Professional Documents
Culture Documents
صناعة الجواسيس
صناعة الجواسيس
صناعة الجواسيس
١ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@ @òÇbä•
@AAîaì¦a@
@ @NNpaŠib‚½a@õýàÇ@õbÔnãaë@òÇbä•@paìİë@òíŠÄã
@paŠib‚½a@ñŒèuc@bçˆÐäm@Ûa@k퉆nÛa@kîÛbc@Šè‘cë
@ @NNòî½bÈÛa
מ دא
٢٠٠٨ - ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ
2
٢ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@@ @ @
3
٣ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@ @
@ @ñ‰ì–ä½a@M@ @…‰ìÛa@ñŠíŒu@òjnØß
@ @RRUWXXR@Z@p
@ @µëþa@òÈjİÛa
@ @â@RPPW@M@ç@QTRX
@ @
@ @
@ @@ @
4
٤ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@ @
ﺇﻫـﺪﺍﺀ
@ @
@ @@NNlb’@Ý×@ïÛg
@ @@NNåí‡Ûaë@NNa@‡Èi@å ìÛa@NN
@ @@NNéä ë@òãbî£@ù‹¾a@á–ìí@æc@ôëbnm@ü@bîã‡Ûa@Œìä×ë
@b(àöa†@Ýßþa@óÔjí@NNµ¾bÃ@âbبaë@NN(a‡bÏ@âbÄäÛa@æb×@bàèßë
@ @@NNa@À
@ @@NN"@|Ü—í@åß@ïÛìí@æc@"@êìLJäÜÏ@NNȶë@åß@|Ü—í@@æhÏ
@ @@NNòãbî©a@üg@NNåØÛ
@ @
@ @@NNâb—Ç
5
٥ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@ @AAò߆Խa
ستظل الجاسوسية ھي ثاني أقدم مھنة عرفھا اإلنسان في التاريخ ..وأكثر المھن
تشويقا ً وغموضا ً ..وسيظل الجواسيس أكثر الناس خطراً على مختلف الدول ومصالحھا
في جميع أنحاء العالم ..فھم بمثابة قنابل بشرية شديدة األثر ..و تكمن خطورتھم في
مقدار المعلومات التي يمتلكونھا والوظائف التي يشغلونھا ..وبأي حال من األحوال ال
تستطيع أية دولـة إطالقا ً تجاھل الجاسوسية ..ويمكننا أن نستعير من القانون تعريفه
الشھير للجريمة القائل) :الجريمة ظاھرة إحتمالية في حياة اإلنسان ..حتمية في حياة
المجتمع( لنعيد صياغتھا بھذا الشكل فنق ول) :الجاسوسية ظاھرة إحتمالية في حياة
اإلنسان ..حتمية في حياة المجتمع(.
بشكل أو بآخر ما يستطيع تقديمه من معلومات لمن يُقدّر قيمتھا
ٍ وكل إنسان لديه
وتكون بالنسبة لـه ذات أھمية ..وعلي ھذا األساس يمكننا القول إنه وإن كان كل إنسان
من الممكن أن يصبح جاسوسا ً ..إال أن من يصلح بالفعل لھذه المھنة االستثنائية ھم القلة
من ھؤالء ..وھي قاعدة من أھم قواعد عالم الجاسوسية ..لكن تحاط دوما ً بالعديد من
عالمات اإلستفھام ..مثل ..من ھو ھذا الشخص؟ ..وما قيمة ما لديه ليقدمه؟ ..وكيف
يمكن اإلستفادة منه ..ثم ..كيف يتم اكتشافه ..وبعد اكتشافه كيف يتم تدريبه ..ثم ھل
سينجح ..أم يكون مصيره الفشل ..وھي كلھا إرھاصات للسؤال المبدئي ..واألھم ..ھل
يصلح ..أم ..ال يصلح ..فھذا العالم ال يعترف بالفشل ..وال بالتجريب ..فالغلطة األولي
فيه ..ھي األخيرة.
وكل تلك األسئلة السابقة ..بالرغم من بساطة صياغتھا في كلمات مكتوبة تقرأ علي
الورق ..وبين صفحات الكتب ..إال أنھا فقط مجرد توصيف مباشر وسھل لعملية معقدة..
شديدة الصعوبة ..متعددة المراحل واإلجراءات ..يتحمل عبء اإلجابة عنھا أناس علي
6
٦ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
أعلي قدر من الذكاء ..والتدريب ..إلنتقاء األفضل ..وفرز من يصلح ..ممن ال يصلح..
ومؤسسات تمول كل ذلك ..وتدفع بال حساب ..وھذا بشكل عام علي مستوي جميع
أجھزة المخابرات العالمية ..بال استثناء.
***
ولخطورة طبيعة ھذا عمل ..يمكننا القول أن ھناك تباين شديد بين العديد من
الجواسيس ..ما بين البطولة المطلقة ..واألدوار الثانوية ..فھناك ما نستطيع أن
نوّ صفھم ..بأنھم مجرد كومبارس علي خشبة المسرح ..بينما ھناك طائفة من الجواسيس
ھم األبرز علي خريطة الجاسوسية عالميا ً ..استطاعوا بحق أن يعيدوا صياغة التاريخ..
فقلبوا موازينه ..وأحرزوا بدھائھم وحيلھم انتصارات عديدة لبالدھم.
***
فھناك علي سبيل المثال وليس الحصر الجاسوس الشھير )فرانسيس والسينجھام(
الذي حارب بضراوة من أجل تأمين عرش الملكة إليزابيث األولى ..وآخرون كانوا من
أھم أسباب انتصار قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية مثل )ريتشارد سورج( وھو
الملقب في كتب الجاسوسية باألستاذ ..وعلي النقيض ھناك من تسبب في كوارث
7
٧ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
لألجھزة التي يعمل لصالحھا مثل جاسوس الموساد األبرز )ولفجانج لوتز( الذي عمل
في القاھرة كضابط ألماني سابق ..وتسبب في ضربة قاتلة للمخابرات اإلسرائيلية بغباء
وسفه ال يصدر عن جاسوس محترف ..بل وھناك جواسيس تسببوا بنجاحاتھم ..أو
إخفاقاتھم ..في إقالة العديد من أجھزة المخابرات.
والفرق بين الفريقين يأتي دائما ً من حسن إعداد وصناعة الجاسوس ..فاإلعداد الجيد
يخلق بال شك جاسوسا ً علي نفس القدر ..حتي وإن كانت قدراته الشخصية -وھي من
أھم متطلبات ھذا العمل -ليست علي مستوي متميز ..والعكس ھو الصحيح تماما ً..
فمھما كانت القدرات الخاصة للجاسوس متميزة ..ويتسم بسرعة البديھة ..والذكاء الحاد..
إال أن إھمال تدريبه ال يخلق منه جاسوسا ً متميزاً علي اإلطالق.
***
ومعظم كتب الجاسوسية -إن لم تكن جميعھا -تھتم دائما ً بالقصة التي يتعرض لھا
العميل وتدور حول حياته ..وما مرّ به من مواقف معظمھا بالطبع يتسم باإلثارة المستمدة
من طبيعة العمل نفسه ..وتتجاھل في نفس الوقت خطوات صناعة الجاسوس ..ومن ھنا
تبزغ الفكرة األصلية التي يتصدى لھا ھذا الكتاب ..وھي )صناعة الجواسيس( ..نعرض
لھا خطو ًةُ ..خطوة بكل مراحلھا ..مع االستدالل بنماذج تطبيقية من حياة أشھر وأخطر
الجواسيس ..وكذلك شرح للفروق بين عمل بعض أجھزة المخابرات ..وكذلك بعض
النقاط المشتركة فيما بينھا.
·@ @@Z†îè
@ @_NNòîìb¦a@Èm@a‡bß
ﺟﺎﺳﻮﺳﻴﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ:
بدأت فكرة تطوير أجھزة المخابرات مع اندالع الحرب العالمية الثانية حيث بدأ
اعتمادھا كسالح فعلي يدرس في المعاھد العسكرية واألكاديمية ..وحدثت ثورة كبيرة في
مجال تفعيل دور الجواسيس وتجنيد العمالء المؤھلين لتقصي األخبار وتحديد المنشآت
المھمة في الدول المستھدفة ..مردھا األول إلي ما حدث أثناء فترة ما يعرف بالحرب
الباردة بين الواليات المتحدة األمريكية بجھازھا المخابراتي المعروف بالـ )سي آي إيه
(C. I. Aمن طرف ..واالتحاد السوفيتي سابقا ً بجھازه المخابراتي والذي كان يعرف
بالـ )كي .جي .بي (K. G. B ..وكانت ھاتان الدولتان ھما القوتان العظميان في العالم
في تلك الحقبة من القرن الماضي ..وھي حقبة نھاية الستينيات والسبعينيات دخوالً إلي
منتصف الثمانينيات حيث لم تتوان أي منھما في محاولة تھديد أمن الطرف اآلخر
للھيمنة على العالم وإلثبات أنھا الطرف األقوى ..ويمكننا القول أن أجھزة المخابرات
بعملھا التقليدي من إغتياالت وخالفه لم يكن لھا دور يذكر في حسم الحرب الباردة
لصالح الغرب ..حيث حسمتھا عوامل أخرى مثل القوة االقتصادية ..والتقدم التكنولوجي
والتطورات السياسية ..لكن النجاح الحقيقي ألجھزة وأعمال المخابرات تمثل وقتھا في
منع الحرب الباردة من التطور إلي حرب حقيقية ومدمرة ..ولعل ھذا ھو ما لفت نظر
جميع الدول إلي ضرورة تطوير نظم عمل ..وأھداف المؤسسات التخابرية.
واآلن ..لم يعد أحد في ھذا العالم يمكنه اإلدعاء بأنه يمتلك معلومات سرية ..فمتى
ما خرجت المعلومة من العقل وأصبحت مسجلة على أي حاسب آلي فقد أصبحت علي
المشاع ..حيث تستطيع أية جھة أو شخص ما لديه القدرة التقنية أن يحصل على تلك
10
١٠ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
المعلومات في لمح البصر ..وأي إنسان اليوم يستطيع أن يتعرف على الشارع ورقم
المنزل الذي يعيش فيه أي شخص يحتاج إلي معرفته ..بمجرد أن يعرف رقم تليفونه..
كما أن أي بطاقة عادية من تلك التي تفتح أبواب غرف الفنادق المنتشرة في كافة أنحاء
العالم تحمل في شريطھا األسود الخلفي معلومات تفصيلية عن الساكن ..ليس فقط رقم
بطاقته االئتمانية ..بل معلومات تفصيلية عن جوازسفره وتاريخ ميالده وعدد ابناءه..
ومھنته ..وما إلي ذلك ..عندما تقع تلك البطاقة في أيدي غير صديقة تصبح كل تلك
المعلومات متاحة ..ھذا على مستوى األشخاص العاديين.
فما بالنا بأجھزة جمع وتحليل ومعالجة ھذه البيانات ھي شغلھا الشاغل واألساسي..
فالحقيقة أن ما نعرفه كأشخاص عاديين من معلومات ..ھو جزءصغير مما تعرفه تلك
األجھزة المختصة ..حيث أصبح العالم كله بالفعل قرية صغيرة يستطيع أي إنسان أن
يركب صاروخ التكنولوجيا ليخترق به في جزء من الثانية حاجزا الزمان والمكان..
لينتقل من شرق العالم ..إلي غربه ..ومن شماله ..إلي جنوبه ..كل ذلك بضغطة إصبع
علي لوحة المفاتيح الخاصة بأي كمبيوتر متصل بشبكة المعلومات الدولية )اإلنترنت(.
ولنضرب علي ذلك مثالً شديد الشيوع حاليا ً ..ويتباھى به صانعوه وھم األمريكان..
حيث تحتفظ إدارة الھجرة في الواليات المتحدة وفي غيرھا من الدول الكبرى بمعلومات
تفصيلية تقريبا ً عن أي شخص في العالم ..تحصل عليھا بطرق مختلفة منھا تقديم طلبات
الزيارة ..أو الدخول إلي الحواسب المركزية المختلفة في عدد من الدول التي تحتفظ
بمعلومات عن المواطنين ..ولعل أفضل دليل علي ذلك المذبحة التي حدثت عام ٢٠٠٧
في مدينة فرجينيا األمريكية ..والتي راح ضحيتھا عدد كبير من الطالب ..فمعظم
المعلومات التي توفرت عن القاتل بعد انتحاره جاءت من خالل أجھزة الكمبيوتر
11
١١ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
الشخصي الخاص به (١) ..فالكمبيوتر والتليفون المحمول وكثير من وسائل االتصال
الحديثة ھي بمثابة )جاسوس مصاحب( للشخص طوال فترة استخدامه إياه.
..كما أن نقل تلك المعلومات يتم إما بالتراضي أو ربما بالقرصنة ..مثلما حدث في
قضية مھندس الطاقة الذرية المصري محمد سيد صابر الذي تمكن من دس برنامج
حاسب آلي على أجھزة الحاسب الخاصة بھيئة الطاقة الذرية ..مما أت اح للمخ ابرات
اإلسرائيلية اإلطالع على المعلومات الخاصة بنشاط الھيئة ..وتكشف أسباب الحكم في
قضيته) (٢عن مفاجآت خطيرة وجرائم عديدة ارتكبھا الجاسوس المصرى في حق وطنه
حينما اخترق الشفرة السرية التي تنظم عمل المفاعل النووى بأنشاص ..وتدخل في نظام
التشغيل بما قد يعرض المفاعل للخطر واالنفجار في سبيل الحصول على المعلومات
التي طلبھا منه الموساد.
وأشارت المحكمة لجزئية ھامة جداً ..حيث أكدت أنه لوال اإلھمال والتردي داخل
تلك الھيئة لما تمكن المتھم من اختراق الشفرة السرية التي ھي من أھم وأخطر أسرار
المفاعل النووي بأنشاص واإلطالع على ما يدور بأحشاء ھيئة الطاقة الذرية بقصد تنفيذ
التخابر مع المخابرات اإلسرائيلية وتسجيلھا على .C.D
وفجرت حيثيات الحكم مفاجأة مثيرة عندما أدلى المتھم محمد سيد صابر باعتراف
خطير مؤكداً أن ضابطي الموساد طلبا منه أن ينقل نفسه من ھيئة الطاقة الذرية إلي
األمان النووي ألن لھم عمالء داخل ھيئة الطاقة الذرية ويفتقدون إلي عميل داخل األمان
النووي..
-١تسعي كافة الدول حاليا ً على اختالفھا توجھاتھا لسن تشريعات تجبر الشركات االلكترونية
الخادمة للبريد االلكتروني -معظمھا أميركية -أن تخزن ھذا البريد بين األفراد أو المؤسسات
للعودة إليه عند الحاجة ...
-٢القضية نظرتھا محكمة أمن الدولة العليا طوارئ برئاسة المستشار محمد رضا شوكت وآثارت
رود فعل واسعة ..ونتعرض لھا بالتفصيل فى باب نماذج تطبيقية بآخر الكتاب.
12
١٢ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
وإذا صدق االتھام الموجه للمھندس المصري ..فإن برنامجا ً صغيراً يدخل في أي
أجھزة كمبيوتر سواءاً أكان شخصيا ً أو تابع ا ً لمؤسس ة أو إدارة حكومية ..يستطيع أن
ينقل كل ما يحتويه ذلك الكمبيوتر إلي مكان آخر بعيد أو قريب في نفس اللحظة.
مما يعني أنه بالفعل لم يعد أحد يملك أسراراً خاصة به ..مثلما كان الحال فيما
مضي.
ﺍﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ..ﻭﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺎﺕ:
ومنذ سبعة عشرسنة فقط عندما بدأت محطة الـ )سي إن إن( األميركية بثا ً تلفزيونيا ً
مباشراً وعلي الھواء من داخل جبھة الحرب بدولة الكويت فيما ع ِ
ُرف بحرب الخليج
الثانية ..بدا األمر للجميع وكأنھم يشاھدون معجزة ..أما اآلن وقد امتأل العالم بآالف
المحطات التلفزيونية الفضائية في سباق للسيطرة الثقافية واالقتصادية ..أصبحت صناعة
المعلومات ..ووسائل االتصال ھما صناعتان تضاھيان كل الصناعات اإلستراتيجية
األخرى ..ومن ثم أصبحت فيما بعد شبكة المعلومات الدولية )اإلنترنت( ھي سيد
الموقف بتأثيرھا الال متناھي ..وفي واح ٍد من تصريحاته النارية لم يخجل حسن نصر ]
زعيم حزب ] في لبنان عندما قال )إننا نحصل على المعلومات في تصنيع بعض
األسلحة والمتفجرات من االنترنت( ..وما قاله نصر صحيح مائة ..في المائة ..بل وھو
نفس ما يخجل زعماء بعض المنظمات األخرى ..سواء أكانت ثورية ..أم كمعظم الغالبية
منھا إرھابية في التصريح به ..ولكنه حقيقة عالمية ..فقد دارت عجلة الزمن لتغير مفھوم
التفوق الغربي البحت في مجالي المعلومات ..واإلتصاالت إلي مشاركة من جميع الدول
بما فيھا بالطبع دول العالم الثالث ..وقد تكون المشاركة سلبية ..ولكنھا علي كال حال
تسمي مشاركة.
***
13
١٣ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
وأمام ھذه التطور الرھيب نجد أنفسنا حِيال بعض االختالفات الجذرية في تناول
المفاھيم التعريفية القديمة للـ )الجاسوسية( بشكلھا التقليدي ..والتي لم تعد تناسب
مستجدات ما أ ُ ٍ
جمعَّ عالمي ا ً علي تعريفه بأنه عصر ثورة المعلومات ..فلم تعد ھناك
أسرار يمكن إخفاؤھا بشكل مطلق ..ونحن نسمع أو نرى معظم األحداث تقريبا ً في وقت
وقوعھا ..وفي أي مكان من دول العالم ..لكن ھنا عقدة القضية ككل ..فالخطأ الشائع أن
الجاسوسية ھي المعلومة ..يفرض نفسه ليقودنا للتعريف األھم وھي أن الجاسوسية
ليست المعلومة فقط ..فھناك األھم ..وھو القدرة علي استغالل وتوظيف ھذه المعلومة..
وھو ما يقودنا ألھم عناصر اللعبة ..وھو:
***
@@ @ @
14
١٤ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@ @
@ @
@ @
@ @
@ @@NNÞëþa@Ý–ÐÛa
@NNîaì¦a@Êaìãc
@ @@AAáç‰bîna@ÖŠë
15
١٥ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
تاجر آخر..
ٍ لكنه ليس كأي
فھو تاجر يحمل عمره على يد ..وعلى يده األخرى كفنا ً نسجت خيوطه مما يقدمه
لآلخرين من معلومات..
ويوم يوقع رسميا ً وثيقة انضمامه لھذا العالم الخطير ..يوقع معھا فى نفس اللحظة
شھادة وفاة مؤجلة المراسم ..إلى حين..
وللجواسيس تصنيفات معروفة ..فإما أن يكون الجاسوس ابن البلد ويقوم بالتجسس
لصالح دول خارجية مقابل مبالغ مالية يتم اإلنفاق عليھا..
وآخرھم وأخطرھم في نظر الخبراء السياسيين ھوالعميل المزدوج والذي يزود كال
الطرفين بالمعلومات المطلوبة منه مقابل االستفادة منھم بمردود مادي و خالفه ..و تعنى
تسمية " العميل المزدوج " فى عالم المخابرات الكثير ..فھناك فى قمة الھرم المخابراتي
يسكن ملوك عالم الجاسوسية ..وھم أولئك األشخاص الذين تطلق عليھم تلك التسمية..
والتي يحتلون بناءاً عليھا صدارة تصنيف العمالء فى ھذا العالم المثير ..وكما قلنا سابقا ً
أن أى شخص يمكن أن يصبح جاسوسا ً ..لكن بالقياس نفسه ال يصلح أي شخص للعب
دور العميل المزدوج ..وتعنى التسمية إن من يحمل ھذا اللقب ليس جاسوسا ً عاديا ً ..إنما
ھو عميل فوق العادة ويتطلب إعداده للقيام بمھامه المكلف بھا تدريبات ونفقات مادية
عالية ..فضالً عن -وھذا ھو األساس فى االختيارـ امتالكه الفطري لقدرات خاصة من
اإلستعداد والذكاء الشخصي والحرص المتناھي حتى يستطيع خداع األجھزة التي يعمل
ضدھا.
16
١٦ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
-١انتقاء الجاسوس..
-٢تقييمه..
-٣تجربته..
-٤تدريبه..
سخر أجھزته المخابراتية لتصفية مناھضيه مثل النظام السوفيتي .. -١لم يعرف التاريخ نظام حكم ّ
خاصة في أعقاب الحرب العالمية الثانية ..وكأن الھدف الرئيسي الذي من أجله أسس الروس الـ ً
) كي .جي.بي ( ھو البحث عن ھذه العناصر وتحديد أماكنھا وجمع المعلومات عنھا تمھيداً
الغتيالھا ..غير أن تنفيذ عمليات االغتيال نفسھا كان من مسؤولية إدارات داخلية أخري تم إنشاءھا
خصيص ا ً لھذا الغرض ..وي ذكر لنا تاريخ المخابرات أن عدد »األھداف« التي تم مطاردتھا
وتعقبھا وتحديد مواقعھا بلغ حوالي ٣٦ھدفا ً ..من بينھم ضباط جيش عاديين مثل القبطان
»شادرين « قائد الط ّراد الذي ف ّر من أسطول البلطيق ..ولجأ مع عشيقته إلي السويد طالبا ً اللجوء
السياسي ..وكان من األھداف أيضا قادة سياسيين وزعماء دول تتولى تحديدھم أجھزة القيادة
السوفيتية العليا ..مثل شاه إيران الذي فشلت محاولتان قام بھما الجھاز الغتياله ..بينما نجحت
محاولة اغتيال رئيس الوزراء األفغاني في قصره عام ١٩٧٩في كابول ..ونسبت لنفس الجھاز
محاوالت اغتيال زعماء بعض الدول في الشرق والغرب )من بينھم بابا الفاتيكان نفسه(.
17
١٧ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
-٥تشغيله..
ﺍﻟﻜﺸﺎﻓﲔ:
ويعمل معظم ھؤالء الكشافين في السفارات التابعة لدولھم ألن الستار الدبلوماسي
يوفر لھم الفرصة المناسبة للوصول إلي أھدافھم بسھولة ..كما يوفر لھم الغطاء
الدبلوماسي قدراً كبيراً من الحماية المرجوة ..وحيث تتميز حياتھم بالعديد من الفرص
المناسبة لالحتكاك بالعاملين في نفس المجال ..والوصول إلي األھداف والبعثات
الدبلوماسية المماثلة.
وھناك وظائف رسمية ..وأخرى غير رسمية تمنح لعمالء اإلستكشاف ليتمكنوا من
خاللھا أداء المھام الموكلين بھا ..كأن يكونوا مثالً طالبا ً بإحدى البعثات التعليمية ..أو
مراسلين صحفيين جوالين ..أوحتى رجال دين.
18
١٨ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
-ثم مجموعة إدارة الممتلكات ويطلق عليھا اختصاراً مسمي ) (PMSالتي تختص
بترتيب تأسيس شركات تجارية أو شرائھا وإعداد المكاتب التي تمنح غطا ًء مناسبا ً
لضباط فرقة ).(SAD
ويجري تجنيد ھؤالء الضباط من بين العسكريين الذين تقاعدوا أو استقالوا من
الجيش ..أو الذين عملوا خارج الواليات المتحدة في مھام خاصة.
ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﻣﺴﺒﻘﺔ:
وال يسير األمر ھكذا عشوائيا ً ..إنما يتلقى الكشاف تعلميات تستند إلي دراسات
19
١٩ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
يقوم بھا خبراء جھاز المخابرات الذي يعمل لصالحه حول نوعية األشخاص الذين
تضمھم الشريحة االجتماعية والفئوية التي من المفروض أن تكون ھي دائرة بحثه..
وتتفاوت شخصية الجاسوس المحتمل بين بلد ٍٍ◌ وبلد ..وبين حالة وحالة ..غير أنه تم
تحديد أصناف معينه ألنواع العمالء سريعي التأثر الذين تفضلھم أ جھزة المخابرات..
وھم عاد ًة ما يكونوا من غير الراضين عن أنظمة الحكم في بلدانھم ..وال يؤمنون
بسياساتھا ..فمثل ھؤالء ھم أكثر الفئات استعداداً للعمل بإخالص ..أكثر من الفئة
األخرى التي تحركھا دوافع مادية بحتة ..وإن كان من المسلم به أن المال يساعد كثيراً
في تجنيد العمالء ..وعلى األخص في بلدان العالم الثالث حيث الفقر دائم ا ً ..كالماء
والھواء لكثير من شرائح تلك المجتمعات.
وا لعمالء الذين يتم تجنيدھم من خالل الشق الثاني ..تتعامل معھم أجھزة المخابرات
بحرص شديد ..حيث الخشية من أن يتحول في لحظة إلي ھدف بالنسبة ألجھزة
مخابرات أخري تستطيع شرائه بالمال ..ويكون في الغالب أقل تأثراً وشعوراً بالذنب..
بينما العميل الذي يكون ھدفه عقائديا ً )سواء كانت عقيدة دينية ..أم سياسية( يشكل ھدفا ً
مضمونا ً لجھاز المخابرات الساعي لتجنيده ..فالقضية بالنسبة لـه مبدأ ..وعقيدة ..وھي
من األشياء التي نادراً ما تتبدل في حياة اإلنسان ..وال تباع ..وال تشتري بالمال ..ويعتبر
مثل ھذا العميل )الخارج على حكومته داخل بالده( صيداً ثمينا ً للعاملين في مختلف
أجھزة المخابرات ..كذلك ھناك نوعيات أخري دائما ً ما تكون تحت المنظار بالنسبة
لجميع أجھزة المخابرات ..وھم طائفة المسئولين الذين يعيشون حياة باھظة النفقات وال
يستطيعون المحافظة على مستواھا عن طريق دخولھم العادية ..أو أولئك الذين يعانون
من نقاط ضعف واضحة ال يستطيعون السيطرة علي أنفسھم حيالھا ..ويمكننا أن نحصر
ذلك في طائفة الباحثين لحد اإلدمان عن المال ..أو المخدرات بكافة أشكالھا ..وأنواعھا..
ثم أھم ..وأخطر نقاط الضعف ..وھو الجنس) ..(١وال يبحث رجل المخابرات دوما ً عن
20
٢٠ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
عمالء محتملين بين اؤلئك الذين يشغلون مناصب ذات أھمية ..ويعتبر الطالب خاصة
في البعثات التعليمية الخارجية ھم أھدافا ً ذات قيمة عالية ..وعلى األخص في بلدان العالم
الثالث حيث يرتقي خريجو الجامعات مناصب حكومية رفيعة بعد تخرجھم ..وھنا يتم
التركيز وتحديد حيز البحث داخل أوساط الجامعات التي يكثر فيھا الطالب األجانب..
ومن ث ّم التركيز على استقطاب وتجنيد أساتذة الجامعات.
ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ:
وتبدي أجھزة المخابرات اھتماما ً خاصا ً في البحث عن عمالء داخل القوات
المسلحة ألن العسكريين ھم العنصر المتحكم في ھذه البلدان والمسيطر عليھا .ومن ھنا
جاء التركيز على مدارس القوات المسلحة ومعاھد التدريب التي تستقبل الضباط األجانب
في دوارت تدريبية..
ﺗﻘﻴﻴﻢ ﺍﳉﺎﺳﻮﺱ:
بعد انتقاء الجاسوس المحتمل وترشيحه من قبل الكشاف المخابراتي ..يقوم جھاز
المخابرات بعمل دراسات دقيقة عنه لتقرير ما إذا كان سيصبح في وضع يستطيع معه
تقديم معلومات مفيدة أم ال؟ ..والخطوة األولى في ھذه العملية ھي البحث والتدقيق في
ماضي ھذا الشخص بالرجوع إلي أخبار مفصلة في ما لدي الجھاز من معلومات ..فمثالً
كما قلنا من قبل فإن المخابرات المركزية األمريكية لديھا ما يسمي بـ )بنك المعلومات(
الذي يتضمن معلومات عن الماليين من األشخاص في العديد من الدول ..فإذا ُعثر على
أي معلومات عن العميل المرتقب يتم نقل ھذه المعلومات فوراً إلي ضابط الميدان الذي
يواصل في غضون ذلك دراسة احتماالت التجنيد ..ويقوم بتحريات خفية لرسم الصورة
الحقيقية عن العميل.
21
٢١ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
ﲢﺖ ﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ:
أما المؤكد ..وفي كل أجھزة المخابرات العالمية فإن الشخص المرشح البد من
وضعه تحت المراقبة لمعرفة المزيد عن عاداته وآرائه ..ثم تبدأ دراسة دقيقة لمعرفة
الدوافع وراء احتمال قبولـه للعمل كجاسوس ..وھل ستكون عقائدية أم نفسية ..أم مادية..
و إذا لم يكن لـه مثل ھذا الدافع فأى احتمال بديل سوف يلجأ إليه جھاز المخابرات
إلجباره علي قبول التعاون معھم ..والوسائل األخرى عديدة ..ومتنوعة كالتھديد..
والضغط ..وعلى الضابط المسئول عن العملية أن يقرر مدي صالحية ھذا الشخص ..ثم
إمكانية إنقالبه عليھم ليتحول إلي عميل مزدوج ..وعند انتھاء فترة تقييم العميل التي قد
تمتد أسابيع ..أو أشھر تقرر الكوادر الرئاس ية المباشرة لفريق العمل بالتشاور مع
عناصر المراقبة ..والمتابعة الميدانية متي يجب اإلتصال مع العميل المرتقب كي يبدأ
العمل ..فإذا كان القرار ايجابيا ً فمن الطبيعي أن يتصل رجل آخر من الجھاز بالھدف..
وال يتصل به عادة الرجل الذي اكتشفه أو الذي قام بتقييمه ..ويتم ترتيب لقاء بصور
مختلفة حسب ظروف كل عملية لإلجتماع بالعميل المرتقب ..ويتم التعارف بين الضابط
المكلف بتنفيذ العملية مع ھدفه وفقا ً لظروف يُعد لھا إعداداً دقيقا ً ..ويتم تأمين المكان..
ومراقبته جيداً ..وعمل أكثر من خطة بديلة تحسبا ً ألية احتماالت واردة ..بالشكل الذي
يسمح لھم بالسيطرة علي الموقف ..وتھريب عنصرالتجنيد المباشر في حالة وقوع ما
ليس في الحسبان ..وإذا حدث ..وكان العميل المرتقب ينتمي لصفوف المعارضة في بلده
فإن عنصرالتجنيد غالبا ً ما يبدأ حديثه بالكالم المعتاد ..والمكرر عن المبادئ التي يجب
أن يلتزم بھا المواطن نحو وطنه وعن ميول أخرى أيديولوجية ويقترح وسائل يمكن
للرجل بھا أن يساعد بالده وشعبه ..أما إذا أتضح أن العميل المرتقب يتميز بالضعف
تجاه المال فإن الضابط يلعب على ھذا الوتر مؤكداً أنه لديه وسائل متعددة لكسب مبالغ
كبيرة من المال بسرعة وبسھولة ..ويدعوه ليشاركه فيھا ..أما إذا كان العميل المرتقب
22
٢٢ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
يھتم بالسلطة ..أو كان واقعا ً تحت تأثير )الجنس أو المخدرات( أو لديه مشاكل أسرية..
أو أمنية ..ويري د الھروب من بالده واالبتعاد عن عائلته ووضعه االجتماعي ..ف إن
عنصرالتجنيد يكون قد أعد من قبل سيناريوھات خاصة بكل حالة ..ينفذھا حرفيا ً من
خالل أولي تلك اللقاءات ..التي تكون ذات أثر كبير جداً في خط سير العملية ككل.
ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﺧﻀﺎﻉ:
ومن مھمة عنصر التجنيد تحديد السبيل الذي من خالله ي تم التأثير في العميل
المرتقب ..وإجباره علي اإلنضمام إليھم ..وإذا استنتج جھاز المخابرات أن العميل من
تلك النوعية التي تخشى التھديد واالبتزاز ..يتم رصدو أو التقاط دليل ما يورطه..
والعمل علي إجباره بالعمل لصالحھم ملوحين لـه بالتھديد باستخدام ھذا الدليل ضده..
والتشھير به في حالة رفضه ..وأحيانا ً يتم تسجيل اللقاء األول وتصويره وھو يتلقى منھم
أمواالً ما ..أو التسجيل لـه وھو يھاجم نظام الحكم في بلده أما بواسطة أجھزة تسجيل أو
باتباع وسيلة أخرى كالتصوير أو التقاط أي شيء من متعلقاته قد يمثل دليل يستعمل
ضده في الوقت المناسب.
ﺑﻌﺪ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ:
وبعد أن يقبل العميل المرتقب العرض المقدم إليه بالعمل لصالح الجھ از سواء
بالضغط ..أو اإلقتناع ..يخوض عنصر التجنيد في تفصيالت الترتيبات فيعرض عليه
راتب ا ً مغري ا ً يتسلمه عند بداية كل شھر ..يحدد ھذا الراتب لكل عميل وفق ا ً لوضعه
االجتماعي ..وغالبا ً ما ُيدفع لـه منه جزءاً شھريا ً فقط ..والباقي يوضع بإسمه في حساب
سري بأية دولـة تتمتع بنوكھا بخاصية سرية الحسابات )(١؟ ..ويعود السبب في ذلك إلي
منع العميل من تبذير األموال بشكل قد يلفت إليه األنظار ..ومن القصص الشائعة في
كتب المخابرات قصة ذلك الجاسوس الذي استطاعت المخابرات األمريكية في
23
٢٣ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
الخمسينات تجنيده ..وكان يعمل ضابط مخ ابرات في أوروبا الشرقية وتحديداً في
النمسا ..وكان معروف ا ً عنه كراھيته لنظام الحكم في بلده ..أي أن دافعه للعمل مع
األمريكان كان دافعا ً عقائديا ً باألساس ..ومع أنه كان أساسا ً ضابط مخابرات ..ولديه
وعد صريح براتب كبير ..ومكافأة أكبر عند انتھاء العملية التي س يلجأ بعدھا إلي
الواليات المتحدة ..وامتناع الضابط المسئول عنه عن دفع أية مبالغ مباشرة لـه في فيينا
حتى ال يلفت أنظار الخصوم إليه ..ونظراً لخبرته في ھذا المجال ق ّدر العميل تماما ً
جدوى ھذه االحتياطات ..لكنه فجأة تجاھل كل ھذا وأصرّ علي أن يأخذ مبلغا ً من المال
كدفعة من حسابه دون أن يبين السبب ل ذلك ..وخيرھم بين استمراره في العمل ..أو
ور َفع األمر
إعطاءه المبلغ الذي طلبه ..وبعد أن تشاور ھذا الضابط مع رئيسه المباشرَ ..
للرئاسة تقرر إعطاء العميل المال علي وع ٍد منه بأنه لن يقدم علي عمل طائش ينطوي
على خطورة قد تؤدي لكشف أمره ..لكنھم فوجئوا به في نھاية األسبوع التالي يروح
ويغدو في نھر الدانوب في زورق خاص اشتراه بھذا المال ..وبعد بضعة أيام التقي
بضابط متابعته الذي نھره وطلب منه التخلص من القارب ألنه ال يمكن لرجل مثله
يعيش في ظروف مادية متوسطة أن يشتري مثل ھذا القارب من راتبه ..ووافق العميل
على ذلك قائالً أنه كان يحلم منذ أن كان صغيراً بأن يملك قاربا ً ..أما اآلن فقد تبخرّ ذلك
الشوق وھو مستعد تماما ً للتخلي عن القارب ..لذلك البد من إحكام القيد على العميل..
حتي ال يثير أية شبھات حول نفسه قد تفسد المھمة من األساس.
ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ:
يتعھد عنصر التجنيد للھدف بأن يضمن لـه جھازه المخابراتي سالمته ھو وأفراد
أسرته في حالة تعرضه لمشاكل مع األمن في بالده ..وحمايته في حالة انكشاف أمره..
وكلما كان الھدف ذو حيثية ..وأھمية خاصة في مجالـه وبلده ..كلما كانت تلك الوعود
أكبر ..وتحتمل التركيز عليھا بشكل أكثر ليس في اللقاء األول فقط ..ولكن طوال فترة
24
٢٤ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
التجھيز األولي ..حتي يطمأن الھدف تماما ً ..ويحاول عنصر التجنيد حمل العميل الجديد
لدى موافقته علي العمل بالتوقيع على أوراق تربطه رسميا ً وبوضوح مع جھاز
المخابرات ..وھي بمثابة عقد عمل يمكن استعماله في وقت الحق لتھديد العميل الذي
يقوم بفضحه إذا ھو توقف عن العمل دون اإلتفاق معھم مسبقا ً علي ذلك.
ﺍﳌﻬﻤﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ:
والمھمة األخيرة لعنصر التجنيد الذي ينتھي دوره عند ھذا الحد ھي تھيئة موعد
مناسب لإلجتماع بين العميل الجديد ورجل جھاز المخابرات العامل في تلك البالد الذي
سيكون مسئوالً عنه و كثيرا ما ينطوي ھذا على إشارات متفق عليھا سلفا ً ومن األساليب
المتبعة مثال إعطاء العميل إشارة معينة ليرتديھا في مكان ظاھر بمالبسه ..ويتم إعالمه
بأن رجال يحملون عالمة مماثلة سوف يقتربون منه ..أو إعطائه كلمة سر ويقال لـه أن
ضابطه سيتسلمھا في وقت الحق لتعريف نفسه إليه .وحين يتم اإلتفاق علي كل ھذا
يترك عنصر التجنيد المكان ويغادره بأسرع ما يكون.
***
@@ @ @
25
٢٥ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@ @
@ @
@ @
@ ZïãbrÛa@Ý–ÐÛa
@NN÷ìb¦a@òiŠ£
@ @@_éj퉆më
26
٢٦ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
òîiŠ£@âbèß
ومتى تم تجنيد الھدف ..وأصبح عميالً يبدأ الضابط المسئول عنه اختبار والئه ومدى
االعتماد عليه ..فيعھد إليه بمھام معينة تعطي لـه ..وفي حالة قدرته علي تنفيذھا بالشكل
المطلوب تكون بشائر الداللة على والئه وإخالصه قد توفرت ..شكل مبدئي ..كما تعتبر
التكليفات األولي بمثابة قياس للتدليل علي قدراته الخاصة ..وعادة ما تكون تلك التكليفات
نتائجھا معلومة مسبقا ً ..لكن تستخدم في نفس الوقت لقياس مدي مصداقية العميل الجديد..
ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﺬﺏ:
ً
خاصة في اتفقت معظم أجھزة المخابرات العالمية علي ضرورة إخضاع عمالءھا..
بدايات تشغيلھم ..لجھاز الكشف عن الكذب ..وتبني نظرية عمل ھذا الجھاز ..علي تبعية
انتظام النبض الطبيعي لإلنسان مع حالته العصبية ..بمعني أن التوتر يزيد من معدل
ضربات القلب ..وبالتالي من زيادة واضطراب النبض ..والمعروف أن لجوء اإلنسان
للكذب يؤثر بدرجات مختلفة علي حالته العصبية وبالتالي علي معدل النبض ارتفاعا ً..
وانخفاضا ً ..علي عكس الصدق الذي ال يؤثر إطالقا ً في ذلك ..ويبدأ الجالس علي جھاز
كشف الكذب بتوجيه أسئلة اعتيادية للخاضع للكشف ..مثل اسمه ..واسماء ابناءه..
ووالده ..ووالدته ..وغيرھا ..ثم يقيس المنحني البياني إلجاباته التي ال شك في صحتھا..
ثم يبدأ الجالس علي الجھاز بتوجيه أسئلته األخرى التي بناءاً علي تحليلھا يتم تحديد مدي
صدقه أو كذبه.
27
٢٧ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@ @k퉆nÛa@òÜyŠß
عندما تنتھي عملية اختبار الھدف تبدأ مرحلة تدريب خاصة إلكسابه مھارات معينة
تتطلبھا طبيعة عمله كجاسوس ..ويختلف نو ع التدريب ومكانه وطبيعته باختالف
ظروف العملية ..ويجب أن يتم التدريب بشكل سري ..ودقيق للغاية ..وھنا تبدأ السمات
الخاصة لكل عميل من حيث قدراته ومواھبه ..وثقافته الشخصية في الظھور لتفرض
نفسھا بالشكل الذي يعبر عن مدي كفاءته ..وتقدمه في برنامجه التدريبـي.
وأثناء فترة التدريب يتع رف العميل علي األجھزة واآلالت التي قد يحتاج إليھا
كأجھزة تصوير اللتقاط صور الوثائق ووسائل االتصاالت السرية والكتابة السرية
وغيرھا ..ويتم تدريبه علي طريقة استعمال كل منھا ..ويقتضي ذلك ضرورة عزل
العميل طوال مدة تدريبه التي تتراوح بين عدة أيام وتصل أحيانا ً إلي شھور ..حسب
نوعية المھمة ..والوسائل التي يتم التدريب عليھا ..وأوالً ..وأخيراً الكفاءة الشخصية
للعميل ..كما يعني ذلك ابتعاد العميل عن أھله ومجتمعه ويطلب إليه في ھذه الحالة
اختالق مبررات مقنعة لغيابه ھذا.
وتوجد قواعد تدريب خاصة للمجندين الملتزمين بالتواجد في وحداتھم العسكرية..
تكون معزولة عن كل النشاطات األخرى في معسكرات خاصة ..ويراعي فيھا أن تكون
الجرعات التدريبية مكثفة ..وتتخلل فترات أجازاته العادية.
وخالل فترة التدريب يجب التأكيد علي أن يلمس العميل الجديد بنفسه ..وبطريق
غير مباشر كفاءة جھاز المخابرات الذي يقوم بتدريبه ..وقدرته الفاعلة ..حتي ينمحي
تماما ً من داخله أية بوادر للتخوف من طبيعة مھمته وحياته الجديدة ..ويقتنع داخليا ً بأنه
أصبح يعيش حياة أفضل من حياته السابقة.
***
28
٢٨ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@@ @ @
29
٢٩ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@ @
@ @
@ @
@ @
@ @
@ ZsÛbrÛa@Ý–ÐÛa
@Ý×@òíbèãë@NNòía†i
@ @@AA֓bu
30
٣٠ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ:
ھناك طريقتان في العمل السري يمكن تطبيقھما على عمليات التجسس
التقليدية وعلى العمالء بوجه عام وھما ..االتصاالت السرية ..واالتصاالت
المباشرة ..وعلى الضابط المسئول أن يؤمن بنفسه وسائل إتصاله بالعميل..
والحصول منه علي المعلومات التي يتسني لـه الحصول عليھا ..ومتابعته أوالً
ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ:
في معظم األحوال يُفضل كثيراً نقل المعلومات بشكل مباشر وشفوي ..من
العميل ..إلي الضابط المسئول ..ألن ذلك يعتبر أكثر أمانا ً وسھولة من نقل ھذه
المعلومات عن طريق التراسل ..وبواسطة األوراق الرسمية ..أو استخدام
أجھزة تجسس قد تدينھم في حال اكتشاف أمرھم ..ولكن تبقي الوثائق المكتوبة
لھا األفضلية لدي أجھزة المخابرات التي تفضل التعامل بھا إلمكانية التدقيق
حين ..آلخر.
ٍ فيھا ..ومراجعتھا من
ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﻏﲑ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ:
ويفضل بعض العمالء أال يكون اتصالھم بالضابط المسئول اتصاالً
شخصيا ً مباشراً ..ألنھم يرون أن كل لقاء حتي وإن كان سريا ً يعرضھم إلي
االفتضاح ..وبالتالي إلي السجن أو ما ھو أسوء ..ويفضلون االتصال بأساليب
31
٣١ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
غير مباشرة أو بوسائل ميكانيكية ولكن أجھزة المخابرات تصر بالمحافظة على
اتصاالتھا الشخصية بين الضباط وعمالئھم ..إال في الحاالت التي تنطوي على
خطورة ..ذلك ألنه البد من تقييم والء الجاسوس أوالً ..بأول ..وقياس مدى
تقدمه في العمل وال يمكن تحقيق ذلك إال بواسطة تلك اإلجتماعات التي تعقد
بين حين ..وآخر.
ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﺄﻣﲔ:
وقد يكون اللقاء المباشر في مواصالت عمومية داخلية ..مثل الباصات..
وغيرھا أو منتزه ..أو مطعم ..حيث يقوم رجال مخابرات آخرين بمراقبة
المكان جيداً كإجراءات وقائية ضد الخصوم الذين يحاولون التقاط المحادثة ..أو
رصدھا ويعرف ھذا األسلوب في عالم التجسس )بالمراقبة المضادة( ..ويمكن
للضابط أو العميل أو أي فرد من فريق المراقبة اإلشارة على اآلخرين بالمضي
قُدما ً في االجتماع أو تفادي كل اتصال أو إلغاء االجتماع ..كل ذلك عن طريق
إشارات خاصة متفق عليھا مسبقا ً ..وقد تستخدم أجھزة المخابرات من بعض
الشقق ..والبيوت وغيرھا أماكن خاصة لإلجتماعات ..وفي كثير من األحيان
تكون ھذه األماكن تجارية ..كمقار الشركات ..وعيادات األطباء ..وغيرھا ممن
ال يلفت أنظار أحد تردد اآلخرين عليھا ..وفي واقعة ذھاب أشرف مروان
لعرض نفسه علي الموساد في الستينيات من القرن الماضى دليل نموذجي علي
ذلك ..حيث ذكر الكاتب األمريكي الشھير ھوارد بلوم )فى كتابه عشية الدمار(.
أن أشرف ذھب إلى العاصمة البريطانية للعالج من آالم فى المعدة تعتريه من
آن آلخر ..واصطحب معه مظروفا ً كبيراً فيه بعض األشعات والتحاليل كان قد
أجراھا فى القاھرة ..وحجز لدى أحد األطباء المشھورين فى عالج أمراض
المعدة والجھاز الطبى ..وعندما دخل أشرف حجرة الكشف ناول الطبيب
32
٣٢ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
المظروف الذى كان يحمله ..فتح الطبيب المظروف وتغيرت سريعا ً معالم
وجھه ..ثم أغلق المظروف ثاني ً
ة ووضعه بكل ھدوء على المكتب من ناحية
أشرف وھو يقول ألشرف أنه قد أعطاه مظروفا ً آخر غير المقصود ..فابتسم
أشرف وقال لـه ال خطأ فيما حدث ..فقط عليك أن توصل ھذا المظروف
بطريقتك الخاصة إلى السفارة اإلسرائيلية ..ابتسم الطبيب ببرود شديد معتذراً
أنه اليعرف أحداً بالسفارة اإلسرائيلية ..تجاھل أشرف ما فعله ..وما قاله
الطبيب ..وفاجأه بقولـه أنه على علم تام بعمله مع السفارة بدليل زيارة شخصية
عربية كبيرة لـه األسبوع الماضى فى نفس العيادة ولقاءه مع )ياكوف
ھيرتزوج( مدير مكتب رئيسة الوزراء اإلسرائيلية ..أسقط فى يد الطبيب ولم
يستطع الرد ..تركه أشرف وترك لـه المظروف الذى كان يحمله وذھب إلى
حال سبيله بعد أن قام الطبيب بالكشف عليه وكتب لـه روشتة بھا بعض األدوية
عمالً بنصيحة أشرف حتى يبدو األمر عاديا ً وال يشك أحد.
وكل اجتماع بين الضابط المسئول وعميله الخاص ..تنظر إليه أجھزة
المخابرات باعتباره موطنا ً شديداً للخطورة ..خاص ً
ة ما قد يترتب عليه من
تعرض أطراف اللقاء لخطر المالحقة من جانب قوى األمن المحلية ..أو أجھزة
مخابرات معادية ..ولتجنب ھذه المخاطر تستخدم وسائل غير مباشرة
لإلتصال ..واإلعداد للقاء ..وتأمينه ..وخاص ً
ة عند تسليم المعلومات ..أو تبادلھا
بين طرفي اللقاء ..من العميل إلي الضابط المسئول ..أو العكس ..وأحيانا ً يتم
اللجوء الستخدام شخص ثالث يعمل كوسيط بين الطرفين ..وقد يكون ھذا
علم باألمر أو يتم استخدامه دون أن يعلم ..ويقتصر األمر على
ٍ الشخص علي
أن يقوم العميل بوضع مادة المعلومات في صندوق للبريد في موعد سبق ترتيبه
من جانب الضابط المسئول أو الشخص الثالث الذي يستخدم لھذه الغاية ..ومن
33
٣٣ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
بين األماكن التي تستخدم لذلك صناديق البريد ..أو الفراغ القائم وراء بعض
كبائن التليفونات العمومية ..وغيرھا.
بھا فقط ..ألن لألمر أيضا ً خطورته في حال اختراق قراصنة الكمبيوتر للبريد..
أو المواقع اإللكترونية التي يتم التراسل بواسطتھا.
ﺍﻹﺧﺘﺮﺍﻕ:
وھناك علي سبيل المثال اتجاه جديد داخل أجھزة المخابرات العالمية
يقضي باتباع نظام مخابراتي جديد تماما ً يقضي بعمل محاكاة دقيقة وحرفية
لنظم عمل الجماعات اإلسالمية الجھادية ) ..(١كأن يقيم جھاز المخابرات
جمعيات ومنظمات فعلية قائمة بعضھا يتم تفعيله ..وممارسة نشاطه داخل
العديد من الدول ..وتحت مظلة اإلسالم ..وباسم التضامن اإلجتماعي والعمل
علي نشر البر والتقوى يتم جمع التبرعات والھبات ..وكل ھذه المؤسسات
تتجمع داخلھا وحدات وفرق من أعداد صغيرة من ضباط المخابرات ..يتحدث
أعضاؤھا اللغات المحلية ويمارسون شعائر الدين اإلسالمي وتتوفر في كل
منھم حماسة وإيمان بالمھمة المكلف بھا تماما ً كحماس أعضاء الجماعات
اإلسالمية الجھادية ..وينتھى نظام العمل بضباط مخابرات متنكرين كرجال
أعمال أو صحفيين أو رجال دين ..ومعظم العاملين في ھذه المؤسسات من
الضباط الصغار الذين يسعون نحو المغامرة والمخاطرة بحياتھم في سبيل إثبات
وجودھم ..وھم يرتدون ثيابا ً إسالمية ويمارسون شعائر المسلمين ويذوبون في
المجتمعات اإلسالمية والعربية.
وعلي نفس الدرب ..وبنفس الطريقة يتم إنشاء ما يعرف بمنظمات حقوق
اإلنسان ..والعمل اإلجتماعي ..وھذا يقودنا بدوره إلي نقطة ھامة جداً في
-١مثل تنظيم القاعدة ..وحزب Qفي لبنان ..وغيرھا من باقي األنظمة القائمة علي تيارات
دينية بحتة .
35
٣٥ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
ترتيب وتسيير العمل المخابراتي وھو ظاھرة التمويل األجنبي ..التي تنتشر في
معظم دول العالم الثالث.
ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ:
ولنأخذ علي ذلك مثال حدث مؤخراً ..فقد أذاعت إحدي محطات التلفزيون
الروسية شريطا ً تم تصويره بكاميرا خفية يصور دبلوماسي بريطاني ينقب في
األحراش عن شيء مجھول حتي أمسك بيديه شيئا ً ما كان يبدو أنه ذھب
إللتقاطه من ھذا المكان المعلوم لـه مسبقا ً ..وبعد القبض عليه تبين أن ما التقطه
ھو قرص رقمي صلب ) (١يحوى معلومات استخباراتية ..كما قالت السلطات
الروسية في تعليقھا علي الشريط ..إال انه في نھاية المطاف ظھر أن
الدبلوماسي البريطاني كان يتعامل مع منظمات خاصة في المجتمع المدني
الروسي ..مما حدا بالحكومة الروسية بعد ذلك أن تحظر علي جماعات المجتمع
المدني االتصال بجھات أجنبية أيا ً كانت ..وقبول التمويل من الخارج ..وھو
أمر كان قد تقرر في بعض البالد العربية ..ودارت محاكمات واتھامات في
عالقة البحوث الممولة من الخارج و)الجاسوسية( بمعناھا التقليدي ).(٢
اإلعالنات المستمرة عن العروض السخية التي تقدر بالماليين للبحث عن
قيادات إسالمية ماھي إال احدي الوسائل الحديثة للتجنيد في أجھزة المخابرات
العالمية
-١ھو ما يدخل في مكونات أجھزة الكمبيوتر ويعرف باسم ) الھارد دسك ( ..
-٢مثل قصة الدكتور سعد الدين إبراھيم أستاذ علم االجتماع السياسى بالجامعة األمريكية في
مصر ..وتلقيه معونات من الحكومة األمريكية تصل لماليين الدوالرات ..وكان اإلفراج عنه من
يوم من األيام أحد أھم الشروط التي وضعتھا اإلدارة األمريكية الستمرار دفع المعونة محبسه في ٍ
السنوية لمصر.
36
٣٦ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
أما وجھة النظر الثانية فتنادي بأن على الضابط المسئول في الوقت الذي
يتظاھر فيه باالھتمام الشخصي بالعميل أن يعامله معاملة تتسم بالجدية والبعد
عن المظاھر العاطفية أو التساھل حيث أنه علي الضابط المسئول أال يھتم سوي
بالنتائج التي يحققھا عميله فقط ..وعليه أن يدفع بالعميل إلي أقصى درجات
العمل الدؤوب للحصول من خالله على أقصى ما يمكن من معلومات ..على أن
لھذا األسلوب أيضا ً عيوبه ..ذلك ألنه ما أن يدرك العميل أنه موضع استغالل
من ضابطه حتى تتقلص ھمته بسرعة.
إن المخاطر وجو التوتر اللذان تحتمھما ظروف ھذا العمل اإلستثنائية تلقي
بظاللھا علي العمالء فيصبحوا دوما ً في حالة مزاجية متقلبة ..ويصعب التكھن
37
٣٧ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
بما يدور في خلدھم ..لذا فإنه على الضابط المسئول أن يكون واعيا ً ألي دالئل
تشير لتغير موقف العميل ..أو تھاونه في عمله ..وعليه أن يجمع في أسلوب
تعامله مع عميله بين الترغيب ..والترھيب.
ويقوم الضابط المنقول بتعريف الضابط الذي سيخلفه إلي جميع عمالئه قبل سفره..
ولكن العمالء يترددون حينذاك في العمل مع رجل جديد ..ذلك ألنھم ال يميلون بعد أن
أقاموا عالقات مقبولة مع ضباطھم إلي التحول عنھم إلي آخرين ..ويزداد ھذا التردد في
كثير من األحيان بسبب تعيين جھاز المخابرات ضباطا ً صغار السن إلدارة عمالء قدامى
أصبحوا مخضرمين ..فمعظم العمالء يشعرون بأن التعامل مع ضابط تنقصه الخبرة
يزيد في احتماالت فشل العملية ..وقد يؤدي ذلك الكتشاف أمرھم ..وحدوث ما ال تحمد
عقباه ..وفي حالة قبول العميل االستمرار مع الضابط الجديد عاد ًة يكون المستفيد ھو
الضابط ..حيث يتمكن بطريق غير مباشر من اكتساب الخبرة الالزمة بسرعة من عمالء
ال يحتاجون إلي توجيه ..أما في حالة رفض العميل االستمرار في العمل فتنجم مشكلة
كبيرة ..إما بإخضاع العميل عنو ًة لالستمرار عن طريق تھديده بكشف العملية ..أو
تصفيته )في حاالت قليلة( ..أو الموافقة علي إنھاء العملية إذا ما سمحت الظروف بذلك..
وكان قد تالشي الھدف األساسي من قيامھا.
38
٣٨ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
ولھذا فإن عملية تغيير الضابط المسئول يمكن أن تكون معضلة ولكنھا في الغالب ال
تؤدي إلي اإلضرار بالعملية نفسھا ..وأحيان ا ً تتراجع أجھزة المخابرات اضطراريا ً ..وفي
حاالت معينة خاصة في العمليات الحساسة عن مسألة تغيير الضابط المسئول عنھا استجابة
لرغبة العميل نفسه ..ولكن ليس في حالة أي عميل ..فقط العمالء الذين يتمتعون بمكانه عالية.
@ @@AA÷ìb¦a@Éß@ÝßbÈnÛa@õbèãg
كل ماله بداية ..البد أن تكون لـه نھاية ..وعلي ھذا فال بد لكل عملية مخابراتية من
نھاية تتناسب مع مسارھا الكلي ..إما أن يضمھا ملف في قسم العمليات الناجحة في
أرشيف األجھزة المخابراتية ..أو ينضم ملفھا إلي قسم آخر ..قد يكون خاص بالعمليات
التي كان نصيبھا الفشل العتقال العميل ..أو سجنه ..أو حتي إعدامه في حالة اكتشاف
أمره ..ومحاكمته ..أو عدم اكتمال العملية لموت العميل بصورة مفاجئة ..ألسباب قد
ث ما ..أو ما إلي خالفه.. تكون طبيعية أو نتيجة لحاد ٍ
وفي حالة اكتشاف أمر العميل ..والقبض عليه ينصب اھتمام أجھزة
المخابرات العامل لديھا على إنكار كل عالقة لھم بالعميل ..حماي ً
ة لمصالح
دولھم.
ﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻴﻞ:
تضطر أحيانا ً أجھزة المخابرات إلي إنھاء العملية بنفسھا ..والتخلص من العميل.
وقرار إنھاء أية عملية تتخذه فقط المستويات العليا في أجھزة المخابرات ألسباب
متباينة ..قد يكون من بينھا فشل العميل ف ي الوصول إلي المعلومات التي يريدھا
الجھاز ..أوعدم توافر الحد األدنى من الثقة في تصرفات وشخص العميل ..مما يھدد
العملية بالفشل ..أو يؤدي بطريق غير مباشر إلي فضح ..وكشف عمليات أخري أھم..
وھناك سبب آخر ربما ھو أھم األسباب التي دائما ً ما تخشاھا أجھزة المخابرات وھو
تحول العميل إلي عميل مزدوج.
وفي حالة اتخاذ قرار إنھاء العملية دون تصفية العميل يتم شراء سكوته
بالمال ..وإذا اقتضت الضرورة يتم إسكاته عن طريق التھديد.
***
39
٣٩ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@ @
@ @
@ @
@ ZÉiaŠÛa@Ý–ÐÛa
¸@ñbîy@åß@òîÔîjİm@x‡b
@ @@AAîaì¦a@Šè‘c
ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﳓﺎﻭﻝ ﺍﻟﺘﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻲ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﺫﻛﺮﻩ ﻣﻦ ﺧﻄﻮﺍﺕ
ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﺒﻌﻬﺎ ﻣﻌﻈﻢ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﳌﺨﺎﺑﺮﺍﺕ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ..
ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻗﺮﺍﺀﺗﻨﺎ ﻟﺒﻌﺾ ﺃﺷﻬﺮ ﻗﺼﺺ ﺍﳉﺎﺳﻮﺳﻴﺔ ﰲ ﻋﺎﳌﻨﺎ
ﺍﻟﻌﺮﰊ ..ﻭﺍﻟﻌﺎﱂ ﻛﻜﻞ ..ﻭﲢﻠﻴﻠﻬﺎ ﰲ ﺿﻮﺀ ﺳﲑ ﺃﺣﺪﺍﺛﻬﺎ..
40
٤٠ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@ @@NNH´uìÛb×I
@ @@AAòîa‰†Ûa@pbrÈjÛa@lý@†îä£@òbîë
إذا تحدثنا عن تجنيد طالب البعثات ..ال بد أن نتوقف عند واحدة من أشھر
تلك العمليات المخابراتية التي تم فيھا االختراق عن طريق تجنيد أحد الطالب..
وصاحب ھذه العملية ھو واحد من أشھر عمالء المخابرات الروسية ..بل
والعالمية ..ونتوقف عند قصته لنري من خاللھا كيفية التطبيق العملي لصناعة
الجاسوس ..العميل كان روسي الجنسية يدعي )كالوجين( وبدأت عالقته بالعمل
اإلستخباري عام ..١٩٥٨حين جندته المخابرات السوفيتية وھو بعد شاب في
الرابعة والعشرين من عمره ..وزرعته ضمن بعثات طالب برنامج التبادل
الثقافي مع الواليات المتحدة ..والتي يطلق عليھا إسم السيناتور األمريكي
الراحل )ويليام فولبرايت( صاحب فكرة إنشائھا.
بعد عودته لبالده صعد نجمه في أجھزة المخابرات حتى أصبح مديرً ا
إلدارة مكافحة الجاسوسية بقطاع العمليات الخارجية برتبة لواء ..ولعب دوراً
مركزيا ً في تنظيم وإدارة شبكة التجسس التي عرفت باسم العميل )جون
ووكر( ..حتى انتھت خدمته باإلقالة عام ١٩٩٠إلصراره على المطالبة
بإصالح وتطوير أساليب عمل األجھزة ..وا ُنتخب بعد سقوط االتحاد السوفيتي
نائبا ً في البرلمان الروسي لفترة قصيرة ..وقد سجل قصته في برنامج تلفزيوني
تناول فيه بعض جوانب صراع الجاسوسية خالل الحرب الباردة.
ويقول أن التحاقه بالعمل السري جاء بمبادرة شخصية منه رغم اعتراض
والده الذي كان ضابطا ً سابقا ً بجھ از الـ ) (k. G. Bوأوضح أن قراره ذلك كان
41
٤١ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
نتيجة اإليمان بالنظام الشيوعي والقيم التي يمثلھا )إذن كان دافعه األول عقائديا ً(
وكان علي إيمان مطلق بأن العمل في أجھزة المخابرات السوفيتية شرف عظيم
ألي شاب يحب وطنه ويسعى إلي خدمته.
ثم كانت المھمة المخابراتية الثانية في الفترة بين عامي )- ١٩٦٠
..(١٩٦٤تحت غطاء وظيفته الجديدة كمراسل لراديو موسكو في الواليات
المتحدة واألمم المتحدة ..وقام خاللھا بجمع المعلومات وتجنيد العمالء ..خاصة
من الشباب العاطفي المتحمس مثله ..حيث لم يكن وقتھا قد تجاوز الثالثين من
عمرهَ ) ..ع ِم َّل أيضا ً ككشاف(.
ﺍﳌﻬﻤﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ:
وبعد ذلك كانت مھمته الثالثة واألخيرة ..واألكثر نجاحا ً في العاصمة
)واشنطن( عام ) ..(١٩٦٥ - ١٩٧٠حيث عين نائبا ً ثم مديراً إلدارة المخابرات
السياسية ..وكان يمكن أن تمتد مھمته ھذه لسنوات أخرى لوال انكشاف نشاطه
المخابراتي بواسطة الصحفي األمريكي المعروف جاك أندرسون ..ويمضي
الجاسوس القديم قائال :كان غطائه في ھذه المھمة ..أو عملي الرسمي الظاھر..
ھو وظيفة السكرتير الصحفي للسفارة السوفيتية ..ثم مسئول العالقات العامة
42
٤٢ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
بھا ..وقد نجح خالل ھذه السنوات الخمس في زرع وتجنيدعشرات من العمالء
األمريكيين واألوروبيين في المحافل الصحفية والسياسية للعاصمة األمريكية..
ونجح أيضا ً في اكتساب ثقتھم واحترامھم ببياناته الصحفية المتقنة ..ومعلوماته
الدقيقة ..رغم أنھا لم تكن أبداً كذلك بالمعني الحرفي للكلمة .كما شھدت ھذه
الفترة أيضا نجاحه في تأسيس وإدارة العديد من شبكات التجسس الناجحة..
ومنھا عملية الجاسوس المعروف إعالميا ً باسم )جون ووكر( والذي نجح في
تجنيده ..واستمر يمد الجانب السوفيتي بمعلومات عن المؤسسات األمريكية التي
عمل بھا قرابة ثمانية عشر عاما ً كاملة ..في الفترة ما بين عامي
) ١٩٦٧و (١٩٨٥باإلضافة إلي شبكات أخرى اخترقت العديد من السفارات
الغربية في العاصمة األمريكية ..والمجتمع الصحفي و األكاديمي ..إلي جانب
القوات المسلحة ووزارة الدفاع بالطبع ..وكانت مھمته األساسية تتعلق بتوفير
اإلنذار المبكر للقيادة السوفيتية قبل حدوث أية أزمات عسكرية محتملة ..وكان
ذلك ترجمة للمخاوف المرضية التي احتلت عقول وقلوب القادة السوفيت من
احتمال تعرض بالدھم للھجوم من الغرب ..ولذلك خصصت لھذا األجھزة كل
الموارد واإلمكانيات المطلوبة ألداء مھامھا..
غير أن الوجه اآلخر لھذه المھمة الموازي والمكمل لھا ..والذي ربما كان
ھو األكثر أھمية ..فكان يتمثل في العمل المنظم والمخطط للوقيعة وزرع بذور
الشقاق بين الحلفاء الغربيين ..والعمل علي إضعاف تلك المجتمعات الغربية
ومنظماتھا السياسية والعسكرية ..خاصة دول حلف الناتو ..وإضعاف المركز
األدبي والثقة التي تحظى بھا الواليات المتحدة في كل دول وقارات العالم..
وجعلھا ھدفا ً تتجه إليه الشكوك والغضب والمشاعر العدائية لھذه الشعوب في
حالة نشوب الحرب.
43
٤٣ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
ﻭﻟﻔﺠﺎﻧﺞ ﻟﻮﺗﺰ:
عام ١٩٦٥ألقت السلطات المصرية القبض على فولفجانج لوتز الذي كان
قد وصل مصر عام ١٩٦٠وبدأ في مصادقة كبار المسئولين المصريين وتمكن
من زيارة مواقع إطالق الصواريخ المصرية وجمع معلومات سرية عن
الصناعات العسكرية المصرية .وبمجرد القبض عليه ..اعترف بالتجسس
لصالح إسرائيل وتمسك بجنسيته كمواطن ألماني وھو ما سمح لـه بمحامي
ألماني ومراقب من السفارة ..وحكم عليه بالسجن مدى الحياة وأفرج عنه عام
١٩٦٨بموجب صفقة لتبادل األسرى.
وكان " ولفجانج لوتز" قد ولد في ألمانيا عام ١٩٢١ألسرة يھودية ..والده
كان مخرجا مسرحيا ..ووالدته ممثلة ..وفي عام ١٩٣١انفصل والداه ..وعام
١٩٣٣عشية صعود ھتلر إلى السلطة في ألمانيا ھاجرت والدته إلى فلسطين
وأخذت معھا ابنھا وعملت ھناك في مسرح بتل أبيب ..في حين التحق ولفجانج
بمدرسة "بين شمين " االستيطانية وغير اسمه إلى " زائيف جورا " ) ..(١ومع
مرور الوقت أصبح خبيراً في ركوب الخيل وبعد عدة سنوات قبل أن يتم عامه
الخامس عشر انضم إلى منظمة الھجانا األمنية االستخبارية ..وكانت من بين
مھامه حراسة الحافالت المدرعة التي تحمل ما تحتاجه مدرسة بين شمين التي
كان يحيط بھا العديد من القرى والمدن الفلسطينية الرافضة للوجود الصھيوني
في أرض فلسطين.
وفي عام ١٩٣٩اندلعت الحرب العالمية الثانية وبما أن لوتز كان يتحدث
األلمانية واإلنجليزية ببراعة إضافة إلى العبرية والعربية رأت القوات
اإلنجليزية أنه سيكون عونا ً كبيراً لھا وتم تجنيده وأرسل إلى مصر وظل ھناك
طيلة فترة الحرب وكانت مھامه األساسية تتضمن التحقيق مع أسرى الحرب
األلمان ھناك حيث كانت مھارته في استخدام اللغة األلمانية عونا ً كبيراً لـه.
ﲪﻠﺔ ﺍﻟﺴﻮﻳﺲ:
عقب الحرب عاد إلى فلسطين وشارك في عمليات تھريب األسلحة لمنظمة
الھجانا وعندما أعلن قيام دولـة إسرائيل في مايو ١٩٤٨خدم لوتز كمالزم أول
في قوات الدفاع اإلسرائيلية ولعب أدواراً مختلفة في تنفيذ أكثر العمليات وحشية
في األراضي الفلسطينية ..وبقي في الجيش بعد الحرب وفي عام ١٩٥٦رقي
إلى رتبة لواء وقاد عملية إسرائيلية ضد القوات المصرية في سيناء في عملية
أطلق عليھا في إسرائيل اسم )حملة السويس(.
ومع بداية عام ١٩٥٧اتخذ القرار بإرساله إلى مصر حتى يمكنه جمع
معلومات استخبارية عن المساعدات السوفييتية التي تقدم لعبد الناصر..
ولمصر.
في نوفمبر ١٩٥٩أرسل إلى ألمانيا بعد عام من تنقله من مكان إلى مكان
حتى يصعب اقتفاء خطواته ثم أرسل مرة أخرى إلى مصر ووصل ھناك في
ديسمبر ١٩٦٠وسرعان ما تمكن من إقامة العديد من االتصاالت المھمة حيث
ذھب إلى نوادي الفروسية التي كانت مكان تجمع أھم القيادات العسكرية
المصرية وترددت األخبار عن الثري األلماني الذي تغلغل بين أبناء الطبقة
األرستقراطية المصرية وخالل أيام كان لوتز يتلقى الكثير من الدعوات لحفالت
عشاء في أھم البيوت المصرية وكان األثرياء الذين يستثمرون أموالھم في
تربية الجياد يطلبون منه المشورة وسرعان ما قرر لوتز أن يظھر سخاءه حيث
45
٤٥ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
واستأجر فيال في منطقة مصر الجديدة وتظاھر بأنه من ھواة تربية الخيول
العربية وبھذا تمكن من االنضمام لعضوية نادي الفروسية في الجزيرة ومن
خالل النادي تمكن من عقد المزيد من الصداقات مع ھواة تربية الخيول من
المصريين واألجانب.
وبعد ستة أشھر عاد إلى أوروبا وقدم تقاريره إلى قيادات الموساد الذين
أعلنوا رضاھم التام عن سير عمله ووصفوه بأنه " عين تل أبيب في القاھرة ".
وفي صيف عام ١٩٦٢عاد لوتز وزوجته إلى مصر وخالل الفترة التي
قضاھا مع زوجته في القاھرة تمكن من إقامة العديد من الحفالت وأنشأ من
خاللھا العديد من العالقات البارزة دخل المجتمع المصري حيث أقام عالقات
صداقة مع شخصيات بارزة في كل المواقع بمصر كما تمكن لوتز من إقامة
العديد من الصداقات مع الخبراء األلمان الذين كانوا يعيشون في القاھرة
وأصبح صديقا ً شخصيا ً للعديد منھم مثل جرھارد بوش الذي يعتقد أنه كان
يتجسس على الحكومة المصرية لصالح عاصمة ألمانيا الغربية بون إضافة إلى
أنه تلقى قائمة بأسماء جميع العلماء األلمان في القاھرة وعناوينھم وتمكن من
الحصول على تفاصيل دقيقة عن دور كل منھم في مصانع اإلنتاج الحربي
المصرية.
وفي تلك الفترة نجحت مھمته في معرفة كل ما يمكن معرفته عن
الصواريخ الروسية )سام( وموقع بناء قواعدھا بالقرب من قناة السويس في
مدينة اإلسماعيلية ..وكان يستخدم جھاز إرسال السلكي صغير يخفيه في حمامه
الشخصي ..وأرسل من خالله رسائل سرية إلى الموساد طيلة خمس سنوات
46
٤٦ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
في بداية الستينات كان رئيس الموساد وقتھا "إيسير ھاريل" شديد القلق من
خطر العلماء األلمان الذين يعملون مع نظرائھم المصريين لتطوير برنامج
الصواريخ حيث كان ھناك خوف كبير من قدرة تلك الصواريخ على الوصول
إلى المدن اإلسرائيلية خاصة بعد قيام مصر بإحدى تجارب اإلطالق التي
نجحت نجاحا ً كبيرا أثار مخاوف الموساد الذى تعامل مع األمر على أنه يشكل
تھديداً حقيقيا ً على أمن إسرائيل.
وظل لوتز يعمل بشكل جيد في القاھرة لعدد من السنوات إلى أن حدثت
تغيرات في السياسة الخارجية المصرية في خريف عام ١٩٦٤حيث كانت
مصر تعتمد على المساعدات العسكرية السوفييتية منذ منتصف الخمسينات..
وحاول الروس استخدام تلك المساعدات في الضغط على عبد الناصر لدعوة
رئيس ألمانيا الشرقية "والتر البري" تش لزيارة القاھرة ..واعترضت وقتھا
حكومة ألمانيا الغربية ولكن عبد الناصر شعر أن عليه عدم إلغاء الزيارة في
الوقت الذي كان فيه السوفييت يشتكون أيضا من العمليات االستخبارية التي
تقوم بھا ألمانيا الغربية بالتعاون مع وكالة االستخبارات األمريكية ضدھم ..وفي
شتاء عام ١٩٦٥قبيل زيارة رئيس ألمانيا الشرقية أمر عبد الناصر باعتقال
نحو ثالثين عالما ً من ألمانيا الغربية كانوا يعيشون في القاھرة وكان من بين
الذين أمر باعتقالھم "ولفجانج لوتز" إضافة إلى زوجته ووالديھا اللذين كانا في
زيارة لمصر وقتھا.
وعندھا توقع لوتز أن تكون الحكومة المصرية قد علمت بتجسسه لصالح
الموساد وخالل استجوابه اعترف من تلقاء نفسه بكل شيء فيما عدا كونه
47
٤٧ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
يھودي ا ً و"إسرائيليا" حيث أصر على أنه ضابط ألماني سابق ضغط عليه الموساد
للتجسس لصالحه ..وكان الموساد قد كلف محام ألماني للدفاع عنه أكد وقتھا ما
كان خافيا ً على الحكومة المصرية وحيث قال إنه بالفعل مواطن "إسرائيلي" خدم
في الجيش "اإلسرائيلي" وشارك في عمليات عسكرية ضد الفلسطينيين.
***
48
٤٨ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@ @NNŠib•@†àª
@ @@AAòîãëØÛ⁄a@òä•ŠÔÛa@òbîë@NNò퉈Ûa@òÓbİÛa@÷ìbu
وفي يوم ١٨فبراير عام ٢٠٠٧ألقت أجھزة األمن المصرية القبض على شخص
يدعى محمد سيد صابر علي ) ٣٥عاما ً( يعمل مھندسا ً بھيئة الطاقة الذرية بمصر لدى
وصوله لمطار القاھرة قادما من ھونج كونج ..حيث تم رصد لقاءه ھناك ببعض ضباط
المخابرات اإلسرائيلية ..وقصته تدلل علي عنصر اإلنتقاء الذي تتبعه أجھزة
المخابرات ..كما تجسد بقوة اللعب علي وتر اإلحتياج المادي لدي اآلخرين..
وكانت تحريات أجھزة األمن المصرية قد أكدت أن المھندس المصري علي عالقة
بالمخابرات اإلسرائيلية ..وأن ه استغل وظيفته في ھيئة الطاقة الذرية لإلستيالء على
معلومات ھامة تخص عمله بھذا الموقع الحساس لتقديمھا للمخابرات اإلسرائيلية عن
طريق شريكين آخرين أحدھما أيرلندي ..واآلخر ياباني ..وأنه تقاضي نظير ذلك من
المتھم الثاني األيرلندي مبلغ ١٧ألف دوالر أمريكي وجھاز كمبيوتر محمول.
وقد اعترف المتھم تفصيليا ً بتخابره لصالح إسرائيل ..وتم تقديمه للمحاكمة ..بينما
نفى متحدث باسم وزارة الخارجية اإلسرائيلية علم حكومته بھذه القضية ..وأكد أن
إسرائيل اطلعت على ھذه القضية من وسائل اإلعالم وليس لديھا أية معلومات تفصيلية
عنھا.
وكانت ھذه ھي القضية الثانية التي يتھم ضبطھا خالل أقل من أربعة أشھر ..ويتھم
فيھا مصري بالتجسس لحساب إسرائيل ..بعد قضية عصام العطار..
***@ @
49
٤٩ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@ @@NN‰bİÈÛa@âb–Ç
@ @@AA†í†ènÛbi@†îävnÛa@òbîë
أما قصة عصام العطار ،وھو أيضا ً واحد من آخر الجواسيس الذين تم القبض
عليھم في مصر مؤخراً ..فنسوقھا للتأكيد علي أسلوب إخضاع العميل وإجباره علي
التخابر باستخدام أسلوب التھديد.
ولد محمد عصام غنيم العطار ألسرة ذات عراقة في العمل الديني في مصر..
فجده ألبيه الشيخ محمد العطار كان شيخا ً سابقا لألزھر ..انفصل والد عصام العطار -
الذي تبرأ منه تماما ً بعد تكشف القضية -عن أمه التي كانت تعمل مھندسة زراعية قبل
٢٩عاما ً ..وقال األب فيما بعد إن األم ھي التي أفسدت ابنه ..وأنه -أي أبوه -لم يره
منذ ٥سنوات عندما حضر للعزاء في وفاة جده وأخبره ابنه حينھا أنه يعمل مھندس
بترول في إحدي الشركات األمريكية ..وأكد األب أنه علي استعداد لشنق ولده بيديه لو
تأكد من أنه عمل بالفعل جاسوسا ً إلسرائيل.
وعندما تم اصطياد العطار بواسطة ثالثة من ضباط المخابرات اإلسرائيلية في
تركيا عام ..٢٠٠١دبر لـه ضباط الموساد وظيفة محاسب بأحد البنوك الكندية..
وساعدوه في الحصول علي الجنسية الكندية بعد أن تم تنصيره وتغيير اسمه إلى " مايكل
" ..وتم زرعه من خالل عمله وسط تجمعات المصريين والعرب المھاجرين إلى ھناك..
وطلبوا منه التجسس على العرب والمصريين من خالل عمله في البنك الكندي الذي كان
يعمل به.
وأغلب الظن أن عصام قد تم السيطرة عليه من خالل ما عرف عنه من ممارسته
للشذوذ الجنسي ..إما بتصويره ثم تھديده فيما بعد ..أو بوسيلة أخرى ..وبعد دخولـه
األراضي المصرية بجواز سفره الكندي ..وباالسم والديانة الجديدتين ..كان ضباط
50
٥٠ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
المخابرات المصرية الذين يتابعونه من فترة كبيرة ينتظرونه ليلقوا القبض عليه..
وعندھا حاول إنكار أنه عصام العطار والتمسك بشخصيته واسمه الجديدين ..إال أنه
سرعان ما انھار واعترف بالحقيقة ..وتم تقديمه للمحاكمة ..حيث حكم عليه القضاء
المصري بالسجن ١٥عاما ً ..ومازال في محبسه حتى اآلن.
***@ @
©†@ @NNÕîÏìm@ð
@ @@AApaŠib‚½a@ñŒèuc@æbšyc@¿@áçìÛa@åÇ@´rybjÛa@òuaˆë
أما قصة مجدي توفيق فھي أغرب النماذج التي من الممكن التعرض لھا بالفحص..
والتحليل ..وتعكس نوعا ً من السذاجة غير العادية ..في من يتوھمون في العمل
المخابراتي أنه الملجأ اآلمن ..وأقصر الطرق للحصول علي األموال بسھولة ..فقد انتھت
ھذه القصة ..قبل أن تبدأ ..وبطلھا يدعي مجدي أنور توفيق وصدر ضده حكما ً بالسجن
١٠سنوات أشغاالً شاقة بعد أن وجھت لـه أجھزة األمن المصرية تھمة السعي إلى
التخابر مع دولـة أجنبية ..وكذلك أيضا تھمة التزوير في أوراق رسمية حيث قام المتھم
بتزوير شھادة من األمانة العامة للصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا التابع
لوزارة الخارجية المصرية تشير إلى عمله بھا كوزير مفوض على غير الحقيقة ..وكان
قد لجأ إلى تلك الحيلة الماكرة لرفع سعره لدى المخ ابرات "اإلسرائيلية" ..واعترف
الجاسوس أنه قام باالتصال بالقنصلية اإلسرائيلية باإلسكندرية عن طريق الفاكس..
وبالطبع كانت المخابرات المصرية تتابع كل خطواته منذ بدايتھا دون أن يدرى..
ولسذاجته الشديدة فى طريقة اتصاله بالقنصلية اإلسرائيلية ووقع قبل أن يبدأ مشوار
الخيانة.
***@ @
51
٥١ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@ @NNâaŒÇ@âaŒÇ
@ @@AAÉîjİnÛa@ÕíŠ@åÇ@Þë†Ûa@…b–nÓa@߆më@Öaa@òbîë
ومن أشھر قضايا التخابر التي أثارت موجات متعاقبة من تأليب الرأي العام في
مصر والعديد من دول العالم كانت قضية )عزام عزام( ذلك الجاسوس اإلسرائيلي الذي
أفرج عنه نھاية ٢٠٠٤بعد أن قضى في السجون المصرية ثمانية أعوام ..بموجب
صفقة تبادل أفرجت إسرائيل خاللھا عن ستة طالب مصريين قيل أنھم تسللوا إلي داخل
الحدود اإلسرائيلية الختطاف دبابة إسرائيلية في أغسطس من نفس العام ..وبموجب نفس
الصفقة أفرجت إسرائيل فيما بعد أيضا عن ١٥٩فلسطينيا ً من السجون اإلسرائيلية..
وفيھا يتضح تمام ا ً سياسة بعض أجھزة المخابرات في اختراق الدول والمجتمعات
المعادية عن طريق التطبيع التجاري فيما بينھما ..بغرض ضرب اإلقتصاد القومي لتلك
الدول.
وكان )عزام عزام( من أھم وأشھر وأخطر جواسيس إسرائيل في مصر ..وكان
يمثل بالنسبة للجانب اإلسرائيلي أھمية كبرى بدليل أنه منذ أن حكم عليه عام ١٩٩٧
بالسجن لمدة ١٥عاما ً ..وإسرائيل وقادتھا ال يألون جھداً في المطالبة باإلفراج عنه ..وت ّم
لھم مرادھم وأفرج عنه بعد قضاءه مدة ثماني سنوات في السجون المصرية.
وكان عزام قد ألقي القبض عليه عام ..١٩٩٦وكذلك جميع أفراد شبكة التجسس
التي كان يتزعمھا ..وكان من بينھم شاب مصري يدعى " عماد إسماعيل " تم تجنيده
أثناء وجوده في إسرائيل للتدريب على صناعة المالبس الجاھزة ضمن إحدى البعثات
التبادلية بين الشركات والمصانع المصرية ..ونظيرته اإلسرائيلية ..وكان عماد موفداً من
قبل المصنع الذي يعمل به في إحدى تلك البعثات التدريبية ..حيث تم اإليقاع به عن
طريق عميلتين للموساد تدعيان " زھرة يوسف جريس " ..و "منى أحمد شواھنة "..
52
٥٢ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
وكان عزام يقوم ھو وأفراد شبكته بجمع معلومات خاصة باألنشطة التصنيعية
واالقتصادية للمصانع الموجودة في المدن الجديدة مثل مدينة ٦أكتوبر والعاشر من
رمضان ..واستحدث عزام عزام وسائل كانت جديدة للغاية في التعامل واإللتقاء بأفراد
شبكته المتواجدين بمصر وقتھا ..فكان علي سبيل المثال يقوم بإدخال الحبر السري الذي
يستخدمه ھو ومعاونوه عن طريق ارتدائھم أثناء دخولھم مصر مالبس داخلية مشبعة
ببودرة الحبر ..ثم غسل ھذه المالبس فيما في مياه مقطرة فتتحول المياه إلي سائل حبري
خاص يستخدمونه فيما بعد في كتابة خطاباتھم.
وبعد القبض عليه ومحاكمته صدر ضده حكما ً بالسجن ١٥عاما ً ..كما صدر الحكم
بالسجن ١٠سنوات علي عماد إسماعيل.
واعترض " بنيامين نتنياھو " رئيس وزراء إسرائيل وقتھا على حكم القضاء
المصري وفي آخر زيارة لعزام في السجن وكانت من " داني نافيه " مستشار رئيس
الوزراء اإلسرائيلي وقتھا " إسحق شارون " ومستشارته الصحفية ومندوب من السفارة
اإلسرائيلية بالقاھرة ..طلب عزام منھم ضرورة اإلسراع باإلفراج عنه ألنه ضاق بحياة
السجن ..فأكدوا لـه أنھم يحملون لـه وعداً من إسحق شارون بأنه شخصيا ً سيبذل أقصى
جھوده ومن وراءه حكومة إسرائيل بالكامل لتحقيق ھذا الھدف.
والغريب أن قادة إسرائيل كانوا دائما يضعون قضية اإلفراج عن عزام عزام محل
اھتماماتھم ويجعلونھا رقم واحد على أجندة المباحثات بين مصر وإسرائيل ..وكانت
الحكومة المصرية ترد ھي األخرى دائما ً برد واحد وھو أن القضاء المصري لـه كامل
السيادة ويتمتع بالنزاھة واالستقالل في أحكامه ..حتى تم اإلفراج عن عزام في الصفقة
المشار إليھا.
***@ @
53
٥٣ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@ @NNóìß@æbz
@ @pa‰†‚½a@òßaë…@¿@pbÈàna@ÖaŠËg@òbîë
وھذه القضية تعد ھى األخرى واحدة من أغرب قضايا التجسس
اإلسرائيلي على مصر بطلھا ھو الجاسوس " سمحان موسى مطير" ..وتعد ھذه
القضية ھي األغرب ألنھا المرة األولى التي يتم فيھا تجنيد تاجر مخدرات
ليكون جاسوسا إلسرائيل وكان " سمحان " قد اتفق مع رجال الموساد بعد
اصطياده وتجنيده على أن يتقاضى ثمن خيانته كميات كبيرة مخدرات ..وكان
سمحان يعمل في فترة شبابه بإحدى شركات المقاوالت التي لھا أعمال مشتركة
في مصر وإسرائيل ومن ھنا جاء اتصاله بالموساد اإلسرائيلي وعمل بتجارة
المخدرات تحت ستار شركة مقاوالت خاصة وكانت لـه عالقات واتصاالت
عديدة ببعض ضباط الموساد المعروفين.
وكان سمحان جاسوس شديد الحرص للغاية ..تلقى تدريبات على أعلى
مستوى في كيفية الحصول على معلومات ..وكيفية إرسال واستقبال الرسائل
المشفرة بمختلف الطرق ..لكنه كان يفضل دائما ً أن يحفظ المعلومات التي
تتوافر لديه وينقلھا شفاھة إلى ضباط الموساد اإلسرائيلي ..وكانت المعلومات
المطلوبة من سمحان تتعلق بالوضع االقتصادي لمصر وحركة
البورصةالمصرية وتداول األوراق المالية ..وكذلك تم تكلفته بالحصول على
معلومات تخص بعض رجال األعمال ..حتى تم القبض عليه ومحاكمته عام
.١٩٩٧
***@ @
54
٥٤ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
‘@ @NNïÛýîÐÛa@ÑíŠ
@ @@NNòîu‰b¨a@pbrÈjÛa@lý@†îä£@òbîë
من أبرز القضايا التي صدرت فيھا أحكام مشددة قضية المھندس شريف
الفياللي ..ففي مارس ٢٠٠٢قضت محكمة أم الدولة العليا في مصر بحبس
الفياللي ) ٣٥عاما ( خمسة عشر عاما ً مع األشغال الشاقة ..وحكمت المحكمة
أيضا على شريكه الروسي " جريجوري شفيتس " غيابيا ً بالسجن لمدة ٢٥عاما ً
إلدانته بالتخابر مع الموساد وتجنيد الفياللي.
والغريب في ھذه القضية أن الفياللي كان قد تم تبرئته في حكم محكمة أول
درجة ..إال أن الرئيس المصري حسني مبارك أمر بإعادة محاكمته ليتم إدانته
الحقا..
وكان شريف الفياللي الذي سافر عام ١٩٩٠م الستكمال دراسته العليا
بألمانيا وخالل إقامته بھا تعرف على امرأة ألمانية يھودية تدعى )ايرينا( قامت
بتقديمه إلى رئيس قسم العمليات التجارية بإحدى الشركات األلمانية الدولية
والذي ألحقه بالعمل معه بالشركة وطلب منه تعلم اللغة العبرية تمھيداً إلرساله
للعمل في إسرائيل ..وعندما فشل في تعلم اللغة العبرية سافر إلى أسبانيا وتزوج
من امرأة يھودية مسنة ..ثم تعرف على " جريجروي شيفيتش" الضابط السابق
بجھاز المخابرات السوفيتي ) (K. G. Bوالمتھم الثاني في القضية وعلم منه
أنه يعمل في تجارة األسلحة.
وأغراه بأنه يستطيع مثله أن يثرى ماليا ً بشكل كبير في زمن وجيز لكن
بشرط أن يستمع لنصائحه جيداً ..وينفذ ما يطلبه منه ..وكان ما يطلبه ھو إمداده
بمعلومات سياسية وعسكرية ومدي االستقرار السياسي في مصر والتطورات
55
٥٥ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
التي تمر بھا القوات المسلحة المصرية وبخاصة زوارق الصواريخ البحرية
٢٠٥و ٢٠٦مستغالً عالقته بابن عمه سيف الدين الفياللي الضابط السابق
بالقوات البحرية المصرية ) ..(١ومعلومات أخرى حول األوضاع االقتصادية
تخص مشروعات استثمارية قائمة منھا ما ھو سياحي وزراعي بمساعدة ابن
عمه اآلخر ويدعى سامي الفياللي الذى كان يعمل وقتھا وكيالً لوزارة
الزراعة ..ووافق الفياللي وبدأت اللقاءات مع ضابطين من الموساد تم تجھيزه
من خاللھا حتى نجح رجال األمن المصريون في القبض عليه في بدايات عام
٢٠٠١وحكم عليه بالسجن ١٥عاما ً ..حتى مات بالسجن فى أول يوليو ٢٠٠٧
بعد وفاة البطل المصري أشرف مروان بأيام قليلة.
***
@ @NNåãbç@pŠië‰
@ @NNòîØíŠßþa@òíŒ×Š½a@paŠib‚½a@ƒí‰bm@¿@‰bÇ@òà•ë@×c
@AAÝa†Ûa@åß@Öa⁄a@òbîë
مكتب التحقيقات الفيدرالي في الواليات المتحدة مؤسسة أمنية تھتم بأمن
الدولة ..وھو يعتبر المسئول عن الوضع المخابراتي داخليا ً ھناك ..نطاق عملھم
يدور في إطار تحديد ھوية العمالء المتخفين والذين يشكلون تھديداً على البالد
بما يملكونه من معلومات ..بينما يمتلكون ھم معلومات غاية في األھمية
والحساسية عن عمالء الواليات المتحدة الذين يعملون لصالحھا في الخارج..
ولديھم أيضا ً وثائق و رسومات وصور مھمة لكل األھداف والمنشئات الحيوية
- ١لم تثبت التحقيقات التى إجريت مع الفاللي ..وال تحريات القضية أي تعاون تم بينه وبين ابني
عمه المشار إليھما ..بل ثبت أنھما لم يكونا علي علم علي اإلطالق بما يقوم به ابن عمھما .
56
٥٦ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
والسرية داخل الواليات المتحدة ..فإذا سقطت بعض ھذه المعلومات في يد أية
جھة معادية ..فسيكون األمر بمثابة كارثة حقيقية تشكل تھديداً ھائالً على أمنھا.
لكن ھذا ما حدث بالفعل في الثمانينات من القرن الماضي ..وھي قصة
يعتبرھا عمالء المباحث الفيدراليون أنھا أكثر القضايا التي جلبت لھم العار على
مر قرن من الزمان ھو عمر إنشاء المؤسسة الفيدرالية ..القضية عرفت باسم
بطلھا ويدعي )روبرت فيليب ھانسن( الذي كان أحد أنجح وأھم العمالء في تلك
المؤسسة والذي بدالً من أن يكون مصدر ثقة وأمان لمواطنيه أصبح بين ليلة
وضحاھا من أكثر العوامل تھديداً ألمنھا واستقرارھا.
ﻧﺸﺄﺓ ﺭﻭﺑﺮﺕ:
ولد فيليب ھانسن في الثامن عشر من شھر أبريل سنة ١٩٤٤بوالية
شيكاغو ..وكان والده يعمل شرطيا ً في المدينة قبل أن يذھب للعمل في البحرية
إبان الحرب العالمية الثانية ..وبعد انتھاء الحرب عاد أبوه لسلك الشرطة والتي
استمر فيھا لمدة ثالثين سنة قبل أن يحال إلي التقاعد ..استكمل ھانسن دراسته
بصعوبة ناتجة عن عالقته الفاترة بوالديه ..خاصة أبوه الذي لم يقدم البنه
الصغير الرعاية والحب الكافيين ..وقد ذكر ھانسن ذلك بشكل واضح في
مذكراته الشخصية ..مما كان لـه بالغ األثر في نفسيته وتكوينه العاطفي والذي
انعكس على حياته فيما بعد ..وعرف عن ھانسن ذكاؤه الشديد ..وقدرته العجيبة
في حفظ ..واستيعاب األمور والكالم الذي يلقي علي مسامعه للمرة األولي..
ويشير لذلك الكثير من زمالئه الذين الحظوا أنه كان يحضر المحاضرات
الدراسية حامالً معه فقط ورقة واحدة نادرا ما تمتلئ بالكتابات ..وبأنه كان
يفاجأھم بعد المحاضرات بقيام ه بإعادة كل ما قاله المحاضر ..وكأنه يحفظه عن
ظھر قلب ..أو يقرؤه من كتاب مفتوح أمامه.
57
٥٧ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
آنذاك كان تجنيد المواطنين في خدمة الجيش منتشراً ولم يكن ھانسن
متحمسا ً لخدمة الجيش ..فقرر أن يكمل تعليمه ليحصل على وظيفة راقية في
المجتمع عوضا ً عن السفر آالف األميال لمالقاة عدولم يشاھده ولم يؤذيه ..فقرر
أن يكمل دراسته ..والحصول على شھادة عليا فدخل كلية طب األسنان بجامعة
نوكس بشيكاغو ..ولكن األمور لم تسر حسب ما كان يطمح ولم تعجبه تلك
النوعية من الدراسة ..فترك الكلية في محاولة للبحث عن نفسه في اتجا ٍه آخر.
ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ:
وبعد فترة تمكن أبوه من توفير وظيفة مناسبة لـه في مستشفي لألمراض
النفسية والعصبية ..وكان أثناء عمله يتباھى بنفسه ويقوم بدعوة المرضى
ومقابلتھم متقمصا ً شخصية الدكتور ..حيث كان يحب دائمأ ً السيطرة علي
اآلخرين.
وظل الحال على ما ھو عليه حتى قام بترك ھذه الوظيفة أيضا واتجه
أخيراً للجامعة وحصل منھا على شھادة في المحاسبة ..وتزوج عام ١٩٦٨
وبعدأن توظف كشرطي في مدينة شيكاغو كان لعمله الدؤوب وجھده المتواصل
58
٥٨ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
الفضل في أن يحصل على ترقية بقبولـه في مكتب التحقيقات الفيدرالي سنة
١٩٧٦م ..وبعد أن أصبح الثعلب داخل واحدة من أكبر المؤسسات األمنية في
البالد مرت األيام والسنوات ليبدأ بالتحرك ..وبحلول عام ١٩٨٥م وجد ھانسن
نفسه مسئوالً عن عائلة مكونة من طفلتين وزوجة وبعض االلتزامات التي لم
يكن دخله السنوي والمقدربأربعين ألف دوالر ليغطيھا ..وذات يوم وقع في يد
ھانسون كتابٌ ◌ٌ ◌ٌ ◌ٌ بعنوان )حربي الصامتة( لـ كيم فيلبي والذي كان جاسوسا ً
بريطانيا ً عمل لصالح المخابرات الروسية لمدة عشرين عاما ً ..وكان لھذا
الكتاب أثره الشديد في حياة ھانسون.
فلجأ ھانسن لبعض العمالء الروسيين في أمريكا وعرض عليھم خدماته
مقابل المال.
ﺍﳋﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮ:
لعل خوف ھانسن من تعرض أطفاله لحياة قاسية بدافع الفقر مثل تلك التي
عاشھا ھو نفسه وشدة حبه لھم وألسرته ..وحتي اليكرھونه كما كره ھو أباه
ھوالذي دفعه للذھاب بقدميه إلي بئر الخيانة.
وفي بداية تعامله معھم قام بإعطاء الروس بعض المعلومات التي لم تكن
ذات أھمية علي أمل التوقف في اللحظة المناسبة ..واستثمار ما سوف يجنيه من
وراءھم من مال لتحسين أوضاعه المادية ..لكن ليس كل ما يشتھيه المرئ..
يدركه ..فقد انزلقت قدما ھانسن إلي طريق ال نھاية لـه إال الموت أو السجن.
فالخبراء الروس كانوا يعلمون جيداً من تعاملھم مع ھانسن أنه يحاول
تحسين أوضاعه المادية فقط ومن ھذا المنطلق أصبحوا يغرونه شيئا ً فشيئا ً
بمبالغ كبيرة لم يكن ليرفضھا في سبيل توفير بعض المعلومات المھمة.
59
٥٩ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
فبدأ ھانسن بتوفير تلك المواد للعمالء الروس وزاد من نشاطه مؤخراً.
ومن ھذا المنطلق قام مكتب التحقيق الفيدرالي بالتعاون مع الـ )سي .إي.
إيه( بالتحرك فوراً من أجل كشف مصدر التسريب داخل جھاز المخابرات قبل
أن تتسرب معلومات أخطر تفوق ما تم معرفته عن جواسيس يعملون لصالحھم
في الخارج مما قد يمثل تھديداً مباشراً لألمن القومي في البالد.
وفي ھذه األثناء كان ھانسن على الرغم من حرصه الشديد موضع اھتمام
المحققين نظراً للتغيرالواضح الذي طرأ على حياته من خالل معدل إنفاقه
الشخصي الذي كان يفوق دخله الشھري بمراحل عديدة.
فقام عمالء الـ )إف .بي .آي( بتتبع ھانسن لمعرفة المصدر الحقيقي لدخله
المادي.
وكان ھانسن يستخدم العديد من األسماء المستعارة مع الروس مثل)رامون(
وكانت خبرته في العمل مع الـ )إف .بي .آي( قد ساعدته كثيراً علي أن يحتاط
جيداً فأصبحت عملية تتبعه شديدة الصعوبة ..ولم يقم في يوم من األيام
باالتصال المباشر مع العمالء الروس ..بل كانت المعلومات واألموال تسلم عند
نقطة تسليم تتغير في كل مرة يتم االتفاق عليھا بينھم وبعد جھود مضنية في
60
٦٠ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
محاولة التأكد من ھوية الخائن الذي يقوم بتسريب المعلومات لم تكن شكوك الـ
)إف .بي .آي( تكفى للقبض على ھانسن لعدم توفر األدلة والتي كانت بالتأكيد
في حالة براءته ستؤدي النتباه الخائن الحقيقي وسيتوقف ..وبالتالي ستؤدي إلي
صعوبة تتبعه دون استمرار نشاطه.
ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﳋﻴﻂ:
ولكن الحل أتى من الـ )سي .إي .إيه( والتي استطاع عمالؤھا في روسيا
الحصول على وثائق رسمية تتعلق بجاسوس أمريكي يعمل لصالح المخابرات
الروسية ..وكانت أوصاف ھذا الجاسوس والمعلومات المتوفرة عنه تطابق
المعلومات المتعلقة بـ )ھانسن( وبعد تكثيف عملية مراقبته تم القبض عليه
متلبسا ً بحديقة فيينا بالقرب من والية فيرجينيا عندما كان يھم بوضع بعض
مكان سري ..وأخذ المال الذي وضع لـه من قبل العمالء
ٍ المعلومات المھمة في
الروس من نفس المكان..
وكانت ھذه القضية بمثابة وصمة عار على جميع األجھزة األمنية
ة جھاز الـ )إف .بي .آي( الذي كان يعمل بالواليات المتحدة األمريكية ..خاص ً
صل عليھا ھانسن بـ ٦٠٠ألف دوالر
به الرجل ..وقدرت األموال التي تح ّ
أمريكي تسلمھا على شكل دفعات مقابل المعلومات التي كان يوفرھا للروس.
وكان حجم األضرار التي قد تحدث نتيجة المعلومات التي تم تسريبھا من
ھانسن ال يمكن التكھن بھا فلم تكن ھناك معلومات أكيدة عن نوعية الملفات
البالغة األھمية التي قام ھانسن بتسريبھا للروس.
ومنذ ھذه القضية قامت الحكومة األمريكية بإعادة ھيلكة الرواتب للعمالء
الفيدراليين وزيادتھا وليس للنقص وإضافة بعض المميزات لھم وكذلك تقليص بعض
الصالحيات المتوفرة للعمالء في الكشف عن بعض المعلومات المتعلقة بأمن الدولة.
***@ @
61
٦١ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
×@ @NNñ‰ìİþa@NNÜîÏ@áî
@ @@AAñ†îÔÈÛa@Ýuc@åß@†îävnÛa@òbîë
يعد كيم فيلبي في سجالت تاريخ الجاسوسية زعيم حلقة عمالء كامبردج الشھيرة
واألسطورية وأحد أھم جواسيس القرن العشرين ..انضم إلى خدمة االستخبارات السرية
عام ١٩٤٠وترقى حتى وصل إلى موقع رئاسة إدارة مكافحة التجسس السوفييتي
وضابط االرتباط ما بين االستخبارات البريطانية الـ M. I. 6ونظيرتھا األمريكية الـ
) (C. I. Aوأيضا الـ ) (F. B. Iوھو من قام بتسريب جميع أسرار عمليات الحلفاء
وقدمھا إلى الروس وقام بالعمليات السرية من أجل إزاحة الستار الحديدي في السنوات
األولى للحرب الباردة كان عبثيا ً ومتعجرفا ً وتھكميا ً ومليئا ً بالثقة بالنفس وكان جاسوسا ً
بارعا ً تمكن بكل ذكاء من التفوق على وكاالت التجسس البريطانية التي عمل معھا..
وكان مخلصا ً للماركسية حيث فضل النظام السوفييتي بكل مساوئه عن النظم الغربية
الديمقراطية وضحى في سبيل الماركسية بكل شيء بما في ذلك جنسيته وسمعته.
ولد في الھند البريطانية ألسرة تنتمي للطبقة العليا حيث كان والده ضابطا ً مدنيا ً ذا
رتبة عالية ..وعقب تخرجه في إحدى مدارس االرستقراطيين عام ١٩٢٨التحق بجامعة
كامبردج وتخرج فيھا عام .١٩٣٣
وعند تخرجه عمل فليبي في الصحافة وبحث عن وظيفة في صحف سياسية معتدلة
وأخفى معتقداته الشيوعية وعندما اندلعت الحرب األسبانية حصل فيلبي على عمل
كمراسل لصحيفة لندن وھي وكالة صحافة صغيرة لتغطية الحرب ..ولكنه في الواقع
كان قد أرسل إلى أسبانيا من قبل السوفييت للتجسس على الثوار ضد الجمھوريين.
عاد إلى إنجلترا واندلعت الحرب العالمية الثانية ولكنه أ ُرسل إلى فرنسا
وفي ھذا الوقت أصبح مراسالً حربيا ً متمرسا ً وأظھر احتراما ً للقائد األعلى
62
٦٢ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
البريطاني ومن خالله تمكن من االطالع على األسرار العسكرية األكثر أھمية
والتي كان يرسلھا إلى موسكو.
وعندما سقطت فرنسا عاد إلى إنجلترا مرة أخرى وعلى الرغم من عضويته في
البعثة )األنجلو -ألمانية( إال إنه قرر االنضمام إلى خدمة االستخبارات البريطانية
السرية وتمكن ببراعة ال توصف من االنضمام إلى االستخبارات السرية ..وفي صيف
عام ١٩٤٠كانت المرة األولى التي قام فيھا باالتصال مع السرية البريطانية.
وترقى في منصبه حتى وصل إلى منصب رئيس إدارة مكافحة التجسس
السوفييتي وضابط االرتباط ما بين االستخبارات البريطانية الـ )(M. I. 6
ونظيرتھا األمريكية ال ـ ) (C. I. Aوأيض ا ً ال ـ ) (F. B. Iقام بتقديم جميع أسرار
عمليات الحلفاء إلى روسيا ..وقام بالعمليات السرية من أجل إزاحة الستار
الحديدي في السنوات األولى للحرب الباردة ..في عام ١٩٦٧كتب فى موسكو
مذكراته في كتابه الشھير الذي ما زال حتى اليوم يطبع اآلالف من النسخ
)حربي الصامتة( وھو الكتاب الذي أذھل العالم وفيه كشف عن تفاصيل عمله
كجاسوس مزدوج لصالح الـ ) (K. G. Bللمرة األولى واعتبره أحد أكثر
الجواسيس نجاحا ً في العالم وكان أيضا ً كاتبا ً متميزاً قدم )قصة أيقونة( عن
سنوات الحرب الباردة وأحداث ما يعد الثورة في الكتاب الذى أعيد طبعه مرات
ومرات بعد نحو ١٢عاما ً من صدوره للمرة األولى وفيه يقدم فيلبي تفاصيل
عمليات التجسس التي قام بھا لصالح االتحاد السوفييتي وكيف تمكن من النجاح
في الھرب إلى موسكو عام ١٩٦٣والتي عاش بھا حتى وفاته عام ١٩٨٨
ويشرح لماذا ظل مخلصا ً للشيوعية حتى بعد أن اكتشف جرائم ستالين؟
ويكتب في مذكراته) :في صيف عام ١٩٤٠كانت المرة األولى التي
63
٦٣ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
أحرى فيھا اتصاالً بالخدمة السرية البريطانية ولكن األمر كان بمثابة قضية
مثيرة بالنسبة لي لعدة سنوات في ألمانيا النازية وفيما بعد في أسبانيا حيث
خدمت كمراسل لصحيفة التايمز مع قوات الجنرال فرانكو( وفي جزء آخر
يكتب) :قررت أن أترك التايمز قبل أن تتركني ھي إن فكرة أن أظل أكتب
ممجداً عن عظمة القوات البريطانية وروعة أخالقيات جنودھا لألبد كانت فكرة
ترعبني(.
عند نھاية الحرب فإن إنجلترا وإلى حد كبير الواليات المتحدة أصبحتا أقل
ثقة في حليفھما السوفييتي وأدركا أن جوزيف ستالين لديه خطط لما بعد الحرب
تتضمن االستيالء والسيطرة على دول وسط أوروبا أثناء تحررھا من األلمان..
وأراد تشرشل أن تتم مراقبة السوفييت عن قرب ومن جانبه كما يذكر فيلبي
اقترح أن يتم إنشاء مكتب مقاومة للشيوعية داخل االستخبارات البريطانية في
حين أدرك المشرف عليه أن فيلبي كان على صلة بضباط سوفييت ذوي رتب
عليا في إنجلترا ودول أخرى وبھذا تمت الموافقة على خطة فيلبي التي أبھجت
المشرف عليه السوفييتي )اناتولي ليبيديف( الذي استبدل ببوريس كورتوف
مدير االستخبارات المسؤول عن عمليات فيلبي لصالح الـ) (K. G. Bوالذي
كان لفترة طويلة قد أشرف على عمليات فيلبي.
في ٢٣يناير ١٩٦٣ترك فيلبي أسرته وھرب إلى االتحاد السوفييتي في
حين انتظرته زوجته في حفل عشاء وسار عبر مرفأ في ميناء بيروت ومن
ھناك استقل سفينة إلى الميناء الروسي أوديسا وعاش فيلبي لعدة شھور في
مدينة على نھر الفولجا على بعد آالف األميال من موسكو وعندما وصل
موسكو كان بورجيس قد توفي إثر أزمة قلبية في سن ٥٢عاما وكانت وفاته
بسبب اإلفراط في الشراب.
64
٦٤ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
***@ @
×@ @NNbîÜîßb
@AAâëŒÜÛa@†äÇ@õýàÈÛa@òîЖmë@NNä¦a@ÕíŠ@åÇ@†îävnÛa@òbî
ولدت كاميليا فى ١٣ديسمبر عام ..١٩١٩وماتت محترقة فى حادث طائرة فى
٣١أغسطس عام ..١٩٥٠وكانت إحدي العضوات النشطات فى شبكة التجسس على
الملك فاروق األول ) (١٩٥٢ - ١٩٣٦وعلى األوضاع السياسية فى مصر فى فترة
مھمة من فترات الصراع العربي االسرائيلى ..وتغلغلت وسيطرت علي عقل ومشاعر
الملك بعد أن تعرفت عليه منذ عام ١٩٤٦والى نھاية عالقتھا به عام ١٩٤٩حتى أنھا
كادت تكون سبب طالق فاروق من زوجته الملكة فريدة كما تمكنت من اختراق مجتمع
رجال السياسة والمال معتمدة على أنوثتھا الطاغية وموھبتھا الفذة فى استقطاب الرجال
والسيطرة عليھم ..وكانت مرتبطة بالوكالة اليھودية فى تل أبيب ..وتعمل تحت ستار
اشتغالھا بالفن ..وكانت تلتقي مع عمالء الوكالة اليھودية فى جزيرة قبرص ..وفى
الفراش الذي كان يجمع فاروق وكاميليا كانت المخابرات اليھودية ثالثھما.
***@ @
65
٦٥ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@ @NNæaì’Ûaë@NNæbva
@ @@AAkbä½a@oÓìÛa@¿@ÝßbÈnÛa@õbèãgë
في سنة ١٩٦٣أراد جاك بيتون )رأفت الھجان( العودة مرة أخرى إلي مصر
وإنھاء عمله كجاسوس في إسرائيل بشكل نھائي ..ولكن ھذا كان فيه من الخطورة على
حياته الكثير والكثير حيث أن اختفاءه من إسرائيل فجأة وھو رجل مرموق بھا وصاحب
عالقات وطيدة بأكبر الشخصيات اإلسرائيلية سوف يثير ريبة أجھزة الموساد ..و في
نفس الوقت سوف يكون خطرا يتسبب في كشف شبكات التجسس التي كونھا الھجان..
ولذلك كان البد من االنسحاب التدريجي ..وبالفعل بدأ رجال المخابرات المصرية إعداد
خطة لذلك فتم توجيھه للسفر إلي بلد آخر للعيش فيھا بشكل يبدو طبيعيا ً ..وسافر الھجان
إلي ألمانيا وبدأ في تكوين شركة نفط بھا وكذلك بدأ في طلب الحصول على الجنسية
األلمانية ..وفي تلك الفترة تعرف الھجان على )فلتراود( وھى امرأة ألمانية كانت مطلقة
ولديھا ابنة اسمھا )اندريا( ..تزوج الھجان من تلك السيدة وتبنى ابنتھا التي كان عمرھا
وقتھا أربع سنوات ..ثم أنجب الھجان من زوجته األلمانية ابنه )دانيال( وبدأ يعيش حياة
طبيعية كرجل أعمال ..وعلى الرغم من ذلك لم يقطع الھجان صلته أو اتصاالته
بالمسئولين اإلسرائيليين بل كان دائم االتصال بھم وكانت أي معلومات يحصل عليھا
يرسلھا على الفور إلي المخابرات المصرية ..وفي حديث معھم ذات مرة عرف
معلومات تؤكد نية إسرائيل في شن حرب على مصر في الخامس من يونيو ..١٩٦٧
فقام على الفور بإرسال تلك المعلومات إلي المسئولين في مصر ..إال أنه لألسف لم يھتم
أحد بتلك المعلومات لوجود معلومات أخرى تؤكد أن الضربة سوف تكون من نصيب
سوريا فقط ..ثم كانت النكسة.
ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻨﻜﺴﺔ:
بعد ھزيمة ١٩٦٧عاد الھجان إلي مصر وبدأ يسأل عن األسباب الحقيقة التي أدت
66
٦٦ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
للھزيمة ..وأدرك أن وجوده في إسرائيل سوف يكون أكثر إفادة ونفعا ً لمصر من وجوده
في ألمانيا ..أو حتى مصر نفسھا ..فقرر على الفور العودة مرة أخرى إلي ساحة معركته
القدرية ..ھناك حيث إسرائيل ..وبالفعل حزم جاك بيتون حقائبه وعاد مرة أخرى...
وطلب من أجھزة المخابرات المصرية ترتيب األمور لعودته إلي إسرائيل ..وھكذا عاد
الھجان حامال حياته وروحه على كفيه مرة أخرى ليساعد مصر في إمدادھا
بالمعلومات ..وحتى يساھم ويساعد في محو عار الھزيمة عن الوطن.
المصرية ..كان يحلم بأن يعود )رفعت على سليمان الجمال( ذلك المواطن الدمياطي
األصل ..الذي يعشق وطنه بجموح ..ويكفيه ما عانه من كراھيته لقناع جاك بيتون الذي
ظل يرتديه ويتحدث بلسانه اليھودي القميء طيلة حوالي خمسة عشر عاما ً ..وكان ما
أشد كراھيته لإلثنين ..ولكن المخابرات المصرية أخبرته أن في ذلك خطر في حالة
اكتشاف أمره على حياته وحياة أسرته ..سواءاً المصرية ..أو زوجته وولده األلمانيين..
إلي أن أتيحت لـه الفرصة في سنة ١٩٧٧حيث أتى كرجل أعمال ألماني يريد إنشاء
شركة بترول يستطيع من خاللھا التنقيب عن البترول في صحراء مصر.
ﻭﻓﺎﺓ ﺍﳍﺠﺎﻥ:
بعد عودة الھجان إلي مصر قرر كتابة مذكراته ..وبالفعل شرع في كتابتھا
وبعد االنتھاء منھا سلمھا إلي محاميه وطلب منه أن يسلمھا إلي زوجته بعد
وفاته ..وذلك حتى تعرف شخصية زوجھا الحقيقة ويعرف أوالده أن والدھم
كان بط الً ..عاش ومات في خدمة بلده ووطنه ..في تلك الفترة بدأت تظھر عليه
أعراض المرض وبعد إجراء الفحوصات الطبية وجد أنه مصاب بمرض
سرطان الرئة فسافر الھجان إلي ألمانيا للعالج واشتد عليه المرض أكثر
وأكثر ..و في يوم ٣٠يناير من عام ١٩٨٢في إحدى المدن القريبة من
فرانكفورت بألمانيا توفي الھجان أخطر جاسوس صنعته مصر والمخابرات
المصرية ..وتم دفن جثمانه في تلك المدينة األلمانية.
حالة عدم عودتي حيا ً أرزق إلي أرض الوطن الحبيب مصر أي أن تكتشف حقيقة أمري
في إسرائيل ..وينتھي بي األمر إلي المصير المحتوم الوحيد في ھذه الحال ..وھو
اإلعدام ..فإنني أرجو صرف المبالغ اآلتية:
-١ألخي من أبى سالم على الھجان ..القاطن ..برقم ..شارع اإلمام على مبلغ..
جنيه ..أعتقد أنه يساوى -إن لم يكن يزيد -على المبالغ التي صرفھا على منذ وفاة
المرحوم والدي عام ..١٩٣٥وبذلك أصبح غير مدين لـه بشيء.
-٢ألخي الحبيب على الھجان ..ومكتبه بشارع عماد الدين رقم .....مبلغ ...كان
يدعى أنى مدين لـه به ..وليترحم على إن أراد
-٣مبلغ ...لشقيقتي العزيزة شريفة حرم الصاغ محمد رفيق والمقيمة بشارع الفيوم
رقم ..بمصر الجديدة بصفة ھدية رمزية متواضعة مني لھا ..وأسألھا الدعاء لي دائما
بالرحمة.
-٤المبلغ المتبقي من مستحقاتي يقسم كاآلتي :نصف المبلغ لطارق محمد رفيق
نجل الصاغ محمد رفيق وشقيقتي شريفة ..وليعلم أنني كنت أكن لـه محبة كبيرة..
النصف الثاني يصرف لمالجئ األيتام بذلك أكون قد أبرأت ذمتي أمام ] ..بعد أن بذلت
كل ما في وسعى لخدمة الوطن العزيز ..و] أكبر والعزة لمصر الحبيبة إنا oوإنا إليه
راجعون ..وأشھد أن ال إله إال ] وأشھد أن محمدا رسول ].
تلك كانت وصية )رفعت على سليمان الجمال( الرجل الذي عرف إعالميا ً ..وطبقت
شھرته األفاق بإسم )رأفت الھجان( ..أو الذي صك بني صھيون علي أقفيتھم بإسم )جاك
لـه غفرانا ً ..واسعا ً@ @. بيتون( ..رحمه ] تعاليّ ..وغفرّ
***
69
٦٩ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
æaì’Ûa@òȺ
واسمه الحقيقي أحمد محمد عبد الرحمن الھوان ..من مواليد مدينة
السويس ..يعتبر من أھم العمالء األبطال الذين خاضوا الصراع المخابراتي
المصري اإلسرائيلي ..خلق موجة غير مسبوقة من التفاف الرأي العام حول
بطولته واإلشادة بھا عندما تم إبراز بطولته ودوره من خالل المسلسل الشھير
دموع في عيون وقحة الذي عرضته جميع شاشات الوطن العربي ..بالرغم أن
المسلسل لم يقدم الحقيقة كامل ً
ة للجمھور ..بل أن كل ما قدمه منھا لم يتجاوز
أكثر من E٧فقط ..ألنه عند بدء تصوير المسلسل ١٩٨٠لم يكن مضى على
إنھاء ملف الشوان أكثر من عامين ..بينما تنص القوانين المصرية على
ضرورة مرور ٢٥عاما ً على األقل لإلفراج عن الملفات المخابراتية.
***
وعلي مدار ١١عاما ً تمكن ھذا البطل المصري من خداع المخابرات
اإلسرائيلية ..دخل وخرج خاللھا من وإلى تل أبيب مرات عديدة ..وتعامل فيھا
مباشرة مع كبار المسئولين في الموساد في ذلك الوقت وفي مقدمتھم )شيمون
بيريز( الذي أصبح رئيسا ً لوزراء إسرائيل فيما بعد ..وكان ھو رئيس
المخابرات اإلسرائيلي الذي تسلم منه أجھزة اإلرسال الذى كان يعد وقتھا ھو
أحدث صيحة في عالم الجاسوسية ..كما كان قبل ذلك ھو ضابط المتابعة الذى
يتولى ملف عمالته لصالحھم ..كانت ھذه األجھزة ال يتسلمھا إال أكثر
الجواسيس أھمي ً
ة وقيمة لدى أجھزة المخابرات التى تشغلھا ..وقام الشوان وكما
ھو معروف بتسليم األجھزة بدوره للمخابرات المصرية..
كما تمكن من خالل عمله كعميل مزدوج ..وقربه الشديد من قادة الموساد
70
٧٠ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
من الحصول لمصر على معلومات غاية فى الخطورة ..كان لھا دور كبير في
انتصار القوات المصرية في حرب أكتوبر ..١٩٧٣فقد استطاع الشوان تكوين
عالقات صداقة علي مستوى عال للغاية مع كبار الشخصيات في إسرائيل مثل
)عيزرا وايزمان( و)ديفيد اليعازر( ..باإلضافة بالطبع إلى شيمون بيريز..
وجميعھم من أشھر األسماء في تاريخ إسرائيل ..وتقلدوا مناصب غاية في
الخطورة ھناك..
وتمكن أيضا ً من تجنيد إحدى ضابطات الموساد تسمى )جوجو( كانت قد ارتبطت
معه بقصة حب شديدة أثناء إقامته في اليونان تجنيداً عكسيا ً لتصبح ھي األخرى من أھم
عميالت المخابرات المصرية).(١
كما قام بتسليم األموال التي حصل عليھا من الموساد طوال فترة عمله منذ
عام ١٩٦٧تاريخ تجنيد الموساد لـه ..وحتى اعتزاله وإنھاء ملفه عام ..١٩٧٨
للسلطات المصرية أوال بأول.
ولم تكن المبالغ التى حصل عليھا من الموساد طوال ھذه الفترة قليلة ..بل
كانت مئات اآلالف من الدوالرات ..نظير خدماته التي كان يقوم بھا تحت
إشراف المخابرات المصرية وعلمھا ..فقد كانت أول دفعة مالية يحصل عليھا
من الموساد قيمتھا ١٨٠ألف دوالر ..اشتري -حسب تعليمات الموساد لـه -
بجز ٍء منھا شقة لتكون مركزاً لعمليات التجسس التي كان مكلفا بالقيام بھا..
وكذلك سيارة مستعملة ليستخدمھا في تنقالته.
***
-١بعد تجنيدھا للعمل لصالح المخابرات المصرية تمكنت من تقديم معلومات غاية في الدقة استفاد
منھا الجيش المصري في حرب أكتوبر ويذكر أن " جوجو " التى يقترب عمرھا اآلن من الستين
عاما أشھرت إسالمھا فيما بعد وتنقبت واختارت اسم " فاطمة الزھراء " ليكون اسمًا لھا ..وأدت
العمرة وحجت مرتين ..وذلك بعد أن تمكن الشوان فيما بعد انتھاء حرب التحرير فى ١٩٧٣
وتنفيذاً ..ألوامر المخابرات المصرية من احضارھا لتقيم في مصر حفاظا ً على حياتھا ..حيث ال
زالت تقيم حتى اآلن ..بعد أن تزوجت مصريا وأنجبت منه ولدين وبنت ..
71
٧١ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
وبدأت قصته مع الموساد عام ..١٩٦٧بعد نكسة يونيو ..حينما قرر ترك
السويس ..ثم مصر جميعھا بعد أن تم تھجيره ھو وأسرته ضمن مئات األسر التى
تم تھجيرھا لمختلف محافظات مصر من مدن القناة الثالثة ..وانتقل بأسرته المكونة
من أمه ..وشقيقه األصغر )مصطفى( ..وابنة خالته التى فقدت بصرھا أثناء انفجار
إحدى القنابل بالقرب من منزلھم فى السويس وكانا مرتبطان معا بقصة حب منذ
طفولتھما ..وفى القاھرة حيث استقرت األسرة بأحد األحياء الشعبية عقد قرانه على
ابنة خالته ..ثم سافر متوجھا إلى أثينا ليبحث عن عمل.
***
وھناك قابل شخصا يدعى الريس زكريا عرفه على نفسه بأنه رجل دمياطي
يبحث ھو اآلخر عن عمل ..وعندما ضاقت به الدنيا ھناك باع لـه ساعته كي
يأكل بثمنھا ..وبعد عام من إقامته باليونان بدأت قصته مع الموساد ..حيث تم
وضعه تحت المراقبة على مدار شھور عديدة ..بعدھا قرروا تجنيده ..ولما
اطمئنوا إليه تماما ً أعطوه ١٣٠ألف دوالر وأمروه بالعودة إلى مصر ليلعب
دورا ما كانوا يعدونه لـه ..وھو اختراق خاليا المقأومة الشعبية في مدن القناة
التى كان على عالقة طيبة وقديمة بالعديد من رجالھا ..وبعد وصوله لمصر
مباشر ًة وضع المبلغ فى شنطة كبيرة ..وذھب إلى مقر رئاسة الجمھورية وأبلغھم
ً
اھمة
باألمر ..وأصر على أن يسلم الشنطة بنفسه للرئيس جمال عبد الناصر ..مس
منه فى المجھود الحربي ..فوافق عبد الناصر على مقابلته وأثنى على وطنيته
ووعده بمنحه وسام الجمھورية بنفسه عندما ينتھي من مھمته ..لكن توفى عبد
الناصر قبل أن يتم ھو مھمته في تل أبيب.
وأمر الرئيس عبد الناصر وقتھا باصطحابه إلي أجھزة المخابرات ليشرح
72
٧٢ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
لھم ھناك تفاصيل اصطياده من قبل )الموساد( للعمل معھم ..وھناك قابل الريس
زكريا الذى لم يكن إال ضابط المخابرات المصري الذي قابله في اليونان ..وھو
نفسه اللواء محمد عبد السالم المحجوب وزير التنمية المحلية ..ومحافظ
اإلسكندرية السابق..
وفي مصر كان يتعامل مباشرة مع كبار المسئولين عن المخابرات في ذلك التوقيت
مثل المشير أحمد إسماعيل والفريق كمال حسن علي ..وغيرھما ..والتقى بكل من
الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس أنور السادات شخصيا ً.
***
@ @@NNòîbö‰@Šßaëdi@ñ…ìÇë@NNŠØjß@ÞaŒnÇa
وبعد انتصار مصر ..وانتھاء الحرب ..قرر الشوان اعتزال الجاسوسية..
وكان السادات على علم تام ومعرفة بكل ما يقوم به الشوان من خدمات لمصر..
فأرسل إليه مع أحد ضباط المخابرات يدعوه ليتناول معه العشاء وحضر ھذا
اللقاء المرحوم المشير أحمد إسماعيل ..وأثناء تناولھم الطعام أخبره الرئيس بأن
المخابرات المصرية تعده ألكبر دور لـه فى تاريخه مع الموساد ..ولتوجه من
خالله بتلك الضربة أكبر صفعة للمخابرات اإلسرائيلية ..وأقنعه السادات
شخصيًا بأن يعدل عن قراره باإلعتزال ..وقال لـه )إذا طلبت منك مصر أن
تضع رأسك تحت الترماي فافعل( ..وعندھا قرر الشوان اإلمتثال ألمر
الرئيس ..واالستمرار في العمل.
وكانت المھمة المطلوبة منه ھذه المرة ھى الحصول من المخابرات
اإلسرائيلية على ذلك الجھاز الصغير جدا ..والخطير ..الذي يستطيع إرسال
73
٧٣ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
برقية كاملة في خمسة ثوان فقط ..وھو ما كان يمثل وقتھا إعجازا تكنولوجيا
غير مسبوق ..كما أن ھذا الجھاز لم تكن تملكه إال إسرائيل والمخابرات
المركزية األمريكية التى صنعت األجھزة.
***
وسافر الشوان إلى إسرائيل ..ودخلھا بجواز سفر كان الموساد قد أصدره
لـه فيما مضى باسم )يعقوب منصور( ..وكانت مھنته المدونة فيه أنه يعمل
سكرتيرا أول بالسفارة اإلسرائيلية بروما ..وعندما وطأت قدماه مطار بن
جوريون استقبله مندوب )الموساد( استقبال األبطال ..ثم ذھب لزيارة شيمون
بيريز وكان وقتھا يشغل منصب رئيس )الموساد( ..وفى نفس الوقت رئيسه
المباشر ..وحصل خالل تلك المقابلة على جھاز اإلرسال الحديث الذى يستطيع
إرسال برقية في خمسة ثوان فقط وتم إخفاؤه في فرشة حذاء ..وعندما أمسك
بھا "بيريز" وجد أنھا جديدة ولم تستعمل من قبل ..فن َّھر الضباط ..وقال )أيعقل
أن تكون الفرشاة جديدة(؟ ..فجلس أسفل قدميه ومسح للشوان حذائه بالفرشاة
بنفسه إلي أن صارت مصبوغة بلون الحذاء..
***@ @
74
٧٤ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
×@ @NNŠÜî×@´níŠ
@ @@AAæŠÔÛa@òìbuë@NNòîìb¦a@ñßc
ھي أشھر من ارتدي ثوب الجاسوسية من النساء عبر كل المرحل التاريخية..
قصتھا تعد النموذج األمثل لكل التطبيقات المخابراتية في كيفية صناعة الجاسوس..
وتشغيله ..وتصعيده ..ثم التخلص منه.
وكل من يقرأ حياة أميرة الجاسوسة البولندية )كرستين جرنفيل( وھذا ھو
اسمھا الحقيقي ..يصل لنتيجة واحدة ..وھي أنه تستحق عن جدارة ذلك اللقب
الذي أطلقه عليھا رئيس الوزراء البريطاني األشھر " ونستو ن تشرشل " وھو
أميرة الجاسوسية ..فقد كانت جميلة وشجاعة في آن واحد ..واستطاعت أن
تدوخ البوليس السري النازي الذي كان يُعد أحد أعتي المؤسسات االستخبارية
في العالم.
..ومن خالل جمالھا دخلت المناطق األخطر ونفذت إلي قلوب شخصيات
معروفة وبارزة كما استطاعت بشجاعتھا أن تتحدي الموت أكثر من مرة في
زمن الحرب.
ولم تكترث لشيء من أجل أن تنقذ رفيقا ً من حبل المشنقة أو لتصل إلي
الھدف ..وكثيراً ما نجحت في بلوغ ما أ ُسند إليھا ليس باستغالل جمالھا
فحسب ..ولكن عن طريق ذكاءھا ..ودھائھا ..وسعة حيلتھا.
وعلي الصعيد العاطفي ھناك الكثير من الرجال الذين مروا في حياة
كرستين جرنفيل وھاموا بھا ومنھم )إيان فلمنج( األديب البريطاني الشھير الذي
استطاع أخيراً أن يخلدھا كبطلة من خالل شخصية فيسر لند في كتابه ) فتاة
بوند األولي(.
75
٧٥ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
لقد كانت مفعمة بالحيوية والشباب ..ولھا عينان فاحمتا السواد تضجان
باإلثارة الذي يسحر الناظر إليھا من أول وھلة ..وألن جمالھا كان سيفا ً ذا حدين
فقد كان سببا ً في نجاحھ ا في المھمات التي أوكلت إليھا وعلي الجانب اآلخر كان
سببا ً في وضع نھاية لحياتھا.
وال بد من اإلشارة إلي أن الكثيرين شعروا بأنوثتھا الدافقة ..ومن بين الذين
ابتلوا بتلك المھرة الجامحة كان إبان فلمنج الكاتب الذي أبدع أسطورة جيمس
بوند .فقد ارتبط االثنان وطوال س نة كاملة بعالقة حب عنيفة حتي عندما وصلت
الي محطتھا النھائية لم يستطع إيان نسيانھا علي اإلطالق.
وبالرغم من اسمھا الذي يبدو إنجليزيا ً فإنھا كانت بولندية -الجنسية -
واتخذت لھا اسم كرستين جرنفيل خالل اندالع الحرب العالمية الثانية ..وكانت
من بين أكثر النساء العميالت الالئي خدمن لفترة طويلة وقد أصبحت جاسوسة
قبل أشھر من تأسيس إدارة العمليات الخاصة ) (SOEفي يوليو .١٩٤٠
ﺟﺎﺳﻮﺳﱵ ﺍﳌﻔﻀﻠﺔ:
لذا فإن الخبرة التي كانت عليھا في الجاسوسية جعلتھا تفرض نفسھا ال
سيما أن فكرة التجسس بإسقاط امرأة خلف خطوط العدو وفي المناطق التي
يحتلھا كانت خارج سياسة اإلدارة ..لقد أدھشت ونستون تشرشل بتقاريرھا التي
76
٧٦ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
أرسلتھا عام ١٩٤١عن أن الدبابات األلمانية تحتشد علي الحدود الروسية حيث
كانت بمثابة داللة علي أن غزو االتحاد السوفييت علي وشك البدء ..لذلك فقد
كان مبتھجا ً جداً بالمعلومات ووصفھا عندما كانت في سن السادسة والعشرين
بـ )جاسوستي المفضلة(.
ﺯﻭﺍﺝ ﻓﺎﺷﻞ:
تربت كرستين في كنف عائلة ثرية وعاشت حياة الرفاھية بكل ما تحمله
الكلمة من معني ..الي أن فقد والدھا الكثير من األموال بسبب إفراطه في
الملذات مما جعلھا تقرر الزواج بسن مبكرة غير أن ارتباطھا من رجل أعمال
وھي ما تزال في سن الثانية والعشرين لم يكن ناجحا ً إذ سرعان ما انفصلت
عنه وعادت في عام ١٩٣٨وتزوجت من الكاتب البولندي جيرزي جيزيزك
وكان الزوجان يعيشان في شرق أفريقيا عندما غزت ألمانيا بالدھما بولندا في
سبتمبر ١٩٣٩مما جعل كرستين تعود مباشرة الي أوروبا وعندما وصلت الي
لندن عرضت خدماتھا في القتال ضد األلمان.
ﺗﺪﺭﻳﺐ ﺷﺎﻕ:
ومن جانبھم أبدي البريطانيون اھتماما ً قليالً لكنھا في النھاية كسبت الجولة
بفضل ما أسمته باالتصاالت ..وتلقت كرستين تدريبا ً شاقا ً في مجال التجسس
فضالً عن تدربھا علي القتال األعزل علي يد كم فلبي الذي أصبح فيما بعد
77
٧٧ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
وسرعان ما أرسلت إلي ھنجاريا ومن ثم تسللت إلي بولندا .وحاولت
جاھدة إقناع والدتھا بمغادرة البالد لكن من دون فائدة ..غير أن رحلتھا لم تكن
بال فائدة حيث استطاعت أن تساعد في تھريب بندقية مضادة للدبابات .وأثناء
عودتھا إلي ھنجاريا تأثرت كثيراً بضابط الجيش البولندي اندرزج كورسكي
الذي كان ضليعا ً منھمكا بالعمل االستخباري ..وعندما اعتقال من قبل الجستابو
في يناير ١٩٤١حصال علي إطالق سراحھما من خالل التظاھر بإصابتھما
بالسل.
ﺍﻟﻔـﺮﺍﺭ:
واستطاعت كرستين وحبيبھا أن يفرا من البالد عبر البلقان إلي تركيا ..وقد
صعق زوجھا جيرزي جيزيزك عندما أخبرته أنھا تحب أندرزج كورسكي ولم
يحتمل ذلك األمر الذي جعله يغادر إلي لندن ثم الھجرة إلي كندا وقد تطلقا بعد
الحرب.
وقد اختيرت كرستين لتأخذ مكان أحد العمالء الذين أعدمھم البوليس
السري النازي ..وأنزلت بواسطة المظلة في جنوب شرق فرنسا في ٦يوليو
١٩٤٤وقد أصبحت جزءاً من شبكة شھيرة يديرھا العميل البلجيكي فرانسز
78
٧٨ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
كامريتس في الثالث عشر من أغسطس ١٩٤٤في ديجن وقبل يومين من
االنزال الذي نفذه الحلفاء في الجنوب الفرنسي تم إلقاء القبض علي كل من
العميل فرانسز كامريتس والعميل البريطاني اكسان فيلدنج وزميل آخر من قبل
البوليس السري األلماني.
79
٧٩ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
ﺟﺮﻳﺌﺔ ﳊﺪ ﺍﻟﺘﻬﻮﺭ:
وھنا عرفت كرستين أن الرجال الثالثة سوف يتم إعدامھم لذلك قامت بترتيب
األمر والتقت بضابط من البوليس السري النازي وقدمت بكل جرأة نفسھا كابنة أخ
الجنرال مونتجمري ..ولم تكتف بذلك بل ذھبت إلي ما ھو أبعد من ذلك في تماديھا
وھددته بأنھا ستنتقم منه انتقاما ً ال يوصف فيما لو حدث أي مكروه لألسري ..ومن
جانبه صدق الضابط األلماني ادعاءاتھا الكاذبة وبھذا استطاعت إنقاذ زمالئھا وھو
األمر الذي جعل كرستين تحصل علي ميدالية جورج ومن ثم ميدالية .OBEوبعد
سنوات قالت بأنھا لم تكن مدركة ألي خطر قد يحيط بھا بسبب إقدامھا علي تلك
الحيلة ..ولكنھا وبعد أن بدأت بالھرب مع رفاقھا أخذت تتذكر بأنھا كانت يمكن أن
تكتشف ويذھب الجميع إلي حبل المشنقة وقد أخبرت أحد رفاقھا )لقد فكرت مع
نفسي ..ما الذي فعلته؟ كان يمكن أن نقتل ثالثتنا(.
لقد كان اسھامھا في تحرير فرنسا لـه وقع كبير في نفوس الكثيرين وقد اعترف
بجھودھا بمنحھا وسام فرنسا األشھر كرويكس دي جوير .ولكن بعد الحرب -وبالرغم
من االعتراف بشجاعة ھذه المرأة -بدا من الواضح أنھا أھملت من قبل إدارة العمليات
الخاصة SOEوسرحت من الخدمة بمبلغ نقدي قدره ١٠٠جنيه استرليني فقط.
ﻛﺘﺐ ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺎ:
كتب أكسان فيلدنج في كتابه )أختفي وأسعي( والذي كان يتناول سيرة كرستين
بالتفصيل وصدر في عام :١٩٥٤بعد الصعوبات الجسدية والضغوطات العقلية التي عانت
منھا كرستين طوال خدمة السنوات الست في إدارتنا ..كانت ربما األكثر حاجة من أي
عميل آخر عمل معنا لتأمين الحماية الالزمة لھا طوال حياتھا الباقية .ولكن العكس قد
حصل فبعد أشھر سُرحت كرستين براتب شھري محدود وتركت في القاھرة لتناضل من
80
٨٠ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
أجل نفسھا.
وفي الوقت الذي كانت فخورة جداً فيما لو طلب منھا تقديم أي مساعدة أخري قدمت
كرستين طلبا ً للحصول علي جواز سفر بريطاني وقد حدث في ذلك الوقت الذي تنازل
فيه التحالف االنجلو امريكان عن بلدھا حيث كانت ضربة قوية عندما وافق كل من
تشرتشل وروزفلت علي طلب ستالين في الحصول علي بولندا.
وبالرغم من ذلك فقد تأخرت أوراق الحصول علي الجواز البريطاني بطريقة فيھا
الكثير من البيروقراطية.
ﺍﻟﺴﻔﺮ ﻭﺍﻟﺘﺠﻮﺍﻝ:
وفي ھذه األثناء ..وبفقدانھا لكل األمل بالحصول علي المظلة األمنية ..انطلقت
كرستين وبتعمد في حياة ملؤھا السفر والتجوال في بلدان العالم علي غير ھدي ..وكأن
القلق الذي في داخلھا تفجر من أجل البحث عن وسيلة لتعيش أوقات سلم بدالً من تلك
التي عاشتھا إبان عملھا كجاسوسة حيث كانت تتحدي الموت من دون أي اكتراث
وخالل الفترة التي تلت الحرب التقت كرستين -عندما كانت في الثالثينيات بـ )إيان
فلمنج( الذي كان قد سرح حديثا ً من استخبارات البحرية حيث بدأت بينھما عالقة
غرامية.
والمفارقة أن االثنين أخذا يلتقيان في فندق اسمه جرنفيل في دوفر .واستمرت عالقة
فلمنج مع كرستين حوالي السنة إال أنھما انفصال بعد ذلك.
ﻣﻦ ﻳﺼﺪﻕ؟
وتنحدر بھا األمور أكثر بحيث أنھا تذھب للعمل كمضيفة بواخر في احدي
الشركات التي لديھا أسطول وعند عودتھا إلي بريطانيا في مطلع الخمسينيات بدت
كرستين وكأنھا إنسانة ضائعة وكانت تسعي للعالقات الغرامية والرفقة كلما استطاعت
81
٨١ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
ومع ذلك فإن تأثيرھا لم يغادر مخيلة إيان فلمنج بحيث أنه أدمن علي شرب الكحول
وأصبح كلما يتذكر كرستين يذھب الحتساء الفودكا من دون توقف.
ولكن في السابع عشر من يونيو عام ١٩٥٢شاھد كرستين تتمشي في أحد شوارع
لندن مع رجل آخر فانتابته ثورة من الغيرة أوقدت غضبه الكامن ..وبعد ذلك بفترة التقي
بھا أيضا ً وكان الرفض ھو جوابھا وقد أخبرته أنھا تنوي أن تغادر لندن للعيش في
كونتنت لمدة سنتين علي أقل تقدير.
وما كان من جورج مولدوني الذي يعيش فورة غضب إال أن يستل سكينا ً ويطعن
كرستين في قلبھا ..وعلي األكثر أنھا توفت مباشرة أما جورج فبعد محاكمة طويلة صدر
الحكم بإعدامه ..ثم تم شنقه.
حقا ً إنھا نھاية مأساوية وغير مقبولة المرأة جميلة وشجاعة استطاعت أن تتحدي
الموت أكثر من مرة في زمن الحرب لذا فإن قصتھا علي الجانب اآلخر فيھا الكثير من
الحزن فھي لم تعش لتري الشخص الذي أحبھا ذات يوم -إبان فلمنج -كيف خلدھا اليوم
كبطلة في شخصية فيسبر ليند فتاة بوند األولي.
***
82
٨٢ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@ @
83
٨٣ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@ @
@ @
@ @
@ @
@ Zßb¨a@Ý–ÐÛa
@å튒ÈÛaë@ð…b§a@æŠÔÛa
@ ïmaŠib«@ÊaŠ•
@ @åb@D|îЕ@ÖìÏ
84
٨٤ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@ @ÞbÔnÇaë@ÞbînËa@HSPPPI
نفذتھا مراكز استخباراتية أمريكية حول العالم كضريبة ألحداث ١١سبتمبر.
وأشارت إلى أن ھذه الشبكات ومركزھا العام في فرنسا ..تتوزع على ٢٤بلداً في
العالم ..حيث يتعاون العمالء األمريكيون والمحليون في ھذه الدول على اقتفاء آثار
مشتبه فيھم وجماعات إرھابية.
وكشفت أن ھذه الشبكات تعمل متجاوزة أجھزة األمن واالستخبارات في دول
المراكز وتتعاون مع عناصر محلية تعينھا الحكومة الحليفة.
وجاء ذلك ليزيد من حرج اإلدارة األمريكية مع حلفائھا بعد الكشف عن السجون
السرية والطائرة التي تديرھا االستخبارات األمريكية في نحو ٨دول أوروبية غربية
وشرقية وآسيوية وشرق أوسطية.
جاءت ھذه التسريبات جاءت على خلفية خالف بين بعض قادة وكالة االستخبارات
األمريكية ..ومديرھا الجديد بيتر جوس الموالي لبوش ..والذي يرغب في إدخال
تغييرات جذرية في الوكالة ..وشككت المصادر ذاتھا في األرقام التي كشفت عنھا
تسريبات تفيد أن الواليات المتحدة اعتقلت منذ بدء حربھا ضد اإلرھاب ٨٣ألف
شخص ..غير معتقلي الـ ) (C. I. Aالثالث آالف ..ورجحت المصادر أن يكون الرقم
85
٨٥ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
أكبر من ذلك بكثير ..خاصة أن الواليات المتحدة تدير معتقالت سرية في أكثر من ٢٤
دولـة حول العالم ..من بينھا دول عربية.
وتوقعت مصادر أمريكية أن يزيد الوضع سوءاً في أفغانستان حال استبدال قوات
حلف األطلسي بالقوات األمريكية ..ألن قوات "الناتو" ال تحبذ االشتباكات المباشرة في
المناطق الوعرة كأفغانستان.
وتساءلت المصادر عما إذا كان االنسحاب ھو "تجربة" النسحاب اضطراري من
العراق
ومنھا تأكيده عدم مسئولية ليبيا عن حادثة " لوكربي " واتھام إيران بھذه الحادثة ..فھل
ھذه ھي الحقيقة ..خاص ًة بعد ثبوت براءة ليبيا؟ ..أم أنھا كذبة أخرى من أكاذيبھم..
فلننظر ماذا قال ..رئيس الموساد السابق في كتابه.
يقول " جوردون توماس " أن طائرة البان ام ..التي تفجرت فوق لوكربي ..كانت
تضم بين ركابھا ضباطا ً من وكالة االستخبارات األمريكية ..حيث وجدت احدى حقائبھم
فارغة تماما ً ..وتبين فيما بعد أن الموساد وبمساعدة المخابرات اإلنجليزية قامت بسرقة
محتويات ھذه الحقيبة ..وكانت عبارة عـن مستندات تؤكد تورط إسرائيل في تجارة
المخدرات في الشرق األوسط وأخرى تتعلق بصفقات أسلحة إسرائيلية سرية.
وتأتي ھذه المعلومات لتضاف إلى أخرى شبيھة تراكم الدالئل على السبـل التي
تعتمدھا إسرائيل في محاوالتھا لالستغناء عن الدعم األمريكي القتصادھا ..وذلك تحسبا ً
لمحاوالت تقنين ھذا الدعم بعد نھاية الحرب الباردة ..حيث ارتفعت أصوات أميركية
تطالب بوضع استراتيجية مالئمة للمصالح األمريكية لما بعد ھذه الحرب ..ومنھا تقليص
الدعم األمريكي الموجه أساسا ً لمواجھة الشيوعية والذي لم يعد مبرراً بعد سقوطھا.
ولقد تبين حتى اآلن عجز إسرائيل عن تحقيق استقالليتھا االقتصادية باألساليب
المشروعة ..خصوصا ً عندما نأخذ في االعتبار أن متوسط دخل الفرد في إسرائيل يصل
إلى حدود ١٦الف دوالر سنويا ً ..وھو يعادل مثيله في بعض الدول األوروبية الكبرى..
ومن أمثلة الكسب اإلسرائيلي الال مشروع المدعومة باألدلة نذكر:
-التورط في تجارة المخدرات في المنطقة وفي العالم ولكن مع التركيز على
اختراق الدول العربية المجاورة بھذه التجارة ..وھو اختراق يجمع بين الكسب المادي
وبين التخريب المعنوي واالنساني لھذه الدول.
-حماية أثرياء اليھود المطلوبين من العدالة الدولية واستقطاب ثرواتھم ..وھؤالء
المجرمون يتحولون إلى مواطنين إسرائيليين فور وصولھم الى اسرائيل ..وذلك وفق
قانون العودة اليھودي.
ب -مشاركة إسرائيلية عن طريق ضباط متقاعدين يقومون بأدوار تدريبية
واستشارية لتجار المخدرات )خاصة في كولومبيا(..
ج -التسھيالت التي تقدمھا اسرائيل بصورة مموھة لزعماء الجريمة المنظمة
ولمصالحھم..
د -المشاركة االسرائيلية النشطة في تجارة األسلحة وتھريبھا ..حيث نجد بصمات
اسرائيلية في مناطق الفوضى في العالم كافة.
ھـ -تھريب البضائع االسرائيلية الى الدول العربية بكل الوسائل االحتيالية المتاحة..
بما في ذلك تزوير شھادات المنشأ وإعادة التصدير عبر قبرص أو عبر الدول العربية
المتاخمة السرائيل.
88
٨٨ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
و -المشاركة في عمليات تبييض)غسيل( األموال القذرة ..ومنھا ما تم الكشف فيه
عن دور الموساد في فضيحة غسيل األموال الروسية في الواليات المتحدة )(١٩٩٩
والتي تسببت بأزمة دبلوماسية أميركية -روسية ..حتى أن بعضھم ربط بينھا وبين
استقالة يلتسين
في ..٢٠٠٠/١/١
ز -دفن النفايات النووية والكيميائية في أراض عربية محتلة أو متاخمة لحدود الدول
العربية..
ح -وجود أصابع يھودية في الكوارث االقتصادية العالمية كافة ..فقد كان اليھودي
بيريزينوفيسكي مسؤوالً عن اإلنھيار االقتصادي الروسي واليھودي جورج شوروش
كان مسؤوالً عن انھيار النمور اآلسيوية… الخ..
ط -بيع معلومات الجاسوسية ..وما خفي منھا أكثر مما ھو معلن ..واألمر يحتاج
إلى بضع سنوات كي تتضح ھذه األسرار.
ك -ابتزاز العالم تحت ستار الھولوكوست وصوالً البتزاز الفاتيكان نفسه )تبدى في
زيارة البابا األخيرة إلسرائيل( وصوالً إلى مطالبة المصارف السويسرية بكميات ھائلة
من الذھب بحجة أنھا مسروقات نازية من أموال اليھود.
ل -التدخل في الشئون الداخلية للعديد من الدول ومحاولـة ابتزازھا بصور مختلفة..
وأحدث األمثلة على ذلك ..تلك الضجة التي أثارتھا إسرائيل حول النمسا بعد انتخاب
ھايدر اليميني ..حيث ال تزال إسرائيل تحاول تحقيق المكاسب مقابل تخفيف الضغوطات
على النمسا..
>ـ:
أ -أعلى نسبة من المساعدات الخارجية األمريكية..
ب -اعتبارھا دولـة نظيفة من اإلرھاب ومن دعمه بالرغم من تحديھا المتكرر
للقرارات الدولية..
ج -اعتبارھا واحة ديمقراطية في المنطقة ..بما في ذلك من تجاھل كونھا مجتمعا ً
عسكريا ً يحكمه جنراالت.
ھـ -تحتكر تمثيل المصالح األمريكية والغربية في المنطقة حتى بعد زوال الخطر
الشيوعي.
لھذه األسباب مجتمعة يتھيب اإلعالميون والمفكرون الغربيون التعامل الواقعي مع
حقائق الشرق األوسط والتجاوزات االسرائيلية ..حتى ال يلقوا النبذ والعقاب اللذين
القاھما زمالء لھم تجرءوا على ذلك ..وعوملوا وفق المبادئ الرومانية )الصھيونية(
الجاھزة لتجاھل الليبرالية في مثل ھذه الحاالت.
أما عن مناسبة استحضار ھذه المعطيات فھي متشعبة ومنھا مأزق المسار اللبناني
-السوري الذي تحاول اسرائيل اختراقه على طريقة )المافيا( ..حيث تقوم بتھديد
وابتزاز األطراف كافة وتصر على وجود طرف يقدم لھا مكاسب مالية )الواليات
المتحدة في ھذه الحالة( ..لكن مناسبة مميزة من جملة مناسبات دعتنا الستحضار ھذه
الحقائق وھي تتعلق بالمستقبل ..والمناسبة ھي دراسة قدمتھا باحثة من جامعة بن
جوريون االسرائيلية تشير الى نموطبقة من مليونيرات المخدرات االسرائيليين ..والى
وجود عالقات وثيقة بينھم وبيـن بعض كبار ضباط الشرطة االسرائيليين الذين
يحصلون ..نتيجة ھذه العالقة ..على مبالغ طائلة تحول إلى حساباتھم المصرفية في
90
٩٠ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
الواليات المتحدة ..كما تشير ھذه الدراسة الى أن ھؤالء التجار بدأوا يلجأون إلى حلول
عملية تخفض تكلفة بضاعتھم ..وخصوصا ً البانجو )مخدر رخيص ورائج( ..حيث تفتق
ذھنھم عن تصدير شتول ھذا المخدر إلى الدول العربية ..التي تقيم عالقات مع إسرائيل
لزراعتھا ھناك ..وفي ذلك توفير مھم في التكاليف واعتماد عصري لمبدأ الشركة
العمالقة ..حيث يطاول التوفير عناصر عديدة ..منھا رخص األراضي واليد العاملة
وتوفير تكاليف ومخاطر التھريب ..ثم ..وھذا ھو األھم ..ھنالك مكسب السبق الذي
يحققه التجار اإلسرائيليون في ما يتعلق بمستقبل تجارة المخدرات في المنطقة ..وھكذا
فإنھم يفكرون دائما ً في المستقبل ويحسبون الحسابات لمختلف االحتماالت..
ولقد وصلت القضية الى الكنيست اإلسرائيلي حيث أثارھا عضو ينتمي الى حزب
العمل الحاكم ..مؤكداً أنه يملك الوثائق التي تدين التجـار وضباط الشرطة معا ً ..إال أننا
نتساءل عما إذا كان يمكن للجھتين معا ً أن يعمال بعيداً عن أعين أجھزة االستخبارات
اإلسرائيلية واألمريكية معاً؟ وعن مدى تورط ھذه األجھزة مع ھؤالء؟ وعن إمكانية
التدخل الفاعل لمنع كل ھذا؟ وعن ھذا السؤال األخير أجابنا مؤلف "جواسيس جدعون "
المدعو " جوردن توماس " ..ولكن من يجيبنا عن سؤال منع ھذه الزراعات في لبنان
بھدف اتمام حصاره االقتصادي الضاغط وليس ألسباب أخالقية أو انسانية؟ وكيف
تصنع ھذه األخالقيات واالنسانيات وتطبق على الجميع لتستثني منھا إسرائيل؟ وھل
يعني ذلك أن من شروط السالم احتكار إسرائيل لتجارة المخدرات حتى تكفل لنفسھا
دخالً يعوضھا من خفض المساعدات األمريكية لھا ويؤمن لھا مستقبلھا؟ أم أنھا سياسة
التطبيع عن طريق البانجو )وغيره من مواد اإلدمان( بأسعار في متناول األيدي
الفقيرة؟ ..لقد يئست إسرائيل من كل أساليب التطبيع )الھادفة لتحويل األغيار من العـرب
إلى مجرد أسماك ملونة في حوض يتفرج عليه اإلسرائيليون ويتحكمون بمياھه ونظافته
وغذائه( وھا ھي تلجأ إلى أسلوب التطبيع بالبانجو ..فھل يتحرك مكتب المخدرات في
األمم المتحدة :وھل يمكن ألحد أن يخبرنا بالحصة اإلسرائيلية في سوق المخدرات
العالمي المسموح بھا أميركياً؟ وكلھا أسئلة فرعية ألن السؤال الرئيسي يبقى :من يحمينا
من اإلرھاب اإلسرائيلي في صورته ھذه كما في صوره األخرى.
***
91
٩١ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@ @@ò·b
واآلن السؤال الذي نختم به قراءتنا تلك لعالم صناعة الجواسيس ..من
يستطيع إيقاف قطار الجاسوسية والتخابر بين جميع الدول ..اإلجابة ..ال أحد..
فھو سيستمر دائما ً في طريقه ..يسير على قضيبين متوازيين أحدھما ھو قضيب
آن آلخر ..ليھبط منه
الخيانة ..واآلخر ھو قضيب البطولة ..ويتوقف القطار من ٍ
فى كل محط ٍة من محطاته المزيد من الجواسيس ..يحملون في حقائبھم زاد
الطريق الشاق والصعب من الكراھية التي يقابلون بھا في كل مكان ..ويحملون
في جيوب سرية فوق قلوبھم جوازات سفر مختومة إما بختم " الخيانة " لمن
يبيعون أوطانھم من أجل حفنة من الدوالرات ..أو بختم " البطولة " لمن يقدم
نفسه طواعية فداءاً لوطنه ..و يسير كل من االثنين في طريقه ..وأمامه..
أوخلفه ..شبح الموت يطارده ..إما بحبل المشنقة الذي ينتظره إن تم القبض
عليه ..أو بطلقة رصاص قد تأتيه في أي لحظة ..من أية جھة.
***
92
٩٢ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
93
٩٣ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
@ @÷ŠèÐÛa
المقدمـة!! ٥ ...........................................................................................................
ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ ﻭﻗﻮﺩ ﺍﳊﺮﺏ٦ ......................................................................................... :!!..
تمھيد٩ ................................................................................................................ :
ماذا تعني الجاسوسية..؟ ٩ ..........................................................................................
ﺟﺎﺳﻮﺳﻴﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ٩ ............................................................................................ :
ﺍﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ..ﻭﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺎﺕ١٢ ........................................................................................... :
ﺣﺘﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ١٣ .............................................................................................:
١٤ .................................................................................................... NNÞëþa@Ý–ÐÛa
١٤ ......................................................................... AAáç‰bîna@ÖŠë@NNîaì¦a@Êaìãc
ﻋﻤﻼﺀ ﺍﳌﻬﺎﻡ ﺍﳋﺎﺻﺔ١٦ ................................................................................................:
ﺍﳋﻄﻮﺍﺕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﺎﺳﻮﺱ١٦ ............................................................................. :
ﺍﻧﺘﻘﺎﺀ ﺍﳉﺎﺳﻮﺱ ..ﻭﺗﻘﻴﻴﻤﻪ؟ ١٧ .........................................................................................
ﺍﻟﻜﺸﺎﻓﲔ١٧ ........................................................................................................... :
ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﳌﺨﺎﺑﺮﺍﰐ )ﺍﻟﻜﺸﺎﻑ(١٨ ............................................................................... :
ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﻣﺴﺒﻘﺔ١٨ .................................................................................................... :
ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ٢٠ .............................................................................................. :
ﺗﻘﻴﻴﻢ ﺍﳉﺎﺳﻮﺱ٢٠ .................................................................................................... :
ﲢﺖ ﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ٢١ ........................................................................................................ :
ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﺧﻀﺎﻉ٢٢ ...................................................................................................:
ﺑﻌﺪ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ٢٢ ......................................................................................................... :
ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ٢٣ ............................................................................................................. :
ﺍﳌﻬﻤﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ٢٤ ...................................................................................................... :
٢٥ .................................................................. _éj퉆më@NN÷ìb¦a@òiŠ£@ZïãbrÛa@Ý–ÐÛa
مھام تجربية ٢٦ .......................................................................................................
ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﺬﺏ٢٦ ............................................................................................... :
مرحلة التدريب ٢٧ ...................................................................................................
٢٩ .................................................................. AA÷ìbu@Ý×@òíbèãë@NNòía†i@ZsÛbrÛa@Ý–ÐÛa
ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ٣٠ .................................................................................................... :
ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ٣٠ .................................................................................................... :
ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﻏﲑ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ٣٠ ................................................................................................:
94
٩٤ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﺄﻣﲔ٣١ ...................................................................................................... :
ﺍﻹﺧﺘﺮﺍﻕ٣٤ ........................................................................................................... :
ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ٣٥ ................................................................................................... :
ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻞ ﻭﻣﺘﺎﺑﻌﻴﻪ٣٦ ........................................................................................ :
ﺗﻐﻴﲑ ﺿﺎﺑﻂ ﺍﳌﺘﺎﺑﻌﺔ٣٧ ................................................................................................. :
إنھاء التعامل مع الجاسوس!! ٣٨ ..................................................................................
ﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻴﻞ٣٨ ................................................................................................ :
٣٩ .................................................... AAîaì¦a@Šè‘c@ñbîy@åß@òîÔîjİm@x‡b¸@ZÉiaŠÛa@Ý–ÐÛa
)كالوجين( ..وسياسة تجنيد طالب البعثات الدراسية!! ٤٠ ...................................................
ﺍﺧﺘﺮﺍﻕ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ٤١ .......................................................................................... :
ﺍﳌﻬﻤﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ٤١ ...................................................................................................... :
ﻭﻟﻔﺠﺎﻧﺞ ﻟﻮﺗﺰ٤٣ ...................................................................................................... :
ﲪﻠﺔ ﺍﻟﺴﻮﻳﺲ٤٤ ...................................................................................................... :
ﺍﻋﺘﺮﺍﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﳍﻮﺍﺀ٤٧ ............................................................................................... ..
محمد صابر ..جاسوس الطاقة الذرية ..وسياسة القرصنة اإللكترونية!!٤٨ ................................
مجدي توفيق ..وسذاجة الباحثين عن الوھم في أحضان أجھزة المخابرات!! ٥٠ ..........................
عزام عزام ..وسياسة اختراق وتدمير اقتصاد الدول عن طريق التطبيع!! ٥١ .............................
سمحان موسى ..وسياسة إغراق المجتمعات في دوامة المخدرات٥٣ .......................................
شريف الفياللي ..وسياسة تجنيد طالب البعثات الخارجية٥٤ .................................................
روبرت ھانسن ..أكبر وصمة عار في تاريخ المخابرات المركزية األمريكية ..وسياسة اإلختراق من
الداخل!! ٥٥ ...........................................................................................................
ﻧﺸﺄﺓ ﺭﻭﺑﺮﺕ٥٦ ....................................................................................................... :
ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺃﻭﱄ ﻓﺎﺷﻠﺔ٥٧ .................................................................................................. :
ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ٥٧ ...................................................................................................... :
ﺍﳋﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮ٥٨ ................................................................................................... :
ﻳﻘﻈﺔ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﳌﻜﺘﺐ ﺍﻟﻔﻴﺪﺭﺍﱄ٥٩ ...................................................................................... :
ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﳋﻴﻂ٦٠ ........................................................................................................ :
كيم فيلبي ..األسطورة ..وسياسة التجنيد من أجل العقيدة!! ٦١ ................................................
كاميليا ..سياسة التجنيد عن طريق الجنس ..وتصفية العمالء عند اللزوم!! ٦٤ ............................
الھجان ..والشوان ..وإنھاء التعامل في الوقت المناسب!! ٦٥ .................................................
ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻨﻜﺴﺔ٦٥ ........................................................................................................ :
ﺍﳍﺠﺎﻥ ﰲ ﺣﺮﺏ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ٦٦ ........................................................................................... :
ﺍﳍﺠﺎﻥ ﺑﻌﺪ ٦ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ٦٦ .............................................................................................. :
95
٩٥ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
ﻭﻓﺎﺓ ﺍﳍﺠﺎﻥ٦٧ ........................................................................................................ :
ﻭﺻﻴﺔ ﺍﳍﺠﺎﻥ ﻛﻤﺎ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﻭﻓﺎﺗﻪ٦٧ ................................................................................ :
جمعة الشوان ٦٩ .....................................................................................................
اعتزال مبكر ..وعودة بأوامر رئاسية٧٢ ...................................................................... ..
كريستين كيلر ..أميرة الجاسوسية ..وجاسوسة القرن!! ٧٤ ...................................................
ﻗﺪﺭﺍﺕ ﻭﺧﱪﺍﺕ ﻏﲑ ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ٧٥ ....................................................................................... :
ﺟﺎﺳﻮﺳﱵ ﺍﳌﻔﻀﻠﺔ٧٥ ................................................................................................. :
ﺣﻴﺎﺓ ﻛﺮﺳﺘﲔ ﺟﺮﻧﻔﻴﻞ٧٦ ..............................................................................................:
ﺯﻭﺍﺝ ﻓﺎﺷﻞ٧٦ ........................................................................................................ :
ﺗﺪﺭﻳﺐ ﺷﺎﻕ٧٦ ....................................................................................................... :
ﺍﻟﻔـﺮﺍﺭ٧٧ ............................................................................................................ :
ﺑﺼﻤﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﻴﺰ٧٧ ............................................................................................ :
ﺟﺮﻳﺌﺔ ﳊﺪ ﺍﻟﺘﻬﻮﺭ٧٩ .................................................................................................. :
ﻛﺘﺐ ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺎ٧٩ .................................................................................................... :
ﺍﻟﺴﻔﺮ ﻭﺍﻟﺘﺠﻮﺍﻝ٨٠ ................................................................................................... :
ﻣﻦ ﻳﺼﺪﻕ؟ ٨٠ .........................................................................................................
ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺟﺎﺀﺕ ﻣﺄﺳﺎﻭﻳﺔ٨١ ............................................................................................. :
٨٣ ........................... åb@E|îЕ@ÖìÏ@ïmaŠib«@ÊaŠ•@å튒ÈÛaë@ð…b§a@æŠÔÛa@Zßb¨a@Ý–ÐÛa
) (٣٠٠٠اغتيال واعتقال ٨٤ .......................................................................................
ﺍﳌﺨﺎﺑﺮﺍﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ٨٥ ................................................................................. :
ﺍﳌﺨﺎﺑﺮﺍﺕ ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻴﺔ ..ﻭﺩﻭﺭﻫﺎ ﰲ ﺣﺎﺩﺙ " ﻟﻮﻛﲑﰊ " ..ﻭﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﰲ ﲡﻨﻴﺪ ﻋﻤﻼﺀﻫﺎ ﰲ ﻣﺼﺮ ..ﻭﺍﻟﺸﺮﻕ
ﺍﻷﻭﺳﻂ!! ٨٥ ...........................................................................................................
خاتمـة ٩١ ..............................................................................................................
الفھــرس ٩٣ ..........................................................................................................
***
96
٩٦ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ
×@ @ÑÛûàÜÛ@ôŠc@kn
-١إلى أين يا عرب؟؟!
-٢ھكذا تحدث العقاد " قراءة فى فكر العقاد الديني "
-٣مواعظ الشيطان.
-٤من قتل أشرف مروان.
***@ @
@ @ÉjİÛa@o¤
-١آالم األنبياء!! )السمات النفسية واالجتماعية لألنبياء فى ضوء التحليل النفسي(
-٢علم التفاوض!!
-٣أيام ..وليالي صدام!!
-٤أسرار المنصة) !!..التاريخ السري للسادات ..ومقتل أمين عثمان(
أوراق شمس بدران!! -٥
حب ..وموت ..فى بيروت!! )وقائع عمالة وإغتيال رئيس لبنان بشير الجميل( -٦
-٧حكم البيادة ..والسيف )مأساة مصر تحت أقدام الحكم العسكري(
لندن ..عاصمة الضباب والموت الغامض!! -٨
-٩وجه ..وجسد!! )رواية(
-١٠إيثار اللحظة ..وإيثارھا!! )مجموعة قصصية(
-١١أشتاتا ً أشتوت!! )مسرحية(
-١٢مقھى ريش ..ذاكرة أمة!!
-١٣نجيب سرور )مأساة شاعر قتلته الخيانة(!!
-١٤جاسوسة على عرش مصر!! )حلم كاميليا الذى أسقطته الوكالة اليھودية فى
سماء الدلنجات(
-١٥فتاوى قاتلة )أشھر اإلغتياالت السياسية التى صدرت عن فتاوى دينية (
***