Professional Documents
Culture Documents
النصة
النصة
تبدو السمة األساسية للقراءة هي االختالف والتباين بين أنماطها ،فليس هناك قراءة وحيدة للنص ،وإنما هناك قراءات متعددة للنص الواحد.
وذلك الختالف القّر اء من ناحية ،واختالف أمزجتهم وميولهم وخلفياتهم الفكرية واأليديولوجية من ناحية أخرى .ومن هنا يمكن القول :إن
القراءة فعل غير بريء ألنها تعكس مفاهيم مترسبة في ذهن القّر اء ،وهذه المفاهيم لها خلفيات فكرية وأيديولوجية واقتصادية واجتماعية
وقيمية[ .]1[]1وبالتالي فإن هذه الخلفيات الفكرية واأليديولوجية تختلف من قارئ آلخر حسب إطاره المعرفي؛ وبالتالي تتعدد القراءات
.للنص الواحد ،ولذلك يمكن أن نحصر عدد أنواع القراءة بعدد القراء ذاتهم
المعيار األول :معيار القارئ :وتكون القراءة طبًقا لهذا المعيار عبر التلقي المباشر حيث القراءة االستداللية ،واالستبطانية التي يشارك فيها
.المتلقي في تشكيل وإنتاج معنى جديد للنص
.المعيار الثاني :معيار الغرض من القراءة :حيث القراءة التفسيرية أو التأويلية أو التحليلية/التركيبية
المعيار الثالث :معيار المنهج :وفيه تأخذ القراءة طبيعة المنهج المتبع فيها ومنها :القراءة التاريخية ،القراءة االجتماعية ،القراءة النفسية،
.القراءة البنيوية ،القراءة التفكيكية
:ويميز “روبير اسكاربيت[ ”]3[]3من منظوره االجتماعي لألدب بين نوعين من القراءة
.القراءة العارفة :هي قراءة تجاوزية تنطلق من النص لتكشف خباياه ،وتحلل أدواته ،وتنقب عن مرجعياته التي تصنع قيمه الجمالية
القراءة الذوقية :هي قراءة استهالكية تعتمد على ذوق القارئ الذي يسجل إعجابه أو استهجانه بالعمل األدبي ،وهي خاضعة لذوق القارئ
المتغير بفعل الدعاية واإلعالن وهوى القارئ المتقلب في المكان والزمان ،وطبًقا لذلك فإن هناك أعمااًل أدبية تكون مميزة ولكنها ال ترى
.النور بفعل هذه المعطيات
:ثالثة أنواع من القراءة )(Todorovويعرض تزفتان تودروف[]4[]4
النوع األول :القراءة اإلسقاطية :ال تلتزم بالنص ،وال تركز عليه ،وتتجه ناحية المؤلف أو المجتمع ،وتتعامل مع النص على أساس أنه
وثيقة تاريخية أو اجتماعية تقرر إشكالية أو قضية معينة ،فهي تنطلق من خارج النص حيث يسقط القارئ مرجعياته االجتماعية والثقافية
.على النص
النوع الثاني :قراءة الشرح :تلتزم بالنص ،ولكنها ال تغوص في أعماقه لتكشف كوامنه وخفاياه ،فهي أسيرة المعنى الظاهري للنص فقط،
وال شيء غيره ،ولذا فإن شرح النص فيها يكون بوضع كلمات بديلة لنفس المعنى أو من خالل تكرار ساذج لنفس كلمات النص بدون أي
.إبداع ،فهي قراءة تعيد صياغة المكتوب بلغة مغايرة
التي تعني عند الفرنسيين في القرن السادس عشر :كل ما Poeticaالنوع الثالث :القراءة الشاعرية :أصلها متحدر من الكلمة الالتينية
هو مبتكر مبتدع خالق ،وخالل القرن السابع عشر ظهر المصطلح بالمفهوم األرسطي الذي عنى به :فعل أو صنع ،ثم أخذ المفهوم بعد
ذلك في التطور من المعنى الواسع :الصنع واالبتداع واالبتكار إلى معنى ضيق ومحدود ليشير إلى :فن التأليف واألسلوب الخاص بالشعر.
وعد كل من تودوروف ودوكرو الشاعرية باعتبارها “نظرية لألدب” .هذا المصطلح قديًم ا ترجمة العرب إلى بوطيقا أوالى فن الشعر-وقد
اعتبر عبد القادر الجرجاني أن اللغة المجازية هي نبض الشعرية ومع مرور الوقت أصبحت الشعرية أحد فروع علم الجمال الفلسفي في
بداية القرن الثامن عشر .ويعرف ياكبسون مفهوم الشعرية :بأنه كل ما يجعل من رسالة لفظيه أثًرا فنًّيا .هذه القراءة وخاصة عند
تودروف ترّك ز على البنى الداخلية للنصوص وكيفية انتظامها ،والتزامها بشروط اإلبداع باعتبار أن الشعرية ال تسعى إلى تسمية المعنى ،بل
.معرفة القوانين التي تنظم والدة كل عمل إبداعي
:واقترح ريفايتر[ ]5[]5قراءتين في سياق حديثه عن طبيعة العالقة الجدلية بين النص والقارئ
.قراءة استكشافية :وهي قراءة ال تتعدى حدود المسح البصري للنص ،أو الكشف المعجمي أللفاظه
.قراءة استرجاعية :وهي قراءة تتجاوز مرحلة فهم جسم النص إلى الولوج في العملية التأويلية وفهم روح للنص
:وكشف لنا جاك لينهاردت[ ]6[]6عن ثالثة أنماط من القراءة
وهي قراءة تتوقف عند سطح النص وال تتخطاه ،حيث يكتفي فيها القارئ بإعادة إنتاج الوقائع Factual:النمط األول :القراءة الوقائعية
.واألحداث كما هي في النص بدون تقييم نقدي فهي قراءة خطية للنص
وهي القراءة التي يحكمها الحكم القيمي العاطفي ،فعند قراءة النص األدبي يقوم القارئ Emotional :النمط الثاني :القراءة العاطفية
بترك العنان لعواطفه وقيمه في الحكم على العمل األدبي ذاته ،فيؤيد أو يلوم أو ينقد الشخصيات الماثلة في العمل األدبي ،ويؤكد الكاتبان
أن هذه القراءة تتأسس على قيم اجتماعية/ثقافية/أخالقية لدى Pierre Jozsaوبيير يوجا Jacques Leenhardtجاك لينهاردت
القارئ ،هذه القيم تقوم بوظيفة المثل األعلى فقد يدين القارىء سلوًك ا معيًنا للشخصيات ويتهمهم بأنهم أكثر عنًفا أو قسوة ،أو يتهمهم
.بالضعف أو بالليونة أو بالتردد ،ويوضح غياب القوة واإلصرار لديهم ،فهذه الشخصيات تدان طبًقا لإلطار القيمي للمتلقي
وهي القراءة التي تعمل على شرح وتفسير سلوك Analytico – Synthetiqueالنمط الثالث :القراءة التحليلية/التركيبية
الشخصيات في النص دون تأييدها أو إدانتها ،ويسعى القارئ من خاللها إلى تفكيك وحدات النص ثم كشف عالقاته المتشعبة والوقوف على
.أسبابه وعلله
:وفي كتاب البنيوية وما بعدها يميز جون ستروك[ ]7[]7بين نوعيين من القراءة
.النوع األول :القراءة الكامنة :وهي التي يمكن استخالصها من مجموع العالقات القائمة في النص نفسه ،أي إنها كامنة فيه
النوع الثاني :القراءة المتعالية :هي القراءة التي تعتمد على معلومات في خارج النص كالسيرة والمعطيات التاريخية واالجتماعية والثقافية
.التي تكون حاضرة أثناء قراءة النص
:ويميز محمد عابد الجابري[ ]8[]8بين ثالثة أنواع من القراءة طبًقا لمعيار القارئ مع النص
النوع األول :القراءة االستنساخية ،أو ما يطلق عليها ذات البعد الواحد :هي قراءة تكون خاضعة للنص ترى وترصد ما يراه وال شيء
خارجه ،فهي ال تكشف إال ما يكشفه النص ،وال تتكلم إال بلسان النص ،لتقّد م لنا تعبيًر ا مطابًقا لوجهة النظر الصريحة المكشوفة التي
.يتبناها صاحب النص دون سبر أغوار النص وكشف ألغازه ،وهي قراءة تأويلية طبًقا لرأي الجابري
النوع الثاني :القراءة االستنطاقية :هي قراءة واعية لكونها تأوياًل تحاول بكل إخالص أن تساهم في إنتاج معنى النص ،وإعادة بناؤه في
بنيان متماسك ومنسجم ،ليكون معّبًر ا عن رؤى وتصورات المؤلف والقارئ مًعا ،ألن هذه القراءة ذات بعدين :البعد الذي يتحدث منه مؤلف
النص ،والبعد الذي يتحدث منه القارئ ،ومن هنا تكون القراءة ناجحة إذا استطعنا توظيف البعدين مًعا في بناء جديد يبدو متناسًقا
ومتماسًك ا .وهذه القراءة لها مستويان :األول :مستوى البناء الذي ينطق به النص ،والثاني :مستوى استنطاق النص ،وذلك للكشف عن بناء
آخر مالزم للبناء المباشر المقدم .ورغم أهمية هذه القراءة إال أنها كسابقاتها تعمل على إخفاء التناقضات واأليديولوجيات المتصارعة في
.النص بعد تبريرها وتذويبها عن طريق التأويل
النوع الثالث :القراءة التشخصية :وهذه القراءة تحاول أن تكشف المستور ،والمسكوت عنه في النص ،كما تحاول أن تبرز عمليات التهميش
واإلقصاء في النص ،وهي تجاهد لكي تقوم بموالفة بين القراءتين السابقتين :القراءة االستنساخية ،والقراءة االستنطاقية ،من أجل كشف
وتشخيص تناقضات النص سواء على مستوى السطح أو العمق أو البناء ،وكشف تناقضات ونقائض المتكلم في النص .ويتحدد هدف هذه
القراءة في تفكيك النص والكشف عن تهافت النص وتعريته من تناقضاته ونقائضه .فالهدف األسمى لهذه القراءة هو تشخيص العالمات
.الالمعقولية في النص
ال جدال أنه يوجد عدد ال يمكن حصره من أنماط القراءة المختلفة طبًقا للمعايير السابقة الذكر مع األخذ في االعتبار أن هذه المعايير
ليست مطلقة وإنما هي نسبية ،متغيرة ،وليست ثابتة فيمكن أن يكون لها أو عليها ،وبالرغم من ذلك فهي تشترك في هدف أساسي وهو
الكشف عن المعنى والمقصد الذي يبغيه النص وصاحبه ،فكل نمط قرائي يكشف لنا عن جانب معين في النص ،ولذلك نرى أن هذه
القراءات ال تصارع بعضها البعض ،ولكنها تنسجم وتتكامل ويبنى عليها ،ويمكن صهرها في بوتقة واحدة من أجل الكشف عن المعنى
والمغزى من النص ،بشرط أن تكون منسجمة مع العقل والواقع ،وال تحّر ف الكالم عن مقصده وموضوعه ،وال تلوي عنق النص إليهام
.المتلقي بوقائع وقضايا معينة ،هي أساًسا ليست موجودة في النص
حبيب مؤنسي ،القراءة والحداثة :مقاربة الكائن والممكن في القراءة العربية( ،دمشق :منشورات اتحاد الكتاب العرب ،مكتبة ][1][9
.األسد ،)2000 ،الصفحة 216
.اعتدال عثمان ،إضاءة النص( ،بيروت :دار الحداثة للطباعة والنشر ،)1988 ،الصفحة [2][10] 217
.حبيب مؤنسي ،القراءة والحداثة ،مرجع سبق ذكره ،الصفحتان 211و [3][11] 212
عبد الله محمد الغذامي ،الخطيئة والتكفير :من البنيوية إلى التشريحية( ،القاهرة :الهيئة المصرية العامة للكتاب ،مكتبة األسرة،)2006 ،
الصفحتان77و – .78يوسف وغليسي ،تحوالت الشعرية في الثقافة النقدية العربية الحديثة :بحث في حفريات المصطلح (مقال) عالم
الفكر(مجلة) ،الكويت المجلس الوطني للثقافة والفنون واألداب ،المجلد ،37العدد الثالث،2009الصفحة
.8
– عبد العزيز حمودة ،الخروج من التيه :دراسة في سلطة النص (مقال) ،الكويت ،المجلس الوطني
للثقافة والفنون واآلداب ،عالم المعرفة(مجلة) ،عدد 298نوفمبر ،2003الصفحة
.282
– حسين األنصاري ،شعرية
الجسد في بنية الفضاء المسرحي :بالغية النص ومركز الجذب( ،مقال)في مجلة الرافد ،الشارقة ،دائرة الثقافة واألعالم ،العدد،161يناير
،2011.الصفحتان 83و84
عزيز محمد عدمان ،حدود االنفتاح الداللي في قراءة النص األدبي(مقال) منشور بمجلة عالم الفكر ،الكويت ،المجلس الوطني ][5][13
.للثقافة والفنون واآلداب ،مجلد ،37العدد الثالث ،يناير ،2009الصفحة 83
بيير زيما ،النقد االجتماعي ،نحو علم اجتماع للنص األدبي ،ترجمة عايدة لطفي( ،القاهرة :دار الفكر للدراسات والنشر ][6][14
.والتوزيع ،)1991،الصفحتان 320-319
جون ستروك ،البنيوية وما بعدها :من ليفي شتراوس إلى دريدا ،الكويت :المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب ،عالم ][7][15
.المعرفة ،عدد 206فبراير ،1996الصفحة 17
محمد عابد الجابري ،الخطاب العربي المعاصر :دراسة نقدية تحليلية( ،بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية ،الطبعة [8][16] ،5
،)1994.الصفحات 13-11
Endnotes:
[1]: #_ftn1
[2]: #_ftn2
[3]: #_ftn3
[4]: #_ftn4
[5]: #_ftn5
[6]: #_ftn6
[7]: #_ftn7
[8]: #_ftn8
[1]: #_ftnref1
[2]: #_ftnref2
[3]: #_ftnref3
[4]: #_ftnref4
[5]: #_ftnref5
[6]: #_ftnref6
[7]: #_ftnref7
[8]: #_ftnref8
Source URL: https://maarefhekmiya.org/13767/naslkoraan/
unless otherwise noted.معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية Copyright ©2023