Professional Documents
Culture Documents
مـصـر إلـى فـوضـى مـطـلـقـة طـويـلـة الـمـدى
مـصـر إلـى فـوضـى مـطـلـقـة طـويـلـة الـمـدى
"عن "معاريف
في أوقات األزمة يتسابق المحللون والخبراء باختالف أنواعهم على من سيتنبأ أوال بما سيأتي .والمرة تلو األخرى ،بثبات ال يوجد أقوى
منه ،يتبين بان أولئك األنبياء الذين يقولون لمن أعطيت النبوءة بعد خراب البيت ولكنهم يتصرفون بشكل معاكس تماما ،مرة اخرى
.يتنبأون بالوضع في مصر بل ويقررون بانه من المؤكد سيكون الحال افضل مما كان حتى اآلن ،منذ صعود مرسي
لو كان هؤالء يتحدثون كالناس العاديين ،لكان الصحافيون الذين يجرون المقابالت معهم سينبشون في ملفاتهم اإلعالمية ،ويفحصون
توقعاتهم ويحللون تحليالتهم الفهيمة ليصلوا الى االستنتاج بانه بين ما تنبأوا به والواقع توجد هوة كبيرة .واحتراما لهم ،لن نذكر هنا
.أسماء ،ولكننا بسهولة يمكن أن نجد في أقوالهم ما يثير السخرية
الوضع الثوري ال يكون أبدا قابال للتوقع الدقيق .فمن يستطيع مثال ان يتوقع هل النظام الذي سيقوم في مصر بعد نهاية الثورة افضل؟ هل
الثورة حقا بدأت كردة لألصولية اإلسالمية ومحاولة مرسي فرض دستور ديني؟ ال يقين .والدليل هو أن مرسي انتخب بشكل ديمقراطي
.من اغلبية كبيرة من المواطنين .فهل الذين انتخبوه لم يعرفوا ما هي عقيدته السياسية؟ بالتأكيد عرفوا ومع ذلك انتخبوه
وهاكم اقتباسا من مقال الحد المحللين المعتبرين ،من الخبراء في الشؤون العربية الذين ينالون التقدير وله عالقات مع العالم العربي" :من
الصعب ان نتواسى بهذا بالطبع ،ولكن من األفضل ان تكون شخصيات علمانية في قمة النظام الجديد في القاهرة ،تحت تأثير قوي للقوات
المسلحة ،من متزمتي الدين .نظام يستعين بالسعودية افضل من نظام يستعين بقطر .نظام يركز على األزمات الداخلية في بالد النيل
افضل من نظام له رؤيا عموم اسالمية" .ظاهرا ،أقوال معقولة .غير أنه كان يجدر وضع تحفظ كبير على هذه األقوال .متزمتو الدين في
العالم العربي واإلسالمي هم حقيقة قائمة .والدول الغربية بما فيها الواليات المتحدة واسرائيل أدارت ،وال تزال تدير ،شبكات عالقات
.ممتازة مع هذه األنظمة .ومن جهة اخرى ،لدينا غير قليل من النماذج ألنظمة عربية علمانية أوقعت مصيبة على شعوبها وعلى محيطها
ناصر لم يكن أصوليا إسالميا؛ والسادات بالتأكيد لم يكن؛ زعماء المملكة الهاشمية لم يكونوا ال علمانيين واضحين؛ األسد األب واالبن لم
يسكنا كل حياتهما في المساجد واتبعا الشريعة؛ صدام حسين والقذافي لم يكونا متزمتين دينيا .وهناك نماذج كثيرة .كما ال توجد فروقات
.جوهرية بين الرغبة في انتهاج سياسة عموم إسالمية وبين إرادة القيادة العموم عربية مثل ناصر .هذه نذلة وتلك جيفة
وعليه فان القول ماذا سيكون في المستقبل أفضل ،هو تخمين جيد مثل كل تخمين في اليانصيب .مصر مبارك كانت مستقرة ،ظاهرا .من
ناحية اسرائيل ،شكل مبارك ضمانة لمواصلة اتفاقات السالم والهدوء النسبي على الحدود .هذا كثير جدا .محلل عسكري محترم يقول:
"من ناحية اسرائيل هذا تطور جيد .صحيح أن في عهد مرسي العالقات مع مصر كانت جيدة ،ولكن حماس في غزة تلقت ريح إسناد من
مرسي واإلخوان المسلمين .اما اآلن فلديها عصي في الدواليب .تهديد اإلرهاب من سيناء من غير المتوقع أن يكون أسوأ مما عليه اليوم.
وفي عهد مرسي وعهد مبارك على حد سواء لم تكن لمصر سيطرة كاملة في سيناء ،ولهذا فان الوضع ال يتغير" .هذا تفاؤل جدير
باإلشارة ،ولكن على ماذا يستند؟ ربما على خريطة النجوم .مصر توجد في وضع فظيع من ناحية اجتماعية واقتصادية .ليس مرسي وال
اي زعيم آخر سيأتي سيكون قادرا على حل أزمات مصر في سنة أو سنتين .لم يعد للشعب المصري صبر ،ومثلما خرج الماليين الى
الشوارع ضد مرسي ،هكذا سيحصل الحقا أيضا .مصر غير قابلة للتقدير العقلي الن الفوضى هي التي تسيطر وستبقى تسيطر لزمن
طويل آخر .دون مساعدة من الخارج لن تقوم قائمة لمصر .ومثل هذه المساعدة ال تلوح في األفق .ولهذا فان االستنتاج هو أن الوضع قد
يتدهور الى فوضى مطلقة .فهل عندها أيضا سيكون هذا جيدا؟
2013