Professional Documents
Culture Documents
ٌعد علم الجمال موضوع بحث مستمر على مدار الفكر األنسانً بدبا ً من التصورات
األولى له حتى صٌاؼة مفهوم اإلستطٌقا كعلم على ٌد الفٌلسوؾ األلمانً بومجارتن
وصوالً للمثالٌن وعلى رأسهم هٌجل وإنتهاءاً إلى المادٌة الماركسٌة وعلم الجمال
الماركسً ,مع كون النظرٌة الماركسٌة التً صاؼها كارل ماركس وإنجلز قامت
باألساس على فحص عالقات التارٌخ من خالل العامل اإلقتصادي ومن ثم البحث فً
المضامٌن األٌدولوجٌة التً سٌطرت على أشكال الخطاب و لم تحتوي على ماٌخص
النظرٌة الجمالٌة بشكل مباشر ,إال أن النظرٌة الماركسٌة كما عبر لٌون تروتسكً فً
كتابة نتابج وتوقعات الثورة الدابمة " الماركسٌة قبل كل شٌا هً منهج فً التحلٌل
,لٌس تحلٌل النصوص ,إنما تحلٌل العالقات اإلجتماعٌة " 1فتعتبر الماركسٌة إتجاه
فكري رؤٌة للعالم بشكل عام بما فً ذلك الفن نقداً وإبداعا ً ,ورؼم أن ماركس لم ٌأتً
بالنظرٌة الشٌوعٌة من وحى الخٌال ,قدر ما إستعان بالدراسات السابقة علٌه فً
األنثربولجً من ناحٌة ومن ناحٌة أخرى الفلسفات السابقة علٌه سواء المثالٌة كما هو
الحال عند هٌجٌل أو المادٌة المٌكانٌكٌة أو البرجوازٌة عند فٌروباخ , 2ورؼم
اإلستفادات العدٌدة من السابقٌن علٌة إال أنه لم ٌقبل بالفلسفات السابقة كاملة ولم ٌرفضها
كاملة ,ؼٌر أن إنتقال النظرٌة الماركسٌة للفن عبر رواد صاؼوا بالتبعٌة نظرٌات
إنبثقت تماما ً من مبادئ المادٌة والجدلٌة الماركسٌة مثل جورج لوكاتش ولوسٌان ؼولد
مان ,لم ٌنتهوا تماما ً باإلحتجاز داخل تعالٌم ماركس ,ؼٌر أنهم أنطلقوا لما أرحب وإن
بقى تقسٌم ماركس األساسً للبنى الفوقٌة (الثقافة ,الفن ,الفلسفة ,األخالق ,الدٌن
)والبنى التحتٌة (اإلقتصاد ,السٌاسة )والجدل الدابم بٌنهم ,هو مافتح الباب لنقد
السٌسٌولوجً ,بإعتبار الفن منتج من ناحٌة ومن ناحٌة أخرى هو لحظة تارٌخٌة ذات
تخوم خاصة ناتجة عن صراع الطبقات وسٌطرة رأس المال ,ومن خالل البحث
سنحاول الوصول ألسس علم الجمالى الماركسً وتعرٌفه إرتكازاً إلى نموذج جورج
لوكاتش كمؤسس للواقعٌة النقدٌة وتقوم نظرٌته على العدٌد من المفاهٌم الماركسٌة .
7
كارل ماركس ,بؤس الفلسفة ,ص29
8
كارل ماركس ,فرٌدرٌك إنجلز ,األٌدولوجٌا األلمانٌة ,ترجمة د.فؤاد أٌوب ,دمشق ص 90
9
إرنست فٌشر ,ضرورة الفن ,راجع ,ص 1_2
على مستوى أخر تأثر ماركس بمادٌة فروباخ " الخطأ األساسً لكل نزعة مادٌة بما
فً ذلك فٌروباخ هو أن الواقع والعالم الحسً ,كان ٌتم النظر إلٌهم فقط على شكل
موضع لتأمل ,لٌس كنشاط إنسانً فً مٌدان العمل ولٌس ذاتٌا ً " , 10وهو ما أسماه
ماركس المادٌة البرجوازٌة او المٌكانٌكٌة ,بمعنى أنها تعامل اإلنسان بإعتباره سلبً ,
نتاج للظروؾ المادٌة ,كأن البشر أشٌاء ,فالعامل الملحق باآللة كعنصر إنتاج هو
معادل لألرض واآللة ,ومن هنا ٌنتج مفهوم التشٌوء من نقد فٌروباخ والمادٌة
المٌكانٌكٌة ,ؼٌر أن مثلث الجدل الهٌجٌلً ومادٌة فٌروباخ ,هما طرفً معادلة البدء
لدى ماركس ؼٌر أنه أنتج نوع من الجدل المادي المرتكز على قضٌة مادٌة تصارع
قضٌة مادٌة أخرى ٌ ,نتج فً أسفل رأس المثلث قضٌة مثالٌة أو فكرٌة ,وعلى هذا فإن
الموضوع المثالً الناتج ,مادام هو نتاج تدافع قضٌتن مادٌتن موجودتٌن ومشروطتٌن
بالعمل فإنه من السهل تؽٌره الناتج الفكري مادامت ركابزه االولى معلومة ومادٌة ,
وعلى األقل فإن الوعً بالناتج الفكري المثالً ,سٌكون أكبر ,وبالتالً إهتم ماركس
بوعً األفراد وتحٌدٌداً أصحاب العمل الٌدوي ,بإعتبار أن أصحاب العمل الذهنى ؼٌر
قادرٌن على اإلنتاج وأقصى ماٌخرج منهم هو األٌدولوجٌة الكهنوتٌة ,التى تدع الطبقة
العاملة ولذلك نجد جورج لوكاتش فً كتاب التارٌخ والوعً الطبقً ٌتحدث عن الوعً
الزابؾ ٌستسلم لإلنسالب الموجه من طبقة المالك التى تتؽذى على مجهود العمال
والوعً الحقٌقً الذي ٌدرك لحظته التارٌخٌة وصراعاتها وٌستطٌع الكشؾ عن البعد
األٌدولوجً فً الخطاب الموجه للعمال وٌقول لوكاتش أن الماركسٌة األصٌلة التعنى
التسلٌم األعمى بنتابج بحث ماركس ,والتعنى اإلٌمان بنظرٌة أوبأخرى والتأوٌل كتاب
مقدس ,إنما األصالة ترجع فً الماركسٌة إلى المنهج بشكل حصري , 11ذلك تحدٌداً
ماٌحدد قٌمة إستفادة لوكاتش من ماركس ,العلى مستوى األفكار التى طرحها ماركس
إنما على مستوى منظومة التفكٌر نفسها ,ولهذا نجد أن لوكاتش إستطاع إعادة إنتاج
مصطلحات ماركس ,بل أنها إكتسبت لدٌه معان أخرى .
فالفن الواقعً بالنسبة للوكاتش هو ذلك الذي ٌنعكس حقٌقة و بطرٌقة أصٌلة على
الواقع ,وهو ال ٌنفصل عن مفهوم "النموذجً" .أما ذلك الذي ٌنعكس بطرٌقة زابفة و
مشبوهة فانعكاسه تجرٌدي ـ طبٌعـً ـ إن كلمة انعكاس لدى لوكاتش ال تعنً " تصوٌرً ا
فوتوؼرافٌا للواقع و لكن تشكٌالً للنمطً الذي ٌصبح أساسا ً ألسلوب واقعً" 12و إن
10
جون مولٌنو ,كراسات إشتراكٌة ,الجزء األول
11
كارل ماركس ,التارٌخ والوعى الطبقً ,ت حنا الشاعر ,االندلس 2(.ـ)20
12
بٌٌر زٌما ،النقد االجتماعً ،ترجمة عاٌدة لطفً ،ط ،2دار الفكر للدراسات والنشر والتوزٌع ،2992 ،القاهرة ،بارٌس ،ص 4
على األدب أن ٌظهر الحقٌقة الموضوعٌة بجالء و بشكل خاصٌ ،قوم العقل فٌها ـ
بوصفه المرآة التً تتلقى الصورة و تعكسها ـ بتؽٌٌر الكثٌر من مالمح الصورة و
13
تفاصٌلها فً عملٌة إعادة صٌاؼة الخطاب
وفً عالقة األدب بالتطور التارٌخً وهً عالقة لم تكن تطرح هكذا فٌما قبل ماركس
إال بدون نسق فكري كما عند مدام دوستال ,إال أنها منذ ماركس إتخذت نهج واضح
وٌقول رامان سلدن أن جورج بلٌخانوؾ فً مناقشته لـ"تارٌخ األدب الفرنسً"
لالنسون ،فٌواخذ على النسون أنه ٌعتبر الكتاب الذٌن ٌصفهم ممثلٌن للبرجوازٌة،
وبوجه عام ،نراه ٌربط عن طٌب خاطر تطور األدب الفرنسً بتطور النظام
االجتماعً فً فرنسا .ومن ٌقرأ كتابه ٌجد فٌه أدلة عدٌدة على الفكرة التً مؤداها ما
ٌلً :بما أن األدب انعكاس للمجتمع ،وبما أن المجتمع حسب بٌلنسكً ،وحدة أضداد فإن
وحدة األضداد هذه تحدد مسٌرة تطور األدب لكن األمر الذي ٌدعو لألسؾ هو أن
النسون لم ٌدرك أهمٌة كل تلك الفكرة ومؤداها وأنه لم ٌعرؾ بالتالً كٌؾ ٌطبقها
تطبٌقا منطقٌا ومتماسكا على دراسة تارٌخ األدب" ولذلك ٌنبؽً على حد تعبٌر
بلٌخانوؾ "أن ندرس بدأب وانتباه تارٌخ تطور البشرٌة الروحً فً جمٌع المٌادٌن" من
وجهة نظر المادٌة االقتصادٌة التً هً وحدها القادرة على "تقدٌم تفسٌر علمً حقا
لتارٌخ البشرٌة الروحً , 14هذا القدرة التى ٌشرحها سلدن للمنهج الشٌوعً الماركسً
فً فهم العالم لم تتحول لنظرٌة أدبٌة ونقدٌة هكذا ,بل أن الواقعٌة النقدٌة واإلشتراكٌة
وجودها فً الساحة األدبٌة ضمن النظرٌات الماركسٌة لم ٌكن إال بعد أن ناصبت العداء
للشكالنٌٌن واستطاعت أن تمزج بٌن جمالٌات القرن التاسع عشر والثورة السٌاسٌة ،
كسمات أساسٌة تنفرد بهما .15وركز سلدن فً هذا النطاق على تفسٌر بعض القضاٌا
:العامة المرتبطة بالواقعٌة االشتراكٌة التً تتلخص إجماال فً
أوال :مبدأ الوالء للحزب (االلتزام بقضٌة حزب الطبقة العاملة) النابع ،على حد تعبٌر
(سلدن ،من مقالة لٌنٌن عن" تنظٌم الحزب وأدب الحزب).
ثانٌا :خاصٌة "الشعبٌة" أو األممٌة باعتبارها خاصٌة أساسٌة مطلوبة فً الجمالٌات
والسٌاسة معا ،وٌحقق العمل الفنً لكل فترة هذه الخاصٌة حٌن ٌعبر عن مستوى عال
14
أنظر الفن والتصور المادي للتارٌخ ،ترجمة جورج طرابٌشً ،دار الطلٌعة ،بٌروت ،ط .2911 ،2ص 229 – 221
15
رامان سلدن ،النظرٌة األدبٌة المعاصرة ،ترجمة جابر عصفور ،دار قباء للطباعة والنشر والتوزٌع (القاهرة) ،د ط ،ص2999 52
من الوعً االجتماعً باألوضاع واألحاسٌس االجتماعٌة السابدة فً عصر معٌن
وٌنبؽً أٌضا أن ٌتضمن منظورا "تقدمٌا" ٌلمح إلى المستقبل فً أسارٌر الحاضر،
وٌقدم إلى القارئ إحساسا باإلمكانات المثالٌة للتقدم االجتماعً من وجهة نظر جماهٌر
16
الشعب العاملة
ثالثا :فكرة الطبٌعة الطبقٌة للفن ،التً تم اإللحاح علٌها فً كتابات ماركس وإنجلز
والتراث السوفٌتً ،التً توجب على الكاتب ضرورة االلتزام بالمصالح الطبقٌة من
17
ناحٌة والواقعٌة االشتراكٌة فً عمله من ناحٌة ثانٌة.
وبخالؾ هذه السمات المشتركة التى طرحها سلدن ٌ ,حاول روجٌه جارودي صٌاؼة
تعرٌؾ لموضوع الجمال الماركسٌة بأنه " هذه الجدلٌة المعقدة فً عالقات العمل
18
اإلبداعً بالواقع وبالحٌاة هً الموضوع األساسً لعلم الجمال الماركسً"
وفً التعرٌؾ السابق بموضوع علم الجمال الماركسً حاول جارودي العثور على
األرض التً ٌقٌم علٌها البناء فهو ٌعترؾ بقلة تلك المواد التً ٌقام بها البناء ،وأنها من
القلَّة بحٌث ال ٌمكن االعتماد علٌها للنهوض به .وفً ذلك ٌقول "إن صٌاؼة فلسفة
جمالٌة لٌست تر ًفا نافالً لدى الماركسٌة ،وهً مع ذلك مهمة عسٌرة ،ألن مؤسسً
الماركسٌة :ماركس وانجلز ،لم ٌقوما بصٌاؼة منهجٌة للمبادئ الجمالٌة ،وكل ما ٌمكن
العثور علٌه فً كتابتهما ،أحكام خاصة على هذا األثر الفنً أو ذلك ،تتخللها بعض
المالحظات المتصلة بالطرٌقة ،وهذه وهذه عناصر ثمٌنة ولكن وضعها الواحد إلى
19
اآلخر ال ٌكفً لتألٌؾ فلسفة ماركسٌة الجمال "
ٌعتبر لوكاش أول ناقد ماركسً بارز ٌصٌػ مفهوم لما ٌمكن أن ٌكون علٌه النقد
الماركسً أو علم الجمال الماركسً بشكل اشمل ،وأن عمله ال ٌنفصل عن الواقعٌة
االشتراكٌة مع تطوٌره للنظرة الواقعٌة لألدب ولكن كما وضحنا أنفا ً أن إنعكاس الواقع
عند لو كاتش أتخذ خصوصٌة ذات طابع نقدي لنظرٌته ,إلى الجانب الهجٌلً من
الفكر الماركسً فً هذا الصدد ,إذ نظر إلى األعمال بوصفها انعكاسا لنسق ٌتكشؾ
تدرٌجٌا ،وذهب إلى أن العمل األدبً الواقعً ال بد أن ٌكشؾ عن نمط التناقضات الذي
16
رامان سلدن ،النظرٌة األدبٌة المعاصرة ،ترجمة جابر عصفور ،دار قباء للطباعة والنشر والتوزٌع (القاهرة) ،د ط2999 ،ص 51
17
المرجع نفسه
علم الجمال فً الفلسفة المعاصرة .مجاهد ص ،14نقالً عن كتاب (واقعٌة بال ضفاؾ) ص 142لجارودي
18
19
المرجع السابق ,ص129
ٌكمن وراء نظام اجتماعً معٌن وظلت نظرته ماركسٌة فً إلحاحها على الطبٌعة
20
الجدلٌة المادٌة لعالقة الفن بالواقع
وٌشٌر سلدن كذلك إلى أن لوكاش ٌوظؾ مصطلح االنعكاس توظٌفا متمٌزا ،استمده من
رجوعه إلى النظرٌة الواقعٌة القدٌمة التً ترى الرواٌة انعكاسا للواقع ،ال بمعنى أنها
تقتصر على وصؾ المظهر السطحً للواقع ،بل بمعنى أنها تقدم انعكاسا أكثر صدقا
وحٌوٌة وفعالٌة للواقع ،وٌؤكد سلدن فً السٌاق ذاته أن لوكاش ٌرفض التمثٌل
وصفا للعمل الفنً الصحٌح الذي -الفوتوؼرافً البحت للواقع وٌقدم –بدال من ذلك
ٌمنحنا اإلحساس بالضرورة الفنٌة للصورة التً ٌقدمها .فهذه الصورة تتسم "بوحدة
شاملة مكثفة" توازي "الوحدة الشاملة الممتدة" للعالم نفسه فلٌس الواقع مجرد تدفق أو
تصادم آلً للجزبٌات ،بل إن له "نظاما" ٌنقله الروابً فً شكل "مكثؾ" والكاتب ال
ٌرفض نظاما على العالم ،ولكنه ٌزود القارئ بصورة لثراء الحٌاة وتعقدها ،صورة
ٌنبثق منها اإلحساس بالنظام الذي ٌنطوي علٌه تعقد التجربة المعٌشة وتعدد جوانبها،
ولن ٌتحقق هذا العمل إال إذا تحققت للعمل وحدة شكلٌة كلٌة تضم جوانب التناقض
21
والتوتر فً الوجود االجتماعً كافة .
فسر سلدن سبب تأكٌد لوكاش على مبدأ النظام والبنٌة اللذٌن ٌنطوي علٌهما العمل
الفنً ،بأنه ٌرجع إلى الجانب الهجلً من التراث الماركسً فً النظرة الجدلٌة إلى
التارٌخ .وٌمكن أن ندرك ذلك تمام اإلدراك إذا حاولنا أن نتتبع شرح سلدن لذلك حٌث
إن "النمط " األنماط السابدة لإلنتاج -فً كل تنظٌم اجتماعًٌ -ؤدي إلى تناقضات
داخلٌة ٌعبر عنها الصراع الطبقً ،وقد تطور نمط اإلنتاج الرأسمالً بتدمٌر النمط
اإلقطاعً الحرفً وأحل محله نمط إنتاج جماعً ،ؼٌر فردي ،رفع كفاءة اإلنتاجٌة،
إنتاج السلعولكن فً الوقت الذي أصبح فٌه نمط اإلنتاج جماعٌا ،فإن ملكٌة أدوات
اإلنتاج قد أصبحت فردٌة ،وفقد العمال أموالهم وأدواتهم التً كانوا ٌملكونها من قبل،
شًء ٌبٌعونه سوى عملهم .هذا التناقض الكامن ٌعبر -ولم ٌعد لدٌهم – فً النهاٌة
عن تضارب المصالح بٌن الرأسمالً والعامل ومع ذلك فإن التراكم الفردي للرأسمال،
كان األساس فً عمل المصنع ومن ثم فإن التناقض بٌن فردٌة الملكٌة جماعٌة ونمط
الجدلً (اإلنتاج هو الوحدة الضرورٌة المالزمة لطبٌعة نمط اإلنتاج الرأسمالً والحل
20
راجع رامان سلدن ،النظرٌة األدبٌة المعاصرة ،ترجمة جابر عصفور ،دار قباء للطباعة والنشر والتوزٌع (القاهرة) ،د ط،
2999ص- 15-50
21
المرج السابق
للتناقض متضمن دابما فً التناقض نفسه ،فإذا أراد الناس استعادة السٌطرة على قوة
العمل وجب تحوٌل ملكٌة وسابل اإلنتاج ،إلى ملكٌة جماعٌة .
باإلضافة إلى ذلكٌ ،شٌر سلدن إلى موقؾ لوكاش من نزعة الحداثة حٌث ٌرفض فكرة
أن بعض أدباء الحداثة ٌحققون نوعا من الواقعٌة أو على األقل ٌطورون أشكاال أدبٌة،
وتقنٌات حدٌثة تتجاوب مع الواقع الحدٌث من خالل تعبٌرهم عن الوجود ,ومن بٌنهم
كتاب تٌار الوعً وكتاب العبث ,وقد فٌهم إهتمام بالتقنٌات الحداثٌة على حساب الوعً
,وأنا أعمال كأعمال صموٌل بٌكٌت وكاكفا وجوٌس هً أعمال تؤدي إلنسالب الوعً
والتحفذ إدراك المتلقً لحقٌقة الصراع الفعلً للطبقات وهً بمثابة عالم من الظالل
ٌصنفها لوكاتش بإعتبارها هروب من مواجهة الواقع وهً بالتالً تشكل وعً زابؾ
للمتلقً ,ورؼم ذلك فإن نظرة لو كاتش للمنهج حول تقٌم العمل الجٌد أخذت تطور
لتشمل الكالسٌكٌات األؼرٌقٌة وأعمال دٌستوفسكً بإعتبارها أسهمت فً نظرتها للواقع
عبر وعً مبدع فً كشؾ تناقضاته وهنا ٌتسع المفهوم عند لوكاتش من الكشؾ عن
22
تناقضات اٌدولوجٌة لصالح الطبقة العاملة إلى موضوع أشمل خاص بالوجود
إن روجٌه جارودي فً كتابه ماركسٌة القرن العشرٌن ٌقول ..إن علم الجمال لدى
الماركسٌن هو علم أخالق المستقبل ..إذن فإن الماركسٌة كانت تستهدؾ إشاعة التناؼم
بٌن الناس وهذا التناؼم الجمالً سٌكون من شأنه أن ٌقوض البؽضاء و الشره و الطمع
والحسد بٌن الناس ولكن كل هذا فً إطار عدم الخضوع لقٌم كلٌة ؼٌر شرعٌة
لٌنٌن
إن أهم خاصٌة لعلم الجمال الماركسً اللٌنٌنً و أبرز سمة له هً عالقته الوثٌقة
بالحٌاة و بممارسة بناء الشٌوعٌة ,و بالممارسة الفنٌة وهو ٌعم نظرٌا ً الخبرة التً
تكدست خالل تطور الثقافة الفنٌة وٌعبر عن مصالح و إحتٌاجات الشعب فً هذا
المضمار ,إن علمنا الجمالً جزء ال ٌتجزأ من النظرة الماركسٌة اللٌنٌنٌة إلى العالم
....إن تطور علم الجمال الماركسً اللٌنٌنً كله ٌبٌن أنه الورٌث الشرعً الوحٌد لكل
ما توصل ألٌه الفكر الجمالً التقدمً فً الماضً ,إن علمنا الجمالً الذي قام على
22
راجع ,رمضان بسطاوٌسً ,علم الجمال عند لوكاتش
قاعدة الماركسٌة اللٌنٌنٌة الوطٌده ٌتطور من خالل النضال ضد مختلؾ علوم الجمال
المثالٌة واألراء التجرٌفٌة وٌعتبر هذا النضال قوته الدافعة
إن علم الجمال الماركسً اللٌنٌنً ٌساعد بكل طاقاته على أداء هذه المهمات السامٌة و
ٌساعد على تربٌة الجماهٌر الكادحة و خاصة الشباب تربٌة شٌوعٌة و على أعداد مالك
من الكتاب والفنانٌن المناضلٌن فً سبٌل توثٌق الصلة بٌن الحٌاة و الفن و تحقٌق مبادئ
لٌنٌن فً فكرٌة و حزبٌة و شعبٌة و إلتزام األدب و الفن بمباديء الواقعٌة اإلشتراكٌة
فالدٌمٌر إٌلتتش لٌنٌن ( ) 0291-0781دخل مٌدان النشاط الثوري العلمً والنظري
فً ظروؾ العصر الجدٌد عصر األمبرٌالٌة و الثورات البرولٌتارٌة " و تتجلى عبقرٌة
لٌنٌن فً كونه إستطاع لٌس فقط أن ٌطبق الماركسٌة تطبٌقا ً خالقا ً فً الظروؾ الجدٌدة
المعقدة و إنما ٌطورها و ٌؽنٌها بنتابج و موضوعات جدٌدة ؼاٌة فً األهمٌة و أن
" ٌصوغ نظرٌة الثورة اإلشتراكٌة و نظرٌة بناء اإلشتراكٌة والشٌوعٌة
و موقؾ لٌنٌن أكثر تعقٌداً ودقة بكثٌر كما تبٌن على سبٌل المثال مقاالته الست عن "
تولستوي حٌث أقر بأن فكرة اإلنعكاس تنطوي أٌضا ً على فكرة التناقضات و الواقع أن
تعقٌد نظرٌة اإلنعكاس هذه عند لٌنٌن سوؾ ٌجري تبسٌطها تبسٌطا ً فظا ً فً أؼلب
مناقشات الحقبة الستالٌنٌة حول علم الجمال ,و سوؾ ٌجري إستخدام هذه النظرٌة مثل
" مقاله عن األدب الحزبً بمعنى ضٌق
و تعتبر مقولة اإلنعكاس من المقوالت األساسٌة فً نظرٌة المعرفة الماركسٌة منذ لٌنٌن
وهً تعنً المسلمة المادٌة المناهضة للمثالٌة القابلة بأن الكابن ٌسبق الوعً وهً مبدأ
معقولٌة الوجود المادي قبل الفكر " و حدد إنجلز قبل لٌنٌن بواسطة نظرٌة اإلنعكاس
مسار تجدٌد إنتاج الواقع المادي فً الفكر وكذلك مسار تحدٌد الفكر بشروطه المادٌة
التارٌخٌة واإلجتماعٌة ...و نظرٌة اإلنعكاس مرتبطة عند ماركس بالطابع الجدلً
للمعرفة حٌث تعبر مقولة اإلنعكاس عن توتر جدلً ٌجعل منها نظرٌة مسار معٌن
" لإلنعكاس من حٌث هو وذلك بأستبطان البعد الفاعل و العلمً
و ٌنطلق لٌنٌن من تعالٌم ماركس لدى معالجة مسابل الفن فً نقطة القاعدة و البناء
الفوقً " ٌرى أن الفن ككل أشكال الوعً اإلجتماعً األخرى ٌعكس فً النهاٌة بناء
المجتمع اإلقتصادي ,إن األساس الفلسفً و المٌتودٌولوجً للجمال الماركسً هو
نظرٌة لٌنٌن فً اإلنعكاس وقد أظهرت التجربة أنه ؼٌر الممكن حل أٌة مسألة جمالٌة
.دون التعرض لنظرٌة لٌنٌن فً المعرفة
ونظرٌة لٌنٌن الجمالٌة هً تطوٌر الحق و تعمٌق و إؼناء لموضوعات ماركس و
إنجلز األساسٌة فً علم الجمال ,لقد عاد ماركس و إنجلز كما هو معروؾ إلى األدب
و الفن قوانٌن تطورهما الخاصة بهما ولكن ال ٌمكن فً رأي كالسٌكً الماركسٌة أن
نفهم الفن و األدب فهما ً صحٌحا ً إذا أقتصرنا فً دراستنا على القوانٌن الخاصة وحدها ,
" هكذا تماما ً ٌعالج لٌنٌن المسألة
قال عام 0291فً المؤتمر الثالث إلتحاد الشباب الشٌوعً فً روسٌا واصفا ً المجتمع
الرأسمالً " قام المجتمع القدٌم على المبدأ التالً أما أن تسلب جارك و أما أن ٌسلبك
جارك ,أما أن تعمل لمصلحة الؽٌر وإما أن ٌعمل الؽٌر لمصلحتك ,إما أن تكون مالكا ً
للعبٌد و إما أن تكون عبداً ,فإذا كنت أستؽل قطعة األرض الصؽٌرة التً املكها فلٌس
" علً أن أهتم بمصٌر األخرٌن حتى إذا ما حلت المجاعة بهم بعتهم قمحً بثمن باهظ
" لٌس من حركة ثورٌة بدون فلسفة ثورٌة "
ٌتحدث لٌنٌن إلى جوركً بعد محاولة أؼتٌاله فً عام 0207فٌقول " من لٌس معنا
فهو علٌنا أناس مستقلون عن التارٌخ ٌاللوهم .إن كل الناس من أولهم حتى أخرهم
" منجرون فً زوبعة واقع أشد تعقٌداً من أي وقت مضى
" إن الجدلٌة هً دراسة التناقض فً ماهٌة األشٌاء ذاتها "
" لكً ٌكون إنتصارنا كامالً و نهابٌاًعلٌنا أٌضا ً إستٌعاب كل العلم و مجمل الثقافة "
بالنسبة لماركس لٌس الوعً اإلجتماعً هو الذي ٌحدد الوجود االجتماعً و إنما
الوجود االجتماعً هو الذي ٌحدد الوعً االجتماعً ..و ٌواصل ماركس قابالً " إال أن
العمل كما ٌفهمه و ٌعترؾ به هٌجل و أن ٌعترؾ بالنشاط كنشاط عملً ملموس
بأعتباره أساس اإلنسان والتارٌخ "جون ملٌنو "
أبرز أقوال لوكاتش
ال ٌوجد بالنسبة للماركسٌة علم للحقوق و إقتصاد سٌاسً وتارٌخ وما إلى ذلك "
منفصل بعضها عن األخر بل ٌوجد فقط علم تارٌخً دٌالكتٌكً وحٌد لحركة المجتمع
" ككل
ٌتحدث عن الدٌالكتٌك بوصفه منهجا ً لم ٌقدر شرابح فٌنومٌنولوجٌا الروح البرجوازٌة "
أن ٌفهموه قط و ٌتهم واحداً من هؤالء الشراح وهو هاٌم بالعجز إلشارته أن التارٌخ و
" السٌكولوجٌا ٌتداخالن فً هذا العمل
و الجمال عند لوكاتش هو حالة خاصة داخل علم الجمال ,إنه شكل خاص لإلنعكاس
الجمالً والتألٌؾ الجمالً وال ٌكون ممكنا ً إال فً ظل ظروؾ إجتماعٌة ,تارٌخٌة ذات
أفضلٌة بشكل إستثنابً ..وفً الوقت نفسه نبذ لوكاتش الجانب الخاص للنزعة
الكالسٌكٌة فٌما ٌمثلها التساوي الذي ٌعقده شٌلر بٌن الفن واللعب ألنه ٌتجاهل الدور
" األنسانً للعمل
و نجد أن العمل الفنً عند لوكاتش هو الذي ٌطرح سؤال ماهٌة اإلنسان و ٌقول
لوكاتش فً كتابه دراسات فً الواقعٌة األوروبٌة " كان هناك دابما ً كتاب حققوا فً
" أعمالهم ذلك األمل الذي صاؼه هاملت أن ٌمسكوا بالمرآة أمام وجه الطبٌعة
كما ٌذكر أٌضا ً فً كتابه إسهامات فً علم الجمال " الفن هو تحرر من الممارسة
الٌومٌة بشكل مماثل لظهور الشكل العلمً لإلنعكاس فٌما عدا أنه إنعكاس ٌحتفظ بالنمط
" األنثروبومورفً أو الشخصانً اإلنسانً لإلنعكاس
و بهذا ٌمكن لإلنعكاس الجمالً أن ٌشكل نفسه بل أنه نسق مؽلق كامل اإلكتفاء بذاته "
...و الفن هو إنعكاس ما كان قد إنعكس من قبل فً الشعور و الفن هو الشكل الدابم
" للتعبٌر عن وعً النوع البشري لذاته
تعرٌؾ النمط
هو من ٌنوب عن شرٌحة اجتماعٌة او سلوكٌة ,فكل كارٌكاتٌر اصله نمط ,لكن
الكارٌكاتٌر ٌمتاز بصفات خاصة عن النمط تجعله ٌخرج من اندراجه تحت مسمى
النمط ,والنمط عند لوكاتش هو النمط االدبً حٌث انه ٌرى ان الرواٌة نمط تختلؾ عن
.المسرحٌة
و ٌعرؾ لوكاتش النمط فٌقول انه من الخصابص الجوهرٌة للعمل حٌث أن للنمط
الجمالً أن ٌعتبر صورة المرأة للواقع على إنها إنعكاس بٌنما ٌؽزو السحر والدٌن واقعا ً
.موضوعٌا ً لمنهجهما التأملً و ٌطلبان باألٌمان به
و ٌقول لوكاتش أٌضا ً عن النمط أنه " ذلك المركب الؽرٌب الذي ٌربط الخاص و العام
معا ً بطرٌقة عضوٌة فً كل الشخصٌات والمواقؾ وما ٌعطً للنمط جوهره لٌس كونه
ممثالً للمتوسط الحسابً للنوع الذي ٌنتمً إلٌه ولٌس مجرد وجوده الفردي مهما كان
تصوره عمٌقا ً ولكنها تلك التحدٌدات األساسٌة اإلنسانٌة واإلجتماعٌة التً نجدها متمثلة
" فً أوج تطورها وإرتقاءها
وصاغ األخوان جونكر مصطلح رؤٌة العالم أو أكتشافه من خالل بطل أول قصة لهما
وهو شارلً دٌمٌللً حٌث ٌقول " إن ما فً داخلً كقٌمة وحٌدة أننً انسان ٌكتشؾ
العالم من حوله ..إن مصطلح إكتشاؾ العالم كان هو العشق و الحب بالنسبة لألخوٌن
" كل شًء فً هذا العالم كان هدفهما
ٌقول لوكاتش فً مشكالت المذهب الواقعً "..على كل فن كبٌر أن ٌعطً عن الواقع
صورة ٌذوب فٌها تعارض الظاهرة والماهٌة وتعارض الحالة الفردٌة مع القانون و
" تعارض النزعة المباشرة مع المفهوم وهذه التعارضات تذوب
ومن أقوال لوكاتش أٌضا ً فً مقالته التكنولوجٌا والعالقات اإلجتماعٌة " الشمولٌة هً
.أرض الجدل " والشمولٌة هنا تعنً نفً الجزء بل وهً تعنً الكل المترابط
.و ٌعتبر لوكاتش أن الدراما كل حٌاة فً العالم و كل عالم على سطح حٌاة
.مفهوم الجمال عند لوكاتش
ٌقول لوكاتش " لقد كنت متفقا ً مع ستالٌن حول ضرورة االشتراكٌه فً بلد واحد ولقد
" بدا هذا االتفاق بكل وضوح بداٌة مرحلة جدٌدة فً تفكٌري
و عندما أطلع على مخطوطات ماركس عام ٌ 0711عترؾ بأنها خلصته من األفكار
السابقة المثالٌة ,كما تأثر لوكاتش بهٌجل و نلمح هذا التأثر فً صٌاؼته لمشكلة الشكل
و المضمون حٌث ٌضفً علٌهما بعداً تارٌخٌا ً فً كتابه نظرٌة الرواٌة فٌقول " إن
الشكل ٌعكس وعٌا ً تارٌخٌا ً بتطور وعً الفرد الذات بالواقع اإلجتماعً الموضوع ....
و نجد أهتمامة بمسألة الكلٌة فً الروح والشكل ألنه كان ٌحاول البحث عن المعاٌٌر
" الكلٌة والمباديء العامة التً ٌقٌم علٌها األعمال الفنٌة
" و ٌقول لوكاتش حول الرواٌة " إن الرواٌة هً ملحمة عالم تخلى عنه هللا
و نستنتج من طبٌعة منهج لوكاتش أن تأثٌر المنهج الماركسً علٌه قد إنحصر فً
األقتصاد ولٌس فً فكرة المادٌة الجدلٌة و نقاط إختالفه مع الماركسٌة تأتً من إنتقاده
من خالل مقالته ( طرٌقً نحو الماركسٌة ) حٌث ٌقول " وجه هذا النقد إلى مفهوم
الطبٌعة كما ورد عند إنجلز حٌث بٌن أن إنجلز اقرب إلى الوضعٌة منه إلى المادٌة
الجدلٌة ....كما أعاد صٌاؼة نظرٌة ماركس السوسٌولوجٌة فً الماركسٌة على أساس
تصورات بصدد االؼتراب و التشٌؤ ..و قد بذل مجهوداً كبٌراً فً ربط ماركس بهٌجل
"
.معنى اإلنعكاس الفنً عند لوكاتش
تمثل مقولة األنعكاس أهمٌة خاصة بالنسبة ألدبٌات الفكر الماركسً و الماركسٌة " ..
تقٌس أهمٌة أي فكر من خالل مقدرته على عكس الواقع اإلجتماعً ..إن عكس الواقع
سمة من سمات الفن وفقا ً للتصور المادي لالبداع االنسانً ..وٌوافق لوكاتش
الماركسٌة فً قولها أن كل تصور لٌس إال إنعكاس لصورة العالم فً الوعً وهذه
الحقٌقة األساسٌة فً العالقة الجدلٌة بٌن الوعً والعالم تنطبق كذلك على االنعكاس
الفنً للواقع ,وٌنطلق لوكاتش فً رؤٌته للفن من أن الفن لٌس سوى صٌؽة من صٌػ
" المعرفة فهو معرفة بالصورة بٌنما تعد الفلسفة معرفة بالتصورات
ولقد رفض لوكاتش النزعة الطبٌعٌة العلمٌة والتً كانت جدٌدة أنذاك فً الرواٌة
األوروبٌة ,كما عاد إلى النظرٌة الواقعٌة القدٌمة التً ترى الرواٌة إنعكاسا ً للواقع ,
وٌطرح فً كتابة الرواٌة التارٌخٌة األتً " إن األدب ٌنسج خٌوطه من واقع اإلنسان
اإلجتماعً ,وٌبرز فً تصوٌر هذا الواقع أهم اللحظات التً تؤثر فً الواقع
اإلجتماعً وتؽٌره ,وهً لحظات أهم ما ٌمٌزها فً الحٌاة هو العنصر الدرامً فٌها
هذه اللحظات كما ٌحددها ,هً اللحظة التً ٌدرك فٌها الفرد أنه ال بد أن ٌعزل نفسه
عن أوضاع إجتماعٌة ٌرى أنها تتنافى وكرامة اإلنسان واللحظة التً ٌقرر أنها الفرصة
المواتٌة للخروج على هذه األوضاع ووضع أفكاره موضع التنفٌذ و اللحظة التً
ٌنتصر فٌها كممثل القوى التقدمٌة المتحررة على القوى الرجعٌة وٌصفً معها الحساب
"
و اإلنعكاس الصحٌح للواقع ٌتضمن أكثر من مجرد وصؾ المظاهر الخارجٌة فٌما
ٌ .رى لوكاتش مما ٌشٌر إلى هدم أسس النزعة الطبٌعٌة
و ٌعرؾ لوكاتش أٌضا ً أهمٌة النظرٌة الفنٌة لمبدأ الفن كما ٌلً " مبدأ الفن هو خلق
كلٌة قابمة ٌحققها الشكل بتعٌنة المحتوى الكامن فً قوامه المادي ووفقا ً لهذا الرأي
بوسع الشكل إزالة العالقة العارضة التً تربط األجزاء بالكل و مرحلة التعارض
" السطحً بٌن الصدفة والضرورة
وهنا ٌتضح تأثر لوكاتش بهٌجل وخاصة من خالل مقولة الكلٌة أو الجوهر الكلً و
الكلٌة تعنً النظرة الكلٌة للحاضر تتضمن إستٌعاب كلٌته التارٌخٌة التً تتطور عبر
أزمنة مختلفة ألن هذا البعد التارٌخً فً الكلٌة هو الذي ٌجعلنا نستشرؾ إمكانٌات
المستقبل فً الواقع اإلجتماعً وهذا ٌعنً أن كلٌة الحاضر والواقع تتضمن الصٌرورة
.التً تؤول إلٌه
إننا نالحظ أن ما ٌقصده لوكاتش من نظرٌة اإلنعكاس الموضوعٌة ال ٌمت بصلة لفكرة
الموضوعٌة العلمٌة فلٌس اإلنعكاس هنا بمعنى النقل الفوتوؼرافً للواقع أو تصوٌره
تصوٌراً ألٌا ً ولٌس رصد للتفاصٌل الجزبٌة الدقٌقة ولكنة ٌتضح فً األتً " .....وإنما
مصطلح الموضوعٌة هنا ٌعكس رؤٌة هٌجلٌة – ماركسٌة ( بمعنى ) أن مهمة الفن هو
توحٌد الجوانب المتعارضة فً الواقع الجوانب المجردة و المتعٌنة داخل وحدة تلقابٌة
شاملة وإن الفن الحقٌقً هو الذي ٌعكس األبعاد الكلٌة والجوهرٌة فً التجربة اإلنسانٌة
وفً هذا المعنى ٌقول لوكاتش إن نجاح الكتاب العظام فً خلق شخصٌات و مواقؾ
نموذجٌة ٌتطلب مزٌداً من اإلبتعاد عن المالحظة الدقٌقة لواقع الحٌاة الٌومٌة ,فالفهم
" العمٌق للحٌاة ال ٌمكن أن ٌنحصر فً مالحظة الوجود الٌومً
و ٌفرق لوكاتش بٌن اإلنعكاس فً العلم واإلنعكاس فً الفن ,وهذه التفرقة ال تأتً على
أساس أن األول تجرٌدي والثانً حسً فحسب وإنما تأتً على أساس أن األول ال
ٌحتاج إلى ؼٌره فً حٌن أن الفن مكثؾ بذاته ,ونجد أن العمل الفنً ٌتمٌز عن ؼٌره
.من الفاعلٌات اإلنسانٌة كالعلم و األسطورة بأنه ٌخلق أنماطا ً فنٌة
وٌالحظ أن نظرٌة اإلنعكاس لدى لوكاتش ال تنفصل مطلقا ً عن نظرٌته فً الوعً
الطبقً وبشكل عام ٌمٌز لوكاتش بٌن نوعٌن من الوعً ( الوعً الحقٌقً – والوعً
) الزابؾ
والوعً الحقٌقً هو الوعً التارٌخً الجدلً .... ,أما الوعً الزابؾ فهو وعً "
" جزبً متشًء ,ال ٌعً المصٌر التارٌخً عاجز عن إدراك البٌبة التناحرٌة للواقع
واإلنعكاس الفنً الزابؾ لدى لوكاتش ٌتمثل فً تٌاران أولهما تٌار الواقعٌة الطبٌعٌة
كما ٌمثله إمٌل زوال ,وثانٌهما تٌار الحداثٌة كما ٌتمثل فً أعمال كافكا و أونٌل و
جوٌس و بٌكت و ؼٌرهم ممن أستخدموا أسالٌب الرٌبورتاج و الٌومٌات و المونتاج و
.المونولوج الداخلً
و مما سبق ٌتضح أن لوكاتش ٌضع للفن دوراً إجتماعٌا ً مهما ً فً إكساب الوعً للمتلقً
من خالل إدراك حقٌقة العالم الكلٌة التً ٌعٌش فٌها وبالتالً ٌصبح قادراً على تجاوز
التفاصٌل الٌومٌة والتً جعلت منه مؽتربا ً وذلك بالتطوٌر النمطً القادر على إستٌعاب
الماضً والحاضر وبالتالً إستشراؾ المستقبل ,والفن هنا ٌعطً إمكانٌة للتؽٌٌر
.وبالتالً كشؾ زٌؾ األٌدولوجٌا
.مفهوم التشٌؤ عند لوكاتش
كان لوكاتش ٌدرس الماركسٌة برؤٌة هٌجلٌة فهو ٌعتبر أول من تحدث عن التشٌؤ
واالؼتراب و مصطلح رؤٌة العالم أي رؤٌة الكاتب والمبدع التً تحمل فً طٌاتها
.رؤٌة الطبقة التً ٌنتمً إلٌها أٌدولوجٌا ً
و التشٌؤ بالنسبة للوكاتش هو " ظهور العمل الفنً اإلنسانً فً صورة أشٌاء جامدة
مستقلة عن اإلنسان توضح لنا أن هذا هو سبب إؼتراب اإلنسان و فقدانهلحرٌته حٌث
ٌصبح خاضعا ً لقوة خارجه عن إرادته ...لذا فإن التشٌؤ عند لوكاتش هو إستقالل عالم
" األشٌاء التً ٌنتجها االنسان عنه
.أختالؾ مفهوم التشٌؤ عند ماركس
وصؾ ماركس ظاهرة التشٌؤ كما ٌلً " إن الطابع السري للصبؽة التجارٌة ٌقوم إذن
ببساطة أنها تعٌد للناس الطابع اإلجتماعً بعملهم الخاص و تعرضه كطابع موضوعً
لذات نتاجات العمل كخاصٌات إجتماعٌة طبٌعٌة لحقٌقة األشٌاء وبالنتٌجة بذات الصٌؽة
تصبح الصلة اإلجتماعٌة للمنتجٌن بمجمل العمل كصلة إجتماعٌة خارجٌة عنهم صلة
بٌن أشٌاء وبهذا الخطأ تصبح نتاجات العمل سلعا ً و أشٌاء فوق األحساس مع كونها
" محسوسة أو أشٌاء إجتماعٌة
.إتفاق لوكاتش مع هٌجل
ٌكاد ٌكون هٌجل ( ) 0780 – 0881من أكبر الفالسفة الذٌن حاولوا تحلٌل الظواهر
ة بما فٌها الفن من خالل منهجه الجدلً دون أن ٌفصل العناصر اإلجتماعٌة عن بعضها
..و نتٌجة لذلك فلقد تم الكشؾ عن مختلؾ مجاالت الثقافة الجمالٌة و وظابفها
اإلجتماعٌة ولذلك ٌعتبر هٌجل أن الفن هو أحد أشكال الكشؾ الذاتً للروح المطلق ..
ومن هذا المنطلق حٌث ٌبدأ لوكاتش تطوٌر أفكار هٌجل فً علم الجمال مستفٌداً من
إنجازات كثٌر من العلوم مثل علم اإلجتماع و علم التأوٌل
و الفرق أن هٌجل و فلسفته الجمالٌة جاءت كنتٌجة لمذهبه بٌنما لوكاتش كان ٌسعى إلى
تكوٌن منهج ٌتٌح له دراسة الجمال والفن بطرٌقة موضوعٌة من خالل إرتباطه بالواقع
اإلجتماعً والتارٌخ اإلنسانً واإلقتصادي باإلضافة إلى أنه ٌ "....درس اإلنسان فً
وحدته الجدلٌة كذات و موضوع متأثراً فً ذلك بفلسفة هٌجل ...لذلك فلقد حاول
لوكاتش أن ٌطبق الجدل الهٌجلً فً مجالً فلسفة الفن و علم الجمال فبحث فً
اإلنعكاس و ناقش فٌه طبٌعة العالقة الجمالٌة بالواقع كما بحث فب النمط حتى وصل
إلى الواقعٌة كمنهج جمالً ٌحاول أن ٌفسر به األعمال األدبٌة من هومٌروس إلى األن
.على أساس أن الشكل الفنً فً أي عصر ٌعكس وعً المجتمع بالواقع اإلجتماعً
و إذا تتبعنا تارٌخ الواقعٌة اإلشتراكٌة فسنجد أنها نشأت قبل ثورة أكتوبر من خالل
التفٌرات التً حدثت فً النصؾ الثانً من القرن التاسع عشر و بداٌات القرن العشرٌن
والتً طرأت فً الحٌاة اإلجتماعٌة والتارٌخٌة ولقد كانت الواقعٌة اإلشتراكٌة بداٌة فن
.جدٌد حٌث أنها كانت تعكس أشكال التحرر من اإلضطهاد واإلستؽالل
و من تحلٌل تناقضات الرأسمالٌة ٌقدم ماركس لعلم الجمال و نظرٌة تارٌخ األدب و "
الفن ذلك االستنتاج الهام وهو أن االنتاج الرأسمالً ٌعادي بعض فروع االنتاج الروحً
" كالفن و الشعر
إن بلٌخانوؾ هو أول ماركسً روسً حاول ربط مسابل علم الجمال بأفكار "
اإلشتراكٌة العلمٌة و معالجتها من واقع المادٌة التارٌخٌة وكان ٌعتمد على أعمال
ماركس ...و ٌتبع أفضل تقالٌد علم الجمال الثوري الدٌموقراطً الروسً فً فضٌحة
الدابم للنظرٌات المثالٌة المناقضة للعلم التً تعالج األدب والفن ..إن الفكرة الربٌسٌة
التً برهن علٌها بلٌخانوؾ هً أن تطور علم الجمال العلمً ؼٌر ممكن إال على أساس
" الفهم المادي للتارٌخ
كتب ماركس ٌقول ..حٌن تعلن البرولٌتارٌا عن إنحالل النظام اإلجتماعً الراهن "
فإنها تكشؾ بذلك عن سر وجودها بالذات ألنها تشمل فً ذاتها على األنحالل الفعلً
" لهذا النظام اإلجتماعً
و ٌستخدم لٌنٌن مصطلح الواقعٌة للداللة على إتجاه فنً معٌن و إنما بأوسع معانٌه " ...
إن الواقعٌة بالنسبة للٌنٌن هً قبل كل شًء الصدق مع الحٌاة و النفاذ بعمق إلى
" عالقات الواقع القانونٌة الجوهرٌة
و نجد لٌنٌن ٌكتب هذه العبارة متناسٌا ً كلٌا ً نظرٌة التشٌؤ التً تقبل عن طواعٌة بأن "
ٌنظم العمل الشؽٌلة لكن كأشٌاء ..تتهمنً أالٌكرا بأننً أتصور الحزب كمعمل ضخم
على رأٍه مدٌره اللجنة المركزٌة ..إن هذا المعمل الذي ٌبدو للبعض و كأنه فزاعة وال
شًء أخر هو الشكل األسمى للتعاون الرأسمالً الذي ضم البرولٌتارٌا و ضبطها و
" علمها التنظٌم و الماركسٌة
إن مفهوم تبادل التأثٌر المشترك وال إنفصال المطلق عن النسبً هذا المفهوم الذي "
أنشأه هٌجل و أقامه ماركس على أسس عادلة ...إن مشكلة موضوعٌة المعرفة لم تحل
إال بالنظرٌة الجدلٌة للوعً اإلنسانً العاكس لعالم خارجً موجود بشكل مستقل عن
الذات وهذا المذهب هو الذي ٌجٌب أٌضا ً على المشكلة نظرٌة المعرفة من قبل وظٌفة
الذاتٌة ....والطابع المطلق لمعرفتها دون إلؽاء موضوعٌة العالم الخارجً و ٌظهر
الطرح العٌنً المادي الجدلً وظٌفة الذاتٌة فً التارٌخ ...ولقد رودت اللٌنٌنٌة مشكلة
المنظور بمحتوى عٌنً فلم ٌعد المنظور هو االشتراكٌة فحسب لكن أٌضا ً تحدٌد التطور
" التارٌخً للمجتمع و لألفراد والذي ٌؤلفونه
إن التحلٌل الماركسً للتشٌؤ ٌقوم بالتحدٌد على كشؾ األرتباطات اإلنسانٌة بٌن "
" الطبقات الكامنة تحت هذه العالقات