Professional Documents
Culture Documents
جوي�س ماير
ـ1ـ
اترك القيادة هلل Let God Lead
ـ2ـ
اترك القيادة هلل
«لي�س من ال�ضروري �أن ترى ال�سلم ب�أكمله،
فقط ا�صعد الدرجة الأوىل»
مارتن لوثر كينج الصغير
أحد أس��رار اإلس��تمتاع بحياتنا تكمن في أن نسمح هلل
بدل من أن نحاول بأنفس��نا أن نش��ق طريقنا عبر بقيادتنا اً
احلياة .ومن اجلميل أن نعرف أننا ش��ركاء مع اهلل في كل ما
نفعله .فإن إدراكنا ملا هو أفضل بالنسبة لنا إدراك محدود،
لك��ن اهلل يع��رف وهو س��يقودنا .نح��ن ال ميكنن��ا أن نرى
املستقبل ،وال حتى األس��بوع القادم ،أو العام القادم .لكن
اهلل يستطيع أن يرى كل يوم من بقية حياتنا .نحن ال نعرف
اخلبرات أو الفرص أو املهارات التي س��نحتاجها لكي نتمم
خط��ة اهلل حلياتنا ،لكنه هو يعرف ،وهو مينحنا إياها .نحن
ال ميكننا أن نس��تنتج ما يش��بعنا ويس��عدنا حقً ا في احلياة،
لكن اهلل يعرف متا ًما كيف يباركنا ،ويعرف متا ًما ما نحتاجه
لنعيش حياة غنية مجزية نشعر فيها باإلشباع العميق.
ـ3ـ
أري��د أن أس��ألك :ه��ل تتبع اهلل ،أم حت��اول أن جتعله هو
يتبع��ك؟ إذا كن��ا نصر عل��ى أن نتم��م رأينا ونس��ير وراء
عقولنا البش��رية ،فس��وف يس��مح اهلل لنا أن نفعل ذلك.
لكن رمبا تكون النتيجة هي التعاس��ة .ولكن إذا وضعنا في
قلوبن��ا أن نترك اهلل يقودنا في كل يوم وكل موقف ،خطوة
بخطوة ،س��وف نس��تمتع باإلثمار وبالب��ركات وبالنعمة
والسالم والفرح الذين ال يأتوا إال نتيجة تبعيته.
كثيرون يس��محون ملشاعرهم أن تقودهم في كل يوم.
وهم يتخذون الق��رارات اخلاصة مبا يفعلونه ،ومن يقضون
الوقت معه بناء على ما يشعرون به .وهم يقولون عبارات
مثل« :أشعر برغبة في االستلقاء على األريكة طوال اليوم،
لذا فهذا ما س��أفعله» أو «ال أش��عر حقً ا برغبة في الذهاب
إل��ى العمل اليوم ،س��وف أبل��غ عن إجازة مرضي��ة» أو «ال
أش��عر برغبة في زيارة جدتي في دار رعاية املس��نني اليوم،
رمبا سأذهب األس��بوع القادم إذا شعرت برغبة في ذلك».
إن الس��ير وراء مش��اعرنا قد مينحنا سعادة مؤقتة ،لكنه ال
مينحنا الفرح الدائم مطلقً ا.
ـ4ـ
امل�شكلة يف امل�شاعر �أنها متقلبة ،وال ميكنك الوثوق بها.
واملشكلة في املش��اعر أنها متقلبة ،وال ميكنك الوثوق
بها .املش��اعر مبني��ة على العواطف ،وه��ي تصعد وتهبط
باس��تمرار .فف��ي صباح ي��وم االثنني قد يش��عر الرجل أنه
س��وف يح��ب امرأته لألب��د ،لكن مع مس��اء ي��وم االثنني
يش��عر أنها ال تترك له مس��احة كافية م��ن احلرية .في أحد
األس��ابيع يشعر الزوجان أنهما مس��تعدان الستقبال طفل
جديد ،وفي األسبوع التالي يشعران أنهما ال يريدان حتمل
مس��ئولية األب��وة واألمومة .املرأة عندم��ا تدخل إلى مركز
التجميل قد تش��عر أنها تريد أن تصبغ شعرها بلون أحمر
فاحت ،لكن مبجرد أن تدخل زبونة أخرى شعرها أحمر فاحت،
تشعر األولى أنها تريد األشقر اً
بدل منه.
تبعا
أينم��ا نظرنا س��نجد أن الن��اس يديرون حياته��م ً
ملشاعرهم ،فنحن نسمع حولنا من كل جهة هذه العبارات
«أشعر بالسعادة ،أش��عر باحلزن ،أشعر باالكتئاب ،أشعر
شعورا سي ًئا».
ً طيبا ،أشعر
شعورا ً
ً
«أش��عر ،أشعر ،أشعر» ليس��ت هي الطريقة التي نبني
ـ5ـ
بها حياة ناجحة س��عيدة مثمرة ،فاملش��اعر والعواطف هي
جزء من نفس اإلنس��ان ،وليس��ت جز ًءا من روحه .النفس
تطلب أن تش��بع نفس��ها وترضي رغباتها اجلسدية ،بينما
روح اإلنس��ان تتوق إلى إرضاء اهلل ألنه��ا هي املوضع الذي
يس��كن فيه روح اهلل .اهلل يتكلم إلينا ويقودنا في أرواحنا،
لذلك البد أن نبني قوتنا الروحية اً
بدل من أن نغذي نفوسنا
عن طريق السماح ملشاعرنا أن تقودنا.
(عبراني�ين )12 :4يق��ول« :لأن كلم��ة اهلل حي��ة
وفعالة (لها قوة وعاملة ومحفزة) و�أم�ض��ى من كل �سيف
ذي حدين ،وخارقة �إىل مفرق النف�س والروح (اخلالدة)
واملفا�ص��ل واملخ��اخ (أعم��ق أج��زاء طبيعتن��ا) ،ومم ِّيزة
(تكش��ف وحتلل وحتكم على) �أفكار القلب ونياته» .هذا
يعني أن كلمة اهلل ميكن أن تس��اعدنا في التمييز بني ما هو
جس��دي وحسي أو «نفس��اني» ،وما هو روحي .يجب أن
نعرف الفرق حتى ميكننا أن نتبع اهلل وال نس��مح ملشاعرنا
أن تقودنا.
كلم��ة اهلل ميك��ن �أن ت�س��اعدنا يف التميي��ز ب�ين ما هو
ـ6ـ
ج�سدي وح�سي �أو «نف�ساين» ،وما هو روحي.
وبحس��ب (غالطي��ة )17 :5فإن «اجل�س��د ي�ش��تهي
�ض��د ال��روح (الق��دس) و(رغبات) الروح �ض��د اجل�س��د
(الطبيعة البش��رية غير اإللهية) ،وهذان يقاوم (يعارض
ويصارع باس��تمرار) �أحدهم��ا الآخر ،حت��ى تفعلون ما
أحرارا ب��ل مُت َنعون من القيام مبا
ً ال تري��دون (فال تكونون
تريدون أن تفعلوه)» .إن إتباع اجلس��د قد يكون جذا ًبا في
وق��ت ما ،لكن في النهاية س��وف مينعك م��ن فعل ما تريد
حقً ا أن تفعله .وعندما تتبع روح اهلل س��وف تشعر باحلرية
الناجتة عن اختبار األش��ياء التي يع��رف اهلل أنك في أعماق
قلبك تتوق إليها وتستمتع بها.
�إن اتب��اع اجل�س��د ق��د يك��ون جذا ًب��ا يف وقت م��ا ،لكن
يف النهاي��ة �س��وف مينع��ك م��ن فعل م��ا تريد حقً��ا �أن
تفعله.
بالتأكي��د أنا ال أش��جعك على أن تتجاهل مش��اعرك،
أمرا صحيً��ا .إنني فقط أدعوك أال تس��مح
ألن ه��ذا لي��س ً
له��ا أن تتحكم ف��ي حيات��ك أو أن متلي علي��ك قراراتك.
ـ7ـ
أيضا أن
يجب عليك أن تتعرف على مشاعرك لكن يجب ً
صل إلى اهلل ،واطلب منه
تفهم أنها مجرد مش��اعر .لذلك ِ
واسمح له أن يكون هو مرشدك.
ـ8ـ
العال��م حت��اول أن تقنعن��ا أنن��ا ينبغ��ي أن نتبعه��ا ،لكن ال
يوجد من بني هذه األصوات أو التأثيرات ما س��وف يقودنا
إل��ى احلق ف��ي احلياة .اهلل وحده هو ال��ذي ميكن أن نثق فيه
عندم��ا يقول «هذه ه��ي الطريق .ا�س��لكوا فيها» .البد أن
مني��ل آذاننا لصوته من خالل البقاء بالقرب منه في الصالة
ودراس��ة الكتاب املقدس والعبادة حتى نتعرف على صوته
عندما يتكلم.
في معظم األوقات ال يتحدث اهلل إلينا بصوت مسموع،
بل نس��معه ف��ي قلوبنا .أحيا ًنا يتكلم ع��ن طريق تذكيرنا
أف��كارا لم يكن
ً بح��ق أو مبدأ ف��ي كلمته .وأحيا ًنا يعطينا
ممك ًنا أن تخطر لنا من أنفس��نا .وأحيا ًنا أخرى يكون فقط
لدينا إحساس قوي مبا يجب أن نفعله.
الـملِّحة يف
اهلل ال يتكل��م فق��ط يف الأم��ور الهام��ة �أو ُ
أي�ضا ير�شدنا يف املواقف التي تبدو غرياحلياة ،لكنه � ً
مهمة.
الـم ِّلحة في
واهلل ال يتكل��م فق��ط في األم��ور الهام��ة أو ُ
أيضا يرش��دنا ف��ي املواقف الت��ي تبدو غير
احلي��اة ،لكن��ه ً
ـ9ـ
مهمة .وهو يفعل ذلك ألنه يحبنا ويريد أن يقودنا في كل
جوانب حياتنا.
على س��بيل املث��ال ،كنت في طريق��ي للمنزل في أحد
األي��ام وكن��ت أنوي التوق��ف لش��راء كوب م��ن القهوة،
وعنده��ا ش��عرت بدافع قوي أن أتصل بس��كرتيرتي ألرى
أيضا إلى كوب م��ن القهوة .وعندما إذا كان��ت حتت��اج هي ً
اتصلت قالت لي« :لقد كنت أقف اآلن هنا وأقول لنفسي
ليتني أش��رب كو ًبا من القه��وة» .أرأيت؟ كان اهلل يريد أن
يعطيه��ا رغبة قلبها ،وأراد أن يعمل من خاللي .لم أس��مع
عاليا أو أرى مالكً ا أو رؤية ،لكنني فقط أحسس��ت صوتً��ا ً
في داخلي أنني ينبغي أن أقدم لها كو ًبا من القهوة .ونتيجة
عظيما نا ًجتا عن معرفة أن اهلل
ً فرحا
لذل��ك اختبرنا أنا وهي ً
يهتم بأصغر تفاصيل حياتنا.
كثيرا ما نتجاهل األمور الصغيرة مثل هذه ،وكلما زاد
ً
جتاهلنا أصبحت حساس��يتنا لل��روح القدس أصعب .حتى
ل��و كان هذا التحري��ض في قلبي غير صحيح ،كان أس��وأ
م��ا ميكن أن يح��دث هو أن تقول إنه��ا ال تريد قهوة .وفي
ـ 10ـ
هذه احلالة ،ستكون قد نالت بركة معرفة أنني كنت أفكر
فيه��ا .إذا كان هناك ش��خص ما على قلبك ،أش��جعك أن
تصل��ي ألجل هذا الش��خص أو أن تتصل ب��ه أو بها وتقول
أب��دا أن تتخيل كيف
«لق��د كنت أفكر فيك» .لن ميكنك ً
ميك��ن ألمر صغي��ر مث��ل املكامل��ة التليفوني��ة أن يغير يوم
إنس��ان ،أو رمب��ا يغير حياته كلها .أدع��وك اليوم أن حتافظ
عل��ى حساس��ية قلبك جتاه ص��وت اهلل .س��وف يتكلم اهلل
إل��ى قلب��ك ويقودك ف��ي الطريق الذي يجب أن تس��لكه.
ال تدع العصيان والتش��تيت ،أو الضوضاء وس��رعة احلياة
واملشغولية أن جتعلك ال تنتبه إلى صوت اهلل عندما يتكلم.
لك��ن ابق هاد ًئا في س�لام داخلي حتى ميكنك أن تس��معه
عندم��ا يتحدث إليك .تذكر أن كل مرة ال نطيع فيها اهلل،
جتعل س��ماع صوته في املرة التالية أصع��ب .لكن كل مرة
نطيعه فيها جتعل سماع روح اهلل وإتباعه أسهل.
ابحث عن النعمة
ف��ي العه��د القدمي كان يش��وع هو املس��ئول ع��ن قيادة
ـ 11ـ
ش��عب اهلل بني إس��رائيل إلى أرض املوعد .كان الكهنة في
تل��ك األيام يحمل��ون التابوت احلام��ل واملمثل حلضور اهلل
ويس��يرون في أول املوكب وكان كل الش��عب يتبعونهم.
في (يش��وع )3 ، 2 :3نقرأ« :وكان بعد ثالثة �أيام �أن
العرفاء جازوا يف و�س��ط املحلّة ،و�أمروا ال�ش��عب قائلني
عندم��ا ترون تابوت عهد الرب �إلهكم والكهنة الالويني
حاملني �إياه ،فارحتلوا من �أماكنكم و�سريوا وراءه».
وما أحاول أن أوصله لك في هذا اجلزء يشبه أمر العرفاء
للش��عب بإتباع التابوت ،فكما شجعوا الشعب أن يتبعوا
أيضا أن تتبع اهلل.
حضور اهلل ،أشجعك أنت ً
رمب��ا تك��ون لديك الرغبة في أن تتبع اهلل لكنك لس��ت
متأك��دا من الكيفية الت��ي تفعل بها ذل��ك .إحدى الطرق
ً
لتحقي��ق هذا األم��ر كما ذكرت من قبل ه��ي أن تصغي له
وهو يتكلم إلى قلبك .طريقة أخرى هي أن تتبع الس�لام.
اهلل وحده هو الذي يس��تطيع أن مينحك س�لا ًما في قلبك،
دائم ُا
قرارا ما ،افحص قلبك ً
لذلك عندما حت��اول أن تتخذ ً
داخليا .انتظر حتى
ً وال تفعل أي شيء يجعلك غير مرتاح
ـ 12ـ
تصل لقرار يجلب لك السالم ثم حترك نحوه بثقة.
النعمة هي قدرة اهلل التي ت�أتينا ومتكننا من �أن نفعل
�شي ًئا ما ب�سهولة ن�سبية.
طريق��ة ثالث��ة إلتباع اهلل ه��ي أن تبحث ع��ن نعمته في
موق��ف أو محاولة أو قرار ما .عندم��ا تكون نعمة اهلل على
ش��يء ،جنده يأتينا بس��هولة وتكون لنا الثق��ة أن اهلل يوافق
علي��ه .النعمة هي قدرة اهلل التي تأتينا ومتكننا من أن نفعل
شي ًئا ما بسهولة نسبية ،ونفكر قائلني« :هذا املشروع الذي
مجهودا من جانبنا ،لكنه ليس ً نحاول تنفي��ذه قد يتطلب
جه��دا مضاعفً ا ونحن لنا الثقة أننا ميكن أن ننفذه» .إذا لم
ً
ً
ومحبطا. صعبا
تكن نعمة اهلل موجودة ،س��يبدو كل شيء ً
س��يكون هذا مثل محاولة تش��غيل ماكين��ة يعلوها الصدأ
ول��م يتم تزييتها من��ذ وقت طويل .أتذكر كل الس��نوات
الت��ي حاولت فيها أن أغير نفس��ي ،وكلم��ا حاولت أكثر
زاد إحباط��ي .ذل��ك ألنني لم أعرف كي��ف أصلي وأطلب
من اهلل أن يفعل ذلك بنعمته .إن اهلل يعدنا أن يعطينا نعمة
أكثر فأكثر ليس��اعدنا أن نتغلب على كل امليول الشريرة،
ـ 13ـ
إذا طلبن��اه اً
ب��دل م��ن أن جناهد لفعل ذلك بأنفس��نا (انظر
يعقوب .)6 :4
والنعم��ة ال تزي��ل كل العوائق من طريقنا أو تخفي كل
التحدي��ات م��ن أمامنا ،فمع وجود النعم��ة رمبا نحتاج إلى
أن نح��ارب بع��ض احل��روب .لكننا نفعل ذلك بإحس��اس
واض��ح أن اهلل في جانبنا ،وأنه ينتصر في احلرب لصاحلنا.
عندما تكون نعمة اهلل على ش��يء ما ونتبعه ،سوف يصبح
املستحيل ممك ًنا من خالل قوة الروح القدس.
وبع��د س��نوات كثي��رة تعلمت مت��ى تك��ون نعمة اهلل
موج��ودة ومتى ال تكون موجودة .لقد توقفت عن محاولة
حتقيق أي ش��يء بدون نعمة اهلل .أن��ا ال أريد أن أصارع بعد
أيضا ال تريد ذلك.
اآلن ،وأنا على يقني أنك أنت ً
أحيا ًنا نريد من اآلخرين أن يفعلوا ش��ي ًئا لم يعطهم اهلل
النعم��ة لكي يفعلوه .ومج��رد اعتقادنا أن الناس يجب أن
يفعلوا أشياء معينة ،ال يعني أن اهلل يريدهم أن يفعلوا هذه
األشياء .عندما أحاول أن أدفع «ديف» أن يفعل شي ًئا ليس
ـ 14ـ
لدي��ه نعمة م��ن اهلل لكي يفعل��ه ،كل ما ينت��ج هو اخلالف
بين��ي وبينه .لكن ما يجب أن أفعله هو أن أصلي« :يا رب
إذا كان هذا هو ما تريده ،فأنا أطلب منك أن تقنع «ديف»
ومتنحه النعمة أن يفعله».
سليما بالنسبة لي،
ً أحيا ًنا يبدو كل شيء في موقف ما
لك��ن ال يبدو أن هناك نعمة ـ تل��ك القدرة الفائقة للطبيعة
ـ لتحقيق��ه في ذلك الوق��ت .وجزء من إتباع اهلل هو العمل
بتوقيته هو ،واإلحس��اس ليس فقط بنعمته لتحقيق ش��يء
أيضا بنعمت��ه للحظة الصحيحة الت��ي يجب فعله ما ،ب��ل ً
فيه��ا .في مثل هذه املواقف أصل��ي قائلة« :يا رب أؤمن أن
مناسبا.
ً هذا هو األمر الذي يجب فعله ،لكن التوقيت ليس
مناسبا».
ً من فضلك ْأظهِ ر لي عندما يكون الوقت
لق��د اعت��دت أن أفعل كل ش��يء بتوقيتي الش��خصي،
عندما كنت أش��عر أن التوقيت صحيح .فإذا كنت أش��عر
برغبة في التفوه بتعليق جتاه ش��خص م��ا ،كنت أقوله .إذا
أردت أن أتكلم عن أمر ما مع «ديف» في وقت معني كنت
أرغمه على احملادثة في تلك اللحظة.
ـ 15ـ
لكنن��ي تعلم��ت اآلن أن أك��ون أكثر حساس��ية لقيادة
الروح القدس ،فأنا أبحث عن نعمته ليس فقط في املواقف
أيضا في التوقيت .أحيا ًنا أش��عر في قلبي أنني يجب
لكن ً
أن أنتظر بضع حلظات أو س��اعات أو أيام أو رمبا أس��ابيع.
دائما أفهم ملاذا يج��ب أن أنتظر ،فأنا أعرف في قلبي
وأن��ا ً
أنني أحتاج أن أؤجل كلماتي أو أفعالي حتى أشعر باحلرية
في الكالم أو التصرف.
تعلم �أن تتبع اهلل من خالل البحث عن نعمته يف �أمور
حيات��ك اليومية .راقب الأمور لرتى �أين ي�س��اعدك،
ويتكلم �إليك ،ويحارب عنك ،وي�سهل الأمر عليك.
تعل��م أن تتبع اهلل من خ�لال البحث عن نعمته في أمور
حياتك اليومية .راقب األمور لترى أين يساعدك ،ويتكلم
إليك ،ويحارب عنك ،ويس��هل األمر عليك .وفي املكان
ال��ذي جت��د أن اهلل فيه يجعل املس��تحيل ممكنً��ا وجتد قدرته
الفائق��ة للطبيع��ة واضحة ف��ي ظروفك الطبيعي��ة ،فهناك
تكون نعمته.
ـ 16ـ
اخرت �أن تتبع
يدعونا (مزم��ور )9 ، 8 :32دعوة واضحة أن نختار
أن نتب��ع اهلل�« :أعلمك و�أر�ش��دك الطريق التي ت�س��لكها.
�أن�ص��حك عين��ي علي��ك .ال تكون��وا كفر���س �أو بغ��ل بال
فه��م .بلجام وزمام زينته ُيكَم لئال يدنو �إليك» .في هذه
الكلمات يعلن اهلل أن رغبته هي أن يقودنا ويرشدنا .لكنه
أيضا يحذرنا من العناد ،إذ البد أن نتبعه برضا وفرح.
ً
هناك جزء مشابه في (إشعياء )16 ، 15 :30يقول:
«لأنه هكذا قال ال�سيد الرب قدو�س �إ�سرائيل :بالرجوع
(إل��ي) وال�س��كون تخل�ص��ون .باله��دوء والطم�أنين��ة
ّ
(بثقة) تكون قوتكم .فلم ت�ش��اءوا .وقلتم :ال بل على
خي��ل نهرب .لذلك تهربون (م��ن أمام أعدائكم) .وعلى
خيل �س��ريعة نرك��ب (في طرقنا اخلاصة) .لذلك ي�س��رع
طاردوك��م» .اهلل به��ذه الكلم��ات يقول «لق��د حاولت أن
أقودك��م ،فأخبرتك��م الطري��ق التي يجب أن تس��لكوها،
وقل��ت لكم ما يجب أن تفعل��وه ـ وأنتم لم ترضوا بذلك.
لقد صممتم أن تذهب��وا في طريقكم» .ونتيجة لذلك أتى
ـ 17ـ
أعداء الش��عب ،وسعوا وراءهم بس��رعة .وهذا ما يحدث
عندم��ا نختار أن نس��لك طرقن��ا اخلاصة اً
بدل م��ن أن نتبع
اهلل.
كنت أعمل في كنيس��ة في س��انت لويس ملدة خمس��ة
أع��وام ،وكنت حقً ا أحب وظيفتي هناك .لكن في وقت ما
كان اهلل يريدني أن أنتقل إلى شيء جديد .قال لي« :أريدك
اآلن أن تأخ��ذي اخلدم��ة إلى الش��مال واجلنوب والش��رق
والغ��رب .أنا لم أعد أحتاجك هنا .أري��دك أن تتركي هذا
املكان».
كان ه��ذا املكان هو ال��ذي بدأت في��ه خدمتي .كانت
ل��دي وظيفة مش��بعة ،ومرتب منتظم ،وكان اس��مي على
ّ
املكتب .لكن اهلل قال «لقد انتهى عملك هنا!».
فتساءلت« :كيف ذلك؟ أنا في احلقيقة من أعمدة هذه
الكنيسة .كيف سيستمر املكان بدوني؟».
وظللت أعمل في الكنيس��ة ملدة عام كامل بعد أن قال
ل��ي اهلل أنن��ي يجب أن أرحل ،وكانت هذه الس��نة في غاية
ـ 18ـ
التعاس��ة .لم أكن أفهم ملاذا أنا غير س��عيدة لهذه الدرجة،
وملاذا ال يبدو أن هناك نعمة لفعل ما كانت لي نعمة عظيمة
لفعله من قبل.
وأخـي��را في صـباح أحد األيام صرخ��ت إلى اهلل قائلة:
ً
«يا رب ما اخلطأ؟».
قائل« :ي��ا جويس ،لقد أخبرتكوتكل��م اهلل إلى قلبي اً
منذ س��نة أن ترحل��ي وأنت ال زلت هن��ا» .كان هذا كل ما
قاله اهلل.
اهلل لن يجربك �أن تتبعه ،فهو مينحنا عطية االختيار
حتى نقرر �إذا كنا �سنطيع قيادته �أم ال.
اهلل ل��ن يجب��رك أن تتبع��ه ،فهو مينحنا عطي��ة االختيار
حتى نقرر إذا كنا سنطيع قيادته أم ال .وهو سوف يتكلم،
وس��يقود ،وسيرشد ،وسيوضح خططه ورغباته .لكنه لن
يف��رض إرادته علينا بالقوة .يج��ب أن نختار ،بوعي وعن
قصد ،أن نتبعه.
ـ 19ـ
توقع احلياة الفائ�ضة
«�إن ما يحدد غنانا لي�س هو ما منتلكه،
�إمنا ما ن�ستمتع به».
جون بيتي سني
اهلل هو إله الفيض والوفرة .وبحسب (أفسس )20 :3
فه��و «الق��ادر �أن (يتمم قص��ده) ويفعل فوق كل �ش��يء،
�أكرث جدً ا مما (جنرؤ أن) نطلب �أو نفتكر (أعلى من أعلى
صلواتنا أو رغباتنا أو أفكارنا أو آمالنا أو أحالمنا)» .تذكر
أن أحد األسباب التي جعلت الرب يسوع يأتي إلى األرض
ه��و أن «تكون لنا حي��اة ويكون لنا �أف�ض��ل (ملء احلياة.
احلياة الفائضة)» (يوحن��ا .)10 :10إننا نقبل مواعيد
اهلل من خ�لال تصديقها .لذلك اح��رص أن تؤمن بالفيض
في حياتك.
أحد مفاتيح االستمتاع باحلياة هو إدراكنا أن اهلل يحبنا
محب��ة غير مش��روطة وأن��ه يري��د أن يباركنا بغن��ى .وإذا
أبدا
حاولنا أن نستحق محبة اهلل ورضاه علينا فلن نستمتع ً
بحياتن��ا ،ألن جوده ليس للبي��ع لكنه يأتي فقط في صورة
ـ 20ـ
هب��ة ـ مجانية وال نس��تحقها .ال ميكننا أن نس��تحق محبة
اهلل أو نعمت��ه أو غفران��ه أو رعايته أو لطف��ه ،فهذه العطايا
ال نقبلها إال باإلميان .رمبا س��معت من قب��ل عبارة «النعمة
ه��ي غنى اهلل على حس��اب املس��يح» .وه��ذا صحيح ،فإن
الرب يس��وع من خ�لال موته على الصلي��ب دفع كل دين
علين��ا .وليس علين��ا أن نصارع أو أن جناه��د أو أن نحاول
أن نس��تحق أو «أن نش��تري» أي ش��يء من اهلل .فإن هباته
مجانية :اخل�لاص مجاني ،النعمة مجانية ،الرضا مجاني،
الرحمة مجاني��ة ،الغفران مجاني .علينا فقط أن نتعلم أن
نقبل ما اشتراه هو بالفعل وأصبح اآلن لنا.
ـ 21ـ
دعني أشرح األمر.
يعلمن��ا الكتاب املق��دس عن «القب��ول» ،ال «احلصول
عل��ى» .وق��د تتس��اءل اً
قائل« :وم��ا الف��رق؟» .الفرق بني
احلصول على ش��يء ما وقبوله فرق كبير« .احلصول على»
يعني «امتالك الشيء نتيجة اجلهد والعمل» ،وأؤكد لك أن
األش��ياء التي لديك لو أتت إليك عن طريق اجلهد والعمل
فأنت إذً ا ال تستمتع بحياتك.
عندم��ا يكون كل م��ا يف احلياة يتطلب اجلهد ،ت�ص��بح
احلي��اة حمبط��ة ومتعب��ة ـ وهذه لي�س��ت ه��ي احلياة
الفائ�ضة التي جاء ي�سوع ليعطيها لنا.
عندم��ا يك��ون كل ما في احلياة يتطل��ب اجلهد ،تصبح
احلي��اة محبطة ومتعبة ـ وال تك��ون هي احلياة الفائضة التي
جاء يسوع ليعطيها لنا .كال ،اهلل يريدنا أن نعيش بسهولة
مقدس��ة ،ونعم��ة حتفظنا م��ن اجلهاد والصراع ف��ي احلياة.
اً
س��هل ،لكنه يعني أنه هذا ال يعني أن كل ش��يء س��يصبح
حتى األش��ياء الصعبة ميكن عملها باإلحساس بحضور اهلل
ومعونته.
ـ 22ـ
«احلصول على» يضع علينا عب ًئا في أن نفهم كل شيء
فنتحاي��ل عل��ى الظروف ،ونحاول أن نرغ��م املواقف على
أن تعم��ل بطريق��ة معينة .أم��ا «القبول» فيعن��ي أن نكون
مستقبلني ،نأخذ ما يقدم لنا مجا ًنا .فال جناهد بل نسترخي
ونستمتع مبا يأتينا.
كثيرا ما أقضي وق ًتا في مؤمتراتي في تعليم الناس كيفً
بدل من أن يجاهدوا «يقبلون» تس��ديد احتياجاتهم من اهلل اً
«للحص��ول عل��ى» ذل��ك .وأنا أق��ول لهم إنه��م يجب أن
يس��ترخوا وينالوا باإلميان ما طلبوه من اهلل ثم يؤمنوا أنهم
وسيع َلن هذا في حياتهم .كثيرون ال يعرفون كيف أخذوهُ ،
يقبلون من اآلخرين ،أو كيف يقبلون من اهلل .وأنا متأكدة
أش��خاصا يصارعون مع فك��رة القبول .هؤالء
ً أنك تعرف
هم من يرفضون املس��اعدة ،وال يريدون من أي شخص أن
يفعل لهم أي ش��يء لطيف .ويش��عرون باإلح��راج عندما
يحاول الناس أن يساعدوهم أو أن يقدموا اللطف لهم.
وع��دم القدرة على القبول غالبً��ا ما يكون له جذور من
عدم األمان والنظرة املغلوطة للنفس .في أحد األيام قدمت
ـ 23ـ
ألحد املراهقني ش��ي ًئا ليأكله .كان هذا الش��اب يزورنا مع
برنامجا
ً ش��خص آخر ودعوت��ه أن يجلس ويش��اهد مع��ي
تليفزيونيا .كنت أعرف أنه جائع وأنه سيس��تمتع بقضاء
ً
وقت معي ،لكنه أجاب بالقول «ال ،أنا بخير» .واضطررت
أن أخبره على األقل ثالث مرات أنه ميكنه أن يأكل ويجلس
وأخيرا قال
ً معي بكل سرور ،وأنني سأس��تمتع بصحبته.
لي« :حس�� ًنا ،أنا جائع بعض الش��يء ،ورمبا آتي بعد قليل
وأشاهد التليفزيون».
هذا الشاب على وجه التحديد كان يعاني في ماضيه من
عدم األمان ،وبالتالي فهو ال يس��تطيع أن يصدق بس��هولة
أن الناس تريد أن تفعل شي ًئا لطيفً ا له .هو ال يريد أن يبدو
محتاجا ،إلى
ً محتاجا ويفضل أن يتصرف كما لو أنه ليس ً
شيء ،وال يطلب املساعدة.
اهلل يريد �أن يعطينا �أكرث بكثري مما ميكن �أن نتخيل.
اهلل يري��د أن يعطين��ا أكثر بكثير مما ميك��ن أن نتخيل،
وهو يش��تاق أن يس��كب بركاته في حياتنا ،ونحن نحتاج
أن نع��رف كي��ف نقبلها من��ه ومن اآلخرين أيضً��ا .أحيا ًنا
ـ 24ـ
يتص��رف اهلل بطريقة معجزي��ة ليس��دد احتياجاتنا ،لكنه
كثي��را م��ا يعمل من خالل اآلخرين .لذل��ك إذا كنا نصلي
ً
ألج��ل املعون��ة ،فيجب أن نترك اهلل يختار كيف يرس��لها،
وعن طريق من .ال يجب أن نشعر باإلحراج من االحتياج،
ألنن��ا كلنا محتاجون بطريقة أو بأخ��رى .اهلل ال يريدنا أن
نكون مستقلني للدرجة التي ال نطلب فيها املساعدة.
ـ 25ـ
يف �أحيان كثرية يريد اهلل �أن يعطينا ما نطلبه و�أكرث
من��ه ،لكن هذا ال يحدث لأنن��ا ال نعلم كيف نقبل هذا
الأمر.
ف��ي أحيان كثي��رة يريد اهلل أن يعطينا م��ا نطلبه وأكثر
من��ه ،لك��ن ه��ذا ال يحدث ألنن��ا ال نعلم كي��ف نقبل هذا
أش��خاصا كثيرين يطلبون م��ن اهلل أن يغفر
ً األم��ر .أعرف
له��م ،لكنهم ال يقبل��ون الغفران الذي يقدم��ه لهم مجا ًنا
أبدا .أحيا ًنا يظلون ملدة سنوات يقولون« :يا رب اغفر لي. ً
ي��ا رب اغف��ر لي .يا رب من فضلك اغف��ر لي .اغفر لي يا
رب .اغف��ر ل��ي .اغفر ل��ي» .واحلقيقة ه��ي أن اهلل قد غفر
لهم ،فالغفران هو لكل مؤمن .لقد دفع يسوع حياته ثم ًنا
للغفران الذي لنا ،ولس��نا مضطرين أن نس��تجديه .لكننا
فق��ط يج��ب أن نثق ف��ي عمل الصلي��ب ،ونؤم��ن أنه لنا،
ونقول من كل قلوبنا« :يا رب أشكرك ألجل غفرانك .أنا
أقبل الغفران كعطية».
وم��ن األمور التي أطلقت الفرح في حياتي اخلاصة أنني
تعلم��ت كيف أقب��ل العطايا م��ن اهلل .قال الرب يس��وع:
ـ 26ـ
«اطلب��وا ت�أخذوا ،ليك��ون فرحكم كام�ًل�اً » (انظر يوحنا
.)24 :16من��ذ س��نوات أدركت أنني كن��ت أطلب من
اهلل الكثي��ر وال أنال ما أطلبه ألنن��ي كنت أتعامل بخوف،
بأس��لوب االس��تجداء اً
بدل م��ن اإلميان .العال��م يعلمنا أنه
ال يوج��د ش��يء مجاني ،وقد تدربنا كمؤمن�ين أننا البد أن
نعم��ل لندف��ع ثمن ما نريده .ونحن ن��درك أننا كخطاة قد
غف��رت لنا خطايانا وأعيدت لنا الش��ركة مع اهلل من خالل
نعمت��ه ورحمت��ه .نعرف أننا ال نس��تحق أي ش��يء س��وى
العقاب ،لكن عقولنا يجب أن تتجدد لتؤمن أن اهلل رحيم،
وأن طبيعة الرحمة متنح البركات عندما يس��تحق اإلنسان
العقاب.
فك��رة �أننا البد �أن نعمل لكي ن�س��تحق بركات اهلل هي
فكرة دينية مت�شددة وجامدة.
وفكرة أننا البد أن نعمل لكي نس��تحق بركات اهلل هي
فكرة دينية متش��ددة وجامدة ،فاملس��يحيون الناموسيون
املتش��ددون يؤمنون أننا البد أن ندفع ثمن كل شيء ،متا ًما
كما كان الفريس��يون في أيام الرب يسوع ال يريدون ألي
ـ 27ـ
إنس��ان أن ميتلك ش��ي ًئا لم يس��تحقه .عندما ش��في الرب
يسوع اإلنسان املولود أعمى (انظر يوحنا )9ثاروا ألنهم
كانوا يظنون أنه ال يستحق الشفاء .هذا النوع من التفكير
ال يعكس قلب اهلل املنعم املتحنن ،لكنه تفكير ديني متشدد
يهني اهلل.
منذ س��نوات كثيرة كانت لي صديقة تس��كن بالقرب
مني ،وكنت أرى أنها ليس��ت روحية مثلي .في تلك األيام
كن��ت أعتق��د أن الروحانية احلقيقية تتك��ون من األعمال
والقواع��د والنظ��م الصاحل��ة ،وفع��ل كل ش��يء بالطريقة
كثيرا مثلي،
الصحيحة .لم تكن صديقتي حتضر الكنيسة ً
كثي��را مثلي ،لم تكن تصلي بالقدر
ً ل��م تكن تقدم العطايا
الذي أصلي أنا به ،ولم تكن تفعل أي شيء كنت أنا أعتبره
«روحيا» مبقدار ما كنت أنا أفعله.
ً
واملش��كلة كان��ت أنن��ي كن��ت أفع��ل كل أنش��طتي
«الروحي��ة» بدوافع خاطئة .كن��ت أفعلها لكي ألفت نظر
الناس ،ال بدافع الطاعة هلل أو بدافع احلب له .لم أكن أفهم
واح��دا بدافع محبة من
ً صغيرا
ً أن جارت��ي إذا فعلت ش��ي ًئا
ـ 28ـ
قلب نقي وطاعة هلل ،فهذا الشيء الضئيل كان يعني للرب
أكث��ر من األش��ياء الكثيرة الت��ي كنت أفعلها أن��ا بدوافع
خاطئة.
في ذلك الوقت ،كنت أس��أل اهلل أن يعطيني معطفً ا من
الف��راء وكنت أؤمن أنه س��يفعل ذل��ك .فصليت وصليت
ومارست إمياني ألجل معطف الفراء .وكنت متأكدة أن اهلل
سيعطيني هذا املعطف ألنني ـ كنت روحية ألقصى درجة.
م��ن فضلك الحظ أن آخر ما كن��ت أحتاجه هو معطف من
الف��راء ،لكنني في ذلك الوقت كنت ع��ادة أطلب من اهلل
أمورا مادية ،ألنني لم أكن ناضجة مبا يكفي ألعرف األمورً
املهمة حقً ا في احلياة.
ف��ي أحد األيام رن جرس البي��ت ،وذهبت ألفتح الباب
ورأي��ت جارت��ي تق��ف ووجهها مل��يء باحلم��اس ،وحتمل
صندو ًقا اً
هائل بني يديها .وقالت« :لن ت�ص��دقي ما أعطاه
اهلل يل» .واس��تمرت تش��رح لي أن هناك صديقة مشتركة
لن��ا أعطتها هذا الصن��دوق وقالت لها «لقد أخبرني اهلل أن
أعطيك هذا».
ـ 29ـ
وتس��اءلت ي��ا ت��رى م��ا ه��و ه��ذا الش��يء؟ ث��م فتحت
الصندوق ،وكان هو معطف الفراء.
جي��دا أنني فكرت في نفس��ي قائل��ة« :تلك
ً وأتذك��ر
الس��يدة أوصلت الصندوق إلى البي��ت اخلطأ .لقد كانت
تن��وي أن حتض��ر ه��ذا املعطف ل��ي» .وبالطب��ع حاولت أن
مجدا
مجدا للربً . أجيب بإجابة «روحية» فقلت« :حس ًنا ً
هلل .أنا يف غاية السعادة ألجلك».
لك��ن في قلبي كنت أقول« :ي��ا رب يجب أن تخرجها
خارج بيتي اآلن» .كنت أغل��ي من الداخل نتيجة الغضب
والغي��رة .كنت غاضبة من اهلل وأق��ول في صمت« :كيف
أمكنك أن تعطيها هذا املعطف برغم الطريقة التي تتصرف
بها؟ كيف تفعل ذلك؟ هذا ليس اً
عدل .أنا روحية للغاية،
صحيحا .وماذا عني؟». ً وهي ليست كذلك .هذا ليس
كن��ت بالفعل أعتقد أنني أس��تحق معطفً��ا من الفراء،
بينما ال تس��تحقه جارتي .لم أكن أفهم محبة اهلل ونعمته،
أو ل��م أكن أعرف أن��ه رمبا كان يجذب جارت��ي لتدخل في
عالق��ة أعمق معه من خالل لطفه نحوها .لم أدرك أنه فقط
ـ 30ـ
كان يريده��ا أن تع��رف أنه يحبها .بالنس��بة لي كان األمر
كله يتعلق مبدى استحقاقي لبركات اهلل ،لكن هذه ليست
ه��ي الطريقة التي يتبعها اهلل ال��ذي يحبنا .كما أنني أؤمن
درسا كان يجب
أيضا بشدة أن اهلل أعطاها املعطف ليعلمني ً ً
أن أتعلم��ه حتى أتقدم في خطت��ه حلياتي .كنت أحتاج إلى
تغيير في التوجهات أكثر مما كنت أحتاج إلى املعطف.
عندما نحاول �أن «ن�ش�تري» من اهلل ب�أعمالنا ال�ص��احلة
ما يريد �أن يعطينا �إياه جمانًا ،يحجب عنا هذه الأ�شياء
�أحيانًا حتى نتعلم كيف نقبلها بالإميان.
عندم��ا نحاول أن «نش��تري» م��ن اهلل بأعمالنا الصاحلة
م��ا يريد أن يعطينا إي��اه مجا ًنا ،يحجب عنا هذه األش��ياء
أحيانً��ا حتى نتعلم كيف نقبلها باإلمي��ان .يجب أن نتعلم
كي��ف نقبل مجا ًنا من اهلل ،وأن نعرف أنه ليس ضرور ًيا أن
دائما كل ما يريد أن مينح��ه لنا .الكتاب املقدس
نس��تحق ً
يعلمنا أن لطف اهلل هو الذي يقودنا إلى العالقة معه (انظر
رومي��ة .)4 :2وال يج��ب أن يك��ون هن��اك س��بب لك��ي
يباركنا ،فمحبته لنا هي السبب الكافي.
ـ 31ـ
مثل الأطفال
أؤم��ن ب��كل قلبي أن اهلل يريد أن يفع��ل لنا أكثر بكثير
دائما كل ما يريد اهلل أن
مما نتخيل .والسبب أننا ال نختبر ً
يعطين��ا إياه ،هو أننا ال نعرف حقً ا كيف نقبل منه العطايا
بالطريق��ة التي يريدنا أن نقبلها بها .يعلمنا الرب يس��وع
سر القبول الصحيح في (لوقا )17 :18فيقول« :احلق
�أق��ول لكم من ال يقبل ملك��وت اهلل مثل ولد فلن يدخله
(أبدا)».
ً
ه��ذه اآلية ال تق��ول «كل من ال ،يحصل على ،ملكوت
اهلل» .وأري��د أن أؤكد على ذلك ألنن��ا البد أن نفهم أهمية
الفرق بني احلصول على ش��يء ،وقبول��ه .نحتاج إلى ذهن
جدي��د جتاه ب��ركات اهلل ـ ذهن يس��تريح ويقبل من اهلل مثل
األطف��ال ،ال الذه��ن ال��ذي يظن أننا يج��ب أن جناهد حتى
نحصل على صالح اهلل.
إذا كن��ت أحت��دث إل��ى فصل مدرس��ة األح��د لألطفال
الصغار في كنيس��تي ،وأمسكت بيدي أورا ًقا مالية صغيرة
ومددته��ا لألطف��ال وقلت «هذه ل��ك ،وهذه ل��ك ،وهذه
ـ 32ـ
لك» .كيف تعتقد س��يكون رد فع��ل األطفال؟ لقد فعلت
ه��ذا ذات مرة مع األطف��ال في أحد مؤمترات��ي ،وأنا أؤكد
لك أنهم ليس��ت لديهم مشكلة في قبول النقود .قد تعلو
وجوههم ابتسامة كبيرة ،وبعضهم قد يضحكون بصوت
إلي بتوقع ليروا
عال ،لكنهم كلهم يس��تمرون في النظ��ر ّ
إذا كنت سأعطيهم أي شيء آخر.
طف�ًل� ينظر إلي بتش��كك أو يقول «ال، اً أبدا
ل��م أقابل ً
ش��كرا يا جويس .أنا ال أس��تحق هذه النق��ود» .وال واحد ً
أبدا «لم أكن صا ًحلا هذا األس��بوع.ً قال األطفال هؤالء من
ال ميكنن��ي أن آخ��ذ هذا» .إن تقدمي النق��ود لألطفال يبعث
الف��رح بداخله��م .ملاذا؟ ألنن��ي أقدم لهم ش��ي ًئا لم يتعبوا
فيه ،ويعرفون أنهم ال يس��تحقونه .وه��م يأخذون النقود
بس��رور .ليس لدي س��بب وجيه لتقدمي النق��ود لألطفال،
لكن هناك ش��يء ما يحدث عندما أفعل ذلك ،وفي النهاية
أشعر بعالقة أفضل مع هؤالء األطفال.
والعملي��ة ذاتها حتدث في عالقتنا مع اهلل ،فهو يريد أن
يك��ون صا ًحلا معنا .واألكثر من ذلك أنه يريد أن تكون له
ـ 33ـ
عالق��ة جيدة معن��ا .وهو ال يريدنا أن نح��اول أن نتصرف
بش��كل يجعلن��ا مس��تحقني لبركات��ه ،لكن��ه فق��ط يريد
محبتن��ا .اهلل يفعل أش��ياء ألجلنا ألنه يحبن��ا ،وهو يريدنا
أبدا
أن نفع��ل ما نفعله ألجل��ه بهذا الدافع ذات��ه .ال تفعل ً
أي ش��يء هلل إال بداف��ع احملبة اخلالصة والطاع��ة لكلمته .ال
يج��ب أن تك��ون محبتنا هلل أو حتى طاعت��ه هي لكي جنعله
يفع��ل لنا األش��ياء ،فنحن نحبه ألنه ه��و أحبنا اً
أول .وألن
صالحه ورحمته تدهش��اننا .إن ص�لاح اهلل هو الذي يقود
اإلنس��ان إل��ى التوبة (انظ��ر رومية .)4 :2وأن��ا أؤمن أن
صالح��ه هو ال��ذي يجذبنا إل��ى عالقة خاصة مع��ه ،أعمق
وأقرب مما نتخيل.
�إذا كن��ا نريد �أن نخترب احلياة اجليدة املقدمة لنا يف
ملك��وت اهلل ,يج��ب علينا �أن نتحلى ب�براءة الأطفال
وثقتهم.
إذا كن��ا نري��د أن نختب��ر احلي��اة اجليدة املقدم��ة لنا في
ملكوت اهلل ،يجب علينا أن نتحلى ببراءة األطفال وثقتهم.
يجب أن نرحب بلطفه ونقبله مثلما يقبل األطفال الصغار
ـ 34ـ
العطايا بدون أن نش��عر أننا يجب أن نكون صاحلني بالقدر
الكافي لنحصل على البركة.
ـ 38ـ
أن يكون صا ًحلا معنا ،فقط إذا قبلنا منه ذلك.
لي���س علي��ك �أن تنتظ��ر �أن تفع��ل كل �ش��يء بال�ش��كل
ال�صحيح حتى يرحمك اهلل �أو يباركك.
اقبل وا�ستمتع
أن��ا أريدك حقً��ا أن تقبل احلياة الفائض��ة التي لك ،وأن
تس��تمتع بها بحرية .قال الرب يس��وع ف��ي (يوحنا :16
(واح��دا) با�س��مي
ً �« )24إىل الآن مل تطلب��وا �ش��ي ًئا
(ال��ذي ميثل كل ش��خصيتي) .اطلب��وا ت�أخ��ذوا ،ليكون
فرحكم (س��روركم وس��عادتكم) كاملاً » .الحظ التدرج
ف��ي هذه اآلية :اطلبوا في اس��م يس��وع ،بن��اء على صفاته
ال عل��ى أعمالكم أنتم ،خ��ذوا ،افرحوا .املوضوع في غاية
البساطة.
أش��جعك أن تبدأ ف��ي احلياة بإجتاه القب��ول ،عن طريق
التعام��ل مع اهلل باإلميان في صالحه وف��ي ما فعله ألجلك.
ميكن أن تصلي بالطرق التالية« :يا رب أسألك أن تغفر لي
خطاياي ،وأنا أقبل غفرانك اآلن .أؤمن أنك قد منحته لي.
ـ 39ـ
أنت حتف��ظ وعدك .وأنا أنال غفرانك اآلن وأعتبر نفس��ي
حرا» أو «يا رب أحتاج إلى الرحمة .أنا ال أستحق معونتك ً
في هذا املوقف ،لكنني أطلب رحمتك وبركتك لي يا رب
بالرغ��م من هذا .حتى م��ع أنني لم أتعب ألحصل عليها يا
رب ،لكنني أس��ألك أن تباركن��ي .ويا رب أنا أقبلها اآلن.
أقبل معونتك ،أقبل بركاتك ،أقبل نعمتك .وأطلب منك
ي��ا رب أن تباركني ألنك أنت صال��ح ،ال ألنني أنا صالح ـ
لكن ألنك أنت يا رب صالح».
عندم��ا تبدأ ف��ي التعامل مع اهلل بهذه الطريقة ،س��وف
يحف��ز هذا ف��ي داخل��ك التس��بيح والتمجي��د هلل كما لم
تش��عر م��ن قب��ل .ال ميكنن��ي أن أحصي كم مرة ف��ي اليوم
«ش��كرا ي��ا رب على صالحك ف��ي حياتي» .ومبجرد
ً أقول
بدل من الش��عور أنني يجب أنأن تعلم��ت أن أقبل من اهلل اً
أكون جديرة بكل ما أحصل عليه ،زادت بركاتي بش��كل
هائل .وهذه الزيادة في البركة جلبت املزيد من التسبيح.
جدا ميكنني أن أش��كر عليها لدرجةأمورا كثيرة ً
وأن��ا أرى ً
أن هذا س��اعدني أن أكف عن الش��كوى ،ألن قلبي يفيض
ـ 40ـ
جدا» .لكن لكي أقول هذا كان
بفكرة «يا رب أنت صالح ً
علي أن أختبر صالحه في حياتي ،ولكي يحدث ذلك كان َّ
علي أن أتعلم أن أقبل.
َّ
�س��وف ترى تغيريات كبرية حت��دث يف حياتك عندما
تتعل��م �أن تقب��ل م��ن اهلل� .إنه يريد �أن يب��اركك �أكرث
مما تقدر �أن تتخيل.
س��وف ترى تغييرات كبيرة حتدث ف��ي حياتك عندما
تتعل��م أن تقب��ل م��ن اهلل .إن��ه يري��د أن يب��اركك أكثر مما
تس��تطيع أن تتخيل .أنت ل��ه وكل ما هو له هو لك نتيجة
عالقت��ك الش��خصية معه من خالل اإلمي��ان بابنه .وكل ما
لدي��ه هو لك ،وقد اش��ترى يس��وع حقك في االس��تمتاع
ب��ه عندما مات عل��ى الصليب وقام من ب�ين األموات .لقد
دف��ع الدين الذي كن��ت مدي ًنا به كخاط��ئ ،وفتح الطريق
ل��ك ليكون لك دخول غير محظور لعرش نعمة اهلل (انظر
أفسس .)12 :3
أريد أن أس��اعدك أن تس��تمتع بحيات��ك كل يوم .ولن
تس��تطيع حقً ا أن تس��تمتع بحياتك بالطريقة التي يريدها
ـ 41ـ
اهلل ب��دون أن تتعل��م أن تعي��ش ف��ي حالة القب��ول ،وليس
بعقلية احلصول على األش��ياء .وإذا ل��م تتعلم أن تقبل من
اهلل ،سوف تفقد الكثير من األشياء التي يريدك أن تنالها،
والكثير من األش��ياء التي يري��د أن يفعلها لك فقط ألنك
تعيش بعقلية متدينة متش��ددة جتعل��ك تظن أنك يجب أن
تتع��ب لتحصل على كل ش��يء .ه��ذا النوع م��ن التفكير
محف��ور بعم��ق ف��ي دواخل الن��اس ،لذلك يج��ب أن جتدد
ذهنك بكلمة اهلل لكي تكون لك نظرة إلهية مليئة باإلميان
جتاه احلياة الفائضة التي يريد اهلل أن يعطيها لك .ومن اآلن
فصاع��دا عندما تطلب من اهلل أي ش��يء ،أدع��وك أن تتبع
ً
طلبك بالقول «أقبله منك اآلن أيها اآلب ...أشكرك».
ـ 43ـ
عندما تواجهنا جتربة القلق ،البد �أن نقول لأنف�سنا
«ارفع يدك عن هذا املوقف .اهلل هو امل�س��يطر ،لذلك
اهد�أ وثق به».
كلنا عندنا مش��كالت ،كلنا نس��تطيع أن نتذكر شي ًئا
نقلق بش��أنه إذا أردنا ذلك .لكن هذا س��يجعلنا تعس��اء.
يج��ب أن نتعام��ل م��ع اهتماماتن��ا بطريق��ة ترض��ي اهلل،
وبإجتاه��ات إيجابية .قرأت ذات مرة قصة عن رجل حكيم
تعام��ل مع مش��كالته وهموم��ه بطريقة في غاي��ة اإلبداع
والفعالي��ة .القص��ة تدعى «ش��جرة املش��كالت» وأريد أن
أشاركك بها:
انتهى للتو النجار الذي اس��تأجرته لترميم منزل ريفي
ق��دمي من أول يوم عمل ش��اق له في ه��ذه املهمة .لقد فرغ
إطار سيارته من الهواء مما جعله يفقد ساعة عمل .واملنشار
الكهربائي تعطل ،واآلن ش��احنته القدمية ترفض أن تدور.
جالسا في صمت تام.ً وبينما كنت أوصله لبيته ،كان هو
عندما وصلنا دعاني أن أقابل أسرته ،وبينما كنا نسير
نحو البوابة الرئيس��ية ،توقف برهة عند ش��جرة صغيرة،
ـ 44ـ
وملس أطراف األغصان بكلتا يديه .وعندما فتح الباب كان
قد مر بعملية حتول مذهلة .فقد علت وجهه االبتسامات،
واحتضن طفليه الصغيرين ،وق ّبل امرأته.
وبع��د فترة أوصلني إلى س��يارتي ،ومررن��ا مرة أخرى
بالش��جرة وكان الفضول يقتلني .فس��ألته عما ش��اهدته
يفعله من قبل.
فأجابني« :آه ،هذه شجرة املشكالت .أنا أعلم أنني ال
ميكنني أن أتفادى املش��كالت في عملي ،لكن هناك شي ًئا
أكي��دا هو أن املش��كالت ال م��كان لها في ه��ذا البيت مع
ً
زوجتي وأوالدي .لذلك أنا أعلقها على الش��جرة كل ليلة
عندما أعود للبيت .ثم في الصباح آخذها مرة أخرى».
وابتسم اً
قائل« :لكن األمر املضحك هو أنني عندما آتي
في الصباح آلخذ املشكالت ،أجدها أقل من الليلة السابقة
بكثير».
ال للهم
جيدا املشقات واملصاعب.
كان الرس��ول بولس يعرف ً
ـ 45ـ
فقد كانت لديه أس��باب كثيرة تدفعه للقلق على نفس��ه،
كبيرا في تأسيسها ،وعلى
جهدا ً وعلى الكنائس التي بذل ً
الن��اس الذي��ن كان يحبهم .وق��د قال في إح��دى املرات:
«مكتئبني يف كل �ش��يء ،لكن غري مت�ض��ايقني .متحيرّ ين،
لك��ن غ�ير يائ�س�ين .م�ض��طهدين ،لك��ن غ�ير مرتوك�ين.
مطروحني ،لكن غري هالكني» (2كورنثوس .)9 ، 8 :4
أيضا عن اجلوع والعطش والتس��ليم للموت.
كما حت��دث ً
كان بال مأوى ،ضرب ،تكسرت به السفينة ،رجم (انظر
1كورنثوس 2 ،11 :4كورنثوس .)25 :11
ماذا كان اجتاه بولس نحو هذه املشكالت؟ جند ذلك في
فيلبي « 6 :4ال تهتموا ب�ش��يء ،بل يف كل �شيء بال�صالة
والدع��اء (الطلبات احملددة) مع ال�ش��كر ،ل ُت ْع َلم طلباتكم
توجيها
ً ل��دى اهلل» .في ه��ذه الكلم��ات يقدم لنا بول��س
مح��ددا وه��و« :ال تقلق��وا أو تهتم��وا ،بل صل��وا وكونوا
ً
شاكرين ،وأخبروا اهلل باحتياجاتكم».
القل��ق واله��م ال ميك��ن �أن يتواج��دا مع الثق��ة باهلل.
البد �أن نفعل �شي ًئا من االثنني.
ـ 46ـ
القلق والهم ال ميكن أن يتواجدا مع الثقة باهلل .البد أن
نفعل ش��ي ًئا من االثنني .إذا كنا نقل��ق ،فنحن ال نثق باهلل.
وإذا كنا نثق باهلل ،فال نقلق.
القلق والهم طريقتان نحاول بهما أن نعرف ما ال يعرفه
س��وى اهلل .فنحن نقلق ونعول الهم عندما نقضي اليوم في
محاول��ة احلصول على اإلجابات التي تخص الغد ،ونصبح
مث��ل بني إس��رائيل أثناء الوق��ت ال��ذي كان اهلل يطعمهم
في��ه املن كل يوم (انظر خ��روج 14 :16ـ .)26كان اهلل
يعطيهم ما يكفي لليوم .وإذا حاولوا أن يجمعوا املن الذي
للغ��د ف��ي اليوم ،كان يفس��د .كان عليه��م أن يتعلموا أن
يثقوا في اهلل أنه س��يعولهم عندم��ا يحتاجون ذلك ،وليس
قبل ذلك.
أعتق��د أن بعض الناس يعيش��ون حي��اة صعبة ألنهم ال
يعرف��ون كيف يعيش��ون يو ًما بيوم ،ويصدق��ون أن اهلل هو
وبدل من ذلك يحاولون أن يتولوا أمر املتحكم في األمور .اً
غدهم اليوم ،ويصلون في النهاية إلى الهم والضيق .ليست
ه��ذه هي خط��ة اهلل .إنه يريدنا أن نرف��ض القلق ونتعلم أن
ـ 47ـ
نثق فيه كل يوم .الثقة هي عدم القلق أو اخلوف .الثقة هي
الراحة والسالم والرجاء واإلجتاهات اإليجابية .الثقة تقول
«اهلل هو املسيطر».
وكم��ا كتب بولس فإن أفضل طريق��ة نتغلب بها على
القل��ق والهم هي الصالة .أري��د أن أذكرك أننا ال ينبغي أن
نع��ول هم أي ش��يء ،بل أن نصلي ألجل كل ش��يء (انظر
فيلبي .)6 :4إن اس��تجابتنا األولى ألية مشكلة أو جتربة
حتد أو خبر س��يء يج��ب أن تكون هي الصالة ،فالصالة أو ٍ
تفت��ح الب��اب هلل لكي يعمل ف��ي حياتنا .إنه هو املس��يطر
ويستطيع أن يفعل أي شيء يريده ،لكنه يريدنا أن ندعوه
من خالل الصالة لكي يعمل في ظروفنا.
وأثناء صالتك أشجعك أن تذكر اهلل بكلمته ،ألنها هي
دائما فعالة ،كما نرى في (إش��عياء
امليث��اق معه .وكلمته ً
« )11 :55هك��ذا تك��ون كلمت��ي التي تخ��رج من فمي.
ال ترج��ع �إيلّ فارغ��ة (ب��دون أن تنت��ج أي تأثير ،بدون
فائ��دة) ،ب��ل تعمل ما �س��ررت ب��ه وتنجح فيما �أر�س��لتها
أيضا أثناء صالتك تذكر األمور العظيمة التي صنعها له»ً .
ـ 48ـ
اهلل ألجلك .فقد أعلن النتيجة النهائية منذ البداية بحسب
(إشعياء « )10، 9 :46اذكروا الأوليات (التي فعلتها)
من��ذ القدمي ،لأين �أن��ا اهلل .....لي�س مثلي .خُ ْ
م رِب منذ
الب��دء بالأخري ،ومنذ القدمي مبا مل يفعل قائلاً :ر�أيي
يق��وم و�أفعل كل م�س��رتي» .الصالة بهذه الطريقة س��وف
تزيد إميانك وعندما يزيد اإلميان يقل الهم.
في (فيلبي )4كتب بولس عن عملية من ثالث خطوات
لالستمتاع باحلياة .اخلطوة األولى هي الفرح« :افرحوا يف
ال��رب كل ح�ين و�أق��ول � ً
أي�ض��ا افرح��وا» (ع .)4اخلطوة
الثانية هي الصالة ألجل كل ش��يء ،وعدم القلق بش��أن أي
ش��يء (ع .)6واخلطوة الثالثة هي عدم اخلوف من أي شيء
من اهلل ،وأن نكون مكتفني (ع .)7
رمبا ال ت�ش��عر برغبة ف��ي أن تفعل ما فعله بولس ،لكن
إذا كان ما ظللت تفعله ال ينجح ،ف ِل َم ال جترب هذا؟
متى يا رب متى؟
ق��د يفقد الناس صبرهم أثن��اء ثقتهم في اهلل ،فإن الثقة
غالبً��ا تتطل��ب فت��رة م��ن االنتظ��ار ،ومعظمن��ا ال يحبون
ـ 51ـ
االنتظار .تذكر أن توقيت اهلل هو جزء من مشيئته ،وعندما
نريد حقً ا مش��يئته في حياتنا ،البد أن نكون مستعدين أن
نخضع لتوقيته.
يف �س��نوات كث�يرة من امل�س�ير م��ع اهلل ،ناد ًرا م��ا ر�أيته
«مبكرا»،
ً يتدخ��ل يف موقف كان يب��دو التوقيت في��ه
دائما توقيته
لكنني مل �أعرف �أبدً ا �أبدً ا �أنه ت�أخر ،بل ً
�صحيح.
ن��ادرا ما رأيته
ً في س��نوات كثيرة من املس��ير م��ع اهلل،
«مبكرا» ،لكنني
ً يتدخل في موقف كان يبدو التوقيت فيه
دائما توقيته صحيح. أبدا أنه تأخر ،بل ً أبدا ً
لم أعرف ً
هن��اك آي��ة جميلة م��ن املفي��د أن نتذكرها أثن��اء وقت
االنتظ��ار في (غالطية « )9 :6فال نف�ش��ل يف عمل اخلري
لأننا �سنح�صد يف وقته �إن كنا ال نكل» .أنا أدرك أن كلمة
محددا يحدث فيه
ً ش��هرا أو يو ًما أو عا ًما
ً «وقته» ال تعطينا
غالبا هو م��ا نريده .لكن هذه
أم��ر ما ،بالرغم م��ن أن هذا ً
الكلمة تبني إمياننا ،وتشجعنا في انتظارنا ،وتعطينا الثقة
أن اهلل س��وف يتصرف في اللحظة التي يرى أنها األفضل.
ـ 52ـ
ودورن��ا ه��و أن نقاوم ع��دم الصبر ،وأن نواص��ل الصالة،
مس��تمرين ف��ي عمل ما هو ص��واب ،وأن نعرف أن اهلل هو
املتحكم في األمور.
إن إميانن��ا ينمو عندما يجعلن��ا اهلل ننتظر أكثر مما نظن
أنه ضروري .ه��ذه املواقف هي فرص ننمي فيها ثمر طول
األن��اة .يخبرنا يعقوب أن الرجل الصبور ال ينقصه ش��يء
(انظ��ر يعق��وب ،)4 :1وأعتق��د أنه يعني أن��ه لن يكون
هن��اك ما يضايقنا عندما تك��ون لدينا القدرة على االنتظار
بصبر وثقة في توقيت اهلل الكامل في حياتنا.
ملاذا يا رب ملاذا؟
�أحيانً��ا يخل�ص��نا اهلل م��ن مواق��ف �أو ظروف �ص��عبة
جتعلنا نقلق ،و�أحيانًا يكون علينا �أن جنتاز فيها.
أحيا ًنا يخلصنا اهلل من مواقف أو ظروف صعبة تس��بب
لن��ا القلق ،وأحيا ًنا يكون علين��ا أن جنتاز فيها .إذا قرر اهلل
أنن��ا يجب أن نتحمل هذه املواق��ف ،فيجب أن نتحملها.
ألن��ه ف��ي مثل ه��ذه املواقف تك��ون الطريق��ة الوحيدة
ـ 53ـ
كثي��را ما يريد اهلل أن
ً للخ��روج منه��ا هي االجتياز فيها.
ينم��ي صفة الق��وة أو احلكم��ة أو أية صفة أخ��رى فينا من
خالل عملية حتمل الصعاب.
ف��ي ع��ام 2003تعرضت خدمة جوي��س ماير لهجوم
س��يئ من الصحاف��ة ،فقد أصدر اإلعالم تقارير عن أش��ياء
أمورا خارج
لم تكن حقيقية عنا ،فحولوا احلقائق ووصفوا ً
س��ياقها بالكامل .وتس��اءل الناس إذا كانت هذه التقارير
س��لبيا ،لكن ه��ذا لم يحدث .ف��ي احلقيقة
ً س��تؤثر علينا
ل��م نختبر بعد هذه احلادثة س��وى النمو .لق��د كان موقفً ا
اضطررنا أن جنتاز فيه ،وأنا أؤمن أنه قد جهزنا للنمو الذي
نستمتع به اآلن.
علي ،ألن الهجوم كان يس��تهدف
كان املوق��ف صعبً��ا َّ
س��معتي .وقد تعلمت من هذه التجربة أننا يجب أن نعهد
إلى اهلل بس��معتنا ألننا إذا حاولن��ا أن نحافظ على الصورة
اجليدة بأنفس��نا ،فس��وف نصبح في غاية التعاس��ة عندما
يهاجمنا ش��خص ما .وبحسب (فيلبي )7 :2فإن يسوع
أخلى نفسه ،وتخلى عن سمعته ،وبالتأكيد لم يكن يهتم
ـ 54ـ
مبا قاله الناس عنه ،ألنه كان يعرف احلقيقة.
أحيا ًنا نعاني من املشكالت بسبب أننا نحتاج أن نتعلم
درسً��ا أو أن جنت��از امتحانً��ا أو أن نتق��وى أو أن ننضج قبل
أن ندخ��ل إلى وقت من��و وامتداد .ومب��ا أن بعض التجارب
ليس��ت أكثر م��ن امتحانات ،فيجب علين��ا أن نركز على
بدل من محاولة اكتش��اف ملاذا علينااجتي��از االمتحان��ات اً
أن نتعرض لها.
هناك آية رائعة (2كورنثوس )14 :2لتتذكرها عندما
�ش��كرا هلل الذي يقودنا يف
ً جتتاز في موقف صعب« :ولكن
موك��ب ن�ص��رته يف امل�س��يح كل حني ،ويظهر بن��ا رائحة
أمرا م��ا ،تذكر أنك
معرفت��ه يف كل م��كان» .عندم��ا جتتاز ً
س��وف تعبر للضفة األخ��رى .حتى إذا طل��ب اهلل منك أن
جتت��از في ضيقة فه��و ال يقودك إلى الهزمي��ة ،إمنا إلى نصر
محقق.
اهد�أ
عندم��ا تواجهن��ا أوق��ات الضي��ق يك��ون أح��د أكب��ر
ـ 55ـ
التحدي��ات املوضوعة أمامنا هو أن نهدأ .فإن طبيعتنا متيل
إلى أن تخاف وأن تقلق محاول ًة أن تفعل ش��ي ًئا ما إلصالح
املوقف أو حلل املش��كلة .لكننا يجب أن نتعلم أن نتحكم
ف��ي عواطفنا حتى ميكنن��ا أن نفكر بوضوح ،وأن نتصرف
بحكمة ،وأن نصلي بإميان.
يج��ب �أن نتعل��م �أن نتحك��م يف عواطفن��ا حتى ميكننا
�أن نفك��ر بو�ض��وح ،و�أن نت�ص��رف بحكم��ة ،و�أن ن�ص��لي
ب�إميان.
ف��ي العه��د الق��دمي كان عل��ى موس��ى أن يس��اعد بني
إس��رائيل أن يهدأوا .في إحدى امل��رات كان جيش فرعون
يج��ري وراءه��م ليلح��ق بهم .ظل بن��و إس��رائيل يجرون
لكنهم كانوا يعرفون أنه��م متجهون نحو البحر األحمر،
مؤك��دا .يخبرنا الكت��اب املقدس في (خروج
ً وب��دا املوت
)10 :14أن الش��عب «فزعوا ج��دً ا» .كما أنهم غضبوا
عبيدا
من موس��ى ،وق��رروا أنه كان أفض��ل لهم أن يبق��وا ً
للمصريني عن أن يحاولوا أن يهزموا جيش فرعون .وكان
خطيرا بالفعل ،وكانت عواطفهم جامحة. ً هذا موقفً ا
ـ 56ـ
قال لهم موس��ى« :ال تخافوا .قف��وا (ثابتني وواثقني
وغي��ر محبط�ين) وانظروا خال���ص الرب الذي ي�ص��نعه
لك��م اليوم ،ف�إنه كما ر�أيتم امل�ص��ريني اليوم ،ال تعودون
ترونه��م � ً
أي�ض��ا �إىل الأب��د .ال��رب يقات��ل عنك��م و�أنتم
ت�ص��متون (تبق��ون في س�لام وراح��ة)» (ع .)14 ،13
بلغتنا احلديثة كان موسى يحاول أن يقول «كفوا عن هذا.
أن��ا أعرف أن املوقف يبدو ميئوسً��ا منه ،لك��ن ال تخافوا.
فقط اهدأوا دقيقة ،وراقبوا ما سيفعله اهلل ألجلكم».
وقبل أن يبلغ جيش فرعون بني إس��رائيل ،كان اهلل قد
ش��ق مياه البحر األحمر حتى يعبر شعبه فوق أرض صلبة.
وعندم��ا وصلوا كله��م للضفة األخرىُ ،أغْ ِل��ق البحر مرة
أخرى وغ��رق جنود فرعون ،أريد أن أذك��رك أن هذا اإلله
الصان��ع العجائ��ب هو نفس��ه اإلله الذي يق��ف في صفك
اليوم ،وهو ال يزال يحارب عن شعبه .ومهمتك إذا قررت
أن تنتمي له هي فقط أن تقف في سالم وراحة.
ف��ي (يوحن��ا )27 :14يوضح الرب يس��وع أن لدينا
القدرة على التحكم في مش��اعرنا« .ال ت�ضطرب قلوبكم
ـ 57ـ
وال تره��ب (كف��وا عن الس��ماح ألنفس��كم باالضطراب
واالنزع��اج وال تس��محوا ألنفس��كم أن تخ��اف ،أو أن
تخش��ى ،أو أن تص��اب باجل�بن ،أو أن تتزعزع)».عندم��ا
تضطرب قلوبنا فالسبب هو أننا ن�سمح لها بذلك .عندما
ننزع��ج ونتضايق ونخاف ونصاب باجل�بن فهذا معناه أننا
�س��محنا لهذه املش��اعر بالتواجد .ومبا أننا لدينا س��لطان
اإلذن لهذه املشاعر السلبية بالظهور ،فهذا يعني أننا لدينا
أيضا السلطان أال نسمح لها بذلك .الرب يسوع ال يطلب ً
اً
مس��تحيل .إذا كان ق��د طلب منا أبدا أن نفعل ش��ي ًئا
من��ا ً
أال نسمح ألنفس��نا أن ننزعج ،فهو يعطينا القوة أن نفعل
ذلك.
الرب ي�سوع ال يطلب منا �أبدً ا �أن نفعل �شي ًئا م�ستحيلاً .
يجب أن نختار أن نهدأ وسط األزمات .يجب أن نضبط
أفكارنا وعواطفنا في املواقف العصيبة التي يستسلم فيها
كثي��رون للخ��وف والدم��وع .ه��ذا الن��وع من االس��تقرار
والقدرة على احلفاظ على الس�لام هو إرادة اهلل من نحونا،
وه��و يثبت أننا حقً ا نثق فيه .فهو املتحكم في كل موقف،
ـ 58ـ
لذلك ارفع يدك عن األمر واسترخ واستمتع بحياتك ،ألن
وبدل من أن تقضي اليوم في القلقاهلل يعمل نيابة عن��ك .اً
بشأن أمر ال ميكنك أن تفعل أي شيء حيالهِ ،ل َم ال تستمتع
باليوم وتتحمس للغد؟
تف�ضل اجل�س
أمرا �سلب ًيا ،بل على العك�س ف�إنه ن�شاط،
«ال�صرب لي�س � ً
�إنه القوة مركزة»
إدوارد ج .بلويرـ ليتون
أحد أسرار االستمتاع باليوم والتطلع إلى الغد هو تعلم
االنتظ��ار .ال أعن��ي بذلك مجرد متضية الوق��ت أو تضييع
الوق��ت ،وإمن��ا أعني تعل��م االنتظار اجليد .س��تأتي عليك
أوقات كثيرة في حياتك تشعر فيها أنك جالس في «غرفة
االنتظ��ار» .تعرف أن لديك موعد مع القدر ،لكن يبدو أن
أحدا
ج��دا .فتنتظر وتنتظر لكن ال تس��مع ًالوق��ت طويل ً
ينادي اس��مك ،وال تتحرك نحو اخلطوة التالية أو حتقق أي
تقدم نحو حلمك .لكنك فقط تنتظر.
ـ 59ـ
وتع��د كيفية التعامل م��ع وقت االنتظار ه��ذا حتى إذا
أمرا حيو ًيا حلياتك ،احلالية وملس��تقبلك .في
كان صعبً��اً ،
احلقيقة ،رمبا تقضي أكث��ر وقتك في انتظار حتقيق األحالم
التي منحها اهلل حلياتك أكثر مما تقضي في احلصول عليها.
لذل��ك تعتبر تنمية القدرة عل��ى االنتظار بصبر وتوقع أمر
ف��ي غاية األهمي��ة .إن حتقي��ق أحالمنا وأهدافن��ا ميكن أن
غالبا ما ننتظرها لسنوات عديدة،يحدث في حلظة ،لكننا ً
والتوج��ه الذي ننتظر به هذه األح�لام واألهداف هو الذي
يحدد مستوى استمتاعنا باحلياة.
(يعق��وب )8 ، 7 :5يق��دم لن��ا توجيهً��ا فيما يخص
االنتظ��ار اجلي��د فيق��ول« :فت�أن��وا �أيه��ا الإخ��وة (ف��ي
انتظارك��م) �إىل جميء الرب .ه��وذا الفالح ينتظر ثمر
الأر���ض الثم�ين ،مت�أن ًي��ا علي��ه حت��ى ينال املط��ر املبكر
واملت�أخر .فت�أن��وا �أنتم وثبتوا قلوبكم ،لأن جميء الرب
قد اقرتب» .متا ًما مثلما يجب على الفالح أن ينتظر حصاد
أيضا ستجتاز في أوقات من االنتظار
البذار التي زرعها ،أنت ً
بعد أن يزرع اهلل بذار األحالم أو الرغبات في قلبك.
ـ 60ـ
عندما ننتظر حتقيق وعد ما ،هناك عمل تنقية يجب أن
يح��دث في حياتنا ليؤهلنا مل��ا وضعه اهلل في قلوبنا .يجب
أن نكون مس��تعدين ،واالستعداد عملية تتطلب وق ًتا .فال
ميكن أن حت��دث بطريقة غير ذلك ،له��ذا نحتاج أن نتعلم
االنتظ��ار اجليد .وتعلم االنتظار اجلي��د يعني تعلم االنتظار
بثق��ة ف��ي اهلل .الصب��ر احلقيقي لي��س مجرد الق��درة على
االنتظ��ار ،لكنه الطريق��ة التي نفكر ونتص��رف بها أثناء
انتظارنا.
حتميا
ً أمرا
كثيرا ما تكون األسباب التي جتعل انتظارنا ً
ً
هي أس��باب مرتبطة بإجتاهاتنا .ف��إذا كنا نغار من اآلخرين
الذي��ن حصلوا على م��ا كان��وا ينتظرونه ،إذا كنا نش��فق
عل��ى ذواتن��ا ونركز بش��دة على أنفس��نا وعل��ى حياتنا،
إذا كنا نس��مح ألنفس��نا بالتقلب��ات العاطفية الش��ديدة،
أو إذا كنا نش��كو م��ن طول املدة التي يج��ب أن ننتظرها ـ
فه��ذه األمور ليس��ت إجتاهات ترضي اهلل .ه��ذه األمور وما
يش��ابهها هي األش��ياء التي يجب التعامل معها والتخلص
منها قبل أن نحصل على مواعيد اهلل ،وأن نتولى مس��ئولية
ـ 61ـ
بركاته بنضوج .لقد أدركت أن إجتاهي أهم بالنسبة هلل من
حصول��ي على ما أريد ،فه��و يعرف أنني إذا كان لي اإلجتاه
الصحي��ح ،ميكنني أن أفرح بغض النظر عن الظروف .هذا
هو نوع االستقرار الذي يريده اهلل لكل منا.
إذا أدركن��ا أن االنتظار تدريب مه��م وتعلمنا أن ننتظر
حينئذ ميكننا حقً ا أن نستمتع بفترات االنتظار،
ٍ بإيجابية،
وأن نتعل��م الدروس الت��ي نحتاج أن نتعلمه��ا أثناء أوقات
أيضا أن جتعل
التأجي��ل .كما أن اإلجتاهات اجلي��دة ميكنها ً
أوق��ات االنتظار أقص��ر ،فإذا تعلمنا ال��دروس القيمة التي
مبكرا،
ً س��ريعا ،س��وف نتخرج
ً يري��د اهلل أن يعلمنا إياها
ونبدأ في االستمتاع مبا كنا ننتظره.
إن عدم الق��درة على االنتظار اجليد هي أحد األس��باب
الرئيسية التي ألجلها ال يستمتع الناس بحياتهم اليومية،
فه��م يرك��زون بش��دة على امل��كان ال��ذي يذهب��ون إليه،
فيفق��دون االس��تمتاع بالرحل��ة التي توصله��م إلى هناك.
وهم يس��محون ألنفس��هم أن يغرق��وا في الغ��د فيفقدون
أبدا
الي��وم بالكام��ل .كثيرون من هؤالء الن��اس ال يصلون ً
ـ 62ـ
أبدا حتقيق أحالمهم
مل��لء ما يدخره اهلل لهم ،فه��م ال يرون ً
ورؤاهم ألنهم ال يفهمون أهمية االنتظار اجليد واالستمتاع
بالرحلة.
واحدا من هؤالء .أريدك أن تس��تفيد
ً ال أريدك أن تكون
باليوم بأقصى ما ميكن أثناء سيرك نحو الغد ،وأحد أفضل
الطرق لفعل ذلك هي أن تتعلم االنتظار اجليد.
�أري��دك �أن ت�س��تفيد بالي��وم ب�أق�ص��ى ما ميك��ن �أثناء
�س�يرك نحو الغد ،و�أحد �أف�ض��ل الطرق لفعل ذلك هي
�أن تتعلم االنتظار اجليد.
ـ 64ـ
أننا نحتاج إلى مصورين يسافرون معنا لتصوير املؤمترات.
فانتظرنا أن يرسلهم اهلل لنا.
أخي��را حان وقت بداية ع��رض فكرة بث برامجنا على ً
احملط��ات التليفزيونية .قال لن��ا مديرو احملطات إننا نحتاج
إل��ى من��وذج للبرنامج قب��ل أن يق��رروا توقيع عق��د معنا.
فانتظرنا أن ينتهي ه��ذا النموذج ،وانتظرنا لنرى إذا كان
سيعجبهم أم ال.
وف��ي النهاي��ة ،وبع��د ط��ول انتظ��ار ،بدأن��ا البرنامج
التليفزيون��ي .ف��ي األيام األولى كان��ت احملطات التي تبث
برنامجن��ا قليل��ة ـ وكان علين��ا أن ننتظ��ر لن��رى نوعي��ة
التج��اوب التي س��نتلقاها حتى نقرر إذا كنا سنس��تمر في
خدمة التليفزيون أم ال.
ومن��ذ ذلك احل�ين وس��ع اهلل خدمتن��ا التليفزيونية إلى
أن وصل��ت ل��كل أنح��اء العالم .ب��دأ األمر ب��أن تكلم اهلل
بخطته ورغبته لقلوبنا ـ ثم تطلب األمر الكثير من العمل،
جدا من الصبر .لكننا رأينا أمانة اهلل في كل ذلك، والكثير ً
ـ 65ـ
ورأينا قيمة االنتظ��ار الذي حتملناه ،وبدأنا نفهم أنه بدون
االنتظار لن نصبح مستعدين للتعامل مع كل األمور املتعلقة
باخلدمة التليفزيونية.
االنتظ��ار حقيق��ة م��ن حقائ��ق احلي��اة ـ وهو عن�ص��ر
�ضروري للنجاح.
أمتن��ى أن ترى من خالل هذه القص��ة أن كل مرحلة في
احلياة وفي سبيل حتقيق األحالم تتطلب االنتظار .تذكر أن
(يعقوب )7 :5يعلمنا اً
قائل «ت�أنوا (في انتظاركم) �أيها
الإخ��وة» .هذه اآلي��ة ال تقول« :تأن��وا إذا كان عليكم أن
تنتظ��روا» لكن «تأنوا في انتظاركم» .فاالنتظار حقيقة من
حقائق احلياة ـ وهو عنصر ضروري للنجاح.
غيوم الت�أكيد
هل حدث وأصبت باإلحباط ألنك شعرت أنك انتظرت
أبدا؟ اً
طويل وبصبر لتحقيق ش��يء ما يب��دو أنه لن يتحقق ً
أن��ت بعقلك تع��رف أنك لم تنتظر ط��وال عمرك ،لكنك
متعبا،
تش��عر أن��ك انتظرت طيل��ة حيات��ك ،فأصبح��ت ً
وشعرت أنك ال ميكنك أن تنتظر أكثر من ذلك.
غالبا جزء من العملية
ه��ذا األمر يحدث لنا كلنا ،وهو ً
التي منر بها في مسيرتنا مع اهلل في أوقات االنتظار ،بينما
نتمسك بوعود اهلل ونؤمن أنه يريد أن يحققها في حياتنا.
ومن��ذ أي��ام الكت��اب املقدس وش��عب اهلل يج��ب أن يتعلم
االنتظار .وعلى مر القرون كان اهلل يرس��ل رسائل تشجيع
في الوقت املناسب.
ومنذ �أيام الكتاب املقد�س و�ش��عب اهلل يجب �أن يتعلم
االنتظ��ار .وعل��ى مر القرون كان اهلل ير�س��ل ر�س��ائل
ـ 68ـ
ت�شجيع يف الوقت املنا�سب.
(1مل��وك )18يخبرن��ا بقصة رجل انتظ��ر وظل أمي ًنا
عندما بدا أنه ال شيء يحدث .في اآلية األولى قال اهلل إليليا
مطرا على وجه الأر�ض».
وتراء لأخ�آب ف�أعطي ً
َ «اذهب
كان هذا وقت مجاعة شديدة في األرض ،وكانت احملاصيل
واحليوانات في أش��د احلاج��ة إلى املياه ،لكن لم تكن هناك
مياه.
بع��د أن تلق��ى إيليا الوع��د باملط��ر ،قابل أنبي��ا البعل
وحدثت مواجهة بني إيليا نبي إله إسرائيل وهؤالء األنبياء
الكذبة .وبعد أن أعلن اهلل أنه اإلله احلقيقي الوحيد وقضى
إيلي��ا على أنبياء البعل ،ق��ال للملك آخاب« :ا�ص��عد كل
وا�شرب ،لأنه ح�س دوي مطر» (ع .)41
الب��د أن إيلي��ا كان يب��دو س��خيفً ا بإعالنه أن الس��ماء
س��تمطر ،ألن الس��ماء كان��ت صافي��ة متا ًما .أرس��ل إيليا
غالمه ليبحث عن س��حب عاصفة س��ت مرات ،وكل مرة
كانت الس��ماء مشرقة وزرقاء كما هي ،ولم يكن هناك في
األفق أية س��حب .البد أن إيليا ش��ك ف��ي وعد اهلل باملطر،
ـ 69ـ
وبالتأكيد أصيب باإلحباط من هذا االنتظار الطويل .لكن
عندما أرس��ل خادمه لينظر الس��ماء للمرة الس��ابعة ،عاد
اخلادم بأخبار سارة« :هوذا غيمة �صغرية قدر كف �إن�سان
�ص��اعدة من البح��ر» (ع .)44إذا فكرت في حجم كف
اإلنس��ان باملقارنة مبس��احة السماء س��تبدو ضئيلة للغاية،
لكن ه��ذه العالمة الصغي��رة منحت إيليا التش��جيع الذي
كان في حاجة إليه.
لقد رأيت اهلل وهو يرسل «الغيوم» في حياتي ملدة سنوات
لدي رؤي��ة كبيرة ،وكنت أثن��اء إعدادي للخدم��ة .كانت َّ
«حبلى» بحل��م .وكلما زاد االنتظار ،ش��عرت بالرغبة في
السؤال هل كان ما سمعته من اهلل حقً ا أم أني أنا اختلقته؟
وعندما كنت على وش��ك أن أتوقف عن اإلميان بوعد اهلل،
حيا داخلي .أحيا ًنا كانكان اهلل يفعل ش��ي ًئا يبقي الرج��اء ً
صغيرا مثل غيم��ة إيليا ،التي كانت في حجم ً هذا الش��يء
كف إنسان .لكنه كان يكفي ملساعدتي على أال أستسلم.
وأنا أش��جعك أن تبدأ في البحث عن غيوم التأكيد اخلاصة
بك.
ـ 70ـ
ج��دا لكنها كانت
إن س��نوات االنتظار كان��ت صعبة ً
جدا .فق��د كنت أمنو وأكتس��ب حكمة وخبرة، ضروري��ة ً
وأتعل��م كي��ف أخض��ع للس��لطان ،وأتعل��م الكلم��ة التي
دعان��ي اهلل أن أع��ظ به��ا .كان اهلل يعدّ ن��ي للوعد الذي لي
وكان يعرف أن وقت اإلعداد ال ميكن اختصاره.
عندم��ا يك��ون لدين��ا وعد م��ن اهلل �أو حلم و�ض��عه يف
قلوبنا ،ي�شبه هذا الأمر «احلمل» مبا قاله اهلل.
عندم��ا يك��ون لدين��ا وع��د م��ن اهلل أو حل��م وضعه في
قلوبن��ا ،يش��به هذا األمر «احلمل» مبا قال��ه اهلل .لقد زرع اهلل
بذرة بداخلنا ،ويجب أن جنتاز في مرحلة إعداد .هذه الفترة
جتهزنا أن نتعامل مع األمور التي وعدنا اهلل أن يعطينا إياها أو
أول تزرعكثيرا والدة الطفل .اً يفعلها لنا .وهذا األمر يشبه ً
وأخيرا
ً الب��ذرة في الرحم ،ثم تأتي تس��عة ش��هور االنتظار،
يولد الطفل .أثناء التسعة شهور يحدث الكثير،حيث تنمو
اس��تعدادا
ً البذرة وتنضج .ومير جس��م األم بتغيرات كثيرة
لل��والدة .ويق��وم األب��وان بجم��ع األدوات الالزم��ة للعناية
بالطفل ،ويعدان منزلهما لوصول هذا الطفل.
ـ 71ـ
ُ��رى بالعني
معظ��م ما يح��دث داخ��ل األم املنتظ��رة ال ي َ
الطبيعية .بالطب��ع بطنها املنتفخة تصبح واضحة للجميع،
لك��ن الكثي��ر م��ن التط��ورات الهام��ة األخ��رى التي حتدث
بداخله��ا ال ميك��ن ألح��د أن يراها .وهناك عملية مش��ابهة
روحيا فيما يتعلق مبواعيد اهلل لنا ،فحقيقة أننا ال
ً حت��دث لنا
اً
منشغل نستطيع أن نرى أي شيء يحدث ال يعني أن اهلل ليس
بإعدادن��ا لقبول ما يريد أن يعطينا إياه .إن اهلل يصنع أعظم
أعماله في اخلفاء ،وهو يسر بأن يفاجئ أوالده.
أريد أن أش��جعك اليوم أن تراقب «غي��وم التأكيد» في
صبورا ،وابق
ً حياتك .أ ًيا كان ما تنتظره ال تستس��لم .كن
أمينً��ا ،وعندما تش��عر أن��ك ال ميكنك أن تنتظ��ر أكثر من
جدا ،لكن اهلل
ذلك ،ابحث ع��ن غيمة .رمبا تكون صغيرة ً
يريد أن يس��اعدك بها أثناء انتظارك لتحقيق وعوده ،التي
ستتحقق في توقيت اهلل الكامل.
ـ 72ـ
نادرا ما يتماش��ى مع توقيتنا .نحن
في تذكر أن توقيت اهلل ً
نفك��ر ونخط��ط مبقاييس مؤقتة ،لك��ن اهلل يفكر ويخطط
كثيرا ،بينما
مبقاييس أبدية .هذا معناه أن «اآلن» يش��غلنا ً
كثيرا باملدى البعيد .نحن نريد ما يس��عدنا اآلن،
اهلل يهتم ً
م��ا ينت��ج نتائ��ج فورية .لك��ن اهلل مس��تعد أن يصبر ،وهو
مصمم على أن يستثمر فينا عبر فترة من الزمن لكي ننتج
نتائج أفضل وأبقى مما نتخيل.
كثيرا ما نحاول أن نقنع اهلل أن يعطينا في احلال
ً ونحن
ما نريده متا ًما كما يحاول أوالدنا أن يقنعونا أن نعطيهم ما
يري��دون في احل��ال .اهلل يحبنا أكثر مما نحب نحن أوالدنا،
جدا لدرج��ة جتعله ال يخضع لتوس�لاتنا .فهو وه��و يحبنا ً
يع��رف أن ما يولد قبل متام االكتمال س��وف يصارع ألجل
البقاء على قي��د احلياة .لذلك فهو ينتظر إلى الوقت الذي
يعرف فيه أن كل شيء قد ُأ َعد الستقبال احللم.
اهلل يرى ويفهم م��ا ال نراه نحن أو نفهمه .وهو يطلب
منا أن نتخلى عن رغبتنا الطبيعية في اكتشاف ما يجب أن
يحدث ف��ي حياتنا ،ومتى ينبغي أن يح��دث .وهو يريدنا
ـ 73ـ
أن نق��اوم الرغب��ة في «مس��اعدة» اهلل عل��ى حتقيق مقاصده
اإللهية بعقولنا البش��رية ومبجهوداتنا اجلس��دية .كما أنه
أيضً��ا يرغب في أن نتوقف عن اإلحباط بس��بب أن األمور
وبدل من ذلك نس��ترخي ونستمتع ال حتدث وفقً ا خلطتنا .اً
معا بحسب بالرحلة ،ونثق فيه أنه يجعل كل ش��يء يعمل ً
توقيته وحكمة خطته.
أبدا أن نختبر اإلشباع واالستمتاع في احلياةلن ميكننا ً
بدون الثقة احلقيقية في اهلل .سوف نظل نصارع لكي «جنعل
األمور حت��دث» في الوقت الذي نظ��ن أنها يجب أن حتدث
في��ه .يجب أن نتذكر أن اهلل ليس لديه فقط خطط حلياتنا،
أيضا يعرف التوقيت املثالي لكل جانب من جوانب لكن��ه ً
كثي��را ما نخفق ف��ي إدراك أن اخلروج خارج
ً ه��ذه اخلطط.
توقيت اهلل هو خروج خارج إرادته ،وأن محاربة توقيت اهلل
ومقاومته مياثل محاربة إرادة اهلل حلياتنا ومقاومتها.
يج��ب �أن نتذك��ر �أن اهلل لي���س لدي��ه فق��ط خط��ط
أي�ضا يعرف التوقيت املثايل لكل جانبحلياتنا ،لكنه � ً
من جوانب هذه اخلطط.
ـ 74ـ
(مزم��ور )15 :31يؤكد لن��ا أن أوقاتنا في يدي اهلل،
كثيرا ما ال نراها لكي يخرج منها أكبرً فهو يعمل بط��رق
ف��رح ممكن .وهو ي��رى الصورة األكبر حلياتن��ا منذ البداية
إل��ى النهاية ،وهو يعرف ما الب��د أن يحدث ،ومتى يجب
أن يح��دث .نح��ن فقط نحتاج أن نثق في��ه ،وأن نتذكر أن
أفكاره أعلى بكثير من أفكارنا ،وأن توقيته كامل.
إذا كن��ت في حالة انتظار لتحقيق حلم أو خطة وضعها
اهلل ف��ي قلبك ،فتش��جع .اهلل يعمل في األم��ر ،وهو يجهز
األمر لك ويجهزك له .فقط اجلس (ادخل إلى راحة اهلل)،
وعندما يأتي الوقت احملدد سوف ينادي اهلل على اسمك.
انظر للغد بفرح
«كل غد له طرفان� .إما �أن من�سك به من طرف القلق،
�أو من طرف الإميان»
هنري وارد بيتشر
على مر السنوات في اخلدمة ،وجدت أن الناس ينظرون
إلى املس��تقبل من أحد جانبني .إما أن يتطلعوا إليه بحماس
وثقة ،أو بالهم والش��ك واخلوف .بعض الطرق التي يفكر
ـ 75ـ
الناس بها في األيام القادمة لها عالقة بشخصياتهم .فهناك
بعض األش��خاص متفائلون بطبيعته��م أكثر من اآلخرين،
لك��ن بغض النظر عن ش��خصياتنا ،يجب أن نكتش��ف ما
يقوله اهلل عن املستقبل ونتفق معه ،حتى إذا كان ذلك يعني
أننا يجب أن نتغلب على ميولنا الشخصية الطبيعية.
إحدى اآليات التي تعبر بوضوح عن نظرة اهلل للمستقبل
ه��ي ف��ي (إرمي��ا « )11 :29لأين عرفت الأف��كار التي
�أن��ا مفتكر به��ا عنكم ،يقول الرب� ،أفكار �س�لام ال �ش��ر،
لأعطيك��م �آخ��رة ورجاء» .هذه دع��وة واضحة من اهلل لنا
أن ننتظر الغد بفرح .ليس علينا أن نخاف من أي شيء ألن
أفكار اهلل وخططه هي أفكار خير ال ش��ر ،وكل ما عنده لنا
هو خير وهو مصمم على أن يعطينا رجاء للمستقبل.
عندم��ا تواجهنا مش��كلة اليوم ،ف��إن التطلع إل��ى األمور
الصاحلة في املس��تقبل يساعدنا أن نستمتع باليوم حتى وسط
املشكالت التي يجب أن نتعامل معها .الكتاب املقدس يقول:
«الرج��اء املماط��ل مير�ض القلب» (أمث��ال .)12 :13لذا
استمر في الرجاء ،واتفق مع ما يقوله اهلل عن مستقبلك.
ـ 76ـ
�شيء مميز
إرميا النبي الذي تكلم اهلل إليه بهذه الكلمات عن أفكار
مميزا
مدعوا ليفعل شي ًئا ً
ً السالم والرجاء في املستقبل ،كان
هلل .وكان يع��رف ه��ذا ألن اهلل قال له« :قبلما �ص��ورتك يف
البطن عرفتك (كأداة مختارة لي) ،وقبلما خرجت من
الرحم قد�ستك .جعلتك نب ًيا لل�شعوب» (إرميا .)5 :1
وكم��ا �أن اهلل كان لديه خطة عظيمة لإرميا من قبل
�أن يول��د ،ف�إن لديه � ً
أي�ض��ا خط��ة عظيمة حلياتك من
قبل �أن يدخل �أنفك �أول نف�س.
وكم��ا أن اهلل كان لدي��ه خطة عظيمة إلرمي��ا من قبل أن
أيضا خطة عظيمة حلياتك من قبل أن يدخل يولد ،فإن لديه ً
أنفك أول نفس .اهلل لم ينتظر حتى تولد أو حتى يرى شكلك
أو حت��ى تبدأ في اكتس��اب مهارات وقدرات لك��ي يقرر إذا
كنت ستس��تمتع بحيات��ك أم ال .هناك س��بب لوجودك هنا
عل��ى األرض .أنت لم تولد فقط لتمأل فراغً ا معي ًنا .لقد قال
اهلل إن��ه قد دع��ا إرميا قبل حتى أن يول��د ،وأنا أؤمن أن هناك
شي ًئا ما ،أو رمبا عدة أشياء ،في خطة اهلل لكل منا.
ـ 77ـ
وبدل من الشعور بالهم عندما ال تعرف بالضبط ما هي اً
هذه األش��ياء ،ملاذا ال تتحمس من فكرة أنه أ ًيا كانت هذه
األمور فإنها أمور صاحلة .إن اكتشاف هدفنا في احلياة ليس
دائما .أحيا ًنا يجب علينا أن جنرب بعض األشياء
سهل ً أمرا اً
ً
لكي نكتشف ما يناسبنا .إننا شركاء مع اهلل ،وهو يسمح
لنا أن نس��اعده في عملية إتخاذ القرار .ما الذي جتيده؟ ما
كثيرا ما تنير
الذي يش��غل اهتمامك؟ ما هي رغبة قلبك؟ ً
هذه األش��ياء الطريق نحو ما يج��ب أن نفعله .كما يجب
أيضً��ا أن ندرك أننا قد ال نفعل الش��يء ذاته طوال حياتنا.
إن حياتنا فيها فترات تخص أش��ياء معينة ،وفترات أخرى
تخص أشياء أخرى.
ظلت ابنتي في اخلدمة ملدة ثالث عش��رة س��نة ،لكنها
اآلن أم ورب��ة من��زل .وعندما يكبر أوالدها أن��ا واثقة أنها
كثيرا بش��أن ما
ً س��تفعل ش��ي ًئا آخر .بعض الناس يقلقون
يفت��رض بهم أن يفعلوه ،فينتهي به��م احلال إلى عدم فعل
أي شيء سوى البقاء في حيرة.
أن��ا أؤمن بش��دة أن مهمة اهلل هي أن ُيظهِ ��ر لنا إذا كان
ـ 78ـ
لدي��ه أمر مح��دد يريدنا أن نفعل��ه .وإذا لم يظه��ر لنا أي
ثمارا صاحل��ة ونزهر في
ش��يء ،فعلين��ا أن نعيش وجنل��ب ً
امل��كان الذي زرعنا فيه ونس��تمتع بكل يوم منحنا إياه .أنا
أريدك حقً ا أن تفهم وتصدق حقيقة :أن اهلل لديه مس��تقبل
عظيم لك ،ولديه خطة رائعة حلياتك تفوق كل تخيالتك،
ألنه ببساطة يحبك ـ وقد كانت هذه اخلطة في قلبه من قبل
حتى أن تولد.
�أن��ا �أري��دك حقًا �أن تفهم وت�ص��دق حقيق��ة� :أن اهلل
لديه م�ستقبل عظيم لك.
أيضا يعرف ذلك،
كان إرمي��ا يعرف ذل��ك وكان داود ً
مخاطبا اهلل:
ً وكتب هذه الكلمات
كليتي .ن�سجتني يف بطن �أمي....
ّ «لأنك �أنت اقتنيت
مل تخت��ف عن��ك عظام��ي حينم��ا �ص��نعت يف اخلف��اء،
و ُرقِ م��ت (مثل التطريز بألوان كثيرة) يف �أعماق الأر�ض.
ر�أت عيناك �أع�ضائي ،ويف �سفرك كلها (كل أيام حياتي)
كتب��ت ي��وم ت�ص��ورت� ،إذ مل يك��ن واحد منه��ا»( .مزمور
15 ، 13 :139ـ .)16
ـ 79ـ
أدع��وك اليوم أن تصدق م��ا يقوله اهلل على حياتك .إذا
كنت قد شككت من قبل أن اهلل لديه خطة صاحلة حلياتك،
فق��د آن األوان لتغي��ر فك��رك .وأن��ا أؤك��د ل��ك أن هناك
عظيما في انتظارك .كل ما عليك هو أن تصدق ً اً
مس��تقبل
هذا وتتوقعه .كتب عاموس النبي في الكتاب املقدس اً
قائل
معا إال إذا اتفقا (انظر عاموس
إنه ال ميكن أن يس��ير اثنان ً
.)3 :3اهلل لديه خطة صاحلة حلياتك ،لكنك البد أن تتفق
مع��ه إذا كنت تريد أن تختبرها .ابدأ في أن تفكر وتقول:
«اهلل لدي��ه خطة يل ،و�أنا �أ�ش��عر باحلما�س اليوم ،لي�س
ذلك فقط ،لكنني �أتطلع �إىل الغد � ً
أي�ضا».
مت�سك بالدعوة
بالرغ��م م��ن أن اهلل حتدث إلى إرميا بوض��وح وأخبره ما
هي دعوته ،إال أن إرميا لم يقابل الدعوة بحماس .اً
وبدل من
ذلك قال�« :آه يا �س��يد الرب �إين ال �أعرف �أن �أتكلم لأين
نبيا
ول��د» (إرمي��ا .)6 :1لقد قال اهلل إلرميا أنه س��يكون ً
جدا».
للشعوب ،وأجاب إرميا «ال ،ال ميكن أنا صغير ً
ـ 80ـ
اهلل ل��م يوافق على إجابة إرمي��ا ،فقال له« :ال تقل �إين
ولد ،لأنك �إىل كل من �أر�سلك �إليه تذهب وتتكلم بكل ما
�آم��رك به .ال تخف من وجوههم لأين �أنا معك لأنقذك
يقول الرب» (ع .)8 ، 7
وأنا أتس��اءل كم مرة قال اهلل لشخص ما عن قصد رائع
لديه لهذا الش��خص ،وس��مع الرب اإلجابة «ال يا رب .ال
ميكنن��ي أن أفعل ذلك» .هذه اإلجاب��ة حقيقية من ناحية
أن��ه ال يوج��د فين��ا من يس��تطيع أن يفعل أي ش��يء بقوته
الذاتية (انظر يوحن��ا ،)5 :15وبالذات حتقيق دعوة اهلل
أيضا يعطينا
حلياتن��ا .لكن عندما يعطينا اهلل مهم��ة ،فهو ً
النعمة والقوة التي س��نحتاجها إلمت��ام هذه املهمة .وهو ال
يتوقع منا أن نفع��ل ذلك مبفردنا .لذلك عندما نرد عليه،
اً
فب��دل من أن نعترض ونقول له ال ،يجب أن نقول «حس�� ًنا
يا رب .هذه مهمة كبيرة ،لكنك إله كبير ،وأنا أعلم أنني
ميكنني أن أفعل أي شيء مبعونتك».
عندما يعطين��ا اهلل مهمة ،فهو � ً
أي�ض��ا يعطينا النعمة
والقوة التي �سنحتاجها لإمتام هذه املهمة.
ـ 81ـ
اهلل يرتب لنجاحنا
كانت مش��كلة إرميا الكبرى عندم��ا واجهته دعوة اهلل
على حياته هي أنه كان يركز على نفس��ه .كان كل ش��يء
متعلقً��ا به هو« :ال ميكنن��ي أن ألبي هذه الدعوة يا رب .أنا
جدا» .عندما نركز على أنفس��نا ،لن تكون لنا ثقة صغير ً
أبدا .لكن عندما نركز على اهلل ـ على
ف��ي تتميم دعوة اهلل ً
قوت��ه وقدراته وحكمته ـ ندرك أننا ميكن أن نفعل ما يطلبه
منا أ ًيا كان.
ف��ي قصة إرميا حتدث اهلل إليه مرة أخ��رى اً
قائل�« :أما �أنت
فنطق حقويك وق��م وكلمهم بكل ما �آمرك به .ال (إرميا) ّ
ترتع من وجوههم لئال �أريعك �أمامهم» (إرميا .)17 :1
ي��ا إلهــ��ي! كان اهلل يتحـدث إلـى إرمـي��ا بقـوة ويقـول
في .إذا
«يـ��ا إرميا ،إذا أصبحت خائفً��ا فأنت بذلك ال تثق َّ
كنت تريدني أن أس��اعدك فالبد أن تثق بي .إذا س��محت
خلوف الناس أن يتس��لل إلى قلبك ،سوف أتراجع وأدعك
علي أن أسمح لك بالفشل». تنهزم .وسيكون َّ
ـ 82ـ
كم��ا ترى فق��د كان اهلل يخطط لنج��اح إرميا .كان قد
وقادرا على إكمال املهام
ً رتب بالفعل أن يك��ون إرميا قو ًيا
املوكلة إليه .وكانت وظيفة إرميا أن يرفض أن يخاف ،وأن
يتكلم بشجاعة بالكلمات التي أعطاها اهلل له.
واهلل الزال يرت��ب لنجاح ش��عبه اليوم ،وهذا يش��ملك
أيضا .ليس عليك أن تنتظر لترى مقدار النجاح الذيأنت ً
ميكن أن حتققه بنفس��ك ،ليس عليك أن تس��تعطف اهلل أو
ناجحا .إنه ينتظرك أن تضع
ً أن تتفاوض معه لكي يجعلك
ثقتك فيه ،وأن تؤمن أنه س��يفعل م��ا وعدك به .أؤكد لك
أن اهلل يري��دك أن تتمم قصده حلياتك ،وهو مينحك كل ما
حتتاجه لتتمم خطته ،وهو يقول إنك ميكن أن تفعل ذلك.
ال يهم ما تشعر به ،أو ما هو شكلك ،أو ما يظنه أقاربك،
أو ما يقوله أي شخص ،أو كم املعوقات في طريقك ،أو عدد
املرات التي فشلت فيها في املاضي .إذا كان اهلل يقول إنك
ميكنك أن حتقق ش��ي ًئا عظيمً��ا ،إذً ا ميكنك ذلك .وأرجوك
دائما خدمة كبيرة ،أو
عظيما» ال يعني ً
ً أن تتذكر أن «شي ًئا
رئاس��ة مؤسسة أعمال ،أو امتالك عملك اخلاص .لكنه قد
ـ 83ـ
أيضا تربية األطفال ،أو مساعدة الناس في أي مكان
يعني ً
مش��جعا ،أو أن تصلي
ً ش��خصا
ً تذه��ب إلي��ه ،أو أن تكون
وأمورا كثيرة أخرى تبدو بسيطة.
ً لآلخرين،
ال يوجد ش��يء مس��تحيل عند اهلل ،وأنا دليل حي على
هذا احلق .فمن الناحية الطبيعية ال ميكن المرأة من خلفيتي
أن تكون في املوضع الذي أنا فيه اليوم .لكن مع اهلل ،ميكن
للطفل��ة الصغي��رة التي تعرض��ت لإلس��اءة وأصبحت ربة
من��زل غاضبة ،أن تتغير لتصب��ح واعظة بكلمة اهلل في كل
أنحاء العالم .أنا ال أعتقد أنني ميكنني أن أش��رح بالكامل
كل اخلط��وات الت��ي كان يجب أن أجتازه��ا ،وكل املعارك
الت��ي كان يجب أن أحارب فيها ،وكل أكاذيب العدو التي
كان يج��ب أن أتغل��ب عليه��ا ،وكل املخاوف الش��خصية
وعدم األم��ان التي كان يجب أن أتعام��ل معها لكي أحتول
إلى اإلنس��انة التي أنا عليها اآلن .لكن ميكنني أن أقول إنه
أمر يس��تحق اجلهد .إن اختب��ار النصرة التي أعدها اهلل لك
هو أمر يستحق املعركة.
لقد ق��ال لي اهلل إنني ميكن أن تك��ون لي خدمة عاملية،
ـ 84ـ
لك��ن األه��م من ذل��ك أنه ق��ال إنني ميك��ن أن أتغي��ر إلى
صورت��ه .ل��م يكن ذلك يبدو ممك ًنا منذ س��نوات ،لكن اهلل
مت��م األمر .اهلل ليس عنده محاباة ،ويس��تطيع أن يفعل في
حيات��ك التحول املعجزي الذي فعله في حياتي ،إذا طلبت
منه ذلك وفعلت ما يقودك أن تفعله.
حلما �أو يظهر لك ما يريدكعندما ي�ضع اهلل يف قلبك ً
�أن تفعل��ه� ،س��يكون علي��ك �أن تلتزم ب��ه وتثابر فيه.
�سيكون عليك �أن تواجه �أمو ًرا يف حياتك من �ش�أنها �أن
تعوقك عن حتقيق ذلك.
حلما أو يظهر لك ما يريدك
عندم��ا يضع اهلل في قلبك ً
أن تفعله ،سيكون عليك أن تلتزم به وتثابر فيه .سيكون
أمورا في حياتك من شأنها أن تعوقك عن
عليك أن تواجه ً
حتقيق ذل��ك .لن يكون في اس��تطاعتك أن تتمنى فقط أن
تختفي هذه األمور ،أو أن تطلب من أحد أن يصلي ألجلك
لكي تختفي .الص�لاة رائعة ومهمة ،لكن لكي تكون لك
الق��وة التي حتتاجه��ا للوصول إل��ى مس��تقبلك املعد لك،
س��يكون عليك أن تقف وتواجه الع��دو وتغلبه .يجب أن
ـ 85ـ
تدرك عن خبرة ش��خصية أن «الذي فيكم �أعظم من الذي
يف الع��امل» ( 1يوحن��ا .)4 :4إن حلم��ك ومس��تقبلك
ش��جاعا وتواصل
ً يس��تحق جهدك ،لكن يج��ب أن تكون
العمل نحوه مبعونة اهلل .احذر من االنش��غال الشديد برؤية
حلم��ك وه��و يتحقق للدرج��ة التي فيها تفش��ل في إدراك
أن م��ا يفعله اهلل داخلك هو أهم مم��ا يفعله من خاللك .إذا
طلب��ت من اهلل بإخ�لاص أن يغيرك ويش��كلك على صورة
الرب يسوع املسيح ،أؤمن أن بقية ما خططه اهلل لك سوف
يحدث في الوقت الصحيح.
ما اجلديد؟
ف��ي العهد اجلديد نقرأ عن ش��اب يذكرني بإرميا .كان
اهلل لدي��ه خطة عظيم��ة حلياة تيموثاوس ،لكن��ه مثل إرميا
جدا اس��تجاب باخلوف اً
ب��دل من اإلمي��ان وظن أن��ه صغير ً
على فعل ما دعاه اهلل أن يفعله .وأنا أعتقد أن كال الش��ابني
أيضا مع
ل��م يكونا يصارعان مع صغر الس��ن فقط ،وإمن��ا ً
حقيقة أنهما مدعوان لعمل ش��يء جديد؟ فعندما قال كل
ـ 86ـ
أيضا يعني��ان «أنا ال أعرف
ج��دا» كانا ً
منهم��ا «أنا صغير ً
لدي أية خبرة في هذا األمر .هذا جديد
ماذا أفعل .ليست َّ
علي».
متا ًما ّ
ف��ي رحلتك نحو املس��تقبل الذي أعده اهلل لك س��وف
تقاب��ل كل أن��واع الف��رص والتحدي��ات .فاألي��ام املقبل��ة
ستكون مليئة باخلبرات اجلديدة ،وباألشياء التي لم يسبق
لك أن فعلتها من قبل .رمبا ال تعرف كيف تفعلها ،لكنك
جديدا عليك في وقت ً ستتعلم .كل شيء تفعله اليوم كان
ما ،واآلن أصبحت تفعله .بالنسبة لي عندما رزقت بطفلي
األول ل��م أكن أعرف الكثير ع��ن تربية األطفال ،لكن اهلل
س��اعدني أن أرب��ي أربعة أطف��ال ،وأنا فخ��ورة للغاية بهم
جميعا .عندما قدمت أول عظة لم أكن أعرف كيف أعظ، ً
لكنن��ي اآلن أعرف .والش��يء ذاته صحيح بالنس��بة لك.
إذا حتلي��ت بالش��جاعة وخطوت نحو األم��ور اجلديدة التي
تنتظرك ،سرعان ما ستصبح هذه األمور سهلة بالنسبة لك
مستعدا لالنتقال للخبرة اجلديدة التالية.
ً وس��تجد نفسك
إن االس��تمرار في مواجهة حتديات جدي��دة وتنمية قدرات
ـ 87ـ
جديدة أمر هام للغاية لنموك ونضوجك.
�إن اال�س��تمرار يف مواجه��ة حتدي��ات جديدة وتنمية
قدرات جديدة �أمر هام للغاية لنموك ون�ضوجك.
اإلنسان مييل للغاية إلى اخلوف واالنزعاج من اخلبرات
اجلدي��دة ،فنحن نفكر قائلني «لق��د حان وقت التغيير ،أنا
أحتاج إلى ش��يء جديد» ثم بعد ذلك نتردد في التمس��ك
وكثيرا ما نقول هلل« :لقد تعبت
ً بالشيء اجلديد عندما يأتي.
جديدا في
ً من الش��يء القدمي ذاته .هل ميكن أن تفعل شي ًئا
جديدا نقاومه
ً حياتي؟» ،وعندما يحاول اهلل أن يفعل شي ًئا
ونتراجع في خوف ،ونطلب منه أن يخلصنا!
�أح��د �أج��زاء النظ��ر للغ��د بف��رح يكم��ن يف النظ��ر
ب�إيجابية �إىل الفر�ص اجلديدة.
لك��ن أحد أج��زاء النظر للغ��د بفرح يكم��ن في النظر
بإيجابي��ة إل��ى الفرص اجلديدة .أثناء س��يرك م��ع اهلل نحو
املس��تقبل س��وف تس��معه يقول« :لم تفعل هذا األمر من
قب��ل ،س��وف آخذك إلى م��كان ل��م تذهب إليه م��ن قبل.
ـ 88ـ
س��وف أطلب منك أن تفعل ش��ي ًئا ال تع��رف كيف تفعله.
ق��د يكون هذا أعلى اً
قليل م��ن تفكيرك في الوقت احلالي،
لكنني سأساعدك أن تتعلم كيف تفعله».
رمب��ا تكون اآلن على حافة خب��رات جديدة .رمبا تكون
طالبً��ا على بعد خطوات من التخ��رج ،وتواجه العديد من
املجه��والت ف��ي حياة م��ا بعد اجلامع��ة ،أو تواج��ه وظيفة
جديدة .رمبا تكون ف��ي مرحلة جتهيز للزواج ،أو حتاول أن
تبدأ في تكوين عائلة .رمبا تريد أن تغير مهنتك وتتعلم أن
تقوم بوظيفة لم تقم بها من قبل .أو رمبا تكونني في موقف
يائس مثل االضطرار للحياة مبفردك بعد أن تركك ش��ريك
حياتك مع األطفال الصغار ،وفجأة أصبح عليك أن تعولي
أسرتك بينما لم يسبق لك العمل من قبل.
الطريق��ة الوحي��دة لن��ا لتجن��ب األش��ياء اجلديدة هي
أن نبق��ى ممس��كني في ف��خ املاضي ،لكن ال يوج��د رجاء أو
استمتاع في ذلك .املستقبل هو كل ما يقع أمامنا ،وكل ما
نتطل��ع إليه ،وهو مليء باآلف��اق اجلديدة .أؤكد لك أن اهلل
معك .هو سيقودك .هو سيقويك .هو سيعينك.
ـ 89ـ
رمبا يفاجئك أن تع��رف أنني في هذا الوقت من حياتي
أمورا جديدة،
أصلي بش��دة ألجل االبتكار .أريد أن أجرب ً
وأن تك��ون لي أف��كار جدي��دة ،فأواجه حتدي��ات جديدة،
وأختبر كل ما ميكنن��ي أن أختبره قبل أن ينتهي زماني هنا
على األرض .لقد حسبت األيام التي عشتها واأليام املتبقية
لي ،وش��عرت برغبة أكثر من أي وقت مضى في أن أتقدم
في األيام بإجتاه في غاية اإليجابية واحلماس والنشاط.
ذكرت من قبل أن يشوع كان هو قائد بني إسرائيل في
العهد الق��دمي ،وكان يعرف ما هي حتديات قيادة الش��عب
اً
مس��ئول عن توصيل شعب اهلل إلى إلى ش��يء جديد .كان
األرض اجليدة التي وعده��م اهلل بها ،وهو مكان لم يذهبوا
إلي��ه من قب��ل .وقال العرفاء للش��عب «لأنك��م مل تعربوا
هذا الطريق من قبل» (يش��وع .)4 :3رمبا تش��عر بهذا
الشعور اآلن.
أري��دك أن تالحظ ما قاله يش��وع بعد ذلك« :تقد�س��وا
(افرزوا أنفس��كم ألجل غرض خاص مق��دس) لأن الرب
يعمل غدً ا يف و�س��طكم عجائب» .أؤمن أن هذا لك .أؤمن
ـ 90ـ
مميزا في حيات��ك .وأؤمن أنك
أم��را ً
أن اهلل يري��د أن يفع��ل ً
ق��د دعيت ألجل غرض مق��دس ـ غرض كان ف��ي قلب اهلل
من قب��ل أن تولد .أؤمن أن مس��تقبلك مش��رق بوعد اهلل،
وأن حضوره س��يكون معك ف��ي كل يوم قادم .أؤمن أن اهلل
سيصنع عجائب في حياتك ،بينما تستمر في إتباعه.
أمرا ممي��زً ا يف حياتك.
�أ�ؤم��ن �أن اهلل يري��د �أن يفعل � ً
و�أ�ؤم��ن �أن��ك قد دعي��ت لأجل غر�ض مقد���س ـ غر�ض
كان يف قلب اهلل من قبل �أن تولد.
فكرة �أخرية
في النهاية أريد أن أش��اركك بعبارة قاله��ا «ويليام ألن
وايت» وهو صحفي أمريك��ي كان يكتب في مطلع القرن
العش��رين ،وق��ال« :أن��ا ال أخش��ى الغد ،ألنني ق��د رأيت
األمس وأحب اليوم».
أش��جعك أن حتب الي��وم وتس��تمتع به ،وأن تس��تفيد
ب��كل حلظة بأقصى ما ميكن ،وأن تتطلع بش��غف وثقة إلى
املستقبل العظيم الذي يدخره اهلل لك في غدك.
ـ 91ـ
ليس لدينا في احلياة س��وى فرصة واحدة ،وهي ش��يء
ال ميكنن��ا إعادت��ه .لذلك يجب أن نح��رص على أن تكون
«اجلولة األول��ى» عظيمة .أؤمن أن اهلل يريدنا أن نس��تمتع
ب��كل ما نفعل��ه ،وأن نختبر الس��عادة احلقيقية ،وأؤمن أن
ه��ذا ممكن مبعون��ة اهلل .وقد حاولت أن أش��اركك باملبادئ
الت��ي علمني اهلل إياها خالل رحلتي نحو تعلم االس��تمتاع
مبا أنا فيه ،وأنا في طريقي نحو املوضع الذي س��أصل إليه.
تذك��ر أن الق��راءة وحدها ل��ن تغير ظروف��ك ،إذ يجب أن
تتصرف طبقً ا ملا تعلمته حتى حتصل على النتائج املرجوة.
التعلي��م هو اخلط��وة األولى نحو التغيير ،لك��ن الفعل هو
اخلطوة الثانية ـ ولن يحدث شيء بدونه.
بكل قلبي أريد أن يس��تمتع ش��عب اهلل مب��ا مات الرب
يس��وع ليقدم��ه لنا .ليس��ت إرادة اهلل أننا بال��كاد نعيش،
لكنه يريدنا أن نعيش بفرح وتوقع .وهو يريدنا أن نختبر
الس��عادة احلقيقية ،والسر بسيط :استمتع باليوم ،وتوقع
الغد بحماس ورجاء.
هذه هي احلياة باإلميان .إنها نتيجة اإلتكال على اهلل في
ـ 92ـ
كل شيء ،والثقة أنه ميسك باحلاضر واملستقبل .أشجعك
أن تبدأ في احلياة يو ًما بيوم ،واس��أل نفس��ك ماذا ميكن أن
تفعل لتستفيد من كل يوم بأقصى ما ميكن؟ إن االستمتاع
باحلياة ال يعن��ي الترفيه املتواصل ،لكنه يعني االس��تمتاع
ب��كل أمر صغير وكل جانب من جوانب اليوم ،ألننا قررنا
عن وعي أن نفعل ذلك.
لقد اخترت أن أس��تمتع مبا هو عادي .أي شخص ميكن
أن يس��تمتع بلحظ��ات القم��ة في احلي��اة ـ تل��ك األوقات
اخلاصة التي تبدو فيها كل األش��ياء ممتازة ،لكن الناضجني
فق��ط ه��م الذين يس��تمتعون مبا هو عادي .كت��ب أوزوالد
تش��امبرز ف��ي كتابه «أقصى ما عندي ملج��د العلي» يقول:
دائما حلظاته املدهش��ة ،بل َت َع َّلم
«ال تنتظ��ر أن يعطيك اهلل ً
أن حتيا باستمرار في مجال املثابرة بقوة اهلل».
غريبا بعض الش��يء ،لكنن��ي أحب أن
رمب��ا يبدو ه��ذا ً
أعي��ش احلي��اة العادية كما ل��و كنت أحضر حفل��ة رائعة.
فالي��وم هو الي��وم الذي صنعه الرب (انظ��ر مزمور :118
.)24إنه��ا حفلته وهو يدعون��ا أن نحضر ،لذلك ملاذا ال
ـ 93ـ
نستمتع بكل حلظة في يومنا أثناء تطلعنا بتوقع نحو اليوم
الذي أعده للغد؟
أبدا «كيف يحدث هذا؟!» فهو ال تفاجئه اهلل ال يق��ول ً
أب��دا ،وال يجد نفس��ه في حي��رة ال يعرف كيف املواق��ف ً
يتص��رف ،لذل��ك ابدأ ف��ي احلي��اة بالطريقة الت��ي يريدك
الرب يس��وع أن تعيش��ها .وأمتنى أن تفيض السعادة التي
ستكتش��فها من��ك إلى كل من ه��م حولك ـ وف��ي النهاية
يصبح العالم كله أفضل مما هو عليه.
ـ 94ـ
LET GOD LEAD