You are on page 1of 23

‫صعوبات الترجمة األدبية في ظل تقنيات الترجمة‬

‫سارة صوالح عليلة‬


‫معهد الترجمة‪ ،‬الجزائر ‪ ،2‬طالبة دكتو ار علوم‬
‫‪sarra.soualahalila@yahoo.com‬‬

‫ملخص‪:‬‬
‫ونخص‬
‫ّ‬ ‫وتحوالت عديدة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وفن شهدت مراحل تطور‬
‫أن الترجمة كعلم ّ‬‫ك فيه ّ‬ ‫مما ال ش ّ‬
‫بالذكر هنا الترجمة األدبية التي ال تنقل أدبا فقط‪ ،‬بل تنقل حضارة وثقافة وفلسفة شعوب‬
‫بأكملها‪ ،‬ولهذا تعتبر الترجمة األدبية من أصعب أنواع الترجمة التي تضع مترجمها أمام تحديات‬
‫شتّى‪ .‬سنحاول من خالل هذا البحث التركيز على نقطة أساسية متمثلة في صعوبات الترجمة‬
‫األدبية في ظل تقنيات الترجمة لنتطرق إلى تحديد مفهوم الترجمة األدبية‪ ،‬صعوباتها‪ ،‬التقنيات‬
‫التي جاء بها كل من فيني وداربلني وكذا تقنيات بيتر نيومارك ومن ثمة تحليل نماذج من رواية‬
‫مترجمة مركزين على التقنيات المعتمدة أثناء ترجمتها‪.‬‬
‫الكلمات المفاتيح‪ :‬الترجمة األدبية‪ ،‬المترجم األدبي‪ ،‬صعوبات الترجمة األدبية‪ ،‬تعليمية‬
‫الترجمة األدبية‪ ،‬تقنيات الترجمة‪.‬‬

‫‪Abstract‬‬
‫‪Certainly, translation as a science as well as an art experienced many‬‬
‫‪changes and stages, especially literary translation that doesn’t transfer‬‬
‫‪literature only but it transfers poeple’s civilisation, culture and philosophy.‬‬
‫‪Thus, it is the hardest type of translation because of its permanent difficulties‬‬
‫‪that put the translator in challenge. In this paper, we aim to focus on the issue‬‬
‫‪of literary transaltion, translation methods proposed by Vinay & darbelenet and‬‬
‫‪Peter Newmark’ techniques through analysing some examples of a translated‬‬
‫‪novel.‬‬
‫‪Key words: Literary translation, literary translator, literary translation’s‬‬
‫‪difficulties, Literary translation’s didactic, translation techniques.‬‬

‫إن الترجمة هي ذلك الجسر الذي لطالما ربط بين القارات‬ ‫مقدمة‪ّ :‬‬‫ّ‬
‫والثقافات رغم اختالف ألسنتها‪ .‬فبعد أن كانت الترجمة وسيلة للتواصل باتت اليوم‬
‫بحد ذاته‪ ،‬له قواعده ونظرياته‪ ،‬تقنياته واستراتيجياته‪ ،‬إالّ أن هذا لم‬
‫علما قائما ّ‬
‫‪151‬‬
‫يمنع من وقوع المترجم في أخطاء أحيانا وفي صراعه مع بعض الصعوبات‬
‫ونخص بالذكر هنا المترجم الذي يتعامل مع النصوص األدبية‬ ‫ّ‬ ‫أحيانا أخرى‪،‬‬
‫وتمكنه من اللغات التي يترجم منها واليها‪ ،‬يجد‬
‫ّ‬ ‫الذي مهما كانت خبرته وكفاءته‬
‫نفسه تارة منحا از إلى اللغة األصل فيميل إلى الحرفية‪ ،‬وتارة أخرى إلى اإلبداع‬
‫ليخدم مصلحة قارئ اللغة الهدف‪ .‬وبين هذا وذاك يقع المترجم األدبي في الخطأ‬
‫شك‬
‫ومما ال ّ‬
‫ّ‬ ‫وفن‪.‬‬
‫بالرغم من درايته لجميع أسس الترجمة ألنها في األخير علم ّ‬
‫فيه أن دراسات وأبحاث عديدة طالت مجال الترجمة األدبية لما لها من أهمية‬
‫وكذا لكون مسألة األدبية ال تزال تخلق صعوبات أمام المترجم األدبي‪ ،‬على هذا‬
‫األساس سنسلط الضوء في هذا البحث على موضوع صعوبات الترجمة األدبية‬
‫في ضوء تقنيات الترجمة‪ ،‬لنرى ما إذا كانت هذه األخيرة هي مفتاح فك شفرة‬
‫النص األصل وبالتالي ستساعد المترجم األدبي في تجاوزه لمثل هذه الصعوبات‬
‫أن األمر متعلّق باستراتيجيات تعليمية أساسها النصوص األدبية‪.‬‬
‫أم ّ‬
‫وسنعتمد في هذا البحث على مدونة مذكرتنا في الماجستير المتمثلة في‬
‫ترجمة رواية ‪ Le périple de Baldassare‬ألمين معلوف للمترجمة نهلة بيضون‪،‬‬
‫أن من شأنها إثراء البحث في‬
‫التي المسنا فيها هذا الجانب من اإلشكالية ورأينا ّ‬
‫تعليمية الترجمة األدبية‪.‬‬
‫‪ .1‬تعريف الترجمة األدبية‪:‬‬
‫تعد الترجمة األدبية من أصعب أنواع الترجمات التي تصادف المترجم‬ ‫ّ‬
‫المهني‪ ،‬فهي عكس الترجمة القانونية والطبية واالقتصادية وغيرها‬
‫ّ‬ ‫أثناء مساره‬
‫التعرف‬
‫ّ‬ ‫التي تكتفي بإيجاد المكافئ الواحد‪ .‬إالّ أنها‪ ،‬ساهمت‪ ،‬في المقابل‪ ،‬في‬
‫الروسي واأللماني واإلنجليزي والفرنسي‪ ،‬ليس‬
‫ّ‬ ‫على روائع األدب العالمي كاألدب‬
‫هذا فحسب بل استهوت العديد من المترجمين بالرغم من الصعوبات التي قد‬
‫يواجهها أثناء نقله لثقافة الغير‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫الترجمة األدبية هي ترجمة األدب بفروعه المختلفة أو ما يطلق عليه‬
‫األنواع األدبية المختلفة مثل‪ :‬الشعر واألجناس األدبية مع الترجمة بصفة عامة‬
‫في ّأنها تتضمن تحويل شفرة لغوية أي مجموعة من العالمات المنطوية أو‬
‫المكتوبة إلى شفرة أخرى‪ ،‬وقد يكون المعنى المراد توصيله إحالة محضا ( ‪sens‬‬
‫مما‬
‫‪ ،)référentiel‬وقد يكون أدبيا يتضمن عناصر بالغية وبنائية وموسيقية ّ‬
‫يتطلب مقارنات على جميع المستويات بين اللغات خصوصا في علم التراكيب‬
‫‪1‬‬
‫(‪ )la syntaxe‬والتداولية (‪.)la pragmatique‬‬
‫ونعني بالشفرة األدبية مجموعة القواعد واألعراف السائدة في تراث أدبي‬
‫سينصب‬
‫ّ‬ ‫معين‪ ،‬فالمترجم الذي يهدف إلى توصيل المعنى اإلحالي فحسب‬
‫ّ‬
‫اهتمامه بطبيعة الحال على قواعد الحالة‪ ،‬وهذه ما اصطلح على تسميتها‬
‫بالترجمة التوصيلية (‪ ،)la traduction communicative‬وأقرب األمثلة عليها‬
‫ترجمة األخبار ووسائل اإلعالم‪ .‬الترجمة األدبية ضرب من ضروب األدب‬
‫أن ممارستها تتطلب دراسة أدبية ونقدية إلى جانب إجادة اللغتين‬ ‫المقارن‪ ،‬و ّ‬
‫‪2‬‬
‫المترجم منها واليها‪.‬‬
‫وفي تعريف آخر لمفهوم الترجمة األدبية نجد أنها نقل معاني اآلثار‬
‫األدبية من لغة إلى أخرى بالحالة نفسها التي قصد الشاعر أو األديب أن يكون‬
‫عليها أثر األدبي‪ ،‬وتتنوع اآلثار األدبية من منظور ترجمي‪ ،‬وحسب أجناس‬
‫األدب‪ ،‬إلى شعر غنائي وقصة قصيرة ورواية ومسرحية‪ ،‬وبخالف أنواع الترجمة‬
‫األخرى‪ ،‬تعتبر ترجمة اآلثار األدبية ّفنا راقيا ذا مكانة خاصة الستنادها على‬
‫أما‬
‫خصائص األدب ومكانته أوالّ‪ ،‬والعتمادها على منهج الترجمة الداللية ثانيا‪ّ .‬‬
‫خصائص األدب التي تجعل من عملية ترجمته ّفنا فهي سيطرة الوظيفة التعبيرية‬
‫والقدرة اإليحائية وتعددية المعاني وما ينتج عنها من تعدد في التأويل وتجاوزه‬
‫حدود الزمان والمكان ونقله قيما إنسانية عامة‪ ،‬فضال عن اتسام كل جنس أدبي‬
‫بخصائص أخرى تميزه عن غيره من األجناس‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫أما مكانة األدب فتكمن في قيمته من حيث المتعة والفائدة وأهمية منهج‬
‫ّ‬
‫الترجمة الداللية في جعل ترجمة األدب ّفنا راقيا يتمثل في نقل معاني النص‬
‫األدبي كامال‪ ،‬شكال ومضمونا مع التركيز على نقل قيمة النص الجمالية دون‬
‫‪3‬‬
‫تقديم تنازالت إبالغية لصالح قارئ الترجمة‪.‬‬
‫وانطالقا مما سبق‪ ،‬يمكننا أن نلخص تعريف الترجمة األدبية في فنيتها‬
‫وأدبية لغتها‪ ،‬التي تسلتزم على المترجم األدبي إتقانه للغتين على األقل والمامه‬
‫باألدب ككل فضال عن تمتعه بموهبة الكتابة األدبية أو اإلبداعية‪.‬‬
‫‪ .1.1‬الرواية كجنس أدبي‪:‬‬
‫يعد مصطلح "الرواية" من المصطلحات التي لم تعرف تعقيدا منذ بداية‬
‫ّ‬
‫أدبي‬
‫بالفن القصصي‪ ،‬ويمكن تعريفها على أنها "جنس ّ‬
‫ظهورها الرتباطها الوطيد ّ‬
‫متخيل‬
‫يصور حياة عدد غير محدد من الشخصيات‪ ،‬تتفاعل كلّها في إطار عالم ّ‬ ‫ّ‬
‫وممكن الحدوث‪ ،‬والزمن في الرواية ال حدود له وهو ما يجعل حجم الرواية يتّسع‬
‫‪4‬‬
‫لتكون أطول األجناس األدبية‪".‬‬
‫األول للرواية في اللغة الفرنسية (‪ )Roman‬كان أيضا‬
‫أن المفهوم ّ‬
‫والغريب ّ‬
‫سرديا شعرّيا جميعا قبل أن يستحيل هذا المفهوم‪ ،‬في القرن‬
‫ّ‬ ‫يعني عمال خياليا‬
‫نسبيا‪ ،‬يقوم على رسم شخصيات‬
‫السادس عشر‪ ،‬إلى إبداع خيالي نثري‪ ،‬طويل ّ‬
‫وتقصي مصيرها ووصف مغامراتها‪ .‬ويذكر ّأنها‬ ‫ّ‬ ‫ثم تحليل نفسياتها وأهوائها‪،‬‬
‫ّ‬
‫كانت في السابق شديدة التعقيد في تركيبها ولغتها وغامضة المفهوم‪ ،‬وبالتالي لم‬
‫وعرف الرواية على ّأنها‪:‬‬
‫تلق اهتمام الفالسفة والمفكرين‪ ،‬إلى أن جاء "هيقل" ّ‬
‫تعبر عن الخالف القائم بين القصيدة الغزلية ونشر‬
‫"ملحمة حديثة بورجوازية ّ‬
‫‪5‬‬
‫العالقات االجتماعية‪".‬‬
‫تنوع مواضيعها فنجد الروايات الترفيهية والفلسفية‬
‫ومن مميزات الرواية ّ‬
‫أن لكل كاتب أو روائي‬ ‫والملحمية والبوليسية وغيرها‪ ،‬وهي ال تحتمل القيود فنجد ّ‬
‫تحتل مكانة‬
‫ّ‬ ‫تطور الزمن‪ ،‬باتت الرواية‬
‫يميزه عن غيره‪ .‬ومع ّ‬
‫أسلوبه الخاص الذي ّ‬

‫‪154‬‬
‫الفن لتساهم‬
‫كبيرة في العصر الحديث سيما ترجمة الروايات التي تستقطب هواة ّ‬
‫تعين‬
‫الترجمة بذلك في نقل الثقافات والحضارات بين الشعوب‪ .‬ولهذا السبب‪ّ ،‬‬
‫ومدرسين للترجمة العمل على تنمية هذا النوع من‬
‫ّ‬ ‫علينا نحن كباحثين ودارسين‬
‫الترجمة وتشجيع لمن لهم ميوالت ترجمية أدبية للمساهمة في الرفع من مستوى‬
‫الترجمات األدبية من خالل االهتمام بتعليمية الترجمة األدبية وفق مناهج تعليمية‬
‫محددة تتماشى والمستوى المطلوب‪.‬‬
‫‪ .2.1‬صعوبات الترجمة األدبية‪:‬‬
‫أن الترجمة األدبية هي ترجمة النصوص األدبية والرواية‬‫على اعتبار ّ‬
‫فإن المترجم األدبي يجد نفسه ينقل وينتقل من لغة إلى‬
‫القديمة منها والحديثة‪ّ ،‬‬
‫أخرى ومن ثقافة شعب لثقافة شعب آخر‪ ،‬األمر الذي سيخلق أمامه العديد من‬
‫أهم‬
‫الصعوبات على المستوى اللغوي والمستوى الثقافي‪ .‬يمكن تلخيص ّ‬
‫الصعوبات في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬صعوبة نقل بعض المفاهيم الثقافية دون مراعاة الثقافة واالكتفاء باللغة‬
‫فقط‬
‫‪ .2‬اختالف البنية اللغوية بين اللغات‬
‫‪ .3‬اختالف الثقافة بين اللغة األصل واللغة الهدف‪.‬‬
‫وتعد محدودية ثقافة وقدرات المترجم األدبي وعدم تطوير إمكانياته عامال‬
‫ّ‬
‫أن الدكتور محمد عناني كان‬‫من عوامل تفاقم هذه المشكلة‪ ،‬وتجدر اإلشارة هنا ّ‬
‫"فن الترجمة" و"الترجمة األدبية بين النظرية‬
‫قد تناول هذا الجانب في كتابيه ّ‬
‫والتطبيق" حيث وقف عند بعض الجوانب التي قد يغفل عنها المترجم األدبي‬
‫المجردة‬
‫ّ‬ ‫تخص ترجمة األلفاظ‬
‫ّ‬ ‫أثناء ترجمته‪ ،‬ومن أبرز الصعوبات هي تلك التي‬
‫التي تحمل معانيها العواطف واألفكار واالنفعاالت‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫يتعين على المترجم األدبي أن يكون ملّما بكافة الجوانب الثقافية‬
‫وعليه ّ‬
‫تامة بالبنية اللغوية لكل‬
‫للغات التي يترجم منها واليها وأن يكون أيضا على دراية ّ‬
‫لغة‪.‬‬
‫وبالعودة إلى النقطة األساسية التي نعالجها في هذا البحث المتمثلة في‬
‫ظل تقنيات الترجمة‪ ،‬سنتطرق إلى تقنيات الترجمة‬‫صعوبات الترجمة األدبية في ّ‬
‫التي يعتمد عليها المترجم األدبي‪ ،‬هذه األخيرة التي قد تودي بالمترجم للوقوع في‬
‫خطأ في حال ما لم يوفق في اختيار التقنية المناسبة في المكان المناسب‪.‬‬
‫‪ .2‬ماهية تقنية الترجمة‪:‬‬
‫تُعرف تقنية الترجمة ‪ Technique de traduction‬كإجراء لترجمة عنصر‬
‫خاص من اإلستراتيجية‪ ،‬لذا فهي تستعمل ضمن النطاق الواسع لإلستراتجية من‬
‫أما كلمة "تقنية" فتعني مجموع األساليب‬ ‫حل مشكلة عملية الترجمة ‪ّ .‬‬
‫‪6‬‬
‫أجل ّ‬
‫بفن أو مهنة ‪ ،‬وانطالقا من هذين التعريفين ارتأينا إلى ضرورة‬
‫‪7‬‬
‫الخاصة ّ‬
‫ّ‬ ‫والطرق‬
‫أهم الطرق » ‪ « Methods‬التي دعا إليها بيتر نيومارك ‪Peter‬‬
‫الوقوف عند ّ‬
‫قدمها كل من فيني‬ ‫‪ Newmark‬وكذا األساليب» ‪ « procédés‬التي ّ‬
‫‪7‬‬
‫وداربلني ‪ Vinay et Darbelenet‬التي بدورها أضافت ثراء لدراسات الترجمة‪.‬‬
‫‪ .3‬أساليب الترجمة لدى فيني وداربلني‪:‬‬
‫الترجمة المباشرة » ‪ « Directe‬أو الترجمة الحرة «‪ »Oblique‬تجدر‬
‫اإلشارة ّأوال إلى أن ه باستطاعة المترجم أن يعتمد أحد االتجاهين‪ :‬الترجمة المباشرة‬
‫أو الحرفية أو الترجمة الحرة‪ .‬وفي بعض األحيان قد يجد المترجم نفسه أمام‬
‫يتعين عليه مألها بما يكافئها‬
‫بعض الفراغات أو الفجوات" » ‪ « Lacunes‬التي ّ‬
‫في اللغة الهدف‪ ،‬كما قد يجد خلال في بنية الجمل وتركيبها فيعمل على تعديلها‬
‫معتمدا في ذلك على أساليب الترجمة الحرة‪ .‬حيث نجد أن األساليب رقم ‪،2 ،3‬‬
‫حرة‪.‬‬
‫أما المتبقية فهي أساليب ّ‬
‫‪ 1‬هي أساليب مباشرة‪ّ ،‬‬

‫‪156‬‬
‫‪.1‬االقتراض » ‪ « L’emprunt‬وهو أبسط األساليب التي يلجأ إليها‬
‫المترجم لمأل فراغ في النص أو تحقيق تأثير محدد لدى قارئ النص الهدف‪ ،‬أو‬
‫إدخال صبغة محلية من خالل الكلمات األجنبية الجديدة التي تثري اللغة من‬
‫جهة وتنقل ثقافة الغير من جهة أخرى‪ ،‬إذ يالحظ أن االقتراضات قد دخلت اللغة‬
‫من خالل الترجمة كمـا هـو الحـال بالنسبـة لإلقتراضات الداللية ‪« les emprunts‬‬
‫تخص‬
‫ّ‬ ‫» ‪ ،sémantiques‬والصبغة المحلية » ‪ ،« La couleur Locale‬التي‬
‫األسلوب وبالتأكيد الرسالة‪.‬‬
‫يعكس هذا األسلوب نوعا من االفتقار‪ ،‬إذ يلجأ إليه المترجم عندما تعوزه‬
‫المصطلحات‪-‬أي عندما ال يجد مقابال‪ -‬في اللغة المستهدفة لكلمة أو مصطلح‬
‫في اللغة سواء للتعبير عن تقنية جديدة أو مفهوم غير معروف‪ .‬ويمكن أن نسمي‬
‫هذا األسلوب فيما يخص اللغة العربية بــ"التعريب"(بمعناه األصلي وليس بذلك‬
‫المتعارف عليه في الجزائر) واذا كان المترجم إلى لغات غير اللغة العربية‬
‫يستعمله أحيانا بصفة معتمدة‪ ،‬من باب التنميق قصد إحداث تأثير أسلوبي‬
‫بإضفاء صبغة محلية تعبق بها أجواء النص‪ ،‬كإدخال كلمات مثل "جالبة"‬
‫و"كوفية" أو "كانون" إلخ‪ ،‬إلضافة نغمات فولكلورية على نص أجنبي إالّ أن‬
‫استعمال هذا األسلوب فيما يخص الترجمة إلى العربية أمر يختلف تماما‪ ،‬فهو‬
‫وان كان ال يشكل أسلوبا بكل معنى الكلمة بالنسبة إلى اللغات األخرى‪ ،‬فإنه‬
‫‪8‬‬
‫يشكل أسلوبا غاية في األهمية والحساسية بالنسبة إلى اللغة العربية‪.‬‬
‫مفر منه‪،‬‬
‫وبالنتيجة يشكل االقتراض بالنسبة إلى اللغة العربية أم ار ال ّ‬
‫كما وكيفا‪ ،‬والذي جعل من‬ ‫التسرع الهائل في كل المجاالت المعرفية ّ‬
‫ّ‬ ‫يفرضه‬
‫حركة المجامع اللغوية العربية في محاوالتها لمواكبة التطورات العلمية المستجدة‬
‫حركة أشبه بالسكون‪.‬‬
‫‪ .2‬المحاكاة » ‪ « Le Calque‬تعتبر المحاكاة نوعا خاصا من أنواع‬
‫االقتراض فنقوم باقتراض عبارة من اللغة األجنبية ونترجم عناصرها ترجمة‬

‫‪157‬‬
‫يسمى المحاكاة التعبيرية » ‪« Calque d’expression‬‬
‫حرفية‪ ،‬لنصل إلى ما ّ‬
‫التي تحترم بنى جمل اللغة الهدف وتقدم طريقة تعبير جديد‪ ،‬أو المحاكاة البنيوية‬
‫» ‪ « calque d’expression‬التي تحتمل بنى الجمل اللغة الهدف وتقدم طريقة‬
‫تقدم‬
‫تعبير جديد‪ ،‬أو المحاكاة البنيوية » ‪ « Calque de structure‬التي بدورها ّ‬
‫بناءا جديدا‪.‬‬
‫وكما هو الحال بالنسبة لالقتراض‪ ،‬توجد محاكاة ترجع إلى عهد بعيد‬
‫وطرأت عليها تغييرات داللية أو ربما ثبت في المعاجم‪ ،‬وما يهم المترجم هو‬
‫الحاالت المعاصرة من المحاكاة التي تنتج عن محاولة لتفادي االقتراض بتعويض‬
‫يتم استعمال أسلوب المحاكاة دائما دون‬
‫نقص في اللغة المستهدفة‪ .‬وال ّ‬
‫تمحى‪ ،‬كأن يدخل إليها تعابير‬
‫تضحيات‪ ،‬فغالبا ما يترك على اللغة بصمات ال ُ‬
‫محاكاة من أخرى‪ ،‬قد يكون حظها من التوفيق ضئيال وأحيانا منعدما وهو ما‬
‫ال سهال بالنسبة إلى بعض ممارسي‬
‫يحدث في الغالب‪ ،‬لكون المحاكاة تش ّكل ح ّ‬
‫الترجمة بفعل الظروف القاهرة‪ ،‬وخاصة الصحافيين منهم فنحن نق أر ونسمع‬
‫أعدادا أضحت ال تحصى من التعابير التي والتراكيب المحاكاة عن اللغة الفرنسية‬
‫واالنجليزية تدخل إلى اللغة العربية عن طريق وسائل اإلعالم‪ ،‬ويمكن اعتبارها‬
‫شاهدا على عدم تم ّكن ممارسي مثل هذا األسلوب من إحدى اللغتين أو من‬
‫‪9‬‬
‫كليهما معا‪.‬‬
‫‪.3‬الترجمة الحرفية » ‪ « Traduction littérale‬وتعني االنتقال من‬
‫اللغة األصل إلى اللغة الهدف للحصول على نص صحيح من الناحيتين‬
‫بتقيد المترجم باإلجبارات اللسانية فقط‪.‬‬
‫التراكيبية والداللية‪ ،‬وذلك ّ‬
‫حل فريد وارجاعي وكامل‬
‫ويشير فيني وداربلني إلى أن الترجمة الحرفية ّ‬
‫في حد ذاته يشيع كثي ار عندما تستحيل الترجمة بأسلوب آخر وباألخص عندما‬
‫تكون الترجمة بين لغتين من أصل واحد كالترجمة من اللغة الفرنسية إلى‬
‫اإليطالية والعكس مثال‪ .‬كما ينصحان المترجم حين استعماله لهذا األسلوب ويجد‬

‫‪158‬‬
‫في النتيجة أن الترجمة غير مقبولة أن يلجأ إلى الترجمة الحرة‪ ،‬ويقصد بــ"ترجمة‬
‫غير مقبولة" أن الرسالة الناتجة عن هذا األسلوب إما أنها‪:‬‬
‫أ‪ .‬تعطي معنى آخر‬
‫ب‪ .‬ليس لها معنى‬
‫ج‪ .‬مستحيلة ألسباب بنيوية‬
‫د‪.‬ال تتماشى وميتا لسانية اللغة الهدف‬
‫‪10‬‬
‫ه‪ .‬ال تتوافق ومستوى اللغة الهدف‬
‫‪.4‬اإلبدال » ‪ « Transposition‬وهو األسلوب الذي يتمثل في استبدال‬
‫يغير ذلك معنى الرسالة‪ ،‬ويمكن استعمال‬
‫جزء من الخطاب بجزء آخر دون أن ّ‬
‫ويميز فيني وداربلني في‬
‫ّ‬ ‫هذا األسلوب داخل اللغة الواحدة كما في الترجمة‪.‬‬
‫مجال الترجمة بين نوعين من اإلبدال وهما‪:‬‬
‫اإلبدال اإلجباري » ‪ « Transposition obligatoire‬وهو اإلبدال في‬
‫العبارات التي ال تقبل إالّ صيغة واحدة في إحدى اللغتين‪ ،‬حتّى وان كان‬
‫باإلمكان إبدالها في اللغة األخرى على شكل صيغتين أو أكثر بأساليب أخرى‪.‬‬
‫اإلبدال االختياري » ‪ « La Transposition Facultative‬ويمكن‬
‫إحداث هذا اإلبدال حين تكون للغتين إمكانية الصياغة على وجهين أو أكثر‬
‫‪11‬‬
‫لنفس العبارة‪.‬‬
‫ويضيفان على هذا أّنه ليس من الضروري أن تكون كل من العبارة‬
‫يتعين على‬
‫األساسية والعبارة المبدلة متكافئتين من الناحية األسلوبية‪ ،‬ولهذا ّ‬
‫المترجم اللجوء لهذا اإلبدال إذا رأى في العبارة المبدلة توافقا واألصل أو أنها‬
‫تحسن فارقا في األسلوب‪ ،‬ولهذا فإننا نرى أن العبارة المبدلة تحمل طابعا أدبيا‬
‫ّ‬
‫‪12‬‬
‫عموما‪.‬‬
‫‪ .5‬التطويع » ‪ « modulation‬ويتمثل هذا األسلوب في تنويع يحدث‬
‫في الرسالة‪ ،‬ناتج عن تغيير في وجهة النظر أو اتجاه تسليط الضوء‪ ،‬والتطويع‬

‫‪159‬‬
‫يجد مبرره عندما نرى بأن الترجمة الحرفية أو الترجمة اإلبدالية تعطينا ترجمة‬
‫لكنها تتنافى وسليقة اللغة‬
‫غير مرضية‪ ،‬قد تكون صحيحة من الناحية التركيبية ّ‬
‫الهدف‪.‬‬
‫والتطويع هو المصطلح الذي يقترحه المؤلفان فيني وداربلني لتعيين عدد‬
‫يتم االنتقال من اللغة األصل إلى‬
‫من التنويعات التي تصبح ضرورية عندما ال ّ‬
‫اللغة الهدف بصفة مباشرة وتعتمد هذه التنويعات على تغيير في وجهة النظر‪،‬‬
‫نميز بين‬
‫وينحصر تطبيقها على فئات فكرية‪ .‬وكما هو الحال بالنسبة لإلبدال‪ّ ،‬‬
‫الحر أو االختياري‪ ،‬والتطويع الثابت أو اإلجباري‪،‬‬
‫نوعين من التطويع‪ :‬التطويع ّ‬
‫أما بالنسبة للتطويع‬
‫ويمكن تحديد الفريق بينهما من خالل وتيرة استعمالهما‪ّ ،‬‬
‫فإن درجة ووتيرة استعماله وقبوله وتداول األقالم له وادراجه في القواميس‬
‫الثابت ّ‬
‫أي شخص يمتلك ناصبة اللغتين امتالكا محكما‪ ،‬يلجأ‬‫أو في النحو يجعل من ّ‬
‫إلى هذا األسلوب بتلقائية ودون أدنى تردد‪ ،‬والصيغة المطوعة الحرة غير مثبتة‬
‫في القاموس‪ ،‬لذا يستلزم إعادة العملية كل مرة‪ .‬لكن باإلمكان‪ ،‬إذا توافرت لها‬
‫الشروط‪ ،‬أن تؤدي إلى الحل المثالي الذي يطابق الوضعية المقترحة في اللغة‬
‫األصل‪ ،‬وبمعنى آخر فإن التطويع الحر يسفر غالبا عن حل فريد يرتكز على‬
‫نمط مألوف من التفكير‪ ،‬وهو نمط مفروض وليس اختياريا‪ .‬إذن فاالختالف بين‬
‫التطويع الثابت والحر ليس إال اختالفا في الدرجة وأن أي تطويع حر يمكن في‬
‫يقر مستعملوه‬
‫أي لحظة أن يتحول إلى تطويع ثابت‪ ،‬بمجرد استعماله أو حالما ّ‬
‫بأنه يمثل الحل األمثل والفريد وهذا يتجلى غالبا‪ ،‬حسب رأي فيني وداربلني‪ ،‬عند‬
‫‪13‬‬
‫مقارنة ترجمات ذات قيمة أدبية عالية من حيث نوعية الترجمة وجودتها‪.‬‬
‫نصان‬
‫‪.6‬التكافؤ » ‪ « L’équivalence‬يرى فيني وداربلني ّأنه قد يتفق ّ‬
‫تعبر عن واقع واحد‪ ،‬وذلك باللجوء إلى وسائل أسلوبية‬
‫في تصوير وضعية ّ‬
‫مختلفة تمام االختالف‪ ،‬وهو ما يعرف بالتكافؤ » ‪.« L’équivalence‬‬

‫‪160‬‬
‫وغالبا ما يكون التكافؤ ذو طبيعة ترابطية اتحادية » ‪« Syntagmatique‬‬
‫تشمل مجمل الرسالة‪ ،‬وعليه فإن أغلب التكافؤات تشكل صيغا ثابتة‪ ،‬وتنتمي إلى‬
‫مدونة كالمية والى تعابير اصطالحية وكليشيهات تدخل ضمنها األمثال والحكم‬
‫والكالم الجامع والتعابير المصدرية والنعتية إلى غير ذلك‪ ،‬وتشكل األمثال على‬
‫وجه الخصوص مجاال مثاليا للتكافؤ‪ ،‬وهي حاالت ال يمكن ترجمتها حرفيا أو‬
‫بأسلوب المحاكاة بأي حال من األحوال‪ ،‬لكنه أمر غالبا ما يحدث خاصة في‬
‫المجتمعات المزدوجة اللغة‪.‬‬
‫عرفنا أسلوب المحاكاة‪ ،‬فالتطابق التراكيبي واإليحائي‬‫وقد رأينا ذلك عندما ّ‬
‫لهذه التعابير ال يحدث إالّ في الثقافات الواحدة أو الشديدة التقارب لكن االزدواجية‬
‫اللغوية تبرز ظاهرة التداخل اللساني » ‪ « L’interférence‬عند استعمال إحدى‬
‫اللغتين المتعرضتين لالحتكاك‪ ،‬وهو أمر يتعلّق فقط بأسلوب المحاكاة إلى‬
‫تعبر عن‬
‫االنتقال إلى اللغة األخرى وقبولها لدى متكلميها‪ ،‬خاصة إذا كانت ّ‬
‫وضعية جديدة يمكن تأقلمها مع ثقافة هذه اللغة‪.‬‬
‫أن مسؤولية إدخال هذا النوع من‬
‫ويشير كل من فيني وداربلني إلى ّ‬
‫ألنه‬
‫المحاكاة داخل لغة كاملة التنظيم تقع على عاتق الكاتب وليس المترجم ّ‬
‫أن‬
‫الوحيد المسؤول عن نجاح أو إخفاق نزواته‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬رك از على فكرة ّ‬
‫جميع التكافؤات تنطلق من زاوية التعرف الشامل الذي يرتكز على المعرفة‬
‫المحكمة للغتين تاركا تحليل الوحدات الترجمية » ‪. « unités de traduction‬‬
‫‪.7‬التكييف » ‪ « L’adaptation‬ويستعمل هذا األسلوب في حال غياب‬
‫ما يماثل الرسالة في اللغة الهدف‪ ،‬أين يتوجب إيجاد ما يماثلها في وضعية‬
‫مختلفة نرى فيها مكافئا مناسبا لها‪ ،‬كما يشيع استعماله من قبل التراجمة‬
‫الفوريين‪ .‬أو بمعنى آخر هو تغيير في مضمون وشكل النص األصل بما‬
‫‪14‬‬
‫يتماشى وقواعد اللغة الهدف وثقافتها‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫زيادة على ما لخصه كل فيني وداربلني في األساليب السبعة األنفـة الـذكر‪،‬‬
‫تعرضا في كتابهما أيضا إلى تعريف تقنيات أخرى المتمثلة في‪:‬‬
‫‪ ‬التعووويض » ‪ « Compensation‬وهــو تقنيــة أســلوبية تهــدف إلــى الحفــاظ‬
‫علــى النغمــة العامــة للــنص بتســليط الضــوء علــى جانــب مــن الملفــوظ التــي لــم يكــن‬
‫باستطاعة المترجم أن يعيده كما هو في األصل‪.‬‬
‫‪ ‬االقتصووواد » ‪ « Economie‬ويق ــوم عل ــى مب ــدأ التعبي ــر ع ــن نف ــس الفكـ ـرة‬
‫يقل عن تلك الواردة في النص األصلي‪.‬‬
‫بعدد كلمات ّ‬
‫‪ ‬التثميوور » ‪ « Etoffement‬ويشــمل مجموعــة مــن التوســيعات التــي تثــري‬
‫من بعض األفكار وتبرزها أكثر بإضافة صفات مثال‪.‬‬
‫‪ ‬إظهار المضمر » ‪ « Explicitation‬وهي تقنية تقوم علـى إدخـال أفكـار‬
‫تبــرز مــا هــو ضــمني فــي اللغــة المصــدر بحســب الســياق والوضــعية‪ ،‬وهــو عكــس‬
‫اإلضمار » ‪.« Implicitation‬‬
‫» ‪ « Généralisation‬وه ــي تقني ــة ت ــتم فيه ــا ترجم ــة لفظ ــة‬ ‫‪ ‬التعموووويم‬
‫خاصة(ملموسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة) بلفظـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة عامـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة (مجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــردة)‪ ،‬وعكسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه التخصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيص‬
‫‪15‬‬
‫» ‪.« particularisation‬‬
‫كانت هذه األساليب التي جاء بها كل مـن فينـي وداربلنـي‪ ،‬ولكـن كمـا سـبق‬
‫صنف هذه التقنيات كالتالي‪:‬‬ ‫الذكر بيتر نيومارك أيضا كالم بهذا الخصوص أين ّ‬
‫‪.1‬النقوول » ‪ « Transference‬وهــي عمليــة نقــل كلمــة مــن اللغــة األصــل‬
‫إلى اللغة الهدف‪ ،‬وتشمل ما يسمى "النقل الحرفي" » ‪« Translitération‬‬
‫‪.2‬التجنووووويس » ‪ « Naturalization‬أي ـ ــن ي ـ ــتم تكيي ـ ــف كلم ـ ــة ف ـ ــي اللغ ـ ــة‬
‫المصــدر إلــى طريقــة الــنقط الطبيعيــة أوال ومــن ثمــة إلــى مرفولوجيــة اللغــة الهــدف‬
‫الطبيعية‪.‬‬
‫‪ .3‬المكووافا الثقووافي » ‪ « Cultural Equivalent‬وتعنــي اســتبدال كلمــة‬
‫ثقافية في اللغة المصدر بواحدة في اللغة الهدف‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫‪ .4‬المكافا الوظيفي » ‪ « functional Equivalent‬وتستوجب اسـتعمال‬
‫كلمة ثقافية واحدة‪.‬‬
‫‪ .5‬المكافا الوصفي » ‪ « Descreptive Equivalent‬أيـن يـتم فيـه شـرح‬
‫معنى الكلمة بعدة طرق‪.‬‬
‫‪ .6‬التحليووول التركيبوووي » ‪ « Componential analysis‬وتعن ــي مقارن ــة‬
‫كلمــة مــن اللغــة المصــدر بكلمــة مــن اللغــة اله ـدف لهــا معنــى مقــارب ولكنــه لــيس‬
‫بالضروري مكافئا لها‪ ،‬من خـالل تحديـد المعنـى التركيبـي الـذي يشـتركان فيـه وكـذا‬
‫الذي يختلفان فيه‪.‬‬
‫‪ .7‬المرادف » ‪ « Synonym‬وهو أقرب مكافئ في اللغة الهدف‪.‬‬
‫‪ .8‬عبووور الترجموووة » ‪ « Through translation‬ويقص ــد به ــا الترجم ــة‬
‫الحرفية للمتالزمات اللفظية الشائعة‪ ،‬وأسماء المنظمات والكلمات المركبة‪ .‬وتعـرف‬
‫أيضا بـالمحاكاة أو الترجمة المقترضة‪.‬‬
‫‪ .9‬التغييور أو اإلبودال » ‪ «Shift or Transposition‬وتشـمل تغييـر فـي‬
‫الشكل اللغـوي الـذي يحـدث فـي كلمـة مـن اللغـة المصـدر‪ ،‬نأخـذ علـى سـبيل المثـال‬
‫من الجمع إلى المفرد‪ ،‬وتغيير الفعل إلى اسم‪.‬‬
‫‪ .10‬التطويووووع » ‪ « Modulation‬ويحـ ــدث عنـ ــدما يعيـ ــد المتـ ــرجم رسـ ــالة‬
‫النص األصلي بما يطابقها في اللغة الهدف مـن معـايير لكـون وجهـات النظـر بـين‬
‫اللغة المصدر واللغة الهدف تختلف‪.‬‬
‫‪ .11‬الترجمووووة التعريفيووووة » ‪ « Recognized Translation‬وتك ــون ف ــي‬
‫حال ما استعمل المترجم الترجمة التي عادة ما يقبلها القارئ للفظة ما‪.‬‬
‫‪ .12‬التعوووويض » ‪ « Compensation‬ويك ــون عن ــدما يع ــوض معن ــى م ــا‬
‫بآخر‪.‬‬
‫‪ .13‬اإلسووووهاب » ‪ « Paraphrase‬أيـ ــن يـ ــتم فيـ ــه شـ ــرح جـــزء مـ ــن الـ ــنص‬
‫المصدر أكثر مما يقدمه "التكافؤ الوصفي"‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫‪ .14‬الثنوووائي » ‪ « Couplet‬وهــذا عنــدما يجمــع المتــرجم بــين إجــراءين أو‬
‫تقنيتين في اآلن ذاته‪.‬‬
‫‪ .15‬المالحظووات لالحاشوويات » ‪ « Notes‬وتعتبــر المالحظــات معلومــات‬
‫‪16‬‬
‫إضافية في الترجمة‪.‬‬
‫وباإلضــافة إلــى مــا ذكــر مــن تقنيــات نجــد أيضــا تقنيــات أخــرى كاإلضــافة‬
‫» ‪ « L’addition‬والحذف » ‪ « L’omossion‬والتكنية » ‪« La périphrase‬‬
‫ظل تقنيات الترجمة‪:‬‬
‫‪ .4‬صعوبات الترجمة األدبية في ّ‬
‫‪ .1.4‬أمثلووة منتقوواة مووة روايووة ‪ Le périple de Baldssare‬ألمووية‬
‫معلوف‪ ،‬رحلة بالدسار ترجمة نهلة بيضوة‬
‫طرق فيما يأتي إلى مجموعة مـن النمـاذج المترجمـة مـن الروايـة السـابقة‬ ‫سنت ّ‬
‫الـذكر والتــي وفقــت المترجمــة فــي نقـل معانيهــا باعتمادهــا علــى التقنيــات الصــحيحة‬
‫وأخرى لم تصب فيها‪ ،‬سنحللها بغية اقتفاء الصعوبات التي ّأدت لذلك‪.‬‬

‫النموذج األول‬
‫‪« Ce qui disant, il promenait son regard dans le magasin,‬‬
‫‪cherchant à sonder ce fouillis de livres, de statuettes antiques, de‬‬
‫‪verreries, de vases peints, de faucons empaillés. » P13‬‬
‫"وراح‪ ،‬إذ نطق هذه الكلمات‪ ،‬يجيل النظر في أرجاء المتجر‪ ،‬محاوال‬
‫استقراء فوضى الكتب والتماثيل األثرية والزجاجيات والمزهريات الملونة والصقور‬
‫المصبرة‪ ".‬ص‪9‬‬
‫أن المؤلف يصف متج ار لآلثار القديمة الذي‬ ‫نالحظ من الوهلة األولى ّ‬
‫ومجسمات‪ ،‬وهنا يتعين على القارئ المترجم الدقّة‬
‫ّ‬ ‫نجد فيه عادة أواني وتماثيل‬
‫في اختيار مقابل كل كلمة‪ ،‬لكن المترجمة لألسف لم تنتبه للمعنى الحقيقي‬
‫لـ‪ empaillés‬التي تستعمل للنباتات والحشرات الصغيرة‪ ،‬واألصح أن نقول‬

‫‪164‬‬
‫"الصقور المحنطة"‪ ،‬وعلى هذا األساس لم توفّق المترجمة في قراءتها وتأويلها‬
‫للمعنى الصحيح‪.‬‬
‫النموذج الثاني‬
‫‪« Mes convictions, elles, n’ont pas changé ; je continue à‬‬
‫‪maudire la sottise et la superstition, je demeure persuadé que la‬‬
‫‪lanterne du monde n’est pas sur le point de s’éteindre… » P37‬‬
‫أظل مؤمنا بأن‬
‫"أما مبادئي فلم تتغير‪ ،‬ما زلت ألعن الغباء والتطير‪ ،‬و ّ‬
‫ّ‬
‫قنديل الكون ال يوشك على االنطفاء‪ "...‬ص‪34‬‬
‫ترجمة العبارة ‪ la lanterne du monde‬بـ "قنديل الكون" ال تعبر عن‬
‫المعنى الذي يرمي إليه المؤلف‪ ،‬وفي هذه الحالة يعتبر استعمال تقنية الترجمة‬
‫ألن األصح تبني التطوي ع فنقول‪" :‬نور الكون" بدل "قنديل‬
‫موفق ّ‬
‫الحرفية غير ّ‬
‫الكون"‪.‬‬
‫النموذج الثالث‬
‫‪« Je m’en suis pris à Hatem, parce qu’il n’a pas fait les‬‬
‫‪achats que je souhaitais ; puis à Habib, qui est rentré de sa‬‬
‫‪promenade après la tombée de la nuit. » P49‬‬
‫ثم حبيب الذي عاد‬
‫ألنه لم يشتر الحاجيات التي طلبتها‪ّ ،‬‬
‫"فوبخت حاتم ّ‬
‫ّ‬
‫من نزهته بعد هبوط المساء‪ ".‬ص‪45‬‬
‫لم تبرع المترجمة في هذا المثال في ترجمة » ‪« la tombée de la nuit‬‬
‫بنقلها حرفيا "هبوط المساء" التي تشعرنا بأنها ترجمة حرفية بحتة‪ ،‬إذ كان يتعين‬
‫عليها اللجوء لتقنية "التطويع" لتجد عبارات عديدة في اللغة العربية للتعبير عن‬
‫"خيم الليل"‪" ،‬أسدل الليل ستائره"‪ ،‬أو 'بسط الليل‬
‫المعنى المقصود‪ ،‬فنقول مثال‪ّ :‬‬
‫رداءه" وغيرها‪.‬‬
‫النموذج الرابع‬
‫‪« Cette phrase, vois-tu, je l’ai souvent entendue de la bouche‬‬
‫‪des loups que de celle des brebis, alors je m’en méfie, pardonne-‬‬
‫‪moi… » P91‬‬

‫‪165‬‬
‫فم الذئاب أكثر من النعاج‪ ،‬كما ترى‪ ،‬ولذلك‬
‫"لقد سمعت هذا المبدأ في ّ‬
‫أرتاب منه‪ ،‬فاعذرني‪ "...‬ص‪81‬‬
‫نالحظ في هذه الترجمة أن الحرفية طغت على الجملة لدرجة أنها أفقدتها‬
‫معناها وكذا الجملة في اللغة العربية فنقول‪" :‬سمعت هذا الكالم على لسان فالن"‬
‫فم فالن"‪ .‬ولكون استعمال كل من » ‪ « loup‬و» ‪ « brebis‬كناية عن‬ ‫وليس "في ّ‬
‫الحرة‬
‫الفئة الضعيفة أو الساذجة والفئة القوية أو الفطنة‪ ،‬حبذا لو عادت للترجمة ّ‬
‫أو التطويع لنقل المعنى األدق‪ ،‬كأن تقول على سبيل المثال‪" :‬هذه الجملة‪ ،‬كما‬
‫ترى‪ ،‬كثي ار ما كنت أسمعها على لسان الفطنين والساذجين‪ ،‬لذلك أرتاب منها‪،‬‬
‫فاعذرني‪"...‬‬
‫النموذج الخامس‬
‫‪« Nous sommes partis, en emmenant Hatem, nous avons‬‬
‫‪traversés le bras de la mer, nous avons marchés en nous‬‬
‫‪protégeant avec une ombrelle d’une pluie intermittente. » PP 139-‬‬
‫‪140.‬‬
‫"فانطلقنا برفقة حاتم‪ ،‬وعبرنا ذراع البحر‪ ،‬وسرنا محتمين بمظلّة من المطر‬
‫المتقطّع"‪ .‬ص‪125‬‬
‫توفق المترجمة في نقل » ‪ «le bras de la mer‬التي تعني في اللغة‬‫لم ّ‬
‫الفرنسية "المضيق" وترجمتها ترجمة حرفية "ذراع البحر" التي ال تحمل معنى في‬
‫اللغة العربية أو لدى القارئ العربي‪.‬‬
‫النموذج السادس‬
‫‪« Le printemps attend aux portes de la ville que le carême‬‬
‫‪soit écoulé. Les fleurs sont encore rares, les nuits sont moites, et‬‬
‫‪les rires sont étouffés. Est-ce ma propre angoisse que je contemple‬‬
‫‪dans le miroir du monde ? Est-ce l’angoisse du monde qui se‬‬
‫‪reflète à la surface de mes yeux ? » P307‬‬
‫"والربيع ينتظر على أبواب المدينة أن تنقضي فترة الصوم‪ .‬مازالت‬
‫الرياحين قليلة‪ ،‬والليالي رطبة‪ ،‬والضحكات مكتومة‪ .‬هل هو قلقي الذي أتأمل في‬
‫مرآة العالم؟ هل هو قلق العالم الذي ينعكس على صفحة عيني؟" ص ‪275‬‬
‫‪166‬‬
‫وفّقت المترجمة في هذا المثال باختيار الترجمة الحرفية في العبارة األولى‪،‬‬
‫كما أحسنت استعمال تقنية التطويع "تغيير في الرمز" أين نقلت» ‪« les fleurs‬‬
‫تعبر عن قدوم فصل الربيع واكتساء الطبيعة حلّة جديدة‪ ،‬غير‬
‫بـ"الرياحين" التي ّ‬
‫أنها لم تفلح في ترجمة » ‪ « la surface de mes yeux‬بـ"صفحة عيني"‪ ،‬وحبذا‬
‫لو لجأت للتطويع لتقول "أمام عيني" أو "على مرأى من عيني"‪.‬‬
‫النموذج السابع‬
‫‪« Je le remerciai de ses paroles comme de sa sollicitude, et‬‬
‫‪l’invitai bien entendu à entrer. J’écartai les rideaux, et le laissai‬‬
‫‪flâner au milieu des curiosités comme il aime le faire. » P30‬‬
‫يتجول وسط التحف‬
‫"شكرته على هذا الكالم‪ ،‬وعلى اللفتة الكريمة‪ ،‬وتركته ّ‬
‫كما يحلو له أن يفعل‪ ".‬ص ص ‪27-26‬‬
‫يتراءى لنا من خالل ترجمة هذه الجملة وجود خطأ ناتج عن الحذف‬
‫لعبارة » ‪ ،« et l’invitai bien entendu à entrer. J’écartai les rideaux‬وال‬
‫ندري بعد إن كان هذا مقصودا أو أنه نتيجة لسهو من المترجمة‪ ،‬فالمحذوف هنا‬
‫يعبر عن تسلسل واسترسال في السرد أين يعيش القارئ لألصل المشهد عكس‬ ‫ّ‬
‫القارئ للترجمة وبالتالي ال يعتبر الحذف هنا تقنية‪ ،‬وعلى هذا نقترح الترجمة "‬
‫شكرته على هذا ال كالم‪ ،‬وعلى اللفتة الكريمة‪ ،‬ودعوته لدخول المحل‪ .‬رفعت‬
‫يحب أن يفعل‪" .‬‬
‫يتجول وسط التحف كما ّ‬
‫الستائر وتركته ّ‬
‫النموذج الثامة‬
‫‪«L’année qui approche, les signes avant-coureurs, les‬‬
‫‪prédictions…Parfois je me dis : qu’elle vienne ! Qu’elle vide à la‬‬
‫‪fin sa besace de prodiges et de calamités ! Ensuite je me ravise, je‬‬
‫‪reviens en mémoire à toutes ces braves années ordinaires où‬‬
‫‪chaque journée se passait dans l’attente des joies du soir. » P11‬‬
‫"السنة التي تقترب‪ ،‬اإلشارات والتنبؤات‪ ...‬فأقول لنفسي أحيانا‪ :‬فلتقبل!‬
‫ثم أتريث وأستحضر كل تلك السنوات‬
‫ولتفرغ ما في جعبتها من عجائب ونوائب ! ّ‬
‫الخيرة التي كان كل نهار فيها ينقضي في ترقب ألفراح المساء‪ ".‬ص ‪7‬‬
‫العادية ّ‬

‫‪167‬‬
‫فوفقت المترجمة بالرغم من ّأنها لم تؤخذ بعين‬ ‫أما في هذا المثال‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫أن الحذف لم‬
‫ّ ّ‬‫ال‬ ‫إ‬ ‫مسبقة"‬ ‫"ال‬ ‫تعني‬ ‫التي‬ ‫«‬ ‫‪avant-coureurs‬‬ ‫»‬ ‫ترجمة‬ ‫االعتبار‬
‫يمسس بالمعنى لكون اإلشارات والتنبؤات في الغالب مسبقة والمعنى ضمني في‬
‫أن المترجمة أبدعت في نقل عبارة ‪«Qu’elle vide à la fin‬‬
‫هذه الحالة‪ ،‬غير ّ‬
‫» ‪ ،sa besace de prodiges et de calamités‬وتـرجمـت الفعـل ‪«je me‬‬
‫» ‪ ravise‬بتطويع معجمي "أتريث"‪ ،‬كما ّأنها اختارت االختصار عند ‪«je‬‬
‫ّ‬
‫» ‪ reviens en mémoire‬ب ـ "أستحضر" بالرغم من وجود مقابل في اللغة‬
‫العربية "أعود بذاكرتي"‪.‬‬
‫النموذج التاسع‬
‫‪[« Je suis Evdokime Nicolaïevitch. Je viens de Voronej. On‬‬
‫» ‪m’a fait grand éloge de votre maison.‬‬
‫‪J’empruntai aussitôt le ton de la confidence, c’était alors ma‬‬
‫‪façon d’être affable.] P13‬‬
‫كل‬
‫[" اسمي أفدوكيم نيقواليفيتش‪ .‬وأنا قادم من فورونيج‪ ،‬وقد قيل لي ّ‬
‫الثناء والمديح عن متجركم‪".‬‬
‫المسارة‪ ،‬وكان ذلك أسلوبي في‬
‫فبادرته على الفور معتمدا نبرة البوح و ّ‬
‫مالطفة زبائني‪ ] .‬ص‪10‬‬

‫استعانت المترجمة بتقنيـة التثميـر فـي ترجمتهـا لكـل من » ‪« grand éloge‬‬


‫المسارة" بإضافة مرادف‬
‫ـ"كل الثناء والمديح" و» ‪ « la confidence‬بـ "البوح و ّ‬ ‫ب ّ‬
‫لكلمتي الثناء والبوح‪ ،‬وتجدر اإلشارة أنها وفقت في اختيارها‪.‬‬
‫النموذج العاشر‬
‫‪« Je ne suis pas sûr d’avoir rendu compte de ce qui est‬‬
‫‪important. Et il ne me sera pas facile de distinguer chaque jour le‬‬
‫‪futile de l’essentiel, de l’anecdotique de l’exemplaire, les sentiers‬‬
‫‪borgnes des vrais chemins. » P45‬‬

‫‪168‬‬
‫علي أن‬
‫دونت األمور الهامة‪ ،‬ولن يكون من السهل ّ‬ ‫"لست أكيدا أنني قد ّ‬
‫الغث من السمين والنادرة من العبرة‪ ،‬والدروب المسدودة من الدروب‬
‫أميز كل يوم ّ‬
‫ّ‬
‫السالكة‪ ".‬ص‪41‬‬
‫وفّقت المترجمة في تطويع العبارة باستعمال إحدى كنايات العرب الشهيرة‬
‫الجيد والسيئ‪ ،‬أو المفيد وعديم الفائدة كما هو الحال‬
‫التي تضرب لكل أمر فيه ّ‬
‫با لنسبة للسياق الذي وردت فيه‪ ،‬واألمر نفسه في النموذج التالي أين استعملت‬
‫عبارة" وكأن على رؤوسهم الطير" كناية عن إطراقهم رؤوسهم وسكوتهم لتوفق في‬
‫ترجمتها‪.‬‬
‫‪« J’avais posé ma question du ton le plus léger, le plus‬‬
‫‪détaché, le plus ironique qui fût. Mais à l’instant, le silence tomba‬‬
‫‪sur la petite foule qui m’entourait ; et aussi me sembla-t-il, sur la‬‬
‫‪rue, sur la ville entière. » P48‬‬
‫"طرحت سؤالي بأكثر النبرات خفّة وسطحية وتهكما‪ .‬ولكن وفي اللحظة‬
‫وكأن على رؤوسهم الطير‪ ،‬وعلى الشارع‬
‫ّ‬ ‫الصمت على الحاضرين‬ ‫خيم ّ‬
‫عينها‪ّ ،‬‬
‫والمدينة بأكملها‪ ،‬كما تراءى لي‪ ".‬ص ‪44‬‬
‫ومن خالل النماذج التي اخترناها في هذا البحث واألخرى التي صادفناها‬
‫أثناء بحثنا تراءى لنا ميول المترجمة لتقنية الترجمة الحرفية التي ّأدت في أغلب‬
‫األحيان لعدم توفيقها في نقل المعنى المراد إيصاله من قبل المؤلف‪ ،‬وفي المقابل‬
‫رأينا ّأنها برعت في ترجمة الرواية ككل إلى العربية باعتمادها على مختلف‬
‫التقنيات كالتثمير والتطويع واإلبدال والحذف والمكافئ وهذه نقطة تحسب لصالح‬
‫مترجمة عظيمة كنهلة بيضون التي عرفت بترجماتها ألعمال أمين معلوف‬
‫واعجابها الكبير بأسلوب هذا األخير‪.‬‬
‫أن نجاح المترجم األدبي في نقل النصوص التي يشتغل‬ ‫وعليه تبين لنا ّ‬
‫عليها ال يقتصر على معرفة اللغة والثقافة فقط بل يعتمد أيضا على عالقته‬
‫يتعين‬
‫وصاحب هذه النصوص‪ ،‬البيئة التي عاش فيها وألف فيها العمل‪ ،‬كما ّ‬
‫حساسا وذواقا لهذا النوع من الفنون الراقية‬
‫عليه أن يكون شخصا مبدعا‪ ،‬أديبا‪ّ ،‬‬
‫‪169‬‬
‫ليحسن في األخير في اختيار التقنيات التي تتماشى وكل عبارة أو كلمة‪ ،‬وبهذا‬
‫يبرع في إعادة رسم لوحة فنية تضاهي جمالية األصل‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة‬
‫أخرى‪ ،‬نقترح وضع برنامج تعليمي محكم بغية االهتمام بفئة المترجمين األدبيين‬
‫أو الراغبين في التخصص في هذا النوع من الترجمة عن طريق فتح تخصص‬
‫الترجمة األدبية في جامعاتنا لتقديم فرصة للمترجمين المبدعين‪ ،‬وتكوين آخرين‬
‫ضمن دورات تدريبية تعتمد على مناهج تعليمية محكمة ومؤطرة من قبل‬
‫مختصين وأساتذة في الترجمة لتلقين الطالب أسس ومناهج الترجمة األدبية‬
‫وتشجيعهم للغوص في أعماق هذا المجال الخصب الذي يستقطب عددا البأس‬
‫به من المترجمين المبدعين والنقاد‪ .‬وفيما يأتي تمرين كنا قد اقترحناه في نهاية‬
‫بحثنا مستثمرين مدونة بحثنا ونماذج منها مع طلبة قسم اللغة الفرنسية‪ ،‬سنة ثانية‬
‫بجامعة باجي مختار عنابة ‪:‬‬

‫تمرية‪:‬‬
‫ترجم ما يلي إلى العربية‪:‬‬
‫‪[Jamais, en revanche, je n’ai relevé, sous une plume‬‬
‫‪respectée, une confirmation sans ambigüité de la présence de ce‬‬
‫‪livre. Personne qui dise nettement « je l’ai », « je l’ai feuilleté »,‬‬
‫‪« je l’ai lu », personne qui en cite des passages. Si bien que les‬‬
‫‪négociants les plus sérieux, ainsi que la plupart des lettrés, sont‬‬
‫‪persuadés que cette ouvrage n’a jamais existé, et que les rares‬‬
‫‪copies qui apparaissent de temps à autre sont l’œuvre de faussaires‬‬
‫‪et de mystificateurs. ] P 17‬‬
‫الترجمة النموذجية‬
‫ولكن‪ ،‬لم يسبق لي قط أن صادفت مؤلفا مشهودا له برصانة‪ ،‬يجزم بوجود‬
‫هذا الكتاب جزما قاطعا‪ ،‬أو أحدا يقول بوضوح‪" :‬أملكه"‪ ،‬أو"تصفحته"‪ ،‬أو "قرأته"‪،‬‬
‫أو يستهدي بفقراته‪ .‬وبالتالي‪ ،‬توصل أكثر التجار رصانة‪ ،‬فضال عن معظم أهل‬

‫‪170‬‬
‫أن نسخته‬‫العلم‪ ،‬عن اقتناع‪ ،‬إلى أن هذا الكتاب ال وجود له على اإلطالق‪ ،‬و ّ‬
‫النادرة التي تظهر بين الحين واآلخر‪ ،‬إنما هي من وضع المنتحلين والدجالين‪".‬‬
‫‪ .2.4‬ترجمات مختارة مة أعمال الطلبة‬
‫ألي قلم محترم‪ ،‬تأكيد غير غامض‬
‫أن ّ‬‫‪ ")1‬أبدا‪ ،‬في المقابل لم أسجل ّ‬
‫"لدي نسخة"‪" ،‬تصفحته"‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بوجود هذا الكتاب‪ .‬ال أحد يستطيع القول بوضوح‬
‫"قرأته"‪ ،‬ال أحد يستطيع ذكر مقاطع منه‪ .‬بحيث أن أكثر التجار جدية‪ ،‬باإلضافة‬
‫أن النسخ‬
‫بأن هذا العمل األدبي لم يوجد من قبل‪ ،‬و ّ‬
‫إلى أغلب األدباء‪ ،‬مقتنعين ّ‬
‫النادرة التي تظهر من حين إلى آخر ما هي إالّ من تأليف مزورين ومخادعين‪".‬‬
‫‪" )2‬إال أني لم أالحظ أبدا بأقالم محترمة تأكيدا ال لبس فيه على وجود‬
‫هذا الكتاب‪ ،‬ليس هناك أحد يقول بوضوح "أملكه"‪" ،‬تصفحته"‪" ،‬قرأته" وال أحد‬
‫يذكر مقاطع منه ذلك أن معظم التجار األكثر جدية ومعظم األدباء مقتنعين بأن‬
‫هذا الكتاب عن عدم وجوده وأن النسخ القليلة التي تبرز من حين إلى آخر هي‬
‫من فعل مزور أو مخادع‪".‬‬
‫‪" ) 3‬أبدا‪ ،‬بالمقابل‪ ،‬لم أرفع‪ ،‬تحت قلم محترم تأكيدا ال لبس فيه على وجود‬
‫هذا الكتاب‪ .‬ال أحد يقول بوضوح "أملكه"‪" ،‬لقد تصفحته"‪" ،‬لقد قرأته"‪ ،‬ال أحد‬
‫أن أغلبية‬‫يقتبس منه مقاطع على الرغم من المفاوضات األكثر جدية‪ ،‬كما ّ‬
‫أن هذا العمل ا ألدبي لم يتواجد على اإلطالق‪ ،‬وأن النسخ النادرة‬
‫األدباء مقتنعين ّ‬
‫التي تظهر من وقت إلى آخر هي صنيع المزيفين والمخادعين‪".‬‬
‫‪" )4‬في المقابل‪ ،‬لم أرفع أبدا ريشة احتراما‪ ،‬تأكيد دون غموض من‬
‫حضور هذا الكتاب‪ ،‬األشخاص الذين يقولون بوضوح "عندي"‪" ،‬تصفحته"‪،‬‬
‫"قرأته"‪ ،‬الذين يقتبسون من مقاطع‪ ،‬كالتجار الجديين‪ ،‬وكذلك معظم العلماء واثقون‬
‫من أن هذا العمل لم يوجد أبدا‪ ،‬وأن النسخ التي تظهر من حين إلى آخر هم‬
‫عمل المزورين والمخادعين‪".‬‬
‫‪ .5‬تقويم الترجمات‪:‬‬

‫‪171‬‬
‫يتراءى لنا من خالل الترجمات المختارة من بين ترجمات عديدة للطلبة أن‬
‫البعض منهم وفق في الترجمة بالرغم من االختيارات الغير صائبة لبعض‬
‫أن البعض اآلخر اعتمد الترجمة الحرفية للفقرة ككل أو لعبارات‬
‫المفردات‪ ،‬غير ّ‬
‫فقط‪ ،‬األمر الذي أدى إلى ترجمة غير مفهومة وخاطئة‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫في األخير ال يسعنا إالّ أن نذكر بأهمية الترجمة األدبية رغم الصعوبات‬
‫التي تخلقها أما م مترجميها‪ ،‬ولهذا يتعين علينا نحن كباحثين وأساتذة االهتمام بها‬
‫والعمل على تشجيع المهتمين بها من مترجمين وطلبة بفتح ورشات للترجمة على‬
‫طول السنة وفتح تخصص للترجمة األدبية في جامعاتنا لتدريسها وفق برامج‬
‫تعليمية مضبوطة‪.‬‬

‫هوامش‪:‬‬
‫ــــــــــ‬
‫‪ )1‬محمد عناني‪ ،2003 ،‬الترجمة األدبية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مصر‪ ،‬الشركة‬
‫العالمية للنشر لونجمان‪.‬‬
‫‪ )2‬المرجع نفسه ص‪.8‬‬
‫‪ )3‬محمد جابر‪ ،2005 ،‬منهجية الترجمة األدبية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬النص الروائي‬
‫أنموذجا‪ ،‬العين‪ ،‬دار الكتاب الجامعي‪.‬‬
‫‪ )4‬المرجع نفسه ص‪.53‬‬
‫‪ )5‬عبد الملك مرتاض‪ ،1998 ،‬في نظرية الرواية‪ ،‬بحث في تقنيات السرد‪ ،‬عالم المعرفة‪.‬‬
‫‪6) Voir Mahmoud, Ordudari .« Translation Procedures, strategies and‬‬
‫‪methods ».‬‬
‫‪ )7‬إنعام بيوض‪ ،2003 ،‬الترجمة األدبية مشاكل وحلول‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الفارابي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪8) J.P.Vinay & J. Darbelenet. 1958. Stylistique comparée du Français et de‬‬
‫‪l’Anglais. Paris : Didier.‬‬
‫‪9) Ibid.‬‬
‫‪10) Ibid.‬‬
‫‪ )11‬إنعام بيوض‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪12) Ibid. Vinay et Darbelenet.‬‬

‫‪172‬‬
‫‪13) Ibid.‬‬
‫‪ )14‬إنعام بيوض‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ )15‬إنعام بيوض‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬‬
‫‪16) Voir Peter Newmark, Approaches to Translation.‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫بالعربية‬
‫‪ )1‬أمين معلوف‪ ،1997،‬رحلة بالدسار‪ ،‬ترجمة نهلة بيضون‪ ،‬دار الفرابي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ )2‬إنعام بيوض‪ ،2003،‬الترجمة األدبية مشاكل وحلول‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الفارابي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ )3‬محمد جابر جمال‪ ،2005 ،‬منهجية الترجمة األدبية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬النص الروائي‬
‫أنموذجا‪ ،‬دار الكتاب الجامعي‪ ،‬العين‪.‬‬
‫‪ )4‬محمد عناني‪ ،2003 ،‬الترجمة األدبية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الشركة‬
‫المصرية العالمية للنشر‪ ،‬لونجمان‪.‬‬
‫بالفرنسية‬
‫‪1) Maalouf,‬‬ ‫‪Amin. 2000. Le périple de Baldassare.‬‬ ‫& ‪éditions Grasset‬‬
‫‪Fasquelle.‬‬
‫‪2) J.P.Vinay‬‬ ‫‪& J. Darbelenet. 1958. Stylistique comparée du Français et de‬‬
‫‪l’Anglais. Paris : Didier.‬‬
‫باإلنجليزية‬
‫‪1) Newmark, Peter. 1980. Approaches to Translation. Hertforshid. prentice‬‬
‫‪hall.‬‬
‫المقاالت‬
‫‪ )1‬عبد الملك مرتاض‪ ،1998، ،‬في نظرية الرواية‪ ،‬بحث في تقنيات السرد‪ ،‬عالم المعرفة‪.‬‬
‫‪2) Mahmoud, Ordudari .« Translation Procedures, strategies and methods ».‬‬
‫‪Translation Journal. Vol11. N°3. 2007. http://accurapid.com/Journal/. Date de‬‬
‫‪consultation : 11/04/2015. A 19 :00.‬‬

‫‪173‬‬

You might also like