صناعة الجواسيس

You might also like

You are on page 1of 96

1

١ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

@ @òÇbä•
 @AAîaì¦a@

@ @NNpaŠib‚½a@õýàÇ@õbÔnãaë@òÇbä•@paì݁ë@òíŠÄã
@paŠib‚½a@ñŒèuc@bçˆÐäm@Ûa@k퉆nÛa@kîÛbc@Šè‘cë
@ @NNòî½bÈÛa

‫מ دא‬

٢٠٠٨ - ‫ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ‬
‫‪2‬‬
‫‪٢‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫@@ @‬ ‫@‬
3
٣ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

@ @

@ @ñ‰ì–ä½a@M@ @…‰ìÛa@ñŠíŒu@òjnØß
@ @RRUWXXR@Z@p

@ @µëþa@òÈjİÛa
@ @â@RPPW@M@ç@QTRX

@ @
@ @


@ @@ @
4
٤ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬
@ @

‫ﺇﻫـﺪﺍﺀ‬
@ @
@ @@NNlb’@Ý×@ïÛg
@ @@NNåí‡Ûaë@NNa@‡Èi@å ìÛa@NN
@ @@NNéä ë@òãbî£@ù‹¾a@á–ìí@æc@ôëbnm@ü@bîã‡Ûa@Œìä×ë
@b(€àöa†@Ýßþa@óÔjí@NNµ¾bÃ@âbبaë@NN(a‡ŽbÏ@âbÄäÛa@æb×@bàèßë
@ @@NNa@À
@ @@NN"@|Ü—í@åß@ïÛìí@æc@"@êìLJäÜÏ@NNȶë@åß@|Ü—í@@æhÏ
@ @@NNòãbî©a@üg@NNåØÛ
@ @
@ @@NNâb—Ç
‫‪5‬‬
‫‪٥‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫‪@ @AAò߆Խa‬‬
‫ستظل الجاسوسية ھي ثاني أقدم مھنة عرفھا اإلنسان في التاريخ‪ ..‬وأكثر المھن‬
‫تشويقا ً وغموضا ً‪ ..‬وسيظل الجواسيس أكثر الناس خطراً على مختلف الدول ومصالحھا‬
‫في جميع أنحاء العالم‪ ..‬فھم بمثابة قنابل بشرية شديدة األثر‪ ..‬و تكمن خطورتھم في‬
‫مقدار المعلومات التي يمتلكونھا والوظائف التي يشغلونھا‪ ..‬وبأي حال من األحوال ال‬
‫تستطيع أية دولـة إطالقا ً تجاھل الجاسوسية‪ ..‬ويمكننا أن نستعير من القانون تعريفه‬
‫الشھير للجريمة القائل‪) :‬الجريمة ظاھرة إحتمالية في حياة اإلنسان‪ ..‬حتمية في حياة‬
‫المجتمع( لنعيد صياغتھا بھذا الشكل فنق ول‪) :‬الجاسوسية ظاھرة إحتمالية في حياة‬
‫اإلنسان‪ ..‬حتمية في حياة المجتمع(‪.‬‬

‫بشكل أو بآخر ما يستطيع تقديمه من معلومات لمن يُقدّر قيمتھا‬
‫ٍ‬ ‫وكل إنسان لديه‬
‫وتكون بالنسبة لـه ذات أھمية‪ ..‬وعلي ھذا األساس يمكننا القول إنه وإن كان كل إنسان‬
‫من الممكن أن يصبح جاسوسا ً‪ ..‬إال أن من يصلح بالفعل لھذه المھنة االستثنائية ھم القلة‬
‫من ھؤالء‪ ..‬وھي قاعدة من أھم قواعد عالم الجاسوسية‪ ..‬لكن تحاط دوما ً بالعديد من‬
‫عالمات اإلستفھام‪ ..‬مثل‪ ..‬من ھو ھذا الشخص؟‪ ..‬وما قيمة ما لديه ليقدمه؟‪ ..‬وكيف‬
‫يمكن اإلستفادة منه‪ ..‬ثم‪ ..‬كيف يتم اكتشافه‪ ..‬وبعد اكتشافه كيف يتم تدريبه‪ ..‬ثم ھل‬
‫سينجح‪ ..‬أم يكون مصيره الفشل‪ ..‬وھي كلھا إرھاصات للسؤال المبدئي‪ ..‬واألھم‪ ..‬ھل‬
‫يصلح‪ ..‬أم‪ ..‬ال يصلح‪ ..‬فھذا العالم ال يعترف بالفشل‪ ..‬وال بالتجريب‪ ..‬فالغلطة األولي‬
‫فيه‪ ..‬ھي األخيرة‪.‬‬

‫وكل تلك األسئلة السابقة‪ ..‬بالرغم من بساطة صياغتھا في كلمات مكتوبة تقرأ علي‬
‫الورق‪ ..‬وبين صفحات الكتب‪ ..‬إال أنھا فقط مجرد توصيف مباشر وسھل لعملية معقدة‪..‬‬
‫شديدة الصعوبة‪ ..‬متعددة المراحل واإلجراءات‪ ..‬يتحمل عبء اإلجابة عنھا أناس علي‬
‫‪6‬‬
‫‪٦‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫أعلي قدر من الذكاء‪ ..‬والتدريب‪ ..‬إلنتقاء األفضل‪ ..‬وفرز من يصلح‪ ..‬ممن ال يصلح‪..‬‬
‫ومؤسسات تمول كل ذلك‪ ..‬وتدفع بال حساب‪ ..‬وھذا بشكل عام علي مستوي جميع‬
‫أجھزة المخابرات العالمية‪ ..‬بال استثناء‪.‬‬

‫***‬

‫ولخطورة طبيعة ھذا عمل‪ ..‬يمكننا القول أن ھناك تباين شديد بين العديد من‬
‫الجواسيس‪ ..‬ما بين البطولة المطلقة‪ ..‬واألدوار الثانوية‪ ..‬فھناك ما نستطيع أن‬
‫نوّ صفھم‪ ..‬بأنھم مجرد كومبارس علي خشبة المسرح‪ ..‬بينما ھناك طائفة من الجواسيس‬
‫ھم األبرز علي خريطة الجاسوسية عالميا ً‪ ..‬استطاعوا بحق أن يعيدوا صياغة التاريخ‪..‬‬
‫فقلبوا موازينه‪ ..‬وأحرزوا بدھائھم وحيلھم انتصارات عديدة لبالدھم‪.‬‬

‫ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ ﻭﻗﻮﺩ ﺍﳊﺮﺏ‪:!!..‬‬


‫والحروب ھي الميدان الرئيسي دائما ً لعالم الجاسوسية ‪ -‬و إن لم يصبح األوحد وال‬
‫األھم كرد فعلي منطقي لتطورات تكنولوجية سنتحدث عنھا في حينھا ‪ -‬فالحرب دائما‬
‫وقودھا األول ھم طائفة الجواسيس‪ ..‬الذين عاد ًة ما يطلق عليھم تسمية الطابور‬
‫الخامس‪ ..‬يبذلون أقصي ما في وسعھم من جھد لتقديم كل ما يمكن جمعه ومعرفته من‬
‫معلومات عن األطراف األخرى من أحوالھم العامة اقتصاديا ً‪ ..‬واجتماعيا ُ‪ ..‬وما يملكونه‬
‫من ترسانة وقواعد عسكرية‪ ..‬وتلك المھام جميعھا ال يستطيع القيام بھا إال جواسيس‪.‬‬

‫***‬

‫فھناك علي سبيل المثال وليس الحصر الجاسوس الشھير )فرانسيس والسينجھام(‬
‫الذي حارب بضراوة من أجل تأمين عرش الملكة إليزابيث األولى‪ ..‬وآخرون كانوا من‬
‫أھم أسباب انتصار قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية مثل )ريتشارد سورج( وھو‬
‫الملقب في كتب الجاسوسية باألستاذ‪ ..‬وعلي النقيض ھناك من تسبب في كوارث‬
‫‪7‬‬
‫‪٧‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫لألجھزة التي يعمل لصالحھا مثل جاسوس الموساد األبرز )ولفجانج لوتز( الذي عمل‬
‫في القاھرة كضابط ألماني سابق‪ ..‬وتسبب في ضربة قاتلة للمخابرات اإلسرائيلية بغباء‬
‫وسفه ال يصدر عن جاسوس محترف‪ ..‬بل وھناك جواسيس تسببوا بنجاحاتھم‪ ..‬أو‬
‫إخفاقاتھم‪ ..‬في إقالة العديد من أجھزة المخابرات‪.‬‬

‫والفرق بين الفريقين يأتي دائما ً من حسن إعداد وصناعة الجاسوس‪ ..‬فاإلعداد الجيد‬
‫يخلق بال شك جاسوسا ً علي نفس القدر‪ ..‬حتي وإن كانت قدراته الشخصية ‪ -‬وھي من‬
‫أھم متطلبات ھذا العمل ‪ -‬ليست علي مستوي متميز‪ ..‬والعكس ھو الصحيح تماما ً‪..‬‬
‫فمھما كانت القدرات الخاصة للجاسوس متميزة‪ ..‬ويتسم بسرعة البديھة‪ ..‬والذكاء الحاد‪..‬‬
‫إال أن إھمال تدريبه ال يخلق منه جاسوسا ً متميزاً علي اإلطالق‪.‬‬

‫***‬

‫ومعظم كتب الجاسوسية ‪ -‬إن لم تكن جميعھا ‪ -‬تھتم دائما ً بالقصة التي يتعرض لھا‬
‫العميل وتدور حول حياته‪ ..‬وما مرّ به من مواقف معظمھا بالطبع يتسم باإلثارة المستمدة‬
‫من طبيعة العمل نفسه‪ ..‬وتتجاھل في نفس الوقت خطوات صناعة الجاسوس‪ ..‬ومن ھنا‬
‫تبزغ الفكرة األصلية التي يتصدى لھا ھذا الكتاب‪ ..‬وھي )صناعة الجواسيس(‪ ..‬نعرض‬
‫لھا خطو ًة‪ُ ..‬خطوة بكل مراحلھا‪ ..‬مع االستدالل بنماذج تطبيقية من حياة أشھر وأخطر‬
‫الجواسيس‪ ..‬وكذلك شرح للفروق بين عمل بعض أجھزة المخابرات‪ ..‬وكذلك بعض‬
‫النقاط المشتركة فيما بينھا‪.‬‬

‫عصام عبد الفتاح ‪ -‬القاھرة ‪٢٠٠٨‬‬


‫‪8‬‬
‫‪٨‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬
‫‪9‬‬
‫‪٩‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫·‪@ @@Z†îè‬‬
‫‪@ @_NNòîìb¦a@Èm@a‡bß‬‬
‫ﺟﺎﺳﻮﺳﻴﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ‪:‬‬
‫بدأت فكرة تطوير أجھزة المخابرات مع اندالع الحرب العالمية الثانية حيث بدأ‬
‫اعتمادھا كسالح فعلي يدرس في المعاھد العسكرية واألكاديمية‪ ..‬وحدثت ثورة كبيرة في‬
‫مجال تفعيل دور الجواسيس وتجنيد العمالء المؤھلين لتقصي األخبار وتحديد المنشآت‬
‫المھمة في الدول المستھدفة‪ ..‬مردھا األول إلي ما حدث أثناء فترة ما يعرف بالحرب‬
‫الباردة بين الواليات المتحدة األمريكية بجھازھا المخابراتي المعروف بالـ )سي آي إيه‬
‫‪ (C. I. A‬من طرف‪ ..‬واالتحاد السوفيتي سابقا ً بجھازه المخابراتي والذي كان يعرف‬
‫بالـ )كي‪ .‬جي‪ .‬بي‪ (K. G. B ..‬وكانت ھاتان الدولتان ھما القوتان العظميان في العالم‬
‫في تلك الحقبة من القرن الماضي‪ ..‬وھي حقبة نھاية الستينيات والسبعينيات دخوالً إلي‬
‫منتصف الثمانينيات حيث لم تتوان أي منھما في محاولة تھديد أمن الطرف اآلخر‬
‫للھيمنة على العالم وإلثبات أنھا الطرف األقوى‪ ..‬ويمكننا القول أن أجھزة المخابرات‬
‫بعملھا التقليدي من إغتياالت وخالفه لم يكن لھا دور يذكر في حسم الحرب الباردة‬
‫لصالح الغرب‪ ..‬حيث حسمتھا عوامل أخرى مثل القوة االقتصادية‪ ..‬والتقدم التكنولوجي‬
‫والتطورات السياسية‪ ..‬لكن النجاح الحقيقي ألجھزة وأعمال المخابرات تمثل وقتھا في‬
‫منع الحرب الباردة من التطور إلي حرب حقيقية ومدمرة‪ ..‬ولعل ھذا ھو ما لفت نظر‬
‫جميع الدول إلي ضرورة تطوير نظم عمل‪ ..‬وأھداف المؤسسات التخابرية‪.‬‬

‫واآلن‪ ..‬لم يعد أحد في ھذا العالم يمكنه اإلدعاء بأنه يمتلك معلومات سرية‪ ..‬فمتى‬
‫ما خرجت المعلومة من العقل وأصبحت مسجلة على أي حاسب آلي فقد أصبحت علي‬
‫المشاع‪ ..‬حيث تستطيع أية جھة أو شخص ما لديه القدرة التقنية أن يحصل على تلك‬
‫‪10‬‬
‫‪١٠‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫المعلومات في لمح البصر‪ ..‬وأي إنسان اليوم يستطيع أن يتعرف على الشارع ورقم‬
‫المنزل الذي يعيش فيه أي شخص يحتاج إلي معرفته‪ ..‬بمجرد أن يعرف رقم تليفونه‪..‬‬
‫كما أن أي بطاقة عادية من تلك التي تفتح أبواب غرف الفنادق المنتشرة في كافة أنحاء‬
‫العالم تحمل في شريطھا األسود الخلفي معلومات تفصيلية عن الساكن‪ ..‬ليس فقط رقم‬
‫بطاقته االئتمانية‪ ..‬بل معلومات تفصيلية عن جوازسفره وتاريخ ميالده وعدد ابناءه‪..‬‬
‫ومھنته‪ ..‬وما إلي ذلك‪ ..‬عندما تقع تلك البطاقة في أيدي غير صديقة تصبح كل تلك‬
‫المعلومات متاحة‪ ..‬ھذا على مستوى األشخاص العاديين‪.‬‬

‫فما بالنا بأجھزة جمع وتحليل ومعالجة ھذه البيانات ھي شغلھا الشاغل واألساسي‪..‬‬
‫فالحقيقة أن ما نعرفه كأشخاص عاديين من معلومات‪ ..‬ھو جزءصغير مما تعرفه تلك‬
‫األجھزة المختصة‪ ..‬حيث أصبح العالم كله بالفعل قرية صغيرة يستطيع أي إنسان أن‬
‫يركب صاروخ التكنولوجيا ليخترق به في جزء من الثانية حاجزا الزمان والمكان‪..‬‬
‫لينتقل من شرق العالم‪ ..‬إلي غربه‪ ..‬ومن شماله‪ ..‬إلي جنوبه‪ ..‬كل ذلك بضغطة إصبع‬
‫علي لوحة المفاتيح الخاصة بأي كمبيوتر متصل بشبكة المعلومات الدولية )اإلنترنت(‪.‬‬

‫ولنضرب علي ذلك مثالً شديد الشيوع حاليا ً‪ ..‬ويتباھى به صانعوه وھم األمريكان‪..‬‬
‫حيث تحتفظ إدارة الھجرة في الواليات المتحدة وفي غيرھا من الدول الكبرى بمعلومات‬
‫تفصيلية تقريبا ً عن أي شخص في العالم‪ ..‬تحصل عليھا بطرق مختلفة منھا تقديم طلبات‬
‫الزيارة‪ ..‬أو الدخول إلي الحواسب المركزية المختلفة في عدد من الدول التي تحتفظ‬
‫بمعلومات عن المواطنين‪ ..‬ولعل أفضل دليل علي ذلك المذبحة التي حدثت عام ‪٢٠٠٧‬‬
‫في مدينة فرجينيا األمريكية‪ ..‬والتي راح ضحيتھا عدد كبير من الطالب‪ ..‬فمعظم‬
‫المعلومات التي توفرت عن القاتل بعد انتحاره جاءت من خالل أجھزة الكمبيوتر‬
‫‪11‬‬
‫‪١١‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫الشخصي الخاص به‪ (١) ..‬فالكمبيوتر والتليفون المحمول وكثير من وسائل االتصال‬
‫الحديثة ھي بمثابة )جاسوس مصاحب( للشخص طوال فترة استخدامه إياه‪.‬‬

‫‪ ..‬كما أن نقل تلك المعلومات يتم إما بالتراضي أو ربما بالقرصنة‪ ..‬مثلما حدث في‬
‫قضية مھندس الطاقة الذرية المصري محمد سيد صابر الذي تمكن من دس برنامج‬
‫حاسب آلي على أجھزة الحاسب الخاصة بھيئة الطاقة الذرية‪ ..‬مما أت اح للمخ ابرات‬
‫اإلسرائيلية اإلطالع على المعلومات الخاصة بنشاط الھيئة‪ ..‬وتكشف أسباب الحكم في‬
‫قضيته)‪ (٢‬عن مفاجآت خطيرة وجرائم عديدة ارتكبھا الجاسوس المصرى في حق وطنه‬
‫حينما اخترق الشفرة السرية التي تنظم عمل المفاعل النووى بأنشاص‪ ..‬وتدخل في نظام‬
‫التشغيل بما قد يعرض المفاعل للخطر واالنفجار في سبيل الحصول على المعلومات‬
‫التي طلبھا منه الموساد‪.‬‬

‫وأشارت المحكمة لجزئية ھامة جداً‪ ..‬حيث أكدت أنه لوال اإلھمال والتردي داخل‬
‫تلك الھيئة لما تمكن المتھم من اختراق الشفرة السرية التي ھي من أھم وأخطر أسرار‬
‫المفاعل النووي بأنشاص واإلطالع على ما يدور بأحشاء ھيئة الطاقة الذرية بقصد تنفيذ‬
‫التخابر مع المخابرات اإلسرائيلية وتسجيلھا على ‪.C.D‬‬

‫وفجرت حيثيات الحكم مفاجأة مثيرة عندما أدلى المتھم محمد سيد صابر باعتراف‬
‫خطير مؤكداً أن ضابطي الموساد طلبا منه أن ينقل نفسه من ھيئة الطاقة الذرية إلي‬
‫األمان النووي ألن لھم عمالء داخل ھيئة الطاقة الذرية ويفتقدون إلي عميل داخل األمان‬
‫النووي‪..‬‬

‫‪ -١‬تسعي كافة الدول حاليا ً على اختالفھا توجھاتھا لسن تشريعات تجبر الشركات االلكترونية‬
‫الخادمة للبريد االلكتروني ‪ -‬معظمھا أميركية ‪ -‬أن تخزن ھذا البريد بين األفراد أو المؤسسات‬
‫للعودة إليه عند الحاجة ‪...‬‬
‫‪ -٢‬القضية نظرتھا محكمة أمن الدولة العليا طوارئ برئاسة المستشار محمد رضا شوكت وآثارت‬
‫رود فعل واسعة ‪ ..‬ونتعرض لھا بالتفصيل فى باب نماذج تطبيقية بآخر الكتاب‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫‪١٢‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫وإذا صدق االتھام الموجه للمھندس المصري‪ ..‬فإن برنامجا ً صغيراً يدخل في أي‬
‫أجھزة كمبيوتر سواءاً أكان شخصيا ً أو تابع ا ً لمؤسس ة أو إدارة حكومية‪ ..‬يستطيع أن‬
‫ينقل كل ما يحتويه ذلك الكمبيوتر إلي مكان آخر بعيد أو قريب في نفس اللحظة‪.‬‬

‫مما يعني أنه بالفعل لم يعد أحد يملك أسراراً خاصة به‪ ..‬مثلما كان الحال فيما‬
‫مضي‪.‬‬

‫ﺍﻹﻧﺘﺮﻧﺖ‪ ..‬ﻭﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺎﺕ‪:‬‬
‫ومنذ سبعة عشرسنة فقط عندما بدأت محطة الـ )سي إن إن( األميركية بثا ً تلفزيونيا ً‬

‫مباشراً وعلي الھواء من داخل جبھة الحرب بدولة الكويت فيما ع ِ‬
‫ُرف بحرب الخليج‬
‫الثانية‪ ..‬بدا األمر للجميع وكأنھم يشاھدون معجزة‪ ..‬أما اآلن وقد امتأل العالم بآالف‬
‫المحطات التلفزيونية الفضائية في سباق للسيطرة الثقافية واالقتصادية‪ ..‬أصبحت صناعة‬
‫المعلومات‪ ..‬ووسائل االتصال ھما صناعتان تضاھيان كل الصناعات اإلستراتيجية‬
‫األخرى‪ ..‬ومن ثم أصبحت فيما بعد شبكة المعلومات الدولية )اإلنترنت( ھي سيد‬
‫الموقف بتأثيرھا الال متناھي‪ ..‬وفي واح ٍد من تصريحاته النارية لم يخجل حسن نصر ]‬
‫زعيم حزب ] في لبنان عندما قال )إننا نحصل على المعلومات في تصنيع بعض‬
‫األسلحة والمتفجرات من االنترنت(‪ ..‬وما قاله نصر صحيح مائة‪ ..‬في المائة‪ ..‬بل وھو‬
‫نفس ما يخجل زعماء بعض المنظمات األخرى‪ ..‬سواء أكانت ثورية‪ ..‬أم كمعظم الغالبية‬
‫منھا إرھابية في التصريح به‪ ..‬ولكنه حقيقة عالمية‪ ..‬فقد دارت عجلة الزمن لتغير مفھوم‬
‫التفوق الغربي البحت في مجالي المعلومات‪ ..‬واإلتصاالت إلي مشاركة من جميع الدول‬
‫بما فيھا بالطبع دول العالم الثالث‪ ..‬وقد تكون المشاركة سلبية‪ ..‬ولكنھا علي كال حال‬
‫تسمي مشاركة‪.‬‬

‫***‬
‫‪13‬‬
‫‪١٣‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫وأمام ھذه التطور الرھيب نجد أنفسنا حِيال بعض االختالفات الجذرية في تناول‬
‫المفاھيم التعريفية القديمة للـ )الجاسوسية( بشكلھا التقليدي‪ ..‬والتي لم تعد تناسب‬
‫مستجدات ما أ ُ ٍ‬
‫جمعَّ عالمي ا ً علي تعريفه بأنه عصر ثورة المعلومات‪ ..‬فلم تعد ھناك‬
‫أسرار يمكن إخفاؤھا بشكل مطلق‪ ..‬ونحن نسمع أو نرى معظم األحداث تقريبا ً في وقت‬
‫وقوعھا‪ ..‬وفي أي مكان من دول العالم‪ ..‬لكن ھنا عقدة القضية ككل‪ ..‬فالخطأ الشائع أن‬
‫الجاسوسية ھي المعلومة‪ ..‬يفرض نفسه ليقودنا للتعريف األھم وھي أن الجاسوسية‬
‫ليست المعلومة فقط‪ ..‬فھناك األھم‪ ..‬وھو القدرة علي استغالل وتوظيف ھذه المعلومة‪..‬‬
‫وھو ما يقودنا ألھم عناصر اللعبة‪ ..‬وھو‪:‬‬

‫ﺣﺘﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ‪:‬‬


‫فبالرغم من كل ما ذكرناه يبقي العنصر البشري‪ ..‬ھو األساس‪ ..‬فھو الذي يحرك‪..‬‬
‫ويسيطر علي كل ذلك‪ ..‬بل ويستطيع أن يوقف تأثيره‪ ..‬كما م ّد لـه الحبل‪ ..‬ألن األمر‬
‫ببساطة أن طرف ھذا الحبل السري شديد الخطورة يبقي في يد اإلنسان الذي صاغ بعقله‬
‫كل ھذا‪ ..‬ويستطيع بعقله أيضا ً أن يمحوه في لحظة‪ ..‬فلم تعد الجاسوسية تعني في عالم‬
‫اليوم مثلما كانت تعني فيما مضي وجري توصيفھا علي أنھا عيون مفتوحة وآذان تسمع‬
‫خلف الجدران‪ ..‬بقصد توصيل المعلومة للباحث عنھا‪ ..‬فالمعلومة بسبب ما أشرنا إليه‬
‫من وسائل االتصال الحديثة‪ ..‬أصبحت متوفرة في يد الجميع‪ ..‬لكن من يستطيع توظيفھا‬
‫لصالحه يبقي ھو األقوى‪ ..‬واألكثر استفادة‪.‬‬

‫***‬

‫@@ @‬ ‫@‬
14
١٤ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

@ @
@ @
@ @
@ @

@ @@NNÞëþa@Ý–ÐÛa
@NNîaì¦a@Êaìãc
@ @@AAáç‰bîna@ÖŠë
‫‪15‬‬
‫‪١٥‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫العميل المخابراتي ھو أوالً وأخيراً تاجر‪..‬‬

‫بضاعته المعلومات‪ ..‬يبيعھا لمن يُقدِر الثمن‪ ..‬ويدفع لـه‪..‬‬

‫تاجر آخر‪..‬‬
‫ٍ‬ ‫لكنه ليس كأي‬

‫فھو تاجر يحمل عمره على يد‪ ..‬وعلى يده األخرى كفنا ً نسجت خيوطه مما يقدمه‬
‫لآلخرين من معلومات‪..‬‬

‫ويوم يوقع رسميا ً وثيقة انضمامه لھذا العالم الخطير‪ ..‬يوقع معھا فى نفس اللحظة‬
‫شھادة وفاة مؤجلة المراسم‪ ..‬إلى حين‪..‬‬

‫وللجواسيس تصنيفات معروفة‪ ..‬فإما أن يكون الجاسوس ابن البلد ويقوم بالتجسس‬
‫لصالح دول خارجية مقابل مبالغ مالية يتم اإلنفاق عليھا‪..‬‬

‫وإما أن يكون عميالً أجنبيا ً تتم زراعته في الدولة المستھدفة‪..‬‬

‫وآخرھم وأخطرھم في نظر الخبراء السياسيين ھوالعميل المزدوج والذي يزود كال‬
‫الطرفين بالمعلومات المطلوبة منه مقابل االستفادة منھم بمردود مادي و خالفه‪ ..‬و تعنى‬
‫تسمية " العميل المزدوج " فى عالم المخابرات الكثير‪ ..‬فھناك فى قمة الھرم المخابراتي‬
‫يسكن ملوك عالم الجاسوسية‪ ..‬وھم أولئك األشخاص الذين تطلق عليھم تلك التسمية‪..‬‬
‫والتي يحتلون بناءاً عليھا صدارة تصنيف العمالء فى ھذا العالم المثير‪ ..‬وكما قلنا سابقا ً‬
‫أن أى شخص يمكن أن يصبح جاسوسا ً‪ ..‬لكن بالقياس نفسه ال يصلح أي شخص للعب‬
‫دور العميل المزدوج‪ ..‬وتعنى التسمية إن من يحمل ھذا اللقب ليس جاسوسا ً عاديا ً‪ ..‬إنما‬
‫ھو عميل فوق العادة ويتطلب إعداده للقيام بمھامه المكلف بھا تدريبات ونفقات مادية‬
‫عالية‪ ..‬فضالً عن ‪ -‬وھذا ھو األساس فى االختيارـ امتالكه الفطري لقدرات خاصة من‬
‫اإلستعداد والذكاء الشخصي والحرص المتناھي حتى يستطيع خداع األجھزة التي يعمل‬
‫ضدھا‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫‪١٦‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫ﻋﻤﻼﺀ ﺍﳌﻬﺎﻡ ﺍﳋﺎﺻﺔ‪:‬‬


‫وھناك نوعية أخري من الجواسيس يطلق عليھم تسمية )عمالء المھام الخاصة(‪..‬‬
‫وطبيعة عمل تلك الطائفة كانت وستظل دائما ً من أھم مظاھر العمل المخابراتي‪ ..‬وھي‬
‫تتعلق بتصفية الخصوم والمعارضين السياسيين ألنظمة الحكم‪ ..‬سواءاً في الداخل‪ ..‬أم‬
‫الخارج‪ ..‬لكن ھذه المھام الحساسة‪ ..‬تحتاج عمالء من نوعيات خاصة جداً‪.(١).‬‬

‫ﺍﳋﻄﻮﺍﺕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﺎﺳﻮﺱ‪:‬‬


‫إذن كما قلنا )العنصر البشري( ھو أُس عمل أجھزة المخابرات العالمية‪ ..‬وھناك‬
‫ست خطوات أساسية أتفقت معظم أجھزة المخابرات علي اعتبارھا ھي أسس صناعة‬
‫الجاسوس‪ ..‬وھي بالترتيب كالتالي‪:‬‬

‫‪ -١‬انتقاء الجاسوس‪..‬‬

‫‪ -٢‬تقييمه‪..‬‬

‫‪ -٣‬تجربته‪..‬‬

‫‪ -٤‬تدريبه‪..‬‬

‫سخر أجھزته المخابراتية لتصفية مناھضيه مثل النظام السوفيتي ‪..‬‬ ‫‪ -١‬لم يعرف التاريخ نظام حكم ّ‬
‫خاصة في أعقاب الحرب العالمية الثانية‪ ..‬وكأن الھدف الرئيسي الذي من أجله أسس الروس الـ‬ ‫ً‬
‫) كي‪ .‬جي‪.‬بي ( ھو البحث عن ھذه العناصر وتحديد أماكنھا وجمع المعلومات عنھا تمھيداً‬
‫الغتيالھا‪ ..‬غير أن تنفيذ عمليات االغتيال نفسھا كان من مسؤولية إدارات داخلية أخري تم إنشاءھا‬
‫خصيص ا ً لھذا الغرض ‪ ..‬وي ذكر لنا تاريخ المخابرات أن عدد »األھداف« التي تم مطاردتھا‬
‫وتعقبھا وتحديد مواقعھا بلغ حوالي ‪ ٣٦‬ھدفا ً ‪ ..‬من بينھم ضباط جيش عاديين مثل القبطان‬
‫»شادرين « قائد الط ّراد الذي ف ّر من أسطول البلطيق ‪ ..‬ولجأ مع عشيقته إلي السويد طالبا ً اللجوء‬
‫السياسي ‪ ..‬وكان من األھداف أيضا قادة سياسيين وزعماء دول تتولى تحديدھم أجھزة القيادة‬
‫السوفيتية العليا ‪ ..‬مثل شاه إيران الذي فشلت محاولتان قام بھما الجھاز الغتياله ‪..‬بينما نجحت‬
‫محاولة اغتيال رئيس الوزراء األفغاني في قصره عام ‪ ١٩٧٩‬في كابول ‪ ..‬ونسبت لنفس الجھاز‬
‫محاوالت اغتيال زعماء بعض الدول في الشرق والغرب )من بينھم بابا الفاتيكان نفسه(‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫‪١٧‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫‪ -٥‬تشغيله‪..‬‬

‫‪ -٦‬قبل أن تأتي المرحلة األخيرة‪ ..‬والتي تم وضع عدد من السيناريوھات المناسبة‬


‫لكل احتمال ممكن الحدوث ووفقا ً لـه يتم رسم طريقة إنھاء التعامل مع الجاسوس‪..‬‬

‫‪ ..‬ونتحدث عبر الصفحات القادمة عن كل عنصر من تلك العناصر على حِدا‪.‬‬

‫ﺍﻧﺘﻘﺎﺀ ﺍﳉﺎﺳﻮﺱ‪ ..‬ﻭﺗﻘﻴﻴﻤﻪ؟‬


‫ھذه الخطوة تقوم على تحديد األشخاص من النوعية ذات اإلستعداد الفطري‬
‫للتجسس‪ ..‬ويقوم رجال المخابرات باالختالط مع المتواجدين في الدائرة التي يعملون بھا‬
‫أمالً في اكتشاف عمالء محتملين‪ ..‬ويتم التركيز عادة على المسئولين في الحكومات‬
‫المحلية‪ ..‬وأفراد القوات المسلحة‪ ..‬في البلد المضيف ھذا إذا كان نطاق البحث خاص‬
‫بأحد األجھزة خارج دولته األصلية‪ ..‬ذلك ألن األشخاص اآلخرين اللذين يعملون في‬
‫مھن أخرى حتى وإن كانوا قابليين للتجنيد ال يطلعون عادة على المعلومات االستراتيجية‬
‫عالية المستوى التي تسعى لھا أجھزة المخابرات‪.‬‬

‫ﺍﻟﻜﺸﺎﻓﲔ‪:‬‬
‫ويعمل معظم ھؤالء الكشافين في السفارات التابعة لدولھم ألن الستار الدبلوماسي‬
‫يوفر لھم الفرصة المناسبة للوصول إلي أھدافھم بسھولة‪ ..‬كما يوفر لھم الغطاء‬
‫الدبلوماسي قدراً كبيراً من الحماية المرجوة‪ ..‬وحيث تتميز حياتھم بالعديد من الفرص‬
‫المناسبة لالحتكاك بالعاملين في نفس المجال‪ ..‬والوصول إلي األھداف والبعثات‬
‫الدبلوماسية المماثلة‪.‬‬

‫وھناك وظائف رسمية‪ ..‬وأخرى غير رسمية تمنح لعمالء اإلستكشاف ليتمكنوا من‬
‫خاللھا أداء المھام الموكلين بھا‪ ..‬كأن يكونوا مثالً طالبا ً بإحدى البعثات التعليمية‪ ..‬أو‬
‫مراسلين صحفيين جوالين‪ ..‬أوحتى رجال دين‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫‪١٨‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﳌﺨﺎﺑﺮﺍﰐ )ﺍﻟﻜﺸﺎﻑ(‪:‬‬


‫ولخطورة مھام الكشاف يتم إعداده داخل أروقة أجھزة المخابرات بدقة‬
‫شديدة‪ ..‬ويتم انتقاء المتخصصين في ھذا العمل ككل بدقة أشد‪ ..‬يؤكد )جيفري‬
‫ريشيلسون(‪ ..‬الكاتب والمؤرخ األمريكي المتخصص في تاريخ التجسس‪ ..‬أن‬
‫ھناك فرقة خاصة في المخابرات األمريكية تسمي )‪ (SAD‬أنشأت حديثا ً‪.‬‬
‫وتختصّ إعداد العنصر المخابراتي بشكل جيد‪ ..‬وبما يتناسب مع حساسية‬
‫األعمال المنوطة بھم‪ ..‬وتضم ھذه الفرقة ‪ ٢٠٠‬ضابط تم تقسيمھم على شكل‬
‫مجموعات محددة ھي‪:‬‬

‫‪ -‬مجموعة العمليات الخاصة‪.‬‬

‫‪ -‬مجموعة تدريب األجانب‪.‬‬

‫‪ -‬مجموعة الدعاية والعمل السياسي المختصة بمعالجة المعلومات ونشر المعلومات‬


‫المطلوبة‪.‬‬

‫‪ -‬مجموعة الكومبيوتر التي تختص ببناء قاعدة معلوماتية خاصة‪.‬‬

‫‪ -‬ثم مجموعة إدارة الممتلكات ويطلق عليھا اختصاراً مسمي )‪ (PMS‬التي تختص‬
‫بترتيب تأسيس شركات تجارية أو شرائھا وإعداد المكاتب التي تمنح غطا ًء مناسبا ً‬
‫لضباط فرقة )‪.(SAD‬‬

‫ويجري تجنيد ھؤالء الضباط من بين العسكريين الذين تقاعدوا أو استقالوا من‬
‫الجيش‪ ..‬أو الذين عملوا خارج الواليات المتحدة في مھام خاصة‪.‬‬

‫ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﻣﺴﺒﻘﺔ‪:‬‬
‫وال يسير األمر ھكذا عشوائيا ً‪ ..‬إنما يتلقى الكشاف تعلميات تستند إلي دراسات‬
‫‪19‬‬
‫‪١٩‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫يقوم بھا خبراء جھاز المخابرات الذي يعمل لصالحه حول نوعية األشخاص الذين‬
‫تضمھم الشريحة االجتماعية والفئوية التي من المفروض أن تكون ھي دائرة بحثه‪..‬‬
‫وتتفاوت شخصية الجاسوس المحتمل بين بلد ٍٍ◌ وبلد‪ ..‬وبين حالة وحالة‪ ..‬غير أنه تم‬
‫تحديد أصناف معينه ألنواع العمالء سريعي التأثر الذين تفضلھم أ جھزة المخابرات‪..‬‬
‫وھم عاد ًة ما يكونوا من غير الراضين عن أنظمة الحكم في بلدانھم‪ ..‬وال يؤمنون‬
‫بسياساتھا‪ ..‬فمثل ھؤالء ھم أكثر الفئات استعداداً للعمل بإخالص‪ ..‬أكثر من الفئة‬
‫األخرى التي تحركھا دوافع مادية بحتة‪ ..‬وإن كان من المسلم به أن المال يساعد كثيراً‬
‫في تجنيد العمالء‪ ..‬وعلى األخص في بلدان العالم الثالث حيث الفقر دائم ا ً‪ ..‬كالماء‬
‫والھواء لكثير من شرائح تلك المجتمعات‪.‬‬

‫وا لعمالء الذين يتم تجنيدھم من خالل الشق الثاني‪ ..‬تتعامل معھم أجھزة المخابرات‬
‫بحرص شديد‪ ..‬حيث الخشية من أن يتحول في لحظة إلي ھدف بالنسبة ألجھزة‬
‫مخابرات أخري تستطيع شرائه بالمال‪ ..‬ويكون في الغالب أقل تأثراً وشعوراً بالذنب‪..‬‬
‫بينما العميل الذي يكون ھدفه عقائديا ً )سواء كانت عقيدة دينية‪ ..‬أم سياسية( يشكل ھدفا ً‬

‫مضمونا ً لجھاز المخابرات الساعي لتجنيده‪ ..‬فالقضية بالنسبة لـه مبدأ‪ ..‬وعقيدة‪ ..‬وھي‬
‫من األشياء التي نادراً ما تتبدل في حياة اإلنسان‪ ..‬وال تباع‪ ..‬وال تشتري بالمال‪ ..‬ويعتبر‬
‫مثل ھذا العميل )الخارج على حكومته داخل بالده( صيداً ثمينا ً للعاملين في مختلف‬
‫أجھزة المخابرات‪ ..‬كذلك ھناك نوعيات أخري دائما ً ما تكون تحت المنظار بالنسبة‬
‫لجميع أجھزة المخابرات‪ ..‬وھم طائفة المسئولين الذين يعيشون حياة باھظة النفقات وال‬
‫يستطيعون المحافظة على مستواھا عن طريق دخولھم العادية‪ ..‬أو أولئك الذين يعانون‬
‫من نقاط ضعف واضحة ال يستطيعون السيطرة علي أنفسھم حيالھا‪ ..‬ويمكننا أن نحصر‬
‫ذلك في طائفة الباحثين لحد اإلدمان عن المال‪ ..‬أو المخدرات بكافة أشكالھا‪ ..‬وأنواعھا‪..‬‬
‫ثم أھم‪ ..‬وأخطر نقاط الضعف‪ ..‬وھو الجنس)‪ ..(١‬وال يبحث رجل المخابرات دوما ً عن‬
‫‪20‬‬
‫‪٢٠‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫عمالء محتملين بين اؤلئك الذين يشغلون مناصب ذات أھمية‪ ..‬ويعتبر الطالب خاصة‬
‫في البعثات التعليمية الخارجية ھم أھدافا ً ذات قيمة عالية‪ ..‬وعلى األخص في بلدان العالم‬
‫الثالث حيث يرتقي خريجو الجامعات مناصب حكومية رفيعة بعد تخرجھم‪ ..‬وھنا يتم‬
‫التركيز وتحديد حيز البحث داخل أوساط الجامعات التي يكثر فيھا الطالب األجانب‪..‬‬
‫ومن ث ّم التركيز على استقطاب وتجنيد أساتذة الجامعات‪.‬‬

‫ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ‪:‬‬
‫وتبدي أجھزة المخابرات اھتماما ً خاصا ً في البحث عن عمالء داخل القوات‬
‫المسلحة ألن العسكريين ھم العنصر المتحكم في ھذه البلدان والمسيطر عليھا‪ .‬ومن ھنا‬
‫جاء التركيز على مدارس القوات المسلحة ومعاھد التدريب التي تستقبل الضباط األجانب‬
‫في دوارت تدريبية‪..‬‬

‫ﺗﻘﻴﻴﻢ ﺍﳉﺎﺳﻮﺱ‪:‬‬
‫بعد انتقاء الجاسوس المحتمل وترشيحه من قبل الكشاف المخابراتي‪ ..‬يقوم جھاز‬
‫المخابرات بعمل دراسات دقيقة عنه لتقرير ما إذا كان سيصبح في وضع يستطيع معه‬
‫تقديم معلومات مفيدة أم ال؟‪ ..‬والخطوة األولى في ھذه العملية ھي البحث والتدقيق في‬
‫ماضي ھذا الشخص بالرجوع إلي أخبار مفصلة في ما لدي الجھاز من معلومات‪ ..‬فمثالً‬

‫كما قلنا من قبل فإن المخابرات المركزية األمريكية لديھا ما يسمي بـ )بنك المعلومات(‬
‫الذي يتضمن معلومات عن الماليين من األشخاص في العديد من الدول‪ ..‬فإذا ُعثر على‬
‫أي معلومات عن العميل المرتقب يتم نقل ھذه المعلومات فوراً إلي ضابط الميدان الذي‬
‫يواصل في غضون ذلك دراسة احتماالت التجنيد‪ ..‬ويقوم بتحريات خفية لرسم الصورة‬
‫الحقيقية عن العميل‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫‪٢١‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫ﲢﺖ ﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ‪:‬‬
‫أما المؤكد‪ ..‬وفي كل أجھزة المخابرات العالمية فإن الشخص المرشح البد من‬
‫وضعه تحت المراقبة لمعرفة المزيد عن عاداته وآرائه‪ ..‬ثم تبدأ دراسة دقيقة لمعرفة‬
‫الدوافع وراء احتمال قبولـه للعمل كجاسوس‪ ..‬وھل ستكون عقائدية أم نفسية‪ ..‬أم مادية‪..‬‬
‫و إذا لم يكن لـه مثل ھذا الدافع فأى احتمال بديل سوف يلجأ إليه جھاز المخابرات‬
‫إلجباره علي قبول التعاون معھم‪ ..‬والوسائل األخرى عديدة‪ ..‬ومتنوعة كالتھديد‪..‬‬
‫والضغط‪ ..‬وعلى الضابط المسئول عن العملية أن يقرر مدي صالحية ھذا الشخص‪ ..‬ثم‬
‫إمكانية إنقالبه عليھم ليتحول إلي عميل مزدوج‪ ..‬وعند انتھاء فترة تقييم العميل التي قد‬
‫تمتد أسابيع‪ ..‬أو أشھر تقرر الكوادر الرئاس ية المباشرة لفريق العمل بالتشاور مع‬
‫عناصر المراقبة‪ ..‬والمتابعة الميدانية متي يجب اإلتصال مع العميل المرتقب كي يبدأ‬
‫العمل‪ ..‬فإذا كان القرار ايجابيا ً فمن الطبيعي أن يتصل رجل آخر من الجھاز بالھدف‪..‬‬
‫وال يتصل به عادة الرجل الذي اكتشفه أو الذي قام بتقييمه‪ ..‬ويتم ترتيب لقاء بصور‬
‫مختلفة حسب ظروف كل عملية لإلجتماع بالعميل المرتقب‪ ..‬ويتم التعارف بين الضابط‬
‫المكلف بتنفيذ العملية مع ھدفه وفقا ً لظروف يُعد لھا إعداداً دقيقا ً‪ ..‬ويتم تأمين المكان‪..‬‬
‫ومراقبته جيداً‪ ..‬وعمل أكثر من خطة بديلة تحسبا ً ألية احتماالت واردة‪ ..‬بالشكل الذي‬
‫يسمح لھم بالسيطرة علي الموقف‪ ..‬وتھريب عنصرالتجنيد المباشر في حالة وقوع ما‬
‫ليس في الحسبان‪ ..‬وإذا حدث‪ ..‬وكان العميل المرتقب ينتمي لصفوف المعارضة في بلده‬
‫فإن عنصرالتجنيد غالبا ً ما يبدأ حديثه بالكالم المعتاد‪ ..‬والمكرر عن المبادئ التي يجب‬
‫أن يلتزم بھا المواطن نحو وطنه وعن ميول أخرى أيديولوجية ويقترح وسائل يمكن‬
‫للرجل بھا أن يساعد بالده وشعبه‪ ..‬أما إذا أتضح أن العميل المرتقب يتميز بالضعف‬
‫تجاه المال فإن الضابط يلعب على ھذا الوتر مؤكداً أنه لديه وسائل متعددة لكسب مبالغ‬
‫كبيرة من المال بسرعة وبسھولة‪ ..‬ويدعوه ليشاركه فيھا‪ ..‬أما إذا كان العميل المرتقب‬
‫‪22‬‬
‫‪٢٢‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫يھتم بالسلطة‪ ..‬أو كان واقعا ً تحت تأثير )الجنس أو المخدرات( أو لديه مشاكل أسرية‪..‬‬
‫أو أمنية‪ ..‬ويري د الھروب من بالده واالبتعاد عن عائلته ووضعه االجتماعي‪ ..‬ف إن‬
‫عنصرالتجنيد يكون قد أعد من قبل سيناريوھات خاصة بكل حالة‪ ..‬ينفذھا حرفيا ً من‬
‫خالل أولي تلك اللقاءات‪ ..‬التي تكون ذات أثر كبير جداً في خط سير العملية ككل‪.‬‬

‫ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﺧﻀﺎﻉ‪:‬‬
‫ومن مھمة عنصر التجنيد تحديد السبيل الذي من خالله ي تم التأثير في العميل‬
‫المرتقب‪ ..‬وإجباره علي اإلنضمام إليھم‪ ..‬وإذا استنتج جھاز المخابرات أن العميل من‬
‫تلك النوعية التي تخشى التھديد واالبتزاز‪ ..‬يتم رصدو أو التقاط دليل ما يورطه‪..‬‬
‫والعمل علي إجباره بالعمل لصالحھم ملوحين لـه بالتھديد باستخدام ھذا الدليل ضده‪..‬‬
‫والتشھير به في حالة رفضه‪ ..‬وأحيانا ً يتم تسجيل اللقاء األول وتصويره وھو يتلقى منھم‬
‫أمواالً ما‪ ..‬أو التسجيل لـه وھو يھاجم نظام الحكم في بلده أما بواسطة أجھزة تسجيل أو‬
‫باتباع وسيلة أخرى كالتصوير أو التقاط أي شيء من متعلقاته قد يمثل دليل يستعمل‬
‫ضده في الوقت المناسب‪.‬‬

‫ﺑﻌﺪ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ‪:‬‬
‫وبعد أن يقبل العميل المرتقب العرض المقدم إليه بالعمل لصالح الجھ از سواء‬
‫بالضغط‪ ..‬أو اإلقتناع‪ ..‬يخوض عنصر التجنيد في تفصيالت الترتيبات فيعرض عليه‬
‫راتب ا ً مغري ا ً يتسلمه عند بداية كل شھر‪ ..‬يحدد ھذا الراتب لكل عميل وفق ا ً لوضعه‬
‫االجتماعي‪ ..‬وغالبا ً ما ُيدفع لـه منه جزءاً شھريا ً فقط‪ ..‬والباقي يوضع بإسمه في حساب‬
‫سري بأية دولـة تتمتع بنوكھا بخاصية سرية الحسابات )‪(١‬؟‪ ..‬ويعود السبب في ذلك إلي‬
‫منع العميل من تبذير األموال بشكل قد يلفت إليه األنظار‪ ..‬ومن القصص الشائعة في‬
‫كتب المخابرات قصة ذلك الجاسوس الذي استطاعت المخابرات األمريكية في‬
‫‪23‬‬
‫‪٢٣‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫الخمسينات تجنيده‪ ..‬وكان يعمل ضابط مخ ابرات في أوروبا الشرقية وتحديداً في‬
‫النمسا‪ ..‬وكان معروف ا ً عنه كراھيته لنظام الحكم في بلده‪ ..‬أي أن دافعه للعمل مع‬
‫األمريكان كان دافعا ً عقائديا ً باألساس‪ ..‬ومع أنه كان أساسا ً ضابط مخابرات‪ ..‬ولديه‬
‫وعد صريح براتب كبير‪ ..‬ومكافأة أكبر عند انتھاء العملية التي س يلجأ بعدھا إلي‬
‫الواليات المتحدة‪ ..‬وامتناع الضابط المسئول عنه عن دفع أية مبالغ مباشرة لـه في فيينا‬
‫حتى ال يلفت أنظار الخصوم إليه‪ ..‬ونظراً لخبرته في ھذا المجال ق ّدر العميل تماما ً‬
‫جدوى ھذه االحتياطات‪ ..‬لكنه فجأة تجاھل كل ھذا وأصرّ علي أن يأخذ مبلغا ً من المال‬
‫كدفعة من حسابه دون أن يبين السبب ل ذلك‪ ..‬وخيرھم بين استمراره في العمل‪ ..‬أو‬
‫ور َفع األمر‬
‫إعطاءه المبلغ الذي طلبه‪ ..‬وبعد أن تشاور ھذا الضابط مع رئيسه المباشر‪َ ..‬‬
‫للرئاسة تقرر إعطاء العميل المال علي وع ٍد منه بأنه لن يقدم علي عمل طائش ينطوي‬
‫على خطورة قد تؤدي لكشف أمره‪ ..‬لكنھم فوجئوا به في نھاية األسبوع التالي يروح‬
‫ويغدو في نھر الدانوب في زورق خاص اشتراه بھذا المال‪ ..‬وبعد بضعة أيام التقي‬
‫بضابط متابعته الذي نھره وطلب منه التخلص من القارب ألنه ال يمكن لرجل مثله‬
‫يعيش في ظروف مادية متوسطة أن يشتري مثل ھذا القارب من راتبه‪ ..‬ووافق العميل‬
‫على ذلك قائالً أنه كان يحلم منذ أن كان صغيراً بأن يملك قاربا ً‪ ..‬أما اآلن فقد تبخرّ ذلك‬
‫الشوق وھو مستعد تماما ً للتخلي عن القارب‪ ..‬لذلك البد من إحكام القيد على العميل‪..‬‬
‫حتي ال يثير أية شبھات حول نفسه قد تفسد المھمة من األساس‪.‬‬

‫ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ‪:‬‬
‫يتعھد عنصر التجنيد للھدف بأن يضمن لـه جھازه المخابراتي سالمته ھو وأفراد‬
‫أسرته في حالة تعرضه لمشاكل مع األمن في بالده‪ ..‬وحمايته في حالة انكشاف أمره‪..‬‬
‫وكلما كان الھدف ذو حيثية‪ ..‬وأھمية خاصة في مجالـه وبلده‪ ..‬كلما كانت تلك الوعود‬
‫أكبر‪ ..‬وتحتمل التركيز عليھا بشكل أكثر ليس في اللقاء األول فقط‪ ..‬ولكن طوال فترة‬
‫‪24‬‬
‫‪٢٤‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫التجھيز األولي‪ ..‬حتي يطمأن الھدف تماما ً‪ ..‬ويحاول عنصر التجنيد حمل العميل الجديد‬
‫لدى موافقته علي العمل بالتوقيع على أوراق تربطه رسميا ً وبوضوح مع جھاز‬
‫المخابرات‪ ..‬وھي بمثابة عقد عمل يمكن استعماله في وقت الحق لتھديد العميل الذي‬
‫يقوم بفضحه إذا ھو توقف عن العمل دون اإلتفاق معھم مسبقا ً علي ذلك‪.‬‬

‫ﺍﳌﻬﻤﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ‪:‬‬
‫والمھمة األخيرة لعنصر التجنيد الذي ينتھي دوره عند ھذا الحد ھي تھيئة موعد‬
‫مناسب لإلجتماع بين العميل الجديد ورجل جھاز المخابرات العامل في تلك البالد الذي‬
‫سيكون مسئوالً عنه و كثيرا ما ينطوي ھذا على إشارات متفق عليھا سلفا ً ومن األساليب‬
‫المتبعة مثال إعطاء العميل إشارة معينة ليرتديھا في مكان ظاھر بمالبسه‪ ..‬ويتم إعالمه‬
‫بأن رجال يحملون عالمة مماثلة سوف يقتربون منه‪ ..‬أو إعطائه كلمة سر ويقال لـه أن‬
‫ضابطه سيتسلمھا في وقت الحق لتعريف نفسه إليه‪ .‬وحين يتم اإلتفاق علي كل ھذا‬
‫يترك عنصر التجنيد المكان ويغادره بأسرع ما يكون‪.‬‬

‫***‬

‫@@ @‬ ‫@‬
25
٢٥ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

@ @
@ @

@ @
@ ZïãbrÛa@Ý–ÐÛa
@NN÷ìb¦a@òiŠ£
@ @@_éj퉆më
‫‪26‬‬
‫‪٢٦‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫‪òîiŠ£@âbèß‬‬
‫ومتى تم تجنيد الھدف‪ ..‬وأصبح عميالً يبدأ الضابط المسئول عنه اختبار والئه ومدى‬
‫االعتماد عليه‪ ..‬فيعھد إليه بمھام معينة تعطي لـه‪ ..‬وفي حالة قدرته علي تنفيذھا بالشكل‬
‫المطلوب تكون بشائر الداللة على والئه وإخالصه قد توفرت‪ ..‬شكل مبدئي‪ ..‬كما تعتبر‬
‫التكليفات األولي بمثابة قياس للتدليل علي قدراته الخاصة‪ ..‬وعادة ما تكون تلك التكليفات‬
‫نتائجھا معلومة مسبقا ً‪ ..‬لكن تستخدم في نفس الوقت لقياس مدي مصداقية العميل الجديد‪..‬‬

‫كأن ُيطلب من العميل مثالً جمع معلومات عن م ٍ‬


‫كان ما لدي الجھاز معلومات مسبقة عنه‪..‬‬
‫فإن لم تتفق المعلومات التي يأتي بھا الھدف مع المعلومات المتوفرة يفسر ذلك بأن العميل‬
‫إما أن يكون غير كفء في أداء عمله‪ ..‬أو أنه تحول لعميل مزدوج‪ ..‬يحاول أن يخدع ضابط‬
‫متابعته‪ ..‬ويظل العميل خالل فترة االختبار تحت مراقبة دقيقة ترصد معھا حركاته‬
‫وسكناته‪..‬‬

‫ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﺬﺏ‪:‬‬
‫ً‬
‫خاصة في‬ ‫اتفقت معظم أجھزة المخابرات العالمية علي ضرورة إخضاع عمالءھا‪..‬‬
‫بدايات تشغيلھم‪ ..‬لجھاز الكشف عن الكذب‪ ..‬وتبني نظرية عمل ھذا الجھاز‪ ..‬علي تبعية‬
‫انتظام النبض الطبيعي لإلنسان مع حالته العصبية‪ ..‬بمعني أن التوتر يزيد من معدل‬
‫ضربات القلب‪ ..‬وبالتالي من زيادة واضطراب النبض‪ ..‬والمعروف أن لجوء اإلنسان‬
‫للكذب يؤثر بدرجات مختلفة علي حالته العصبية وبالتالي علي معدل النبض ارتفاعا ً‪..‬‬
‫وانخفاضا ً‪ ..‬علي عكس الصدق الذي ال يؤثر إطالقا ً في ذلك‪ ..‬ويبدأ الجالس علي جھاز‬
‫كشف الكذب بتوجيه أسئلة اعتيادية للخاضع للكشف‪ ..‬مثل اسمه‪ ..‬واسماء ابناءه‪..‬‬
‫ووالده‪ ..‬ووالدته‪ ..‬وغيرھا‪ ..‬ثم يقيس المنحني البياني إلجاباته التي ال شك في صحتھا‪..‬‬
‫ثم يبدأ الجالس علي الجھاز بتوجيه أسئلته األخرى التي بناءاً علي تحليلھا يتم تحديد مدي‬
‫صدقه أو كذبه‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫‪٢٧‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫‪@ @k퉆nÛa@òÜyŠß‬‬
‫عندما تنتھي عملية اختبار الھدف تبدأ مرحلة تدريب خاصة إلكسابه مھارات معينة‬
‫تتطلبھا طبيعة عمله كجاسوس‪ ..‬ويختلف نو ع التدريب ومكانه وطبيعته باختالف‬
‫ظروف العملية‪ ..‬ويجب أن يتم التدريب بشكل سري‪ ..‬ودقيق للغاية‪ ..‬وھنا تبدأ السمات‬
‫الخاصة لكل عميل من حيث قدراته ومواھبه‪ ..‬وثقافته الشخصية في الظھور لتفرض‬
‫نفسھا بالشكل الذي يعبر عن مدي كفاءته‪ ..‬وتقدمه في برنامجه التدريبـي‪.‬‬

‫وأثناء فترة التدريب يتع رف العميل علي األجھزة واآلالت التي قد يحتاج إليھا‬
‫كأجھزة تصوير اللتقاط صور الوثائق ووسائل االتصاالت السرية والكتابة السرية‬
‫وغيرھا‪ ..‬ويتم تدريبه علي طريقة استعمال كل منھا‪ ..‬ويقتضي ذلك ضرورة عزل‬
‫العميل طوال مدة تدريبه التي تتراوح بين عدة أيام وتصل أحيانا ً إلي شھور‪ ..‬حسب‬
‫نوعية المھمة‪ ..‬والوسائل التي يتم التدريب عليھا‪ ..‬وأوالً‪ ..‬وأخيراً الكفاءة الشخصية‬
‫للعميل‪ ..‬كما يعني ذلك ابتعاد العميل عن أھله ومجتمعه ويطلب إليه في ھذه الحالة‬
‫اختالق مبررات مقنعة لغيابه ھذا‪.‬‬

‫وتوجد قواعد تدريب خاصة للمجندين الملتزمين بالتواجد في وحداتھم العسكرية‪..‬‬
‫تكون معزولة عن كل النشاطات األخرى في معسكرات خاصة‪ ..‬ويراعي فيھا أن تكون‬
‫الجرعات التدريبية مكثفة‪ ..‬وتتخلل فترات أجازاته العادية‪.‬‬

‫وخالل فترة التدريب يجب التأكيد علي أن يلمس العميل الجديد بنفسه‪ ..‬وبطريق‬
‫غير مباشر كفاءة جھاز المخابرات الذي يقوم بتدريبه‪ ..‬وقدرته الفاعلة‪ ..‬حتي ينمحي‬
‫تماما ً من داخله أية بوادر للتخوف من طبيعة مھمته وحياته الجديدة‪ ..‬ويقتنع داخليا ً بأنه‬
‫أصبح يعيش حياة أفضل من حياته السابقة‪.‬‬

‫***‬
‫‪28‬‬
‫‪٢٨‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫@@ @‬ ‫@‬
29
٢٩ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

@ @
@ @
@ @
@ @
@ @

@ ZsÛbrÛa@Ý–ÐÛa
@Ý×@òíbèãë@NNòía†i
@ @@AA÷ìbu
‫‪30‬‬
‫‪٣٠‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ‪:‬‬
‫ھناك طريقتان في العمل السري يمكن تطبيقھما على عمليات التجسس‬
‫التقليدية وعلى العمالء بوجه عام وھما‪ ..‬االتصاالت السرية‪ ..‬واالتصاالت‬
‫المباشرة‪ ..‬وعلى الضابط المسئول أن يؤمن بنفسه وسائل إتصاله بالعميل‪..‬‬
‫والحصول منه علي المعلومات التي يتسني لـه الحصول عليھا‪ ..‬ومتابعته أوالً‬

‫بأول بالتعليمات والتوجيھات الالزمة‪ ..‬وھناك العشرات‪ ..‬والعشرات‪ ..‬من تلك‬


‫الوسائل‪ ..‬تستخدم فيھا طرق مختلفة‪ ..‬ويراعي تغييرھا من آ ٍن‪ ..‬آلخر‪ ..‬للحد‬
‫من احتماالت كشف العملية‪ ..‬وال توجد أنظمة ثابتة‪ ..‬أو قواعد تتحكم في‬
‫االتصال بين الطرفين‪ ..‬لكن ما دامت األساليب المستعملة مأمونة وتفي بغايتھا‬
‫فإن للضابط المسئول حرية االبتكار وخلق طرق جديدة في اإلتصال بعمالئه‪.‬‬

‫ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫في معظم األحوال يُفضل كثيراً نقل المعلومات بشكل مباشر وشفوي‪ ..‬من‬
‫العميل‪ ..‬إلي الضابط المسئول‪ ..‬ألن ذلك يعتبر أكثر أمانا ً وسھولة من نقل ھذه‬
‫المعلومات عن طريق التراسل‪ ..‬وبواسطة األوراق الرسمية‪ ..‬أو استخدام‬
‫أجھزة تجسس قد تدينھم في حال اكتشاف أمرھم‪ ..‬ولكن تبقي الوثائق المكتوبة‬
‫لھا األفضلية لدي أجھزة المخابرات التي تفضل التعامل بھا إلمكانية التدقيق‬
‫حين‪ ..‬آلخر‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫فيھا‪ ..‬ومراجعتھا من‬

‫ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﻏﲑ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ويفضل بعض العمالء أال يكون اتصالھم بالضابط المسئول اتصاالً‬

‫شخصيا ً مباشراً‪ ..‬ألنھم يرون أن كل لقاء حتي وإن كان سريا ً يعرضھم إلي‬
‫االفتضاح‪ ..‬وبالتالي إلي السجن أو ما ھو أسوء‪ ..‬ويفضلون االتصال بأساليب‬
‫‪31‬‬
‫‪٣١‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫غير مباشرة أو بوسائل ميكانيكية ولكن أجھزة المخابرات تصر بالمحافظة على‬
‫اتصاالتھا الشخصية بين الضباط وعمالئھم‪ ..‬إال في الحاالت التي تنطوي على‬
‫خطورة‪ ..‬ذلك ألنه البد من تقييم والء الجاسوس أوالً‪ ..‬بأول‪ ..‬وقياس مدى‬
‫تقدمه في العمل وال يمكن تحقيق ذلك إال بواسطة تلك اإلجتماعات التي تعقد‬
‫بين حين‪ ..‬وآخر‪.‬‬

‫ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﺄﻣﲔ‪:‬‬
‫وقد يكون اللقاء المباشر في مواصالت عمومية داخلية‪ ..‬مثل الباصات‪..‬‬
‫وغيرھا أو منتزه‪ ..‬أو مطعم‪ ..‬حيث يقوم رجال مخابرات آخرين بمراقبة‬
‫المكان جيداً كإجراءات وقائية ضد الخصوم الذين يحاولون التقاط المحادثة‪ ..‬أو‬
‫رصدھا ويعرف ھذا األسلوب في عالم التجسس )بالمراقبة المضادة(‪ ..‬ويمكن‬
‫للضابط أو العميل أو أي فرد من فريق المراقبة اإلشارة على اآلخرين بالمضي‬
‫قُدما ً في االجتماع أو تفادي كل اتصال أو إلغاء االجتماع‪ ..‬كل ذلك عن طريق‬
‫إشارات خاصة متفق عليھا مسبقا ً‪ ..‬وقد تستخدم أجھزة المخابرات من بعض‬
‫الشقق‪ ..‬والبيوت وغيرھا أماكن خاصة لإلجتماعات‪ ..‬وفي كثير من األحيان‬
‫تكون ھذه األماكن تجارية‪ ..‬كمقار الشركات‪ ..‬وعيادات األطباء‪ ..‬وغيرھا ممن‬
‫ال يلفت أنظار أحد تردد اآلخرين عليھا‪ ..‬وفي واقعة ذھاب أشرف مروان‬
‫لعرض نفسه علي الموساد في الستينيات من القرن الماضى دليل نموذجي علي‬
‫ذلك‪ ..‬حيث ذكر الكاتب األمريكي الشھير ھوارد بلوم )فى كتابه عشية الدمار(‪.‬‬
‫أن أشرف ذھب إلى العاصمة البريطانية للعالج من آالم فى المعدة تعتريه من‬
‫آن آلخر‪ ..‬واصطحب معه مظروفا ً كبيراً فيه بعض األشعات والتحاليل كان قد‬
‫أجراھا فى القاھرة‪ ..‬وحجز لدى أحد األطباء المشھورين فى عالج أمراض‬
‫المعدة والجھاز الطبى‪ ..‬وعندما دخل أشرف حجرة الكشف ناول الطبيب‬
‫‪32‬‬
‫‪٣٢‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫المظروف الذى كان يحمله‪ ..‬فتح الطبيب المظروف وتغيرت سريعا ً معالم‬
‫وجھه‪ ..‬ثم أغلق المظروف ثاني ً‬
‫ة ووضعه بكل ھدوء على المكتب من ناحية‬
‫أشرف وھو يقول ألشرف أنه قد أعطاه مظروفا ً آخر غير المقصود‪ ..‬فابتسم‬
‫أشرف وقال لـه ال خطأ فيما حدث‪ ..‬فقط عليك أن توصل ھذا المظروف‬
‫بطريقتك الخاصة إلى السفارة اإلسرائيلية‪ ..‬ابتسم الطبيب ببرود شديد معتذراً‬
‫أنه اليعرف أحداً بالسفارة اإلسرائيلية‪ ..‬تجاھل أشرف ما فعله‪ ..‬وما قاله‬
‫الطبيب‪ ..‬وفاجأه بقولـه أنه على علم تام بعمله مع السفارة بدليل زيارة شخصية‬
‫عربية كبيرة لـه األسبوع الماضى فى نفس العيادة ولقاءه مع )ياكوف‬
‫ھيرتزوج( مدير مكتب رئيسة الوزراء اإلسرائيلية‪ ..‬أسقط فى يد الطبيب ولم‬
‫يستطع الرد‪ ..‬تركه أشرف وترك لـه المظروف الذى كان يحمله وذھب إلى‬
‫حال سبيله بعد أن قام الطبيب بالكشف عليه وكتب لـه روشتة بھا بعض األدوية‬
‫عمالً بنصيحة أشرف حتى يبدو األمر عاديا ً وال يشك أحد‪.‬‬

‫وكل اجتماع بين الضابط المسئول وعميله الخاص‪ ..‬تنظر إليه أجھزة‬
‫المخابرات باعتباره موطنا ً شديداً للخطورة‪ ..‬خاص ً‬
‫ة ما قد يترتب عليه من‬
‫تعرض أطراف اللقاء لخطر المالحقة من جانب قوى األمن المحلية‪ ..‬أو أجھزة‬
‫مخابرات معادية‪ ..‬ولتجنب ھذه المخاطر تستخدم وسائل غير مباشرة‬
‫لإلتصال‪ ..‬واإلعداد للقاء‪ ..‬وتأمينه‪ ..‬وخاص ً‬
‫ة عند تسليم المعلومات‪ ..‬أو تبادلھا‬
‫بين طرفي اللقاء‪ ..‬من العميل إلي الضابط المسئول‪ ..‬أو العكس‪ ..‬وأحيانا ً يتم‬
‫اللجوء الستخدام شخص ثالث يعمل كوسيط بين الطرفين‪ ..‬وقد يكون ھذا‬
‫علم باألمر أو يتم استخدامه دون أن يعلم‪ ..‬ويقتصر األمر على‬
‫ٍ‬ ‫الشخص علي‬
‫أن يقوم العميل بوضع مادة المعلومات في صندوق للبريد في موعد سبق ترتيبه‬
‫من جانب الضابط المسئول أو الشخص الثالث الذي يستخدم لھذه الغاية‪ ..‬ومن‬
‫‪33‬‬
‫‪٣٣‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫بين األماكن التي تستخدم لذلك صناديق البريد‪ ..‬أو الفراغ القائم وراء بعض‬
‫كبائن التليفونات العمومية‪ ..‬وغيرھا‪.‬‬

‫وھناك أسلوب شائع‪ ..‬ويستعمل كثيراً‪ ..‬وھو أسلوب االحتكاك بالصدفة‪..‬‬


‫إذ يلتقي بموجبه العميل أو الشخص الثالث بالضابط المسئول أو الشخص الثالث‬
‫الذي يستخدم لھذه لغاية‪ ..‬مثل الطريقة التي تم بھا اقتياد أشرف مروان للقاء‬
‫ضابط الموساد الذي تم تكليفه بلقاءه لبدء التعاون بينھما بعد ذھابه لعيادة‬
‫الطبيب بالشكل المشار إليه سابقا ً‪ ..‬وكان ذلك في لندن‪ ..‬فعندما كان أشرف‬
‫يتسوق بعض المشتريات من محالت )ھاردوز( ذات يوم اصطدم به أحد‬
‫الزوار وأخذ يعتذر لـه وھو يساعده في التقاط ما وقع من يديه على األرض‬
‫بينما يخبر أشرف فى نفس الوقت بأنه عليه مغادرة المكان فوراً والذھاب إلى‬
‫محطة المترو القريبة من المكان ليركب ويتوجه إلى المتحف البريطاني ليقطع‬
‫ر ھام‪..‬‬
‫تذكرة لدخول غرفة اإلطالع الرئيسية بالمتحف فھناك من ينتظره ألم ٍ‬
‫فھم أشرف الرسالة وغادر مسرعا ً المحل وبينما ھو فى طريقه إلى محطة‬
‫المترو فوجئ بمن يحيط به ويدفعه بسرعة إلى إحدى السيارات التي كانت‬
‫واقفة تنتظر بالقرب من المكان‪ ..‬كان الرجل من الموساد بالطبع‪ ..‬وأصطحب‬
‫ان ما تابع ا ً لھم حيث خضع بالتأكيد للعديد من االختبارات قبل أن‬
‫أشرف إلى مك ٍ‬
‫يبدأ مشواره معھم )‪.(١‬‬

‫وبعد ثورة االتصاالت بكل وسائلھا‪ ..‬وانتشار‪ ..‬وتوسع استخدامات شبكة‬


‫المعلومات الدولية )االنترنت( تيسر تماما ً سبل اإلتصال بين العمالء‪ ..‬وضباط‬
‫متابعتھم دون أدني خطورة علي حياتھم ما أُتبع في ذلك اإلحتياطات الالزمة‬
‫من استخدامات رمزية‪ ..‬وشفرات مخصصة‪ ..‬بحيث ال يفھمھا إال المتعاملون‬

‫‪ -١‬راجع التفاصيل كاملة في كتاب ) من قتل أشرف مروان ( للمؤلف‪.‬‬


‫‪34‬‬
‫‪٣٤‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫بھا فقط‪ ..‬ألن لألمر أيضا ً خطورته في حال اختراق قراصنة الكمبيوتر للبريد‪..‬‬
‫أو المواقع اإللكترونية التي يتم التراسل بواسطتھا‪.‬‬

‫ﺍﻹﺧﺘﺮﺍﻕ‪:‬‬
‫وھناك علي سبيل المثال اتجاه جديد داخل أجھزة المخابرات العالمية‬
‫يقضي باتباع نظام مخابراتي جديد تماما ً يقضي بعمل محاكاة دقيقة وحرفية‬
‫لنظم عمل الجماعات اإلسالمية الجھادية )‪ ..(١‬كأن يقيم جھاز المخابرات‬
‫جمعيات ومنظمات فعلية قائمة بعضھا يتم تفعيله‪ ..‬وممارسة نشاطه داخل‬
‫العديد من الدول‪ ..‬وتحت مظلة اإلسالم‪ ..‬وباسم التضامن اإلجتماعي والعمل‬
‫علي نشر البر والتقوى يتم جمع التبرعات والھبات‪ ..‬وكل ھذه المؤسسات‬
‫تتجمع داخلھا وحدات وفرق من أعداد صغيرة من ضباط المخابرات‪ ..‬يتحدث‬
‫أعضاؤھا اللغات المحلية ويمارسون شعائر الدين اإلسالمي وتتوفر في كل‬
‫منھم حماسة وإيمان بالمھمة المكلف بھا تماما ً كحماس أعضاء الجماعات‬
‫اإلسالمية الجھادية‪ ..‬وينتھى نظام العمل بضباط مخابرات متنكرين كرجال‬
‫أعمال أو صحفيين أو رجال دين‪ ..‬ومعظم العاملين في ھذه المؤسسات من‬
‫الضباط الصغار الذين يسعون نحو المغامرة والمخاطرة بحياتھم في سبيل إثبات‬
‫وجودھم‪ ..‬وھم يرتدون ثيابا ً إسالمية ويمارسون شعائر المسلمين ويذوبون في‬
‫المجتمعات اإلسالمية والعربية‪.‬‬

‫وعلي نفس الدرب‪ ..‬وبنفس الطريقة يتم إنشاء ما يعرف بمنظمات حقوق‬
‫اإلنسان‪ ..‬والعمل اإلجتماعي‪ ..‬وھذا يقودنا بدوره إلي نقطة ھامة جداً في‬

‫‪ -١‬مثل تنظيم القاعدة ‪ ..‬وحزب ‪ Q‬في لبنان ‪ ..‬وغيرھا من باقي األنظمة القائمة علي تيارات‬
‫دينية بحتة ‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫‪٣٥‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫ترتيب وتسيير العمل المخابراتي وھو ظاھرة التمويل األجنبي‪ ..‬التي تنتشر في‬
‫معظم دول العالم الثالث‪.‬‬

‫ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ‪:‬‬
‫ولنأخذ علي ذلك مثال حدث مؤخراً‪ ..‬فقد أذاعت إحدي محطات التلفزيون‬
‫الروسية شريطا ً تم تصويره بكاميرا خفية يصور دبلوماسي بريطاني ينقب في‬
‫األحراش عن شيء مجھول حتي أمسك بيديه شيئا ً ما كان يبدو أنه ذھب‬
‫إللتقاطه من ھذا المكان المعلوم لـه مسبقا ً‪ ..‬وبعد القبض عليه تبين أن ما التقطه‬
‫ھو قرص رقمي صلب )‪ (١‬يحوى معلومات استخباراتية‪ ..‬كما قالت السلطات‬
‫الروسية في تعليقھا علي الشريط‪ ..‬إال انه في نھاية المطاف ظھر أن‬
‫الدبلوماسي البريطاني كان يتعامل مع منظمات خاصة في المجتمع المدني‬
‫الروسي‪ ..‬مما حدا بالحكومة الروسية بعد ذلك أن تحظر علي جماعات المجتمع‬
‫المدني االتصال بجھات أجنبية أيا ً كانت‪ ..‬وقبول التمويل من الخارج‪ ..‬وھو‬
‫أمر كان قد تقرر في بعض البالد العربية‪ ..‬ودارت محاكمات واتھامات في‬
‫عالقة البحوث الممولة من الخارج و)الجاسوسية( بمعناھا التقليدي )‪.(٢‬‬

‫اإلعالنات المستمرة عن العروض السخية التي تقدر بالماليين للبحث عن‬
‫قيادات إسالمية ماھي إال احدي الوسائل الحديثة للتجنيد في أجھزة المخابرات‬
‫العالمية‬

‫‪ -١‬ھو ما يدخل في مكونات أجھزة الكمبيوتر ويعرف باسم ) الھارد دسك ( ‪..‬‬
‫‪ -٢‬مثل قصة الدكتور سعد الدين إبراھيم أستاذ علم االجتماع السياسى بالجامعة األمريكية في‬
‫مصر‪ ..‬وتلقيه معونات من الحكومة األمريكية تصل لماليين الدوالرات ‪ ..‬وكان اإلفراج عنه من‬
‫يوم من األيام أحد أھم الشروط التي وضعتھا اإلدارة األمريكية الستمرار دفع المعونة‬ ‫محبسه في ٍ‬
‫السنوية لمصر‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫‪٣٦‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻞ ﻭﻣﺘﺎﺑﻌﻴﻪ‪:‬‬


‫وھي من أھم نقاط سير عملية التجنيد بالكامل‪ ..‬تتوقف المعاملة على قوة‬
‫العالقة التي يستطيع الضابط المسئول إقامتھا مع العميل‪ ..‬يقول رجل‬
‫استخبارات سابق في أحد أجھزة المخابرات أن على الضابط المسئول أن يجمع‬
‫بين مؤھالت الجاسوس الكامل وطبيب األمراض العقلية وكاھن االعتراف‪..‬‬
‫وھناك مدرستان شائعتان تتحدثان عن كيفية سير العالقة‪ ..‬فمثالً تعتمد‬
‫المخابرات المركزية األمريكية علي إتباع منھج تواصلي خاص يحتم على‬
‫الضابط المسئول إقامة عالقة شخصية وقوية مع العميل ويقنعه بأنھما يعمالن‬
‫معا ً كأصدقاء لتحقيق ھدف سياسي واحد‪ ..‬ومھم‪ ..‬ويوفر مثل ھذا األسلوب قوة‬
‫دافعة قوية تشجع العميل على ركوب المخاطر في سبيل صديقه‪ ..‬لكن ھذه‬
‫الطريقة قد تنطوي على خطر قيام ارتباط معنوي‪ ..‬ونفسي بين الضابط وعميله‬
‫قد تتسبب في بعض األحيان في فقدان الطرفين للموضعية المطلوبة إلنجاز‬
‫مھامھم علي النحو األفضل‪.‬‬

‫أما وجھة النظر الثانية فتنادي بأن على الضابط المسئول في الوقت الذي‬
‫يتظاھر فيه باالھتمام الشخصي بالعميل أن يعامله معاملة تتسم بالجدية والبعد‬
‫عن المظاھر العاطفية أو التساھل حيث أنه علي الضابط المسئول أال يھتم سوي‬
‫بالنتائج التي يحققھا عميله فقط‪ ..‬وعليه أن يدفع بالعميل إلي أقصى درجات‬
‫العمل الدؤوب للحصول من خالله على أقصى ما يمكن من معلومات‪ ..‬على أن‬
‫لھذا األسلوب أيضا ً عيوبه‪ ..‬ذلك ألنه ما أن يدرك العميل أنه موضع استغالل‬
‫من ضابطه حتى تتقلص ھمته بسرعة‪.‬‬

‫إن المخاطر وجو التوتر اللذان تحتمھما ظروف ھذا العمل اإلستثنائية تلقي‬
‫بظاللھا علي العمالء فيصبحوا دوما ً في حالة مزاجية متقلبة‪ ..‬ويصعب التكھن‬
‫‪37‬‬
‫‪٣٧‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫بما يدور في خلدھم‪ ..‬لذا فإنه على الضابط المسئول أن يكون واعيا ً ألي دالئل‬
‫تشير لتغير موقف العميل‪ ..‬أو تھاونه في عمله‪ ..‬وعليه أن يجمع في أسلوب‬
‫تعامله مع عميله بين الترغيب‪ ..‬والترھيب‪.‬‬

‫ﺗﻐﻴﲑ ﺿﺎﺑﻂ ﺍﳌﺘﺎﺑﻌﺔ‪:‬‬


‫وثمة مشكلة كبيرة في معاملة العميل تنجم عن تغيير الضابط المسئول عن متابعته‪..‬‬
‫ووفقا ً لسياسة جھاز المخابرات المركزية األمريكية التي تقضي باستخدام الستار‬
‫الدبلوماسي والرسمي لمعظم رجالھا العاملين في الخارج أن ينقل الضباط المسؤلين‬
‫المتعايشين في تلك الدول علي أنھم دبلوماسيين إلي بالد أخري‪ ..‬أو عودتھم إلي رئاسة‬
‫المخابرات في واشنطن بغرض التدريب علي مستجدات‪ ..‬وتقنيات مخابراتية جديدة من‬
‫آن‪ ..‬آلخر‪.‬‬
‫ٍ‬

‫ويقوم الضابط المنقول بتعريف الضابط الذي سيخلفه إلي جميع عمالئه قبل سفره‪..‬‬
‫ولكن العمالء يترددون حينذاك في العمل مع رجل جديد‪ ..‬ذلك ألنھم ال يميلون بعد أن‬
‫أقاموا عالقات مقبولة مع ضباطھم إلي التحول عنھم إلي آخرين‪ ..‬ويزداد ھذا التردد في‬
‫كثير من األحيان بسبب تعيين جھاز المخابرات ضباطا ً صغار السن إلدارة عمالء قدامى‬
‫أصبحوا مخضرمين‪ ..‬فمعظم العمالء يشعرون بأن التعامل مع ضابط تنقصه الخبرة‬
‫يزيد في احتماالت فشل العملية‪ ..‬وقد يؤدي ذلك الكتشاف أمرھم‪ ..‬وحدوث ما ال تحمد‬
‫عقباه‪ ..‬وفي حالة قبول العميل االستمرار مع الضابط الجديد عاد ًة يكون المستفيد ھو‬
‫الضابط‪ ..‬حيث يتمكن بطريق غير مباشر من اكتساب الخبرة الالزمة بسرعة من عمالء‬
‫ال يحتاجون إلي توجيه‪ ..‬أما في حالة رفض العميل االستمرار في العمل فتنجم مشكلة‬
‫كبيرة‪ ..‬إما بإخضاع العميل عنو ًة لالستمرار عن طريق تھديده بكشف العملية‪ ..‬أو‬
‫تصفيته )في حاالت قليلة(‪ ..‬أو الموافقة علي إنھاء العملية إذا ما سمحت الظروف بذلك‪..‬‬
‫وكان قد تالشي الھدف األساسي من قيامھا‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫‪٣٨‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫ولھذا فإن عملية تغيير الضابط المسئول يمكن أن تكون معضلة ولكنھا في الغالب ال‬
‫تؤدي إلي اإلضرار بالعملية نفسھا‪ ..‬وأحيان ا ً تتراجع أجھزة المخابرات اضطراريا ً‪ ..‬وفي‬
‫حاالت معينة خاصة في العمليات الحساسة عن مسألة تغيير الضابط المسئول عنھا استجابة‬
‫لرغبة العميل نفسه‪ ..‬ولكن ليس في حالة أي عميل‪ ..‬فقط العمالء الذين يتمتعون بمكانه عالية‪.‬‬

‫‪@ @@AA÷ìb¦a@Éß@ÝßbÈnÛa@õbèãg‬‬
‫كل ماله بداية‪ ..‬البد أن تكون لـه نھاية‪ ..‬وعلي ھذا فال بد لكل عملية مخابراتية من‬
‫نھاية تتناسب مع مسارھا الكلي‪ ..‬إما أن يضمھا ملف في قسم العمليات الناجحة في‬
‫أرشيف األجھزة المخابراتية‪ ..‬أو ينضم ملفھا إلي قسم آخر‪ ..‬قد يكون خاص بالعمليات‬
‫التي كان نصيبھا الفشل العتقال العميل‪ ..‬أو سجنه‪ ..‬أو حتي إعدامه في حالة اكتشاف‬
‫أمره‪ ..‬ومحاكمته‪ ..‬أو عدم اكتمال العملية لموت العميل بصورة مفاجئة‪ ..‬ألسباب قد‬
‫ث ما‪ ..‬أو ما إلي خالفه‪..‬‬ ‫تكون طبيعية أو نتيجة لحاد ٍ‬
‫وفي حالة اكتشاف أمر العميل‪ ..‬والقبض عليه ينصب اھتمام أجھزة‬
‫المخابرات العامل لديھا على إنكار كل عالقة لھم بالعميل‪ ..‬حماي ً‬
‫ة لمصالح‬
‫دولھم‪.‬‬
‫ﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻴﻞ‪:‬‬
‫تضطر أحيانا ً أجھزة المخابرات إلي إنھاء العملية بنفسھا‪ ..‬والتخلص من العميل‪.‬‬
‫وقرار إنھاء أية عملية تتخذه فقط المستويات العليا في أجھزة المخابرات ألسباب‬
‫متباينة‪ ..‬قد يكون من بينھا فشل العميل ف ي الوصول إلي المعلومات التي يريدھا‬
‫الجھاز‪ ..‬أوعدم توافر الحد األدنى من الثقة في تصرفات وشخص العميل‪ ..‬مما يھدد‬
‫العملية بالفشل‪ ..‬أو يؤدي بطريق غير مباشر إلي فضح‪ ..‬وكشف عمليات أخري أھم‪..‬‬
‫وھناك سبب آخر ربما ھو أھم األسباب التي دائما ً ما تخشاھا أجھزة المخابرات وھو‬
‫تحول العميل إلي عميل مزدوج‪.‬‬
‫وفي حالة اتخاذ قرار إنھاء العملية دون تصفية العميل يتم شراء سكوته‬
‫بالمال‪ ..‬وإذا اقتضت الضرورة يتم إسكاته عن طريق التھديد‪.‬‬
‫***‬
‫‪39‬‬
‫‪٣٩‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫@ @‬
‫@ @‬
‫@ @‬

‫‪@ ZÉiaŠÛa@Ý–ÐÛa‬‬
‫¸‪@ñbîy@åß@òîÔîjİm@x‡b‬‬
‫‪@ @@AAîaì¦a@Šè‘c‬‬
‫ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﳓﺎﻭﻝ ﺍﻟﺘﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻲ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﺫﻛﺮﻩ ﻣﻦ ﺧﻄﻮﺍﺕ‬
‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﺒﻌﻬﺎ ﻣﻌﻈﻢ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﳌﺨﺎﺑﺮﺍﺕ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﱂ‪..‬‬
‫ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻗﺮﺍﺀﺗﻨﺎ ﻟﺒﻌﺾ ﺃﺷﻬﺮ ﻗﺼﺺ ﺍﳉﺎﺳﻮﺳﻴﺔ ﰲ ﻋﺎﳌﻨﺎ‬
‫ﺍﻟﻌﺮﰊ‪ ..‬ﻭﺍﻟﻌﺎﱂ ﻛﻜﻞ‪ ..‬ﻭﲢﻠﻴﻠﻬﺎ ﰲ ﺿﻮﺀ ﺳﲑ ﺃﺣﺪﺍﺛﻬﺎ‪..‬‬
‫‪40‬‬
‫‪٤٠‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫‪@ @@NNH´uìÛb×I‬‬
‫‪@ @@AAòîa‰†Ûa@pbrÈjÛa@lý@†îä£@òbîë‬‬
‫إذا تحدثنا عن تجنيد طالب البعثات‪ ..‬ال بد أن نتوقف عند واحدة من أشھر‬
‫تلك العمليات المخابراتية التي تم فيھا االختراق عن طريق تجنيد أحد الطالب‪..‬‬
‫وصاحب ھذه العملية ھو واحد من أشھر عمالء المخابرات الروسية‪ ..‬بل‬
‫والعالمية‪ ..‬ونتوقف عند قصته لنري من خاللھا كيفية التطبيق العملي لصناعة‬
‫الجاسوس‪ ..‬العميل كان روسي الجنسية يدعي )كالوجين( وبدأت عالقته بالعمل‬
‫اإلستخباري عام ‪ ..١٩٥٨‬حين جندته المخابرات السوفيتية وھو بعد شاب في‬
‫الرابعة والعشرين من عمره‪ ..‬وزرعته ضمن بعثات طالب برنامج التبادل‬
‫الثقافي مع الواليات المتحدة‪ ..‬والتي يطلق عليھا إسم السيناتور األمريكي‬
‫الراحل )ويليام فولبرايت( صاحب فكرة إنشائھا‪.‬‬

‫بعد عودته لبالده صعد نجمه في أجھزة المخابرات حتى أصبح مديرً ا‬
‫إلدارة مكافحة الجاسوسية بقطاع العمليات الخارجية برتبة لواء‪ ..‬ولعب دوراً‬
‫مركزيا ً في تنظيم وإدارة شبكة التجسس التي عرفت باسم العميل )جون‬
‫ووكر(‪ ..‬حتى انتھت خدمته باإلقالة عام ‪ ١٩٩٠‬إلصراره على المطالبة‬
‫بإصالح وتطوير أساليب عمل األجھزة‪ ..‬وا ُنتخب بعد سقوط االتحاد السوفيتي‬
‫نائبا ً في البرلمان الروسي لفترة قصيرة‪ ..‬وقد سجل قصته في برنامج تلفزيوني‬
‫تناول فيه بعض جوانب صراع الجاسوسية خالل الحرب الباردة‪.‬‬

‫وكشف من خالله النقاب عن العديد من األسرار لم يتطرق إليھا أي فرد من قبل‪.‬‬

‫ويقول أن التحاقه بالعمل السري جاء بمبادرة شخصية منه رغم اعتراض‬
‫والده الذي كان ضابطا ً سابقا ً بجھ از الـ )‪ (k. G. B‬وأوضح أن قراره ذلك كان‬
‫‪41‬‬
‫‪٤١‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫نتيجة اإليمان بالنظام الشيوعي والقيم التي يمثلھا )إذن كان دافعه األول عقائديا ً(‬
‫وكان علي إيمان مطلق بأن العمل في أجھزة المخابرات السوفيتية شرف عظيم‬
‫ألي شاب يحب وطنه ويسعى إلي خدمته‪.‬‬

‫ﺍﺧﺘﺮﺍﻕ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ‪:‬‬


‫وتم تكليفه بثالث مھام محددة داخل الواليات المتحدة‪ ..‬كانت أوالھاعام‬
‫‪ ١٩٥٨‬حين التحق بجامعة )كولومبيا( لدراسة الصحافة‪ ..‬وكانت طبيعة المھمة‬
‫استطالعية في األساس‪ ..‬للتعرف على أساليب الحياة األمريكية‪ ..‬وإنشاء أكبر‬
‫عدد ممكن من الصداقات والعالقات‪ ..‬وتھيئة الظروف والبيئة المناسبة للعمل‬
‫الحقيقي مستقبالً‪.‬‬

‫ثم كانت المھمة المخابراتية الثانية في الفترة بين عامي )‪- ١٩٦٠‬‬
‫‪ ..(١٩٦٤‬تحت غطاء وظيفته الجديدة كمراسل لراديو موسكو في الواليات‬
‫المتحدة واألمم المتحدة‪ ..‬وقام خاللھا بجمع المعلومات وتجنيد العمالء‪ ..‬خاصة‬
‫من الشباب العاطفي المتحمس مثله‪ ..‬حيث لم يكن وقتھا قد تجاوز الثالثين من‬
‫عمره‪َ ) ..‬ع ِم َّل أيضا ً ككشاف(‪.‬‬

‫ﺍﳌﻬﻤﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ‪:‬‬
‫وبعد ذلك كانت مھمته الثالثة واألخيرة‪ ..‬واألكثر نجاحا ً في العاصمة‬
‫)واشنطن( عام )‪ ..(١٩٦٥ - ١٩٧٠‬حيث عين نائبا ً ثم مديراً إلدارة المخابرات‬
‫السياسية‪ ..‬وكان يمكن أن تمتد مھمته ھذه لسنوات أخرى لوال انكشاف نشاطه‬
‫المخابراتي بواسطة الصحفي األمريكي المعروف جاك أندرسون‪ ..‬ويمضي‬
‫الجاسوس القديم قائال‪ :‬كان غطائه في ھذه المھمة‪ ..‬أو عملي الرسمي الظاھر‪..‬‬
‫ھو وظيفة السكرتير الصحفي للسفارة السوفيتية‪ ..‬ثم مسئول العالقات العامة‬
‫‪42‬‬
‫‪٤٢‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫بھا‪ ..‬وقد نجح خالل ھذه السنوات الخمس في زرع وتجنيدعشرات من العمالء‬
‫األمريكيين واألوروبيين في المحافل الصحفية والسياسية للعاصمة األمريكية‪..‬‬
‫ونجح أيضا ً في اكتساب ثقتھم واحترامھم ببياناته الصحفية المتقنة‪ ..‬ومعلوماته‬
‫الدقيقة‪ ..‬رغم أنھا لم تكن أبداً كذلك بالمعني الحرفي للكلمة‪ .‬كما شھدت ھذه‬
‫الفترة أيضا نجاحه في تأسيس وإدارة العديد من شبكات التجسس الناجحة‪..‬‬
‫ومنھا عملية الجاسوس المعروف إعالميا ً باسم )جون ووكر( والذي نجح في‬
‫تجنيده‪ ..‬واستمر يمد الجانب السوفيتي بمعلومات عن المؤسسات األمريكية التي‬
‫عمل بھا قرابة ثمانية عشر عاما ً كاملة‪ ..‬في الفترة ما بين عامي‬
‫)‪ ١٩٦٧‬و‪ (١٩٨٥‬باإلضافة إلي شبكات أخرى اخترقت العديد من السفارات‬
‫الغربية في العاصمة األمريكية‪ ..‬والمجتمع الصحفي و األكاديمي‪ ..‬إلي جانب‬
‫القوات المسلحة ووزارة الدفاع بالطبع‪ ..‬وكانت مھمته األساسية تتعلق بتوفير‬
‫اإلنذار المبكر للقيادة السوفيتية قبل حدوث أية أزمات عسكرية محتملة‪ ..‬وكان‬
‫ذلك ترجمة للمخاوف المرضية التي احتلت عقول وقلوب القادة السوفيت من‬
‫احتمال تعرض بالدھم للھجوم من الغرب‪ ..‬ولذلك خصصت لھذا األجھزة كل‬
‫الموارد واإلمكانيات المطلوبة ألداء مھامھا‪..‬‬

‫غير أن الوجه اآلخر لھذه المھمة الموازي والمكمل لھا‪ ..‬والذي ربما كان‬
‫ھو األكثر أھمية‪ ..‬فكان يتمثل في العمل المنظم والمخطط للوقيعة وزرع بذور‬
‫الشقاق بين الحلفاء الغربيين‪ ..‬والعمل علي إضعاف تلك المجتمعات الغربية‬
‫ومنظماتھا السياسية والعسكرية‪ ..‬خاصة دول حلف الناتو‪ ..‬وإضعاف المركز‬
‫األدبي والثقة التي تحظى بھا الواليات المتحدة في كل دول وقارات العالم‪..‬‬
‫وجعلھا ھدفا ً تتجه إليه الشكوك والغضب والمشاعر العدائية لھذه الشعوب في‬
‫حالة نشوب الحرب‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫‪٤٣‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫ﻭﻟﻔﺠﺎﻧﺞ ﻟﻮﺗﺰ‪:‬‬
‫عام ‪ ١٩٦٥‬ألقت السلطات المصرية القبض على فولفجانج لوتز الذي كان‬
‫قد وصل مصر عام ‪ ١٩٦٠‬وبدأ في مصادقة كبار المسئولين المصريين وتمكن‬
‫من زيارة مواقع إطالق الصواريخ المصرية وجمع معلومات سرية عن‬
‫الصناعات العسكرية المصرية‪ .‬وبمجرد القبض عليه‪ ..‬اعترف بالتجسس‬
‫لصالح إسرائيل وتمسك بجنسيته كمواطن ألماني وھو ما سمح لـه بمحامي‬
‫ألماني ومراقب من السفارة‪ ..‬وحكم عليه بالسجن مدى الحياة وأفرج عنه عام‬
‫‪ ١٩٦٨‬بموجب صفقة لتبادل األسرى‪.‬‬

‫وكان " ولفجانج لوتز" قد ولد في ألمانيا عام ‪ ١٩٢١‬ألسرة يھودية‪ ..‬والده‬
‫كان مخرجا مسرحيا‪ ..‬ووالدته ممثلة‪ ..‬وفي عام ‪ ١٩٣١‬انفصل والداه‪ ..‬وعام‬
‫‪ ١٩٣٣‬عشية صعود ھتلر إلى السلطة في ألمانيا ھاجرت والدته إلى فلسطين‬
‫وأخذت معھا ابنھا وعملت ھناك في مسرح بتل أبيب‪ ..‬في حين التحق ولفجانج‬
‫بمدرسة "بين شمين " االستيطانية وغير اسمه إلى " زائيف جورا " )‪ ..(١‬ومع‬
‫مرور الوقت أصبح خبيراً في ركوب الخيل وبعد عدة سنوات قبل أن يتم عامه‬
‫الخامس عشر انضم إلى منظمة الھجانا األمنية االستخبارية‪ ..‬وكانت من بين‬
‫مھامه حراسة الحافالت المدرعة التي تحمل ما تحتاجه مدرسة بين شمين التي‬
‫كان يحيط بھا العديد من القرى والمدن الفلسطينية الرافضة للوجود الصھيوني‬
‫في أرض فلسطين‪.‬‬

‫وفي عام ‪ ١٩٣٩‬اندلعت الحرب العالمية الثانية وبما أن لوتز كان يتحدث‬
‫األلمانية واإلنجليزية ببراعة إضافة إلى العبرية والعربية رأت القوات‬

‫‪ - ١‬زائيف ھو االسم العبري السم ولف ‪ ..‬واإلسمان بمعنى الذئب‬


‫‪44‬‬
‫‪٤٤‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫اإلنجليزية أنه سيكون عونا ً كبيراً لھا وتم تجنيده وأرسل إلى مصر وظل ھناك‬
‫طيلة فترة الحرب وكانت مھامه األساسية تتضمن التحقيق مع أسرى الحرب‬
‫األلمان ھناك حيث كانت مھارته في استخدام اللغة األلمانية عونا ً كبيراً لـه‪.‬‬

‫ﲪﻠﺔ ﺍﻟﺴﻮﻳﺲ‪:‬‬
‫عقب الحرب عاد إلى فلسطين وشارك في عمليات تھريب األسلحة لمنظمة‬
‫الھجانا وعندما أعلن قيام دولـة إسرائيل في مايو ‪ ١٩٤٨‬خدم لوتز كمالزم أول‬
‫في قوات الدفاع اإلسرائيلية ولعب أدواراً مختلفة في تنفيذ أكثر العمليات وحشية‬
‫في األراضي الفلسطينية‪ ..‬وبقي في الجيش بعد الحرب وفي عام ‪ ١٩٥٦‬رقي‬
‫إلى رتبة لواء وقاد عملية إسرائيلية ضد القوات المصرية في سيناء في عملية‬
‫أطلق عليھا في إسرائيل اسم )حملة السويس(‪.‬‬

‫ومع بداية عام ‪ ١٩٥٧‬اتخذ القرار بإرساله إلى مصر حتى يمكنه جمع‬
‫معلومات استخبارية عن المساعدات السوفييتية التي تقدم لعبد الناصر‪..‬‬
‫ولمصر‪.‬‬

‫في نوفمبر ‪ ١٩٥٩‬أرسل إلى ألمانيا بعد عام من تنقله من مكان إلى مكان‬
‫حتى يصعب اقتفاء خطواته ثم أرسل مرة أخرى إلى مصر ووصل ھناك في‬
‫ديسمبر‪ ١٩٦٠‬وسرعان ما تمكن من إقامة العديد من االتصاالت المھمة حيث‬
‫ذھب إلى نوادي الفروسية التي كانت مكان تجمع أھم القيادات العسكرية‬
‫المصرية وترددت األخبار عن الثري األلماني الذي تغلغل بين أبناء الطبقة‬
‫األرستقراطية المصرية وخالل أيام كان لوتز يتلقى الكثير من الدعوات لحفالت‬
‫عشاء في أھم البيوت المصرية وكان األثرياء الذين يستثمرون أموالھم في‬
‫تربية الجياد يطلبون منه المشورة وسرعان ما قرر لوتز أن يظھر سخاءه حيث‬
‫‪45‬‬
‫‪٤٥‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫اشترى جياداً كثيرة ووضعھا في ناد للفروسية‪.‬‬

‫واستأجر فيال في منطقة مصر الجديدة وتظاھر بأنه من ھواة تربية الخيول‬
‫العربية وبھذا تمكن من االنضمام لعضوية نادي الفروسية في الجزيرة ومن‬
‫خالل النادي تمكن من عقد المزيد من الصداقات مع ھواة تربية الخيول من‬
‫المصريين واألجانب‪.‬‬

‫وبعد ستة أشھر عاد إلى أوروبا وقدم تقاريره إلى قيادات الموساد الذين‬
‫أعلنوا رضاھم التام عن سير عمله ووصفوه بأنه " عين تل أبيب في القاھرة "‪.‬‬

‫وفي صيف عام ‪ ١٩٦٢‬عاد لوتز وزوجته إلى مصر وخالل الفترة التي‬
‫قضاھا مع زوجته في القاھرة تمكن من إقامة العديد من الحفالت وأنشأ من‬
‫خاللھا العديد من العالقات البارزة دخل المجتمع المصري حيث أقام عالقات‬
‫صداقة مع شخصيات بارزة في كل المواقع بمصر كما تمكن لوتز من إقامة‬
‫العديد من الصداقات مع الخبراء األلمان الذين كانوا يعيشون في القاھرة‬
‫وأصبح صديقا ً شخصيا ً للعديد منھم مثل جرھارد بوش الذي يعتقد أنه كان‬
‫يتجسس على الحكومة المصرية لصالح عاصمة ألمانيا الغربية بون إضافة إلى‬
‫أنه تلقى قائمة بأسماء جميع العلماء األلمان في القاھرة وعناوينھم وتمكن من‬
‫الحصول على تفاصيل دقيقة عن دور كل منھم في مصانع اإلنتاج الحربي‬
‫المصرية‪.‬‬

‫وفي تلك الفترة نجحت مھمته في معرفة كل ما يمكن معرفته عن‬
‫الصواريخ الروسية )سام( وموقع بناء قواعدھا بالقرب من قناة السويس في‬
‫مدينة اإلسماعيلية‪ ..‬وكان يستخدم جھاز إرسال السلكي صغير يخفيه في حمامه‬
‫الشخصي‪ ..‬وأرسل من خالله رسائل سرية إلى الموساد طيلة خمس سنوات‬
‫‪46‬‬
‫‪٤٦‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫عن المعلومات السرية العسكرية المصرية وبرنامج الصواريخ المصرية‪.‬‬

‫في بداية الستينات كان رئيس الموساد وقتھا "إيسير ھاريل" شديد القلق من‬
‫خطر العلماء األلمان الذين يعملون مع نظرائھم المصريين لتطوير برنامج‬
‫الصواريخ حيث كان ھناك خوف كبير من قدرة تلك الصواريخ على الوصول‬
‫إلى المدن اإلسرائيلية خاصة بعد قيام مصر بإحدى تجارب اإلطالق التي‬
‫نجحت نجاحا ً كبيرا أثار مخاوف الموساد الذى تعامل مع األمر على أنه يشكل‬
‫تھديداً حقيقيا ً على أمن إسرائيل‪.‬‬

‫وظل لوتز يعمل بشكل جيد في القاھرة لعدد من السنوات إلى أن حدثت‬
‫تغيرات في السياسة الخارجية المصرية في خريف عام ‪ ١٩٦٤‬حيث كانت‬
‫مصر تعتمد على المساعدات العسكرية السوفييتية منذ منتصف الخمسينات‪..‬‬
‫وحاول الروس استخدام تلك المساعدات في الضغط على عبد الناصر لدعوة‬
‫رئيس ألمانيا الشرقية "والتر البري" تش لزيارة القاھرة‪ ..‬واعترضت وقتھا‬
‫حكومة ألمانيا الغربية ولكن عبد الناصر شعر أن عليه عدم إلغاء الزيارة في‬
‫الوقت الذي كان فيه السوفييت يشتكون أيضا من العمليات االستخبارية التي‬
‫تقوم بھا ألمانيا الغربية بالتعاون مع وكالة االستخبارات األمريكية ضدھم‪ ..‬وفي‬
‫شتاء عام ‪ ١٩٦٥‬قبيل زيارة رئيس ألمانيا الشرقية أمر عبد الناصر باعتقال‬
‫نحو ثالثين عالما ً من ألمانيا الغربية كانوا يعيشون في القاھرة وكان من بين‬
‫الذين أمر باعتقالھم "ولفجانج لوتز" إضافة إلى زوجته ووالديھا اللذين كانا في‬
‫زيارة لمصر وقتھا‪.‬‬

‫وعندھا توقع لوتز أن تكون الحكومة المصرية قد علمت بتجسسه لصالح‬
‫الموساد وخالل استجوابه اعترف من تلقاء نفسه بكل شيء فيما عدا كونه‬
‫‪47‬‬
‫‪٤٧‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫يھودي ا ً و"إسرائيليا" حيث أصر على أنه ضابط ألماني سابق ضغط عليه الموساد‬
‫للتجسس لصالحه‪ ..‬وكان الموساد قد كلف محام ألماني للدفاع عنه أكد وقتھا ما‬
‫كان خافيا ً على الحكومة المصرية وحيث قال إنه بالفعل مواطن "إسرائيلي" خدم‬
‫في الجيش "اإلسرائيلي" وشارك في عمليات عسكرية ضد الفلسطينيين‪.‬‬

‫ﺍﻋﺘﺮﺍﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﳍﻮﺍﺀ‪..‬‬


‫وفي عام ‪ ١٩٦٤‬ظھر لوتز على شاشات التلفزيون المصري وھو يقدم‬
‫اعترافه بأنه ألماني عمل في شبكة تجسس "إسرائيلية" في مصر منذ عام ‪١٩٦١‬‬
‫وأنه نادم على ما فعل ويحمل للمصريين كل احترام وتقدير‪ ..‬واعترف بأن‬
‫المصريين عاملوه في سجن معاملة حسنة ومثالية‪ ..‬وأرسل عام ‪ ١٩٦٥‬إلى أحد‬
‫السجون ليقضى عقوبة السجن مدى الحياة وغرامة قدرھا ‪ ٢٠‬ألف دوالر‬
‫أمريكي‪ ..‬كما حكم أيضا ً على زوجته بالسجن لمدة ثالث سنوات‪ ..‬وتم إطالق‬
‫سراحه بعد ثالث سنوات مقابل ‪ ٥٠٠‬ضابط مصري كانوا قد أسروا في حرب‬
‫‪١٩٦٧‬وكانت المرة األولى التي تعترف فيھا "إسرائيل" بأن لوتز جاسوسھا‪..‬‬
‫وعند إطالق سراحه ذھب إلى تل أبيب مع زوجته األلمانية اليھودية حيث‬
‫وضع كتاب بعنوان "جاسوس الشمبانيا" ونال الكتاب نجاحا ً كبيرا ولكن ثروة‬
‫الجاسوس تضاءلت بشكل كبير عقب وفاة زوجته‪ ..‬وفي مقابلة أجريت معه‬
‫عندما كان في رحلة في ميونخ عام ‪ ١٩٧٨‬شكا من أنه يعيش على حافة الفقر‬
‫وأنه ال يتلقى سوى معاش ال يتعدى ‪ ٢٠٠‬دوالر سنويا ً يدفع لـه من قبل‬
‫الموساد‪.‬‬

‫***‬
‫‪48‬‬
‫‪٤٨‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫‪@ @NNŠib•@†àª‬‬
‫‪@ @@AAòîãëØÛ⁄a@òä•ŠÔÛa@òbîë@NNò퉈Ûa@òÓbİÛa@÷ìbu‬‬
‫وفي يوم ‪ ١٨‬فبراير عام ‪ ٢٠٠٧‬ألقت أجھزة األمن المصرية القبض على شخص‬
‫يدعى محمد سيد صابر علي )‪ ٣٥‬عاما ً( يعمل مھندسا ً بھيئة الطاقة الذرية بمصر لدى‬
‫وصوله لمطار القاھرة قادما من ھونج كونج‪ ..‬حيث تم رصد لقاءه ھناك ببعض ضباط‬
‫المخابرات اإلسرائيلية‪ ..‬وقصته تدلل علي عنصر اإلنتقاء الذي تتبعه أجھزة‬
‫المخابرات‪ ..‬كما تجسد بقوة اللعب علي وتر اإلحتياج المادي لدي اآلخرين‪..‬‬

‫وكانت تحريات أجھزة األمن المصرية قد أكدت أن المھندس المصري علي عالقة‬
‫بالمخابرات اإلسرائيلية‪ ..‬وأن ه استغل وظيفته في ھيئة الطاقة الذرية لإلستيالء على‬
‫معلومات ھامة تخص عمله بھذا الموقع الحساس لتقديمھا للمخابرات اإلسرائيلية عن‬
‫طريق شريكين آخرين أحدھما أيرلندي‪ ..‬واآلخر ياباني‪ ..‬وأنه تقاضي نظير ذلك من‬
‫المتھم الثاني األيرلندي مبلغ ‪ ١٧‬ألف دوالر أمريكي وجھاز كمبيوتر محمول‪.‬‬

‫وقد اعترف المتھم تفصيليا ً بتخابره لصالح إسرائيل‪ ..‬وتم تقديمه للمحاكمة‪ ..‬بينما‬
‫نفى متحدث باسم وزارة الخارجية اإلسرائيلية علم حكومته بھذه القضية‪ ..‬وأكد أن‬
‫إسرائيل اطلعت على ھذه القضية من وسائل اإلعالم وليس لديھا أية معلومات تفصيلية‬
‫عنھا‪.‬‬

‫وكانت ھذه ھي القضية الثانية التي يتھم ضبطھا خالل أقل من أربعة أشھر‪ ..‬ويتھم‬
‫فيھا مصري بالتجسس لحساب إسرائيل‪ ..‬بعد قضية عصام العطار‪..‬‬

‫***@ @‬
‫‪49‬‬
‫‪٤٩‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫‪@ @@NN‰bİÈÛa@âb–Ç‬‬
‫‪@ @@AA†í†ènÛbi@†îävnÛa@òbîë‬‬
‫أما قصة عصام العطار ‪ ،‬وھو أيضا ً واحد من آخر الجواسيس الذين تم القبض‬
‫عليھم في مصر مؤخراً‪ ..‬فنسوقھا للتأكيد علي أسلوب إخضاع العميل وإجباره علي‬
‫التخابر باستخدام أسلوب التھديد‪.‬‬

‫ولد محمد عصام غنيم العطار ألسرة ذات عراقة في العمل الديني في مصر‪..‬‬
‫فجده ألبيه الشيخ محمد العطار كان شيخا ً سابقا لألزھر‪ ..‬انفصل والد عصام العطار ‪-‬‬
‫الذي تبرأ منه تماما ً بعد تكشف القضية ‪ -‬عن أمه التي كانت تعمل مھندسة زراعية قبل‬
‫‪ ٢٩‬عاما ً‪ ..‬وقال األب فيما بعد إن األم ھي التي أفسدت ابنه‪ ..‬وأنه ‪ -‬أي أبوه ‪ -‬لم يره‬
‫منذ ‪ ٥‬سنوات عندما حضر للعزاء في وفاة جده وأخبره ابنه حينھا أنه يعمل مھندس‬
‫بترول في إحدي الشركات األمريكية‪ ..‬وأكد األب أنه علي استعداد لشنق ولده بيديه لو‬
‫تأكد من أنه عمل بالفعل جاسوسا ً إلسرائيل‪.‬‬

‫وعندما تم اصطياد العطار بواسطة ثالثة من ضباط المخابرات اإلسرائيلية في‬
‫تركيا عام ‪ ..٢٠٠١‬دبر لـه ضباط الموساد وظيفة محاسب بأحد البنوك الكندية‪..‬‬
‫وساعدوه في الحصول علي الجنسية الكندية بعد أن تم تنصيره وتغيير اسمه إلى " مايكل‬
‫"‪ ..‬وتم زرعه من خالل عمله وسط تجمعات المصريين والعرب المھاجرين إلى ھناك‪..‬‬
‫وطلبوا منه التجسس على العرب والمصريين من خالل عمله في البنك الكندي الذي كان‬
‫يعمل به‪.‬‬

‫وأغلب الظن أن عصام قد تم السيطرة عليه من خالل ما عرف عنه من ممارسته‬
‫للشذوذ الجنسي‪ ..‬إما بتصويره ثم تھديده فيما بعد‪ ..‬أو بوسيلة أخرى‪ ..‬وبعد دخولـه‬
‫األراضي المصرية بجواز سفره الكندي‪ ..‬وباالسم والديانة الجديدتين‪ ..‬كان ضباط‬
‫‪50‬‬
‫‪٥٠‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫المخابرات المصرية الذين يتابعونه من فترة كبيرة ينتظرونه ليلقوا القبض عليه‪..‬‬
‫وعندھا حاول إنكار أنه عصام العطار والتمسك بشخصيته واسمه الجديدين‪ ..‬إال أنه‬
‫سرعان ما انھار واعترف بالحقيقة‪ ..‬وتم تقديمه للمحاكمة‪ ..‬حيث حكم عليه القضاء‬
‫المصري بالسجن ‪ ١٥‬عاما ً‪ ..‬ومازال في محبسه حتى اآلن‪.‬‬

‫***@ @‬
‫©†‪@ @NNÕîÏìm@ð‬‬
‫‪@ @@AApaŠib‚½a@ñŒèuc@æbšyc@¿@áçìÛa@åÇ@´rybjÛa@òuaˆë‬‬
‫أما قصة مجدي توفيق فھي أغرب النماذج التي من الممكن التعرض لھا بالفحص‪..‬‬
‫والتحليل‪ ..‬وتعكس نوعا ً من السذاجة غير العادية‪ ..‬في من يتوھمون في العمل‬
‫المخابراتي أنه الملجأ اآلمن‪ ..‬وأقصر الطرق للحصول علي األموال بسھولة‪ ..‬فقد انتھت‬
‫ھذه القصة‪ ..‬قبل أن تبدأ‪ ..‬وبطلھا يدعي مجدي أنور توفيق وصدر ضده حكما ً بالسجن‬
‫‪ ١٠‬سنوات أشغاالً شاقة بعد أن وجھت لـه أجھزة األمن المصرية تھمة السعي إلى‬
‫التخابر مع دولـة أجنبية‪ ..‬وكذلك أيضا تھمة التزوير في أوراق رسمية حيث قام المتھم‬
‫بتزوير شھادة من األمانة العامة للصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا التابع‬
‫لوزارة الخارجية المصرية تشير إلى عمله بھا كوزير مفوض على غير الحقيقة‪ ..‬وكان‬
‫قد لجأ إلى تلك الحيلة الماكرة لرفع سعره لدى المخ ابرات "اإلسرائيلية"‪ ..‬واعترف‬
‫الجاسوس أنه قام باالتصال بالقنصلية اإلسرائيلية باإلسكندرية عن طريق الفاكس‪..‬‬
‫وبالطبع كانت المخابرات المصرية تتابع كل خطواته منذ بدايتھا دون أن يدرى‪..‬‬
‫ولسذاجته الشديدة فى طريقة اتصاله بالقنصلية اإلسرائيلية ووقع قبل أن يبدأ مشوار‬
‫الخيانة‪.‬‬

‫***@ @‬
‫‪51‬‬
‫‪٥١‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫‪@ @NNâaŒÇ@âaŒÇ‬‬
‫‪@ @@AAÉîjİnÛa@ÕíŠ@åÇ@Þë†Ûa@…b–nÓa@߆më@Öaa@òbîë‬‬
‫ومن أشھر قضايا التخابر التي أثارت موجات متعاقبة من تأليب الرأي العام في‬
‫مصر والعديد من دول العالم كانت قضية )عزام عزام( ذلك الجاسوس اإلسرائيلي الذي‬
‫أفرج عنه نھاية ‪ ٢٠٠٤‬بعد أن قضى في السجون المصرية ثمانية أعوام‪ ..‬بموجب‬
‫صفقة تبادل أفرجت إسرائيل خاللھا عن ستة طالب مصريين قيل أنھم تسللوا إلي داخل‬
‫الحدود اإلسرائيلية الختطاف دبابة إسرائيلية في أغسطس من نفس العام‪ ..‬وبموجب نفس‬
‫الصفقة أفرجت إسرائيل فيما بعد أيضا عن ‪ ١٥٩‬فلسطينيا ً من السجون اإلسرائيلية‪..‬‬
‫وفيھا يتضح تمام ا ً سياسة بعض أجھزة المخابرات في اختراق الدول والمجتمعات‬
‫المعادية عن طريق التطبيع التجاري فيما بينھما‪ ..‬بغرض ضرب اإلقتصاد القومي لتلك‬
‫الدول‪.‬‬

‫وكان )عزام عزام( من أھم وأشھر وأخطر جواسيس إسرائيل في مصر‪ ..‬وكان‬
‫يمثل بالنسبة للجانب اإلسرائيلي أھمية كبرى بدليل أنه منذ أن حكم عليه عام ‪١٩٩٧‬‬
‫بالسجن لمدة ‪ ١٥‬عاما ً‪ ..‬وإسرائيل وقادتھا ال يألون جھداً في المطالبة باإلفراج عنه‪ ..‬وت ّم‬
‫لھم مرادھم وأفرج عنه بعد قضاءه مدة ثماني سنوات في السجون المصرية‪.‬‬

‫وكان عزام قد ألقي القبض عليه عام ‪ ..١٩٩٦‬وكذلك جميع أفراد شبكة التجسس‬
‫التي كان يتزعمھا‪ ..‬وكان من بينھم شاب مصري يدعى " عماد إسماعيل " تم تجنيده‬
‫أثناء وجوده في إسرائيل للتدريب على صناعة المالبس الجاھزة ضمن إحدى البعثات‬
‫التبادلية بين الشركات والمصانع المصرية‪ ..‬ونظيرته اإلسرائيلية‪ ..‬وكان عماد موفداً من‬
‫قبل المصنع الذي يعمل به في إحدى تلك البعثات التدريبية‪ ..‬حيث تم اإليقاع به عن‬
‫طريق عميلتين للموساد تدعيان " زھرة يوسف جريس "‪ ..‬و "منى أحمد شواھنة "‪..‬‬
‫‪52‬‬
‫‪٥٢‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫وكان عزام يقوم ھو وأفراد شبكته بجمع معلومات خاصة باألنشطة التصنيعية‬
‫واالقتصادية للمصانع الموجودة في المدن الجديدة مثل مدينة ‪ ٦‬أكتوبر والعاشر من‬
‫رمضان‪ ..‬واستحدث عزام عزام وسائل كانت جديدة للغاية في التعامل واإللتقاء بأفراد‬
‫شبكته المتواجدين بمصر وقتھا‪ ..‬فكان علي سبيل المثال يقوم بإدخال الحبر السري الذي‬
‫يستخدمه ھو ومعاونوه عن طريق ارتدائھم أثناء دخولھم مصر مالبس داخلية مشبعة‬
‫ببودرة الحبر‪ ..‬ثم غسل ھذه المالبس فيما في مياه مقطرة فتتحول المياه إلي سائل حبري‬
‫خاص يستخدمونه فيما بعد في كتابة خطاباتھم‪.‬‬

‫وبعد القبض عليه ومحاكمته صدر ضده حكما ً بالسجن ‪ ١٥‬عاما ً‪ ..‬كما صدر الحكم‬
‫بالسجن ‪ ١٠‬سنوات علي عماد إسماعيل‪.‬‬

‫واعترض " بنيامين نتنياھو " رئيس وزراء إسرائيل وقتھا على حكم القضاء‬
‫المصري وفي آخر زيارة لعزام في السجن وكانت من " داني نافيه " مستشار رئيس‬
‫الوزراء اإلسرائيلي وقتھا " إسحق شارون " ومستشارته الصحفية ومندوب من السفارة‬
‫اإلسرائيلية بالقاھرة‪ ..‬طلب عزام منھم ضرورة اإلسراع باإلفراج عنه ألنه ضاق بحياة‬
‫السجن‪ ..‬فأكدوا لـه أنھم يحملون لـه وعداً من إسحق شارون بأنه شخصيا ً سيبذل أقصى‬
‫جھوده ومن وراءه حكومة إسرائيل بالكامل لتحقيق ھذا الھدف‪.‬‬

‫والغريب أن قادة إسرائيل كانوا دائما يضعون قضية اإلفراج عن عزام عزام محل‬
‫اھتماماتھم ويجعلونھا رقم واحد على أجندة المباحثات بين مصر وإسرائيل‪ ..‬وكانت‬
‫الحكومة المصرية ترد ھي األخرى دائما ً برد واحد وھو أن القضاء المصري لـه كامل‬
‫السيادة ويتمتع بالنزاھة واالستقالل في أحكامه‪ ..‬حتى تم اإلفراج عن عزام في الصفقة‬
‫المشار إليھا‪.‬‬

‫***@ @‬
‫‪53‬‬
‫‪٥٣‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫‪@ @NNóìß@æbz‬‬
‫‪@ @pa‰†‚½a@òßaë…@¿@pbÈàna@ÖaŠËg@òbîë‬‬
‫وھذه القضية تعد ھى األخرى واحدة من أغرب قضايا التجسس‬
‫اإلسرائيلي على مصر بطلھا ھو الجاسوس " سمحان موسى مطير"‪ ..‬وتعد ھذه‬
‫القضية ھي األغرب ألنھا المرة األولى التي يتم فيھا تجنيد تاجر مخدرات‬
‫ليكون جاسوسا إلسرائيل وكان " سمحان " قد اتفق مع رجال الموساد بعد‬
‫اصطياده وتجنيده على أن يتقاضى ثمن خيانته كميات كبيرة مخدرات‪ ..‬وكان‬
‫سمحان يعمل في فترة شبابه بإحدى شركات المقاوالت التي لھا أعمال مشتركة‬
‫في مصر وإسرائيل ومن ھنا جاء اتصاله بالموساد اإلسرائيلي وعمل بتجارة‬
‫المخدرات تحت ستار شركة مقاوالت خاصة وكانت لـه عالقات واتصاالت‬
‫عديدة ببعض ضباط الموساد المعروفين‪.‬‬

‫وكان سمحان جاسوس شديد الحرص للغاية‪ ..‬تلقى تدريبات على أعلى‬
‫مستوى في كيفية الحصول على معلومات‪ ..‬وكيفية إرسال واستقبال الرسائل‬
‫المشفرة بمختلف الطرق‪ ..‬لكنه كان يفضل دائما ً أن يحفظ المعلومات التي‬
‫تتوافر لديه وينقلھا شفاھة إلى ضباط الموساد اإلسرائيلي‪ ..‬وكانت المعلومات‬
‫المطلوبة من سمحان تتعلق بالوضع االقتصادي لمصر وحركة‬
‫البورصةالمصرية وتداول األوراق المالية‪ ..‬وكذلك تم تكلفته بالحصول على‬
‫معلومات تخص بعض رجال األعمال‪ ..‬حتى تم القبض عليه ومحاكمته عام‬
‫‪.١٩٩٧‬‬

‫***@ @‬
‫‪54‬‬
‫‪٥٤‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫‘‪@ @NNïÛýîÐÛa@ÑíŠ‬‬
‫‪@ @@NNòîu‰b¨a@pbrÈjÛa@lý@†îä£@òbîë‬‬
‫من أبرز القضايا التي صدرت فيھا أحكام مشددة قضية المھندس شريف‬
‫الفياللي‪ ..‬ففي مارس ‪ ٢٠٠٢‬قضت محكمة أم الدولة العليا في مصر بحبس‬
‫الفياللي )‪ ٣٥‬عاما ( خمسة عشر عاما ً مع األشغال الشاقة‪ ..‬وحكمت المحكمة‬
‫أيضا على شريكه الروسي " جريجوري شفيتس " غيابيا ً بالسجن لمدة ‪ ٢٥‬عاما ً‬
‫إلدانته بالتخابر مع الموساد وتجنيد الفياللي‪.‬‬

‫والغريب في ھذه القضية أن الفياللي كان قد تم تبرئته في حكم محكمة أول‬
‫درجة‪ ..‬إال أن الرئيس المصري حسني مبارك أمر بإعادة محاكمته ليتم إدانته‬
‫الحقا‪..‬‬

‫وكان شريف الفياللي الذي سافر عام ‪١٩٩٠‬م الستكمال دراسته العليا‬
‫بألمانيا وخالل إقامته بھا تعرف على امرأة ألمانية يھودية تدعى )ايرينا( قامت‬
‫بتقديمه إلى رئيس قسم العمليات التجارية بإحدى الشركات األلمانية الدولية‬
‫والذي ألحقه بالعمل معه بالشركة وطلب منه تعلم اللغة العبرية تمھيداً إلرساله‬
‫للعمل في إسرائيل‪ ..‬وعندما فشل في تعلم اللغة العبرية سافر إلى أسبانيا وتزوج‬
‫من امرأة يھودية مسنة‪ ..‬ثم تعرف على " جريجروي شيفيتش" الضابط السابق‬
‫بجھاز المخابرات السوفيتي )‪ (K. G. B‬والمتھم الثاني في القضية وعلم منه‬
‫أنه يعمل في تجارة األسلحة‪.‬‬

‫وأغراه بأنه يستطيع مثله أن يثرى ماليا ً بشكل كبير في زمن وجيز لكن‬
‫بشرط أن يستمع لنصائحه جيداً‪ ..‬وينفذ ما يطلبه منه‪ ..‬وكان ما يطلبه ھو إمداده‬
‫بمعلومات سياسية وعسكرية ومدي االستقرار السياسي في مصر والتطورات‬
‫‪55‬‬
‫‪٥٥‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫التي تمر بھا القوات المسلحة المصرية وبخاصة زوارق الصواريخ البحرية‬
‫‪ ٢٠٥‬و ‪ ٢٠٦‬مستغالً عالقته بابن عمه سيف الدين الفياللي الضابط السابق‬
‫بالقوات البحرية المصرية )‪ ..(١‬ومعلومات أخرى حول األوضاع االقتصادية‬
‫تخص مشروعات استثمارية قائمة منھا ما ھو سياحي وزراعي بمساعدة ابن‬
‫عمه اآلخر ويدعى سامي الفياللي الذى كان يعمل وقتھا وكيالً لوزارة‬
‫الزراعة‪ ..‬ووافق الفياللي وبدأت اللقاءات مع ضابطين من الموساد تم تجھيزه‬
‫من خاللھا حتى نجح رجال األمن المصريون في القبض عليه في بدايات عام‬
‫‪ ٢٠٠١‬وحكم عليه بالسجن ‪ ١٥‬عاما ً‪ ..‬حتى مات بالسجن فى أول يوليو ‪٢٠٠٧‬‬
‫بعد وفاة البطل المصري أشرف مروان بأيام قليلة‪.‬‬

‫***‬

‫‪@ @NNåŽãbç@pŠië‰‬‬
‫‪@ @NNòîØíŠßþa@òíŒ×Š½a@paŠib‚½a@ƒí‰bm@¿@‰bÇ@òà•ë@×c‬‬
‫‪@AA݁a†Ûa@åß@Öa⁄a@òbîë‬‬
‫مكتب التحقيقات الفيدرالي في الواليات المتحدة مؤسسة أمنية تھتم بأمن‬
‫الدولة‪ ..‬وھو يعتبر المسئول عن الوضع المخابراتي داخليا ً ھناك‪ ..‬نطاق عملھم‬
‫يدور في إطار تحديد ھوية العمالء المتخفين والذين يشكلون تھديداً على البالد‬
‫بما يملكونه من معلومات‪ ..‬بينما يمتلكون ھم معلومات غاية في األھمية‬
‫والحساسية عن عمالء الواليات المتحدة الذين يعملون لصالحھا في الخارج‪..‬‬
‫ولديھم أيضا ً وثائق و رسومات وصور مھمة لكل األھداف والمنشئات الحيوية‬

‫‪ - ١‬لم تثبت التحقيقات التى إجريت مع الفاللي ‪ ..‬وال تحريات القضية أي تعاون تم بينه وبين ابني‬
‫عمه المشار إليھما ‪ ..‬بل ثبت أنھما لم يكونا علي علم علي اإلطالق بما يقوم به ابن عمھما ‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫‪٥٦‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫والسرية داخل الواليات المتحدة‪ ..‬فإذا سقطت بعض ھذه المعلومات في يد أية‬
‫جھة معادية‪ ..‬فسيكون األمر بمثابة كارثة حقيقية تشكل تھديداً ھائالً على أمنھا‪.‬‬

‫لكن ھذا ما حدث بالفعل في الثمانينات من القرن الماضي‪ ..‬وھي قصة‬
‫يعتبرھا عمالء المباحث الفيدراليون أنھا أكثر القضايا التي جلبت لھم العار على‬
‫مر قرن من الزمان ھو عمر إنشاء المؤسسة الفيدرالية‪ ..‬القضية عرفت باسم‬
‫بطلھا ويدعي )روبرت فيليب ھانسن( الذي كان أحد أنجح وأھم العمالء في تلك‬
‫المؤسسة والذي بدالً من أن يكون مصدر ثقة وأمان لمواطنيه أصبح بين ليلة‬
‫وضحاھا من أكثر العوامل تھديداً ألمنھا واستقرارھا‪.‬‬

‫ﻧﺸﺄﺓ ﺭﻭﺑﺮﺕ‪:‬‬
‫ولد فيليب ھانسن في الثامن عشر من شھر أبريل سنة ‪ ١٩٤٤‬بوالية‬
‫شيكاغو‪ ..‬وكان والده يعمل شرطيا ً في المدينة قبل أن يذھب للعمل في البحرية‬
‫إبان الحرب العالمية الثانية‪ ..‬وبعد انتھاء الحرب عاد أبوه لسلك الشرطة والتي‬
‫استمر فيھا لمدة ثالثين سنة قبل أن يحال إلي التقاعد‪ ..‬استكمل ھانسن دراسته‬
‫بصعوبة ناتجة عن عالقته الفاترة بوالديه‪ ..‬خاصة أبوه الذي لم يقدم البنه‬
‫الصغير الرعاية والحب الكافيين‪ ..‬وقد ذكر ھانسن ذلك بشكل واضح في‬
‫مذكراته الشخصية‪ ..‬مما كان لـه بالغ األثر في نفسيته وتكوينه العاطفي والذي‬
‫انعكس على حياته فيما بعد‪ ..‬وعرف عن ھانسن ذكاؤه الشديد‪ ..‬وقدرته العجيبة‬
‫في حفظ‪ ..‬واستيعاب األمور والكالم الذي يلقي علي مسامعه للمرة األولي‪..‬‬
‫ويشير لذلك الكثير من زمالئه الذين الحظوا أنه كان يحضر المحاضرات‬
‫الدراسية حامالً معه فقط ورقة واحدة نادرا ما تمتلئ بالكتابات‪ ..‬وبأنه كان‬
‫يفاجأھم بعد المحاضرات بقيام ه بإعادة كل ما قاله المحاضر‪ ..‬وكأنه يحفظه عن‬
‫ظھر قلب‪ ..‬أو يقرؤه من كتاب مفتوح أمامه‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫‪٥٧‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺃﻭﱄ ﻓﺎﺷﻠﺔ‪:‬‬


‫قام ھانسن بمحاولة فاشلة لإلنضمام إ لى أجھزة مخابرات األمن القومي‬
‫)‪ (NSA‬حيث كان المسئولون في جھاز المخابرات في ھذا الوقت يرفضون‬
‫انضمام عمالء جدد ألسباب مادية حيث كانت سياسة جھاز المخابرات آنذاك‬
‫تسعى إلي تقليص الميزانية نظراً للركود االقتصادي الذي صاحب تلك الفترة‬
‫والتي كانت تخوض فيھا الواليات المتحدة األمريكية حرب فيتنام التي كبدتھا‬
‫خسائر فادحة ھزت اقتصادھا‪.‬‬

‫آنذاك كان تجنيد المواطنين في خدمة الجيش منتشراً ولم يكن ھانسن‬
‫متحمسا ً لخدمة الجيش‪ ..‬فقرر أن يكمل تعليمه ليحصل على وظيفة راقية في‬
‫المجتمع عوضا ً عن السفر آالف األميال لمالقاة عدولم يشاھده ولم يؤذيه‪ ..‬فقرر‬
‫أن يكمل دراسته‪ ..‬والحصول على شھادة عليا فدخل كلية طب األسنان بجامعة‬
‫نوكس بشيكاغو‪ ..‬ولكن األمور لم تسر حسب ما كان يطمح ولم تعجبه تلك‬
‫النوعية من الدراسة‪ ..‬فترك الكلية في محاولة للبحث عن نفسه في اتجا ٍه آخر‪.‬‬

‫ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ‪:‬‬
‫وبعد فترة تمكن أبوه من توفير وظيفة مناسبة لـه في مستشفي لألمراض‬
‫النفسية والعصبية‪ ..‬وكان أثناء عمله يتباھى بنفسه ويقوم بدعوة المرضى‬
‫ومقابلتھم متقمصا ً شخصية الدكتور‪ ..‬حيث كان يحب دائمأ ً السيطرة علي‬
‫اآلخرين‪.‬‬

‫وظل الحال على ما ھو عليه حتى قام بترك ھذه الوظيفة أيضا واتجه‬
‫أخيراً للجامعة وحصل منھا على شھادة في المحاسبة‪ ..‬وتزوج عام ‪١٩٦٨‬‬
‫وبعدأن توظف كشرطي في مدينة شيكاغو كان لعمله الدؤوب وجھده المتواصل‬
‫‪58‬‬
‫‪٥٨‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫الفضل في أن يحصل على ترقية بقبولـه في مكتب التحقيقات الفيدرالي سنة‬
‫‪١٩٧٦‬م‪ ..‬وبعد أن أصبح الثعلب داخل واحدة من أكبر المؤسسات األمنية في‬
‫البالد مرت األيام والسنوات ليبدأ بالتحرك‪ ..‬وبحلول عام ‪١٩٨٥‬م وجد ھانسن‬
‫نفسه مسئوالً عن عائلة مكونة من طفلتين وزوجة وبعض االلتزامات التي لم‬
‫يكن دخله السنوي والمقدربأربعين ألف دوالر ليغطيھا‪ ..‬وذات يوم وقع في يد‬
‫ھانسون كتابٌ ◌ٌ ◌ٌ ◌ٌ بعنوان )حربي الصامتة( لـ كيم فيلبي والذي كان جاسوسا ً‬
‫بريطانيا ً عمل لصالح المخابرات الروسية لمدة عشرين عاما ً‪ ..‬وكان لھذا‬
‫الكتاب أثره الشديد في حياة ھانسون‪.‬‬

‫فلجأ ھانسن لبعض العمالء الروسيين في أمريكا وعرض عليھم خدماته‬
‫مقابل المال‪.‬‬

‫ﺍﳋﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮ‪:‬‬
‫لعل خوف ھانسن من تعرض أطفاله لحياة قاسية بدافع الفقر مثل تلك التي‬
‫عاشھا ھو نفسه وشدة حبه لھم وألسرته‪ ..‬وحتي اليكرھونه كما كره ھو أباه‬
‫ھوالذي دفعه للذھاب بقدميه إلي بئر الخيانة‪.‬‬

‫وفي بداية تعامله معھم قام بإعطاء الروس بعض المعلومات التي لم تكن‬
‫ذات أھمية علي أمل التوقف في اللحظة المناسبة‪ ..‬واستثمار ما سوف يجنيه من‬
‫وراءھم من مال لتحسين أوضاعه المادية‪ ..‬لكن ليس كل ما يشتھيه المرئ‪..‬‬
‫يدركه‪ ..‬فقد انزلقت قدما ھانسن إلي طريق ال نھاية لـه إال الموت أو السجن‪.‬‬

‫فالخبراء الروس كانوا يعلمون جيداً من تعاملھم مع ھانسن أنه يحاول‬
‫تحسين أوضاعه المادية فقط ومن ھذا المنطلق أصبحوا يغرونه شيئا ً فشيئا ً‬
‫بمبالغ كبيرة لم يكن ليرفضھا في سبيل توفير بعض المعلومات المھمة‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫‪٥٩‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫فبدأ ھانسن بتوفير تلك المواد للعمالء الروس وزاد من نشاطه مؤخراً‪.‬‬

‫ﻳﻘﻈﺔ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﳌﻜﺘﺐ ﺍﻟﻔﻴﺪﺭﺍﱄ‪:‬‬


‫وفي ھذه األثناء بدأ القيادات العليا بالمكتب الفيدرالي يالحظون سقوط‬
‫الكثير من عمالئھم في موسكو في يد المخابرات الروسية فأصبحوا يفكرون‬
‫جديا ً باحتمال أن ھناك من يسرب المعلومات من الداخل للمخابرات الروسية‬
‫والتي قامت باكتشاف الكثير من العمالء الذين يعملون لصالح الـ )سي‪ .‬إي‪.‬‬
‫إيه(‪.‬‬

‫ومن ھذا المنطلق قام مكتب التحقيق الفيدرالي بالتعاون مع الـ )سي‪ .‬إي‪.‬‬
‫إيه( بالتحرك فوراً من أجل كشف مصدر التسريب داخل جھاز المخابرات قبل‬
‫أن تتسرب معلومات أخطر تفوق ما تم معرفته عن جواسيس يعملون لصالحھم‬
‫في الخارج مما قد يمثل تھديداً مباشراً لألمن القومي في البالد‪.‬‬

‫وفي ھذه األثناء كان ھانسن على الرغم من حرصه الشديد موضع اھتمام‬
‫المحققين نظراً للتغيرالواضح الذي طرأ على حياته من خالل معدل إنفاقه‬
‫الشخصي الذي كان يفوق دخله الشھري بمراحل عديدة‪.‬‬

‫فقام عمالء الـ )إف‪ .‬بي‪ .‬آي( بتتبع ھانسن لمعرفة المصدر الحقيقي لدخله‬
‫المادي‪.‬‬

‫وكان ھانسن يستخدم العديد من األسماء المستعارة مع الروس مثل)رامون(‬
‫وكانت خبرته في العمل مع الـ )إف‪ .‬بي‪ .‬آي( قد ساعدته كثيراً علي أن يحتاط‬
‫جيداً فأصبحت عملية تتبعه شديدة الصعوبة‪ ..‬ولم يقم في يوم من األيام‬
‫باالتصال المباشر مع العمالء الروس‪ ..‬بل كانت المعلومات واألموال تسلم عند‬
‫نقطة تسليم تتغير في كل مرة يتم االتفاق عليھا بينھم وبعد جھود مضنية في‬
‫‪60‬‬
‫‪٦٠‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫محاولة التأكد من ھوية الخائن الذي يقوم بتسريب المعلومات لم تكن شكوك الـ‬
‫)إف‪ .‬بي‪ .‬آي( تكفى للقبض على ھانسن لعدم توفر األدلة والتي كانت بالتأكيد‬
‫في حالة براءته ستؤدي النتباه الخائن الحقيقي وسيتوقف‪ ..‬وبالتالي ستؤدي إلي‬
‫صعوبة تتبعه دون استمرار نشاطه‪.‬‬

‫ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﳋﻴﻂ‪:‬‬
‫ولكن الحل أتى من الـ )سي‪ .‬إي‪ .‬إيه( والتي استطاع عمالؤھا في روسيا‬
‫الحصول على وثائق رسمية تتعلق بجاسوس أمريكي يعمل لصالح المخابرات‬
‫الروسية‪ ..‬وكانت أوصاف ھذا الجاسوس والمعلومات المتوفرة عنه تطابق‬
‫المعلومات المتعلقة بـ )ھانسن( وبعد تكثيف عملية مراقبته تم القبض عليه‬
‫متلبسا ً بحديقة فيينا بالقرب من والية فيرجينيا عندما كان يھم بوضع بعض‬
‫مكان سري‪ ..‬وأخذ المال الذي وضع لـه من قبل العمالء‬
‫ٍ‬ ‫المعلومات المھمة في‬
‫الروس من نفس المكان‪..‬‬

‫وكانت ھذه القضية بمثابة وصمة عار على جميع األجھزة األمنية‬
‫ة جھاز الـ )إف‪ .‬بي‪ .‬آي( الذي كان يعمل‬ ‫بالواليات المتحدة األمريكية‪ ..‬خاص ً‬
‫صل عليھا ھانسن بـ ‪ ٦٠٠‬ألف دوالر‬
‫به الرجل‪ ..‬وقدرت األموال التي تح ّ‬
‫أمريكي تسلمھا على شكل دفعات مقابل المعلومات التي كان يوفرھا للروس‪.‬‬

‫وكان حجم األضرار التي قد تحدث نتيجة المعلومات التي تم تسريبھا من‬
‫ھانسن ال يمكن التكھن بھا فلم تكن ھناك معلومات أكيدة عن نوعية الملفات‬
‫البالغة األھمية التي قام ھانسن بتسريبھا للروس‪.‬‬

‫ومنذ ھذه القضية قامت الحكومة األمريكية بإعادة ھيلكة الرواتب للعمالء‬
‫الفيدراليين وزيادتھا وليس للنقص وإضافة بعض المميزات لھم وكذلك تقليص بعض‬
‫الصالحيات المتوفرة للعمالء في الكشف عن بعض المعلومات المتعلقة بأمن الدولة‪.‬‬

‫***@ @‬
‫‪61‬‬
‫‪٦١‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫×‪@ @NNñ‰ìݍþa@NNÜîÏ@áî‬‬
‫‪@ @@AAñ†îÔÈÛa@Ýuc@åß@†îävnÛa@òbîë‬‬
‫يعد كيم فيلبي في سجالت تاريخ الجاسوسية زعيم حلقة عمالء كامبردج الشھيرة‬
‫واألسطورية وأحد أھم جواسيس القرن العشرين‪ ..‬انضم إلى خدمة االستخبارات السرية‬
‫عام ‪ ١٩٤٠‬وترقى حتى وصل إلى موقع رئاسة إدارة مكافحة التجسس السوفييتي‬
‫وضابط االرتباط ما بين االستخبارات البريطانية الـ ‪ M. I. 6‬ونظيرتھا األمريكية الـ‬
‫)‪ (C. I. A‬وأيضا الـ )‪ (F. B. I‬وھو من قام بتسريب جميع أسرار عمليات الحلفاء‬
‫وقدمھا إلى الروس وقام بالعمليات السرية من أجل إزاحة الستار الحديدي في السنوات‬
‫األولى للحرب الباردة كان عبثيا ً ومتعجرفا ً وتھكميا ً ومليئا ً بالثقة بالنفس وكان جاسوسا ً‬
‫بارعا ً تمكن بكل ذكاء من التفوق على وكاالت التجسس البريطانية التي عمل معھا‪..‬‬
‫وكان مخلصا ً للماركسية حيث فضل النظام السوفييتي بكل مساوئه عن النظم الغربية‬
‫الديمقراطية وضحى في سبيل الماركسية بكل شيء بما في ذلك جنسيته وسمعته‪.‬‬

‫ولد في الھند البريطانية ألسرة تنتمي للطبقة العليا حيث كان والده ضابطا ً مدنيا ً ذا‬
‫رتبة عالية‪ ..‬وعقب تخرجه في إحدى مدارس االرستقراطيين عام ‪ ١٩٢٨‬التحق بجامعة‬
‫كامبردج وتخرج فيھا عام ‪.١٩٣٣‬‬

‫وعند تخرجه عمل فليبي في الصحافة وبحث عن وظيفة في صحف سياسية معتدلة‬
‫وأخفى معتقداته الشيوعية وعندما اندلعت الحرب األسبانية حصل فيلبي على عمل‬
‫كمراسل لصحيفة لندن وھي وكالة صحافة صغيرة لتغطية الحرب‪ ..‬ولكنه في الواقع‬
‫كان قد أرسل إلى أسبانيا من قبل السوفييت للتجسس على الثوار ضد الجمھوريين‪.‬‬

‫عاد إلى إنجلترا واندلعت الحرب العالمية الثانية ولكنه أ ُرسل إلى فرنسا‬
‫وفي ھذا الوقت أصبح مراسالً حربيا ً متمرسا ً وأظھر احتراما ً للقائد األعلى‬
‫‪62‬‬
‫‪٦٢‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫البريطاني ومن خالله تمكن من االطالع على األسرار العسكرية األكثر أھمية‬
‫والتي كان يرسلھا إلى موسكو‪.‬‬

‫وعندما سقطت فرنسا عاد إلى إنجلترا مرة أخرى وعلى الرغم من عضويته في‬
‫البعثة )األنجلو ‪ -‬ألمانية( إال إنه قرر االنضمام إلى خدمة االستخبارات البريطانية‬
‫السرية وتمكن ببراعة ال توصف من االنضمام إلى االستخبارات السرية‪ ..‬وفي صيف‬
‫عام ‪ ١٩٤٠‬كانت المرة األولى التي قام فيھا باالتصال مع السرية البريطانية‪.‬‬

‫وترقى في منصبه حتى وصل إلى منصب رئيس إدارة مكافحة التجسس‬
‫السوفييتي وضابط االرتباط ما بين االستخبارات البريطانية الـ )‪(M. I. 6‬‬
‫ونظيرتھا األمريكية ال ـ )‪ (C. I. A‬وأيض ا ً ال ـ )‪ (F. B. I‬قام بتقديم جميع أسرار‬
‫عمليات الحلفاء إلى روسيا‪ ..‬وقام بالعمليات السرية من أجل إزاحة الستار‬
‫الحديدي في السنوات األولى للحرب الباردة‪ ..‬في عام ‪ ١٩٦٧‬كتب فى موسكو‬
‫مذكراته في كتابه الشھير الذي ما زال حتى اليوم يطبع اآلالف من النسخ‬
‫)حربي الصامتة( وھو الكتاب الذي أذھل العالم وفيه كشف عن تفاصيل عمله‬
‫كجاسوس مزدوج لصالح الـ )‪ (K. G. B‬للمرة األولى واعتبره أحد أكثر‬
‫الجواسيس نجاحا ً في العالم وكان أيضا ً كاتبا ً متميزاً قدم )قصة أيقونة( عن‬
‫سنوات الحرب الباردة وأحداث ما يعد الثورة في الكتاب الذى أعيد طبعه مرات‬
‫ومرات بعد نحو ‪ ١٢‬عاما ً من صدوره للمرة األولى وفيه يقدم فيلبي تفاصيل‬
‫عمليات التجسس التي قام بھا لصالح االتحاد السوفييتي وكيف تمكن من النجاح‬
‫في الھرب إلى موسكو عام ‪ ١٩٦٣‬والتي عاش بھا حتى وفاته عام ‪١٩٨٨‬‬
‫ويشرح لماذا ظل مخلصا ً للشيوعية حتى بعد أن اكتشف جرائم ستالين؟‬

‫ويكتب في مذكراته‪) :‬في صيف عام ‪ ١٩٤٠‬كانت المرة األولى التي‬
‫‪63‬‬
‫‪٦٣‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫أحرى فيھا اتصاالً بالخدمة السرية البريطانية ولكن األمر كان بمثابة قضية‬
‫مثيرة بالنسبة لي لعدة سنوات في ألمانيا النازية وفيما بعد في أسبانيا حيث‬
‫خدمت كمراسل لصحيفة التايمز مع قوات الجنرال فرانكو( وفي جزء آخر‬
‫يكتب‪) :‬قررت أن أترك التايمز قبل أن تتركني ھي إن فكرة أن أظل أكتب‬
‫ممجداً عن عظمة القوات البريطانية وروعة أخالقيات جنودھا لألبد كانت فكرة‬
‫ترعبني(‪.‬‬

‫عند نھاية الحرب فإن إنجلترا وإلى حد كبير الواليات المتحدة أصبحتا أقل‬
‫ثقة في حليفھما السوفييتي وأدركا أن جوزيف ستالين لديه خطط لما بعد الحرب‬
‫تتضمن االستيالء والسيطرة على دول وسط أوروبا أثناء تحررھا من األلمان‪..‬‬
‫وأراد تشرشل أن تتم مراقبة السوفييت عن قرب ومن جانبه كما يذكر فيلبي‬
‫اقترح أن يتم إنشاء مكتب مقاومة للشيوعية داخل االستخبارات البريطانية في‬
‫حين أدرك المشرف عليه أن فيلبي كان على صلة بضباط سوفييت ذوي رتب‬
‫عليا في إنجلترا ودول أخرى وبھذا تمت الموافقة على خطة فيلبي التي أبھجت‬
‫المشرف عليه السوفييتي )اناتولي ليبيديف( الذي استبدل ببوريس كورتوف‬
‫مدير االستخبارات المسؤول عن عمليات فيلبي لصالح الـ)‪ (K. G. B‬والذي‬
‫كان لفترة طويلة قد أشرف على عمليات فيلبي‪.‬‬

‫في ‪ ٢٣‬يناير ‪ ١٩٦٣‬ترك فيلبي أسرته وھرب إلى االتحاد السوفييتي في‬
‫حين انتظرته زوجته في حفل عشاء وسار عبر مرفأ في ميناء بيروت ومن‬
‫ھناك استقل سفينة إلى الميناء الروسي أوديسا وعاش فيلبي لعدة شھور في‬
‫مدينة على نھر الفولجا على بعد آالف األميال من موسكو وعندما وصل‬
‫موسكو كان بورجيس قد توفي إثر أزمة قلبية في سن ‪ ٥٢‬عاما وكانت وفاته‬
‫بسبب اإلفراط في الشراب‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫‪٦٤‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫***@ @‬
‫×‪@ @NNbîÜîßb‬‬
‫‪@AAâëŒÜÛa@†äÇ@õýàÈÛa@òîЖmë@NNä¦a@ÕíŠ@åÇ@†îävnÛa@òbî‬‬
‫ولدت كاميليا فى ‪ ١٣‬ديسمبر عام ‪ ..١٩١٩‬وماتت محترقة فى حادث طائرة فى‬
‫‪ ٣١‬أغسطس عام ‪ ..١٩٥٠‬وكانت إحدي العضوات النشطات فى شبكة التجسس على‬
‫الملك فاروق األول )‪ (١٩٥٢ - ١٩٣٦‬وعلى األوضاع السياسية فى مصر فى فترة‬
‫مھمة من فترات الصراع العربي االسرائيلى‪ ..‬وتغلغلت وسيطرت علي عقل ومشاعر‬
‫الملك بعد أن تعرفت عليه منذ عام ‪١٩٤٦‬والى نھاية عالقتھا به عام ‪١٩٤٩‬حتى أنھا‬
‫كادت تكون سبب طالق فاروق من زوجته الملكة فريدة كما تمكنت من اختراق مجتمع‬
‫رجال السياسة والمال معتمدة على أنوثتھا الطاغية وموھبتھا الفذة فى استقطاب الرجال‬
‫والسيطرة عليھم‪ ..‬وكانت مرتبطة بالوكالة اليھودية فى تل أبيب‪ ..‬وتعمل تحت ستار‬
‫اشتغالھا بالفن‪ ..‬وكانت تلتقي مع عمالء الوكالة اليھودية فى جزيرة قبرص‪ ..‬وفى‬
‫الفراش الذي كان يجمع فاروق وكاميليا كانت المخابرات اليھودية ثالثھما‪.‬‬

‫***@ @‬
‫‪65‬‬
‫‪٦٥‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫‪@ @NNæaì’Ûaë@NNæbva‬‬
‫‪@ @@AAkbä½a@oÓìÛa@¿@ÝßbÈnÛa@õbèãgë‬‬
‫في سنة ‪ ١٩٦٣‬أراد جاك بيتون )رأفت الھجان( العودة مرة أخرى إلي مصر‬
‫وإنھاء عمله كجاسوس في إسرائيل بشكل نھائي‪ ..‬ولكن ھذا كان فيه من الخطورة على‬
‫حياته الكثير والكثير حيث أن اختفاءه من إسرائيل فجأة وھو رجل مرموق بھا وصاحب‬
‫عالقات وطيدة بأكبر الشخصيات اإلسرائيلية سوف يثير ريبة أجھزة الموساد‪ ..‬و في‬
‫نفس الوقت سوف يكون خطرا يتسبب في كشف شبكات التجسس التي كونھا الھجان‪..‬‬
‫ولذلك كان البد من االنسحاب التدريجي‪ ..‬وبالفعل بدأ رجال المخابرات المصرية إعداد‬
‫خطة لذلك فتم توجيھه للسفر إلي بلد آخر للعيش فيھا بشكل يبدو طبيعيا ً‪ ..‬وسافر الھجان‬
‫إلي ألمانيا وبدأ في تكوين شركة نفط بھا وكذلك بدأ في طلب الحصول على الجنسية‬
‫األلمانية‪ ..‬وفي تلك الفترة تعرف الھجان على )فلتراود( وھى امرأة ألمانية كانت مطلقة‬
‫ولديھا ابنة اسمھا )اندريا(‪ ..‬تزوج الھجان من تلك السيدة وتبنى ابنتھا التي كان عمرھا‬
‫وقتھا أربع سنوات‪ ..‬ثم أنجب الھجان من زوجته األلمانية ابنه )دانيال( وبدأ يعيش حياة‬
‫طبيعية كرجل أعمال‪ ..‬وعلى الرغم من ذلك لم يقطع الھجان صلته أو اتصاالته‬
‫بالمسئولين اإلسرائيليين بل كان دائم االتصال بھم وكانت أي معلومات يحصل عليھا‬
‫يرسلھا على الفور إلي المخابرات المصرية‪ ..‬وفي حديث معھم ذات مرة عرف‬
‫معلومات تؤكد نية إسرائيل في شن حرب على مصر في الخامس من يونيو ‪..١٩٦٧‬‬
‫فقام على الفور بإرسال تلك المعلومات إلي المسئولين في مصر‪ ..‬إال أنه لألسف لم يھتم‬
‫أحد بتلك المعلومات لوجود معلومات أخرى تؤكد أن الضربة سوف تكون من نصيب‬
‫سوريا فقط‪ ..‬ثم كانت النكسة‪.‬‬

‫ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻨﻜﺴﺔ‪:‬‬
‫بعد ھزيمة ‪ ١٩٦٧‬عاد الھجان إلي مصر وبدأ يسأل عن األسباب الحقيقة التي أدت‬
‫‪66‬‬
‫‪٦٦‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫للھزيمة‪ ..‬وأدرك أن وجوده في إسرائيل سوف يكون أكثر إفادة ونفعا ً لمصر من وجوده‬
‫في ألمانيا‪ ..‬أو حتى مصر نفسھا‪ ..‬فقرر على الفور العودة مرة أخرى إلي ساحة معركته‬
‫القدرية‪ ..‬ھناك حيث إسرائيل‪ ..‬وبالفعل حزم جاك بيتون حقائبه وعاد مرة أخرى‪...‬‬
‫وطلب من أجھزة المخابرات المصرية ترتيب األمور لعودته إلي إسرائيل‪ ..‬وھكذا عاد‬
‫الھجان حامال حياته وروحه على كفيه مرة أخرى ليساعد مصر في إمدادھا‬
‫بالمعلومات‪ ..‬وحتى يساھم ويساعد في محو عار الھزيمة عن الوطن‪.‬‬

‫ﺍﳍﺠﺎﻥ ﰲ ﺣﺮﺏ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ‪:‬‬


‫أخذ الھجان في جمع المعلومات والمعلومات‪ ..‬إلي أن وقع تحت يديه معلومات غاية‬
‫في األھمية‪ ..‬كانت لھا األثر الكبير في انتصارات أكتوبر ‪ ١٩٧٣‬ومن خطورة تلك‬
‫المعلومات وأھميتھا أنه لم يعلن عنھا حتى اآلن ال من قبل أجھزة المخابرات وال من قبل‬
‫الھجان نفسه في مذكراته التي كتبھا قبل وفاته‪ ..‬في تلك المرة وثقت أجھزة المخابرات‬
‫والقيادات العامة في مصر كل الثقة في المعلومات التي أرسلھا الھجان وبدأت مصر‬
‫ترتب وضعھا وتبنى خططھا الحربية بناء على تلك المعلومات‪ ..‬وبالفعل جاءت حرب‬
‫أكتوبر المجيدة وتحقق النصر‪ ..‬وبذلك كان رأفت الھجان )رفعت الجمال( جندي مقاتل‬
‫في حرب أكتوبر‪ ..‬لكن جندي مجھول‪ ..‬ومستتر‪ ..‬تماما ً مثلما كان ھناك جنود مجھولون‬
‫آخرين ال يراھم وال يسمع عنھم أحد‪.‬‬

‫ﺍﳍﺠﺎﻥ ﺑﻌﺪ ‪ ٦‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ‪:‬‬


‫بعد حرب أكتوبر ‪ ١٩٧٣‬غادر الھجان إسرائيل عائداً إلي ألمانيا‪ ..‬لكن ھذه المرة‬
‫كانت مغادرة نھائية‪ ..‬ولم يدخل إسرائيل مرة أخرى‪ ..‬وذلك بعد أن تيقن من داخله أنه‬
‫أتم عمله على أكمل وجه‪ ..‬وانتصرت مصر‪ ..‬وكان في ضميره أثناء مغادرته تل أبيب‬
‫أن يحقق حلمه القديم‪ ..‬ويعود إلي مصر بشكل نھائي‪ ..‬ويسترد مواطنته وجنسيته‬
‫‪67‬‬
‫‪٦٧‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫المصرية‪ ..‬كان يحلم بأن يعود )رفعت على سليمان الجمال( ذلك المواطن الدمياطي‬
‫األصل‪ ..‬الذي يعشق وطنه بجموح‪ ..‬ويكفيه ما عانه من كراھيته لقناع جاك بيتون الذي‬
‫ظل يرتديه ويتحدث بلسانه اليھودي القميء طيلة حوالي خمسة عشر عاما ً‪ ..‬وكان ما‬
‫أشد كراھيته لإلثنين‪ ..‬ولكن المخابرات المصرية أخبرته أن في ذلك خطر في حالة‬
‫اكتشاف أمره على حياته وحياة أسرته‪ ..‬سواءاً المصرية‪ ..‬أو زوجته وولده األلمانيين‪..‬‬
‫إلي أن أتيحت لـه الفرصة في سنة ‪١٩٧٧‬حيث أتى كرجل أعمال ألماني يريد إنشاء‬
‫شركة بترول يستطيع من خاللھا التنقيب عن البترول في صحراء مصر‪.‬‬

‫ﻭﻓﺎﺓ ﺍﳍﺠﺎﻥ‪:‬‬
‫بعد عودة الھجان إلي مصر قرر كتابة مذكراته‪ ..‬وبالفعل شرع في كتابتھا‬
‫وبعد االنتھاء منھا سلمھا إلي محاميه وطلب منه أن يسلمھا إلي زوجته بعد‬
‫وفاته‪ ..‬وذلك حتى تعرف شخصية زوجھا الحقيقة ويعرف أوالده أن والدھم‬
‫كان بط الً‪ ..‬عاش ومات في خدمة بلده ووطنه‪ ..‬في تلك الفترة بدأت تظھر عليه‬
‫أعراض المرض وبعد إجراء الفحوصات الطبية وجد أنه مصاب بمرض‬
‫سرطان الرئة فسافر الھجان إلي ألمانيا للعالج واشتد عليه المرض أكثر‬
‫وأكثر‪ ..‬و في يوم ‪ ٣٠‬يناير من عام ‪ ١٩٨٢‬في إحدى المدن القريبة من‬
‫فرانكفورت بألمانيا توفي الھجان أخطر جاسوس صنعته مصر والمخابرات‬
‫المصرية‪ ..‬وتم دفن جثمانه في تلك المدينة األلمانية‪.‬‬

‫ﻭﺻﻴﺔ ﺍﳍﺠﺎﻥ ﻛﻤﺎ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﻭﻓﺎﺗﻪ‪:‬‬


‫)وصيتي‪ ..‬أضعھا أمانة في أيديكم الكريمة السالم على من اتبع الھدى بسم ]‬
‫الرحمن الرحيم إنا ‪ o‬وإنا إليه راجعون لقد سبق وتركت معكم ما يشبه وصية‪ ..‬وأرجو‬
‫التكرم باعتبارھا الغية‪ ..‬وھا أنا ذا أقدم لسيادتكم وصيتي بعد تعديلھا إلي ما ھو آت‪ :‬في‬
‫‪68‬‬
‫‪٦٨‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫حالة عدم عودتي حيا ً أرزق إلي أرض الوطن الحبيب مصر أي أن تكتشف حقيقة أمري‬
‫في إسرائيل‪ ..‬وينتھي بي األمر إلي المصير المحتوم الوحيد في ھذه الحال‪ ..‬وھو‬
‫اإلعدام‪ ..‬فإنني أرجو صرف المبالغ اآلتية‪:‬‬

‫‪ -١‬ألخي من أبى سالم على الھجان‪ ..‬القاطن‪ ..‬برقم‪ ..‬شارع اإلمام على مبلغ‪..‬‬
‫جنيه‪ ..‬أعتقد أنه يساوى ‪ -‬إن لم يكن يزيد ‪ -‬على المبالغ التي صرفھا على منذ وفاة‬
‫المرحوم والدي عام ‪ ..١٩٣٥‬وبذلك أصبح غير مدين لـه بشيء‪.‬‬

‫‪ -٢‬ألخي الحبيب على الھجان‪ ..‬ومكتبه بشارع عماد الدين رقم‪ .....‬مبلغ‪ ...‬كان‬
‫يدعى أنى مدين لـه به‪ ..‬وليترحم على إن أراد‬

‫‪ -٣‬مبلغ‪ ...‬لشقيقتي العزيزة شريفة حرم الصاغ محمد رفيق والمقيمة بشارع الفيوم‬
‫رقم‪ ..‬بمصر الجديدة بصفة ھدية رمزية متواضعة مني لھا‪ ..‬وأسألھا الدعاء لي دائما‬
‫بالرحمة‪.‬‬

‫‪ -٤‬المبلغ المتبقي من مستحقاتي يقسم كاآلتي‪ :‬نصف المبلغ لطارق محمد رفيق‬
‫نجل الصاغ محمد رفيق وشقيقتي شريفة‪ ..‬وليعلم أنني كنت أكن لـه محبة كبيرة‪..‬‬
‫النصف الثاني يصرف لمالجئ األيتام بذلك أكون قد أبرأت ذمتي أمام ]‪ ..‬بعد أن بذلت‬
‫كل ما في وسعى لخدمة الوطن العزيز‪ ..‬و] أكبر والعزة لمصر الحبيبة إنا ‪ o‬وإنا إليه‬
‫راجعون‪ ..‬وأشھد أن ال إله إال ] وأشھد أن محمدا رسول ]‪.‬‬

‫تلك كانت وصية )رفعت على سليمان الجمال( الرجل الذي عرف إعالميا ً‪ ..‬وطبقت‬
‫شھرته األفاق بإسم )رأفت الھجان(‪ ..‬أو الذي صك بني صھيون علي أقفيتھم بإسم )جاك‬
‫لـه غفرانا ً‪ ..‬واسعا ً‪@ @.‬‬ ‫بيتون(‪ ..‬رحمه ] تعاليّ ‪ ..‬وغفرّ‬

‫***‬
‫‪69‬‬
‫‪٦٩‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫‪æaì’Ûa@òȺ‬‬
‫واسمه الحقيقي أحمد محمد عبد الرحمن الھوان‪ ..‬من مواليد مدينة‬
‫السويس‪ ..‬يعتبر من أھم العمالء األبطال الذين خاضوا الصراع المخابراتي‬
‫المصري اإلسرائيلي‪ ..‬خلق موجة غير مسبوقة من التفاف الرأي العام حول‬
‫بطولته واإلشادة بھا عندما تم إبراز بطولته ودوره من خالل المسلسل الشھير‬
‫دموع في عيون وقحة الذي عرضته جميع شاشات الوطن العربي‪ ..‬بالرغم أن‬
‫المسلسل لم يقدم الحقيقة كامل ً‬
‫ة للجمھور‪ ..‬بل أن كل ما قدمه منھا لم يتجاوز‬
‫أكثر من ‪ E٧‬فقط‪ ..‬ألنه عند بدء تصوير المسلسل ‪ ١٩٨٠‬لم يكن مضى على‬
‫إنھاء ملف الشوان أكثر من عامين‪ ..‬بينما تنص القوانين المصرية على‬
‫ضرورة مرور ‪ ٢٥‬عاما ً على األقل لإلفراج عن الملفات المخابراتية‪.‬‬

‫***‬

‫وعلي مدار ‪ ١١‬عاما ً تمكن ھذا البطل المصري من خداع المخابرات‬
‫اإلسرائيلية‪ ..‬دخل وخرج خاللھا من وإلى تل أبيب مرات عديدة‪ ..‬وتعامل فيھا‬
‫مباشرة مع كبار المسئولين في الموساد في ذلك الوقت وفي مقدمتھم )شيمون‬
‫بيريز( الذي أصبح رئيسا ً لوزراء إسرائيل فيما بعد‪ ..‬وكان ھو رئيس‬
‫المخابرات اإلسرائيلي الذي تسلم منه أجھزة اإلرسال الذى كان يعد وقتھا ھو‬
‫أحدث صيحة في عالم الجاسوسية‪ ..‬كما كان قبل ذلك ھو ضابط المتابعة الذى‬
‫يتولى ملف عمالته لصالحھم‪ ..‬كانت ھذه األجھزة ال يتسلمھا إال أكثر‬
‫الجواسيس أھمي ً‬
‫ة وقيمة لدى أجھزة المخابرات التى تشغلھا‪ ..‬وقام الشوان وكما‬
‫ھو معروف بتسليم األجھزة بدوره للمخابرات المصرية‪..‬‬

‫كما تمكن من خالل عمله كعميل مزدوج‪ ..‬وقربه الشديد من قادة الموساد‬
‫‪70‬‬
‫‪٧٠‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫من الحصول لمصر على معلومات غاية فى الخطورة‪ ..‬كان لھا دور كبير في‬
‫انتصار القوات المصرية في حرب أكتوبر ‪ ..١٩٧٣‬فقد استطاع الشوان تكوين‬
‫عالقات صداقة علي مستوى عال للغاية مع كبار الشخصيات في إسرائيل مثل‬
‫)عيزرا وايزمان( و)ديفيد اليعازر(‪ ..‬باإلضافة بالطبع إلى شيمون بيريز‪..‬‬
‫وجميعھم من أشھر األسماء في تاريخ إسرائيل‪ ..‬وتقلدوا مناصب غاية في‬
‫الخطورة ھناك‪..‬‬

‫وتمكن أيضا ً من تجنيد إحدى ضابطات الموساد تسمى )جوجو( كانت قد ارتبطت‬
‫معه بقصة حب شديدة أثناء إقامته في اليونان تجنيداً عكسيا ً لتصبح ھي األخرى من أھم‬
‫عميالت المخابرات المصرية)‪.(١‬‬

‫كما قام بتسليم األموال التي حصل عليھا من الموساد طوال فترة عمله منذ‬
‫عام ‪ ١٩٦٧‬تاريخ تجنيد الموساد لـه‪ ..‬وحتى اعتزاله وإنھاء ملفه عام ‪..١٩٧٨‬‬
‫للسلطات المصرية أوال بأول‪.‬‬

‫ولم تكن المبالغ التى حصل عليھا من الموساد طوال ھذه الفترة قليلة‪ ..‬بل‬
‫كانت مئات اآلالف من الدوالرات‪ ..‬نظير خدماته التي كان يقوم بھا تحت‬
‫إشراف المخابرات المصرية وعلمھا‪ ..‬فقد كانت أول دفعة مالية يحصل عليھا‬
‫من الموساد قيمتھا ‪ ١٨٠‬ألف دوالر‪ ..‬اشتري ‪ -‬حسب تعليمات الموساد لـه ‪-‬‬
‫بجز ٍء منھا شقة لتكون مركزاً لعمليات التجسس التي كان مكلفا بالقيام بھا‪..‬‬
‫وكذلك سيارة مستعملة ليستخدمھا في تنقالته‪.‬‬

‫***‬

‫‪ -١‬بعد تجنيدھا للعمل لصالح المخابرات المصرية تمكنت من تقديم معلومات غاية في الدقة استفاد‬
‫منھا الجيش المصري في حرب أكتوبر ويذكر أن " جوجو " التى يقترب عمرھا اآلن من الستين‬
‫عاما أشھرت إسالمھا فيما بعد وتنقبت واختارت اسم " فاطمة الزھراء " ليكون اسمًا لھا ‪ ..‬وأدت‬
‫العمرة وحجت مرتين ‪ ..‬وذلك بعد أن تمكن الشوان فيما بعد انتھاء حرب التحرير فى ‪١٩٧٣‬‬
‫وتنفيذاً‪ ..‬ألوامر المخابرات المصرية من احضارھا لتقيم في مصر حفاظا ً على حياتھا ‪ ..‬حيث ال‬
‫زالت تقيم حتى اآلن‪ ..‬بعد أن تزوجت مصريا وأنجبت منه ولدين وبنت ‪..‬‬
‫‪71‬‬
‫‪٧١‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫وبدأت قصته مع الموساد عام ‪ ..١٩٦٧‬بعد نكسة يونيو‪ ..‬حينما قرر ترك‬
‫السويس‪ ..‬ثم مصر جميعھا بعد أن تم تھجيره ھو وأسرته ضمن مئات األسر التى‬
‫تم تھجيرھا لمختلف محافظات مصر من مدن القناة الثالثة‪ ..‬وانتقل بأسرته المكونة‬
‫من أمه‪ ..‬وشقيقه األصغر )مصطفى(‪ ..‬وابنة خالته التى فقدت بصرھا أثناء انفجار‬
‫إحدى القنابل بالقرب من منزلھم فى السويس وكانا مرتبطان معا بقصة حب منذ‬
‫طفولتھما‪ ..‬وفى القاھرة حيث استقرت األسرة بأحد األحياء الشعبية عقد قرانه على‬
‫ابنة خالته‪ ..‬ثم سافر متوجھا إلى أثينا ليبحث عن عمل‪.‬‬

‫***‬

‫وھناك قابل شخصا يدعى الريس زكريا عرفه على نفسه بأنه رجل دمياطي‬
‫يبحث ھو اآلخر عن عمل‪ ..‬وعندما ضاقت به الدنيا ھناك باع لـه ساعته كي‬
‫يأكل بثمنھا‪ ..‬وبعد عام من إقامته باليونان بدأت قصته مع الموساد‪ ..‬حيث تم‬
‫وضعه تحت المراقبة على مدار شھور عديدة‪ ..‬بعدھا قرروا تجنيده‪ ..‬ولما‬
‫اطمئنوا إليه تماما ً أعطوه ‪ ١٣٠‬ألف دوالر وأمروه بالعودة إلى مصر ليلعب‬
‫دورا ما كانوا يعدونه لـه‪ ..‬وھو اختراق خاليا المقأومة الشعبية في مدن القناة‬
‫التى كان على عالقة طيبة وقديمة بالعديد من رجالھا‪ ..‬وبعد وصوله لمصر‬
‫مباشر ًة وضع المبلغ فى شنطة كبيرة‪ ..‬وذھب إلى مقر رئاسة الجمھورية وأبلغھم‬
‫ً‬
‫اھمة‬
‫باألمر‪ ..‬وأصر على أن يسلم الشنطة بنفسه للرئيس جمال عبد الناصر‪ ..‬مس‬
‫منه فى المجھود الحربي‪ ..‬فوافق عبد الناصر على مقابلته وأثنى على وطنيته‬
‫ووعده بمنحه وسام الجمھورية بنفسه عندما ينتھي من مھمته‪ ..‬لكن توفى عبد‬
‫الناصر قبل أن يتم ھو مھمته في تل أبيب‪.‬‬

‫وأمر الرئيس عبد الناصر وقتھا باصطحابه إلي أجھزة المخابرات ليشرح‬
‫‪72‬‬
‫‪٧٢‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫لھم ھناك تفاصيل اصطياده من قبل )الموساد( للعمل معھم‪ ..‬وھناك قابل الريس‬
‫زكريا الذى لم يكن إال ضابط المخابرات المصري الذي قابله في اليونان‪ ..‬وھو‬
‫نفسه اللواء محمد عبد السالم المحجوب وزير التنمية المحلية‪ ..‬ومحافظ‬
‫اإلسكندرية السابق‪..‬‬

‫وأصبح الضابط المسئول عن ھذه العملية‪.‬‬

‫وفي مصر كان يتعامل مباشرة مع كبار المسئولين عن المخابرات في ذلك التوقيت‬
‫مثل المشير أحمد إسماعيل والفريق كمال حسن علي‪ ..‬وغيرھما‪ ..‬والتقى بكل من‬
‫الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس أنور السادات شخصيا ً‪.‬‬

‫***‬

‫‪@ @@NNòîbö‰@Šßaëdi@ñ…ìÇë@NNŠØjß@ÞaŒnÇa‬‬
‫وبعد انتصار مصر‪ ..‬وانتھاء الحرب‪ ..‬قرر الشوان اعتزال الجاسوسية‪..‬‬
‫وكان السادات على علم تام ومعرفة بكل ما يقوم به الشوان من خدمات لمصر‪..‬‬
‫فأرسل إليه مع أحد ضباط المخابرات يدعوه ليتناول معه العشاء وحضر ھذا‬
‫اللقاء المرحوم المشير أحمد إسماعيل‪ ..‬وأثناء تناولھم الطعام أخبره الرئيس بأن‬
‫المخابرات المصرية تعده ألكبر دور لـه فى تاريخه مع الموساد‪ ..‬ولتوجه من‬
‫خالله بتلك الضربة أكبر صفعة للمخابرات اإلسرائيلية‪ ..‬وأقنعه السادات‬
‫شخصيًا بأن يعدل عن قراره باإلعتزال‪ ..‬وقال لـه )إذا طلبت منك مصر أن‬
‫تضع رأسك تحت الترماي فافعل(‪ ..‬وعندھا قرر الشوان اإلمتثال ألمر‬
‫الرئيس‪ ..‬واالستمرار في العمل‪.‬‬

‫وكانت المھمة المطلوبة منه ھذه المرة ھى الحصول من المخابرات‬
‫اإلسرائيلية على ذلك الجھاز الصغير جدا‪ ..‬والخطير‪ ..‬الذي يستطيع إرسال‬
‫‪73‬‬
‫‪٧٣‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫برقية كاملة في خمسة ثوان فقط‪ ..‬وھو ما كان يمثل وقتھا إعجازا تكنولوجيا‬
‫غير مسبوق‪ ..‬كما أن ھذا الجھاز لم تكن تملكه إال إسرائيل والمخابرات‬
‫المركزية األمريكية التى صنعت األجھزة‪.‬‬

‫***‬

‫وسافر الشوان إلى إسرائيل‪ ..‬ودخلھا بجواز سفر كان الموساد قد أصدره‬
‫لـه فيما مضى باسم )يعقوب منصور(‪ ..‬وكانت مھنته المدونة فيه أنه يعمل‬
‫سكرتيرا أول بالسفارة اإلسرائيلية بروما‪ ..‬وعندما وطأت قدماه مطار بن‬
‫جوريون استقبله مندوب )الموساد( استقبال األبطال‪ ..‬ثم ذھب لزيارة شيمون‬
‫بيريز وكان وقتھا يشغل منصب رئيس )الموساد(‪ ..‬وفى نفس الوقت رئيسه‬
‫المباشر‪ ..‬وحصل خالل تلك المقابلة على جھاز اإلرسال الحديث الذى يستطيع‬
‫إرسال برقية في خمسة ثوان فقط وتم إخفاؤه في فرشة حذاء‪ ..‬وعندما أمسك‬
‫بھا "بيريز" وجد أنھا جديدة ولم تستعمل من قبل‪ ..‬فن َّھر الضباط‪ ..‬وقال )أيعقل‬
‫أن تكون الفرشاة جديدة(؟‪ ..‬فجلس أسفل قدميه ومسح للشوان حذائه بالفرشاة‬
‫بنفسه إلي أن صارت مصبوغة بلون الحذاء‪..‬‬

‫***@ @‬
‫‪74‬‬
‫‪٧٤‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫×‪@ @NNŠÜî×@´nŽíŠ‬‬
‫‪@ @@AAæŠÔÛa@òìbuë@NNòîìb¦a@ñßc‬‬
‫ھي أشھر من ارتدي ثوب الجاسوسية من النساء عبر كل المرحل التاريخية‪..‬‬
‫قصتھا تعد النموذج األمثل لكل التطبيقات المخابراتية في كيفية صناعة الجاسوس‪..‬‬
‫وتشغيله‪ ..‬وتصعيده‪ ..‬ثم التخلص منه‪.‬‬

‫وكل من يقرأ حياة أميرة الجاسوسة البولندية )كرستين جرنفيل( وھذا ھو‬
‫اسمھا الحقيقي‪ ..‬يصل لنتيجة واحدة‪ ..‬وھي أنه تستحق عن جدارة ذلك اللقب‬
‫الذي أطلقه عليھا رئيس الوزراء البريطاني األشھر " ونستو ن تشرشل " وھو‬
‫أميرة الجاسوسية‪ ..‬فقد كانت جميلة وشجاعة في آن واحد‪ ..‬واستطاعت أن‬
‫تدوخ البوليس السري النازي الذي كان يُعد أحد أعتي المؤسسات االستخبارية‬
‫في العالم‪.‬‬

‫‪ ..‬ومن خالل جمالھا دخلت المناطق األخطر ونفذت إلي قلوب شخصيات‬
‫معروفة وبارزة كما استطاعت بشجاعتھا أن تتحدي الموت أكثر من مرة في‬
‫زمن الحرب‪.‬‬

‫ولم تكترث لشيء من أجل أن تنقذ رفيقا ً من حبل المشنقة أو لتصل إلي‬
‫الھدف‪ ..‬وكثيراً ما نجحت في بلوغ ما أ ُسند إليھا ليس باستغالل جمالھا‬
‫فحسب‪ ..‬ولكن عن طريق ذكاءھا‪ ..‬ودھائھا‪ ..‬وسعة حيلتھا‪.‬‬

‫وعلي الصعيد العاطفي ھناك الكثير من الرجال الذين مروا في حياة‬
‫كرستين جرنفيل وھاموا بھا ومنھم )إيان فلمنج( األديب البريطاني الشھير الذي‬
‫استطاع أخيراً أن يخلدھا كبطلة من خالل شخصية فيسر لند في كتابه ) فتاة‬
‫بوند األولي(‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫‪٧٥‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫لقد كانت مفعمة بالحيوية والشباب‪ ..‬ولھا عينان فاحمتا السواد تضجان‬
‫باإلثارة الذي يسحر الناظر إليھا من أول وھلة‪ ..‬وألن جمالھا كان سيفا ً ذا حدين‬
‫فقد كان سببا ً في نجاحھ ا في المھمات التي أوكلت إليھا وعلي الجانب اآلخر كان‬
‫سببا ً في وضع نھاية لحياتھا‪.‬‬

‫وال بد من اإلشارة إلي أن الكثيرين شعروا بأنوثتھا الدافقة‪ ..‬ومن بين الذين‬
‫ابتلوا بتلك المھرة الجامحة كان إبان فلمنج الكاتب الذي أبدع أسطورة جيمس‬
‫بوند‪ .‬فقد ارتبط االثنان وطوال س نة كاملة بعالقة حب عنيفة حتي عندما وصلت‬
‫الي محطتھا النھائية لم يستطع إيان نسيانھا علي اإلطالق‪.‬‬

‫ﻗﺪﺭﺍﺕ ﻭﺧﱪﺍﺕ ﻏﲑ ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ‪:‬‬


‫تم إنزال كرستين ذات مرة بالبراشوت في بعض المناطق التي يحتلھا‬
‫النازيون وكانت دائما ً تنجح في التخلص والھروب من األسر والموت‪ ..‬لقد‬
‫كانت أعمالھا البطولية أكثر من أي امرأة أخري عملت بنفس المھنة‪ ..‬فكانت‬
‫وكأنھا درة في عقد الجاسوسية تتألق بكل المؤھالت وروعة الشخصية الخيالية‪.‬‬

‫وبالرغم من اسمھا الذي يبدو إنجليزيا ً فإنھا كانت بولندية ‪ -‬الجنسية ‪-‬‬
‫واتخذت لھا اسم كرستين جرنفيل خالل اندالع الحرب العالمية الثانية‪ ..‬وكانت‬
‫من بين أكثر النساء العميالت الالئي خدمن لفترة طويلة وقد أصبحت جاسوسة‬
‫قبل أشھر من تأسيس إدارة العمليات الخاصة )‪ (SOE‬في يوليو ‪.١٩٤٠‬‬

‫ﺟﺎﺳﻮﺳﱵ ﺍﳌﻔﻀﻠﺔ‪:‬‬
‫لذا فإن الخبرة التي كانت عليھا في الجاسوسية جعلتھا تفرض نفسھا ال‬
‫سيما أن فكرة التجسس بإسقاط امرأة خلف خطوط العدو وفي المناطق التي‬
‫يحتلھا كانت خارج سياسة اإلدارة‪ ..‬لقد أدھشت ونستون تشرشل بتقاريرھا التي‬
‫‪76‬‬
‫‪٧٦‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫أرسلتھا عام ‪ ١٩٤١‬عن أن الدبابات األلمانية تحتشد علي الحدود الروسية حيث‬
‫كانت بمثابة داللة علي أن غزو االتحاد السوفييت علي وشك البدء‪ ..‬لذلك فقد‬
‫كان مبتھجا ً جداً بالمعلومات ووصفھا عندما كانت في سن السادسة والعشرين‬
‫بـ )جاسوستي المفضلة(‪.‬‬

‫ﺣﻴﺎﺓ ﻛﺮﺳﺘﲔ ﺟﺮﻧﻔﻴﻞ‪:‬‬


‫ولدت في العاصمة البولندية وارسو من أب ينحدر من احدي العائالت البولندية‬
‫االرستقراطية وكانت أمھا ‪ -‬ستيفاني جولد فيدر ابنة احد الشخصيات اليھودية البارزة‬
‫في قطاع البنوك‪.‬‬

‫ﺯﻭﺍﺝ ﻓﺎﺷﻞ‪:‬‬
‫تربت كرستين في كنف عائلة ثرية وعاشت حياة الرفاھية بكل ما تحمله‬
‫الكلمة من معني‪ ..‬الي أن فقد والدھا الكثير من األموال بسبب إفراطه في‬
‫الملذات مما جعلھا تقرر الزواج بسن مبكرة غير أن ارتباطھا من رجل أعمال‬
‫وھي ما تزال في سن الثانية والعشرين لم يكن ناجحا ً إذ سرعان ما انفصلت‬
‫عنه وعادت في عام ‪ ١٩٣٨‬وتزوجت من الكاتب البولندي جيرزي جيزيزك‬
‫وكان الزوجان يعيشان في شرق أفريقيا عندما غزت ألمانيا بالدھما بولندا في‬
‫سبتمبر ‪ ١٩٣٩‬مما جعل كرستين تعود مباشرة الي أوروبا وعندما وصلت الي‬
‫لندن عرضت خدماتھا في القتال ضد األلمان‪.‬‬

‫ﺗﺪﺭﻳﺐ ﺷﺎﻕ‪:‬‬
‫ومن جانبھم أبدي البريطانيون اھتماما ً قليالً لكنھا في النھاية كسبت الجولة‬
‫بفضل ما أسمته باالتصاالت‪ ..‬وتلقت كرستين تدريبا ً شاقا ً في مجال التجسس‬
‫فضالً عن تدربھا علي القتال األعزل علي يد كم فلبي الذي أصبح فيما بعد‬
‫‪77‬‬
‫‪٧٧‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫جاسوس الحرب الباردة‪.‬‬

‫وسرعان ما أرسلت إلي ھنجاريا ومن ثم تسللت إلي بولندا‪ .‬وحاولت‬
‫جاھدة إقناع والدتھا بمغادرة البالد لكن من دون فائدة‪ ..‬غير أن رحلتھا لم تكن‬
‫بال فائدة حيث استطاعت أن تساعد في تھريب بندقية مضادة للدبابات‪ .‬وأثناء‬
‫عودتھا إلي ھنجاريا تأثرت كثيراً بضابط الجيش البولندي اندرزج كورسكي‬
‫الذي كان ضليعا ً منھمكا بالعمل االستخباري‪ ..‬وعندما اعتقال من قبل الجستابو‬
‫في يناير ‪ ١٩٤١‬حصال علي إطالق سراحھما من خالل التظاھر بإصابتھما‬
‫بالسل‪.‬‬

‫ﺍﻟﻔـﺮﺍﺭ‪:‬‬
‫واستطاعت كرستين وحبيبھا أن يفرا من البالد عبر البلقان إلي تركيا‪ ..‬وقد‬
‫صعق زوجھا جيرزي جيزيزك عندما أخبرته أنھا تحب أندرزج كورسكي ولم‬
‫يحتمل ذلك األمر الذي جعله يغادر إلي لندن ثم الھجرة إلي كندا وقد تطلقا بعد‬
‫الحرب‪.‬‬

‫ﺑﺼﻤﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﻴﺰ‪:‬‬


‫وفي عام ‪ ١٩٤٤‬أسند لھا منصب في القسم الفرنسي في إدارة العمليات الخاصة‬
‫‪ SOE‬وقد استخدمت ألول مرة اسم كرستين جرنفيل‪ .‬وتركت بصماتھا من خالل العمل‬
‫ھناك بحيث أنھا نالت إعجاب فيرا أتكنس ‪ -‬مساعد مدير إدارة العمليات الخاصة ‪ -‬الذى‬
‫وصفھا بأنھا امرأة شجاعة جدا‪.‬‬

‫وقد اختيرت كرستين لتأخذ مكان أحد العمالء الذين أعدمھم البوليس‬
‫السري النازي‪ ..‬وأنزلت بواسطة المظلة في جنوب شرق فرنسا في ‪ ٦‬يوليو‬
‫‪ ١٩٤٤‬وقد أصبحت جزءاً من شبكة شھيرة يديرھا العميل البلجيكي فرانسز‬
‫‪78‬‬
‫‪٧٨‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫كامريتس في الثالث عشر من أغسطس ‪ ١٩٤٤‬في ديجن وقبل يومين من‬
‫االنزال الذي نفذه الحلفاء في الجنوب الفرنسي تم إلقاء القبض علي كل من‬
‫العميل فرانسز كامريتس والعميل البريطاني اكسان فيلدنج وزميل آخر من قبل‬
‫البوليس السري األلماني‪.‬‬
‫‪79‬‬
‫‪٧٩‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫ﺟﺮﻳﺌﺔ ﳊﺪ ﺍﻟﺘﻬﻮﺭ‪:‬‬
‫وھنا عرفت كرستين أن الرجال الثالثة سوف يتم إعدامھم لذلك قامت بترتيب‬
‫األمر والتقت بضابط من البوليس السري النازي وقدمت بكل جرأة نفسھا كابنة أخ‬
‫الجنرال مونتجمري‪ ..‬ولم تكتف بذلك بل ذھبت إلي ما ھو أبعد من ذلك في تماديھا‬
‫وھددته بأنھا ستنتقم منه انتقاما ً ال يوصف فيما لو حدث أي مكروه لألسري‪ ..‬ومن‬
‫جانبه صدق الضابط األلماني ادعاءاتھا الكاذبة وبھذا استطاعت إنقاذ زمالئھا وھو‬
‫األمر الذي جعل كرستين تحصل علي ميدالية جورج ومن ثم ميدالية ‪ .OBE‬وبعد‬
‫سنوات قالت بأنھا لم تكن مدركة ألي خطر قد يحيط بھا بسبب إقدامھا علي تلك‬
‫الحيلة‪ ..‬ولكنھا وبعد أن بدأت بالھرب مع رفاقھا أخذت تتذكر بأنھا كانت يمكن أن‬
‫تكتشف ويذھب الجميع إلي حبل المشنقة وقد أخبرت أحد رفاقھا )لقد فكرت مع‬
‫نفسي‪ ..‬ما الذي فعلته؟ كان يمكن أن نقتل ثالثتنا(‪.‬‬

‫لقد كان اسھامھا في تحرير فرنسا لـه وقع كبير في نفوس الكثيرين وقد اعترف‬
‫بجھودھا بمنحھا وسام فرنسا األشھر كرويكس دي جوير‪ .‬ولكن بعد الحرب ‪ -‬وبالرغم‬
‫من االعتراف بشجاعة ھذه المرأة ‪ -‬بدا من الواضح أنھا أھملت من قبل إدارة العمليات‬
‫الخاصة ‪ SOE‬وسرحت من الخدمة بمبلغ نقدي قدره ‪ ١٠٠‬جنيه استرليني فقط‪.‬‬

‫ﻛﺘﺐ ﻋﻦ ﺣﻴﺎ‪‬ﺎ‪:‬‬
‫كتب أكسان فيلدنج في كتابه )أختفي وأسعي( والذي كان يتناول سيرة كرستين‬
‫بالتفصيل وصدر في عام ‪ :١٩٥٤‬بعد الصعوبات الجسدية والضغوطات العقلية التي عانت‬
‫منھا كرستين طوال خدمة السنوات الست في إدارتنا‪ ..‬كانت ربما األكثر حاجة من أي‬
‫عميل آخر عمل معنا لتأمين الحماية الالزمة لھا طوال حياتھا الباقية‪ .‬ولكن العكس قد‬
‫حصل فبعد أشھر سُرحت كرستين براتب شھري محدود وتركت في القاھرة لتناضل من‬
‫‪80‬‬
‫‪٨٠‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫أجل نفسھا‪.‬‬

‫وفي الوقت الذي كانت فخورة جداً فيما لو طلب منھا تقديم أي مساعدة أخري قدمت‬
‫كرستين طلبا ً للحصول علي جواز سفر بريطاني وقد حدث في ذلك الوقت الذي تنازل‬
‫فيه التحالف االنجلو امريكان عن بلدھا حيث كانت ضربة قوية عندما وافق كل من‬
‫تشرتشل وروزفلت علي طلب ستالين في الحصول علي بولندا‪.‬‬

‫وبالرغم من ذلك فقد تأخرت أوراق الحصول علي الجواز البريطاني بطريقة فيھا‬
‫الكثير من البيروقراطية‪.‬‬

‫ﺍﻟﺴﻔﺮ ﻭﺍﻟﺘﺠﻮﺍﻝ‪:‬‬
‫وفي ھذه األثناء‪ ..‬وبفقدانھا لكل األمل بالحصول علي المظلة األمنية‪ ..‬انطلقت‬
‫كرستين وبتعمد في حياة ملؤھا السفر والتجوال في بلدان العالم علي غير ھدي‪ ..‬وكأن‬
‫القلق الذي في داخلھا تفجر من أجل البحث عن وسيلة لتعيش أوقات سلم بدالً من تلك‬
‫التي عاشتھا إبان عملھا كجاسوسة حيث كانت تتحدي الموت من دون أي اكتراث‬
‫وخالل الفترة التي تلت الحرب التقت كرستين ‪ -‬عندما كانت في الثالثينيات بـ )إيان‬
‫فلمنج( الذي كان قد سرح حديثا ً من استخبارات البحرية حيث بدأت بينھما عالقة‬
‫غرامية‪.‬‬

‫والمفارقة أن االثنين أخذا يلتقيان في فندق اسمه جرنفيل في دوفر‪ .‬واستمرت عالقة‬
‫فلمنج مع كرستين حوالي السنة إال أنھما انفصال بعد ذلك‪.‬‬

‫ﻣﻦ ﻳﺼﺪﻕ؟‬
‫وتنحدر بھا األمور أكثر بحيث أنھا تذھب للعمل كمضيفة بواخر في احدي‬
‫الشركات التي لديھا أسطول وعند عودتھا إلي بريطانيا في مطلع الخمسينيات بدت‬
‫كرستين وكأنھا إنسانة ضائعة وكانت تسعي للعالقات الغرامية والرفقة كلما استطاعت‬
‫‪81‬‬
‫‪٨١‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫إلي ذلك سبيالً‪.‬‬

‫ومع ذلك فإن تأثيرھا لم يغادر مخيلة إيان فلمنج بحيث أنه أدمن علي شرب الكحول‬
‫وأصبح كلما يتذكر كرستين يذھب الحتساء الفودكا من دون توقف‪.‬‬

‫ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺟﺎﺀﺕ ﻣﺄﺳﺎﻭﻳﺔ‪:‬‬


‫وبحلول صيف عام ‪ ١٩٥٢‬كانت تربط كرستين عالقة صداقة بالمدعو جورج‬
‫مولدوني الذي التقته عندما كانت تعمل كمضيفة في إحدي السفن‪ ..‬وظال يتواصالن‬
‫ويلتقيان‪ ..‬وكان جورج يعمل بوابا ً في نادي اإلصالح في لندن بول مول‪ .‬وكانت دواخل‬
‫جورج تضطرب بالشھوة الغرائزية لكرستين لكنھا كانت دائما ً تصده وتقول لـه بأنھا تعتبره‬
‫صديقا ً‪.‬‬

‫ولكن في السابع عشر من يونيو عام ‪ ١٩٥٢‬شاھد كرستين تتمشي في أحد شوارع‬
‫لندن مع رجل آخر فانتابته ثورة من الغيرة أوقدت غضبه الكامن‪ ..‬وبعد ذلك بفترة التقي‬
‫بھا أيضا ً وكان الرفض ھو جوابھا وقد أخبرته أنھا تنوي أن تغادر لندن للعيش في‬
‫كونتنت لمدة سنتين علي أقل تقدير‪.‬‬

‫وما كان من جورج مولدوني الذي يعيش فورة غضب إال أن يستل سكينا ً ويطعن‬
‫كرستين في قلبھا‪ ..‬وعلي األكثر أنھا توفت مباشرة أما جورج فبعد محاكمة طويلة صدر‬
‫الحكم بإعدامه‪ ..‬ثم تم شنقه‪.‬‬

‫حقا ً إنھا نھاية مأساوية وغير مقبولة المرأة جميلة وشجاعة استطاعت أن تتحدي‬
‫الموت أكثر من مرة في زمن الحرب لذا فإن قصتھا علي الجانب اآلخر فيھا الكثير من‬
‫الحزن فھي لم تعش لتري الشخص الذي أحبھا ذات يوم ‪ -‬إبان فلمنج ‪ -‬كيف خلدھا اليوم‬
‫كبطلة في شخصية فيسبر ليند فتاة بوند األولي‪.‬‬

‫***‬
‫‪82‬‬
‫‪٨٢‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫@ @‬
83
٨٣ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

@ @
@ @
@ @
@ @

@ Zßb¨a@Ý–ÐÛa
@å튒ÈÛaë@ð…b§a@æŠÔÛa
@ ïmaŠib«@ÊaŠ•
@ @åb@D|îЕ@ÖìÏ
‫‪84‬‬
‫‪٨٤‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫‪@ @ÞbÔnÇaë@ÞbînËa@HSPPPI‬‬
‫نفذتھا مراكز استخباراتية أمريكية حول العالم كضريبة ألحداث ‪ ١١‬سبتمبر‪.‬‬

‫كشفت وسائل اإلعالم في الواليات المتحدة أن وكالة االستخبارات المركزية‬


‫األمريكية أقامت شبكات سرية بالتعاون مع الحلفاء في أوروبا والشرق األوسط وآسيا‬
‫لمكافحة اإلرھاب‪.‬‬

‫وأشارت إلى أن ھذه الشبكات ومركزھا العام في فرنسا‪ ..‬تتوزع على ‪ ٢٤‬بلداً في‬
‫العالم‪ ..‬حيث يتعاون العمالء األمريكيون والمحليون في ھذه الدول على اقتفاء آثار‬
‫مشتبه فيھم وجماعات إرھابية‪.‬‬

‫وذكرت أن وكالة االستخبارات األمريكية توفر األموال والتقنيات للعمل‪ .‬وأشار‬


‫التقرير نقالً عن شھادة سرية أمام الكونجرس أن ھذه الشبكات نجحت في تنفيذ أكثر من‬
‫‪ ٣‬آالف عملية اعتقال واغتيال منذ أحداث ‪ ١١‬سبتمبر )أيلول( ‪.٢٠٠١‬‬

‫وكشفت أن ھذه الشبكات تعمل متجاوزة أجھزة األمن واالستخبارات في دول‬
‫المراكز وتتعاون مع عناصر محلية تعينھا الحكومة الحليفة‪.‬‬

‫وجاء ذلك ليزيد من حرج اإلدارة األمريكية مع حلفائھا بعد الكشف عن السجون‬
‫السرية والطائرة التي تديرھا االستخبارات األمريكية في نحو ‪ ٨‬دول أوروبية غربية‬
‫وشرقية وآسيوية وشرق أوسطية‪.‬‬

‫جاءت ھذه التسريبات جاءت على خلفية خالف بين بعض قادة وكالة االستخبارات‬
‫األمريكية‪ ..‬ومديرھا الجديد بيتر جوس الموالي لبوش‪ ..‬والذي يرغب في إدخال‬
‫تغييرات جذرية في الوكالة‪ ..‬وشككت المصادر ذاتھا في األرقام التي كشفت عنھا‬
‫تسريبات تفيد أن الواليات المتحدة اعتقلت منذ بدء حربھا ضد اإلرھاب ‪ ٨٣‬ألف‬
‫شخص‪ ..‬غير معتقلي الـ )‪ (C. I. A‬الثالث آالف‪ ..‬ورجحت المصادر أن يكون الرقم‬
‫‪85‬‬
‫‪٨٥‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫أكبر من ذلك بكثير‪ ..‬خاصة أن الواليات المتحدة تدير معتقالت سرية في أكثر من ‪٢٤‬‬
‫دولـة حول العالم‪ ..‬من بينھا دول عربية‪.‬‬

‫وكانت تقارير نشرت في الواليات المتحدة أكدت أن االستخبارات المركزية‬


‫األمريكية قتلت ‪ ١٠٨‬معتقلين واختطفت ‪ ١٥٠‬شخصا ً نقلتھم إلى دول شرق أوسطية‪.‬‬

‫ﺍﳌﺨﺎﺑﺮﺍﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ‪:‬‬


‫من جھة أخرى‪ ..‬كشف جنرال أمريكي في أفغانستان أن الوضع في ھذا البلد يزداد‬
‫سوءاً على عكس ما تصوره اإلدارة األمريكية‪ ..‬وأشار إلى أن مسلحي "طالبان" باتوا‬
‫أكثر تنظيما ً وخطراً‪ ..‬األمر الذي يھدد بإحباط قرار بسحب معظم القوات األمريكية )‪١٨‬‬
‫ألفا ً( من أفغانستان بحلول العام المقبل‪ ..‬وإرسالھم إلى العراق‪ .‬وذكر الجنرال قائد كتيبة‬
‫نسور الصحراء أن العام الحالي كان أكثر دموية حيث شھد مقتل ‪ ٨٧‬جنديا ً أمريكيا ً أى‬
‫ما يزيد بقليل عن نصف مجموع القتلى األمريكيين منذ بداية غزو أفغانستان في ديسمبر‬
‫‪.٢٠٠١‬‬

‫وتوقعت مصادر أمريكية أن يزيد الوضع سوءاً في أفغانستان حال استبدال قوات‬
‫حلف األطلسي بالقوات األمريكية‪ ..‬ألن قوات "الناتو" ال تحبذ االشتباكات المباشرة في‬
‫المناطق الوعرة كأفغانستان‪.‬‬

‫وتساءلت المصادر عما إذا كان االنسحاب ھو "تجربة" النسحاب اضطراري من‬
‫العراق‬

‫ﺍﳌﺨﺎﺑﺮﺍﺕ ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻴﺔ‪ ..‬ﻭﺩﻭﺭﻫﺎ ﰲ ﺣﺎﺩﺙ " ﻟﻮﻛﲑﰊ "‪ ..‬ﻭﺳﻴﺎﺳـﺘﻬﺎ ﰲ ﲡﻨﻴـﺪ‬


‫ﻋﻤﻼﺀﻫﺎ ﰲ ﻣﺼﺮ‪ ..‬ﻭﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ!!‬
‫أحد رؤساء الموساد اإلسرائيلي السابقين ويدعى " جوردون توماس "ألف كتابا"‬
‫بعنوان " جواسيس جدعون‪ ..‬التاريخ السري للموساد" كشف فيه أسرار وحقائق خافية‪..‬‬
‫‪86‬‬
‫‪٨٦‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫ومنھا تأكيده عدم مسئولية ليبيا عن حادثة " لوكربي " واتھام إيران بھذه الحادثة‪ ..‬فھل‬
‫ھذه ھي الحقيقة‪ ..‬خاص ًة بعد ثبوت براءة ليبيا؟‪ ..‬أم أنھا كذبة أخرى من أكاذيبھم‪..‬‬
‫فلننظر ماذا قال‪ ..‬رئيس الموساد السابق في كتابه‪.‬‬

‫يقول " جوردون توماس " أن طائرة البان ام‪ ..‬التي تفجرت فوق لوكربي‪ ..‬كانت‬
‫تضم بين ركابھا ضباطا ً من وكالة االستخبارات األمريكية‪ ..‬حيث وجدت احدى حقائبھم‬
‫فارغة تماما ً‪ ..‬وتبين فيما بعد أن الموساد وبمساعدة المخابرات اإلنجليزية قامت بسرقة‬
‫محتويات ھذه الحقيبة‪ ..‬وكانت عبارة عـن مستندات تؤكد تورط إسرائيل في تجارة‬
‫المخدرات في الشرق األوسط وأخرى تتعلق بصفقات أسلحة إسرائيلية سرية‪.‬‬

‫وتأتي ھذه المعلومات لتضاف إلى أخرى شبيھة تراكم الدالئل على السبـل التي‬
‫تعتمدھا إسرائيل في محاوالتھا لالستغناء عن الدعم األمريكي القتصادھا‪ ..‬وذلك تحسبا ً‬

‫لمحاوالت تقنين ھذا الدعم بعد نھاية الحرب الباردة‪ ..‬حيث ارتفعت أصوات أميركية‬
‫تطالب بوضع استراتيجية مالئمة للمصالح األمريكية لما بعد ھذه الحرب‪ ..‬ومنھا تقليص‬
‫الدعم األمريكي الموجه أساسا ً لمواجھة الشيوعية والذي لم يعد مبرراً بعد سقوطھا‪.‬‬

‫ولقد تبين حتى اآلن عجز إسرائيل عن تحقيق استقالليتھا االقتصادية باألساليب‬
‫المشروعة‪ ..‬خصوصا ً عندما نأخذ في االعتبار أن متوسط دخل الفرد في إسرائيل يصل‬
‫إلى حدود ‪ ١٦‬الف دوالر سنويا ً‪ ..‬وھو يعادل مثيله في بعض الدول األوروبية الكبرى‪..‬‬
‫ومن أمثلة الكسب اإلسرائيلي الال مشروع المدعومة باألدلة نذكر‪:‬‬

‫‪ -‬التورط في تجارة المخدرات في المنطقة وفي العالم ولكن مع التركيز على‬
‫اختراق الدول العربية المجاورة بھذه التجارة‪ ..‬وھو اختراق يجمع بين الكسب المادي‬
‫وبين التخريب المعنوي واالنساني لھذه الدول‪.‬‬

‫‪ -‬صفقات األسلحة السرية مع جھات متعددة‪..‬‬


‫‪87‬‬
‫‪٨٧‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫‪ -‬بيع األسرار التكنولوجية ‪ -‬العسكرية )أميركية في أغلبھا وتحصل عليھا اسرائيل‬


‫عن طريق التجسس والعلماء اليھود األمريكيين(‪ ..‬وبرزت من ھذه الصفقات في العام‬
‫‪ ١٩٩٩‬تلك التي أبرمتھا اسرائيل مع الصين‪ ..‬وظھرت شكوك جديدة في أبريل ‪٢٠٠٠‬‬
‫حول صفقة اسرائيلية لبيع طائرات األواكس إلى الصين‪.‬‬

‫‪ -‬حماية أثرياء اليھود المطلوبين من العدالة الدولية واستقطاب ثرواتھم‪ ..‬وھؤالء‬
‫المجرمون يتحولون إلى مواطنين إسرائيليين فور وصولھم الى اسرائيل‪ ..‬وذلك وفق‬
‫قانون العودة اليھودي‪.‬‬

‫‪ -‬ا  ت  ا  ا  ا‪ ..‬وه  ت  دة‬


‫ا ة‪ ..‬و '&‪ # $%‬أ!   ا‪..‬‬
‫أ‪ -‬المشاركة اليھودية في الجريمة المنظمة‪ ..‬حيث تحول بعضھم إلى الصفوف‬
‫األولى فيھا‪ ..‬ومنھم رجل المافيا الروسي بيريزينوفيسكي الذي تحكم بالكرملين طـوال‬
‫عھد يلتسين والذي اليزال نافذاً في عھد خلفه بوتين‪..‬‬

‫ب‪ -‬مشاركة إسرائيلية عن طريق ضباط متقاعدين يقومون بأدوار تدريبية‬
‫واستشارية لتجار المخدرات )خاصة في كولومبيا(‪..‬‬

‫ج‪ -‬التسھيالت التي تقدمھا اسرائيل بصورة مموھة لزعماء الجريمة المنظمة‬
‫ولمصالحھم‪..‬‬

‫د‪ -‬المشاركة االسرائيلية النشطة في تجارة األسلحة وتھريبھا‪ ..‬حيث نجد بصمات‬
‫اسرائيلية في مناطق الفوضى في العالم كافة‪.‬‬

‫ھـ ‪ -‬تھريب البضائع االسرائيلية الى الدول العربية بكل الوسائل االحتيالية المتاحة‪..‬‬
‫بما في ذلك تزوير شھادات المنشأ وإعادة التصدير عبر قبرص أو عبر الدول العربية‬
‫المتاخمة السرائيل‪.‬‬
‫‪88‬‬
‫‪٨٨‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫و‪ -‬المشاركة في عمليات تبييض)غسيل( األموال القذرة‪ ..‬ومنھا ما تم الكشف فيه‬
‫عن دور الموساد في فضيحة غسيل األموال الروسية في الواليات المتحدة )‪(١٩٩٩‬‬
‫والتي تسببت بأزمة دبلوماسية أميركية ‪ -‬روسية‪ ..‬حتى أن بعضھم ربط بينھا وبين‬
‫استقالة يلتسين‬
‫في ‪..٢٠٠٠/١/١‬‬

‫ز‪ -‬دفن النفايات النووية والكيميائية في أراض عربية محتلة أو متاخمة لحدود الدول‬
‫العربية‪..‬‬

‫ح‪ -‬وجود أصابع يھودية في الكوارث االقتصادية العالمية كافة‪ ..‬فقد كان اليھودي‬
‫بيريزينوفيسكي مسؤوالً عن اإلنھيار االقتصادي الروسي واليھودي جورج شوروش‬
‫كان مسؤوالً عن انھيار النمور اآلسيوية… الخ‪..‬‬

‫ط‪ -‬بيع معلومات الجاسوسية‪ ..‬وما خفي منھا أكثر مما ھو معلن‪ ..‬واألمر يحتاج‬
‫إلى بضع سنوات كي تتضح ھذه األسرار‪.‬‬

‫ك‪ -‬ابتزاز العالم تحت ستار الھولوكوست وصوالً البتزاز الفاتيكان نفسه )تبدى في‬
‫زيارة البابا األخيرة إلسرائيل( وصوالً إلى مطالبة المصارف السويسرية بكميات ھائلة‬
‫من الذھب بحجة أنھا مسروقات نازية من أموال اليھود‪.‬‬

‫ل‪ -‬التدخل في الشئون الداخلية للعديد من الدول ومحاولـة ابتزازھا بصور مختلفة‪..‬‬
‫وأحدث األمثلة على ذلك‪ ..‬تلك الضجة التي أثارتھا إسرائيل حول النمسا بعد انتخاب‬
‫ھايدر اليميني‪ ..‬حيث ال تزال إسرائيل تحاول تحقيق المكاسب مقابل تخفيف الضغوطات‬
‫على النمسا‪..‬‬

‫ه‪ 23‬ه ا ذج ا ‪ +‬ول إ! ا‪  ,-‬ه ‪ )*+‬آ‪ %‬‬


‫ا<; د  و ذ‪ 67 89 + 9 :‬و‪  5‬دو ‪  4‬اذ ‬
‫‪89‬‬
‫‪٨٩‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫>ـ‪:‬‬
‫أ‪ -‬أعلى نسبة من المساعدات الخارجية األمريكية‪..‬‬

‫ب‪ -‬اعتبارھا دولـة نظيفة من اإلرھاب ومن دعمه بالرغم من تحديھا المتكرر‬
‫للقرارات الدولية‪..‬‬

‫ج‪ -‬اعتبارھا واحة ديمقراطية في المنطقة‪ ..‬بما في ذلك من تجاھل كونھا مجتمعا ً‬
‫عسكريا ً يحكمه جنراالت‪.‬‬

‫د‪ -‬دولـة تحترم مبادئ حقوق االنسان )بالرغم من التقارير المخالفة(‪.‬‬

‫ھـ‪ -‬تحتكر تمثيل المصالح األمريكية والغربية في المنطقة حتى بعد زوال الخطر‬
‫الشيوعي‪.‬‬

‫لھذه األسباب مجتمعة يتھيب اإلعالميون والمفكرون الغربيون التعامل الواقعي مع‬
‫حقائق الشرق األوسط والتجاوزات االسرائيلية‪ ..‬حتى ال يلقوا النبذ والعقاب اللذين‬
‫القاھما زمالء لھم تجرءوا على ذلك‪ ..‬وعوملوا وفق المبادئ الرومانية )الصھيونية(‬
‫الجاھزة لتجاھل الليبرالية في مثل ھذه الحاالت‪.‬‬

‫أما عن مناسبة استحضار ھذه المعطيات فھي متشعبة ومنھا مأزق المسار اللبناني‬
‫‪ -‬السوري الذي تحاول اسرائيل اختراقه على طريقة )المافيا(‪ ..‬حيث تقوم بتھديد‬
‫وابتزاز األطراف كافة وتصر على وجود طرف يقدم لھا مكاسب مالية )الواليات‬
‫المتحدة في ھذه الحالة(‪ ..‬لكن مناسبة مميزة من جملة مناسبات دعتنا الستحضار ھذه‬
‫الحقائق وھي تتعلق بالمستقبل‪ ..‬والمناسبة ھي دراسة قدمتھا باحثة من جامعة بن‬
‫جوريون االسرائيلية تشير الى نموطبقة من مليونيرات المخدرات االسرائيليين‪ ..‬والى‬
‫وجود عالقات وثيقة بينھم وبيـن بعض كبار ضباط الشرطة االسرائيليين الذين‬
‫يحصلون‪ ..‬نتيجة ھذه العالقة‪ ..‬على مبالغ طائلة تحول إلى حساباتھم المصرفية في‬
‫‪90‬‬
‫‪٩٠‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫الواليات المتحدة‪ ..‬كما تشير ھذه الدراسة الى أن ھؤالء التجار بدأوا يلجأون إلى حلول‬
‫عملية تخفض تكلفة بضاعتھم‪ ..‬وخصوصا ً البانجو )مخدر رخيص ورائج(‪ ..‬حيث تفتق‬
‫ذھنھم عن تصدير شتول ھذا المخدر إلى الدول العربية‪ ..‬التي تقيم عالقات مع إسرائيل‬
‫لزراعتھا ھناك‪ ..‬وفي ذلك توفير مھم في التكاليف واعتماد عصري لمبدأ الشركة‬
‫العمالقة‪ ..‬حيث يطاول التوفير عناصر عديدة‪ ..‬منھا رخص األراضي واليد العاملة‬
‫وتوفير تكاليف ومخاطر التھريب‪ ..‬ثم‪ ..‬وھذا ھو األھم‪ ..‬ھنالك مكسب السبق الذي‬
‫يحققه التجار اإلسرائيليون في ما يتعلق بمستقبل تجارة المخدرات في المنطقة‪ ..‬وھكذا‬
‫فإنھم يفكرون دائما ً في المستقبل ويحسبون الحسابات لمختلف االحتماالت‪..‬‬
‫ولقد وصلت القضية الى الكنيست اإلسرائيلي حيث أثارھا عضو ينتمي الى حزب‬
‫العمل الحاكم‪ ..‬مؤكداً أنه يملك الوثائق التي تدين التجـار وضباط الشرطة معا ً‪ ..‬إال أننا‬
‫نتساءل عما إذا كان يمكن للجھتين معا ً أن يعمال بعيداً عن أعين أجھزة االستخبارات‬
‫اإلسرائيلية واألمريكية معاً؟ وعن مدى تورط ھذه األجھزة مع ھؤالء؟ وعن إمكانية‬
‫التدخل الفاعل لمنع كل ھذا؟ وعن ھذا السؤال األخير أجابنا مؤلف "جواسيس جدعون "‬
‫المدعو " جوردن توماس "‪ ..‬ولكن من يجيبنا عن سؤال منع ھذه الزراعات في لبنان‬
‫بھدف اتمام حصاره االقتصادي الضاغط وليس ألسباب أخالقية أو انسانية؟ وكيف‬
‫تصنع ھذه األخالقيات واالنسانيات وتطبق على الجميع لتستثني منھا إسرائيل؟ وھل‬
‫يعني ذلك أن من شروط السالم احتكار إسرائيل لتجارة المخدرات حتى تكفل لنفسھا‬
‫دخالً يعوضھا من خفض المساعدات األمريكية لھا ويؤمن لھا مستقبلھا؟ أم أنھا سياسة‬
‫التطبيع عن طريق البانجو )وغيره من مواد اإلدمان( بأسعار في متناول األيدي‬
‫الفقيرة؟‪ ..‬لقد يئست إسرائيل من كل أساليب التطبيع )الھادفة لتحويل األغيار من العـرب‬
‫إلى مجرد أسماك ملونة في حوض يتفرج عليه اإلسرائيليون ويتحكمون بمياھه ونظافته‬
‫وغذائه( وھا ھي تلجأ إلى أسلوب التطبيع بالبانجو‪ ..‬فھل يتحرك مكتب المخدرات في‬
‫األمم المتحدة‪ :‬وھل يمكن ألحد أن يخبرنا بالحصة اإلسرائيلية في سوق المخدرات‬
‫العالمي المسموح بھا أميركياً؟ وكلھا أسئلة فرعية ألن السؤال الرئيسي يبقى‪ :‬من يحمينا‬
‫من اإلرھاب اإلسرائيلي في صورته ھذه كما في صوره األخرى‪.‬‬
‫***‬
‫‪91‬‬
‫‪٩١‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫‪@ @@ò·b‬‬
‫واآلن السؤال الذي نختم به قراءتنا تلك لعالم صناعة الجواسيس‪ ..‬من‬
‫يستطيع إيقاف قطار الجاسوسية والتخابر بين جميع الدول‪ ..‬اإلجابة‪ ..‬ال أحد‪..‬‬
‫فھو سيستمر دائما ً في طريقه‪ ..‬يسير على قضيبين متوازيين أحدھما ھو قضيب‬
‫آن آلخر‪ ..‬ليھبط منه‬
‫الخيانة‪ ..‬واآلخر ھو قضيب البطولة‪ ..‬ويتوقف القطار من ٍ‬
‫فى كل محط ٍة من محطاته المزيد من الجواسيس‪ ..‬يحملون في حقائبھم زاد‬
‫الطريق الشاق والصعب من الكراھية التي يقابلون بھا في كل مكان‪ ..‬ويحملون‬
‫في جيوب سرية فوق قلوبھم جوازات سفر مختومة إما بختم " الخيانة " لمن‬
‫يبيعون أوطانھم من أجل حفنة من الدوالرات‪ ..‬أو بختم " البطولة " لمن يقدم‬
‫نفسه طواعية فداءاً لوطنه‪ ..‬و يسير كل من االثنين في طريقه‪ ..‬وأمامه‪..‬‬
‫أوخلفه‪ ..‬شبح الموت يطارده‪ ..‬إما بحبل المشنقة الذي ينتظره إن تم القبض‬
‫عليه‪ ..‬أو بطلقة رصاص قد تأتيه في أي لحظة‪ ..‬من أية جھة‪.‬‬

‫***‬
‫‪92‬‬
‫‪٩٢‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬
‫‪93‬‬
‫‪٩٣‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫‪@ @÷ŠèÐÛa‬‬
‫المقدمـة!! ‪٥ ...........................................................................................................‬‬
‫ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ ﻭﻗﻮﺩ ﺍﳊﺮﺏ‪٦ ......................................................................................... :!!..‬‬
‫تمھيد‪٩ ................................................................................................................ :‬‬
‫ماذا تعني الجاسوسية‪..‬؟ ‪٩ ..........................................................................................‬‬
‫ﺟﺎﺳﻮﺳﻴﺔ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ‪٩ ............................................................................................ :‬‬
‫ﺍﻹﻧﺘﺮﻧﺖ‪ ..‬ﻭﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺎﺕ‪١٢ ........................................................................................... :‬‬
‫ﺣﺘﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ‪١٣ .............................................................................................:‬‬
‫‪١٤ .................................................................................................... NNÞëþa@Ý–ÐÛa‬‬
‫‪١٤ ......................................................................... AAáç‰bîna@ÖŠë@NNîaì¦a@Êaìãc‬‬
‫ﻋﻤﻼﺀ ﺍﳌﻬﺎﻡ ﺍﳋﺎﺻﺔ‪١٦ ................................................................................................:‬‬
‫ﺍﳋﻄﻮﺍﺕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﺎﺳﻮﺱ‪١٦ ............................................................................. :‬‬
‫ﺍﻧﺘﻘﺎﺀ ﺍﳉﺎﺳﻮﺱ‪ ..‬ﻭﺗﻘﻴﻴﻤﻪ؟ ‪١٧ .........................................................................................‬‬
‫ﺍﻟﻜﺸﺎﻓﲔ‪١٧ ........................................................................................................... :‬‬
‫ﺇﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﳌﺨﺎﺑﺮﺍﰐ )ﺍﻟﻜﺸﺎﻑ(‪١٨ ............................................................................... :‬‬
‫ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﻣﺴﺒﻘﺔ‪١٨ .................................................................................................... :‬‬
‫ﺍﳌﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ‪٢٠ .............................................................................................. :‬‬
‫ﺗﻘﻴﻴﻢ ﺍﳉﺎﺳﻮﺱ‪٢٠ .................................................................................................... :‬‬
‫ﲢﺖ ﺍﳌﺮﺍﻗﺒﺔ‪٢١ ........................................................................................................ :‬‬
‫ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﺧﻀﺎﻉ‪٢٢ ...................................................................................................:‬‬
‫ﺑﻌﺪ ﺍﳌﻮﺍﻓﻘﺔ‪٢٢ ......................................................................................................... :‬‬
‫ﺍﳊﻤﺎﻳﺔ‪٢٣ ............................................................................................................. :‬‬
‫ﺍﳌﻬﻤﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ‪٢٤ ...................................................................................................... :‬‬
‫‪٢٥ .................................................................. _éj퉆më@NN÷ìb¦a@òiŠ£@ZïãbrÛa@Ý–ÐÛa‬‬
‫مھام تجربية ‪٢٦ .......................................................................................................‬‬
‫ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﺬﺏ‪٢٦ ............................................................................................... :‬‬
‫مرحلة التدريب ‪٢٧ ...................................................................................................‬‬
‫‪٢٩ .................................................................. AA÷ìbu@Ý×@òíbèãë@NNòía†i@ZsÛbrÛa@Ý–ÐÛa‬‬
‫ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ‪٣٠ .................................................................................................... :‬‬
‫ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ‪٣٠ .................................................................................................... :‬‬
‫ﺍﻹﺗﺼﺎﻝ ﻏﲑ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ‪٣٠ ................................................................................................:‬‬
‫‪94‬‬
‫‪٩٤‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬
‫ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﺄﻣﲔ‪٣١ ...................................................................................................... :‬‬
‫ﺍﻹﺧﺘﺮﺍﻕ‪٣٤ ........................................................................................................... :‬‬
‫ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﺍﳋﺎﺭﺟﻲ‪٣٥ ................................................................................................... :‬‬
‫ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻞ ﻭﻣﺘﺎﺑﻌﻴﻪ‪٣٦ ........................................................................................ :‬‬
‫ﺗﻐﻴﲑ ﺿﺎﺑﻂ ﺍﳌﺘﺎﺑﻌﺔ‪٣٧ ................................................................................................. :‬‬
‫إنھاء التعامل مع الجاسوس!! ‪٣٨ ..................................................................................‬‬
‫ﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻴﻞ‪٣٨ ................................................................................................ :‬‬
‫‪٣٩ .................................................... AAîaì¦a@Šè‘c@ñbîy@åß@òîÔîjİm@x‡b¸@ZÉiaŠÛa@Ý–ÐÛa‬‬
‫)كالوجين(‪ ..‬وسياسة تجنيد طالب البعثات الدراسية!! ‪٤٠ ...................................................‬‬
‫ﺍﺧﺘﺮﺍﻕ ﺍ‪‬ﺘﻤﻊ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ‪٤١ .......................................................................................... :‬‬
‫ﺍﳌﻬﻤﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ‪٤١ ...................................................................................................... :‬‬
‫ﻭﻟﻔﺠﺎﻧﺞ ﻟﻮﺗﺰ‪٤٣ ...................................................................................................... :‬‬
‫ﲪﻠﺔ ﺍﻟﺴﻮﻳﺲ‪٤٤ ...................................................................................................... :‬‬
‫ﺍﻋﺘﺮﺍﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﳍﻮﺍﺀ‪٤٧ ............................................................................................... ..‬‬
‫محمد صابر‪ ..‬جاسوس الطاقة الذرية‪ ..‬وسياسة القرصنة اإللكترونية!!‪٤٨ ................................‬‬
‫مجدي توفيق‪ ..‬وسذاجة الباحثين عن الوھم في أحضان أجھزة المخابرات!! ‪٥٠ ..........................‬‬
‫عزام عزام‪ ..‬وسياسة اختراق وتدمير اقتصاد الدول عن طريق التطبيع!! ‪٥١ .............................‬‬
‫سمحان موسى‪ ..‬وسياسة إغراق المجتمعات في دوامة المخدرات‪٥٣ .......................................‬‬
‫شريف الفياللي‪ ..‬وسياسة تجنيد طالب البعثات الخارجية‪٥٤ .................................................‬‬
‫روبرت ھانسن‪ ..‬أكبر وصمة عار في تاريخ المخابرات المركزية األمريكية‪ ..‬وسياسة اإلختراق من‬
‫الداخل!! ‪٥٥ ...........................................................................................................‬‬
‫ﻧﺸﺄﺓ ﺭﻭﺑﺮﺕ‪٥٦ ....................................................................................................... :‬‬
‫ﳏﺎﻭﻟﺔ ﺃﻭﱄ ﻓﺎﺷﻠﺔ‪٥٧ .................................................................................................. :‬‬
‫ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ‪٥٧ ...................................................................................................... :‬‬
‫ﺍﳋﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮ‪٥٨ ................................................................................................... :‬‬
‫ﻳﻘﻈﺔ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﳌﻜﺘﺐ ﺍﻟﻔﻴﺪﺭﺍﱄ‪٥٩ ...................................................................................... :‬‬
‫ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﳋﻴﻂ‪٦٠ ........................................................................................................ :‬‬
‫كيم فيلبي‪ ..‬األسطورة‪ ..‬وسياسة التجنيد من أجل العقيدة!! ‪٦١ ................................................‬‬
‫كاميليا‪ ..‬سياسة التجنيد عن طريق الجنس‪ ..‬وتصفية العمالء عند اللزوم!! ‪٦٤ ............................‬‬
‫الھجان‪ ..‬والشوان‪ ..‬وإنھاء التعامل في الوقت المناسب!! ‪٦٥ .................................................‬‬
‫ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻨﻜﺴﺔ‪٦٥ ........................................................................................................ :‬‬
‫ﺍﳍﺠﺎﻥ ﰲ ﺣﺮﺏ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ‪٦٦ ........................................................................................... :‬‬
‫ﺍﳍﺠﺎﻥ ﺑﻌﺪ ‪ ٦‬ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ‪٦٦ .............................................................................................. :‬‬
‫‪95‬‬
‫‪٩٥‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬
‫ﻭﻓﺎﺓ ﺍﳍﺠﺎﻥ‪٦٧ ........................................................................................................ :‬‬
‫ﻭﺻﻴﺔ ﺍﳍﺠﺎﻥ ﻛﻤﺎ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﻭﻓﺎﺗﻪ‪٦٧ ................................................................................ :‬‬
‫جمعة الشوان ‪٦٩ .....................................................................................................‬‬
‫اعتزال مبكر‪ ..‬وعودة بأوامر رئاسية‪٧٢ ...................................................................... ..‬‬
‫كريستين كيلر‪ ..‬أميرة الجاسوسية‪ ..‬وجاسوسة القرن!! ‪٧٤ ...................................................‬‬
‫ﻗﺪﺭﺍﺕ ﻭﺧﱪﺍﺕ ﻏﲑ ﻣﺘﻮﻗﻌﺔ‪٧٥ ....................................................................................... :‬‬
‫ﺟﺎﺳﻮﺳﱵ ﺍﳌﻔﻀﻠﺔ‪٧٥ ................................................................................................. :‬‬
‫ﺣﻴﺎﺓ ﻛﺮﺳﺘﲔ ﺟﺮﻧﻔﻴﻞ‪٧٦ ..............................................................................................:‬‬
‫ﺯﻭﺍﺝ ﻓﺎﺷﻞ‪٧٦ ........................................................................................................ :‬‬
‫ﺗﺪﺭﻳﺐ ﺷﺎﻕ‪٧٦ ....................................................................................................... :‬‬
‫ﺍﻟﻔـﺮﺍﺭ‪٧٧ ............................................................................................................ :‬‬
‫ﺑﺼﻤﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﻴﺰ‪٧٧ ............................................................................................ :‬‬
‫ﺟﺮﻳﺌﺔ ﳊﺪ ﺍﻟﺘﻬﻮﺭ‪٧٩ .................................................................................................. :‬‬
‫ﻛﺘﺐ ﻋﻦ ﺣﻴﺎ‪‬ﺎ‪٧٩ .................................................................................................... :‬‬
‫ﺍﻟﺴﻔﺮ ﻭﺍﻟﺘﺠﻮﺍﻝ‪٨٠ ................................................................................................... :‬‬
‫ﻣﻦ ﻳﺼﺪﻕ؟ ‪٨٠ .........................................................................................................‬‬
‫ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺟﺎﺀﺕ ﻣﺄﺳﺎﻭﻳﺔ‪٨١ ............................................................................................. :‬‬
‫‪٨٣ ........................... åb@E|îЕ@ÖìÏ@ïmaŠib«@ÊaŠ•@å튒ÈÛaë@ð…b§a@æŠÔÛa@Zßb¨a@Ý–ÐÛa‬‬
‫)‪ (٣٠٠٠‬اغتيال واعتقال ‪٨٤ .......................................................................................‬‬
‫ﺍﳌﺨﺎﺑﺮﺍﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﰲ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ‪٨٥ ................................................................................. :‬‬
‫ﺍﳌﺨﺎﺑﺮﺍﺕ ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻴﺔ‪ ..‬ﻭﺩﻭﺭﻫﺎ ﰲ ﺣﺎﺩﺙ " ﻟﻮﻛﲑﰊ "‪ ..‬ﻭﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﰲ ﲡﻨﻴﺪ ﻋﻤﻼﺀﻫﺎ ﰲ ﻣﺼﺮ‪ ..‬ﻭﺍﻟﺸﺮﻕ‬
‫ﺍﻷﻭﺳﻂ!! ‪٨٥ ...........................................................................................................‬‬
‫خاتمـة ‪٩١ ..............................................................................................................‬‬
‫الفھــرس ‪٩٣ ..........................................................................................................‬‬
‫***‬
‫‪96‬‬
‫‪٩٦‬‬ ‫ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﳉﻮﺍﺳﻴﺲ‬

‫×‪@ @ÑÛûàÜÛ@ôŠc@kn‬‬
‫‪ -١‬إلى أين يا عرب؟؟!‬
‫‪ -٢‬ھكذا تحدث العقاد " قراءة فى فكر العقاد الديني "‬
‫‪ -٣‬مواعظ الشيطان‪.‬‬
‫‪ -٤‬من قتل أشرف مروان‪.‬‬
‫***@ @‬
‫‪@ @ÉjİÛa@o¤‬‬
‫‪ -١‬آالم األنبياء!! )السمات النفسية واالجتماعية لألنبياء فى ضوء التحليل النفسي(‬
‫‪ -٢‬علم التفاوض!!‬
‫‪ -٣‬أيام‪ ..‬وليالي صدام!!‬
‫‪ -٤‬أسرار المنصة‪) !!..‬التاريخ السري للسادات‪ ..‬ومقتل أمين عثمان(‬
‫أوراق شمس بدران!!‬ ‫‪-٥‬‬
‫حب‪ ..‬وموت‪ ..‬فى بيروت!! )وقائع عمالة وإغتيال رئيس لبنان بشير الجميل(‬ ‫‪-٦‬‬
‫‪ -٧‬حكم البيادة‪ ..‬والسيف )مأساة مصر تحت أقدام الحكم العسكري(‬
‫لندن‪ ..‬عاصمة الضباب والموت الغامض!!‬ ‫‪-٨‬‬
‫‪ -٩‬وجه‪ ..‬وجسد!! )رواية(‬
‫‪ -١٠‬إيثار اللحظة‪ ..‬وإيثارھا!! )مجموعة قصصية(‬
‫‪ -١١‬أشتاتا ً أشتوت!! )مسرحية(‬
‫‪ -١٢‬مقھى ريش‪ ..‬ذاكرة أمة!!‬
‫‪ -١٣‬نجيب سرور )مأساة شاعر قتلته الخيانة(!!‬
‫‪ -١٤‬جاسوسة على عرش مصر!! )حلم كاميليا الذى أسقطته الوكالة اليھودية فى‬
‫سماء الدلنجات(‬
‫‪ -١٥‬فتاوى قاتلة )أشھر اإلغتياالت السياسية التى صدرت عن فتاوى دينية (‬
‫***‬

You might also like