Professional Documents
Culture Documents
صعوبات الترجمة الأدبية في ظل تقنيات الترجمة - 240209 - 152451
صعوبات الترجمة الأدبية في ظل تقنيات الترجمة - 240209 - 152451
ملخص:
ونخص
ّ وتحوالت عديدة،
ّ وفن شهدت مراحل تطور
أن الترجمة كعلم ّك فيه ّ مما ال ش ّ
بالذكر هنا الترجمة األدبية التي ال تنقل أدبا فقط ،بل تنقل حضارة وثقافة وفلسفة شعوب
بأكملها ،ولهذا تعتبر الترجمة األدبية من أصعب أنواع الترجمة التي تضع مترجمها أمام تحديات
شتّى .سنحاول من خالل هذا البحث التركيز على نقطة أساسية متمثلة في صعوبات الترجمة
األدبية في ظل تقنيات الترجمة لنتطرق إلى تحديد مفهوم الترجمة األدبية ،صعوباتها ،التقنيات
التي جاء بها كل من فيني وداربلني وكذا تقنيات بيتر نيومارك ومن ثمة تحليل نماذج من رواية
مترجمة مركزين على التقنيات المعتمدة أثناء ترجمتها.
الكلمات المفاتيح :الترجمة األدبية ،المترجم األدبي ،صعوبات الترجمة األدبية ،تعليمية
الترجمة األدبية ،تقنيات الترجمة.
Abstract
Certainly, translation as a science as well as an art experienced many
changes and stages, especially literary translation that doesn’t transfer
literature only but it transfers poeple’s civilisation, culture and philosophy.
Thus, it is the hardest type of translation because of its permanent difficulties
that put the translator in challenge. In this paper, we aim to focus on the issue
of literary transaltion, translation methods proposed by Vinay & darbelenet and
Peter Newmark’ techniques through analysing some examples of a translated
novel.
Key words: Literary translation, literary translator, literary translation’s
difficulties, Literary translation’s didactic, translation techniques.
إن الترجمة هي ذلك الجسر الذي لطالما ربط بين القارات مقدمةّ :ّ
والثقافات رغم اختالف ألسنتها .فبعد أن كانت الترجمة وسيلة للتواصل باتت اليوم
بحد ذاته ،له قواعده ونظرياته ،تقنياته واستراتيجياته ،إالّ أن هذا لم
علما قائما ّ
151
يمنع من وقوع المترجم في أخطاء أحيانا وفي صراعه مع بعض الصعوبات
ونخص بالذكر هنا المترجم الذي يتعامل مع النصوص األدبية ّ أحيانا أخرى،
وتمكنه من اللغات التي يترجم منها واليها ،يجد
ّ الذي مهما كانت خبرته وكفاءته
نفسه تارة منحا از إلى اللغة األصل فيميل إلى الحرفية ،وتارة أخرى إلى اإلبداع
ليخدم مصلحة قارئ اللغة الهدف .وبين هذا وذاك يقع المترجم األدبي في الخطأ
شك
ومما ال ّ
ّ وفن.
بالرغم من درايته لجميع أسس الترجمة ألنها في األخير علم ّ
فيه أن دراسات وأبحاث عديدة طالت مجال الترجمة األدبية لما لها من أهمية
وكذا لكون مسألة األدبية ال تزال تخلق صعوبات أمام المترجم األدبي ،على هذا
األساس سنسلط الضوء في هذا البحث على موضوع صعوبات الترجمة األدبية
في ضوء تقنيات الترجمة ،لنرى ما إذا كانت هذه األخيرة هي مفتاح فك شفرة
النص األصل وبالتالي ستساعد المترجم األدبي في تجاوزه لمثل هذه الصعوبات
أن األمر متعلّق باستراتيجيات تعليمية أساسها النصوص األدبية.
أم ّ
وسنعتمد في هذا البحث على مدونة مذكرتنا في الماجستير المتمثلة في
ترجمة رواية Le périple de Baldassareألمين معلوف للمترجمة نهلة بيضون،
أن من شأنها إثراء البحث في
التي المسنا فيها هذا الجانب من اإلشكالية ورأينا ّ
تعليمية الترجمة األدبية.
.1تعريف الترجمة األدبية:
تعد الترجمة األدبية من أصعب أنواع الترجمات التي تصادف المترجم ّ
المهني ،فهي عكس الترجمة القانونية والطبية واالقتصادية وغيرها
ّ أثناء مساره
التعرف
ّ التي تكتفي بإيجاد المكافئ الواحد .إالّ أنها ،ساهمت ،في المقابل ،في
الروسي واأللماني واإلنجليزي والفرنسي ،ليس
ّ على روائع األدب العالمي كاألدب
هذا فحسب بل استهوت العديد من المترجمين بالرغم من الصعوبات التي قد
يواجهها أثناء نقله لثقافة الغير.
152
الترجمة األدبية هي ترجمة األدب بفروعه المختلفة أو ما يطلق عليه
األنواع األدبية المختلفة مثل :الشعر واألجناس األدبية مع الترجمة بصفة عامة
في ّأنها تتضمن تحويل شفرة لغوية أي مجموعة من العالمات المنطوية أو
المكتوبة إلى شفرة أخرى ،وقد يكون المعنى المراد توصيله إحالة محضا ( sens
مما
،)référentielوقد يكون أدبيا يتضمن عناصر بالغية وبنائية وموسيقية ّ
يتطلب مقارنات على جميع المستويات بين اللغات خصوصا في علم التراكيب
1
( )la syntaxeوالتداولية (.)la pragmatique
ونعني بالشفرة األدبية مجموعة القواعد واألعراف السائدة في تراث أدبي
سينصب
ّ معين ،فالمترجم الذي يهدف إلى توصيل المعنى اإلحالي فحسب
ّ
اهتمامه بطبيعة الحال على قواعد الحالة ،وهذه ما اصطلح على تسميتها
بالترجمة التوصيلية ( ،)la traduction communicativeوأقرب األمثلة عليها
ترجمة األخبار ووسائل اإلعالم .الترجمة األدبية ضرب من ضروب األدب
أن ممارستها تتطلب دراسة أدبية ونقدية إلى جانب إجادة اللغتين المقارن ،و ّ
2
المترجم منها واليها.
وفي تعريف آخر لمفهوم الترجمة األدبية نجد أنها نقل معاني اآلثار
األدبية من لغة إلى أخرى بالحالة نفسها التي قصد الشاعر أو األديب أن يكون
عليها أثر األدبي ،وتتنوع اآلثار األدبية من منظور ترجمي ،وحسب أجناس
األدب ،إلى شعر غنائي وقصة قصيرة ورواية ومسرحية ،وبخالف أنواع الترجمة
األخرى ،تعتبر ترجمة اآلثار األدبية ّفنا راقيا ذا مكانة خاصة الستنادها على
أما
خصائص األدب ومكانته أوالّ ،والعتمادها على منهج الترجمة الداللية ثانياّ .
خصائص األدب التي تجعل من عملية ترجمته ّفنا فهي سيطرة الوظيفة التعبيرية
والقدرة اإليحائية وتعددية المعاني وما ينتج عنها من تعدد في التأويل وتجاوزه
حدود الزمان والمكان ونقله قيما إنسانية عامة ،فضال عن اتسام كل جنس أدبي
بخصائص أخرى تميزه عن غيره من األجناس.
153
أما مكانة األدب فتكمن في قيمته من حيث المتعة والفائدة وأهمية منهج
ّ
الترجمة الداللية في جعل ترجمة األدب ّفنا راقيا يتمثل في نقل معاني النص
األدبي كامال ،شكال ومضمونا مع التركيز على نقل قيمة النص الجمالية دون
3
تقديم تنازالت إبالغية لصالح قارئ الترجمة.
وانطالقا مما سبق ،يمكننا أن نلخص تعريف الترجمة األدبية في فنيتها
وأدبية لغتها ،التي تسلتزم على المترجم األدبي إتقانه للغتين على األقل والمامه
باألدب ككل فضال عن تمتعه بموهبة الكتابة األدبية أو اإلبداعية.
.1.1الرواية كجنس أدبي:
يعد مصطلح "الرواية" من المصطلحات التي لم تعرف تعقيدا منذ بداية
ّ
أدبي
بالفن القصصي ،ويمكن تعريفها على أنها "جنس ّ
ظهورها الرتباطها الوطيد ّ
متخيل
يصور حياة عدد غير محدد من الشخصيات ،تتفاعل كلّها في إطار عالم ّ ّ
وممكن الحدوث ،والزمن في الرواية ال حدود له وهو ما يجعل حجم الرواية يتّسع
4
لتكون أطول األجناس األدبية".
األول للرواية في اللغة الفرنسية ( )Romanكان أيضا
أن المفهوم ّ
والغريب ّ
سرديا شعرّيا جميعا قبل أن يستحيل هذا المفهوم ،في القرن
ّ يعني عمال خياليا
نسبيا ،يقوم على رسم شخصيات
السادس عشر ،إلى إبداع خيالي نثري ،طويل ّ
وتقصي مصيرها ووصف مغامراتها .ويذكر ّأنها ّ ثم تحليل نفسياتها وأهوائها،
ّ
كانت في السابق شديدة التعقيد في تركيبها ولغتها وغامضة المفهوم ،وبالتالي لم
وعرف الرواية على ّأنها:
تلق اهتمام الفالسفة والمفكرين ،إلى أن جاء "هيقل" ّ
تعبر عن الخالف القائم بين القصيدة الغزلية ونشر
"ملحمة حديثة بورجوازية ّ
5
العالقات االجتماعية".
تنوع مواضيعها فنجد الروايات الترفيهية والفلسفية
ومن مميزات الرواية ّ
أن لكل كاتب أو روائي والملحمية والبوليسية وغيرها ،وهي ال تحتمل القيود فنجد ّ
تحتل مكانة
ّ تطور الزمن ،باتت الرواية
يميزه عن غيره .ومع ّ
أسلوبه الخاص الذي ّ
154
الفن لتساهم
كبيرة في العصر الحديث سيما ترجمة الروايات التي تستقطب هواة ّ
تعين
الترجمة بذلك في نقل الثقافات والحضارات بين الشعوب .ولهذا السببّ ،
ومدرسين للترجمة العمل على تنمية هذا النوع من
ّ علينا نحن كباحثين ودارسين
الترجمة وتشجيع لمن لهم ميوالت ترجمية أدبية للمساهمة في الرفع من مستوى
الترجمات األدبية من خالل االهتمام بتعليمية الترجمة األدبية وفق مناهج تعليمية
محددة تتماشى والمستوى المطلوب.
.2.1صعوبات الترجمة األدبية:
أن الترجمة األدبية هي ترجمة النصوص األدبية والروايةعلى اعتبار ّ
فإن المترجم األدبي يجد نفسه ينقل وينتقل من لغة إلى
القديمة منها والحديثةّ ،
أخرى ومن ثقافة شعب لثقافة شعب آخر ،األمر الذي سيخلق أمامه العديد من
أهم
الصعوبات على المستوى اللغوي والمستوى الثقافي .يمكن تلخيص ّ
الصعوبات في النقاط التالية:
.1صعوبة نقل بعض المفاهيم الثقافية دون مراعاة الثقافة واالكتفاء باللغة
فقط
.2اختالف البنية اللغوية بين اللغات
.3اختالف الثقافة بين اللغة األصل واللغة الهدف.
وتعد محدودية ثقافة وقدرات المترجم األدبي وعدم تطوير إمكانياته عامال
ّ
أن الدكتور محمد عناني كانمن عوامل تفاقم هذه المشكلة ،وتجدر اإلشارة هنا ّ
"فن الترجمة" و"الترجمة األدبية بين النظرية
قد تناول هذا الجانب في كتابيه ّ
والتطبيق" حيث وقف عند بعض الجوانب التي قد يغفل عنها المترجم األدبي
المجردة
ّ تخص ترجمة األلفاظ
ّ أثناء ترجمته ،ومن أبرز الصعوبات هي تلك التي
التي تحمل معانيها العواطف واألفكار واالنفعاالت.
155
يتعين على المترجم األدبي أن يكون ملّما بكافة الجوانب الثقافية
وعليه ّ
تامة بالبنية اللغوية لكل
للغات التي يترجم منها واليها وأن يكون أيضا على دراية ّ
لغة.
وبالعودة إلى النقطة األساسية التي نعالجها في هذا البحث المتمثلة في
ظل تقنيات الترجمة ،سنتطرق إلى تقنيات الترجمةصعوبات الترجمة األدبية في ّ
التي يعتمد عليها المترجم األدبي ،هذه األخيرة التي قد تودي بالمترجم للوقوع في
خطأ في حال ما لم يوفق في اختيار التقنية المناسبة في المكان المناسب.
.2ماهية تقنية الترجمة:
تُعرف تقنية الترجمة Technique de traductionكإجراء لترجمة عنصر
خاص من اإلستراتيجية ،لذا فهي تستعمل ضمن النطاق الواسع لإلستراتجية من
أما كلمة "تقنية" فتعني مجموع األساليب حل مشكلة عملية الترجمة ّ .
6
أجل ّ
بفن أو مهنة ،وانطالقا من هذين التعريفين ارتأينا إلى ضرورة
7
الخاصة ّ
ّ والطرق
أهم الطرق » « Methodsالتي دعا إليها بيتر نيومارك Peter
الوقوف عند ّ
قدمها كل من فيني Newmarkوكذا األساليب» « procédésالتي ّ
7
وداربلني Vinay et Darbelenetالتي بدورها أضافت ثراء لدراسات الترجمة.
.3أساليب الترجمة لدى فيني وداربلني:
الترجمة المباشرة » « Directeأو الترجمة الحرة « »Obliqueتجدر
اإلشارة ّأوال إلى أن ه باستطاعة المترجم أن يعتمد أحد االتجاهين :الترجمة المباشرة
أو الحرفية أو الترجمة الحرة .وفي بعض األحيان قد يجد المترجم نفسه أمام
يتعين عليه مألها بما يكافئها
بعض الفراغات أو الفجوات" » « Lacunesالتي ّ
في اللغة الهدف ،كما قد يجد خلال في بنية الجمل وتركيبها فيعمل على تعديلها
معتمدا في ذلك على أساليب الترجمة الحرة .حيث نجد أن األساليب رقم ،2 ،3
حرة.
أما المتبقية فهي أساليب ّ
1هي أساليب مباشرةّ ،
156
.1االقتراض » « L’empruntوهو أبسط األساليب التي يلجأ إليها
المترجم لمأل فراغ في النص أو تحقيق تأثير محدد لدى قارئ النص الهدف ،أو
إدخال صبغة محلية من خالل الكلمات األجنبية الجديدة التي تثري اللغة من
جهة وتنقل ثقافة الغير من جهة أخرى ،إذ يالحظ أن االقتراضات قد دخلت اللغة
من خالل الترجمة كمـا هـو الحـال بالنسبـة لإلقتراضات الداللية « les emprunts
تخص
ّ » ،sémantiquesوالصبغة المحلية » ،« La couleur Localeالتي
األسلوب وبالتأكيد الرسالة.
يعكس هذا األسلوب نوعا من االفتقار ،إذ يلجأ إليه المترجم عندما تعوزه
المصطلحات-أي عندما ال يجد مقابال -في اللغة المستهدفة لكلمة أو مصطلح
في اللغة سواء للتعبير عن تقنية جديدة أو مفهوم غير معروف .ويمكن أن نسمي
هذا األسلوب فيما يخص اللغة العربية بــ"التعريب"(بمعناه األصلي وليس بذلك
المتعارف عليه في الجزائر) واذا كان المترجم إلى لغات غير اللغة العربية
يستعمله أحيانا بصفة معتمدة ،من باب التنميق قصد إحداث تأثير أسلوبي
بإضفاء صبغة محلية تعبق بها أجواء النص ،كإدخال كلمات مثل "جالبة"
و"كوفية" أو "كانون" إلخ ،إلضافة نغمات فولكلورية على نص أجنبي إالّ أن
استعمال هذا األسلوب فيما يخص الترجمة إلى العربية أمر يختلف تماما ،فهو
وان كان ال يشكل أسلوبا بكل معنى الكلمة بالنسبة إلى اللغات األخرى ،فإنه
8
يشكل أسلوبا غاية في األهمية والحساسية بالنسبة إلى اللغة العربية.
مفر منه،
وبالنتيجة يشكل االقتراض بالنسبة إلى اللغة العربية أم ار ال ّ
كما وكيفا ،والذي جعل من التسرع الهائل في كل المجاالت المعرفية ّ
ّ يفرضه
حركة المجامع اللغوية العربية في محاوالتها لمواكبة التطورات العلمية المستجدة
حركة أشبه بالسكون.
.2المحاكاة » « Le Calqueتعتبر المحاكاة نوعا خاصا من أنواع
االقتراض فنقوم باقتراض عبارة من اللغة األجنبية ونترجم عناصرها ترجمة
157
يسمى المحاكاة التعبيرية » « Calque d’expression
حرفية ،لنصل إلى ما ّ
التي تحترم بنى جمل اللغة الهدف وتقدم طريقة تعبير جديد ،أو المحاكاة البنيوية
» « calque d’expressionالتي تحتمل بنى الجمل اللغة الهدف وتقدم طريقة
تقدم
تعبير جديد ،أو المحاكاة البنيوية » « Calque de structureالتي بدورها ّ
بناءا جديدا.
وكما هو الحال بالنسبة لالقتراض ،توجد محاكاة ترجع إلى عهد بعيد
وطرأت عليها تغييرات داللية أو ربما ثبت في المعاجم ،وما يهم المترجم هو
الحاالت المعاصرة من المحاكاة التي تنتج عن محاولة لتفادي االقتراض بتعويض
يتم استعمال أسلوب المحاكاة دائما دون
نقص في اللغة المستهدفة .وال ّ
تمحى ،كأن يدخل إليها تعابير
تضحيات ،فغالبا ما يترك على اللغة بصمات ال ُ
محاكاة من أخرى ،قد يكون حظها من التوفيق ضئيال وأحيانا منعدما وهو ما
ال سهال بالنسبة إلى بعض ممارسي
يحدث في الغالب ،لكون المحاكاة تش ّكل ح ّ
الترجمة بفعل الظروف القاهرة ،وخاصة الصحافيين منهم فنحن نق أر ونسمع
أعدادا أضحت ال تحصى من التعابير التي والتراكيب المحاكاة عن اللغة الفرنسية
واالنجليزية تدخل إلى اللغة العربية عن طريق وسائل اإلعالم ،ويمكن اعتبارها
شاهدا على عدم تم ّكن ممارسي مثل هذا األسلوب من إحدى اللغتين أو من
9
كليهما معا.
.3الترجمة الحرفية » « Traduction littéraleوتعني االنتقال من
اللغة األصل إلى اللغة الهدف للحصول على نص صحيح من الناحيتين
بتقيد المترجم باإلجبارات اللسانية فقط.
التراكيبية والداللية ،وذلك ّ
حل فريد وارجاعي وكامل
ويشير فيني وداربلني إلى أن الترجمة الحرفية ّ
في حد ذاته يشيع كثي ار عندما تستحيل الترجمة بأسلوب آخر وباألخص عندما
تكون الترجمة بين لغتين من أصل واحد كالترجمة من اللغة الفرنسية إلى
اإليطالية والعكس مثال .كما ينصحان المترجم حين استعماله لهذا األسلوب ويجد
158
في النتيجة أن الترجمة غير مقبولة أن يلجأ إلى الترجمة الحرة ،ويقصد بــ"ترجمة
غير مقبولة" أن الرسالة الناتجة عن هذا األسلوب إما أنها:
أ .تعطي معنى آخر
ب .ليس لها معنى
ج .مستحيلة ألسباب بنيوية
د.ال تتماشى وميتا لسانية اللغة الهدف
10
ه .ال تتوافق ومستوى اللغة الهدف
.4اإلبدال » « Transpositionوهو األسلوب الذي يتمثل في استبدال
يغير ذلك معنى الرسالة ،ويمكن استعمال
جزء من الخطاب بجزء آخر دون أن ّ
ويميز فيني وداربلني في
ّ هذا األسلوب داخل اللغة الواحدة كما في الترجمة.
مجال الترجمة بين نوعين من اإلبدال وهما:
اإلبدال اإلجباري » « Transposition obligatoireوهو اإلبدال في
العبارات التي ال تقبل إالّ صيغة واحدة في إحدى اللغتين ،حتّى وان كان
باإلمكان إبدالها في اللغة األخرى على شكل صيغتين أو أكثر بأساليب أخرى.
اإلبدال االختياري » « La Transposition Facultativeويمكن
إحداث هذا اإلبدال حين تكون للغتين إمكانية الصياغة على وجهين أو أكثر
11
لنفس العبارة.
ويضيفان على هذا أّنه ليس من الضروري أن تكون كل من العبارة
يتعين على
األساسية والعبارة المبدلة متكافئتين من الناحية األسلوبية ،ولهذا ّ
المترجم اللجوء لهذا اإلبدال إذا رأى في العبارة المبدلة توافقا واألصل أو أنها
تحسن فارقا في األسلوب ،ولهذا فإننا نرى أن العبارة المبدلة تحمل طابعا أدبيا
ّ
12
عموما.
.5التطويع » « modulationويتمثل هذا األسلوب في تنويع يحدث
في الرسالة ،ناتج عن تغيير في وجهة النظر أو اتجاه تسليط الضوء ،والتطويع
159
يجد مبرره عندما نرى بأن الترجمة الحرفية أو الترجمة اإلبدالية تعطينا ترجمة
لكنها تتنافى وسليقة اللغة
غير مرضية ،قد تكون صحيحة من الناحية التركيبية ّ
الهدف.
والتطويع هو المصطلح الذي يقترحه المؤلفان فيني وداربلني لتعيين عدد
يتم االنتقال من اللغة األصل إلى
من التنويعات التي تصبح ضرورية عندما ال ّ
اللغة الهدف بصفة مباشرة وتعتمد هذه التنويعات على تغيير في وجهة النظر،
نميز بين
وينحصر تطبيقها على فئات فكرية .وكما هو الحال بالنسبة لإلبدالّ ،
الحر أو االختياري ،والتطويع الثابت أو اإلجباري،
نوعين من التطويع :التطويع ّ
أما بالنسبة للتطويع
ويمكن تحديد الفريق بينهما من خالل وتيرة استعمالهماّ ،
فإن درجة ووتيرة استعماله وقبوله وتداول األقالم له وادراجه في القواميس
الثابت ّ
أي شخص يمتلك ناصبة اللغتين امتالكا محكما ،يلجأأو في النحو يجعل من ّ
إلى هذا األسلوب بتلقائية ودون أدنى تردد ،والصيغة المطوعة الحرة غير مثبتة
في القاموس ،لذا يستلزم إعادة العملية كل مرة .لكن باإلمكان ،إذا توافرت لها
الشروط ،أن تؤدي إلى الحل المثالي الذي يطابق الوضعية المقترحة في اللغة
األصل ،وبمعنى آخر فإن التطويع الحر يسفر غالبا عن حل فريد يرتكز على
نمط مألوف من التفكير ،وهو نمط مفروض وليس اختياريا .إذن فاالختالف بين
التطويع الثابت والحر ليس إال اختالفا في الدرجة وأن أي تطويع حر يمكن في
يقر مستعملوه
أي لحظة أن يتحول إلى تطويع ثابت ،بمجرد استعماله أو حالما ّ
بأنه يمثل الحل األمثل والفريد وهذا يتجلى غالبا ،حسب رأي فيني وداربلني ،عند
13
مقارنة ترجمات ذات قيمة أدبية عالية من حيث نوعية الترجمة وجودتها.
نصان
.6التكافؤ » « L’équivalenceيرى فيني وداربلني ّأنه قد يتفق ّ
تعبر عن واقع واحد ،وذلك باللجوء إلى وسائل أسلوبية
في تصوير وضعية ّ
مختلفة تمام االختالف ،وهو ما يعرف بالتكافؤ » .« L’équivalence
160
وغالبا ما يكون التكافؤ ذو طبيعة ترابطية اتحادية » « Syntagmatique
تشمل مجمل الرسالة ،وعليه فإن أغلب التكافؤات تشكل صيغا ثابتة ،وتنتمي إلى
مدونة كالمية والى تعابير اصطالحية وكليشيهات تدخل ضمنها األمثال والحكم
والكالم الجامع والتعابير المصدرية والنعتية إلى غير ذلك ،وتشكل األمثال على
وجه الخصوص مجاال مثاليا للتكافؤ ،وهي حاالت ال يمكن ترجمتها حرفيا أو
بأسلوب المحاكاة بأي حال من األحوال ،لكنه أمر غالبا ما يحدث خاصة في
المجتمعات المزدوجة اللغة.
عرفنا أسلوب المحاكاة ،فالتطابق التراكيبي واإليحائيوقد رأينا ذلك عندما ّ
لهذه التعابير ال يحدث إالّ في الثقافات الواحدة أو الشديدة التقارب لكن االزدواجية
اللغوية تبرز ظاهرة التداخل اللساني » « L’interférenceعند استعمال إحدى
اللغتين المتعرضتين لالحتكاك ،وهو أمر يتعلّق فقط بأسلوب المحاكاة إلى
تعبر عن
االنتقال إلى اللغة األخرى وقبولها لدى متكلميها ،خاصة إذا كانت ّ
وضعية جديدة يمكن تأقلمها مع ثقافة هذه اللغة.
أن مسؤولية إدخال هذا النوع من
ويشير كل من فيني وداربلني إلى ّ
ألنه
المحاكاة داخل لغة كاملة التنظيم تقع على عاتق الكاتب وليس المترجم ّ
أن
الوحيد المسؤول عن نجاح أو إخفاق نزواته .من جهة أخرى ،رك از على فكرة ّ
جميع التكافؤات تنطلق من زاوية التعرف الشامل الذي يرتكز على المعرفة
المحكمة للغتين تاركا تحليل الوحدات الترجمية » . « unités de traduction
.7التكييف » « L’adaptationويستعمل هذا األسلوب في حال غياب
ما يماثل الرسالة في اللغة الهدف ،أين يتوجب إيجاد ما يماثلها في وضعية
مختلفة نرى فيها مكافئا مناسبا لها ،كما يشيع استعماله من قبل التراجمة
الفوريين .أو بمعنى آخر هو تغيير في مضمون وشكل النص األصل بما
14
يتماشى وقواعد اللغة الهدف وثقافتها.
161
زيادة على ما لخصه كل فيني وداربلني في األساليب السبعة األنفـة الـذكر،
تعرضا في كتابهما أيضا إلى تعريف تقنيات أخرى المتمثلة في:
التعووويض » « Compensationوهــو تقنيــة أســلوبية تهــدف إلــى الحفــاظ
علــى النغمــة العامــة للــنص بتســليط الضــوء علــى جانــب مــن الملفــوظ التــي لــم يكــن
باستطاعة المترجم أن يعيده كما هو في األصل.
االقتصووواد » « Economieويق ــوم عل ــى مب ــدأ التعبي ــر ع ــن نف ــس الفكـ ـرة
يقل عن تلك الواردة في النص األصلي.
بعدد كلمات ّ
التثميوور » « Etoffementويشــمل مجموعــة مــن التوســيعات التــي تثــري
من بعض األفكار وتبرزها أكثر بإضافة صفات مثال.
إظهار المضمر » « Explicitationوهي تقنية تقوم علـى إدخـال أفكـار
تبــرز مــا هــو ضــمني فــي اللغــة المصــدر بحســب الســياق والوضــعية ،وهــو عكــس
اإلضمار » .« Implicitation
» « Généralisationوه ــي تقني ــة ت ــتم فيه ــا ترجم ــة لفظ ــة التعموووويم
خاصة(ملموسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة) بلفظـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة عامـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة (مجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــردة) ،وعكسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه التخصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيص
15
» .« particularisation
كانت هذه األساليب التي جاء بها كل مـن فينـي وداربلنـي ،ولكـن كمـا سـبق
صنف هذه التقنيات كالتالي: الذكر بيتر نيومارك أيضا كالم بهذا الخصوص أين ّ
.1النقوول » « Transferenceوهــي عمليــة نقــل كلمــة مــن اللغــة األصــل
إلى اللغة الهدف ،وتشمل ما يسمى "النقل الحرفي" » « Translitération
.2التجنووووويس » « Naturalizationأي ـ ــن ي ـ ــتم تكيي ـ ــف كلم ـ ــة ف ـ ــي اللغ ـ ــة
المصــدر إلــى طريقــة الــنقط الطبيعيــة أوال ومــن ثمــة إلــى مرفولوجيــة اللغــة الهــدف
الطبيعية.
.3المكووافا الثقووافي » « Cultural Equivalentوتعنــي اســتبدال كلمــة
ثقافية في اللغة المصدر بواحدة في اللغة الهدف.
162
.4المكافا الوظيفي » « functional Equivalentوتستوجب اسـتعمال
كلمة ثقافية واحدة.
.5المكافا الوصفي » « Descreptive Equivalentأيـن يـتم فيـه شـرح
معنى الكلمة بعدة طرق.
.6التحليووول التركيبوووي » « Componential analysisوتعن ــي مقارن ــة
كلمــة مــن اللغــة المصــدر بكلمــة مــن اللغــة اله ـدف لهــا معنــى مقــارب ولكنــه لــيس
بالضروري مكافئا لها ،من خـالل تحديـد المعنـى التركيبـي الـذي يشـتركان فيـه وكـذا
الذي يختلفان فيه.
.7المرادف » « Synonymوهو أقرب مكافئ في اللغة الهدف.
.8عبووور الترجموووة » « Through translationويقص ــد به ــا الترجم ــة
الحرفية للمتالزمات اللفظية الشائعة ،وأسماء المنظمات والكلمات المركبة .وتعـرف
أيضا بـالمحاكاة أو الترجمة المقترضة.
.9التغييور أو اإلبودال » «Shift or Transpositionوتشـمل تغييـر فـي
الشكل اللغـوي الـذي يحـدث فـي كلمـة مـن اللغـة المصـدر ،نأخـذ علـى سـبيل المثـال
من الجمع إلى المفرد ،وتغيير الفعل إلى اسم.
.10التطويووووع » « Modulationويحـ ــدث عنـ ــدما يعيـ ــد المتـ ــرجم رسـ ــالة
النص األصلي بما يطابقها في اللغة الهدف مـن معـايير لكـون وجهـات النظـر بـين
اللغة المصدر واللغة الهدف تختلف.
.11الترجمووووة التعريفيووووة » « Recognized Translationوتك ــون ف ــي
حال ما استعمل المترجم الترجمة التي عادة ما يقبلها القارئ للفظة ما.
.12التعوووويض » « Compensationويك ــون عن ــدما يع ــوض معن ــى م ــا
بآخر.
.13اإلسووووهاب » « Paraphraseأيـ ــن يـ ــتم فيـ ــه شـ ــرح جـــزء مـ ــن الـ ــنص
المصدر أكثر مما يقدمه "التكافؤ الوصفي".
163
.14الثنوووائي » « Coupletوهــذا عنــدما يجمــع المتــرجم بــين إجــراءين أو
تقنيتين في اآلن ذاته.
.15المالحظووات لالحاشوويات » « Notesوتعتبــر المالحظــات معلومــات
16
إضافية في الترجمة.
وباإلضــافة إلــى مــا ذكــر مــن تقنيــات نجــد أيضــا تقنيــات أخــرى كاإلضــافة
» « L’additionوالحذف » « L’omossionوالتكنية » « La périphrase
ظل تقنيات الترجمة:
.4صعوبات الترجمة األدبية في ّ
.1.4أمثلووة منتقوواة مووة روايووة Le périple de Baldssareألمووية
معلوف ،رحلة بالدسار ترجمة نهلة بيضوة
طرق فيما يأتي إلى مجموعة مـن النمـاذج المترجمـة مـن الروايـة السـابقة سنت ّ
الـذكر والتــي وفقــت المترجمــة فــي نقـل معانيهــا باعتمادهــا علــى التقنيــات الصــحيحة
وأخرى لم تصب فيها ،سنحللها بغية اقتفاء الصعوبات التي ّأدت لذلك.
النموذج األول
« Ce qui disant, il promenait son regard dans le magasin,
cherchant à sonder ce fouillis de livres, de statuettes antiques, de
verreries, de vases peints, de faucons empaillés. » P13
"وراح ،إذ نطق هذه الكلمات ،يجيل النظر في أرجاء المتجر ،محاوال
استقراء فوضى الكتب والتماثيل األثرية والزجاجيات والمزهريات الملونة والصقور
المصبرة ".ص9
أن المؤلف يصف متج ار لآلثار القديمة الذي نالحظ من الوهلة األولى ّ
ومجسمات ،وهنا يتعين على القارئ المترجم الدقّة
ّ نجد فيه عادة أواني وتماثيل
في اختيار مقابل كل كلمة ،لكن المترجمة لألسف لم تنتبه للمعنى الحقيقي
لـ empaillésالتي تستعمل للنباتات والحشرات الصغيرة ،واألصح أن نقول
164
"الصقور المحنطة" ،وعلى هذا األساس لم توفّق المترجمة في قراءتها وتأويلها
للمعنى الصحيح.
النموذج الثاني
« Mes convictions, elles, n’ont pas changé ; je continue à
maudire la sottise et la superstition, je demeure persuadé que la
lanterne du monde n’est pas sur le point de s’éteindre… » P37
أظل مؤمنا بأن
"أما مبادئي فلم تتغير ،ما زلت ألعن الغباء والتطير ،و ّ
ّ
قنديل الكون ال يوشك على االنطفاء "...ص34
ترجمة العبارة la lanterne du mondeبـ "قنديل الكون" ال تعبر عن
المعنى الذي يرمي إليه المؤلف ،وفي هذه الحالة يعتبر استعمال تقنية الترجمة
ألن األصح تبني التطوي ع فنقول" :نور الكون" بدل "قنديل
موفق ّ
الحرفية غير ّ
الكون".
النموذج الثالث
« Je m’en suis pris à Hatem, parce qu’il n’a pas fait les
achats que je souhaitais ; puis à Habib, qui est rentré de sa
promenade après la tombée de la nuit. » P49
ثم حبيب الذي عاد
ألنه لم يشتر الحاجيات التي طلبتهاّ ،
"فوبخت حاتم ّ
ّ
من نزهته بعد هبوط المساء ".ص45
لم تبرع المترجمة في هذا المثال في ترجمة » « la tombée de la nuit
بنقلها حرفيا "هبوط المساء" التي تشعرنا بأنها ترجمة حرفية بحتة ،إذ كان يتعين
عليها اللجوء لتقنية "التطويع" لتجد عبارات عديدة في اللغة العربية للتعبير عن
"خيم الليل"" ،أسدل الليل ستائره" ،أو 'بسط الليل
المعنى المقصود ،فنقول مثالّ :
رداءه" وغيرها.
النموذج الرابع
« Cette phrase, vois-tu, je l’ai souvent entendue de la bouche
des loups que de celle des brebis, alors je m’en méfie, pardonne-
moi… » P91
165
فم الذئاب أكثر من النعاج ،كما ترى ،ولذلك
"لقد سمعت هذا المبدأ في ّ
أرتاب منه ،فاعذرني "...ص81
نالحظ في هذه الترجمة أن الحرفية طغت على الجملة لدرجة أنها أفقدتها
معناها وكذا الجملة في اللغة العربية فنقول" :سمعت هذا الكالم على لسان فالن"
فم فالن" .ولكون استعمال كل من » « loupو» « brebisكناية عن وليس "في ّ
الحرة
الفئة الضعيفة أو الساذجة والفئة القوية أو الفطنة ،حبذا لو عادت للترجمة ّ
أو التطويع لنقل المعنى األدق ،كأن تقول على سبيل المثال" :هذه الجملة ،كما
ترى ،كثي ار ما كنت أسمعها على لسان الفطنين والساذجين ،لذلك أرتاب منها،
فاعذرني"...
النموذج الخامس
« Nous sommes partis, en emmenant Hatem, nous avons
traversés le bras de la mer, nous avons marchés en nous
protégeant avec une ombrelle d’une pluie intermittente. » PP 139-
140.
"فانطلقنا برفقة حاتم ،وعبرنا ذراع البحر ،وسرنا محتمين بمظلّة من المطر
المتقطّع" .ص125
توفق المترجمة في نقل » «le bras de la merالتي تعني في اللغةلم ّ
الفرنسية "المضيق" وترجمتها ترجمة حرفية "ذراع البحر" التي ال تحمل معنى في
اللغة العربية أو لدى القارئ العربي.
النموذج السادس
« Le printemps attend aux portes de la ville que le carême
soit écoulé. Les fleurs sont encore rares, les nuits sont moites, et
les rires sont étouffés. Est-ce ma propre angoisse que je contemple
dans le miroir du monde ? Est-ce l’angoisse du monde qui se
reflète à la surface de mes yeux ? » P307
"والربيع ينتظر على أبواب المدينة أن تنقضي فترة الصوم .مازالت
الرياحين قليلة ،والليالي رطبة ،والضحكات مكتومة .هل هو قلقي الذي أتأمل في
مرآة العالم؟ هل هو قلق العالم الذي ينعكس على صفحة عيني؟" ص 275
166
وفّقت المترجمة في هذا المثال باختيار الترجمة الحرفية في العبارة األولى،
كما أحسنت استعمال تقنية التطويع "تغيير في الرمز" أين نقلت» « les fleurs
تعبر عن قدوم فصل الربيع واكتساء الطبيعة حلّة جديدة ،غير
بـ"الرياحين" التي ّ
أنها لم تفلح في ترجمة » « la surface de mes yeuxبـ"صفحة عيني" ،وحبذا
لو لجأت للتطويع لتقول "أمام عيني" أو "على مرأى من عيني".
النموذج السابع
« Je le remerciai de ses paroles comme de sa sollicitude, et
l’invitai bien entendu à entrer. J’écartai les rideaux, et le laissai
flâner au milieu des curiosités comme il aime le faire. » P30
يتجول وسط التحف
"شكرته على هذا الكالم ،وعلى اللفتة الكريمة ،وتركته ّ
كما يحلو له أن يفعل ".ص ص 27-26
يتراءى لنا من خالل ترجمة هذه الجملة وجود خطأ ناتج عن الحذف
لعبارة » ،« et l’invitai bien entendu à entrer. J’écartai les rideauxوال
ندري بعد إن كان هذا مقصودا أو أنه نتيجة لسهو من المترجمة ،فالمحذوف هنا
يعبر عن تسلسل واسترسال في السرد أين يعيش القارئ لألصل المشهد عكس ّ
القارئ للترجمة وبالتالي ال يعتبر الحذف هنا تقنية ،وعلى هذا نقترح الترجمة "
شكرته على هذا ال كالم ،وعلى اللفتة الكريمة ،ودعوته لدخول المحل .رفعت
يحب أن يفعل" .
يتجول وسط التحف كما ّ
الستائر وتركته ّ
النموذج الثامة
«L’année qui approche, les signes avant-coureurs, les
prédictions…Parfois je me dis : qu’elle vienne ! Qu’elle vide à la
fin sa besace de prodiges et de calamités ! Ensuite je me ravise, je
reviens en mémoire à toutes ces braves années ordinaires où
chaque journée se passait dans l’attente des joies du soir. » P11
"السنة التي تقترب ،اإلشارات والتنبؤات ...فأقول لنفسي أحيانا :فلتقبل!
ثم أتريث وأستحضر كل تلك السنوات
ولتفرغ ما في جعبتها من عجائب ونوائب ! ّ
الخيرة التي كان كل نهار فيها ينقضي في ترقب ألفراح المساء ".ص 7
العادية ّ
167
فوفقت المترجمة بالرغم من ّأنها لم تؤخذ بعين أما في هذا المثالّ ،
ّ
أن الحذف لم
ّ ّال إ مسبقة" "ال تعني التي « avant-coureurs » ترجمة االعتبار
يمسس بالمعنى لكون اإلشارات والتنبؤات في الغالب مسبقة والمعنى ضمني في
أن المترجمة أبدعت في نقل عبارة «Qu’elle vide à la fin
هذه الحالة ،غير ّ
» ،sa besace de prodiges et de calamitésوتـرجمـت الفعـل «je me
» raviseبتطويع معجمي "أتريث" ،كما ّأنها اختارت االختصار عند «je
ّ
» reviens en mémoireب ـ "أستحضر" بالرغم من وجود مقابل في اللغة
العربية "أعود بذاكرتي".
النموذج التاسع
[« Je suis Evdokime Nicolaïevitch. Je viens de Voronej. On
» m’a fait grand éloge de votre maison.
J’empruntai aussitôt le ton de la confidence, c’était alors ma
façon d’être affable.] P13
كل
[" اسمي أفدوكيم نيقواليفيتش .وأنا قادم من فورونيج ،وقد قيل لي ّ
الثناء والمديح عن متجركم".
المسارة ،وكان ذلك أسلوبي في
فبادرته على الفور معتمدا نبرة البوح و ّ
مالطفة زبائني ] .ص10
168
علي أن
دونت األمور الهامة ،ولن يكون من السهل ّ "لست أكيدا أنني قد ّ
الغث من السمين والنادرة من العبرة ،والدروب المسدودة من الدروب
أميز كل يوم ّ
ّ
السالكة ".ص41
وفّقت المترجمة في تطويع العبارة باستعمال إحدى كنايات العرب الشهيرة
الجيد والسيئ ،أو المفيد وعديم الفائدة كما هو الحال
التي تضرب لكل أمر فيه ّ
با لنسبة للسياق الذي وردت فيه ،واألمر نفسه في النموذج التالي أين استعملت
عبارة" وكأن على رؤوسهم الطير" كناية عن إطراقهم رؤوسهم وسكوتهم لتوفق في
ترجمتها.
« J’avais posé ma question du ton le plus léger, le plus
détaché, le plus ironique qui fût. Mais à l’instant, le silence tomba
sur la petite foule qui m’entourait ; et aussi me sembla-t-il, sur la
rue, sur la ville entière. » P48
"طرحت سؤالي بأكثر النبرات خفّة وسطحية وتهكما .ولكن وفي اللحظة
وكأن على رؤوسهم الطير ،وعلى الشارع
ّ الصمت على الحاضرين خيم ّ
عينهاّ ،
والمدينة بأكملها ،كما تراءى لي ".ص 44
ومن خالل النماذج التي اخترناها في هذا البحث واألخرى التي صادفناها
أثناء بحثنا تراءى لنا ميول المترجمة لتقنية الترجمة الحرفية التي ّأدت في أغلب
األحيان لعدم توفيقها في نقل المعنى المراد إيصاله من قبل المؤلف ،وفي المقابل
رأينا ّأنها برعت في ترجمة الرواية ككل إلى العربية باعتمادها على مختلف
التقنيات كالتثمير والتطويع واإلبدال والحذف والمكافئ وهذه نقطة تحسب لصالح
مترجمة عظيمة كنهلة بيضون التي عرفت بترجماتها ألعمال أمين معلوف
واعجابها الكبير بأسلوب هذا األخير.
أن نجاح المترجم األدبي في نقل النصوص التي يشتغل وعليه تبين لنا ّ
عليها ال يقتصر على معرفة اللغة والثقافة فقط بل يعتمد أيضا على عالقته
يتعين
وصاحب هذه النصوص ،البيئة التي عاش فيها وألف فيها العمل ،كما ّ
حساسا وذواقا لهذا النوع من الفنون الراقية
عليه أن يكون شخصا مبدعا ،أديباّ ،
169
ليحسن في األخير في اختيار التقنيات التي تتماشى وكل عبارة أو كلمة ،وبهذا
يبرع في إعادة رسم لوحة فنية تضاهي جمالية األصل ،هذا من جهة ،ومن جهة
أخرى ،نقترح وضع برنامج تعليمي محكم بغية االهتمام بفئة المترجمين األدبيين
أو الراغبين في التخصص في هذا النوع من الترجمة عن طريق فتح تخصص
الترجمة األدبية في جامعاتنا لتقديم فرصة للمترجمين المبدعين ،وتكوين آخرين
ضمن دورات تدريبية تعتمد على مناهج تعليمية محكمة ومؤطرة من قبل
مختصين وأساتذة في الترجمة لتلقين الطالب أسس ومناهج الترجمة األدبية
وتشجيعهم للغوص في أعماق هذا المجال الخصب الذي يستقطب عددا البأس
به من المترجمين المبدعين والنقاد .وفيما يأتي تمرين كنا قد اقترحناه في نهاية
بحثنا مستثمرين مدونة بحثنا ونماذج منها مع طلبة قسم اللغة الفرنسية ،سنة ثانية
بجامعة باجي مختار عنابة :
تمرية:
ترجم ما يلي إلى العربية:
[Jamais, en revanche, je n’ai relevé, sous une plume
respectée, une confirmation sans ambigüité de la présence de ce
livre. Personne qui dise nettement « je l’ai », « je l’ai feuilleté »,
« je l’ai lu », personne qui en cite des passages. Si bien que les
négociants les plus sérieux, ainsi que la plupart des lettrés, sont
persuadés que cette ouvrage n’a jamais existé, et que les rares
copies qui apparaissent de temps à autre sont l’œuvre de faussaires
et de mystificateurs. ] P 17
الترجمة النموذجية
ولكن ،لم يسبق لي قط أن صادفت مؤلفا مشهودا له برصانة ،يجزم بوجود
هذا الكتاب جزما قاطعا ،أو أحدا يقول بوضوح" :أملكه" ،أو"تصفحته" ،أو "قرأته"،
أو يستهدي بفقراته .وبالتالي ،توصل أكثر التجار رصانة ،فضال عن معظم أهل
170
أن نسختهالعلم ،عن اقتناع ،إلى أن هذا الكتاب ال وجود له على اإلطالق ،و ّ
النادرة التي تظهر بين الحين واآلخر ،إنما هي من وضع المنتحلين والدجالين".
.2.4ترجمات مختارة مة أعمال الطلبة
ألي قلم محترم ،تأكيد غير غامض
أن ّ ")1أبدا ،في المقابل لم أسجل ّ
"لدي نسخة"" ،تصفحته"،
ّ بوجود هذا الكتاب .ال أحد يستطيع القول بوضوح
"قرأته" ،ال أحد يستطيع ذكر مقاطع منه .بحيث أن أكثر التجار جدية ،باإلضافة
أن النسخ
بأن هذا العمل األدبي لم يوجد من قبل ،و ّ
إلى أغلب األدباء ،مقتنعين ّ
النادرة التي تظهر من حين إلى آخر ما هي إالّ من تأليف مزورين ومخادعين".
" )2إال أني لم أالحظ أبدا بأقالم محترمة تأكيدا ال لبس فيه على وجود
هذا الكتاب ،ليس هناك أحد يقول بوضوح "أملكه"" ،تصفحته"" ،قرأته" وال أحد
يذكر مقاطع منه ذلك أن معظم التجار األكثر جدية ومعظم األدباء مقتنعين بأن
هذا الكتاب عن عدم وجوده وأن النسخ القليلة التي تبرز من حين إلى آخر هي
من فعل مزور أو مخادع".
" ) 3أبدا ،بالمقابل ،لم أرفع ،تحت قلم محترم تأكيدا ال لبس فيه على وجود
هذا الكتاب .ال أحد يقول بوضوح "أملكه"" ،لقد تصفحته"" ،لقد قرأته" ،ال أحد
أن أغلبيةيقتبس منه مقاطع على الرغم من المفاوضات األكثر جدية ،كما ّ
أن هذا العمل ا ألدبي لم يتواجد على اإلطالق ،وأن النسخ النادرة
األدباء مقتنعين ّ
التي تظهر من وقت إلى آخر هي صنيع المزيفين والمخادعين".
" )4في المقابل ،لم أرفع أبدا ريشة احتراما ،تأكيد دون غموض من
حضور هذا الكتاب ،األشخاص الذين يقولون بوضوح "عندي"" ،تصفحته"،
"قرأته" ،الذين يقتبسون من مقاطع ،كالتجار الجديين ،وكذلك معظم العلماء واثقون
من أن هذا العمل لم يوجد أبدا ،وأن النسخ التي تظهر من حين إلى آخر هم
عمل المزورين والمخادعين".
.5تقويم الترجمات:
171
يتراءى لنا من خالل الترجمات المختارة من بين ترجمات عديدة للطلبة أن
البعض منهم وفق في الترجمة بالرغم من االختيارات الغير صائبة لبعض
أن البعض اآلخر اعتمد الترجمة الحرفية للفقرة ككل أو لعبارات
المفردات ،غير ّ
فقط ،األمر الذي أدى إلى ترجمة غير مفهومة وخاطئة.
خاتمة:
في األخير ال يسعنا إالّ أن نذكر بأهمية الترجمة األدبية رغم الصعوبات
التي تخلقها أما م مترجميها ،ولهذا يتعين علينا نحن كباحثين وأساتذة االهتمام بها
والعمل على تشجيع المهتمين بها من مترجمين وطلبة بفتح ورشات للترجمة على
طول السنة وفتح تخصص للترجمة األدبية في جامعاتنا لتدريسها وفق برامج
تعليمية مضبوطة.
هوامش:
ــــــــــ
)1محمد عناني ،2003 ،الترجمة األدبية بين النظرية والتطبيق ،الطبعة الثانية ،مصر ،الشركة
العالمية للنشر لونجمان.
)2المرجع نفسه ص.8
)3محمد جابر ،2005 ،منهجية الترجمة األدبية بين النظرية والتطبيق ،النص الروائي
أنموذجا ،العين ،دار الكتاب الجامعي.
)4المرجع نفسه ص.53
)5عبد الملك مرتاض ،1998 ،في نظرية الرواية ،بحث في تقنيات السرد ،عالم المعرفة.
6) Voir Mahmoud, Ordudari .« Translation Procedures, strategies and
methods ».
)7إنعام بيوض ،2003 ،الترجمة األدبية مشاكل وحلول ،الطبعة األولى ،دار الفارابي ،بيروت.
8) J.P.Vinay & J. Darbelenet. 1958. Stylistique comparée du Français et de
l’Anglais. Paris : Didier.
9) Ibid.
10) Ibid.
)11إنعام بيوض ،المرجع نفسه.
12) Ibid. Vinay et Darbelenet.
172
13) Ibid.
)14إنعام بيوض ،المرجع نفسه.
)15إنعام بيوض ،المرجع نفسه.
16) Voir Peter Newmark, Approaches to Translation.
قائمة المراجع:
بالعربية
)1أمين معلوف ،1997،رحلة بالدسار ،ترجمة نهلة بيضون ،دار الفرابي ،بيروت ،لبنان.
)2إنعام بيوض ،2003،الترجمة األدبية مشاكل وحلول ،الطبعة األولى ،دار الفارابي ،بيروت.
)3محمد جابر جمال ،2005 ،منهجية الترجمة األدبية بين النظرية والتطبيق ،النص الروائي
أنموذجا ،دار الكتاب الجامعي ،العين.
)4محمد عناني ،2003 ،الترجمة األدبية بين النظرية والتطبيق ،الطبعة الثانية ،الشركة
المصرية العالمية للنشر ،لونجمان.
بالفرنسية
1) Maalouf, Amin. 2000. Le périple de Baldassare. & éditions Grasset
Fasquelle.
2) J.P.Vinay & J. Darbelenet. 1958. Stylistique comparée du Français et de
l’Anglais. Paris : Didier.
باإلنجليزية
1) Newmark, Peter. 1980. Approaches to Translation. Hertforshid. prentice
hall.
المقاالت
)1عبد الملك مرتاض ،1998، ،في نظرية الرواية ،بحث في تقنيات السرد ،عالم المعرفة.
2) Mahmoud, Ordudari .« Translation Procedures, strategies and methods ».
Translation Journal. Vol11. N°3. 2007. http://accurapid.com/Journal/. Date de
consultation : 11/04/2015. A 19 :00.
173