Professional Documents
Culture Documents
حّث النبي -عليه الصالة والسالم -على رفع قدر ومكانة المرأة وشأِنها ،وجعلها في
مكاٍن يليق بها ،وفي عرفاٍت بحّجة الوداع تكّلم عن ُحرمِتِهّن ومكاَنِتِهّن ،كقوله -عليه
الصالة والسالمَ( :-فاَّتُقوا َهَّللا في الِّنَس اِء ،فإَّنُك ْم َأَخ ْذ ُتُم وُهَّن بَأَم ان ِهللاَ ،و اْسَتْح َلْلُتْم
ُفُروَج ُهَّن بَك ِلَم ِة ِهللا)]٨[،
وكّرمها سواًء كانت ُأّم ًا أو بنتًا أو زوجة ،وكان ذلك جلّيًا في كثيٍر من األحاديث،
كقوله( :استوُصوا بالِّنساِء خيًرا)]١٠[]٩[،
كما أنه كان يهتّم ِبَتعليِم ِهّن ،فعقد معهّن موعدًا ،وَو عظهّن وَنصحُهّن ،وكان مّم ا قاله
لهّن ( :ما ِم َن امرأٍة ُتَقِّد ُم َثالًثا ِم َن الولِد َتْح َتِس ُبُهَّن ِإاَّل دخَلْت الجنَة ،فقالْت امرأٌة ِم ْنُهَّن :
أْو اْثناِن ؟ قال :أْو اْثناِن ) ]١١[،وُك ّن يسألن والنبي -عليه الصالة والسالمُ -يجيُبُهّن [،
]١٢،باإلضافة إلى توصية األزواج ِبِهّن
وعدم ُظلِم ِهّن ،وعدم ُبغضها أو كراهيتها لبعض واخالقها ِ ،لما تحمله من أخالٍق
فاضلٍة ُأخرى ،قال -صلى هللا عليه وسلم( :-اْسَتْو ُصوا بالِّنساِء ،فإَّن الَم ْر َأَة ُخ ِلَقْت ِم ن
ِض َلٍع ،وإَّن أْع َو َج شيٍء في الِّض َلِع أْع الُه ،فإْن َذ َهْبَت ُتِقيُم ُه َك َس ْر َتُه ،وإْن َتَر ْك َتُه َلْم َيَزْل
أْع َو َج ،فاْسَتْو ُصوا بالِّنساِء )]١٤[]١٣[.
رفع اإلسالم شأن المرأة ،وأعلى من قدِرها ،سواًء كانت ُأّم ًا أو بنتًا أو زوجًة ،وحّث
الرجال على اإلنفاق عليها ،وأمر بتربيتها وتعليمها إن كانت بنتًا ،وُم عاملتها
بالمعروف إن كانت زوجة ،لقوله -تعالىَ( :-و َع اِش ُروُهَّن ِباْلَم ْعُروِف ) ]١٨[،كما أّن
النبّي -عليه الصالة والسالم -حرص على الوصية بهّن في حجة الوداع ]١٩[،ولّم ا
أمره هللا -تعالى -بإنذار عشيرته بالدعوة ،نادى على عّم ته صفيه وابنته فاطمة
باسمهما؛ إعالًء
لشأنهّن ،وُيبّين للناس جواز ُم ناداتهم بأسمائهّن ،وليس كما كانوا يعتقدون من الخجل
في ذلك ،وُيجيز لُهّن االستماع ِلُخ طبته ،فقد جاء عن ُأّم هشام بنت حارثة قولهاَ( :و ما
َأَخ ْذ ُت ق َو اْلُقْر آِن الَم ِج يِد إاَّل عن ِلَس اِن َر سوِل ِهللا َص َّلى ُهَّللا عليه وسَّلَم َ ،يْقَر ُؤ َها ُك َّل
َيوِم ُج ُم َعٍة عَلى الِم ْنَبِر ،إَذ ا َخ َطَب الَّناَس )]٢١[]٢٠[.
وضع اإلسالم للمرأة مجموعًة من الُحقوق ،ولم ُيمّيز بينها وبين الرُجل إال بالتقوى،
لقول هللا -تعالىَ( :-يا َأُّيَها الَّناُس ِإَّنا َخ َلْقَناُك م ِّم ن َذ َك ٍر َو ُأنَثى َو َج َع ْلَناُك ْم ُش ُعوًبا َو َقَباِئَل
ِلَتَع اَر ُفوا
ِإَّن َأْك َر َم ُك ْم ِع نَد الَّلـِه َأْتَقاُك ْم ِإَّن الَّلـَه َع ِليٌم َخ ِبيٌر)]٢٦[،
فسمح لها ِبالُم شاركة في الحياة العامة ،وجعلها ُع نصرًا إيجابيًا في الُم جتمع ،وساوى
بينها وبين الرجل أمام القانون وفي القيمة ،لقوله -تعالىَ( :-و َلَقد َك َّرمنا َبني آَد َم )[،
]٢٧
وضمن لها ُحقوقها المدنّية؛ كالعمل وتوّلي الوظائف ،وُم مارسة ُحقوقها السياسّية،
ودعاها الكتساب العلم
والمعرفة ،أّم ا على صعيد أحوالها الشخصّية؛ كتربيتها ألطفالها ،فلم يغفل اإلسالم
عن ذلك؛ بتوزيع األدوار بينها وبين الرُجل بما فيه صالح اُألسرة والُم جتمع ،وفي
إطار
المساواة في القيمة والكرامة ،وكانت النظرة اإلسالمّية ذلك تقوم على الُم ساواة بينها
وبين الرجل ،مع ُم راعاته لجوانب االختالف بينهما في الُقدرات الطبيعّية التي خلقهما
هللا -تعالى -عليهما]٢٨[.
وجعل لها اإلسالم اعتبارها واشتراكها مع الرجل في اإلنسانّية ،قال هللا -تعالىَ( :-يا
َ -أُّيَها الَّناُس ِإَّنا َخ َلْقَناُك ْم ِم ْن َذ َك ٍر َو ُأْنَثى) ]٢٢[،وهي شريكٌة معه في الجزاء ،لقوله
تعالىَ( :-م ْن َع ِمَل َص اِلًحا ِم ْن َذ َك ٍر َأْو ُأْنَثى َو ُهَو ُم ْؤ ِم ٌن َفَلُنْح ِيَيَّنُه َح َياًة َطِّيَبًة_
َو َلَنْج ِزَيَّنُهْم َأْج َر ُهْم ِبَأْح َس ِن َم ا َك اُنوا َيْع َم ُلوَن ) ]٢٣[،وضِم ن لها شخصّيتها الُم ستقلة،
وجعل لها حقًا في الميراث بعد أن كانت ُتحرم منه ،فقال -تعالىِ(:-للِّر َج اِل َنِص يٌب ِمَّم ا
َتَر َك اْلَو اِلَد اِن َو اَأْلْقَر ُبوَن َو ِللِّنَس اِء َنِص يٌب ِمَّم ا َتَر َك اْلَو اِلَد اِن َو اَأْلْقَر ُبوَن ِمَّم ا َقَّل ِم ْنُه َأْو
َك ُثَر َنِص يًبا َم ْفُروًضا)]٢٥[]٢٤[.
وكان ﷺ يراعيهن غاية المراعاة ،ومن ذلك أنه كان يخشى عليهن من االختالط
بالرجال ،فكان يريد لهن الصيانة ،فينتظر في مصاّل ه حتى يخرج النساء من المسجد؛
كي ال
.يختلطن بالرجال
فعن هند بنت الحارث ،أن أم سلمة -رضي هللا عنها -قالت" :كان رسول هللا ﷺ
إذا سّلم قام النساء حين يقضي تسليمه ،ومكث يسيرًا قبل أن يقوم" ،قال الزهري:
"فأرى -وهللا أعلم -أن مكثه لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم"
.يعني الرجال[ .رواه البخاري]837 :
وجدت المرأة عند الرسول (ص)كل التكريم والتقدير فقد كرمها هللا كما كرمها القرآن
الكريم قال (ص)( :إنما النساء شقائق الرجال)([ ،)]3وكذلك قوله (ص) في تكريمه
للمرأة( :من كان له ثالث أخوات أو ابنتان ،أو أختان ،فأحسن صحبتهن وأتقى هللا
فيهن فله الجنة) ([ )]4وقد أوصى الرسول (ص) بالنساء ،ففي الحديث عن أبي
هريرة عليه السالم أن رسول هللا (ص) قال( :من كان يؤمن باهلل واليوم األخر فال
يؤذ جاره واستوصوا بالنساء خيرًا)([)]5وكان يوصي دائمًا بمعاملة النساء
بالمعروف والصبر عليهن في الكثير من األحاديث والمواقف التي أظهر خاللها
الرسول (ص) مدى احترامه وتقديره للمرأة إذا كانت أمًا أو زوجًة أو ابنًة أو أختًا
.ويكفينا خير مثال معاملته ألزواجه وبناته
عن جابر بن عبد هللا – رضي هللا عنه – قال ( :شهدت مع النبي ـ صلى هللا عليه
وسلم ـ يوم العيد ،فبدأ بالصالة قبل الخطبة بال أذان وال إقامة ،ثم قام متوكئا على
بالل ،فأمر بتقوى هللا تعالى ،وحث على طاعته ،ووعظ الناس وذكرهم ،ثم مضى
وأتى النساء فوعظهن وذكرهن ،وقال يا معشر النساء تصدقن فإنكن أكثر حطب
جهنم فقامت امرأة من وسطة النساء سفعاء الخدين ،فقالت :لم يا رسول هللا؟ ،فقال:
ألنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير ،قال :فجعلن يتصدقن من حليهن ،يلقين في ثوب
بالل من أقراطهن وخواتيمهن ) رواه البخاري .ومعنى سفعاء الخدين أي :في خديها
.سواد
تعليم المرأة له خصوصية ،وتأتي هذه الخصوصية من خصوصية المرأة نفسها ،فاهلل
ـ سبحانه وتعالى ـ خلقها بطبيعة معينة ،وخلق فيها صفات تختلف عن الرجل،
وتحتاج من العلم ما ال يحتاجه الرجال ،قال هللا تعالى { :وليس الذكر كاألنثى }(آل
:عمران من اآلية
36 ) .
ومن اآلداب الشرعية للمرأة في طلبها للعلم :اإلخالص هلل ـ عز وجل ـ ،والتزام
اللباس الشرعي الذي فرضه هللا عليها ،وعدم الخروج متطيبات ،وغض البصر كما
قال تعالى { :وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن وال يبدين
زينتهن إال ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن }(النور من اآلية،)31:
وعدم الخلوة والخضوع بالقول كما قال تعالى { :فال تخضعن بالقول فيطمع الذي في
.قلبه مرض وقلن قوال معروفا }(األحزاب)32 :
كلما رجعت إلى السيرة النبوية ازددت معرفة بما كان للمرأة من مكانة ،وبما كفله
اإلسالم لها من حقوق ،لقد كانت لها شخصية مقدورة وأثر يحسب! يقول المحدثون:
لما نزل قول هللا لنبيه ” وأنذر عشيرتك األقربين “ ،صعد رسول هللا صلى هللا عليه
وسلم الصفا و نادى ” :يا بني عبد المطلب اشتروا أنفسكم من هللا ،يا صفية عمة
رسول هللا ويا فاطمة بنت رسول هللا اشتريا أنفسكما من هللا فإني ال أغنى عنكما من
هللا شيئًا ،سالني من مالي ما شئتما “.إن نداء المرأة بهذا الصوت الجهير شيء
مستنكر في عصرنا األخير ،كنا نعدها كشخصها عورة ال يجوز أن يعرف! ونقول:
ما للمرأة وهذه الشؤون؟ يكفي أن يحضر رجل من أسرتها ليبلغها ،أما أن تنادى على
رؤوس األشهاد فذلك عيب!.لكن المرأة في صدر اإلسالم عرفت قدرها ،ولما سمعت
مناديا يدعو إلى اإليمان سارعت إلى تلبيته ،ويحكى المؤرخون أن أخت عمر ين
الخطاب كانت أسبق منه إلى اإلسالم ،لقد أدمى وجهها عندما علم بإسالمها وهاجمها
بقسوة فقالت له :يا عمر إن الحق في غير دينك ،وإني أشهد أن ال إله إال هللا وأن
محمدا رسول هللا !..ثم أسلم عمر بعد !!ودخل الرجال والنساء فى دين هللا ،وأعطوا
المواثيق على اعتناق الحق والعمل به والذود عنه،وانتظمت الصفوف في المسجد
النبوي تستوعب الرجال والنساء على سواء .روى مسلم عن أم هشام بنت حارثة بن
النعمان قالت“ :ما أخذت ” ق والقرآن المجيد ” إال من لسان رسول هللا -صلى هللا
عليه وسلم -يوم الجمعة يقرأ بها على المنبر في كل جمعة”.أي إنها حفظت السورة
!كلها عن ظهر قلب من شدة انتباهها وهى تسمع الخطبة
السيرة النبوية الشريفة هي سيرة ألعظم الخلق والمرسلين ،ومهما ُك تبت فيها من
كلمات وعبارات ومعلومات يظّل القلم عاجًز ا عن اإلحاطة بكّل ما مّر على النبي -
عليه الصالة والسالم -من أحداث وما ورد عنه من أحاديث للمرأة
اإلسالم ُيولي اهتماًم ا كبيًر ا لمرحلة الطفولة نظًر ا ألهميتها في بناء شخصية
اإلنسان .يقدم الدين حقوًقا وواجباٍت لألطفال ،متفوًقا في تحديدها قبل دور الحديثة،
ويبدأ اهتمامه بالطفل قبل والدته ويمتد إلى حقه في الحياة وحظر اإلجهاض .يعتبر
اإلسالم األطفال زينًة للحياة ويؤكد على أهمية األسرة السليمة والوالدين الصالحين
في تأثير الطفلُ .يركز الدين على تكوين شخصيات متكاملة لألطفال ليصبحوا أفراًد ا
.قويين وقادرين على التحديات
تعتبر األخالق والصفات الواردة في القرآن الكريم مرجًعا هاًم ا لفهم حقوق الطفل في
اإلسالم .يشدد القرآن على أهمية الرعاية واالهتمام باألطفال ،حيث ُيعظم حقوقهم
.ويحث على المحافظة على سالمتهم ورعايتهم
تتضمن بعض الصفات التي تحث عليها القرآن في التعامل مع األطفال الرحمة
واللطف ،وهي الصفات التي ظهرت بوضوح في سلوك النبي محمد صلى هللا عليه
وسلم .فقد كان النبي أسوة حسنة في التعامل مع األطفال ،حيث يروي العديد من
.الحديث الشريف عن لحنه وتفهمه تجاههم
كما يشجع اإلسالم على توجيه النصح والتربية اإليجابية ،مع التأكيد على أن األطفال
حملة لحقوقهم وحقوق اآلباء عليهم .القرآن يدعو إلى توجيه األطفال بروح من العدل
.واإلنصاف ،مع تعزيز مفهوم العائلة كمجتمع يعتني بأفراده
بشكل عام ،تبرز القيم اإلسالمية األخالقية في تشجيعها على حقوق الطفل وتوفير
.بيئة صالحة لنموهم الصحيح