Professional Documents
Culture Documents
Pages From 606
Pages From 606
الله اطمأن قلبه فال يجزع ألمور الدنيا ومصائبها وتقلباتها.. كنا في مجلس علم أيام التشريق في منى ..تناول الشيخ أمورا
فاملؤمن حاله بني اخلوف والرجاء ،وهو للخوف أحوج في حياته كثيرة مما يجب على من أدى فريضة احلج أن يراعيها بعد أداء
وللرجاء أحوج في احتضاره هذا الركن العظيم ،كنت وصاحبي في طريقنا إلى مكان إقامتنا
-واألمر اآلخر الذي يخافه املؤمن في حياته؟ بعد انتهاء احملاضرة.
كنا قد توقفنا لتناول شيء من املرطبات قبل الوصول إلى -أكثر ما شدني في هذا الدرس تركيز الشيخ على ضرورة
مخيمنا: اخلوف من الضالل بعد الهدى ،وتفسير قول الله تعالى{ :ربنا
األمر اآلخر هو اخلوف من عدم قبول العمل ..كما في تفسير ال تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت
قوله عز وجل{ :والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى الوهاب} (آل عمران.)8 :
ربهم راجعون} (املؤمنون.)60 : استدركت عليه:
حتى يحصل أحدنا على هاتني الصفتني :اخلوف من الزيغ بعد -وهذه اآلية جاءت بعد بيان حال الراسخني في العلم ..في
الهدى ،واخلوف من عدم قبول العمل الصالح ،ينبغي أن يذكر اآلية التي قبلها ..ولذلك قال كثير من املفسرين :هذا الدعاء
نفسه دائما بهذا األمر ..ذلك أن الشيطان يريد للمؤمن أن يركن من جملة ما يقوله الراسخون في العلم بعد أن قالوا{ :آمنا به
كل من عند ربنا}.
إلى عمله ..وينسيه ذكر الله ..والدعاء ..حتى ينال منه ..وكما
لو تفكرنا قليال أليقنّا حقا أن أخوف ما يجب أن يخاف العبد
أضاف الله الزيغ إلى القلب ..أضاف الهداية إلى القلب{ :ومن
على نفسه ..الضالل بعد الهدى ..ولذلك وجب عليه أال يركن
يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم} (التغابن.)11 :
إلى نفسه في هذه القضية اخلطيرة ..بل يبذل األسباب..
-وهل تضاف (اإلزاغة) إلى الله عز وجل؟
ويدعو الله أن يثبته على احلق ..كان من تعليم النبي [ ألمته
-إن الله خلق اخلير والشر ،واإلنسان يختار بإرادته ،ويقال
أنه كان كثيرا ما يدعو« :يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك»
هنا كما يقال في قوله عز وجل{ :ولو شاء الله جلعلكم أمة
البخاري.
واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن عما كنتم
-والحظ أن الدعاء{ :ال تزغ قلوبنا} ..و«ثبت قلبي» ..وذلك
تعملون} (النحل ،)93 :واسمع قول الله تعالى{ :والذين اهتدوا أن األفعال قد تختل أحيانا ،وتقتصد أحيانا أخرى ،ولكن إذا
زادهم هدى وآتاهم تقواهم} (محمد ..)17 :واآليات في هذا زاغ القلب وضل ،فإن الفساد يصيب كل شيء ،وهذا وصف بني
املعنى كثيرة ،وكلها تدور حول معنى واحد :أن الذي يأخذ إسرائيل عندما آذوا موسى عليه السالم{:فلما زاغوا أزاغ الله
بأسباب الهداية ..من اإلخالص ..والعمل ..والدعاء ..يهديه قلوبهم والله ال يهدي القوم الفاسقني} (الصف.)5 :
الله ..بفضله ..ومن يترك األسباب ويتبع سبيل الضالل ،يتركه ولكن كيف جنمع بني قول الله تعالى{ :إمنا املؤمنون الذين إذا
الله الختياره ..بعدله ..وهذا وذاك كله مبشيئة الله ..ال شيء ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إميانا}
الفرق ��ان 23 - 609ذو احلج ��ة 1431ه� �ـ -االثن�ي�ن 2010/11/ 29 -م
يقع رغما عن الله عزوجل ،ولذلك جاء في احلديث القدسي (األنفال )2 :وقوله تعالى{ :الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر
عن حال العبد يوم القيامة يقول الله عز وجل« :يا عبادي إمنا الله أال بذكر الله تطمئن القلوب} (الرعد.)28 :
هي أعمالكم أحصيها عليكم ثم أوفيكم إياها ،فمن وجد خيرا -املؤمن إذا ذ ّكر بالله خاف من لقائه ..وعذابه ..وذلك في
فليحمد الله ،ومن وجد غير ذلك فال يلومن إال نفسه» مسلم. احلياة الدنيا ،فاجتنب املعصية ..خوفا من الله ،وإذا ذكر
10