You are on page 1of 11

‫الحمدهللا رب العالمين والصالة والسالم على اشرف االنبياء والمرسلين نبينا محمد‬

‫وعلى اله وصحبه اجمعين‬


‫اما بعد‪ :‬فالصفحات التي ستلي هذه المقدمة وهي صفحات مشرقة وورقات نيرة‬
‫فيها نفحات ايمانية وأشراقات نبوية من سيرة الحبيب المصطفى عليه افضل‬
‫الصالة والسالم واتم التسليم وهي مواقف اخترتها من سيرته العطرة وهي مواقف‬
‫النبي مع المرأة والطفل لناخذ منها الدورس وتستنير بها النفوس ونستفيد منها‬
‫‪.‬في حياتنا‬

‫حّث النبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬على رفع قدر ومكانة المرأة وشأِنها‪ ،‬وجعلها في‬
‫مكاٍن يليق بها‪ ،‬وفي عرفاٍت بحّجة الوداع تكّلم عن ُحرمِتِهّن ومكاَنِتِهّن ‪ ،‬كقوله ‪-‬عليه‬
‫الصالة والسالم‪َ( :-‬فاَّتُقوا َهَّللا في الِّنَس اِء ‪ ،‬فإَّنُك ْم َأَخ ْذ ُتُم وُهَّن بَأَم ان ِهللا‪َ ،‬و اْسَتْح َلْلُتْم‬
‫ُفُروَج ُهَّن بَك ِلَم ِة ِهللا)‪]٨[،‬‬
‫وكّرمها سواًء كانت ُأّم ًا أو بنتًا أو زوجة‪ ،‬وكان ذلك جلّيًا في كثيٍر من األحاديث‪،‬‬
‫كقوله‪( :‬استوُصوا بالِّنساِء خيًرا)‪]١٠[]٩[،‬‬
‫كما أنه كان يهتّم ِبَتعليِم ِهّن ‪ ،‬فعقد معهّن موعدًا‪ ،‬وَو عظهّن وَنصحُهّن ‪ ،‬وكان مّم ا قاله‬
‫لهّن ‪( :‬ما ِم َن امرأٍة ُتَقِّد ُم َثالًثا ِم َن الولِد َتْح َتِس ُبُهَّن ِإاَّل دخَلْت الجنَة‪ ،‬فقالْت امرأٌة ِم ْنُهَّن ‪:‬‬
‫أْو اْثناِن ؟ قال‪ :‬أْو اْثناِن )‪ ]١١[،‬وُك ّن يسألن والنبي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ُ -‬يجيُبُهّن ‪[،‬‬
‫‪ ]١٢،‬باإلضافة إلى توصية األزواج ِبِهّن‬
‫وعدم ُظلِم ِهّن ‪ ،‬وعدم ُبغضها أو كراهيتها لبعض واخالقها ‪ِ ،‬لما تحمله من أخالٍق‬
‫فاضلٍة ُأخرى‪ ،‬قال ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪( :-‬اْسَتْو ُصوا بالِّنساِء ‪ ،‬فإَّن الَم ْر َأَة ُخ ِلَقْت ِم ن‬
‫ِض َلٍع‪ ،‬وإَّن أْع َو َج شيٍء في الِّض َلِع أْع الُه‪ ،‬فإْن َذ َهْبَت ُتِقيُم ُه َك َس ْر َتُه‪ ،‬وإْن َتَر ْك َتُه َلْم َيَزْل‬
‫أْع َو َج ‪ ،‬فاْسَتْو ُصوا بالِّنساِء )‪]١٤[]١٣[.‬‬
‫رفع اإلسالم شأن المرأة‪ ،‬وأعلى من قدِرها‪ ،‬سواًء كانت ُأّم ًا أو بنتًا أو زوجًة‪ ،‬وحّث‬
‫الرجال على اإلنفاق عليها‪ ،‬وأمر بتربيتها وتعليمها إن كانت بنتًا‪ ،‬وُم عاملتها‬
‫بالمعروف إن كانت زوجة‪ ،‬لقوله ‪-‬تعالى‪َ( :-‬و َع اِش ُروُهَّن ِباْلَم ْعُروِف )‪ ]١٨[،‬كما أّن‬
‫النبّي ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬حرص على الوصية بهّن في حجة الوداع‪ ]١٩[،‬ولّم ا‬
‫أمره هللا ‪-‬تعالى‪ -‬بإنذار عشيرته بالدعوة‪ ،‬نادى على عّم ته صفيه وابنته فاطمة‬
‫باسمهما؛ إعالًء‬
‫لشأنهّن ‪ ،‬وُيبّين للناس جواز ُم ناداتهم بأسمائهّن ‪ ،‬وليس كما كانوا يعتقدون من الخجل‬
‫في ذلك‪ ،‬وُيجيز لُهّن االستماع ِلُخ طبته‪ ،‬فقد جاء عن ُأّم هشام بنت حارثة قولها‪َ( :‬و ما‬
‫َأَخ ْذ ُت ق َو اْلُقْر آِن الَم ِج يِد إاَّل عن ِلَس اِن َر سوِل ِهللا َص َّلى ُهَّللا عليه وسَّلَم ‪َ ،‬يْقَر ُؤ َها ُك َّل‬
‫َيوِم ُج ُم َعٍة عَلى الِم ْنَبِر‪ ،‬إَذ ا َخ َطَب الَّناَس )‪]٢١[]٢٠[.‬‬
‫وضع اإلسالم للمرأة مجموعًة من الُحقوق‪ ،‬ولم ُيمّيز بينها وبين الرُجل إال بالتقوى‪،‬‬
‫لقول هللا ‪-‬تعالى‪َ( :-‬يا َأُّيَها الَّناُس ِإَّنا َخ َلْقَناُك م ِّم ن َذ َك ٍر َو ُأنَثى َو َج َع ْلَناُك ْم ُش ُعوًبا َو َقَباِئَل‬
‫ِلَتَع اَر ُفوا‬
‫ِإَّن َأْك َر َم ُك ْم ِع نَد الَّلـِه َأْتَقاُك ْم ِإَّن الَّلـَه َع ِليٌم َخ ِبيٌر)‪]٢٦[،‬‬
‫فسمح لها ِبالُم شاركة في الحياة العامة‪ ،‬وجعلها ُع نصرًا إيجابيًا في الُم جتمع‪ ،‬وساوى‬
‫بينها وبين الرجل أمام القانون وفي القيمة‪ ،‬لقوله ‪-‬تعالى‪َ( :-‬و َلَقد َك َّرمنا َبني آَد َم )‪[،‬‬
‫‪]٢٧‬‬
‫وضمن لها ُحقوقها المدنّية؛ كالعمل وتوّلي الوظائف‪ ،‬وُم مارسة ُحقوقها السياسّية‪،‬‬
‫ودعاها الكتساب العلم‬
‫والمعرفة‪ ،‬أّم ا على صعيد أحوالها الشخصّية؛ كتربيتها ألطفالها‪ ،‬فلم يغفل اإلسالم‬
‫عن ذلك؛ بتوزيع األدوار بينها وبين الرُجل بما فيه صالح اُألسرة والُم جتمع‪ ،‬وفي‬
‫إطار‬
‫المساواة في القيمة والكرامة‪ ،‬وكانت النظرة اإلسالمّية ذلك تقوم على الُم ساواة بينها‬
‫وبين الرجل‪ ،‬مع ُم راعاته لجوانب االختالف بينهما في الُقدرات الطبيعّية التي خلقهما‬
‫هللا ‪-‬تعالى‪ -‬عليهما‪]٢٨[.‬‬
‫وجعل لها اإلسالم اعتبارها واشتراكها مع الرجل في اإلنسانّية‪ ،‬قال هللا ‪-‬تعالى‪َ( :-‬يا‬
‫‪َ -‬أُّيَها الَّناُس ِإَّنا َخ َلْقَناُك ْم ِم ْن َذ َك ٍر َو ُأْنَثى)‪ ]٢٢[،‬وهي شريكٌة معه في الجزاء‪ ،‬لقوله‬
‫تعالى‪َ( :-‬م ْن َع ِمَل َص اِلًحا ِم ْن َذ َك ٍر َأْو ُأْنَثى َو ُهَو ُم ْؤ ِم ٌن َفَلُنْح ِيَيَّنُه َح َياًة َطِّيَبًة_‬
‫َو َلَنْج ِزَيَّنُهْم َأْج َر ُهْم ِبَأْح َس ِن َم ا َك اُنوا َيْع َم ُلوَن )‪ ]٢٣[،‬وضِم ن لها شخصّيتها الُم ستقلة‪،‬‬
‫وجعل لها حقًا في الميراث بعد أن كانت ُتحرم منه‪ ،‬فقال ‪-‬تعالى‪ِ(:-‬للِّر َج اِل َنِص يٌب ِمَّم ا‬
‫َتَر َك اْلَو اِلَد اِن َو اَأْلْقَر ُبوَن َو ِللِّنَس اِء َنِص يٌب ِمَّم ا َتَر َك اْلَو اِلَد اِن َو اَأْلْقَر ُبوَن ِمَّم ا َقَّل ِم ْنُه َأْو‬
‫َك ُثَر َنِص يًبا َم ْفُروًضا)‪]٢٥[]٢٤[.‬‬
‫وكان ﷺ يراعيهن غاية المراعاة‪ ،‬ومن ذلك أنه كان يخشى عليهن من االختالط‬
‫بالرجال‪ ،‬فكان يريد لهن الصيانة‪ ،‬فينتظر في مصاّل ه حتى يخرج النساء من المسجد؛‬
‫كي ال‬
‫‪.‬يختلطن بالرجال‬
‫فعن هند بنت الحارث‪ ،‬أن أم سلمة ‪-‬رضي هللا عنها‪ -‬قالت‪" :‬كان رسول هللا ﷺ‬
‫إذا سّلم قام النساء حين يقضي تسليمه‪ ،‬ومكث يسيرًا قبل أن يقوم"‪ ،‬قال الزهري‪:‬‬
‫"فأرى ‪-‬وهللا أعلم‪ -‬أن مكثه لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم"‬
‫‪.‬يعني الرجال‪[ .‬رواه البخاري‪]837 :‬‬
‫وجدت المرأة عند الرسول (ص)كل التكريم والتقدير فقد كرمها هللا كما كرمها القرآن‬
‫الكريم قال (ص)‪( :‬إنما النساء شقائق الرجال)([‪ ،)]3‬وكذلك قوله (ص) في تكريمه‬
‫للمرأة‪( :‬من كان له ثالث أخوات أو ابنتان‪ ،‬أو أختان‪ ،‬فأحسن صحبتهن وأتقى هللا‬
‫فيهن فله الجنة) ([‪ )]4‬وقد أوصى الرسول (ص) بالنساء‪ ،‬ففي الحديث عن أبي‬
‫هريرة عليه السالم أن رسول هللا (ص) قال‪( :‬من كان يؤمن باهلل واليوم األخر فال‬
‫يؤذ جاره واستوصوا بالنساء خيرًا)([‪)]5‬وكان يوصي دائمًا بمعاملة النساء‬
‫بالمعروف والصبر عليهن في الكثير من األحاديث والمواقف التي أظهر خاللها‬
‫الرسول (ص) مدى احترامه وتقديره للمرأة إذا كانت أمًا أو زوجًة أو ابنًة أو أختًا‬
‫‪.‬ويكفينا خير مثال معاملته ألزواجه وبناته‬

‫عن جابر بن عبد هللا – رضي هللا عنه – قال ‪ ( :‬شهدت مع النبي ـ صلى هللا عليه‬
‫وسلم ـ يوم العيد‪ ،‬فبدأ بالصالة قبل الخطبة بال أذان وال إقامة‪ ،‬ثم قام متوكئا على‬
‫بالل‪ ،‬فأمر بتقوى هللا تعالى‪ ،‬وحث على طاعته‪ ،‬ووعظ الناس وذكرهم‪ ،‬ثم مضى‬
‫وأتى النساء فوعظهن وذكرهن‪ ،‬وقال يا معشر النساء تصدقن فإنكن أكثر حطب‬
‫جهنم فقامت امرأة من وسطة النساء سفعاء الخدين ‪ ،‬فقالت‪ :‬لم يا رسول هللا؟‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ألنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير‪ ،‬قال‪ :‬فجعلن يتصدقن من حليهن‪ ،‬يلقين في ثوب‬
‫بالل من أقراطهن وخواتيمهن ) رواه البخاري ‪ .‬ومعنى سفعاء الخدين أي‪ :‬في خديها‬
‫‪.‬سواد‬
‫تعليم المرأة له خصوصية‪ ،‬وتأتي هذه الخصوصية من خصوصية المرأة نفسها‪ ،‬فاهلل‬
‫ـ سبحانه وتعالى ـ خلقها بطبيعة معينة‪ ،‬وخلق فيها صفات تختلف عن الرجل‪،‬‬
‫وتحتاج من العلم ما ال يحتاجه الرجال‪ ،‬قال هللا تعالى‪ { :‬وليس الذكر كاألنثى }(آل‬
‫‪:‬عمران من اآلية‬
‫‪36 ) .‬‬
‫ومن اآلداب الشرعية للمرأة في طلبها للعلم‪ :‬اإلخالص هلل ـ عز وجل ـ‪ ،‬والتزام‬
‫اللباس الشرعي الذي فرضه هللا عليها‪ ،‬وعدم الخروج متطيبات‪ ،‬وغض البصر كما‬
‫قال تعالى‪ { :‬وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن وال يبدين‬
‫زينتهن إال ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن }(النور من اآلية‪،)31:‬‬
‫وعدم الخلوة والخضوع بالقول كما قال تعالى‪ { :‬فال تخضعن بالقول فيطمع الذي في‬
‫‪ .‬قلبه مرض وقلن قوال معروفا }(األحزاب‪)32 :‬‬
‫كلما رجعت إلى السيرة النبوية ازددت معرفة بما كان للمرأة من مكانة‪ ،‬وبما كفله‬
‫اإلسالم لها من حقوق‪ ،‬لقد كانت لها شخصية مقدورة وأثر يحسب! يقول المحدثون‪:‬‬
‫لما نزل قول هللا لنبيه ” وأنذر عشيرتك األقربين “‪ ،‬صعد رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم الصفا و نادى‪ ” :‬يا بني عبد المطلب اشتروا أنفسكم من هللا‪ ،‬يا صفية عمة‬
‫رسول هللا ويا فاطمة بنت رسول هللا اشتريا أنفسكما من هللا فإني ال أغنى عنكما من‬
‫هللا شيئًا‪ ،‬سالني من مالي ما شئتما “‪.‬إن نداء المرأة بهذا الصوت الجهير شيء‬
‫مستنكر في عصرنا األخير‪ ،‬كنا نعدها كشخصها عورة ال يجوز أن يعرف! ونقول‪:‬‬
‫ما للمرأة وهذه الشؤون؟ يكفي أن يحضر رجل من أسرتها ليبلغها‪ ،‬أما أن تنادى على‬
‫رؤوس األشهاد فذلك عيب!‪.‬لكن المرأة في صدر اإلسالم عرفت قدرها‪ ،‬ولما سمعت‬
‫مناديا يدعو إلى اإليمان سارعت إلى تلبيته‪ ،‬ويحكى المؤرخون أن أخت عمر ين‬
‫الخطاب كانت أسبق منه إلى اإلسالم‪ ،‬لقد أدمى وجهها عندما علم بإسالمها وهاجمها‬
‫بقسوة فقالت له‪ :‬يا عمر إن الحق في غير دينك‪ ،‬وإني أشهد أن ال إله إال هللا وأن‬
‫محمدا رسول هللا‪ !..‬ثم أسلم عمر بعد !!ودخل الرجال والنساء فى دين هللا‪ ،‬وأعطوا‬
‫المواثيق على اعتناق الحق والعمل به والذود عنه‪،‬وانتظمت الصفوف في المسجد‬
‫النبوي تستوعب الرجال والنساء على سواء‪ .‬روى مسلم عن أم هشام بنت حارثة بن‬
‫النعمان قالت‪“ :‬ما أخذت ” ق والقرآن المجيد ” إال من لسان رسول هللا‪ -‬صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ -‬يوم الجمعة يقرأ بها على المنبر في كل جمعة”‪.‬أي إنها حفظت السورة‬
‫!كلها عن ظهر قلب من شدة انتباهها وهى تسمع الخطبة‬
‫السيرة النبوية الشريفة هي سيرة ألعظم الخلق والمرسلين‪ ،‬ومهما ُك تبت فيها من‬
‫كلمات وعبارات ومعلومات يظّل القلم عاجًز ا عن اإلحاطة بكّل ما مّر على النبي ‪-‬‬
‫عليه الصالة والسالم‪ -‬من أحداث وما ورد عنه من أحاديث للمرأة‬

‫اإلسالم ُيولي اهتماًم ا كبيًر ا لمرحلة الطفولة نظًر ا ألهميتها في بناء شخصية‬
‫اإلنسان‪ .‬يقدم الدين حقوًقا وواجباٍت لألطفال‪ ،‬متفوًقا في تحديدها قبل دور الحديثة‪،‬‬
‫ويبدأ اهتمامه بالطفل قبل والدته ويمتد إلى حقه في الحياة وحظر اإلجهاض‪ .‬يعتبر‬
‫اإلسالم األطفال زينًة للحياة ويؤكد على أهمية األسرة السليمة والوالدين الصالحين‬
‫في تأثير الطفل‪ُ .‬يركز الدين على تكوين شخصيات متكاملة لألطفال ليصبحوا أفراًد ا‬
‫‪.‬قويين وقادرين على التحديات‬
‫تعتبر األخالق والصفات الواردة في القرآن الكريم مرجًعا هاًم ا لفهم حقوق الطفل في‬
‫اإلسالم‪ .‬يشدد القرآن على أهمية الرعاية واالهتمام باألطفال‪ ،‬حيث ُيعظم حقوقهم‬
‫‪.‬ويحث على المحافظة على سالمتهم ورعايتهم‬
‫تتضمن بعض الصفات التي تحث عليها القرآن في التعامل مع األطفال الرحمة‬
‫واللطف‪ ،‬وهي الصفات التي ظهرت بوضوح في سلوك النبي محمد صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ .‬فقد كان النبي أسوة حسنة في التعامل مع األطفال‪ ،‬حيث يروي العديد من‬
‫‪.‬الحديث الشريف عن لحنه وتفهمه تجاههم‬
‫كما يشجع اإلسالم على توجيه النصح والتربية اإليجابية‪ ،‬مع التأكيد على أن األطفال‬
‫حملة لحقوقهم وحقوق اآلباء عليهم‪ .‬القرآن يدعو إلى توجيه األطفال بروح من العدل‬
‫‪.‬واإلنصاف‪ ،‬مع تعزيز مفهوم العائلة كمجتمع يعتني بأفراده‬
‫بشكل عام‪ ،‬تبرز القيم اإلسالمية األخالقية في تشجيعها على حقوق الطفل وتوفير‬
‫‪.‬بيئة صالحة لنموهم الصحيح‬

‫حقوق الطفل في القرآن الكريم‬


‫‪:‬حقه في والدين صالحين‬
‫لعل من أهم حقوق الطفل على أبيه أن يختار له ُأمًا صالحه‪ ،‬وعلى ُأمه أن تختار له‬
‫‪.‬أبًا صالحًا يتقى هللا في تربيته‬
‫ُيشدد في القرآن على حق الطفل في أن يكون له والدين صالحين‪ ،‬حيث ُيشجع على‬
‫اختيار األب واألم بعناية‪ ،‬ألن تأثيرهما كبير على شخصيته‪ .‬يتم توجيه النصائح حول‬
‫اختيار الشريك الحياة بحذر والحرص على الصالحية والقدرة على تربية األبناء‬
‫وايضا يوجه القرآن نصائح للحياة الزوجية‪ ،‬مشدًدا على العدل والرعاية بين‬
‫‪.‬الزوجين‪ ،‬ويعطي توجيهات لحل المشكالت الزوجية بالتحدث والتفاهم‬
‫تجد هذه القضايا موجزة ومرتبة في القرآن الكريم‪ ،‬حيث يتم إرشاد المسلمين للحياة‬
‫‪.‬األسرية واالهتمام بحقوق األطفال في سياق إسالمي‬
‫ويرجع ذلك الى التأثير العظيم للوالدين في أبنائهم‪ ،‬سواء عن طريق التأثير الوراثي‬
‫أو البيئي‪ ،‬وكما هو معلوم أن الولد يتقمص شخصيه أبيه و البنت تتقمص شخصيه‬
‫‪ُ.‬أمها‬
‫وقال تعالى ﴿ الَّز اِني اَل َيْنِكُح إاَّل َز اِنَيًة َأْو ُم ْش ِرَك ًة َو الَّز اِنَيُة اَل َيْنِكُح َها ِإاَّل َز اٍن َأْو‬
‫‪ُ.‬م ْش ِرٌك َو ُحِّر َم َذ ِلَك َع َلى اْلُم ْؤ ِمِنيَن ﴾ [النور‪]3 :‬‬
‫ثم قال تعالى‪َ ﴿ :‬و اْلَبَلُد الَّطِّيُب َيْخ ُرُج َنَباُتُه ِبِإْذ ِن َر ِّبِه َو اَّلِذ ي َخ ُبَث اَل َيْخ ُرُج ِإاَّل َنِكًدا‬
‫‪َ.‬ك َذ ِلَك ُنَص ِّر ُف اَآْلَياِت ِلَقْو ٍم َيْشُك ُروَن ﴾ [االعراف‪]58 :‬‬
‫وقال تعالى‪َ ﴿ :‬و َأْنِكُحوا اَأْلَياَم ى ِم ْنُك ْم َو الَّصاِلِح يَن ِم ْن ِعَباِد ُك ْم َو ِإَم اِئُك ْم ِإْن َيُك وُنوا ُفَقَر اَء‬
‫‪ُ.‬يْغ ِنِهُم ُهَّللا ِم ْن َفْض ِلِه َو ُهَّللا َو اِس ٌع َع ِليٌم ﴾ [الطور‪]32 :‬‬
‫قال تعالى‪ ﴿ :‬الِّر َج اُل َقَّو اُم وَن َع َلى الِّنَس اِء ِبَم ا َفَّض َل ُهَّللا َبْع َض ُهْم َع َلى َبْع ٍض َو ِبَم ا َأْنَفُقوا‬
‫ِم ْن َأْم َو اِلِهْم َفالَّصاِلَح اُت َقاِنَتاٌت َح اِفَظاٌت ِلْلَغْيِب ِبَم ا َحِفَظ ُهَّللا َو الاَّل ِتي َتَخ اُفوَن ُنُش وَزُهَّن‬
‫َفِع ُظوُهَّن َو اْهُجُروُهَّن ِفي اْلَم َض اِج ِع َو اْض ِرُبوُهَّن َفِإْن َأَطْعَنُك ْم َفاَل َتْبُغ وا َع َلْيِهَّن َس ِبياًل‬
‫‪ِ.‬إَّن َهَّللا َك اَن َع ِلًّيا َك ِبيًرا ﴾ [النساء‪]34 :‬‬
‫والقانتات‪ :‬المطيعات لألزواج يحفظن األزواج في غيابهم وفي أوالدهم وأموالهم‬
‫وأنفسهم قال تعالى‪ ﴿ :‬اْلَخ ِبيَثاُت ِلْلَخ ِبيِثيَن َو اْلَخ ِبيُثوَن ِلْلَخ ِبيَثاِت َو الَّطِّيَباُت ِللَّطِّيِبيَن‬
‫‪َ.‬و الَّطِّيُبوَن ِللَّطِّيَباِت ُأوَلِئَك ُمَبَّر ُء وَن ِمَّم ا َيُقوُلوَن َلُهْم َم ْغ ِفَر ٌة َو ِرْز ٌق َك ِريٌم ﴾ [النور‪]26 :‬‬
‫وقال تعالى‪َ ﴿ :‬و َم ْن َلْم َيْسَتِط ْع ِم ْنُك ْم َطْو اًل َأْن َيْنِكَح اْلُم ْح َص َناِت اْلُم ْؤ ِم َناِت َفِم ْن َم ا َم َلَك ْت‬
‫َأْيَم اُنُك ْم ِم ْن َفَتَياِتُك ُم اْلُم ْؤ ِم َناِت َو ُهَّللا َأْع َلُم ِبِإيَم اِنُك ْم َبْعُض ُك ْم ِم ْن َبْع ٍض َفاْنِكُحوُهَّن ِبِإْذ ِن‬
‫َأْهِلِهَّن َو َآُتوُهَّن ُأُجوَر ُهَّن ِباْلَم ْعُروِف ُم ْح َص َناٍت َغْيَر ُمَس اِفَح اٍت َو اَل ُم َّتِخ َذ اِت َأْخ َد اٍن َفِإَذ ا‬
‫ُأْح ِص َّن َفِإْن َأَتْيَن ِبَفاِح َش ٍة َفَع َلْيِهَّن ِنْص ُف َم ا َع َلى اْلُم ْح َص َناِت ِم َن اْلَع َذ اِب َذ ِلَك ِلَم ْن َخ ِش َي‬
‫‪.‬اْلَع َنَت ِم ْنُك ْم َو َأْن َتْص ِبُروا َخ ْيٌر َلُك ْم َو ُهَّللا َغ ُفوٌر َرِح يٌم ﴾ [النساء‪]25 :‬‬
‫تظهر هذه النصوص اإلسالمية التوجيهات الواضحة حول حقوق الطفل في الحياة‬
‫‪.‬وحرمة قتله‪ ،‬مع تأكيد على أهمية بناء أسرة قائمة على القيم اإلسالمية‬
‫‪-‬‬ ‫‪:‬حقه في الحياة‬
‫حرم هللا تعالى قتل النفس بصفه عامه فقال ﴿ ِم ْن َأْج ِل َذ ِلَك َكَتْبَنا َع َلى َبِني ِإْس َر اِئيَل َأَّنُه‬
‫َم ْن َقَتَل َنْفًسا ِبَغْيِر َنْفٍس َأْو َفَس اٍد ِفي اَأْلْر ِض َفَك َأَّنَم ا َقَتَل الَّناَس َج ِم يًعا َو َم ْن َأْح َياَها‬
‫َفَك َأَّنَم ا َأْح َيا الَّناَس َج ِم يًعا َو َلَقْد َج اَء ْتُهْم ُرُس ُلَنا ِباْلَبِّيَناِت ُثَّم ِإَّن َك ِثيًرا ِم ْنُهْم َبْع َد َذ ِلَك ِفي‬
‫‪.‬اَأْلْر ِض َلُم ْس ِرُفوَن ﴾ [المائدة‪]32 :‬‬
‫ثم اختص بيان حرمة قتل األوالد‪ ،‬ليبين سبحانه وتعالى عظيم رحمته واهتمامه بهذا‬
‫الوليد الذي لم يرتكب جرمًا ولم يقترف إثمًا‪ ،‬وللتأكيد على أن قتل هذا الوليد عقوبته‬
‫من أغلظ العقوبات‪ ،‬وأيضًا لإلشعار بأن هذا الوليد كائن مستقل يجب أخذه في‬
‫‪.‬االعتبار وأن يعامل على أساس أنه إنسان جديد‬
‫قال تعالى ﴿ ُقْل َتَع اَلْو ا َأْتُل َم ا َح َّر َم َر ُّبُك ْم َع َلْيُك ْم َأاَّل ُتْش ِرُك وا ِبِه َشْيًئا َو ِباْلَو اِلَد ْيِن ِإْح َس اًنا‬
‫َو اَل َتْقُتُلوا َأْو اَل َد ُك ْم ِم ْن ِإْم اَل ٍق َنْح ُن َنْر ُز ُقُك ْم َو ِإَّياُهْم َو اَل َتْقَر ُبوا اْلَفَو اِح َش َم ا َظَهَر ِم ْنَها‬
‫َو َم ا َبَطَن َو اَل َتْقُتُلوا الَّنْفَس اَّلِتي َح َّر َم ُهَّللا ِإاَّل ِباْلَح ِّق َذ ِلُك ْم َو َّصاُك ْم ِبِه َلَع َّلُك ْم َتْع ِقُلوَن ﴾‬
‫‪[.‬األنعام‪]151 :‬‬
‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬و اَل َتْقُتُلوا َأْو اَل َد ُك ْم َخ ْش َيَة ِإْم اَل ٍق َنْح ُن َنْر ُز ُقُهْم َو ِإَّياُك ْم ِإَّن َقْتَلُهْم َك اَن ِخ ْطًئا‬
‫َك ِبيًرا ﴾ [اإلسراء‪]31 :‬‬
‫‪:‬حق الطفل في التسمية‬
‫من شأن كل شيء في هذا الوجود أن يكون له اسم يعرف به‪ ،‬فما بالك باإلنسان الذي‬
‫سخر هللا له كل شيء في هذا الكون‪ ،‬فال بد له من اسم يعرف به في الدنيا وفي المأل‬
‫االعلى‪ ،‬ومن ثم فإن هذا االسم له تأثير كبير في جوانب شخصية الطفل المسلم‪ ،‬لذلك‬
‫فمن حق الطفل على أبويه أن يختاروا له اسم حسن يعرف به‪ -.‬حق الطفل في‬
‫التسمية يظهر في حرمة قتل النفس واهتمام هللا بإعطاء اإلنسان اسًم ا‪ .‬للطفل حق في‬
‫اختيار اسم حسن يعكس شخصيته‪ُ .‬يظهر القرآن الحكيم حق الطفل في التسمية من‬
‫خالل قصة والدة مريم التي اختارت البنتها اسًم ا جمياًل ورغم أن الوالدة كانت ُأنثى‪،‬‬
‫إال أنها حافظت على حق التسمية‪ .‬يؤكد النبي صلى هللا عليه وسلم في حديث أن‬
‫الناس سيدعون باسمائهم يوم القيامة‪ ،‬فعلى األهل احترام هذا الحق واختيار أسماء‬
‫طيبة‪ُ .‬يبرز مثال آخر في القرآن حيث أخبر هللا عن إعالن زكريا عن اسم جديد‬
‫‪".‬يحيى" البنه‪ ،‬مظهًرا الحترام حق الطفل في التسمية‬
‫ويتضح لنا أحقية الطفل في التسميه‪ ،‬من خالل قولة تعالى ﴿ ِإْذ َقاَلِت اْمَر َأُة ِع ْمَر اَن‬
‫َر ِّب ِإِّني َنَذ ْر ُت َلَك َم ا ِفي َبْطِني ُمَح َّرًرا َفَتَقَّبْل ِم ِّني ِإَّنَك َأْنَت الَّس ِم يُع اْلَعِليُم * َفَلَّم ا‬
‫َو َض َع ْتَها َقاَلْت َر ِّب ِإِّني َو َض ْع ُتَها ُأْنَثى َو ُهَّللا َأْع َلُم ِبَم ا َو َض َع ْت َو َلْيَس الَّذ َك ُر َك اُأْلْنَثى‬
‫َو ِإِّني َسَّم ْيُتَها َم ْر َيَم َو ِإِّني ُأِع يُذ َها ِبَك َو ُذ ِّر َّيَتَها ِم َن الَّش ْيَطاِن الَّر ِج يِم ﴾ [آل عمران‪-35 :‬‬
‫‪ ،]36‬ها هي امرأه عمران تهب ما في بطنها لخدمة بيت المقدس‪ ،‬على أنه ذكر فلما‬
‫وضعت؛ وضعت ُأنثى ورغم أن وضعها جاء على خالف ما كانت تتمنى إال أنها لم‬
‫‪.‬تغفل حقها في التسميه فاختارت لها اسمًا حسنًا "مريم"‪ ،‬أي العابدة‬
‫وهذا الحق جعله هللا في الشرائع التي قبلنا وأقرته الشريعة اإلسالمية‪ ،‬فعن أبي‬
‫الدرداء رضي هللا عنه‪ ،‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬إنكم تدعون يوم القيامة‬
‫‪".‬بأسمائكم و أسماء آبائكم فأحسنوا أسمائكم‬
‫وقال تعالى ﴿ َيا َز َك ِرَّيا ِإَّنا ُنَبِّش ُرَك ِبُغ اَل ٍم اْس ُم ُه َيْح َيى َلْم َنْج َع ْل َلُه ِم ْن َقْبُل َسِم ًّيا ﴾‪،‬‬
‫‪[.‬مريم‪ ،]7 :‬يبشر اله تعالى زكريا بغالم ويختار له اسمًا لم يسمى به أحد قبله‬
‫‪:‬حقه في العدل والمساواة بينه وبين إخوته‬
‫َيْج ِرَم َّنُك ْم َشَنَآُن‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬يا َأُّيَها اَّلِذ يَن َآَم ُنوا ُك وُنوا َقَّو اِم يَن ِهَّلِل ُش َهَد اَء ِباْلِقْس ِط َو اَل‬
‫ِبَم ا َتْع َم ُلوَن ﴾‬ ‫َقْو ٍم َع َلى َأاَّل َتْع ِد ُلوا اْع ِد ُلوا ُهَو َأْقَر ُب ِللَّتْقَو ى َو اَّتُقوا َهَّللا ِإَّن َهَّللا َخ ِبيٌر‬
‫‪[.‬المائده‪]8 :‬‬
‫قال تعالى ﴿ َو اَل َتْقَر ُبوا َم اَل اْلَيِتيِم ِإاَّل ِباَّلِتي ِهَي َأْح َس ُن َح َّتى َيْبُلَغ َأُش َّد ُه َو َأْو ُفوا اْلَك ْيَل‬
‫َو اْلِم يَز اَن ِباْلِقْس ِط اَل ُنَك ِّلُف َنْفًسا ِإاَّل ُو ْس َعَها َو ِإَذ ا ُقْلُتْم َفاْع ِد ُلوا َو َلْو َك اَن َذ ا ُقْر َبى َو ِبَع ْهِد‬
‫ِهَّللا َأْو ُفوا َذ ِلُك ْم َو َّصاُك ْم ِبِه َلَع َّلُك ْم َتَذَّك ُروَن * َو َأَّن َهَذ ا ِص َر اِط ي ُم ْسَتِقيًم ا َفاَّتِبُعوُه َو اَل‬
‫َتَّتِبُعوا الُّسُبَل َفَتَفَّر َق ِبُك ْم َع ْن َس ِبيِلِه َذ ِلُك ْم َو َّصاُك ْم ِبِه َلَع َّلُك ْم َتَّتُقوَن * ُثَّم َآَتْيَنا ُم وَس ى‬
‫اْلِكَتاَب َتَم اًم ا َع َلى اَّلِذ ي َأْح َس َن َو َتْفِص ياًل ِلُك ِّل َش ْي ٍء َو ُهًدى َو َر ْح َم ًة َلَع َّلُهْم ِبِلَقاِء َر ِّبِهْم‬
‫ُيْؤ ِم ُنوَن * َو َهَذ ا ِكَتاٌب َأْنَز ْلَناُه ُمَباَر ٌك َفاَّتِبُعوُه َو اَّتُقوا َلَع َّلُك ْم ُتْر َح ُم وَن * َأْن َتُقوُلوا ِإَّنَم ا‬
‫ُأْنِزَل اْلِكَتاُب َع َلى َطاِئَفَتْيِن ِم ْن َقْبِلَنا َو ِإْن ُكَّنا َع ْن ِدَر اَسِتِهْم َلَغ اِفِليَن * َأْو َتُقوُلوا َلْو َأَّنا‬
‫ُأْنِزَل َع َلْيَنا اْلِكَتاُب َلُكَّنا َأْهَد ى ِم ْنُهْم َفَقْد َج اَء ُك ْم َبِّيَنٌة ِم ْن َر ِّبُك ْم َو ُهًدى َو َر ْح َم ٌة َفَم ْن َأْظَلُم‬
‫ِمَّم ْن َك َّذ َب ِبَآَياِت ِهَّللا َو َص َدَف َع ْنَها َس َنْج ِزي اَّلِذ يَن َيْص ِد ُفوَن َع ْن َآَياِتَنا ُسوَء اْلَع َذ اِب ِبَم ا‬
‫َك اُنوا َيْص ِد ُفوَن ﴾ [األنعام‪]157-152 :‬‬
‫أمر هللا سبحانه المؤمنين بالعدل حتى مع االعداء‪ ،‬فما بالنا مع األبناء الصغار‪ ،‬فالظلم‬
‫وعدم المساواة يولد في نفس الطفل شعور باالضطهاد والظلم‪،‬فيدمر في نفسه القاعدة‬
‫التي تبني عليها في المستقبل القيم العليا والمبادئ‪ ،‬ألنه يجد في أقرب الناس إليه‬
‫وألصقهم به وهما الوالدين نموذجًا سيئًا‪ ،‬فكيف يتعلم هو العدل‪ ،‬وكيف يتعلم بقيه القيم‬
‫‪.‬والمبادئ التي يقوم عليها االسالم[‪]7‬‬
‫فقد أثبتت الدراسات النفسية أن ظهور اضطرابات نفسية واجتماعية على الطفل‬
‫‪.‬يرجع معظمها إلى إحساسه بالعدل والمساواة مع أقرانه أو عدمه‬
‫وليس أدل على ذلك مما ورد في القرآن الكريم في قصة سيدنا يوسف مع إخوته‪،‬‬
‫تأمل سلوك إخوة يوسف عليه السالم الناتج عن حب أبيهم ليوسف عليه السالم‬
‫وتفضيله عليهم‪ ،‬يتضح لك أن عدم المساواة بين اإلخوة له تأثير عظيم على انفعاالتهم‬
‫‪.‬ومن ثم سلوكهم‬
‫‪-‬‬ ‫حق الطفل في اللعب‬
‫‪-‬‬ ‫حق الطفل في اللعب يعد جوهرًيا لتنمية جوانبه االجتماعية والخلقية‪.‬‬
‫اللعب يشكل جزًء ا أساسًيا من حياته وُيسهم في تكييفه االجتماعي‬
‫واالنفعالي‪ .‬يظهر ذلك في حياة الطفل من خالل اللعب والمرح‪ ،‬حيث‬
‫يعزز اللعب الصحة النفسية للطفل‪ .‬القصة المذكورة عن يوسف عليه‬
‫السالم تبرز أهمية فهم حق الطفل في اللعب‪ ،‬إذ ُيظهر االبتزاز الذي قام‬
‫‪.‬به إخوته من أجل أن يسمح لهم بلعب معهم‬
‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬قاُلوا َيا َأَباَنا َم ا َلَك اَل َتْأَم َّنا َع َلى ُيوُسَف َو ِإَّنا َلُه َلَناِص ُحوَن * َأْر ِس ْلُه َم َع َنا‬
‫َغ ًدا َيْر َتْع َو َيْلَع ْب َو ِإَّنا َلُه َلَح اِفُظوَن * َقاَل ِإِّني َلَيْح ُزُنِني َأْن َتْذ َهُبوا ِبِه َو َأَخ اُف َأْن َيْأُكَلُه‬
‫الِّذ ْئُب َو َأْنُتْم َع ْنُه َغ اِفُلوَن ﴾ [يوسف‪ .]13-11 :‬فما كان يعقوب ليترك يوسف مع‬
‫‪.‬إخوته إال لهدف عظيم وغايه نبيلة مؤثرة في إعداده وتنشئته‬
‫‪:‬حقه في اإلنفاق عليه‬
‫ومن مظاهر رعاية القرآن الكريم للطفل‪ ،‬أوجب على أبيه أن ينفق عليه حتى يقوى‬
‫ويشتد عوده قال تعالى ﴿ َأْس ِكُنوُهَّن ِم ْن َح ْيُث َس َك ْنُتْم ِم ْن ُو ْج ِد ُك ْم َو اَل ُتَض اُّر وُهّن‬
‫ِلُتَض ِّيُقوا َع َلْيِهَّن َو ِإْن ُك َّن ُأواَل ِت َح ْم ٍل َفَأْنِفُقوا َع َلْيِهَّن َح َّتى َيَض ْع َن َح ْم َلُهَّن َفِإْن َأْر َض ْع َن‬
‫َلُك ْم َفَآُتوُهَّن ُأُجوَر ُهَّن َو ْأَتِم ُروا َبْيَنُك ْم ِبَم ْعُروٍف َو ِإْن َتَع اَس ْر ُتْم َفَس ُتْر ِض ُع َلُه ُأْخ َر ى *‬
‫ِلُيْنِفْق ُذ و َسَعٍة ِم ْن َسَعِتِه َو َم ْن ُقِدَر َع َلْيِه ِرْز ُقُه َفْلُيْنِفْق ِمَّم ا َآَتاُه ُهَّللا اَل ُيَك ِّلُف ُهَّللا َنْفًسا ِإاَّل‬
‫‪َ.‬م ا َآَتاَها َسَيْج َع ُل ُهَّللا َبْع َد ُعْس ٍر ُيْسًرا ﴾" [الطالق‪]7-6 :‬‬
‫وعن أبى هريره قال‪ :‬قال النبي صلى هللا عليه وسلم " أفضل الصدقة ما ترك غنى‬
‫واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول " تقول المرأة إما أن تطعمني وإما أن‬
‫تطلقني ويقول العبد‪ :‬أطعمني واستعملني ويقول االبن‪ :‬أطعمني إلى من تدعني؟‬
‫فقالوا‪ :‬يا أبا هريره سمعت هذا من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم؟ قال‪ :‬ال هذا من‬
‫‪.‬كيس أبى هريره [‪]11‬‬
‫وقد أورد االمام البخاري بابًا كامًال في فضل النفقة على األهل ارجع اليه إن أردت‬
‫‪.‬االستزادة‬
‫وفي ختام هذا البحث أقول الحمد هلل الذي قدر لي التوفيق والنجاح في كتابة هذا‬
‫البحث اإلسالمي المتميز‪ ،‬حيث حاولت أن أجمع كافة المعلومات والتفاصيل الهامة‬
‫عن هذا الموضوع‪ ،‬فقد قمت بتقديم مجموعة من المعلومات التي تخص هذا البحث‬
‫والذي تحدث عن السيرة النبوية ودور النبي (ص) عن التحدث عن المرأة والطفل‬
‫حيث يعتبر موضوع هام وهادف يهتم به الجميع ويطمعون لمعرفة تفاصيله‬
‫والتعمق فيها‪ ،‬فهذا البحث ال يمكنني القول بأنه بحث شامل وكامل‪ ،‬ألن كل شيء‬
‫ناقص ويحتاج إلى المزيد ليصل إلى مستوى مرتفع من العلم والمعرفة‪ ،‬إال أنني‬
‫حاولت جاهدًا استجماع كافة المعلومات به على قد االستطاع‪ ،‬وارجوا أن أكون قد‬
‫‪.‬وفقت لذلك‪ ،‬وأخيرا ارجوا أن ينال هذا البحث إعجابكم ورضاكم‬

You might also like