Professional Documents
Culture Documents
القانون الدولي الاقتصادي، د قيسي
القانون الدولي الاقتصادي، د قيسي
https://forum.fsjes-agadir.info/
أو ًلاًـًتعريفًالقانونًالدوليًالقتصادي ً
ًًًًًًيتضمن ًالقانون ًالدولي ًالقتصادي ًجميع ًالمبادئ ًوالقواعد ًالقانونية ًالقابلة ًللتطبيق ًعلى ًالعالقات ًالدوليةً
القتصاديةً ،والتي ًتحكم ًإقامة ًعناصر ًاإلنتاج ًوتنقالتها ًمن ًأشخاص ًورؤوس ًأموال ًوسلع ًوخدمات ًونقودً
واستثماراتً ،وكذلك ًالتبادلت ًالتي ًتتم ًبين ًالمجالت ًالقتصادية ًالوطنية ًالمختلفة ًوتمويل ًهذه ًالنشاطاتً ،تحقيقًا اً
لمبادئًالسيادةًوالتعاونًوالتكاملًالقتصاديًوالجتماعيًورفاهيةًاألممًوالشعوبً .
أًـًأصـالـةًالنشأةًً:مماًلًريبًفيهًأنًالقانونًالدوليًالقتصاديًمفهومًمعاصرًوحديثً،إ ًلًّأنًجذورهًضاربةً
في ًغياهب ًالتاريخً.وقد ًدلّت ًالمكتشفات ًاآلثارية ًعلى ًأن ًأول ًمعاهدة ًفي ًالتاريخ ًأبرمها ًمنذ ًآلف ًالسنين ًفرعونً
مصرً،رمسيسًالثانيً،معًملكًالحثيينً،خاتوسلً،وذلكًفيًالقرنًالثالثًعشرًقبلًالميالدً،وكانتًتهدفًإلىًإقامةً
عالقات ًسلم ًوصداقة ًوتجارةً .وقد ًجرت ًمحاولة ًجادة ًفي ًالعصور ًالقديمة ًلوضع ًتقنين ًيشتمل ًعلى ًقواعدً
اقتصادية ًضمنًما ًكانًيسمى ً“قانون ًالشعوب” ًالذي ًوضعه ًالرومان ًالقدماء ًلتنظيم ًالتجارة ًوغيرها ًمن ًالعالقاتً
المتبادلة ًمع ًاألمم ًاألخرىً.كما ًيدّلنا ًالتاريخ ًأيضًا اًعلى ًوجود ًعالقات ًدولية ًاقتصادية ًمنذ ً ُوجد ًطريق ًجلب ًالعنبرً
من ًجزر ًالبلطيق ًإلى ًحوض ًالمتوسطً ،وطريق ًشراء ًالحرير ًمن ًالصين ًعبر ًسوريةً ،ثم ًإلى ًبقية ًأرجاء ًالعالمً
العربيً.وكثيرًااًماًكانتًمعاهداتًحسنًالجوارًتتضمنًمسائلًتتعلقًبتنظيمًالتجارةًوالمالحةًبينًالدولًالمتعاهدةً.
وقدًاشتملتًاتفاقياتًالتجارة ًالتيًكانتًتربطًالمدنًاإليطاليةًفيماًبينهاًوتربطهاًكذلكًبمعظمًإماراتًأورباًوبلدانً
حوض ًالبحر ًاألبيض ًالمتوسطً ،على ًالعديد ًمن ًالقواعد ًالتي ًتقرً ًمبدأ ًحرية ًالتجارة ًمن ًدون ًتمييز ًأو ًاحتكارً،
وكذلك ًاشتملت ًعلى ًالسماح ًبتعيين ًقناصل ًفي ًالخارج ًلتمثيل ًالتجار ًاألجانب ًلدى ًالدول ًالمعنيةً ،وتأمين ًعدمً
خضوعهم ً ًللقوانين ًالداخليةً ،وخاصة ًتلك ًالتي ًتتضمن ًأعباء ًماليةً ،كالرسوم ًوالضرائب ًوغيرهاً.ومن ًاألمثلةً
على ًالمعاهدات ًالتي ًكانت ًتتناول ًشؤونًا ا ًاقتصادية ًاتفاقية ًالتبادل ًالتجاري ًالتي ًعقدت ًعام ً5511م ًبين ًالملكً
اإلنكليزي ًهنري ًالثاني ًوكولونياً ،وهنالك ًأيضااًاً ًإعالن ًهنري ًالثالث ًلعام ً5511م ًحولًتنظيم ًالحقوق ًواللتزاماتً
الماليةًالناجمةًعنًتحطمًالسفنً.كماًأدركًملوكًبريطانياًفيًالعصورًالوسطىً،كغيرهمًمنًأمراءًالبلدانًاألخرىً،
أهمية ًالتجارة ًالخارجية ًالتي ًتجلب ًالمعادن ًالنفيسة ًمن ًالذهب ًوالفضة ًإلى ًممالكهمً ،فاشترطوا ًفي ًتشريعاتهمً
الداخلية ًومعاهداتهم ًمبدأ ًحرية ًالتجارة ًوالمساواة ًفي ًالمعاملة ًوعدم ًالتمييز ًبين ًالتجار ًاألجانب ًوالوطنيينً.ومعً
بروز ًالنظريات ًالرأسمالية ًالتقليدية ًوسيطرتها ًعلى ًالحياة ًالقتصادية ًمنذ ًالقرن ًالسادس ًعشر ًالميالديً ،اقتصرً
دورًالدولةًعلىًضمانًالحدًاألدنىًلحمايةًالتجارةًالخارجيةً،ولمًيمنعًذلكًمنًالستمرارًفيًنهبًثرواتًالشعوبً
الخاضعةًلالستعمارً.ولكنًماًلبثتًأنًانتشرتًاألفكارًالشتراكيةًفيًأورباًبعدًانتصارًالثورةًالشيوعيةًفيًروسياً
القيصرية ًعام ً5151مً ،وكذلك ًازداد ًتدخل ًالدولة ًفي ًالنشاطات ًالقتصادية ًفي ًالعديد ًمن ًالبلدان ًالرأسمالية ًفيً
نصت ًعلى ًضرورة ًمنحً الفترة ًما ًبين ًالحربين ًالعالميتينً.علمًا اًبأن ً(المادة ًً)32من ًعهد ًعصبة ًاألممً ،كانت ًقد ً ّ
معاملةًعادلةًلتجارةًالدولًاألعضاءً.وقدًاستلهمتًهذهًالمادةًأحكامهاًمنًالفقرةًالثالثةًلتصريحًالرئيسًاألميركيً
ويدرو ًويلسون ًلعام ً5151م ً(مبادئ ًويلسون ًاألربعة ًعشر) ًالتي ًأشارت ًإلى ًضرورة ًإزالة ًالعوائق ًالقتصاديةً
وتهيئةًالظروفًالعادلةًفيماًبينًاألممًالمحبةًللسالمً.منًناحيتهً،اكتفىًميثاقًهيئةًاألممًالمتحدةًفيًمادتهًاألولىً
والمادة ً(ً)11بالنص ًعلى ًضرورة ًتمتين ًالتعاون ًوحسن ًالجوار ًفي ًالعالقات ًالقتصادية ًبين ًاألممً.وبنا اًء ًعليهً،
تداعتًالدولًوالهيئاتًالدوليةًإلىًوضعًأطرًقانونيةًمحدّ دةًلتنظيمًالعالقاتًالقتصاديةًفيماًبينهاً،والتيًتؤكدًفيً
1
معظمهاًعلىًماًيبدوًأفكارًالتحررًالقتصاديً.فنشأًالنظامًالماليًوالنقديًالمعاصرًبعدًعقدًاتفاقياتًبريتونًوودزً
المؤسسة ًلصندوق ًالنقد ًالدولي ًوالمصرف ًالدولي ًللتعمير ًوالتنمية ً(البنك ًالدولي)ً ،وتولَّت ًالتفاقيةً
ّ لعام ً5111م ً
العامة ًللتعرفة ًالجمركية ًوالتجارة ) (G.A.T.Tالمعقودة ًعام ًً 5111قيادة ًالنظام ًالدولي ًالتجاريً ،وذلك ًلغاية ًعامً
ً ،5111إذ ًخلفتهاًمنظمة ًالتجارة ًالعالميةً.كماًت ًّم ًاإلعالن ًعام ًً 5111عن ًالنظامًالقتصادي ًالدولي ًالجديد ًوميثاقً
حقوق ًالدول ًوواجباتها ًالقتصاديةً .وتعززت ًقواعد ًالقانون ًالدولي ًالقتصادي ًومبادئه ًمن ًخالل ًعقد ًالعديد ًمنً
التفاقيات ًوالمعاهدات ًالثنائية ًوالمتعددة ًاألطرافً ،والتي ًتناولت ًالمسائل ًالمختلفة ًللعالقات ًالدولية ًالقتصاديةً،
كالتبادل ًالتجاري ًوتسوية ًالمدفوعات ًالدولية ًوتشجيع ًالستثمارات ًوتنقل ًرؤوس ًاألموال ًواألشخاص ًوالسلعً
وعناصر ًاإلنتاجً .كما ًأنشئ ًعدد ًمن ًالتكتالت ًالدولية ًالقتصاديةً ،كمناطق ًالتجارة ًالحرة ًواألسواق ًالمشتركةً،
متخصصةً،كمؤتمرًاألممًالمتحدةًللتجارةًوالتنميةًومنظمةًاألممًالمتحدةًللتنميةً ّ وتأسستًمنظماتًدوليةًاقتصاديةً ّ
الصناعية ًوالوكالة ًالدولية ًللطاقة ًالذرية ًوبعض ًالمنظمات ًاإلقليمية ًوالهيئات ًاألخرى ًلتسوية ًالمنازعات ًالدوليةً
ذات ًالطابع ًالقتصاديً .وأخيرااً ،برزت ًالمفاهيم ًالقتصادية ًالمعاصرةً ،كالعولمة ًوالشركات ًمتعددة ًالجنسياتً
والخصخصة ًوغيرها ًمن ًالمصطلحات ًالدخيلة ًالتي ًأسهمت ًجذريًا ا ًفي ًتط ّبع ًالقانون ًالدولي ًالقتصادي ًالمعاصرً
بمذهبًالحريةًالقتصاديةً،ولمًيعدًفيًوجودهًأيًشكً .
ب ًـ ًعالميـة ًاألهدافً :يتضح ًمن ًتعريف ًالقانون ًالدولي ًالقتصادي ًبأنه ًيهدف ًأساسًا ا ًإلى ًتنظيم ًالعالقاتً
الدولية ًالقتصادية ًووضع ًالضوابط ًالالزمة ًالتي ًتحكم ًهذه ًالعالقاتً ،بما ًيتوافق ًمع ًمبادئ ًالقانون ًالدولي ًالعامً
وقواعدهً ،وما ًتضمنه ًميثاق ًهيئة ًاألمم ًالمتحدةً .وتتضمن ًقائمة ًاألهداف ًالعامة ًللقانون ًالدولي ًالقتصاديً،
والقابلةًللتأقلمًوالتطورًمنًحيثًالكمًوالكيفًوفقًالظروفًالدوليةًالمتغيرةً،ماًيليً :
1ـًاإلسهامًفيًالحفاظًعلىًاألمنًوالسلمًالدوليينًوتجنبًالحروبًوالنزاعاتًالقتصاديةًوالبحثًعنًحلولًعادلةً
وفعالةًلهاً .
)(2ـ ًتعزيز ًالثقة ًوالعتماد ًالمتبادل ًمن ًالدول ًفي ًعالقاتها ًالقتصادية ًمما ً ُيسهم ًفي ًإنعاش ًالتجارة ًالدوليةً
وتحقيقًرفاهيةًاألممًوالشعوبً .
)(3ـ ًإزالة ًجميع ًأشكال ًالتفرقة ًوعدم ًاستخدام ًوسائل ًاإلكراه ًالقتصادي ًللضغط ًالسياسي ًعلى ًالشعوبً
المستضعفةًوابتزازهاً .
)(4ـًإقرارًأسسًالتعاونًالدوليًمنًأجلًتسويةًالمشكالتًالدوليةًالكبرىًورفعًالمستوىًالمعيشيًوالرخاءًللدولً
وشعوبهاً .
)(5ـ ًتحرير ًالتجارة ًالدوليةًوفقًقواعد ًالعدل ًوالمساواة ًفي ًالمعاملةًوالمنفعة ًالمتبادلةً،وخاصةًما ًيتعلق ًبالدولً
الناميةً .
)(6ـ ًإقرار ًنظام ًنقدي ًعالمي ًيضمن ًالستقرار ًوالثبات ًفي ًالمعامالت ًالمالية ًالدولية ًبما ًيتفق ًمع ًمصالح ًالدولً
كافةً .
)(7ـ ًتحقيق ًالتنمية ًالقتصادية ًوالجتماعية ًبما ًيضمن ًتضييق ًالهوة ًبين ًالدول ًوالشعوب ًحول ًمستوى ًالمعيشةً
والرفاهيةً .
2
)( 8ـ ًتأمين ًالتوازن ًبين ًمصالح ًالدول ًالمنتجة ًوالمستهلكة ًللطاقة ًوالمواد ًاألولية ًوالغذاء ًوحماية ًالبيئة ًمنً
التلوثً .
)(9ـًالتنسيقًبينًالسياساتًالقتصاديةًالمختلفةًللدولًوالمنظماتًالدوليةً .
)(10ـ ًصياغة ًأسس ًعادلة ًومنصفة ًلتسوية ًمسألة ًالمديونية ًوالقروض ًالدوليةً ،وتقوية ًمؤسسات ًالتمويلً
الدوليةً .
)(11ـًتشجيعًالستثماراتًالدوليةًوالمشروعاتًالمشتركةًونقلًالتكنولوجياًوالمعرفةً .
)(12ـ ًالرقابة ًعلى ًالشركات ًمتعددة ًالجنسياتًوالحتكارات ًالدوليةً ،بما ًيضمنًحقوق ًالدول ًوشعوبهاًوعدم ًنهبً
ثرواتهاًومواردهاًالوطنيةً .
ج ًـ ًفاعلية ًالجزاءاتً:تمتلك ًالجزاءات ًضمنًنطاق ًالقانون ًالدولي ًالقتصادي ًخصوصيةًمم ّيزةً ،ناجمة ًعنً
الطبيعة ًالخاصة ًلقواعد ًهذا ًالقانونً.فالنظام ًالدولي ًالقتصادي ًليس ًمنغلقًا ا ًعلى ًنفسه ًومكونًا اًفقط ًمن ًدول ًذاتً
سيادةً.بلًعلىًالعكسًتمامااً،فهوًنظامًمنفتحًتتعايشًفيهًعدةًأشخاصًذاتًأنظمةًقانونيةًمتباينةً(دولًومنظماتً
دولية ًوتكتالت ًاقتصادية ًوشركات ًمتعددة ًالجنسيات ًوهيئات ًغير ًحكومية ًوأفراد ًطبيعيون)ً .لذلك ًل ًيمكنً
للجزاءاتًالناجمةًعنًعدمًالتطبيقًأنً ُتتركًفقطًلتدخلًالدولًذاتًالسيادةً.كماًتتم ّيزًالجزاءاتًفيًالقانونًالدوليً
القتصادي ًبالليونة ًوالسرعة ًفي ًالتطبيق ًوالبتعاد ًعن ًالرسميات ًونسبية ًاآلثار ًوالنتائج ًوالتالؤم ًأو ًالتأقلم ًمعً
األوضاع ًالقتصادية ًالسائدةً ،والمتغ ّيرة ًبصورة ًشبه ًدائمةً ،وهذا ًما ًيؤمن ًالفاعلية ًبد ًلا ًمن ًالمثالية ًفي ًالتطبيقً،
كما ًهو ًمتعارف ًعليه ًفيما ًيتعلق ًباحترام ًقواعد ًالقانون ًالدولي ًالتقليديً.بالفعلً ،إن ًخرق ًالتزام ًدولي ًذي ًطبيعةً
اقتصادية ًيقتضي ًاللجوء ًإلى ًفرض ًجزاء ًدولي ًذي ًطبيعة ًاقتصادية ًأيضًا اً.فالهدف ًمن ًاللجوء ًإلى ًإجراءات ًكهذهً
ل ًيتم ّثل ًبمعاقبة ًمن ًيخالف ًالقانونً ،وإنما ًبإعادة ًإدماجه ًضمن ًإطار ًالعالقات ًالدولية ًالقتصاديةً ،حرصًا ا ًعلىً
ضمان ًالتعاون ًالدولي ًالقتصاديً.ولهذا ًالسبب ًيح َّظر ًحاليًا ا ًفي ًالقانون ًالدولي ًاللجوء ًإلى ًجميع ًأشكال ًالتدابيرً
القسرية ًالنفرادية ًذات ًالطابع ًالقتصادي ً(حصار ًومقاطعة ًاقتصاديةً ،تقييد ًنشاط ًاألجانب ًوحجز ًأو ًمصـادرةً
ممتلكاتهمًبدونًحق…)ًوالتيًغالبًا اًماًتستخدمهاًالدولًأدا اًةًللضغطًوالبتزازًالسياسيً.وقدًعدَّ هاًالقانونًالدوليً
يفوت ًهذا ًالقانون ًأي ًفرصة ًإلعادة ًهيكلةً القتصادي ًبمنزلة ًأدوات ًعائقة ًلتطوره ًوتتعارض ًمع ًأهدافهً .كما ًل ً ّ
الوسائل ًالتقليدية ًلتسوية ًالنـزاعاتً ،المنصوص ًعليها ًفي ًالقانون ًالدوليً ،كالمفاوضات ًوالوساطة ًوالمساعيً
الحميدةًوالتوفيقًوالقضاءًوالتحكيمً،وذلكًلكيًتتالءمًمعًخصوصيةًالعالقاتًالدوليةًالقتصاديةً،وفيًالوقتًذاتهً
الذي ًيبتدع ًفيه ًآلية ًخاصة ًبه ًلتسوية ًالنـزاعات ًالدولية ًالقتصادية ًوالجزاءات ًالمنبثقة ًعنهاً.ولذلك ًفمن ًالنادرً
إخضاع ًمثل ًهذه ًالنـزاعات ًلمحكمة ًالعدل ًالدولية ًالتي ًتتطلب ًعاد اًة ًإجراءات ًمطولة ًومعقدةً ،إضافة ًإلى ًأن ًللدولً
فقط ًالحق ًفي ًالمثول ًأمام ًاختصاصها ًالقضائي ًدون ًبقية ًأشخاص ًالقانون ًالدوليً.مع ًالعلم ًبأن ًأشخاص ًالقانونً
الدولي ًالقتصادي ًاألخرى ًتؤدي ًأيضًا ا ًدورًاا ًحاسمًا ا ًفي ًالتأثير ًفي ًالعالقات ًالدولية ًالقتصاديةً ،تمامًا ا ًكالدولً،
ضلًهؤلءًاللجوءًإلىًالتحكيمًبصفتهً وخاصةًالمنظماتًالدوليةًوالشركاتًمتعددةًالجنسياتً.ولهذاًالسببًأيضًا اًيف ّ
اً
وسيلة ً ُمثلى ًلتسوية ًالنـزاعات ًالتجارية ًأو ًالمتعلقة ًبالستثمارات ًالدولية ًوالتي ًتتمازج ًفيها ًالمصالح ًالعامة ًمعً
المصالح ًالفردية ًالخاصةً.على ًأي ًحالً ،تراوح ًالجزاءات ًالناجمة ًعن ًعدم ًتنفيذ ًواحترام ًقواعد ًالقانون ًالدوليً
القتصاديً ،بين ًالحرمان ًمن ًحق ًالتصويت ًلعدم ًالوفاء ًببعض ًاللتزامات ًالماليةً ،ووقف ًتمثيل ًالدولة ًالعضو ًفيً
المنظمة ًأو ًعدم ًالمشاركة ًفي ًأعمالهاً ،أو ًحرمانها ًمن ًالستفادة ًمن ًمساعدات ًالمنظمة ًوخدماتها ً(المادة ًً 51منً
ميثاق ًهيئة ًاألمم ًالمتحدةً ،والمادة ًالخامسة ًمن ًاتفاقية ًبريتون ًوودز ًلعام ًً 5111والتي ًتش ِّكل ًالنظام ًاألساسيً
3
لصندوق ًالنقد ًالدولي)ً.وقد ًيصل ًاألمر ًأحيانًا اًإلى ًحد ًإيقاع ًعقوبات ًاقتصادية ًمحددةً.إن ًفكرة ًاللجوء ًإلى ًتطبيقً
مثل ًهذه ًاإلجراءات ًقد ًيحقق ًفوائد ًمتعددة ًفيما ًيتعلق ًباحترام ًالقواعد ًالدولية ًالقتصاديةً ،كونها ًتهدف ًإلى ًتأمينً
الستقرار ًالقانونيًوالمادي ًللنص ًالواجب ًالتطبيقً ،ويتطلب ًإقرارها ًتوافق ًاإلرادة ًالسياسية ًوتوافر ًالقوة ًالالزمةً
لتحقيق ًفاعليتهاً .لذلك ًل ًيتم ًاللجوء ًإلى ًإقرارها ًوتطبيقها ًسوى ًنادرًاا ًوبصورة ًاستثنائيةً ،نظرًاا ًلروح ًالتسامحً
التيًتسودًعاد اًةًالعالقاتًالدوليةًالقتصاديةً .
-3الطبيعـةًالقانونيــةً :
بغضًالنظرًعنًالجدلًالفقهيًالدائرًحولًاستخدامًتعابيرًمترادفةًومتقاربةًأوًمتباعدةً،كمصطلحًالقانونًالدوليً
القتصادي ًأو ًالقانون ًالقتصادي ًالدولي ًأو ًقانون ًالعالقات ًالدولية ًالقتصادية ًأو ًقانون ًالقتصاد ًالدوليً ،فال ًأحدً
ينازعًحاليًا اًعلىًالرغمًمنًهذاًالجدلًالذيًلًطائلًمنهًعمليااً،فيًوجودًفرعًمتخصصًومستقلًضمنًاإلطارًالعامً
للقانونًالدوليً،ألًوهوًالقانونًالدوليًالقتصاديً،أيًالتعبيرًالشائعًحاليًا اًفيًاألوساطًاألكاديميةًوالفقهيةً .
أ ًـ ًالعالقة ً ًبالقانون ًالدولي ًالعام ً:يعود ًالفضل ًفي ًارتباط ًالقانونين ًالدوليينً ،العام ًوالقتصاديً ،إلى ًوجود ًالدولً
المستقلة ًذاتها ًإذ ًتشكل ًالحدود ًالسياسية ًوالجغرافية ًوالثقافية ًعائقًا اًفعليًا اًأمام ًتطور ًالعالقات ًالدولية ًالقتصاديةً.
لكن ًالفارق ًالب ّين ًبينهما ًيتم ّثل ًفي ًأن ًقواعد ًالقانون ًالدولي ًالعام ًذات ًطبيعة ًحمائية ًبالدرجة ًاألولى ًومستقرةً
بأكملها ًعلى ًفكرة ًضمان ًاستقالل ًوسيادة ًالدول ًوعدم ًالتدخل ًفي ًشؤونها ًالداخليةً.في ًحين ًيعدً ًالقانون ًالدوليً
القتصادي ًذا ًطبيعة ًشمولية ًومستقرًاا ًعلى ًفكرة ًتحقيق ًالرفاهية ًالقتصادية ًوالجتماعية ًللمجتمع ًالدولي ًمهماً
كانت ًالعوائقً ،المتوجب ًإزالتها ًوتعميق ًروح ًالتعاون ًوالتكامل ًالقتصادي ًبين ًالدولً.هذا ًالتجاوز ًللحدودً ،أو ًماً
يتجسد ًعمليًا ا ًفي ًالتحرر ًالقانوني ًعلى ًصعيد ًالتبادلت ًالدولية ًالقتصاديةً َّ يس َّمى ًبصورته ًالمثاليةً :العولمةً ،
وتشجيع ًالستثمارات ًاألجنبية ًالخاصةً ،مما ً ُيسهم ًفي ًتطوير ًقواعد ًالتجارة ًالدولية ًوالتنمية ًالمستدامةً.من ًحيثً
النتيجةً،منًالصعوبةًبمكانًالقولًبوجودًقانونًدوليًاقتصاديًمستقلًتمامًا اًعنًالقانونًالدوليًالعامً،إذًيرتبطانً
بعالقة ًكتلك ًالتي ًتربط ًالبن ًباألبً ،كما ًيعتمد ًكل ًمنهما ًعلى ًاآلخرً ،يدعمه ًويغذيه ًويتغذى ًمنهً.ول ًيتعدى ًاألمرً
في ًالقانون ًالدولي ًالقتصادي ًاحتواء ًوتنظيم ًالقواعد ًالتقليدية ًللقانون ًالدولي ًالعام ًالتي ًتتأثر ًبالعامل ًالقتصاديً.
فالتفاقياتًالدوليةًللتعاونًالقتصاديًوالماليًوالتجاريًتش ِّكلًفيًالواقعًجزءًااًمنًالقانونًالدوليًالقتصاديً،ولً
يمكن ًعدِّها ًسوى ًتطبيق ًخاص ًلتلك ًالمبادئ ًالمتعارف ًعليها ًبين ًثنايا ًالقانون ًالدولي ًالعام“ً:أمام ًهذه ًالنتيجةً،
يمكن ًالقول ًبوجود ًقواعد ًمعينة ًـ ًفي ًإطار ًقواعد ًالقانون ًالدولي ًالعامة ًـ ًتتم َّيز ًببعض ًالخصائص ًالمتصلةً
بالتكوين ًوالمضمون ًوالتطبيقً ،بسبب ًاتصالها ًبالعامل ًالقتصاديً ،وهي ًتأخذ ًمن ًأساليب ًهذا ًالقانون ًما ًيتناسبً
معًضرورةًالمواءمةًمعًالظروفًالقتصاديةًالسائدةً ”.
بًـًالعالقـةًبالتشريعاتًالوطنيةًللدول ً
:اختلف ًالفقهاء ًفي ًتكييف ًالعالقة ًبين ًالقانون ًالدوليً ،بما ًفي ًذلك ًالقانون ًالدولي ًالقتصاديً ،وبين ًالقانونً
ويتلخص ًموضوع ًهذا ًالجدل ًالتقليدي ًفي ًأن ًفريقًا ا ًمنهم ًيرى ًأن ًالقانون ًالدولي ًيتمتع ًبنظامً َّ الداخلي ًللدولةً .
مستقل ًبذاته ًومنفصل ًعن ًالقانون ًالداخليً ،في ًحين ًيرى ًالفريق ًاآلخر ًأن ًكال ًالقانونين ًيش ِّكالن ًوحدة ًل ًتتجزأً
ويجمعهما ًنظام ًواحدً.ومع ًذلكً ،يبدو ًأن ًالتجاه ًالسائد ًحاليًا ا ًفي ًالعالقات ًالدوليةً ،يتم ّثل ًبضرورة ًاحترام ًالدولً
للتزاماتها ًالدوليةً ،وخاصة ًعبر ًإدماج ًقواعد ًالقانون ًالدولي ًالقتصادي ًضمن ًنطاق ًالتشريعات ًالداخلية ًللدولً،
سواء ًعلى ًنحو ًمسبق ًوعامً ،كما ًفي ً(المادة ًً)31من ًالدستور ًاأللماني ًلعام ًً 5111التي ًنصت ًعلى ًأن ً“القواعدً
العامة ًللقانون ًالدولي ًتعدً ًجزءًاا ًمن ًالقانون ًالتحادي”ً ،أو ًبصورة ًلحقة ًعندما ًتعمد ًغالبية ًالدول ًإلى ًإقرارً
4
قوانين ًومراسيم ًوطنية ًتتضمن ًالتصديق ًعلى ًالتفاقيات ًوالمواثيق ًالدوليةً ،وذلك ًلكي ًتتم َّتع ًنصوصها ًبقوةً
القوانين ًالداخليةً ،إضافة ًإلى ًصفتها ًالدوليةً.كما ًيهتم ًالقانون ًالدولي ًالقتصادي ًبتوحيد ًقواعد ًالقوانين ًالوطنيةً
التيًيمكنًتطبيقهاًعلىًالمستوىًالدوليً،ومنًثمًإحداثًنوعًمنًالتوازنًالقانونيًفيماًبينهاً.فقدًأثبتتًالتطوراتً
الهائلة ًوالمتسارعة ًالتي ًل ًتزال ًتشهدها ًالعالقات ًالدولية ًالقتصادية ًالمعاصرة ًعلى ًصعيد ًتحرير ًالتبادلتً
التجارية ًالمالية ًوالنقدية؛ ًوجود ًحالت ًتداخل ًبين ًأنظمة ًقانونية ًاقتصادية ًمختلفة ًملزمة ًبالتعايش ًالمشتركً ،معً
أنهاًلًتتفقًعادةًفيماًبينهاً،لختالفًاألسسًاأليديولوجيةًالتيًتستندًإليهاً.وهذاًماًقدًيؤديًإلىًنشوبًعددًمنً
النـزاعاتًالقانونيةًالقتصاديةًبينًالدولً،وبروزًحالتًتنازعًقوانينًوطنيةًبينًدولًذاتًسيادةًمنًجهةً،وأفرادً
يتعرض ًأحيانًا اًإلى ًقواعد ًالقانونً
طبيعيين ًأو ًاعتباريين ًمن ًجهة ًأخرىً.لذلك ًل ًبد ًللقانون ًالدولي ًالقتصادي ًأن ً ّ
الدوليًالخاصً،المتعلقةًبالمسائلًالوطنيةًالقتصاديةًالمختلفةً،والتيًقدً ُتحدثًآثارًااًًممتدةًمنًالمستوىًالوطنيً
إلى ًالمستوى ًالدوليً.فمن ًناحيةً ،يتالقى ًالقانون ًالدولي ًالقتصادي ًمع ًالقانون ًالدولي ًالخاص ًمن ًحيث ًتطرقهماً
إلى ًمواضيع ًمشتركةً ،كالوضع ًالقانوني ًالقتصادي ًلألجنبي ًواستثماراته ًوالشركات ًمتعددة ًالجنسيات ًوالعقودً
الدولية ًوالتحكيم ًالتجاريً .ولكن ًمن ًناحية ًأخرىً ،يهدف ًالقانون ًالدولي ًالقتصادي ًأساسًا ا ًإلى ًإيجاد ًقواعدً
وموحدة ًتحكم ًتسوية ًالنـزاعات ًالناجمة ًعن ًعالقة ًدولية ًاقتصاديةً،وهذا ًما ًيم ّيزه ًمنًقواعدً
َّ موضوعية ًومستقلة ً
القانون ًالدولي ًالخاصً ،الذي ً ُيعنى ًبصورة ًرئيسية ًبمجال ًتنازع ًالقوانينً ،أي ًتعيين ًالقانون ًالوطني ًواجبً
التطبيق.
المصدر
http://www.labodroit.com
ً
5
ﻣﻨﺼﺔ طﻠﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﺑﻦ زھﺮ
https://forum.fsjes-agadir.info/
حددت المادة 38من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية المصادر األصلية للقانون الدولي العام باالتفاقيات واألعراف
الدولية والمبادئ العامة للقانون .أما المصادر االحتياطية فهي أحكام المحاكم واالجتهادات الفقهية ،إضافة إلى مبادئ العدالة
واإلنصاف .ولكن القانون الدولي االقتصادي ال تسعفه فقط هذه المصادر التقليدية ،والتي ليس في مقدورها أن تقدم اإلسهام
الكافي في هذا الصدد .وهنا تأتي أهمية المصادر المستحدثة ضمن إطار القانون الدولي االقتصادي ،كقرارات المنظمات
والمؤتمرات الدولية والتصرفات االنفرادية للدول ذات التأثير الحاسم في تنظيم العالقات الدولية االقتصادية ،والعقود الدولية
التي ال تزال تؤدي دورا مهما في نطاق التنمية االقتصادية وتطور االستثمارات الدولية ،مع أنها من مصادر القانون الخاص.
1ـ المصـادر التقليديـة :
وهي مصادر القانون الدولي العام ،األصلية واالحتياطية ،التي حددتها( المادة ) 38من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية
كالتالي:
ـ االتفاقيات الدولية العامة والخاصة ،والتي تضع قواعد معترفا بها صراحة من قبل الدول المتنازعة.
ـ األعراف الدولية المعترف بها ،كقانون دل عليه تواتر االستعمال.
ـ المبادئ العامة للقانون التي أقرتها األمم المتمدنة.
ـ أحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين.
ـ مبادئ العدالة واإلنصاف متى وافق األطراف عليها صراحة.
أ ـ االتفاقيـات الدوليـة :سهمت المعاهدات واالتفاقيات الدولية في تكوين قواعد القانون الدولي االقتصادي وتطورها ،بل
عززت العديد من مبادئ هذا القانون وأعرافه .ويأتي في قمة هذه االتفاقيات ،ميثاق هيئة األمم المتحدة الذي نص في( المادة
)55على اآلتي“ :رغبة في تهيئة دواعي االستقرار والرفاهية الضروريين لقيام عالقات سلمية وودية بين األمم ،مؤسسة
على احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب ،وبأن يكون لكل منها حق تقرير مصيرها ،تعمل األمم
المتحدة على ما يلي:
أ ـ تحقيق مستوى أعلى للمعيشة وتوفير أسباب االستخدام المتصل لكل فرد والنهوض بعوامل التطور والتقدم االقتصادي
واالجتماعي.
ب ـ تيسير الحلول للمشاكل الدولية االقتصـاديةأ واالجتمــاعية والصحيـة وما يتصل بها ،وتعزيز التعاون الدولي في أمور
الثقافة والتعليم.
ج ـ أن يُشيع في العالم احترام حقوق اإلنسان والحريات األساسية للجميع بال تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين”.
كما نصت العهود الدولية حول الحقوق السياسية والمدنية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية ،التي اعتمدتها الجمعية
العامة لألمم المتحدة في 16/12/1966على عدد من القواعد والمبادئ القابلة للتطبيق على العالقات الدولية االقتصادية،
وخاصة فيما يتعلق باحترام حقوق اإلنسان في العمل والعيش الكريم والتعليم والثقافة والصحة والبيئة السليمة والتنمية .هذه
الحقوق االتفاقية التي تؤكد أعرافا دولية ملزمة ،تم تقنينها مسبقا في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،الصادر عن الجمعية
العامة لألمم المتحدة عام 1948.ويتواجد حاليا العديد من المعاهدات واالتفاقيات الدولية االقتصادية ،التي تتميز بتنوعها
وتعدد أشكالها ،كونها تتناول مواضيع متعددة االتجاهات والمضامين .فهنالك اتفاقيات التعاون االقتصادي والمساعدة المتبادلة
والصداقة والتبادل التجاري وتنظيم التعرفة الجمركية والمؤسسة للمنظمات والتكتالت الدولية االقتصادية واالتفاقيات التي تنظم
التجارة الدولية بسلع معينة ،أو الهادفة إلى تجنب االزدواج الضريبي واتفاقيات الدفع والمقايضة ،وما إلى ذلك من نصوص
اتفاقية أخرى
ب ـ األعـراف الدوليـة :ثمة على المستوى الدولي أعراف ذات طبيعة اقتصادية وتجارية ،شبيهة نوعا ما بتلك التي يتم
التعامل على أساسها ضمن نطاق الدولة الواحدة .طبعا مع وجود اختالفات جذرية في مدى وكيفية التطبيق واألشخاص
المعنيين بهذه األعراف ،وخاصة مع وجود العنصر الدولي فيها .ويُستدل على وجود العرف الدولي في إطار القانون الدولي
االقتصادي من تكرار األعمال القانونية ذات الطابع االقتصادي الصادرة عن السلطات الوطنية المختلفة( التشريعية والتنفيذية
والقضائية )والتي تتناول مسائل دولية أو تؤثر في العالقات الدولية االقتصادية ،وذلك إضافة إلى بنود المعاهدات والقرارات
الدولية التي تعمل الدول على اتباعها بصفة مستمرة ودائمة وتشعر بإلزاميتها .ويشار هنا على سبيل المثال إلى أن نجاح
أسلوب التحكيم وتكراره ورغبة الدول المستمرة في اللجوء إليه ،قد حوله إلى عرف ثابت في تسوية المنازعات الدولية
6
االقتصادية .كما استقر أيضا العديد من المبادئ التي اكتسبت الصفة العرفية الملزمة نتيجة تكرارها المستمر في قرارات
المنظمات الدولية ،وخاصة ما يتعلق منها بقرارات الجمعية العامة لألمم المتحدة حول النظام االقتصادي الدولي الجديد ،والتي
كشفت عن مبادئ اقتصادية ذات طبيعة عرفية ،كالسيادة الدائمة على المصادر الطبيعية واحترام حقوق الدول وواجباتها
االقتصادية.
ج ـ المبـادئ العامة للقانـون :يحتوي القانون الدولي على العديد من المبادئ القانونية الداخلية القابلة للتطبيق على العالقات
الدولية االقتصادية .وهي تطبيقات خاصة للمبادئ العامة للقانون المستقرة في العالقات الدولية التقليدية على أسس احترام
استقالل الدول وسيادتها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وحق تقرير المصير والتسوية السلمية للنزاعات .وهنا ال بد من
اإلشارة إلى مدى إسهام الدول النامية وصراعها المستمر بمواجهة الدول المتقدِّمة من أجل تشكيل وإقرار مبادئ جديدة ،تكون
عادلة ومنصفة لطبيعة العالقات الدولية االقتصادية المعاصرة .هذه المبادئ تعبر خصوصا عن النظام االقتصادي الدولي
الجديد ،وتتمحور حول رفض سياسة التبعية والهيمنة وعدم المساواة في العالقات االقتصادية وتنمية التعاون والتعايش السلمي
بين الدول ،على أُسس العدل والتكافؤ والمنفعة المتبادلة.
د ـ االجتهادات القضائية والتحكيمية :بالنظر إلى عمومية نص( المادة ) 38من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية ،التي
تبحث في مصادر القانون الدولي العام ،فإن المقصود بأحكام المحاكم ،ليس فقط تلك الصادرة عن المحاكم الدولية ،كمحكمة
العدل الدولية الدائمة سابقا ومحكمة العدل الدولية حاليا ،والتي يمكنها إصدار اجتهادات بصورة أحكام قضائية ملزمة قانونا أو
آراء استشارية ملزمة أدبيا ،وإنما يشمل ذلك أيضا أحكام المحاكم الوطنية التي تستطيع إصدار أحكام مشابهة ومتماثلة في
مسألة معينة ذات صفة دولية ،مما يكسبها األهمية الالزمة في تعريف قواعد القانون الدولي وتفسيرها وتطويرها .مع العلم
بأن التعامل الدولي االقتصادي قد استنبط العديد من قواعده القانونية من أحكام القضاء الوطني لدى مختلف الدول ،إذ استقى
منها ما هو صالح وقابل للتطبيق على العالقات الدولية االقتصادية .أما على الصعيد الدولي ،فلم تؤ ِّد لألسف محكمة العدل
الدولية دورا ملحوظا في تحديد وتطوير قواعد القانون الدولي االقتصادي ،كما كسابقتها محكمة العدل الدولية الدائمة ،التي
أصدرت أحكاما في تسع عشرة قضية فيما بين عامي 1922و 1939كان منها ثالث عشرة قضية تتعلق بموضوعات دولية
اقتصادية .ومن أشهر القضايا التي نظرت فيها هاتان المحكمتان وأصدرت بشأنها أحكاما قضائية وآراء استشارية تتضمن
اجتهادات قيمة حول بعض المسائل المتعلقة بالقانون الدولي االقتصادي؛ القضايا التي تتعلق بموضوعات التأميم والحماية
الدبلوماسية للمستثمرين األجانب .من جهتها ،فقد أسهمت محكمة العدل األوربية في اعتماد قانون أوربي اقتصادي بكل معنى
الكلمة ،سواء عبر إصدار اجتهاداتها المفسرة للنصوص والقضايا المستجدة لدى السوق األوربية المشتركة سابقا ،ثم االتحاد
األوربي حاليا ،أم من خالل ممارستها دورا رقابيا للنظام القانوني األوربي وإزالة التعارض بين التشريعات الوطنية للدول
األعضاء .وأما فيما يتعلق بالتحكيم الدولي ،فهو يمثل أفضل وسيلة لتسوية النـزاعات الدولية االقتصادية .إذ تتمتع أطراف
النـزاع باختيار المحكمين المعروفين لديهم وممن يتصفون بالخبرة في العمل االقتصادي والتجاري والحيادية واالستقاللية ،بدال
من االعتماد على التنظيم القضائي الدولي الدائم .كما يتميز التحكيم بالمرونة في تحديد اإلجراءات وسرعتها وتأمين السرية
ومراعاة االختصاص للنظر في القضية المعروضة .لذلك يُالحظ أن معظم قرارات التحكيم الدولي تعرضت للنـزاعات الناشبة
ضمن إطار العالقات الدولية االقتصادية ،وخاصة الجانب التجاري منها .وهذا ما استدعى عقد عدد من االتفاقيات وإقرار
بعض المواثيق الدولية التي تضع الضوابط واألسس التي تتعلق بالتحكيم الدولي والتنسيق بين التشريعات الوطنية فيما يتعلق
بإجراءات التحكيم الوطني والقانون الواجب التطبيق ،كاتفاقية نيويورك لعام 1958بشأن تنفيذ أحكام التحكيم األجنبية،
واالتفاقية األوربية للتحكيم التجاري الدولي لعام 1961واتفاقية واشنطن لعام 1965حول تسوية المنازعات المتعلقة
باالستثمارات بين الدول ومواطني الدول األخرى ،ومدونة السلوك حول التحكيم التجاري الدولي التي أقرتها الجمعية العامة
لألمم المتحدة بقرارها رقم / 2205/تاريخ 17/12/1966.كما أسهمت مراكز التحكيم الدولية بقراراتها المتالحقة في
تطوير قواعد القانون الدولي االقتصادي ،كتلك الصادرة عن غرفة التجارة الدولية في باريس ومركز تسوية منازعات
االستثمار وجمعية التحكيم األمريكية ومحكمة لندن للتحكيم الدولي وغرفة ستوكهولم للتجارة ومركز القاهرة اإلقليمي للتحكيم
التجاري الدولي .وقد أسهمت هذه األمثلة إضافة إلى العديد من االجتهادات التحكيمية األخرى في تحديد وتفسير قواعد القانون
الدولي االقتصادي ومبادئه العامة ،وخاصة في مجاالت العقود الدولية والتعويض عن إجراءات التأميم ومصادرة االستثمارات
األجنبية وإبطال اتفاقيات االمتيازات النفطية.
هـ ـ اإلسهامات الفقهية الدولية :تشكل مذاهب كبار الفقهاء المصدر االستداللي اآلخر للقانون الدولي العام بجميع فروعه،
ومنها القانون الدولي االقتصادي .ويسهم الفقه الدولي في تحديد القواعد القانونية وشرح مضمونها وتفسير الغامض منها
7
وبيان تطورها التاريخي .ولكن يتوجب دائما التحلي بالحذر الالزم عند العودة إلى آراء الفقهاء والمؤلفين ،التي تتأثر غالبا
بالنـزعات القومية أو الدوافع السياسية ،مع أن آراء الكثير من الفقهاء تميل نحو الموضوعية واالبتعاد عن التأثُّر بالنـزعات
الخاصة .وقد تضاءل حاليا دور الفقه في تحديد وتفسير قواعد القانون الدولي بسبب ازدياد أهمية االجتهادات القضائية،
وتقنين معظم القواعد القانونية ضمن معاهدات وقرارات دولية ،تتعرض لمعظم المسائل التي تهم المجتمع الدولي .وهنا تجدر
اإلشارة أن القانون الدولي االقتصادي يدين بنشأته وتطوره العلمي لدراسات الكثير من فقهاء علم االقتصاد ،الذين بذلوا
جهودهم لوضع نظام قانوني يحكم العالقات الدولية االقتصادية ،ومن أشهرهم:
ـ اإلغريقي أفالطون (427ـ347ق.م )الذي تحدث في كتابه“ الجمهورية ”عن المدينة الفاضلة ،وحيث يعيش الجميع فيها
شركاء لتلبية حاجاتهم المشتركة.
ـ اليوناني أرسطو (384ـ322ق.م ) الذي تطرق في مؤلفاته حول“ السياسة ”و”األخالق ”إلى مفهوم الدولة التي تسعى إلى
إشباع الحاجات المادية لمواطنيها ،وأهمية الملكية الخاصة لوسائل اإلنتاج والقيمة االستعمالية والتبادلية للسلع والنقود.
ـ الفيلسوف العربي ابن خلدون (1333ـ1406م )الذي بحث في كتابه الشهير“ المقدمة ”في الكثير من المسائل االقتصادية،
كتقسيم العمل والتعاون بين المنتجين ووظائف النقود ودور الدولة في تنشيط اإلنتاج والتبادل وزيادة السكان وارتفاع مستوى
المعيشة.
ـ المف ِّكر اإلنكليزي توماس مان (1571ـ1641م )الذي يُعدمن أهم ممثلي المدرسة التجارية ،التي تهدف إلى تشجيع تجارة
الترانزيت واستغالل األراضي الزراعية والتخفيف من االعتماد على استيراد البضائع األجنبية.
ـ الفيلسوف اإلنكليزي وليام بتي (1623ـ1687م )الذي كان يؤمن بوجود قوانين طبيعية تحكم العالقات االقتصادية.
ـ الطبيب الفرنسي فرانسوا كيناي ،الذي نشر عدة مؤلفات أهمها“ الجدول االقتصادي ”و”القانون الطبيعي”.
ـ االقتصادي البريطاني آدم سميث (1723ـ1790م )ومن أشهر مؤلفاته“ بحث في طبيعة وأسباب ثروة األمم ”دافع من
خالله عن النظام الصناعي الرأسمالي وشرح مبادئ وقواعد اقتصاد السوق الحر وتقسيم العمل وتنقل عناصر اإلنتاج بحرية
عبر الحدود الوطنية.
ـ البريطاني ديفيد ريكاردو (1772ـ1823م )الذي نشر كتابه حول“ مبادئ االقتصاد السياسي ”مضمنا إياه مجموعة من
النظريات الرأسمالية في القيمة والربح وريع األرض والتداول والتوزيع والنقود والتجارة الدولية.
ـ القس البريطاني توماس روبرت مالتوس (1766ـ1834م )الذي أصدر كتابين بعنوان“ بحث في مبادئ السكان ”و”مبادئ
االقتصاد السياسي ”تناول من خاللهما تأثير التكاثر السكاني في التنمية وتحقيق الرفاهية االقتصادية الرأسمالية.
ـ اإلنكليزي جون ستيوارت ميل (1806ـ1873م )الذي حاول في العديد من مؤلفاته التوفيق بين مبدأي الحرية وعدم تدخل
الدولة في النشاطات االقتصادية ،والمتطلبات واألعباء االجتماعية ،كتأمين التعليم ومساعدة الفقراء والمحتاجين والقيام
بمشاريع الخدمات.
سس الفكر االشتراكي العلمي ،ومن أهم مؤلفاته“ رأس المال ”و“ بؤس ـ األلماني كارل ماركس (1818ـ1883م )مؤ ِّ
الفلسفة ”و”البيان الشيوعي” ،فقد أسهم في وضع نظرية اقتصادية متكاملة النتقاد مساوئ النظام الرأسمالي وتناقضاته،
وإحالل نظام اشتراكي محله يقوم على منع االستغالل وسيادة الملكية العامة لوسائل اإلنتاج وتدخل الدولة في الحياة
االقتصادية.
ـ األلماني فريدريك آنجلز (1820ـ1895م )الذي أسهم أيضا في تطوير الفكر االقتصادي االشتراكي ،ضمن مؤلفاته“ وضع
الطبقة العاملة في إنكلترا ”و”مالحظات حول نقد االقتصاد السياسي ”و”نظام العمل المأجور”.
و ـ مبـادئ العدالة واإلنصاف :والمقصود بها تلك المبادئ التي يعتبرها العقل اإلنساني عادلة ومنصفة ،وتعبر عنها عادة
حكمة التشريع وقواعد القانون الطبيعي .لكن العدالة كفكرة ،يحيط بها الكثير من الغموض نظرا الرتباطها بقيم أدبية غير
منظورة ،متعددة المضمون ،عامة ومجردة .فما يعده بعضهم عادال قد ال يراه اآلخرون كذلك .وهذا ما قد يؤدي إلى نسبية
النتائج واآلثار واختالف الحلول والتسويات المقترحة .على سبيل المثال ال الحصر ،ال تزال الدول االشتراكية سابقا وبعض
الدول النامية حاليا تش ِّكك في الكثير من المبادئ المستقرة لدى األنظمة االقتصادية الرأسمالية المختلفة ،بل تعدها غير عادلة
أو منصفة ،مثل القواعد المتعلقة بالحقوق المكتسبة واحترام الملكية الخاصة لالستثمارات األجنبية .ولهذه األسباب ،عدت
(المادة ) 38من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية أنه ال يمكن للقاضي الدولي اللجوء إلى تطبيق مبادئ العدالة
8
واإلنصاف ،إال إذا وافقت األطراف المتنازعة على ذلك .وتعد مسألة التعويض عن إجراءات التأميم والمصادرة من أهم
المسائل التي تلجأ إليها هيئات التحكيم الدولية إلعمال قواعد العدالة واإلنصاف.
أ ـ قـرارات المنظمـات الدولية :مع أن المنظمات الدولية قد دأبت على إصدار العديد من القرارات الملزمة ،والتي كثيرا ما
تكون مجرد تطبيق للقواعد القانونية المنصوص عليها في الميثاق المنشئ للمنظمة ،ومن ثم فهي ال تُنشئ بذاتها قواعد
جديدة ،إال أن ثمة أمثلة لعدد من القرارات الشارعة ،العامة والمجردة ،تحرص الدول عادة على مراعاتها كمصدر مستقل بحد
ذاته للقاعدة القانونية .وهذا ما ينطبق على األخص في مجال التعاون الفني واالقتصادي ،عندما تتساهل الدول في منح
المنظمات الدولية االقتصادية اختصاص التشريع ،بعكس ما هو حاصل لدى المنظمات الدولية األخرى ،إذ تتمسك هذه الدول
بمفهومها التقليدي لسيادتها .أما ما يتعلق بالتوصيات أو اإلعالنات أو التصريحات وغيرها من الصكوك الصادرة عن
المنظمات الدولية ،فهي ال تع ُّد ملزمة قانونا من حيث المبدأ ،إال أن هذا ال يعني بالمقابل االمتناع عن تنفيذها أو تجريدها من
أي قيمة قانونية ،لكونها تعبر غالبا عن إرادة معظم أعضاء المجتمع الدولي .وعندما تلتزم الدول باحترامها على نحو متكرر
ومتسق ،فقد تتحول إلى عرف دولي ملزم .بالفعل وبغض النظر عن الجدل الفقهي الدائر حول التكييف القانوني لقرارات
المنظمات القانونية وإلزاميتها ،إال أن تكرار النصوص واألحكام التي اعتمدتها هذه القرارات ال يمكن تجاهله أو إنكاره في
تحديد القواعد القانونية القابلة للتطبيق على العالقات الدولية االقتصادية .وخاصة أن هذه القرارات نابعة من إرادة الدول
وتُسهم غالبا في تكوين قواعد عرفيه دولية والكشف عنها .ضمن هذا المجال ،ال بد من التذكير بقرارات مؤتمر األمم المتحدة
للتجارة والتنمية منذ انعقاد مؤتمره األول في جنيڤ عام 1964وكذلك قرارات الجمعية العامة لألمم المتحدة الصادرة عام
1974حول النظام االقتصادي الدولي الجديد وميثاق حقوق الدول وواجباتها االقتصادية ،وإعالن ليما لعام 1975الذي
أقرته منظمة األمم المتحدة للتنمية الصناعية( اليونيدو )والموجه أساسا نحو تضييق الهوة في التنمية االقتصادية بين البلدان
المتقدِّمة والدول النامية .إضافة إلى قرارات منظمة التجارة العالمية التي تهدف إلى تحرير التبادالت التجارية الدولية،
وقرارات المؤسسات المالية الدولية ،كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي للتعمير والتنمية والبنوك اإلقليمية للتنمية ،والمتعلِّقة
بتمويل المشاريع االستثمارية والخدمية للدول النامية وتحقيق التوازن في سعر الصرف وميزان المدفوعات ،والوثيقة الختامية
لمؤتمر هلسنكي لعام 1975حول األمن والتعاون في أوربا ،وأخيرا قرارات الوكاالت الدولية المتخصصة والتكتالت االقتصادية
اإلقليمية ،كاالتحاد األوربي.
ب ـ التصرفات االنفراديـة للدول :يستمد القانون الدولي االقتصادي أحكامه أيضا من التصرفات القانونية الصادرة باإلرادة
المنفردة للدول والتي ترتب آثارا قانونية معينة على الصعيد الدولي( تشريعات داخلية ،قرارات إدارية ،تصريحات أو إعالنات
كتابية أو شفهية )…من ثم تكتسب هذه التصرفات مكانتها المتميزة ضمن إطار تنظيم العالقات الدولية االقتصادية .وفي واقع
األمر ،ال يخلو أي بلد من إقرار تشريعات وأنظمة وطنية تهدف إلى تنظيم النشاطات االقتصادية للدولة في القطاعين العام
والخاص ،بما في ذلك تنظيم اإلنتاج والتسويق والتبادل التجاري والنقدي وأسواق المال وسعر الصرف وفرض الضرائب
والرسوم الجمركية واألنظمة المصرفية واالئتمانية ومعاملة االستثمارات األجنبية الخاصة .وقد تتضمن هذه األحكام أيضا تحديد
استراتيجية التنمية والعالقات االقتصادية مع الدول األخرى .ومن الثابت قانونا ،بل من المتعارف عليه أنه ليس للقانون
الداخلي للدولة سلطان خارج حدودها الوطنية ،احتراما لمبادئ المساواة السيادية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية .ولكن إذا
تكرر النص على القاعدة الداخلية ذاتها في قوانين دول مختلفة ،أصبح ذلك دليال واضحا على اعتراف الدول بوجود القاعدة
القانونية الدولية .وقد أصبحت هذه التصرفات سواء كان مصدرها السلطة التشريعية أو التنفيذية أو القضائية للدولة ،تمارس
تأثيرا مهما على صعيد العالقات الدولية االقتصادية .على سبيل المثال ،إن تعويم سعر الصرف من قبل دولة ما لعملتها
الوطنية ورفع أو تخفيض قيمة هذه العملة ،هو أمر ال ينازع أحد في أنه من صميم االختصاص الوطني للدولة .ولكن ال
يستطيع أحد أيضا أن ينكر أن هذا التصرف االنفرادي السيادي ،سيؤثر حتما في عالقات الدولة االقتصادية بغيرها من
الشركاء التجاريين ،وخاصة في تدفق االستثمارات واألموال الخارجية ،وفيما يتعلق بمستوردات الدولة وصادراتها .كما أن
9
وسائل تسوية النـزاعات الدولية االقتصادية تستمد بعض أصولها أساسا من األنظمة القانونية الوطنية ،وخاصة فيما يتعلق
باللجوء إلى التحكيم التجاري .وتتماثل األعراف الدولية االقتصادية مع تلك المعمول بها على الصعيد الوطني.
ج ـ العقـود الدوليـة :وتشكل مصدرا مهما يتميز به القانون الدولي االقتصادي خصوصاً ،وذلك نظرا للدور الحاسم الذي
تؤديه هذه العقود ،ال ضمن إطار االقتصاد الوطني فقط ،وإنما أيضا على صعيد تطور العالقات الدولية االقتصادية التي تتفاعل
ويؤثر فيها أشخاص ذوو طبيعة قانونية مختلفة ،من دول ومنظمات دولية وأفراد طبيعيين واعتباريين ،وعلى األخص الشركات
متعددة الجنسيات .ويعبر العقد عن توافق إرادتين أو أكثر بقصد إحداث أثر قانوني ،يتمثل في التزام شخص أو أكثر،
بمواجهة شخص أو أكثر بإعطاء شيء أو القيام بعمل أو االمتناع عن عمل ،مقابل تعويض مادي أو عيني .وينطبق أيضا
هذا التعريف على العقود الدولية التي تتميز بخصوصية عدم التكافؤ في المركز القانوني بين أطراف العقد وفي إمكانياتهم
الفعلية .إذ تُبرم العقود الدولية بين الدولة بشخصيتها االعتبارية المستقلة أو بواسطة إحدى هيئاتها العامة أو التي تعمل
لحسابها ،وبين شخص أجنبي ،طبيعي أو اعتباري ،وغالبا ما يكون شركة خاصة أو متعددة الجنسيات ،بقصد القيام بعمل
تجاري محدد يتعلق بالبيع والشراء واالستيراد والتصدير واستغالل ثروة طبيعية أو إنشاء مشروع استثماري ،وذلك بمقابل يتم
االتفاق بشأنه بين األطراف المتعاقدة ،سواء كان مبلغا من المال أو حصة من الثروة المستخرجة أو نسبة من األرباح
المتحصلة .وتستخدم عادة تعابير متعارف عليها في األوساط االقتصادية والتجارية لتحديد مصطلح الطرف في العقد الدولي،
كالمستورد والمورد والمصدر والمستثمر والبائع والمشتري والمؤجر والمستأجر والمنتفع .وتبرز العقود الدولية بأشكال
متنوعة ،فهنالك عقود المبادالت ،كالبيع والشراء ،وعقود االقتراض والتأمين ،وكذلك عقود التنمية االقتصادية ،كعقود
االستثمارات واألشغال العامة والخدمات والتوريد والتعاون الصناعي والمساعدة الفنية واالستشارات والمشروعات المشتركة
والمقاوالت وعقود التنقيب عن البترول واستغالله وتسويقه وبناء المصانع ونقل التكنولوجيا والمعرفة العلمية .وتتميز العقود
الدولية بطول مدة تنفيذها كونها تتعلق في معظم الحاالت باستثمار الموارد الطبيعية ،كما تمنح أحيانا الطرف األجنبي الخاص
بعض الحقوق واالمتيازات ،كحرية االستيراد والتصدير والحصول على بعض المزايا الضريبية والجمركية .وتنحصر عادة
خيارات األطراف المتعاقدة في تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي ،سواء كان القانون الوطني للدولة المتعاقدة
كما هو الحال في أغلب العقود الدولية ،أو المبادئ العامة للقانون المطبقة في ميدان العالقات الدولية االقتصادية ،أو بالعودة
إلى قواعد القانون الدولي العام ،أو حتى بإيجاد نظام قانوني مستقل يقوم العقد ذاته بتحديده في ضوء ما يسمى بنظرية العقد
الطليق .وقد يرغب األطراف في التزام الدقة في تحرير عقدهم وصوغه ،فيلجؤون إلى إدراج األحكام المنصوص عليها في
قانون معين في صلب العقد المبرم ،أو يتم االكتفاء فقط باإلحالة إلى قواعد هذا القانون تالفيا إلثقال نصوص العقد .وال يعني
إدماج أحكام قانونية معينة في العقد أنها ستحكم المنازعة التي ستحصل الحقا ،إذا لم يقصد األطراف ذلك صراحة أو ضمنا .
ومن ثم ينحصر دور القانون الواجب التطبيق مبدئيا في تحديد مضمون العقد .كما تخضع العقود الدولية إلى أحكام العديد من
االتفاقيات والمعاهدات التي تحكم بعض أنواع العقود الدولية ومواضيعها ،والتي تسمو بنصوصها على أحكام القوانين الوطنية
للدول المتعاقدة ،تطبيقا لما هو متعارف عليه في القانون الدولي .ويشار هنا على الخصوص إلى اتفاقيات الهاي ألعوام
1955و1964حول البيوع الدولية للمنقوالت المادية ،واتفاقية الهاي لعام 1977حول عقود التمثيل التجاري ،واتفاقية ڤيينا
لعام 1980حول البيوع التجارية الدولية ،واتفاقية منظمة الدول األمريكية لعام 1994حول العقود الدولية .إن إرادة األطراف
في اختيار القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي ،تع ُّد إذا قاعدة اإلسناد الخاصة بتنازع القوانين في العقود الدولية .وفي
حال تخلف اإلرادة الصريحة ،ينبغي عندئذ البحث عن اإلرادة الضمنية لألطراف المتعاقدة واستخالصها من وقائع وظروف
. التعاقد ومالبساته.
المصدر
http://www.labodroit.com
10
ﻣﻨﺼﺔ طﻠﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﺑﻦ زھﺮ
https://forum.fsjes-agadir.info/
هي قائمة بالبلدان النامية التي ُتظهر ،حسب األمم المتحدة ،أدنى مؤشرات التنمية االجتماعية
واالقتصادية ،مع أدنى تصنيف لمؤشر التنمية البشرية لجميع البلدان في العالم .نشأ مفهوم أقل
البلدان نموا في أواخر الستينيات وأدرجت األمم المتحدة المجموعة األولى من أقل البلدان نموا
في قرارها (XXVI) 8672بتاريخ 82نوفمبر 8768
تصنف الدولة بين أقل البلدان نموا إذا كانت تستوفي ثالثة معايير :
الفقر – معيار قابل للتعديل على أساس نصيب الفرد من الدخل القومي اإلجمالي ومتوسطه
على مدى ثالث سنوات .اعتبارا من عام ،8182يجب أن يكون نصيب الفرد من إجمالي الدخل
القومي أقل من 82181دوالرا أمريكيا إلدراجها في القائمة ،وأكثر من 828,1دوالرا للخروج منها.
ضعف الموارد البشرية( بناء على مؤشرات التغذية والصحة والتعليم ومحو أمية الكبار).
الضعف االقتصادي استنادا إلى عدم استقرار اإلنتاج الزراعي ،وعدم استقرار صادرات السلع
والخدمات ،واألهمية االقتصادية لألنشطة غير التقليدية ،وتركيز صادرات البضائع ،وإعاقة
الحجم االقتصادي الصغير ،والنسبة المئوية للسكان النازحين بسبب الكوارث الطبيعية).
اعتبارا من عام ،8182تم تصنيف 76دولة على أنها أقل البلدان نموا ،بينما تم إخراج خمسة بلدان ما
بين عامي 8777و .8186تعترف منظمة التجارة العالمية بقائمة األمم المتحدة ألقل البلدان نموا.
[]
فلسفيا،
محافظي البنوك المركزية من 91دولة واالتحاد منتدى دولي يجمع الحكومات و ُ هي ُ
متعلقة مناقشة السياسات ال ُ منظمة سنة ،9111وذلك بهدف ُ األوروبي .تأسست ال ُ
معالجة القضايا التي تتجاوز مسؤوليات أي بتعزيز االستقرار المالي الدولي ،وأيضا ُ
منذ عام ،8002حيث أصبح ُيشارك في شخص .وسعت مجموعة العشرين جدول أعمالها ُ
قممها رؤساء الحكومات أو رؤساء الدول ،فضال عن وزراء المالية ووزراء الخارجية ومراكز الفكر.
11
مع تزايد مكانة مجموعة العشرين بعد القمة االفتتاحية لقادتها في عام ،8002أعلن قادة
المجموعة في 87سبتمبر 8001أن المجموعة ستحل محل مجموعة الثماني باعتبارها
المجلس االقتصادي الرئيسي للدول الغنية منذ نشأتها ،تعرضت سياسات عضوية مجموعة
مها مكانا الحتجاجات كبيرة.
مثقفين ،وكانت قم ُ العشرين النتقادات من قبل بعض ال ُ
عقد رؤساء دول مجموعة العشرين قمتين في عام 8001وقمتين ُأخريين في عام .8090
منذ
عقدت قمم مجموعة العشرين ُ منذ القمة السادسة للمجموعة في كان في نوفمبر ُ ،8099
ذلك الحين بشكل سنوي
مجموعة الثمانية أو مجموعة الدول الصناعية الثمانية
تضم الدول الصناعية الكبرى في العالم .أعضائها هم :الواليات المتحدة
األمريكية ،اليابان ،ألمانيا ،روسيا االتحادية ،إيطاليا ،المملكة المتحدة ،فرنسا ،وكندا .يمثل
مجموع اقتصاد هذه الدول الثمانية %57من اقتصاد العالم وأغلبية القوة العسكرية( تحتل 5
من 2مراكز األكثر أنفاقا على التسلح وتقريبا كل األسلحة النووية عالميا) .أنشطة المجموعة
تتضمن مؤتمرات على مدار السنة ومراكز بحث سياسية مخرجاتها تتجمع في القمة السنوية
التي يحضرها زعماء الدول األعضاء .أيضا ،يتم تمثيل االتحاد األوربي في هذه القمم.
كل سنة ،الدول األعضاء في مجموعة الثمانية تتناوب على رئاسة المجموعة .تضع الدولة
الحائزة على الرئاسة األجندة السنوية للمجموعة وتستضيف القمة لتلك السنة.
في عام ، 2014تم تجميد عضوية روسيا في مجموعة الثماني بسبب تدخلها في األزمة
األوكرانية وضم شبه جزيرة القرم .ومنذ تجميد عضوية روسيا في المجموعة ،أصبحت
المجموعة تعرف باسم مجموعة السبع .وقد حلت العاصمة البريطانية لندن مكان
مدينة سوتشي الروسية الستضافة القمة في عام 8092لغرض من مجموعة الثمانية ملتقى
غير رسمي ولذلك يفتقد إلى الهيكل التنظيمي الشبيه بالمنظمات الدولية ،مثل األمم
المتحدة والبنك الدولي .ال يوجد للمجموعة سكرتارية ثابتة ،أو مكاتب ألعضائها .تدور رئاسة
المجموعة سنويا بين الدول األعضاء ،وتبدأ فترة الرئاسة من 1يناير من كل سنة .الدولة الحائزة
على الرئاسة مسئولة عن التخطيط واستضافة مجموعة من االجتماعات الوزارية ،استعدادا
للقمة النصف السنوية التي يحضرها زعماء الدول األعضاء.
تجمع االجتماعات الوزارية الوزراء مسئولين عن حقائب مختلفة من أجل مناقشة قضايا
مشتركة أو ذو بعد عالمي .يتضمن مجال المواضيع الصحة وتطبيق القانون والعمالة والتنمية
االقتصادية واالجتماعية والطاقة والبيئة والعالقات الخارجية والقضاء والقضايا
الداخلية واإلرهاب والتجارة .وهناك مجموعة من االجتماعات المنفصلة تعرف بمجموعة الثمانية
زائد خمسة” ، “G8 + 5أنشئت في قمة عام 2005في جلينديلز ،اسكتلندا التي حضرها وزراء
االقتصاد والطاقة من الدول الثمانية األعضاء باإلضافة إلى الخمس دول
االمتداد :الصين والمكسيك والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا .في يونيو ، 2005اتفق وزراء
العدل والداخلية من دول مجموعة الثمانية على وضع قاعدة بيانات دولية في بيدوفيلس .كما
اتفق زعماء مجموعة الثمانية على تجميع المعلومات عن األنشطة اإلرهابية ،عرضه لقيود
قانون الخصوصية واألمن لكل دولة على حدة.
الدول النامية
ن تسمية (الدول النامية) بهذا االسم جاءت من أساسٍ اقتصادي ،بحيث يمكن القول إ ّ
ارتأى رجال األعمال إلى اعتمادها تبعا لمستوى النمو االقتصادي لتلك البلدان ،مع العلم أنّ
هناك ما يقارب الستة تصنيفات لتلك الدول ،تبعا لمعايير عديدة مثل؛ االقتصاد ،والحالة
االجتماعية بشكل عام ،والدخل الفردي ،ومتوسط األعمار ،ومعدالت معرفة القراءة والكتابة،
وهناك ما ُيسمى باألسواق الناشئة؛ وهي عبارة عن ُد َول ذات تصنيف منخفض استنادا لهذه
المعايير ] ١[.خصائص الدول النامية تتصف الدول النامية بالعديد من السمات التي أدخلتها
ضمن هذا التصنيف الدولي ،ومن بين أبرز تلك الخصائص نذكر ما يأتي ]٢[:تَدَني مستوى
اإلنتاجية المحلية .انخفاض مستويات المعيشة التي تشتمل على دخل الفرد المنخفض ،وعدم
12
المساواة ،وتدني الصحة ،وعدم كفاية التعليم .االعتماد الكبير على صادرات المنتجات األولية
وعلى المنتوجات الزراعية .االرتفاع الكبير لمعدالت النمو السكاني .االتصاف بالتبعية والضعف
في العالقات الدولية (ضعف في الجانب السياسي) .ارتفاع وتزايد مستمر في معدالت
البطالة.
الدول المتقدمة
تعريف الدول المتقدمة
يستخدم مصطلح البلدان المتقدمة لإلشارة إلى الدول التي تتمتع بنصيب الفرد من الدخل
المرتفع (متوسط الدخل لكل مواطن) ،ومستويات المعيشة المرتفعة (نوعية وكمية السلع
والخدمات المتاحة في المجتمع) ،وطول العمر المتوقع (متوسط العمر المتوقع من مواطني
الدولة) ،والقياسات األخرى المتعلقة بجودة حياة عالية للفردُ .تعرف الدول المتقدمة أيضا باسم
دول العالم األول والدول الصناعية واالقتصادات المتقدمة والدول األكثر تقدما اقتصاديا .
باإلضافة إلى المستوى العالي من االزدهار ،تشترك جميع الدول المتقدمة في العديد من
الخصائص .فهي صناعية بالكامل .بعبارة أخرى ،تم تأسيس الدول المتقدمة أو الصناعية على
اقتصادات متقدمة تقنيا وقائمة على التصنيع .تشترك الدول المتقدمة أيضا في االلتزام باقتصاديات
السوق الحرة ،أو االقتصادات القائمة على قانون العرض والطلب ،حيث يتم تحديد األسعار من
خالل العالقة بين توافر السلع (العرض) والرغبة بين المستهلكين لتلك السلع (الطلب) .يعتبر
بعض الخبراء االقتصاديين أيضا المؤسسات السياسية الديمقراطية ،إلى جانب المستويات
المنخفضة نسبيا من الفساد السياسي ،مكونات أساسية لبلد متقدم.
13
ﻣﻨﺼﺔ طﻠﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﺑﻦ زھﺮ
https://forum.fsjes-agadir.info/
على الرغم من أن الناتج المحلي اإلجمالي يوفر مقياسا عادال لما إذا كانت الدولة قد تطورت أم ال،
إال أن هناك بعض االستثناءات .على سبيل المثال ،في حين أن الناتج المحلي اإلجمالي في
المملكة العربية السعودية مرتفع ،فإن توزيع الثروة غير متكافئ ،ويعيش الكثير من الناس في فقر
:UNDPالمؤسس عام 6611بهدف تقديم المساعدات الفنية والمالية للدول النامية لتطوير مشروعاتها في مجال االستثمارات.
14
ـ مصادر التمويل :تختلف هذه المصادر حسب طبيعة النشاطات وأهداف المؤسسة؛ فبعضها ـ كبرنامج األمم المتحدة للتنمية و منظمة
األمم المتحدة للتنمية الصناعية ـ يستمد موارده من التبرعات والمساهمات االختيارية للدول الغنية ،وتُع ّد اكتتابات الدول األعضاء
والقروض وأرباح المساهمة في المشروعات أهم موارد مجموعة المصرف الدولي.
ـ تقييم النشاطات:
تختلف طبيعة التمويل الذي تقوم به المؤسسات المالية الدولية وحدوده؛ فبينما يقتصر برنامج األمم المتحدة للتنمية على تقديم المعونة
الفنية وتمويل المشروعات االستثمارية؛ انتهجت مجموعة المصرف الدولي مبدئي ًا سياسة تمويل مشروعات التنمية اإلنتاجية ذات
ال كامالً .وتجري عادة دراسات تفصيلية لمدى صالحية المشروع والحاجة إليه ي مشروع تموي ًالعوائد االقتصادية؛ وعدم تمويل نفقات أ ّ
وقدرة المقترض االئتمانية على السداد قبل منح القرض .ولزيادة االعتماد على مصادر المؤسسات المالية الدولية من قروض
ومساعدات إنمائية؛ وخضوع هذه المؤسسات لالعتبارات السياسية مع سيطرة الدول الكبرى على مجالس إدارتها وقراراتها بعدّها
المسهم األكبر في رأس مالها؛ فقد خضعت الدول النامية لمبدأ المشروطية المتبادلة .حيث اتفق صندوق النقد الدولي والمصرف الدولي
على أن قبول البلد المقترض شروط اإلقراض لدى إحدى هاتين المؤسستين يع ّد شرط ًا مسبّق ًا لتلقيه دعم ًا مالي ًا من المؤسسة األخرى،
كما فرضت هاتان المؤسستان شروط ًا تدخلية في الشؤون االقتصادية للدولة طالبة القرض ،فهي تشترط لالستفادة من دعمهما تنفيذ ما
يطلق عليه برامج إصالحية تتضمن خصخصة privatizationالمشروعات العامة وإلغاء الدعم الحكومي وتحرير التجارة الخارجية.
وهذا ما جعل كثير ًا من الدول النامية تنأى بنفسها عن اللجوء إلى االقتراض من هذه المؤسسات ،وتفضّل تشجيع االستثمارات األجنبية
الخاصة مصدر ًا من مصادر التمويل الدولي لمشروعاتها التنموية.
IIIالتكتالت اإلقتصادية
يعيش عالم اليوم متغيرات عديدة تستوجب من الدول النامية النظر مرة أخرى في مسارها التنموي ،حيث أصبح
من المستحيل أن تحقق دولة ما متطلباتها التنموية بجهد منفرد دون أن تلجأ إلى غيرها من الدول لتبادل وتقاسم المنافع
المشتركة ،كما أن هذه المتغيرات العالمية المتالحقة ال تخلو من بعض المخاطر والمخاوف وال تستطيع الدولة بمفردها
تحمل تلك المخاطر ،بل إن المخاطر تقل كلما كان التعاون هو السائد بين الدول .لذا نجد التوجه الدولي نحو اإلقليمية
يتزايد يوما بعد يوم ،وأصبحت الدول الكبرى تلوذ بمحيطها اإلقليمي وتوسعه .حيث نجد الواليات المتحدة تنشئ منطقة
التجارة الحرة ألمريكا الشمالية (النافتا) ،وتدعو إلنشاء منطقة تجارة حرة لألمريكيتين ،وتجعل من المحيط الباسيفيكي
امتداداً إقليميا لها من أجل ال دخول في تكتل مع بعض الدول اآلسيوية وأستراليا .وفي أوروبا بعد تحقيق الحلم األوروبي
الكبير والعمل على ضم كل الدول األوروبية-شرقية وغربية-بدأ الكالم عن "مبادرة العمالقة" عبر األطلسي بين
األوروبيين واألمريكيين .ولم يقتصر هذا التوجه المتزايد نحو اإلقليمية على هاتين القارتين بل تعدى إلى آسيا وأخيرا
إلى أفريقيا.
يعتبر التكامل اإلقليمي بين الدول النامية جانبا ً-من جوانب عديدة-يدخل في استراتيجية التنمية ،إذ يستحيل تحقيق
تنمية مستقلة-في مواجهة نظام دولي يرفض هذا التوجه بإمكانية قطرية فردية .ومن هذا المنطلق استمدت فكرة التكامل
شرعيتها ومبرراتها حتى غدت توجها عالميا ال يخص الدول النامية بقدر ما يخص الدول المتقدمة.
ولم يكن التكامل االقتصادي مفهوما سهل التحديد فقد اختلف الكتاب االقتصاديون على تحديد مفهوم متفق عليه
بخصوصه ،ودون أن ندخل في جدلية تحديد مفهومه نأخذ أحد تلك التعاريف ،والذي يرى أن مصطلح التكامل يعني
"قيام مجموعة من المفردات بالتجمع في كيان واحداً"( )1وينطوي هذا التعريف على ستة أبعاد يمكن تلخيصها فيما
يلي:
*البعد األول:يتعلق بطبيعة المفردات التي يجري التكامل بينها.
*البعد الثاني:ينصب على نوع النشاط الذي يجري التكامل بشأنه من بين أوجه نشاط هذه المفردات.
*البعد الثالث:يرتبط بما سبق وهو إمكانية تعدد صيغ التكامل مع اختالف المفردات ونشاطاتها.
15
*البعد الرابع:أن هذا التوجه يتخذ صفة الديمومة ،وهو ما يميزه عن ترتيبات مؤقتة تنتهي في أجل محدود.
*البعد الخامس:هو أن التكامل يتحقق بتراضي األطراف المعنية ،وبالتالي فهو ال يشمل حاالت الضم بالقوة.
*البعد السادس:هو أنه البد من شعور المفردات بجدوي التكامل في تحقيق غاياتها بشكل أفضل من ذلك الذي توفره
األسس البديلة لتنظيم العالقات فيما بينها.
وقد تكون المف ردات المشمولة بالتكامل هي المنشآت اإلنتاجية العاملة في قطاع معين أو في عدد معين من
القطاعات الواقعة في نطاق جغرافي معين داخل الدولة ،وقد يمتد ليشمل أوجها مختلفة من النشاط االقتصادي ألقطار
مختلفة ،أو يتسع ليشمل مجمل النشاط االقتصادي فيها .وإذا كانت هذه الدول تقع ضمن إقليم واحد فإننا نكون بصدد
تكامل إقليمي يمكن أن يقود إلى وحدة سياسية تشمل مختلف أوجه الحياة اإلنسانية (اقتصادية ،وثقافية ،وسياسية) ،فإذا
اقتصر األمر على بناء وحدة اقتصادية بين دول اإلقليم فإننا نكون بصدد تكامل اقتصادي قد يكون مقصوداً بحد ذاته أو
باعتباره خطوة إلى اندماج في اقتصاد أكثر شمولية منه (إقليمي أو عالمي) ،وقد يكون مرحلة تستهدف تعزيز الحركة
نحو وحدة سياسية.
ولعل كل ماسبق يقودنا إلى القول إن التكامل االقتصادي هو عملية سياسية واقتصادية مستمرة باتجاه إقامة عالقات
اندماجية متكافئة لخلق مصالح اقتصادية متبادلة وتحقيق عوائد مشتركة مناسبة من خالل االستغالل المشترك
إلمكانيات وموارد األطراف المساهمة بغية خلق مزيد من التداخل بين الهياكلها االقتصادية لصالح تعزيز تنميتها-محليا
إقليميا-وبلوغ درجة من االندماج فيما بينها تصل في صورتها المثلي إلى الوحدة االقتصادية وتكوين كيان اقتصادي
واحد يسعى إلى أهداف اقتصادية معينة.
إن التكامل ليس مجرد ظاهرة اقتصادية عرفها االقتصاد الدولي بقدر ما هو توجه أصيل ودائم تسعى إليه دول
العالم باختالف مراحل تطورها وحجم مواردها وتباين دوافعها .وتهدف التكتالت االقتصادية إلى أهداف عديدة-ليست
بالضرورة كلها اقتصادية-بل قد تكون سياسية واجتماعية وعسكرية .ويمكن أن نوجز أهم تلك األهداف في():2
-1الحصول على مزايا اإلنتاج الكبير :حيث إن اتساع حجم السوق يشجع على توجيه االستثمارات توجيها اقتصاديا
سليما ،وإعادة تكوين الحركة الحرة للسلع ورأس المال والعمل من دولة إلى أخرى من خالل إزالة العوائق التي تحول
دون ذلك.
2تيسير االستفادة من مهارات الفنيين واأليدي العاملة بصورة أفضل على نطاق واسع ،حيث من المفروض أن
التكتل يؤدي إلى تقسيم العمل الفني والوظيفي.
3تسهيل عملية التنمية االقتصادية:حيث إن هذه العملية تصبح أسهل وأيسر بعد قيام التكتل ،إذ إن االستفادة من
اتساع السوق ووفرة عنصر العمل تؤدي إلى خلق فرص جديدة تعمل على النهوض باإلنتاج واالستثمار والدخل
والتشغيل.
4كما أن التكتل االقتصادي يؤدي إلى تنويع اإلنتاج بطريقة اقتصادية ،وهذا قد يحمي اقتصادات الدول األعضاء
من بعض االنتكاسات والتقلبات والسياسات األجنبية.
5رفع مستوى رفاهية المواطنين ،حيث يفترض أن التكامل االقتصادي يمكن المستهلكين من الحصول على السلع
االستهالكية بأقل األسعار الممكنة نظراً إلى إزالة الرسوم الجمركية من ناحية وإلى تخفيض تكاليف اإلنتاج الناتجة عن
أخرى. ناحية من السوق رقعة توسيع
6.التقليل من االعتماد على الخارج وهذا مايؤدي إلى محدودية التأثر بالتقلبات االقتصادية والسياسية التي تحدث في
المجتمعات خارج هذه المنطقة ،خصوصا إذا كان العمل التكاملي قد وصل إلى مرحلة متقدمة-اتحاد جمركي على
األقل -حيث يحل التبادل االقتصادي داخل المنطقة التكاملية محل االنفتاح على العالم الخارجي نتيجة وجود الحواجز
الجمركية وغيرها من السياسات المالية والنقدية التي تحد من حرية االنفتاح على الخارج.
أما مقومات االقتصادية التي تعتبر ضرورية لقيام أي تكامل ناجح فيمكن إيجازها في
توفر الموارد الطبيعية:
وهو عامل أساسي لنجاح التكامل ،حيث إن عدم توفر الموارد الطبيعية بشكل كاف لدى بعض الدول قد يعتبر
حافزا على دخولها في تكامل مع غيرها من الدول التي تتوفر على مثل تلك الموارد محاولة االستفادة من وفرة الموارد
16
الطبيعية التي قد تنجم عن التكامل االقتصادي .فمثال قد تكون بعض الدول تتوفر لديها إمكانيات زراعية واسعة تمكنها
من زيادة اإلنتاج الزراعي وتطويره ،في حين تتوفر لدى البعض اآلخر ثروات معدنية يمكن أن تشكل أساسا لتطوير
الصناعة ،وقد يكون للبعض اآلخر مناخ مالئم يجعله بلداً سياحياً...الخ ،وعند قيام التكامل بين هذه الدول-تكامل لموارد-
فإنه يخلق جوا يمكن من توسيع اإلنتاج من السلع والخدمات ويؤدي إلى تطوير النشاط االقتصادي عموما ،والتكامل في
هذا المجال يستند إلى مبدأ التخصص وتقسيم العمل الذي يسمح بوفرات اإلنتاج والحجم الكبير على أساس الميزات
المتكاملة. الدول من دولة كل بها تتمتع التي النسبية
وفي هذا المجال ينبغي أن نشير إلى أن مسألة التماثل واالختالف في نوع الموارد أمر نسبي ،فعلى سبيل المثال قد
تكون منطقة ما متماثلة في الموارد بوصفها منطقة موارد طبيعية-مثل منطقة أفريقيا أو الوطن العربي– بينما تكون
منطقة أخرى ذات موارد بشرية-مثل منطقة جنوب وجنوب شرق آسيا،-وفي المنطقة األولى يمكن التمييز بين منطقة
موارد زراعية ومائية ومنطقة موارد طبيعية غير زراعية ،وفي إطار هذه األخيرة يمكن التمييز بين منطقة موارد
معدنية ومنطقة موارد نفطية وهكذا
توفر عناصر اإلنتاج الالزمة للعملية اإلنتاجية:
ويبرز هذا الجانب أهمية عنصر العمل االختصاصي والفني الماهر ألهميته بالنسبة للعملية اإلنتاجية وتحقيق الكفاءة
فيها ،حيث إن هذا العنصر ضروري لنجاح التكامل-كما أن التكامل يعمل على تنميته-خاصة في ظل التطور
التكنولوجي والحجم الكبير حيث تبرز أهمية العمل المتخصص والفني كمتطلب أساسي ال غنى لتحقيق الكفاءة المثلي
للموارد المستخدمة وألداء النشاطات االقتصادية عموما بالشكل الذي تتحقق معه زيادة إلنتاجية وتحسين كفاءة األداء.
توفر البنية األساسية:
وقصد بها الطرق ووسائل النقل واالتصال...الخ إذ يبرز هذا المقوم كعنصر هام في نجاح أي تكامل اقتصادي،
ألنه حتى في ظل توفر حرية انتقال السلع والخدمات وعناصر اإلنتاج فإن مدى التكامل وفاعليته تبقى محدودة مادامت
الدول المتكاملة افتقرت إلى طرق ووسائل نقل بينها ،ألن محدودية هذه الوسائل تؤدي إلى ضعف مدى االستفادة من
مزايا التخصص وتقسيم العمل بين الدول والقائمة على التكاليف النسبية في اإلنتاج ،بحيث تؤدى إضافة كلفة النقل
المرتفعة إلى ارتفاع أسعار بعض السلع مما يؤثر في قدرتها التنافسية أمام سلع أخرى قد تكون أقل كفاءة إنتاجية ،وهذا
معناه تضرر المنتج الكفء لمصلحة المنتج غير الكفء نتيجة تكاليف النقل المرتفعة .كما أن ضعف وسائل االتصال
عبر قنواتها العديدة السلكية والالسلكية يجد من إمكانية التعرف على األسواق الذي يشكل األساس الذي يتم االستناد إليه
في انتقال وحركة عناصر اإلنتاج والسلع والخدمات ،وهو بدوره ما يؤدي إلى الحد من االستفادة من مزايا التخصص
وتقسيم العمل.
لعل ما سبق من ذكر المقومات األساسية للتكامل االقتصادي يثير أمامنا تساؤال أساسيا ً يدور حول سبل نجاح مشروع
تكاملي في القارة األفريقية على األقل من باب إمكانية توفر تلك المقومات من عدمه .ومع أن هذا التساؤل ليس الرئيسي
في هذه الدراسة فإن اإلحاطة به ضرورية لتدعم اإلجابة عن التساؤل الرئيسي للدراسة المتمثل في مدى تأثير تنامي
ظاهرة التكتالت االقتصادية في قيام االتحاد األفريقي كمشروع تكاملي برز إلى الوجود-مؤخرا-في ظل زحمة التوجه
إلى تلك التكتالت .وهذه األسئلة وغيرها سنناقشها في المحاور الالحقة من هذه الدراسة.
أوال-واقع وآفاق ظاهرة التكتالت االقتصادية:
1ظروف نشأة التكتالت االقتصادية:
لقد كان إلنتهاء الحرب الباردة في النصف األول من التسعينيات وما رافقها من تحركات على الصعيد العالمي-
تهدف إلى إعادة رسم خريطة العالم االقتصادية والسياسية وصياغة نسق العالقات الدولية في إطار ما يسمى بالنظام
الدولي الجديد-أثر واضح على المستوى العالمي ،وتختلف ط بيعة هذا األثر حسب ما إذا كانت الدولة نامية أم صناعية.
ومن أهم تلك المتغيرات التي أثرت في العالم أجمع ما شهده العالم يوم الخامس عشرة من أبريل سنة 1991حيث تم
التوقيع من طرف مائة وإحدى عشر دولة على اتفاقية "مراكش" إلنشاء منظمة التجارة العالمية إيذانا لوضع معالم
التنظيم الدولي للتجارة وتدويل الحياة االقتصادية أو ما يسمى بالعولمة التي إلى جانب وجهها االقتصادي لها أوجه
أخرى سياسية ،وثقافية وحتى اجتماعية( .)5وهذه العولمة-حسب رؤية بعض الكتاب-ليست إال "مرحلة من مراحل
تطور الرأسمالية تتميز باالنتقال التدريجي من االقتصاد الدولي-الذي تتكون خالياه القاعدية من اقتصادات متمحورة
17
على الذات ومتنافسة-إلى االقتصاد العالمي القائم على أنظمة إنتاجية كونية...وإدارة اقتصادية شديدة للعالقات
االقتصادية العالمية
إن العولمة إذاً تهدف إلى جعل االقتصاد العالمي مترابطا ومتشابكا وذلك من خالل اندماج األسواق العالمية في
حقول التجارة واالستثمار المباشر وانتقال األموال والقوى العاملة والتكنولوجيا ضمن إطار من رأسمالية حرية
األسواق ،وهذا مايؤدى إلى خضوع العالم لقوى السوق العالمية ومايصاحبها من اختراق للحدود القومية وانحسار كبير
في سيادة الدولة عائد إلى أن مقومات السيادة االقتصادية أصبحت عالمية بدال من مقومات السيادة االقتصادية الوطنية.
وتختلف العولمة بهذا المفهوم عن مفهوم االقتصاد الدولي "العالمية" الذي يركز على العالقات االقتصادية بين الدول
ذات السيادة ،أي أن الدولة تشكل العنصر األساسي في مفهوم العالمية في االقتصاد الدولي في حين أن الشركات عابرة
القوميات تشكل العنصر األساسي في مفهوم العولمة().7
ويتجلي دور الشركات عابرة القوميات من خالل االستثمار األجنبي المباشر ،وتوزيع العملية اإلنتاجية
وتكاملها ،إضافة إلى دورها البارز في إشاعة نمط استهالك محدد وثقافة استهالكية موحدة على صعيد العالم مستخدمة
في ذلك سيطرتها على مؤسسات االتصال واإلعالم واإلعالن العمالقة .وعن حجم وعدد هذه الشركات يفيد تقرير
االستثمار في العالم أنه حدث توسع هائل في عدد هذه الشركات خالل السنوات األخيرة ،حيث ارتفع من 7777شركة
سنة 1977إلى 07777شركة تعمل من خالل 277ألف فرع في مختلف أنحاء العالم عام ،1995ثم إلى 05777
شركة سنة 2777ومايقارب 05777شركة منتسبة لها موزعة على مختلف أنحاء العالم .وقد تضاعفت مبيعات هذه
الشركات أكثر من مرتين بين عامي 1977و 1992فزادت من 2,1تريليون دوالر إلى 5,5تريليون دوالر،
وتجاوزت القوة المالية للعديد من هذه الشركات القوة االقتصادية للعديد من الدول .وإذا نظرنا إلى التوزيع الجغرافي
لهذه الشركات نجد أن 110شركة عابرة للقوميات من أصل 577شركة هي األكبر في العالم توجد مقارها الرسمية في
واحدة من 10دولة عضواً في منظمة التعاون االقتصادي والتنمية)*() ، (OECDمع العلم أن هذه المنظمة تمثل
أساسا ً الدول الرأسمالية األكثر أهمية على مستوى العالم .كما أن األغلبية الساحقة لمقار الشركات متعددة الجنسية
موزعة تقريبا بين ثالوث جغرافي :الواليات المتحدة األمريكية 150شركة ،االتحاد األوروبي 155شركة ،واليابان
111شركة ،ومن المعرف أن هذه الدول كلها دول صناعية كبرى
إن العرض السابق لظروف النظام العالمي التي تبين مدى سيطرة الرأسمالية العالمية على الساحة االقتصادية من خالل
النمو المتسارع لظاهرة العولمة وبروز معظم تجلياتها من خالل هيمنة الشركات عابرة القوميات على النشاط
االقتصادي العالمي ،والعمل على ترسيخ ذلك وإضفاء الشرعية عليه من خالل المصادقة على اتفاقية التجارة الدولية،
كل ذلك جعل الدول-في مختلف أنحاء العالم المتقدم منه والنامي-تفكر بل تعمل على خلق إطار خاص للتعامالت
االقتصادية خاصة التجارية منها على شكل تكتالت اقتصادية معظمها على أساس إقليمي .ومع أن التوجه إلى التكتالت
االقتصادية ظاهرة قديمة ،فإن تنامي هذه الظاهرة بالشكل المشهود حاليا هو الجديد في المسألة ،ومن المعتقد أن سببه
يرجع إلى ظروف االقتصاد الدولي الحالي التي سبقت اإلشارة إليها .وفي النقطة الموالية سنناقش واقع هذه التكتالت
اآلن ومدى تناميها عالميا ً.
ثانيا -تنامي التوجه إلى التكتالت االقتصادية وآفاقه المستقبلية:
التعد ظاهرة التكتالت االقتصادية ظاهرة حديثة ،بل ترجع-على األقل-إلى بداية القرن العشرين وبالتحديد بعد
الحرب العالمية الثانية ،إال أن الجديد في الموضوع هو تنامي وسرعة التوجه إلى إنشاء هذه التكتالت أو الدخول فيها
خصوصا من قبل الدول المتقدمة .حيث يمكن القول إن تنامي هذه الظاهرة في العقد األخير من القرن العشرين جعل
منها سمة أساسية من سيم النظام االقتصادي العالمي الجديد ،ويعتقد البعض أن جذور الظاهرة ترجع إلى التغيرات التي
اعترت الوضع االقتصادي العالمي في السبعينيات التي تمثلت في انهيار نظام ابريتون وودز ألسعار الصرف الثابتة
للعمالت ،والتحول إلى نظام أسعار الصرف العائمة وما صاحب ذلك من ارتفاع أسعار الطاقة وتقلبات حادة في أسعار
العمالت الرئيسية وبلوغ أزمة المديونية الخارجية ذروتها في بداية الثمانينيات ،األمر الذي أدى إلى ظهور موجة جديدة
من السياسات الحمائية في الدول الصناعية مما أثر سلبا في حرية التجارة والتدفقات السلعية خاصة بالنسبة لصادرات
الدول النامية إلى األسواق العالمية.
إضافة إلى كل ما سبق فإن انهيار الشيوعية وتزايد الدول المطبقة لنظام االقتصاد الحر أدياهما اآلخران إلى التفكير في
تكوين تكتالت اقتصادية وبشكل أكبر وعلى نطاق أوسع ،فظهرت في أمريكا الالتينية تجمعات كالسوق الجنوبي
18
(ميركوسور) والسوق الكاريبي (كاريكوم) ،وتجمع األندين ،وفي آسيا تجمع اآلسيان لدول جنوب شرق آسيا،وتجمع
السارك لدول جنوب آسيا ،وفي أفريقيا السوق المشتركة لجنوب وشرق أفريقيا ،وتجمع الجنوب األفريقي للتعاون
والتنمية والجماعة االقتصادية لغرب أفريقيا .مع العلم بأن بعض هذه التكتالت أنشئ في وقت سابق على االنهيار
الشيوعي.
ولعل من أهم األسباب التي أدت إلى هذا التوجّه الجديد نحو التكتالت االقتصادية-في صفوف الدول النامية
بالذات-تكمن فيما شهدته السنوات األخيرة من عقد الثمانينيات وأول التسعينيات من اتجاه واضح نحو مزيد من التكتل
االقتصادي بين مجموعات الدول المتقدمة بعد أن حل التحدي االقتصادي محل التحدي األمني واإليديولوجي فتوصلت
دول السوق األوروبية المشتركة إلى معاهدة ماسترخيت في سنة 1991التي تم بموجبها تحول السوق إلى اتحاد
أوروبي ،ثم ما لبثت الواليات المتحدة األمريكية أن أعلنت في عام 1992إنشاء منظمة التجارة الحرة ألمريكا الشمالية
،NAFTAوفي نفس االتجاه ونحو المزيد من التكتل االقتصادي ظهرت تكتالت عمالقة :كالتجمع الكبير الذي يضم
معظم دول آسيا والباسيفيكيAPEC.
وفي ظل هذه التوجهات وغيرها تحول ميدان الصراع بين القوى الكبرى في العالم-في وقتنا الحالي-إلى ميدان
اقتصادي أساسا ً وبرزت التكتالت االقتصادية لتكون ظاهرة العصر ،ومهما تباينت دوافع إنشائها فإن مجرد بروزها
بهذا الزخم على صعيد العالقات االقتصادية الدولية يؤكد قوة العوامل التي دفعت إلى وجودها .ويمكن تلخيص أهم
المالمح والمضامين التي ميزت هذه الظاهرة في
*من حيث طبيعتها فإنها تأتي تجسيداً للحصول على تحوالت هيكلية جذرية في البناء االقتصادي الدولي بما فيه إعادة
توزيع األدوار والمواقع النسبية للمشاركين فيه وبالتالي تأثيره في العالقات االقتصادية التي تنتج عنه.
*من حيث شموليتها فإنها تغطى أهم المشاركين في االقتصاد الدولي ،بل تتعدى ذلك لتشمل غيرهم في مختلف أنحاء
العالم مما يجعلها ظاهرة دولية في أبعد حدودها.
*ومن حيث أبعادها فإنها ظاهرة اقتصادية في منطقها سياسية واستراتيجية في ترابط واتصال حلقاتها.
وبهذا يبدو العالم-من خالل هذه التكتالت الجديدة-أكثر ديناميكية من أي وقت مضى في عصر يصعب فيه التمييز
سياسي .ولمزيد من التفصيل سنلقي الضوء بإيجاز على أهم تلك التكتالت الكبيرة بين ما هو اقتصادي وماهو
والحديثة النشأة كاالتحاد األوروبي والنافتا ،واآلسيان ،واألبيك.
-1التكتل االقتصادي األوروبي:
تعتبر االتحاد األوروبي من أكبر التكتالت االقتصادية في العالم وأكثرها اكتماال من حيث البني والهياكل
التكاملية ،ومن حيث االستمرار في استكمال المسيرة التكاملية .فال يكاد يمر حدث على المستوى األوروبي إال ويؤكد
أن المسيرة األوروبية كانت وال تزال مسيرة عدة دول خلفت وراءها نزاعات تاريخية مريرة ،وتجتمع اآلن حسب
ماتمليه مصالحها المادية المتفاوتة ويتحول االتحاد األوروبي بهذا المنظور إلى مجموعة دولية إقليمية بزعامة مهيمنة
تتباين بصددها التنبؤات .ومن حيث اإلمكانيات فإن هذا التكتل يهيمن تجاريا على أكثر من ثلث التجارة العالمية ،حيث
يحقق حجم تجارة خارجية يصل في المتوسط إلى حوالي 157مليار دوالر ،وهو بذلك يفوق تجمع النافتا .كما يصل
الدخل القومي لهذا التكتل إلى مايزيد على 7آالف مليار دوالر وهو أكبر دخل قومي في العالم ،كما أنه يعتبر أضخم
سوق اقتصادي داخلي حيث بلغ عدد سكانه 007مليون نسمة وبمتوسطات دخل فردي مرتفعة نسبيا.
ويالحظ أن التكتل االقتصادي األوروبي يتخذ استراتيجية هجومية تجاه االقتصاد العالمي ويسعى بكل قوة إلى أن
يكون على رأس الشكل الهرمي للنظام االقتصادي العالمي الجديد في القرن الحادي والعشرين ،ويمكن أن نلتمس ذلك
بجالء من خالل تفحص أهداف هذا التكتل التي وإن كانت تركز على تقوية الهياكل والبنى االقتصادية لالتحاد ،إال أنها
تنص بشكل واضح على سعي االتحاد إلى دخول القرن الحادي والعشرين بصورة تسمح له بأن يلعب دوراً أكثر فاعلية
في كافة المجاالت االق تصادية بل وحتى السياسية .وهذا ما يدعم فرضية الترابط بين ظاهرة تنامي التكتالت االقتصادية
وما يشهده العالم من عولمة اقتصادية على جميع األصعدة.
- 2التكثل االقتصادي ألمريكا الشمالية)(NAFTA
تعتبر مصادقة الكونغرس األمريكي في 1990 .11. 17على اتفاقية منطقة التجارة الحرة ألمريكا الشمالية هي البداية
إلنشاء هذا التكتل-مع أن سريان االتفاقية لم يبدأ إال في أول يناير -1991الذي يضم كال من الواليات المتحدة وكندا
19
والمكسيك ،وهو كما يفهم من االتفاقية المنشئة له مفتوح أمام باقي الدول األمريكية بما في ذلك بعض دول أمريكا
المستقبل. في إليه تنضم قد التي الالتينية
وعن حجم وإمكانيات هذا التكتل-وبالرغم من أنه اليضم إال ثالث دول كبيرة-فإنه يمثل أكبر منطقة تجارة حرة في
العالم تقريبا بحجم اقتصاد يقارب 7تريليونات دوالر عند النشأة ،وعدد منتجين ومستهلكين يناهز 007مليون نسمة،
كما يصل الناتج المحلي اإلجمالي له إلى 077مليار دوالر ،وحجم التجارة الخارجية له إلى 1717مليار دوالر عام
، 1991ناهيك عن اإلمكانات التي تتمتع بها الواليات المتحدة األمريكية من مستويات تكنولوجية وصناعات متقدمة
هائلة مالية وقدرات طبيعية وثروات
ً
وإذا تفحصنا أهداف هذا االتحاد نجدها ال تختلف كثيرا عن أهداف االتحاد األوروبي ،فهي بعد تحقيق اقتصاد قوي
للدول األعضاء تعطي كل أولوياتها للقدرة على منافسة التكتالت االقتصادية األخرى الصاعدة على المستوى العالمي
وبالخصوص االتحاد األوروبي ،محاولة حجز مكان اقتصادي يناسب المكان المعتبر لهذه الكتلة وبالخصوص الواليات
المتحدة األمريكية.
20
إن هذه التكتالت االقتصادية الكبيرة -التي وصل البعض منها إلى األطوار األخيرة من االكتمال والنضج-تقودها
الدول المتقدمة كما هو مالحظ في كل من أوروبا و أمريكا وآسيا ،ولذلك سيزداد تأثيرها في االقتصاد العالمي مع مرور
الزمن ،وقد تنحصر المنافسة في إطار هذه التكتالت وهذا ما سيؤثر بقوة في النظام االقتصادي وفي حجم المكاسب
وشكل تكوينها.
كان ذلك عن التكتالت االقتصادية في الدول المتقدمة وقد يتضح من العرض السابق لها كيف أنها تنمو بسرعة وأن
الدول المتقدمة تتهافت للدخول فيها وبأكبر نصيب ،أما فيما يخص التكتالت االقتصادية في الدول النامية فمازالت
أوزانها ضعيفة وتحتاج إلى المزيد من العمل والتنسيق ،مع أن الكثير منها مات واختفى في طور النشأة .ويظل السؤال
المطروح :ما هو دور هذا التوجه العالمي نحو إقامة التكتالت اقتصادية إقليمية على قيام تكتالت اقتصادية إقليمية في
العالم الثالث أليس من األولى بالدول النامية أن تعطى األولوية لتلك التكتالت؟ بوصفها أقصر طريق إلى التنمية
خصوصا في عصر العولمة االقتصادية وأدواتها الشرسة على االقتصادات الضعيفة؟.
21
لمنتجاتها الوطنية تجاه العالم الخارجي ،بفرض تعريفة موحدة والتفاوض كعضو واحد على االتفاقيات التجارية
العالمية ،من اجل تخفيض تكلفة التنمية عبر تخفيض تكاليف االستيراد وتحقيق االستغالل األمثل للموارد المتاحة
،وتحسين المناخ االستثماري بتوسيع دائرة السوق وتوحيد أو تقارب الرسوم والحوافز الخاصة باالستثمار.وتنسيق
السياسات االقتصادية المختلفة ،والمساعدة على مواجهة المشكالت واألزمات االقتصادية .وهناك درجات من التكتل
االقتصادي ،تبدأ بالتدرج من رفع الحواجز الجمركية وغير الجمركية أمام السلع الوطنية للدول األعضاء ،أو ما يعرف
بمنطقة التجارة الحرة .ثم االنتقال الى مرحلة االتحاد الجمركي عندما تتفق الدول األعضاء على وضع تعريفة موحدة
على استيراداتها من الدول خارج التكتل ،والمرحلة الالحقة هي السوق المشتركة التي يتم فيها تحرير تدفق رؤوس
األموال واليد العاملة فيما بين الدول األعضاء،تليها الوحدة االقتصادية التي يتم فيها تنسيق السياسات المالية النقدية
وتوحيد كامل السياسات بما في ذلك العملة النقدية والسلطة النقدية ،أخيراً تأتي مرحلة االندماج االقتصادي الكامل ،و
كل مرحلة من هذه المراحل تتطلب تخطي المرحلة التي كانت قبلها.
ثانيا -:مقومات التكتل االقتصادي:-
يستند التكتل االقتصادي على مجموعة من المقومات االقتصادية والسياسية والثقافية ،التي تعززه وتضمن استمراره،
ومن الناحية السياسية فأن ضعف مستوى التقارب بين توجهات األنظمة السياسية كان هو العائق األهم في وجه معظم
تجارب التكتل في الدول النامية وبخاصة في العالم العربي.كما شكل ضعف التقارب االجتماعي والثقافي سببا في إعاقة
تجارب أخرى ،ورغم أن المقومات السياسية والثقافية ضرورية لنجاح التكتل،إال أنها ليست كافية لوحدها ،حيث تعد
المقومات االقتصادية هي الشرط الكافي،وخير مثال هي تجربة االتحاد األوروبي ،فقد وصلت أوروبا إلى درجة كبيرة
من التوافق والى مراحل متقدمة من التكتل االقتصادي رغم الحروب والفوارق واالجتماعية والثقافية الكبيرة بين
شعوبها ،بعد أن رجحت كفة بناء المستقبل على كفة أحقاد الماضي ،لتبرهن على الدور الفعال للمصالح المشتركة
وأهميتها إلى جانب المقومات االقتصادية في نجاح أي مشروع تكاملي جاد.
و يمكن إيجاز أهم المقومات االقتصادية بما يأتي:-
- 1الموارد الطبيعية والقوى العاملة -:فالتفاوت في التوزيع النسبي لهذين الموردين سيحفز الدول التي تتميز بوجود
ندرة نسبية في أحد هذين الموردين أو كليهما للدخول في تكتل مع الدول التي تمتلك وفرة نسبية في أحد هذين الموردين
أو كليهما ،وعند قيام التكتل فإنه سيسمح بتوسيع اإلنتاج من السلع والخدمات ويؤدي إلى تطوير النشاط االقتصادي
عموما،وفقا ً لمبدأ التخصص وتقسيم العمل الذي يسمح بوفورات اإلنتاج والحجم الكبير على أساس الميزات النسبية التي
تتمتع بها كل دولة من الدول المتكاملة.
- 2البنية األساسية -:تظل المكاسب المتحققة من االنضمام الى التكتل محدودة في حالة افتقار دول التكتل إلى بنية
أساسية متطورة ،وهذا بدوره سيحد من المزايا المتوقعة من تحقيق التخصص وتقسيم العمل.
ثالثا -:أهداف التكتل االقتصادي -:
تبين مما سبق أن التكتل االقتصادي هو عملية سياسية وثقافية واقتصادية مستمرة باتجاه إقامة عالقات اندماجية
متكافئة وتحقيق عوائد مشتركة من خالل االستغالل المشترك إلمكانيات وموارد األطراف المساهمة بغية خلق مزيد
من التداخل بين هياكلها االقتصادية وصوال إلى الوحدة االقتصادية وتكوين كيان اقتصادي واحد يسعى إلى تحقيق
مجموعة من األهداف االقتصادية أهمها:-
- 1الحصول على مزايا اإلنتاج الكبير -:بتوسيع حجم السوق وتوجيه االستثمارات توجيها اقتصاديا سليما ،والعمل
على إزالة العوائق التي تحول دون تحقيق هذا الهدف.
-2تقسيم العمل التكنيكي والوظيفي :لالستفادة من المهارات واأليدي العاملة بصورة أفضل وعلى نطاق واسع.
-0تسهيل التنمية االقتصادية :من خالل خلق فرص جديدة تنهض باإلنتاج واالستثمار والدخل والتشغيل.
- 1رفع مستوى الرفاهية -:من خالل تمكين المستهلكين من الحصول على السلع بأقل األسعار الممكنة.
- 5تخفيض أثر الصدمات الخارجية -:من خالل زيادة مستوى التنويع اإلنتاجي في الدول األعضاء في التكتل.
رابعا -:التكتالت االقتصادية في الدول المتقدمة:-
- 1االتحاد األوروبي:
22
بدأ اإلتحاد األوربي كمنطقة تجارة حرة بموجب اتفاقية" روما" عام 1950ثم تدرج مستوى االندماج وتعمق
بشكل مستمر الى أن وصل عدد الدول األعضاء في إلى اإلتحاد الى 25دولة بعد انضمام دول أوربا الشرقية،فأصبح
من أكبر التكتالت االقتصادية في العالم وأكثرها اكتماال من حيث البني والهياكل التكاملية ،ومن حيث االستمرار في
المسيرة التكاملية.ومن حيث اإلمكانيات فإن هذا التكتل يهيمن تجاريا على أكثر من ثلث التجارة العالمية.،ويحصل على
أكبر دخل قومي في العالم ،كما يعتبر أضخم سوق اقتصادي داخلي حيث بلغ عدد سكانه أكثر من 007مليون نسمة
وبمتوسطات دخل فردي مرتفعة نسبيا .ويالحظ أن التكتل االقتصادي األوروبي يتخذ استراتيجية هجومية تجاه
االقتصاد العالمي ويسعى بكل قوة إلى أن يكون على رأس الشكل الهرمي للنظام االقتصادي العالمي الجديد في القرن
الحادي والعشرين ،ويمكن أن نلتمس ذلك بجالء من خالل تفحص أهداف هذا التكتل التي وإن كانت تركز
املحاضرة السابعة
تعد الشركات املتعددة الجنسيات من أهم مالمح ظاهرة العوملة أو النظام الاقتصادي الجديد ،وتمتاز
هذه الشركات بضخامة حجمها وتنوع نشاطها وانتشارها الجغرافي والسوقي ،وقدرتها على تحويل إلانتاج
ً
والاستثمار عامليا وإقامة التحالفات إلاستراتيجية ،كما أنها تتمتع بمزايا احتكارية ،وتعبئة املدخرات العاملية
والكفاءات والتخطيط وغيرها من الامتيازات التي تدفعنا ملعرفة فاعلية هذه الشركات على البلدان النامية
ومدى تأثيرها على البلدان العربية بشكل خاص ،باإلضافة إلى ما أحدثته من تغيرات في بناء النظام العالمي
الجديد بمضامينه وأبعاده الاقتصادية والاجتماعية واملالية والثقافية والسياسية.
مفهوم الشركات املتعددة الجنسيات
اختلف الفقهاء في تحديد تسمية للشركات املتعددة الجنسيات فمنهم من يسميها شركات عبر الوطنية،
والشركات عبر القومية ،والشركات العاملية ،واملشروع املتعدد الجنسيات ،واملؤسسة املتعددة الجنسيات،
وتعرف الشركات متعددة الجنسيات بأنها" شركة أم تسيطر على تجمع كبير من املؤسسات في قوميات
ً
عديدة ،وهي املؤسسة التي تجعل كل تجمع يبدو كما لو أن له مدخال ملصب مشترك من املوارد املالية
والبشرية" .
منا تعرف بأنها" :الشركة التي تقوم بشكل أو بأخر وحسب اختصاصها باستثمارات مباشرة في أكثر من دولة،
وتنظم نشاطاتها في الحاضر واملستقبل فيما يخص التسيير وإلاستراتيجية على مدى الطويل في إطار دولي" .
دوافع الشركات املتعددة الجنسيات
تتمثل الدوافع فيما يلي:
•الحصول على املنتجات ألاولية :لقد عملت هذه الشركات منذ نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات
باالستحواذ على املواد ألاولية السطحية والباطنية ،مما أدى إلى القضاء على الشركات الصغيرة واملتوسطة
23
في التجارة الدولية لصالح الشركات املتعدد الجنسيات.
•عوائق التجارة الدولية :تعتبر تكاليف النقل والاختالفات في الفوارق النقدية من العوامل الدافعة للشركات
على استبدال عملية التصدير باإلنتاج في املوقع ،وهذا ما يجعلها تبحث عن إنشاء فروع في بلدان أخرى حتى
تقلل من العوائق املذكورة.
•النظرية الدولية لدورة حياة املنتج :تفسر هذه النظرية تعدد الجنسيات على أساس التميز التكنولوجي،
واعتمد في ذلك على دورة حياة املنتج ،والتي صنفها على النحول التالي :املنتج الجديد ،املنتج الناضج ،املنتج
النمطي ،وعادة تكون متمركزة في البلدان النامية ،ومع مرور الزمن تؤدي دورة حياة املنتج إلى انتشار السلع
الجديدة ،وبالتالي يكتسب املنتج صفة تعدد الجنسيات.
خصائص الشركات املتعددة الجنسيات
هنالك عدة خصائص تمتاز بها الشركات متعددة الجنسيات ،ومنها:
- 1الضخامة :تمتاز هذه الشركات بضخامة حجمها الذي ال يقاس بمقدار رأس املال ألنه ال يمثل إال جزء
بسيط من إجمالي التمويل للشركات وال برقم العمالة ،ألن تلك الشركات ولدت في أجواء ثورة تكنولوجية
رفعت إنتاجية العمل فيها إلى مستويات غير مسبوقة.
- 2تنوع ألانشطة :ال تقتصر هذه الشركات على إنتاج سلعة واحدة رئيسية بل تصطحب أحيانا بمنتجات
ثانوية و على العكس تعدد منتجاتها وذلك في أنشطة متعددة ومتنوعة والدافع لهذا التنوع هو رغبة إلادارة
العليا في التدني باحتماالت الخسارة ،فإذا خسرت في نشاط لديها الفرصة أن تربح بغيره.
- 3الانتشار الجغرافي :تنشط الشركة متعددة الجنسية بالتعريف في عدد من ألاقطار.
-4الاعتماد على املدخرات العاملية.
-5تعبئة الكفاءات :ال تتقيد الشركات متعددة الجنسية بتفضيل مواطنين دولة معينة عند اختيار العاملين
فيها ،وكفاءة ألاداء مرهونة بكفاءة العاملين ،وبذلك تتعدد جنسية املنشأة إلدارتها ومستوياتها إلادارية.
املرجع
: https://m.ahewar.org/s.asp?aid=645121&r=0
24
ﻣﻨﺼﺔ طﻠﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﺑﻦ زھﺮ
https://forum.fsjes-agadir.info/
يثير تحديد مفهوم الشركات متعددة الجنسية جدال واسعا في الاوساط السياسية و الاقتصادية والقانونية،
نظرا ملا لهذا املفهوم من الية عمل تتشابك معها املؤشرات التي يتحدد وفقها نشاط هذه الشركات .ولقد تصدى
العديد من رجال الفقه القانوني والاقتصادي لدراسة انشطة هذه الشركات بغية التعرف على مداها وتاثيراتها في
الدول املضيفة لها .وان الاكثر اهمية في هذا املوضوع هو عجز املفاهيم والادوات القانونية عن استيعاب نشاط
هذه الشركات الذي لفت انظار فقهاء القانون بالتحديد ،نحو وضع تعريف تحليلي ووصفي ألنشطتها ،غير ان ما
وضع من تعاريف لم تلم الاملام الكافي بنشاطها لذلك فانها كانت عرضة الن تتجاذبها الاراء والانتقادات حول
طبيعة نشاطها.
الفرع ألاول
التعريف الاقتصادي للشركات متعددة الجنسية
ان دراسة النشاط الاقتصادي للشركات متعددة الجنسية يستوجب تحليل إلاطار النظري لنشاط تلك
الشركات ،حيث ان لهذا الاطار مؤشرات متغيرة بحسب الزاوية التي ينظر منها اليه ،وهذا مرتبط أساسا
بالرأسمالية وما شهدته من تطورات ساهمت الى حد بعيد في بروز ظاهرة جديدة تسمى بـ "التدويل" .فاالقتصاد
القومي في تطور متسارع والحدود القومية عاجزة عن تلبية متطلبات هذا التطور ،وهذا يعني ان كل بلد على حدة
ً
غير قادر على تكوين قاعدة تشجع "نمو القوى إلانتاجية نموا مضطردا" مما يدل على ان القوى الانتاجية ال يمكن
ادارتها الا على مستوى دولي( ،)1فكان بذلك بروز الشركات متعددة الجنسية كقوة محركة وناقلة للراسمالية.
ان الشركات متعددة الجنسية تعد ظاهرة حديثة في الادب الاقتصادي ،ولقد وضعت لها تعاريف عديدة
بعدد الكتاب والباحثين الذين انكبوا على دراستها.
ولقد احص ى تقرير الامم املتحدة ان هناك ما يقرب على العشرين تعريفا وضع لها تم جمعها من مختلف
املؤلفات والوثائق ،فضال عن التعريف الذي وضعته الامم املتحدة والتعاريف التي ظهرت في املؤلفات الالحقة(.)2
ان تعدد التعاريف الاقتصادية وكثرتها يستلزم اتباع املعيارية في تصنيف تلك التعاريف( ،)3وتبويبها على اساس
املعيار الذي توصف به ،ففهم الاطار النظري للشركات متعددة الجنسية يكمن في معرفة الضوابط التي يتسم بها
25
نشاط تلك الشركات ،وحيث اننا التزمنا جانب املعيارية في تصنيف تلك الشركات فان تلك الضوابط يمكن ردها
الى ثالثة معايير اساسية هي )1( :معيار الحجم ( )2معيار مركز الادارة والتنظيم ( )3معيار استراتيجية الشركة.
( )1معيار حجم الشركة :يمكن تعريف الشركات متعددة الجنسية وفقا لهذا املعيار ،اذا بلغ حجم نشاطها حدا
معينا ،غير ان الاقتصاديين لم يتفقوا على الحد الادنى الذي بتوافره يمكن ان يضفى على نشاط شركة ما بانها
شركة متعددة الجنسية ،فهناك من اعتبر ان الشركة تكون متعددة الجنسية اذا مارست نشاطها الرئيس في
دولتين على الاقل ،فعرفوا الشركة متعددة الجنسية بانها "اية شركة تمارس نشاطاتها الرئيسة سواء الصناعية او
الخدمية في بلدين على الاقل"( .)4وهناك من اعتبر ان امتداد نشاط الشركة في اربع دول على الاقل ،هو الاساس
للقول باننا امام شركة متعددة الجنسية ،فعرفوها وفقا لذلك بانها "مشروع واحد يقوم باستثمارات اجنبية
مباشرة تشمل عدة اقتصاديات قومية (اربعة او خمسة كحد ادنى) ويوزع نشاطاته الاجمالية بين مختلف البلدان
بهدف تحقيق الاهداف الاجمالية للمشروع املذكور"(.)5
في حين عرفها بعضهم دون النظر الى عدد اماكن تواجدها بانها "مؤسسات اعمال مساهمة او غير مساهمة ،تشمل
على الشركة املقر وهي تسيطر على اصول وكيانات اخرى في بلدها الام"(.)6
بل ان البعض نظر الى حجم املبيعات كاساس الضفاء صفة متعددة الجنسية على شركة ما ،ففي تقرير
اوردته الامم املتحدة مفاده :ان الشركة تكون متعددة الجنسية اذا زاد ارقام مبيعاتها على الف مليون دوالر
سنويا(.)7
( )2معيار مركز الادارة والتنظيم :يبحث هذا املعيار العطاء التعريف الاقتصادي للشركات متعددة الجنسية في
مرجعية القرارات التي تتخذ على صعيد الشركة ككل.
فمركزة القرارات في الشركة الام وتبعية الشركات التابعة والفرعية لها فيما يخص الادارة والتنظيم هي التي
تميز الشركة متعددة الجنسية عن غيرها.
فيرى الاستاذ جون داننج " "J.Dunningفي تعريفه للشركات متعددة الجنسية – وفق هذا املعيار -انها "تتميز
بادارة وملكية رأسمالية الكثر من دولة واحدة ،اما سلطة اتخاذ القرارات فهي مركزية ،والشركات املذكورة غير
مرتبطة بقومية واحدة الا في الحدود التي يفرضها القانون( .)8ويذهب كل من ريتشارد بارنيت ورونالد موللر الى ان
"ما تحقق من تقدم في علم املركزة جعل الشركة الكونية امرا ممكنا ويبقى التنسيق الدقيق على مستوى قيادة
العالم هو سمتها الرئيسة املميزة"(.)9
ً
في حين يذهب الاستاذ برمان ) (Bhermanبالقول الى ان "املشروع يكون واحدا على الرغم من تشتته
جغرافيا ،وهذه الوحدة تكمن في وجود ادارة عليا مهمتها رسم السياسة الاقتصادية العامة للمشروع وعلى ادارات
26
الشركات التابعة التقيد بتلك السياسة الا قتصادية على الرغم من وجودها في دول اخرى ونظم قانونية
مستقلة"(.)11
ويرى اصحاب هذا املعيار ان املشروع الاقتصادي رغم تشتته في مناطق جغرافية متعددة الا انه ينظر اليه من
زاوية الادارة والتنظيم على انه كل متكامل كل جزء فيه يكمل الاخر ،ومن ثم فاننا نكون امام مشروع واحد كما لو
كان يمارس نشاطه في نطاق اقليمي واحد.
اذن فهذا املعيار يرى في الشركة متعددة الجنسية عبارة عن شكل شديد املركزية هرمي التنظيم تذعن فيه
الشركات التابعة والفروع من حيث الادارة والتنظيم الوامر وتوجيهات الشركة الام ،فالقرارات املتعلقة بالنشاطات
الرئيسية للشركة الوليدة تصدر من الخارج وفي اطار الخطة العاملية للشركة متعددة الجنسية.
( )3معيار استراتيجية الشركة :ال يمكن ان ينظر الى هذا املعيار في تعريف الشركات متعددة الجنسية
ً
تعريفا اقتصاديا بمعزل عن املعيارين السابقين فضال عن توفراهما أي "ضخامة حجم الشركة ومركزية الادارة"
فال بد للشركة متعددة الجنسية ان تتبنى استراتيجية موحدة في ممارسة نشاطاتها.
فتدويل ظاهرة الانتاج وراس املال والتسويق يتطلب من تلك الشركات ان تتبنى استراتيجية كونية تمكنها من لعب
دورها كقوة اقتصادية مؤثرة في العالقات الاقتصادية الدولية.
وفي معرض الكالم عن الاستراتيجية يرى الاستاذ " "Michaletان الشركة متعددة الجنسية ينبغي لها ان تتبنى
ً
إستراتيجية وتنظيما على املستوى العالمي( .)11وهناك من يرى ان الشركة متعددة الجنسية هي "تلك التي تسيطر
على وحدات انتاجية في اكثر من دولة واحدة وتديرها في اطار استراتيجية انتاجية موحدة"( .)12ويعطي الدكتور
سعد غالب ياسين بعدا كونيا للشركات متعددة الجنسية في تبنيها استراتيجية معينة اذ عرفها "بانها منظمة اعمال
كبرى .عابرة للحدود والبيئات والثقافات ،منظمات متعددة الجنسيات ،وتعمل في اسواق عديدة ،وتتواجد في
عشرات الدول املضيفة ،وتستند في انشطتها املحورية على الاسواق الدولية في العالم ،وبالتالي يكون لدى هذه
الشركات اصول واستثمارات وعمليات وشركات تابعة او وحدات استراتيجية ،وادارات اقليمية تتعامل مع بيئات
اعمال مختلفة"(.)13
ان مفهوم إلاستراتيجية يكاد يشكل محور نشاط الشركات متعددة الجنسية ،اذ بدونه ال يمكن فهم طبيعتها
واليات عملها .ومن النتائج التي تتمخض عن استراتيجية الشركات متعددة الجنسية هو تمييز الاخيرة باملرونة
وبقدرتها على التكيف وفقا لتغير الظروف الاقتصادية والسياسية والقانونية ،ذلك ان مجال اتساع نشاطها على
املستوى الدولي يؤهلها لالستفادة من املزايا التي تحققها "الاختالفات القائمة بين الدول واملناطق الاقتصادية
والنقدية املتعددة ،وبين التنظيمات القانونية والضريبية املتنوعة على املستوى الدولي"(.)14
27
ﻣﻨﺼﺔ طﻠﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﺑﻦ زھﺮ
https://forum.fsjes-agadir.info/
الفرع الثاني
التعريف القانوني للشركات متعددة الجنسية
تعرف الشركة باعتبارها مفهوما قانونيا "عقد به يلتزم شخصان او اكثر بان يساهم كل منهم في مشروع
اقتصادي بتقديم حصة من مال او عمل القتسام ما ينشا عنه من ربح او خسارة"( .)15ولكن بوصفها "متعددة
الجنسية" تشكو من فراغ تشريعي ،فلم يقم املشرع الوطني في أي دولة( .)16في وضع تعريف لها ،وهذا يجد
اساسه في عدم استجابة النظم القانونية الوطنية لنشاط الشركات متعددة الجنسية ،فعدم امكانية تاطير
نشاطها في اطار قانوني وطني قد جعل الباب مفتوحا امام اراء الفقهاء وتنظيراتهم حول صياغة تعريف يتعلق
بنشاط تلك الشركات واليات عملها ،مما ادى بالتالي الى اختالف التعاريف وتباينها من حيث القيمة القانونية التي
تحملها تعاريف اولئك الفقهاء.
وقد صيغت للشركات متعددة الجنسية تعاريف عدة ،فقد عرفها الدكتور محسن شفيق بانها "ذلك
املشروع الذي يتركب من مجموعة وحدات فرعية ترتبط باملركز الاصلي بعالقات قانونية وتخضع الستراتيجية
اقتصادية عامة تتولى الاستثمار في مناطق جغرافية متعددة"( .)17في حين عرفها الدكتور عماد الشربيني بانها
"عبارة عن مجموعة من الوحدات الفرعية املنشرة في مناطق جغرافية متعددة يربطها باملركز الاصلي عالقات
قانونية ،وتلتزم في استثمار اموالها بسياسة اقتصادية موحدة"( )18اما الدكتور محمد طلعت الغنيمي فقد عرفها
بانها "شركات خاصة يستمد راس مالها من عدة دول وتكون لها عدة فروع ذات جنسيات متباينة"( .)19كما عرفت
بانها " مؤسسات عبر قومية ال جنسية لها من الناحية القانونية ،وتمتلك وحدات انتاجية موزعة على عدد من
الدول الاجنبية ،الامر الذي يمكنها من العمل بمناى عن أية رقابة وطنية وان تفلت من رقابة أي قواعد
خاصة"( .)21ومن هذا يتبين انه من الصعوبة تنظيمها ضمن نظام قانوني داخلي الن طبيعة الانظمة القانونية
الداخلية تتنافى وطبيعة انشطتها ذات الصفة الدولية .وللدكتور حسام عيس ى نظرته الخاصة حول الشركات
متعددة الجنسية ،اذ عرفها بانها "مجموعة من الشركات الوليدة او التابعة التي تزاول كل منها نشاطا انتاجيا في
دول مختلفة وتتمتع كل منها بجنسية مختلفة ،والتي تخضع لسيطرة شركة واحدة هي الشركة الام التي تقوم
بادارة هذه الشركات الوليدة كلها في اطار استراتيجية عاملية موحدة"( .)21كما وضع معهد القانون الدولي عام
1977تعريفا للشركات متعددة الجنسية حيث عرفها بانها "املؤسسات املتكونة من دائرة قرار مركزة في بلد ودوائر
نشاط تتمتع بالشخصية القانونية الذاتية ومتواجد في واحد او عدة بلدان"( .)22كما ان خبراء الامم املتحدة
صاغوا تعريفا( .)23عاما للشركات متعددة الجنسية هو "الشركات املالكة ألجهزة انتاج وخدمات او انها تشرف
عليها من الخارج بالنسبة ملكان وجودها"( .)24في حين عرفها السكرتير العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع
وتسيطر على لألمم املتحدة في تقريره الذي قدمه لألمم املتحدة عام 1974بقوله انها " مشاريع تمتلك
28
العناصر الانتاجية وتقدم خدمات خارج دولة انشائها وقد تكون هذه املشاريع اشخاص قانون عام او اشخاص
قانون خاص"(.)25
ومن خالل عرض هذه التعاريف يبدو واضحا ان اغلبها يشتمل على جملة عناصر ،ثالثة منها اساسية تمثل
محورا ألي تعريف يوضع للشركات متعددة الجنسية وهي:
-1وجود عدة وحدات قانونية مستقلة تتمتع كل منها بشخصية قانونية منفصلة ومن ثم بذمة مالية خاصة بها،
وهذه الوحدات هي الشركات الداخلة في املجموعة.
-2خضوع كل هذه الوحدات القانونية املستقلة لسيطرة اقتصادية موحدة ،أي لسيطرة اقتصادية يمارسها نفس
الشخص او الاشخاص القانونية.
ً
-3ضرورة تحقيق هذه السيطرة بواسطة ادوات واساليب فنية مستمدة من قانون الشركات ،وخصوصا عن
طريق املشاركة في راس مال كل وحدة من هذه الوحدات بنسبة تكفي للسيطرة عليها(.)26
ان التناقض ما بين العنصر الاول والثاني يفسر لنا السبب الذي من اجله لم تضع الدول في تشريعاتها
ً
تعريفا محددا للشركات متعددة الجنسية ،فاالستقالل القانوني بين الشركة الام والوحدات الفرعية املكونة لها
وتبعية الاخيرة الاقتصادية للشركة الام يستدعي تنظيمها على مستوى دولي ،وهذا لن يتحقق الا بإعطائها شخصية
قانونية دولية تميزها عن ألاشخاص الخاصة من جهة وتتناسب مع الدور الذي تلعبه في ميدان العالقات
الاقتصادية الدولية من جهة أخرى .اذن فهناك فجوة ما بين الواقع الفعلي والتصور القانوني للشركات متعددة
الجنسية كظاهرة قانونية ال بد من تنظيم مركزها دوليا.
املرجع
https://almerja.com/reading.php?idm=73238
29
ﻣﻨﺼﺔ طﻠﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﺑﻦ زھﺮ
https://forum.fsjes-agadir.info/
ﺍﳌﻘﺪﻣــــﺔ
א א א ،א א א
K
، א א א א
، א א א א א א א א
، א
א א א ، א א א א
א א א א א א א א
، א א א א
، א א א א א
א ، א א א א
א א ، א
א ، א א ، א א
א א ،K א א א
א ، א א ، א א
א א ، א ، א א
، ، א א
، א א א א א
،א א א א א א א ،א א א א K E١F
K١١٣ ، ١٩٨٠ ، ،א א
K٣٥٧ ، ١٩٩٠ ، ،א א א ،א א א ،א א א E١F
א א ،א א K K٥٦١ ، א א א ،א E١F
K١٣ ، ١٩٩١ J ١٤١١ א ،א ،א א א א
، ،א א ، א א א א ، א א א E١F
K٣٣٧ ،١٩٨٠
א ،א א א K K٥٦١ ، א א א ،א E٢F
K٢٠ ، ، א א א א א
ﺍﳌﻄﻠﺐ ﺍﻷﻭﻝ :ﺗﺴﻮﻳﺔ ﺍﳌﻨﺎﺯﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻭﻇﺮﻭﻑ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻨﺎﻣﻴﺔ:
E Fא א א א א
א א א א א
، א א א א K א א
א ، א א א
، א א א א א א
K ، ١٩٤٧א א
E Fא א א א א
א א ،א א א א
א א K א א א א
א ، א א א א
א א א א J א א J א א
א א א א א א א א
K א
א א ، א אא
א א א א ، א א
א א א א א א א א
א א א א א א
א א א א )K(١ א א
א ، א K K٥٦٩ ، א א א ،א E١F
K١١ ، ٢٠٠٦ ، א ،א א א
K א א א א א E٣٨ L١ F E٢F
א א א א א א א א
א א א א א א א א א
א אא א א א א א
אK אא אא
ﺍﳌﻄﻠﺐ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ :ﺗﻌﺪﺩ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺗﺴﻮﻳﺔ ﺍﳌﻨﺎﺯﻋﺎﺕ ﰲ ﻟﻮﺍﺋﺢ ﺟﻮﻟﺔ ﻃﻮﻛﻴﻮ:
١٢ א א א א א א א
، ،(١) ١٩٧٣ ١٤
، אא א ، א א
)K(٢ א א Eא F
א א אא א א א ، א א א
، ،١٩٦٦ E Fא
،١٩٧٨א א א א א א
א אא א א א א אא ،Eא א א א Fא
א ، א ،١٩٦٦ א
)(٣
K א
ﻣﻨﺼﺔ طﻠﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ اﺑﻦ زھﺮ
https://forum.fsjes-agadir.info/
، אא
א ،E Fא א א
K א א א
א א א אא
א FW א ، ١٩٧٩L١١L٢٨ אא
א א ،E א א
א א א א K א א א א
א א א א א א
،א א א א ،
، א א א א א א א
K א א א
א א א א א א
א א א
א א א ، ، א א א א
W
W א א אא W
א א א א א א אא א
א א ، אא K
W א א א
א א א א W אא א J١
א א K א א א
K א א א א אא א א
אא א א
K א א א א א א א E٦ F E١F
، א א א E٢F
א א E٦ L١ FK א א א
K א אא א
א אא K א א ، א E٣F
K א א א א א א
א ، א
، א א א K א
، א א א
א א K א א ،
)(١
K א א
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺗﻘﺎﺭﻳﺮ ﳉﺎﻥ ﺍﻟﺘﺤﻜﻴﻢ ﻭﻫﻴﺌﺔ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﻭﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ:
، א ، א א
א א א ،
، א א א
K א א ، א א א א
، א א א א
א ،א א אא א א א
K א א א א
א א א אא
، א ، א אא א
K א א א א
W א א Wא
א אא א א א
W א א ، א
א א W א J١א
، א א
، ، א א א א א א ،א א א E١F
،א א א א א א א ،א א K٩٧ J ٩٦
K٣٦ ، ١٩٩٦ א ،א א
א א א א א א א א E٢F
א א א א א א א א
K א אא א א א ،١٩٤٧ א א
ﺍﳌﺮﺍﺟﻊ ﻭﺍﳌﺼﺎﺩﺭ
َ
ﺃﻭﻻ :ﺍﻟﻜﺘــﺐ:
א א א א ،א א א J١
، ، א א א ، א א
K ٢٠٠١ א א
، א א א ،א א ،א א א J٢
K ١٩٧٥ ، א
،א א א א א א ،א J٣
K ١٩٨١ ، ،א א א
، א א ،א א א ،א א J٤
K ١٩٩٦ ، ،א א א א
، א א א א ،א א J٥
K ١٩٩٦ א ،א א א א א
א K ١٩٧٨ ، א ، א א א ،א א J٦