You are on page 1of 69

‫األستاذ حممد بلهيبة‬

‫المعهد العالي للدراســـات القــــــــــــانونية بقابس‬


‫إجازة موحدة قانون خاص عن بعد ‪2024-2023‬‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫مقدمة ومبحث تمهيدي‬

‫يمنح القانونُ األفرادَ حقوقًا ويضبط شروط اكتسابها وينظم كيفية حمايتها‪ .‬تتمثل الحماية‬
‫القانونية للحقوق في تمكين مدّعي الحق من رفع دعوى قضائية بهدف التصريح باكتساب‬
‫الحق وحمايته من كل اعتداء‪ ،‬وذلك عبر إصدار حكم قضائي يمرّ بمراحل مختلفة ليقعيف ‬
‫األخير تنفيذه على أرض الواقع‪.‬‬
‫اختلف الفقهيف تعريف مادة الحق العدلي الخاص وخاصة جزءها المتعلق باإلجراءات‬
‫المدنية والتجارية‪ ،‬فتعددت بذلك التسميات على مستوى الفقه ثم انتقلت إلى مستوى التشريع‬
‫حيث اعتمد المشرع التونسي مصطلح المرافعات المدنية والتجارية اقتداءً بالمشرع المصري‪،‬‬
‫على خالف التشريع الفرنسي الذي يستعمل مصطلح اإلجراءات‪ ،‬والقانون اللبناني الذي‬
‫يستعمل عبارة أصول المحاكمات‪.‬‬
‫على مستوى الفقه‪ ،‬استعمل بعض الفقهاء مصطلح العدل المدني الذي تم نقده واقتراح تسمية‬
‫القانون العدلي الخاص التي يمكن اعتمادها رغم أنها تعرّضت لنقد الفقهاء أيضا بحجة أن‬
‫القواعد المتعلقة بالتنظيم القضائي واختصاص المحاكم تنظِّم مرفقا عامًّا مما يجعلها شديدة‬
‫االرتباط بالقانون العام‪ ،‬ولعلّ ذلك ما يفسّر تعريف المادةيف الفقه اإلسالمي بالقانون العدلي‪.‬‬
‫يعرّ ف الفقيه بيرو هذه المادة بأنها مجموعة القواعد التي تسود التنظيم القضائي وعمله لضمان‬
‫احترام الحقوق الخاصة باألفراد وجزاء اإلخالل بهايف مادة القانون الخاص‪ .‬كما يعرّفها‬
‫األستاذ حسين السالمي بأنّها مجموعة المبادئ والقواعد التي تحكم سير وتنظيم المؤسسات‬
‫والهياكل والهيئات القضائية والمساعدة وضبط وظائفها وتوزيع االختصاصات بينها وتحديد‬
‫صيغ وإجراءات التقاضي وتنفيذ األعمال واألحكام القضائية‪.‬‬
‫يتكون القانون العدلي الخاص من خمسة محاور أساسية هي‪:‬‬
‫‪ ‬اإلجراءات لدى المحاكم‪.‬‬ ‫‪ ‬المبادئ التي تحكم السلطة القضائية‬
‫‪ ‬طرق الطعن‪.‬‬ ‫واألشخاص المتدخلين فيها‪.‬‬
‫‪ ‬طرق التنفيذ‪.‬‬ ‫‪ ‬القواعد العامة لالختصاص‪.‬‬
‫تكتسي مادة القانون العدلي الخاص أهمية بالغة ضرورة أنها تحقّق العدل وتسمح بحصول‬
‫األشخاص على حقوقهم وحمايتها ما ينعكس إيجابا على األمن القانوني ويشجع على المبادرة‬
‫االقتصادية واالستثمار‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪1‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫الفقرة األوىل ‪ ‬خصائص قانون اإلجراءات‬


‫تتميز مادة قانون اإلجراءات بطابعها الشكلي واآلمر‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ .1‬خاصية الشكلية‬

‫تخضع اإلجراءات‪ ،‬على عكس القواعد األصلية القائمة على الرضائية (الفصل ‪ 2‬من م‪.‬ا‪.‬ع)‪،‬‬
‫لقاعدة رئيسية تتمثليف ضرورة احترام الشكل اإلجرائي الذي ضبطه المشرع وإال يقع رفض‬
‫الدعوى شكال‪ ،‬حيث يجب أن تشتمل عريضة الدعوى على مجموعة من التنصيصات‬
‫الوجوبية وأن يقع تبليغها مبدئيا بواسطة عدل منفذ وأن يقع احترام آجال االستدعاء وآجال‬
‫الطعن‪ .‬كما تخضع محاضر العُقَل إلى تنصيصات وجوبية صارمة‪.‬‬
‫يؤدي عدم احترام الشكلية مبدئيا إلى اعتبار اإلجراء باطال أو الغيا‪ ،‬األمر الذي اعتبره بعض‬
‫الفقهاء إفراطايف الشكلية قد يؤدييف بعض األحيان إلى إهدار أصل الحق؛ وهو ما برز من‬
‫خالل القرار التعقيبي المدني عدد ‪ 3780‬الصادريف ‪ 11‬مارس ‪ 1980‬الذي جاء فيه أن‬
‫«الحق يعلُو وال يُعلى عليه‪ ،‬وتأسيسا على ذلك فإنه إذا تعارضت القاعدة اإلجرائية مع الحق‬
‫وأصبحت حائال دون تأمينه فإنه يصبح من أوكد واجبات القضاء‪ ،‬وهو الحارس األمين على‬
‫حقوق المتقاضين‪ ،‬ألّا تصدّه اإلجراءات الشكلية عن تغليب الشكل على جوهر الحق»‪.‬‬
‫تعرّض هذا القرار إلى نقد شديد ضرورة أنّه يؤدّي إلى إخضاع التنظيم القضائي وسير‬
‫اإلجراءات أمام المحاكم إلى مُطلق حرية المتقاضين وإرادتهم‪،‬يف حين أنّ احترام الشكلية‬
‫يسمح بتحقيق االستقرار القضائي‪ ،‬ناهيك أن الرفض شكلًا يسمحيف الغالب بإعادة اإلجراء‬
‫بعد تصحيحه‪.‬‬
‫‪ .2‬الصيغة اآلمرة‬

‫تُعد أغلب القواعد اإلجرائية ذات صيغة آمرة مما يعني عدم جواز االتفاق على مخالفتها‪،‬‬
‫وعلى المحكمة أن تثيرها من تلقاء نفسها‪ ،‬ويمكن إثارتها ألول مرة أمام محكمة التعقيب‪.‬‬
‫ال تخضع القواعد اإلجرائية اآلمرة إلى إرادة األطراف وجزاء عدم احترامها هو البطالن‬
‫المطلق‪ ،‬لذلك نص المشرعيف الفقرة األولى من الفصل ‪ 14‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت على أنّه «يكونُ‬
‫اإلجراء باطال إذا نصّ القانون على بطالنه أو حصل بموجبه مساس بقواعد النظام العام أو‬
‫أحكام اإلجراءات األساسية‪ ،‬وعلى المحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها»‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪2‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫وتوجد بعض القواعد اإلجرائية التي تتعلق بمصالح الخصوم وهي بالتالي ليست آمرة وال‬
‫تؤدي مخالفتها إلى البطالن إال بثبوت حصول ضرر ألحد األطراف شرط أن يتمسك بها قبل‬
‫الخوضيف األصل وفقا للفقرة الثانية من الفصل ‪ 14‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ ‬تطور القانون العدلي الخاص‬


‫ساد‪ ،‬قبل االستعمار الفرنسي‪ ،‬سلطانُ القضاء الشرعي المعروف بخاصّيتي التمييز بين‬
‫المذاهب وكونه عرفي غير مكتوب عدا بعض االستثناءات‪ .‬وجدت آنذاك المحاكم الشرعية‬
‫التي تقضي طبقا للمذهب المالكي وأخرى طبقا للمذهب الحنفي‪.‬‬
‫ولقد ساهم قاضي القيروان اإلمام سحنون مساهمة بارزةيف تطوير إجراءات التقاضي وتثبيت‬
‫مبادئه األساسية حيث أخرج القضاء من المساجد وجعل الجلسات علنية‪ .‬كما أقر القضاء‬
‫المتنقل لتقريبه من المتقاضين وأنشأ دوائر قضائية متخصصة كدائرة المظالم التي تبتّيف ‬
‫النزاعات المستعجلة ودائرة الحسبة المختصةيف مقاومة الغش واالحتكار ودائرة قاضي‬
‫القضاة ذات االختصاص العام‪ .‬كما أنه رسّخ مبدأ حياد القاضي على المستوى اإلجرائي‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ ،1861‬أقام دستور عهد األمان تنظيما قضائيا هرميّا نجديف أعاله مجلسا دستوريا‬
‫ومحكمة التعقب فمجلس تحقيق ثم محكمة االستئناف والمجلس التجاري‪ .‬إال أنه سرعان‬
‫ما تم إيقاف العمل به سنة ‪ 1864‬ليصبح القضاء مشتّتًا وخاضعا لهيمنة المستعمر الفرنسي‬
‫الذي حرص‪ ،‬منذ سنة ‪ ،1883‬على بعث محاكم فرنسية تختص بالنزاعات بين الرعايا‬
‫الفرنسيّينيف تونس ثم رعايا سائر البلدان األوروبية وهي تكون بذلك قد حلّت محل المحاكم‬
‫القنصلية‪ .‬صدر‪ ،‬إثر ذلك‪ ،‬أمر ‪ 31‬جويلية ‪ 1884‬الذي حول المحاكم الفرنسية إلى صاحبة‬
‫اختصاص عام‪،‬يف حين انحصر اختصاص المحاكم الشرعية ومحاكم األحباريف النزاعات‬
‫المنشورة بين التونسيين المسلمين واليهوديف مادة األحوال الشخصية‪.‬‬
‫وقد حر ص المستعمر على السيطرة على أخصب األراضي الفالحية عبر إنشاء المحكمة‬
‫العقارية سنة ‪.1865‬‬
‫صدرت أ ّول مجلة إجرائيةيف ‪ 24‬ديسمبر ‪ ،1910‬ثمّ شهدت تحويرا تامًّا بموجب أمر ‪24‬‬
‫جوان ‪ 1957‬إلى أن حلّت محلّها مجلة المرافعات المدنية والتجارية بتاريخ ‪ 5‬أكتوبر ‪1959‬‬
‫بعد إلغاء المحاكم الشرعية ومحاكم األحبار والمحاكم الفرنسية‪ ،‬وتوحّد القضاء التونسييف ‬
‫‪ 1‬أكتوبر ‪ 1957‬ليمتد سلطانه إلى كل المنازعات العدلية دون اعتبار لجنسية األطراف أو‬
‫لدينهم أو لطبيعة وموضوع النزاع‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪3‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫تضمّ مجلة المرافعات المدنية والتجارية جزئين مهمّين يتعلق األول بإجراءات التقاضي‬
‫والثاني بطرق التنفيذ‪ ،‬وقد عرَفت عدّة تنقيحاتيف اتجاه نجاعة التقاضي والتوصل بالحقوق‬
‫دون المساس بحق المدّعَى عليهميف الدفاع‪.‬‬
‫إلى جانب مجلة المرافعات المدنية والتجارية‪ ،‬باعتبارها المصدر األساسي لقواعد الحق‬
‫العدلي الخاص‪ ،‬يُ وجد بعض القواعد اإلجرائية خارج المجلة من ذلك مجلة القانون الدولي‬
‫الخاص المنظِّمة للمحاكم المختصة والقانون المنطبق على النزاعات ذات الصبغة الدولية‬
‫وكذلك الفصالن ‪ 31‬و‪ 32‬من مجلة األحوال الشخصية المنظِّمة إلجراءات الطالق والفصل‬
‫‪ 183‬من مجلة الشغل الذي يضبط إجراءات الدعوى الشغلية وفصول من مجلة الحقوق‬
‫العينية المنظمة للطعنيف األحكام العقارية‪.‬‬
‫تدعّم القانون العدلي الخاص بصدور دستور ‪ 27‬جانفي ‪ 2014‬الذي كرس مبادئ المحاكمة‬
‫العادلة واستقاللية السلطة القضائية وصدور القانون األساسي للمحكمة الدستورية والقانون‬
‫األساسي للمجلس األعلى للقضاء والقانون األساسي لمحكمة المحاسبات وكذلك إحداث‬
‫الدوائر االبتدائية اإلدارية إلى أن وقع تعطيل العمل به ثم إلغائه بصدور دستور ‪ 25‬جويلية‬
‫‪ 2022‬الذي استبدل السلطة القضائية بالوظيفة القضائية المنظَّمة بالفصول من ‪ 117‬إلى‬
‫‪ .124‬وقد نصّ الفصل ‪ 124‬على المحاكمةيف أجل معقول والمساواة أمام القضاء وحق‬
‫الدفاع والحقيف اإلعانة العدلية لمن يستحقها ومبدأ علنيّة الجلسات‪،‬يف حين ورد مبدأ‬
‫التقاضي على درجتين بالفصل ‪.123‬‬
‫وبالرجوع لمجلة المرافعات المدنية والتجارية وبقية النصوص المنظمة لمادة القانون العدلي‬
‫الخاص‪ ،‬يتضح أنها تنقسم إلى محورين أساسيين‪ :‬األول ينظّم كيفية الحصول على حكم‬
‫قضائي لحماية الحق المدّعَى به عبر اتّباع مجموعة من اإلجراءات المدنية والتجارية (الجزء‬
‫األول)‪ ،‬والثاني ذو صبغة عمليّة غايتها التوصل بالحقّ بعد االعتراف بهيف شكل حكم وهو‬
‫ما تخوّله قواعد طرق التنفيذ (الجزء الثاني)‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪4‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫الجزء األول‬
‫اإلجراءات المدنية والتجارية‬

‫يستوجب‪ ،‬قبل التعمقيف كيفية مباشرة الدعوى المدنية والتجارية (الفصل الثاني)‪ ،‬التعرف‬
‫أوال على المبادئ العامة للتقاضي (الفصل األول)‪.‬‬

‫الفصل‬
‫المبادئ العامة للتقاضي‬ ‫األول‬

‫تتوزع إلى مبادئ مشتركة بين أغلب أنواع األقضية (المبحث األول) ومبادئ يختص بها القضاء‬
‫المدني (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبادئ المشتركة للتقاضي‬ ‫المبحث األول‬

‫نالحظ‪ ،‬اعتمادا على المبادئ العامة التي تحكم السلطة القضائية الواردة بالفصول من ‪117‬‬
‫إلى ‪ 124‬من دستور ‪( 2022‬التي كانت منظمة بالفصلين ‪ 102‬و‪ 108‬من دستور ‪،)2014‬‬
‫أن مبادئ المحاكمة العادلة تتمثليف الحقيف اللجوء إلى القاضي الطبيعي والحقيف ‬
‫محاكمة عادلةيف أجل معقول وتساوي المتقاضين أمام القضاء (ومن أمثلة التساوي تكريس‬
‫الحقيف اإلعانة العدلية وضمان حق التقاضي وحق الدفاع)‪ ،‬هذا باإلضافة إلى مبدأ علنية‬
‫الجلسات ومبدأ التقاضي على درجتين ومبدأ التركيبة الجماعية للقضاء ومبدأ تحجير‬
‫المحاكم االستثنائية‪ .‬كلُّ هذه المبادئ تُعْرف بمبادئ المحاكمة العادلة‪.‬‬

‫انطالقا من هذه المبادئ الدستورية التي تشكّل منظومة المحاكمة العادلة وتنطبق على جميع‬
‫اإلجراءات المدنية والجزائية واإلدارية والمالية‪ ،‬يمكن تقسيم درسنا إلى ست فقرات‪:‬‬

‫الفقرة األوىل ‪ ‬مبدأ استقالل القضاء‬

‫يُطرح سؤال جوهري يتعلق بمدى استقاللية القضاء وهو هل أن القضاء مرفق أم سلطة؟‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪5‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫يؤدّي اعتبار القضاءِ مرفقا إداريًّا مثل بقية المرافق إلى اعتبار القاضي موظّفا عموميّا يخضع‬
‫للتبعية والسلطة الرئاسية‪،‬يف حين أنّ اعتبار القضاء سلطة يتطابق مع المعايير المحددة‬
‫الستقالل القضاء‪.‬‬

‫وقعت اإلجابة عن هذا السؤال صلب دستور عهد األمان لسنة ‪ 1861‬من خالل اعتبار القضاء‬
‫سلطة مستقلة‪ .‬ثم بعد االستقالل‪ ،‬انتهت مداوالت المجلس القومي التأسيسي بصفتها النهائية‬
‫إلى تكريس تبعيّ ة القضاء للسلطة التنفيذية حيث أسند القانون األساسي للمجلس األعلى‬
‫للقضاء رئاسة المجلس لرئيس الجمهورية الذي يتولى كذلك تسمية األعضاء القارين‬
‫بالمجلس‪ .‬كما وقع استعمال سلطة التّرقية والنّقلة والتّأديب لمزيد تحكّم السّلطة التّنفيذيّةيف ‬
‫السلطة القضائية وتحويلها إلى مجرّد وظيفة‪.‬‬

‫كرّس دستور ‪ 2014‬مبدأ استقاللية السلطة القضائية حيث أخضع كامل المسار المهني للقضاة‬
‫(التسمية‪ ،‬الترقية‪ ،‬النقلة‪ ،‬التأديب) للمجلس األعلى للقضاء المنتخب مباشرة‪ .‬كما تحقّقت‬
‫سيادة السلطة القضائية من خالل تحجير إحداث محاكم استثنائية وتكريس القضاء الدستوري‬
‫بما يضمن خضوع القانون للدستور‪.‬‬

‫في المقابل‪ ،‬يعتبر دستور ‪ 2022‬والنصوص السابقة له وخاصة مرسوم إحداث المجلس‬
‫األعلى للقضاء ثم مرسوم تنقيحه الصادريف ‪ 01‬جوان ‪ 2022‬انتكاسةًيف مسار استقالل‬
‫القضاء حيث مُنِحت صالحيات واسعة لرئيس الجمهوريةيف التعيين ومراجعة التعيينات‬
‫والترقية والنقلة والتأديب والعزل وصوالا إلى تحصين أوامر اإلعفاء من الطعن قبل صدور حكم‬
‫باتٍّيف األفعال المنسوبة للقاضي المعفَى‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ ‬مبدأ املساواة أمام القضاء‬


‫يجب على القاضي أن يساوي بين الخصوميف الجلوس والنظر واإلشارة مثلما ورديف رسالة‬
‫القضاء من عمر بن الخطاب إلى أبي موسى األشعري رضي الله عنهما‪« :‬وَآسِ بَيْنَ النَّاسِيف ِ‬
‫وَجْهِكَ وَعَدْلِكَ وَ َمجْلِسِكَ حَتَّى لَا يَطْمَعَ شَرِيفٌيف ِ حَيْفِكَ وَلَا يَيْاَسَ ضَعِيفٌ ِمنْ عَدْلِكَ»‪.‬‬

‫يترتب عل تكريس مبدأ المساواة بين الخصوم أمام القضاء ما يلي‪:‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪6‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫‪ .1‬حق الشخص في أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعي‬

‫وهو القاضي المستقل والمحايد المختص بالنظريف القضية زمن ارتكاب الجريمة أو رفعِ‬
‫الدعوى ممّ ا يمنع نزع الوالية القضائية من القاضي العدلي الطبيعي وتحويلها إلى المحكمة‬
‫العسكرية أو إنشاء محاكم مؤقتة للغرض (محكمة أمن الدولة) ألن ذلك يمثّل مساسا من مبدأ‬
‫المساواة أمام القضاء وانتهاكا للحقيف القاضي الطبيعي‪.‬‬

‫‪ .2‬الحق في اإلعانة العدلية‬

‫يخضع التقاضي بصفته مرفقا عامّا إلى مبدأ المجانيّة الذي مفاده أنّ ما يبذله المتقاضي من‬
‫مصاريف يبقى أقلّ بكثير من الكلفة الحقيقيّة لمرفق العدالة‪ .‬قد يجد بعض مُدّعي الحقوق‬
‫صعوبةيف توفير أتعاب التقاضي ما يحرمهم من الدفاع عن حقوقهم وبالتّالي المسّ من مبدأ‬
‫المساواة أمام القضاء‪ ،‬لذلك نظّم المشرّع الحقيف اإلعانة العدلية وكرّسه دستوريا‪.‬‬

‫يُوجد مكتب اإلعانة العدلية بكل محكمة ابتدائية ويشرف عليه وكيل الجمهورية أو من يمثله‬
‫بالتنسيق مع فرع المحامين ووزارة المالية‪ .‬يتولّى المكتب إسناد إعانة عدلية كلّيّة أو جزئيّة‬
‫لمن يستحقّها بعد إثبات حالته االجتماعية وتتمثليف تكليف محام يتولى الدفاع عن حقوقه‬
‫كما يجب‪ ،‬ويتحصل على أجرته من الدولة‪ .‬هذا وتشمل اإلعانة العدلية أجور العدول والخبراء‬
‫تحقيقا لمبدأ المساواة أمام القضاء‪.‬‬

‫‪ .3‬تكافؤ الفرص في الدفاع‬

‫تجسد ذلك من خالل تكريس مبدأ المواجهة بين الخصوم صلب الفصل ‪ 4‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‬
‫«لكل خصم حق االطالع على أوراق النازلة وعلى جميع الوثائق التي أدلى بها خصمه»‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ ‬مبدأ السرعة‬


‫أقر الدستور لكل شخص الحقيف محاكمة عادلةيف أجل معقول‪.‬‬

‫يعتبر اإلمام محمد الطاهر بن عاشوريف كتابه "مقاصد الشريعة" أن التعجيل بإيصال الحقوق‬
‫إلى أصحابها يمثل أحد مقاصد القضاء ألن اإلبطاءيف ذلك يثير مفاسد كثيرة من بينها‪:‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪7‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫‪ .1‬حرمان صاحب الحق من االنتفاع بحقّهيف المادة المدنية وتواصل حرمان المشتبه به‬
‫المودع بالسجن من حرّيتهيف المادة الجزائية مع خطر المساس بشرفه حيث يعتبره المجتمع‬
‫متّهما حتى تثبت براءته رغم أن القانون يعتبره بريئا حتى تثبت إدانته بموجب حكم باتيف ‬
‫إطار محاكمة عادلة‪.‬‬
‫‪ .2‬غياب الشعور بالرّدع وبقوة القانون بما يسمح لبعض المتجاوزين االستهتار بالقواعد‬
‫القانونية الملزمة‪.‬‬
‫‪ .3‬يؤدّ ي تواصل المنازعات وقتا طويال إلى مزيد إثقال كاهل القضاء بالملفات وكاهل‬
‫المتقاضين بمصاريف إضافية فضال عن توتر العالقة بين أفراد المجتمع وتعطل الدورة‬
‫االقتصادية‪.‬‬
‫‪ .4‬تطرّق التهمة إلى القاضي بتريثه‪ ،‬حيث يشعر بعض المتقاضين بأن التريث والتأخير سببه‬
‫تواطئ القاضي مع الخصم‪.‬‬

‫يتجه التنبيهيف المقابل إلى أن الحقيف محاكمة عادلة ال يعني البتّة التسرعيف إصدار‬
‫الحكم‪ ،‬بل يجب أن يكون ذلك بعد دراسة عميقة وواعية لملف القضية والحرص على أن‬
‫تكون الحقيقة المنطوق بها قضائيا أقرب ما يكون إلى الحقيقةيف الواقع‪.‬‬

‫تطرح مسألة "األجل المعقول" وفي المقابل "التأخير الذي ال مبرّر له" صعوبات عملية ألن‬
‫األمر يتعلق بمجهود بشري غير خاضع للنمذجة وملفات تشتركيف عناصرها الكبرى وتختلف‬
‫في كثير من الجزئيات‪ ،‬لذلك حرص الفقه على االكتفاء بوضع معايير عامة يقع على ضوءها‬
‫تقدير البطء من عدمه وهي‪:‬‬

‫❑ درجة تشعب القضية وتعقيدها‪.‬‬


‫❑ سلوك األطراف ومدى التزامهم بمبدأ النزاهةيف اإلجراءات وعدم اللجوء إلى طلبات‬
‫التأخير التعسفية‪.‬‬
‫❑ حرص القاضي على احترام آجال الرد وسلوك السلطات المعنية بإنجاز االختبارات وغيرها‬
‫من المهام التي تساعد على كشف الحقيقة‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪8‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫يَطرح مبدأ السرعةيف إسداء مرفق العدالة إشكالية الجزاء المترتب عن اإلخالل بذلك‪ .‬لم‬
‫ينص المشرع التونسي على جزاء عدم المحاكمةيف أجل معقوليف حين تمنح االتفاقية‬
‫األوروبية لحقوق اإلنسان للمتقاضي المتضرر الحقيف التعويض‪.‬‬

‫يمكن لمن يدّعي تضرره من تأخر النظريف دعواه رفع األمر إلى الرئيس األول لمحكمة‬
‫التعقيب لطلب التعويض عن الضرر شرط إثبات التأخير‪ ،‬وذلك اعتمادا على قواعد مؤاخذة‬
‫القضاة الواردةيف مجلة المرافعات المدنية والتجارية‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة ‪ ‬مبدأ علنية املحاكمة‬


‫تُعقد الجلسات مبدئيا عالنية‪ ،‬حيث يُسمح بالحضور لكل من يرغبيف ذلك مما يحقق رقابة‬
‫الرأي العام على سير العدالة ويدعم الشعور بنزاهة القضاة وحيادهم‪.‬‬

‫ويمكن للمحكمة استثنائيا أن تقرّر عقد جلساتها بصفة سرية محافظةً على النظام واآلداب‬
‫العامة‪.‬يف حين يجب عليها أن تعتمد السريةيف قضايا األطفال الجانحين طبقا للفصل ‪96‬‬
‫من مجلة حماية الطفل‪ ،‬احتراما لحياتهم الخاصة‪.‬‬

‫الفقرة الخامسة ‪ ‬مبدأ التقاضي على درجتي‬


‫كرّس المشرع هذا المبدأ العام صلب الفصل ‪123‬من الدستور بما يجعله منطبقا على جميع‬
‫أنواع األقضية‪ .‬يسمح التقاضي على درجتين بتحقيق الجودةيف العدالة ويعطي لألحكام‬
‫الصادرة مستوى عال من القبول لدى األطراف المتنازعة‪ ،‬حيث يقع فحص الوقائع والحجج‬
‫واألسس القانونية على مرحلتين مختلفتين تكون أولهما أمام محكمة درجة أولى‪ ،‬ثم السماح‬
‫للخصم أو المتقاضي الذي لم يقتنع بالحكم االبتدائي بطلب إعادة النظر فيه أمام محكمة‬
‫الدرجة الثانية عبر الطعن باالستئناف‪.‬‬

‫الفقرة السادسة ‪ ‬مبدأ مجلسية التقاضي‬


‫تسمح التركيبة المجلسية الجماعية للهيئات القضائية بتقليص األخطاء وضمان تكوين جيّد‬
‫للقضاة المبتدئين وضمان حرّية القاضييف اتخاذ القرار من خالل سرية المداوالت‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪9‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫إال أن هذه الميزات ال تُخفي بعض العيوب منها بطء العمل الجماعي واستئثار القاضي المقرر‬
‫بالتعمّقيف ملف القضية دون بقية األعضاء ما يحوّل المداوالت أحيانا إلى جلسات شكلية‬
‫يُكتفى فيها بالمصادقة على رأي القاضي المقرر رغم إمكانيّة وقوعهيف الخطأ‪.‬‬

‫ساهمت هذه االنتقاداتيف عودة التفكير بشدةيف تدعيم مكانة القاضي الفردي تحقيقا‬
‫لقضاء ناجز ومسؤول‪.‬‬

‫المبادئ الخاصة بالقضاء المدني‬ ‫المبحث الثاني‬

‫يرتكز القضاء المدنيّ على مبدأ ملكية الدعوى للخصوميف مقابل حياد القاضي واالهتمام‬
‫بمبدأ المواجهة بين الخصوم‪.‬‬

‫الفقرة األوىل ‪ ‬مبدأ ملكية الدعوى للخصوم (استئثار الخصوم بالنزاع املدني)‬
‫خالفا للدعوى العمومية (الجزائية) حيث تتولى النّيابة العموميّة إثارة الدعوىيف حق المجتمع‬
‫دون توقف على إرادة المتضرر من الجريمة‪ ،‬فإنّ الدعوى المدنية تُعدّ بمثابة الدعوى الخاصة‬
‫حيث للمدعي كامل الحريةيف رفع الدعوى من عدمه‪ .‬فال يمكن مبدئيا للقاضي المدني أن‬
‫يتعهد بالدعوى من تلقاء نفسه‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬يكون القاضي ملزما بالبتّيف كل ما يطلبه الخصوم دون زيادة أو نقصان‪.‬‬
‫كما أن الخصوم وخاصة المدّعي يتحكمونيف مواصلة السيريف القضية حيث يمكن لهذا‬
‫األخير أن يطلب طرحها وال يمكن للمحكمة إلّا أن تستجيب لطلبه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ ‬مبدأ حياد القاضي املدني‬


‫إلى جانب واجب الحياد األخالقي المفروض على كل قاض عدليا كان (مدنيا أم جزائيا) أو‬
‫إداريا أو ماليا أو دستوريا‪ ،‬فإنّ القاضي المدني يخضع‪ ،‬بمناسبة نظرهيف الدعوى‪ ،‬إلى مبدأ‬
‫الحياد الفني والذي يتعلق بمدى تدخّلهيف تكوين أو إتمام أو إحضار حجج الخصوم‪.‬‬

‫ينقسم الحياد الفني إلى سلبي وإيجابي‪:‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪10‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫جاء الفصل ‪ 12‬قديم من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت مقيِّدا للمحكمةيف مجال اإلثباتيف مختلف أطواره من‬
‫خالل الصياغة التالية «ليس للمحكمة تكوين أو إتمام أو إحضار حجج الخصوم» وهو ما يُفسَّر‬
‫بالحياد السلبي المفروض على القاضي المدني بما يؤدي إجرائيا إلى إصدار أحكام برفض‬
‫الدعوى كلما لم يتبين للمحكمة رجحان حجج أحد الخصوم‪ .‬وال يمنع الحكم برفض الدعوى‬
‫من إعادة عرضها على القضاء من جديد بعد إعداد مؤيدات جديدة أو بدون ذلك‪ .‬وقد تساهم‬
‫إعادة نشر الدعوى لعدة مرات متتاليةيف إطالة أمد الخصام وإثقال كاهل القضاة بالملفات‬
‫وكاهل الخصوم بالمصاريف مع تواصل غياب الحقيقة القضائية‪.‬‬

‫انطالقا مما سبق‪ ،‬نقّح المشرع الفصل ‪ 12‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬تيف ‪ 11‬سبتمبر ‪ 1986‬ليستبدل‬
‫عبارة «لـ» بـ «على» لتصبح الصياغة «وليس على المحكمة تكوين أو إتمام أو إحضار حجج‬
‫الخصوم»‪ .‬فالمحكمة‪ ،‬بعد أن كانت مقيّدَة‪ ،‬استعادت حرّيتهايف مجال اإلثبات بحثا عن‬
‫الحقيقة‪ ،‬فلها أن تمتنع عن التدخل ولها أن تتدخليف مرحلة متقدمة من النزاع لإلذن بإجراء‬
‫جميع األعمال الكاشفة للحقيقة كالتحرير على الشهود أو الخبراء أو التنقل على العين عمال‬
‫بالفصلين ‪ 86‬و‪ 114‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬وال يُعدّ ذلك إخالال بواجب الحياد‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ ‬مبدأ املواجهة بي الخصوم‬


‫يُعتبَر هذا المبدأ الركيزة األساسية لحق الدفاع حيث يمنح الفصل ‪ 4‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت لكل خصم‬
‫حق االطالع على جميع الوثائق التي يدلي بها خصمه ومناقشتها‪ ،‬وال يمكن للمحكمة أن‬
‫تؤسّس قضاءها إال على الوثائق والمؤيدات والمالحظات التي عُرضت للنقاش طبق القانون‪.‬‬

‫الفصل‬
‫مباشرة الدعوى المدنية‬ ‫الثاني‬

‫لم يعرّف المشرع التونسي الدعوى واكتفى ببيان أصنافها وقسّمها‪ ،‬طبقا للفصل ‪ 20‬من‬
‫م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬إلى دعاوى شخصية ودعاوى عينية ودعاوى مختلطة‪.‬‬

‫ربط الفقه‪،‬يف البداية‪ ،‬ربطا كلّيّا بين الدعوى والحق معرّفا الدعوى بأنها حق مجرديف تعهد‬
‫القضاء بادّعاءٍ معيَّنٍ‪ ،‬فتنشأ بنشأة الحق وتزول بزواله وتتصف بنفس أوصافه لتتنوع إلى دعوى‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪11‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫عينية أو شخصية أو عقارية أو منقولة‪ ،‬وفي ذلك تأثر كبير بالفقه الروماني الذي ال يقرّ أي حق‬
‫إال إذا وجدت دعوى تحميه‪.‬‬

‫أبرز التطبيق وجود تمايز بين الدعوى والحق رغم الروابط الوثيقة بينهما من ذلك‪:‬‬

‫‪ ‬يمكن أن يُوجد الحق وال تُوجد الدعوى مثلما هو الحاليف االلتزامات الطبيعيّة وصورة‬
‫سقوط الدعوى بمرور الزّمن‪.‬‬
‫‪ ‬يمكن أن تُوجد الدّعوىيف غياب حقّ شخصي للقائم بها من ذلك دعوى إزالة بناءيف الطريق‬
‫العام‪.‬‬
‫‪ ‬يمكن أن يملك الدعوى شخص غير صاحب الحق من ذلك الدعاوى التي يرفعها الوليّ أو‬
‫المقدميف حق منظوريه وتلك التي يرفعها الممثّل القانونييف حق الذات المعنوية‪.‬‬

‫إن هذا التّمايز ال ينفي وجود روابط بين الدعوى والحق حيث تستمد الدّعاوى وصفها من‬
‫طبيعة الحق الذي تحميه؛ فتُوصف بدعوى شخصية إذا كانت تحمي حقا شخصيا ودعوى‬
‫عينية إذا كانت تحمي حقا عينيا‪ .‬وتبقى الغاية من ممارسة الدعوى حماية حق فعلي وقع‬
‫االعتداء عليه‪.‬‬

‫يتجه أيضا التمييز بين الدعوى والمطالبة‪ ،‬حيث تمثّل الدعوى حقّا مجرّدا أو اختياريا يمكن‬
‫للمتقاضي أن يمارسه أو أن يتركه‪ ،‬فإذا قرر مباشرة ذلك الحق يقوم بعرض طلبه على القاضي‪.‬‬
‫فالمطالبة هي تجسيد للدعوى‪ ،‬ويبرز التمايز بينهما من خالل بعض اآلثار القانونية العامّة من‬
‫ذلك أن انقطاع مدّة التقادم تُحتسب من تاريخ المطالبة القضائية‪ ،‬ومثل ذلك سريان الفوائض‬
‫القانونية‪ .‬كما أنّ رفض المطالبة بعدم احترام بعض اإلجراءات أو تنفيذ بعض الطلبات ال‬
‫يؤدي وجوبا إلى سقوط الدعوى‪.‬‬

‫ميّز المشرع‪ ،‬صلب الفصل ‪ 20‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬بين ثالثة أنواع من الدعاوى هي الدعوى‬
‫الشخصية والدعوى العينية والدعوى المختلطة‪.‬‬
‫تُوصفُبالشُخصيُةُالدُعاوىُالمؤسُسُةُعىلُااللتزامُالشخيص‪ُ.‬تنتُجُااللتزاماتُُالشخصيةُعنُالقانونُ‬
‫(االلتزام ُبالنفقة ُمثال ُ) ُوالعقد ُوشبه ُالعقد ُوالجنحة ُوشبه ُالجنحة ُواإلرادة ُالمنفردة‪ُ ُ .‬ألحق ُالفقها ُءُ‬
‫دعاوىُالحالةُالشخصيةُبالدعاوىُالشخصية‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪12‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫ىُ‬
‫ىُمنقولةُ ُأوُدعاو ُ‬
‫مُإىلُدعاو ُ‬
‫نُموضوعهاُحمايةُعينُمنقولُ ُأوُعقارُلتنقس ُ‬
‫ُأمُاُالدعاوىُالعينيةُفيكو ُ‬
‫عقاريةُ ُأوُاستحقاقيةُ ُ(الفصلُ‪ُ38‬منُم‪.‬م ُ‪.‬م‪.‬ت ُ)‪ُ ُ.‬‬
‫ىُ‬
‫يف ُحين ُتعتبر ُالدعوى ُمختلطة ُإذا ُاستندت ُعىل ُحق ُعيين ُعقاري ُوحق ُشخيصُ ُمن ُذلك ُدعو ُ‬
‫تسلمُالعقارُمحلُالبيعُإذاُامتنعُالبائعُعنُذلك‪.‬‬

‫تشترك الدعاوى بأصنافهايف نفس التّمشي فيما يتعلق بمباشرتها أو ممارستها أو السير فيها‬
‫حيث يقع ضبط المحكمة المختصة أوال (المبحث األول) ثم اتّباع اإلجراءات التي ضبطها‬
‫المشرّع على وجه الدقة (المبحث الثاني) انتهاءً بصدور حكم يخضع لعدد من طرق الطعن‬
‫(المبحث الثالث)‪.‬‬

‫قواعد االختصاص‬ ‫المبحث األول‬

‫يُعرف االختصاص أو صالحية البتّيف القضايا بمدى سلطة الحكميف المنازعات القضائية‬
‫المعترف بها لجهة قضائية أو محكمة معينّة‪.‬‬

‫يمرّ تحديد المحكمة المختصة وجوبًا بالمراحل التالية‪:‬‬

‫‪ ‬المرحلة األولى‪ :‬التحقّق من عدم وجود شرط تحكيمي يستبعد اختصاص قضاء الدولة‪.‬‬
‫‪ ‬المرحلة الثانية‪ :‬التحقّق من أن المحاكم التونسية هي المؤهلة للبتيف نزاع معين وليست‬
‫المحاكم األجنبية بمفعول قاعدة اإلسناد‪.‬‬
‫‪ ‬المرحلة الثالثة‪ :‬التحقّق‪ ،‬من خالل االختصاص الوظيفي‪ ،‬من أنّ النزاع ليس من أنظار‬
‫المحكمة اإلدارية‪.‬‬
‫‪ ‬المرحلة الرابعة‪ :‬تعيين المحكمة المختصة حكميا اعتمادا على معايير طبيعة الدعوى أو‬
‫قيمتها أو على المعيارين معا‪.‬‬
‫‪ ‬المرحلة الخامسة‪ :‬اختيار المحكمة المختصة ترابيا من بين المحاكم المتّحدة حكميا‪.‬‬

‫يتّضح ممّا سبق أن قواعد االختصاص تنقسم إلى االختصاص الدولي (الفرع األول)‬
‫واالختصاص الحكمي (الفرع الثاني) واالختصاص الترابي (الفرع الثالث)‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪13‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫الفرع األول االختصاص الدولي‬

‫تضمّنت مجلة المرافعات المدنية والتجارية الصادرة سنة ‪ 1959‬صلب فصلها الثاني قواعد‬
‫اختصاص القضاء الدولي للمحاكم الوطنية لتضع بذلك حدّا الختصاص المحاكم الفرنسية‬
‫بالنزاعات ذات الصبغة الدولية‪ .‬تواصل العمل بالقواعد الواردة بهذه المجلة رغم تعرّضها لعدة‬
‫انتقادات تتمحور خاصة حول المبالغةيف اعتماد معيار الجنسية إلى حين صدور مجلة القانون‬
‫الدولي الخاص بتاريخ ‪ 27‬نوفمبر ‪.1998‬‬

‫يُعتبر النزاع ذو صبغة دولية إذا كان ألحد عناصره المؤثرة على األقل صلة بنظام أو بعدة أنظمة‬
‫قانونية غير النظام القانوني التونسي؛ من أمثلة ذلك تعدد أطراف النزاع حيث يعتبر دوليا النزاع‬
‫الذي يكون أحد أطرافه على األقل أجنبيًّا‪ ،‬كما قد يكون العنصر المؤثر المرتبط بنظام قانوني‬
‫آخر متعلقا بموضوع النزاع من ذلك التقاضي حول عقار كائن ببالد أجنبية‪ .‬كما قد ينشأ سبب‬
‫النزاع خارج البالد التونسية من ذلك طلب التعويض لمواطن تونسي متضرر من حادث مرور‬
‫تعرض لهيف الخارج‪.‬‬

‫يتمّ تعيين االختصاص الدولي قبل تحديد االختصاص الداخلي للمحاكم الوطنية‪.‬‬

‫تضمنت الفصول من ‪ 03‬إلى ‪ 10‬من مجلة القانون الدولي الخاص قواعد االختصاص‬
‫القضائي الدولي‪ .‬ويمكن تقسيمها إلى اختصاص مؤسس على مقتضيات السيادة (أ)‬
‫واختصاص مؤسس على وجود ارتباط بين الحق موضوع الحماية والبالد التونسية (ب)‪.‬‬

‫أ‪ .‬االختصاص الدولي للمحاكم التونسية المؤسس على مقتضيات السيادة‬

‫تختص المحاكم التونسية بالنظريف الدعاوى المدنية والتجارية ذات الصفة الدوليةيف الحاالت‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬إقامة المطلوب بالبالد التونسية‪ :‬ينص الفصل ‪ 03‬من مجلة القانون الدولي الخاص على‬
‫أنه « تنظر المحاكم التونسيةيف النزاعات المدنية والتجارية بين جميع األشخاص مهما‬
‫كانت جنسيتهم إذا كان المطلوب مقيما بالبالد التونسية»‪.‬‬
‫‪ .2‬الدعاوى المتعلّقة بالجنسية‪ :‬تعتبر دعاوى منح الجنسية التونسيّة أو سحبها من مقتضيات‬
‫النظام العام ومن متطلبات سيادة الدولة‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪14‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫‪ .3‬الدعاوى المتعلقة بعقار‪.‬‬

‫‪ .4‬الدعاوى المتعلقة بإجراءات تحفظية أو تنفيذية‪.‬‬

‫‪ .5‬الدعاوى المتعلقة بإجراءات جماعية (الفصل ‪ 5‬من مجلة القانون الدولي الخاص)‪.‬‬
‫ّ‬
‫ب‪ .‬االختصاص الدولي للمحاكم التونسية المؤسس على وجود ارتباط‬

‫ضبط الفصالن ‪ 5‬و‪ 6‬من مجلة القانون الدولي الخاص حدود هذا االختصاص وهي‪:‬‬

‫‪ .1‬دعاوى المسؤولية التقصيرية‪ :‬تختص المحاكم التونسية بالنظريف النزاعات ذات الصفة‬
‫الدولية المتعلقة بالمسؤولية التقصيرية إذا ارتُكب الفعل الموجِبُ للمسؤولية بتونس أو‬
‫حصل بها الضرر‪ .‬تعتبر هذه القاعدة منطقية لتسهيل عمليات المعاينة واالختبار حيث‬
‫يتعهد بها منطقيا القاضي الذي حدث بدولته الفعل الضار‪.‬‬

‫‪ .2‬الدعاوى المتعلّقة بمنقول‪ :‬تختص المحاكم التونسية بالنظر فيها رغم أنها ذات صبغة‬
‫دولية عبر وجود المنقول بالبالد التونسية وذلك تسهيال إلثبات الحوز والمعاينات‬
‫والوسائل التحفظية وأعمال التنفيذ‪.‬‬

‫‪ .3‬الدعاوى العقْدية‪ :‬تختص المحاكم التونسية بالنظر فيها إذا تعلقت بعقد نُفّذ أو كان‬
‫واجب التنفيذ بالبالد التونسية‪.‬‬

‫‪ .4‬نزاعات الملكية الفكرية‪.‬‬

‫‪ .5‬دعاوى البنّوة وحماية القُصَّر عند وجودهم بالبالد التونسية‪.‬‬

‫‪ .6‬دعاوى النفقة إذا كان الطالب موجودا بالبالد التونسية‪.‬‬

‫‪ .7‬الدعاوى المرتبطة بقضايا منشورة بتونس‪ :‬تهدف هذه القواعد إلى تفادي التضاربيف ‬
‫األحكام الصادرةيف نزاعات مترابطة‪.‬‬

‫‪ .8‬دعاوى التركات‪ :‬تختص بها المحاكم التونسية إذا افتُتِحت التركة بالبالد التونسية أو‬
‫بانتقال الملكية بموجب اإلرث لعقار أو منقول كائن بالبالد التونسية‪.‬‬
‫لُ‬
‫عينها ُاألطراف ُلذلك ُ ُأو ُقب ُ‬
‫يمكن ُ ُأن ُتنظر ُالمحاكم ُالتونسية ُيف ُالنزاعات ُذات ُالصبغة ُالدولية ُ ُإذا ُ ُ‬
‫المطلوبُالتقايضُلديهاُعداُصورةُالنزاعُحولُحقُعيينُمتعلقُبعقارُكائنُبالخارج‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪15‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫الفرع الثاني االختصاص الحكمي (االختصاص النوعي)‬

‫يُعرف االختصاص الحكمي بأنّه سلطة المحكمة للحكميف قضية معيّنة‪ ،‬فقواعد االختصاص‬
‫الحكمي هي التي تحدّد والية المحاكميف نفس الصنف والدرجةيف المنازعات التي أجاز‬
‫لها القانون الفصل فيها‪ ،‬ويُسمَّى كذلك االختصاص النوعي‪.‬‬

‫يتميز مرجع النظر الحكمي‪ ،‬وفقا للفصل ‪ 3‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬بتعلّقه بالنظام العام فال يمكن‬
‫االتّفاق على خالفه‪ ،‬وعلى المحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها كما يمكن إثارتهيف أي طور‬
‫من أطوار النزاع ولو ألول مرة أمام محكمة التعقيب (الفصل ‪ 17‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت)‪.‬‬

‫تُعتبر مسألة االختصاص الحكمي من القواعد األساسية اإلجرائية التي رتّب الفصل ‪ 14‬على‬
‫مخالفتها بطالن اإلجراء وألزم المحكمة بعرض الملفّ على النّيابة العمومية كلما تم الدفع‬
‫بعدم االختصاص الحكمي لتبدي رأيهايف ذلك وفقا للفصل ‪ 251‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬

‫اهتم المشرع بضبط المعايير العامة لالختصاص الحكمي (العنصر األول) ثم تولّى توزيع‬
‫االختصاص بين المحاكم العدلية (العنصر الثاني)‪.‬‬

‫معايير االختصاص الحكمي‬ ‫العنصر األول‬

‫وردت هذه المعايير صلب الفصول من ‪ 21‬إلى ‪ 28‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬تيف شكل قاعدة عامة (الفقرة‬
‫األولى) وحاالت استثنائية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األوىل ‪ ‬القاعدة العامة‬


‫ينص الفصل ‪ 21‬على أن « مرجع النظريف القضايا يتحرر بمقتضى طبيعة الدعوى ومقدار‬
‫المال المطلوب فيها»‪.‬‬

‫يقع تطبيق هذه المعايير بطريقة منفصلة‪ ،‬فتُعتمد قيمة الدعوى كمعيار لتوزيع االختصاص‬
‫الحكمي بين المحكمة االبتدائية ومحكمة الناحية‪،‬يف حين يسمح معيار طبيعة الدعوى‬
‫بتوزيع االختصاص بغض النظر عن القيمة مثل إسناد النفقة إلى محكمة الناحية والدعاوى‬
‫االستحقاقية إلى المحكمة االبتدائية‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪16‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫أثار تطبيق الفصل ‪ 21‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت تساؤلين أساسيّين يتعلق األول بالجهة التي تحدد القيمة‬
‫المعتمدة لتقدير االختصاص‪ ،‬والثاني بالبحثيف جدوى اإلبقاء على الفصل ‪ 21‬ذاته‪.‬‬

‫‪ ‬هل أن قيمة الدعوى التي تُعتمد معيارا لتوزيع االختصاص هي ما حرّره المدعي أم ما‬
‫تحكم به المحكمة؟ نصّت الفقرة ‪ 2‬من الفصل ‪ 21‬على أن العبرةيف تقدير الدعوى بطلبات‬
‫المدعي وتحديدا الطلبات األخيرة حيث يمكن للمدّعي تعديل طلباته بالزيادة أو النقصان‬
‫أثناء سير الدعوى على ضوء أجوبة خصمه أو نتيجة االختبار الذي أذنت به المحكمة‪ ...‬إال‬
‫أن الفصل ‪ 21‬منح المحكمة حق التدخل استثنائيا لتقدير القيمة الحقيقية للدعوى إذا تبين‬
‫لها أن المدعي تعمد الزيادة أو اإلنقاص من القيمة بقصد التأثير على قواعد االختصاص‪.‬‬

‫طرح بعض الفقهاء تساؤال حول جدوى اإلبقاء على الفصل ‪ 21‬بما أن المشرّع قد فصّل‬ ‫‪‬‬

‫االختصاص الحكمي لكلّ محكمة صلب الفصول ‪ 39‬و‪ 40‬و‪ 41‬و‪ 42‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت وكذلك‬
‫صلب عدد من النصوص الخاصة (قانون التبني‪ ،‬قانون التقاديم‪ ،‬مجلة الحقوق العينية)‪ .‬كما‬
‫أنّه قد أخضع الفصل ‪ 21‬إلى عدة استثناءات صلب الفصول من ‪ 22‬إلى ‪ 29‬قلّلت من أهميته‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ ‬القواعد االستثنائية لتعيي االختصاص الحكمي‬


‫أوردت الفصول من ‪ 22‬إلى ‪ 29‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت جملةً من القواعد الخاصة التي يجب تطبيقها‬
‫عند تقدير االختصاص‪ ،‬وهي مقدَّمة على القواعد الواردة بالفصول ‪ 21‬و‪ 39‬و‪ 40‬من المجلة‪.‬‬
‫تتمحور هذه القواعد الخاصة واالستثنائية حول رغبة المشرع وحرصه على تجميع النزاعات‬
‫لتفادي التظلم القضائي وتضارب األحكام ولربح الوقت وتقليل النفقات‪.‬‬

‫تتوزع هذه الصور كاآلتي‪:‬‬

‫‪ .1‬الدعاوى غير المقدرة وغير القابلة للتقدير‬

‫ينص الفصل ‪ 22‬على أنه «إذا كانت قيمة الشيء المتنازع فيه ال يمكن تعيينها فالمحكمة‬
‫االبتدائية يمكنها النظريف الدعوى والحكم فيها يكون ابتدائيا»‪.‬‬

‫تفاديا لتواجد المتقاضي أمام استحالة البتّيف المحكمة المختصة بالنظريف دعواه ألنّها غير‬
‫مقدرة أو غير قابلة للتقدير‪ ،‬فإنّ المشرع خص بها المحكمة االبتدائية‪ ،‬ومن أمثلة ذلك دعوى‬
‫إبطال زواج أ و دعوى غير مقدرة لكنها قابلة للتقدير حيث تتولى المحكمة ذلك بمفردها أو‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪17‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫بواسطة أهل الخبرة وفقا للفصل ‪ 23‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت والذي ينصّ أيضا على أن دعاوى أداء‬
‫الكراء تُحرر بمقدار الكراء السنوي‪.‬‬

‫‪ .2‬دعاوى أداء الدين من مشموالت دين أوفر‬

‫ينص الفصل ‪ 24‬على أنه «إذا كان المبلغ المطلوب من مشموالت دين أوفر منه حلّ أجله‪،‬‬
‫فإن االعتماد يكون على الدّيْن األوفر مقدارايف تعيين مرجع النظر ودرجة الحكم»‪.‬‬

‫يهدف هذا الفصل إلى تجميع القضايا المتعلقة بنفس المعاملة بين يدي القاضي الواحد‬
‫وتجنب تفكيكها تفاديا لتضارب األحكام والمرافق حول نفس العالقة القانونية التي تربط‬
‫نفس األطراف‪.‬‬

‫‪ .3‬الدعوى المتعلقة بالغلة والبقايا وغرامات الضرر والمصاريف وغيرها من األمور التابعة لها‬

‫ينصّ الفصل ‪ 25‬على أنّ «الغلّ ة والبقايا وغرامات الضرر والمصاريف وغيرها من األمور‬
‫التابعة لها ال تضاف ألصل المبلغ المطلوب لتعيين مرجع النظر ودرجة الحكم إال إذا كان‬
‫أصل سابق عن الدعوى»‪ ،‬أي أنها قد استُحِقّت قبل تاريخ القيام بالدعوى ألن العبرة بتاريخ‬
‫نشأة الحق‪ .‬وتبعا لهذا الشرط‪ ،‬فإنّ المصاريف المبذولة مثالً إلجراء معاينات وإنذارات‬
‫واختبارات قبل رفع الدعوى تُحسب لتحديد قيمة الطلب وضبط المحكمة المختصة‪ ،‬أما‬
‫أجرة الخبير المنتدب أثناء نشر الدعوى وأتعاب المحاماة فال تُضاف إلى أصل المبلغ لتعيين‬
‫االختصاص وإال الضطُر المدعي إلى عدم المطالبة بهايف الدعوى المنشورة خشية أن تقضي‬
‫المحكمة بالتخلي والقيام الحقا بقضية أخرىيف المصاريف مما يؤدي إلى إرهاق القضاء‬
‫بالملفات والمتقاضين بالمصاريف‪.‬‬

‫‪ .4‬الدعوى ذات الفروع المتعددة‬

‫قد تنشأ الدّعوى عن سبب واحد أو أسباب متباينة فيقع تجميع كامل الفروع لتعيين مرجع‬
‫النظر إذا نشأت عن سبب واحديف حين يُحكميف كل منها على انفراد إذا نشأت عن أسباب‬
‫متباينة‪ .‬تُعتبر ناشئة عن سبب واحد دعوى التعويض عن األضرار الناتجة عن حادث مرور‬
‫تتفرع إلى طلب التعويض عن الضرر البدني وطلب التعويض عن األضرار الالحقة بالسيارة‬
‫فيقع تجميعها‪ ،‬طبقا للفصل ‪ ،26‬تحت أنظار نفس القاضي‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪18‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫‪ .5‬الدعوى الصادرة عن أشخاص متعددين أو ضد أشخاص متعددين ذوي مصالح متباينة‬

‫يسمح الفصل ‪ 27‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت بتجميع عدّة أشخاص مدّعين أو مدّعَى عليهميف نفس‬
‫القضية تفاديا لتضارب األحكام واقتصادا للوقت والنفقات‪.‬‬

‫‪ .6‬الدعوى المعارضة‬

‫تنقسم الدعاوى من حيث الشكل إلى أصليّة وعارضة ومعارضة‪.‬‬

‫❑ الدعوى األصلية‪ :‬هي التي يباشرها المدّعي وتتعهد بموجبها المحكمة بالنزاع وهي تتضمن‬
‫الطلبات الرئيسة المبيَّنةيف عريضة الدعوى‪.‬‬
‫❑ الدعوى العارضة أو الفرعية‪ :‬هي الطلبات اإلضافية التي يتقدم بها المدّعي أثناء نشر القضية‬
‫وقبل جلسة المرافعة وفقا للفصل ‪ 226‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬من ذلك مثال القيام بقضية أصليّةيف ‬
‫فسخ عقد كراء‪ ،‬وأثناء نشر القضية يتقدم المدّعي بطلب إضافي إللزام المتسوغ بالخروج من‬
‫المكرى وبالتعويض عن األضرار الالحقة بالمحل‪ .‬وتُعتبر الدعوى الفرعية أو العارضة تابعة‬
‫للدعوى األصلية وجودًا وعدمًا وفقا لقاعدة الفرع يتبع األصل‪.‬‬
‫❑ الدعوى المعارضة‪ :‬يُعرّفها الفصالن ‪ 28‬و‪ 227‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت بأنّها الدعوى التي يقوم بها‬
‫المدّعَى عليه أي المطلوب لرد الدّعوى األصلية أو لطلب المقاصّة الحكمية أو لطلب غرم‬
‫الضرر المتولد عن القضية‪.‬‬

‫إن الدعوى المعارضة خاصة بالمدّعَى عليه وال يقوم بها إاليف إحدى الحاالت الثالث التالية‪:‬‬

‫‪ ‬التصدّي للدّعوى األصليّة‪ :‬من ذلك طلب الحكم ببطالن عريضة الدعوى أو ببطالن العقد‬
‫المؤسسة عليه الدعوى أو باستحقاق العقار الذي يدّعي القائم بالدعوى استحقاقه له‪.‬‬
‫‪ ‬طلب المقاصّة الحكميّة‪ :‬وذلك عندما يكون المدّعَى عليه بدوره دائنا للمدّعي‪ ،‬فيطلب من‬
‫المحكمة‪،‬يف نطاق دعوى معارضة‪ ،‬إجراء مقاصة حكمية بينه وبين خصمه‪.‬‬
‫‪ ‬طلب التعويض عن الضرر الناجم عن ممارسة حق التقاضي‪ :‬يستحق المدّعَى عليه‬
‫التعويض من المدّعِي على أساس نظرية التعسفيف استعمال الحق سواءً كانت لديه نية‬
‫اإلضرار به أم ال‪ ،‬فتقضي المحكمة لفائدة المّدعَى عليه كلما فشل المدّعِييف إثبات دعواه‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪19‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫ال تُضاف الدعوى المعارضة للدعوى األصليةيف تقدير مرجع النظر الحكمي إذ هي مستقلة‬
‫عنها وال يمكن القيام بها إلّا لدى محكمة الدرجة األولى احتراما لمبدأ التقاضي على درجتين‪.‬‬

‫قد يكون للدعوى المعارضة تأثير على االختصاص الحكمي عندما تكون الدعوى األصلية‬
‫مرفوعة لدى قاضي الناحية‪ ،‬فإذا تجاوزت قيمة الدعوى المعارضة ‪ 7000‬دينار‪ ،‬فعلى القاضي‬
‫أن يتخلى عن الدعويين لعدم االختصاص الحكمي‪.‬‬

‫غير أنّه إذا كانت الدعوى المعارضة متعلّقة بغرم ضرر نشأ عن الدعوى األصلية وظهر للقاضي‬
‫أن القائم بالدعوى المعارضة تعمد الزيادة فيها إلخراج القضية عن نظره‪ ،‬فإنه يردّ القيمة إلى‬
‫نصابها‪ .‬يهدف هذا االستثناء إلى التصدي للتحايل على اإلجراءات حتى ال تصبح الدعوى‬
‫المعارضة طريقة للمطالبة بإخراج النزاع عن أنظار قاضي الناحية ثم عن أنظار المحكمة‬
‫االبتدائية والتسببيف تنازع سلبي لالختصاص‪.‬‬

‫توزيع االختصاص بين المحاكم‬ ‫العنصر الثاني‬

‫يُحدَّد مرجع النظر الحكمي حسب طبيعة النزاع ومقداره‪ ،‬ويتميز بأنه يهم النظام العام فال‬
‫يمكن االتفاق على خالفه أو التنازل عنه وعلى المحكمة إثارته من تلقاء نفسها ويمكن إثارته‬
‫ألول مرة أمام محكمة التعقيب‪ .‬اقتضى الفصل ‪ 3‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت أنه «ال عمل على كلّ اتّفاق‬
‫من شأنه مخالفة االختصاص الحكمي المعيّن بالمجلة»‪ .‬ونظرا ألهمية االختصاص الحكمي‬
‫باعتباره من القواعد اإلجرائية األساسية‪ ،‬فقد أوجب الفصل ‪ 251‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت على رئيس‬
‫المحكمة االبتدائية عرض ملف الدّعوى الذي يوجد فيه خالف حول االختصاص الحكمي‬
‫على النيابة العمومية‪.‬‬

‫تختص بالنظر حكميا المحكمة االبتدائية بوصفها محكمة الشريعة العامة (الفقرة األولى) مع‬
‫وجود بعض الهيئات القضائية المختصة (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األوىل ‪ ‬االختصاص الحكمي للمحكمة االبتدائية‬


‫تتمتع المحكمة االبتدائية باختصاص عام‪ ،‬فاألصل االلتجاء إليهايف جميع النزاعات مهما‬
‫كان موضوعها إال إذا وجد نصّ يُسنِد االختصاص لغيرها‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪20‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫أكّد المشرع على هذا المبدأ صلب الفصل ‪ 40‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت الذي ينص بفقرته األولى على‬
‫أنه « تنظر المحكمة االبتدائية‪ ،‬ابتدائيايف جميع الدعاوى عدا ما خرج عنها بنص خاص»‪.‬‬

‫تُوجد محكمة ابتدائية بكل والية باستثناء واليات صفاقس وتونس وسوسة ونابل حيث توجد‬
‫محكمتين ابتدائيتين بكل منها نظرا لكثافة حجم التقاضي فيها‪.‬‬

‫تتميز المحكمة االبتدائية بانتصابها للقضاء بتركيبتين مختلفتين‪ :‬تركيبة جماعية مجلسيّة‬
‫تتكون من رئيس دائرة ومستشارينيف أغلب القضايا باستثناء الدائرة الجنائية التي تتكون‬
‫من رئيس وأربعة مستشارين‪ .‬تختص المحكمة االبتدائية بالنظريف أغلب النزاعات المدنية‬
‫والشخصية واالستحقاقية والتجارية والجزائية والشغليّة والجبائيّة والضمان االجتماعي‬
‫والبيوعات العقارية والقضاء االستعجالي واألكرية التجارية وقضاء األطفال والحالة المدنية‬
‫واألذون على العرائض واألوامر بالدفع‪.‬‬

‫في بقية الصور‪ ،‬تنتصب المحكمة االبتدائيةيف النزاعات بصورة فردية وذلك خاصةيف ‬
‫المادة االستعجالية التي ينظر فيها‪ ،‬مبدئيا‪ ،‬رئيس المحكمة االبتدائية أو من ينوبه‪ .‬ونجد أيضا‬
‫قاضي الضمان االجتماعي والقاضي المنتدب للفلسة والقاضي المكلّف بتوزيع األموال‬
‫وترتيب درجات الدائنين وقاضي المؤسسة‪...‬‬

‫يضطلع رئيس المحكمة االبتدائية بدور هاميف مجال االختصاص الحكمي حيث أسند له‬
‫المشرّع سلطة النظريف المادّة االستعجالية والتقاديم نظرا لدقة هذه المسائل‪ ،‬كما أسند له‬
‫اختصاصا والئيايف إطار األذون على العرائض واألوامر بالدفع‪.‬‬

‫‪ .I‬اختصاص رئيس املحكمة االبتدائية يف املادة االستعجالية‬

‫يتميّز القضاء االستعجالي بالسرعة ويتمثليف اإلذن باتخاذ ما يلزم من إجراءات متأكدة‬
‫لحماية الحق عند وجود خطر ملمّ به‪.‬‬

‫يقوم القضاء االستعجالي على توفر ركنين متالزمين هما التأكد وعدم المساس باألصل وفقا‬
‫لما نص عليه الفصل ‪ 201‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت الذي جاءيف فقرته األولى «يقع النظر استعجاليا‬
‫وبصفة مؤقتةيف جميع الحاالت المتأ كدة بدون مساس باألصل»‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪21‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫أ‪ .‬التأكد‬

‫ع ركن التأكد وترك المسألة الجتهاد القاضي‪ ،‬إال أن الفقهاء قد أجمعوا على‬
‫لم يعرّف المشرّ ُ‬
‫أنّ التأكد يتحقّق عند وجود خطر يهدّد الحق‪ ،‬فيوجد عنصر التأكد إذا وجد خطر حقيقي قد‬
‫يتعذر التّصدّي له أو إصالحه إذا اعتمدنا طرق التقاضي العادية التي تتسم بالطول والبطء؛ من‬
‫ذلك مثال تسرب المياه من شقة علوية إلى شقة سفلية وحصول أضرار متزايدة ألصحاب هذه‬
‫األخيرة‪ ،‬فبغضّ النظر عن تحديد المسؤول عن هذه األضرار واإلصالحات‪ ،‬يمكن للقاضي‬
‫االستعجالي أن يأذن بإجراء تلك اإلصالحات‪ .‬وكذلكيف حال وجود نزاع بين ورثة‬
‫بخصوص ضيعة زيتون‪ ،‬فمن حق أي واحد من الورثة أن يطلب استعجاليا تعيين مؤتمن عدلي‬
‫لجمع الصابة وبيعها وتأمين المتحصل من البيع بعد طرح المصاريف بما فيها أجرة المؤتمن‬
‫العدلييف انتظار فصل النزاعيف األصل‪.‬‬

‫وأضاف المشرّع‪ ،‬بموجب تنقيح ‪ 3‬أوت ‪ ،2002‬فقرة ثانية للفصل ‪ 201‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت ليكرّس‬
‫استعجالي التسبيقات الذي يسمح لمن تعرض لحادث مرور ألحق به أضرارا بدنية أو لطرد‬
‫تعسفي حرمه من دخله المعتاد أن يرفع دعوى أصليةيف األضرار الناجمة عن الحادث أو‬
‫الطرد التعسفي ثم يلحقها بدعوى استعجالية لطلب الحصول على تسبقة ذات صبغة عالجية‬
‫أو معاشية تُخصم عند البتيف األصل‪.‬‬

‫ب‪ .‬عدم المساس باألصل‬

‫يفرض هذا الشرط على القاضي االستعجالي أن يؤسّس حكمه على ظاهر األوراق والمؤيدات‬
‫دون اتخاذ موقف من أصل الحق أي من أصل النزاع ألنّ البتّيف أصل النزاع هو من‬
‫اختصاص قاضي الموضوع دون القاضي االستعجالي‪ ،‬فال يمكن لهذا األخير الحكم بأصل‬
‫الحق أو إبطاله كما ال يمكنه الحكم بإثبات المسؤولية المدنية ألحد األطراف وال القضاء‬
‫باالستحقاق أو بقسمة مشترك ألن كل ذلك يستوجب إجراءات خاصة ونقاشايف أصل الحق‪.‬‬

‫تبرز من خالل هذا الشرط صعوبة مهمة القضاء االستعجالي حيث يجب أن يفصل القاضي‬
‫بين ما هو من مشموالته وبين ما يعود إلى القاضي األصلي‪ ،‬وعادة ما يكون الخيط الفاصل‬
‫بينهما رفيعا‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪22‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫تبعا لذلك‪ ،‬فإنّ ه على القاضي االستعجالي رفض المطلب المعروض عليه كلما تبين أنّ البتّ‬
‫فيه يستوجب النظريف أصل الحق (ثبوت وجود خطأ من عدمهيف جانب السائق‪ ،‬ثبوت‬
‫الطرد التعسفي من عدمه‪ )...‬ذلك ألن وظيفته تنحصريف اإلذن باتخاذ إجراء وقتي (اإلذن‬
‫بالتمكين من تسبقة‪ ،‬اإلذن بإصالح األضرار‪ ،‬اإلذن بتعيين مؤتمن عدلي‪.)...‬‬

‫يتميز القضاء االستعجالي بسرعة إجراءاته حيث يكون أجل االستدعاء ‪ 3‬أيام‪ ،‬ويمكنيف حالة‬
‫شديد التأكّد‪ ،‬االستدعاء لدى القاضي االستعجالييف نفس اليوم وهو ما يعرف باالستعجالي‬
‫من ساعة إلى أخرى‪ ،‬مثال ذلك‪:‬يف صورة ضرب عقلة تحفّظيّة على سفينة تؤدي إلى مُكوثِها‬
‫بالميناء‪ ،‬عادة ما يتجه صاحب السفينة أو مجهزها أو الناقل البحري إلى اللجوء إلى القضاء‬
‫االستعجالي من ساعة إلى أ خرى حتى يتمكن من احترام كافة مواعيده البحرية وتفادي‬
‫التكاليف الباهظة لرُسُوِّ السفينة بالميناء‪.‬‬

‫تكون األحكام االستعجالية قابلة للتنفيذيف أجل ‪ 24‬ساعة من تاريخ اإلعالم بها‪ ،‬ويمكن‬
‫للقاضي االستعجالي اإلذن بالتنفيذ على المسودّةيف حالة شديد التأكّد‪ .‬وتتميّز األحكام‬
‫االستعجالية بأنّ الطعن فيها باالستئناف ال يوقف تنفيذها وبعدم اتصال القضاء بها ممّا يؤكد‬
‫صبغتها الوقتية‪.‬‬

‫‪ .II‬االختصاص الوالئي لرئيس املحكمة االبتدائية‬


‫العملُالوالئُهوُالعملُالذيُيصدرهُالقايضُدونُأنُيتعلقُبفصلُالنزاع‪ُ،‬فهوُالُيبتُيفُنزاعُوإنماُ‬
‫يأذنُبإجرا ٍءُمعي ٍنُدونُحاجةُلسماعُالطرفين‪ُ.‬يتميزُالعملُالوالئُبعدمُخضوعهُلواجبُالعالنيةُ‬
‫خذُ‪.‬‬
‫والمواجهةُويتمُدونُحضورُالطرفينُودونُعقدُجلسةُيفُالموضوعُودونُتعليلُالقرارُالمتُ ُ‬

‫إنّ من أبرز األعمال الوالئية لرئيس المحكمة االبتدائية هي األوامر بالدفع واألذون على‬
‫العرائض أو المطالب‪.‬‬

‫أ‪ .‬األمر بالدفع‬

‫يصدرُ األمر بالدفع عن رئيس المحكمة ضد المدين بديْن ثابتٍ وحالٍّ وذلك لتسديده‪ .‬يختصّ‬
‫رئيس المحكمة االبتدائية بإصدار األوامر بالدفع كلما تجاوزت قيمة الدّيْن ‪ 7000‬دينار‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪23‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫يسمح الفصل ‪ 59‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت لكل شخص دائن بدين ثابت ومعيَّن وله سبب تعاقدي أو‬
‫كان االلتزام فيه ناتج عن شيك أو كمبيالة أو سند لألمر (أوراق تجارية) أو عن كفالةيف ‬
‫إحدى الورقتين األخيرتين أن يطلب الحصول على أمر بالدفع يقوم مقام الحكم وذلكيف ‬
‫أجل قصير جدا مقارنة باآلجال العاديّة لصدور األحكام والتي تمتد ألشهر وحتى لسنوات‪.‬‬

‫يهدف المشرّع من خالل األمر بالدفع إلى الحد من التضخم القضائي والتعجيل بتوصيل‬
‫الدائن بحقهيف أقرب وقت ممكن بشرط أن يكون سند المديونة ثابتا ال نزاع فيه‪.‬‬

‫يجب على الدائن إذا تجاوز دينه مبلغ ‪ 150‬دينارا أن يُنذِر مدينَه بالخالص ويمنح له أجال‬
‫لذلك‪ ،‬فإن امتنع عن األداء جاز له تقديم مطلبيف الحصول على األمر بالدفعيف نظيرين‪،‬‬
‫ويكون المطلب مرفوقا بسند الدّيْن وبمحضر اإلنذار‪ .‬يبُتُّ القاضييف مطلب األمر بالدفع‬
‫بمكتبه اعتمادا على الحجج المقدَّمَة إليه دون تعليليف الصورتين‪.‬‬

‫يمكن لمن صدر ضده أمر بالدفع أن يستأنفهيف أجل ‪ 20‬يوما من تاريخ إعالمه به‪ ،‬ويؤدي‬
‫االستئناف إلى إيقاف التنفيذ باستثناء الحاالت التالية‪:‬‬

‫‪ ‬األمر بالدفع الصادر على أساس كمبيالة أقيميف شأنها محضر احتجاج بعدم الخالص‪.‬‬
‫‪ ‬األمر بالدفع الصادر على أساس شيك أو صك أقيميف شأنه احتجاج بعدم الخالص‪.‬‬
‫األمر بالدفع الذي يصدر ضد نقابات المالكين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫إذا صدر قرار برفض األمر بالدفع فإنه يقع التنصيص على ذلكيف سند المديونية وال يمكن‬
‫بالتالي إعادة تقديمه‪ ،‬ويجب حينئذٍ على الدائن أن يرفع دعواه لدى محكمة األصل اعتمادا‬
‫على إجراءات المواجهة‪.‬‬

‫ب‪ .‬األذون على المطالب أو على العرائض‬

‫نظّمها المشرع صلب الفصول من ‪ 213‬إلى ‪ 223‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬واإلذن على المطلب أو على‬
‫العريضة هو عمل والئي يتولى بموجبه رئيس المحكمة االبتدائية أو من ينوبه‪ ،‬بناءً على مجرد‬
‫مطلب كتابي‪ ،‬اإلذن باتخاذ الوسائل الكفيلة لحماية الحقوق بصفة وقتية وتحفظية ودون‬
‫المساس باألصل‪ .‬واألذون على العرائض صنفان‪ :‬صنف عا ّم وصنف يتعلق بحاالت خاصة‬
‫ومحدّدة قانونًا‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪24‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫أما الصنف العام فيتعلق بوجود خطر يهدد حقًّا‪ ،‬ويرجع تقدير ذلك إلى رئيس المحكمة‪ ،‬ومن‬
‫أمثلة ذلك استصدار إذن على عريضة إلجراء عقلة تحفظيه لتجميد مكاسب المدين بين يديه‬
‫خشية أن يقوم بالتفريط فيها قبل حصول الدائن على حكم يخوّل له التنفيذ على تلك‬
‫المكاسب وبيعها واستخالص الدّيْن من متحصل البيع الجبري‪ ،‬وأيضا استصدار إذن على‬
‫عريضةيف إجراء اختبار لمعاينة أضرار بعقار وتحديد أسبابها وما يلزم إلرجاع الحالة إلى ما‬
‫ع باستصدار إذن على‬
‫كانت عليه‪ .‬أما فيما يتعلق بالحاالت الخاصة التي يسمح فيها المشرّ ُ‬
‫عريضة خارج شرْطيْ التأكّد وعدم المساس باألصل وبالتالي ال يمكن للقاضي رفض المطلب‪،‬‬
‫فهي اإلذن على عريضة لتعيين مصفٍّ للتركة وفقا للفصل ‪ 135‬من م‪.‬ح‪.‬ع ‪ 1‬أو اإلذن على‬
‫عريضة لبيع منقول موضوع رهن وفقا للفصل ‪ 247‬من م‪.‬ح‪.‬ع ‪ 2‬أو اإلذن على عريضةيف ‬
‫تأمين مال أو سحب مال من الخزينة العامة‪.‬‬

‫يختص رئيس المحكمة االبتدائية أو من ينوبه بإصدار هذه األذون‪ ،‬أما إذا كان المطلب‬
‫متعلقا بقضية منشورة لدى محكمة أخرى‪ ،‬فإنه يُقدّم إلى رئيس المحكمة المتعهدة بالقضية‪.‬‬

‫ال تَقبل األذون على العرائض الطعن باالستئناف وإنما يمكن طلب الرجوع فيهايف أجل ‪8‬‬
‫أيام من تاريخ اإلعالم بهايف شكل قضية استعجالية لدى القاضي الذي أصدرها والذي يتولى‬
‫سماع الطرفين ثم يقرر إما الرجوعيف اإلذن أو اإلبقاء عليه‪ ،‬ويكون الحكم الصادريف طلب‬
‫الرجوعيف اإلذن على العريضة معلَّلًا وقابلًا للطّعن فيه باالستئناف‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ ‬الهيئات القضائية املختصة‪ :‬محكمة الناحية‬


‫‪ .I‬االختصاص الحكمي ملحكمة الناحية‪ :‬االختصاص الحكمي لقاضي الناحية‬

‫تُعتبر محكمة الناحية أبرز مثال للقضاء الفردي حيث تتميز بقربها الشديد من المتقاضين إذ‬
‫تَعُدّ الجمهورية التونسية ‪ 89‬محكمة ناحية‪ .‬نظّم الفصل ‪ 39‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت االختصاص‬
‫الحكمي لقاضي الناحية بين اختصاص قيمي (أ) واختصاص نوعي (ب) واختصاص استثنائي‬
‫(ت)‪.‬‬

‫‪ 1‬الفصل ‪ 135‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪ « :‬إذا طلب أحد الورثة تعيين مصف للتركة عين رئيس المحكمة المختص بإذن على عريضة‬
‫مصفيا يكون من تجمع الورثة على اختياره أو يكون بقدر المستطاع من بين الورثة»‪.‬‬
‫‪ 2‬الفصل ‪ 247‬فقرة ‪ 3‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪« :‬فإذا مضى األجل ولم تقع معارضة كان للدائن طلب إذن على عريضة في بيع الرهن»‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪25‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫أ‪ .‬مرجع النظر القيمي لقاضي الناحية‬

‫يُقصد بمرجع النظر القيمي ضبط حاالت االختصاص الحكمي اعتمادا على معيار قيمة‬
‫النزاع‪ .‬اعتمد المشرّع التونسي مبلغ ‪ 7000‬دينار قيمةً متنازَعًا عليها للفصل بين ما يشمله‬
‫نظر قاضي الناحية وما يتجاوزه ليدخليف االختصاص الحكمي للمحكمة االبتدائية‪.‬‬
‫ىُ‬
‫يختصُ قايضُ الناحية‪ُُ،‬وفقاُُلمعيارُ الدعوى‪ُُ،‬بالنظرُ ابتدائياُ يفُ حدودُُ‪ُُ7000‬دينارُ يفُ الدعاو ُ‬
‫المدنيةُالشخصيةُوالدعاوىُالمتعلقةُبمنقولُومطالبُ ُأداءُالديونُالتجارية‪.‬‬

‫‪ .1‬الدعاوى المدنية الشخصية (المتعلقة بااللتزام)‪ :‬هي دعاوى المديونية المترتبة عن التزام‬
‫يكون مصدره العقد أو شبه العقد أو الجنحة أو شبه الجنحة أو التصريحات االختيارية‪.‬‬

‫‪ .2‬دعاوى المنقول‪ :‬هي الدعاوى التي يكون موضوعها تسليم منقول أو استرجاعه سواءً كان‬
‫المنقول طبيعيا أو بحكم القانون (الفصول ‪ 14‬و‪ 15‬من م‪.‬ح‪.‬ع)‪.‬‬

‫‪ .3‬دعاوى الديون التجارية‪ :‬هي الدعاوى التي تجمع بين تاجرين محترفين أو أكثر‪ ،‬بمناسبة‬
‫نشاطهم التجاري‪ ،‬وتكون من اختصاص قاضي الناحيةيف حدود ‪ 7000‬دينار‪ ،‬فإذا تجاوزت‬
‫هذا المبلغ تصبح من اختصاص الدائرة التجارية للمحكمة االبتدائية‪.‬‬

‫ب‪ .‬مرجع النظر النوعي (الحصري – اإلقصائي) لقاضي الناحية‬


‫يشملُمجموعةُالدعاوىُاليتُيختصُبالنظرُفيهاُقايضُالناحيةُدونُسواهُوبغضُالنظرُعنُقيمتهاُ‬
‫الماليةُ ُأيُحىتُلوُتجاوزتُقيمتهاُالماليةُ‪ُ7000‬دينار‪.‬‬

‫‪ .1‬دعاوى النفقة‪ :‬يختص قاضي الناحية دون سواه بالنظريف دعاوى النفقة حتى لو تجاوز‬
‫مقدارها السنوي ‪ 7000‬دينار شرط أن تُرفع إليه بصفة أصلية نظرا ألنه يمكن المطالبة بالنفقة‬
‫بصفة فرعية أمام المحكمة االبتدائيةيف إطار دعوى الطالق‪.‬‬

‫‪ .2‬الدعاوى الحوزية‪ :‬يختص قاضي الناحية بالنظريف الدعاوى الحوزية‪ .‬وتهدف الدعوى‬
‫الحوزية إلى حماية الحائز واضع اليد على العقار لمدة سنة على األقل شرط أن يكون حوزه‬
‫هادئا‪ ،‬مستمرا‪ ،‬مشاهدا‪ ،‬وبصفة مالك‪.‬‬
‫ىُ‬
‫تنقسمُالدعاوىُالحوزيةُإىلُثالثةُ ُأصنافُيهُدعوىُكفُُالشغبُودعوىُتعطيلُا ُألشغالُودعو ُ‬
‫استرجاعُالحوزُالمفتكُبالقوُة‪ُ .‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪26‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫‪ ‬دعوى كفّ الشغب‪ :‬تفرض هذه الدعوى أن يكون القائم بها قد أثبت حوزه للعقار لمدة‬
‫سنة على األقل مع توفر العنصرين المادي والمعنوي للحوز‪ ،‬ثم حدث أن شغبه شخص يدّعي‬
‫الملكية سواء كان الشغب ماديا أو قانونيا‪ .‬يجب القيام بالدعوىيف أجل سنة من تاريخ وقوع‬
‫الشغب وإال سقط الحق‪.‬‬

‫‪ ‬دعوى تعطيل األشغال‪ :‬هي دعوى استباقية وقائية يرمي من خاللها الحائز إلى المطالبة‬
‫بإيقاف األشغال التي انطلقت أو ستنطلق بالعقار المجاور خشية أن تؤدي إلى اإلضرار بعقار‬
‫الحائز كأن تحجب عنه النور‪ .‬يجب القيام بهذه الدعوى أيضايف أجل سنة‪.‬‬

‫‪ ‬دعوى استرجاع الحوز المفتك بالقوة‪ :‬تفرض هذه الدعوى أن يعمد الغير إلى افتكاك حوز‬
‫العقار من حائزه باستعمال القوة سواء تمثلتيف عنف مادّيّ أو إكراه معنوي‪.‬‬

‫يشكّل افتكاك الحوز بالقوة دعوى مدنية وجنحة جزائية أيضا‪ ،‬حيث تسمح الدعوى المدنية‬
‫باسترجاع الحوز وتعويض الضرر الناجم عن افتكاكه بالقوة‪،‬يف حين يتمثل الطلبيف إطار‬
‫الدعوى الجزائيةيف معاقبة من افتك الحوز بالقوة‪.‬‬

‫‪ .3‬دعاوى التبني‪ :‬نظم المشرع التبنِّي بالقانون عدد ‪ 27‬لسنة ‪ 1958‬المؤرخيف ‪ 4‬مارس‬
‫‪ 1958‬المتعلق بالوالية العمومية والكفالة والتبني‪ .‬يصدر القاضي حكم التبنِّي بعد اإلذن‬
‫بإجراء بحث اجتماعي حول وضعية كلٍّ من المتبَنِّي والمتبنَّى ثم يسجل رضا العائلة المتبنِّية‬
‫ورضا عائلة المتبنَّى أو العائلة التي ترعاه‪ .‬يصدرُحكمُالتبينُُنهائياُوالُيقبلُالطعنُإالُبالتعقيب‪.‬‬

‫‪ .4‬دعاوى حوادث الشغل واألمراض المهنية‪ :‬يختص قاضي الناحية‪ ،‬وفقا للفصل ‪ 76‬من‬
‫القانون عدد ‪ 28‬لسنة ‪ 1994‬المؤرخيف ‪ 11‬فيفري ‪ ،1994‬بالنظريف هذه الدعاوى حتى‬
‫وإن تجاوزت قيمة الطلب ‪ 7000‬دينار‪.‬‬

‫‪ .II‬مرجع النظر االستثنائي لقاضي الناحية‬

‫يتكون من حاالت القضاء االستعجالي والتدابير األحادية‪ .‬يُقصد بالتدابير األحادية تدخّل‬
‫قاضي الناحيةيف مادّتي األذون على العرائض واألوامر بالدفع إذا لم تتجاوز قيمة الطلب فيها‬
‫‪ 7000‬دينار‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪27‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫يتدخل قاضي الناحيةيف المادة االستعجالية بصفة استثنائيةيف الحاالت التي يضبطها الفصل‬
‫‪ 39‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ .1‬مطالب إجراء المعاينات المتأكدة‪ :‬هو إجراء يمكّن صاحبه من تكوين حجة يستعملها أمام‬
‫القضاء‪ ،‬ويتعلق األمر خاصة بمعاينة بعض المنتوجات سريعة التلف (األسماك‪ ،‬الحليب‬
‫ومشتقاته‪ )...‬ذلك ألن معاينة الحالة يفرض التدخليف أسرع وقت ممكن نظرا لقابليّتها‬
‫للتغيّريف ظرف وجيز‪.‬‬

‫‪ .2‬مطالب التمكين من نسخة تنفيذيه ثانية من األحكام الصادرة عنه‪ :‬ال تُسلّم النسخة التّنفيذيّة‬
‫من الحكم‪ ،‬مبدئيا‪ ،‬إال مرة واحدة خشية أن يقع تنفيذ نفس الحكم أكثر من مرة‪ ،‬إال أنه يمكن‬
‫أن يفقد المحكوم لفائدته النسخة التنفيذية بسبب أمر طارئ أو قوة قاهرة أو اختالس فيصبح‬
‫عاجزا عن استرداد حقه‪ ،‬لذلك سمح له المشرّع‪ ،‬استثنائيا‪ ،‬بأن يتحصل على نسخة تنفيذية‬
‫ثانية شرط أن يثبت عدم وقوع التنفيذ وأن يقدم ضمانا ماليا أو شخصيا‪.‬‬

‫‪ .3‬الصعوبات الناشئة عن األحكام الصادرة عنه‪ :‬قد يجد عدل التنفيذ صعوبة تحول دون تنفيذ‬
‫الحكم مثل أن يسعى إلى عقلة وبيع معدّات معتقدا أنها على ملك المحكوم ضده‪ ،‬لكنّ شخصا‬
‫آخر يعترض مدّعيًا ملكيّتها‪ ،‬فإذا اقتنع عدل التنفيذ بوجود مشكل تنفيذي يتعلق بحكم صادر‬
‫عن قاضي الناحية‪ ،‬فإنه يرفعه له ليبُتّ فيه وفق إجراءات القضاء االستعجالي‪.‬‬

‫‪ .4‬مطالب توقيف تنفيذ أحكامه المعترض عليها أمامه‪ :‬يشكّل االعتراضيف المادة المدنية‬
‫طريقة طعن غير عادية تُخوّل للغير ‪-‬أي الشخص الذي لم يكن طرفايف الحكم‪ -‬االعتراض‬
‫على الحكم لدى المحكمة التي أصدرته إذا أثبت أنه يمسّ من حقوقه‪.‬‬

‫وطالما أن االعتراض ال يوقف التنفيذ‪ ،‬فقد خوّل المشرع للمعترض القيام بقضية استعجالية‬
‫إليقاف تنفيذ الحكم المعترض عليه‪.‬‬

‫‪ .5‬مطالب إجراء العقل التحفظية في حدود ‪ 7000‬دينار‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪28‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫الفرع الثالث االختصاص الترابي‬

‫حرص المشرع على نشر المحاكم بكامل أنحاء البالد‪ ،‬وجعل لكل محكمة دائرة جغرافية‬
‫ترجع لها بالنظر وهو ما يُسمّى بمرجع النظر الترابي الذي يُقدّر بحسب المكان‪،‬يف حين يُقّدر‬
‫االختصاص الحكمي بحسب طبيعة النزاع وقيمته‪.‬‬

‫تختلف قواعد االختصاص الحكمي عن قواعد االختصاص الترابي ألنّ األولى تهمّ النظام‬
‫العام فال يمكن لألطراف االتفاق على مخالفتها وفقا للفصل ‪ 3‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪،‬يف حين أن‬
‫قواعد االختصاص الترابي ال تهمّ إال مصالح الخصوم وال تثيرها المحكمة من تلقاء نفسها‪،‬‬
‫ويجب على من يريد أن يتمسك بها إثبات الضرر الذي لحقه وأن يثيرها قبل الخوضيف ‬
‫األصل طبقا للفصل ‪ 14‬فقرة ثانية والفصل ‪ 18‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬وهو ما يعنى أنّ الشخص الذي‬
‫تقع مطالبتهيف إطار دعوى مدنية أمام محكمة ناحية غير مختصة ترابيا مثل استدعائه لدى‬
‫ناحية قابسيف حين أنه يقطن بمدنين‪ ،‬فإنه عليه قبل مناقشة عالقة المديونية أن يتمسك بعدم‬
‫االختصاص الترابي لمحكمة قابس‪ ،‬أمّا إذا أجابيف األصل مباشرة فإنه يُعتبر قد قبل نهائيا‬
‫التقاضي لدى المحكمة المتعهدة بالقضية ليفقد الحقيف التمسك بعدم االختصاص الترابي‬
‫في هذه القضية‪ ،‬ألنه كان حريًّا به أن يثيرها قبل اإلجابةيف األصل‪.‬‬

‫أخضع المشرّع قواعد االختصاص الترابي إلى مبدأ اختصاص محكمة مقر المدّعَى عليه (أ)‬
‫وإلى استثناءات تنقسم إلى اختيارية ووجوبية (ب)‪.‬‬

‫أ‪ .‬المبدأ‪ :‬قاعدة مقر المدعى عليه‬

‫نصّ الفصل ‪ 30‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت على أنّ «المطلوب شخصا كان أو ذاتا معنوية تلزم محاكمته‬
‫لدى المحكمة التي بدائرتها مقرّه األصلي أو مقرّه المختار»‪.‬‬

‫ويعرّف الفصل ‪ 7‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت المقر األصلي للشخص بأنّه المكان الذي يقيم فيه عادة‬
‫ويضيف إليه المكان الذي يباشر فيه مهنته أو تجارته فيما يتعلق بالمعامالت المرتبطة بنشاطه‪.‬‬

‫أمّا المقر المختار وفقا للفصل ‪ 7‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت فهو «المكان الذي يعيّنه االتفاق أو القانون‬
‫لتنفيذ التزام أو للقيام بعمل قضائي»‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪29‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫يتأسس مبدأ قاعدة مقر المطلوب على قرينة براءة الذمة التي يتمتع بيها المدّعَى عليهيف ‬
‫مواجهة المدّعِي إلى أن يثبُت خالف ذلك‪ ،‬مما يقتضي منطقيا أن يتحمل المدّعي مشقة التنقل‬
‫واألتعاب المنجرّة عنه‪.‬‬

‫إلّا أنّ مبدأ قاعدة مقرّ المطلوب ال يخلو من استثناءات‪.‬‬

‫ب‪ .‬استثناءات مبدأ قاعدة مقر المطلوب‬

‫تنقسم هذه االستثناءات إلى اختيارية ووجوبية‪:‬‬

‫‪ .1‬االستثناءات االختيارية‬

‫تتمثل هذه االستثناءاتيف خيارات يمنحها المشرع للمدّعي بين محكمة مقر المطلوب‬
‫ومحكمة أخرى متحدة حكميا وذات ارتباط بموضوع النزاع‪.‬‬

‫‪ ‬االستثناء األوّل‪ :‬ورد بالفقرة الثانية من الفصل ‪ 30‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت «ويمنح المدّعِييف صورة‬
‫تعدد المدّعَ ى عليهم أن يختار المحكمة التي يوجد بدائرتها مقر أحدهم»‪.‬‬

‫ووردت بقيّة االستثناءات بالفصل ‪ 36‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ ‬االستثناء الثاني‪ :‬إذا عيّن العقد مكانا لتنفيذه‪ ،‬فللمدّعي أن يختار بين محكمة مقر‬
‫المطلوب والمحكمة التي بدائرتها مكان تنفيذ العقد‪ .‬يسمح هذا االستثناء بتيسير عملية‬
‫اإلثبات واالختبارات مثل سماع شهادة الشهود أو إجراء اختبار لتبيّن أسباب عدم التنفيذ أو‬
‫مدى مطابقة التنفيذ للمواصفات‪ .‬ويُعدّ الفصل ‪ 214‬من مجلة الشغل تطبيقا لهذا االستثناء‬
‫حيث ينصّ على رفع النزاعات الشغلية لدى دائرة الشغل التي توجد بها المؤسسة التي يتمّ فيها‬
‫إنجاز العمل‪.‬‬

‫‪ ‬االستثناء الثالث‪ :‬إذا تعلّقت الدعوى بمنقول‪ ،‬فإنّ للمدّعِي حرّيّة االختيار بين محكمة مقر‬
‫المدّعى عليه أو المحكمة التي يوجد بدائرتها المنقول المتنازع عليه‪ .‬ويهدف هذا االستثناء‬
‫إلى تسهيل عملية اإلثباتيف الدعوى‪.‬‬

‫‪ ‬االستثناء الرّابع‪ :‬في صورة الجنحة أو شبه الجنحة‪ ،‬يختار المدّعي بين محكمة مقر المدّعى‬
‫عليه أو المحكمة التي بدائرتها ارتُكب الفعل الضار (في الجنحة المدنية) ومحكمة مكان‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪30‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫وقوع الجريمة أو المحكمة التي بدائرتها تم إيقاف الجاني المتسببيف الضرريف صورة‬
‫الجريمة (الجناية)‪.‬‬

‫يمكّن هذا االستثناء من تسهيل قيام المتضرر من الجنحة أو شبه الجنحة بالمطالبة بالتعويض‪.‬‬

‫‪ ‬االستثناء الخامس‪ :‬في صورة الكمبيالة والسند لألمر‪ ،‬يمكن القيام لدى المحكمة التي‬
‫وقع إنشاء الورقة التجارية بدائرتها أو المحكمة التي من الواجب أن يقع األداء بدائرتها‪.‬‬

‫‪ ‬االستثناء السادس‪ :‬للدائن بالنفقة حق القيام لدى المحكمة التي يوجد بدائرتها مقرّه أو‬
‫تلك التي يوجد بها مقر المدّعَى عليه‪.‬‬

‫‪ .2‬االستثناءات الوجوبية‬

‫تُسمّى بالوجوبيّة ألن المدّعِي ملزميف خصوصها باتّباع ما جاءت به دون االختيار بينها وبين‬
‫محكمة مقر المدّعَى عليه وهي استثناءات جُعلت لحسن سير القضاء‪.‬‬

‫‪ ‬االستثناء األول‪ :‬ينص الفصل ‪ 32‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت على أنّه «ترفع لدى المحاكم المنتصبة‬
‫بتونس القضايا التي تكون الدولة طرفا فيها باستثناء القضايا المتعلقة بنظام تعويض األضرار‬
‫الناتجة عن حوادث الشغل واألمراض المهنيّة»‪ ،‬يُبرَّر هذا االستثناء بوجود مقر المكلف العام‬
‫بنزاعات الدولة بتونس العاصمة‪.‬‬

‫‪ ‬االستثناء الثاني‪ :‬ترفع الدعوى الموجَّهة على الجمعيات والشركات طبق الفصل ‪ 33‬من‬
‫م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت لدى المحكمة التي بدائرتها مقر الجمعية أو الشركة أو مقر فروعهما أو نياباتهما‬
‫الذين يهمّهم األمر‪ .‬ويرجع هذا االستثناء إلى أن دفاتر الشركة ومؤيداتها الرسمية توجد بمقرها‬
‫لذا يستحسن عدم تشتيت هذه المؤيدات مراعاة لمصلحة الشركة أو الجمعية‪.‬‬

‫‪ ‬االستثناء الثالث‪ :‬نصّ الفصل ‪ 34‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت على أن «الدعاوى المتعلقة بالتركة تُرفع‬
‫لدى المحكمة التي افتُتحت بدائرتها التركة»‪ .‬ومكان افتتاح التركة هو مكان الوفاة‪ .‬ويهدف‬
‫هذا االستثناء إلى توحيد إجراءات تصفية التركة ألن القسمةيف التركات قسمة قيمية ال قسمة‬
‫رقاب‪ ،‬كما أن المشرّع يعتبر مكان وفاة المُورّث قرينةً على أنه المكان األصلي لعناصر التركة‪.‬‬

‫‪ ‬االستثناء الرّابع‪ :‬ينص الفصل ‪ 35‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت على أن «جميع الدعاوى المتعلقة‬
‫باإلفالس ترفع للمحكمة التي بدائرتها محل االستغالل األصلي»‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪31‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫ويهدف هذا االستثناء إلى تجميع وتوحيد إجراءات تصفية مكاسب التاجر المفلس وتسهيل‬
‫الطعون واالعتراضات التي تُوجَّه لنفس القاضي المنتدب للفلسة وهو القاضي الذي يوجد‬
‫بالمحكمة التي بدائرتها محل االستغالل األصلي‪.‬‬

‫‪ ‬االستثناء الخامس‪ :‬ورد بالفصل ‪ 37‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت أن «دعاوى الضمان تُرفع للمحكمة‬
‫المنشورة لديها الدعوى األصلية أو التي سبق لها أن نظرتيف تلك الدعوى وذلكيف حدود‬
‫اختصاصها الحكمي»‪ .‬ويهدف هذا االستثناء إلى تسهيل اإلجراءات عمال بقاعدة الفرع يتبع‬
‫األصل‪ ،‬فدعوى الضمان تتبع الدعوى األصلية مثل دعوى استحقاق المبيع من البائع‪ ،‬فإذا‬
‫حُكميف األصل باستحقاق المبيع لفائدة الغير‪ ،‬فإنه يحكم بالتبعيّة على البائع الذي لم ينجح‬
‫في ضمان صفته مالكًا بردّ الثمن الذي قبضه من المشتري مع المصاريف‪.‬‬

‫‪ ‬االستثناء السادس‪ :‬نص الفصل ‪ 38‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت على أن الدعاوى المتعلقة بالعقار تُرفع‬
‫للمحكمة التي يقع بدائرتها العقار وذلك لتسهيل إجراءات التوجه على العين أو سماع الشهود‬
‫أو التحرير على الطرفين أو إجراء االختبارات تحقيقا لحسن سير القضاء‪.‬‬

‫‪ ‬االستثناء السابع‪ :‬نصّ الفصل ‪ 28‬من القانون عدد ‪ 37‬لسنة ‪ 1977‬المؤرخيف ‪ 25‬ماي‬
‫‪ 1977‬المتعلّق باألكرية التجارية على أن النّزاعات بين المالك والمتسوغ المتعلّقة بمعلوم‬
‫الكراء وبتحديد الكراء وبالمدة تكون من أنظار المحكمة الكائن بدائرتها العقار‪.‬‬

‫مباشرة الدعوى‬ ‫المبحث الثاني‬

‫إثر تحديد المحكمة المختصة حكميّا وترابيّا‪ ،‬نتجه إلى ضبط شروط القيام بالدعوى (فقرة‬
‫أولى) ثم آجال وإجراءات رفعها (فقرة ثانية) وما يترتب عن اإلخالل باآلجال واإلجراءات‬
‫من جزاءات (فقرة ثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األوىل ‪ ‬شروط القيام بالدعوى‬


‫ضبط المشرّع األولوية للقيام بالدّعوى أيّا كان نوعها صلب الفصل ‪ 19‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت الذي‬
‫نص على أنّ « حق القيام لدى المحاكم يكون لكل شخص له صفة وأهلية تخوالنه حق القيام‬
‫بطلب ما له من حق وأن تكون للقائم مصلحةيف القيام»‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪32‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫أ‪ .‬المصلحة للقيام‬

‫يُجمع الفقهاء على أن المصلحة هي مناط كل قيام سواءً كان قيامًا بدعوى أو بطعن أو بدفع‬
‫وذلك تطبيقا لمبدأ "حيث ال مصلحة فال دعوى"‪ .‬والمصلحة هي المنفعة التي ينتظرها المدعي‬
‫من لجوئه إلى القضاء‪ ،‬ويجب أن تكون هذه المنفعة مشروعة ويخولها القانون‪ .‬ويجب أن‬
‫تكون المصلحة قانونية وشخصية ومباشرة وموجودة‪.‬‬

‫يهدف اشتراط المصلحة إلى استبعاد مجرد الفتاوى النظرية القانونية التي ال ترتكز على حقٍّ‬
‫فعْليّ أو القضايا التي ال طائل منها‪ .‬ويجب أن تتوفر المصلحة زمن القيام بالدعوى وأن تستمر‬
‫طيلة مراحل التقاضي‪ .‬ويترتّب على تخلّف ركن أو شرط المصلحة رفض الدعوى شكال‪.‬‬

‫ب‪ .‬الصفة للقيام‬


‫يجب أن تُقدّم الدعوى من ذي صفة على ذي صفة‪ ،‬وهو ما يعني أن يكون المدّعي هو صاحب‬
‫الحق وأن يكون المدّعَى عليه هو المطالَب بأداء ذلك الحق أي أنّ الشخص يباشر حقهيف ‬
‫التقاضي‪ .‬ويجب تمثيل من ليس له أهلية التقاضي بواسطة من له ذلك مثل الممثل القانوني‬
‫في حق الذات المعنوية والوليّيف حق القاصر‪ .‬وتتوفر صفة القيام أيضا عن طريق الوكالة‬
‫االتفاقية‪ ،‬لكنّ الفصل ‪ 1118‬من م‪.‬ا‪.‬ع يشترط الحصول على توكيل الخصام محرّرا بواسطة‬
‫عدل إشهاد لمن يريد تمثيل غيره أمام القضاء‪.‬‬

‫ت‪ .‬أهلية القيام‬

‫يَفترض شرط األهلية أن يكون كُلّا من المدّعي والمدّعَى عليه أهلًا لإللزام وااللتزام‪ ،‬ذلك ألنّ‬
‫مباشرة الدعاوى تُعدّ من أهمّ وأخطر أعمال التصرف ضرورة أنّ عدم الدفاع عن الحق كما‬
‫يجب يؤدي عادة إلى إهداره‪ .‬استثنى المشرّع صلب الفصل ‪ 19‬فقرة ‪ 4‬مقيّدي األهلية من‬
‫شرط توفر أهلية األداء كاملة عند القيام شرط تالفيها أثناء نشر القضية وقبل صدور الحكم‬
‫فيها‪ .‬كما كرّس هذا الفصل‪،‬يف فقرته ‪ ،2‬استثناءً ثانيا يتعلق بالمادة االستعجالية يسمح بقبول‬
‫القيام استعجاليا من طرف القاصر المميز عند وجود خطر ملمّ حماية لمصالحه عند غياب‬
‫الولي‪ .‬يُبرّر هذا االستثناء بحماية المصالح الخاصة من جهة‪ ،‬وبعدم المساس بحقوق الخصم‬
‫من حيث األصل ألن القضاء االستعجالي يكتفي باتخاذ الوسائل الوقتية‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪33‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫الفقرة الثانية ‪ ‬إجراءات رفع الدعوى‬


‫أخضع المشرع رفع الدعاوى أمام المحاكم إلى إجراءات وآجال مضبوطة تختلف فيما بينها‬
‫بعض الشيء باختالف المحكمة المختصة‪.‬‬

‫تُ رفع الدعوى أمام المحكمة االبتدائية بواسطة عريضة افتتاح الدعوى تتضمن‪ ،‬طبقا للفصل‬
‫‪ 70‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬اسم كل واحد من الخصوم ولقبه ومهنته وصفته عند الترسيم بالسجل‬
‫التجاري إن وجد ومكانه ووقائع الدعوى وأدلتها وطلبات المدّعِي والمستندات القانونية‬
‫والمحكمة الواقع االستدعاء لديها وتاريخ الحضور ساعة ويوما وشهرا وسنة‪ .‬ويجب أن‬
‫تتضمن عريضة الدعوى التنبيه على المستدعى بتقديم جوابه كتابيا بواسطة محامي مع تقديم‬
‫المؤيدات المدعِّمة لجوابه عن الدعوى وذلكيف أجل أقصاه يوم الجلسة وإال فإن المحكمة‬
‫تنظريف القضية طبق أوراقها‪.‬‬

‫يتم تبليغ عريضة الدعوى إلى المطلوب مصحوبة بنسخة من المؤيدات بواسطة عدل منفذ‬
‫حسب إجراءات التبليغ الواردةيف الفصول من ‪ 6‬إلى ‪ 11‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت تحقيقا لحق الدفاع‬
‫ومبدأ المواجهة بين الخصوم‪.‬‬

‫يتوجه عدل التنفيذ لتبليغ عريضة الدعوى والمؤيدات إلى مقر المدّعَى عليه األصلي أو‬
‫المختار‪ ،‬ويمكن أن يسلّمه االستدعاء للجلسة أينما وجده وفق تنقيح الفصل ‪ 8‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‬
‫(أوت ‪ )2002‬حيث يُسلّم االستدعاء إلى الشخص نفسه أو وكيله أو من هو ساكن معه أو من‬
‫هويف خدمته شرط أن يكون مميزا ومعرّفا بهويته عبر االستدالل ببطاقة تعريف أو جواز سفر‪.‬‬
‫إذا امتنع من وجده عدل التنفيذ عن تسلّم االستدعاء يُودَع نظيرا منه‪،‬يف ظرف مختوم ال‬
‫يحمل سوى اسم ولقب المعني بالتبليغ وعنوانه‪ ،‬بكتابة محكمة الناحية أو لدى عمدة المكان‬
‫أو مركز الشرطة أو الحرس الوطني الذي بدائرته مقر المطلوب‪.‬‬

‫إثر ذلك‪ ،‬يُوجِّه عدل التنفيذ رسالة مضمونة الوصول مع اإلعالم بالبلوغيف أجل ‪ 24‬ساعة من‬
‫تاريخ التوجه إلى المقر األصلي أو المختار للمعني باألمر‪ ،‬ويتضمن المكتوب إعالما بأنّ‬
‫نظيرًا من عريضة الدعوى ونسخ المؤيدات موجودا بكتابة محكمة الناحية أو مركز الشرطة أو‬
‫الحرس الوطني أو لدى العمدة حتى يتمكن المعني باألمر من سحبه واالطالع على محتواه‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪34‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫أما إذا لم يجد عدل التنفيذ أحدا بالمقر‪ ،‬فإنه يترك نظيرا من االستدعاء ويكون ذلك عادة‬
‫تحت الباب أو بصندوق الرسائل إن وجد ثم يقوم بنفس اإلجراءات السابقة‪.‬‬

‫أما إذا كان المعنيّ باإلعالم خارج التراب التونسي‪ ،‬فإن الفصل ‪ 9‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت يستوجب‬
‫استدعاءهيف مقره بالخارج بواسطة رسالة مضمونة الوصول مع اإلعالم بالبلوغ‪.‬‬

‫وقد ميّز المشرع صلب الفصل ‪ 10‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت بين مجهول المقرّ ومجهول المقرّ مطلقا‪ .‬أما‬
‫مجهول المقر فهو‪ ،‬طبقا للفقرة األولى من الفصل ‪ ،10‬الشخص الذي كان مقره معلوما ثم‬
‫غادره إلى مقر مجهول (مثل المكتري) فيُودع االستدعاء المُوجَّه له لدى كتابة محكمة الناحية‬
‫أو عمدة المكان أو مركز األمن أو الحرس الوطنييف آخر مقر معلوم له‪ ،‬أما مجهول المقر‬
‫مطلقا فهو الذي ال يُعرف مقره السابق وال مقره الحالي‪ ،‬فيتم استدعاؤه عن طريق تعليق نظير‬
‫من االستدعاء بسبورة اإلعالنات بالمحكمة المتعهدة ونظيرٍ آخريف الوالية التي توجد بمقرها‬
‫المحكمة المذكورة‪.‬‬

‫يستوجب رفع الدعوى كذلك احترام ميعاد الحضور وهو األجل المضروب بين تاريخ‬
‫االستدعاء وتاريخ الجلسة علمًا وأنّ يوم االستدعاء ويوم الجلسة ال يُحتسبان‪ .‬ويُقدّر أجل‬
‫االستدعاء والحضور لدى المحكمة االبتدائية بـ ‪ 21‬يوما إذا كان للخصم مقرا بالبالد‬
‫التونسية و‪ 60‬يوما على األقل إذا كان مقره بالخارج‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة للدولة والمؤسسات‬
‫العمومية‪،‬يف حين ينخفض أجل االستدعاء لدى محكمة الناحية إلى ‪ 3‬أيام وهو نفس األجل‬
‫المعتمديف المادة االستعجالية مع إمكانية اختزاله من ساعة إلى أخرى‪.‬‬

‫يترتب على عدم احترام إجراءات وآجال رفع الدعوى تسليط الجزاءات التالية‪:‬‬

‫❑ جزاء البطالن‪ :‬ينص الفصل ‪ 71‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت على أنه «تبطل عريضة الدعوى‪:‬‬

‫أوال‪ :‬إذا وقع فيها خطأ أو نقصيف بيان اسم ولقب المدّعَى عليه أو المحكمة أو تاريخ الجلسة‬
‫أو إذا لم تقع مراعاة مواعيد الحضور‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إذا لم يقع التنبيه على المدعى عليه بما أوجبته الفقرة الثانية من الفصل ‪ 70‬أو لم تبلغ‬
‫نسخة من مؤيدات الدعوى‪.‬‬

‫ويزول البطالن بحضور المدّعَ ى عليه أو محاميه إذا كان الخلل من الصنف الوارد بالفقرة‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪35‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫األولى وبتقديم الجواب عن الدعوى إذا كان الخلل موضوع الفقرة الثانية‪.‬‬

‫وعلى المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها ببطالن عريضة الدعوى إذا تبين بطالنها وذلك عند‬
‫تخلف المدّعَى عليه أو محاميه عن الحضور أو عن تقديم الجواب بحسب األحوال»‪.‬‬

‫❑ جزاء الطرح ‪ :La radiation‬نص الفصل ‪ 79‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت على جزاء طرح القضية إذا لم‬
‫يقدّم محامي المدّعِي أصل عريضة الدعوى مع مؤيداتهايف األجل المحدّد بـ ‪ 7‬أيّام على‬
‫األقل قبل تاريخ الجلسة حيث يعتبر المشرع أنّ عدم نشر القضية تراجع وتخلي من المدّعي‬
‫عن ممارسة الدعوى‪ ،‬على أنه يمكن لمحامي المدّعَى عليه أن يتولى بنفسه نشر القضية إذا‬
‫رأى مصلحة لهيف ذلكيف أجل أقصاه اليوم السابق لتاريخ الجلسة‪ .‬ويمكن للمدّعِي إثر‬
‫صدور حكم ببطالن عريضة الدعوى أو بطرح القضية أن يعيد االستدعاء من جديد بعد تجاوز‬
‫اإلخالالت السابقة ثم نشر الدعوى أمام كتابة المحكمة‪.‬‬

‫❑ جزاء السقوط‪ :‬يتسلط على الدعوى برمّتها عند عدم مباشرتهايف اآلجال القانونية وذلك‬
‫إذا كان األجل يهم النّظام العامّ‪ ،‬ويؤدي إلى فقدان الحق نهائيايف التقاضي ضرورة أن أحكام‬
‫السقوط وجوبية وتتمسك بها المحكمة من تلقاء نفسها طبقا للفصل ‪ 13‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬وذلك‬
‫على خالف صور البطالن التي يمكن تداركها أثناء نشر القضية أو القيام بقضية جديدة وهو‬
‫أمر غير ممكنيف عالقة بالمسقطات‪.‬‬

‫وتتميز آجال السقوط بعدم قابليّتها للقطع أو التعليق‪ ،‬ومن أبرز أمثلة آجال السقوط أو‬
‫المسقطات عدم احترام آجال الطعن باالستئناف أو الطعن بالتعقيب وقدرها ‪ 20‬يوما من‬
‫تاريخ اإلعالم بالحكم إعالمًا صحيحًا‪ ،‬فيصبح الحكم االبتدائي باتًّا وال يمكن الطعن فيه‬
‫بأي وسيلة طعن فيسقط الطعن لعدم احترام األجل‪.‬‬

‫طــــــــــــــــــرق الطـــــعن‬ ‫المبحث الثالث‬

‫يتميز العمل اإلنساني ومن ضمنه العمل القضائي بأنه عرضة للخطأ‪ ،‬لذلك عمل المشرع على‬
‫تأمين مصلحة الخصوم بأن أجاز الطعنيف األحكام‪ .‬أقر القانون أربعة أنواع من الطعونيف ‬
‫المادة المدنية هي االستئناف واالعتراض والتماس إعادة النظر والتعقيب‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪36‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫ويمكن تقسيم طرق الطعن إلى طريقة طعن عادية هي االستئناف وطرق طعن غير عادية هي‬
‫التعقيب واالعتراض والتماس إعادة النظر‪.‬‬

‫الفقرة األوىل ‪ ‬االستئناف‬


‫يتأسس مبدأ التقاضي على درجتين على حق كل متقاضيف أن يتم النظريف دعواه مرتين من‬
‫قبل محكمتين مختلفتي الدرجة تتوليان النظريف النزاع من جميع جوانبه الواقعية والقانونية‪.‬‬

‫نظّم المشرع الطعن باالستئناف صلب الفصول من ‪ 130‬إلى ‪ 155‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت حيث ضبط‬
‫شروطه وآثاره وإجراءاته‪.‬‬

‫أ‪ .‬شروط االستئناف‬


‫تنقسم إلى ثالثة شروط أصليّة وأخرى تتعلق باآلجال‪.‬‬

‫‪ .1‬الشروط األصلية لالستئناف‬

‫يجب أن يكون الحكم المطعون فيه باالستئناف ابتدائي الدرجة وابتدائي الوصف ‪ .3‬تصدر‬
‫جلّ األحكام عن محاكم الدرجة األولى ابتدائية الوصف عدا أحكام التبني وأحكام التبتيت‪.‬‬
‫ويجبُالتنبيهُإىلُأنُبعضُاألحكامُالُتقبلُالطعنُباالستئنافُويهُاألحكامُالصادرةُعنُالمحكمةُ‬
‫العقاريةُيفُمادةُالتسجيل‪ُ،‬وكذلكُاألحكامُالقاضيةُبالتنفيذُالوقيتُخارجُالحاالتُالمنصوصُعليهاُ‬
‫يفُالفصلين ُ‪ُ 125‬وُ‪ُ 126‬منُم‪.‬م‪.‬م‪.‬ت ُحيثُيمكنُاستصدارُإذنُبإيقافُتنفيذهاُدونُأنُيقبلُذلكُ‬
‫اإلذنُإمكانيُةُالطعنُباالستئناف‪.‬‬

‫أمايف خصوص أطراف الطعن باالستئناف‪ ،‬فإن الفصل ‪ 152‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت ينص على أنّ‬
‫الطعن باالستئناف ال يمكن أن يُرفع إال من األشخاص المشمولين بالحكم المستأنف أو‬
‫خلفاءهم أو ممثل النيابة العموميةيف الحاالت التي ينص عليها القانون‪.‬‬

‫وال يُقبل التداخليف االستئناف إال بقصد االنضمام إلى أحد الخصوم أو إذا تداخل شخص‬
‫له الحقيف االعتراض على الحكم الحقا وذلك احتراما لمبدأ التقاضي على درجتين‪ ،‬كما ال‬
‫يجوز لمن لم يكن خصمايف الدعوى المسلط عليها الحكم المستأنف‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ابتدائي الوصف‪ :‬ينص الحكم على ذلك‪« :‬قضيا ابتدائيا بــ ‪« ،»...‬قضينا نهائيا بــ ‪.»...‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪37‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫‪ .2‬أجل الطعن باالستئناف‬

‫ينصّ الفصل ‪ 141‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت على أن أجل الطعن باالستئناف يقدر بـ ‪ 20‬يوما من تاريخ‬
‫اإلعالم بالحكم كما يجب‪ ،‬أي عندما تكون إجراءات التبليغ واإلعالم صحيحة‪ .‬أما إذا وقع‬
‫اإلخالل بها‪ ،‬فإنّه يمكن للمتضرر أن يطعن باإلبطاليف محضر اإلعالم‪ ،‬فإذا قضت له‬
‫المحكمة بذلك يُفتح أجل االستئناف من جديد‪.‬‬

‫أمّا إذا لم يقع اإلعالم بالحكم‪ ،‬فإنّ األجل يبقى مفتوحا ويُمدّد نظريا مدّة ‪ 20‬سنة من صدور‬
‫الحكم‪ ،‬ذلك ألن العمل باألحكام المدنية يسقط بمضي ‪ 20‬سنة من تاريخها طبقا للفصل‬
‫‪ 257‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ ‬يَعرف أجل الـ ‪ 20‬يوما العديد من االستثناءات أهمها ما يلي‪:‬‬

‫إذا كان الخصم متغيبا عن التراب التونسي‪ ،‬فإنّ أجل االستئناف يرتفع إلى ‪ 50‬يوما من‬ ‫‪‬‬

‫تاريخ اإلعالم بالحكم وفقا للفصل ‪ 141‬فقرة رابعة من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬

‫يقع الطعن باالستئنافيف األحكام والقرارات الصادرةيف مادة الطالق أو بطالن الزواج‬ ‫‪‬‬

‫في أجل شهر من تاريخ صدور الحكم أو القرار عمال بالفصل ‪ 41‬من قانون الحالة المدنية‬
‫وذلك حرصا من المشرع على استقرار الحالة الشخصيةيف أسرع وقت ممكن‪.‬‬

‫‪ ‬يسمح الفصل ‪ 143‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت للمستأنف ضده الذي فوّت على نفسه أجل الطعن أو‬
‫قبل بالحكم االبتدائي أن يرفع استئنافا عرضيا يمكن القيام به إلى تاريخ حكم المرافعة‪.‬‬

‫‪ ‬ال يقبل أجل الـ ‪ 20‬يوما أي قطع أو تعليق عدا االستثناءات التالية‪:‬‬

‫‪ ‬يبطُل العمل بأجل االستئناف وفق الفصل ‪ 142‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت إذا مات المحكوم عليهيف ‬
‫أثنائه‪ ،‬ويقع احتساب أجل جديد لورثته من تاريخ إعالمهم بالحكم (قطع اآلجال)‪.‬‬

‫‪ ‬إذا صدر الحكم بناءً على تغرير من الخصم أو ورقة مز ّورة أو شهادة زور أو بسبب عدم‬
‫االستظهار بحجّة قاطعة مُنعت بفعل الخصم‪ ،‬فإنّ أجل الطّعن يبتدئ من تاريخ علم‬
‫المحكوم عليه بثبوت الزور أو ظهور الحجة أو التغرير وفقا للفقرة ‪ 3‬من الفصل ‪ 141‬من‬
‫م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت وذلك تكريسا لمبدأ "الغش والتحيل ال ينشآن حقوقا" ( ‪Fraus omnia‬‬
‫‪.)La fraude corrompt tout – corrumpit‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪38‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫ب‪ .‬إجراءات الطعن باالستئناف‬

‫يُطعن باالستئناف بواسطة عريضة كتابية يحرّرها محامي الطاعن تُقدم إلى كتابة المحكمة‬
‫االستئنافية تشتمل على البيانات الواجبة بعريضة افتتاح الدعوى خاصة تلك المتعلقة بهوية‬
‫األطراف‪ ،‬وعلى بيان الحكم المستأنف وعدده وتاريخه‪ .‬ويُعتبر مقر المحامي مقرا مختارا‬
‫للمستأنف‪.‬‬

‫تُقدم عريضة االستئنافيف نظيرين يسترجع الطاعن أحدها متضمنا ختم المحكمة لضبط‬
‫تاريخ االستئناف ويتم تقييد ذلك بدفتر خاص مُعدٍّ للغرض مع ما يفيد خالص خطايا الطعن‪.‬‬

‫إثر ذلك‪ ،‬تكاتب محكمة االستئناف كتابة محكمة الدرجة األولى لتعلمها بوقوع االستئناف‬
‫وتطلب منها توجيه ملف القضية ليأذن إثر ذلك رئيس المحكمة بنشرها بالجلسة التي يحددها‪،‬‬
‫ويقع إعالم محامي المستأنف بموعدها‪ .‬ويجب على هذا األخير أن يستدعي خصمه بواسطة‬
‫عدل منفذ قبل ‪ 20‬يوما على األقل من تاريخ الجلسة‪ ،‬ويُخفّض األجل إلى ‪ 3‬أياميف المادة‬
‫االستعجالية‪ .‬ويجب أن تكون عريضة الدعوى مرفوقة بطلب االستئناف ومستنداته ومؤيداته‬
‫ثم يتولى محامي المستأنف نشر الملف االستئنافي بكتابة المحكمة ‪ 7‬أيام على األقل قبل‬
‫موعد الجلسة حتى ال يسقط طعنه‪.‬‬

‫ت‪ .‬آثار الطعن باالستئناف‬

‫يرتّب االستئناف باعتباره طريقة طعن عادية أثران عامان هما األثر التعليقي واألثر االنتقالي‬
‫(الناقل)‪.‬‬

‫‪ .1‬األثر الناقل لالستئناف‬


‫ينقل االستئناف‪ ،‬طبقا للفصل ‪ 144‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل‬
‫صدور الحكم المستأنَف وذلكيف خصوص ما تسلط عليه االستئناف‪ ،‬فتُطرح القضية من‬
‫جديد أمام محكمة االستئناف لتفصليف الدعوى طبق القواعد القانونية التي تراها منطبقة‪،‬‬
‫وال يقع التطرق للحكم االبتدائي ومناقشته إال بصورة عرضية‪.‬‬

‫وال تنظر محكمة االستئناف إال فيما تسلط عليه الطعن‪ ،‬ما يعني أنه يمكن استئناف بعض‬
‫فروع الدعوى دون غيرها‪ ،‬من ذلك مثال استئناف فرع دعوى الطالق المتعلق بالغرامات دون‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪39‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫مبدأ الطالق أو استئناف فرع التعويض عن الضرر الجمالي الذي لم تقض به محكمة البداية‬
‫دون بقية فروع دعوى المسؤولية‪.‬‬

‫وال يمكن‪ ،‬أمام محكمة االستئناف‪ ،‬إضافة طلبات جديدة ولو رضي بها الخصوم عمال‬
‫بالفصل ‪ 147‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت وذلك احتراما لمبدأ التقاضي على درجتين الذي يفرض كذلك‬
‫على محكمة االستئناف أن تعيد الملف إلى محكمة الدرجة األولى إذا كان الحكم االبتدائي‬
‫قد قضى بعدم االختصاص ورأت محكمة الدرجة الثانية عكس ذلك باستثناء الدعوى الجاهزة‬
‫للفصل طبقا للفصل ‪ 149‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬

‫يُستثنى من مبدأ عدم تقديم طلبات جديدة أمام االستئناف الزيادة التي تتعلق بأداء أجزاء‬
‫فوائض أو كراء أو بقايا أو نحوها من الملحقات المتعلقة بالدعوى األصلية شرط أن تكون‬
‫قد استُحِقّت بعد صدور الحكم أو التعويض على ضرر تفاقم بعد صدور الحكم‪ .‬يمكن كذلك‬
‫إضافة وسائل إثبات جديدة أمام محكمة االستئناف وتغيير سبب الدعوى كالمرور من الطالق‬
‫للضرر أو بالتراضي إلى الطالق إنشاءً أو المرور من المسؤولية التقصيرية عن الفعل الشخصي‬
‫إلى المسؤولية عن فعل األشياء‪.‬‬

‫‪ .2‬األثر التعليقي لالستئناف‬

‫يقتضي المفعول التعليقي لالستئناف إيقاف تنفيذ الحكم الصادر ابتدائيا فيُعتبر كأن لم يكن‬
‫في انتظار صدور حكم نهائي عن محكمة الدرجة الثانية وهو ما أقرّه الفصل ‪ 146‬من‬
‫م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬لكن هذا الفصل أقرّ إمكانية وجود استثناءات يقع فيها تنفيذ الحكم رغم استئنافه‪،‬‬
‫تنقسم إلى قانونية وقضائية‪:‬‬

‫❑ االستثناءات القانونية‪ :‬ينص الفصل ‪ 209‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت على أن استئناف األحكام‬


‫االستعجالية ال يوقف تنفيذها وكذلك استئناف الحكم الصادر بالنفقة والقرارات الفورية‬
‫الصادرةيف مادة الطالق واألحكام الصادرةيف مادة حوادث الشغل واألمراض المهنية‪.‬‬

‫❑ االستثناءات القضائية‪ :‬هي الصور التي تصدر فيها أحكام محلّاة بالنفاذ العاجل أو بالتنفيذ‬
‫الوقتي وتتفرع إلى صورتين هما التنفيذ الوقتي الوجوبي والتنفيذ الوقتي االختياري‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪40‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫وقد نص المشرع على صور اإلذن بالتنفيذ الوقتي الوجوبي صلب الفصل ‪ 125‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪:‬‬
‫« على المحاكم االبتدائية أن تأذن بتنفيذ أحكامها مؤقتا بضامن أو بدونه وبدون التفات‬
‫لالستئناف وذلك إذا كان هناك كتب رسمي أو خط يد غير مطعونيف اإلمضاء عليه أو‬
‫اعتراف أو وعد معترف به أو قضاء سابق صيّره مما اتصل به القضاء»‪.‬‬

‫أما بالنسبة للنفاذ الوقتي االختياري فقد جاء به الفصل ‪ 126‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت وأورد فيه عددا‬
‫من الحاالت والصور على سبيل الذكر ال الحصر جوهرها وجود تأكد يفرض عدم انتظار مآل‬
‫الدعوىيف االستئناف مثل القيام بإصالحات متأكدة أو تخفيف ضرر أو تقديم الصغير‬
‫ألمه‪....‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ ‬التعقيب‬


‫تسهر محكمة التعقيب على ضمان حسن سير القانون‪ ،‬وهي ال تبحثيف الوقائع من جديد‬
‫بل تُسلّم بها كما وردتيف الحكم المطعون فيه وتراقب ما إذا كان الحكم المطعون فيه قد‬
‫طبّق على هذه الوقائع حكم القانون‪ ،‬فمحكمة التعقيب ليست درجة ثالثة للتقاضي‪ ،‬بل هي‬
‫طريقة استئنافية ضبطها المشرع على سبيل الحصر وال يترتب عليها ما يترتب على االستئناف‬
‫من إيقاف تنفيذ الحكم المطعون فيه‪.‬‬

‫أ‪ .‬شروط الطعن بالتعقيب‬

‫اقتضى الفصل ‪ 175‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت أنّه «يمكن الطعن بالتعقيبيف األحكام النهائية‬
‫الدرجة‪ »...‬فال يجوز الطعن بالتعقيب إاليف األحكام التي صدرت من البداية بصفة نهائية‪،‬‬
‫وهي مبدئيا األحكام التي تصدر عن محكمة الدرجة الثانية‪ .‬أمّا األحكام التي تصدر عن‬
‫محكمة الدرجة األولى‪ ،‬فيجب أن تكون قد صدرت نهائيّا حيث ال يمكن الطّعن فيها‬
‫باالستئناف (أحكام التبني‪ ،‬أحكام التّبتيت‪ ،)...‬فإذا أصبح الحكم نهائيا فإنه يقبل الطعن‬
‫بالتعقيب‪.‬‬

‫ويجب أن يصدر الطعن بالتعقيب عمّن كان طرفايف الحكم المطعون فيه وخلفائه أو ممثل‬
‫النيابة العمومية‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪41‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫ويجب أن تتوفر إحدى الحاالت التي تخول الطعن بالتعقيب وهي ‪ 7‬حاالت نصّ عليها‬
‫الفصل ‪ 175‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت على سبيل الحصر حيث جاء فيه‪« :‬يمكن الطعن بالتعقيبيف ‬
‫األحكام النهائية الدرجة وذلكيف خصوص الحاالت اآلتية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬إذا كان الحكم مبنيّا على مخالفة القانون أو خطأيف تطبيقه أو تأويله‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إذا كان الحكم صادرا فيما يتجاوز اختصاص المحكمة التي أصدرته‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬إذا كان هناك إفراطيف السلطة‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬إذا لم تراعيف اإلجراءات أويف الحكم الصيغ الشكلية التي رتب القانون على عدم‬
‫مراعاتها البطالن أو السقوط‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬إذا كانت هناك أحكام نهائية متناقضةيف نصها وكانت صادرة بين نفس الخصوم‬
‫وفي ذات الموضوع والسبب‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬إذا صدر الحكم بما لم يطلبه الخصوم أو بأ كثر مما طلبوه أو أغفل الحكم االستئنافي‬
‫في بعض الطلبات التي حكم فيها ابتدائيا أو كان نص الحكم مشتمال على أجزاء متناقضة‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬إذا صدر الحكم على فاقد األهلية بدون أن يقع تمثيلهيف القضية تمثيال صحيحا أو‬
‫وقع تقصير واضحيف الدفاع عنه وكان ذلك هو السبب األصلي أو الوحيديف صدور الحكم‬
‫المطعون فيه»‪.‬‬

‫تتمحور جلّ هذه الحاالت حول سوء تطبيق القانون وتحريف الوقائع وضعف التعليل وخرق‬
‫حقوق الدفاع‪.‬‬

‫ويجب القيام بالتعقيبيف أجل ‪ 20‬يوما من تاريخ اإلعالم بالحكم إعالمًا صحيحًا (الفصل‬
‫‪ 195‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت)‪ .‬والُيتقيُدُوكيلُالدولةُالعامُبأيُأجل‪ُ .‬‬

‫ب‪ .‬إجراءات الطعن بالتعقيب‬

‫يُرفع الطعن بالتعقيب بعريضة كتابية تُقدّم إلى كاتب محكمة التعقيب وتشتمل على بيانات‬
‫هوية األطراف وبيان الحكم المطعون فيه وتاريخه واألسباب التي بُني عليها الطعن وطلب‬
‫الطاعن‪ ،‬وإلّا كان الطّعن باطال‪ .‬ويجب على الطاعن إيداع مذكرة الطّعن مع ما يفيد خالص‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪42‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫تامبر ‪ 30‬دينارا بعنوان خطية اإلجراءات‪ .‬ويجب على المعقّبيف ظرف ‪ 30‬يوما من تقديم‬
‫عريضة الطّعن أن يقدّم لكتابة المحكمة محضر اإلعالم بالحكم المطعون فيه إن وقع إعالمه‬
‫به ونسخة من الحكم المطعون فيه‪ ...‬ومذكرة من محاميهيف بيان أسباب الطعن وما له من‬
‫مؤيدات ونسخة من إبالغ خصومه بتلك المذكرة بواسطة عدل منفذ وإلّا سقط حقّهيف الطعن‪.‬‬

‫وللمعقَّب ضدّه ضرورة تقديم ردّه بواسطة محاميف أجل ال يتجاوز ‪ 30‬يوما من تاريخ إعالمه‬
‫بعريضة وأسباب الطعن‪.‬‬

‫إثر ذلك‪ ،‬يُعرض الملف على النيابة العمومية إلبداء رأيها فيه ثمّ يُحال إلى الرئيس األول‬
‫لمحكمة التعقيب ليعيّ ن جلسة النظر فيه بواسطة إحدى دوائر محكمة التعقيب بحجرة‬
‫الشورى‪ .‬وللمحامين حقّ الحضور إلبداء ما لهم من ملحوظات‪ .‬ويصدر الحكميف نفس‬
‫اليوم‪.‬‬

‫ت‪ .‬آثار التعقيب‬

‫يتجه التفريق بين آثار تقديم مطلبيف التعقيب وآثار صدور الحكم بالتعقيب‪.‬‬

‫❑ آثار الطّعن بالتعقيب‪ :‬الطعن بالتعقيب ال يُوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إال إذا كان‬
‫الحكم صادرا بإعدام ورقة مرمية بالزور أو محو آثارها أو كان صادرا بالطالق أو بفساد عقد‬
‫زواج أو كان صادرا على الدولة بأداء مال أو برفع عقلة أجرتها الدولة الستخالص أموالها‬
‫(الفصل ‪ 194‬فقرة ‪ .)1‬ويمكن للمعقِّب أن يطلب صلب مطلب مستقلّ من الرئيس األول‬
‫لمحكمة التعقيب أن يأذن بإيقاف الحكم المطعون فيه لمدّة شهر إذا ما أثبت أنّ وقوع التّنفيذ‬
‫يحول دون إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه شرط أن يؤمّن المبلغ المحكوم به ضدّه (الفصل‬
‫‪ 194‬فقرة ‪.)2‬‬

‫❑ اآلثار المترتّبة على الحكم الصادر عن محكمة التعقيب‪ :‬يمكن إلحدى دوائر محكمة‬
‫التعقيب أن تقضي برفض مطلب التعقيب شكال إذا لم يراع الطاعن إحدى الشروط الشكلية‬
‫واإلجرائية‪ .‬كما يمكن لمحكمة التعقيب أن تقضي برفض مطلب التعقيب أصال بعد قبوله‬
‫شكال وذلك عندما يتبيّن لها أن محكمة األصل قد أحسنت تطبيق القانون وأنّ مستندات‬
‫التعقيب لم توهن الحكم المطعون فيهيف شيء‪ .‬أما إذا رأت محكمة التعقيب خالف ذلك‪،‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪43‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫فإنها تقضي بقبول التعقيب شكال وأصال وتنقض الحكم المطعون فيه وتحيله على المحكمة‬
‫التي أصدرته للنظر فيه بهيئة أخرى‪ ،‬كما لها أن تقضي بالنقض دون إحالة إذا لم يكن هناك‬
‫موجب لذلك‪ .‬ويمكن لمحكمة التعقيب أن تتصدّى لألصل وتحسم النزاعيف حاالت معيّنة‪.‬‬

‫إذا قضت محكمة التعقيب بالنقض مع اإلحالة‪ ،‬فإن محكمة اإلحالة تنظر من جديديف النزاع‬
‫دون أن تتقيد برأي محكمة التعقيب‪.‬‬
‫ويترتب على الحكم الصادر بالنقض إرجاع األطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل صدور‬
‫الحكم الذي وقع نقضه‪ ،‬وعلى األحرص من الطرفين طلب نشر القضية من جديد أمام محكمة‬
‫اإلحالة‪.‬‬
‫ويمكن لمحكمة التعقيب أن تصدر قرارا بالنقض دون إحالةيف الحاالت التي تتولى فيها‬
‫النيابة العمومية بمفردها تعقيب القرار الذي ترى فيه مخالفةً للقانون‪ .‬فتكتفي محكمة‬
‫التعقيب بتصحيح الخطأ دون إحالة‪ .‬كما يمكن لمحكمة التعقيبيف الحاالت االستثنائية‬
‫أن تنظريف أصل النزاع وتبتّ فيه بحكم حاسم دون اإلحالة على محاكم األصل‪ ،‬وذلكيف ‬
‫صورة نظر أحد الدوائريف تعقيب ثانٍ مؤسَّس على طلب جديد ورأت المحكمة نقض الحكم‬
‫المطعون فيه‪ ،‬فإنها تبتيف الموضوع إذا كان مهياً للفصل‪.‬‬

‫كما تنظر محكمة التعقيب بدوائرها المجتمعةيف أصل النزاعيف صورة تعقيب ثان لنفس‬
‫السبب شرط أن تكون القضية مهيئة للفصل‪ ،‬وفي هذه الحالة‪ ،‬وإذا ما قضت محكمة التعقيب‬
‫بالنقض مع اإلحالة‪ ،‬فإن قرارها يكون واجب االتّباع من طرف محكمة اإلحالة ويهُالحالةُ‬
‫الوحيدةُيفُالقانونُالتونيسُاليتُيكونُفيهاُفقهُالقضاءُملز ًماُللقايض‪.‬‬

‫وتصدر محكمة التعقيب أحكامها غير قابلة للطعن بأي طريقة عادية أو غير عادية باستثناء‬
‫الطعن بالخطأ البيّن‪ .‬ويُعتبر خطأ بيّنا طبقا ألحكام ‪ 192‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ :‬أوال‪ :‬إذا بُني قرار‬
‫الرفض شكال على غلط واضح‪ .‬ثانيا‪ :‬إذا اعتمد القرار نصا قانونيا سبق نسخه أو تنقيحه بما‬
‫صيّره غير منطبق‪ .‬ثالثا‪ :‬متى شاركيف القرار من سبق منه النظريف الموضوع‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ ‬االعرتاض‬


‫تبدأ الخصومة المدنيّة بين المدّعي والمدّعَى عليه حيث يبدي كل منهما دفوعاته ومؤيداته‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪44‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫انتهاءً بصدور حكم يحسم النزاع‪ ،‬وال يرتّب آثارا لغير الخصوم عمال بمبدأ األثر النسبيّ‬
‫لألحكام المدنية‪ ،‬حيث ال يُلزم الحكم وال يرتب آثارا باتجاه شخص لم يكن طرفا فيه‪ .‬على‬
‫أنّه قد يحدث أن يمسّ الحكم بحقوق ومصالح هذا الشخص الثالث‪ ،‬لذلك خوّل الفصل‬
‫‪ 168‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت لكلّ إنسان‪ ،‬لم يسبق له االستدعاء للتداخليف نازلة‪ ،‬القيام باالعتراض‬
‫على الحكم الصادر فيها والمضرّ بحقوقه‪.‬‬

‫أ‪ .‬شروط االعتراض‬

‫يجب أن يكون الحكم المعترَض عليه مضرًّا بحقوق المعترِض وأال يكون حقه قد اضمحلّ‬
‫وأن يُرفع االعتراض للمحكمة التي أصدرته‪.‬‬

‫‪ .1‬أن يكون الحكم مضرًّا بحقوق المعترِضِ‪ :‬االعتراض طعن غير عادي يتوخاه شخص ثالث‬
‫لم يكن طرفا أصليا أو منضمًّا (التّداخل واإلدخاليف الحكم الذي مس بحقوقه مثل الحكم‬
‫بالخروج من عقار يمس بحقوق المكتري من الحائز والحكم على ورثة البائع بتسليم المبيع‬
‫دون استدعاء أحد الورثة)‪.‬‬

‫‪ .2‬أال ينقضي حق المعترِضِ‪ :‬ينص الفصل ‪ 169‬فقرة ‪ 1‬على أن «القيام باالعتراض على‬
‫الحكم يكون مقبوال ما دام الحق المؤسَّس عليه ذلك الحكم لم يضمحل»‪ .‬لم يحدد المشرّع‬
‫أجال للقيام باالعتراض لكنّه اشترط أن يبقى حق الغير قائما زمن االعتراض ولم يسقط‬
‫بالتقادم‪.‬‬

‫‪ .3‬االعتراض أمام المحكمة التي أصدرت الحكم‪ :‬يخوّل الفصل ‪ 169‬فقرة ‪ 2‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‬
‫االعتراض على كل حكم كيفما كانت طبيعته وأيا كانت المحكمة الصادر عنها ولو وقع تنفيذه‬
‫بشرط أن يقع االعتراض لدى المحكمة التي أصدرت الحكم المعترَض عليه وبنفس‬
‫اإلجراءات المعتمدة لديها‪.‬‬

‫ب‪ .‬آثار االعتراض‬

‫ال يترتب على االعتراض إيقاف تنفيذ الحكم المعترَض عليه‪ ،‬على أنه يمكن أن يقدّم‬
‫ض مطلبايف إيقاف التنفيذ يقع النظر فيه استعجاليا وال يقبل الحكم الصادريف إيقاف‬
‫المعتر ُ‬
‫التنفيذ أيّ وجه من أوجه الطّعن‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪45‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫وإذا قضت المحكمة بقبول مطلب االعتراض‪ ،‬فإن ذلك ال يمس بغير حقوق المعترض وال‬
‫ينتفع منه من صدر ضده الحكم المعترَض عليه إال إذا كان موضوع النزاع غير قابل للقسمة‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة ‪ ‬التماس إعادة النظر‬


‫إن التماس إعادة النظر طريقة طعن غير عاديةيف األحكام النهائية أمام نفس المحكمة التي‬
‫أصدرت الحكم المطعون فيه‪ ،‬وذلك إذا شاب الحكمَ خطأ موضوعي على خالف الطعن‬
‫بالتعقيب الذي يستوجب إثبات توفر الخطأ القانوني‪.‬‬

‫أ‪ .‬األحكام القابلة اللتماس إعادة النظر‪ :‬الفصول من ‪ 156‬إلى ‪ 167‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‬

‫بإمكان الخصوم التماس إعادة النظريف األحكام الصادرة بصفة نهائية سواء صدرت عن‬
‫محاكم الدرجة األولى أو عن محاكم الدرجة الثانية بشرط أن تعتري الحكمَ إحدى الحاالت‬
‫التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬وقوع خديعة أثّرتيف الحكم‪ :‬والخديعة هي تغيير الحقيقة بأي وسيلة قصد تحقيق‬
‫مصلحة خاصّة وغير مشروعة تتعارض مع القانون‪ ،‬فهي احتيال يهدف إلى مغالطة العدالة‬
‫والنّيل من حقوق الخصم بدون وجه حقّ مثل سرقة مستندات الخصم أو تعمّد منع الوصول‬
‫لإلعالم بالحكم عليه‪ ...‬ويجب أن تصدر الخديعة من المحكوم له أو من يمثله قانونيّا أو‬
‫اتّفاقيّا‪ .‬كما يمكن أن تصدر عن الغير بشرط أن يكون المستفيد منها قد ساهميف حصولها‬
‫أو كان عالما بها‪ .‬ويجب أن تكون الخديعة قد تسلطت على الملتمس أثناء النظريف الدعوى‬
‫ولم يتسن له تقديم دفاعه وإظهار الحقيقة للمحكمة فأثّر ذلك على نتيجة الحكم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬انبناء الحكم على أوراق مزوَّرَةٍ‪ :‬يجب أن يثبت زور األوراق بعد صدور الحكم الملتمس‬
‫إعادة النظر فيه وأن يكون الحكم قد تأسّس على األوراق المزوّرة‪.‬‬

‫يمكن أن يصدر الزور عن المستفيد أو الغير حتى إن لم يعلمه المستفيد‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الظفر بأوراق قاطعةيف الدعوى كانت ممنوعة بفعل الخصم‪ :‬تفترض هذه الحالة وجود‬
‫أوراق قاطعةيف الدعوى لو قُدِّمت أثناء نشر الدّعوى لتغيّر وجه الفصل فيها‪ .‬ويجب أن يكون‬
‫المستفيد هو من حال بين خصمه وبين تقديم األوراق للمحكمة مثل أن يحجزها فال يتم‬
‫الحصول عليها إال بعد صدور الحكم المطعون فيه‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪46‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫ب‪ .‬إجراءات وآثار التماس إعادة النظر‬

‫يُ قدم المطلب إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيهيف أجل ‪ 30‬يوما من تاريخ‬
‫العلم بالخديعة أو الزور أو الحصول على الورقة الممنوعة وفق إجراءات القيام لدى المحكمة‬
‫الواقع االلتماس أمامها والتي يجوز أن تكون مؤلفة من نفس القضاة الذين أصدروا الحكم‬
‫المطعون فيه‪.‬‬

‫وال يترتب على التماس إعادة النظر إيقاف تنفيذ الحكم المطعون فيه‪ .‬وتنظر المحكمة أوال‬
‫في قبول مطلب االلتماس شكال‪ ،‬فإذا قبلته تُعيَّن جلسة مرافعة للنّظريف الموضوع‪ .‬فإذا قضت‬
‫برفض االلتماس أصال‪ ،‬تسلّطت الخطية على الملتمس‪ ،‬أما إذا تم قبول مطلب االلتماس‬
‫شكال وأصال‪ ،‬فإنّ ذلك يؤدي إلى زوال الحكم المطعون فيه وزوال كافة اآلثار القانونية التي‬
‫ترتّبت عليه‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪47‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫الجزء الثاني‬
‫طـرق التنفـيذ‪ :‬إجراءات تنفيذ الحكم‬

‫تهدف مادة طرق التنفيذ إلى التعرّف على الوسائل واإلجراءات التي يمنحها القانونُ للدّائن‬
‫لتنفيذ السند المتضمِّنِ لحقّه‪ ،‬تكريسًا لخاصيّة اإللزامية التي تتميز بها القاعدة القانونية‬
‫وتفعيالً لعنصر المسؤولية باعتبارها العنصر الثاني من عناصر االلتزام‪.‬‬

‫كرّس المشرع التونسي‪ ،‬مثلما هو الحلّيف جميع القوانين المقارنة‪ ،‬الحقيف التنفيذ صلب‬
‫الفصل ‪ 118‬من الدستور الذي ينص على أنه «تصدر األحكام باسم الشعب وتُنفذ باسم‬
‫رئيس الجمهورية»‪.‬‬

‫يُعد الحكم بالتنفيذ مسألة بديهية ألنه «ال ينفع التّكلّم بحق ال نفاذ له» مثلما جاءيف الرسالة‬
‫العمرية للقضاء ألنّ عدم التّنفيذ يجعل االعتراف بالحقوق قضائيا مجرد حبر على ورق ويمس‬
‫من مفهوم دولة القانون‪.‬‬

‫ينقسم التّنفيذ إلى عينيّ وهو األصل حيث يقوم المدين بتنفيذ عين ما التزم به من ذلك رفع‬
‫اليد عن العقار والخروج منه وتسليمه لمن صدر لفائدته حكم االستحقاق أو إبرام كتب نهائي‬
‫تنفيذا اللتزام الوعد بالبيع أو االمتناع فعليا عن المنافسة غير المشروعة‪ .‬أما إذا تعذر التنفيذ‬
‫العيني‪ ،‬فيقع اللجوء إلى التنفيذ غير المباشر أو التنفيذ بعِوض وذلك من خالل أداء قيمة‬
‫االلتزام األصلي‪ ،‬فيُعوض هذا األخير بالتزام أداء مبلغي مالي‪ ،‬علمًا وأن التنفيذ غير المباشر‬
‫عن طريق بيع مكاسب المدين هو الغالب على مستوى التطبيق كلما تعلق األمر بتنفيذ التزام‬
‫بأداء مبلغ مالي امتنع فيه المدين عن الخالص أو كان غير قادر عليه‪.‬‬

‫تنقسم طرق التنفيذ إلى خاصة وجماعية‪ .‬أما التنفيذ الفردي فهو المبدأ ويمارسه الدائن بمفرده‬
‫ولو تعدد الدائنون‪،‬يف حين يجتمع كل الدائنين عند التنفيذ الجماعي أو ما يُسمّى باإلجراءات‬
‫الجماعية‪ ،‬وذلكيف صورتين خاصتين هما‪ :‬إفالس التاجر وخضوع المؤسسة لقانون إنقاذ‬
‫المؤسسات التي تمرّ بصعوبات اقتصادية‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪48‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫تتميز األحكام المتعلقة بالتنفيذ بصبغتها اآلمرة وتعلقها بالنظام العام مما يؤدي إلى تكرار‬
‫تطبيق البطالن المطلق عند مخالفة هذه القواعد وذلك حماية لمصالح األطراف المتدخلة‬
‫والمتمثلةيف الدائنين والمدينين والغيريف بعض الحاالت‪ .‬أمّا بالنسبة للدائن العاقل‪ ،‬فإن‬
‫قواعد التنفيذ تهدف إلى تمكينه من التوصل بحقه فعليًّايف أسرع وقت ممكن مع توفير كلّ‬
‫الضمانات التي تسمح بالتصدي لمماطلة خصمه وما قد يلجأ له من طرق لتعطيل التنفيذ‪.‬‬

‫أمّا فيما يخص المدين المعقول عنه‪ ،‬فإنّ حمايته تتمثليف منع الدائن من اتّباع إجراءات‬
‫التحايل على حقوقه ومنع التشفي منه أو االستيالء على مكاسبه بطرق ملتوية‪ .‬لذلك‪ ،‬أخضع‬
‫المشرع بيع الممتلكات المعقولة للمزاد العلني واختبارات تقدير القيمة واإلشهارات القانونية‬
‫الالزمة ومنع اتفاق الدائن والمدين على بيع المكاسب خارج إطار التنفيذ الجبري‪.‬‬

‫أما حماية مصالح الغير‪ ،‬فإن المشرع قد ضمنها من خالل منع التنفيذ على مكاسبه ومنحِهِ‬
‫الحقيف رفع إشكال تنفيذي‪.‬‬

‫يتجه دراسة مادة طرق التنفيذ عبر بيان القواعد العامة للتنفيذ (الفصل األول) ثم تفصيل نظام‬
‫العُقل (الفصل الثاني)‪.‬‬

‫الفصل‬
‫القواعد العامة للتنفيذ اجلربي‬ ‫األول‬

‫ضبطها المشرع صلب الفصول من ‪ 285‬إلى ‪ 490‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت إضافة إلى عديد القوانين‬
‫الخاصة بعقلة بعض األموال ذات الطبيعة الخاصة مثل الطائرات واألصول التجارية والقيم‬
‫المنقولة‪ ...‬ويمكن تقسيم القواعد العامة للتنفيذ الجبري إلى قواعد تتعلق بموضوع التنفيذ‬
‫و تُسمّى بالقواعد ذات الصبغة الموضوعية (المبحث األول) وقواعد ترتبط بأطراف عملية‬
‫التنفيذ لتكون بالتالي ذات صبغة شخصية (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫القواعد العامة ذات الصبغة الموضوعية‬ ‫المبحث األول‬

‫يمكن تصنيف القواعد الموضوعية المتعلقة بالتنفيذ الجبري إلى ‪ 3‬أقسام تتعلق بالسند‬
‫التنفيذي (الفقرة األولى) وبمحل التنفيذ (الفقرة الثانية) وبموعد التنفيذ (الفقرة الثالثة)‪.‬‬
‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪49‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫الفقرة األوىل ‪‬السند التنفيذي‬


‫السند التنفيذي هو الوثيقة التي ال يمكن بدونها إجراء أي عمل تنفيذي‪ ،‬وتنقسم إلى سندات‬
‫قضائية (أ) وسندات تنفيذية إدارية (ب) وسندات عرفية أو خاصة (ت)‪.‬‬

‫أ‪ .‬السندات التنفيذية القضائية‬

‫تتمثليف السندات الصادرة عن السلطة القضائيةيف إطار اختصاصها الوالئي مثل األذون‬
‫على العرائض (وهي سندات تنفيذية من ذلك اإلذن على عريضة بإجراء عقلة تحفظية أو عقلة‬
‫توقيفية) واألحكام التحضيرية القاضية بإجراء اختبار مثل اإلذن بالحصول على شهادةيف ‬
‫التعريف باإلمضاء أو الحصول على نسخة من الشهادة الطبية األوّليّة أو اإلذن بتأمين مبلغ من‬
‫المال بالخزينة العامة‪ .‬ويقع تنفيذ هذه السندات حاال وبمجرّد اإلدالء بها من طرف عدل منفذ‬
‫أو ممن صدر اإلذن لفائدته حسب الحال‪ .‬كما يصدر عن القضاء الوالئي سندات تنفيذيةيف ‬
‫شكل أوامر بالدفع تسمح بمباشرة بعض أو جلّ أنواع العقل‪.‬‬

‫أمايف إطار اختصاصها القضائي التنازعي‪ ،‬فإن المحاكم تصدر أحكاما وقرارات تسمح‬
‫بمباشرة أنواع العقل حسب درجة الحكم‪ ،‬حيث يسمح الحكم االبتدائي بمباشرة كل من العقلة‬
‫التحفظية والتوقيفية وال يسمح بمباشرة العقلة التنفيذية إال إذا كان االستئناف ال يوقف تنفيذه‬
‫أو كان مُحلَّى بالنفاذ العاجل‪.‬‬

‫أما الحكم النهائي الصادر أساسا عن محاكم الدرجة الثانية فإنه يسمح بمباشرة جميع أنواع‬
‫العقل بما فيها التنفيذية مع استثناء الحاالت التي يوقف فيها الطّعنُ بالتعقيب تنفيذَ الحكم‬
‫االبتدائي طبقا للفصل ‪ 194‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ .‬أما الحكم الباتّ فهو الحكم الذي اتصل به القضاء‬
‫والذي ال يمكن الطعن فيه بأيّ وسيلة طعن إما بسبب استنفاذ جميع طرق الطعن أو لعدم‬
‫مباشرة إحدى طرق الطعنيف اآلجال المحددة‪.‬‬

‫ب‪ .‬السندات التنفيذية اإلدارية‬

‫تصدر عن اإلدارة الجبائية أو المالية سندات تسمح باستخالص ديون الدولة على المطالبين‬
‫باألداء سواءً كان جبائيا أو مساهماتيف الصندوق الوطني للضمان االجتماعي أو أداء بلديًّا‪،‬‬
‫وذلك دون المرور بالسلطة القضائية‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪50‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫يخضع إصدار السندات التنفيذية اإلدارية إلى عدّة شكليات أبرزها‪:‬‬

‫صدور السند عن السلطة اإلدارية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫إمضاؤه من طرف المسؤول األول عن هذه السلطة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ومن أمثلة هذه السندات قرارات التوظيف اإلجباري الصادرة عن وزير الماليةيف المادة‬
‫الجبائية وبطاقات اإللزام الصادرة عن الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للضمان‬
‫االجتماعي الستخالص مساهمات المنخرطينيف الصندوق‪ ،‬وجداول التحصيل وتُعرف‬
‫أيضا بملخّصات األزِمَّةِ وتصدر عن رئيس البلدية الستخالص األداءات المستوجبة على‬
‫المواطنين القاطنين بالتراب البلدي‪.‬‬

‫تكتسب هذه السندات القوة التنفيذية بمجرد إصدارها طبق القانون وال يمكن إيقاف تنفيذها‬
‫إال باالعتراض عليها أمام المحكمة المختصة‪.‬‬

‫كما تُعتبر سندات تنفيذية أحكام المحكّمين التي تُنفَّذ إمّا رضائيا من طرف أشخاص الئحة‬
‫التحكيم أو بعد إكسائها بالصبغة التنفيذية من طرف المحكمة المختصة بذلك‪.‬‬

‫كما تُعتبر سندات تنفيذيّة أيضا القرارات الصّادرة عن الهيئات المهنية ومن أبرزها قرار‬
‫التسعيرة الذي يصدره الفرع الجهوي للمحامين لتقدير أتعاب المحامي عند حصول خالف‬
‫بينه وبين حريفه حول المسألة ويُكسى بالصبغة التنفيذية من طرف الرئيس األول لمحكمة‬
‫االستئناف‪.‬‬

‫ت‪ .‬السندات التنفيذية الخاصة أو العرفية‬

‫تسمح بعض القوانين المقارنة باعتماد سندات الدّيْن التي تأخذ شكل كتب رسمي مثل سندات‬
‫تنفيذية تسمح بمباشرة أعمال التنفيذ دون الحاجة الستصدار حكم باألداء من طرف السلطة‬
‫القضائية وما يعني ذلك من إنفاق لكثير من الوقت والمال قبل مباشرة أعمال التنفيذ‪.‬‬

‫بالرجوع إلى القانون التونسي‪ ،‬نالحظ أن المشرّع اقتصر على اعتماد سندين عُرفيّيْن فقط‬
‫هما‪ :‬السند المرسّم بإدارة الملكيّة العقاريّة الذي يسمح بإجراء العقلة التنفيذية على العقار‬
‫المسجّل طبقا للفصل ‪ 451‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬والصكّ المحرَّريف شأنه شهادةيف عدم الخالص‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪51‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫الذي يمكّن من مباشرة أعمال التنفيذ التحفظية والتوقيفية طبقا للفصل ‪ 408‬من المجلة‬
‫التجارية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ ‬محل التنفيذ‬


‫أقرّ المشرّع صلب الفصل ‪ 192‬من م‪.‬ح‪.‬ع أنّ التنفيذ يقع على مكاسب المدين وفي ذلك قطع‬
‫وتأكيد لقاعدة منع التنفيذ على الذات‪ ،‬على أن ذلك ال ينفي وجود بعض االستثناءات مثل‬
‫جريمة االمتناع عن أداء مال النفقة وجريمة إصدار شيك بدون رصيد وجريمة االمتناع عن‬
‫أداء ديون الدولة حيث يقع استثنائيًّا التنفيذ على ذات المدين رغم أن الدّيْن ذو طبيعة مدنية‬
‫أو تجاريّة أو جبائيّة‪.‬‬

‫ضبط المشرّع األموال القابلة للعقلة ومنع التنفيذ على بعض األصناف من األموال‪.‬‬

‫ينطلق التنفيذ أوال على المنقوالت باستثناء الديون الموثّقة برهن‪ ،‬فإن لم تكن كافية يمكن‬
‫المرور إلى التنفيذ على العقارات عمال بالفصل ‪ 304‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت وهو ما يُعرف بـ"قاعدة‬
‫االحتياط"‪ .‬كما تخضع عقلة األموال إلى "قاعدة التناسب" الواردة بالفصل ‪ 307‬من‬
‫م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت والتي تمنع إجراء عقلة تنفيذية على أكثر مما يكفي لخالص الدّيْن‪.‬‬

‫استثنى المشرّع األموال التي ال تخضع للعقلة ضمن الفصل ‪ 308‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت وهي‪:‬‬

‫‪« )1‬ما يلزم للمعقول عنه وعائلته من الفراش والمالبس وأواني الطبخ‪،‬‬
‫‪ )2‬اآلالت والكتب الالزمة لمهنة المعقول عنه إلى حد ما قيمته مائة دينار حسب اختياره‪،‬‬
‫‪ )3‬الكتب واألدوات المدرسية الالزمة لتعلم من هويف كفالة المعقول عنه من األوالد‪،‬‬
‫‪ )4‬ما يكفي من طعام المعقول عنه وعائلته مدة خمسة عشر يوما‪،‬‬
‫‪ )5‬األوسمة والرسائل واألوراق الشخصية واألشياء المقدسة وما هو ضروري للقيام‬
‫بالواجبات الدينية»‪.‬‬

‫ويضيف الفصل ‪ 331‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت الوارديف باب العقلة التوقيفية مبالغ ال يمكن عقلتها‬
‫توقيفيا وهي‪:‬‬

‫«أوال‪ :‬النفقة إذا صدر بها حكم‪.‬‬


‫ثانيا‪ :‬التسبقات ذات الصبغة المعاشية عن تعويض ضرر ناشئ عن جنحة أو شبهها‪،‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪52‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫ثالثا‪ :‬المبالغ التي تمنحها الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية بعنوان إعانة‬
‫فردية دورية أو عرضية مهما كان مبلغها ومستحقها»‪.‬‬

‫أما األجور والمرتّبات فهي تقبل العقلة وفقا للفصل ‪ 354‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت ‪4‬يف حدود ما يضمن‬
‫الحاجيّات األساسيّة للمدين‪ .‬وال تقبل العقلةَ التوقيفيةَ جراياتُ حوادث الشغل والجرايات‬
‫العمرية نظرا لصبغتها المعاشيّة‪ ،‬وكذلك األثاثُ والعقاراتُ الالزمة لنشاط النقابات المهنيّة‬
‫(الفصل ‪ 245‬من مجلة الشغل)‪ .‬وتتمتع بحصانة التنفيذ األموال الراجعة للدولة والمؤسسات‬
‫العمومية والجماعات المحلية وفقا لمجلة المحاسبة العمومية ‪،5‬يف حين تنظم مجلة القانون‬
‫الدولي الخاص تمتع مقرات البعثات الدبلوماسية األجنبيّة وأثاثها وأدوات عملها وحساباتها‬
‫البنكية ومكاسب المسؤولين فيها بحصانة التنفيذ عمالً بمبدأ المعاملة بالمِثل‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ ‬زمن التنفيذ‬


‫تقدر مدة نفاذ األحكام بـ ‪ 20‬سنة من تاريخ صدورها عمالً بالفصل ‪ 257‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪،‬‬
‫وتبعًا لذلك ال يستقيم التنفيذ الجبري إال خالل هذه المدة وإال فقد الحكم قوّته اإللزامية‪.‬‬

‫وال يمكن مباشرة أعمال التنفيذ إال بعد إعالم المدين بتنفيذ الحكم بواسطة عدل منفّذ ومنحه‬
‫أجل ‪ 20‬يومًا لإلذعان أي التنفيذ االختياري‪ ،‬وينخفض هذا األجل إلى ‪ 24‬ساعة من تاريخ‬
‫اإلعالم بالنسبة للقرارات االستعجالية واألوامر بالدّفع الصادرة على أساس كمبياالت محرّر‬
‫في شأنها محضر احتجاج بعدم الخالص وكذلك األوامر بالدفع الصادرة ضد أحد المالكين‬
‫ألداء مساهمتهيف النفقات المشتركة لفائدة نقابة المالكين‪.‬‬

‫‪ 4‬الفصل ‪ 354‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ « :‬األجور المشار إليها بالفصل المتقدم قابلة للعقلة واإلحالة إلى حد الجزء العشرين من القسط‬
‫الذي يقل عن ثالثمائة دينار في العام أو يساويها وإلى حد العشر من القسط الذي يفوق الثالثمائة دينار ويقل عن الستمائة‬
‫دينار أو يساويها وإلى حد الخمس من القسط الذي يفوق ستمائة دينار ويقل عن تسعمائة دينار أو يساويها وإلى حد الربع‬
‫من القسط الذي يفوق تسعمائة دينار ويقل عن ألف ومائتي دينار أو يساويها وإلى حد الثلث من القسط الذي يفوق ألفا‬
‫ومائتي دينار ويقل عن ألف وخمسمائة دينار أو يساويها وإلى حد الثلثين من القسط الذي يفوق ألفا وخمسمائة دينار ويقل‬
‫عن الثالثة آالف دينار أو يساويها وبدون تحديد من القسط الذي يفوق الثالثة آالف دينار‪.‬‬
‫ويجب أال يراعي في حساب المقدار الواجب خصمه نفس األجر فقط بل جميع زوائده عدا المنح التي يصرح القانون بعدم‬
‫قابليتها للعقلة والمبالغ المعطاة بعنوان ترجيع مصاريف صرفها العامل والمنح واإلعانات العائلية»‪.‬‬
‫‪ 5‬الفصل ‪ 37‬من مجلة المحاسبة العمومية‪ « :‬ال يجوز إجراء أي عقلة ولو كانت بمقتضى أحكام أو بطاقات تنفيذية على‬
‫األموال وال على الديون المنجرة عن ضرائب أو غيرها وال على السندات والقيم والمكاسب المنقولة وغير المنقولة بدون أي‬
‫استثناء التي تملكها الدولة أو المؤسسات العمومية أو الجماعات العمومية المحلية‪.‬‬
‫وكل ما يقع من عقل وأعمال تنفيذية وغيرها خالفا لألحكام المقررة أعاله يعتبر باطال بطالنا مطلقا»‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪53‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫وخالل أجل اإلذعان‪ ،‬يمكن للدائنين اتخاذ إجراءات تحفظية لحماية حقهم مثل ضرب عقلة‬
‫تحفظية أو توقيفية‪.‬‬

‫إثر انقضاء أجل اإلذعان دون نتيجة‪ ،‬يصبح بإمكان الدّائن مباشرة أعمال التنفيذ الجبري على‬
‫ألّا يقع القيام بها ليالً أويف أحد األعياد الرسميّة إال بترخيص خاص بموجب إذن على عريضة‬
‫يصدره رئيس المحكمة المختصّة عند الضرورة القصوى عمال بالفصل ‪ 291‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬

‫ويشمل الليل‪ ،‬وفقا لمجلة المرافعات المدنية والتجارية‪ ،‬من أول أفريل إلى ‪ 30‬سبتمبر‬
‫الساعات بين الثامنة مساءً والخامسة صباحًا‪ ،‬ومن أول أكتوبر إلى ‪ 31‬مارس الساعات بين‬
‫السادسة مساءً والسابعة صباحًا‪.‬‬

‫وال يمكن إجراء أي عمل من أعمال التنفيذ الجبري أيام األعياد الدينية احتراما لديانة‬
‫المستهدف بالتنفيذ‪ ،‬ولقد ضبط الفصل ‪ 292‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت هذه األعياد حيث نص على أنّه‬
‫«ال يمكن عالوة على ذلك إجراء أي عمل من أعمال التنفيذ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬ضد المسلمين‪ :‬يوم الجمعة واأليام األخيرة من رمضان بداية من اليوم السابع والعشرين‬
‫منه واليوم الثالث من عيد الفطر واليوم الثاني من عيد األضحى واليوم الموالي ليوم المولد‪،‬‬

‫ثانيا‪ :‬ضد اإلسرائيليين‪ :‬يوم السبت ويومي روشانة وكبور واليومين األولين واليومين‬
‫األخيرين من سوكوت (عيد الجريدة) ويوم بوريم (عيد استير) واليومين األولين واليومين‬
‫األخيرين من بيسح (عيد الفطيرة) ويومي سبعوت (عيد العنصرة)‪،‬‬

‫ثالثا‪ :‬ضد المسيحيين‪ :‬يوم األحد ويوم الخميس عيد الصعود واليوم الخامس عشر من أوت‬
‫(عيد النزول) ويوم أول نوفمبر واليوم الخامس والعشرين من ديسمبر (عيد الميالد)»‪.‬‬

‫وفي جميع الحاالت‪ ،‬ال يحق للعدل المنفذ إجراء أعمال التنفيذ بحضور الدّائن القائم بالتتبّع‬
‫وذلك احترامًا لمن صدر ضده الحكم وتفاديًا لردّة فعله‪.‬‬

‫القواعد العامة ذات الصبغة الشخصية‬ ‫المبحث الثاني‬

‫يقوم عدل التنفيذ‪ ،‬تحت رقابة القضاء‪ ،‬بدورٍ محوريٍّيف أعمال التنفيذ‪ ،‬على أنّ تدخّل السلطة‬
‫القضائية يزداد كلّما ازدادت قيمة المال المعقول حيث أخضع المشرّع العقلة التنفيذيّة للعقار‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪54‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫واألصل التجاري والسفينة وغيرها من المنقوالت المهمّة إلشراف مباشر من السلطة القضائية‪.‬‬

‫ويتدخّليف أعمال التنفيذ شركات استخالص الديون مع إلزاميّة لجوئها إلى عدل التنفيذ عند‬
‫مباشرة أعمال التنفيذ الجبري‪ .‬كما يتدخّل أيضا حاملو بطاقات الجبر ومأموري الخزينةيف ‬
‫استخالص الديون الموثقة بسندات إداريّة ويُسمّون أيضا عدول الخزينة العامّة‪.‬‬

‫تجري عمليّة التنفيذ بين طرفين هما الدّائن القائم بالتّتبّع والمدين الموجّه ضدّه التّتبّع (الفقرة‬
‫األولى) على أنه يمكن‪ ،‬استثنائيًّا‪ ،‬أن يتدخّل الغيريف أعمال التنفيذ (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األوىل ‪ ‬أطراف عملية التنفيذ‬


‫أ‪ .‬طالب التنفيذ‬
‫يُخوَّل الحقيف التنفيذ للمحكوم لفائدته‪ ،‬فإذا كان قاصرًا أو محجورًا عليه أو ذاتًا معنويّة‪،‬‬
‫يتمّ التنفيذيف حقّه بطلب من ممثله القانوني‪.‬‬

‫ويمكن لمحامي المحكوم لفائدته (وكيله القانوني) أو وكيله االتفاقي متابعة التنفيذ عمالً‬
‫بالفصل ‪ 288‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬

‫وفي صورة وفاة المحكوم لفائدته‪ ،‬فإنّ حقهيف التنفيذ ينتقل إلى ورثته‪ ،‬كما ينتقل إلى خلَفَه‬
‫ص من ذلك مثال صدور حكم بكفّ الشغب لفائدة مالك عقار أو الحكم برفع ضرر عن‬
‫الخا ّ‬
‫عقار ثمّ يقع التفويت فيه بالبيع قبل إتمام تنفيذ الحكم أو الشروعيف ذلك‪ ،‬فإنه يمكن‬
‫للمشتري مواصلة التنفيذ إلى حين كفّ الشّغب أو رفع المضرّة‪.‬‬

‫ويسمح الفصل ‪ 288‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت لدائن المحكوم لفائدته متابعة أعمال التنفيذ‪ .‬اعتبر شقٌّ‬
‫من الفقه أنه يمكن لدائني طالب التنفيذ مباشرة الدعوى المنحرفة لمطالبة من صدر ضدّه‬
‫الحكم بتنفيذه ويكون ذلك عمليًّا عن طريق العقلة التوقيفية‪،‬يف حين يرى شقٌّ آخر أنه ال‬
‫يمكن للدائنين المطالبة بتنفيذ الحكم الصادر لفائدة مدينهم إاليف إطار أحكام الفلسة ذلك‬
‫ألن المدين المفلس أصبح عاجزًا عن المطالبة بتنفيذ الحكم الصادر لفائدته ألنّ أهليّته مقيّدة‪.‬‬

‫ب‪ .‬المدين بالتنفيذ‬

‫يتمّ التنفيذ ضدّ من صدر عليه الحكم عبر عقلة ممتلكاته‪ ،‬وفي صورة تعدّدهم وصدور الحكم‬
‫ضدهم بالتضامن‪ ،‬فللدّائن أن يختار بين التنفيذ ضدهم جميعا أو التنفيذ ضد أحدهم بكامل‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪55‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫المبلغ ويكون لهذا األخير حق الرجوع على البقية‪ .‬أمّايف صورة غياب التضامن بين المدينين‪،‬‬
‫فإنّه ال يمكن للدّائن إال مطالبة كل مدينيف حدود منابه من الدّيْن مثلما هو الحاليف التنفيذ‬
‫على الورثة‪.‬‬

‫إذا تُُوفّي من صدر ضده الحكم‪ ،‬فإنّ التنفيذ يتم ضدّ ورثته طالما لم يتنازلوا عن التركة وفقا‬
‫للفصل ‪ 241‬من م‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬وال يتم التنفيذ ضدّ الورثة إال بعد إعالمهم بالحكم وانقضاء أجل‬
‫اإلذعان وذلك حتى لو سبق أن تمّ إعالم المحكوم ضده بالحكم قبل وفاته عمال بالفصل‬
‫‪ 289‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬

‫أمّا إذا انقضى أجل اإلذعانيف حق المورّث‪ ،‬فإنّه تقع مواصلة أعمال التنفيذ الجبري ضد‬
‫الورثة بدون حاجة إلعالم جديد بالحكم‪ ،‬وإذا تعذرت معرفة الوارث رغم االسترشاد عنه ولم‬
‫يقدّم أحد حجّة الوفاة‪ ،‬فإنّه‪ ،‬بعد مضي ‪ 30‬يومًا من العلم بواقعة الوفاة‪ ،‬تُبَلَّغُ المحاضر المتعلقة‬
‫بالتنفيذ لوارث المحكوم عليه المتوفَّى دون بيان اسمه وذلك بآخر مقر معلوم للمورّث‪ ،‬ويكون‬
‫هذا اإلعالم كافيًا للتمادييف التنفيذ‪.‬‬

‫وقد يحصل أثناء التنفيذ نزاع حول إثبات صفة أحد األطراف‪ ،‬فيتم اتباع اإلجراءات المتعلقة‬
‫بالصعوبات التنفيذية المنصوص عليها بالفصلين ‪ 210‬و‪ 211‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬حيث تُثار‬
‫الصعوبة أمام عدل التنفيذ فيُحرّريف شأنها محضرًا ويقدّر مدى حجّيّتها‪ ،‬فإذا اقتنع بذلك‬
‫يوقف أعمال التنفيذ ويحيل األمر إلى القضاء االستعجالييف أقرب جلسة مع استدعاء من‬
‫يهمه األمر للحضور وال يمكن تعطيل أعمال التنفيذيف هذه الصورة إال إذا سبّق مثير الصعوبة‬
‫لعدل التنفيذ مصاريف نشر القضية‪.‬‬

‫أمّا إذا رفض عدل التنفيذ عرض الصعوبة على القضاء المختص‪ ،‬فيمكن لمثيرها أن يرفع‬
‫األمر للقضاء بعد تأمين مبلغ ‪ 50‬دينارا بعنوان معلوم خطية يتم تسليطها عليهيف صورة رفض‬
‫مطلبه وذلك للحد من إثارة الصعوبات الوهمية‪ .‬يجب‪ ،‬إثر ذلك‪ ،‬على مثير الصعوبة استدعاء‬
‫عدل التنفيذ وكل من يهمه األمر أمام القاضي المختص ويجب على عدل التنفيذيف هذه‬
‫الصورة تقديم مالحظاته بشأن موقفه من الصعوبة المثارة‪.‬‬

‫ال يترتب على إثارة اإلشكال التنفيذي من طرف مثير الصعوبة تعطيل أعمال التنفيذ‪ ،‬بل‬
‫تتواصل طالما لم يصدر إذن خاصيف ذلك من القاضي المتعهد باإلشكال التنفيذي‪.‬‬
‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪56‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫يصدر القاضي قراره بقبول أو رفض اإلشكال التنفيذي بناءً على مدى اقتناعه بجدية الصعوبة‬
‫المُثَارة أمامه‪ ،‬فإذا قضى بالرفض‪ ،‬فإنه يأذن بمواصلة أعمال التنفيذ‪ ،‬أمّا إذا قدّر جدّيّة‬
‫الصعوبة‪ ،‬فإنّه يأذن بإيقاف أعمال التنفيذ ومطالبة مثير الصعوبة برفع دعوىيف األصل إذا‬
‫تعلّق األمر بادّعاء استحقاق المال المعقول لفائدة الغير‪.‬‬

‫يُنفذ القرار الصادريف شأن الصعوبة التنفيذية على المسودة بغض النظر عن االستئناف ودون‬
‫لزوم اإلعالم به‪ .‬ومن حق أي طرف تسلُّم نسخةٍ من نص ذلك القرار دون مصاريف خالل‬
‫‪ 24‬ساعة من تاريخ التصريح به‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ ‬حماية الغي‬


‫يخضع الحكم المدني لمبدأ األثر النسبي لألحكام المدنية ومفاده أنه ال ينجر منه للغير ضرر‬
‫وال نفع‪ .‬وتبعا لذلك‪ ،‬ال يمكن أن تُمدّد أعمال التنفيذ لتشمل مكاسب الغير‪ ،‬فإذا حدث ذلك‪،‬‬
‫فإنّ الفصل ‪ 403‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت يسمح بإثارة صعوبة تنفيذيةيف خصوص ادّعاء االستحقاق‬
‫أمام القاضي االستعجالي بمكان العقلة‪ ،‬فإذا قدّر هذا األخير جدّيّة دعوى االستحقاق‪ ،‬فإنّه‬
‫يأذن بإيقاف أعمال التنفيذ ويضرب لمدّعي االستحقاق أجلَ ‪ 15‬يومًا لرفع األمر لمحكمة‬
‫األصل‪.‬‬

‫فإذا قام الغير مدّعي االستحقاق بنشر دعوى أصليّةيف ادّعائه خالل األجل المحدّد‪ ،‬فإنّ‬
‫أعمال التنفيذ تتوقّف إلى حين البتّيف دعوى االستحقاق‪.‬‬

‫أمّا إذا لم يدل مدّعي االستحقاق بما يفيد نشر دعواهيف األجل المحدّد‪ ،‬فإنّه يقع استئناف‬
‫أعمال التنفيذ من حيث توقّفت‪.‬‬

‫الفصل‬
‫القواعد اخلاصّة بالعُقل‬ ‫الثاني‬

‫تعتبر العُقل بأنواعها تجسيدا لقوة الدولة وللصبغة اإللزامية للقاعدة القانونية التي تحقق نفاذ‬
‫القانون عبر االستعانة بالقوة العامّة عند الضّرورة‪ .‬وتنقسم العُقل إلى تحفّظية (الفقرة األولى)‬
‫وتوقيفية (الفقرة الثانية) وتنفيذيّة (الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪57‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫الفقرة األوىل ‪ ‬العقلة التحفظية ‪La saisie conservatoire‬‬


‫تتمثل العقلة التحفظيةيف إجراء وقائي يتخذه الدّائن لمنع المدين من التفريطيف مكاسبه‪،‬‬
‫فيؤدي ضرب العقلة إلى تجميد أموال تابعة للمدين بهدف وضعها على ذمة التنفيذ الجبري‬
‫وبيعها عند االقتضاء الستخالص الدّيْن‪.‬‬

‫ولقد ميّز المشرع‪ ،‬صلب مجلة المرافعات المدنيّة والتّجاريّة‪ ،‬بين العقلة التحفظية على جميع‬
‫مكاسب المدين غير العقارات المسجّلة (أ) والعقلة التحفظية على العقارات المسجلة التي‬
‫تُعرَف باالعتراض التحفظي (ب)‪.‬‬
‫ّ‬
‫أ‪ .‬العقلة التحفظية على جميع األموال غير العقارات المسجلة (األحكام المشتركة)‬

‫ضبطت الفصول من ‪ 322‬إلى ‪ 326‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت شروط وآثار هذه العقلة التي تنطبق على‬
‫جميع مكاسب المدين منقولة كانت أم عقاريّة باستثناء العقارات المسجّلة أو األموال التي‬
‫يمنع القانون عقلتها (الفصل ‪ 308‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت)‪.‬‬

‫‪ .1‬الشروط‬

‫تنقسم إلى شروط يتعلّق بعضها بالدّيْن وبعضها اآلخر بالسّند‪:‬‬

‫فيما يخصّ الدّيْن المستوجب إلجراء العقلة‪ ،‬فإنّ الفصل ‪ 322‬فقرة ‪ 2‬يسمح بالعقلة‬ ‫‪‬‬

‫التحفظية «لضمان كل ديْن يبدو أنّ له أساسا من حيث األصل وأن استخالصه مهدد بالخطر‬
‫ولو كان مؤجال أو معلقا على شرط»‪.‬‬

‫تبعا لذلك‪ ،‬يمكن إجراء عقلة تحفظية من أجل دين غير ثابت وغير محدد المقدار وغير حالٍّ‬
‫شرط أن يبدو استخالصه مهدّدًا بالخطر أي أن المدين يمرّ بحالة إعسار أو أنّه قد يمرّ بها‬
‫حسب ما يظهر من معامالته‪.‬‬

‫أمّا فيما يخصّ الشرط المتعلّق بالسند التنفيذي‪ ،‬فإنّه يتميز باليسر ذلك أنه يمكن إجراء‬ ‫‪‬‬

‫العقلة بموجب جميع السّندات التنفيذية باختالف درجاتها وقوّتها (حكم باتّ نهائي‪ ،‬حكم‬
‫ابتدائي محلَّى بالنّفاذ العاجل‪ ،‬حكم ابتدائي يوقف االستئنافُ تنفيذَه‪ ،‬أمر بالدّفع‪ ،‬شيك صادر‬
‫في شأنه شهادةيف عدم الخالص)‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪58‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫وفي غياب جميع هذه السّندات ‪ ،‬يمكن للدّائن أن يستصدر إذنا على عريضةيف إجراء عقلة‬
‫تحفظية من طرف القاضي المختصّ والذي يشترط‪،‬يف اإلذن بالعقلة‪ ،‬القيام بقضيّة أصليّة‬
‫في األداءيف أجل ‪ 15‬يومًا من تاريخ صدور اإلذن وإال فإنّ العقلة تُرفع بصفة تلقائية وذلك‬
‫حمايةً لحقّ المدينيف التّصرّفيف أموالهيف مواجهة الدّائن غير الجِدّيّ‪.‬‬

‫يقع اإلعالم باإلذن على عريضة إلجراء عقلة تحفظية قبل تنفيذه‪ ،‬ويمكن للمدين طلب‬
‫الرجوع فيهيف أجل ‪ 8‬أيّام من تاريخ اإلعالم على أن يستدعي خصمهيف أجل ‪ 8‬أيّام من‬
‫تاريخ الطّعن‪.‬‬

‫يجب أن يشتمل محضر العقلة التحفظية على التنصيصات الواردة بالفصل ‪ 325‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‬
‫وهي بيان السند الذي أجريت بمقتضاه وما يفيد إعالم المعقول عنه به وحضور أو غياب هذا‬
‫األخير والمبلغ الذي أجريت من أجله العقلة وتحديد األموال المعقولة بصفة مفصّلة‪.‬‬

‫‪ .2‬اآلثار‬

‫يؤدي ضرب العقلة التحفظية إلى تجميد مكاسب المدين بين يديه‪ ،‬فيمكنه استعمالها‬
‫واستغاللها دون التنقيص من قيمتها بما يمسّ من حقوق الدّائنيف استخالص دينه‪،‬يف حين‬
‫ال يمكنه التفويت فيها وإال كان عرضة للتتبع الجزائي من أجل جريمة التفريطيف معقول‬
‫الواردة بالفصل ‪ 272‬من م‪.‬ج والتي تصل عقوبتها إلى ‪ 5‬سنواتٍ سجنًا مع الخطية‪.‬‬

‫يمكن لعدل التنفيذ أن يسلّم المكاسب المعقولة لحارس قضائي يخضع لنفس االلتزامات‬
‫المحمولة على المدين األصلي‪.‬‬

‫تُرفع أو تنتهي العقلة التحفّظيّة إمّا بتحويلها إلى تنفيذيّة بعد حصول الدّائن على سند يخوّل له‬
‫ذلك‪ ،‬أو عند الطعنيف سندها أويف محضر ضربها وتقضي المحكمة لفائدة الطاعن‪ ،‬كما‬
‫تُرفع بوقوع الخالص وتُرفع آليًّا عند عدم رفع قضيةيف األصل بعد مضيّ ‪ 15‬يومًا من تاريخ‬
‫اإلذن بالعقلة أو إذا رُفعت قضيّةيف األصل وانتهت بعدم ثبوت عالقة المديونيّة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫ب‪ .‬العقلة التحفظية على العقارات المسجلة (االعتراض التحفظي)‬

‫يهدف االعتراض التحفظي على عقار مسجّل إلى تجميد رسم الملكيّة أي تجميد التّعامل‬
‫على العقار والتفويت فيه بداية من تاريخ ترسيم االعتراض عَدَا البيع الواقع إثر عقلة عقاريّة‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪59‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫يمكن القيام باالعتراض التحفظي من طرف كلّ دائن بيده سند تنفيذيّ أو سند مرسّم (مثال‬
‫عقد رهن) حلّ أجل دينه وذلك عبر تبليغ إعالم بواسطة عدل منفّذ ينذر بمقتضاه الدّائنُ‬
‫المدينَ بأنهيف صورة عدم الوفاء بالدّيْن‪ ،‬فإنّه سيتولّى طلب ترسيم اعتراض تحفّظي على‬
‫عقاراته المسجّلة‪ .‬أمّا إذا لم يكن بيد الدّائن سندا تنفيذيًا أو سندًا مرسَّمًا‪ ،‬فإنه يمكنه ترسيم‬
‫اعتراض تحفظي على عقارات مدينه المسجلة بعد حصوله على إذنيف ذلك من رئيس‬
‫المحكمة االبتدائية التي بدائرتها مقرّ المدين‪.‬‬

‫إثر ذلك‪ ،‬يجب أن يتمّ ترسيم االعتراض التحفّظيّيف أجل ‪ 90‬يومًا من تاريخ اإلنذار أو‬
‫اإلذن وإال يكون باطالً عمالً بالفصل ‪ 327‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬

‫وال يمكن‪ ،‬انطالقًا من تاريخ ترسيم االعتراض التحفظي‪ ،‬ترسيم أي تفويت باستثناء البيع‬
‫الجبري إثر عقلة‪ ،‬كما ال يمكن ترسيم أي رهن اختياريّ أو غيره من الحقوق العينية أو أيّ‬
‫وصيّة أو عقد وفقا للفصل ‪ 328‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬

‫يدوم نفاذ االعتراض مدة عامين من تاريخ إجراءه بانقضائها يصبح غير ذي مفعول‪ ،‬على أنه‬
‫يمكن تجديده‪ .‬ويمكن رفع االعتراض التحفّظيّ عبر تأمين مبلغ الدّيْن بصندوق الودائع‬
‫واألمانات والحصول‪ ،‬تبعا لذلك‪ ،‬على إذن من رئيس المحكمة االبتدائية الكائن بدائرتها‬
‫مقرّ المدين بالتشطيب عليه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ ‬العقلة التوقيفية‬


‫تُعرف كذلك بالعقلة تحت يد الغير وهي تهدف إلى تجاوز عارض من عوارض التنفيذ وهو‬
‫وجود أموال المدين بين يدي ذلك الغير‪ .‬تتميز العقلة التوقيفية‪ ،‬تبعا لذلك‪ ،‬بأطرافها الثالثة‬
‫وهم الدّائن العاقل والمدين المعقول عنه والغير المعقول تحت يده وهو مدين المدين‪.‬‬

‫تجري العقلة التوقيفية عادة على أموال المدين الموجودة لدى البنوك أو لدى البريد‪.‬‬

‫ولقد نظم المشرّع األحكام العامّة للعقلة التوقيفية وأفرد بعض األموال بأحكام خاصّة لعقلتها‬
‫توقيفيا مثل األجور والمرتبات والقيم المنقولة وحصص الشركاء‪.‬‬

‫ضبط المشرّع صلب الفصول من ‪ 330‬إلى ‪ 389‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت قواعد العقلة التوقيفية مبيّنا‬
‫شروطها (أ) وإجراءات تصحيحها (ب) وصوال إلى صدور حكميف شأنها (ت)‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪60‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫أ‪ .‬شروط العقلة التوقيفية‬

‫تتميّ ز العقلة التوقيفية بأنها وسط بين العقلة التحفظية والعقلة التنفيذية حيث تنطلق تحفظية‬
‫لتنتهي تنفيذية وهو ما ينعكس على شروط ضربها‪.‬‬

‫يمكن إجراء عقلة توقيفية بموجب سند تنفيذي ولو لم يصبح قابال للتنفيذ‪ .‬كما يمكن إجرائها‬
‫دون سند تنفيذي بناءً على وجود ديْن ثابت وحالٍّ يسمح بالحصول على إذن على عريضة من‬
‫القاضي المختصّ وذلك بقدر ما يفي بخالص الدّيْن المطلوب‪.‬‬

‫تتسلّ ط العقلة التوقيفية على المبالغ الماليّة والمنقوالت الموجودة بين يدي الغير‪ ،‬على أنه ال‬
‫يمكن أن تشمل النفقة التي صدر بها حكم والتسبيقات ذات الصبغة المعاشيّة والمبالغ التي‬
‫تمنحها الدولة والمؤسسات العمومية بعنوان إعانة فرديّة‪.‬‬

‫يقع إجراء العقلة التوقيفية بواسطة محضر يُحرَّره عدل منفذ ويعلم به المعقول تحت يده مع‬
‫تسليم نسخة من الحكم أو اإلذن الذي تمت بموجبه العقلة‪ .‬ووفقا للفصل ‪ 332‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‬
‫«يجب أن يشتمل هذا المحضر على ما يلي وإال يكون باطال‪:‬‬
‫أوال‪ :‬التنصيص على القرار الذي أذن بإجراء العقلة التوقيفية أو الحكم الذي أجريت بمقتضاه‪،‬‬
‫ثانيا‪ :‬بيان مقدار دين العاقل‪،‬‬
‫ثالثا‪ :‬بيان الهوية الكاملة للمدين المعقول عنه ومقره‪ ،‬وبيان عدد ترسيمه بالسجل التجاري‬
‫ومكانه إن كان تاجرا أو شخصا معنويا‪ .‬وإن لم يكن المدين مرسما فالتنصيص على ذلك‬
‫صراحة بالمحضر‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬النص الحرفي للفصول ‪ 333‬و‪ 337‬إلى ‪ 339‬و‪ 341‬من هذه المجلة»‪.‬‬

‫ب‪ .‬تصحيح إجراءات العقلة‬

‫يفرض الفصل ‪ 335‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت على الدّائن العاقل أن يُعلِم المدين المعقول عنه بالعقلةيف ‬
‫ظرف ‪ 5‬أيام من تاريخ إجرائها بواسطة محضر يحرّره عدل منفذ يشتمل على استدعائه‬
‫للحضور لدى المحكمة المختصّة خالل أجل ال يقلّ عن ‪ 8‬أيّام وال يزيد عن ‪ 21‬يومًا لسماع‬
‫الحكم بصحة إجراءات العقلة وإال بطُ لت‪ .‬إثر ذلك يجب نشر القضية بكتابة المحكمةيف ‬
‫أجل ال يتجاوز ‪ 48‬ساعة من تاريخ استدعاء المعقول عنه‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪61‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫يجب على الدّائن العاقل كذلك أن يدخل الغير المعقول تحت يدهيف القضية المرفوعة‬
‫لتصحيح العقلة قبل تاريخ الجلسة المعيّنة لها القضية بـ ‪ 5‬أيام على األقلّ‪ .‬ويجب أن يتضمّن‬
‫محضر اإلدخال عدد القضيّة وتاريخ الجلسة وإال بطُلت العقلة‪.‬‬

‫وإذا أجريت العقلة بموجب إذن على عريضة‪ ،‬يجب أن يرمي استدعاء المدين كذلك للحكم‬
‫عليه بأداء دين العاقل‪ ،‬وفي هذه الصورة يقع البتّ بحكم واحديف صحّة إجراءات العقلة وفي‬
‫طلب األداء‪ .‬أمّا إذا أجريت العقلة بمقتضى حكم غير قابل للتنفيذ‪ ،‬فإنّه يقع تأجيل النظريف ‬
‫الملفّ إلى أن يصبح الحكم قابالً للتنفيذ‪.‬‬

‫ويجب على المعقول تحت يده أن يتولّىيف أجل أقصاه يوم جلسة المرافعة تقديم تصريح‬
‫كتابي إلى المحكمة المتعهّدة يبيّن فيه مدى مديونيّته للمدين المعقول عنه وعند االقتضاء‬
‫بيان مقدار الدّيْن وكلّ ما يلزم من معلومات ومؤيدات بشأنه‪ ،‬كما أنّه ملزم بتقديم تصريح حتى‬
‫إن لم يكن مدينا للمعقول عنه وهو ما يُعرف بالتصريح السلبي‪ .‬وإذا تخلف المعقول تحت‬
‫يده عن تقديم تصريحه أو قدّم تصريحًا كاذبًا‪ ،‬فإنّه يعتبر مدينا للدّائن العاقل ويُحكم عليه‬
‫بأداء قيمة الدّيْن بغض النظر عن غرم الضّرر عمال بالفصل ‪ 341‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬

‫ت‪ .‬مآل العقلة التوقيفية‬

‫يمكن أن يكون مآل العقلة التوقيفية إما سلبيا أو إيجابيا بالنسبة للدائن العاقل‪ .‬أمّا المآل‬
‫السلبي فهو اإلذن برفع العقلة لبطالن محضر ضربها أو لعدم صحّة إجراءات القيام بها أو إذا‬
‫لم تثبت عالقة المديونيّة بصفة نهائيّة إذا سبق إجراء العقلة بموجب إذن على عريضة أو‬
‫بموجب حكم ابتدائي‪ .‬ويقع رفع العقلة رغم صحّة إجراءاتها ورغم ثبوت عالقة المديونية‬
‫وذلك إذا وردت جميع التصريحات سلبية‪.‬‬

‫أمّا المآل اإليجابي للعقلة التوقيفية فيكمن إمّايف رفعها بموجب الخالص أو بصدور حكم‬
‫يقضي بصحّة إجراءات العقلة واإلذن للمعقول تحت يده بأن يؤدي للدائن العاقل ما يفي‬
‫بخالص دينه من األموال المعقولة‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ ‬العقلة التنفيذية‬


‫تمثل العقلة التنفيذية المرحلة الحاسمةيف التنفيذ إثر المرحلة التمهيدية أو الوقائية التحفظية‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪62‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫اقتض ت خطورة العقلة التنفيذية أن يقع إجراءها من أجل ديْن ثابت ومعلوم المقدار وحالٍّ‬
‫وبموجب سند تنفيذي يسمح بها وهو الحكم الباتّ أو النهائي الذي ال يوقف التعقيب تنفيذه‬
‫واألحكام االبتدائية واألوامر بالدّفع التي ال يوقف االستئناف تنفيذها‪.‬‬

‫تخضع العقلة التنفيذية لقاعدتي االحتياط (الفصل ‪ 304‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت) والتناسب (الفصل‬
‫‪ 307‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت)‪ .‬وال تجوز العقلة على العقلة وال يمكن للدّائن الذي يريد التنفيذ على‬
‫مكاسب مدينه التي سبق عقلتها إال االعتراض على العقلة عمال بالفصول ‪ 313‬و‪ 314‬و‪315‬‬
‫من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت ليتمكن من المشاركةيف توزيع متحصّل البيع الجبري طبقا لرتبة ديْنه‪.‬‬

‫وال يمكن‪ ،‬عمال بالفصل ‪ 311‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬بيع المكاسب المعقولة إال بالمزاد العلني وفي‬
‫ذلك تحقيق لنزاهة عملية التنفيذ وحماية لحق المدينيف بيع مكاسبه بأعلى ثمن ممكن‪ ،‬وهو‬
‫ما قد يستفيد منه كذلك الدّائنون عند عدم كفاية الثمن االفتتاحي لخالصهم جميعا‪.‬‬

‫وقد حرص المشرع على نزاهة عملية البيع الجبري بأن منع‪ ،‬صلب الفصل ‪ 312‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪،‬‬
‫األشخاص فاقدي أهليّة الشراء (سواءً كانت عامّة أو خاصّة بالمكاسب المعروضة للبيع)‬
‫والمعقول ع نه واألشخاص المشتهرين بعسرهم من المشاركةيف عملية البيع بالمزاد العلني‬
‫مباشرة أو بواسطة‪.‬‬

‫وقد ميّز المشرّع‪،‬يف خصوص بيع ممتلكات المدين واستخالص الدّيْن من ثمنها‪ ،‬بين العقلة‬
‫التنفيذية على منقول (أ) والعقلة التنفيذية على عقار (ب)‪.‬‬

‫أ‪ .‬العقلة التنفيذية على منقول‬

‫ضبط المشرّع أحكاما عامّة لعقلة المنقوالت التنفيذية‪ ،‬مع وجود أحكام خاصّة بعقلة بعض‬
‫المنقوالت المهمّة وذات الطبيعة الخاصّة مثل األصل التجاري والسفينة والطائرة‪ ،‬وقسّمها‬
‫إلى ضرب العقلة التنفيذية على المنقول (‪ )1‬وبيع المنقول المعقول (‪.)2‬‬

‫‪ .1‬ضرب العقلة التنفيذية على المنقول‬

‫إذا تحصل الدائن على سندٍ تنفيذيٍّ يسمح بمباشرة العقلة التنفيذية وسبق له إجراء عقلة‬
‫تحفظية على منقوالت مدينه‪ ،‬فإنّ عدل التنفيذ يتولىّ تحويل العقلة التحفظيّة إلى تنفيذيّة عند‬
‫انتهاء أجل اإلذعان الوارد بالفصل ‪ 287‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت المقدَّر بـ ‪ 20‬يومًا‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪63‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫أما إذا لم يسبق إجراء عقلة تحفظية‪ ،‬فإنّه يقع ضرب عقلة تنفيذية مباشرة‪ ،‬ويجب أن يتضمّن‬
‫محضر العقلة التنفيذية أو محضر تحويل العقلة التحفظية إلى عقلة تنفيذية وفقا للفصل ‪392‬‬
‫من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت على التنصيصات التالية‪« :‬وإال يكون باطال‪:‬‬

‫‪ .1‬السند التنفيذي الذي أجريت العقلة أو التحويل بمقتضاه وإعالم المعقول عنه بهذا السند‪،‬‬
‫‪ .2‬مبلغ الدين المطلوب أداؤه‪،‬‬
‫‪ .3‬حضور أو مغيب المعقول عنه وعند االقتضاء المكلف بالحراسة عن عمليات العقلة أو‬
‫التحويل‪،‬‬
‫‪ .4‬تاريخ بيع األشياء المعقولة وساعته ومكانه‪.‬‬
‫ويجب عالوة على ذلك أن يحمل المحضر إمضاء أو عالمة إبهام المكلف بالحراسة سواء كان‬
‫المعقول عنه نفسه أو غيره من األشخاص»‪.‬‬

‫ويُحجَّر على المكلّف بالحراسة استعمال األشياء المعقولة‪.‬‬

‫والمنقوالت التي يمكن عقلتها هي المنقوالت الطبيعيّة والعقارات الحكميّة التي تبقى خاضعة‬
‫لحكم المنقوالت عمال بالفصل ‪ 305‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت والعقارات التي ال تتجاوز قيمتها ‪7000‬‬
‫دينار‪ .‬كما يمكن عقلة الصّابات والثمار التي قاربت النضج طبقا ألحكام عقلة المنقوالت‪.‬‬

‫‪ .2‬بيع المنقول المعقول‬

‫يقع بيع المنقوالت المعقولة عقلةً تنفيذيةً عند انتهاء أجل ‪ 8‬أيام من يوم العقلة التنفيذية أو‬
‫من يوم تحويل العقلة التحفظية إلى تنفيذية‪ ،‬على أنّه يمكن أن يتّفق الدّائن العاقل والمدين‬
‫المعقول عنه على أجل آخر‪ .‬كما يمكن لعدل التنفيذ اختصار األجل ألسباب تقتضيها طبيعة‬
‫المنقول (سريع الهالك مثال) أو مصلحة الطرفين مثل درء خطر ثمن بخس محسوس أو‬
‫لتفادي مصاريف حراسة باهظة‪ .‬ويمكن أن يقع البيع صبرة واحدة أو بالتفصيل حسب مصلحة‬
‫المدين‪ .‬ويجوز للمدين المعقول عنه أن يُحضِر قبل موعد البتّة من يرغبيف شراء األموال‬
‫المعقولة شرط موافقة الدّائن العاقل أو الدّائنين المعترضين أو أن يكون الثمن المعروض كافيًا‬
‫لخالص كامل الدّيْن أصالً وفائضًا ومصروفًا‪ .‬ويحقّ للمدين أيضا الحصول على رفع العقلة‬
‫عندما يُحضر المبلغ الذي أجريت من أجله مع المصاريف‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪64‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫تهدف هذه الصور المتاحة للمدين إلى حمايته عبر ضمان ثمن بيع معقول أو تفادي بيع‬
‫ممتلكاته ‪ ،‬كما يسعى المشرّع إلى حمايته أيضا عبر تقدير القيمة الحقيقية للمنقوالت الهامّة‬
‫عن طريق خبير‪ ،‬وتُعتمد تلك القيمة ثمنًا افتتاحيًا للبيع‪.‬‬

‫إثر ذلك‪ ،‬يقع إشهار البيع قبل وقوعه بـ ‪ 4‬أيام على األقلّ بسعي من العدل المنفّذ وبواسطة‬
‫إعالن يُنشر بصحيفتين يوميّتين إحداهما باللغة العربيّة‪.‬‬

‫يقع البيع بالمزاد العلني بأقرب سوقٍ عمومية أو بأي مكان من شأنه أن يًحقِّق أحسن نتيجة‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫وال تُقبل المزايدة إال ممن سبّق مبلغًا يساوي عشر (‪ )10‬الثّمَن االفتتاحي على األقل لضمان‬
‫جدّيّة المزايدة‪ ،‬ويُباع المعقول آلخر مزايد على ألّا يُسلّم له إال بعد دفع باقي الثّمَن وكامل‬
‫المصاريف‪.‬‬

‫وينجرّ عن البيع الواقع بموجب النّكول فسخ البيع األوّل بأثر رجعيّ وإلزام المبتّت له النّاكل‬
‫بأن يؤدي ما ينقص عن ثمن التبتيت األول‪ .‬وليس له أن يستردّ المبلغ الذي أمّنه على أنه‬
‫يمكنه أن يوقف إجراءات البيع بموجب النكول إلى اليوم المعيّن للبتّة شرط تسديد الثمن مع‬
‫جميع المصاريف‪.‬‬
‫ّ‬
‫ب‪ .‬العقل التنفيذية العقارية‬

‫ضبط المشرّع األحكام الخاصة بعقلة العقارات والحقوق العينية العقاريّة تنفيذيًّا وبيعها صلب‬
‫الفصول من ‪ 410‬إلى ‪ 468‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت دون تمييز بين العقارات المسجلة وغير المسجلة‪.‬‬

‫تُوصف العقلة ال عقارية بتشعّب إجراءاتها وبطئها وارتفاع كلفتها وطابعها القضائي حيث يقع‬
‫البيع أمام دائرة البيوعات العقاريّة بالمحكمة االبتدائيّة بمكان وجود العقار‪.‬‬

‫تتسلط العقلة العقارية على الحقوق العينية العقارية التي يجوز رهنها أو المنابات المفرزة أو‬
‫المشاعة من نفس تلك الحقوق‪ ،‬على أنه يُستثنى منها العقارات التي ال يتجاوز ثمنها االفتتاحي‬
‫‪ 7000‬دينار والتي أخضعها المشرّع‪ ،‬منذ تنقيح ‪ ،2002‬إلى أحكام عقلة المنقوالت‪.‬‬

‫يجب إجراء العقلة العقاريّة من أجل ديْن ثابت ومعلوم المقدار وحالٍّ وبموجب سند تنفيذي‬
‫أو سند مرسّم‪ .‬كما يجب أن تقع مباشرتها من قِبل محامٍ لدى االستئناف أو لدى التعقيب‬
‫وذلك نظرا لدقّة إجراءاتها‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪65‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫تنقسم هذه اإلجراءات إلى إجراءات تمهيدية للبتّة (‪ )1‬ثم مرحلة التبتيت (‪.)2‬‬
‫ّ‬
‫‪ .1‬إجراءات تمهيدية للبتة‬

‫تنطلق بضرب العقلة ثم إعداد كراس الشروط وصولًا إلى إشهار العقلة والبتّة وتسعير‬
‫مصاريفها‪.‬‬

‫‪ ‬ضرب العقلة التنفيذية على عقار‪ :‬إذا كان العقار غير مسجّلٍ‪ ،‬فإن ضرب العقلة يكون‬
‫إما عبر تحويل العقلة التحفظية إلى تنفيذية عمال ً بالفصل ‪ 459‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت بعد انقضاء‬
‫أجل اإلذعان (‪ 20‬يومًا من تاريخ اإلعالم بالحكم إعالمًا صحيحًا) ويُنصّص على هذا‬
‫التحويل بأسفل محضر العقلة التحفظية مع بيان تاريخه والسند التنفيذي الذي أجري بمقتضاه‬
‫إعالم المعقول عنه بهذا السند‪.‬‬

‫أما إذا لم يسبق إجراء عقلة تحفظية‪ ،‬فإنه يقع ضرب العقلة التنفيذية مباشرة بموجب محضر‬
‫عقلة تنفيذية يحتوي على البيانات الواردة بالفصل ‪ 460‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت وهي‪ )1 :‬السند‬
‫التنفيذي الذي أجريت العقلة بمقتضاه وإعالم المعقول عنه به‪ )2 ،‬مبلغ الدين المطلوب‬
‫أداؤه‪ )3 ،‬حضور أو مغيب المعقول عنه عملية العقلة‪ )4 ،‬تعيين العقار المجراة عليه العقلة‬
‫مع بيان دقيق لموقعه ومشموالته ومساحته وحدوده واالسم المعروف به‪ )5 ،‬المحكمة التي‬
‫ستقع البتة لديها‪ )6 ،‬إنابة محام يكون مكتبه قانونا المقر المختار للدائن العاقل‪.‬‬

‫ويسمح الفصل ‪ 461‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت بإيداع رسم الملكية لدى كتابة المحكمة إلى حين إتمام‬
‫أعمال التبتيت حمايةً ألصحاب الحقوق الموظفة على العقار‪.‬‬

‫أما إذا كان العقار مسجّالً‪ ،‬فإنّه يقع ضرب العقلة التنفيذية عليه بواسطة إنذار قائم مقام العقلة‬
‫يُبلّغ إلى المدين المعقول عنه بواسطة عدل منفذ يشتمل على التنصيصات الوجوبيّة الواردة‬
‫بالفصل ‪ 452‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت وإال كان باطال‪ ،‬وهي‪ )1 :‬السند التنفيذي وإعالم المدين أو‬
‫السند المرسّم الذي أجري اإلنذار بمقتضاه‪ )2 ،‬مبلغ الدّيْن المطلوب‪ )3 ،‬تعيين العقار بدقّة‬
‫مع ذكر معرّف الرّسم العقاري‪ )4 ،‬المحكمة التي سيقع لديها بيع العقار‪ )5 ،‬المحامي القائم‬
‫بالتتبّع‪ )6 ،‬التّنبيه على المدين بأنهيف صورة عدم الوفاء حاالا يقع ترسيم اإلنذار بالرسم‬
‫العقاري ويقوم مقام العقلة بدايةً من تاريخ ترسيمه‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪66‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫إثر ذلك‪ ،‬يجب ترسيم اإلنذار بالرّسم العقارييف أجل ‪ 90‬يومًا من تاريخه وإال يُلغى العمل‬
‫به‪ .‬كما يصبح اإلنذار عديم المفعول إذا لم تقع‪،‬يف أجل ‪ 3‬سنوات من تاريخ ترسيمه‪ ،‬بتّة‬
‫مرسّمة أو لم يصدر حكم بتمديد البتّة وفقا للفصل ‪ 456‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬

‫‪ ‬إعداد كرّاس الشّروط‪ :‬يجب على المحامي القائم بالتتبّع أن يعدّ كرّاس شروط البتّة الذي‬
‫يتضمّن البيانات المنصوص عليها بالفصل ‪ 412‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت وهي هويّة العاقل والمعقول‬
‫عنه والمحامي القائم بالتتبّع للسند التنفيذي واإلعالم به والسّند المرسّم ومحضر العقلة‬
‫التنفيذية وإعالم المعقول عنه بها واإلنذار مع تضمين ترسيمه وتعيين العقار المجراة عليه‬
‫العقلة والمبلغ االفتتاحي الذي يساوي القيمة المحدّدة للعقار وعند االقتضاء التكاليف‬
‫الموظَّفة على العقار ويوم البتّة وساعتها والمحكمة التي ستُجرى أمامها‪.‬‬

‫ولكل شخص أن يطّلع على كرّاس الشروط بكتابة المحكمة أو بمكتب المحامي القائم بالتّتبّع‪.‬‬
‫إثر ذلك‪ ،‬يتولّى المحامي القائم بالتّتبّع إيداع كرّاس الشروط مرفوقا بتقرير االختبار بكتابة‬
‫المحكمة المختصّة‪.‬‬

‫‪ ‬إشهار البتّة‪ :‬يقع إشهار العقلة والبتّة بالنشر والتعليق‪ .‬يتولّى المحامي القائم بالتّتبّعيف ‬
‫أجل ‪ 40‬يومًا على األكثر و‪ 20‬يومًا على األقلّ قبل تاريخ البتّة إدراج إعالن بالرّائد الرّسمي‬
‫للبالد التونسية (نشرية إعالنات البيوعات العدليّة) ممضَى من طرفه يحتوي على هويّة الدّائن‬
‫العاقل والمدين المعقول عنه والمحامي القائم بالتّتبّع وتعيين العقار المجراة عليه العقلة حسب‬
‫ما نصّت عليه كرّاس الشروط والمبلغ االفتتاحي وبيان تاريخ البتّة وساعتها والمحكمة التي‬
‫ستُجرى أمامها والشروط التي يمكن بمقتضاها زيارة العقار‪.‬‬

‫إثر ذلك‪ ،‬يتولّى المحامي‪،‬يف نفس أجل اإلشهار السابق وبواسطة أحد عدول التنفيذ‪ ،‬تعليق‬
‫اإلعالن المذكور بمكتبه وبمكتب العدل المنفّذ وبمدخل العقار وبمدخل المحكمة ويحرّر‬
‫عدل التّنفيذ محضرًايف ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬االستدعاء لجلسة التّبتيت‪ :‬يتولّى المحامي القائم بالتّتبّع استدعاء المعقول عنه والدّائنين‬
‫المرسّمين والمعترضين ‪ 20‬يومًا على األقلّ قبل تاريخ البتّة‪ .‬وفي نهاية اإلجراءات التمهيديّة‬
‫للبتّة‪ ،‬يطلب المحامي القائم بالتّتبّع تسعير مصاريف إجراءات العقلة وأجرته من قِبل رئيس‬
‫دائرة البيوعات العقارية‪ ،‬وتُعتبر مصاريفا ممتازة تُدفع زيادةً على ثمن التّبتيت‪.‬‬
‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪67‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬
‫ّ‬
‫األستاذ محمد بلهيبة‬ ‫اإلجراءات المدنية وطرق التنفيذ‬

‫‪ .2‬مرحلة التبتيت‬

‫تشتمل وجوبًا على البتّة األولى كما يمكن أن تشتمل على إعادة التّبتيت بموجب التّسديس أو‬
‫إعادة التّبتيت بموجب النّكول‪ .‬تقع البتّةيف جلسة البيوعات العقارية بالمحكمة التي يوجد‬
‫بدائرتها العقار وذلك بعد ‪ 40‬يومًا على األقلّ و‪ 60‬يومًا على األكثر من تاريخ تقديم كرّاس‬
‫الشروط بكتابة المحكمة‪.‬‬

‫ويأذن رئيس الجلسة‪ ،‬بعد التّثبّت من صحّة إجراءات العقلة‪ ،‬للمحامي القائم بالتّتبّع بأن يتولّى‬
‫بيان أوصاف العقار المعروض للبيع وما عليه من تحمّالت إن وجدت ومقدار السعر االفتتاحي‬
‫ومبلغ المصاريف واألجور المسعّرة وذكر االعتراضات إن وجدت‪ ،‬ثمّ تُفتَتَح المزايدة وتُضاء‬
‫بالتوالي ثالثة أنوار يدوم كلّ منها دقيقة تقريبا‪ ،‬وال تكون المزايدة ملزمة لصاحبها إذا وقعت‬
‫مزايدة جديدة بعد مزايدته وقبل إطفاء األنوار الثالثة‪ .‬فإذا وقعت مزايدة قبل انطفاء أحد‬
‫األنوار‪ ،‬فإنه ال يقع التصريح بالتّبتيت إال بعد انطفاء نوريْن آخرين دون مزايدات أثناء مدّتها‪.‬‬

‫إذا لم تقع مزايدةٌ مدّةَ إضاءةِ األنوار الثالثة ولم يقم الدائن القائم بالتّتبّع بتبتيت العقار لفائدته‬
‫بالثمن االفتتاحي‪ ،‬فإن المحكمة تأذن بتأجيل موعد البتّة والنزول بالثمن االفتتاحي بـ ‪%40‬‬
‫مع تعيين موعد جديد للبتّة‪ .‬وإذا لم يتقدّم أي راغبيف الشراءيف الموعد الجديد ولم يقبل‬
‫الدّائن القائم بالتّتبّع تبتيت العقار لفائدته‪ ،‬يقع رفع العقلة لعدم وجود راغبيف الشراء‪ .‬أما‬
‫إذا وقع التبتيت ألحد المزايدين‪ ،‬فإنه عليه أداء باقي الثمن مع المصاريف بعد خصم ثلث‬
‫الثمن االفتتاحي الذي سبّقه للمشاركةيف المزايدة‪ .‬أما إذا وقع التبتيت لفائدة الدائن القائم‬
‫بالتتبع‪ ،‬فإنه تقع مقارنة بين دينه وثمن التبتيت‪.‬‬

‫إذا لم يقم المُبتَّت لفائدته بهذه اإلجراءات‪ ،‬تأذن المحكمة‪ ،‬بطلب من محامي القائم بالتّتبّع‪،‬‬
‫بإعادة التبتيت بموجب النكول على أن يتحمل المبتَّت له الناكل الفارقيف القيمة إذا وقع‬
‫تبتيت العقار بثمن أقل من البتّة األولى‪ .‬سمح المشرّع كذلك بموجب الفصل ‪ 442‬من‬
‫م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت بإعادة التبتيت بموجب التسديس وذلك بأن يعرض شخصٌ رغبتهيف شراء العقار‬
‫المبتّت مع إضافة سدس ثمن التبتيت على األقلّ شرط أن يقدّم عرضهيف أجل ‪ 10‬أيام من‬
‫تاريخ البتّة األولى وتأمين مقدار الزيادة وكامل ثمَن التّبتيت األول مع المصاريف واألجور‬
‫المسعّرة بصندوق الودائع واألمانات‪.‬‬

‫إجازة موحدة في القانون الخاص عن بعد ‪2024-2023‬‬ ‫‪68‬‬ ‫المعهد العــالي للدراســـات القــــانونية بقـــــــابس‬

You might also like