You are on page 1of 8

‫جامعة القاضي عياض مراكش‬

‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬

‫مادة األنظمة الدستورية المقارنة‬


‫الفصل الثالث‬
‫المجموعة الثانية‬

‫الدورة الخريفية ‪2021-2020‬‬

‫االستاذ المؤطر ‪ :‬بلعربي محمد‬

‫المحاضرات‪5- 4 :‬‬
‫المحورالثاني ‪ :‬النظام البرلماني ‪ /‬حالة النظام الدستوري البريطاني‬

‫يقوم النظام البرلماني على أساس الفصل المرن بين السلطات مع وجود تعاون وتوازن بين‬
‫السلطتين التنفيذية والتشريعية ‪ ،‬و يتسع النظام البرلماني لجميع أشكال الحكم سواء كان النظام‬
‫ملكية أو جمهورية أو إدارة جماعية‪ ،‬ألن رئيس الدولة في النظام البرلماني ال يمارس‬
‫اختصاصاته بنفسه بل بواسطة وزرائه‪ .‬ويوجد بالنظام البرلماني رئيس دولة وإلى جانبه‬
‫رئيس للحكومة‪ :‬رئيس الدولة يسود وال يحكم‪ ،‬أما رئيس الحكومة فيتولى مسؤولية الحكم‪.‬‬
‫ويتكون البرلمان عادة من مجلسين‪.‬وتتميز العالقة بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية‬
‫بالتعاون والرقابة المتبادلة مما يجعل النظام متسما ً بالتوازن‪ .‬ويبدو التعاون في إمكان‬
‫مساهمة السلطة التنفيذية في عملية التشريع‪ .‬أما الرقابة المتبادلة فتظهر في حق الحكومة في‬
‫حل البرلمان‪ ،‬وإمكان مساءلة الحكومة أمام البرلمان عن طريق السؤال واالستجواب وطرح‬
‫الثقة بالحكومة وسحب الثقة منها‪.‬‬
‫ويوجد في العالم اليوم عديد من الدول التي تتبنى النظام البرلماني أهمها‪ ،‬في أوربا‪ :‬بريطانيا‬
‫وجمهورية ألمانيا االتحادية والنمسا وإيطاليا ولوكسمبورج وإيرلندا وبلجيكا وهولندا والسويد‬
‫والنرويج وإيسكتلندا والدانمارك‪ .‬وفي آسيا‪ :‬اليابان والهند‪ .‬وفي أستراليا‪ :‬أستراليا ونيوزلندا‪،‬‬
‫وفي أمريكا الشمالية بكندا‪.‬‬

‫و إذا كان المعيار األساسي لتحديد مفهوم النظام البرلماني يتمثل في المسؤولية السياسية‬
‫الجماعية للوزراء أمام البرلمان مقابل إمكانية حل البرلمان من قبل الجهاز التنفيذي‪ ،‬فإن هذا‬
‫النظام يستلزم توفر العناصر التالية‪:‬‬

‫ثنائية الجهاز التنفيذي؛‬ ‫·‬

‫تقلص سلطة رئيس الدولة؛‬ ‫·‬

‫مسؤولية الحكومة أمام البرلمان؛‬ ‫·‬

‫حق حل البرلمان‪.‬‬ ‫·‬

‫بهذا الخصوص ‪ ،‬شكل النظام البرلماني البريطاني نموذجا متميزا للنظام البرلماني‪،‬‬
‫وللتأويل المرن لقاعدة فصل السلط الذي يستلزم وجود تعاون وتوازن بين السلطتين التنفيذية‬
‫والتشريعية‪ .‬هذا التميز‪ ،‬استمد من الخصوصيات التي أحاطت بلحظات الميالد والتطور‪،‬‬
‫المرتبطة‪ ،‬من جهة‪ ،‬بقوة حضور معطى التاريخ البريطاني و التحول التدريجي تباعا من‬
‫"الملكية المطلقة "إلى" الملكية المقيدة "ف" الملكية البرلمانية"‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬بارتباط‬
‫هذا النموذج بالدستور العرفي‪ ،‬و مع بروز قواعد مكتوبة تمثلت في مستويات الحقوق‬
‫والحريات‪ ،‬ووضع الملكية‪ ،‬واختصاص البرلمان بغرفتيه ‪ :‬مجلس العموم و مجلس‬
‫اللوردات‪.‬‬

‫بهذا الخصوص ‪ ،‬فالقواعد المتعلقة بالمؤسسات الدستورية البريطانية‪ ،‬غير مضمنة في‬
‫دستور مدون‪ ،‬بل تعتبر وليدة أعراف رسختها الممارسة التاريخية العرفية‪ ،‬وإلى جانب هذه‬
‫القواعد العرفية‪ ،‬فإن المؤسسات الدستورية البريطانية تحكمها وثائق مكتوبة؛ منها ما يحدد‬
‫سلطة البرلمان‪ ،‬ويقيد من سلطة الملك كالعهد األعظم لسنة ‪ 1215‬ووثيقة الحقوق لسنة‬
‫‪ ، 1689‬أو مجرد قوانين عادية‪ ،‬منها قانون ‪ 1701‬الذي يمنع الكاثوليك من التربع على‬
‫العرش‪ ،‬وكذا قوانين ‪ 1911‬و ‪ 1949‬المقلصة الختصاصات مجلس اللوردات‪.‬‬

‫‪-1‬قيام النظام البرلماني في بريطانيا‬

‫أخذت مالمح النظام البرلماني في بريطانيا تبرز منذ أواخر القرن السابع عشر وخاصة بعد‬
‫ثورة ‪ .1688‬ثم ما لبثت أسس هذا النظام وقواعده التقليدية أن اتضحت وترسخت خالل‬
‫القرنين التاليين‪ .1‬فالصراع الذي دار بين الملك والبرلمان‪ ،‬الممثل لألرستقراطية‪ ،‬خالل‬
‫القرون الخمسة السابقة أدى تدريجيا إلى ضعف وزن الملك وتأثيره في الحياة السياسية في‬
‫حين انتقلت مهام ممارسة الحكم إلى حكومة متضامنة منبثقة عن البرلمان وتعمل تحت‬
‫مراقبته‪ .‬وهكذا أصبح البرلمان‪ ،‬الممثل لإلرادة "الشعبية" المصدر األساسي للسلطة بينما‬
‫تحولت الملكية إلى مؤسسة رمزية تسود وال تحكم‪ .‬فاالختصاصات الدستورية‪ ،‬التي‬
‫تمارسها الملكية نظريا وشكليا فقط تتمثل في ‪:‬تعيين الحكومة‪ ،‬قيادة الجيش‪ ،‬حل البرلمان‬
‫ودعوته لالنعقاد‪ ،‬المصادقة على القوانين‪ ،‬خلق مناصب لوردات‪ ،‬إشهار الحرب وعقد‬
‫السلم‪ ،‬والسلطة الديبلوماسية‪ ،‬ولكن تطبيقا لقاعدة أن" الملك يسود وال يحكم"‪ ،‬فإنه ال‬
‫يمارس عمليا هذه االختصاصات‪ ،‬بل يمارسها الوزير األول‪ ،‬الذي يرأس حكومة مسؤولة‬
‫أمام البرلمان‪.‬‬

‫وأذى قيام الوزراء بممارسة مهام الحكم الفعلي بعيدا عن تأثير وتدخل الملك الذي كان‬
‫مضطرا الختيارهم من بين أعضاء البرلمان‪ ،‬لظهور القاعدة البرلمانية الجوهرية المتمثلة‬

‫‪1‬سيكون القرنين ‪ 18‬و ‪ 19‬حافلين بالتحوالت السلمية‪ ،‬التي ستجعل النظام البريطاني يمر من نظام" الملكية المقيدة "إلى‬
‫"نظام الملكية البرلمانية"‪ ،‬أي من نظام يمارس فيه الملك حكما مقيدا‪ ،‬بموافقة البرلمان على القانون والضريبة‪ ،‬إلى نظام‬
‫يتولى فيه الحكم وزير أول‪ ،‬ناجم عن أغلبية برلمانية ومسؤول أمامها‪ ،‬و ذالك بعد إصالح النظام االنتخابي‪ ،‬من خالل‬
‫إقرار االقتراع العام المتساوي والسري وتعميم حق االقتراع للرجال والنساء من جهة؛ و من جهة أخرى‪ ،‬بعد اعتماد قوانين‬
‫تقلص صالحيات مجلس اللوردات‪ ،‬وحصر سلطة التشريع في مجلس العموم المعبر عن اإلرادة الشعبية بواسطة االنتخاب‪.‬‬
‫بمسؤولية الحكومة سياسيا أمام البرلمان‪ ،‬وكان وزراء الملك في السابق‪ ،‬المختارين من‬
‫قبله بحرية ليعاونوه في شؤون الحكم‪ ،‬مسؤولين مباشرة أمامه فقط‪ .‬وهكذا أضيفت إلى‬
‫مسؤولية الوزراء السابقة أمام الملك‪ ،‬مسؤولية جديدة أمام البرلمان‪ .‬وقد استمرت قاعدة‬
‫المسؤولية السياسية المزدوجة هذه طوال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر‪ ،‬وكانت خالل‬
‫ذلك تتحول شيئا فشيئا ومع ازدياد سلطة البرلمان ونفوذه لتصبح مسؤولية وحيدة اتجاه‬
‫البرلمان فقط‪.‬‬

‫ولم يكن الوزراء في البدء مسؤولين أمام البرلمان إال انفراديا‪ ،‬كما كان حالهم أمام الملك‪ .‬وقد‬
‫بدأت هذه المسؤولية بالظهور في الميدان الجنائي حيث كان باستطاعة مجلس العموم أن‬
‫يوجه للوزراء االتهام في حال ارتكابهم لجرم ما‪ ،‬ويؤدي هذا االتهام لتقديمهم للمحاكمة أمام‬
‫مجلس اللوردات‪ ،‬وشيئا فشيئا أخذ البرلمان يعتبر ارتكاب الوزراء ألخطاء سياسية فادحة‬
‫بمثابة جرم يمكن أن يؤدي إلى توجيه اتهام يكون من نتيجته على األقل إجبار وزير على‬
‫استقالته‪ .‬لما كان الوزراء قد اعتادوا أن يجتمعوا فيما بينهم ويتداولوا ويقرروا ما يشاءون من‬
‫أمور متعلقة بقضايا الحكم‪ ،‬فقد ظهر لديهم شعور من التكافل والتضامن ما لبث أن تطور‬
‫تدريجيا ليأخذ شكل المسؤولية التضامنية أمام البرلمان باعتبارهم يشكلون هيئة جماعية‬
‫واحدة‪.‬‬
‫ومقابل تخليه لوزرائه عن مهام الحكم الفعلي‪ ،‬احتفظ الملك لنفسه بحق اعتباره غير مسؤول‬
‫عن أعماله اتجاه أي سلطة أخرى‪ .‬وإذا كانت حرمة الملك وقدسية شخصه قاعدة مؤكدة منذ‬
‫القدم ومستندة لالعتقاد القائل بأن الملك ال يمكن أن يخطأ فإن هذه القاعدة أصبحت مقبولة‬
‫بصورة أفضل بعد ابتعاد الملك فعليا عن ممارسة مسؤوليات الحكم‪ .‬وهكذا استقرت من‬
‫خالل الظروف والممارسة العرفية مجموعة القواعد األساسية التي اتصف ويتصف بها‬
‫النظام البرلماني‪.‬‬

‫فوجود مؤسسة ملكية قائمة عبر مبدأ الوراثة وكذلك مجلس اللوردات المكون من أعضاء‬
‫يعينون لمدى الحياة أو يتولون مناصبهم بالوراثة قد يدعو لالعتقاد بأن االنتخابات ال تلعب‬
‫إال دورا هامشيا محدودا في الحياة السياسية إال أن الحقيقة مغايرة لهذا تماما‪.‬‬
‫فالمؤسسات السياسية الوراثية لم يعد لها تأثير كبير في البالد‪.‬‬

‫أما الدور الرئيسي‪ ،‬فتلعبه المؤسسة االنتخابية من خالل تفاعلها وتأثرها بطبيعة النظام‬
‫الحزبي القائم في البالد‪ ،‬والمتميز بوجود حزبين رئيسيين فيها‪ .‬فلقد أدى انقسام األغلبية‬
‫الساحقة من الشعب البريطاني إلى تيارين سياسيين رئيسيين‪ :‬يتجسد األول بحزب المحافظين‬
‫ويتمثل الثاني بحزب العمال‪ ،‬إلى زيادة أهمية وفعالية وتأثير المؤسسة االنتخابية في حياة‬
‫البالد‪ ،‬بالنسبة للمؤسسات السياسية األخرى‪ .‬فالشعب البريطاني عندما يتجه‪ ،‬مبدئيا مرة كل‬
‫خمس سنوات‪ ،‬إلى صناديق االقتراع النتخاب أعضاء مجلس العموم ويحمل إلى هذا المجلس‬
‫أغلبية من النواب منتمين إلى أحد الحزبين الكبيرين إنما يقوم بشكل مباشر باختيار السياسة‬
‫العامة التي يفضل أن تسير عليها البالد خالل السنوات الخمس التالية‪ ،‬كما يقوم‪ ،‬في نفس‬
‫الوقت‪ ،‬باختيار الوزير األول‪ ،‬الذي سيكون حكما رئيس الحزب الفائز باالنتخابات‪ ،‬وأعضاء‬
‫الحكومة الذين سيكونون أيضا من بين األعضاء القياديين لهذا الحزب‪.‬‬

‫يتألف البرلمان البريطاني عمليا‪ ،‬من مجلس اللوردات‪ ،‬و مجلس العموم‪ .‬فمجلس اللوردات‬
‫يمثل بقايا الطبقة األرستقراطية وتقاليدها التاريخية‪ ،‬ويضم حاليا حولي ‪ 800‬لورد‪ .‬ويحتل‬
‫أعضاؤه مقاعدهم فيه بشكل عام إما بالوراثة أو بالتعيين لمدى الحياة من قبل الملك وبناء‬
‫على اقتراح الحكومة‪ .2‬أما مجلس العموم‪ :‬وهو الهيئة الممثلة للشعب البريطاني ألنه ينتخب‬
‫انتخابا مباشرا من قبله‪.3‬‬

‫وينتخب المجلس من بين أعضائه رئيسا يدعى المتحدث (‪ 4)Speaker‬ويتمتع هذا ببعض‬
‫الحقوق واالمتيازات ومن أهمها‪ :‬حق تنظيم المناقشات في المجلس‪ ،‬وحق البت فيما إذا كان‬
‫مشروع القانون المعروض على المجلس طابعا ماليا‪ ،‬وبالتالي ال يجوز عرضه على مجلس‬
‫اللوردات‪ .‬لقد كان مجلسا البرلمان(اللوردات والعموم) يتمتعان في الماضي بنفس‬
‫الصالحيات فيما يتعلق بإقرار القوانين المالية والعادية‪ .‬فاتفاقهما كان ضروريا إلقرارها‪ .‬إال‬
‫أن صالحيات مجلس اللوردات أخذت بالتناقص لحساب مجلس العموم‪.‬‬

‫يتمتع البرلمان بثالث صالحيات رئيسية هي‪ :‬الصالحية المالية الخاصة بإقرار الموازنة‬
‫والضرائب وصالحية تشريع القوانين العادية وصالحية مراقبة أعمال الحكومة (التي يختص‬
‫بها مجلس العموم فقط)‪.‬‬

‫‪-2‬خصائص النظام البرلماني‪:‬‬

‫‪2‬مجلس اللوردات الذي انبثق من التمثيل األرستقراطي الوراثي في المجلس الكبير‪ ،‬فقد هذه الصفة مع تراجع نسبة المقاعد‬
‫الوراثية في تشكيله‪ ،‬وتكاثر نسبة اللوردات المعينين من قبل الملك أو الحكومة‪ ،‬والذين ال ينتمي معظمهم إلى فئة‬
‫األرستقراطية التقليدية‪ ،‬كما أن دمقرطة النظام البرلماني‪ ،‬لم تقتصر على تعديل تشكيل مجلس اللوردات‪ ،‬بل إنها امتدت‬
‫خالل القرن ‪ 20‬إلى سلطاته التشريعية والمالية‪ ،‬التي تم تقليصها لفائدة مجلس العموم‪ ،‬حيث كان للمجلسين سلطات متساوية‬
‫ب قانون اإلصالح كثي ًرا من سلطة مجلس اللوردات‪ .‬كما قلصت القوانين البرلمانية لعام‬‫تقريبًا حتى عام ‪1832‬م‪ ،‬حينما َسلَ َ‬
‫‪1911‬م وعام ‪1949‬من فعالية مجلس اللوردات‪.‬‬
‫‪3‬يتركب مجلس العموم من ‪ 650‬عضوا‪ ،‬يتم انتخابهم لمدة خمس سنوات باإلقتراع األحادي اإلسمي في دورة واحدة‪ ،‬وقد‬
‫نجم عن إقرار بريطانيا لهذا النمط االنتخابي‪ ،‬بروز ثنائية حزبية‪.‬‬
‫‪4‬في العرف البرلماني البريطاني العريق‪ ،‬يعد رئيس مجلس العموم فوق الميول السياسية‪ ،‬ومن المفترض به أن يمثل‬
‫القوانين واألعراف البرلمانية فقط‪ .‬كما أنه الشخص المسؤول عن إدارة المناقشات في المجلس ومنح حق الكالم لألعضاء‬
‫أثناء النقاش تحت قبته‪ .‬و ال يحق لرئيس المجلس المشاركة في التصويت أو اإلدالء برأيه واالشتراك في المناقشات إال‬
‫ألغراض تنظيمية‪ .‬لذا عندما يتم انتخاب رئيس مجلس العموم من بين أعضاء المجلس‪ ،‬يتوجب عليه أن يتوقف عن تمثيل‬
‫الحزب الذي ينتمي إليه في البرلمان‪.‬‬
‫ويقوم النظام البرلماني على مجموعة من األسس والمتطلبات التي يتميز بها عن غيره من‬
‫األنظمة السياسية األخرى وهي‪:‬‬

‫‪ 1-2-‬وجود ثنائية الجهاز التنفيذ‪ :‬و يعني وجود منصبي رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة‪،‬‬
‫وتكون المسؤولية السياسية ملغاة على عاتق الحكومة‪ ،‬وتكون الوزارة مسؤولة مسؤولية‬
‫تضامنية أمام البرلمان وهذا يفضي بطبيعة الحال إلى وجود رئيس دولة بغض النظر سواء‬
‫أكان ملكا ً أم رئيسا ً للجمهورية‪ ،‬غير مسؤول سياسيا ً أي يسود وال يحكم ويختص بأمور‬
‫شكلية وفخرية ولكن رئيس الدولة يسأل جنائيا ً في األنظمة الجمهورية "عكس األنظمة‬
‫الملكية التي تعد الملك منزه عن الخطأ وبالتالي عن المسؤولية‪".‬‬

‫‪2- 2‬وجود تعاون وتوازن ما بين السلطات‪ :‬فالنسبة لهذا األساس فهو يعني أن توزيع‬
‫االختصاصات ما بين السلطات مرن غير جامد‪ ،‬فمع قيام السلطة التشريعية بوظيفة التشريع‬
‫فإن للسلطة التنفيذية الحق في اقتراح القوانين والتصديق عليها وبالمقابل فإن للسلطة‬
‫التشريعية الحق في مراقبة أعمال السلطة التنفيذية والتصديق على االتفاقيات التي تقدمها‬
‫السلطة التنفيذية‪ ،‬وتنظيم العالقة هذه بين السلطتين يكون قائما ً على فكرة التوازن بينهما‬
‫فهناك مساواة وتداخل بين السلطتين‪ ،‬فللسلطة التنفيذية الحق في دعوة البرلمان لالنعقاد‬
‫وحتى حله‪ ،‬وكذلك للبرلمان الحق في استجواب الوزراء والتحقيق معهم وحجب الثقة عن‬
‫الوزارء أي تقرير المسؤولية الوزارية‪.‬‬

‫و على هذا األساس‪ ،‬تعتبر المسؤولية الحكومية الخاصية المميزة للنظام البرلماني‪ ،‬حيث‬
‫انه ال يمكن اضافة صبغة نظام برلماني على أي نظام بدون هذه المسؤولية‪ .‬و تعني‬
‫المسؤولية السياسية للحكومة أن بإمكان البرلمان أن يجبرها على االستقالة بسحب الثقة‬
‫من رئيس الحكومة (الوزير األول) أو أحد الوزراء مما يؤذي الى استقالة الحكومة‪ .‬الى‬
‫جانب ذالك هناك ملتمس الرقابة الذي يكون بمبادرة من مجلس النواب (في هذه الحالة ‪:‬‬
‫مجلس العموم) ‪ ،‬و الذي اذا تمت الموافقة عليه‪ ،‬يستلزم استقالة الحكومة‪.‬‬

‫‪ 3-2‬وجود نوع من الصرامة الحزبية أو االنضباط الحزبي‪ :‬وهو مطلب أساسي آخر‪ ،‬إذ‬
‫يتطلب النظام البرلماني نوع من االنضباط الحزبي ألنه وكما قلنا فإن الحزب الفائز باألغلبية‬
‫البرلماني هو الذي يشكل الحكومة وبالتالي فإن الحكومة‪ ..‬ومن الناحية النظرية سوف تتمتع‬
‫بأغلبية برلمانية مساندة مما يسهل عمل الحكومة‪ ،‬وقد يثور التساؤل لماذا؟ فالجواب ألننا‬
‫وكما نعرف إن السلطة المالية مثالً بيد البرلمان فإنه في حالة وجود انضباط حزبي قد تكون‬
‫أية خالفات وعدم التزام نائب من حزب األغلبية بالتصويت لمشروع الحكومة سيؤدي إلى‬
‫نوع من الجمود في العمل الحكومي‪.‬‬
‫ولذلك نرى انه بمرور الوقت فإن األحزاب البريطانية ولكونها تتبع النظام البرلماني نرى‬
‫أنها تتميز باالنضباط الحزبي العالي بل والمركزية المفرطة في بعض األحيان ‪.‬بيد إن هذا‬
‫الكالم وإن أنطبق على الدول المتقدمة ديمقراطيا ً لكنه ال ينطبق في حقيقة األمر على الدول‬
‫ذات التجربة السياسية الحديثة والتي تفتقد إلى الجذور الديمقراطية والى ترسيخ قواعد‬
‫وأحوال ممارسة العمل الحكومي بأسلوب ديمقراطي‪.‬‬

‫‪ -3‬بعض مزايا وعيوب النظام البرلماني‪:‬‬

‫إذا كانت النظم البرلمانية تختلف في كثير من معالمها فإن المعيار أو الجامع بينها من الناحية‬
‫القانونية هو مسئولية الوزراء السياسية أمام البرلمان فيما عدا هذا العنصر المشترك بين‬
‫النظم البرلمانية هناك عدة نظم برلمانية تبعا ً لعدد األحزاب السائدة في الدولة ‪.‬فإذا كان هناك‬
‫حزبان سياسيان يسيطران على الحياة السياسية كما هو الحال في إنجلترا أو حزب واحد‬
‫مسيطر كما هو الحال في الهند فإن الحكومة تقوم بممارسة مهمة الحكم والقيادة وهي تتمتع‬
‫بقدر من الثبات وال تكون عرضة للتهديد من جانب البرلمان الذي يتحول إلى مجلس لتسجيل‬
‫األحداث والمناقشات‪ ،‬أما إذا كانت هناك عدة أحزاب ليس من بينها حزب حائز على األغلبية‬
‫المطلقة داخل البرلمان فإن الحكومة ستتكون من ائتالف بين عناصر غير متناسقة وغير‬
‫ثابتة‪ ،‬ويرجع عدم الثبات إلى كثرة مساءلة الحكومة من جانب البرلمان وسحب الثقة منها‪،‬‬
‫وهنا يبدو على العكس من الصورة السابقة أن البرلمان هو الجهاز المسيطر على الحياة‬
‫السياسية‪ .‬والمثال على هذا نظام الجمهورية الرابعة في فرنسا (‪.)1958-1946‬‬

‫أ‪ -‬المزايا‪:‬‬

‫‪ -‬يؤدي إلى التفاعل الحقيقي بين السلطات الثالث التي تعد كالً منها مكملة لألخرى‪.‬‬

‫‪-‬يرسخ الديمقراطية ويمنع االستبداد‪.‬‬

‫‪-‬اهمية المسؤولية السياسية مما يعني استحالة التهرب من الخطأ السياسي وسهولة معرفة‬
‫المسؤول الحقيقي عن الخطأ‪.‬‬

‫‪ -‬يؤدي إلى وحدة السيادة للدولة‪.‬‬

‫ب‪ -‬العيوب ‪:‬‬

‫‪ -‬يؤدي إلى ظاهرة عدم االستقرار الحكومي‪،‬‬


‫‪-‬إن الحكومة ستكون خاضعة لتأثير جماعات مصالح مهمة وستكون الوالءات الضيقة حزبيا ً‬
‫طافيه على السطح‪.‬‬

‫‪-‬هو نظام غير فعال في الدول ذات التجربة السياسية الحديثة فهو يحتاج إلى وعي وإدراك‬
‫سياسيين عاليين‪ ،‬إضافة إلى تعمق التجربة الحزبية‪.‬‬

‫فمثال‪ ،‬على عكس تشرذم األحزاب‪ ،‬التي كانت وراء عدم استقرار النظام البرلماني‬
‫للجمهوريتين الثالثة والرابعة في فرنسا‪ ،‬فإن الثنائية الحزبية البريطانية‪ ،‬تؤذي ألغلبية‬
‫منسجمة وتمكن من استقرار الحكومة‪ .‬كما أن انضباط األحزاب البريطانية‪ ،‬د كان وراء‬
‫استقرار النظام البرلماني البريطاني بحيث أن حزب األغلبية يساند الحكومة‪ ،‬في جميع‬
‫األحوال‪ ،‬كما أن نواب المعارضة منضبطون لمواقف حزبهم‪ ،‬وال يساندون في الغالب‬
‫السياسة الحكومية‪.‬‬

You might also like