬
‫اﻟ ـ ــﻀﻨﲔ اﻟ ـ ـ ﱠـﺴﺌﺂل ُاﳌﻠ ِﺤ ـ ــﻒ‪ّ .‬‬
‫إن اﳊﻴ ـ ــﺎء ﻣ ـ ــﻦ اﻹﻳ ـ ــﲈن‪ ،‬واﻹﻳ ـ ــﲈن ﰲ اﳉﻨ ـ ــﺔ‪ ،‬وإن‬

‫)‪ (١‬اﺑﻦ أﰊ اﳊﺪﻳﺪ‪ ،‬ﴍح ﳖﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ‪ ،‬ج‪ ،٩‬ص‪.١٩٣‬‬

‫)‪ (٢‬اﻟﻜﻌﺒﻲ‪ ،‬ﺳﻴﺪة اﻟﻨﺴﺎء ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺰﻫﺮاء‪ ،‬ص‪.٧٦‬‬

‫‪١٣٩‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(١‬‬
‫اﻟﻔﺤﺶ ﻣﻦ اﻟﺒﺬاء‪ ،‬واﻟﺒﺬاء ﰲ اﻟﻨﺎر« ‪.‬‬

‫وﱂ ﺗــﻨﺲ اﻟﺰﻫ ـﺮاء‘ دورﻫــﺎ اﻻﺟﺘﲈﻋــﻲ ﺣﺘــﻰ ﰲ ﻋﺒﺎدﲥــﺎ‪ ،‬ﻓﻘــﺪ ﻛﺎﻧــﺖ‬
‫ﺗ ـ ــﺪﻋﻮ ﻟﻠﻤ ـ ــﺆﻣﻨﲔ واﳌﺆﻣﻨـ ــﺎت‪ ،‬وﻻ ﺗ ـ ــﺪﻋﻮ ﻟﻨﻔ ـ ــﺴﻬﺎ‪ ،‬ﻣﺘﺤﻠﻴ ـ ــﺔ ﺑ ـ ــﺎﳋﻠﻖ اﻟﻨﺒ ـ ــﻮي‬
‫واﻷدب اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺮﻓﻴﻊ‪.‬‬

‫ﻋ ـ ــﻦ اﻹﻣ ـ ــﺎم اﳊ ـ ــﺴﻦ ‪ ‬ﻗ ـ ــﺎل‪" :‬رأﻳ ـ ــﺖ أُﻣ ـ ــﻲ ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ‘ ﻗﺎﻣ ـ ــﺖ ﰲ‬
‫ﳏﺮاﲠ ــﺎ ﻟﻴﻠ ــﺔ ﲨﻌﺘﻬ ــﺎ‪ ،‬ﻓﻠ ــﻢ ﺗ ــﺰل راﻛﻌ ــﺔ ﺳ ــﺎﺟﺪة ﺣﺘ ــﻰ اﺗ ــﻀﺢ ﻋﻤ ــﻮد اﻟ ــﺼﺒﺢ‪،‬‬
‫ـﺪﻋﺎء ﳍـ ــﻢ‪ ،‬وﻻ‬ ‫ِ‬
‫ـﺴﻤﻴﻬﻢ‪ ،‬وﺗﻜﺜ ــﺮ اﻟ ـ َ‬
‫ـﻤﻌﺘﻬﺎ ﺗـ ـﺪﻋﻮ ﻟﻠﻤ ــﺆﻣﻨﲔ واﳌﺆﻣﻨ ــﺎت وﺗ ـ ّ‬ ‫وﺳ ـ ْ ُ‬
‫ﺗ ــﺪﻋﻮ ﻟﻨﻔ ــﺴﻬﺎ ﺑ ــﴚء‪ ،‬ﻓﻘﻠ ــﺖ ﳍ ــﺎ‪ :‬ﻳ ــﺎ أُ ّﻣ ــﺎه ‪ ،‬ﱂ ﻻ ﺗ ــﺪﻋﲔ ﻟﻨﻔ ــﺴﻚ ﻛ ــﲈ ﺗ ــﺪﻋﲔ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﻟﻐﲑك؟ ﻓﻘﺎﻟﺖ ‪ :‬ﻳﺎ ﺑﻨﻲ ‪ ،‬اﳉﺎر ّﺛﻢ اﻟﺪار" ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﻟﻜﻌﺒــﻲ‪ ،‬ﺳــﻴﺪة اﻟﻨــﺴﺎء ﻓﺎﻃﻤــﺔ اﻟﺰﻫــﺮاء‪ ،‬ص‪ ،٧٧‬ﻧﻘــﻼ ﻋــﻦ ﻣــﺼﺎدره‪ ،‬ﻣﻨﻬــﺎ‪ :‬اﳌﻌﺠــﻢ اﻟﻜﺒــﲑ‪،‬‬
‫ودﻻﺋـ ــﻞ اﻹﻣﺎﻣـ ــﺔ‪ ،‬وﻗﻄﻌـ ــﺔ ﻣ ـ ــﻦ ﺣـ ــﺪﻳﺚ اﻟﺮﺳـ ــﻮل ﺻـ ــﲆ اﷲ ﻋﻠﻴـ ــﻪ وآﻟـ ــﻪ وﺳـ ــﻠﻢ ﰲ اﻟﺒﺨـ ــﺎري‪،‬‬
‫اﻟﺴﻨﺔ ﻟﻠﺒﻐﻮي‪.‬‬ ‫وﻣﺴﻠﻢ‪ ،‬وﻣﺼﺎﺑﻴﺢ ُ‬
‫)‪ (٢‬اﻟﻜﻌﺒ ــﻲ‪ ،‬ﺳ ــﻴﺪة اﻟﻨ ــﺴﺎء ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ اﻟﺰﻫ ــﺮاء‪ ،‬ص‪ ،٨٢ -٨١‬ﻧﻘ ــﻼ ﻋ ــﻦ اﻟ ــﺸﻴﺦ اﻟ ــﺼﺪوق‪ ،‬ﻋﻠ ــﻞ‬
‫اﻟﴩاﺋﻊ‪ ،‬ودﻻﺋﻞ اﻹﻣﺎﻣﺔ‪.‬‬

‫‪١٤٠‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪ ‬‬

‫ﻛ ــﺎن ﻟﻠﺰﻫ ــﺮاء ‘ دور راﺋ ــﺪ ﰲ اﻟ ــﺪﻓﺎع ﻋ ــﻦ ﻗ ــﻀﺎﻳﺎ اﻹﺳ ــﻼم اﻟﻜ ــﱪى‪،‬‬
‫ـﺎد ﰲ ﻣﻮاﺟﻬ ــﺔ أول اﻧﺤ ــﺮاف ﰲ اﻹﺳ ــﻼم‪ ،‬وﻫ ــﻮ ﰲ اﳊﻜ ــﻢ‪ ،‬ﺣﻴ ــﺚ‬ ‫وﲢ ـ ﱡ ٌ‬
‫ـﺮك ﺟ ـ ﱞ‬
‫ﴏﺧـﺖ ﺑﻘـﻮة ﻣﻠﻔﺘـﺔ ﰲ وﺟــﻪ اﻟـﺴﻠﻄﺔ اﳉﺪﻳـﺪة‪ ،‬اﻟﺘــﻲ اﻧﺤﺮﻓـﺖ ﺑﻤـﺴﺎر اﳊﻜــﻢ‬
‫ﻋﻤــﻦ اﺧﺘــﺎره اﷲ‪ ،‬وﻋﻤــﻦ أﻋﻠــﻦ وﻻﻳ َﺘــﻪ رﺳـ ُ‬
‫ـﻮل اﷲ ﰲ أﻛﺜـ َـﺮ ﻣــﻦ ﻣﻮﻗــﻒ‪ ،‬وﻻ‬
‫ﺧﻄ َﺒــﺖ ﰲ ﻣــﺴﺠﺪ رﺳــﻮل اﷲ ‪‬‬
‫ﺳــﻴﲈ ﰲ ﺣﺎدﺛــﺔ اﻟﻐــﺪﻳﺮ اﻟــﺸﻬﲑة‪ ،‬وﰲ ﻫــﺬا َ‬
‫ِ‬
‫ـﴩﻳﻌﺎﺗﻪ‪،‬‬ ‫ـﺬﻛﲑ ﺑﻤ ــﴩوع اﻹﺳ ــﻼم‪ ،‬وﺗ ـ‬ ‫ﺧﻄﺒ ــﺔ ﻗﻮﻳ ـﺔ وﺑﻠﻴﻐ ــﺔ‪ ،‬أﻋ ــﺎدت ﻓﻴﻬ ــﺎ اﻟﺘ ـ َ‬
‫وﻃﺒﻴﻌ ــﺔ رﺳ ــﺎﻟﺔ واﻟ ــﺪﻫﺎ‪ ،‬ووﻻﻳ ــﺔ زوﺟﻬ ــﺎ‪ ،‬وﻣ ــﺎ ﻛ ــﺎن ﻋﻠﻴ ــﻪ أﺻ ــﺤﺎب رﺳ ــﻮل‬
‫اﷲ‪ ،‬ﺛـﻢ ﻣـﺎ أﺻـﺒﺤﻮا ﻓﻴـﻪ‪ ،‬وﺗـﻮﺣﻲ ﻓﻘــﺮات اﳋﻄﺒـﺔ وﺷـﺪة ﳍﺠﺘﻬـﺎ أﳖـﺎ اﻋﺘــﱪت‬
‫ذﻟﻚ ﺧﻄﺮا ﻛﺒﲑا ﻳﺘﻬﺪد اﻹﺳﻼم‪.‬‬
‫ﲢﺮﺿ ــﻬﻢ ﻋ ــﲆ اﻟﺜ ــﻮرة ﰲ‬
‫وﱂ ﺗﻜﺘ ــﻒ ﺑ ــﺬﻟﻚ ﺑ ــﻞ دارت ﰲ ﺑﻴ ــﻮت اﻷﻧ ــﺼﺎر ﱢ‬
‫ﻧ ـ ــﴫة اﳊ ـ ــﻖ واﲣـ ـ ــﺎذ اﳌﻮﻗ ـ ــﻒ اﻟ ـ ــﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬وﻛﺎﻧـ ـ ــﺖ ﺗﻌﻴ ـ ــﺐ ﻋﻠ ـ ــﻴﻬﻢ ﺳـ ـ ــﻜﻮﳖﻢ‬
‫ورﺿ ـ ــﻮﺧﻬﻢ ﻟـ ـ ــﺴﻠﻄﺔ اﻷﻣ ـ ــﺮ اﻟﻮاﻗـ ـ ــﻊ‪ ،‬وﻣ ـ ــﺎ ﻓﺘﺌ ـ ــﺖ ﲢـ ـ ـ ﱢـﺬر اﳉﻤﻴ ـ ــﻊ ﻣـ ـ ــﻦ ﻣﻐﺒـ ـ ــﺔ‬
‫اﻟﺴﻜﻮت ﻋﻦ ﻫﺬا اﻻﻧﺤﺮاف‪ ،‬ﻛﲈ ﺳﻴﺘﺒﲔ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﻄﺒﻬﺎ‪.‬‬

‫‪١٤١‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪ ‬‬

‫ﺳ ــﺎرﻋﺖ اﻟ ــﺴﻠﻄﺔ اﳉﺪﻳ ــﺪة إﱃ ﺗﻮﺟﻴ ــﻪ ﴐﺑ ــﺔ ﺳﻴﺎﺳ ــﻴﺔ واﻗﺘ ـﺼﺎدﻳﺔ ﻷﻫ ــﻞ‬
‫اﻟﺒﻴــﺖ ‪ ‬ﳌ ــﺎ أرﺳ ــﻠﺖ ﺟﻨﻮدﻫ ــﺎ ﻟﻼﺳ ــﺘﻴﻼء ﻋ ــﲆ ﻓ ــﺪك‪ ،‬وﻫ ــﻲ اﻟﻘﺮﻳ ــﺔ اﻟﺘ ــﻲ‬
‫ﻛ ــﺎن رﺳ ــﻮل اﷲ ‪ ‬ﻗ ــﺪ أﻧﺤﻠﻬ ــﺎ ﻻﺑﻨﺘ ــﻪ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ‘؛ اﻷﻣ ــﺮ اﻟ ــﺬي اﺳ ــﺘﺪﻋﻰ‬
‫ﻓﺎﻃﻤﺔ أن ﺗﺬﻫﺐ إﱃ ﻫﺬه اﻟـﺴﻠﻄﺔ ﻟﻠﻤﻄﺎﻟﺒـﺔ ﺑـﺈﻃﻼق ﺣﻘﻬـﺎ ﰲ ﻓـﺪك‪ ،‬وﻛـﺎدت‬
‫ـﻒ أﰊ ﺑﻜ ــﺮ اﻟـ ــﺬي ﻛﺘ ــﺐ ﳍ ــﺎ وﺛﻴﻘـ ــﺔ اﺳ ــﱰﺟﺎع ﻟﻨﺤﻠﺘﻬ ــﺎ ﻟـ ــﻮﻻ أن‬ ‫أن ُﺗﻠِ ـ َ‬
‫ـﲔ ﻣﻮﻗ ـ َ‬
‫وﻣﺰق اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ‪.‬‬
‫ﻋﻤﺮ رﻓﺾ ذﻟﻚ ﱠ‬
‫وﺟﻬـ ــﺖ ﺗﻠـ ــﻚ اﻟـ ــﺴﻠﻄﺔ ﴐﺑـ ــﺔ أﺧـ ــﺮى‪،‬‬
‫وﱂ ﺗ َﻜـ ـ ْـﺪ ﲤـ ــﺮ ﺗﻠ ــﻚ اﻟﻘـ ــﻀﻴﺔ ﺣﺘـ ــﻰ ﱠ‬
‫وﻫ ــﻲ اﻻﺳ ــﺘﻴﻼء ﻋ ــﲆ أﻣ ــﻮال اﻟﺮﺳ ــﻮل ‪ ‬ﰲ اﳌﺪﻳﻨ ــﺔ وﺧﻴ ــﱪ؛ وﻛﺎﻧ ــﺖ ﺗﻠ ــﻚ‬
‫اﳋﻄ ــﻮات ذات ﻣ ـ ٍ‬
‫ـﺮام وأﻏ ــﺮاض ﺳﻴﺎﺳ ــﻴﺔ أﻛﺜ ــﺮ ﻣﻨﻬ ــﺎ اﻗﺘ ــﺼﺎدﻳﺔ‪ ،‬ﲣ ــﺪم اﻟﻔﻜ ــﺮة‬
‫اﻟﺮﺋﻴ ــﺴﺔ‪ ،‬وﻫ ــﻲ ﺗﻘﻤ ــﺼﻬﻢ وﻻﻳ ــﺔ اﻷﻣ ــﺮ اﳌﻮﻛﻮﻟ ـﺔ إﱃ ﻋ ــﲇ ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻬ ــﺎ ﻛﺎﻧ ــﺖ‬
‫ﻣﻐﻴﻈ ــﺔ ﻟﻘﻠ ــﺐ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ‪ ،‬وﻣ ــﻸت ﻗﻠﺒﻬ ــﺎ ﻏ ــﻀﺒﺎ؛ اﻷﻣ ــﺮ اﻟ ــﺬي دﻓﻌﻬ ــﺎ ﳌﻘ ــﺎﻃﻌﺘﻬﻢ‬
‫واﻟﺘــﺸﻨﻴﻊ ﻋﻠــﻴﻬﻢ ﰲ ﳎﺎﻟــﺴﻬﺎ وﺧﻄﺒﻬــﺎ‪ ،‬ﻗــﺎل اﻟﺒﺨــﺎري‪" :‬ﻓﻬﺠــﺮت ﻓﺎﻃﻤــﺔ أﺑــﺎ‬
‫ـﲇ ﻟ ــﻴﻼ‪ ،‬وﱂ‬ ‫ﺑﻜ ــﺮ ﻓﻠ ــﻢ ﺗﻜﻠﱢﻤ ــﻪ‪ ،‬ﺣﺘ ــﻰ ﺗﻮﻓﻴ ــﺖ‪ ،‬وﻷﺟ ــﻞ ذﻟ ــﻚ دﻓﻨﻬ ــﺎ ُ‬
‫زوﺟﻬ ــﺎ ﻋ ـ ﱞ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﺑﻜﺮ ﺑﺤﺴﺐ رﻏﺒﺘﻬﺎ" ‪.‬‬ ‫ﻳﺆذن ﲠﺎ أﺑﺎ ٍ‬ ‫ِ ْ‬

‫)‪ (١‬اﻟﺒﺨﺎري‪ ،‬اﻟﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬رﻗﻢ‪٣٩٩٨ ،٣٥٠٨ ،٢٩٩٦ ،١٩٩٨،٢٩٢٦‬؛ واﳊﻮﺛﻲ‪ ،‬اﳌﺨﺘﺎر‪ ،‬ص‪.٢٠٠‬‬

‫‪١٤٢‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(١‬‬
‫وﻳ ــﺮى أﻫ ـ ُـﻞ اﻟﺒﻴ ــﺖ أن أﺑ ــﺎ ﺑﻜ ــﺮ أﺧﻄ ــﺄ ﰲ ذﻟ ــﻚ ‪ ،‬وﻣ ــﺎ أﲨ ــﻞ ﻛ ــﻼم اﻹﻣ ــﺎم‬
‫ﻋ ـ ــﲇ‪ ‬إذ ﻗ ـ ــﺎل‪) :‬ﺑ ـ ــﲆ ﻛﺎﻧ ـ ــﺖ ﰲ أﻳـ ــﺪﻳﻨﺎ ﻓ ـ ــﺪك ﻣ ـ ــﻦ ﻛ ـ ــﻞ ﻣ ـ ــﺎ أﻇﻠﺘ ـ ــﻪ اﻟ ـ ــﺴﲈء‪،‬‬
‫ـﻮم آ َﺧ ـ ــﺮﻳﻦ‪ ،‬وﻧﻌ ـ ــﻢ‬
‫ـﻮس ﻗ ـ ـ ٍ‬ ‫ـﻮم‪ ،‬وﺳ ـ ـ َ‬
‫ـﺨﺖ ﻋﻨﻬ ـ ــﺎ ﻧﻔ ـ ـ ُ‬ ‫ـﻮس ﻗ ـ ـ ٍ‬
‫ـﺸﺤﺖ ﻋﻠﻴﻬ ـ ــﺎ ﻧﻔ ـ ـ ُ‬
‫ﻓــ ّ‬
‫)‪(٢‬‬
‫اﳊﻜﻢ ﷲ( ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﳊﻮﺛﻲ‪ ،‬اﳌﺨﺘﺎر‪ ،‬ص‪ ،٢٥٢‬ﻧﻘﻼ ﻋﻦ اﳉﺎﻣﻊ اﻟﻜﺎﰲ‪.‬‬

‫)‪ (٢‬اﻟﺮﴈ‪ ،‬ﳖﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ‪ ،‬ﺧﻄﺒﺔ رﻗﻢ‪.٢٨٤‬‬

‫‪١٤٣‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫)‪(١‬‬
‫ـﺮاء‬
‫ﺗـﺴﻤﻰ ﻫـﺬه اﳋﻄﺒـﺔ ﺑﺎﳋﻄﺒــﺔ اﻟﻜـﱪى ‪ ،‬وﻫـﻲ اﻟﺘــﻲ ذﻛـﺮت ﻓﻴﻬـﺎ اﻟﺰﻫـ ُ‬
‫َ‬
‫وﻣﻮﻗﻔﻬ ــﺎ ﻣـ ــﻦ اﳋﻼﻓ ــﺔ وﻣـ ــﻦ ﺧ ــﺬﻻن اﳌﻬـ ــﺎﺟﺮﻳﻦ‬ ‫ﺳ ــﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬـ ــﺎ أﻣ ــﺮ ﻓـ ـ ٍ‬
‫ـﺪك‬ ‫َ‬
‫واﻷﻧﺼﺎر ﳍﺎ‪.‬‬
‫ـﺎع‬
‫ﺗﻘ ــﻮل اﻟﺮواﻳ ــﺔ‪ :‬ﳌ ــﺎ ﺑﻠ ــﻎ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ ﺑﻨ ــﺖ رﺳ ــﻮل اﷲ ﺻ ــﲆ اﷲ ﻋﻠﻴ ــﻪ وآﻟ ــﻪ إﲨ ـ ُ‬
‫)‪(٣‬‬ ‫ـﺪﻛﺎ‪ ،‬ﻻﺛ ــﺖ ِﲬﺎرﻫ ــﺎ)‪ ،(٢‬واﺷ ــﺘﻤﻠﺖ ِ‬
‫ﺑﺠﻠﺒﺎﲠ ــﺎ ‪ ،‬وأﻗﺒﻠ ــﺖ ﰲ‬ ‫ﻣﻨﻌﻬ ــﺎ ﻓ ـ ً‬
‫أﰊ ﺑﻜ ــﺮ ْ َ‬
‫)‪(٧‬‬ ‫(‬‫‪٦‬‬ ‫)‬ ‫(‬‫‪٥‬‬ ‫)‬ ‫ٍ )‪(٤‬‬
‫ـﺸﻴﺘﻬﺎ ِﻣـ َ‬
‫ـﺸﻴﺔ‬ ‫ـﺮم ِﻣـ َ ُ‬
‫ﳌَُــﺔ ﻣــﻦ ﺣﻔــﺪﲥﺎ وﻧــﺴﺎء ﻗﻮﻣﻬــﺎ‪ ،‬ﺗﻄــﺄ ذﻳﻮﳍــﺎ ‪ ،‬ﻣــﺎ ﲣـ ُ ُ‬
‫ﻣﺴﺘﺨﻠﺼﺔ ﻣﻦ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺘﻲ رواﻫﺎ اﻹﻣـﺎم اﳌﻨـﺼﻮر ﺑـﺎﷲ اﳊـﺴﻦ ﺑـﻦ‬ ‫َ‬ ‫)‪ (١‬ﻫﺬه اﻟﺮواﻳﺔ ﻋﻦ اﳋﻄﺒﺔ‬
‫ﺑ ـ ــﺪر اﻟ ـ ــﺪﻳﻦ )ت‪٦٧٠‬ﻫـ ـ ـ( ﰲ ﻛﺘﺎﺑ ـ ــﻪ )أﻧ ـ ــﻮار اﻟﻴﻘ ـ ــﲔ( ﻋ ـ ــﻦ ﻃﺮﻳ ـ ــﻖ اﻟ ـ ــﺴﻴﺪ اﻹﻣ ـ ــﺎم ﳛﻴ ـ ــﻰ ﺑ ـ ــﻦ‬
‫اﳊــﺴﲔ ﺑــﻦ زﻳــﺪ ﺑــﻦ ﻋــﲇ‪ ،‬ﻋــﻦ أﺑﻴــﻪ‪ ،‬ﻋــﻦ ﺟــﺪه‪ ،‬ﻋــﻦ ﻋﻤﺘــﻪ زﻳﻨــﺐ ﺑﻨــﺖ ﻋــﲇ ﻋﻠــﻴﻬﻢ اﻟــﺴﻼم‪،‬‬
‫ـﺎت ﳐﺘﻠﻔــﺔ ﻟ ـ)أﻧــﻮار اﻟﻴﻘــﲔ(‪ ،‬ﺛــﻢ ﺗـ ﱠـﻢ ﻣﻘﺎرﻧﺘﻬــﺎ ﺑــﲈ‬ ‫ـﺲ ﳐﻄﻮﻃـ ٍ‬ ‫ﻫــﺬا وﻗــﺪ ﺗــﻢ ﲢﻘﻴــﻖ ﻧـ ﱢـﺼﻬﺎ ﻋــﻦ ﲬـ ِ‬
‫ورد ﻟ ــﺪى اﳌ ــﺼﺎدر اﻷﺧ ــﺮى ﻣﺜ ــﻞ )ﺑﻼﻏ ــﺎت اﻟﻨ ــﺴﺎء( ﻻﺑ ــﻦ ﻃﻴﻔ ــﻮر اﻟﺒﻐ ــﺪادي )ت‪٢٨٠‬ﻫـ ـ(‪،‬‬
‫و)اﻟﺴﻘﻴﻔﺔ وﻓﺪك( ﻟﻠﺠـﻮﻫﺮي )ت‪٣٢٣‬ﻫـ(‪ ،‬و)ﻧﺜـﺮ اﻟـﺪر( ﻟـﻶﰊ )ت‪٤٢١‬ﻫـ(‪ ،‬و)ﴍح ﳖـﺞ‬
‫اﻟﺒﻼﻏﺔ( ﻻﺑﻦ أﰊ اﳊﺪﻳﺪ اﳌﻌﺘﺰﱄ )ت‪٦٥٦‬ﻫـ(‪ ،‬وﺗﻢ إﺿﺎﻓﺔ ﻣﺎ زاد ﰲ ﺗﻠﻚ اﳌﺼﺎدر اﻷﺧﺮى‬
‫ﳑﺎ ﻳﻔﻴﺪ ﻣﻌﺎﲏ ﺟﺪﻳﺪة‪.‬‬
‫)‪ (٢‬أدارت ﲬﺎرﻫﺎ ﻋﲆ رأﺳﻬﺎ‪ ،‬واﳋﲈر‪ :‬ﻣﺎ ﻳﺴﱰ ﺑﻪ اﻹﻧﺴﺎن رأﺳﻪ أو أي ﻋﻀﻮ ﻣﻨﻪ ﰲ أﻋﺎﱄ ﺟﺴﺪه‪.‬‬
‫)‪ (٣‬اﳉﻠﺒــﺎب‪ :‬اﻟﻘﻤ ــﻴﺺ‪ ،‬واﻟﺜ ــﻮب اﳌ ــﺸﺘﻤﻞ ﻋ ــﲆ اﳉ ــﺴﺪ ﻛﻠــﻪ‪ ،‬واﳋ ــﲈر‪ ،‬و ﻣ ــﺎ ﻳﻠ ــﺒﺲ ﻓ ــﻮق اﻟﺜﻴ ــﺎب‬
‫ﻛﺎﳌﻠﺤﻔﺔ و اﳌﻼءة ﺗﺸﺘﻤﻞ ﲠﺎ اﳌﺮأة‪.‬‬
‫)‪َُ (٤‬ﳌﺔ‪ ،‬ﻋﲆ وزن ُﺛﺒَﺔ‪ :‬ﲨﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس‪ ،‬وﻣﻨﻪ اﺷﺘﻘﺎق اﻟﻮﻟﻴﻤﺔ‪.‬‬
‫)‪ (٥‬اﳊﻔﺪة‪ ،‬ﲨﻊ ﺣﺎﻓﺪ‪ :‬اﻟﻌﻮن واﳋﺎدم ووﻟﺪ اﻟﻮﻟﺪ‪ ،‬واﳌﻘﺼﻮد ﻫﻨﺎ‪ :‬أﻋﻮاﳖﺎ وﺧﺪﻣﻬﺎ‪.‬‬
‫)‪ (٦‬ﻛﺎﻧﺖ أﺛﻮاﲠﺎ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺗﺴﱰ ﻗﺪﻣﻴﻬﺎ‪ ،‬وﺗﻀﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﺪﻣﻬﺎ ﻋﻨﺪ اﳌﴚ‪.‬‬
‫ـﻠﻢ‬
‫)‪ (٧‬أي ﻣﺎ ﺗﻨﻘﺺ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎ‪ ،‬ﺣﻴﺚ أﺷﺒﻬﺖ ﻣﺸﻴﺘﻬﺎ ﻣﺸﻴﺔ رﺳﻮل اﷲ ﺻﲆ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ وﺳ =‬
‫‪١٤٤‬‬
 ‫‪‬‬

‫رﺳ ــﻮل اﷲ ﺻ ــﲆ اﷲ ﻋﻠﻴ ــﻪ وآﻟ ــﻪ‪ ،‬ﺣﺘ ــﻰ دﺧﻠ ــﺖ ﻋ ــﲆ أﰊ ﺑﻜ ــﺮ‪ ،‬وﻫ ــﻮ ﰲ ﺣ ــﺸﺪ‬
‫)‪(٣‬‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫)‪(١‬‬
‫ﻣـﻦ اﳌﻬــﺎﺟﺮﻳﻦ واﻷﻧــﺼﺎر‪ ،‬ﻓﻨﻴﻄـﺖ دوﳖــﺎ ُﻣـﻼءة ‪ ،‬ﺛـﻢ أ ﱠﻧـ ْـﺖ أ ﱠﻧـ ًـﺔ أﺟﻬــﺶ‬
‫)‪(٥‬‬ ‫)‪(٤‬‬
‫ﻓﻮرﲥﻢ ‪.‬‬ ‫وﻫﺪأت ُ‬ ‫ْ‬ ‫ﻧﺸﻴﺞ اﻟﻘﻮم‪،‬‬ ‫َﻦ ُ‬ ‫ﳍﺎ اﻟﻘﻮم ﺑﺎﻟﺒﻜﺎء‪ ،‬ﻓﺄﻣﻬﻠﺖ ﺣﺘﻰ ﺳﻜ َ‬
‫ـﻦ ﻫ ـ ــﻮ أوﱃ ﺑﺎﳊﻤـ ـ ـ ِـﺪ‬ ‫ِ‬
‫ـﺪئ ﺑﺤﻤـ ـ ــﺪ َﻣ ـ ـ ْ‬‫ﺛ ـ ــﻢ ﻗﺎﻟ ـ ــﺖ ﺻـ ـ ــﻠﻮات اﷲ ﻋﻠﻴﻬ ـ ــﺎ‪" :‬أﺑﺘ ـ ـ ِ ُ‬
‫ـﺎء ﺑـﲈ ﻗ ﱠـﺪم‪،‬‬
‫ـﺸﻜﺮ ﺑـﲈ أﳍـﻢ‪ ،‬واﻟﺜﻨ ُ‬ ‫واﻟﻄﻮل واﳌﺠﺪ‪ ،‬اﳊﻤﺪ ﷲ ﻋﲆ ﻣﺎ أﻧﻌﻢ‪ ،‬وﻟﻪ اﻟ ُ‬ ‫ﱠ‬
‫)‪(٧‬‬ ‫ِ‬ ‫(‬‫‪٦‬‬ ‫)‬
‫ـﺒﻮغ آﻻء أﺳ ــﺪاﻫﺎ ‪ ،‬وإﺣـ ِ‬ ‫ٍ‬
‫ـﻨﻦ واﻻﻫ ــﺎ ‪،‬‬ ‫ـﺴﺎن ﻣ ـ َ ٍ‬ ‫ـﻮم ﻧﻌ ـ ٍـﻢ اﺑﺘــﺪأﻫﺎ‪ ،‬وﺳ ـ ِ‬
‫ﻣــﻦ ﻋﻤ ـ ِ‬
‫)‪(٨‬‬ ‫ِ‬
‫ـﺪدﻫﺎ‪ ،‬وﻧـ ــﺄى ﻋـ ــﻦ اﳌﺠـ ــﺎزاة أﻣـ ـ ُـﺪﻫﺎ ‪ ،‬وﺗﻔـ ـ َـﺎوت ﻋـ ــﻦ‬ ‫ﺟ ـ ﱠـﻞ ﻋـ ــﻦ اﻹﺣـ ــﺼﺎء ﻋـ ـ ُ‬
‫)‪(١٠‬‬ ‫)‪(٩‬‬
‫ـﺸﻜﺮ ﺑﻔ ـ ــﻀﺎﺋﻠﻬﺎ‪ ،‬واﺳ ـ ــﺘﺤﻤﺪ إﱃ اﳋﻠ ـ ــﻖ‬ ‫اﻹدراك أﺑ ـ ــﺪﻫﺎ ‪ ،‬واﺳ ـ ــﺘﺜﻨﻰ اﻟ ـ ـ َ‬
‫)‪(١٢‬‬ ‫)‪(١١‬‬
‫‪.‬‬ ‫وﺛﻨﻰ ﺑﺎﻟﻨﺪب إﱃ أﻣﺜﺎﳍﺎ‬
‫‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﺑﺈﺟﺰاﳍﺎ‬
‫وأﺷـ ــﻬﺪ أن ﻻ إﻟـ ــﻪ إﻻ ﻫ ـ ــﻮ وﺣـ ــﺪه ﻻ ﴍﻳ ـ ــﻚ ﻟـ ــﻪ‪ ،‬ﻛﻠﻤ ـ ـ ًـﺔ ﺟﻌـ ــﻞ اﻹﺧ ـ ـ َ‬
‫ـﻼص‬
‫ﻋﲆ وﺟﻬﻬﺎ وﲤﺎﻣﻬﺎ‪.‬‬
‫ﻋﻠﻘﺖ‪.‬‬‫)‪ (١‬أي ُ ﱢ َ ْ‬
‫ﻳﻔﺮش ﻋﲆ اﻟﴪﻳﺮ‪.‬‬ ‫)‪ُ (٢‬اﳌﻼءة‪ :‬اﳌﻠﺤﻔﺔ وﻣﺎ ُ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫)‪ (٣‬أﺟﻬﺶ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻠﺒﻜﺎء‪ ،‬إذا ﲥﻴﺄ ﻟﻪ‪ ،‬وﺟﺎﺷﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﺬﻟﻚ‪.‬‬
‫ﺗﺮدد اﻟﺒﻜﺎء ﰲ اﻟﺼﺪر ﻣﻦ ﻏﲑ اﻧﺘﺤﺎب‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬اﻟﻨﺸﻴﺞ‪ :‬ﱡ‬
‫)‪ (٥‬ﻫﻴﺠﺎﳖﻢ‪.‬‬
‫)‪ (٦‬ﺳﺒﻮغ اﻵﻻء‪ :‬اﺗﺴﺎع اﻟﻨﻌﻢ‪ ،‬وأﺳﺪاﻫﺎ‪ :‬أﻋﻄﺎﻫﺎ‪.‬‬
‫)‪ (٧‬واﻻﻫﺎ‪ :‬ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺔ‪.‬‬
‫اﳌﻨﺘﻬﻰ إﻟﻴﻬﺎ‪ .‬أي ﺑﻌﺪ ﻋﻦ اﳌﺠﺎزاة ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ ﻏﺎﻳﺘﻬﺎ‪.‬‬ ‫)‪ (٨‬اﻟﻨﺄي‪ :‬اﻟﺒﻌﺪ‪ .‬واﻷﻣﺪ‪ :‬اﻟﻐﺎﻳﺔ َ‬
‫اﳌﺘﺄﺑﺪ‪.‬‬
‫)‪ (٩‬ﺗﺒﺎﻋﺪ ﻋﻦ اﻹدراك دﻫﺮﻫﺎ ﱢ‬
‫‪ ١٠‬ﻛــﺬا ﰲ اﳌــﺼﺎدر‪ ،‬وﻟﻌﻠﻬ ــﺎ ﺗﻌﻨــﻲ‪ :‬ﻃﻠ ــﺐ اﻟﺜﻨــﺎء أو اﺳــﺘﺤﻘﺎﻗﻪ‪ .‬وﰲ ﻫ ــﺎﻣﺶ )ﺑﻼﻏــﺎت اﻟﻨ ــﺴﺎء(‪:‬‬
‫اﺳﺘﺜﻨﻪ‪ :‬اﺳﺘﺤﻘﻪ‪.‬‬
‫)‪ (١١‬ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ اﳊﻤﺪ ﺑﺴﺒﺐ إﺟﺰال اﻟﻨﻌﻢ وإﻛﲈﳍﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ‪.‬‬
‫)‪ (١٢‬ﻧﺪﲠﻢ إﱃ ﲢﺼﻴﻞ أﻣﺜﺎﳍﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻌﻢ ﻋﲆ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪.‬‬

‫‪١٤٥‬‬
 ‫‪‬‬

‫ـﻮﳍﺎ‪ ،‬وأﺑ ــﺎن ﰲ ِ‬

‫اﻟﻔ َﻜ ــﺮ ﻣﻌﻘﻮ َﳍ ــﺎ‪ ،‬اﳌﻤﺘﻨ ــﻊ ﻣ ــﻦ‬ ‫ـﻮب ﻣﻮﺻ ـ َ‬ ‫َ‬
‫ﺗﺄوﻳﻠﻬ ــﺎ‪ ،‬وﺿ ـ ﱠـﻤﻦ اﻟﻘﻠ ـ َ‬
‫ـﻔﺘﻪ‪ ،‬وﻣـ ــﻦ اﻷوﻫـ ــﺎم اﻹﺣﺎﻃـ ـ ُـﺔ ﺑـ ــﻪ‪ ،‬اﻟـ ــﺬي‬
‫اﻷﺑـ ــﺼﺎر رؤﻳ ُﺘـ ــﻪ‪ ،‬وﻣـ ــﻦ اﻷﻟـ ــﺴﻦ ﺻـ ـ ُ‬
‫ـﺬاء اﻣﺘﺜﻠــﻪ‪ ،‬وﻓﻄﺮﻫ ــﺎ‬ ‫ﳾء ﻛ ــﺎن ﻗﺒ َﻠــﻪ‪ ،‬وأﻧــﺸﺄﻫﺎ ﺑ ــﻼ اﺣﺘـ ٍ‬
‫اﺑﺘــﺪع اﻷﺷــﻴﺎء ﻻ ﻣــﻦ ٍ‬
‫َ‬
‫ـﺎرا ﻟﻘﺪرﺗ ــﻪ‪ ،‬ودﻻﻟ ـًﺔ ﻋ ــﲆ رﺑﻮﺑﻴﺘ ــﻪ‪ ،‬وﺗﻌ ﱡﺒ ـ ًـﺪا ﻟﱪﻳﺘ ــﻪ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ﻟﻐ ـ ِ‬
‫زاد ْﺗ ــﻪ‪ ،‬إﻻ إﻇﻬ ـ ً‬
‫ـﲑ ﻓﺎﺋ ــﺪة َ‬
‫ِ‬
‫دﻋﻮﺗﻪ‪.‬‬ ‫وإﻋﺰازا ﻷﻫﻞ‬
‫ً‬
‫)‪(١‬‬
‫ﺛـﻢ ﺟﻌــﻞ اﻟﺜـﻮاب ﻋــﲆ ﻃﺎﻋﺘــﻪ ﺣﻴﺎﺷ ًـﺔ ﻟﻌﺒــﺎده إﱃ ﺟﻨﺘـﻪ‪ ،‬وو َﺿـ َـﻊ اﻟﻌﻘــﺎب‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﻋـ ـ ــﲆ ﻣﻌـ ـ ــﺼﻴﺘﻪ ذﻳـ ـ ــﺎدة ﻟﻌﺒـ ـ ــﺎده ﻋـ ـ ــﻦ ﻧﻘﻤﺘـ ـ ــﻪ‪ ،‬وأﺷـ ـ ــﻬﺪ أن أﰊ ﳏﻤـ ـ ـ ًـﺪا ﻋﺒـ ـ ـ ُـﺪه‬
‫)‪(٣‬‬
‫ـﻮﻟﻪ‪ ،‬اﺧﺘـ ــﺎره ﻗﺒـ ــﻞ أن ﻳﺘﻨ ﱠﺒـ ــﺄه ‪ ،‬واﺻـ ــﻄﻔﺎه ﻗﺒـ ــﻞ أن ﻳﺒﺘﻌﺜـ ــﻪ؛ إذ اﳋﻼﺋ ـ ــﻖ‬ ‫ورﺳـ ـ ُ‬
‫)‪(٤‬‬
‫ﺑﺎﻟﻐﻴــﺐ ﻣﻜﻨﻮﻧ ــﺔ‪ ،‬وﺑــﺴﱰ اﻷﻫﺎوﻳ ــﻞ ﻣــﺼﻮﻧﺔ ‪ ،‬وﺑﻨﻬﺎﻳ ــﺔ اﻟﻌــﺪم ﻣﻘﺮوﻧ ــﺔ‪ ،‬ﻋﻠ ـ ًـﲈ‬
‫ﻣ ـ ــﻦ اﷲ ﺑﻌﻮاﻗ ـ ــﺐ اﻷﻣ ـ ــﻮر‪ ،‬وإﺣﺎﻃ ـ ــﺔ ﻣﻨ ـ ــﻪ ﺑﺤ ـ ــﻮادث اﻟ ـ ــﺪﻫﻮر‪ ،‬وﻣﻌﺮﻓ ـ ــﺔ ﻣﻨ ـ ــﻪ‬
‫ﺑﻌﻮاﻗـ ــﺐ اﳌﻘـ ــﺪور‪ ،‬اﺑﺘﻌﺜ ـ ــﻪ اﷲ إﲤﺎﻣـ ـ ًـﺎ ﻟﻌﻠﻤ ـ ــﻪ‪ ،‬وﻋﺰﻳﻤـ ــﺔ ﻋ ـ ــﲆ إﻣـ ــﻀﺎء ﺣﻜﻤ ـ ــﻪ‪،‬‬
‫ﻓﺮﻗـ ًـﺎ ﰲ أدﻳﺎﳖـﺎ‪ُ ،‬ﻋ ُﻜ ًﻔـﺎ ﻋـﲆ ﻧﲑاﳖـﺎ‪ ،‬ﻋﺎﺑــﺪة‬ ‫ِ‬ ‫وإﻧﻔ ً‬
‫ـﺎذا ﳌﻘـﺎدﻳﺮ ﺣﺘﻤـﻪ‪ ،‬ﻓـﺮأى اﻷﻣ َـﻢ َ‬
‫ِ‬
‫ﻇﻠﻤﻬ ــﺎ‪ ،‬وﻓـ ﱠـﺮج ﻋ ــﻦ اﻟﻘﻠ ــﻮب‬‫ﻷوﺛﺎﳖــﺎ‪ُ ،‬ﻣﻨﻜ ــﺮة ﷲ ﺑﻌــﺪ ﻋﺮﻓﺎﳖ ــﺎ‪ ،‬ﻓﺄﻧ ــﺎر اﷲ ﺑــﺄﰊ ُ َ َ‬
‫)‪(٦‬‬ ‫)‪(٥‬‬
‫ـﺒﺾ رأﻓـ ٍـﺔ‬ ‫ﻏﻤﻤﻬــﺎ ‪ ،‬ﺛــﻢ ﻗﺒــﻀﻪ اﷲ ﻋــﺰ وﺟــﻞ ﻗـ َ‬ ‫ﲠﻤﻬـﺎ ‪ ،‬وﺟـ ﱠـﲆ ﻋــﻦ اﻷﺑــﺼﺎر ُ َ َ‬ ‫َُ َ‬

‫ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻨﻪ‪ .‬وﰲ رواﻳﺔ‪ :‬ﺟﻴﺎﺷﺔ‪ ،‬أي ﺣﺜﺎ وإﻗﺒﺎﻻ‪.‬‬ ‫ﺣﺰﺗﻪ إﱃ ُ‬

‫ﺣﻴﺚ َ َ َ ﱠ ُ‬ ‫ﺣﺸﺖ اﻟﴚء‪ :‬إذا ُ ْ َ‬
‫)‪ (١‬ﻣﻦ ُ َ‬
‫اﻟﺴﻮق واﻟﻄﺮد واﻟﺪﻓﻊ واﻹﺑﻌﺎد‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬اﻟﺬود واﻟﺬﻳﺎدة‪ :‬ﱠ‬
‫)‪ (٣‬ﳚﻌﻠﻪ ﻧﺒﻴﺎ‪.‬‬
‫)‪ (٤‬ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﻮرة ﻋﻦ اﻷﻫﻮال ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺪﻣﻬﺎ‪.‬‬
‫اﻟﺒﻬﻤﺔ‪ :‬اﻟﻈﻠﻤﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة ﺗﻄﺒﻖ ﻋﲆ اﻟﻘﻠـﺐ‪ ،‬وﺗﻘـﺎل ﻟﻸﻣـﺮ اﻟـﺸﺪﻳﺪ إذا ﱂ ُ ْﳞ َﺘ َـﺪ ﻟﻮﺟـﻪ اﳋـﻼص‬ ‫)‪ُ (٥‬‬
‫ﻣﻨﻪ‪ :‬ﲠﻤﺔ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اﳌﻄﺒﻘﺔ ُ ْ َ‬
‫اﳌﻈﻠﻤﺔ‪ُ :‬ﻏ ﱠﻤـﺔ‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬ﲨﻊ ﻏﻤﺔ‪ ،‬ﻳﻘﺎل ﻟﻠﻤﺤﻨﺔ ُ ْ‬

‫‪١٤٦‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(١‬‬ ‫ِ‬
‫ـﺐء اﻷوزار‪،‬‬ ‫واﺧﺘﻴ ــﺎر‪ ،‬ورﻏﺒ ــﺔ ﻋ ــﻦ ﺗﻌ ــﺐ ﻫ ــﺬه اﻟ ــﺪار‪ ،‬ﻣﻮﺿ ـ ً‬
‫ـﻮﻋﺎ ﻋﻨ ــﻪ ﻋـ ـ ْ ُ‬
‫رب ﻏﻔــﺎر‪ ،‬ﰲ ﺟــﻮار ﻣﻠـ ٍـﻚ ﺟ ﱠﺒــﺎر‪ ،‬ﺻ ــﲆ‬ ‫ِ‬
‫ﳏﻔﻮ ًﻓــﺎ ﺑﺎﳌﻼﺋﻜــﺔ اﻷﺑــﺮار‪ ،‬ورﺿــﻮان ﱟ‬
‫اﻟﻄﻴﺒﲔ اﻷﺧﻴﺎر‪.‬‬
‫اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﻋﲆ آﻟﻪ ﱢ َ‬
‫)‪(٢‬‬
‫وﲪﻠ ــﺔ دﻳﻨ ِ ــﻪ ووﺣﻴِ ــﻪ‪ ،‬وأﻣﻨ ــﺎء اﷲ‬
‫ـﺼﺐ أﻣ ـ ِـﺮه وﳖﻴِ ــﻪ ‪َ َ ،‬‬
‫ﺛ ــﻢ أﻧ ــﺘﻢ ﻋﺒ ــﺎد اﷲ َﻧ ـ ْ ُ‬
‫ﻗﺪ َﻣـ ـ ــﻪ إﻟ ـ ـ ــﻴﻜﻢ‪ ،‬وﺑﻘ ﱠﻴ ـ ـ ـ ٌـﺔ‬
‫ﻋـ ـ ــﲆ أﻧﻔ ـ ـ ــﺴﻜﻢ‪ ،‬وﺑﻠﻐ ـ ـ ــﺎؤه إﱃ اﻷﻣـ ـ ــﻢ‪ ،‬ﷲ ﻓ ـ ـ ــﻴﻜﻢ ﻋﻬ ـ ـ ـ ٌـﺪ ﱠ‬
‫)‪(٣‬‬
‫وآي ﻓﻴﻨ ـ ــﺎ ﻣﻨﻜ ـ ــﺸﻔﺔ‬ ‫ـﺎب اﷲ ﱢﺑﻴﻨ ـ ـ ٌـﺔ ﺑ ـ ـ ُ‬
‫ـﺼﺎﺋﺮه‪ٌ ،‬‬ ‫اﺳ ـ ــﺘﺨﻠﻔﻬﺎ ﻋﻠ ـ ــﻴﻜﻢ‪ ،‬وﻣﻌﻨ ـ ـﺎ ﻛﺘ ـ ـ ُ‬
‫ِ‬
‫ـﺆد إﱃ‬ ‫ﻣﺘﺠﻠﻴ ـ ـ ٌـﺔ ﻇ ـ ـ ُ‬
‫ـﻮاﻫﺮه‪ ،‬ﻗﺎﺋ ـ ـ ٌـﺪ إﱃ اﻟﺮﺿ ـ ــﻮان أﺗﺒﺎ َﻋ ـ ــﻪ‪ ،‬ﻣ ـ ـ ﱟ‬ ‫ﱢ‬ ‫ﴎاﺋ ـ ـ ُـﺮه‪ ،‬وﺑﺮﻫ ـ ـ ٌ‬
‫ـﺎن‬
‫ِ‬
‫وﳏﺎرﻣ ــﻪ‬ ‫ـﺎن ﳊﺠ ــﺞ اﷲ اﳌﻨ ـ ﱠـﻮرة‪ ،‬وﻣﻮاﻋﻈِ ــﻪ اﳌُﻜ ـ ﱠـﺮرة‪،‬‬ ‫ـﻴﺎﻋﻪ‪ ،‬ﻓﻴ ــﻪ ﺗﺒﻴ ـ ٌ‬
‫اﻟﻨﺠ ــﺎة أﺷ ـ َ‬
‫)‪(٤‬‬
‫اﳌﺤ ـ ّـﺬرة‪ ،‬وﺑﻴﻨﺎﺗـ ــﻪ اﳉﺎﻟﻴـ ــﺔ ‪ ،‬وﲨﻠـ ــﻪ اﻟﻜﺎﻓﻴ ــﺔ‪ ،‬ورﺧـ ــﺼﻪ اﳌﺮﻏﻮﺑـ ــﺔ‪ ،‬وﻓـ ــﻀﺎﺋﻠﻪ‬
‫اﳌﻨﺪوﺑﺔ‪ ،‬وﴍاﺋﻌﻪ اﳌﻜﺘﻮﺑﺔ‪.‬‬
‫ﻓﻔــﺮض اﷲُ اﻹﻳـ َ‬
‫ـﲈن ﺗﻄﻬــﲑا ﻟﻜــﻢ ﻣــﻦ اﻟــﴩك‪ ،‬واﻟــﺼﻼة ﺗﻨﺰ ًﳞــﺎ ﻋــﻦ اﻟﻜــﱪ‪،‬‬
‫واﻟـﺼﻴﺎم ﺗﺜﺒﻴ ًﺘـﺎ ﻟﻺﺧـﻼص‪ ،‬واﻟﺰﻛـﺎة ﺗﺰﻳﻴـﺪا ﰲ اﻟـﺮزق‪ ،‬واﳊـﺞ ﺗـﺸﻴﻴﺪا ﻟﻠـﺪﻳﻦ‪،‬‬
‫أﻣﻨًــﺎ ﻣ ــﻦ ُ‬
‫اﻟﻔﺮﻗ ــﺔ‪،‬‬ ‫وإﻣﺎﻣﺘﻨ ــﺎ ْ‬
‫َ‬ ‫واﻟﻌ ــﺪل ﺗﻨ ـ ﱡـﺴﻜًﺎ ﻟﻠﻘﻠ ــﻮب‪ ،‬وﻃﺎﻋﺘَﻨ ــﺎ ﻧﻈﺎ ًﻣ ــﺎ ﻟﻠﻤﻠ ــﺔ‪،‬‬
‫ـﺼﱪ ﻣﻨﺠـ ــﺎة‪ ،‬واﻟﻘـ ــﺼﺎص ﺣﻘﻨـ ــﺎ ﻟﻠـ ــﺪﻣﺎء‪ ،‬واﻟﻮﻓـ ــﺎء‬
‫وﺣﺒﻨـ ــﺎ ﻋـ ــﺰا ﻟﻺﺳ ــﻼم‪ ،‬واﻟـ ـ َ‬
‫ﱠ‬
‫ﺗﻌﺮ ًﺿــﺎ ﻟﻠﻤﻐﻔــﺮة‪ ،‬وﺗﻮﻓﻴ َـﺔ اﳌﻜﺎﻳﻴــﻞ واﳌــﻮازﻳﻦ ﺗﻐﻴـﲑا ﻟﻠﺒﺨــﺴﺔ‪ ،‬واﻟﻨﻬـ َـﻲ‬
‫ﺑﺎﻟﻨـﺬر ﱡ‬

‫اﻟﻌﺐء‪ :‬اﻟﺜﻘﻞ‪.‬‬
‫)‪ْ (١‬‬
‫)‪ (٢‬أي ﻧﺼﺒﻜﻢ اﷲ ﻷواﻣﺮه وﻧﻮاﻫﻴﻪ‪.‬‬
‫)‪ (٣‬ﺗﺸﲑ إﱃ ﻣﺎ ﻧﺰل ﻣﻦ آﻳﺎت اﻟﻘﺮآن ﰲ أﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼم وﺣﺠﻴﺘﻬﻢ‪.‬‬
‫اﳌﺒﻴﻨﺔ‪.‬‬
‫)‪ّ َ (٤‬‬

‫‪١٤٧‬‬
 ‫‪‬‬

‫ِ )‪(١‬‬
‫ـﺬف اﳌﺤ ــﺼﻨﺎت اﺟﺘﻨﺎﺑــﺎ ّﻟﻠﻌﻨ ــﺔ‪،‬‬ ‫ﴍب اﳋﻤــﺮ ﺗﻨﺰ ًﳞ ــﺎ ﻋــﻦ اﻟ ــﺮﺟﺲ‪ ،‬وﻗـ‬ ‫ِ‬ ‫ﻋــﻦ‬
‫ـﴩك إﺧﻼ ًﺻ ـ ــﺎ ﻟ ـ ــﻪ‬ ‫ﻟﻠﻌﻔ ـ ــﺔ‪ ،‬وﺣ ـ ـ ﱠـﺮم اﷲ ﻋ ـ ــﺰ وﺟ ـ ــﻞ اﻟ ـ ـ َ‬ ‫ـﺮك)‪ (٢‬اﻟ ـ ــﴪﻗﺔ إﳚﺎﺑ ـ ــﺎ ِ‬ ‫وﺗ ـ ـ َ‬
‫ـﺎدة ﻟ ِﻌ ـ ـ ـ ــﺪﺗﻜﻢ‪ ،‬وﻃﺎﻋﺘَﻨـ ـ ـ ـ ــﺎ ﻧﻈﺎﻣـ ـ ـ ـ ـ ًـﺎ‬ ‫ِ‬
‫أرﺣﺎﻣﻨـ ـ ـ ـ ــﺎ زﻳـ ـ ـ ـ ـ ً‬ ‫ﺑﺎﻟﺮﺑﻮﺑﻴ ـ ـ ـ ــﺔ‪ ،‬وﺟﻌـ ـ ـ ـ ــﻞ ﺻ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـﻠﺔ‬
‫اﻷﻣﺎن ﻣﻦ ُ ِ‬ ‫)‪(٣‬‬
‫ﻓﺮﻗﺘﻜﻢ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫واﻻﺋﺘﲈم ﺑﻨﺎ‬
‫َ‬ ‫ﳌﻠﺤﻤﺘﻜﻢ ‪،‬‬
‫وأ ُﺘﻢ ﱡ ْ ِ ُ َ‬ ‫ﲤﻮﺗﻦ ِ ﱠ‬
‫إﻻ َ َ‬ ‫ﺣﻖ ُ َ ِ ِ‬
‫ﺗﻘﺎﺗﻪ َ َ‬
‫ﻣﺴﻠﻤﻮن﴾]آل ﻋﻤﺮان‪،[١٠٢:‬‬ ‫وﻻ َ ُ ُ ﱠ‬ ‫ﻓﺎﺗﻘﻮا اﷲ ﻋﺒﺎد اﷲ ﴿ َ ﱠ‬
‫ﳜ ـ ـ ـ ـ ـ َـﺸﻰ ا ِﻣ ـ ـ ـ ـ ــﻦ ِﻋﺒ ـ ـ ـ ـ ـ ِ ِ‬
‫ـﺎده‬ ‫وأﻃﻴﻌ ـ ــﻮه ﻓ ـ ــﻴﲈ أﻣ ـ ــﺮﻛﻢ ﺑ ـ ــﻪ‪ ،‬وﳖ ـ ــﺎﻛﻢ ﻋﻨ ـ ــﻪ‪ ،‬ﻓ ـ ـ﴿إِ ﱠﻧ ـ ـ ـ ـ ـ َـﲈ َ ْ‬
‫ْ َ‬ ‫ﱠَ‬
‫اﻟﻌ َﻠـ َـﲈء﴾]ﻓـــﺎﻃﺮ‪ ،[٢٨:‬واﲪــﺪوا اﷲ اﻟــﺬي ﺑﻌﻈﻤﺘــﻪ وﻧــﻮره ﻳﺒﺘﻐــﻲ َﻣــﻦ ﰲ اﻟــﺴﲈوات‬
‫ُْ‬
‫ـﻴﻠﺘﻪ ﰲ ﺧﻠﻘــﻪ‪ ،‬وﻧﺤــﻦ ﺧﺎ ّﺻــﺘﻪ‪ ،‬وﳏـ ﱡـﻞ ﻗﺪ ِﺳــﻪ‪،‬‬
‫واﻷرض إﻟﻴـﻪ اﻟﻮﺳــﻴﻠﺔ‪ ،‬وﻧﺤــﻦ وﺳـ َ ُ‬
‫وﻧﺤﻦ ﺣﺠﺘﻪ ﰲ ﻏﻴﺒﻪ‪ ،‬وﻧﺤﻦ ورﺛﺔ أﻧﺒﻴﺎﺋﻪ"‪.‬‬
‫ـﺎﺗﻢ‬
‫رﺑﻜ ـ ــﻢ‪ ،‬وﺧ ـ ـ َ ُ‬‫ـﻮل ﱢ‬‫ﺛ ـ ــﻢ ﻗﺎﻟ ـ ــﺖ‪" :‬أﻣ ـ ــﺎ ﺑﻌ ـ ـ ُـﺪ‪ :‬ﻓﺄﻧ ـ ــﺎ ﻓﺎﻃﻤ ـ ـ ُـﺔ‪ ،‬وأﰊ ُﳏ َ ﱠﻤ ـ ـ ٌـﺪ رﺳ ـ ـ ُ‬
‫ﴎﻓ ـ ًـﺎ وﻻ َﺷ ـ َ ً‬
‫ـﻄﻄﺎ‪ ،‬وﻣ ــﺎ أﻧ ــﺎ ﻣ ــﻦ‬ ‫ٍ‬ ‫أﻧﺒﻴ ــﺎﺋﻜﻢ‪ ،‬أﻗﻮ ُﳍ ــﺎ َﻋ ـ ً‬
‫ـﻮدا ﻋ ــﲆ َﺑ ـ ْـﺪء‪ ،‬وﻣ ــﺎ أﻗ ــﻮل َ َ‬
‫اﻟﻜﺎذﺑﲔ‪ ،‬ﻓﺎﺳﻤﻌﻮا ﺑﺄﺳﲈع واﻋﻴﺔ‪ ،‬وﻗﻠﻮب راﻋﻴﺔ‪ ،‬ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﲪﻦ اﻟﺮﺣﻴﻢ‪:‬‬
‫ﻋﻠﻴﻜﻢ ِ ْ ُ ْ ِ ِ َ‬
‫ﺑﺎﳌﺆﻣﻨﲔ‬ ‫ﺣﺮﻳﺺ َ َ ْ ُ ْ‬
‫ِ‬
‫ﻋﻨﺘﻢ َ ِ ٌ‬
‫ﻋﺰﻳﺰ َﻋ َ ِ‬
‫ﻔﺴﻜﻢ َ ِ ٌ ْ‬
‫ﻠﻴﻪ َﻣﺎ َ ﱡ ْ‬
‫ِ‬
‫ﻣﻦ َأ ُ ُ ْ‬
‫ٌ ِ‬
‫رﺳﻮل ْ‬ ‫ﺟﺎءﻛﻢ َ ُ‬ ‫﴿َ َ ْ‬
‫ﻟﻘﺪ َ َ ُ ْ‬
‫ﺗﻌﺰوه)‪ (٤‬ﲡﺪوه أﰊ دون ﻧﺴﺎﺋﻜﻢ‪ ،‬وأﺧﺎ ِ‬
‫اﺑﻦ‬ ‫رﺣﻴﻢ﴾]اﻟﺘﻮﺑﺔ‪ ،[١٢٨:‬ﻓﺈن َ ْ ُ ُ‬
‫ٌ ِ‬
‫رءوف َ ٌ‬ ‫َ ُ‬
‫اﳌﻌ َﺘـ َـﺰى إﻟﻴــﻪ‪َ ،‬ﺑ ﱠﻠـ َـﻎ اﻟﺮﺳــﺎﻟﺔ‪ ،‬ﻳــﺪﻋﻮ إﱃ ﺳــﺒﻴﻞ رﺑــﻪ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ﻋ ﱢﻤــﻲ دون رﺟــﺎﻟﻜﻢ‪ ،‬و َﻟــﻨﻌﻢ ُ ْ‬

‫)‪ (١‬ﻣﻌﻄﻮف ﻋﲆ ﴍب اﳋﻤﺮ‪.‬‬

‫)‪ (٢‬ﻣﻌﻄﻮف ﻋﲆ )اﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﴍب اﳋﻤﺮ( ﻣﻨﺼﻮب ﻣﺜﻠﻪ‪.‬‬
‫)‪ (٣‬ﻧﻈﺎﻣﺎ ﻻﺟﺘﲈﻋﻜﻢ‪ ،‬واﳌﻠﺤﻤﺔ ﰲ ﻏﲑ ﻫﺬا‪ :‬اﺟﺘﲈع اﻟﻘﻮم ﻟﻠﺤﺮب‪.‬‬
‫)‪ (٤‬ﺗﻨﺴﺒﻮه‪.‬‬

‫‪١٤٨‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(١‬‬
‫ﻣﺪر َﺟـ ـ ـ ــﺔ‬ ‫ﺑﺎﳊﻜﻤ ـ ـ ــﺔ واﳌﻮﻋﻈ ـ ـ ــﺔ اﳊـ ـ ـ ــﺴﻨﺔ‪ ،‬ﺻ ـ ـ ـ ِ ً‬
‫ـﺎدﻋﺎ ﺑﺎﻟﻨﱠـ ـ ـ ـﺬارة‪ ،‬ﻣـ ـ ـ ــﺎﺋﻼ ﻋ ـ ـ ــﻦ َ ْ َ‬
‫)‪(٤‬‬ ‫ِ )‪(٣‬‬ ‫ِ )‪(٢‬‬
‫ﳚ ﱡـﺬ‬
‫آﺧﺬا ﺑﺄﻛﻈﺎﻣﻬﻢ ‪ُ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ﻟﺜﺒﺠﻬﻢ ‪،‬‬ ‫ً‬
‫ﺿﺎرﺑﺎ َ‬ ‫ﺳﻨﻨﻬﻢ ‪،‬‬ ‫ﺣﺎﺋﺪا ﻋﻦ َ َ‬ ‫ً‬ ‫اﳌﴩﻛﲔ‪،‬‬
‫)‪(٦‬‬ ‫)‪(٥‬‬
‫اﻟﺪ ُﺑـ ـ ــﺮ‪ ،‬وأﺳـ ـ ــﻔﺮ‬‫اﳍ ـ ــﺎم ‪ ،‬وﻳﻨﻜـ ـ ـ ُـﺖ اﻷﺻ ـ ــﻨﺎم‪ ،‬ﺣﺘـ ـ ــﻰ اﳖ ـ ــﺰم اﳉﻤـ ـ ــﻊ وو ﱠﻟ ـ ــﻮا ﱡ‬
‫ِ‬ ‫)‪(٨‬‬ ‫ِ‬ ‫)‪(٧‬‬
‫ـﻴﻢ اﻟ ـ ــﺪﻳﻦ‪،‬‬ ‫اﳊـ ـ ﱡـﻖ ﻋ ـ ــﻦ َﳏ ـ ــﻀﻪ‪ ،‬وﺗﻔـ ـ ّـﺮى اﻟﻠﻴ ـ ـ ُـﻞ ﻋ ـ ــﻦ ُﺻـ ـ ْـﺒﺤﻪ‪ ،‬وﻧﻄ ـ ـ َـﻖ زﻋ ـ ـ ُ‬
‫)‪(١٠‬‬ ‫)‪(٩‬‬
‫ﺑﻜﻠﻤ ــﺔ اﻹﺧ ــﻼص‪ ،‬وﻛﻨ ــﺘﻢ ﻋ ــﲆ‬ ‫ـﺘﻢ‬ ‫وﺧﺮﺳــﺖ ﺷﻘﺎﺷ ـﻖ اﻟ ــﺸﻴﺎﻃﲔ‪ُ ،‬‬
‫وﻓ ْﻬ ـ ُ ْ‬
‫)‪(١٣‬‬ ‫)‪(١٢‬‬
‫وﻗ ْﺒ ـ ـ َ َ‬
‫ـﺴﺔ‬ ‫ـﺰة)‪ (١١‬اﻟﻄـ ــﺎﻣﻊ‪ْ َ ،‬‬
‫وﻣﺬ َﻗـ ـ َـﺔ اﻟـ ــﺸﺎرب ‪َ ،‬‬ ‫ﺷـ ــﻔﺎ ﺣﻔـ ـ ٍ‬
‫ـﺮة ﻣـ ــﻦ اﻟﻨـ ــﺎر‪ُ ،‬ﳖـْ ـ َ‬ ‫ُ‬
‫)‪(١٦‬‬ ‫ِ )‪(١٥‬‬ ‫)‪(١٤‬‬
‫ـﻮﻃﺊ اﻷﻗ ــﺪام ‪ ،‬ﺗﻘﺘ ــﺎﺗﻮن اﻟﻘ ـ ﱠـﺪ ‪ ،‬وﺗ ــﴩﺑﻮن اﻟ ﱠﻄ ـ َـﺮق ‪،‬‬ ‫اﻟﻌ ْﺠ ــﻼن‪ ،‬وﻣ ـ َ‬ ‫َ‬
‫)‪ (١‬اﳌﺪرﺟﺔ‪ :‬اﳌﺬﻫﺐ واﳌﺴﻠﻚ‪.‬‬
‫)‪ (٢‬ﻣﺎﺋﻼ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﺘﻬﻢ‪.‬‬
‫اﻟﴚء‪ :‬وﺳﻄﻪ وﻣﻌﻈﻤﻪ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫)‪َ (٣‬ﺛﺒﺞ‬
‫وﺿﻴﻖ ﻋﻠﻴﻪ َﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫)‪ (٤‬أي ﺑﻤﺨﺮج أﻧﻔﺎﺳﻬﻢ‪ ،‬ﻳﻘﺎل‪ :‬أﺧﺬ ﺑﻜﻈﻤﻪ‪ ،‬إذا ﺧﻨﻘﻪ ﱠ‬
‫)‪ (٥‬ﻳﻘﻄﻊ اﻟﺮؤوس‪.‬‬
‫)‪ (٦‬ﻧﻜﺖ اﻟﴚء‪ :‬أﻟﻘﺎه ﻋﲆ وﺟﻬﻪ‪.‬‬
‫)‪ (٧‬أﺿﺎء‪.‬‬
‫)‪ (٨‬ﺗﺸﻘﻖ‪.‬‬
‫اﻟﺸﻘﺸﻘﺔ‪ :‬اﻟﺘﻲ ُ ﱢ‬
‫ﻳﺪﻟﻴﻬﺎ اﻟﻔﺤﻞ اﳌﻐﺘﻠﻢ ﻣﻦ اﻹﺑﻞ إذا ﻫﺎج وﻫﺪر ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬ ‫)‪ (٩‬ﱢ ِ‬
‫وﺗﻔﻮﻫﺘﻢ ﺑﻤﻌﻨﻰ واﺣﺪ‪.‬‬
‫ﻓﻬﺘﻢ ﱠ ْ ُ‬ ‫)‪ُ ْ ُ (١٠‬‬
‫)‪ (١١‬أي ﻓﺮﺻﺔ اﻟﻄﺎﻣﻊ‪.‬‬
‫)‪ (١٢‬أي ﴍﺑﺘﻪ‪.‬‬
‫)‪ (١٣‬اﻟﻘﺒﺴﺔ‪ :‬ﻣﺎ ﺗﻘﺒﻀﻪ ﺑﻴﺪك‪.‬‬
‫)‪ (١٤‬أي ﰲ ﻣﻜﺎن اﻟﺬﻟﺔ‪ .‬وﺗﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻌﺒﺎرات اﻷﺧﲑة أﳖﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﺿﻌﺎﻓﺎ ﻣﻬﺎﻧﲔ ﻳﺘﺨﻄﻔﻬﻢ‬
‫اﻟﻨﺎس‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ﻳﻘﺪ ﻣﻦ ﺟﻠﺪ ﻏﲑ ﻣﺪﺑﻮغ‪.‬‬ ‫ﺳﲑ ُ َ ﱡ‬ ‫)‪ ِ (١٥‬ﱡ‬
‫اﻟﻘﺪ‪ٌ ْ َ :‬‬
‫)‪ (١٦‬اﻟﻄﺮق‪ :‬اﳌﺎء اﻟﺬي ﺧﺎﺿﺘﻪ اﻹﺑﻞ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺖ ﻓﻴﻪ‪.‬‬

‫‪١٤٩‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﻳﺘﺨﻄﻔﻜﻢ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ِ‬ ‫)‪(١‬‬

‫ﺣﻮﻟﻜﻢ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫وأﻧﺘﻢ أذﻟﺔ ﺧﺎﺷﻌﻮن ‪ ،‬ﲣﺎﻓﻮن أن‬
‫)‪(٣‬‬ ‫ِ‬ ‫)‪(٢‬‬
‫اﻟﺮﺟﺎل‪ ،‬وذؤﺑﺎن‬ ‫ﺑﺒﻬﻢ ﱢ‬ ‫ﻣﻨﻲ ِ ُ َ‬
‫ﻓﺄﻧﻘﺬﻛﻢ اﷲ ﺑﺄﰊ‪ ،‬ﺑﻌﺪ اﻟﻠﺘﻴﺎ واﻟﺘﻲ ‪ ،‬وﺑﻌﺪﻣﺎ ُ َ‬
‫ـﺮدةِ أﻫ ـ ـ ِـﻞ اﻟﻜﺘ ـ ــﺎب‪ ،‬ﻛﻠ ـ ــﲈ ﺣ ـ ـ ﱡـﺸﻮا)‪ (٤‬ﻧ ـ ــﺎرا ﻟﻠﺤ ـ ــﺮب‪ ،‬وﻧ َﺠ ـ ــﻢ)‪ (٥‬ﻗ ـ ـ ٌ‬
‫ـﺮن‬ ‫اﻟﻌ ـ ــﺮب‪ ،‬و َﻣ ـ ـ َ َ‬
‫)‪(٧‬‬ ‫)‪(٦‬‬
‫ـﺮت ﻓـﺎﻏﺮة ﻣــﻦ اﳌــﴩﻛﲔ‪ ،‬ﻗـﺬف أﺧــﺎه ﰲ ﳍﻮاﲥـﺎ‪ ،‬ﻓــﻼ ﻳﻨﻜﻔــﺊ‬ ‫ﻟﻠـﻀﻼﻟﺔ‪َ ،‬‬
‫وﻓ َﻐـ َ ْ‬
‫)‪(٩‬‬ ‫ﺑﺄﲬﺼﻪ)‪ِ ْ ُ ،(٨‬‬
‫ﺻﲈﺧﻬﺎ ُ ِ‬
‫ﻣﻜﺪود ﰲ ذات اﷲ ﺗﻌﺎﱃ ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ﺑﺤﺪه‪،‬‬
‫وﳜﻤﺪ ﳍﺒﻬﺎ ﱢ‬ ‫ﺣﺘﻰ ﻳﻄﺄ ِ َ‬
‫ـﺐ ﻣـ ــﻦ رﺳـ ــﻮل اﷲ‪ ،‬ﺳـ ــﻴﺪ ﰲ أوﻟﻴ ــﺎء اﷲ‪ ،‬وأﻧـ ــﺘﻢ ﰲ رﻓﺎﻫﻴـ ــﺔ آﻣﻨـ ــﻮن وادﻋـ ــﻮن‪،‬‬
‫ﻗﺮﻳ ـ ٌ‬
‫)‪(١١‬‬ ‫)‪(١٠‬‬
‫ُﺼﻮن ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺰال ‪.‬‬
‫اﻷﺧﺒﺎر‪ ،‬وﺗﻨﻜ ُ‬ ‫َ ﱠ‬
‫ﺗﻮﻛﻔﻮن‬
‫ﻓﻠ ــﲈ اﺧﺘ ــﺎر اﷲُ ﺟ ـ ﱠـﻞ وﻋ ـ ﱠـﺰ ﻟﺮﺳ ــﻮﻟﻪ دار أﻧﺒﻴﺎﺋ ــﻪ‪ ،‬وﻣ ــﺎ ﻋﻨ ــﺪه ﻟﺮﺳ ــﻠﻪ‪ ،‬ﻇﻬ ــﺮت‬

‫)‪ (١‬اﳋﺸﻮع‪ :‬أﺷﺪ اﳋﻀﻮع‪.‬‬

‫)‪ (٢‬اﳌﺮاد اﳊﺎدﺛﺔ واﳊﻮﻳﺪﺛﺔ‪ ،‬ﻛﺄﳖﲈ أﻣﺮان ﻋﻈﻴﲈن‪ ،‬أﺣﺪﳘﺎ أﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻵﺧﺮ‪.‬‬
‫واﻟﺒﻬﻤ ــﺔ‪ :‬اﻟﻔ ــﺎرس اﻟﺒﻄ ــﻞ اﻟ ــﺸﺠﺎع ﻻ ُ ْﳞ َﺘ ــﺪى ﻟﻮﺟ ــﻪ اﻟ ـ ﱡ‬
‫ـﺘﻤﻜﻦ ﻣﻨ ــﻪ‪ ،‬وﻳﻘ ــﺎل‪ :‬ﻫ ــﻮ‬ ‫ِ‬
‫ـﺘﲇ‪ُ .‬‬‫)‪ (٣‬ﻣﻨ ــﻲ‪ :‬اﺑ ـ ُ َ‬
‫اﻟﺬي ﻳﻌﺪ ﺑﻤﺌﺘﻲ ﻓﺎرس‪.‬‬
‫ـﺸﺖ اﻟﻨ ـ ﺎر إذا أوﻗــﺪﲥﺎ‪ ،‬وأﺻ ــﻞ اﳊــﺶ أن ﳚﻤ ــﻊ اﻟﻮﻗــﻮد ﻣ ــﻦ اﻷﻃــﺮاف إﱃ اﻟﻮﺳ ــﻂ‪،‬‬ ‫)‪ (٤‬ﻣــﻦ ﺣﺸـ ْ ُ‬
‫وﻣﺘﻔﺮق اﻟﻨﺎر إﱃ اﳌﻌﻈﻢ‪ ،‬ﻟﻴﺸﺘﺪ ﺗﻮﻗﺪﻫﺎ‪ ،‬وﻛﻞ ﳎﻤﻮع ﻓﻤﺤﺸﻮش‪.‬‬
‫)‪ (٥‬ﻃﻠﻊ‪.‬‬
‫)‪ (٦‬ﻓﻐﺮ‪ :‬ﻓﺘﺢ‪ ،‬وﻓﻐﺮت اﻷﺳﺪ أﻓﻮاﻫﻬﺎ إذا ﻓﺘﺤﺘﻬﺎ‪.‬‬
‫)‪ (٧‬أي ﻓﻼ ﻳﻨﴫف‪.‬‬
‫ﻧﻔﺴﻬﺎ‪ .‬واﻷﲬﺺ‪ :‬ﻣﺎ ﻻ ﻳﺼﻴﺐ اﻷرض ﻣﻦ ﺑﺎﻃﻦ اﻟﻘﺪم ﻋﻨﺪ‬ ‫واﻷذن ُ‬ ‫اﻷذن‪ُ ،‬‬ ‫اﻟﺼﲈخ‪ :‬ﺛﻘﺐ ُ‬ ‫)‪ (٨‬ﱢ‬
‫اﳌﴚ‪ ،‬واﻟﻌﺒﺎرة ﺗﻌﻨﻲ اﻟﻘﻬﺮ واﻟﻐﻠﺒﺔ ﻋﲆ أﺑﻠﻎ وﺟﻪ‪.‬‬
‫وذات اﷲ‪ :‬أﻣﺮه ودﻳﻨﻪ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫)‪ (٩‬اﳌﻜﺪود‪ :‬ﻣﻦ ﺑﻠﻐﻪ اﻟﺘﻌﺐ واﻷذى‪.‬‬
‫)‪ (١٠‬ﺗﻨﺘﻈﺮون‪.‬‬
‫)‪ (١١‬أي ﲥﺮﺑﻮن ﻋﻨﺪ اﳊﺮب‪.‬‬

‫‪١٥٠‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(٣‬‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫)‪(١‬‬

‫ـﺎب اﻹﺳـ ــﻼم‪ ،‬واﺧﻠﻮﻟ ــﻖ ﺛﻮ ُﺑـ ــﻪ‪ ،‬وﻗﺤـ ــﻞ‬
‫ﺣ ــﺴﻜﺔ اﻟﻨﻔـ ـﺎق‪ ،‬وﺳ ــﻤﻞ ﺟﻠﺒـ ـ ُ‬
‫)‪(٥‬‬ ‫)‪(٤‬‬
‫ﻋﻈﻤـ ـ ــﻪ‪ ،‬وارﺗـ ـ ـ ﱠـﺚ رﻣﻴﻤـ ـ ــﻪ‪ ،‬وﻇﻬـ ـ ــﺮ ﻧـ ـ ــﺎﺑﻎ ‪ ،‬وﻧﻄـ ـ ــﻖ ﻛـ ـ ــﺎﻇﻢ‪ ،‬وﻧﺒـ ـ ــﻎ ﺧﺎﻣـ ـ ــﻞ‬
‫ُ‬
‫ـﺸﻴﻄﺎن‬ ‫ـﺪر ﻓﻨﻴ ـ ُـﻖ)‪ (٦‬اﳌﺒﻄﻠ ــﲔ‪ ،‬ﻓﺨﻄ ــﺮ ﰲ ﻋﺮﺻ ــﺎﺗﻜﻢ‪ْ َ ،‬‬
‫وأﻃ َﻠ ــﻊ اﻟ ـ‬ ‫اﻵﻓﻜ ــﲔ‪ ،‬وﻫ ـ َ َ‬
‫رأ َﺳـ ــﻪ ﻣـ ــﻦ ﻣـ ــﴫﻋﻪ ﺻـ ـ ً‬
‫ـﺎرﺧﺎ ﺑﻜـ ــﻢ‪ ،‬ﻓﺄﻟﻔـ ــﺎﻛﻢ ﻟﺪﻋﺎﺋـ ــﻪ ﻣـ ــﺴﺘﺠﻴﺒﲔ‪ ،‬وﻟﻐـ ــﺮوره‬
‫)‪(٧‬‬
‫ﲪ ـ َـﺴﻜﻢ ﻓﻮﺟ ـ َـﺪﻛﻢ ﻏ ـ َـﻀﺎﺑﺎ‪،‬‬ ‫ﻣﻼﺣﻈ ــﲔ‪ ،‬ﻓﺎﺳﺘﻨﻬ ــﻀﻜﻢ ﻓﻮﺟ ــﺪﻛﻢ ﺧﻔﺎﻓ ـ ًـﺎ‪َ ،‬‬
‫وأ ْ َ‬
‫)‪(٨‬‬
‫ـﺪار ‪ -‬زﻋﻤــﺘﻢ ‪ -‬ﺧ ــﻮف‬ ‫ﻓﻮﺳــﻤﺘﻢ ﻏــﲑ إﺑﻠﻜــﻢ‪ ،‬ووردﺗــﻢ ﴍاﺑـ ًـﺎ ﻟــﻴﺲ ﻟﻜــﻢ ‪ ،‬ﺑـ َ‬
‫ِ‬ ‫ﺟﻬﻨ َﱠﻢ َ ُ ِ َ ٌ‬
‫ﳌﺤﻴﻄﺔ ِ ْ َ ِ َ‬
‫ﺑﺎﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ﴾]اﻟﺘﻮﺑﺔ‪ ،[٤٩:‬ﻫﺬا‬ ‫ﺳﻘﻄﻮا ْ َ ِ ﱠ‬
‫وإن َ َ‬ ‫أﻻ ِﰲ ْ ِ ْ‬
‫اﻟﻔﺘﻨ َِﺔ َ َ ُ‬ ‫اﻟﻔﺘﻨﺔ‪َ َ ﴿ ،‬‬
‫)‪(٩‬‬
‫واﻟﻌﻬ ــﺪ ﻗﺮﻳ ــﺐ‪ ،‬واﻟ َﻜ ْﻠ ــﻢ رﺣﻴ ــﺐ ‪ ،‬واﳉ ــﺮح ﳌﱠ ـﺎ ﻳﻨ ــﺪﻣﻞ‪ ،‬واﻟﺮﺳ ــﻮل ﳌﱠ ــﺎ ُﻳ ْﻘ ـ َـﱪ‪،‬‬
‫ـﺎب اﷲ ﺑ ــﲔ أﻇﻬ ــﺮﻛﻢ‪،‬‬
‫ﻓﻬﻴﻬ ــﺎت ﻣ ــﻨﻜﻢ؟ وﻛﻴ ــﻒ ﺑﻜ ــﻢ؟ وأﻧ ــﻰ ﺗﺆﻓﻜ ــﻮن؟ وﻛﺘ ـ ُ‬
‫زواﺟﺮه ﻇﺎﻫﺮة‪ ،‬وأواﻣﺮه ﻻﺋﺤـﺔ‪ ،‬ودﻻﺋﻠـﻪ واﺿـﺤﺔ‪ ،‬أرﻏﺒـﺔ ﻋﻨـﻪ ﺗﺮﻳـﺪون؟ أم‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ـﺌﺲ ِﻟﻠ ﱠﻈ ـ ِ َ‬
‫ـﺎﳌﲔ َﺑ ـ َـﺪﻻً﴾]اﻟﻜﻬـــﻒ‪َ ﴿ ،[٥٠:‬و َﻣ ــﻦ َ ْﻳﺒ َﺘ ـ ِـﻎ َﻏ ـ ْ َ‬
‫ـﲑ‬ ‫ﺑﻐــﲑه ﲢﻜﻤــﻮن؟ ﻓ ـ﴿ ِﺑ ـ ْ َ‬

‫)‪ (١‬اﳊﻘﺪ‪.‬‬
‫ِ‬
‫)‪ (٢‬ﺳﻤﻞ اﻟﺜﻮب‪ :‬إذا ﺧﻠﻖ‪ ،‬وﺻﺎر ﺑﺎﻟﻴﺎ‪.‬‬
‫)‪ (٣‬ﻳﺒﺲ‪.‬‬
‫رﻣﻖ ﻣﻦ ﺣﻴﺎة‪.‬‬ ‫ﺑﻘﻲ ﻓﻴﻪ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ﺟﺮح ُ ﱠ‬ ‫)‪ِ ُ (٤‬‬
‫وارﺗﺚ‪ :‬إذا َ َ‬
‫ﻳﺆﺑﻪ ﻟﻪ‪.‬‬‫)‪ (٥‬ﺧﺎﻣﻞ ﻻ َ‬
‫)‪ (٦‬اﻟﻔﻨﻴﻖ‪ :‬اﻟﻔﺤﻞ ﻣﻦ اﻹﺑﻞ‪.‬‬
‫ﺣﺜﻜﻢ‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬أي أﻏﻀﺒﻜﻢ‪ .‬وﰲ رواﻳﺔ‪ :‬وأﲪﺸﻜﻢ‪ :‬ﱠ‬
‫اﻟﻮ ْﺳـ ُـﻢ‪ :‬أﺛــﺮ اﻟﻜـ ّـﻲ‪ .‬واﻟــﻮرود‪ :‬ﺣــﻀﻮر اﳌــﺎء ﻟﻠــﴩب‪ ،‬واﻹﻳــﺮاد‪ :‬اﻹﺣــﻀﺎر‪ .‬واﻟـ ﱢـﴩب‪ :‬اﳊـ ﱡـﻆ‬
‫)‪َ (٨‬‬
‫ﻣﻦ اﳌﺎء‪ ،‬وﳘﺎ ﻛﻨﺎﻳﺘﺎن ﻋﻦ أﺧﺬ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﳍﻢ ﺑﺤﻖ ﻣﻦ اﻹﻣﺎﻣﺔ وﻣﲑاث اﻟﻨﺒﻮة‪.‬‬
‫)‪ (٩‬اﻟﻜﻠﻢ‪ :‬اﳉﺮاح‪ .‬واﻟﺮﺣﻴﺐ‪ :‬اﻟﻮاﺳﻊ‪.‬‬

‫‪١٥١‬‬
 ‫‪‬‬

‫ِ‬ ‫ﻳﻘﺒﻞ ِﻣﻨْﻪ وﻫﻮ ِﰲ ِ ِ ِ‬ ‫اﻹﺳﻼم ِد ً‬

‫ِ ْ َِ‬
‫ﻣﻦ ْ َ ِ َ‬
‫اﳋﺎﴎﻳﻦ﴾]آل ﻋﻤﺮان‪.[٨٥:‬‬ ‫اﻵﺧﺮة َ‬
‫َ‬ ‫ﻓﻠﻦ ُ ْ َ َ ُ َ ُ َ‬
‫ﻳﻨﺎ َ َ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﻗﻴﺎدﻫ ـ ــﺎ ‪ُ ،‬ﺗ ـ ـ ِـﴪون‬
‫ـﺴﻜﻦ ْﻧﻔﺮ ُﲥ ـ ــﺎ‪ ،‬و ُﻳ ـ ــﺴﻠﺲ ُ‬
‫َ‬ ‫ﺛ ـ ــﻢ ﱂ ﺗﻠﺒﺜ ـ ــﻮا إﻻ رﻳ ـ ـ َـﺚ أن ﺗ ـ ـ‬
‫)‪(٣‬‬ ‫)‪(٢‬‬
‫ـﺼﱪ ﻣــﻨﻜﻢ ﻋــﲆ ﻣﺜـ ﱢـﻞ ﺣـ ﱢـﺰ اﳌُــﺪى ‪ ،‬ﺣﺘــﻰ زﻋﻤــﺘﻢ أن‬
‫ـﺴﻮا ﰲ ارﺗﻐــﺎء ‪ ،‬وﻧـ ُ‬
‫ﺣـ ْ ً‬
‫ﻻ إرث ﻟﻨـﺎ أﻫ َـﻞ اﻟﺒﻴــﺖ‪ ،‬أﻓﻌـﲆ ﳏﻤـﺪ ﺻـﲆ اﷲ ﻋﻠﻴــﻪ وآﻟـﻪ وﺳــﻠﻢ ﺗـﺮﻛﺘﻢ ﻛﺘـ َ‬
‫ـﺎب‬
‫اﷲ‪ ،‬وﻧﺒــﺬﲤﻮه وراء ﻇﻬــﻮرﻛﻢ؛ إذ ﻳﻘ ــﻮل اﷲ ﺗﺒــﺎرك وﺗﻌ ــﺎﱃ‪َ ِ َ َ ﴿ :‬‬
‫وورث ُﺳـ ـ َ ْ َ ُ‬
‫ـﻠﻴﲈن‬
‫ـﺺ ﻣـﻦ ﺧــﱪ ﳛﻴــﻰ ﺑــﻦ زﻛﺮﻳــﺎ‪:‬‬
‫داوود﴾]اﻟﻨﻤــﻞ‪ ،[١٦:‬وﻗــﺎل اﷲ ﻋـﺰ وﺟــﻞ ﻓــﻴﲈ ﻗـ ﱠ‬
‫َ ُ َ‬
‫ﻣﻦ ِ‬ ‫ﻳﺮﺛﻨﻲ ِ ُ ِ‬
‫ِ‬ ‫ﻟﺪﻧﻚ َ ِ ّ ً‬
‫ﻓﻬﺐ ِﱄ ِﻣﻦ ﱠ ُ َ‬
‫آل َ ْ ُ‬
‫ﻳﻌﻘﻮَب﴾]ﻣﺮﻳﻢ‪ ،[٦-٥:‬وﻗﺎل‬ ‫وﻳﺮث ْ‬ ‫وﻟﻴﺎ * َ ِ ُ َ َ‬ ‫﴿ََ ْ‬
‫ﻛﺘﺎب ا ﱠ ِ﴾]اﻷﺣﺰاب‪،[٦:‬‬
‫ﺑﺒﻌﺾ ِﰲ ِ َ ِ‬
‫أوﱃ ِ َ ْ ٍ‬
‫ﺑﻌﻀﻬﻢ َ ْ َ‬ ‫وأوﻟﻮ ْ َ ْ َ ِ‬
‫اﻷرﺣﺎم َ ْ ُ ُ ْ‬ ‫ﻋﺰ ذﻛﺮه‪ُ ْ ُ َ ﴿ :‬‬
‫اﻷ َﺜ َﻴـ ْ ِ‬
‫ـﲔ﴾]اﻟﻨــﺴﺎء‪،[١١:‬‬ ‫ـﺬﻛﺮ ِﻣ ْﺜـ ُـﻞ َﺣـ ﱢ‬
‫ـﻆ ُ‬ ‫ـﻴﻜﻢ ا ِﰲ َ َ ِ‬
‫أوﻻد ُﻛـ ْـﻢ ﻟِﻠـ ﱠ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫وﻗـﺎل‪ُ ﴿ :‬ﻳﻮﺻـ ُ ُ ّ ُ‬
‫اﻟﻮﺻﻴﺔ ِ ْ َ ِ َ ْ ِ‬
‫ﻟﻠﻮاﻟﺪﻳﻦ‬ ‫ﺧﲑا ً ْ َ ِ ﱠ ُ‬ ‫اﳌﻮت ِإن َ َ َ‬
‫ﺗﺮك َ ْ‬ ‫ﺣﴬ َ َ َ ُ ُ‬
‫أﺣﺪﻛﻢ ْ َ ْ ُ‬ ‫إذا َ َ َ‬‫ﻋﻠﻴﻜﻢ ِ َ‬
‫ﻛﺘﺐ َ َ ْ ُ ْ‬
‫ِ‬
‫وﻗﺎل‪َ ُ ﴿ :‬‬
‫ـﲔ﴾]اﻟﺒﻘﺮة‪ ،[١٨٠:‬وزﻋﻤـﺘﻢ أن ﻻ ﺣـﻖ وﻻ‬ ‫اﳌﺘ ِﻘ َ‬
‫ﺣﻘﺎ َﻋ َـﲆ ْ ُ ﱠ‬ ‫ِ‬
‫ﺑﺎﳌﻌﺮوف َ ّ ً‬ ‫واﻷﻗﺮﺑﲔ ِ ْ َ ْ ُ‬
‫َ َْ ِ َ‬
‫إرث ﱄ ﻣـ ــﻦ أﰊ‪ ،‬وﻻ ر ِﺣ ــﻢ ﺑﻴﻨﻨ ـ ــﺎ‪ ،‬أﻓﺨـ ـ ﱠـﺼﻜﻢ اﷲ ﺑﺂﻳـ ـ ٍـﺔ أﺧ ـ ــﺮج ﻧﺒﻴـ ــﻪ ﺻ ـ ــﲆ اﷲ‬
‫ﻋﻠﻴـﻪ وآﻟــﻪ ﻣﻨﻬــﺎ؟ أم ﺗﻘﻮﻟــﻮن‪) :‬أﻫ ُـﻞ ﻣﻠﺘـﲔ ﻻ ﻳﺘﻮارﺛــﻮن(؟‪ ،‬أو ﻟـ ْ ُ‬
‫ـﺴﺖ أﻧــﺎ وأﰊ‬
‫ﻣﻦ أﻫﻞ ﻣﻠﺔ واﺣﺪة؟!‪ ،‬ﻟﻌﻠﻜـﻢ أﻋﻠ ُـﻢ ﺑﺨـﺼﻮص اﻟﻘـﺮآن وﻋﻤﻮﻣـﻪ ﻣـﻦ اﻟﻨﺒـﻲ‬

‫ِ‬
‫)‪ (١‬ﻧ ْﻔـ ــﺮة اﻟﺪاﺑـ ــﺔ‪ :‬ذﻫﺎﲠـ ــﺎ وﻋـ ــﺪم اﻧﻘﻴﺎدﻫـ ــﺎ‪ .‬واﻟـ ـ ُ‬
‫ـﺴﻠﺲ‪ :‬اﻟـ ــﺴﻬﻞ اﻟﻠـ ــﲔ اﳌﻨﻘـ ــﺎد‪ .‬أي‪ :‬ﱂ ﺗـ ــﺼﱪوا إﱃ‬
‫ذﻫﺎب أﺛﺮ ﺗﻠﻚ اﳌﺼﻴﺒﺔ‪ ،‬وﻫﻲ ﻣﻮت اﻟﻨﺒﻲ ﺻﲆ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ وﺳﻠﻢ‪.‬‬
‫)‪ (٢‬اﳊَ ْـﺴﻮ‪ :‬اﻟ ﱡـﴩب ﺷـﻴﺌﺎ ﻓـﺸﻴﺌﺎ‪ ،‬واﻻرﺗﻐــﺎء‪ :‬ﴍب اﻟﺮﻏـﻮة‪ ،‬وﻫـﻲ ﻣـﺎ ﻳﻄﻔــﻮ ﻓـﻮق اﻟﻠـﺒﻦ ﻣـﻦ اﳌــﺎء‬
‫ﻳﻈﻬﺮ ﺷﻴﺌﺎ وﻳﺮﻳﺪ ﻏﲑه‪.‬‬ ‫ﻳﴬب ﳌﻦ ُ ِ ُ‬ ‫اﳌﺸﻮب ﺑﻪ‪ ،‬واﳌﺜﻞ ُ َ‬
‫ﱢ‬
‫اﻟﺴﻜﲔ‪.‬‬ ‫واﳌﺪى ﲨﻊ ُﻣﺪﻳﺔ‪ ،‬وﻫﻲ‬ ‫)‪ (٣‬اﳊﺰ‪ :‬اﻟﻘﻄﻊ‪َ ُ ،‬‬

‫‪١٥٢‬‬
 ‫‪‬‬

‫ِ‬
‫ـﻦ‬ ‫ـﻦ َأ ْﺣ ـ َ ُ‬
‫ـﺴﻦ ﻣ ـ َ‬ ‫ﺻــﲆ اﷲ ﻋﻠﻴــﻪ وآﻟــﻪ وﺳــﻠﻢ؟!‪ ،‬أﻓﺤﻜـ َـﻢ اﳉﺎﻫﻠﻴــﺔ ﺗﺒﻐــﻮن‪َ ﴿ ،‬و َﻣ ـ ْ‬
‫ﻟﻘﻮم ِ‬
‫ﻳﻮﻗﻨ َ‬
‫ُﻮن﴾]اﳌﺎﺋﺪة‪.[٥٠:‬‬ ‫اّ ِ ُ ْ ً‬
‫ﺣﻜﲈ ﱢ َ ْ ٍ ُ‬
‫)‪(١‬‬
‫ـﺼﺘﻢ‪ ،‬وﻋﺠـ ـ ــﻼن ذا إﻫﺎﻟـ ـ ــﺔ ‪،‬‬ ‫ﴎﻋـ ـ ـ َ‬
‫ـﺎن ﻣـ ـ ــﺎ أﺣـ ـ ــﺪﺛﺘﻢ‪ ،‬وﻋﺠـ ـ ــﻼن ﻣـ ـ ــﺎ ﻧ َﻜـ ـ ـ ْ ُ‬
‫ـﺘﻢ دﻳﻨَــﻪ؟!‪ ،‬ﻫــﺎ إن ﻣﻮﺗ ــﻪ‬ ‫ـﻮل اﷲ أ َﻣـ ﱡ ْ‬ ‫ـﻮل اﷲ‪ ،‬أ َﻟـ ِـﺌﻦ ﻣــﺎت رﺳـ ُ‬ ‫ﺗﻘﻮﻟــﻮن‪ :‬ﻣــﺎت رﺳـ ُ‬
‫ـﺘﻨﻬﺮ)‪ (٣‬ﻓﺘ ُﻘ ـ ـ ــﻪ‪ُ ،‬‬
‫وﻓ ِﻘـ ـ ـ ــﺪ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ـﺐ – واﷲِ ‪ -‬ﺟﻠﻴ ـ ـ ــﻞ‪ ،‬اﺳﺘﻮﺳـ ـ ـ ــﻊ وﻫ ُﻴ ـ ـ ــﻪ ‪ ،‬واﺳـ ـ ـ ـ ْ َ‬ ‫ﳋَ ْﻄ ـ ـ ـ ٌ‬
‫)‪(٤‬‬
‫راﺗ ُﻘ ــﻪ ‪ ،‬وأﻇﻠﻤ ــﺖ اﻷرض ﻟﻐﻴﺒﺘ ــﻪ‪ ،‬واﻛﺘﺄﺑ ــﺖ ﺧ ــﲑة اﷲ ﳌ ــﺼﻴﺒﺘﻪ‪ ،‬وﺧ ــﺸﻌﺖ‬
‫وأ ِﺿ ــﻴﻊ اﳊ ــﺮﻳﻢ)‪ِ ُ ،(٦‬‬
‫وأزﻳ َﻠ ــﺖ‬ ‫ـﺪت اﻵﻣ ــﺎل)‪ُ ،(٥‬‬
‫وأﻛِ َﻠ ـ ْـﺖ اﻷﻣ ــﻮال‪ُ ،‬‬ ‫اﳉﺒ ــﺎل‪ ،‬وأﻛ ـ َ ِ‬
‫)‪(٨‬‬ ‫)‪(٧‬‬
‫ـﺎب اﷲ ﰲ أﻓﻨﻴـﺘﻜﻢ‪ ،‬ﳑــﺴﺎﻛﻢ‬ ‫اﳊﺮ َﻣـﺔ ﻋﻨــﺪ ﳑﺎﺗـﻪ‪ ،‬ﻓﺘﻠــﻚ ﻧﺎزﻟـﺔ أﻋﻠــﻦ ﲠـﺎ ﻛﺘـ ُ‬ ‫ُْ‬
‫وﻣ ــﺼﺒﺤﻜﻢ‪ ،‬ﻫﺘﺎﻓ ـ ًـﺎ ﻫﺘﺎﻓ ــﺎ ﺑﺄﺳ ــﲈﻋﻜﻢ‪ ،‬وﻟﻘﺒﻠ ــﻪ ﻣ ــﺎ ﺣ ﱠﻠ ــﺖ ﺑﺄﻧﺒﻴ ــﺎء اﷲ ورﺳ ــﻠﻪ‪،‬‬
‫ﻋﲆ‬ ‫ﻗﺘﻞ َ َ ْ ُ ْ‬
‫اﻧﻘﻠﺒﺘﻢ َ َ‬ ‫ﻣﺎت َْأو ُ ِ َ‬
‫أﻓﺈن ﱠ َ‬ ‫ﺳﻞ َ َ ِ‬
‫اﻟﺮ ُ ُ‬ ‫ﻗﺒﻠﻪ ﱡ‬
‫ﺧﻠﺖ ِﻣﻦ َ ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫ﻗﺪ َ َ ْ‬
‫رﺳﻮل َ ْ‬
‫إﻻ َ ُ ٌ‬‫ﳏﻤﺪ ِ ﱠ‬‫وﻣﺎ ُ َ ﱠ ٌ‬‫﴿َ َ‬
‫ـﻴﺌﺎ َو َﺳ ـ ـ َ ْ ِ‬ ‫ﻳﻨﻘ ِﻠ ـ ــﺐ َﻋ ـ ـ َـﲆ َ ِ ِ‬
‫ـﻴﺠﺰي ا ّ ُ‬ ‫ـﴬ ا ّ َ َﺷ ـ ـ ْ ً‬ ‫ﻋﻘﺒ ْﻴ ـ ــﻪ َﻓ َﻠ ـ ــﻦ َﻳ ـ ـ ُ ﱠ‬
‫َ َ‬ ‫أﻋ َﻘ ـ ـ ِ ُ ْ‬
‫ـﺎﺑﻜﻢ َو َﻣ ـ ــﻦ َ َ ْ‬ ‫َْ‬
‫ِ‬
‫اﻟﺸﺎﻛﺮﻳﻦ﴾]آل ﻋﻤﺮان‪.[١٤٤:‬‬ ‫ﱠ ِ َ‬

‫ﻳﻌﺠﻞ ﻗﺒﻞ أواﻧﻪ‪ ،‬أي ﻧﻜﺜﺘﻢ ﺑﴪﻋﺔ وﻋﺠﻠﺔ‪.‬‬

‫ﻳﴬب ﻣﺜﻼ ﻟﻠﴚء ُ ﱠ‬
‫اﻟﻮدك إذا أذﻳﺐ‪ُ َ ْ ُ ،‬‬
‫)‪ (١‬اﻹﻫﺎﻟﺔ‪َ :‬‬
‫)‪ (٢‬اﻟﻮﻫﻲ‪ :‬اﳋﺮق اﻟﻮاﺳﻊ‪.‬‬
‫)‪ (٣‬اﺳﺘﻨﻬﺮ‪ :‬اﺳﺘﻮﺳﻊ‪.‬‬
‫)‪ (٤‬اﻟﻔﺘﻖ‪ :‬اﻟﺸﻖ‪ ،‬واﻟﺮﺗﻖ ﺿﺪه‪.‬‬
‫)‪ (٥‬أي ﱠﻗﻞ ﺧﲑﻫﺎ‪.‬‬
‫)‪ (٦‬ﺣﺮﻳﻢ اﻟﺮﺟﻞ‪ :‬ﻣﺎ ﳛﻤﻴﻪ وﻳﻘﺎﺗﻞ ﻋﻨﻪ‪.‬‬
‫)‪ (٧‬اﳊﺮﻣﺔ‪ :‬ﻣﺎ ﻻ ﳛﻖ اﻧﺘﻬﺎﻛﻪ‪.‬‬
‫)‪ (٨‬اﻟﻨﺎزﻟﺔ‪ :‬اﻟﺸﺪﻳﺪة‪.‬‬

‫‪١٥٣‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(٢‬‬ ‫)‪(١‬‬
‫اﺑﻦ‬
‫ﺗﺮث أﺑﺎك ﻳﺎ َ‬ ‫ﺣﻖ أن ِ َ‬ ‫إرﺛﻴﻪ؟! أﺑﺎﷲِ ﱞ‬
‫َْ‬ ‫ﻣﻌﴩ اﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ‪ َ ْ ُ َ ،‬ﱡ‬
‫أأﺑﺘﺰ‬ ‫ََ‬ ‫ً‬
‫وﳞﺎ‬
‫)‪(٤‬‬
‫ـﺪوﻧﻜَﻬﺎ ﳐﻄﻮﻣ ـ ًـﺔ‬ ‫أرث أﺑِ َﻴ ـ ْـﻪ؟!)‪ (٣‬ﻟﻘ ــﺪ ﺟﺌ ـ َـﺖ ﺷ ـ ً‬
‫ـﻴﺌﺎ ﻓﺮﻳ ــﺎ ‪ ،‬ﻓ ـ َ‬ ‫أﰊ ﻗﺤﺎﻓ ــﺔ‪ ،‬وﻻ ُ‬
‫)‪(٥‬‬
‫ﻣﺮﺣﻮﻟــﺔ ‪ ،‬ﺗﻠﻘــﺎك ﻳــﻮم ﺣــﴩك‪ ،‬ﻓــﻨﻌﻢ اﳊﻜــﻢ اﷲ‪ ،‬واﳌﻮﻋــﺪ اﻟﻘﻴﺎﻣــﺔ‪ ،‬واﻟــﺰﻋﻴﻢ‬
‫ﳏﻤ ــﺪ‪ ،‬وﻋ ــﲈ ﻗﻠﻴ ــﻞ ﺗﻨﻜﻔﺌ ــﻮن‪ ،‬وﻋﻨ ــﺪ اﻟ ــﺴﺎﻋﺔ ﳜ ــﴪ اﳌﺒﻄﻠ ــﻮن‪ ،‬و﴿ﻟِ ُﻜ ـ ـ ﱢـﻞ َﻧ َﺒ ـ ـ ٍـﺈ‬
‫ﺗﻌﻠﻤﻮن﴾]اﻷﻧﻌﺎم‪."[٦٧ :‬‬
‫وﺳﻮف َ ْ َ ُ َ‬ ‫ﱡ ْ ََﱞ‬
‫ﻣﺴﺘﻘﺮ َ َ ْ َ‬
‫ﺛ ــﻢ اﻟﺘﻔﺘ ــﺖ ﺻ ــﻠﻮات اﷲ ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ إﱃ اﻷﻧ ــﺼﺎر ﻓﻘﺎﻟ ــﺖ‪" :‬ﻳ ــﺎ ﻣﻌ ــﴩ اﻟﻨﻘﺒ ـ ِ‬
‫ـﺎء‪،‬‬ ‫َ‬
‫ِ )‪(٧‬‬ ‫)‪(٦‬‬ ‫ِ‬
‫واﻟﻮﻧ َﻴ ــﺔ‬
‫ْ‬ ‫ـﻀﺎد اﳌ ﱠﻠ ــﺔ‪ ،‬و َﺣ ـ َـﺼﻨﺔ اﻹﺳــﻼم‪ ،‬ﻣ ــﺎ ﻫ ــﺬه اﻟ َﻔـ ْ َ‬
‫ـﱰة ﻋ ــﻦ ﻧ ــﴫﰐ‪،‬‬ ‫وأﻋـ َ‬
‫)‪(٩‬‬ ‫)‪(٨‬‬
‫ـﺴﻨﺔ ﰲ ُﻇﻼﻣﺘـ ــﻲ؟! أﻣـ ــﺎ ﻛـ ــﺎن‬ ‫ﻋـ ــﻦ ﻣﻌـ ــﻮﻧﺘﻲ‪ ،‬واﻟﻐﻤﻴـ ــﺰة ﰲ ﺣﻘـ ــﻲ؟! واﻟـ ـ ﱢ َ ُ‬
‫ﳛﻔﻆ ﰲ وﻟﺪه(؟!‪.‬‬ ‫اﳌﺮء ُ َ ُ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ﺻﲆ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ ﻳﻘﻮل‪ُ ) :‬‬
‫)‪(١٠‬‬
‫ـﺮاث أﰊ وأﻧ ـ ــﺘﻢ ﺑﻤ ـ ــﺮأى وﻣ ـ ــﺴﻤﻊ‪ ،‬ﺗ ـ ـ ُ‬
‫ـﺒﻠﻐﻜُﻢ‬ ‫أ ًﳞـ ــﺎ ﺑﻨ ـ ــﻲ َﻗﻴﻠ ـ ــﺔ َ ُأأ ْﻫ ـ ـ َ ُ‬
‫ـﻀﻢ ﺗ ـ ـ َ‬

‫ﻗﻠﺖ‪ :‬وﳞﺎ ﻳﺎ ﻓﻼن‪ ،‬وﻫﻮ ﲢﺮﻳﺾ‪ ،‬ورﺑﲈ أرﻳﺪ ﺑﻪ اﻟﺘﻌﺠﺐ‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫ﺑﴚء َ‬ ‫أﻏﺮﻳﺖ أﺣﺪا‬
‫َ‬ ‫)‪ (١‬إذا‬
‫)‪َ َ ْ ُ (٢‬‬
‫أأﺳﺘﻠﺐ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ﻟﻠﺴﻜﺖ‪ ،‬ﻣﺜﻞ )ﻣﺎﻟﻴﻪ وﺳﻠﻄﺎﻧﻴﻪ( ﰲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬اﳍﺎء ﰲ )إرﺛﻴﻪ( و)أﺑﻴﻪ( ﱠ ْ‬
‫)‪ (٤‬اﻟﻔﺮي‪ :‬اﻷﻣﺮ اﳌﺨﺘﻠﻖ‪.‬‬
‫)‪ (٥‬اﻟﻀﻤﲑ ﰲ )ﻓﺪوﻧﻜﻬﺎ( ﻳﻌﻮد ﻟﻔﺪك‪ ،‬أي‪ :‬ﺧﺬﻫﺎ‪ ،‬وﳐﻄﻮﻣﺔ ﻣﻦ اﳋﻄﺎم‪ ،‬وﻫﻮ‪ :‬ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻮﺿﻊ‬
‫واﻟﺮﺣﻞ ﻟﻠﻨﺎﻗﺔ ﻛﺎﻟﴪج ﻟﻠﻔﺮس‪ .‬واﻷﻣﺮ ﺑﺄﺧﺬﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﻟﻠﺘﻬﺪﻳﺪ‪.‬‬ ‫ﰲ أﻧﻒ اﻟﺒﻌﲑ ُﻟﻴﻘﺎد ﺑﻪ‪ ،‬ﱠ ْ‬
‫ﲢﺼﻦ ﲠﻢ اﻹﺳﻼم‪ ،‬وﰲ رواﻳـﺔ‪) :‬ﺣـﺼﻮن اﻹﺳـﻼم(‪ ،‬وﰲ رواﻳـﺔ أﺧـﺮى‪) :‬ﺣ َـﻀﻨَﺔ‬ ‫)‪ (٦‬أي اﻟﺬﻳﻦ ّ‬
‫اﻹﺳﻼم(‪ ،‬وﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﳛﺘﻀﻨﻮن اﻹﺳﻼم وﳛﻤﻮﻧﻪ‪.‬‬
‫)‪ (٧‬وﻧﻰ ﰲ اﻟﻌﻤﻞ‪ :‬ﻓﱰ وﺿﻌﻒ َ ﱠ‬
‫وﻛﻞ وأﻋﻴﺎ‪.‬‬
‫وﺟﻬﻠﺔ ﰲ اﻟﻌﻘﻞ‪.‬‬
‫ﺿﻌﻔﺔ ﰲ اﻟﻌﻤﻞ‪ْ َ ،‬‬ ‫)‪ (٨‬اﻟﻐﻤﻴﺰة‪ْ َ :‬‬
‫)‪ (٩‬اﻟﺴﻨﺔ‪ :‬أول اﻟﻨﻮم أواﻟﻨﻮم اﳋﻔﻴﻒ‪.‬‬
‫أﳞﺎ‪ :‬ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻫﻴﻬﺎت‪ .‬وﺑﻨﻮ ﻗﻴﻠﺔ‪ :‬اﻷوس واﳋﺰرج‪ .‬وﻗﻴﻠﺔ ﺑﻨﺖ ﻛﺎﻫﻞ‪ :‬اﺳﻢ أم ﳍﻢ ﻗﺪﻳﻤﺔ‪.‬‬ ‫)‪ً (١٠‬‬

‫‪١٥٤‬‬
 ‫‪‬‬

‫ـﺸﻤﻠﻜ ُُﻢ اﻟــﺼﻮت‪ ،‬وﻓــﻴﻜﻢ اﻟﻌــﺪة واﻟﻌﺘــﺎد‪ ،‬وﻟﻜــﻢ اﻟــﺪار‪ ،‬وﻋﻨ ــﺪﻛﻢ‬ ‫اﻟــﺪﻋﻮة‪ ،‬وﻳـ ُ‬
‫ـﺼﺎر رﺳ ــﻮﻟﻪ ﺻ ــﲆ اﷲ‬ ‫اﳉُ ـ َـﻨﻦ‪ ،‬وأﻧ ــﺘﻢ ُ‬
‫اﻷﱃ ﻧﺨﺒ ـ ُـﺔ اﷲ اﻟﺘ ــﻲ اﻧﺘﺨ ــﺐ ﻟﺪﻳﻨ ــﻪ‪ ،‬وأﻧ ـ ُ‬
‫ـﲑة اﷲ اﻟﺘــﻲ اﻧﺘﺠ ــﺐ ﻟﻨــﺎ أﻫـ َـﻞ اﻟﺒﻴ ــﺖ‪،‬‬
‫ﻋﻠﻴــﻪ وآﻟــﻪ وﺳــﻠﻢ‪ ،‬وأﻫ ـ ُـﻞ اﻹﺳــﻼم‪ ،‬وﺧـ ُ‬
‫)‪(٢‬‬ ‫)‪(١‬‬
‫ـﱪح أو ﺗﱪﺣـﻮن‪،‬‬ ‫اﻟﺒﻬﻢ‪ ،‬ﻻ َﻧ ْ َ‬ ‫ﻧﺎﺑﺬﺗﻢ اﻟﻌﺮب‪ ،‬وﻧﺎﻫﺰﺗﻢ اﻟﻌﺠﻢ‪ ،‬وﻛﺎﻓﺤﺘﻢ ُ َ‬
‫ﻧ ـ ــﺄﻣﺮﻛﻢ ﻓﺘ ـ ــﺄﲤﺮون‪ ،‬ﺣﺘ ـ ــﻰ اﺳ ـ ــﺘﻘﺎﻣﺖ ﻟﻜ ـ ــﻢ ﺑﻨ ـ ــﺎ اﻟ ـ ــﺪار‪ ،‬واﺳ ـ ــﺘﺪارت ﻟﻜ ـ ــﻢ ﺑﻨ ـ ــﺎ‬
‫)‪(٣‬‬
‫ـﻮرة اﻹﻓــﻚ‪ ،‬وﲬــﺪت‬ ‫ـﻜﻨﺖ ﻓـ ُ‬ ‫ـﻀﻌﺖ ُﺛﻐــﺮة اﻟــﴩك‪ ،‬وﺳـ َ ْ‬‫ﳏﺎﻟــﺔ اﻹﺳــﻼم‪ ،‬وﺧـ َ ْ‬
‫)‪(٤‬‬
‫ـﻜﻨﺖ ﻧ ْﻔ ـ َ ُ‬
‫ـﺮة‬ ‫ـﺐ اﻟ ــﺒﻼد‪ ،‬وﺳ ـ ْ‬ ‫ودر َﺣ َﻠ ـ ُ‬
‫ﻧــﲑان اﻟﻜﻔ ــﺮ‪ ،‬واﺳﺘﻮﺳ ــﻖ ﻧﻈ ــﺎم اﻟــﺪﻳﻦ‪ ،‬ﱠ‬
‫)‪(٥‬‬
‫ـﺮﺗﻢ ﺑﻌـﺪ اﻟﺒﻴـﺎن؟! وأﴎرﺗـﻢ ﺑﻌـﺪ‬ ‫اﻟﺸﻴﻄﺎن‪ ،‬وﻫﺪأت وﻏﺮة اﳍﺮج ‪ ،‬ﻓﺄﻧﻰ ِﺣ ْ ُ‬
‫ﻧﻜ ُﺜ ـ ــﻮا ْ َأ ْ َﲈ َﳖُ ـ ــﻢ ﱢﻣ ـ ــﻦ َﺑ ْﻌـ ـ ـ ِـﺪ‬
‫ـﺼﺘﻢ ﺑﻌ ــﺪ اﻹﻗ ــﺪام؟! ﻋ ــﻦ ﻗ ــﻮم ﴿ ﱠ َ‬
‫اﻹﻋ ــﻼن؟! وﻧﻜ ـ ُ‬
‫ـﺸﻮه ِإن ُﻛﻨـ ـ ـ ُـﺘﻢ‬ ‫ﳖﻢ َﻓ ـ ــﺎ ّ ُ َأ َﺣ ـ ـ ﱡـﻖ َأن َ ْ‬ ‫ِ ِ‬
‫ﲣــ َ ْ ُ‬ ‫ـﺪﻫﻢ﴾]اﻟﺘﻮﺑــــــﺔ‪َ ﴿ ،[١٢ :‬أ َ ْﺨـ ـ ـ َ ْ‬
‫ـﺸﻮ َ ُ ْ‬ ‫َﻋ ْﻬ ـ ـ ْ‬
‫ﱡُ ِِ َ‬
‫ﻣﺆﻣﻨﲔ﴾]اﻟﺘﻮﺑﺔ‪.[١٣:‬‬
‫)‪(٦‬‬
‫ـﻦ ﻫ ــﻮ أﺣ ـ ﱡـﻖ‬
‫ـﺪﺗﻢ َﻣ ـ ْ‬
‫ـﺪﺗﻢ إﱃ اﳋﻔ ــﺾ ‪ ،‬وأﺑﻌ ـ ْ ﱡ‬ ‫أﻻ ﻗ ــﺪ أرى واﷲ أن ﻗ ــﺪ أﺧ َﻠ ـ ْ ﱡ‬
‫)‪(٧‬‬
‫ﺑﺎﻟﺒ ـ ـ ــﺴﻂ واﻟﻘ ـ ـ ــﺒﺾ‪ ،‬وﺣﻠِﻴ ـ ـ ـ ُـﺘﻢ اﻟﺪﻋ ـ ـ ــﺔ ‪ ،‬وﻧﺠ ـ ـ ــﻮﺗﻢ ﻣ ـ ـ ــﻦ اﻟ ـ ـ ــﻀﻴﻖ ﺑﺎﻟ ـ ـ ــﺴﻌﺔ‪،‬‬

‫)‪ (١‬ﺗﻘــﻮل‪ :‬ﳖ ــﺰت اﻟــﺮﻣﺢ وﳖــﺰت ﺑــﻪ إذا ﻧﺨــﺴﺘﻪ‪ ،‬وﳖــﺰ اﳌــﺴﺘﻘﻲ دﻟــﻮه وﺑــﺪﻟﻮه ﰲ اﻟﺒﺌــﺮ إذا ﺣﺮﻛﻬــﺎ‬
‫ﻟﺘﻤﺘﲇء‪.‬‬
‫)‪ (٢‬اﳌﻜﺎﻓﺤﺔ‪ :‬ﻫﻲ اﳌﻮاﺟﻬﺔ ﺑﺎﻟﻘﺘﺎل وﻏﲑه‪.‬‬
‫ـﺮة اﻟﻌﻈﻴﻤـُﺔ اﻟﺘــﻲ ﺗــﺴﺘﻘﻲ ﲠــﺎ اﻹﺑ ُـﻞ‪ .‬اﺳـ ُـﺘﻌﲑت ﻟﻺﺳــﻼم‪ ،‬وﻛــﺄن ﻟــﻪ َﺑ َﻜــﺮة ﺗــﺪور‪،‬‬ ‫)‪َ (٣‬اﳌﺤﺎ َﻟ ُـﺔ‪َ :‬‬
‫اﻟﺒ َﻜـ َ ُ‬
‫ﺗﻌﺒﲑا ﻋﻦ ﺻﻼح أﻣﻮره‪ ،‬واﺳﺘﻘﺎﻣﺘﻬﺎ‪.‬‬
‫)‪ (٤‬اﺳﺘﻮﺳﻖ اﻟﴚء‪ :‬اﺟﺘﻤﻊ واﻧﻀﻢ ﺑﻌﻀﻪ إﱃ ﺑﻌﺾ‪.‬‬
‫)‪ (٥‬اﻟﻮﻏﺮة‪ :‬اﻟﻮﻗﺪة‪ ،‬واﳍﺮج‪ :‬اﻟﻔﺘﻨﺔ واﻟﻘﺘﻞ‪.‬‬
‫واﳋﻔﺾ‪ :‬ﺳﻌﺔ اﻟﻌﻴﺶ‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬أﺧﻠﺪ إﻟﻴﻪ‪ :‬رﻛﻦ وﻣﺎل‪َ .‬‬
‫)‪ (٧‬اﻟﺮاﺣﺔ‪.‬‬

‫‪١٥٥‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(٣‬‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫)‪(١‬‬

‫ـﺴﻮﻏﺘﻢ ‪،‬‬
‫وﳎ َ ْﺠ ُـﺘﻢ اﻟـﺬي وﻋﻴـﺘﻢ‪ ،‬ودﺳـﻌﺘﻢ اﻟـﺬي ﺗ ﱠ‬
‫ﻓﻌ ْﺠ ُـﺘﻢ ﻋـﻦ اﻟـﺪﻳﻦ‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫ﲪ ٌﻴﺪ﴾]إﺑﺮاﻫﻴﻢ‪.[٨:‬‬ ‫ِ‬
‫ﻟﻐﻨﻲ َ ِ‬ ‫ﻴﻌﺎ َ ِ ﱠ‬
‫ﻓﺈن ا ّ َ َ َ ﱞ‬ ‫ﲨ ً‬ ‫وﻣﻦ ِﰲ َ ْ ِ‬
‫اﻷرض َ ِ‬
‫ﺘﻢ َ َ‬ ‫و﴿ِإن َ ْ ُ ُ ْ‬
‫ﺗﻜﻔﺮوا َأ ُ ْ‬
‫)‪(٤‬‬
‫ـﺎﻣﺮﺗﻜﻢ ‪،‬‬ ‫أﻻ وﻗــﺪ ﻗﻠ ـ ُـﺖ اﻟ ــﺬي ﻗﻠ ــﺖ‪ ،‬ﻋ ــﲆ ﻣﻌﺮﻓ ــﺔ ﻣﻨ ــﻲ ْ‬
‫ﺑﺎﳋﺬﻟ ــﺔ اﻟﺘ ــﻲ ﺧ ـ َ ْ‬
‫)‪(٥‬‬
‫ـﻮﺑﻜﻢ‪ ،‬وﺧـ ـ ــﻮر اﻟﻘﻨـ ـ ــﺎة ‪ ،‬وﺿـ ـ ــﻌﻒ اﻟﻴﻘـ ـ ــﲔ‪،‬‬ ‫واﻟ َﻐـ ـ ـ ْـﺪرة اﻟﺘـ ـ ــﻲ اﺳﺘـ ـ ـ َ ْ‬
‫ـﺸﻌﺮﲥﺎ ﻗﻠـ ـ ـ ُ‬
‫(‬‫‪٨‬‬ ‫)‬ ‫(‬ ‫‪٧‬‬ ‫)‬ ‫)‪(٦‬‬
‫وﻟﻜﻨﻬــﺎ ﻓﻴــﻀﺔ اﻟــﻨﻔﺲ ‪ ،‬وﻧﻔﺜــﺔ اﻟﻐــﻴﻆ‪ ،‬وﺑ ّﺜــﺔ اﻟــﺼﺪر‪ ،‬وﻣﻌـ ِـﺬرة اﳊﺠــﺔ‪،‬‬
‫)‪(١٢‬‬ ‫)‪(١١‬‬ ‫)‪(١٠‬‬ ‫)‪(٩‬‬
‫ﻓ ـ ــﺪوﻧﻜﻤﻮﻫﺎ ﻓﺎﺣﺘﻘﺒﻮﻫ ـ ــﺎ ُﻣ ـ ـ ِ َ‬
‫ـﺪﺑﺮة اﻟﻈﻬـ ـ ــﺮ ‪ ،‬ﻧﺎﻛﺒ ـ ــﺔ اﳊ ـ ــﻖ ‪ ،‬ﻧﺎﻗﺒـ ـ ــﺔ‬
‫)‪(١٥‬‬ ‫)‪(١٤‬‬ ‫)‪(١٣‬‬
‫اﻷﺑ ـ ــﺪ‪ ،‬ﻣﻮﺻ ـ ــﻮﻟﺔ ﺑ ـ ـ َـﻨﺎر اﷲﱠِ‬ ‫ﺑـ ــﺸﻨﺎر‬ ‫‪ ،‬ﺑﺎﻗﻴ ـ ــﺔ اﻟﻌ ـ ــﺎر‪ ،‬ﻣﻮﺳ ـ ــﻮﻣﺔ‬ ‫اﳋـ ــﻒ‬

‫)‪ (١‬ﻋﺎج ﻋﻦ اﻷﻣﺮ‪ :‬اﻧﴫف ﻋﻨﻪ‪.‬‬

‫اﻟﴩاب ﻣﻦ ﻓﻴﻪ‪ :‬رﻣﻰ ﺑﻪ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ﻣﺞ‬
‫)‪ (٢‬ﱠ‬
‫وﺗﺴﻮغ اﻟﴚء‪ :‬ﴍﺑﻪ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ‪.‬‬ ‫ﱠ‬ ‫)‪ (٣‬اﻟﺪﺳﻊ‪ :‬اﻟﻘﻲء واﻟﺪﻓﻊ‪.‬‬
‫ﺧﺎﻟﻄﺘﻜﻢ‪.‬‬‫وﺧﺎﻣﺮﺗﻜﻢ‪َ َ :‬‬ ‫ََ‬ ‫)‪ (٤‬اﳋﺬﻟﺔ‪ :‬ﺗﺮك اﻟﻨﴫ‪.‬‬
‫)‪ (٥‬اﳋﻮر‪ :‬اﻟﻀﻌﻒ‪ .‬واﻟﻘﻨﺎة‪ :‬ﺻﻌﺪة اﻟﺮﻣﺢ‪ .‬واﳌﺮاد‪ :‬ﺿﻌﻒ اﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ اﻟﺼﱪ ﻋﲆ اﻟﺸﺪة‪.‬‬
‫)‪ (٦‬اﳌﺮاد إﻇﻬﺎر ﻣﺎ ﻛﺎن ﰲ اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻜﺘﻮﻣﺎ‪.‬‬
‫)‪ (٧‬اﻟﻨﻔﺜﺔ‪ :‬اﻟﻨﻔﺨﺔ‪.‬‬
‫)‪ (٨‬اﻟﺒﺚ‪ :‬اﻟﻨﴩ واﻹﻇﻬﺎر‪ ،‬واﳍﻢ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻘﺪر ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻋﲆ ﻛﺘﲈﻧﻪ ﻓﻴﺒﺜﻪ‪.‬‬
‫)‪ (٩‬أي ﻓﺨ ــﺬوﻫﺎ‪ ،‬واﻟ ــﻀﻤﲑ ﻳﺮﺟـ ــﻊ ﻟﻸﺷ ــﻴﺎء اﻟﺘ ــﻲ ﻫ ــﻲ ﻣ ــﻦ ﺣ ــﻖ ﻓﺎﻃﻤ ــﺔ وزوﺟﻬ ــﺎ ﻋ ــﲇ ﻋﻠ ــﻴﻬﲈ‬
‫اﻟﺴﻼم‪ ،‬ﻛﺎﻹﻣﺎﻣﺔ‪ ،‬واﻹرث‪ ،‬واﻟﻨﺤﻠﺔ‪.‬‬
‫)‪ (١٠‬اﺣﺘﻘﺐ اﻹﺛﻢ‪ :‬ﲨﻌﻪ‪.‬‬
‫)‪ (١١‬ﻣﻦ اﻹدﺑﺎر‪ ،‬وﻫﻮ ﺿﺪ اﻹﻗﺒﺎل‪.‬‬
‫ﻧﺤﺎه وأﺑﻌﺪه‪.‬‬
‫)‪ (١٢‬ﻣﻦ ﻧﻜﺒﻪ‪ :‬إذا ﱠ‬
‫)‪ (١٣‬اﻟﻨ َﱠﻘﺐ‪ :‬رﻗﺔ ﺧﻒ اﻟﺒﻌﲑ‪.‬‬
‫ﻣﻌﻠﻤﺔ ﺑﺴﻤﺔ أو ﻋﻼﻣﺔ‪.‬‬ ‫)‪ (١٤‬أي ُ ْ َ َ‬
‫)‪ (١٥‬اﻟﺸﻨﺎر‪ :‬اﻟﻌﻴﺐ واﻟﻌﺎر‪.‬‬

‫‪١٥٦‬‬
 ‫‪‬‬

‫ـﺪة﴾]اﳍﻤـــﺰة‪ ،[٧-٦ :‬ﻓﺒﻌــﲔ اﷲ ﻣــﺎ ﺗﻔﻌﻠــﻮن‪،‬‬‫اﻷﻓ ِﺌ ـ َ ِ‬ ‫ﻤﻮﻗﺪة ﴿ ﱠاﻟﺘِ ــﻲ َ ﱠ‬

‫ﺗﻄ ِﻠ ـ ُـﻊ َﻋ ـ َـﲆ ْ َ ْ‬ ‫ا ْﻟ ـ ُ َ َ‬
‫ـﻮن﴾]اﻟـﺸﻌﺮاء‪ ،[٢٢٧:‬وأﻧـﺎ اﺑﻨـﺔ ﻧ ٍ‬ ‫ـﺐ َ ِ‬ ‫َ ِ‬
‫ـﺬﻳﺮ‬ ‫ﻳﻨﻘﻠ ُﺒ َ‬‫ﻣﻨﻘ َﻠ ٍ َ‬ ‫ﻇﻠﻤﻮا َ ﱠ‬
‫أي ُ َ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ َ َ ُ‬ ‫وﺳﻴﻌﻠﻢ ﱠ َ‬‫﴿َ َ َْ ُ‬
‫واﻧﺘ ِﻈ ـ ـ ـ ُـﺮوا ِإ ﱠﻧـ ـ ـ ــﺎ‬ ‫ﻟﻜ ــﻢ ﺑ ــﲔ ﻳ ــﺪي ﻋـ ــﺬاب ﺷ ــﺪﻳﺪ‪ ،‬ﻓ ــﺎﻋﻤﻠﻮا ﴿ ِإ ﱠﻧ ـ ـ ــﺎ َﻋ ـ ـ ـ ِ ُ َ‬
‫ـﺎﻣﻠﻮن ‪َ َ .‬‬
‫ُ َ ُِ َ‬
‫ﻣﻨﺘﻈﺮون﴾]ﻫﻮد‪."[١٢٢ -١٢١ :‬‬
‫ﻓﺘﻤﺜ َﻠـ ْـﺖ‬
‫ـﱪة‪ ،‬ﱠ‬ ‫ﺛـﻢ ﻋﻄﻔــﺖ ﻋــﲆ ﻗــﱪ أﺑﻴﻬــﺎ ﺻــﲆ اﷲ ﻋﻠﻴــﻪ وآﻟــﻪ‪ْ َ َ ،‬‬
‫ﻓﺨﻨﻘﺘﻬــﺎ اﻟ َﻌـ ْ َ‬
‫ﺑﻘﻮل ﻋﻤﺘﻬﺎ ﺻﻔﻴﺔ ﺑﻨﺖ ﻋﺒﺪ اﳌﻄﻠﺐ‪:‬‬
‫)‪(١‬‬
‫ـﺎﻫﺪﲥﺎ ﱂ َﺗﻜ ُﺜ ـ ـ ـ ِـﺮ اﳋُﻄ ـ ـ ـ ُـﺐ‬
‫ﻟـ ـ ــﻮ ﻛﻨ ـ ـ ـ َـﺖ ﺷ ـ ـ ـ ْ َ‬ ‫"ﻗ ـ ـ ـ ــﺪﻛ ـ ـ ـ ــﺎن ﺑﻌ ـ ـ ـ ــﺪك أﻧﺒ ـ ـ ـ ـ ٌـﺎءوﻫﻨﺒﺜ ـ ـ ـ ــﺔ‬
‫ـﻬﺪﻫﻢ ﻓ َﻘ ـ ـ ْـﺪ ُﻧﻜِ ُﺒ ـ ــﻮا‬
‫واﺧﺘـ ـ ﱠـﻞ ﻗﻮ ُﻣ ـ ــﻚ ﻓﺎﺷـ ـ ْ‬ ‫ِ‬
‫اﻷرض َ‬
‫واﺑﻠﻬ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ‬ ‫إﻧـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻓﻘـ ـ ـ ـ ـ ــﺪﻧﺎكﻓﻘـ ـ ـ ـ ـ ـ َـﺪ‬
‫ـﻀﻴﺖ وﺣﺎﻟ ـ ـ ــﺖ دوﻧ ـ ـ ــﻚ اﻟﻜ ُﺘ ـ ـ ـ ُـﺐ‬ ‫ﳌ ـ ـ ــﺎ ﻗ ـ ـ ـ ْ َ‬ ‫أﺑ ـ ــﺪت رﺟ ـ ـ ٌـﺎل ﻟﻨ ـ ــﺎ ﻧﺠ ـ ــﻮى ﺻ ـ ـ ِ‬
‫ـﺪورﻫُﻢ‬
‫ﺠ ـ ـ ـ ـ ُـﺐ‬ ‫ِ‬
‫ﻓﻐﺒْ ـ ـ ـ ـ َـﺖ ﻋﻨـ ـ ـ ــﺎ ﻓﻜ ـ ـ ـ ـ ﱡـﻞ اﳋ ـ ـ ـ ـ ِـﲑ ﳏﺘَ ِ‬ ‫وﻛ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎن ﺟﱪﻳ ـ ـ ـ ـ ـ ُـﻞ ﺑﺎﻵﻳ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎت ُﻳﺆﻧ ِـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـﺴﻨﺎ‬
‫ـﺰل ﻣـ ـ ــﻦ ذي اﻟﻌـ ـ ــﺰة اﻟﻜﺘ ـ ـ ـ ُـﺐ‬ ‫ﻋﻠ ـﻴ ـ ــﻚ ﺗﻨـ ـ ـ ِ ُ‬ ‫ـﻀﺎء ﺑـ ـ ـ ـ ــﻪ‬
‫ﻳﺴﺘـَ ـ ـ ـ ـ ُ‬
‫ـﺪرا ُ ْ‬
‫ـﻮرا وﺑـ ـ ـ ـ ـ ْ ً‬
‫وﻛﻨ ـ ـ ـ ـ َـﺖ ﻧ ـ ـ ـ ـ ً‬
‫ِ‬ ‫ـﻀﻤﺘﻨﺎ رﺟـ ـ ـ ـ ـ ٌـﺎل واﺳ ـ ـ ـ ـ ـ ُ ِ ﱠ‬
‫ﻣـ ـ ْـﺬ ﻏﺒ ْـ ـ َـﺖ ﻋﻨ ـ ــﺎ ﻓـ ــﻨﺤﻦ اﻟﻴ ـ ــﻮم ُ ْﻧﻐ َﺘ ـ ـ َ ُ‬
‫ـﺼﺐ‬ ‫ـﺘﺨﻒ ﺑﻨـ ـ ـ ـ ـ ــﺎ‬ ‫ﲥـــــ ﱠ َ ْ‬
‫ـﺮب‬
‫ﻣـ ـ ـ ـ ـ ــﻦ اﻟﱪﻳ ـ ـ ـ ـ ــﺔ ﻻ ُﻋﺠـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـﻢ وﻻ َﻋ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـﺮزه أﺣ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـﺪ‬ ‫وﻗ ـ ـ ـ ـ ــﺪ ُ ِ‬
‫رزﺋﻨ ـ ـ ـ ـ ــﺎ اﻟـ ـ ـ ـ ــﺬي ﱂ ُﻳ ـ ـ ـ ـ ـ ْ َ‬
‫)‪(٢‬‬
‫ﴎب "‬ ‫ﺑﺘﻬﺘَـ ـ ــﺎن ﳘـ ـ ــﻰ َ ِ ُ‬
‫ﻣـ ـ ــﻦ اﻟﻌﻴـ ـ ــﻮن َ ٍ‬
‫ْ‬ ‫ﻓ ـ ــﺴﻮف ﻧﺒﻜﻴ ـ ـ َـﻚ ﻣ ـ ــﺎ ﻋ ـ ــﺸﻨﺎ وﻣ ـ ــﺎ ِﺑﻘﻴ ـ ـ ْـﺖ‬

‫ـﺮوى أﳖــﺎ وﻗﻔــﺖ ﻋــﲆ ﻗــﱪ أﺑﻴﻬــﺎ ﱠ َ‬

‫ﻓﺠﻠﻠ ْﺘـﻪ ﺑﺮداﺋﻬــﺎ‪ ،‬ﺛــﻢ ﺗﻨﺎوﻟـ ْـﺖ ﺣﻔﻨــﺔ ﻣــﻦ‬ ‫و ُﻳ ْ َ‬

‫اﻷﻣﻮر اﻟﺸﺪاد اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ‪.‬‬

‫ُ‬ ‫)‪ (١‬اﳍﻨﺒﺜﺔ واﺣﺪة اﳍﻨﺎﺑﺚ‪ ،‬وﻫﻲ‪:‬‬
‫)‪ (٢‬اﻟﺘﻬﺘ ــﺎن‪ :‬ﻣﻄ ــﺮ ﻳﻔ ــﱰ ﺛ ــﻢ ﻳﻌ ــﻮد‪ .‬وﳘ ــﻰ‪ :‬ﺳ ــﺎل‪ .‬وﴎب اﳌ ـ ُـﺎء‪ :‬ﺳ ــﺎل‪ ،‬ﻓﻬ ــﻮ َ ِ ُ‬
‫ﴎب‪ ،‬ورﻓﻌ ــﻪ ﻋ ــﲆ‬
‫ﺳﻜﺐ‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫ﺑﺘﻬﲈل ﻟﻪ ُ ُ ُ‬ ‫اﻟﻘﻄﻊ‪ ،‬وأﻧﻪ ﺧﱪ ﻣﺒﺘﺪأ ﳏﺬوف‪ ،‬ﺗﻘﺪﻳﺮه‪ :‬ﻫﻮ ﴎب‪ ،‬وﰲ رواﻳﺔ‪:‬‬

‫‪١٥٧‬‬
 ‫‪‬‬

‫اﳌﺘﻘﺪﻣﺔ‪:‬‬‫ﻓﺸﻤﺘﻪ‪ ،‬وﻫﻲ ﺗﻘﻮل ﻗﺒﻞ ﻫﺬه اﻷﺑﻴﺎت ﱢ‬ ‫ﺗﺮﺑﺔ اﻟﻘﱪ ﱠ‬

‫)‪(١‬‬ ‫ٍ‬
‫"ﻣ ـ ـ ـ ــﺎذا ﻋ ـ ـ ـ ــﲆ َﻣ ـ ـ ـ ــﻦ َﺷ ـ ـ ـ ـ ﱠـﻢ ُ ْﺗﺮ َﺑ ـ ـ ـ ـ َـﺔ أﲪ ـ ـ ـ ــﺪ أن ﻻ َﻳ ـ ـ ـ ـ ـ ُ ﱠ‬
‫ـﺸﻢﻣ ـ ـ ـ ـ ــﺪااﻟﺰﻣ ـ ـ ـ ـ ــﺎن ﻏﻮاﻟﻴ ـ ـ ـ ـ ــﺎ‬
‫ـﺒﺖ ﻋ ـ ـ ـ ــﲆ اﻷﻳ ـ ـ ـ ـ ِـﺎم ُﻋ ـ ـ ـ ـ ْ َ‬
‫ـﺪنﻟﻴﺎﻟﻴ ـ ـ ـ ــﺎ"‬ ‫ُﺻ ـ ـ ـ ـ ﱠ ْ‬ ‫ـﺼﺎﺋﺐﻟ ـ ـ ـ ـ ــﻮأ ّﳖ ـ ـ ـ ـ ــﺎ‬
‫ـﺒﺖ ﻋ ـ ـ ـ ـ ــﲇﻣ ـ ـ ـ ـ ـ ٌ‬
‫ُﺻ ـ ـ ـ ـ ـ ﱠ ْ‬
‫ﻓﻠــﻢ ُﻳ ـ َـﺮ ﺑﻌ ــﺪ اﻟﻴ ــﻮم اﻟ ــﺬي ُﻗ ـ ِـﺒﺾ ﻓﻴ ــﻪ رﺳ ـ ُ‬
‫ـﻮل اﷲ ﺻ ــﲆ اﷲ ﻋﻠﻴ ــﻪ وآﻟ ــﻪ وﺳ ــﻠﻢ‬
‫أﻛﺜ َـﺮ ﺑﺎﻛﻴـ ًـﺎ وﻻ ﺑﺎﻛﻴــﺔ ﻣــﻦ ذﻟــﻚ اﻟﻴــﻮم اﻟـﺬي ﺧ َﻄ َﺒـ ْـﺖ ﻓﻴــﻪ اﻟﺰﻫــﺮاء ﻫــﺬه اﳋﻄﺒــﺔ‪،‬‬
‫ـﻮات ﻣ ــﻦ دور ﺑﻨـ ــﻲ ﻋﺒـ ــﺪ‬
‫ـﺖ اﻷﺻـ ـ ُ‬ ‫وار ﱠﲡ ــﺖ اﳌﺪﻳﻨـ ــﺔ‪ ،‬وﺻـ ــﺎح اﻟﻨ ــﺎس‪ ،‬وارﺗﻔﻌـ ـ ِ‬

‫ـﻦ ﻋﺒـ ِـﺪ اﳌﻄﻠــﺐ‬

‫ـﺎس ﺑـ ُ‬ ‫ـﺾ ِ‬
‫دور اﳌﻬــﺎﺟﺮﻳﻦ واﻷﻧــﺼﺎر‪ ،‬وﺟــﺎء اﻟﻌﺒـ ُ‬ ‫اﳌﻄﻠــﺐ‪ ،‬وﺑﻌـ ِ‬
‫وردﻫﺎ إﱃ ﻣﻨﺰﳍﺎ‪.‬‬
‫ﻓﺄﺧﺬ ﺑﻴﺪﻫﺎ‪ ،‬ﱠ‬

‫)‪ (١‬اﻟﻐﻮاﱄ‪ ،‬ﲨﻊ ﻏﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬وﻫﻲ‪ :‬أﺧﻼط ﻣﻦ ﱢ‬

‫اﻟﻄﻴﺐ ﻛﺎﳌﺴﻚ واﻟﻌﻨﱪ‪.‬‬

‫‪١٥٨‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪ (١)‬‬

‫ﳌــﺎ اﺷــﺘﺪ ﺑﻔﺎﻃﻤــﺔ ﺑﻨــﺖ رﺳــﻮل اﷲ ‪ ‬اﻟﻮﺟــﻊ‪ ،‬وﺛﻘﻠــﺖ ﰲ ﻋﻠﺘﻬــﺎ‪ ،‬اﺟﺘﻤــﻊ‬

‫ﻓﻘ ْﻠـﻦ ﳍـﺎ‪ :‬ﻛﻴــﻒ أﺻ ِ‬
‫ـﺒﺤﺖ ﻣــﻦ‬ ‫ﻋﻨـﺪﻫﺎ ﻧـﺴﺎء ﻣــﻦ ﻧـﺴﺎء اﳌﻬـﺎﺟﺮﻳﻦ واﻷﻧــﺼﺎر‪ُ ،‬‬
‫)‪(٣‬‬ ‫)‪(٢‬‬
‫ـﺒﺤﺖ واﷲِ ﻋﺎﺋﻔـ ًـﺔ ﻟـﺪﻧﻴﺎﻛﻢ‪ ،‬ﻗﺎﻟﻴــﺔ‬ ‫ﻋﻠﺘـﻚ ﻳـﺎ اﺑﻨــﺔ رﺳـﻮل اﷲ؟ ﻗﺎﻟــﺖ‪" :‬أﺻ ْ ُ‬
‫)‪(٥‬‬ ‫)‪(٤‬‬
‫ً‬ ‫ﻓﻘﺒﺤﺎ‬ ‫ﺳﱪﲥﻢ ‪،‬‬ ‫وﺷﻨﺌﺘﻬﻢ ﺑﻌﺪ أن َ َ ْ ُ‬ ‫ﻋﺠﻤﺘﻬﻢ ‪ُ ِ ،‬‬ ‫ﻟﻔﻈﺘﻬﻢ ﺑﻌﺪ أن َ ْ ُ‬ ‫ﻟﺮﺟﺎﻟﻜﻢ‪ُ ْ ،‬‬
‫)‪(٨‬‬ ‫)‪(٧‬‬ ‫)‪(٦‬‬
‫ـﺪﻣﺖ َﳍ ُ ـ ْـﻢ‬ ‫ﻄــﻞ اﻟــﺮأي ‪َ ﴿ ،‬ﻟ ِﺒ ـ ْ َ‬
‫ـﺌﺲ َﻣ ــﺎ َﻗ ـ ﱠ َ ْ‬ ‫وﺧ َ‬
‫ُﻟﻔﻠــﻮل اﳊــﺪ ‪ ،‬و َﺧـ َـﻮر اﻟﻘﻨــﺎة ‪َ ،‬‬
‫)‪(٩‬‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﻢ ِ‬
‫ﻫﻢ َ ِ ُ َ‬
‫ﺧﺎﻟﺪون﴾]اﳌﺎﺋﺪة‪ .[٨٠:‬ﻻ ﺟﺮم‬ ‫وﰲ ْ َ َ ِ‬
‫اﻟﻌﺬاب ُ ْ‬ ‫ﻔﺴﻬﻢ َأن َ ِ َ‬
‫ﺳﺨﻂ ا ّ ُ َ َ ْ ِ ْ َ‬ ‫َأ ُ ُ ُ ْ‬

‫)‪ (١‬ﻧ ــﺺ ﻫ ــﺬه اﳋﻄﺒ ــﺔ ﻣ ــﺄﺧﻮذ ﻣ ــﻦ ﺑﻼﻏ ــﺎت اﻟﻨ ــﺴﺎء ﻻﺑ ــﻦ ﻃﻴﻔ ــﻮر )ت‪٢٨٠‬ﻫـ ـ(‪ ،‬ص‪٢٥ -٢٣‬؛‬
‫واﻟﺴﻘﻴﻔﺔ وﻓﺪك ﻟﻠﺠﻮﻫﺮي )ت‪٣٢٣‬ﻫـ(‪ ،‬ص‪١١٨ -١١٧‬؛ وﻧﺜﺮ اﻟﺪر ﻟﻶﰊ )ت‪٤٢١‬ﻫـ(‪،‬‬
‫ج‪ ،٤‬ص‪٩ -٨‬؛ واﻟﺸﺎﰲ ﻟﻺﻣﺎم ﻋﺒﺪاﷲ ﺑـﻦ ﲪـﺰة )ت‪٦١٤‬ﻫـ(‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪٥٤٥‬؛ وﴍح ﳖـﺞ‬
‫اﻟﺒﻼﻏﺔ ﻻﺑﻦ أﰊ اﳊﺪﻳﺪ اﳌﻌﺘﺰﱄ )ت‪٦٥٦‬ﻫـ(‪ ،‬ج‪ ،١٦‬ص‪.٢٣٤ -٢٣٣‬‬
‫)‪ (٢‬ﻛﺎرﻫﺔ‪.‬‬
‫)‪ (٣‬ﻣﺒﻐﻀﺔ‪.‬‬
‫أﺻﻠﺐ ﻫﻮ أم رﺧﻮ‪ .‬واﳌﻌﻨﻰ‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ﺗﻨﻈﺮ‬
‫ﻋﻀﻀﺘﻪ‪ُ ،‬‬
‫اﻟﻌﻮد إذا َ ْ َ‬
‫َ‬ ‫ﻋﺠﻤﺖ‬
‫ْ َ‬ ‫اﻟﻌﺠﻢ‪ :‬ﻫﻮ اﻟﻌﺾ‪ ،‬ﻳﻘﺎل‪:‬‬ ‫)‪ُ ْ (٤‬‬
‫ﺮﺑﺘﻬﻢ‪.‬‬
‫ﻧﺒﺬﲥﻢ ﺑﻌﺪ أن ﺟ ّ ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫اﺧﺘﱪﲥﻢ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أﺑﻐﻀﺘﻬﻢ ﺑﻌﺪ أن‬
‫ُ‬ ‫)‪(٥‬‬
‫ﺗﺜﻠﻤﻪ‪.‬‬ ‫)‪ (٦‬ﱡ‬
‫ﻛﴪﻫﺎ‪ .‬ﰲ ﺑﻼﻏﺎت اﻟﻨﺴﺎء‪ :‬اﻟﻘﻨﺎ‪.‬‬ ‫ﺿﻌﻔﻬﺎ أو ُ‬ ‫ُ‬ ‫)‪(٧‬‬
‫)‪ (٨‬ﻓﺴﺎده‪.‬‬
‫)‪ (٩‬أﺻﻠﻪ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻻ ﺑﺪ‪ ،‬أو ﻻ ﳏﺎﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻜﺜﺮ اﺳﺘﻌﲈﻟﻪ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﲢﻮل إﱃ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻘﺴﻢ‪.‬‬

‫‪١٥٩‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(٤‬‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫)‪(١‬‬

‫ـﺪﻋﺎ وﻋﻘ ـ ـ ـًﺮا‬ ‫ـﺪﲥﻢ ِ َ َ‬
‫رﺑﻘﺘﻬـ ـ ــﺎ ‪ ،‬وﺷـ ـ ـ ّـﻨﺖ ﻋﻠـ ـ ــﻴﻬﻢ ﻏﺎرﲥـ ـ ــﺎ ‪ ،‬ﻓ َﺠـ ـ ـ ْ ً‬ ‫ﻟﻘـ ـ ــﺪ ﻗ ﱠﻠـ ـ ـ َ ْ ُ‬
‫)‪(٥‬‬
‫وﺑﻌﺪا ﻟﻠﻘﻮم اﻟﻈﺎﳌﲔ‪.‬‬
‫ُ ً‬
‫)‪(٦‬‬
‫وﳛﻬــﻢ أ ﱠﻧ ــﻰ زﺣﺰﺣﻮﻫــﺎ ﻋــﻦ رواﳼ اﻟﺮﺳــﺎﻟﺔ‪ ،‬وﻗﻮاﻋــﺪ اﻟﻨﺒــﻮة‪ ،‬وﻣﻬــﺒﻂ‬ ‫َ‬
‫(‬‫‪٨‬‬ ‫)‬ ‫(‬‫‪٧‬‬ ‫)‬
‫اﻟـ ــﺮوح اﻷﻣـ ــﲔ‪ ،‬واﻟﻄـ ــﺒِﻦ ﺑـ ــﺄﻣﻮر اﻟـ ــﺪﻧﻴﺎ واﻟـ ــﺪﻳﻦ؟!! ‪ََ﴿ ،‬أﻻ َذﻟِـ ـ ـ ـ َ‬
‫ـﻚ ُﻫـ ـ ـ ـ َـﻮ‬
‫اﳋﴪا ُن ْ ُ ِ ُ‬
‫اﳌﺒﲔ﴾]اﻟﺰﻣﺮ‪.[١٥:‬‬ ‫ُْ ْ َ‬
‫)‪(١٠‬‬ ‫)‪(٩‬‬
‫ﺳ ــﻴﻔﻪ‪،‬‬ ‫ـﲑ‬
‫وﻣ ــﺎ اﻟ ــﺬي ﻧﻘﻤ ــﻮا ﻣ ــﻦ أﰊ اﳊ ــﺴﻦ؟! ﻧﻘﻤ ــﻮا واﷲ ﻣﻨ ــﻪ ﻧﻜ ـ َ‬
‫)‪(١٢‬‬ ‫)‪(١١‬‬
‫ـﺪة وﻃﺄﺗ ِـ ـ ـ ــﻪ‪ ،‬وﻧﻜ ـ ـ ـ ـ َـﺎل وﻗﻌﺘ ِـ ـ ـ ــﻪ‪ ،‬وﺗﻨ ﱡﻤ ـ ـ ـ ـ َـﺮه ﰲ ذات اﷲ ‪ ،‬وﺗ ـ ـ ـ ــﺎﷲ ﻟ ـ ـ ـ ــﻮ‬
‫وﺷ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫)‪(١٣‬‬
‫ﺗﻜـ ـ ـ ﱡـﺎﻓﻮا ﻋـ ـ ــﻦ زﻣـ ـ ــﺎم ﻧﺒـ ـ ــﺬه إﻟﻴـ ـ ــﻪ رﺳ ـ ــﻮل اﷲ ﺻـ ـ ــﲆ اﷲ ﻋﻠﻴـ ـ ــﻪ وآﻟـ ـ ــﻪ وﺳـ ـ ــﻠﻢ‬
‫)‪ (١‬أي ﻣﺴﺆوﻟﻴﺘﻬﺎ‪ ،‬واﻟﻀﻤﲑ ﻋﺎﺋﺪ إﱃ اﻟﻮﻻﻳﺔ‪.‬‬
‫ﺻﺒﺖ‪.‬‬ ‫)‪ّ (٢‬‬
‫)‪ (٣‬ﰲ ﺑﻼﻏﺎت اﻟﻨﺴﺎء‪ :‬وﺷﻨﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻋﺎرﻫﺎ‪.‬‬
‫)‪ (٤‬اﳉـﺪع‪ :‬ﻗﻄـﻊ اﻷﻧـﻒ‪ ،‬واﻟﻌﻘــﺮ‪ :‬ﴐب ﻗـﻮاﺋﻢ اﻟﺒﻌـﲑ ﺑﺎﻟـﺴﻴﻒ وﻧﺤــﻮه‪ ،‬واﳉﻤﻠـﺔ دﻋـﺎء ﻋـﲆ ﻣــﻦ‬
‫اﻏﺘﺼﺐ وﻻﻳﺔ اﻷﻣﺮ‪.‬‬
‫)‪ (٥‬ﰲ اﻟﺴﻘﻴﻔﺔ وﻓﺪك‪ ،‬وﰲ ﴍح ﳖﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ‪ :‬وﺳﺤﻘﺎ ﻟﻠﻘﻮم‪..‬إﻟﺦ‪.‬‬
‫)‪ (٦‬ﰲ اﻟ ــﺴﻘﻴﻔﺔ وﻓـ ــﺪك‪ ،‬وﰲ ﻧﺜـ ــﺮ اﻟـ ـﺪر‪ ،‬وﰲ ﴍح ﳖ ــﺞ اﻟﺒﻼﻏـ ــﺔ‪ :‬أﻳـ ــﻦ زﺣﺰﺣﻮﻫـ ــﺎ‪ .‬وﰲ اﻟـ ــﺸﺎﰲ‪:‬‬
‫وﻳﻠﻬﻢ ﻟﻘﺪ زﺣﺰﺣﻮﻫﺎ‪.‬‬
‫ـﺒﻦ‪ :‬اﳋﺒــﲑ‪ .‬وﰲ اﻟــﺴﻘﻴﻔﺔ وﻓــﺪك‪ ،‬وﰲ ﴍح ﳖــﺞ اﻟﺒﻼﻏــﺔ‪ :‬واﻟﻄﻴﺒــﲔ ﺑــﺄﻣﺮ اﻟــﺪﻧﻴﺎ واﻟــﺪﻳﻦ‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬اﻟﻄ ِ ُ‬
‫وﰲ اﻟﺸﺎﰲ‪ :‬واﻟﻄﻴﺒﲔ ﻷﻫﻞ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻟﺪﻳﻦ‪.‬‬
‫)‪ (٨‬ﺗﺮﻳﺪ ﻛﻴﻒ زﺣﺰﺣﻮا وﻻﻳﺔ اﻷﻣﺮ ﻋﻦ اﻹﻣﺎم ﻋﲇ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم‪ ،‬وﻫﻮ اﳋﺒﲑ ﺑﺄﻣﻮر اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻟﺪﻳﻦ‪.‬‬
‫)‪ (٩‬ﰲ اﻟﺸﺎﰲ‪ :‬وﻣﺎ ﻧﻘﻤﻮا ﻣﻦ أﰊ ﺣﺴﻦ‪.‬‬
‫)‪ (١٠‬ﺷﺪﻳﺪ‪.‬‬
‫)‪ (١١‬أي ﻏﻀﺒﻪ ﷲ‪.‬‬
‫)‪ (١٢‬ﰲ ﺑﻼﻏﺎت اﻟﻨﺴﺎء‪ :‬وﻳﺎ ﷲ‪.‬‬
‫)‪ (١٣‬أي ﻟﻮ ﻛﻒ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎ ﻋـﻦ أﺧـﺬ ﻫـﺬا اﻟﺰﻣـﺎم )اﻟﻮﻻﻳـﺔ( اﻟـﺬي أﻋﻄـﺎه ﻟـﻪ رﺳـﻮل اﷲ ﺻـﲆ‬
‫اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ وﺳﻠﻢ‪.‬‬

‫‪١٦٠‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(٤‬‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫)‪(٢‬‬

‫ﻳﺘﻌ َﺘ ـ ُـﻊ‬
‫ـﺸﺎﺷﻪ ‪ ،‬وﻻ ُ َ ْ‬ ‫ـﺠﺤﺎ ‪ ،‬ﻻ ُﻳ ْﻜ َﻠ ــﻢ ِﺧ ـ ُ‬ ‫ـﲑا ﺳ ـ ً‬ ‫ﻻﻋﺘﻘﻠ ــﻪ)‪ ،(١‬وﻟ ــﺴﺎر ﲠ ــﻢ ﺳ ـ ً‬
‫)‪(٦‬‬ ‫)‪(٥‬‬
‫ـﻀﻔﺎﺿﺎ ﺗﻄﻔ ــﺢ ﺿ ــﻔﺘﺎه ‪ ،‬وﻷﺻ ــﺪرﻫﻢ‬ ‫ً‬ ‫ـﻨﻬﻼ روﻳ ـ ًـﺎ ﻓ ـ‬
‫راﻛ ُﺒ ــﻪ‪ ،‬وﻷوردﻫ ــﻢ ﻣ ـ ً‬
‫(‬‫‪٨‬‬ ‫)‬ ‫)‪(٧‬‬
‫ﺑﻄﺎﻧـ ـ ًـﺎ ﻗ ـ ــﺪ ﲢـ ــﺮى ﲠ ـ ــﻢ اﻟـ ــﺮي ‪ ،‬ﻏ ـ ــﲑ ﻣﺘﺤـ ـ ﱟـﻞ ﻣ ـ ــﻨﻬﻢ ﺑﻄﺎﺋـ ــﻞ ﺑﻌﻤﻠِـ ــﻪ اﻟﺒ ـ ــﺎﻫﺮ‪،‬‬
‫)‪(٩‬‬
‫ـﺎت ﻣ ــﻦ اﻟ ــﺴﲈء )واﻷرض‬ ‫وﻟﻔﺘِ َﺤ ـ ْـﺖ ﻋﻠ ــﻴﻬﻢ ﺑﺮﻛ ـ ٌ‬ ‫ورد ِﻋ ــﻪ َﺳ ــﻮرة اﻟ ــﺴﺎﻏﺐ ‪ُ ،‬‬

‫)‪ (١‬أي وﺿﻌﻪ ﺑﲔ رﻛﺎﺑﻪ وﺳﺎﻗﻪ ﻛﲈ ﻳﻌﺘﻘﻞ اﻟﺮﻣﺢ‪.‬‬

‫ـﻬﻼ‪ .‬وﰲ اﻟ ــﺴﻘﻴﻔﺔ وﻓ ــﺪك‪ ،‬ﺑﻠﻔ ــﻆ‪) :‬ﻻﻋﺘﻠﻘ ــﻪ(‪ ،‬و)ﺳ ــﲑا ﺳ ــﻤﺠﺎ(‪ .‬وﰲ ﴍح ﳖ ــﺞ اﻟﺒﻼﻏ ــﺔ‪:‬‬ ‫)‪ (٢‬ﺳ ـ ً‬
‫ﻻﻋﺘﻠﻘﻪ‪ .‬وﰲ ﺑﻼﻏﺎت اﻟﻨﺴﺎء‪ :‬ﻟﻮ ﺗﻜﺎﻓﺄوا‪..‬اﻟﺦ‪.‬‬
‫)‪ (٣‬ﻻ ﳚـﺮح ﺟﺎﻧﺒــﻪ‪ ،‬واﳋـﺸﺎش ﻋــﻮد ﳚﻌـﻞ ﰲ أﻧــﻒ اﻟﺒﻌــﲑ ﻳـﺸﺪ ﺑــﻪ اﻟﺰﻣـﺎم‪ ،‬وﻫــﻮ ﻣـﺸﺘﻖ ﻣــﻦ ﺧــﺶ‬
‫ﰲ اﻟــﴚء إذا دﺧــﻞ ﻓﻴــﻪ‪ ،‬ﻷﻧــﻪ ﻳــﺪﺧﻞ ﰲ أﻧــﻒ اﻟﺒﻌــﲑ‪ ،‬وﻣﻨــﻪ اﳊــﺪﻳﺚ‪» :‬ﺧــﺸﻮا ﺑــﲔ ﻛﻼﻣﻜــﻢ ﻻ‬
‫ـﻨﻜﻠﻢ ﺧـﺸﺎﺷﺘﻪ‪ .‬وﰲ اﻟـﺴﻘﻴﻔﺔ وﻓـﺪك‪ ،‬وﴍح ﳖـﺞ‬ ‫إﻟﻪ إﻻ اﷲ«‪ ،‬أي‪ :‬أدﺧﻠﻮا‪ ،‬وﰲ اﻟﺸﺎﰲ‪ :‬ﻻ ﺗ ِ‬
‫اﻟﺒﻼﻏﺔ‪ :‬ﻻ ﺗﻜﻠﻢ ﺣﺸﺎﺷﺘﻪ‪.‬‬
‫)‪ (٤‬أي ﻣـ ــﻦ ﻏـ ــﲑ أن ﻳـ ــﺼﻴﺒﻪ أذى‪ ،‬وﻣﻨـ ــﻪ اﳊـ ــﺪﻳﺚ‪) :‬ﻳﺆﺧـ ــﺬ ﻟﻠـ ــﻀﻌﻴﻒ ﺣﻘـ ــﻪ ﻏـ ــﲑ ﻣﺘﻌﺘـ ــﻊ(‪ .‬وﰲ‬
‫اﻟﺸﺎﰲ‪ :‬وﻻ ﻳﺘﺘﻌﺘﻊ‪.‬‬
‫)‪ (٥‬ﻳﻔﻴﺾ ﻣﻨﻪ اﳌﺎء‪.‬‬
‫)‪ (٦‬ﰲ اﻟﺸﺎﰲ‪ :‬وﻷوردﻫﻢ ﻣﻮردا ﻧﻤﲑا ﲤﲑ ﺿﻔﺘﺎه‪ .‬وﰲ اﻟﺴﻘﻴﻔﺔ وﻓﺪك‪ ،‬وﰲ ﴍح ﳖﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ‪:‬‬
‫ﻣﻨﻬﻼ ﻧﻤﲑا ﻓﻀﻔﺎﺿﺎ ﻳﻄﻔﺢ ﺿﻔﺘﺎه‪.‬‬
‫)‪ (٧‬ﺷﺒﻌﺎﻧﲔ‪.‬‬
‫)‪ (٨‬ﰲ ﻧﺜـﺮ اﻟــﺪر‪ :‬ﻗـﺪ ﲢﻴــﺰ ﲠـﻢ اﻟــﺮي‪ .‬وﰲ اﻟــﺸﺎﰲ‪ :‬ﻗـﺪ ﲢـ ﱠـﱪﻫﻢ اﻟـﺮي‪ .‬وﰲ اﻟــﺴﻘﻴﻔﺔ وﻓــﺪك‪ ،‬وﴍح‬
‫ﳖﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ‪ :‬ﻗﺪ ﲢﲑ ﲠﻢ اﻟﺮأي‪ ،‬وﻟﻌﻠﻬﺎ‪ :‬ﲣﲑ‪.‬‬
‫)‪ (٩‬ﺳـ ــﻮرة اﻟـ ــﺴﺎﻏﺐ‪ِ :‬ﺣـ ـ ﱠ ُ‬
‫ـﺪة اﳉـ ــﺎﺋﻊ‪ .‬وﰲ اﻟـ ــﺸﺎﰲ‪ :‬ﻏـ ــﲑ ﻣـ ــﺘﺤﲇ ﻣﻨـ ــﻪ ﺑﻄﺎﺋـ ــﻞ‪ ،‬إﻻ ﺑﻐﻤـ ــﺰة اﻟﻨـ ــﺎﻫﺰ‪،‬‬
‫وردﻋـﺔ ﺳـﻮرة اﻟــﺴﺎﻏﺐ‪ .‬وﰲ ﻫﺎﻣـﺸﻪ‪ :‬ﻏﻤــﺮة اﻟﻨـﺎﻫﺰ‪ :‬اﻟﻐﻤــﺮة اﳌـﺎء اﻟﻜﺜــﲑ ﻛـﺎﻟﻐﻤﲑ‪ ،‬واﻟﻨــﺎﻫﺰ‪:‬‬
‫اﻟ ــﻀﺎرب ﺑﺎﻟ ــﺪﻟﻮ ﰲ اﳌ ــﺎء ﻟﻴﻤﺘﻠ ــﺊ‪ ،‬وردﻋ ــﺔ ﺳ ــﻮرة اﻟ ــﺴﺎﻏﺐ‪ :‬اﻟ ــﺮدع اﳌﻨ ــﻊ‪ ،‬واﻟ ــﺴﻮرة‪ :‬اﳊ ــﺪة‪،‬‬
‫واﻟﺴﺎﻏﺐ‪ :‬اﳉﺎﺋﻊ‪ .‬وﰲ اﻟﺴﻘﻴﻔﺔ وﻓﺪك‪ :‬ﻏﲑ ﻣﺘﺤﻞ ﺑﻄﺎﺋﻞ‪ ،‬إﻻ ﺑﻐﻤﺮ اﻟﻨﺎﻫـﻞ‪ ،‬وروﻋـﺔ ﺳـﻮرة‬
‫اﻟﺴﺎﻏﺐ‪ .‬وﰲ ﻧﺜﺮ اﻟﺪر‪ :‬ﻏﲑ ﻣﺴﺘﺤﻞ ﻣﻨﻪ ﺑﻄﺎﺋﻞ‪ ،‬إﻻ ﺑﻐﻤﺮ اﻟﻨﺎﻫﻞ‪ ،‬أو دﻋﺔ ﺳﻮرة اﻟﺴﺎﻏﺐ‪.‬‬
‫وﰲ ﴍح ﳖﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ‪ :‬إﻻ ﺑﻐﻤﺮ اﻟﻨﺎﻫﻞ‪ ،‬وردﻋﻪ ﺳﻮرة اﻟﺴﺎﻏﺐ‪.‬‬

‫‪١٦١‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(١‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﻛﺬﺑﻮا( ‪ ،‬وﺳﻴﺄﺧﺬﻫﻢ اﷲ ﺑﲈ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻜﺴﺒﻮن‪.‬‬
‫ـﺸﺘﻦ أراﻛ ـ ــﻦ اﻟ ـ ــﺪﻫﺮ ﻋﺠﺒ ـ ـ ًـﺎ‪ ،‬إﱃ أي َﳉ ـ ــﺄٍ‬ ‫ِ‬ ‫)‪(٢‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫ـﻤﻌﻦ‪ ،‬وﻣ ـ ــﺎ ﻋ ـ ـ ﱠ‬
‫ـﻦ ﻓﺎﺳ ـ ـ ْ َ‬ ‫أﻻ ﻫﻠ ﱠﻤـ ـ ﱠ‬
‫)‪(٤‬‬ ‫)‪(٣‬‬
‫ـﺌﺲ‬ ‫وﻟ ِﺒـ ـ ـ ْ َ‬ ‫ﳉ ــﺄوا وأﺳ ــﻨﺪوا ؟! وﺑ ــﺄي ﻋ ــﺮوة ﲤ ـ ﱠـﺴﻜﻮا؟! و﴿ َﻟ ِﺒـ ـ ـ ْ َ‬
‫ـﺌﺲ ا ْ َﳌـ ـ ـ ْ َ‬
‫ـﻮﱃ َ َ‬
‫)‪(٥‬‬ ‫ِ‬
‫ـﺎﳌﲔ َﺑـ َـﺪﻻً﴾]اﻟﻜﻬــﻒ‪ ، [٥٠:‬اﺳــﺘﺒﺪﻟﻮا واﷲِ‬ ‫ـﺌﺲ ِﻟﻠ ﱠﻈـ ِ َ‬
‫ـﺸﲑ﴾]اﳊــﺞ‪ِ ﴿ ،[١٣ :‬ﺑ ْ َ‬
‫ِ‬
‫ْاﻟ َﻌ ُ‬
‫)‪(٧‬‬ ‫)‪(٦‬‬ ‫ِ‬
‫ﳛﺴﺒﻮن َ ﱠ ُ ْ‬
‫أﳖﻢ‬ ‫ﻓﺮﻏﲈ ﳌﻌﺎﻃﺲ ﻗﻮم ﴿ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ً‬ ‫واﻟﻌﺠﺰ ﺑﺎﻟﻜﺎﻫﻞ ‪،‬‬ ‫َُ‬ ‫ﺑﺎﻟﻘﻮادم‪،‬‬ ‫ﱡ َ‬
‫اﻟﺬﻧﺎﺑﻰ‬
‫ـﺴﺪون َو َﻟـ ـ ـ ِـﻜﻦ ﱠ‬
‫ﻻ‬ ‫ْﻌﺎ﴾]اﻟﻜﻬـــــﻒ‪َ﴿ ،[١٠٤:‬أﻻ ِإ ﱠﳖُ ـ ـ ْـﻢ ُﻫ ـ ـ ُـﻢ ْاﳌ ُ ْﻔ ـ ـ ِ ُ َ‬ ‫ﳛ ـ ـ ِـﺴﻨ َ‬
‫ُﻮن ُﺻـ ـ ـﻨ ً‬ ‫ُْ‬
‫وﳛﻬـﻢ ﴿ َ َأﻓ َﻤــﻦ َﳞْـ ِـﺪي َِإﱃ ا ْﳊَـ ﱢـﻖ َأ َﺣـ ﱡـﻖ َأن ُ ﱠﻳﺘ َﺒـ َـﻊ َأ ﱠﻣــﻦ ﱠ‬
‫ﻻ‬ ‫َﻳـ ْ ُ ُ َ‬
‫ـﺸﻌﺮون﴾]اﻟﺒﻘــﺮة‪َ ،[١٢:‬‬
‫)‪(٨‬‬ ‫ِ‬
‫ُﻦ ﻟﻘﺪ‬ ‫ﻟﻌﻤﺮ إﳍﻜ ﱠ‬ ‫ﻒ َْ ُ ُ َ‬
‫ﲢﻜﻤﻮن﴾]ﻳﻮﻧﺲ‪ ،[٣٥:‬أﻣﺎ ُ‬ ‫ﻓﲈ َ ُ ْ‬
‫ﻟﻜﻢ َ ْ‬
‫ﻛﻴ َ‬ ‫ﳞﺪى َ َ‬ ‫ﳞﺪي ِ ﱠ‬
‫إﻻ َأن ُ ْ َ‬ ‫َِﱢ َ‬

‫)‪ (١‬زﻳـﺎدة ﰲ اﻟـﺸﺎﰲ‪ ،‬وﺗﺘﻤﺘـﻪ ﰲ اﻟـﺸﺎﰲ‪ :‬ﻓﺄﺧـﺬﻧﺎﻫﻢ ﺑـﲈ ﻛـﺎﻧﻮا ﻳﻜـﺴﺒﻮن‪ .‬وﰲ اﻟـﺴﻘﻴﻔﺔ وﻓـﺪك‪ :‬ﻣــﻦ‬
‫اﻟﺴﲈء واﻷرض‪ ،‬وﺳﻴﺄﺧﺬﻫﻢ اﷲ ‪ ..‬إﻟﺦ‪.‬‬
‫ﻫﻠﻤ ْﻤ ــﻦ‪ .‬وﰲ اﻟ ــﺴﻘﻴﻔﺔ وﻓ ــﺪك‪ ،‬وﴍح ﳖ ــﺞ اﻟﺒﻼﻏ ــﺔ‪ :‬أﻻ ﻫﻠ ـ ﱠـﻢ ﻓﺎﺳ ــﺘﻤﻊ‪ ،‬وﻣ ــﺎ‬ ‫)‪ (٢‬ﰲ اﻟ ــﺸﺎﰲ‪ :‬أﻻ ُ‬
‫ﻋــﺸﺖ أراك اﻟ ــﺪﻫﺮ ﻋﺠﺒ ــﻪ‪ ،‬وإن ﺗﻌﺠــﺐ ﻓﻘ ــﺪ أﻋﺠﺒ ــﻚ اﳊ ــﺎدث ‪ ..‬إﻟــﺦ‪ ،‬وﰲ ﻧﺜ ــﺮ اﻟ ــﺪر‪ :‬وﻣ ــﺎ‬
‫ﻋﺸﺖ أراك اﻟﺪﻫﺮ ﻋﺠﺒﺎ‪ ،‬وإن ﺗﻌﺠﺐ ﻓﻌﺠﺐ ﳊﺎدث ‪..‬إﻟﺦ‪.‬‬
‫)‪ (٣‬ﰲ ﻧﺜـ ــﺮ اﻟـ ــﺪر‪ :‬اﺳـ ــﺘﻨﺪوا‪ .‬وﰲ اﻟـ ــﺸﺎﰲ‪ :‬إﱃ أي رﻛـ ــﻦ ﳉـ ــﺄوا‪ .‬وﰲ اﻟـ ــﺴﻘﻴﻔﺔ وﻓـ ــﺪك‪ :‬إﱃ أي ﳉـ ـ ٍـﺄ‬
‫ﳉﺄ اﺳﺘﻨﺪوا‪.‬‬ ‫ﳉﺄوا‪ .‬وﰲ ﴍح ﳖﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ‪ :‬إﱃ أي ٍ‬
‫ﻣﻘﺒﻀﻪ‪.‬‬ ‫)‪ (٤‬ﻋﺮوة اﻟﺪﻟﻮ‪ُ :‬‬
‫)‪ (٥‬ﻫﺬه اﻵﻳﺔ زﻳﺎدة ﰲ اﻟﺸﺎﰲ واﻟﺴﻘﻴﻔﺔ وﻓﺪك‪.‬‬
‫ـﺆﺧﺮ اﻟــﴚء‪ ،‬واﻟﻜﺎﻫـﻞ ﻣﻘـ ﱠـﺪم‬ ‫)‪ (٦‬اﻟـﺬﻧﺎﺑﻰ‪ :‬اﻟـﺬﻧﺐ‪ ،‬واﻟﻘــﻮادم‪ :‬رﻳـﺶ ﰲ ﻣﻘــﺪم اﳉﻨـﺎح‪ ،‬واﻟﻌ ُﺠــﺰ ﻣ ﱠ‬
‫اﻟﻈﻬـﺮ‪ .‬وأذﻧــﺎب اﻟﻨــﺎس أﺗﺒــﺎﻋﻬﻢ وﺳــﻔﻠﺘﻬﻢ‪ ،‬واﳌــﺮاد أﳖـﻢ اﺳــﺘﺒﺪﻟﻮا اﻟــﺬي ﻫــﻮ أدﻧــﻰ‪ ،‬وﻫــﻮ أﺑــﻮ‬
‫ﺑﻜﺮ‪ ،‬ﺑﺎﻟﺬي ﻫﻮ ﺧﲑ‪ ،‬وﻫﻮ اﻹﻣﺎم ﻋﲇ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم‪.‬‬
‫)‪ (٧‬أي ذﻻ ﻷﻧ ـ ــﻮﻓﻬﻢ‪ ،‬ﳎ ـ ــﺎز ﻋ ـ ــﻦ ذل أﻧﻔ ـ ــﺴﻬﻢ‪ ،‬وﻫ ـ ــﻮ دﻋ ـ ــﺎء ﻋﻠ ـ ــﻴﻬﻢ ﺑ ـ ــﺬﻟﻚ‪ .‬وﰲ اﻟ ـ ــﺸﺎﰲ‪ :‬وﺑﻌ ـ ــﺪا‬
‫وﺳﺤﻘﺎ ﻟﻘﻮم ﳛﺴﺒﻮن ‪ ..‬إﻟﺦ‪.‬‬
‫وﺣﻖ ﺑﻘﺎﺋﻪ ﺗﻌﺎﱃ‪ .‬وﰲ اﻟﺴﻘﻴﻔﺔ وﻓﺪك‪ :‬أﻣﺎ ﻟﻌﻤﺮي‪.‬‬ ‫)‪ (٨‬ﰲ ﻧﺜﺮ اﻟﺪر‪ :‬ﻟﻌﻤﺮ إﳍﻚ‪ ،‬واﳌﻌﻨﻰ‪ :‬ﱢ‬

‫‪١٦٢‬‬
 ‫‪‬‬

‫)‪(٥‬‬ ‫)‪(٤‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ )‪(٣‬‬ ‫ِ )‪(٢‬‬ ‫)‪(١‬‬

‫ـﺐ دﻣ ـ ـ ًـﺎ‬ ‫اﻟﻘ ْﻌ ـ ـ ِ‬
‫ـﻼع َ‬
‫ﻟﻘﺤـ ــﺖ ‪ ،‬ﻓﻨﻈ ـ ــﺮة رﻳـ ــﺜﲈ ُﺗﻨْـ ــﺘﺞ ‪ ،‬ﺛـ ــﻢ اﺣﺘﻠﺒﻮﻫ ـ ــﺎ ﻃـ ـ َ‬
‫ِ )‪(٨‬‬ ‫)‪(٧‬‬ ‫)‪(٦‬‬
‫ـﺐ‬
‫ـﺮف اﻟﺘـﺎﻟﻮن ﻏـ ﱠ‬ ‫وﻳ ْﻌ ِ ُ‬
‫ـﺮا ‪ ،‬ﻫﻨﺎﻟـﻚ ﳜـﴪ اﳌﺒﻄﻠــﻮن‪َ ،‬‬ ‫ﻋﺒﻴﻄ ًـﺎ ‪ ،‬وذﻋﺎﻓ ًـﺎ ﳑﻘـ ً‬
‫)‪(٩‬‬
‫ـﺴﺎ‪ ،‬وﻃ ــﺎﻣﻨﻮا ﻟﻠﻔﺘﻨــﺔ ﺟﺄﺷ ـ ًـﺎ ‪،‬‬ ‫ﻣــﺎ أ ﱠﺳــﺲ اﻷوﻟ ــﻮن‪ ،‬ﺛــﻢ ﻃﻴﺒــﻮا ﻋ ــﻦ أﻧﻔــﺴﻜﻢ ﻧﻔـ ً‬
‫)‪(١٠‬‬ ‫وأﺑـ ـ ِـﴩوا ﺑـ ـ ٍ‬
‫ـﺪع‬
‫ـﺮح ﺷـ ــﺎﻣﻞ‪ ،‬واﺳـ ــﺘﺒﺪاد ﻣـ ــﻦ اﻟﻈـ ــﺎﳌﲔ‪َ ،‬ﻳـ ـ َ ُ‬ ‫ـﺴﻴﻒ ﺻـ ــﺎرم‪ ،‬وﺑ َﻘـ ـ ْ ٍ‬
‫)‪(١١‬‬
‫ـﴪة ﻟﻜ ـ ــﻢ‪ ،‬وأ ّﻧ ـ ــﻰ ﺑﻜ ـ ــﻢ وﻗ ـ ــﺪ‬ ‫ً‬
‫ـﺼﻴﺪا‪ ،‬ﻓﻴ ـ ــﺎ ﺣ ـ ـ ً‬ ‫وﲨﻌﻜ ـ ــﻢ ﺣ ـ ـ‬
‫ـﺪا ‪َ ،‬‬ ‫ﻓﻴ ـ ــﺌﻜﻢ زﻫﻴ ـ ـ ً‬
‫)‪(١٢‬‬
‫‪ ،‬ﺛ ــﻢ‬ ‫ـﺘﻢ َﳍ َ ــﺎ َﻛ ـ ِ ُ َ‬
‫ـﺎرﻫﻮن﴾]ﻫــــﻮد‪[٢٨ :‬‬ ‫ـُ ْ‬ ‫وأ‬ ‫ـﺖ ﻋﻠــﻴﻜﻢ؟! ﴿ َأ ُ ْ ِ ُ ُ ُ‬
‫ﻠﺰﻣﻜﻤﻮ َﻫ ــﺎ َ َ‬ ‫ﻋﻤ َﻴـ ْ‬
‫ُ ﱢ‬
‫َﺖ‘‪.‬‬
‫أﻣﺴﻜ ْ‬
‫َ‬

‫)‪ْ َ ِ (١‬‬
‫ﺣﺒﻠﺖ‪.‬‬
‫)‪ (٢‬اﻟﻨﻈﺮة‪ :‬اﻟﺘﺄﺧﲑ ﰲ اﻷﻣﺮ‪.‬‬
‫)‪ (٣‬ﺗﻠﺪ‪.‬‬
‫)‪ (٤‬ﻫﻜــﺬا ﰲ ﴍح ﳖــﺞ اﻟﺒﻼﻏــﺔ‪ .‬وﰲ اﻟــﺴﻘﻴﻔﺔ وﻓــﺪك‪ :‬ﺛــﻢ اﺣﺘﻠﻤﻮﻫــﺎ ﻃــﻼع اﻟﻌﻘــﺐ دﻣــﺎ ﻋﺒﻴﻜــﺎ‪،‬‬
‫وﻟﻌﻠ ــﻪ ﺣ ــﺪث ﺗ ــﺼﺤﻴﻒ أو ﲢﺮﻳ ــﻒ ﰲ ﻛ ــﻞ ﻣ ــﻦ )اﺣﺘﻠﻤﻮﻫ ــﺎ – اﻟﻌﻘ ــﺐ – ﻋﺒﻴﻜ ــﺎ(‪ .‬وﰲ ﺑﻘﻴ ــﺔ‬
‫اﳌﺼﺎدر‪ :‬ﺛﻢ اﺣﺘﻠﺒﻮا‪.‬‬
‫)‪ (٥‬اﻟﻘﻌﺐ‪ :‬وﻋﺎء ﺿﺨﻢ‪ ،‬واﳌﻌﻨﻰ ﻣﻠﺆه‪.‬‬
‫)‪ (٦‬ﻃﺮﻳﺎ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ﻣﻌﺠﻞ إﱃ اﳌﻮت‪ْ ُ ،‬‬
‫واﳌﻤﻘﺮ‪ :‬اﳌﺮ‪.‬‬ ‫)‪ (٧‬ﻳﻘﺎل‪ :‬ﺳﻢ ذﻋﺎف‪ ،‬أي ﱢ‬
‫)‪ (٨‬ﻋﺎﻗﺒﺔ‪.‬‬
‫)‪ (٩‬ﻃﺎﻣﻨﻮا‪ :‬ﺧﱢﻔﻀﻮا‪ .‬واﳉﺄش‪ :‬اﻟﻘﻠﺐ واﳉﻨﺎن‪ .‬وﰲ ﴍح ﳖﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ‪ :‬واﻃﻤﺌﻨﻮا‪.‬‬
‫)‪ (١٠‬اﻟﻘﺮح‪ :‬اﻟﺪﻣﻞ‪ ،‬ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﻓﺴﺎد اﻷﻣﻮر‪ .‬وﰲ ﻧﺜﺮ اﻟﺪر‪ ،‬وﴍح ﳖﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ‪ :‬وﲠﺮج ﺷﺎﻣﻞ‪،‬‬
‫واﳍــﺮج‪ :‬اﻟﻘﺘــﺎل واﻻﺧــﺘﻼط‪ ،‬وأﺻــﻞ اﳍــﺮج‪ :‬اﻟﻜﺜــﺮة واﻻﺗــﺴﺎع‪ .‬وﰲ اﻟــﺴﻘﻴﻔﺔ وﻓــﺪك‪ :‬وﺧــﺮج‬
‫ﺷﺎﻣﻞ‪.‬‬
‫)‪ (١١‬اﻟﻔﻲء‪ :‬اﳌﺎل‪ .‬واﻟﺰﻫﻴﺪ‪ :‬اﻟﻘﻠﻴﻞ‪.‬‬
‫)‪ (١٢‬ﰲ اﻟ ــﺴﻘﻴﻔﺔ وﻓ ــﺪك‪ ،‬وﰲ ﴍح ﳖ ــﺞ اﻟﺒﻼﻏ ــﺔ ﺑﻌ ــﺪ اﻵﻳ ــﺔ‪ :‬واﳊﻤ ــﺪ ﷲ رب اﻟﻌ ــﺎﳌﲔ‪ ،‬وﺻ ــﻼﺗﻪ‬
‫ﻋﲆ ﳏﻤﺪ ﺧﺎﺗﻢ اﻟﻨﺒﻴﲔ‪ ،‬وﺳﻴﺪ اﳌﺮﺳﻠﲔ‪.‬‬

‫‪١٦٣‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪  ‬‬

‫ﻫﺎﲨﻬ ـ ــﺎ‬
‫ﺑﻌ ـ ــﺪ أن اﲣ ـ ــﺬت ﺗﻠ ـ ــﻚ اﳌﻮاﻗـ ــﻒ اﻟﻘﻮﻳ ـ ــﺔ ﺿ ـ ــﺪ اﻟ ـ ــﺴﻠﻄﺔ اﳉﺪﻳ ـ ــﺪة‪َ ،‬‬
‫اﳌ ـ ـ ــﺮض‪ ،‬وآن أن ﻳﺘﺤﻘـ ـ ــﻖ ﻣ ـ ـ ــﺎ أﺧﱪﻫ ـ ـ ــﺎ ﺑ ـ ـ ــﻪ رﺳ ـ ـ ــﻮل اﷲ ‪ ،‬ﻣ ـ ـ ــﻦ أﳖ ـ ـ ــﺎ أول‬
‫ِ‬
‫ـﺼﻮل‬ ‫اﻟﻼﺣﻘ ـ ــﲔ ﺑـ ـ ــﻪ‪ ،‬وﻛﺎﻧـ ـ ــﺖ ﻗـ ـ ــﺪ ﻋﺎﻓ ـ ـ ــﺖ اﻟ ـ ــﺪﻧﻴﺎ أوﻻ ﳌـ ـ ــﻮت أﺑﻴﻬـ ـ ــﺎ‪ ،‬ﺛـ ـ ــﻢ ﳊ ـ ـ ـ‬
‫اﻻﻧﺤﺮاﻓـ ــﺎت اﳋﻄـ ــﲑة ﰲ ﺣـ ــﻖ اﻹﺳـ ــﻼم‪ ،‬وﳍـ ــﺬا اﺷـ ــﺘﺪت ﲠـ ــﺎ اﻟﻌﻠـ ــﺔ‪ ،‬وﳊﻘـ ــﺖ‬
‫ﺑﺮﺳــﻮل اﷲ ﺑﻌ ــﺪ ﺳ ــﺘﺔ أﺷ ــﻬﺮ‪ ،‬وﻋــﻦ اﻟﺒ ــﺎﻗﺮ‪ :‬ﻗ ــﺎل أرﺑﻌ ــﺔ أﺷــﻬﺮ‪ ،‬وﻗﻴ ــﻞ أﻗ ــﻞ ﻣ ــﻦ‬
‫)‪(١‬‬
‫ذﻟﻚ‪ ،‬أو أﻛﺜﺮ ‪.‬‬

‫ﰲ ﻣﺮﺿ ــﻬﺎ ﻛﺎﻧ ــﺖ ﻗ ــﺪ ﺗﻮ ﱠﺻ ــﻠﺖ ﻣ ــﻊ أﺳ ــﲈء ﺑﻨ ــﺖ ﻋﻤ ــﻴﺲ إﱃ اﺑﺘ ــﺪاع ﻓﻜ ــﺮة‬
‫اﻟـﻨﻌﺶ‪ ،‬وﳌـﺎ ُﺟ ﱢﻬـﺰ ﳍــﺎ اﺑﺘـﺴﻤﺖ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧـﺖ أول ﻣـﻦ ُﺻـ ِـﻨﻊ ﳍـﺎ ﻧﻌ ٌـﺶ ﰲ اﻹﺳــﻼم‪،‬‬
‫)‪(٢‬‬
‫‪ ،‬ﻛ ـ ــﲈ أوﺻ ـ ــﺖ أن‬ ‫وأوﺻ ـ ــﺖ أﺳ ـ ــﲈء إذا ﻣﺎﺗ ـ ــﺖ أن ﺗﻐ ـ ــﺴﻠﻬﺎ ﻣ ـ ــﻊ ﻋ ـ ــﲇ ‪‬‬
‫)‪(٣‬‬
‫ُﺗـ ـﺪﻓﻦ ﴎا‪ ،‬وﻻ ﻳـ ـ َ‬
‫ـﺆذن ﲠـ ــﺎ أﺑـ ــﻮﺑﻜﺮ وﻋﻤـ ــﺮ ‪ ،‬وﺑﻌـ ــﺪ أن ﺻـ ــﲆ ﻋﻠﻴﻬـ ــﺎ اﻹﻣـ ــﺎم‬
‫)‪(٤‬‬
‫ﻋﲇ‪ ‬وﺧﺎﺻﺘﻪ‪ ،‬وﻛﱪ ﲬﺲ ﺗﻜﺒﲑات‪ ،‬دﻓﻨﻬﺎ ﻟﻴﻼ ‪.‬‬

‫)‪ (١‬اﳌﺆﻳﺪي‪ ،‬ﻟﻮاﻣﻊ اﻷﻧﻮار‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٣٢ -٣١‬‬

‫)‪ (٢‬اﳌﺆﻳ ـ ـ ــﺪي‪ ،‬ﻟﻮاﻣ ـ ـ ــﻊ اﻷﻧ ـ ـ ــﻮار‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪٣٢‬؛ واﻟﻌﺠ ـ ـ ــﺮي‪ ،‬إﻋ ـ ـ ــﻼم اﻷﻋ ـ ـ ــﻼم‪ ،‬ص‪٣٥١‬؛ واﺑ ـ ـ ــﻦ‬
‫ﻋﺒﺪاﻟﱪ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻴﻌﺎب‪ ،‬ج‪.١٨٩٧ ،٤‬‬
‫)‪ (٣‬اﻟﺒﺨﺎري‪ ،‬اﻟﺼﺤﻴﺢ‪ ،‬رﻗﻢ‪٣٩٩٨ ،٣٥٠٨ ،٢٩٩٦ ،١٩٩٨،٢٩٢٦‬؛ واﻟﻌﺠﺮي‪ ،‬اﳌﺨﺘﺎر‪ ،‬ص‪.٢٠٠‬‬
‫)‪ (٤‬أﲪﺪ ﺑﻦ ﻋﻴﺴﻰ‪ ،‬ﻋﻠﻮم آل ﳏﻤﺪ‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٤٤٠‬‬

‫‪١٦٤‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﻗﱪﻫ ــﺎ وﻗﺒ ــﻮر‬ ‫ُدﻓﻨ ــﺖ ﺳ ــﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬ ــﺎ ﺑ ــﺎﻟﺒﻘﻴﻊ ﻟ ـ ً‬
‫ـﻴﻼ‪ ،‬ﺑﻮﺻ ــﻴﺔ ﻣﻨﻬ ــﺎ‪ ،‬ورش ُ‬
‫)‪(١‬‬ ‫اﺳـ ُ ِ‬
‫‪ ،‬ﺣﻴــﺚ‬ ‫‪‬‬‫ـﺘﺤﺪﺛﺖ ﺣﻮﻟــﻪ ‪ ،‬وﻗﱪﻫــﺎ ﰲ اﻟﺒﻘﻴــﻊ ﰲ ﻣﻘــﱪة أﻫــﻞ اﻟﺒﻴــﺖ‬
‫ِ‬
‫دﻓﻦ ﺑﺠﻮارﻫﺎ ﺳﺒﻄﻬﺎ اﳊﺴﻦ ‪ ،‬وآﺧﺮون ﻣﻦ ذرﻳﺘﻬﺎ‪.‬‬‫ُ‬

‫وﳌﺎ ﻣﺎﺗﺖ ﺳﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬﺎ‪ ،‬دﺧﻞ ﻋﲇ ‪َ ‬‬

‫ﻗﱪﻫﺎ‪ ،‬وﻫﻮ ﻳﻘﻮل‪:‬‬
‫وﻛـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻞ اﻟ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺬي دون اﳌـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﲈت ﻗﻠﻴـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻞ‬ ‫ـﺘﲈع ﻣـ ـ ـ ـ ــﻦ ﺧﻠﻴﻠـ ـ ـ ـ ــﲔ ﻓﺮﻗـ ـ ـ ـ ــﺔ‬ ‫ﻟﻜـ ـ ـ ـ ـ ﱢـﻞ اﺟـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬
‫)‪(٢‬‬
‫دﻟﻴ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـﻞ ﻋـ ـ ـ ـ ــﲆ أن ﻻ ﻳ ـ ـ ـ ـ ــﺪوم ﺧﻠﻴـ ـ ـ ـ ـ ــﻞ‬ ‫ـﺎدي ﻓ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎﻃﲈ ﺑﻌ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺪ أﲪـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـﺪ‬
‫وإن اﻓﺘﻘ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬
‫ٍ‬
‫ﺑﺜﻼث‪ ،‬وﻫﻮ‬ ‫رﺳﻮل اﷲ ‪ ‬ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺗﻪ‬
‫َ‬ ‫ﺳﻤﻌﺖ‬
‫ُ‬ ‫وﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﷲ‪ ،‬ﻗﺎل‪:‬‬
‫ـﺎﻧﺘﻲ ﻣـﻦ اﻟـﺪﻧﻴﺎ‪ ،‬ﻓﻌــﻦ‬
‫ﻳﻘـﻮل ﻟﻌـﲇ‪) :‬ﺳـﻼم اﷲ ﻋﻠﻴــﻚ أﺑـﺎ اﻟﺮﳛـﺎﻧﺘﲔ‪ ،‬أوﺻـﻴﻚ ﺑﺮﳛـ ﱠ‬
‫ﻗﻠﻴ ٍـﻞ ﻳﻨﻬـ ﱡـﺪ رﻛﻨـﺎك‪ ،‬واﷲ ﺧﻠﻴﻔﺘــﻲ ﻋﻠﻴـﻚ(‪ ،‬ﻓﻠــﲈ ﻗـﺒﺾ رﺳــﻮل اﷲ ‪ ،‬ﻗـﺎل ﻋــﲇ‪:‬‬
‫ﻫ ـ ــﺬا أﺣ ـ ـ ُـﺪ رﻛﻨ ـ ـ ﱠـﻲ اﻟ ـ ــﺬي ﻗ ـ ــﺎل رﺳ ـ ــﻮل اﷲ ‪ ،‬ﻓﻠ ـ ــﲈ ﻣﺎﺗ ـ ــﺖ ﻓﺎﻃﻤ ـ ــﺔ ‘ ﻗ ـ ــﺎل‬
‫)‪(٣‬‬
‫ﻋﲇ ‪ :‬ﻫﺬا اﻟﺮﻛﻦ اﻟﺜﺎﲏ اﻟﺬي ﻗﺎل ﱄ رﺳﻮل اﷲ ‪. ‬‬

‫وﻫــﺬه اﻟﺮواﻳــﺔ ﺗﺒ ــﲔ ﻣﻘــﺪار اﻟﻔﺎﺟﻌ ــﺔ اﻟﺘــﻲ ﺗﻠﻘﺎﻫــﺎ اﻹﻣ ــﺎم ﻋــﲇ ‪ ‬ﺑﻔﻘ ــﺪه‬
‫ﻫـﺬﻳﻦ اﻟـﺮﻛﻨﲔ‪ ،‬ﻛــﲈ ﺗﺒ ﱢـﲔ ﻣﻘــﺪار اﻟﻔـﺮاغ اﻟــﺬي ﺗﺮﻛﺘـﻪ ﻓﺎﻃﻤــﺔ اﻟﺰﻫـﺮاء ﰲ ﺣﻴﺎﺗــﻪ‬
‫ﺳﻼم اﷲ ﻋﻠﻴﻬﲈ‪ ،‬وﻣﺪى ﻗﻮة اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻨﻬﲈ‪.‬‬

‫وﻣ ـ ـ ــﻊ ذﻟ ـ ـ ــﻚ ﻓﻘ ـ ـ ــﺪ ﻛ ـ ـ ــﺎن ﺳ ـ ـ ــﻼم اﷲ ﻋﻠﻴ ـ ـ ــﻪ ﻳ ـ ـ ــﺰور ﻗﱪﻫ ـ ـ ــﺎ ﰲ ﻛ ـ ـ ــﻞ أﺳ ـ ـ ــﺒﻮع‬

‫)‪ (١‬اﳌﺆﻳﺪي‪ ،‬ﻟﻮاﻣﻊ اﻷﻧﻮار‪ ،‬ج‪ ،٣‬ص‪.٣٢‬‬

‫)‪ (٢‬أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس اﳊﺴﻨﻲ‪ ،‬اﳌﺼﺎﺑﻴﺢ‪ ،‬ص‪.٢٧٠‬‬
‫)‪ (٣‬أﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ‪ ،‬ﺗﻴﺴﲑ اﳌﻄﺎﻟﺐ‪ ،‬ص‪.١٣٨‬‬

‫‪١٦٥‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﻣﺮة‪ ،‬وﻳﻨﺸﺪ‪:‬‬
‫أرى اﻷرض ﺗﺒﻘـ ــﻰ واﻷﺧـ ــﻼء ﺗـ ــﺬﻫﺐ‬ ‫إﱃ اﷲ أﺷ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻜﻮ ﻻ إﱃ اﻟﻨـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﺎس إﻧﻨـ ـ ـ ـ ـ ـ ــﻲ‬
‫)‪(١‬‬
‫ﻋﺘ ِﺒْـ ُـﺖ وﻟﻜ ــﻦ ﻣ ــﺎ ﻋ ــﲆ اﳌ ــﻮت ُﻣﻌﺘ ـ ُـﺐ‬ ‫أﺧ ـ ـ ـ ــﻼي ﻟـ ـ ـ ــﻮ ﻏ ـ ـ ـ ـ ُـﲑ ا ِﳊ ـ ـ ـ ــﲈم أﺻ ـ ـ ـ ــﺎﺑﻜﻢ‬

‫ﺳﻴﺪة ﻧﺴﺎء اﻟﻌﺎﳌﲔ‪ ،‬وذﻫﺒﺖ إﱃ ﺑﺎرﺋﻬﺎ ﻟﻴﺒﻘﻰ ﻧﻤﻮذﺟﻬﺎ‬

‫َ‬ ‫اﳌﻮت‬
‫وﻫﻜﺬا ﻃﻮى ُ‬
‫ﺣﻴـﺎ ﺧﺎﻟــﺪا ﰲ ﻧــﺴﺎﺋﻨﺎ اﳌﺠﺎﻫـﺪات اﻟﻌﺎﳌــﺎت اﻟﻼﺋـﻲ ﻳــﻮاﺟﻬﻦ اﳊﻴـﺎة ﺑﻜــﻞ ﻗــﻮة وﲢـ ﱟـﺪ‬
‫وﺷﻤﻮخ ﻣﻬﲈ ﺗﻜﺎﻟﺒﺖ ﻋﻠﻴﻬﻦ اﻷﺣﺪاث‪ ،‬واﺷﺘﺪت اﻷزﻣﺎت‪.‬‬

‫)‪ (١‬أﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ‪ ،‬ﺗﻴﺴﲑ اﳌﻄﺎﻟﺐ‪ ،‬ص‪.١٣٨‬‬

‫‪١٦٦‬‬
 ‫‪‬‬

‫‪k‬‬
‫اﳌﻘﺪﻣﺔ ‪٣ ...........................................................................‬‬
‫دواﻓﻊ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ‪٧ ....................................................... :‬‬
‫أﳘﻴﺔ اﻟﺒﺤﺚ‪٨ .................................................................... :‬‬
‫ﻏﻴﺒﺖ اﻟﺰﻫﺮاء؟‪١٠ ............................................................‬‬ ‫ﳌﺎذا ُ ﱢ‬
‫ﻣﻜﺔ وﺑﻨﻮ ﻫﺎﺷﻢ ‪١٤ ................................................................‬‬
‫أﻣﻬﺎ ﺧﺪﳚﺔ ‪١٦ ....................................................................‬‬
‫وﻻدﲥﺎ ‪١٩ ........................................................................‬‬
‫ﻧﺸﺄﲥﺎ ‪٢٣ .........................................................................‬‬
‫ﺟﻬﺎدﻫﺎ ﺻﻐﲑة ‪٢٩ ................................................................‬‬
‫أﺳﲈؤﻫﺎ وأﻟﻘﺎﲠﺎ ‪٣٤ ...............................................................‬‬
‫اﳋﻠﻘﻲ‪٣٩ .................................................................‬‬ ‫وﺻﻔﻬﺎ ِ‬
‫ﻓﺎﻃﻤﺔ ﰲ اﻟﻘﺮآن ‪٤٠ ...............................................................‬‬
‫ﻓﺎﻃﻤﺔ ﰲ ﻛﻠﲈت اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻜﺮﻳﻢ وﺗﻌﺎﻣﻼﺗﻪ ‪٤٥ ....................................‬‬
‫ﻋﻠﻤﻬﺎ ‪٥٧ .........................................................................‬‬
‫ﻣﺮوﻳﺎﲥﺎ اﳊﺪﻳﺜﻴﺔ ‪٦٦ ...............................................................‬‬
‫اﳌﺠﺎﻫﺪة ‪ ..‬ﺑﻨﺖ ﳏﻤﺪ ﺻﲆ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ وﺳﻠﻢ ‪٧٣ ................................‬‬
‫ﻣﻮﻗﻔﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﻬﺪاء ‪٧٩ ............................................................‬‬
‫أم أﺑﻴﻬﺎ ‪ ..‬وﳌﺎذا؟ ‪٨١ ..............................................................‬‬
‫زوﺟﺔ ﻋﲇ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم ‪٨٧ ........................................................‬‬
‫ﺳﻨﻬﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﺰواج؟ ‪٩٠ .............................................................‬‬
‫ِﺧﻄﺒﺘﻬﺎ ‪٩٢ ........................................................................‬‬
‫إﻳﺬاﳖﺎ ‪٩٣ .........................................................................‬‬
‫ﻣﻬﺮﻫﺎ ‪٩٤ .........................................................................‬‬
‫ُﺧﻄﺒﺔ اﻟﻌﻘﺪ ‪٩٧ ....................................................................‬‬

‫‪١٦٧‬‬
 ‫‪‬‬

‫ﺟﻬﺎز ﺑﻴﺘﻬﺎ ‪٩٨ .....................................................................‬‬

‫وﻟﻴﻤﺘﻬﺎ ‪١٠١ ......................................................................‬‬
‫زﻓﺎﻓﻬﺎ ‪١٠٤ .......................................................................‬‬
‫اﻟﺰوﺟﻴﺔ إﻛﺮام وﺗﻘﺪﻳﺮ‪١٠٧ ........................................................‬‬
‫ﺗﻌﺎوﳖﲈ ‪١١٣ ......................................................................‬‬
‫ﺧﺎدﻣﺔ اﻟﺒﻴﺖ ﺳﻴﺪة ﻓﻴﻪ ‪١١٨ .......................................................‬‬
‫أﻧﺎﻗﺔ ‪ ..‬وﺑﺴﺎﻃﺔ ‪١٢٠ ..............................................................‬‬
‫زوﺟﺔ اﳌﺠﺎﻫﺪ ﳎﺎﻫﺪة ‪١٢١ ........................................................‬‬
‫أم اﳊﺴﻨﲔ ‪١٢٦ ...................................................................‬‬
‫ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﲈ ‪١٢٧ .....................................................................‬‬
‫آداب اﻟﻨﻔﺎس ‪١٣٠ ................................................................‬‬
‫اﻟﻌﻘﻴﻘﺔ ووﻗﺖ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ‪١٣٢ .......................................................‬‬
‫ﺗﺮﺑﻴﺔ أوﻻدﻫﺎ ‪١٣٤ ................................................................‬‬
‫دورﻫﺎ اﻻﺟﺘﲈﻋﻲ ‪١٣٨ ............................................................‬‬
‫دورﻫﺎ اﻟﺴﻴﺎﳼ ‪١٤١ ..............................................................‬‬
‫ﻓﺪك ﻧﺤﻠﺘﻬﺎ ﻣﻦ أﺑﻴﻬﺎ ‪١٤٢ .........................................................‬‬
‫ﺧﻄﺒﺘﻬﺎ ﺑﺸﺄن اﻹﻣﺎﻣﺔ وﻓﺪك ﰲ ﻣﺴﺠﺪ رﺳﻮل اﷲ ﺻﲆ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ وﺳﻠﻢ ‪١٤٤.......‬‬
‫ﺧﻄﺒﺘﻬﺎ ﰲ ﻧﺴﺎء اﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ واﻷﻧﺼﺎر ﰲ ﻣﺮض ﻣﻮﲥﺎ ‪١٥٩ .........................‬‬
‫وﻓﺎﲥﺎ وﻗﱪﻫﺎ ‪١٦٤ ................................................................‬‬

‫‪١٦٨‬‬